رواية اهرب منك اليك كاملة جميع الفصول بقلم قيتارة عشتار
رواية اهرب منك اليك كاملة جميع الفصول هي رواية من كتابة قيتارة عشتار رواية اهرب منك اليك كاملة جميع الفصول صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية اهرب منك اليك كاملة جميع الفصول حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية اهرب منك اليك كاملة جميع الفصول
رواية اهرب منك اليك كاملة جميع الفصول
توقفت ناز بسيارتها القديمه أمام محل بيع الزهور نزلت من السيارة ببطء وكأنها تريد أن
تؤخر نفسها عمداً عل معجزه تحدث في ذلك الوقت القصير الذي تقوم بالمماطلة فيه ليغير الكارثة التي ستغير حياتها بل غيرت حياتها حتما... ها هي الآن في محل بائع الزهور لكي تقوم بشراء باقة زهور لخطيبها الذي سيتزوج اليوم او بالأحرى خطيبها السابق !
قالت بصوت يشوبه القليل من الحزن
-اريد باقة ورود كهدية لعرسين
_حسنا يا انسة تفضلي بالجلوس ريثما أجهزها
قال لها العجوز ذو الملامح الودودة .
سرحت ناز بأفكارها بعيداً عن المكان إلى مكان أخر وزمن أخر إلى الوقت الذي تعرفت فيه على كمال فيا لسخرية القدر لقد تعرفت عليه في محل زهور...لازالت تتذكر هذا اليوم كأنه البارحه وليس قبل سنتين
لقد كانت ذاهبة لشراء زهور لصديقتها وزميلتها التي أجرت عملية للجيوب الانفية .
التقت به هناك لقد كان ينظر إليها بنظرات حائرة وكأنه يريد أن يسألها عن شيء فابتسمت له لكي تشجعه على سؤالها
"آنسه هل لكي ان تساعديني " ؟
ابتسمت ناز بود "طبعاً بماذا أخدمك ؟ "
"أود شراء زهور إلى أحدهم بمناسبة الشفاء فأي نوع أختار ؟ "
"وهل تثق بذوقي؟ "
"أكيد بنت في مثل جمالك لديها ذوق جميل مثلها بالتأكيد"
"اسمي كمال الهاشم " مد يديه لكي يصافحها
"ناز" ..تلقت يداه الدافئة بسرعة مع قليل من القلق والفتور وكأن إحساسها الذي لا يخيب أعلمها بأن هذا الرجل سيكون له تأثير على حياتها
تنبهت ناز للرجل العجوز الذي كان يقول بصوت عالي
"يا آنسة الباقة جاهزة هل تريدين شيئاً أخر ؟ "
"كلا شكرا لك"
حاسبت الرجل وخرجت لتكمل ما أتت للقيام به ..رفعت فستانها الأزرق البسيط لكي تدخل إلى سيارتها الصغيره ..تعمدت أن ترتدي لونه المفضل في هذا اليوم
عادت لإكمال شريط ذكرياتها لذلك اليوم المشؤوم ..يا ليتني لم أتعرف عليك يا كمال لما تسببت لي بكل هذا الوجع الذي أحس به الآن
بعد أن اختارت له نوع ولون الأزهار قام بشكرها وسألها لمن أخذت الزهور ؟ تفاجأت من سؤاله الفضولي وأجابته بأنها سوف تزور صديقتها في المستشفى فقال لها أنه أيضاً سوف يذهب إلى نفس المستشفى وعرض عليها التوصيل فرفضت ذلك واعتذرت منه .
وصلت الى قاعة الأعراس الأشهر في البلد ..قاعة راسين بلحلال..بدا الاسم مضحكاً لناز في البداية لكنها تذكرت مأساتها فأكملت مشيتها ممسكة بفستانها لكي لا تتعثر في مشيتها
دخلت إلى القاعة لترى كل أنواع الفرح والنفاق مرسومة على وجوه الجميع فيا للعجب ها هم أصدقائها الذين كانوا يقولون لها أن كمال مناسب لها تماماً وإن شاء الله سيبقون مع بعض طول العمر ...ها هم هنا يرقصون فرحاً متملقاً بزواج كمال من مروه !...يبدو أن مروه لن و لم تفوت فرصة لكي تنتقم منها إلى وفعلتها فجميع زملائها في الجامعه مدعوين جميعاً للعرس البهيج !
حتماً شخصيات مهمة في البلد مدعون فطبعاً مروه بنت الحسب والنسب بنت المليونير المشهور صلاح الكعبي فمن يفوت مثل عرس هكذا ولا يحضره ؟
توقفت الموسيقى السريعة فجأة لكي تبدأ اغنية ماجدة الرومي وتصدح في أرجاء القاعة الكبيره .."طلي بالأبيض طلي يا زهرة نيسان" ..زهرة نيسان !! يال السخرية كان من المفروض أن تكون الأغنية يا شوكة نيسان فكرت ناز بينها وبين نفسها بهذا الأمر وهي تراقب دخول العروس متأبطه ذراع عريسها الطويل الوسيم ..تخيلت نفسها مكان مروه.... تمسك بيد كمال وعيناها تدمع من الفرحة ..تخيلت فرحة امها بعرس ابنتها الكبيرة وتخيلت اختها مايا تمسك بأطراف فستانها الطويل من الخلف كي لا تتعثر في مشيتها ..صحت من تخيلاتها فجأة على الكابوس المتمثل أمامها ..تلك الحية الرقطاء تنظر إليها وقد لاحظت وجودها في القاعة ..لكزت كمال وأشارت إلى المكان الذي كانت تقف فيه ناز فنظر إليها وقد تجمد وجهه من الصدمة ..أكيد لم يكن يتوقع قدومها
تقدمت بخطوات صغيره إلى مكان العروسين
أكملت مشيتها بثقة مصطنعة إلى الأمام دون أن تتوقف سمعت همس الناس من حولها "
يا إلهي كيف امتلكت الجرأة لكي تأتي للعرس ..إنها إنسانة بلا مشاعر ولا كرامة بالتأكيد"
وصلت أخيراً إلى هدفها دون الإكتراث بنظرات الجميع المتعجبة وعلامات الاستفهام المرسومه على وجه نساء الحفلة المصبوغة بالرياء والنفاق قبل أن تكون مصبوغة بالمكياج و الزينة
"الف مبروك ايها العريسين "قالت ناز بسعادة كاذبة مع ابتسامة مشرقة على وجهها
"اووه ناز حبيبتي لقد علمت بأنك سوف تحضرين عرسي بالتأكيد"
قالت مروه والسم يقطر من فمها
أجابت ناز بنفس الثقة والابتسامة لا تفارق وجهها دون أن تنظر إلى وجه كمال الشاحب الذي كان يمسك مروه بقوة وكأنها سوف تطير من يده .... أم أنه كان غاضباً بسبب دعوة مروه لها ؟!
"وكيف لي أن أفوت عرس زميلتي العزيزة وخطيبي"
"تقصدين خطيبك السابق"
"نعم السابق لقد نسيت " ..قدمت ناز الباقة مستطردة .."على العموم لقد أتيت لكي ابارك لا كي أذكر من السابق ومن اللاحق متمنية لكم السعادة الابدية"
كان كمال على وشك أن يتحدث لكن مروه قامت بأخذ الباقة بقليل من العنف من يد ناز قائلة ..
"شكراً لقد أتعبتي نفسك لم يكن هنالك داعي لكي تكلفي نفسك"
انسحبت ناز بعد ذلك إلى الوراء لكي تنفرد في زاوية لكي تستعيد قليلاً من توازنها الذي فقدته في تلك اللحظات العصيبة بعد أن كانت قريبة منهم إلى هذا الحد
كان الجميع قد تناسوها وهم ينظرون إلى مروه التي كانت تتبختر كالطاووس بين المدعوين ممسكة بعريسها وهي تضحك تلك الضحكة المقيتة التي لطالما قال لها كمال أنه يكرها ...سبحان من غير الأحوال
كانت الأجواء أكثر من خانقة لم تعد ناز تتحمل أكثر من هذا قررت الخروج من هذه الحفله المقيتة ..أحست كأنها طفلة يتيمة في تلك الحفل والكل يتجاهلها تارة أو ينظر إليها بعين الشفقة ....لا لا الشفقة لا أتحملها أبداً
همت بالخروج بسرعة لكنها تعثرت بشيء وكادت أن تسقط على وجهها لكن يدان قويتان أمسكتا بها على الفور
"كوني حذرة أكثر في المرة القادمة يا آنسة"
أجابت ناز بعصبية وهي تقول بصوت عالي
"لكنك تعمدت أن تضع قدمك في طريقي لقد رأيت ذلك بعيني"
نظر إليها الرجل الغريب نظرات باردة جعلت أوصال ناز ترتعد خوفاً وكأن هذا الشخص يتوعدها بنظراته ويهددها ..فحررت نفسها من يديه بسرعة وهمت بالخروج لكنها سمعت صوته الأجش وهو يقول
"دائماً تتخيلين أشياء ليست موجودة في الحقيقة "
"عفواً ماذا قلت ؟ ! وهل تعرفني لتقول مثل هذا الأمر"
"أعصابك يا آنسة ناز لا ألومك على عصبيتك المفرطة فالتي في مكانك الآن تحبس نفسها في غرفتها لتبكي على خطيبها الذي هجرها من أجل امرأه أخرى أكثر نقوداً وجاهاً وسلطة"
"كيف تجرؤ ..."ماتت الكلمات على لسان ناز والعبرات تخنقها ودموعها تهدد بالانهمار في أي لحظه
"على ماذا أجرؤ أنتِ من ورط نفسك في هذا الموقف ..ما كان يجب أن تأتي إلى العرس هكذا و كأنكي لا تهتمين ..أي شخص ينظر إليك الآن يعلم مدى انكسار قلبك على خطيبك السابق ...أنتِ مثيرة للشفقة حقاً"
همت ناز بالانسحاب من الحفلة لكنه قال لها بسرعة
"لا تهربي كالفأرة الجبانة لتثيري شفقتهم أكثر ..ابقي قوية ..ابقي في الحفل"
"ومن أنت لتقول لي هذا"
أخرج الرجل الغريب بطاقة من جيبه وقال
"ضرغام العمري رجل أعمال "..
دس البطاقة في يديها وقال" سوف تحتاجينها يوما ما"
سحبها من يدها وأجلسها على طاولته ...كان يحتل طاولة الشخصيات المهمة ..يا ترى من يكون هذا الرجل تسألت ناز بينها وبين نفسها ولماذا تحس أنها رأته من قبل؟ ! بدى وجهه مألوفاً جداً
كان طويل القامة جداً وذو بشرة سمراء جذابة..,اما عيناه فقد كانت عالماً خاصاً لوحدهما ..بنيتان وحادتان اشبه بعينا النمر ..اما شعره فقد كان حليقاً ومصففاً بعناية ..تسألت كيف سيبدو اذا وقف بجانب كمال ؟ ! أكيد سيفوقه جمالاً
طردت هذه الأفكار الغبية من رأسها وقد لاحظت أنه رآها وهي تحدق به
نتبه ضرغام أنها تنظر إليه فقام وعلى وجهه نص ابتسامة
"ألا تظنين أن مروه تبدو فاتنة جداً بهذا الفستان "
"إنها كذلك"
قالت ناز بحسرة وملامح الحزن بادية على وجهها وهي تنظر إلى مروه المتباهية بعريسها بين الجمع... قالت ناز بعد أن طال الصمت بينها وبين الرجل الغريب الذي يجلس قبالتها ويدقق النظر فيها
"لا إجلسي سوف نخرج سوياً لكي لا يقول أحد أنك ذهبتي مقهورة وخاسرة .."
"ولما تهتم بما يقول الناس عني ! أنا بالكاد تعرفت عليك بالحفل " نظر إليها ضرغام وكأنه يقول لها بنظراته هل أنتِ متأكدة من ذلك ؟ فأجاب وهو يبتسم
"عرفيني عن نفسك أكثر يا آنستي الصغيرة لقد سمعت من الناس في الحفل أنك خطيبة كمال السابقة بصراحة أعجبتني شجاعتك وأنتي تواجهين هذا الموقف ..لكن عندما رأيتك تقفين بقرب الحائط عرفت أن قناع شجاعتك لن يستمر طويلاً"
يا ليتني لم آت لهذا الحفل اللعين ..قالت ناز بحزن:
ماذا تعملين ؟
أجابت ناز بسرعة
"أنا لا أعمل تخرجت لتوي ولم أحصل على عمل "
"ماهو تخصصك؟"
" خريجة كلية لغات قسم اللغة السويدية "
" لغة نادرة ..غريب اختيارك!"
قال ضرغام باستغراب
"لقد كانت رغبة والدي رحمه الله هو من أراد أن أختار لغة نادرة لا يتحدثها الجميع لتتاح لي فرصة عمل نادرة يوماً ما.. لكن يبدو تنبؤات والدي لم تكن في محلها فأنا أبحث عن عمل منذ فترة دون جدوى "
" هذا من حسن حظي "
قال ضرغام مع ابتسامة ساهية على شفتيه
" ماذا ؟!"
قالت ناز بصدمة فأجاب ضرغام على الفور
" أقصد أني بحاجة إلى مترجمين في الشركة .. فلدي مشروع جديد في الشركة لاستيراد سيارات من ماركة فولفو السويدية وأنا بحاجة إلى مترجمين للعقود "
لم تعرف ناز بماذا تجيب ..فقال مشجعاً
" البطاقة يوجد فيها عنوان الشركة بالضبط تعالي غداً ! " أشار أحد الرجال إليه فقام ضرغام ليتكلم معه على ما يبدو كان أحد المستثمرين ورجال الأعمال ..يبدو أن عرس مروى ما هو إلى لقاء للرجال الأعمال .. تحركت ناز بسرعة لتخرج من هذا الجو والموقف السخيف الذي وضعت نفسها فيه ..فماذا سوف تفعل الخطيبة المنبوذة في زواج خطيبها ؟ الكل يظن أنها هنا للتخريب فقط أو لطلب الشفقة ..أحست بثقل يجثو فوق صدرها وتحركت بسرعة خارجة
"مهلاً أنتي " أمسكت يدان قويتان بها من الخلف فالتفت بسرعة لضرغام الذي كان يمسكها بقسوة
"أنا لم أنهي حديثي لكي تستديري تاركتاً إياي هكذا "
"ماذا ؟ماذا تظن نفسك لكي تأمرني ؟ لم يخلق الذي يأمر ناز إلى حد الآن !أنا لا أكترث لك أو لحديثك"
ضحك ضحكة عالية تملأها السخرية
" مازلت وقحة كما كنتي "
"وهل تعرفني ؟ لا أذكر أني رأيتك في يوم ما .. لقد التقيت بك للتو"
" هذا ليس مهماً ناز "
قال اسمها بنبرة تشوبها السخرية
"قل ما لديك إذاً ودعني أرحل بسلام ما جرى لي يكفيني"
"قلت لك عرضي سوف انتظرك غداً في شركتي وأعتقد أنه سوف يفيدك تصرفي بذكاء يا آنسه وتعالي في الموعد المكتوب على الورقة" ________________
دخلت ناز إلى الشقة الباردة فوجدت الأنوار مطفأة والكل نيام مشت على أطراف أصابعها لكي لا توقظ أحد لكنها تفاجأت بصوت والدتها يناديها :ناز حبيبتي هل عدتي ؟
ناز:نعم يا حبيبتي لماذا مازلت مستيقظة ؟
والدة ناز: لقد تأخرتي يا بنيتي قلتي إنك سوف تذهبين تباركين وتعودين بسرعة !
ناز: تجولت قليلاً في سيارتي
والدتها:حبيبتي لا تحزني كل شيء قسمة ونصيب ..لقد تحدث معي ابن خالتك ممدوح من جديد إنه يريد أن يتقدم لكي رسمي هو فقط ينتظر منك كلمة وقبل أن تكمل الأم جملتها قاطعتها ناز بصوت عالي
:أمي أرجوكِ توقفي وهل تظنيني بهذا البؤس أركض وراء العرسان لأن خطيبي الخائن تركني
قالت الأم بصوتها الحنون الحزين
:أنا لا أريد أن أراكي حزينة يا حبيبتي ويا فرحتي الأولى كل ما أريده أن أراكِ مع الشخص الذي يستحقك
ناز : أمي أنا لا أفكر في الارتباط مجدداً تكفيني تجربة غبية مع شخص لا يقدر مشاعر الآخرين
الأم : هذا جل ما يفزعني يا بنيتي ..لا أريدك أن تفكري هذا التفكير أريد أن أفرح بك وأرى أولادك
نظرت ناز بحسرة إلى والدتها التي أنهكها التعب والعمل وهي تترجاها فقالت بسرعة : حسناً حسناً أمي أنا متعبة وسوف أخلد للنوم
دخلت ناز إلى الغرفة الصغيرة التي تحتوي على سريرين نظرت إلى أختها الصغيره التي كانت متكورة على نفسها من البرد خلعت ناز الثوب الذي استعارته صديقتها بحذر ووضعته على الكرسي الموجود في الغرفة .. غرفة لا تتسع إلا شخص .. كيف اتسعت لها ولأختها الصغرى مايا ؟ تنهدت بحزن وهي تندس إلى الفراش وماذا بعد الآن ؟ لما يا كمال لماذا يا حبيبي يا حبي الأول يا أول شخص يدق قلبي له يا أول شعور بالاطمئنان يا أول خيبة أمل ... لنعد بالأحداث قليلاً للوراء إلى سنتين للخلف دخلت ناز بفرح إلى غرفة المرضى في المشفى التي تحتوي على عدة اسرة .كانت هناك صديقتها التي كانت تتشاجر مع أمها
: أمي أنا جائعة أريد أن آكل أكلاً دسماً أحضروا لي طعاماً شهياً لقد مللت من هذا الطعام
: يا بنيتي لا يجوز لقد أجروا لكي عملية من عدة أيام كيف تريدين أن تتناولي طعاماً دسماً ؟
: أرجوكِ يا ماما أنا جائعة
: كفاك إلحاح على أمك يا عاشقة الطعام
ضحكت الأم وهي ترى ناز تنحني إلى صديقتها وتسلم عليها وتتحمد لها بالسلامة
: حبيبتي ناز أخبري صديقتك أنه يجب أن تلتزم بالتعليمات !
ناز : عليكِ بهذا يا إيلاف اسمعي الكلام و إلا لن يقبل أن يتزوجكِ هاشم
ضحك الجميع فقالت إيلاف : انظري ناز إنها زميلتنا في القسم الثاني من الكلية هنا في المستشفى
استدارت ناز لترى عن من تتحدث إيلاف .. كانت صدمة لناز عندما رأت الشاب نفسه في محل الزهور يجلس إلى جانب زميلتهم وبجانبهم امرأة متقدمة في العمر .. خمنت ناز أنها أمه عندما رآها كمال تقدم نحوها وابتسامة عريضة مرتسمة على وجهه
: انظري إلى محاسن الصدف يا آنسة ناز
كانت إيلاف ووالدتها ينظرون لبعض بحيرة ونظروا إلى ناز التي كان وجهها قد اشتعل خجلاً فقدمت كمال لصديقتها ووالدتها وقام كمال بدوره بتقديمها إلى شقيقته و أمه التي كانت تنظر إلى ناز بنظرات الإعجاب وتتفحصها من فوق إلى تحت أخبر كمال أخته أن ناز هي من قامت باختيار الزهور لها فشكرتها الأخت وقالت لها أن ذوقها جميل جداً في الإختيار بعد هذا اللقاء أصبح كمال يومياً ينتظر ناز في باب الكلية وبعد ذلك فاجأها بأنه يريد يتقدم لها على الفور وافقت ناز وتم التعارف بين العائلتين ولم تبدي عائلة كمال المتوسطة الحال امتعاضها من تواضع حالة ناز فوالد ناز متوفي منذ خمس سنين وهم يعيشون من تقاعد والدها الذي كان يعمل محاسباً بسيطاً في إحدى الشركات ..التقاعد البسيط لم يكن يكفي لسد حاجات الأسره لهذا أم ناز تعمل على ماكينة الخياطة ليلاً و نهاراً لكي تسد حاجات الأسرة .
استقيظت ناز في الصباح على صوت الضجة الذي كان مصدرها من الخارج ..بدأ الزبائن بالقدوم إلى بيتهم من إجل استلام طلبياتهم نظرت ناز إلى الارض لتلقط الكارت المكتوب عليه اسم ذلك الشخص الغريب الذي طلب لقائها ؟ تذكرت ما فعله البارحة هل سوف تذهب إليه ؟ أم سوف تتجاهل ذلك ؟ لا ليست ناز الجبانة أبداً وعلى كل حال هيه بحاجة إلى أن تبحث عن عمل وتبدو شركة هذا الغريب الأطوار مكاناً جيداً جداً
خرجت من غرفتها ودخلت إلى غرفة المعيشة الصغيره
كانت ناز تتسل خفية لكي تدخل إلى الحمام دون أن يلمحها احد وتقضي نصف ساعة في السلام والسؤال عن الحال وثرثرة النساء التي لا تنتهي
لكن يبدو أن أمها لمحتها ونادتها على الفور
: ناز تعالي ألقي التحية على زوجة خالك إنها هنا منذ زمن طويل
تأففت عندما نادتها أمها وذهبت مجبرة إلى الخالة وداد وبقية النساء اللواتي كانوا ينتظرون أن يأخذوا طلبياتهم من فساتين أو ملابس البيتيه التي كانت تخيطها أمها رأت زوجة خالتها تبتسم لها بود قائلة
: كيف حالك يا بنت
ردت عليها ناز بابتسامة مجاملة
: بخير يا خالتي كيف حالك وحال أولادك ؟
الخالة : بخير وممدوح يسأل عنك على الدوام ..
ناز : عن إذنكم ..!
استأذنت ناز قبل أن تكمل زوجة خالها حديثها عن ابنها فآخر شيء ممكن أن تفكر فيه هو ابن خالها العديم الشخصية المنساق وراء أمه في كل شي لم يكن ذو شخصية قوية فقد كان يقول لناز إنه لن يرفض لها طلباً وأنه يحبها ..كيف يحبها وهي لا تحبه ؟ ... طموحات ناز في اختيار شريك حياتها كانت أكبر من شخص كممدوح شخص لا يستطيع اتخاذ قرار واحد في حياته دون اللجوء إلى الست الوالده
فكرت ناز بسخرية وهي تستحم لو أني وافقت على ممدوح لما عشت هذه التجربة القاسية مع كمال لكنها عنفت نفسها وقالت لنفسها مستحيل أن أتزوج رجلاً لا أشعر أنه رجل على الإطلاق ولا أشعر برجولته ارتسمت في بالها صورة وهي متزوجة ممدوح وهو يقوم بغسل الأطباق والثياب وهي جالسة تشاهد التلفاز ضحكت بصوت خافت لهذه الصورة الغبية في مخيلتها لكن هيهات أن يتسلل الفرح إلى قلبها وهو مجروح والجارح أعز الناس
..آآه يا كمال أود تسميته جرحي الأبدي بدل كمال ...لقد أخلصت له ورضيت أن تعيش معه على الحلوة وعلى المرة لكن يبدو أن الطبع غلب التطبع فالإنسان الخائن لا يستطيع التخلي عن طبعه الرديء
هو لم يخنها ويخن حبها فقط هو تزوج زميلتها في الكلية التي كانت تكره ناز كره العمى وتغار منها بسبب جمالها الهادئ الذي كان يجذب الجميع لها ..ناز ذات بشرة بيضاء نقيه خالية من العيوب وفم رقيق دائم الابتسام وعيون يصعب على الجميع تحديد لونهما فتارة هما بلون العسل و تارة بلون المروج الخضراء الشبيه بالصفار ..يتوج جمالها شعر بني اللون طويل يصل إلى خصرها .
كان والدها رحمه الله لا يحبذ أن تقص شعرها أبداً فهو كان دائماً يقول لها بأن تاج المرأة هو شعرها .
يبدو أن جمالها لم يكفي ليسد طمع كمال الدائم للنقود والثروة فهو كان دائماً يتحدث معها عن الثروة وكيف أنه سوف يبذل جهده ليصبح رجل أعمال مهم في البلد لكن يبدو أنه اختار الطريق الاسهل للثروة بزواجه من مروه .
مروه الصفراء هكذا كانت إيلاف تناديها فهي دائماً تقوم بصبغ شعرها بلون الأشقر الذي كان لا يناسبها أبداً لأنها سمراء بعض الشيء .
↚
الساعة الحادية عشر وأربعين دقيقة
وقفت ناز أمام المبنى الكبير تتأمله بفم مفتوح لم تظن أبداً أن بناية الشركة سوف تكون بهذا الحجم الشاسع .
لا تدري لماذا لكن أول ما خطر في بالها هو كمال ..بالتأكيد سوف تكون له مثل هذه البناية مع والد مروه فوالدها من أهم رجال الأعمال في البلد ولن يسمح لصهره أن يعمل محاسباً في الشركة مطولاً
دخلت من جانب رجال الأمن الذين كانوا جامدين كأنهم رجال مصنوعين من صخر ..دخلت من جهاز تفتيش الزائرين لتدخل إلى القاعة الكبيرة التي كانت تضج بالناس الداخلين والخارجين الذي يمسك هاتفه الثمين ويتحدث والذي يحمل عدة أوراق ويقوم بمناقشتها مع زميله موظفين موظفين موظفين كل هذا العدد الهائل من الموظفين في هذا المكان هل هناك فرصة لتجد عملاً هنا ؟
ذهبت مباشرة إلى مكان الاستعلامات
بدا لها الموظف لطيفاً جداً
قالت له مع ابتسامة مهذبة
: مرحباً أود لقاء السيد ضرغام
تغيرت ملامح الرجل الذي قدرت ناز عمره أنه في العقد الرابع من عمره
: السيد ضرغام ؟ رئيس الشركة ؟
:نعم !
:ربما تقصدين العم ضرغام المسؤول عن طلبيات الشاي والقهوة في الشركة
تجمد وجه ناز من الصدمة والقت نظرة على ملابسها بالرغم من أنها ترتدي جينز عادي و قميص عادي رخيص إلا أنها لم تكن سيئة المظهر لهذه الدرجة ّ!
قالت له بقليل من العصبية وهي تخرج البطاقة من جيبها الخلفي وتريها إياها
:من فضلك خذني إلى مكتب سيدك على الفور
تغيرت ملامح الرجل وهو يرى البطاقة التي تحتوي على توقيع المدير ,قام بإرشادها بنفسه إلى المكتب هناك لاقت ناز السكرتيرة الخاصة بسيد المكان التي بدت كمروى تماماً نفس العنج هي والنظرات الدنيوية التي تنظر بها إلى ناز وكأنها اأميرة أو سلطانة ..نظرت ناز بنرفزة إلى السكرتيرة التي كانت تستأذن من السيد ضرغام لإدخال ناز إلى المكتب ونظراتها مازالت تتفحص ناز بشكل مستمر . يا إلهي ما هذا المكان المليء بالمتعجرفين
وأخيراً دخلت ناز إلى مكتب ضرغام بعد تلك الجلبة التي حصلت منذ دخولها إلى المبنى
كان المكتب كبيراً وواسعاً جداً إنه أكبر من شقتهم المتواضعة بمرتين يحتاج وقت طويل للوصول إلى نهايته حيث يوجد هناك المكتب الخاص بالمدير ...نظرت ناز فرأت خيوط دخان تنبعث من الكرسي الذي كانت لا ترى سوى ظهره وهي متسمرة ...رائحة السجائر الفاخرة ملأت أنفها و أرسلت دغدغة لمشاعرها
لطالما تحسست ناز من رائحة السجائر لكن هذه المرة لا بدت الرائحة لذيذه ممزوجة بعطر رجالي من النوع الغالي لاشك
:تفضلي يا آنسة بالجلوس ..أنت دقيقة في مواعيدك جداً
جلست ناز على المقعد الوثير في ترقب
استدار ضرغام إلى ناز بسرعة بكرسيه الكبير فارتدت ناز إلى الوراء وكأنه سوف يهجم عليها في تلك اللحظه لقد بدت هيئته مخيفة جداً فهو ضخم جداً وعيناه ونظراته تنبؤها دائماً أنها في خطر
ابتسم ضرغام بسخرية من حركة ناز العفوية وقال لها
:ماذا تشربين يا آنسة ؟
امتعضت ناز من سخريته أثناء حديثة وقالت له
:لا وقت لدي لشرب شيء هل لنا أن ندخل في صلب الموضوع
ضرغام : لما أنت مستعجلة دائماً هكذا ؟
ناز : ولماذا تتحدث معي وكأنك تعرفني حق المعرفة لقد التقيت بك في العرس فقط
: حسناً حسناً
قال ضرغام وهو يغير الموضوع
: قلت لي أنك خريجة لغات وأنا بحاجة إليك هنا
لم تعرف لماذا كلمة أحتاج إليك أثارت فيها رغبة غريبة في هذا الرجل فاحمر وجهها خجلًا وقالت بسرعة لكي لا يلاحظ خجلها
: نعم سيدي فأنا خريجة وأنا الثانيه على دفعتي ولا شك أني سوف أكون عند حسن ظنك
: جيد جيد
قاطعها ضرغام دون أن يترك لها المجال لإكمال حديثها
: تستطعين من الغد ابتداء العمل يا آنسة
ناز: ماذا بهذه السرعة ؟ بدون اختبار بدون أي شي ؟
: قلت لك مسبقا أنت مناسبة جداً للوظيفه لكن هناك شيء آخر يا ناز ..
قال اسمها بنبرة غريبة جعلت ناز تحس إحساساً غريباً وكأنها تسمع اسمها بهذه الحلاوه لأول مرة
ناز : ماهو سيد ضرغام ؟
نظر إليها بعينيه البنيتان نظرة سخرية وقال
: ملابسك يا آنسة لا تناسب العمل عليك إيجاد شيء أكثر رسمية
اشتعل وجه ناز خجلًا من ملاحضته حول ملابسها يا إلهي لقد قلتها منذ أن دخلت لهذه الشركة في اللحضة الأولى أنها شركة مليئة بالمتعجرفين فقط
ناز : حسناً أمر آخر يا سيد ؟
ضرغام : كلا يمكنك الذهاب إلى قسم توظيف الموظفين الجدد والاستفسار عن مواعيد العمل
قامت ناز من الكرسي وهمت بالانصراف من المكتب لكن في تلك اللحضه التي كانت تود أن تفتح فيها الباب دخلت امرأة في كامل أناقتها ذات شعر برغندي صارخ اللون ومشت ببطئ ودلال دون أن تنظر إلى ناز وكأنها غير موجودة
: حبيبي لقد اشتقت إليك لماذا لم تجب علي البارحه ؟
: وداعا سيد ...
لم تكمل ناز جملتها لأن ضرغام لم يكن ينظر اليها حتى كان يهمس في أذن تلك المرأة التي رمت نفسها عليه وهي تهم بالخروج .فخرجت وأغلقت الباب من خلفها
: حسناً يبدو أن العمل في هذه الشركة لن يكون سهلًا أبداً
بعد أن خرجت ناز قام ضرغام بدفع المرأة التي كانت ترمي نفسها فوقه برفق قائلاً
: رشا كم مره علي أن أقول لك استأذني قبل أن تدخلي المكتب !!
: أوووه حبيبي ضرغام لقد كنت مشتاقة جداً لم أستطع الانتظار أكثر من ذلك قالت هذا وهي تضع يديها بجرأة على صدره المفتول بالعضلات وتكمل قائلة :أنت لم تجب على إتصالاتي البارحة
..وهمت بتقبيله لكنه أدار وجهه فوقعت قبلتها على وجنته
ضرغام : من هذا الذي كنت معه في نادي الفروسية ؟
ارتبكت رشا وابتعدت عنه وهيه تقوم بتعديل فستانها القصير الذي يظهر أكثر مما يخفي وهي تقول مرتبكة
: إنه صديق العائلة يا حبيبي والده يعمل مع والدي على صفقة ما .
: جيد
قال ضرغام وهو يخرج سيجارة وويضعها في فمه
ناز : حبيبي ألن تأتيني اليوم ؟ لقد اشتقت لك ...
قاطعها ضرغام بعصبية
: أنا مشغول جداً في هذه الايام يا رشا لا تكوني لحوحة هكذا !!
رشا : حسناً حبيبي قالت وهي تحتضنه من الخلف ووقفت على أطراف أصابعها لكي تهمس في أذنيه بوقاحة
: سوف آتي انا إليك اذا ...
وعندما لم تجد أي تجاوب من ضرغام حملت حقيبتها وخرجت من المكتب بعد أن ودعته
أما ضرغام فقد كان في عالم آخر بعيد كل البعد عن رشا ...لقد كان ينظر من نافذة مكتبه نظرات سوداء خالية من أي تعبير غير الحقد للفتاة التي كانت تحاول عبور الشارع في زحمته للوصول إلى مكان سيارتها القديمه ...حسناً يا ناز لقد جئت بقدميك للفخ ..لن تستطيعي أن تفلتي من يدي ....
↚
صباح اليوم التالي بدأت ناز العمل فورا في الشركة الضخمة المليئة بمختلف انواع الموضفين من شتى الاعمار ومن شتى الدول . دخلت المكتب الذي يفترض ان تبدأ عملها فيه لتفاجئ بانها ليست وحيده في هذا المكتب فهنالك فتاة مرحه و ودوده تشاركها المكتب اسمها سهى هي مسؤوله عن ترجمة العقود من الفرنسيه الى العربيه والانكليزيه.
اما ناز فقد حصلت على مهمة ترجمة العقود السويديه مع شركات السيارات السويديه ..لم تكن للشركه علاقات مع شركات سويديه من قبل ابدا لكن هذه السنه بالتحديد بدأت علاقاتهم مع المملكه السويديه ا وكانوا بحاجة دائمه وماسة للمترجمين الذين يقومون بترجمة العقود والصفقات ويرافقون المدراء ورؤساء الاقسام في الرحلات العملية .
نضرت ناز بفخر الى ملابسها من يراها لن يضن ابد انها ابتاعت هذا الطقم من محل الملابس المستعمله ! كانت ترتدي بذله رسميه تتكون من تنوره سوداء ضيقه تصل الى الركبه وستره سوداء تغطي منطقة الارداف مع قميص بيجي اللون وذوياقه طويله تغطي رقبتها ..بدت في غاية الاناقه والبساطه في نفس الوقت
كانت تبدو جذابه جدا في زيها الرسمي فهو يضهر مفاتن جسدها الرشيق والممشوق بشكل ملحوظ
بعد عدة ساعات من العمل اقترحت سهى على ناز يذهبوا الى الكافتيريا الخاصة بالشركة لتناول الغداء
جلست الفتاتان تتبادلان اطراف الحديث فعلمت ناز ان سهى موضفة في الشركة منذ اربع سنين وهي متزوجه من سامر الذي يعمل ايضا في الشركة ذاتهاو قد تعرفت عليه في الشركة ...
لقد كان يحبني جدا"
قالت سهى بأسى ورأت ناز دمعه تهدد بالسقوط من محجر عينيها في اي لحضة
1
_ماذا تقصدين بكان استفسرت ناز
اجابتها سهى وهي تكز باسنانها وتتكلم بعصبية واشمئزاز
-حياتنا اصبحت لا تطاق بسبب المشاكل انتقلت والدته للعيش معنا وشقتنا لا تكاد تتسع لي ولطفلي
وحماتي ام زوجي انسانه خبيثة جدا, سامر هوه ابنها الوحيد على خمس بنات لهذا هي تعتقد اني سوف اخطفه منها ومنذ يوم انتقالها عندنا وهي لا تكف عن افتعال المشاكل وسامر طول الوقت يقف في جهة امه فهي ممثله من الدرجه الاولى وهو لا يقبل ان اقول لها كلمة واحده فهي شيء مقدس بلنسبه له
_اووه كم هذا مقيت كم اكره الممثلين ..عددهم اصبح لا يحصى قالت ناز بشرود
تغيرت ملامح سهى من الغضب الى المرح وقالت وهي تبتسم
_ماذا عنك ؟ حدثيني عنك فانا الوحيده التي اتحدث هنا
احست ناز بلمغص فأخر شيء تود ان تتحدث عنه الآن هوه ماضيها التعس ..
-اذا كنتي لا ترغبين بلحديث فهذا امر عادي يا عزيزتي قالت سهى بلطف
-لا ... كما تعلمين انا خريجة قسم لغات واعيش مع والدتي وااختي بعد وفاة والدنا ..كنا نعيش بالمدينه الساحليه لكن ضروف والدي العمليه اقتضت ان ننتقل الى العاصمه ..
تشجعت سهى من كلام ناز واسترسالها في التحدث عن حياتها فسألتها وهي تغمز بمرح
_هل انت مرتبطه ؟ على علاقة مع شخص
اجابتها ناز قلبها يضرب بعنف وتوترت ملامح وجهها الرقيق من قسوة السؤال هذا بالتحديد
لقد كنت مخطوبة لشخص ما لكنه تزوج امرأه اخرى قالت ناز ذلك ببرود معاكس للنار التي كانت في داخلها وللتوتر الذي سيطر عليها في البداية
شهقت سهى ووضعت يديها على فمها في حركه تراجيديه ...ياللهي هذا فضيع !
-لا اسمعي الافضع ..تزوج زميلتي في الجامعه التي لطالما انتقد طريقة لبسها وضحكتها وكل شيء فيها
_ياللهي كم هذا مريع !
بعد هذه الجمله نضرت سهى الى ساعتها وهتفت بصوت عالي _هيا لقد تأخرنا يجب ان نعود للعمل فهذه الاحاديث لا تنتهي ابدأ لكنك سوف تحكين لي بلتفصيل عن خطيبك الاحمق هذا الذي خسر فتاة في مثل جمالك واخلاقك
انهمكت ناز وسهى في العمل وقصت عليها ناز كل قصتها مع كمال ..تأثرت سهى بما سمعته لكن ناز لم تخبرها بما حدث في تلك الحلفة طبعا وعن لقائها برب العمل هناك وعرضه للعمل في الشركة ..عملا حتى وقت متأخر من المساء ...انتهت سهى من العمل قبل ناز فقامت بالانصراف بعد توديع ناز
زفرت ناز بضيق لماذا علي ان اعمل كل هذا العمل لوحدي ..فجأه رن جرس الهاتف الخاص بمكتبها
نضرت اليه باستغراب فلا يوجد موضفين غيرها الآن في الشركه فمن يقوم بطلبها ؟
رفعت الهاتف وقالت بتردد ..شركة التعاون للسيارات تفضلوا
جائها الصوت الاجش الذي تستطيع تمييزه من بين الف صوت
_آنسه ناز تعالي الى مكتبي فورا
________________
أدخلت سهى المفتاح ببطئ شديد في الباب لكي تفتح الباب بدون ان تثير اي صوت كفيل بان يجعل حماتها تأتي راكضه اليها لكي تسمعها كالعادة الكلام الذي يقطر سما
مشت على أطراف أصابعها لتدخل غرفتها لكن صوت تلك العجوز أتى اليها من خلفها
_لماذا تتسحبين هكذا كاللصوص ومالذي أخرك حتى هذا الوقت عال عال زوجك عاد مبكرا للبيت وانتي مازالت في الخارج
"كنت في العمل وكان لدي عمل إضافي هذا اليوم _
قطر السم من كل كلمة اجابت بها حماتها احلام والتي كان يجب ان يسموها كوابيس بدل احلام فاسم احلام لا يناسبها على الاطلاق لشدة خبثها ودهائها _ اي عمل هذا لهذا الوقت بجب على المرأة الاهتمام بأولادها وزوجها وبيتها قبل عملها
أنا اهتم بيتي وعملي معا وهذا البيت بحاجه لأكثر من شخص عامل ليبقى مفتوحا"
لم تستطع سهى الانتضار اكثر لتسمع المزيد فدخلت الى غرفتها وقامت بخلع ملابسها بعصبيه لتستحم
في تلك اللحضه خرج سامر وهوه يضع المنشفه حول خصره
قال لها ممازحا إياها
م_ماذا فعلت الكي هذه الملابس المسكينه لتنفعلي هكذا
أجابت بسرعه وبصوت عالي
"بل قل ماذا فعلت امك انها لا تفوت فرصه لإزعاجي_
اجاب سامر بعصبيه" ارجوك سهى لا تفتحي هذا الموضوع مجدا أمي لم تفعل لك شيأ
وجهت له سهى نضرةعصبية مشبعة بالعتاب واستدارت بسرعة لتدخل الحمام وأغلقت الباب خلفها بغضب
أخذت حماما طويلا منعشا أنساها تعب اليوم
فكرت بينها وبين نفسها الى متى هذا العذاب المستمر مع حماتها لقد أفسدت عليها حياتها بافتعالها لمشاكل واختلاق قصص لابنها الذي كان دائماً يقول لها
"أمي عزيزه علي يا سهى لا اقبل ان تغلطي بحقها !!
أكملت حمامها وارتدت ملابس بيتية وتوجهت الى المطبخ لكي تحضر العشاء
سامر كان يشاهد التلفاز وامه تتحدث مع ابنتها على الهاتف خمنت انهما يتحدثان عنها بلسوء كالعادة
اما ابنها الصغير مصطفى فقد كان عند أمها وخواله لانهم اشتاقوا اليه
أكملت تحضير العشاء البسيط
ووضعت الأطباق على مائدة الطعام في غرفة المعيشه
وقالت
تفضلو العشاء جاهز
_" لقد اشتقت لمصطفى يا سهى يجب ان تحضريه غداً بعد اانتهاء الدوام
وقبل ان تجيب سهى قالت حماتها
" ما كان يجب ان تترك ابنك عند الغرباء يا حبيبي
لم تستطع سهى ان تتغاضى عن هذه الاهانه بحق أمها فقالت
" أمي ليست غريبه أنها جدته الحنونه المعطاء التي تحبه اكثر من روحها
" هل تقصدين اني لا احب حفيدي ؟ هل رأيت هذا يا سامر انها تهينيني وأمامك
" أجاب سامر أمي سهى لم تقصد شي
فقالت له امه بصوت باكي مليئ كاذب
تدافع عنها على حساب امك التي ربتك وحملتك في بطنها تسع شهور ، أنا كان لدي كل الحق عندما رفضت هذه الزيجة كان عليك مطاوعتي بان تتزوج ابنة خالتك ساره
لم تعد سهى تتحمل سيل الاهانات هذا المستمر والكلام المسموم الذي ينتقص منها ومن اهلها فقامت بسرعة من على طاولة الطعام لتدل غرفتها وتغلق الباب بكل ما أوتيت من قوةا
لحق بها سامر الى الغرفة فوجدها تستعد للنوم وتسوي الفراش بحركات غاضبه
اقترب منها قائلا سهئ حبيبتي أمي لم تقصد شيأ
" _لم تقصد شيئا ؟ بالله عليك يا سامر كن عادلا ولو لمره واحده لقد أهانت أمي اولا ثم أهانتني ولم تتوانى في إخباري انها تفضل ابنة أختها كزوجه لك ...
احتضنها سامر من الخلف وقربها الى صدره
" انت تعلمين انه لا يوجد احد في حياتي غيرك " وانحنى ليقبل العرق النابض في رقبتها
لم يقل لها لا يوجد احد في قلبي غيرك مما جعلها تشعر بوخز في قلبها .لما هو جاف معها هكذا فيما يخص كلمات الغزل والحب ...وبعدها استرسل في توزيع قبلاته على رقبتها ووجها واندمج الاثنان وغابا عن المشاكل المحيطة بهما وعن كل شيئ أحست سهى بلسعاده فها هو حبيبها سامر الذي احبته وتزوجت به يعود لها كم اشتاقت اليه ولكلماته الرقيقه التي كان يهمس لها بها في أذنها
طررررررراخ ،... انفتح باب الغرفة بصوت مرتفع فصرخت سهئ وهي تدفع سامر عنها وتسحب الملاءه لتستر عري جسدها
لقد كانت حماتها كالعادة
." اسفه حبيبي لم اقصد إزعاجك لكني احس بدوخه اضنني سوف أموت_
قفز سامر من السرير وذهب الى امه التي كانت تمثل الاغماء
اما وجه سهى فقد تجمد كليا ولم تتحرك من مكانها عندنا حمل زوجها امه وأخذها الى غرفتها
الى متى هذا للحال ياررررريي
5
___________
طرقت طرقتين على الباب ودخلت الى مكتب ضرغام بعد ان استدعاها عبر الهاتف ..اغلق الهاتف مباشرة بدون ان ينتضر جوابها مما جعل ناز تصر على موقفها بانه شخص فض للغايه
كالعاده رائحة سجائره ممزوجه بعطره المميز ومنتشرة في كل ارجاء المكان .
_طلبتني يا سيد ضرغام هل من خطب ما ؟
ابتسم بسخرية وقال
↚
-هل انت جائعة ؟
استغربت ناز من سؤاله الغريب وقالت لا لست جائعة
-حسنا اذا ستراقبيني وانا اكل ان لم تكوني جائعة هيا استعدي للخروج
شلت الصدمه ناز وتجمد وجهها من فضاضة هذا الانسان ا
_الخروج الى اين ؟
-لا تقلقي يا آنسه انا لا التهم الآنسات الصغيرات اعتبريه عشاء عمل .
بعد خمس دقائق كانت ناز واقفة عند المصعد بانتضار ضرغام ..خرج من المكتب بسرعة وهوه يرتدي سترة البذله واستقلوا المصعد دون ان ينبس ببنت شفه
وصلوا لمرآب الشركة الذي كان شبه فارغ بسبب ذهاب جميع الموضفين
قالت ناز بارتباك .._انا سوف استقل سيارتي وانت في سيارتك
نضر اضرغام الى سيارتها المتواضعة قائلا .._وهل تسمين هذه الخرده سيارة ؟
اشتعلت عينا ناز بلغضب من اهانته وقالت بعصبيه ضاهره .._انها ليست خرده هذه سيارة والدي رحمه الله لقد اشتراها بتعب جبينه وماله الحلال
اشار لها ضرغام بان تسكت بحركه استفزازيه من يديه وقال لها_ اصعدي الى السيارة بدون ثرثرة
صعدت ناز الى سيارته على مضض وهي تشعر بغضب لم تشعر به من قبل بسبب اسلوبه المستفز لو لم تكن بحاجة لهذه الوضيفة بسبب وضعهم المادي السيء لقالت له اذهب انت وعجرفتك للجحيم.
كان يقود بسرعة جنونية جعلت ناز تحبس انفاسها ..بعد عدة دقائق من القياده السريعة وصلا الى احد المطاعم الفاخرة في البلد
ها قد وصلنا... قال ضرغام بحركه مسرحيه... تفضلي يا سندريلا
كان المطعم من افخر المطاعم في البلد الذي لم تجروأ ناز حتى في افكارها بلذهاب اليه فوجبة الطعام هنا تساوي راتب شهر كامل
-سيد ضرغام اما كان لهذا الاجتماع ان يحصل في المكتب
قال لها وهو مكشر ومنزعج ..خمنت انه يعاني من صداع ما فكان دائم الالتماس لجبينه وصدغيه ..
_الرجل لا يستطيع التفكير او القيام بأي شيء عندما تكون معدته خاليه
امسكها من يدها لكي تمشي الى الامام لكن حركته لم تعجب ناز ابدا فقامت بسحب يديها بقليل من العنف
حركتها اثارت سخرية ضرغام فقال لها .. تفضلي سندريلا
_اسمي ناز لو سمحت
دخلو للمطعم فآتي الكرسون راكضا لطاولتهم ..-سيد ضرغام كيف اخدمك
ادركت ناز ان ضرغام من رواد هذا المطعم فالكرسون يعرفه جيدا استغلت فترة انشغاله مع الكرسون لكي تدقق في وجهه دون ان ينتبه ..كـانت بشرته السمراء شاحبه بسبب التعب ..يبدو انه لم ينم جيدار استدار ضرغام فجأه ليجدها تنضر اليه فقامت بتغير نضراتها لغير جهه لكنه لاحظ ارتباكها فقال
-يمكنك متابعة تدقيقك في وجهي فانا لا امانع
تجاهلت ناز ملاحضته وقامت بشرب كأس الماء دفعة واحد بعد ان انصرف الكرسون
قال لها بدون مقدمات
_لدينا سفرة عمل بعد يومين وسوف تكونين مرافقة لي كمترجمه
-ماذا ؟ سفره الى اين
_الى السويد طبعا فلدي صفقة شراء سيارات volvo
وبلتأكيد سوف تكونين مرافقه
اجابت ناز بارتباك _لكن سيد ضرغام انا لا استطيع السفر معك !
_السفر معي ؟ اطردي هذه الافكار التافهه من دماغك ياا آنسه كل ما اريده هوه مترجمه وليس عشقية الى متى سوف تبقين تفكرين بانك محور يدور حوله الرجال قال بسخرية وهوه يبتسم ؟
الصدمه الجمت ناز فهي لم تتوقع مثل هذا الهجوم عليها فقط لرفضها السفر
قالت بسرعة وهي مرتبكه –سيد ضرغام انا لم اقصد هذا لكن ماذا سوف اقول لأهلي هم لا يعلمون اني سوف اسافر مع مديري هذا كل ما في الآمر
قال بصرامه :
= انسه ناز انا ادفع لكي ولكثير من الموضفين لكي تقومو بعملكم على اكمل وجه دون نقااش ما سوف تتقاضيه في هذه الصفقه يكفي لكي يغلق افواه اهلك
تجمعت الدموع في عيني ناز...لكن لا لن تبكي اامام هذا المتعجرف فهي ليست ضعيفه ابد فوقفت بعنف وقالت وهي ترتجف من الغضب ا
_استاذ اضرغام لماذا تتحدث وكأنك تعرفني او تعرف اهلي ؟ انا لست سوى موضفة جديده في شركتك تعرفت عليها في حفلة زواج خطيبها ..لاتتحدث عني وعن اهلي بهذه الطريقه لو سمحت ...امسكها ضرغام من يدها وسحبها الى الاسفل لكي تجلس بقوه على كرسيها وقال لها من بين اسنانه ..اجلسي انت في مكان محترم وحركاتك السوقيه ليست مناسبة هنا
جاء الكرسون مع صحون الطعام لكي ينقذ الموقف عندما كان ضرغام على وشك ان يقول شيئا آخر
تناولو طعامهم مع نقاش على كيفية السفر وسألها ان كان لها جواز سفر صالح للسفر واخبرها انهم سوف يقضون 3 ايام هناك .
بعد الانتهاء من تناول طعام العشاء اصر على توصليها للبيت قالت له انها تعيش في حي فقير وسيارته لن تستطيع الدخول في الازقه الضيقه لكن اصرارها لم يجدي نفعا فهوه اكثر عنادا منها لكن عناده كان صامتا جدا فهو يشير لها بان تسكت عندما كانت تحتج على توصيلها
نزل من السيارة بعد ان ودعته وتمنت له ليله سعيده
راقبها ضرغام بعد ان نزلت من السيارة وقال بصوت خفيف يملأه الحقد
اذا السنيوره تعيش هنا ...
قام البواب بفتح الباب الكبير للقصر لتدخل سيارة ضرغام الى البيت ..ترجل ضرغام من سيارته ودخل القصر يصارع تعبه ليصل الى غرفته ويرتاح . دخل غرفتة فتفاجئ من الضوء الخافت في الغرفه واحس انه لم يكن وحيدا في الغرفه
شعر بيدين ناعمتين تمسكان بكتفه من الخلف ..سحب اليدين بعنف ليواجه من كان يقف خلفه
نضرت رشا اليه مرتبكه وقالت
-اوه حبيبي مابك لقد آلمتني
رشا قلت لك الف مره اني لا احب هذه الحركات
امسكت به رشاا من جديد ومسدت برقة على كتفيه قائله بهمس وقح ..حبيبي اشتقت اليك كثيرا واحببت ان افاجئك
كانت ترتدي ملابس شفافه سوداء اللون.. قبلت جانب وجهه وتفاعل معها ضرغام ولم يستطع مقاومتها وبعد ثواني كانا معا في السرير وغابا في عالم اخر
بعد عدة دقائق كان ادهم يدخن سجائر كالعاده
قالت له رشا بغنج وهي تقترب منه لترمي نفسها فوق صدره
-احبك يا ضرغام انت رائع
ابتعد عنها وذهب ليستحم وهو يفكر ان عليه التخلص من هذه ال رشا الملتصقه به على طول ..كان يتخذها مجرد شيء مؤقت في حياته ولا يحبها على الاطلاق فهي تلتقي بشبان عديدين غيره وتمثل عليه دور المخلصة وتقول له انه الوحيد في حياتها ..رآها ذلك اليوم في نادي الفروسية مع شاب في نفس عمرها ..لم يهتم ابدا لانها لا تعني له شيئا على الاطلاق لكن فضوله دفعه لتتبعها ..عندما خرجت وهي تمسك بيدين الشاب من بوابة النادي ركبت السيارة معه ودخلو الى احد الشقق السكنيه بعدها ..
اغلق صنبور المياه وارتدى ثوبا مخصصا للحمام لونه اسود خرج ليجدها ترتدي ملابسها
-هل انت ذاهبه ؟
- نعم عزيزي لقد تأخرت ويجيب ان اعود للبيت لقد قلت لهم اني خارجه مع احد الصديقات
ابتسم ضرغام وهو يفكر بسخرية يالأخلاق هؤلاء البنات يكذبون على اهلهم ويصدقونهم بطيب نية وما خفي كان اعظم.
خرجت رشا من البيت فقام باخراج سيجارة ووضعها في فمه بقليل من العصبيه ..كان عصبيا لان يفكر بشخص اخر كلما فكر فيه يجعله يغضب !...نعم انها ناز ....سوف تقعين في يدي يا ناز ولن يرحمك احد من انتقامي قال ضرغام في سره وهو ينفخ الدخان من فمه
في صباح اليوم التالي
_سيد ضرغام الفطور جاهز ..قالت المرأه الاربيعينة العمر لضرغام م وهو ينزل من الدرج الملتوي ..جلس كالعاده ليتناول فطوره وحيدا فكر بأسى فبعد ما حدث وفسخه لخطوبته من سجى ووفاة والده بعد ذلك رفضت والدته العيش معه بسبب عملته ...رغم اصراره على انه بريئ ولم يفعل شيئا لكن ماضيه المليئ بطيش الشباب لم يكن نقطه لصالحه لكي يصدقوه..لكن هذا لن يدوم مطولا فقريبا سوف يأتي من يعيش معه في القصر كما خطط منذ فتره
_________________
في الشركة كانت سهى تقص على ناز ما حصل معها ومع حماتها
ضحكت ناز الى ان ادمعت عيناها وهي تتخيل حماة سهى تدخل عليهم الغرفه وهي تمثل المرض وتقول لهم سوف اموت
_ياللهي انا اشعر بدوخه سوف اموت كيف استطاعت قول هذا وهل الذي يموت يحس بدوخه !! واستمرت ناز بلضحك وسهى تتحدث بعصبيه وهي تطبع الكتاب المفروض ارساله الى احد زبائن الشركه المهمين
-سوف يجن جنوني يا ناز لم اعد اتحمل هذه المضايقات من حماتي سوف اجن ! قالت سهى بعصبيه
وماذا حصل بعد ذلك ؟ استفسرت ناز
-لا شيء عاد الى الغرفه بعد وقت متأخر بعد ان رحل الطبيب وكنت امثل النوم ...فاستلقى بجانبي ونام ..
- لو كان بيدي شيء لساعدتك يا عزيزتي لكن ما بليد حيله قالت ناز وقد توقفت عن الضحك ومسحت دموعها ..ناز من النوع الذي يدمع اذا ضحك فورا ولا تستطيع كبح ضحكاتها ابدا
قامت ناز وتوجهت الى مكتب سكرتيرة ادهم في تنوي تسلميه بعض العقود المترجمه
قالت السكرتيره بسخرية اول ما لمحت ناز
جيد انك حضرت انسة ناز فضرغام بيك طلب لقائك _
ماذا ؟ قالت ناز بصدمه ...ماذا يريد
-وما ادراني ادخلي عنده لتعرفي ماذا يريد
دخلت ناز الى المكتب ووالقت التحية لكن ضرغام لم يجبها ..نضر اليها نضره بارده جعلت اوصال ناز ترتعد منها وكآنه يتوعدها بشيء بينه وبين نفسه
قالت بعد ان يأست من عدم اجابته لتحيتها .-سيد ضرغام هل طلبتني
_نعم هل استتعدتي للسفر ؟
_نعم كل شيء جاهز
-حسنا يمكنك الانصراف الآن انت معفيه من الدوام اليوم لتستعدي جيدا وكوني جاهزه في الوقت المناسب كي لا تفوتي الرحلة ..
خرجت ناز من المكتب وهي تفكر في هذه السفره وماذا سوف تقول لوالدتها في لم تخبرها ان طبيعة عملها تقتضي ان تسافر لدول اخرى
ولكن مستحيل ان ترفض العمل وحالتهم المادية من سيء الى اسوأ والمبلغ المغري الذي عرض عليها كراتب لهذه الوضيفة كان يفوق الخيال بلنسبة لها ..فالطلاب المتخرجين الجدد لا يجدون عملا بسهولة بدون خبره
ان تخصل على عمل جديد يتطلب الخبره والخبرة تحتاج الى عمل !! هذه هي الدوامه التي يحبس فيها المتخرج الجديد
انهت ناز عملها وقررت ان تعود للبيت ..مرت على البقال القريب من بيتهم وتسوقت بعض مستلزمات البيت ..صعدت درج عمارتهم المهترىء لتسمع صوت صراخ عالي من بيتهم
ركضت الدرجه بسرعة لتدخل الى البيت ..وجدت امها واحدى الزبائن
-ايتها الحقيره اللصه لقد سرقت من القماش الذي اعطيتك اياه لتخيطي ثوبا لأبنتي
اجابت والدة ناز بضعف وهي تقول ..سيدتي انا لم اسرق شيئا لقد اخطت الثوب مثلما اردتي بدون زيادة او نقصان يبدو ان ابنتك ازداد وزنها في هذه الفتره
-كيف تجرأين ايتها اللصه ورفعت الزبونه يداها لتضرب ام ناز التي ارتدت الى الخلف في حركة غريزيه لتجنب الضربه
دوت صرخه ناز في نفس اللحضه وهي تتقدم من الزبونه وتقول
_هذه الحركه التي تنوين القيام بها سوف تكلفك حياتك
وتقدمت بسرعة منها وجرتها من ياقة قميصها الذي كاد ان يتمزق تحت شد يد ناز
-ابتعدي عني قالت الزبونه وهي تدفع ناز ..امك الحقيره سرقت قماشا مني
لم تعد ناز تتحمل اهانات هذه المرآه لأمها فقامت بفك قميصها باشمئزاز وقالت بصوت لاهث
_اين الثوب يا امي ؟
اشارت الام وهي مذهوله الى مكان الثوب
تحركت ناز بسرعة لمكان الثوب وقامت باخراجه من الكيس ..وقالت كم ثمن القماش ؟
اجابت المرأه وهي تساوي اطراف قميصها الذي جعدته ناز ..انه يساوي ...وكم حق الخياطه الذي دفعتيه لأمي
اجابت المرأه بسرعه فقامت ناز بمسك اطراف الثوب ومزقته الى نصفين ,...وبعد ذلك الى قطع صغيره بعصبيه وبهستيريه وقالت بصوت عالي وهي تخرج النقود النقود من محفضتها
خذي نقودك ايتها الحقيره واياني واياك ان اراكي هنا مره اخرى هل فهمتي !!_
اخذت المرآه نقودها وانصرفت بسرعة خائفة من غضب ناز
تقدمت ناز من امها التي احتضنتها وهي تبكي بحرقة .._يا حبيبتي خسرتي نقودك
-لا يهم يا امي قالت ناز وهي تشدد من احتضان امها ..المهم ان لا يهينكي احد يا امي اعدك اني سوف اعمل كل جهدي لكي تتركي العمل على الخياطه ..
دخلت مايا في تلك اللحضه لتنضر بعين مذهولة الى الفوضي التي كانت تعم الشقه الصغيره فلم تخبرها ناز باي شيء كي لا تجرح مشاعر الصغيره التي باتت حساسه جدا بسبب الوضع المالي السيء الذي يمرون به ..
جلسو ليتناولو الغداء الذي اعدوه سويا ... فكرت ناز ان فكرة تركها للعمل اصبحت مستحيله بعدما حدث .. اطالت النضر الى وجه والدتها واحست بلدموع تحرق عينيها ...وجهها غزته التجاعيد والهالات السوداء اصبح لونها داكنا اكثر ..نضرت الى يديها لتجدها متشققه وترتجف عندما تحمل شيئا ..ياربي ساعدني وساعد امي المسكينه ..سوف اعمل المستحيل كي اجعل امي ترتاح من هذه الماكينة التعسه
بعد تناول الغداء فاتحت ناز امها بموضوع سفرها .ابدت الام امتعاضها في البدايه لكن بعد اقناع ناز لها اقتنعت ..وطلبت منها عدم اخبار خالها او زوجته بامر السفره نهائيا
↚
في اليوم التالي كانت ناز تقف متوتره في المطار وهي تحمل حقيبتها القديمه ,,لقد تأخر كثيرا فكرت ناز ربما يكون مقلبا من مدير الشركه ولن اسافر !!
طردت هذه الافكار الغبيه من رأسها وجلست على احد المقاعد بعد ان تعبت من الوقوف
فلمحت ضرغام قادم نحوها وخلفه مجموعة من الموضفين ..كان يحمل معطفا اسود في يديه و احد العمال في المطار يجر حقيبته له بتزلف واضح وهوه يبتسم .. اعطى العامل بقشيشا و تقدم منها وقال لها
_هيا فلنتوجه الى غرفة الوزن انت في تجلسين في المكان الخاطئ لقد بحثنا عنك طويلا
احرجت من ملاحضته واحست بغباء شديد لانها كانت في المكان الخاطئ ..لكنها معذوره فهذه اول مره تسافر في الطائرة
قامو بكل الاجراءات ليستعدو الى الصعود الى الطياره ...ضحكت ناز في سرها على ضرغام الذي يحمل معطفا ثخينا في يديه ..ماذا سوف يفعل بلمعطف في هذا الجو الحار
صعدو الى الطائرة ولم تستغرب ناز جلوسهم في الدرجة الاولى ..فرجل اعمال مثل ضرغام لا يمكن ان يستقل الطائرة في الدرجة الثانيه _سألته بصوت منخفض ..اين بقية الموضفين ؟ اجابها بهدوء ._.انهم يجلسون مع ركاب الدرجة الثانيه
احست ناز بقليل من الغرور والفخر فهي تسافر في الدرجه الاولى بينما البقيه في الدرجة الثانيه
لم تنتبه ابدا على الشخصين الذين كانو يجلسون خلفهم ...الى ان سمعت صوتا تكاد تميزه من الف صوت وهي تقول
-اوووه ماهذه الخدمات السيئه لقد طلبت عصير برتقال انضر الى هذه المضيفه الغبيه ماذا احضرت الي
استدارت ناز ببطئ الى الخلف لتقع عيناها على منضر ادمى قلبها ...حبيبها كمال يقوم بتهدئة زوجته ويضع يديه حول خصرها وهوه يقول
-لا بأس يا عزيزتي سوف اطلب منها ان تأتيك بطلبك
لقد كانا في منتهى السعاده ...زوجان في شهر عسلهما ولما لا يكونان سعيدان ؟ رأت ناز اهتمام كمال بمروى فهوه كان يقوم بدور المضيفه تماما لمروه التي كانت لا تكف عن اصطناع حركات الدلع والغنج وكأنها طفلة صغيره !
استدارت لترى ضرغام ينضر اليها باستهزاء وقال بنبره ساخره
-انضري من هنا حبيب القلب وزوجته
وجهت ناز له نضرة نارية والدموع تملأ عيناها وتهدد بلسقوط في اي لحضه
تبدلت ملامح ضرغام وهوه يرى دموع ناز ..جرت دمعةعلى خدها بسرعة فقام ضرغام بمد يديه ليمسح الدمعة في حركه غريزيه
فقالت له ناز وهي تمسك يده التي استقرت على خدها
-ارجوك لا تثير انتباهمم لا اريد ان يرونا
نضر ضرغام الى عيني ناز مطولا فهو يرى اجمل صورة ممكن ان يراها ..عينا ناز الجمليتان الخضراوان تمتلآ ن بلدموع الؤلؤيه لتزيد جمال عيونها براءه ونقاوة ..حرك عينيه قليلا ليرى ناز تمسك بديه التي استقرت على خدها ..احس بنعومة يديها التي كانت كآنها قطعة من الثلج
هل لكمال هذا التأثير الكبير في قلب ناز ؟ هل يسبب لها كل هذا الحزن في تركه لها ؟
احس ضرغام يتأنيب الضمير فهو السبب الرئيسي لترك كمال لخطيبته !!! نعم نعم فهوه كان العقل المدبر لجعل كمال يتزوج مروى ..عرض عليه المال واغراه بالوضيفة الجيده والمكانه المرموقة في المجتمع فما كان منه الى استسلم لكل هذه المغريات ..لم يتوقع ضرغام ان يستسلم بهذه السهوله عن خطيبتة الجميله ّ! لكن جشع وطمع كمال ونفسه الضعيفه كان من صالح ضرغام ..لكن لماذا يؤنبه ضميره عليها ؟ اليست هي السبب في وحدته الآن ؟ اليست هي السبب في نبذ عائلته له ؟ هي من دمر حياته بذلك الادعاء الباطل بحقه قبل اربع سنين
بعد ان كان ضرغام شابا طائشا ..يشرب الكحول ويخرج مع مختلف انواع النساء المنحلات اخلاقيا ويسهر الى الصباح في الملاهي الليله قرر والده ان يحرمه من الميراث ان لم يصبح رجلا على قدر المسؤوليه ويترك الطريق الذي يمشي فيه ورفاق السوء فهو محروم من جميع ثروة والده ..بعد ان حرم ضرغام من حياة الرفاهيه التي كان يعيشها ..عاد الى رشده وعمل كموضف عادي في شركة والده ليثبت له ان تغير الى الافضل وعندما رآى والده انه فعلا تغير قرر هو واخاه تزويجه ابنة اخيه سجى ..مدللة العائله الفتاة الباره الجميله الفاتنه ..لكنه حذره انه يجب ان لا يجرح مشاعرها او ان يعود الى طريقه الاسود الذي كان يمشي فيه واذا فعل هكذا فيسحل عليه غضب الوالد ...تمت الخطبة بين سجى وضرغام ووقع في حب مخطوبته لآنها كانت فاتنة الجمال ولبقه وبلسانها الحلو وتصرفاتها الراشده استطاعت ان تحتل قلب ضرغام بلكامل ..فاصبح لا يستطيع العيش بدونها ..لكن الخطوبة فسخت بعد تلك الحادثة اللعينه .عااد ضرغام الى ارض الواقع من ذكرياته لينضر الى سبب تعاسته تنضر اليه ..فبعد يده بعنف عن يدها واستدار ولبس نضارات النوم لكي تحجب الضوء عن عينيه وغط في نوم عميق ...
في هذه الاثناء اخر ما كانت تفكر فيه ناز هوه النوم ..كيف تنام وكمال يجلس خلفها وقربها ..احست ان اعصابها مشدوده الى اخر درجة ولم تستطيع ان تكبح رجفة جسمها وقلقها وتفكيرها ..كيف ستواجههم !! لا تريد ان تراهم معا ابدا ..تلك الحقيره اخذت خطيبي مني سوف تنضر الي بعلياء وغرور وانتصار فهي كانت الفائزه في الاخير وربحت كمال
بعد عدة ساعات من التفكير وشد الاعصاب اعلنت المضيفه انهم سوف يهبطون في ايطاليا *ترانزيت* وبعدها يكملون رحلتهم ..طلبت من الجميع ان يربطو احزمة الامان ..فقامت ناز بايقاظ ضرغام
_سيد ضرغام استيقظ يجب ان تربط حزام الامان
استقيظ ضرغام وعدل من جلسته وقميصه الذي تجعد من اثر النوم ..نضرت اليه ناز باعجاب ..كم يبدو وسيما وهوه مشعث الشعر هكذا واستقيظ من النوم لتوه ..
انتضرت ناز قليلا قبل ان تنزل من الطيارة الى مطار روما فهي تريد ان تنزل مروى قبلها حتى لا تراها ..
في المطار اخبر ضرغام جميع الموضفين ان يتجمعو في مكان واحد حتى تفتوتهم الرحله
اما هوه فقد كان على وشك التوجه الى الكافتريا الخاصه بلمطار فالتفت الى ناز التي كانت تجلس على المقعد وهي في قمة التوتر
-ناز تعالي معي ..نضر الجميع بصدمه الى ناز والى مديرهم ..لماذا يعامل المدير هذه الموضفه بكل هذا الدلال ؟ تصرفات ضرغام اثارت شكوك الجميع لكنهم آثرو الصمت
جلست ناز مع ضرغام في الكافتريا وقام بطلب القهوه وقطع من الكعك الشهيه له ولناز ..اخرج حاسوبه المحمول وشرع في الطباعة والكتابه والتصفح في المواقع الالكترونيه الخاصه بلعمل ..اما ناز فقد كانت متوتره جدا فقالت لكي تقطع الصمت المخيم في المكان
-شكرا لأنك قمت بهذا من اجلي!
-وماذا قمت به من اجلك يا حلوتي ؟ قال ضرغام بمكر
احست ناز بخجل واشتعل وجهها على الفور من تعبير ضرغام بقوله كلمة حلوتي
-اقصد انك لم تسلم على مروى ..
اهااا اجاب ضرغام وقال باستهزاء مستفز
-انا لم افعل هذا من اجلك ..كل ما في الامر اني متعب ولا اطيق التحدث مع احد ما ..ومرو ه ثرثارة جدا وهذا كل ما في الامر
احست ناز بلخجل من كلامه هذا فبدت كالغبيه في هذا الموقف ..بدى لها هذا الانسان يتسلى باهانتها فقط فقررت الصمت وتجاهله !! لايتسحق ان تتحدث معه !! كم هوه مقيت
تناولت القهوه والكعك بشهيه لأنها لم تتناول شيئا في الطياره
فسمعت صوتا انوثيا من خلفها يقول ..انضرو من هنا انضرو من هنا !!
--________________
كانت سهى تقطع الفواكة بكل ما أوتيت من قوه وكأنها تفرغ غضبها في هذه الفواكه المسكينه
اليوم هوه يوم الجمعة وهوه يوم عطلتها وراحتها لكن يبدو ان حماتها اخر ما تفكر في هوه راحة سهى
فقد قامت بدعوة اخوات سامر واختها وابتنتيها لبيتها بدون اذنها !!
سمعتها تقول لهم وهم يدخلو الى الصالة ..اهلا بكم اهلا بكم لقد نورتم بيتي يا حبيباتي
احست سهى بلغضب الشديد من قول حماتها ..بيتها !! يا حبيبي سوف تطردها يوما ما من هذا البيت
قامت سهى بحمل الفواكه والضيافة الى غرفة استقبال الضيوف لتجد اولاد اخوات سامر يقفزون هنا وهناك ويبعثرون الاغراض في كل مكان لم تستطع ان تتحمل وهي ترى ابن سهاد اخت سامر الكبيره وهوه يقفز فوق الكنبة البجية اللون التي اشتروها مؤخرا بحذائه المتسخ ليترك بقعا فوقها فصرخت فيه بصوت عالي
-انزل من الكنبه يا ولد لقد اتسخت انضر ماذا فعلت !
سكت الجميع فجأه من صرخة سهى على الطفل الذي اجهش بلبكاء وركض الى حضن والدته وهوه يصرخ ويبكي ..ياللهي يبدو ان الجميع في هذه العائلة ورثو هذه الطباع التمثيليه
فصرخت حماتها بها على الفور
-لا تصرخي في وجه الطفل هكذا !!
فتشجعت سهاد من موقف امها العدائي تجاه سهى وقالت
_الكنبات فداء لقدمي ابني الصغير ..انها من مال اخي كيف تجرؤين على التدخل هكذا !
اجابت سهى بعصبيه وهي تغلي من الداخل
_انه بيتي مثل ما هو بيتك اخوك ..وانا ايضا اعمل من اجل ان اشتري الاغراض للبيت ويجب عندما ترين ابنك يقفر هنا وهناك ليوسخ الكنبات ان تبعديه او تنضفي حذائه قبل دخول المنزل !!
سكت الجميع وهم ينضرون الى سهى التي كانت تتنفس بسرعة وعصبيه واضحه جدا
فقاام ابن سهاد من حضن امه على الفور وتوجه نحو مصطفى ابنها الصغير وضربه على رآسه ودفعه ..لكن طباع مصطفى الذي يشبهها و يشبه والده قلبا وقالبا لم تكن بلطباع الهادئه
فقام بسرعة بعد ان دفعه وعضه من يده ..فصرخ الطفل الآخر وعاد الى حضن امه كالجرذ الضعيف
احست سهى بلفخر بولدها الصغير فتقدمت منه وحملته واخذته للمطبخ دون ان تآبه لهمهمات الجيمع من خلفها وكلام حماتها الذي يسم البدن
اجلست ابنها على الكرسي الصغير المخصص له وحضرت له بعض الطعام وجلست تطعمه
فسمعت صوت حماتها وهي تقول بصوت عالي وكآنها تريد ان تسمعها ذلك
_حبيبتي سارة ادخلي الى غرفة سامر واحضري قميصه الذي اشتريته له الاسبوع الماضي ..لونه ازرق فاتح سوف تجدينه بين ثيابه
احست سهى كمن ضربها بمطرقة على رأسها ..ماذا كيف !! تدخل هذه البنت الى غرفتها وتخرج ثياب زوجها ...تركت ابنها في المطبخ وهبت على الفور وذهبت الى الغرفه فرأت ساره تخرج القميص وهي تتبختر امامها لكي تغضيها
خرجت من الغرفة على الفور وذهبت الى الصالة
فقالت بجرآه لكي تسمع ناز ...امممم رائحته حلوه جدا ما اسم هذا العطر يا خالتي
لم تعد سهى تتحمل اكثر من هذا فحملت مصطفى وخرجت من البيت لتذهب الى والدتها فاعصابها اصبحت على شفير الهاويه
جلست سهى مع والدتها وتحدثت اليها مطولا عن جميع ما فعلته حماتها وبناتها فنصحتها الام
بلابتعاد عنهم لتنجب المشاكل مع زوجها
مع حلول المساء عادت سهى الي بيتها ..فرحت كثيرا لان البيت كان هادئا فهذا يعني انهم رحلو جميعا ..وضعت مصطفى الذي كان غافيا في سريره وتوجهت بسعادة الى غرفتها لكن اول ما دخلت احست بيد تجذبها بعنف
_اين كنت الى حد الآن !!!!!!!
كان سامر يمسك بها من كتفيها ويهزها بعنف لكي تجيب ونضرات الغضب تقدح من عينيه
-لقد كنت عند امي ااجابت سهى وهي تحاول ابعاد يديه عن كتيفها
فشدد الضغط على كتفها وقال
-كيف تجرؤين على ان تكوني بهذه الوقاحه ..تصرخين في وجه امي وتضربين ابن اختي وتزعجين ابنة خالتي ولا تضييفيهم وهم ضيوف في بيتك وتمنعيهم من الجلوس على الكنبات بحجة انك اشتريتها من مالك انتي !!! ولم تكتفي بهذا بل خرجت تاركة اياهم لتذهبي الى امك وتتكلمي بلسوء عني وعن عائلتي
احست سهى بلغثيان من كذبهم وقلبهم للحوادث بطريقتهم الخاصه فقالت له
-لكن امك كانت مضايفا جيدا في بيت ابنها ّ
-يا لك من وقحة ..دفعها بقوة حتى سقطت على السرير خلفها ووقف اماماها وقال بغضب وووعيد
-يكفي يا سهى يكفيييييي ..انت لا تحترمين اهلي ولا اقربائي ولا امي عليك ان تفهمي ان هذا البيت لهم قبل ان يكون لك هم اصحاب البيت وانت الغريبه هل هذا مفهوم !!!
قال كلماته كمن ينفث السم وخرج غاضبا من الغرفه تارركا سهى غارقة في دموعها وبكائها
-انا الغريبه يا سامر اانا !!
↚
كانت سهى تحتضن الوسادة وتبكي بحرقه وبصوت مكتوم ..لم تبكي هكذا ابدا في حياتها لما تحولت حياتها لجحيم هكذا !! لم يكن سامر عصبيا وقاسيا معها أبدا ..تغير كليا لم يعد حبيبها الذي ألفته لم يجعلها تنام ليله واحده وهي حزينه كان دائماً يرضيها بكل الطرق ..كان حنونا ومعطائا ...حتى ولده مصطفى الصغير لم يعد يهتم به مثل قبل ..هل هذه النهايه ! يقال ان نهاية الحب في الزواج هل انتهى حبنا يا سامر
عادت لها نوبة البكاء ولكن أقوى هذه المره
لكنها توقفت على الفور عندما سمعت صوت الباب يفتح ..سمعت صوت حفيف ملابس سامر التي خلعها
تمدد بجانبها ..وضعت يديها على فمها لتمنع نفسها من البكاء ..لكن شهقه افلتت منها على الرغم منها ..وارسترسلت بعدها في البكاء فجأه تحرك سامر ليتقرب منها وضع يديه على كتفها وادارها برفق لينكب فوقها
قال لها بهمس
" دموعك هذه غاليه علي لا تبكي ^
كلماته هذه كانت البلسم الذي يداوى جروحها دائما ..مد يديه ومسح دموعها من عن خدها بحركه بطيئه..هدأت سهى من بكائها وقالت بصوت مرتعش .." لم افعل شيئا هم من ذل.... .
" اششش اسكتي لا تقولي كلمة ..،لثم شفتها بلذه قائلا أنا لا اريد لهذه المشاكل ان تدمر حياتنا
بادلته قبلاته بشوق ..فرفع راسه عنها وقال لها بصوت متسائل
لكن ما يحيرني شيئ واحد
قالت سهى وهي تلهث من اثر قبلاته
م"ماهو
من المفروض انك الان منزعجه الان مني ..فلما ارتديتي هذه الملابس المثيرة ؟؟ وضحك بصوت خفيف
دفعته سهئ عنها لكنه قالت ابتعد أيها الثقيل انت لست ضريفا هذا ليش مضحكا
بائت محاولتها بلفشل ولم يتحرك من فوقها فهوه اكبر منها حجما بلتأكيد فضحكت بعدها وقالت
" سامر انت ثقيل ابتعد
أجاب سامر بمكر هل تريدين ذلك فعلا
سحبته من رقبته وقالت لا بالتأكيد ،،،،وغاب الاثنان في عالمهما الخاص ناسين كل همومهم
انضرو من هنا انضرو من هنا قالت مروى بفرح وغبطه
كانت ناز تجلس قبالة ضرغام ولم تلاحضها
قام ضرغام من الطاوله وتوجه نحو مروى التي كانت ترمي بنفسها فوقه تماماً ،.قالت له كيف حالك يا دودي لقد اشتقت لك
-دودي في عينك قالت ناز في سرها ودعت لربها ان لا تلاحضها
-أنا بخير يا مروه وماذا عنك ؟ اين زوجك
-اووه ذلك البليد سوف يحضر لي شيئا اشربه لينعشني
انصدمت ناز مما سمعت ..بليد !!! كيف تقول أمراه هكذا عن زوجها امام صديقها
أتى كمال وهوه يحمل اقداح العصير قائلا
- تفضلي حبيبي ها هوه العصير اووه سيد ضرغام هنا
قالت له مروه وهي تبتسم بتفاهه لضرغام
-لا أريده تستطيع رميه !
حاول ان لا يضهر امتعاضه فقال
- ماذا تفعل هنا هل هو عمل ؟
أجاب ضرغام انها رحلة عمل
قالت مروى اووه من هي رفيقتك يا ضرغاام ؟؟ يا رجل ما هذا تأتي برفيقاتك الئ رحلات العمل وضحكت بكل سخافه ضحكه قبيحه
لم تكن ترى سوى ضهر ناز التي كان وجهها يتصبب عرقا وتحس انها سوف تنهار في اي دقيقه
تقدمت مروى من الطاوله فصاحت بصدمه وابتسامه ماكرة
-انتي !!!!!
قررت ناز ان تواجه الموقف ولا تبين لهم ضعفها
قامت من الكرسي واستدارت لتقع عينيها على كمال الذي كان فمه مفتوح ومشدوه على الاخر
تراجعت مروئ الى الخلف لتحيط خصر كمال بذراعيها
يالعجب البليد اصبح الان مرغوبا ،..فهمت ناز ان حركة مروى ما هي الا لاغاضتتها
أبعد كمال مروى بعنف وتوجه نحو ناز وقال بصوت عالي جعل جميع الموجودين يلتفتون نحوه
-مالذي تفعلينه هنا مع هذ هذا الرجل !!
ونضر الى ضرغام باستفسار وقال ..هذا لم يكن ضمن ال..وقبل ان يكمل قاطعته ناز وهي تقول من بين اسنانها
- هذا ليس من شأنك فهمت !!!
-ايتها الوقحة الرخيصه تسافرين مع رجل غريب لوحدك
ورفع يمينه ليصفعها فتراجعت ناز الى الخلف واحتمت بضرغام ...واصل كمال تقدمه ليمسك بناز
فدفعه ضرغام بقوه كادت ان توقعه أرضا
" هي انت لقد احتمت بي الى ترى ذلك ؟..ان تقدمت خطوه واحده فسوف تندم لبقية حياتك !!
امسك ضرغام ناز من يديها وسحبها بسرعه ليخرجو من الكافتريا
استسلمت ناز لسحب ضرغام لها فهي كانت في تلك اللحظه ميته وشبه فاقده لوعيها
كمال حبيبها يفكر بها هذا التفكير ! لا مستحيل ان يفكر بي من النوع الرخيص أبدا
كيف ولما يالغبائي ما كان يجب ان أسافر مع الشركة
وصل ضرغام الى مكان تجمع باقي الموضفين وهدر بصوته العالي
_هيا استعدو ولا سوف تفوتنا الرحلة !
كانت ناز على وشك الاغماء ..ابعدت يديها من ضرغام وامسكت برأسها الذي كانت الطبول تقرع فيه
تقدم احمد من ناز وقال
-ياللهي هل انت بخير ..تقرب منها وهي تترنح ليمسكها فصاح به ضرغام على الفور
- لا تلمسهاااا
تراجع احمد على الفور على صوت مديره الغاضب الى الخلف
تقدم ضرغام من ناز وسندها حتى لا تقع
-كانت شاحبه كالاموات
قال لها ضرغام
- لا تكوني ضعيفه هكذا هيا قومي اصحي لديك عمل
كانت كلماته القاسيه اشبه بصفعه ..فنضرت اليه وقالت أنا بخير احس فقط بدوخه ...سيد احمد ساعدني في الوصول الى خرطوم الطائرة من فضلك
- اه بالتأكيد قال احمد بسعادة
لكن نضرت ضرغام النارية كانت كفيله بإرجاعه للخلف
قال ضرغام
-أنا سوف أساعدك
بعد عدة دقائق كان الجميع يجلسون في الطائرة ..أحضرت المضيفه دوائا لناز وفقا لطلب ضرغام
أرتكت ناز على المقعد الى الخلف وأحست انها مسلوبة العقل والروح
-قالت له بصوت ضعيف :-لما ؟؟؟؟
أجاب ضرغام مستفسرا ماذا لما ؟
قالت ناز بغيض
- لما لم تخبره اننا في رحلة عمل لما جعلته يفكر هكذا !!!
_ناز ارجوكي لا تكوني غبيه وساذجه لهذه الدرجه هذا الانسان باعك بثمن رخيص وزهيد جداً لما تهتمي به وما يفكر به
-تبا لك وله كل ما افكر فيه هوه سمعتي التي سوف تلوثها تلك الحية الرقطاء في كل مكان ياللهي ما هذا الموقف
-سمعتك ههههه هل تفكرين بسمعتك حقاً !!!
قالت له ناز مستغربه :- وماذا تضني يا سيد !!! جئت من الشارع او من الملاهي '!!!
قال لها ضرغام مغيرا دفة تفكيرها
_ اقصد انه كل ما تفكرين فيه هوه تفكير حبيب القلب عنك ،..هذا قصدي
في تلك اللحظه جاء أحمد من مقصورة ركاب الدرجة الثانيه وقال لناز وهوه ينحني نحوها
-انسه ناز هل تشعرين بتحسن
اجابته ناز بلطف وهي تقول الحمد لله أنا افضل
قال ضرغام دون ان ينضر لهما
-عد الى مكانك سيد احمد ..الفتاة بخير لا تلعب دور الممرضه هنا
احس احمد بلحرج من قول مديره
فاستأذن وعاد الى مكانه
قال لها بعد ذهاب احمد وهو يضحك بسخريه
" انضري الله لا يقطع بأحد أبدا ها هو معجبك الجديد احمد وهو جيد جداً في مهنة التمريض كما يبدو
اجابته وهي تنضر اليه نضرة تائهة
" كم أنت ضريف
وصل فريق العمل الى العاصمة السويديه..اخرج الجميع معاطفهم وارتدوها فنضرت ناز اليهم بدهشه ماذا يفعلون
قال لها أدهم ..اين معطفك ؟؟؟نضرت اليه نضرات مستغربه ففهم على الفور انها لم تحضر شيئا من هذا القبيل
-يا انسه الم تقرأي في الجامعة ان البلد الذي تعلمتي لغته مناخه بارد معظم فصول السنه ... كان احمد يهم بخلع معطفه لكن ضرغام وجه اليه نضرة جمدته على الفور واشار له برآسه ليتراجع
خلع معطفه واعطاها إياه وهي صامته ولا تنطق باي كلمه
ونزلو في احدى الفنادق التي سبق وحجزت فيها هي بلبريد الالكتروني قبل ان يسافرو
استلمو مفاتيحهم من العامله الشقراء التي كانت تبتسم لهم بود وكانها تعرفهم منذ زمن
كانت غرفة ناز بالقرب من غرفة ضرغام وغرف باقي الموضفين في الجناح الثاني
دخلت الى غرفتها رمت معطف ضرغام على الارض وخلعت ملابسها وهي تمشي الى ان وصلت الى الحمام ودخلت تحت الدش لتنسى تعب وإرهاق كل هذا اليوم .قضت نصف ساعة في الحمام الفاخر وهي تستحم .
كانت الساعة تشير الى الثامنة والنصف عندما خرجت من الحمام
ارتدت شورت قطني وتيشرت ورمت نفسها على السرير وغطت في نوم عميق خالي من الاحلام من شدة التعب
سمعت طرقا خفيفا على الباب فهبت واقفة نضرت الي الساعة الجدارية لتجدها تشير الى الساعة التاسعة صباحا !! نامت منذ البارحة دون ان تحس على نفسها
تكرر الطرق على الباب فنهضت وارتدت بيجاما فوق ملابسها
فتحت الباب على عجل ولم تفاجئ بوقوفه عنده
" صباح الخير قالت ناز مرتبكه
كانت نضرات ضرغام تمشط جسدها من فوق الى تحت جعلت ناز تشتعل خجلا
" لم تاخرتي في الاستيقاظ جميع الموضفين يتناولون فطورهم تحت ..هيا تعالي للانضمام الينا
- سيد ضرغام لم تكن مضطرا لتأتي بنفسك أنا قادمه على الفور
كان ضرغام على وشك الانصراف لكنه أدار وجهه وقال " غيري ملابسك لا نريد عرض إغراء للموضفين من الصباح الباكر
↚
كان الجميع يتناولون فطورهم ويتشاركون أطراف الحديث
كانت نار جالسه الى جانب احمد الذي كان يضحكها بدعاباته وطرفه
وضرغام يوجهه لهم نضرات ناريه وكأنهم يقومون بعمل غير أخلاقي
فجأه قام وقال " هيا ناز أستعدي سوف نخرج
++++++++++++++++
دغدغ شعاع الشمس المتسلسل من خلف الستارة وجه سهى لتستيقظ ..نضرت الى الطرف الاخر من السرير لتجده فارغا ..استلقت على السرير من جديد وهي تبتسم بسعادة ..سامر يحبها ولن يتخلى عنها او يحب غيرها هكذا همس في أذنها البارحة بجنون ...نهضت من السرير ووقعت عيناها على قميص سامر ..هدية امه وفكرت بخطه شريرة لتنتقم مما فعلته حماتها
ارتدت القميص وحده فوق ملابسها الداخليه وخرجت من غرفتها
وجدت سامر في المطبخ يحضر الفطور ..احتضنته من الخلف وقالت له بهمس " صباح الخير
استدار ليواجهها وطبع قبله سريعة على فمها
" صباح الخير حبيبتي ...فكرت بتحضير الفطور لك كمفاجئه
نضرت سهى الى الفوضى التي كانت تعم المكان والخبز المحروق والاطباق في كل مكان
ضحكت وهي تشدد من احتضانه .."سوف اكمل تحضيره بنفسي اجلس حبيبي
جلسو ليتناولو الفطور ..أكلها بيديه بعض اللقيمات وهم يتحدثون)
" ماما .... سمعت سهى صوت طفلها الذي يقف عند باب المطبخ وهو يفرك بعينيه
" تعال يا روح ال ماما
مدت يديها اليه فأتي بسرعة الى
سهى التي جلست بجانب سامر الذي حوطها بيديه
قال الصغير بصوته الطفولي
" ماما انا جائع # وأحتضن امه بيديه الصغيرة ..
ابتعد" قال الصغير بتملك"
وحاول أبعاد سامر عن سهى
" ماذا أيها الصغير هل تريد أخذ امك مني تعال تعال
أخذه من حضن سهى ودغدغه في بطنه فضحك مصطفى وضحكت معه سهى التي أحست بصفاء وراحه لأنهم يعيشون هذه اللحظات كأسرة مجددا
دخلت ام سامر الى المطبخ ووجهت نضراتها الى الجميع
تغيرت ملامح الجميع وأولهم سهى ..انزل مصطفى الى الارض وقال
" تفضلي بلجلوس أمي
رمقت الجميع بنضرات متفحصة وتجمد وجهها وهي ترى سهى ترتدي قميص سامر الذي اشترته هي
ابتسمت سهى بخبث وهي ترى وجهها يتلون بكل الألوان
قامت وأخذت تحضر بقية الفطور لامه حتى لا يقول انها لم تحضر الفطور لوالدته
قالت الام بصوت عالي لكي تسمع سهى
" حبيبي سامر سارة تخرجت الاسبوع الماضي وانا افكر بلقيام لها بحفله تخرج في بيتنا
_الا يوجد لديهم بيت يا أمي ؟
_ماهذا يا بني اتريد احراجي مع خالتك ؟ اتبخل على خالتك وابنتها بيوم للأحتفال بتخرجها ؟
دوى صوت تحطم الصحن الذي أوقعته سهى على أرضية المطبخ
نضر سامر الى سهى وأعاد نضراته نحو امه قائلا
" حسننا أمي لك ما تريدين
اجابته امه " شكرًا لك حبيبي لكن يجيب ان تأخذ رأي زوجتك اولا فانا لا اريد إزعاجها في بيتها
كانت سهى تنضف قطع الزجاج
وكادت ان تكسر الصحون الموجودة أمامها من شدة غيضها
حفلة وفي بيتها ! وبلتأكيد سوف تقوم بدعوة جميع الحنافيش واولادهم
لم تكن سهى بخيلة أبدا لكن طبيعة أخوات سامر وأمهم ليست بلطيبه أبدا
انهم يتصيدون المواقف لها ويزعجونها بكلامهم المسموم
ليس ذنبها إذ ان سامر فضلها على ساره !
قالت سهى بهدوء مغاير لعصبيتها
" البيت بيتكم يا حماتي ماهذا الكلام "
ابتسمت الام بانتصار وهي ترى ملامح سهى المتغضنه
" واشتري لها هدية مناسبه أيضاً "
" حاضر أمي ...تدلل الآنسة ساره "
وجهت سهى نضرة نارية الى سامر الذي تشردق على الفور في اللقمه
أعطته امه الماء فقامت سهى وحملت مصطفى لتحممه
سوف نذهب الى المول وانا بحاجة إليك لأنك تعرفين اللغه
لكن سيد ضرغام ..وقبل ان تكمل اعتراضها أجابها بهدوء "هذا جزء من عملك "
غيرت ناز ملابسها وارتدت جاكيت خريفي ليحميها من البرد القارص لكن في هذا البرد مثل هكذا جاكيت لا يجدي نفعا ..لكن ما بليد حيله هذا كل ما وجدته في حقيبتها ..
قام الفندق بطلب سيارة اجره لهم لتقلهم الى جهتهم
من محاسن الصدف ان سائق التكسي كان عربي الجنسيه ويسكن هناك
تحدث مع ضرغام مطولا عن الوضع الازمه السياسيه والاقتصاديه التي تجتاح الوطن العربي وعن سبب هجرته هوه وعائلته
بعد انتهاء رحلتهم القصيرة نحو المول ترجلو من السيارة
وارتجفت من البرد عندما نزلت من السيارة
لاحظ ضرغام بردها بسبب ملابسها السيئه
مشو بسرعة ليدخلو الى باب المجمع التجاري الكبير
اول ما دخلت ناز أنذهلت من محلات ملابس والزينه والعطور ...بشعورها وغريزتها الأنثوية تمنت ان تشتري كل شيئ تقع عليه عيناها ..لكن العين بصيرة واليد قصيره
تنهدت بحسرة امام محل المجوهرات وهي تردى عقدا يبدو من سعره الخيالي انه نفيس جداً
قام ضرغام بلتسوق وشراء الكثير من الحاجيات وقامت هي بمساعدته في اختيار بعض الاشيااء
يا ترى لمن اشترى كل هذه الاشياء ؟ فهناك أغراض تخص النساء قام بشرائها لمن يا ترى ؟
تركت ناز ضرغام قليلا وذهبت لمحل اخر واتفتقت على لقائة في مكان معروف بعد ربع ساعة ..اشترت ناز أشياء بسيطه لامها ولمايا لتفرحهما به وهي مازالت تفكر لمن اشترى ضرغام كل هذه الاشياء
طردت أفكارها الفضوليه وتنبهت على صوت ضرغام وهوه يقول لها تعالي معي الى ذلك المتجر
-______
جربي هذا
كان يحمل معطفا اسود اللون وهوه يشير لها
" لمن هذا ؟"
" لك بالطبع .،.وقبل ان تعترضي اعتبريه جزء من العمل فانا لا أريدك أن تمرضي"
قبلت ناز المعطف على مضض وجلسو بعدها في مقهى
قامت هي بطلب قهوه له وكبتشينو لها وفطيرة تفاح
قال ضرغام وكآنه يحدث نفسه
_ناز ..ناز ..اسم غريب ما معناه ؟
اجابت ناز بارتباك _معناه الدلال ...الشيء الذي لم ولن احصل عليه طول حياتي ههههههه ضحك ضرغام
فقالت متشجعه من ضحكته
-اسمك ايضا جميل في كثير من الضرغمه ..وضحكت ضحكه بلهاء
نضر اليها ضرغام نضرة معناها ..ما اسخفك !!توقفت عن الضحك واكملت شرب الكبتشينو دفعة واحد فتلطخ انفها من رغوة الكبتشينو
-انفك ايتها الصغيره ..اخرج ضرغام منديلا من جيبه ومسح انفها ..اعاده فلاحضت وجود حرف س عليه ..يا ترى هل تكون تلك الفتاة التي جائت الى مكتبه ذلك اليوم ؟؟
______
وعادو الى الفندق محملين بالأكياس
نضرات الموضفين الى ناز وضرغام لم تعجبها البته
هل من المعقول انهم ظنو ان الهدايا لها هي ؟ :|
دخلت غرفتها بسرعه وخلعت معطفها لكنها وجدت كيسا مع اكياسها لم تجرؤ على فتحه فكرت انه بالتأكيد يخص ضرغام
حملت الكيس وتوجهت لغرفته ..فكرت ان تطرق الباب وتترك الكيس وتهرب
لكنها ليست بهذا الجبن أبدا
طرقت الباب طرقتين لكن الباب اندفع فورا وانفتح كليا
هذا المهمل ترك الباب دون يغلقه جيدا !
دخلت للغرفة لتضع الكيس هناك
لكن في نفس اللحظه فُتح باب الحمام ليخرج ضرغام يرتدي منشفة فقط لا غير والأبخرة تتصاعد منه
" مالذي تفعلينه هنا "
قالت ناز مرتبكه ولم تستطيع ان تسيطر على رجفة صوتها
" أنا أنا ..الباب مفتوح ..نسيت الكيس ...
وضعت الكيس على السرير وهمت بلخروج
لكن يده الرطبة أمسكت بها وجذبها اليه بسرعه
فزعت ناز من حركته وحاولت دفعه عنها لكنه كان أقوى منها
قال بصوت يشبه الفحيح" هل هذا كل ما جئت لتقومي به هل انت متأكده"
" ارجوك سيد ضرغام لقد قلت لك صدقا هذا ما جئت لأجله"
حقاً ؟ لم تتلصلصي علي ؟
هءءءءء كيف تجرؤ !! دفعته بكل ما أوتيت من قوه لكن حركتها الغير مدروسه جعلت الاثنان يسقطان على السرير
" ابتعد مني "
احس ضرغام ان هذا الوقت المناسب لينفذ انتقامه منها
انقض على شفتيها ليقبلها بعنف ..قبلة سادية ادمت شفتيها حملت كل سموم حقده نحوها
حاولت تخليص نفسها منه لكن مقاومتها كانت تزيده شراسه سحب قميصها ليتمزق الجزء الاعلى منه فذعرت ناز من هذا ...
استعملت سلاحها الاخير
قالت له بصوت باكي
" ارجوك ابتعد مني هل ترضى ان يفعلهم احدهم هكذا باختك "!!!
كان كلامها كجردل ماء سقط فوق راسه
ابتعد عنها فلملمت نفسها وامسكت بياقة قميصها واجهشت بلبكااء
فصرخ بها بعنف وصوت عالي
" إخرجي من هنا على الفور قبل ان اكمل ما بدأته
أسرعت ناز بلخروج من الغرفة مشعثه لكن لسوء حظها كان احد الموضفين يهم بطرق باب الغرفة وفي يديه رزمه أوراق وملفات
↚
خرجت بسرعة من الغرفة إلى الرواق ..كانت ملابسها ممزقة وشعرها انحل من شريطه الذي كانت تربطه فيه وحالتها يرثى لها ..اخفضت رأسها وهي تمشي كي لا يراها أحد ولكن من سوء حظها رفعت رأسها لترى أحد الموظفين يحمل بيده أوراق وينظر إليها بصدمة ودهشة !
نظر إليها بنظرات متفحصة وعلامة استفهام ترتسم على وجهه ! من المؤكد أن الأفكار الخاطئة انطبعت في مخيلته !
يا إلهي ما الذي سوف يظنه الآخرون بي ؟ !! فتاة تخرج من غرفة رجل وهي على هذا الحال ركضت بسرعة واصطدمت بموظفة تحمل عدة مناشف وشراشف في يديها والتي وقعت منها فور اصطدام ناز بها
: kan du vara lite försiktigt !!
الموظفة : كوني أكثر حذراً!
أجابت ناز وهي على وشك البكاء
: förlåt mig !
ناز : اعذريني
دخلت غرفتها بسرعة وأغلقتها بسرعة وكأن أحدهم يتبعها
مسحت شفتيها بيديها بعنف تريد أن تمسح أثر قبلته على شفتيها ..بل وعلى قلبها أيضاً
ماهذه الأحاسيس !! كانت مخطوبة لكمال سنتين لكنها لم تسمح له أبداً بالاقتراب منها
لم تجرب أبداً أن يقترب منها أحد لهذه الدرجه قبلته رغم أنها سادية ومتوحشة إلا انها حركت شيئًا ما فيها
"وغد حقير "
قالت ذلك بهمس متألم ...بهمس مشبع بالشعور بالعار من نفسه
لا بل من أحاسيسه ..حمدت ربها أنها منعته في اللحظة الآخيرة وإلا لأصبحت في خبر كان الآن
ما الذي سوف أفعله؟ !... سألت ناز نفسها وهي تجلس على السرير وتضع كلتا يديها على فمها و هي ترتجف من رأسها حتى أخمص قديمها ... وتحرك جسدها إلى الأمام وإلى الخلف حركة صريحة تكشف توترها وارتباكها
يجب أن تترك هذه الوظيفة على الفور ..رغم فقرها فهي لن تسمح لأحد أن يسلبها شرفها مقابل المال..
لكن ماذا عن أمي ؟.. هل ستعمل ليل نهار على تلك الماكينة القديمة وتتحمل إهانات زبائِنها ؟
لا... والدتها لن تسمح لها بأن تعمل مع هذا الرجل مجدداً فهي و أختها و أمها يفضلون أن يشحذوا المال من المارة على أن يفرطوا بأغلى ما لديهم !!
قررت أن تقدم استقالتها فور عودتها لأرض الوطن على الفور بدون مناقشة ! لكن ماذا سوف تفعل الآن هنا ؟ ! ..لا تستطيع العودة
تباً وتباً للمال ...وتباً لكمال الوغد .. لو تزوجني لما اضطررت أن أعمل هذا العمل مع هذا الشخص .. وتباً لمروه الصفراء ..وتباً لضرغام ..
تكورت على نفسها وغطت نفسها بالغطاء حتى رأسها ..وبكت واستمرت بالبكاء إلى أن غفت .
____________
كانت سهى في المطبخ تغسل الاطباق وترتب هنا وتغسل وتنظف هناك ..عاد سامر إلى البيت بعد أن قام بإيصال خالته إلى مكان ما.. لم تعرف إلى أين
اتصلت به خالته لتخبره أنها تود أن تذهب إلى مكان ما.. وبالتأكيد هب سامر على الفور وغير ملابسه وانطلق بسيارته فوراً ليقوم بالواجب على أكمل وجه!
يا ترى لو أنها طلبت منه أن يقول بتوصيلها لمكان ما في هذه الظهيرة الحارة هل سوف يهب وينفذ لها هذا ؟.. بالتأكيد لا !
سامر لم يشعرها أبداً أنها مميزه عنده أو أنها رقم واحد في حياته ..لم يكن من النوع الذي يصفح عن مشاعره ..هو كتوم جداً في ما يخص المشاعر والحب ..وكأنه اذا قال لها حبيبتي وأحبك وأعشقك فهذا سوف ينقص من رجولته !
لكن حينما يحين الليل وينفردان لوحدهما في الغرفه ..يتغير نوعا ما ..يصبح عاشقاً شغوفاً
دخل إلى المطبخ وسألها
: أين مصطفى ؟
..أجابته سهى على الفور دون أن تنظر نحوه عله يشعر أنها منزعجة :
لا أعلم
منذ الصباح بسبب كلام أمه أولاً وبسبب ذهابه إلى أم سارة العزيزة الآن
سامر ببرود :حسنا ...سوف أنام أيقضيني بعد ساعتين
يا إلهي هذا الكائن لا يوجد فيه ذرة إحساس واحده ..ألم يلاحظ امتعاضي منه وانزعاجي أم أنه لاحظ وقرر أن لا يقول شيئاً
أكملت تنظيف المطبخ ودخلت إلى الحمام لتأخذ حمام سريع فرائحةُ الطبخ مازالت ملتصقة بها
خرجت من الحمام وهي تلف المنشفة حول جسدها...نظرت إلى السرير ..وجدته يغط في نوم عميق
دخل مصطفى إلى الغرفه وهو يبكي ويسحب غطائه الأزرق المرسوم عليه وجه باندا
:ماماااا
..وضعت سهى إصبعها على فمها وأشارت لمصطفى أن يصمت
سهى:أسكت حبيبي بابا نائم لا تزعجه
مصطفى دائم البكاء عندما يستيقظ من النوم ..حملته سهى وقالت: له عد إلى النوم يا حبيبي
وضعته على السرير بجانب سامر فعاد ليغط في النوم من جديد
ارتدت ملابسها واتجهت لتخرج من الباب فنظرت إليهم قبل أن تخرج
ضحكت بصوت خافت وهي ترى مصطفى ينام كما ينام والده بالضبط ..من شابه أباه فما ظلم
خرجت إلى المطبخ وقررت صنع بعض الكعك ..حماتها تنام في غرفة مصطفى الصغيرة ..يبدو أن شخيرها أزعج الطفل وجعله يلوذ بالفرار من الغرفة
باشرت في صنع الكعك وحرصت على أن لا تصدر صوتاً ..حتى لا يستيقظ أحد من الوحوش الثلاثة
أكملت صنعه ..فسهى معروفة بأنها طباخةٌ ماهرةٌ جداً مثل والدتها تماماً ..تصنع من اللاشيء عجائب بوصفاتها السحرية
استيقظ سامر وجلس في غرفة الجلوس وبعده مصطفى الذي جلس في حضن ابيه ليشاهد التلفاز
كان يريد أن يرى الرسوم المتحركة .."بابا كارتنون "
قام بتغيير المحطة لتدخل سهى في نفس الوقت وهي تحمل صينية فيها قطع من أنواع الكعك الذي صنعته و أكواب شاي ساخنة مع القرفة ..
أكل سامر من الكعك وشرب الشاي دون أن يقول لها شيئاً !
حاولت سهى أن تكسر الصمت فقالت
:حبيبي لقد صنعتها بنفسي ما رأيك؟
أجاب سامر بفتور :لذيذة
قالت سهى وهي تنظر الى أظافرها
:سامر أنا أشعر بالضجر
:اذهبي إلى أمك
أجابت بسرعة لتكشف عن عصبيتها
:أقول لك أني أشعر بالضجر لتقول لي اذهبي إلى أمك ؟ !! لو كنت خالتك أو إحدى بنات خالاتك لخرجت في منتصف الظهر لتأخذني إلى أي مكان أريد !
أبعد سامر مصطفى من حضنه وقال لها بصوت يشبه الصراخ
:ألا تملين من هذا الحديث أبداً ..خالتك أمك ..أختك
سهى : لا وكيف أمِل من أحباب قلبك يا حبيب قلبي ! اليسوا رقم واحد في حياتك ..فهم كذلك في حياتي
سامر : سهى أنا لم أعهدك تافهة هكذا !! قال سامر وهو يقف
سهى : تافهة لأني مللت ..مللت من إهمالك المستمر يا سامر
توجه نحو باب الصالة فقالت بصوت عالي
: كالعادة ها أنت تهرب مجدداً
سامر :سنخرج ... أنت تجعلين الميت ينطق من شدة ازعاجك ...قومي وغيري ملابسك
أجابت سهى وقد رقت ملامحها وابتسمت ابتسامه عريضة
:إلى أين ؟
سامر : سوف أخذك لبيت خالتي
تجهم وجهها على الفور وقالت
:سااااااامر
ضحك سامر بصوت عالي وهي ترمي عليه الوسائد الموجودة على الكنبات و هو يحاول صدها بيديه
:ونترك مصطفى عند أمك... أنا أمزح قومي هيا سوف نتناول العشاء خارجاً "
ارتدت سهى ثوباً عاجيَّ اللون ذو حمالات رفيعة و فوقه سترة جينز قصيرة الكم مع صندل مصنوع من الجينز كذلك ..فتحت شعرها الأسود الطويل ووضعت طوق أبيض ليرجع غرتها إلى الخلف ..أغدقت نفسها بالعطر وحملت حقيبتها وخرجت
1
طبعاً السيد سامر استـأذن من صاحبة السمو والدته قبل أن يخرج وعرض عليها الخروج معهم لكن ولحسن حظ سهى رفضت لأنها تريد أن تشاهد برنامجاً ما في التلفاز
انطلقت سيارة سامر وفرحة سهى بخروجها مع زوجها بعد وقت طويل ليقضوا وقتاً سوياً مثل أيام الخطوبة
___________________
استيقظت ناز في الفجر ...نظرت إلى نفسها في المرآه كانت عيناها متورمة من شدة البكاء ووجهها ذابل وشاحب
غيرت ملابسها وقررت النزول لتناول الفطور فهي تتضور جوعاً بسبب عدم تناولها لأي شيء من مساء أمس والوقت مبكر جداً لذلك لن يراها أحد من الموظفين ...آخر ما تريده الآن نظرات احتقار من أحدهم
لكن ماذا أن صادفته ؟ سوف تتجاهله بالتأكيد إنسان عديم الأخلاق وفضولي و أخرجت لسانها أمام المرآة وكأنه موجود أمامها وهي تتحداه بحركتها الطفولية
نزلت إلى الكافيتريا المخصصة لتناول الطعام في الفندق ..أخذت قطع من اللحم المقدد وسلطة البازلاء والذرة وكوب من الشاي وتوست محمص ومن كل شيء موجود أمامها ..كانت نظرات العاملات تنظر إليها بغرابة وكأنها وحش استيقظ للتو من سباته ليلتهم الطعام .. سهى من النوع الذي يأكل بشراهة عندما يكون منزعجاً ..انزعجت من نظرات العاملات فقالت
_vad glor ni på!!
:إلى ماذا تنظرون؟
أجابت العاملة وقد بدى عليها الإرتباك وابتسمت
_inget ..ska jag hämta något annat till dig ?
:لا شيء ..هل تريدين أن أحضر لك شيئاً آخر ؟
_nej tack !
: كلا شكراً!
+
جلست ناز ووضعت الطبق أمامها والتهمت كل ما تقع عينيها عليه وهي تفكر بهذا المأزق الذي وضعت نفسها فيه
↚
سمعت صوت من خلفها يقول
:سوف يصاب الفندق بالإفلاس اذا استمريتي في الأكل على هذا النحو"
غصت في لقمتها على الفور وسعلت بشدة وتحول لون وجهها الى اللون القاني ..فقدم إليها الماء لتشربه
ناز : لقد كدت أن أموت بسببك ..من الجيد أنك أتيت فأنا أريد الحديث معك "
أخبرته أنها تريد الاستقالة فور عودتهم إلى الوطن لكنه لم يجيب بأي شيء
نظر إليها مطولاً وقال بعدها
" لكل حادث حديث لكنك الآن ملتزمة بعقد العمل وعليك أن تكملي عملك هنا"
لم تنظر إليه أبداً وقررت النهوض فوراً من الطاولة التي فرض نفسه وشاركها الجلوس عليها ...لكم أمقته ..بعد عمله الشنيع بالأمس يأتي اليوم بكل برود لكي يجلس معي ..
كانت على وشك النهوض
فنزل الموظفين إلى قاعة الطعام ولاحظت همساتهم وضحكاتهم وهم يمرون من جانبها
وكانت الصدمة الأكبر عندما مروا من جانبهم ولم يشاركوهم الطاولة
يبدو أن الإشاعة قد انتشرت وهم يظنون أن هناك شيء بينها وبين المدير
تجمدت في مكانها ولم تقوى حتى على النهوض من الطاولة ...
___________________________
كان سامر يقود السيارة بهدوء تام دون ينطق بكلمة واحدة ..حاولت سهى أن تكسر هذا الصمت المقيت فقالت
_ حبيبي إلى أين ستأخذني ؟
قال سامر بنفاذ صبر
_ لأحد المطاعم ..كما أخبرتك
أجابت سهى باستفهام متجاهلةً نبرة سامر التي كانت تدل على أنه لا يريد التحدث في شيء
- أعرف حبيبي ..لكن أي مطعم
_ المطعم التركي
أحست سهى بالانزعاج من عدم مشاركة سامر لها لأحاديثها ..لكنها لم تستلم
- سامر ما رأيك بثوبي ! إنه يجعلني أبدو سمينه بعض الشيء أليس ...
وقبل أن تكمل قال سامر وهو يضرب مقود القيادة بكلتا يديه
_ ألا تملين من الثرثرة يا امرأة ..لم تتوقفي عن الحديث لثانية واحدة !!
ألجمت الصدمة لسان سهى ..وأحست بحرقة في عينيها ..هل كانت دموع ؟ حبست دموعها بالرغم عنها فهي لا تريد أن تفسد هذا اليوم بالتحديد ..لم تخرج معه منذ زمن بعيد وهي تريد استعادة الأيام الخوالي مع حبيبها الذي بات شخصاً آخر تماماً !!!
أشاحت بنظرها للجهة الثانية لكي تتجنب رؤيته ..أقسى شيء يمكن أن تمر به المرأة هو إهمال شخص تحبه جداً
ألا يعلم الرجال أن النساء يرحبن ببادرة لطيفه حتى ولو كانت كلمة طيبة واحدة ..ويمتن بإهمال بسيط !
وصلو إلى المطعم التركي ..نزل سامر من السيارة فتوقعت أنه سوف يفتح لها الباب
لم تنصدم عندما أكمل مشواره ودخل إلى المطعم دون أن يستدير إليها !!
نزلت من السيارة وحاولت إقناع نفسها أنها سعيدة ! نعم سعيدة بخروجها معه ...دخلت المطعم فوجدت سامر يتجه نحو الطاولة المخصصة لهم ..لكن لما اختار طاوله ل 4 اشخاص ؟ !!
دخلت وجلست على كرسيها وعلى وجهها ابتسامة عريضة
قال لها : ها قد جاء صديقي وزوجته
- ماذا ؟؟؟ !!!!!!!!! لكن سامر لم تخبرني أن هنالك أشخاص سوف يأتون معنا
أشار لها بيديه لكي تسكت
وقال بسرعة - اصمتي إنهم قادمون
أحست سهى بألم يعتصر قلبها ...ستخسر فيها هذه الفسحة لكي يجلسوا مع بعض لوحدهم
سحب أيمن صديق سامر الكرسي لزوجته آيه لكي تجلس ، قبالة سامر وسهى
و بدعت سهى في تمثيل دور السعادة أمام الزوجين السعديين ..أي شخص يراهم يحسدهم على هذه السعادة والتناغم والمودة والاحترام بينهم
ليس الكل لكن على الأرجح سهى
بعد أن انتهى العشاء خرج الجميع من المطعم وتوجهوا نحو مكان سياراتهم
دخلت سهى وهي تحس بخيبة امل كبيرة من تصرف سامر ..لقد ندمت بالفعل على خروجها معه ! اعترفت لنفسها أخيراً بذلك
اشتد الصمت الثقيل المخيم على الزوجين في السيارة
فقال سامر
_ تبدين هادئة جداً ...على عكس ما كنت عليه
هذا الشخص الجالس إلى جانبي والذي اسمه زوجي
شخص عديم الحس إلى أقصى الحدود
لم تجبه بل تجاهلته وكأنه غير موجود
حركتها هذه أثارت غضب سامر
فقال غاضباً
_ أعلم أنك غاضبه لأني دعوت صديقي وزوجته ولكن ماذا عساي أن أفعل لقد كان قادما لنا إلى البيت وأخبرته بوجهتنا وكنت في موقف محرج فأصريت على قدومه معنا
_ أصريت ؟ هههههه قالتها مع ضحكة ساخرة
_ نعم فأيمن صديقي وأنت تعلمين بهذا ولم أشاء أن أفسد عليهم زيارتهم لنا
+
أجابت سهى بتهور
_ لذا قررت أن تفسد علي يومي وتدعوهم معنا
- يا إلهي سهى أنت بخليه على الناس حتى في مشاركتهم لنا في اوقاتنا !!
لم تعد سهى تتحمل أكثر من هذا فانفجرت به قائلة
: أنا بخيلة بوقتي !! تقضي معظم وقتك مع أقربائك وأصدقائك وتبخل علي بهذا اليوم ! أنت لا تهتم بي أبداً وتفضل حتى الغرباء علي! متى سأكون من اهتماماتك الأوليه متى ؟!
- عدنا إلى نفس الأسطوانة القديمة ..اهتمام حب ..أمك ..خالتك ..ساره ..أصدقائك ...
أسطوانة قديمة ! قررت سهى أن تسكت تماماً فقد أحست بالذل !! أنها تستجدي اهتمامه بها ! الاهتمام يفسد إذا جاء بعد الطلب والتوسل
ألم في فؤادي لا يضاهيه ألم ! أحست سهى أنها بلا روح ..تائهة بلا مصير ..حياتي معك أصبحت لا تطاق يا زوجي المتبلد الحس والمشاعر
توقف أمام بيت أمها فنزلت بسرعة وعادت بعد خمس دقائق تحمل مصطفى
دخلوا إلى المنزل ليجدوه فارغاً ...اتصل على أمه فوراً وهو قلق عليها
أخبرته أنها سوف تنام ليلتها عند أخته سهاد
لو كانت الظروف عادية لفرحت بهذه الخلوة بينها وبين سامر
دخلت إلى غرفتها بدلت ملابسها بحركات آلية وجهها شاحب جداً وكأنها رأت شبحاً
كان سامر يستعد للنوم ..أخذت مخدتها وتوجهت إلى باب الغرفة لكي تخرج
فجأة أمسك بها من ذراعها وقال من بين أسنانه
_ أين تطنين نفسك ذاهبة ؟
حاولت أن تخلص يديها الرقيقة من قبضة يده السَّجانة لكنه كان أقوى منها بكثير ..شدد الضغط على ذراعها مع محاولتها لفك يدها منه فقالت : ذاهبة لأنام في غرفة مصطفى
_ لن تنامي إلا هنا ..في غرفتك..على سريرنا قالها جملته الأخيرة وهو يقترب منها ويقربها إليه لتلتصق بجسمه
أحست سهى بقشعريرة ودوار ..كرهت قربها منه وأحست برغبة في إخراج كل ما في معدتها ...يحاول أن يستدرجها فقط ليقضي حاجته وبعد ذلك يرميها ويتفنن في إحراجها و إهانتها ...
دفعته بسرعة وانطلقت راكضة إلى الخارج
لحق بها عندما دخلت غرفة مصطفى
حاولت إغلاق الباب لكنه دفعه بكامل قوته ودخل إلى الغرفة
تراجعت إلى الخلف وهي خائفة من نظرته المخيفة
من هذا الشخص ؟ !! هذا ليس حبيبي سامر أبداً !! لقد تغير كلياً
تجمعت الدموع في عيني سهى وقالت
_ أخرج من هنا ودعني أنم بسلام
هدر صوته بغضب وقال
_ لن أسمح لك بهذه الحركات الطفولية ..حقي وأريده منك ! ألست زوجتي ؟ عودي إلى الغرفه فوراً
استيقظ مصطفى على إثر صراخ والده فبدأ بالبكاء على الفور
حملته سهى وحاولت تهدئته
وقالت بصوت باكي دون أن تحس بالدموع التي كانت تجري على خدها ...ما هذا هل أصبحت علاقتهم حقوق وواجبات خالية من الحب والاحترام هكذا ! يعاملها مثل الجارية...يأتي إليها عندما يحتاجها فقط
_ أخرج أرجوك ..يكفيني ما حصل اليوم ..أرجوك
خرج بسرعة وأغلق الباب خلفه بعنف جعل اللوحة المعلقة على الجدار تسقط وتتحول إلى أشلاء زجاج صغيرة
____________
في الأيام التي تلت ذلك اليوم حاولت ناز تجنب ضرغام بشتى الوسائل لكن نظرات الإتهام الموجهه إليها من قبل الموظفين لم تخفى عنها أبداً
كان الجميع ينظرون إليها نظرات مليئة بالإستحقار ويبتعدون عنها عندما تريد الجلوس بجانب أحد ما ..أحست بالانزعاج من تصرفاتهم هذه ..أرادت أن تصرخ في وجوههم ..كلا أنا لست من هذا النوع أرجوكم صدقوني ..مديركم إنسان حقير صدقوني ..لكنها آثرت الصمت ..لم تستطع أن تفعل شيء
أحست برغبة كبيرة في البكاء ..لكن عندما رأت نظرة السخرية في عيني ضرغام ألجمت دموعها على الفور
مرت الايام المفروض قضائها في اجتماعات دائمة مع شركات السيارات وكانت ناز المترجم الرئيسي لجميع العقود والحوارات الدائرة بين موظفي الشركتين
لم يتحدث معها ضرغام أبداً ..مما جعلها في خوف زائد من القادم والمجهول
كرهته ونقمت عليه بسبب ما فعل ...
جاء اليوم الموعود للعودة إلى الوطن ..جلس الجميع في الطائرة وكان المقعد المخصص لها بعيد جداً عن ضرغام
كانت منبوذة من الجميع وحتى منه !!لماذا فعل هذا بي لماذا ؟
________
دخلت ناز إلى بيتها وهي متعبه تحس أن تعب الدنيا كله فوق رأسها ..سمعت صوت ماكينة أمها في الصالة
دخلت وسلمت عليها وعلى أختها الصغيره وأعطتهم الهدايا وفرحوا بها جداً
لكن بالها كان مشغولا واصطناعها للفرح بات مكشوفاً لوالدتها التي لا يخفى عنها شيء من مشاعر بناتها
استحمت ونامت لتغط في نوم غير مريح مليء بالكوابيس
____
دخلت الشركة صباح اليوم التالي ..كان الجميع يتهامسون من حولها ويشيرون عليها ...بدت نظرات النساء مشمئزة منها تماماً وحقودة للغاية
ونظرات بعض الرجال متعطشة وجائعة ..جعلت جسد ناز يرتعش من القرف والخوف في آن واحد ..
دخلت الغرفة لتجد سهى منكبة على العمل ..
قالت سهى وهي ترمي بنفسها على ناز وتحتضنها
_ناز حبيبتي حمد لله على السلامة ! كيف كانت الرحلة
أجابت ناز ووجهها شاحب جداً
-سهى أنا لست بخير الجميع ينظرون إلي نظرات مريبة ! سوف أموت
ابتعدت سهى عنها وقالت وهي تضع يدها خلف رأسها في حركة مرتبكة
_ناز ...اه ..ام
-سهى أخبريني على الفور ماذا يقول الناس عني هنا؟ !
-حبيبتي لا تهمتي لما يقوله الناس ..الناس ليس لديهم شيء سوى الثرثرة
قالت ناز وهي تبكي
-سهى أرجوك أخبريني ! أنا أتوسل إليكِ
قالت سهى بهمس يملأه الآسى لأن الكلمات التي ستنطقها ستجعل ناز يجن جنونها
-إنهم يقولون ..,اه ,,ممم ..لا اعرف ماذا اقول
شجعتها ناز بحركة من رأسها وقالت أكملي
_يقولون ..إنكِ كنت تشاركين المدير في الرحلة ..في غرفته وفي سريره ! وأن الموظفين رأوك أكثر من مره خارجة من غرفته ..وأنه كان يحيطك باهتمام في أثناء الرحلة
أحست ناز أن عالمها انهار على الفور ..وكأن أحدهم ضربها على رأسها ..وضعت يديها على وجهها وانهارت على الكنبة ...فكرت بكمال ..ماذا سيقول عنها ؟ و أمها ..أختها ..ممدوح وخالها !!!!!
دخلت إحدى الموظفات إلى الغرفة فور أن رأت ناز قالت بسرعة
_سهى أريد الحديث معك ..خارجاً !! ليس هنا مع هذه النماذج
وبخت سهى الموظفة وهي تخرج معها مخبرة إياها أن ناز مستحيل أن تكون من هذا النوع
استيقظ طبع ناز الناري في هذه اللحظه وهبت على الفور ومشت بخطوات سريعة إلى مكتب ذلك الضرغام الحقير
تجاهلت السكرتيره التي حاولت منعها من دخول المكتب
دفعت الباب بأقصى ما تملك من قوة ..فارتد إلى الخلف محدثاً صوتاً قوياً ..فتنبه ضرغام إليها وهو يتحدث في الهاتف
_حسناً سيد حسن ..سوف اتصل بك لاحقاً
نظرت ناز بنظرات نارية إلى ضرغام ..
قالت السكرتيرة على الفور
_سيد ضرغام آسفة لقد حاولت منعها لكنها...
_حسناً حسناً يمكنك الانصراف الآن ..دعينا أنا و ناز على انفراد
ابتسم ابتسامة ساهية وهو يراقب ناز التي كان صدرها يعلو ويهبط بسرعة
_هل هنالك خطب ما ؟
-خطب ما أيها الوغد الحقير السافل ..سوف أقتلك ...لقد شوهت سمعتي بين الموظفين أيها السافل شوهتها !! وتقدمت بسرعة إلى الأمام وفرت برأسها لتلمح ما تريده موجود على أحد الرفوف
توجهت نحو الرف وأخذت المزهرية ورمتها عليه بأقصى قوتها
تجنب المزهرية وتراجع إلى الخلف ...حملت كل ما تستطيع حمله ورمته عليه وهي تصرخ وتشتم ...لم تشعر بغضب مثل هذا في حياتها
وهجمت عليه بسرعة عندما لم تفلح في إصابته بأي شيء لرشاقته وسرعته في التحرك ..لكنه كان أسرع منها وتلقى كلتا يديها التي مدتهم لكي تهجم عليه وأدارها من خلف ظهرها مما جعلها تشهق من الألم
_ناز ..يا حلوتي ..هل جربتي أن يقوم أحدهم بتشويه سمعتك وأنت بريئة ؟! هل جربتي ذلك ها ؟ قاله جملته بهمس أشبه ما يكون بفحيح أفعى
-ابتعد عني أيها الوغد سوف أقتلك بكلتا يدي
دفعها ضرغام بعنف فلم تكن مستعدة لحركته هذه فوقعت على طرف المكتب الحاد ..وأجفلت من الألم ..أصيبت بزندها برض
_أنا أقدم استقالتي أيها السافل ..لا أريد وظيفتك النتنه هذه أيها المريض النفسي
_ناز انتظري ..
ركضت بسرعة وخرجت من المكتب وهي تبكي بحرقة ..ناداها لكنها لم تجبه..لم تبكي في وفاة والدها مثلما بكت الآن
دخلت المنزل بسرعة وهي مازالت تبكي ..نادتها أمها لكنها لم تسمع شيئاً ...دخلت إلى الحمام وهي مستمرة في بكاء مرير ..دخلت تحت الدش بكامل ملابسها ..علها تغسل غبائها وطيبة قلبها ..علها تغسل جرحها وألمها ..علها تغسل همومها وفقرها ....
↚
سمعت أصوات جلبه في الخارج ..كان صوت خالها ..ميزته بسرعة لكنه كان يصرخ بصوت عالي
_أين هي تلك الساقطة الوضيعة ..قد حطت رؤوسنا في التراب
____________
ارتدت ناز ثوباً كان معلقاً على باب الحمام بسرعة وقررت الخروج ومواجهة خالها هي بريئة والله سيكون معها بالتأكيد
عندما خرجت انقض عليها خالها على الفور وأمسك بها من شعرها ..قال من بين أسنانه
_ أيتها الحقيرة العاهرة لقد لوثتي شرف العائلة بأفعالك المشينة وتواصل في قذف إهاناته لها دون أن يكترث لمحاولات أمها بأن تبعده عنها أو بكاء مايا الهستيري وهي ترى أختها تضرب وتهان أمامها
حاولت أبعاد نفسها عنه وقالت
_ أنا لم افعل شيئاً لم أفعل شيئاً ..وبكت بشكل هستيري وهي تحاول دفعه عنه
وضع يديه على رقبتها وقال
_ لقد دنستي شرف العائلة ..بالأمس تلقيت اتصالاً من امرأة مجهولة قالت لي بأنك مسافرة مع مدير شركتك في رحلة حميمية تحت غطاء العمل ..لم أصدق أبداً وانتظرت حتى الصباح لأذهب إلى الشركة التي تعملين بها لأتفاجئ أن الجميع يتحدثون عن علاقتك مع مديرك وقضائك لياليك معه في غرفته !
شهقت والدة ناز وأمسكت بقلبها وأغمضت عينيها وترنحت في وقفتها وكادت أن تقع ..ركضت مايا لها وصرخت بصوت عالي
أمي أمي !!
تنبه خال ناز لشقيقته التي كانت مغمى عليها والطفلة التي كانت تصرخ بأعلى صوتها وتبكي بمرارة
نظر إلى ناز المصدومة وهي تريد الذهاب لإسعاف والدتها
فبصق في وجهها وقال باشمئزاز :- أيتها ساقطة حسابك فيما بعد وليس الآن
هبت ناز بعد خروج خالها فلاح إلى أمها النائمة على الأرض حملتها مع مايا التي لم تنقطع عن البكاء أبداً
بعد قليل استفاقت الأم لترى وجه ابنتها الصغرى مليئاً بالدموع والأخرى مليء بالكدمات
وهي غائبة عما يدور حولها ..
_ لماذا فعلت هذا يا ناز لما..
وضعت ناز يدها على فم أمها _اشش أرجوك يا أمي لا تنطقيها لا تعذبيني أنا لم أفعل شيئا صدقيني
وعادت لها نوبة البكاء من جديد
خرجت من الغرفه بعدما رفضت والدتها التحدث معها أو الإصغاء لها
كانت تفكر من مِن الممكن أن يكون قد اتصل بخالها ليخبره بكل شيء
" مررروه " ومن غيرها بالتأكيد تنتهز الفرص لإيذائها
لكن من أين حصلت على رقم الخال
"ومن غير كمال الوضيع "أجابت نفسها للمرة الثانية عل التوالي
هؤلاء الناس يتفنون في تعذيبها وكأنها قتلت أحد أفراد أسرهم !
أما ضرغام فقد كان في كفة أخرى لوحده كل شيء حصل بسببه كم أكرهه أكرهه !!!!!!
_____________
عادت سهى إلى البيت بعد انتهاء دوامها في الظهيرة ..وجدت سامر قد عاد قبلها وهو يستحم
سامر يعمل معها في نفس الشركة لكن رتبتة عمله أكبر منها لهذا هو يعمل في طابق آخر غير طابقها وهما لا يلتقيان في أوقات الدوام إلا نادراً
خلعت ملابسها وتوجهت إلى المطبخ ..حماتها تجلس مع مصطفى في الصالة تشاهد التلفاز قالت لها عندما رأتها
_ أنا جائعة ..حضري الغداء بسرعة
تنفست بضيق وهي تكمل مشوارها نحو المطبخ
وجدت صحون الفطور وكل شيء مازال على حاله ..لم تكلف نفسها بغسل الأطباق حتى !
ارتدت صدرية المطبخ وباشرت العمل ..أخرجت الطعام الذي طهته من الليل ووضعته على الفرن وغسلت جميع الصحون ونظفت المكان
أحست أنها متعبة جداً وشعرت بألم غريب أسفل ظهرها ..وغثيان غريب
وضعت أطباق الرز مع الشعرية واللوز والبهارات وأطباق اللحم مع الحساء مع سلطة الجرجير
قالت سهى بصوت يشوبه التعب
_ تفضلوا الغداء جاهز
حملت مصطفى لتتوجه إلى مائدة الطعام فأحست بالألم يزداد في أسفل ظهرها وبطنها
لم يتحدث معها سامر أبداً بل جلس يتكلم مع أمه التي تجاهلتها هي الأخرى أيضاً وكأنها غير موجودة
أطعمت مصطفى بحركات آلية ..بالها كان مشغولاً
لماذا سامر يتصرف معها هكذا لماذا أصبحت علاقتهم جحيم لا يطاق لماذا يهملها بهذا الشكل
لم يمر على زواجهم أربع سنين وهو يتصرف على هذا النحو ..هل هذه هي النهاية ؟
انتهى الجميع من الطعام فذهب والدته الى غرفة مصطفى لتنام وتشخر كعادتها
حممت مصطفى بعد الغداء واستحمت معه ..وجدت سامر نائم ويضع ذراعه فوق عينيه
ارتدت ملابسها هي ومصطفى وقررت الذهاب عند أمها فالوضع أصبح لا يطاق في هذا البيت
دخلت إلى بيت أمها فتلقاها شقيقها بالأحضان هي ومصطفى
_ سهى لماذا أنت شاحبه هكذا؟
_ لا شيء يا عمر أنا متعبة من العمل فقط ..أحمل مصطفى عني لقد أصبح ثقيلاً جداً
وأكملت مستفسرة
أين هي أمي ؟!
أجابها_ في الصالة بالطبع و خالتك بهيجه هنا
قالت سهى بفرحة وهي تتجه نحو الصالة
_ وأنا أقول لماذا منزلنا مضيء هكذا اليوم ..يا مرحباً بك يا خالة اشتقت لك كثيراً
واحتضنت خالتها بفرح وقبلت وجنتها
_ كيف حالك يا سهى ..اشتقت لك كثيراً
سمعت سهى صوت رجولي ميزته بسرعة
_ ليست خالتك وحدها هنا ..ابنها المسكين الذي لم يسلم عليه أحد هنا أيضاً
استدارت سهى بسرعة للخلف لتجد ابن خالتها طارق يجلس خلفها وعلى وجهه ابتسامة عريضة تكشف عن أسنان ناصعة البياض
_ لااا طارق هنا مستحيل ..ومدت يدها لتتلقاها يد طارق وتصافحها بحفاوة
_ كيف حالك يا سهى ..لم أرك منذ زمن طويل
_ بخير يا طارق وكيف حالك أنت ؟
طارق ابن خالتها الذي يكبرها بخمس سنوات .. والذي كان صديق طفولتها المفضل فكان يدافع عنها عندما يزعجها أحدهم ...كان دائماً يشتري لها الحلوى ليجلسوا في الباحة الخلفية ويأكلوها وحدهم دون أن يشاركوا عمر أو أخوة طارق في الحلوى ..دائماً كان يعاملها على أنها مميزة ومفضلة عنده ...كم افتقدت هذه المعاملة المميزة من أحدهم ..سامر لا يهتم بها أبداً وهي تفتقد الاهتمام والحب ...سافر طارق عندما اصبح في الثامنة عشر من عمره ليكمل الدراسة في لندن
عاد بعد أن أكمل دراسته عاد إلى الوطن لكن سهى أصبحت فتاة شابة ولم يستطع أن يحملها ويحتضنها مثل ما كان يفعل عندما كانت صغيرة ..لكنه كان يغدقها بالهدايا الكثيرة عندما يعود..لم يجد فرصة عمل في بلده لذلك قرر العمل في لندن بتخصصه ..كون ثروة صغيرة وعاد ليعمل في البلد لكن كانت صدمته الكبرى عندما وجد سهى قد تزوجت من سامر
تحدثا طويلاً وأعطى طارق لمصطفى ألعاباً كثيرة اشتراها له من لندن
_ اووه طارق لماذا كلفت نفسك لم يكن هنالك داعي لكل هذا
أجاب طارق وهو يقبل مصطفى على خده
_ وكم مصطفى لدي أنا في الدنيا
فرحت سهى عندما رأت علامات الفرحة مرتسمة على وجه طفلها الصغير
تحدثوا لساعات طويلة وتذكروا ذكريات طفولتهم ولم تشعر سهى بمرور الوقت بهذه السرعة
نظرت إلى الساعة لتجدها تشير على السابعة وخمس وأربعين دقيقة
استأذنت من الجميع وأصرت خالتها وأمها على بقائها هذا اليوم معهم هي ومصطفى لكنها أخبرتهم أنها سوف تعود في وقت آخر
خرجت من البيت تحمل مصطفى وكيس ألعابه الكبير وهي في قلق لأنها تأخرت في العودة إلى بيتها ..الأفضل تسميته قبرها !
لم تعد تعتقد بأن هنالك شيء يربطها بهذا البيت
قررت تجاهل سامر إذا سألها شيئاً
_____
دخلت إلى البيت فسمعت صوته يهدر كما الرعد في الليالي الماطرة
_ أين كنت لحد الآن يا سيدة
تجاهلته تماماً وهي تمشي باتجاه الغرفة
خرجت عمتها من الصالة على صراخ ابنها وقالت وهي تحرض عليه
_ ما شاء الله ..نساء هذا الوقت يخرجن من بيوت أزواجهم دون إذن ويعدن في منتصف الليل
تجاهلت حديثها هي الأخرى ..هذا أسلوب جديد لتداوي فيه جروح كبريائها المجروح ..فالنقاش معه أشبه بالنفخ بقربةً مثقوبة !
يبدو أن جملة أمه كانت كما عود الثقاب المشتعلة المرمي فوق البنزين
تفجر غضب سامر وتقدم منها ..كانت على وشك أن تفتح الباب لكنه سحبه بأقصى قوته متجاهلاً بنية سهى الضعيفة
شهقت سهى بألم وهو يجرها من زندها ويدفعها نحو الباب
_ عندما أتحدث معك فلا تتجاهليني هل فهمتِ قال كلماته وهو يهزها بعنف
أجفل مصطفى الصغير من حركات أبيه وتحرك بسرعة ليدفع أباه عن أمه وقال بطفولية
_ ماما ..ابتععد ..لا تضرب ماما
تفطن سامر إلى ولده الصغير الذي كان يضربه بيده الصغيرة ويده الأخرى تحمل كيس ألعاب
_ من أين لك هذا ؟! قال سامر بغضب
فأجاب الطفل ببراءة
_ عمو تارك ..(طارق)
جن جنون سامر ونظر نحو سهى بنظرة يملأها الغضب المفاجئ .
_اإذاً كنت بصحبة ابن الخاله أليس كذلك؟
أجابت سهى وهي تبكي
_ لا أقسم لك لقد ذهبت إلى أمي وكان هناك موجوداً
أمسك وجهها بعنف بأصابعه وقال من بين أسنانه :- يا سبحان الله كان عندهم ها ؟؟ ذهاب إلى والدتك من الآن فصاعداً لا يوجد هل فهمتي ودفعها بعنف فاصطدمت بالحائط بعنف مما زاد وجع ظهرها ألماً مضاعفاً
وقعت منهارة على الأرض وهي تبكي بحرقة
يكفي لن أتحمل المزيد منك ومن أهلك يا سامر ..يكفي يكفي !!
احتضنها مصطفى وهو يشاركها البكاء فاحتضنته وازداد بكائها شدة
لولاك يا مصطفى لتركت أباك ...لكن كيف أحرمك من أبوك وهو حي يرزق ...يجب أن أتحمل كل شيء من أجلك أنت فقط
حملته وتوجهت إلى غرفتها ..افترشت الأرض ونامت عليها هي و مصطفى ...
____________
دخل خال ناز إلى الشقة المتواضعة وهو يقول
- تفضل سيد ضرغام البيت بيتك
أحست ناز كمن ضُرب على رأسه ..ضرغام ؟... هنا في بيتهم ..ما الذي يفعله هنا؟ !! ... هل أنا أحلم أم أتخيل و أتوهم أشياء من الخيال فقط ؟!
وضعت أذنها على الباب لتسمع حديثهم
فجأة سمعت تقدم خطوات من غرفتها ..فتح الباب
وقال خالها باشمئزاز
:تعالي هنالك موضوع مهم !
خرجت بسرعة لتجد ضرغام جالساً على الكنبة الصغيرة التي بدت كأنها كرسي صغير عندما جلس عليها...
كان يتأمل بيتهم وأمها تجلس قبالته هادئة تماماً ،...ومايا تحضر القهوة
ناز : ما الذي تفعله هنا في منزلنا أيها الحقير؟
صرخ خالها بها بعنف
: ناز لا تشتمي خطيبك هكذا!
ناز بذهول : ماذا من خطيب من ؟ !
أجابها خالها على نظراتها المستفسرة
:نعم خطيبك !! السيد ضرغام جاء ليصلح غلطته ويطلب يدك
ناز : أي غلطة تتحدث عنها يا خالي أنا لم أفعل شيئاً أنا مظلومة تماماً
وجثت على ركبتها أمام أمها وقالت
: أمي صدقيني أنا لم أفعل شيئاً أرجوك لا تنظري إلي هكذا أرجوك !
ضرغام : سيد فلاح قلت لك أنا مستعجل لذلك الزواج سيكون في الاسبوع القادم
ناز :أي زواج هذا أيها المعتوه أنا لا أريد الزواج منك ! ألا تفهم؟
فقال ضرغام في خبث :عزيزتي ناز أعلم أن أعصابك متعبة لكن لا تثوري هكذا ..سوف نتزوج ونسكت أفواه الناس
صرخت ناز بعنف وهي تترجى الجميع وتخبرهم أنها بريئة... بريئة لكن نظرات الجميع كانت لا تصدقها
...ركضت إلى غرفتها وحبست نفسها فيها واجهشت ببكاء مرير
تباً لك يا ضرغام ... وتباً لما حملته معك إلى حياتي
+
قرأ الجميع الفاتحة على نية التوفيق
دون حتى موافقتها!!!
: أرجوك توقفي عن البكاء هذه ثاني مرة أضع لك الزينة وتفسدينها
قالت خبيرة التجميل جملتها وهي تتأفف بضيق من بكاء العروس الشديد وإفسادها لزينتها مرتين على التوالي
حاولت ناز كتم شهقاتها وكفكفت دموعها التي عاندتها وجرت بحزن على خدها ..أحست بطعنة في كبريائها وكرامتها ..هي تتزوج الآن فقط لكي يستر عليها مثلها مثل أي فتاة رخصية ..كانت تشعر كمن يساق إلى المقصلة ليقطع رأسه ...لكم تمنت اليوم الذي تقترن فيه مع خطيبها كمال وترتدي له الثوب الأبيض ..رمز الطهارة والنقاوة
ها هي ترتدي الثوب ..ولكن ليس لحبيبها ليس لزوج المستقبل ..ليس لشريك الحياة ..ليس للحياة الزوجية القادمة ..ترتديه فقط لأنها مجبرة ومكسورة ..ترتديه لشخص لا يستحقها ...ترتديه لإنسان يعتبرها فاسدة و رخيصة ويعاملها بكل ما اؤتي من حقارة !!
ضرغام لديه هدف من هذا الزواج ..لم يكن يحبها أبداً فهذا واضح من تصرفاته الخبيثة تجاهها شوه سمعتها ودمرها لدرجة أن أهلها الذين من لحمها وًدمها كرهوها ..الحب والارتباط العاطفي كان آخر همه .. هو بغايته شيء ويريده بقوة ! . أما أهلها فقد قبلوا بضرغام زوجاً لها لكي يستروا على الفضيحة فقط ..الفضيحة المدبرة من ذلك البغيض
هددها خالها بالذبح ليدفنوا عارها إن لم توافق على الزواج من ضرغام
ضرغام ينوي على الشر ..كلامه قبل أسبوع في مكتبه كان غريباً جداً ..تذكرت كلماته جيداً حيث قال
: هل جربتي أن يقوم أحدهم بتخريب سمعتك وأنت بريئة ؟ !
ما الذي يقصده بكلامه هذا ! فكرت ناز هل من المعقول أن تكون مروى طرفاً في كل الأمور .. ياليتني لم أعرفكم يا كمال ويا مروى ويا ضرغام لم تحملوا لحياتي سوى التعاسة ..التعاسة لا غير
أسئلة كثيرة جالت في بال ناز ولم تجد لها أي جواب
حاولت أن تكف عن البكاء لأن الضعف والهوان لن يحلا أمراً ! كان عليها أن تكون قوية منذ البداية وتردع ضرغام !! لكن ماذا تنفع كان وما لم يكن ؟
ستحاول أن تفهم كل شيء لتخرج من هذه الدوامة المقيتة
مر الأسبوع السابق للزواج بسرعة فائقة ..قام ضرغام بإرسال أشياء كثيرة وجملية لها ... جميع ما تحتاجه العروس في عرسها ..ثياب ..أحذية ..وملابس داخلية وأشياء أخرى للزينة
لكنها لم تمس أي غرض من هذه الأغراض ورمتها بقرف ... لكن أمها حزمتها في حقائب وقررت أن ترسلها معها حين تذهب إلى بيت زوجها
زوجها ..زوجها ..كررت الجملة في بالها غير مصدقة ..هل أصبحت حرم ضرغام بالفعل ؟ هل قالت للشيخ ..نعم أقبل ضرغام زوجاً ؟
انهت أخصائية التجميل عملها وهي تقول
+
: أنتِ آية من الجمال ..! أتمنى لك حياة زوجية سعيدة
↚
: شكراً ..تممت ناز بالحروف الأربعة وكأنها تحدث نفسها
خرجت بعدها وهي تحمل أغراضها ...
أي سعادة هذه ألا ترى العروس تكاد تموت من شدة بكائها !
بدت ناز تبدو في غاية الجمال والرقة ..ثوب عاجي اللون يحتضن جسدها بانسيابية وجمال ..مطرز بعناية ودقة مع طرحة شفافة تمتد مع تسريحة شعرها للأسفل ..
سمعت صوت السيارات تقترب من بيتهم مع أصوات موسيقى عالية جداً وصاخبة مع زغاريد نساء الحي
عرفت أن اللحظة الحاسمة قادمة
دخلت أمها إلى غرفتها وقالت بلهفة
: وصل عريسك هيا استعدي
اعتلت رجفة جسد ناز وخافت كثيراً مما هو قادم ...أغمضت عينيها و أخذت نفساً عميقاً ..تقدمت منها أمها و أغدقتها بالعطر الغالي النوع ..الذي أحضره ضرغام طبعاً
دخل خالها وضرغام إلى الشقة الصغيرة فصاح خالها
: جاء العريس أين أنتم
خرجت ناز بخطوات مثقلة وهي تجر أقدامها
وقفت أمام ضرغام الذي انفلتت منه نظرات الإعجاب رغماً عنه
نظر إلى صدرها المكشوف الذي كان يملئ مقدمة الفستان ..لم يفكر أبداً عندما اشترى هذا الثوب أنه سيكون مغرياً عليها بهذا الشكل الذي حبس أنفاسه ....
كان يحمل علبة حمراء مخملية في يديه .. اقترب منها وهو يفتح العلبة التي كشفت عن طقم من الألماس يجعل النساء يصرخن من الفرحة للحصول عليه
ألبسها العقد وهو يتعمد تمرير لمسات عابرة على جسدها دون أن تلاحظ أمها وخالها ذلك
لمساته أشعلت وجهها خجلاً ..فأخذت القرطين و السوار منه لترتديهم هي بنفسها
أكملت ارتداء المجوهرات فتوجه ضرغام للخروج ماسكاً يد عروسه
نزلت الدرج القديم ماسكتاً يد ضرغام الذي شدد في إمساكه لها وكأنها سوف تطير
فور خروجهم من العمارة السكنية تعالت الزغاريد والهتافات الشعبية من الشباب وجيران ناز الذين كانوا متأنقين على غير عادتهم ومن مجموعة من الشباب خمنت أنهم أصدقاء ضرغام ..يال السخرية لا تعرف حتى أصدقاء زوجها
بعد جولة من الهتافات الشبابية التي تشجع العريس وتشيد بجمال عروسه
صعدت بعدها ناز في السيارة الفاهرة التي سبق وصعدت بها مع ضرغام في ذلك العشاء في المطعم
ساعدها في حشر فستانها في السيارة وجلس جانبها في المقعد الأمامي وشغل للسيارة
كانت تشعر بحياء شديد ولم تجرؤ حتى على التحدث معه ...في بالها ألف سؤال ..لكن الكلمات كانت تموت على شفتيها رغماً عنها
وصلوا إلى الفندق الفخم الأشهر في البلد
نزلت ناز ونزل معها ضرغام وقفوا أمام الفندق وأصدقاء ضرغام خلفهم يرقصون ويصفقون ويغنون ويقومون برقصات مجنونة
صدق من قال العرسان اثنان والمجانين ألفان !
قالت وهي تمشي متأبطة ذراع زوجها الضخمة
: أنا لا أرى أي داعي لكل هذه المصاريف لأجل هذا العرس اللعين يا عريس
أجابها ضرغام وكأنه يبصق كلماته بصقاً
: أنتٍ مادية دائماً لا تفكرين إلا بالمال ..على العموم أنا أملك هذا الفندق !
الجمت الصدمتين لسان ناز الثائر فوراً ،الصدمة الأولى هي إهانته لها بوصفها المادية والصدمة الثانية امتلاكه لهذا الفندق الفخم
هل الرجل الذي تزوجته ثري لهذه الدرجة !!
أي ثري هذا إنه فاحش الثراء ..لماذا يتزوج رجل ثري مثله فتاة فقيرة لا بل معدمة مثلها
سوف توجه له العديد من الأسئلة فور اختلائها به
دخلوا إلى القاعة فدق نوع من أنواع الدفوف وسكت الجميع ...بعد مقطوعة موسيقية منضمة من الدق على الدفوف ..بدأت بعدها انشودة العرس
أول ما نبدى وش نقول ..لا الله الا الله
الف الصلاة على الرسول لا الله الا الله
واحنا شباب المصطفى لا الله الا الله
...نوقف لأخوانا بكل وفااا
لا الله الا الله ..
نوفي ولا نعرف جفا . لا الله الا الله
مشوا و أكملوا طريقهم نحو كرسي العريسين والأنشودة مازالت تصدح في كل مكان في القاعة والنساء يزغردن بفرح والشباب يصفقون ويرقصون
جلست في مقعدها المخصص للعروس بجانب مقعد العريس
وبدأ الجميع بالدخول إلى القاعة ،..معازيم من الطبقة الراقية في المجتمع ... رجال أعمال وزوجاتهم وأولادهم ..نساء محملات بالمجوهرات ومصبوغات بالزينة ..اختلطت أنواع العطور الفاخرة في القاعة لكنها استطاعت أن تلتقط عطر ضرغام الجالس بجانبها ..عطر يخدر حواسها بالكامل ..كم هو جذاب رغم حقارته... لا بل كم هو ذو وسامة فتاكة !
تطلعت نساء الحفلة إلى ناز بعين الحسد والغيرة فتلك تريد ضرغام زوجاً لبنتها وتلك تريد أن تكون مكانها تجلس على كرسيها هذا
لم تخف عنها نظرات الغيرة من معظمهن
لم تستغرب أبداً ناز وجود زميلاتها وصديقات مروى اللواتي حضرن عرس مروى!
مجتمع منافق لأقصى درجة ! بالتأكيد سوف يتملقونها بسبب مكانة زوجها وثروته وسوف تصبح صديقتهم العزيزة بعد أن نبذوها في زواج مروى!
فجأة عم الصمت من قبل المعازيم الذين استداروا ليروا ما هذا التجمع الكبير الذي دخل إلى العرس هكذا ؟..رفعت ناز رأسها الذي كانت تخفضه في خجل شديد
رأت امرأة متقدمة في العمر لكنها في غاية الأناقة مع مجموعة من النساء والرجال خلفها ..إحداهن تشبه ضرغام بدرجة كبيرة لكن ملامحها أرق وأنعم منه إلى جانبها رجل يتفحص الكل بعيونه ..
نساء كثيرات إلى جانبهم رجال خمنت ناز أنهم أزواجهم
ارتبك ضرغام وقام من كرسيه وقال بصوت يملؤه الحنين والشوق واللهفة
: أمي !!!
ماذا ؟ ! انصدمت ناز مما قاله ضرغام
لم تدري لماذا فكرت أنه مقطوع من شجرة وأهله متوفين
تحركت المرأة الكبيرة في السن ليتبعها الجميع من خلفها
رفعت رأسها للأعلى لتنظر إلى ضرغام الذي تغيرت ملامح وجهه القاسية تغيراً شاملاً
وصلت أمه أمامه ونظرت إليه مطولاً
قال ضرغام ببطئ وتردد
: أمي سعيد أنك لبيتي الدعوة ...
مد يديه لها ليحتضنها بقوة وهو يقول لها : اشتقت لك يا أمي ..اشتقت لرائحتك اشتقت لحضنك لكل شيء فيك يا أماه
أجابته المرأة وعيناها تلتمع بدموع الفرح التي أبت النزول في هذه اللحظه البهيجة
: لقد اشتقت لك أكثر يا بني ..لماذا كل هذا الانقطاع عنا ..لماذا ؟
قبل جبينها .. وباركت له ..نظرت إلى ناز فقال لها
: زوجتي ..ناز يا أمي
باركت لها والدته بحرارة وقدمت لها هديتها
تقدمت شابة بدت أكبر منها ببضع سنين...اقتربت من ضرغام واحتضنته وهي تقول
: مبروك يا أخي ..لا أصدق نفسي ..أنت عريس أخيراً ..تستحق كل خير أيها العزيز
ضرغام : حبيبتي شهد اشتقت لك كثيراً
احتضنته من جديد وهي تبكي فأبعدها الرجل الًذي كان يقف بقربها خمنت ناز أنه زوجها
سلم عليه الرجل بحرارة وقال
: مبارك لك ابن العم دخلت عش الزوجية أخيراً
اشتقنا لك كثيراً يا ابن العم هل نسيت صديق طفولتك بهذه السرعة ...
سلم الكثيرون على ضرغام وناز وتمنوا لها حياة سعيدة مع ضرغام
تبقت شابة واحدة تقف بعيداً عن الجميع ولكنها تشجعت أخيراً وتقدمت من منصة العرسان
قالت بصوت ضعيف تنقصه الثقة
: مبارك لك يا ضرغام
نظر إليها ضرغام بقسوة وأطبقت شفتاه على بعضها في حركة تنم عن غضبه الذي جاهد لأخفائه وقال
: شكراً لك سجى لطف منك ان تحضري زفافي ..قال الكلمة الاخيرة مشددا على كل حرف فيها مما جعل عينا سجى تبحلقان فيه برجاء واضح في نضراتها الحزينة..عادت إلى مكان جلوس شهد أخت ضرغام وزوجها في نفس طاولتهم
كانت عادية المظهر وشاحبة جدا كالاموات ..بدا من مضهرها انها حاولت بجهد اخفاء تعبها والهالات السوداء تحت عينيها بالزنية المبالغ فيها ...شعرها الاسود ملموم فوق رأسها في تسريحة أنيقة عيناها سوداء مثل لون شعرها تماما ويزين فكها السفلي شامة تحيط وجهها الصغير بهالة من الفتنة والاغراء ..ترتدي ثوباً أزرقاً غامق جداً يعبر عن مزاجها المتكدر في هذا اليوم
صرفت ناز النظر عنهم لتنظر إلى باقي المعازيم
رجال الاعمال تكوموا في تجمعات ليناقشوا مشاريعهم التجارية التي لا تنتهي
أما النساء كانوا يحومون حول الشباب الوسيمين الأثرياء في محاولة إلى عدم الخروج من الحفلة صفر اليدين
والدتها تحركت لكي تجلس إلى جانب أم ضرغام ..دعت ناز ربها أن لا يُفْلَت لسان أمها وتخبر أم ضرغام عما حصل قبل الزواج !
مايا أختها ذات الـ 16 سنة جلست وحدها وملامح الحزن بادية على وجهها الطفولي الذي يأبي أن يكبر ..
سهى تجلس إلى جانب رجل حزرت ناز أنه سامر زوج سهى العتيد ..لكن هما يبدوان متخاصمان فهو يشيح بوجهه بعيداً عنها
سهى كانت في غاية الجمال في ثوبها البنفسجي الفاتح الذي أظهر جمالها الهادئ الذي جذب كثير من رجال الحفلة
أحست ناز بتعب شديد من كثرة الجلوس. قلة النوم ..قلة الراحة ..كثرة التفكير ..الترقب ..الانتظار
رقصت ناز مع ضرغام رقصة سلو في منتصف القاعة ..امسك بها من خصرها وقربها له ببطئ لتضع رأسها على صدرة العريض الدافئ
قالت له وهي تتشبث به
: أنا متعبة جداً ..أريد الذهاب للبيت
لم يجبها بل شدد من احتضانها في تملك
بعد ساعتين استأذن العرسان ليذهبوا إلى بيتهم
تحدث ضرغام مع والدته وعاد إليها حيث كانت تجلس في السيارة كانت رحلة التوجه الى البيت عذاب حقيقي بالنسبة لها ..احست بالصداع يفتك برأسها من شدة التفكير والتخمين لما سوف يحدث عند وصولهم
استدارت السيارة لتدخل الى كراج الفيلا الكبيرة الفخة مع صمت ثقيل مخيم على الاجواء
قالت ناز بصوت ضعيف اضناه التعب
: لم أكن أعلم أن لك أهلاً وأماً أيضاً كنت أظن .. وسكتت على الفور عندما لاحظت تصلب يده على مقود السيارة بعد ان توقفت في منتصف الكراج
تجاهلها ضرغام تماماً وهو يدخل الفيلا ..فشجعت ناز نفسها حتى لا تستسلم وتتراجع ..سوف تتحدث معه ..
لحقت به وهي تمسك بثوبها حتى لا تقع وتصبح أضحوكة في هذا اليوم المشؤوم الذي يبدوا انه لن ينتهي على خير ابدا ..أنبأها حسدها الذي لا يخطئ ان هناك شيئا ما بانتضارها
صعد الدرج اللولبي فصعدت بعده
دخل الغرفة فدخلت هي أيضاً بخطوات ابطئ من خطواته ،،أخذ منشفة من أحد الأدراج متجاهلاً إياها تماماً
دخل إلى الحمام فسمعت صوت الدوش بعد خمس دقائق من دخوله .كانت غرفة فخمة جداً لو كانت عروس حقيقية لطارت من الفرحة بهذه الغرفة الواسعة المنيفة !
فتحت الخزائن لتجد ملابسه فقط هنا ...أين هي ملابسها يا ترى ? نظرت إلى السرير الواسع فرأت ثوب نوم فاضح خاص بالعرائس موضوع فوق السرير , لابد أن امها طلبت من الخادمه أو ما شابه وضعه هنا..لم تجد غيره فخلعت ثوبها ارتدته وارتدت فوقه روباً حريرياً وأحكمت إغلاقه
رن هاتف ضرغام النقال فاستغربت ناز من هذا الإتصال الغريب هل من الممكن أن يتصل به أحد في يوم عرسه ؟
نظرت إلى الهاتف الملقى بإهمال فوق السرير
تطلعت إلى الرقم بصدمة ..رقم كمال !!!!!!!!!!!
رفعت الهاتف الغالي الثمن وفتحت الخط دون أي تردد ووضعته على أذنها بسرعة
جاءها صوت كمال وهو يزمجر بغضب ويهدد ويتوعد
: أيها الحقير لقد خدعتني .. لم تقل أنك سوف تتزوجها...لقد كان الاتفاق أن أتركها و أتزوج مروى ..لماذا خدعتني ؟ ..مروه إنسانة لا تطاق لا أستطيع العيش معه إنها مجنونة ومصابة بامراض نفسية و على هذا كله أنا لست الأول في حياتها ..لم تكن عذراء عندما تزوجتها لقد ورطتني ورطتني ...أخذ نفساً عميقاً و أكمل
: إياك ثم إياك أن تقترب من ناز إنها لي وحدي وهي تحبني ولن تقبل بك
أحست ناز أنها في دوامه وأحست بدوار وصداع في نفس الوقت ..ما الذي قاله كمال للتو !اتفاق ..مروه ..ماذا ماذا !!!
خرج من الحمام وهو يرتدى المنشفه فقط ..تذكرت ما حدث في الفندق في ذلك اليوم المشؤوم فاحمر وجهها خجلاً لتذكرها ما فعله يومها رآها تحمل هاتفه فتوجه نحوها بسرعة وأخذ الهاتف بحركة خاطفة تنم عن غضبه المكبوت ..وضع الهاتف على أذنه ليبتسم بعدها ابتسامة ماكرة وهو في الداخل يغلي من الغضب ويقول
: سيد كمال أنت تزعج عروسين في يوم زفافهم .. ألا تخجل من هذا ! وأغلق الهاتف بغضب وهو ينضر اليه باحتقار كآن كمال موجود امامه وليس الهاتف النقال ..
تباُ له ويجيد التمثيل بجدارة أيضاً قالت له قبل أن يقول شيئاً
: يجب أن نتحدث ! رفع ضرغام عيناه نحو ناز وتغيرت ملامح وجهه على الفور وقطب حاجبيه بضيق ..اخذ نفسا عميقا ورمى الهاتف بكل قوته ليرتطم بالحائط ويتحول الى اشلاء صغيرة ..فزعت ناز من حركته وارتدت الى الخلف وهي هلعة من غضبة الشديد
قال بغلظة: عن ماذا نتحدث يا.... نازي وهل اشتقت لحبيب القلب لتركضي وتتحدثي معه في يوم زفافك ؟ ؟ هل وصل الاستهتارك والانحطاطك الى هذه الدرجة ؟ ما كان علي ان الوث اسمي بالارتباط بمخلوقة حقيرة مثلك ..كان يقذف كلماته كمن يقذف كراة النار من المنجنيق لكي تسقط على جراح ناز لتزيدها آلما وقهرا وحزنا
تقدم منها وهي تدور في ارجاء الغرفة حتى لا يصل اليها ..قال لها وهو يضحك باستخفاف
مالأمر لما تهربين مني منذ قليل اردتي التحدث معي ..يا زوجتي العزيزة :
قال الكلمة الآخيرة كي يقلب طاولة اللعب أو كما يعتقد ..ارتبكت تسميته لها بزوجتي فأجابت بصوت مرتعش
: لماذا فعلت معي هذا ؟ ! لماذا شوهت سمعتي ؟ ! لماذا تزوجتني ؟ !ما الذي يقصده كمال بالاتفاق ؟ أنت وراء زواج كمال من مروه وتركه لي أليس كذلك ؟ !! تقدم منها ولم تستطع هذه المرة الهروب اكثر منه لأنها حوصرت في زاوية الغرفة ولم تجد اي منفذ للهروب ووثب كما الاسد وقبض على شعرها بيدية فصاحت من الألم والذعر في آن واحد ..
قال لها ببرود وهو يهزها ومازال ممسكا بشعرها : وهل لي أن أسألك لماذا اتهمتني بالباطل وشوهت سمعتي أنا أيضاً ؟ هل لي أن اسألك لما دمرتي حياتي ؟
نظرت له ناز باستغراب ومعالم الصدمة تسيطر على وجهها ومازالت تتألم من شده لشعرها
: ما الذي تقصده ؟ ! هل أعرفك من قبل ؟ قل لي وأرحني من هذا العذاب ..
توجه ضرغام نحو الدرج بعد ان دفعها بأهمال جعلها تسقط على الارض ..أخرج شيئا منه وعاد إليها
نظرت إليه بريبة وكأنه يحمل قنبلة في يده ..مد يديه إليها لتجد صورة تبدو قديمة بعض الشيء ويقول
: خذي ..انظري علك تتذكرين شيئا !
أخذت الصورة بتردد لتنصدم بما رأت .. صورة لشاب نحيل ذو شعر طويل ..يشبه ضرغام لكنه ليس ضرغام الواقف أمامها فأنفه مختلف تماماً وذو بشرة شاحبة ونحيل جدا ! وإلى جانبه تلك الفتاة التي كانت تدعى سجى !! بدوا كحبيبين منسجمين في تلك الصورة ! لكن مهلاً هذه الوجه ليس غريباً لقد رأته من قبل ..أكدت ناز لنفسها ذلك وهي تهز برأسها بحركة مؤكدة لنفسها ذلك !!
: هل تذكرتني الآن أيتها الحلوة العفيفة ؟ا هل تذكرتي الشاب الذي اتهمته بالتحرش بك في الشارع والذي ادعيتي أنه قام بلمس جسدك من الخلف وقول كلام بذيء وأنتي ذاهبة إلى الجامعة !
مطرقة ! لا بل مطرقة وسندان وأحدهم يطرق بهما على رأس ناز
هذا الرجل الذي تزوجته هو الشخص الذي قام بمعاكستها من قبل...عادت بذاكرتها إلى الوراء ...يوم مشمس وجميل ..فتاة في الثامنة عشر من عمرها تركت مقاعد الدراسة لتوها لتلتحق بالجامعة .شابة فتية مملوءة بالحيوية واندفاع الشباب .. تمشي في الشارع فرحة بيومها الجديد ..متفائلة بالحياة
كانت في أسبوعها الأول من التحاقها بالجامعة .
كانت تمشي في طريقها إلى الجامعة في المدينة الساحلية ..فجأة سمعت أحدهم يرمي بكلمات بذيئة ومقرفة عنها ..كانت يعاكسها ويتغزل بجسدها ولكن بطريقة بشعة
↚
لم تستدر لكي ترى من هو خلفها بل قررت أن تكمل طريقها و أول ما تصل إلى أمن الكلية المنتشرين بالقرب من بوابة الجامعة سوف تصرخ وتطلب نجدتهم.
واصل سيل الكلمات البشعة بالنزول من فم ذلك الشخص الذي لم تجرؤا أن تستدير لكي تراه ...كانت تمشي في زقاق فارغ وضيق ..وأي حركة خاطئة بدون وجود ناس حولها سوف تكلفها الكثير
تجرأ ومد يده لكي يتحسس جسدها فذعرت ناز وركضت بسرعة فائقة رامية كتبها وحقيبتها على الارض ...عبرت الشارع الذي تلى الزقاق لتصبح أمام الكلية .. كانت تصرخ بخوف وذعر ووصلت إلى حراس الأمن وقالت لهم وهي مقطوعة الإنفاس : أمسكوا ذلك الوغد أمسكوا به ..
هرع رجال الأمن إليها وقالت لهم وهي مازالت تلهث
: أمسكوا ذلك الحقير لقد ..لقد وماتت الكلمات على شفتيها وهي تبكي خجلة من الكلمات التي لم تستطع نطقها
ركض الجميع إلى الزقاق ليسحبوا رجلاً من هناك ...لسوء الحظ ذلك الشاب الحقير هرب بتسلقه لسياج أحد المباني القديمة ولاذ بالفرار ..ليأتي بالوقت ذاته ..ضرغام !!
كان شاباً أنيقاً ولا يبدو عليه أبداً أنه من النوع الذي يعاكس الفتيات في الشارع قال هاتفاً بغضب ورجال الأمن يجرونه ..
: ابتعدوا عني أيها الحمقى لماذا تمسكون بي هل تعلمون مع من تتعاملون ؟
سحبوه باحتقار وإهانة إلى أن وصلوا إلى المكان الذي كانت تجلس فيه ناز وهي منهارة من شدة البكاء والناس مجتمعون من حولها وأحدهم احضر لها كوب من الماء لتشربه وهي ترتجف
قال أحد حراس الأمن بغضب
: يا عديم الأخلاق والشرف انظر إليها كيف تبكي ..أليس لديك أخت أو أم تخاف عليها من المعاكسات في الشارع ؟ !
أجاب الشاب وهو يصرخ بغضب مستعر
: أنا لم أفعل لها شيئاً صدقوني !
وتقدم من ناز وهو يقول
: هي أنتِ قولي لهم أني لم أفعل لك شيئاً..
وقبل أن يكمل تقدمه ركله أحد الحراس ليرجع إلى الوراء
فسألها الحارس الثاني : هل هو من قام بمعاكستك ؟
: نعم هو
أجابت ناز وهي تبكي
هو : يا إلهي لماذا تكذبين هكذا لقد كنت أمشي في طريقي وفور ما دخلت الزقاق جروني رجال الأمن إلى هنا ! أنت قولي الحقيقة فأنا لم أعاكسك أبداً ولم اتعرض اليك
قالت ناز بعصبية
: بل فعلت أيها الحقير ! هذه هي الحقيقة من غيرك في ذلك الزقاق ايها ..ايها ..وعادت الى البكاء المرير وهي ترتجف
بعد ذلك أخذوا الأمن الرجل الغريب إلى مركز الشرطة
ذهب والد ناز بعد أن علم بالأمر إلى مركز الشرطة ولم يقبل دخول بنته إلى مركز الشرطة
بعد ذلك بفترة قصيرة انتقلت عائلة ناز بعدها إلى العاصمة بسبب حالة ناز النفسية السيئة ..لم تعد تستطيع المشي في الشارع بصورة طبيعية بسبب تلك الحادثة التي جعلتها دائما مرتعبة اذا مشت في شارع ما لوحدها ..وحده كمال من استطاع اخراجها من هذه الازمه بعد ان التقت به بعد عدة سنوات من الحادثة ..تساءلت من أين حصلوا على المال الكافي للانتقال بهذه السرعة الى العاصمة ؟
نست تلك الحادثة التي حصلت منذ 4 سنين ولم تفكر بها أبداً بعد خطبتها من كمال ..ب
قال لها ضرغام والغضب يقطر ويغلف كلماته القاسية
: هل تذكرت الآن يا ربة الصون والعفاف هل تذكرتي ؟
اشتعل غضب ناز وقالت له
: ربة الصون والعفاف وعلى الرغم من أنفك ..لم تكمل جملتها لان في اللحظه تلك نفسها
دوى صوت صفعة هز المكان
: رغم عن أنف من أيتها الحقيرة لقد دمرتي حياتي بعد كذبك وافترائك علي !
قالت ناز بصوت باكي وقد تلاشىت قوتها وغضبها في آن واحد وهي تضع يدها على خدها الملتهب من أثر صفعته
: وهل تريدني أن أسكت عن حقي لقد تعديت على مواطنة في الشارع ..
قال لها وهو يستشيظ غضباً من جديد
: أنا لم أتعرض لك أيتها الغبية افهمي هذا لقد لبستي علي
بعد أن اتهمتني بالباطل غضب علي والدي وقال أني عدت إلى طريقي الأعوج الذي كنت أمشي فيه وفُسخت خطبتي و عقد القرآن من ابنة عمي سجى وأصر عمي أن أطلقها 3 مرات حتى لا نعود إلى بعض ..بعد أن ظن أن والدي سوف يحرمني من الميراث حقاً .. وبهذا أصبحت محرمة علي ! كل هذا بسببك وبسبب كذبك
1
الجمت الصدمة لسان ناز ..إذاً المدعوة سجى خطيبته ! وتركها بسبب تلك المشكلة ..إذاً هو مازال يحبها وما يفعله بها ما هو إلا انتقام لما فعلته هي !
نظرت إليه بعيون تائهة مليئة بالدموع
قال لها ضرغام بصوت هادئ مبطن بالكره
: وهل تعلمين ماذا ؟ والدك تنازل عن القضية مقابل مبلغ من المال من والدي ! ويبدو لي أنك ورثتي جينات والدك الجشعة للمال ..اكيد ما حصل لي في ذلك اليوم هو اتفاق بينك وبين والدك للحصول على المال
قالت ناز وهي تتقدم نحو ضرغام لكي تضربه على صدره العريض وهي تصرخ كالطير المجروح
: لا تقل عن أبي هكذا أيها الحقير ..والدي إنسان نزيه
: نزيه لدرجة أنه باع القضية بمبلغ من المال
قالت ذلك وهي مستمرة في ضربه على صدره العريض: لا أصدق ذلك أنت تكذب تكذب
وأمسك بها من ذراعها وهزها بعنف شديد وهو يقول من بين أسنانه
: من هو الكاذب أيتها الحقيرة .أنتم الكاذبون أنت ووالدك الانتهازي
من شدة هزه لها انفتح رباط الروب ليكشف عن ما ترتديه تحته
تعلقت نظراته بصدرها المكشوف وهو يزدرء ريقه ببطء
خف تشديد قبضته على ذراعها فحاولت إغلاقه بسرعة فمنعها وقربها منه قليلاً قائلاً
: لا نريد عروض في الحياء والعفة الآن ..دعيني أكمل ..عرضت المال على خطيبك لتركك وللزواج من مروى ....مروى أعرفها منًذ زمن طويل وهذه قصة اخرى
حاولت التملص منه وهي تبكي فشدد من الصاقه بها
وأكمل بهمس وهو يقترب من أذنها
: كم هو غبي كمال كيف يترك هذا الجمال كله وهذا الجسد الجميل ليتزوج بتلك ..لكن للمال تأثير كبير
قال جملته وهو يمرر يديه على طول جسمها
أحست ناز بالحرارة من لمساته
ودفعته عنها وهي تقول
: حقير ابتعد عني أنت وكمال أحقر من بعض ..الأول دمرني من أجل المال والثاني يريد تدميري للانتقام ..كفوا عن إيذائي أنا بشر مثلكم ..ازداد صراخها وهي تدفعه
: ابتعد عني ابتعد عني
: كنت أنوي أن أتركك مثل وقف متزوجة وغير متزوجة بعد تدمير خطوبتك وحياتك مثلما فعلتي معي بالضبط لكن يبدو أنك تريدينه زواج حقيقي ..استعديتي لي جيداً وارتديتي هذه الثياب لتثيريني وتتظاهرين بالعفة والتمنع ..صدق من قال عنكن أيتها النساء ..يمتنعن وهن راغبات
أزاح الروب المفتوح بحركة واحدة من يديه وأمسك بها بكلتا يديه وتناول شفتيها بعنف وقسوه ودفعها لتسقط على السرير ويسقط هو فوقها
صرخت ورفسته بقدمها وحاولت دفعه لكنه كان ثقيلاً جداً
تعب جسدها من كثر المقاومة واستسلمت لقبلاته التي كان يوزعها على وجهها وجسدها
أزاح شريط الثوب من على كتفها ليدفن وجهه في عنقها ويهمس بعبارات الاستحقار ويهددها بأنه سوف يحطمها ويدمرها ..بكت وعادت لها روح المقاومه من جديد
عضته من كتفه بقوة لتحس بمذاق الدم في فمها ..ابتعد عنها وقد أجفل بألم
استغلت فترة ابتعاده عنها فقفزت من السرير بسرعة ودخلت إلى الحمام وأقفلت على نفسها
طرق على الباب طرقات قوية وهو يصرخ
: افتحي الباب ..افتحي و إلا ندمتي
بكت ناز بخوف وقالت له بصراخ
: أتركني لوحدي و إلا قتلت نفسي ..ارحل من هنا أتركني
وعادت لها موجة البكاء الهستيري من جديد
تناولوا طعام الإفطار مع صمت تام من كلا الطرفين مع نظرات مستمرة من
ضرغام إلى ناز وهي تأكل ..أحست بعدم الارتياح من نظراته فاكتفت بكوب من الشاي وقليل من الكعك
يبدو أنها سوف تموت جوعاً بسبب خجلها منه
سمعوا طرقاً على الباب فتوجهت إحدى خادمات المنزل لتفتح الباب
فسمعت صوت الزغاريد وبعدها صوت أمها وهي تسأل عنها ..دخلت أمها وأختها وزوجة خالها التي كانت تتفحص البيت بنظرات حسودة إلى الصالة فسلم عليهم ضرغام واستأذن ليخرج
جلست زوجة خالها على كرسي ضرغام لتقول
: جيد هناك فطور فأنا أحس بالجوع الشديد
رمقتها أم ناز بنظرة غاضبة وقالت
: جئنا لنبارك لا لنأكل
وتقدمت من ابنتها واحتضنتها بعاطفة شديدة وقالت
: حبيبتي مبارك ! كم أنا سعيدة لأنك تزوجت
نظرت إليها نظرات بليدة
لم تستطع مسامحة أمها بسبب ما حدث وعدم وقوفها إلى جانبها عندما ضربها خالها وتصديقها لكل شيء
كم ضحت من أجلها وعملت فقط لكي تساعدها ..هل ذهبت تضحياتها سداً !
أحست والدتها أن هناك شيئاً غريباً لكنها صرفت الموقف بابتسامة مرتبكة وقالت
: مايا سلمي على أختك
احتضنت ناز مايا بشدة وبكت الأختان اللتان لم تفرتقا أبداً في حياتهما وهم يهتفون بعبارات الشوق ويبكون بشدة
أحست ناز بعدم الارتياح من نظرات زوجة خالها المتفحصة لكل شي واسألتها المحرجة ممتلكات ضرغام وثروته ماذا فعلوا في أول ليلة معاً
تجنبت جميع الأسئلة وركزت انتباهها فقط مع مايا ..تحدثت معها مطولاً وهي تحس بالحزن تجاه مايا الذي بدأ الخال بفرض سلطته عليها معللًا ذلك بأنه لا يريد أن تسلك طريق أختها وتخطأ .
__________________________________________________ _______
صوت كعبها العالي أثار ضجة بالممرات الطويلة لتصل هدفها
خطوات مدروسة بالمشي كعارضة أزياء في منصة العرض ..مشية فيها القليل من التكلف ..تحمل الملف الأبيض في يدها وهي ترتدي بدلة رسمية مكونهة من تنورة قصيرة ضيقة وسترة ضيقة ..لم تخلو طلتها من النظارات الطبية وحقيبة العمل السوداء الجلدية ..
طرقت على الباب ثلاث طرقات سريعة لتدخل بعدها لغرفة الاجتماعات الكبيرة
نظر الجميع إليها وسكتوا عن مناقشة الأمر الذي كانوا يتحدثون به
: آسفة لقد تأخرت
نضر الرجل الأكبر سناً بين الجالسين ذو الشعر الأشيب لها نظرة صارمة تلومها على تأخرها عن العمل
المدير العام لهذه الشركة
: من بعدي تأتي متأخرة لأهم اجتماع !؟ عليك تعلم الإلتزام يا سجى
: أبي ،..أقصد سيدي المدير هذه أول أتأخر عن العمل فسامحني
سكت الجميع فعاد رئيس قسم التسويق لإكمال شرحه وهو يضع العصا الخشبية التي بيده على النموذج الذي يوضح خطط التنمية الخاصة بالشركة وعن ماهية تطويرها دون استعمال رأس مال الشركة بصورة كبيرة
قال أحد المدراء الجالسين حول الطاولة
: سبب تأخرنا هو بسبب عدم انتشار سياراتنا في العاصمة فشركة ضرغام تسيطر على الوضع
وكأن اسم ضرغام كان صفعة على وجهه سجى التي رفعت رأسها بسرعة كبيرة عن دفتر ملاحظاتها
كانت تنظر إلى الموظف الذي نطق باسم ضرغام بلهفة وكأنه يخبئ ضرغام خلف ظهره
تنبهه الجميع لحركتها وردة فعلها الغريبة ..لكنهم عادوا لإكمال شرح خطط الشركة الجديدة وناقشوا جميع الأمور المتعلقة به
انتهى الاجتماع بعد حوار طويل جداً ونقاش حاد جداً واحتدام بين آراء المسوقين ومدراء أقسام الشركة
..قام الموظفون بالخروج واحد تلو الأخر فخلعت سجى نظاراتها الطبية ولملمت جميع أوراقها وهمت بالخروج من غرفة الاجتماعات
فجائها صوت والدها الصارم ليقول
:سجى انتظري أريد التحدث معك
شعرت بمغض في معدتها من طلبه ...هل عرف بموضوع ذهابها إلى العرس ؟!
خرج آخر الموظفين وأغلق الباب خلفه
فهب والد سجى في عصبية ليقول بغضب شديد
: كيف تجرؤين على الذهاب إلى حفل زفافه !!! كيف تكسرين كلمتي ! وضرب الطاولة بكلتا يديه ليصدر صوت قوي أجفل سجى وجعلها تغمض عينيها برعب
أجابت بصوت مرتجف
:أبي ..أنا أنا ..
: اصمتتتتتتتتتتتتتتتتتي ...أنا لم أفسخ عقد قرانك منه لتذهبي وتعيدي علاقتك معه من جديد !!
أحست سجى بالدموع تحرق عينيها وبألم في قلبها ...فقالت متشجعة لكي ترد على والدها
: فسخت عقد قراني رغماً عني !!
شخر والدها بسخرية وقال
: بالله عليك يا سجى ...أنت لم تبدي أي رفض عندما طلبت منك ذلك
أجابت سجى مدافعة عن نفسها
: لكني أحسست أني أحبه بعد أن أجبرتني على تركه ...ولم تكتفي بذلك بل جعلتني اتزوج رغماً عني !!
أجابها والدها بنفس اللهجة الصارمة
: رغماً عنك ! أنت لم تبدي أي امتعاض عندما تقدم لخطبتك ووافقتي على الفور
أجابت سجى والألم بقلبها يزداد مع كل كلمة تذكرها بالماضي التعس
: أنا امتثلت لأوامرك ولم أعصي لك أمراً !! هل هذا ردك علي الآن بعد كل تضحياتي !
سكت والدها وأطال النظر إليها وهو يقول
: لا أريد أي اتصال بينك وبين ضرغام هل فهمتي !! بعد ما فعلة والده قبل ان يموت وما فعله هو قبل فسخ عقد القران لا علاقة لنا بهم
: لكن أبي !!....
: يكفي الاجتماع انتهى انصراف
خرجت بسرعة دون أن تنظر إلى أحدهم لتدخل إلى مكتبها وتغلق الباب بعنف
والدها إنسان مسيطر هو من يسير حياتها كما يريد
سجى الابنة الوحيدة التي حضي بها... والدها ذو شخصية صارمة جداً لا ترحم من يخطأ أبداً
حاولت أن تتملص من سلطة والدها بشتى الطرق ..فكان ضرغام هو طوق نجاتها الوحيد الذي كان سوف يخرجها من الظلمات إلى النور ...وافقت عليه فور تقدمه لخطبتها ..في البداية لم تحبه مطلقاً ولكنها مثلت دور السعيدة لكي لا ينفر منها ...حوطته برعايتها واهتمامها مما جعل عقل ضرغام يطير بها ...أحبها بجنون ..ولكن قلب سجى المليء بعقد الطفولة لم يستطع أن ينفتح أمام حب ضرغام المجنون بها ..لكن ما بيدها حيلة ...بعد تلك الحادثة ودخول ضرغام إلى السجن بسبب اتهامه بالتحرش بفتاة من الشارع جن جنون والدها وطلب فسخ عقد القران وطلقها ضرغام ثلاث مرات لكي تحرم عليه
4
كان يظن أن والد ضرغام سوف ينفذ تهديده ويمنع ابنه من الورث لهذا كان واثقاً جداً من تطليقها منه ..بعد فسخ الخطبة من ضرغام أحست بمكانه الذي كان يملأه بقلبها دون أن تشعر ..بدأت تفتقده بجنون وتحن إلى أيامه ..زوجها والدها من شخص اختاره هو وهو ابن أحد مستثمرين النفط
كانت الصدمة الكبرى لوالدها أن وصية عمها المرحوم تقتضي بأن تنقسم أملاكه بين أولاده سارة وضرغام حسب القسام الشرعي ..مع شرط أن يكون ضرغام هو المدير العام لشركته بعد وفاته
نقم على أخيه وعلى ابن اخيه ...فجشعه وطمعه لم يرتضي بهذه الوصية
لم تستطع سجى الانسجام معه ..فمقارنته مع ضرغام كان شاباً عادياً جداً ..لم تسمح له بالاقتراب منها فأصبح بعد ذلك عنيفاً معها بسبب برودها معه وبرود علاقتهم الزوجية
حملت منه ولكن في احد الايام نادته باسم ضرغام بالغلط ..فجن جنونه وعندما سألها
صرخت بوجهه
: إنه حبيبي ...حبيبي ضرغام وليس أنت اتركني أنا أكرهك
ازداد جنونه وأمسكها من شعرها وبرحها ضرباً إلى أن اجهضت جنينها
بعد ذلك طلبت الطلاق وحصلت عليه على الفور دون اعتراض يذكر إلى من والدها الذي عنفها وقال لها أنها غبيه مثل أمها وأضاعت عليه فرصة دمج استثمار النفط مع شركة والد زوجها
وبعد هذا أصبحت حياة سجى باهته جداً ..أغرقت نفسها بالعمل ليلًا و نهاراً دون أن يفارق ضرغام بالها أبداً ,,,عندما جاءت بطاقة الدعوة إلى حفلة عرسه ..كادت أن تموت قهراً وكمداً ..فهي كانت تأمل أن تعود إليه بعد أن تطلقت وأصبحت محلله عليه
+
لكن يال للحسرة ..تزوج المدعوة ناز ..فتاة بارعة الجمال ...وشابة وأصغر منها ..
↚
كم كرهتها وتمنت لو أنها تموت وتختفي ...لكي تعود هي إلى ضرغام
هل ما زال ضرغام يفكر بها ؟! بالتأكيد لا ولم يتزوج من أخرى لو فكر فيها
تنبهت على صوت الهاتف الذي كان يرن بإلحاح فأجابت عليه وبدأت العمل وأغرقت نفسها بالعمل لكي تطرد جميع الأفكار هذه من رأسها وتطرد ذلك الضرغام من حياتها
____________________________
قررت ناز بعد ذهاب امها وأختها والخالة وداد أن تقوم بشيء مفيد ...قررت استكشاف الفيلا كاقتراح أولي بينها وبين نفسها
وبدأت رحلة الاستكشاف متجنبة غرفة مكتبه ..صعدت إلى الطابق الثاني ودخلت جميع الغرف وتفحصتها بفضول شديد
أكملت الطابق كله فقررت استكمال رحلة الاستكشاف وصعدت إلى السقيفة ..وجدت العديد من الكتب والأغراض القديمة ...كانت سقيفة كبيرة جداً وواسعة ...أثاث جديد مرمى بإهمال فقط لأن موديله قديم بعض الشيء ..ملابس كثيرة تخص ضرغام ..وأشياء أخرى وأخرى كثيرة
فكرت بحسرة بجيرانهم الفقراء الذين يمكن لهم الاستفادة من كل هذه الامور !
لما هذا التبذير من هؤلاء الأغنياء المتعجرفين
نزلت من السقيفة بسرعة توجهت إلى الغرفة التي قررت جعلها غرفتها ..نفضت التراب عن ملابسها وهي تنظر إلى ملابسها المملؤه بالتراب
فجأة فتح الباب بقوة ،...ارتدت إلى الخلف وأجفلت من الصوت القوي
: مالذي تفعلينه هنا ؟
أجابت وهي تغلي من شدة غضبها بسبب اقتحامه الغرفه بدون استئذان هكذا
: هذه سوف تكون غرفتي ..ولو سمحت اطرق الباب قبل أن تدخل إلى هنا
ضحك ضحكة عالية خالية من المرح ...ضحكة استهزاء
: وهذا منزلي ايضا لا تنسي أرى أنك بدأت تصدقين نفسك أكثر من اللازم ..يا حلوتي
أحست بالحرج الشديد مما قال فقالت له وهي تتصنع الثقة
: ولما لا أنا العب الدور جيداً ..انت تزوجتني فتحملني !!
أجاب بمكر وهو يبتسم
: وهل أنا مضطر حقاً لهذا ..دون مقابل
اقتربت منه ببطئ ووضعت سبابتها على صدره العريض قائلة
: المقابل يا عزيزي هو لعبي لدور الزوجة أمام اهلك!! ألم تعد علاقتك طبيعية معهم بعد أن علموا بزواجك !! هذا هو المقابل أيها العزيز
قالت جملتها وهي تضع سبابتها وتضرب بها صدره بشكل عامودي وكأنها معلمة تشرح شيئاً ما لطالبها
أمسك أصبعها بقسوة واعتصره بقوه فشهقت من الألم وأكمل قائلاً ونفس الابتسامة مرسومة على وجهه
: جيد جداً ثقة عالية بالنفس وجرأة غير متوقعة من الفأرة التي كانت ترتعب بمجرد أن يصرخ في وجهها أحدهم..على العموم علاقتي عادت طبيعية ليس بسبب زواجي من أميرة الكون الأنسة ناز ..بل بسبب إصرار أمي على العودة لاحضان العائلة ،،لم أرغب أن أعود إليهم متهماً مثل السابق لهذا جلبت دليل برائتي معي ..أنت بالطبع
: ما الذي تقصده ! هل ستقول لهم من أنا ؟
: بالتأكيد وبعدها لكل حادث حديث لكن بالتأكيد لكن هذا ليس كل ما سوف تقدميه وغمز لها بوقاحة وهم بالخروج
لكنه عاد ليقول
: استعدي للحفلة ...سوف يبدأ الجميع بالتوفد إلى هنا..اتردي شيئاً مناسباً يليق بزوجة ضرغام
قال آخر كلمتين مع تشديد على كل حرف في كل كلمة ..
إصفر وجهها مما قاله
هل سوف تحتقرها تلك المرأة الطيبة الحنونة بسبب ما سيقوله لها ..كم هذا مخزي
توجهت إلى الغرفة الأخرى لتفتح خزانتها وأخذت ثوباً أسود اللون طويل جداً
قالت ناز في سرها ذوق هذا الضرغام لا بأس به ..بل هو جميل جداً ..على من تكذبين
ارتدت الثوب وعرجت شعرها البني الطويل وعقصت خصلتان أماميتان بمشبك ذهبي اللون بشكل متعاكس على شكل اكس ..كحلت عيونها ووضعت ظلال عين ذهبي وطعمته بقليل من السواد فبدت كقطة وتحول لون عينيها إلى لون عسلي مخضر ...وضعت ملمع شفاه خفيف جداً وووقفت أمام المرآة تتطلع إلى نفسها بإعجاب
: هل أنا جميلة هكذا فعلًا
أتاها الصوت من خلفها لتعلم أنها كانت تفكر بصوت عالي
: بل خلابة ،...
نظرت في المرآة لتنظر إلى عينيه وهو يقف خلفها
: أفكر بالقيام بشيء آخر وتأجيل هذه الحفلة
قال ذلك وهو يقبل كتفها العاري ..
تحركت بضيق ليبعتد هو ويرفع يديه التي كانت تحمل
علبة مخملية سوداء اللون
فتح العلبة فلم تلمح ما كان يوجد فيها لأنه كان يقف خلفها
وضع العلبة أمامها لتتفاجئ بقرطين ذهبين من أجمل ما رأت عيناها !! كانا على شكل أجنحة صغيرة ويوجد فيه زمردة خضراء اللون في طرف الجناح
قالت ناز بدون وعي
: يا إلهي ما أجملهما
: إنها لك يا عزيزتي ...بلون عينيك تماماً ...استدارت ناز لتواجهه وهي تنظر إلى عينيه بحيرة
لطفه معها حيرها جداً ..لماذا يتصرف على هذا النحو معها!! تارة هو لطيف وأحيانا كثيره شرير وحقير معها
نظر إلى شفتيها وشرار الرغبة يقدح من عينيه ..اقترب من شفتيها وقررت أن تبادلة قبلته غير آبهه أبداً بالنتائج وكيف سيفكر بها
اقتربت هي بدورها منه ..فسمعت صوت نحنحه لتدير رأسها وتجد الخادمة واقفة وهي محرجة ومخفضة رأسها
: آسفة سيدي لقد بدأ الضيوف بالتوافد
ابتعد كلاهما عن بعض ووضعت ناز يدها على رقبتها بحركة محرجة وخجلة من نفسها
يا إلهي ما الذي كانت تفكر فيه حقاً !!!
:
أعطاها القرطين باهمال فارتدتهم هي بنفسها وأغرقت نفسها بالعطر الباريسي ذو الرائحة اللذيذه
ونظرت إليه فقال لها فوراً
: حسناً هيا ننزل
وصلا إلى بداية الدرج فخطف يدها بحركة سريعة وأمسك بها ونزلا من الدرج لتكمتل الصوره لدى الجميع بأنهم عروسان في غاية السعادة
تعثرت قليلاً ..فاحكم الامساك بها ووصلا بأمان إلى نهاية الدرج الحلزوني الشكل
وصلا إلى البوابة الكبيرة المؤدية إلى الحديقة الواسعة
وجدتها مليئة بالضيوف الواضح عليهم أنهم من كبار رجال أعمال البلد ومن أغنى أغنياها ...حمدت ربها أنها ارتدت ما أحضره ضرغام ولم ترفض هداياه فما ترتديه نساء الحفلة كان فوق الخيال تماماً
مجوهرات ..وثياب مصمممين عالمين ...وزينه تجعل أقبح فتاة تبدو كأميرة
قالت بهمس مرتبك لضرغام
:هل كان حقا هناك داعي لهذه الحفله ,,أنا متوترة
أجابها وهو يهمس مثلها تماماً
:لا أحد من معارفي يعرفك أو تعرف عليك في العرس لهذا هذه الحفلة لكي تتعرفي على جميع أصدقائي وزوجاتهم وتدخلي المجتمع المخملي من أوسع أبوابه
..لا تكوني خجولة وإلا سوف يلتهمك الجميع ...والآن هيا
وصلا إلى التجمعات التي كان يقف فيها الجميع وبدأت التبركيات والتهاني من الجميع ...انفصل ضرغام عنها ليتحدث إلى مجموعة من الرجال ...أحست بالخوف من ابتعاده كيف ستواجه هذا الموقف لوحدها
اجتمعت نساء الحفلة حولها ..هذه تبارك وتلك توجه نظرات الغيرة والحسد لها ..
فجأة توقف الجميع عن الحديث وعم الصمت المكان
دخلت مروى وكمال من خلفها وهم يبحثون بعيونهم عن فريستهم ...أصابت الصدمة ناز بالشلل فوجههت نظرة نارية إلى ضرغام الذي كان يبدو عليه أنه متفاجئ أيضاً من هؤلاء الضيوف الغير مرحب بهم أبداً
ما الذي جاء بهذه الحرباء إلى هنا ...كمال بدا متعباً جداً والهالات السوداء تحيط عينيه الرماديتان ..كان شاحباً وكأن هموم الدنيا كلها فوق رأسه ...
تقدما من الحضور وقالت مروى بصوت جماهيري
: ماهذا يا ضرغام لم لم تدعوني إلى زواجك ولا لهذه الحفلة يا لك من صديق سيء
تقدمت منه وواحتضنته ..وهمت بتقبيل وجنته فابتعد عنها ..فبدت في موقف محرج جداً ...وسمعت صوت ضحكات مكتومة ..وهمهمات من الموقف الذي كانت هي فيه ..تحول وجهها إلى لون قرمزي غامق من فرط إحراجها
فنظرت إلى الجميع ووجدتهم يرمقونها بنظرات استحقار ..كيف تحضر إلى هذا الحفل وهي غير مدعوة !!
تخبطت في نظراتها بين الحضور ..وضرغاام ..وكمال الذي بدا صامتاً جداً وهو منكس الرأس
دوى صوت ليكسر الصمت المسيطر على الجميع ..
: ما الذي تفعلينه في بيتي ؟ اخرجي من هنا على الفور !!!
كانت ناز توجه كلامها إلى مروى وهي تتقدم ناحيتها
قال كمال كاسراً صمته الطويل
: ناز عزيزتي يجب أن اتحدث معك
صرخت به ناز بصوت عالي
: اصمت لا كلام لي معك ...أخرج هذه الحثالة من هنا وتفضلو بالخروج من هنا بسرعة !
قالت مروى بلهجة حقيرة
: ومن أنت لتطرديني من بيت صديقي العزيز ضرغام ...هل صدقتي بأنك سيدة هذا المنزل ؟ أنت من يجب أن تخرج ..أخذت خطيبك السابق منك ولن أسمح لك بأخذ صديقي وتغييره علي
دوت صرخة من ضرغام وكمال في نفس الوقت
: مروى !!!!!!!!!!!!
لم تعد ناز تتحمل هذه البغيضة فتقدمت منها بسرعة وقالت لها
: زوجي وبيتي ليس مكاناً لاستعراض حقارتك أيتها الرخيصة
قالت مروى وقد تجهم وجهها من إهانة ناز الغاضبة لها
رفعت يدها لكي تصفعها
فأمسك بها ضرغام بكل ما أوتي من قوة كادت أن تحطم ذراع مروى ...
: لا أنصحك بالقيام بهذه الحركة التي سوف تتلقين أقوى منها ...وكلام زوجتي كان واضحاً جداً ..هيا كمال خذ زوجتك وتفضلوا بالخروج من هنا فأنتم ليس مرحب بكم هنا
سحب كمال مروى وتوجهوا للخروج فقالت مروى وهي تصرخ
: سوف تندمين يا ناز سوف تندمين سوف أكمل تدمير حياتك أقسم على هذا أقسم
قالت ناز وهي تضحك باستهزاء
: أصلحي حياتك أولاً أيتها الصفراء ..وإياك أن تعودي إلى هنا مجدداً فديكور قصري لا يتحمل تنشيز وجود كتلة صفراء فيه
ضحك جيمع الحضور بصوت عالي مما قالته ناز ..فتنفست بعمق لدى خروج كمال الذي كان يسحب مروى سحباً كالخروف وهي تصرخ وتشتم وتتوعد وتتلوى بين ذراعي كمال
نظرت إلى ضرغام بغضب نظرات مليئة بالإتهام
فتلقي نظراتها ببرود شديد جعل غضبها يتضاعف أضعافاً مضاعفة
انتهى الحفل في منتصف الليل ولم تعرف ناز كيف تحملت مرور الوقت دون أن تنفجر بوجه ضرغام أمام المدعوين
اختلطت اصوات زئير محركات السيارات مع همهة المدعوين مع الضحك والثرثرة لتلعن نهاية الحفلة
قامو بتوديع الجميع الذين انطلقو بسياراتهم الفاخرة إلى بيتوهم وهم مستمتعين بالعرض الذي شاهدوا قبل أن يكونوا مستمتعين بالحفلة الصاخبة التي كانوا مدعوين إليها ...
صعدت ناز بسرعة إلى الغرفة فلحق بها ضرغام
أخذت بعض الملابس من الغرفة الرئيسية لتعود إلى غرفتها الصغيرة
همت بالخروج من الغرفة فأمسك بها ضرغام من يدها بقوة
: أين تظنين نفسك ذاهبة ..هل تعتقدين بأني اسمح لك بالنوم هناك ؟
أجابت وهي تصرخ وتتلوى لكي تحرر يدها من يده
: ومن طلب إذنك ؟؟؟؟ اتركني أيها الوغد ..لقد دعوتها لكي تزعجني أليس كذلك ؟ ..
قال لها ضرغام وهو يشدد من تمسكه بيدها
: أيتها المجنونة ولما أقوم بفعل هذا !! ألم تريني كيف طردتها من الحفلة
: فعلت هذا لكي تزعجني أيها الوغد ..لكي أرى حبيبي معها وانزعج ؟..هل هذا ما أردت أن تفعله أليس كذلك ؟
جن جنون ضرغام وأمسك بها من كتفها وهزها بعنف
: لا تقولي حبيبي ...أنت على ذمة رجل آخر أيتها الحمقاء ...هل مازلتي تفكرين به ؟؟ حسناً يبدو أننا بحاجة إلى عمل فورمات لدماغك وتنضيف للسانك السليط هذا,,أعدك بأنك سوف أمحوا أثر كمال من حياتك إلى الأبد
وقبل أن تفهم ما كان يقوله
هجم على شفتيها بقوة ..قبلها بقسوة وعنف جعلها تحس بطعم الدم من شفتيها التي جرحها بأسنانه ...كان ينتقم منها بقبلته لأنها قالت عن كمال حبيبها
حاولت المقاومة والتملص منه لكنه كان يكبلها بكلتا يديه ويستمر بتذوق طعم شفتيها الكرزيتين ...فتح شريط ثوبها الذي كان مربوطاً على رقبتها فانزلق الثوب ليكشف عن صدرها العامر ..نظر ضرغام إلى مفاتنها فجنن جنونه وحملها ووضعها على السرير
قاومت بكل ما أوتيت من قوة و هو مستمر بتوزيع قبلاته ووضع علامات ساديته وانتقامه على جسدها
لم ترد أن يفعل هذا الشيء منتقماً وليس عاشقاً ,,,رفضت أن يكون الأمر بهذا الشكل
بعد لحضات كان ثوبها على الارض
...قررت أن تقاوم حتى آخر نفس وإلى آخر لحظة
لم تستطع دفعة لثقل حجمه فركتله بقدميها ..كبل ساقيها بساقه حتى لا تستمر في ركله
أحست بالعجز فبكت ..واستمرت بالبكاء بشكل هستيري
تنبه ضرغام لما كان يفعل فرفع نفسه قليلًا عنها ..نظر إليها ليجد شفتيها متمورمتين وإلى دموعها التي كانت تغرق وجهها
:أرجوك ..أرجوك ..
فهم رجائها فابتعد عنها وارتدى ملابسه ..
: يا إلهي أنتِ تجعليني وحشاً لا يستطيع كبح جماح نفسه ...تباً لك ولما حملته لحياتي ..تباً
+
خرج من الغرفة صافعاً الباب بعنف مطلقاً العنان لدموع ناز التي لم تتوقف ولا لثانية واحدة
↚
أحتاج إليك وأهرب منك وأرحل بعدك من نفسي
في بحر يديك أفتش عنك فتحرق أمواجك شمسي
وجهك فاجئني كالأمطار ...في الصيف وهب كما الإعصار
فالحب قرار ..والبعد فرار ..وأنا لا أملك أن أختار ..أن أختار
انبعثت الموسيقى من المذياع في السيارة الفاخرة التي كانت تمشي بسرعة لتشق الطرقات الصحرائية الخالية من أي مظاهر للحياة مخلفةً ورائها زوبعة من التراب المتطاير ..طريق قاحل ...أحست أن الأغنية الثائرة هذه تنطبق عليها تماماً وعلى قصتها مع هذا الجلمود الجالس بجانبها اضطربت أنفساها وهي تحدق بالمذياع ...حررني رفقاً انصرني ساعدني كي أهجر طيفي ..حررني يا ضرغام ..أحتاجك وبنفس الوقت أهرب منك ..قلبك القاسي المغلف بسم الانتقام يجذبني كما يجذب اللهب الناري الفراشة لكي تلقى حتفها ..لا أعلم لماذا بدأت مشاعري تتغير من ناحيتك ..قل له أيها المذياع ..قل له أن الحب كظلي يتبعني ويعدو بجنون من خلفي !! وأنا إعصارك يعصف بي .. ها أنا يا ضرغام أهرب منك وبنفس الوقت تجذبني إليك ..تهرب منه ولكن في نفس الوقت تحس بأنها تحتاج إليه ..هناك تغير في مشاعري لا يعجبني البته ! لكني لا أملك أن أختار ..أن أختار
شكت للمذياع ضياعها وتخبطها علها تشعر بارتياح بعد هذا ..الارتياح من تخبط مشاعرها ..قلبي لم يعد ملكاً لي ..وضعت يدها على قلبها مؤكدة لنفسها ما قالته لتشعر بضربات قلبها المتسارعة ..تنبه ضرغام لحركتها الغريبة فأنزلت يدها بسرعة لتستقر في حضنها ....
استقيظت هذا الصباح وارتدت ملابسها على عجل لأنها كانت تخطط للخروج هذا اليوم والقيام بشيء مهم .. نزلت إلى صالة الطعام لتجده يقرأ الجريدة ..أخبرها دون أن يزيح الجريدة باقتضاب
_جهزي نفسك ..سوف نذهب إلى المدينة السياحة خذي ما يلزمك
خابت آمالها وتبددت مخطاطتها واعتراها خوف من هذه الرحلة ..سوف تكون تحت ضغوط كبيرة بسبب وجود العائلة هناك !! رشفت رشفات قليلة من كوب الشاي ..شاي مع النعناع ..نكهتها المفضلة ..أكملت تناول فطورها بسرعة لتنهض بعدها بصمت متوجهة إلى الغرفة من جديد ..تأملها وهي تمشي دون أن تلاحظ ..هذه المرأه تجعل حتى الملابس العادية مثيرة بهذا الجسد المثير ..لم يعلم إلى أين يمكن أن يصل صبره معها !!
دخلت إلى الغرفه ووجدت حقيبة موضوعة على السررير بجانبها حقيبة أخرى بدت أنها حقيبة ضرغام الذي انتهى من حزم أغراضه..أحضر هذه الحقيبة لها لتقوم بوضع أغراضها فيها ..ماهذا اللطف الزائد سيد ضرغام بعد هجوم البارحة ..قالت الجملة بصوت عالي محدثة نفسها وهي تضحك
فتحت الخزانة الخاصة بثيابها ..أخرجت بعض الأثواب الصيفية وجميع ما تحتاجه من أغراض لقضاء بعض الأيام هناك من الذي قام بشراء هذه الملابس لي !! هل قام باختيارها بنفسه ...أم أنه كلف واحدة من معارفه للقيام بهذه المهمة ..ربما تكون إحدى صديقاته !! أحست بالغيرة من هذه الفكرة ..عنفت نفسها على غيرتها المبررة ...لكم اشتاقت فعلاً لتلك المدينة ...مسقط رأسها والمدينة التي نشأت فيها وترعرعت فيها ..ارتدت جينز وتيشرت أبيض وحملت كلتا الحقيبيتين نزولاً من الدرج
تلقاها ضرغام الذي ارتدى أيضاً جينزاً وقميصاً ـبيض !! يالهذه الصدفة صعدا السيارة وربطت حزام الأمان لتنطلق بعدها السيارة مجتازة الطرقات بسرعة
تنبهت على صوته وهو يسألها
_ناز أنا اتحدث معك ..
_آسفة لقد شردت قليلاً ماذا كنت تقول ؟
أجابها وهو يركز في قيادته على الطريق
_هناك استراحة على بعد عشر دقائق من الآن ..هل تودين النزول لقضاء حاجة أو لتناول شيء ما ؟ أم نكمل طريقنا
أجابته دون أن تحيد في تغير وجهة نظرها ..
_كلا ما من داعي للتوقف استمر
يتحدث معها ببرود وبكل أريحيه دون أن يتذكر ما فعله البارحه ..كم غريب هو هذا الرجل ..لا يشعر أبداً أنه مخطئ ..يعود ثاني يوم ليتكلم معها بشكل عادي جداً
استمر في القيادة حتى وقت طويل ...غفت على الكرسي بسبب طول الطريق ولشعورها بالدوار من السياقة المستمرة دون انقطاع
الطريق إلى المدينة الساحلية يستغرق 6 ساعات أو أكثر ..فهي بعيدة جداً عن العاصمة
فجأه أحست بحركة غريبة في السيارة ...وتوقف مفاجئ بعدها !!.
لم تنتبه إلى مرور الوقت وهي نائمة ولكن بعد توقف السيارة سمعت صوت الباب يفتح ويغلق بقوه ..ظنت أنهم قد وصلوا إلى المكان المنشود لكن رؤيتها لضرغام الذي كان يقف قبالة المحرك ويفحصه ..لم ترَ إلا جزءاً من جسده بسبب فتحه لغطاء المحرك نظرت في المرآة لتجد وجهها في حالة مأساوية ..الكحل سال ولطخ ما تحت عينها وشعرها مشعث بسبب النوم ..مسحت ما تحت عينها وسوت شعرها بكلتا يديها ..تأخر ضرغام في العودة فأحست أن هناك خطباً ما فالسيارة متوقفة في قارعة الطريق ..بدأت الشمس بالغياب ليتحول جو الصحراء إلى جو ساحر جداً ..بعيداً ..هناك ..في الأفق تلال الرمل الذهبية تلتهم قرص الشمس ببطئ ليختفي النور رويداً رويداً معلناً على نهاية يوم كامل ..ليأتي الليل المظلم لافاً المكان بسحر غريب ومخيف
شتم بصوت عالي وعاد إلى السيارة وجه المصباح اليدوي على وجهها فانزعجت من الضوء وضعت يديها لتحجب الضوء المسلط على عينيها قال لها وهو يطفئ المصباح اليدوي ويشغل المصباح السقفي في السيارة
_لقد تعطل المحرك !! نحن نبعد ساعة عن المدينة ولا نستطيع إكمال المشوار سيراً على الأقدام
يبدو أننا حوصرنا هنا
فزعت ناز مما قاله نظرت إليه بهلع وهو يخرج المسدس من درج السيارة وبعض الأوراق ..
_اتصل بأحدهم ليأتي ويأخذنا ..لماذا هذا المسدس أنت تفزعني
-لقد حاولت لكن لا يوجد أي شبكة هنا ... حظ سيئ ! والمسدس هو تحسب لأي هجوم من الحيوأنات المفترسة المنتشرة هنا !! وضعت يدها على قلبها في حركة خائفة ارتعبت خوفاً من احتمال قضائهم ليلتهم في السيارة إلى حين وصول النجدة ..نزل من السيارة من جديد وعاد إلى محرك السيارة محاولاً إصلاحه للمرة الأخيرة
بقيت جالسة في مكانها دون النطق بحرف واحد ...بعد مرور عشر دقائق..فتحت باب وترجلت منها السيارة
وجدت ضرغام ما يزال يحاول إصلاح سيارته واضعاً المصباح اليدوي في فمه ..اقتربت منه وأخذت المصباح وأمسكته له لتضيئ له المكان ..استمر في العمل دون أن يعيرها أي اهتمام .قالت له مازحة
_يبدو أن شركة سيالجوده الممتازه ..سيارتك تعطلت
ضحك ضرغام من ممازحتها وقال بصوت ضاحك وهو منكب على العمل
_هذا ليس دليلاً على عدم جودة سياراتنا ..العطل في السيارة هو بسبب الحراره العالية وعدم وجود مياه لتبريد المحرك والقيادة المستمرة دون التوقف أدت إلى كل هذا..
-مالذي سوف نفعله الآن هففف ..زفرت بضيق وهي تجلس على الأرض
يبدو أننا سوف نقضي ليلتنا هنا ..._
_تباً لهذا الحظ ..شتمت ناز هي الأخرى بضيق
_________________
الرجل يحب المرأه التي تدلعه وتحسسه بأنوثتها ..إذا بردت العلاقة الزوجية فما عليك سوى استرجاع الأيام القديمة لكم وكيف كنتم تقضوها ...ارتدي له الملابس الجميلة والمثيرة .,,تعطري ...وتزيني ولا تبخلي عليه بكلمات الحب والغزل ..اهتمي به كما تهمتين بالطفل ..لا تعاندي كثيراً فالعناد يهدد جسور التواصل بين أي اثنين يحبان بعضهما ..كوني صبوره ..
تذكرت سهى كلمات والدتها على الهاتف وقررت تطبيق كل شيء بالحرف الواحد ...هذه آخر فرصة لإنقاذ زواجها من الضياع ..وإنقاذ ابنها من التشتت إذا ما آل الأمر في الأخير إلى الانفصال ...
كانت عازمة على طلب الطلاق منه بسبب تصرفاته ...لكن لماذا الانهزام إذا بإمكانها على الأقل فعل شيء لتحسين الوضع ..هذه هي المعركة الأخيرة إما الفوز ..إما الخسارة والانسحاب
تأجلت حفلة سارة بسبب دعوة إحدى صديقاتها لها لحفلة أخرى فقررت تأجيل حفلتها لليوم التالي
ماكان من سهى إلى التفكير بعمل شيء ما لإرجاع سامر لها ...وتفتيت الصخور التي باتت تغلف قلبه وجعلت منه شخصاً عديم الإحساس وبعيد كل البعد عنها
لو كان الإهمال هو جل ما تشكو منه فسوف تغدق هي عليه بالاهتمام عله يقدم لهاا بعضاً من الاهتمام والحب في المقابل
عشاء رومانسي !! نعم نعم عشاء رومانسي لوحدهما سوف يحل قليلاً من العقد العالقة في هذه الفترة ..سوف تدوس على كرامتها قليلاً وتعتذر هي منه وتطلب الصلح في العشاء
قامت بتحضير الطاولة في غرفتها ..ياللخيبة لم تستطع أن تجعل العشاء في الصالة لأن حماتها سوف تتفنن في جعله عشاء مشاكل أخرى
وضعت الطاولة وفرشت عليها مفرش أحمر اللون وضعت شموع وقطفت وردتان حمراوتان من النباتات الموجودة في الشرفة والتي قامت بزرعها بنفسها
غيرت أغطية السرير والمخدات كنوع من التغيير في ديكور الغرفة ..عطرت الأفرشه بعطر الياسمين ووضعت أوراق ورود حمراء عليه
توجهت نحو المطبخ وقررت طبخ شيء يحبه ويفضله زوجها ..يخنة البازلاء الخضراء !! أكلته المفضله
توجهت إلى المطبخ وشرعت في تحضير الأكله ..انتهت من كل شيء ووضعت اللمسات االأخيرة على الأطباق المشهيه ..احست بالغثيان من رائحة الطعام ..ضغطت على نفسها وأكملت الطبخة ...ووضعت البطاطا المسلوقه على جهه أخرى وغطت الطبقين حتى لا يبردا
وضعته كل شيء فوق الطاولة ورتبت الصحون والأطباق ...خلد مصطفى إلى النوم مبكراً وكذلك فعلت حماتها فانتهزت الفرصة واستحمت لفترة طويلة ..استعملت عطره المفضل الذي لطالما أحبه عندما تضع هي ..خرجت من الحمام جففت شعرها وسحرته وتركته مفتوحاً ..ارتدت ثوباً أحمر اللون ..طويل جداً وذو فتحة طويلة تمتد مع طوله .. ياقته وقحة جداً ومستفزة ..سوف تجننه اليوم بالتأكيد .. سمعت صوت الباب الخارجي يقفل ..ها قد وصل سامر !! أتى متأخراً إلى البيت كالعادة ..كان يخرج طويلاً في الآونه الأخيرة ولا يعود إلى النوم متحاشياً التكلم معها
دخل إلى الغرفة فانذهل من الجو الرومانسي المحيط بالمكان ..دخل الغرفة وظل ينظر إلى كل شيء مشدوهاً ..وتسلسلت رائحة الأكل الزكية إلى أنفه فتقدم من الطاولة ببطئ
أحس بيدين تحتضانه من الخلف ...لم يتحرك بل ظل على نفس وضعيته وهي تحتضنه وتضع رأسها على ضهره
-لماذا كل هذا ؟ هل دخلت الغرفة الخطأ أو ماذا
أجابته وهي تبتسم مبتلعة سؤاله الغير لطيف أبداً
_وهل يجب أن تكون هناك مناسبة لكي نحظى بعشاء رومانسي على ضوء الشموع مثل الأيام الخوالي ؟
استدار وظل ينظر إليها باستغراب فمدت يديها وأنزعته سترته ..وبعد ذلك فتحت أزرار القميص ووضعت يديها على صدره وهل تجول بنظراتها عليه وقالت بصوت هامس
-قم بتبديل ملابسك حتى نتناول عشائنا معاً ...
توجه نحو الحمام اغتسل وخرج بعد خمس دقائق ...جلس على الكرسي فجلست هي أيضاً وفتحت الغطاء عن صحن اليخنة لتتصاعد الأبخرة عن الطعام
نظر بفرح إلى الطبق وقال لها
_أكلتي المفضلة ...تبدو شهية جداً
سكبت له في صحن عميق ووضعت البطاطا مع اليخنة ووضعت له السلطة على مقربة منه فالتهم طعامه بسرعة كبيرة
_سلمت يداكِ ! لم أذقها منذ فترة لذيذه جداً مثل اليد التي قامت بصنعها ..ابتسمت له بدفئ
قامت بحمل الأطباق متعمدة الإنحاء أمامه بشكل جعل مفاتنها تظهر له ..ابتلع ريقه بصعوبة ..ولم يستطع رفع عينيه عنها وقال ..هيا احملي هذه الصحون بسرعة وعودي ... تسللت على أطراف قدميها لتخرج إلى المطبخ حاملة الصحون ..وضعتهم بحذر وعادت إلى غرفتها راكضة ..
↚
وجدت سامر ينتظرها هناك ...فور إغلاقها للباب ..وعلى وجهه ابتسامة لعوب ...
أعتقد أنك تمزح أليس كذلك ؟
استدار ضرغام بسرعة وترك الحقيبة التي كان يحاول إخراجها من صندوق السيارة
_هل ترين في هيئتي شيء ما يدل على المزاح ؟
قالت له وهي تبلع ريقها وتوجه نظراتها نحو الأفق البعيد
-لكن كيف سنقضي ليلتنا في كوخ يبدو أنه سوف يقع في أي لحظة !!
أجابها بعد أن أخرج الحقيبة وعدة أشياء من الصندوق وأغلقه بقوه وأقفل السيارة
-ليس لدينا حل آخر ..الطريق مقطوع ولا يوجد شبكة اتصال وحل الظلام ...سوف نذهب إلى ذلك الكوخ ...وأشار بيديه نحو الكوخ البعيد ..
مشى إلى الأمام وهي مازالت مسمرة في مكانها
_اتبعيني أو اقضي ليلتك وحيدة في الشارع ..تسلسلت إلى بالها صورتها هنا تقف وحيدة في الظلام المخيف ..تنبهت أنه أصبح بعيداً جداً فركضت خلفه
للحاق به متعثرة بمشيتها تابعة إياه بصمت ..عندما يهدد بشيء ينفذه فوراً !! ...وصلو إلى الكوخ الذي كان قديما جداً ومهجورا ..فتحو الباب بحذر ..وجدو أكوام من القش ومن رزم الجرائد القديمة التي تعود لثمانيات القرن الماضي
جلس على الأرض الملئى بالقش فجلست بلقرب منه ..بدأ الجو بلبرود وسمعت صوت عواء حيوأنات في الخارج فحمدت ربها أنهم سوف يقضون ليلتهم بأمان هنا..ارتعدت من البرد القارس ..لاحظ بردها فقال لها
_لماذا لم تحضري معطفك ؟ يبدو لي أنك على عداوه مع المعاطف ...قال جملته ليذكرها بتلك السفرة المشؤومة وكيف أعطاها معطفه لتتقي شر البرد الأوربي القارص ..قالت له متعمدة إغاظته
-ولما أحمل معطفاً ما دام هناك رجالاً نبلاء يقدمون معاطفهم لي !!
ارتفع حاجبه بسخرية ولم يرد عليها بشيء
أخرج الشطائر التي أعدتها سهير من العلبة .. والتهم الشطيرة بلقمتين فقط ! بينما استغرقت ناز دقائق عديده لأكلها بلكامل ...أخرج ترمس الشاي وشربو منه عدة أكواب ساخنة ليدفئهم ..رغم مرور وقت طويل لكنه احتفظ بدفئه ..لكم تستمتع بشرب الشاي في الليل !!
_ضرغام
رفع رأسه بتوجس وكأنه يشك بأنها نادته باسمه بهذه الطريقة ....... التي جعلت قلبة يخفق بشده !!
وجدها تحدق به على شفتيها كلمات تريد قولها لكنها مترددة بعض الشيء!! ااستمر بالتحديق بها فنطقت أخيراً قائلة
_أريد طلب شيء لكن أرجو أن لا تفهمني بشكل خاطئ .. أرجوك !
لم يجب بس استمر بالنظر إليها بتساؤل
-حسناً كم كان من المفترض أن يكون راتبي عندما بدأت بالعمل لديك ؟
اجابها بتهكم مع نظره الساخرةعلى وجهه
_اذا كنت بحاجة للمال فلديك صلاحية للأخذ ما تريدين من حسابي ..! وسوف تستلمين بطاقة البنك قريبا
قالت له وهي تهز رأسها برفض
_لا لا !! لقد فهمتني بشكل خاطئ ليس هذا ما أريد
_مالذي تريدينه إذاً ؟
_حسناً ...أنا قبلت بالعمل رغم كل شيء فقط لأعيل أمي التي أتعبها العمل على ماكينة الخياطة ! حسناً أنا أريد راتبي الشهري لأعطيه لأمي وأختي الصغيره ...سكتت بعد أن خفضت صوتها مع كل جملة بالتدريج وهي تراه يقف من مكانه
ظنته أنه سوف يقوم بالصراخ في وجهها ...تقدم منها ولكنه أكمل تقدمه ليحمل أحد أكياس القش الكبيرة ويفرشها فوق القش الموجود مسبقاً وقال لها بهدوء
_لك ما تريدين ...سوف تستلم والدتك ما يكيفها ويزود ..
أشرق وجهها بابتسامة عريضة جداً ..طارت من الفرح لأنه وافق على طلبها دون إحراجها
فرش لها غطاء آخر قديم فوق القش على بعد من مكانه ..لا يريد أن تكون قريبة منه إلى هذه الدرجة فهو بالتأكيد لن يستطيح كبح جماح نفسه !
بدا وجهه متجهما وهو يقوم بعملية تصفيف القش لكي يصنع سريرا فقال اخيرا بعد صمت طويل
_حسناً نامي هنا وتصبحين على خير
تمدد هو فوق القش ونام على جنبه دون ان يكترث لها ..أحست ناز بالخوف الشديد من صوت العواء خارجا ..حاولت جهدها لكن محاولاتها بائت بالفشل ..القش ينغز جسدها ورائحته سيئة للغاية ..كيف استطاع هو أن ينام عليه هكذا ...أحست ناز بصوت خفيف بالقرب منها ..فتحت عيونها التي كانت تغمضها بشدة في محاولة للنوم لتبصر فأراً ينظر إليها وهو يحرك أنفه وشواربه بحركة سريعة
دوت صرخة عالية جداً تلتها صرخات قصيرة متقطعة وهي تقفز على القش وتضع يديها على أذنها وتصرخ
أمسكت بها يدين من الخلف بقوه وأدارها بقليل من العنف
قال لها وعلى وجهه ألف تعبير ...خوف ..فزع ..استفهام
_مابك يا امرأه لما كل هذا الصراخ
رمت نفسها عليه واحتضنته بقوة وهي تبكي بصدق وخوف
-فأر فأر فأر ...فأر كبير وبشع وشرير وعادت في موجة بكاء عاصفة قال لها وهو يبعدها عن صدره العريض للوراء قليلاً برفق
_كل هذا الصراخ من أجل فأر ...ظننت أن أفعى لدغتك !!
فزعت وتجهم وجهها وقالت له بصوت باكي
_يا سلام هل يوجد هنا أفاعي أيضاً !! أعدني إلى السيارة سوف أصاب بسكتة قلبية ..ضربت على صدره ضربات ضعيفة وهي تقول ..أعدني أعدني أعدني
ضحك ضرغام بأعلى صوته وهو يقول
_يالك من جبانة لقد كنت أمزح فقط ..تعالي نامي بالقرب مني ..سوف أحميك من الفئران !!
نظرت إليه ناز بتوجس وقالت
-تبدو لي أخطر من الفأر
ارتفع حاجبه في سخرية وارتسمت على شفاهه ابتسامة ساخرة وقال
_حسناًً لن أقترب منك ..نامي بسلام
نامت بالقرب منه لكنه كان يوليها ظهره قالت بصوت مرتعب
_ضرغام ..
_ماذا الآن ..مابك
_لا توليني ظهرك أنا خائفة
استدار ناحيتها ونظر إليها بعيون نصف مغمضمة نعسة
_حسناً ..نامي الآن
_ضرغام ..
_اووووف ..وماذا بعد الآن ؟
قالت له وهي على وشك البكاء
_مازلت خائفة !!
اقترب منها أكثر ووأصبح قريباً جداً منها
قالت وهي على وشك البكاء
_فأر كبير جداً !
اقترب منها أكثر ووأكثر
_كبير ومتوحش !
اقترب منها أكثر وأصبح لا يفصل بينهما أي شيء لفحت أنفاسه وجهها فقالت له وقد علت التسلية من امتثال ضرغام لرجائها المبطن
_قبيح ومخيف ومرعب
سحبها إلى حضنه بسرعة وكبلها بيديه واستقر رأسها على صدره العريض استنشقت عبير عطره بتلذذ ..اختلط عطره النفاذ برائحة جسده الرجولية ..شعرت بالدفء من الحرارة المنبعثة من جسده وغمرها الإحساس بالأمان من أحضانه الدافئة ..صدره وذراعيه أفضل من القش الخشن اعترفت ناز لنفسها وهي تتوسد ذراعيه القويتان وتغمض عينها وابتسامتها تشق وجهها ...
_____________________
دخلت إلى الغرفة لتجد سامر ينظر إليها وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة ماكرة لعوب المسجل مفتوح لتنبعث منه موسيقى هادئة وجميلة ..نفس الأغنية التي رقصوا على أنغامها في عرسهم
بدت عينيه شديدتي اللمعان وهو يقوم بفك أزرار قميصه ...خلعت روبها بإغراء وحط على الأرض وتكوم مكانه ..تقدمت بسرعة من سامر واحتضنته بنفس القوة التي احتضنها بها
-اشتقت لسامر يا سامر
كانت تشكو له منه هو وهي تطلب حبه ..تطلب أن يعودا كما كأنا
قال لها وهو يضع ذقنه على رأسها وهي تتوسد صدره العريض باسترخاء
-سهى الضغوط سوف تفجر رأسي ..كل منكم يريدني أن أكون مثلما يريد ...أنا في نار يا سهى لا أستطيع أن أغضب بوجه أمي ...لا أريد أن أرتكب معصية
-لكن أمك يا سامر تظلمني جداً وتخطئ دائماً بحقي ! ...أنت ترى ما تفعل ولا تحرك ساكناً
سكت قليلاً وهم يدورون في أحضان بعض وأخذ نفساً عميقاً وقال
_أعدك وعد يا سهى سوف أجعلها تترك البيت وهي راضية ..وبهذا تحل جميع المشاكل ..أنا أيضاً أريد أن أرتاح
شددت من احتضانه وهي تكاد تطير من الفرحة ..وأخيراً سوف تجد القليل من الاستقرار ..سوف تعود حياتها طبيعية كما كانت ...شكت للحظة أنه سوف يغير رأيه عندما تبدأ والدته بالاعتراض على الرحيل وسيطر عليها التشاؤم قليلاً لكن إحساسها أنبأها أنه صادق جداً في وعده
نظر إلى عينيها وهو يقترب رويداً رويداً من شفتيها ليتذوقها بتأني وببطئ وهو يتأوه بسعادة غامرة ..شعرت أنها سوف تحلق فوق النجوم فابتعد عنها قليلاً لتخسر الدفئ الذي كانت تنعم به
_أحضرت لك شيئاً !
تقدم نحو الخزانة الخشبية وفتحها وأخرج علبة من جيب سترته المعلقة داخل الخزانة
تقدم نحوها ونقف العلبة لكي تنفتح كاشفة عن سلسلة ذهبية يوجد في نهايتها إطار دائري ذو غطاء مليء بالنقوش الجميلة
-يمكنك أن تضعي صورتي فيه إن شئتِ
نظرت سهى إلى السلسلة الذهبية وامتلئت عينيها بالدموع من سعادتها قالت له بصوت باكي
_ياإلهي إنه جميل جداً ..
بدت الحيرة على وجهه وسألها بسرعة
-سهى ماخطبك لما تبكين إذاً ؟
-أبكي لأنه جميل جداً ولأنك أحضرت لي شيئاً في عيد زواجنا ..أنا سعيدة جداً بهذه الهدية ولن أخلعها أبداً
أخرجت السلسة وقالت له بحماسة تشبه حماسة الأطفال عند حصولهم على لعبة جديدة
-ساعدني على ارتدائه
استدارت ورفعت شعرها الأسود الطويل بكلتا يديها لتكشف عن رقبتها الطويلة
وضع السلسة حول رقبتها وأغلقها ...قبل رقبتها وهو يقول
_أستحق شيئاً على هذه الهدية
ضحكت وهي تستدير نحوه وهي تمسك القلادة بأصابعها
-مرت 4 سنين بسرعة كبيرة ...ومصطفى يكبر يوماً بعد يوم ..
عادت لذكريات ذلك اليوم القريب البعيد
وقفت بباب الشقة وهي تقول بتوتر
_سامر أنا لا أستطيع الدخول من الباب ساعدني
حشر سامر فستانها وأدخله من الباب دون أن يمس بضر ويتمزق
دخلت إلى الشقة التي كانت تعبق برائحة الطلاء الجديد ..كل شيء جديد وجميل ..أحبت كل شيء لأنها قامت بشراء كل شيء مع سامر واختارت كل شيء على ذوقها
↚
فجأه أحست بذراعين تلتفان من حولها ..حملها بسهولة ودار بها أرجاء المكان ...
-سامر كف عن هذا بدأت أشعر بالدوار
قال لها وهو يبتسم بخبث
_هذا ما أحتاجه حقاً ..
دخل إلى الغرفة وهو يحملها ..وضعها فوراً على السرير وأخذ يقبلها بجنون وهو يهمس بعبارات الحب والعاطفة الجياشة تنبهت لما كان يقوم به وأحست بالخوف والهلع مما هو قادم
دفعته بقوة فابتعد عنها ...امتقع وججهه وهو ينظر إليها
_ما الخطب !
قالت بصوت خائف مرتجف
_أنا ...أنا ..أنا جائعة ..أطعمني أشعر بالجوع الشديد
عاد ليقبلها من ذقنها وقال بهمس
_أنا أيضاً جائع جداً ...لا بل أتضور جوعاً
عرفت ما هو قصده فأبعدته برفق هذه المرة وقالت
_أرجوك سامر أنا جائعة جداً ..
ابتعد عنها وهو يتصنع الغضب ويبتسم في الوقت نفسه
_حسناًً حسناًً ..قومي سوف نأكل في المطبخ الطعام الذي أعدته والدتي
نهض وخلع سترته بسرعة ورماها بإهمال فوق السرير وخلع ربطة عنقه ورماها هي الأخرى أيضاً
توقف فجأه وهو في طريقة نحو المطبخ وقال
_هل تحتاجين لمساعدة في تبديل ثوبك ؟ قولي فقط وسوف أكون خير مساعد
قالت له وقد احمر وجهها
_ســـــــــــــــــــــــامر
ضحك بصوت عالي وبتسلية واضحه وهو يقول
-أمزح فقط ...
خلعت ثوبها بسرعة وارتدت الملابس المخصصه لها في هذا اليوم ...ارتدت الروب فوق ثوبها الأبيض الشفاف وخرجت إلى المطبخ ..لم تكن جائعة حقاً لكنها أرادت تأجيل الأمر المحتم فقط بسبب ارتباكها وخجلها
دخلت المطبخ وضحكت على الفور بصوت خافت وهي ترى سامر مشغول بتحضير المائدة وكأنه ربة منزل
-حسناً تفضلي يا عروس الطعام جاهز للالتهام
جلست قبالته ووجهها يشتعل خجلاً من نظراته التي كانت تلتهما التهاما ..
1
أخذت الملعقة وتناولت لقمة ....بصقت على الفور ما أكلته وهي تسعل من حرارة الفلفل الموجودة في الطعام
_ماهذا الطعام!! مليئ بالفلفل والملح
ارتبك سامر وتغيرت ملامح وجهه واختفت الابتسامة تماماً لتحل محلها نظرات مرتبكه
_حقاً وماذا به ؟
تذوق لقمة منه فتغضن وجهه وأخذ قدح الماء وشربه دفعة ..قال بصوت مرتبك
_لا بد أن خطأ ما قد حدث ..
أجابته بعصبية شديده
_بل قل أن والدتك فعلت ذلك متعمدة ...الآن عرفت لما أصرت على أن تقوم هي بتحضير العشاء بنفسها !!
قامت بسرعة ودخلت إلى الغرفة وجلست على السرير وهي تضم يديها إلى جسدها بغضب ووجهها معبس
دخل خلفها وقال فوراً
-سهى ...أنتِ لست جائعة بالأصل لماذا هذا الغضب
ظهرت التسلية على وجهه وهو يراها تزداد حنقاً وغضباً
تقرب منها وقال
_أنا مازلت جائع ..جداً
وانقض عليها مباغتاً إياها فارتدت إلى الخلف وهو فوقها وقال بهمس
_انتظرت هذا اليوم طويلاً يا سهى ..طويلاً جداً
قالت له وهي خائفة وترتجف
-سامر ...أنا ..أنا عطشى
ضحك سامر وهو يفك شرائط ثوبها الأمامية بسرعة وبحركات متخبطه وقد زادت سرعة تنفسه
_الماء مقطوع ..كفاك تحججاً
التهم شفتيها في قبلة طويلة حملتها إلى عالم السحاب ..إلى فوق حوطها حوطة بذراعيه لتلصق بجسده وينصهر الجسدان في حب عاصف...إلى ما أبعد من السحاب ...
عادت إلى أرض الواقع لتجد سامر يوزع قبلاته على وجهها ويستنشق عبير عطرها وهو يتنهد بتلذذ ..حمالة ثوبها الرقيقة الشفافة بيديه وأحست بالضعف يجتاحها ..تجمدت ولم تستطع فعل شيء ...رفع وجهها إليه بيديه الدافئة ..عاد ليقبلها بقوه هذه المرة ..أبعد نفسه عنها وقال وهو يلهث
-أظن أنه بمناسبة عيد زواجنا ..أن نحيي هذا العيد بنفس الطريقة
ضحكت سهى بسعادة وهو يحملها ويضعها على السرير برفق ويغيبا في عالمهم الخاص الذي ينسيهم الكون ومن فيه
_استقيظي !!
احست ناز بيدين تهزانها برفق ..فتمطت وهي تجلس من نومها وقالت بصوت ناعس
_أين أنا
جلست وشاهدت ضرغام يقوم بوضع كل شيء في الحقيبة التي كانوا يحملونها ..تذكرت ما حدث البارحة وكيف تعطلت سياراتهم وقضوا ليلتهم في هذا الكوخ المليء بالقش
-كيف سنواصل طريقنا
رمقها بنظرة حادة وقال بسرعة
-هناك سيارة تقف بجوار سيارتي ..أظن أنه زوج شهد ..هيا قومي بسرعة
نهضت ناز بسرعة وهي تساوي ملابسها وتنفض القش العالق بشعرها وبثيابها
لماذا يعاملها بجفاء الآن بعد التطور الجميل الذي حصل بينهم البارحه ؟
لحقت به بعد أن تركها وتوجه خارجاً من الكوخ ..لمحت من بعيد سيارة فضية جيب تقف بجانب سيارة ضرغام ..حمدت ربها أن النجدة أتت لتأخذهم من هذا المكان القاحل
مشت بخطوات سريعة أشبه ما تكون بالركض لأنها لم تستطع أن تلحق به
_____
_ناز ..تبدين هادئة جداً لم تشاركينا الحديث أبداً
نظرت ناز بسرعة إلى السائق الذي كان يقود السيارة بمهارة مرتدياً نظارات شمسية عكست ضوء الشمس الساطع بلمعة ذهبية
كان ابن خال ضرغام زوج شهد نزار .. يحدثها وهو ينظر إليها عبر المرآة
ارتبكت من سؤاله ونظرت إلى ضرغام وكأنها تنتظر التصريح منه على إجابتها لزوج شقيقته
قالت وهي تضع يديها على رقبتها في حركتها الشهيرة عندما تكون مرتبكة
-أنا متعبة من السفر ..وابتسمت بارتباك
ضرغام كان صامتاً هو الآخر فنطق أخيراً وقال
-ماهي أخبار شركة عمي؟
قال نزار وقد عقد حاجبيه بضيق
_مازال كما هو تماماً ...جشع جداً لدرجة مقززة ...يعقد صفقات ليست قانونية ويحاول تخريب علمنا دائماً ويكبدنا خسائر فادحة بألعابه الرخصية
تأفف ضرغام بضيق وبدا عليه أنه منزعج حقاً مما سمع للتو
أكمل نزار بانزعاج قائلاً
-ذلك الحقير ...مازال يعامل سجى كالعبيد ..بعد أن قام ببيعها لابن رحيم الأعرجي وطلاقها منه بعد فترة ..قام بضربها ضرباً مبرحاً بعد أن عادت إليه وهي تحمل ورقة طلاقها
حتى بعد أن زرناها في المستشفى قام بطردنا جميعاً في المستشفى مثيراً فضيحة كبيرة ...مازال كما هو يا ضرغام ولا أحد يستطيع ردعه أنا فعلاً أشفق على سجى
قبض ضرغام يديه بعنف وشتم بعنف ولمحت ناز العرق النابض في صدغه يبرز من شدة اطباقه لفكيه بقوه وغضب
أحست بطعنة من ردة فعله ..أحست بالذنب والغيرة في الوقت نفسه ..هل ما حدث لسجى هو بسببها هي ؟ كم حسدت سجى على استحواذها على قلب ضرغام لحد هذا اليوم
هو يريد الانتقام منها فقط لأجلها ..ولأجل سمعته وسمعة العائلة التي تأثرت من جراء ما حصل
إذاً سجى مطلقة !! لكن هل يعلم ضرغام بهذا ؟ ومتى تطلقت !
هذا يعني أنهم قد يعودون إلى بعض ويتخلى عن انتقامه منها !! لكن دهشت أنها لا تريد ذلك على الإطلاق ..أنا لا أحبه ولا أريد فراقه في نفس الوقت .في القصر الكبير الذي تسكن فيه عائلة ضرغام ..قصر فخم جداً ومطل على البحر ..العيش في هذا القصر يطيل العمر فعلاً ..فالمنظر المطل امام القصر يحبس الأنفاس ..مناظر جميلة خلابة لطبيعية ساحلية رائعة
بدت والدة ضرغام شاحبة جداً على عكس ما كانت عليه عندما جائت إليهم في الأسبوع الماضي المنصرم
_بني لقد قلقت عليكم جداً مالذي حدث
أجابها ضرغام بعد أن قبل رأسها بإجلال
_ تعطلت السيارة بنا في قارعة الطريق المهجور ولم نستطع التحرك ...اضطررنا أن نبات ليلتنا هناك
شحب وجهه والدته اكثر وقالت بذعر
-ياإلهي كل هذا حصل لكم ..الحمد لله على السلامة ..سلمت ناز عليها فاحتضنتها بحنان وهي تقول
_ماشاء الله عروسنا تزداد جمالاً يوماً بعد يوم ...أظن وزنك قد ازداد قليلاً
ضحك الجميع من مزحة والدة ضرغام ما عدا ضرغام وناز التي احمرت خجلاً وتراجعت للخلف قليلاً وابتسمت ابتسامة مرتبكة
أضافت أم ضرغام بحماس
-هيا ضرغام ..خذ زوجتك إلى غرفتك ..أنت تعرف الطريق جيداً ..لكن خذوا حذركم فالأسرة هنا ليست متينة
لم تعد ناز تتحمل هذا المزاح من العيار الثقيل فمشت بسرعة إلى خارج الصالة الكبيرة التي كانو يقفون بها ..تبعها ضرغام وقال
-اتبعيني ..حاولي حفظ الأماكن لأنك سوف تتوهمين كثييراً في أول الأيام
مشت خلفه من درج إلى درج ومن ممر إلى ممر ...يال هذا القصر الكبير الضخم ...فكرت بخوف كيف ستبدو هذه الممرات في الليل ..مرعبة ومخيفة جداً
فتحت أحد الأبواب ليدخلو إلى غرفة واسعة جداً ذات ديكور جميل وانيق جداً .
.تبعت ضرغام وهو يدخل إلى غرفته التي كان يشغلها عندما كان يسكن في هذا القصير المنيف ..احست بالخطر يقترب منها بسبب العودة إلى هذا المكان ..ربما ذكرياته وحنينه إلى هذا المكان سيجعله ينقم عليها اكثر لانها كانت السبب في ترك المكان
لكن لماذا بعد وفاة والده لم يعد إلى هنا؟ من المؤكد أن والدته رحبت بعودته إليهم ...مالسبب يا ترى
إنها سجى بالتأكيد أجابت ناز نفسها ..لا يريد أن يرى خطيبته مع رجل آخر في المدينة
تنبهت إلى ضرغام الذي أخرج منشفة وتوجه نحو الحمام ليغلق الباب خلفه ...رمت حذائها بإهمال من قديمها ورمت نفسها بسرعة على السرير
شعرت بالنعاس يغلفها ورحبت بالنوم الذي سيطر عليها وراحت في سبات عميق
خرج ضرغام من الحمام وهو يجفف شعره بالمنشفة التي كان يحملها بيديه بسرعة
رآها ممدة على السرير بتعب وكأنها طفلة عادت للتو من الخارج بعد قضائها طول اليوم في اللعب ..سمح لنفسه بالتدقيق في تفاصيل جسدها ..ابتلع ريقه بصعوبة وهو يرى قميصها قد انزاح قليلاً ليكشف عن جسدها الغض ..اقترب وهو يطيل النظر إليها ..تاق إلى لمس الجزء المكشوف من جسدها ليتحسس تلك البشرة المخملية
طرد هذه الأفكار من رأسه وقد قرر أن لا ينجرف نحو عاطفته تجاه هذه المخلوقة ..كان يؤكد لنفسه أنه لا يحبها ولا يريدها ..لكن لما تزوجها ؟ لم يعلم لما ولكن عندما رآها بعد أربع سنين من تلك الحادثة عادت إليه روح الانتقام التي قرر الابتعاد عنها
رآها سعيدة مع خطيبها الذي كان يحيطها باهتمام جميل وهي في غاية السعادة ...تذكر فسخ خطبته بسببها ونقم عليها وقرر أن يفعل كما فعلت هي !
هل حقاً أراد فعل هذا ؟ أم أن نفسه طمعت بها وبجمالها الخلاب ؟
لا تكن مراهقاً يا ضرغام عنف نفسه وهو يخرج من الغرفة حتى لا يقوم بشيء يندم عليه
______________
ركض مصطفى إلى والديه وهم يخرجون من الغرفة فحملته سهى بسرعة وهو يرمي نفسه عليها
أحست بألم شديد في ظهرها عندما حملت صغيرها الذي كان يضحك بسعادة كأنه أحس بسعادة والديه
كانت حماتها تراقبهم بعيون يقطر الخبث منها وترمي نظرات استهزاء نحو سهى التي كان خديها محمران جداً ويفضحان سر الليلة الماضية
قال مصطفى بصوت طفولي وهو يقبل والدته قبل سريعة ومتتالية على خدها
_ماما ..هل صحيح أنك بشعة ؟
نظرت سهى بصدمة إلى ابنها وهي تقول
_ماهذا السؤال ؟ هل تراني بشعة يا ولد
قال مصطفى ببرائة وهو يضحك
_لا بل جدتي قالت لي أنت جميل جداً تشبه والدك والحمد لله أنك لا تشبه والدتك البشعة !
ارتبك سامر وسعل وأخذ مصطفى من سهى وقال
_مصطفى لا يجوز هذا الحديث حبيبي
ضحكت سهى بتسلية وهي تتعمد إزعاج حماتها التي حاولت أن تشغل نفسها بأي شيء لكي تخفي ارتباكها بعد أن فضحها الصغير وفضح طرقها في محاولة تسميم تفكير الطفل
_كل يرى الناس بعين طبعه حبيبي
دخلت المطبخ وهي تضع يديها على ظهرها متألمة ولكنها حاولت إعطاء انطباع آخر لحماتها لكي تغيظها أكثر ...سوف تغيظها وتتجنبها في الوقت نفسه إلى أن تغادر البيت بسلام مثلما وعدها سامر
اليوم هو حفلة الآنسه سارة ...هذه آخر مره يدخلون بيتها ..أقمست أنه بعد بعيد رحيل حماتها سوف لن تسمح لهم بدخول بيتها وإفساد حياتها مجدداً ..عليها تعمير ما هدموه هم بحقدهم وغلهم تجاهها ..سامر هو زوجها ووالد طفلها وسوف تدافع عنه بكل ما أوتيت من قوة
ساعدت في إعداد طعام الحفلة والزينة لكي تثبت لهم أنها صاحبة المنزل وأنها تكرمت عليهم بعد أن دعتهم في بيتها وهي الآن تلعب دور المضيفة الجيده في بيتها فقط
وجهت لهم نظرات استحقار مستهزئه وهم يتهامسون من حولها ويشيرون عليها
سامر خرج من البيت لكي تستطيع النسون ارتداء ما يريدن في هذه الحفلة دون الحرج منه ..هي الآن في مواجههتهم جميعا لوحدها ولن تضعف أبداً وسوف تكون خير مضياف كي لا تشتكي إحداهن إلى سامر قلة ذوقها وعدم حسن ضيافتها لهم
بدت سارة جميلة في ثوبها الفضي الطويل وهي تدور به في أنحاء البيت وكأنه بيت أهلها وليست ضيفة فيه حاولت إغاظة سهى بشتى الطرق لكنها تجاهلتهم تماماً مصبرة نفسها بأنهم راحلون قريباً جداً
بدأت صديقات سارة بالتوافد إليهم وأحست سهى بالتعب الشديد من كثرة الوقوف في المطبخ وكثرة العمل منذ الصباح الباكر
ألم في ساقيها وظهرها ..ضغطت على نفسها وقررت أن تتحمل إلى أن ينتهي هذا الحفل لكي تعود إلى غرفتها وترتاح
لكن الألم ازداد والصداع بدأ ينخر في رأسها نخراً
وصلت إلى أنفها رائحة فطائر السبانخ وبقية أرياح الطعام فأحست بغثيان شديد وذهبت مسرعة الحمام لكي تفرغ ما بجوفها وهي ترتجف وتحس أن روحها على وشك الخروج من جسدها
مسحت قطرات العرق التي غطت جبينها وقامت من على أرضية الحمام التي انهارت عليها من شدة إعيائها وهي تتنفس بضيق وتحس بألم في معدتها وأسفل بطنها
غسلت وجهها بالماء البارد علها تستعيد القليل من نشاطها وبقيت مخفضة رأسها وهي تتنفس بصعوبة وتأن من الألم
فجأه خطرت ببالها فكرة جعلتها ترفع رأسها على الفور لتنظر إلى نفسها بالمرآة بصدمة
هل من المعقول أن يكون ما تفكر فيه صحيح !
وضعت يدها على بطنها لكي تؤكد لنفسها شكوكها ...
-حامل!! همست بضعف وفرح وهي تتحس بطنها ..أحست بسعادة غامرة وخوف في الوقت نفسه
في حملها بمصطفى تعذبت جداً وكادت تفقد حياتها عندما أنجبته
بنيتها النحيلة لم تستطع أن تتحمل حمل طفل في أحشائها ..ولد مصطفى بعملية قيصرية خطرة مرت ساعاتها على سامر وعلى أهلها كالدهر ..بقو قلقين حتى بعد خروج الصغير من رحمها لأن حالتها الصحية بقت غير مستقرة بعد العملية
بعد أن استفاقت وعادت لها عافيتها قليلاً أخبرها سامر وهو يحمل طفلة وبكره بين ذراعيه أنه لا يفكر بتكرار هذه التجربة مجداًا بسبب قلقه وخوفه من احتمال خسارتها ..أو تعريض حياتها للخطر.لم يخلى الأمر أيضاً من انتقاص والدته وشقيقاته لها بأنها غير كفء لحمل طفل في رحمها وأنها زوجة غير جيدة وخصبة وغير قادرة على منح ابنهم الكثير من الأولاد
رغم كل هذا فرحت فرحاً شديد بالقادم الجديد الذي سوف يأتي إلى العائلة ..تمنت أن تكون فتاة هذه المرة وأن تملأ عليهم البيت بمشاغباتها مع أخيها الكبير
رسمت صورة لهم في المستقبل سوياً وكم فرحت بهذا الإحساس السعيد الذي يغمرها الآن وقررت أن تذهب إلى غرفتها لكي تتمدد على ظهرها وترتاح ولا ترهق نفسها بعد اليوم
وضعت يدها على بطنها وخرجت من الحمام وهي تبتسم لتدخل إلى غرفتها دون أن تلمح زوج العيون اللذان كانا يراقبناها دون أن تعلم ...
رأتها سهاد وعرفت فوراً ماخطبها وذهبت راكضة إلى والدتها وهمست في أذنها قطبت حاجبيها وتتغير ملامحها على الفور لتسقط كأس العصير من يدها ..ليتحول إلى أشلاء صغيرة انتشرت في كل مكان ..كما ستتحول حياة سهى
↚
هتفت شهد بفرح وهي تلمح ناز تتقدم نحوهم وعلى شفتيها ابتسامة باهته وسمات النوم الطويل مازالت على وجهها المحمر خجلا ..استغرقت في النوم حتى وقت متأخر من العصر واستقيضت بعدها لتجد الغرفة التي بدأ الضلام يتسلل اليها بعد غروب الشمس ..وجدت المكان ساكنا وموحشا ..احست بالخوف من البقاء وحيدة في الغرفة فارتدت ثوبا صيفا قصيرا احضرته معها بسرعة واعادت تزين وجهها بسرعة اكبر ونزلت وهي تدعو ربها ان لا تتوه في طريقها في النزول الى الطابق السفلي في تلك الممرات والدهاليز ذات الانارة الخفيفة التي تشبة ممرات قصص وافلام الرعب ...
-مساء الخير قالت ناز وهي تنضر بحيرة نحو الوجوه الغريبة الموجوده حول الطاولة الخشبية في الشرفة الواسعة ..
قالت والدة ضرغام بششاشة ..
_تعالي ناز ..هؤلاء اولاد اختي روعة جائوا لكي يسلموا على العرسان بعد سمعوا بخبر وصولكم بسلامة ..
اعتلت حمرة خفيفة خدي ناز وهي تمشي بارتباك لتجلس جانب زوجها الذي كان يضع قبضة يده تحت ذقنه ..ينضر الى البحر نضرات صامتة دون ان يلتفت نحوها حتى
تعرفت ناز على جميع افراد اسرة الخالة روعة بمن فيهم الخالة نفسها التي كانت نسخة طبق الأصل من اختها الكبيرة ....نفس الملامح الودوده ونفس النضرات الحانية التي تخص بها اولادها والجميع
قالت شهد التي كانت تجلس بجانب نزار ممازحة شقيقها الاكبر
_ضرغام ...اين سرحت زوجتك هنا يا رجل
استدار ضرغام بسرعة ليجد ناز تجلس بجانبه منكمشة على نفسها تضع يديها في حجرها مبتسمة .. كان فعلا شاردا وبغير عالم بعيد جدا عنهم لكن قدوم هذه المرأه الجالسة بجانبه جلبت كل اهتمامه الى هذا المجلس ...
نهرت ام ضرغام ابنتها بتسلية وهي تقول
_شهد كفي عن ازعاج شقيقك
اجابتها شهد وهي تضحك
_امي انا احب ان امازحه انا مشتاقه له فعلا ولا اصدق انا اجتمعنا من جديد انا فرحة جدا ..عاد الينا ومعه عروس رائعة مثل ناز
نضرت ناز الى ضرغام فوجدته يرمقها بنضرات مبهمة وعلى وجهه نضرة تدقيق في ملابسها نضرة غير راضية ابدا..يبدو ان قصر ثوبها لم يعجبه ولكن مالخطب فالجميع هنا يرتدون مثل هذه الاثواب بسبب الحر والرطوبة .. لا تهمني نضراتك ..قالت ناز في سرها وهي تشيح بوجهها عنه
قالت شهد مكملة حديثها
+
-هيا فلنذهب الى الشاطئ جيمعا احس برغبة في الرقص والغناء والقفز على رمال الشاطئ المبلله
اجابها ضرغام بعد صمت دام طويلا ..-شهد الا تنضجين ابدا ؟ ضحكت وهي تقفز بمرح حول الطاولة وكأنها مراهقة صغيرة
-شهد لا تكبر ابدا ..هيا هيا ..فلنذهب الى الشاطئ .
رضخ الجميع لرغبة شهد وذهبوا الى الشاطئ ..تمشت ناز ببطئ منعزلة عن بقية الشباب الذين انشغلوا
بربط السماعات الاستريو ..رائحة البحر المنعشة وملمس الرمال الباردة تحت قديمها خدر احاسيسيها بالكامل ..باتت تتجول في عالم أخر بعيد كل البعد عن ضوضاء رفاقائها الموجودين على الشاطئ ..لكم تعشق البحر ورائحة البحر .
انطلقت اصوات الموسيقى الصيفية السريعة الجميلة التي تجعل اي شخص يرقص من فرط التأثر بالموسيقى والمعزوفات
رقص الجميع حتى ضرغام ..صدمت ناز وهي ترى ذلك الضرغام الصارم يرقص كما يرقص المراهقين ,يحوط خصر شقيقته الصغيرة تارة ..وتارة اخرى ابنة خاله عبير ذات الثمانية عشر عاما .. ..بدى ضرغام اصغر سنا وهو يضحك وشهد مندمجة في الرقصة معه .. تضحك وتقفز وتفتعل حركات مضحكه لاضحاك الجميع
ابتسمت على الرغم منها وهي تراقب المنظر هذا ..لكم هو وسيم عندما يكون فرحا هكذا وسعيدا ..كم اقمت نفسي لما سببته لك يا ضرغام
رقص الجميع ما عداها هي .. انكمشت على نفسها وذهبت بعدها للجلوس على احد الكراسي الموجوده بالقرب من المرقص ..
قالت عبير ابصوت عالي وهي تتعمد استفزاز ناز واغاضتها
_اووه ضرغام لماذا زوجتك لا تشاركنا الرقص ..ليس لأنها سمينة فقط تخجل من مشاركتنا الرقص بمرح ..
اشتعل غضب ناز عندما سمعت كلمات عبير المستفزه ..لابد انها تشعر بالغيره لان ناز ليست بسمينه ابدا بل جسدها جميل ومغري يجبر القديس على النظر اليها ..
توقفت الاغنية السريعة الايقاع لتبدأ اغنية اخرى ذات ايقاع شرقي ساحر يجعل من يسمعها يتخيل نفسه انه بطل احدى حكايات الف ليلة وليلة ...
تقدمت للأمام لتشق التجمع التجمع الصغير الذي كان متجمعا تحت المظلة المصنوعة من القش ..كان الجميع يراقبونها بنضرات مستفسرة لما هي مقدمة على فعله ..تقدمت نحو عبير التي ضنت ان ناز سوف تضربها بسبب نضرات الغضب الناري الملتمعة بعينيها الزمردتين لكنهم صدمو جميعا عندما اكملت ناز تقدمها وصعدت برشاقة فوق الطاولة الخشبية الكبيره المتينة الموجودة في اخر المكان ..رمت خفيها بحركة سريعة من قديمها فحطا على الارض الرملية
رمقها ضرغام بنضرة مبهمة فهو الآخر لا يعرف ما تنوي القيام به ..فور تغير ايقاع الاغنية الى دقات سريعة ذات نغمات ساحرة ..ابتسمت بخبث مستفزه ضرغامها الذي كان بدأ يرمقها بغضب لفهمه لما هي مقدمة على فعله
حركت جسمها ببطئ ..منسجمة مع الموسيقى ..امتزجت احساسيها مع الموسيقى لترقص برشاقة ومرونه وخفة ...وتناغمت مع الموسيقى المنبعثة من مكبرات الصوت وكانها احد هذه النغمات ...نضرت فقط الى ضرغام الذي تجمد وجهه وخلا من الابتسامة على عكس الجميع ...الذين كانوا يتطلعون اليها بعيون منذهلة
لكنها لم تلاحظ احدا غير ضرغام الذي كان يلتهم جسدها بعيون جائعة مع نضرة جامدة ..قاتلتي ترقص حافية القدمين !!!سوف ارقص على قلبك يا ضرغام وسأسرك هذه المرة وستكون لي الى الابد ..
رقصت وتحركت بخفة ..حتى انمار ابن خالة ضرغام ضل ينضر اليها بعيون معجبة ..ماهذا السحر الذي يحوطها ما هذه الانوثة الطاغية .
استمرت بالرقص دون ان تكترث بنضرات الجميع ..فقط ضرغام ما تصبو اليه وتتطلع اليه
لم يعد ضرغام قادرا على تحمل المزيد من استفزازها له بحركاتها التي حبست انفاسه وجعلت قلبة يخفق بشدة ...سمع صفير انمار لها ..فاشتعل غضبه
تقدم بسرعة وتسلط كما الاسد الذي سوف ينقض على فريستة ...كان غاضبا جدا لا بل يغلي من شدة الغضب
لم يعد يتحمل ان يرى نضرات الرجال تلتهما وهي تقوم بحركاتها التي تثير رغبة الجميع بجسدها المرن الراقص بخفة
سحبها من الطاولة بحركة غير مدروسة لدرجة انها كادت ان تقع على وجهها لكن يداه القويتان كانتا لها خير سند كي تستعيد توازنها الذي فقدته من حركته الغاضبة
جرها خلفه كمن يجر جاريته ...دخل الى القصر وهو مقطوع الانفاس من شدة غضبه ومن مشيه السريع
دخل غرفته ودفعها بقوة الى الداخل مغلقا الباب بعنف ... كادت ان تسقط ارضا لو لا تمساكها في اللحضة الاخيرة واستعادتها توازنها ..ارتدت الى الخلف بحركة خائفة وهي تمسد رسغها بألم وتنضر اليه بقلق
_هل اعتبر هذه دعوة مفتوحة لي وللجميع بعد عرض الاغراء هذا ؟
قالت بشجاعة لم تعلم من اين أتت بها وهي تشجع نفسها على خطتها الجديدة ..
-مالأمر يا عزيزي هل تشعر بالغيره من اهتمام او نضرات البعض بي ؟
واكلمت وهي ترفع يديها لتنضر الى اضافرها بحركة غير مكترثة ببركان الغضب الموجود امامها
_انا قمت بهذا فقط ردا على ابنة خالتك التي اتهمتني بالبدانة والتي اهانتني دون ان تحرك انت ساكنا !!
نضر اليها ضرغام بعد ان ارتفع حاجبه بسخرية كبيره
_ماهذا التطور الجميل والجريئ الذي طرأ على الصغيرة ناز التي كانت تنكمش خوفا عندما يصرخ احد في وجهها ؟ هل تحسين بالقوه الآن لأني لم افعل لك شيئا ولم اقترب منك ؟
اقترب منها وقبض على يديها من جديد
-انصحك بعدم اتخاذ هذا الموقف القوي من جديد لانك لم تري شيئا مني بعد ..اذا كنت متشجعة من وجود اهلي واقربائي حولنا فانا احذرك ..لم تري شيئا من شري يا ناز !! اتقيني كما تتقين النار ....واقترب من وجهها وقال بهمس يقطر خبثا
_واذا كنت بحاجة الى الاهتمام من الرجال لست بحاجة للرقص واغراء احدهم ...فانا هنا وعلى استعداد لسد حاجاتك الجائعة للرجال ...انت كغيرك من النساء لا تستطعن التخلي عن العلاقة الجسدية ويبدو ان هجري لك جعلك تبحثين عن فرص اخرى
↚
شهقت بقوة وواشمئزاز من كلامة الوقح الغير اخلاقي وقبل ان تقول شيئا
وضع سبابته على شفتيها وقال وهو يقرب وجهه اكثر واكثر منها
_هششش ..لا تقولي شيئا ..لا اريد ان اسمع صوتك ..انا اشعر بالاشمئزاز عندما اسمع كلامك
كان يكذب بالتأكيد فهو بدأ يحس احساسات غريبة تجاهها ..نسي انتقامة ونقمة عليها ..نسي جميع مخططاته لتدميرها نسي كل شيء
-على الاقل انا زوجك وانت ملك لي ..وانا رجل لي احتياجاتي لما الجآ الى الاخريات بينما انت موجودة ومستعدة جدا لتلبيتها ؟
دفعته بكل ما أوتيت من قوة وقالت وهي تلهث
-ايها الوغد ال حقير لن اسمح لك بالاقتراب مني ...افضل الموت على ان تلمسني انت ...انا اشعر بالاشمئزاز منك ومن لمساتك!!
ضحك ضرغام بقسوه وقال وكأنه يبصق كلماته
_حسنا لنرى مدى صحة كلامك
تقدم نحوها فرجعت الى الخلف بسرعة لتجد شيئا تحمتي به لكنه حاصرها على الجدار وانحنى ليقبلها فاغمضت عينيها واطبقت فكها بقوة وخوف
لكن في تلك اللحضة دق شخص ما على باب الغرفة
تعالت الطرقات على الباب واصبحت اكثر الحاحا بعد عدم اجابة الشخصان الموجودان في الغرفة
-ضرغام بني هل من خطب ما ؟؟
نضر ضرغام بغضب الى ناز التي كانت منكمشة على نفسها من شدة توترها وهي تضع يديها في حركة دفاعية خشية من هجومه عليها وتتنفس بسرعة وصوت مسموع
قال وهو مازال ينضر اليها
_لا شيء يا امي ..
اتاها صوت حماتها من خلف الباب وهي تقول
-هيا اذا سوف نتناول العشاء انزل مع زوجتك الى صالة الطعام
-حسنا نحن قادمون امي
قال لها بعد ان سمع خطوات امه تبتعد من الباب
_انقذتك امي هذه المرة اشكري ربك !..توجه الى الباب ليخرج من الغرفة غالقا الباب خلفه بقوه جعلت اوصال ناز ترتعد من شدة الخوف
هي ليست ندا لهذا الضرغام هو يستطيع تدميرها كليا ..ليس بيدها شيء سوى ايقاعه في سحرها وشباكها فهذه تبدو انسب طريقة لاجتناب شره وبنفس الوقت كسبه ..
عضت على شفتيها وهي تحدث نفسها . ..بدا غيورا جدا قبل قليل عندما رآني ارقص وهذه نقطة في صالحي ..حسنا سيد ضرغام العمري ..مرحبا بك في شباك ناز ..عدوتك سابقا حبيبتك قريبا
2
خرجت من الغرفة وهي تمشي بثقة كبيرة وابتسامتها لا تفارق وجهها قامت بقرص خدودها قبل الدخول الى صالة الطعام
دخلت الى الصالة لتجد جميع الوجوه تتطلع اليها وكأنهم يبحثون عن اثر لتوبيخ قاسي من زوجها او شيء اخر ...ابتسمت بشدة لتعطيهم انطباع اخر لما كانو يفكرون به وجلست الى جانب زوجها ...قامت الخادمات بتقديم الطعام ووضعة على الطاولة الطويله التي اتسعت لجميع افراد العائلة
ابتسمت ناز بخبث لضرغام الذي رفع حاجبه استنكارا لحركتها ..حملت صحنها وقالت بصوت يحمل الكثير من الرقة والنعومة وهي مازالت تبتسم
-ضع لي القليل من السلطة ..لا استطيع الوصول لها
بقي ينضر اليها باستغراب من حركاتها الغير مفهومه على الرغم من العاصفة التي حدثت قبل قليل في غرفتهم
قالت شهد كالعادة وهي تمازح اخيها
-ياعيني يا ليل على العرسان الجدد والرومانسيات السلطية
ضحك الجميع على مزحة شهد بمن فيهم ناز التي تصنعت الخجل
تناول الجميع عشائهم وهم يتبادلون اطراف الحديث حول عدة امور ماعدا عبير التي آثرت السكوت التام بعد ما حدث قرب الشاطئ
احست ناز ان عبير كرهتها بعد ما حدث بالقرب الشاطئ لكنها لم تكترث ابدا لها ...لديها هدف واحد الآن وهو قلب ضرغام المحصن بالاشواك ودرع الانتقام
بقيت تبتسم له طيلة الوقت ولم يملك هو خيارا اخر غير مبادلتها الابتسامات وهي يكز اسنانه بغيظ فاهما للعبتها المحتالة
توجه الجميع بعد تناول الطعام الى غرفهم لكي ينامو ...فور دخولها الغرفة قال لها بدون مقدمات وهو يخلع قميصه ليكشف عن جسده الاسمر المفتول بالعضلات
-ما هذه اللعبة الجديده التي تقومين بها ؟\
ادارت وجهها لخجلها من منضره وهو يقوم بتبديل ملابسه
ابتسمت وهي تجيبه
-اي لعبة يا زوجي
ضحك ضحكة قصيرة جدا وهو يكمل
_هكذا اذا لعبة الزوجة السعيدة ...هل تريدين جميع مستحقات الزوجة ايضا ؟
قالت لها وهي تستدير وتضم يديها الى جسدها
-لا ...شكرا لعرضك الكريم لست بحاجة له
حملت مخدتها واخذت غطاء ووضعتهم على الكنبة الكبيره في الغرفة ونامت عليها متحاشية النظر اليه او التحدث معه
تجاهلها هو الاخر تماما ونام على السرير وهو يفكر بشباك هذه المرأه التي بدت تسحرة وتشده لها
آنسة سجى لقد خرج جميع الموضفين وانتي الوحيدة الباقية هنا ! !!
رفعت سجى رأسها لتجد حارس الشركة يتحدث اليها وهو يحمل بيده مجموعة المفاتيح الحديدة الكثيرة
نضرت الى ساعة يدها لتجدها تشير الى التاسعة والنصف !! نسيت نفسها وهي تعمل لدرجة انها لم تحس بالوقت ابدا وهي تغرق نفسها بالعمل لتتجنب التفكير في شيء اخر قد يكدرها او يضايقها
حملت حقيبتها دون ان توجه اي كلام للحارس الذي كان ينتضر خروجها من الغرفة ليقوم باقفال جميع الابواب بعد خروج الموضفين
صعدت سيارتها الفضية وشغلت الموسيقى الهادئة وانطلقت بسرعة جنونية عائدة الى البيت ذو الجو الخانق ..
ضغطت الزر الموجود على الحائط القرميدي ففتح الباب الحديدي الكبير لتدخل بسيارتها الى الداخل
دخلت البيت وهي منكسة الرأس ..سمعت صوت والدتها وهي تناديها
_سجى ..لقد تأخرتي حبيبي ..تعالي شاركينا العشاء !
نضرت الى والدتها ثم الى والدها الذي كان يرمقها بقرف ولؤم
-لست جائعة اريد النوم
دخلت الى الغرفة وهي تحس بان هموم الدنيا كلها فوق رأسها ...تعبه جدا ..روحها مسلوبه ..رمت جسدها المتألم من شدة التعب على السرير ونامت وهي بكامل ملابس العمل
استقيظت في الصباح الباكر وقررت عدم الذهاب الى العمل اليوم لأنها لم تأخذ اي اجازه منذ فترة طويله ...سوف تخرج للتسوق وثم بعدها الى البحر لتجلس هناك وتشكي همها الى البحر صديقها الوحيد منذ الطفولة ..
ارتدت ثوبا صيفيا ابيض وصندلا ونضاراتها الطبية بالتأكيد التي باتت لا تستطيع الاستغناء عنها في الفترة الاخيره
خرجت من البيت وقررت الذهاب الى السوق مشيا على الاقدام لكي تتريض قليلا بعد خمولها وكسلها في السنوات الماضية المنصرمة ..
دخلت السوق خاوية اليدين وخرجت محملة بالاكياس الكثيرة سعيدة بما قامت بشرائه .. ر كالعادة اشترت الملابس التي تخص العمل فقط اسود رمادي ابيض لا لون اخر ابدا ..شعرت بالندم لانها لم تجلب سيارتها معها فالاكياس ثقيلة جدا لكن في النهاية قررت ان تكمل مشوارها
وصلت الى الشاطئ الذي كان خاليا من الناس في هذا الوقت الذي يكون الجميع متواجد في عمله ..كانت هناك قوارب قليلة وصيادين شبان فقط
تقدمت لتجد مكانا جيدا لتجلس فيه ..فجأه تعثرت باحدى الصخور الصغيره واختل توازنها لكنها تداركت الامر بسرعة ..حركتها المتخطبة جعلت النضارات الطبية تسقط من على عينها
انحنت بسرعة في محاولة لاالتقاط النضارات لكنها احست بجسد ينصدم بمؤخرتها من الخلف ليفقد التوازن هو الاخر ويقع فوقها لتسقط هي الاخرى وهو جالس فوقها
صرخت بانزعاج وهي تتخبط للقيام ودفع الشخص الذي كان مستقرا فوق ضهرها
-ياللهي اسف يا آنسة هل انت بخير ...قام ومد يديه اليها وهي مازالت ممده على الارض
نضرت اليه بغضب وصرخت على الفور
_هل انت اعمى !! الم ترني !! انضر كيف انكسرت نضاراتي ..تبا شتمت بضيق وهي تقوم متجاهلة يديه الممدوده اليها
نفضت الرمل الذي التصق بثوبها بضيق وانحنت من جديد لالتقاط النضارات التي انكسرت فور سقوطها هي فوقها
-لماذا هذا الغضب والقاء الشتائم ؟لقد قلت لك اني اسف وانتي من كنت تقفين بالمكان الخطأ الم تريني اني كنت اسحب حبل القارب لربطه هنا
نضرت اليه بغضب كبير جدا وقالت
_عليك تراقب طريقك جيدا في المرة القادمه هل فهمت
كان شابا مملوحا جدا ذو عينين سوداوتين وبشرة سمراء لوحتها الشمس لفترة طويلة ..يرتدي ملابس بسيطة جدا متألفه من تيشرت ابيض اللون وشورت قصير اسود اللون
تجاهلته وووجدت مكانا بعيدا عنه قليلا وجلست على الشمس مراقبة البحر بصمت تام
اقدم منها وقال لها وهو يمد يديه لها
-اعطيني نضاراتك وانا سوف اصلحها اذا كان هذا ما يزعجك
رفعت سجى رأسها بسرعة وهي ترمقه بنضرات ساخرة وقالت وهي تستهزأ به
-اشتري ملابس جديدة لك اولا ...كيف لصياد معدم مثلك ان يدفع تكاليف نضارات ثمينة كهذه !!
تجمدت ملامح الشاب ونضر الى الفتاة الجالسة على الرمال باشمئزاز واضح جعلها تنكمش على نفسها وتشعر بالندم من الحماقات التي قالتها قبل قليل
-الصياد المعدم على الأقل لديه اخلاق عالية جدا ولا يرد على المتعجرفين امثالك ..قد تكونين ترتدين ملابس ثمينة جدا لكنك ارخص مما ترتدية !
قال كلماته وانسحب مبتعدا ليكمل جر قارب الصيد بذراعيه القويتين
+
لم تتحمل سجى اهانته الصريحة بحقة ...قامت على الفور وقبضت يديها بحركة عصبية ..اخذت نفسا عميقا وتقدمت من ناحيته مجددا
دفعته من الخلف وهو يسحب القارب بلكتا يديها ليفقد القليل من توازنه ويفلت الحبل
-كيف تجرؤ على ان تقول مثل هذا الكلام بحقي هل جننت !! هل تعلم مع من تتحدث !
تنفس بعمق شديد محاولا السيطرة على غضبه الشديد
-مع من اتحدث بدر الزمان ؟ ام أميرة الساحل
اشتعل وجة سجى غضبا وحرجا ووجهت له نضرة نارية قبل ان تعود لتجلس في مكانها وهي تشتم بصوت خافت جدا
لم تعد تستطيع ان تتمتع بالاجواء الساحرة للبحر والشمس المشرقة بسبب توترها وبسبب تنغيص هذا الرجل المزعج الذي اثار غضبها منذ دقائق
فجأه تلبدت السماء بالغيوم بسرعة البرق تحولت السماء الصافية الى سماء سوداء تهدد بالمطر الغزير في اي وقت ...ارتبكت سجى من الغيوم فهي جائت الى هنا بدون سيارة ..شتمت نفسها الف مرة بسبب خروجها بدون سيارة ..رأت الصيادين الشباب يرجعون الى الأكواخ الخاصة بهم لأنهم عرفو انها على وشك ان تمطر ..ومن بين ذلك الشاب البغيض
احست بقطرة مطر تقع على وجنتها لتتبعها قطرات اخرى واخرى ..مشت بلا وجهة الى حيث كان الجميع يمشي ..نضر اليها الصياد الشاب بازدراء وهو يراها تقترب من كوخهم
قال بصوت عالي عندما رأها اقتربت بشكل كبير من الكوخ
-انضروا من هنا بدر الزمان واميرة الساحل قررت ان تتكرم علينا وتدخل كوخنا المتواضع ..ضحك الجميع مما قاله فاحست بالسخط والغضب منه ..
قالت وهي مازالت تتحدث بنفس لهجتها الآمره
_انا لم اتحدث معك اصلا فوفر كلامك لنفسك ايها المتحاذق
شهق جميع الصيادين الموجودين في المكان فقال احدهم وعلت ملامح الصدمة على وجوههم ماعدا الشاب طبعا الذي كان ينضر اليها وهم يبتسم نصف ابتسامة تعبر عن استهزاءه بها
-كيف تجرؤين على التحدث مع الرئيس بهذا الشكل
تراجعت على الفور وقد امتقع وجهها فقال لها قبل ان ترحل
-اذا اردتي الأحتماء من المطر والدخول الى هنا فعليك طلب هذا باسلوب لطيف ومهذب
سخطت من ما قاله وقالت بينها وبين نفسها انها لن تسمح له باالانتصار هكذا والتشفي منها ...استدارت على الفور لترى المطر قد ازداد غزارة وصار يهطل بشكل مجنون ..عرفت ان الخروج في هذا الطقس السيء هو ضرب من الجنون
استدارت ناحيتهم لتجدهم جميعهم ينضرون ناحيتها وهم يبتسمون
_حسنا هل تسمحون لي بالدخول والجلوس معكم الى ان ينتهي المطر
ضحك الجميع عندما دخلت بسرعة محملة بالأكياس وعلى وجهها ابتسامة خجولة حاولت وضع اكياسها في مكان ما
وبقيت واقفة في احد اطراف الغرفة
قال رئيسهم بسرعة وهو يراها تبحث في عينيها عن مكان تجلس فيه
-قم يا ماهر احضر كرسيا للآنسة
اجاب الصياد الصغير بسرعة
_حسنا يا غيث تستطيعين الجلوس في مكاني وانا سوف احضر كرسيا اخر ..دخل الفتى الصغير الى احد الغرف ليعود بعد دقيقة حاملا كرسيا اخر
جلست سجى على الكرسي وهي مرتبكة من نضراتهم المدققة بها ..اذا هذا المتعجرف اسمه غيث ..
ظل الجميع ينضر اليها وهي منكمشة على نفسها مشيحة بنضرها الى جهه آخرى ..فاحت رائحة الخشب المبلل وتغلغلت الى أنفها ..حاولت ان تجد شيئا تتسلى به الى حين انقضاء فترة جلوسها في هذا المكان
قال غيث لأحدهم
هيا نتناول الغداء انا جائع جدا :
بعد دقائق معدودة كانت الطاولة مليئة بالآطعمة وهم ملتفون حول الطاولة يتشاركون اطراف الحديث ويتناقشون بآمور العمل وكيف كان يوم الصيد هذا ..
قال لها غيث وهو يمضع الطعام
شاركينا الطعام يا آنسه ...صحيح ما هو اسمك ؟ :
نضرت سجى بريبة نحو الطعام الموجود على الطاوله والى الآيدي المتسخة والأفواه الكبيرة التي راحت تمضعه بنهم كبير ..احست بالجوع الشديد لأنها لم تتناول شيئا منذ الصباح
لا شكرا لست جائعة ..وجهه لها نضرة ساخرة أخرى لكي تزيد غضبها وحنقها منه اضعافا مضاعفة .:
هو يضن انها تشمئز من مشاركتهم الطعام ..هي بالفعل كذلك لكنها لم تشئ جرح مشاعرهم لأنهم كانوا لطفاء معها وسمحوا لها بالمكوث عندهم لحين انتهاء المطر
واسمي هو سجى !:
لم ينضر اليها احدهم بل تجاهلوها تماما وهم منشغلون بالتهام الطعام ..سمعت صوت زقزقة عصافير بطنها لتعلن بشدة احتجاجها على الجوع الشديد ..بعد انتهائهم من تناول الطعام توقف المطر ..تهلهلت اساريرها وهي تتجه نحو الباب ..فرحت بتوقف المطر وأخرجت الهاتف النقال بسرعة من حقيبتها ..نسيت امر السائق تماما !! كان بامكانها الاتصال به فورا ..
عم ياسين ..تعال الى العنوان التالي ..مالذي تقصده بأنك خارج المدينة ؟ ..اهاا ..اذا انت مع ابي ..اها ..مم حسنا سوف اطلب سيارة أجرة هذا خطأي منذ البداية ماكان يجب ان اخرج بدون سيارتي !! حسنا مع السلامة !:
انهت المكالمة وهي تتأفف بضيق من عدم قدرة السائق على الحضور اليها ..يالهذا اليوم السيء ..ادخلت الهاتف باهمال الى داخل حقيبة يدها ...وجدت الجميع يهم بالعودة الى العمل ..ذاك يحمل الشباك ..والآخر يحمل الحبال ..بينما ذلك الغيث استلقى على الأريكة ووضع قبعته على وجهه ..ليغط في النوم
استغربت لجوئه للنوم بينما البقية يعودون للعمل بنشاط كبير ..اي رئيس هذا الذي ينام هكذا بينما البقية يعملون بجد !
امضت 10 دقائق بالضبط تتصل بشركات سيارات الآجرة لتجدها مشغولة بسبب الموسم السياحي في البلد
تأفأفت بضيق وجلست على الكرسي من جديد ..خطرت ببالها
فكرة فقامت من جديد وتوجهت الى المكان الذي يسلتقي فيه غيث وقال له بصوت متوجس
-هل استطيع ان اطلب شيئا ما لو سمحت !! اكدت على كل حرف في الكلمة الأخيره حتى لا يضن انها تتحدث بتعجرف ويرفض طلبها
↚
رفع القبعة ونضر اليها بعيون ناعسة وقال بسرعة
-مالذي تريدينه ؟
قالت بارتباك من لهجته الجافة التي توضح انه لن يساعدها
-هل استطيع ترك اغراضي هنا واعود لأخذها في وقت اخر ؟ فانا سوف اعود مشيا على الاقدام وبيتي بعيد من هنا ولا استطيع حمل كل هذه الاشياء ..
ابتسم بود وقال لها
_لدي فكرة افضل !
هل انت متأكده من هذا الكلام يا سهاد ؟ !!
قالت سهاد وهي تهمس باذن والدتها التي كانت ملامحها الخبيثة متشجنه بسبب الصدمة والاخبار الصاعقة التي سمعت بها لتوها !!
-هذا كابوس قالت احلام *والدة سامر * بصوت عالي !! كيف يمكن ان تكون حاملا هذا يعني ارتباطا جديدا كبيرا بالعائلة ..هذا كابوس !
لهثت سهاد غير قادرة على السيطرة على غضبها ...-جل ما اتمناه هو رحيلها عن عائلتنا لقد غيرت اخانا وخلقت منه مخلوقا أخر ..انا اكرهها يا امي جدي حلا هذا الحمل ليس من صالحنا !!
قالت احلام بصوت خافت ..-نادوا سارة بسرعة فلتحضر الى هنا
سمعت نادية شقيقتهم ما كانوا يتهامسون به فقالت لها فورا
-امي يكفي هذا !! لماذا تخططين الآن ..دعي اخي يرتاح مع زوجته وكفاك تنغيصا لهم في حياتهم الا تفكرين بسعادة سامر ؟ !!
صرخت الأم بوجه ابنتها بغضب مفرط
-وما شأنك انت ! اسكتي لعنك الله يالك من فتاة عاقة
نهضو جميعا وتبعتهم سارة وقد ارتسم على وجهها المصبوغ بالزينه المبالغ فيها علامات القلق والتساؤل ّ!
-سارة قولي لي بصراحة انت تحبين سامر وتريدين الزاوج منه اليس كذلك !
قالت سارة والجمود يسيطر على وجهها وهي تجلس على الكرسي الصغير في المطبخ ..
-نعم يا خالتي ..انا احبه منذ كنت طفلة ..لكن تلك الــ...سرقته مني !
-حسنا افعلن ما اطلبه منكن ! بالحرف الواحد ..سارة اصرفي ضيوفك اولا !
عادت سارة بعد عدة دقائق وهي تبتسم بخبث مماثل لخبث خالتها واخبرتهم ان الجميع رحل
-حسنا نفذو ما اقوله لكم بالحرف الواحد
سهاد اصفعي سارة بكل ما أوتيت من قوه !!
صعقت سارة وكذلك سهاد مما سمعوه ...فاجابتهم مشجعة
-هيا نفذو ما اقوله ..الا تريدون الخلاص منها ؟ اصفعيها
صفعتها بقوه جعلتها ترتد الى الخلف وهي تضع يدها على خدها المتلهب وقالت بصوت متألم
_تبا لك لقد آلمتني
استطردت احلام مكلمة قبل ان تتحدث احداهما مجداا _بعثري شعرك بسرعة ..-وانت اذهبي الى الصالة وقومي بتخريب وتكسير كل ما هو موجود هما وبالأخص الطعام والاطباق ..وجهت كلامها لابنتها التي انطلقت على الفور الى الصالة ليسمعو بعها دوي تحطم اشياء بضجيج عالي تلاه صوت وهمهمات وصرخات قصيرة وتساؤلات صاردة من بقية افراد العائلة الجالسين في الصالة في استغراب مما يحدث
-ساره اعطيني هاتفك بسرعة واطلبي لي سامر !!
اعطتها الهاتف وهي لا تعرف مالذي يجري الى حد الآن
-سامر بني ..تعال بسرعة نحن لسنا بخير !! اغلقت الهاتف بسرعة بعد ان اطلقت شهقة بكاء مصطنعة .. تتوجهت الى الصالة .قالت لبناتها وهي تهدد
-اذا فتح احدهم فمه بكلام فارغ ..وقام بتخريب المخطط سوف يندم طوال حياته ! هل فهمتن !!
وقفت نادية على الفور وهي ترمق الكل باحتقار وقالت
-مالذي تخططون له !! انا لن اشارك في اي شيء من هذا لن اشارك في تدمير حياة اخي !! ..انا راحلة فورا !! حملت حقيبتها وخرجت صافقتا الباب خلفها بقوه
دخل بعدها سامر بعشر دقائق
ليجد الصالة في حالة فوضى وساره بدأت بالبكاء المصطنع فور ما رأته وكذلك فعلت والدته ..كل شيء مخرب ومبعثر وكدمة حمراء على وجهه سارة ..ووالدته تمسك بيديها وكأنها مكسوره
قالت متسائلا وعيناه ترمي النضرات هنا وهناك على الجالسين عل احد ما يجيبه
_مالذي حصل هنا ّ!! من الذي فعل كل هذا يا امي !!
مثلت البكاء امام وابنها الشاحب الوجه وقالت وهي تنتحب بقدرة عالية على التمثيل
-لا ارجوك يا بني لا تفعل شيئا لها ..
شحب وجهه سامر وكز على اسنانه بغيض
-امي تكلمي بسرعة قبل ان افقد اعصابي ...صرخ بعدها بصوت عالي جدا ...تكلمــــــــوا !!
قالت بصوت مرتجف وهي من داخلها تطير من فرط الفرحة والبهجة بانتصارها وتأثر ابنها بما رأي
-عليك ان تعدني بآن لا تؤذيها مثلما آذتنا هي ..لقد شتمتنا ..وكسرت ذراعي وانا احاول ابعادها عن سارة المسكينة التي كادت تلفظ انفاسها بين يدي تلك الــ ...ادار رأسه بحركة تنم عن نفاذ صبره ..تنفس بسرعة وبصوت مسموع وقال من بين اسنانه
_تكلمي ..هل هي من فعل ذلك ؟
قالت له وهي مازالت تمسك بيدها ..-نعم هي لكن بني استحلفك بالله ان لا تؤذيها سوف نترك البيت قريبا ... ...وقبل ان تكمل مشى بسرعة مكورا قبضتي يديه وضرب الباب الغرفة برجله لينفتح الباب على مصراعيه مرتطما بالجدار مصدرا صوتا قويا ...جفلت سهى التي كانت تضع السماعات في اذنيها ..اخرجتهم بسرعة وابتسمت فور رؤيتها لسامر ..سوف تخبره بالخبر السعيد
لكن مابه سامر ؟ لما هو عابس بهذا الشكل
قالت له وهي تبتسم بارتباك – عدت مبكرا حبيبي ...قبل ان تكمل ما كانت تريد قوله تقدم منها بسرعة البرق وامسك بها من شعرها الطويل جعلها تشهق بألم
-سامر هل جننت مابك !!
سحبها من السرير من شعرها سحبا .. لتسقط على الارض ..حاولت امساك يده التي كانت تقبض على شعرها بقوة لتخفف الألم وهي تصرخ بذعر وآلم ..اوقفها على طولها بسحبها من شعرها الى الأعلى لتواجهه
احست سهى بالخطر مما يفعله وان هناك شيئا ما غير صحيح !! مالذي يفعله هذا المجنون بها حاولت ابعاده لكنه زاد من شده لشعرها
-ابتعد عني ايها المجنون ماذا تفعل ...دفعها بكل قوته ليرتطم جسدها الضعيف بالجدار الموجود خلفها
رأت ان والدته وشقيقاته يقفن عند الباب ونضرة الشماته منحوته نحتا على وجوههم الكريهه ..لمحت ابتسامة سارة المتشفية قبل ان يرتطم رأسها بالجدار بسبب الصفعة التي تلقتها ..احست بالدوار بسبب قوة الضربة ..طفرت الدموع من عينيها بألم وهي تصرخ وتستنجد عل احد ما يساندها ويبعد هذا الوحش عنها
امسك بها من ياقة ثوبها وجرها فسمعت صوت تمزق الفستان من جراء حركته الهمجيه ..اخرجها خارج الغرفة ..احست ان قلبها سوف يخرج من بين ضلوعها بسبب سرعة ضرباتها ..اكتسى جبينها وجسدها بالعرق البارد بسبب التوتر قال لها بعد ان دفعها الى الصالة لتتعثر باحدى الطاولات المطروحه ارضا ..
-هل وصل حقدك الى هذه الدرجة ؟؟ تدمرين الحفلة ...ولم تكتفي بهذا كله ..جر سارة من ذراعيها ليقول
وهذه الكدمة على وجه ساره لما .يسبب غيرتك اليس كذلك ؟؟ وتضربين امي !! تضربين امي يا سهى ؟
احست سهى ان احدهم قام برميها من عمارة سكانية ذات 50 طابق لتسقط على الارض وليتحول جسدها وعقلها الى اشلاء !! هذه تمثيلة جديده من احلام ..لكنها هذه المرة خطيرة وغير قابلة للخلاص من خيوط شباك هذا الفخ الذي قامو بفعله
تصاعدت موجة الغثيان مع الغضب فصرخت بوجههم جميعا
-تباك لكم ايها الكاذبون ..كيف تقومون باختلاق كل هذا !! كل هذا من اجل ان اترك ابنكم الموقر ؟ فلتذهبي انت ايتها العجوز الشمطاء الحقيرة ..اشارت الى احلام واابنك وعائلتك الى الجحيم ..لا اعرف لماذا اتحمل كل هذا الضغط وهذه الاهانات والاتهامات الباطلة ...من اجل هذا المغفل الذي اسمه زوجي ّ!!
دوى صوت صفعة ليخرس سهى التي كانت تلهث من شدة توترها
-تشتميني وتشتمين امي امامي ...تقدم نحوها من جديد ..حاولت الفرار لكنه كان اسرع منها ..امسك بها بقوة اكبر هذه المرة
_انت لا تستحقين البقاء هنا ..هيا اخرجي ..تمزق جزء اكبر من الفستان هذه المرة ليكشف عن ملابسها الداخلية ..جاهدت لتخفي ما اضهره الفستان الممزق وهو يجرها نحو باب الشقة قالت له فزعة
-لن اخرج بدون ابني ..ابتعد عني
-عليك نسيان امر ابنك ..هيا اخرجي من هنا ..فتح باب الشقة ليدفع بها الى الخارج
لكنها تشبثت به كالغريق المتشبث بطوق نجاته ..وقالت وهي تبكي فزعة
-لن اتحرك من هنا الى مع ابني ..تبا لكم لقد دمرتم حياتي لا اسمح لك بحرماني من ولدي ..
حاولت سامر بكل جهده التخلص من سهى التي كانت ملتصقة بذارعه وهو يدفعها ....حاولت العودة الى الشقة لكي تأخذ مصطفى وتخرج لكن سامر باغتها بدفعة قوية جدا ارجعتها الى الوراء بقوة ..احست بفراغ خلفها وترنحت وهي تنضر بفزع الى وجه سامر الذي تغير من الغضب الى القلق ..حاول مد يديه لأمساكها قبل ان تسقط من على الدرج ..تحركت يداها بعشوائية محاولتا ان لا تسقط الى الخلف ..لكن لا جدوى
تدحرج الجسد الضعيف المملوء بالكدمات الممزق الثياب بسرعة على الدرج كما تتدحرج الكرة ليستقر في النهاية اسفل درج العمارة السكنية ..اصبح الرؤية مشوشة عند سهى ..لم تسمع سوى صرخة قوية مدوية باسمها وبسائل دافئ بين ساقيها وبألم في كل جزء من جسدها المنهك ..لتغيب بعدها في عالم الظلمات ...
+
-لقد قتلتها يا سامر !
مر كل شيء امام سامر كآنه فلم مسرع ..دفعه لها ..تدحرجها على الدرج الطويل الدرج الذي بات يراه ممتدا الى ما لا نهاية ..
استقرار جسدها على الأرض مرضجا بالدماء !!
-سهـــــــــــى !! صرخة واحده قوية ملتاعة لم تخلو من ارتعاشة صغيرة خرجت من فم سامر وهو ينزل الدرج راكضا هلعا مما حدث ..وجد جسدها جامدا لا حراك فيه ..وبقعة دم كبيرة تزداد توسعا تحت جسدها الساكن بلا حراك .. .. مالذي فعلته يا سامر !! ماهذا الجنون ..ما هذا الاجرام ..اين كان عقلي ..وضع يده المرتجفة على جبينه ..وهي ترتعش من بقوة .. لم يعرف ماذا يفعل ..كانا مصابا بفقدان للوعي وهو واقف يرى زوجته هكذا ميته لا وجود للروح فيها ..ارتجف جسده هذه المرة بقوة ..وهو يحس برائحة الموت تغلف المكان .. اغمض عينيه وفتحها بسرعة عله يرى شيئا اخر غير الجثة الموجودة امامه
_ياللهي سامر لقد قتلتها ..هتفت شقيقة سامر الصغرى وهي تنضر الى الجسد الساكن فوق الارض .. –خذها الى المستشفى بسرعة مالذي تنتضره هل وصل جنونك الى هذه الدرجة يا سامر !..استفاق اخيرا من غيبوبته على صراخ شقيقته ليجد جميع سكان العمارة السكنية قد خرجو من ابواب شققهم ونزلوا على الفور ليرو فلم الدماء النازفة من جارتهم فوق الارضية البيضاء التي تلونت باللون الاحمر القاني ..
-هذه المرآه تموت تحركوا وانقذوها ....سوف اخذها الى المستشفى بنفسي ..تقدم منها الشاب الذي هتف بكلمته وهو يرتجف من المنضر المروع ..لكن يدي سامر امتدت وابعدته بعنف عنها ..خلع قميصة وغطى جسدها الذي استحال الى لون اصفر شاحب بسبب نزفها المستمر ..برودة جسدها الخالي من الحياة جعله يهلع ويقوم بحلمها به بحركة سريعة ويداه مازالتا ترتجفان ...منطلقا بسرعة الى المستشفى ..عادت سارة بسرعة الى الشقة بعد ان راقبت ما فعله سامر قبل قليل ...دخلت الصالة لتجد خالتها تجلس على احد الكراسي وسط الفوضى العارمة ووجهها خالي من أي تعبير
نضرت سارة بهلع نحو خالتها وهي تقول بصوت مرتجف
_ياللهي خالتي ماذا سوف نفعل لو ماتت ..انا خائفة جدا من ان يكتشف سامر هذا ..لن يتزوجني ابدا ..لن يتزوجني
صرخت بها احلام وهي تحرك يديها بعصبية
-كل هذا بسببك وبسبب غبائك تبا لك ..هل ما تفكرين فيه الآن هو فقط الزواج ؟ نحن في ورطة كبيرة قد تدمرنا ...اذا ماتت مات السر معها واذا عاشت فنحن مكشوفون لا محالة ..في الحالتين سوف نتضرر لان سامر لن يسامحنا ابدا بسبب ما حصل وسوف يبقى يلومنا ويلوم نفسه ..هيا علينا الذهاب الى المستشفى حتى لا يشك في شئ ..زفرت بضيق وهي تنهض من على الكرسي الموجود في قلب الفوضى المنتشرة في كل مكان ...
-يسرى انت ابقي مع الاطفال ونحن سنذهب جميعا ..
____
قاد سيارته بسرعة جنونية ليصل الى اقرب مشفى... نضر في المرآه الامامية الى الجسد المسلتقي بهدوء في المقعد الخلفي ..شتم نفسه الف مرة على ما فعله ..اوقف السيارة بقوه لتحدث صوتا قويا من احتكاك الاطارات بالأرض ..فاحت رائحة الاطار المحروق المقيته في كل المكان ..حملها وركض نحو البوابة الكبيرة باقصى سرعته
↚
صرخ بكل ما أوتي من قوة وهو يدخل المستشفى حاملا اياها ..اجتمعت الممرضات حوله فزعين من الصراخ ومن الدماء المغطية كلا من جسديهما ..تناول الاطباء والممرضات جسد سهى منه ووضعوه في النقالة وادخلوها الى غرفة الطوارئ
قال الطبيب لاهثا وهو يدفع النقالة مع باقي الممرضات
-مالذي حصل بالضبط ماكل هذه الكدمات ..
تمتم سامر بصوت غير مفهموم وكلمات متقطعة وهو شاحب الوجهه
-انا ..درج..سقطت ..لم اكن اقصد ... ـأأا وقبل ان يكمل جمله الغير مفهومه والغير مترابطة وصلت النقالة الى غرفة الطوارئ
لتدخل الممرضات والاطباء واحد تلو الأخر مغلقين الباب بوجه سامر الذي انهار على ركبتيه امام الباب الأبيض المغلق ...
-__
-لا يوجد وسيلة تنقل افضل من هذه ؟
ضحك غيث باقتضاب وهو يقول
-يا اميرة الساحل عليك الرضاء بهذه الوسيلة الوحيدة المتوفرة والا عدتي الى قصرك سيرا على الأقدام
نضرت سجى بريبة الى الدراجة النارية ذات اللون الاسود اللامع ..دارت برأسها في كل الاتجاهات لكي تتأكد من عدم وجود احدهم ..
-حسنا ..لكن هل هي آمينه ؟
امتطى غيث الدراجة النارية بمهارة وقال لها وهو يشغل المحرك ليزمجر بصوت عالي ..
-تشبثي جيدا ولن يصيبك شيء !! اعطيني الأكياس
قدمت له اكياس مشترياتها بقليل من التردد وقالت له وهي تركب خلفه ..
_ارجو ان توصلنا الى البيت دون اعاقات او اصابات
ضحك غيث بكل قوته وهو يحرك الدراجة الى الأمام قليلا ..صرخت سجى عندما اختل توازنها فقال لها على الفور
-قل لك تشبثي بي ..هيا سوف ننطلق الآن
انطلقت الدراجة النارية بسرعة مجتازه كل الطرقات والتكتلات
الزحامية للسيارات بسهوله وسلاسه لصغر حجمها ..تشبثت به بكل قوتها ..رائحة جسده التي اختلطت مع رائحة البحر والرمال تغلغلت الى انفها ..تحسست عضلاته القوية من فوق قميصه الخفيف ..حبست انفاسها ولجمت احساسيها وواسندت رأسها على ضهره في صمت تام ..احست بـألم في خديها بسبب ضرب خصلات شعرها على خدها من سرعة القيادة والهواء الشديد
-ها قد وصلنا !
رفعت رأسها ببطئ وكسل وكأنها كانت في حلم ..شعرت بالخواء بسبب ابتعاده عنها ..نضرت الى القصر البارد المحاط بالأسيجة والاسلاك الشائكة الممتدة فوق السياج وكآنه سجن سياسي ..احست بالانقباض بسبب عودتها الى البيت ..لكم تمنت قضاء كل يومها هناك بالقرب من البحر ..بالقرب من السكينة ..البعيد عن الوحش الساكن في هذا البيت المليء بالحقد والجشع والطمع
وضعت يدها على ذراعها وتنهدت بضيق وعينها تمتلئ بوجع سنين طويلة ..تنحنح الشاب الواقف امامها لتستيقظ غفوتها الفكرية ناسيتا العالم حولها
ابتسمت للــ الغيث الواقف امامها ..نضرت مطولا لتلك العيون السوداء اللامعة الحنينه ..ابتسم لها بود قائلا
-حق التوصيل يا آنسة ..ارتبكت سجى وقالت له وهي تبحث في جيوبها
-آآه حقا انا اسفه لا احمل نقودا معي ..استعمل بطاقة الأئتمان بالعادة ..توقف قليلا سوف اعود حالا
اطلق ضحكة قوية وهو يقدم لها الآكياس جميعها دفعة واحدة
-كنت امزح فقط ..ركب دراجته بعد لوح لها دون ان يستدير ناحيتها ..رفعت يديها ملوحه بحركة بطيئة وعينيها مركزه على الدراجة التي استحالت الى حجم اصغر ..فاصغر ...الى ان اختفت في نهاية الشارع الطويل الخالي من اي كائن بشري ..
ما اجمل الفطور مع العائلة مجتمعة ..قالت شهد بصوتها الرقيق وهي تدير وجهها هنا وهناك وتوزع النضرات الودودة والنضرة الحانية التي ورثتها من والدتها ..رن الهاتف الوردي اللون الموضوع على طاولة الطعام ..حولت شهد نضرها نحو الهاتف لتتخفي ابتسامتها بالتدريج وهي تحملق برعب ..
تحرك بؤبؤ عينيها بسرعة في محجر مقلتيها بفرع وكأنها تنضر الى وحش ما مختبئ في الهاتف ..وزعت نضرات قلقة على جميع الحضور الموجودين حول مائدة الأفطار ..وبالأخص شقيقها الذي كان يصب الشاي لزوجته بحركة ضنها الجميع اهتماما وحبا ...تلقى ضرغام نضراتها وكآنه فهم شيئا ما مما يحدث ..تجمدت يده التي كانت تحمل ابريق الشاي الكبير على نفس الحركة ليفيض الشاي من الكوب الفنجان الصغير ..تنبه لصوت ضعيف يقول له
-يكفي حبيبي لقد امتلأ الكوب ..احس ضرغام بشعور غريب عندما قالت له حبيبي ..هل كانت تعنيها حقا ام انها جزء من التمثيلية ! ..
حملت شهد هاتفها بقلق وعيون الجميع عليها وهي تدخل احدى الغرف وتضع الهاتف على اذنها ..دخلت الغرفة لتجيب على المتصل بصوت لاهث
-مرحبا ..سجى !! تلقت صوت الشهقات والبكاء لتعلم ان سجى ليست بخير ابدا
تحدثت معها وحاولت الاستفسار عن ما يجري ..لكن صوت بكاء سجى المرير جعل كلامها غير مفهوم على قالت لها سجى بشكل مباشر انها تريد التحدث مع ضرغام وطلبت منها اعطائها رقم هاتفه ..رفضت شهد بشدة اعطائها الرقم وتوسلت اليها ان لا تحاول التحدث مع أخيها بسبب ما حدث في الماضي وانها لا تريد ان يؤذي عمها ضرغام او يقترب منه ..حذرتها ان اقترابها من ضرغام سوف يسبب للجميع مشاكل هم في غنى عنها ..وهو الآن متزوج وسعيد مع زوجته ...قالت لها سجى برجاء أخير وصوتها ينبئ بعاصفة بكاء مرير قادمة في الطريق ...ارجوك قولي له اني
بحاجة ماسة للتحدث معه ..ارجوك ..
-حسنا سوف اسأله اولا لكني لا اعدك بشي ..ابعدت الهاتف عن اذنها ببطئ وتناهى الى مسامعها شهقات سجى وانينها الذي كان يقطع نياط القلب ...نضرت الى الهاتف بحزن وهي تعتصره بيديها ..المشاكل قادمة في الطريق لا محالة
عادت لتجد الجميع منهمك في تناول الفطور وتبادل اطراف الحديث ..سألها زوجها من كان المتصل فقالت له انها الطبيبة تؤكد موعدها معها غدا ...لم تشئ على ذكر اسم سجى ابدا ..لان ذكراها في هذا المجلس سوف يجعل الجميع في حالة تكدر وتأهب بسبب الشؤم والمشاكل التي ممكن ان تجلبها معها من جديد
بعد الانتهاء من تناول الفطور ..غمزت لضرغام ليتبعها ..نضرت ناز الى الشقيقين المتجهين نحو الصالة الأخرى ...انبأها احساسها بان هناك شيئا ما ..لم تستطع كبح جماح فضولها وقامت بتتبعهم دون ان ينتبه احد ما
رمت سجى هاتفها بضيق وهي تشهق وتبكي بحرقة بعد ان انهت حديثها مع شهد ..رمت بجسدها على السرير والصداع يكاد يفتك بها ..تذكرت العاصفة الهوجاء التي حدثت البارحة بعد ان اوصلها ذلك الشاب الى البيت ..دخلت البيت خلسة وهي تمشي على اطراف اصابعها ..دعت الله ان يكون والدها مازال خارج المدينة ولن يلحظ عودتها
لكن صوته المقيت الصارم جاء ليبدد جميع آمالها الوردية بان يكتمل هذا اليوم بسعادة
-اين كنت الى هذا الوقت ...رفعت رأسها ببطئ الى اعلى السلالم حيث كان يقف هناك ..وجهه الصارم المتغضن اثار اشمئزازها ..تخيلت ما سوف يقدم على فعله بعد قليل ..هل سوف يضربها ..لم يهددها كالعادة بتهديداته التي تثير رعبها وهلعها
-كنت اتسوق ..
-هل ذهبتي للقائه ؟ قاطعها والدها بصرامة
-لقاء من ؟ اجابته وهي ترتجف
لا تكذبي ...لقد عاد الى المدينة ..اعلم انك ذهبي لرؤيته
-من الذي عاد قالت له باستفسار
اجابها وهو يهدر بغضب
-من غيره ..ضرغام عاد ..هل ذهبتي اليه ؟ هل تحدثتي معه سوف اقتلك ..هيا اعترفي !
ارتجف جسد سجى بقوة مما سمعته ..ضرغام عاد الى المدينه !! بعد طول غياب ..لكن تهديد والدها القاسي المترافق مع الخبر السعيد هذا جعلها تنكمش على نفسها ..نزل اليها بسرعة من الدرج ,..خافت كثيرا من تقدمة فركضت ناحية الطرف الأخر من الدرج لتصعد الى غرفتها ركضا ..لحق بها وهي تغلق الباب بقوة وتقفله بيدين مرتجفه .ركل الباب بقدمه فارتعدت وعادت الى الخلف وهي تضع يديها على اذنها حتى لا تسمع شيئا ..سوف يؤذيها لا محاله ..سوف يدمرها من جديد ..مثلما دمر طفولتها وشخصيتها سوف يقتل سجى الانسانه لكي يحصل على سجى التي يريد خلقها بنفسه كم جاهدت العقد التي تسبب بها والدها لها منذ نعومة اضافرها ...كم احتجزها وكم منعها من الخروج للعب مثل بقية الاطفال في عمرها ..كم ضربها هي ووالدتها التي اجهضت اكثر من مرة بسبب قسوته ...سجى هي الوحيدة التي قاومت وخرجت الى الحياة ...وياليتها لم تفعل ..ليتها ماتت كغيرها من الأجنه التي كانت في رحم والدتها ..شخصية والدتها الضعيفة لم تكن ندا لزوجها الظالم فلم تستطع شيئا لحماية ابنتها ...
_افتحي الباب والا ندمتي ...هدر غاضبا وهو مازال يضرب الباب بعنف مفرط
-هل ذهبتي للقائه ؟؟ ها ؟ قولي ..احذرك يا سجى انت تلعبين بعداد عمرك وليكن في علمك ..هناك رجل تقدم اليك ..ارمل ولديه ابنتان صاحب مصانع عالميه ..سوف تتزوجينه
شئتي ام ابيتي هل فهمت هذا .؟
شهقت بألم وهي تبكي بحرقة وتضع يديها على فهما بقوة ..عادت كوابيسها من جديد سوف يحبسها مع رجل لا تحبه مرة اخرى ليدمر الباقي من حياتها
بكت بصوت مسموع وهي تكسر جميع ماهو موجود على طاولة الزينه ..اصابتها موجة من الغثيان بسبب تذكرها لزوجها السابق وكيف كان يعتدي على جسدها بعد ان كانت ترفضه
مررت يديها على رقبتها وعلى جسدها فاركتاً كل. جزء فيه بقوة وكانها تريد محو كل اثر للماسته على جسدها ...هل سوف تعود هذه الايام السوداء للظهور على سطح حياتي من جديد !؟ مستحيل
تقدمت بسرعة الى احد الأدراج ..تعثرت بالسجاد الوثير المفروش على الأرضية ليرتطم رأسها بحافة الدُرج ...شهقت من الألم ووضعت يدها على موضع الألم ...أصيبت بجرح من جراء هذه الضربة ..تحاملت على نفسها وتحركت نحو الدرج لكي تفتحه بيديها المرتجفتين ..أخرجت العلبة البنية اللون من تحت الملابس الموجودة في الدرج ..ابتلعت حبتي المسكن دون ماء ..احست بطعم مرورة الدواء المقيتة
تمددت على الفراش و..
عادت بعدها الى ارض الواقع وهي تذكر كلمات شهد الرافضه لرجائها بلقاء ضرغام لتنهار في موجة بكاء اشد وامر هذه المره
اصوات خطوات سريعة تركض هنا وهناك ..اطفال مصابون ..نساء ورجال على وشك الموت ..اهالي يتراكضون خلف الممرضات علهم يتطمنون ..حوادث ..رائحة الموت تحيط المكان تعبق معها رائحة الدم التي تشبه رائحة الصدأ ...نضر سامر الى كل شيء وهو لا يزال غير مصدق ماحدث ..خرجت احدى الممرضات من غرفة الطوارئ فقز اليها متضرعا وهو يسألها بصوت هلع وكلمات لم يعرف يربطها بسبب فزعه وخوفه
-سهى ...زوجتي في الغرفة هل هي بخير ! ..طمأنيني ..
نضرت اليه الممرضة بغضب وهي تزوره
_زوجتك فقدت جنينها !! اثار الضرب واضحة جدا على جسدها ناهيك عن الرضوض والكدمات والكسور المنتشرة في جسدها ! هذه ليست اول الحالات في مشفانا ..وانا اكاد اجزم ان هناك مجرم فعل بها كل هذا
استدارت وتركته واقفا في مكانه متجمدا من هول ما سمع حاامل !!!!! ..لم تعد الرؤيه واضحة ابدا ..نضر الى يديه المجرمة وعيناه تفيضان بالدموع الساخنة التي جرت على خده الاسمر بسرعة ..لقد قتل ابنه بيديه ..انا مجرم ..مجرم
ضرب الحائط بيده دون الاكتراث للألم الذي ألم به من جراء لكماته المتواصلة للحائط الصلب ..استمر في ضرب الحائط وكآنه يعاقب نفسه ويعاقب يداه التان اقترفتا ابشع جرم في حياته ..حاول الممرضين والاطباء الموجوين في الممر الامساك به ..تلوى وهو يصرخ بصوت عالي ويبكي ودموعه تحجب الرؤية عن ما هو امامه ..ادمى يديه من شدة الضرب واستسلم بعد ان تعب ...جلس منهارا على الارض وهو يغطي وجهه بيديه الداميتين .....
-ياليتك لم تفعلي ما فعلته يا سهى .....كم انا غبي ..غبي ..لو لم تضربي امي ذلك الضرب المبرح ..ياللهي كيف فعلت هذا بك ..انا غبي ..غبي ..مرت الساعات طويلة وسامر مازال جالسا على على الارض منكسا رأسه ..
صوت رنين الهاتف ايقضة من غيبوبته ..نادية !! مالذي تريده هذه الآن ّ! رمى هاتفه باهمال على الارض وعاد لينضر الى الباب الابيض الكبير المغلق ..تعالى صوت رنين الهاتف من جديد بالحاح هذه المرة ...رفعه من جديد ليجد رقم نادية مجدد ..رمى الهاتف بعنف هذه المرة ليتحول الى اشلاء
مرت ثواني ..دقائق ..وساعات ..قبل ان يخرج الطبيب تتبعه مجموعة من الممرضات
-دكتور ..كيف حالها ..كيف حالها ..سأل الطبيب بلهفه وهو يتأمل ان يقول له شيئا يبرد نار قلبه ..لكن هيهات ان يفرح بعد فعلته الشنيعة ..حتى لو خرجت سهى من هذه الحالة
نضر اليه الطبيب مطولا وعلى وجهه نضرة ساخرة من اهتمام الزوج المزيف الذي جاهد لتصديق اهتمامه ..لكن الانسانة التي كادت تلفظ انفاسها الاخيرة بين يديه منذ قليل جعلته يريد ان يقوم بضرب هذا المغفل الذي اجرم بحقها بهذا الشكل ..
-كسور في الضلوع ..كسر في الساق ..رضوض في يديها ..نزيف داخلي حاد ..مالذي تريد معرفته اكثر يا سيد ؟
احس سامر بان احدهم قام بلكمه في معدته ..احس بالوجع والضياع ..احس بتأنيب الضمير ..بسبب غضبه الذي لم يتسطع السيطرة عليه في تلك اللحضات التي اطاح بها قلبه وحياته وروحه وزوجته ورفيقة دربه ..
-لو لا لطف الله لكانت زوجتك في خبر كان ..نزفت الكثير من دمائها ..احمد الله وصلي شكرا له لانها لم تمت
غرقت ملامحه بألم ثقيل وبحزن شديد مع كل كلمة ينطق بها الطبيب ..جلس على الأرض مجددا عندما لم يعد قادرا على تحمل المزيد والمزيد ..انا استحق الأعدام على ما فعلت !!
+
رفع رأسه بصعوبة الى الطبيب قائلا
↚
-هل استطيع رؤيتها ؟
-كلا الزيارات ممنوعة ..قال جملته المقتضبة ورحل على الفور ..
سمع صوت خطوات سريعة تقترب منه عندما رحل الطبيب ..رفع رأسه مجداا ليجد والدته وسارة وشقيقاته يركضون بسرعة للوصول اليه
-سامر هل هي بخير ؟ قالت والدته بقلق وتوجس وهي تراقب وجه ابنها المليئ بالدموع المحمر العينين ..وجه لهم نضرة باهته وهو يراقب سارة بالتحديد التي كانت ترتجف خوفا
-لقد فقدت جنينها ..شهق الجميع بادعاء واضح وهم يضعون يدهم على فمهم في حركة واضح بأنها تمثيل وليست حقيقة
قالت سارة بصوت مرتجف وهي تمثل الأسى والخوف
-ليتنا لم نثقل عليها في بيتها ..لما جن جنونها بهذا الشكل
نهرتها احلام بحركة من رأسها ونضرة غاضبه جدا ..جعلت سارة تلجم لسانها على الفور ..
اشتعل غضب سامر مما قالته سارة فقال وهو يجاهد على اخفاض صوته حتى لا يثير انتباه المارة
-هل هذا وقت حديثك الفارغ الآن ايتها البلهلاء !! ثم اني بدأت اشك بما حدث فعلا قل فعلت سهى هذا !! غادرو المشفى حالا قبل ان يثور غضبي من جديد !! غادرو ..تراجع الجميع بعد صرخة سامر الى الوراء ..فاشارت لهم احلام ان يخرجو جميعا وفعلت هي مثلهم تماما وغادروا المستشفى وهم قلقون مما هو قادم ..
بعد ساعة تقريبا ...جائت نادية الى المستشفى وهي تبكي وتلطم على خدها وعينيها حمراوتان من البكاء ...قام سامر من مكانة واحساس بالخدر والتنمل في ساقيه جعله يستند على الحائط
-مالذي جاء بك الى هنا يا نادية في هذا الوقت المبكر ..وضعت يديها على فمها لتمنع بكائها ونشيجها ..
-مالذي فعلته يا اخي ؟ مالذي فعلته بالمسكينة
احس سامر بخنجر في صدره بعد كلمات شقيقته ..ادار وجهه باتجاه الحائط وضرب رأسه به وهو يصرخ بصوت عالي
-هل هذا هو ما جأتي لتقولينه ..اذهبي من هنا يا نادية لست بحاجة لتأنيب احدهم ! ما فيني يكفيني ! اذهبــــــــــي
-عليك ان تسمعني يا سامر ..لقد ظلمت سهى ..عندما عدت الى بيتك عند طلوع الفجر ..احست بالغباء عندما رأيت الدماء تملئ المكان ودخلت الشقة لأجدها مقلوبة رأسا على عقب كرهت نفسي ..كان يجدر بي البقاء ومنعهم مما كانوا يحاولون فعله ...كل هذا بسببي بسببي ..وانخرطت في البكاء وتهاوت على احد الكراسي الموجودة في الممر
استدار سامر ناحيتها وقال بصوت جاهد لكي يجعله طبيعيا
-مالذي تقصدينه !! تمنعين من ؟ تحدثي بسرعة !
مسحت انفها باحد المناديل الورقية التي اخرجتها من جيبها وقالت وهي ترتجف وقد احمر وجهها من البكاء
-اعذرني يا اخي ..لم اكن اعلم ان جنونك سوف يصل الى هذا الحد لتؤذي زوجتك لهذا الحد ..
-تكلمي يا نادية بسرعة لان اعصابي قد تلتفت ولا اتحمل المزيد
استجمعت قواها واخذت نفسا عميقا وقالت ببطئ
-ما حصل في بيتك وتدمير الحفلة بالكامل كان بتخطيط من سارة ..وسهاد ..واكملت بصوت خافت ..وامي
لا اريد ان ازيد المشكلة ...لكني احس بتأنيب الضمير ..ما كان هذا ليحدث لو اني لم انسحب من تلك المهزلة ..كان يجب ان ابقى وادافع عن سهى ..لقد ظلمتها يا اخي ..ظلمتها
لم يعد سامر يسمع شيئا على الاطلاق احس بالصداع الشديد وبالغضب المستعر بسبب اعتراف شقيقته احس بالسفالة والنذالة لما قام به ..لم يعد قادرا على سماع المزيد ..تحرك باتجاه المخرج لكن يدا نادية امسكتا به باحكام وهي تبكي وتصرخ
-لا تفعل شيئا يا اخي استحلفك بالله ..لا تكرر خطأك مرتين ..سامر ..اطلقت صرخة باسمه لكنه لم يكن واعيا لما يقوم به توجه نحو الباب الخارجي ..وصل الى سيارته وفتح الباب بسرعة ليجلس في المقعد الامامي ..رائحة الدماء مازالت منتشرة في المكان ..رائحة الدماء الصدئة جعلت غضب سامر يزداد اكثر وهو يقود السيارة بسرعة جنونية اثارت غضب بقية السائقين المارين من امامه او بجانبه ..وصلت الى بيته في سرعة قياسية ..وجد احدى الساكنات في العمارة تقوم بتنضيف الدماء ..احس برغبة في لكم نفسه وتحطيم وجهه ..كيف صدقهم ؟ كيف أذى حبيبته سهى ..كيف ..كيف ..صعد الدرج بسرعة وغضبه يتزايد مع كل درجة يصعدها ..مع كل درجة تدحرج عليها جسد الحبيبة لتغرق في بحر دمائها بعدها ..
ركل الباب الخارجي بقدمة بقوة جعل جميع من في البيت يخرجون ليرون بركان الغضب المتمثل في سامر ..
-سهــــــــــــــــــــاد ...ســـــــارة ..امــــي ..تجهر الجميع امام سامر حتى الاطفال الصغار الذين بدا عليهم الرعب من منضر خالهم الغاضب
-زينب ...خذي مصطفى وبقية الاطفال وادخلي الغرفة ..تحركت الطفلة ذات العشر سنين بسرعة وادخلت اولاد خالتها واخوتها ومصطفى الصغير الذي كان يقول بصوته الطفولي بحزن
-اين ماما ..اين ماما
راقب سامر انغلاق باب الغرفة لينقض بعدها على رقبة سارة التي كانت تراقب هي الاخرى بشرود وجسدها يرتجف من الخوف
-ايتها الحقيرة ..لقد خدعتيني ..وانت ايضا ..تقدم نحو سهاد ليجرها هي الاخرى من ياقة قميصها ..ضرب رأسيهما مع بعض فصرختا من الألم وهما يترجيانه ان يتوقف ..
قالت سارة وهي تبكي من فرط ألمها بعد ان حول يديه الى شعرها ..
-حبيبي سامر ..وقبل ان تكمل دفعها بكل قوته باشمئزاز قائلا
-لا تقولي حبيبي ..من حبيب من !! تبا لك ايتها الحقيرة ..وانت الأخرى تقدم من سهاد ليهزها بعنف
-الم تفكري بي عندما فعلتي هذا ؟ هل وصل حقدكم على زوجتي لتدمروا حياتي
وانت الاخرى تقدم من والدته وهو يصرخ بصوت عالي
-راعيت الله فيك ولم اعص لك امرا ..لماذا كل هذا الحقد والضغينه ..لماذا ..لم تجب والدته بشيء
قالت له ساره وهي تبكي
-سامر لقد اخبرتني انك تحبني ...لقد كنا نتحدث على الهاتف مطولا ..هل نسيت ذلك
صرخ بكل ما آوتي من قوة هادرا
-لقد كنت غبيا !! غبيا .!! كيف افرط بالكنز الثمين لأذهب الى الحثالة امثالك ..
اخرجو من البيت جميعا ..هذا بيت سهى ..سوف اسجل البيت بأسمها وانتم غير مرحب بكم هنا ابدا !! اخرجوا ولا اريد ان ارى وجه احداكن في المستقبل
دخل الغرفة الصغيرة وخرج منها حاملا مصطفى
_انا عائد الى المستشفى الأن ..واذا عدت ووجدت احد منكم هنا ..سوف اقتله هل فهمتن !! لقد اصبحت مجرما ولا مانع لدي من قتل ودحرجة احداكن الآن على الدرج
خرجا صافقا الباب خلفة بقوة ...
دخل المستشفى وهو يحس بخدر في يده المصابة من جراء حمله الطويل لطفله الكبير الحجم ..لمح وجوها مألوفه تقف بالقرب من الغرفة التي ترقد فيها سهى صرخ مصطفى بفرح وهو يجاهد للتحرر من يد والده
_ خالي ..
كان عمر واقفا وهو يفرك جبينه بتوتر وطارق الذي كان يقطع الممر ذهابا وإيابا منكسا رأسه ..والدة سهى منهارة على احدى الكراسي وأختها تشد من أزرها وتخفف عنها ..حرر الطفل الصغير من سجن ذراعيه ليركض نحو خاله فرحا
_ اين ..ماما .اين قال مصطفى وهو يرمق الوجوه التي خلت من وجه والدته
رفع طارق رأسه المنكس لتتغير معالم وجهه على الفور عندما رأى سامر تقدم منه بسرعة وامسك به من ياقة قميصه
_ أيها المجرم الحقير الوغد كيف تتجرأ على القدوم الى هنا أيها الوغد كيف تؤذيها بهذا الشكل كيف ...وأنهى كلامه مع لكمة وجهها الى وجه سامر الذي لم يدافع عن نفسه أبدا ...تراجع الى الخلف وهو يمسح فمه المدمى ...امسك عمر بطارق وهو يقول له
_ يكفي انت تفزع الصغير ..هذا ليس المكان او الزمان المناسبين للشجار
_ يا ويل قلبي عليك يا بُنيتي ..شافاك الله وعافاك واعادك إلينا سالمة معافاة ..حسبي الله ونعم الوكيل عليك يا سامر ...حسبي الله ونعم الوكيل
ازداد بكائها ونحيبها وهي تضرب ركبتيها وتبكي بمراره على ابنتها
قال له عمر بعد ان تأثر بدموع والدته
- سوف أجعلك تندم على ما فعلت انت وأهلك يا سامر ...سوف أجعلك تندم على اليوم الذي ولدت فيه
لم يجب سامر بشيئ بل جلس وحده في مكان بعيد بعض الشيئ عنهم
لم يستطع قول شيء أبدا ...كيف يدافع عن نفسه وهو مجرم حتى في نضره هو نفسه ...لو ضربته والدة سهى بالحذاء لما اعترض على ذلك .احس بالحقارة والخسة والندالة !!
وهو يستحق كل ما سوف يحدث وكل ما سوف تجلبه فعلته الشنيعة
-_____________________-
فتحت عينيها ببطئ وألم ..اصبحت الرؤية امامها ضبابية ..اغلقت عينيها وفتحتهما اكثر من مرة حتى تتوضح الصورة امامها ..لم ترى سوى حيطان بيضاء .. ...آلام مبرحة غزت كل جزء من جسدها .. .حركت يديها ببطئ والوجع يزداد في يدها ..لم تستطع تحركيها لانها كانت مجبرة بجبيرة بيضاء ..لم تستطع تحريك رأسها بسبب الرقبة الطبية التي كانت ترتيدها ..حاولت تحريك يدها الثانية فمدتها الى بطنها لتتحسسها ..ازداد الألم هذه المرة اكثر في قلبها ...احست بالفراغ والخواء فعرفت انها فقدت طفلها ..افلتت منها شهقة قوية لتطلق العنان لدموعها بعدها ...انتحب بصوت مسموع والدموع مدارا على خديها ..
تنبهت والدتها الى صوت بكاء ابنتها ..كانت تقرآ كتاب الله عز وجل وتتضرع الى الله ان يشفي سهى مما هي فيه ..تحركت نحوها ..فوجدت وجه سهى محمر ومليئ بالدموع وهي تجاهد لتحريك رأسها لكن جميع محاولتها بائت بالفشل بسبب الاوجاع التي تهيجيت بسبب حركاتها المتخبطة
صرخت امها وهي تحاول تثبيتها بقوة في السرير
-سهــــــــــى حمدا لله انك استقيظتي ...يا قلب امك الحمد لله على سلامتك ..
ازداد صراخ سهى وبكائها هذه المرة ..
بكت امها معها وهي تقول
-لا تبكي يا حبيبتي ..الطفل ممكن ان يتعوض ..لكن صحتك وسلامتك اهم شيء يا طفلتي ..كفي بكائا انت تقتليني بنشيجك هذا ودموعك
نطقت سهى اخيرا بصوت مرتجف
-لا استطيع يا أمي ..لقد ذبحوني ..ذبحوني ودمروني ..آآآه يا أمي ..قلبي ينزف دما ..ياليتني لم اتزوجه وسمعت نصيحتك ونصيحة خالتي ..انا لم اعد اتحمل ..لا اريد ان اعود لذلك الكابوس ..خلصوني يا امي ..خلصوني من هذه المصيبة
تخبطت في فراشها وهي تضرب بيدها على الفراش ..احست والدتها انها على وشك الاصابة بانهيار عصبي ..خرجت من الباب لتجد ابنها ..وطارق يجلسون في الخارج منتضرين بترقب ..
-تعالوا لقد استيقظت وهي ليست بخير ..ابنتي سوف تضيع من يدي ..
دخل طارق وعمر بسرعة الى الغرفة ليجدوا سهى غارقة في بكائها ..تحول بكائها الى بكاء هستيري وازدادت حدة صرخاتها الضعيفة التي كانت تطلقها وهي تنتحب ..
دخل سامر بعدها الى الغرفة فقال بصوت متردد
-سهـــى ...
لم تستطع سهى رفع نفسها بسبب الثقل في رأسها وبسبب الكسور ..قالت بهلع عندما سمعت صوته وهي تجول بعينيها بقلق وبسرعة
-اخرجوه من هنا ...اخرجوووووووه صرخت بكل قوتها وهي تسعل بشدة من جراء صراخها ..تقدم طارق منه ودفعه بقوة الى خارج الغرفة
قال له من بين اسنانه ..
-ابتعد عنها ..اخرج من حياتها ايها القذر ..مصيرك هو السجن ايها الجبان
صرخ سامر به
-انها زوجتي وانت من يجب ان يخرج من هنا ..حاول دفعه لكن اصرار طارق كان اشد من اصراره وصراخ سهى يزداد بحدة
-انتضر قبل ان تخرج ..قالت سهى وهي تبكي
+
-ارسل لي ورقة طلاقي قبل ان اخرج من هذا المستشفى ...
ومالذي قالته لك ؟ سأل ضرغام بلهفه وهو يراقب شقيقته التي كانت تنضر الى هاتفها الذي كانت تمسكه بيدها بارتباك .. -ارادت لقائك ..اليوم عند الشاطئ ظهرا .. .. -هل ارادت ذلك حقا ؟؟ قال جملته مع رجفه تخللت صوته الخشن ..فبدت شيئا نشازا مع صخامته وخشونة صوته المعتادة ..هل انت متأكده صدمت شهد من ردة فعله فقالت بغضب مكتوم _ضرغام ماهذه اللهفه ..تمالك نفسك ..هل نسيت انك متزوج !! ابتعد ضرغام قليلا الى الوراء ووضع كلتا يديه على اذنيه وهو يقول -اي زواج هذا..انا لا احبها ..لا احب ناز يا شهد ..لقد تزوجتها انتقاما ..انتقاما هل سمعتي .. شهقت شهد وووضعت يدها على فمها منصدمه ! -ضر غام مالذي تقوله يا أخي ..اي انتقام هذا !! مالذي قلته للتو استدار ضرغام ناحيتها وقال بصوت ضعيف وعيونه تغرق في بحر من التخبط والضياع _نعم يا شهد ..ناز هي نفسها الفتاة التي قامت بالادعاء علي قبل اربع سنين ..هي من قام والدها بأخذ رشوة للتنازل عن القضية !! هي نفسها ..لقد دمرت سمعتها وجعلتها تتزوجني مجبرة انا حقا نادم على ما فعلت ..لو كنت اعلم ان سجى تطلقت لعدت اليها على الفور ضاربا كل شيء عرض الحائط .. توالت شهقات شهد المنصدمة مع كل جملة كان يقولها ..لم تعد تصدق ما تسمعه اذنها ..اطرقت برأسها للأرض وقالت بصوت يشوبه الحزن -لم اكن اتوقع ابدا ان ناز من هذه النوع ابدا لم يخطر ببالي ان تكون مثل ما قلت عنها ..انها لطيفة جدا ..انها ملاك ..انا فعلا حزينه في هذه اللحظه يا أخي ..أتعلم لماذا انا حزينه ؟ لان ناز كانت بنضري افضل انسانه وتناسبك تماما ..لم اتوقع انها من اصول جشعة ودنيئه لهذه الدرجة ..انا حقا حزينه ..توقعت ان تبني اسرة جميلة وترزق باطفال لننسى جميعنا هموم الماضي .. -..سوف اذهب للقاء سجى ! شحب وجه شهد واصفرت من الخوف من جديد وتقدمت من شقيقها وامسكت به من ذراعه وهي تقول برجاء -ضرغام انت لست ندا لعمي ..دعها ولا تذهب اليها ..سوف تفتح علينا ابواب جهنم ..ارجوك انسى كل شيء .. -لا استطيع يا شهد لا استطيع..يجب ان اعرف لماذا تريد لقائي لم ينتبه ضرغام وشهد الى تلك العيون الزمردية التي كانت تراقبهم والدموع تغرقها...وقفت ناز بالقرب من الباب المفتوح قليلا وهي تضع يديها على فمها لتخنق العبرات التي تهدد بفضحها في اي لحضة ..انسحبت ببطئ وهي تجر اذيال الخيبة والقهر خلفها ضرغام حتى لا يهتم لأمرها ومازال ينضر اليها بذلك الرخص لم تسمع البقية المتبقية من محادثته مع شهد ..صعدت الدرج بسرعة حين لم تستطع السيطرة على دموعها .. دخلت الغرفة وانهارت على السرير لتدخل في موجة بكاء مرير ...ضربت خدها بقوة وهي تصرخ -غبية غبيه .. نعم غبية فمن انت ليحبك ضرغام ويفضلك على تلك الحبيبة التي احتلت قلبه في الماضي ..انت لا شي لا شي ..مجرد وضيعة انتشلك من الشارع ..مجرد بيدق انتقام ..مجرد ستار خديعة ..ازداد بكائها شدة وهي تندب حظها السيء فجأه سمعت صوت الباب يفتح ليغلق بعدها ..رفعت وجهها اليه لتجد توقعها صحيحا ..ضرغام ومن غيره يدخل الغرفة بهذه الطريقة ..توجه نحو الخزانة دون ان يعيرها اي اهميه او حتى ان يرمقها بنضرة واحد .. وقفت ببطئ وتقدمت منه وهو منهمك في اختيار ما كان يريد ارتدائه .. -انت ذاهب اليها ؟ ! تجمدت يدا ضرغام على القميص الازرق الذي كان يخرجه من الخرانة للحظة ..ثم عاد لما كان يفعله متجاهلا اياها تماما .. خلع قميصه الذي كان يرتديه وتوجه نحو الحمام ..لم تعرف من اين امتلكت كل هذه الجرأه لتمسك به بكل تلك القوة لتديره ناحيتها _انا اتحدث معك فلا تتجاهلني !! هدرت بعالي صوتها وهي تبكي ودموعها الغزيرة تعمي بصرها عن وجهه الوسيم الذي بات النضر اليه يعذبها ..وجه نضرة خاطفة الى يدها التي كانت مازالت تمسك بذراعه الاسمر ..نقل بصره نحو وجهها و نضر اليها مطولا مدققا في كل تفاصيل وجهها المحمر الملطخ بالدموع ..كانت تتنفس بسرعة وصدرها يعلو ويهبط بسرعة مع انفاسها -هل كنت تسترقين السمع ؟ ..تركت يده بسرعة وقالت له بصوت مخنوق -هل هذا كل ما يهمك ؟؟ اسمعني وافهمني جيدا ..انا لا اسمح لك بأن تهينني وتجرح كرامتي بهذا الشكل امام اهلك !! لا اسمح لك انا لست فتاة من الشارع ..يكفي ما دمرته من حياتي ..يكفــــــــــــــي ..قالت كلمتها بالاخيرة بصراخ عالي وهي تضع يديها على اذنيها لتصرخ باعلى صوتها بهستيريه .. اجابها بكل برود وهو لم يتأثر قيد شعرة بانهيارها الهستيري -هذا ليش من شأنك ..لا تزعجيني ..وعقابك على استراق السمع لحديثي وحديث شقيقتي سيكون فيما بعد فانا مشغول الآن جمدت الصدمة وجه ناز ..هل هذا مخلوق بشري ولديه مشاعر واحاسيس ... توقفت عن الصراخ والعويل وضحت ضحكة قصيرة ..تبعتها عدة ضحكات مستهزأه .ثم قالت له بنفس البرود الذي يتسلح به .. -اتعلم ..وماشأني انا حقا ؟؟ مهزلة ويجب ايقافها توجهت نحو الخزانه هي الأخرى ...قفزت برشاقة لتصل يديها الى الحقيبة الموجودة فوق الخزانه ..انزلتها بسرعة ووضعتها بقوة على السرير الضخم توجهت من جديد نحو الخزانة ..اخرجت ملابسها بشكل سريع وهي تحشرها كيف ما اتفق في الحقيبة الصغيرة .. اطلق ضرغام ضحكة قصيرة ساخرة هو الأخر مقلدا اياها .. تقدم منها راميا قميصه على الارض ..كان وجهها عابسا وحاجبها الحادان منطبقان على بعضهما وحركاتها في وضع الملابس في الحقيبة تنم عن غضبها الشديد وحنقها -مالذي تظنين نفسك فاعلة ؟ -انا راحلة ...هنيئا لك عودتك الى احضان الحبيبة ..ولتحل عليكم اللعنة ..مادمت عائدا فانا راحلة ..نهاية المهزلة يا سيد لم تشعر ابدا بقربه الشديد منها ..فجأه احست بحرارة ذراعه تلامس ذراعها وهو يضع كلتا يديه على الحقيبة السوداء ..حملها وكآنه يحمل ريشة رماها بكل ما أوتي من قوة لترتطم بباب الخزانة المفتوح وتتبعثر جميع محتوياتها ..صرخت ناز وهي تضع يدها على قلبها من شدة صوت الارتطام الذي جعلها تلجم غضبها ..ليتحول الى خوف شديد امسكها من يدها وجرها بعنف ليهزها بقوة جعلتها تشعر بالدوار ..قال لها من بين اسنانه -لقد تجاوزت حدودك كثيرا ..من انت لترفعي صوتك علي ومن انت لتقرري الرحيل هكذا ! ؟؟ هزها من جديد وهو يتابع قذف كلماته القاسية التي قالها بنبرة تصغيريه وتحقيريه جعلت ناز تكره نفسها اكثر -اانا افعل ما يحلو لي ..لا شأن لك بي ..سوف ارحل ..اذهب الى تلك الحقيرة ..لعنة الله عليكم انتم الاثنين ضغط بكل ما أوتي من قوة على ذراعها فشهقت بألم وقالت له من بين اسنانها -انت تؤلمني ..ابتعد عني ايها الحقيرر دفعها فسقطت على السرير الموجود خلفها _اسمعيني جيدا يا ناز ..وافهمي كلامي الذي لن اعيده ابدا انا من يحدد متى سوف ترحلين ومتى سوف تبقين ..لا تصرخي في وجهي وتهدديني ..لانك سوف تندمين واذا متي في يوم من الايام فسأدفنك هنا ..حتى قبرك لن يخرج ولن تخطي خارج حدودي حتى وانت جثة ..هل فهمتي !! لم تري شيئا من شري بعد ..هل كلامي واضح ! ؟؟ لم تجبه بل ظلت ساكته وهي تتنفس بسرعة وخوف من كلمة حتى لو متي فقبرك هنا ..ماهذا الكلام القاسي ...ارتجفت بقوة من هول ما سمعت ومن التهديد الوحشي الذي نطق به منذ قليل صرخ بصوت عالي جدا ... _هل فهتــــــي احست بالرعب الشديد من نوبة غضبه فهزت برأسها بسرعة وهي هلعه من ردة فعله الغاضبه -فتاة مطيعة .. ** *** *** __وضعت سجى اغراضها كيف ما اتفق في حقيبتها ..اخذت بعض الملابس والاغراض المهمة والثمينه وحشرتها في الحقيبة ..ضحكت بهستيريه وهي تقول لنفسها -سوف أهرب ..نعم اهرب مع ضرغام هو من سوف ينقذني من كل هذا ..مازال يحبني ..مازال يريدني ..حدثت نفسها كالمجنونه وهي تبكي وتضحك في آن واحد تنشقت انفها ومسحت دموعها واخذت نفسا طويلا وهي تنزل الحقيبة من على السرير ..نضرت الى المرآه الكبيرة الموجود امها واابتسمت بمراره ثم عادت لتبكي من جديد ووضعت يديها على اذنيها وكأنها تريد ان لا تسمع الصراع في داخلها ..لكن لا لن تتراجع عن ما تريد فعله ..استقامت من جديد وتوجهت نحو الشباك ..القت نضرة على كراج القصر لتلاحظ اختفاء سيارة والدها ..شعرت بالارتياح لذهابه اخذت حقيبة يدها وضعت فيها جميع مستمساكتها الرسمية وجواز سفرها وخرجت من غرفتها مسرعة ...استقتلت سيارة اجرة وتركت مفاتيح سيارتها في البيت حتى لا يسهل على والدها تعقبها .. وصلت الى الشاطئ وهي تجر حقيبتها خلفها ..لمحت خيالا اسودا يقف بالقرب من الشاطئ ..عرفت انه ضرغام .نادته بصوت عالي .. _ضرغـــــام ! استدار ناحيتها وقال بصوت باهت وهو يراها تتقدم من ناحيته جارتا تلك الحقيبة السوداء الضخمة ..وقفت امامه بعد ان قطعت المسافة القصيرة بينهما وهي تجري بسرعة .. واجهها ضرغام بنضرات ثاقبه وهي يحاول اقناع نفسه ان تلك الحقيبة ليست كما يظن ... تراجعت ابتسامتها الباهته وهي تلهث وعلى وجهها الشاحب وعيناها الحمراوان تعبير أخر ..استغربت من ردة فعل ضرغام فقالت في محاولة للتخفيف عن نفسها واقناع نفسها بأنه سوف يقوم بما سوف تطلبه منه -لقد كنت متأكدة من حضورك ..ضرغام ..عزيزي... انا لست بخير ..ورمت بنفسها في احضانه ..وهي تبكي وتصرخ ..اوقعت الحقائب من يدها وهي تتشبث به كأنه طوق نجاتها الوحيد .. -سجى ...اهدأي يا حبيب....اهدأي ...تعالي معي .. اخذها ناحية الطاولات الموجودة بالقرب منهم ..قالت بصوت ضعيف وهي تجر نفسها قليلا -حقائبي ..انتضر قليلا نضر لحقائبها نضرة مستغربة وعلى وجهه الف علامة استفهام ..لكنه آثر السكوت في الوقت الحال وفضل عدم سؤالها عن اي شيء ..جلسا على الطاولة المستديرة الخشبية ...طال الصمت بينهما ولا شيء مسموع سوا هدير امواج البحر وصوت عبراتها التي كانت تكافح للجمها والسيطرة عليها .. بقي ضرغام ينضر اليها مطولا وهو يبحث في وجهها عن جواب لمشاعره المتخبطة ...لم يخفق قلبه لرؤيتها ابدا ..كان يعتقد انه سوف يجن جنونه لرؤيتها ..وانه سوف يسعد للقائها ..اين اللهفه ؟ اين الشوق والتوق الذي لطالما فكر به ؟ لماذا يحس ان مشاعره متجمدة الأن من ناحيتها لماذا ينضر الآن الى تلك الانسانه الجالسه امامه على أنها انسانه عادية جدا !! حدق بعينيها السوداوين مطولا..شتان ما بين تلك المروج الخضراء الساحرة وبين ما يرى امامه الآن ..تخيل عيني ناز الزمردتين عوضا عنهما ..تخيلها تجلس امامه وهي تبتسم له تلك الابتسامة الملائكية الرقيقة ..رغم قسوته المفرطة ..رغم كل ما فعله كانت حنونه ومعطاء ..حملت في قلبها الصغير كل الخير له ..عاد الى ارض الواقع ليرى سجى تنضر اليه بتخبط والهالات السوداء تحت عينيها استحالت الى لون مزرق بسبب البكاء الطويل والسهاد وقلة النوم قالت اخيرا بعد صمت طويل بصوت مرتجف -ضرغام ..يجب ان نهرب ..نهرب سويا من ابي ..لقد ضقت ذرعا يجب ان تساعدني على الهروب ..!! احضرت اغراضي وجواز سفري ..تزوجني ولنهرب ..انا تعبة جدا ..والدي يريد تزوجي من شخص اخر لا احبه ..انهارت في بكاء مرير وهي تشكو له عما في داخلها ..اشتد صمته فأطالت النضر في معالم وجهه عندما لم يجبها بشيء قالت له من بين دموعا الغزيرة .. _ضرغام انقذني .. قال لها بصوت مرتجف وهو ينضر الى طرف الطاولة مشيحا بنضراته بعيدا عن وجهها .. -لقد توقعت ان تقولي شيئا مختلفا ..سكت قليلا ثم استطرد قائلا توقعت ان تقولي انك مشتاقة ..انك ندمت على استسلامك في الماضي وتركك لي ..عن عذابك بعيدا عني ..لقد صدمتيني فعلا ..انت لا ترين في الا طوق نجاة لينقذك من غرقكّ!! انت لم تحبيني يا سجى يوما ..كل ما اردته هو شخص يخلصك من براثن والدك .. -ضرغام ..ليس الأمر هكذا ..انت تعلم ..اني ..ان -اعلم ماذا يا سجى ؟ ! ماذا ..هل كان حبنا مجرد وهم ؟ مجرد خيوط عنكوب لم تتحمل هزة واحد لتتبعثر في كل مكان ..لم ترفضي الزاوج من ذلك الشخص وعندما طلبت منك الرحيل والهرب لم توافقي ..اتعلمين لما ؟ لأنك كنت على يقين ان هناك طوق نجاة أخر ..ولكن عندما اتضح لك انه نسخة من والدك ...فضلتي العودة كانت على وشك ان تقول شيئا لكنه نهض من الطاولة وقال لها مختصرا الحديث -اسف ..لقد خاب ظني ..وخابت الاربع سنين التي قضيتها في التفكير بك وبحبنا الذي كان مجرد تعلق كما يبدوا ومجرد كذبه ..انا الآن متزوج ..ولن اخذل زوجتي ابتعد عنها ومشى نحو الشارع مبتعدا كل البعد عن الانسانة المحبطة التي كانت تراقبه ودموعها لا تتوقف ابدا ...لقد انتهى كل شيء قالت سجى ذلك لنفسها وهي تكتم شهقاتها ..لم يعد للحياة معنى هذه النهاية *** **** **** ضرب ضرغام مقود السيارة بحنق وهو يقودها بسرعة جنونية ...كان الندم يسيطر عليه تماما ..ليس ندما على سجى ..لانه اكتشف في نهاية المطاف انها كانت تريد استغلاله فقط ..لكن الندم كان يتآكله على ..ناز ومن غيرها ؟ من اصبح يؤرق احلامه غيرها ؟؟ من اصبح هاجسا يغزوا افكاره ..رؤيتها بذلك الحزن عندما خرج ومنضر دموعها وعينيها الذابلتين ..جعله يحس انه احقر مخلوق في الدنيا ..يجب ان يصلح ما كسره ..هي زوجته على كل حال ولا يوجد اي مانع من ان يصبح الزواج حقيقيا مادامت هي تحاول اغرائي والتقرب مني ...وغيرتها دليل على تغير مشاعرها حاول اقناع نفسه بانها سمعت الجزء الثاني من حواره مع شهد لكن الأمل كان ضعيفا لانها لو كانت سمعت شيئا لما انفجرت بوجهه هكذا واستفزته بتلك الطريقة تذكر ما قاله لشهد بالحرف الواحد ..-انا خائف من تغير مشاعري ناحيتها يا أختاه ..بدأت بالشعور بانجذاب مدمر ناحيتها .. واصل قيادة سيارته بسرعة جنونيه ليصل الى البيت ...ليتحدث معها ..نسي سجى تماما وانهاريها بالقرب من شاطئ ..هو لم يجبرها على تركه منذ اربع سنين عندما طلب منها الهروب سويا لكنها رفضت الآن تريد العوده له بعد ان احست بانها فقدته بزواجه !! وصل الى القصر بسرعة خيالية ..ترجل من السيارة ودلف بسرعة الى الداخل ... -ضرغام بني ..نادته والدته لكنه اجابها وهو يصعد الدرج من كتفه _فيما بعد أمي ..لدي أمر مهم نادته والدته بعد ان وصل الى نهاية الدرج _بني اذا كنت تريد التحدث معها فهي ليست في البيت !! تجمد فورا في مكانه ..عاد ادراجه ببطئ مغاير لسرعته في صعوده منذ قليل ..وقف امام والدته وفرك جبينه بقليل من التوتر وقال بصوت هادئ جدا محاولا بجهد اخفاء انفعاله الشديد -اها ..حقا ..تغيرت ملامح وجهه الى تساؤل وحاول تمثيل الهدوء واستطرد قائلا -واين ذهبت ..هل قالت شيئا -لا اعلم ..لم تكن على ما يرام عندما خرجت ..سألتها لكنها لم تجب ..ارجوا ان لا تكون قد اغضبتها او ازعجتها ..لا تفعل هذا يا ولدي ..انها فتاة طيبة القلب ولا تستحق الا الخير ..لقد دخلت قلبي وحملت كل ما هو خير لنا بقدومها اجابها ضرغام وهو مشتت الذهن -نعم ..نعم امي انا اعرف ..اين يمكن ان تكون قد ذهبت .. عاد ضرغام للصعود الى غرفته ..دخلها ليجد كل شيء كما هو الملابس مبعثره في كل مكان والفوضى تعم كل الغرفه ..اطمئن قليلا لدى رؤيته لهذا المنضر ..فهذا يدل على عودتها فهي لم تأخذ شيئا معها ..ربما خرجت لتتنزه قليلا نزل الى الحديقة وجلس على احد الكراسي وهو يشعر بالقلق من خروجها من المنزل ..قرر الانتضار قليلا قبل ان يخرج للبحث عنها فقد تعود في اي لحظه
↚
خرجت من سيارة الأجرة بعد ان اعطت السائق حفنة من النقود اخرجتها من جيبها دون ان تعدها لتنزل الى منتصف المدينة ..تمشت في الشوارع بلا وجهه ..كانت الدموع تهددها بالنزول في أي لحضه على خدها ..غصة في حلقها تخنقها منعتها من ان ترفع نضرها لأي شخص من المارة .. مشت في الشوراع بلا وجهه ولا هدف ..لم تلاحظ ان تواجلها الغير مدروس ادخلها احد الأزقه الضيقة ..احست بانها لم تعد تستطيع المقاومة اكثر لتشق طريقها في الحياة ..اطلقت شهقه قويه ليتبعها شلال من الدموع الساخنه ..دموع الخيبة والقهر والهزيمة حاولت جهدها لكي تحافظ على زوجها وعلى بيتها ومحاولة استمالته ناحيتها ..لكن لا فائدة ترجى من ذلك الحقير ...صرخت بصوت عالي .. -حقير ..وغد ...سافل انا اكرهك ..اكرهك يا ضرغام اكرهك ..حملت احدى الصخور الموجودة في الارض ورمتها بكل ما أوتيت من قوة لترتطم باحدى حاويات القمامة الصدئه قفزت احدى القطط المتشردة من الحاويه وهي تموء بتوحش وصوت قوي وتقفز بعدها خارج الحاوية .. اثارت القطة رعب ناز ..وتراجعت الى الوراء قليلا لتركض بعدها بسرعة وتدخل من زقاق الى زقاق ..توقفت فجآه عندما احست بأنها اضاعت طريقها تماما ..هذا المكان لم تدخله ابدا في حياتها رغم ولادتها في هذه المدينة جالت بنضراتها حولها ...لم تعرف من اين دخلت ومن اين سوف تخرج !! وضعت يديها على فمها لتمنع نفسها من البكاء ..احست بالخوف من ان تتوه في هذا المكان المخيف وتبقى محتجرة في هذه الدهاليز الى الابد ..بدأ الظلام بالتخيم على المكان المجهول الذي تقف فيه ..احست بالخطر يحاوطها من كل جهه .. سمعت همسا وقحا من خلفها يقول بصوت مقزز .. -ماهذا ..منذ متى تدخل الملائكة في هذه الازقه العفنه .. شهقت ناز بقوه عندما احست بيدين تحاوطان خصرها .كان هناك شخصا ما يمسك بها من الخلف ويشدها نحو جسده بقوة ..تلوت بين ذراعي المجهول وهي تصرخ ..وضع يده على فمها وحوطها جيدا بيده الثانية حاولت ركله بقدمها لكنه كان اقوى منها جدا واحكم الامساك بها ....اعمت الدموع بصرها وهي تتلوى بين ذراعيه وتحاول تخليص نفسها..هل ستكون نهايتها هنا في هذا الزقاق القذر مع شخص يحاول النيل منها قال لها بهمس وهو يقترب من اذنها -اهدأي يا حلووه ..غمر انفه بشعرها وتنشقه بصوت مسموع وهو يقول -سوف ارضيك ...لا تقلقي ...اطلقت عدة صرخات مكتومه بسبب وجود يده التي كان يضعها على فمها وجرت دموعها على خدها ولامست يده القذرة .. فجأه احست به يضعها على الارض بقسوة بعد ان ابعد يده عن فمها ...تنفست بسرعة وبقوه وهي تحاول استعادة انفاسها المقطوعة صرخت على الفور عندما استعادت وعيها قليلا وادركت خطورة الموقف الذي هي فيه .. -ابتعد عني ايها القذر ابتــــــــــــــعد ضحك ضحكة مقيته جعلت موجة الغثيان تتصاعد عند ناز وقال لها وهو يرمي بجسده فوق جسدها .. -من الذي يترك هذه الوجبه الشهيه المقدمة على طبق من ذهب ...وقبل ان تقول شيئا شرع في تقبيلها وهو يقبض على شعرها ..احست ناز بالقرف والضعف مما يفعله لكن مقاومتها لم تبرد ولا ثانيه واحدة ....حاولت دفعه عنها وهو يقبلها كالوحش ويترك اثاره على رقبتها وعلى جسدها تذكرت دروس الدفاع عن النفس التي اصر والدها على تعلمها بعد ان تعرضت لمحاولة التحرش سابقا ..تذكرت كل حرف كان يقوله المدرب وهو يتكلم عن نقاط ضعف الرجال واين يمكن ان يشعروا بالألم ... فجاه لمعت عيناها الزمردتيان بشدة ووجههت ركلة من ساقها الى منتصف جسده ..شهق الرجل بصوت قوي من الألم ..ابتعد عنها وهو يضع يده على موضع الألم ويتلوى وسيل من الشتائم يخرج من فمه القذر -ايتها الوضعية ...تبا لك ..تبا ..أأأه لم تتنضر ناز اكثر ..لملمت شتات نفسها وحاولت اغلاق قميصها لكنها اكتشفت ان الازرار قد تمزقت من شد ذلك الحقير لها من قميصها ...ركضت وركضت دون ان تتوقف ثانية واحد ه ..احست بثقل انفاسها بعد ان ركضت مسافه طويلة ..تعثرت باحدى الصخور لتسقط في بركة من المياه الآسنه ليتسخ وجهها ورقبتها وكل ملابسها ..استقامت ببطئ وهي تتألم لاصابة كاحلها برض من جراء وقوعها المؤلم ا
لم يعد صدر الحبيب موطني ..لا ولا ارض الهوى المذبوح ارضي
لم يعد يمكن ان ابقى هنا ...فهنا يبكي على بعضي بعضي
!! مستقيل وبدمع العين امضي ..هذه الصفحة من عمري وامضي
! فوداعا يا احبائي وداعا ..انا متعب والعين تحتــــــاج لغمــــضي ..
وداعا هذه هي النهاية ...لم اعد استطيع التحمل ..فتحت ازرار قميصها وخلعته ..خلعت بنطالها وبقيت بملابسها الداخليه فقط .. توجهت نحو البحر دون ان تردد لحظة واحده.. وداعا امي ..وداعا ضرغام ..وداع يا حياة ..وداعة يا سنين الألم والحرمان ..خطت الى الأمام وبرودة المياه تلسع قدمها العارية .لكن الألم في قلبها وروحها كان اشد من لسعات هذه المياه.تقدمت اكثر واكثر ماشيتا على الرمال المغمورة بمياه البحر المالحة .. غمرت المياه وجهها لتنزلق بعدها قدمها ويغوص جسدها في المحيط العميق لتسمع صوتا مكتوما يهتف بسرعة -احدهم رمى نفسه في البحر ...تعالوااا غابت بعدها في عالم الظلمات غائبة عن الوعي ..للحضات وجيزة .. احست بذراع قوية تنتشلها من المياه التي كانت تغوص فيها ..لتعود الى اغمائها القصير بسبب شربها كميات كبيره من المياه شيء ما دافئ يلامس شفتيها وهواء ساخن ينفخ في روحها وفي رئتيها ..سعلت بقوة لتخرج المياه من فمها وانفها ..ازداد سعالها شدة وحاولت الجلوس لكن الاعياء والتعب اضنى جسدها فعادت للاستلقاء على ظهرها تتنفس بسرعة لم تستطع ان تميز ملامح منقذها الا انها سمعت صوت تنفسه ولهاثه السريع وانفاسه المتلاحقة -انها عارية تبا . شعور غريب سيطر عليها وهي تستلقي على ظهرها تصارع الاغماء .. لكن مهلا هذا الصوت ليس بغريب عني ابدا .. هذا الصوت بدا مألوفا لها جدا ..من انت يا منقذي ويا مدمري ..لما انقذتني من تيار الموت واعدتني الى ها ..اعدني الى البحر فهو كفيل بغسل وجع سنيني جميعها ..محاولة فتح عينيها كانت امرا مستحيلا وضربا من الخيال ..احست بشيء ما يلتف حول جسدها لتغمض عينيها وتعود الى عالم الظلام ..
*** *** ***
-ابي ..ابي التفت سامر حوله ليرى ما هو مصدر الصوت .. -ابي ..ابي انا هنا ..نضر سامر الى الاسفل ليرى طفلة صغيرة ذات عيون زرقاء ..وشعر بني قصير ..تضع شريطا ابيضا فوق رأسها ليربط خصل شعرها الذهبية .. ..بدت كنسخة مصغرة من سهى .. -من انت يا صغيرة ..هل ضعتي عن اهلك .. ابتسمت الطفلة ابتسامة طفولية رقيقة كاشفة عن صف اسنان بيضاء لامعة -ابي .. !! العب معي ..احملني ..رمت بنفسها وتشبثت ببنطاله وهي تقول -العب معي معي ..تركت بنطاله ودارت حوله وهي تطلق صرخات طفولية وتضحك ..لتنطلق بعدها راكضة كالملاك على على المروج الخضراء وركض خلفها سامر -مهلا يا صغيرة ..مهلا استمرت الطفلة الصغيرة في الركض وسامر يتبعها كانت اشبه بفراشة صغيرة رقيقة ...تقفز فرحا هنا وهناك ...لمح سهى تجلس على الارض العشبية ..كانت ترتدي فستانها الازرق المفضل ..مصطفى بجانبها ..ضحكت فور ان رأت الطفلة تتقدم منها -امي لقد جاء ابي ..هيا فلنأكل .. ماذا ..هذه الطفلة الجملية ابنته ..سهى ..سهى بخير وتجلس على الارض ..ركض ليصل اليها لكنه لم يستطع الوصول ابدا ..جاهد وركض وصرخ ليصل اليهم لكنهم لم يروه وكأنه غير موجود ..كانت تضحك بسعادة وهي تضم اولادها الى صدرها مهما ركض وتقدم من ناحيتهم فهم يبتعدون اكثر واكثر ,.... -توفقوا انا احبكم يا سهى ..عودي الي ..عودا انا احبكم توقف قليلا ليسترجع انفاسه المقطوعة وهو مازال ينضر الى سهى واطفاله ...فجأه احس بشخص ما يمسك بيده ..نضر الى الاسفل ليجد الطفلة تمسك بيده وملامح الحزن بادية على وجهها ..تغيرت ملامحها السعيدة التي رآها قبل قليل الى ملامح آسى وغم ..تشبثت بيده بقوة وقالت له .. -لماذا قتلتني ..لما .. اغمض عينيه بألم ليفتحهما بعد ثواني فوجد الطفلة في حضن سهى وهي مغطاة بالدماء تماما ..وكذلك سهى التي تقطع فستانها وتلطخ بالدماء ..ومصطفى يهز جسدها ويبكي ..جلست بعدها وحملت جثة ابنتها وكذلك مصطفى وهي مدماة الجسد والروح .. -نحن راحلون يا سامر ..راحلون ..راحلون -لا سهـــى ...لاااااااااااااااااااااااااا لاا ...اطلق صرخة قوية زلزلت ارجاء المنزل الفارغ ليستقيظ سامر من نومة وهو يتنفس بشدة وجسده العاري غارق بالعرق ..مسح حبات العرق عن جبينه المتغضن ..ونهض من السرير بتلكئ ..وتوجه نحو المطبخ .. ماهذا الكابوس المقيت ..تبا مالذي فعلته بنفسي ؟ انا كمن وضع السكين على وريده ليقصه وتنتهي حياته ..سهى كانت حياتي وروحي لكني بغبائي اضعتها من يدي ..اخرج زجاجة مياه معدنية من الثلاجة وشربها كلها دفعة واحده ..نضر الى الساعة ليجدها تشير الى السادسة صباحا ..مازال الوقت مبكرا للذهاب الى المستشفى ..سوف يذهب الى المشفى وبعدها الى العمل .. تجول في المنزل وهو يحس ان روحه مسلوبه بعد ذلك الكابوس المفزع ..ماهذا الفراغ المحيط بكل ركن من اركان البيت ؟ ماهذا السكون المقيت ..البيت اشبه بالقبر من دون ضحكة سهى ..من دون وجودها في البيت ..كم اشتقت لك يا فؤادي وكم انا احترق ندما على فعلتي الشنيعة .. دخل الغرفة وجلس على السرير الخاوي ..امسك مخدتها وغمر انفه فيها ...تنشق رائحتها وهو يحس بطعنة في احاسيسه ..لكم اشتاق لرائحتها ..رائحتها العالقة بالمخدة بدأت بالاختفاء ..اشتاق لكي اضمها الى صدري ..اشتاق ان اسمع كلامها المعسول ومحاولاتها الدائمة لتتحدث معي ..اطلق تنهيدة طويله وتوجه نحو الخزانه وارتدى ملابسه بسرعة ..قرر الذهاب الى المشفى عله يحضى ولو على الأقل برؤيتها من بعيد بعد ان رفضت رؤيته عدة مرات ..اغلق باب الشقة وتوجه نحو سيارته وهو يصلي لربه ان يراها هذه المرة
↚
فتحت عينيها ببطئ . عادت لتغلقهما والصداع يفتك بها ...صوت انينها الخافت قطع صمت المكان ..حاولت النهوض بسرعة لترى اين هي ..جلست وجالت بنضرها لترى ما حولها ...غرفة خشبية في العلية ..سرير واسع لشخصين ورائحة اخشاب قوية جدا ..عادت لتغلق عينيها وهي تفرك جبينها المتخدر من شدة الألم ,,اين الدواء ..اين هو المسكن ..ياللهي الم ارمي بنفسي الى البحر ؟ لماذا لم أمت ..لماذا هذا الألم الفتاك الذي يسلبني الراحة ...مدت رأسها من العلية لتجد غرفة جلوس بسيطة تتكون من قطع قليلة من الاثاث ولكن للفوضى دور اكبر في تشكيلها .. المكان كان غارقا في الفوضى والملابس في كل مكان بالاضافة الى الكؤوس المتسخة واطباق الطعام ..وقفت على قديمها وهي تشعر بقليل من الدوار ..نضرت الى ساقيها العاريتان وتلمست ما كانت ترتديه ..قميص رجالي واسع جدا ..احست بالضياع والحيرة وظلت تفرك صدغيها في محاولة لتخفيف الصداع القاتل.. نزلت الى البهو ووقفت في منتصفه وهي تتطلع الى الفوضى بعين منقرفة ومتقززه صوت فتح الباب وانغلاقه جذب كل اهتمامها الى الواقف عند الباب ذو الابتسامة الساخرة الجذابه ..غيث !! ذلك الصياد الذي اوصلها الى البيت ذلك اليوم القريب .....بقيت في حالة تأهب وهي تنضر الى مكان الباب حيث كان يقف هناك . -ماذا ... انت !!!! هتفت بتعجب ابتسم الوجه الاسمر البشوش كرد على تفاجئها العفوي ..كان يحمل كيسا ابيضا في يده ..قال لها وهو يضع مشترياته على احدى الطاولات -نعم انا الفارس المغوار ومنقذك يا اميرة الساحل المنتحرة احست سجى بالحرج وبالحزن الشديد في نفس الوقت ..اطرقت برأسها للأرض ووضعت يدها على رقبتها مخفضة رأسها وتحرك كتفاها برتابه دلت على انها كانت تبكي ..عادت للجلوس على الكنبة لتنهار في موجة بكاء جعل غيث يشعر بالندم على مزاحه الثقيل ..تقدم بسرعة منها وهو يقول -اوووه انا لا احب الدموع ..لا تبكي ارجوك ..جلس بقربها وربت على كتفها وهو يقول -الحياة اسهل بكثير من ما نتخيله ..لا تكوني بهذا البؤوس !رفعت وجهها المليئ بالدموع اليه وهي تقول بصوت باكي مختنق -انت لا تعلم شيئا ...لماذا انقذتني ..لما ..لما لم تدعني اموت واتخلص من جميع همومي ..قالت كلامها وهي تضربه وتدفعه بعيدا عنها ..امسك غيث بها من يديها الاثنين وحملها بكل سهولة ووضعها على كتفه وقال لها وهو يحاول تفادي ضرباتها المستمرة له -حسنا ..لا تهتمي ..سوف احقق رغبتك ..تحرك بسرعة حاملا اياها على كتفه وخرج من الغرفة ...واصلت سجى ضربه ورفسه فامسك بساقيها العاريتان بيده الأخرى وهو مستمر في مسيرته نحو هدفه ..فتح الباب الخارجي وخرج من الكوخ الخشبي الصغير ومشى الى الامام دون ان يتأثر بصراخها -لماذا تصرخين ؟ ام تطلبي مني ان اعيدك الى البحر ...سوف اعيدك الى بحر اصغر وقبل ان تفهم ما كان يعنيه بلكلماته ..صرخت برعب وهي تقذف في وسط البركة التي كانت موجودة امام الكوخ .. شهقت بقوه من برودة المياه وحاولت الخروج من البركة وهي تضرب سطح الماء بغضب وحنق وتشتم بصوت عالي -تبا لك ايها الـــ..حقير ضحك بصوت عالي مستمتعا بغضبها -لما انت غاضبة الآن؟ام ترمي بنفسك البارحة في المياه ..هيا انتحري هنا جيدا ..لا تنسي ان تدخلي رأسك الى الماء حتى تختنقي بشكل جيد اشار بيده الى الاسفل وكأنه يغطس رأسها في الماء بيده ..عاد ادراجه الى الكوخ وهو يضحك بصوت عالي ...غضبت سجى وضربت سطح الماء بكلتا يديها بحركة تنم عن غضبها الشديد خرجت من البركة مخلفتا ورائها مياه غزيرة تجري من جسدها وقميصها الرجالي الواسع الذي التصق بجسدها دخلت الكوخ وضربت الارض برجلها بحركة غاضبه ورفعت سبابتها وقالت له بتوعد وكأنها تأنب طفلا صغيرا قام بعمل مشين -هذه حركات طفولية جدا !! رجل في مثل سنك لا يقوم بها استدار غيث ناحيتها وتجمدت نضراته على جسدها الذي بانت جميع اجزائه بسبب التصاق القميص بجسدها ..ابتلع ريقه وابعد عينيه بصعوبة وقال لها بصوت هادئ -كنت احاولك على اكمال ما بدأته انت البارحة ..هيا غيري ملابسك وتعالي لتناول الفطور وكفاك صراخا ..لا احب النساء ذوات الصوت العالي رمقته سجى بنضرة غاضبه ووهي متكتفة اليدين تضم يديها بقوة نحو جسدها ..
توقفت سيارة سامر الحديثة في الساحة الكبيرة الموجودة امام المشفى الوطني..أخذ أنفاسا طويلة متلاحقة ووضع رأسه على مقود السيارة وقد خانته شجاعته في اللحظة الاخيرة ولم يستطع النزول الى المستشفى ليراها ويتعذب اكثر من السابق ضرب رأسه بمقود السيارة ...قال بهمس متعذب _ ماذا افعل ..ماذا افعل قرر في اللحظة الاخيرة النزول والذهاب اليها دون الاكتراث بالنتيجة فتح باب السيارة لكن يداه تجمدتا كليا على الباب ولم يستطع التحرك ..أصيب بالشلشل من ماهو موجود أمامه ..تمنى لو ان الارض انشقت وبلعته في هذه اللحظة ************** -كيف هو حال اميرتي الصغيرة هذا اليوم ؟! ضحكت سهى ضحكة قصيرة مقتضبة وقالت بصوت هزيل - اووه طارق ارجوك انا في السابعة والعشرين من عمري وابني سوف يصبح بطولي قريباً ومازلت تناديني بتلك الالقاب الطفولية ضحك طارق بشدة الى ان أدمعت عيناه وقال لها وهو يضع باقة الزهور الكبيرة ذات الرائحة الفواحة التي ملأت المكان بشذاها العبق الزكي - ياللهي سهى ابنك لم يتجاوز الرابعة ويلزمه عُمر لكي يصبح بطولك .. ساعدها في الاستناد على طرف السرير ووضع مخدات إضافية خلفها واستطرد قائلا _ انت صغيرة وكالدمية في نضري مهما كبرتي .. ضحكت سهى ولكن بمرارة هذه المرة قائلة - دمية مكسرة ومعطبة ..لا تصلح لشيئ أبدا تغيرت نبرة صوتها لتنبأ بموجة بكاء قادمة في الطريق ..لم تستطع مقاومة الوجع في قلبها حاولت كتم نشيجها ودموعها لكن تلك الدموع التي تأبى ان تطاوعها ولو لمرة واحدة في حياتها جرت دمعة ساخنة على خدها الشاحب فسارعت يد طارق لالتقاطها ..مسح الدمعة بسرعة وهو يقول لها بحنان أبوي - مالذي حصل يا سهى لما كل هذا الانكسار ! انت أقوى من كل هذا ..انا اقف بجانبك لا تنسي هذا الشيئ استرجعت رباطة جأشها وابتلعت ريقها بصعوبة وقالت له مبتسمة _ اين هو مصطفى ...وأمي !!؟ - مصطفى في البيت مع أختي ووالدتك ذهبت مع عمر لتحضر الطعام فاهتمامنا بك وسهرنا هنا لا يعني لا يعني استغناءنا عن الطعام ضحكت سهى من قلبها على مزحة طارق وقالت له _ ذكرتني بنا عندما كنا صغار وقمنا بسرقة دجاجة من ثلاجة أمي لكي نشويها ضحك طارق هو الاخر وقال لها _ لقد كنت انت السبب في الكارثة بسببك احترقت الحديقة - وما شأني انا لقد كنت أظنه ماءً وليس بنزيناً ...عادت لتضحك مجددا فقالت بحزن _ كانت اجمل ايام ..اتمنى ان تعود يوما ولكن هذا ضرب من المستحيل .. - سوف تعود وأيام اجمل من تلك الايام ستكون اقترب منها وامسك بيدها وقال لها وبريق غريب يلتمع في عينيه _ ثقي بي يا سهى ابعدت يدها عنه وقالت له بسرعة لتغير الموضوع - انا اريد الخروج من هنا بسرعة جو المشفى الكئيب يخنقني ..رائحة المعقمات تجلعني اشعر بالدوار - لكنك لم تشفي بعد يا عزيزتي هل انت متأكدة من رغبتك _ نعم يا سامر فانا متعبة .آآه اسفة احست سهى بالخزي والعار عندما نادت طارق باسم زوجها ،...امتقع وجه طارق وتغيرت ملامحه بشكل سريع - حسنا سوف أتحدث مع الطبيب ولنرى ماذا يقول اغلق الباب بعد ان خرج فتنفست الصعداء ..كم هي غبية عندما نادته باسم ذلك ال.. استرجعت ذكريات ذلك آليوم المرير فأحست بثقل يجثو فوق صدرها كيف استطاع دفعها وضربها بذلك الشكل المتوحش ..امتدت يًدها الى رقبتها لتمنع العبرة التي باتت تخنقها ..تحسست الرقبة الطبية التي كانت ترتديها ..ازداد ألمها شدة ..لكن دخول والدتها الى الغرفة مع عمر رحمها من تذكر تلك الذكريات المريعة - يا قلب امك ..الحمد لله على سلامتك ما أجملك عندما تبتسمين هكذا يا فؤادي - أمي حبيبتي ..احتضنت امها بحذر خشية ان تتألم بسبب كسورها فاجهشت والدتها بالبكاء وضمتها الى صدرها اكثر _ اريد الخروج من هنا على الفور ..أرجوكم ******* توجهت سجى عائدة الى السقيفة التي كانت تنام فيها فقال لها غيث بصوت حازم - غيري ملابسك بسرعة وعودي الى هنا فلدي حديث معك ..حقائبك موجودة في تلك الزاوية على يدك اليمين ..انا انتضرك .. تحركت سجى بحركات آليه ولسعة برد ضربتها فارتجفت قليلا من البرد بسبب ملابسها القليلة المبلله ..اخرجت قميصا عاديا وبنطال اسود اللون ..ارتدتهم بسرعة واخرجت مشطا من الحقيبة ومشطت شعرها المبلل بسرعة ..عادت الى المطبخ لتجده منهمك في ترتيب المائدة ..نضرت باستغراب الى المائدة التي كانت تحتوي على بيض مقلي ووشرائح البندورة وقطع الخبز .. -هل تحديقك في الطعام هذا سوف يستمر لوقت طويل ؟ تفضلي بالجلوس يا اميرة الساحل .. وجهت سجى له نضرة نارية ورفعت انفها باستعلاء وقالت له _انا لا أكل من هذا الطعام ابدا ..افضل الشاي فقط ...صب الشاي لي ضحك غيث وهو يجلس على الكرسي الصغير ويشرع بتقطيع الخبز -اخدمي نفسك بنفسك يا آنسه .. جلست سجى على الكرسي المقابل له وتطلعت بالابريق الحديدي القديم بتعجب ..مدت يدها بسرعة فشهقت بقوه وهي تمسك يدها وتصرخ وتشتم -اللعنه ..الم تمسكي ابريقا من قبل ؟ عليك استعمال قطعة من القماش اولا ايتها الذكية المتحاذقة اعترضت سجى على كلامه وهي مازالت تمسك اصابيعها التي احترقت من الابريق الساخن -وما ادراني انا ..لم ارى مثل هذا الاختراع من قبل ابدا في حياتي حمل الابريق بنفسه وصب لها في الكوب الموجود امامها ..امسكت بالكوب بحذر وتطلعت الى محتوياته قبل ان ترتشفت منه بسرعة -والآن حدثيني عن نفسك ..لماذا اقدمتي على الانتحار احست سجى باحساس غريب ..كمن يفتح الجرح ليذر عليه الملح ..قررت تجهاله وعدم الاجابة على سؤاله ..لكن ذلك الوجه الاسمر البشوش كان كالمغناطيس الذي يجذبها لتلصق به ..لتحدثه عن كل شيء لتشاركه همومها ليحمل شيء من ذلك الوجع والألم القابع في فؤادها فكرت مطولا قبل ان تجيبه -وكيف استطعت انقاذي ؟ مالذي جاء بك الى ذلك المكان في ذلك الوقت ... -لقد كنا نقوم بتصليح احد قوارب الصيد انا وباقي الصيادين ..عندما لمحتك من بعيد وانت تنزلين البحر ..لم احتج لوقت كثير قبل ان اعلم انك لم تكوني تسبحين او تمارسين اي رياضه في ذلك الوقت احنت سجى رأسها بخجل من فعلتها ...كيف وصلت الى تلك الحالة التي جعلتها تقدم على اسوأ شيء ممكن ان يحدث في الحياة .. تجمعت الدموع في عينيها ..فرمت الكوب باهمال على الطاوله لتضع يديها على فمها والدموع تغرق عينيها -الحياة صعبة ..همست بصوت مرتعش قبل وهي تشيح بوجهها الى مكان أخر كي لا تنضر الى عينيه .. -تحدثي عن ما يزعجك وسوف اساعدك حركت رأسها بسرعة لتنضر اليه ..نضراته الحنونه ..وجهه البشوش ..ابتسامته سحرتها بالكامل فقالت بعد ان شجعها بحركة من رأسه تحثها على الكلام -اسمي سجى ماجد العمري ..لابد انك سمعت باسم والدي من قبل ..اجابها وقد تلاشت ابتسامته العذبه تلك الى تجهم -ومن لا يعرفه ..انه سبب شقاء الصيادين والفقراء ..والدك انسان جشع وطماع ..عذرا يا آنسه لكن هذه هي الحقيقة -لا تعتذر ..لكن هذا طبع والدي ..انا اخجل حتى من تسميته والدي ..من يقوم بايذاء ابنته الوحيدة يتسطيع ايذاء الأخرين بسهولة ... -مالذي فعله لك ؟ سأل غيث باهتمام ... -لقد ..زوجني من قبل باالاكراه من شخص لا اطيقه ..تطلقت منه بعد عناء لاعود الى سجنه وتعذيبه ..لم يكتفي بكل ما فعل لي ..جاء لي بزوج جديد ..ارمل ولديه اولاد ..عندما قررت الهروب لم استطع ..واقفلت الابواب في وجهي فلم اجد امامي الى ذلك البحر ..لارمي بجسدي اليه فيلتهمني ويأخذني من هذا العالم البغيض استمرت سجى في قص قصتها الحزينة على هذا الغريب دون ان تعلم لما هي مستمرة في سردحكايتها دون مخاوف او قيود ..ربما لانه غريب ولا يهمه سماع تفاهاتها وشكواها ..او ربما لانه اعطاها انطباعا بأنه انسان لطيف ..او ربما لانه يعجبها ..اكملت قصتها دون ان تهمل اي جزء بسيط فيها .. -ومالذي تفكرين به الآن ؟ سأل غيث وهو متكتف اليدين وينضر اليها وعلى شفاهه ابتسامة صغيرة ..وعلى فكرة ...فكرة انتحارك كانت فكرة سخيفة وطفولية جدا ولا تحل شيئا ..الم تفكري بوالدتك المسكينة ؟ ماذا عساها ان تفعل الآن ؟ الم تفكري بحزنها وكمدها ؟ ثار غضب سجى فضربت الطاولة بكلتا يديها وقالت له بشبه صراخ _لا تهني بهذا الشكل ..انا لا اسمح لك !! .. -انت في منزلي ..ولي الحق في فعل ما اريد .. _سوف اترك هذا المنزل لك ..لست بحاجة له ..تبا قامت من مكانها بسرعة وضربت الطاوله بحنق واستطردت قائلة له بعد توجهت نحو الباب .. _شكرا لأنقاذي ايها الفارس المغوار قال لها بسرعة -اذا خرجتي من هذا الباب ..سوف يعيدك والدك سحبا الى البيت كمن يسحب الخروف .. تجمدت يدها على مقبض الباب وسرت رعشة في جسدها وهي تتخيل المنضر ...والدها يسحبها لتتزوج من ذلك الشخص الذي اختارته ...احست بالخوف الشديد مما هو ينتضرها ..استدارت ناحيته وقالت بهلع -حسنا ..انت انقذتني من الموت ويجب عليك اكمال مساعدتي ايضا !!!
تصلب جسد سامر بالكامل وهو يرى منضرا لا يستطيع وصفه الا بمنضر يدمي القلب والروح ...سهى حبيبته تجلس على كرسي ذو عجلات ويدفعها ذلك البغيض طارق .. سهى الحبيبة ..ذات الابتسامة الدافئة ..ذات الروح الطيبة ..ذات الجمال الخلاب ..تجلس على ذلك الكرسي اللعين وشعرها الاسود الطويل الذي كان يبرق بلمعان جذاب ...بهت وفقد حيويتيه ..بات يشبه خيوطا سوداء متكومة فوق رأسها الصغير ..وجهها المشرق...بات ذابلا وباهتا واشبه بوجوه الموتى ...اراد ان يلكم نفسه في هذه اللحظة ..ان يؤلم نفسه باي طريقة ان يعاقب نفسه باي طريقة ..عله يخفف من تأنيب ضميره ..عاد ليشتعل فتيل غضبه عندما رأي ذلك الطارق يمسد على كتف سهى وهو يدفع الكرسي ..احس انه لم يعد يستطع السيطرة على مشاعره المتأجأه ابدا ..وثب كالنمر برشاقة من السيارة وتقدم بخطوات ثابته دون اي تردد ! وقف امامهم تماما ...تغيرت ملامح سهى واختفت الابتسامة الباهته التي كانت تجامل بها طارق وهو يتحدث معها .. -ياللهي ..شهقت سهى وعلى وجهها الشاحب نحت تعبير الخوف والهلع اغمضت عينيها بشدة لكي تمنعهما من مشاهدته هل من رأته هو سامر حقا ؟؟ هذا الشخص لا يشبهه ابدا ...كان يتقدم منهم وشعره الذي طال مؤخرا يتحرك مع حركته بخفة ..ذقنه غير حليق وملابسه مجعدة و غير مرتبه ابدا ... اما الهالات السوداء تحت عينيه فلا يصعب على احد رؤيتها حتى ولو على بعد مترين .اغمضت عينيها بشدة بعد ان احست بالدوار ..تمنت لو انها تفتح عينيها الآن لتجدة قد اختفى تماما وان ما رأته هو مجرد طيف ..لكن توقف طارق الذي كان يدفعها وصرخته التي تلت توقفه المفاجئ اكد لها ما رأته -مالذي تفعله هنا ايها الحقير ..مالذي تريده .. فتحت عينيها لتجد وجه سامر قد اكفهر وتغيرت ملامحه الهادئة التعبه الهادئة التي لمحتها منذ قليل ... -جئت لأخذ زوجتي الى بيتها ..ولا تتدخل في ما لا يعنيك !! هل فهمت والأن ابعد يديك عنها -سهى لن تعود لك مجددا ...ارسل لها ورقة الطلاق بسرعة مثلما طلبت هي !! لم يعد سامر يتحمل استفزاز طارق له فتقدم بسرعة مجتازا المسافة المتبقية بينهم بخطوات قليلة -انا لن اطلقها ...وهي ستعود الى بيتيها ..اليس كذلك يا سهى ..مد يده اليها ليلمسها لكنها انكمشت على نفسها وارتدت الى الوارء -اياك الاقتراب مني ..ابتعد ..ابتعد ..ابعدوه عني ..كانت سهى تتلوى على الكرسي ذو العجلات وهي تحاول النهوض لتلوذ بالفرار بعيدا عن اي مكان يجمعها به كانت اشبه بطفلة مذنبه يسوقونها الى مكان العقاب وهي تجاهد للتخلص من العقوبة ...لم تستطع التحرك فبكت بصوت مسموع وهي تصرخ بهستيريه ..ابعدوه عني سوف يقتلني ..ابعدوه تراجع سامر لا اراديا الى الوراء والألم في فؤاده لا يفوقه الم في العالم كله ..سهى من كانت تتحرق شوقا للمسة منه او لكلمة منه ..خائفة ومنكسرة ومرتعبه الى حد الجنون ..هل فعل بها هذا حقا!! هل اصبح الوحش الكاسر بنضرها وليس ذلك الزوج الحنون الذي كانت تحيطه برعايتها واهتمامها ّ! قال بصوت مرتجف .. -سهى ..انا فقط اريد ... -لا تتكلم معي ..لا اريد ان اسمع صوتك الى اخر يوم في حياتي لقد وصلنا الى خط نهاية لا رجعة فيه ...لقد قتلتني وما تراه الآن هو بقايا سهى ...اتمنى ان لا تعرقل عملية الطلاق لان هذا اكبر معروف تقدمه لي في حياتي دفع طارق الكرسي مجددا بعد ان اشارت له هي بذلك ..لم يتكلم عمر شقيقها ولا والدتها التي كانت توجه له نضرات نارية مليئه بالكره والنقم ..احس باحساس غريب لم يشعر به من قبل ابدا النبذ ..الضعف ..العجز ..الخسارة ..نعم هذه هي الخسارة ..الخسارة الفادحة فلقد خسر كنزا كان في يده اضاعه بطيشه وغباءه .. صوت اغلاق باب سيارة طارق ايقظه من افكاره ..ليراها تسند رأسها على الزجاج موجهتا له نضرة منكسرة وحزينه ..ادمت قلبه بلا رحمة ..ابتعدت السيارة ليبتعد أمل عودتها الى حياته مع ابتعاد السيارة بالتدريج الى ان اختفت في نهاية الشارع ... ** *** ** -اين ذهبت تلك الحقيره اين ولولت والدة سجى وهي تلطم على خديها وتقول -لقد ماتت ...قتلت نفسها يا رجل ...ماتت ..ماتت كل هذا بسببك عليك اللعنة قتلت ابنتي الوحيدة ...حرق الله قلبك كما حرقت قلبي وحياتي -اخرسي يا امرآه هل انت غبية لهذه الدرجة ..ولماذا تقتل نفسها وتأخذ ملابسها واغراضها معها ؟؟ ولماذا سحبت مبلغا ضخما من البنك ؟ كفاك غبائا يا امرأه توقفت عن البكاء وقد لاحضت ان كلام زوجها منطقي _اين يمكن ان تكون !! اعد لي ابنتي !! اعدها -سوف اعيدها رغما عنها ...لابد انها هربت مع ذلك الغبي ..لقد علمت ان قدومه الى المدينه سوف يجلب المتاعب ... اخرج هاتفه النقال من جيبه واجرى اتصالا -ابنتي مختفية ...ابحثوا عنها في كل مكان ..لا تتوقفوا عن البحث مشطوا المنطقة اغلق الهاتف بحركة غاضبه وقال وبريق الغضب يلتمع في عينيه ... -سوف تعودين وسازوجك رغما عن انفسك يا سجى *** **** **** *** بعد محاورة طويلة جدا ومناقشة من سجى وغيث عانى فيها غيث من الأمرين بسبب عناد سجى وتزمتها هدر بها غاضبا -يكفي ثرثرة وعنادا !! هذا اخر ما استطيع تقديمه لك اجابت سجى بتململ -لكن سيد غيث ..انا لا استطيع البقاء هنا في بيتك ! هذا لا يجوز اخذ غيث نفسا طويلا ثم قال بنفاذ صبر وهو على وشك الانفجار -انت لن تبقي معي .. انا اقوم بعمل مزودج في هذه الفترة عملي يبدأ صباحا وينتهي في الليل ..اعود الى هنا لأنام فقط ..وانا لا استطيع فهم شيء واحد الآن ..انا اقوم بمساعدتك وانت تعترضين ؟؟ اذهبي وتشردي في الشوارع مادخلي انا !! -شأنك رغما عنك ..الم تخرجني من البحر ..عليك التكفل بي ! -وياليتني لم افعل ...ياليتني رميتك بنفسي من البحر لأتخلص من ثرثرتك هذه وعنادك -حسنا ..انا موافقة ...سوف ابقى هنا لحين خروجي من البلاد ..لكن ماذا سافعل طول اليوم ..منزلك يبدوا كئيبا جدا -هذا هو كل ماهو متوفر حاليا ...اعتبريه قصرك الصغيرة يا اميرة الساحل -حسنا ..حسنا جالت بنضرها حول المكان ثم قالت -لا بأس بتغير الديكور قليلا اليس كذلك ؟ نضر اليها غيث مطولا وقال وهو يأخذ نفسا عميقا -افعلي ما تشائين ...ارحميني منك فقط توجه نحو الكرسي الصغير الموجود في نهاية البهو ..خلع قميصه بسرعة ليستبدله بأخر قديم مخصص للعمل ..ابعدت نضرها عن جسده المفتول بالعضلات خجلة منه ..جاذبيه مدمرة وجسد رياضي اسمر لفحته الشمس مطولا .. خرج من البيت بعد ان استبدل ثيابه دون ان يقول لها شيئا تجولت في المنزل الصغير وقررت عمل شيء مفيد ..التنضيف اولا ..رغم جهلها بقواعد التنضيف البسيط الى انها بذلت جهدها وهي تقوم بالنتضيف والترتيب بعد ساعات طويله من المسح والغسل واعادة التريبت احست بالرضى التام وهي ترى ما صنعته يداها ..بدا المكان كأنه كوخ اخر اختفت الفوضى تماما .. لكن ذلك الشيء الذي وجدته في الحمام جعلها تشعر بالمغض والغثيان في آن واحد ملابس داخلية نسائية فاضحة ...ذات لون وردي فاقع ..احست بالغضب لكنها نهرت نفسها وقالت في قرارة نفسها وما شأني انا ؟ هو حر في تصرفاته سيطر العبوس على وجهها والصور الفاضحة له مع امرأه اخرى تغزوا خيالها الخصب ..احست بالحر بعد ان تحركت كثيرا ونضفت كثيرا ..نزعت القميص بسرعة وقد قررت التوجه الى الحمام لكي تستحم وترتاح بعد جولة العمل الطويلة صوت فتح قفل الباب جمدها في مكانها ..استدارت ببطئ ناحية الباب ليقع قلبها بين قدميها وهي ترتجف بخوف من العينين التان كانتا ترمقانها
↚
الحب ..هل هو احساس ؟ ام هو غريزه ..هل هو احتياج ..ام هو فريضة ..هل هو شغف ..ام هو الغيرة هل هو الامان ..ام هو الشوق الحارق المؤلم ..ام انه انت يا ضرغام ؟ هل احببتك فعلا ام اني ضائعة بسبب تصرفاتك اللطيفة وعطفك الزائد علي ...هل بدأت تحس نفس احساسي ؟ هل تتمع عيناك عندما تنضر الي مثلي ؟ هل تحس برغبة في ضمي الى صدرك كما ارغب انا ..هل وهل ؟ استدار ضرغام ناحيتها وقال لها بصوت مرح لم تعهد سماعه من قبل -هل سيستمر تحديقك بي فترة طويلة ؟؟ احست ناز بالخجل قليلا واعتدلت في جلوسها وقالت له بنفس لهجته المرحة -لماذا اصبحت لطيفا معي الى هذه الدرجة ؟ في الاربعة ايام التي مضت لم تتركني لحضه واحدة واعتنيت بي وبكاحلي المصاب ..ما سر هذا اللطف تغيرت ملامح ضرغام وقال لها بهلجة ثابته -ربما عرفت قيمة الكنز الذي في يده .. افلتت يده اليمين المقود وبحث عن يديها القريبتان منه وقبض على يدها بشدة وقربها من فمه ليلثمها ونضره لم يحيد عن الطريق الطريق الذي كان يقود سيارته خلاله ..سحبت يدها بسرعة بعد ان احرقت قبلته الرقيقة يدها .. ... كانت الايام الاربعة التي تلت تلك الحادثة من اجمل الايام التي مرت على حياتي ..قالت ناز لنفسها وهيت تتذكر لطف ضرغام المبالغ فيه وكيف كان يعتني بها ويقوم بوضع المرهم الطبي على كاحلها المصاب مع المساج الرياضي الذي كان يقوم به ببراعة الى أن شفيت تماما ...كان يهتم بها كالطفلة وهي لم ترفض هذا الدلال ابدا خططت للأبتعاد عنه وتجاهله تماما ..لكن هل هناك حصن منيع لا تستطيع تلك العيون البنية الساحرةاختراقه ؟...استمتعت باهتمامه الرجولي بها فهذا يعزز شعورها بانوثتها وبأنها جملية مرغوبة .. احنت رأسها بخجل وادارته الى الجهة الثانية وهي مازالت تتذكر اجمل اربع ايام في حياتها ..حتى ان عبير اصبحت تعاملها بلطف عندما رأت لطف زوجها واهتمامه بها تغيرت معاملتها لها ..وكذلك الجميع توقعت ان تبتعد شهد عنها وتتجنبها بعد ان علمت بحقيقة الماضي ولكن وياللعجب معاملة شهد اللطيفة لم تتغير معها ابدا بل اصبحت اكثر لطفا ...احترام الزوج لزوجته وتقديره لزوجته امام اهله يجعلهم يعامولها كأنها ملكة لان احترام الزوجة يأتي من احترام زوجها لها اولا .. تذكرت فرحة العائلة الكبيرة قبل ان يغادروا ..فشهد جائتهم بالخبر السعيد الا وهو حملها باول طفل وحفيد في عائلة العمري ..تذكرت كيف دخل عليهم نزار البارحة حاملا شهد بين يديه وهي تصرخ به وتطلب منه انزالها ..زفوا الخبر السعيد للجميع ففرحت والدتها كثيرا بعد انتضارهم لمثل هذه البشائر منذ زمن طويل ...بكت بفرح وهي تقبل رأس ابنتها ..تأثرت ناز من اهذا المنضر وتخيلت والدتها تقوم بمثل ...اما تأثر ضرغام بالخبر السعيد فقد كان حدثا خاصا لوحده احتضن شقيقته بفرح وهو يبارك لها ..هل كانت تلك اللمعة في عينيه هي دموع الفرح ام انها تتخيل فقط ؟ احتضن جسد شقيقته بحب ..واهدى الطفل قبل ان يأتي الى الحياة سيارة حديثة الطراز وذات مبلغ خيالي بالاضافة الى فيلا تسجل باسمه فور قدومه الى الحياة - سوف اجعله نسخة مني سيكون ضرغاما صغيرا في المستقبل احتج نزار وقال وهو يقرب شهد منه ويحتضنها بتملك _ابني لديه والد يجب ان يقتدي به ...انجب ولدا بنفسك واجعله نسخة منك سعلت ناز بشدة من كلام نزار واحمر وجهها عندما جاء ذكر الاطفال وحاولت شغل نفسها بعمل شيء اخر لكن جواب ضرغام السريع جعل انفاسها تنقطع _سوف نفعل هذا باسرع وقت ممكن اعترضت شهد قائلة . -هيي انتم جميعا ..قد تكون فتاة وبالتأكيد ستكون مثل والدتها الجميلة الحسناء .. .. كلمة سوف نفعل واستخدامه لصيغة الجميع جعلتها تشعر بالدوار ...هل يخطط فعلا لأنجاب اطفال ام انه قال هذا لغاية ما في نفسه رسمت ناز لها صوره وهي حامل ..تحمل طفل ضرغام في احشائها وضرغام يحاوطها بحبه وعطفة وحنانه ..ترى هل سيحصل هذا يوما ما ؟ وهل ستكون ردة فعله سعيدة كالتي كانت قبل قليل عندما احتضن شقيقته ام ان حقد الماضي سوف يكون له حضور اكبر .. -ها قد وصلنا ..هتف ضرغام بتعب وهو يفرك عينيه باصابيعه السمراء ... حمل الحقائب واخرجها من السيارة بعد ان ادخلها في كراج الفيله خاصته ..جاء السواق راكضا اليه ليحمل الحقائب بدلا عنه ..بقيت ناز واقفة وهي تنضر اليه دون ان تنطق شيئا فقال لها اخيرا -يجب ان اذهب الى الشركة فورا ...هناك بعض الامور العالقة ..انتضريني على العشاء سوف ابذل قصارى جهدي لأعود مبكرا .. ابتسامته العذبه المرتسمة على شفتيه رغم تعبه اذابت قلبها وجعلها تهتف دون وعي -سوف اكون بانتضارك بالتأكيد ... عاد لسيارته مجددا وانطلق ذاهبا الى الشركة ..لعنت ناز نفسها ووبخت نفسها على اندفاعها هذا ..مالذي سوف يقوله الآن عنها ..انها لا تطيق صبرا لعودته و للانفراد به دخلت البيت وهي تشعر بالفرح الشديد ..نضرت الى الصرح الشامخ لبيت ضرغام الذي هو ايضا بيتها وهي تشعر ان هذا البيت الكئيب سيكون جنة عن قريب!! تهللت اسارير سهير عندما رأتها ورحبت بها بحرارة وحفاوة قررت ناز اليوم ان تقوم بزيارة والدتها ومايا فلقد اشتاقت لهم كثيرا ...قامت باستبدال ملابسها واختارت شيئا بسيطا جدا حتى لا يضن سكان حيها الفقير انها تكبرت عليهم لكن قبل الذهاب الى الحي ..ذهبت الى المصرف الوطني ..سحبت مبلغا من المال من الحساب المشترك الذي قام ضرغام بفتحه في المصرف لها ...استقلت سيارة الأجره بعدها قاصدتا حيهم الفقير نزلت من سيارة الأجرة بعد ان نقدت السائق .. جالت بنضرها على تلك الازقه الضيقة والمتسخة والاولاد ذوي الملابس القديمة الممزقه الذين كانوا يلعبون كرة القدم ...وليست اي كرة ..كرة مصنوعة من الخرق البالية ..يلعبون متعثرين ببرك الماء الآسنه المنتشرة في كل مكان ..ادمى قلبها هذا المنظر وتوجهت الى بيتها بسرعة جلست مع والدتها ومايا لوقت طويل تبادلوا فيه اطراف الحديث ..علمت ان خالها لم يزرهم بعدها ابدا ولم يسأل عن حالهم ..كم كرهته ونقمت عليه ..اخبرتها ناز بانها ليست بحاجة للعمل على الماكينه مجددا وفرحت والدتها بهذا الشيء ..اما مايا فكانت تقص عليها مشاكلها في الثانوية واخر اخبارها ..اعطتها نقودا لتشتري اغراضا خاصة لها وملابس ايضا ..مايا اختها واكثر انسان مهم في حياتها بعد والدتها ..حرمت من اشياء كثيرة في طفولتها ولهذا ناز تحاول ان تسعدها باي طريقة ممكنه . _حسنا يجب ان اذهب الى المختار ..قالت ناز وهي تقف متوجهة نحو الباب حاملتا حقيبتها الكبيرة تفاجأت والدتها وكذلك مايا مما قالته فسألتها _وماشأنك وشأن المختار الآن يا بنيتي _عمل مهم يا أمي ..حسننا . انا ذاهبه ..الى اللقاء بعد دقائق كانت تجلس في بيت المختار قالت له دون مقدمات بعد ان اخرجت النقود من حقيبتها _سيدي المختار اود ان اقوم بتقديم هذا المبلغ الى ابناء الحي وبالاحرى ليس انا من يقدمه لكن السيد ضرغام العمري يقدمه لكم ..وبالأخص الى الاولاد الصغار..اتمنى ان يخدم اهالي الحي ولو بشيء بسيط لم يعرف المختار كيف يشكرها ..كرر كلمة شكرا وبارك الله فيك وفي زوجك الف مرة قبل ان ترحل ناز ..شعرت بالفخر وبالارتياح في الوقت نفسه ..ما أجمل ان نزرع بسمة على شفاه التعيسين ونقوم بمساعدتهم ! عادت الى البيت وهي تقفز فرحا عندما دخلت الى البيت وهي تحمل حقيبتها على كتفها وتقفز هنا وهناك كأنها طفله صغيرة حصلت لتوها على جائزة كبيرة ..رأتها سهير فتقدمت ناز وهي مازالت تمشي مرحا وبخفة _سهير اطبخي عشاءً لذيذا الليلة ..انا ذاهبة الى الاستحمام ..هيا استعجلي ضرغام قادم في اي لحظة توجهت نحو الغرفة وأخذت المنشفة وهي مازالت تتراقص بخفة وفرح ..ملأت حوض السباحة بالمياه الساخنة والمعطرات ومختلف انواع الزيوت ..أخذت تدندن لحنا وهي تسمتع بالماء الساخن لم تعلم ما هو مصدر سعادتها هذه ! هل هو لطف ضرغامها ام مساعدتها لأبناء حيها اليوم ام ان الحياة جملية لكننا لا نحس بطعمها ! خرجت من الحمام وتوجهت نحو الخزانة أخرجت قميصا اسود اللون بدون أكمام مكشوف الظهر وذو حجم ضئيل بالكاد يصل الى اسفل بطنها ..ارتدت معه تنورة طويلة جداً وذات فتحة طويلة ومستفزة ...جمعت شعرها على شكل كرة فوق رأسها ..أغرقت نفسها بأحد العطور الفرنسية نزلت بسرعة الى الطابق السفلي ..القت نضرة سريعة على جميع أنحاء الطابق لتتأكد من وصوله - هل تبحثين عن شيء ما ؟، صرخت ناز بجفل وهي تضع يدها على قلبها - لقد افزعتني ابتسم ضرغام بمكر وقال لها وهو يقترب منها اكثر وقال لها بهدوء - هل انت ذاهبة الى حفلة ما !؟ وضع يديه على خصرها وهو يتحدث ..سرت رعشة في جسدها بسبب قربه منها فقالت له بصوت مرتعش - كلا ...انها ملابس عادية يرتديها المرء عادة في الشارع احكم على خصرها بشدة وقال لها بحزم - ارتديها في الخارج لامزقها الى قطع صغيرة قبل ان تخرجي من البيت ضحكت لتوحي له ان تهديده الصارم وصل اليها كمزحة - هيا حسننا فلتناول العشاء الذي حضرته سُهير _لا رغبة لي بالطعام انا متعب جداً ..اريد الاستحمام اولا ..وافيني الى الغرفة وافيني الى الغرفة ماهذا الطلب الغريب !! ابتعلت ناز ريقها بصعوبه وتوجهت الى المطبخ ..وجدت سهير والخادمة ليندا منهمكين في تحضير الطعام ..فقالت لهم -يبدوا ان السيد سيستحم اولا ..سأسأله ان كان يريد تناول العشاء ام لا تنهدت سهير بضيق وقالت -ارجوا ان لا يذهب تعبي سدا .. صعدت ناز الدرج المؤدي الى الطابق العلوي ببطئ وريبة ..تمنت ان لاينتهي هذا الدرج الى الأبد ..احست بالخوف والارتباك عندما تذكرت كلمته ..وافيني الى الغرفة دخلت الغرفة المنشودة لتجدها تسبح في الظلام ويكسر هذا الظلام ضوء خافت موجود على الطاولة الموجودة بجانب السرير الواسع ..ملابسه متكومة على
الارض بفوضوية ورائحة عطره النفاذه احاطت المكان بجو غريب لم تعرف ناز كيف تفسره ..تقدمت اكثر لتجد باب الحمام مفتوحا والابخرة تحجب الرؤية قليلا ..من خلال الابخرة المتصاعدة لمحت عيني الاسد التي كانت تتطلع اليها بنضرات غريبة جدا قالت له بارتباك وهي تمسك بباب الحمام -انا اسفة ..الباب مفتوح ..أأه سوف اغلقة ..كانت تهم باغلاق الباب لكنه قطع كلماتها المرتبكة وقال لها بصوت يتخلله التعب وهو يجلس في حوض الاستحمام المليئ بالمياه والصابون ذو الرائحة الزكية -تعالي الى هنا لا تغلقي الباب .. تحول وجهه ناز الى اللون القرمزي ووتمتمت بخجل وصدمة -ماذا !! _ناز ..انا متعب جدا ..انا مصاب بتشنج بسبب القيادة الطويلة والعمل لساعات طويلة اليوم ..الا استحق مساجا صغيرا .. وجهه الشاحب المتعب اكد لها صدق قوله ..تقدمت منه ببطئ وهو مازال يجلس في الحوض ..قالت له بصوت مليئ بالاهتمام والقلق -هل تتألم ؟ اين هو موضع التشنج .. رفع يديه المليئه بالصابون واشار الى كتفه فتقدمت وجلست على طرف الحوض ..اخذت زيتا خاصا بالتدليك موجود بالقرب من الحوض ..وضعت القليل من الزيت على راحة يدها وشرعت في تحسس مكان العظلة المشتنجة ..كانت متصلبه كالصخر ..احست ناز بالشفقة نحوه وكيف يهمل نفسه بهذه الطريقة ويغرق نفسه بالعمل الذي لا ينتهي استمرت في تدليك كتفه وهو ساكن بين يديها لا ينطق بكلمة واحدة ...احست بالخدر في يديها وفي ساقيها بسبب جلستها الغير متزنه على طرف حوض الحمام ..حاولت التحرك قليلا لتغير جلستها لكن الصابون المنتشر في كل مكان جعلها تفقد توازنها لتقع في الحوض وتضرب وجهه ضرغام بقدمها وهي تغوض في الحوض ..تخبطت وشهقت بقوة ومسحت الصابون الذي غطى وجهها وهي تحاول النهوض والخروج من الحوض واطلقت عدة صرخات صغيرة وهي تقول _انا اسفة ..حقا انا غبية .. ضحكة ضرغام القصيرة جعلتها تشعر فعلا بالغباء ..ثم قال لها بصوت اجش مليئ بالغموض _لكن هذا من حسن حظي وفرتي علي الكثير .. وقبل ان تفهم ما كان يعنيه نهض قليلا وامسك بها من ذراعها وسحبها بقوة ناحيته ليرتطم وجهها المبلل بصدره الدافئ ..قال لها بهمس بعدما اصبحت في احضانه في وسط الحوض _لم اعد اطيق صبرا ..يكفي .. وقبل ان تستوعب كلماته اطبقت شفتيه على شفتيها في قبلة محمومة..قبلها بقوة وضراوة وكأنه يؤكد لها بقبتله المحمومة مشاعره ناحيتها ...شفتاه التان ادمتا شفتيها راحتا ترسلان ذبذات عاطفية الى جسد ناز التي استكانت بين ذراعيه وراحت تأن بصوت مكتوم ابعد حمالة قميصها الضيل بسرعة فانتفضت بين ذراعيه من حركته هذه لكنه لم يترك لها المجال للهروب ..اعتصرها بين ذراعيه وكأنه يريد اداخلها الى داخل جسده لتكون جزأ منه ومن روحه ..ابتعد عنها اخيرا وقال لها من بين انفاسه المقطوعة .. _انت تفقديني صوابي ...نهض من الحوض وحملها وهو يقوم وخرج من الحمام مخلفين حولهم سيلا غزيرا من المياه وضعها على السرير برفق ووانكب فوقها ليعود الى شفتيها المحموتين ..لم يتوقف عن تقبيلها لحضة واحدة ... لكنها لم تبادله هي قبلاته المجنونة وحاولت دفعه قليلا لكن الضعف حل بجسدها واحست بوهن في روحها وانها هي الاخرى متعطشه لحبه ...بادلته قبلته بخجل وهو مازال يأسرها بأحكام بذراعيه القويتان ..بعد لحضات تخلص من ملابسها جميعها واصبحت يداه المتسلستان الى جسدها اكثر جرأه وتطلبا ...ابعدته عنها قليلا لتقول له بصوت متقطع _انت لا تفعل هذا اكمالا لأنتقامك ..اليس كذلك ..قل انك ..انك تحبني وتريدني .. استجدت عطفة وحبه عله يقول لها شيئا يجعلها تواسي نفسها به ..عله ينقذها من تخبطها وحيرتها ..عله يجعل ما يقومان به هو مزيج من حب وعاطفة وليس مجرد رغبة خالية من الحب قال لها وانفاسه الدافئه تلفح وجهها _ليس انتقاما ..انا اريدك ..انت لي ..أحبك كان يهم بتقبيلها من جديد لكنها وضعت يديها على شفتيه ودفعته قائلة _وكلامك مع شهد ..سجى ..انتقامك -انت لم تسمعي الجزء الاهم ..عندما اخبرت شهد بأن مشاعري تغيرت ناحيتك واني احبك .. ... احست ناز انها في عالم اخر وليس عالمهم الواقعي هذا ..انها فوق السحاب ..انها ملكة وملك قلبها ضرغام عاد لتقبيلها بجنون فسلمته روحها وجسدها ليعلمها اول دروس الحب في حياتها ..
في الصباح الباكر المشرق الجميل ..كسر جمال هذا الصباح وجه احلام المتغضن المكسور الحزين وهي تقول لأبنتها سهاد _مالذي تقصدينه يا سهاد اجابتها ابنتها الكبيرة وهي تحمل طفلها الذي كان يبكي ويصرخ دون هوادة _امي لا سلطة على زوجي انت تعلمين ...صدقا واقسم بالله اني اريدك ان تبقي هنا بجواري لكن حميد هددني بالطلاق ..انه منزعج من وجودك وشقتنا صغيرة كما تعلمين والاطفال ينامون عندي لانك اخذتي غرفتهم ..حميد منزعج جدا ولا يكف عن الصراخ في وجههي وانت لا يرضيك ان يتدمر بيتي واتشرد انا واطفالي ..امي انا ارجوك تنهدت احلام بضيق وهي تتذكر ما حدث البارحة عندما كانت تقف بجوار الباب الخاص بغرفة ابنتها وزوجها فسمعت صراخ حميد العالي في وجه ابنتها _كلامي واضح يا سهاد ..امك ليس مرحب بها هنا فلتعد الى بيتها !! وما شأني وشأنها _لكن يا حميد ..امي باعت شقتها التي كانت تسكن فيها انت تعلم هذا .. _فلتذهب عند سامر شقيقك ..الم تكن تسكن عنده ؟ ثم تعالي هنا واخبريني لما تركت بيته ؟ اي مصيبة افتعلت لتخرج من البيت ارتبك وجه سهاد وقالت له بصوت مرتجف _لا ..لا امي لم تفعل شيئا ! صدقا لكن تعلم ان زوجة اخي لا تحبذ مكوث والدتي عندهم شخر حميد بسخرية وقال _ ومن يحبذ بقاء عقرب سام في بيته _ارجوك حميد ..لا تقل هكذا عن امي ..هدر حميد بوجهها بعد ان اختفت ملامح الضحك الساخر عن وجهه _ارجوك انت ..لا تجعليني اغضب عليك ! والا قسما بالله العلي العظيم ..اطلقك واخرجكم انتما الاثنان من هنا ..انا لا اصدق متى اعود الى بيتي لارتاح من تعب اليوم لأجد الاطفال يجلسون في غرفتي ويلعبون ويصرخون لان جدتهم تمكث عندنا !! هذا اخر كلام لي وتصرفي !! عادت احلام الى ارض الواقع لتجد وجه ابنتها الممتقع واولادها يصرخون ويقفزون هنا وهناك ..تركزت على طرف الطاولة وقامت ببطئ _حسنا انا راحلة لا تقلقي يا ابنتي .. *** *** **** ياللهي امي ماهذه الحقائب _... _زوج سهاد لا يريدني ان ابقى عندهم يا ابنتي لم اجد غيرك يا نادية ارتبكت نادية قليلا وقالت بصوت يشوبه القلق _آآه امي لكن ..وقبل ان تكمل جملتها جاء زوجها جهاد من خلفها قائلا _انت لست مرحبا بها هنا ..هل اصبح الآن منزلي ملجأ لك ؟ الم تسخري مني ومن عملي ومن بيتي ؟ ارحلي من هنا على الفور فانا لست ذلك الشخص الطيب الذي ينسى الماضي وينسى معاملتك الحقيرة لي وكيف كنت تقارنين بيني وبين بقية ازواج بناتك خرجت احلام من بيت ابنتها وهي تبكي ...هل هذا جزاء الله لها لما فعلته بسهى وتعذيبها لها ؟ ! على الرغم من سكنها في بيت سهى وسامر الا ان سهى لم تعاملها بالسوء ابدا ...رغم استفزازها لها ونعتها بابشع الصفات ومحاولتها لأزعاجها الدائمه وتخريب سعادتها الا انها لم تنطق بكلمة واحدة ولم تخطئ في حقها ابدا ! كانت لطيفة وتبتلع اهاناتها بصمت ..والآن سهى قابعة في المشفى وسامر يرفض عودتها الى بيته لانها خربته ودمرته بحقدها وتصرفاتها الغير موزونه ..بدأ الندم ينهش عقلها وروحها .. كيف استطاعت قتل حفيدها بتلك الطريقة البشعة ..استندت على الجدار في احد الشوارع لتجهش بالبكاء المرير ...
↚
صوت مياه جارية التي استمرت طويلا ايقضتها من نومها بأزعاج...فتحت عينيها ببطئ وتمطت على الفراش ..تطلعت الى السقف الابيض لفترة طويلة وهي تبتسم لذكرى الليلة الماضية ..زحف الاحمرار الى وجهها وهي تتذكر همساته وكلامه المعسول ..عرفها على دنيا كانت تجهلها من قبل ولم تعشها الا معه ..احست بأنها امرأة مرغوبة وجذابه بسبب رقته معها ومعاملتها على أنها شيء ثمين ونفيس ..بعد تجربتها القاسيه مع كمال ونبذها لها وتخليه عنها في اول امتحان احست بانها امرأه فاقدة الجاذبيه وغير جميلة ...لكن ضرغام اثبت لها العكس ..انتفضت فجأة عندما انقطع سيل المياه الجارية فادركت انه انتهى من حمامه ..ركضت بسرعة الى الخزانه واخرجت روبا طويلا وارتدته على عجلة ..صحيح ان الحاجز انكسر بينهم الا انها مازالت تشعر بخجل شديد منه ..استدارت بسرعة لتجده خرج من الحمام وهو يبتسم ابتسامة لم تراها على وجهه على الاطلاق !! ابتسامة مدمرة تجعل النساء يقعن صرعى تحت قديمه ...كانت يرتدي منشفة حول خصره كالعادة ..تقدم منها فابتسمت بارتباك له..ارتبكت من نضرته التي كانت اشبه ما تكون برجل مخدر تماما ..امسك خصرها وقربها منه لتلتصق بجسده الرطب ولثم رقبتها ببطئ معذبا اياها وقال لها بعد ان ابتعد عنها قليلا ليراقب انفعال وجهها _صباح الخير يا عروسي . احست بان خديها اشتعلا خجلا وان النار تخرج من اذنيها .. ..اكمل قائلا _كم انا منزعج فعلا لاني مضطر الى الخروج الى الشركة فلدي امور عالقة كثيرة ..لكن سوف اعوضك بسخاء عندما اعود يا قطتي .. حاولت ناز التملص من سجن ذراعيه لكن عبثا تحاول -حسنا ..حسنننا قهقه ضرغام بضحكه طويلة مستمتعا بحيائها فقال لها وهو يحكم ثبيتها بين ذراعيه _يعجبني حيائك الطفولي هذا وخجلك ...لكن لا مجال للخجل من الآن فصاعدا فنحن واحد ولقد اثبت ذلك لك البارحه تملمت بضيق بين ذراعيه وقالت له بصوت ضعيف _ضرغام يكفي .. اطلق ضحكة اخرى وهو يتركها ويقول لها _حسننا ..سوف اصبر نفسي لحين انتهاء العمل ..ساحاول العودة بسرعة ..قطتي كان يتعمد ان يقول لها قطتي ..لانها خدشته البارحة دون ان تقصد ..تحرك نحو الخزانه واخرج بذلته الرسمية الرمادية اللون ..هم بخلع المنشفة فصرخت به ناز _ياللهي مالذي تفعله ..انتضر سوف اخرج اولا اجابها مع نضرة ساخرة مرسومة على وجهه -لا يوجد شيء جديد في الموضوع _.. _اوووه ضرغام ..يكفي ...القت كلماتها وخرجت على الفور من الغرفة وهي تضع يدها على قلبها ..دخلت احدى الغرف ويدها مازالت على قلبها الذي كان يخفق بشدة القت بجسدها على السرير بقوة وبرشاقة ..ابتسمت وهي تفرد يديها بحبور ...هل من المعقول ما حصل يا ضرغام ..هل اصبحت زوجي فعلا ! هل تحبني حقا مثلما همست في اذني البارحة ..هل ملكت قلبك ؟ هل ازحت ذلك الجليد الذي كان يحاوط قلبك الصخري المتحجر ..اطلقت تنهيدة طويله عبرت عن ارتياحها ..وكأن هموم الدنيا كلها ازيحت عن قلبها وعن حياتها ...فعلا الحياة جميلة عندما نعيشها مع من نحب لكن هل سيستمر هذا طويلا ...ربما سينبذها بعد فترة ويكمل بقية انتقامه ..لماذا ذهب الى العمل بعد اول تطور حصل بينهم اليس من المفترض يبقيا سويا ...طردت هذه الافكار من رأسها وعزت نفسها بان ما حصل كان حبا ..نعم بداية حب بينها وبين فارس قلبها وان تخلفه عن العمل لأيام عديدة هو سبب ذهابه اليوم سمعت هدير محرك السيارة خارج المنزل فعلمت انه خرج من البيت .. عادت الى الغرفة لتجد سهير ترتب الغرفة وعلى شفاهها ابتسامة عريضه فقالت فور دخولها الى الغرفة _صباحك مبارك يا عرووس ضحكت ناز بحياء واخذت منشفة من احد الادراج لتستعد الى الاستحمام وهي تمتم بصوت خافت _شكرا لك سهير ..
صرخت مروى بصوت عالي جدا وبشكل هستيري مجنون وهي تكسر وتبعثر جميع محتويات الغرفة صرخ كمال بوجهها هو الاخر وهدر بها غاضبا قائلا _يكفي ايتها المريضة النفسية ...يكفيك صراخا لقد جننتيني فعلا ..ماالذي تريدينه الآن ..يكفي يكفي ... صرخ هو الاخر وهو يقترب منها ازداد صراخ مروى حدة وهي تضربه بكل ما أوتيت من قوة ...حاول ان يمسك بها وان يوقفها لكنها كانت كالاعصار ..تصرخ بصوت عالي ومثير للخوف يجعل من يسمعه يعتقد انها مصابة بمس او جنون _مازلت تحبها اليس كذلك ؟ وجههت ضربه الى وجهه واخرى الى معدته ...تأوه كمال بألم وهو يحاول امساكها لكنها كانت كالثور الهائج تماما لا احد يستطيع ايقافه _تحبها ...تحب ناز ايها الوغد .. يفترض بك ان تحبني انا ..انا وليس هي عادت لتضربه من جديد لكنه امسك بها جيدا هذه المرة _يكفيك جنونا ايتها الغبية ...انا لم احبك يوما لولا ديوني الكثيرة تجاه والدك لطلقتك على الفور وعدت الى حبيبتي الحقيقة ناز ..انت مجنونه ومن يحب مجنونه مثلك ...دفعته بعنف ازداد صراخها حدة وقالت له بعد ان مزقت قميصها _لماذا لم تعد تلمسني ..لماذا هل تفكر بتلك الحقيرة ناز تبا لك لها تلك الخرقاء هل تفضلها علي انا هل تعاشرها دون علم زوجها ..امسكت يده بقوة وجذبتها نحوها وهي تمررها على جسدها -الم يعد يجذبك هذا الجسد ؟ ها الم اعد اعجبك ثم صرخت به بحدة _تكلــــــــــــم لا تدر وجهك هكذا ابعد كمال يديه بقرف عن جسدها وكأنه يمسك شيئا نتنا _جسدك هذا لا يجذب اي رجل في العالم ..جسد متسخ بلمسات آلاف الرجال من قبلي فماذا يجذبني فيه ؟ صرخت به بحدة وهي تضرب نفسها وتلطم على وجهها بكلتا يديها _هل تريد العودة الى ربة الشرف والعفاف ؟ هل تفضلها علي ...لا تحلم كثيرا هي متزوجة الأن ثم اطلقت ضحكة مجنونة وهي تمسح دموعها _متزوجة نعم لكن هي مازالت تحبني ..لا تتدخلي فيما لا يعنيك ..سوف اعود اليها فالحياة معك لا تطاق انت كريهه الى ابعد حد _تعود اليها ايها الوغد الحقير نجووووووووووم السماء اقرب لك من العودة اليها ..سوف ادمركم ..سوف اقتلها واجعلك تموت بحسرتك ..هل سمعت هذا ايها الكلب الوضيع ..اقتلكم انتم الاثنان بيدي هاتين ..صرخت بعدها بحدة وتوجهت نحو الحائط لتضرب رأسها به الى أن ادمته ووقعت مغشيا عليها لتدخل بعدها مربيتها مع الطبيب الذي حملها بسرعة كالعادة ووضعها على السرير ليعطيها ابرة المهدئ المعتادة ... ** *** *** ** _سيدة ناز ..وصلتك مفاجأة جميلة .. تركت ناز جهاز التحكم ونهضت من امام التلفاز باتجاه سهير التي كانت تحمل باقة كبيرة من الورود الحمراء وهي تتقدم باتجاه ناز اخذت الباقه منها وعلى وجهها علامة استفهام وابتسامة استغراب ...اخرجت البطاقة الكبيرة من بين الزهور لتفتحها بعدها فقرأت الكلمات المكتوبة وقلبها يخفق بشدو اشهد أن لا امرأة اتقنت اللعبة إلا أنت واحتملت حماقتي عشرة أعواماً كما احتملت أشهد أن لا امرأة تجتاحني فى لحظات العشق كالزلزال تحرقني تغرقني تشعلني تطفئني تكسرني نصفين كالهلال وتحتل نفسي أطول احتلال واجمل احتلال إلا أنت يا امرأة أعطتني الحب بمنتهى الحضارة وحاورتني مثلما تحاور القيثارة تطير كالحمامة البيضاء فى فكري إذا فكرت تخرج كالعصفور من حقيبتي إذا أنا سافرت تلبسني كمعطف عليها فى الصيف والشتاء أيتها الشفافة اللماحة العادلة الجميلة أيتها الشهية البهية الدائمة الطفولة أشهد أن لا امرأة على محيط خصرها تجتمع العصور وألف ألف كوكب يدور أشهد أن لا امرأة غيرك يا حبيبتي على ذراعيها تربى أول الذكور وآخر الذكور إلا أنت اشتقت لك يا قطتي ... احست ناز انها تطير فوق السحاب بعدما قرأت تلك الكلمات العاشقه المتلهفه ...دق قلبها بسرعة وتمنت ان ضرغام امامها في هذه اللحضة لتحتضنه فقط ... رن هاتفها فتركت الباقة على الطاوله الخشبية وركضت نحو الهاتف وهي متأكده كل التأكيد انه ضرغام _مرحبا ...ضرغام شكرا على الزهور الرائعة -ناز انا كمال ..اود لقائك بسرعة ارجوك ... تجمدت يدها على الهاتف واحست بالخوف والغثيان في آن واحد وبارتجاف وكأنها تلقت صفعة للتو على وجهها
صوت فتح قفل الباب جمدها في مكانها ..باتت ضربات قلبها اشبه بصوت قرع الطبول في القابائل الهندية عندما تمارس اعارفها . ..ادارت جسدها ببطئ شديد وحذر ناحية الباب ليقع قلبها بين قدميها وهي ترتجف بخوف من العينين التان كانتا ترمقانها..تغضن وجه المرأه الواقفة عند الباب وبات يشبه اشبه بالورقة المجعدة ..انطبق حاجباها على بعض في صدمة ومطت شفيتها بسخرية لاذعة قبل ان تقول بغضب شديد واضح من نبرة صوتها _من انت ايتها الحقيرة ومالذي تفعلينه هنا !!..هل فعلها غيث هل نفذ تهديده .. تقدمت ودخلت الى الكوخ وسجى تقف في مكانها لا تتحرك ويديها مازالتا جامدتين على القميص الذي خلعته للتو وضعت ماكانت تحمله على الطاولة واخذت نفسا عميقا قبل ان تقول بصرامة بصوتها الرخيم –لقد نفذ تهديده ذلك الوغد ..ولكن مالذي وجده فيك ايتها البشعة ليتزوجك ّ!! انت بشعة جدا وانا اجمل منك بألآف المرات ّ!! رمشت سجى بقوة وسرعة واشتعل غضبها من نعتها بالبشعة فثارت بوجه تلك الشبيهه باللعبة ذات الشعر الاشقر والمكياج الصارخ _ومن انت لتنعتيني بالبشاعة ؟ اضن انكم لا تملكون مرآة في البيت لتري وجهك الملطخ بالزينة ؟ انضري الى ساقيك الرفعيتين هذه ..اشبه بعيدان الكبريت ..فتاة مثلك لا يجب ان تتدعي الجمال ..فانت مزيفة من الرأس حتى القدمين تحول وجهه المرأه الأخرى الى اللون القرمزي وصرخت بوجه سجى بقوة _ماهذا يبدوا ان غيث قرر خيانتي مع فتاة سوقية جدا .انا اهنئه اراد ان يجرحني بارتباطه بفتاة مثلك وقد فعل ذلك بجدارة .. ..وانا التي جأت اليوم مع كعكة للأحتفال بذكرى تعارفنا ...لأجده سوف ينفذ ما قال بالحرف الواحد .. !! اخرجت الكعكة المليئة بالكريمة وقطع الفواكه ووحملتها بيدها وهي تنضر اليها بحسرة وقالت -يا خسارة يا غيث ..لم اتوقع انك قاسي الى هذه الدرجة _ شخرت سجى بسخرية وقالت لها بصوت استفزازي لترد لها قليلا من اهاناتها اللاذعة -تستطعين اكلها بمفردك فانت بحاجة الى قليل من اللحم ليكسوا عضامك البارزة تلك .._ لم تعد الشقراء تتحمل سخرية سجى ذات العيار الثقيل ...فزمت شفتيها بقوة وارتدت يدها الى الخلف قليلا واطلقت صرخة قوية وهي ترمى الكعكة بكل ما اؤتيت من قوة لترتطم الكعكة بوجه سجى ..احست سجى بالألم في انفها من ارتطام الكعكة بوجهها ..مسحت عينيها بسرعة لتبعد الكريمة عن مرمى بصرها وحملت بقايا الكعكة واطلقت صرخة ثائرة وانطلقت بسرعة نحو غريمتها التي تراجعت الى الخلف قليلا بسبب غضب سجى الثائر احكمت سجى الامساك برأس الفتاة لتلطخ الكعكعة في وجهها وتقوم بفركها بقوة وهي تقول لها -هل هل تشعرين بالغيرة لانه نبذك لسبب ما ؟؟ تستحقين هذا ايتها النحيلة المقرفة دفعتها المرأه تلك بقوة لتسقط على الارض وجلست فوقها وهي توجه لها الصفعات القوية ...دفعتها سجى هذه المرة وامسكتها من شعرها وسحبتها الى خارج الكوخ وركلتها بقوة على مؤخرتها لتقع متعثرة على الارض وهي تصرخ بألم وغضب .. هتفت سجى بها قبل ان تغلق الباب بعنف -اذهبي من هنا ايتها الحقيرة واياك والعودة الى هنا هل فهمتي !! اغلقت الباب بعدها وقامت باقفاله وهي تسترجع انفاسها المقطوعة ...نضرت الى الفوضى التي تعم المكان واحست برغبة بالبكاء ولم تعرف سر هذه الرغبة..جلست على احد الكراسي ووضعت يدها على كتفها وهي تتنفس بصعوبة مالذي ستقوله هذه البلهاء لغيث ! لقد اكدت الاتهام الذي اتهمته به واعطتها انطباع ...لن يرحمها غيث اذا علم بالأمر وسوف يطردها من البيت بالتأكيد ..لكن ذلك الغبي المتحاذق غيث لم يخبرها بانه لديه حبيبة ..لابد انها صاحبة الملابس الداخلية التي عثرت عليها هذا الصباح استجمعت قواها وقامت بتنضيف بقايا الكعك المنتشرة على الارض ..بعد ان انهت التنضيف توجهت مباشرة نحو الحمام ,,,كان الحمام صغيرا جدا لدرجة ان يديها وصلت الى السقف وهي تقوم بغسل شعرها الطويل ..انتهت من حمامها الطويل فخرجت الى البهو الصغير وقامت باخراج ملابس نضيفة لترتديها ..لو لم تأتي تلك الشقراء الغبية لشكرها بالتأكيد غيث على ترتيب المنزل وتنضيفة فهي قامت بجعل المنزل يبدوا مرتبا ونضيفا ..صحيح انها لم تنضفه بشكل جيد لانها لا تعرف اي شيء عن التنضيف لكن النتيجة تبدوا مرضية فالمنظر الحالي افضل بكثير مما كان عليه قبل قليل ..فكرت سجى بقلق بتلك الشقراء الحمقاء التي بالتأكيد سوف تذهب اليه لتخبره بكل ما قالته احست بألم في معدتها من جراء كونه سوف يغضب من ما قالته !! دعت ربها ان لا تخبره تلك الشقراء بما حدث ويمر هذا اليوم بسلام امسكت بجبينها وتأوهت بألم ..تلك الغبية اصابتها بجبينها بصحن الكعكة ...ازرق مكان الضربة وبات ينغزها بين لحضة وأخرى ... لم تمر اقل من ساعة حتى سمعت صوت الباب يفتح بعنف وتلى ذلك صوت صرخة مجنونة باسمها _ســـــــــــــــــــــــــــــــــجى تمنت في هذه اللحضة ان اسمها ليس سجى ..احست ان لسانها انعقد عندما رأت وجهه الغاضب المكفهر لم تستطع تحريك ساقيها التان تصلبتا من الخوف الشديد ..استجمعت كل قواها واطلقت ساقيها للريح لتركض بسرعة متجهة نحو باب الكوخ لكنه كان اسرع منها ..امسك بها من خصرها وثبتها على جسده ..حاولت التملص لكنه كان اضخم واقوى منها بألاف المرات ...رفعت ساقيها وحاولت ضربه فقالت له وهي تجاهد للتخلص من ذراعيه _هي من ابتدأت ...صدقتني لقد نعتتني بالبشعة ..ورمتني بقالب الكعكة قال لها وهو يلهث من جراء حركتها المتخبطة بين ذراعيه وتلويها المستمر _هي من ابتدأت ؟ اتعلمين اني وجدتها عند امي وشعرها كان منتصبا !! ما عدا الخدوش التي تملأ وجهها اي متوحشة انت اجابته بغضب اشد من غضبه -ومالذي تريدني ان افعله ..ان اقف مكتوفة اليدين وهي تضربني ..افلتني سحقا لك -ايتها الغبية هل تدركين حجم الكارثة التي قمتي بافتعالها اليوم ! ؟ هل انت مجنونة لقد ادخلتيني في دوامة لا استطيع الخروج منها ابدا .. _انا لم افعل شيئا ..افلتني ..افلتني ..عضت يديه بقوة فقام بافلاتها وهو يشهق من الألم ...امسك يده المعضوضه بيده الثانية وقال من بين اسنانه _ايتها المتوحشة الغبية ...تقدم منها مجددا وامسك بها هذه المرة بتلابيت قميصها وشدها بعنف وحملها من الياقه العلوية للقميص وهو يهززها بقوة وعنف _انت انسانة غبية وانا نادم على اليوم الذي انقذتك فيه ...كان يجب ان تغرقي وتموتي حاولت التخلص منه لكن صوت تمزق القميص تحت وطأة شده القوي جعلها تتوقف عن التلوي بين ذراعية ...ركلته بكل ما أوتيت من قوة على ساقه ..شهق بألم واختل توازنه ليسقط على الارض فوقها وولتسقط هي وتستقر على الارض تحت جسده ..تلقت هي الجزء الاكبر من اثر السقطة وصرخت بألم وهي تدفعه بيدين ضعيفتين .. قال لها من بين أنفاسه المتلاحقة _غبية وحمقاء ومغفلة هل تعلمين ان نورا ذهبت الى أمي لتخبرها اني تزوجت فتاة اخرى ..لقد افتعلت فضيحة وكل هذا بسبب ادعائك بانك زوجتي ..اما كان من الجدير بك ان تنفي ادعائها .. _وما شأني انا وشأن حبيبتك ذات سيقان أعواد الكبريت ...هي من ذهبت الى والدتك وليس انا...وابتعد عني فورا ولا تنعتني بالغبية مجددا هل فهمت _شأنك انك اكدتي لها ما ظنته بتاكيدك انك زوجتي صرخت به بهلع وهي تضرب جبينها بجبينه القريب منها وقالت من بين اسنانها _انا لم أؤكد لها شيئاً هي من استنتجت هذا الشيئ ..وما لم افهمه هو ذهابها الى والدتك الا تخجل من نفسها ومن والدتك على قول مثل هذا القول ،..أليست هي عشيقتك وملابسها الداخلية تملأ بيتك القذر هذا ...ام ان والدتك من مشجعين العلاقات المحرمة لدرجة انها تصف الى جانب تلك الأفعى امسك بشعرها بكلتا يديه بقوة وقال لها من بين اسنانه هو الأخر _اياك ان تهيني والدتي ايتها الحقيرة يلزمك عمر كامل لتكوني جزء مثلها بالعفاف والشرف والطهارة ما انت الا فتاة مدللة فاسدة أفسدها الدلال لدرجة انها تريد تتخلص من حياتها فقط لان عريساً لم يعجبها شهقت بعنف من وابل كلامه السام فقالت له وهي تتحرك بضيق تحت حصار جسده الثقيل _أخرس أيها الوضيع ..تبا لك ولاهلك ول.. وقبل ان تكمل قال لها هو الاخر هادراً _ ألم احذرك من مغبة التعرض لأهلي الآن ؟ هنالك طريقة واحدة لاسكاتك وقبل ان تفهم كلماته أطبقت شفتيه على شفتاها بقبلة قاسية لا تمت للعواطف بصلة ..قبلة أشبه ما يكون بالسوط الذي يجلد به المترمردين من العبيد ...حاولت دفعه والتخلص منه لكن مع كل محاولة للتخلص منه كانت اسنانه تطبق على شفاهها اكثر واكثر ...ليؤلمها اكثر تذكرت زوجها السابق محمود وكيف كان يتعدى على جسدها عندما كانت ترفضه ..أنت بصوت مكتوم وجرت دمعة ساخنة على خدها فتنبه غيث لما كان يفعله وابتعد عنها وأنفاسهما مقطوعة نهض عنها وجلس على احدى الكنبات وهو يضع يده على رأسه مذهولا من فرط المشاعر التي اجتاحته ..لم يكن يخطط ان تكون قبلته بهذا الشكل لكن طعم شفتيها الشهيتين واستكانها بين ذراعيه جعلته يفقد صوابه قال لها بصوت حازم وثابت ليعطيها انطباعا بانه غير متأثر أبدا بما حصل _هيا غيري ملابسك فعليك تصليح ما فعلته الآن فورا كانت مازالت ممدة على الارض تتنفس بسرعة لكن كلامه الصارم جاء كتنبيه لها فقامت بسرعة وأصلحت قميصها وشعرها المبعثر بيدين مرتعشتين .. _اين تنوي اخذي ..انا لن اعتذر من تلك الغبية حتى وان طردتني وتشردت في الشوارع قال لها بكل برود _لن تعتذري فالاعتذار ليس حلا لما قمتي به ..بل سوف ..
↚
***مالأمر يا سهى الم يعجبك كلامي ؟ قال طارق وهو يحوم بنضراته على سهى التي كانت تجلس على الكرسي الكبير وتممد ساقها المجبرة على احد المخدات ..وعلى والدة سهى ووالدته وشقيقته فقال مكملا شارحا وجهة نضره _انت الآن تسكنين على مقربة من ذلك الحقير ..قد يأتي الى هنا في اي لحضة فبيته قريب جدا ..انا اشعر بالخوف تجاهك وتجاه مصطفى ..تطلقي منه وتعالي معي الى لندن احست سهى بالأنزعاج عندما كان طارق يتحدث عن سامر ويطلق تلك النعوت بحقة ..حتى ولو آذاها ودمر حياتها الا انها لم تقبل ان يشتمه احد أمامها ..تفهمت والدتها وكذلك شقيقها عمر رغبتها ولم يسألوها عن اي شيء وعن سبب ضربها وسقوطها من الدرج ..احست بالارتياح من تفهم أهلها لها لكن طارق كان كمن يذر الملح على البلسم الذي يحاول جاهدا ان يداوي به جروحها ..لم يكف ابدا عن توجيه الاسئلة لها ..وطلب منها ان تقوم بتبليغ الشرطة عنه وتدينه ..فهو مجرم وقد ارتكتب جريمة بضربه اياها ! لكنها رفضت هذه الفكرة واستنكرتها واخبرته انها مستحيل ان تؤذي سامر اكراما لطفلها مصطفى ّ! قالت سهى بتململ لتجيب طارق عن تسائله .. _لكن طارق ما تقوله غير معقول ..انا حسنا ..حسنا ضحك ضحكة مرتبكة وقال -سهى لندن بلد جميل جدا ..سوف تشعرين بانك انسانة طبيعية هناك ..انا متأكدة ان الاجواء الاوربية سوف تعجبك اجابته سهى وهي تتضاهر بالتفكير العميق لكن في قرارة نفسها كانت رافضة للفكرة رفضا قاطعا -انكلترا بلد جدا ..بعيد عن اهلي وعن امي قال لها على الفور بترجي -لا يستغرق الامر الا سويعات في الطائرة وتكونين في احضان اهلك ..!! ابتلعت ريقها بصعوبة وبصوت قوي وقالت له -لكن انا ...حسنا ...مصطفى ..حسنا هب واقفا بعد تغيرت ملامح وجهه الرقيقة وقال لها هادرا من شدة غضبه _مازلت تحبينه اليس ..هيا اعترفي لا تطيقين الابتعاد عنه اليس كذلك تريدين العودة اليه رغم أذيته لك اليس كذلك !! !! صرخت به ام سهى ووالدته بصوت واحد -طــــــــــارق !! انكمشت سهى على نفسها ولم تنطق بشيء ودموعها تعميها ...افلتت شهقة قوية منها لم تستطع السيطرة عليها ليستدير الجميع ناحيتها ..تقلصت ملامح طارق وهو يراها تضع يدها على وجهها مما دل على انها كانت تبكي .. ركع على ركبتيه وتقدم منها ليمسك يدها وهو يقول -ارجوك لا تبكي ! انا لم اقصد ..سامحيني .. دفعته سهى بقوة وقالت له وهي مازالت تبكي _ابتعد ارجوك ..اريد العودة الى غرفتي كي ارتاح ..ارجوك امي ساعديني .. ابعدت والدتها طارق قليلا وساعدت سهى في النهوض لتتجه الى غرفتها القديمة التي كانت تشغلها قبل ان تتزوج .. ساعدتها في الاستلقاء على ظهرها فسألتها بصوت متعب _هل تناول مصطفى شيئا يا امي اجابتها والدتها وهي تضحك ضحكة قصيرة وهي تضع بعض المخدات تحت ساقها -عيب يا سهى ...وهل اترك طفلي دون ان اطعمه ؟؟ -حفظك الله لنا يا أمي .._ همت بالخروج من الغرفة لكن صوت سهى الضعيف الذي ناداها اوقفها في مكانها .. عادت وسحبت كرسيا وجلست امام السرير الذي استلقت عليه سهى بتعب قال لوالدتها دون مقدمات _لقد آذاني يا أمي ..انا اموت الف مرة في اليوم بسبب ما حدث ..ريت آلام جسدي تنسيني آلام قلبي ..لكن .. سكتت قليلا وهي تأخذ انفاسا متلاحقة كي لا تخنقها عبراتها _حبيبتي اذا كنت لا تريدين التحدث عن الآمر لا تتكلمي ..ارتاحي اجابتها وهي تهز برأسها بنفي والدموع تتطافر من عينيها المتعبة المنتفخة _لا ..انا اريد التحدث ولا اجد غيرك لكي افضفض لك بما يجول في داخلي ..انت صديقتي الوحيدة قبل ان تكوني والدتي ..انا اشعر بالتخبط والحيرة من جهة انا ارفض العودة الى سامر رفضا قاطعا ومن جهة انا ارفض تقرب طارق ومحاولاته في التودد الي ! ومن جهة ثالثه انا اشعر بالعجز كلما رأيت مصطفى ولدي وانا افكر بأني سوف اشتته بيني وبين والده ..انا اتعذب يا أمي اخذت والدتها نفسا عميقا وقالت لها بلطف -حبيبتي سهى انت تعلمين اننا معك في اي قرار تتخذينه اذا كان من مصلحتك ما تشعرين به هو شعور طبيعي يا بنيتي فانت مجروحة ومازلت تحت تأثير ما حدث ..خذي وقتا طويلا للتفكير فقرارك القادم هو قرار مصيري ..تأكدي اني سأكون معك في قرارا تتخذينه اقتربت منه وطبعت قبلة على جبينها وقالت -نامي الآن يا حبيبتي وفكري فيما بعد ..حياتنا لن تنتهي بدخول شخص ما او خروجه من حياتنا ..حياتنا تنتهي بموتنا فقط .. خرجت من الغرفة واغلقت الباب خلفها بهدوء ..شعرت سهى بارتياح كبير بعد كلام والدتها الحنونة ...احست انها عادت قوية من جديد وسوف تتسلح بكلام والدتها الذي شجعها لتتخذ القرار التالي في حياتها اغمضت عينيها لتغط في نوم عميق على الفور بسبب تاثير الأدوية التي تأخذها لتتماثل للعلاج الشافي .. ***** ***** ****** ****** سامر انا اتحدث معك مابك ؟ الا تسمعني _ نضر سامر الى الموضفة المتوسطة العمر التي كانت تسنتد على اطار الباب الخشبي ولا يضهر من جسدها شيء بسبب تواريها خلف الباب ..حركت رأسها بضيق وهي تقول _انا اتحدث معك منذ فترة وانت لا تجيب ! قال لها سامر بضيق _نعم اسمعك.. مالذي تريدينه يا غيداء تغيرت ملامح وجهها بعد رد سامر الجلف فقالت له وهي تلوح بيدها _لست انا من يريد انه المدير ! قام مدير الحسابات بفصل زوجتك سهى لكني توسطت له لكي تتحدث انت مع السيد ضرغام قبل ان تفصل زوجتك ! السيد ضرغام عاد الى العمل بعد شهر العسل وقامت سكرتيرته باخباره بامر زوجتك المتغيبة عن العمل وهو يريد التحدث معك ..اذهب للتحدث معه ..غادت بعدها غيداء وسمع صوت كعبها العالي يختفي تدريجيا مع تقدمها ..فزع سامر من فكرة ان تفصل سهى من عملها ..ياللهي سوف تنقم عليه اكثر مما هي ناقمة في الوقت الحالي ..كافحت بشدة للحصول على هذا العمل وقامت بعديد من الاختبارات قبل ان تستلم منصبها في الشركة ..اذا خسرت عملها الآن في هذه الضروف الصعبه سيجن جنونها بالتأكيد ..حمل هاتفه النقال ووضعه في جيبه واغلق غرفة مكتبه قاصدا غرفة المدير ..انتضر المصعد لدقائق معدودة باتت دهرا بالنسبة اليه ..وصل الى المكتب فاشارت اليه السكرتيره بالدخول وهي تتحدث في الهاتف وتدون الملاحضات في دفترها الصغير .. طرق الباب ثلاث طرقات ثم دلف الى المكتب وجد ضرغام مهنكما في العمل هو الأخر ...يقلب الملفات ويضع توقيعه بسرعة على طرف كل ملف ..ويده الأخرى مشغولة بامساك الهاتف النقال ذو اللون الاسود .. تقطيبة علت جبينه وبدا عليه الانزعاج وهو ينتظر الجواب من الطرف الأخر ..رفع رأسه اخيرا بعد ان تنبه الى سامر الذي دلف المكتب وبقي واقفا عند الباب بانتضار الأذن .. -_اه سامر انت هنا ..تفضل بالجلوس وددت سؤالك عن زوجتك سهى فهي متغيبة عن الدوام منذ فترة ومدير الحساب قرر فصلها هل من مشكلة اين هي ؟ ابتلع سامر ريقه بصعوبة وقال بارتباك _انها مريضة وترقد في المشفى سقطت من الدرج واصيبت بكسور ..ارجوا عدم طردها الى حين امتثالها الى الشفاء ..التمس عطفك يا سيد ضرغام احس سامر بالحقاره لانه كان يكذب فهي لم تسقط هو من دفعها لكن ماذا عساه يقول لمديرة ؟ عذرا سيدي زوجتي ترقد في المستشفى لان زوجها نذل وحقير ؟ لاني انا قتلتها بيدي وقتلت ابني في رحمها ... .. احس ضرغام بالذنب وقرر عدم طردها وقال له بصوت ثابت -_حسنا .زوجتك لديها شهر كامل اجازه مرضية مدفوعة الراتب ..واجوا لها الشفاء العاجل قريبا تستطيع الانصراف حالا خرج سامر من المكتب وهو يحمد ربه الف مرة على لطف المدير الصارم معه ومع سهى ..الحمد لله انها لم تطرد وسوف تستمر في العمل بعد ان تشفى ..لكن هل ستعود حقا الى مزاولة العمل في نفس المكان الذي يعمل فيه هو ؟ مستحيل ..عليه ان يفكر بصورة حل لكي يحل مشكلته العالقه معها فهو لن يتخلى عنها ابدا وعن ولده ..مهما كانت النتيجة
*** *** **** قطب ضرغام جبينه وهو يحاول الاتصال مرة ثانية وثالثه ورابعه لكن الخط كان مشغولا ..زفر بضيق وهو يرمي الهاتف بغضب ..مع من عساها تتحدث طول هذا الوقت ! اعاد الهاتف بعد ان دخلت السكرتيرة مع فوج من رجال الاعمال الذين سوف يتعاقد معهم في الاجتماع المهم الذي سيجري بعد قليل. جلس الرجال حول الطاولة المستديرة وشرعوا في طرح مشاكلهم التي يعانون منها في السوق بسبب الأزمة التي حدثت في الاسواق كان الاجتماع عصيبا جدا و كان اهم حوار فيه ان الاوضاع ليست بجيدة بسبب تضيق عمه للخناق على السوق وعلى جميع زبائن الشركة ..قام بتخفيض الاسعار الى درجة غير معقولة وتسبب في كساد البضائع ...ابدى جميعهم سخطهم وغضبهم ..اما ضرغام فقد كان يغلي من الداخل مع كلمة يسمعها من المستثمرين ورجال الأعمال ..ابتدأ عمه باللعبة القذرة ليجعل وضع شركته الاقتصادي يتدهور ..حاول ان يكتم غيضه امام الجالسين في الاجتماع واعطاهم بعض الاقتراحات ومنها التعاقد مع الشركات العالمية الأخرى غير شركة فولفو السويديه وبهذا تتمكن الشركة من سد طريق الاستيراد على شركة عمه بعد انتهاء الاجتماع جائت السكرتيرة بحفنة اوراق اخرى وهي تقول -سيد هذه اوراق مهمة تنتضرك منذ اسبوع ..ارجو الاطلاع عليها زفر بضيق وهو يأخذ الاوراق منها ويقوم بالاطلاع عليها بوجه عابس وتركيز في آن واحد ..وكأن هذه السكرتيرة تقوم بافتعال اي شيء فقط لتأخيره عن الذهاب الى ناز ..احس بانه مراهق صغير تعرف لتوه على فتاة واعجب بها ..كان مشتاقا لها جدا ..ويتوق فقط للعودة الي البيت ليرى وجهها الضاحك الذي بات لا يفارق مخيلته ..لكن امر الهاتف المشغول ازعجة فعلا ..انهمك لساعات اخرى في الملفات والمشاكل العالقه في الأعمال ******* ****** *** -انا لن التقي بك ولا اريد رؤية وجهك مرة اخرى الى اخر يوم في حياتي يا كمال ..كم مره
↚
علي ان اقول هذا الكلام قالت ناز جملتها الطويلة كلها دفعة واحدة دون ان تنقطع لثانية وحدة مما ادرى الى تسارع انفسها بعد ان انتهت من كلامها ..ابعدت الهاتف عن وجهها ووضعت يديها على فمها لتحبس الانفاس المتلاحقة التي افلتت منها ..لم تشأ ان يسمع شهقاتها التي تحاول كتمها فيظنها تبكي عليه او مشتاقة اليه ..صوت الرخيم الذي لطالما احبته بدا لها مزعجا ..لا بل مقرفا هذه المرة وكأن سموم مروى غلفته وباث ملوثا مثلها تماما !! اعادت الهاتف الى اذنيها لتسمعه يقول بتردد وصوت ضعيف -كلامك هذا دليل على انك جرحتي مني وهذا دليل اكبر على انك مازلتي تحبيني .. ضحكت ناز ضحكة مجنونة مصطنعة واستمرت في الضحك لكي تستفزه وتثير جنونه ..بعد ان انتهت من موجة الضحك التي سيطرت عليها قالت له وهي تسخر منه بلا هوادة -انت واثق بنفسك لدرجة كبيرة ..تجازوتك وتجاوزت تجربتي السخيفة بك بعد ان التقيت بحب حياتي ضرغام ..فهو المعنى الحقيقي للرجولة وليس انت ايها الخنوع لم تكن تعلم ان كلماتها المستفزه اللاذعة سوف تثيره بهذا الشكل فهدر بها غاضبا ..وقال بصوت عالي لم تسمعه من قبل ابدا .. -كفى استفزازا لي ولا تقارينيني بضرغام ابدا ..ضرغام رجل خسيس قام باجبارك على تركك فقط ليستخلي بك ! ..انت لا تدركين كم احبك وكم اتعذب على فراقك ..هل سلمت نفسك الى ذلك الضرغام ..ارجوا ان لا قاطعته -اخرس ايها الخسيس ..رجل مهذب لا يسأل سيدة راقية عن مثل هذه امور ..تحبني لدرجة انك تخليت عني في اول اختبار؟ واذا كان خسيسا عندما اشتراني بماله فانت أشد خسة لانك بعتني قبله ! من اجل حفنة من الجنيهات ..وتتكلم عن الحب بكل وقاحة ؟ بدأت تشعر بان منحى هذه المحاورة بات يسلك طريقا اخر كل منهم يرمي الأخر بابشع الاتهامات فقط ليجرحه ..هل وصلت المواصيل الى هذه الدرجة ؟ ! قررت ان تنهي المكالمة بسرعة ..فهذا النقاش اشبه ما يكون بالنفخ في القربة المثقوبة ..لا جدوى منه ابدا جاءها صوت كمال ولكن الصوت بدى حنونا هذه المرة .. -صدقيني ..لم يكن الامر بيدي انا مديون لوالدها ..تلك المريضه حولت حياتي الى جحيم ..انها مريضه ياناز و.. قاطعته بعنف قائلة من بين اسنانها -لا شأن لي بكما لا تتصل بي مجددا ..لا ينقصني الا ان تقول ..تعالي سلي مروى المريضه ! قال برجاء اخير وهو يرجوها بتذلل -ارجوا ان تفكري بالموضوع ..وان لا تكوني قد سلمتي نفسك الى ضرغام فهو ينوي الانتقام وانا اعرفه نواياه واذا التقيت بك سوف اقولك كل الحقيقة -كف عن هذه الاسئلة السخيفة ..انت خرجت من حياتي وخسرتني فلا تحاول العودة لان ناز القديمة ماتت !! ماتت فجأة تغيرت تلك النبرة المتوسلة ليقول لها بصرامة وثبات _انا لن اتركك هل فهمتي !! انا سوف .. اغلقت الهاتف وهي تلهث قبل ان يكمل جملته بدأت تفكر بالموضوع وتتعمق في التفكير ..مالذي يرده كمال وماهو الشيء المهم الذي دفعه للاتصال بها ..هل هناك شيء جديد حقا يود ان يخبره بها ! هل فعل ضرغام شيئا حقا ! هل هناك شيء اخر غير فكرة الانتقام منها والتي تعرفها جيدا ..هل كمال يعلم شيئا حقا ! هاجمتها الاسئلة والافكار والهواجس بلا رحمة ..احست بالصداع الشديد بسبب تلك المكالمة اللعينة .. رن الهاتف مجددا فاخذته بنزق واجابت بحده -ماذا تريد !!! جاءها صوت ضرغام وهو يقول بتساؤل -يبدوا ان الورود والشعر لم يعجبك ابدا .. وضعت يديها على عينها وهي تشتم نفسها الف مرة على تصرفها الغبي ..اوقعت نفسها في حلبة التساؤل ..عرف بالتأكيد انها كانت تحدث شخصا ما ! ضحكت باضطراب وهي تقول بصوت ابح -لا بلعكس كانت هدية رائعة ومفاجئة مذهله ..يا ضرغام القباني ضحك بصوت عالي ثم سألها وكأنه تذكر شيئا -لما كان هاتفك مشغولا لفترة طويلة ..مع من كنت تتحدثين ؟ ارتبكت من سؤاله وقالت اول كذبه جائت على بالها - لقد ..كنت اتحدث مع امي ...نعم نعم مع امي ثم سألته بصوت ناعم وهي تتعمد اثارته -متى ستعود .. فسألها هو الأخر ولكن بمكر يختلف عن نبرتها -هل اشتقت لي ..؟ همست بجرأه لم تتخيل انها فعلا ستقول جملتها بتلك الطريقة _بل انا ملتهفه لعودتك -حسنـــــــــــــــــــــــــا ...سوف اعود فورا .. **** **** ***** -مالذي تقصده بانك لم تعثر عليها ايها الأحمق ؟ سأل والد سجى الحارس الشخصي الذي كان يقف امامه وهو خائف جدا من رب عمله -سيدي لقد مشطنا المنطقة كلها ولم نجد لها اثرا ..حتى انا قمنا بمراقبة قصر ضرغام العمري ولا يوجود مايشير انها هناك ..السيد ضرغام عاد الى المدينة مع زوجته ! تقدم والد سجى منه بسرعة وامسك بتلابيت قميصه بقوة وقال من بينه اسنانه -عليك ان تشق الارض وتخرجها لي على الفوور ...اقسم ان لم تجدوها باني سوف افصلكم جميعا من وضائفكم واشردكم في الشوارع ..جدووهااااااااااااا ...دفعه بعد قال جملته ليقع على الارض ويخرج بعدها بسرعة من المكتب رن الهاتف فحلمه بسرعة قال بسرعة بعد ان ميز صوت صاحب المكالمة -سيد بشار ...اهلا ..نعم ..نعم ..انت تعرف دلال النساء وحاجتهم الى التفكير ..آآآه بالتأكيد سيد بشار سجى لن تكون الا من نصيبك ..نعم ..بضعة ايام وارد لك الجواب ..واطمئن فهي لن تكون الا لك ..حسنا سلم لي على بناتك الصغار الجميلات اغلق الهاتف بعنف ..ليضرب الطاولة بكلتا يديه بقوة محدثا صوتا مرعبا وهو يقول -سوف اجعلك تندمين على ما فعلت يا سجى ..تبا لك ولأمك
_مالذي تقصده بسوف نتزوج ..هتفت سجى وهي تهب واقفة وقد عادت روح المقاومة لديها. _الم تخبري نورا انك زوجتي ؟ لنجعل الامر حقيقيا ..لا اقصد حقيقيا بالمعنى الحرفي ولكن مجرد شكليات قبل ان تغضب علي امي وتعتقد انك عشقيتي الأخرى ...نورا ذهبت الى امي الشهر الماضي لتخبرها انها حامل مني واني سلبت برائتها ..كانت مجرد خدعة لتجذبني الى فخ الزواج وتورطني في دوامة جعلت امي تغضب علي وتصدقها ..بعد ان تأكدت من عدم حملها طردتها من حياتي الى الابد وصالحت والدتي وعادت علاقتي طبيعية بها ..الآن تظن ان اعدت الكره معك ! هل تسمعين ..لقد ورطتيني بورطة أخرى وانا لم اصدق متى اتخلص من شباك نورا .. قالت له بشبه صراخ وهي تقف امامه _وهل تقتضي مسرحيتك ان اتزوجك !! هل جننت انا لن اتزوج صيادا وضيعا ابدا اهرب من الأرمل لاتزوجك انت ايها الصياد ّ! قال لها من بين اسنانه _يبدوا انك بحاجة دائما للعقاب لأيقاف لسانك السليط ..وتأكيدا لكلامة قام وتحرك ليمسك بها لكنها كانت اسرع وصعدت الدرج ..احست بالخوف من ان تخونها مشاعرها مجداا اذا ما عاقبها مجددا بذلك العقاب القاسي اللذيذ .. ووقفت عند طرفه وهي تقول _ابحث عن شيء منطقي لتقوله لكي اكون مهذبه معك ....زواج !!!!!!!! الم تجد شيئا اخر لتقنع والدتك به ! ابتسم بخبث وقال له بعد ان تغيرت ملامح وجهة المتشنجة الى ملامح ارتياح وقال لها -حسنا هيا بنا لن نتزوج تغيرت ملامحها الى الارتياح هي الأخرى ثم سألت باستغراب _جيد ..عرفت انك سوف تستسلم ..حسنا اين سنذهب ابتسم غيث بخبث فبانت اسنانه الناصعة البياض _سوف نذهب الى والدك يا حلووه احست بالدوار قليلا وهي تقول بصوت مبحوح -والدي ؟!! اجابها بخبث وهو يرى تقهقرها _نعم والدك ...اما مكتب تسجيل الزواج ...او العودة لوالدك ..انصحك بالخيار الاول لان زواجك مني ما هو الا انقاذ للموقف فانت لست نوعي المفضل وليس كزواجك من الارمل
تحبني وتعذبني تشتاقلي وتهجرني تغار علي وتخوني تريدني لك وحدك وتشاركني فيك أخريات تجرحني وقتما تشاء وتطالب قلبي بلرضاء تغادر ..تعود ..تشتاق ..تُهمل تعشقني ام تكهرني ..عذرا فانت لم تعد تهمني
+
بقلمي قيثارة عشتار
-سهى ..سهى انا اتحدث معك اتركي التنضيف ولا تؤذي نفسك . .هتفت والدتها بها وهي تقف خلفها في المطبخ ..حاولت سهى قطع الملل الذي تشعره وسيل الافكار المؤذي الذي لا يرحمها والذي لطالما أرقها ..بعد ان امتثلت الى الشفاء قررت الذهاب الى الشركة لكي تقدم استقالتها فآخر ما تريده هو مواجهة سامر ورؤيتة وجهه كل يوم .. لا تريد العمل في نفس المكان الذي يعمل فيه لا مطلقا !..كل ما تريده هو تجنبه تماما ..قدمت معاملة الطلاق الى المحكمة لكن بالتأكيد سامر رفض الطلاق بشكل قاطع لهذا السبب وكلت محامي ليتكفل بحل القضية ..اخبرها المحامي انها اذا قدمت شكوى للشرطة بصدد ضربها ودفعها من الدرج فان سامر سوف يقبع في السجن وتحصل على الطلاق الفوري وحضانة مصطفى بالتالي ....لكنها رفضت هذا الشيء تماما وقالت بأختصار للجميع _انا لن أؤذي والد مصطفى ابدا ..سوف يكرهني مصطفى عندما يكبر اذا علم بالأمر اقتنع الجميع برأيها ماعدا طارق طبعا ..ظل يرمقها بنضرات حاقدة وناقمة وكأنها افتعلت جرما ! تجنبته تماما فهي لا تريد ان تعطيه املا كاذبا ولا تريد ان يتعلق بها وهي غير قادرة على منح مشاعرها لأي شخص آخر في هذه العصيبة ..بالتأكيد تجاهلها لطارق لم يجدي نفعا بل زاده اصرار وبات امر اهتمامه بها امرا ناشزا وغير محبب بالنسبه لها اردات ابعاده باي طريقة ممكنة دون ان تجرح مشاعره الطيبة..لكن كل محاولاتها بائت بالفشل فاصراره العتيد لم يكن يمكن ان يوقفه شيء ...تذكرت تلك الليلة قبل يومين عندما جاء الى البيت وطلب محادثتها اخبرها بنيته دون ان يستشيرها حتى
-سهى انا احبك ومنذ كنا اطفالا وانا لا استطيع عدم استغلال فرصة انك الآن بصدد الطلاق .. ..هذه فرصتي الوحيدة لكي نكون معا ..لا اطلب جوابك الآن سوف اتركك لفترة فأنا مسافر الى لندن ..سوف انجز بعض الأعمال واتمنى عندما اعود اجدك قد غيرتي رأيك .. قام بعدها تاركا اياها في بحر من الحيرة والتخبط ..آثرت الصمت ورمت اليه ابتسامة مضطربة وباهته بعد ان ودعها عند الباب تخيلت بينها وبين نفسها حياتها مع طارق ...بيت منيف في وسط العاصمة البريطانية لندن ..سيارة حديثة الطراز ..مجوهرات وماشابه ذلك من وسائل الرفاهية والبذخ ..وولدها مصطفى يتشدق بالأنكليزيه معها بسبب ارتياده للمدارس الأنكليزيه ..طردت هذه الأفكار من رأسها ليذهب فكرها الخائن دون ان تستطيع السيطرة عليه الى سامر ..هل هذا ما تريده ؟ ان تترك حياتها مع سامر لتعيش مع طارق ..حضن سامر الدافئ كان قصرا بالنسبة لي ..هداياه البسيطة لي كانت بمثابة كنوز ثمينة ونفيسة ..امسكت القلادة التي تحيط رقبتها برفق ..لم تستطع خلعها ابدا ..كانت الدموع تخونها في كل مرة تلمس القلادة ..اي مرض انت يا سامر ...مرض ينهش جسدي وقلبي ...سهل تشخيصه صعب التخلص منه !!!!!! احبك واريد نسيانك ...اريد ان اهرب منك واتجنبك وهروبي لا جدوى منه فانا اهرب من مشاعري منك اليك ..كلما طردتك من بالي اجدك تعود متسلسلا لتفتح باب قلبي المكسور ..احتاج اليك فأدفن نفسي في اقرب وسادة لكي ابكي راثيتا حبنا الذي بات هوس وهاجس من الماضي ...! لا تحاول ان تكوي تلك الجروح التي افتعلتها انت بتلك السكينة الصدئة لتزيد آلمي .... احبك ..وارحل ..وكفى .. -امي انا احاول ان اقضي وقتي في الترفيه عن نفسي فاوقات فراغي قالته ..لا تنسي ان ناز سوف تأتي بعد قليل لتناول الغداء معنا ..يجب ان نكون على آهبة الاستعداد ضحكت والدتها ملئ فهمها وقالت -هذه الناز ملاك ارسله الله لنا لكي تخرجك من جو الكآبة الذي كنت تعيشين فيه ..الحمد لله انك بخير الآن يا ابنتي مسحت سهى المتعرق بيدها المحمرة بسرعة وقالت كأنها مدبرة منزل محترفة
↚
-هيا يا امي لا تكثري الحديث ..قومي بتحضير الغداء ضحكت والدتها من جديد وهي تتحرك نحو المطبخ .. انهت سهى التنضيف والترتيب فأحست بالتعب بسبب ارهاق نفسها في الاعمال البيتيه التي لا تناسبها لان عضامها مازالت في طور الألتحام ومازال الخطر في عرضتها لكسر أخر قائما اذا ما اعتنت بنفسها جيدا .. استحمت بسرعة خارقة وخرجت لتجد ناز تحمل مصطفى وهي تدور به حول نفسها وتطلق ضحكات طفولية مشابهه لضحكات مصطفى -ناز توقفي عن تصرفاتك المجنونة مع طفلي .. توقفت ناز عن الدوران وهي تترنح وكذلك مصطفى الذي اصيب بالحازوقة من كثر الضحك ..ترنح قبل ان يرمي بنفسه على الكنبة وهو يقول -نان اين اللعبة ..؟ صرخت سهى بولدها وهي تأنبه قائلة
-..ناز ايها الشقي ! قل لها يا خالة ضحكت ناز بشقاوة وهي تقترب من مصطفى بعد ان اخرجت علبة من وهي تقرص خديه المحمرين بكلتا يديها وتقول
-نحن اصدقاء يا سهى لا تفسدي صداقتنا .. هاهيه لعبتك يا ولد سيارة حمراء على اللاسلكي..كما وعدتك تماما -ياللهي يا ناز انت تفسدين الطفل بدلالك ..هيا يا مصطفى اذهب الى غرفتك بعد ذهاب مصطفى سألت ناز سهى بارتباك
-مالذي قاله لك ..هل مازلت مصرة على اجراء الطلاق ؟ ...
-نعم ...وانا لا اريد التحدث في الموضوع ..ارجوك نلت كفايتي من طارق تفهمت ناز رغبة صديقتها وآثرت الصمت ..تناولوا الغداء جميعا في جو عائلي حميم ..التقت ناز بطارق قبل ان يسافر ولم يعجبها البتة ..اما عمر فقد كان ودودا احست انه كشقيق لها تماما بعد ان عاد ضرغام في ذلك اليوم واخبرها بأن سهى مصابة ومتغيبة عن الدوام قررت الذهاب فورا اليها دون تردد لتتطمئن عليها ..كانت في حالة يرثى لها وكأنها خارجة من ثلاجات الموتى ..نضرت ناز مطولا الى صديقتها فوجدتها قد تحسنت فعلا عن اخر مرة رأتها فيها ..بدأت تسترد عافيتها لكنها مازالت مصرة على قرار الانفصال وبنفس الوقت مصرة على رفض عرض طارق ! بعد تناول الغداء وامضاء اليوم كله بصحبة سهى وعائلتها رحلت بعدها بعد جاء السائق ليوصلها البيت ..بعد رحيل ناز وضعت سهى مصطفى في السرير المجاور لسريرها .تنهدت بضيق وهي تتقدم من شباك البالكونة الصغيرة التابعة لغرفتها ..فتحت الشباك الكبير ليدخل الهواء البارد المنعش الى الغرفة ..اخذت انفاسا طويلة وعميقة قبل ان تتجه نحو قابس الكهرباء لتطفئ الضوء .. وخلعت ثوبها الطويل الذي ترتديه لتستعد الى النوم ارتدت منامة قطنية قصيرة جدا ...واندست بين الأغطية لتحاول ان تنام بعد هذا اليوم المسلي المتعب مع ناز .. احست بصوت غريب في الغرفة لكنها آثرت ان تتجاهله على انه صوت من تأليف مخيلتها الجامحة اطبقت جفنيها على بعضهما بضيق وهي تشعر بان هناك شيء ما في الغرفة الصغيرة ..احست بوقع اقدام يضرب الارض بخفة محدثا حفيفا مكتوما ..فتحت عيناها بفزع فأحست بيد تقع على فمها بسرعة لتكتم صراخها ..تخللت الى انفها رائحة تراب مشبعة بتلك اليد ..حاولت ان تصرخ لكن صراخها جاء اصواتها وصرخات مكتومة ..اطبق على شفتيها بيده بقوة مانعها اياها من الصراخ او الاستنجاد بأحدهم..احست بانفاس ذلك الشخص تلفح رقبتها وجهها ..وتغلغلت رائحة مألوفة الى انفها فهدأ تخبطها وتلويها بين يديه قليلا هذا العطر ليس غريبا علي ابدا !! ادارها الشخص الذي يحتجزها ناحيته لكنها ..لم تستطع ان تتعرف على هويته بسبب الضلام الذي يغرق الغرفة الصغيرة ..ادار وجهه الى الخلف ليرى الباب ان كان مغلقا ام مفتوحا ..ضوء القمر المنعكس على ورأسه من الخلف جعلها ترى قليلا من تعرجات وانحناءات وجهه ... اقترب منها قليلا وقال لها بهمس متعب -سهى ..انا سامر لا تفزعي ..سوف ابعد يدي لكن لا تصرخي .. ابعد يديه بسرعة فشهقت بقوة وهي تقول بصوت مخنوق خافت حتى لا يستقيظ مصطفى ..بدا صوتها كفحيح الأفعى وهي تقول لاهثة -وهل كونك سامر يجعلني مطمأنة ..مالذي تفعله هنا ..هل جئت لتكمل ما اقترفته يداك هل جئت لقتليخ ..حاولت دفعه لكنه رمى بجسده كله فوق جسدها ليجعلها تستلقي على السرير ... قال بهمس لاهث وهو يمرر يده على شعرها الناعم ويمسح بشفتيه على رقبتها وعلى وجهها.. -اشتقت اليك ..لم اعد اتحمل فراقك انا اموت ..ارحميني حاولت ابعاده بعد ان احست بمشاعر غريبة تجتاحها ..قبلاته وملمس شفتيه الدافئتان على بشرتها جعلتها تصحو من ذلك الركود الذي يسيطر على مشاعرها ..جميع محاولاتها بائت بالفشل مع ثقل جسد سامر واستقتاله في فرض مشاعره عليها قالت من بين انفاسها المتلاحقة -سامر ابتعد انت لا تزيد الأمر سؤا ..ابتعد انا اشمئز منك لا تلمسني لم يجبها على كلامها بكلام ...بل كان فعله هو جوابه وردا على ادعائها ..قبلته اخرستها فورا وولم تعد تسطير على ردة فعل جسدها ...محاولتها لمقاومة القبله كانت فشلت فشلا ذريعا ..صدمتها شلتها تماما وجعلتها تستكين بين ذراعيه .. اشعل فتيل الحب والعاطفة الذي دهس هو عليه بقدميه سابقا ...تحولت قبلته رويدا رويدا الى شيء اخر ..همساته باتت مجنونة وحركاته متخبطة كمن لا يعرف ماذا يفعل او كيف يروي ضماه ..وباتت لمساته اكثر تطلبا وجرأه ... ذعرت من ماهية ماسوف يقوم به ..هنا وفي بيت اهلها ..حاولت دفعه ..غفلته عن فكرة انها سوف تقاومه جعلت مهمتها سهلة ..دفعة واحدة كانت كفيله بأبعاده عنها .. ابتعد عنها قائلا -اليس لديك رحمة يا امرآه ...انا اموت اجابته على الفور ودموعها تهدد بالأنهمار في اي لحظة -اما كان عندك رحمة انت عندما كدت تقتلني ..ماخطب سارة هل تخلت عنك فجئت الي ! ابتعد عني واخرج من حياتي فانا لا اريدك ..ابتعد قبض على شعرها بخشونة وقرب وجهها ليلتصق بوجههة وقال لها من بين اسنانه -لا تجعليني افقد صبري ...لقد طردت اهلي من اجلك ..البيت سوف يكتب باسمك ..مالذي يجب ان افعله الآن ..سامحيني وانسي الذي حدث ...انا بحاجة اليك ..انا اموت بدونك ..ابننا بحاجة الينا ..ارجوك وضعت اصبعها على شفته والدموع تعميها عن رؤية وجهه الوسيم الذي لطالما عذبها -طريقنا مسدود يا سامر ..انا لم اعد اريدك ولا اريد بيتك الذي قتلتني فيه ..تستطيع ان تعيش مع شبحي فيه لكني لن اعود اليك ..ابدا ..ومازلت بانتضار موافقتك على الطلاق ضرب جبينه بجبينها بقوة ..وقال وانفاسه الحارة تلفح وجهها -تردين الارتماء في احضان ابن خالتك اليس كذلك ؟ احست بالغضب الشديد والحنق من قوله ..هل يضن ان تركها له سوف يجعلها تذهب الى غيره بهذه السرعة قالت له بنبرة غاضبه ساخرة -من تتزوج بك صدقني لن تتزوج غيرك ..جعلتني اكره كل المخلوقات الذكورية صدقني ..اذا كانت لديك كرامة اتركني اعيش حياتي بسلام !! لم تصدق انها نطقت بتلك الكلمات الجارحة بهذا الشكل المقيت ..كرهت نفسها وكرهت ما قالته فكما يبدوا ان لكلماتها وقعا كبيرا على سامر ..ابتعد عنها تدريجيا ودون ان يقول شيئا توجة نحو الشباك الذي قفز منه وهو يقول -حسنا لك ما شئت ..لكن ابني لن اتخلى عنه يا سهى ..ليكن هذا في بالك ****** طوال طريق العودة من بيت سهى الى بيتها والهاتف لا يكف عن الرنين ..راقبت الهاتف وكأنها تراقب وحشا ..كالعادة انه كمال يتصل بها ! لم يكف عن ازعاجها دقيقة واحدة كل مره يتصل بها لكنها تتجاهله تماما ولا ترد عليه ابدا ..راقبت الهاتف بقلق ثم رفعت نضرها لتجد عينا السائق الحادتان تضيقان بخطر محدقتان بها ..ابتلعت ريقها بصعوبة لتفضح نفسها اكثر ولكي تبدوا بمنضر المذنبة لم تستطع تغيير الرقم في الوقت الحالي بسبب اتصال ضرغام الدائم بها من برلين ..نعم سافر قبل شهر الى المانيا وهو عالق هناك ولا يستطيع ترك العمل لحظة واحدة تصرفات عمه التي تطاق باتت تصرفات طفولية ومريضة جدا ..ضيق الخناق عليه وبدأ بسحب جميع عملاء الشركة فاضطر ضرغام للسفر الى المانيا للعمل مع حلفاء جدد ويبدوا ان العراقيل مستمرة لانه اطال المكوث هناك استعادت ذكريات اليومين الذان قضتهم مع ضرغام قبل ان يسافر .كانا اجمل يومين في حياتها ..ذلك الضرغام الجلف اصبح رومانسيا الى درجة كبيرة في صباح اليوم الذي كان قبل سفره قرأ الجريدة بصوت عالي امامها ليقول -يد الخير البيضاء ضرغام العمري يتبرع بمبلغ كبير الى اولاد حي الزهور الفقراء ! وضع الجريدة على الطاولة باستغراب وهم بالأتصال بمدير حساباته ليستفسر عن الأمر لكن جواب ناز جعله يتوقف -انا من قمت بالتبرع بالمبلغ ..لكن بأسمك طبعا ..انا ..انا ..حسنا اطال النضر اليها وهي تجلس امامها صحن من الفطائر وعصير البرتقال الطازج وقال لها بلهجة ثابته -تعالي الى هنا ! دون ان تنطق باي كلمة ابعدت كرسيها وتحركت نحوه وهي تتوقع ان يقوم بتوبيخها توبيخا قاسيا على عدم استشارته في الموضوع ..وقفت امامه فاطال النضر اليها ثم انشق جانب وجهه في ابتسامة ساخرة وهو يراقب ارتباكها .مدت يده بسرعة وسحبها بقوة لتجلس في حضنه .. ضحك ضحكة مقتضبة قبل ان يشد من احتضانها وهو يقول -انت رائعة ..انت ملاكي .. ..كان حنونا ومحبا ..اثبت لها انه ذو قلب طيب على عكس الانطباع الذي اخذته عنه بسبب تصرفاته السابقة ..اصبحت تعشقة لا بل تذوب عشقا فيه بات هذا الشهر اصعب فترة في حياتها بسبب ابتعادها عنه ..هل من المعقول ان يكون الشوق مؤلما الى هذه الدرجة ! كانت الساعات تمر طويلا عليها لدرجة انها كانت تبكي دون سبب عندما ترى ملابسه او ادوات حلاقته عندما تدخل الحمام ..الشوق بات مؤلما ..عندما كانت تتحدث في الهاتف كانت تغدق عليه بعبارات الشوق دون تحسب ..اشتقت اليك ..متى ستعود ..افتقدك بجنون ..اما هو فكان يكتفي بكلمات التوعد ..عندما اعود ..اود التهامك في هذه اللحظة ..اتمنى لو كنت في حضني الآن وعلى هذا المنوال سار هذا الشهر العصيب زيارتها سهى كانت تخفف عنها الكثير وتجعلها تقضي وقتا ممتعا مع مصطفى الصغير ..كم تتوق لتحمل طفل ضرغام وان تلعب معه ..بدأت تصبح مهووسة بالاطفال ..دعت لربها ان تصبح حاملا بسرعة ..جل ما تتمناه هو طفل .. وصلت الى البيت والهاتف النقال مازال يرن بالحاح مزعج ..قامت باطفاء الهاتف واغلاقه تماما ورمته بأهمال ..لتستحم بسرعة وتندس في فراشها وهي تفكر بكمال وبتهديداته المستمرة وكيف ستخبر ضرغام عنه عندما يعود ..نعم يجب ان تخبره قبل ان يقوم بعمل احمق يخرب كل شيء بينها وبين ضرغام .. ************* *************
-الى متى هذا الحال ؟ استجمعت قواها ورمت الخرقة التي كانت تنضف الارضية بها على الارض وتقدمت منه وهو يجلس على الكنبة ويقرأ الجريدة بتركيز ...وقفت امامه وتخصرت لتصرخ بكل قواها -الــــــى متى هذا الحال ! انا اتحدث معك يا رجل الا تسمعني ابعد غيث الجريدة بضيق وهو يتأفف ..رمقها بنضرة ساخرة وحاجبه الايمن الغليظ يرتفع بحركة ساخرة تنم عن استهزائة -حال ماذا يا امرأه ...هل تعبت الأميرة من اعمال البيت المضجرة ..اعملي دون كلام لا اريد ان اسمع صوتك العالي مرة أخرى ..نساء خاليات من الانوثة اصواتهم تصل الى دول الجوار ... احست سجى بالحنق والغضب الشديد من تصرفات غيث ..الذي اصبح زوجها وليته لم يصبح ..بعد ذلك اليوم العصيب قبل شهر ومواجهتها مع نورا التي اتضح لها انها كانت تكيد لغيث لأيقاعه في فخ الزواج منها .. تزوجته واعادها الى البيت على الفور خوفا من جنود والدها وجواسيسه ومنذ ذلك اليوم وهي قابعة في الكوخ لا تخرج الى البحيرة المجاورة للكوخ وهذا الوضع لم يعجبها ابدا اشترطت عليه قبل ان يتم الزواج شرطا واحدا -ان يكون زواجي منك شكلي فقط ..وان تقوم بتهريبي لخارج البلاد لأعيش حياتي خارجا ! -موافق وافق على شرطها دون ادنى تردد مما جعلها تشعر بالراحة ..لكن هذه الراحة لم تدم طويلا فموافقته على الشرط لا يعني لطفه معها ..بات جافا اكثر من السابق ومتطلب جدا ...نعم متطلب من ناحية الأعمال المنزلة ...! بحياتها لم تسلق بيضة او تمسح قطعة اخشاب واحدة ...كيف لها ان تقوم بكل هذه الأعمال لوحدها ..بعد لم يدم اعتراضها طويلا ..لان ذلك الغيث كان قادرا على اجبارها على العمل الأيام الأولى كانت عصيبة جدا فعنادها جعل غضب غيث يثور بسبب عدم رضوخها للأوامر وبات الامر اشبه بحلبة صراع يثبت فيها المتصارعان انهما الطرف الأقوى ..وبالتأكيد غيث كان المنتصر في المعركة ..كل يوم يخرج في الصباح الباكر ليعود في المساء محملا بالخضار والمشتريات التي سوف تقوم هي بطهيها في اليوم التالي .. طعام محروق ...دخان متصاعد من النوافذ ..قدور واواني متفحمة وهي تحملها راكضة لترميها في الخارج ...هذه هي حصيلة طبخ سجى كل يوم اعتبر غيث هذه الحوادث هي حوادث مفتعلة لأنها معترضة على فكرة عملها ..تذكرت المرة التي نجحت فيها بأعداد وجبة طعام دون ان تحرقها ...في ذلك اليوم دخل غيث البيت ليجدها منهمكة في العمل تحشر نفسها في المطبخ الصغير ..خرجت عندما سمعت انغلاق الباب لتعرف انه دخل البيت خرجت من المطبخ ترتدي قفازات قماشية تقييها حر الأواني التي كانت في الفرن ..شعرها مشعث ووجهها محمر بسبب الحرارة المرتفعة في المطبخ ..اعطته ابتسامة دافئة عندما رأته وتقدمت لتضع الدورق الذي كانت تحمله في يدها على الطاولة التي وضع عليها السلطة والمقبلات بالاضافة الي قطع الخبز ..تقدم من الطاولة وخلع سترته ورماها على الكنبة باهمال ووضع المفاتيح على الطاولة ليقول بكسل -اوه انضروا الأميرة طبخت اليوم دون ان افتعال اي حريق ..يا ترى ماذا طبخت اليوم تجاهلت سجى اهانته وحاولت ان تبتلعها لكي لا تفسد محاولتها للصلح ..كشفت ببطئ عن غطاء الدورق لتتصاعد الأبخرة من المعكرونة بالبشاميل مع قطع الدجاج المحمر ..بدا منضرها خلابا وشهيا جدا رفع غيث حاجبه بسخرية وهو يجلس على الكرسي وحاول تمثيل دور المنقرف من منضر الطعام وقال بسخرية لاذعة -ماهذا ..الرجال لا يأكلون مثل هذا الطعام ..اما كان من المفروض ان تطبخي طعاما جيدا وليس طعام الاطفال هذا .. امتقع وجه سجى من سخريته المقيته وتقهقرت ابتسامتها العريضة ليحل مكانها عبوس جعل غيث يشتم نفسه الف مره على مبالغته هذه المرة قال محاولا لتصليح الموقف -لا بأس هذه المرة سوف آكله عادت الابتسامة لتشق وجه سجى ورفعت رأسها بانتصار وهي تراقبه يفرغ في صحنه الكثير من ما طبخته هي .. سحبت كرسيا وجلست قبالته ومدت يدها لتأخذ الملعقة الخاصة بالتفريغ فسمعته يقول -من سمح لك بالجلوس ! انسحبت ابتسامتها هذه المرة بالكامل وتحولت ملامحها الى صدمة قاسية .. -عفوا مالذي قلته للتوا ؟ ..ثم اكملت قائلة ..- انا اجلس حيثما اريد ولا انتضر اوامرك .. ارجع غيث كرسيه الى الوراء ليقهقه بصوت عالي جعل غضب سجى يتضاعف ويتصاعد ..تركت كرسيها بسرعة وهمت بالخروج الى الخارج وهي تقول -اضحك كثيرا ايها السفيه وكل الطعام كله ..سما زعافا على قلبك المريض أخر ما رأته هو تغير ملامح وجهه قبل ان تخرج من باب الكوخ ركضا ..سمعت صوت خطواته من خلفها فعلمت انها هالكة لا محالة ..وجدت احدى الشجيرات المنحنية فصعدت عليها لتتسلق شجرة اخرى وتهرب منه قال لها بتسيلة وهو يلهث بسبب ركضة ورائها -ايتها الجبانة تعالي هنا وواجهيني ايتها الجبانة صرخت سجى به وهي تضحك ضحكة مبالغ فيها كثيرا _نعم انا جبانة ..انا جبانة يا ناس ..هيا عد الى بيتك البائس ايها الغبي المتحاذق ..اشارت له بيدها بحركة ساخرة لكن تلك الحركة لم تكن في صالحها ..اختل توازنها وكادت ان تسقط من على الشجرة لولا تصرفها السريع وتعلقها بسرعة باحدى الجذوع تدلى جسدها الى الاسفل ويداها متشبثان بالجذع بقوة ..اطلقت صرخات قصيرة وهي تحاول التشبث بالجذع وعدم السقوط وهي تصرخ وتمتم بكلمات غريبة اشبه بالسحرة عندما يلقون تعوذياتهم الغريبة مطلقين كلمات غريبة لا معنى لها ابدا بدى القلق واضحا على محيى غيث الذي وقف تحتها وهو يفرد ذراعية خشية وقوعها -ايتها الغبية انت مجرد كارثة بسيقان واذرع تتجول على الارض لتفتعل الكوارث اينما ذهبت ..تشبثي جيدا ساحاول الصعود اليك صرخت سجى بكل ما اؤتيت من قوة -لا غيث لاااااااااااااا سوف اقع ..سوف اققق ..احست بالخدر في يديها وبألم شديد وكأن عضلات يدها تتمزق .. افلتت ذراعيها لتسقط على الارض بقوة لكن تلك الارض لم تكن صلبة ..كان شيئا طريا ..صرخة الألم التي صدرت عن غيث جعلها تدرك انها سقطت فوقه ...تحركت ببطئ وهي تخشى انها كسرت عظما ما فيه ..وجهه المتغضن من شدة الألم جعلها تدرك انها تآذى فعلا -اوووه يالغباء مالذي فعلته ..غيث غيث هل انت بخير ..ياللهي غيث ..لقد قتلته امسكت بخديه بكلتا يديها وهي تبكي وسقطت دموعها على وجهة ووهي تبكي من شدة خوفها عليه كان مغمض العينين ووجه مكفهر من شدة الألم لكن تلك الملامح المتألمة انحسرت رويدا رويدا ليحل محلها ابتسامة شقت وجهه ببطئ ..رفعت سجى نفسها قليلا عنه وهي تطلق صوتا مستفهما من ابتسامته وقبل ان تدرك ماكان يحدث امسك بها من كتفها وادرها بسرعة بسهولة لتصبح هي تحته وهو فوقها وقال لها بلهجته الساخرة التي لا يكف عن التحدث بها ابدا -لو اني اصبت باعاقة ما الآن لجعلتك تدفعين الثمن غاليا .. شلت الصدمة سجى لفترة معينة وهي تتطلع اليه والدموع ترطب خديها الناعمين المحمرين ..تحولت صدمتها الى غضب وهي تدفعه عنها -ابتعد ايها الحقير ظننت ان مكروها اصابك ..هل معقول ان تجمتع كل سخافة العالم في رجل واحد اطلق غيث ضحكة ناعمة ووطوق جسدها بكلتا ذراعيه ليقول لها وهو يقترب من وجهها - هل انت قلقة علي ؟ لكن لسانك طويل يا زوجتي ..اود ان اقطعه ابعدت سجى رأسها عن مرمى نضره لكنه كان يدور معها في حركة تقوم بها ..يمينا او يسارا ..ضجرت من حركته الطفولية وقالت له بغضب وحنق - لا انا لست قلقلة عليك كل ما في الأمر اني لا اريد دخول السجن بتهمة قتل شخص معاق عقليا مثلك ..وهل اعتبر هذا غزلا يا ززوجي العزيز ابتسامة جانبية ساخرة شقت وجهة الوسيم وقال لها وهو مازال يتمسك بها بقوة آسرا اياها بجسدة الضخم -انا لا اتغزل بأمثالك فانت لست نوعي المفضل .. كانت هذه الأهانة اكبر من ان تتحملها سجى ..احست فعلا بأنها حقيرة واقل شأنا من الحشرة ذاتها ..اختفت روح المقاومة التي زرعها هو فيها وانحسر غضبها الجامح وهي تشعر فعلا بأنها ..ذلك الشعور الذيذ الذي زرعه هو فيها الا وهو الشجاعة وروح المقاومة والتي كانت تثور بداخلها خفتت وبات شبه منطفأة ..قالت بصوت مرتعش من بين شفتيها التي تدلت الى الأسفل مشيرتا الى موجة بكاء قادمة في الطريق ..تحدثت وهي تشيح بوجهها الذي كسره ذلك العبوس والحزن -معك حق ..من يرغب بمطلقة ..امرأه عبارة عن كيس من العقد وخليط من الكآبة وو ..قطعت سيل الكلمات من فمها لان الدموع هددتها بفضح تأثرها .. اختلجت احاسيس غيث بسبب فعلته ..تلك الدموع الؤلؤية التي تهدد صفوة عينيها الشهلاء الواسعتان ..عينيان سوداوتان خلابتان ذات نضرات حزينة تارة ..ومتحدية تارة اخرى ..تحيط بها تلك الخيوط الدقيقة الحمراء التي تدل على احتراقهما بالدموع الساخنة ..الدموع المترقرقة التي تجمعت في طرف جفنها السفلي تنتضر رمشة واحدة لتحفر اخدودا في خدها الناعم ..فمها المزموم في حدة كان حكاية وحدها ..لطالما
↚
تطلع الى فمها عندما تكون مشغولة وكم تمنى لو انه يعانق هاتان الشفتين المكتنزتين بشفتيه ليسحقهما ..تلك الشامة التي تقع اسفل شفتيها تثير جنونه ..هي ليست خارقة الجمال لكن جمالها المتواضع وجسدها الممشوق كانا يثيران رغبته الدفينة بها ..اعجبته وارادها بكل جوارحه لكن روحها المتيبسة وغرورها وتكبرها جعله يفكر ان يقوم بتأديبها كي تأتيه هي بنفسها راغبة ومستسلمة ..سوف يجعلها طوع بنانه بعد ان يكسر شموخها هذا الفارغ ..ان يجعلها انسانة متواضعة وقوية في آن واحد ..ذلك الانكسار الذي يسيطر على روحها سوف يجعله يتلاشى باستفزازه للأنثى الطيبة التي تقبع في داخلها منتضرة شعاع الأمل الطيب لكي يوقضها ..ذلك الغرور الفارغ الذي تتسلح به سوف يتلاشى مع معاملتها المستفزه لها ..لطالما ضحك على ردة فعلها المضحكة عندما كان يأمرها بالتنضيف والطبخ وكانت ترضخ لأوامره خشية ان يعيدها الى والدها ..كان يهددها بهذا السلاح فقط تهديدا كلاميا فهو يعتزم الاحتفاظ بها لنفسه وحمايتها بعد ان تعود انسانة طبيعية موزونة ..شرطها الوحيد كان ان يسفرها خارج البلاد لكن بالتأكيد هو لن يفعل هذا ..سوف يقوم بتخدير مشاعرها فقط في هذه الفترة لتتعلق به وتطلب البقاء معه الى الابد قال لها بعد ان قرب رأسه منها -لم اكن اقصد ذلك ..انت جميلة كزهر الخزامى ..قد اسميك خزامى ما رأيك !؟ ابتعدت احاسيس الحزن عن وجهها الصغير وجاهدت لتخفي ضحكتها وقالت بصوت ضاحك يجاهد بصعوبة لأخفاء ضحكه -خزامى ..يبدوا اسؤا من اسمي .. اطلق ضحكة مجلجلة وهو يبتعد عنها فاردا ذراعيه .. -بدأ دمك السمج بالتحول الى شيء اخر ..اهلا بك في كوكب الضريفين امثالي .. نضرت اليه بنصف عين نضرة تدل على انها تستهزأ به وقالت بعد ان ضحكت ضحكة مقتطعة -ه ه ه ه ه كم انت ضريف مر سيل الشهر الماضي بسرعة امامها وها هي الآن تقف متسخة ومليئة بالاتربة ..تحمل خرق تنضف بها الارضية القديمة التي تآبى ان تتنضف قال لها بعد ان ابعد الجريدة .. -اكملي اعمالك والا حرمتي من العشاء .. اشتعل غضبها الناري من كلماته المقتضبة فقامت بحركة متهورة لامت نفسها عليها ..حملت الخرقة الت ي رمتها من قبل على الارض ورمتها وهي مبللة ومليئة بالاوساخ لتسقط على وجهه ... اخر ما سمعته هو صرخة مجنونة باسمها ..صوت قوي اشبه بصوت الرعد في الليالي الماطرة ...احست بان قلبها سوف يخرج من مكانه من شدة خوفها ..شتمت نفسها الف مرة على تهورها وهي تركض في محاولة للأيجاد مكان للهروب لكن تلك اليدان القويتان التي تميزهما بسهولة امسكت بها بقوة شادتا ايها الى جسدة الضخم ..جاهدت لكي تحرر نفسها من بين ذراعيه لكن هدير صوته الغاضب جمدها تماما فقالت بصوت متوسل نادم -انا لم اقصد لم اقصد ..صدقنـــي
اجابها وهو يهزها وهي مثبة على جسده بواسطة ذراعيه .. -لا تقصدين ..حسننا ..انا ايضا لا اقصد وقبل ان تفهم ما كان يعني احست بالخرقة المتسخة تفرك بوجهها بقوة ..حاولت ابعادها لكنه زاد من شدة الفرك وهو يقول من بين لهاثه وتنفسه المتسارع -انا ايضا لا اقصد ..لا اقصد تحركت يده الثانيه على جسدها ليحكم الامساك بها ..لكن حركته الغير مدروسة جعلته يمرر يده فوق صدرها العامر ..تجمدت يداه وكأنه عثر على كنز ما ..احس ان جسده سوف يخونه في هذه اللحظة ..تلك اللمسة ارسلت تيارا كهربائيا الى جسده الذي بدأ يتفاعل بسبب وضعهم المتقارب الحميمي .. احست سجى بخطر الموقف الذي هي فيه وبيد غيث المتجمدة على مفاتنها ..ضعف غيث وتخبط مشاعره جعله ضعيف جدا امامها ..ابعدته بسهولة وهي تقول من بين اسنانها -سافل ومنحط ..اياك ان تقوم بمثل هذه الحركة مرة اخرى والا اقسم اني سوف اقتلك ! لا يحق لك لمسي ايها الغبي استقيظ غيث من غفوة مشاعره تلك التي احس بها قبل قليل على تعنيف سجى ولومها له ..حاول ان يقوم بشيء ليثبت لها انه لم يكن متأثرا فقال بصوت ثابت جاهد لكي يكون صارما -حقي هو اكثر من هذه اللمسة ..اكثر من هذا بكثير ولست بحاجة لتذكيرك به ..غمزته المشاغبة ونضرته العابثة جعلت سجى تدير رأسها بسرعة رافعة رأسها بخيلاء وشموخ قائلتا -في احلامك -حسنا لا رغبة لي في الأحلام الآن ...احملي هذه الصنادق وضعيها في القبو كعقاب لك -اليس من المعيب ان يطلب رجل من امرأه ان تحمل هذه الامور الثقيلة -وفري الكلام الفارغ واحمليها هيا ..والا فعلت شيئا لا تحبذينه البته تنفس غيث الصعداء وهو يحاول ان يمثل انه غير متأثر ابدا ..لكن في الحقيقة هو عكس ذلك تماما ..نار مشتعلة اضرمت في جسده عندما لمسها .. تهديده الصارم ونضرته الثابته جعلت سجى تفكر مليا قبل ان ترفض وتعاند ..توجهت نحو الصنايق ومدت يدها لتحملها ...تراجع جسدها الى الخلف قليلا لكنها واصلت تقدمها الى الامام لتثبت لذلك الغبي انها اهل للعمل وتستطيع ان تقوم بكل شيء وليست فاشلة كما اتهمها تكرارا تقدمت من فتحة القبو الموجودة في الارضية والتي تبدأ بدرج ينزل الى اسفل القبو ..وضعت قدمها على الدرج لكن الثقل كان اثقل من ان تتحمله .حاولت مواصلة التقدم لكن قدمها انزلقت على الدرجة الثانية لتسقط وتتدحرج على الدرج وهي تصرخ بألم -سجــــــــــــــــــــــــى !! تقدم بسرعة من القبو ووقف امام الدرج المحفور في الارض .وجدها تجلس في نهاية القبو تفرك مؤخرتها بنزق وهي تقول _تبا لك يا غيث ..تبا لك ايها الاحمق ..ساقي تؤلمني ..كم اكرهك ايها المعتوووووووووه لم يعد غيث يتحمل فانفجر في موجة ضحك قوية وهو ينزل الدرج ليحملها ويخرج من القبو ..وضعها على الكنبة وهو مازال مستمرا في موجة الضحك التي باتت ضحكات اشبه بضحكات مجنونة حملت سجى احدى المخدات وضربته على رأسه مرارا وتكرارا ..لم تتوقف عن توجيه الضربات له وهو مستمر في الضحك .. -يكفي لا تضحك ..ضحكتك مزعجة جدا ...يكفي ! توقف عن الضحك وابعد المخدة بسهولة من يدها وقال لها -ظننت انك كسرتي ساقك ..لكن يبدوا انك بخير فلسانك السليط بخير كما ارى تجهم وجهها وهي تقول -لقد تأذت ساقي فعلا ..انضر ..اشارت الى الخدش في ساقها فهب واقفا وفتح احدى الخزانات ليعود حاملا العلبة الطبية ..اخرج عدة اشياء وقام بلصق ضمادات طبية على مكان الخدش وهو يقول لا -لا تخافي من المستحيل ان تكسر ساقك .. قالت له بصوت باكي -وهل تنوي ان تؤذيني ..هل هذا ما تصبوا اليه في الوقت الحالي رفع بصره اليها واطال النضر الى عينيها قبل ان يقول -سجى من المستحيل ان اقوم بأيذائك ...انت اصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتي ..انا ..انا لست ... صوت طرقات الباب جعلهم يتجمدون تماما وهم ينضرون نحو الباب بفززع
-احبك يا ماريا ..لا تموتي ..
-لا استطيع الصمود اكثر يا فرناندو ..اتركني فأنا ميتة لا محالة ..
-لا لن اتركك ..ماريا لا تمووووتي ..ماريا لا لا تغلقي عينيك .سوف اموت من بعدك ..ماريا آآآه
شهقت ناز بعنف وحاولت التنفس بضيق وهي تضع يديها على رقبتها الدافئة ..احست بنبضها يتزايد مع بكائها ..دموعها بللت وجهها الناعم فمسحت بيدها سيول الدموع التي غطت معضم وجهها ..مدت يدها الى علبة المحارم الموجودة امامها لتمسح انفها الرطب وهي مازالت تحدق بالتلفاز وبالفيلم الذي كانت تشاهده ..كانت النهاية مأساوية ولم تتحمل ان ترى البطلة تموت بين يدين بطلها بعد ان اتهمها بالخيانة وطردها من بيته ..ليكتشف انها بريئة وغير مذنبة لكن الأون قد فات فالبطلة قتلت على يد اعداء زوجها لتلقى حتفها ..وتزهق روحها بين يدين محبوبها الذي اضناه السهر والعذاب خلف محبوبته التي هجرته .
اصبحت حساسة جدا في الفترة الأخيرة ومجرد ما أن ترى مشهدا عاطفيا او مشهدا تراجيدي تنخرط في البكاء لفترة طويلة ..عزت هذا سبب شوقها الى زوجها الذي طال غيابه ..هل من المعقول ان نشتاق لشخص ما بهذا الشخص المؤلم ..حتى كمال عندما هجرها لم تشتق له مثل شوقها لضرغام الآن ..اشتياق فاق الحدود ليجعلها عرضة للبكاء مع اقل انفعال عاطفي .. حركت يديها بضيق فأخذت جهاز التحكم بالتلفاز واغلقته بحركة صارمة تنم على ضيقها ..ابعدت المخدة الصغيرة التي كانت تضعها في حضنها ونهضت واقفة لتذهب الى غرفة نومها ..رنين الهاتف الأرضي الموجود في الصالة جعلها تذهب راكضة الى الهاتف الذي كان يرن بألحاح رفعت سماعة الهاتف السوداء بسرعة ووضعتها على اذنها وقالت بهلفة وبصوت باكي
-ضرغام ! تناهى الى مسامعها صوت ضحكته المكبوته ووقال بعدها بصوت اشبه بالفحيح هامسا ..جعلها ترتجف من فرط شوقها وتأثرها بصوته
-صغيرتي ..اشتقت لك .. ثم أكمل قائلا
-هل كنت تبكين ؟
تنهدت بضيق وهو تلوي بساقيها وترسم خطوطا بقدمها على الارض ولتعود وتقول
-ضرغام ..
لكن هذه المرة جاء صوتها مع نبرة حزينة لم تفت ضرغام ابدا فعاد هو بالتالي ليقول
-هل ستبقين تناديني بأسمي هكذا ؟ اليس لديك شيء أخر لتقوليه ..ختم جملته بضحكة من ضحكاته التي تعذبها وتجعلها ترتعش من فرط الاثارة قالت له بصوت معذب وهي تستند على الحائط الواقع خلفها
-اشتقت لك متى ستعود ؟ اطلق تنهيدة طويلة وتمطى قليلا قبل ان يقول -لقد استقيضت للتوا ولم افكر بشيء غير الاتصال بك لسماع صوتك كأفطار لي في الصباح ..سأعود بعد الغد ..
-حقا ..انا متشوقة لعودتك ..سأنتضرك بفارغ الصبر ضحك هذه المرة بخبث ليقول
-حسنا ..حسنا سوف ارى استعدادك لحضوري واقرر فيما بعد اذا اعجبني ام لا
↚
احمر وجهها خجلا وهي تقول بهمس ابح وبشجاعة
-حسنا .هههههه ضحكت ضحكة قصيرة لان شجاعتها خذلتها هذه المرة فأنهى هو المكالمة بأن قال
-يجب ان انهي المكالمة الآن ..وانهي كل المعاملات والحجوزات حتى اعود مبكرا ! وداعا صغيرتي وضعت الهاتف في مكانه ووقفزت من فرط فرحها بعودة ضرغام أخيرا ..صعدت الدرج بسرعة لتذهب الى غرفتها ..لترمي بجسدها فوق السرير الضخم وهي تتنفس بسرعة وابتسامتها تشق وجهها .. احست بارتياح كبير بعد ان سمعت موعد عودته التي طالت .. سوف تخبره بلا شك عن مضايقات كمال لها وعن كل شيء حتى تتجنب الكوارث التي ستحل عليها ان لم تخبره ! من الممكن ان تتدمر جسور التواصل الواهنة التي بنيت بينها وبين زوجها بسبب تدخل كمال ..لكن لا ..سوف تدافع عن زوجها وعن نفسها بكل ما أوتيت من قوه ولن تسمح لهذه المشاكل ان تدمر حياتها امتدت يدها الى القميص الملقى على احدى المخدات وضعته تحت وجهها لتشم رائحته وتنام ..كان قميص ضرغام الذي بدأت رائحته بالتلاشي رويدا رويدا ..لكن لا يهم فهو قادم بعد الغد وستكون سعيدة جدا بقدومه ..استعجلي ايتها الساعات ..اركضي ايتها الدقائق والثواني ..ليمر اليوم بسرعة ويأتي الغد وبعده بعد الغد الموعود اشعة الشمس الدافئة التي تمردت ودخلت من الفتحات الصغيرة عبر الستائر ففتحت عينينها ليبرق ذلك تلك الروضة الخضراء ببريق خاص ..بريق السعادة واللهفة ..تمطت ناز في الفراش ودفعت بعدها الغطاء عنها وقفزت من على السرير لتدخل الى الحمام ..المياه الساخنة لسعت جلدها ووجهها لكنها تحاملت على نفسها واكلمت الحمام السريع بسرعة تعدت الخيال ..خرجت من الحمام لتجلس امام المرآة تمشط شعرها وتتزين ففي نيتها الآن الخروج للقيام بشيء ما -غدا هو موعد وصول ضرغااام !! سوف اطير من الفرحة ..24 ساعة ويكون هناااا رفعت يديها وكأنها حققت انتصارا والابتسامة تشق وجهها ..مدت يديها بسعادة الى الكريم الواقي من الشمس لتدهن وجهها وانفها ...توجهت بعدها نحو الخزانة واخرجت جينزا مع تي شيرت اسود اللون في منتصفة مرسوم وجه اصفر اللون ذو ابتسامة واسعة ..نضرت الى الوجه السعيد المرسوم على التي شيرت وربتت عليه وهي تقول لنفسها -هذا الوجه يعبر عن سعادتي لهذا اليوم .. حملت حقيبتها ونزلت الى البهو السفلي وهي تقفز قفزا على الدرج الحلزوني ..
-صباح الخير سيدة ناز تبدين سعيدة اليوم اجابتها على الفور
-نعم نعم يا سهيرر ..ضرغام قادم غدا ..اليوم وغدا اجازة لك انت وليندا اضطرب وجه سهير وقالت لها على الفور والقلق مرتسم على وجهها
-لكن سيدتي من سيقوم بالطهي والأعمال المنزلية دارت ناز حول نفسها بطفولة ووثم تقدمت نحو سهير لتحتضنها وهي تقول
_يا سهير يا سهير الا تكفين عن القلق قليلا ..يومان فقط ..وانا من سيقوم بالطهي وعودي بعدها انت وليندا ..
-لكن سيديتي ..اعترضت سهير بضعف فأجابتها ناز على الفور
-ما بالك يا امرأة الا ترغبين بقضاء يومين مع عائلتك ؟ ضحكت سهير باضطراب وهي تقول
-حسننا ..طاب يومك سيدتي ..واعذريني سوف اقوم الآن بحزم حقيبتي ضحكت ناز بسعادة وهي ترى سهير تتوجه نحو غرفتها وهي الأخرى سعيدة بالأجازة التي حضيت بها .. غدا هو موعد قدوم ضرغام وسوف تقضي يوما حميميا معه ..هما فقط ..لذلك قامت بصرف الخدم فهي تريد ان تجعله يجن عندما يرى المفاجأه التي سوف تحضرها له خرجت من الباب واشارت الى السائق الذي خرج من بيته راكضا يحمل مفاتيح السيارة ..فتح لها الباب لتجلس في السيارة ..اخرجت نضاراتها الشمسية لتضعها فوق عينيها شقت السيارة الطرقات المزدحمة في العاصمة المليئة بالناس من مختلف الاشكال ..راقبت الشارع وهي تراقب الشارع الراقي الذي قالت للسائق انها تريد الذهاب اليه ..يوما ما كانت تحلم بدخول هذه الشوارع والشراء من هذه المحلات والتبضع لها ولشقيقتها الصغرى ..اما الآن فهي تستطيع احضار ما تريد وتستطيع مساعدة من تحب ... -الحمد لله ..حمدت ربها في سرها وهي تنزل من السيارة لتقول للسائق بعدها -تستطيع الذهاب الى بيتك لديك يومان اجازة ابتسم لها السائق باضطراب ولم ينطق بأي كلمة وانطلق بالسيارة ..يالغرابة هذا السائق الغامض ! قالت نا ز في سرها وضعت حقيبتها على كتفها وتوجهت نحو باب المجمع التجاري الضخم ..يوما ما كانت تعيش على هامش هذه المدينة وكانت تتبضع من متاجر الملابس المستعملة هي واختها ..طفرت دمعة الى عينيها وهي تتذكر ايام الذل ..ايام الجوع ايام العوز والحاجة..ايام النبذ من كمال ..ايام الأزمات ..لكن الحمد لله الآن هي في احضان الضرغام وبمأمن من كل هذه الاشياء يحوطها حبه وعطفه ورقته وحنانه ! توقفت عند المحل الذي تود شراء ما تريده منه ..دخلت المحل وهي تنضر الى الملابس الرقيقة المصنوعة من الدانتيل ..الملابس المغرية ..الملابس المحتشمة ..مختلف الانواع والتصاميم نعم كان متجر الملابس الداخلية ..قررت شراء شيء ما للأحتفال مع زوجها ..من حقها ان تفعل هذا علاقتها مع ضرغام مازالت غير قويه وواهنه تحتاج الى فترة عناية طويلة حتى تتقوى وتصمد في وجه المحن وهي تحاول جهدها لتبني جسرا من الترابط والحب بينها وبين زوجها .. اختارت ثوبا ابيض اللون غير محتشم ابدا ..ارادت ان تصنع شهر عسل جديد لهم بما أن شهر عسلهم كان مرا جدا ..ابتدأ بمشاجرة ومصارحة لماضي تعس انتقام
- هل تريد شيئا ما سيدي ؟
ابتسمت المضيفة لضرغام ابتسامة لا تخلو من التحرش ..كانت تمشط جسدة بنضراتها الخالية من البرائة وتخص بالنضر صدره المكشوف من فتحتة القميص بعد ان قام هو بفتح الأزرار الأولية للقميص .. شقت ابتسامته الجانبية الساخرة جانب وجهه الوسيم الأسمر وقال لها ببطئ وسخرية
- كلا وفري خدماتك للمسافرين الاخرين.
امتقع وجه المضيفة وتحول لون قرمزي ورفعت وجهها التي كانت تخفضة باتجاه ضرغام بغية التحدث معه بسرعة خارقة ..تلفتت يمينا ويسارا لكي تتأكد من عدم ملاحضة احدهم للموقف المحرج الذي زجت نفسها به .. جرت تنورتها الضيقة الزرقاء الى الأسفل ورفعت وجهها في شموخ مصطنع يثير الشفقة الى الاعلى وانصرفت عائدة الى مكان المضيفات أطلق ضرغام ضحكات قصيرة مكتومة وهو يراقب انصراف المضيفة بعد ان اهانها هو وصرفها بالحقيقة هي تستحق هذا ..الم ترى الحلقة التي يرتديها في بنصره والتي تشير الى انه رجل متزوج ! متزوج آه نعم من تلك القطة الصغيرة التي تدعى ناز ..لكم اشتاق اليها وأشتاق الى رائحتها ..اشتاق لان يحتويها بين أحضانه لينسى هموم الدنيا وما فيها ..اشتاق لان تغمره هي بشعرها الغجري الطويل الناعم فيلامسه هو بيدها ويمشطه ليتنشق عبيره ويمرر أصابعه على جسدها الناعم ..احس بالحرارة تجتاح جسده وهو يتذكرها ويتذكر ملمسها ..لم يخبرها بانه عائد اليوم لانه أراد مفاجئتها .كم ستفرح عندما تراه موجود أمامها .طيلة فترة سفره وهي تمطره بعبارات الشوق ..اشتاقت له بالتأكيد وسوف تسعد بعودته المبكرة .. مد يده الى علبة العصير الموجودة أمامه وفتحها ليأخذ منها جرعات كبيرة لم يكن يتوقع ان تصبح مشاعره نحو ناز بهذا الشكل ..اصبح مجنونا بها وبنضرات تلك العيون الزمردية التي بات يتخيلها فيل مكان في برلين .. لم يبين لها مدى تعلقه بها كي لا تضن انه أصبح كالدمية في يديها ..رجولته وعنفوانه لم تسمحا له ان يسلمها مفاتيح مشاعره فهو في الاخر يبقى ضرغام الانسان الصارم القوي الشخصية الذي علمته الحياة دروس قاسية إذ ما اصبح الانسان متهاوناً في حياته في برلين تم كل شيئ على خير وتمكن من توجيه ضربة قاضية الى عمه سوف تؤدي الى تأزم شركة عمه في السوق ! انتهت جميع الاعمال وسوف يقوم برحلة ترفيهيه بعدها لمدة طويلة هو وناز كشهر عسل لهما في المغرب العربي ..لطالما سمع عن الأثار والمدن السياحية الموجودة هناك وعن الأطباق اللذيذة التي تشتهر بها هذه الدولة بالتحديد .. رفع يده اليسار لينضر الى ساعة يده فوجد ان أمامه ثلاث ساعات بعد ليصل الى ارض الوطن .. اغمض عينيه لينام في محاولة لتفادي الملل الذي قد يصيبه بسبب الانتضار
- كمولتي حبيبي هل انت خارج
استدار كمال بسرعة نحو مروى التي كانت تحمل كأسا جهل محتوياته ..كانت تلوح بالكأس بعشوائية امام عينيه وهي تعيد جملتها
-هل انت خارج رمقها بنضرة شاملة وهو يتفحص ما كانت ترتديه باشمئزاز واضح
-ليس من شأنك هتف بقرف وهو يشيح نضره بعيدا عنها كانت ترتدي ملابس داخلية فقط وتلف حول خصرها وشاحاً يماثل لون ملابسها الشحيحة ذات اللون الأصفر المماثل للون شعرها الأشقر الذي تحول الى ملمسه الى الملمس الصوفي .. ملابسها تعبر عن حقيقتها تماماً ..صفراء وخبيثة ونضراتها تقطر سماً زعافاً ..لكم يمقتها ويكره نفسه لانه ارتبط بانسانة تافهه ومريضة مثلها لو ان الزمن يعيد نفسه لرفض كل تلك المغريات لرفض المنصب العالي في شركة والدها المشبوهه ..لرفض استسلامه لها وانسياقه خلفها وخلف الاموال الهائلة التي تمتلكها هي ووالدها ..لكنه كان طماعا وأحمق في نفس الوقت ...تذكر ليلة زواجهم بعد ان اهتزت كل مشاعره بسبب رؤيته لناز تقف في الحفل هناك وتحضر له هدية زفاف ..باقة ورود كان مصيرها الرمي في سلة المهملات من قبل مروى ..كانت منكسرة وبنفس الوقت تتسلح بقناع الجمود والقوة الذي كاد يسقط منها في كل مرة يرمقها هو بنضرة واحدة .. شتان ما بين الثرى والثريا ! بين ناز الناعمة والرقيقة والطاهرة والمخلوقة التي كان يقف أمامها الأن ! كيف سمح لنفسه الانسياق وراء الطمع لينسى الشرف الذي اطمسته مروى ببغيها وفجورها هل اصبح الشرف رخيصاً الى تلك الدرجة..عليه ان يصحوا من هذا الكابوس الذي يلفه بأغصان شائكة ليجرح كرامته وكرامته كرجل شرقي تذكر بعد ان انتهت حفلة الزفاف وأخذ زوجته الى الفندق ليقضوا ليلة زفافهم - مابك لما توقفت تسائلت مروى بعد ان رفع جسده عنها وهو تتشبث بكتفيه العريضين شتم بضيق وهو يسحب نفسه كليا ليرتدي ملابسه وهو يتنفس بضيق والغثيان يسيطر على معدته .كاد ان يفرغ ما بجوفه من شدة قرفه في البداية عندما قامت مروى بخلع ملابسها أمامه بكل جرأة ان هذه جرأة عفوية لكن اقترابها منه وفك أزرار قميصه وقبلاتها المتعطشة التي طبعتها على جسده جعلته يعيد التفكير الف مرة بعد ان اقتادته الى السرير جائت حقيقة عدم عذريتها كالصاعقة على رأسه احس بالقرف من نفسه ومن فداحة ما فعل ..جلس في الصالة الصغيرة التي تجاور الغرفة التي ترقد تلك التي يخجل حتى من تسميتها زوجته احنى رأسه المتألم الى الأسفل فتلقته يديه المرتجفتين ليستريح رأسه بين راحتي كفيه ..
-كمال هل من خطب،؟
تصاعدت موجة الغثيان التي كان يشعر بها وتضاعفت عندما سمع صوتها المقرف هدر بها غاضباً وهو يثب كما الاسد ليتقدم منها وهي تقف مستنده على الباب بينما تلف نفسها بشرشرف طويل أخذته من الغرفة امسك بها من كتفيها وهزها بعنف قائلا لها
- خطب ما ايتها العاهرة المستهترة ،..من فعل بك هذا من ! ابعدت يديه عنها ببرود وهي تقول - لا اتذكر اسمه في الحقيقة آ..وقبل ان تكمل جملتها دوى صوت الصفعة التي تلقتها من كمال قال بغضب جامح وهو يتنفس بغضب - لا تتذكرين حتى من سلمتي نفسك اليه ..الى اين يمكن ان يصل الاستهتار بك .. مسحت براحة يديها على خدها التي تلقت عليه الصفعة ثم بدأت ابتسامتها بالتوسع وهي تقول - لم اضن انك تهتم للشرف فعلا ثم بدأت بالضحك بجنون وهي تقهقه ..توجهت نحو احد الأدراج وأخرجت علبة سجائر وبدأت تدخن بشراهه وهي تقول من بين الدخان الذي كانت تنفثه هنا وهناك
- لقد اشترينا بنقودنا يا كمال لا تتضاهر بالاهتمام بالشرف لان هذا لا يناسبك أبدا! لم يعد كمال يتحمل المزيد فذهب الى الغرفة واكمل ارتداء ملابسه وخرج من الجناح الذهبي في الفندق وهو يحمل سترته على كتفه تذكر ردة فعل والدها القصير القامة ذو الكرش المتدلي حينما اخبره بحقيقة ابنته
-مروى فتاة متهورة وقد تكون آآه أمم ..أنسى ماحدث وابداأ صفحة جديدة معها صر كمال على اسنانه وقال له وكأنه يبصق كلماته بصقا -هل جننت اقول لك بأن ابنتك ليست عذراء وانها صاحبة علاقات كثيرة قبل الزاوج وتقول لي صفحة جديده ..! يالكم من عائلة رخيصة رفع والدها سيجاره الغليظ الغالي الثمن الى فمه الذي احاطته التجاعيد من كله جهه وهو يقول -انت ارخص منا يا كمال ..لقد بعت نفسك من أجل المال
..هل ستمثل دور المتعفف الآن
؟ من وقتها وكمال يعيش في داومة لا يعرف لها قرار ..الندم هو الشعور الوحيد الذي سيطر عليه بالكامل وفاق كل احساسيه الأخرى ..لكن هل للندم ان يغسل ذلك العار الذي الصقه هو بنفسه ؟ وخبر زواجها جعله يتمنى الموت الف مرة على تفريطه بها ..لو انه عاش في رؤية ناز في مطار ايطاليا كوخ صغير مع ناز افضل بألف مرة من ان يعيش بهذا الأمتهان للكرامة مع الحية الصفراء هذه .. هو باع ناز وقبض ثمنها ..ثمنها ندم وخيبة وضياع عاد الى ارض الواقع ليجد تلك العينان التي ترمقان جسده بشهوانية ورغبه لم يغفل عنها ..وضعت مروى كأسها على اقرب طاوله على يمينها وعادت الى حيث يقف كمال ..مد يديها الى قميصه وشرعت تفتح ازراره بيدين مضطربتين ..ارتجفت يداها قليلا لكنها واصلت عملها دون توقف ..قبلت صدره ورقبته وهي تهمس بهمس اثار قرف كمال الى ابعد الحدود
-عاشرني ..اشتقت اليك ..
لم تشعر الى الى باليد التي امتدت لتمسك بشعرها ..امسك بها كمال من شعرها وابعدها عنه باشمئزاز وهو يقول من بين اسنانه -لعبك الرخيصه لم تعد تجدي معي ! ابتعدي عني فلا رغبة لي بكيس القذارة المتمثل أمامي ! امقتع وجه مروى واتسعت عيناها الماكرتين على وسعهما ..احس كمال بالخطر من نضرتها التي كانت ترمقها به ..امتدت يديها الى حيث تقبع يده المتجمدة على شعرها الصوفي ..ابعدت يديه بعنف وهي تقول من بين اسنانها
-لماذا لا تلمسني ..ألا يعجبك ما ترى امامك ..الا يعجبك ..
لم يجبها بل اشاح وجهه عنها وكأنه يؤكد لها فعلا ما كانت تقوله جن جنونها فهجمت عليه وطوقت وجهه وهي تقول -تريد ان تتركني اليس كذلك ؟ اليس كذلك كانت تكرر كلامها وهي تتنفس بضيق وتحاول ان تمسك بوجهه بكلتا يديها وهو يدير وجهه عنها ..حركته هذه جعلت جنونها يتضاعف فصرخت به قائلة
-انا اعلم مخططك يا كمال تريد تركي والعودة الى ناز ..تريد تركي انهارت وهي تضرب بكلتا يديها على صدره وهو يحاول تفادي ضرباتها الموجعة كانت تكرر كلماتها بهستيريه وهو لا ينطق بأي كلمة ويحاول تفادي ضرباتها احس بالشفقة نحوها ولم يرد ان يزيد عقدها النفسية سؤا ..حاول ان يبعدها لكنها كانت في ثورة غضبها فنطق أخيرا وقال
↚
-يجب ان اذهب الآن ..سأعود في المساء
خرج من القصر وهو مصمم على هدف واحد ولن يحيد عنه ابدا ..ناز ..يجب ان يخبرها بمخطط ضرغام عسى ولع ان يفيد هذا بشيء ما! ادار محرك السيارة وانطلقت سيارته نحو منزل العمري دون اي ترد
دخلت ناز الى الى البيت الذي كان يسبح في الهدوء والسكون ..هدوء وسكون لم تستحسنه في بداية الأمر لكنها فكرت بأنها هي من طلب من الجميع المغادرة ..نضرت الى الساعة الجداريه المعلقة على الحائط لتجدها تشير الى الساعة السادسة مساء ..مر الوقت بسرعة خياليه وهي تتجول في الاسوق والمحال التجارية ..التقت بعدة اصدقاء من ايام الجامعة والذي ابدوا غيرتهم الشديده وهم يراقبونها تتبضع من هنا وهناك دون ان تتكثرت بالأسعار ما تشرتيه ..كان التملق واضح جدا على محياهم وهم يبتسمون لها بود لم تألفه منهم
..لكنها تجاهلتهم تماما وهي تتضبع غير مكترثة بوجودهم واشاراتهم وهمسهم حولها ...طوال الوقت وصورة ضرغام مرتسمة امامها ..كانت تتخيل ردة فعله عندما يعود ظهر الغد ليجد كل شيء جاهر وفي انتضاره ..هي قلبها وروحها وكيانها ..جميعهم في انتضار من طال غيابه ومن بكت العين شوقا له .. اشترت بعض الملابس الجديدة والمغرية ..ومرت على محل العطور لتشتري عطرا اخبرها البائع ان هذا العطر مخصص للعرائس ..اخذته وهي محمرة الوجه بسبب تصرفاتها ولكنها لم تردد لحضة واحده من حقها ان تفعل المستحيل لكسب زوجها ..مرت على بائع أخر لتشتري شموعا عطرية وبعض الورود الطبيعية .. مرت بعدها على حييهم القديم لتزور والدتها وتخبرها أن زوجها قادم ..سرها ما رأته هناك ..الشوارع نضيفة ومعبدة والطرقات خالية من برك المياه والأطفال جميعم يرتدون ملابس جديدة ويلعبون في الملعب الصغير التي تم تأسيسه من الأموال التي تبرع بها ضرغام الى الحي ..نعم فلقد ضاعف المبلغ الذي اعطته هي للمختار ..فرح الأهالي فرحا شديدا بالمال الذي تبرع به يد الخير البيضاء كما سموه هم اليهم .. بعد ان قضت ساعة مع والدتها وشقيقتها استقلت سيارة اجرة لتعود الى البيت وهاهي الآن في البيت من فرحتها تكاد تحلق في المكان ..صعدت الدرج الملتوي ودخلت الى غرفتها ..وضعت الورد الأحمر في آنية وملأتها بالمياه المنعشة ووضعتها على الطاولة التي كانت تتوسط الغرفة الكبيرة والواسعة . اخرجت ثوب النوم الحريري ووضعته على على السرير واخرجت العطر الجديد ورشت فوق الثوب الحريري الكثير من العطر لتتشبع الرائحة بالثوب وتبقى الى الغد ..لامت نفسها على تصرفاتها الطفولية المتلهفه ولكنها قررت ان تكمل ما بدأت بدون تردد وهي تضحك من نفسها ... اتجهت نحو الخزانه واخذت ثوبا قطني لونه ابيض عادي الشكل ..رمت ملابسها على الارض في اهمال وقررت النزول لتناول شيء ما فهي تتضور جوعا وسوف تنام مبكرا بعدها حتى يأتي الغد بسرعة نزلت الى المطبخ وفتحت الثلاجة واخرجت بعض المأكولات المبردة التي وضعتها سهير قبل ان تذهب ..اخرجت طبقا ووضعت فيه عدة اشياء ورمته في المكريويف ليتسخن قليلا .. تجمدت في مكانها حين سمعت صوت طرقات على الباب الخلفي الخاص بالمطبخ الذي كانت تقف هي فيه ..ابتسمت بارتباك وهي تقول لنفسها
-بالتأكيد هي سهير وجائت لأخذ شيء ما
تقدمت من الباب وفتحته على مصراعيه ..تقهقرت ابتسامتها العريضة وحل محلها عبوس ونقشت الصدمة على محياها ...
-كمــــال ! هتفت برعب وصدمة وخوف وترقب في آن واحد وهي ترى وجه كمال المتعب الذي احاطت الهالات السواء عيناه المتعبتان ..حاولت ان تستوعب وجوده هنا وكيفية دخوله الى القصر ..لكن عقلها لم يسعفها وبدأت ساقيها بالتحول الى هلام ..الرجفة سيطرت على جسدها ولم تستطع التحرك
-يجب ان نتحدث ناز بدأ عقلها بالعمل بعد الجمود الذي سيطر عليه ..تحولت ملامح الصدمة الى استنكار وعبوس ..وضعت يديها على طرف الباب وهي تقول من بين اسنانها
-هل جننت؟ اي كلام هذا انصرف الآن ولا تسبب لي اي مشاكل ابعد يديها بقوة عن طرف الباب ودلف الى الداخل وهو يقول
-هذه أخر وسيلة للتحدث معك انت لم تتركي لي مجال
انتفض جسدها رعبا وخوفا عندما رأته يدخل الى البيت ويجيل نضره متفحصا الأثاث وزوايا المطبخ الراقي .. حاولت ان تسيطر على ردة فعل جسدها وان لا تبين له خوفا ورعبها من الموقف الذي هي فيه ...تمنت لو انها لم تصرف السائق لكان منع كمال من الدخول الى البيت في هذه اللحضة صدمت من ردة فعلها وماهيه تفكيرها ..هل من المعقول ان يكون هذا الكمال الذي كان يدق قلبها عشقا ولهفا له والذي كانت تبكي عليه ليالي طويلة بسبب هجرانه ..الآن تقف مشدوهة وتريد اخراجه من منزلها بأي طريقة ممكنه ..تريد ان يخرج من حياتها الى الابد لتعيش هي بسعادة استجمعت بقايا شجاعتها المبعثرة ونطقت بصوت مهزوز جاهدت لان يبدوا طبيعيا
-كمال اخرج من هنا على الفور وجودك غير مرحب به ...كان من الجدير ان تعلم انك غير مرحب بك في حياتي لهذا لم اجب على مكالماتك ..اخرج من هنا فورا استدار بسرعة لينضر الي عينيها وكأنه يبحث عن تأكيد لكل كلمة قالتها هي ليلتمس الحقيقة ..ذهل من التعبير المرتسم على وجهها ومن التصميم الذي نحت على ملامح وجهها الجميلة ..لم تكن خائفة ولا متردده نطقت كلماتها وهي واثقة منها ..والتمع ذلك الزمرد الأخضر في عينيها في تصميم واضح ..لم يسره ما رآه لانه يدل على حبها وخوفها على زواجها قال لها اخيرا بعد طال الصمت بينهم
-يجب ان تعلمي ان من تخافين على مشاعره وعلى حبه هو رجل وصولي وحقير وكذاب
شخرت ناز وقاطعته قائلة
-رجاءا لا تطلق صفاتك على الأخرين لم يعبئ لسخريتها الواضحة وقرر ان يقول بما جعبته علها تثني عن دفاعها عن ضرغامها فأكمل قائلا -لقد قام بأعطائي النقود وحاصرني بالديون ليجعلني اتركك واتزوج مروى انت مخدوعة فيه يا ناز لا تكوني غبية بهذا الشكل ! ضحكت بصوت عالي وهي تشير بيدها بحركة استفزازيه مفادها ان يخرس ولا يكمل كلامه -حسنا لقد اشتراني بنقوده ولكنه افضل منك بكثير فانت بعتني من اجل المال ..ضرغام الآن زوجي ولا اريد ان تتدخل في حياتنا ..نحن خلقنا لبعض وانا اريد ان اشكرك بشكل خاص لانك تركتني لمن هو ارجل منك ..فحياتي معك كان مصيرها الفشل لأنك لست رجلا كفؤا ولا تتحمل المسؤولية ! لم تعي لسيل الكلمات الجارحة التي نطقت بها ولا لكمية كلمات الاستفزاز التي جعلت غضب كمال يتصاعد ويصل الى ذروته اندفع كمال كما الثور الهائج ودفع جميع الصحون التي كانت موجوده فوق الطاولة لتسقط على الارض وتتهشم ..لاحقت نضرات ناز الفزعه الصحون التي سقطت على الارض وعندما رفعت بصرها وجدت كمال امامها تماما واحست بيديه تحوطان جسدها الهش بقسوة صوت لهاثه وتنفسه السريع وانفاسه الدافئة التي لفحت وجهها جعلت جسدها ينتفض بسرعة بين يديه في محاوله لتخليص نفسها دفعته وخدشته باضافيرها ورفسته بقدما لتبعده عنها لكنه كان كالجبل الصامد لا يتحرك ابدا قال لها من بينه اسنانه
-انا رجل رغم عنك ...انا مازلت احبك ..احبك يا ناز وتأكيدا لكلامه حاول ان يقبلها لكنها اطبقت على شفتيها بقوة وابعدت رأسها عنه بسرعة خياليه ..
صوت التصفيق الذي تعالى خلفهما جعلهما يتجمدان ..هما الاثنان نضرت الى وجه كمال لتجده قد تحول الى اللون الأصفر وقد شحبت ملامحه ..استدارت ببطئ وهي تتمنى ان تكون ضنونها خاطئة في الوقت الحالي ضرغام ..يقف خلفهم ..يبتسم بسخرية وتكاد تجزم ان ابتسامته ما هي غلاف يحتوي في داخله غضب جامح قد يهدم القصر فوق رؤوسهم انزلها كمال الى الارض برفق ووببطئ فترنحت قليلا قبل ان تتماسك ..صوت ضرغام الساخر والكلمات التي نطق بها جعلها ترتجف من الخوف والغيظ والحنق والغضب وكل شيء في آن واحد
-كانت بنيتي مفاجأتك والقدوم مبكرا ..لكن يبدوا انني انا من تفاجأت ..زوجتي وخطيبها السابق في بيتي يمارسون الرذيلة في غيابي ..! شعرت ناز ان احدا ما دعس على جسدها وعلى قلبها بالتحديد ليتحطم الى اشلاء صغيرة والى قطع مهشمة ..تصاعدت موجة غثيان الى حلقها لكنها كبحتها بسرعة لتقول بصوت مهتز
-ليس الأمر كما تضن ..كمال اخبره ..هو من أتى ..ككما ..
.استدارت الى المكان الذي يقف فيه كمال لتجده فارغا ! هرب كمال وتركها وحدها في هذه المصيبة دون ان يشرح لضرغام لماذا هو هنا ضحكة ضرغام الخالية من المرح جعلتها ترتعد وتعود لتنضر اليه قال لها وهو يضع يديه على خصره
-هرب حبيب القلب ..هرب وتركك امام الموت ..لكن كيف ستهرب ناز الصغيرة مني الآن ؟
-ضرغام ..الأمر ليس هكذا صدقني ..ضرغااااااااااام
اطلقت صرخة مدوية عندما مر ضرغام بسرعة من جانب الأدراج الخشبية ولتمر يده ويسحب كل ما هو موجود فوق الطاولات والادراج ليسقطوا ارضا .. تزامنت صرختها مع صوت تحطم الأواني فصدر صوت مرعب جدا من اختلاط الاصوات ..امام الموت ؟ هل ينوي قتلي ياللهي ساعدني انا بريئة ياللهي ..تضرعت الى ربها ان ينقذها من الموقف الذي هي فيه وحركت ساقيها بتلبك للهرب من موت محتم كما قال هو تزامنت صرختها مع هروبها في الوقت نفسه ..كانت حافية القدمين فداست على احدى القطع المكسرة للأواني التي تكسرت على الأرض احست بالألم في قديمها ..واحست بسائل ما يبلل قدمها الصغيرة وهي تجري ليترك اثرا على الأرضيه النضيفه ويملأها دما ..نعم كانت تنزف بسبب دخول شضيه زجاجيه الى قدمها واصلت الركض بسرعة وتسلقت الدرج بعدة خطوات لتحمي نفسها في الغرفة ..دخلت الغرفة وهي تلهث ويداها ترتجفان واغلقت الباب بحركات متخبطة لكن الدفعة القوية التي جائتها من خلف الباب جعلتها تسقط ارضا ..اطل ضرغام من خلف الباب وعلى وجهه تعبير جعلها ترتعد من الخوف والرعب ..غاضب ..كلمة لا توفي غضب ضرغام حقه ..التمتعت عيناه السواداوان بغضب شرس واكفهر لون وجهه وخيل لها ان لون وجهه بات اسودا وليس لون بشر عادي .. قال لها وهو يراها تتراجع الى الخلف مذعورة وهي تحاول النهوض
-اغيب لشهر فتمضين انت الوقت بصحبة حبيبك ..وهنا في منزلي ؟ انا الذي سلمتك مفاتيح حياتي وادخلتك الى مجتمع راقي وصنعت منك انسانه جديده تجازيني بهذه الأفعال ؟ كان يجب ان اعرف ان اصولك الوضيعة القذرة لن يفيدها اي تنضيف ..سوف تبقين ناز ابنة الرجل القذر الانتهازي ..ناز الفتاة الوضعية طالما حييتي !!
كلماته المهينة لم تؤلمها بالقدر الذي يؤلمها طعنه في شرفها ..هي لم تخنه ولم تفعل اي شيئ معيب في غيابه ..نطقت اخيرا بعد ان نهضت وقدمها المصابه تفيض على الارض لتصنع بقعا صغيرة من الدماء ووقالت -ضرغام ليس الأمر كما تضن ..دعني اشرح لك ..ارجوك .. هدر صوته الغاضب وهو يحاول الامساك بها وهي تدور في ارجاء الغرفة .. -تشرحين ماذا ؟ هل لي ان افهم لماذا قمتي باخراج العمال من البيت ؟ لكي يتسنى لك تقضية وقت ممتع مع عشيقك ؟ انضري الى الملابس التي حضرتها للحبيب انضري ..انضري الى الشموع والعطور ..جو رومانسي مذهل
وتأكيدا لكلامه الغاضب مرت يديه على جميع محتويات طاولة الزينه ليقع كل شيء على الارض .. لطمت على وجهها وهي تبكي والدموع تعميها عن رؤية اي شيء ..وقالت بصوت باكي وهي ترجوه
-ارجوك اسمعني ..ارجوك تقدمت منه وهي تبكي ويديها مرفوعة في حركة تدل على تضرعها وتوسلها ..لكن حركتها هذه لم تكن في صالحها ..اذ انه وثب كما النمر الذي طال حبسه في قفص ما وامسك بها بكلتا يديه موجات ذعر وخوف وغثيان ورعب تصاعدت في جسدها وهي تحاول تخليص نفسها من سجن ذراعيه .. قال لها من بين اسنانه وهو يثبتها بين ذراعيه -لماذا التمنع يا عزيزتي
؟ هل ما تقدمينه للعشاق حصرا عليهم وحرام على زوجك ؟
لم تفهم مغزى كلامه الى بعدما ان امسك بتلابيت ثوبها القطني ومزقه بحركة واحدة ..تراجعت الى الخلف مذعورة وهي تحاول ان تستر عريها لكن رد ضرغام الساخر جاء ليبدد أملها الأخير في ان تثبت برائتها
-من من ؟ من زوجك ؟ تسترين نفسك من زوجك ؟ وتتعرين امام عشيقك ..تبا لك كان صوته قاسيا وخشنا ومخيفا في آن واحد ..
امسك بها من جديد ورماها بكل عنف على السرير ..حاولت النهوض والفرار لكن ثقل جسده الضخم جاء فوقها ليثبتها بقوة في مكانها .. توسلت اليه بصوت متضرع وهي تحاول تخليص نفسها
-ارجوك ضرغام ..لم يكن ..لم اخنك صدقني
لم تستطع ان تكمل كلامها لان شفتيه اطبقت على شفتيها ونشب اسنانه في شفتيها الرقيقتين ..تألمت واستجمعت كل قواها لتحاول ابعاده لكن تصميمه كان يفوق مقاومتها آلاف المرات تابع تجريدها لملابسها المتبقية واخذها بأبشع الطرق واكثرها ايلاما ..غاص الألم في كل جزء من جسدها وهفتت مقاومتها وتوقفت عن المقاومة لتسلمه جسدها بلا روح ..بلا حب ..بلا مشاعر ..عندما رآى هو جمودها وعدم حركتها قرر أيذائها حتى تشعر بالألم الذي يشعر به ..لكن آلم الجسد لا يضاهي نقطة في بحر ألم النفس ..شهقت بألم وقوة عندما اصبحت حركاته اكثر تصميما وايذاء ..ونزلت دموع القهر بقوة عندما اطبقت جفنيها بألم وهي تنشج وتأن .. عندما ابتعد عنها أخيرا كانت مستلقية كما الدمية بلا حراك ..فقدت في هذه الليلة أخر آمل لها في الحياة السعيدة مع زوجها ..واخر فرص لحياة رغيدة ..ضنت ان الأمر انتهى وان اغتصابه البشع مجرد كابوس وسوف تصحوا منه الآن . قام بعدا وتوجه نحو الخزانة ..لكن صوت سحب اقسام المسدس جعلها تجمد في مكانها تماما استدار رأسها الصغير الى الوراء لتجد فوهة المسدس موجهة نحو وجهها وضرغام يقول بألم وقهر في آن واحد -يجب ان أغسل عاري
راقبت سهى اخر ورقة تسقط من جذع الشجرة الكبيرة الموجودة امام شباك غرفتها ..حملت الرياح ورقة خريف برتقالية اللون مشوبه بالصفار قليلا لتدخل من شباك الغرفة الكبير ولتحط على الأرض لتعلن عن قدوم الخريف ..الخريف المصبوغ باللوان الفاقة ذو الجو الساحر الغريب ..فصل الكآبه ربما ام فصل الحب والرومانسية ..فصل الفراق ..اكدت سهى بينها وبين نفسها ! ..مازالت الايام والساعات والاسابيع تمضي على أخر لقاء بينها وبين سامر ..راقبت الشباك كل ليلة وكل يوم عسى ان يأتي سامر من ذلك الشباك من جديد ليحتضنها كما فعل ..هزت رأسها بعنف لتبعد هذه الافكار السخيفة من رأسها وهي تقول لنفسها -انت لا تحبينه حتى ..انسي ! نعم لا احبه ..قتلني وقتل سهى تلك الفتاة التي عاشت بكذبه اسمها الحب والحياة الزوجية ..لم تنسى ولا حرف ولا كلمة قاسية قالها لها ولا حتى كونه كان على علاقه مع سارة ! عندما قررت ان تسامحه على خروجه مع سارة هنا وهناك وتفضيلها عليها تغاضت عن كل شيء ..عن خيانته عن اهماله وقررت اعطائه فرصه ..فماذا كانت النتيجة ؟ خذلان وقتل للذات وألم ما بعده ألم .. بدأت افكارها تتعبها ..توقعت ان مع مرور الوقت انها سوف تنسى وسوف يتنضف دماغها تماما من الأثار السامريه ..لكن على العكس تماما مع كل ثانيه وكل دقيقه هي تفكر فيه اكثر واكثر .. تناولت معطفها الخريفي وخرجت من الغرفة ..وجدت مصطفى يتفرج التلفاز ويشاهد برنامجا كارتونيا ..نادته بصوت خافت
-مصطفى ..مصطفى
نضر اليها مصطفى وابتسم ابتسامة عريضه وهو يقوم من مكانه ويتقدم منها بخطوات مضحكة ومؤخرته تتحرك بحركات مضحكة كما كل الاطفال عندما يركضون ..لم تمنع نفسها من الضحك على طريقة ركض ولدها ..وصل اليها اخيرا فقامت باحتضانه وحمله ..احست بألم في يديها لكنها تحاملت على نفسها وبقيت متشبثه بجسد طفلها الضخم وهي تضمه لصدرها ..رائحته تشبه رائحة والده ..ابتسامته ..حركاته ..طريقة نومه البارحة قضت الليله بأكلمها تراقب وجهه الصغير الذي يشبه وجه سامر الوسيم ..هل طريقة تنفسه ايضا تشبه طريقة تنفس سامر ام انها تتخيل هذا ؟ انزلته برفق على الأرض وهي تقول له -هيا فلنخرج ونلعب في الخارج قليلا قفز مصطفى بفرح وهو يدور حول نفسه ويقول -ونشتري حلوى ونشتري حلوى وضعت سهى سبابتها على فمها وهي تقول -هصص ..اسكت يا ولد جدتك تأخذ قيلولة الآن فلنخرج ونحن ساكتين ..توجهت نحو غرفتها واخرجت سترة صغيرة لولدها والبسته اياها على العجل وخرجت من البيت تنفست الصعداء وهي تستنشق الهواء العليل ..هذه اول مره تخرج فيها وحدها مع مصطفى منذ ذلك الحادث اللعين ..كانت زياراتها تقتصر على الذهاب الى الطبيب فقط ليقوم بتفحص كسورها وعضامها ..اما الآن هاهي الأن تحاول ان تعود لحياتها الطبيعية ..امسكت يد مصطفى واوقفت اول سيارة اجرة تمر في الطريق -الى حديقة الشعب لو سمحت حديقة كبيرة جدا يوجد فيها العاب اطفال ومتاجر ويتجمع فيها الأطفال من جميع الاصناف والأعمار ربطت حزام الأمان حول مصطفى بأحكام فجلس هو الاخر دون ان ينطق بكلمة ..بعد ربع ساعة بالتمام كانت تقف امام البوابة الكبيرة للحديقة بدأ مصطفى بالتململ بين يديها ..أطلقت يديه فذهب راكضاً ليصعد اول لعبه أمامه ضحكت سهى وهي ترى ولدها يلعب بعفويه مع بقية الاطفال ..كان قرارها صائباً بالخروج من البيت فهي الان تشعر بارتياح جميل ..اتجهت نحو احد الباعة واشترت المكسرات وقطع الحلوى الصغيرة لولدها عادت الى حيث كان يلعب مصطفى ..انحسرت ابتسامتها وتحولت الى رعب عندما لاحضت اختفاء مصطفى ..! -مصطفى ؟ مصطفى هتفت بذعر وهي تتطلع الى وجوه الاطفال الضاحكين .. بدأ قلبها بالخفقان بسرعة ودار رأسها هنا وهناك بحثاً عن طفلها ..لمحت سترة زرقاء اللون مماثلة لسترة مصطفى فارتاحت قليلا ..تقدمت منه وتحولت ابتسامتها التي شقت وجهها الى عبوس وصدمة في آن واحد أحلام والدة سامر تمسك بمصطفى من كتفيه وتحتضنه وتقبله بشوق وهي تبكي ! في تلك اللحضة بالذات عصفت جميع ذكرياتها المؤلمة مع أحلام وكيف قامت بايذائها وكيف أجهضت طفلها على يدها هي ووولدها وبناتها تقدمت بخطى واثقة وصارمة ومدت يدها لتختطف ولدها من حضن جدته بكل عنف وقسوة لدرجة انها احست بأنها أذت صغيرها بتلك الحركة الخاطفة .. تحاملت على نفسها لكي لا تفلت من يدها المترجفة والتي آلمتها فور حملها لمصطفى ..نضرات الحسرة والقهر مرسومة على وجهها المليئ بالتجاعيد ..بدت متألمة ونادمة ومتحسرة وخائبة الظن ..مالذي تتوقعه ان ترتمي هي ووأبنها في حضنها ؟ فتحت فمها اخيرا بعد ان رأت سهى تحمل مصطفى وهي تتجه نحو مخرج الحديقة الكبير ..تحاملت على نفسها وعلى قدمها ذات المفصل الذي اصيب بالسوفان في الشهر الأخير وجرت خلف سهى ذات الخطوات الواسعة التي اجتازت معظم الطريق بوقت قياسي صغير .. وصلت اليها اخيرا وهي تلهث بسبب سرعة مشيها
↚
-سهى بنيتي ارجوك انتضري ! استدارت سهى ناحيتها بسرعة وهي مازالت تتشبث بأبنها وقال من بين اسنانها وقد تطاير شعرها هنا وهناك بفوضى بسبب
-لا تقولي ابنتي ..لو لم تكوني كبيرة في السن لقلت لك كلام اقسى من ان تتحمليه ..لكني مازلت فتاة مهذبه ولا اشتم كبار السن ! اجابتها احلام بصوت مهتز على وشك البكاء
-سامر يتعذب يا سهى وكل هذا بسببي ..لا استطيع النوم لا استطيع تناول الطعام ..انا مذنبه وانتي فقط من يستطيع ان يعيد حياتنا الى مجراها الصحيح ..فكري يا ابنتي في بيتك وفي زوجك ولا تحرمينا من مصطفى يا سهى ..هذا أخر رجاء لي ...!
انصرفت بعدها احلام وراقبتها سهى وهي متجمدة في مكانها لا تجرؤا حتى على الحراك وكأن هناك قوى جباره تثبتها في مكانها تمنعها من التحرك حتى ..ذكريات الماضي ..تلك الذكريات المؤلمة التي مرت امامها وكأنها شريط سينمائي لتبث التخدر في مشاعرها وجسدها. كل ما كانت تفكر فيه احلام هو ابنها سامر ..ألم تفكر فيها هي ؟ وفي عذابها !! في سهرها لليالي تلعق جراح قلبها كالحيوان المصاب ..تعزي نفسها بخسارة اعز انسان على قلبها ! راقبت احلام تعود لتجلس في مكانها ووضعت رأسها المتعب بين يديها وبجانبها تجلس يسرى ونادية واولادهم .. تنبهت أخيرا الى شد مصطفى الذي تضايق من تطويقها له ..حررته من سجن ذراعيها وانزلته الى الأرض واتجهت نحو الشارع العام لتأخذ اول سيارة اجرة تمر من امامها وجسدها يرتجف بالكامل بسبب تذكرها لذكريات الماضي التعس !
محطمة ..مكسرة ..مهشمة ..بلا روح ..بلا ماضي ..بلا حاضر ..بلا احاسيس كانت ناز مستلقية على احدى الأرائك في شقة والدها القديمة في المدينة الساحلية وقد مر على مكوثها فيها ثلاثة ايام ثلاثة ايام من العذاب ..من الألم ..من الآسى ..من الوجع ..لو كان الأمر يقتصر على الوجع الجسدي لكانت الآن تتماثل للشفاء من تلك الختوم التي ختمت بجسدها جراء اغتصابه لها ..لكن ما يختلج في نفسها وفي اعماق روحها هو أمر يتحدى وصفه بالألم .. عينان محمرتان تحيطهما الهالات السوداء الداكنة اللون ..وجه مصفر وفم شاحب مرتجف مستقليه على هذه الأريكة منذ يومين بلا طعام ولا شراب ..انتحار بطيء .. مرت احدى الشاحنات في الشارع فأوقعت احدى البراميل الحديدة ...كان الصوت مدويا وقويا ومفزعا !! اجفلت ناز من الصوت ووقعت من الأريكة وهي ترتجف ..زحفت نحو طرف الأريكة وتشبثت بالخشب المحيط بالأريكة وهي ترتجف ...حركت رأسها بحركات مضطربه وبسرعة خاطفة ..يمينا وشمالا لتتأكد من انها وحيدة في البيت ! ..كان قلبها يخفق بشدة وجسدها يرتعش بكامله ..وضعت يديها على اذنيها حتى تمحوا ذلك الصوت الذي ذكرها بصوت اعنف منه واقوى منه ..صوت تلك الرصاصة التي اطلقت قبل يومين ..في تلك الغرفة التي شهدت زواياها ألمها وعذابها وذلها ... بعد ان انتهى منها واحتضان جسدها بطوق من النار ..وترك وصماته عليه ..نهض من السرير بتثاقل واخرج ذلك المسدس الاسود ذي البكرة الصغيرة وتقدم منها ليقول جملته التي قتلتها وقتلت جزئيات روحها المتبقية ..
-سوف اغسل عاري
كانت مسلتقيه كالدمية تماما بلا حراك ..لكن جملته جعتلها تصحوا من عالمها الميت لتبصر فوهة المسدس مسلطة عليها بالتمام .. لم تشعر الى بسائل ساخن يجري على خدها ليشق اخدودا عميقا فيه ..نهضت من السرير وبقيت نضراتها مسلطة نحو المسدس وكأنه مغناطيس يجذب بصرها لم تنطق بأي كلمة بل تركت دموعها تجيبه عله يرحمها عليه يصدقها ! تقدم منها وامسك بشعرها وسحبها من السرير الذي تلوث بدماء التي جرت من قدمها المصابه واسقطها على الأرض وهو يقول من بين اسنانه
-مالذي فعلته لك لتجازيني بهذه ..بهذا العهر ؟ عجز عن نطق كلمة أخرى ..وخيل الى ناز انه كان على وشك البكاء ..تحول بكائها الصامت الى نشيج عالي وهي تصرخ وتبكي ...لم تنطق بأي كلمة ..لم تستطع حتى ان تقول شيئا ! كان الخرس يشل لسانها المتعب ..مررت اصابعها المرتعشة على شفتيها الممزقه والمخضبه بالدماء واوشكت ان تقول شيئا لكنه منعها وامسك بها من جديد ليهزها ويقول بغل
-مالذي تريدين قوله ايتها الرخيصه ؟ لماذا الخدم غير موجودين ؟ لما البيت محضر بشكل رومانسي ؟ لما ؟ لا جواب لديك ولا خيار لك سوى الموت .. ادخلتك عالما لم تحلمي حتى بالدخول اليه في احلامك ..لكن الرخيص يبقى رخيصا طول حياته يا رخيصه !هل كان كمال افضل مني لهذا فضلتيه ؟ هل داعب هذا الجسد الرخيص فآثرتيه عليه انا ؟ زوجك ؟ من جعل منك انسانة محترمة بين الناس !
ارادت ان تصرخ بوجهه وتقول له تبا لك ولكمال وولكل شخص غبي مثلك ..لم ترى اشتياقي لك طول هذا الشهر ؟ الم ترى لهفتي عليك ..اقتلني فلا رغبة لي في الحياة بعد الأن فالعذاب والشقاء منقوش على جبيني طول حياتي ..لكن تلك الكلمات ماتت على شفتيها وهي ترى فوهة المسدس مصوبه نحوها من جديد
وجه المسدس لها فاغمضت عينيها باستسلام مرير ومر شريط حياتها كله من امامها .. الجامعة ..كمال ..مايا ..والدتها ..والدها المتوفى ..اول لقاء مع ضرغام ..اول ليلة يقضوها معا ..البحر وذكريات اخيرة فتحت عينيها اخيرا فضغط على زر المسدس ووجهه الى الأعلى فجائت الرصاصة في المصباح المعلق بالسقف لتتناثر اجزاءه في ارجاء الغرفة وضعت يديها على اذنيها واطلقت عدة صرخات وهي تتلوى على الأرض مثل الطير المذبوح وتصرخ قال لها اخيرا وكأنه يمتص الرمق الأخير للحياة الموجود في جسدها ليقول
-لا تستحقين حتى ان ادخل السجن بسببك ..مجرد حشرة وضيعة وقد نلت منك ..هذا اخر نص في مسرحية انتقامي وختم كلماته بأن حمل قميصه المرمي على الأرض واغلق سحاب بنطاله وخرج من الغرفة لتسمع بعد دقائق صوت هدير السيارة لتعلم انه غادر المنزل .. لم تعرف ماذا تفعل او ماذا تقول ..كل ما فعلته هو تغير ملابسها الممزقة ووضع لاصق جروح على قدمها المصابة وهي مازلت تبكي بصوت عالي وتصرخ وتضرب كل شيء في الغرفة ..توجهت نحو الطاولة لتجد محفظة ضرغام ..فتحتها واخذت مبلغا من المال بيد مترجفة ..وخرجت من البيت تركض وكأن هناك شيطانا يطاردها ..استقتلت سيارة أجرة وهي غائبة عن الوعي بشكل جزئي وتوقفت عند محطة القطارات والباصات لتحجز بطاقة نحو المدينة الساحلية .. عادت الى ارض الواقع وهي ترتجف وترتعش بسبب تذكرها لذكريات تلك الليلة المريرة ..همسه لكلمات الاستحقار في اذنيها مازال يتردد في اذنيها يوميا ..اثار الكدمات مازالت موجودة على جسدها الهش وتذكرها بشكل قاسي بما حدث .. تصاعدت موجة غيثان الى معدتها وهرعت نحو الحمام لتفرغ ما في جوفها ..لكن معدتها كانت فارغة ولم تستطع ان تتقيئ شيء .. جلست على ارض الحمام المستخة بسبب هجرهم للشقة لوقت طويل ..وبكت بصوت عالي وهي تضرب جسدها وكأنها تعاقب نفسها هي الأخرى بذنب لم تقترفه ..سعادتها المؤقته كانت قنبلة مؤقته انفجرت لتهدم الجسر الواهي الذي بني بينها وبين زوجها ..وكانت النهاية أقسى من ان تتحمله ..هل ستصمد ام ان الاستسلام سيحكي نهاية حياتها ؟ حياتها التي لم ترى فيها يوما سعيدا ..
خرجت سهى من الحمام وهي مازالت تغلي في داخلها بسبب لقائها بحماتها ..كان اللقاء قصيرا لكنه اثار اوجاع تمتد على الأمد لفترة طويلة !..فكرت سهى وهي تمشط شعرها بعصبية ضاهره و قطرات المياه الدافئة تتطافر في كل مكان من شعرها المبلل وهي تمشطة بغضب وكأن شعرها شخص مذنب بحقها وتنتقم منه بتقطيعه وهي تسرحه بحركات غاضبه... خرجت من الغرفة وهي ترتدي ثوبا اسود اللون طويل ويمتد على جسدها ليبين رشاقته ومنحنياته الدقيقة ..وجدت مصطفى ووالدتها يجلسون حول مائدة الطعام ومصطفى يحاول ان يأكل بيديه لكن الطعام كان يسقط ليتناثر هنا وهناك مثيرا فوضى اثارت غضبها تقدمت منه وامسكت بيديه بقوة وعنف وصرخت بوجهه قائلة
+
-الا تعرف كيف تأكل مثل بقية البشر ؟ الا تعرف
↚
صرخاتها وهزها العنيف لولدها ..جعل الدموع تطفر الى عينيه بسرعة ...تجهم وجهه الصغير البيضوي الشكل وزم فمه الوردي الملطخ بالطعام لتتدلى شفته السفلية الى الاسفل ..اطلق صرخة قوية وهو يبكي ويرمي ملعقته على الارض بنزق ونزل من كرسيه المخصص للأطفال ليذهب الى حضن جدته ويرتمي على جسدها وهو يبكي ..
-سهى مابالك لماذا كل هذا الغضب !!! انه مجرد طفل !هل جننتي ! احتضنت والدتها مصطفى وقربته اليها وهو يبكي بصوت عالي ويدفن رأسه الصغير في رقبتها ..حملته وتوجهت نحو المطبخ وهي تحاول تهدأته بكلمات لم تسمعها سهى لانها كانت تغلي من الداخل كالبركان الهائج .... انهارت سهى على الأريكة وهي تتنفس بسرعة والدموع تلملأ عينيها ..افرغت جام غضبها على طفل ليس له ذنب ..لامت نفسها الف مره على تسرعها وغضبها الغير مبرر على مصطفى جائت والدتها وحيدة دون مصطفى وجلست بجانبها وقالت لها بدون مقدمات
-حسنا هل حدث شيء ما اليوم ؟ لا تبدين على ما يرام ..خرجتي لتعودي بعد فتره قصيرة ووجهك شاحب ..قررت سهى ان تخبر والدتها بكل الأمر وعن لقائها بأحلام وكلامها ورجائها المغلف باللوم المبطن .. فتحت فمها لتقول شيئا لوالدتها لكن تلك الصرخة المجنونة بأسمها التي جائت وكأنها تأتي من البعيد شلتها تماما ..
-سهــــــــى
تكررت الصرخة الغاضبه فاستدارت سهى ووالدتها وبدت نضراتهم حائرة وهو يرمون نضرات هنا وهناك في ارجاء المنزل بحثا عن مصدر الصوت ..لكن مصدر الصوت لم يكن من البيت ..من مكان أخر ..تكررت الصرخات بأسمها وباتت اكثر الحاحا ..عرفت والدتها ان الصراخ قادم من الشارع فخرجت الى الشرفة الصغيرة المطله على الشارع وتبعتها سهى هي الأخرى وعلى وجههم الف علامة استفهام خرجت الى الشرفه ولفحتها ضربات الهواء المشوبه بالبرد بسبب حلول فصل الخريف فاصطكت اسنانها واحاطت جسدها بيديها وهي ترتجف ..مدت رأسها من الشرفه لتجد كابوسها يقف في الشارع مترنحا وحوله تجمع صغير من الناس يحاولون الامساك به دون فائدة .. .. -سهــــــــى ..اخرجي يا سهى ..سهـــى كان سامر يقف في وسط الشارع المقابل للعمارة السكنيه ويصرخ بكل ما اؤتي من قوة باسمها ..يترنح وكأنه ثمل ويسقط على الارض ليقوم بعدها ويحاول السيطرة على وقوفه بلا فائدة .. تجمهر الناس حوله وبدأ عددهم يزداد وهم يراقبونه بذهول تقدم احد الشباب منه وامسك به من يده ليساعده على الوقوف لكنه ابعده عنه بعنف وهو يقول له
-اين هي سهى ؟ هل ذهبت مع ابن خالها البريطاني الجنسيه ؟ هااا ..توقف قليلا واطلق ضحكة متألمة ومسح وجهه بيده وكأن هناك شيئا ما يمنعه من الرؤيه وعاد ليقول
-انها زوجتي وتريد الفرار مع ذلك الوغد هل تصدق ذلك ؟ لكني لن اتركها ولن اترك ابني !! هل فهمتهم انتم !! اشار الى الجمهور المحتشد حوله وهو يصرخ بهم
-لن اتركهم ..احبها ..انها حبيبتي وزوجتي ..أذيتها كثيرا لكني نادم جدا ..قولو لها اني احبها ..احبك يا سهــــــــى .. جثى على الارض وبدأ بالبكاء كالطفل الصغير ..وعاد ليصرخ باسمها من جديد وهو يقول -اين هي سهى يا ناس ..نادوا سهى علها تأتي ..نادووهـــــا اخبروها اني نادم .. ...
لطمت والدتها على خدها وهي تقول بصوت باكي -يا ويلي لقد فضحنا زوجك المجنون ..ياللهي انزلي اليه ودعيه يصعد ..لقد فضحنا ..تحركي ما بك !!! كانت سهى تقف مذهولة والدموع تغشي بصرها..رؤيته بهذا الذل يقف عن باب بيتهم مناديا باسمها ..جعلها تبكي من اعماق قلبها على ما آل له حالهما ..لكنه عندما جاء على ذكر طارق وذكرها بتلك الطريقه البشعة وكأنها امرأه رخيصه تتنقل من يد رجل الى أخر جعل غضبها يتصاعد ..مسحت الدموع من على خدها وتحركت بسرعة وارتدت خفا ابيض اللون كان موجودا عند الباب وعبائة سوداء اللون تخص والدتها فوق ملابسها ونزلت من الدرج ركضا نحو باب العمارة السكنية الكبير نسيت تماما وجود المصعد الكهربائي بسبب خوفها ..فتحته بيد مرتعشه ومرتبكة ...ترددت قليلا وقررت ان تفتحه ..خطت خطوات ملتكأة مجتازة الرصيف لتحط قدمها على الشارع ووقفت امام سامر الذي لم يلحظ وجودها لانه كان يكلم احد الشباب وهو يقول له -ابتعد عني ..انا اقول لك زوجتي تسكن هنا اسمها سهى ..اريد التحدث معها .. جالت الكلمات بخاطرها ولم تعرف بماذا تبدأ ..استمدت الشجاعة اخيرا وقالت بصوت مرتعش -سامر .. ترك سامر يد الشخص الذي كان يحاول اسناده وتقدم من سهى وهو يقول -حبيبتي
.. رمى بجسده فوق جسدها بنية احتضانها لكن ترنحه جعل سهى تفقد السيطرة قليلا ..حاولت امساك جسده كي لا يقعا هما الاثنان ..تماسكت بصعوبه وهي تسحبه نحو مدخل المبنى ..كانت هناك رائحة غريبه تفوح منه لم تعرف سهى ما هي ..لكنها كانت رائحة كريهة جدا ! كان يقهقه وهو يرمى بجسده فوق جسدها ويمرغ وجهه في شعرها ورقبتها وهو مازال يضحك باستهتار ويهمس باسمها بين الحين والآخر وهي تستقتل في تثبيت نفسها حتى لا تسقط ..
-سهى ..هل عدتي الي ..
لم تعد تحمتل رائحة انفاسة فأبعدت وجهها عنه وتوجهت نحو الباب وهمهمات وهمسات الناس من خلفها تختفي رويدا رويدا مع دخولها الى المبنى كان يضحك بلا سبب ويبعد نفسه عنها ويمسك بشعرها ويقول لها كلمات لا معنى لها لم تفهم الى بعض كلمات منها .. صعدت بالمصعد الكهربائي ودخلت شقتهم ..تلقتها والدتها وهي مصدومة من منضر سامر المشعث الشعر ..لحيته النابته ووجهه المصفر اذاب قلبها وجعلها تشعر بالشفقه نحو سامر ..لم تتخيل ابدا انها سوف تشعر هذا الشعور تجاهه وهو الذي آذى ابنتها ودمرها ..لكن انسانيتها منعتها من ان تتشمت بمنضره المتعب وعذابه .. اجلسته سهى على اول اريكة في غرفة المعيشه ..جاء مصطفى وهو يركض بفرح وامسك بساق سامر وهو يصرخ بفرح
-بابا ..أبي هنا ..بابا
ضل مصطفى متشبثا بساق والده ..فمد سامر يده الى مصطفى وحمله ..وقع قلب سهى وهي ترى ارتجاف يده وخافت على ولدها من خطر السقوط على الأرض ..مدت يدها هي الأخرى لتساعده على حمل مصطفى ..رمقها مصطفى بنضرة غاضبه وابعد يدها عنه بسرعة ودفعها بقسوة الى الخلف .. .. عاد ليحتضن والده وهو يقول بصوت طفولي
-بابا متى سنعود الى بيتنا ..لا اريد امي ..تصرخ بوجهي كثيرا
.. شدد سامر من احتضانه والتمعت عيناه السوداء بدموع غزيرة ..ضمه الى صدره وكأنه يريد ادخاله الى قلبه وبين ضلوعه .. ذهلت سهى من موقف ولدها واحست ان هناك يدا خفيه اعتصرت قلبها في تلك اللحضة المريره ..مصطفى يرفضها ويرتمي في احضان والده .. قالت والدتها بعد اشتد الصمت وطال
-انه ثمل ..ادخليه الى الغرفة ودعيه ينام هنا الليلة والا تسبب بفضيحة أخرى ! ثمل !! اذا هذا هو سر الرائحة الكريهة المنبعثة منه ..لم ترى الخمر في حياتها ولم ترى شخصا يشربه فلم تميز رائحته ...سامر يعاقر الخمر ؟ منذ متى ! ولما ..لم يشربه طول حياته مالذي حدث الآن ؟ احست بالذنب يكتسح مشاعرها وانها السبب فيما حدث لسامر ..لكن مهلا ماذا قالت والدتها الآن ؟ ينام في غرفتها ؟
-مالذي تقولينه يا أمي ! اين ينام .. .عمر مسافر وليس هنا !
نهرتها والدتها وهي تقول بغضب
- هو مازال زوجك وليس رجلا غريبا ادخليه افضل من ان يتسبب لنا بفضيحة اخرى امام الجيران والصباح رباح ..
كان سامر شبه غائب عن الوعي بسبب افراطه في المشروب ولم يعي شيئا من الحديث الدائر بين الام وابنتها ..كل ما يراه هو وجه مصطفى البشوش وهو ينضر اليه مبتسما تارةً ويغمر وجهه في عنقه تارةً اخرى تحاملت سهى نفسها وتقدمت من سامر وأسندت يده على كتفها ..وتوجهت نحو غرفتها. ..اما مصطفى فكان يمشي على مهل مثلها تماماً متشبثا ببنطال والده ويضع اصبعه في فمه .. دخلت الغرفة ..حاولت وضعه على السرير لكنه بقي متشبثا بها ..دفعته برفق ليسقط فوق السرير لكنه بقي متشبثاً بها واسقطها معه على السرير ..شهقت بقوه وهي تسقط معه على السرير ..أبعدته بضيق وهي تقول من بين أسنانها
-سامر ..دعني افلتت نفسها منه بالقوة فركض مصطفى ونام في أحضانه .. ضاقت سهى ذرعاً بتصرفات الاثنين ..أمسكت مصطفى بنية أبعاده عن والده لكن صرخته المعترضة جعلتها تتراجع الى الوراء بسرعة مذهولة
-أتركيني ..مصطفى ينام مع بابا
راقبت بذهول تشبث مصطفى بعنق والده الذي احتضن جسده الصغير ..نسخة مصغرة لوالده حتى في طريقة تنفسه ونومه ! احست بالألم من نبذ صغيرها لها ذهبت الى غرفة والدتها وأحضرت أغطية إضافية وافرشة ..عندما عادت كان الاثنان يغطان في نوم عميق ..غطتهم برفق لم تقاوم رغبتها بلمس وجه سامر ..امتدت يدها الى وجهه ومسدت على صفحة وجهه برفق ..ابعدت يدها بسرعة وكأن تيارا كهربائيا أصابها ..افترشت الارض ونامت هي الاخرئ وأمواج أفكارها تتقاذفها مع موجاتها العنيفة ...
شيء ما يدغدغ رقبتها ...تململت وتحركت بضيق عله يبتعد مدت يدها الى رقبتها لتبعد ذلك الشيء الذي يمشي على رقبتها اصطدمت يدها بشعر كثيف ..مررت يدها بتساؤل هذه المرة لتعرف ماهو الشيئ الموجود على رقبتها ... فتحت عينها بذعر واستدارت الى الورء لتجد نفسها مكبلة بين ذراعين سامر قال لها بصوت أجش وهو يبعد شفتيه عن رقبتها ليمرغ وجهه في شعرها الكثيف
-اجمل صباح مر عليه منذ شهور ...
أبعدته عنها بضيق وهي تقول بقساوة - بالنسبة لي العكس هو الصحيح ! صرخت به بضيق وهي تتخبط في محاولة أبعاده
-ابتعدددد الا تفهم أفلت يده عنها ورفع رأسه وقال لها بصوت صارم مغاير للنعاس الذي ارتسم على جفونه
-سهى يجب ان نتحدث ان نصل الى قرار '! يجب ان
قاطعته بضيق وهي تصرخ
-كم مره علي ان أقول رأي لتفهم !؟ لا اريد التحدث ولا اريد اي قرار ..طلبي النهائي تعرفه جيدا ! نهض من مكانة ومرر يده على شعره المشعث وقال لها بلهجة ثابتة لم تستوعبها
-هذا قرارك الاخير اذا اقف طوال الليل اناديك امام الناس اجمع ..وانتضرك بلهفه لتحني علينا يا صاحبة السمو بكلمة واحدة ليكون هذا جوابك فقط ؟
ودون ان ينتضر جوابها اكمل عملية نهوضه وتوجه نحو الخارج ..مرت دقيقة سمعت بعدها اصطدام الباب الخارجي بقوة و لتسمع بعدها صرخة مصطفى وهو ينادي والده ويبكي جلست على السرير منهارة ..صوت صرخات مصطفى ومحاولة والدتها لتهدأته ..اثر شفاه سامر على رقبتها ..نضرته المتألمة ..همساته عباراته المتحسرة ..كلها جعلت دموعها تجري على خديها بلا حساب ..
**
فليعد الزمن الى الوراء ..الى تلك السنين الأولى من حياتي ..انا ناز الابنة الكبرى لأمي ولأبي ..ابنة جائت بعد حب عاصف ختم بزواج ناجح ..انا لم التقي كمال ! ولم أخطب له ..انا لم اعرف ضرغام ولم اذهب لتلك الشركة ولم اعمل لديه ولم اتزوجه ..لم اسلمه قلبي ..لم اسلمه جسدي ..لم يلمسني ولم اقع في غرامه ..انا فتاة تعيش وحيدة الآن وسوف تبني حياتها بعيدا عن الجميع يكفيني ما عانيت في حياتي ! عمري اربع وعشرون سنة وقلبي وروحي عمرهما خمسون عاما ..مصائب حياتي جعلتني اكبر ثلاثين عاما ! لكن هذا لن يستمر ..سوف اعيد ترتيب حياتي بعيدا عن الجميع ..بعيدا عن قساوتهم عن تهجمهم علي ..عن تدميري وقلتي وقتل الطفلة الصغيرة البريئة القابعه في داخلي .. كفى !!!! ان اعيش وحيدة بسلام خير من اكون معهم ويذيقوني جميع انواع السم والعذاب مازالت مستلقيه على تلك الاريكة المشبعة بالاتربه تواسي نفسها وتقنع نفسها ان الحياة مازالت على مايرام نهضت ومسحت الدموع من على خدها وابتسمت بمرارة ونهضت وهي تترنح ..قررت ان تقوم بتنضيف البيت بشكل اولي لان الاوساخ والاتربه جعلتها تشعر بغثيان مستمر .. جفلت عندما سمعت ضربتان قويتان على الباب ..ضرب احدهم الباب الخشبي القديم ليسقط على الارض ..وضعت يديها على اذنها وصرخت بعنف وارتمت على الارض وهي تصرخ بصوت مفزع وتبكي وكأن احدهم يحاول قتلها ..
**
مر يومان على ذهاب سامر ولم تسمع شيئا بعد ذلك او اي خبر عنه .يومان عصيبان حاولت ان تتناسي فيهما كل شيء ..لكن مالبيد حيله كانت تجلس في الشرفة وتلف حول نفسها شالا اسود اللون وهي سارحة في عالم أخر بعيد كل البعد عن ما حولها احست بقدوم والدتها من خلفها ..جلست بجانبها وقالت لها بود
-تفكرين بزوجك ؟ اليس كذلك اجلفت سهى من سؤال والدتها ونفت على الفور شكوك والدتها وقالت
-لا ..لا افكر به اطرقت والدتها رأسها وقالت لها بود وحنان -حبيبتي سهى ..اعلم انك تكذبين ..انا عن نفسي لا يعجبني هذا الوضع لقد رأيت بنفسي ندم سامر والذل الي قاساه في محاولة ارجاعك ..لا تكوني قاسية القلب قاطعتها سهى بضيق معترضة
4
-ارجوك يا أمي ..
_بل انا من يرجوك ..بنيتي ..يجب ان تصلي الى حل ما ! مرت شهور كثيرة ومصطفى بحاجة الى والده ..لدي خطة ما ..ما رأيك ان تعودي اليه لتعيشا معا وتتوصلان الى اتفاق ..لا تقتربي منه واعزلي نفسك في غرفة اخرى ..بهذه الطريقة سوف تكونين قريبه وبعيده منه سوف يستقتل في طلب سماحك ..لا تدمري زواجك بنفسك ...مادام سامر يشعر بالندم فصدقيني لن يكرر ما فعل ابدا ..نفذي خطتي ولن تندمي احست سهى بشعور غريب يختلج في داخلها وان هناك بارقة أمل تلتمع في الأفق ..بدت خطة والدتها منطقية فهي ستكون قريبه منه ..لكنها لن تسامحه بالطبع ..أكدت بينها وبين نفسها انها مشتاقه اليه بالفعل ..ورؤيته قبل يومين بذلك الذل والتعب جعلها تفكر الف مره في مستقبلهم .. شجعتها والدتها بعد ان لمحت طيف الابتسامة يرتسم على فمها الناعم -هيا ..تشجعي ..لن تندمي ..قومي بسرعة غيري ملابسك واذهبي اليه هلعت سهى وقالت لها بسرعة -اذهب اليه ؟ لا لا استطيع
-لا تكوني عنيدة ..هيا اذهبي اليه سيفرح كثيرا ان رآى تلك المبادرة منك ..جميعنا نخطئ يا ابنتي ووالله سبحانه تعالى يسامح عبده اذا اخطئ ..من نحن لكي لا نسامح احبتنا ؟ ترردت سهى قليلا لكنها استجمعت كل شجاعتها في لحظة واحد وهبت واقفه واتجهت بسرعة نحو غرفتها ..ارتدت اول معطف تجده امامها ووالدتها تتبعها وهي تضحك
-وفقك الله يا ابنتي ابتسمت الى والدتها بحب وهمت بفتح الباب ..فتحت الباب لتجد رجلا يقرأ ورقة ما وينضر الى رقم بابهم ..سألها بارتباك عندما ابصر تساؤلها ونضراتها المستفسرة عن هويته
-هل انت السيدة سهى ؟
اجابته على الفور وبسرعة
-نعم ..هل من خطب ما
اخرج ضرفا من جعبته واعطاها اياه
-بريد لك تراجعت سهى الى الخلف قليلا بعد ان اخذت الورقة منه ..فتحت الضرف بيد مرتجفة ..اهتز عالمها بالكامل وتحطمت آمالها وتكسرت فرحتها الصغيرة على شواطئ الخذلان والحزن..انطفأت شموع العمر لتفوح رائحة الوادع والنهاية الموجعة .. قرأت الورقه مرات عديده ثم استدارت نحو والدتها التي سألتها الف مره عن ماهية الورقة دون ان تجيبها سهى قالت لها اخيرا وهي ترتجف من رأسها الى اخمص قدميها -لقد طلقني سامر ,...طلقني .!!
↚
تعالى صوت الطرقات وسجى وغيث يحدقان ببعضهم باستغراب ..تحرك غيث وضغط بكلتا يديه على فخده بنيه الوقوف لكن تلك اليدان الناعمتان اوقفته عن التحرك..ادار رأسه ببطئ ليجد سجى تمسك بيده والدموع تغرق عينيها
-يجب ان ارى من يقف عند الباب !
هتف غيث وهو يرمق يديها باستغراب راقب فمها المزموم بقوة الدال على امساكها لنفسها كي لا تبكي ..انفرجت شفتيها لتقول اخيرا بصوت باكي -لا تفتح ..! ابعد يديها برفق وقال لها وهو يبتسم ابتسامته التي تجعل قلب اي امرأه يخفق من شدة التأثر ..
-لا تخافي ..ليس والدك انا بانتضار شخص ما ..
تحرك غيث بسرعة متجها نحو الباب ..وضعت سجى يدها على شعرها بارتباك وهي تشتم نفسها الف مره بينها وبين نفسها بسبب كشفها لمشاعرها وخوفها عليه بهذه الطريقة ..شعور ما يختلج في نفسها يجعلها تشعر بلهف شديد نحو غيث ..لهف لتوبيخه ..لعقابه اللذيذ ..لكلامته القاسية ذات النبرة الطريفة ..باتت تفكر به اكثر من اللازم
-مرحبا ياسر ..تفضل استغربت سجى من كلام غيث الذي كان كفيلا بايقاضها من غفوة مشاعرها الغير متزنه ..حاولت ان تقوم بسرعة لتعرف من هو هذا الياسر الذي ادخله غيث بكل بساطة الى البيت ..اصطدمت عيناها بشخص طويل القامة يكاد يكون نسخة مصغرة من غيث ! نفس لون البشرة نفس العيون الحادة نفس الابتسامة الساحرة كلن الشيء الوحيد الذي يختلف هو ملابسه الأنيقه المهندمه ! ابتسمت سجى باضطراب وهي تحاول الوقوف على قدمها المتألمة ..بدأت ابتسامتها بلانحسار وهي ترى نضرات التفحص الشاملة لها من قبل الشخص الوقف بجانب غيث نطق غيث اخيرا وهو يلكز ياسر بمرفقه وقال بصوت عالي
-ياسر ..زوجتي سجى ..سجى ياسر أخي
لم تكن صدمة كون هذا الشخص الوسيم الأنيق هو انه شقيق غيث ..لكن تعريفها له على انها زوجته دغدغ مشاعرها وجعل قلبها يخفق بشدة متأثرا ! هل من المعقول ان تكون هي زوجته ؟ مابينهم مجرد حبر على ورقه ..ورقه خاليه من اي مشاعر لا تقي من برد الشتاء ولا من حر الصيف ولا تشبع جائعا ولا تكسي عريانا ! مجرد ورقه ..لماذا قال كلمة زوجتي بتلك الطريقة المحببه ..لماذا يجعلها هذا الغيث تلف نفسها بخيوط من شباك العنكبوت لتربط نفسها به هو وهو مجرد وسيلة لتخليصها من ظلم والدها ..
-مرحبا ياسر .. هتفت اخيرا بصوت مرتبك وهي تقف وتحيط نفسها بذراعيها بحركة فضحت ارتباكها الشديد ..تحرك ياسر اخيرا ونضر الى شقيقه وقال
-دعنا نخرج اود التحدث معك في امر ما ..
[كان غيث يراقب سجى ويراقب اضطرابها بعين متسلية ..كم يعشق احمرار وجنتيها وطريقه لف جسدها بتلك الاذرع الحنطية اللون لتحاول السيطرة على نفسها وعلى انفعالها ..لطالما راقبها وهي غافله عنه ودرس كل حركاتها وكل تصرفاتها ..
تستطيع التحدث امام زوجتي ليس هناك شخص غريب هنا !
ياللهي ..كفاك تعذيبا لي يا غيث ..هل استحق هذا الاحترام وهذه المعاملة الحسنة ! هل استحق لقب زوجتك ؟ هل انا فعلا انسانة محبوبة ..هل وجدت من يحترمني حقا ..هل الغي اتفاق زواجنا الابيض الخالي من المشاعر والحقوقو الواجبات ليتحول الى زواج حقيقي امام الناس ام انك تجاملني امام شقيقك ! وضعتني في دوامة وتشتت افكاري في اللحظة فأين الخلاص ؟ لم تعجب ياسر تصرفات شقيقه الأكبر فقال له بحزم هذه المرة -غيث انها مجرد خمس دقائق !
خرج من الكوخ بسرعة وترك الباب مفتوحا كأشارة لغيث ان يتبعه ..ابتسم لها ابتسامة معتذرة وتبع شقيقه ليخرج من الكوخ ويغلق الباب خلفه معاملة شقيقه الفظه لها لم تغير شيئا من ابحارها اللذيذ في كلمات غيث المحببه والمحترمة والمبجلة لها .. مالذي يريده شقيقه منه ؟ ولما لم يتحدث امامها ..تزايد فضولها مع كل ثانية تمر فتقدمت بسرعة من شباك الكوخ الصغير المطل على الباحة الأمامية ..فتحته ببطئ ووقفت خلف الستائر والصقت اذنها بالفتحة الصغيرة التي فتحتها هي لتسمع صراخ غيث الذي جعلها تتوتر اكثر
-لا اسمح لك بالتقليل من احترام زوجتي !!
-اي زوجة هذه يا غيث انت قلت بنفسك انها هاربه من والدها
-وان يكن ! هل تعرف والدها ؟ لقد اخبرتك من هو والدها ..والدها لم يتواني عن تدمير الصيادين الصغار لانهم يأثرون على دخله في تصدير السمك ..لقد دمر الكثيرين ومن بينهم ابنته الوحيدة
-بالله عليك غيث وهل انت حامي حمى الفضيلة المنقذ لجميع الفارات من اهاليهم ؟
-لا تتحدث عنها بهذه الطريقة ولا تتجاوز الحدود
-حقا وكيف اتحدث عنها ؟ وفوق هذا كله هي مطلقة
-وهل كونها مطلقه يعني ان نقوم بدفنها وهي حية ترزق ! صحيح انها مطلقة الا انها اشرف من الشرف ذاته وصاحبة اخلاق رفيعة ...صحيح انها متكبرة قليلا لكن هذا سيزول مع الوقت فهي باتت تتأقلم مع نمط الحياة الاعتيادية
-بالله عليك يا غيث انها ابنة مليونير ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب اموال والدها تكفي لتغطية المدينة الساحلية بأكلمها كيف تتأقلم مع الحياة العادية ؟ -انت لاتعرفها فلا تطلق عليها هذه الاتهامات البشعة ..سجى انسانة رائعة من الداخل ولا تنسى انها زوجتي الآن شرفي وعرضي ولن اسمح لك او لغيرك بالتطاول عليها !
-سجى ..انضر لنفسك كيف تنطق باسمها ..رفضت جميع العرائس وورفضت الزواج من نورا لترتبط بها
-يكفي ..كيف تسمح لنفسك بان تقارن سجى بنورا ..نورا انسانة محتالة ارادت ايقاعي بفخ الزواج بكذبها انها تحمل طفلي ..هل اصبحنا بلا شرف لنرتبط بمثل هكذا نساء يا أخي ؟
-اسف لم اقصد لكن والدتي مستاءة ..من الافضل ان تأتي مع زوجتك وتلتقي بها
-فليكن
-بالأذن يجب ان اعود -ابقى وتناول الغداء معنا -لا وقت لدي فيما بعد كانت سجى تقف بالقرب من الشباك وهي تضع اناملها على شفتيها المترجفة ...هل حقا ماقاله غيث ينطبق عليها ؟ هل انسانة رقيقة كما وصفها وخلوقة ..هل كان يدافع عن موقفه بزواجه منها امام عائلته ام انه يشعر فعلا بهذا الشعور تجاهها ؟ كلماته التي دافع لا بل استقتل بالدفاع عنها امام ياسر كانت كالبلسم الذي يمر فوق جروح أكل عليها الدهر وشرب دون ان تشفى .. عادت للجلوس حيث كانت تجلس سابقا وهي تحاول ان تمثل انها لم تسمع شيئا ..دخل غيث ليجدها تجلس حيث كانت وملامحها حائرة بشكل واضح .. خلع قميصه بسرعة وتوجه نحو خزانة الملابس ..ابعدت عينيها بسرعة لتمنع نفسها من التحديق بجسده المكدس بالعضلات القوية ..كان يخرج شيئا من الخزانة ليرتديه فاستغلت الفرصه ووجهت نضرها الى ضهره الذي كان يماثل صدره بصلابته وعضلاته المشدودة ... اخرج قميصا وارتداه على عجله وقال لها وهو يخرج -لا تنتضريني سوف اتأخر اليوم خرج بسرعة واغلق الباب خلفه بقوة .. اطلقت سجى صرخة متحمسه وهي تقفز من فوق الأريكة التي كانت تجلس عليها ..وضعت يديها على فمها لتمنع نفسها من الضحك .. هل من المعقول ما سمعته قبل قليل ..شعور بالفرح غمرها وجعلها المشاعر تتداخل وتختلج في داخلها .. لكن ماسر رفض ياسر والعائلة الكريمة لها ؟ ابنهم مجرد صياد لماذا هم مصرين على رفضها قبل ان يلتقوها حتى ! هل اصرار غيث له سر ما ايضا ؟ ام انه تعلق بها ويريد الاحتفاظ بها ..اسألة كثيرة وحيرة جديدة وقعت فيها من جديد لم تجرب يوما ان تكون محبوبة بهذا الشكل ومميزة لدى شخص ما ..كان ضرغام فقط لكن شعورها تجمد كليا من ناحيته لانها لم تحبه منذ البدايه كان مجرد طوق نجاة لكن هل غيث طوق أخر ام انه حب حياتها الذي لطالما بحثت عنه ..تحدثه عنها وعن والدها بذلك الشكل جعلها تعود الى الماضي لتتخيل تلك الطفلة المنبوذة التي كانت تعاني الآمرين بسبب سخط والدها وغضبه وطمعه ..لم ترى حنانا في حياتها حتى من والدتها لانها كانت منساقة خلف والدها وتخشاه وتخشى غضبه .. هل باب السعادة فتح لي اخيرا لأدخل جنة احلامي ام انه وهم آخر ؟!!!!!!!!!!
**
تقدم الشاب النحيف ذو البذلة الرسمية نحو الشخص الجالس خلف المكتب الذي كان يدخن السيجار الفاخر وتحيطه غمامة من الدخان الكثيف
-سيدي لقد قمنا ببحث شامل ووجدنا انها قم تم عقد قرانها قبل شهر وقد وصلتنا وصلتنا اخبار انها تزوجت من المهندس السيارات غيث احمد وهي تسكن معه في كوخ يقع في الطرف الشمالي من المدينة ..كوخ منعزل سحق السيجارة التي كان يحملها بيده واطفأها بقوة وهو يزفر بضيق ويقول -هل هو نفس المهندس في شركة ضرغام المنافسه ؟ الذي حاربنا وتكبدنا كثير من الخسائر بسببه ؟ اجاب الشخص الواقف امامه بصوت خافت -يؤسفني تأكيد ذلك يا سيدي ..نعم انه هو
-سحقا ..شتم بضيق وهو يقف ..واكمل قائلا بغضب مستعر
+
-اغرب عن وجهي الآن
↚
هكذا اذا يا سجى ...كنت اظنك هاربه مع ضرغامك ولكن وجدتك اذكى بكثير مما أظن ..وقعتي على كنز أخر مفيد جدا لي ..حسننا حان الوقت لأستغل الموقف واستخدمك في تدمير شركة ضرغام.. ختم سلسلة افكاره الشيطانية بضحكة مليئة بالحقد والخبث تعبر عن شخصيته بالضبط .
كانت ساعة يده تشير الى الثامنة والنصف ..توقف عند الشجرة خلع ملابسه الرسمية ووضعها في حقيبة كبيرة كان يحملها في يده ..توجه نحو الكوخ المضاء في وسط ظلام الأشجار ..ادخل المفتاح برفق وفتح الباب ببطئ شديد دخل بسرعة لتعانق عيناه جسدا كان يستقلي بفوضوية على الأريكة الصغيرة ..كانت تحشر جسدها بالأريكة الصغيرة وقد تدلت ساقها اليمين على الأرض لان المكان ضيق انحسر فستانها الاصفر اللون القطني عن جسدها فبان الكثير من ساقها وفخذها الحنطي اللون الناعم .تسائل غيث بينه وبين نفسه هل سيكون ملمسها ناعما كما يبدوا هكذا ام ان خياله الجامح يسيطر على افكاره ويوجهها حيثما تشاء .. ابتلع ريقه بصعوبه وتقدم منها ..اطلقت سجى صوتا خافتا يشبه مواء القطة وهي تتحرك بضيق في الأريكة الضيقة .. اطاحت حركتها تلك بالقليل المتبقي من عقل غيث ورباطة جأشه ..انكشف المزيد من جسدها فلم يعد يتحمل المزيد وخياله الجامح يصور له انه مكان الأريكة وسجى تستلقي بين احضانه اخذ عدة انفاس متلاحقة وقام بالعد من الواحد الى العشرة ليسيطر على نفسه ولكي يكبح مشاعره الملتهبه ..تقدم منها وامسك بها من كتفها وهزها بعنف مبالغ فيه ..فتحت عينيها ببطئ شديد والنعاس مازال يغلف اجفانها ..ابتسمت برقة وامسكت بيده ووضعتها تحت رأسها كالمخدة وعادت لتنام من جديد لم يعد يتحمل المزيد وانفاسها الدافئة تلفح يديه هزها بعنف اشد هذه المره وهو يقول لها -لماذا تنامين هنا ؟ استيقضي وافرشي لك بعض الافرشة على الارض ونامي
منذ سكنها في هذا البيت وهي تفترش الارض وتنام عليها وهو ينام على السرير ..كانت تنعته بالأنانيه وانه هو من يجب ان ينام على الارض وانه رجل غير مهذب لكنه كان يستقبل نعوتها بصدر رحب وهو يضحك منها . قالت له بعد ان استيقضت من جديد -لم اعد احتمل النوم على الارضيه ..والأريكة افضل لي ..دعني انام انا متعبه ابعدته وعادت لتتوسد ذراعيها هذه المرة .. تركها وذهب الى المطبخ ليسخن له بعض الحليب وهو يحاول طرد صورتها المثيرة التي رآها بها قبل قليل ..هز رأسه بسرعة وهو يحاول ان يركز في ما يقوم محاولا تجاهلها ونسيانها شرب الحليب الساخن مع العسل دفعة واحدة ..وضع الكوب باهمال على المنضدة وذهب من جديد الى حيث كانت تستلقتي ..رمقها بنضرات سريعة وادار وجهه بسرعة مماثلة خلع قميصه ورماه باهمال بنية الاستعداد الى النوم ..وضع قدمه على اول درجة في الدرج المؤدي الى السقيفه حيث يوجد السرير الكبير المريح الذي سوف يدفن نفسه فيه وينسى كل شيء وينسى امر تلك الأنثى المستلقيه على الأريكة لكن صوتها وهي تأن وتململ بضيق في الاريكة اوقفه تماما ..كيف يتركها وهي تنام بذلك الوضع المؤلم ..سوف تستيقظ غدا وهي تعاني من تشنج وآلام في كتفها وضهرها لن ارتاح من ازعاجها اذا استيقظت وهي تتألم ..نعم نعم اكد لنفسه حججه الواهيه وهو يعود الى حيث كانت تنام نضر اليها مطولا ثم مد يديه ليحملها ..طريه وناعمة ودافئه بكم صفه مثيرة يجب ان يصفها وهو يتلمس جسدها ورائحته الزكية تلمئ خياشيمه .. حبس انفاسه وهو يحملها صاعدا الدرج ببطئ شديد كانت خفيفة كالريشة تماما لم يواجه صعوبه في حملها وضعها على السرير وهم بالابتعاد عنها لكن يديها امتدت لتحيط عنقه بقوة وتشده اليها
-لا تذهب .
.همست بضعف لم يعد غيث يتحمل المزيد ...اصيب بصاعقة وبدأ جسده يخونه رويدا رويدا وكذلك عقله الذي بدأ العمل بعدم فهم وتسرع
-سجى ابتعدي والا حصل ما لا يحمد عقباه ..
لم تتحرك ولم تتركه ..تطلعت اليه بعيون راغبه وهي تتنفس بسرعة ..
-انت من طلب هذا تذكري
وقبل ان يتم كلماته المتقطعة بسبب تنفسه السريع انقض على شفتيها ساحبا اياها ناحيته ..كانت حركاتها مضطربه ولم تعرف ان تضع يديها المتشنجة ..وضعت يديها على صدره العريض وهو مازال ينهل من شفتيها قدر ما استطاع وكأنه في صحراء عطشان ووجد واحة غناء فبات يشرب منها ماستطاع قبل ان يعود له عطشه كانت مستكينه بين ذراعيه وتبادله قبلته بخبرة ضئيلة ...انثنت ساقها فمرر غيث يده الغليضة على حرير جسدها لتمتد يده الى ثوبها ليجردها منه بحركة واحدة مزقت الياقة الأمامية للثوب لم يعد يستطيع السيطرة على نفسه ابدا وباتت حركاته اشد وتيره ...اصيبت بالذعر وحاولت ان تبعد نفسها منه وهي تسحب شفتيها من بين شفتيه القاسية وهي تتذكر ذكرى زوجها السابق وكيف كان يؤذيها ..لكنه لم يسمح لها بالفرار منه وتحولت قبلته الى قبلة رقيقة ليعذبها اكثر ويجعلها تستكين ما بين ذراعيه ليغرقها بعدها في بحر حبه الذي ابحرا فيه بدون وجهه وبدون قبان وبدون اي شيء سوى مشاعررهما المكبوته تجاه بعضهم
منذ فترة كانت عيناها تصب بالأتجاه الثاني وهي تشيح بنضرها بعيدا عن الذي كان يقود السيارة ..ذاهله ومتألمة وتشعر بالخزي والعار وتلوم نفسها الف مره في الثانية الواحدة هذه هي مشاعرها التي كانت تجتاحها انصهرت في بوتقة واحدة لتتكون الانسانة التي تجلس في السيارة الآن كيف استطاعت ان ترمي نفسها في سريرة بتلك الطريقة !
-كم انت رخيصه ..هتفت سجى بداخلها وهي تتمنى لو انها تلكم نفسها الف مره على غبائها وتسرعها ..وطيشها وتهورها ..بلمسه واحده منه سلمته نفسها وتعلقت برقبته لتدعوه هي بنفسها ..صوته الأجش وهمساته المشتعله مازالت تترد في مسامعها ..لم تمر بتجربه ممثاله من قبل ابدا ولا حتى مع زوجها المتوحش ..غيث كان شخصا مختلفا ورقيقا جدا وحنونا وعاملها على أنها انثى مرغوبه وصاحبة ارادة وليست جاريه لديه حاول ابعاد نفسه عنها لكنها كانت كالمخدره تماما ولم تستطع ان تدعه يذهب ..ليحدث ما حدث بعدها عندما استيقظت صباحا احست بانفاسه المثقلة تلفح صفحة وجهها وهي تستلقي مابين ذراعيه ..عندما رأى استيقاضها قبل ارنبة انفها برقة ليقول لها بصوته الأجش -صباح الخير
شهقت بعنف وابعدته عنها لتكتشف انها في سريره وبلا ملابس ..ابعدته بعنف عندما حاول ابعادها وانكمشت على نفسها وهمست بصوت مرتجف
-ياللهي ..كيف تجرؤا ....كيـــــــــف تجرؤا على استغلالي بهذا الشكل
جائت كلمتها الاخيرة بنبرة مريرة وهي تلف الشرشف حول جسدها اما هو فكان ينضر اليها باستنكار وبرفض حاسم
-اجرؤا على ماذا انت من رمى نفسه علي ! انا لم اجبرك ! هتفت به بغضب وهي تنسحب من السرير ومازالت ترتدي الملاءة
-اما كان من المفروض ان تسحب نفسك عندما رأيت رفضي كانت كلماتها كالشعلة التي فجرت كتلة من بارود متكومة ..وثب من السرير بخفه وامسكها وهي تقف مقابل الدرج بنية النزول من السقيفه
-رفضك ؟ هل تريدين ان اعيد على مسامعك الكلمات التي قلتيها وانت بين ذراعي ؟ هل تريدين ان احدثك عن رضائك التام البارحة ؟ كان يضغط على ذراعيها وهو يقول كلماته بكل ما أوتي من غضب وكأنه يبصق كلماته بصقا .. طفرت دموع الذل الى عينيها وهتفت بضعف وهي تحاول التملص من ذراعه الخشنة التي كانت ارق من اليوم في البارحة ..
-ابعد يدك عني ..انت تؤذيني ّ!
ابعد يده بسرعة ودفعها بقوة وهو يقول من بين اسنانه
-وانا لا رغبة لي بعد الآن بلمس كتلة العظام هذه
ابتلعت اهانته المحرجة بصمت وهي تراقبه ينزل من الدرج باتجاه الحمام ..صوت انصفاق الباب بقوة اطلق العنان لدموعها ...دموع الخزي والعار وكأنها ارتكبت جرما ما ارتدت ملابسها بصمت وانتضرت بالقرب من الحمام لتستحم بعده ..تأخر في الحمام وكأنه كان يتعمد ذلك فهو بالعادة يـأخذ حمامته بسرعة فائقة لكنه اليوم تأخر كثيرا ..رفعت حاجبها بضيق وهي تقول بينها وبين نفسها -لن يتغير طبعه ابدا ..عنيــــد
بعد ان خرج من الحمام رمقها بنضرة استعلاء ورفع وجهه بشموخ مبالغ فيه وهو يتجه نحو الخزانة ..ضلت عيناها تتبعه .. اصدرت شهقه قويه وهي تراه يقوم بخلع المنشفة الملتفه حول جسده الرشيق ..وضعت يدها على عينيها وهي تتجه نحو الحمام لتغلق الباب بسرعة بكلتا يديها وهي تتنفس بسرعة ..مازال يريد تحديها بحركاته هذه واثارة غضبها المكبوت حاليا بسبب شعور الخزي اكملت استحمامها بسرعة وخرجت بعدها لتجده قد ارتدى ملابسه ..لكن مهلا من اين له هذه الملابس الأنيقه ؟ ولماذا يبدوا وكأنه خرج من احدى مجلات عرض الأزياء للتو ؟ قال لها بصرامة وهو يساوي شعره امام المرآة -نحن ذاهبون الى أمي ..اياك يا سجى ان تتطاولي على امي ..اعرف ان لسانك سليط ولا تستيطعين السيطرة له لكن احذرك ..ستقوم امي بعمل تحقيق معك وستقوم باختبار مهاراتك كربة بيت عليك الانصياع لأوامرها لم تعد تحتمل اوامره الكثيرة فصرخت به بضيق وهي تبعد المنشفة عن شعرها المبلل ليتبعثر حول وجهها وعنقها
-وهل انا خادمة جديدة لأمك ماهذه التحذيرات ؟!
تقدم منها ورفع سبابة يده وقال لها بحنق وصوت مرتفع
-لسانك يا سجى ..لسانك سوف اقوم بعضه واطعامه للكلاب للأتخلص من ثرثرتك وكلامك الغير موزون وكرد فعل على كلامه وضعت يدها على فمها وكأنه سوف ينفذ تهديده على الفور .. ابتعد عنها وقال لها بلهجته الآمره -هيا استعدي سوف نذهب بعد عشرين دقيقة كانت مستعدة ووتقف عن الباب ..تحركت خلفه وهو يمشى على الارض المليئة بالادغال والاعشاب ..مشوا لمدة عشر دقائق فوجدت سيارة فارهة موجوده بين الاعشاب ..فتحت عينيها بصدمة وهي تراقب السيارة ذات اللون الأزرق الداكن وزادت صدمتها عندما رأت غيث يخرج المفتاح من جيبه ليضغط على زر فتح الأقفال ..حركته كانت تدل على انه متمرس في قيادة السيارات الباهضة الثمن ! صعدت الى السيارة ولم تعد تتحمل فسألته بضيق وهي تربط حزام الامان حولها
-من اين لك هذه السيارة ؟
لم يرد عليها بل اكتفى بان مد يده على الكرسي الثاني وهو يتجه بنضراته الى الخلف ليعيد السيارة قليلا الى الخلف وبعدها الى الأمام لتعود الى الطريق العام .. طوال الطريق وهي تغلي في داخلها والافكار السيئة لا تكف عن التضارب في دماغها ..هل هو رجل مافيا ؟ هل هو تاجر مخدرات !!!! من اين له كل هذه النقود ليشتري السيارة !! هل سرق السيارة ؟ هل هو قاطع طريق ياللهي مالذي فعتله بنفسك يا سجى ترمين بنفسك الى لص ! او مجرم ..بدأت اطرافها بالارتجاف فضمت جسدها وانكمشت على نفسها بعد نصف ساعة توقفت السيارة في احدى الاحياء الراقية ..استغربت وقوفهم ونزلت من السيارة لتتبعه بصمت وهو يقف امام بيت منيف كبير وواسع جدا لم بنفس رقي قصرهم لكنه كان يدل على ان اصحابه ليسوا بفقراء ..ياللهي هل سيقوم غيث بمقايضتي بكيس كبير من الحشيشة او الهيروين !! تراجعت الى الخلف قليلا وهي تنوي ان الهرروب منه لكنه مد يده وهو مازال يحدق بالقصر وهو يقول لها وكأنه قرأ افكارها
-لا تخافي هذا بيت اهلي ! وهذه سيارتي وانا لست صيادا انا مهندس ولست فقيرا مثلما كنت تظنين
الصدمة شلتها لعدة دقائق قبل ان تفلت يدها من بيد يده وتدفعه بكل قوة وهي تصرخ
-ايها الكاذب الحقير ..كيف تكذب علي طول الوقت كيف !! انا اكرهك اكرهك لقد خدعتني جميعكم متشابهون جميعم كاذبون ..جميعكم
-ياللهي انها فتاة صغيرة
هتفت المرأة بذعر وهي تمد يدها الى قابس الكهرباء لتنير الصالة التي كانت تسبح في بحر من الظلام المخيف ..كان النور خافتا جدا لان المصباح كان قديما جدا ولم يستبدل منذ فترة .. كانت ناز تضع يديها على أذنها وتبكي بصوت عالي وتصرخ وتستنجد وتركل بقدميها الأرض وكأنها تصارع شيئا ما .. تقدمت المرأة العجوز. من ناز وبجانبها رجل ما وابنتها وفوج من الاطفال خلفهم اقتربت منها لتدرس ملامح وجهها بنضرات خاطفة رفعت ناز رأسها قليلا وأبعدت الشعر المبلول بالدموع من على خدها كان وجه المرأة العجوز مالوفاً لديها وكذلك الفتاة التي تقف بجانبها انكمشت على نفسها وهي ترى نضرات الرجل الواقف بجانبهم كان يشمل جسدها بنضرات راغبة ..أحست بقلبها يكاد يخرج من بين ضلوعها وهي تتخيل شريط مأساتها يمر من أمامها ...لا لا تنضروا الى جسدي بهذه الطريقة .. لم تعد تحتمل فصرخت بأعلى صوتها وهي تناهض وتستنكر ان يقوم شخص اخر بالاكمال على ما تبقى من فتات كرامة جسدها الممتهن -ابتعدوا عني ..إياك الاقتراب ..لا ..لاااا
كانت عيناها تتجولان باضطراب وهي تضع يديها على أذنيها لتمنع نفسها من ان تسمع تلك الأصوات التي تتخيلها
-أمي هل هذه تشبة ناز ام أني أتخيل هذا ؟
هتفت الفتاة الشابة وهي تقترب من ناز الجاثمة فوق الارض بخوف واضح للعيان عندما سمعت ناز اسمها رفعت عينيها الممتلئة بالدموع لتنضر اليهم مجددا محاولة التعرف عليهم من خلال الظلام النسبي الذي جعل وجوههم غير مرئية بالنسبة لها بشكل تام
-خالة بان ..هل هذه انتي
هتفت المرأة العجوز وهي تضرب صدرها بحركة دلت على تأثرها
-ياللهي انها فعلا ناز ! ناز مالذي جاء بك الى هنا ! قومي يا ابنتي لما انت بهذه الحاله
تعرفت ناز فورا على جارتهم وابنتها ! نعم انها الخالة بان والدة ريم صديقتها وجارتهم المقربة..مدت ريم يدها الى ناز وحملتها من على الارض المغبرة وهي ترتجف
*******
-اذا زوجك مسافر الى أوربا وسوف تلحقين به بعد ان يحصل على الإقامة هناك لتعيشوا في اوربا
وضعت ناز فنجان الشاي على المنضدة وهي تسعل بخفة وتقول بارتباك -نعم ..سافر الى اوربا بعد شهرين من زواجنا ووعدني ان يقوم بمعاملة لم شمل لأنتقل انا الأخرى الى هناك كانت تود لو تلكم نفسها على سيل الأكاذيب الذي خرج من فمها بلا رقيب ..الكذب خصلة ذميمة فكيف أنى لها ان تقوم بأختلاق هذه الأكاذيب فقط لتبرر موقفها ووجودها في البيت القديم دون مبرر إجابتها ريم هذا المرة بعد سؤال والدتها -ماذا عن والدتك ومايا ولما جئتي الى هنا بهذه الحالة ..تبدين بحالة مزرية ! احتارت في اختلاق كذبة اخرى تبرر لها بهم وجودها هنا ..قالت بارتباك واضطراب واضح
↚
-انهم مسافرون
أطرقت الخالة بان رأسها وقالت بعد تفكي
ر -كنا نظنك لصا ما ..خفنا على البيت لهذا قررنا الهجوم خرجت انا وريم وزوجها والأطفال حتى نخيف اللص ..ختمت جملتها بضحكة قصيرة جعلت ناز ترد بضحكة مماثلة رغماً عنها
-حسنا يا بنيتي نامي عندنا اليوم وسوف نقوم بتنضيف الشقة قبل ان تسكني فيها فهي متسخة جداً اضطربت ناز وقالت لها على الفور وهي تتذكر نضرات زوج ريم المقرفة وكيف كان يمشط جسدها بنضرات جائعة ومقززة
-لا سوف أبقى في شقتي فزوجي لا يحبذ ان اقضي يوما ما في بيت اخر لقد اوصاني بذلك إجابتها الخالة بان بسرعة وهي تقول
-أتفهم ذلك يا ابنتي ..سوف نقوم بمساعدتك غداً صباحا لكن الا تودين للاستحمام فشكلك مشعث ومتعب ! وقبل ان تجيب ناز صرخت الخالة بان على الفور
-يا ريم احضري لناز منشفة وثوبا ما ترتديه قامت ريم ببسرعة وتوجهت الى غرفتها يتبعها اولادها الثلاثة الصغار ذوي الأعمار المتقاربه كما تتبع الصيصان الدجاجة الأم .. خرجت ريم بعد فترة وهي تحمل ثوبا نضيفا ومنشفة كبيرة ..اعطتهم لناز على الفور ..حملت ناز المنشفة والثوب ووصلت الى انفها رائحة مسحوق الغسيل النفاذه التي جعلتها ترغب بالاستفراغ فورا ..ابتسمت باضطراب للعائلة ولمحت طيف رجل يقف بالقرب من باب غرفة النوم ..زوج ريم بالتأكيد الذي كان يراقبها من الباب بدأ جسدها بالتعرق والارتجاف في آن واحد ..اخذت عدة انفاس متلاحقة وهي تطرد صورة هذا الرجل المقيت الذي يذكرها بمصابها والحادثة الشنيعة التي حدثت قبل يومين .. خلعت ملابسها بتردد وتباطئ ودخلت تحت صنبور المياه الدافئة التي اعادت اليها القليل من الحياة الى جسدها ..خرجت من تحت صنبور المياه الساخنة ولفت جسدها بالمنشفة ..تقدمت قليلا من الثوب المعلق خلف باب الحمام لكنها لمحت شيئا جعلها تتجمد في مكانها على الفور تقدمت من المرآة لترى ما لمحت من جسدها ..يديها مليئة بالخدوش الحمراء ..رقبتها مصابة بكدمات بنفسجية اللون ..وجهها .. ذراعها.. رقبتها ..في كل جزء من جسدها المنتهك
-ياللهي
همست ناز بمرارة وهي تبتعد عن المرآة وتلتصق بجدار الحمام البارد المليئ بالحبات المتعرقة بسبب التصاق البخار به .. تنفست بصعوبة لتحاول ان تكبح موجة الغيثيان التي تصاعدت الى فمها ..وضعت يدها على فمها بقوة وهي تنشج بصوت عالي ..
-ناز هل انت بخير ؟؟
جاءها صوت ريم كأنه قادم من مغارة ما ..تنبهت الى سؤال ريم ومسحت وجهها وانفها بسرعة وقالت لها بصوت متهدج
-خارجة على الفور ..
ارتدت الثوب على الفور وحمدت ربها ان الثوب طويل جدا ويستر تلك الكدمات التي من الممكن ان تثير استغراب ريم ووالدتها وهي لا تقوى على استجواب أخر خرجت من الحمام وعلى وجهها ابتسامة مصطنعة فقالت لها ريم على الفور واولادها متعلقين بأذيال ثوبها
-هيا فلنذهب الى بيتكم كانت تحمل أفرشة وأغطية نظيفة وتتجه نحو الباب الخارجي ..توقفت ناز قليلا وحيت الخالة بان قبل خروجها ..تبعت ريم بصمت وصيصان ريم ملتصقين بها ويتبعونها ويثيرون ضجة كبيرة .. دخلوا الى البيت فقامت ريم بازالة الاغطية القديمه من السرير بحذر شديد حتى لا تتطاير اكوام التراب الموجودة فوقها انتهت بعد عدة دقائق من ترتيب السرير واولادها يقفزون هنا وهناك ..راقبت ناز الاولاد بحنان وهم يلعبون ويمرحون ..لكن على الفور تشكلت لديها صورة مؤلمة الا وهي انها لن ترزق بأولاد من زوجها ابدا فهو سيطلقها لا محالة ! نعم هي بنضره امرأة فاسقة وخائنة باعت المبادئ والقيم فقط لتعود الى حبيبها الذي خذلها قبل فترة لكن كيف امكنه تخيل مثل هكذا أمر ..الم يرى لهفتها اليه ؟ لم يسمع منها كلمات الشوق ألم تخبره انه عندما يعود سوف يجد مفاجأة ..كانت تخطط لليلة عرس جديدة تعوضها عن الذي فات لكن يبدوا ان الحياة تغلق ابواب السعادة والراحة في وجهها كلما حاولت التخلص من احزانها ومن خذلان الماضي -كل شيء جاهز صرحت ريم بصوت جاهر وهي تساوي اطراف الفراش ..شكرتها ناز واندست في الفراش على الفور لانها كانت تعبة جدا ولا تقوى على المزيد ماهذا الخدر الذي يسيطر على اطرافها والألم في ضهرها واسفل بطنها يجعلها في رغبة دائمة في الاستفراغ .. خرجت ريم من البيت وطلبت منها ناز ان لا تغلق الأنوار لانها تخاف من الظلام ...رحبت بسلطان النوم بعدها لتبحر في عالم النوم والراحة المؤقته لتنسى همومها .. **
كان يذرع الغرفة ذهابا وايابا ..يتحرك باضطراب ويتنفس بصوت مسموع ..غرفة المكتب المغلقة الستائر الغارقة في رائحة التبغ المحروق من السجائر الفاخرة رفع بصره الى عتبة الباب حيث كانت تقف سهير وهي ترتجف وتفرك يديها ببعضهم وبنيتها قول شيء ما صرخ بها بكل قوة وغضب
-اين كنت انت وتلك الغبية ليندا والسائق ؟ اين كنتم هاا اجيبي
اصيبت سهير بالذعر من غضب ضرغام المشتعل وهي تراه سوف ينفجر في اي لحظة ..كان وجهه مصفرا وملابسه غير مرتبه على غير عادته وذقنه نبت وطال وهذه اول يهمل نفسه بتلك الطريقة اجابت بصوت مرتعش وهي تضع قبضتا يديها امام صدرها في حركة دفاعيه ..خانها صوتها الذي ارتعش قليلا وهي تجيب
-كنت ..كنت في أجازة ..السيدة ناز آآآاعطتنا اجازة وصرفتنا
شهقت سهير بعنف وارتدت الى الخلف وقد اتسعت عيناها بسبب الشتيمة الغير اخلاقية التي صدرت من سيد عملها ضرغام بعد ان سمع تبريرها ..بحياته لم يتلفظ مثل هكذا الفاظ ..مالذي حصل معه مالذي جرى كانت تجلس بين احفادها واولادها في تجمع عائلي جميل عندما جائها اتصال ضرغام الغاضب الحانق ..على عجل استأذنت من الجميع واستأجرت سيارة اجرة وعادت على الفور الى القصر سيطر عليها الذهول لفترة وهي تدخل الى القصر الذي كان بابه الخارجي مفتوحا على مصراعيه ..بقع دمع متجمدة ومطبوعة على الأرضية البيضاء التي كانت نضيفة الا من تلك البقع وأثار الأقدام الصغيرة ... ارتاعت من منضر الدم الذي استحال لونه الى لون اسود بسبب مرور فترة طويلة على وجوده ..توجهت الى المطبخ وهي تتبع الفوضى التي المت بالبيت وكأن هناك اعصارا حدث في اجازاتها ..كان مرتاعة وخائفة وتضرب اخماسا بأسداسا وهي تمشي ببطئ متبعتا اثار الفوضى العارمة .. التحفيات والآنيات الخزفية والنباتات المنزليه مكسرة ومهشمة بالكامل !! المطبخ بحد ذاته كان عبارة عن كارثة ..الأواني متحطمة والزجاج في كل مكان بالاضافة الى نفس بقع الدم .. تبعت بقع الدم لتجدها تصل الى الدرج ومن ثم الى غرفة النوم ..لم تجرؤا على الدخول الى غرفة النوم ولكنها نزلت بسرعة المكتب لتجد ضرغام بهيئته المخيفة وكأنه شيطان خارج من الجحيم ..كان عيناه تشتعل بغضب لم تره سهير منذ فترة طويلة جدا
-من كان يدخل في غيابي الى البيت ؟
سؤاله الصريح جعلها تزدرء ريقها بصعوبه وصورة غير واضحة تكونت في بالها ..لكنها طردت هذه الفكرة من بالها لم تريد ان تتصور ان سيدة القصر السيدة ناز متهمة بشيء ما ..لا لا يارب ارجوا ان يكون ظني خاطئا
-والدة السيدة وشقيقتها الصغرى وصديقة السيدة ناز السيدة سهى وولدها الصغير فقط !
لم تنتظر وقتا طويلا قبل ان ينفجر ضرغام بها قائلا
-لا تكذبي !! انت تتسترين عليها ..
شلتها الصدمة قليلا قبل ان تجيب بنبرة صارمة وشجاعة
-انا لا اتستر على احد ما يا سيدي هذه هي الحقيقة لم يدخل البيت احد غريب في غيابك !
نضر اليها مطولا وكأنه يمتص الصدق من نضرات عيينها ليحللها ويتأكد ما ان كانت صادقة ام لا ..قال لها بهدوء هذه المرة
-نادي السائق على الفور
خرجت وهي ترتجف من ما حدث وكأنها هي المتهمة الأولى ...لكن لماذا يسأل هذا السؤال ارجو ان لا يكون هناك شيء ما قد حدث في غيابي نادت على السائق الذي كان يجلس في الكوخ الصغير الموجود بالقرب من الباب فذهب فورا الى السيد ضرغام وبدأت هي بتنضيف البيت وترتيبه بعد الفوضى التي كانت تغمره ..
**
-كانت تتلقى مكالمات كثيرة ولكنها لم تجب ابدا
صرح السائق وهو يمسك قبعته بكلتا يديه ..استجوبه ضرغام بشكل حرفي وهو يسأله مختلف الأسئلة حول ناز ومشاوريها وخروجها ودخولها
-وماذا ايضا ؟ استفسر ضرغام
-لا شيء أخر اجابه السائق على الفور
-انصرف فورا ..
خرج السائق وهو يتسائل عن ماهية هذا التحقيق ولما يقوم به رب عمله ..وجدد سهير منهمكة في التنضيف فسألها على الفور
-مالذي يجري يا سهير ؟
-لا علم لي ...صدقا انا لا اعلم ...
**
بعد ان خرج السائق من المكتب بدأت الأفكار تتصارع في داخله من جديد ..هل كسبت حب الخدم ولهذا هم يدافعون عنها بهذا الشكل ام انه هنالك شيئا ما يحدث من خلفه تذكر كيف خرج بعد تلك الليلة وهو يقود سيارته بسرعة معبرا عن غضبه المستعر ..لم تحترم ناز رباط الزواج المقدس وخانته مع خطيبها السابق من خلف ضهرة ..استعر غضبه وهو يتخيل المرات التي شاركته فيها السرير..وفي بيته هو ! لطالما كان الرجل الذي لا يهزمه احد ولا ينتقص منه احد أبدا ..جائت هذه الناز الصغيرة لتضع رأسه في الوحل .. ندم اشد الندم على تسليمها قلبه وحبه ..ربما هذا هو السبب في استقوائها عليه ! عندما دخل ذلك اليوم الى البيت وسمع صوت تأوها بين يدين كمال الذي كان يقبلها ويصارحها بحبه أصيب بالغثيان من المنضر ولم يتحمل نضرة الانكسار في عينيها التي كانت تستجدي رحمته ..ياللوقاحة يضبطها بالجرم المشهود وتطلب العطف ! لم يتحمل المزيد خصوصا بعد هروب كمال من الكمال ..انقض عليها ليمزق جسدها وروحها وقلبه بيديه المنتقمة ..تعمد أخذها بأكثر الطرق ايلاما حتى تتأذى وتتألم وتندم على فعلتها وفعل بالفعل ..صراخها ورجائها لم يجدي معه نفعا فهو كان يضن انه سوف يصاب بالغثيان من لمسها ،..أراد فقط معاقبتها لكن عندما لمسها وضم جسدها الناعم الى جسده اول ما خطر بباله هو ان كمال شاركه هذا الجسد ...شاركه في زوجته وهتك عرضه بعد ان تركها كان يضن انه باستطاعته ان يقتلها ويدفن عاره ..لكن منضرها المشتت ونضرتها المنكسرة ودموعها الهستيريه حركت شيئا ما بداخله جعله يثني عن قراره في اللحظة الاخيرة ! خرج بعدها كالإعصار من البيت وهو لا يريد ان يتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه تلك القذرة عاد بعدها هو يريد ان يستجوبها ان يقتلها ان يدمي قلبها ان يرد على الألم والشعور بالخزي والعار الذي سببته له لم يجد أحدا وكان البيت يغرق في سكون مقيت .ووحشة تشبه وحشة المقابر عاد الى ارض الواقع والى مكانه حيث يقف في المكتب ..قرر ان يذهب اليها عند والدتها وان يقوم بسحبها من شعرها سحبا لتعود الى هنا ليقوم بتعذيبها ويجعلها تشاركه الألم الذي يعاني منه الآن ..خرج من المكتب بسرعة وتسلق الدرج بسرعة اكبر ليدخل الى الغرفة التي شهدت تلك العاصفة السوداء المحملة بغبار الانتقام والثأر مازال زجاج المصباح السقفي منتشرا في كل مكان والسرير في حالة فوضى وبقع الدم لوثت الشراشف البيضاء الناصعة ..ارتدى ملابسه على عجل لكن صوت رنين آلهاتف أوقفه عن الخروج من الغرفة على الفور ..لم تكن نفس نغمة هاتفه تتبع الصوت ليجده يصدر من الهاتف ذو الغلاف البنفسجي اللون ..توجه نحو الهاتف الذي كان يهتز فوق طاولة الزينة أخذه بيده وفتح الرسالة النصية ليقرأها وعيناه تكاد تخرج من محجرها
-مرحباً ابنتي ناز اتصلت بك منذ يومين لكنك لم تجيبي علي ..المهم نحن مسافرون الى خالتك في الشمال مع مايا ..سوف نمكث هناك بعض الوقت ..كان بودي وداعك لكنك لم تجيبي على اتصالاتي ..المهم اعتني بنفسك وزوجك واتصلي بي فور تفرغك ..
رمي الهاتف بغضب وقال من بين اسنانه
-اذا انت لست عند والدتك ..عند العشيق ربما ..سوف احفر باطن الأرض واخرجك واجعلك تندمين على اليوم الذي فكرتي فيه بخيانتي
كان كمال يهم بالدخول الى الشقة التي قام والد مروى بشرائها له ولزوجته المصون ..هي من طلب الشقة البعيدة عنهم وهو انتقل معها دون ان ينطق بشيء ما .. وقف عند الباب وهو يفكر مليا بما حدث كان ضميره يأنبه بعد فعلته مع ناز اراد تخريب مابينها وبين ضرغام فقط لتعود اليه ويبدو انه نجح اذ كان صرغام غاضبا جدا في تلك اللحضة ..كاد ان يدق عنقه ..يا ترى ماهو مصير ناز في هذه اللحضة ؟ هل طردها هل قتلها ..هل هي بخير الآن عنف نفسه وأدخل المفتاح في باب الشقة ..اغلق الباب خلفه بهدوء تام ودلف الى الداخل ..استوقفته عدة اصوات غريبة وصوت تأوهات تقدم من الغرفة وهو يتتبع الاصوات .. لم يفتح باب غرفة النوم كان هناك شق صغير في الباب ..مد رأسه ليبصر ابشع واقبح واكثر المناظر اشمئزازا التي رآها في حياته زوجته مروى ... تجلس في حضن رجل غريب اصلع ضخم الجثة وذو لون اسمر داكن جدا تقبله بشكل مقرف ومثير للأشمئزاز... كان يقف مذهولا وهو يراقب ما يحدث ..شاهدها وهي تقف لتخلع ملابسها كاشفة عن جسدها الرخيص وهي تقول
-هيا بسرعة لقد طلبت من احد الموضفين في شركة والدي ان يقوم بالهاء كمال الغبي ريثما ننتهي نحن .. حملها وهو يقول لها بعد ان ضحك ضحكة قصيرة
-ومابال زوجك هذا
اجابته وهي تتلقى قبلته
-انه ليس رجل ويحرمني من العلاقات لانه عاجز ربما لا اعرف ..وانا لا استطيع ...سوف ادفع لك ضعف المبلغ المتقف عليه اذا قمت بعملك على اكمل وجه
تجمد كمال في مكانه وابتعد عن الباب حتى لا يرى المشهد القبيح الذي كان يراه قبل قليل ..استحق هذا ..انا ارتبطبت بانسانة قذرة وهذا هو مصيري ان اصبح بلا شرف قمت بتدمير حياة المسكينة ناز بموقف مماثل لأوهم زوجها انها على علاقة بي والله عاقبني بنفس الكأس التي اشربت ناز منها ...زوجتي تخونني مع رجل تدفع له المال ليعاشر جسدها المنتهك القذر خرج من الشقة وهو يلهث ويبكي كالنساء المنكوبات..كانت ساقه ترتجف وهو ينزل الدرج ..وقف امام سيارته المصطفة في الكراج المخصص للسيارات امام العمارة السكنية التي كانت فارغة من السكان ماعدا الشقة التي يشغلها هو ومروى ضرب رأسه بسطح السيارة وبدأ بالعويل والبكاء ..
**
كانت ناز تجلس على احد الكراسي وفي حضنها يستقر الطفل الصغير محمد ابن ريم الأصغر سنا بينما والدته ريم وجميع بنات الحي وصديقاتها القديمات يقومون بتنضيف البيت وطرد الغبار والأتربه المتراكمة من سنين ..كانت تلف حول كتفها وشاحا اسود اللون يماثل السودا الموجود تحت عينيها الفاتنة التي فقدت الكثير من بريقها ولمعانها ..وججها مصفر بالرغم من انها نامت لفترة طويلة .. في الصباح الباكر بعد ان استقيضت جائتها ريم وصيصانها والخالة بان وقالوا لها انهم سوف يقومون بالتنضيف معها ومساعدتها لان حالة البيت يرثى لها .. شاركتهم التنضيف قليلا لكنها اصيبت بالدوار لذا طلبت منها ريم وبقية النساء ان تجلس وتراقب الأطفال كانت ملامح البيت تتغير قليلا قليلا لتدب الحياة بين حنايا البيت المهجور .. بعد عدة ساعات من التنضيف المستمر وتبديل الأغطية والغسل انتهى الجميع من التنضيف فدخلت الخالة بان وهي تحمل صينية كبيرة فيها بعض الطعام البسيط المعد للغداء التفت النساء والصبايا حول الصينيه وكذلك ناز التي نزلت لتجلس على الارض حول الصينيه وهي مازالت تمسك بمحمد الصغير ذو العامين
-اتركيه يا ناز وتناولي طعامك انه مزعج جدا
أبت ناز ان تفلته وقالت لها على الفور
-لا ارجوك اتركيه ..
انه طفل محبوب جدا جسد محمد الطفولي وضحكه المستمر لها ونعومة بشره ورائحة شامبو الأطفال التي تفوح منه جعل جميع حواسها تستنفر ..وكأن هذا الصغير يذكرها بشيء ما ..احست بحاجة لضمه الى صدرها وتقبيله على خده كل دقيقة ..كم هم جميلين هؤلاء الأطفال نضرت ناز مطولا الى النساء والى صديقاتها الواتي كانت تلعب معهم العاب الطفوله والعرائس وتقضي النهار كله تركض معهم في شوارع الحي الآن كبروا جميعم واصبح لدى كل واحدة منهم كأقل تقدير طفلان ..اما هي فخرجت من الحياة بجروح خاوية وتعاسة لا تستطيع الشكوى لأي واحده منهم عنها زفرت بضيق وهي تحاول طرد الأفكار المؤلمة وقالت لريم على الفور بنيتها ..كانت تخطط للبقاء هنا في هذه المدينة والعمل فيها فصعب على صرغام العثور عليها في الأزقة الفقيرة ..
+
-ريم انا بحاجة الى عمل ..هل يمكنكم مساعدتي !!
↚
**
توقف كمال عن البكاء والعويل وفتح صندوق السيارة بسرعة خارقة ...اخرج علبة البنزين الأحتياطية من صندوق السيارة وانطلق راكضا نحو الشقة من جديد دفع الباب ودخل الى الشقة ..فتح غطاء العلبة ورش البنزين في كل مكان بشكل مجنون ..قليلا هنا وكثيرا هناك تقدم من الغرفة واصوات شهقات مروى وصراخها المقزز يملئ اذنيه ...نضر من شق الباب ليجدها منغمسة في ما تفعله مع ذلك الرجل الغريب .. ركل الباب بكل ما أوتي من قوة وقال بصوت غاضب مجنون
-ايتها الفاسقة سوف اقتلك ..سوف اقتلك شهقت مروى برعب وهي تبعد الرجل عنها الذي قفز على الفور ليرتدي ملابسه على عجل بحركات سريعة ..لفت مروى نفسها بالمنشفة وهي تتوسل بعد ان رأت كمال يقوم برش البنزين بالغرفة كالمجنونة ..خرج الرجل الاخر من الغرفة ومروى تلف نفسها وتتقدم من كمال وترجوه بكل ذل ..دفعها بقوة فسقطت على طرف السرير وجرح رأسها وفقدت الوعي وهي تنزف بغزارة من رأسها وقف عن عتبة الباب فمد جيبه واخرج ولاعة النار وفتحها وثبتها ليبقى اللهب مفتوحا ..رماها بكل برود في منتصف البهو فاشتعلت النيران على الفور وبدأت بالتهام قطع الاثاث اوقف ضرغام سيارته على بعد من العمارة السكنية التي سأل عنها احدى موضفات شركات والد مروى الغبيات ودلته على الفور كان بنيه مفاجأة كمال فهو يضن ان ناز عنده ربما ..اخرج المسدس من صندوق السيارة الأمامي ووضعه في جيبه ونزل بسرعة نزل من السيارة ومشى قليلا اصطدم به رجل ضخم الجثة يماثله في الضخامة ..ابتعد عنه على الفور دون ان يعتذر واكمل طريقه لمح ضرغام شيئا ما اسود اللون يقع على الأرض حمله وصاح بقوة
-يا رجل لقد اوقعت شيئا ما
لم يلتفت الرجل له واكمل جريه السريع سمع ضرغام صوت الصراخ والعويل والتقط انفه رائحة دخان حادة ..مشى بسرعة قاطعا الطريق بسرعة كبيرة ليجد العمارة السكنية تتوهج في منتصف الليل وكأنها شعلة ملتهبه اجتمعت الشرطة ورجال الأمن وسيارة الأطفاء وخرج جميع اهالي الحي الراقي وبعضهم لاذ بالفرار خشية ان يتسمر الحريق دون ان يستطاع السيطرة عليه اوقف كمال رجل الشرطة وقال له
+
-انا المسؤول عن الحريق وانا قتلت زوجتي ..واحرقت كل شيء خذوني الى السجن
-شخص ما يحمل مسدسا ..ارفع يديك واترك السلاح بسرعة
صرخ احد الشرطة وهو يوجه سلاحه نحو ضرغام الذي رمى المسدس بسرعة ..تقدم الشرطة بحذر ورفس بقدمه المسدس الموجود على الأرض ..انقض بعدها على ضرغام وركله بقوة فوقع ضرغام على الأرض من شدة الألم متأوها ..امسك الشرطي به من رأسه والصقه بالجدار وهو يشير لبقية رفائقة بالتقدم ..تقدمت افواج الشرطة منه وقام احدهم بتفتيشه ..قال من بين اسنانه وهو يحاول ان يبعد الشرطي وهو يقول من بين اسنانه
-انت لا تعلم من انا ..ابتعد انا لم افعل شيئا
تململ قليلا وحاول ابعاد الشرطي الذي يكتفه ..ابعده قليلا فما كان من الشرطي الى ان ضربه بشيئ ما جعله ضرغام على رأسه ..احس بحرارة وخدر يزحف ببطئ الى رأسه لتسحبه سحب الظلام بعدها ويغيب في عالم الا وعي .. فتح عينيه ببطئ ليبصر سقفا اسود اللون ومكانا مظلم نسبياً. رائحة العفن والرطوبة هي كل ما وصل الى انفه الحساس لأي رائحة غريبة .... آفاق من ما هو فيه وجلس ببطئ والألم في رأسه يكاد يفتك به -اغمي عليك وجائو بك الى هنا
نضر في كل الاتجاهات عسى ان يجد مصدر الصوت الذي كان يحدثه استقام وتوجه الى الامام ليبصر قضبان حديدة ..امسك بالقضبان وحاول النظر من خلالها ليجد ان هناك شخصا ما خلف القضبان في الزنزانة المقابلة لزنزانته .. زنزانة ..أنا في سجن ..أكد ضرغام ذلك لنفسه ووهو يمسك بالقضبان ما بين يديه.. اقترب الشخص الذي كان موجوداً في قعر الزنزانة المجاورة المظلمة .. -كمال أيها الوغد أهذا انت كان كمال هو الشخص الجاثم في الزنزانة الاخرى ..وجهه متعب وملطخ بالسواد ..صرخ ضرغام من جديد وهو يحاول الخروج من الزنزانة مثل الأسد المحتجز في قفص يحاول بشتى الطرق كسر القيد والخروج من القفص -ايها الوغد ..سوف ادق عنقك بكلتا يدي انت وتلك الــ تلك الــ..
ماتت الكلمات على شفتيه وهو يرفس القضبان بقدمه الى أن احس بخدر بسبب توالي الضربات دون فائدة ..
-هل لك ان تخرس لطفا ؟ انت شخص غبي الى ابعد الحدود ..تلك الطاهرة اشرف منك ومن الكون اجمعه الصدمة ..ثم الدهشة ..ثم الجمود ..مالذي يقوله هذا الغبي بحق السماء ! كيف ..كيف .,.؟ تدافعت الكلمات دفعة واحدة الى فمه لينطق ما كان يجول بخاطره ..ليشتم كمال على الأقل حتى يفرغ غيضه في في وابل الشتائم تعبر عن حنقه وغضبه .. -مالذي نطقته الآن ايها السافل تقدم كمال قليلا من القبضان ولاح لضرغام الكثير من ملامحه التي صعب عليه تميزها منذ قليل ..امسك القضيب الجديد بيده وضرب رأسه بكل ما أوتي من قوة وهو يبكي بصوت مسموع ويتمم بكلمات جعلت ضرغام يتجمد في مكانه
-ايها الغبي زوجتك بريئة انا من دبر لها تلك المكيدة في ذلك اليوم ..انا من طاردها ..انا من فرض نفسه عليها ..انا من طالبتها بالعودة الي ..انا من اتصل بها ليلا نهارا ..كانت تخبرني في كل مره انها تحبك وتترجاني ان لا اتصل بها لكني كنت نذل كالعادة ولم يكفيني تدمير حياتها في بادئ فأكملت على الباقي ..انا نذل وحقير واستحق الموت ..عاقبني الله بزوجتي الفاسدة التي وضعت رأسي في الوحل ..قتلتها ..قتلها وانا استحق القتل الآن انا مجرد حشرة لا تستحق ان تعيش
كان ضرغام يستمع الى كلماته المتحلاقة التي كانت اشبه بوابل رصاص يخترق عقله ومسامعه ..يالهول ما سمعه للتو ! كان لديه شك صغير ببرائة ناز ولكن الآن هو متأكد اشد التأكيد بعد تأكيد كمال وكلماته التي اعتلها نبرة الندم والتحسر ..هل من المعقول انه خسر حب امرأة طاهرة بلحضة طيش وتهور وتسرع ! كان كمال يبكي وقد جثى على ركبتيه وامسك رأسه بين يديه ..مازالت الصدمة تشل ضرغام بالكامل ..ارتسمت على وجهه نضرة جمود خطيرة تشبه السكون الذي يسيطر على البحر قبل العاصفة صرخة واحدة مدوية اطلقها ضرغام وهو يهجم على القضبان مجددا ..وابل من الشتائم خرج من فمه وهو يضرب بكل ما أوتي من قوة عسى ان تتحطم القضبان ويخرج من خلفها ليمسك بكمال ويبرحه ضربا الى ان يخرج روحه !
-اخرسوا جميعا وكفاكم ضوضاء ..تعال انت الضابط يريد التحقيق معك
تقدم احد رجال الشرطة وهو يحمل عصا سوداء اللون قصيرة بعض الشيء وقام بفتح زنزانة ضرغام وجره كمن يجر الخروف ..حاول ضرغام الهجوم على زنزانة كمال لكن الشرطي ركله في بطنه وجره بكل ذل نحو مكتب التحقيق
*
كانت سهى مستلقية على الأريكة في حضن والدتها وهي تبكي بمرارة ..حاولت والدتها تهدأتها وهي تضمها الى حضنها وتهدأ من روعها ..
-لا اصدق انه طلقني بهذه السرعة وبهذه السهولة
صرخت سهى بلوعه وهي تحاول الابتعاد عن والدتها والدموع تغرق وجهها المصفر
-استغفر الله العظيم واتوب اليه ..حسبي الله ونعم الوكيل عليك يا سامر كلما سامحتك تعود لعمل شيء يدمر كل ما بناه
شهقت سهى بألم وغطت وجهها بكلتا يديها وهي تبكي
-تحملته سنين طويلة ولم يتحملني ثلاثة اشهر ! لا اصدق ..تخلي عني كما يتخلى عن قطعة قماش بالية ..انا اكرهه اكرهه صرخت بعبارت الكره وهي تجري لتدخل غرفتها لتصفع الباب بقوة ..تردد صدى انصفاق الباب في البيت الصغير احتضنت الجدة مصطفى الصغير الذي كان مرتاعا بسبب بكاء والدته المرير
-سامر ...دمرت ابنتي حسبي الله ونعم الوكيل ..حسبي الله ونعم الوكيل
دخلت غرفتها لتبكي على حبها الذي دفن ليموت ولن يرى النور بعد ذلك..بكت وبكت وبكت الى ان استنفذت طاقتها وهدأت بعدها
-أنا أكرهه !! صرخت بداخلها لكنها كانت تجيب نفسها بنفس اللحظة
..-بل تحبينه حتى وان قتلك وها انتي تبكين الأن كالبلهاء
مسحت الدموع عن وجهها الرطب وتوجهت نحو الحمام ..فتحت صنبور المياه وأخذت تغسل وجهها وتدعكه بكل قوتها لدرجة ألهبت وجهها الرقيق نضرت الى وجهها المحمر في المرأة وأبصرت القلادة التي مازالت تزين رقبتها الناصعة البياض ..امسكتها بيد مثلوجة وسحبتها بعنف لتنقطع ولتقع الميدالية على ارض الحمام الباردة وليتردد صداها مع الكلمات التي نطقتها سهى بألم -أنها النهاية يا سامر
كانت سجى تجلس بجوار غيث الذي كان يستمع لحديث والدته بأصغاء شديد ..بعد ان شتمته وضربته في الشارع اثار منظرهم استغراب الجيران فما كان منه الى ان حملها على ضهره وقال للجموع الغفيرة المتجمهره حوله
-زوجتي تعاني من حالة استياء شديدة بسبب انتهاء شهر العسل بسرعة
تعالت الصرخات والزغاريد والتبريكات من سكان الحي ..سمعت كلمتي مبروك ..وزواج سعيد لأكثر من مرة من اكثر من شخص ..بالرغم من ان الحي من الأحياء الراقية في المدينة لكن سكانه ودودين بشكل لا يصدق على عكس سكان الحي الذي كانت تسكن فيه ..فهي لا تعرف حتى من يحد بيتهم ومن هم جيرانها ..ام انه كان خطئها في عدم التعرف عليهم لأنها انطوائية ؟ دخلت البيت الكبير واستقبلها الجميع بنضرات متفحصة وقلقة بنفس الوقت ..هاهي تجلس امامهم الآن وونضرات الجميع مسلطة عليها بالذات ..كانت تضم يديها في حضنها وتفركهما بأضطراب .. حركتها هذه استرعت اهتمام حماتها فقالت على الفور -زوجتك لا ترتدي خاتم زواج يا غيث استنفرت حواس سجى الخمس في نفس اللحظة التي انتهت بها حماتها من رمي قنبلتها ..اجاب غيث على الفور وهو يمسك بيدها المضطربة بين يديه الدافئة
-سجى تعاني من حساسية في جلدها بسبب الحلقة ..سوف اشتري لها حلقة مصنوعة من الذهب الأبيض بعد ان اتفرغ من اعمالي .. واضاف قائلا وهو يرى نضرات الأرتياح تعتلي وجهها الصغير .. -كما انها تعاني من مشاكل في انزلاقها من يدها بسبب اعمال المنزل نضرت والدته اليه بشكل مطول قبل ان تقول بمكر الحموات
-هكذا اذا هي تعمل في البيت ..حسننا هل تستطعين فرم اوراق الملوخية ؟ نطقت سجى اخيرا بعد صمت دام طوال الوقت بسبب خجلها وترددها في طرح موضوع ما يشتت من تحديق العائلة بها
-بالحقيقة انا لا استط... الضربة القوية التي أتتها من كوع غيث في خصرها جعلتها تسكت على الفور وثم تردف قائلة بتردد
-بالتأكيد استطيع يا خالتي ..انا خبيرة في تقطيع أوراق الملوخية
اطلقت تنهيدة ارتياح عندما لاحضت انشراح حماتها ..لكن ماقالته بعد ذلك جعل اعصابها تنشد ..
-يا سمية احضري الملوخية والسكينة الخاصة بها واحضريها الى هنا ثم اكملت بمكر وهي ترى تردد سجى واستجدائها لحل ما في عيون غيث الذي اشاح بوجهه بعيدا هربا من الكارثة التي ستحل بعد دقائق جائت سمية شقيقة غيث المتزوجة وهي تحمل الأغراض الخاصه ووضعتها على المنضدة -هيا فلنرى مدى شطارة زوجة غيث في الطبخ ..مابك يا ابنتي تقدمي من المنضدة وارينا عملك كرهت سجى هذا اليوم المقيت المليئ بالاختبارات ..احست انها في فحص تطبيق في الجامعة وعليها ان تثبت مهارتها لأستاذها ..ماهذا كل هذا لتثبت لها ان زوجة جيدة لأبنها ..ماذا لو علمت ضروف زواجهم ..هل ستجربها ايضا بأختبارات مماثلة؟ تقدمت بخطوات مترددة نحو المنضدة ..شجعتها سمية بابتسامة ودودة وجلست بجانبها ..اصبح غيث امامها الأن مباشرة رأته يشير بيده عن كيفية امساك سكين التقطيع الخاص ..كان يشير بيده ويحركها بنفس الحركات التي يجب ان تتبعها سجى .. امسكت هي الأخرى بالسكين ونفذت الحركات كما وصفها غيث بالضبط ..وياللعجب لم تخطئ ابدا مع انها المرة الأولى التي تقوم بمثل هكذا عمل
-حسنا انها ماهرة جدا وستطبخ لنا ذات يوم لكي نذوق طبخها ..احسنت الأختيار بني ..مبارك لك ولعروسك الجميلة زفر الجميع بارتياح عندما نطقت والدة غيث بهذه الجملة وبدأت التبركيات تنساب من افواه الجميع ..رمق غيث سجى بنضرة لم ترها من قبل ابدا ..كانت تقبل وجنتي سمية وهي تبارك لها وعيانها تعانق زوج العيون الواتي كانتا ترسلان لها شعورا جميلا بالدفئ والحنان .. بدأت احاديث النساء بعدها واستأذن غيث وشقيقه وزوج اخته يوسف ليخرجوا تهربا من ثرثرة النساء .. قالت والدة غيث وهي ترتشف من قدح الشاي الساخن وتنفخ فيه
-بالحقيقة يا بنيتي اننا بالرغم من حالتنا المادية المتيسرة لكنني لا ارضى ان تدخل الخادمات ونسائنا هم من يطبخون الطعام ويقمن بأعمال المنزل ..لا تستغربي من عدم دخول الخادمات الى منزلي فنحن لا نرضى ان يقوم غيرنا بعملنا ..ولا تنزعجي مني بسبب اختباري وكما ارفض ان تشقق في العائلة لهذا قمت بشراء هذا المنزل الكبير وقسمته على اولادي بالتساوي ..منزل غيث والذي سيكون منزلك يقع خلف منزلنا ..سوف يعجبك فغيث يتمتع بذوق جميل جدا ..واختياره لك يثبت مدى صحة كلامي ضحك الجميع بمن فيهم سجى ..لكن ضحكة سجى كان فيها الكثير من الحياء والخجل .. توالت اسألتهم واحاديثهم حتى الليل بعدها جاء غيث وامسك بيدها وسحبها من بين النساء وقال لهم
-يكفيكم استجوابا لزوجتي ..هيا نحن متعبون وسوف نخلد الى النوم ضحكت والدته وقالت له
-ومنذ متى انت تنام مبكرا يا ولدي ضحك الجميع واحمرت سجى حتى تحول لونها الى لون قرمزي مما اثار موجة ضحك اقوى وهم يشيرون الى مدى احمرار وجه سجى اختفى صوت الضحكات تدريجا وحل محله الصمت عندما جرها غيث خلفه نحو البيت الذي من المفروض ان يكون بيت غيث ووالذي يقع خلف البيت الرئيسي للعائلة ..مشت خلفه وهو يمسك بيدها ..جرت يدها من بين يده وهي تقول
↚
-استطيع المشي اترك يدي وكأنها لم تتحدث معه ابدا ..تجاهلها تمام ووصل الى البيت المنشود ..لم تستطع سجى ان ترى ملامح البيت من الخارج لكن الكراج المخصص للسيارات كان طويلا جدا وهي تجتازه خلف غيث ..وصل اخيرا الى الباب الرئيسي وفتحه وقام برميها الى الداخل بكل عنف وقال لها بنزق
-بيتك الجديد ايتها العروس !
تفضلي كان مازال غاضبا بسبب ما حدث اليوم في الصباح وبسبب كلماتها الغير منطقية لكنها هي الأخرى ايضا غاضبه منه لأنه اخفى الحقيقة عنها واخبرها بأنه صياد فقير معدم ...غضبه منها يعادل غضبها هي الأخرى ..واكثر ما يغضبها هو تسليم نفسها لرجل تجهل حتى وضيفته .. رمقته بنضرة ازدراء ووجهت له نضرة جانبيه وهي تمشي نحو باب خمنت انه الحمام .
-انها فتاة جميلة سوف تعمل كبائعة وليس كخياطة فهي ستجذب الزبائن بشكلها الجميل ..
نطق الرجل ذو الأربعين عاما ذو الملامح الصارمة بجملته وهو يتفحص ناز من رأسها الى اخمص قديمها وهي ترتدي ثوبها الاسود الطويل.. كانت تقف في المحل المخصص للبيع الملابس النسائية والرجالية التي يتم صنعها في المعمل الذي يتوارى خلف الستار الموجود في طرف المحل كان المحل كبيرا جدا ويقع في منطقة شعبية ..كانت ناز تقف وهي تشعر بالتعب يغزو جميع اوصالها المنهكة ..تحمل محمد الصغير بكلتا يديها التي تخدرت بسبب حمله لفترة طويل وتقف امامها ريم التي امسكت بطفليها بيديها خشية ان يضعيوا منها في السوق الكبير كانت تتفاهم مع صاحب المحل حول الأجرة التي سوف تتقاضها ناز لو عملت معه ..اشاحت ناز بنضرها بعيدا عن البائع لتبصر الستارة التي ارتفعت وكشفت عن غرفة اخرى اوسع من المحل تجلس عليها فتيات كثيرات يجلسن قبالة ماكينة الخياطة ..اثارالمنظر رعبها وحمدت الله انها سوف تعمل كبائعة وليش كخياطة فهذا يذكرها بوالدتها التي اصيبت بشتى الأمراض بسبب السهر الطويل امام ماكينة الخياطة احست بأنها سوف تبكي عندما تذكرت ايام الفقر والجوع وها هي الآن تعود اليها بعد ان اجتازت الجسر الذهبي المرصع والماس وهي حافية القدمين لتجتاز الجسر بسرعة عائدة الى عالم الفقر والتعب والشقاء كبحت الدموع والغصة الواقفه في حلقها وهي تعزي نفسها وتؤكد لنفسها ان الغنى هو غنى الروح وليس غنى البطون ..العيش في فقر والعمل ليلا نهارا لكي تعيل نفسها افضل من العيش مع زوج لا يرحم قد يرمي بها في الشارع عند اقل نزاع .. الثقة هي من هدم علاقتها بضرغام لان ثقته مهزوزه بها ..ضرغام آآآآه بات الاسم يجرح حتى عندما انطقه بيني وبين نفسي ... طردت ناز ضرغا من افكارها وتنبهت لريم وهي تهزها وتقول
-مبروك عزيزتي حصلتي على العمل بسرعة خارقة
ابتسمت ناز لصاحب ولريم وهي تقول
-شكرا لك ياريم ضحك صاحب المحل وبانت اسنانه الصفراء وقال لناز وهي يحك رأسه
-صوتها الساحر سوف يسحر الزبائن وسوف يشترون منا الكثير ..انضري يا ناز اعتبريني مثل شقيقك او والدتك ان شئتي ..جميع الفتيات الواتي يعملن هنا هن فقيرات وانا اعتبرهن مصدر رزق لي لذلك انا رؤوف معهم ..لا تخافي مني واعملي بجد كي تثبتي لي انك فتاة عاملة جيدة ابتسمت له بارتباك وقالت له بصوت مرتعش
_بالتأكيد يا سيد سدير سوف ترى كل ما هو جيد ان شاء الله واثبت لك اني عاملة جيدة
-على بركة الله تستطيعين العمل منذ الآن هتفت ناز برعب -الآن ؟ اجابها على الفور وهو يضع كلتا يديه على الطاوله الموجودة امامه كي يستند عليها
-بالتأكيد تستطيعن العمل الأن وتقاضي اجرة اليوم !
-على بركة الله نطقت بجملتها الأخيرة والألم يعتصر قلبها ..خريجة كلية لغات وتتحدث ثلاث لغات وفي مقتبل العمر وتعمل في محل كبائعة ملابس !! وكل هذا بسبب من ؟ بسبب رجل هز كياني ودمر حياتي وختم جسدي بختم الذل قبل ان يطردني من حياته ..الحمد لله على كل حال مسحت الدمعة اليتيمه التي لم يلحضها احد لحسن حظها وتوجهت خلف السيد سدير وهو يعرفها على العاملات واحدة تلو الأخرى رمقنها بنضرات تفحص واخرى حاسدة لم تغفل عن ناز ..يحسدنها على جمالها وعلى قوامها ولا يدركن مدى تعاستها عرفها على زوجته ايضا التي جائت بعد نصف ساعة من بدأ العمل ..قدرت ناز عمرها في الثلاثينات,,,بدت سيدة لطيفة وودودة لكن نضرة الحزن التي تغلف عينيها البنيتان كانت واضحة جدا ..جمود زوجها في التعامل معها لم تغفل عنه ناز ابدا
-على الرحب والسعة يا ناز ..سعدت بانضمامك الينا ..اتمنى ان يروقك العمل
-شكرا لك سيدتي ! نطقت ناز وهي تبتسم بالرغم عنها لأنها مازلت تشعر بعدم الأرتياح وشعور مقيت بالغربة سيطر عليها دون ان تعلم السبب
*
كان سامر يهم بتبديل ملابسه لكن نضراته تجمدت تماما وهو يرى شيئا ما يلتمع في طرف الغرفة ..كانت الغرفة فارغة تماما فهو يقوم بنقل اغراضه للبيت الجديد ..عرض شقته للبيع واشترى واحدة اكبر منها وتدخلها اشعة الشمس وافضل من هذه الشقة بأفضل مرة طوال الايام الماضية كان يكره نفسه ويشعر بغضب لأنه تصرف بجبن وارسل لها ورقة طلاقها عبر البريد ..تصرف خالي من الرجولة ! لكن هي من طلب ذلك وحضيت به ...في قرارة نفسه كان يفكر تفكيرا اخر وقرار الطلاق كان مجرد حد لتصرفات سهى الطفولية .. كان يخطط لأعادتها الى عصمته بعد ان تقضي فترة وهي بعيدة عنه ..اراد ان يعطيها مجالا للقرار وهو بعيد عنها تماما ولا يحيطها قيد الزواج ّ! نعم الأن تستطيع ان تفكر بالمستقبل والقرار النهائي وهي ليست متزوجة ولا يربطها شيء به ..سوف يبدأ معها بداية جديدة وتستطيع الأختيار فيما بينه وبين طارق هي الآن فتاة غير مرتبطة وسوف يتقدم لها بعد فترة من جديد ..ابتسم برضا وهو يفكر بما سيقوم بفعله ..سوف يعيشها جو خطوبة من جديد وبعدها يعودان الى بعضها .. المهم ان توافق بعدها ..اما اذا رفضت فيسيحترم قرارها الى ابعد الحدود ولن يتدخل من جديد في حياتها وسوف يطالب بقسم حضانة ابنه بينه وبينها ... -سيدي لقد وضعنا كل شيء في الشاحنة
.. -حسنا انا خارج على الفور ..
اجاب سامر العامل وهو يزر قيمصه الأبيض اللون ..تقدم من الشيء اللامع الواقع على الأرض ..حمله ليجد انها قطعة فضة تخص سهى ..وقعت من سلستها الفضية ..حملها وقبلها ليضعها في جيبه وهو يخرج من الشقة اقفل باب الشقة وهو دامع العين ...ودع الشقة التي شهدت حبه وزواجه وولادة طفله وقتل حبه في آن واحد خرج من العمارة السكنية بعد ان ودع جميع الجيران ...رن هاتفه فوجد ان المتصل والدته .فتح الخط ليأتيه صوت والدته الباكي
-سامر حبيبي لماذا لا تجيب على اتصالاتي هل نسيت امك يا قلب امك ..البيت الذي اشتريته لي بجانب بيت يسرى جميل جدا ..ماذا عن بيتك الجديد ؟ حبيبي سامر لا تكن قاسيا اجب ولو بكلمة واحدة ..انت تقتلني عندما ترسل لي احتياجاتي والنقود دون ان تتحدث معي ..سامحني يا حبيبي ..سامحني جرت دموع سامر على خده وقال لها بصوت باكي
-معاذ الله ان اعصي لك امرا يا أمي وان اغضب ربي بك لكن سكننا في بيت واحد بات مستحيلا ..لقد دمرتي حياتي وانا تناسيت كل شيئ ..سامحتك يا أمي ..ادعي لي ان تعود سهى الي ونعود اسرة واحدة معا -سدد الله خطاك وانالك ما تريد يا بني اغلق الهاتف بعدها وخرج من العمارة السكنية ليغلق بابها ..وليغلق صفحة من حياته الى الأبد **
ذهبت سجى الى بيت العائلة من جديد ..مشت بضع خطوات قبل ان تصل للباب المشترك بين بيت غيث والبيت العائلي الكبير ومن حسن حظها عندما دخلت وجدت سرى زوجة ياسر شقيق غيث
-انا بحاجة لشيء ارتديه للنوم ..لم احضر معي اي ملابس للأسف وملابسي ليست عملية للنوم تركت سرى الأطباق التي كانت تغسلها وقالت لسجى وهي تضحك ضحكة لم تخلو من الغباء والبلاهة
-نامي بدون ثياب
استمرت ضحكتها لدقيقة وسجى تعاني من حالة جمود وعدم القدرة على مشاركتها للضحك ..توقفت عن الضحك عندما ادركت ان طرفتها لم تكن ضريفة ابدا بالنسبة الى سجى واستأذنت منها وعادت بعدها وهي تحمل ثوبا في يدها
-اسفة على التأخير ..هذا الثوب من ايام عرسي ولم يعد يناسبني بسبب الحمل خذيه
اخذت سجى الثوب وعادت الى البيت على مضض ..دخلت من باب المطبخ ورأت ان الأضويه قد انطفأت وبات المطبخ يسبح في سكوت مخيف وموحش ..ألفت العيش في الكوخ وهي تعاني ممن الاحساس بالغربه ..دخلت الى الحمام الذي دخلته قبل قليل وكم ارتاحت عندما وجدته فارغا ..تسائلت اين ممكن اين يكون غيث في هذا الوقت ..ارجو ان يكون قد خلد الى النوم قالت سجى في نفسها وهي ترتدي الثوب الطويل ..خرجت من الحمام ودخلت غرفة النوم ..قررت تجاهله ان كان مستيقظا وتجاهله ايضا ان كان نائما ..دخلت من الباب فأ حست بشيئ ما يلتف حول معصمها ..ادرها غيث بسرعة البرق مما أدى الى ارتطامها بصدره العريض ..ابعدت نفسها عنه وهو مازال يمسك بمعصمها بقوة
-ابعد يديك عني انت تؤلمني ..مالذي تريده الآن
هزها من معصهما وهو يحمله الى الأعلى مما ادى الى تضاعف الألم في يدها قال لها من بينه اسنانه وهو مازال يهزها -اين كنت ؟ اين ذهبت في هذا الليل كيف تخرجين من دون اذني هاااا صرخ بالكلمات بوجهها وهي مازالت تحت تأثير كلماته المتشككة ..اين يمكن ان تكون قد ذهبت ؟ هل يريد افتعال شجار ولا يعرف اسبابا لذلك ام انه يريد ازعاجي فقط ! -انا اخرج دون اذنك ولا انتظر اذنا منك للخروج ..ذهبت لأحضار شيء ارتديه من سرى .. ابعد يديك عني دفعته بقوة عنها ليبتعد عنها ..توجهت نحو السرير وهمت بأخذ مخدة ..لكنه استوقفها قائلا
-مالذي تظنين نفسك فاعلة ..وعليك التخلي عن لهجة عدم الأحترام هذه والا قصصت لك لسانك الطويل هذا
-لا تكف عن التهديد الفارغ ابدا سوف انام في الصالة كلماتها المستفزة زادت من غضب غيث فما كان منه الا ان امسك المخدة من يدها وجرها بقوة ..احست بالأم بأصابعها بسبب جره للمخدة منها ..صرخت بوجهه بحدة -اعدها الي !
-ماذا تظنين نفسك فاعلة ..سوف تأتي امي لزيارتنا في الصباح ومالذي سوف تقوله عندما تراك نائمة في الصالة ! اجابته بحدة وهي تحاول اخذ المخدة من يده
-غيث انا احذرك من غضبي فلتقل ما تقله ...اعطيني المخدة ..ثم لماذا علي الأنتظار كل هذا الوقت !! تحدث مع المهرب ليخرجني من البلاد بسرعة ..اعطيني الـــ
امسك بها من جبينها وابعدها عنه ليصد ضرباتها ..حاولت ابعاده بقوة لكنه كان يدفعها بقوة توازي قوة دفعها ..وهو يحمل المخدة الى فوق رأسه حتى لا تصل اليه دفعته بقوة وهي تصرخ صرخة تصم الأذنين -اعطينـــــــــــــــي اياااااااااااها
ضحك غيث ملئ فمه وهو يتسلى من ردة فعلها ومن غضبها الذي يثيره اكثر مما تتصور ..استمر ضحكه وهي تضربه ...
-ياللهي ماهذه الصرخة انت خالية من اي اثر للأنوثة
كلماته المستفزه جعلت غضبها يتصاعد اضعاف اضعاف فهجمت عليه بقوة اطاحت به على السرير الواقع خلفه ..جلست فوق جسده وامسكت المخدة بكلتا يديها وضربته بها ..وضربته مرة اخرى كان غيث يضحك بشدة وهو يتفادى ضرباتها ..امسك بمخدة اخرى وراح هو الأخر يضربها بها وهي تحاول تفادي ضرباته استفزها ضحكه المستمر وعدم تألمه من الضرب ..ابعدت شعرها الذي تحرر من عقاله بيديها وهي تلهث وحاولت النهوض وتركه لان ضربه لم يجدي نفعا ..لكنه امسك بقدمها باللحظة الأخيرة قبل نهوضها مما ادى الى اختلال توازنها والسقوط على الأرض كان الألم لا يطاق بسبب ارتطام جسدها بالأرض الصلبة ..
_انت لا تطاق نهضت من على الأرض واخذت المخدة وساوت السرير ووضعت حاجز مخدات بينها وبين المكان الذي سوف يشغله هو وقالت له -حسنا هذا افضل حل حتى لا تكتشفنا والدتك ..
↚
همت بالنوم في الجزء المخصص بها لكنه حملها وقال لها وهو يحملها
-انا معتاد على النوم في هذا الجزء ..نامي هناك
وتأكيدا على كلامه رماها بأهمال بالطرف الثاني من السرير ونام هو على الطرف الأخر .. حاولت كتم غيضها لكن غضبها في هذه الليلة جعلها تطلق صرخه حادة اخرى قبل ان ترمي بنفسها على السرير وهي تتنفس بصوت مسموع
-تصبحين على مخدة قال غيث وهو يضحك باستمتاع فما كان من سجى الى برمي مخدة اخرى فوق رأسه وهو يضحك ضحكته المستفزة ..
يتبع محلق ناز وينتهي الفصل
رح حط الملحق بالمشاركة الأولى حته ما يتقطع البارت
المحتوى الان غير مخفي
كانت ناز تعمل بجد طيلة اليوم وتتعامل مع الزبائن بوجه بشوش ..جمالها وحسن تعاملها مع الزبائن جعل الجميع يتهافت على المحل لشراء شيئ ما من البائعة الحسناء .. صاحب المحل وزوجته سعدا كثيرا بالعدد الهائل الذي جذبته ناز للمحل ورأت ناز بعينها نضرة السعادة والرضا التي ارتسمت على جميع وجوه العاملين في المحل
-كما قلت لكم صاحبة هذا الوجه الجميل سوف تجلب السعد والحظ للمحل
قال صاحب المحل السيد سدير كلماته وهو يضحك ..كلماته المادحة لم ترق ناز ابدا فهي في قرارة نفسها تسخر من نفسها ومن كلماته
-صاحبة حظ جيد للناس ..وحظ سيئ بالنسبة لي ! أخر ما يمكن ان يتهموها به هو الحظ السعيد ..فاين هو الحظ ومصاعب الحياة تتزايد علي مع كل لحظة .. بعد انتهاء ساعات العمل الصباحية تجمعت الموضفات والخياطات في الغرفة الخاصه بالعمل واخرجت كل واحدة منهن طعام الغداء الخاص بها ..ماعدا ناز التي جلست منزويه في احدى زوايا المكان تحتسي القهوة التي اشترها من الكافتريا المجاورة للمحل ...عليها عدم التبذير في الأموال وشراء الوجبات من المحلات لان هذا سيكلفها راتبها الضئيل كله !
-مرحبا يا ناز تعالي وشاركيني طعامي
رفعت ناز وجهها الى الفتاة التي كانت تتحدث معها ..كانت فتاة في نفس عمرها تقريبا وترتدي ملابس مبهرجة وذات الوان صاخبة ووجهها ملطخ بجميع الوان الزينة ..لكنها كانت لطيفة وودوده بالرغم من كل هذا !
-شكرا لك انا لست جائعة
-بالله عليك لا تخجلي نحن اخوة جميعا في هذا المكان ...اعرفك بنفسي اسمي خلود وانا اعمل هنا منذ ثلاث سنوات مدت ناز يدها الى اليد الممدودة وصافحتها..بعد ذلك جلست مع خلود التي قصت عليها قصص جميع العاملات بالدور الى ان قالت لها بكل وضوح عن صاحب المحل وزوجته قولا اثار حزن ناز الى ابعد الحدود
-انه يحب زوجته ..لكنها لا تنجب اطفالا لهذا هو حزين الى هذه الدرجة ..وهي اشد حزنا منه ! شهقت ناز ووضعت يدها على فمها وقالت بحزن صادق
-ياللهي هذا فضيع اجابتها خلود وهي تخرج علبة السجائر من حقيبتها
-نعم انا اشعر بالشفقة نحوهم فهو يحبها ولم يتزوج بأخرى للحصول على طفل وهي مازالت تعاني وتزور كل اطباء العالم برغبة الحصول على طفل
اشعلت سيجارتها واخذت نفسا وهي تقول مستطردة
-يبدوا ان علاقتهم مهددة فالحزن والبرود اصبح كل ما يغلف حياتهم ..هيا انتهت فسحة الغداء فلنعد الىى العمل احست ناز بالشفقة والحزن تجاه الزوجان وما يعانيه كل منهما ..دعت من صميم قلبها ان يرزقهم الله بطفل يؤنس وحدتهما .. نهضت بسرعة لتعود الى مكان عملها ..احست بطنين بأذنيها وان الأرض تهتز من تحتها ..حاولت ان تجد شيئا تستند عليه لكن الدوار كان شديدا جدا ..حاولت ان تصل الى الكرسي لكن الأرض الصلبة الخشنة احتضنت جسدها المتعب وهي تقع فوقها لتغيب في عالم اللاوعي ..اخر ما وصل الى اذنيها مجموعة من عدة صرخات بأسمها وصوت احدهم يصرخ برعب
-استدعوا الأسعاف على الفووورر
..............
رائحة المطهرات والمعقمات ازكت انفها ففتحت عينيها لتبصر الجدران البيضاء وازواج من عدة عيون تراقبها بصمت وترقب -حمد لله على سلامتك يا ناز ومبارك حاولت النهوض من السرير لترد على رب عملها الذي كان سعيدا جدا لدرجة لم تفهمها وابتسامته تشق وجهه ..لكن مبروك على ماذا مالذي ينطق به هذا العجوز ..كان الألم لا يطاق والشعور بالغيثان لا يحتمل جاء الطبيب راكضا وقام بفحص ضغطها وهو يبتسم ابتسامة الأطباء المشهور وقال لها على الفور
-مبارك يا سديتي ..انت حامل ..فقدت وعيك لانك كنت مجهدة ولم تأكلي شيئا منذ فترة ..كيف تهملين نفسك لهذه الدرجة
وتهملين طفلك المسكين
طفل !!!!!!! ياللهي هذا كابوس وسوف اصحى منه في اي دقيقة ..وهل انا بحاجة الى هم ليزيد همومي ..طفل من رجل لن يعترف به ابدا !! طفل ضرغام الذي رماني في الشارع دون رحمة ..كيف سيصدق انه سوف يصبح ابا لطفل منها ! ياللهي افقني من هذا الكابوس يارب لم اعد اتحمل ..جرت الدموع على خدها الشاحب ..واطلقت ضحكة هستريه وهي تبعد الطبيب وتقول -اريد اجهاضة
وصل الى اذنها صوت تحطم زجاج ..ادرت وجهها لتجد زوجة سدير تقف وقد اسقطت وعاء المياه الذي كانت تحمله وهي تقف عند الباب وتضع يدها على فمها وعينيها مغرقة بالدموع
كانت ناز تعمل بجد طيلة اليوم وتتعامل مع الزبائن بوجه بشوش ..جمالها وحسن تعاملها مع الزبائن جعل الجميع يتهافت على المحل لشراء شيئ ما من البائعة الحسناء .. صاحب المحل وزوجته سعدا كثيرا بالعدد الهائل الذي جذبته ناز للمحل ورأت ناز بعينها نضرة السعادة والرضا التي ارتسمت على جميع وجوه العاملين في المحل
-كما قلت لكم صاحبة هذا الوجه الجميل سوف تجلب السعد والحظ للمحل
قال صاحب المحل السيد سدير كلماته وهو يضحك ..كلماته المادحة لم ترق ناز ابدا فهي في قرارة نفسها تسخر من نفسها ومن كلماته -صاحبة حظ جيد للناس ..وحظ سيئ بالنسبة لي ! أخر ما يمكن ان يتهموها به هو الحظ السعيد ..فاين هو الحظ ومصاعب الحياة تتزايد علي مع كل لحظة .. بعد انتهاء ساعات العمل الصباحية تجمعت الموضفات والخياطات في الغرفة الخاصه بالعمل واخرجت كل واحدة منهن طعام الغداء الخاص بها ..ماعدا ناز التي جلست منزويه في احدى زوايا المكان تحتسي القهوة التي اشترها من الكافتريا المجاورة للمحل ...عليها عدم التبذير في الأموال وشراء الوجبات من المحلات لان هذا سيكلفها راتبها الضئيل كله !
-مرحبا يا ناز تعالي وشاركيني طعامي رفعت ناز وجهها الى الفتاة التي كانت تتحدث معها ..كانت فتاة في نفس عمرها تقريبا وترتدي ملابس مبهرجة وذات الوان صاخبة ووجهها ملطخ بجميع الوان الزينة ..لكنها كانت لطيفة وودوده بالرغم من كل هذا !
-شكرا لك انا لست جائعة
-بالله عليك لا تخجلي نحن اخوة جميعا في هذا المكان ...اعرفك بنفسي اسمي خلود وانا اعمل هنا منذ ثلاث سنوات
مدت ناز يدها الى اليد الممدودة وصافحتها..بعد ذلك جلست مع خلود التي قصت عليها قصص جميع العاملات بالدور الى ان قالت لها بكل وضوح عن صاحب المحل وزوجته قولا اثار حزن ناز الى ابعد الحدود
-انه يحب زوجته ..لكنها لا تنجب اطفالا لهذا هو حزين الى هذه الدرجة ..وهي اشد حزنا منه ! شهقت ناز ووضعت يدها على فمها وقالت بحزن صادق
-ياللهي هذا فضيع
اجابتها خلود وهي تخرج علبة السجائر من حقيبتها
-نعم انا اشعر بالشفقة نحوهم فهو يحبها ولم يتزوج بأخرى للحصول على طفل وهي مازالت تعاني وتزور كل اطباء العالم برغبة الحصول على طفل اشعلت سيجارتها واخذت نفسا وهي تقول مستطردة -يبدوا ان علاقتهم مهددة فالحزن والبرود اصبح كل ما يغلف حياتهم ..هيا انتهت فسحة الغداء فلنعد الىى العمل احست ناز بالشفقة والحزن تجاه الزوجان وما يعانيه كل منهما ..دعت من صميم قلبها ان يرزقهم الله بطفل يؤنس وحدتهما .. نهضت بسرعة لتعود الى مكان عملها ..احست بطنين بأذنيها وان الأرض تهتز من تحتها ..حاولت ان تجد شيئا تستند عليه لكن الدوار كان شديدا جدا ..حاولت ان تصل الى الكرسي لكن الأرض الصلبة الخشنة احتضنت جسدها المتعب وهي تقع فوقها لتغيب في عالم اللاوعي ..اخر ما وصل الى اذنيها مجموعة من عدة صرخات بأسمها وصوت احدهم يصرخ برعب -استدعوا الأسعاف على الفووورر
..............
رائحة المطهرات والمعقمات ازكت انفها ففتحت عينيها لتبصر الجدران البيضاء وازواج من عدة عيون تراقبها بصمت وترقب -حمد لله على سلامتك يا ناز ومبارك حاولت النهوض من السرير لترد على رب عملها الذي كان سعيدا جدا لدرجة لم تفهمها وابتسامته تشق وجهه ..لكن مبروك على ماذا مالذي ينطق به هذا العجوز ..كان الألم لا يطاق والشعور بالغيثان لا يحتمل جاء الطبيب راكضا وقام بفحص ضغطها وهو يبتسم ابتسامة الأطباء المشهور وقال لها على الفور
-مبارك يا سديتي ..انت حامل ..فقدت وعيك لانك كنت مجهدة ولم تأكلي شيئا منذ فترة ..كيف تهملين نفسك لهذه الدرجة وتهملين طفلك المسكين
طفل !!!!!!! ياللهي هذا كابوس وسوف اصحى منه في اي دقيقة ..وهل انا بحاجة الى هم ليزيد همومي ..طفل من رجل لن يعترف به ابدا !! طفل ضرغام الذي رماني في الشارع دون رحمة ..كيف سيصدق انه سوف يصبح ابا لطفل منها ! ياللهي افقني من هذا الكابوس يارب لم اعد اتحمل ..جرت الدموع على خدها الشاحب ..واطلقت ضحكة هستريه وهي تبعد الطبيب وتقول
-اريد اجهاضة
وصل الى اذنها صوت تحطم زجاج ..ادرت وجهها لتجد زوجة سدير تقف وقد اسقطت وعاء المياه الذي كانت تحمله وهي تقف عند الباب وتضع يدها على فمها وعينيها مغرقة بالدموع
كانت سهى تمسك بيدها باقة الورود الحمراء وتشم عبيرها وهي مغمضة العينين ..ابعدت الباقة عنها واخرجت البطاقة من بين الورود وهي على يقين وشبه متأكدة انها من سامر .. مزقت الغلاف الأحمر الذي يحيط البطاقة بلهفه وبسرعة وقرأت الكلمات المكتوبه بخط جميل وبالحبر الأسود (ما لعينيك على الأرض مثيل ) اخذت نفسا عميقا وطويلا وزفرت بأرتياح وهي تقرأ السطر القصير الف مره وكأن الكلمات المنقوشة عليه سوف تمحى بعد قليل وسوف تنساها ابتسمت ودارت حول نفسها وهي تحمل الباقة الكبيرة ..وضعتها على الطاولة ووضعت البطاقة بين مجموعة البطاقات المتكسده منذ شهرين بالضبط سمعت صوت الموسيقى القادم من الشارع ..ابتسمت بحبور وتقدمت من الشباك وعلى وجهها ابتسامة عريضة وجدت سامر يقف عند باب سيارته وهو يتكئ عليها وعلى وجهه هو الاخر ابتسامة سلبت قلبها .. أشار الى قلبه ثم اطبق كلتا يديه ووضعهما امام وجهه في حركة تشير الى انه يتوسل ..حملت سهى احدى الوردات وقام بنزع اوراقها ورمتها فوق سامر الذي كان يرفع رأسه باتجاهها وهو يتوسل لها بالنزول . أحست بأنها الأميرة التي تسكن برجها العاجي العالي وهو الأمير القادم على فرسه وسوف يأخذها الى عالم الأحلام .. عادت الى الغرفه واخذت معطفها الثقيل وخرجت بسرعة ..كان الجو باردا جدا والشتاء القاسي قد كسى المدينة بوشاح من الكآبة والتلبد .. رأتها امها وهي تخرج فضحكت ضحكة قصيرة وقالت لها -بسرعة قبل ان يراك مصطفى ويصر على القدوم معكم ارتدت معطفها على عجالي وهي تشارك والدتها الضحك ...شعرت كفتاة يافعه تخرج لملاقاة خطيبها في اول موعد ... هذا هو فعلا اول موعد لها مع سامر بعد ان تم الطلاق ..عانت من فترة عصيبه وهي تظن ان سامر تخلى عنها الى الأبد لكن بعد بضعة ايام جاء سامر وهو بكامل اناقته ...ظنت في بدايه الأمر انه قادم لأخذ مصطفى منها فما كان منها الا ان هاجمته في دارها قام بتهدأتها وطلب ان يتحدث معها على انفراد ليرمي بما في جعبته ويخبرها لمااذا قام بفعلته ..خرج بعدها بعد ان قال لها جملة طمأنتها وطردت جميع الأفكار السوداء من رأسها -انت حرة الآن ..لك حق الأختيار ولكن لتعلمي اني لن اتخلى عنك ابدا ..وسوف انتظرك الى الأبد
↚
بعدها تتالت حركات سامر الشاعريه التي كان يفعلها في وقت الخطوبة ..الرسائل الغرامية والشكولاته والعطور والورود .. في كل يوم تستلم باقة كبيرة من الورود الحمراء وفي وسطها بطاقة كتب عليها بخط يده عبارة تجعلها تجن وتجعل قلبها يخفق مثل مراهقة تقرأ اول رسالة حب تستلمها .. نزلت على الدرج بسرعة ووخرجت من باب العمارة السكنية لتصفعها رياح الشتاء الباردة على وجهها المزين .. تقدمت منه وابتسامته الساحرة تشدها مثل السحر نحوه ..تقدمت منه فمد يده ليمسك يدها المثلوجة بين يديه الدافئة ...احست بالرجفة تعتلي اوصالها وبالنشوة من دفئ يد سامر التي لم تلمسها منذ فترة طويله ..
+
-حسننا ايتها الأميرة من حسن حظي انك وافقتي على الخروج معي اليوم ..فهناك مفاجأة بانتظارك ..
المحتوى الان غير مخفي
كانت سجى تجلس في حديقة منزل غيث على الأرجوحة الموجودة في الحديقة ..دفعت بقدمها على الأرض لتهتز الأرجوحة التي كانت تجلس عليها .. شهرين كاملين وغيث يماطل في موضوع المهرب الذي سوف يخرجها من البلاد ..في قرارة نفسها كانت سعيدة بينها وبين نفسها لأنه يماطل في الموضوع فهي لا تريد التخلي عنه والسفر بعيدا ...منذ تلك الليلة وهو لم يقترب منها ابدا ..لكن تلك اللسمات العرضية التي كان يتعمدها بمكر عندما تمر من جانبه او عندما تجلس بجانبه على الغداء عند والدته كانت تعذبها وتجعل اعصابها مشدودة في توق للأرتماء في احضانه .. مازالت صدمة مركزه الأجتماعي وعمله مسيطرة عليها بالكامل ..لكن هي بالأصل لم تسأله عن عمله او اي شيئ يخصه هي من نسج قصة كونه صياد خرج هذا الصباح كما العادة ليتركها وحدها في البيت الواسع ..بدأ الشعور بالوحدة والفراغ يملئ حياتها بعد ان تجهالها يبدوا ان كلماتها الطائشة والمتسرعة صباح ذلك اليوم كانت اشد قسوة من ان ينساها غيث ,..لكنه الآن يمارس عقوبة اشد قسوة من كلماتها الجارحة في المرة الوحيدة التي طهت له الطعام تجاهلها تماما وتناول الغداء مع والدته ..صاحبة الاختبارات ...وكم اغضبها هذا والذي اغضبها اكثر ردة فعله الباردة عندما عاد ووجدها تنتظره وقد رتبت طاولة المطبخ بانتظاره ... عندما عاد اطال النظر بها طويلا وهي تبتسم بارتباك على امل الصلح ..رفع حاجباه باستعلاء ودخل غرفته دون ان يعيرها اي اهمية تحجرت في كرسيها واحست بالذل يكتسحها بسبب تجاهله المقيت لها ..دفعت كرسيا بعيدا وحملت جميع صحون الطعام لتفرغها في سلة المهملات ... عاد بعدها وهو يرتدى ملابس اقل رسمية مما كان يترديه ..كالعادة بنطال قصير وكنزة بلا اكمام تبرز عضلات ذراعه وكمال جسده رأها تفرغ الطعام في سلة المهملات فتقدم منها بسرعة وامسك بها من معصمها الذي كان يحمل احدى الصحون الفارغة
-مالذي تفعلينه ايتها المجنونة او تظنين نفسك في بيت والدك لترمي الطعام بكل استهتار هكذا بينما غيرك يموت جوعا !! هذه الأطعمة ليست من نقود والدك اللص ..هذه نقود تعبت انا في جمعها بعرق جبيني !
اهانته لها ولوالدها الغير متوقعة جمدتها على الفور وهي ترفع عينيها لتبصر وجهه الغاضب من بين دموعها الغزيرة ..مالذي ذكره بوالدها ولماذا يعايرها به بعد هذه الشهور ..دفعته باشمئزاز لتذهب بعيدا عنه دون ان تنطق بعبارة واحدة احكم الامساك بها وهزها بعنفه المعتاد الذي يعاملها به منذ ان جرحته بكلامها الغبي والطائش مما أدى الى سقوط الصحن وتحطمه... تحت تواسلاتها ورجائها بتركها وهي تبكي بحرقة تركها وهو مستغرب من ردة فعلها وكيف اصبحت حساسة وتبكي دون سبب تركته وتحركت كالعاصفة الهوجاء لتذهب الى الغرفة وتنام كعادتها في الآونة الاخيرة ...كانت تلجئ للنوم المبكر كي تتجنبه فقط ولا تضطر لتبادل اي حديث معه ... صحت من سلسلة ذكريات الشهرين الفائتين على صوت طرقات على الباب الخارجي الذي يلي الحديقة الصغيرة ..استغربت من الطرقات وقالت في نفسها انه لابد ان يكون احد اصدقاء غيث .. تقدمت من الباب وهي تسارع خطواتها مع تسارع خطوات الطرقات والحاحها ..فتحت قفل الباب الحديدي الكبير بسرعة .. تلاشت ابتسامتها مع ابصارها لأخر شخص تود ان رؤيته ..تسارعت ضربات قلبها واعترت الرجفة جميع اوصالها ..لا مستحيل اسؤا كابوس في حياتها يقف امامها ..تجمع الدموع الساخنه ونطقت بشرود وهمس ابح مشبع بالخوف -''أأأآبي !!!!!
دخلت ناز بسرعة الى العمارة السكنية لكي تتجنب زخات المطر التي هطلت فوق المدينة لتجعلها مبتله ورطبة وباردة جدا ..كانت تحمل في يدها اكياس المشتريات التي اشترتها من البقالة القريبة من بيتها .. صعدت الدرج وهي متعبة بعد يوم عمل طويل ..وجدت زوج ريم يقف عن باب العمارة ..ارسل اليها ابتسامة مقززه اثارت ناز واثارت مخاوفها واشمئزازها ..تحاشته وهي تصعد الى شقتها فتحت الباب لتلفحها البرودة التي صفعت وجهها وشعرها المبلل بالمطر .. وضعت الأكياس الصغيرة في المطبخ وتوجهت نحو المدفأة القديمة لتضع فيها القليل من الوقود ..ارسلت الاشعة الدافئة التي صدرت من المدفأة القديمة جعلتها تشعر بالارتياح قليلا مع انحسار البرودة التي كانت تشعر بها في جميع اوصالها خلعت معطفها المبلل عن جسدها المنهك وعلقته بالقرب من المدفأة ليجف ..خلعت اللفحة التي كانت تحاوط رقبتها وتخنقها وبعدها حذائها القديم وجورباها المبللين ..لتنشرهم بالقرب من النار والدفئ .. مرت من امام المرآة لتلمح البروز الطفيف الذي طرأ على جسدها وتحديدا عن بطنها ..مسدت بطنها برفق وحنان وهي تتابع مشيها نحو المطبخ ..افرغت اكياس الخضروات والمشتريات البسيطة ووضعت علبتي الحليب في الثلاجة .. بالتأكيد هي لا تطيق طعم الحليب لكنها تحاملت على نفسها وباتت تشرب في اليوم كميات كبيرة منه لتغذية طفلها !! نعم الطفل الذي دبت الحياة فيه في رحمها ..اعاد لها هذا الطفل تمسكها بالحياة ومكافحتها في سبيل العيش عادت بها الذكريات الى اليوم الذي علمت فيه بحملها ..كانت ردة فعلها مفزعة وجعلت الطبيب وسدير وزوجته يتطلعون لها بعيون واجمة ومتهمه كانت زوجة سدير تقف عن الباب وهي تضع يدها على فمها لتمنع نفسها من البكاء لكن دون جدوى فالدموع شغلت حيزا كبيرا من وجهها الأبيض المستدير ..
-هل الطفل غير شرعي ؟ انطلق السؤال من فم سدير دون وعي كسهم اصاب ناز بالذعر والكراهية والغضب صرخت بنفس الوتيرة الهستيريه التي كانت تصرخ بها قبل قليل
-ياللهي ماهذا السخف انه طفل ضمن اطار الزواج ..لكني لا اريده ..لا اريده اخرجوه مني على الفور لا اريده ..
بكت بصوت مسموع ونشيج يقطع نياط القلوب وكأنها تحمل اوزار الدنيا كلها فوق كتفها ...وشاركتها البكاء زوجة سدير التي استرخت فوق كتف زوجها لتبكي على مصيبتها هي الأخرى وعلى حرمانها من نعمة الأمومة ...راقبت ناز الزوجين لتبكي اكثر لأنها تتلقى هذا الخبر وحيدة
-لماذا تردين التخلص منه مدام ناز ؟
كفكفت دموعها وقامت باختلاق كذبه بسرعة خارقة وكم كرهت نفسها بسبب كثر كذبها في الأونه الأخيرة ..
-لان زوجي مقيم في اوربا وسوف التحق به بعد انتهاء المعاملات الرسمية لكن وجود الطفل سوف يعيق الكثير
انطلت خدعتها وكذبها على الجميع بسرعة وبسهولة ..فالكذبه واقعية ومنطقية ..خرجت بعدها من المستشفى وحصلت على بقية اليوم على اجازة من السيد سدير زارتها بعدها زوجة سدير في الليل وهي تحمل معها الكثير من المشتريات والأطعمة وعلى وجهها شبح ابتسامة يهدد بموجة بكاء اخرى
-ناز حبيبتي اتمنى ان تعيدي التفكير فيما تريدين القيام به ..الأجهاض حرام ويغضب الله وابنك ليش ابن حرام حتى يجهض .. تكلمت معها لفترة طويلة وشرحت لها معاناتها في الأنجاب مما جعل ناز تقتنع تماما بوجهة نظرها ..قررت الأحتفاظ بالطفل وليحدث ما يحدث ..وليكن الله في عونها تتابعت بعدها زيارات سدير وزوجته لها وساعدوها كثيرا في الأعتماد على نفسها وقام سدير بزيادة راتبها لانها سوف تصبح اما لطفل وهي بحاجة لراتب اكبر مما تتقاضاه لكنها لم تغفل عن نظرة الحسد التي كانت تصدر من عيني زوجة سدير وتحط على بطنها الضامر الصغير ..كانت خائفة وحزينه في الوقت نفسه بسببها ..حزنها عليها بسبب حرمانها من الطفل وخوفها منها بسبب نظرة الحسد المخيفة .. وضعت بعض الحليب في الغلاية الصغيرة ووضعتها على الطباخ ..استمر المنوال كما هو في الشهرين الماضيين والشيء الوحيد الذي تغير هو عدم خوفها من احتمال اكتشاف ضرغام لها فهو لم يكتشف مكانها ابدا بسهولة وهذا افضل فكرت في احد الأيام ان تقوم بالذهاب اليه واخباره بالحقيقة لكنها طردت الفكرة الغبية من رأسها وهي تضحك من نفسها ومن غبائها ..من اشهر المسدس في وجهها واخبرها بكل غل انه يريد غسل عاره لن يصدق ابدا ان الطفل من صلبه ..قد يظنه ابن كمال ..مجرد التفكير في الأمر يجعل معدتها تؤلمها واعصابها مشدودة .. مازالت تعاني من حالة رعب عند سماع اي صوت قوي وحذرها الطبيب من مخاطر هذه الصدمة على الطفل وان عليها ان تكون اكثر حذرا في المستقبل وان تغذي طفلها بشكل جيد فهي مصابة بفقر دم سمعت صوت طرقات على باب الشقة الخشبي ..ذهبت راكضه وفتحت الباب ليدخل محمد الصغير بفرح ويمسك بأطراف ثوبها الاسود الطويل .. عندما همت بحمله صرخت ريم بسرعة
-لا اياك وحمله انه ثقيل جدا ..لا تحملي اي شيء ثقيل فهذا خطر على طفلك ..
تراجعت ناز على الفور وكأن كلام ريم كان كالسهم الخارق الذي هدد امن طفلها ..
-تفضلي يا ريم ..فلنتاول العشاء سويا ..
سيدي لقد وجدنا المدعو فادي وهذا هو عنوانه امسك ضرغام بالورقة الصفراء الباهتة التي تشابه لون شحوب بشرته المتعبة ..شهران من السهر وسوء التغذية ..نفث دخان سيجارته التي أدمنها في الفترة الأخيرة واصبحت هي لذائة الوحيد لينفس فيها عن غضبه وندمه التي تكاد تودي به نحو الهالكة .. وجه ابيض صغير بعيون زمردية يطارده أينما ذهب وماذا ما فعل ..تزور أحلامه كل ليلة لتقول له كلمة "لماذا " فقط وتختفي بعدها .. حالة من الندم المؤلم ترسم شهوره الأخيرة ..بعد ان جاء محاميه بترخيص السلاح الذي يملكه اعتذر الضابط منه وكذلك الشرطي الذي ضربه بعد ان عرفوا مكانته ومن هو ..اما كمال فوقع في مصيبة لا يستطيع الخروج منها عندما اخبرهم انها جريمة غسل عار لم يمتلك لي دليل يثبت ذلك لان مروى ماتت محترقة في ذلك الحريق الذي اشعله هو .. ولأن الرجل الذي كان معها هرب دون ان يترك اي اثر له ..جميع أصابع الاتهام تتجه نحو كمال الذي رفعت عليه عائلة مروى قضية قتل عمد وهو مهدد بحكم الاعدام باي لحظة تعقد فيها جلسة المحاكمة لكن لا ضرغام لم يسمح بترك القضية وقرر اخراج كمال ليقوم هو بمعاقبته بنفسه .. هو من دمره ودمر ناز وجعله يعاقبها بأبشع شيء من الممكن ان يحصل في حياة اي مرأة .. عندما أستعلم عن مواصفات الرجل الذي كان برفقة مروى اخبره المحامي الذي وكله هو لكمال دون ان يعلم .عرف ان مواصفات الرجل اسمر وضخم الجثة وأصلع ويتحدث بلهجة مغايرة للهجة البلد المحلية ... ذهب كالمجنون صوب بيته واخرج الملابس المتسخة التي كان يرتديها عندما كان محبوساً ليخرج المحفظة الشخصية اللتي سقطت من ذلك الرجل في يوم الحريق وكانت المواصفات مطابقة للتي قالها المحامي قام بالتحري عن عنوانه وها هو الان بين يديه..دليل برائة كمال بين يديه ..وهو من سيمسك زمام اللعبة هذه المرة
-حسننا اجمع الحرس ولننطلق لهذا العنوان على الفور
-هذه ملابس أطفالي عندما انجبتهم لقد قمت بأخراجها من السقيفة لاحضرها لك ..ستكون لطفلك القادم
أخرجت ريم قطع الملابس النظيفة والصغيرة من الكيس البلاستيكي وبعثرتها أمامها لتراها
-ياللهي ما أصغرها ..تناسب الدمى
قالت ناز جملتها وهيً تبعد محمد عن احظانها لتتفحص قطع الملابس الصغيرة ..
-أنصحك نصيحة من امرأة انجبت ثلاثة لا تغدقي وتسرفي في شراء الملابس للطفل الوليد فهو سوف يكبر بسرعة وتذهب الملابس هباءً اشتري منها القليل وما تحتاجيه فقط ضحكت ناز وهي تضع يدها على بطنها وتقول
-ياللهي ريم هذا اخر سلالتي ولن يأتي بعده طفل اخر لهذا يجب ان ادللـه ضحكت ريم وهي تحمل طفلها الذي غفا وتضعه على الأريكة الموجودة خلف ناز
-ماهذا الكلام يا ناز سوف تذهبين الى أوربا الى زوجك سوف تنجبين عشرة
ضحكت ناز ولكن هذه المره بغير تسلية وكان ذكرى ضرغاام التي جائت ريم على ذكرها خنقتها
-ماذا سوف تسميه ؟ أطلقت ناز تنهيدة وقالت
-ربما هي فتاة يا ريم قالت لها ريم على الفور
-ولكننك تتوحمين على الاشياء الحامضة المذاق وهذا مؤشر على انه صبي وليس فتاة ولنتأكد اكثر سوف نذهب غداً الطبيبة لنرى جنس المولود تحمست ناز وقال بحماس عالي
-موافقة
خرجت ريم بعدها من بيتها وهي تحمل طفلها النائم وتواعدت معها على الخروج في الصباح حتى لا تكون العيادة مزدحمة ومكتظة ويصعب الحصول على موعد ودعتها وأغلقت الباب وأحكمت إقفاله .. حملت كيس الملابس ودخلت غرفتها حتى تنام .. وضعت الملابس على السرير وهي على وشك البكاء ..من كان يصدق ان ابن ضرغام العمري اشهر رجل اعمال في المنطقة سوف يرتدي ملابس ارتداها أطفال من قبله مسحت الدمعة التي شقت طريقها على خدها بسرعة وسحبت الغطاء عن السرير لتدفن جسدها في الفراش البارد .. همست بصوت خافت قبل ان تغفوا وهي تضع الغطاء على وجهها كي تشعر بالدفئ قليلا -كيف أنساك وفي داخلي جزء منك ....
********
-من انت ،؟ ماذا تريد
دخل حراس ضرغام الى الشقة الكبيرة وهم يشهرون أسلحتهم في وجه الشخص الذي كان يقف أمامهم ويسألهم عن هويتهم
-سؤال واحد واجب عليه بسرعة ..اين هو فادي !! نظر الشاب اليهم مطولا واستفسر قائلا
+
-من انتم ؟؟
↚
-لا شأن لك اجب السيد عن ما سألك عنه بسرعة
قال حارس الأمن جملته وهو يشير بمسدسة مهدداً
-انه في تلك الغرفة ولكنه مشغول الان فلديه زبونه ... وقبل ان يتم جملته دفعه ضرغام بقوة أطاحت به على الارض وتوجه نحو الغرفة المقصودة دفع الباب بقوة ليبصر المدعو فادي مع امرأة ما في وضع مخل بالأدب ..رمقه باشمئزاز. واشار له بالخروج وهو يحمل مسدسه بيده صرخت المرأة الثملة التي كانت بين يديه بصوت ثمل مخمور
-هي اين تذهب لا يجب ان تخرق الاتفاق
تصاعدت موجة الغثيان عند ضرغام وهو يشاهد هذا المنظر ..ود لو انه يضرب رأسة برصاصة ما لتنهي غبائه فهذا بالضبط هو منظر العاهرات وليس كما رأى ناز وهي تدافع عن نفسها وتدفع كمال عنها ..كاد ان يجن فصرخ بوجهه
-اخرج أيها الحثالة قبل ان أفرغ مسدسي في راسك وقف خارج الغرفة وخرج بعدها المدعو فادي بعد ان ارتدى سروالاً
-هذه تخصك
شهر ضرغام المحفظة بوجهه فأصفر وجه فادي وتراجع للوراء مذهولا ونطق فورا بلهجته المغايرة
-مالذي تريده بالضبط ،؟ هل انت من طرف اهل مروى
اطلق ضرغام ضحكة قاسية وقال باشمئزاز
- جيد وفرت علي نصف الشرح والآن اسمع دون مقاطعة وتأكد انك إذ لم تنفذ ما آمرك به سوف اقوم بالتبليغ عنك على انك بائع هوى واجعلك تتعفن في السجون وتحصل على تسفير على الفور
]ارتدت ناز رداء الحوامل الخاص الذي أعطته إياه ريم ..ابرز الردء ذو الحمالات الغليظة بطنها بشكل واضح .. ارتدت معطفها وخرجت لتجد ريم تنتظرها خارجا مع محمد وقد تركت باقي أولادها عن والدتها -هيا فلتذهب استقلوا الباص الشعبي الذي كان غير مكتظ بالناس لانه يوم عطلة -اين تقع عيادة الطبيبة
سألت ناز باستفسار
-في القسم الشرقي من المدينة انها طبيبة راقية ووالدتها قريبة والدتي لهذا كانت جميع فحوصي مجانية ..يالله كم أحب الاشياء المجانية !
ضحكت ناز وكذلك ريم وشاركهم محمد الضحك بصرخات طفولية دون ان يعلم سبب ضحكهما دخلت ناز الى العيادة وظلت ريم تنتظرها خارجا استلقت على السرير الطبي فوضعت الطبيبة سائلا باردا على بطنها المدورة ووضعت الجهاز على بطنها دون ان تتوقف عن الثرثرة دقيقة واحدة
-انك في حامل في الشهر الرابع ونصف ! هزت ناز برأسها قليلا كأشارة على انها سمعتها ..أثرت الصمت فان تحدثت في هذة اللحظة فسوف تبكي على الفور ..راقبت الصورة على الجهاز الموجود أمامها فأشارت اليه وقالت بصوت مرتجف
-ماهذا الشيء الذي ينبض ؟ إجابتها الطبيبة وهي مازالت تمرر الجهاز على بطنها ..
-انه قلب طفلك ..هل تودين الاستماع لها ؟
-نعمممم هتفت ناز بحماس وبترقب وهي تنتظر ان تسمع الصوت في اي لحظة ادارت الطبيبة شيئا ما ..فدوى صوت نبضات القلب في العيادة -ياللهي
شهقت ناز وهي تحاول النهوض وصوت نبض الجنين يصدح في الغرفة لم تعد تحتمل فأطلقت العنان لدموعها ..كانت تبكي بحرقة وهستيريه وفي بالها امنية غبية الا وهي ان يسمع ضرغام الان ما تسمعه .. مسحت وجهها وأنفها وقالت لها الطبيبة بسعادة وهي تظن انها تبكي من شدة السعادة
-كل هذه الدموع من اجل صوت قلبه ماذا لو قلت لك انك حامل بفتى ! -هذا امر جيد الحمد لله على كل ما يأتي
اجابتها ناز و كانت في داخلها تحمد ربها انه صبي وليس فتاة فاخر ما تريده هو انجاب فتاة تأتي لهذه الحياة لتتعذب كما تعذبت هي ..على الاقل الفتى يستطيع مواجهة الحياة دون صعاب .. نهضت ناز ومسحت المادة الطبية الموجودة على بطنها وارتدت ملابسها -تفضلي هذه صورة للفتى العنيد ضحكت ناز وخرجت من الغرفة بعد ان شكرًت الطبيبة وأخذت الصورة هتفت على الفور دون ان تلاحظ المرأة التي كانت تجلس خلف ريم
-ريم انظري هذه صورة طفلي
-وماهو جنسه ؟ سالت ريم وهي تنظر الى الصوره بفرحة
-انه فتى ..انا حامل بولد
-مبارك جبيبتي سوف يفرح والده بهذا الخبر حاولت تجاهل ملاحظة ريم لكن المرأة آلت نهضت من على الكرسي الذي يعاكس ريم واستدارت نحوهم لتقول بصدمة بعد ان شهقت
-ناز ..
-شهد !!!!
القى ضرغام بجسده المتعب على السرير في غرفته ..كم كان متعبا وبأمس الحاجة للنوم الذي لم يذق طعمه منذ فترة طويلة .. رن هاتفه ليجعله يشتم بصوت عالي ..بعد التعب الذي عاناه في اقسام الشرطة وبعد اعتراف فادي تم تخفيف التهمة الموجهة لكمال الذي كان بصدد الأعدام ..بعد ان اخبر المدعو فادي بما سوف يفعل خاف فادي جدا بسبب التسفير وتهمة الدعارة فقام بالأعتراف على انه صديق مروى المتوفاة بالحريق ..ترك ضرغام زمام الأمور للمحامي وهو سينتظر خروج كمال بفارغ الصبر ليفرغ غيضه فيه ..اما المحققين السرين الذين كلفهم بالعثور على ناز لم يجدوا لها اي اثر .. الندم هو الشعور الذي يأتي متأخرا دائما ..لو اني استمعت لها منذ البداية وشرحت لي ماكان يحصل لما تركتني وهربت بسبب خوفها تعالى صوت رنين الهاتف فشتم من جديد واخذ الهاتف ليجد شهد شقيقته تتصل به
-مالذي تريدينه الآن يا شهد انا متعب زفرت شهد بضيق وقالت وهي تحاول كبح غضبها المتشعل
-ماريده هو معرفة مالذي تفعله زوجتك في المدينة الساحلية وانت مازلت في العاصمة ..ولماذا لم تخبرنا بحملها !! رأيتها اليوم في العيادة النسائية وبطنها تكاد تصل الى فمها ونحن لا نعرف بحملها ...ونعم الأخ انت يا ضرغام سوف تغضب امي كثيرا منكم
+
كانت تتحدث دون ان تتوقف فصرخ ضرغام بحدة قائلا -ماذااااااااا !!!!!!!!!!!!
↚
كانت تجلس على الأريكة الضيقة بعدم ارتياح وهي تراقب الرجل الذي من المفروض ان يكون والدها لكنها تشعر أنه ليس والدها على الأطلاق بل هو رجل غريب ومؤذي في الوقت نفسه يجلس في بيتها ..
كان يرتشف من فنجان القهوة الذي صنعته هي بصمت تام وهي تجلس قبالته تفرك يديها المتعرقتين باضطراب في حظنها ..وضع الفنجان من يده على الطاولة فدقت نواقيس الخطر في عقلها الذي بات يعمل بسرعة غير اعتاديه ..مالذي سوف يحصل ؟ هل سوف يأخذني جرا نحو البيت ..؟ هل سوف يقتلني
رمى اليها ابتسامة غريبة لم تألفها من قبل ابدا ..ابتسامة توحي لمن يراها انها ابتسامة حب وحنان ولكنها كانت تخفي انياب الذئب الماكرة التي لن تتوانى عن التكشير في سبيل نهش لحم الأخرين دون ما رأفة او شفقة ..حتى لو كانت ابنته الوحيدة
عندما فتحت الباب هذا الصباح اخر ما خطر على بالها ان يكون والدها على الباب ..همت بالفرار والركض بعيدا لكنه امسك بها من كتفها
سجى ابنتي الوحيدة حبيبتي لماذا تهربين مني ؟ جئت لأبارك لك زواجك ..الا من المخجل والعار ان تتزوج ابنتي ولا تدعوني الى زواجها ..وتتزوج من المهندس غيث ولا تخبرني ،؟
مازالت كلماته الساخرة ترن في أذنها ولكنها آثرت السكوت حتى الآن حتى لا تفضح خوفها وارتباكها وهلعها من وجوده في البيت ..كانت تتخيله في كل لحظة يخرج المسدس من جيبه ويرميها برصاصة لينهي بها حياتها ..
وضع الفنجان على الطاولة مرة اخرى ومد يده نحوها فما كان منها الى ان قفزت بسرعة مبتعدة عنه وهي تصرخ
لكن الذي أخرجه لم يكن مسدسا ولا اي سلاح لقد كانت علبة سوداء صغيرة !
تعلقت نضراتها بالعلبة السوداء وبدأت الدموع تجري على خدها لان أعصابها كانت على حافة الانهيار
-بحق السماء قل ما جئت من اجله بسرعة !!
****
-هل انت متأكدة انك بخير ؟
تسائلت ريم وهي ترمق وجه ناز الشاحب بقلق
طوال رحلة العودة من الطبيبة وهي ترتجف وتهذي بكلمات غير مفهومة وهي تجلس في الباص بعد رحلة جري طويلة
كانت تمسك بمحمد الصغير وتعدوا خلف ناز بسرعة التي كانت تمسك بطنها وتعدوا ..اما محمد الذي تطاير شعره الى الخلف كان يضحك ضحكا شديدا ويصرخ بصوت طفولي
-اهربوا ..اهربوا
+
-انا بخير يا ريم تستطعين الذهاب الان ...سوف اكون بخير
بدا القلق يزداد عند ريم الفضولية فسألتها بريبة
-ألن تخبريني من هي تلك المرأة يا ناز ؟
-لاااا
لم تعي ناز لحجم الصرخة او مدى علوها ..صرخت بوجه ريم بكل قوة مما أدى الى جرح مشاعرها
-حسنا كما تشائين ..
همت بالانصراف فلحقت بها ناز وامسكتها من يدها وهي تقول بوهن
-ارجوك يا ريم لا تغضبي مني سوف أخبرك لاحقا ..
ابتسمت ريم لها بود قالت كما تشائين ،..علي العودة الى بيتي الآن أراك لاحقا
-وداعا..
تمتمت ناز بصوت ضعيف وهي تغلق الباب خلف صديقتها
ماهذا الحظ ..كيف نسيت ان شهد هي الاخرى حامل وسوف تلتقيها لا محالة في عيادة ما ! كيف نسيت كيف
ضربت جبينها بيدها وهي تشتم نفسها الف مره على تسرعها
من المؤكد ان شهد سوف تخبر شقيقها بما رأت ولن يجد صعوبة بالغة في العثور عليها في مدينته بنفوذه الواسع وثروته التي تغري الجميع بإعطائه المعلومات التي تشاء ..
-ياللهي
هتفت ناز بخوف وهي تضع يدها حول في بطنها ..من المؤكد انه سوف يقتلها عندما يرى الطفل ظننا منه ان الطفل غير شرعي
فرت دمعة يتيمة من عينيها وهي تشدد من احتضان بطنها ..كيف لي ان اهرب الان بعد هذه الكارثة كيف ..
قامت وتوجهت نحو المطبخ لتعد لها شيئا تتناوله لان الطبيبة اوصتها بغذائها حتى لا يتضرر الطفل ولا يصاب باي مكروه ..مع انها لا تحبذ تناول اي شيء في الوقت الحالي لكن الطفل القادم لا ذنب له ان تعاقبه هي بدون ذنب
*****
-سامر هل افتح عيني الان ؟؟
هتفت سهى وهي تحاول أبعاد يدي سامر الدافئتين عن عينيها
اقترب منها وهمي في أذنها برقة
-تستطيعين يا قلب سامر
أبعد يديه فمسحت بيدها عينيها التي كانت ترى بيها بغير وضوح
اقترب منها وهي مازالت فاغرة فاهها وهمس في اذنها وهو يسحب يدها لناحيته وقال لها بهمس ناعم حطم كل دفاعاتها وهو يضع المفتاح الحديدي البارد
-بيتك الجديد يا سهى ..بيتك وباسمك وملكك الخاص !!
خرج والد سجى من البيت تاركا سجى تجلس على المقعد الصغير في الصالة وهي ترتجف من رأسها حتى اخمص قدمها ..مضى على خروجه اكثر من ساعة وهي مازالت تجلس على نفس الوضعية واضعة يديها على فخذيها وهي متشنجة الجسد بالكامل والارتجاف المستمر قد سبب لها نوعا من الصداع ..
فتح الباب فجأة فقفزت من مكانها مجفلتا بسبب صوت فتح الباب .ظنت ان والدها قد عاد لتنفيذ تهديده القاسي الذي توعدها به قبل ساعة من الآن
لكن ظنها لم يكن في محله ..فمن كان يقف امامها لم يكن وا لدها القاسي الذي تجرد من معاني الانسانية وقد خلى قلبه من اي شفقة تجاه اي شخص كان !
من كان يقف امامها شخص احتظنها وهي في قمة اليأس ليوصلها الى بر الآمان ..شخص رآها جميلة في حين ان الجميع كرهها ..شخص فضلها في حين ان الآخرين نبذوها ..شخص ملأ حياتها في فترة وجيزه ..شخص تحبه ! نعم شخص تحبه ولا تستطيع ان تعترف حتى لنفسها
-غي..ث
خرجت الحروف من فمها بشكل متقطع وهي تجري بشكل سريع لترمي نفسها في احضانة لتنهار بعدها في موجة بكاء .لم يستطع غيث ان يفهم من كلماتها المتقطعة مابين شهقاتها سوى عدة مفردات غير واضحة ..
-ابي ...هنا ..سوف تموت
** ** ** ** **
اخذ قدح كأس المياه الفارغ من يدها ونضر الى وجهها الشاحب الملطخ بالدموع وانفها الذي احمر من اثر البكاء المستمر ..
كانت اشبه بورقة خريف في مهب الريح تتلاطمها الرياح من جميع الجهات وهي مرمية في احضانه قبل قليل تبكي وتهذي بكلمات غير مفهومة ابدا ..كانت كلمة آبي كفيلة بجعله يفهم ماكان يجري
وضع الكأس الفارغ على المنضدة القريبه من يده وقال لها بثبات
-والآن اخبريني بكل ما حصل ..!
كانت على وشك البكاء من جديد لكنه استوقفها بحركة صارمة من يده وقال من جديد
-كفي عن البكاء واخبريني ماحدث
دام صمتها لدقيقة واحدة ..اخرجت بعدها العلبة السوداء من جيبها وقالت بصوت مرتجف
-جاء والدي اليوم وطلب مني ان افعل شيء فضيع جدا ..
كانت على وشك البكاء لكن نضرته الحازمة استوقفت موجة البكاء التي تعتريها فاكملت بهدوء
-طلب مني نسخ مفاتيح الخزنات والارقام السرية في هذا الشيء ..وان اقوم ..آآقوم بنقل جميع اسرار عملك لشركته والا سوف ..سوف
-سوف ماذا
سألها غيث باصرار ليحثها على التحدث
-سوف يقتلك ..وبزجي في السجن بتهمه ملفقة !
هطلت دمعة على خدها لم تعد تقوى على التمسك بها في عينيها لتجرح خدها ..مسحتها بسرعة وقالت
-غيث ارجوك دعنا نرحل من هذا البلد ..لقد ضاق علينا العيش هنا ..دعنا نرحل ارجوك
صمت قليلا واخذ نفسا عميقا ثم قال موضحا
-نحن لن نترك
نحن لن نترك البلد ..ووالدك هو من سينتهي امره في غضون ايام !
اتسعت عينيها بسرعة بشدة وتحركت شفاهها لتنطق بكلمات سريعة ذات صوت هامس
-مالذي تقصده !
اطرق برأسه قليلا فتحركت تلك الخصلة المتمردة على جبينه واللتي طالت في الفترة الاخيرة ..ابعد الخصلة بيده بعيدا وقال لها بثبات وهو يمد يده ليمسك بيدها المثلجة وقال لها
-سوف تعلمين فيما بعد يا عزيزتي لكن ثقي بان هذا العذاب سوف ينتهي دون رجعة وقد تتحسن علاقتك بوالدتك بعدها ويخرج والدك من حياتك الى الأبد وسوف يكف عن اذية الناس البسطاء والفقراء ..سوف نتخلص منه هذه المرة للأبد ..لا تقلقي وضعي مطلق ثقتك بي وبما سوف افعله ...
اجابته بسرعة وهي تتطلع الى عينيه الممتلئتين بالصدق ..
-مالذي سوف تفعله ؟
اجابها على الفور وهو يشد على يدها بقوة ليبعث فيها الطمأنينة التي كانت تفتقدها بسبب ابتعادهم عن بعض في الفترة الاخيرة
-لا استطيع الافصاح عن اي شيء لكن هنالك شيء مهم يجب ان تفعليه الآن ..وهو امر خطير
اقتربت برأسها قليلا من وجهه وقالت بصوت منخفض يماثل صوته وقالت
-وماهو ؟
امتدت يد غيث بسرعة نحو جيبه واخرج منديلا ابيض اللون من جيبه وقال لها
-امسحي انفك الرطب ..تبدين كطفلة مصابة بالزكام ..
تنفست سجى بسرعة وبغضب وتلاحقت انفاسها المغتاضه لتدفعه بشدة بعد ذلك وهي تصرخ بوجهه
-انت لا تطاق ولا تتصرف بجدية حتى في اللحظات الحرجة!
تحركت بعدها بغضب نحو الغرفة لتغلق الباب بعصبية ..فاختلط صوت الباب بصوت ضحكته العالية ..لتضحك بعدها هي ايضا وهي تمسح انفها بالمنديل وتجفف دموعها ..
** **
حل المساء في تلك المدينة الباردة الكئيبة ليغلفها بنوع من الكآبة الشتوية ..كانت ناز ترتدي جوربيها في قدمها وهي تجلس بالقرب من الموقد بعد ان خرجت من الحمام ..بدأت تشعر بالارتياح
بعد ان طردت تلك الأفكار السوداويه من رأسها وقررت ان تطمأن نفسها بان ضرغام بعيد جدا جداً ولن يستطيع الوصول اليها ..او حتى العثور عليها في هذه الشقة الواقعة في منطقة فقيرة لم ولن يدخلها السيد ضرغام يوما ما !
ابعدت شعرها الرطب من على وجهها وأخذت تمشطه بالمشط البلاستيكي ..بعد ان انتهت أحضرت بطانية وكوب من الحليب الساخن ولفلفت نفسها بالقرب من الموقد لتشعر بالدفئ ..كانت غرفتها باردة جداً لذلك هي تقضي معظم أوقاتها في غرفة المعيشة بالقرب من الموقد الذي يعتبر جهاز التدفئة الوحيد في البيت !
سمعت صوت طرقات على الباب فابتسمت بسعادة وهي تتخيل ريم واقفة خلف الباب مع صيصانها الصغيرة ،..وضعت كوب الحليب على المنضدة وتوجهت نحو الباب ..فتحت القفل وشرعت الباب على مصراعيه ..لكن الصدمة كانت اكبر من ان تترجم الى ارض الواقع ...تلك العيون الحادة وذلك الانف الطويل وذلك الجسد الضخم الذي يشبه جسد مصارعي الثيران .. لم تعد تشعر بالزمن ولا بما حولها ..من بين الجميع جائها اخر شخص ترغب برؤياه ..شعرت انها على وشك الانهيار في اي لحظة وان قديمها قد اصابهما الشلل تماما ..تلك النضرة التي كانت موجودة في عينيه وذلك البريق الذي يغلفهما كانت كفيلة كانت كفيله بجعلها تستيقظ من تلك الغفوة ..تغنضت ملامحها المتسائلة وتجعد وجهها وهي تكشر وتمسك الباب لتدفعه بكل ما أوتيت من قوة ..لكنه كان اسرع بدراسة حركتها المفاجئة ووضع ساقة لتحول دون ما إغلاق الباب ودخل بقوة داخل الشقة بعدها وأغلق الباب بعدها
رأت ناز بعينها الشخص الذي عذبها واحتقرها وكسر قلبها ودمرها في يوم ما ظلما وبهتانا يقف أمامها عاجز عن قول كلمة وهي الاخرى عاجزة عن الرد ..لكن عجزها لم يدم طويلا فقامت بالهجوم عليه بقوة لتدفعه نحو الباب وهي تصرخ قائلة
-اخرج من هنا أيها الحقير ..اخرج
كانت قبضتها تصتدم بصدره القاسي وهي تصرخ وتدفعه دون ان يرف لها جفن ..كانت غاضبة كما لم تكن من قبل ..ثائرة حد الجنون
ا
امسك ضرغام بكلتا ذراعيها وقربها منه ليحتظنها بقوة وكانه يريدها ان تنعجن باجزائه وهمس في أذنها
-ليس قبل ان أخذ ابني وزوجتي !!
**** ******
استيقظت سجى من النوم على رنين الهاتف المزعج الملح ..مدت يدها الى الجانب الذي كان يشغله غيث في تلك الساعات التي قضوها معا ،،لكن المكان كان فارغا وباردا مما يدل على انه ترك المكان منذ فترة طويلة ..جلست معتدله ومدت يدها نحو الهاتف الذي كان يرن باستمرار دون انقطاع
جائتها الكلمات كانها خنجر في صدرها ذبحتها على الفور
-اذهبي الى جثث الموتى في المستشفى سوف تجدين زوجك هناك..لقد زينت جبينه برصاصة جميله
كانت كلمات قليله وجمله واحدة لكنها كانت كفيله بجعلها تختنق وتسقط الهاتف ما يدها التي ما عادت تسيطر عليها ..كان الشعور لا يوصف في تلك اللحظة وهي تصرخ بقوة وهستريا على فقيدها الراحل .
↚
دقت الساعه الجداريه القديمه المعلقه على الحائط المتآكل لتشير الى الساعه الثانيه بعد منتصف الليل ..كان يجلس امامها على الكرسي المقابل للاريكه الصغيره التي حشرت نفسها فيها منكبه على نفسها تحاول تحاشيه بشتى الطرق..لم يجرؤ على التقدم نحوها بعد ان ابعدته بعنف مفرط عنها بعد ان احتظنها وهمس بشوق في اذنيها انه عاد من آجلها ومن اجل ابنهم القادم
على مدار ساعه كامله كان يجلس امامها يراقبها ..لا هو تحرك ولا هي ايضا ..هادئه وشاحبه منطويه ..نحيله مع بطن منفتخ وبارز كان نشازا مع شحوبها ونحولها
كلما اراد التكلم كانت الكلمات تموت على شفتيه ..لا يعلم من اين يبدآ وكيف يعتذر عمّا اقترفت يداه ..عن اتهامه لها بآنها بلا اخلاق وانها خانته في بيته ..عن ضربه لها وتعديه على جسدها بتلك الطريقه البشعه ..احس بالغثيان وهو يتذكر تلك الكلمات الحقيره التي كان يرددها على مسامعها وهو يقوم بقتلها وقتل روحها ..
حاول استجماع قواه للنطق بتلك الكلمات التي قام بالتحضير لها طوال الطريق من العاصمه الى المدينه الساحليه . بعد مكالمه شهد السريعه واغلاقه للهاتف قامت والدتها بالآتصال به لتسآله عن موعد رجوعه هو وناز من السفر ..نعم فهو اخبرها بعد ان عادت من بيت اخيها من الشمال انه مسافر مع ناز رحله استجمام حتى لا تسآله عن مكان ابنتها ناز التي تسبب بهروبها هو بطيشه وتهوره ..
تحركت شفاهه اخيرا لينطق ولو بكلمه تقطع هذا الصمت ليكمل بعدها سيول الافكار التي تجول في خاطره لكن رنين الهاتف قطع ذلك الصمت المريب ..مد يده بسرعه واخرج الهاتف من جيبه ليرى رقما غريبا يتصل به ..مالذي يدفع شخصا للآتصال في هذا الوقت المتآخر من الليل ان لم يكن الآمر مهما !
تلقى الكلمات الموجزه التي جاءته بوجه جامد لم يخلو من الشحوب والاصفرار ..كلمات مختصره لكنها تنذر بعاصفه قادمه ..
ـتبا
شتم بضيق وهو يغلق الهاتف ويقوم بسرعه للخروج من الشقه ..اوقفه صوتها الناعم الذي جاءه وهو يهم بفتح الباب لتقول له
ـ لا تعد بعدها ..لن تجد ما ينتظرك هنا
وقف لعده دقائق يحاول ان يرد عليها لكن الكلام كان كثيرا جدا ولن يستطيع ايجازه بتلك الدقائق القليله ..قال لها بآختصار وهو يفتح الباب
ـبل لي الكثير هنا لي زوجتي وابني وسوف اعود وسوف اجدك هنا وسوف افسر لك كل شيء ! انا مضطر للذهاب الآن لان احد مهندسي الشركه تعرض للقتل على يد عمي المجرم ..علي ان اسوي الآمور قبل ان تصل يده المجرمه الينا ..التزمي البيت ولا تخرجي ارجوك انا اترجاك لا تقومي بآي عمل احمق وسوف اعود اعدك وسوف تنتهي جميع المصائب هذه !
خرج بسرعه واغلق الباب بقوه ..تحرك وجهها الجامد بتعبير غريب وهي تتخيل ان عمه المجرم قام فعلا بقتل شخص ما بهذه السهوله ..شعرت بالدموع الساخنه تجري سريعا على وجهها وهي تتخيل ان شخصا ما قتل في هذه اللحظه وان ذويه يبكون عليه الآن ..مدت يدها لتمسح الدموع عن وجهها وهي لا تعرف اذ كانت تبكي فعلا على الشخص الذي قتل ام على ضرغام ام على وضعها المزري ام على مصير ابنها المجهول
↚
كانت سجى تجري بسرعه بكل ما استطاعت من قوه لكن هنالك ثقلا كبير في بطنها وآلما حادا في ظهرها يمنعها من مواصله الجري
عندما تلقت تلك المكالمه من والدها الذي اخبرها انه قتل غيث ..غيث الذي كان يستلقي بجانبها قبل ساعات وكان يخبرها انه يحبها ولن يتركها ابد ليثبت حبه بطريقته الخاصه لها لتغرق بعدها في النوم العميق ولا تستيقظ الا بفراش فارغ وصاحبه غير موجود ولا يترك اثرا وراءه سوى مخده مرميه على طرف الفراش باهمال ..كانت الخرانه مفتوحه على مصراعيها مما يدل على انه اخذ شيئا ما قبل ان يذهب الى وجهته ..لم يكن عقل سجى يعمل في تلك اللحظات الوجيزه التي تبعت اخذها لعده قطع ملابس من الخزانه وخروجها نحو بيت اهل غيث ..ما حدث بعدها كان كارثه لا تعقل كانت تود ان تذهب مع احدهم الى المستشفى لانها لا تمتلك سياره ولان سيارات الاجره شبه متوقفه في هذا الوقت من الليل لكن الرد المجحف والقاسي الذي جاءها من شقيق غيث كان كافيا بجعلها تخرج من البيت ركضا بخفيها وملابسها البيتيه الغير مهندمه
قال لها بكل قساوه وصوت عالي وهو يصرخ في وجهها المغطى بالدموع
ـلقد قتله والدك فماذا تريدين الآن ! اخرجي من هنا ايتها القاتله ، تبا لك انت ووالدك المجرم تبا
خرجت بسرعه تجري وتركض دون توقف لعلها تصل الي المستشفى الرئيسي في المدينه ..لكن الطريق بات اطول مما تتخيل وكان الآلم يعصف بها عصفا يوقفها كل دقيقه لتستجمع انفاسها التي بدات تشعر انها تتقطع ..آلم ثقيل وموجع في اسفل ظهرها وفي بطنها جعلها توقن انها على وشك الموت ربما
لابد ان الشخص الذي اتصل بها اتصل بشقيق غيث ايضا ليخبره بالخبر الفاجع ولذلك هاجمها بتلك الضراوه امام الحشد الباكي الذي رآته في بيتهم
وصلت الى المستشفى اخيرا ودلفت الى داخل المبني الكبير الذي يعتبر اكبر المستشفيات في المدينه ..توجهت نحو الحشد الذي يتألف من عائله غيث الكبيره الذين كانو يبكون بحرقه على الفقيد الراحل وينتظرون ان يخرج الطبيب من الغرفه ليقول لهم الخبر المحتوم الا وهو وفاه غيث لا محال .
احست بصداع يفتك برأسها وبضربات ألم متتاليه في ظهرها ..تقدمت منهم وهي فارغه الفاه وعلى يقين ان غيث قد توفي فلا مجال للنجاه من ضربه عيار ناري في الرآس ابدا
لم تلاحظ ابدا وجود ضرغام بالقرب من العائله وبالقرب من شقيق غيث تقدمت من غرفه العمليات لتحاول فتح الباب لكن شقيق غيث ابعدها بقوه الى الخلف لتآتي والدته التي كانت تبكي وتولول بصوت عالي لتلطمها على خدها بشده جعلت سجى تدور حول نفسها لترتطم بالحائط الموجود ورآئها
ـتبا لك ولعائلتك ..غيث بين الحياه والموت الآن واذا حصل له شيئ سوف اقتلك ..هل تفهمين سوف اقتلك !!
كان ألم الارتطام بالحائط اكبر من ان تتحمله بجسدها الهزيل ..ابتسمت بسعاده رغم الآلم الذي كان يعصف بها وقالت بصوت ضعيف
ـمازال حيا ..
بدآ السائل الاحمر الدافئ يتدفق من بين ساقيها وبدأت قواها تخور ..آخر ما رآته هو رجل يقترب منها وهي تنزف بغزاره ..كان وجهه مآلوفا جدا وليس غريبا عليها ..بالرغم من السحابه الضبابيه التي حطت على عينيها لكنها استطاعت ان تميز شكله بسهوله فنطقت بآخر كلمات لها قبل ان تخور قواها نهائيا
ـضرغام
استلمت بعدها لعالم اللا وعي ومازال ذلك الشيء الدافئ يتدفق منها بغزاره ..
-غيث ..
اول ما نطقت به هو غيث وهي تحاول النهوض لكن الخدر الذي كان يسيطر على جسدها منعها من القيام بذلك ..كان الآلم فظيعا واقوى من ان تتحمله ..وضعت يدها على جبينها وتآوهت وهي تفرك جبينها علها تتذكر ما حصل ..آخر ما تتذكره هو اغمائها ووجود ضرغام ابن عمها في المكان
تقدمت منها زوجه شقيق غيث بسرعه واعادتها الى مكانها قائله
-لا تتحركي عليك الاستلقاء على ظهرك فانت بآمس الحاجه لهذا ..
بدآت الدموع تجري بلا شعور على خدها وهي تجاهد لأبعادها والخروج بحثا عن غيث .. هل من المعقول انه مات بهذه البساطه وبهذه الطريقه !
ـ غيث .. غيث
همست باسمه بصوتها الأبح الذي جاهدت لجعله اقوى لكن حلقها الجاف حال دونما نطق الأسم ..فاستلقت باستسلام على السرير الآبيض في الغرفه الكئيبه
↚
حاولت الاستفهام عن غيث بالاشارات وهي تبكي فبكاؤها جعلها شبه خرساء لا تستطيع النطق بآي شي
-لا تقلقي هو لم يمت ..لكن وضعه مازال حرجا وانت كذلك فالجنين مهدد بالسقوط وعليك بالراحه
** *** ****
كانت ناز تهم بفتح باب البيت وهي على يقين ان الطارق هو ضرغام الذي وعد بالعوده لتسويه الامور والتحدث بالمشاكل التي تواجههما ، كانت تقنع نفسها انها لا تريده ولم تعد تحبه لكن في قلبها ايضا هي شبه موقنه انه باعتذار واحد وسوف ترمي بنفسها بين احضانه ..دآئما ما نقنع نفسنا بآننا ما عدنا مهتمين ببعض الآشخاص لكن بمجرد رؤيتهم فكل خططنا ووعودنا التي قطعناها على نفس تتبخر وتذهب ادراج الريح
فتحت الباب بهدوء ولا مبالاه لتبين لضرغام انها ليست مهتمه بعودته ابدا
لكن الواقف عند الباب لم يكن ضرغام ..لقد كان زوج ريم ..كان غاضبا وكأن شيئا ما قد حدث واغضبه
دفع الباب بقوه واطاح بها على الارض بسبب ارتطامها بالباب القوي
اطلق ضحكه شريره وهو يراها تنكمش على نفسها وتبعتد عنه وتحمي نفسها بيدها
-تبا لك كم انت بارعه في تمثيل الرقه والبراءه ..تحرضين زوجتي علي لتتركني وتمثلين انك عفيفه والرجال يخرجون بعد منتصف الليل من بيتك
الشتيمه التي خرجت من فمه بعد ذلك كانت اقوى من ان تتحملها ..ابعدت جسدها الى الخلف وهي ترتجف وتفكر في الزحف نحو الغرفه لكي تحمي نفسها من بطشه ومن طيشه ..بالرغم من نظره الغضب التي كانت مرتسمه على وجهه لكن ملامحه الكريهه كانت تنبأ بشيء كريه
كان يراقب جسدها وهو يهز برأسه وابتسامته الصفراء تفضح نواياه الشريره
اغلق الباب وتقدم منها فما كان منها الى النهوض والركض نحو الباب لكنها كان اسرع منها فأمسك بها من شعرها و اوقعها على الارض وهو يشتم
ـلماذا الهروب ايتها الحقيره هل تفتحين بيتك للرجال الآخرين وتتمنعين عن البقية..كم اعطاك ذلك الرجل صاحب السياره الفارهه الذي خرج من عندك عند الفجر
كان عقل ناز يعمل بسرعه وهي لا تفكر في شي غير الهروب من هذ ا الوحش البشري وحمايه طفلها م ن خطره ..
مد يده ليمسك بها قبل ان تتحرك لكنها تحركت بسرعه ورفعت رآسها وعضته من يده فما كان منه الا ان اطلق صرخه قويه وهو يركلها لتقع تلك الركله في بطنها
ـضرغاااام
صرخه واحده قويه خرجت من فمها بآسمه فهو الوحيد الذي يمكن ان تستنجد به في هذا الوقت وهي تعلم انه ليس موجودا ابدا
ليعقب صرختها بكاء مرير وهي تلف يدها حول بطنها وتتلوى من الآلم
فجآه احست بزوج ريم يرمى فوق الارض بجانبها وشخص آخر ينهال عليه بالضرب ..كان ضرغام يمسك به ويضربه والدماء لطخت وجهه بالكامل
كان يتلقي الضربات القويه والشتائم من ضرغام دون ان يتحرك او يرد عليها
-يكفي ...
همست بضعف وهي تقترب من ضرغام الذي ترك الرجل الذي آدماه بالكامل
-يا الهي مالذي حصل لك ومن هذا
بدأت بالبكاء وهي تلف يديها حول بطنها وتزحف تجاهه
مد يده بسرعه واحتضنها وهو يهدئ من روعها وانطلق نحو سيارته بسرعه كبيره وتأوهاتها بسبب وجعها كانت السبب الوحيد الذي جعله لا يقتل الرجل الذي شاهده بعين امه يضربها
1
لولا انه كان خائفا على ناز من عمه الذي بدأ يقتل الجميع دون خوف او رحمه لما عاد الى البيت ولما أنقذ ناز من ذلك الذي كان يحاول الاعتداء عليها
كانت سجى تمشي ببطئ وهي تحمل بيدها كيس المغذي بحذر ..حذرها الطبيب من مغبة النهوض في هذا الوقت والتحرك لكنها أبت ان تجلس في الفراش ولو دقيقة وأحدة ..عندما وصلت عند غرفة غيث كان الجميع ينظرون إليها بندم ،.بالطبع بعد ان عرفوا بأمر حملها فهم نادمون على التصرف معها بتلك الفضاضة وكأنها هي من قام بمحاولة قتل غيث ..
كانت زوجة شقيق غيث تسندها برفق وهي تتقدم نحو الغرفة
تزامن وصولها مع خروج الطبيب من غرفة العمليات ،.سرعت خطواتها نحو الطبيب وهي تترجاه بنظراتها ان لا يخبرها شيئا يفجع قلبها ويقتل الحياة فيها
↚
تجمهر الجميع حول الطبيب وهم على أمل ان يخبرهم الطبيب ان غيث بخير
أخذ الطبيب نفسا عميقا وقال بكل صراحة
-وضع الرصاصة كان حرجا لكنا بذلنا كل جهدنا ..حالته غير مستقرة ومن الممكن ان يموت لا يسعني ان أقول غير انه الآن تحت رحمة الله!
-دكتور اود ان ..اود ان أراه
قالت سجى بصوت مرتعش وهي تحدث الطبيب وتستند بجسدها المتعب على احد الكراسي
-شخص واحد يحق له زياراته
-إذا هو أنا الشخص ..فانا زوجته !
قالت سجى بحزم وهي تتحدى الجميع بنظراتها ان يخالفوها الرأي بعدما فعلوه معها ..
-حسنا أرتدي الملابس المطلوبة للدخول إلى غرفة الإنعاش واتبعي الممرضة ...
** ** **
-هل انت بخير ؟
مسح ضرغام على شعرها وهو يبعده عن عينها وعن وجهها الشاحب الذي استعاد قليلا من حيويته بعد تلك الحادثة التي حدثت قبل قليل وعندما أنقذها من براثن ذلك الوغد الذي اقسم انه سوف يعود ليحطم وجهه بكلتيّ يديه على ما اقترفه بحق ناز
لم تجبه على سؤاله حينها قرر ان يسألها مجددا علها تجيب هذه المرة
-هل انت بخير ؟ من كان هذا الرجل
أمسك بذقنها بحنو وهو يسألها ..كانت جالسة على كرسي السيارة وقد تدلت ساقيها خارج السيارة وأمامها ضرغام يركع على ركبتيه ويسألها برقة واضحة وخالية من الزيف ..تحركت فكرة ما في بالها والتمعت عيناها الخضروان بخطر واضح وبعنف لا مبرر له
.فأبعدت يده عنها بعنف وصرخت بوجهه
-انه احد عشاقي ..لقد اختلفنا على بعض الأموال مما أدى إلى عراكنا
في ظل ثانيتين فقط كان يمسك بها من كلتي كتفيها ويسحبها خارج السيارة ويهزها بعنف وهو يقول
-إياك وقول هذه التفاهات مجددا !! إياك !!
أبعدت يده عنها وقالت له بثبات
-الم تتهمني قبل بهذه التفاهات ؟ الم تحاول قتلي ؟ الم تسلب روحي بكلتيّ يديك هاتين ؟؟
أمسكت يده وضعتها أمام عينيه
-أليست هاتين اليدين من قامتا بأيذائي آلاف المرات ؟ الم تضربي ؟ الم تقم باهانتي ؟ الم تتهمني بأبشع التهم ! الآن تقول لي فقط تفاهات ! !؟ أي تفاهات هذه بربك ،،مالذي عدت من اجله ؟ الطفل ..لن تحصل عليه ...انا ؟؟ ماعدت أريدك
عد من حيث أتيت ولا تفكر بالبحث عني أو عن ابني مجددا فنحن لا نريدك
كانت تستجمع أنفاسها بسبب استمرارها في الحديث لوقت طويل دونما توقف ،،كان صدرها يعلو ويهبط وهي تنظر اليه بثبات ولا تعرف ان الدموع قد غطت وجهها دون ان تشعر ..
مسحت بكف يدها وجهها وكرهت نفسها آلاف المرات بسبب هذا الضعف الذي تشعر به امامه !
قال لها هو الآخر
-هذا ليس وقتا مناسبا للحديث ،علينا التحرك الأن من هذا المكان فحياتنا في خطر ..لكني اقسم لك اني نادم واني اعتذر وآسف لكل ما فعلت ..لقد آذيتك بغبائي وأبعدتك عني ..لكني نادم اشد الندم
كيف كان لعقلي الغبي ان يصور لي تلك الأوهام البشعة..انت أطهر من ان تكونين لي فانا إنسان غبي لا استحق جوهرة مثلك ..لا استحق إنسانه طيبة القلب ومعطاءة مثلك ..لكن انا استحق آخر فرصة منك يا ناز من اجل طفلنا ومن اجل حياتنا معا ...أرجوك يا ناز استمعي لي وعودي لحياتي ..لا اصدق اني أقول هذه الكلمات واعبر عن عواطفي بهذا الشكل وهذه اول مره أقوم بهذا الأمر لكنك تستحقين ان اترجاك تستحقين ان أضحي بحياتي لأجلك فانت اصدق من عرفت في حياتي
ارجوك يا ناز لا تجعلينا نضيع سنينا من حياتنا في وهم وفي حزن
دعي هذه البداية تكون بدايتنا في حياة سعيدة ولننسى الماضي
كانت نبرة صوته تبين انه صادق لكن شيئا من الكبرياء منع ناز من الانجراف معه والارتماء في أحضانه ..كانت على وشك الرفض لكن يده امتدت إلى فمها مانعا أيها من الكلام فقال لها
-لا تقرري الآن أرجوك ..فلنتحرك من هنا فالمكان خطر
في غضون دقيقة واحده كان كلاهما في السيارة متجهين نحو جهة لا تعرفها ناز ...
المحتوى الان غير مخفي
لم تصدق عينيها ابدا ..هل من المعقول ان يكون هذا هو غيث مستلقي على السرير الابيض وجسده الشاحب موصول بالعديد من الوصلات والآجهزه لكي تبقيه على قيد الحياه ...من حسن الحظ ان الرصاصه لم تصبه في رآسه بل في كتفه الآيسر بالقرب من قلبه ..
-يارب
همست سجى بضعف وهي تبكي وتحاول ان لا تصدر صوتا من نحيبها ..من غير المعقول ان تفقد الآنسان الوحيد الذي جعلها تشعر انها انسانه حقيقيه ولديها مشاعر واحاسيس ...الوحيد الذي قدرها واحترمها والذي جعلها تشعر بثقه بنفسها
-لا يمكنك ان ترحل بهذ ا الشكل يا غيث ..لا يمكنك ان تتركني بعد ان جعلت مني انسانه مختلفه ..لا يمكنك
اخذت نفسا عميقا وامسك بيده وقالت له
ـسوف تعود اليس كذلك ؟ سوف تعود من اجلي وسوف تسخر مني وسوف نعيش في سعاده بعيدا عن ابي وبعيدا عن كل العالم ..سوف نعود للعيش في كوخنا الصغير حيث بدآت احبك واعشقك ...سوف ..سوف ..اختنقت الكلمات في فمها فقامت بالتراجع قليلا الى الوراء
فلم تعد تتحمل الجو الخانق فخرجت بسرعه وابعدت الكمامه عن فمها وهي تبكي بحرقه وسط تساؤلات الجميع ..
لمحت شخصا قادما من البعيد ميزت وجهه بسرعه ..ضرغام الذي كان موجودا في المستشفى ..ابتسمت بوهن وقامت من مكانها وتوجهت نحو ضرغام بسرعه
-ضرغام هل رآيت ما فعله ... انه لا يكف عن تدمير حياتي
رمت بنفسها على ضرغام الذي احتضنها بعطف اخوي بحت وهو يحاول تهدأتها وهي تبكي بحرقه
+
بينما الجميع قد ظهرت على وجوههم علامات الحنق والانزعاج ..واولهم ناز ...
↚
..كانت تراقب الوجه الطفولي البريئ وهو يحاول ان يجذب انتباهها بشتى الطرق ..كان يضحك بصوت عالي ويصرخ صرخات طفوليه وهو يراقص قدميه في الهواء كتمت ضحكاتها وهي تراقبه باستمتاع ..عندما لم يجد اهتماما منها اطلق صرخه قويه وهو ينقلب تجاهها ويمسك بشعرها
قال لها بصوته الطفولي بصعوبه وهو يتمسك بشعرها
-اماا .مااا ..
ضحكت ناز وهي تبعده عن شعرها وهو يشده بقوه ويضحك ..
-سيف ابعد يديك عن شعري ..ابتعد يا ولد
كان مازال يضحك وهي بدورها تضحك على ضحكات طفلها ذو السنه والنصف ..قامت بدغدغته فتركها على الفور واستلقى على السرير وهي تدغدغه وهو يطلق ضحكات عارمه بفرح طفولي
توقفت عن دغدغته عندما احست بيدين تحضتنها من الخلف..تسلسلت رائحه محلول ما بعد الحلاقه الى انفها فعرفت من يآسرها بتلك الذراعين ..ومن غيره .،
-ضرغام ..همست بنعومه وهي تضع رآسها على تجويف رقبته وهو يشدد من احتضانها ويقبل رآسها
ـصباح الحب ..صباح الورد صغيرتي
خفق قلبها بشده وهي تترك سيف على السرير وتنهض لتطبع قبله على خده الذي حلقه فبدا اصغر سننا من ما يبدو
ـصباح الخير ايها الوسيم تبدوا في العشرين من عمرك
اطلق ضحكه صاخبه وهو يحملها ويقول بمرح
ـانا حقا في العشرين من عمري واصغرك بعده سنين اليس كذلك
شخرت ساخره وهو تربت على صدغيه حيث توجد عده شعيرات بيضاء تزين صدغه فتعطيه وقارا ساحرا يجعل النساء تلتفت نحوه حيثما ذهب ..
ـماذا عن هذا الشيب ايها العجوز المتصابي
ضحك هذه المره بصوت اعلى وهو يقول
-هل تغارين مني
ـبالطبع لا فانا اجمل منك
كان يهم بتقبيلها لكنه احس بيدين تضربانه من الخلف على ساقه ..نضر الى الاسفل ليجد سيف يحشر نفسه بين ساقيه وساقي والدته ليدخل بينهم ويبعدها عنه
ـهذا الشقي ينافسني عليك ..
ضحكت ناز هي الآخري وحمل ضرغام الصغير ووضعه على رقبته ودار حول نفسه ليضحك سيف من جديد ويصرخ بفرح
-صحيح اليوم لديكم اجتماع من اجل تحرير النساء
ضربته ناز على كتفه وهي تقول
ـلا تسخر من جمعيتنا ابدا يا ضرغام فهذا يزعجني
ـانا امزح فقط عزيزتي ..هيا سوف تتآخرين عن الذهاب
+
ابتسمت بعاطفه وهي تستشعر الصدق في كلماته ودخلت الى الحمام لتستحم وتستعد الى الالتحاق بالجمعيه ..جمعيه نون النسون حيث قررت هي وسهي انشائها وقد لاقت نجاحا واسعا بسبب مساعدتها للنساء والعنف المنزلي والضرب بالتحديد
كانت فكره سهى والدعم من ضرغام الذي آيدها على الفكره بعد ان تم التصالح بينهم بعد ولادتها سيف
عده شهور استغرقتها ناز في العيش مع ضرغام دون ان توجه له اي كلمه واحده ..الى ان ولدت سيف بعد ولاده متعسره كادت ان تفقد حياتها فيها ..كاانت تعيش معه ولكن حياتها معه كانت منفصله ..بعد ان ولدت سيف ورآت الفرحه في عينيه بطفله الصغير وكيف احضتنها وبكى بسبب تاثره قررت مسامحته ..لم تصدق ان ذلك الجلمود قد يبكي يوما او تدمع عينيه بسبب تاثره
سيف كان المعجزه التي جعلتها تعود الى حياتها بشكل طبيعي لا بل افضل من قبل ..سعادتها لا توصف بعائلتها الصغيره وبزوجها المحب الذي ساعدها في كل شيئ لتبني كيانها من جديد لتستعيد ثقتها به وبالحياه بعد ان كانت شبه يائسه
اغلقت صنبور المياه ولفت نفسها بالمنشفه وقطعت حبل ذكرياتها لتعود الى الحاضر ..خرجت بسرعه على عجل وارتدت ملابسها الرسميه واكملت زينتها لتجد مايا ووالدتها يجلسون مع ضرغام ومايا تطعم سيف بحب ..سيف مغرم بخالته الشابه الفاتنه وكذلك الجميع ..مايا كبرت واصبحت واعيه وهي مجتهده في دراستها ..اما والدتها فقد انتقلت للعيش مع ناز وضرغام بطلب من ضرغام وبالطبع مايا كانت معها ..ضرغام يعامل مايا مثل شقيقته الصغرى وهي الآخرى تحترمه وتقدره وتناديه بآخي ..
سعادتها لا توصف وهي تتناول الفطور مع عائلتها بسعاده ومحبه ..لا كره لا ضغينه لا ماضي لا غيره لا عنف لا خراب
عائله متماسكه ومحبه لبعضها ...
** ** ***
ـسهى ردي علي ..،هل من خطب ما ؟
سمع صوت الضجه الصغيره القادمه من خلف باب الحمام فاصابه الرعب وهو يطرق الباب مرات عديده على امل ان تخرج سهى من الحمام بعد ان مكثت وقتا طويلا
كان على وشك الطرق من جديد لكنها خرجت وهي دامعه العييين والقت بنفسها في احضانه على الفور لتدخل في عاصفه بكا ء هوجاء
-سهي مالآمر اخبريني لماذا تبكين عزيزتي مالخطب ..
كان يقبل رآسها ويشدد من احتضانها وهي تبكي وهو يحاول تهدآتها ..ابعدت نفسها قليلا ومسحت دموعها وقالت له
ـاانا لا اصدق يا سامر ...اخيراا وبعد طول انتضار
كان سامر ينضر اليها بتوجس وهو في شك من امره عن سبب دموع سهى
ـهل حدث اخيرا ؟ تكلمي بسرعه ..هل انت ؟
هزت سهى رآسها وقالت له وهي تبكي
ـانا حامل هذه المره قد قمت بعمل اكثر من اختبار ..لا اصدق واخيرا تلطف الله بنا وسوف يرزقنا بطفل
-ياللهي ..شهق سامر وهو لا يصدق نفسه ..بعد كل تلك المحاولات ويآسهم من الحصول على اخ او اخت لمصطفى واخيرا سهى حامل ولن يتحمل عقده الذنب التي كان يشعر بها بعد فشل كل اختبار حمل كانت تقوم به
كان يحمل نفسه مسؤوليه ما حدث ويكره نفسه الاف المرات بعد ان يرى نضره الانكسار والعجز في عينيها ..
حملها بسرعه ولهفه وقال لها
ـسهى الحمد لله لا اصدق نفسي ..ياللهي ...
ضحكت وهي تمسح دموعهاو تتمسك بيدها الاخرى بجسده ..
-سامر انزلني ..
اطلقت ضحكه وهو ينزلها برفق على الآرض وهو يقول
ـمن الآن فصاعدا لن تتحركي من مكانك سوف اقوم انا بكل الاعمال ..هيا هيا عودي الى النوم
اطلقت ضحكه قصيره وهي تقول
!
ـاي نوم هذا هل نسيت ان لدي اجتماعا اليوم
وسوف اتآخر عنه اذ لم تبتعد عني ..
-حسننا حسننا اجتماعات النسااء لا تنتهي
قالها بتهكم وهو يدور حول نفسه في حركه دراماتيكيه اكثر من اللزوم
اجابته بنفس لهجته الساخره ...
ـانها مره واحده في الاسبوع
ـحسننا هل سوف نتناول الفطور ام ماذا ؟
التفت سهى وكذلك سامر نحو مصدر الصوت ليجدوا مصطفى يقف عند الباب وهو يوبخ والديه لتآخرهما
-قادمون يا ولد نآسف على التاخر
خرج سامر بعد ان غمز لسهى التي ابتسمت لولدها وزوجها بحب وهي تتجه نحو ملابسها وهي تحمد لله الف مره على حملها وعلى السعاده التي تعيش فيها
بعد ان انتقل سامر لهذه الشقه الجديده في وسط المدينه وعادا الى بعض قامت والده سامر بزيارتها لطلب الصفح هي وساره التي عندما جائت كان وجهها ملىئ بالكدمات
اتضح فيما بعد ان ساره تزوجت رغما من رجل يضربها كل يوم ..لم تستطع سهى التشفي بها او السخريه منها لكنها بالفعل كانت تستحق ذلك العقاب الرباني بسبب خبثها وكيدها الذان لا ينتهيان
والده سامر توفيت بعد 6 اشهر من طلبها للصلح ..اما ساره فمازالت تعاني من زوجها ولا تستطيع طلب الطلاق لان والدها يرفض فكره ان تتطلق احدى بناته نهائيا ...
انتهت من ارتداء وخرجت نحو صاله الطعام لتسقبلها تلك الوجوه التي تحبها اكثر من نفسها مع ابتسامه عريضه على وجوههم ..حينها صرخ مصطفى بفرح
-انا سعيد جدا ..سوف يصبح لي اخ او اخت يا آمي
زفرت بارتياح وهي تمسح دمعه من على عينيها وقالت هي الآخري وهي تجلس بالقرب من احبابها
ـوانا اكثر سعاده لاننا نعيش معا في سعاده بعيدا عن كل مشاكل العالم ...
** ** **
ـبكتب اسسسسسمك يا حبيبي ع الحوووووور العتيييق آآآه آآآه عااااه
اكدب عليييك آآآآه اكدب علييييك .. آآآه
ضحكت سجي بملئ فمها وهي تراقب غيث يحمل حسن بين يديه وهو يغني اغاني فيروز الممزوجه باغاني اخرى ...كان منضره مضحكا فعلا وهو يحمل الطفل ويغني
-غيث يكفي لقد جعلتني اكره فيروز
حاول غيث تنعيم صوته ليغني من جديد قائلا
-قديش كان في ناس على المفرق تنطر ناس وتشتي الدني
حينها لم تستطع سجى التحمل الآكثر فضحكت بصوت عالي دون القدره على السيطره على ضحكاتها ..كان جسده الضخم وضخامته وخشونته لا تتناسب مع النبره الناعمه التي تغنى بها للتوا مما جعل منضره مضحكا جدا
..امسكت جهاز المذياع الصغير واطفآته وهي تقول
-من الافضل ان تغني لنا انت وليس فيروز
قال لها وهو يضع حسن الصغير ذو العام في الكرسي المخصص للآطفال بالقرب من طاوله الطعام
-لا لقد قرررت ان اعتزل حتى لا تغاري علي من المعجبات
ـاووه ارجوك توقف
قالت سجى بتهكم وهي تصب الشاي في الآكواب المتشابهه التي كانت موجوده على الطاوله ..في كل كوب نصف قلب ولا يكتمل القلب الى بتلاصق الكوبين
كانت احدى هداياه المميزه والغريبه .،..
كان يرتدي قميصا بدون اكمام ..تجمدت نضرا ت سجى لعده لحضات على الآثر الواضح في اسفل كتفه ..اثر الرصاصه التي كادت ان تودي بحياته وتقتلها هي الآخري بسبب والدها ..المتوفى
بعد ان تم العثور على والدها ودخوله السجن بفضل ضرغام الذي لاحقه وتم الامساك به قبل ان يلوذ بالفرار من البلد تم زجه في السجن حيث حكم عليه بالمؤبد بسبب عده تهم منها التحريض على القتل والاعمال المشبوهه والقذره وغسيل الاموال والسرقه والاختلاس
ثروته العضيمه آلت الى سداد ديونه الكثيره ،ولم يتبقى لسجى شىئ من تركته التي كانت مجرد ديون
مات في السجن بعد سنه من اطلاق الحكم عليه ..بالرغم من كل جرآئمه لكنها بكت بكآئآ شديد في ذلك اليوم الذي علمت فيه بوفاه والدها
فمهما كان سوف يبقى والدها
رزقها الله بحسن الذي كان حسن الشكل وحسن الطباع كوالده تمام ..غيث هو من اختار اسمه بعد ان استيقظ من غيبوبته القصيره وعلم بحملها
كانت الفرحه لا توصف حين ما استيقظ غيث وانتقلوا بعدها الى العاصمه حيث بدآ غيث بالعمل مع ضرغام الذي صدمت عندما علمت ان زوجها غيث هو احد المهندسين الذين يعملون لدى ابن عمها
بعد ان انتقلوا الى العاصمه قاموا بشراء بيت وتآسيس حياتهم بعيدا عن الجميع وبدون مشاكل تذكر
نهضت سجى وقالت وهي تقبل حسن على خديه الناعمين
-اعتني به جيدا لدينا اجتماع اليوم
شخر غيث بسخريه وهو يحتسي الشاي ويقرآ الجريده
-نسا ء لديهم وقت فراغ كبير لا يجدن ما يفعلنه سوى معاداه الرجال
-غيييييييييث
نادته سجى بوعيد وهي تعود ادراجها لخوض النقاش المعتاد لكنه اختصر الوقت الذي يخضونه في النقاش ليقول
-انا امزح امزح حبيبتي ...هيا سوف تتآخرين اذهبي
ـحسننا انا ذاهبه ..الى اللقاء حبيبيي
-مع السلامه حبيبتي ...
*****
-حسسنا سيداتي آنساتي اود التذكير للمره الآلف بآننا نساعد من تحتاج المساعده وتعنف في بيتها سوااء بالضرب او الاضطهاد... تآكدوا اننا سوف نساعدكم في حل مشاكلهم او التخلص منها ان شئتم
+
نحن النساء نصف المجتمع ولا نرضى ان نعنف او نغتصب او يآخذ حقنا ونسكت عنه
نحن النساء لدينا قوه ..قوه يجب استخدامها
تعالى التصفيق من الجميع بعد ان انتهت سهى من القاء كلمتها
عندما انتهى التصفيق قالت سهي بصوت عالي
ـوالآن اود ان اقدم لكم الناشطه الاصغر سننا بيننا ...مايااا
تقدمت مايا من المنصه وهي تسترجع الكلمه التي تود ان تقولها ..كانت ناز تشجعها بنضراتها وكذلك سجي ..والجميع
كانت على وشك البدء لكن الشخص الذي كان يدخل الغرفه وهو يبحث عن مقعد ليجلس عليه شتت انتباهها ..جلس على المقعد ونضر اليها نضره لا تخلو من الاستفزاز ليغمز لها بعدها
مما جعل وجهها يشتعل ..كان انمار ابن خاله ضرغام الذي لا يكف عن ازعاجها ابدا ...
القت كلمتها التي تدربت عليها طويلا بصوت ركيك واخطآت في هجااآ العديد من الكلمات
زفرت بارتياح عندما انتهت من الكلام لكنها غير راضيه عن نفسها وكل هذا بسبب ذلك الانمار الذي شتت تفكيرها واغاضها قبل ان تبدآ
مالذي يريده منها ولماذا تلمحه دائما بالقرب من مدرستها ولماذا هو الآن هنا !! اسئله كثيره لم تجرىئ حتى على طرحها ،،لكنها قررت التغاضي عنها
تجمهرت النسااء حول طاوله الطعام والحلويات التي كانت سجى وسهى وناز يعملن على خدمه روااد الجمعيه هناك بالتقديم والابتسام وتوزيع المنشورات
بحثت بعينيها كثيرا عن ذلك الشخص الذي دخل متآخرا الى القاعه لكنها لم تجده ..تحركت بضيق نحو الشرفه لتستنشق هوائا عليلا
لكن ذلك الصوت المستفز الذي يجعلها متيقضه وعلى اهبه الهجوم جائها من وراااء ليقول
-لم تكن كلمتك بذلك السوء كنت ..اممم لا بآس بك
لم تدر رآسها وبقت تتطلع الى الافق واجابته ببطئ مستفز هي الآخرى
ـشكرا لكني لم اطلبك رآيك بالمناسبه
اطلق ضحكه قصيره وكشر عن اسنانه وهو يقترب منها باقتراب خطيير
ـانا لا اعطي رآيا ..انا احكم ..ثم انفذ الحكم
سرت رعشه في جسدها وهي تفسر معاني كلماته الموجزه والمبطنه التي تعني الكثير وتحركت من مكانها بضيق لتعود الى الصاله
-لست القاضي ولست الحكم ..ولن تكون يوما ما كذلك فلا تطلق احكاما عشوائيه وكفاك عدائا لجمعيتنا احتراما لضرغام ابن خالتك الذي يدعمنا
شخر بسخريه وهو يخرج سيجاره ليضعها في فمه قائلا
ـسوف ياتي اليوم الذي اوقف فيه امدادات ابن خالتي لهذه الجمعيه السخفيه ..لن تغيرن شىئ فانتن تحفرن في الصخر
التفت اليه وهي تققف بالقرب من باب الشرفه لتقول
-حتى قطرات المطر بامكانها ان تحفر الصخر بالمناسبه
رحلت بعدها ليبقى شذى عطرها المنتشر في المكان هو الدلاله الوحيده على وجودها في المكان
-سوف نرى يا مايا ...سوف نرى متى سوف تستسلمين ايتها الصغيره المثيره