رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول بقلم جويرية احمد

رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول بقلم جويرية احمد

رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة جويرية احمد رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول

رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول بقلم جويرية احمد

رواية وجه في القلب كاملة جميع الفصول

بسمة : لسه بترسمى ... مفيش مرة اجى ازورك إلا وانتى سرحانة وبترسمى

هدى : أهلا أهلا يا مرحبا بسمسمة بنت عمى ..... لازمى تدخلى بالغلبه واللماضة بتاعتك

بسمة : بردو بترسمى في واحدة داخلة ثانوية عامة علمى وترسم دانا قولت هلاقيكى نزلة مذاكرة بتكلى الكتب اكل

هدى : مذاكرة ؟؟؟ يعنى لا خروج وكمان اقعد اذاكر

بسمة : طب ادام فاضية تعالى نخرج نتمشى شوية ..... ونتفرج على المحلات ونشترى شوية حاجات

هدى : انتى عارفة بابا عامل عليا حظر تجول ومش بخرج الا معاه او مع ماما

بسمة : هو عمى دكتور شاكر مزودها حبتين بس ليه حق ..... انتى بنته الوحيدة اللى ملوش غيرها وكمان قمر بيخاف عليكى
فاكرة لما رحنا فرح ابن عم بابا والعيون كانت عليكى وطنط سمية اللى فضلت تزن على باباكى طول الفرح علشان تجوزك لابنها وكل الفرح كان بيسأل عليكى ..... بصراحة كنتى قمر تحفة يومها ..... الفستان الازرق وشعرك البنى الناعم وبياضك وعيونك العسلى وميكياجك الرقيق ومشيتك ورقتك ...... خطفتى الجو كله

هدى :اه ولا وائل لما جه يكلمنى ويعرفنى بنفسه .....بابا زعل واتعصب وخدنا ومشينا على طول........ ومن ساعتها وبابا مزودها اوى ..... وفضل يقول البنت صغيرة وتنشغل عن مستقبلها ..... انا خلاص قربت اطق من الحبسة ..... وبابا كمان مشغول معظم الوقت في الجامعة والمستشفى والعيادة ويمكن مش بشوفه غير كل 3 او 4 أيام ما يكملش 5 دقايق..... يا بختك بعمى كمال
بسمة : احنا هنقر ولا ايه؟ وبعدين انا مش وحيدة انا عندى ولدين هانى وعمرو بخرج معاهم وبابا مش بيخاف عليا اوى زى عمى شاكر

هدى : وانتى مابتدتيش مذاكرة ليه ؟ مش ثانوية عامة برده

بسمة : ايوه .... هبتدى الاسبوع الجاى ...... نفسى ربنا يكرمنى وحقق حلمى وادخل اداب قسم فرنسى

هدى : يا بختك انتى عارفة هتعملى ايه؟ لكن أنا ........

بسمة : ايه ده انتى هتبكى يا هدهد

هدى : مش عارفة اعمل ايه مع بابا ؟ من طول عمرى وهو عايزنى اكون دكتورة زيه .....وأنا بحب الرسم والديكور ونفسى ادخل فنون تطبيقية ..... وهو رافض الفكرة تماماً

بسمة : انتى كلمتيه؟

هدى : من بعيد لمحت كده ..... وهو زعل وقال لى انتى بنتى الوحيدة وعايزك تكونى من بعدى وتشيلى اسمى ..... وكلام كتير عن حلمه وأمله فيا ..... بسكت وبيهرب منى الكلام .... ومش عارفة اعمل ايه ؟ اتنازل عن حلمى ومستقبلى علشان حلم بابا
بسمة : بس ده صعب اوى

هدى : الحل التانى انى ازعل بابا وده اصعب عليا

هند ( والدة هدى ): مفاجأة ......

بسمة وهدى: خير ........

هند : اجهزوا يا بنات هنخرج نغير جو ونتغدى بره ونشترى شوية حاجات

هدى : بجد يا ماما ...... ثوانى ونكون جاهزين
ارتدت هدى جوب كحلي واسع تزينه ورود صغيرة وردية رقيقة وبلوزة وردية ووضعت سلسة رقيقة على شكل قلب في عنقها وساعة ذهبية وخاتم رقيق على شكل قلب ورفعت شعرها الناعم بشريط أزرق وتركت لبعض الخصلات العنان لتطير حول وجهها البريء المضيء وبرغم بساطتها تبدو جميلة أنيقة رقيقة تجذب العيون بابتسامتها البريئة وطلتها الرائعة وتجذب القلوب بعيونها الساحرة

هند : يلا يا بنات مش عايزين نتأخر

هدى : يا ماما جهزت خلاص

تخرج هند وهدى وبسمة وتغلق الباب ..... لتجد شاهى ابنة عمتهم .....وهى في نفس السن تصعد لشقتها فالمنزل منزل العائلة .... تنظر شاهى لهدى في غيرة وتتفقدها من أسفل لأعلى ..... شاهى جميلة وتشترك مع هدى في كثير من الملامح ..... ولكن هدى لها طلة جميلة ونظرة بريئة تملئ عيونها الجميلة وروح مرحة تحب الجميع

هدى : ازيك يا شاهى ..... عاملة ايه؟

شاهى : كويسة ..... راحين فين؟

هند: هنشترى شوية حاجات ..... تحبى تجى معانا

شاهى : لا يا طنط .... انتى عارفة كل حاجتى بجبها من اوروبا ..... الذوق هنا مش بيعجبنى

بسمة : على راحتك .... سلام

هدى : كان يوم جميل اوى

هند : مبسوطة حبيبتى

هدى : ايوة يا ماما ربنا يخيلكى ليا يا رب

بسمة : المطعم كان اكله ممتاز ..... وكمان اشترينا حاجات حلوة اوى

هدى : عطشانة اوى اروح اشترى حاجة ساقعة نشربها واحنا بنتمشى

شاب : لو سمحتى يا أنسة انتى اسمك ايه؟ .... ممكن اعرف ساكنة فين ؟

هدى تلون ووجها باللون الاحمر ولم ترد

الشاب : انا متبعك من ساعة ما دخلتى المول ونفسى اتعرف عليكى

طلبت هدى الحاجة الساقعة وتجاهلت الشاب تماماً

الشاب : ارجوكى ما تفهمنيش غلط انا عاوز اخطبك

هند : ايه فيه حاجة يا هدى ؟

هدى : لا ابداً يا ماما

الشاب : حضرتك والدتها ؟

هند : ايوة في حاجة

الشاب : انا معجب ببنت حضرتك وعايز اخطبها

هند : بعد اذنك الكلام ده ما يصح ...... والبنت صغيرة عن اذنك

الشاب : طب لو سمحتى ..... العنوان ...... اسمك ايه؟

هند : ازاى تسمحيله انه يكلمك

هدى : هو اللى بيتكلم .... أنا ما ردتش عليه ولا كلمة

هند : لو بابا عرف هيضايق اوى

بسمة : ليه يا طنط ؟ عادى ..... هدى جميلة وكلنا في المدرسة بنقول هى أول واحدة هتتخطب ووتجوز فينا

هند : بلاش الكلام ده .... انتو لسه صغيرين

هدى : بابا هيزعل ليه ؟ المفروض يفرح ان بنته بيجلها عرسان

هند : وبعدين يا بنات .... انتو لسه صغيرين ومتشغلوش دماغكم غير بالمذاكرة والثانوية العامة

بسمة ( بصوت منخفض في اذن هدى ): احكيلى بالتفصيل حصل ايه؟

هدى : لأ ....قوليلى انتى إيه اللى حصل؟

بسمة : يا خسارة شكله شيك ومحترم اوى ..... وكمان كان حالته حالة وهو بيكلمك ..... وانتى وشك احمر خالص

هدى : اتكسفت جامد

مر اليوم والبنات مبسوطة وبتضحك وبيفتكروا موقف الشاب المعجب بهدى
هند : يلا يا هدهد لنتأخر على المدرسة

هدى : صباح الخير يا أحلى أم ..... صاحية وجاهزة من بدرى

هند : ربنا يحميكى حبيبتى ويوفقك وتكونى الأولى زى كل سنة

هند : يلا حبيبتى مستنين ايه؟

هدى : مستنية بسمة وشاهى علشان نروح مع بعض


شاهى : فيه ايه يا ماما استنى شوية لسه بدرى

صفية (والدة شاهى ) : هتتأخرى على المدرسة وزمان هدى وبسمة مستنينك

شاهى : يوووووووه مش عايزة اروح معاهم .... انتى مصممة ليه انى اروح معاهم

صفية : مش بنات خالك وفى نفس المدرسة وبكون مطمنة وانتوا مع بعض

شاهى : بنات خالى اه لكن مش صحاب

صفية : انتى بتزعلينى بالكلام ده .... بسمة وهدى ادب واخلاق واحسن اصحاب ليكى

شاهى : هدى .. هدى .... هدى .... دمها تقيل على قلبى

صفية : يا حبيبتى نفسى تكونى زيها.... الشطارة والجمال والذوق والاخلاق

شاهى : هى اللى تكون زى .... وانا هروح لوحدى مش معاهم

هدى طالبة متفوقة في المدرسة تحافظ على الترتيب الأول ...... محبوبة من المدرسين والمدرسات ومعروفة في المدرسة أنها الطالبة المثالية ..... تمثل المدرسة في المسابقات العلمية وحصلت على أكثر من جائزة ..... أما شاهى كثيرة المشاكل ومستواها متوسط في المدرسة ...... تغار شاهى من هدى للمقارنة المستمرة بين الفتاتين ...... وتحاول شاهى اثارة المشاكل مع هدى واثبات أنها الافضل والاجمل والاكثر أناقة


مستر وليد : هدى لو سمحتى تيجى أوضة المدرسين في الفسحة

هدى : حاضر يا مستر

مستر وليد : مستواكى في الامتحان مش كويس ولو استمريتى على كده هيأثر على مجموعك

هدى : انا أسفة جدا ... بذاكر كتير جدا بس بنسى

مستر وليد : أكيد بتحفظى مش بتفهمى والكيميا فهم قبل الحفظ

هدى : حاضر يا مستر هبذل جهدى


هدى ببكاء : ماما مش عارفة اعمل ايه في الكيميا كل ما ذاكر انسى

هند : حبيبتى لو صعبة عليكى خدى درس

هدى : انتى عارفة يا ماما انى بعتمد على نفسى والدروس بضيع وقتى

هند : حبيبتى انتى في ثانوية عامة ... شوفى المواد الصعبة وناخد درس من الاول وممكن تخدى مع شاهى لانها بتاخد دروس في كل المواد هكلم صفية ورتب معاها الدروس شوفى انتى محتاجة ايه

هدى : الكيميا بس


شاهى : خلاص يا داليا هطق .... على طول تشجيع وجوايز ومدح في الست هدى لما زهقت ..... دا كان بيقول الكلمة بطلوع الروح .... وكل ماتكلم يقولى خلينا في الدرس وركزى شوية ..... من ساعة هدى ما حضرت معايا والتركيز والاهتمام عليها

داليا : طب وانتى زعلانة ليه ؟

شاهى : مستر عادل معروف في المدرسة كلها بشطارته وانه جد جدا وبيسمحش لبنت تكلمه غير في الكيميا وبس ....مع انه شاب لسه متخرج من 4 سنين ...... لكن شخصيته قوية جدا واثبت نفسه في المدرسة وكل بنت بتعمله ألف حساب........ دلوقتى نظراته الجمده اتغيرت وبحس انه مبهور بيها وبكلمها واسلوبها ..... عنيه بتلمع لما يشوفها ... حاسة انه بيحبها

داليا : وهى ؟

شاهى : انتى عارفة ولا على بالها الكتب والمذاكرة وخلاص ...... ازاى يعجب بيها وأنا لأ .... أنا أحلى وأشيك منها ألف مرة .... ازاى يفضلها عليا

داليا : انتى حاولتى تلفتى نظرة ليكى

شاهى : طبعا يا بنتى ولا الهوا .... اللبس والبرفان والكلام وهو ولا هنا ..... وقدمتله هدية قيمة جدا وهو رفضها


داليا : يا حبيبتى احنا في ثانوية عامة خلينا في المذاكرة أحسن

شاهى : خليكى انتى انا عارفة هعمل ايه


مستر عادل : شاهى كنت عايز اكلمك في موضوع قبل هدى ما تيجى

شاهى ( مبسوطة جدا ) : خير يا مستر
شاهى : هموت من الغيظ يا داليا ...... مش شايفة ادامى ..... كنت حاسة انى ضغطى بيرتفع ونفوخى بيولع .... وكنت هرتكب جريمة قتل النهاردة ....

داليا : ايه اللى حصل لده كله؟

شاهى : مستر عادل طلب يكلمنى قبل ما تيجى الهانم ..... فرحت وحسيت انه بيهتم بيا وحس باهتمامى بيه ..... وطلع هدى من دماغه وان نظراته ليها وهم في خيالى ...... الاقيه يسألنى عن هدى .... مرتبطة ولا لأ ؟ ويحكى عن ظروفه وانه معجب بيها وبيحبها جدا ونفسه يتقدم لها .... بعد السنة ما تخلص ...... وبيوسطنى انى أسألها عن رأيها فيه واجس نبضها من بعيد ..... خايف يحرجها لو كلمها وتاخد منه موقف .... وعارف قد ايه هى خجولة ووشها بيحمر ...... وفضل يتكلم عن ادبها واخلاقها وشخصيتها الجميلة ..... وكلام يحرق الدم .... بيوسطنى علشان بنت عمتها وبخاف على مصلحتها ..... وان احنا بنات زى بعض

داليا : اهدى ما تعمليش في نفسك كله ؟

شاهى : اهدى ازاى ...... هدى دى احسن منى في ايه ؟ ليه يفضلها عليا ؟

داليا : وانتى كلمتيها ؟

شاهى : طبعاً لأ ... مش هقولها حاجة ..... حتى لو هى مش بتفكر فيه ..... اقولها فيه واحد بيحبك ومعجب بيكى ونفسه يسعدك وكلمة منك تخليه أسعد أنسان ..... علشان تفرح وتحس انها مرغوبة

داليا : وانتى دلوقتى هتعملى ايه؟

شاهى : هعمل كتير ..... دى فرصة جاتلى وهنتقم منه ومنها .... هما الاتنين لازم بتعذبوا ويحسوا بالنار اللى جوايا
داليا : ليه كده يا شاهى ؟ محدش عمل فيكى حاجة

شاهى : عادل فضل هدى عليا ..... أما هدى دى من طول عمرنا وهى احسن في كل حاجة ..... مهما يكون لبسى غالى وشيك تكون هى اجمل واحلى والعيون تكون عليها ...... مهما اذاكر تطلع هى الاولى وتسبقنى بمراحل ..... طول ماهى موجودة الكلام عليها .... علطول عاملة فيها البنت الطيبة اللى بتساعد كل اللى حوليها ..... مطيعة وبتسمع الكلام ورقيقة ..... وأنا طبعا اللى مغلبة ماما ومش بذاكر وبتأخر ودلوعة وعنيدة ...... وكلمة ماما نفسى تكونى زى هدى بنت خالك بتخلينى اولع من الغيظ

داليا : ليه بسمة صحبتها وكويسين مع بعض ؟

شاهى : بسمة ما يفرق معاها حاجة ...... بتحب الضحك والهزار وليها اهتمامات تانية ..... وبتحب هدى وصحاب



شاهى : ازيك يا خالو

دكتور شاكر : ازيك يا شاهى عاملة ايه؟ في حاجة حصلت ؟

شاهى : ابداً يا خالو .... كنت بشترى شوية حاجات ولاقيت نفسى قريبة من عيادة حضرتك .... قولت اطلع اسلم

دكتور شاكر : شاهى في ايه قلقتينى

شاهى : اقولك ايه يا خالو ؟ كنت عايزة اكلم حضرتك في موضوع كده ...

دكتور شاكر : اتكلمى حبيبتى انا سمعك

شاهى : اصلى كنت عايزة اغير مدرس الكيميا ومش عايزة هدى تزعل منى

دكتور شاكر : وايه اللى هيزعلها؟

شاهى : يعنى هى بتقول انه كويس وشرحه حلو وبتفهم منه كويس جدا

دكتور شاكر : لما هوه كويس انتى مش عايزاه ليه؟

شاهى : بصراحة يا خالو .... طريقته في التعامل مش كويسة بيتكلم ويهزر ويفضل يحكى كتير وبيخرج عن الدرس وأنا ما بحبش كده .... وكمان .... وكمان .....

دكتور شاكر : وكمان ايه ؟ قولى على طول

شاهى : سمعته بين البنات في المدرسة مش كويسة ..... أنا ما كنتش أعرف خالص ..... ولما عرفت قولت لهدى نعتذرله ونشوف مدرس تانى ..... بس هى ما رضيتش .... ومتمسكة بيه جدا ..... شوف حل المشكلة علشان هتفق مع مدرس تانى يا خالو


شاهى : مستر عادل .... عايز اقولك خبر حلو

مستر عادل : خير يا شاهى

شاهى : كلمت هدى بخصوص الموضوع اللى كلمتنى فيه

مستر عادل (بلهفة ) : هاه يا شاهى قالتلك ايه ؟

شاهى : بسهولة كده اقولك ؟

مستر عادل : قولى بس واللى عيزاه اعملهولك

شاهى : لما قولتها انك معجب بيها فرحت اوى ..... ولما قولتها انك عايز تخطبها كانت هتطير من السعادة

مستر عادل (فرحان جدا) : بجد يا شاهى ده اجمل خبر سمعته في حياتى ... مش عارف اكفأ ازاى ؟

شاهى : بس فيه حاجة

مستر عادل : ايه هى ؟

شاهى : انت عارف هدى خجولة ومؤدبة جدا .... وما تحبش تخبى حاجة عن اهلها .... هى عيزاك تقابل باباها في العيادة وتتعرف عليه .... واطمن هى هتدى لباباها فكرة عندك ..... جهز نفسك للمقابلة ..... ومبروك مقدماً
عصفور صغير جميل ..... ريش أصفر ومنقار أحمر بديع ..... صوته رائع الجمال ..... ولكن لا نسمعه الا قليل ..... حين يضع والدى له الطعام ويلاعبه الوقت القصير ..... ينظر في سكون الى الكون الفسيح ..... وكيف يغرد وهو حبيس وحيد ..... قفص أنيق مريح ..... فيه افضل الطعام والشراب ..... ولكن عصفور حزين ..... لا أرى في عيونه الا الدموع ..... ولا أسمع في تغريده الا الرجاء ..... يرجو أبى ان يجعله طليق ..... يحلق في الفضاء نعم بالحرية ...... يخاف والدى عليه من الصعاب .... لأنه صغير ورقيق .... لن يستطيع الصمود في الفضاء ..... فله حناجان صغيران ..... وخبرته في الطيران قليل ..... سيموت من الجوع والعطش ..... لقد تعود على الراحة والكسل ..... ثم من سيعتنى بك مثلى ويحبك ويقدرك غيرى ..... لا تطمع في الحرية فأنت لا تعرف الحياة والمصاعب وامامك الكثير ..... اوفر لك الامان والراحة والحنان ..... ارضى يا صغيرى بحالك ..... فهناك الكثيرين يتمنوا ان يكونوا مكانك ...... ومهما توسلت للخروج لن أرضى فأنت ملكى ..... ولن أدع أحدهم يأخذك منى ....


بسمة : الجميل حزين وزعلان وحابس نفسه في الاوضة من اخر يوم امتحان

هدى : مستنية بابا يفك حظر التجول المفروض عليا

بسمة : مش خلاص خلصنا الامتحانات ..... مش كفاية من قبل الامتحانات بشهرين وانتى في البيت لا بتخرجى ولا حتى بتيجى عندنا وكل ما سأل عليكى ..... الامتحانت على الابواب وخليها تركز ..... يا بنتى انا اتخنقتلك

هدى : الامتحانات دى حجة ..... وبيبنى وبينك انا مخنوقة جدا .... ومش قادرة لا اكلم حد ولا أشوف حد .... وعندى احساس رهيب بالذنب

بسمة : حجة لاية ؟ هو فيه حاجة حصلت

هدى : في حاجات كتيرة حصلت والدنيا كلها اتلخبطت واتكركبت عليا

بسمة : لأ لأ لأ احكيلى من الاول ..... عايزة أعرف بالتفصيل

هدى : احكيلك ايه؟ هو انا فاهمة حاجة اصلاً

بسمة : اتكلمى واحكى يمكن نفهم مع بعض

هدى : الدنيا كانت كويسة جدا ..... المدرسة والدرس والمذاكرة كله طبيعى جدا ..... لحد يوم بابا رجع بدرى من العيادة وكان متنرفز جدا ..... روحت اسلم عليه ...... من غير سلام ولا كلام قالى انتى تعرفى واحد اسمه عادل .... طبعا تنحت عادل مين .... قالى مستر عادل ..... قولت ايوه مدرس الكيميا ..... قاله وايه حكايته ..... مفيش حكاية ولا حاجة .... قالى من النهاردة مفيش درس كيميا تانى ...... والمدرسة خلاص الغياب اترفع وتذكرى في البيت ..... وما ميش نزول ولا طلوع الا لما النتيجة تطلع ..... وتكونى الاولى زى كل سنة ...... واعرف الثقة اللى ادتهالك في محلها ولا خيبتى ظنى فيكى ...... اتفضلى على اوضتك من غير ولا كلمة ولا حرف .... دخلت اوضتى مصدومة ومذهولة ..... ومش مصدقة اللى حصل ..... وطبعا فضلت اعيط طول الليل ........تانى يوم ماما جت واتكلمت معايا وعرفت منها القصة

بسمة : القصة قولى على طول ما طلعيش روحى ...... ايه اللى حصل لكل ده ؟

هدى : ماما سألتنى عن عادل وقولتها معرفش حاجة هو مدرس ممتاز وبس .... قالتى انه راح لبابا في العيادة وطلب ايدى منه ..... وانه جه بناء على طلب منى .... وحلفتها ولا اعرف حاجة عن الموضوع ..... وبابا زعلان منى جدا وقال انى خنت ثقته فيا .... وازاى اعمل كده؟ ..... وموقفى كان وحش جدا ..... وماما زعلانة منى لانى خلتها في موقف وحش قدام بابا ..... وطبعا ما حدش مصدقنى

بسمة : وعمى عمل ايه مع مستر عادل ؟

هدى : ماما قالتى انه قاله كلام صعب جدا وبهدله جامد

بسمة : طب ليه الراجل ما غلطتش في حاجة ؟

هدى : بابا اعتبره غلط غلطة عمره ......ازاى يفكر في طالبه صغيره ويتفق معاها على الجواز ويضيع وقتها وهى في ثانوية عامة

بسمة : يا خبر .... ومستر عادل عمل ايه؟

هدى : فضل يعتذر لبابا ..... ويحاول يفهمه انه في سوء تفاهم ..... وقاله انه مستعد يستنى سنة ... اتنين ... تلاتة .... وبابا رفض تماماً وقاله معندناش بنات للجواز ...... وقاله مستر عادل انه هيستنى لحد ما أخلص الجامعة ..... لكن بابا قاله ابعد عن طريق بنتى تماماً والا هقدم شكوى في المدرسة والوزارة لو استدعى الامر ..... وخرج مستر عادل وهو في قمة الحزن بعد المقابلة السخيفة جدا .... والكلام الرهيب اللى بابا قاله

بسمة : ياه كل ده يحصل من غير ماعرف ...... لكن عمى شاكر موقفه غريب جدا .... ليه كل الانفعال والغضب ده .... المفروض يفرح ان فيه عريس متقدم لبنته ؟

هدى : كنت زيك مستغربة كده ..... لحد لما بابا هدى شوية ..... وانا نفسيتى مدمرة تماما ...... اتكلم معايا كلام كتير عن الجواز والمسئولية وانى صغيرة ..... وان اى ارتباط هيأخرنى ومش هيخلينى اخلص دراستى بتفوق ..... وانه عايز يشوفنى دكتورة كبيرة زيه ..... ولازم قبل ما افكر في الجواز اخلص الكلية واعمل الماجستير والدكتوراه كمان ...... وانى لازم اكمل المشوار اللى ابتداه والاسم الكبير اللى بناه ..... وانى بنته الوحيدة ولازم اشيل اسمه ...... وانه يعرف مصلحتى اكتر منى .... ومش هيسمح لحد انه يعطلنى عن تحقيق الحلم ..... وانى هزت ثقته فيا ..... وثقته مش هترجع الا لما اطلع الاولى واثبتله انى ما كنتش بلعب طول السنة

بسمة : وانتى عاملة ايه ؟ وهتعملى ايه؟

هدى : طبعاً موت نفسى في المذاكرة علشان ارضى بابا وترجعله ثقته فيا ..... وبذلت كل جهدى علشان اكون الاولى ..... وانا كنت مخططة انى اجيب مجموع يدخلنى فنون تطبيقية حلم حياتى ويكون اقل من مجموع طب ..... وطبعا كل احلامى اتدمرت بعد الموقف ده ......

بسمة : يعنى هتتخلى عن حلمك؟

هدى : لأ طبعا ... هحاول اقنع بابا تانى بس لما استعيد ثقته فيا

بسمة : ومستر عادل عمل ايه؟

هدى : مش قادرة اسامح نفسى يا بسمة ..... جت شاهى بنت عمتى وقالتى انتى السبب في اللى حصل لمستر عادل..... حالته النفسية ادمرت ...... وخس جامد وفضل اسبوع عيان في البيت ..... وسافر من شهر لبلد عربى يشتغل مدرس .... وفضلت تقولى كل ده بسببك ..... وبتحملنى كمان ذنب انها لو سقطت في الكيميا بسببى علشان مستر عادل ساب الدرس ومدخلش البيت تانى ..... وانتى تقوليلى اخرجى ...... حاسة انى في كابوس ومش عارفة اصحى منه؟
بسمة : ما تحمليش نفسك فوق طاقتها

هدى : انا حاسة بالذنب ..... مستر عادل انسان محترم وكل ذنبه ..... انه كان عايز يتجوزنى ...... وفضل يقول لبابا انى محترمه ومؤدبه وعمرى ما رفعت عينى فيه ..... لكن بابا مش مصدق ومخاصمنى من يومها ومش راضى يسمعنى ولا يفهمنى (تبكى بكاء حار لتتحول عيناها ووجهها الابيض للون الاحمر )

بسمة : كفاية يا هدى .... أكيد في حكمة من اللى حصل ..... أكيد ربنا هيديكى حاجة أحسن بكتير ..... الواحد بيشوف الدنيا اتكركبت عليه وبعدين ربنا يفرجها ...... وانتى مغلطيش في حاجة ..... ومستر عادل هيكون احسن وهينسى الموقف مع الايام ..... فكى وروقى كده ..... دانا قلقانة من النتيجة وقلت اجى اتسلى معاكى شوية

هدى : اروق .... انا بقيت خايفة ان حد يعجب بيا

بسمة : اطمنى ..... هنكتب يافطة على ضهرك ممنوع الاقتراب او التصوير لحين الانتهاء من الدكتوراه

هدى : ده اللى بخده منك هزار وبس

بسمة : بس شاهى عرفت منين وجاية تقولك انك السبب ..... ومستر عادل ماجاش هنا تانى ..... هو اللى حكالها ولا مين ؟
هدى : مش عارفة ؟ .... انا خايفة اوى لتسقط في الكيميا واشيل ذنبها

بسمة : انتى تشيلى ذنبها ليه يا بنتى ؟ ...... ما شاء الله عليها ..... انا معرفش هى دخلت علمى ليه اصلاً ...... كل سنة بتنجح على الحروكروك وبدعى الوالدين

هدى : ربنا يستر وننجح

بسمة : تعالى شوفى جبتلك معايا ايه من اسكندرية ...... واحكيلك على مغامراتى مع السمك
هدى : ما شاء الله ..... الزغاريد دي منين .....

بسمة : دى من عندنا

هند (تدخل وكلها فرحة ) : ألف مبروك يا هدى .... ألف مبروك

هدى : مبروك على ايه؟

هند : طلعتى الرابعة على الثانوية العامة ..... مجموع 98%

بسمة : ألف مبروك يا حبيبتى .... ألف مبروك

هند : جهزى نفسك بسرعة في تسجيل في التليفزيون ..... وحفلة كبيرة للأوائل ..... و..

يدق جرس منزل هدى ..... يتوافد المهنئين ...... الكلمات الرقيقة والحب الصادق والزغاريد تنتقل لتزف العروس المتفوقة ..... محاطة بالأهل والاقارب والاصدقاء ...... التمنيات بالتوفيق والسعادة ...... في دقائق قليلة امتلأ المنزل بالورود وباقات التهنئة .... يتقبل الدكتور شاكر التهانى بفخر وسعادة .... ويقدم لهدى هدية غالية طقم من الذهب .....تبدو اليوم كأميرة متوجة ..... تعلوها ابتسامة رضا ..... تضىء وجهها ..... وعاد اللمعان الى العينين ...... فرح وسرور في كل مكان ما عدا قلب تملئه الغيرة والحقد


بسمة : شاهى يلا ..... الكل عند عمو شاكر وانتى هنا ..... هدى بتسأل عليكى

شاهى : لا والله ... فيها الخير ...... مش هنزل تعبانة ومش هنزل

بسمة : الكل فرحان وانتى لوحدك ..... تعالى معايا وانتى تنسى التعب

شاهى : كفاية مش هنزل ..... عيزانى اموت من الغيظ والفرسة ..... وهدى هانم محط الاضواء ..... وانا كومبارس مع المجاميع

بسمة : ايه يا بنتى الكلام ده ؟ ..... بنت خالك ونجحت لازم تبركلها

شاهى : اباركلها ..... انا كنت فكرة انها متحطمة ومش هجيب مجموع بعد اللى حصل ؟

بسمة : اللى حصل وانتى عرفتى منين اللى حصل ؟

شاهى : عرفت وخلاص

بسمة : سبحان الله .... انتى مش عايزو تبركلها ..... وهى خايفة عليكى وبتدعيلك ربنا ينجحك

شاهى : كفاية يا استاذة مصلحة اجتماعية ...... انا مش عارفة انتى بتحبيها اوى كده ليه ؟ هى احسن منى ليه؟

بسمة : هى مش احسن منك ولا حاجة ..... ولا كانت عايزة مجموع كبير لولا اللى حصل

شاهى : بتقولى ايه ؟

بسمة : هى كانت عايز مجموع فنون تطبيقية ..... لكن بعد المشكلة اللى حصلت كان لازم تذاكر علشان تسترد ثقة عمى شاكر تانى

شاهى ( اصبحت كالمجنونة ) : انا كنت عايزة احطمها وانتقم منها .... يقوم يحصل العكس

بسمة : انتى اللى عملتى كده ووقعتى الدنيا في بعض ..... معقول ..... انا كنت بكدب نفسى

شاهى (تصمت وتشعر انها قالت ما لا ينبغى ان يقال)

بسمة : دلوقتى عرفت الفرق بينك وبينها ...... وليه الناس بتحبها

شاهى : قولى يا أم العريف

بسمة : هدى قلبها ابيض وبتحب كل اللى حوليها وبتشغل نفسها باحلامها واهدفها .... لكن انتى قلبك كله غيرة وشاغلة نفسك بيها ..... اشغلى نفسك بنفسك وسبيها في حالها ..... انا مش هقول لحد على كلامك معايا .... مش علشانك ... علشان هدى ماتصدمش فيكى ..... واعرفى ان الغيرة نار بتحرق صاحبها


هدى : ألف مبروك يا بسمة

بسمة : الله يبارك فيكى حبيبتى

هدى : كده انتى تقدرى تدخلى كلية الاداب قسم فرنساوى وتحققى حلمك

بسمة : الحمد لله..... جبت الدرجات النهائية في الفرنساوى ومجموعى يجيب كلية الاداب مستريح

هدى : بس زعلانة اوى على شاهى .... سقطت وهتعيد السنة ..... وحالتها النفسية وحشة اوى روحت اسلم عليها عمتى صفية قالتلى تعبانة ومش هتقدر تكلمنى .... اكيد زعلانة منى علشان موضوع الكيميا

بسمة : كيميا ايه يا بنتى .... دى نزلت في 6 مواد ..... كانت هتعمل معاها ايه الكيميا؟........بكره نفسيتها تتصلح ربنا يهديها ويوفقها ..... بس قوليلى عنيكى فرحانة اوى .... شكلك في حاجة

هدى : ايوة ... في ورد وكارت جه النهاردة باسمى ..... عارفة من مين؟

بسمة : قولى مين بسرعة .... بدل هاااااااااا

هدى : من مستر عادل .... لما عرف الخبر كلم اخته وبعت الورد ..... وكلمتنى في التليفون وبركتلى وطمنتنى عليه وقالت انه كويس .... وانه مستريح في الشغل الجديد

بسمة : وايه اللى مفرحك اوى كده ؟

هدى : يعنى مش زعلان منى وبيتمنالى السعادة ..... بجد هم كبير وتشال من على كتفى ..... كنت حاسة بذنب رهيب

بسمة : سبحان الله ..... الطيبة اللى في قلبك بتنور وشك

بسمة ( في سرها ) والغيرة اللى في قلب شاهى بضلم وشها وبتبعد الناس عنها


يا ترى هدى هتعمل ايه مع باباها....
كلمة واحدة تقلب الموازين ..... من الرفض الى الخضوع التام ...... من الثورة والغضب والدفاع عن الحلم ..... الى الانصياع الى تنفيذ الاوامر ....

بسمة : مش مصدقة ودانى ..... تكتبى اول رغبة كلية الطب ..... ازاى ؟؟؟؟؟؟

هدى : تصمت

بسمة : والكلام والاحلام عن الالوان والمستقبل اللى مستنيكى ..... حبك للرسم والتصميمات ..... اللى يشوك وانتى بتقولى هقنع بابا ..... ما يشوفيكش وانتى مستسلمة وساكتة ..... اتكلمى ازاى ؟؟؟

هدى : كل كلامك صح ..... جهزت اللى هقوله لبابا علشان اقنعه ..... وازاى اشرحله وجه نظرى .... وانه مهندسة شاطرة افضل من طبيبة فاشلة ..... وجهزت نفسى لاى انفعال وعقاب من بابا ..... وانى هستحمل وادافع عن حلمى للنهاية....
بسمة : وبعدين ايه اللى حصل ؟؟؟؟؟
هدى : ولا كلمة ..... ما دنيش فرصة اتكلم ولا كلمة ؟
دخل بابتسامة عريضة ...... شرفتينى وطولتى رقبتى ...... كل زميلى واصدقائى بيهنونى عليكى ..... اول خطوة في تحقيق الحلم ..... عارفة يا هدى حاسس انى اتولد من جديد ورجعت شباب تانى ..... عمر فوق العمر ..... اسم دكتور شاكر عبد اللطيف الجمال هيفضل في الدنيا ..... بينتى هدى هتشيل اسمى اللى بنيته طول عمرى بتعبى وكفاحى سنين طويلة ..... كان نفسى في ولد يحمل اسمى .... لكن ربنا كفأنى باجمل واحلى واشطر بنت بتحب باباها ..... اخيراً حلمى هيتحقق ...... عارفة جهزتلك اوضة كبيرة في العيادة ..... نفسى يجى اليوم واشوف اسمك مكتوب جنب اسمى على العيادة ...... وبفكر نعمل مستشفى ..... وانتى طبعا النائب بتاعى ..... هديكى كل خبرتى ..... واختصر معاكى السنين ..... هتكونى اصغر واشطر دكتورة مخ واعصاب .... كل اللى انتى عايزاه هيتنفذ ..... ورينى كده الرغبات ...... انتى لسه مكتبتيهاش ....... اوعى تكونى مترددة ؟ ...... لو بتحبنى وعيزانى أكون مبسوط وراضى عنك ....... لازم تحققى حلمى ..... والرسم والديكور هواية ....... عندك مكتب عمك اتدربى فيه .... ومارسى هويتك في الاجازة ........وجاب الورق بتاع الرغبات وبتدى يملاه ..... وهو في منتهى السعادة ...... ولما خلص قالى كده بينتى حبيبتى ..... اللى بتحب باباها ..... طول عمرك مطيعة وطيبة وبتسمعى الكلام ...... واخد الورق علشان يوديه مكتب التنسيق

بسمة : وانتى موافقة ؟

هدى : مقدرش اكسر فرحته ..... ولا اخيب امله فيا ..... ولا هستحمل انه يكون زعلان منى ..... وأكون سبب همه .... حطنى في اصعب اختيار .... حبى لوالدى وحلمى؟؟؟؟

بسمة : على العموم ربنا يوفقك ..... وفيه دكاترة كتر اشتغلوا وتفوقوا في مجالات تانية غير الطب ...... يلا انزلى معايا

هدى : على فين ؟

بسمة : وده سؤال ؟ ..... نشترى شوية لبس جديد يليق بالجامعة ...... اختاريلى شوية اطقم على ذوقك الجميل
مهندس كمال : انتى ممتازة يا هدى ...... التصميمات اللى عملتها كويسة جدا ..... زى ما توقعت بالظبط ..... انتى موهوبة بالفطرة ومع العلم تصميماتك بتتحسن ..... وواضح ان مهندس معتز بيشرحلك كويس ..... في اجازة اولى وتانية اتعلمتى حاجات كتير

معتز : بصراحة هدى ممتازة ..... وبتستجيب بسرعة كبيرة ...... واحسن حاجة فيها انها مابتكررش نفس الغلطة مرتين ..... وبتاخد بالها كويس جدا من كل معلومة

هدى : ربنا يخيكى يا عمى ده بفضل تشجيعك ليا ..... وبشمهندس معتز بيشرح كويس جدا .... وبيستحمل اسألتى الكتيرة
مهندس كمال : لازم تذكرى الكتب اللى بدهالك كويس ...... علشان تكونى متمكنة بالعلم والخبرة العملية .... يلا يا دكتورة على مكتبك

هدى : لا يا عمى ..... دكتورة في الشتا بس .... وفى الصيف مع حضرتك مهندسة


معتز : مش عارف ليه كل ما قرب منك بتبعدى ؟

هدى ( يحمر وجهها ): بشمهندس معتز ..... ليه بس الكلام اللى حضرتك بتقوله ده؟

معتز (يقترب اكثر ) : أكيد انتى فاهمة

هدى : بشمهندس بعد اذنك ..... انا مش فاهمة حاجة ..... ومش عايزة افهم حاجة ؟

معتز : السنة الدراسية قربت تبتدى ..... ومش هشوفك

هدى : بشمهندس بعد اذنك ..... احنا زمايل في المكتب .... وحضرتك بتعلمنى ..... وانا بقدر حضرتك جدا

معتز : بس انتى بالنسبالى اكتر من كده بكتير ..... ممكن نتكلم في مكان غير المكتب

هدى : انا اسفة جدا ..... لا في المكتب ولا بره المكتب

معتز : انتى فهمتينى غلط .... انا اسف مش قصدى

هدى : لو سمحت كفاية لحد كده

معتز : اهلا اهلا انسة شاهى

شاهى ( كانت تسمع كل كلمة قبل دخولها الى مكتب معتز وهدى ) : ازيك يا معتز عامل ايه؟

هدى : ازيك يا شاهى

شاهى : اهلا (بسرعة وعدم اهتمام لهدى) ....( بدلع ورقة ) معتز كنت عايزة رأيك ؟ انت عارف انى بثق في ذوقك جدا ..... عايز اغير ديكورات الشقة ..... عايزة شكل جديد


في اليوم التالى مهندس كمال : اقعدى يا هدى عايزك في موضوع مهم

هدى : خير يا عمى ..... عملت حاجة غلط

مهندس كمال : لا يا حبيبتى .... خير .... انتى طبعا عارفة مهندس معتز ..... رأيك فيه ايه ؟

هدى (بارتباك ): رأى فيه ... يعنى ايه ؟

مهندس كمال : اخلاقه يعنى وتعامله معاكى

هدى (بارتباك اكثر ) : كويس

مهندس كمال : يعنى لو اتقدملك ممكن توافقى عليه

هدى ( بخوف ) : لأ

مهندس كمال :لأ ليه ؟ .... انتى لسه بتقولى انه كويس .... وبصراحة هو أكفأ مهندس عندى ومحترم جدا وانا عارف اهله ناس كويسين جدا ..... وفوق كل ده بيحبك وعايز يتجوزك ...... راجل دوغرى ودخل الباب من بابه .... وكلمنى امبارح وعايز يعرف ردك .... علشان يكلم والدك

هدى بمنتهى القلق والخوف والارتباك ) : ارجوك يا عمى اعتذرله

مهندس كمال : ليه يا بينتى ؟ ده انسان كويس

هدى (وامتلأت عيناها بالدموع ) : علشان هو كويس .... بلاش يكلم بابا ..... حضرتك عارف بابا ورأيه ورد فعله .... وانا مش مستعدة انه يعمل معاه زى ما عمل مع مستر عادل

مهندس كمال : ادى نفسك فرصة تفكرى

هدى : افكر في ايه يا عمى ...... انا عارفة بابا ..... هيرفضه وهيمنعنى انى اشتغل مع حضرتك في الاجازة ..... وكده ممكن اموت فيها ..... اشيل ذنب انسان كل جريمته انه معجب بيا واتحرم من اكتر حاجة بحبها في حياتى ..... ارجوك يا عمى اعتذرله

مهندس كمال : يعنى تتنازلى عن الدراسة اللى بتحبيها وكمان مستقبلك وحلم كل بنت بالزوج والاولاد

هدى ( لا تجد غير الدموع )
تدقيق املائي ولغوي..فايرفلاي

ضعيفة مستسلمة ساكنة وصامتة, أكتم أحلامى وطموحاتى وأحاسيسى ورغباتي, أريد أن أحطم قيودى وأخرج من سجنى الجميل, ولكن سجنى لم يعد يحوطنى من الخارج, تقلص ليحطم عظامى ويقبع داخل قلبى وعقلى أصبحت أخاف من حلمى وأملى ومشاعرى, حياتى كانت ألوان, فأصبحت باهتة بلا حياة, حتى لا أجرح عن غير قصد قلب كل جريمته أنه وقع في الحب
هل أنا إنسانة ضعيفة مستسلمة, أم رقيقة لا أتحمل أن أكون سبب حزن وألم الأخرين؟


شاهى : ازيك يا هدى عاملة ايه؟

هدى : الحمد لله بخير

شاهى : إلحقينى يا هدى

هدى : خير إيه اللى حصل؟

شاهى : معتز ؟

هدى : ماله ؟

شاهى : طلب إيدى من بابا وبابا وافق

هدى (بدهشة ) : ألف مبروك

شاهى ( تنتظر أن ترى نظرة حزن ): الله يبارك فيكى عقبالك

هدى : فين المشكلة ؟

شاهى : المشكلة إنه متسربع أوى على الخطوبة بيحبنى قوي وبيعد الأيام علشان الخطوبة تتم

هدى : ألف مبروك, ربنا يتمم بخير

شاهى : محتجاكى ضرورى, أختار الفستان وشكل القاعة وكل التفاصيل, إنتى عارفة كل حاجة لازم تكون مظبوطة جداً جداً جداً

هدى : من عيوني حبيبتى, الخطوبة هتكون إمتى؟

شاهى : بعد الإمتحانات على طول

هدى : الوقت ضيق جداً, امتحانات سنة تالتة فاضل عليها أسبوعين بس, يا دوب أستعد

شاهى : إحنا إخوات, مش كنت بتقولى كده دايماً, ما تتخليش عنى وأنا محتاجة لوجودك جنبي ضوروي في المرحلة الجاية ؟ ولا ساعة الجد تتخلى عنى؟

هدى (تحضن شاهى وتقبلها ) طبعاً أخوات وأنا تحت أمرك, قولى إنت بتفكرى في إيه؟

شاهى : عايزة أكون أحلى عروسة, الألوان ايه الألوان اللي بتليق عليا أكتر, وأحدث التسريحات والمكياج, والفستان لازم يكون جديد ورائع وتحفة تليق بي. وأهم حاجة إنه يليق عليا, وأكون فيه ولا أحلى أميرة, اما القاعة "الكوشة" وشكلها, لازم تكون جديدة وتحفة وماتعملتش قبل كده, وألوان المفارش على التربيزات, والورد وفساتين البنات وكل حاجة, لازم تختارى معايا وتفرحيني, سمعت إن فيه في الفندق مهندسة متخصصة تنفذ الافكار, ايه رأيك لما نستعين بيها تساعدنا أكيد عندها أجدد الأفكار

هدى تحتضن شاهي بقوة
هدى: ماشي كلامك يا أحلى عروسة, أنت تأمري.


مرت عشر أيام تجتمع هدى وشاهى لساعات طويلة تفكر هدى وترسم ثم تعرض الرسومات على شاهى لتطورها وتعدل منها ثم تطرح فكرة جديدة لتعود هدى تفكر وترسم من جديد, عشرات المجلات عن الموضة والمكياج., تختار منها الكثير ثم لا يعجبها لا هذا وذاك, عشرات التصميمات والألوان والأفكار قامت بها هدى لترضى ذوق شاهى صعبة الارضاء, وبعد الاستقرار على الفستان وفساتين البنات الوصيفات وشكل القاعة والديكور والكوشة وكل هذه الأشياء أعطت هدى لشاهى كل الرسومات والتصورات لتدخل مجال التنفيذ .
هدى : حفلة الخطوبة كانت حلوة أوى, عقبالك يا جميل

بسمة : عقبالك أنت كمان, بصراحة أنا مش مصدقة اللى حصل

هدى : في إيه؟

بسمة : بتسألى في إيه؟ بعد كل التعب والوقت اللى ضيعتيه مع شاهى علشان التجهيزات, تكون الحفلة شكل تانى خالص

هدى : الغلطة مش غلطتها, هى جت من أسبوع وقالتى إن باباها جاب لها فستان من إيطاليا كان عامله مفاجأة ليها, والتصميمات للقاعة كمان صممها مهندس إيطالى كبير أوى

بسمة : بصراحة اللى حاجات اللى كنت عاملاها أحلى وأرق بكتير

هدى : ماما برضه قالتى كده وزعلت أوى علشان ضيعت وقتى على الفاضى

بسمة : مش عارفة إنتى إستحملتيها إزاى, أنا كنت بقعد معاكم ساعة واحدة بحس إن روحى هتطلع مفيش حاجة عجباها وكل كلمتين تقولك, أصل معتز بيحبنى أوى, أصله بيموت فيا, بيتمنى رضايا بابا هيدفع وبابا مستعد يعملى كل حاجة وطريقتها اللى تنقط وتشل دي

هدى : كنت أعمل إيه؟ أقولها لأ مش هساعدك وهى اللى طلبت منى؟

بسمة : خليكى كده على نياتك, ولا معتز اللى ضيعتيه من إيدك .

هدى : بلاش الكلام ده

بسمة : عنيه كانت عليكى كل الوقت, أكيد لسه بيحبك

هدى : ما ينفعش تقولى كده, ده خطيب شاهى وهى زى أختى بالظبط

بسمة : هدى هسألك ولازم تردى عليا بالصدق

هدى : أسألى

بسمة : إنت بتحبيه؟

هدى : لأ لأ لأ, ومش بحب حد, وإنت عارفة السبب كويس, في كل مكان بتجنب الناس وبتعامل رسمى جداً وبصد أى واحد بيحاول يتقرب منى, أنا مش عايزة أكون السبب في حرج وألم لأي إنسان أنا طبيبة بعالج الناس من الألم ومش ممكن أكون سبب لألم أى إنسان حتى لو غصب عنى

بسمة : بصراحة معتز إنسان ممتاز ما يتسبش ولولا شاهى وحكاية الشقة اللى فضلت ست شهور تعملها الديكورات وتقريبا أقامت عند بابا في المكتب . كنت أنا غيرت الديكورات واتجوزت معتز هههههههههههههه

هدى : يلا إحنا فيها, ما تنزلى المكتب وتشتغلى أى حاجة علشان نكون مع بعض

بسمة : يا بنتى هوه أنا زيك, طول السنة مذاكرة عايزة أريح دماغى وأفرفش شوية من نفسي
صفاء (زميلة هدى في كلية الطب ) : انتى السنة دى مش عجبانى خالص, حزينة وسرحانة ومش مركزة في المذاكرة

هدى : خلاص يا صفاء مش متحملة أكتر من كده . حاسة في الكلية إنى مخنوقة مش قادرة أتنفس, فى المحاضرات مش بسمع ولا كلمة, ولما بفتح الكتب بتوه في الحروف وتضيع من أدامى

صفاء : أكيد عين وصابتك .

هدى : عين, عين إيه بس الله يهديكى

صفاء : الأولى تلت سنين, أكيد اتحسدتى

هدى : عارفة يا صفاء في الاجازة وانا بشتغل في مكتب عمى بحس بالدنيا والحياة وإنى عايشة, الوان وأشكال وتصميمات وأفكار وخيال, الشقة بتكون طوب وتراب, أبتدى أتخيل وأرسم وأدخل الألوان وأعمل التصميمات, أستغل المساحة الكبيرة, أو أوسع الضيقة وأحول العيوب إلى مميزات, وبعدين ندخل على الواقع تجهيزات وتركيبات وعمال, ألوان الأرضيات والحوائط الإضاءة المباشرة وغير المباشرة واللعب في بالاضواء بيعطى إحساس مختلف, السجاجيد والنجف والستاير التبلوهات والأبليكات والتحف, دى مودرن ودى كلاسيك ودى خليط, أذواق مختلفة, كل مكان بيكون ليه شكل وطابع وطريقة للتفكير, لحد ما تخرجي من تحت إيدك شركة أو مكتب أو شقة لعرسان جداد, إحساس جميل إنك تعملى من لا شىء حاجة جميلة تبهر الناس. أنا حاسة إنى مشتتة بين الكلية والمكتب, نفسى أرجع تانى وأكمل في الشغل اللي بحبه

صفاء : هانت كلها تلت سنين وتخلصى وتعملى اللى إنت عايزاه

هدى : تلت سنين حرام عليكى كتير قوي, كل ما أدخل الكلية أتخنق’ اللون الأبيض الباهت اللى في كل مكان بيقتلنى ويمسح الألوان من حياتى, كل الجدران والأرضيات أبيض باهت كل اللبس للدكاترة والممرضات والمساعدين والمرضى أبيض والسراير حتى الآلآت والأجهزة الطبية كلها أبيض x أبيض ريحة الفورمالين والفنيك والديتول خنقتنى, الآهات والشكوى اللى مش بتنتهى, تعبت مش لاقية نفسى, والسنة دى مش قادرة أفهم أو أركز في حاجة, عارفة لسه ما كملت عشرين سنة, وحاسة إن عندى ميت سنة, هفضل لحد إمتى وعمرى بيتسرب من بين إيديا, خلاص قررت أسيب الكلية .

صفاء : تسيبى الكلية ؟؟؟؟ إنت اتخبلت يا بت, ومستقبلك وسنين المذاكرة والتعب وأنا, أنا أعمل إيه من غيرك؟ تسيبنى, إنت صحبتى الوحيدة وإنت إللى بتذاكري لى

هدى : ما تصعبيش القرار عليا, وبعدين أشرحلك إيه ؟ أنا مش فاهمة حاجة أصلا

صفاء : في حد يسيب كلية الطب ؟ دا أنا مستنية أتخرج بفارغ الصبر علشان أشتغل دكتورة في بلدنا, دا الطب ده أحسن مهنة وبيخدم الناس, كفاية إنك تنقذى مريض من الموت, وتسمعى دعوة حلوة من المريض وأهله . دانا سايبة بلدنا ومتغربة علشان كلية الطب.

هدى : كل الكلام اللى بتقوليه مظبوط وجميل وعلى عينى وراسى, بس أنا مش طايقة الكلية, بقعد في المدرج وعينى على الشباك نفسى أخرج, وبستنى بفارع الصبر المحاضرة تخلص علشان أخرج من المدرج أنتى مش قادرة تحسى بيا, إنت حلمك كلية الطب وحققتيه لكن أنا لأ.

صفاء : كل حلمى أكون دكتورة في بلدنا, بعد وفاة أمى الله يرحمها خدت عهد على نفسى إنى أكون دكتورة وشاطرة كمان, إنت عارفة الستات في بلدنا بتتكسف من الدكاترة الرجالة, وأمى كان عندها سلطان في الثدى وفضلت ساكتة لحد ما وصل لمراحل متأخرة جدا . ولما كشفت كان فات الوقت, الله يرحمها,وإنت كمان عايزة تسيبنى؟ إنتى صحبتى الوحيدة وبتشرحي لى كل الحاجات الصعبة, يهون عليكى أشيل المادة بسببك؟

هدى : الله يرحمها, وإنت يا حبيبتى أكيد هتلاقى صديقة جديدة ,واشرحلك إيه هو هانا فاهمة حاجة إنت كمان؟

صفاء : ركزى واستهدى بالله وإنت هتفهى كل حاجة .

هدى : سبحان الله اللى يشوفك النهادرة ما يشوفكيش أول يوم عرفتك فيه

صفاء : ما يبقاش قلبك أسود, كلهم كان بيقولوا عليكى مغرورة وطالعة فيها ومش بيهمك حد, بنت رئيس قسم المخ والأعصاب والرابعة على الثانوية العامة, وبتيجى الكلية بعربية أحدث موديل ولبسك آخر شياكة, ولوحدك مش بتكلمى حد, وأنا صعيدية ودم حامى جيتي حضرتك بهدلتى هدومى بعربيتك اللى طرطشت عليا طين, فرطنت لك واديتك من المنقي خيار اللى فيه القسمة من البهدلة والزعيق ههههههههههه

هدى : وأنا فضلت أعتذرك وأتأسف لك, وعرضت عليكأوصلك المدينة الجامعة بالعربية أنضف لك هدومك, واشتري لك غيرهم لو عايزة وإنت مش ساكتة ولا حتى عايزة تسمعى

صفاء : ما محبة إلا بعد عداوة ..وبقينا زى السمن على العسل, وعرفتك على حقيقتك, طيبة ومتواضعة .

هدى : مش عايزة أحضر المحاضرة الأخيرة تعالى نخرج من المدرج ونقعد في الكافتريا شوية

صفاء : إلا محاضرة الدكتور سعيد فهمى ده صعب جداً ولازم نحضر

هدى : بصراحة مش بفهم منه ولا كلمة ودماغى مش مستحمله النهاردة ولا جايب معايا

صفاء : أسكتى أهوه جه ومين إللى معاه ده, شكله معيد جديد


لا أهتم بالوجوه وأرسم الطبيعة, الورد والشجر والسماء والماء والطيور, لا أعرف متى خرجت أقلامى وأوراقى, ترسم أناملى, الوجه الأبيض البيضاوى الذى اكتسب بعض السمرة من الشمس والذقن البارز والأنف الحاد, جبهة عريضة يقطعها سواد الحاجب, وعيون بنية واسعة وقوية فيها نظرة ثابتة تخفى الكثير, والشعر الأسود القصير ناعم ولامع ومصفف بعناية, ملامح تحمل الرجولة والوسامة والاعتزاز بالنفس, يجلس باعتدال منصت ومنتبه, يوزع النظرات ويتابع الكلمات في ثبات, يخلو الوجه من التعبيرات ولكن تحمل العيون الكثير من الحزن الدفين .

دكتور سعيد : هدى إشرحي المعادلة إللى قلتها دلوقتي
صفاء : هدى فوقى دكتور سعيد بيسألك

هدى (بارتباك ) : حضرتك بتسألنى

دكتور سعيد : بسألك ؟ ما أنت حضرتك سرحانة مش حاسة إنك في محاضرة, منتهى الاستهانة والاستهتار. على حد علمى إنك الأولى في السنين اللي فاتت مش كده, بس يا آنسة, التربية قبل العلم وأنت لازم تتعلمي الأدب والاحترام للمحاضر اللي تاعب نفسه وواقف علشان يوصلك معلومة ممكن تفيدك في الامتحان ولازم تعرفى إزاى تنتبهي في المحاضرة, وأقل عقاب للأولى على الدفعة إنك حضرتك محرومة لآخر السنة من حضور محاضراتي ودرجات الشفوي, صفر


صفاء : كفاية يا حبيبتي هدى نفسك

هدى تحول وجهها إلى اللون الأحمر وعيناها أصبحت مثل ثمرة الطماطم الناضجة تبكى بصوت مسموع وتصدر شهقات متتالية

صفاء : يا ريتني سمعت كلامك وخرجنا قبل المحاضرة

هدى (تقوم وتجمع كتبها وأوراقها بسرعة ) : مش جاية الكلية دي تاني خلاص كفاية كده

صفاء ( تجرى خلف هدى لتلحق بها ): يا بنتى استني واستهدى بالله, ما ينفعش تسوقى وأنت في حالتك دى.

تخرج هدى بسرعة من باب قاعة المحاضرات لتصطدم بشخص وتسقط الكتب والأوراق من بين يديها على الأرض وتنحني معه في وقت واحد لتجمع الكتب والأوراق ومن بينهم صورة الوجه الذي رسمته في المحاضرة تمسك بالصورة وفى نفس الوقت يمسك بها الشخص فيراها فتسحبها هدى بسرعة لتضعها بين الأوراق ثم تعتدل وتأخذ باقى الكتب وترفع وجهها لتعتذر عن الاصطدام لتصدم بنفس الوجه الذي رسمته من قليل نفس الملامح ولكن نظرة العين الثابتة تغيرت إلى نظرة تحمل التعجب والكثير من الشفقة, تتسارع دقات قلبها وتنخفض حرارتها الملتهبة من الانفعال لتصبح كتمثال من الثلج لا تقوى على الحركة, مرت لحظة الصمت وكأنها دهر تريد الهروب وتأبى الأقدام التحرك


صفاء : استنى يا هدى أنا جاية معاكى

هدى (التي ما إن سمعت صوت صفاء حتى عادت إلى الواقع ولم تجد غير الهروب والاستمرار في الهرولة إلى أن تصل للسيارة وتركته بين التعجب والذهول من تصرفاتها الغريبة

صفاء : كفاية جرى تعبت ونفسى اتقطع حرام عليكي

تتعثر هدى وتكاد تسقط, فالرؤية غير واضحة من الدموع, ورأسها يدور من الأفكار التي اختلطت داخل رأسها, الاختناق وكلمات الإهانة والصورة وصاحب الصورة, كل هذه الأفكار تتزاحم لتشوش على عقلها فتلحقها صفاء قبل أن تنهار وتمسك يدها وتأخذ منها الكتب والأوراق وتقودها بهدوء إلى الكافتريا
لم تمر غير دقائق قليلة وصفاء تحاول تهدأت هدى حتى رأت صاحب الوجه يتقدم نحو الفتاتين ممسك بيده كوبين من عصير البرتقال

الشخص : ممكن تشربي العصير علشان تهدى شوية

هدى (تخفى وجهها الذى عاد إلى التوهج باللون الأحمر بين يديها فهى لا تريد أن يراها أو تراها وهى تعلم أنه رأى الصورة وعرف أنها له, كل ما تفكر فيه, هو ماذاالذي سيقوله عنها؟ لماذا رسمت صورته ؟ كيف تهرب من أمامه مرة أخرى؟)
الشخص : بصراحة رد فعلك زيادة أوى, ليكى حق تزعلى وتتنرفزى بس مش للدرجة دي

صفاء : أصلها كانت مخنوقة شوية وعايزة تسيب الكلية

الشخص : تسيب الكلية مرة واحدة, ليه كل ده ؟

صفاء : أصلها بتحب الرسم وبتكره كلية الطب والدها هو اللى غاصب عليها

هدى تنزل يدها من وجهها وتنظر لصفاء شذراً لتتوقف عن الكلام ويراها الشخص ويفهم قصدها

الشخص : أحب أعرفكم بنفسى, دكتور يوسف, معيد في قسم العظام

صفاء : صفاء عبد المقصود صالح وهدى شاكر عبد اللطيف

دكتور يوسف ( وقد تغيرت نبرة صوته الى الحزم ): إشربي العصير بلاش دلع بدل ما شربهولك بالعافية ضغطك بينخفض وممكن يغمى عليكى ونضطر ننقلك للمستشفى ونركبلك محاليل,( وفى اللحظة يتقدم النادل ومعه طبق به عدة سندوتشات طلبها يوسف من قبل ) و كمان تاكلى السندوتشات دي كلها وإلا هأكلها لك برضه بالعافية

لا تجد هدى أمامها غير شرب العصير وأكل السندوتشات فهى لا تقوى على السير أو الكلام أو حتى أن ترفع رأسها لتجادله, وفى هذه الأثناء كانت صفاء تحكى للدكتور يوسف عن هدى وحالتها النفسية وأنها غير قادرة على الفهم والتركيز, حتى هدأت هدى وتوقفت الدموع عن الهطول وعاد لون وجهها إلى الابيض المشرب ببعض الحمرة ولكن تشعر بالبرد فنحن في شهر نوفمبر وكانت تتصبب عرقا من البكاء والانفعال وعندما هدأت شعرت بالبرد وتسببت نسمة من نسمات الخريف في أن تعطس

يوسف : يرحمكم الله, أنت هتتعبى ولا إيه,( وهم بخلع الجاكت وإعطائه لها)

هدى (أخيرا وقد طاوعها لسانها على الكلام أخيراً ): لأ شكراً مافيش داعي الجاكت بتاعى في العربية
يوسف ( بحزم ) : عقبال ما توصلى العربية يكون جالك نزلة شعبية ترقدى فيها شهر, بلاش تجادلى وقام بهدوء ووضع الجاكت على كتفها

وبعدها لا تدرى هدى الدفء الذي دب في جسدها من الجاكت أم من الخجل

يوسف (وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامه جميلة وارتسمت في عينيه نظرة حانية وتكلم بصوت يملؤه الحنان) : أنت كده شكلك بقي أفضل وشك رجع للونه الطبيعى وشفايفك احمرت كنا فين شوية وشك يحمر زى الطماطم وشفايفك تزرق وشوية وشك يصفر وشفايفك تبيض .

صفاء : ربنا يكرمك يا دكتور مش عارفين نشكرك ازاى؟

هدى ( نهضت ووجهت كلامها لصفاء ) : يلا علشان نروح إحنا أتأخرنا أوى وماما هتقلق

ثم وجهت كلامها ليوسف : شكراً يا دكتور وآسفة أوى إنى عطلتك, وهمت بخلع الجاكت ولكن يوسف أوقفها

يوسف: العفو خلى بالك من نفسك, وخلى الجاكت معاكى وهاخده منك بكره

هدى : معلش خده دلوقتى, لأنى مش جاية الكلية تانى

يوسف : هتيجى وهتكملى وهتنجحى بامتياز زى كل سنة

هدى تتغير ملامح وجهها للضيق

يوسف : بلاش تاخدى قرار وأنت غضبانة ومنفعلة .استهدى بالله واتوضى وصلى ركعتين لله وكل مشاكلك هتتحل, وأنا مستعد أشرح لك كل الحاجات اللى مش فهماها وأما دكتور سعيد فمشكلته ممكن تتحل إن شاء الله

أخرجت هدى نفس طويل, ولم ترد

يوسف : هنتظرك بكرة,و... تجيبى الجاكت معاك, أنا محتاجه, وإلا جالي نزلة برد أنا كمان, يرضيكي

هدى تجمع الكتب والأوراق من فوق الطاولة لتظهر صورة وجه يوسف مرة أخرى فيراها ويبتسم ابتسامة تضىء الحياة وتعيد الألوان حول هدى, ويدق قلبها دقات متتالية وترتكبك ويحمر وجهها.
صفاء : أنت كويسة دلوقتى, وهتقدرى تسوقى ولا أوقف تاكسى, العمر مش بعزقة يا بنت الدكتور

هدى : الحمد لله أنا أحسن بكتير, اتفضلى علشان أوصلك المدينة الجامعية وألحق أروح, أنا تأخرت

صفاء : الدكتور يوسف ده شكله شهم وطيب أوى

هدى : أيوة أيوة فكرتيني يا ست هانم, هولسانك ده مش بيبطل كلام, لوك لوك لوك, فيه إيه؟ حكيتى قصة حياتى, وعمالة أشاور لك بعينيا, علشان تسكتى أو حتى تفرملي, وأنت ولا أنت هنا, لولا إنى تعبانة ومفيش فيا نفس كنت وريتك, هعمل فيكى إيه؟ بس ملحوقة, ملحوقة يا أنسة صفاء

صفاء : أنا كنت فكراه قريبك أو حد تعرفيه علشان صورته اللي انت راسماها .

هدى : لأ يا ستى معرفوش وأول مرة أشوفه

صفاء :و رسمتيه ليه؟
هدى "لحظة تفكير وصمت" : مش عارفة

صفاء : بصراحة هو يستاهل يترسم ده أحلى من نجوم السينما

هدى : طب اتفضلى أدينا وصلنا المدينة الجامعية

صفاء : خلى بالك من نفسك, هتصل أطمئن عليك. وهستناكى بكرة إوعى ما تجيش


وفى منزل هدى

هدى : سلام عليكم, إزيك يا ماما عاملة إيه ؟

هند : الحمد لله يا حبيبتى, إيه ده يا هدى متأخرة ليه, مالك في حاجة حصلت؟

هدى : يعنى مشكلة بسيطة وإن شاء الله تتحل, هدخل أنام شوية علشان تعبانة, عن إذنك يا ماما


بسمة : صحى النوم, ناموسيتك كحلى بقالك أربع ساعات نايمة وكأنك نايمة في بير مالوش آخر

هدى : أهلا بسمة, ياه أنا نمت كتير فعلا, معلش أصلى كنت تعبانة أوى

بسمة : أنت شكلك تعبان فعلا وعينيك منفخة, أنت كنت بتعيطي

هدى : الحمد لله أنك جيتى أنا فعلا محتاجة ليكى أوى . استنينى شوية أظبط حالى وأتوضى وأصلى ونتكلم



شاهى : إزيك يا داليا عاملة إيه؟

داليا : الحمد لله . وإتى عاملة إيه؟

شاهى : زفت وأرف, لسه ماما مزعقة معايا وبابا كمان إدانى كلمتين في عضمى

داليا : ليه كده بس؟
شاهى : كله بسبب معتز, أنا اللى عملت كده في نفسى

داليا: معتز عمل إيه تاني؟

شاهى : بيشتكى من طريقة معاملتى وردودى عليه وإنى مش بسمع كلامه وإنى بحرجه وبجرحه وبتدخل في شغله وأنه تعب من كتر الخناقات بينا, وطبعا بابا وماما في صفه شايفينه إنسان ممتاز وهايل وكل كلامه صح

داليا : وإنتى هتعملى إيه؟

شاهى : أنا وراه لحد ما أطفشه

داليا : إزاى يا شاهى, ده انتى فضلتى تجرى وراه ست شهور وكنت مستنية اليوم اللي يخطبك فيه من, تقولى دلوقتى أطفشه

شاهى : معتز ده مش الاستايل بتاعى وعمرى ما هتجوزه أبداً, ده من النوع الطيب الهادى الكلاسيكى من البيت للشغل ومن الشغل للبيت وكل كلامه عن القيم والمبادىء والمستقبل والحاجات القديمة دى

داليا : وإيه اللى اتغير ؟ من أول يوم وإنت عارفة كده . وبرده كنت بتجرى وراه

شاهى : خلاص يا بنتى مش طايقة, لما بشوفه ببقا عايزة أغمض عنيا ولما بيتكلم يبقى نفسى أسد ودانى حاسة كأنى في حصة تاريخ وواقف أدامى أستاذ من العصر الحجري, أنا عايزة واحد ستايل وشيك وغنى جداً وعنده عربية أحدث موديل وساكن في قصر فخم ويسفرنى أوروبا كل سنة أتفسح واعمل شوبنج ويكون متربى بره وأفكاره متحررة وبيقدر الشياكة والجمال بيتكلم ويهزر والبنات تتجنن لما تشوفه وتبقى هتموت نفسها عليه مش البشمهندس معتز

داليا : سبحان مغير الأحوال دانتى كنت هتتجننى عليه

شاهى : كل الحكاية إنى سمعته بيتكلم مع هدى وفهمت من كلامه إنه بيحبها وعايز يرتبط بيها, ومن ساعتها وأنا حطيته في دماغى

داليا : إزاى كده ؟ أنا مش فاهمة حاجة

شاهى : كنت عايزة أغيظها وأوصل لها رسالة, إن معتز اللى بيحبك أول ما شافنى نساكى, وأنها ولا حاجة ولا تتقارن بيا أصلا

داليا : وأنتى عملت كده إزاى؟

شاهى : إنت عارفة كنا عايزين نغير ديكورات الشقة وفضلت ملازماه ست شهور طول النهار في المكتب أغير وأعدل في التصميمات وننزل نشترى الحاجات مع بعض وبليل تليفونات

داليا : وإزاى خلتيه يتقدملك؟

شاهى : هو في حد يقاوم الشياكة والرقة والجمال دانا شاهى يا بنتى

داليا : إنت هتقوليلى,س بس هوه مش كان بيحب هدى خلتيه ينساها إزاى ؟

شاهى (بضيق ) : كان في مرة زعلان وطلبت منه إنه يحكي لى يمكن أحل له مشكلته,فصدمنى بحبه لهدى وصدها المستمر ليه, وكانت فرصتى عملت فيها البرئية اللي خايفة علي مشاعره وإنى هقوله على السر علشان هو غالى عندى أوى ومايرضنيني إنه يتعذب ويضيع عمره في وهم

داليا : قولتيله إيه؟

شاهى : قولتله إن هدى بتحب واحد زميلها في الكلية ومتفقين على الجواز لما يخلصوا الكلية, وان بينهم قصة حب قوية جداً وعمرها ما هتفكر في واحد غيره وإن ده سر ما كان ممكن أقوله أبدا لولا إنه صعبان عليا وطبعا هو اتصدم وفضلت أخفف عنه وأقوله إن في ألف واحدة تتمنى إنها ترتبط بيه وإنه لو دور حوليه هيشوف قلب بيحبه وبيخاف عليه "اللي هي أنا طبعاً" وفضلت على النغمة دى لحد ما سلم واتقدم

داليا : ياه يا شاهى أنت مش سهلة

شاهى : بس اللى يغيظ إنها ولا هنا كان نفسى أشوف في عينها الحزن والحسرة والانكسار بس استقبلت الخبر عادى جدا

داليا : أما أنت بتكرهيها أوى كده كنت عايزاها تصمم لك الفستان وتعمل ديكورات القاعدة

شاهى : لما لاقتها مازعلتش قولت اعمل فيها حركة علشان أغيظها أكتر وأضيع وقتها وأشغلها قبل الامتحانات, أنت عارفة كل حاجاتي لازم تكون من بره هدى مين دي اللى تعملي حاجة, إنت عارفة ذوقي كويس



داليا : وعملت إيه يا أم الأفكار الشريرة؟

شاهى : دانا شاهى والأجر على الله, فرستها وضعيت وقتها وتعبتها وفى الآخر قولت لها, آسفة, بابا عمل لى مفاجأة كل حاجة جاهزة ومن بره

داليا : وهى عملت فيك إيه لما قولت لها؟ بصراحة أنا لو منها كنت خنقتك

شاهى : حرقت دمى ولا اتهزت وقالت لى ألف مبروك واللى فرسنى أكتر انها نجحت بامتياز وبرده طلعت الأولى وأنا شلت خمس مواد وبعيد السنة

داليا : يا حبيبتى طلعيها من دماغك وكفاية كده

شاهى : لأ طبعا وخدت حقى في الاجازة

داليا : ازاى ؟

شاهى : هى نزلت المكتب ومعتز هو اللى بيشرح لها وبيساعدها, طبعاً ما سكت على طول في المكتب وكل شوية خناقات ومشاكل وكلام زي السم لحد لما زهقت وراحت لخالي كمال وقالت له إنها عايزة تشتغل مع مهندس تاني

داليا : وعمل إيه؟

شاهى : فعلا قالها تشتغل مع مهندس صفوت ونقلها أوضة تانية

داليا : وطبعا أنت فرحتى بكده

شاهى : يا فرحة ما تمت, خالى اتخانق معايا وقالى ان المكتب مكان شغل وخطيبى في البيت عندنا وإنى ممنوعة من دخول المكتب تانى ومعتز زعلان منى علشان بتدخل في شغله وخليت شكله وحش وإحنا في مشاكل مش بتنتهى وبابا وماما في صفه كنت فاكرة إنى هفرح في الخطوبة وأدلع وأعيش يومين لكن قلبت بغم وأنا وراه لحد لما أطفشه
بسمة : الله الله صورة مين ده ؟

هدى : نائب عندنا في الكلية

بسمة : بجد دكتور في الكلية, ده أحلى من نجوم السينما, لما تشوفيه اسأليه مش عايز درس فرنساوى, ههههههه

هدى( تراقب بسمة وهى تنظر للصورة ) : مش هشوفه تانى لأنى مش هروح الكلية تانى

بسمة : إيه إيه, مش رايحة الكلية؟ يعني إيه الكلام ده, انت بتتكلمي جد.

وأخذت هدى تسرد لها ما حدث من الصباح وحتى الآن

بسمة : وأنت حكيتى لطنط هند القصة دى؟

هدى: طبعا لأ, أقولها إيه أنت كمان ؟ كنت قاعدة في المحاضرة سرحانة وبرسم والدكتور مسح بيا الأرض, وعايزة أسيب الكلية وأنا في سنة رابعة, الرد معروف من غير كلام ثم إن ماما رأيها زى بابا بالظبط والحكاية هتتعقد أكتر بضغطهم عليا

بسمة : يعنى إنت هتسيبى الكلية وتعمليها مفاجأة ؟

هدى : عليك نور, مفاجأة, بكرة إن شاء الله أسحب ورقى من طب وأقدمه في فنون تطبيقية

بسمة : أه وترجعى الجاكت بالمرة

هدى (بارتباك ) : لألأ صفاء هي اللي هترجعه لصاحبه

بسمة : طب عينى في عينك كده؟ أنت رسمتيه ليه لما أنت مش عاوزة حتى تشوفيه؟

هدى: "صمت وتفكير" يمكن مش هتصديقنى, أنا مش عارفة بالظبط رسمته ليه سألت نفسى السؤال ده وبدور على إجابة, امتى طلعت الورق والقلم ورسمته مش عارفة

بسمة : طب حسيتى بإيه لما شوفتيه؟

هدى: حسيت إحساس غريب أول لما دخل القاعة مع انها أول مرة أشوفه بس كأنى أعرفه من زمان وشوفته كتير . شوفته في أحلامى بيتحرك ويتكلم بس من بعيد مش عارفه أفسر ملامحه كويس بنفس الهيئة بس الملامح مش واضحه . عارفة لما تتمنى أمنية وتتحقق, لما تحلمى والحلم يتجسد, لما تكون ضايعة منك حاجة غالية أوى وتلاقيها عارفة لما تبقى عندك صورة كاملة لشخص وناقصة الوجه علشان تكمل ونفسك تلاقيها, والنهادرة لقيته, فضلت أرسم بسرعة قبل ما تتبخر ملامحه وتختفى زى الحلم

بسمة : يا لهوي عليكي يا هدى, كل ده ومش عايزة تشوفيه تانى ؟

هدى:كفاية أوى إللى حصل والمشاكل إللى عندى, دانا كنت هموت من الكسوف ومش قادرة أتكلم, إفرضى أنه سألنى عن صورته رسمتها ليه؟ أقوله إيه؟

بسمة : مش عارفة أقولك إيه؟ بس قبل ما تاخدى أى قرار صلى استخارة وربنا يفرجها

هدى : حاضر يا ستنا الشيخة وأنت ما تنسيناش من بركة دعواتك.

هدى : صباح الخير يا ماما عاملة إيه؟

هند (والدة هدى) : صباح النور يا حبيبتى, أنا كويسة النهاردة الحمد لله.

هدى : الحمد لله يا ماما أحسن

هند : حاسة إن فيه حاجة وأنت مخبياها عليا, فين ابتسامتك الجميلة اللي بتنور وشك على الصبح

هدى : إنت عارفة يا ماما الكلية صعبة والمواد تقيلة

هند : إيه رأيك نسافر خميس وجمعة اسكندرية أو أى مكان تحبيه ونغير جو؟

هدى : يا ريت يا ماما لحسن أعصابى خلاص مش مستحملة

هند : علشان خاطر ماما عايزة أشوف ابتسامتك الحلوة

هدى (ابتسم ) : بس كده أنت تأمرى يا ست الكل وطبعت قبلة على خد والدتها

هند : وليا طلب تانى عندك

هدى : أأمرى يا حبى أنا تحت أمرك

هند : ممكن تغيرى الجينز والبلوزة والكحكة اللى أنت عملاها فوق راسك دي, وتلبسى حاجة شيك تليق ببنتى حبيبتى

ارتدت هدى جيب بنى غامق من قماش الصوف لتحت الركبة وجاكت كارو قصير يحمل درجات البنى ومن تحته بلوزة بنفس لون الجيب وبوت طويل ورفعت شعرها الطويل بشريط بنى وتركت بعض الخصلات طليقة لتضفى جمال لوجهها الذى أضافت ليه لمسات رقيقة من المكياج لتخفى آثار الإرهاق وحملت حقيبتها وقبلت يد والدتها وذهبت للكلية

صفاء :الحمد لله إنك جيتى كنت خايفة لتعملي اللي في دماغك.

هدى : وأدينى جيت

صفاء : بس قوليلى إيه الشياكة والأناقة دى كلها

هدى : بعض ما عندكم

صفاء : يلا علشان ندخل المحاضرة

هدى : أنا مش هحضر المحاضرة, خدى الجاكت وإديه للدكتور يوسف واشكريه بالنيابة عنى

صفاء : يعنى مش هتقابليه؟

هدى : يلا سلام خلينى أمشى وأشوف ورايا إيه ؟

صفاء : أيوه فعلاً شوفى إللى وراكى

يوسف (وكان خلف هدى مباشرتاً ): أنت اتأخرت ليه؟ أنا منتظرك من بدري
كل ما خططت له هدى هدم في لحظة, قررت أن تعطى الجاكت لصفاء لترده لدكتور يوسف كي تهرب من مواجهته وتذهب إلى شئون الطلبة وتسحب ورقها لتقدمه إلى كلية الفنون التطبيقة, وأعدت نفسها لمواجهة والدها ووالدتها ولكن كلمة واحدة من دكتور يوسف جعلتها كتمثال الشمع بلا حركة ولا كلمة ولا نفس

يوسف ( يلوح بيده أمام عيني هدى المفتوحة في ذهول لا تتحرك ولا ترمش ) : هااااااااه أنت رحتى فين, أنت علي طول سرحانة في دنيا تانية, يلا تعالى بسرعة "ويجذبها من يدها لتتحرك معه ويمشى بخطوات سريعة في طرقات الجامعة"

هدى " تحاول إفلات يدها من يده التي يجذبها بها لتمشى بسرعة ): استنى أنت, ساحبني كده على فين؟

يوسف : على مكتب دكتور سعيد لأنه مستنيكى

هدى : دكتور سعيد مستنينى ليه؟

يوسف "توقف عن المشى" : الدكتور كان عايزك في مكتبه إمبارح وقال لى أناديكى لكن كانت حالتك حالة

هدى "بخوف": ليه هو مش كفاية اللى قاله ليا, كان عايز يكمل عليا ولا إيه؟
هيدينى صفر في العملى والنظرى كمان؟

يوسف : بالعكس دكتور سعيد طيب جداً وبيحب شغله جداً علشان كده بينفعل لما طالب ينشغل عن المحاضرة

هدى : وانا هروح أعمل إيه دلوقت ؟

يوسف "ينظر إلى عينيها نظرة هادئة": أنت عارفة إنك غلطتى, وأي حد بيغلط لازم إيه..

هدى : يعتذر

يوسف : برافو عليكى, يلا بسرعة لأن الدكتور عنده محاضرة وهيمشى بعدها على طول

هدى : يعنى أنت كنت مستنينى علشان كده بس؟

يوسف "بابتسامة" : لأ طبعاً "ويسحب من بين يديها الجاكت الذى تحتضنه" علشان آخد الجاكت بتاعي أصله غالى عليا أوى

تدخل هدى حجرة الدكتور سعيد وتغيب بضع دقائق وتخرج وعلى وجهها ابتسامة رضا

يوسف "كان يقف يسند ظهره على الحائط ينتظر خروجها وعندما خرجت": ها عملت إيه؟

هدى : اعتذرت له وقبل اعتذارى, وهيشيل صفر الشفوى بس المحاضرات مش هحضرها

يوسف : كويس جداً, أنت فاضية دلوقتى, زمان الدكتور دخل المدرج ومش هتلحقى المحاضرة

هدى : أيوه بس...

يوسف : من غير بسبسة, ده كتاب الفرما كولوجى, مش فاهمة فيه إيه؟

هدى : مش فاهمة فيه حاجة كله تركيبات أدوية وأنا مش بحب الكيميا


يوسف: اتفضلي لما نشوف, ومرت ثلاث ساعات من الشرح المتصل يشرح وهي تسمع, لم تشعر بمرور الوقت, فله صوت واضح وقوى يتحكم فى نبرات صوته فلا يشعر المستمع بالملل, ينتقل بخفة بين الصفحات ويسأل لتجيب لينشط ذهنها ويربط المعلومات ببعضها ويكتب بخط واضح وجميل يجبر من أمامه على الإنتباه لكل حرف يكتب أو يقال ولا تحتاج هدى لمجهود كبير لتحتفظ بما يقول, فكل كلمة ينطقها تحفر فى عقلها
يوسف : معقولة الساعة 11 ما حسيت بالوقت تعالى نروح الكافتريا نفطر, ايه معدتك مش بتوأوأ؟




هدى :أوك, بس أانا اللى هعزمك
يوسف "وقد تغيرت نظرته وأصبحت حادة " : طول ما أنت معايا ما تفكريش تدفعى قرش والكلام ده مش هكرره تانى




هدى : طب ما تزعلش أوى كده وبصوت منخفض "هو فى كده"





يوسف : لسه عايزة تسيبى الكلية ؟
هدى : أنا كنت جاية النهاردة علشان أسحب ورقى



يوسف : ممكن نتكلم بالعقل, أنت كلها سنتين وتخلصى وتحققى حلم والدك وتسعديه وبعدين أنت متفوقة والأولى يعنى الدراسة مش صعبة عليك وهوايتك اللى بتحبيها بتتعلميها وتدرسيها يعنى بتاخدى الخبرة والعلم فى وقت واحد ممكن تقوليلى خسرتى إيه؟



هدى : سنين عمرى بتضيع فى دراسة مش بحبها



يوسف : أنتى وافقت من الأول إنك تحققي حلم والدك وإيه اللى اتغير ؟
هدى : حالتي النفسية ومش قادرة أذاكر




يوسف : كل اللى مش فهماه حضريه ويوم الإتنين من الساعة 12 هكون عندك وأشرحه لك



هدى : بس مش هعطلك يعنى خايفة أتعبك



يوسف : لا ماتخافيش, وبالمرة أتمرن على التدريس فيكى يتكلم يوسف ويقطع بيديه بقايا العيش لقطع صغيرة جدا""



هدى : أنت بتعمل إيه؟

يوسف : تعالى شوفي, جمع قطع الخبر وبدء فى نثره على الأرض وبعد دقائق تجمعت بعض العصافير لتأكل بقايا الخبر

هدى : أنت بتحب العصافير ؟

يوسف : أيوة

هدى : بتربي عندك في البيت عصافير؟

يوسف : عندي ومش عندي

هدى : دى فزورة بقى ولا إيه
يوسف : ولا فزورة ولاحاجة, بحط فرافيت العيش على سور البلكونة والعصافير بتتجمع عليه بلعب معاها شوية وبعدين تطير

هدى : يعنى مافيش قفص

يوسف : العصافير ربنا خلقها علشان تطير, مرة أختى جابت لى عصفور فى قفص هدية وطيرته على طول

هدى : ليه؟

يوسف : حسيت اإنه حزين ومحبوس فتحت باب القفص وسبته, فطار

هدى : ما خفت عليه يموت من الجوع أو تاكله القطة؟

يوسف بابتسامة : لما عمره يخلص هيموت سواء فى القفص أو وهو حر على الأقل مات بعد ما عمل اللى هو عايزه وطار

هدى : عندك حق وابتسمت فى سعادة لمست قلبها وعقلها
وكأن النور عاد ليضئ المكان ويبدد ظلمة النفس, ونرى الدنيا تزينت بأجمل وأزهى الألوان,ذهب اللون الأبيض الباهت وحلت محله ألوان الورود تتداخل تتمايل تلقى بعبيرها فى كل مكان يحكى اللون الأبيض الناصع عن طيبته ودماثة خلقه واللون الأخضر يدور حولي ليحول المكان إلى بستان أخضر يحدثني عن رجولته وشهامته وعزة نفسه واللون الأزرق يتماوج سريعا ليرسم سماء صافية وبحر واسع ممتد على مرمى البصر, يصف جرأته وحسن تصرفه, واللون البنفسجي يتشكل بزهور صغيرة بديعة تحكى سر الغموض والحزن فى عيونه الجميلة, واللون الأصفر باقة زهور فى يدي تعبر عن غيرتي من العصافير التي تحظى باهتمامه ورعايته, وكم تمنيت لو كنت عصفور يطير حوله ويجذب انتباهه لأحصل على رعايته وحنانه, أما اللون الأحمر فهو قلبي الذي تغيرت دقاته وأصبح برواز لصورته التي تربعت وسكنته, ما هي تلك اللمسة السحرية التي غيرت الحياة من حولي, ما هو الشئ الذي يجعلنا نشعر بالنشاط لدرجة أن نسابق الريح, ويجعل أجسامنا خفيفة تطير في السماء لتلمس النجمات ويشعرنا بصفاء الروح والقلب وهناك طاقة كبيرة لنحب كل شئ وأي شئ, ولنا قدرة على تخطى كل الصعاب ويجعلنا ننسى كل تعب وإساءة, ونود مصافحة ومسامحة كل مسئ, ذلك الإحساس الذي يجعل البسمة تسكن الشفاه ويطرد الحزن ويجعلنا نسمع القلب وهو يعزف الحان الفرح والأمل عندما نتمنى أن يتوقف الزمن ولا يمضى عندما نخاف أن نكون في حلم ونستيقظ, بعض كلمات غيرت حياتي ليتك والدي تسمع كلماته وتطلق عصفورك الصغير ليطير ويغرد بجوارك حر طليق يملأ الدنيا غناء سعيد ويتوقف عن البكاء والخوف الذي يسكن القلب ليت الساعات تتوقف,
أظل مكاني أتابعه وهو يلاعب الطيور

يوسف : هدي هدي أنت روحتى فين؟ أنت على طول سرحانة وفى دنيا تانية

هدى : هاه أنت بتقول حاجة؟ معلش شكلي سرحت

يوسف : محتاجة منى حاجة قبل ما أروح؟

هدى : بصراحة مش عارفة أشكرك إزاى على كل إللى عملته معايا

يوسف : عايزة تشكرينى, تذاكرى وتطلعى الأولى ومتفكريش تسيبى الكلية

هدى : حاضر

يوسف : يوم الإتنين إوعى ما تجيش ولا أقولك خدي الجاكت بتاعي معاكي ضمان

هدى (بابتسامة ) : طب هاته علشان أضمن إنك أنت إللى تيجى, أنت كنت خايف عليه أوى

يوسف (بابتسامة ) : أشوفك يوم الإتنين, سلام

تابعته حتى اختفى عن عيناها ولكنه لم يمض وحيداً فقد تبعه قلبها وعقلها وروحها ولم يعطها غير وعد, وعد باللقاء وبعض الأوراق التي تحمل خطه الجميل المنسق, تنظر إلى الكلمات فترى صورته وتسمع صوته

صفاء : أنت هنا وأنا قالبة الكلية عليك ؟ إوعى تكوني سحبت ورقك

"وقد افاقت من حلمها"هدى: لأ يا ستى ما سحبتوش

صفاء : أمال عملت إيه؟

هدى : اعتذرت لدكتور سعيد وبعدين دكتور يوسف شرح لى شوية حاجات مش فهماها

صفاء : يشرحك من غيري

هدى : إن شاء الله هيجى يوم الإتنين الجاي ويكمل شرح

صفاء : يعنى خلاص مش هتسيبي الكلية؟

هدى : وأنا اقدر أستغنى عنك ؟
مرت شهور الشتاء وحل الربيع في ثوبه البديع ودكتور يوسف يأتي فى نفس الموعد والمكان كل يوم أثنين ليشرح لهدى وصفاء, تشعر هدى وكأن الورود تتفتح لها والعصافير تغرد لتغنى لها والأرض تتبدل وتتزين من أجل أن تفرح وتكتمل سعادتها, تخفى فرحتها بقدومه وتفضحها عيونها تكتم مشاعرها فمازال الخوف من الفراق يسيطر على عقلها لا تريد أن تخسره للأبد أو أن يتألم بسببها وتفضل الاحتفاظ به في قلبها ووجوده ساعات قليلة في حياتها كأستاذ وتلميذة, تراه وتسمع صوته لا تصارح أحد بحقيقة مشاعرها حتى نفسها فهي تخشى حتى إبداء مشاعرها لنفسها, اعتادت أن ترى صورته أمامها تزين كل صفحات كتبها, تتغير انفعالات الوجه ولكن الملامح واحدة تظهر طيبته ورقته وحزن يملأ عينيه الجميلة تنتهي من الرسم فترى صورته فتبتسم وتعيد كلماته في ذهنها تكتفي بوعد اللقاء وابتسامة و لا أكثر, في كثير من الأحيان تظن أنه يبادلها نفس الشعور وفى أحيان أخرى تشعر أنها لا تزيد عن أي طالبة في الدفعة يشرح لها ولكي تطرد الأفكار المزعجة تغرق في شعورها بالسعادة حين تراه, ودقات قلبها حين يبتسم وأملها حين الفراق بأمل في اللقاء, تتمنى أن تنتهي سنوات الدراسة سريعا لتتحرر من شرط والدها وتبذل جهدها لتعوض ما فاتها


هدى ( بقلق ) : ياه أنت شكلك تعبان أوى ؟ حساسس بأيه

يوسف : لا أبداً, شوية إرهاق, مطبق 48 ساعة في المستشفى وجيت من النبطشية على هنا

هدى : طب ليه جيت ؟ المفروض تستريح في البيت وتنام

يوسف : عادى أنا متعود على كده؟ ما تقلقيش أوى

صفاء : مش هينفع تجهد نفسك أكتر من كده ؟ نأجل الشرح للأسبوع الجاي

يوسف : أنا خايف عليكم

صفاء : إحنا مش عايزين نتعبك

يوسف : زى ما أنتم عايزين, طب ممكن نفطر لأنى من امبارح ما أكلت وهروح أنام ومش هاكل


صفاء : طيب أنا أستأذن علشان أدخل المحاضرة هتيجى يا هدى ؟

هدى : أنت عارفة انا محرومة من محاضرة دكتور سعيد لاخر السنة .

صفاء : طيب سلام و سلامتك يا دكتور

هدى : مش كتير 48 ساعة شغل متواصل

يوسف : من ساعة ما تم تعييني نائب في الجامعة وأنا تقريباً مقيم في المستشفى ببات فيها باليومين والتلاتة أحياناً, مش بروح البيت, الشغل كتير جداً وقسم العظام بالأخص حالاته كتير جداً ولازم اشتغل علشان آخد خبرة والدكتور يخلص لى الرسالة, حتى أهلى مش بلاقى وقت أسافر لهم في اسكندرية

هدى : أنت إسكندرانى؟ دا أنا بحب اسكندرية جداً وبنسافر تقريباً كل اسبوع نقضى خميس وجمعة

يوسف : ياه أنت بتسافرى أكتر منى, أنا عايش في القاهرة من 10 سنين وبسافر كل فترة طويلة

هدى : ليه كده؟

يوسف : يا دوب 6 سنين جامعة وسنة امتياز و الجيش والتكليف واتعينت من سنة في الجامعة وطول الفترة دي وأنا مشغول جداً

هدى : والجيش بتاعك كان فين؟

يوسف : في البحر الأحمر قرب الغردقة

هدى (ببراءة ): يا سلام دى بلد حلوة أوى يعنى الجيش كان فسحة

يوسف ( بسخرية ) : أكيد لازم تقولي كده, ما أنت ما شوفتيش الجيش غير في أفلام إسماعين يس, دنا كنت نازل في قرية سياحية 4 أيام و 3 ليالي

هدى ( صمتت ووجها احمر) : إهدى شوية هو أنا كنت دخلت الجيش؟

يوسف "شعر إنه أحرجها" : المناظر الطبيعية البحر والجبال جميلة جداً بس إحنا بنعيش في معسكرات في الصحرا والبحر الأحمر على نفس خط سوهاج يعنى نار بالنهار الرمل والشمس بتحرق وأغلب التدريبات بالنهار وبليل برد جداً لدرجة إن المية بتتجمد يعنى الحياة مش سهلة, بس اتعلمت فيها حاجات كتير وقابلت رجالة في منتهى الشهامة والطيبة والرجولة وكنا من محافظات كتيرة وبرغم الجو القاسي والتدريبات والحياة الصعبة كان فيه أوقات سمر جميلة مع زمايلي في الكتيبة وحصلت لنا مواقف صعبة كتير ومواقف ظريفة وعمري ما هنسي الأيام دي وطلعنا أكتر من مرة نصطاد, مرة اصطدنا قرش وعملنا ليلتها وليمة


هدى تراقبه وقد عادت له حيويته وابتسامته, تراقب انفعالاته عندما يذكر موقف لطيف وجديته وهو يحكى عن موقف صعب صادفه, له أسلوب أخاذ في الكلام يجعلها تتخيل الصحراء والشمس والجبال والحر والبرد وسمكة القرش العملاقة


وأخذ يحكى يوسف عن الطبيعة واختلاف ألوان الجبال وتكوينات السحاب وتغير ألوانه على مدار اليوم ومنظر الشروق والغروب الرائع ولون البحر وهو صافى وهادئ وأخرى ثائر وهائج وهدى مندمجة مع الألوان والأشكال والصوت والانفعال


هدى : ياه وصفك رائع نفسى أشوف المناظر اللي بتحكي عنها

يوسف (يفتح حقيبته ويبحث في الأوراق ): ممكن أوريكي صورة في الورق اللى معايا في الشنطة

هدى : أنت بتحب التصوير

يوسف (يخرج صورة مرسومة من الحقيبة ) : اتفضلى

هدى ( بذهول ) : دى مرسومة انت بترسم ؟

يوسف : يعنى في وقت فراغى بس عمري ما فكرت احترف زيك

هدى : جميلة أوى الألوان والظلال, صورة روعة للغروب . كنت حاسة انك رسام

يوسف : مش أوى كده لتغر بنفسي وأسيب الطب واشتغل طاووس, بس أنت عرفت منين؟

هدى (تشعر بسعادة غامرة لحبه للرسم مثلها ): من خطك والرسومات التوضحية اللى بترسمها

وتقاطع الحوار كريمة (زميلة يوسف في القسم ) بابتسامة: إزيك يا يوسف عامل إيه ؟ إيه اللى جابك هنا مش كنت هتروح؟

يوسف : إزيك يا دكتورة كريمة, كنت بفطر, وأنت إيه اللى جابك ؟

كريمة : كنت عايزة أسأل عن المكافأة سمعت أنها نزلت

يوسف (يقف ليذهب مع كريمة ): عن أذنك يا هدى أشوفك الأسبوع الجاى إن شاء الله


شعرت هدى بوخز الغيرة في قلبها ولكن طردته سريعا فهي زميلة مجرد زميلة وظلت تفكر في حواره معها عرفت عنه الكثير وكشفت بعض الغموض عن شخصيته تتذكر كل كلمة وتبتسم وتكتم سعادتها داخل قلبها حتى لا يظن من يراها أنها فقدت عقلها ولكن لما الظن فانه عندما يغادر تفقد قلبها وعقلها وروحها معه
هدى : ماما حبيبتي مش كفاية شغل وننزل نتمشى شوية

هند : معلش حبيبتي, البحث اللى في إيدي لازم يخلص النهاردة علشان أقدمه بكرة لرئيس القسم

هدى : شوية شغل وشوية فسحة

هند : أنت عارفة إنى مش بعرف أعمل أكتر من حاجة في وقت واحد, ولما أبتدى في بحث مش هقوم إلا لما يخلص

هدى"أطلقت تنهيدة طويلة": طيب والغلبانة اللي جت معانا تغير جو ذنبها إيه؟

هند : اتفضلوا إنزلوا بس مفيش تأخير بعد الساعة "8" تكونى في البيت

هدى : حاضر يا حبى, هنشترى شوية حاجات ونتمشى على البحر ونيجى على طول

بسمة : هننزل ولا خلينا في البلكونة نتفرج من بعيد

هدى : ماما مش هتقدر تنزل لكن وافقت ننزل إحنا الإتنين

بسمة : "بلهفة" طب مستنية إيه ؟ يلا بسرعة

هدى : تحبي نروح فين يا قمر الفسحة على حسابك النهاردة؟

بسمة : نعمل شوبنج ونشترى شوية حاجات

هدى : يلا يا أنسة اتفضلي, الآنسات أولاً


وبعد ثلاث ساعات ""

هدى : خلاص مش حاسة برجلى, كل عضمي اتكسر

بسمة : مش أنت صاحبتي حبيبتي لازم أستغلك شويتين

هدى : لسه فاضل حاجة تانية بتفكري تشتريها

بسمة : لأ, كفاية كده, أعمل إيه أنت مشغولة على طول وما أصدق ألاقيكي فاضية, علشان تشترى معايا هدومي, ذوقك تحفة وكل البنات بيسألونى بجيب لبسى منين وسر الشياكة والأناقة اللي طبت عليا من السما, والمرة دي بقى شوية حاجات تجنن, أنت بتساعديني وبتنقى الحاجات اللى بتليق عليا والألوان المناسبة للون بشرتى,و توفقى الحاجات مع بعضها وتطقميها مع الاكسسوارت, يااااه يا هدى تحفة كأنه معمول مخصوص علشان الطقم ده, أنت إزاي ذوقك حلو كده

هدى : الحمد لله أنهم عجبوك, تعالى نحط الحاجات في العربية ونقعد شوية على البحر نشوف الغروب

بسمة : يلا بينا

جلست هدى وبسمة على أحد الكراسي المواجهة للبحر

بسمة : كنت عايزة آخد رأيك في موضوع كده

هدى : قولى, بس اوعى تقولي اشترى حاجة تاني, لاحسن أرميكى في البحر

بسمة : مش عايزة اشترى حاجة, اسمعي بس

هدى : سمعاك إحكى يا شهر زاد

بسمة : عارفة نيفين صحبتي في الجامعة, نيفين وجدي

هدى : أيوة عرفاها كانت معانا في المدرسة وساكنين في آخر الشارع بنت رقيقة وطيبة, مالها؟

بسمة : ليها أخ أكبر منها ب"4" سنين متخرج من نفس القسم وبيشتغل مترجم في شركة مالتى ناشيونال, ليها مشاريع كتيرة وفروع في جميع أنحاء العالم

هدى "بابتسامة ذات مغزى": والله, وبعدين كملي يا شهر زاد كملي

بسمة : جه الكلية من شهر تقريبا يخلص شوية أوراق ليه وقعد معانا شوية يتكلم ويهزر ومشى, وبعدين جه تاني كذا مرة من غير ما يكون وراه حاجة في الكلية يتكلم ويهزر وياخد نيفين ويروحوا

هدى : عادى كل اللى بتحكيه مافيهوش حاجة, قولي المهم

بسمة : من يومين جت نيفين وفضلت تسأني إذا كنت مرتبطة في مشروع خطوبة ؟ وحاجات كده, وقولتها لأ

هدى : وبعدين اللهم طولك يا روح

بسمة : امبارح جه نادر الكلية واتكلم معايا وقالي إنه معجب بيا من أول مرة شافني وإنه وإنه وإنه

هدى : وإنه إيه ؟ انطقي

بسمة : وإنه بيحبني وعايز يتجوزني

هدى : وأنت قلتي له إيه؟

بسمة : قلت له يدينى فرصة أفكر وأرد عليه

هدى : وأنت رأيك إيه؟

بسمة : بصراحة هو لطيف ودمه خفيف وذوق جداً ومش عارفة بحس بفرحة كده لما أشوفه ولما بيمشى ببقى عايزاه يرجع تاني

هدى : طالما إنك بتفرحي لما تشوفيه وتزعلي لما يمشى يبقى ترفضيه على طول

بسمة : "بفزع" إيه أرفضه لأ طبعا

هدى : "ضاحكة" أيوه كده طلعي المستخبي, ألف مبروك يا قمر أنتى وقعتي ولا حد سما عليك

بسمة : يعنى أقوله أيه يجي يكلم بابا؟

هدى : أيوه طبعاً,أمال هيكلمني أنا

بسمة : وتفتكري بابا هيوافق ؟

هدى : إن شاء الله يوافق, عيلة محترمة وهو إنسان كويس وأنى خلاص كلها شهرين وتاخدى الليسانس يعنى مفيش سبب للرفض

بسمة : طمنتيني يا هدى لما بتكلم معاك برتاح جدا, كنت محتارة وقلقانة دلوقت بقيت سعيدة وفرحانة

هدى تنظر إلى البحر وقد بدأت الشمس في الاختفاء في البحر الواسع الممتد تلقى بأشعتها على السماء فترسم أجمل الألوان وتنسج أبدع الأشكال تتمنى لو أن معها فرشاتها والألوان لترسم أجمل اللوحات ولكن السحاب تشكل ليرسم وجه تحفظه عن ظهر قلب وانعكست صورته على صفحة البحر تراه يبتسم لها تتمنى لو تتجسد الصورة لتصبح حقيقة
تنصت إلى الأمواج لعلها تعرفه فتحكى لها قصته طفولته وصباه وسر الحزن الذي يملأ عيونه هل كان يجلس هنا ليرى الغروب, أراه في خيالي طفل صغير يسابق الأمواج ويلعب مع الأصدقاء ويضحك فتبسم الأمواج, أراه صبى يافع وقد بني قصراً على الرمال ثم أتت الأمواج فهدمت قصره, وأراه شاب يجلس على الشاطئ يشاهد الغروب يرسم على الرمال قلب ويضع بداخله سهم, فهل جرح السهم قلبه وجعله حزين, ليت الأمواج تبوح بما يخفى من أسرار فهو مثل البحر هادئ وصافى ولكن يخفى بداخله الكثير من الغموض, أشعر أنه قريب أتمنى أن أراه

بسمة : هدى,هدى أنت على طول سرحانة كده ؟

هدى : ياه يا بسمة فيه إيه؟ شايفة الغروب قد إيه جميل

بسمة (تضحك ) : أكيد نفسك يكون معاك قلم وورقة وترسمي

هدى : أنت بتقولي فيها؟ ياه وحشني المكتب عند عمى, الرسم والتصميمات بلاقي فيهم نفسي وبحس براحة وسعادة وأنا بذاكر وأتعلم واشتغل, شهور الصيف بتعدي كأنها حلم جميل

بسمة : بمناسبة مكتب بابا, أنت عرفت إن شاهي فسخت خطوبتها من معتز

هدى : يا خبر لأ معرفش, دي كانت فرحانة بيه أوي وكانت بتغير عليه جدا, ومتقدرش تبعد عنه وطول الوقت كانت في المكتب

بسمة : كترت بينهم الخلافات وفسخوا الخطوبة

هدى : زعلتيني يا بسمة, أول ما نرجع مصر لازم نروح لها ونشوف حل يرجعوا لبعض تا.... "تتوقف هدى عن الكلام" وتنظر من هذا الذي يقترب منها وعلى وجهه ابتسامة هل أصابها الجنون من كثرة التفكير فيه فأصبحت تراه في كل الوجوه حولها يكاد قلبها يخرج من بين أضلاعها ليناديه ويسلم عليه )

بسمة : في إيه أنت سكت فجأة كده ليه؟

يوسف (بابتسامة ): اسكندرية نورت, إيه الصدفة الحلوة دي

هدى "تبتلع غصة في حلقها بصعوبة وتبتسم " : اسكندرية منورة بأهلها

يوسف : بس النور النهاردة زيادة حبتين, شايفة حتى الشمس اتكسفت منك وراحت تستخبى في البحر

هدى : "نظرت لبسمة وهمست بعدم تصديق" دكتور يوسف" اللى كلمته عنه . "ثم نظرت ليوسف" بسمة بنت عمى

يوسف : إزيك يا بسمة منورين اسكندرية

بسمة : الحمد لله إزيك يا دكتور .

يوسف : أنتم لوحدكم ولا إيه ؟ فين دكتور شاكر

هدى : بابا في مؤتمر في فيينا ويرجع بعد يومين وماما في البيت بتشتغل في بحث مهم

بسمة "بابتسامة": عيلة عمو شاكر عيلة علمية معملية فذة

يوسف : هى والدتك دكتورة في الجامعة

هدى : أيوة دكتورة اقتصاد, وأنت رايح فين؟

يوسف : أبداً, فاضل على ميعاد القطر ساعة قلت أتمشى على البحر شوية بس حظي حلو إني شفتك

هدى : أنت بقالك كتير في اسكندرية؟

يوسف : لأ . جيت النهاردة الصبح

هدى : ولحقت تشوف عيلتك وتسلم عليهم ؟ ده أنت بقالك فترة كبيرة ما جتش اسكندرية

يوسف : زرت أختي واتغديت معاها هى وولادها وزرت أخويا ولسه نازل من عنده
"يشير الى احدى العمارات العتيقة المطلة على البحر "
هو ساكن هنا في العمارة دي

بسمة : ياه معقولة موقعها جميل أوى على البحر دي تحفة

يوسف : فعلا أحلى أيام قضيتها فيها

بسمة : هي شقة العيلة ؟
يوسف : أيوه الشقة دي هي اللي إتولدت وعشيت فيها

هدى : طب باباك ومامتك مش هتزرهم هم مسافرين ولا إيه ؟


يوسف "أطلق نفس عميق ووجه نظره إلى البحر واختفت ابتسامته وحل مكانها نظرة الحزن وتكلم بنبرة هادئة حزينة": والدي ووالدتي ماتوا من أربع سنين والدي اتوفي الأول ووالدتي لحقته بعدها بشهرين
"ثم ظهرت ابتسامة خفيفة على وجه وكأنه تذكر ذكرى جميلة"
أصلها كانت بتحبه أوى وما استحملت الحياة من غيره
ثم اختفت البسمة ولمعت عيناه من الحزن وكادت تفر دمعه لتسقط في بحر أحزانه ولكنه منعها وظل ينظر إلى الغروب وكان آخر جزء من الشمس يختفي في البحر ولم يبقى منه غير بعض الأشعة التي تقاوم المغيب قضيت هنا أجمل أيام حياتي لكن دلوقتي بحس إنى غريب وخصوصا بعد أخويا ما تجوز في الشقة ماعاد ليا مكان


هدى "بإحراج" : أنا آسفة أوى أنى فكرتك

يوسف " وقد تنبه وأدار وجه لهدى ورسم ابتسامة على وجه" ليزيل عنها الحرج"" : مفيش حاجة أنت بتتأسفي على إيه؟ ياه الساعة 7.5 يا دوب الحق القطر, أنتو مش مروحين ؟ أرجعكم البيت وأروح المحطة

هدى: أنا معايا العربية تعالى أوصلك المحطة

بسمة : طب ما تسافر معانا إحنا مسافرين النهادرة على الساعة 11 بليل

يوسف : شكراً أنا معايا التذاكر وحاجز من الصبح ذهاب وعودة . بس أنتو بتسافروا متأخر أوى كده ليه ؟

بسمة : يعنى علشان الزحمة بناخد في طريق اسكندرية ساعتين وعلشان نوصل البيت ساعتين تاني

يوسف : توصلوا بالسلامة أسيبكم علشان ألحق القطر, وأنتوا يلا روحوا علشان ما تتأخروش

اختلطت مشاعر هدى الفرحة باللقاء وتحقيق الحلم في رؤيته والحزن من أجله فقد لمست حزنه وإحساسه بالغربة والوحدة
ولكن ظل الشعور الجميل في قلبها ومدت يدها وأمسكت بقلمها فرسمت وجهه ونظرة الحزن في عينه ومشهد الغروب من خلفه
انتهت الامتحانات وعادت هدى إلى مكتب الديكور تتهيأ كل صباح لتذهب للمكتب لتعمل مع عمها المهندس كمال تقضى أجمل أوقاتها فتعود لها الحياة وتشعر بقيمتها وقدرتها على الابتكار والإبداع ولكن اليوم هو الاثنين لم تنزل مرحة سعيدة كعادتها, كلما اقتربت الساعة من الساعة الثانية عشر زاد اضطرابها وقلقها ودق قلبها ولم تستطع منع نفسها من الاستئذان من العمل واستقلت سيارتها وذهبت للجامعة يحملها الشوق إلى رؤية صاحب الوجه المحفور في القلب, توجهت إلى مكانهم المعتاد وجلست تنتظر مرور الدقائق كالسنين, فالانتظار نار يجعلها تحترق وتذوب شوقا وأملا لرؤية من تريد تنظر لساعتها وتراقب الطريق يمين ويسار تنتظر ولكن طال الانتظار فأخرجت الورقة والقلم ترسم صاحب الوجه لعله يأتى ليراها كيف تفكر به في غيابه وأفكارها تدور في فلكه وحده, هل يبادلها نفس الشعور ؟ أم لا يشعر بها و هي مجرد طالبة في الفرقة الرابعة, ربما يعاملها برفق لأنه أشفق على حالها, لماذا لم يسألها عن وجهه الذي رسمته؟ تنتظر بين الألم والأمل وتمر الدقائق لتقتل أملها في اللقاء, تنظر لساعتها مرت ساعتين من الانتظار, تجمع أشياءها وتذهب لسيارتها وتعود للمكتب


من طرف بعيد يقف ينظر إليها جاءت في الموعد وجلست في نفس المكان تنتظر يراها قلقة متوترة ساهمة اختفت ابتسامتها وزاغت عينها على الطريق جميلة رشيقة رقيقة تتطاير خصلات شعرها على وجهها فتبعدها برقة يكاد أن يخرج عن صمته وتخذله قدماه فيتحرك صوبها ولكن هناك شىء يمنعه يزيد حزنه وألمه فلا يتحرك يكتفي برؤيتها من بعيد, وظل على حاله واقفاً في مكانه يراقبها وهى ترسم بأناملها الرقيقة فهي تمتلك أصابع رقيقة يزينها خاتم ماسي بفص رائع مضئ, تنظر إلى الصورة التي رسمتها, تبتسم فيشعر بالأرض تدور وكأنها تدور لتطلب المزيد من ابتسامتها العذبة الرقيقة ولكن هذه الابتسامة غير قادرة على أن تذيب السبب الذي يمنعه من الحركة والتوجه إليها, ومر الوقت حتى جمعت أشياءها ومضت يريد أن يلحق بها ولكن هناك شئ يقيده يعلم أنها تنتظره ولكن شئ ما يعيقه أكبر منه, ومن إحساسه نحوها.


بسمة : ألف مبروك يا حبي هو ده الكلام ولا بلاش خمس سنين الأولى على الدفعة عقبال السنة الجاية تخلصي وتخدي البكالوريوس, امتياز مع مخدة الشرف

هدى : الله يبارك فيكي, باحسب عدد الأيام والليالي إمتي أخلص الكلية

بسمة : بقولك ايه السنة دى أنت هتتفرغي لي, أنا أجلت كل حاجة لحد ما تخلصي امتحانات, عايزاكي معايا في كل حاجة, ديكورات الشقة والعفش والفرش والستاير والسجاجيد وتعملي حسابك عليكي كل ترتيبات الفرح والكوشة والديكور وطبعا لبسي ومكياجي وكله, وكل ده في زمن قياسي, معاد الفرح في شهر أكتوبر وكل نادر ما يقول أنتي متأخرة أقوله لا, أنت متعرفش هدى سريعة وشاطرة وماحصلتش, وهتخلص لنا كل حاجة في زمن قياسي.

هدى ( تضحك ) : شبيكى لبيكى كل خبرتي بين ايديكي, أحلامك أوامر, تطلبى إيه؟

بسمة ( تحضتنها وتضحك ): أنت عارفة أنت بنت عمى وأختي وصحبتي وبثق في ذوقك جدًا جداً جداً

هدى : وأنت أختي حبيبتي ومش ممكن أسيبك, ولا أنت فاكرة إنى هسمح لحد غيري يكون معاك ويختار لك حاجتك

بسمة : عقبالك يا هدى, كنا زمان بنقول لازم يكون فرحنا في يوم واحد بس أعمل إيه أنا خلصت الليسانس واشتغلت كمان وأنت لسه رايحة البكالوريوس

هدى "صمتت ورسم عقلها صورة شخص تشتاق لنسائم طيفه"

بسمة : هو أخبار الدكتور يوسف إيه ؟

هدى " شعرت بحزن وارتباك": الحمد لله كويس .

بسمة : يعنى مفيش أى جديد ؟

هدى : ولا جديد ولا قديم, بشوفه في الدراسة يوم الإتنين الساعة 12 بيشرح لى انا صفاء وبس

بسمة : يعنى...

هدى "قاطعتها لتغلق باب الحوار في هذا الموضوع" : خلينا معاك أنت, فين الشقة ؟ وليك طلبات معينة أنت ونادر ولا إيه؟


مرت ثلاث شهور بذلت هدى طاقتها لتجهز لبسمة الشقة تشرف في كل شىء لتصل إلى التناسق والتناغم والذوق الرفيع وفى نفس الوقت العملية والاستفادة من المساحة كما تشرف على تصميم القاعة والألوان وكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة وتذهب مع بسمة لتصميم الفستان ومتابعة التفصيل و التطريز واللمسات النهائية للفستان والمكياج حتى انتهت من كل شئ في الوقت المحدد ولكن مهما كان انشغالها كانت تذهب لنفس المكان في نفس الميعاد من كل أسبوع تنتظر وفى أحد المرات


هانى "ابن عمها كمال": هدى أنت هنا بتعملي إيه ؟

هدى : أنتم اللى هنا بتعملوا إيه ؟

عمرو "ابن عمها": أنت عارفة إننا خلاص بقينا زمايل . وجينا نخلص ورق مطلوب مننا

هدى : زمايل حتة واحدة, أنتم يا دوب داخلين سنة أولى وأنا خلاص في البكالوريوس, خلصتوا ولا لسة؟

هانى : خلصنا وكنا بنستكشف الكلية

هدى : طب روحتوا مستشفى الجامعة ؟

عمرو : لأ

هدى : طب تعالوا شوفوها على الواقع, تمشى هدى وهى تعرف طريقها في المستشفى تتوجه إلى قسم معين في دور معين لترى وجه تفتقده

يوسف "بدهشة": هدى إيه اللى جابك هنا ؟

هدى : ازيك يا دكتور, عامل إيه ؟ ثم نظرت له وقدمت هاني وعمرو ولاد عمى في سنة أولى طب ونظرت لأولاد عمها: دكتور
يوسف أشطر نائب في الجامعة

يوسف : والدهم بشمهندس كامل صاحب المكتب الهندسى

هدى : أيوة ووالد بسمة

يوسف : أهلا بيكم في الكلية, وأنت عاملة إيه في المكتب؟

هدى : الحمد لله كنت مشغولة جدا في فرح بسمة والتجهيزات صممت لها كل حاجة في الشقة وفى قاعة الفرح

يوسف : ألف مبروك, باركي لها بالنيابة عنى

هانى : يا ريت حضرتك تشرفنا فى الفرح الخميس الجاى في فندق "اسم أحد أشهر الفنادق"

يوسف : إن شاء الله

مضت وقلبها يطير من الفرحة أخيراً تراه بعد ثلاث شهور لتعود لها ابتسامتها وروحها وقلبها وانتظار للقاء يوم الخميس في فرح بسمة تغمض عينها على صورته وتخفى بسمتها وتحلم بالفرح
بسمة : أه الأخبار يا هدى, كل حاجة جهزت

هدى : يا حبيبتى ما تقلقيش, اطمأنيت على كل حاجة, كله تمام والحمد الله

بسمة : مقلقش, دا أنا هموت من الخوف

هدى : بعد الشر عليكى ما تقوليش كده يا حبيبتى, إن شاء الله هتكوني أحلى عروسة وأحلى ليلة

بسمة : كل الأفلام السودا بتدور في دماغي, العريس ما يجيش أو النور يقطع أو... أى حاجة تحصل والليلة تبوظ

هدى : لا إله إلا الله, بقولك إيه بلاش الأفكار الحلوة دى دلوقتى العريس من الصبح وهو بيجهز نفسه في الأوتيل وفيه مولد كهربا احتياطي , ومش هنخرج من الفندق , إهدى كده وربنا يتمم بخير . واثبتى علشان الكوافيرة تعرف تشتغل

بسمة : وأنت مش هتجهزي ؟

هدى : حاجتي جاهزة المهم أطمن عليك, وبعدين هلبس بسرعة.

انتهت الكوافيرة من اللمسات النهائية للمكياج ووضعت الطرحة ثم نهضت بسمة بعد أن أصبحت كالشمس الساطعة تختفى بجوارها كل النجوم لتطلق لأشعتها المبهرة العنان لتضئ المكان وتخطف العيون وتمتلك قلب شخص محب ولهان, فاليوم هو يومها تبدو رائعة الجمال في ثوبها الأبيض البراق فقد تم تصميمه بمهارة فائقة يجمع بين الرقة والأناقة, وضعت عليه الماسات البراقة بشكل جميل وأخاذ وطرحة من التل طويلة لتحملها خلفها البنات الصغيرات’ وجزء قصير يتدلى من الأمام ليرفعه نادر في مشهد رومانسى جميل ويطبع على جيبنها قبلة وقد جمعت شعرها ورفعته من الخلف ووضعت تاج ماسي رقيق مع بعض اللمسات الرائعة للمكياج أصبحت ملكة متوجة وتخلى عنها الخوف وامتلأت بالفرحة والزهو, يشع من وجهها نور رباني يزيدها جمال, وتتلألأ عيناها من السعادة تمسك بباقة رائعة من الورد مرتب ومنسق بعناية تتصدره ورود الحب الحمراء وقليل من الأبيض والوردي والبنفسجي.

هدى (تقطر من عيناها دمعات استطاعت الفرار لتسقط على خدها ) : ما شاء الله, تبارك الله, ربنا يحفظك حبيبتي ويسعدك وليلتك تبقى زي الفل إن شاء الله

بسمة : إنت بتبكي يا هدى

هدى : دى دموع الفرح, عمرى كله فات دلوقتى قدام عينى وأنت كنت في كل لقطة أختي وصحبتي وحبيبتي

بسمة : أنا مش عارفة أقولك إيه إحنا طول عمرنا مع بعض في المدرسة وفى البيت والنادي وكل مكان, هفتقدك قوي, وتلتمع عيينها بالدموع

هدى : تمسح دموعها بسرعة لألألألأ كده مش هينفع المكياج هيبوظ

يدخل والد ووالدة بسمة إلى الحجرة وتمر لحظة صمت وتترقرق الدموع في العيون وتتركهم هدى لتذهب لتعد نفسها لحفلة الزفاف فهناك الكثير والكثير من المشاعر والكلام في قلب والد ووالدة بسمة, وهم بحاجة للحظات خاصة بهم كعائلة.

تبدأ مراسم الزفاف تطل العروس بصحبة والدها فتنطفئ الأضواء الا المسلطة على بسمة لتسطع بجمالها الأخاذ وتنزل السلالم تتعلق الأنظار بكل خطوة من خطواتها وبجمالها الباهر, وتتثبت عيون نادر على بسمة كأنه يراها لأول مرة يدق قلبه يريد الصعود ليخطفها ويطير بعيد عن كل العيون ولكن عليه الصبر والانتظار حتى يسلمها والدها له وتضاء الأنوار وتبدأ الحفلة.
السعادة والفرحة على وجوه الحضور تشعر بالسعادة والراحة في المكان فقد اعتنت هدى بكل التفاصيل وتناسق الألوان الحوائط والأرضيات والمقاعد والمفارش وصنعت كوشة راااااااااااااااائعة من الزهور وزينت القاعة بالورود التي تضفي الراحة والجمال على المكان, وتعبق بعبيرها رائحة طبيعية تنعش القلوب وتدخل البهجة في النفوس

تتحرك هدى بخفة فى كل مكان لتطمئن على سير الأمور التي تبدو على ما يرام, ترتدي فستان بلون العقيق الأحمر الداكن, يتعدى الركبة بقليل من السنتيمترات, قماشته من الستان تزينه وردات من نفس اللون صنعت بإتقان وعلى كل وردة فصوص صغيرة من الماس, وهو ضيق حتى الوسط وينزل على اتساع, وترتدي حذاء عالي من نفس اللون تزينه نفس الوردة وجمعت شعرها لأعلى وزينته ببعض فصوص الماس وتركت لبعض الخصلات العنان ويزين صدرها ويدها طقم رقيق جداً من الماس وبعض لمسات رقيقة من المكياج جعلتها تبدو كأميرة خرجت من إحدى القصص الخيالية تبتسم في سعادة فتضئ الحياة ببسمتها وتنطلق من عيونها نظرة بريئة ورقيقة تثير الإنتباه برقتها وعذوبتها تبدو كالقمر ليلة تمامه
تتلقى التهاني وتقدم الابتسامات والكلمات الطيبة تشعر بسعادة فالحفل يمر على خير ما يرام وبدأ الحضور بالإشادة والإعجاب من تنظيم الحفلة والقاعة وأناقة العروس التي تبدو كملكة متوجة تلتف البنات حول هدى لتأخذ منها وعد بالإشراف على حفلاتهن في المستقبل تسمع كلمات الإطراء "تحفة" "ذوقك حلو أوى" "كنت مخبية كل ده فين" ترد الابتسامات وكلمات الإطراء وتتعرف على الحضور وتجامل أفراد العائلة ومع كل الإنشغال كان قلبها ينتظر, تمر الدقائق وعيون هدى مصوبة تجاه باب الدخول تنتظر صاحب الوجه المحفور في قلبها ستنسى العالم عند حضوره وتتوقف الساعات


شاهى "بغيظ" : هو الفرح ده مفهوش غير الست هدى, مفيش ترابيزة إلا وكل اللي عليها بيتكلموا على جمال الفرح والقاعة وجمال العروسة وطبعا هدى اللي مختارة كل حاجة, شطارتها وذوقها وشياكتها, زهقت جداً وعاوزة أمشى

صفية "والدتها": مش معقول يا شاهي تمشى إزاي من فرح بنت خالك الناس يقولوا إيه بس؟ إهدي حبيبتي وإفرحي وعقبال لما أشوفك أحلى عروسة

إبراهيم بيه "والد شاهى" : رامي مش ده مراد ابن محمد بيه الأسيوطي صاحب
"أكبر شركة مقاولات في مصر"

رامي "أخو شاهى الكبير": أيوه يا بابا, هو معزوم ولا إيه؟

ابراهيم : روح استقبله أنتوا اتقابلتوا قبل كده, . ويا سلام لو عرفنا نعمل صفقة مع شركتهم هتكون نقلة كبيرة لينا وتقوى مركزنا في السوق

مراد شاب في العشرينات طويل وسيم ورياضي تلمع عيناه بالذكاء, درس إدارة الأعمال في أمريكا يعرف قدراته وقدرات والده و يتمتع بقدر كبير من الجاذبية والأناقة البارسية ويدير شركة والده باقتدار وفى عالم رجال الأعمال الوقت يقدر بالمال عقد صفقة سريعة مع والد شاهي

مراد "يقترب بثبات نحو هدى وعينيه مصوبة على عينيها": ممكن أشكرك على ذوقك الرائع في الحفلة

هدى: مرسى أوي لذوقك

مراد : أعرفك بنفسي مراد الأسيوطي ابن خالة العريس

هدى : أهلا وسهلاً بحضرتك

مراد : أنت ماتعرفينيش ولا إيه ؟

هدى : الحقيقة لأ, أول مرة أسمع اسم حضرتك

مراد : صاحب شركة "اكبر شركة مقاولات في مصر" أكيد شركتى ممكن تستفيد بخبرتك, احنا بنقدر الجمال والذوق

هدى "تريد أن تنسحب من الحوار الذي طال": الحقيقة أنا بشتغل في شركة عمى ومش بفكر أسيبها عن أذن حضرتك


عيون شاهي تراقب الموقف كانت تجلس بقرب مراد ولكن لم تجذب انتباهه, كان مشغول بعقد الصفقة والآن يتكلم مع هدى ويبتسم ويقترب وترى لمعة الإعجاب في عينيه, مراد ذلك الشاب الوسيم الأنيق الغنى الذي يدير أكبر شركة مقاولات درس في أمريكا تتقد نار الغيرة في قلبها وتتخذ قرارها أنه لها ولن يكون أبداً لهدى, تتحرك إلى الجهة المقابلة بفستانها الفضي الضيق صناعة إيطالية مكشوف الكتفين وارتدت عقد من الماس الثمين, تزينت وتجملت لتبدو غاية في الجمال والأناقة ولكن ينقصها الإطلالة الساحرة والابتسامة الجميلة والروح الطيبة اصطحبت والدتها لتتعرف على والدة مراد تسلم عليها تجلس بجوارها ويدور حوار تحاول فيه أن تكون رقيقة مجاملة وتعرض رأيها في الزواج وتقديس الحياة الزوجية وأنها ستتفرغ لبيتها وأولادها بعكس هدى الطبيبة المهندسة ثم نهضت واقتربت من أخيها وهو يتكلم مع مراد فقضت الليلة تقريبا في صحبة مراد تحاول أن تعرف عنه اكبر قدر من المعلومات وتتقرب منه إلى أقصى حد وتقتحم حياته بسلاسة وهدوء ودهاء فهي تمتلك الجمال والأنوثة والذكاء


وصل يوسف إلى الفندق في سيارة أجرة يرتدى بدلة سوداء أنيقة وقميص وردى فاتح ورابطة عنق وردي غامق بها وردات دقيقة بلون العقيق صفف شعره بعناية يمشى بهدوء مشيته الرياضية يمر من بين السيارات الفارهة المتراصة التي تخص ضيوف الحفل دخل من البوابة وسأل عن القاعة فقام المسئول باهتمام وصحبه حتى باب القاعة فضيوف الحفل شخصيات هامة وتعاملهم الإدارة بمنتهى الذوق والاحترام شكر الرجل ووقف للحظات يتأمل المكان غاية في الروعة والجمال ذوق فنان حساس تعج الحفلة بالمدعوين, نساء ورجال مجموعة رائعة من الفساتين الغالية ترتديها الجميلات اللاتي تفننت كل منهن في إبراز جمالها وهذا الكم من المجوهرات الثمينة التي تتلألأ فتبهر الأبصار ومضت أمام عينه صورته طفل صغير يقفز في الهواء ويحاول أن يلمس السماء ليخطف منها القمر تلألأت عيناه بحزنه الدفين الذي يزيد وأحس بوخزة في قلبه وأراد الرجوع ولكن وقعت عيناه على القمر الذي ينتظر تتحرك هنا وهناك تتابعها العيون بإعجاب تبدو كلؤلؤة تشع نور وبهاء يمكن أن تنير البحار المظلمة تبدو كماسة تضوي فتختفي الشمس من ضياءها تبدو كالقمر جميل ورقيق ووحيد تبدو كزهرة ناعمة وحالمة تنشر عطرها الأخاذ يتمنى أن يخفت الضوء لتضئ بنورها الكون ويختفي الناس فلا يبقى غيرها يتمنى لو يخطفها من بين الحضور ويبتعد بها عن كل العيون المعجبة, ليشبع عينيه من جمالها ويسعد قلبه بقربها ويحكى لها عن حبه وشوقه وهيامه بها ولكن من ذا الذي يقترب منها ويبتسم ويطيل الوقوف والكلام يبدو شاب وسيم وغنى ومعجب بها يشعر بالنيران تشتعل في قلبه أوشك على الاقتراب والإطاحة بذلك الشاب الذي يكاد يلتهمها بعينيه, ولكن انسحبت في الوقت المناسب قبل أن يفسد حفل الزفاف لم يعد يتحمل الانتظار وأوشك على الرحيل لولا أن رأته هدى فأسرعت الخطوة ونادت عليه


هدى "تهلل وجهها ودق قلبها ليعزف أجمل لحن ليستقل صاحب الوجه المحفور بداخله": دكتور يوسف, أنت أتأخرت أوى كده ليه؟ أنا مستنياك من بدري

يوسف "يبتسم فمن يرى وجهها الجميل وابتسامتها "الأخاذة ويتذكر الألم "

هدى "بفرحة": عجبك شغلي

يوسف : رائع كله رقة وجمال وذوق,عاملة جو رائع وتناسق مبهر, بجد فنانة

هدى "تضحك": ياه مش أوى كده لحسن أتغر وأعمل طاووس

يوسف "ينظر لعينيها الجميلتين نظرة تشبعت بالحب: أنت من حقك كل حاجة النهاردة

هدى تصمت من الخجل

يوسف : أنا كده حاسس بالذنب

هدى : حاسس بالذنب ليه ؟

يوسف : لأنى أقنعتك تكملي في الكلية وتسيبي الرسم والديكور اللي بتحبيهم, بعد اللي شوفته النهاردة أشهدلك أنك فنانة بجد

هدى : فنانة مرة واحدة

يوسف : أنت فنانة وجميلة ورقيقة و.... وتوقف فقد أحس أنه أخرج من قلبه الكثير أكثر بكثير مما يجب أن يظل مختبأ داخله

يوسف : ممكن أبارك للعرسان
تضع هدى رأسها على المخدة وتبتسم وتتذكر أجمل ليلة في عمرها, فرحة اللقاء والسلام والكلام, النظرة الحانية في عينيه وكلمات الإطراء رأت كلماته في عينية ولم تنطقها شفتيه, كاد يقول "أحبك" كادت تسمع قلبه يهتف باسمها, ولكن ذهب آخذاً معه روحها, ماذا لو باح بما في صدره من أشواق, تنام على صورته ليزورها في الأحلام يقترب في هدوء تعلو وجهه ابتسامته الساحرة, وترسل عيونه رسائل الغرام, يمسك بيدها ويطبع عليها قبلة رقيقة فتتحرك معه بخفة وترقص على أنغام الطيور التي تغردبأجمل الألحان, تسمع دقات قلبه تحكى لها قصة حبه, يتوقف عن الحركة ويشير إلى قصر كبير جميل, تنظر إليه فتملأها الفرحة ولكن يختفي فجأة, ويعود ليشير إلى قصر آخر أجمل بعيد, وفجأة تجد نفسها وحيدة في صحراء جرداء تنادى بلا مجيب بأعلى صوتها, تصحو من نومها فزعة تنادى يوسف.

فتح باب شقته وهو منهك من المشي, مرت أكثر من أربع ساعات يمشى فيها بلا هدف, يدخل الشقة ويضئ نور الصالة , صغيرة ومرتبة ليس بها إلا طاولة مستديرة صغيرة عليها مفرش جميل وبعض الورد ومكتب يضع عليه الكمبيوتر وبجواره أوراق وبعض الكتب, والحائط مثبت عليها رفوف تحمل الكثير والكثير من الكتب والمراجع يتحرك بهدوء ليدخل الحجرة الوحيدة بها سرير صغير مرتب وأنيق ودولاب ذو ضلفتين وعليه مرآة وحامل للرسم عليه صورة فتاة جميلة ترتدي جيب بني غامق وجاكت مربعات بدرجات البني, شعرها ناعم وطويل ترفعه وتترك بعض الخصلات تتهدل بانسيابية ونعومة على عنقها العاجي, وجها جميل ولها ابتسامة رقيقة رائعة وعينان ساحرتان إنها هي هدى, ينظر إلى الصورة ويطلق تنهيدة طويلة ويرتمي بجسده على السرير ويضع رأسه بين كفيه ويمرر أصابعه في شعره بقوة فرأسه يكاد ينفجر من التفكير يرفع رأسه قليلا فيرى الصورة الفوتوغرافية القديمة التي يضعها على طاولة صغيرة بجوار السرير, رجل يبتسم في وقار يحتضن زوجته التي يعلو وجهها ابتسامة الرضا وأمامهم ثلاثة أبناء فتاة وولدان, صورته مع عائلته ينظر إلي الصورة ويتذكر كيف كانت سعادته وهو طفل يتمتع بحب والديه وتدليلهم فهو الابن الأصغر في الأسرة’ يصغر أخته سهام بسبع سنوات وأخوه وجدي بعشر سنوات, والده الأستاذ جلال مدرس اللغة العربية رجل طيب وكريم يحبه الجميع متسامح ومتعاون ربى أبناءه على القيم الحميدة وغرس في نفوسهم الرضا والصدق والأمانة والاحترام, ووالدته الأستاذة هناء مدرسة التاريخ أستاذة فاضلة وأم حنونة وأمهر طاهية تعد الوجبات الجميلة لتتناولها العائلة في جو من المرح والتفاهم, تمر الذكريات أمام عينيه في البيت وعلى الشاطئ في المدرسة وفى الحدائق, في رمضان والعيد, تنزل دمعة من عين يوسف فهو لم يعد يحتمل ذهاب الأحبة وجرح الذكريات الدامي, يحرك عينيه بعيداً عن صورة العائلة التي تدمى قلبه لتقع عينيه على أجمل وجه رآه, وجه هدى الملائكي تنظر في خجل, تنتظر منه كلمة لتطير في السماء وتحلق مع النجمات ولكنه صامت لا يتكلم ويرق لحالها ويقول لها ما في قلبه, ينظر لنفسه في المرأة المثبتة على الدولاب ويتحدث لنفسه بصوت عالي: "ساكت, أيوة ساكت"


صورة يوسف في المرآة : "إيه ؟ أخرج من صمتك واتكلم"

يوسف: "أتكلم, أقول إيه؟"

صورة يوسف في المرآة : "أنت عارف مشاعرها تجاهك؟"

يوسف (بأسى ) : "عارف وشايف وحاسس"

صورة يوسف في المرآة : "أما أنت عارف, مش بتتكلم ليه؟ ولا أنت مش بتحبها؟"

يوسف : "هحكي لك وأنت احكم, أول ما شفتها شدتني برقتها وجمالها, قمر هايم سرحان في دنيا تانية بترسم في المحاضرة وحسيت بإحساس مختلف ناحيتها حسيت إنها جزء منى أعرفها من سنين بس مش عارف شفتها فين؟ جرحتني دموعها وشدتني الصورة اللي رسمتها واستغربت إنها صورتي وحسيت بالذنب وإني السبب في دموعها وتمنيت إنى أفضل قريب منها وأزيل همومها, ومن ساعتها وقلبي وعقلي وروحي معاها, ملت حياتي الفاضية, أصبحت بتجري جوا دمى وساكنة في قلبي, بسمتها دوايا وصوتها هوايا وسعادتها منايا, بستني يوم الإتنين بفارغ الصبر علشان أشوفها وأسمع صوتها, بسمتها وطيبتها وذكائها وخجلها"

صورة يوسف في المرآة : "حيلك حيلك كل ده ومش بتتكلم ليه؟"

يوسف : "أحب أقدم لك نفسى, إحم إحم, بسخرية دكتور يوسف جلال نائب في الجامعة لا أملك من حطام الدنيا إلا مرتبي 700 جنية بعد المكافأة والعلاوة والإعانة, ساكن في أوضة مفروشة بدفع إيجار ومية ونور و أكل ولبس والشياكة طبعا شرط أساسى مش دكتور, وخد عندك الكتب والمراجع ومصاريف الماجستير وباشتغل في المستشفى 24 ساعة وقدامى خمس سنين على الأقل علشان أخد الدكتوراة وأبتدي أكون نفسي,

كان زمان بيقولوا الدكتور عنده خمسة عين .عمارة وعيادة وعزبة وعربية وعروسة, وأنا عندي من الخمسة اتنين, ويضحك العين بصيرة والإيد قصيرة

صورة يوسف في المرآة: "كفاية ما تعذبش نفسك أكتر من كده,هدى بتحبك وهى مش مادية وأنت عارف"

يوسف : "يعنى أروح أخطبها من الدكتور شاكر, تفتكر أقوله إيه ؟ يا عمى أنا طالب إيد بنتك’ بس عايز أخطبها عشر سنين أكون كونت نفسي, ولا أقوله أتجوزها وأسكنها في قلبي وأكلها حب وحنية عش العصفورة يقضينا وقلة وحصيرة تكفينا, ولا تحب أقوله أتجوزها واصرف علينا يا عمى’ تفتكر ساعتها هيعمل إيه؟"

صورة يوسف في المرآة : "ممكن يرميك من الشباك, بس كده أنت بتعذب هدى بسكوتك؟"

يوسف : "أنا غلطت أكبر غلطة لما قربت منها, هى فين وأنا فين؟ يعنى أتجوزها علشان أبهدلها معايا, أنت ما شفتش رقتها وجمالها دي لازم تعيش في قصر ورد وتكون أحلامها أوامر .

صورة يوسف في المرآة : "وهتفضل ساكت لحد أمتي؟ لما تضيع من إيدك ويتجوزها الشاب اللى كان هيكلها بعنيه ؟"

يوسف "بغيظ ويضرب بقبضة يد على السرير" : "متفكرنيش الدم بيغلي في عروقي لما بفتكره ونظرته وابتسامته ليها . شكله غنى من رجال الأعمال طول بعرض بفلوس ونفوذ .ويصمت ويفكر قليل ويتكلم بأسى ورأس منخفض, عارف لو أتجوزها ممكن يسعدها ويخليها ملكة وهى فعلا ملكة

صورة يوسف في المرآة : "يعنى هتفضل ساكت؟"

يوسف : لأ, أنا هبعد وأختفى من حياتها, علشان تعرف تعيش حياتها, هي تستحق كتير وأنا لا أملك إلا قلب بيحبها أكتر من أي حاجة في الدنيا

******************
صفاء : كتب الكتاب يوم "15"الشهر الجاى, تعملي حسابك أنت ووالدك ووالدتك معزومين عندنا في البلد ومش هقبل أي أعذار

هدى : ألف مبرك يا حبيبتى, أنا وماما هنيجي إن شاء الله, بس بابا مش عارفة ظروفه إيه؟

صفاء : بقولك إيه, تفضي لي نفسك كام يوم علشان نشترى الفستان ولوازمه والإكسسوار, أنت ذوقك جنان وعايزة أكون أحلى عروسة

هدى : يا سلام من عيوني, غالى والطلب رخيص وأنا عندي كام صفاء

صفاء : ربنا يخليكي ليا, وإن شاء الله أردها لك يوم فرحك .

هدى : بس أنتوا حددتوا معاد كتب الكتاب دلوقتى ليه؟ مش كان فى الأجازة لما نخلص أحسن .
صفاء:يا بنتي أنت هتلاقى أكتر من نص الدفعة بيكتبوا كتابهم الأيام دي علشان التكليف يكون قريب من السكن وما يتبهدلوش فى البلاد أنت عارفة التكليف أي حد في أي حتة.

هدى : أيوة, سها لسه عازمانى على فرحها, وجيهان من يومين وأنا بسأل نفسي, هو فيه إيه؟

صفاء : عقبالك يا حبيبتى

هدى : تبتسم وتتمنى في نفسها أمنية وتطلب من الله تحقيقها

صفاء:بصراحة مش عارفة هم الرجالة اتعموا فى نواضرهم مش شايفين القمر ده, حد يقول كده يا ربي واحدة زيك في أصلك وفصلك تفضل لحد دلوقت كده من غير جواز, لو ليا أخ ينفعك كنت خليته يتجوزك, إلا مع الأسف كلهم أصغر منى.

هدى : أنت مش قلتى إنكم بتتجوزوا قرايب في بعض

صفاء: أيوه ودى أحسن حاجة, عارفة عماد خطيبى, هو ابن عمى وقروا فتحتنا وأنا عندى تسع سنين, طلعت لقيته خطيبي ولا رحت ولا جيت ولا احترت, وخلاص هانت كلها كام شهر ونتجوز

هدى : تصدقي لما حكيتي لى قصة خطوبتك فى الأول استغربت جداً وكنت بسأل نفسي: إزاى أطفال يتخطبوا لبعض, وإزاى الأهل يفرضوا اتنين على بعض بالشكل ده ,لكن لما بشوف فرحتك ولهفتك عليه بقول إنك صح ارتحتى من الانتظار, عارفة إنه ليكي وأنت ليه وأهلكم موافقين.

صفاء : أصل الحدوتة مش زى الأفلام, عماد شاب محترم جداً واخد بكالوريوس الهندسة وشغال فى فى البلد وبيحبنى وبيخاف عليا جداً ومن واحنا صغيرين كان بيحمني ويحافظ عليا, من بعيد يمشى ورايا وأنا رايحة المدرسة, ويا ويله اللى يفكر يضايقني أو يعاكسني, كبرنا مع بعض غير إنه بيشجعني على الدراسة, وكمان مشجعنى جداً على الشغل ومؤمن أنه رسالة مهمة, ووجوده في حياتي مسهل عليا الدنيا ومحسسني بالأمان, يا سلام لما بشوفه وهو مستنيني في المحطة واللهفة في عينيه ,وأنا بيكون قلبي طاير, ولما بيركبني القطر وأنا مسافرة بحس أن قلبه هيفط من بين ضلوعه ويجي معايا, بتأثر فيه دموعى وهي بتنزل زي المطر كل أسبوع وكل مرة .

هدى : ربنا يهنيكوا ببعض, اقفلى حنفية الأشواق لحسن دكتور يوسف وصل ؟

يوسف : السلام عليكم, ازيكم يا بنات, عاملين إيه؟

هدى وصفاء : الحمد لله

هدى : فى خبر حلو, صفاء كتب كتابها 15 الشهر الجاى

يوسف : ألف مبروك, ربنا يتمم بخير

صفاء :الله يبارك فيك يا دكتور, حضرتك معزوم على الفرح

يوسف : هباركلك النهاردة واعفينى من حضور الفرح

صفاء : ليه بس كده يا دكتور؟

يوسف : معلش اعذرينى, مش هقدر أجى لأنى هكون سافرت

هدى "اصفر وجهها واختنقت كلاماتها" : هو أنت مسافر؟

يوسف: أيوه أنا كنت جاى أقولك إنى مسافر آخر الشهر ومش هقدر آجى تاني

هدى "مضطربة وتبتلع غصة فى حلقها بصعوبة" : مسافر فين وهتغيب قد إيه؟
"يدير وجه بعيداً عن عيون هدى التي بدأت تلتمع بالدموع"

يوسف: فى بعثة من الجامعة علشان آخد الماجستير والدكتوارة في انجلترا "يصمت لحظة ويقول بصعوبة "خمس سنين


تكلم بعض الكلمات وردت صفاء ببعض العبارات ولكن هدى لم تعد تسمع أو ترى أي شئ اختلطت الوجوه والأصوات والكلمات, نزلت الدموع تغيرت الحياة ذهب يوسف وأخذ في الابتعاد تراقبه بعيون دامعة وكلما ابتعد خفتت الأصوات وبهتت الألوان حتى اختفت, كل الألوان والأصوات, أصبحت لا ترى إلا صحراء جرداء في ليلة مظلمة اختفى منها القمر وأبت حتى النجوم على الظهور توقفت الحياة لأكثر من خمس سنوات تنتظر أن يظهر القمر ويضئ الطريق لتعود الحياة

بسمة : هدى حبيبتي ما تزعليش الحكاية ما تستهلش كل ده

هدى : تبكى وقد اختنقت بالدموع التي تسيل لتلهب وجنتيها

بسمة : أنت عارفة شاهى, وطريقة كلامها وهزارها التقيل

هدى "تنظر لها وعيونها مختلطة بالدموع ونظرة تعجب" : هزار

بسمة : هزار سخيف,كلنا عارفين انك جميلة ورقيقة وبيتقدملك عرسان كتير ولو عايزة تتجوزى كنت اتجوزت من زمان ومفيش احن منك على الأطفال

هدى: يا بنتي دي ما بتفوتش مناسبة ولا حتى صدفة على السلم إلا لما تسمعني كلامها البايخ عن الجديد وأخبار العريس, والنهادرة رايحة أبارك لها على البيبي التاني تكسفنى قدام الناس وتقول "لألألأ ما تشليش البيبي ليتلوح منك, أصلك ما تعرفيش, لما تتجوزي ويبقى عندك بيبى أسمح لك تشليه

بسمة: يا حبيبتى ما تزعليش هى كلامها كده دا إياد وكارين بيموتوا فيك, دول بيحبوك أكتر منى, دا إياد بيجي هنا وميرداش يسيبك ويمشى إلا لما ينام, أشيله علشان نروح, هو فى زى حنيتك على الولاد

هدى "بدأت تمسح دموعها": إياد وكارين حبيايبي ربنا يبارك لك فيهم

بسمة : بقولك إيه فيه حاجة هى إللى مضيقاكى, مش كلام شاهى أنت عارفها وتعودت عليها

هدى : لا أبداً مفيش حاجة

بسمة : طيب ممكن نتكلم بصراحة ؟

هدى : اتفضلي يا كرومبو

بسمة : أنت رافضة تشوفى الدكتور رياض ليه؟

هدى : أنت عرفت منين؟
بسمة: مش مهم عرفت منين, المهم أن عمرك بيجرى وأنت رافضة تتجوزى, الأول كان عندك عذر عمى شاكر كان رافض فكرة الجواز قبل ما تاخدي الماجستير والدكتوراة, ودلوقت أنت خلصتى الماجستير وخلصت تمهيدي الدكتوراة وابتديت في الرسالة وعمى الحمد لله ربنا هداه وهو اللي عايز يجوزك ويطمن عليك

هدى : أنت اللي بتقولي كده ؟ وأنت الوحيدة اللي عارفة كل حاجة

بسمة: اللي أعرفه إنك كملت ستة وعشرين سنة ومن يوم ما خلصت البكالوريوس والامتياز واتعينت في الجامعة وأنت هالكة نفسك في الشغل والنبطشيات والماجستير, لا حد بيشوفك ولا بتشوفي حد, حتى مكتب بابا اللي كان نفسك تخلصى وتشتغلى فيه ولا بتروحيه, دبلتى واللي يشوفك ما يقولش إنك هدى الرقيقة الجميلة اللي ابتسامتها بتملي الدنيا فرح وأمل بقيتي واحدة تانية, عينيك زايغة ووشك أصفر ونظرة الحزن اللي مش بتفارقك, حياتك مفيهاش غير الكتب والمراجع والعمليات والشغل وبس

هدى : مش هو ده اللي بابا عايزه ؟ وأدينى بنفذه

بسمة : وأنت فين ؟

هدى: انا ولا حاجة, وتبكى من جديد, ضاعت منى نفسي ومش لاقياها, ضاع الطريق من تحت رجلي, ضاعت الألوان من دنيتى, ضاع طعم الحياة, ضعت وتهدمت أحلامي. غرقانة ومش قادرة اتنفس, ليل طويل ملوش نهاية مستنية النهار

بسمة : حبيبتي حرام عليك نفسك, تفضلى لحد إمته على دا الحال؟

هدى : "تضع وجهها بين يدها فهي لا تعرف إجابة"

بسمة "ترى وجه يوسف مرسوم على صفحة أحد الكتب على المكتب": طب مفيش أخبار جديدة عن يوسف, فات أكتر من خمس سنين المفروض يكون رجع

هدى : تبكى وتنزل دموعها انهار

بسمة : طب أنت سألت في الجامعة ؟

هدى : ترفع وجهها وتأخذ نفس عميق وتخرجه لتخرج معه الكثير من الحزن والألم لتستطيع الكلام

بعد يوسف سافر قررت أنى استناه ودفنت نفسي فى الشغل والمذاكرة والمستشفى الجديد اللي بابا بناه كنت بعد الأيام والليالي والساعات بستنى اليوم اللي هيرجع فيه وبدعي ربنا إن بابا يوافق على الجواز تمسح دموعها بيدها"" وأخدت عنوانه من الكلية وبعتله أكتر من جواب, لما اتخرجت ولما خلصت الامتياز, ولما اتعينت ولما ولما و لا فى أى رد منه على أي جواب منهم

بسمة : تنصت فى اهتمام وقلبها يبكى على حال هدى

هدى: ومن أربع شهور لما بابا جت له الأزمة القلبية واتحجز فى المستشفى,والحمد لله عدت على خير, بابا اتغير بعدها 180 درجة وبعد ما كان رافض إنى أتجوز هو اللي بيتحايل عليا علشان أتجوز لأنه خايف عليا, وخايف يسيبنى لوحدي وعايز يجوزنى فى أسرع وقت ويفرح بيا وبأولادى, والكلام اللي أنت عارفاه

بسمة : فعلا اتغير وكلنا فرحنا بالتغير وقلنا خلاص العقدة اتحلت وهنفرح بيكى قريب

هدى: وأنا كمان كنت مبسوطة جداً وقولت الحلم هيتحقق يوسف خلص الخمس سنين وبابا موافق على فكرة الجواز وبعت ليوسف جواب وسألته هيرجع امته وكالمتعاد ولا رد

بسمة :ممكن يكون اتجوز ؟

هدى: تتغير ملامحها وتنزل دموعها, احتمال كبير وأنا مش عارفة اتأكد مستنية خمس سنين من غير وعد ولا حتى كلمة ولا مرة صرح أو حتى لمح, بموت فى اليوم ميت مرة لما بفكر إنه اتجوز ولا حاسس بيا

بسمة : وهتعرفى إزاى

هدى : رحت سألت فى الكلية عن البعثة تخلص امته وعنه يرجع امته ولقيت...........

بسمة : لقيتى إيه ؟

هدى : إخد الدكتوراة وقدم على أجازة بدون مرتب لأنه اشتغل فى مستشفى كبير فى انجلترا

بسمة : ممكن تتصلي بالمستشفى وتكلميه

هدى : دى حاجة صعبة جدا وممنوع الكلام والاتصال فى فترة الشغل وعنوان سكنه مش معايا

بسمة : طب أنت مش عارفة عنوان إخواته ؟ ممكن تسأليهم , هي حاجة محرجة بس علشان تعرفي أي حاجة عنه

هدى : سافرت اسكندرية ورحت العمارة وللأسف أخوه سافر من سنتين فى بلد عربي وأخته نقلت من الاسكندرية للقاهرة

بسمة: وبعدين هتفضلي تستني العمر كله وهو ولا على باله, ولا رد عليك بكلمة واحدة, حرام عليك نفسك لازم تشوفي حياتك كفاية أوى السنين اللي فاتت كل زمايلك اتجوزوا وكل واحدة عندها بيتها وأولادها وأنت عمرك بيضيع فى انتظار من غير مبرر وهو احتمال كبير يكون اتجوز وعنده أولاد وعيلة وحياة مستقرة, فكرى بعقلك وكفاية أحلام وأوهام أخدت من شبابك وعمرك وصحتك وجمالك

هدى : كفاية يا بسمة أنا خلاص أعصابى اتحطمت ومش قادرة أفكر فى أى حاجة

بسمة: يا حبيبتى أنا يهمني مصلحتك, إنسي الماضي وإنسي الأحلام وعيشي الواقع, فى دكتور كويس متقدم لك شوفيه وابدأي حياتك وبكرة يبقى عندك أولاد ينسوك اسمك ويملوا حياتك ضحك ولعب وحب, أنا هسيبك تستريحى ويا ريت تفكري فى كلامي كويس

***********************
هند "والدة هدى": صح النوم حبيبة ماما, الجميل عامل إيه النهاردة ؟

هدى : صباح الخير يا ماما الحمد لله

هند : يلا قومى اتوضي وصلى علشان عاوزاك في موضوع مهم

هدى : خير يا ماما فيه حاجة حصلت ؟

هند : خير يا حبيبة ماما

تنهض هدى من سريرها متعبة وكأنها كانت تركض طوال الليل كل عضلة مجهدة وكل عظمة تئن من الوجع, عيناها متورمتان من كثرة البكاء وعلامات التعب والإجهاد مرسومة بإتقان على وجهها الشاحب الحزين, تنظر لوجهها في المرآة تكاد لا تعرف نفسها تعيش جسد بلا روح تحاول لملمة نفسها وإخفاء أحزانها, تغتسل وتصلى وتبدل ملابسها وتضع ابتسامة على وجهها لتقابل بها والدتها

هند : يلا حبيبتى, أنا مستنياك علشان نفطر مع بعض

هدى : بالهنا والشفا يا حبيبتي كلى أنت أنا مليش نفس

هند : ولو مأكلتيش مش هاكل يرضيك كده, آخد الدوا على معدة فاضية

هدى تجلس ولا تأكل""

هند: يعنى وبعدين, ليه الحزن والشرود ده,حصل إيه لكل ده يا بنتى؟ أنت بتقطعي قلبي بسكوتك وحزنك اللي مالي عيونك, فين بنتي حبيبتي, أجمل ابتسامة وأرق مخلوقة وأشيك بنوتة

هدى: أنا كويسة يا ماما ماتقلقيش عليا, عندى شوية مشاكل بسيطة في الشغل
بابا لما بيسافر كل مشاكل المستشفى بتكون فوق دماغي, وأنت عارفة لازم أبقى قدها

هند : ممكن تاكلي لحسن أأكلك بالعافية

هدى ابتسمت "لقد تذكرت تلك الكلمات في أول يوم رأت فيه يوسف" ثم عادت للحزن بعد أن اعتصر الفراق قلبها: حاضر يا ماما هاكل أهه, قولي لي الموضوع المهم اللي كنت عاوزاني فيه ؟

هند : في عريس متقدم لك

هدى "باستغراب" : عريس

هند : أيوة عريس, إيه الغريب في كده .

هدى: هو مش موضوع الجواز ده موضوع مرفوض لحد بعد الدكتوراه, وطول السنين اللي فاتت ممنوع منعا بات الكلام في موضوع الجواز, وإن الجواز هيعطلني عن تحقيق الحلم وكل ما يتقدم عريس بابا بيرفضه ويأجل الموضوع لأجل غير مسمى, إيه الجديد لسه الدكتوراه فاضل عليها سنتين تلاتة

هند: يا حبيبتي إحنا كنا خايفين عليك لأنك معندكيش خبرة في الحياة وموضوع الخطوبة والجواز ممكن يعطلك لكن دلوقتي أنت كبرتي وخلصتي الماجستير والدكتوراة فاضل عليها فترة بسيطة وتاخديها والمستشفى الحمد لله فتحناها وسمعتها كويسة جداً والحياة استقرت وكل البنات اللي قدك اتجوزوا وعندهم أطفال وبعدين أنت غريبة جداً لما كنت في الجامعة كان نفسك تتخطبي وتتجوزى ودلوقتى زعلانة إن في عريس متقدم لك؟


هدى: بالظبط زى ما قلتي, زمان كان عندي رغبة في الارتباط لكن دلوقتي أنا عاوزة أتفرغ لدراستي ومش هفكر فى الجواز إلا لما آخد الدكتوراة, زمان كان بابا مش عايزني أتجوز, أقفل على قلبى ومقدرش أتكلم وأذاكر وبس, ودلوقتي عايزين تجوزونى يبقى لازم أتجوز, هو أنا عروسة ماريونت ولا لعبة بالريموت

هند: إزاي بتتكلمي بالطريقة دي, وبعدين أنت عمرك ما أصريت على واحد اتقدم لك ولا زعلت إن بابا رفض عريس . ومافيش مرة جيتي وقلتي إن في واحد معجب بيك وإحنا رفضناه

هدى : أنا آسفة يا ماما ماتزعليش منى, أنا أعصابي تعبانة ومضيقة وحاسة إني مخنوقة

هند: يا حبيبتي صارحيني فى إيه ؟ ومش عايزة توافقي على فكرة الجواز, قابلي العريس وإدي نفسك فرصة ,مش ترفضى من قبل حتى ما تشوفيه, إحنا نفسنا نفرح بيك حبيبتى ونشوف ولادك . ولو في واحد عاوز يتقدم لك, خليه يجي وبلاش الدكتور رياض
هدى لا تدرى ماذا تقول لوالدتها كيف تشرح لها إنها تنتظر المجهول, ليس معها وعد أو عهد, كيف تبرر أنها تحب شخص تركها منذ أكثر من خمس سنوات ولا تعلم عنه شئ

هند: حبيبتي أنت بنتنا الوحيدة وأملنا في الحياة أنت إتولدتي بعد سبع سنين انتظار لنور عنيك, عارفة يعنى إيه تحلمي بطفل وتدعى ربنا إنه يرزقك بطفل ولما ربنا حقق أمنيتنا ورزقنا بيك كنت أهم حاجة في حياتنا, بنحاول نربيك ونعلمك وتكوني أحسن واحدة في الدنيا, بنخاف عليك من الهوا, وعاوزينك قوية ووافقة على أرض صلبة, يمكن الخوف والقلق الزيادة كان بيضايقك بس غصب عننا حبيبتي

هدى : مش عارفة يا ماما أقولك إيه ؟ بحس إنك أنت وبابا متفقين عليا ليكم نفس الأراء والطباع التصرفات

هند : حبيبتي أنا وبابا متفقين على مصلحتك وطريقة تربيتك وبنخاف عليك

هدى : أنا كمان نفسى أتجوز واحد, أنا وهو نكون متفاهمين ومتفقين ويكون في بينا حب

هند: أنا وبابا اتجوزنا جواز صالونات هو دكتور أخد الدكتوراه من فرنسا وأنا كنت في سنك معيدة في كلية الاقتصاد خلصت الماجستير واتجوزنا بس بالعشرة الطيبة ومع الأيام كان في بينا حب بيكبر كل يوم, وحتى لما اتأخر الحمل بابا عمره ما زعلني ولا حسسني بأي نقص, بالعكس كان دايماً يواسيني ويشجعني وصبرنا لحد ما ربنا رزقنا بأجمل بنوتة والحب والاحترام بينا بيزيد يوم بعد يوم حتى بعد ما طلعنا على المعاش, حبنا بيكبر مع الأيام ونفسنا نفرح بيك ونشوف اأولادك قبل "تختنق بالدموع" ما نموت

هدى : بعد الشر عليكم لو سمحت بلاش الكلام ده, أنا مقدرش أعيش من غيركم "وتقبل يد والدتها"

هند : يعنى موافقة تشوفي العريس ولو مش عاجبك ارفضيه بس بلاش ترفضي فكرة الجواز بدون سبب "وتبكى"

هدى : حاضر يا ماما بس بلاش دموعك الغالية دى تنزل كده
تحمل كتبها وأوراقها وتذهب إلى الجامعة اليوم الإثنين مازالت تذكر الموعد والمكان, تذهب هناك لتجلس في نفس المكان وعلى المائدة ذاتها, ولكن لم تعد تتحمل أكثر من ذلك, الذكريات التي تتدفق في عقلها لتدمى قلبها, الكلام والسلام والابتسام والنظرات والخط والسكوت حتى لحظات الوداع, كل شئ تتذكره بالتفصيل, سالت دمعة لتسقط على خدها مسحتها بسرعة وانتفضت وذهبت إلى غرفة المعيدين, لاحظت حركة فوق المعتاد, وذهاب وإياب

هدى : صباح الخير يا نهاد,هو في إيه النهاردة؟

نهاد : صباح النور, أبداً المفروض في إشاعة عن بعثات للدراسة والكل طبعا عايز يسافر

هدى "شردت قليلا لذكرى السفر المؤلمة التي سلبتها أغلى أحلامها" : أه, ربنا يوفقهم

يتكلم المعيدين عن السفر وأمل كل منهم بالفوز بالبعثة, يتحدثون عن السفر وكأنه الحل الوحيد وطوق النجاة, وربما قطار السعادة السريع الذي سيحملهم للوصول لتحقيق الأحلام والحياة الكريمة, من يفكر في الهجرة والاستقرار ومن يفكر بالزواج من الفاتنة الشقراء والحصول على الجنسية, ومن يتكلم عن النظافة والنظام والاحترام, ويكاد يجمع الجميع على أنهم سيغادرون وبلا عودة, تتردد الكلمات في عقلها, سافر بلا عودة, فقد كان يعانى الوحدة والغربة ووجد ضالته في انجلترا, شقراء جميلة, جذبه رقتها وجمالها وتزوج واستقر بعد أن أنسته ذكرياته واحتلت قلبه, لم يخطئ فهو لم يعد لينقض العهد,عرفته شهم وملخص, إذن لماذا لم يرد على الخطابات, هل هو مخلص لزوجته وأولاده لهذا الحد, بعكس إخلاصه لمشاعره في الماضي,تبدو أمام نفسها كمتطفلة على حياه الخاصة, فتقوم بإرسال تلك الرسائل وتتسبب بنشوب المشاكل بينه وبين زوجته, تكاد تجن من الافكار أوشك رأسها على الإنفجار, ولكن أفاقت على جرس التليفون لتسمع صوت والدتها المضطرب تخبرها بوصول والدها من السفر وإصابته بأزمة قلبية من الإجهاد, وتطلب منها سرعة الحضور للمستشفى, تقود سيارتها باتجاه أكبر مستشفى متخصص في القلب, وتركض لتصل لغرفة العناية المركزة لتجد والدتها خارج الغرفة تنتظرها

هدى : إيه اللي حصل ؟ وقبل أن تجيب يخرج الدكتور إيهاب والدكتور رياض

هند : حالته إيه يا دكتور ؟

إيهاب: الحمد لله وصل في الوقت المناسب ولحقنا ندوب الجلطة, بس طبعا الزيارة ممنوعة 24 ساعة ولما الحالة تستقر ممكن تدخلوا بس مش أكتر من خمس دقايق, لحد ما ننقله لأوضة عادية

هند" برجاء": ممكن أشوفه ولو دقيقة؟

إيهاب : دكتورة الزيارة ممنوعة علشان مصلحته ادعي له ربنا يتم شفاه على خير

هند : ونعم بالله, تجلس هند وهدى تبكيان خوفاً على الوالد والزوج والمجهول من الأيام القادمة

رياض : دكتورة مش معقول كده, وجودك في المستشفى ملهوش لازمة, روحوا أحسن دلوقت ترتاحوا وتهدوا أعصابكم

هدى : لأ مقدرش أمشى من غير بابا

رياض "بهدوء ونظرة حانية" : أنا مقدر مشاعرك أوى بس وجودك هنا مش هيفيده بحاجة, هو نايم والزيارة ممنوعة . اتفضلوا أوصلكم ومن الفجر هعدى عليكم ونيجي المستشفى

نظرت هند لهدى : كلام الدكتور رياض مظبوط يلا حبيبتي ونرجع بكرة إن شاء الله.

أسبوع كامل والدكتور رياض يلازمهم ويقدم خدماته ويتعامل بمنتهى الرقة والذوق مع هدى ووالدتها

هدى : حمد لله على السلامة يا أجمل بابا .كده يا بابا تخضنا عليك

شاكر "مداعبا ": بشوف غلوتي عندكم قد إيه؟

هند : وعرفت, إحنا من غيرك ولا حاجة, ربنا يبارك في عمرك ولا يحرمنا منك

شاكر : هو ده الكلام اللي بيزعلني وبحس إني خايف عليكم ولو سبتكم هتتبهدلوا من بعدى
هدى : ربنا يخليك يا بابا بلاش الكلام ده أرجوك

شاكر : أعمل إيه أنت مش راضية تريحيني وتتجوزي علشان أرتاح ويهدى بالي إن فيه راجل يحميكي ويصونك ويشوف مصالحك, وتفرحي قلبى بنونو صغير يقولي يا جدو

هند "بنبرة تحوى الكثير من المعاني": بصراحة دكتور رياض مسبناش على طول كان جنبنا بيسأل علينا ويشوف طلبتنا, إنسان محترم جداً

شاكر : مع إنه دكتور صغير بس عنده كفاءة في الإدارة واثبت نفسه بسرعة في المستشفى, وهى أخبار المستشفى إيه ؟

هدى : الحمد لله الشغل ماشى كويس

رياض "يدخل من الباب": بسم الله ما شاء الله النهاردة أحسن بكتير

شاكر "بابتسامه": ابن حلال كنا لسه في سيرتك, ويقضى بعض الوقت يتحدث عن المستشفى وأحوال العمل.

رياض طبيب التاسعة والعشرون متوسط الطول قمحي اللون شعره قصير نحيف بعض الشىء له عيون عسيلية تلمع فيها نظرة الذكاء وبعض الدهاء, عنده كاريزما القائد فهو إدارى أفضل منه طبيب, ينهى الخلافات ويحل المشاكل يعرف كيف يتعامل مع الإداريات والنواحي المادية, تم تعينه كطبيب في الاستقبال ولكن في وقت قصير أثبت كفاءة في الإدارة وأصبح قريب من الدكتور شاكر, فهو حلال المشاكل في المستشفى

وفى مكتب هدى فى المستشفى

"رياض": أنت فاضية؟ ممكن أتكلم معاكي ؟

هدى : اتفضل يا دكتور في حاجة؟ خير

رياض : أنت مش راضية تديني فرصة ليه؟

هدى "بارتباك" : فرصة إيه؟

رياض : مش معقول كل ما أجي أقرب منك تهربي وتصديني وتقفلي الباب

هدى : لو سمحت يا دكتور إحنا هنا في مكان شغل, ومافيش مجال لمناقشة المواضيع الشخصية

رياض : طيب أتكلم معاكي فين؟

هدى : تصمت فليس هناك مكان يمكن أن تقابل فيه رياض أو أى شخص آخر

رياض : يعنى سكتي, حتى طلبي الرسمي للدكتور شاكر مردتيش عليه, ممكن تقولي لي أعمل إيه علشان أتكلم معاكي

هدى : أرجوك الوضع ما يسمحش بالكلام, ولا حالة بابا, وأنا كل تفكيري حالياً فى صحة بابا

رياض "تغيرت نبرات صوته للحزن" : يعنى هو ده ردك, رفضك ليا

هدى : تصمت وهى تراقب وجه الحزين وتأثره الشديد ولا ترد

رياض : طب ممكن أسألك سؤال واحد قبل ما أمشى ؟

هدى (بحرج ) : إتفضل

رياض : ممكن أعرف أنت رفضتيني ليه؟

هدى "لا تدري بماذا تجيب وقد أثرت فيها مشاعره الحزينة"

رياض : علشان أنا من أسرة متوسطة وأنتوا علية القوم مش كده, يعنى مش قد المقام

هدى : دكتور رياض أنا مقلتش كده وأنا أصلاً ما رفضتكش "تعنى أنها لم تفكر فيه أصلاً"

رياض "تهلل وجه وقاطعها " : يعنى في أمل إنك تحسي بيا وبمشاعري ناحيتك, يعنى هتسمحي لى أقولك بحبك قد إيه

هدى : دكتور ثواني هقولك

رياض "لا يعطيها فرصة للكلام " : أنا مستعد أنتظر للوقت اللي تحدديه, عايز أقولك حاجات كتير جوايا بس إدينى فرصة,

ولم يذهب إلا بعد أن أهداها نظرة تحمل الحب والهيام

هل أسكتتها كلمة "بحبك" كم حلمت وتمنت أن تسمعها من يوسف, تفكر في نفسها "أين يوسف من ألمى وحزنى, سافر وتزوج, نسينى أم لم أكن في قلبه يوما, رأسى يكاد نفجر" تسحب حقيبتها وتسرع لتعود للمنزل في صالة الانتظار للمستشفى جذبها مشهد أم تحتضن طفل صغير وكأنه ملاك نائم تنظر إليه بحب وحنان تمسك بيده الصغيرة الناعمة تضمه إلى صدرها تعطيه الدفء والحنان وتستمد منه أجمل مشاعر الحب, الأمومة, تلك الغريزة التي تسكن نفوس وقلوب النساء, صرخ عقلها "بداخلها دفنت نفسى في كتبى وعملى, نسيت أحلامى وطموحاتى توقفت أيامى عند لحظة الفراق, إن كان يوسف لا يحبنى ولا أعنى له شىء ولا أستحق منه كلمة يشفى بها جراحى وتعطينى أمل لأنتظر فلقد كرهت الألم والانتظار, ولن أنتظر بعد الآن ولكن يوسف, وكأن قلبها نادى باسمه, سأرسل له آخر خطاب, وآخر فرصة وآخر أمل, فستسمر الحياة, لن أقف كشجرة ذابلة تتقاذفها الرياح
تمسك بالقلم وتكتب الكلمات تطوى الورقة وتضعها في الظرف ثم تنظر إليه ويقفز في رأسها صوت العقل

صوت العقل : "ليه كتبت الجواب؟"

هدى : دى آخر فرصة ليوسف
صوت العقل: "فرصة لأيه؟ أنت لسه غبية مش فاهمة أنك ضيعتي عمرك في السراب, لو كان يحبك كان قال أي حاجة أو حتى لمح, ولكنه مشي, سافر وبدون أي كلمة

هدى : نظراته ولفتاته, وإحساسي اللي يأكد لي إنه يبادلني نفس المشاعر

صوت العقل : إحساسك أنت, وهو ما تعرفيش إيه اللي جواه


هدى : يعنى إيه ؟ كل ده وهم في خيالي

صوت العقل : "لسه فاهمة دلوقتي, أنت كنت بالنسبة له مجرد تلميذة صعبت عليه, وحب يساعدها وبس

هدى : أنا مطلبتش مساعدته

صوت العقل : "هو راجل شهم وطيب وشافك بتبكي وضعيفة وعاوزة تسيبي الكلية, حب يساعدك ولما شاف صورته اللي رسمتيها صعبتي عليه أكتر وحس بالذنب . لو إحساسك صح تقدري تقولي لي, هو سكت كل الفترة دي ليه ؟وسافر من غير وعد, ليه؟ وماردش على ولا جواب واحد ليه؟

هدى : يمكن....., "وتصمت فهي لا تجد مبرر مقنع"

صوت العقل : الإجابة الوحيدة إنه مش حاسس بيكي وعايزك تنسيه وهو خلاص شاف حياته ومستقبله, أنت عايشة في وهم كبير بتعذبي نفسك من غير فايدة وغلطتي لأنه حب من طرف واحد, وكفاية أوى كده ,انسيه وفكي قيده الوهمي من حوالين رقبتك, وأنت شوفي حياتك ومستقبلك, ما تفرضيش نفسك عليه أكتر من كده

تتداخل فى عقلها الصور يوسف وزوجته والاولاد فى هدوء وهناء ثم يصله الخطاب تسئله زوجته ممن يتلعثم يدب بينهم الشجار يقطع الخطاب قطع صغيرة يبرر لها فتاة بلهاء تطارده وهو لا يستجيب ولايرد على خطاباتها ويعتذر لزوجته ويصف لها مدى حبه واخلاصه لها . تترد فى عقلها " بتفرضى نفسك عليه " " تسببين المشاكل والحزن للجميع " ما ذنب والدك ووالدتك ويوسف ورياض وانت هدى

هدى "تمسك بالخطاب وتقوم بتقطيعه" : إزاى لغيت عقلي وظلمت نفسي كل الفترة اللي فاتت, أنا فعلاً عايشة في وهم ولازم أصحى منه, وأشوف نفسي وحياتي وأفكر بعقلي كفاية قلبي اللي تعبني وفعلاً أنا مش هفرض نفسي عليه, لو بيحبني كان رد عليا وكان حس بيا, هقفل صفحة الماضي وحاول اأبتدي من جديد وتمسح دمعة سالت غصب عنها

هند : صباح الخير يا حبيبة ماما

هدى "مبتسمة": صباح النور يا ست الكل

هند : متشيكة كده ورايحة فين؟

هدى : هروح الجامعة وبعدين أطلع على المستشفى ونتقابل الساعة خمسة عند بابا, ونرجع مع بعض على البيت, في حاجة تانية يا قمر قبل ما أنزل

هند : ربنا يوفقك حبيبتي ويسعدك وأفرح بيكي عن قريب

هدى "تبتسم لوالدتها": إن شاء الله يا ماما

هند (بلهفة ) : يعنى نقول مبروك

هدى : مبروك على إيه بس؟ أنا وافقت على المبدأ بس

هند : يعنى نحدد مع رياض معاد علشان تتكلموا مع بعض

هدى : لأ, مش بالسرعة دي إديني وقت

هند : حاضر لما نشوف أخرتها إيه معاكي يا بنت شاكر.
بدأت هدى تلملم نفسها وتجمع شتات قلبها تفكر بعقلها وترسخ فيه إنه حب فاشل ومن طرف واحد وعليها أن تداوى جروحها, ولكن ما أصعب جروح القلب, تزرع في نفسها أمل جديد ومستقبل جديد سعيد, بيت وزوج وأولاد, حياة هادئة مستقرة, إنسان يحبها ويعطيها الدفء والأمان, يرسم في حياتها السعادة ويعيد إليها الألوان, وتحلى معاهمرارة الأيام, لم تعد تفكر في الماضي, وبدأت ترسم لنفسها مستقبل جميل

استعاد والدها عافيته وعاد إلى المنزل وتمت دعوة دكتور رياض إلي المنزل, تكلم مع هدى عن إعجابه بها وبشخصيتها الجميلة ومدى حبه لها ورغبته في إسعادها وانبهاره بجمالها وذوقها الرفيع, يجيد رياض الكلام ويعرف كيف يشرح ما يريد بسهولة وسلاسة له أسلوب جذاب تحدث عن عائلته وإمكانيته البسيطة فهو لا يملك غير شقة في عمارة والده الذى خصص لكل ابن وابنة شقة وأنه كان يتمنى أن يهديها قصر كبيرمزود بكل الإمكانيات, ولكنه لا يملك إلا القليل, ووصف مدى خوفه وألمه لو تم رفضه, ومن حسن حظه أن عائلة هدى لا تفكر بمنطق الإمكانيات, وكل ما يهمهم أن تكون هدى سعيدة, فهدى الابنة الوحيدة, ودكتور شاكر يمتلك الكثير ولن يبخل على ابنته الوحيدة وكل أمله أن يراها سعيدة .

برغم رومانسية رياض وكل ما يبذله من اهتمام وإعجاب فهو يغدقها بالكلمات الرقيقة والورود الجميلة والهدايا البسيطة ويظهر مشاعره وحبه ويمطرها بكلمات المديح ويتفانى في عمله بالمستشفى, لم يستطع أن يسكن قلبها , هو فقط يجذب اهتمامها ويشغل عقلها. وافقت على الخطوبة وهى تأمل أن تحبه, واقترب موعد الزفاف وكلما اقترب أحست بالخوف وأنها سترتبط بمن لا يحبه قلبها, ولكن تذكرت كلمة والدتها الحب بعد الزواج بالعشرة الطيبة والمعاملة الحسنة, ورياض يعاملها أفضل معاملة ويتعهد بأنه سيجعلها ملكة متوجة على عرش قلبه ووعدها أنها لن تندم في يوم على اختيارها له


مجدى (بخبث ): أيوه يا عم بيضالك في القفص هتتجوز القمر وتحط المستشفى في جيبك الصغير

رياض : أنت هتقر ولا إيه؟ وخلى بالك أنت بتتكلم عن مراة أخوك

مجدى : أنا اقر, إخس عليك أنا بحسد بس

رياض : أعوذ بالله منك, الخير هيعم علينا كلنا, لما أبقا المدير, أنت هتكون نائب المدير

مجدى : بس أنت واقع واقف, المال والجمال ليك حقك تموت فيها

رياض : هه مين اللي يموت, دا شغل يابني .

دي طلعت عيني, طالعة فيها ومبتديش فرصة لحد يكلمها وفاكرة نفسها من كوكب تاني, دكتورة في الجامعة ومديرة المستشفى ومهندسة ديكور ومفيش زيها

مجدى : يعنى هتتعبك ومش هتخليك مدير للمستشفى

رياض : على مين, دا أنا رياض وهتشوف هعمل معها ايه ؟ بس بس لحسن وصلنا الفندق يسمعنا حد من عيلتها تبوظ الدنيا
ومر أسبوع العسل في أوروبا كلمح البصر هدية من والدها الدكتور شاكر, وعادت هدى ورياض لشقتهما

هدى "باستغراب": إيه ده ؟ مين اللي جاب ده هنا ؟

رياض : في إيه يا حبيبتي؟

هدى : قفص العصافير ده مين جابه؟ أنا مرتبة كل حاجة بإيدى والقفص ده ما كنش موجود

رياض : قفص العصافير ده بتاعي, تلاقى ماما هي اللي طلعته, أنت مش بتحبي العصافير "يقترب منها" شوفي بيحبوا بعض إزاى زينا بالظبط

هدى : تنظر إلى العصافير وتشعر بوخزة في قلبها
بسمة : حبيبة قلبى وحشانى, من بعد ما اتجوزتي وأنت ما حدش بيشوفك ولا بيسمع صوتك

هدى : أنت اللى وحشانى أوى, أمال فين الولاد

بسمة : راحوا النادى مع نادر وقلت أجى أشوفك وأقعد معاك شوية

هدى : معلش أنا عارفة إنى مقصرة معاكى, بس أنت حبيبتى وهتعذرينى

بسمة : مالك يا هدى شكلك مش عاجبنى, لونك مخطوف وخاسة وعيونك مورمة, أنت كنتى بتبكى ولا إيه؟

هدى : لا يا حبيبتى مفيش حاجة, شوية تعب من الحمل

بسمة : بس كده غلط جداً على البيبى لازم تاكلى كويس وحالتك النفسية تكون مرتفعة وإلا هيأثر على البيبى

هدى : مش عارفة أقولك إيه ؟ وبدأت في البكاء

بسمة : إهدى يا حبيبتى حصل إيه لكل ده؟ دا أنت لسة عروسة ما كملتيش ست شهور جواز

هدى : عروسة, أنا حاسة إنى متجوزة من قرن كامل. انا أفشل زوجة في العالم

بسمة : حبيبتى هدى نفسك شوية, كل البيوت فيها مشاكل وخلافات وأول سنة جواز هى أصعب سنة

هدى : مش عارفة أعمل إيه مع رياض علشان نعيش في هدوء, كل حاجة بحبها بيكرها وكل حاجة بكرها بيحبها ويفرضها عليا غصب عنى

بسمة : يا بنتى عادى, ده اختلاف طبيعى وبكرة تاخدوا على بعض

هدى : بحاول أعمل كل حاجة بيحبها وأتجنب المشاكل ومع ذلك مفيش يوم يعدى بهدوء لازم الصوت العالى والخناق والتريقة ويطلعنى غلطانة وخلاص, بيقول أنى مش بقدر تعبه وانشغاله والمجهود اللى بيبذله في المستشفى

بسمة : يمكن علشان أنت فاضية طول النهار وهو بيشتغل طول النهار, طب ما ترجعى شغلك

هدى (بأسى ) : شغلى, المشكلة أصلاً من شغلى . الأول فضل يتلكك على المستشفى ويعمل أى مشكلة في المستشفى وطبعاً لازم تكمل في البيت, لحد لما كرهت نفسى من كتر الخناق وفى الآخر خيرنى بينه وبين إنى أشتغل في المستشفى, وقال لى: لو بتحبينى لازم تسيبى المستشفى وإلا تكونى بتخوننينى ومش بتحبينى وبينى وبينك كنت تعبانة البيت والجامعة والمستشفى والحمل واضطريت إنى أسيب المستشفى

بسمة : نفس اللى حصل معايا أنا ونادر لما كنا بنشتغل في نفس الشركة كان فيه خلافات كتير لحد ما سبت الشركة و اشتغلت في المدرسة وهى كانت أحسن لى مواعيدها أفضل ودلوقت الولاد معايا في المدرسة . طب دى المستشفى أخدتى أجازة من الجامعة ليه؟

هدى : بعد لما سبت المستشفى كان كويس جداً ويا دوب كام يوم وبدأ يجى بدرى وعايز نخرج نتفسح وبيعتذر عن النكد اللى كان عاملة ونبتدى شهر عسل جديد وأنا فرحت جداً, وفضل يقولى خدى أجازة من الكلية سنة واتفرغلى وأنه خايف البيبى ياخدنى منه وكلام كتير لحد لما أخدت الأجازة وبعد كده بقيت في البيت لوحدى بيخرج الصبح ويرجع متأخر يتعشى ويتفرج على المصارعة الحرة أو كورة أو فيلم رعب وضرب وبس ومش عايز لا يتكلم ولا يناقش في أى حاجة .

بسمة : ممكن تكونى بتكلميه في مواضيع بتضايقه أو بتعملى حاجة تغيظه مثلا

هدى : أبداً بجهز له كل حاجة, البيت مترتب وزى الفل و الأكل اللى بيحبه طول النهار أشغل نفسي بتجهيزه له وبجهز نفسى وأفضل أستنى طول اليوم لحد ما يجى يقابلنى بمنتهى البرود اللى في الدنيا ويقعد ياكل وهو بيتفرج على التليفزيون ولا حتى يقولى تسلم إيديكى ولا أنت فين ؟

بسمة : جربى تغيروا جو البيت واخرجوا

هدى : مش بيحب الخروج ويوم الأجازة بينام لحد الضهر وبعد كده ننزل نقعد مع اخواته وحماتى

بسمة : أقولك إيه, روحى النادى واتمشى شوية وغيرى جو

هدى : للاسف مش بيرضى أروح لوحدى وغير كده وأخد عربيتى على طول, لحد من شهرين بابا اشترى له عربية هدية علشان يسيب لى العربية
بسمة : والله عمى شاكر طيب جدا وحل المشكلة بمنتهى الذوق

هدى : للأسف مفيش حاجة اتغيرت لأنه كل يوم والتانى يعمل حادثة بالعربية وتروح الصيانة بيبدل على العربيتين يخبط واحدة ويركب التانية, بيسوق بطريقة رهيبة, العربية الجديدة لو شوفتيها تقولى دى عمرها عشر سنين من كتر الخبطات

بسمة : معلش لازم تصبرى وتحاولى معاه رياض جوزك وأبو ابنك والحاجات دى بسيطة العصبية والغيرة مقدور عليهم في حاجات تانية بتكون أصعب .

هدى : فيه إيه قلقتينى هو نادر عمل حاجة ؟

بسمة : لااااااا هو يقدر, دا مراد جوز شاهى

هدى : ماله مراد ؟

بسمة : أنت عارفة, رجل أعمال وغنى وشايف نفسه كل يوم مع واحدة شكل وشاهى قربت تتجنن من عمايله بس صابره عليه

هدى : يا خبر, ازاى مستحمله كده ؟ إلا الخيانة

بسمة : حاجات كتير تخليها تستحمل منها المصالح والشغل مع باباها والولاد وبعدين بتخاف من كلام الناس لا يشمتوا فيها لو اتطلقت

هدى : ربنا يعينها, زعلتينى أوى يا بسمة الله يكون في عونها, لأ يا ستى رياض أرحم

بسمة : شوفتى أديكى اعترفتى إنه أحسن, اتفهمى معاه وكلمتين حلوين يمشوا الزعل والدنيا ترجع بمبى, يلا أسيبك علشان ألحق نادر والولاد وأنت تلحقى تظبطى نفسك قبل رياض ما يجى.

تعد هدى المنزل لعشاء رومانسى الورد والشموع والطعام الذى يفضله رياض وترتدى أجمل ما عندها وتتزين فهى تريد أن تحقق حلمها في حياة هادئة سعيدة.

يركب رياض سيارته ويقودها بسرعة كالمعتاد ولكن قبل أن يصل المنزل أوقف المحرك ونزل ليتمشى قليلاً فقد تذكر شكل هدى في الصباح تبدو كوردة زابلة فقد سلبها حريتها وشخصيتها وضغط عليها كثيراً ويمكن أن تثور وتضرب بكلامه عرض الحائط وتتركه وتعود الى المستشفى, المستشفى تترد الكلمة فى أذنه بعد أن اصبح المدير المسئول والآمر الناهى ولا يوجد من يعارضه فهدى حبيسة المنزل ودكتور شاكر كثير السفر وصحته لا تتحمل متابعة المستشفى, ومن بعد تعيينه لأخوه مجدى المدير المالى أصبحت المستشفى لهم, فإذا عادت هدى ستهدم كل أماله فعليه تغير أسلوبه وإيجاد ما يشغلها غير المستشفى والجامعة فهو يشعر بالغيرة من تفوقها ووجد الحل, لبس ثوب الحمل الوديع ورسم نظرة الاسى والأسف .

هدى "بلهفة": خير مالك يا رياض فيه إيه ؟

رياض : ينظر بحزن ولا يرد

هدى : في إيه؟ حرام عليك أعصابى ما تتحمل كده ؟

رياض : النهاردة رحت عند الدكتور المشرف على رسالة الماجستير بتاعتى ....وقالى إنه هسيب الرسالة ومش هيشرف عليها علشان أنا مش بقدم له أى جديد من فترة طويلة

هدى : طب وبعدين ؟

رياض : أنت عارفة إنه لازم آخد الماجستير شكلى هيكون وحش أوى بين الدكاترة في المستشفى وعايزك ....

هدى : عايز إيه؟ ممكن أعمل إيه وأنا أعمله على طول

رياض : لو بتحبينى ساعدينى’ يعنى

هدى : يعنى إيه ؟ أساعدك إزاى؟

رياض : تجمعى المادة وتكتبيها على الكمبيوتر وتلخصي لى الكتب وتشرحيها لى لأنى معنديش وقت أذاكر

بدأت هدى تكرس وقتها لزوجها وكأنها هى من تريد الحصول على الماجستير وقتها مقسم بين الكتب والمراجع والتلخيص وشرح الملخص لرياض والكتابة والمراجعة ودراسة الحالات ووضع الصور التوضيحية ومراجعة الكتابة واستمرت حتى بعد وضعها لكريم ابنها كانت تعتنى بكريم ولم تتوقف عن الدراسة والمذاكرة لرياض والاهتمام بمنزلها حتى قطع رياض شوط كبير في الرسالة وتخطى الامتحانات الشفوية والتحريرية ولم يبقى غير مناقشة الرسالة فقد مر عام ونصف في هدوء توقف عن الشجار وتفرغ لإدارة المستشفى وتحقيق أحلامه وأهدافه من الزواج بهدى حصل على المركز والمال والسلطة وأكثر تحقيق طموحه العلمى وساعدته هدى في ذلك فلقد أصبحت الزوجة المثالية من وجهة نظرة لا تقوم إلا بما يريد ولا تفكر إلا في راحته وتنفذ رغباته قبل أن يطلبها تكرس وقتها وجهدها ليكون سعيد وهادىء تعتنى بالمنزل تجعله مرتب ونظيف وجميل وتعتبر أم نموذجية فكريم هادىء ونظيف ونادر ما يعانى من المرض, بالإضافةلزوجة قليلة الطلبات جميلة ومطيعة لم تعد تتدخل في سير العمل بالمستشفى أو حتى تطلب قطع الاجازة والعودة إلى العمل نجح رياض في خطته أنساها نفسها لتذوب في متطلباته وحياته

هدى : الرسالة جاهزة وكل دكتور أخد نسخته, واشتريت لك البدلة اللى هتلبسها يوم المناقشة

رياض : ربنا يخيلكى ليا يا حبيبتى, وراء كل رجل عظيم امرأه

هدى : حبيبى ممكن أطلب منك طلب ؟

رياض : أنت تأمرى

هدى : ممكن أقطع الأجازة وأرجع الجامعة ؟

رياض "وقد تغيرت لهجته وملامحه الهادئة الى الغضب" : إيه بتقولى إيه ؟ ترجعى الجامعة ؟ ومين يهتم بكريم والبيت يتلخبط؟ لأ طبعاً مش موافق

هدى : مفيش لخبطة ولا حاجة, كل حاجة في البيت زى ما هي, وهما يومين اللى هنزل فيهم وكريم هوديه عند ماما يعنى اطمن

رياض : يعنى أنت مرتبة كل حاجة وجاية تفرضي علي أوامرك, يعنى أنا ماليش لازمة,طيب مش موافق شوفى هتعملى إيه؟

هدى : استهدى بالله, إحنا بنتكلم أنت بتزعق ليه؟ وبعدين رسالة الماجستير وخلصت وكريم كبر وأنا زهقت وعايزة أرجع شغلى ورسالة الدكتوراة اللى ما كتبتش فيها كلمة من يوم ما اتجوزنا, يعنى مفيش حاجة تخليك ترفض

رياض : مفيش دكتوراة قبل ما آخد أنا الدكتوراه الأول . انا الراجل يا هانم, وكريم لو كبر يبقى نجيب أخ أو أخت وكلام في الموضوع ده مش عايز أسمع .فهمتى, وتركها وذهب لينام

تبكى وتنظر للعصفور الحبيس في القفص,كانت تظن أن تفانيها في إسعاده سيغير من طباعه, وكانت تعتقد أن تحقيق آماله سيحقق لها السعادة, كانت تنتظر أن يروى حياتها بالحب والحنان ويعطيها السعادة, ولكنها تعطى ليأخذ بلا مقابل وتبذل جهدها ليرضى ولكن توحشت أحلامه فأصبحت لا تشعر بوجودها ولا تجد سعادتها بل تشعر بالوحدة والوحشة والاختناق, تريد تكسير القفص والخروج أخذت قرارها سيكون هناك وقفة مع رياض, بعد مناقشته الرسالة وحصوله على الماجستير إما أن يعطيها حريتها وهى بجانبه وليس وراءه أو تكون حرة بعيد عنه

انتهى الاحتفال الذى أقامه رياض في أحد الفنادق بمناسبة حصوله على الماجستير بامتياز وبعد أن ذهب الجميع وركب رياض وهدى وكريم السيارة, وضعت هدى كريم على الكرسى الخلفى وربطته بالحزام بإحكام وجلست بجوار رياض تتذكر العامين الماضيين تفانيها في خدمته ومدى جحوده وقسوته معها حتى فى الحفل أثنى وشكر الجميع إلا هى لم يشر اليها بكلمة ولا اهتمام تحترق من الغيظ والالم , ولكن ستواجهه اليوم ترتب في رأسها الكلام وردود الافعال ستحاول أن تكون هادئة مقنعة وستعطيه فرصة ومهلة ليحقق طلبها ولكن فاجئها قطع أفكارها صوت فرملة واصطدام هائل ثم ألم رهيب من الارتطام;
بسمة : إزيك يا هدى عاملة إيه ؟

هدى : الحمد لله, فين نادر والولاد

بسمة : عند والدة نادر وهيجوا كمان شوية عند بابا, وحبيب قلبى كريم فين؟

هدى : يا دوب لسة نايم من خمس دقايق

بسمة : الحمد لله أنت كويسة وكريم بخير, خضتينى كان صوتك متوتر أوى في التليفون

هدى : النهاردة أغرب يوم في حياتي

بسمة : حصل إيه ؟ اتكلمي على طول ما تلعبيش بأعصابى
هدى : أنت عارفة إن مجدى من يوم الحادثة وهو اللي ماسك المستشفى وبيعمل كل اللي هو عاوزه من غير رقيب ومن غير ما يرجع لحد

بسمة : هو مسك المستشفى بعد رياض الله يرحمه ما توفى في الحادثة وأنت كانت حالتك خطرة وسافرتى أمريكا تتعالجى مع عمى شاكر و طنط هند وكريم وفضلتم خمس شهور لحد ما ربنا نجاكى وشفاكى الحمد لله

هدى : عليكى نور, خمس شهور كاملين وهو مسئول عن المستشفى

بسمة : إيه المشكلة ؟

هدى : المشكلة إن المستشفى بقت خرابة, هو عكس رياض الله يرحمه تماما بيتعامل بطريقة وحشة مع الدكاترة والموظفين وبيعمل مشاكل كتير جداً لدرجة إنه طفش أحسن دكاترة وموظفين وخلاهم سابوا المستشفى وعمل مشاكل مع مفتشين وزارة الصحة والضرايب وفى أسبوع واحد اكتشفت بلاوى ملهاش عدد دمر المستشفى وفيه تجاوزات كتير جداً

بسمة : وأنت ما وجهتهوش بكل المشاكل دى ؟

هدى : وجهته طبعا وأنكر كل حاجة وكلمني بطريقة وحشة جداً

بسمة : وأنت سكتي على كده؟

هدى : طبعا لأ, وقفته عند حده وقولت له يرجع وظيفته كمدير مالي وبس وده إكراماً للمرحوم رياض وعينت معاه موظف محترم جدا علشان يساعده والقرار يكون بينهم هما الإتنين

بسمة: اتصرفتى كويس وخلصتي من المشكلة

هدى : لأ طبعاً مش هتصدقي عمل إيه ؟ طلبني للجواز

بسمة : يتجوزك مش معقول وهو أصلا متجوز وعنده أولاد وأنت رديتى عليه؟

هدى : أيوه واعتذرت له وقولت له إنى مش هتجوز ومش ممكن أتجوزه

بسمة : وهو سكت على كده

هدى : تخيلى حصل إيه ؟ لاقيت حماتي طالعه وقالت لى كلام عمري ما كنت أتخيل أنى أسمعه وبدأت هدى في البكاء

بسمة : يا حبيبتى أهدى وفهمينى قالت إيه؟

هدى "تحاول أن تتماسك وتمسح دموعها": قالت لى إزاي أرفض ابنها وإن المفروض واحدة في ظروفي أرملة وبتربى طفل عنده سنتين اوافق من غير تفكير وأنا اللى أترجاه علشان يشوف مصالحي ومصالح ابنى,وإزاى أعين واحد معاه لأنه أكتر واحد أمين على مال ابن أخوه, والأغرب من كده إنها عايزانى أتحبس في البيت زى رياض ما كان حبسنى في البيت وإن البيت بيتها وممنوع أخرج أو أدخل إلا بإذنها . وهددتني إن لو اتجوزت هتاخد كريم منى ومش هتوافق إنى أتجوز غير مجدي وإن ده أمر .

بسمة : معقول, ليه كل ده ؟ وأنتى قولتي لها ايه؟

هدى : ما قلتش أى حاجة, برغم كل شىء هى صعبانة عليا. رياض أكبر أولادها وصدمتها فيه كبيرة, ومقدرة أوى إنها زعلانة ومصدومة ولازم أتحملها

بسمة : وهتعملى ايه ؟

هدى : أنا خلاص عملت, جمعت شوية حاجات ليا ولكريم وسبت الشقة وهقعد أنا وكريم مع بابا وماما .

بسمة : طب وبقية حاجتك ؟ والشقة دى شقة ابنك

هدى : الشقة مش باسم رياض دى باسم والده يعنى أنا وكريم ملناش حاجة أما العفش فوالدة رياض رفضت إنى أخد أى حاجة منه وأنا مش عايزة حاجة كفاية إنى أخرج من السجن اللي كنت فيه,كل حاجة فى الشقة بتفكرنى برياض وذكريات كتيرة نفسى أنساها وهحاول ابتدى من جديد من غير ذكريات بتجرحنى

بسمة : ربنا يوفقك, المهم أنك أنت وابنك تكونوا بخير’ طب ممكن أساعدك إزاى ؟

هدى : أنا محتاجة هانى وعمرو أخواتك يكونوا معايا, أظن خلصوا الامتياز والتكليف, وجه وقت إنهم يقفوا معايا وفي الأول والآخر المستشفى دي بتاعتنا كلنا .

بسمة : طبعا يا حبيبتي لازم يقفوا معاكي ونشوف حل للمشاكل, أنا هنزل أتكلم معاهم وإن شاء الله من بكرة الساعة ثمانية في المستشفى .

هدى : إنزلى افتحى الموضوع وأنا نازلة وراكي على طول

تبدل هدى ملابسها وتوقظ كريم ليلعب مع أولاد بسمة وقبل أن تغلق باب الشقة

مراد : إزيك يا دكتورة هدى, عاملة إيه؟

هدى : الحمد لله بخير , إزيك وإزاى شاهى والأولاد
مراد : الحمد لله بخير, ويداعب كريم إزيك يا بطل عامل إيه؟

شاهى "بصوت عالى": الله الله واقف هنا بتعمل إيه؟

مراد "يكتم غيظه من شاهي ويحاول أن يكون طبيعي حتى لا يحرج هدى" : إيه يا شاهي مش واخدة بالك دي الدكتورة هدى وكريم, تعالى سلمى عليهم

شاهى : أه هدى ازيك, عامل ايه؟ "ووجهت كلامها لمراد" طب إنزل أنت على ما سلم على هدى لحسن وحشانى أوى . يستأذن مراد وهو في قمة الغضب من تصرف شاهي وطريقة كلامها المستفزة

هدى : الحمد لله بخير

شاهي "التي وجدت فرصة لتسمع هدى بعض الكلام الموجع": معلش يا هدى أنت بنت خالي ولازم أنصحك . أنت دلوقت أرملة وكل حركة محسوبة عليكي خلى بالك من تصرفاتك حد غيري يشوفك وأنت واقفة بتتكلمي مع مراد هيقول إيه ؟أنا بثق فيكي جداً لكن الناس؟ أنت فهمانى طبعاً

هدى "تمسك أعصابها بقوة فهي لا تريد استفزاز فيكفيها ما لاقت اليوم من والدة رياض": مرسى يا شاهي على النصيحة مش عارفة من غيرك كنت هعمل أيه ؟

تنصرف شاهى الى مراد وتقابل هدى أولاد عمها هاني وعمرو وتتفق معهم على العمل في المستشفى وفى الصباح يقدم مجدي استقالته كنوع من الضغط على هدى لتفشل من دونه .يخرج مجدي ويدخل عمرو وهاني فستقبلهم هدى وتشرح لكل منهم دوره والخطة التي وضعتها لتستعيد المستشفى مكانتها, تبدو هدى نشيطة تتحرك في كل مكان تجرى الاتصالات وتوزع المهام وتعيد ترتيب المستشفى وتعيين الموظفين وتفحص التالف وتطلب المواد الناقصة وتستبدل الهالك وتكلف مجموعة من الموظفين لحل المشكلات المتراكمة وإيجاد حلول سريعة وفعالة لإنقاذ المستشفى لم تعد هدى الساكنة الحالمة, ثار داخلها بركان من الإصرار على النجاح وتحقيق الذات لن تفشل لن تكون لعبة في أيدي الاخرين ستكمل مشوارها وتحقق طموحها

بسمة : أخبارك إيه يا جميل؟ مش معقول النهاردة عيد ولا إيه ؟ محدش بيشوفك ولا بيسمع صوتك

هدى : المستشفى واخدة كل وقتى بحاول أرجعها زى ما كانت, شغل نهار وليل, مجدي سابها مركبة غرقانة وعليها مشاكل ملهاش حصر, بس الحمد لله اتحلت معظم المشاكل وأقنعت عدد كبير من الدكاترة إنهم يرجعوا تاني يشتغلوا في المستشفى والدنيا ابتدت تتظبط وعمرو وهاني هما كمان بذلوا مجهود كبير جداً والحمد لله قطعنا شوط كبير والمستشفى بقت أحسن من الأول وكمان انشغلت في الدكتوراة كانت بتخلص على شوية الوقت الفاضى, بس دلوقتى فضيت لك يا جميل

بسمة: الحمد لله دا كان كابوس وخلص, وأنت ما شاء الله عليك وشك رجع ينور وعنيك بتلمع من الفرحة

هدى "تخرج نفس عميق" : كنت حاسة إنى غرقانة في بير ومش عارفة أخرج منه, والحمد لله مرت بسلام

بسمة : كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع كده ؟

هدى : قولي من غير مقدمات

بسمة : يعنى مر على وفاة رياض أكتر من سنتين . وأنت لسة في عز شبابك, ولازم يعنى....

هدى : يعنى إيه ؟ في إيه ؟

بسمة : في عريس

هدى : لأ متقوليش... "وتضحك"

بسمة : بتضحكى على إيه ؟ هو أنا قلت نكتة .

هدى : معلش ماتزعليش, دا تالت عريس يتقدم الأسبوع ده

بسمة : يا سلام يا سلام من العرسان دول

هدى : هقولك بس أوعدينى ما تقوليش لحد

بسمة : أنت عارفة سرك في بير

هدى : الأسبوع اللي فات جه مراد المستشفى وقال لى إنه عايز يتجوزنى وقال إنه معجب بيا من أول مرة شافني فيها في فرحك وطلبني من بابا بس بابا رفض لأنى كنت بادرس

بسمة : وبعدين

هدى : ولا بعدين ولا قبلين قاطعته ومخلتهوش يكمل و قلت له إنى مش ممكن أوافق أبداً وإنه زى أخويا وشاهي أختى وطلبت منه إنه ما يفتحش الموضوع تاني ولا يتكلم فيه, وهو احترم رغبتي

بسمة: ومين التانى ؟

هدى : بشمهندس معتز

بسمة : وقلتي له إيه ده كمان؟

هدى : نفس الكلام اللي قولته لمراد وإن مراته ست هايلة ومحترمة وأنى لغيت موضوع الجواز ده من تفكيري

بسمة : طب ليه؟ العريس التالت مش متجوز ولا عنده اولاد . اسمعى بس هقولك

هدى : مش هسمع حاجة, أنا مش عايزة أتجوز وعندي كريم وهو دنيتي كلها خلاص كبر وبقا راجل عنده أربع سنين, وكمان عندي طموحات وآمال مدفونة ولازم أخرجها وأحقق حلمي, كده كفاية أوى المستشفى ورجعت أحسن من الأول وهانى وعمرو بيديروها أحسن منى والدكتوراه وخلصتها وعلقت الشهادة في المكتب والحمد لله حققت حلم والدي وشفت السعادة في عينيه, وجه الوقت إنى أرجع للألوان والتصميمات وحلمي اللي أتأجل سنين طويلة
أتمتت عامي الثلاثين وعلي أن أبدأ من جديد لأحقق حلمي الذي تأجل طويلاً, حان الوقت لأصبح نفسي وأحقق ذاتي وأخطو قدماً لتحقيق حلمي الصغير, انظر داخل نفسي لأجد صحراء جرداء مظلمة انسحبت منها الألوان والأصوات تحيطني غابة من الشوك الذي يدمى جسدي كلما حاولت الحركة, يرغمني على التخلي عن حلمي, ولكن مهلا هناك نور يأتي من بعيد مختبأ بين طيات نفسي, ما هو هذا النور؟ أقترب منه لأعرف, آه إنه حلمي الصغير يصارع الظلام يريد الخروج, أزحف تحت أشواك نفسي وأمسك بالضوء الضعيف, مهما ازداد الظلام حولي فشمعة واحدة تبدده لأبحث عن بصيص أمل يقوى حلمي الصغير ويزيل غابة الشوك من حولي, أرى بين الأشواك وردة حمراء رقيقة إنها هي وردة حبي الطاهر الذي نما وكبر في قلبي سأخلصها من أشواك الألم والجرح والفراق والانتظار وأخفيها في سراديب قلبي لتعطيه الدفء والشعور بالأمان, وهذه وردة أرجوانية هي ابتسامة أبى الذي حققت حلمه وشعر بارتياح وسعادة وابتسم لي ابتسامة رضا سأنزع عنها أشواك الانكسار والغربة والخوف التي أحاطتني سنين طويلة حتى حققت حلمه, سأنثر حباتها في صحرائي الجراء لتعود خضراء, وهذه وردة بيضاء نقية هي كريم ابني الهدية التي وهبنى ايها ربى, لأمد يدي وأخلصها من أشواك القهر والذل والشقاء, وهذه وردة جميلة بألوان الحياة منة من ربى الذي نجاني من موت محقق وأعادني للحياة, أشعر بقيود تنكسر وغابة الشوك تنقشع, أنثر ورداتي وأرويها بدموع الرضا والصبر والإيمان, فتتحول صحرائي إلى أرض خضراء ويخرج من قلبي نور يضئ لي الطريق, رسم الطموح سمائي الزرقاء وبحري الهادئ وخط التحدي أرضى الخضراء, وامتد الأمل ليرسم شمس صفراء وأشعل الأحمر فى دمائي الإصرار على الانتصار, عادت الألوان إلى حياتي تدفعني للنجاح, طويت صفحاتي القديمة وأخمدت ذكريات الألم والشقاء وقذفت ذكرياتي الجميلة لتكون في سمائي نجمات تضئ طريقي وتهديني إلي النجاح, لأجمع شتات نفسي وأداوى جراح قلبي وأحلم بغد جديد يعزف فيه قلبي أجمل الألحان وتغرد الطيور من أجلى ويعود لى قمري يزين السماء .

هدى : بابا كنت عايزة أكلمك في موضوع

دكتور شاكر : قولي حبيبتي, خير

هدى : حضرتك عارف أن عمرو وهاني بيديروا المستشفى كويس جداً وواخدين بالهم من كل كبيرة وصغيرة والحمد لله الوضع استقر والمستشفى من أحسن لأحسن والحمد لله وشايفة أنى كده دوري خلص وعايزة أسيب المستشفى وأشتغل في مكتب عمى كمال, حضرتك عارف أنه حلمي من زمان ونفسي أحققه .

دكتور شاكر "بنظرة حانية وابتسامة الرضا": حبيبتي لو شغلك في مكتب عمك هيرجعلك الابتسامة اللي وحشاني, اشتغلي معاه,كل اللي يهمنى هو سعادتك وأن ابتسامتك ترجع تاني تنور وشك, وأحس أنك راضية وسعيدة

هدى : يعنى هتكون راضى عنى ومش زعلان منى؟

دكتور شاكر : هو فيه حد يزعل من قلبه, أنت بنتى الوحيدة وطول عمري بخاف عليكي من الهوا يجرحك, هاجى النهاردة وأزعل منك؟ مش ممكن أبداً, والحمد لله كان عندى بنت واحدة ربنا رزقنى بولدين من دمى يساعدوني وشايلين اسم العيلة

هدى : ربنا يخليك ليا يا بابا ويبارك في عمرك, كلامك ده رد فيا الروح من تاني

دكتور شاكر : ويخليك ليا يا حبيبتي

هدى : ممكن أطلب من حضرتك طلب؟

دكتور شاكر : اطلبي اللي أنت عاوزاه, هو أنا عندي كام هدهد

هدى : نفسي أفتح باب القفص للعصفور

دكتور شاكر : أخاف عليه لتأكله القطط أو يموت من الجوع

هدى : متخافش العصفور كبر وبقا قوى يقدر يدافع عن نفسه . أرجوك يا بابا نفسي يخرج من القفص

دكتور شاكر : ياه قد كده عاوزاه يبعد ويسبني ؟

هدى : مش هسيبك لو بيحبك هيرجع تاني بس هيرجع يغنى وهو فرحان

دكتورشاكر : خلاص زى ما تحبى خرجيه من القفص’ ليه فترة مش بيغني

تنادى هدى على كريم وتذهب إلى القفص وتحمله وتخرج به للشرفة وتفتح باب القفص ليطير العصفور في السماء تسمع غناءه وترى فرحته لأول مرة تسمع صوت السعادة بعد بكائه الحزين ويستقر العصفور على الشجرة المجاورة للمنزل فتذهب للمطبخ وتحضر قطع الخبز وتعلم كريم كيف يأخد الفتافيت ويضعها على السور وينتظر العصافير يضحك كريم ويلعب مع العصافير تراقبه في سعادة ترى فيه الأمل ستغرس فيه بذور الحب والرحمة وتربيه على الإخلاص والاحترام وتعلمه أن الحب عطاء, ستحقق أحلامها وتترك له حرية الحلم لن تكون أنانية في حبها له مهما طالت الأيام, شعرت بالراحة والسعادة وكأنها هى من طارت من القفص وحلقت في السماء

بسمة : أخبار مهندستنا الجميلة إيه؟

هدى : إزيك يا حبي عاملة إيه؟ وحشاني جداً

بسمة:الحمد لله, أنت بسم الله ما شاء الله عليكي, كلنا بنكبر وأنت اللي يشوفك يقول يا دوب عشرين سنة, هو الشغل مع بابا
بيعمل كل ده ؟

هدى (تضحك)

: مش أوى كده

بسمة: الابتسامة والشياكة والأناقة وإيه الجمال ده كله, لا أنا هقول لبابا يشغلنى معاه . سنة واحدة وعملت فيكى كل ده أمال كمان سنتين تلاتة هتعملى إيه؟

هدى : بس بس لحسن أصدق, وإن كان على الشغل اتفضلى يا ستى مكتبك أنا أتمنى إننا نكون مع بعض

بسمة : حزرى فزرى كنت فين امبارح, مش هتصدقي

هدى : كنت فين ؟

بسمة : رحت مع نادر وزرنا مراد ومراته الجديدة أصلها ولدت من أسبوع

هدى : وجالك قلب تروحى, تلاقى شاهى حالتها صعبة

بسمة : يا بنتى مراد ابن خالة نادر ولازم نروح وبصراحة مراته ست ممتازة ذوق ورقة وأخلاق وطيبة جداً

هدى : وشاهى عاملة ايه؟

بسمة : اللى يشوفها يديها خمسين سنة من الغيظ والهم, بقت عصبية جدا وأعصابها منهارة

هدى : ربنا يكون في عونها, مش عارفة أعمل لها إيه؟

بسمة : لا متعمليش حاجة ولا تجيبلها سيرة هى فاكرة إن ما حدش يعرف وبتكابر وممكن يجرالها حاجة لو فتحتى معاها الموضوع ده

هدى : ربنا يهدى الحال ويصبرها

بسمة : واحنا مش هنفرح بيك؟
هدى : لا يا ستى إفرحى في حد غيري كفاية العريس اللي جبتيه كان هيعقد نفسية كريم

بسمة : حرام عليك دا رائف بيحبك أوى

هدى : أعمل إيه وكريم مش بيحبه وفضل يعيط ويقول لو بتحبيني ما تخلهوش يجي تاني ,كان بيخاف منه جداً

بسمة : يعنى وبعدين هتفضلي كدا من غير جواز؟

هدى : لازم كريم يحب الراجل اللي هيتجوزنى, أنا عاوزة أب لكريم مش زوج وبس .

بسمة :خليكى فى الخيال والرسم, أنت كنت بترسمي ؟ وريني كده بترسمي إيه ؟

هدى : عادتك ولا هتشتريها لازم تعرفي كل حاجة

بسمة : معقول, بعد كل السنين دى, برده بترسميه

هدى : 11 سنة وست شهور وأسبوع برغم كل شىء برسمه, وصدقينى مش بحس إلا لما الصورة تخلص وأشوفه مرسوم قدامى

بسمة : ياه يا هدى فاكرة باليوم؟

هدى : كل يوم اتنين الساعة 12 لازم أفتكر وأحس بنفس الإحساس إنه هيرجع وأشوفه

بسمة : معقول يرجع بعد كل السنين دي

هدى : مش هتصدقينى, حاسة إنه هيرجع وإنه قريب أوى منى وحاسة إنى هشوفه تاني

يرن التليفون ليأتي صوت الباشمهندش كمال يريد هدى فى مكتبه

بسمة : يا دوب أسيبك لشغلك, هاخد كريم والولاد علشان التدريب الساعة 12 وفاضل ربع ساعة, أشوفك على الغدا, سلام

باشمهندس كمال : عايزك فى موضوع مهم

هدى : خير إن شاء الله

باشمهندس كمال : عارفة المهندس سعد

هدى : أيوة اللي عملت له ديكور فيلته في الشروق

باشمهندس كمال : عليكي نور, عجبه جدا شغلك واتصل وشكرني وقال لى..

هدى : خير يا عمى

باشمهندس كمال : اختار شركتنا لعمل تصميم وعمل ديكورات قريته السياحية الجديدة في العين السخنة ,واخذ يتكلم عن القرية والتصميمات وفى هذه الأثناء دخل المكتب شخص يسأل عن هدى

الشخص : باشمهندسة هدى موجودة

السكرتيرة : أيوه يا فندم

الشخص : ممكن أقابلها

السكرتيرة : بخصوص إيه ؟

الشخص : عندى شقتين واحدة للسكن والتانية عيادة وعايزها تعملهم الديكورات

السكرتيرة : إتفضل حضرتك استناها فى المكتب خمس دقايق وتكون عند حضرتك

الشخص : متشكر

السكرتيرة : ممكن أتشرف باسم حضرتك

الشخص ( أخرج كارت من جيبه وأعطاه للسكرتيرة"

السكرتيرة : اتفضل يا دكتور يوسف ثوانى والباشمهندسة هدى هتقابل حضرتك
السكرتيرة : باشمهندسة في عميل منتظر حضرتك في المكتب

هدى : بقاله كتير؟

السكرتيرة : عشر دقايق, اسمه دكتور يوسف وعنده شقتين وعاوز يعملهم الديكورات

هدى : طلبت له حاجة يشربها ؟

السكرتيرة : أيوة عصير برتقال

تفتح هدى باب الحجرة لتجد يوسف يقف أمام الشباك, لم يخطر على فكرها أن يكون دكتور يوسف هو صاحب الوجه الذي يسكن قلبها.

هدى : سلام عليكم, آسفة جداً على التأخير

يدير يوسف وجه ويبتسم ليرحب بها,لحظات من الصمت فقد تحولت هدى إلى تمثال من الثلج, صور تمر أمام عيناها, أول لقاء صورته التي رسمتها, بكائها وهروبها نظراته وكلماته والجاكت الذي أعطاه لها خوفه وقلقه صوته وشرحه, خطة وابتسامته ونظرته, صمته وحزنه وغموضه وحنانه وكبرياءه, الفرحة في اللقاء والأمل وقت الوداع . دقات قلبها وتغريد الطيور والقمر الذي أضاء الحياة, يوسف صاحب الوجه المحفور في القلب بعد سنوات الفراق يقف أمامها نفس الوجه ونظرة العين والابتسامة ما زادته الأيام إلا وسامة, تراها تلقى بنفسها في أحضانه تبكى وتحكى معاناتها من دونه وتحدثه عن حبها الذي كتمته سنوات طويلة, تلقى بهمومها في بحره العميق وتنعم بقربه وتلحق في سماء أحلامه,تغمض عيناها على صورته حتى لا يهرب منها وتخاف أن تفتحها مرة أخرى فتستيقظ من حلمها الجميل, فكان يكفيها أن تراه في الأحلام أما في الحقيقة فهو حلم فوق الخيال.

يوسف : هدى أنت رحت فين؟ أنت زي ما أنت على طول سرحانة

أفاقت من حلمها على صوته الجميل الذي انتظرت أن تسمعه من سنوات تلك النبرة القوية المليئة بالحنان, تتسارع دقات قلبها وتكاد لا تحملها قدماه ويتقدم يوسف بضع خطوات وقبل أن تنطق بكلمة وجدت خاتم فضي في أصبعه الخنصر يضئ كضوء القمر يبدو كخاتم زواج, تتراجع للخلف خطوة وتكاد تنهار وتحاول التماسك وضبط مشاعرها وتترك الحلم وتعود إلى الواقع .

هدى : أهلاً يا دكتور حمد لله على السلامة, اتفضل وتشير له ليجلس

تجلس أمامه لا يفصلها عنه إلا المكتب ولكن تشعر أنهم تفصلهم بحار وجبال وأنهار,يتردد في عقلها الكلام التي حفظته عن ظهر قلب أنت مجرد طالبة, تزوج وأنجب ويعيش حياة مستقرة واليوم أتى ليستقر مع أسرته في مصر .
يوسف: وحشتيني جداً ووحشتني مصر

هدى:تبتسم ولا تجيب فعقلها شرد في مكان بعيد تسيطر عليه الأفكار من هي التي احتلت قلبه؟ ما شكلها وما وصفها؟ كيف تعامله؟ هل تحبه مثلما أحبه؟ تتصارع ذكريات الفراق والانتظار والبعاد إلى عقلها احدي عشر عام واليوم جاء لأصمم له عش الزوجية السعيد. تريد أن تهرب إلى أبعد مدى وأن تختفي إلى الأبد, أريد أن أهرب أكاد أختنق, أريد الصراخ لأخرج ما في قلبي من ألم ,كنت أحب ضوء القمر ولكن ذلك الخاتم الفضي بضوءه اللامع كنور القمر يكاد يخطف بصري لا أستطيع النظر, يتكلم يوسف ولكن هدى لا تسمع حرف. تملكها هذه الفكرة المجنونة أن تذهب لترى زوجته فالفضول يقتلها قتل لتعرف من هي التي ملكت قلبه وعقله وجعلته أسيرها كل هذه السنين.

هدى (جادة ) : أقدر أشوف الشقق امتى؟

يوسف : في الوقت اللي تحدديه, أنا فاضي ومش مرتبط بمواعيد والشقتين في عمارة واحدة و في نفس الشارع اللي فيه المكتب يعنى خمس دقايق مشى

هدى : بس لازم المدام صاحبة الشقة تكون موجودة "تضغط على الحروف وكأنها تريد الضغط على رقبة أحد" رأيها مهم

يوسف : صاحبة الشقة موجودة وهى اللي هتختار كل حاجة ما تقلقيش

هدى "ترفع سماعة الهاتف وتكلم السكرتيرة" : لو سمحتي قولي الباشمهندس على يجهز علشان عندنا معاينة دلوقتي وتغلق الهاتف
ت
غادر المكتب مع يوسف وعلى يمشى يوسف ويتحدث مع الباشمهندس على وتسير هدى فى الخلف ترتدى نظارتها الشمسية لتخفى عيونها الزائغة التي توشك على البكاء, تتحدث مع نفسها "لهذه الدرجة لا أعنى له شئ يختارني لأصمم ديكور منزله مجرد مهندسة بارعة, كذب قلبي واحساسي عليا سنوات طويلة, ماذا فعلت بنفسي لماذا لم أعتذر؟ أعذب نفسى بنفسى, وصل بي الجنون لأقابل زوجته وأرى نظرة الحب ترقص في عينها وهو يبتسم لها ويخططان لمنزلها الجديد ويرسمان الآمال والأحلام, لا أستطيع الاستمرار سأنسحب بسرعة, أخترع أي سبب وأعود للمكتب" وعندها

يوسف : اتفضلوا وصلنا, الشقتين في الدور الرابع

هدى تخطو بصعوبة وكأنها تتقدم لتلقى حتفها

يوسف "يتوقف ويخرج مفتاح ويفتح ويدخل دون استئذان": دي العيادة

تدخل هدى بترقب تتفحص جميع الحجرات, لا أحد بالمكان ولا يوجد غير بعض الأجهزة الطبية

يوسف : اتفضلوا نشوف الشقة التانية

تتسارع دقات قلبها ويصفر وجهها ويخرج يوسف المفتاح ويفتح الباب ولكن لا أحد يستقبلهم, أين هي؟ تعاين الحجرات

هدى "بنفاذ صبر": مش قلت صاحبة البيت موجودة,هي فين؟

يوسف أشار إلى باب مغلق واتجه ليفتح الباب : اتفضلي

تدخل هدى الحجرة بخطى بطيئة, الحجرة مرتبة ونظيفة بها سرير صغير ودولاب ومكتب وحامل للرسم عليه صورة فتاة جميلة أنيقة ترتدي تنورة بنية وسترة مربعات تدقق النظر, أعرف هذه الفتاة وترفع عينها لترى صورة أخرى لوجه برئ يحمل ابتسامة جميلة ونظرة خجولة, لا تكاد تصدق عيناها إنها صورتها هي, تنظر في ذهول ليوسف وتثبت عيناها على الخاتم وتحرك عينها بين الخاتم والصور ويوسف, تتصارع الأفكار في رأسها, يبتسم يوسف ويخلع الخاتم من أصبعه ويعطيه لها تمسكه وتتفحصه مكتوب عليه أرقام وحروف, زاغت عيناها ولا تستطيع القراءة فتحاول جاهدة أن تقرأ الحروف يظهر حرف الهاء والدال والياء بصوت خفيض "هدى 9/11/1998" تنظر ليوسف وعيونها تحمل عشرات الأسئلة.

يوسف "ينظر إلى عينيها الحائرة وبصوت هادئ: "أنت صاحبة البيت وملكة قلبي وعقلي وروحي .والتاريخ اللي على الخاتم تاريخ أول يوم شوفتك فيه وسكنت جوة قلبى.
يوسف "ينظر إلى عينيها الحائرة وبصوت هادئ": أنت صاحبة البيت ومليكة قلبي وعقلي وروحي, والتاريخ اللي على الخاتم تاريخ أول يوم شفتك فيه وسكنتي قلبي .

تجمدت هدى للحظات تحاول استيعاب كلماته عن حبها الذي سكن قلبه من أول لقاء وسنوات الصمت والانتظار والعذاب ولكن توقف عقلها عن التفكير لكثرة الأسئلة . ولعبت الظنون برأسها هي في واقع أم خيال كيف يحبها ويتركها تعانى؟ وهل ما سمعته حقيقة أم حلم وستفيق لتجد نفسها وحيدة مرة أخرى؟ ولم تعد عيناها تستطيع حجز شلال الدموع المختبئة بداخلها من سنين طويلة وانهارت قوتها وانهمرت الدموع من عينيها الجميلتين لتتدافع بقوة وتسقط على وجنتيها الحمراء من أثر الانفعال وخارت قوتها ولم تتحمل قدماها العبء الثقيل الذي تحمله في قلبها, والأسئلة الكثيرة التي تدور في عقلها, فجلست على أقرب كرسي ووضعت رأسها بين يداها وانخرطت في بكاء طويل, يحاول يوسف تهدئتها ولكن ما من مجيب شعر أنها كتمت الكثير من الدموع لفترة طويلة جداً من الزمن, ولم تستطع أن تتحمل.

يوسف : أرجوك كفاية, حرام عليك دموعك غالية أوى عليا, بلاش تبكى

هدى "لا تجيب"

يوسف : قومى معايا أروحك

هدى "تستمر في البكاء ولا تجيب"

يوسف : إن مكنتيش هتقومى لوحدك هشيلك بالعافية وأوديك لأقرب مستشفى تاخدي حقنة مهدئة

هدى "رفعت رأسها ولم تجيب"

يوسف : أنت فاكراني بهزر, أنا بتكلم جد, تحبى تجربي وأقترب ليحملها

هدى "نهضت وابتعد قليلاً": أنت هتعمل إيه يا مجنون ؟

يوسف :طالما قدرت توقفي على رجليك يلا علشان أروحك

هدى "تجفف وجهها من الدموع وتحاول السيطرة على دموعها": لأ مش هروح .

يوسف : عاوزة ترجعي الشغل في حالتك دي ؟

هدى : ولا هروح الشغل

يوسف "بتعجب": قولي لى عاوزة تروحي فين وأنا أوديك

هدى : مش ههدى ولا أتنقل من هنا إلا لما أعرف كل حاجة ودلوقت

يوسف : حاضر يا ستى, ممكن تغسلي وشك و نروح أي مكان نقعد نتكلم فيه

غسلت وجهها بسرعة ورتبت نفسها وارتدت نظارتها الشمسية لتخفى أثر الدموع وتمالكت نفسها وخرجت

هدى : باشمهندس على لو سمحت كمل رفع المقاسات وخد نسخة من مفاتيح الشقتين من دكتور يوسف وأنا عندي مشوار مهم ومش هرجع المكتب النهاردة

ذهبت هدى مع يوسف إلى أحد المطاعم الكبيرة, وما إن جلست في مواجهته حتى بدأت الدموع في الهطول من جديد

يوسف : يا حبيبتي كفاية دموع, ما تعذبنيش أكتر من كده قولي لى بس إيه سبب الدموع

هدى "تمسح دموعها" : حبيبتي, أنا حبيبتك ؟

يوسف "بأبتسامة": أيوه حبيبتى ومن أول يوم شفتك فيه وأنتى بتبكى زى دلوقت, ملكتي قلبي وعقلي وتفكيري

هدى "بأسى شديد": يااااااااااه بعد كل السنين دي جاي تقولى النهاردة حبيبتى,
وأنا اللي كنت أتمنى أسمع منك حرف واحد من الكلام اللي قلته يطمنني ويخلينى أسعد واحدة في العالم, لكن بخلت عليا حتى بكلمة واحدة

يوسف "يصمت يوسف ولا يجيب وتظهر على وجهه علامات الحزن"

هدى : يا ما اتهمت نفسي بالجنون وكدبت إحساسى إنك بتحبنى أو حتى باخطر على بالك

يوسف "يخفض عينيه حتى لا ينظر في عيناها"

هدى : كل يوم كنت بمنى نفسي إنك تحس بيا وبمشاعري وأنت ولا أنت هنا لحد ما سافرت وسبتني بدون كلمة ولا وعد, سبتني أتألم من الصدمة لوحدي . مرت سنين انتظار من نار, اليوم بيتولد كأنه شمعة تكويني بنارها لحد ما تنطفي, ألم, مرار, ضياع موت بالبطئ, بستني كلمة تنور طريقي لكن, مفيش, أستني أمل يصبرني, بعت لك جوابات ؟ مارديت بكلمة واحدة . كأني هوا, ياااااااااااه قد كده أنت قاسى, نفسي أفتح قلبك وأشوفه معمول من إيه ؟ من حديد ؟

يوسف : صامت يسمع وينظر إلى بعيد

هدى : بتحبني وتسيبني سنين طويلة علشان أكون لراجل لغيرك ؟ هو ده الحب من وجهه نظرك ؟
يوسف "أخذ نفس عميق وأخرجه بصعوبة": كفاية يا هدى كلامك سكاكين بتغرسيها في قلبى .أيوه بحبك وما تكلمتش . أيوه بحبك وساكت سنين طويلة

هدى : ليه ؟ قول لى السبب قبل ما يجرالي حاجة

يوسف : سبتك علشان بحبك

هدى "باستغراب":علشان بتحبني سبتني,لغز ده ولا ايه؟ أغرب إجابة ممكن أسمعها

يوسف : خفت عليك من الانتظار الطويل والأمل الكداب خفت أصارحك بمشاعري وأعذبك بظروفي الصعبة الملخبطة

هدى : يعنى إيه مش فاهمة ؟

يوسف : أنت هدى بنت الدكتور شاكر عبد اللطيف أكبر وأشهر جراح مخ وأعصاب ورئيس قسم المخ والأعصاب في الجامعة , كنت أشيك وأجمل بنت في الجامعة .عايشة في أرقى حي في القاهرة وطلباتك كلها مجابة, وأنا يوسف, يا دوب معيد متعين من كام شهر في الجامعة و لا أملك إلا مرتبي اللى بيكفيني بالعافية وساكن في أوضة إيجار مستقبلي في علم الغيب, يعنى علشان أفكر في الارتباط قدامى عشر سنين على الأقل, ومش معقول أطلب منك تنتظريني عشر سنين أكون فيهم نفس, وأتجوزك

هدى : يعنى سبب العذاب وألم السنين اللي فاتت دي كلها أنك لسه فى بداية الطريق, وفاكر أنى لما أعرف ظروفك ممكن أرفضك, بالعكس كلمة منك كانت تخليني استحمل انتظار العمر كله مش عشر سنين, المهم إننا نكون مع بعض ويكون فيه أمل, وعمري ما كان عندي مشكلة في الفلوس والإمكانيات والحاجات دي, كان ممكن نبتدي صغيرين ونكبر ونساعد بعض

يوسف : مكناش هنساعد بعض أنت اللي هتساعديني وأنا مقبلش إن مراتي تصرف عليا ولا أقبل أن أضيع عمرك وشبابك فى انتظار طويل لمجرد أنى أكون أنانى فى حبى ليكى, أنا كنت بتعذب بين حبى ليك وإحساسي بالعجز

هدى : إحساس بالعجز ؟

يوسف : أنى مقدرش أوفرك واحد على عشرة من الحياة اللي أنت عايشاها, كل ما أتشجع وأقرر أنى أصارحك بحبي ألاقك ألف حاجة تفصل بينا بتشوفيها عادية وهى بتحسسني بمنتهى العجز

هدى : زى إيه ؟

يوسف : والدك يغيرك العربية بواحدة أحدث موديل أو هدية خاتم ماس أو رحلة لأوروبا, وأخرها فرح بنت عمك حسيت أنك من دنيا غير دنيتى, أنت قمر عالي في السما وأنا طفل صغير بحاول ينط ويلمس السما ويخطف القمر, لما شفت قريبك وهو بيكلمك ومعجب بيك النار أكلت قلبي لكن لما فكرت بعقل مجرد من الأحاسيس لقيت أنه ببساطة ممكن يسعدك ويوفرك الحياة اللي تليق بيك وتسعدك وقررت يومها أنى أختفي من حياتك . وقررت أنى أكتم مشاعري وأخنق حلمي وأدوس على قلبي علشان تكونى سعيدة

هدى : وتفتكر أنى بقيت سعيدة ؟ عمري اللي كنت خايف عليه ضاع في الانتظار وما تجوزتش رجل أعمال غنى بالعكس انسان عادى وامكانياته ما تفرقش عنك كتير للأسف أنت بتفكر بعقلك أنت بس ووجه نظرك أنت بس وفكرت أنى هكون سعيدة من غيرك, ومفكرتش أنى هأكون أتعس إنسانة وهقضي عمري في انتظار مر, كنت ببعت لك جوابات وعرفت منها أنى لا أتجوزت ولا حاجة, ما ردتش عليها ليه؟ ما كتبتش كلمة تديني أمل ليه ؟

يوسف : لأني كنت عاوزك تنسيني وتشوفي حياتك

هدى : يا سلام ضحيت هنايا فداه اشهد عليه يا ليل وهعيش على ذكراه

يوسف : بتتريقي عليا علشان كنت خايف عليك وعايز مصلحتك . أنت متعرفيش العذاب اللي كنت فيه عذاب الغربة والوحدة والألم والجرح, أنا كنت وحيد مع أحزانى بعد والدي ووالدتي ما أتوفوا من غير أهل ولا عيلة ولما شوفتك بقيتي أنت أهلي وعيلتي وأهم شخص في حياتي, في نظرة عينيك سعادتي وفى ابتسامتك حياتي وفى رقتك أملى بحب كلامك وسكوتك, قوتك وضعفك, رقتك وهدوءك, ذكائك وتصميمك لما بشوفك بحس أن الدنيا بتضحك لي وقلبي وروحي رجعولي ولما بتمشي بسبهو ملك يحرسوك, وأهم حاجة عندي أنك تكوني سعيدة ولو على ألمي وجرحى

هدى : أنا آسفة أوى أرجوك ماتزعلش منى, مش قصدي أجرحك

يوسف : ليك حق تزعلي أنا ندمت أشد ندم على سكوتي لكن الظروف كانت أقوى منى, وبعد الدكتوراه اشتغلت في مستشفى بمرتب محترم وحسيت إن الدنيا ابتست لي وحلمي البعيد قرب ورجعت مصر من المطار على الجامعة وكلى فرح وأمل وشوق أنى أشوفك وأحكي لك مشاعري وأخطبك من والدك لكن كل ده طار في الهوا ونزلت من السما السابعة لسابع أرض وعرفت أنك أتجوزت من شهرين وأخدتي أجازة بدون مرتب

هدى : شهرين ... نزلت بعد جوازى بشهرين, أنت عايز تفرسنى, استناك أكتر من خمس سنين وترجع بعد شهرين من جوازى, ما بعتش جواب تقول لى استنيني ليه ؟ ما رتدش على جواباتي ليه ؟ دانا كانت ضغوط الدنيا كلها عليا, أهلي والناس وحتى عقلي مرحمنيش من اللوم والعتاب, فضلت أقول لنفسي يوسف اتجوز وأنا مش على باله مجرد طالبة صعبت عليه .

يوسف "بانفعال": غلطة عمري وندمت عليها سنين طويلة . بعد ما كتبت جواب أشرح لك فيه مشاعري وظروفي...قطعته

هدى "بانفعال وغيظ" : قطعته ليه ؟ ليه ؟

يوسف (بأسى ) : خفت تفهميني غلط وأنى طمعان في المستشفى الجديدة اللي فتحتوها

هدى "بانفعال شديد نهضت وهمت بالانصراف فهى لم تعد تتحمل الأعذار"

يوسف "امسكها من يدها برقة" : أرجوك استني

هدى : يوسف أرجوك أنا حاسة إنى هموت من الغيظ وعاوزة أمشى

يوسف "بنظرة رجاء ونبرة استعطاف": أرجوك اهدي واسمعيني

هدى جلست وأمسكت بكأس العصير تشربه لعله يطفأ النار التي اشتعلت في جسدها,فهدأت قليلاً وتذكرت أنها هي أيضا مزقت الخطاب الذي كتبته ليوسف .

يوسف : غلطة عمري يا هدى وندمت عليها أشد الندم عشت أسوأ أيام حياتي, رجعت انجلترا تاني لأني ماتحملتش الحياة من غيرك لأنك كل حياتى, كنت بموت نفسي في الشغل علشان ما فكرش فيك وأنت مع راجل تاني "يضغط على كلماته ويضغط على قبضته التي تكاد تدمى يده, احمر وجه ونفرت عروق رقبته,شمس عمرى غابت واسودت بعدها كل أيامي عشت سنتين في وحدة وغربة وألم وندم لحد ...

هدى : لحد ايه ؟

يوسف "خفت حدته وهدأت نبرة صوته وحرك عيناه بعيداً عن عيني هدى" : لحد ما صارحتنى جيسكا (دكتورة زميلتى فى المستشفى )بحبها ليا واتجوزنا وكان أملى أنى أنساك وأقدر أعيش من غيرك

هدى "بخيبة أمل" : يعنى اتجوزت ؟

يوسف "بسرعة" : كنت فاكر أنى هنساك وهقدر اكمل حياتي لكن للأسف لا قدرت أنساك ولا حسيت بالسعادة من غيرك وبعد الجواز بشهور قليلة كنا هننفصل لكن جيسكا كانت حامل وحاولنا كتير إننا نتفق لكن كنا مختلفين في كل شئ,الطباع والثقافة والظروف وطريقة التفكير كترت بينا المشاكل وقررنا الانفصال من سنة واتفقنا إن نور بنتي هتعيش معايا وهتزور والدتها في الصيف لأنها مشغولة ومش هتقدر تعتنى بيها وانتهى كل شئ من شهر واحد

هدى : ياه وقدرت تتخلى عن بنتها

يوسف : هى ما تخلتش عنها, هى مشغولة جداً وكانت هتودى البنت مدرسة داخلى, بس أنا طلبت منها تخليها معايا وتسافر نور كل سنة علشان تشوفها ويقضوا الأجازة مع بعض .

هدى "تكتم غيظها وغيرتها وتقول في سرها كما عهدتك صاحب أخلاق رفيعة لا تغتاب ولا تنم" تنهدت : وكل الفترة دي ما سألتش عليا ولا عرفت أخباري ؟

يوسف : برغم حبي ليك أنت كنت في عصمة راجل ومقدرش أفكر فيك وأنت متجوزة ’وصاحبي اللي كان بيقولي أخبارك سافر ورجع من أسبوعين بس وقالي أخبارك, انك اترملتي ورجعت للمكتب الهندسي, كلامه رد الروح فيا ورجع لى الأمل وقررت أنزل واستقر في مصر بأقصى سرعة واتصلت بأختي وكلمتها تدور لي على شقة للسكن وعيادة في نفس حيك وهى فرحت جداً لأنها كان نفسها إنى أرجع واستقر في مصر والحمد لله لقيت الشقتين اللي شوفتيهم .

هدى : ليه نفس الحي

يوسف "اخرج نفس عميق وابتسم" : علشان أكون قريب من بيت حبيبتى,عارف إن والدك ووالدتك كبار في السن ومش هتقدري تبعدي عنهم وعن شغلك وأكيد مدرسة كريم قريبة من البيت, وأنا نفسي أسعدك وما أربكش حياتك وشقة قريبة أعتقد أنها هتريحك

هدى : يعنى عامل حساب كل حاجة, وواثق من موافقتي افرض أنى رفضت ؟

يوسف : حتى لو رفضت يكفيني إننا نكون جيران وأشوفك ولو صدفة, بس أنت هتسامحيني وتوافقي تتجوزيني

هدى : مش عارفة إيه سر الثقة اللي عندك دي كلها ؟. بعد كل السنين دي أوافق وبسهولة كمان

يوسف : بصراحة كنت قلقان وخايف من رفضك لكن لما دخلت المكتب شوفت صورة على مكتبك حكت لي على اللي في قلبك وطمنتني وقالت لى أنك بتحبيني وهتسامحيني

هدى احمر وجهها خجلا فقد تذكرت صورته التي رسمتها وتركتها على المكتب وخرجت مسرعة

يوسف : بحبك ونفسي تديني فرصة أسعدك وأعوض اللي ضاع من عمرنا, نظر في عينيها الجميلتين, موافقة

هدى "سكتت ولم تسطع الكلام , فهذا ما كانت ترجوا وتتمنى من سنوات طويلة وجاء اليوم وأصبح الحلم حقيقة"

ان كان خاف وصمت فهي مثله كانت خائفة وصامتة فلماذا العتاب وهو لم يفعل إلا مثلما فعلت, الخوف والضعف هو سبب الحرمان والألم والشقاء ولكن تغلبت على خوفها وكسرت قيودها وهو أيضا فلماذا تضيع عمرها في انتظار وهى تسمع دقات قلبها تعزف أنغام الفرح, وأزهرت الدنيا من حولها وغنت الطيور من أجلها وسطع في سمائها القمر يلقى بنوره الفضي لينير طريقها ويدفئ قلبها ويسعد أيامها .

يوسف "تتفافز من عينيه السعادة وامتلأ صوته بالفرحة" : يعنى أجهز نفسي وأطلب إيدك من الدكتور شاكر .

هدى : بس لسه ناقص حاجة ؟

يوسف : حاجة إيه ؟

هدى : موافقة كريم ونور إحنا مش لوحدنا

يوسف : نور يا دوب عندها سنتين ونص وأكيد هتحبك زى ما بحبك, وخلى كريم عليا إحنا رجالة زى بعض ونعرف نتفاهم

هدى (تبتسم ): لما نشوف

ثم ينظر لها نظرة مملوءة بالحب والحنان ويقول بحبك يا عمري يا أغلى من حياتي

***********************
تجد في كل صفحة الوجه مرسوم على طرف الصفحات, رسمت وجهه ألاف المرات وفى كل مرة تبتسم وتتعجب من نفسها برغم السنين والفراق مازال يسكن أعماق قلبها, تاه في الحياة وانقطعت أخباره ولكن حرصت أن يكون ظله في قلبها, دون أن تدرى ترسم صورته عندما تحزن وعندما تفرح وفى الوحدة والغضب والخوف والرضا والإحباط وفى كل حال؛ تنتبه من شرودها على صورته أمام عينها ولكن أين ذهبت هذه المرة لتعود وتجد صورته مرسومة. مرت خمسة عشرة عام في لحظات أمام عينيها منذ كانت في السادسة عشر تحلم أن تكون مصممة ديكور حتى حققت حلمها وعاد صاحب الوجه المحفور في قلبها,مرت بالكثير من الألم والحزن والسبب الحب, كم أنت مظلوم أيها الحب.

سلبني أبى حلمي لأنه يحبني ويعرف مصلحتي وسلبني رياض حريتي وشخصيتي لأنه يحبني ويريد راحتي, وسلبني يوسف قلبي وروحي وسعادتي لأنه يحبني ويخاف أن يظلمني بظروفه القاسية تجاهل الثلاثة عقلي وفكري وما أريد, سلبوني رأيي وطموحي باسم الحب واتخذوا أهم قرارات في حياتي دون إذني, ولكن هل هذا هو الحب ؟ أعرف جيداً لماذا ضحيت بحلمي من أجل والدي فهو والدي ومن حقه عندي أن أكون ابنه بارة به, ولا أشعر بالندم لتحقيق حلمه, وأعلم جيداً لماذا ضحيت من أجل رياض لأنه كان زوجي و من حقه عندي أن أكون زوجة صالحة ولست نادمة على وقوفي بجانبه, ولكن يوسف لماذا أسامحه وأنسى ما سببه من ألم؟ أنه أنت أيها الحب ذلك الشعور الذي يملك القلب ويجعله يدق باسم من يحب وينقلنا من الأرض لنحلق في السماء مع الطيور ويجعلنا نسامح وننسى كل إساءة ونشعر بالفرح والسرور لمجرد القرب من ذلك الشخص الذي احتل القلب, تنهار كل حصوني لمجرد رؤية وجه المحفور في قلبي ويذوب كل ألم مع ابتسامته العذبة, أشعر بالأمان والدفء في قربه ويحلق قلبي فى دنيا الأمل والسعادة لأنه في حياتي .

بسمة : اللي واخد عقلك يتهنا به, يوسف طبعاً, محدش قدك خلاص حبيب القلب رجع وتم المراد من رب العباد

هدى (تبتسم ) : يا سلام عليك يا بسمة كده تخضيني

بسمة : سرحانة في إيه تاني ؟ مش خلاص القلب ارتاح والفكر راح

هدى : أنت بتألفي أغاني من ورايا ولا أيه ؟

بسمة : معذورة يا دقدق, اللي يشوف الابتسامة الحلوة والوش المنور لازم يقول أحلى شعر, أخيراً رجعت هدى بتاعة زمان, الابتسامة الصافية والعيون اللي بتلمع من السعادة والورد اللي على الخدين

هدى : يا حبيبة قلبي أنت اللي قمر منور, دائماً رافعة معنوياتي في السما, مش عارفة من غيرك كان حصل لى إيه؟

بسمة : ربنا يسعدك كمان وكمان, أنا حاسة إنى طايرة من الفرح علشانك

هدى : ربنا يخليك,هم الولاد فين أتأخروا كده ليه؟

بسمة : اياد وكارين راحوا صالة البينج, أما كريم فيوسف قابله وراحوا ملعب كرة القدم, كان نفسي تشوفي كريم عمل إيه لما شاف يوسف.

هدى : عمل إيه ؟

بسمة : جرى عليه ونسى الدنيا ولما ندهت عليه قال لى: سلام يا خالتو هخلص الماتش وهحصلكم, دا يوسف طلع حكاية الولد اتعلق بيه أوى

هدى : يوسف ما شاء الله عليه,عرف يدخل قلبه ويصاحبه, في أسبوع واحد شغل عقله,عارفة كريم في البيت مش بيبطل كلام عن يوسف, مرة يقول علمني حركات جامدة في الكورة, ومرة تانية دا بيعوم بسرعة وبيعرف كمان يعوم في البحر الكبير, ماما أنا عاوز أروح معاه البحر الكبير, وشوية ويقول عمو يوسف حكى لى عن أماكن جميلة نفسي أروحها, دا عمو يوسف قوى جداً دا اصطاد سمكة القرش ويفضل يحكى ويتكلم عن يوسف وكأنه سوبرمان .

بسمة : الحمد لله كنت خايفة يعمل مع يوسف زى ما عمل مع رائف

هدى : كريم لما جه يسلم على رائف كان رائف بيشرب العصير وكريم نط عليه وهز الكوباية في إيده العصير وقع على هدوم رائف ورائف مؤدب ما تكلمش بس بص لكريم نظرة جامدة قوى خلت كريم خاف منه جداً وكرهه من ساعتها, لكن يوسف نزل لمستوى كريم صاحبه وبيلاعبه وبيعلمه حاجات ميعرفهاش وخصوصاً إن كريم ملحقش يعرف باباه, وانا طبعا مقدرش ألعب دور الأب والأم في وقت واحد وعرف يوسف يملى الفراغ اللي عند كريم, أنا فرحانة قوى إن كريم فرحان وبيحب يوسف, وزاد حبي واحترامي ليوسف كتير جداً بعد اللي عمله مع كريم

بسمة : ايه يا بنتى ده كله, والله أنت اللي طيبة ومفيش منك, مش كفاية أنك سامحتيه على السنين اللي فاتت كده وبمنتهى
البساطة تعيشي في العذاب سنين علشان قرار غلط أخده لوحده, فيه حد يعمل كده ويقول علشان بحبك وخايف على مصلحتك.

هدى : يا حبيبتي أنا سامحته من قبل ما يجي ولا حتى أعرف أسبابه وظروفه

بسمة : ليه إن شاء الله ؟

هدى : علشان أقدر أعيش, لأني مقدرش أعيش وفى كره لحد في قلبي وقلت لنفسي كل اللي حصل في حياتي تدبير ربنا عز وجل وأكيد هو الخير

بسمة : يعنى إيه يا فيلسوفة زمانك ؟

هدى : يعنى لوكنت دخلت فنون تطبيقية ما كنتش هقابل يوسف, ويمكن لو اتجوزت يوسف من سنين كان كلامه طلع صح والمشاكل حطمت حبنا وانتهت القصة بالفشل الحمد لله أنا راضية عن نفسي ومبسوطة وفرحانة بتحقيق حلمي وبرجوع يوسف ومجرد ما اعترف لي بحبه كل الحزن والألم والفراق نسيته ومش فكراه . عاوزة أفرح, عاوزة اضحك, عاوزة أغنى, عاوزة أبوسك مش عارفة ليه ؟وتضحك

بسمة "تضحك" : يا لطيف يا لطيف

يوسف يجرى وكريم خلفه, يمسكه كريم من الخلف فيديره يوسف ويرفعه ويمسكه يضحك يوسف ويضحك كريم

يوسف : يلا يا بطل أدينا وصلنا عند ماما

كريم "يجرى كريم ويلقى بنفسه في حضن هدى" : ماما حبيبتي

يوسف : السلام عليكم
هدى وبسمة : وعليكم السلام, اتفضل يا دكتور

كريم : شفتي يا ماما عمو يوسف علمني حركة جديدة جامدة جداً دخلت بيها حته جون خرافة

هدى : برافو عليك يا بطل

كريم : ماما نفسي أروح مع عمو يوسف اسكندرية علشان نعوم في البحر الكبير, هو وعدني انه هيوديني البحر لو أنت وافقت
هدى: يعنى تسافر وتسيب ماما لوحدها

كريم : لا يا ماما تعالى معانا, وعمو يوسف عنده بنت صغيره ممكن تلعبي معاها, وافقي يا ماما ربنا يخليك, أنا نفسي أروح مع عمو يوسف, دا حكى لي على أماكن حلوة أوي وأنا عاوز أروحها معاه.

هدى "تنظر ليوسف وتبتسم ثم تحتضن كريم": حاضر يا سيدى طالما هتكون مبسوط أنا هوافق .

كريم : هاه .....وقفز وقبل هدى .... أمال فين أياد ؟

بسمة : في صالة البينج . عاوز تروح له؟

كريم :أيوه يا خالتو هوريه الحركة الجديدة.

بسمة : طب يلا بينا نروح سوا, عن أذنكم

يوسف "اقترب من هدى بنظرة حب وحنان": وحشتيني

هدى "أحمر وجهها من الخجل": يوسف لو سمحت

يوسف "وقد اقترب أكثر وهمس برقة" : قمر وأنت مكسوفة, بحبك وبموت فيك

هدى "توهج وجهها من الإحمرار": يوسف لو سمحت الناس هتقول إيه ؟

يوسف : واحد بيحب واحدة وبيموت فيها ونفسه يتجوزها, تحبي أقوم وأقول بعلو صوتي بحبها, بحبها يا ناس, بحبها عمري كله ونفسي توافق تتجوزني "وهم بالقيام"

هدى : اعقل يا مجنون

يوسف : هو أنت خليتي فيا عقل, أنا خلاص تعبت من الوحدة والانتظار وقلبي ما مش مستحمل تاني فراق

هدى : مش لما نتفق الأول

يوسف : قولي يا حبيبتي كل حاجة هتقوليها موافق عليها .

هدى : يعنى لو وافقت, مافيش وحدة ولا تفكر وتاخد قرارات مع نفسك

يوسف : يا حبيبتي أنا تعبت من الوحدة ومش ممكن أكرر غلطتي اللي ندمت عليها تاني, أنت شريكتي في كل حاجة, أنا نفسي أحس بالأسرة واللمة والمشاركة .هاه ايه تانى؟

هدى (بترقب ) : بالنسبة لشغلي غير المكتب الهندسي, هقطع الأجازة وأرجع الكلية وكمان بروح مستشفى بابا أشرف عليها عندك مانع

يوسف : لا ما عنديش أى مانع, اشتغلي اللي أنت بتحبيه بس

هدى : بس إيه؟

يوسف : يعنى جوزك حبيبك هتسبيه لوحده في البيت يستني ؟

هدى : لأ طبعا ً, إطمن شغلي مش هيأثر على البيت والأولاد, ولو حسيت إ ن الشغل هيأثر على البيت هأخد أجازة تانى, وبعدين أنت تقدر تخفف الحمل و تساعدنى في إدارة المستشفى

يوسف : لأ, دي مستشفى للمخ والأعصاب داخلى أنا إيه ؟ وولاد عمك قايمين بالواجب وزيادة, شدي أنت حيلك وخلصي ديكورات العيادة علشان أشوف حالي ومستشفى المخ والأعصاب ماليش دخل بيها, في حاجة تاني

هدى : أيوة

يوسف : موافق, موافق كل اللي أنت عاوزها موافق عليه

هدى "تبتسم وتتكلم بخجل": فاضي أمتى علشان تيجي تقابل بابا؟

يوسف "تهلل وجه من السعادة" : دلوقت حالاً, وهم بالقيام

هدى : أنت مستعجل بجد؟ طب خليها بكره أكون كلمت لك بابا.

دخلت إلى الشرفة تستنشق عبير البحر الجميل تتخلل النسمات جسدها لتملؤه بالسعادة والنشاط مازالت تحاول الشمس فرد أشعتها على الكون لتملؤه بالدفء والنور, مولد نهار جديد يتبدد الظلام يجمع ثيابه القاتمة التي احتلت السماء ليحل نور الشمس ينشر الأمل والابتسام, تلمع الأضواء على صفحة البحر الهادئ الكبير وتتقاذفها الأمواج وكأنها ضحكات خرجت لتشق الصمت الطويل وتنشر السعادة, تحملها النسمات وتلقى بها عليها فتبستم ويطير شعرها الطويل يرقص مع النسمات .بدأت تشعر ببعض البرد وقبل أن تتحرك أحست بالدفء الجميل فقد تحرك واحتواها بذراعيه وضماها اليه بحنان, تنفست في هدوء وأرخت رأسها على صدره وسمعت دقات قلبه تهتف باسمها, وابتسمت فقد تحقق حلمها وأصبحت معه في بيته الجميل

يوسف : القمر كان سرحان في إيه؟

هدى : كان سرحان في حبيبه

يوسف : سعيدة

هدى : ياه يا يوسف’ كلمة سعيدة قليلة أوى عن اللي حاسة بيه, قول طايرة من السعادة والفرحة

يوسف:"يرفع بيدها ويضع عليها قبلة رقيقة"

بندم على كل لحظة عشتها بعيد عنك, وأمنية حياتي أنك تكوني سعيدة مرتاحة

هدى : على فكرة أنا مش بحبك زى الأول

يوسف : بأه كده, بردوا بحبك وبموت فيك

هدى : أنا بحبك أكتر من الأول مليون مرة, من يوم ما تجوزت نسيت الألم والأحزان واتلونت حياتي بأجمل الألوان, حسيت معاك بالحب والحنان وعرفت طعم الأمان, اديت لحياتي معنى وطعم ولون, وكل يوم بيزيد حبك في قلبي أكتر وأكتر

يوسف : أنت حبيبتي شمس حياتي نورتي ضلمة أيام ودفيتي برودة أيامي, مليتي دنيتي بالفرحة بابتسامتك ورقتك وحنانك

تيم"خمس سنوات": ماما ماما

هدى : أهلا حبيبي صح النوم, وإيه دا كمان لازم لما يصحي أنت كمان تقومى يا بسمة؟

يوسف : بسمة حبيبة بابا "يفتح يديه لتندفع في حضنه"أيوه يا حبيبتي مش توءم

هدى : طب شوف باقي الفريق صحى من النوم

كريم : كويس أوى إنكم صحيتوا, يلا نفطر على البلاج

هدى : بدرى كده استنى شوية

كريم : استنى إيه ؟دا ما صدقت الأجازة تيجى ونيجى اسكندرية . نفسي أنزل البحر وبابا وعدني يعلمني صيد السمك

نور : أنت مش قلت هتعلمني ركوب العجل ؟

كريم : طب يلا اجهزى بسرعة

هدى : يعنى قررتوا ننزل كل واحد يختار يعمل إيه؟

نور : هساعد ماما في تجهيز السندوتشات

كريم : هحضر الحاجات اللي هنخدها معانا البلاج

يوسف : هلبس تيم وهسرح لبسمة شعرها

هدى : اتفقنا يلا على البلاج

سطعت الشمس لتغمر الدنيا بأشعتها الدافئة وازاحت أخر ظل للظلام لتنشر السعادة والحب والأمان

تمت بحمد الله
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-