رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول بقلم رحاب رحمة ابراهيم

رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول بقلم رحاب رحمة ابراهيم

رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة رحمة ابراهيم رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول

رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول بقلم رحاب رحمة ابراهيم

رواية فرحة لم تكتمل كاملة جميع الفصول

بعد خمس سنين...
كانت مريم قاعدة في الكافيه، بتقلب في مجلة فساتين زفاف، عينيها بتلمع من الحُلم اللي مستنياه من سنين.
دخل أحمد، ووشه مافيهوش أي ملامح.
مريم بابتسامة طفولية:
ـ "حمدالله عالسلامة، اتأخرت أوي... إيه رأيك في الفستان ده؟"
أحمد ببرود:
ـ "مفيش فستان ولا زفت... أنا مش بحبك، ومش قادر أكمل معاكي."
مريم ضحكت، فاكرة بيهزر:
ـ "إيه ده؟! بتهزر الهزار التقيل ده ليه؟"
أحمد بنفس البرود، بس بنبرة قاسية:
ـ "أنا بتكلم جد... افهمي بقى."
وخلع الدبلة وحطها على الترابيزة.
مريم بدأت تعيط، دموعها نازلة زي المطر:
ـ "طب ليه؟ بعد خمس سنين؟! قولتها من الأول! أنا كنت مستنية، متعلقة بيك في كل خطوة!"
أحمد بكل بساطة:
ـ "ما عملتيش حاجة، أنا بس مشاعري اتحركت لوحدة تانية."
مريم وهي بتبلع الغصة:
ـ "مين؟"
أحمد:
ـ "مي..."
مريم شهقت:
ـ "مي؟!! صحبتي الوحيدة؟ ليه؟"
أحمد:
ـ "أنا حبيتها... وخلاص."
مريم سكتت، خدت نفس وطلّعته وجع:
ـ "هقول لأهلي إيه؟"
أحمد قام وهو بيقول بنفاد صبر:
ـ "معرفش... بس أرجوكي، متخليهمش يكلّموني... إنتي هتلاقي أحسن مني، متقلقيش... لو احتجتي أي حاجة قوليلي."
ومشي...
كل خطوة كان بيبعدها كانت بتخلي وجعها يزيد، لحد ما اختفى، ومريم اتأكدت إنه مش هيرجع.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
رجعت مريم البيت، مش عارفة تبكي على حبها ولا على مصيرها، خطوبتها كانت الأمل الوحيد تهرب من قسوة أمها.
أمها حبستها تاني، قالتلها بصوت حاسم:
ـ "خلصتي خطوبة؟ خلاص، مافيش خروج!"
مريم كانت شبه سجينة، طول عمرها مش بتروح المدرسة غير يوم الامتحان، كانت بتحلم بالجواز كطوق نجاة... لكن رجعت تاني للسجن اللي خرجت منه بحلم كدّاب.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
كل يوم بيعدي، حالتها النفسية بتنزل لتحت أكتر... اكتئاب، فقدان شهية، دموع في الليل. حاولت تتكلم مع أهلها، لكن كل ما يقربوا منها، كانت تكرههم أكتر.
فضلت قاعدة، لا بتتكلم، ولا بتاكل، ولا بترد على التليفون.
لحد ما في يوم، وقعت فجأة في الأرض.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في المستشفى...
صحيت تاني يوم، لقت في السرير اللي جنبها ست شابة، ماسكة في ولادها بتبكي، وبتقول:
ـ "يا رب... مين هيشيلهم لو جرالي حاجة؟"
مريم بصت لها، لقتها قدها، بس متجوزة وخلفت وضحّت، وجوزها باعها، حتى الدهب اللي كان عندها أخده ومشي.
طلقها واتجوز بعدها، وسابها بتصارع المرض والوحدة.
مريم حسّت إنها كان ممكن تكون مكانها... حسّت للمرة الأولى إنها كانت محظوظة رغم القهر.
قالت لها الست والدموع في عينيها:
ـ "حبّي حياتك، ربنا شايف القلوب... ويمكن تكوني إنتي اللي هتربي ولادي لو أنا مشيت."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
الأيام بتعدي، زيها زي أيام كتير عدت على مريم قبل كده… بس الفرق دلوقتي إنها مشيّة فاضية.
لا بتفكر تنتقم، ولا بتدور على فرصة تانية، هي مش ناقصة تاني... كأن قلبها اتقفل خلاص.
كل اللي كانت بتحبه، مات جواها بصمت.
بقت بتضحك لما الناس تضحك، وبترد لما الناس تكلمها، بس جواها في حاجه اتكسرت... كأن جزء من روحها مشي ومارجعش.
كانت قاعدة على السرير، بتبص في السقف، وفجأة سمعت صوت خبط خفيف على باب أوضتها في المستشفى.
رفعت راسها، وقالت بصوت واطي:
ـ "ادخل."
الباب اتفتح بهدوء، ودخلت ممرضة شايلة ظرف أبيض، ومدته لها وقالت:
ـ "ده وصل إمبارح، عليه اسمك... ومكتوب عليه بخط إيد واضح: ما يتقريش غير بعد الساعة ١٢ بالليل."
مريم خدت الظرف، وبصت عليه…
خط الإيد كان مألوف... مألوف أوي…
نَفَسها اتقل، وإيدها اتجمدت وهي ماسكة الظرف.
قلبها دق لأول مرة من شهور.
قامت من على السرير بهدوء، قفلت الباب، وقعدت في الركن اللي دايمًا بتستخبى فيه وقت وجعها.
وبصت على الساعة...
١١:٥٨
١١:٥٩
١٢:٠٠
فتحت الظرف........
.......يتابع
الساعة كانت ١٢ بالليل بالظبط…
فتحت مريم الظرف بإيد بترتعش.
أول حاجة وقعت من الظرف كانت 
مكتوب عليها بخط إيد ناعم:
"عزيزتي مريم،
الرجاء الاتصال على الرقم ده:
٠١٠*******
مهم جداً
مريم قعدت على الكرسي اللي جنب الشباك، ضهرها للسرير، والدموع بتلمع في عنيها، ومسكه التليفون بتاعها اللي بقاله أيام ساكت زيها…
ضغطت على الرقم…
رنت…
رنت…
وبعدين صوت هادي، ناعم، طالع من وجع أو ندم، رد:
ـ "ألو؟"
مريم ما اتكلمتش.
الصوت رجع قال:
ـ "مي… إزيك يا مريم؟"
مريم أخدت نفس طويل، وقالت بصوت خافت:
ـ "أديكي بعتّي الجواب لحد المستشفى… يبقى أكيد أنا بخير، أهو."
مي سكتت لحظة، وبعدها قالت بنبرة متلخبطة بين الندم والضعف:
ـ "أنا آسفة يا ليلى… إنتي كنتي صاحبة كويسة جدًا، بس أنا… كنت دايمًا عايزة حد يخرج معايا، يشاركني حياتي… وإنتي أهلك كانوا حابسينك… حتى في المدرسة ماكنتيش بتيجي غير وقت الامتحانات… والفسحة؟ كانت أمك بتقعد جنبك كأنك في محكمة مش مدرسة."
مريم صوتها اتكسر وهي بتقول:
ـ "استكترتي عليه أحمد؟ الحاجة الوحيدة اللي كنت بحبها في حياتي؟ الله يسامحك يا مي."
مي بصوت واطي:
ـ "مريم… أنا كبرت أوي فجأة… وأحمد قرب مني في وقت كنت ضايعة فيه… وياريتني ما سبتّوش يقرب… سامحيني… وتعالي الفرح بتاعنا، انتي صاحبة عمري."
مريم بصت برا الشباك، كانت الدنيا ليل، والسكون بيحاصرها.
قالت بهدوء مرّ:
ـ "أنا زي ما انتي عارفة… من المستشفى على البيت، وهارجع تاني للحبسة.
انتي فاكرة إن أمي هتتغير عشان تعبت؟
لا يا مي… هو نفس البيت، ونفس القفص…"
سكتت شوية، وبعدين قالت بهمس:
ـ "على العموم… ألف مبروك."
وقبل ما مي ترد، كانت مريم قفلت الخط.
رجعت تبص في الورقه وبعدين قامت بكل هدوء، قطّعتها حتة صغيرة، ورمتها من الشباك.
ولما رجعت على السرير المستشفي ، وعيطت بصوت مش مسموع:
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
الصبح…
مريم قاعدة على السرير بتلم هدومها بهدوء غريب، بتحط كل حاجه مكانها، وكأنها بترتب فوضى جواها مش في الشنطة.
خبط الباب، ودخل الدكتور.
بص عليها وهو بيقول بلطف:
ـ "صباح الخير يا مريم، عامله إيه النهارده؟"
مريم بصت له بنص ابتسامة وقالت:
ـ "الحمد لله… كويسة."
الدكتور نده:
ـ "مدام أحلام… ممكن حضرتك تتفضلي دقيقة؟"
أم مريم دخلت، عيونها لسه فيها العتاب البارد، والشك دايمًا سابقها.
الدكتور قالها بهدوء:
ـ "الأنسة مريم محتاجة تتابع مع دكتور نفسي يا مدام… ضروري."
أم مريم رفعت حاجبها وقالت بسخرية:
ـ "دكتور نفسي؟! لا بقى يا دكتور… ده دلع بنات، كلمتين وهي تهدى."
الدكتور حاول يفضل هادي:
ـ "حضرتك بنتك حالتها مش بسيطة… واضح إن عندها أعراض اكتئاب مزمن… لو ما اتعالجتش ممكن حالتها تسوء أكتر."
أمها ردت وهي بتحاول تضحك:
ـ "هي هتبقى كويسة، بلاش بقى الكلام اللي يوقف الحال، بنتي زي الفل إن شاء الله."
الدكتور اتنرفز، صوته بدأ يعلى:
ـ "بنتك داخله على عشرين سنة… ومعندهاش أي حرية… نفسيتها مدمرة، وبتنام على دواء، دي مش بنت كويسة… دي بنت بتصرخ وبتكتم صرختها كل يوم!"
أمها شدّت نفسها وقالت ببرود:
ـ "هي عمرها ما خرجت لوحدها… وعمري ما سبتها، ولو سبتها دلوقتي ممكن تستخدم حريتها غلط!"
الدكتور بص لها بنظرة فيها قهر وقال:
ـ "بس الحرمان اللي حضرتك فيه ده… هو الغلط. هو اللي بوّظ نفسيتها."
أمها عدّلت طرحها وقالت:
ـ "إن شاء الله يا دكتور… خير."
وسابتهم وخرجت… من غير ما تبص وراها.
مريم كانت سامعة كل حاجه، قاعدة جنب الشنطة، بتحاول تبلع الغصة اللي واقفه في زورها.
بصت للدكتور وقالت بصوت واطي:
ـ "أنا كويسة… اتعودت."
الدكتور بص لها بحزن وقال:
ـ "الاعتياد على القسوة مش شفاء… ده موت بطئ، يا مريم."
وهي خارجة من المستشفى، لقيت ظرف تاني صغير متعلق في شنطتها، ومكتوب عليه:
"  
متخفيش هتنسي  -اقرب ما ليكي  وابعد من خيالك  ( ب) 
مريم بستغراب وحيره مين ده ياربي انا نقصه حيره 
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
عدّت شهور…
مريم اتغيّرت.
بقت ساكتة، بتضحك بس من غير صوت. عينيها ما بقتش بتلمع، وكأن الحياة فيها مطفية.
بترد بكلمات قليلة، وبتعمل اللي بيتقالها من غير نفس، لا اعتراض ولا نقاش… مجرد "حاضر" وهمّ جوّاها مش بيتقال.
فمرة، لمّت كل شجاعتها، وقعدت مع أمها:
ـ "ماما… أنا عاوزة أدخل كلية، حتى لو بره مصر، حتى لو عند أخويا في أمريكا."
أمها بصتلها بجمود، وقالت من غير ما ترمش:
ـ "كلية؟ وسفر؟ لا. مش هتدخلي كلية هنا ولا هناك. لو عاوزه تسافري  سفري بس لما تتجوزي، عشان أبقى مطمنة عليكي."
مريم سكتت. حتى محاولتها الوحيدة في الهروب اترفدت زي العاده . 
أبوها؟ مسافر دايمًا، ولو كلمته، هيقول الكلمة اللي حفظاها:
"أمك خايفة عليكي."
هي ما بقتش عايشة… بقت بتعدّي وقتها. أو بمعنى أصح، بتعدّي عمرها.
بقت تكتب روايات وتسمع موسيقى وتغرق في المسلسلات.
بقت السوشيال ميديا عالمها، وهناك، كانت مريم التانية… مريم اللي ليها جمهور بيحبها، وناس بتشجعها وتستناها.
وفي عز الغرق ده…
جالها عريس.
اسمه "آدم"، محترم، شغال في بنك، كل اللي يعرفه يقول عليه "ابن ناس" وكلامه كله ذوق.
أهلها وافقوا من أول لحظة… وهي؟ سكتت.
أبوها سألها:
ـ "مش هتردّي؟"
قالت:
ـ "براحتكوا…"
واتخطبوا.
بس مريم؟ ماكنتش مريم.
لا خرجت معاه، ولا ردت على رسايله بحنية، ولا حتى ضحكت له ضحكة كاملة.
وهو؟ كان بيحاول…
بعتلها ورد، وسجّل لها صوت بيغني أغنيتها المفضلة، 
ـ "أنا عايزك تحكيلي عنك…"
بس هي؟
كانت كل مرة ترد بكلمة واحدة:
ـ "مفيش حاجة."
وبعدين…
بدأت تفوق. تحاول. تدي فرصة. يمكن ربنا باعتله طوق نجاة.
واقترِب يوم الفرح.
أهله قالوله:
ـ "يلا يا عريس، خد خطيبتك واطلعوا شوفوا الفستان والبدلة."
خرجوا.
وفي الطريق، مريم كانت لأول مرة حاسة بحاجة شبه البهجة. مش فرحانة قوي، بس على الأقل مش موجوعة.
واقفوا قدام محل فساتين الفرح.
وهي لسه هتدخل…
آدم قال:
ـ "مريم، أنا عايز أقولك حاجة."
قالت بابتسامة مترددة:
ـ "طب نخش الأول… وبعدين تقول."
قال:
ـ "في حد جاي دلوقتي…"
مريم استغربت:
ـ "مين؟"
بص للشارع، وشاور على بنت جاية من بعيد.
قال:
ـ "دي… دي نورة."
مريم ابتسمت بلطف:
ـ "أهلاً، مين نورة؟"
آدم سكت شوية وقالها بصراحة تقطع القلب:
ـ "أنا كنت بحبها… وسابتني، فقررت أخطب أي بنت وخلاص، عشان أغيظها… ولما رجعتلي… سبتك."
الدنيا وقفت.
مريم ما ردّتش.
بصتلهم وهما واقفين قدامها، إيدهم في إيد بعض، بيبعدوا عنها خطوة خطوة… وكل خطوة كانت بتمسح حلم جديد.
قالها آدم:
ـ "مش عايزة تقولي حاجة؟"
قالت:
ـ "لا… بس بلاش تسيبوا بعض تاني." عشان متوجعوش قلوب ناس تانيه و
ضحكت ضحكة باهتة، ووجهت كلامها له بهدوء:
ـ "مش قد دعوت المظلومين، يا آدم."
قالها:
ـ "تحبي أوصلك؟"
ردّت:
ـ "لا، امشي إنت… أنا هروح عند واحدة صاحبتي."
ادم حس بالذنب عشان عارف إنها ملهاش صحاب  .قال تمام  نور مسكت ايده ادم و مشه  
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
وقفت قدّام فاترينة الفساتين، عنيها بتلمع مش من الفرحة.. من الوجع. بتتفرج على فساتين الفرح اللي كانت بتحلم تلبس واحد منهم وهي فرحانة  نفس الفستان اللي كانت شايفاه في حلمها من وهي بنت صغيرة.، لكن دلوقتي كل فستان بيعدي قدامها كأنه طعنة في قلبها.
اتنين…
اتنين حبتهم بصدق، بكل براءة، بكل نقاء قلبها.
الأول وعدها بالجواز ومشي، وسابها زي صفحة مقطوعة من كتاب.
والتاني؟
دخل حياتها زي الضوء… وطلع كدبة جديدة.
 وبالرغم من كده، كانت بتديهم حب حقيقي.. حب من القلب، بس يمكن قلبها هو اللي ميستاهلش! بس يمكن… هي اللي مش محظوظة،
يمكن قلبها هو اللي مش بيتشاف…
وقفت قدام الفاترينة، بتحاول تضحك على نفسها وتقول: "يمكن لسه بدري، يمكن بكرة يكون ليا حكاية حلوة"، بس الحقيقة إنها كانت بتتقطع من جوّا.
سكتت للحظة، وهي بتبص على فستان أبيض كأنه بينادي عليها، وهمست:
هو أنا اللي ميتحبش؟
ولا هو نصيبي اللي مبيعرفش يفرحني؟
بس يمكن… هي اللي مش محظوظة،
يمكن قلبها هو اللي مش بيتشاف…
مرّت عربية من وراها بسرعة، خضّتها،
بس هي ما اتحركتش…
كانت في عالم تاني 
افاقت من شروده
لفّت عن الفاترينة علشان تمشي،
لكن قبل ما تخطي خطوة،
سمعت صوت من وراها بيقول: بصوت عالي 
مريم ؟......
..... يتابع 
لفت ببطء، قلبها بيخبط…
مريم "الدكتور محمد؟ بتعمل إيه هنا؟"
محمد "كنت عند واحد صاحبي في العيادة هنا… إنتي بتعملي إيه؟"
سكتت، وهو ضحك بخفة وقال:
"شكلك اتخطبتي، ومعزمتنيش؟"
قالت بسرعة: "وسبنا بعض."
سكت للحظة، وبص لها بقلق:
"طب تعالي أوصلك."
"أنا بحب أمشي "
"يا مريم، انتي زي بنتي… مش هسيبك تمشي لوحدك كده."
ركبوا العربية، والطريق كان ساكت في الأول.
وبعدين قال: "كنتِ عايزة تدخلي كلية إيه؟"
ردت: "تربية موسيقية… بحب الموسيقى من زمان."
قال: "أنا كمان كنت بحب الرسم، وكنت عاوز أدخل فنون جميلة، بس دخلت طب علشان أهلي."
"محمد عندك اخوات
مريم اه ادهم مع مراته في امريكا ودنيا في السعوديه مع جوزها
مريم عندك ولاد
الدكتور اه
قالت: " "بتحبي ولادك؟"
رد بهدوء: "طبعا."
بص لها وسألها بجديّة:
"عارفة ليه الناس بتفارقك؟":
"علشان كل مرة بحاول أتجوز عشان أهرب من وجعي… بس يمكن الدنيا مبتحبش اللي بيهرب من قدره."
قالت له: "الشّارع الجاي… نزلني هنا."
وقف على جنب وبص لها بحنان وهو بيقول:
"إنتي كويسة؟"
قالت بصوت هادي ومخنوق:
"خلي بالك من نفسك يا مريم… ولو يوم احتجت كلمة، ابقى كلّميني."
ابتسمت وخرجت من العربية، ماشية في شارع هادي، بس جواها زحمة ذكريات وكسرة عمر.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
طلعت البيت، دخلت أوضتها، قفلت الباب…
وسابت دموعها تنزل، تغسل الحزن اللي مش لاقي له مخرج.
كتبت على فيسبوك:
"ليه كل اللي بحبهم بيوجعوني؟"
فضلت تكتب خواطر طول الليل… لحد ما النوم خدها غصب عنها.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
الصبح، كان أبوها بيحاول يصحيها:
"مريم، قومي يا بنتي، الفطار جاهز."
أمها قالت:
"سيبها يا إبراهيم، كانت طول اليوم مع خطيبها، يمكن تعبانة."
لكن هو أصر: "أنا هطّمن عليها."
دخل أوضتها…
وبصوت عالي:
"الحقيني يا أحلام!! مريم مش بترد عليا!"
صوت الأم كان بيعلو بالصراخ وهي بتكرر:
"مريم!! يا بنتي قومي يا مريم!!"
الكل سكت للحظة...
ثم الأب بص لأمها وقالها بصوت مبحوح:
"اتصلي بالإسعاف..."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
صوت صفارة الإسعاف كان بيشق سكون الشارع، وجيران كتير اتلموا قدام البيت. أم مريم واقفة على باب البيت بتعيط وتدعي، وأبوها بيركّب معاها العربية وهو قلبه بيرتجف.
وصلوا المستشفى، والدكاترة دخلوا مريم على الاستقبال بسرعة، والتحاليل بدأت تتعمل، وأمها قاعدة على الأرض في الرُكن،:..."
مرّ وقت طويل، وباب العناية اتفتح، وخرج الدكتور اللي كشف على مريم.
أبوها وقف بسرعة:
– "يا دكتور طمني، بنتي كويسة؟"
الدكتور بصله بنظرة جد:
– "هي بخير، لكن حالتها النفسية محتاجة متابعة... واضح إنها دخلت في حالة انهيار عصبي حاد."
الأم صوتها بيترعش:
– "يعني إيه؟ هتفوق؟"
– "أيوه هتفوق، بس محتاجين نتابع مع طبيب نفسي فورًا"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
بعد شوية...
مريم فتحت عينيها على نور خفيف، مش قادرة تحرك نفسها، بس حسّت بأيد دافية ماسكة إيدها.
ام مريم حبيبتي يا بنتي هي عين وصبتك البت اتجننت
الدكتور بعصبية مدام احلام اهدي شويه
ابو مريم اسكتي شويه يا احلام
مريم بتحركه كل جسمه عادي بس
انتي تعبتي من الزعل بس متخافيش انتي مممكن تخرجي النهارد بليل
مريم وهي ماسكه دموع لو سمحت أخرجه كلكم بره
ام مريم بعياط بتحط أيده عليه مريم بتزقه اطلع بره
وبتغطي نفسه وباتفضل تعيط
في الليل خرجت مريم المستشفي
رجعت البيت... نامت.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
ابو مريم وامه يلا عشان نروح لي الدكتور النفسي
مريم لا مش هروح انا هبيقه كويسه
ام مريم انا بقول كده
ابراهيم بيبرق لي احلام ووجه كلام لي مريم لا يا بنتي عشان نطمن عليكي يلا قومي البيسي عشان خاطري
ولبسة مريم في الطريق
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
مريم بتقول مش عرفه اقوله ايه طب لو مفهمنيش لحد ما افاقت من شروده ابوه يلا وصلنه يا بنتي وطلع العماره التمرجيه المريض بيخش لوحده
بعد ما مريم دخلت للدكتور النفسي…
كان قاعد قدامها راجل في أواخر الأربعينات، شكله هادي وصوته دافي، قال:
الدكتور: هشام
"أنا مش هنا عشان أحكم، أنا بس عاوز أسمعك… تحبي تبدأي منين؟"
مريم فضلت ساكتة شوية، وبعدين قالت بصوت واطي:
"أنا مشكلتي إني بحب بسرعة… وبصدق… وكل مرة بتنتهي بكسرة جديدة."
بدأت تحكي، عن أحمد، عن آدم، عن خيبتها في كل اللي اديتهم أمان وهي ما كانتش لاقية الأمان حتى في بيتها.
والدكتور كان بيسمع من غير ما يقاطع، بس عينيه كانت بتلمع بالتفهم.
الدكتور:
"انتي عارفة يا مريم إنك مش غلطانة إنك بتحبي؟ الغلط إنك بتنسي تحبي نفسك قبلهم."
مريم لأول مرة تحس إن في حد فاهمها بجد، مش بيشفق عليها ولا بيأمرها، بس بيشوفها… بيشوف الطفلة اللي كانت بتدور على حب يطمنها، واللي كبرت وهي بتتألم في صمت.
الدكتور لازم تخشي الكليه لازم تخرجي
مريم مش هينفع
الدكتور ليه عشان مامتك
مريم لا
الدكتور امال
مريم تعرف يا دكتور كل الاحلم اللي كنت بتمناه من وانا صغير بقتت كوبيس دلوقتي انا بكره كل حاجه دلوقتي
الدكتور هو ايه السر اللي عملتي خالي مامتك تحبسك كده في البيت طول السنين دي
مريم مفيش الكلام ده
الدكتور قولي متخفيش مش هقول لي حد انا دكتورك
مريم بتوتر عملت.......
يتابع
مريم بتوتر عملت.......انا اللي معملتش ماما اللي عملت خانت بابا
الدكتور هشام ازاي كانت بتكلم صاحب بابا علي التليفون واخويا عرف وعمل خناقه معاه ومريم اختي كمان كانت عرفه بس ادهم اخويا جال عقد عمل بره وسافر ومش ومش بيكلم ماما واختي نفس الحوار مش بتكلمه هما حولي يدار. المواضيع عليه عشان الكلام ميتنتورش عشان كنت طفله بس عرفت بسبب الكلم اللي كان بيدور وبابا مسافر
الدكتور ابوكي عرف حاجه طيب مريم لا طبعاً ده كان فيه قتل امي
الدكتور طب ايه اللي دخل ده في أن امك تحبسك في البيت
مريم عشان مسافرش و ابعد عن امي ومكلمهاش زي زي اخواتي ما عملوا معاه الدكتور طب ايه دخل
الدكتور – بهدوء واهتمام:
طب إيه دخل ده في إنك تدفني نفسك بالشكل ده؟ ليه تقبلي إن حياتك كلها تتعاقب عشان ذنب مش ذنبك؟
مريم – بصوت مرتعش:
مكنش قدامي اختيار... كنت بشوفها بتنهار، وكنت خايفة أكتر من إني أبقى سبب في وجعها... قلت يمكن لو فضلت جنبها، متغيرش زيهم.
الدكتور – وهو بيهز راسه بتفهم:
بس في الحقيقة، انتي اتعاقبتي زيهم، ويمكن أكتر… لأنك فضّلتي تعيشي في سجن من سكوتك، ومن خوفك، ومن ذنب مش ذنبك.
مريم – والدموع بتلمع في عينيها:
كنت بحبها، وكنت بقول هي أمي، يمكن تتغير…
الدكتور – بنبرة أحن:
وهو ده أصل وجعك يا مريم… إنك بتحبي الناس حتى وهم بيكسروك، وبتصمتي وتضحي ورا ضهرهم، بس نسيتِ تحبي نفسك وتدافعي عنها.
(يسكت لحظة، وبعدين يكمل)
الدكتور:
انتي عندك موهبة، وعندك قلب جميل، وعندك جمهور بدأ يحب اللي بتكتبيه… تعرفي ده معناه إيه؟
مريم – بدهشة:
إيه؟
الدكتور:
معناه إنك قادرة توجعي القلم بدل ما يوجعك حد. قادرة تعيشي، تخرجي، تتعلمي، وتكملي الطريق بطريقتك.بس محتاجة تاخدي أول خطوة…
مريم – بتردد:
أول خطوة؟
الدكتور – بابتسامة دافية:
(مريم تنظر له للحظة طويلة، وكأنها لأول مرة بتشوف نفسها بعيون حد شايفها فعلاً... بعدين تهمس:)
.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
الدكتور – وهو بيقوم من مكانه بابتسامة تشجيع:
"اتفضلي يا مريم، يومنا يوم التلات الجاي…
عايزك تكوني مقدمة في الكلية اللي بتحلمي بيها، حتى لو أونلاين، حتى لو من غير دعم حد…
بس تعمليها لنفسك، مش لحد تاني… ماشي؟"
مريم – بابتسامة بريئة وعيونها فيها دمعة فرح طفولية:
"ماشي…"
(الدكتور بيقف جنب الباب، وبنبرة جادة فيها حنان بيقول:)
"نادِ أهلك، عايز دقيقة معاهم…"
مريم – وهي بتقوم بتردد:
"هتقولهم إيه؟"
الدكتور – بنظرة ثابتة دافية:
"هقولهم إنهم عندهم كنز… بس الكنز ده لو فضل محبوس، هيصدّي. وأنا مش هسمح بكده."
(مريم تخرج، وصوت خطواتها بيسبقها وهي داخلة تنادي على أمها…
وفي عيونها للمرة الأولى، فيه لمعة أمل صغيرة…
يمكن تكون بداية لحكاية جديدة.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
قلت:
الاب– وهو بتشد الشال على كتفها:
"خير يا دكتور؟ مريم عملت حاجة؟"
الدكتور هشام – بهدوء وثقة:
"مريم محتاجة فرصة… مش لوم. أنا مش هنا عشان أعاتب، أنا هنا عشان أنقذ اللي فاضل من بنتك."
الأم – بانفعال خفيف:
"بنتي كويسة، وعايشة في بيت محترم، وبتاكل وتشرب وبتتعلم، ناقصها إيه؟"
الدكتور هشام – بنبرة حاسمة:
"ناقصها نفس.
حضرتك شايفة الأكل والشرب كفاية؟
البنت مش بتتكلم، مش بتحلم، مش بتضحك من قلبها، ده حتى لما بتقول حاضر… بتقولها وهي مطفية."
الأم – بتوتر وهي بتغير وضع جلستها:
"أنا خايفة عليها… الدنيا ما بترحمش، والبنات لازم يتربوا على حدودهم."
الدكتور هشام – بنبرة فيها وجع:
"وهي البنت اتخلقت عشان تتربى على الخوف؟
حضرتك خايفة عليها… بس حبستِها، خوّفتِها، زرعتِ فيها عقدة إن أي خطوة برا البيت غلط، حتى لو كانت في سبيل تحقيق حلمها.
مريم جواها وجع كبير… وبتعاقبيها من غير ما تعرفي السبب الحقيقي."
الأم – بصوت منخفض وتعبان:
"أنا… ماكنتش عايزة تفقدني زي ما إخواتها عملوا…"
الدكتور هشام – بلين ونبرة متفهمة:
"بس كده خسرتيها برضو، بس بشكل تاني…
خسرتيها وهي قاعدة جنبك، وهي بتقولك حاضر، وهي مشيا على أطراف صبرها."
(سكت لحظة، وبعدين بصّ في عنيها مباشرة…)
"لو بتحبي بنتك… سيبيها تعيش.
قدّمي معاها في الكلية، وشجعيها، واعملي لنفسك صفحة جديدة معاها.
مش عيب إننا نراجع نفسنا، العيب إننا نكمل في نفس الغلط لحد ما نخسرهم للأبد."
الأم – بصوت مهزوز:
"وهي… قالت حاجة؟"
الدكتور هشام – بابتسامة هادية:
"قالت إنها هتقدم… وابتسمت. وده كفاية بالنسبالي أعرف إنها لسه بتتعلق بأمل بسيط… ساعديها تمسك فيه."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
داخلو البيت مريم قاعدة على الكنبة ساكتة، ووشها شاحب. إبراهيم ابوها - واقف قدامها بشنطة هدومه وهو بيحاول يخبي قلقه بابتسامة خفيفة.)
إجابة إبراهيم وهو بيقفل شنطته "
أنا اطمنت عليك يا مريومه.. حروح الشغل وهاجي الشهر الجاي إن شاء الله تكوني بقيتي أحسن." قرب منها، وبص في عنيها اوعي تسكتي تاني، فاهمة ؟ أي حد يزعلك، كلميني على طول.
مریم هزت راسها بهدوء، لكن ما اتكلمتش. وقامت دخلت اوضته
الأم - وهي واقفة في نص الصالة وبتبص ناحية الباب
ابراهيم ابو مريم "أنا اطمنت علي مريم، وحروح الشغل وهارجع إن شاء الله. خليكِ خاللي بالك من بنتنه ، ماشي؟"
(ام مريم احلام هزت راسها بس، من غير ما تبصله. هو قرب منها، بوس راسها بسرعة، وخد شنطته جنب الباب وخرج.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(بعد لحظات… الباب اتفتح تاني، احلام – ، ملامحها ناشفة شوية، لكن عينيها بترقب مريم بفضول.)
الأم – وهي بتقفل الباب وبتقلع الشبشب:
"هو مشي؟"
مريم – من غير ما تبص فيها:
"أيوه… مشي."
الأم – بتقرب منها، ونبرة صوتها مش مفهومة قوي:
"يعني أنا وانتي بس في البيت بقى؟"
(مريم بتبلع ريقها، بتحس بخوف داخلي مش عارفة سببه، لكنها ساكتة.)
الأم – وهي بتحط الشنطة اللي كانت جايه بيها على الترابيزة:
"اسمعي بقى يا مريم، أنا مش زي إبراهيم، ماحبش الدلع والكلام الفاضي. البيت ده ليه نظام، ومش عايزة مشاكل. مفهوم؟"
(مريم بتبص لها للحظة، عينيها فيها لمعة خوف.)
مريم – بصوت واطي:
"أنا ما بعملش مشاكل…"
الأم – وهي بتمسك الطرحة وتربطها على راسها:
"كويس… خليكِ كده، ساكتة وسمعة الكلام.
وبالمرة، شوفيلي هدومي اتغسلت ولا لأ، وإياكي تكوني ناوية تروحي الكلية وتسيبيني لوحدي!"
(مريم بصمت تام… بتحاول تستوعب الوضع الجديد اللي داخل عليه. من جوه قلبها بيرتجف… لكنها بترد بكلمة واحدة بس.)
مريم – بهدوء مريب:
"أنا هروح… غصب عنك."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(الأم بتلفّلها بحدة، ووشها بيشد: مش متعودة مريم ترد… لكن مريم خلاص، مش هي نفس البنت اللي كانت ساكتة طول الوقت.)
(الأم واقفة مصدومة من رد مريم، عنيها وسعت، مش مصدقة إن البنت اللي كانت دايمًا ساكتة ومكسورة ترد بالشكل ده.)
الأم – بصوت عالي فيه غضب:
"إنتي بتقولي إيه؟! غصب عني؟! إنتي اتجننتي يا بت؟!"
(مريم وقفت، وشها هادي بس عنيها فيها وجع سنين، قلبها بيدق بسرعة بس مش ناوية ترجع في كلامها.)
مريم – بنبرة قوية لأول مرة:
"أيوه… هروح الكلية، وده مستقبلي… لا إنتي ولا غيرك هتمنعوني. بابا وعدني، ومش هرجع في كلامي."
(الأم قربت منها، ووشها بيحمر من العصبية، ورفعت إيدها تفكر تضربها… بس مريم مسكت إيدها قبل ما توصل لوشها.)
مريم – بنبرة حاسمة وهي ماسكة إيدها:
"ما تمديش إيدك عليا… عشان من النهاردة أنا مش البنت اللي كنتي بتستقوي عليها زمان."
(الأم شدّت إيدها بغضب
(الأم بتصرخ، وعيونها مولعة غضب، قربت من مريم وهي بتشاور بإيدها)
الأم – بصوت عالي وعصبية:
"إنتي واحدة فاشلة! حتى اللي بيدخلوا حياتك عشان ينسوا بيكي اللي بيحبوهم، ما بيقدروش يحبوكي! تعرفي ليه؟! عشان مفيش فيكي حاجة تتحب!"
(مريم رفعت عينيها فيها، لأول مرة نظرتها كانت قوية، مليانة وجع مكبوت اتحول لبركان.)
مريم – بصوت هادي بس بيزلزل:
"يمكن...
يمكن أنا فعلاً ما استهلش الحب…
يمكن فعلاً كلهم كانوا بيستغلوني…
بس انتي؟!
انتي أكتر واحدة علمتيني إني أكره نفسي…
كل يوم كلمة تهزي ثقتي…
كل يوم نظرة تقولي إني مش كفاية…
وهروح كليتي غصب عنك وغصب عن أي حد
أنا خارجة، ولما أرجع… لازم ألاقيلك حل !"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(مريم فضلت واقفة، عنيها بتدمع بس الدموع مش بتنزل. وشها ثابت، كأنها لأول مرة بتواجه نفسها.)
(في اللحظة دي، مريم انهارت على الأرض، حضنت رجليها، وبدأت دموعها تنزل بهدوء، بس مكنش بكاء عادي…
مشت لحد المراية، بصّت فيها…
مريم – بصوت متكسر:
"أنا فعلاً ما استهلش الحب؟… ولا أنا اللي فضلت أدور عليه في قلوب غلط؟"
(راحت على سريرها، خدت كيس صغير من تحت المخدة… فتحته…)
(جواه كانت خاتم من أحمد، سلسلة من آدم، ورقة فيها كلمة “بحبك” بخط باهت.)
مريم – بصوت شبه هامس:
"كلكم كدابين… بس أنا اللي صدقت."
"كلهم مشيوا…
حتى اللي وعدني إني مش لوحدي…
حتى اللي كنت بفكر إنه مختلف…
حتي اخواتي مشي "
حتى أبويا… مشي."
(رمت كل الحاجات دي في كيس زبالة… مسكته بإيديها المرتعشة…)
وهي بتهمس لنفسها:
(آخر لقطة في البارت: مريم واقفة قدام المرايا، عينيها مليانة سواد، وبتضحك ضحكة واهية… وهي بتقول:
"أنا خلاص… مش هستنى حد يحبني…
أنا كمان مش هحبني…")..........
..........يتابع
(مريم خارجة من باب بيتها، لابسة لبس بسيط مرتب، شعرها ملموم، ووشها هادي لكن عينيها فيها كسر باين. ركبت ميكروباص وسط الزحمة، وقعدت ناحية الشباك… بتبص على الشوارع كأنها أول مرة تشوفها.)
(الصوت الداخلي لمريم):
"هو ده الصح؟
ولا أنا بضحك على نفسي تاني؟
بس يمكن… الكمان يعلم قلبي يسمع حاجة غير القسوة."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(المشهد: قدام كلية تربية موسيقية)
(مريم وقفت تبص على لافتة الكلية، ابتسمت ابتسامة خفيفة حزينة، وقالت لنفسها…)
مريم (بهمس):
"لو هتعلم أعيش… لازم أبدأ من هنا."
(دخلت، خلصت الورق، وقدّمت، وسابوا لها ورقة فيها معاد الكشف والمقابلة.)
موظفة – بابتسامة باهتة:
"مقبوله تعالي الاسبوع الجاي عشان تبدي المحاضرات . نتقابل تاني بس وانتي متخرجه ان شاء اللله شرفتيني
مريم – بابتسامة شبه ميتة:
"شكرا
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
المشهد: باب كلية تربية موسيقية – بعد ما خلصت التقديم
(الجو كان دافي بس ساكت، كأن الدنيا واقفة بتتفرج على كلية تربية موسيقية.
، ووقفت شوية تبص حوالينها… ناس بتضحك، ناس بتصور، هي بس اللي واقفة وسط كل ده مش حاسة بأي حاجة.
(مريم خارجة من باب الكلية،
فضلت تمشي ناحية الموقف، تركب مواصلة ترجّعها للبيت. وسط الزحمة،
(ركبت جنب الشباك، وفضلت تبص برا، ساكتة، بتعدّي عينها على الناس والبيوت واللافتات، وكل حاجة بتفكرها إنها ماشية في طريق جديد… بس جواها كأنها لسه واقفة في نفس المكان.)
صوت بنت من وراها – بنبرة مدهوشة وحنونة:
شيماء – بصدمة بسيطة:
"مريم؟!"
(مريم لفت وهي مش متأكدة من الصوت… لكن أول ما شافتها، ابتسمت ابتسامة مش فاهمة هي فرحانة ولا مضايقة.)
شيماء"إنتي كنتي جارتي قبل ما تنقلي… فاكرة؟"
مريم – وهي بتضحك بمرارة:
"فاكرة كل حاجة…
بفرحه شيماء
(حضنوا بعض بسرعة، وفيه دفء حقيقي ف اللحظة.)
شيماء ! إزايك؟! مشوفتكيش من سنين…"
شيماء – وهي بتقعد جنبها:
"أنا كويسة… "أنا مش مصدقة! دي صدفة غريبة! وإنتي؟ إيه أخبارك؟"
بخير لسه مقدمه في كليه تربيه موسيقي
"برافو يا مريم… دايمًا كنتِ بتحبي المزيكا." "… حتى صوتك وإنتي بتغني من البلكونة."
"لسه بتغني…"
مريم لا
(لحظة صمت بينهم… بعدين مريم تكسر الصمت)
مريم – بتردد:
"أخبار يوسف أخوكي إيه؟"
شيماء – عينيها بتلمع بالدموع:
"يوسف؟"
(نظرت بعيد شوية، صوتها اختنق بالحزن)
… حب بنت حبها بزيادة. وودته في الإدمان… تعب اوي ."
(رجعت تبص لمريم)
"بس الحمد لله، بيتعافى… بقاله سنة في طريق الصح. بقى أهدى، أنضج… ويمكن أحسن من قبل."
(مريم سكتت… بس جواها حاجة اتحركت. يوسف؟ اللي كان زمان طفل شقي بيعاكسها وبيجري؟! دلوقتي راجل شايل وجع… زيها؟)
(الموصلّة بتقف)
شيماء – وهي بتقوم:
"ده موقفنا… تنزلي؟"
مريم – وهي بتهز راسها:
"آه، يلا."
(نزلوا سوا… ومشيوا جنب بعض. الجو بقى مغيم، بس في قلب مريم شعاع بسيط نور.)
(شيماء وهي ماشية جنب مريم، كانت كل شوية تبص فيها وتبتسم، كأنها مش مصدقة إنها قابلتها تاني.)
شيماء – فجأة وهي بتوقف:
"مريم؟ تعالي معايا البيت… نسلم على ماما، ويوسف كمان."
مريم – بتردد وخجل:
"لأ مش حابة أضايقكم… مش لازم يعني."
شيماء – بإصرار دافي:
"بطلّي الكلام ده. ماما هتفرح بيكي… ويوسف هيحب يشوفك."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(مريم بصت بعيد شوية، قلبها دق فجأة لما سمعت اسمه، بس في الآخر وافقت وهزت راسها.)
(وصلوا قدام العمارة… نفس البلكونة، نفس الريحة، نفس السلم اللي كانت بتجري عليه وهي صغيرة… بس قلبها دلوقتي تقيل.)
(الباب اتفتح… صوت خافت من جوّه)
أم يوسف – من جوه:
"شيماء؟ مين معاكِ؟"
شيماء – وهي بتدخل:
"ماما! بصي مين لقيتها؟! دي مريم يا ماما! مريم بنت الأستاذ إبراهيم!"
أم يوسف – وهي بتخرج بسرعة من المطبخ، عينيها بتلمع:
"ياااااه… مريم؟! بسم الله ما شاء الله! كنتي فين يا بنتي؟!"
(حضنتها بحنية، بس مريم كانت متوترة ومش عارفة ترد، عينها بتزوغ في كل اتجاه… بس مش قادرة تبص لقدّام.)
(وفي اللحظة دي…)
صوت رجولي نازل من فوق السلم الداخلي:
"مين يا شيماء؟"
(مريم حسّت بجسمها اتجمد… الصوت ده؟ خشن… لكن فيه دفء مش غريب.)
(نزل يوسف… أطول، جسمه أتقل، دقنه خفيفة، وعينيه فيها حزن قديم ومخمور بنضج ما يتوصفش… لبس بيتي بسيط، بس وقفته فيها رجولة.)
شيماء – وهي بتبتسم بمكر:
"دي مريم… جارنا القديمة. فاكرها؟"
(يوسف وقف مكانه، بص لمريم… لحظة سكون طويلة، مفيهاش ولا نفس.)
يوسف – بهدوء تقيل:
"فاكرها…"
مريم – بصوت واطي:
"إزيك يا يوسف؟"
يوسف – بابتسامة شبه حزينة:
"كويس… أحسن. وإنتي؟"
مريم – وهي بتزق جواها كل الوجع وترد ببسمة ضعيفة:
"بحاول أكون أحسن برضو."
(يوسف ابتسم، بس في عينه كانت فيه دمعة ماتوقعتش تشوفها…)
شيماء – وهي بتكسر الصمت:
"يوسف، مريم قدمت في كلية تربية موسيقية النهارده…
يوسف لسه بتكتبي اغاني وبتلحني زي زمان
مريم اه انت لسه بتغني صوتها لسه زي زمان."
يوسف – وهو بيبصلها بنظرة مش مفهومة:
"أكيد لسه… أحلى من زمان كمان.
الأم – وهي بتحط إيديها على كتف مريم:
"يلا يا بنتي، اتعشي معانا. متسيبينيش كده."
(مريم سكتت لحظة… وبعدين ابتسمت بخفة.)
مريم – بصوت هادي:
"ماشي…"
(وهي قاعدة، حست إنها داخلة على فصل جديد… يمكن تلاقي فيه أخيرًا لحن الحياة اللي ضاع منها.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(خرجت مريم من بيت شيماء، كانت ماشية في الشارع وهي مش حاسة برجليها… قلبها لسه مضطرب، لقاء يوسف فتح أبواب كانت مقفولة جواها من سنين. بس دلوقتي، لازم تروح تقابل الدكتور هشام زي ما اتفقوا.)
(وصلت عند العيادة، طلعت السلم بخطوات بطيئة، وفي قلبها حاجة مخنوقة… كأنها داخلة تقابل شخص فاهمها أكتر من نفسها.)
السكرتيرة – بابتسامة هادية:
"اتفضلي يا مريم… الدكتور مستنيك."
(دخلت، لقت الدكتور هشام قاعد في مكانه المعتاد، مكتبه مرتب، ونظراته فيها دفء بس كمان تركيز حاد.)
الدكتور هشام – بابتسامة بسيطة:
"أهلاً يا مريم… عاملة إيه النهارده؟"
(سكتت… قعدت قدامه، وبصت له بعينين فيها حاجات كتير متكسّرة.)
مريم – بصوت واطي:
"قابلت يوسف…"
(الدكتور سكت لحظة… وبعدها قال بهدوء:)
"يوسف…؟"
مريم – وهي بتحاول تتحكم في صوتها المرتعش:
"ابن جارتنا… اللي كنت بلعب معاه زمان…
قابلته بالصدفة عند شيماء، وبصلي كإني ما اتغيرتش…
بس أنا اتغيرت يا دكتور… اتغيرت أوي."
الدكتور هشام – وهو بيكتب حاجة سريعة في نوتته:
"وحسيتي بإيه لما شُفتيه؟"
(مريم بصت للأرض… عضّت شفايفها، وبعدين قالت:)
"حسيت إني لسه واقفة في نفس الحتة…
لسه الطفلة اللي بتدور على حضن…
لسه البنت اللي بتتمنى حد يصدق إنها تستحق تتحب…"
الدكتور هشام – بنبرة حنونة وجادة:
"إنتي مش واقفة في نفس الحتة يا مريم…
إنتي جيتي لحد هنا، وده لوحده خطوة كبيرة."
مريم – بنظرة فيها دموع مكبوتة:
"بس أنا تعبت…
كل حد يدخل حياتي، بيكسرني أكتر.
حتى اللي كنت فاكرة إني ممكن أحبهم… بيطلعوا بيستغلوني.
أنا مش واثقة إني هعرف أعيش من غير خوف."
(الدكتور بصّ لها بعمق… وبعدين قال بصوت ثابت:)
"الخوف مش دليل ضعف…
الخوف دليل إنك لسه بتحاولي… ولسه بتتمني…
وده لوحده، بداية التعافي."
(سكتوا شوية… كانت اللحظة فيها صمت أصدق من ألف كلمة.)
الدكتور هشام – وهو بيقفل النوتة:
"ممكن أطلب منك حاجة؟
متحكميش على نفسك بعين اللي كسروا قلبك…
وشوفي نفسك بعين واحدة بس… بعينك إنتي.
اللي نجت، واللي لسه واقفة رغم كل حاجة."
(مريم نزلت دمعة… لكنها مسحتها بسرعة.)
مريم – بابتسامة حزينة:
"هحاول يا دكتور…
أنا تعبت من الهروب."
الدكتور – بنبرة مشجعة:
"ويمكن ده أول اعتراف حقيقي…
إنك مش عايزة تهربي تاني."
(مريم قامت من مكانها، حسّة بخفة بسيطة رغم التعب… كأن قلبها اتفتح شوية، ولو حتى بسطر واحد جديد.)
(مريم وقفت تفتح باب العيادة، وخطواتها كانت بطيئة… كل كلمة الدكتور لسه في ودانها، بس جوّاها كان في عاصفة ما تهداش.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(طلعت على الرصيف، الهواء كان بارد، والسماء ملبدة بغيوم سودا، كأنها مرآة لحالها.)
(شافت في المراية الجانبية للعربية صورة نفسها… العينين اللي كانوا فيها دموع، دلوقتي شبه غُربال بيتسرّب منه كل أمل.)
(بتهمس لنفسها بصوت خافت، لكنه مليان كراهية وحيرة:)
"أنا مين؟
ليه كل ده لازم يحصل؟
ليه الدنيا بتكسرني وأفضل أنا اللي اتكسرت؟"
(وفي اللحظة دي، موبيلها رن. كانت رسالة من يوسف.)
(فتحت الرسالة، وكان فيها صورة قديمة ليهم، وهتافه بسيط:
"لسه فاكر أيامنا، يمكن نرجع نكون زي زمان؟").......
....يتابع
(مريم وقفت في نص الشارع، التليفون في إيدها بيترج… الرسالة دي رجعت الطفلة جواها، رجعتها للحوش اللي كانوا بيلعبوا فيه، لضحكتها اللي كانت من القلب، قبل ما الدنيا تعلمها تبكي بصمت.)  (بس بسرعة، رجعت لأرض الواقع")  (قررت متردش، قفلت الموبايل، ومشيت بخطوات سريعة… كأنها بتهرب من نفسها.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
 (الليل دخل، والدنيا سكتت… وهي رجعت بيتها، دخلت أوضتها وقفلت الباب وراها بهدوء… بس جواها صوت عالي بيصرخ.) 
 (قعدت قدام المراية، وبصت لنفسها… وشها شاحب، عينها فيها حزن ساكن بقاله سنين.)  مريم – وهي بتهمس: "أنا مش ضعيفة… أنا موجوعة، وده مش عيب."
(رفعت تليفونها، وبدال ما ترد على يوسف، بعتت رسالة للدكتور هشام.) 
 مريم: " أنا محتاجة أبدأ أكتب. روايه  كل اللي جوايا. يمكن الكتابة تكون باب الهروب الوحيد اللي مش هيقفل في وشي."  (جاله الرد بعد دقيقة واحدة بس.) 
 الدكتور هشام: الدكتور هتكتبي روايه عن نفسك عن حياتك دلوقتي عن اللي جاي واللي فات  "ابدأي… اكتبي، ولو حتى كلمة واحدة كل يوم.."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
 (ومن اليوم ده، مريم بدأت تكتب… كل ليلة، سطر جديد.)  
(كتبت عن الوجع… عن آدم، عن أحمد، عن اللي استغلها، واللي كسرها، عن صمتها وعن دموعها، عن الطفلة اللي كانت بتدور على حضن، ومالقتش غير ضهر متداري.)  
(ومع كل سطر، كانت بتحس بحاجة بتتغير… حاجة صغيرة بتترمم جواها.) 
 (وفي يوم… وبعد شهور من الكتابة، راحت تدي للدكتور هشام دفتر مليان حكايات .)  
مريم – وهي بتبتسم لأول مرة من قلبها: "خلصت روايتي." م
ريم لا ده الجزء الاول  من حكايتي كتبت كل اللي حصل من يوم ما اتولد لغيت دلوقتي عاواكز تنشره
  الدكتور هشام – وهو بيقلب الصفحات: "دي مش مجرد رواية… دي قصة نجاة."
  (وهو بيقرا، عينه دمعت… كانت كل جملة فيها وجع، لكن كمان فيها نور.) 
 مريم – بصوت ثابت: الجزء التاني من الروايه "عايزك تبقه تختم النهاي في الجزء التاني  لو مبقت موجوده عشان اختمه أطبعها، وأنشرها. يمكن بنت زيي تقراها، وتحس إنها مش لوحدها."  (وسكتوا… بس الصمت كان مريح، كأن قلبها أخيراً لقى مكانه.) 
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
 (مرت شهور… والرواية الجزء الاول  انتشرت، وبنات كتير بعتولها رسائل، بيشكروها على إنها حكت… على إنها خلتهم يحسوا إنهم مش وحدهم. وبيطلبه بالجزء التاني ) 
 (وكانت آخر صفحة من الرواية جملة واحدة بس…)  كتبت الروايه بأسماء مستعاره لكي لايعرف احد ان هذه حياتي..  لسة النهاية هناك جزء اخر مجهول .  
 الدكتور مريم انتي ريحه بعد اسبوع عاوزك تكوني شطره ومش مهم اي حاجه تانيه 
مريم ببتسامه 
 الدكتور بسوال هو يوسف كلمك
  مريم اه بس انا خيفه احب تاني ومش هسمح لي ايه حد أنا فعلاً خلاص… مش هقدر أحب… ولا حد يحبني." أنا مش ورقة فاضية كل واحد يكتب فيها عقدته…انا هخاف علي قلبي 
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(الدكتور هشام سكت شوية، وفضل يبصّ لها، كأنه بيقرأ ما بين السطور، مش الكلمات بس.)
الدكتور هشام – بهدوء:
"يا مريم… اللي اتكسر جواكي مكنش حب، كان خيانة مغلفة بحب كداب.
بس إنتي… إنتي حب تمشي على الأرض."
(مريم بَصت له، عينيها فيها دمعة مش قادرة تنزل، ومش قادرة تتحبس.)
مريم:
"بس أنا مش مستعدة… أنا خايفة… وكل ما حد يقرب، بحس إن قلبي بيتراجع خطوتين لورا."
الدكتور هشام – بابتسامة حنونة:
"الخوف طبيعي… بس متخليش الخوف يمنعك تعيشي.
اللي جرحك مش بيحدد قيمتك… واللي جاي ممكن يكون أحن بكتير من اللي راح.
بس لازم تكوني جاهزة… تكوني شُفتي نفسك، وعرفتي إنك تستاهلي أكتر."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(في ليلة هادية، كانت مريم قاعدة قدام الشباك، شايفة السما، بتحاول تفكر في اللي جاي. كان في رسالة جديدة جاية من يوسف.)
(فتحت الدفتر من جديد… وكتبت.)
مريم – في الورق:
"أنا مسامحة… مش عشانك، عشان أنا محتاجة أرتاح.
بس الحب؟
الحب دلوقتي لازم يكون مختلف…
لازم يكون أمان مش خوف، حضن مش واجب، دعم مش استغلال."
(قفلت الدفتر، وحطته جنبها، ونامت… ووشها فيه هدوء.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(بعد أسبوع، دخلت مريم العيادة تاني… شكلها متغير، لبسها بسيط، بس عينيها فيها نور جديد.)
الدكتور هشام – وهو بيضحك:
"شُطرة… زي ما قلتلك."
مريم – وهي بتضحك بهدوء:
"أنا بدأت أكتب الجزء التاني…
بس المرة دي، مش عن اللي وجعني…
عن اللي خلاني أقوى."
الدكتور هشام:
"والنهاية؟"
مريم – وهي بتبص من الشباك:
"النهاية؟ هسيبها مفتوحة… عشان أنا لسه بكتبها، كل يوم… بحياتي."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(أول يوم في الكلية… الدنيا زحمة، وشوش كتير، ضحك عالي، وناس بتتصاحب بسرعة… بس مريم كانت مختلفة.)
(دخلت المدرج، قعدت في أول صف، طلعت كشكول المحاضرات وسكتت… كانت بتحاول تركز، تهرب من دوشة العالم بكلمات الدكتور على السبورة.)
(ولما المحاضرة خلصت، بدل ما تمشي أو تقعد في الكافيتريا زي باقي البنات، راحت على طول المكتبة.)
(اختارت ركن هادي في آخر المكتبة، طلعت دفترها… وبدأت تكتب.)
مريم – في الورق:
"أنا مش بس بدرس… أنا بحاول أفهم نفسي من أول وجديد. يمكن بين السطور ألاقي اللي ضاع.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(عدت أيام، ومريم ن﹎فس الروتين… محاضرات، بعدين المكتبة، كتابة، وسكوت.)
(وفي يوم، وهي خارجة من المحاضرة، سمعت صوت بنات بيضحكوا وبيقولوا لها:)
بنت – بابتسامة:
"إنتي جديدة؟ شكلك مش بتكلمي حد خالص."
مريم – بلطف:
"آه… جديدة شوية."
بنت تانية:
"طب تعالي اقعدي معانا شوية، إحنا دايمًا بنذاكر سوا، يمكن تحبي الجو."
(وافقت مريم، وشافت إن مش غلط تجرب تبقى وسط ناس.)
(في وسط القعدة، كانت واحدة من البنات، شكلها هادي ومختلف، معاها رواية في إيدها.)
البنت – بحماس:
"حد فيكم قرأ الرواية دي؟ اسمها (فرحه لم تكتمل … أنا حبيتها أوي! حسيت الكاتبة دي حكت حكايتي!"
(مريم اتجمدت، قلبها دق بسرعة.)
(بصّت على غلاف الرواية… كان نفس الغلاف اللي اختارته بنفسها، بأسم مستعار.)
بنت تانية – وهي بتبص لصاحبتها:
"هو أنتي لسه ماسكة الرواية؟ دي تقطع القلب… بس فيها أمل مش طبيعي."
البنت – وهي بتقرا سطر من الرواية بصوت عالي:
"أنا مش ورقة فاضية… كل واحد يكتب فيها عقدته."
(مريم غمضت عينيها للحظة، كأنها بتحاول تبلع مشاعر كتير جت فجأة.)
واحدة من البنات – بتبص لمريم:
"هو انتي بتكتبي؟ حسيتك بتحبي الكتابة؟"
مريم – وهي بتضحك ضحكة صغيرة:
"شوية… بحب أكتب."
البنت اللي ماسكة الرواية – بتقرب منها:
"أقسم بالله، لو عرفت مين الكاتبة دي، هحضنها! هي غيرت فيا حاجات كتير… نفسي أشوفها."
(مريم بَصّت لها، وسكتت… جواها حاجة بين الفخر والخوف.)
(بس مكنتش مستعدة تقول… لسه.)
البنت – بضحكة:
"إحنا لازم نبقى أصحاب بقى… دي فرصة مش هتتعوّض!"
(ومن اللحظة دي، بدأت مريم تندمج شوية شوية… مش كتير، بس كفاية تحس إنها مش لوحدها.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(بعد العصر… وهي خارجة من الكلية، الشمس بتغيب، والدنيا فيها هدوء عجيب… فجأة وقفت مكانها لما شافت يوسف واقف، وساند على عربيته.)
مريم – وهي بتشد شنطتها على كتفها:
"يوسف؟ بتعمل إيه هنا؟"
يوسف – بابتسامة خفيفة:
"مردتيش على رسالتي… قولت أجي أسمعها لايف."
مريم – بتشد حواجبها:
"إيه الرسالة اللي مستاهلة تيجي لحد الكلية؟"
يوسف – وهو بيضحك:
"عاوز أرتبط بيكي."
مريم – وهي بتضحك ورافعه حواجبها:
"اشمعنا دلوقتي؟"
يوسف – وهو بيهزر:
"فرفوشة كده… وبتحبّي الحياة… وده خلاني عاوز أكرهك فيها."
مريم – بتضحك بصوت عالي لأول مرة من زمان:
"مجنون والله!"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(يوسف بصّ لها وهو بيضحك من قلبه، ومد إيده وقال:)
  يوسف – بنبرة خفيفة: "تعالي… أمّوصلك." 
 (مريم بصّت له شوية، وبعدين ابتسمت، وركبت العربية، وهي أول مرة تركب معاه من غير ما تحس بتوتر… طول الطريق كانت بتضحك، هو بيهزر وهي بترد عليه بطريقتها الباردة اللي فيها لمعة حنية.) 
 يوسف – وهو بيعدل المراية وبصّ لها بسرعة: "مكنتيش هتلاقي حد يوصلك قمري زَيّي طبعاً."
  مريم – وهي عاملة صوت استغراب: "نننننن دمّك خفيف أوي!" 
 يوسف – مبتسم: "دي شهادة أعتز بيها والله."  مريم – وهي بصّة قدام، وسألت بفضول: "أمال أخواتك فين؟"
  مريم – وبعد لحظة صمت: "اللي سافر مع مراته، واللي سافرت مع جوزها… وبصراحة ساعات بنسى إن ليا إخوات أصلًا."  
(يوسف سكت شوية… وبصّ لها وهو بيهزر، بس في نظرته لمحة تعاطف.) 
 يوسف – وهو بيضحك: "ده عشان إنتي زكرت سمك… بتنسي بسرعه."  
مريم – ضحكت بصوت عالي: "إيه يا عم التشبيه العظيم ده؟"  
يوسف – برفع حواجبه: "زكرت سمك بس قلب نسر… مش بنسى اللي ظلمني، ولا اللي يستاهل أحبّه."
  (مريم بصّت له، وكأن كلامه دخل جواها… سكتت لحظة.)  
مريم – وهي بصوت واطي: "أنا بقيت بخاف أحب."  
يوسف – بصوت هادي: "وأنا مش مستعجل… بس هفضل أحبك لحد ما تبطلي تخافي."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(سكتت مريم، والهدوء غطّى العربية كأن الزمن وقف شوية. الجو اتغير، وبقى فيه رهبة حلوة… زي لحظة ما المطر بينزل فجأة في عزّ الشمس.)
مريم – بصوت واطي بس وراه فضول:
"بس ليه سبتها؟ ليه حبيبتك القديمة مش في حياتك دلوقتي؟"
(يوسف ابتسم، بس دي كانت ابتسامة مجروحة، فيها وجع حاول يخبّيه، وعيونه لفت بسرعة ناحية الطريق، كأنه بيهرب من السؤال… ومن الذكرى.)
يوسف – بنبرة فيها هدوء مخفي ووراه غضب خفيف:
"هيجي يوم واصرّحك… بس مش دلوقتي."
مريم – وهي لسه باصة له:
"أنا مبحبش المفاجآت… وبخاف من اللي مستخبي."
يوسف – وهو بيحاول يبدّل الجو من تاني، وابتسم بس صوته فضل هادي:
"ما تخافيش… كل اللي مستخبي عندي جايز يوجع، بس عمره ما هيؤذيكي."
(مريم سكتت، وبصّت من الشباك… بس قلبها كان بيدق أسرع. لأول مرة تحس إن ممكن يكون في حب… بس على نار هادية.)
(العربية وقفت قدام بيتها. يوسف نزل بسرعة وفتح لها الباب.)
يوسف – وهو بيبتسم:
"أهو وصلتِك، وبدون ولا خدش في قلبك… ولا فلوس
(مريم دخلت العمارة، قلبها بيدق بسرعة، ومش عارفة إذا كانت الفرحة ولا الخوف السبب. طلعت السلم بهدوء، وكل خطوة فيها تفكير.)
(أما يوسف، فضل واقف جنب العربية، وباصص لباب العمارة اللي لسه مقفول… تنهد وقال لنفسه بصوت واطي، كأن السر اللي شايله بقى تقيل عليه أكتر من أي وقت.)
يوسف – بهمس:
"هيجي اليوم يا مريم… وهتعرفي كل حاجة… بس يا ترى هتفضلي تحبيني بعدها؟"
(ركب عربيته ومشي، وساب وراه في الشارع سكون، وفي قلبها ألف سؤال ما لوش إجابة… لسه.)...
..يتبع…
(عدّى أسبوع، ومريم لسه بتروح الكلية، وتحضر محاضراتها وتسحب نفسها على المكتبة زي العادة، بس حاجة فيها بدأت تتغيّر… ابتدت تضحك أكتر، تتكلم أكتر… والسبب؟ يوسف. بتكلمه كا صحاب )
(بس رغم الضحك، كان جواها خوف… خوف من إنها تبني حاجة تاني، فتتهد زي اللي قبلها.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
📍في الكلية – قدّام المكتبة:
(كانت قاعدة على السلم، كشكولها في إيدها، وقلمها بيتحرك بسرعه، كأنها بتكتب حاجة خايفة تنساها… أو بتنزف حروف بدل ما تعيط.)
صحبتها – بفضول:
"مريم… في إيه؟ مركزة أوي كده ليه؟ بتكتبي إيه؟"
مريم – وهي بتبتسم ابتسامة باهتة:
"بكتب عن حاجة مش عايزة تضيع مني… عن باب فتح فجأة وأنا كنت فاكرة إنه مقفول ومفتاحه ضايع."
صحبتها – بهزار:
"يا نهار أبيض… ده إنتي شكلك هتطلعي شاعرة! طب الباب ده مين فتحه؟"
مريم – وهي بتبص في الكشكول:
"واحد اسمه يوسف… بس خايفة يخرّجني من الباب ده ويقفله ورايا."
صحبتها – وهي بتشد الكشكول منها:
"إنتي وقعتِ في حبّه؟"
(مريم سكتت… وشها مال للهدوء، بس عنيها كانت بتلمع بلون الحمره
(مريم كانت خارجة من باب الكلية، شنطتها على كتفها، والهواء بيحرّك طرحتها بشويّة هدوء، لكن فجأة وقفت مكانها لما شافت شيماء واقفة جنب عربية يوسف، وسندة بإيدها وبتضحك)
مريم – باستغراب وهي ماشية ناحيتها:
"شيماء؟ اللي جابك هنا؟… ومش دي عربية يوسف؟"
شيماء – بتضحك وهي بتفتح الباب الخلفي:
"خدتها منه ساعه، ما تقلقيش، مش خطفتها يعني "
مريم – بضحكة خفيفة:
"إنتي بجد؟"
شيماء – وهي بتشدها برقة:
"آه بجد! أصل يوسف النهاردة هيغني في حفلة صغيرة، كده حفلة لذيذة على السطوح بتاع واحد صاحبه… فقولت أجيبك، كلنا رايحين."
مريم – بدهشة:
"كلنا يعني مين؟"
شيماء – وهي تعدّ على صوابعها:
"أنا، وبابا وماما، وانتي، وصحاب يوسف اللي هيبقوا هناك… يعني ليلة فيها بهجة بزيادة."
مريم – وهي بتحاول تدارى قلقها:
"بس… أنا مش لبسة لحفلة…"
شيماء – وهي بتشدها بالعافية:
"ولا يهمك، الحفلة دي مش فستان سواريه… دي ضحك وناس طيبة… وبعدين، يوسف هيكون هناك، وده لوحده سبب يخليكي تروحي، صح؟"
(مريم سكتت لحظة، قلبها بيخبط، مش عارفة تروح ولا ترجع… بس فضولها كان أقوى من خوفها.)
مريم – وهي تبتسم بخفة:
"يلا بينا… بس لو حصل حاجة، أنا همشي."
شيماء – وهي بتضحك وبتفتح لها الباب:
"وعد، أول ما تزهقي… نرجع فوراً. بس على ضمانتي، الليلة دي هتفضل في بالك."
(مريم ركبت العربية، قلبها قلقان بس في لمعة خفيفة في عينيها… كأنها داخلة على مغامرة مش عارفة هتخرج منها ازاي.)
(مريم دخلت الحفلة، الجو كله حماس وضحك وأضواء خفيفة بتتناثر حواليهم. كل واحد قعد جنب التاني والناس بتتبادل السلام والتحية.)
مريم – وهي بتسلم على أهل يوسف، ابتسمت لهم بتحفظ:
"مساء الخير يا جماعة."
أم يوسف – بابتسامة دافئة وفكرّة عابرة:
"كنت فاكرة إن مريم دي كانت جارتنا زمان."
أبو يوسف – وهو بيضحك قليلاً:
"لا يا أم يوسف، دي بنت إبراهيم، وأحلام بنت الناس الكويسة."
أم يوسف – بتحنّق شوية:
"إنتي دنيا ولا مريم؟"
مريم – بكل هدوء:
"لا، مريم. دنيا اتجوزت وسافرت بعيد."
(المشهد يتغير بعد شويه، وشيماء كانت بتتكلم مع حد، وفجأة وقعت عينها على بنت دخلت الحفلة، وحسّت بغصة لما نغزت أبو يوسف وام يوسف بعصبية.)
شيماء – بحدة وهي بتتلفت حواليها:
"إيه اللي جابه دي هنا؟"
أم يوسف – وهي متوترة:
"مش كفاية اللي عملته في ابني؟"
أبو يوسف – وبيحاول يهدّي الأوضاع:
"اقعدي يا أم يوسف، لما نشوف يوسف هيعمل إيه."
(في اللحظة دي، دخل يوسف الحفلة وهو ماسك الميكروفون، والكل بدأ يترقب الحفلة بحماس.)
يوسف – وهو بيبتسم بثقة:
"الليلة دي مش بس حفلة غنا، دي بداية قصة جديدة… جاهزين تسمعوا؟"
(الموسيقى بدأت تعلى، والأنظار كلها على يوسف، ومريم بتحس بشيء مختلف في صوته وكلماته.)
(الحفلة كانت ماشية بأجواء دافية، والكل مستني يسمع يوسف. وفجأة قرب منها وهو ماسك الميكروفون، عينه كانت على مريم بس صوته وصل لكل القلوب.)
يوسف – وهو واقف قدامها:
"انتي سألتي قبل كده… سبنا بعض ليه أنا وهي؟
ودلوقتي… هجاوبك، بس بطريقتي."
(بدأت الموسيقى تعلى… والكل سكت.)
🎤 يوسف بصوته المليان وجع وصدق:
إنسان الكيف غواه
خده للإدمان ورماه
ولا عرف مين عليه
ولا عارف مين معاه
وكل يوم إدمانه بيكتر
حشيش وبيرة من غير ما يفطر
وصحبة ضالة اتلمّت عليه
حسناته تقل، ذنوبه تكتر
نبدأ حكاية تقول موضوع
عن شاب عاش حياته موجوع
لا أمّ عاجبها حال ضناها
ولا من أبّ كلامه مسموع
قبل الإدمان… كان ماشي مظبوط
للخير سابق، ولا فرض يفوّت
حبّ وحدة كان بيحبها موت
ويوم بيوم طلباتها بتزود
بس هي خانت… قلبه اتكسر
وبانت الخيانة… وانكشف الستر
دخل في حالة اكتئاب
دموع لحد ما قلبه داب
رمى صحابه في طريق السوء
وساب طريق الخير وغاب
سجارة… ولفة…
وأصحاب يهدّوا مستقبله
نقول خلاص مخي استكفه
في سجن عمال يستقبل
ندمان ياربي ونفسي اتوب
غرقان في بحر من الذنوب
عاوز تقول والناس تسمع
والكل بيخاف وبيرجع
دموع من العون بتنزل
كلام كتير في القلب يوجع
بس فجأة فاق من كتر همّه
لقى في وسطه ابوه وامه
أبوه حزين علي الي ابنه فيه
، وأم الام بالحضان تضمه
ويبكي هو يقول سماح
ندم وحزن علي اللي راح
رجع لي اصله لي ربه قرب
ووحده وحدة ينسه اللي راح
(يوسف خلص الغنوة، وكان صوته بيرتجف، بس عنيه بتلمع أمل. فجأة أبو يوسف وأمه قاموا يحضنوه، دموع في عيونهم، والفخر مالي قلوبهم.)
(مريم كانت واقفة بعيد، والدموع نازلة على خدها… الأغنية دخلت جواها، وخلت قلبها يدق من خوف، حنين، وإحساس بالذنب يمكن؟)
(في اللحظة دي، البنت اللي دخلت الحفلة وعصبت أهل يوسف… قربت منه، كانت "جميلة".)
جميلة – بصوت واطي:
"يوسف…"
(يوسف بصّ لها، وسكت لحظة… وبعدين مشي معاها على جنب، وبدأوا يتكلموا والبنت ضحكت .)
(مريم شافتهم، وقلبها اتخنق… مش لأنها بتغير، لكن عشان مش عاوزه تحط نفسها مكان غلط تاني. مش عايزة تدخل حياة حد وهي مش عارفة مكانها فيها.)
(بصّت حواليها، وخدت نفسها… وقررت تمشي، من غير ما تزعج حد… أو توجع نفسها أكتر.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في زاوية بعيدة عن دوشة الحفلة، كانت ليلى ماشية لوحدها… رجليها أخدوها من غير ما تحس، وقفت قدام بترينة فساتين الزفاف… نفس البترينة اللي كانت واقفة قدامها قبل كده، يوم ما آدم وعدها… ويوم ما أحمد سبقها وسبها.)
(زجاج البترينة كان لامع، والفستان الأبيض كان لسه زي ما هو… بس جواها، كل حاجة اتغيرت.)
ليلى – ضحكت ضحكة هادية… بس فيها وجع:
"كنت فاكرة في يوم ممكن ألبسك وافرح زي البنات … بس طلعتي حلم مش بتاعي."
(سكتت لحظة، وبصت لنفسها في الزجاج… وقالت بصوت واطي وهي بتكلم نفسها:)
"أنا الغلطانة…
أنا اللي بدّي مشاعري لأي حد يطبطب،
أي حد يرسملي حُلم،
وأجري وراه وأنا مغمضة."
ولمست الفستان من علي الازاز ومشت
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(في العيادة… كانت الجلسة شبه فاضية من الكلام، بس مليانة وجع. مريم قاعدة على الكنبة، ووشها هادي، بس عينها فيها نظرة استسلام.)
الدكتور – بابتسامة بسيطة وهو بيبص في ملفها:
"خلاص يا مريم… تقريبًا الجلسة دي هتكون آخر جلسة ليكي.
انتي قطعتِ مشوار كبير… وبقيتي صاحية، وعارفة إنتي مين ورايحة فين."
(مريم بصّت له شوية، وبعدين وشّها اتبدل… بقت نظرتها حزينة وباردة في نفس الوقت.)
مريم – بصوت واطي ومرتعش:
"بجد؟
طب تعرف إنّي تعبت… تعبت أكتر من أي وقت قبل كده؟
وأنا مش عايزة أعيش.
أنا قررت… هانتحر. خلاص."
الدكتور – قاعد مصدوم، هيتكلم، لكن…
مريم – قاطعته وهي بتبتسم ابتسامة مكسورة:
"هي فعلاً آخر جلسة…
بس مش عشان اتعالجت.
عشان أنا… سلّمتك!
إنت اللي هتكتب نهايتي، يا دكتور،
في الجزء التاني من الرواية."
(سكتت لحظة، والعيون فـ الجلسة اتملت بالدمع.)
مريم – وهي بتكمل بصوت خافت:
"أنا بطلِة رواية حد تعبها…
بس مش قادرة أكمل لوحدي.
لو ما لحقتونيش في الورق، متتعبوش تدوروا عليا في الحقيقة."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(دخلت مريم البيت وهي وشفاها مرتعشة من اللي حصل عند الدكتور، ولقت أمها، أحلام، قاعدة على الأنتريه بوش شديد.) أم أحلام – وهي بترفع نظرها بتحدٍ: «أهلاً بالعسل اللي فاكر نفسه بقيت حر! أنا سبتك خالص عشان أشوف فَجرك وقلت أضبط أدبك.»
(مريم صمتت لحظة، وشوية خوف خَنَقها.)
أم أحلام – بنبرة حادة: «إيه اللي عملتيه؟ جبتيلك فضيحة! دخلتي كلية من غير إذني، بقيتي تخرجي…»
(مريم حاولت ترفع عيونها، بس دموعها كانت على وشها.) أم أحلام – مستنكرة:
«أنا كنت صح لما حبستك في البيت!»
مريم – بصوت متقطع: «صح؟! يعني أنا كنت صح؟! إنتِ ضيعتيني… ضيعتِ أحلامي وصحتي وحياتي!»
أم أحلام – قامت من مكانها وهي بتلوّح بإيديها:
«كل ده عشان كنت بودّيكي المدرسة وأرجّعك، ومخليكي ما تتصحبيش على حد، ولا تلعبي، ولا تخرجي… كل كام شهر كنت بستتك يا عبيطة!»
مريم – عيناها مولعة من الغضب والحزن سوا:
«بتستتيني؟! إنتِ شايفاني بجد؟! شايفاني في كل اللي أنا وصلت له بسبب تَسْتْتِكِ حرماني من أي حياة!»
مريم بعياط ده انا يا شيخه عشت في المستشفي اكتر من البيت
أم أحلام – بصوت مكسور
: «أنا غلطت معاك... غلطت وأنا خايفة عليكي
مريم - انتي تعرفي ان انا بكرهك يا ماما
امه : انتي اتجننتي ؟
مريم - لا عقلت وقررت اصارحك واكسر الصورة اللي رسمتها لي ف عينك ، انا حبيت احمد وادم عشان بكرهك ،
امه احلام : انتي قليلة الادب ومتربتيش ، ونمروده ده انتي عايشه احسن عيشه
مريم .. - لأ ، انا حتى كرهت كلمة لأ من كتر ما كُنت بسمعها منك ، هخرج لوحدي لأ ، عايزه اشتغل لأ ، انا بحب يوسف لأ ، مكنتش بحس بحنيتك الا بعد كل عريس يتقدملي وعشان كده حسيت انك بتكرهيني
امه احلام : هي الام لما تخاف ع بنتها م الغلط تبقى بتكرها ، والله عال دي خيبة اي دي ياربي
مريم ايوه خوفك ده خلاني احب ناس مؤذيه لمجرد انهم حنينين ، خوفك ده خلاني اخبي عليكي ميت مُصيبه عملتها ، خوفك ده خلاني اغلط ومعرفش اجيلك اقولك الحقيني انا غلط لانك اول حد هيعاقبني
امه احلام .. -- بس انا بحبك وماليش غيرك يا مريم انتي اخواتك ، انا يمكن صعبه بس محدش حبك قدي .
مريم . - انا مش عاوزه حُبك يكون مخفي ، انا عايزاكي تظهرهولي محتاجه تُحضنيني ، محتاجه مشحتش الحنيه من حد ، انا جايه اقولك ان انا حببيت شخص يوسف لاني اكتشفت اني بحب حنيته مش بحبه ومش عايزه اشحت حنيه تاني وانتي عايشه .. ماما؟
امه حلام بكسره : انا بحبك سامحيني ، تعالي في حضني حضنك؟
مريم حضنك جه متاخر بعد ما كرهته انا بكره كل حاجه كنت بشحته منك
(مريم دخلت أوضتها، بابها اتقفل وراها بهدوء، وقعدت على سريرها وهي نفسها مليانة وجع وكلام ماقدرش يعبر عنه.)
(رغم كل الكلمات اللي سمعتها من أمها، رغم الألم اللي في قلبها، حسّت فجأة بشيء غريب — حاجة كانت محرومة منها من زمان: دفء الاحتضان اللي طلبته من غير خوف أو حرج.)
(لكن في نفس الوقت، كان في صوت صغير جواها بيقول: "ليه الحُب جه متأخر كده؟ ليه لما كنت محتاجاه، ماكنش موجود؟")
(مريم كتمت دموعها، وغمضت عينيها، وبصوت واطي قالت لنفسها:)
"أنا مش عاوزة أكون ضحية أكتر من كده… مش عاوزة أعيش في خوف، ولا كره، ولا ألم. هاعيش… بس بشروطي."
(نظرت حواليها في الأوضة، وقررت تبدأ صفحة جديدة… صفحة فيها هي البطلة، مش الضحية.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(مريم قعدت على المكتب، فتحت الكشكول الروايه بتاعها، وكانت عينها بتلمع من دموع مخفية. حاولت تكتب، لكن الكلمات ماكنتش بتطلع بسهولة.)
(كانت مبسوطة، مش بس لأنها قالت اللي في قلبها لأمها، لكن كمان لأنها حسّت إن أمها استجابت، وإن في فرصة حقيقية للتغيير.)
(كتبت بحروف متقطعة، لكن مع كل كلمة كانت بتحس بثقة بتكبر جواها.)
"يمكن بداية جديدة… يمكن الحُب الحقيقي مش بعيد. وأنا قدها، حتى لو الدنيا كلها ضدّي."
(وقفت تبص للكشكول، وخدت نفس عميق، وقالت لنفسها:)
"ده مش نهاية قصتي، ده بس باب جديد هيتفتح."
(وابتسمت بخفة، رغم كل الألم اللي عايشته.)
(مريم كانت لسه قاعدة على المكتب، لابسة بيچامتها وشعرها مربوط فوق، لما الموبايل رن. شافت اسم "يوسف" على الشاشة. قلبها دق، بس مسكت نفسها.)
فتحت المكالمة بصوت هادي ومتردد:
– أيوه يا يوسف؟
يوسف – بصوته الخفيف اللي فيه نغمة هزار:
– انزلي بقى! واقفة تحت بيتكم من ربع ساعة، وهغني كمان دقيقة، وهصحّي الشارع، وأفضحك!
مريم – بتضحك رغمًا عنها:
– انت اتجننت؟! الناس نايمة!
يوسف – بضحكة خبيثة:
– أهو أغني وأقول: "اللي ساكنة في الدور التاني، بنت أم أحلام الطيبين، بتكسفني ومش عايزة تنزل!"
مريم – بتحاول تخبي ضحكتها وهي بتتكلم بنبرة مصطنعة جدية:
– يوسف، بلاش حركاتك دي، أنا مش هانزل.
يوسف – بنبرة ناعمة وحنونة:
– انزلي، مش عشان أنا، انزلي عشانك إنتي… تستاهلي تطلعي تشوفي الحياة، مش تستخبي منها.
(مريم سكتت لحظة، بصّت في المراية، وقالت لنفسها بصوت واطي:)
– "هو ده السبب اللي خلاني أحب حنيته…"
(لبست بسرعة، نزلت وهي قلبها بيخبط، ولما وصلت عند باب العمارة… لقت يوسف واقف، شايل وردة، وبيبتسم.)
يوسف – وهو بيقدم الورد:
– اتأخرتي، كنت هغني والله.
مريم – وهي بتاخد الوردة بخجل:
– وأنا كنت هخلي البوليس ييجي يشيلك من تحت البيت.
(ضحكوا هما الاتنين، والموقف كان بسيط… بس مليان مشاعر كتير محبوسة من زمان.)
مريم جيت ليه بقه
يوسف جيت عشان................
يتابع
(وقفوا قدام بعض في هدوء الشارع، والنسيم بيلعب في شعرها، وعيونه متركزة على ملامحها بخوف وصدق.)
يوسف – وهو بيطلع علبة صغيرة من جيبه وبيفتحها على هدوء:
– مريم، أنا مش جاي ألعب… أنا بحبك بجد. وعايز أبقى جنبك، أبقى سند ليكي مش حمل عليكِ.
(بمدي إيده بالعلبة: دبلة بسيطة لكن ناعمة)
مريم – اتسمرت، عينيها اتملت دموع وهي بتاخد خطوة لورا:
– لا يا يوسف… لأ…
(بتبلع ريقها وبتكمل بصوت بيترعش)
– أنا مش جاهزة… أنا بخاف، بخاف إنك تطلع زيهم، زي اللي وعدوني وكسروني، اللي قالوا هحبك ومشوا… أنا مش قادرة أصدق إن في حد فعلاً ممكن يفضل.
يوسف – قرب منها خطوة تانية، وصوته دافي ورزين:
– بصيلي… أنا مش جاي أقولك نتجوز بكرة، أنا جاي أطلب إنك تديني فرصة أبقى الشخص اللي لما تكوني خايفة تجرَي عليه مش منه…
(سكت لحظة، وبعدين بصّ في عيونها بحنية)
– دي مجرد خطوبة يا مريم، لحد ما تبقي متأكدة، لحد ما قلبك يصدق إن يوسف مش هيمشي. أول ما تقوليلي "يلا نتجوز"… هنعمل فرح ونكمل العمر سوا.
(مريم سكتت، ونظراتها كانت بين الخوف والاحتياج… احتياج لحد يحبها بصدق.)
مريم – بصوت واطي:
– طب لو خفت تاني؟
يوسف – باسِم وممدد إيده:
– هكون واقف… مستنيك، زي دلوقتي، تحت بيتك… ومعايا وردة.
(مريم ضحكت دمعة، واخدت نفس عميق، وبإيد مرتعشة لمست العلبة، ولسه ماخدتش قرار… لكن قلبها بدأ يلين.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(ضحكت مريم وهي بتحاول تخبي خجلها، بس عنيها كانت بتلمع من الفرحة لأول مرة من زمن بعيد.)
يوسف – وهو بيعدل جاكيتُه وبيتكلم بحماس ومرح:
– طيب اسمعي، أنا هاجي بكرة ومعايا بابا وماما… جايين نخطفك رسمي، مش هزار.
(ابتسم بمكر)
– عايزك تقوليلي أجيب إيه معايا؟ ورد؟ فاكهة؟ جاتوه؟
مريم – وهي بتتكلم بهزار وخجل:
– ماما ما بتاكلش ورد… هات جاتوه.
يوسف – وهو بيضحك من قلبه:
– جاتوه من عيوني يا بتاعة الجاتوه. عايزة حاجة تانية؟
مريم – بصوت واطي وبخجل وهي بتبص بعيد:
– آه… خليك على طول زي ما إنت كده.
يوسف – نبرته بقت أهدى، وفيها وعد صادق:
– لو عرفتي إنتي بالنسبة لي إيه، هتعرفي إن دي أبسط حاجة.
(بصّ للسماء وهو بيشد الجاكت على كتافه وبيقول بهزار)
– جهزي نفسك بقى، اطلعي فوق بسرعة… الجو ساقعة وأنا مش عايز أعطّسك قبل الخطوبة!
(مريم ضحكت، وشهقت من البرد، وقالت وهي داخلة العمارة)
مريم – وهي بتبص له للمرة الأخيرة قبل ما تختفي من على السلم:
– متتأخرش بكرة… أنا هستناك.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(في صباح يوم الخطوبة، كانت مريم أول واحدة صحيت، قلبها بيرقص من الفرحة بس في نفس الوقت فيه رهبة وخوف بسيط)
مريم – وهي ماسكة الموبايل بتكلم صحابها:
– يلا يا بنات، متتأخروش! مستنياكم نروح الكوافير سوا… ده يومي!
(بعد شوية كانت مريم في الكوافير، حواليها البنات بيضحكوا ويهزروا، بيجربوا تسريحات وبيختاروا ألوان روج، ومريم وسطهم بتضحك بس كل شوية تمسك بطنها من التوتر)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
نرجع عند يوسف…
(كان قاعد على القهوة مع أصحابه، لابس قميص شيك، بس الستايل بتاعه كله فرحة)
يوسف – وهو بيضحك:
– يا جدعان النهاردة مش خطوبة… دي حفلة العمر!
صاحبه كريم – بخبث:
– طب ما تخليها حفلة مزدوجة ونشقط لنا عروستين من صحباتها بقى، أكيد في بنات حلوين!
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
يوسف – وهو بيهزر معاه بس بجدية:
– اسمعوا يا رجالة، اللي هيقرب من صحابها وهيزعلها، هتشوفوا مني وش تاني… النهاردة بتاع مريم وبس.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
نرجع لبطلتنا…
(مريم كانت لسه في الكوافير، وقررت تتصل بباباها)
مريم – بلهفة:
– إيه يا بابا، أنا مش قلتلك تيجي بدري؟ مش فاضل كتير!
أبو مريم – بصوت هادي وحنون:
– يا حبيبة بابا، أنا جاي… هاجي قبل الخطوبة بشوية صغيرين بس، متخافيش، هحضر كل حاجة، وسلام كبير ليكي يا قمر.
مريم – وهي بتتنهد براحة:
– مستنياك يا بابا… متتأخرش.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(مريم خلصت من الكوافير، شعرها معمول تسريحة ناعمة وطرحتها لسه في العلبة، لبسها بسيط بس أنيق، وملامحها فيها خليط غريب بين الفرحة والخوف والحنين. قررت تنزل قبل القاعة على عيادة الدكتور هشام، اللي كان ليه فضل كبير في رحلة تعافيها…)
(وصلت قدام العيادة، نزلت من العربية وخدت نفس عميق، قلبها بيخبط جامد… خبطت على الباب)
الدكتور هشام – من جوه:
– اتفضلي.
(دخلت مريم بهدوء، ووقفت عند الباب، ملامحها فيها اعتذار صادق)
مريم – بصوت خافت لكنه ثابت:
– أنا آسفة على اللي قلته آخر مرة…
(سكتت لحظة، وبعدين كملت)
– كنت تعبانة قوي وقتها… وكنت شايلة كتير جوايا.
أنا آسفة لو جرحتك بكلامي
(الدكتور هشام رفع عينه من الورق، وابتسامة خفيفة رسمت على وشه)
الدكتور هشام – بهدوء:
– أنا عمرى ما أخدت كلامك في لحظة ضعف على محمل شخصي، انتي مريضة كنتي بتتعافي، وده جزء من الرحلة.
مريم – بتنزل عينيها شوية وبعدين تبتسم بتوتر:
– بس النهارده… جايه أدعوك خطوبتي وقرايت فتحتي 
أنا… بتخطب. يوسف طلبني رسمي، وأنا وافقت.
(رفعت نظرها له بصدق)
– هكون مبسوطة جدًا لو حضرت، وياريت ما ترفضش.
(الدكتور هشام وقف من مكانه، ومشي ناحيتها بابتسامة دافية)
الدكتور هشام – وهو بيحط إيده على كتفها بحنية:
– مبروك يا مريم… من قلبي، مبروك.
وهكون هناك، بوعدك.
إنتي تستاهلي الفرح ده.
(مريم ابتسمت بامتنان، وعينيها لمعت بدمعة فرح وهي بتقوله:
– شكراً… وجودك هناك هيكمل اليوم ده بالنسبالي.)
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في اخر اخر اليوم ومريم بتجهيز 
(في أوضة مريم، كانت القعدة كلها توتر وقلق… البنات حواليها بيحاولوا يضحكوا ويهزروا، بس مريم كانت قاعدة في الركن، ماسكة طرحتها في إيدها، ورجليها بتتهز من التوتر…)
مريم – بصوت مخنوق:
"أنا خايفة… خايفة قوي يا بنات، مش عارفة أعمل إيه… يوسف متأخر، ولا هو ولا أهله جم!"
صاحبتها نرمين – وهي بتحاول تهديها:
"هو إنتي أول مرة تتخطبي يعني؟ عادي يا بنتي، بيحصل تأخير، يمكن الزحمة، يمكن حصل حاجة بسيطة…"
مريم – وهي بتحاول تضحك بس غصب عنها دموعها بتلمع:
"بس أنا مش زي أي بنت… أنا دي أول مرة أكتشف إني حبيت بجد… اللي قبله… اللي كنت فاكرة إني حبيتهم، كان كلهم في حد تاني جوايا… ماكانوش حب، كانوا مجرد نجاة… كنت بحب حنيّتهم، مش هما."
(البنات سكتوا لحظة، وعيونهم اتملت تعاطف وهي بتكمل)
مريم – بتهمس:
"يوسف… أول مرة قلبي يطمن… أول مرة أحس إني شايفة سند قدامي مش هيسيبني… بس برضه خايفة. خايفة يطلع زيهُم… خايفة أفرح، وبعدين أتوجع تاني."
صاحبتها منى – قربت منها وقعدت جنبها:
"بس انتي قويّة يا مريم… شوفي انتي وصلتي لفين، وشوفت يوسف بيحبك قد إيه… لو كان هيسيبك، كان من زمان. هو مستني اللحظة دي زيك بالظبط."
(قبل ما ترد مريم… رنة جرس البيت بتدوّي)
البنات – بصوت واحد:
"أهو جه!"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(مريم وقفت عند باب الاوضه ، نظرتها مليانة حزن ولهفة)
مريم – بصوت مكسور:
"يا لهوي… بابا لسه ما جاش…"
(صاحبتها مسكت إيدها، بتحاول تطمنها، بس مريم فضلت واقفة تستنى، عينها على الباب، كل دقيقة تمر كأنها ساعة)
وفجأة… مامتها جت بخطوات سريعة وقالت لها وهي بتحاول تخفي توترها:
"يلا يا مريم… العصير لسايبك، الناس كلها جوه مستنياكي."
(مريم دخلت بخطوات بطيئة، ودمعتها على طرف عينها، لكن لما لمحت باباها قاعد جنب أهل يوسف، وبيضحك كأنه كان موجود من الأول، وشه نور وارتاحت جوه قلبها)
مريم – بصوت واطي وهي بتحضنه بعينيها:
"الحمد لله…"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
(تمت الخطوبة رسمي، والدبل اتلبست،  و قراءه الفاتحه كمان 
وضحكة يوسف كانت باينة من بعيد، مريم ابتسمت له وهي بتحاول تكتم فرحتها)
وبعدها… بدأ الرقص والضحك، أصحاب يوسف ومريم عمل تيك توك برا في الصله  صوت الأغاني عالي، والضحك مالي الجو. البنات ترقص، والشباب يغنوا، ومريم واقفة في نصهم، أول مرة تحس إنها فرحانة بجد.
وبعد ما الليلة خلصت، وكل واحد راح على بيته…
مريم دخلت أوضتها، وشالت الطرحة، وقعدت قدام المراية، وبصّت لنفسها:
"أنا كنت بستنى اللحظة دي من زمان… بس المرة دي مختلفة، قلبي مرتاح."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
مريم جلست على سريرها، وفتحت كتابها اللي بتكتب فيه قصتها، وصلت للصفحة 25 من الجزء الثاني، وأمسكت القلم وبدأت تكتب:
"اليوم كان مختلف... مليان مشاعر متضاربة، بين خوف وفرحة، بين شك وأمل. حسيت لأول مرة إني ممكن أبدأ صفحة جديدة، بس بحذر، مش بسرعة. لأن اللي جاي مش بس جواز... ده عهد وسند. الكتاب ده هفضل أكتبه وأعيش فيه لحد ما أتأكد إن يوسف فعلاً هو الراجل اللي يستاهل قلبي وحياتي. مش بس جواز، لأ، ده كمان بعده، ده سندي وحبي اللي باعيش عليه وأكبر معاه."
وقفت، ونظرت للعبارة اللي كتبتها، وحسّت بقوة الإيمان إنها المرة دي هتكون مختلفة، وإن يوسف مش بس خطيب أو زوج، لكنه أمان وحياة.
.﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
بعد سنة أو أكتر، مريم ويوسف كانوا فعلاً عايشين قصة حب قوية، بيخرجوا مع بعض طول الوقت، وبيحسوا إنهم مش بس حبيبين، لكن كأنهم روح واحدة.
في ليلة هادية على الكورنيش، وهم قاعدين بيتفرجوا على النيل، فجأة يوسف اتوتر وبدأ يتخانق مع مريم.
يوسف – بغضب:
"مش فاهم ليه بتترددي! إحنا جاهزين نتجوز من زمان، ليه بتخافي؟"
مريم – بصوت مرتعش:
"مش خايفة بس... مش جاهزة. مش عايزة أندم بعدين."
يوسف – وهو بيشد إيدها:
"أنا مش هسيبك، هفضل معاكي لحد ما تبقي جاهزة،"
بس انا مش هستحمل اكتر من كده 
يوسف سمع كلام مريم وهو مركز جدًا، وعيونه مليانة حنان واهتمام. ابتسم وقال لها:
"أنا مش زي اللي فاتوا، ومش هسيبك ولا هخليك توصلي لنقطة الألم دي تاني. أنا هنا عشانك، عشان نعيش الحلم سوا، مش بس الفستان ده، لكن كل لحظة هتعيشيها معايا."
مريم بصت في عيونه، حسّت بشيء جديد، أمان ما حسّتهاش قبل كده.
ضحكت بخفة وقالت: "بجد؟"
رد عليها يوسف وهو بيشد إيدها: "بجد وبجد. وكل خطوة هنمشيها مع بعض هتكون لبداية جديدة، مش نهاية حزينة."
مريم حسّت إن المرة دي فعلاً ممكن تكون بداية قصة مختلفة، قصة حب حقيقية... من غير جروح ولا خوف
يوسف – بعيون متوتره :
"في حاجة... أنا مش قلتلكش."
مريم  – بحيرة:
"إيه؟ قوليلّي."
يوسف انا .........
.....يتابع 
يوسف وقف قدام مريم، عيونه مليانة جدية وحسم، وقال بصوت فيه توتر:
"أنا جالي منحة عمل برة، ومش هينفع أأجل الجواز أكتر من كده."
مريم حسّت قلبها بيخفق بسرعة، وبصت له بقلق:
"إحنا مخطوبين بقالنا سنة ونص، وأنا خايفة تبقى زيهم... خايفة إنك ما تحبنيش، وأنا بحبك، بحب حنيتك، بس خايفة نسيب بعض يوم."
يوسف ارتفع صوته بعصبية غير معتادة:
"مريم فوقي! أنا عاوز أعمل أسرة، أتجوز، وتبقي أم عيالي. والفرصة دي لو راحت، مش عارف هعمل إيه."
مريم شافت العزم في عيونه، حسّت إن القرار اتخذ خلاص.
يوسف كمل:
"خلاص، نخلي كتب الكتاب والحنة في يوم واحد الأسبوع اللي جاي، والدخلة بعديه بيومين، وبعدها نسافر على طول."
مريم وقفت تتأمل الكلام اللي لسه بيتقال، بين الفرحة والخوف، بين الحلم والواقع، وفي قلبها قلق كبير عن المستقبل اللي مستنيها.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
كان يوم كتب الكتاب، وكل حاجة ماشية زي ما بيقولوا في الأفراح الشعبية المصرية الأصيلة.
الشيخ اللي كتب الكتاب كان واضح إنه كبير في السن، صوته يرنّ وسط القاعة، لكن فجأة ظهر صوت شخص غامض، كان بيكلم بشكل خاص.
مريم، أول ما شافت ادهم، جريت وقتمت حضنه بحنان.
"وحشتني أووي يا ادهم." قالتها وهي ماسكة إيده.
ادهم ابتسم وردّ:
"وانتي أكتر يا مريومة."
سألتها بفضول:
"هو إنت جيت من السفر لوحدك؟ دنيا أختنا ماجاتش معاك؟"
ادهم، بحزن مصطنع، قال:
"لأ، دنيا ماعرفتش تسافر، ومعرفتش تجيلك."
وبدأوا يكتبوا عقد القِرَان، الكتاب الأول.
بعدها، بدأت تحضيرات الحنة، زي كل بيت شعبي مصري أصيل.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
مريم كانت محاطة بصحباتها، وسط جو من الفرح، لكن الست اللي مسئولة عن الحنة كانت مخبية وشها بشال، كأنها عايزة تخفي سر.
نادت على مريم وقالت لها:
"ارسم ليكي إيه يا مريومة؟"
مريم استغربت وقالت:
"حضرتك تعرفيني؟"
الست ضحكت من تحت الشال وقالت:
"لا يا مريومة، مش أعرفك."
لكن بعدها قالت لها:
"ارسمّي لي الرسمه دي."
مر الوقت، وجاءت اللحظة اللي الست دي بتسأل مريم:
"إيه رأيك يا عروسة؟"
مريم بصدمت وحكتلها:
"إيه الزفت ده؟ إنتِ متأكدة إنك تعرفي ترسمي؟"
الست ضحكت وهي بتشيل الشال عن وشها، وقالت بصراحة:
"بصراحة لأ."
لكن مريم اتصدمت لما شافت مين الست دي، وقالت:
"دنيا أختي؟ يا بكاش؟ وأنا قولت الصوت ده أنا عرفاه."
دنيا ردت عليها وهي بتضحك:
"بس عشان انتي عبيطه ، ياهه يا مريم، كبرتي وبقيتي عروسة."
مريم نظرت لدنيا وقالت بحنية واشتياق:
"وحشتيني أووي، إنتي وادهم. يا ريت الوقت يقف هنا وما يعديش."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في اليوم التاني، فاضل يوم واحد على يوم الدخلة.
مريم دخلت على دنيا أختها وهي مترددة وقالت لها:
— تعالي نزل نجيب الفستان، مش عايزة أبقى متأخرة.
وصلوا للمحل، مريم بصت عليه من بره بعيون مليانة حزن، كأنها بتودع حاجة كانت نفسها تكون غير كده.
رجعت بعد سنة ونص... رجعت تاني لفاترينة الفساتين اللي كانت واقفة قدامها قبل كده، بس المرة دي مش زي زمان. المرة دي رجعت وهي مختلفة، مش بس في ملامحها، لكن في قلبها اللي اتعلّم يتألم ويرتاح في نفس الوقت.
قبل كده كانت بتتفرج على الفساتين بعيون مليانة دموع، بتتخيل نفسها فيها عروسة، بتحلم بيوم جميل ما كانش ليها. دلوقتي رجعت عشان تشتري فستان فرحها الحقيقي، مش فستان الأحلام اللي اتكسرت.
اتنين حبوها، وسبوها، وجعلوها تعيش وجع ما ينسيش، بس السنة ونص دي علمتها إن الحب مش بس كلمة، الحب قرار، وإختيار، وإنها تستاهل أكتر من الألم.
وهي واقفة قدام الفاترينة، بتختار الفستان اللي هيلبسها يوم فرحها، بعيون صافية، وقلب جريح لكنه قوي.
همست لنفسها:
"أنا مش هسيب قلبي يتكسر تاني... واللي يحبني، هيلبسني فرح مش وجع."
دخلت المحل، وبصت على الفستان اللي كل حياتها كانت مستنياه، الفستان اللي كانت نفسها تلبسه بس في قلبها في خوف وألم مش قادرين يختفو.
بائعة المحل سألتها بلطف:
— تحبي تقيسي ولا لأ؟
مريم بصوت ضعيف وحزين:
— لا، هو على مقاسي، وخدته.
رجعت البيت، ودخلت أوضتها وقعدت تكتب في الرواية بتاعتها للجزء التاني، في الصفحة 99.
كتبت:
"ها أنا على آخر الطريق، قد أصابني المصائب كثير، وكنت أنا الضحية، واليوم على وشك أن أكون سعيدة لنهاية عمر كله."
بعدها كتبت بالعامية:
وهي بتكتب، فجأة... وجع حاد خبط في قلبها، حطت إيدها عليه بسرعة، شهقت، لكن مسحت دموعها، ورجعت تكتب:
"يرودني شعور منذ الصغر بأني سأموت في عمر صغير...
والآن، هذا الشعور يتعاظم بداخلي... كأنه يقول لي: اقتربي."
فجأة، التليفون رن...
ردّت بابتسامة مهزوزة:
— "ألو... يا حبيبي."
يوسف بصوته العادي اللي مفيهوش إحساس بيوم الفرح اللي جاي:
— "إيه يا قلبي؟ بقولك ما تيجي نخرج نتمشى شوية أو نتعشى بكرة."
مريم باستغراب وهي بتضحك:
— "نتمشى؟! ده فرحنا بكره! المفروض نكون مش فاضيين نرتب نفسنا ونستحمى!"
يوسف ضحك:
— "أنا استحميت خلاص، عادي يعني."
مريم ما قدرتش تمسك نفسها وضحكت ضحكة عالية من قلبها، فيها سخرية ودهشة:
— "ياااااه يا يوسف... إنت حاجة تانية بجد."
قالها بنبرة جادة:
— "مش بهزر... هتنزلي ولا لأ؟"
مريم ردّت وهي بتقف:
— "هنزل... حاضر يا جوزي."
سمعت صوته من التليفون بيهمس لها بابتسامة باينة:
— "يلا يا مراتي... مستنيكي تحت البيت."
قفلت الموبايل، وقفت قدام المراية، وبصّت لنفسها...
وقالت بهمس:
— "يا رب... اليوم يعدي... والنهاية تكون بداية... مش وداع."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
كان الهوى بيلاعب طرحة مريم، وهي قاعدة جنب يوسف على دكّة بسيطة قدام النيل. الجو فيه ريحة مطر خفيفة، رغم إن السما صافية، وصوت الميّه بيخبط في السور الحديد بإيقاع هادي كأنها بتغني.
يوسف قاعد جنبها، بيقشّر لبّ بهدوء، ووشه مرتاح، كأنه مش فاضل يوم واحد على دخلة العمر.
مريم بصّت له، وعينيها فيها قلق مش طبيعي، وقالت بصوت واطي:
— "عارف؟ حاسه إن قلبي مش مستقر... كأني فرحانة وخايفة في نفس اللحظة."
يوسف ضحك ضحكة صغيرة وهو بيبلع اللبّ:
— "عادي يا مريومة... اللي زيك لازم يحس كده. ده إنتي داخله على حياة جديدة."
وهما قاعدين، عدّت ست كبيرة في السن، لابسة جلابية غامقة، وشايلة شنطة جلد صغيرة. كانت بتتكلم مع الناس وهي ماشية بصوت واضح:
— "أقرأ الكف، وأقولك نصيبك في الجواز والرزق... يا بنتي، تعالي يا أستاذ..."
يوسف ضحك وقال بمزاح:
— "تيجي؟ نقرأ بختنا؟"
مريم لفّت وشها بنفور بسيط وقالت:
— "أنا ما بآمنش بالحاجات دي، كلها تخريف."
يوسف ضحك أكتر، وقال وهو بيرمي قشرة لبّ في الأرض وبيشاور للست:
— "ولا أنا... بس بنتسلى! يعني هنعمل إيه؟ نتفرج على المايه ساكتين؟"
الست قربت منهم، لكن وهي جاية... رجلها اتلوت، وقعت على الأرض، شنطتها وقعت، ووشها اتخبط في الرصيف.
مريم قامت بسرعة وقالت بقلق:
— "إنتي كويسة؟!"
الست قامت بصعوبة، مسحت وشها، وقالت بصوت متكسر:
— "خير... خير يا بنتي... تحبّي تشوفي إيه؟ كفك؟ ولا أقرالك البخت؟"
في اللحظة دي، موبايل يوسف رن... بصّ للشاشة وقال وهو بيقوم:
— "بعد إذنك، هرد على التليفون وأرجعلك."
مريم هزت راسها بسكوت، وقعدت مكانها... والست وقفت قدامها وقالت تاني:
— "تحبّي أقرألك إيه؟ كفك؟ ولا البخت؟"
مريم، ولأول مرة، حست إنها عايزة تعرف، يمكن تضحك، يمكن تهوّي عن قلبها:
— "اقري البخت."
الست مسكت إيدها، قعدت تبص فيها شوية، وشها اتبدّل، بقى عابس، وعنيها سوادها اتقل.
مريم حسّت بقشعريرة، وسألتها بقلق:
— "شفتي إيه؟"
الست رفعت عينيها، وقالت بصوت تقيل:
— "في شخص بيموت فيكي... وانتي كمان... بتحبيه موت.
بس يا خسارة... الفراق هيبقى تالتكم."
مريم شهقت، وقالت بسرعة:
— "مستحيل... لأ طب اقريلي تاني... اقري البخت."
الست خدت نفس وقالت بحزن:
— "والله يا بنيّتي... يوم النصيب يفرّق حبايب من حبيبهم.
ويا ويل الدنيا... لما تكره حد، تاخده من حضنك وتسيبك لوحدك."
وفي اللحظة دي...
رجع يوسف، وعينيه فيها توتر من المكالمة.
بص لمريم، وقال:
— "مالك؟ وشك اتغير كده ليه؟"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
مريم بصّت له وسكتت.
ولا قادرة تقول إنها، رغم كل الفرح... قلبها بدأ ينهار بصمت.
يوسف قعد جنب مريم تاني، وفضل يبصلها باستغراب:
— "فيه إيه؟ الست دي قالتلك حاجة زعلتك؟"
مريم ابتسمت ابتسامة باهتة، كأنها بتحاول تهرب من خوفها:
— "قالتلي كلام عبيط، بس مش مهم."
يوسف ضحك وهو بيهز راسه:
— "أنا قلتلك كده من الأول... كل اللي بتقوله ده تخريف. إحنا خلاص هنبدأ حياة جديدة، وهنكون مبسوطين... مش كده؟"
مريم بصّت له... وسكتت.
جواها مليون صوت، وكلهم بيزعقوا، لكن صوتها هي ماتلعش.
اكتفت إنها تهز راسها بنعم... وابتسامتها كانت أضعف من الهوا.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
الهوى لسه بيعدّي على وش النيل، بس اللحظة ما بقتش هادية زي قبل كده.
مريم وقفت، عينيها فيها دموع مش نازلة، قلبها بيصرخ بصوت هي بس اللي سامعاه. بصّت
الهوى بقى تقيل فجأة كأن الدنيا حست باللي بينقال، والنيل قدامهم سكت، مابقاش بيخبط في السور زي الأول، كأن حتى المايه سمعت الكلام واتجمدت.
مريم وقفت، عنيها فيها لمعة دمعه محبوسة، قلبها بيصرخ بس صوتها كان ناعم، متكسر، مليان وجع:
— "عاوزه أروح للدكتور هشام يا يوسف... دلوقتي حالًا...
أنا تعبت من الخوف اللي جوّه الفرح...
أنا مش عايزه أدخل بيتك وأنا قلبي بيترعش...
أنا عايزه أطمن، أطمن إني هعيش، أطمن إني هكمل معاك."
يوسف بصّ لها باندهاش، نبرة صوته اتهدت، بس الاستغراب ما فارقش ملامحه:
— "دلوقتي؟ دلوقتي يا مريم؟
إنتي كويسة؟
في حد ضايقك؟ حد قالك حاجه؟"
مريم هزّت راسها، عنيها ما فارقتش الأرض، وبصوت مهزوز قالت:
— "لا محدش قالي... بس أنا...
حاسه إني هموت يا يوسف... قريب."
صوته ارتفع، بس الخوف كان باين أكتر من الغضب:
— "إيه الكلام ده؟ ليه بتقولي كده؟ ليه؟!"
مريم رفعت عنيها، وشها هادي بس مخضوض، وقالت:
— "حاسه من زمان إني مش هكمل...
حاسه إني همشي بدري، قبل كل الناس...
زي ما تكون دي نهايتي... وأنا عارفه ومش قادرة أقول."
يوسف اتشد، خد خطوة ناحيتها، وشه اتغير، وصوته اتكسر رغم العصبية:
— "يا مريم، إحنا ساعات بنحس حاجات... بنخاف، بنتخيل...
بس ما بيحصلش حاجه.
دي أوهام، وساعات بتكون مجرد قلق."
مريم قربت خطوة، وهمست:
— "أنت بتقول كده لأن إحساسك مش دايمًا بيطلع صح...
بس أنا...
إحساسي عمره ما خيب،
وكل مرة كنت بحس بحاجة... كانت بتحصل."
يوسف مسك إيديها، صوته علي فجأة، بس عينه كانت بتدمع:
— "ما تجيبيش سيرة الموت دي تاني!
أنا مش ناقص...
أنا ممكن أموت بعدك انتي... فاهماني؟
أنا ما بستحملش فكرة إنك تختفي، حتى لو بالكلام...
ما تتكلميش كده، بالله عليكي، ما تتكلميش!"
مريم بصّت له، ولأول مرة، نزلت دمعة من غير ما تبل ريقها.
قالت بهدوء:
— "خدني للدكتور هشام يا يوسف...
مش عشان أطمن على جسمي...
أنا عايزه أطمن على قلبي."
وساد بينهم صمت، غير صوت أنفاسهم، وسكون النيل...
وليل بيحضنهم بس مش دافي.
يوسف، من غير كلام تاني، مسك إيديها وودّاها للعربية.
نص ساعة كانت كافية توصل فيها مريم ويوسف قدام عيادة الدكتور هشام، بس ما كانتش كفاية تهدي العاصفة اللي جوا قلبها.
دخلت مريم العيادة وهي ماسكة إيد يوسف بإيد، وبقلبها ماسكة أمل صغير إنها تطلع مطمنة.
الممرضة ابتسمت بحذر، ويوسف قال كلمتين بلطافة، وبعد لحظات، هشام بنفسه فتح الباب.
ولما عينه وقعت على مريم، ملامحه اتغيرت كأنه حس بحاجة مش مفهومة.
دخلت القوضة، وسابت يوسف واقف برا، زي ظلها اللي مقدرش يدخل الوجع معاها.
قعدت قدامه، وقالت بصوت مكسور، واضح، مفهوش لف:
— "أنا هموت يا دكتور؟"
هشام شد جسمه القدام، وقال بهدوء بيخبّي قلقه:
— "ليه بتقولي كده يا مريم؟"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
كل حاجه بتقول اني هموت
هشام اتنهد ببطء، عيونه مليانة تفهم وحزن:
— "كل حاجة بتقول كده؟ يعني إيه بالضبط؟
هل في أعراض جسمانية بتحسي بيها؟ أو كوابيس متكررة؟
" مريم عضّت شفايفها، والدموع تلمع في عينيها: —
"الكوابيس... بحلم إني بموت... والموت دايمًا قريب، بحس بالخوف من جوايا... و
في حياتي كمان، كل حاجة بتتقلب ضدي، وأحيانًا بحس إن الدنيا مش راضية تسيبني أعيش عادي." هشام جاب ورقة وقلم وبدأ يكتب ببطء: —
"ده شعور اسمه قلق وجودي، ساعات بيخلي العقل يلعب ألعاب مرعبة، خاصة لما يكون الإنسان تحت ضغط نفسي أو مواقف صعبة في حياته.
" مريم بس انا احساسي ديما بيطلع صح
الدكتور هشام مدّ إيده بهدوء على درج المكتب، طلع منه شريط دوا وحطه قدامه، ثم بص لمريم وقال بجديّة هادية:
— "دي مهدئات خفيفة، ومنومات تساعدك تنامي. تاخدي قرص قبل النوم كل يوم، لحد ما نعدي المرحلة دي."
مريم بصّت للدوا، وبعدين بصّت له، وقالت بصوت خافت:
— "بس... يعني هو ده؟ حلم بموت كل يوم... ودوّا؟"
الدكتور هشام سكت لحظة، وبعدين قال وهو بيحاول يحتفظ بهدوءه:
— "الحلم انعكاس لخوف جواكي، مش نبوءة يا مريم. واللي بتمري بيه طبيعي بعد صدمات كتير وقلق متراكم.
أنا مش بعالج حلم... أنا بعالجك إنتي، يا مريم.
ولازم تساعديني تساعدي نفسك."
مريم شالت عينيها عن الدوا وقالت بصدق:
— "أنا بس مش عايزه أموت وأنا خايفة... مش عايزة أدخل بيت وأنا قلبي بيرجف. أنا تعبت، وعاوزه أعيش بجد."
الدكتور هشام حنّ صوته شوية:
— "وهتعيشي... طالما عايزة، يبقى هتعيشي، وهتعيشي مرتاحة.
بس خلينا نمشي خطوة خطوة.
إنتي مش مجنونة ولا مريضة نفسية... إنتي موجوعة، ودي حاجه مختلفة تمامًا."
مريم سكتت، مدت إيدها وخدت الشريط من على المكتب، وبصّت له نظرة فيها شكر، بس كأنها بتقول "أنا بحاول".
قبل ما تقوم، سألها هشام:
— "يوسف مستنيك برا، صح؟"
مريم ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت:
— "آه... مستنيني من أول ما دخلت."
هشام ابتسم وقال:
— "ده أول سبب يخليكي تطمني... لأنك مش لوحدك."
خرجت مريم من الأوضة، لقت يوسف واقف في الرسيبشن، وشه فيه قلق بس أول ما شافها قام بسرعة:
— "كويسة؟ قالك إيه؟"
مريم هزّت راسها وقالت:
— "قال لي إني هعيش... وإن الخوف ما بيموتش الناس."
يوسف مسك إيدها وقال بهدوء:
كملت بحزن يلا عاوزه اروح
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في الساعة تمانية بالليل، رجعت مريم البيت. الجو كان مختلف... البيت كله مقلوب، والعيال مشغّلين أغاني بصوت عالي. رغم الزحمة والضجة، ابتسمت مريم بصدق ودخلت أوضتها.
ولما دخلت، لقتها أمها قاعدة، بنبرة غاضبة سألتها:
— "مريم، حجزتي القاعة ولا إيه؟"
مريم استغربت وقالت بهدوء:
— "أنا ويوسف مش ناويين نعمل فرح."
الأم رفعت صوتها، بتوتر وغضب:
— "ليه كده؟"
مريم نظرت لها بحزم:
— "إحنا مش عاوزين أفراح."
لكن أمها ما صدقتش الكلام، وبدأت تطلع الغضب اللي جواها بصوت أعلى:
— "إنتِ اللي قولتي نعمل كده عشان تحسّريني وتوجّعي قلبي، صح؟"
مريم، بصوت ثابت، ردت:
— "وأوجع قلبك ليه؟ دي حاجة بيني وبين يوسف، مش لازم تخشي فيها، كفاية تحكّم بقه."
الأم ما قدرتش تتحكم في غضبها وضربت مريم كف على وشها، وقالت بكلمات موجعة:
— "طول عمري بكرهك، وندمانة إني جبتك على وش الدنيا! روحي، ربنا يتوهك في دنياك وما يريحك بال أبداً."
بصوتها المحطم، خرجت من الأوضة.
مريم قعدت على الأرض، دموعها بتسيل من غير توقف، وفضلت تعيط.
في اللحظة دي، دخلت رحاب، بنت أخت مريم الصغيرة، ببراءة الطفولة في عينيها، وقالت بحماس:
— "خالتو، هو إنتِ مش هتعملي فرح ونرقص كبير؟"
مريم مسحت دموعها بسرعة، وابتسمت لرحاب وقالت:
— "مين قال كده يا حبيبت خالتو؟ لا، هنعمل فرح كبير. غيرت رأيي خلاص، وحنجيب مرجيح وسحليق كمان."
رحاب ضحكت بحب وحضنت مريم وقالت وهي بتضحك:
— "أنا بحبك أوي يا خالتو."
مريم ضحكت من قلبها وهي بتشيل نفسها من حضن رحاب وقالت:
— "وأنا كمان، يا حبيبت خالتو."
وقفت من حضنه وقالت وهي بتضحك:
— "روحي قولي لمّك تشغل أغاني عدل، خليه يشغل ألبومات أليسا مثلاً."
رحاب ببراءة طفولتها ردّت بحماس:
— "لا يا خالتو، إحنا هنشغل عصام صاصا!"
مريم ضحكت أكتر وقالت مازحة:
— "خلاص، قدّامك هتشغليه مهرجانات! شغّل حمو الطيخي بقى!"
— "ماشي يا خالتو!"
وبسرعة خرجت من الأوضة وهي بتغني بحماس، تاركة وراها جو من البهجة والضحك اللي رجع البيت ينبض بالحياة.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
مسكت مريم التليفون بيد مرتعشة، وأجابت بصوت هادي:
— "ألو، يا مريم، في حاجة؟ أنا لسه ما رحتش."
ابتسمت مريم بحزن بسيط وقالت:
— "آه... أنا لغيت فكرة إننا نعمل فرح صغير أو نتجوز كده على سكيتي."
صوت يوسف من التليفون كان مليان دهشة:
— "بتهزري، صح؟ الفرح بكرة! هحجز القاعة إمتى دلوقتي؟"
تنهدت مريم وقالت ببرود:
— "مليش في الموضوع ده... خلّيه يتعمل بأحسن شكل، يكون فيه سحليق ومرجيح عشان ولاد إخواتي. والقاعة تكون كبيرة عشان أعزم متابعيني وأصحابي على الفيسبوك."
ضحك يوسف وقال:
— "مش عاوزاه على برج إيفل بالمرة."
ضحكت مريم بخفة وردّت:
— "يا ريت، بس مش عايزة أنقل عليك."
مريم سكتت للحظة، وبصت قدامها كأنها بتجمع كل قوتها، وبصوت واطي لكنه مليان تحدي قالت:
— "بس فيه حاجة... لو ما حصلش الفرح ده، مش هعرف أكمل... مش عارفة أعيش من غيره."
وسكتت، والتليفون في إيدها بدأ يرن من جديد، لكن مريم ما ردتش........
.......يتابع
في صباح يوم الفرح، كانت البيوت الشعبية بتعيش طقوسها المعتادة، أغاني المهرجانات شغالة على آخرها، والبيت مليان ضحك وهزار، كله في حالة طوارئ.
مريم واقفة في وسط الزحمة، ماسكة المسكات على وشها، وشعرها لسه مفرود، أمها في المطبخ بتجهز الأكل اللي هيتاكل بعد الفرح، والكل بيسأل ويجري ويدور على حاجة.
الساعة بتجري، وميّة الورد مترشّة في الأركان، وكله بيجهز للعروسة.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في أوتيل القاعة، يوسف قاعد مع صحابه، الضحك مالي القوضة.

أدهم، أقرب واحد له، رمى جملة بصوت عالي:
— "عاوزك تشرفنا النهارده يا معلم!"
يوسف ضحك وهز دماغه:
— "اتلم بقى!"
كان بيحلق دقنه، وعامل ماسك وش، ملامحه فيها لمعة فرح غريبة.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في قوضة تانية، أم يوسف وشيماء راحوا لمريم عشان يجهزوها.
مريم لبست فستانها في الحمام، وطلعت عليهم...
كانت زي الملاك، ميكب بسيط بس ناعم، شعرها مفرود وهادي، عيونها بتلمع.
أم يوسف همست:
— "ما شاء الله، تبارك الله... زي الوردة البيضا."
شيماء بصت لأم مريم وقالت:
— "مش كده يا طنط؟"
أم مريم ابتسمت بصعوبة، وهزّت راسها، ودموعها محبوسة في عينها.
دخلت شيماء ودنيا وأصحاب مريم من الكلية، جريوا عليها وحضنوها:
— "عاوزين نقرصك في رقبتك عشان نحصلك!"
ضحك، تيك توك، صور، وأغاني، وكانت الدنيا ماشية زي الحلم.
جت العربيات، الكورتيج اتحرك، زغاريد، وزينة، وضحك.
في القاعة، الأنوار مزينة كل حاجة، الليلة دافئة، والفرح ساكن القلوب.
يوسف واقف مستني، وبمجرد ما شاف مريم نازلة القاعة
، . وشاف كمان حب اللي كان بدر وتمام زي القمر
كانت زي القمر، ماشية بخطى هادية، وإيده في إيد أخوه أدهم.
وصلت عنده، مسك إيدها، وباسها، وغير مكان الدبلة من اليمين للشمال.
وقفت جنبه على الكوشة، فستانها الأبيض بيلمع تحت الضي، تسريحتها كانت بسيطة، بس مفيش أحلى منها.
ضحكتها الهادية كانت بتدفّي القاعة كلها.
الزغاريد شغالة، والأطفال بيجروا حوالين الترابيزات، وصوت عصام صاصا شغال على أعلى مستوى.
يوسف قرّب من ودنها، وهمس:
— "اديني وفيت بوعدي... صدقتي؟"
مريم بصّت له، عينيها فيها دموع فرح:
— "صدقت... بس خايفة يكون حلم."
وعدى الفرح، وسافروا بعده بشوية.
شهر عسل كان مليان ضحك، صور، ولحظات صغيرة بتحفر في القلب، يوسف بينجح، بيتقدم في شغله، ومريم جنبه دايمًا.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
لكن...
بعد سنين، الكادر اتغير وجه علي شخص بيحكي عن الروايه .
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في قاعة محاضرات صغيرة، الإضاءة خافتة، والسكوت تقيل كأنه بيحمل سر كبير.
الدكتور هشام قاعد قدام مجموعة طلاب، بيشرح عن الرواية اللي كتبها عن "مريم".
بنت من الطلبة رفعت إيدها وسألته بصوت فيه فضول حقيقي:
— "يا دكتور، حضرتك كتبت الجزء التاني، بس ماقلتش بعد الجواز حصل إيه؟ خلفوا؟ رجعوا مصر؟ عاشوا ازاي؟"
هشام سكت، بص في الورق اللي قدامه، وعينيه كأنها بتفتّش عن لحظة فقد.
قال بصوت مكسور:
— "مفيش حياة بعد الجواز... الرواية الحقيقية انتهت يوم فرحها."
واحد من الحضور قال بذهول:
— "إزاي يعني؟"
هشام قالها بصوت منخفض كأنه بيرمي قنبلة:
— "مريم... ماتت يوم فرحها."
الصمت خيّم، الوجوه اتجمّدت، وكل عيون القاعة اتثبتت عليه.
كمل هشام:
— "مريم حست إنها هتموت... وكتبت لكل واحد رسالة، بصوته."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
فلاش باك...
الساعة كانت ٤ الفجر، البيت كله نام بدري.
مريم خرجت من الحمام، شعرها مبلول، لابسة بيجامة بسيطة.
وفجأة...
وجع خبط في صدرها، تقيل، حاد، كأن قلبها بيتكسر جواها.
مسكت صدرها، أنفاسها بدأت تتقطع، رجليها خذلوها.
قعدت على الأرض، بدأت تسحف ناحية السرير، بتحاول توصل.
طلعت تليفونها، بصّت في النور الخافت، وبدأت تسجل...
— "أمي العزيزة...
كنتي أول حضن، وأكتر حد وجعني. كنت بتمناكِ تبقي زي ما رسمتك في خيالي... بس يمكن أنا اللي كنت ببالغ في الحلم."
"كان نفسي أعيش حياتي زي أي بنت... مكنتش عاوزة أتستت، ولا أبقى مختلفة."
— "أبويا...
مكنتش ملاك، بس كنت ضلي. في أسوأ حالاتك كنت ساكت... وسكوتك كان بيقتلني أكتر من صريخك."
— "لأخواتي العزاء، اتمنوا تعيشوا سعداء...
ابقوا مبسوطين... عيشوا زي ما بتحبوا، ومتفكروش فيّ غير بضحكة."
— "أما عنك يا يوسف...
حبيبي الأول والوحيد، وجوزي في الجنة إن شاء الله...
اتجوز، وخلف، وكمل حياتك، وأوعى ترجع للزفت اللي كنت بتشربه.
البنت اللي هتتجوزها ياريت تحبك زي ما كنت هحبك أنا."
"سيبتلك جواب تاني في البيت، هيكون ليك بس."
فضلت تكتب... لكل حد حبيته، لكل لحظة خافت تتنسي.
سابت جزء منها على الورق، خطها بيتقل، ونفسها بيتعب.
خلصت، سابت القلم، واتكأت على السرير، وبصّت للسقف.
غمضت عنيها...
بس المرة دي، ما فتحتهاش تاني.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في الصباح
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
بعد ساعة...
البيت كله كان على قدم وساق. أم العروسة بتغرف في الأكل وتحطه في علب، الشباب بيكويوا القمصان، صوت الزغاريد كان لسه بيرن في الهوى.
"دنيا" كانت ماشية بخفة، وشها فيه بقايا نعاس، بس قلبها فرحان. دخلت الأوضة، فتحت الباب بهدوء وهي بتضحك:
— "اصحي يا عروستنا... اصحي يا مريم، يخربيتك على النوم التقيل!"
قربت منها، مريم كانت لسه نايمة، ملامحها هادية، زي ملاك حالم.
— "مريم؟"
هزت كتفها بلطف، مفيش رد. قربت أكتر، لمست إيدها... كانت ساقعة.
— "مريــــــم؟"
الصوت اتغير، الهزار بقى خوف. بدأت تهزها بعنف:
— "مريم قومي بالله عليكي... متعمليش كده فينا!"
صوتها علي، ونبرة الرعب بدأت تتسرب. النداء بقى صويت:
— "ماماااااااااا!!"
البيت كله اتقلب في لحظة. أم مريم جريت، أول ما دخلت وشافت بنتها، وقعت على ركبتها:
— "يا حبيبتي... يا بنتي... قومي ياروح أمك، قومي الفرح مستنيكي..."
الصويت شق السقف، والعياط بقى موج عالي. جيران، وأهل، وأصحاب، الكل جري، والفرح... اتبدّل.
الفستان الأبيض، اللي كان المفروض يفرح الكل، بقى ملفوف حوالين جثة باردة. الزينة وقعت، الكوافير سكت، والقاعة فضيت قبل ما تتعمر.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
يوسف، العريس، كان في بيته بيحضّر نفسه، لابس البدلة وبينده على أمه وأخته،
لقى تليفونه بيرن من ناس كتير... افتكر بيبركوله.
ركب عربيته بسرعة وهو مبتسم، وشه فرحان، قلبه بيجري على حبيبته.
مسك الموبايل واتصل على شيماء، أخته:
— "شيماء، انتي فين؟ صوتك ماله كده؟"
— "مريم يا يوسف..."
— "مالها؟ حضرت نفسها، زي القمر النهارده..."
— "ماتت."
الكلمة وقفت كل حاجة. الصوت اتقطع، والدم اتجمد.
وشه شحب، إيده كانت بترتعش، ورجله مش عارف يتحرك.
ركب العربيه وهو مش شايف، وصل يجري لبيتهم،
لقى ناس غريبة لابسة أسود واقفة قدام العمارة، قلبه وقع.
دخل، وعيونه بتدور عليها، قعد مكانه وهو مش مصدق.
أم مريم كانت قاعدة على الأرض، حضناه الفستان الأبيض، وقالت بصوت مكسور:
— "كان حلمها تلبسه... جبناه وشترناه، وبرضه ملحقتش تلبسه!"
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
بعد شوية، بعد ما غسّلوها وكفّنوها،
كانوا واقفين عند باب الأوضة: شيماء، أم يوسف، دنيا، وأم مريم، كلهم بيبكوا.
وابراهيم، أبو مريم، كان قاعد جنب بنته وهي ملفوفة بالكفن،
صوته كان بيترعش، ودموعه سايلة:
— "اللهم إني عبدك، وشهيدك، إني ربيت بنتي على الدين والصلاح، وأنت أعلم بها. توفيتها وهي صغيرة السن، اللهم اغفر لها ذنوبها، وبدّلها دارًا خيرًا من دارها، وأهلًا خيرًا من أهلها، وثبتها عند السؤال..."
باس جبينها، وقال وهو بيشهق:
— "اللقاء في الجنة يا حبيبتي."
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
وصلوا بيها للمدفن، والشيخ بدأ يقرأ،
والكل واقف باكي وساكت.
دفنوها، وكل واحد رجع بيته شايل في قلبه غصة،
وقصة عمرها ما هتتنسي.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
الدنيا كانت سكون، البيت فاضي، والمكان بقى بارد بعد ما كان مليان ضحك وفرحة. يوسف قاعد لوحده في أوضته، عينه على صورها، صوته مش طالع، ونفسه تقيل كأن قلبه بيحضّر جنازة تانية جواه.
دق الباب بهدوء... "دنيا" دخلت وهي شايلة ظرف صغير في إيدها.
قالت بصوت مبحوح:
— "ده كان جنبها... لقيته شيماء على التسريحة، مكتوب عليه اسمك، وفيه حاجة تانية... دبلة." ودتهولي ادهولك
مدّت إيدها، وسابت الظرف على السرير ومشيت.
يوسف مدّ إيده بتردد، فتح الظرف...
لقا دبلة خطوبته، محفور عليها اسمه واسمها،
ولقا معاها جواب بخطها... خطها اللي كان بيكتبه له دايمًا وهو في شغله، واللي كان بيرسمه في قلبه قبل ما يشوفه.
بدأ يقرأ:
"إلى يوسف...
لو بتقرا الجواب ده، يبقى أنا مشيت.
متزعلش، أنا كنت عارفة إننا مش دايمًا لبعض، بس كنت فرحانة إن ربنا رزقني بحبك حتى لو يومين.
اقيم صلاتك، واملي قلبك بالقرآن،
وخد بالك من نفسك، ومن أهلك،
ولو في يوم حبيت من بعدي... مش مهم تبقى مين،
المهم تديها الدبلة دي،
وتحبها زي ما حبتني،
أو يمكن أكتر...
وزي ما كنا بنضحك ونقول: "هندين الحب بعد ما نتجوز".
أنا مسامحاك لو في يوم قصّرت،
وسامحني لو مشيت بدري.
سلام...
مريم."
يوسف قعد ساند ضهره على الحيطة، حاضن الجواب في صدره،
وعينه بتدمّع بدون صوت، كأن الدموع خايفة تكسره أكتر.
مسك الدبلة، وباسها، وقال وهو بيبص للسقف:
— "أوعدك... لو حبيت بعدك، هحبها بعيونك، وهديها الدبلة، بس عمري ما هنسى إنك أول حب، وأصدق وداع."
وقام، وفتح المصحف ا
وقعد يقرأ... بصوت هادي، والدموع بتنزل على الورق.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
الكادر بيرجع ليّا...
قاعة المحاضرات، فيها هدوء غريب، زي لمّا القلب يكون مليان حكي بس اللسان ساكت.
الدكتور هشام صوته ثابت، بس عينه دايمًا فيها حاجة مش مفهومة... زي حنين مكتوم.
فجأة، من وسط الطلبة، صوت شاب بيقطع السكون:
— "دكتور هشام، لو مش سؤال خاص... هو يوسف، خطيب مريم، راح فين بعد اللي حصل؟"
القاعة سكتت.
هشام سكت ثانية، ، وقعد على الكرسي.
ضحكة خفيفة كسرت الصمت، بس كانت حزينة... كأنها بتخفي وجع.
— "سافر..."
سكت شوية، عينه بصت في الأرض، وبعدين كمل:
— "سافر، واتجوز، وخلف... زي ما مريم قالت له."
الطلبة بصوا لبعض، فيهم اللي استغرب، وفيهم اللي ابتسم ابتسامة باهتة.
هشام كمل، بصوته الهادي:
— "كانت دايمًا تقولي له: هتعيش، وهتحب، وهتبني بيت...
هو افتكرها، ومشي بكلامها... بس عمره ما نسيها."
— "أوقات الحب مش لازم يكمل عشان ينجح...
أوقات بيكمل جوانا بس... وبنعيش بيه."
رجع للشرح، بس عينه كان فيها دمعة ما نزلتش،
دمعة اسمها "مريم".
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في آخر المحاضرة...
بداية حكاية في قلب كل قارئ هيمسك الرواية ويقرأها، ويبكي على مريم، ويحبها، ويدعي لها، ويقفل الكتاب وهو ساكت... بس متأثر.

بعد ما خلّص دكتور هشام كلامه، الطلبة فضلوا قاعدين شوية... كأنهم مش عايزين اللحظة تخلص.
واحدة من البنات رفعت إيدها وقالت:
— "دكتور، ممكن نتصور مع حضرتك؟ الرواية أثّرت فينا جدًا..."
ابتسم، ابتسامة هادية فيها وجع حلو:
— "أكيد... يلا بينا."
وقف وسطهم، وهم شايلين الرواية بإيديهم، والضحكة على وشوشهم، بس في عينهم دمعة... لأنهم عارفين إن الرواية دي مش مجرد ورق، دي روح بنت كانت بتحلم، وماتت قبل ما الحلم يكمل.
بعد ما اتصور، وهو بيهمّ يلم حاجته ويمشي...
مد إيده في جيبه، وطلّع ظرف أبيض، شكله بسيط، بس فيه معنى كبير.
كتب على الظرف بقلمه:
"أرباح الرواية... باسم 'مريم ابراهيم '."
بص حوالين القاعة، نادى على واحد من عمال التنظيم:
— "من فضلك، خُد الظرف ده... وابعتُه لأهل مريم إبراهيم، العنوان ده..."
وداله ورقة صغيرة مكتوب فيها عنوان بيتهم القديم.
الراجل استغرب وسأله:
— "لأ... ده بقه روتين."
— "كل طبعة جديدة، وكل نسخة بتتباع، في حق لمريم لازم يرجع... حتى لو غابت."
لف وخرج من القاعة، وهو سايب وراه أثر من الوفاء مش بيقل،
وألم عمره ما بيروح، بس بيتحول لكلمات...
وبيعيش جوّه سطور رواية، كتبها بقلبه مش بقلمه.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
في مكان تاني...
الشمس كانت نازلة على مهل، والشارع قدام المدرسة فاضي إلا من شوية عيال بيلعبوا بطابة وبضحكوا بصوت عالي.
أم مريم كانت واقفة قدام باب المدرسة، لابسة طرحتها السودة، وشايلة شنطة صغيرة كانت دايمًا مريم بتشيلها زمان،
عينيها تايهة... بتبص في السور كأنها مستنية حد يخرج ويحضنها.
قربت من البوابة، دخلت بخطوات بطيئة... وشها شاحب، بس في لمعة في عينيها كأنها مصدقة إنها هتشوف بنتها.
الفراش شافها، تنهد، وقام من مكانه:
— "السلام عليكم يا أم مريم..."
أم مريم بصتله بنظرة بريئة جدًا، وقالت بصوت واطي فيه طُفولية:
— "مريم جت المدرسة النهاردة؟ أصل اتأخرت قوي... ومكانتش فطرت، كنت هاجيبلها سندويتشات..."
سكت الراجل، وبص للأرض...
اتنهد وقال بحزن:
— "يا أم مريم... مريم خلصت المدرسة... مريم راحت."
أم مريم ضحكت ضحكة صغيرة وقالت وهي بتبص وراها:
— "إنت دايمًا تقول كده... بس أنا عارفة إنها جوا الفصل، مستنية الحصة تخلص."
مشيت من قدامه، وفضل واقف يراقبها وهي داخلة ساحة المدرسة،
قعدت على الدكة اللي كانت مريم بتقعد فيها،
وبدأت تغني بصوت هادي:
عندي بنت صغيره صغيره مستنيه تخلص مدرسه مدرسه
الراجل مسح دمعة نزلت من عينه،
بقى متعود يشوفها كل يوم، تيجي وتدور على مريم...
بس النهاردة... حس الوجع أضعاف.
مريم راحت... بس أمها لسه واقفة على باب المدرسة، مستنية الحصة تخلص.
﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎﹎
نهاية الروايه
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-