رواية اسرار الحب كاملة جميع الفصول بقلم اميرة السمدوني
رواية اسرار الحب كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة اميرة السمدوني رواية اسرار الحب كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية اسرار الحب كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية اسرار الحب كاملة جميع الفصول
رواية اسرار الحب كاملة جميع الفصول
فى البداية أنا حقدم الأبطال بشكل عامى شوية والرواية سردها فصحى والحوار عامى،أحداث الرواية بتدور حولين 4 بنات أصدقاء جدا ، وهما زيزى ال مبتحبش اسمها واخترعت لها اسم جديد وهو زينب ،و تسنيم ورانيا وهبة ، أما وصفهم وحياتهم فهبة بنت جميلة متوسطة الطول لبسها كله بناطيل جنس مقطعة وبلوزات وشعرها قصير لونه أسود ناعم ،و هى الوحيدة فى شلة أصدقائها ال بتعيد السنة للمرة التانية بسبب لسانها ال أطول منها ،ولو جينا لتسنيم فدى بسكوتة الشلة الرقيقة جدا عيبها بس الدبش ال بينزل منها ساعات وهى خريجة إعلام وعنيها لونها سماوى وبشرتها ثلجية وشعرها طويل وأصفر ،أما بقى زيزي أو زينب زى ما بتحب نقولها عنيها عسلى بشرتها قمحى تخينة شوية وهى الشخصية ال فى كل شلة الملهوفة على الجواز المغرمة بالروايات ال مبتسبش ندوة مبتحضرهاش ونفسها تبقى شاعرة ،أخيرا رانيا دى الصاحبة الديمقراطية ال بتأخد رأى الشلة فى كل حاجة وفى الأخر بتعمل ال عوزاه ،شخصيتها متمردة وعنيدة صعب حد يتحكم فيها أو يمشيها على مزاجه .
فى معرض القاهرة الدولى
كان صباحا مبهجا بنسبة إلى زيزى أو لنقل زينب ،فاليوم هو أول أيام عيد الكتب كما تسميه ،أستيقظت فى نشاط وهى تفرش أسنانها أمام المرأة فى عجلة،متجهة إلى خزينة ملابسهاالقديمة،لتنتقى منها شميز ثلجى على بنطال جينز أزرق ،مرجعة خلفها شعرها الثائر بالمشط إلى الوراء ،ووضعت سبابتها على رأسها فى تفكير لتقول بصوت مسموع "نسيت أيه نسيت أيه ..؟،ثم هتفت بحماس "أيوة الرواية ال حيمضى لى عليها والقلم "،ما ان تجاوزت باب الغرفة حتى عادت مسرعة لتأخذ دفتر ملاحظاتها الصغير ،جائها صوت والدتها سميرة تدعوها للفطار ،بخطوات سريعة متلهوجة كانت زينب عند طاولة الإفطار ،فأشارت لها والدتها بالجلوس :_
_ أقعدى يا حبيبتى واقفة ليه ..؟
علقت والطعام يملأ فمها الصغير :_
_ صدقيني يا ماما مفيش وقت خالص ،يدوب ألحق المعرض
والدتها بتهكم :_
_ أه هو العيد القومى بتاعك بدأ ،روحى بس متتأخريش .
غادرت زينب المكان بسرعة ،فأردفت والدتها :_
_ أنتى لحقتى تأكلى ..؟
عادت لتقبلها بخفة :_
_ لا طبعا ، أعملى سندوتشين مربى من أيديكى الحلوين دول .
فقالت سميرة مقطبة حاجبيها :_
_ الساعة 9 أختك مصحتش لييه لغاية دلوقتى ،روحى صحيها ليكون وراها محاضرات ولا حاجة .
لوحت بكفيها معتذرة :_
_لا أصحيها أيه دى لو جنبها فرقة حسب الله مش حتصحى ،أنا حروح أربط الكوتشى على ما تعملى لى السندوتشات.
فى مدينة نصر
توقفت أحدى سيارات الجيب السوداء الأنيقة أمام إحدى المبانى الفاخرة ،وبينما طارق _وهو شاب ذو جسد رياضى وعيون عسلية لامعة _ يعدل من وضع سيارته ،لمح على الرصيف الأخر وجه إمرأة مألوف لديه ،فدقق النظر ليجدها تسنيم زميلة الدراسة ،لا بد من إنها قرأت إعلان الوظائف الخالية فى إحدى المواقع الإلكترونية ،هبط بخفة بعد أن أوقف محرك السيارة ليصافحها مرحبا:_
_ أهلا أنسة تسنيم حضرتك منورة الدنيا .
ردت التحية برقة:_
_ ده نور حضرتك .
فأضاف بتلقائية :_
_ جميل الفستان
تسائلت بإستنكار :_
_ أفندم..؟
فتنحنح مصححا:_
_ ولا حاجة ،حضرتك جاية مقدمة على شغل هنا صح..؟
فأجابت :_
_ أه وحضرتك..؟
فرد:_
شغال هنا بقالى سنتين لو احتجتى أى حاجة ممكن تكلمينى ده رقمى
شكرته فى إمتنان قبل أن ترتقى درجات السلم مستأذنة :_
_ طيب عن إذنك عشان أتأخرت
كانت ضربات قلبها فى تزايد مستمر ،والتوتر يكاد أن يشل حركتها فهذه المرة الاولى التى تقدم فيها على عمل وليس لديها cv يجعل لها الأولوية عن المتقدمين الأخرين ،لأ بأس فعليها خوض التجربة ولن تخسر شىء ، ما أن وصلوا إلى الصالة الأستقبال حتى طلبت منهم السكرتيرة الجلوس على المقاعد الإسفنجية ،لتعطى خبرا ل منيب رئيس مجلس الإدارة بوجودهما ،لكنه كان مشغولا مع سكرتيرته الخاصة نسرين فى المكتب ،تتمايل عليه بفستانها القصير الذى يكشف من جسدها أكثر من ما يغطى ،لا تيأس منذ أعوام من المحاولة معه لعلها تصبح فى يوم مذيعة مصر الاولى لكن بلا جدوى ،مرت اللحظات ثقيلة صعبة الأحتمال على أعصاب تسنيم إلى أن دخلت عليه بشعرها الدهبى وفستانها الرمادى الهادىء،نظر لها فى ذهول وقد أسرته عينيها البريئتين السماويتين، فجذبته من شروده وهى تقدم ملف بيانتها الشخصية فقال وهو يدقق النظر فيه :_
_ متخرجة من سنتين ممممم ،وكمان جامعة القاهرة ده شىء كويس .
فعلقت بكسوف :_
_ ربنا يخلى حضرتك .
أشعل سيجارته وهو يقول بصوته الخشن :_
_ ده أول مرة تشتغلى فيها ..؟
أومأت بالإيجاب ،فأستكمل :_
_ عمرك سمعتى عن حد بقى فى الدور الرابع من غير ما يطلع السلم...؟
فتسائلت بإستغراب:_
_ بمعنى..؟
فأجاب بجدية :_
_ يعنى حضرتك عاوزة تبقى مذيعة مرة واحدة من غير ما تمرى بالتدرج الوظيفى .
ثم واصل:_
_ للأسف أحنا أخترنا خلاص المذيعين والبرامج ، بس فى أقسام محتاجة لناس زى قسم السوشيال ميديا والعلاقات العامة ،فتناول سماعة
الهاتف وهو يقول:_
_حكلملك طارق الدويرى مسئول القسم تنزلى تدريب شهرين تلاتة وبعد كده نشوف الدنيا فيها أيه .
قالت برجاء :_
_ بلاش طارق الدويرى بليز يا فندم .
سأل بحيرة :_
_ مش معنى يعنى..؟
أردفت بتبرير:_
_ طارق كان زميلى فى الجامعة ومبقبلوش بصراحة خالص.
منحها إبتسامة هادئة :_
_ طارق أكفأ واحد عندى ،وبعدين الشغل مفهوش بحب أو بكره ده ده بيزنس ،وأنتى محتاجة للخبرة ومحدش زيه فى المجال ده.
__________________________________________
فى إحدى مدرجات جامعة القاهرة:_
كان المعيد حسام السنهورى _وهو شاب فى أوائل الثلاينات ذو بشرة قمحية وعيون ساحرة عريض المنكبين _ يشرح لطلاب الفرقة الرابعة التعليق الصوتى فى التقارير المصورة على شاشة عرض كبيرة قطع هذ الإنسجام دخول فتاة ذات قوام ممشوق وعيون زيتونية مرتدية بنطال جينس تخطه بعض التقاطيع وشميز ذو لون وردى شعرها البنى تداعبه نسمات الهواء ،تعزلها سماعات الهاتف عن العالم المحيط ، أنفعل حسام لدخولها بعده بساعة كاملة دون حتى أن تعتذر عن تأخرها فكان يحادثها ولا تجيب فهتف بعصبية :_
_ أنتى يا بنى أدمة ال لسه داخلة.
لم تنتبه له إلى أن هزتها صديقتها برفق فرفعت عنها الهاند فرى لتسمع صوت حسام الرجولى الجاد وهو يصرخ بها ،فقالت ببرود:_
_ أفندم ..!!
فعلق فى إستياء من نبرتها:_
_ أولا تقومى تقفى وأنتى بتكلمينى .
قامت بتثاقل وهى تنفخ قائلة:_
_ صبرنا يارب على ما بلتنا .
أتسعت عينا حسام لجرئتها ولربما لوقاحتها ،فقال بلهجة تهديد:_
_ أنتى عارفة أنا مين ...؟
قالت ببرود:_
_ حتكون مين يعنى معيد فى الجامعة فرحان بالوظيفة الجديدة وحتقعد تقولى من صلاحياتى أرفدك والكلام ده ..!!
أفقدته كلماتها الحادة أعصابه إلى أن صاح بهستريا :_
_ هاتى الكارنيه بتاعك واتفضلى اطلعى بره ومشفش وشك لأخر السنة
ما أن خرجت من القاعة حتى تعالى هاتفها بالرنين ،فضطغت على زر الرد ،فقالت صديقتها رانيا:_
_ عاملة أيه يا هوبتى..؟
أجابت بصوت مختنق وهى تحبس دموعها الساخنة :_
_ الحمد لله وأنتى ..؟
رانيا وقد لاحظت تغير نبرة صديقتها :_
_ تمام ،بس صوتك متغير فى حاجة ولا أيه ..؟
صمتت لثوان وهى تجفف دموعها لتعلل :_
_ حشيل السنة تانى .
رانيا محاولة كتم ضحكاتها فهذه ليست المرة الأولى فهبة معروفة بمشاغبتها :_
_ هههههههه تقصدى تالت ،عملتى أيه يا مصيبة ..؟ ،أكيد لسانك ال موديكى فى داهية .
هبة بإستياء:_
_ جايبين لنا عيل ملزق عاوز يعمل نفسه معيد علينا وأنتى عرفانى مبحبش حد يترسم عليا
علقت رانيا بسخرية :_
_ أنتى حتقوليلى عموما النهاردة حنتقابل أنا والبنات الساعة 9 فى النادى تحكى لى فى جلسة النميمة بتاعتنا بالتفصيل ال حصل .
فى إحدى النوادى :_
ألتفت زيزي مع صديقاتها حول طاولة مستديرة ،أستقرت عليها أكواب متنوعة من العصائر والمشروبات الساخنة ،تلتهم تسنيم مقرمشاتها المفضلة،تتجاذب الفتيات أطراف الحديث فى شغف مع بعض التعليقات الكوميدية والساخرة على مواقف حياتهم ،ما أن أنهت زيزي قص مغامراتها فى معرض الكتاب حتى أردفت رانيا بتهكم :_
_ والله أنتى مسخرة يا بنتى عوزاه يحكى لك أحداث الجزء التانى من روايته ال لسه مطبعتش ههههههه ده كويس أنه مطردكيش من الندوة
زيزي بنظرات هائمة :_
_ أصلك متعرفيش مهاب ده كان عامل أيه فى الجزء الأول ،بسببه فضلت مطبقة ليلة بحالها ،وروحت الشغل متأخر ثم أضافت بعد ثوان وهى تنظر لتسنيم صحيح عملتى أيه فى مقابلة شغلك النهاردة..؟
ألقت بقطعة من المقرمشات اللذيذة على أطراف فمها :_
_ فاكرين طارق الدويرى..؟
أجابت رانيا بضحك:_
_ أووف الولد ال كان بيتكسف من خياله ،وبيعرفش يقول كلمتين على بعض ههههههههههه
ردت تسنيم بإندهاش لتغير الزمن:_
_ أهو يا ستى ال كنا بنتريق عليه بقى مسئول العلاقات العامة فى قناة the day ،وحيدربنى الشهور الجاية .
رانيا بإبتسامة:_
_ أتلم المتعوس على خايب الرجاء هههههههههه.
شاركتهم زيزي الحديث :_
_ متعوس أيه وخايب أيه ،فكك منها يا توتى أحنا عاوزين نفرح بيكى بقى .
دمعت عينا تسنيم من الضحك :_
_ نفرح بيكى أيه ،أنتى خارجة من مسلسل أريد رجلا ولا أيه ..؟
زيزي بمكر :_
_ يا حبيبتى كلنا نريد رجلا .
لكزتها بخجل :_
_ بس اختشى .
زيزي مصححة:_
_ ليه مش نفسك تبقى عروسة وكوشة وشقة وعربية زى كل البنات ولا أيه ..؟
أومأت برأسها فأستطردت زيزي:_
_ خلاص سيبلى نفسك وأنا حظبطك الفترة الجاية وأقولك توقعيه أزاى ..؟
قاطع حديثهم ضحكات رانيا المجلجلة :_
_ علم فى المتبلم يصبح ناسي ،تدردحى مين يا بنتى ده هو كمان عاوز كورس فى التعامل مع الجنس الناعم هههههه
تسنيم وهى تسحب حقيبتها :_
_ تصدقوا أنتوا عيال بايخة أنا ماشية .
لمح الجميع هبة مقتربة بملامح واجمة دون مكياجها المعتاد ألقت عليهم التحية ،فسألتها تسنيم :_
_ هبة مالك فى حد مزعلك ولا أيه ..؟
ردت رانيا نيابة عنها :_
_ لا يا ستى المعيد الجديد علم عليها هههههههههه
قالت هبة بإنفعال :_
_ متقوليش علم عليا ،لا عاش ولا كان ال يدوس لى على طرف .
رانيا بمواساة:_
_ طيب أهدى وقولى لنا الموضوع متحلش..؟
اطلقت تنهيدة طويلة:_
_ لا ،أخدت فصل أسبوع من الجامعة ، المشكلة كلها فى ماما حقولها أيه ..؟
زيزي فى حماس :_
_ خلاص أحنا الأسبوع ده نطلع على السخنة نغير جو وأنا حقنع طنط.
كانت عقارب الساعة تزحف ببطء لتعلن عن الثانية عشر من منتصف الليل ،ولا زال معتز رجل الأعمال الشهير والوسيم ذو العيون المظلمة _ يستمع إلى حبيبته رانيا ذات القوام الممشوق والعيون البحرية عبر الهاتف ،والنوم يداعب عينيه المرهقتين ،إلى أن جذبته بسؤالها من شروده :_
_ ها رأيك أيه..؟
أجاب :_
_ فى أيه ..؟
هتفت بحدة:_
_ أيه يا زيزو بقالى ساعة بحكى لك وعمال تقولى أممم أممم ،عقلك فين..؟
رد وهو يعتدل على كرسيه الخشبى :_
_ تعبان يا رونى وعاوز أنام الصبح نتكلم .
أردفت فى إعتراض :_
_ طبعا ما أنت طول النهار مع صحابك وداير على حل شعرك ومتصور مع دى ودى .
زفر فى حنق:_
_ أيه تلمك وداير على حل شعرك ،يظهر ان القعدة الكتير مع صاحباتك سيحت عقلك،وبعدين ما أنا قايلك أنه مؤتمر مهم جدا فيه رموز رجال الأعمال أسيبه وأقولهم معلش أصل خطيبتى بتغير..؟
علقت :_
_لا ميصحش ،سلام يا معتز
معتز بمحايلة:_
_ سلام أيه خدى يا بت .
أبتسمت برقة وقد نجحت خطتها :_
_نعم
معتز بحنان :_
_ أتكلمى وقولى ال عوزاه أنا سامعك أهو .
حركت سبابتها فى شعرها الحريرى الثائر ثم واصلت :_
_ جميلة أوى صور المؤتمر ،خصوصا الصورة ال أنت عملتها لبروفايلك على الفيس .
علق :_
_ مش معنى ال على الفيس يعنى ما أنا حاطط على أنستجرام والواتس نفس الصورة
كندا فى تساؤل:_
_ أسأل هاجر ال عامل لك لاف على صورتك؟؟
أطلت إبتسامة خبث من شفتيه ،فهو يعلم إن سؤالها ليس بريئا،فلا بد من دخولها عند هاجر ولصديقات هاجر ووصولها فى التحرى للجد السابع ولربما وصلت لهويات هاجر المفضلة التى لا يعلم هو عنها شيئا ،فأردف لتغيير الموضوع :_
_ بقولك أيه سيبك من هاجر حد يبقى معاه القمر بردو ويبص للنجوم..؟
توردت وجنتيها وتسارعت دقات قلبها فقالت بعد لحظات :_
_ زيزو أنا مسافرة السخنة بكرة مع أصحابى
معتز وهو ينقر بأصابعه على سطح المكتب :_
_لا مفيش مرواح فى حتة ونامى عشان الصبح بدرى عندنا شغل كتير .
هتفت بغضب:_
_ على فكرة أنا مش بستأذنك أنا بس ببلغك .
فقال بتهديد جاد:_
_ لو عملتى كده أعتبرى دى أخر مكالمة بينا.
أغلقت الخط بعنف فهى لا تحب أن يحكم أحدهم سيطرته عليها وإن كان توأم قلبها ،وتركت العنان لدموعها الساخنة لتهوى على وجنتيها وهى تجمع ملابسها وتثنيها فى حقيبة السفر
↚
فى مبنى القناة الفضائية
بعد أن أنقضت العطلة الأسبوعية عادت تسنيم بنشاطها المعهود إلى العمل،لكن الأجواء كانت متوترة للغاية ، وكان طارق فى أوج غضبه وملامحه متحجرة طوال الوقت ،جلست إلى شاشة حاسوبها تنقل من الملفات بعض الأشياء الهامة حتى غادر عقب إتصال منيب به وإستدعائه لمكتبه ،فرجعت بكرسيها الدوار لتسأل مرام بإندهاش:_
_ هو طارق ماله..؟
ألقت عليها نظرة جانبية قبل أن تجيبها:_
_ وهو ال أنتى عملتيه شوية ..؟
تسنيم بإضطراب:_
_ عملت أيه..؟
وضعت رأسها بين كفيها بحنق:_
_ غيابك أسبوع بدون إذن ،خلى منيب بيه يخصم لك ولطارق .
قطبت حاجبيها:_
_ وهو ذنبه أيه..؟
أردفت بلوم لاذع وهى تعود بناظريها إلى عملها :_
_ ذنبه أن تحت أيديه ناس بتستهزأ بيه ،والإنتاج المطلوب للأسبوع ال فات متقدمش لأن سيادتك كنتى غايبة .
كان الموقف كفيلا بإغلاق يوم تسنيم ماذا ستفعل ..؟:،كيف ستعيد ثقة منيب وطارق بها..؟،وهل ستنجح فى ذلك ..؟،أحست بالدوار من كثرة التفكير ،فسحبت حقيبتها الجلدية ليستوقفها على باب المكتب خطوات طارق :_
_ رايحة فين..؟
ردت بتلقائية:_
_ حأخد إذن وأروح بدرى لأنى....
قاطعها بإنفعال:_
_ يعنى غيبتى أسبوع من غير إذن ومقولتش حاجة ،إتخصم منى ومرضتش أكلمك ،وكمان حتمشى بدرى لا ده أنا مش رئيس ده أنا كيس جوافة بقى..؟
علقت بلا مبالاة:_
_ وات أيفر ،أنا مرهقة وعاوزة أروح.
أقترب منها بأنفاسه الثقيلة ليلتصق ظهرها إلى الحائط ثم إضطربت هيئتها فهمس:_
_ والهانم مرهقة من أيه ..؟،وأحنا لسه الساعة 9 ومعملتش حاجة..؟
دفعته عنها بحدة وهى تفتح فمها لتستنجد ،لكنه وضع سبابته الناعمة على شفتيها و قبض بيديه على معصميها بقوة:_
_ يظهر أنك فاكرنى طارق بتاع زمان العبيط الأهبل ،ال كنتى عملاه السليوة بتاعتك أنتى وصحاباتك ،لا فوقى أنتى حتقعدى لحد الساعة 10 تخلصى ال وراكى والشغل المتأخر كله.
فى فيلا رانيا التهامى
فى منزل رانيا
على عكس المتوقع تماما لم تستمتع رانيا بإجازتها القصيرة ،فكان معتز مسيطرا على تفكيرها ،تشتاق إلى صوته والجلوس معه وحديثهما المسائى عبر الهاتف،تحاول الإتصال به كثيرا لكنه لا يجيب ،يدفعها شوقها لمقابلته لكن عقلها رافض بشكل تام للفكرة، فهى لم تخطأ فى سفرها ، فبأى حق يعترض هو أن كنا والديها موافقين ...؟، إضافة لكونه لم يأخذ خطوة رسمية واحدة منذ سنوات ولا زالت تصبر عليه ،تركت هاتفها داخل الحقيبة لتضغط على الجرس ،لكن أصابعها تسللت إليه وقبل أن تلامس بسبابتها رقمه دخلت عليها والدتهاالغرفة حاملة كوب من الحليب :_
_ بنوتى الحلوة،الإجازة كانت عاملة إيه..؟
عدلت من جلستها:_
_ الحمد لله يا ماما .
أسندت كوب الحليب الساخن على منضدة صغيرة وهى تقول بحذر:_
_ فى موضوع عاوزة أكلمك فيه بقالى مدة بس مترددة.
رانيا بإستفسار:_
_ موضوع أيه..؟؟، أتفضلى يا ماما قلقتيني.
صافية بهدوء:_
_ عارفة اياد ابن أونكل رائد ..؟
ردت بنبرة غير مرتاحة:_
_ أه أسمع عنه ماله بقى يا ماما ..؟
أستكملت :_
_ كان شافك فى النادى من يومين ،وقابل والدك وعاوز يتقدم لك .
↚
رانيا بإعتراض ممزوج بسخرية :_
_ وده أربعينى مطلق ولا ثلاثينى يبحث عن الدفأ والحنان ،ثم تابعت ماما بالله عليكى متفتحيش معايا الموضوع تانى .
نهضت عن كرسيها البلاستيكى بغضب:_
_ بقولك أيه دادى خلاص أداله كلمة ،وحيجى بكرة وحتقابليه ورجلك فوق رقبتك .
فى مقر جريدة الحقيقة :_
كانت زيزي منهمكة على تقريرها الميدانى ،تفرغ أحاديث الناس فى التسجيلات على الأوراق حتى دخل عليها الساعى تتصاعد الأبخرة من كوب الكابتشينو الممسك به ،ما أن وضعه بجوراها حتى دخل زميلها كمال وجلس إلى كرسيها وهو يتذوق اللاتيه :_
_ طعمه حلو أوى اللاتيه ده ، بس مش أطعم منك .
حاولت أن تستجمع أعصابها لتقول ببرود مصطنع :_
_ ممممم مش أجمل منى ها .
فواصل بثقة :_
_ أه طبعا .
رفعت له عينين ناريتين هاتفة بحنق:_
_ كمال أطلع وخد الباب فى أيدك متحرقش دمى على الصبح .
فأستطرد بلوم :_
_ الحق عليا جايب لك خبر بمليون جنيه.
ردت:_
_ مليون جنيه أأأه ،أنت أخبارك كلها زى وشك أساسا .
فأردف:_
_ كده طيب أنا غلطان مش قايل .
أطلقت تنهيدة طويلة قبل أن تضيف:_
_ على فكرة لو مقولتش حدفعك حق اللاتيه ال شفطه ده .
فقال بحماس:_
_ فى أوردر تصوير لحفلة كبيرة جدا حيكون فيها يوسف الصياد المؤلف ال بتحبيه وكل رجال الأعمال والفناـــ
قفزت فى طفولية من كرسيها بعدم تصديق:_
_ قول كده تانى مين ..؟ يوسف الله بحبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكك أوى يارب أنت لازم تأخدنى معاك وش أه .
ثم أضافت بعد لحظات من النشوة أستفسرت:_
بس خطوبة مين ال مهم أوى ده ..؟
فأجاب:_
_ معتز الحديدى..................!
فى فيلا رانيا:_
أستعد الجميع لمقابلة أهل العريس ،فصفية تتابع مع الخادمة إعداد أطباق الحلويات وتقديمها ،بينما لا زالت رانيا واقفة أمام المرآة دون أن تضع لمسة كحل أو تجميل واحدة ،تتذكر نصائح دودة الكتب والروايات زيزى لتطفيش العريس لتهلك من الضحك ،إقتحمت عليها والدتها الغرفة بوجوم :_
_ أيه ده أنتى لسه مجهزتيش..!!
رانيا بثقة بالغة :_
_ ما أنا جاهزة أهو يا ماما ،مش عاجبك شكلى ولا أيه ...؟
فتحت فمها فى إستنكار مستفسرة:_
_ حتقابليه بالتريننج الكروهات ده..!!، وأيه الشوز بتاع الحمام ال ب بكعب ده سرقتيه من الشغالة ولا أيه ..؟
كتمت ضحكتها لتبرر:_
_ مالها البيجامة هو أحنا لما نتجوز مش حيشوفنى ببيجامة وشبشب ولا حلبس كعب عالى فى البيت..!!
فواصلت والدتها وهى تلوح بكفيها فى إعتراض :_
_ وكمان شعرك مش مرتب لا لا ده أنا حروح أجيب دادى وهو يتصرف
وصل وليد _ ذو الشعر الجليدى والقوام المعتدل والعيون الشبيهة لعيون الصقر _على صوتهما المرتفع :_
_ جرى أيه صوتكم جايب أخر الشقة ..!
ردت عليه صفية بنبرة جنونية :_
_ أتفضل أخر دلعك فيها عاوزة تقابل الراجل أزاى ..؟؟
ربت على كتف ابنته فى حنو:_
_ على الأقل أستشورى شعرك يا حبيبتى بدل ما تجيبي للراجل صرع .
↚
قبلت جبين والدها قائلة بعدم إكتراث قبل أن تغادر:_
_ يا بابى لما نتجوز حبقى بذاكر ل children وورانا responsibilities (مسئوليات ) كتير وأكيد مش حبقى فاضية ل beauty centre
إنطلقت تاركة والديها فى موقف غاية فى الصعوبة والإحراج ، فجلس الجميع على طقم الأنتريه الفاخر ،ترمق والدة العريس بنظرات مريبة من فينة لأخرى رانيا ،بينما ضيق إياد عينيه وهو يتفحصها من إصبع قدميها إلى رأسها فى إعجاب شديد ،بينما والده منشغل بأكل طبق المكسرات والحلويات الشرقية التى أحضروها فى زيارتهم ،فقال إياد بإعجاب:_
_ أنا بجد يا عمى لو لفيت الدنيا دى كلها مش حلاقى زى رانيا .
أنزلت رانيا ساقيها من على بعضهما فى ضيق ،وهى تهمس فى أعماقها (الله يخربيتك يا زيزي على يخربيت اليوم ال شوفتك فيه ) ،هزت قدميها بإضطرابوهى ترسم إبتسامة صفراء:_
_ حتى بعد ما شوفتنى كده ..؟
علق وهو يلوح بديه:_
_ بالعكس دخلتى دماغى بزيادة لأنك كيوت وصريحة وعاوزانى أشوفك فى حالتك الطبيعية محاولتيش زى باقى البنات تحطى طن مكياج وكأنك بتفنشى شقة.
علقت بسخرية فى قرارة نفسها" تفنشى اه انت يومك مش فايت "
كادت صفية أن تطير من الفرح لحدوث كمياء أخيرا بين ابنتهم وإياد ، أخيرا سيتحقق حلم الزواج والأحفاد ،لكزت زوجها برفق ،وأخذوا ضيوفهم إلى شرفة المنزل ليتركوا المجال للعروسين ،بينما لا زالت تصب رانيا لعانتها على زيزي ،وهى تضحك بغل وقد قررت أن تريه كيف تكون العروسة (الكيوت) .
فى تلك الأثناء كانت الاجواء هادئة فى منزل زيزى البدرواى الجميع نائمون ، يتسلل ضوء بسيط من أسفل غرفة زيزي ،أزاحت عنها اللحاف وهى تزفر فى حنق ،تفكر فى موضوع معتز الحددى وخطوبته وكيف سيكون تقبل رانيا إلى الخبر ،إنها تعيش إلى الأن على أمل أن تعود المياه إلى مجاريها ماذا أن لم تعد وجفت المياه تماما...؟، أستدرات أختها ريم على فراشها وهى تفرك عينيها:_
_ أيه يا بنتى منمتيش ليه ..؟
أرادت أن تشرك رفيقة الغرفة فى الأمر فأخبرتها ،فعقبت ريم بجدية:_
_ لا طبعا لازم تبلغيها ،ما هى لو معرفتش منك حتعرف من غيرك .
هزت زيزى رأسها فى نفى:_
_ لا مش ممكن ،أقولها أيه البنى أدم ال أنتى رفضتى نصف شباب مصر عشانه سابك ..؟،دى عايشة على معتز تنام وتصحى تكلمه ،دى فى الإجازة كانت مطفية جدا ومنزلتش بحر ولا أستمتعت طول الوقت مسهمة بتبص على الفون .
قالت ريم بإستسلام:_
_ خلاص متحضريش خطوبة معتز وبلاها تشوفى يوسف .
قفزت من على السرير فى فزع من الفكرة :_
_ لا لا كله إلا يوسف ده أنا مسبتش ندوة ولا معرض ليه إلا أما حضرت له .
ريم بإبتسامة ظفر :_
_ خلاص بلغيها لأن لو عرفت أنك كنتى عارفة وخبيتى حتزعل أوى
↚
ترك الجميع الساحة للعروسين ، وكان إياد لا يمل من معاكستها بعينيه الزرقاوين الجاذبتين ،التى كادت أن تقع فى شباكهما ،لكنها قالت بخفوت وكأنها تحادث نفسها ( لا لا مز أيه ده معفن لا مش هضعف ) ،وصلت كلماتها المتقطعة إلى أذنه فقطب حاجبيه مستفسرا:_
_ أفندم..؟
قالت فى تصحيح :_
_ لا لا ولا حاجة ،ثم تابعت بص أنا لى شروط فى البنى أدم ال حيكون شريك حياتى أه معلش ده حلم عمرى ،وأول الشروط دى أن عينيه متكنش ملونة .
فعقب بإستغراب وهو يضع ساقيه على بعضهما:_
_ غريبة يعنى مع أن كل البنات تتمنى ده.
قالت وهى تحرك رأسها متذكرة كلام زيزي :_
_ لا تتحدث معى كباقى النساء أتظن إننا نتشابه لا وألف لا
فعلق بتهكم:_
_ لا وألف لا لكل أعداء النجاح مصر العظيمة المؤمنة
، هتفت هووووووس أسكت ،ثم سحبت بأطراف أصابعها الورقة الصغيرة المعلقة فى كم التريينج وهى تقول فى أعماقها (الله يحرقك يا زيزي أنتى والولية ال ملهاش معالم وكتبالى منها الهجص ده ) ثم تبينت المكتوب فواصلت :_
وبعدين أنا أمرأة إستثنائية لا شيء يستهويني ، فأنا كائنة ف فــ فضائية .
أنفجر فى الضحك وكادت عينيه أن تدمع :_
_ أسمها فريدة .
قالت بعدم إكتراث:_
_ وات أيفر فريدة ولا عنايات
فقاطعها بجدية:_
_ رانيا أنا عاوزك تكلمينى عن نفسك بجد .
فأعتدلت فى جلستها لتواصل :_
_أنا فى كل التناقض وشتى أنواع الغربة ،أرى فى عينيك أيه أيه أه إستعجالا .
كادت أمعاء إياد أن تخرج من كثرة الضحك:_
_ إستعجالا على أيه شكلك أنتى ال مستعجلة حتزغرطى ولا أنادى لطنط تزغرط ..؟
بتر حديثهم دخول الخادمة بطبقين من المانجو الباردة مصحوبة بمعالق معدنية صغيرة ، أنقضت رانيا على المانجو بشراهة وهى تضعها فى فمها بطريقة بشعة، كان إياد ينظر بإشمئزاز وهو يناولها الملعقة فهتفت من بين (اللحوسة وبقايا المانجو بين أسنانها) :_
_ المعلقة دى بتاعة العيال التوتو .
ضيق عينيه بمكر وهو يقول :_
_ أنا شايف أننا نقرا الفاتحة لأن كميتنا زى بعض .
رمت بقايا المانجو الممزقة بعصبية:_
_ قروها على روحك يا بعيد .
ثم إقتربت منه وهى تمسك ياقته وتناوله طبق الشوكولاتة الفاخرة :_
_ ولا أنا تعبت منك مفيش طريقة نافعة معاك أنت تأخد أمك وأبوك وطبق الحلويات ده وتغور من وشى قبل ما أرتكب جناية
كانت ليلة مرهقة للغاية بنسبة لتسنيم ،فدلفت إلى منزلها دون تناول العشاء لا أحد فى غرفة الضيوف ،إتجهت إليها بعد أن أبدلت ملابسها لتشاهد فيلم الرعب الحصرى المنتظر منذ أشهر ،غالبها النوم وهى على الأريكة المدهبة ،ألقت عليها والدتها الفراش فى منتصف الليل حين كانت ذاهبة إلى الحمام ، إلى أن جاء الصباح وذهب الجميع إلى مشاغلهم عدا رانيا الملقاة بجسدها الهزيل فى حجرة المعيشة ،تركتها والدتها وقتا إضافيا لتأخذ كفايتها من النوم ،فهى تعلم كم كانت ليلة الأمس شاقة عليها ومليئة بالتكاليف ،فتحت رانيا عينيها الناعستين لتجد الساعة الحادية عشر صباحا،فهبت فى فزع لترتدى فستانها ذو اللون النبيتى وهى تلم شعرها برباط حريرى تلوم والدتها على تركها كل هذا الوقت ، فكان إستقبال طارق لها فى منتهى القسوة ، فبادرها حين دخولها إلى المكتب:_
_ ما لسه بدرى يا أستاذة ..؟
↚
بررت وهى تحرك يديها بإضطراب:_
_ والله أنا روحت أمبارح الساعة 11 وكنت تعبانة جدا ومش قادرة وفضلت نايمة ومحدش...
رفع كفه فى وجهها وهو ينتقل بعينيه بين أرفف المكتبة للبحث عن ملف هام:_
_ متقعديش تحكى لى قصة حياتك ،أتفضلى شوفى شغلك .
رمت عليها مرام نظرة مزردية قبل أن تقول بلهجة عاتبة على طارق:_
_ ما هو لو أنا ال أتأخرت كان زمان أتخصم منى ، إنما نقول ...
ردت عليها تسنيم :_
_ على فكرة يعنى مش ...
قاطعهما طارق بحزم وهو يلقى نظراته على تسنيم بإزدراء:_
_ أنتى تخرسى خالص ،جاية متأخر وكمان ليكى عين تتكلمى ..؟.
رمت تسنيم القلم بقسوة وهى تنهض متذكرة حديثها مع رانيا (لا أجمدى كده ، وأدى له على دماغه لأحسن يحسبك سهلة ويسوق فيها):_
_ جرى أيه يا أستاذ طارق ...؟، ده مش أسلوب ده ،من أول يوم فى الشركة وأنت موترنى ومستنى لى أقل غلطة أش حال مكنش أستاذ منيب موصيك عليا عشان والدى..؟.
عقب بحدة:_
_ الشغل مفهوش وسايط ، أبوكى ولا أمك ده مش شغلى ،المكان ال أنتى شيفاه أنا دخلته بعد سنتين شغل فى الشركة،وأنتى بالواسطة(وحقيقة كان هذا سر حقده على تسنيم وكرهه لتواجدهما سويا ) سيبتك دخلتى لكن الإنتاج والتأخير مش حتهاون فيه .
قطبت حاجبيها بإعتراض:_
_ أيه أبوكى وأمك ..؟، هو حضرتك رئيس قسم ولا عامل نضـــ
لم يتحكم طارق بيده القاسية وشعوره لالإهانة أمام مرام ،فقضمت صفعته المدوية على وجنتيها كلماتها ،فتورد وجهها وراح كلون الدماء من شدة الصفعة ،ترددت كلمات رانيا فى أذنها مجددا (الرجالة لما بيشوفوا قطة ناعمة بيضربوها خربشيه وربى له الخفيف عشان يحترمك) لطشته تسنيم بكفها بعنف فأتسعت حدقة عينيه وتم تحويل كلايهما إلى تحقيق إدارى.
فى كافتريا جامعة القاهرة :_
_ تزين الحشائش الخضراء الأرض ،بينما إقتعدت هبة مع جروب من أصدقائها الرصيف المقابل للكافتريا ،تشغل إمتحانات الميد ترم تفكيرهم ،والتكليفات والأبحاث إضافة لمشروع التخرج ،فقالت ولاء فى ضيق على حال صديقتها :_
_ هوبا دكتور حسام مرضاش ياخد تقاريرك وقال لازم تعرضيهم بنفسك .
أخذت قطمة من سندوتش البطاطس السورى قبل أن ترد:_
_ بنفسي أه ده نجوم السما أقرب له
فأقترحت ولاء بلين وهدوء :_
_ هبة أنا خايفة عليكى أنتى لو شلتى مادته حيوصى باقى الدكاترة عليكى وحتعيدى السنة كلها ثم أضافت :_
_ معلش تعالى على نفسك وأعتذرى له .
فهزت رأسها بإستنكار:_
_ أنتى عوزانى أنا هبة الشرقاوى أعتذر لحد ، ثم أخذت رشفة من كوب البيبسي الخاص بصديقتها متابعة:_
_ بتأكد بس ليكون البيسبسي لطش عقلك ولا حاجة .
زمت شفتيها بيأس ثم واصلت:_
_ مش حتخسرى حاجة صدقيني .
عقبت هبة بعد دقائق من التفكير :_
_ خلاص تمام قبل المحاضرة حعتذر له .
فى إحدى الكافيهات :_
↚
ألتقت زيزي بصديقتيها رانيا هبة فى كافيه بالمهندسين ترتشفن فنجان القهوةالتركيةالساخنة ، تقص عليهم رانيا أحداث الأمس الغريبة تشاركها تفاصيلها المضحكة هبة ،غير مصدقة ما فعلته رانيا ،كان هذا الشغف فى النميمة على خلق الله غائبا عن زيزي التى بدت حاضرة فقط بجسدها ،عقلها يكاد أن يجن من كثرة التفكير كيف ستفاتح صديقتها فى الامر وما عواقبه..؟ ،شعرت زيزي أن الكرة الأرضية عالقة فى حنجرتها ، فجذبها من هواجسها قول رانيا :
_ بس لو تشوفيه وأنا بقرأ له الطلاسم ال أنتى قولتها لى هههههههه ،كان شكله يفطس من الضحك قاعد مبلم كده .
فعلقت هبة فى مرح:_
_ والله أنتى مش وش نعمة يعنى عينيه زرقة ووسيم وأبيض ،ده انتوا كنتوا حتجيبوا زبادى بالفراولة .
فأردفت وهى تأخذ شفطة من القهوة:_
_ أتشطرى أنتى بس على المعيد ال معاكى حد يلاقى مركز وجمال ووظيفة محترمة ويقول لا .
قالت هبة وهى تصفق بكلتا يديها:_
_ ده على أساس أنه ميت فى دباديبي ،ده بيعاملنى كأنى مرأت أبوه التقرير خامس مرة أصوره بكرة.
غمزت رانيا بعينيها:_
_ ما هى دى شطارتك بقى توقعيه ثم أضافت بسخرية وهى ترمق زيزي:_
_ بس من دلوقتى بحذرك أوعى تأخدى نصيحة شهريار ال كانت حتودينى فى داهية ههههه .
تبادلن الضحكات ولا زالت زيزي شاردة ،هزتها من يديها رانيا وهى تستفسر:_
_ زيزي مالك ..؟ يوسف مرضاش يمضى لك على الرواية الجديدة ولا أيه ههههههههههه
فزمت زيزي شفتيها ببؤس :_
_ الموضوع أكبر من كده .
أشارت رانيا بعدم فهم:_
_ ازاى ...؟ ، وموضوع أيه..؟
أردفت زيزي بلهجة واهنة أو مواسية:_
_ رانيا أنتى عارفة أنك أجمل بنت فى الدنيا ولا ..؟
أومأت برأسها وهى تبتلع ريقها بخوف ،فواصلت زينب (زيزي) :_
_ وأنك تستاهلى أفضل شخص ولا لا ..؟
هزتها رانيا بعنف وهى تسأل بشكل هستيري :_
_ معتز ماله .....!!!!، جرى له حاجة ..؟،
لجم الخرس لسان زيزي فأستطردت رانيا بجنون وهى تأخذ حقيبتها :_
_ عشان كده مكنش بيرد على تلفوناتى أنا لازم أشوفه حالا ،وأبقى جنبه فى ضيقته .
ما أن أستدرات رانيا بظهرها حتى ألقت زيزي جملتها كقنبلة نزع فتيلها:_
_ معتز خطوبته السبت الجاى
↚
كان الحزن ملقيا بظلاله على الجميع ،وكأن شمعة أو إضاءة البيت قد أنطفأت مع بهوت ملامح رانيا وذبولها وإنعزالها الدائم فى غرفتها ذات الرسومات الجدارية المتنوعة،يخبرك السواد القابع بأسفل عينيها عن تعرضها لخيبة أمل كبرى وغير متوقعة بالمرة، أليس معتز هو الشخص الذى أحبته ودافعت عنه أمام أهلها حين وصفوه بكونه نفعى بحت..!،ألم تكن هى تلك الساذجة التى تمتنع عن مقابلة أى عريس مكتفية بإبتسامته وحديثهما..؟،كانت إلى اللحظة مشدوهة وغير مصدقة لما سمعته (معتز خطوبته السبت الجاى..!!)، الدموع محتبسة بمقلتيها تأبى النزول ،تحدق فى الجدار المقابل لسريرها الخشبى طوال الوقت بذهول،كررت شلتها الإتصال بها مرات كثيرة بلاجدوى ،حتى قررن الذهاب إلى منزلها للإطمئنان عليها، فأستقبلتهم والدتها تحكى لهم عن محاولاتها المستميتة لإخراجها من هذه الحالة المزاجية السيئة بلا جدوى ،وإكتفائها بتناول السجائر طوال الوقت وكأنها تخرج فيها طاقتها المكبوتة وصرخاتها الحبيسة لحنجرتها متمنعة عن الطعام، دخلت الفتيات إلى الغرفة فجلست زيزي على طرف السرير بينما سحبت هبة و تسنيم الكراسى البلاستيكية المواجهة له ،فأمسكت زيزي بكف صديقتها بحنو:_
_ رونى أنا مش حقولك الكلام التقليدى ال بيتقال فى المواقف ال زى دى أن الحياة مبتقفش على ولازم نتعايش ونتأقلم لا لا خالص ،فى بيت
شعر بيقول عرف الحبيب مقامه فتمردا
قاطعتها هبة بعدم فهم:_
_ أنتى الشعر لحس دماغك انتى فى أيه وأحنا فى أيه ..؟
فأوضحت:_
_ أقصد أن إندفاعك عليه طول الوقت ،وأنك تصالحيه فى أوقات أنتى أصلا مش غلطانة فيها لمجرد أنك مش عاوزة تخسريه ،ده كله خلاه واثق ومتأكد مليون فى المية أنه مهما عمل أنتى حترجعى له
فعلقت تسنيم بتلقائية ودون إنتقاء لكلامتها كعادتها:_
_ بلاش الكلام الكبير ده يا زوزة وفلسفاتك دى .
ثم أستطردت:_
_ بإختصار زيزي عاوزة تقولك أن هو محبكيش لأنك كنتى بتلغى أوقات كتير شخصيتك عشـــ
ترقرق الدمع فى عينى رانيا فهى الحقيقة المؤلمة حقا ،لكن هبة وزيزي ألقوا على (تسنيم ) نظرة لائمة ،ففتحت فمها لتستكمل بترت زيزي كلماتها بمزاح :_
_ أنتى حتموتى موتة مش طبيعية يا تسنيم من ال بتعمليه فى الناس ،حتموتى أوفر دوس دبش ،أيه يا بنتى حد يقول كده ..؟
أردفت تسنيم وهى تزم شفتيها:_
_ دايما حابطينى ومبتخلونيش اتكلم كده .
فعلقت هبة بضحكة قصيرة:_
_ أنتى عارفة الأطفال لما مامتهم بتأخدهم فى حتة بتفضل تقولهم متقولش كذا ولا كذا ،أنتى عاوز شهادة معاملة أطفال لكزتها برفق معترضة:_
_ أطفال فى عينك
خرجت رانيا أخيرا عن صمتها بإبتسامة خفيفة :_
_ ما تضربوا بعض أحسن ..!!،أنتوا جايين تواسونى وتصبرونى ولا جايين تتخانقوا ،أنتوا صحاب أنتوا حسبي الله .
↚
ثم واصلت بعد لحظات وهى تضم ركبتيها إلى صدرها لتقول فى وجوم:_
_ وبعدين تسنيم مقلتش غير الحقيقة ال أنا مقدرتش أشوفها من سنين ،أنا طول عمرى بكره أى حد يمشينى على مزاجه ،معاه هو بس كسرت العادة دى .
ثم استطردت بمرارة :_
_ الرجالة كلهم عاوزين ال تديهم على دماغهم مش عاوزين البنت الطيبة المطيعة .
فأضافت هبة بنبرة هادئة ورزينة:_
_ كويس أنك فهمتى ده دلوقتى ،تخيلى كده لو كنتى أتجوزتيه وخانك ،كنتى حتبقى مبسوطة ..؟
دخلت عليهم الخادمة وهى تحمل صنية الطعام تفو منه أطيب الروائح الشهية لتضعه على السرير ،فأشارت لها رانيا :_
_ شيلى الأكل ده يا هنية مليش نفس لحاجة .
أستوقفت زيزي الخادمة بكفيها بينما نهضت تسنيم وهبة عن مقاعدهم ليجلسن على طرف السرير :_
_ لا تشيلى أيه ،روحى انتى وأحنا حنتصرف .
أنتقت زيزي الأسماك المشوية بينما غرست هبة الملعقة فى الأرز وأمسكت تسنيم بكوب العصير ،فقالت زيزي بطفولية :_
_ الطيارة رايحة فين على بوق الجميل همممم
ضحكت تسنيم:_
_ أيه بتوكلى بنت أختك ..!!
فأبعدت الملعقة بكفيها الناعمتين عن فمها متحججة بالصداع ،زيزي بسخرية:_
_ ما انتى لازم تصدعى برطبة الطرحة ال انتى عملاها دى ولا أجدع معلمة فى سوق الخضار .
بجامعة القاهرة
ترك حسام الساحة لطلابه لإستعراض تقاريرهم المصورة مع المواطنين حول موضوعات مختلفة إجتماعية وسياسة وإقتصادية،وإستعراض أراء الشارع فأخذت هبة فلاشتها لتضعها فى اللابتوب الخاص بها ولتوصله بالداتا شو شاشة العرض الكبيرة التى تلتهم الحائط ، وألقت تميهدا سريعا قبل الدخول فى التقرير :_
_ أحنا طبعا عارفين أن الإعلام وظيفته التشويق والإثارة وأنه يعرض دايـم...
عقب حسام بتهكم:_
_ سخرية وإثارة أنتى كنتى بتتفرجى على أم بى سى 2 قبل ما تيجي .!!! ،أيه يا أنسة وظيفة الإعلام تقديم الاخبار الغير تقليدية بشكل شفاف وحيادى مش ال انتى بتقوليه ده ..!!
رمقته بنظرة خاطفة وهى ترسم إبتسامة صفراء ،عائدة بمقلتيها إلى شاشة اللاب توب :_
_ أيوة ال حضرتك قولت عليه ،بس قصدت أنفى مثل دايما يتقال فى الكلية أن لو كلب عض إنسان ده عادى لكن ال مش عادى أن إنسان يعض كلب ،من المنطلق ده أنا عملت تقرير مختلف شوية ،بمعنى أننا متعودين أن الولاد بتعاكس البنات طيب لو العكس ال حصل أيه رد فعل الشارع...؟،فبدأ التقرير بوقوف هبة مع صديقتها مساء ترتدى بنطال جينز ضيق وشعرها الثائر ذو اللون البنى وهى تعاكس أحد الشباب قائلة :_
_ بصى ده موز أوى .
إبتسم الشاب فى عدم تصديق :_
_ مرسي أوى
بينما مر أخر مع صديقه ،فقالت هبة :_
_ أوبا شايفة شياكة ،حلوة على فكرة البدلة دى
فأقترب منها وهو يقول :_
_ بجد عجبتك..؟.
أومأت بالإيجاب ،فأستكمل:_
_ عندى شقة حتعجبـ****
تصبب العرق من جسد حسام دون تصديق لما رأه وسمعه ،أتسعت حدقتى عينيه فى إستنكار ،ليرفع كفه ليقابل وجهها ،فضغطت على زر الإيقاف ، فأردف بجدية :_
_ أيه ده يا أنسة...!! ،ده تقرير ده ولا الكاميرا الخفية ...؟
قائلا بعصبية:_
_ ده مش تقرير طالبة فى جامعة دى طالبة فى كباريه ،بقى طالبة فى سنة رابعة وكمان مش عارفة أصول ومعايير التقرير..!!
فتحت شفتيها لتبرر ما فعلته وهى تغلى لإهانته لها:_
_ يا دكتور كنت عاوزة أقدم حاجة مختلفة وكمان عشان يبقى فى شفافية فى ردود الــــ
↚
قضم كلماتها بحزمه:_
_ الكلام أنتهى .
هبة بإندفاع :_
_ يعنى أيه إنتهى .!!،هو حضرتك تنتقدنى بالأسلوب ده ومليش حق أرد ..!
أجاب بإقتضاب وهو يحاول تحكم فى أعصابه :_
_ أى تعقيب فى مكتب مش حضيع وقت محاضرة فى تفاهتك دى
أما فى قسم مدينة نصر:_
كانت زيزي تتأمل أركان الغرفة وهى تعبث بالأقلام فى ملل إلى أن تجاوز الرائد إياد الشرقاوى باب الغرفة ،وفى يده أوراق بعض القضايا الهامة يضعها فى المكتبة الصغيرة فى أقصى أركان الغرفة ،حتى عاد إلى كرسيه الدوار ،فقدمت له زيزي نفسها بفخر:_
_ أنا زيزي البدرواى صحفية فى جريدة day
فرحب قائلا:_
_ أهلا وسهلا .
فتنحنت حينما شعرت أن عينيه كالبحر الهادىء :_
_ أحم فى الحقيقة أنا صديقة مقربة جدا لرانيا الزيات .
صدرت عنه ضحكة تلقائية وهو يتذكر(الله يحرقك يا زيزي) ليقول :_
_رانيا بتعزك أوى على فكرة .
فأقتربت إلى سطح المكتب وهى تهمس برومانسيتها المفرطة كعادتها:_
_ وأنا كمان بعزه أوى .
فقطب حاجبيه :_
_ هو مين ده ..!
فهزت رأسها:_
_ أقصد بعزها أوى يعنى ثم واصلت:_
_أنا جاية لك فى موضوع مهم أوى (وهى تسبل بعينيه مأخوذة بسحرهما الخاص وتقول فى نفسها موكوسة من يومك يا رانيا حد يسيب الحيوة ده ويبص لمعتز جتك نيلة ) ثم واصلت:_
_ مهم أوى أوى
فضطعت على الزر ليدخل له الساعى :_
_ شوف الأنسة حتشرب أيه ..؟
فردت :_
_ لا لا شكرا .
فقال إياد بكرمه :_
_ قولى بس
فأبت فأمره :_
_ خلاص هات لنا 2 قهوة يا ابنى .
فعلقت بإعتراض:_
_ لا قهوة أيه أنا على لحم بطنى من الصبح ،والقهوة حتدوخنى .
إبتسم إياد برقة ليعزم عليها :_
_تحب أعزمك فى مكان نتغدى فيه ونتكلم عن الموضوع المهم ال جاية لى فيه..؟
لكن ردها جاء على عكس توقعاته فأردفت:_
_ ياريت
فى مركب نيلى ألتقت الشلة للنميمة كعادتهم عن ما حدث لهم طوال الأسبوع ،تقص عليهم زيزي مغامراتها فى الندوات الادبية المختلفة ،أما تسنيم فمنحها منيب فرصة أخيرة لإثبات ذاتها بعمل برنامج إذاعى لها لكن بشرط أن تجيد ترويجه على مواقع التواصل بشكل حسن وأن يلاقى إستحسان الشباب ،أما هبة فلا تكف عن التذمر من تصرفات المعيد معها حتى غمزت لها زيزي:_
_ مش طايقك أيه بس ..!،علينا بردو الكلمتين دول ،أنتى خايفة نحسدك ولا أيه هههه
تنهدت هبة بيأس:_
_ على أيه بس على الأسطوانة ال بيسمعهالى كل يوم فى المحاضرة قدام زمايلى أنى مستهترة ومش قد المسئولية..!!
↚
فأردفت رانيا وهى تغمز بعينيها:_
_ مش مهم ال بيتقال فى المدرج المهم ال فى الكواليس فى مكتبه يعنى
حدجتها هبة بإحراج:_
_ أتلمى .
فأردفت تسنيم:_
_ هما كده يا رونى السهونات دايما وال بيعملوا ملايكة هما دول ال بيتجوزوا الأول ههههههه.
فرمقت رانيا وهى ترتشف قهوتها التركية الساخنة زيزي :_
_ وانتى يا زوزة مفيش حاجة جديدة مع يوسف..!!
فقالت زيزي بسعادة:_
_ فى حفلة قريبة أوى .
لكنها نكست رأسها بإستعباط :_
_ بس مش حينفع أحضرها .
قطبت رانيا حاجبيها:_
_ ليه..!!
فقالت هبة بسرعة وكأنها تتخلص من حمل ثقيل على قلبها:_
_ لأنها خطوبة معتز الحديدي ...!!
أشاحت رانيا بعينيها الزرقاوين إلى النيل وكأنها تحاول أن تدراى ضعفها أمام رفيقاتها ،بينما تلوم تسنيم وهبة زيزي على ذلك:_
_ احنا ما صدقنا تنسى .
ساد الصمت للحظات :_
_ ومين قال انى نسيت أنا بس بحاول أتعود على الوضع الجديد .
وامسكت بقبضتى زيزي بعيون ممتلئة بالدموع:_
_ علاقتى بمعتز حاجة وشغلك حاجة ،روحى يا حبيبتى وأنبسطى .
فهتفت هبة بحماس أخفضت حدته حين لمحت نظرات الجميع:_
_ مش حنبسط من غير ما تكونى موجودة .
نهضت رانيا بسرعة عن مجلسها وهى ترفض حتى التفكير فى الامر:_
_ لا لا لا مينفعش .
فرمقتها تسنيم:_
_ لسه بتحبيه..!!
أخذت نفسا عميقا:_
_ تعرفوا رغم أنه بعت لى دعوة فرحه بمنتهى البجاحة ،إلا انى لحد اللحظة مش مستوعبة ال عمله
عقبت تسنيم :_
_ رانيا أنتى لازم تنسيه وعشان تنسيه لازم تشوفيه وهو مع واحدة تانية على الستيدج .
ألقت هبة وزيزي نظرات نارية على تسنيم،لتقول هبة فى تصحيح :_
_ تسنيم تقصد أنك لازم تواجهى الواقع ،وبعدين بالعكس لازم يشوفك قوية ومتماسكة وأن فراقه مأثرش فيكى ،عدم حضورك حيثبت له أنك
لسه بتحبيه .
فقالت تسنيم لتخفيف الأجواء:_
_ وتسمعى وائل جسار وهو بيقول أعذريني فى يوم زفافك مقدرتش أفر زيهم .
تغيرت ملامح رانيا بشكل أكبر ،فلكزت هبة تسنيم فى ذراعها ،فقالت:_
_ أيه بهزر مهزرش..!!
لتعلق زيزي وهى تنظر لتسنيم:_
_ سكتوا الكائن ده عشان بيستفزنى .
ضحك الجميع بينما واصلت زيزي كلكم لازم تحضروا الحفلة دى ، فردت هبة:_
_ال يشوفك كده يقول أخت العريس ..!
فقالت زيزي بنظرات والهة :_
_ نفسى أوريكم يوسف أوى هييييح
↚
فى منزل هبة الشرقاوى
باتت هبة فى نوم عميق أفاقت منه على أصوات مرتفعة خارج غرفتها،فركت عينيها بذعر لتقفز من على السرير ونبضات قلبها متسارعة فى إضطراب ،فالصوت ليس غريبا عليها لأنه صوت والدها المنفصل عن والدتها منذ أعوام كثيرة ،فأختار لحياة مختلفة مع أمرأة أخرى فى الصعيد تاركا ورائه ابنته الوحيدة دون أى إكتراث . خطت هبة مسرعة إلى غرفة الضيوف فلمحت شاكر من خلف الباب النصف مغلق وهو يبدو فى حالة غير طبيعية يلوح بيديه بحدة صائحا فى والدتها:_
_ فين الصايعة بنتك ...؟
فأعترضت:_
_ اختار ألفاظك يا شاكر ،بنتى متربية أفضل رباية.
قذف فى وجهها أحد الإسطوانات الدائرية وهو يهتف :_
__ بنتك حطت شرفنا كلنا فى الأرض ،البلد كلها شافتها على النت وهى بتعاكس الشباب بمنتهى الفجر.
أتسعت عيني وفاء من هول المفاجأة ،فواصل :_
_ طبعا أنتى أخر من يعلم نايمة على ودنك ، فأنفجر حانقا:_
_هو أنا طلقك من شوية ما هو من إهمالك وإستهتارك .
عقبت عليه فى إحتجاج على إلقاء اللوم عليها:_
_ ما هى لو لقت أب بيحاسبها رايحة فين وجاية منين مكنش ده حالها ،أنت أب انت ..!!
قاطعتهم ابنتهم بدخولها المفاجأ وعينيهاالحمراوين وبشفتين مرتعشتين بررت :_
_ بابا ده ده ده كان تقرير للجامعة أنا معرفش إزاى نزل على النت .
ثم واصلت بصوت متقطع يشوبه تشنجاتها:_
_ والله العظيم ما أعرف
غرس أصابعه القاسية فى شعرها الحريرى الثائر وهو يقول من بين أسنانه بغيظ:_
_ تقرير أيه يا بنت ال** ال تفضحينا عشانه أنتى عاوزانى أصدق الكلمتين دول...!!
أردفت بعبراتها فى نوع من الشحتفة:_
_ لو مش مصدقنى تعالى معايا الكلية وأسأل المعيد .
أمسك بذراعها بعنف ليضعه خلف ظهرها وهى تتأوه من الألم ليضيف:_
_ لو أمك معرفتش تربيكى أنا ال حربيكى ،مفيش علام أنتى أخرك تتجوزى ويتقفل عليكي .
ثم أستطرد وهو يزيد من لوى ذراعها :_
_ ده لو لقيتى كلب يبص لك ...!،من النهاردة حبدأ إجراءت سحب أوراقك من الجامعة ومفيش تعليم .
فتأوهت من الألم ومن قبضته الغاشمة إلا إنه قال بجدية:_
_ وفى أقل من أسبوع حتيجى معايا الصعيد .
تفاجأت والدتها بالموقف فلم تستطع أن تمنعه من قراره ،لكنها إنتبهت على جملته الأخيرة :_
_ لا معاك فين يعنى ،عند مرأت أبوها أنا مش حسمح بده .
صفعها شاكر صفعة مدوية:_
_ أخرسى مسمعش صوتك أنتى السبب فى ال أحنا فيه ده...........!!
فى أحد الفنادق الفاخرة المطلة على النيل ومع تمام الساعة السابعة مساء بدء ضيوف معتز الحديدى يهلون ، وهم يلتفتون حولهم من جمال أكبر قاعات المناسبات فى القاهرة ،وبالألوان الملونة وفقرات التسلية إلى أن يأتى العريس مع خطيبته ، أما زيزي كانت كفراشات الربيع بفستانها الحريرى ذو اللون النبيتى الهادىء ،وبشعرها المصفف بعناية مبرزا لملامح أنوثتها مع مكياج خفيف ،بدت كأميرة من أميرات ديزنى ،تبحث بعينيها العسليتين المزينتين بالكحل عن يوسف فى شغف ،يقف كمال بجوارها وهو ينصب معدات العمل لتغطية الحفل ، وضعت كفيها على جبينها وهى تضيق عينيها لترى القادم من بعيد ،وجدته إياد متألقا ببدلته الزرقاء وبأسفلها قميص أبيض كبياض الثلج،فبدى كالبحر والسماء من روعته وجاذبية عطره الذى لا يقاوم ،أقترب منها ليقول بصوت هادىء:_
_ رانيا مجتش ليه...؟
↚
أجابت وهى ترفع سماعة الهاتف على أذنها بسأم :_
_ بتصل بيها كتير بيدينى مغلق ،ححاول تانى .
لا زال هاتفها خارج نطاق الخدمة ،فزمت زيزي شفتيها بوجوم :_
_ شكلها مش جاية .
منحها إبتسامة عذبة قبل أن يعلق:_
_ أن شاء الله تيجى
صاحت بحماس حينما رأت يوسف يتجاوز باب القاعة تحاوطه المعجبات :_
_ جووووو وصل أيوة بقى .
أستدار إياد للخلف ليتبينه جيدا،إنه يوسف الصياد أشهر الكتاب الشباب وأكثرهم غموض وغرابة ،يتابعه مئات الألوف بل ربما الملايين على صفحاته على مواقع التواصل الإجتماعى ،دلف إلى القاعة المفروشة بالورود بقميصه الثلجى القابع أسفل بروفل شتوى (سترة) أسود قاتم وبشعره الخشن متجها إلى أحدى الأركان الهادئة ذات الإضاءة الخافتة وهو يأمر الحرس الخاص به بإبعاد الفتيات عنه ،كان يوسف كلغز لم تستطع أن تحله زيزي بالرغم من رؤيتها له عدة مرات ،فهو لا يسمح لها ولا لأى فتاة أن تقتحم عالمه الخاص،خطت زيزي بحماسها المعهود ومرحها إلى طاولته لكن الحرس لم يتعرفوا عليها فمنعوها من الدخول له ،حيث كانت هيئتها مختلفة كثيرا عن زيها العادى من بناطيل وسترات أو قمصان ملونة ،وكان لشعرها نصيبا أيضا من هذا الإختلاف وضع أحد البودى جارد يديه على الحائط بصوت أجش:_
_ ممنوع يا أنسة .
قالت زيزي وهى تنخفض لتمر من أسفل معصميه:_
_ هو أيه ال ممنوع،أوعى كده .
أنزل يديه لتكون فى مستوى رأسها ،فنهضت غاضبة:_
_ هو أنا هاكله يعنى ..!،وبعدين أنا صحفية وعاوزة أعمل معاه حوار
الحارس بجدية:_
_ بعد الخطوبة تقدرى تتواصلى مع مدير أعماله .
إبتعدت قليلا مرددة للهجة الحارس وهى تخرج لسانها بغيظ:_
_ ممنوع يا أنسة ،تواصلى مع مدير أعماله أووووووووف وبعدين بقى
ألتمعت فى رأسها فكرة جنونية فخرجت إلى أقرب صيدلية من الفندق لتشترى شيئا ما ،وبينما هى فى طريقها لمحت تسنيم ورانيا تنزلان من أحدى السيارات الجيب السوداء ،أحتضنت زيزي رانيا بفستانها ذو اللون الوردى المبهج وغدت جميلة للغاية بشعرها المنسدل على جانبيها فى دلال بغير تصديق:_
_ رونى يا قلبى ،كنتى حزعل أوى لو مجتيش .
فعلقت تسنيم:_
_ وأنا هوا قدامك مش مهم مجيش صح .
ضحكت زيزي :_
_ لا طبعا أنتى البسكوتة بتاعتنا أى حاجة من غيرك متكلمش
عقبت رانيا بإبتسامة خفيفة وهى تنظر لتسنيم :_
_ مكنتش جاية فعلا بس تسنيم أصرت
زمت زيزي شفتيها بمرح:_
_ تسنيم بردو ماشى ماشى .
بينما تسنيم قالت وهى ترفع طرف فستانها ذو اللون الكحلى الجميل وتعدل من شعرها الأصفر بتلقائية:_
_ المهم إياد جه ..؟،أوبس سورى
شهقت زيزي من المفاجأة وهى تقول من بين أسنانها :_
_سورى أيه الله يخربيتك ودتينا فى داهية أنا غلطانة أنى قولت لك من الاول .
نظرت لهما رانيا فى إندهاش:_
_ بقى كده...؟، تقوليلي زيزي مش راضية تنزل شغلها عشانك وحيتخضم من مرتبها...! ،وكل ده عشان سي إياد .
إستدرات للخلف عائدة للسيارة لكن صوت رجولى أوقفها بحنو :_
_ وماله إياد ،أنتى شايفانى بعرج قصادك ...!!
______________________________________________
↚
مطبخ الفندق
عادت زيزي بعد قليل إلى الفندق متجهة مباشرة إلى المطبخ ،وهى تضع أحد الأكواب على منضدة صغيرة ،تسكب بعض من المشروب الغازى بها وهى تفرغ كيس صغير أحضرته من إحدى الصيدليات وتقلب بمكر ،سألها أحد العاملين عن ما وضعته فعلقت وهى تمسك ببطنها :_
_ ده فوار للحموضة .
رمقها الرجل بإندهاش مستفهما:_
_ حموضة..!!
فأوضحت وهى تحمل الكوب خارج المطبخ :_
_ أصل أنا كنت واكلة بمبار بينه كبس على نفسى ، عن إذنك .
أثناء خروجها تعمدت الإصطدام بأحد النادلين لتسقط قطرات صغيرة من مشروب على فستانها،فتأسف كثيرا لكن بلا جدوى ،فقالت بعصبية:_
_ أنت عارف الفستان ده بكام ...!!
فأعتذر:_
_ أنا أسف يا فندم ..
رفضت مسامحته وهى تصيح بصوت عال:_
_ هاتولى المسئول عن القاعة دى وحالا.
فقال النادل برجاء:_
_ حضرتك كده حتقطعى عيشى ،طيب أيه ال يرضيكى وأنا أعمله ..؟
إبتسمت فى خبث وهى تناوله الصنية:_
_ الكوباية دى تنزل على طربيزة يوسف الصياد .
علق فى خوف:_
_ لا لا مينفعش يا أنسة .
فأشارت لفستانها بتهديد:_
_ على فكرة البقع لسه منشفتش ،ها حتعمل ال قولت لك عليه ولا ..؟
أستعدت الفرقة الموسيقية لبدء إستقبال العروسين ،وفتحت الأبواب على مصراعيها وعلت الزغاريد وأجواء البهجة المكان كانت تسنيم بالخارج تستشنق بعض الهواء فأجواء الحفلات لا تستهويها عادة لما فيها من صخب ، بينما كانت رانيا الجالسة إلى جوار إياد شاردة فى العروس منذ اللحظة الأولى لدخولها وهى متأبطة ذراع معتز الجذاب بمظهره وشياكته المألوفة ،تسأل نفسها لماذا فضلها معتز عليها ..؟ ،ثم إبتسمت ساخرة من سؤالها الساذج فابنة الوزير لا تقارن بابنة أحد مدراء البنوك ،لكن كيف تنتصر شهوة السلطة على شهوة الحب ..؟،كيف تباع سنوات الحب بالمال ..؟، أم أنه كان وهما،كان إياد يراقب الموقف فزيزي حين قابلته حكت له كل شىء لكى تنقذ صديقتها وتعوضها كما ترى هى بحب أقوى كما أن زيزي ترى أن إياد لا ينقصه شيء ، تنحنح إياد وهو يعدل من هندامه ليأخذها من تركيزها عليه:_
_ بس الفستان جميل أوى عليكى أنا لما شفتك على الباب قولت أنتى العروسة ،ده العروسة حتى متجيش ربع جمالك .
ردت بإقتضاب وهى تسحب سيجارتها:_
_ربنا يخليك .
فأبتعد بكرسيه قليلا ليقول:_
_ السيجار دخانها بيأثر على القفص الصدرى .
رمقته رانيا لتقول بعد إكتراث وهى تقبل السيجارة بعنف :_
_ متحلمش إنى أطفيها .
علق مضيقا عينيه :_
_ ومين قالك أنى عاوزك تطفيها...؟ ،دى حاجة شخصية ترجع لك أنتى ،أنا مبحبش أقول لحد يعمل أيه وميعملش أيه .
إبتسمت رانيا بينما سعل هو بشدة،فقالت وهى تطفأها فى المنفضة الزجاجية :_
_ خلاص خلاص حطفيها .
فكان معتز طوال الوقت مركزا عليها وكأنها المدعوة الوحيدة مندهشا من قوتها وحضورها إلى أن دعاه منظم الحفل للرقص السلو مع خطيبته على إحدى الأغنيات الأجنبية ، تحضنه بعمق والفرحة لا تغادر وجهها ،بينما رانيا متسمرة فى مكانها ،كم حلمت أن ترتدى الأبيض له ..؟، وكم من المرات سمعا تلك الأغنية وحلمت أن ترقص عليها ،بعد لحظات هم الجميع إلى الرقص فأشاحت ببصرها بعيدا وكأنها تهرب من شيء ،فمد لها إياد يديه الناعمتين لتشاركه الرقص ،فأعتذرت منه وعينيها لا زالتا ممتلئتين بالحكايات والتفاصيل بينهما ،كان معتز يراقص خطيبته وهو ينظر لحبيبته السابقة بإنتصار فأمسك المايك ليقول :_
_ النهاردة حودع العزوبية مع أجمل وأرق إنسانة ،مع ال بتسمع كلامى عشان تريحنى ،مع ال حتبقى أم ولادى مع نيفين الحلفاوى .
صفق الجميع بحرارة بينما حملها معتز بين أذرعته وهو يلف بعروسته فى سعادة زائفة وقلبه يبكى دما على فراق رانيا لكنه لا يعلم لما يعايش هذه المشاعر المتناقضة ،أما رانيا فكان وقع كلماته على قلبها ك
كالرصاص ،فهو يعطيها إذنا بكرهه وأسبابا وجيهة لإنتهاء علاقتهم .
أما زيزي فكانت واقفة بداخل أحد الحمامات الداخلية الرجالية الموجودة بأسفل القاعة حيث تتصل ببار قريب وهى تمسك فى فستانها وكأنها تنتظر أحد ما ،فكان هناك شابين يغسل أحديهما يديه بينما يرش الأخر القليل من برفان ،فقال أحدهماوهو يغمز بعينيه :_
_ شكل الخطوبة ال فوق دى مليانة موزز
بينما علق الاخر وهو يقترب منها وأثار السكر على وجهه:_
_ ما تيجى يا حلوة نقشرك .
رفعت إصبعها المرتعش فى تحذير:_
_ أنا بحذرك لو قربت منى حصوت وألم عليك الناس .
فزاد من قربه فقالت بتوتر:_
_ أنا صحفية وحوديكم فى ستين داهية .
وكان الأخر لا يزال سكيرا فأردف بتهكم:_
_ لو أنتى صحفية فأنا مدير تحرير
ودنا منها برائحة فمه الكريهة وهو يضع يديه على الحائط بينما أغلقت عينيها بقوة لتسيل دموعها....
↚
ملحوظة فصل فيه مشاهد فى صعيد ممكن اللهجة مش مظبوطة معايا شوية بعتذر عن ده طبعا بس والله بذلت وقت كبير فى موضوع لهجة اشوف بيتكلموا ازاى فاعذرونى😂والصعيد كلهم ع راسي ❤
أما زيزي فكانت واقفة بداخل أحد الحمامات الداخلية الرجالية الموجودة بأسفل القاعة حيث تتصل ببار قريب وهى تمسك فى فستانها وكأنها تنتظر أحد ما ،فكان هناك شابين يغسل أحديهما يديه بينما يرش الأخر القليل من برفان ،فقال أحدهماوهو يغمز بعينيه :_
_ شكل الخطوبة ال فوق دى مليانة موزز
بينما علق الاخر وهو يقترب منها وأثار السكر على وجهه:_
_ ما تيجى يا حلوة نقشرك .
رفعت إصبعها المرتعش فى تحذير:_
_ أنا بحذرك لو قربت منى حصوت وألم عليك الناس .
فزاد من قربه فقالت بتوتر:_
_ أنا صحفية وحوديكم فى ستين داهية .
وكان الأخر لا يزال سكيرا فأردف بتهكم:_
_ لو أنتى صحفية فأنا مدير تحرير
ودنا منها برائحة فمه الكريهة وهو يضع يديه على الحائط بينما أغلقت عينيها لتسيل دموعها الساخنة ،أقترب بشفتيه الغليظتين منها فصرخت فى فزع:_
_ ألحقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووونى .
فوضع كفه الخشن على فمها وهو يخرج أداة حادة من جيبه ليقطع الجزء العلوى من الفستان ليبرز معالم أنوثتها ،فكزت بأسنانها على كفه فستل يده بسرعة مزمجرا:_
_ يا بنت العضاضة بقى كده ،طيب أنا حوريكى.
صاحت بصوت أعلى ممتلىء بالخوف والقلق :_
_ يا لهووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو__________
بتر كلمتها بقبلة عميقة بينما كان يوسف فى تلك الأثناء برفقة حرسه الخاص على بعد عدة أمتار من الحمام ،معدته متعكرة بعض الشيء ،يريد أن يفرغ ما بها فى أقرب حوض ،أطبق على فمه بقوة كى لا تتساقط بقايا الطعام ،تناهى إلى مسامعه صوت نسائى يستنجد ،فهرع مع رجاله بأمر منه إلى مصدر الصوت ،ليدلفوا إلى الحمام ،وشد الحرس الخاص به المتحرشين من ياقتهم ،وهم يكيلون لهم الضربات فى أماكن موجعة ،بينما كانت زيزي تمتم بكلمات الشكر والحمد إلى الله ،لمحت يوسف فأنخفضت مسرعة لترفع بقايا الفستان لتدارى منه فى خجل وحياء شديدين مفاتن أنوثتها ،وهى مثبتة نظراتها فى الأرض ،أقترب منها يوسف متسائلا فى إستنكار:_
_ أنتى حتطلعى كده ...؟
أجابت ببراءة وطفولية وهى تجفف دموعها متناسية ما حدث من لحظات :_
_ أنت خايف عليا..!!
عقب يوسف بإستغراب وهو يتفرس صوتها وكأنه يحاول تذكر أين ألتقى بها من قبل:_
_ لا مش كده ،بس نظرات الناس بره مش حتبقى لطيفة معاكى .
فنكست رأسها بإحباط :_
_ طيب عن إذنك .
إعترض طريقها وهو يخلع عن سترته الشتوية (البروفل ) ليعطيها لها كنوع من الإنسانية لا أكثر ، بينما هى تحدجه بذهول غير مصدقة وهى تفرك عينيها فى غير تصديق ،فهى فى موقف تحسد عليه من الكثير من الفتيات اللواتى تتمنين أن يمنحهن يوسف الصياد نظرة وليس سترة ،ما أن أعطاها ظهره وأرتدت البروفل (السترة ) بجسد مرتعش ، ووصلت لجيوبها الأنفية رائحته الذكية حتى سقطت مغشية عليها.
↚
فى القاعة بالدور العلوى:_
إنتبهت رانيا من هواجسها ودوامة أفكارها على صوت تصفيق قوى وصفارات حادة ،فركزت بعينيها على الباب لتجد عمرو دياب مع فرقته الموسيقية يتقدمون الصالة إلى المسرح فى أجواء من البهجة ،إعتلى "دياب" المسرح وهو يقدم باقة من أروع أغانيه بينما تشكل صديقات العروسة دائرة كبيرة حولها على الستيدج وهى تتمايل بفستانها وتدور به كطفلة صغيرة فى ليلة العيد ، أما رانيا فكانت غارقة فى ثورتها الداخلية ومشاعرها ،تحاصر أناملها السيجار بعنف ،مبتسمة فى بلاهة لمعتز الذى عاملها كهذا السيجار تماما فحين فرغ منها وإنتهى من تسليته تركها تحت أقدامه لكن هل يعود السيجار يوما للإشتعال..؟ لاتدرى . و بعد مرور عشر دقائق كان إياد واقفا أمامها وهو يحمل أكواب من الشوكولاتة الساخنة المفضلة إليها تتبعه تسنيم بصنية الحلويات المفضلة أيضا لرانيا مما جعلها تشك فتسائلت فى خبث:_
_ مش معنى الشوكولاتة يعنى ال جبتوها ..؟ .
برر بثقة وهو يداعب عينيها :_
_ عشان أنا كمان بحبها،بحبها أوى
تنحنت رانيا وهى تهرب بمقلتيها صوب تسنيم:_
_ أحم وانتى يا رويترز م..
عقبت تسنيم وهى تلتهم قطعتها بشراهة فى تلقائية :_
_ أصل أنا قولت لإياد أنك بتحــ
بترت كلماتها حين شعرت بحركة إياد بقدمه أسفل الطاولة ليلكزها فضحكت رانيا:_
_ ههههههههههه على فكرة دى رجلى ال أنت عمال تخبط فيها من الصبح .
فعلل إياد بإرتباك :_
_ أنا أسف مقصدتش .
وألقى نظرة عاتبة على تسنيم ،فأضافت رانيا بمرح :_
_ هى تسنيم كده مبيتبلش فى بوقها فولة ههههههه.
فمالت رانيا على أذن تسنيم هامسة:_
_ المصيبة التانية فين..؟
ردت تسنيم وهى ترتشف الشوكولا باحثة عنها على طاولة يوسف:_
_ تلاقيها مع يوسف .
فعقبت رانيا بمزاح:_
_ طبعا الليلة ليلة هنا وسرور هههههههههههههههههههه ،يا عينى عليك يا يوسف مش حتخلص الليلة .
وعلى ذكر زيزي دخل يوسف فجأة بقميصه الثلجى المثنى وبشعره الغجرى إلى القاعة ،وهو يلتقط أنفاسه حاملا زيزي الغائبة عن الوعى بين ذراعيه ،ما أن تبينته تسنيم حتى هبت فى فزع من مجلسها بينما صرخت رانيا فى ذعر على صديقتها :_
_ زييييييييييييييييييييييييييييييييييزى....!!!
فى جامعة القاهرة :_
_ كان حسام السنهورى يرص أشرطة الفيديوهات لتقارير الطلاب فى مكتبته الصغيرة بالطابق العلوى ، متجها إلى مكتبه ليجلس على كرسيه المهتز بحركات متوازية متناغمة ،ثم وضع يده فى أحد الأدراج ليستل منها أوراقا هامة لمحاضرة اليوم ،تتصاعد الأبخرة من فنجان القهوة الساخن القابع على سطح المكتب ، قطعت عليه طرقات الباب عزلته وإنشغاله ،فأذن للطارق بالدخول ، لتتجاوز ولاء بفستانها النسكافيهى الباب وهى تحملحقيبتها الجلدية ،أشار لها حسام بالجلوس وعينيه مركزة على الأوراق فتسائل فى تعجب من زيارتها الغير معتادة له:_
_ خير يا ولاء فى حاجة ..؟
قالت وهى تبتلع ريقها بصعوبة :_
_ مش حضرتك أخونا الكبير..؟
أجاب بسرعة وهو يحملق فيها بحيرة:_
_ أيوة ،انتى فى مشكلة ولا أيه..؟
هزت رأسها فى تردد:_
_ لا بس بس..
حسام بتعجب وكأنه يسحب الكلام من لسانها سحبا:_
_بس أيه ما تتكلمى ياولاء قلقتينى .
ردت بهدوء كمن حسم أمره:_
_ هبة الشرقاوى فى كارثة كبيرة جدا ، ومحتاجة رأى حضرتك فيها
أستفسر فى قلق كبير:_
↚
_ مش فاهم ازاى ..؟
تنهدت ولاء فى ضيق:_
_ التقرير المصور ال عرضته فى محاضرة حضرتك ،منعرفش إزاى نزل على النت باباها فى الصعيد شافه ، وجالهم القاهرة وحالف ليقعدها من التعليم .
حسام بإستهجان :_
_ يقعدها أيه أحنا فى العصر الجاهلى هنا ،تعرفى عنوانها طيب ...؟، فأومأت بالإيجاب
فى شركة معتز الحديدى
تشرت الشمس أشعتها الذهبية لتعلن عن بدء يوم جديد، يعمل فيه الجميع بنشاط وحيوية غائبين عن معتز الحديدى ،والذى بدى واجما منذ ليلة أمس وكأن فى حلقه غصة ما ،لم يداعبه النوم منذ ليلة البارحة وكأنها جنازته وليس خطوبته ،لا زال هاتفه بين فينة وأخرى يعلن عن وجوده بوصول رسائل التهنئة ، ومع كل أزيز يصدر منه يجرى كالطفل الصغير على الهاتف ،لكن رجائه يخيب فى كل مرة ،يبتسم على سذاجته متسائلا بأى صفة ستتصل به ..؟ فلما ستتصل به ..؟، هل لكونها خطيبته أم حبيبته السابقة ..؟، هل يعقل أن يكون ذلك الشاب أنساها معتز الحديدى فى غضون أيام..؟،أم إنها لم تكن لتحبه فى الأصل..؟ ،نفض عنه رأسه وهو يقنع نفسه بإنها كانت متيمة به ،تكاد رأسه أن تنفجر من مشاعره المتناقضة ،كرر الإتصال عليها عدة مرات لكن لم تجب ،فلم ييأس فجائه صوت ناعم على الطرف الاخر من الخط قائلا :_
_ عاوز أيه يا معتز...!!
قال بتلعثم:_
_ عاوز أطمن أطمن على زيزى
ردت بغضب وكأنها لم تنتظر تلك الإجابة منه فكان خيالها يقودها إنه سيقول(وحشتينى مش قادر أعيش من غيرك):_
_ أه الحمد لله كويسة ،ولو سمحت متتصلش على الرقم ده تانى .
تسائل بصوت دافىء شعرت منه إن قصة حبهما لم تنتهى لإهتمامه:_
_ مين ال كان معاكى أمبارح ..؟
ردت بوهن :_
_ يهمك أوى تعرف مين..؟
معتز بإهتمام:_
_ أكيد.
سهمت لثوان تذكرت فيها كلمة زيزي( المهم تتعلمى من ال حصل ،ومتفتحيش ليه طريق تانى ،لأن أنانى وبيحب نفسه جدا، وقربه من البداية منك كان عشان يثبت لنفسه انه مرغوب وأى بنت تتمناه) أفاقتها كلمات رفيقتها فقالت فجأة :_
_معتز لو كلمتنى تانى أنا حقول لخطيبتك وأغلقت الهاتف فى عنف
منزل هبة الشرقاوى :_
صعد حسام على درجات السلم القديم المتهالك ليصل إلى الدور الخامس فى غحدى الاحياء الشعبية المطلة على كافيه تتصعد منه الادخنة وأصوات قرقرة الشيشة طوال اليوم ، ضغط على الجرس عدة مرات حتى فتحت له والدة هبة وهى تعدل غطاء رأسها مجففة عبراتها الساخنة والتى لا تكف عن الهطول منذ أخذ شاكر لابنتها بالقوة إلى الصعيد وقرارات أعمامها المتعسفة ،تتأمل حسام بجسده الرياضى وعينيه السودواوين اللامعتين بعدم إستيعاب ،فألقى عليها السلام ،ردته قائلة :_
_ وعليكم السلام ، مين حضرتك..؟
حسام وهو يقدم نفسه :_
_ انا حسام السنهورى معيد فى كلية الإعلام
ما أن ألتقطت أذناها الاسم حتى تهللت أساريرها فأشارت بكفها إلى عرفة الضيوف:_
_ أهلا وسهلا، أتفضل أتفضل .
لا تدرى كيف تفاتحه فى موضوع ابنتها ،لكن إن كان لا يعرف فلما جاء..؟، لا بد أن ولاء أخبرته،أردف وهو يتلفت حوله وكأنه يبحث عن شيء ما:_
_أمال هبة فين...؟
والدة هبة وهى تأخذ نفسها بعينين دامعتين:_
_ والدها خدها الصعيد من يومين . ثم أستكملت فى صوت متقطع:_
وعمامها عاوزين يقتلوها ويغسلوا عارهم.
طمئنها بصوته الرجولى الحانى:_
_ إن شا الله مش حيحصل حاجة وحشة متقلقيش.
قالت بلهجة منكسرة :_
_ أنا ماليش غيرها هى ال طلعت بيها من الدنيا هبة بنسبة لى قلبى ولو خدوه حموت ثم واصلت بجراء يشوبه الضعف وغريزة الامومة:_ _عشان خاطرى يا أستاذ حسام أعمل أى حاجة بنتى بتضيع منى .
فى الصعيد
كانت العائلة مجتمعة عن بكرة أبيها ،تنصب محكمة لمحاسبة هبة على فعلتها الشنيعة ، وقد صدر أمر القتل لكن الطريقة لا زالوا يختلفون فيها ،أرجعت هبة ظهرها إلى أحد المساند وعينيها منكستين فى الأرض ،حيث تملكها اليأس فلم تعد تبريراتها كافية ولا احد يسمعها ، الحزن مسيطرا على ملامحها ،إجتمع أعمامها ممدوح وأسامة وهما غير متعلمين لتحديد مصيرها ،بينما كان أبوها منكسرا لفعلة ابنته مستسلما للعادات والتقاليد فى يأس حكم هو على نفسه به حين أرغمها على السفر إلى الصعيد ،ولم يخطر بباله أحكام أخوته هذه ظن أنهم سيؤدبون ابنته فقط لا أكثر،قال ممدوح عمها الأكبر وهو يفرك شاربيه بتفكير:_
↚
_ أحنا نجتلوها بالرصاص
أعترض أسامة فى خوف:_
_ لا رصاص أيه ،عاوز تودينا فى داهية يا ولد ..؟
رد فى إستنكار:_
_ أمال يا فالح عاوزنا نسيبها جده دايرة على حل شعرها والبلد تجول معرفناش نربى..؟
عقب أسامة معللا:_
_ مجولتش جده أنا بجول نرميها فى الترعة وكأنها ماتت منتحرة ،بدل سين وجيم .
خبط ممدوح بكلتا يديه على المنضدة بعصبية:_
_ أنت غبى ..!!، أحنا معيزنيش نبين انها انتحرت ،عاوزين نظهر لأهل البلد أننا غسلنا تارنا وشرف العيلة طهرناه .
توقف الحديث بدخول زوجة أخيهم مع شاب غريب ، حدق الجميع بشاكر متسائلين:_
_ مين ده يا شاكر..؟
فتح شاكر فمه للحديث ،فقال حسام بجدية بالغة:_
_ أنا خطيب هبة الشرقاوى ، ولمعيد فى كلية الإعلام بجامعة القاهرة.
وكأن كلماته كصاعق نزلت بأهل البيت بينما أتسعت عينى هبة فى ذهول ،تتملكها أحاسيس غريبة ،لكنها لم تقوى على نفى ما قاله فأما الموت وأما تلك الخطة السخيفة لا بد من إنه وضعها مع والدتها ، زم أسامة شفتيه فى حنق :_
_ انت بجى ال لوثت شرفنا ،ده أنت نهار أبوك مهوش فايت .
حسام بتهديد:_
_ لو حاولتوا تعملوا أى حاجة ،فالشرطة عارفة مكانى وحيتقبض عليكم .
ممدوح وهو يعتدل فى مجلسه مستنفرا:_
_ يعنى يرضيك جده ال هبة عملته ...؟
قال حسام بحزم:_
_أنا ال طلبت منها ده فى صميم الشغل بتاعنا .
فتح أسامة فمه فى إنزعاج:_
_ يعنى انت موافق على جلة الحيا دى...؟، ثم واصل وهو يشد هبة من شعرها بقسوة وهى تصرخ قائلا:+
دى فاجرة وعاوزة ال يربيها ؟
سحبها حسام خلف ظهره من معصمها وقد نزل غطاء رأسها على الأرض ، قائلا :_
_ لو مديت أيدك عليها حكسرهالك ...!! .
ضحك ممدوح بإستهزاء :_
_ بأى حج ..؟
فاجاب شاكر :_
_ بإعتبار أنه حيكتب كتابه عليها فى خلال ساعات
↚
طاولة مربعة تعلوها شمسية ،محاطة بطاولة وثلاث كراسى ،تجلس الرفيقات على تلك الكراسى البلاستيكية المطلة على النيل،لبدء فعاليات جلسة النميمة الأسبوعية والإتيان بالموجز الأسبوعى ،تلتهم تسنيم طبق المقرمشات اللذيذة كعادتها فى نهم ،بينما ترتشف زيزى ورانيا أكواب النسكافيه الساخنة،متسائلين عن سر إنشغال تسنيم بالفترة الماضية ،حيث تستعد لإعداد أولى حلقات برنامجها الإذاعى فى نهاية الأسبوع إلا أن جميع محاولاتها بالحصول على موضوع مختلف وشيق باءت بالفشل ، كما أن عقدها مع منيب كانت من ضمن شروطه أن يكون البث تجريبى لعشة حلقات فأن نجحت فسوف يكون البرنامج يومى وبشكل دائم ،قفزت زيزى فجأة من على كرسيها كمن لدغها عقرب ،سألت تسنيم بفزع :_
_ أيه يا بت مالك...؟
أجابت زيزى وهى تصفق بكلتا يديها بحرارة:_
_ ياس ياس لقتها
تسنيم متسائلة بإهتمام:_
هى أيه ..؟
زيزى :_
_ موضوع الحلقة ،ده حيكسر الدنيا
تسنيم بفضول ونفاذ صبر:_
_ قولى يا فيلسوفة زمانك .
قالت زيزي بصوت خفيض وهى تداعب خصلات شعرها الناعمة ،وقلبها يكاد أن يرقص فرحا:_
_ يوسف الصياد .
تسنيم بتساؤل:_
_ _ماله..؟
زيزى بجدية وإندفاع:_
_أستضفيه صدقينى حيشهرك جدا .
تسنيم بتنهيدة متعبة:_
_ أنتى هبلة يا بنتى ،أنتى عارفة مصر نسبة الشباب ال بيقرأ فيها كام..؟، وكمان ليوسف بتاعك ده ..!!
هزت رأسها فى نفى وواصلت فى تشجيع لفكرتها:_
_ لا لا يوسف عنده جمهور كبير أوى ،وبجد حتستفادى جربى ومش حتخسرى حاجة .
تسنيم بإستسلام:_
_أوك
زيزى وهى ترفع هاتفها الخاوى على أذنها بإستعجال :_
_حكلمهولك .
تسنيم وهى تأخذ شفطة من عصير المانجو البارد:_
_يارب بس مدير أعماله ميمنعكيش
زيزى وهى تغمز بعينيها العسليتين :_
لا ما أنا معايا رقمه الشخصى ، أدهولى يوم الحفلة .
تسنيم بمشاكسة:_ تقصدى يوم ما فضحتينا هههههههه .
أعطاها الهاتف صوت رنات متقطعة ،حتى كادت أن تيأس ليأتيها أصوات زحمة و كلاكسكات السيارات ومأنه فى مكان مرورى مزدحم ،فقالت بشغف:_
_ أزيك يا أستاذ يوسف..؟
رد عليها بتركيز على طريقه:_
_الحمد لله ، وأنتى عاملة أيه يا زيزى دلوقتى ..؟
قبلت الهاتف الخلوى عدة مرات بتلقائية وهى تضعه على قلبها (أشكرك وأحمدك يارب ،يوسف بيسأل عليا لا ده أنا أعمل فرح بقى ) ،أنتهت من نشوتها على صوت رجولى وهو يقول ألووو ، ردت بسرعة متنحنحة:_
_ أحم الحمد لله فى الحقيقة كان لى رجاء عند حضرتك.
يوسف وهو يدير مفاتيحه فى محرك السيارة التى توقفت عن العمل :_
_أتفضلى .
أردفت زيزى بصوت مرهف يشوبه الرجاء:_
_ كنت عاوزة حضرتك تكون ضيف على برنامج إذاعى تقديم تسنيم عبد المنعم يوم الخميس الجاى الساعة 7 .
أطرق يوسف رأسه قليلا وهو يبحث عن مفكرته الصغيرة ،الحاملة لجدول مواعيده ،ليجدها فى التابلوه تفحصها بسبابته وهو يبحث عن إرتباطته يوم الخميس ومواعيده الهامة، ثم قال بجدية :_
_تمام إن شاء الله .
↚
زيزى بغير تصديق :_
شكرا أوى لحضرتك .
أخذت الفتيات تتجاذبن أطراف الحديث ،تحكى لهم رانيا وهى تضحك فى حنق على محاولات معتز المستميتة للإيقاع بها غير مبال بخطيبته ،لتمنحها زيزى شهريار الشلة قواعد التعامل مع الرجال الأربعون التى لا تعمل هى بها عادة ،لكن لا بأس بكونها المستشار العاطفى للشلة ،سادت لحظات من الصمت ،قطعتها رانيا فى شوق:_
_ تعرفوا القعدة دى ناقصها مين..؟
زيزى وقد فهمت ما ترمى إليه:_
_ والله وحشتنى أنا كمان .
أضاءت شاشة الهاتف الخاصة برانيا برقم غريب ،قطبت حاجبيها لتتبين نهايته ،لا تعرفه لكن تكرار الأتصال جعلها ترد لعله أحد يعرفها ،فجائها صوت مألوف على الطرف الأخر من الخط:_
_ ألو أزيك يا رونى.
رانيا وهى تضع كفها على فمها المفتوح بدهشة:_
_مين هبة مش معقول ،جبنا فى سيرة القط .
هبة بمشاكسة:_
_طبعا يا أندال قاعدين تقطعوا فى فروتى
رانيا بضحك:_
_لا والله ،ده لسه بقولهم هبة وحشانى .
هبة بإمتعاض:_
ما هو واضح .
علقت رانيا:_
أتصلنا بيكى كتير والله فونك مغلق.
هبة بتوضيح:_
_ ما أنا غيرت الخط.
رانيا لتزيل شوقها لرفيقتها فقالت:_
_خلصى محاضراتك وأحنا مستنينك
هبة بوجوم وكأنها تذكرت واقعها:_
_مش حينفع أنا فى الصعيد.
زيزى وهى تستل الهاتف من رانيا وقد سمعت ما قالته ،فقالت بخبث:_
_الصعيد هو دادى رجع لأيام الشقاوة ولا أيه ههههه.
هبة بلهجة غاضبة :_
_أتلمى يا زوزة ، لا أنا فرحى الخميس الجاى.
زيزى بإنتباه أكبر :_
_يا بنت اللاعيبة تغيبى أسبوع تطلعى بعريس ،مين بقى .؟
هبة بوجوم لم يفهم أسبابه:_
_حسام السنهورى .
فى الصعيد
انصرف الجميع لإنهاء مصالحهم ولعمل لإستعدادت اللازمة وتزيين البيت لكتب الكتاب ،ودعوة أهل البلد ،لكى يستطيعوا أن يرفعوا رأسهم فى فخر كعادتهم ،بينما هبة فى إحدى الغرف ذات اللون البنفسجى الهادىء ،تتصفح مواقع التواصل الإجتماعى هاربة من واقعها إلى العالم الإفتراضى ، تخبر صديقاتها بكتب كتابها فى خلال ساعات متلقية التهانى ورسائل الحب والود متمنين لها حياة سعيدة،تجاوز حسام الباب بعد أن دق عليه ثلاث مرات وأذنت له هبة بالدخول ، حيث كانت بعبائتها السوداء وشعرها المنسدل على كتفيها فى دلال ،أحس حسام أن الكلام محتبس بحلقه ،فلم يكن فى حسابنه ما حدث بالمرة كيف سيحادث والدته ويخبرها،وهو ابنها الوحيد ..؟،فقال بعينين منتكستين فى الأرض بإعتذار :_
_ أنا أسف بجد بس مكنتش اعرف أنى حدبسك وأدبس نفسى.
هبة بعدم إكتراث ولا زالت عينيها معلقتين على شاشة فونها الخلوى:_
_ عادى ولا يهمك.
حسام وهو مقطب جبينه مستكملا :_
_ بس أنا اتفاجأت برد باباكى
ردت بلا مبالاة :_
_ عادى ولا يهمك .
فأردف حسام وهو يمط شفتيه :_
_ بس الصراحة ومن غير زعل عمامك دول يعنى شوية جهلة .
↚
هبة فاقدة لتركيزها ،وهى تنقر بأناملها على لوحة مفاتيح الفون:_
عادى ولا يهمك .
هتف حسام بسخط لتجاهلها لوجوده:_
هبـــــــــــــــــــــــــة هو أنا بكلم نفسى...؟
رفعت عينيها لتقابل مقلتيه المظلمتين فى برود:_
_ نعم .
شد منها الهاتف بقوة قائلا بلهجة أمرة:_
ورينى كده بتعملى أيه ..؟
ردت وهى تسحبه لها بتحذير:_
_بقولك أيه متصدقش نفسك انك جوزى بقى وكده وتخنقنى .
حسام بتهديد:_
_ طيب تمام أنا حلم هدومى وأطلع لعمى أقوله ملوش لزوم المأذون وحسافر
هبة وهى تزفر بإنزعاج متذكرة عمها ممدوح الشرانى وهو يفرك بشاربيه _أحنا نجتلوها بالرصاص) فنفخت وهى تقول:_
_أتفضل أهو .
دقق فيه النظر للحظات قبل أن يتسائل فى إستغراب:_
أيه ده ...؟، مين محمد ..؟
هبة :_
_ابن خالتى .
حسام بإستهجان:_
_ ابن عمتى .
حسام وهو ضيق عينيه فى تساؤل:_
_وشادى ومروان وكريم وأمجد ووائل وأكرم وفريد..؟
هبة بمزاح:_
_دول بقى يبقوا ولاد بنت خالة بنت عمة أمى .
حسام بإستخفاف:_
لا والنبى ، ومين الأخ أنا واد مشكلة ده ..!!
هبة :_
_ ده بقى صاحبى فى المدرسة .
حسام وهو يرد إليها هاتفها:_
_ طيب دول كلهم يتمسحوا وحالا .
هبة بإستنكار لجرائته:_
_ ليه بقى أن شاء الله ...؟
حسام بجدية ووعظ:_
ولا متخدات أخدان فهمتى ولا أفهمك...!!
هبة بحنق من تحكماته وهم على البر:_
_بقولك أيه متعملش فيها شيخ عليا .
حسام وهو يهم بالخروج :_
_ تصدقى أنا غلطان أنى ببرر لك أصلا ،أنا حشهد عمى وهو حيعلقك على باب البلد ههههه
هبة وهى تترجاه فى خوف من والدها :_
_ طيب خلاص خلاص حمسحهم كلهم والله ثم تفوهت بصوت غير مسموع (حسبي الله )
↚
فى مبنى القناة الفضائية :_
بدأت تسنيم يوم من أهم أيام حياتها فهو يوم جوهرى فارق فى تاريخها المهنى ،تراجع ما كتبته وأعدته فى الأسكريبت الخاص بها ،بينما يوسف جالسا على المقاعد المقابل لكرسيها الهزاز وهو يرتشف قهوته بإستمتاع ،تنظر لهم زيزى الواقفة خلف الحاجز الزجاجى فى سعادة بالغة مع مهندس الصوت وفريق العمل الخاص بالبرنامج وهم يجهزون معداتهم حتى أعلنت بداية الحلقة ،فقالت تسنيم :_
_ مساء النور على كل مستمعينا فى برنامجنا الأسبوعى " أسرار الحب " على راديو "مشاعر أف أم" معاكم تسنيم عبد المنعم كل خميس من الساعة 7 إلى 8 تقدروا تتواصلوا معانا على الأرقام التالية ، ،نطلع لفاصل من الأغانى ونرجع تانى مع "أسرار الحب "أوعوا تروحوا فى أى حتة "
أستجمعت تسنيم أنفاسها بينما صفق لها الجميع على مهارتها وثباتها الإنفعالى ،فعادت من الفاصل لتقول أسرار الحب ،الحب مش بس بين الحبيب والحبيبة أو بين الزوج والزوجة الحب مفهومه أوسع ،ألقت نظرة على صديقتها بسعادة لتواصل "الحب بين الصحاب ومع الأهل وفى الشغل ،بالحب بنوصل للسلام والسعادة ،بس أيه أسرار الحب ،ده ال حنعرفه مع ضيفنا النهاردة وهو خلطة سحرية بين الشعر والرواية ،صاحب أعلى المبيعات بين الكتاب الشباب ،معانا ومعاكم يوسف الصياد ،أهلا بحضرتك يا فندم .
رد يوسف بخجل من تقدميتها الرائعة :_
_ أهلا بيكى .
تسنيم فى تساؤل :_
_ ممكن تقولنا بدايتك كانت إزاى فى الأدب ..؟
أجاب بتلقائية وهو ينظر لعينيها الساحرتين:_
_ فى الحقيقة أنا شاب بسيط جدا وإنطوائى بشكل ما ،ومبعرفش أعبر أحيانا بالكلام عن ال جوايا فبدأت أدونه على شكل خواطر فى الأول ، وبعدين كنت بحب بنت جدا فكتبت لها أول رواية "عيون القلب"
تملك الحزن من ملامح زيزي القاعة خلف الحاجز ، فواصلت تسنيم:_
_ أغلب روايات يوسف الصياد رومانسية ،هل نقدر نقول إنها ليها دور فيها ..؟
يوسف بغموض ونظرات غير مفهومة :_
_ معتقدش .
خرجت تسنيم عن النص المكتوب لتقول فى فضول لمحته على وجه زيزى:_
_ طيب ممكن حضرتك تقولنا ليه إنفصلتوا ..؟
رفع لها المخرج يديه فى إعتراض ،فأجاب يوسف :_
_ إعذرينى مبحبش أتكلم عن حاجة عدت .
تسنيم وهى ترتب أوراقها:_
_ تمامم ،يوسف الصياد شايف الأدب فى مصر إزاى ..؟
رد بوميض فى عينيه:_
_ فى الحقيقة أن نسبة القراءة فى تزايد مستمر وده شيء مبهج ،وعلى الرغم من إنى كاتب روايات إلا إنى بزعل لما بلاقى مثلا 50 % بيقروأ،منهم 40% بيقروأ روايات بس .
تسنيم فى أستفسار:
_ هل ليك طقوس معينة فى كتابة الرويات ..؟
يوسف بروح الدعابة:_
_لا لا خالص مبأمنش بحكاية أسمع فيروز مع القهوة والصمت التام عشان أعرف أركز ،أنا بكتب فى أى وقت وفى أى زمان المهم بس أكون حاسس إنى عاوز أضيف حاجة للأدب مش مجرد بكتب وتجارة وخلاص .
تسنيم بإبتسامة واسعة :_
بما أن اسم برنامجنا "أسرار الحب" فهل ممكن تقولنا سر لإستمرارية العلاقات ..؟
يوسف بإقتضاب:_
_ الإهتمام
_ أستاذ يوسف للأسف خلصت فقرتنا و نورتنا وأستمتعنا بالحوار معاك جدا، حنطلع لفاصل ونرجع تانى أوعوا تروحوافى أى حتة .
ما أن أنتهت تسنيم من حلقتها حتى احتضنتها زيزى فى إعجاب بأدائها:_
_ الحلقة مكسرة الدنيا بجد أيه الدماغ دى يا بنتى .
↚
رانيا بسخرية:_
دماغ أيه لا وكسة ، أنتى مالك أنتى هوأنفصل عنها ليه عالم حشرية.
تسنيم :_
_ أصلك مشوفتيش زيزى وشها قلب ازاى لما قال أنه بيحب ههههه
إقطع عليهم حديثهم إيادوهو يلتقط أنفاسه:_
_معلش إتأخرت الطريق زحمة بس الحلقة سمعتها فى الطريق جامدة جدا.
تسنيم بخجل:_
_ ربنا يخليك تسلم
إياد:_
_ لا أنا مش بهنى بأيد فاضية ،وبالمناسبة دى أنتوا معزومين إنما أيه حتأكلوا صوابعكم ورائها .
زيزى بسخرية:_
_ يا سلام محسسينى أنك ال عامله .
إياد :_
لا مش أنا دى ست الحبايب.
رانيا بتلعثم محاولة الهرب:_
_ ماما اتصلت بيا من شوية وقالت لى أنها مستنينانى على الغداء بعد إذنكم .
إياد بمكر:_
ههههههههه لما تحبى تحورى متحوريش على ديدو.
رانيا بثقة:_
_ لا لا مبحورش ده بجد تحب أكلمها ..!!
إياد :_
ماشى كلميها .
جائها صوت والدتها على الخط فقالت:_
_ أيه يا ماما مش انتى عاملة لنا الغداولا أجيب ديلفرى..؟
ردت والدتها بصوتها الدافىء :_
_ لا يا حبيبتى احنا معزومين عند طنط كريمان النهاردة .
يوم الخميس
باتت هبة مضطربة من بداية اليوم كأى عروس تشعر بالتوتر والخوف من مستقبل مجهول ألقت بنفسها به مرغمة ،تذهب وتجىء فى توتر على الحمام المتصل بغرفتها ذات الألوان البنفسجية الهادئة والمريحة للعين ،حتى وصلت المزينة ( الكوافيرة) لتساعدها على عمل حمامات كريمات الشعر اللازمة وتفرد بكفها مستحضرات التجميل على جسدها ، ما أن تركتها المرأة وخرجت وهى تشد خلفها الباب ليصفع بشدة من الرياح ،حتى بدأت هبة فى تشغيل المياه الساخنة وهى تنظف جسدها بالصابون لإختفاء الشامبوهات فى ظروف غامضة ،إمتلأ الحمام بالبخار وهبة تفرك فى قدميها وجسدها لتقشير الطبقة الخارجية المليئة بأتربة المكان وعواصفه ،تعبأ الحمام بالبخار حتى شعرت هبة وكأنها ستفقد وعيها من شدة السخونة ، فخرجت من المغسل العريض_(البانيو) وهى تلف المنشفة حول جسدها المبتل ليبرز جمال ساقيها وبياضهما ، وضعت يديها على مقبض الباب لتجاوزه لكنه بدى "صدئا ولا يفتح ،أدارت المقبض عدة مرات بلا جدوى ،فأستغاثت بإختناق:_
_ ألحقونــــــــــــــــــــ ،الباب مش راضى يفتح وحموت هنا .
ظلت تستنجد بلا جدوى ،وهى تخبط بيديها الحمراويين على باب المرحاض بقوة حتى شعرت بالدوار مع الحرارة المرتفعة للبخار ،وسعالها الشديد فقدت الوعى ،كان حسام فى تلك الأثناء متجها إلى غرفتهما ليقدم عروسته إلى والدته المستاءة من ظروف زواجهما المربكة ،كأى أمرأة مصرية أصيلة تريد تزويجه إلى ابنة خالته لكنه عنيدا للغاية ، خبط على الباب المرحاض قائلا:_
_ يلا يا هبة ماما عاوزة تشوفك .
لم يأته الرد فعلق وهو يخبط بقوة:_
_ انتى يا بنتى بتولدى جوه ولا أيه ،بقالك ساعة فى الحمام..!!
إزداد قلقه عندما لم يصدر منها أى صوت ،فرفع مقلتيه وهو يضيقهما لينظر من المربع الزجاجى فى الباب ،ليجده كاللون الثلج والبخار يخرج منه نسب صغيرة جدا من أسفل عقب الباب ، حاول فتح الباب لكن المقبض كان مستعصيا على ذلك، فدفع الباب بقوة وخوف كبيرين ،حتى أستطاع فتحه ليجد هبة فاقدة للوعى مفترشة بجسدها الهزيل لأرضية الحمام ،جثا على ركبتيه وهو يحاول أن يفيقها ،وهو يضرب بخفة على وجنتيها :_
_ هبة ،هبة فوقى ،أنتى كويسة.!!!
↚
كانت عينيها نصف مغلقتين وهى تسعل وقد بدأت فى أخذ أنفاسها حين تسرب البخار إلى الخارج ،لكنها لم تقوى على الرد ،فحملها بين ذراعيه ليضعها على السرير وهو يغطيها بأحدى الأغطية القديمة ،محضرا لها كوبا من المياه ،وواضعا رأسها على وسادة قطنية مريحة ،كبس على زر الإضاءة ليترك لها المجال للراحة
ومع سدول الظلام لستائره توافدت الحشود بشكل أكبر ، وعلت الزغاريد أرجاء المنزل ،وتوقفت عجلات أحدى سيارات الجيب أمام بيت كبير عائلة الشرقاوى لتنزل منه رانيا وزيزي وتسنيم بفساتينهم البسيطة اللائقة بمكان كهذا ،صعدوا إلى هبة والتى كانت تضع لمساتها الأخيرة على فستان عرسها والنساء فى جلسة لوحدهن يصفقن ويغنين أغانى من تراث الشعبى الصعيدى ،لمحت هبة رفيقاتها فى المرأة وهم يدخلن غرفتها فقالت بعتاب:_
_ أهلا بعملى الأسود ،جايين متأخر ليه..؟
رانيا:_
_ معلش الطريق كان زحمة .
ثم قدمت علبة ملفوفة بشريط الهدايا إلى هبة لتفتحها قائلة:_
_ خدى جايبين لك الهدية دى حتعجبك أوى أنتى وحسام .
فشكرتها وهى تفك الربطة لتتسع عينيها:_
_ تسلمى لى يا رونى ،أيه ده بيبى دول يا سافلة .
رانيا بضحك:_
_ ههههههههه سافلة أيه ده يوم فرحك يا بنتى ،أنتى فاكرة أنه متجوزك عشان تلعبوا كوتشينة..!!
هبة بغضب:_ بس أحترمى نفسك بقى ،أنا متوترة خلقة .
ثم قالت لتغيير موضوع:_ أمال فين إياد..؟
رانيا:_ بيركن العربية وجاى .
اطلت زيزى برأسها من الشرفة لتقول بسخرية :_
_ بيركن العربية ولا بيشقط موزة من تحت .
هبة بفزع:_
_ موزة يا نهاركم أسود ده عمى ممدوح لو شافه حيحلف طلاق ما هو ماشى إلا أما يجوزهاله بسرعة حد يلحقه .
هبطت رانيا السلم بقفزة واحدة وبمشاعر متضاربة لتقف أمام ساحة البيت حيث إياد وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها :_
_ اجب لك رقمها..؟
إياد بدهشة:_
هى مين..؟
رانيا :وهى تخبط بقدميها فى الأرض:_
_ الأنسة ال كنت واقف معاها.
إبتسم إياد وهو يهدئها:_
طيب أهدى بس ،أنا معرفهاش هى بتسألنى بس أنا تبع العريس والعروسة عشان هما عاملين أكتر من قعدة انتى عارفة الصعيد ، وبعدين أنا حاسس بغيرة ..؟
رانيا بخجل وهى تسحب فستانها :_
_أنا ههههه حغير ليه ،ولوحت بكفها للشرفة وهى تقول زيزي بتنادى عن إذنك
إنتهت مراسم الزفاف وسافرت الصديقات إلى القاهرة تاركين هبة لمصير مجهول ، صعدت السلم مع زوجها فى توتر وهى تفكر بما سيحدث الأن، أهلها بدوا غريبين الأطوار للغاية ،تقف النساء ذات نظرات خبيثة على عتبة الحجرة وكأنهم فى إنتظار شيء ما تطالعهم هبة بعدم فهم ،أزاله عمها ممدوح وهو يربت على كتف حسام بمكر ، وهو يناوله قماشة بيصاء :_
_يلا يا بطل ورينا همتك
حسام بإستغراب:_
_ فى أيه ..!!
ممدوح وهو يفرك فى شاربه الكثيف بخبث:_
_ يعنى منتش عارف ..!!،أحنا عاوزين الشرف ال نرفع بيه دماغتنا جدام الخلج .
ثم أضاف بتردد:_
_ خصوصا يعنى بعد جلة الحيا ال مرتك عملتها والأجاويل عليها كتير .
تجمدت ملامح حسام حين فهم ما يرمون إليه وقد أتسعت عينيه دهشة لما سمعه بغير تصديق ،بينما وقفت هبة ممسكة بطرف ثوبها فى تململ ولم تفهم ما يشيرون إليه ، خرج حسام عن صمته ليقول بإستسلام وحزم :_
_ حعملكم ال عاوزينه ،بس يكون فى علمكم ال حيكلم مرتى أو يقولها تلت التلاتة كام نهاره مش فايت بعد كده..
سحب حسام هبة من يديها وهو يغلق الباب أمام الأعين الكثيرة المنتظرة ، مقتربا من هبة التى أنتفضت فى ذعر وهى تتراجع للخلف:_
_ لا أحنا متفقناش على كده .
لم يكترث لها حسام فزاد إقترابه مع تعالى دقات قلبها فى غير إنتظام ،والدموع تسيل من عينيها ،كتم زوجها شفيتها الورديتين المرتعشتين بسبابته :_
_ هووووووس ، أهلك بره لو عرفوا حاجة عن الأتفاق ده مش بعيد
يقتلوكى ..!!
إبتلعت هبة ريقها بأعجوبة :_
_ والعمل ..!!
_حسام وهو يمط شفتيه :_
_ عاوزك تصرخى جامد .
هبة بعدم إستيعاب :_
_ أصرخ أيه أنت شايفنى مجنونة قدامك..!!
صفعها حسام بشدة على وجنتيها فصرخت :_
_أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه
بينما هلل أهلها بالخارج ،وشاكر يتباهى بابنته وبكونها عذراء ،هبة تبكى بالداخل وهى تقول بتحذير :_
_ لو قربت منى تانى أنا حصرخ وألم عليك الناس.
حسام بتهكم:_
_ وحتقولى لهم أيه أن شاء الله جوزى بيتحرش بيا..!!
هبة بسخط:_
_ متقولش جوزى بس وتعمل فيها بتحبنى عشان ده كله كلام على ورق.
حسام بإنزعاج:_
_ أنتى شايفانى بحبك ده أنا أصلا مش طايقك ومش عارف أمى حتعمل أيه لما تعرف بتقريرك ..!!
هبة بإستياء:_
_ حوش وأنا بقى ال واقعة فيك و ميتة فى دباديبك ..!!،وبعدين ماله التقرير ده اكاديمى بحت
حسام بوعيد :_
_ لا بصى قلة الادب ال فى المدرج دى مش هنا ،أنتى مرأتى ولازم تحترمينى.
هبة بغضب:_
_ طيب متقولش مرأتك بس وتنسى نفسك .
حسام:_
_ عمك ممدوح بيسلم عليكى هههههههههههههههه ،ومستني منى كلمة عشان ينفخك يا بتاعة الاكاديمى ههههههه
ثم أستطرد:_
_ أحنا لازم نمشى هنا بأسرع وقت .
هبة:_
_ تمام .
حسام بنظرات ريبة وهو يقترب منها بالقماشة البيضاء:_
_ بس فى حاجة لازم نعملها قبل ما نمشى.
هبة وهى ترفع أصبعها فى خوف:_
_ لا لا كله إلا ده يالهوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ى
↚
تجمدت ملامح حسام حين فهم ما يرمون إليه وقد أتسعت عينيه دهشة لما سمعه بغير تصديق ،بينما وقفت هبة ممسكة بطرف ثوبها فى تململ ولم تفهم ما يشيرون إليه ، خرج حسام عن صمته ليقول بإستسلام وحزم :_
_ حعملكم ال عاوزينه ،بس يكون فى علمكم ال حيكلم مرتى أو يقولها تلت التلاتة كام نهاره مش فايت بعد كده..
سحب حسام هبة من يديها وهو يغلق الباب أمام الأعين الكثيرة المنتظرة ، مقتربا من هبة التى أنتفضت فى ذعر وهى تتراجع للخلف:_
_ لا أحنا متفقناش على كده .
لم يكترث لها حسام فزاد إقترابه مع تعالى دقات قلبها فى غير إنتظام ،والدموع تسيل من عينيها ،كتم زوجها شفيتها الورديتين المرتعشتين بسبابته :_
_ هووووووس ، أهلك بره لو عرفوا حاجة عن الأتفاق ده مش بعيد يقتلوكى ..!!
إبتلعت هبة ريقها بأعجوبة :_
_ والعمل ..!!
_حسام وهو يمط شفتيه :_
_ عاوزك تصرخى جامد .
هبة بعدم إستيعاب :_
_ أصرخ أيه أنت شايفنى مجنونة قدامك..!!
صفعها حسام بشدة على وجنتيها فصرخت :_
_أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه
بينما هلل أهلها بالخارج ،وشاكر يتباهى بابنته وبكونها عذراء ،هبة تبكى بالداخل وهى تقول بتحذير :_
_ لو قربت منى تانى أنا حصرخ وألم عليك الناس.
حسام بتهكم:_
_ وحتقولى لهم أيه أن شاء الله جوزى بيتحرش بيا..!!
هبة بسخط:_
_ متقولش جوزى بس وتعمل فيها بتحبنى عشان ده كله كلام على ورق.
حسام بإنزعاج:_
_ أنتى شايفانى بحبك ده أنا أصلا مش طايقك ومش عارف أمى حتعمل أيه لما تعرف بتقريرك ..!!
هبة بإستياء:_
_ حوش وأنا بقى ال واقعة فيك و ميتة فى دباديبك ..!!،وبعدين ماله التقرير ده اكاديمى بحت
حسام بوعيد :_
_ لا بصى قلة الادب ال فى المدرج دى مش هنا ،أنتى مرأتى ولازم تحترمينى.
هبة بغضب:_
_ طيب متقولش مرأتك بس وتنسى نفسك .
حسام:_
_ عمك ممدوح بيسلم عليكى هههههههههههههههه ،ومستني منى كلمة عشان ينفخك يا بتاعة الاكاديمى ههههههه
ثم أستطرد:_
_ أحنا لازم نمشى هنا بأسرع وقت .
هبة:_
_ تمام .
حسام بنظرات ريبة وهو يقترب منها بالقماشة البيضاء:_
_ بس فى حاجة لازم نعملها قبل ما نمشى.
هبة وهى ترفع أصبعها فى خوف:_
_ لا كله إلا ده يالهووووووووووووووووووووووووى
فستل حسام السكينة المرافقة لطبق الفواكه وصنية العشاء،ليخط على ساعده من الأعلى كى لا يلاحظ أحد خطا خفيف وهو يكز على أنامله من الألم وهبة مشفقة عليه ،ثم لطخ القماشة بالجرح وخرج لأهلها ليرميها لهم وليقيموا عرسا أخر وتعلو الزغاريد وينتشر خبر شرفها فى الأجواء مرافقا لضرب النار والفرحة .
فى القاهرة فى مبنى شركات معتز الحديدى
↚
فى المكتب
صعدت رانيا الدرج بحذائها الأحمر ذو الكعب العالى مرتدية سترة بيضاء على بنطال جينس أزرق وقد حسمت أمرها،ستقدم إستقالتها لا شك فعودة معتز للعمل مرة أخرى بعد شهر العسل أربكت كل حسابتها ، أستقلت المصعد الكهربائى لتصل للدور الرابع ،متجهة لغرفة السكرتارية خاصتها تجمع أوراقها ومتعلقاتها الشخصية فى إستعداد للمغادرة النهائية ،طرقت الباب على معتز وهى تعدل من هندامها ،دالفة حين أمرها ذلك الصوت الصارم بالدخول ،خطت للداخل بحذر كمن يستجمع نفسه قبل الخوض فى حرب نازية ،كان معتز (هتلر ها) ،أستقر معتز على كرسيه الجلدى يملأه بجسده عريض المنكبين ،منهمكا فى بعض الملفات الهامة ،يشير إليها بإن تقترب ،أقفلت الباب بهدوء ،حتى ظهرت على ملامحه السمراء القاسية بعض مظاهر الإهتمام ،قائلا ببرود:_
_ بقالك شهرين مبتجيش الشركة خير..!!
رانيا بحنق وهى تلوح له بإستقالتها:_
_ ومش حاجى تانى أبدا .
غلف الإضطراب وجهه:_
_ ليه..؟
رانيا بتململ :_
_ مبقتش حابة الشغل زى الأول .
معتز وهو يجس النبض:_
_ الشغل ولا صاحب الشغل ..؟
رانيا :_
_ حتفرق..؟
معتز بإستفزاز:_
_ أكيد مش كنتى حبيبتى قبل كده .
ندت منها بسمة منكسرة وبخيبة أمل:_
_ أنت عمرك ما حبتنى أصلا ، حياتك كلها ليك ليك وبسس.
لوى شفتيه القاستين بإبتسامة غير محددة المعالم ،لينهض واقفا عن مقعده وهو يدور حول المكتب بعيون تشع بالظلام ،خطت للخلف فى ذعر حتى إصطدمت بالحائط ،فدنا منها ببدنه الضخم المزدان ببذلة أنيقة ،توترت وهو يقلص المسافات بشكل أكبر قائلا بصوت خفيض فى أذنها:_
_ أنتى بتاعتى يا رانيا ،مهما قولتى ومهما عدتى ،شكلك نسيتى أيام ميزو حبيب قلبك
قال كلماته تلك وهو يسحبها من خصرها إلى أحضانه وهو يفك أزار قميصه الثلجى وكأنه متناسيا كونه فى الشركة ،أما هى فتسمر جسدها وتبخر العقل فى الهواء ،حيث وقعت كلماته الحانية على قلبها الأحمق كوقع البلسم على الجراح ، كم تود لو أن إرتمت فى أحضانه الأن ، ، ولو شكت إليه مرارة وظلمه وإستبداد الوحدة بها،داعبت رائحته الذكية أنفها الصغير وهو يلثم شفتيها الوردتين فى نشوة، أستجابت لها حين مررت أناملها على ظهره وهى تحتضنه بجسد مقشعر وبعينين مغمضتين تسيل منهما عبراتها الساخنة ،لكنها إنتبهت لأنامله ولخاتم خطبته فتراجعت خطوتين للخلف وهى تصيح:_
_ أنت عاوز منى أيه يا معتز ، مش كفاية ال عملته فيا ، أنا بكرههههك بكرهك .
معتز وهو يسكتها بنهم أكبر :_
_ من وراء قلبك ،أنا عارف.
صفعته بدون وعى وبوجه متجهم ، فصاح وهو يلامس بكفه وجنتيه أثر الضربة بإستنكار:_
_ أنتى أتجننتى ..!! ، بتمدى أيدك على ،أنتى مش عارفة أنا مين ولا أيه..!!
ثم هرع نحوها بجنون ليثبت لها رجولته ، وهو يشدها من شعرها بقسوة ،أختبأت خلف المكتب فى تلعثم قائلة:_
_ لو لو لو قربت منى أنا أنا حفضحك يا معتز .
فى الصعيد
أطلت الشمس على إستحياء لتمد الأرض بأشعتها الذهبية الدافئة ، صباح يوم جديد يسعى فيه الناس إلى مصالحهم ، صوانى الطعام تتوافد من بيوت مختلفة كنوع من المباركة للعروسين ،بينما كان الصالون ممتلئا بمن يأتون للتهنئة بالصباحية ، نزل حسام متأبطا ذراع زوجته ذات العيون الناعسة ، ملفوفة فى عباءة سمراء تدارى أنوثتها ،فجلست على إحدى الأرائك إلى جوار حسام لكى لا يثيروا الشك ،بينما هنئهم ممدوح وهو يربت على ساعدي حسام بفخر:_
_ أيوة جده رفعت رأسنا ، راجل بصحيح .
منحه حسام إبتسامة باهتة ،فقال شاكر مطمئنا على الاوضاع :_
_ ها هبة عاملة معاك أيه ..؟
أجاب بإستخفاف فهمته هى من نبرته :_
_ هبة هو فى زى هبة يا عمى ، ياااه لو كل البنات زيها ،ثم مال وهو يهمس فى صوت مسموع لها فقط (كانت البلد خربت )
علق شاكر بإستغراب فهو يعرف مدى عندها وتشبثها بأرائها وعدم الإنصياع لأحد:_
_ هبة ..؟، أنت متأكد يا ابنى هههههه ، ربنا يهديها .
_ فقال حسام بجدية مستغلا الموقف:_
_ مش مصدقنى طيب بص ، هبة يا روحى .
هبة بضحكة صفراء :_
_ نعم يا حياتى .
↚
تأوه حسام قبل أن يستكمل:_
_ رجلى وجعانى أوى من ليلة أمبارح عشان تجهيزات الفرح طول اليوم واقف .
وأضاف ممكن معلش تجيبى شوية مياه بملح ..؟
قاطعته بنبرة ملائكية للزوجة المثالية :_
_ سلامتك يا حبيبى وفى أعماقها تردد ( أنا مالى أنا يكش تولع)
فأضاف حسام برجاء يشوبه المكر:_
_ ممكن يا حبيبتى معلش تجيبى لى مياه بملح أنقعهم فيها..؟
هب عمها ممدوح وهو ينزل ساقيه من على الأريكة متضايقا من لهجة حسام :_
_ أنت بتتحايل عليها ،لع أنشف جده ،الحريم مهيش عاوزة الليونة دى ،أتعلم منى حاجة للزمن .
فألقى ممدوح نظرة جانبية على هبة أمرا :_
_ أنجرى يا به هاتى لجوزك ال طلبه .
هبة وهى تكز على أسنانها فى غيظ تتفوه بأشياء غير مفهومة :_
_ حاضر يا عمى .
ضحك شاكر موصيا:_
_ حسام بنتى أمانة عندك،أوعى تزعلها أو تهينها فى يوم ،كفاية الطفولة القاسية ال مرت بيها .
حسام مطمئنا بصوته الدافىء:_
_ متقلقش يا عمى أنا راجل أعرف ربنا ،وعارف أن الرسول أوصانا عليهم وقال "أستوصوا بالنساء خيرا " ، عمرى ما حاجى عليها ،دلوقتى بس بشد عليها شوية عشان عاوز أكسر لها الندية ال بتتعامل بيها، وعقلية ال OPEN MIND ال بتتعامل بيها .
شاكر بإرتياح:_
_ ربنا يبارك لك يا ابنى
عادت هبة بوعاء كببر(الطشت )معلقة بتريقة:_
_ حاجة تانى يا سيدى..؟
حسام وهو يحرك ضهره بعصوبة:_
_ أه معلش أنا مش قادر أوطى ،ضهرى ممسوك بشكل بشع ، فتابع بخبث:_
_ممكن تدعكى لى رجلى ..؟
هبة والنيران تنطلق من عينيها ،وعمها فى إنتظار رد فعلها هو وأبيها ليروا هل تغيرت أم لا..؟:_
_ عيونى يا حبيبى هو أنا أتجوزتك ليه غير عشان أريحك وهى تصرخ فى أعماقها( بس نوصل القاهرة يا حسام الكلب وأنا حريحك على الأخر وحطلعه على جتتك ، قال أدعكى لى رجلى فاكر نفسه سي السيد ده ولا أيه ، صبرك بس نغور من هنا وشوف هبة الشرقاوى حتعمل فيك أيه)
فى منزل رانيا :_
كانت عقارب الساعة تحبو ببطء لتعلن عن منتصف الليل ،جلست فى ذلك المساء البارد فى شرفة منزلها ، ترتشف قهوتها الساخنة ، تتصاعد الموسيقى الكلاسيكية من أنحاء الشرفة ،تبحث رانيا بعينيها فى المواقع الإخبارية عن فرص عمل ،حتى أضاء هاتفها برقم غريب ألح فى الأتصال ،فضغطت زر الرد جائها صوت نفين الحلفاوى بنشيج متبوع ببكاء مستفسرة:_
_ معايا رانيا الدويرى ..؟
رانيا بفضول:_
_ أيوة مين حضرتك ..؟
ردت كمن يبتلع كلماته الممزوجة بالعبرات:_
_أنا خطيبة معتز الحديدى
تنهدت رانيا متذكرة أحداث الأسبوع الماضى بسأم:_
_ خير فى حاجة أقدر أقدمهالك..؟
نفين بصوت متهدج:_
_أنا فى مصيبة كبيرة جدا يا رانيا أبوس أيدك ساعدينى.
رانيا فى فزع:_
_ خير فى أيه...!!
نفين :_
_ مش حينفع فى التلفون الموضوع طويل .
رانيا بإستسلام:_
طيب تحبى نتقابل فين ..؟ ،بس نهاردة للأسف مش حينفع وقت متأخر
نفين مطرقة بوجوم:_
_ خلاص بكرة الساعة 9 فى كافيه النزهة على النيل .
فى مبنى القناة الفضائية :_
مساء النور على كل مستمعينا فى برنامجنا الأسبوعى " أسرار الحب " على راديو "مشاعر أف أم" معاكم تسنيم عبد المنعم كل خميس من الساعة 7 إلى 8 تقدروا تتواصلوا معانا على الأرقام التالية ، ،نطلع لفاصل من الأغانى ونرجع تانى مع "أسرار الحب "أوعوا تروحوا فى أى حتة "
بهذه الكلمات بدأت تسنيم حلقتها الأسبوعية ،وهى تدعو الله أن يوفقها فى تحقيق أحلامها للوصول لأشهر مذيعة رادبو ،وعادت من الفاصل لتقول متذكرة جلساتها مع رفيقاتها وحديث رانيا الشارد دائما عن معتز وتناقضاته فتنهدت تسنيم" الحب والإمتلاك " معنى انك تحب حد يعنى تكون له جناح يطير بيه تساعده إنه يكون حر ويكون ذاته دايما ، الحب هو التشجيع على تحقيق الطموح ، أكبر مشاكل الحب عادة أننا مبنعرفش قيمة ال معانا غير لما بيروح مننا ،زى ما الإنسان السليم مبيحسش بقيمة الصحة غير لما تروح منه ، زى الأم لما تفقد اولادها زى حاجات كتير فى حياتنا بنفتكرها كماليات لكن فى الحقيقة وجودها جوهرى و فارق ،حنطلع لفاصل مع جنات فى أغنيتها العظيمة المعبرة عن موضوع حلقتنا النهاردة وهو حب الإمتلاك " فغدت جنات تشدو بصوتها " أتقالى عنه ياريت تحاولى تحاسبى منه ده كتير بيوعد بس مبيوفيش بوعد ،أديت له فرصة يحبنى عرفت أنه كان ناوى نتصاحب شوية وننسى بعض " ، كانت رانيا واقفة خلف الزجاج مع زيزى بجسدها لكن قلبها فى واد أخر ممتلىءبإستحقار معتز على ما فعله معها ،تعبر الأغنية عن حالتها أستأذنت قبل أن تنهى تسنيم حلقتها لتلتقى بنفين فى الكافيه لموعدهما ، فقالت نفين وهى تمسح أنفها بمنديل ورقى :_
_ أنا تعبت يا رانيا ،تعبت من معتز أوى.
أخذت رانيا نفسا عميقا قبل أن تقول فى إرهاق مفاجأ:_
_ أنتوا لحقتوا..؟، ملكوش شهر مخطوبين ..؟
نفين بيأس من حالة خطيبها:_
_ معتز طول الوقت سكران والسجاير مبتفارقش أيديه ، ومبيبطلش يجيب فى سيرتك ،ثم استطردت بعينين ككرات من النار:_
_ رانيا هو أنتوا ممكن فى يوم ترجعوا وميزو يسبنى..؟
رانيا فى نفى وهى تأخذ رشفة من كوب القهوة أمامها بإرتباك لمجرد التفكير فى هذا الامر:_
_ لا طبعا معتز بنسبة لى قصة فاشلة وخلصت عمرى ما حرجع له
نفين بحيرة:_
_ أنا مش عارفة أنتى عاملة له أيه عشان يحبك كل الحب ده..!!
رانيا بنبرة لاذعة وقد بدأت الرؤية مشوشة أمام عينيها:_
_ههههه معتز محبنيش غير لما سيبته ،دايما كده مبنعرفش قيمة الحاجة غير لما بنخسرها
نفين وقد تملكها الإحباط:_
_ أنا فكرت كتير أنى انهى الخطوبة دى حاسة ان مفيش أمل.
رانيا والدوار يداعب عينيها:_
_ متبقيش عبيطة ،ال بيعوز حاجة بيحارب عشانها مش أنتى بتحبى معتز؟؟
_ أوى اوى
فعلقت وهى تحرك يد رانيا الفاقدة للوعى فى تأنيب ضمير:_
_ سامحينــــــــــــــنى أنا أسفة معتز هدنى لو معملتش ده مش حيتجوزنى ،أنا أسفة .
كان معتز واقفا على بعد عدة أمتار منهما فى إنتظار اللحظة المناسبة للإنقضاض على فريسته ،ما أن أشارت له حتى خطا بصوبها وهو يحمل رانيا بين ساعديه فى حالة غريبة من الإنتصار ،أدخل رأسها فى السيارة بالأريكة الخلفية حتى وصل لإحدى الشقق المخلة بالأداب لكى يستأجر غرفة فيها لقضاء ساعتين من المتعة ، فرمى رانيا على السرير بقسوة ، شعرها الثائر يغطى جبينها ، حرر معتز وهو يرتكز على ركبتيه على السرير أزار قميصها الوردى،وهو يعض بصف أسنانه العلوى على شفتيه فى تلذذ ،يتفحص جسدها العارى ، وهو يخلع عنه حزامه الجلدى ، ليضع عليها بصمته التى لم ولن تنسى ،فليس معتز بمن تقف بوجه فتاة أو تصفعه ،فلا بد أن يكون أنتقامه مضاعف وأشد ، وبعد مرور نصف ساعة أتصل بمباحث الأداب للقبض على من كانوا بالشقة جميعا وهى من ضمنهم ، فأوصى حماه كريم الحلفاوى بإرسال إياد رائد الديب لإلقاء القبض على حبيبته وهى فى أحضان رجل اخر
↚
فى المهندسين بإحدى الشقق المستأجرة
وقف معتز بقميصه النصف مفتوح يتأمل صدره المشدود ذو العضلات الممتلأة بأحمر الشفاه الخاص بها فى إنتصار ،وهو يعيد تمشيط شعره الغجرى بالمشط إلى الوراء ،تاركا رانيا بساقيها الطويلتين الناعمتين تتدليان من أسفل الغطاء سابحة فى دمائها أثر نزيف حاد ،يتفرس فى معالمها بتلذذ ،تجتاحه رغبة عارمة بالبقاء لرؤيتها حين تفيق والإستمتاع بضعفها وإنكسارها ، لكن لا لن يبقى للحظة واحدة لكى يستكمل خطته ،فسار ناحية الشماعة الخشبية الطويلة فى إحدى زوايا الغرفة ذات الألوان والإضاءات الأنثوية الصارخة ،ليضع كفه فى جيب سترته الرمادية المعلقة مخرجا علبة سجائره ليحاصر بشفتيه القاستين واحدة منهما ملامسا إياها بقداحته المعدنية ،فسمع صوت طرقات على الباب فأذن بالدخول ليجلس رجل غريب على طرف السرير ، ينظر له معتز فى مرأة التسريحة وهو يعدل رابطة عنقه وينظم هيئته :_
_ عاوز البوليس يجى يلاقيكم فى حالة تلبس
الرجل وهو يستمتع النظر لجسدها العارى المثير:_
_ أعتبره حصل يا باشا .
فأضاف مراد بعينين يملأهما الظلام:_
_ وأتعابك متقلقش عليها فى الحفظ والصون وخروجك من السجن حيكون بكرة على أيد أكبر محامى فى مصر
شكره الرجل وهو يفرك يديه ببعضهما وكأنه سيلتهم طعام من نوع فاخر:_
ربنا يخليك لينا يا باشا
نفث معتز دخان سيجارته للأعلى قبل أن يقول بوعيد لم يعرف هو حتى سببه:_
بس عارف لو لعبت بديلك وفكرت بس مجرد تفكير تغتصبها قول على نفسك يا رحمن يا رحيم
الرجل وهو بشير لعينيه الملتمعتين:_
_ فى عنيا يا كبير
إصطدمت بعض كلماتهم بأذان رانيا التى بدأت بالعودة إلى وعيها ،لكن الإنهاك الشديد تملكها فجهادت لتقول بعينين نصف مفتوحتين محاولة تبين أين هى :_
_ أنا فين ..؟،أيه المكان ده ..؟
كانت الرؤية مشوشة على بصرها فى البداية ،لكن صوت معتز وهو يقول بصلابة وقسوة:_
_ أنتى فى المكان ال كان لازم تكونى فيه من زمان عشان تفوقى لنفسك ،ومناخيرك ال طالعة لنا بيها فى السما دى تحطيها فى المكان الصح .
تسارعت نبضات قلبها المقبوض مع تحسن الرؤية تدريجيا ،وهى تغطى جسدها بالملاءة فى هلع كبير ،وبصوت مرتعش من النظرات الغريبة للشاب الجالس إلى جانبها لها ،قائلة بتلعثم وقد أتسعت عينيها فى فزع لرؤيتها الدماء ممزوجة بالملاءة فنهضت صوب معتز كنسر غاضب وهى تمسك بياقته بعنف:_
_ أه يا ولاد الك*** ،سلبتونى عذريتى ،ثم صاحت بإنفعال أكبر أنا حوديك فى ستين داهية يا سافل يا منحطيا حقير
قال ببرود وهو يوجه نظراته للغريب حتى هب صوبها ، ليرغمها بيديه الخشنتين القاستيين على الإرتماء على الفراش بقسوة،فقال معتز بنظرات متشحة بالضباب وهو يلوح بكفيه مودعا إياها:_
_ باى باى يا حلوة حشوفك فى الحبس
كانت تنتفض أسفل الرجل القابع فوقها محاولة تحرير معصميها بلا جدوى ،فصاحت بعصبية كبيرة كنمرة هجم أحدهم على أولادها :_
_ باى باى دى أنا ال حقولهالك يا معتز لما أوديك وراء الشمس يا معتز الكلب
ندت منه ضحكة مستفزة حينما عاد للخلف خطوتين قبل أن يغادر:_
_ نسيت أقولك الصحافة والإعلام كلهم فى الطريق ،مستطردا بنظرات شامتة عرفتى مين فينا ال فضيحته حتبقى بجلاجل ...!!
أطبقت على عينيها البحريتين لتسيل منهما عبراتها الملتهبة تدعو أن تنشق الأرض وتبلعها فماذا سيكون رد فعل إياد وأهلها بل وصديقاتها "اللعنـــــــــــــــــــــة"، سلبها معتز حياتها لإيبائها عليه ،لكونها تمردت عليه ورفضت أن تكون من ضمن نسائه الكثيرات ، رفضت أن تخون خطيبته لتتأمر هى مع معتز عليها........!!!
لوى الغريب ذراعيها خلف ظهرها وهو يغرس وجهها البرىء فى صدره عنوة ،رافعا ساقيه على ركبتيها الناعمتين ليقيد حركتها وإنتفاضتها الثائرة ،حتى أقتحم الرائد إياد الشقة المفروشة مع ظباطه الذين إنتشروا لإلقاء القبض على مرتكبى الفواحش فى الغرف المختلفة ،حتى دخل إياد وهو يحمل مسدسه الحجرة القابعة فيها ،لينقبض قلبه وهو يرمش بمقلتيه عدة مرات بغير تصديق ،يحدج رانيا بنظرات من الإحتقار والإستياء ،يود لو أن يعاتبها لكن بأى حق ، أما هى فكانت ترفع الملاءة عليها حتى ذقنها بأصابع مرتعشة ، وبجسد ذو حرارة عالية وعيون محتقنة بالدموع ،ووجه سحبت منه نضارته ،فقال إياد دون إرادة منه وهو يطالعها من رأسها إلى أخمص قدميها بعتاب ممزوج بإزدراء :_
_ مكنتش أعرف أنك رخيصة كده..!!
خطت صوبه بملائتها الملفوفة حول جسدها الهزيل ،لتفتح فمها مبررة بثغر تملكت منه الزرقة:_
_ إياد أنا مظلومة والله همـ.....
↚
قاطعها بحزم وهو يضغط على وجهها بين كفيه حتى إلتصقت بالحائط قائلا من بين أسنانه:_
_ وال زيك بيعرفوا ربنا زينا صح..؟
إبتلعت ريقها بصعوبة وبحسرة كبرى على خسارتها لثقة إياد بها فهمست من بين عبراتها:_
_ ليك حق فى كل ال بتقوله ،بس أرجووووك أسمعنى أنا مظلومة والله هما ال شربونــ
بتر كلماتها المتقطعة قائلا بغضب:_
_ أنتى فاكرانى بريالة وحصدق تخاريفك دى ..!!،ثم واصل بحنق وبصوت مبحوح :_
_أنا شايفك معاه وعلى سريره ،بتعملى أيه فى شقة مفروشة يا رانيــــــــــــــــــــا..!!!
أجابت بأنفاس مرتعبة :_
_ ممم معتز هو ال جابنى هنا .
أشاح ببصره بعيدا عنها وكأنه يحاول تمالك أعصابه لكى لا يقتلها ويستريح ،مطبقا على فمه فى وجوم ،رانيا المتمردة كيف لها أن تقع فى شيء كهذا خاصة بعد أن عرفت بخطوبة معتز،ثم أن معتز ليس هنا فكيف يكون هو الذى أحضرها ،فأستدار إليها بجسده الرياضى وهو يزيح خصلا شعرها الكاسية لوجهها ليقول:_
_ ألاعيبك دى مش عليا ،ولو كان كلامك صح أيه ال يخليكى تقابلى واحد سابك ..! ثم هتف بإنفعال:_
_ مش كنتى بتقولى نستيــــــــــــــــــــــه..!!، محطة وعدت..!!
جففت دموعها الساخنة وهى تقول :_
_ أيوة نسيته ، ال جابتنى هنا خطيبته بإتفاق منه والله صدقنى.
صاح وهو يخبط بكلتا يديه على التسرية مشيحا بعيدا عنها حتى أنجرحت يداها:_
_ أأأأاه ، أهبل أنا بقى حصدق كلامك ..!!، خطيبته ال مفروض بتغير حتظبط لكم معاد..!!
قاطعهم صوت أحد الظباط قائلا:_
_ إياد باشا كلهم فى البوكس ،نسبق حضرتك..؟؟
قال إياد وهو يطبق على عينيه محاولا التماسك :_
_ هاتها وحصلنى
فى قسم مدينة نصر
جلس إياد على مكتبه الخشبى وهو يشبك يديه بعضهما ببعض مثبتا رأسه التى تكاد أن تنفجر بينهما،عينيه بلون الكرز منذ ليلة الباحة ، فالنوم لم يلاعبهما، لا يجيب على أية هواتف كررت زيزى به الإتصال كثيرا بلا جدوى لتتبين ما حدث لصديقتها وكتابة كل الصحف والجرائد وبدأ تداول الفضائيات للأمر لكنه لم يجب ،فأتصلت بأهل رانيا للوصول إلى حل لكنهم بدو وكأنهم لا يعرفون عنها شيئا حيث ظنوا أنها كعادتها قررت البيات مع أحدى رفيقاتهم ، تفاجئوا بما حدث لابنتهم والضيق يعتصر قلوبهم ، أتتهم زيزى بالتفاصيل من مصادرها الامنية الخاصة ،وذهبوا جميعا إلى قسم مدينة نصر عند الرائد إياد الديب ،فطلب من السجان إحضار رانيا الدويرى للقاء بأهلها ، غدت رانيا شاردة بنظراتها فى زيها الجديد ،مضربة عن الطعام منذ ليلة البارحة ،فى حالة من الصدمة لما حدث بالأمس ،ألقت بنفسها فى أحضان ولدي أبيها وكأنها تلقى بهمومها جميعا جانبا وهى تبكى:_
_بابا أيام سو سورى ،والله العظيم غصب عنى .
فربت على كتف ابنته بحنو كعادته وعينيه تسيلان على حالتها المزرية وزيزى هى الاخرى تهدهد فى صديقها،بينماإكتسى الغضب هيئتة والدتها لتلوى شفتيها المكتنزتين
قائلة :_
_ أدى أخر الدلع والفلوس السايبة،والألوفات ال بتسبها له فى أيديها ،ولا بتسألها رايحة منين وجاية منين .
رمقها وليد بحدة :_
_ مش وقته يا صفية ،البنت مش ناقصة .
صفية بتأفف وقد أحتقنت النيران فى عروقها ،وراحت عينيها كجمرتين من جهنم :_
_ انت تسكت خالص عشان دلعك فيها هو ال بوظها .
ثم شدت ابنتها من فروة رأسها حتى صرخت رانيا ببكاء مستكملة والدتها بغيظ:_
_ بقى أحنا مدينك الحرية عشان تدورى على حل شعرك يا بنت **،دى مصر كلها والإعلام كله ملهوش سيرة غيرك .
ثم أضافت ووليد يحاول تسليك رانيا هو زيزى المتوسلة برجاء أضافت والدتها وهى تكز على أسنانها :_
_ وكل ده ليه ..؟،عشان انا معرفتش أربى
وإزدادت لكمتها فى وجه رانيا حتى إحتقن بالكدمات مواصلة ووليد يدفعها للخلف:_
_ أتاريكى كل ما أجيب لك عريس بترفضيه...!،عشان محدش يقولك رايحة فين وجاية منين..!!!
هب وليد قائلا بحسم:_
_ جرى أيه يا صفية..!!!، أنا مش قولت خلاص ..!!!
↚
أردفت بإنفعال أكبر ورانيا تنتفض تحت كبشة يديهاالقاسية :_
_ أنا هقتلك وأدفنك على الحيا يا فاجرة يا ***********************
دخل إياد على صويت والدتها وإنفعالها وتهديها بالقتل حينما إستغاثت به زيزى فأمر أحد الظباط بمرارة:_
_ خدها على الحجز يا ابنى .
فقال وليد بتوسل:_
_ الحل أيه يا إياد بيه ..؟، بنتى خلاص حتفضل فى السجن..!!
بينما صاحت صفية بهستيريا:_
_ حل فى أيه،خلوها عندكم أحسن ما تبات فى الشارع،أنا متبرية منها ليوم الدين
حدجها وليد بنظرة نارية فإبتلعت كلماتها بينما قال إياد الغارق فى كرسيه الجلدى ذو اللون الزيتى :_
_ شوفوا لها محامى
أما فى الصعيد
سيطرت العتمة على أرجاء المدينة ،لا يشقها سوى نور القمر الفضى الهادىء ،أزرقة القرية لا يصدر عنها أى ضجيج ،صوت حفيف الأشجار مع صراصير الحقل غدا منتشرا بعض الشيء ،كانت هب واقفة أمام الخزانة القديمة تجمع ملابسهم إستعداد للسفر ،بينما جلس حسام مع أعمامها ببذلته الزرقاء ،فربت شاكر على كتفه:_
_ أنتوا خلاص مسافرين النهاردة..؟
حسام بإبتسامة واسعة:_
_ إن شاء الله يا عمى .
فقال ممدوح وهو يخبط على ركبتى حسام:_
_ متخليكم معانا شوية يا دكتوور
شكره حسام على كرم إضافته لهم الأسبوعين الماضيين:_
_ كان نفسى بس شغلى فى الجامعة نهاردة كان أخر يوم فى إجازتى .
ثم أضاف على إستحياء:_
_ إن شاء الله تتعوض.
هب عن مجلسه حين لمح هبة تدفع بالحقائب ذات العجلات على الأرضية الرخامية وهو يودع أهلها يوصيه أبيها عليها يعده حسام بإن يكون ونعم الزوج ، رص حسام حاجياتهما فى صندوق السيارة الخلفى ،بينما أتخذت هبة من الكرسى الخلفى مقعد لها ففتح حسام الباب وهويمط شفتيه بمزاح:_
_ ده على أساس أنك راكبة مع السواق بتاعك..؟
هبة بإستهبال:_
_ مش فاهمة..؟
حسام:_
_ أطلعى قعدى قدام .
هبة بعند:_
_ لا هنا أريح .
حسام بمكر:_
_ طيب تمام ،أنا حروح أقول لعمى أننا مدينا الإجازة أسبوعين قدام .
هبة بخوف:_
_ لا لا أنا ما صدقت ،حطلع أهو
قطع حسام الطرقات العمومية للشوراع الرئيسية ،تغوص هبة بين أحدى الروايات أهدتها لها صديقتها من قبل ،وهى تضحك وتحزن وتشارك الأبطال حياتهم ،بينما حسام مرتكزة عينيه على الطريق فقالت هبة بجس نبض:_
_ حسام أنت حتطلقنى أما نوصل القاهرة زى ما أتفقنا صح..؟
نفى برأسه وهو يضحك:_
_ لا طبعا انتى هبلة يا بنتى .
عقدت ذراعيها أمام صدرها بإعتراض:_
_ أمال ليه قولتى لى كده من الأول..؟
↚
حسام بإستسلام للتحقيق المفتوح:_
_ كنت بخدك على قد عقلك .
هبة وهى تخبط بقدميها فى أرضية السيارة :_
_ مليش دعوة طلقنى طلقنى.
حسام بإقناع:_
_عمامك كانوا حيقتلوكى عشان تقرير ما بالك لو أتطلقتى بعد جوازك باسبوعين..!!
هبة بتفكير:_
_ طيب أنت شايف أيه..!!
حسام بجدية :_
_ نستنى سنة أو 2 وبعدين حعملك ال عوزاه.
هبة بإعتراض:_
_سنتين أيه لا لا ،هى سنة وتبوس أيدك وش وضهر ، وبعدين حنعيش فين المدة دى..؟
حسام:_
_ مع ماما فى شقتها عقبال ما أجيب لنا شقة صغيرة محندقة على قدنا كده .
هبة وهى ترفع أصبعها:_
_ بس أعمل حسابك أنا بعمل الشاى بالعافية يعنى متقعدش تقولى أخدمي امى والجو ده أه أنا بقولك أهو عشان نبقى على نور.
أبتلع حسام كلماتها السخيفة قائلا بحنو:_
_ أمى أخواتى عندها حيشلوها من على الأرض شيل ،ملكيش دعوة بيها أنا عاوزك بس تسدى حيلك السنة دى.
هبة متنهدة:_
_ السنة الجاية بقى .
حسام :_
_ لا لا مفيش كلام ده ، انتى بقالك كتير فى الكلية لو بتحضى دكتوراة كنتى خدتيها.
هبة وهى تزم شفتيها:_
_ بس أنا معنديش طاقة أزاكر ومحاضرات كتير اوى فاياتنى ومكنتش ملتزمة .
حسام مقطبا ما بين حاجبيه بتلذذ:_
_ ده على أساس أنى بياع بطاطا
توقف حسام فجاة وقد لمح إمراة عجوزة تبيع الجرائد ،فأخذ واحدة منها ،ليعطيها لهبة لتقرأ له أهم الأخبار قائلا:_
_ أحنا بقالنا أسبوعين معزولين عن كل الدنيا ، شوفى لنا كده أحوال البلد أيه..؟ ، وانتخابات مجلس الشعب دى كمان .
وبينما هى تقلب فى صفحات الجريدة حتى قرأت العنوان الصادم الذى ألجم لسانها "إلقاء القبض على رانيا الزيات ابنة أكبر مدير للبنوك وليد الزيات ورجل الأعمال الشهير فى شقة للممارسة الدعارة "،أتسعت عينيها محاولة التواصل مع تسنيم التى لم تخبرها زيزى عن شيء لشدة خوفها على رانيا ،حيث شعرت بالشلل فى عقلها ولم تحكم التصرف
↚
فى قسم مدينة نصر
قضت رانيا أسوء يومين فى حياتها قبل إنتقال أوراقها إلى النيابة وأتخاذ الإجراءت المناسبة ،لا أحد يؤنس وحدتها سوى رفيقاتها المشاكسات من وقت لأخر فى محاولة منهم للتخفيف عنها ، أما والدتها فلا زالت على موقفها الهجومى تجاه ابنتها ظنا منها بإنها ستعيد تربيتها من جديد ،كما أن وصول الأمر للميديا (الإعلام ) جعلها أكثر ثورة وهياجا ففى النادى حين أرغمها زوجها على تغيير الأجواء بدل من المناحات المنصوبة فى البيت كان المرتادون على النادى حين يلمحونها يتغامزون بغموض ،وأن ذهبت للتسوق بأحدى المولات التجارية الكبرى حدق بها الزبائن بعين الريبة وهم يتهامسون بأصوات خفيضة.أما رانيا فتكورت على نفسها فى ملابسها المتسخة المجعدة بإحدى زوايا الزانزانة القديمة المهملة والمغطاة بطبقة من الأتربة،جلست رانيا وهى تضم ركبتيها إلى ذقنها بعيون شاردة فى الفضاء منذ يومين وكأن الدمع جف منهما ،تحمل بداخلها رغبة عارمة بالإنتقام فثورتها الداخلية لم تهدأ بعد ،تتردد فى أذانها كلمات معتز القاسية (عشان تبطلى تطلعى لنا السما بمناخيرك وتحطيها فى المكان الصح ) ،يرتعش جسدها وأسنانها تصتك فى ألم داخلى ومما أزاد وجومها وإضطراب ملامحها البريئة قول إياد "مكنتش أعرف أنك رخيصة كده "،سالت دموعها المتحجرة من الصدمة منذ يومين حين تذكرت صفعاته الكلامية لها ،كم تود لو أن تثبت له برائتها لكى تستعيد كرامتها أمامه لكن كيف..!!،صاحت فجأة بعصبية من تلك الوحدة البغيضة فلا أحد هنا ليشاركها همومها ولينصفها الجميع يضعها فى دائرة الشك حتى والدتها التى نشأت معها فكيف لإياد الذى لم يتعرف عليها بشكل كاف أن يفترض حسن النية فى كلامها ،رأسها يكاد أن يفجر من هواجسها الثقيلة فراحت تحادث نفسها وهى تدور فى الزنزانة كثور هائج والنيران تنطلق من عينيها :_
_ ليــــه ليـــــــــــه أنا ..؟، ثم أضافت بأنين ممزوج بالحزن وشعور بسوء الحظ كنت بدأت أحبه وأنسى معتز ليه يارب كده ..!!
جائها صوت معتز ببدلته السوداء المهندمة مصحوبة بوردة حمراء وهو يقول بإستفزاز :_
_ عشان ميزو ميتنسيش يا رونى .
أستدارت وهى تقبض كفيها فى غل كبير لتواجه عينيها البحريتين فى أمواجهما الثائرة عينى معتز المظلمتين ،خطت نحوه بسرعة فائقة وهى تمسك بقبضان الحديد بقوة تود لو أن تخلعهما تكظ على أسنانها بغيظ هاتفة :_
_ بس أطلع من هنا وأنا حقتلك يا سافل يا منحـــــــــــــــــط
نظر لها ببرود وهو يحمل فايل به عدة أوراق بدت هامة قائلا :_
_ تؤتؤ أزعل أنا كده ،معقول متعلمتيش الدرس لسه ..!!
ومرر أنامله القاسية من القضبان ليحاصر صدغها بقوة قائلا بصلابة وجحود:_
_ المرة ال فاتت لما أتجرأتى عليا شوفتى حصل أيه ،فخلينى هادى كده بدل ما أوريكى ال عمرك ما كنتى تحبى تشوفيه .
ارتخت أصباعه وهو يسحبهما بخفة بينما ندت منها إبتسامة قهر ممزوجة بلهجة منكسرة:_
_ وحتعمل فيا أيه أكتر من ال أتعمــــــــــل..!!
أجاب بنشوة وهو يرى إنهزامها وهيئتها المزرية :_
_ قضية دعارة زى الفل،أقل حاجة فيها 5 سنين .
رمقته بغيظ وهى تزفر بحنق والشرر يتطاير من عينيها فواصل وهو يلوح بمكر بالأوراق معه:_
_ لو عاوزة تطلعى منها قبل ما الموضوع يتحول للنيابة وتبقى قضية ومحاكم ومحامين يبقى تمضى على العقود دى
قطبت ما بين حاجبيها بإستغراب فلما يعطى معتز لتلك الأوراق كل هذه الأهمية ..؟،أزال اللبس وهو يوضح بجدية وغموض :_
_ ده عقد شغل فى شركات الحديدى لمدة سنة (وكان غرض معتز منه أن يثبت لإياد كذب إدعائتها عنه هو وخطيبته فأن كان كلامها صحيحا فلما ستعود للعمل معه مجددا..؟،كما أن خروجها من السجن على يديه سيكون الدليل القاطع على إستمراية العلاقة بينه وبين رانيا وبذلك يكون قد وضع المسمار الأخير فى نعش علاقتهما ،ولن يطأ أحد
أرضا قد دخلها بقدميه ..!!)
صاحت بإنفعال كبير وهى تخبط بيديها على الحائط:_
_ أنت أكيــــــــــــــــــــــــد أتجننت أو أتلحست فى عقلك ،ثم أستطردت بوجه محتقن بالدماء وعروق رقبتها بارزة من شدة عصبيتها:_
_بقى أنا حروح للنار برجليا تانى أنت أكيــــد بتحلم .
منحها إبتسامة ظفر وكأنه يعرف بإنها تخرف وستعدل عن قرارها ،فلن تستحمل السجن كثيرا فقال قبل أن يهم بالمغادرة :_
_ عشان العشرة ال بينا حديكى مهلة يوم ،بكرة المحامى حيكون عندك تفكرى براحتك يا كده يا حتقضى وقت لذيذ مع بتوع المخدارت والدعارة ، ثم تابع ليستفزها بعيونه المتشحة بالضباب:_
_ ولو أنك مش حتتضايقى من الصنف التانى لإنك منهم .
↚
بصقت عليه دون وعى منها لشعورها بالإهانة وهى تلتقط أنفاسها المتقطعة من فرط إنفعالها :_
_ تفوووووووووووو عليك يا معتز وعلى تربيتك ،مش عارفة إزاى فى يوم حبيت كلب زيك ..!!
لامس بأنامله وجنتيه قائلا بنظرات ذات معنى قبل أن يتركها :_
_ حسابى معاكى بعدين ، وبكرة المحامى حيكون عندك ولأخر مرة بفكرك أنها فرصتك الأخيرة .
خارت قواها على الأرض وهى تسند ظهرها للحائط الجدارى المزحم بالرسومات غريبة الأطوار فقالت بصوت سمعه الحرس وربما السجون الأخرى:_
_ حسبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى الله ونعم الوكيل...
__________________________________
فى منزل إياد رائد الديب
فرد إياد جسده الضخم على الفراش فى حالة من اليأس، عينيه الزرقاوين تائهتين فى واد أخر ،فلم يستطع أن ينسى منظر حبيبته وهى تتلوى أسفل رجل أخر ،يود لو أن يصدقها لكن الدلائل جميعها ضدها ،شدته دقات الباب ،فأعتدل على السرير وهو يسند ظهره المتعب إلى وسادته القطنية البيضاء فى حالة من الإجهاد والتعب النفسى الشديد ،دخلت عليه سناء وهى تحمل صنية صغيرة من الطعام الشهى الساخن ،لتضعها على منضدة صغيرة إحتلت يمين الغرفة بالمشاركة مع بعض البوسترات والصور لأدوات وأسلحة ودائرة النشان ،قبل يديها قائلا برفق:_
_ تسلم أيدكى يا أحلى سناء فى الدنيا .
ربتت على كتفه فى حنو متسائلة بجس نبض لأحواله الغير مألوفة اليومين الماضيين وهى تعلم السبب لكنه تريد منه أن يبوح لها كى تخفف عنه:_
_ إياد حالك مش عاجبنى اليومين دول ،أنت فى حاجة مضايقاك..؟
جاهد لكى يرسم إبتسامة باهتة على ثغره نافيا:_
_لا لا أبدا ليه بتقولى كده ..؟
داعبته قائلة :_
_ على ماما بردو يا ديدو ،ثم واصلت بحنان وهى تشير لمعدتها:_
_ أنت مش بس ابنى ،أنت حتة منى ونور عينى ،وبحس بيك يا حبيبى ،قولى بقى أيه ال مضايقك...؟
أردف إياد مطمئنا بعيون شاردة وكأنه يهرب من مواجهة والدته فسوف تكتشف كذبه لا محاله فقال :_
_ ضغط شغل بس يا ماما صدقينى مش أكتر .
لم تشعر سناء بالإرتياح لنبرته ،فأرادت أن تستشف الحقيقة من تقاسيم وجهه المبهمة وعينيه الذابلتين بدلا من لسانه المتلعثم :_
_ رانيا صح ..!!
أشاح بوجهه بعيدا وهو يتنهد فى وجوم وكأن الكرة الأرضية عالقة فى حنجرته ،فأضافت وهى جذبه من ذقنه لتتقابل أعينهما بإستسفار متأكدة من إجابته :_
_ بتحبها يا إياد ..؟
صمت للحظات قبل أن تدمع عينيه:_
_ كنت كنت بحبها أوى يا أمى ، متابعا ومشهدها فى السرير أمام عينيه فأردف بوهن وببحة:_
بس طلعت متســ
بترت سناء كلماته بكفها الناعم بينما تضع أصبعها على أنفها قائلة :_
_ هوووووس ،قذف المحصنات من الكبائر يا إياد ،وإحنا عندنا بنات يا حبيبى .
علق بإعتراض:_
_ مش لو كانت من لمحصنات يا ماما ،ثم هتف بعصبية:_
_ _المصيبة أنى شوفتها بعينى وعلى سريره ..!!
أخذت سناء نفس عميق قبل أن تردف برفض لطريقته فى الحديث:_
_ ليها رب يحاسبها أحنا ملناش نتدخل ،وكلنا خاطئين وخير الخطائين التوابين يا ابنى، ساد صمت للحظات غاب فيه عقل إياد فى حديث والدته التى واصلت بغموض لم يفهمه إياد:_
_ لو حبيتها بجد يا إياد أقف جنبها وأدعمها وساعدها تطلع من الموقف ده ،ثم ربتت بكفها على ركبتيه وهى تتنهد:_
_ رانيا مش من نوعية البنات دى شكلها طيب جدا،وبنت ناس ومن عيلة ،أديها فرصة لحد ما تثبت برائتها ،الحب يا ابنى مش كلمتين حلوين وخروجات وفسح ،الحب مواقف ،خليك راجل معاها للأخر .
تركت سناء ابنها وهى تجر خطواتها على عصاها الخشبية لمشكلة فى مفصليها ،لكى يعيد حساباته من جديد وهو ما بين نارين أما تركها أو البقاء معها ودعمها .
فى مبنى القناة الفضائية :_
↚
عادت تسنيم بأعصاب متعبة من قسم مدينة نصر لتقف بمحاذاة المايك الإذاعى وفريق الإعداد مع مهندسين الصوت بداخل الغرفة الزجاجية يظبطون مستوى الصوت ،ويختارون المؤثرات الصوتية والفواصل لحلقة اليوم ،أما تسنيم فكانت واقفة فى حالة من الحزن التام على رفيقتها ،مصدومة فى معتز وفى أفعاله بالرغم من كل الحب التى منحته إياه صديقتها ،ولم يقدر كل ذلك وتركها فى حقل من الألغام ،انتبهت على دق ساعة الحائط معلنة السابعة مساء فألقت مقدمتها الأكاديمية المعتادة مساء النو على كل الناس .......................... حنطلع فاصل ونرجع لكم ،غاصت فى تلك الدقائق الزمنية القصيرة من الإعلان فى وحل معتز وهى تفكر فى صديقتها ومعاملة أهلها لها والمجتمع فلا أحد يريد أن يسمعها ،عادت من الفصال ولم تستطع منع مشاعرهاالمضطربة من التحكم فى موضوع الحلقة فخرجت عن رزمة الاوراق المعدة مسبقا لترتجل هى على نفسها متنهدة"الحب والأمان ،أهم حاجة فى حياة أى بنت ومن هى طفلة إحساسها بالأمان ،زمان وأحنا صغيرين كان لما حد يضربنا أو يأذينا بكلمة أو بصة مش كويسة كنا بمنتهى الثقة نقوله انا حقول لبابا ،وكأن بابا هو رمز الأمان هو السند للبنت لحد ما بتحب أو بتتجوز ،بتروح بيت جديد أو بتتعرف على إنسان مختلف فى الطباع عنها ،فبتطلع شوية بره دايرتها الأسرية لنطاق أوسع ، السؤال المهم والملح هنا هو هل الإنسان ده حيكون لها سند عصاية تستند عليها ولا عصاية حتنضرب بيها وتفقد كل قوتها ..؟، الأمان بجد حاجة أساسية فى حياة أى بنت وسر كبير من أسرار الحب،ثم واصلت كون أنك فى علاقة مش حاسة فيها بالأمان وأنه فى أى وقت ممكن يغدر بيكى ،ده كفيل أنه يدمر أى حاجة حلوة أنتى عشتيها ،حنطلع فاصل ونرجع لكم تانى خليكم معانا فى برنامج أسرار الحب مع راديو مشاعر إف أم مش أى راديو "
تنفست الصعداء والدموع محتبسة بعينيها ،بينما لاقى فعلها المتهور تصفيق المعدين والعاملين بالمحطة الإذاعية إضافة الردود الإيجابية والتفاعل الذى كان قويا للغاية على صفحات التواصل إضافة لتلقى الكثير من الإتصالات على الأرقام المخصصة ،وبينما هى تأخذ رشفة من زجاجة المياه المعدنية وهى تجفف بأحدى المناديل عرقها ماكثة رأسها فى الأرض وهى على إحدى الكراسى ،حتى لاحظت وجود حذاء لامع باللون الأسود القاتم فرفعت بصرها ليصطدم بطارق الحامل لباقة من الورود قائلا بإبتسامة لطيفة:_
_ اتفضلى .
تسنيم بإستغراب وبضحكة خفيفة:_
_ أيه ده ورد..!،ومن طارق كمان ،لا لا مش معقول ههههه
علق بمزاح:_
_ أنا أصلا مأجره من محل ورود على الناصية ،هاتيه بقى عشان أعدى على صاحبى فى المستشفى
سحبته منه قائلة :_
_ هو تسليم الورد زى أخده ولا أيه ، وبعدين ده بقى بتاعى خلاص أستعوض ربنا .
أشار لها مهندس الصوت للعودة إلى غرفة التسجيل مرة أخرى فأستاذنت طارق :_
_ عن إذنك ،نتكلم بعدين .
ما أن خطت خطوتين حتى إبتسم طارق لتغير ملامحها ،فرجعت لتأخذ البوكيه بلهوجة :_
_ أه وشكرا على الورد .
أما فى منزل حسام السنهورى
لم تكن والدته لتتقبل هبة بشكل أو بأخر خاصة بعد أن علمت بقصة التقرير من ممدوح عمها ،وباتت مشفقة على ابنها وعلى رجولته لتحمله حمقاء وطائشة كتلك ،تجاوزت عقارب الساعة الثانية عشر ظهرا ،وقد ذهب حسام إلى محاضراته من الصباح الباكر ،أما هبة فلا زالت تتململ فى الفراش فى نعاس وكسل ببيجامتها الحريرية ذات اللون الوردى ،كعادتها فى بيت والدتها ،حتى إستيقظت فى فزع حينما دخلت فريدة (والدة حسام الغرفة) لتزيح الستائر لتسمح للشمس بالتسسل للغرفة وتدفئتها وتجديد الهواء بها ،قائلة وهى تزغد هبة بجفاء نازعة عنها الغطاء:_
_ الساعة 12 الضهر .
فركت هبة عينيها ولكنها لم تفيق بشكل كلى فقالت بتثائب وهى تسحب الملاءة:_
_ صحينى على 2 يا ماما .
كشفت فريدة الغطاء بعصبية :_
_ أنا مش ماما يا حببيتى ،ويلا عشان تعملى أكلك أنتى وجوزك ،مفيش خدامين هنا .
تنهدت هبة فى محاولة لتحكم فى أعصابها وهى تدلدل ساقيها من فوق السرير لترتدى (الشبشب ) ذو الباندا :_
_ حاضر قايمة أهو .
مصمصت فريدة شفتيها وهى ترفع حاجبيها :_
_ وأيه ده كمان ...؟، شبشب ولا جنينة حيوانات ..؟
ردت هبة بلطف مصطنع:_
_ دى باندا.
فريدة بسخط:_
_ مكنتش على أيامنا .
هبة بتوضيح:_
_ ما هى حاجة عشان العرايس يا ماما يعنى وكده
فقالت فريدة بتأفف :_
_ تقصدى أيه أنى عجزت ..؟
قبلتها هبة على وجنتيها لكى (تأخدها على قد عقلها) :_
_لا طبعا أنتى ست الستات ،حقوم أنا اجهز الغدا بس ممكن معلش تساعدينى...؟
فريدة بإستهجان:_
_ ما أعمله أنا أحسن..؟
هبة بمزاح :_
_ لا لا محبش أتعبك ،كل ال حعوزه بس أعرف مكان الحلات الواسعة دى ،عشان حعمل مكرونة بالفراخ .
إبتسمت فريدة لظنها انها سوف تقوم بعمل وليمة كبيرة لكنها انتقدت عليها (حلات أه ده أنتى أيامك سودة هنا) فقالت بإبتسامة صفرا :_
_ من عنيا يا حبيبتى تعالى أوريهملك
وأخذت هبة للمطبخ وتركتها مع الاوعية ،وذهبت لتأخذ قسطا من القيلولة لإستيقاظها منذ الصباح الباكر
↚
فى قسم مدينة نصر
نقلت رانيا من محبسها الإنفرادى إلى سجن به العديد من النساء ذوات الأخلاق السيئة والضحكات الخليعة ،منكمشة بجسدها فى زاوية لوحدها ،تفكر بعرض معتز وما ستأوول الأوضاع إليه أن رفضته ،تحاول فتيات الليل جذبها للحديث معهن بلا فائدة ،ولازالت عبراتها تتساقط حتى سمعت إحدى البنات تقول وهى ترمقها بنظرة جانبية :_
_ أيه يا شابة حتفضلى طول الليل تعيطى ،لا أحنا عاوزين ننام ،ومش ناقصين شحتفة ووجع دماغ.
ثم أنضمت واحدة أخرى للحديث وهى تشرب سيجارتها فى نوع من المرقعة والضحكات المجلجة:_
_ هىء هىء هما كده يعملوها ويخيلوا ،لما أنتى مش قد العوم بتنزلى البحر ليه ..؟
فدخلت أخرى بالحديث:_
_ ما تبس بقى يا ولية منك ليها عاوزين نتخمد ،أطفوا النور ده.
فقالت فتاة جديدة وهى ( سعاد كوافير) وهى تنتنف حاجب زميلتها بالملقاط :_
_ لا نور أيه ال تطفوه أنتوا عاوزين تعمشوا البنية .
كانت رانيا بتلك الأثناء مضطربة وقلبها يكاد أن يخلع من صدرها من تلك المناظر القذرة التى وضعها فيها معتز الدنىء ،تفكر بعرضه إلى أن قبلته بإستسلام فهى لن تستحمل 5 أعوام مع أناس بتلك النوعيات .
أما فى شقة حسام السنهورى :_
_ رجع حسام منهكا فعلق سترته على الشماعة وصلى العصر قبل الأتجاه للسفرة ذات المفرش الشفاف ،بينما إستيقظت فريدة هى الأخرى وأدت ما عليها من فروض مستعددة لنقد زوجة ابنها ، ستلت هبة 3 أطباق مسطحة ،و3 أطباق عميقة (غويطة) من الأرفف العلوية ،لتستقر على السفرة المستقرة فى الصالون ،وأتت بحلة ألمونيوم كبيرة تتصاعد منها الحرارة ،تقدمت فريدة الكرسى الامامى للسفرة بينما جلس حسام وهو يعدل المنشفة على ركبتيه كى لا يتساقط عليهما الطعام ،صبت هبة الشوربة فى ثلاثة أطباق ،لكن لونها بدى أصفر بشكل غريب فقالت فريدة بإستنكار:_
_ دى شوربة دى ولا ترجيع..!!
ردت هبة وهى تشعر (بالقرف ) الإستياء من تعبيراتها _
_ شوربة يا طنط .
فرفعت حاجبيها فريدة معترضة:_
_ طنط فى عينك ،ووواصلت وهى تنظر فى مرأة النيش(فشر ده أنا لسه فى عز شبابى ) ،فرمقت هبة حسام ،لكنه ربت على كتفها بحنو ونظراته تتحايل عليها فصمتت وفتحت غطاء الحلة ووضعت منه فى الثلاثة أطباق المسطحة ، ووالدة حسام تشهق بصدمة ،وحسام هو الأخر قد تملكته الدهشة :_
أيـــــــــــــــــه ده ،فين الفراخ يا هبة..!!
ردت هبة بتلعثم :_
_ والله دى مكرونة بالفراخ حتى دوقيها كده .
بينما قال حسام لتلطيف الأجواء:_
_ دى إندومى يا ماما ،أشهر أكلة فى أمريكا والدول المتقدمة .
علقت فريدة وهى تلوح بكفها بإستنكار وغضب:_
_ متقدمة أيه وزفت أيه ..؟، مش كفاية أن الهانم صاحية لى وش الضهر وكمان عاملة لنا مكرونة أسبكتى ..؟
هبة ولا تدرى أتضحك أم تبكى من الموقف:_
_ يا ماما مش أسبكتى ، دوقيها وحتعرفى الفرق .
رمت فريدة الملعقة بعنف وهى تقول:_
_ دى مبقتش عيشة دى ،لما مبتعرفيش تطبخى أمك مجوزاكى ليه..؟
لم تسيطر هبة على أعصابها فصاحت:_
_ فى أيه أنتى مش طايقة لى كلمة كده ليه من الصبح ،وكأنى قتلتك قتيل ..!!
حدجت فريدة ابنها بنظرات مستاءة فلم يرد ودفن رأسه بين يديه لشعوره بالصداع فقالت والدته:_
_أدى الأشكال الزبالة ال أنت جايبها لنا من الشارع بترد عليا وأنت قاعد ساكت مش كفاية إنك سترت عليها...!!
هلع حسام من كلمات والدته وألتفت لهبة ليراضيها لكنها خطت لغرفتهاى غضب كبير وهى تجمع حقيبتها للذهاب إلى والدتها
خرجت رانيا من مبنى القسم كطائر أسترد حريته وعاد للتحليق مرة أخرى ،لم يكن والديها بإنتظارها لغضب والدتها الشديد ومنعها لوالدها من المجىء ،فلم يكن ينتظرها بالخارج سوى شلتها التى بحثت فيها عن إياد بسذاجة فلم تجده ،على عكس توقعاتها فحديثه معها كان غاية فى اللطف ليلة أمس ،لا بد من إنه علم كيف حصلت على برائتها ،بدت واجمة وغائبة عنها سعادتها بحريتها ،أحتضنتها الفتيات بقوة وصعدن إلى إحدى السيارات ذات اللون الأحمر الأنثوى الرقيق ،يتجاذبن أطراف الحديث،فقالت زيزي فى إشتياق:_
_ والله وحشتينا جدا يا أجمل رونى.
منحتها إبتسامة لا روح فيها،فعلقت تسنيم بتلقائيتها المعهودة:_
_ أيوة الشلة كان ناقصها أهم ضلع فيها ،بس مقولتلناش أزاى الملف أتقفل قبل ما يتعرض على النيابة...؟
أنقبض قلبها لتذكرها العقد الذى مضته منذ ساعات ،فغدت تائهة قبل أن برر بحزن:_
_ معتز مضانى على عقد شغل لمدة سنة ...!!
ضغطت هبة على الفرامل بقوة حتى كادت أن تنقلب السيارة بهم قائلة بذعر:_
_ يا نهار أسود أزاى ترجعى له تانى ، أنتى فى وعيك يا رانيا...؟
ردت رانيا بوهن وضعف:_
_ غصب عنى ،يا كده يا كنت حشرف فى السجن ال 5 سنين الجايين .
تركت تسنيم الأمر لتقول معنفة هبة:_
_ أيه يا هبة كنتى حتموتينا ،مش تحاسبى .
↚
أردفت زيزي لتخفيف الأجواء:_
_ سيبوا هبة فى حالها لأحسن أعصابها تلفانة على الأخر .
ردت هبة وهى تطالع زيزي الجالسة فى الأريكة الخلفية عبر المرأة الأمامية بإستخفاف:_
_لا ظريفة يا بت ، أنتى بقيتى نسخة بالكربون من تسنيم .
مطت تسنيم بإعتراض شفتيها:_
_ ومالها تسنيم بقى إن شاء الله ...؟
فواصلت زيزي بسخرية :_
_ كده طيب يا بنات هبة اتخانقت مع حسام أمبارح ولمت هدومها وراحت لماماتها هههههههه، وطنط مرضتش تدخلها البيت وتسمع لها وقالت لها أرجعى يا هبلة بيت جوزك ،فكلمتنى 12 بليل وجت تبات عندى .
هبة بغضب:_
_ تبقى بحق لو قولت لك حاجة تانى يا زيزي .
فقالت تسنيم بهدوء وبإعجاب بموقف والدتها:_
_ والله طنط صح المواقف ال بين الزوج وزوجة يحلوها سوى ،لكن المشكلة زى الحفرة فى الأول ال بتفضل توسع كل ما حد يجى يحفر فيها ويقول رأيه .
بينما أردفت هبة وهى ترتكز بعينيها على الطريق:_
_ فككوا منى وخليكم مع الغلبانة دى ال مبتديش منطق من ساعة ما طلعت .
فى شركة معتز الحديدى
كان اليوم روتينيا على جميع العاملين عدا رانيا ،التى عادت للحياة بجسدها فقط ،فلم تضع أى من مستحضرات التجميل ولم تعد ترتدى الاحذية ذات الكعوب العالية ،غدت مفتقدة للأناقة وذبول ملامحها بشكل دائم ،ترتدى طوال الوقت جيبة واسعة جدا عليها على قميص أبيض ، تنجز مهامها فى تثاقل ،حتى طلبها معتز على التلفون الداخلى للعمل طالبا حضورها بأسرع ما يمكن ، دخلت عليه وقد لامس فى طريقة كلامها إنطفاء روحها ،فوضع القلم على طرف أسنانه البيضاء وهو يفكر كيف سيثير غضبها ،فرمقها بإشمئزاز :_
_ ده منظر واجهة شركة محترمة ..!!
لم ترفع عينيها كى لا تمسك برقبته وتقتله فنيران غضبها لم تهدأ بعد ظلت منكسة الرأسين ،فواصل وهو يغوص ببدلته ذات اللون النهرى وبجفاء وإستهزاء :_
_ وأيه القرف ده ..؟، كنتى بتمسحى بيه السلالم قبل كده..؟
أقتربت من المكتب لترفع له وجها محقونا بالدماء وهى تخبط بكبشتها على سطح المكتب قائلة من بين أسنانها:_
_ أبعد عن الشر وغنى له يا معتز .
صدرت عنه ضحكة مستفزة وقد بدت له فى عنادها بالرغم من ما حدث لها مثيرة ،فتقدم برأسه للأمام وبكرسيه الهزاز وهو يفتح أزرار قميصها بجرأة :_
_ ولو مبــــــــــ
رفعت يديها لتصفعه لكن قطع دخول إياد المفاجأ ردة فعلها حيث كان يبحث عنها منذ خروجها من السجن ،فأتصل بتسنيم ووقعت كعادتها بالحديث فأخبرته عن مكان صديقتها وهى تضرب بيديها وجهها فى لوم ،دخل عليهما إياد بشكل مفاجأ إلتفتت له رانيا فكانت الأزار الأمامية مفتوحة ولم تكن هناك سرعة للرد منها حيث حدثت الأشياء بسرعة ،طالعها إياد بزيه الرسمى بإشمئزاز وإحتقار نادما على إطاعته لوالدته وإعطائه فرصة لها ،فركضت نحوه قائلة :_
_ أستنــــــــــــــــــــــــــى حفهمك
↚
رفعت يديها لتصفعه لكن قطع دخول إياد المفاجأ ردة فعلها حيث كان يبحث عنها منذ خروجها من السجن ،فأتصل بتسنيم ووقعت كعادتها بالحديث فأخبرته عن مكان صديقتها وهى تضرب بيديها وجهها فى لوم ،دخل عليهما إياد بشكل مفاجأ إلتفتت له رانيا فكانت الأزار الأمامية مفتوحة ولم تكن هناك سرعة للرد منها حيث حدثت الأشياء بسرعة ،طالعها إياد بزيه الرسمى بإشمئزاز وإحتقار نادما على إطاعته لوالدته وإعطائه فرصة لها ،فركضت نحوه قائلة :_
_ أستنــــــــــــــــــــــــــى حفهمك
عرقلها معتز وهو يقول بصوت خبيث وعال مسموع:_
_ يلا رانيا عشان نكمل إجتماعنا المغلق يا قلبى
ضربت رانيا بقدمها فى الأرض بغيظ مشتهية الفتك به فصاحت "جك ضربة فى قلبك ربنا ياخدك" وذهبت اللحاق بإياد الغاضب بسرعة قبل مغادرته وتوضيح الأمور له ،فنزلت على السلم الخلفى بالشركة المطل على ساحة السيارات الدائرية ،لتلحق به وهى تلهث من شدة الركض ،ممسكة بطرف جيبتها كى لا تعثرها ،بينما كان إياد فى أوج غضبه لا يود أن يراها إلى أخر عمره ،أستوقفته كلماتها المتقطعة المنهكة وهى تنادى عليه :_
_ إياد أستنى أستنى .
لم يمنحها إهتماما فغرس مفاتيح السيارة فى الباب بعينين مسهمتين متشحتين بالغيوم ،بينما خبطت هى بكفها النحيل لتمنعه من الدخول قائلة وهى تلتقط أنفاسها :_
_ إياد أنا مظلومة ، معتز ساومنى وخلانى مضيتــ
قاطعها وهو يدفعها بعيدا عنه بقسوة ليدلف لسيارته :_
_ لا يلدغ المؤمن من جحره مرتين يا رانيا ،لو صدقتك مرة مش
حصدقك التانية ،أبعدى عن طريقى
خطت صوبه بخفة وهى تقسم له ببرائتها وبإبتزاز معتز لها لكن دون جدوى ، فقال إياد بإبتسامة تحمل المرارة:_
_ وعشان أنتى بريئة رجعتى له تانى برجلك ..!!، عارفة ليه ..؟
حركت يديها لتلجم لسانه وهى تهز رأسها برجاء لكى لا يسمعها كلمات تجرحها ،لكنه واصل بغلاظة :_
_ عشان أنتى رخيصة ،لو كان أغتصبك والفيلم الهندى ال حكتهولى ده ،مكنش زمانك رجعتى له أبدا ،لكن الظاهر أنك حبيتى الموضوع .
كانت رانيا تخلق له الأعذار ،فإن كان أهلها لم يثقوا بها فما بالها بشاب غريب، فهمست من بين عبراتها برجاء:_
_ إياد أدينى فرصة ،أرجوك أرجوك أنا محتجالك أوى كل الناس أتخلوا عنى بلاش تكون زيهم .
هز رأسه فى أسف معقبا وهو يدلف للسيارة :_
_ للأسف يا رانيا الثقة زى عود الكبريت هى مرة واحدة وبس ..!!
قلصت من المسافة بينهما وهى تركض نحوه حتى لا يغادر تاركا إياها لهمومها تريد أن تتعلق ولو بقشة واحدة ،وإن تشعر بالإهتمام فى وقت ظنت نفسها فيه أخر سكان هذا الكوكب ، وأثناء ركضها تعثرت بتلك الجيبة الطويلة الواسعة حتى إنكفئت على وجهها ،هبط إياد بسرعة من سيارته مرتكزا على ركبتيه وهو يضمها إلى صدره فى خوف ،يداعب شعيراتها المتناثرة وهو يقبل جبينها الأملس ،حتى قالت من بين الهالات السوداء ومن بين تلك السحب الممطرة طوال الوقت بلهجة منكسرة:_
_ أنا بحبك أوى يا إياد عشان عشان خاطرى متسبنيش .
أنحنى مقربا شفتيه من ثغرها الوردى ،وقد أحس للحظات بإنها طفلته المدللة ،لكنه تذكر وقوفها مع معتز منذ لحظات بقميص مفتوح الأزار ،فلثم شفتيها بحنان وهى تسحب يديه الخشنتين لتلامسان وجنتيها الباهتتين ،وكأنها تستمد منه القوة والأمان ،فقام إياد بعد ثوان وهو يأخذ شيئا من التابلوه فى السيارة ليرمى عليها رزم من الأموال لتتطاير حولها قائلا بجفاء و غلاظة وعيون مليئة بالكره:_
_ ده حق ال أنا خدته منك ،ولا بتتحاسبى بالدولار فى شركة معتز ( فكان يلمح لتعاملها مع الوفود الأجنبية).
هجمت عليه ممسكة بياقته وقد أثارت كلماته القاسية أحداث الليلة المشئومة التى تحاول نسيانها بلا جدوى،حتى إصطدم ظهره بالحائط وهى تصرخ بإنفعال كبير:_
_ كلكم زى بعض كلـــــــــــــــــــــــــــــــــكم .
أنزل يديها بعنف وهو يقول بعدم تصديق:_
_ مبقتش بصدقك يا رانيا الحركتين دول اعمليهم على أى مغفل غيرى ،تملكها ألم رهيب فى موضع قلبها فترجته وهى تقبل يديه إن لا يتركها بذل :_
_ إي إياد أنا قلبى واجعنى أوى، ثم أضافت بوهن وبإرهارق أنا حعمل لك كل ال عاوزه ، بس بلاش الأسلوب ده فى الكلام ،أبوس أيدك .
لوى شفتيه ليبتعد عنها قائلا بضيق :_
_ ال أنا عاوزه دلوقتى صح..!! ،يا خسارة يا رانيا كنتى بنسبة لى كل حاجة ثم واصل بمرارة:_
_ بس من اللحظة دى أنا مش عاوز أشوف وشك فى حياتى تانى أبدا.
↚
رحل إياد تاركا رانيا وسط همومها ودقات قلبها غير ال منتظمة وهى تشعر بإجهاد شديد حتى فقدت وعيها بشكل كلى ،فأخبر الحرس الخاص معتز بسرعة فأمرهم بإحضار سيارة إسعاف بأسرع من ما يمكن
فى منزل حسام السنهورى
قابل حسام والدة هبة فى منزلها لمصالحة زوجته العنيدة المدللة والعودة بها إلى بيتهم ،لكنه تفاجأ ببياتها عن صديقتها زيزي ،فقص على حماته رغم إعتراضها على التدخل فى الخصوصيات ما حدث ،وعن دفاعه المستميت عن زوجته أمام أمه ،لكنه أوصاها بأن لا تخبر هبة عن شيء كهذا ،كى لا يزيد تسلطها وعنادها ويصبح البيت قطعة من النار ،جمعت هبة حاجياتها من عند صديقتها عندما علمت بقرار رانيا مشاركة زيزي فى غرفتها ،فوالد زيزى متوفى منذ أعوام ولا شىء يقيد حرية الفتيات ،كما أن والدة زيزي غاية فى الكرم والذوق والواجب ،حزمت هبة حقيبتها على مضض لكى لا تصبح ضيفة ثقيلة على صديقتها برغم من إقناع زيزي لها بالبقاء ،ومع أذان العصر توضا حسام للصلاة حتى دق الباب ،فطلبت منه والدته الجالسة على السجادة أن يفتح ليجدها زوجته وهى تدفع بحقائبها ذات الأرجل المتحركة بوجه واجم ، فقال بعد إكتراث مصطنع لينكشها :_
_ أيه ال جابك ..؟
ردت عليه مداعبة لتخفيف أجواء:_
_ طبعا مش عاوزنى أجى ،ثم مالت على أذنيه لتهمس فيهما ( لولاش أن العقربة هنا إلا انى كنت شكيت أنك بتجيب نسوان الشقة .
إنزعج حسام كثيرا من سبابها لوالدته لكنه كتم غيظه لكى لا يؤذى مشاعر والدته وسحب هبة إلى الداخل بهدوء ليغلق الباب عليهم قائلا بتحذير:_
_ هبة دى أخر مرة أسمعك بتشتمى أمى ، أمى دى كوم وكل الدنيا فى كوم تانى سمعانى ..؟
ردت عليه وهى تقلد طريقته بسخرية لا تتناسب مع الموقف:_
_ الدنيا دى فى كوم وأم الخلول فى كوم تانى ههههههه
أثارت كلماتها غضب حسام،الذى فقد عقله بشكل فجائى ،فلوى ذراعها إلى الخلف بشدة وهى تتألم وعينيها تدمعان قائلا بجدية:_
_ أنا لغاية دلوقتى راجل معاكى لكن لو قلبت عليكى حوريكى أسود أيام حياتك ،فلمى الدور .
أنخفض صوتها عن المألوف وهى تحدق بعينيه فى عدم إستيعاب ،فهى لم ترى منه سوى الوجه الناعم ،لكنها حبست دموعها وأبت إلا تفر منها دمعة واحدة لكى تظهر قوية أمامه فهى لا تسمح لأحد أن يراها فى حالة من حالات الضعف ،تأوهت بصوت خفيض لكى لا تنتنبه والدته وتشمت به وهى تقول:_
_ سيب أيدى يا حسام .
أفلت أنامله منها بخفة ،وهو يستدير بوجهه الأسمر المزين بلحية خفيفة بعيدا عنها ،يزفر فى غضب لما فعله منذ ثوان ،لكنها من إضطرته لذلك ،فأستدار ليعتذر لها لكنها لمحها وهى تسحب يد حقيبتها للخروج مجدددا ،ووجها غدى باهتا وعينيها حابستين للدموع،فهى لم تعتد منذ الصغر أن يحاسبها أحدهم بل ويعنفها بهذا القدر ،قبض على معصميها بحنو وهو يعتذر:_
_ أنا أسف يا هبة ،فضى الشنطة ومتفرجيش ماما علينا من فضلك .
لكنها قالت وهى تخفى وجهها الغارق بالعبرات الملتهبة متأملا فى براوز قريب من المخرج:_
_ لا يا حسام أنا مش قابلة أسفك ، والعيب مش عليك العيب على أمى ال رفضت تستقبلنى وخلتك تفكر إنى مليش أهل ،ثم هتفت بغل وهى تشوح فى وجهه بإنفعال كبير وشريط طفولتها يمر أمام عينيها ومشاركة الأباء لأولادهم عدا هى ،حتى فى المحلة الثانوية لم يعرها أبيها ولا أمها أية إنتباه ،تكتفى والدتها بالعمل لتعيشها متناسية نفسيتها الممزقة والتى تقارن نفسها كطفل برىء بالأخرين ،صاحت بحسام بشكل غريب إنفزع له :_
_ لا فوق فوق يا حسام ،أنا مش لوحدى وعمرى ما كنت لوحدى ، أنا أنا معايا (كانت تود لو أن تقول أهلى ولو حاولت تطاول عليا حيمسحوا بيك الأرض) لكنها إبتلعت كلماتها العاتبة ) لتستكمل( معايا ربنا يا حسام) ، كان حسام مذهولا من الموقف متسمرا فى مكانه بإرتباك أزالته هى حين تقدمت للأمام لتخرج لكنه أستوقفها معترضا وهو يطالع بنطالها الجينس الممزق بإستنكار فهبة كان أستايل لبسها هو العباءات منذ أن كانوا فى الصعيد لكنها يبدو إنها عادت لطبيعتها فقال حسام بجدية بالغة وبدت لها كصيغة أمر :_
_ مفيش مرواح فى حتة ،والبناطيل دى متلبسهاش تانى أبدا.
ألتفتت له هبة ببنطالها الأزرق الممزق وهى تخبطه بيديها فى صدره العريض بسخط وبعيون نارية:_
_ أنت مش جوزى فاهم ،فمتعملش راجل عليا .
صفعها حسام بلا وعى منه حتى تمردت دموعها عليها معلنة عصيان قرارها،أهتز لمرأى دموعها لكنه تماسك ليقول :_
_ أنا راجل غصب عنك وعن أى حد .
ردت عليه بنفس النبرة الندية وفى محاولة لإثارة غيظه لكى تدفعه لرمى الطلاق عليها :_
_ لا أنت مش راجل ،أنت أخرك ذكر فى البطاقة وبس ،لو راجل بجد طلقـــــــــــــنى
لكن رد فعله لم يكن فى حسابنها بالمرة ،فدفعها إلى الفراش بقوة حتى إنتفض جسدها القمحى ،تود لو أن تصرخ وتستغيث لكن بمن ومن من ..؟،أمن زوجها ..؟، فدنا منها بأنفاسه الثقيلة على قلبها، وهو يخلع بيجامته بينما هى ترتعش :_
_ يظهر أنى دلعتك كتير ،وجه ال الوقت ال أثبت لك رجولتى فيه .
إزدادت عبراتها وصراخها المكتوم ،فتركها وهو يتنهد قائلا:_
_أنا أسف بجد ،بس صدقينى مكنتش حلمسك ،أنا بس بوريكى أن مفيش أسهل من أنى أثبت لك رجولتى ، ثم واصل بوجوم يا هبة أحترمينى عشان أنا جوزك على الأقل السنة ال حنقعد فيها مع بعض دى ، عيب تبجحى فيا وكأنى عيل صغير .
وأضاف مبررا لأمره لها بالحجاب الصحيح :_
_ أنا خايف عليكى خايف تبقى من الكاسيات العاريات ال النبى صلى الله عليه وسلم قال عنهم ، اتحجبى يا هبة ،ولو محدش عرفك حاجة عن الحجاب الصح ،أنا حكون إمامك بس طاوعينى ونتناقش بالعقل ،لكن مش لا عشان تعندى .
تركها فى حالة من الخجل منه وفرش المرتبة الإضافية على سيراميك الغرفة،وضع وسادته القطنية لينام على الأرض تاركا إياها فى دوامة تفكير كبرى وفى حالة من مراجعة الذات وقد أحست بكونه محقا فى بعض الأشياء.
فى مبنى القناة الفضائية :_
↚
أغلقت تسنيم الخط مع زيزي لتطمئن عن أحوال رانيا لأن جوالها خارج الخدمة طوال الوقت ،فأخبرتها زيزي أنها فى ندوة هامة خارج المنزل مع كمال بمعداتهما ، وسوف تحادث رانيا فور أن تنتهى لأن كمال لكزها أثناء حديثها للإنتباه لخطاب الندوة ، جلست تسنيم بفستانها الزيتى لترتشف قهوتها التركية فى ضوء نقاشات متنوعة عن السياسة وعن الفن وعن الأقتصاد مع تيم العمل قبل البدء فى تسجيل حلقة جديدة إلى أن أعلنت الساعة السابعة مساء فخطت صوب حجرة التسجيل المعدة بشكل إحترافى ،لتلقى مقدمتها التقليدية مساء النور على كل الناس ال بيتابعونا عى راديو .............. ... ،حنطلع فاصل ونرجع لكم ،وأثناء الفاصل وضع مهندس الصوت مؤثر صوتى ألا وهو أغنية "أجدع صحاب" كانت رانيا فى تلك الإستراحة القصيرة مبتسمة بسعادة وهى تتذكر طفولتها وذكرياتها مع صديقاتها ومغامراتهما ،عادت من الفاصل لتقول" هنبدأ حلقتنا النهاردة بمقولة جميلة جدا للفيلسوف اليونانى أرسطو "الصداقة روح واحدة فى جسدين " وكان أختيارى للصداقة كموضوع لحلقتنا النهاردة،نظرا لأهميتها فى حياة كل واحد فينا ،الصديق هو السند هو الامان معانى كتير بنلاقيها معاه ، ثم إرتسمت البسمة على وجهها الناعم متذكرة صديقاتها فلو ليك شلة أصدقاء لازم حتلاقى فيها الصديق السريع جدا فى الكلام وكأن حد بيجرى وراه (زيزي) ،أو الصاحب ال على طول جعان وراشق فى أى شلة ويسيبك المحاضرات عشان تروحوا الكافتريا سوى تجددوا طاقتكم ،بتطلعوا من الكافتريا أنت خلاص مش قادر معدتك خلاص حتنفجر من كتر الأكل مسافة ما تروحوا بس يكلمك يقولك تصدق أنا هضمت حقوم أكل تانى (تسنيم) ،وهنا ضحكت تسنيم ضحكة رقيقة وهى تقول أما الصاحب الصريح بزيادة طول الوقت وبيوقع دبش من بوقه ،مهما حاول مبيعرفش يختم أبدا جملة كويسة لكن جواه إنسان محترم مبيعرفش يلف ويدور ،وغير الصاحبة الديمقراطية ال تأخد رأى الشلة فى كل حاجة وفى الأخر تعمل ال فى دماغها ( هبة) ،والصاحبة الملهوفة على الجواز ال بتكرش على أى حد فى الجامعة أو الشغل (زيزي) ،حنطلع لفاصل ونرجع لكم تانى...
حياها طارق على حلقتها القوية بعد إنتهائها ودعاها بتردد للعشاء ،وكان تردده خوفا من إن تحرجه ،فأصطحبها بفستانها المنفوش الزيتونى وفورمة (تسريحة شعرها المثيرة إلى مطعم فاخر ،يتشاركان العشاء وكذلك الحديث، يهنأها على نجاح حلقات برنامجها الأسبوعى وتفاعل الجمهور بقوة معها ومع الموضوعات المطروحة ، فقالت بفضول وهى ترفع بصرها له على إستحياء:_
_ بس أيه ال خلاك مرة واحدة تتغير ناحيتى ..؟، ده أحنا ملناش شهرين متخانقين مع بعض.
علل وهو يقطع بالشوكة الطعام أمامه :_
_ بصراحة ومن غير زعل ،كنت شايف أنك متعبتيش وكل حاجة جت لك على طبق من فضة.
ردت عليه بهدوء:_
_ بالعكس لما بنتعب غيرنا بيحقق حلمنا .
قطب ما بين حاجبيه وهو يمسح فمه بمنديل ورقى:_
_ إزاى..؟
أجابت وهى تأخذ نفسها:_
_ يعنى أنا فى الاول كان نفسى أكون مذيعة تلفزيون وأشتغلت معاك فى العلاقات مع أنها مش طموحى ،وبعدين يوم ما خدونى مذيعة بقيت للراديو ومحدش يعرفنى شكلا ولا أتشهرت زى ما كنت بحلم ،إضافة أن البث كمان تجريبي ممكن فى أى وقت البرنامج يتوقف .
علق بسترته الرمادية الأنيقة وهو يعتدل بجلسته متنهدا:_
_ مش كل ال عاوزينه بنخده ،بس كل ال بنخده بنبقى محتاجينه ، فاهمة حاجة..؟
أومأت بنفى وهى تبتسم:_
_ بصراحة لا .
أردف موضحا:_
_ كل ال لازم تعرفيه ربنا مبيكتبش لينا غير الأفضل دايما .
صمتت تسنيم قبل أن تسأل بتلقائية:_
_ صحيح أيه مناسبة العزومة دى..؟
تنحنح طارق بخجل :_
_ يعنى بحتفل معاكى بنجاح برنامجك ،
همست بمكر:_
بسسسس!!
فقال بإستفهام:_
_ أنتى عاوزة حاجة تانى ..؟
نفت برأسها وهى تمضغ الطعام: فى إستحياء _
_ لا لا حاجة أيه ،شكرا
↚
مشهد ده تسنيم وطارق
تنحنح طارق بخجل :_
_ يعنى بحتفل معاكى بنجاح برنامجك ،
همست بمكر:_
بسسسس!!
فقال بإستفهام:_
_ أنتى عاوزة حاجة تانى ..؟
نفت برأسها وهى تمضغ الطعام: فى إستحياء _
_ لا لا حاجة أيه ،شكرا
وأثناء حديثهما تعالى هاتف تسنيم بالرنين مضيئا باسم (زوزة ) ،ضاغطت على زر الإجابة فجائها صوت زيزي متغيرا وكأنه يخفى شيئا ما فقالت وهى تلتقط أنفاسها :_
_ تس تسنيم أنتى فين..؟
أجابت بقلق :_
_ فى مطعم جنب القناة ليه حصلت حاجة..؟
ردت زيزي عليها بحزن شديد على حال صديقتهما:_
_ معتز كلمنى وقالى أن رانيا غايبة عن الوعى فى مستشفى فى المعادى بقالها 3 ساعات .
تسنيم بفزع وقد هرب كوب المياه الزجاجى من بين كفيها ليتهشم لأجزاء صغيرة حتى إضطرب طارق ،بينما هتفت تسنيم وهى واقفة:_
_ يا نهار أسود...!! ،ومعتز قعد معاها كل المدة دى وهى غايبة عن الوعى ..!!،ثم أضافت بصوت واهن:_
_ خايفة يكون أذاها .
أردفت زيزي وهى تهبط السلالم الفندق المقامة به الندوة وأنفاسها متقطعة :_
_ إن شاء الله لا،أبعتى لى عنوانك وحعدى عليكى نروح سوى حالا .
فعلقت تسنيم بتوتر :_
_ ماشى وأنا حتصل بهبة تيجى لنا.
أعترضت زيزى بسأم:_
_ لا لا متقلقهاش ، هبة عندها أمتحان كمان يومين خليها تركز ،وكمان حسام ووالدته مش عاوزين نعملها مشاكل.
تسنيم وهى تلملم أشيائها من على سطح الطاولة :_
_ خلاص تمام ، حبعت لك فى رسالة عنوان المطعم ثم هتفت وكأنها تذكرت شيئا ما:_
_ طيب وأهلها وإياد بلغتيهم..!!
زيزي بوجوم قبل أن تغلق الخط:_
_ اتصلت بأونكل وليد مامتها ال ردت عليا وقالت لى معندناش بنات بالاسم ده ،وقفلت فى وشى قبل ما أقولها على ال حصل ،وإياد أتصلت بيه كتير مبيردش فبعت له رسالة ،حسيبك بقى دلوقتى عشان ألحق أجى لك ونروح بسرعة .
أختفت تلك الومضة بعين تسنيم الموجودة منذ لحظات ،وبهت لونها فأمسك طارق بمعصمها حين رأها تستدير للمغادرة فرمقته بلوم ،فأعتذر بخجل وهو يستفسر :_
_ أسف ،بس لونك مخطوف ليه..؟
أجابت بضيق وسخط :_
_ صاحبتى فى المستشفى ولازم أروح لها حالا.
ترك طارق الحساب على المنضدة ،وهو يلحق بتسنيم بسرعة قائلا بإرهاق من محاولة محاذاتها:_
_ أستنى أنا جاى معاكم
فى إحدى الشوراع الرئيسية :_
كان القمر وحده يشق ظلام الليل والضباب المترسب على عينى إياد منذ الصباح ،فخرج من البيت هاربا من مواجهة والدته وإلحاحها عليه فى الأسئلة ،يريد تنظيم حساباته ،بعيدا عن أى ضغوط لكن صور رانيا بتلك الشقة لا تعرقله وهى أيضا فى مكتب معتز مقتربة منه بقميصها المفتوح ،تثير تلك الأشياء إشمئزازه منها ،فكان إياد فى تلك الأثناء على دراجته البخراية التى أعتاد ركوبها كلما غاص قلبه فى أعماق الحزن والألم ،تعبث نسمات الهواء الباردة بشعره الحريرى ،فكر بالهرب من هواجسه وأفكاره اللعينة بالإلتقاء برفاقه القدامى لكن عليه إخبار والدته لكى لا تقلق عليه ،ما أن فتح الجوال حتى أنهالت عليه المكالمات الفائتة ولمح فى أعلى الشاشة رسالة مغلقة فتحها لزيزي تخبره عن تواجد رانيا فى المشفى ،إهتز كيانه للحظات وقلبه يخفق بشدة ،يود لو أن يراها،لكن ماذا لو كانت تلك إشارات للحمل..!!، إضافة لوجود معتز ومواجهتما هنالك ،طوى الرسالة بعصبية ،وهو ينقر على لوحة مفاتيح للتواصل مع والدته ورفاقه فاليوم لن يقضيه ليبكى على الاطلال عليه نسيانها بأية طريقة كانت ،عليه الهرب من تلك الأحمال والأعباء الزائدة ،أما فى المستشفى فكانت زيزي بصحبة تسنيم فى حالة من الحزن الشديد على صديقتهما الغائبة عن الوعى ،تهز تسنيم قدميها بتوتر يحاول تخفيفه طارق بتطرق لأمور جانبية بدت لتسنيم سخيفة ،بينما زيزي تقرض فى أظافرها وهى تقطع صالة الإستقبال فى ضيق، حتى قالت تسنيم وهى تمد يديها بالمقرمشات لهبة بإنزعاج على تسنيم ،عنفتها زيزي بسترتها القرمزية على بنطال أسود على عدم مبالاتها الظاهرة لها قائلة:_
_ جيباكى أنا تشيلى معايا المسئولية ولا تاكلى ..!!
نحت تسنيم الأكل جانبا وهى تلوى شفتيها:_
_ أنتى عارفة أنى متوترة بأكل فرحانة بأكل مكتئبة بأكل ،بطلع غيظى أو خوفى فى حاجة ثم أضافت بلوم:_
_ وبعدين هو أنتى قولتى لى حاجة وأنا معملتهاش..؟؟؟
↚
زفرت زيزي بحرارة هى تلوح بيديها:_
_ أنا غلطانة أنى جبت واحدة مبتعدلش المايلة ونايتى من الاول،فينك يا هبة
بينما بتر كلامهم طارق متحنحا:_
_ لو عاوزين حاجة انا ممكن اجبهالكم على فكرة .
فقالت زيزي من بين أسنانها لشعورها بأنها تكبش النيران لوحدها بينما الجميع لا يبالون فهى من أحضرت لهم الطعام ومن أتت بأدوية ومحاليل رانيا اللازمة بينما هؤلاء الحمقى لا زالوا يتجاذبون الحديث وكأن الأمر لا يعنيهم :_
_ عاوزينك تنقطنا بسكوتك بدل ما أنت قارفنا بنكتك ومواقفك البايخة .
نفض طارق بدلته الرمادية وقد تصبب عرقا وهو يقول بلهجة متضايقة :_
_ شكرا يا أنسة زيزي، أنا حسيبكم ثم نظر لتسنيم بوجه متجهم متابعا:_
_ ولو عوزتى حاجة كلمينى.
أستوقفته تسنيم برجاء وهى تعاتب زيزي:_
_ هو أيه ال نقطنا بسكوتك ،جرى أيه يا زيزي رانيا زي ما هى صاحبتك صاحبتى على فكرة .
قطع حديثهم صوت الطبيب وهو يطمأنهم على رفيقتهم وعودتها من غيبوبتها لكنها متعبة للغاية فعليها قضاء الليلة بالمشفى وربما تكون ليليتين لإستعادة وعيها وعافيتها ،فالإنهاك بدى واضحا على تقاطيعها،كما أوصاهما بإبعادها عن أية منغصات ،أستأذن طارق ليشترى بعض الحاجيات من كانتين (متجر) المستشفى بالدور الأرضى ،بينما تنهدت الصديقتان فى إرتياح وهن يسندن ظهورهن على الكراسى مطمئنين على رانيا اليتيمة فى ذلك الموقف الذى أثر فى كلاهما ،فدفع تسنيم تقول بملائكية وكأنها لم تثر غضب زيزي منذ لحظات :_
_ صعبانة عليا رانيا أوى ، حتفوق مش حتلاقى جنبها مامتها ولا حتى إياد .
تنهدت زيزي وهى تأخذ نفسا عميقا بعينين دامعتين:_
_ تعرفى الأصعب بجد أوى أيه..؟ .
تسنيم :_
_ أيه..!!
زيزي بمرراة :_
_ العشم أنك تبقى متعشمة أوى فى حد وفاكرة أنه سندك وحيقويكى ويدعمك ،وتلاقيه ساباك ولا سأل فيكى ولا عبرك ،بس مش غلطته هى غلطتنا أحنا إننا بندى لناس مساحات كبيرة فى حياتنا وهما ميستحقوهاش، وبنتمسك بإختيارات غلط .
تسنيم بدفاع عن إياد:_
_ بس إياد محترم وزوق جدا ومعتقدش أنه أختيار غلط .
زيزي مقطبة ما بين حاجبيها :_
_طيب مجاش ليه..!!
تسنيم وهى تهز كتفيها بشفتيين ملتوتين :_
_ عشان هو أختيار صح بس فى وقت غلط، يعنى رانيا مخترتهوش ولا حتى قالت له أو حسسته مجرد إحساس انها بتحبه أو مهتمة بيه غير لما معتز كسرها .
هبة بعدم إقتناع :_
_ الأختيار الصح صح لكل مكان وزمان لو كان إياد بيحبها بجد مكنش سابها كان قلبه كله عليها وجه يشوف مالهاأو حتى يتصل بينا ويطمن ،بجد مسكينة أوى رانيا ربنا يقويها وتعدى الفترة دى على خير .
أدخل عليهم طارق بأكياس بلاستيكية تطل منها المعلبات ولفافات من الطعام ،ليتناولوا غدائهم أو لنقل عشائهم بعد أن إرتاحوا وأطمئنوا على رانيا
فى منزل حسام السنهورى
قضت هبة ليلتها فى غرفة مجاورة لحسام لكى لا يأتى لسانها على لسانه ،منزعجة من حدته معها وفى نفس الوقت ينتابها شعور بإن لديه الحق فى بعض من ما قاله ،لكن طريقة توصيل رأيه كانت غاية فى السوء بنسبة إليها، أهتز المنبه فى تمام الساعة السابعة صباحا فتململت على سريرها بكسل لتضغط على زر التأجيل لتأخذ غفوة قليلة خمس دقائق فقط ، لكنها وكأى طالب مصرى أصيل بدلا من أن تأخذ غفوة أخذت قيلولة كاملة لا تقل عن أربعة ساعات ،فأستيقظت فى تمام الحادية عشر صباحا وهى تدلدل قدميها من على الفراش باحثة عن (الباندا) بعيون ناعسة ،حتى وجدتها ،فغسلت وجهها المنتفخ من كثرة النوم بمياه باردة حتى تفيق ،وقالت فى نفسها " خلاص بقى لمى نفسك يا هوبا امتحانك خلاص بكرة ،مش كل سنة حتفضلى تشيلى كده معلش حتتعبى شوية بس حترتاحى بعدين" وأحست فجأة بإن قلبها مجهد وبإن الدوار يداعبها(هفتانة) فهتفت بحماس" حد يذاكر بردو يا هوبت وهو ممولش ،أما أروح أجهز لى سندوتشات جبنة مع شاى بلبن لزوم التركيز والحركات بقى " ،وأعدتهم بالفعل متجهة إلى منضدة صغيرة خشبية وهى تقلب فى ملل بين الكتب لتختار منها قائلة "أبدأ بأسهل مادة عشان تشجعنى وأحس بإنجاز وبعدين مادة تقيلة "، ثم وضعت طرف سبابتها بحيرة على شمال وجنتيها بتفكير" ولا أخد المادة الصعبة وأنا فى أول اليوم كده وفريش وإستيعابى أكبر..!!، قضت فى ترددها تلت ساعة كاملة قبل أن تقوم من على المكتب قائلة " مزاكرة
أيه ال أنا كنت عاوزة أبتديها من غير نسكافيه ، هو النسكافيه حيعدلى دماغى شوية بدل الصداع ده ، جهزت المج والأبخرة تتصاعد منه فلمحت حماتها وهى تشاهد فيلما قديما " الأرض" مملا بنسبة لهبة ولم تكن لتشاهده فى الظروف العادية فهى ليست من مدمنى الكلاسيكيات ، لكن شحتفة ونحيب صفية أثار فضولها كما إنها قالت فى نفسها" حشرب بس النسكافيهفى 5 دقايق قدام الفيلم ، وأهو أحاول أكسب ماما "، بينما كانت صفية تسحب من بكرة المناديل أو لفافة المناديل وهى تفضى جيوبها الأنفية بضمير لكى تثير غثيان هبة التى شاركتها البكاء والتأثر بالاحداث ، لكن صفية أنزلت ساقيها من على بعضهما وهى محملقة فى شاشة التلفاز لتهتف مرة واحدة وبعصبية تشوت بكفها الوعاء المسطح الحامل لمناديلها بإتجاه هبة على المقعد المقابل :_
_ لااااااااااااااااااااااااااااا ، لتتناثر المناديل على هبة بمخاطها ،و هبة تضع يديها على أنفها بإشمئزاز صارخة :_
_ ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييع أيييه القرف ده..!!
رفعت صفية حاجبيها بعبائتها الكحلية بعدم إعجاب:_
_ يييع ..!!، بقى أنا تقولى على يييع ..!!،عقابا ليكى محدش لامام المناديل دى من على الأرض غيرك ...!!
صاحت هبة بهستيريا وهى تنظر بعيون زائغة وبوجه منكمش للقاذورات على الأنتريه والأرضية:_
_ كله إلا ده .
↚
أرجعت صفية ظهرها للخلف وهى تقول بنبرة تهديد:_
_ خليهم لما حسام يجي ،وأنا حقوله أنك نفيتي فيهم ورمتيهم ،خليه يقول عليكى معفنة .
ردت هبة بغيظ:_
_ بس ده محصلش ، حضرتك ال لسه رامياهم .
صفية بنشوة وهى تسند رأسها على كفيها بإنتصار:_
_ أثبتى بقى ده ،ثم أضافت أكيد مش حيصدقك ويكدب أمه ال مربياه .
رددت هبة بكلمات غامضة وهى متجهة للمطبخ لإحضار بعض الاكياس البلاستيكية لترتديها بيديها وهى تضع يديها على أنفها( أنا كان مالى ومال القرف ده ،أيه ال خلانى اوافق على الجوازة المهببة دى) وبينما هى تلتقط بالأكياس بقايا المناديل من على الأرض فإذا بحماتها تجس النبض بخبث وهى تنظر لوجهها المنكمش:_
_ لا بنت ناس أوى البت وبتقرف ،أبتلعت هبة سخافتها لكى لا تثيران سويا كارثة جديدة إلا ان حماتها واصلت بمكر:_
_ أمال لما تجيبي بيبي مين ال حيغير له ويمد أيده فى ال...
قاطعتها هبة وهى تشعر بالغثيان وقد أخضر وجهها تود لو أن تستفرغ معدتها:_
_ بسسسسسس كفاية .
صفية بغضب:_
_ ليه هو انتى مش ناوية تجيبى لنا عيل نلعب بيه ..!!
هبة بإستنكار وقد أتت بأخرها :_
_ عيل أيه يا طنط ما ترحمى نفسك شوية جوازى على ابنك لسه متمش شهر .
صفية وهى على وشك أن تردح لها:_
_ أرحم أيه يا عنيا...!!،الظاهر أنك عاوزة تربية من أول وجديد تعالى بقى .
دخل على صوتيهما حسام وهو يسلك هبة ببيجامتها وشعرها المقطع من يد والدته وهى تبث شكواهامن هبة بينما سحبت هبة نفسها للغرفة بوجه محتقن بالدماء ،وعيون كالكرز ،وبثورة كبرى ،لكن صوت حسام جعلها تسترق السمع على الباب ،وأمه تقول:_
_ طلقها بتاعة الشباب الصايعة الضايعة ال بترد على أمك ومش عاملة لك إعتبار
سالت دموع هبة كالأنهار ،لكن صوت حسام شفى غليلها قليلا وهو يقول بوجوم:_
_ لو حد مش عاملى إعتبار يبقى أنتى يا أمى،لأنى قولت لك بدل المرة ألف ملكيش دعوة بيها،ليه مصممة تقلبى البيت حريقة..!!
كانت هبة تصفق كالأطفال فى ظفر وهى تجفف دموعها قبل أن ترى حسام بجسده الأسمر العريض متجها إليه من فتحة الباب ،قفزت على السرير وهى تغطى بالملاءة وجهها،فجلس على طرف السرير ليراضيها قائلا_
_ هبة..!!
لكنها لم ترد عليه ،فهزها برفق وهو يقول:_
_ عارف أنك صاحية ،متستهبليش .
فأعتدلت على السرير وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها لاوية فمها بشكل لذيذ ،إبتسم له حسام :_
_ يرضيك كده يا حسام ال ماما بتعمله..؟
رد بلطف وهو يلامس بكبشته كفيها الناعمين بحنو:_
_ لا يا قلب حسام ميرضنيش ،ثم واصل برجاء:_
_ معلش يا هبة عاوزك تستحملى بس يومين وحشوف لنا شقة نقعد فيها السنة دى بعيدا عن أى مشاكل .
هبة بإعتراض:_
_ بس ماما يا حسام بتتعمد تستفزنى .
أردف وهو يمد يديه بجراة على وجنتيها قشعر لها بدنها وخالطتها مشاعر غريبة :_
_ هبة أنتى مرأتى وهى أمى ،يرضيكى أخسر جنتى(أمى) عشان (دنيتى )...؟
هبة بغباء:_
_ لا اخسرنى أنا يا حسام وأولع مش مهم .
حسام وهو يضيق عينيه :_
_ ما أنا كده كده حخسرك كمان سنة ولا أنتى عندك شك فى ده..!!
وقعت كلمات على قلبها كالصاعقة فكأنها لم ترد منه ان يقول ذلك بل أن يقول لها( أنا مقدرش أسيبك لأانك بنتى وحبيبتى ، ويومى مبيكلمش من غيرك ) فنزلت عبراتها بشكل مفاجأ ليسألها حسام بإستهبال وهو يقرب أنامله من وجنتيها ليمسح بسبابته دموعها :_
_ بتعيطى ليه دلوقتى..!!
هبة بتلعثم ولتدارى ضعفها:_
_ الأمتحان بكرة وأنا مذكرتش حرف ونصف اليوم طار منى .
حسام بحنان وإهتمام:_
_ متقلقيش المنهج الليلة حتكونى مذاكراه ومراجعاه كمان .
هبة بنشوة وقشعرة بدن من حركته مفاجأة لمسح دموعها:_
_ وده سحر ولا شعوذة ههههههه، ولا حتجيب خديجة المغربية لجلب الأمتحان هههههه.
حسام وهويشد وجنتيها المكتنزتين بتلقائية:_
_ لا يا لماضة ،انا حذاكر لك .
حدجته بنظرة غريبة على شد خدها ،فقال:_
_ معلش نسيت أنى متجوز ابن عمتى .
ندت منها ضحكة رقيقة تاه فيها حسام قبل أن يقول:_
_ حروح أغير هدومى ونتغدى ونبدأ سوى وأوعدك مش حتقلى عن الدرجة النهائية ..
↚
قبلته هبة فى سعادة شديدة وبطفولية على وجنتيه :_
_ هييييييييييييه يحيا حســــ
تنحنت وقد لاحظت ما فعلته لتو معتذرة بإرتباك :_
_ أنا والله سعادتى مكنتش .
قاطعها حسام بغموض وإثارة ليضيف بتهكم:_
_ مش بقولك ابن عمتى مفهاش كلام
بإحدى الفنادق
وبمرور أسبوع شاق وطويل على الجميع ،أستعادت فيه رانيا عافيتها لكنها لم تستعد روحها وصممت المكوث منذ خروجها من المشفى أن تستقل إحدى الغرف بفندق قريب من مقر عملها ،رغم محاولات زيزي المستميتة لإبقائها لكن رانيا غدت متمردة ورافضة أن تتعامل مع أى إنسان فى تلك الفترة ،فقد إنعدم إيمانها بالحب وبالأهل لا شىء يدوم ،تتذكر إياد وكلماته القاسية وما حدث معها ومعتز وسخافاته اليومية التى تضطر لإبتلاعها بشكل يومى، والخصم الذى طال أكثر من نصف راتبها، تنهدت بعمق وهى تقطع ورقة لتمارس هواية الطفولة الرسم ،وأشعلت بعض الموسيقى الكلاسيكية لتهدئة أعصابها الثائرة وهى تخرج كبتها فى لوحة لك تحدد موضوعها، ولكأنها ترى أمامها إياد فتتقش تفاصيل عينيه بحريتين ووجه الأملس وشعره الناعم البنى، ترتسم على شفتيها إبتسامة صغيرة على سذاجتها وتعلقها بمن أهانها لكن القلب حين يهوى يخلق الأسباب والمبرارت، فهو معذور فيما قاله لو أنه يعرف الحقيقة ستكون أسعد إنسانة على وجه الأرض وبينما هى فى قميصها البنفسجى القصير حتى سمعت دقات الباب ،قطبت حاجبيها فى ذهول من سياتى لها فى الثانية عشر من منتصف الليل...!!،ما أن أرتدت بالطو طويل وأطلت برأسها حتى أنفزعت من صوت زيزي وهى تنفخ بزمارة بمرح :_
ببببببببخ ،كان يوم أسود يوم ما جيتى ههههههههه
بينما دفعتها تسنيم بفستانها البسيط وهى تحمل البلالين قائلة:_
_ كل سنة وانتى طيبة يا أجمل رونى.
تتبعهم هبة الحاملة لمعلبات الجاتوه الشوكولاتة وقد عرفت بما أحل بصديقتها فاخذت تعتذر منها لعدم سؤالها ورانيا تربت على كتفها بإبتسامة منكسرة متذكرة أهلها وإياد الذين بالرغم من معرفتهم فلم يعيروها أى انتباه بينما قالت زيزي وهى تتناول السكين :_
_ ما كفاية نكد يا هبة بقى ما صدقنا تخرج شوية من المود الوحش ال كانت فيه .
هبة بسأم:_
_ دلوقتى بقيت انا مصطفى كامل ومصدر النكد صح...؟
ردت عليها تسنيم بمزاح:_
_ انتى من يوم ما تجوزتى يا روحى وانتى شركة عالمية فى النكد وبتصدريه للدول الأخرى ههههه،الله يكون فى عونك يا حسام .
هبة وهى تتغزل فى نفسها بمرأة النيش مقلدة حماتها (فشر ده انا كيوت هههههههه) تبادل الجميع الضحك عدا رانيا الساهمة التى جذبتها تسنيم للحديث:_
_ رونى حلقة بكرة مهمة اوى بنسبة لى دى الحلقة العاشرة وعاوزكم كلكم جنبى.
رانيا وهى تشيح بوجهها بعيدا بشرود:_
_ مش حقدر صدقينى أروح اى مكان انا مبقتش حابة أتعامل مع البشر خالص.
تسنيم بشفقة:_
_ تفتكرى ده الحل..؟
رانيا باستسلام وخضوع:_
_ لا بس على الأقل حاليا .
تابعت معهم زيزي الحوار وهى تبتلع الشوكولا:_
_ لا من حيث حتيجى فحتيجى بمزاجك أو غصب عنك ،الواد يوسف بكرة انا عزماه هييييح بقى
رانيا وقد خرجت عن ضيقها قليلا:_
_ يعنى انتى كل ال هامك يوسف ،شكلك فى الآخر حتخدى استمارة ستة ههههههه وينفض لك .
زيزي بثقة:_
_ ده هو ميت فى دبايدبى كده .
هبة بسخرية:_
_ ومستنى ايه مجاش يتقدم...؟
زيزي بمرح:_
_ يعنى هو شكله دغف زى بتاع تسنيم ومستنى اخد الخطوة الأولى ههههههههه واعترف له بحبى.
لكزتها تسنيم:_
_ دغف فى عينك اتلمى.
بينما قالت رانيا:_
_ الله الله وقعتى يا توتى ولا هوا رماكى، الدنيا اطورت بقى والزهر لعب معاكى. ثم واصلت "بعدين مش حتبطلى انتى وزيزي شغل القط والفأر ده طول الوقت كده ناقر ونقير .
ضحك الجميع بينما قالت زيزي:_
_ اكيد انا القط وتسنيم الفار ال حينضرب ههههههه
تسنيم وهى تأخذ شفطة المشروب الغازى:_
_ زيزي انتى بتسمعى للخليل كوميدي كتير دمك بقى يلطش ههههههه
زيزي وهى ترد الإساءة بمزحة:_
_ لا بسمع لطارق الدويرى افهاته اسخف ههههههه
تبادل الجميع الضحك وقد بدأت رانيا الخروج بشكل تدريجي من سوء مزاجها
فى المحطة الإذاعية ركضت تسنيم مع شلتها للحاق بموعد برنامجها الأسبوعى، حيث كان الطريق مزدحما للغاية وقد أعاقها فأفتتحت حلقتها "مساء النور على كل ال متابعينا فى برنامجنا الأسبوعى "أسرار الحب "على راديو مشاعر أف أم" معاكم تسنيم عبد المنعم كل خميس من الساعة 7 إلى 8 تقدروا تتواصلوا معانا على الأرقام التالية .......،.......،نطلع لفاصل ونرجع لكم تانى" ،نهضت تسنيم فى تلك الإستراحة القصيرة لتغسل وجهها لتصبح أكثر إنتباها حيث كانت رانيا لا زالت تشغل تفكيرها، فعادت لغرفة التسجيل لتقول "موضوع حلقتنا النهاردة عنوانه كفاية عك!
كفاية عك في علاقات مالهاش بداية من نهاية، من استنفاذ لطاقتنا في حاجات غامضة ومجهولة ،و غلط ومستحيلة. ثم تنهدت وهى تتذكر عملها جديد التى لم تتأقلم معه بعد حيث كان حلمها "مذيعة تلفاز وليس راديو " فواصلت كفاية عك فى شغل احنا مش حابينه ولا قادرين نبذل طاقة فيه وبنقاوم عشان هو "كده"،في علاقات متلصّمة، بندّعي فيها المحبة، في أسرار مكشوفة وأعذار مش مفهومة وغياب مش مبرر،
كفاية لف فى دواير مغلقة وجرى ورا وهم فاكرينه نجاة، كل ما نحس اننا قرّبنا منه نلاقيه بيبعد أكتر.. لإنه "مش موجود"،كفاية عشم زايد، وأحلام مستحيلة وطرق ملتوية ومبهمة، كفاية تعلق بلحظات حبناها زمان.. بنفضل نفتكرها و نعيدها على مسامعنا وعنينا عشان ماتزيدناش إلا كآبة،كفاية عشم واحتياج للناس المرهقة ال وجودها ضرر على حياتنا ونفسيتنا وصحتنا. .!!
نطلع فاصل ونرجع لكم تانى أوعوا تروحوا فى أى حتة
↚
فى مكتب منيب
كان منيب يتابع مع رئيس التحرير معدل المشاهدة لبرنامج تسنيم ،والذى كسر كل التوقعات وجذب عدد لا يستهان به من المستمعين على مختلف أعمارهم ،فكان لطارق دور فى ذلك فالترويج والعلاقات العامة هى " لعبته" وكذلك حلقة يوسف الصياد لا زال أثرها حتى الأن يتردد فى الأرجاء، دخلت تسنيم وهى تجر أقدامها الثقيلة فى خوف من عدم إستمرارية برنامجها وأن تبدأ من الصفر مجددا إلى أن قال منيب بفخر وهو يصفق لها :_
_شابوه بجد ،البرنامج حقق تفاعل كبير جدا أكتر من ال كنا محتاجينه .
شبكت يديها ببعضهما مصفقة بنشوة وهى تهتف بغير تصديق وبتلقائية :_
_ بجد يا فندم ،يعنى برنامجى حيبقى يومى بعد كده ..؟
أومأ منيب بالإيجاب وهو يقول بثبات :_
_ مش بس كده ،ده كمان فى مفاجأة تانية كبيرة جدا ،بس جمدى قلبك قبل ما تعرفيها.
تسنيم بفضول:_
_ أيه هى أيه..؟
أخذ منيب نفس عميق قبل أن يواصل متسائلا:_
_ مش كان نفسك تبقى مذيعة تلفزيون ..؟، فهزت رأسها بتأكيد فأستكمل بجدية بالغة :_
_ الفرصة جت لك على طبق من فضة من أكبر رجال الأعمال من حاتم البنهاوى ،وال حيكون الراعى الرسمى لبرنامجك
تسنيم وقد بدأت فرحتها تتلاشى تدريجيا لسمعته السيئة :_
_ بس ده يا فندم سمــ
قاطعها وهو يقرب قداحته المعدنية من سيجارته قائلا بغرابة:_
_ متبقيش غبية وتضيعى الفرصة من أيدك .
تسنيم وهى تخبط بيديها بعصبية على سطح المكتب لظنه السىء بها :_
_ حضرتك فاكرنى من البنات إياهم..!!!
منيب وهو يقترب منها مضيقا عينيه السودواوين:_
_ الفرصة دى فى ألف بنت غيرك بتتمناها ،ثم أضاف بتحفيز:_
_ وبعدين خليكى ذكية وخدى ال أنتى عوزاه ومتدلهوش حاجة ،البنت على فكرة ال بتحط الحدود.
أضاءت شاشة تسنيم باسم رانيا فأستأذنت :_
_ عن إذن حضرتك صحابى مستنينى تحت.
منيب بثقة وهو يلقى لها الكارت مصحوبا بالأرقام:_
_ أدي له الأوكى الليلة يا تسنيم ، ثم واصل بضغط أكبر:_
_ يا كده لا حتطولى بلح الشام ولا عنب المغرب.
تسنيم وهى تضم حاجبيها بغضب:_
_ يعنى أيه حضرتك بتهددنى..!!
منيب وهو ينفث الدخان للأعلى بسأم:_
_ أسمعى يا بنت الناس الفترة ال فاتت دى أنا أديتك فرص كتير جدا غيرك نفسه فى ربعها بس ،وبقول بنتى ،ثم أستطرد بعد ثوان بغموض:_
_ بس لو بنتى حتبوظ لى علاقاتى مع كبار العملاء ،ال هو المم بتاعة القناة دى فأنا فأنا ــ
ثم رمى السيجارة أسفل قدميه ليفرمها بحذائه الجلدى ذو اللون البنى قائلا بقسوة:_
_ ححطها تحت رجلى
بإحدى كافيهات المهندسين
تحولت فرحة الشلة والإحتفال بنجاح تسنيم إلى عزاء وصمت مبهم وثقيل ،تحاول الفتيات التخفيف عنها مع طارق بلا جدوى ، لكن تسنيم غدت منزعجة للغاية فلكى تصل إلى حلمها عليها التخلى عن مبدأ من مبادئها ومسايرة الرياح،تقص عليهم هبة فى فستانها الذهبى شجاراتها مع حماتها مقلدة صوتها بشكل كوميدى ساخر، أبتسم له الجميع عدا تسنيم التى باتت تأكل بشراهة كبيرة طبق الحلويات أمامها ،بينما زيزي شاردة فى هاتفها حتى صاحت فجأة :_
_ متخلفة والله أهو بكرة يسيبك .
رانيا مستفهمة منها وهى فى جيبتها ذات اللون الأزرق وسترتها البيضاء الانيقة :_
_ مين دى..؟
زيزي وهى تمط شفتيها:_
_ دى هناء البت المقشفة ال كانت معانا فى الدفعة ،عملت لى بلوك .
قهقت هبة بصوت عال حتى إنتبه المرتادون للمطعم لصوتها قائلة :_
_ يبقى أكيد أتخطبت ،هما كده لما بينضفوا بيتنططوا على خلق الله
زيزي ولا زالت مثبتة عينيها على لوحة المفاتيح بغضب ممزوج بفضول :_
_ أنا حكلم عبير أستفسر منها وأجيب لكم قرار الموضوع ده .
رانيا متنهدة:_
_ شوفو أحنا فى أيه وهى فى أيه ..؟، ثم نظرت لتسنيم:_
_ حتعملى أيه يا توتى الموضوع معقد أوى...؟
جاء الرد من طارق بشكل عفوى وسريع وهوو يرتشف عصير البرتقال :_
_ البرنامج ده مرفوض شكلا ومضمونا طبعا
تسنيم بإندفاعها المعهود:_
_ وأنت ترفض شكلا ولا موضوعا ليه ،يخصك فى أيه..!!
هبة لتهدئتها :_
_ أهدى يا قطر قشاش الراجل مقلش حاجة غلط
رانيا مدافعة عن صديقتها:_
_ معلش يا طارق هى تسنيم كده ال فى قلبها على لسانها .
نهض طارق وقد أحس الإحراج أمام رفيقاتها قائلا :_
_ لا يا جماعة هى معاها حق عن إذنكم .
↚
لكن زيزي هبت مرة واحدة واقفة وهى تقول بحماس:_
_ بس بس جيبت لكم قرارها ،دى مخطوبة لواحد اسمه هانى الجزار ،أستنوا أما أشوف شغال فين ده أيه ده ده مهندس بترول،لا أروبة بجد ثم إلتفتت لطارق قائلة وهى تقشر اللب بأسنانها البيضاء:_
_ ارتاح يا طروق انت واقف ليه ، شوية بشوية حتيجى لك تناحة وتكسب مناعة هى تسنيم كده دايما ،مدفع زلط بس قلبها طيب والله
هتفت تسنيم بعصبية لعدم مبالاة زيزي وبرودها :_
_ تصدقى بالله أنتى معندكيش دم وإنسانة مستهترة ثم أضافت بإنفعال أكبر طبعا ما هو ال أيده فى المياه مش زى ال أيده فى النار يهمك أيه ما أنتى مستقرة فى شغلك وحياتك لكن أنا لما أخسر كل حاجة مش مهم .
رانيا لتهدئة الأجواء:_
_ ما تكبروا يا عيال بقى وبطلوا تنكشوا فى بعض، وبعدين يا ست تسنيم زوزة بتخفف عنك كفرت ..!!
تسنيم بإستنكار وهى تمد كفها فى الهواء :_
_ لا مكفرتش ،أنا الغلطانة أنى جيت أقعد معاكم كنت فكراكم حتحسوا بيا وتساعدونى مش تقعدوا تهرجوا سلام
إنضمت هبة للحديث موجهة كلامها لتسنيم بلوم :_
_ فى أيه يا حجة ما تهدى ،وبعدين نساعدك فى أيه طالما بنى أدم سمعته زى الزفت ،يبقى تستغنى عن أى حاجة حتيجى من وراه ،تفكير أيه بقى ولا قرار أيه ال نساعدك فيه..!!،هو ده موضوع أصلا فيه نقاش...!!
طارق بإضطراب :_
_ صلوا على النبى يا جماعة انتوا صحاب مش كده .
تسنيم بأعصاب تالفةوهى تسحب حقيبتها بجلد النمر :_
_ بلا صحاب بلا قرف ، أنا غلطانة أصلا أنى فكرت أشارككم مشاكلى كنت مفكراكم بشر وبتحسوا من غير سلام
فى منزل حسام السنهورى
غابت عن هبة مشاكستها حين أتت من الخارج وإتجهت لغرفتها دون تناول العشاء واجمة من ما حدث منذ قليل مع صديقة عمرها ،ألقت بالحقيبة على الرفاش وهى تبحث فى الخزانة القديمة عن شيء مريح لترتديه حتى أخرجت بيجامة سماوية هادئة ومريحة للعين لترتديها وهى فى حالة من الحزن الشديد ،ونفسها ( مصدودة ) عن تناول أى شيء ،دعاها حسام للعشاء لكنها أبت ،فأصر عليها فقالت وهى تفك ضفائر شعرها المعدة للمناسبة الإحتفال بتسنيم قبل إنقلاب الأحداث :_
_ روح أنت مليش نفس
حسام بإستفهام :_
_ ليه ..؟، متخانقة مع ماما تانى..؟
هزت رأسها نافية :_
_ لا .
حسام بإهتمام وهو يطالعها فى مرأة التسريحة الأمامية ببيجامته الأنيقة المبرزة لرجولته وتمنحه جاذبية كبيرة :_
_ أمال مالك وشك مقلوب من ساعة ما دخلتى من بره ..؟
هبة بعدم إكتراث لكلماته :_
_ مش مهم بقى أنا حنام بقىمرهقة تصبح على خير
حسام وهو يسحب عنها الملاءة قائلا بلهجة مثيرة :_
_ مفيش نوم يا لماضة إلا أما تقولى مالك ..؟،طالما حاجة مضايقاكى تبقى مهمة .
هبة بفرحة لشعورها بحنانه:_
_ بجد ...؟
حسام بإستفزاز وهو يطالعها بعيونه ذات البريق اللامع الخبيثة:_
_ أه طبعا ،لأنك باردة جدا فمعنى أن الحاجة دى إستفزتك يبقى حاجة كبيرة .
هبة وهى ترفع حاجبيها بإعتراض :_
_ كده طيب مش حكيالك .
حسام بأمر :_
_ انجزى فى ليلتك وقولى
هبة بدلع:_
_ لا أتحايل عليا شوية الاول .
حسام وهو ينكشها:_
_ ما تنجزى يا بت .
هبة بحزن :_
بت بقى أنا بت يا حسام
حسام بإستغراب ممزوج بتهكم :_
_ وهو انا شتمتك باهلك بقولك بت كلمة عادية يعنى،أخلصى يلا
هبة بإستسلام لزنه:_
_ تسنيم سابت شغلها عشان صاحب القناة ساومها .
حسام مقاطعفى إعجاب شديد:_
_ والله برافوا عليها ،بنت بمية راجل .
هبة بضيق لم تعرف سببه :_
_ تحب أخطبهالك..؟
حسام مبتسما برقة يكادأن يرقص ،لكنه تمالك نفسه ليقول بمكر:_
_ مممم ،أنا مش فاهم بصراحة إزاى الواحد بيغير على حاجة مش بتاعته ...!!
هبة بتلعثم :_
_ بس هى بتاعته على الأقل حاليا يعنى ،ثم تابعت لتغيير الموضوع بخجل وبعدين أنت مسمعتش موضوع كامل.
↚
حسام بتوضيح :_
_ بصى يا هبة أى حاجة بالمساومة بتيجى بتبقى مش مظبوطة وملهاش طعم ،وبتمارس علينا ضغوط.
هبة بإقتناع وهى تلف شعرها برباط الورود :_
_ معاك حق بس تسنيم أعصابها بايظة جدا أول مرة نشوفها نهاردة من بسكوتة رقيقة باردة لنمرة متوحشة بجد .
حسام بحنان :_
_ لو على الشغل فأنا معارفى كتير ممكن أكلم لها ناس كتير ،وأعرف إعلاميين كبار يعنى ممكن أطلعها على التلفزيون كمان لو تحب وأوصى عليها.
هبة وهى تقفز على السرير بسعادة :_
_ والله أنت مفيش منك ،ربنا يخليك يا حسام يا روح قلبى
حسام بإندهاش:_
_ تانى كده..؟
هبةبإستعباط :_
_ ربنا يخليك .
حسام وهو يهز رأسه:_
_لا مش دى .
هبة مضيقة عينيها :_
_ يا حسام..؟
حسام وهو يمط شفتيه :_
_ مش عاوز أسمع منك حاجة خلاص أبو شكلك جزمة هههههههه
هبة وهى تهم بالنزول من على الفراش:_
_ حقوم أكلم تسنيم ثم نكست رأسها بحزن متذكرة ما حدث فقالت بس احنا متخانقين ومش حترد .
حسام ليطمئنها:_
_ حكلمهالك أنا بس بكرة عشان الوقت متأخر .
هبة: بشكر _
_شكرا أوى أوى بجد ،تصبح على خير.
علق حسام مستنكرا :_
_ هو أيه ال شكرا وتصبح على خير ،قومى عشان نتعشى .
هبة وهى تطبق على عينيها متظاهرة بالنوم والإرهاق:_
_ مليش نفس.
حسام بوعيد لذيذ:_
_ بعد ده كله وملكيش نفس، وحياة أمك لو ما قومتى لأشيلك من على السرير أوديكى للسفرة.
هبة وهى ترفع له إصبعها بتهديد :_
ملكش دعوة بأمى ،انا بقولك أهو
قال حسام بحيرة:_
_ وهو انتى مش حياتها..؟
أردفت :_
_ مش جاية وأطلع واطفى الوناسة
حسام وهو يرفع حاجبيه فى إثارة وهو يحملها بين ذراعيه بالقوة :_
_ كده طيب انتى ال أضطرتنى .
صاحت هبة وهى تخبط بكفيها الصغيرين على ظهره العريض قائلة بضحكات متقطعة ووجه كالدماء من الخجل :_
_ ههههههههههههه نزلنى نزلنى هههههههههه يا قاسى يا متوحش
فى الشركة
إنتهى معتز من إجراء العديد من الإجتماعات الهامة مع الوفود الأجنبية ،والتى ستنقل الشركة نقلة كبرى لم تشهدها منذ 5 أعوام ،ففتح هاتفه ليجد عشرات المكالمات الفائتة زفر بحنق فحتما ستسمعه ما لم يحبه وغيرتها الكريهة عليه لا بأس سيستطيع إقناعها ، نقر بأنامله حتى جائه صوتها على الهاتف وهى تخبره بإكتائبها وشعورها الدائم بالملل ورغبتها فى الخروج معه ،لكنه إعتذر متعللا بمشاغله فقالت نفين بتأفف :_
_ دايما مشغول كده ،أنا تعبت يا معتز بقالنا شهرين مخطوبين وأنت مخرجتش معايا ولا مرة ،ثم أستطردت بسخط أكبر ين تذكرت (رانيا)ولا مش فاضى غير للسنكوحة بتاعتك .!!
أردف معتز بلهجة رومانسية :_
_ لا يا حبيبتى وقتى كله ليكى،هو انا بشتغل عشان مين غيرك ..؟ ،وبعدين أيه جاب الحاجات البيئة دى جنب المارون جلاسيه .
نفين بعتاب :_
_ أيوة كل عقلى بكلمتين.
↚
قال معتز وهو يضيق عينيه بمكر وقد إلتمعت فكرة خبيثة برأسه :_
_ لا يا قلبى وعشان أثبت لك حبعت لك السواق يأخدك حالا ونخرج سوى .
ساد السكون للحظات قبل أن تعلق نفين بلهجة مضطربة وبقلب منقبض:_
_ معتز أنا من الليلة إياها لما طلبت منى أجبها لك عشان تكسر عينها ولما قولت لى أنها بترسم عليك ،من يومها بصراحة وأنا مش مرتاحة .
قال معتز لإقناعها بسرعة وبصوته الرجولى الجاد ليقنعها :_
_ أنا مضحكتش عليكى وأكبر دليل أنها لسه بتشتغل عندى لغاية دلوقت ..؟، تفتكرى لواحدة محترمة حتشتغل عندى ليه بعد ال حصل.؟
نفين: بعدم تصديق لمعتز وبغضب جامح :_
_ معرفش بقى يا معتز أنا أتخنقت والأسلوب بتاع اللف والدوران
بتاعك ده مبقاش نافع معايا
معتز بغموض :_
_ طيب عشان أثبت لك صحة كلامى أنا حخدها معانا وشوفى حعمل فيها أيه
أغلق الخط مع خطيبته ليطلب رانيا على الهاتف الداخلى ،وكانت رانيا منذ الصباح تنجز المهمات والتكليفات الثقيلة التى أوكلها إليها ،فدخلت عليه وهى تحمل بعض الأوراق الهامة المنتظرة لتوقيعه ،فقال معتز بتساؤل بدى لها مبهما:_
_ خلصتى ال وراكى..؟
رانيا بنفى :_
_ لا لسه
معتز وهو ينظر فى عمق عينيها بتلذذ ليرى رد فعلها :_
_ أعملى حسابك حتخرجى معايا كمان شوية .
رانيا وقد فقدت التحكم بنفسها فأردفت بتعجب:_
_ أنت عبيط ولا شكلك كده ..؟
معتز وهو يرمى القلم الأزرق الجاف من بين يديه وهو يلوى شفتيه :_
_ محبكيش وأنتى كده خليكى مطيعة وأعقلى ،ثم رمق الخزنة :_
_ ومتسنيش أن حياتك بإيدى فى ثانية تكونى جوه السجن ملمحا ( للشيكات التى أجبرها على إمضائها)
رانيا بإستفهام وحيرة :_
_ معتز أنت عايز أيه منى...؟
معتز فى حالة من النشوة والإنتصار :_
_ خطيبتى حتيجى كمان شوية وعاوزك تجهزى عشان حأخدك معانا .
رانيا بتهكم :_
_ يعني أيه أخدك معانا هى رحلة لجنينة الحيوانات ولا حاجة..؟
معتز بصرامة وحزم :_
_ هى كلمة ومش حتنيها تانى ،اتفضلى على مكتبك ..!!
أما فى منزل تسنيم عبد المنعم.
كانت تسنيم لا تترك شرفة منزلها ،وكأنها تستمد منها الهواء والحرية والطاقة وسط أغانى فيروز والكتب الترفيهية للخروج من مودها السيء الذى لم يتحسن منذ ليلة أمس ، لا يكف هاتفها عن الرنين فطارق قلق عليها للغاية وكأنها طفلة تائهة وليست زميلته بالعمل ،ظلت فى ذلك التوهان والشرود حتى دخلت زيزي وهبة بملابسهما البسيطة وهما تحملان صنية الطعام مقلدين صوت بهية الخادمة :_
_ الغدا جاهز يا ستي .
تسنيم وهى تعانقهم بحرارة وكأنها وجدت الكنز الضائع وهى تضحك على أسلوبهما:_
_ يخرب عقلكم ، ثم قالت لزيزي بسخرية :_
_ وأيه ربطة الفجل ال فى دماغك دى ..؟
علقت زيزي وهى تلتقط أنفاسها من طول السلالم :_
_ نازلة مهمة لكشف فساد كبيرة جدا ،لو نجحت وأشتهرت وكده أوعدكم مش حعرفكم تانى هههههه.
تسنيم مبتسمة برقة:_
_ ندلة من يومك .
زيزي بخبث :_
_ مش حبقى أندل منك يا أجمل مذيعة
تبدلت ملامح تسنيم للوجوم وهى تقول:_
_ متقلبيش عليا المواجع الله يخليكى .
شاركت هبة فى الحديث وهى تأكل :_
_ ما هو ده ال أحنا جاين لك فيه مع إن لسانك متبرى منك .
تسنيم بحنو وشعور بتأنيب ضمير :_
_ معلش متزعلوش منى أنتوا عارفين غلاوتكم فى قلبى .
زيزي بمزاح:_
_ لا حاف كده مينفعش قومى أعملى لنا ناكل لأحسن أنا جاية من الشغل هفتانة جدا ،حتى بصى وشى خاسس إزاى.
ملكزتها تسنيم بكتفها :_
_ تصدقى بالله أنتى فعلا ما عندك دم ههههههه ، ما قدامك أهو
↚
زيزي وهى تعتدل فى جلستها ناظرة للصنية والبخار مقلدة بهية:_
_ لا يا ستى أنا عاوزة زفر هههههههه
تسنيم بإلحاح :_
_لا قولوا الأول.
هبة بحماس :_
_حسام كلم لك طالب من طلابه والده يبقى صاحب أكبر قناة فضائية وحتنورى الشاشات .
غمزت زيزي بعينيها وهى تقول :_
_ أيوة بقى وحيبقى عندنا واسطة هههههههه
قفزت تسنيم من على الكرسى وهى تهتف بملائكية :_
_ الله أنا بحبكم اوى يا أجدع صحاااااااااااااااااااااااااااااااااب
زيزي بسخرية:_
_ ما كنت لسه من شوية معنديش دم ههههههه .
تسنيم :بهدوء _
_ انتى عارفة انى بهزر
زيزي وهى تنكشها :_
_ نفعية حقيرة هههههههههههههههه
فى وسط القاهرة وبإحدى المحلات التجارية الكبرى
همس معتز لبائع الأحذية ليأتى له بأوردر خاص بعد أن يجلس ، ترافقه خطيبته وخلفهم رانيا التى تود لو أن تفتك بذلك الحقير و أنثاه اللزجة ،راسمة إبتسامة بلهاء على شفتيها لا يكف معتز عن إستفزازها طوال الوقت ، ما أن جلست نفين على كرسى بلا مسند حتى جاء الرجل بعبلبة مغلفة فتحها معتز بخبث وهو يناول ما فيها لخطيبته قائلا بلهجة مصطنعة:_
_ الشوز دى أجمل شوز يا قلبى ،ألبسيها كده عاوز أشوفها فى رجلك يا غزالى
كانت رانيا تجز على أسنانها وهى تقبض يديها وتبسطهما من نفاقه وترديده نفس كلامهما إلى خطيبته ،كما أنها تحدج نفين بنظرات إنتقامية كم تود لو أن تجرها من شعرها جرا وتنتقم منها على ما فعلته بها لا بأس فسيأتى ذلك اليوم عاجلا وليس أجلا ،فتصرفات معتز جميعها تكاد أن تدفعها للجنون ،قالت نفين بسأم وبعد محاولات عديدة فاشلة :_
_ ضيقة أوى يا زيزو
ورمقت العامل:_
_ مفيش مقاس اكبر سنة ..؟
هز رأسه نافيا،فقالت بوجوم:_
_ خلاص بقى مفيش نصيب .
بينما قال معتز بصوت خفيض ماكر ليقنعها :_
_ بس دى اكتر شوز عجبتنى ،ثم أشار لرانيا قائلا برجاء لطيف أمام الواقفين:_
_ دخليهلها
رانيا وقد فتحت فمها فى إمتعاض:_
_ نعم...!!
معتز بنفس الثقة :_
_ زي ما سمعتى .
رانيا وهى تلوح بكفيها بغضب:_
_ خلى أى حد من ال شغالين يلبسها لها .
معتز بإصرار:_
_ لا أنا مفيش راجل حيلمس رجل مراتى، يلا اتفضلى .
رانيا بهستريا:_
_ أنت اكيد أتجننت ..!!
معتز بتهديد وهو يهمس بأذنها:_
_ أعتقد أنك فاكرة الشيكات ال مضتيها فى الحبس..؟ ،ولا تحبى أفكرك..!!
رانيا هى تلقى عليه نظرات إشمئزاز وضيق ممزوجة بالإحتقار :_
_ أنت بنى أدم قذر وحقير أنا بكرهك .
معتز ببرود :_
_ يلا وطى ،ولبسيها لها .
ما أن أنخفضت رانيا والدموع تنهمر من عينيها وقد أحمرت وجنيتها فى خجل وذل،وإرتفع أنينها ،حتى تابع معتز بإنتصار:_
_ مش انا السافل المنحط..!!، ده انتى أيامك كلها جاية يا رنوشة .
كانت خطيبته فى غاية السرور لتأكيد معتز لها بإنها لا يكن لها أى مشاعر حب كما أطلقت بعض الشائعات وأخبرها جواسيسها ،فأن كان يحبها فلما يهينها إلى هذا الحد..؟، لا بد من إنه ينتقم منها لا أكثر كما أخبرها .
مبنى القناة الفضائية الجديدة
قناة الحدث
↚
كان اليوم الاول لتسنيم يوما حيويا شعورها بالحماس فيه كبير ، ترافقها زيزي وهبة فى التيست الاول لها قبل أن تقدم برنامجها القديم "أسرار الحب" ولكن هذه المرة على شاشة التلفاز فى طريقها لصنع المجد والشهرة التى لطالما حلمت بيهما ،تردد السيناريو المكتوب عدة مرات وأسنانها تصتك من الخوف والتوتر ،تهدئها هبة وزيزي بكلمات تحفيزية وتشجعية لإستكمال مسيرتها يشاركهم طارق ببعض المأكولات لعلمه بحب تسنيم لها فى طمئنتها بأن الأمور ستستير على ما يرام ،حتى حان دورها فى الأختبار التجريبى لتبدأ حلقتها المسجلة7" مساء النور على كل مشاهدينا معاكم تسنيم عبد المعم فى برنامجكم التفزيونى "أسرار الحب" ،وفى الحقيقة أنا سعيدة جدا بتواصلكم القوى وأن رسايل البرنامج كلها وصلت لكم ،النهاردة موضوع حلقتنا عن الأختيار وأهميته فى حياة ـــــــــ
أخذت تسنيم نفسا عميقا قبل أن تقول " حلقتنا النهاردة عن الأختيار وأهميته فى حياتنا ، عن القرارت المصيرية ال دايما الحياة بتجبرنا نختار بينها ، تقريبا كده من ساعة ما بنتولد لحد ما بنموت وأحنا بنختار هنلبس أيه،ونأكل أيه،ونصاحب مين وناخد جنب من فلان، بس بينى وبينكم أصعب أختيار فعلا هو إختيار شريك حياتك ، أختيارك لأول واحد هتشوفيه أول ما تصحى كل يوم ،هتأكلى قدامه المانجو والبرتقال براحتك من غير شوكة ومعلقة صغيرة وسكينة والجو ده، هيشوفك فى أوقات شعرك منحكش قاعدة تزاكرى للعيال ،وحيسمعك وأنتى بتصرخى وتجرى ورائهم بالشبشب، يا ترى هيقدر ولا هيروح يتجوز غيرك..؟،عشان كده لازم تحسنى اختيار شريك حياتك ومتتسرعيش عشان تلبسي الفستان الأبيض وترقصى معاه رقصة البطريق وأصحابك يبقوا أصحاب العروسة والزفة والزغاريط، وتكتبى على الفيس أنا حبيبة محمود أو قلب فرغلى وصباع رجل حسنين هههههه، وتصورى الدبل وانتو بتخمسي فى وش صحابك على السوشيال، صدقينى الفرحة دى هتتحول لكابوس لو مختارتيش صح ،طيب تعالوا نشوف اختيار إليسا فى اغنية تعبت منك كان ازاى...؟.
وتوقفت للحظات لكى تستكمل والقائمين على البرنامج ومدير التصوير وكذلك المخرج يصفقون لها على أدائها الرائع ثم واصلت " نيجى للعنوان هنلاقيه بيعبر عن التعب واليأس من الشخص أو الطرف التانى ده ،طيب سبب التعب ده أيه هتلاقى إليسا بتقول " أنا عشت عمرى برضيك وباجى كتير أنا على حساب كرامتى "، ليه الحب دايما مرتبط عندنا بإنعدام الكرامة..؟، ليه بنقبل نتنازل ونتأسف ونحايل وأحنا مش غلطانين ..؟ ،ليه بندخل فى علاقة ترهقنا نفسيا وبنبذل فيها مجهود كبير ...، ليه بنرضى بالكلام ال بيكسرنا قدام نفسنا وبيحبطنا ...؟،ليه بندى للطرف التانى حقوق مش حقوقه وبنفرعنه علينا ..؟، بجد محتاجين وقفة طويلة مع نفسنا ندور على الإجابات دى ،نيجى بقى للكوبليه التانى بتكمل" كان كل همى أن أنت تغلط وأسمعك بتقول حبيبتى وعشان رضاك خسرت ناس " الحب ال يخسرك علاقاتك الإجتماعية ميبقاش حب يبقى أنانية ووهم سراب ،وللأسف بنات كتير أول ما بتتخطب بتقع فى الفخ ده فبتسمع كلام خطيبها ،فبتنفذ بالحرف ال بيقوله لها بدون أى نقاش ولا تفكير فى ثوانى بتضحى بسنين عمرها وبذكريات مع أصحاب الطفولة والجامعة كل ده بيشرف فى قايمة البلوك متذكرة ويزي عندما قصت عليهم رفيقتهم المقشفة😂،لمجرد أنهم البيه عاجبينه ،الحب يا جماعة ال بجد هو ال بيقوى ،هو ال يقربك للناس ميخدكيش من دايرتك الإجتماعية عشان يحبسك فى العالم بتاعه ،أوعى تفتكرى أنك لما تكونى مطيعة أنتى كده ضمنتيه ،لا يا حبيبتى الراجل بيحب البنت ال شخصيتها قوية مش ال يمشيها على العجين متلخبطهوش ،ويوم ما هيسيبك على فكرة هيبقى ضامن رجوعك ،لأنك خلاص بقيتى وحيدة بعد ما عزلك عن كل الدنيا ،أما بقى المقطع ال كارثة بجد " ليه كل همك فى الدنيا تثبت أنى بس مش مهمة والرأى رأيك " ليه بتوافقى ترتبطى بإنسانب يلغى شخصيتك ..؟،ليه بتعملى حاجات كتير مش حباها لمجرد أنه طلب ده...؟،فين الأنثى المتمردة المثقفة ال جواكى ال عندها معايير تقيم بيها الأمور ،صدقينى هتتعبى أوى معاه خصوصا لو كان ابن أمه ،لأن حماتك ال هتمشى كل حاجة لأن شخصيتكم أنتوا الأتنين ضعيفة،فأختارى من البداية صح ،أختارى ال يقدرك ويقدر عقلك ومحيطك ال جاية منه ،أخيرا بقى مقطع "وأنسى أنى عشت معاك أقل من العادية وأصبر عليك من حبى فيك ،هتحس امتى ..؟"،متقبليش أبدا فى يوم أن حد يعاملك بأقل من ما تستحقى ويحقر من شأنك ،وتقعدى تقنعى نفسك أنه هيتغير ،لا يا حبيبتى محدش بيتغير زى ما بيقولو الطبع بيغلب التطبع ،لو أنتى أكتشفتى فى الخطوبة أنه بخيل فبعد الجواز مش هيتغير ،أو عنده جفاء فى العاطفة بردو مش هيتغير ،لو عنيد مش بيتغير ،كلنا عندنا عيوب بس فى عيوب مينفعش معها محاولات ولا حتى حياة،عيوب قاتلة فى الحالة دى لازم تبعدى. ببساطة أختارى ال يحبك ويعاملك على انك انسانة مش جارية تكنس وتطبخ عنده ببساطة اختارى صح
طة أختارى ال يحبك ويعاملك على انك انسانة مش جارية تكنس وتطبخ عنده
↚
فى مبنى قناة الحدث
كان لحلقة تسنيم المسجلة التجريبية صداها فى أرجاء المبنى ،فالإعداد يشيد بقوة نصها المعد والتى شاركتها به زيزي لتساعدها على تقديم شيء مختلف عن العادة ،كما أثنى عليها رئيس مجلس إدارة القناة الجالس فى كواليس التصوير على كرسيه الخشبى الهزاز يتباع بإعجاب لثبات تسنيم وتنقلها بين الفترات بشكل منطقى ومنظم إضافة لحركة جسدها الصادقة ،جلست زيزي مع هبة فى الكافتريا المقمية بأسفل لوكشن التصوير ،تشكو لها هبة تصرفات حماتها الصبيانية فى تأفف بينما تحاول زيزي تهدئتها عادت تسنيم وهى تتهادى بفستانها الوردى فى حماس قائلة :_
_ أنا مبسوطة أوى أوى الحلقة عجبتهم جدا اللهم لك الحمد .
هنأتها هبة بنشوة :_
_ ألف مبروك يا توتى
وقالت زيزي فى فخر وهى تضع ركبتيها على بعضهما :_
_ عشان تعرفى بس أن وراكى رجالة أى خدمة
أردفت تسنيم وهى تسحب المقعد للجلوس فى خجل من بعض مقاطع حلقتها :_
_ أنتى تسكتى خالص ببتاعة الشبشب والكلام اللوكل بتاعك ده هههههه ،كنت مكسوفة وأنا بقوله حاسة انى على القهوة مش فى برنامج
ردت عليها زيزي وهى تنزل ساقيها من على بعضهما مقتربة بذقنها من تسنيم لتقول بلهجة مرحة :_
_ يا بنتى لولاش أنى صاحبتك كنت نافستك، بس أنا عاملة حساب للعيش والملح لكن العروض والمحطات الفضائية بيتحايلوا عليا ،بس النفس بقى ههههههه
إبتسمت تسنيم قبل أن تقول بقلق :_
_ أمال فين طارق..؟ ،لسه مجاش..!!
علقت هبة مشاكسة وهى ترتشف فنجان قهوتها التركى :_
_ طااااااارق قولتى لى بقى أحوالك العاطفية مش عجبانى اليومين دول
شاركتهم زيزي والفضول يكاد أن يقتلها :_
_ ولا أنا والله لازم تقر وتعترف المكان محاصر ههههههه سلمى نفسك ،ثم أضافت بترقب بس فين زعيمة العصابة ..؟
عقدت هبة ما بين حاجبيها :_
_ تقصدى رنوش..؟
أجابت زيزي بتوتر وهى تهز قدميها :_
_ أه أتأخرت أوى ،أنا حتصل بيها أشوفها فين
أوقفتها تسنيم بكفها الناعم لتقول وهى تبعد عنها طبق المقرمشات الشهى :_
_ متضغطيش عليها وسبيها على راحتها الفترة دى كفاية ال معتز بيعمله فيها .
وضعت هبة سبابتها على طرف جبينها وهى تفكر فى رانيا لتقول :_
_ الحب الأول مينسهوش غير حب جديد ،لمحت إستهجان رفيقاتها فأوضحت :_
_ أقصد أن عمايل معتز دى مش حينسها لها غير ديدو .
قفزت زيزي فجأة من على الكرسى وهى تفرقع أصابعها بعيون مضيئة :_
_ عندى حتة فكرة إنما إيه أوز اللوز ،حتخليها تطير من الفرحة
تسنيم وهى تعود للطعام :_
_ قولى يا شهريار زمانك
قالت هبة بتعديل :_
_ تقصدى أوس المصايب فيلسوفة الغبرة كده يعنى إنما شهريار دى كيوتة بريئة كده مش شعنونة .
وضعت يديها أسفل ذقنها زيزي لتقول فى مسامحة لهما على نكاتهما السخيفة :_
_ ماشى حخلينى أنا الكبيرة المرة دى ،وحقولكم حنعمل أيه بس وأحنا فى الطريق
بإحدى سيارات الجيب الأنيق
صعد إياد لسيارته السوداء الأنيقة بعد يوم عمل شاق ومطاردات بوليسية مرهقة ،وهو يشغل الراديو ليبث أغانيه الرومانسية الحالمة متذكرا رانيا حتى غير المحطة لتستقر على القرأن الكريم لمصطفى إسماعيل وهو يتلو بعذوبة صوته سورة مريم ،لكن صديقات حبيته أبيين أن يتركوه فى حاله ،حيث ألحت تسنيم بالإتصال عليه كثيرا وبجوراها زيزي أما هبة فقد غادرت لمجىء حسام للبيت وإستدعائها لها ، فقال إياد وهو يثبت السماعات الداخلية للهاتف فى أذنيه بإحكام ليفطن لطريقه بتركيز :_
_ أهلا أنسة تسنيم
كانت زيزي بجوارها تملى عليها ما ستقوله ، والأسبيكر أو السماعة الخارجية تخرج الصوت بوضوح لتتابع زيزي بشغف الموقف وتنجد تسنيم من زلات لسانها ،أرتبكت تسنيم من حركات شفتى زيزي ولم تفهم ما قالته فلم ترد تسنيم السلام وبدأت المكالمة بجدية :_
_ أشتغلت فى محطة تلفزيونية جديدة .
لكزتها زيزي فى كتفها وهى تنزل الفون من على وجنيتها (الله يحرقك بيقولك إزيك تقولى أشتغلت ،حقولك أيه ما هى غلطتى ) فرفعت الهاتف لتجد إياد مهنئا:_
_ألف مبروك وبالتوفيق دايما .
↚
قالت تسنيم على إستحياء :_
_ الله يبارك فيك أنا كنت عاملة عزومة صغيرة كده على النيل إحتفال يعنى بالمناسبة الجميلة دى ممكن تشرفنى..؟
سكن إياد للحظات ولم يشعر بالإرتياح لنبرتها فتسنيم يكفى فقط أن تادثها لمرة واحدة فسوف تعترف لك بكل شيء"من قبل أول قلم زى ما بيقولوا" ، قال إياد بعينيه البحريتين المحتارتين :_
_ مش عارف والله ،طيب ما تخليها فى يوم تانى عشان لسه طالع من مأمورية ومرهق ..؟
رفضت تسنيم قائلة بكارثة تلقائيتها :_
_ لا ما هى رـــ
لكزتها زيزي وهى تردف بصوت خفيض (الله يخربيتك حتفضحينا) وسحبت منها الهاتف وهى تنحنح فى تلعثم :_
_ تسنيم تقصد إن رياح حتكون شديدة فى يوم تانى وتراب وعواصف وكده ،فخلينا النهاردة أفضل.
تابع إياد بعدم فهم :_
_ رياح أيه احنا فى الصيف
قالت زيزي بلهجة مضطربة :_
_ زعابيب أمشير بقى والجو المختلط وكمامات وبرد
أطفأ إياد محرك سيارته وهو يستفسر :_
_ انتى بتقولى أيه..!!
هتفت زيزي بسأم من عدم نجاحها لتوصيل ما تريده :_
_تعالى وخلاص ،ثم واصلت بمكر وصدقنى لو مجتش حتخسر نصف عمرك وتسنيم حتزعل جدا لأن دى اول مرة تطلب منك فيها حاجة وأنت بتحرجها كده
قال إياد بإستسلام وهو ينزل ببدلته الزرقاء المبرزة لعضلات صدره وصحته الجسدية :_
_ يا خبر لا مقدرش أبعتوا لى العنوان فى رسالة وأنا حخلص بس حاجة فى أيدى وحعدى عليكم .
على النيل فى باخرة
كانت الأجواء لطيفة للغاية وقفت تسنيم على بعد تختبأ خلف زيزي وراء أحد الأعمجة وقد أتفقتا سويا مع صاحب الباخرة وأخبرتا إياد ورانيا برقم الباخرة ليصعدا إلى الدور الثانى ،لكنها خطة زيزي الجنونية فتدرات الفتيات على الرصيف خلف أحد الحوائط وهن منتظرات مجىء رانيا ،أما إياد فقد صعد بخطواته الواثقة منذ لحظات وبعطره المميز وهو يتلفت حوله باحثا عنهما ،كانت الأضواء تتراقص على مياه النيل مشكلة لوحة جميلة فقالت رانيا عبر هاتفها وهى تلتقط أنفاسها أثناء الصعود للباخرة بتعب :_
_ أمال انتوا فين مش شايفكم...؟
ردت زيزي وهى على البر تشير لصاحب الباخرة بالتحرك قائلة:_
_أحنا فى الدور ال فوق أطلعى بس .
علقت رانيا وهى تنظر يمنى ويسرى حولها بشرود :_
_ بس انا مش شيفاكم ،أنتوا شايفنى طيب..؟
زيزي وهى تدقق النظر فيها لتتبين ملابسها :_
_ أه مش انتى ال لابسة جيبة زيتى على قميص أبيض ..؟
أجابت رانيا وهى تؤمأ برأسها :_
_ أ ه خلاص تمام ،أنا طالعة أهو
بعد لحظات كانت يدى تسنيم ترتعش وهى تقول :_
_ إياد بيتصل يا لهووى
قالت زيزي بتحذير :_
_ طيب خلى بالك وانتى بتردى لتفضحينا .
تسنيم بإرتباك:_
_ ألو
قال إياد وهو يطالع زرقة النيل وصفائه :_
_انا وصلت وطلعت الباخرة ال وصفتهالى أنتوا فين..؟
ضغطت زيزي بحذائها ذو الكعب العالى على قدمى تسنيم حتى صاحت بألم :_
_ أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه
إياد مقطب حاجبيه :_
_ مالك يا أنسة تسنيم ..؟
بررت بكلمات غير مرتبة ومفهومة:_
_أصل أصل رجلى وزيزي عشان رانيا
إياد وهو يفتح فمه بإستنكار :_
_ مييييييييين.!!!!!
ستلت منها زيزي الهاتف قبل أن تقول :_
_ تقصد إنها خدت جزمة رانيا النبيتى ال بكعب دى عارفها ،وتسنيم مش متعودة على الجزم العالية فرجلها أتجذعت ومش قادرة تتحرك معلش بقى يا إياد مش حنعرف نيجى .
إياد بإنفعال لتحرك الباخرة لكن عينيه إصطدمت برانيا بذهول :_
↚
_ نعـ
تسمرت رانيا للحظات فى مكانها من هول المفأجأة وهى تتوعد رفيقاتها الحمقاوات على ما فعلوه بها ماذا سيقول عنها الأن ..؟، عديمة الشرف وأيضا الكرامة ،لكنها هى الأخرى كانت فى قمة السذاجة حين صدقت زيزي وهى تخبرها بحزن تسنيم وإحساسها بوحدتها لفقدانها لوالديها فى حادث سيارة منذ الصغر ،وبتخلى الجميع عنها وعدم مشاركتهم لها فرحتها،فجاءت رانيا على مضض بالرغم من إرهاقها وشحوب وجهها لمعاملة معتز السيئة معها ، قال إياد بسخط :_
_ على فكرة لو أعرف أنك هنا مكنتش جيت .
ردت رانيا عليه منتقمة لكرامتها :_
_ سبحان الله من القلب للقلب رسول
رمقها بإحتقار معلقا بحنق :_
_ ممكن بقى تبعدى عنى ال ساعتين دول خليهم يعدوا على خير..!!
لملمت رانيا نفسها قبل أن تغادر قائلة فى حزن:_
_ حاضر يا أستاذ إياد عن إذنك .
لاحظ إياد علامات حمراء على يديها فضيق عينيه وجسده مشمئز من بشاعة المنظر فأستوقفها وهو يحاصر رسغيها :_
_ _ مين ال جرحك كده ..؟
تذكرت قبضة معتز القاسية صباح اليوم وتهديداته المستمرة لها فأطبقت على عينيها محاولة كبت دموعها قبل أن تقول :_
_ معتز منه لله .
إياد بإتسغراب وهو يرفع حاجبيه :_
_ أه منه لله عاوزة تقنعينى انه بيمد أيده عليكى ..!!
رانيا بتبرير وقد بدأ قناعها الخارجى بالقوة يتلاشى :_
_ أيوة والله يا إياد ضربنى وهانى و كسرنى.
أشاح بنظراته بعيدا على النيل قبل أن يتساءل بإندهاش:_
_ وأيه ال جابرك على ده كله..!!
أخذت نفسا عميقا قبل أن تقول بمرارة وذل لتكرها موقف الحذاء مساء أمس:_
_ العقود والشيكات ال مضانى عليها فى السجن .
ندت من إياد إبتسامة مستنكرة :_
_ رجعنا تانى للكلام ال لا يودى ولا يجيب .
جذبته رانيا من وجهها الناعم لتتقابل أعينهما وليغرق فى بحارها الغويطة الغامضة لتقول :_
_ مش أنت ظابط،يبقى المفروض متخدش ظنونك عنى بإنها مسلمات
زفر إياد قبل أن يقول وهو يرفع قدميه على حديدة عالية :_
_ ظنون أيه شايفك بعينى.
أعترضت رانيا بالسحب فى عينيها الأيلة للسقوط :_
_ مش كل حاجة بنشوفها بعينا بتبقى صح ،دايما فى خلفيات وفى كواليس أنت حتى مكلفتش خاطرك تبحث فيها..!!
إياد بقسوة :_
_ لانى أخدت صدمة عمرى فيكى
تنهدت رانيا قبل أن تهطل عينيها بالدموع الساخنة وفى ذكراتها أهلها ومعتز لعل الخلاص بيد إياد :_
_ عشان خاطرى يا إياد أسمعنى أنا سابونى وأتخلوا عنى وعمرى ما حنسى لهم ده ،وأمى ال أنا أنا المفروض نور عنيها قفلت الباب فى وشى ..!!،وموثقتش فيا ولا فى تربيتها يمكن عشان طول الوقت هى فى شغلها فمتعرفش عن حياتى كتير ،لكن أنت لو مش بحق الحب ال ما بينا فبحق القانون أرجوك أسمعنى وأأمن بيا ولو لقتنى بكذب مش حقولك سيبنى لا أسجنى وأعدمنى،بس أسمعنى..!!
أثرت بحة صوتها وحرقة قلبها عليه كما إنه علم من زيزي بغيبوبتها وحالتها النفسية المزرية منذ أيام حين خرجت من المشفى ،فشعر بتأنيب ضمير لكنه إمتنع عن مقابلتها،لكن الأن مشهد دموعها وإنكسارها أمامه ورجائها قد هشم كل الجبال الجليدية بينهما ،فقال وهو يضمها إلى صدره بحنان ممزوج بمزاح لكسر أجواء الحزن :_
_ كفاية دموع بقى يا أرنوبة إياد ههههه
علقت رانيا من بين عبراتها بشحتفة :_
_ مش معنى أرنوبة يعنى
ضيق عينيه ليقول بغرام ومغازلة :_
_ لأن الأرانب زى القطن لونهم ثلجى ـوى وحلوين متأرنبين كده زيك
ندت منها ضحكة قصير وهى فى أعماق أحضانه تمتص منهما الدفأ والأمان الغائبين منذ شهور:_
_ صدقتنى صح..؟
ضم شفتيه قبل أن يقول بغموض :_
_ فى دماغى خطة كده حتأكد بيها من صدق كلامك ،ثم أستطرد حين لمح دبول ملامحها مجددا لشكها به معلش يا ريدا عشان متدخلش قطة سوداء فى علاقتنا تانى وشكوك متبقاش مليانى .
اومأت برأسها موافقة وهى تنتفض بجسدها الهزيل داخل ضلوعه وهو يقبل جبينها قائلا بعد لحظات لتغيير الموضوع :_
_ بس عيد الأم قرب
رانيا وقد عاد لها محرها المألوف :_
_ عاوز هدية يعنى ولا أيه ههههه
نفى إياد وهو يقول بحنان :_
_ ماما حنروح نشوفها.
إبتعدت عنه رانيا لتقول بفزع :_
_ مستحيل
رمقها إياد بدهشة :_
_ ليه ..؟، هى مش ماما دى ال شالتك 9 شهور وتعبت فيكى وكبرت لنا الأرنوبة المتأرنبة دى هههههه.
قالت رانيا بمرارة وإنكسار :_
_ عمرى ما حنسى بصتها وطريقتها معايا وأنا بترجاها أدخل أوضتى أجيب بس طقمين أقضى بيهم الفترة الجاية عند زيزي وطردتنى طردة الكلاب.
أعادها إياد إلى موضع قلبه وهو يلعب بشعرها الأملس قائلا بإقناع :_
_ شوفى يا رانيا الأم مهما تعمل فهى أم ،جربى كده تروحى ملجأ وشوفى الأطفال من غير أهل مطفيين إزاى ..؟، ماما لو جرالها حاجة أنتى حتندمى أوى ومش حتعرفى تصلحى غلطتك
رانيا مقاطعة بضعف :_
_ بسسسسس
وضع طرف سبابته على شفتيها ليبتر كلماتها بلذاذة :_
_ مفيش بس ،حنروح وسوى وحاخد ماما معانا عشان والدتك متفكرش تقولك كلمة تضايقك وتكون محرجة من ماما يعنى وكده.
فى منزل زيزي البدرواى
↚
تشدو فايزة أحمد بعلو صوتها عبر الراديو والتلفاز قائلة "ست الحبايب يا حبيبة يا أغلى من روحى ودمى " ،بينما والدة زيزي (شوقية) ممدة على الأريكة وهى تشاهد مقطع لبرنامج طبخ عبر موقع الفيديوهات الشهير يوتيوب ،حتى دخلت زيزي مع أختها مرام وفى يديهما علب مغلفة وملفوفة بلفة الهدايا الحمراء وعليها الدباديب والزينات المختلفة ،فنكشت زيزي والدتها بمرح:_
_ يا تكاتو يا حركاتو .
وضعت شوقية طرف سبابتها على أنفها لتسكتها :_
_ هوووووس
زيزي وهى تخبط قدميها فى الأرض لعدم إكتراث والدتهما لهما فى سخط لتبدل أحوالها منذ أن تعلمت على الإنترنت :_
_ ماما ..!!
نفخت شوقية بعنف قبل أن تقول :_
_ خلينى أركز فى طريقة عمل البسبوسة بالبرتقان يا زفتة
ضمت زيزي ثغرها بإنزعاج :_
_ خليكى كده طول النهار من شيف لشيف وفى الأخر تطبخى لنا سبانخ ورز
قالت شوقية بلهفة :_
_ بس خلينى أكلم الكراش .
صكت مرام على صدرها بكلتا كبشتيها بفزع وقد إتسعت عينيها :_
_ كراااااااااااااااش ..!!،أمى أنحرفت يا جدعان .
علقت زيزي لتصحيح معلومات والدتها :_
_ كراش أيه بس تلاقيكى فاهمة غلط.
حركت شوقية كرشها أو معدتها المنتفخة عبر عبائتها الفسكوزى قبل أن تقول بشغف ناظرة للجوال :_
_ أسكتى ده ال حيساعدنى أخسس الكرش والدهون الكتير دى
قدمت زيزي لها علبتها أمام الهاتف ،فأعتدلت شوقية وقد تهلل وجهها :_
_ الله بنت قلبى جايبالى أيه ..؟
رفعت زيزي حاجبيها بإستغراب ( بنت قلبى..!! ) ربنا يستر ،بينما والدتها تفتح بسرعة الربطة حتى أحبطتها زيزي وهى تتفك أزار قميصها برفق والعرق يتصبب منها فاليوم كان شاقا فقالت بتلقائية :_
_ حيكون أيه غير طقم الكبايات بتاع كل سنة
ألقت عليها نظرة ساخطة شوقية قبل أن تتجه ببصرها صوب مرام ،التى تبتلع ريقها بأعجوبة ،فتسائلت والدتها بإهتمام :_
_ يبقى الامل فيكى يا مرومتى ورينى كده أيه الملفوف ده ..!!
مرام بقلب منقبض وبتلعثم :_
_ أحم جبت لك شبشب إنما أيه زنوبة عجب
نهضت شوقية عن الأريكة فى غضب وهى تقول :_
_ الزنوبة ده حينزل على دماغك ،وانتى يا زفتة كبايات أيه تحبى أكسرها على دماغك دلوقتى...؟
تابعت زيزي لتهدئتها ومراضاتها :_
_ ليه بس ...!!
شوقية وهى تنفخ بقوة:_
_ ما أنتى شايفة صحابك جايبين أيه يا مزغودة منك لها لأمهاتهم ومنزلينه على النت ،ولا أنا بنت البطة السوداء..؟
زيزي بحيرة وهى تضع المنشفة القطنية على طرف كتفها إستعداد لدخول الحمام :_
_ يعنى أنتى عاوزة أيه يا ماما ..!!
شوقية وهى ترقص يديها بحماس:_
_ عاوزة حاجات مدندشة كده، قميص أحمر ملعلع يرجعنى لشبابى ال راح هدر معاكم
مرام بإحباط :_
_ وحتلبسيه لمين يا ماما ،بابا مات من زمان ..!!
شوقية وهى تجز على سنانها بإستنكار :_
_ هو بلاش أبقى الحلوة بزيادة لنفسي ،لازم لراجل ..!!
أردفت زيزي لتصليح الأوضاع :_
_ لا طبعا ،أنتى أصلا ملكة جمال من غير أى حاجة .
أستطردت شوقية بهدوء :_
_ اه ثبتونى ، لتواصل وهى ترفعها إصبعها صوبهم بس يكون فى علمكم روج من ماك و تايير تركى من مول العرب .
زيزي:وهى تضع يديها على خصرها بسخط :_
_ وده حنقسطه على كام سنة..!!
شوقية بطفولية :_
_ مليش دعوة ال طلبته يجي ،هو انا يعنى عيدى ده كان كل يوم..؟ ثم رمقت مرام:_
_ وأنتى يا طفسة العجلة ال الولية كانت راكبها فى الكليب بكرة تكون عندى ،أه انا زهقت من الرجيم القاسى ال بعمله .
مرام بإعتراض وهى تفك ضفائرها :_
_ قاسي أيه بس يا ماما أنتى طول اليوم بتاكلى كل ال يقابلك وأخر اليوم تشربى بيبسي دايت..!!!
أسكتتها شوقية لتقول :_
_ بس إخرسى ،بكرة أخر معاد ليكم تجيبوا ال قولت عليه يا كده يا حعملكم بلوك ثم عدلت بعصبية :_
_ يوه قصدى أطردكم بره البيت بره البيت
خبطت زيزي كفيها ببعضهما فى تعجب :_
_ هى ماما أيه ال جرالها..!!
قالت مرام وهى تحل العقد عن عنقها الطويل :_
_ تقريبا عقلها خف من كتر القعدة لوحدها ،وبعدين مش دى كانت شورتك تعلميها النت عشان تحل عن سمانا ألبسى بقى
فى منزل والدة هبة الشرقاوى
كان العكاز سابقا للحاجة كريمة بعبائتها البنية ،والدة إياد وهنا معلش عشان اسم صفية مكنش اسمها فغيرته ههههه ، تلتقط أنفاسها ما بين كل 5 درجات وهى تصب لعانتها على هبة وحسام تطالع المكان بإستياء شديد لقذراته وعفونته ، ولإستلقاء أكياس القمامة عليه ،ورمت هبة بنظرة جانبية قبل أن تعلق بإزدراء:_
_ الجواب باين من عنوانه أيه الزبالة ال مالية المدخل دى ..؟، عالم معفنة بصحيح .
↚
رسمت هبة إبتسامة لزجة قبل أن ترد بمحايلة لمرور اليوم :_
_ البواب أكيد مش موجود يا طنط
أصرت كريمة على إفساده مع ذلك فقالت وهى تضع سبابتها على طرف أنفها تضغطها بقوة :_
_ الريحة لا تطاق ،نفسي أمك متعملوش ليه يا روح طنط ولا ولاد ذوات أوى
تدخل حسام وهى تستند عليه قابضة بأحدى كفوفها على ياقته ذات اللون الكريمى قائلا بعتاب :_
_ ماما مينفعش كده خليكى لطيفة
جائهم صوت والدة هبة وهى ترحب بهم ،تتنهد كريمة بضيق نفس قائلة:_
_ أخيرا وصلنا ،أوف
بادر حسام للتغطية على والدته لكى لا تنزعج والدة هبة قائلا بإبتسامة رقيقة :_
_ كل سنة وانتى طيبة يا أجمل ماما
مدت كريمة العصا صوبه وهى تزغده بها قائلة بهمس:_
_ أجمل ماما ،أبقى شوف مين حيعشيك يا روح أمك .
بادلتها والدتها الإبتسامة والدة هبة:_
_ وأنت طيب يا حبيبى أمال هبة فين ..؟
حسام وهو يتلفت حوله :_
_ بتخلع الكوتش تقريبا
عانقت هبة والدتها فى إشتياق كبير قائلة بمرح :_
_ وحشتينــــــــــى أوى يا ست الحبايب ،البيت وحش من غيرى طبعا .
والدتها بحنان:_
_ البيت ناقصه أهم حاجة وهى روحه حلوتى الجميلة .
مصمصت كريمة شفتيها لتقول :_
_ خليها لك لأحسن السكر قرب يفرتك نفوخى .
أردف حسام بلوم لوالدته قائلا :_
_ ماما ..!!!
كريمة وهى تلوى شفتيها بسخط :_
_ أيه بلاش أفك عن نفسي بكلمتين ..؟
مال عليها حسام بجسده الضخم قائلا :_
_ أحنا فى بيت الناس عيب كده .
إلتفتت كريمة حولها وهى تتأمل فى تفاصيل الشقة كأى أم مصرية أصيلة تحصى أطباق النيش وعدد السجاد إلى أخره فقالت :_
_ وأنتى قاعدة فى الشقة البيــ على وشك قول(بيئة وقذرة)
قاطعها حسام متنحنا :_
_أحم أحم
فعدلت من لهجتها:_
_البيرحة دى لوحدك ..؟
تنهدت والدة هبة بحزن عميق :_
_ محلتيش غير هبة .
تابعت كريمة بدهشة وفضول :_
_ أمال باباها ال كان طول بعرض يسد الحيطة ده وشوفناه فى البلد فين..؟
إحتبست الدموع بعينى والدة هبة السودواين :_
_ انفصلنا من زمان جدا
والدة حسام بلين وقد أحست إنها ضغطت على الجرح :_
_ يووووه يخيبنى مقصدتش أضايقك .
تبسمت والدة هبة بهدوء لتتناسى الأمر :_
_ لا عادى .
دفع فضول وكريمة لتستفسر :_
_ واطلقتوا ليه بقى...؟
والدة هبة وهى تبكى بحنق متذكرة أحداث الماضى البعيد :_
_ كان إنسان مستهتر وشخصيته ضعيفة طول الوقت أهله بيتدخلوا فى كل كبيرة وصغيرة
ضمت كريمة ثغرها بضيق لإثارتها لتلك البلبلة وقد شعرت بالحرج :_
_ عشان كده يا حبة عين أمك يا هبة ،مرضتيش تستقبليها..؟
والدة هبة لتغيير الأمر:_
_ حعملنا كوبيتين شاى يظبطوا دماغنا ونكمل دردشتنا .
أما فى غرفة هبة
فكانت الحوائط مطلية باللون العشبى الهادىء ،بوسترات لصور ميكى وبطوط والأميرة والوحش وغيرها من الكرتونات تتشاكس على الحائط فى منظر خلاب جميل ،تقبع خزانة ملابس هبة العريضة المغلقة من زواجها فى إحدى الأركان يتوسط الجدار المقابل للباب نافذة عريضة ذات نوافذ بزجاج البلور اللامع ، تبعها حسام وهى تستنشق رائحة طفولها وشبابها مفتقدة نفسها القديمة بعض الشيء حتى أحست بحركة خلفها فقالت ب:_
_أتفضل أدخل يا حسام
↚
علق بإعجاب لسعورها العالى :_
_ وكمان ليكى حاسة سابعة وبتشوفى فى قفاكى ههههه
هبة بإشتياق وحنين وهى تلامس كبفها أرجاء الغرفة،وفستانها الطويل الواسع يمسح أرجاء البلاط القديم :_
_ الأوضة دى أنا حافظة كل حتة منها ،وبحس بيها .
حسام بإستغراب وهو يعبث بأشيائها على منضدتها الصغيرة :_
_ ده ال هو إزاى يعنى ..؟
شدته هبة من كفيه ليقفان سويا عند تلفاز صغير يختبأ خلف الخزانة مغطا ببعض الأقمشة فقالت بيعون لامعة :_
_ هنا فى الركن ده كان عندى خمس سنين وبتفرج على سوبر مان الراجل ال بيطير عارفه ..؟
أومأ برأسه فواصلت بطفولية وكأن الامر حدث بالأمس :_
_ ههههههههه وفى مرة كانت ماما بره البيت لفيت الملاية على ضهرى وطلعت على الكرسى وحاولت أطير .
حسام بإهتمام لذيذ راق لها :_
_ وبعدين ..؟
منحتها ضحكة جذابة قبل أن تقول بملائكية :_
_ وقعت على كومة رمل جنب البيت ،بس ماما لما جت معرفتنيش كانت بتشبه عليا لأنها كانت قافلة كويس جدا ومتتخيلش أنى ممكن انزل هههههههههههه .
حسام ليستفزها فى إثارة :_
_ يعنى بيك بوص المشاكل من صغرك مش على كبر بقى .
لكزته برفق لتستطرد :_
_ أتلم ثم إلتمعت عينيها حينما إصطدمت بالنافذة وهى على وشك البكاء:_
_ والركن ده ده ده ــــ
حساموهو يهزها بإضطراب من كلماتها المتقطعة :_
_ ماله ..؟
أطبقت على عينيها لتسيل منهما الدموع قائلة بمرارة وخذلان :_
_ شوفت بعينى بابا من وراء الباب وهو بيضرب ماما ويشدها من شعرها وهى بتصرخ عشان حد ينجدها ،روحت أجرى عليها وأنا بزق بابا عشان يبعد عنها بالسكينة ،بابا من غير ما يقصد غرز السكينة فى دراعى .
حسام بعدم تصديق :_
_ بجد...!!!!!!!!
كشفت له هبة عن معصميها ليلمح جمالهما فأردفت بوجوم :_
_ شايف العلامة دى من أيام ما كان عمرى 10 سنين من يومها وأنا بعتبر نفسي يتيمة .
هز رأسه رافضا لوصفها القاسى :_
_ بس أنتى مش كدا.
هبة وهى تهتف بإنفعال وقد إمتلأ قلبها بالحقد تجاه والدها :_
_ لا كده أنا عمرى ما حعترف بيه ومش حنسى لما سابنى وأنا بعيط كل يوم على مخدتى ،لما كنت أقوله تعبانة وبموت ويضربنى بالحزام وهو شايف فيا ماما ويصرخ " والله ما أنا سايبك غير لما أحط فى التربة وأدفنك ،بقى أنتى يا م***ة حتعلمينى المسئولية وأقول لأهلى أيه ومقولش أيه..!!
ضمها حسام إليه بحنان كبير جدا وهو يربت على كتفها بلين :_
_ أنا باباكى يا هبتى .
علقت من بين عبراتها :_
_ ما حتصدق تستغل الموقف.
حسام بمزاح :_
_ لا يا هبة أنا باباكى ومامتك وأخواتك ال مجوش هههههههه
ندت منها بسمة خلابة بينما قال برجاء ممزوج برحمة وإحترام :_
_ بس عاوزك تسمعى كلامى وبالعقل حنتناقش ومش حلغى شخصيتك والله ،صدقينى أنتى بنتى وريحانتى .
هبة بفضول :_
_ ليه ريحانة تحديدا..؟
حسام بنظرياته العلمية أوالعاطفية المعتادة :_
_ لأن الريحان بيدى لكل حاجة ريحة وطعم وشكل،زى ما أنتى عملتى
فى حياتى بالظبط
فى القناة
رافقت الفتيات أمهاتهم برجاء حار وخاص من تسنيم وتوصيتها على حضور الجميع فى البث المباشر الأول لها،أعصابها مضطربة والقلق يعتصر قلبها وجسدها يرتعش ،أحضر لها طارق معلباتها المفضلة وهو يحفزها بكلمات تشجعية وبفرح ودعم كبير لنجاحها ،بينما صديقاتها يجهزنها "الميكب أرتيست الخاص بها" ويضعن لمساتهن الأخيرة ، وفريق الإعداد قد أعد موضوع حلقة اليوم ،ومهندس الصوت وكذلك الإضاءة ،الجميع فى حالة من النشاط والحيوية ،والمخرج يوزع أوامره بينما رانيا كانت مع إياد فى تلك الأثناء مع والدها الذى ما أن رأها حتى عانقها بحرارة وإشتياق :_
_ وحشتينى يا رنوشتى .
رفعت له نظرات ذابلة بها الكثير من اللوم والعتاب ،فربت على كتفها وهو يبكى لتحكم إمرأته وتسلطها:_
_ أنا أسف يا رانيا أسف يا حبيبتى .
ورحب بالجميع لدلفوا إلى الأنتريه المدهب ،وهو يسأل إياد عن عمله وأحواله وحياته ، أمرا الخادمة بأحضار التحية للضيوف ،فى حين نزلت زوجته صفية وهى تزفر بقوة حين لمحت رانيا هاتفة بغضب :_
_ أيه ال جابك هنا أنا مش قولت متدخليش البيت ده تانى.....!!!
رانيا بتلعثم أمام والدة إياد وحبيبها وهى توزع نظراتها فى الفراغ بإضطراب :_
_ ماما عيد الأم إياد .
ندت منها إبتسامة غيظ قبل أن تواصل :_
_ طبعا متلجلجة وملكيش عين تكلمينى ،وبتهتهى ..!!
وليد بوجه محتقن بالدماء يكاد أن يغتال زوجته:_
_ فى أيه يا صفية ..؟،البنت جاية لك تعيد عليكى حتقلبيها نكد ليه...!!
صفية بإنهيار وهستيريا :_
_ مش لو كانت بنتى فعلا...؟، أنا بنتى مش زاـــ
قاطعتها عبير والدة إياد بعتب على لهجتها العدوانية تجاه ابنتها:_
_ مش يمكن مظلومة يا صفية ..؟، دع الخلق للخالق يا حبيبتى وبلاش تظلميها ،وتحمليها فوق طاقتها .
صفية وهى ترفع حاجبيها بسخط :_
_ لا مش مظلومة ولو مظلــ
قاطعها هنا إياد ليقول بدفاع عن حبيبته مستميت:_
_لا مظلومة وفى أدلة جديدة ظهرت فى القضية .
رانيا بيأس من أسلوب والدتها ورفيقاتها يتصلن بها لتسرع بالمجىء فقالت بأمل أخير:_
_ ماما ممكن تيجى معايا لتسنيم صاحبتى نفسها كلنا نبقى هناك معاها فى أهم لحظة من لحظات حياتها .
صفية وهى تهم بالنهوض مبعدة نظراتها المليئة بالإحتقار:_
_ روحوا أنتم عن إذنكم
لمح وليد إزدياد رانيا وجوما وحزنا ،فقال لصفية :_
_ ألبسي عشان حتروحى .
صفية بعناد:_
_ مش رايحة يا وليد .
وليد بتهديد:_
_ لو مارحتيش معانا عليا الطلاق لأتجوز عليكى ..
ست حبايب
" حلقتنا النهاردة عن البهجة ال فى كل بيت ،عن الضحكة ال على وشوشنا عن سر وجودنا وسر راحتنا ،عن المرأة ال وصانا بيها النبى محمد 3 مرات أكيد عرفتوا بنتكلم عن مين..؟، كل سنة وكل لحظة وكل ثانية وكل أم طيبة وسعيدة، بس قبل ما تفكر تجيب لها أى هدية أفتكر قالت لك كام مرة خد كيس الزبالة وأنت نازل..؟ ،كام مرة جيت من بره لقتها عاملة قلقاس وبامية وحكمت عليك تأكلهم ،كام مرة هدت النفوس بينك وبين الحاج وخلته طردك وبيتك بره الشارع ،وأنتى كمان أفتكرى مين ال كان بيجبرك تغسلى المواعين بمياه سقعة فى عز الشتا لأن السخان عطلان..؟،شوفى كام مرة كنتى تكنسى وتمسحى وحيلك يتهد وتيجى والدتك من بره لمجرد بس أن الشبابيك عليها شبورة تبدأ فى إسطوانة "والله ما حتقعدى جنبى وما نتيش نافعة " أرجعوا شوية بشريط زكرياتكم وأنتوا صغيرين وهى بتزاكر لكم وقولتوا لها مثلا مش فاهمين دى ..؟، تقولك من عنيا هات الشبشب والكتاب يا حبيبى وتعالى ،ولا وأنت كبير وهى بتحكى لأولادك عن بطولاتك العظيمة فى نشل البطاطس المحمرة من على البوتجاز من غير ما حد يحس بيك هههه""
ثم واصلت وقد إمتلأت عينيها بدموع على والدتها"الأم بجد رزق أستفيد من وجودها فى كل لحظة،بوس أيديها قبل ما تنزل شغلك وخد بركة يومك بدعائها وسعيك ،ولو متجوز أوعى تخلى مرأتك أو مشاغل الحياة تأخدك لإنهم زى ما بيقولوا دايما ال ملهوش خير فى أمه ملهوش خير فى حد ،خليك ليها دايما السند متحسسهاش إنها لوحدها أبدا زورها أنت وولادك ،أما الناس ال والدتهم متوفية أفتكروها دايما فى دعوة حلوة فى عمرة مباركة فى ختمة قران فى رمضان ،وتأكدوا تماما إنها بتحس بيكم وبتفرح ومعاكم دايما بروحها،وبلمساتها فى كل ركن فى البيت بذكريات كتير مبتغبش عن بالنا،بببساطة الأم رزق حافظ عليه مهما كانت مندفعة (والدة حسام) أو عصبية _والدة رانيا ، أو تشاغلت عنك بشغل غصب عنها(والدة هبة ) الأم حياة "
↚
أتجه الجميع بسياراتهم إلى إحدى الكافيهات المشهورة والفاخرة لمشاركة تسنيم فرحتها ،بينما إنسحب الأهل إلى بيوتهم لإنجاز ما ورائهم من مهام وكذلك ليتركوا المجال لشلة الشياطين للإحتفال ،توقفت عجلات السيارات جميعا فى الساحة المعدة للإنتظار والمقابلة للكافيه المطل على منظر نيلى مبهر ومريح للنفس ،ما أن دلفت تسنيم خارج السيارة حتى أمسكت زيزي بقطعة قماش بيضاء لتغطى عينيها وهى تربطها برفق إستعداد للمفاجأة ، حيث بذلت فيها الرفيقات جهدا كبير لتخرج بهذا الشكل المبهج ،كانت تسنيم تتحسس بيديها الطريق أمامها وزيزي فى حماسها المعهود مع رانيا وهبةيتخلف عنهم إياد مع طارق وحسام بعدة خطوات يتشاركون بعض الأحاديث الجانبية وكذلك لترك مجال للخصوصية بين حبيباتهم وزوجاتهم ،فقالت تسنيم ببدلتها الأنثوية الرقيقة ذات اللون البنفسجى الرائع وشعرها منسدلا على كتفيها أثر مصفف الشعر الخاص ببرنامجها:_
_ حنفضل كتير كده فى لعبة الأستغماية ...؟
مطت زيزي شفتيها وهى فى بنطالها الأسود على سترتها النبتية لتقول بسأم:_
_ مفيش فايدة حتى وأنتى فى عز فرحتك بترمى دبش
إنضمت رانيا للحديث وهى ترفع طرف فستانها الدهبى قائلة بمرح :_
_ عدى لها يا زوزة النهاردة يومها يا ستى بعدين نغلس عليها
شاركتهم هبة الحديث لتثير فضول تسنيم بشكل أكبر:_
_ أنا لو منك يا تسنيم يغمى عليا كده لما أشوف المفاجأة دى
خبطت تسنيم قدميها بالأرض فى ملائكية لتعلق وهى تفك العصبة من على عينيها:_
_ بجد شوقتونى أوى أنا مش قادرة .
أتسعت عينى تسنيم وهى تفيض بالدموع بغير تصديق لما تراه أمامها ذلك البورتريه الضخم المغطى مبنى الكافيه المعتاد لهم وهو يحمل صورتها مع صديقاتها وقد كتب عليه " أصدقاء إلى & مع أجمل وأرق مذيعة ،المذيعة المشاكسة تسنيم عبد المنعم " ،بينما يقف العاملون به على أطراف الأبواب الرئيسية وهم يرتدون اللون المفضل لتسنيم البنفسجى وقد كتب على قميص كل منهم حرف من حروف اسمها (ت ،س،ن،ي،م ) فصفق الجميع بحرارة وود مستقبلين تسنيم وصديقاتها برمى الشوكولاتات الفاخرة والمحببة إلى قلبها كما تقدم طارق صوبها ليهديها بوكيه من الورد وهو يفرقع بأصبعه لتأتى لهما أدوار الجاتوه الكبيرة للغاية ،وتسنيم تصفق بيديها فى حماس ونشوة وهى تقبل صديقاتها وتحمد لله على وجودهم فى حياتها ،وتعويضه لها بوجودهم ،أمسك طارق بكفيها الرقيقين المرتعشيين من المفاجأة وببدلته السوداء الأنيقة ليقطعان سويا الحلوى المكتوب عليها اسمها ومصحوبة بصورة جميلة لها وهى فى الإذاعة القديمة ،شكرت طارق وصديقاتها وهى تكاد أن تطير من الفرحة وقد دخلوا جميعهم للكافيه ليجلسوا على طاولتين ملتصقتين ببعضهما البعض فابتسمت هبة قائلة :_
_ألف مبروك يا أنسة تسنيم وإن شاء الله دايما ناجحة .
ندت من حسام إبتسامة رقيقة وبعيون مضيئة :_
_ ألف مبروك ودايما فى أفضل مكان ،ثم أضاف وهو يرمق هبة بحب:_
_ جميل أوى إحساس النجاح مش كده يا هبة ولا أيه..؟
هبة من بين أسنانها لفهمها بإنه يلمح لعدم مزاكرتها فى الفترة الأخيرة وتململها:_
_ اه طبعا يا حبيبي
ردت عليهم تسنيم بسعادة وتلقائية:_
_الله يبارك فيكم بجد أنا عمرى ما انبسطت ولا حنبسط زى النهاردة أبدا
علق طارق بمشاكسة:_
_ أيامك كلها فرح معايا إن شاء الله .
تسنيم وهى تلتهم الجاتوه بالشوكولا بعدم تركيز:_
_ أيه ...؟
ندت من زيزي ضحكة خبيثة قبل أن تميل عليها:_
_ أيوة بقى
لكزتها تسنيم لكى لا ينتبه الجالسين بخفة:_
_ أهو نقك ده ال حيجبنا وراء .
ساد الصمت للحظات قبل أن تتجه تسنيم بنظراتها الخبيثة إلى هبة لتقول :_
_ الله هالله بقينا نلبس فساتين أهو اتغيرنا .
قاطعتها هبة بإبتسامة لزجة حين لمحت تحديق حسام بها بإعجاب لإطراء صديقتها على إطلالتها :_
_ يعنى أهو من باب التغيير وكسر الروتين
تسنيم بتلقائيتها المعهودة (ال تودى فى داهية) :_
_ ولا من باب الحب ..؟
هنا نظر لها حسام برومانسية كبيرة ،بينما توردت وجنتيها من الخجل وهى تتململ فى مكانها بحرج ،محاولة تغيير الموضوع قائلة وهى تنظر لساعتها بتوتر مصطنع:_
_أتأخرنا أوى مش يلا حسام...؟
↚
قال حسام مستغلا للموقف:_
_ على أيه يا روح حسام ..؟
هبة بتلعثم:_
_يعنى عاوزة ازاكر وكده والامتحان بكرة .
همس فى أذنها بسخرية:_
_ تزاكرى ..؟،الكدب ده ميتسكتش عليه أبدا ههههه ،حدجته بنظرة نارية وهى تتنحنح هبة لتهم بالنهوض مع زوجها مستأذنة من تسنيم :_
_ معلش يا تسنيم حنمشى أحنا عشان ماما سايبنها لوحدها سلام
بعد مغادرة هبة وحسام ، بدى إياد غير مرتاح فى جلسته نظراته شاردة فى الهواءوكأنه يريد قول شيئا ما لكنه مترددا للغاية ،لاحظت رانيا عبوس ملامحه ،وأطبقت على كفيه بحنان لتقول:_
_ مش حتبارك لتسنيم..؟
إياد بإضطراب:_
_ ها ألف مبروك يا أنسة تسنيم بالتوفيق .
أردفت رانيا بتوتر لصوته المكتوم بطريقة غريبة :_
_ إياد أنت فى حاجة مخبيها عنى ..؟، أو موضوع مضايقك..؟
أجاب ببهوت :_
_ ها لا مفيش
ألحت عليه رانيا عاقدة ما بين حاجبيها بقلق:_
_ مالك ..؟، قول بس
تنهد قبل أن يقول بتردد:_
_ كان فى موضوع كده ،بس مش وقته .
همست بإذنه على إستحياء:_
_ بخصوص أيه...؟
رد إياد بضيق:_
_ بلاش دلوقتى عشان تسنيم
إنتبهت لكلمته رفيقتها فقالت وهى تضع طبق الحلوى جانبا بمزاح:_
_ لا لا متهربش وتحط تسنيم فى جملة مفيدة قول عادى .
تنهد إياد قبل أن يقول بجدية :_
_ فى خطة كنت عاوزكم تساعدونى فى تطبيقها ،الخطة دى ال حتبين
لى حاجة مهمة جدا جدا
زيزي بإنتباه وتركيز كبير :_
_ أيه هى أيه ..!!
رد عليهم بقلق :_
_ النهاردة أخدت إن من النيابة بالقبض على ببلاوى
إنقبض قلب رانيا لسماعها لهذا الاسم مسبقا لكن لا تذكر أين:_
_ مين ده ..!!
علق إياد وهو يدفن وجهه بين رأسه بحنق ووجوم:_
_ صاحب الشقة إياها .
واصلت رانيا ودقات قلبها فى تسارع فهوصاحب تلك الشقة المستأجرة وكذلك الغيب،الذى أوكل لها معتز مضايقتها لحين القبض عليهما :_
_ وحتقبض عليه بتهمة أيه....!!
ضيق إياد عينيه بغموض :_
_ بتهمة حيازة المخدرات ...!!
رانيا بهلع :_
إزاى...!!
ألتفت إياد لرفيقاتها وهو يقول بحزم:_
_ عن طريق زيزي وتسنيم وطارق
علقت تسنيم بخوف:_
_ لا لا بلاش انا خدوا رانيا مكانى .
هتفت زيزي بتهكم:_
_ اه والنبى بلاش تسنيم دى من قبل أول قلم بتبقى معترفة بكل حاجة وحتودينا فى داهية
لوى إياد شفتيه بعدم رضا لإختياره لتسنيم لكن لا يوجد حل أخر :_
_ رانيا مش حينفع ،مش عاوزها تبان فى الصورة ولا معتز ياخد خبر بانها كانت هناك ...!!
زيزي بحماس وفضول:_
_قولى قولى حنعمل أيه...؟
فى المهندسين أمام إحدى البنايات الضخمة
وبإحدى الشوراع الجانبية المظلمة ،التى لاسيشق سوادها سوى 4 أعمدة من الإنارة ، أبطل إياد محرك سيارته وهو يرتب مع زيزي وتسنيم مهمتهم ،ورانيا إلى جانبه تهز قدميها فى توتر خائفة من فشل المهمة فهى تعرف صديقتها جيدا لكن لا مفر من تسليم روحها لهم ،قال إياد وهو يلقى عليهم التعليمات الأخيرة بحذر:_
↚
_ طارق قدامه 5 دق ويكون هنا ،الخطة تتنفذ بالحرف ثم أضاف وهو يشير لزيزي بالنزول:_
_ يلا زيزي أنزلى أنتى الأول وهما وتسنيم وطارق وراكى بعد 10 دقايق
عقبت رانيا بمزحة خفيفة لتخفيف الضغط النفسى والإضطراب من على الجميع :_
_ مش عاوزة أى شقاوة ههههه ،وانتى يا تسنيم متفتحيش بوقك غير للضرورة القصوى يا حبيبتى ولا أقولك متفتحهوش خالص أبوس أيديك متوديناش فى داهية.
ردت زيزي بإعتراض :_
_ شقاوة..!! ،والله خسارة فيكى التضحية العظيمة ال حعملها دلوقتى
لوحت رانيا بكفيها بسأم وهى ترمق تسنيم المتوترة وهى تلتهم فى الحلوى والمقرمشات كعادتها :_
_ يا شيخة اتنيلى والله أنا خايفة تكشفونا خصوصا القطر القشاش ال قاعد جنبك
أغلقت تسنيم الكيس على طعامها وهى تزفر بوجوم:_
_ هو أنا عشان تلقائية وصريحة حتعملونى السليوة بتاعتكم ،ثم أستطردت بعصبية
_والله أنزل ومتعرفوليش طريق جرة
علقت زيزي برجاء ممزوج بالخوف :_
_ ياريت والله لأحسن أنا بسببك قلبى مقبوض وممغصة
فتحت تسنيم الباب وهى تقول بتهديد:_
_ كده طيب ،أنا نازلة وشوفو مين ال حيقوم بدور بدارة بتاعتكم دى
إستدرات رانيا من كرسيها الأمامى لتقبض على رسغ تسنيم قائلة :_
_ استنى يا مجنونة ،رايحة فين..؟
تنهدت تسنيم بضيق:_
_ انتى مش شايفة الدبش ال زيزي بترميه ،مش أسلوب ده
تدخل إياد لتهدئة الاوضاع :_
_ لا يا زيزي ميصحش كده دى مهما كان صاحبة عمرك ولازم تحترميها
ربتت زيزي على كتفيه وهى تخرج لسانها لتغيظه:_
_ اطلع انت منها بس وهى تعمر
لمحها إياد فى المرآة الأمامية قبل أن يعقب بلهجة لذيذة وغامضة:_
_ أنا اصلا مش خايف من تسنيم خوفى كله منك يا زوزة يا بتاعة الرياح وأمشير أنتى ههههههههه
رانيا بإندهاش:_
_ زعابيب أيه..؟
تنحنح إياد وهو يدقق النظر فى ضوء سيارة مقبلة :_
_ لا لا متخديش فى بالك ،أهو طارق جه أهو يلا زيزي
فى الشقة المستأجرة
كانت الشقة المقصودة بالطابق الرابع ،حاولت زيزي أن تستقل المصعد الكهربائى لكنه بدى معطلا ،فصعدت على الدرج بخفة وقلبها يكاد أن يقفز من بين ضلوعها ،تفكر بما ستقوله وبما ستلقيه مضطربة من تسنيم ومشاركتهما سويا فى مهمة واحدة ، وقفت لبضع لحظات أمام الشقة المقصودة وهى تلتقط أنفاسها المتعبة لتخرج مرأة صغيرة من شنطتها ذات اللون الأصفر الفاقع ،تتفقد هيئتها حيث إرتدت بنطالا واسعا للغاية يكاد أن يدخل فى قدم فيل ،على سترة مهلهلة وشعرها غدى غير مرتبا ولا نظيف،تدقق فى مكياجها الصارخ (حيث وضعت كيلو من البودرة لتغيير ملامحها ولتبدو جذابة ولكن ليس بشكل كبير )كى لا تخرج الذئب بداخله ،دقت الجرس عدة مرات فى تأفف من تأخر ببلاوى فى فتح الباب ،أخذ يدقق النظر من خلال الفتحة السرية بالباب الخشبي الكبير قائلا بخوف:_
_ مين...؟
أجابته زيزي وهى تفرقع باللبانة بمرقعة:_
_ مش دى شقة قاسشششم
فتح لها الباب نافيا وهو يضيق عينيه بإستغراب لمنظرها:_
_ لا والله .
وضعت زيزي يديها على جانبيها لتقول بنبرة شعبية أو بنبرة فتيات الليل:_
_ ولا حامد هييهيهيييهييييي أوعى كتشششه (كده) ،وانت غشيم ملكش فى الناعم
غمز بعينيه بإثارة لكلامها الجرىء:_
_ ما تقولى أنك صنف جديد يا حلوة ،وبعدين هو فى حد ملوش فى البسكويت ال بشكولاتة ده
تأففت زيزي بسخط وتنهدت قبل أن تقول بصوت خفيض:_
_ حنفضل نحكي مع بعض كتشير كده على الباب.
أشار لها بالدخول وهو فى حالة من النشوة فالليلة ليلة عيد بلا شك:_
_ لا أتفضلى
فى غرفة الضيوف
إستقرت إحدى المزهريات الكبيرة إلى جوار زيزي الجالسة على إحدى الأرائك المهترئة فى خوف ،بينما ذهب ببلاوى ليحضر صنية عليها المشروبات الكحولية المختلفة ،يكاد عقلها أن ينفجر ويشل من كثرة التفكير بما سيحدث ،هل ستنجح خطتهم أم ستبوء بالفشل..؟، هل ستحقق بذلك سبق صحفى هائل أم سيكتب عنها زملائها بصفحة الحوادث ،جلست لتهز قدميها فى توتر وحنق حتى خل ببلاوى بعينيه الزائغتين ليضع الصنية على منضدة صغيرة ،ليسألها :_
ببلاوى:_
_ ها تشربى أيه ده ولا ده...؟
زيزي:_
_ مفيش ينسون..؟
ببلاوى بإرتياب :_
_إيه....!!
↚
ردت زيزي بتهكم لذيذ لتدارى ما بداخلها:_
_ أصل زورى واجعنى
عقب ببلاوى وهو يقلب كأسه بإستنكار:_
_ حد قالك إنى دكتور علاج طبيعى ده أنتى مسخرة .
إبتلعت زيزي مزحته السخيفة لترسم إبتسامة بلهاء :_
_ إن شاء الله يخليك يا أخويا
صب لها قدرا ليس بالقليل من المشروب المسكر قائلا:_
_ أتفضلى كوبايتك ،وأضاف ليتعرف عليها:_
ها بقى اسم الجميل أيه ..؟
زيزي وهى تنفخ فى البالونة المقيمة أمام فمها من اللبان:_
_ عنايات
عاد ببلاوى بإستغراب ليسند ظهره للخلف :_
_ ياه ده الاسم ده من أيام الهكسوس
قالت زيزي بنبرة ليلية ممزوجة بالمياصة:_
_ ده الاسم الحركشششي والحليوة الطعم ده (فى سرها أبو بشلة ) اسمه ايه ..؟
أجابها وهو يصك بيديه على صدره :_
_ محسوبك ببلاوى
أردفت زيزي بتساؤل لكسب الوقت لحين صعود تسنيم وطارق :_
_ عاشت الأسماء،ألا قولى بقى عايش لوحدك ..؟
بدأت أسئلتها الغريبة تثير شكوكه وريبته فتسائل مستجوبا إياها:_
_ ليه ..؟
علقت زيزي بتلعثم وإضطراب :_
_ يعنى لمرأتك تطشب علينا ولا حاجة وتبقى ليلة فحولقى
طمئنها ببلاوى وهو يفتح ازاز قميصه:_
_ أم العيال فى البلد ،ومش حتيجى دلوقتى خالص يا جميل أنت يا قمر
إرتعشت شفتى زيزي قبل أن تقول :_
_ده من ذوقك ثم واصلت بإستنكار:_
_ أنت بتعمل أيه...؟
رد عليها بنظرات مبهمة :_
_ يعنى الدنيا حر شوية ،ثم إقترب منها ليجردها من ملابسها قائلا بإثارة:_
_ وأنتى مش حرانة..؟، أقلعى أقلعى
دفعته عنها بلين لتبرر وقلبها معتصرا من الخوف والتوتر:_
_ لا أقلع لا .
ببلاوى بعدم فهم نظرا لكونها فى شقة(دعارة):_
_ ليه ...؟
أشارت لركبتيها لتجيب بشفتين مرتعشتين:_
_ أصل عنشششدى تشلخات .
وضع ببلاوى طرف أصبعه على رأسه فى تفكير لكيفية سحبها فربما تكون محرجة أو خجلة ليقول:_
_ مشربتيش كاسك ليه..؟
إبتلعت ريقها لتقول بتلعثم :_
_أيه ..هاااا ،أه أصل طريق صلاح سالم كان زحمة أوى وأعصابى تعبانة من الزحمة وكده ،ممكن تشغل لنا الكاست على أى حاجة كلاسيك ..!!
عقد ما بين حاجبيه ببلاوى :_
_ حاجة أيه ....!!
زيزي بسخرية مشوبة بقلب منخلع :_
_ أو اوكا وأورتيجا مش مهم هههه
بينما أعطاها ظهره متجها لتشغيل الراديو ،سكبت زيزي مشروبها كله فى المزهرية ،فعاد لينكشها ويثيرها :_
_شكلك شقية أوى
ضحكت زيزي حتى القهقهة لتخفى إرتباكها ومشاعرها الثائرة :_
_ شكلك انت ال خلبوص هي هي هي
ضحك ببلاوى بصخب وهو يهتف بها :_
_ خلبوص والله دمك شربات بس أنا ملاحظ انك بتتلفتى حوليكى كتير الشقة عاجباكى أوى كده..؟
أومأت زيزي برأسها بإيجاب وفى نفسها تقول( أزبل من المكان ده مدخلتش) :_
_ اوى تحس كده إنها حاجة فخيمة .
غمز بعينيه السودوادوين المظلمتين قبل أن يضيف :_
_ وأوضة النوم أفخم وأفخم تعالى اوريهالك
زيزي بإضطراب:_
_نوم أيه أنت حتنام بدرى كده
سحبها من يديها ليقول بتحفيز وكسر لخجلها كما وصل إليه:_
_ تعالى بس حتعجبك أوى
بينما كانت زيزي على وشك الإنفجار وهى ترمى لعانتها على صديقتها تسنيم فى أعماقها (يا لهوى عليا وعلى سنيني الله يحرقك يا تسنيم حتباتى تحت انتى وكائن الباندا ال اسمه طارق )
↚
__________________________________________________
فى الطابق الأرضى من مبنى الشقة المستأجرة
شعرت تسنيم بالتخمة لتناولها الحلويات بفرط كعادتها ،كما ضغط عليها القولون لمشاداتها مع صديقاتها منذ قليل،فوضعت كفه على بطنها لتكبشها وهى تطبق على فمها بقوة لكى لا تتناثر فضلات الجاتوه من ثغرها الوردى الصغير ،وطارق إلى جوراها مشمئز من تقيؤها بين لحظة وأخرى ،منحها ذراعه لتستند عليه فى وهن ،أحست وكأن رأسها قد بدى فى الفوران عليها ،فحاصرته بأناملها بعدم تركيز وقد بدأ الدوار يداعبها ،وقلقها من الصعود ومن تلك المهمة وكذلك توبيخات شلتها لها أهاجت قولونها العصبى بشكل أكبر ،لمحتها بوابة العمارة وهى تنهج بشكل مخيف فأعطتها كرسي لتجلس عليه ، وهى تحاول إلتقاط أنفاسها المثقلة المتعبة ،حتى قال طارق بسأم وقرف:_
طارق:_
_ تخشي الحمام طيب..؟
ردت تسنيم بتأوه شديد وغثيان :_
_ أأأأأأأأأأه حموت مش قادرة ،القولون قايم عليا
وبخها طارق بتلقائيته:_
_ ما انتى ال ظلمتى نفسك فى الأكل يا حبيبتى
علقت تسنيم بعصبية وهى تتقدم بوجهها على الأضية القذرة لتفرغ معدتها المنكمشة قائلة بضيق:_
_ تقصد إنى طفسة ...!!
أشار طارق بسبابته فى نفى :_
_ لا مش قصدى ...
قاطعته تسنيم وهى ترفع طرف فستانها لتجلب الهواء المتوقف إليها :_
_ أعمل أيه يعني ما أنا بتوتر باكل كتير
لامها طارق وهو يمط شفتيه :_
_ كتير بس، ده أنتى كلتى الجاتوه كله يا مؤمنة
هتفت تسنيم بصوت متقطع وضعيف:_
_ ده أنت مركز معااي أأأعع أأأعع
زفر طارق لعنادها قبل أن يقول :_
_ خشي الحمام طيب وبطلى عناد
كمشت تسنيم وجهها قبل أن تقول بتقزز:_
_ لا لا ده بلدى موت يععععععععع
كان إياد مع رانيا فى السيارة وخلفهم عربيات الشرطة فى إنتظار إشارة الرائد لإقتحام المكان ،فلمح طارق اسمه على الشاشة ليشدد على تسنيم فالخوف كل الخوف منها ،لكنه ضغط على زر التجاهل وهو يحاول ان يساعد حبيبته على النهوض:_
_ خلينا نطلع طيب وأسندى عليا عشان زيزي زمانها بتدعى علينا فوق
تناهى إلى مسامعهما صوت ضحكات زيزي خليعة مشحونة بتوتر فهتفت تسنيم بفزع كادت أن تتعثر منه على درجات السلم وتنزف دماغها :_
_ يالهوى يلا طيب بسرعة أأأأأأأأه بطنى
عقب طارق بوجوم لتعب مذيعته الحسناء :_
_ألف سلامة عليكى أروح أجيب لك فوار يهدى معدتك...؟
أعادت تسنيم كبشتها لتحاوط بها قولونها الهائج وهى تستند برسغيها على طارق بألم :_
_ لما نطلع وأحط الأمانة أبقى انزل هاتى لى
فى غرفة نوم ببلاوى
بدت الغرفة غير مرتبة فاعقاب الجسائر مفترشة للأرض،وكذلك القمصان المفتوحة ملقاة بعدم إهتمام على الأرائك العريضة ، كحال اى شقة عازب ،كما ان الإضاءة الحمراء تشحن النفس بالخوف والفزع والرهبة ،دخلت زيزي على مضض مع ببلاوى الذى يتفحص جسده الأسمر فى المرأة وهو يضع عليه كريم ترطيب ، ويطالعها فى مرأة التسريحة بزيها المريب ،والتى لم تخلع منه ولو قطعة واحدة فقط :_
_ مش يلا بقى ..؟
مددت زيزي ساقيها المتوسطين على السرير المنخفض قبل أن تتسائل :_
_ أنت مستعجششل على أيه هى الدنيا حتطيششير ..؟
أردف ببلاوى بسأم وقد ضاق صدره بمماطلتها :_
_ شكلك حتغلبينى معاكى
أصدرت زيزي ضحكة خليعة لتدارى هواجسها الداخلية :_
_ لا ده أنا حخليك تقضى ليلة من ألف ليلة وليلة .
أستدار ببلاوى وهو يتجه صوبها بشغف كبير :_
_ أيوة بقى يا فاهمانى أنتى
طوقت زيزي ركبتيها إلى صدرها قبل أن تقول بدلع :_
_ بس الأول أحكى لك السلسلة كاملة أه معلش أنا بحب كل حاجة تاخد حقها
عقد ما بين حاجبيه:_
_ مش فاهمك
فرقعت بأصابعها بحماس لحبها للأدب ولتضييع الوقت لحين صعود تسنيم مع باندتها :_
_ ده مجلد أدبى كتشششششه إنما أيه أوز اللوز حيعجبشششك أوى
ببلاوى بنفاذ صبر :_
_ بس أنا مليش فى الأدب
مدت زيزي العلكة فى فمها حتى شكلت بالونة كبيرة :_
_ أمال ليك فى أيشششه يا دلعشششدى..؟
↚
دنا منها بشهونيته وهو ينقض عليها :_
_ فى قلة الأدب
إرتدت البالون لوجه زيزي من هول خوفها وهى تصرخ :_
_ يالهوتششششششششششى
فى منزل حسام السنهورى
لم تكن هبة كعادتها منذ عودتهم من منزل والدتها ،غدت تائهة وفى حالة من الشرود المبهمة ،لا تود إستذكار دروسها،تشعر كأن سوء الحظ حليفها فى كل شيء،كما أن حفلة صديقاتها لم تخرجها من المود كما ظن حسام ، فأعدت العشاء لحسام قبل أن تنسحب بهدوء لغرفتها وهى تغلق الباب بحذر لكى لا توقظ حماتها المتلصصة على أبسط الأشياء، حتى دفع حسام الباب ببيجامته البيضاء المهندمة وعطره المميز أثر الحفل قائلا بإستفسار :_
_ أنتى حتنامى...؟
شدت عليها الغطاء حتى ذقنها قبل ان تغمض عينيها قائلة بإستسلام للإجهاد:_
_ اه
جلس حسام على طرف السرير وهو يشد وجنتيها بحنان :_
_ جتك أوه قومى .
عقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تنفخ :_
_ فى أيه يا حسام..؟ ، مش حطيتلك الأكل بره ...!
صمت لثوان لتمالك أعصابه قبل أن يعلق بعينين دافئتين:_
_ وهى الحياة أكل بس..!!
زفرت هبة بقوة وإنزعاج من إعطائه حقوق للتدخل فى حياتها :_
_ عاوز ايه يعنى ...!!
إعتدل فى مجلسه مردفا بإبتسامة جميلة:_
_ مش الجميل عنده إمتحان بكرة ،مذاكرش ليه...؟
ضغطت على زر الإضاءة الخفيفة بجانبها(الوانسة ) لتقول بلهجة واهنة :_
_ حسام أنا مش قادرة بجد وراجعة مرهقة من تجهيزات اليوم وعاوز أنام .
مط شفتيه بإحباط من عنادها الدائم:_
_ وامتحانك..؟
هبة بلا مبالاة :_
_ مش مهم أبقى أخدها فى السمر كورس
علق حسام بإستنكار وهو يفتح فمه :_
_ ال أيه يا ختى...؟، اسمه الملحق وبلاش الاسماء الصايصة بتاعتكم دى .
اخذت نفسا طويلا قبل أن تقول :_
_ أيا كان بقى أطلع واسحب الباب وراك
إعترض حسام وهو يعيد الإضاءة بل ويقويها بالضغط على عدة أزار فى عناد أكبر:_
_ مش طالع واتفضلى قومى عشان تزاكرى
نفخت هبة بعصبية وإنفعال :_
_ أأأأأأأأأأووووووف فى أيه يا حسام انت حتخاف على مستقبلى اكتر منى...؟
رد عليها بثقة وثبات :_
_ أكيد مش بنتى ...؟، ولا مليش حق أخاف
تراجعت عن حدتها قليلا وقد أحست بالخجل :_
_ مقولناش حاجة ،ثم واصلت بوجوم بس أ نا بجد تعبانة نفسيا ومش طايقة نفسي ولو قعدت على كتاب حبقى بخدعك .
ضيق حسام عينيه السودواين ليقول بلؤم:_
_ عشان اليوم ال قضناه مع والدتك وحكتى لى عن طفولتك يعنى .
أحست هبةبغنه ضغط تحديدا على موضع الجرح فهى لا تحب أن يراها أحد فى موضع ضعف،كما إن كلمات حسام لها (إزاى واحد بيغير على حاجة مش بتاعته ) أثارت غيظها ،فمدت كفها ليقابل وججه الأسمر قبل أن تهتف برجاء:_
_ حسام أرجوك متفتحش موضوع ده تانى
حسام بإستسلام وهو يمد يديه فى حقيبة كبيرة إلى جواره :_
_ ماشى يا ستى بس شوفى جوزك حبيبك جايب لك أيه...؟
توردت وجنتيها من الخجل قبل أن تستل الكيس المتربع به علبتين من الهدايا مزقته بطفولية لتقطع لفافة الهدايا قائلة بعدم رضا:_
_ أيه ده إسدال ..؟؟
قال حسامبلين :_
_ أه عشان حتقومى تتوضى وتصلى ثم تابع ليشعرها بمشاركتها له القرار وإن كان بسيطا ولكى لا تركب رأسها بس تفتكرى نصلى القيام 2 و4..؟
وضعت يديها على خصرها قبل أن تعترض :_
_ ده على أساس إنى عيلة حقوم واسمع الكلام..؟ .
حسام:_
_ نفسي أصلا متسمعيش وشوفى ال حيحصل
رفعت له حاجبين ناريين :_
_ بتهددننى .....!!
هم حسام بالنهوض من مجلسه قبل أن يثير فضولها :_
_ لا، أصل انا حصلى وحروح اتفرج مع ماما على الأميرة والوحش(وهو البوستر الذى لمحه حسام على جدار غرفتها) ،طالما انتى مش وش نعمة على رأى صحابك ههههه
قفزت هبة بملائكية من على الفراش لتفكيره بها وبما يسعدها لتقترب منه وهى تقبله بنشوة شديدة لعودتها لطفولتها الضائعة:_
_ لا ماما أيه أنا حتوضى وأصلى فوريرة أهووووووو
↚
حسام بمكر وقد شعر بالخجل قليلا:_
_ لو أعرف كنت جيب لك محل الشرايط كله ههههههه
هبة ثم إستطرد بتحفيز وجدية:_
_ الليلة حنزاكر سوى بس جهزى لنا بقى برميل قهوة كبير أوى
نكست رأسها بإحباط وقد بدى حماسها يتلاشى:_
_ تفتكر حلحق
إبتسم بعذوبة :_
_ دايما فى وقت بس يلا روحى أتوضى وتعالى
عند ببلاوى
كانت زيزي تركض فى أرجاء المنزل بهستيريا وهى تصرخ وعروق رقبتها بارزة فى ذعر ،وببلاوى إزادادت رغبته بها لتمنعها عليه ،كما أنه ظن إنها تلاعبه الإستغماية ، قطع جريهما فى أطراف الصالة صوت الجرس، ألتقطت زيزي أنفاسها وهى تنسحب نحو الغرفة باحثة عن منفذ للخروج ودقات قلبها تتصارع والدموع محتبسة بعينيها ،لكن صوت طارق المميز أوقفها عند عتبة باب الغرفة حين سمعت ببلاوى وهو بهتف بفرح :_
_ اتفضل اتفضل يا بيه
حاوط طارق بذاعيه خصر تسنيم المجهدة ، بينما زيزي لا تزال متسمرة فى مطرحها وهى تصيح بشكل مفأجأ من فوق كتف ببلاوى الأصلع بغيظ وإنفعال كبير :_
_ ده أنا حقطششششششعك نهاردة يا ببلاوى ،ده أنا حسلشششخك كده ،وأبقى قابلنى لو حد عرف يسلك شعرك من إيدى النهاردششششة .
بالرغم من الألم والتعب الجسدى لتسنيم إلا غنها ندت منها ضحكة قصير ،بينما يتحسس ببلاوى صلعته بإستغراب قبل أن يخبط كفيه ببعضهما بإستهجان :_
_ لا حول الله بحالات دى ولا أيه ثم أضاف فى نفسه معللا :_
_يمكن سكرت .
ثم واصل وهو يودع طارق للذهاب بصوب زيزي ذات الوجه المحتقن بالدماء :_
_ عن إذنك يا باشا
أغلق ببلاوى الباب بإحكام قبل أن يردف بنشوة:_
_ ليلتنا فل ولا حاجة ..؟
ترتعش أقدام زيزي على طرف أخر خلف السرير وهى تصيح :_
_ لا ليلتنا طين مطشششين
قال ببلاوى بغضب:_
_ ليه بس ما كنا حلوين ....؟
حاولت العودة لهدوئها لحين لتخلص منه بعقلانية ولكى لا تثير جنونه فقالت برقة:_
_ الجو حر أوى اووى ....
عض ببلاوى بصف أسنانه العلوى على شفتيه السفلى قبل أن يضيف:_
_ طيب ما تقلعى وانتى تحسي بطراوة كده .
إنتفض جسد زيزي المتصبب بالعرق :_
_ لا أحنا من عيلة محافظششة بالك لو أبويا عرف إنى هنا حيطلقنى .
ببلاوى بإستهجان:_
_ إييه...!!
رسمت زيزي إبتسامة بلهاء:_
_ قصدى حيطلق أمى الغلبانة ال بتجرى على 3 عيال .
ببلاوى بعدم فهم :_
_ يعنى عاوزة أيه دلوقتى...؟
حكت زيزي جسدها بقوة قبل أن تقول بخبث:_
_ عاوزة شور لقته متنح (دش يعنى )عشان أرجع لك على نضشششافة وكده بدل العرق بقى والبصشششل ال لسه ضرباه قبل ما أجى ،أنفخ فى وشك بيه اموتك
أذن لها بالدخول فأخرجت هاتفها من كمها الطويل لتتصل على إياد تشكو له تسنيم بعصبية:_
_ الله يخربيت تسنيم على اليوم ال شوفتها فيه مش قولت لكم حتودتشيينا فى داهية ..!!
ضحك إياد بقوة على لكنتها :_
_ أهدى بس وايه لهجة غريبة ال فى صوتك دى
زيزي بإنفعال:_
_الهانم من ساعة إلا ربع لسه طالعة لى ،بس أطولها والله لأامسح بكرامتها الأرض
فى غرفة مجاورة
وهى غرفة الزبائن كانت مرتبة بعض الشيء،الإضاءاة الحمراء المثيرة لا تتركها ،إقتعدت تسنيم بعد ان أنهت وضع المخدارت فى الأدراج إقتعدت على طرف السرير ولجوراها طارق وهو يهدهدها بمواساة وضيق لتعبها ،فقال بعد لحظات:_
_ خلاص رصيتى الحاجة كويس عشان أبلغ إياد...؟
تأوهت تسنيم بصوت متقطع :_
_ اه بس بطنى سكاكين بتق طعها
ربت على كتفها بمواساة :_
_ معلش يا بيبي ،ثم أمسك بهاتفه لإتمام باقى الخطة والخروج سريعا من هنا ليتصل بإياد ،لكنه زفر بضيق:_
_ تؤ تؤ مش معقول كده
تسنيم بتوتر :_
_ فى أيه...؟
لوح طارق بيديه:_
_ تلفونه مشغول
قالت تسنيم بإستسلام _
_ خلاص أنزل بلغه وبالمرة هاتى لى الفوار بتاعى
هز طارق رأسه رافضا :_
_ مستحيل أسيبك فى المكان القذر ده لوحدك
تسنيم بحدة من تقلصات معدتها :_
_ طاااااارق متعصبنيشش أأأأه
همس بهدوء:_
_ خلاص خلاص نازل متصوتيش
__________________________________________
فى اوضة تانية :_
كان ببلاوى فى حالة من السكر ،ولا زالت زيزي بالمرحاض ،حتى كدا أن ينهى نصف زجاجة فهم ليدق الباب عليها لكنها خرجت أمامه بنفس زيها المتسخ ، فشهق بعدم تصديق:_
_ بقالك تلت ساعة فى الحمام عشان تطلعى بنفس لبسك....!!
تلعثمت زيزي مفسرة :_
_ المياه قاطعة حتى روح شوف كده ...؟
ما أن دلف بخطواته الثقيلة إلى الحمام حتى ركضت زيزي بقوة للخارج لتنقذ صديقتها وليهربان بأسرع ما يمكن ، اعصابها مرتعشة ودمائها قد تحولت لكرة نارية إقتحمت الباب فجأة على تسنيم الممدة بجسدها وهى تعبث بهاتفها ،فصاحت زيزي بإنفعال كبير وهى تشدها من يديها :_
_ يلا نهررررررررررررررررررررب بسررررررعة الله يحرققققققققك ،انا قولت مجيئك زي عدمه محدش صدقن
أفلتت تسنيم كفها بسخط قبل أن تقول :_
_ متزعقليش كده ،وبعدين مش كفاية إنى تعبانة ومع ذلك جيت معاكم المهمـــ
بتر دخول ببلاوى المفاجأ لكلماتها ،وقد إنتبه لجملتها الأخيرة فدلف للداخل وهو يكز على أسنانه، بينما زيزي وتسنيم قدميهما ترتعشان فى توتر من غموض الموقف ، وزيزي تحاول الإيضاح :_
_ أسششششتنى حفهمشششك .
صفق يديه ببعضهما:_
_ تفهمشششينى ،ده أنتوا ليلتكم مش فايتة ،ثم خلع عنه الحزام الجلدى بإنفعال أكبر:_
_ بقى عاملين علييييا عصابة يا ولاد الك*** ،أنا حوريكم يا نسوان *****
↚
حاولت تسنيم التبرير بشفتين مرتعشتين وزيزي تلكزها للهروب وهما تصرخان سويا فى ذعر فى محاولات مستميتة للفرار لكن ببلاوى لف الحزام الجلدى على كفيه الخشنين بقسوة مصوبا إياه ناحية جسديهما بشكل عشوائى ،بينما زيزي تتمايل بعودها وتقفز لتفادى الضربات الموجعةوالتى كان لزيزي نصيب منها على ظهرها ورسغيها ،كما طالت تسنيم فى مؤخرتها ،فصاحت بوجع :_
_ أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأييييي ، ألهوووووووووووووووووووووووووووووووى
إتجهت زيزي بشجاعة لم تعرف كيف أتت بها لتغرس أنيابها فى يد ببلاوى الممسك بصديقتها ،حتى تأوه بإنفعال ،فتركته تسنيم لتواصل ركضها وزيزي هى الأخرى لكنه مد قدمه للأمام ليعثر زيزي المتوترة ذات الجسد المتصبب بالعرق حتى أمسك بياقة قميصها بعنف وهو يكز على أسنانه ،ولا زالت ساعة أسنانها بيده ،أما تسنيم خطت للخارج بنفس منهج وغير منتظم حتى لاحظت إن رفيقاتها لا تتبعها فعادت لإنقاذها ، وهى تقترب من ببلاوى بإرتياب وخوف كبير قائلة بصوت متقطع:_
_ ب ب بص أنا حق حقولك كل حا حاجة بس أوعدنى حتسيبنا .
أتسعت عينى زيزي وهى تلطم على وجهها بإضطراب :_
_ الله يحرقشششك يا تشنيم ،أنا قولت البت دى تتربط بشلاشل محدش صدقششنى
وضعت تسنيم يديها على خصرها وهى تزفر بحنق وغضب:_
_ تصدقى بالله ما حد غلطان غيرى انى وافقت أجى معاكى المهمة بتاعتكم دى وانا أصلا تعبانة .
ردت زيزي بتهكم مشحون باللوم :_
_ تعبششانة أيه ،أنتى عملتى أيه أصلا يششششتحق المجهود ،ثم واصلت بإنفعال أكبر أنتوا شششيبتوا لى الكبيرة ربنا ياخدكم
كان ببلاوى يتنقل بنظراته بينهما فى إندهاش ، قطعته تسنيم بتلقائيتها وهى تهتف بحدة :_
_ والله انا ال غلطانة إنى وافقت أمسك الهرويين ال وسخ ايدى ده وقعدت اوطى وانا بطنى واجعانى
كزت زيزي بغيظ على شفتيها وهى تبتر كلمات تسنيم الطائشة:_
_ اخرشششى البيت ده طاششهر ،مخدرات أيه الله يحرقششك
سأل ببلاوى بإستجاواب:_
_ فين المخدرات دى بقى يا حلوة..؟
ردت تسنيم بمساومة :_
_ أقولك بس أوعدنى حتسيبنا..؟
قاطعتهم زيزي بنبرة فتيات الليل التى أعتاد لسانها عليها وهى تصيح:_
_ متسمعلهاش دى لشه خارجة من الشرايا الصفششراء أه والنعشمة
أضاف ببلاوى بجدية :_
_ شوفى أنا راجل هلاس وفيا العبر كلها،بس الحاجة الوحيدة ال بحترمها الصراحة
أستفسرت تسنيم بقلق:_
_ يعنى حتسيبنا..؟
رد ببلاوى:_
_ اه طبعا
أجابت تسنيم وهى تشير لمكانهم:_
_ المخدرات فى الأدراج ال تحت فى الدولاب فى الرف التاـــ
علقت زيزي بإندفاع ممزوج بحنق من تسنيم:_
_ متسمعلهاش دي مهبوشششة ، الله يخربيتشششك يا تسششنيم
ذهب ببلاوى حيث الأدراج وهو ممسكا بياقة كل منهما فى كبشته متسائلا :_
_ أمال أيه ده ...؟
زيزي بتلعثم :_
_ ده ده دقيق .
رفع ببلاوى حاجبيه بإستنكار :_
_ دقيق صح .
ردت زيزي وهى تبتلع ريقها:_
_ أه انت مش شايف هو أبيض إزاى ولا أيه ؟؟
جرها من فروة رأسها بقسوة وهو يعلق :_
_ طيب تعالى عشان نشوف الموضوع ده
صاحت زيزي بهلع وخوف كبير :_
_ ليشششه شايفششنى ششمكة يا لهوتششششششششششششششششششششىىىىىىىىىىىىىىى
دفع إياد بشكل مفاجأ باب الغرفة بقدمه بخفة وأصابعه تحاصر الزيناد متلفتا حوله ليجد ببلاوى ممسكا بكيس الهرويين فى إحكام،وقد أفرغ القليل منه على المنضدة ذات الأرجل القصيرة وهو يرغم زيزي المقيدة بالأحبال على إستنشاقه وهى تصرخ بهستيريا وتنتفض وتسنيم هى الأخرى تستعين بأحبالها الصوتية للنحيب والبكاء،أفلت ببلاوى أنامله فى صدمة حين رأى إياد وهو يحاول تذكر أين رأه من قبل..؟،بينما أومأ إياد لظباطه بالإنتشار فى أرجاء المنزل وتفتيشه ،ودنا بزيه الرسمى من ببلاوى وهو يثبت دوائر الحديد بين كفيه فى إنتصار ،يحرر بعض ظباطه زيزي وتسنيم من وثاقهما ،فقال إياد بجدية لإثبات الحالة أمام زملائه :_
_ الهرويين ده يتحرس يا ابنى .
↚
خطت رانيا صوب تسنيم المتشنجة فى حالة من الشحتفة والدموع تملأ عيونها وهى تهدهدها فى هلع على هيئتها :_
_ انتى كويسة ...؟،ثم نظرت بإحتقار لببلاوى مضيفة:_
_ عملك حاجة الحيوان ده ...؟
علقت زيزي وهى تبسط يديها وتقبضهما لتفك تنميلهما أثر الاحبال وهى تصيح بإنفعال :_
_ محدش متخلف ولا حيوان غير الهانم دى .
عقدت رانيا ما بين حاجبيها بإستغراب للهجة زيزي ولكلماتها القاسية مستفهمة:_
_ فى أيه يا زيزي ....!!!!
كمشت زيزي وجهها بسأم وهى تحرك كفها صوب تسنيم بعصبية:_
_ الهانم ال انتى بعتهالى تساعدنى ،قرت بكل حاجة وودتنا فى ستين داهية،لولاش إن إياد دخل كان زمانى فى مصحة لعلاج الإدمان
نزعتها رانيا من بين أحضانها وهى تطالعها بعتاب ،فبررت تسنيم من بين عبراتها الساخنة :_
_ أنتى السبب
أثارت كلمات تسنيم النمر القابع بزيزي لتحملها لحماقاتها منذ لحظات ومع ذلك تلقى بلوم غبائها على رفيقتها ،فأنهالت زيزي بالضرب المبرح الهستيري على رفيقتها وقد فقدت سيطرتها على نفسها بشكل كلى ، فسحبت تسنيم من شعرها تجر بها البلاط المتسخ ،ورانيا تحاول تهدئتهم بينما إياد سبقهم إلى البوكس،هرع طارق بفزع على صراخ تسنيم الحاد وصوتها المجلجل للعمارة ،فجذبها خلفه ليحميها وهو يعنف زيزي بصرامة:_
_ مفيش حد مالى عينك ولا أيه...؟
لكمت زيزي طارق فى صدره بعنف وهى تخفض رأسها للمرور من أسفل رشغيه المعلقين على الحائط،تختبأ خلفهم تسنيم بأسنان مصتكة ورانيا تحاول تهدئتها:_
_ هأوو ويوم ما يملى عينى حد حتبقوا أنتوا يا شوية العرر
قالت رانيا بلهجة لائمة وهى تسير بصديقتها إلى الخلف :_
_ عيب كده يا زيزي تعالى معايا دلوقتى وأهدى
أضاف طارق فى تذمر وقد أحس بالإهانة :_
_ عرر ..؟، ما بلاش انتى يا بتاعة ببلاوى وحقطشعك .
زيزي بسخط :_
_ أه يا ابن الجزمة يا تربية الحو**
تقدمت تسنيم وهى تقاطعها بأعتراض:_
_ مسمحلكيش تشتميه ، ولمى نفسك
كزت زيزي على أسنانها مردفة :_
_ أنتى تخرسي خالص يا أوس البلاوى كلها أنتى والباندا البارد ال معاكى
لاحظ إياد تأخرهم فصعد للأعلى وسط المشاجرات وهو يقول بجدية ولوم :_
_ يا جماعة مش كده انتوا كبار مينفعش كده
هتفت تسنيم مدافعة عن نفسها:_
_ ده بدل ما تشكريني أنى رجعت لك بدل ما كنت أسيبك ليه زى الكلبة
أنزلتها زيزي أرضا ،لتفترش تسنيم الأرض وزيزي تصيح بجنون:_
_الظاهر انك مش حتسكتى الليلة غير لما تاخدى العلقة التمام
لم يستطع أحد تهدئة الأوضاع ،فرمق إياد ضباطه بإحباط قبل أن يقول فى حسم وهو يتأبط ذراع رانيا :_
_ هاتوهم وحصلونى
________________________________________________________________________________________
فى منزل حسام السنهورى
كانت الأجواء هادئة ورمانسية للغاية ،فقد أطفأت جميع أنوار المنزل للحصول على الراحة النفسية وكذلك لمشاهدة كرتون رابنزبول المدهش للتخفيف عن هبة وعنه هو الأخر من مشاغل الحياة وضغوط الدراسة،أسند حسام ظهره إلى مسند مرتبط بمقدمة سريره وهبة إلى جواره يأكلان سويا من التسالى من الفول السودانى والفشار واللب وغيرها ،وهما ينظران لشاشة العرض بشغف وطفولية أراد حسام تعويض زوجته عنها ، حتى أتى فاصل إعلانى ،فقال حسام وهو يمد يديه فى وعاء الفشار الواسع الشهى :_
_ تعرفى إنك فيكى شبه من رابنزبول..؟
تسائلت هبة بعبائتها المنزلية وهى تأزز اللب :_
_ إزاى يعنى..؟
رد حسام بغموض :_
_ يعنى إنطوائية وغامضة ودايما حابسة نفسك جوه دايرة معينة
علقت هبة وهى تتقدم بظهرها للأمام بيأس :_
_ مش يمكن لأن العالم بره قاسي جدا ،والناس حقودة وأنانية وشريرة ولما بيلاقوا أصغر شعاع من الشمس بيلمع لازم يتطفى(جملة شهيرة بالكرتون المشهور)
رمقها حسام بود ونشوة قبل أن يعقب بحكمة :_
_ العالم من غير إختلاط وصداقات وعلاقات وصدمات ميبقاش عالم يبقى ظلام بيبلع أى حاجة حلوة
↚
مطت هبة شفتيها بحزن متذكرة والدها وطفولتها التعيسة:_
_ أهى الصدمات دى هى ال بتخلينا طول الوقت مش حاسين بالأمان تجاه حد ودايما معالمنا تائهة،ثم واصلت بنبرة صوت واهنة يشوبها الإنكسار لأنك مبتبقاش متوقع أن أقرب الناس ليك ممكن يأذوك .
ضيق حسام عينيه فى مكر وقد فهم ما تفكر به فقال :_
_ مممم ،بس رابنزبول رغم أن الساحرة ال ربتها فهمتها انها والدتها وانقبلت عليها بعدين وكانت عاوزة تقص شعرها ال بيلمع ،إلا أن ربنا عوضها بيوجين .
إبتسمت هبة قبل أن تسأل فى خبث :_
_ تقصد أنك يوجينى...؟
وجه بصره صوبها وهو يقبض على كفيها الباردين :_
_ شايفة أيه ..؟
تنحنحت وهى تهم بالنهوض :_
_ أحم حقوم أصحى ماما تصلى القيام
أبقاها بقبضة يديه السمراء القاسية وهو يقربها إليه بحنان ، تقترب أنفاسهم فيه بقوة ،حتى أردفت فى إستفسار لذيذ وهى تنظر فى عمق عينيه بحب:
_ بتعمل أيه يا مجنون ..؟
ضمها إليه بحنان وهو يسحب الغطاء فوقهما قائلا بنشوة وإثارة:_
_ حوريكى أنوار السماء يا رابونزبليتي
فى مبنى القناة الفضائية:_
غدت الأمور سيئة للغاية فتسنيم لم تعد الأسكريبت الخاص بها(موضوع حلقتها) ،يجيش قلبها بمشاعر متناقضة واجمة لما حدث مع زيزي مساء الأمس لكنها فى ذات الوقت تتذكر توبيخاتها وتهكمها فزفرت تسنيم وهى تنظم بعض الأوراق الهامة ،جاذبة لإحدى الجرائد المستلقية على سطح مكتبها لتبحث عن أى موضوع إجتماعى لتلقيه فى أستديو التصوير ،أخذت تهز قدميها بتوتر لتأخيرها وفريق الإعداد والإضاءة يستعدون بينما تعالى هاتفها بالرنين ،جائها صوت رانيا المعاتبة لها على ما حدث بالأمس محاولة الإصلاح بين رفيقاتها بلين:_
قالت تسنيم بإعتراض وهى تزيح الملف جانبا :_
_ وهى متكلمنيش ليه تتأسف..؟
تنهدت رانيا مبررة :_
_ عشان أنتى ال غلطانة يا تسنيم
دقت تسنيم بالقلم الجاف على السطح الزجاجى للمكتب قبل أن تهتف :_
_ تانى حتقولى لى غلطانة،ثم زفرت بقوة قبل أن تضيف يا رانيا أنتوا دايما تتريقوا على وعملني الفاكهة بتاعة القعدة لحد ما أفقدتونى ثقتى بنفسي حتى الزفت الأسكريبت بتاع الحلقة ال كمان ساعة دى مش عارفة أكتبه ...!!
صححت رانيا مفهوم صديقتها قائلة :_
_ يا تسنيم أحنا لما بننقد حاجة فيكى فعشان احنا صحاب بجد ،ولو واحدة شافت عيب فى التانية تعدله مش تتغاضى عنه ونصقف لك ونقولك برافو....!!!
صمت لثوان وقد أحست بأن رنوشة على حق ،فقالت بإستسلام لتوبيخها :_
_ معاكى حق .
ندت من رانيا ضحكة قصيرة وهى تتذكر لقب زيزي:_
_ خلاص تعتذرى انتى والباندا هههههه على ال عملتوه
نفخت تسنيم بعصبية :_
_ انتى كمان حتقولى باندا أأووف
رانيا:_
_ أيه يا توتى بتقفشى على أقل حاجة ليه....؟
أعتذرت تسنيم بخجل لفرط مزاجيتها :_
_ معلش يا رنوش أعصابى تعبانة شوية ،حقفل عشان طارق جاي عليا أهو
أوقفتها رانيا قائلة بسرعة:_
_ أستنى أستنى بصى عندى حل هو ده الوحيد ال ممكن يخلى زيزي تسامحك على عملتك ههههه
تسنيم:_
_ قولى
رانيا بمرح :_
_ يوسف الصياد خلى طارق يكلمه ويقوله أنكم عاوزين تعملوا معاه لقاء بس فى المكتبة ال زوزة بتروحها .
إستفسرت تسنيم وهى تضع رأسها بين يديها :_
_ تمام وبعدين...؟
واصلت رانيا بحماس لفكرتها :_
_ وأنا حقنع زيزي إنها تروح .
تسنيم بخوف :_
_ أفرضى رفضت...!!
قالت رانيا بسخرية :_
_ ما تبطلى تشاؤم يا بنتى ،ليه مصممة تكونى أيقونة النكد فى الشلة هههههه ،وبعدين دى مجرد ما حتسمع أسم يوسف مش بعيد تنزل بالبيجامة انتى عارفة زيزي
إبتسمت تسنيم :_
_ حتقوليلى ،خلاص حقول لطارق يلا سلام بقى
فى المكتبة العامة :_
↚
القراء ملتفون حول طاولات خشبية ذات لون بنى لامع ،يطالعون بعض الروايات العالمية أو الكتب الأكاديمية ،مشرفة المكتبة تلقى بتنبيهاتها بين فينة وأخرى قائلة" الصوت من فضلكم،والتلفونات على وضع الصامت" ،إنها إحدى المكتبات التاريخية المرتبطة بالقاهرة وعبقها ،تجمع الكتب على مختلف أنواعها فمهما كان ما تبحث عنه لا بد وأن تجده فى ذلك المكان ،تمتد الحوائط الخشبية العازلة على طول الحجرة الكبيرة ،تستقر الكتب بين أرففها القديمة ،كانت زيزي عاشقة لذلك المكان لما له من قدسية فى قلبها،ولعشقها لعالم الأدب ودهاليزه المبهرة ،جلست فى ركن هادىء وبعيد وقد أتفقت مع أمينة المكتبة على كل شيء،ما أن وصل يوسف حتى رفعت لها أصبعها لتتقدم ،فهمت زيزي إلى ناحيته وهى تتصنع الشرود ،لم يلمح يوسف تسنيم فى قاعة الإطلاع فقرر قضاء وقت الإنتظار مع كتاب ثقافى لقتل الوقت ،وقفت زيزي على الناحية الأخرى للحائط الخشبى تنظر من بين ثغرات الكتب ليد يوسف حتى كبشت نفس الكتاب الممسك به قائلة بإستهبال:_
_ يوسف الصياد مش معقوووووووووووووول ،ده أيه الصدف الجامدة دى
رد يوسف الترحيب :_
_ اهلا يا أنسة زيزي ، ثم أضاف بإستغراب:_
_ بس هى مش صدفة غريبة شوية نتقابل فى نفس المكتبة وكمان نفس الكتاب
علقت زيزي بصوت خفيض وبنظراتها الهائمة وهى تطالع أناقته فى حالة من التوهان:_
_ أحم قولت أجرب تحويجة الروايات يمكن تنفع
أفاقها منها صوت يوسف الجاد:_
_ أفندم...؟
تنحنحت زيزي قبل أن تشير له للجلوس على الطاولة المعدة لهما فى أقصى شمال حجرة الإطلاع :_
_ تسنيم بتعتذر لظرف طارىء، وأنا جيت بدالها عشان أعمل معاك حوار لجريدة الحقيقة
سحب يوسف الكرسى المدور قبل أن يقول بذوق :_
_ اتفضلى
حاولت زيزي كسب بعض الوقت إلى جواره والإستمتاع بكل ثانية تجمعها به فتلك الثوان هى الأكثر بهجة فى حياتها كلها:_
_ فى شوية أسئلة بس حابة أعرفها على المستوى الشخصى وبعدين نبدأ الشغل ممكن بقى تقولى كيف بدأ الخلق...؟ ،لماذا جئنا إلى هذا العالم ..؟
عقب يوسف بسخط كبير خاصة لعدم إعتذار تسنيم منه هاتفيا وتقليلها من قامته ففتح فمه ليقول بإستهجان:_
_ وحضرتك بقى مسيبانى ال ورايا وال قدامى عشان تسألينى عن نشأة العالم ..؟
ردت زيزي بهدوء :_
_ فيها أيه يعنى ما أحنا بندردش خلاص بلاش السؤال ده طالما مزعلك ، وأخذت تفكر فى فتح موضوع معه حتى سقطت عينيها على ذراعها الممتلىء بالكدمات فأردفت وهى تضم شفتيها متصنعة الألم:_
أومأ يوسف بالإيجاب ،فهمست زيزي بنظرات شاردة فى جماله :_
_ وجعانى أوى .
يوسف بفظاظة :_
_ مش فاهم أعملك أيه يعنى...؟
صاحت زيزي بصدمة :_
_ أيه ده أنت مش حتبوس أيدي زى جاسر...؟،متخافش أنا مش مقشفة زى تهانى فى العشق الأسود حتى بص كده داهنة كريم إنما أوز اللوز.
لاحظت صمته المفاجأ وإتساع عينيه ، فحسست على ذراعها قبل أن تقول بإغراء ممزوج بالمزاح حتلاقى ملمس حريرى ناعم وعيونى بص عيونى كالليل المظلم ولو عاوزاها كالبحر الهادىء أنا ممكن أجيب لينسز وشعرى كستنائى بس مجهد شوية وثغرى وردى إزاى ،يعنى انثى الكمال
عقب يوسف بسخافة:_
_ أنتى هبلة يا بنتى ولا شكلك كده....؟
هتفت زيزي بحماس :_
_ أيه ده وكمان مميزة الله .....؟
زفر يوسف:_
_ عن إذنك مش فاضى للجنان ده عندى مواعيد مهمة
صححت زيزي من لهجتها:_
_ خلاص أخر سؤال والله بجد وحنبدأ الشغل .
يوسف:_
_ أتفضلى
تابعت زيزي بإعجاب وإنبهار :_
_أنا عجبتني أوى روايتك الأخيرة ،تقريبا كده أكتر رواية عجبتنى فى رواياتك
تسائل يوسف بفضول:_
_ أشمعنى...؟
أجابت زيزي بإرتياح تجس من خلفه النبض لشيء تفكر به منذ زمن:_
_ يعنى حاسة إن فيها نوع من الجرأة أن البطلة تعترف للبطل بحبها
لو ده حصل على أرض الواقع مثلا مثلا مع شاب رد فعله أيه.؟
فهم يوسف ما ترمى إليه ،فأقترب منها ليقول :_
_ بصى يا أنسة زيزي ،الحب حاجة جميلة جدا
زيزي:_
_ تمام
واصل يوسف بجدية أكبر :_
_ بس لو متبادلة يعنى ممكن الشاب ده يصدمها برد فعل مش متوقع يطلع بيحب أو متعقد أو مش فى دماغه الجواز ،وإعترافها ليه مش حيخليه يتراجع عن قراره كل ال حيحصل أنها حتنزل من نظر نفسها .
أحست زيزي: بالإحباط لكنها أصرت على السؤال وطرح كل ما فى ذهنها عليه :_
_ طيب وليه الشاب ميديش مساحة للطرف التانى مش يمكن يحبها..؟
رد يوسف بشفقة :_
_ ولو محبهاش..!،يبقى كسرها وعقدها..؟
لوت زيزي شفتيها بيأس:_
_ مش عارفة بس شايفة إن أحيانا بنظلم نفسنا بالقرارت المسبقة ،بيقرر من قبل ما يدخل فى العلاقة أصلا أنه مش حيحبها .
قال يوسف وهو يحتضن فنجان الشاي الساخن بين يديه بلهجة مريرة :_
_ مش مسبقة ولا حاجة بالعكس دى بتبقى تجارب واقعية مر بيها،ومش عاوز حد تانى ينذل بيها زى ما حصله .
رفضت زيزي نظريته معللة :_
_ بس الحب مش ذل ،ومش معنى إننا مرينا بتجربة صعبة يبقى كل الناس وحشيين..؟
إبتسم يوسف لسذاجتها ولأحلامها الوردية التى يخطها للمراهقين من أمقالها فى عالم الروايات الحالم المنتهى بسعادة وبنين ورفاق فقال :_
_ حقولك حاجة أو حدوتة صغيرة ،مرة كان فى نجار قال لابنه يجيب شاكوش ويدق المسامير فى الباب وبعدين يخلعهم.
هزت رأسها فى إهتمام ليستكمل قائلا:_
_ بعد ما خلعهم لقى الباب مشوه متحطم ومهما عمل مش حيرجع زى الاول تانى،ال عاوز أقولهولك إننا بنمر فى أى علاقة بحاجات صعبة كتير كل حاجة بتشيل جزء من روحنا وبتخلينا بعد كده غير صالحيين للأستخدام الأدامى ولا حتى قادرين نصدق أى أمال
زيزي برفض شديد:_
_ يعنى الشاب ده حيعيش مترهبن..؟
قال يوسف بتردد:_
_ مش بالظبط الفكرة كلها فى الحب الأول وبيت الشعر وما الحب إلا للحبيب الاول،مهما عمل بنفضل من وقت للتانى بنحن له .
زيزي بإندهاش من نظريته رغم كم الروايات الرومانسية الهائل التى لا تصدر إلا عن توم كروز وفلانتينو :_
_ بس الحب المفروض يكون للحبيب الأوفى والأصلح مش لحاجة عدت وماتت خلاص
يوسف بإقناع :_
_ معاكى ده المفروض والقلب والمشاعر عموما متعرفش لغة المفروض واللازم والمنطق ،متعرفش غير الحب وبس ،والحب الأول أول لمسة أول ضحكة أو مشاعر كتير جدا حلوة بنعيشها فطبيعى بنفتقدها ولو جربناها تانى مبتبقاش بنفس أول مرة مش نفس حماس ولا نفس الاندفاع.
ستله هاتفه بالرنين حتى غادر المكتبة على عجلة محددا لقاء أخر بينهما،لذهابه لندوة هامة مقامة تحت إشراف وزارة الثقافة
↚
فى منزل حسام السنهورى
+
كانت الأجواء هادئة ورمانسية للغاية ،فقد أطفأت جميع أنوار المنزل للحصول على الراحة النفسية وكذلك لمشاهدة كرتون رابنزبول المدهش للتخفيف عن هبة وعنه هو الأخر من مشاغل الحياة وضغوط الدراسة،أسند حسام ظهره إلى مسند مرتبط بمقدمة سريره وهبة إلى جواره يأكلان سويا من التسالى من الفول السودانى والفشار واللب وغيرها ،وهما ينظران لشاشة العرض بشغف وطفولية أراد حسام تعويض زوجته عنها ، حتى أتى فاصل إعلانى ،فقال حسام وهو يمد يديه فى وعاء الفشار الواسع الشهى :_
+
_ تعرفى إنك فيكى شبه من رابنزبول..؟
+
تسائلت هبة بعبائتها المنزلية وهى تأزز اللب :_
+
_ إزاى يعنى..؟
+
رد حسام بغموض :_
+
_ يعنى إنطوائية وغامضة ودايما حابسة نفسك جوه دايرة معينة
+
علقت هبة وهى تتقدم بظهرها للأمام بيأس :_
+
_ مش يمكن لأن العالم بره قاسي جدا ،والناس حقودة وأنانية وشريرة ولما بيلاقوا أصغر شعاع من الشمس بيلمع لازم يتطفى(جملة شهيرة بالكرتون المشهور)
+
رمقها حسام بود ونشوة قبل أن يعقب بحكمة :_
+
_ العالم من غير إختلاط وصداقات وعلاقات وصدمات ميبقاش عالم يبقى ظلام بيبلع أى حاجة حلوة
+
مطت هبة شفتيها بحزن متذكرة والدها وطفولتها التعيسة:_
+
_ أهى الصدمات دى هى ال بتخلينا طول الوقت مش حاسين بالأمان تجاه حد ودايما معالمنا تائهة،ثم واصلت بنبرة صوت واهنة يشوبها الإنكسار لأنك مبتبقاش متوقع أن أقرب الناس ليك ممكن يأذوك .
+
ضيق حسام عينيه فى مكر وقد فهم ما تفكر به فقال :_
+
_ مممم ،بس رابنزبول رغم أن الساحرة ال ربتها فهمتها انها والدتها وانقبلت عليها بعدين وكانت عاوزة تقص شعرها ال بيلمع ،إلا أن ربنا عوضها بيوجين .
+
إبتسمت هبة قبل أن تسأل فى خبث :_
+
_ تقصد أنك يوجينى...؟
+
وجه بصره صوبها وهو يقبض على كفيها الباردين :_
↚
_ شايفة أيه ..؟
+
تنحنحت وهى تهم بالنهوض :_
+
_ أحم حقوم أصحى ماما تصلى القيام
+
أبقاها بقبضة يديه السمراء القاسية وهو يقربها إليه بحنان ، تقترب أنفاسهم فيه بقوة ،حتى أردفت فى إستفسار لذيذ وهى تنظر فى عمق عينيه بحب:
+
_ بتعمل أيه يا مجنون ..؟
+
ضمها إليه بحنان وهو يسحب الغطاء فوقهما قائلا بنشوة وإثارة:_
+
_ حوريكى أنوار السماء يا رابونزبليتي
+
فى مبنى القناة الفضائية:_
+
غدت الأمور سيئة للغاية فتسنيم لم تعد الأسكريبت الخاص بها(موضوع حلقتها) ،يجيش قلبها بمشاعر متناقضة واجمة لما حدث مع زيزي مساء الأمس لكنها فى ذات الوقت تتذكر توبيخاتها وتهكمها فزفرت تسنيم وهى تنظم بعض الأوراق الهامة ،جاذبة لإحدى الجرائد المستلقية على سطح مكتبها لتبحث عن أى موضوع إجتماعى لتلقيه فى أستديو التصوير ،أخذت تهز قدميها بتوتر لتأخيرها وفريق الإعداد والإضاءة يستعدون بينما تعالى هاتفها بالرنين ،جائها صوت رانيا المعاتبة لها على ما حدث بالأمس محاولة الإصلاح بين رفيقاتها بلين:_
+
قالت تسنيم بإعتراض وهى تزيح الملف جانبا :_
+
_ وهى متكلمنيش ليه تتأسف..؟
+
تنهدت رانيا مبررة :_
+
_ عشان أنتى ال غلطانة يا تسنيم
+
دقت تسنيم بالقلم الجاف على السطح الزجاجى للمكتب قبل أن تهتف :_
+
_ تانى حتقولى لى غلطانة،ثم زفرت بقوة قبل أن تضيف يا رانيا أنتوا دايما تتريقوا على وعملني الفاكهة بتاعة القعدة لحد ما أفقدتونى ثقتى بنفسي حتى الزفت الأسكريبت بتاع الحلقة ال كمان ساعة دى مش عارفة أكتبه ...!!
+
صححت رانيا مفهوم صديقتها قائلة :_
+
_ يا تسنيم أحنا لما بننقد حاجة فيكى فعشان احنا صحاب بجد ،ولو واحدة شافت عيب فى التانية تعدله مش تتغاضى عنه ونصقف لك ونقولك برافو....!!!
+
صمت لثوان وقد أحست بأن رنوشة على حق ،فقالت بإستسلام لتوبيخها :_
+
_ معاكى حق .
↚
ندت من رانيا ضحكة قصيرة وهى تتذكر لقب زيزي:_
+
_ خلاص تعتذرى انتى والباندا هههههه على ال عملتوه
+
نفخت تسنيم بعصبية :_
+
_ انتى كمان حتقولى باندا أأووف
+
رانيا:_
+
_ أيه يا توتى بتقفشى على أقل حاجة ليه....؟
+
أعتذرت تسنيم بخجل لفرط مزاجيتها :_
+
_ معلش يا رنوش أعصابى تعبانة شوية ،حقفل عشان طارق جاي عليا أهو
+
أوقفتها رانيا قائلة بسرعة:_
+
_ أستنى أستنى بصى عندى حل هو ده الوحيد ال ممكن يخلى زيزي تسامحك على عملتك ههههه
+
تسنيم:_
+
_ قولى
+
رانيا بمرح :_
+
_ يوسف الصياد خلى طارق يكلمه ويقوله أنكم عاوزين تعملوا معاه لقاء بس فى المكتبة ال زوزة بتروحها .
+
إستفسرت تسنيم وهى تضع رأسها بين يديها :_
+
_ تمام وبعدين...؟
+
واصلت رانيا بحماس لفكرتها :_
+
_ وأنا حقنع زيزي إنها تروح .
+
تسنيم بخوف :_
+
_ أفرضى رفضت...!!
+
قالت رانيا بسخرية :_
+
_ ما تبطلى تشاؤم يا بنتى ،ليه مصممة تكونى أيقونة النكد فى الشلة هههههه ،وبعدين دى مجرد ما حتسمع أسم يوسف مش بعيد تنزل بالبيجامة انتى عارفة زيزي
↚
إبتسمت تسنيم :_
+
_ حتقوليلى ،خلاص حقول لطارق يلا سلام بقى
+
فى المكتبة العامة :_
+
القراء ملتفون حول طاولات خشبية ذات لون بنى لامع ،يطالعون بعض الروايات العالمية أو الكتب الأكاديمية ،مشرفة المكتبة تلقى بتنبيهاتها بين فينة وأخرى قائلة" الصوت من فضلكم،والتلفونات على وضع الصامت" ،إنها إحدى المكتبات التاريخية المرتبطة بالقاهرة وعبقها ،تجمع الكتب على مختلف أنواعها فمهما كان ما تبحث عنه لا بد وأن تجده فى ذلك المكان ،تمتد الحوائط الخشبية العازلة على طول الحجرة الكبيرة ،تستقر الكتب بين أرففها القديمة ،كانت زيزي عاشقة لذلك المكان لما له من قدسية فى قلبها،ولعشقها لعالم الأدب ودهاليزه المبهرة ،جلست فى ركن هادىء وبعيد وقد أتفقت مع أمينة المكتبة على كل شيء،ما أن وصل يوسف حتى رفعت لها أصبعها لتتقدم ،فهمت زيزي إلى ناحيته وهى تتصنع الشرود ،لم يلمح يوسف تسنيم فى قاعة الإطلاع فقرر قضاء وقت الإنتظار مع كتاب ثقافى لقتل الوقت ،وقفت زيزي على الناحية الأخرى للحائط الخشبى تنظر من بين ثغرات الكتب ليد يوسف حتى كبشت نفس الكتاب الممسك به قائلة بإستهبال:_
+
_ يوسف الصياد مش معقوووووووووووووول ،ده أيه الصدف الجامدة دى
+
رد يوسف الترحيب :_
+
_ اهلا يا أنسة زيزي ، ثم أضاف بإستغراب:_
+
_ بس هى مش صدفة غريبة شوية نتقابل فى نفس المكتبة وكمان نفس الكتاب
+
علقت زيزي بصوت خفيض وبنظراتها الهائمة وهى تطالع أناقته فى حالة من التوهان:_
+
_ أحم قولت أجرب تحويجة الروايات يمكن تنفع
+
أفاقها منها صوت يوسف الجاد:_
+
_ أفندم...؟
+
تنحنحت زيزي قبل أن تشير له للجلوس على الطاولة المعدة لهما فى أقصى شمال حجرة الإطلاع :_
+
_ تسنيم بتعتذر لظرف طارىء، وأنا جيت بدالها عشان أعمل معاك حوار لجريدة الحقيقة
+
سحب يوسف الكرسى المدور قبل أن يقول بذوق :_
+
_ اتفضلى
+
حاولت زيزي كسب بعض الوقت إلى جواره والإستمتاع بكل ثانية تجمعها به فتلك الثوان هى الأكثر بهجة فى حياتها كلها:_
+
_ فى شوية أسئلة بس حابة أعرفها على المستوى الشخصى وبعدين نبدأ الشغل ممكن بقى تقولى كيف بدأ الخلق...؟ ،لماذا جئنا إلى هذا العالم ..؟
+
عقب يوسف بسخط كبير خاصة لعدم إعتذار تسنيم منه هاتفيا وتقليلها من قامته ففتح فمه ليقول بإستهجان:_
+
_ وحضرتك بقى مسيبانى ال ورايا وال قدامى عشان تسألينى عن نشأة العالم ..؟
+
ردت زيزي بهدوء :_
+
_ فيها أيه يعنى ما أحنا بندردش خلاص بلاش السؤال ده طالما مزعلك ، وأخذت تفكر فى فتح موضوع معه حتى سقطت عينيها على ذراعها الممتلىء بالكدمات فأردفت وهى تضم شفتيها متصنعة الألم:_
+
أومأ يوسف بالإيجاب ، فهمست زيزي بنظرات شاردة فى جماله :_
+
_ وجعانى أوى .
+
يوسف بفظاظة :_
+
_ مش فاهم أعملك أيه يعنى...؟
+
صاحت زيزي بصدمة :_
+
_ أيه ده أنت مش حتبوس أيدي زى جاسر...؟،متخافش أنا مش مقشفة زى تهانى فى العشق الأسود حتى بص كده داهنة كريم إنما أوز اللوز.
+
لاحظت صمته المفاجأ وإتساع عينيه ، فحسست على ذراعها قبل أن تقول بإغراء ممزوج بالمزاح حتلاقى ملمس حريرى ناعم وعيونى بص عيونى كالليل المظلم ولو عاوزاها كالبحر الهادىء أنا ممكن أجيب لينسز وشعرى كستنائى بس مجهد شوية وثغرى وردى إزاى ،يعنى انثى الكمال
+
عقب يوسف بسخافة:_
+
_ أنتى هبلة يا بنتى ولا شكلك كده....؟
+
هتفت زيزي بحماس :_
+
_ أيه ده وكمان مميزة الله .....؟
+
زفر يوسف:_
+
_ عن إذنك مش فاضى للجنان ده عندى مواعيد مهمة
+
صححت زيزي من لهجتها :_
+
_ خلاص أخر سؤال والله بجد وحنبدأ الشغل .
+
يوسف:_
+
_ أتفضلى
+
تابعت زيزي بإعجاب وإنبهار :_
+
_أنا عجبتني أوى روايتك الأخيرة ،تقريبا كده أكتر رواية عجبتنى فى رواياتك
+
تسائل يوسف بفضول :_
+
_ أشمعنى...؟
+
أجابت زيزي بإرتياح تجس من خلفه النبض لشيء تفكر به منذ زمن :_
+
_ يعنى حاسة إن فيها نوع من الجرأة أن البطلة تعترف للبطل بحبها
↚
لو ده حصل على أرض الواقع مثلا مثلا مع شاب رد فعله أيه.؟
+
فهم يوسف ما ترمى إليه ، فأقترب منها ليقول :_
+
_ بصى يا أنسة زيزي ،الحب حاجة جميلة جداً
+
زيزي:_
+
_ تمام
+
واصل يوسف بجدية أكبر :_
+
_ بس لو متبادلة يعنى ممكن الشاب ده يصدمها برد فعل مش متوقع يطلع بيحب أو متعقد أو مش فى دماغه الجواز ،وإعترافها ليه مش حيخليه يتراجع عن قراره كل ال حيحصل أنها حتنزل من نظر نفسها .
+
أحست زيزي بالإحباط لكنها أصرت على السؤال وطرح كل ما فى ذهنها عليه :_
+
_ طيب وليه الشاب ميديش مساحة للطرف التانى مش يمكن يحبها.. ؟
+
رد يوسف بشفقة :_
+
_ ولو محبهاش..!،يبقى كسرها وعقدها..؟
+
لوت زيزي شفتيها بيأس:_
+
_ مش عارفة بس شايفة إن أحيانا بنظلم نفسنا بالقرارت المسبقة ،بيقرر من قبل ما يدخل فى العلاقة أصلا أنه مش حيحبها .
+
قال يوسف وهو يحتضن فنجان الشاي الساخن بين يديه بلهجة مريرة :_
+
_ مش مسبقة ولا حاجة بالعكس دى بتبقى تجارب واقعية مر بيها،ومش عاوز حد تانى ينذل بيها زى ما حصله .
+
رفضت زيزي نظريته معللة :_
+
_ بس الحب مش ذل ،ومش معنى إننا مرينا بتجربة صعبة يبقى كل الناس وحشيين..؟
+
إبتسم يوسف لسذاجتها ولأحلامها الوردية التى يخطها للمراهقين من أمقالها فى عالم الروايات الحالم المنتهى بسعادة وبنين ورفاق فقال :_
+
_ حقولك حاجة أو حدوتة صغيرة ،مرة كان فى نجار قال لابنه يجيب شاكوش ويدق المسامير فى الباب وبعدين يخلعهم.
+
هزت رأسها فى إهتمام ليستكمل قائلا:_
+
_ بعد ما خلعهم لقى الباب مشوه متحطم ومهما عمل مش حيرجع زى الاول تانى،ال عاوز أقولهولك إننا بنمر فى أى علاقة بحاجات صعبة كتير كل حاجة بتشيل جزء من روحنا وبتخلينا بعد كده غير صالحيين للأستخدام الأدامى ولا حتى قادرين نصدق أى أمال
1
زيزي برفض شديد:_
+
_ يعنى الشاب ده حيعيش مترهبن..؟
+
قال يوسف بتردد:_
+
_ مش بالظبط الفكرة كلها فى الحب الأول وبيت الشعر وما الحب إلا للحبيب الاول،مهما عمل بنفضل من وقت للتانى بنحن له .
+
زيزي بإندهاش من نظريته رغم كم الروايات الرومانسية الهائل التى لا تصدر إلا عن توم كروز وفلانتينو :_
+
_ بس الحب المفروض يكون للحبيب الأوفى والأصلح مش لحاجة عدت وماتت خلاص
+
يوسف بإقناع :_
+
_ معاكى ده المفروض والقلب والمشاعر عموما متعرفش لغة المفروض واللازم والمنطق ،متعرفش غير الحب وبس ،والحب الأول أول لمسة أول ضحكة أو مشاعر كتير جدا حلوة بنعيشها فطبيعى بنفتقدها ولو جربناها تانى مبتبقاش بنفس أول مرة مش نفس حماس ولا نفس الاندفاع.
+
ستله هاتفه بالرنين حتى غادر المكتبة على عجلة محددا لقاء أخر بينهما، لذهابه لندوة هامة مقامة تحت إشراف وزارة الثقافة
+
فى قسم مدينة نصر
+
جلس إياد المتقدم بطلب لنقله من الأداب إلى قسم مكافحة المخدرات فقط للإستفراد ببلاوى، تجلس حبيبته على الطرف الأخر وقلبها يخفق من شدة الخوف والَإضطراب وهى تدقق النظر فى ببلاوى متذكرة أحداث تلك الليلة المظلمة ، تتمدد أوراق القضية على سطح المكتب ،فيما قطع إياد أجواء الصمت قائلا وهو يطالع ببلاوى بتساؤل:_
+
_ أنت عارف القضية دى فيها كام سنة سجن..؟
+
هز ببلاوى فى نفى ، فتابع إياد بجدية :_
+
_ دى مش قضية تعاطى حتاخد فيها سنة ولا حاجة لالا ،بالكميات الكبيرة المظبوطة فى شقتك دى حتبقى قضية رأى عام لأنك بتدمر مستقبل جيل بحاله
+
كانت أقدام ببلاوى تهتز فى توتر حتى واصل إياد وهو يرفع حاجبيه فى ظفر:_
+
_ يعنى بالميت مده نصف عمرك حتقضيه بين أربع جدران،وكل ده ليه عشان أنت مش متعاون معايا .
+
ببلاوى بنفس إصراره فقد أخبر محاميه بضرورة التقاء مع معتز لتأمين حياته:_
+
_ بس أنا فعلا معرفهاش ده هى ليلة عابرة كده يعنى وهى ال جت برجليها
+
إعترضت رانيا بإستهجان:_
+
_كداب ،ده كلب معتز أكيد هو ال وصاه يقول كده.
+
تنهد إياد قبل أن يقول بجدية :_
+
_ ممممم ،بص أنا مفيش حاجة بكرهها قد الكدب
+
علق ببلاوى بثقة كبيرة :_
+
_ حضرتك حتصدقها يا بيه وتكدبنى ، دى ولية خرفانة وبترمى بلاها عليا
+
كزت رانيا على أسنانها بغيظ وهبت لتلكمه لكن حركة إياد المفاجأة أوقفتها حين قذف وهو على كرسيه الجلدى الزيتي دفتر زيتونى بقسوة فى وجه ببلاوى وهو يقول بإستنكار :_
+
_ وحسابك ال أنضاف لله بتاريخ 2/4 ،2 مليون جنيه و ده نفس اليوم ال أتقبض عليك فيه ده كمان بيخرف ...!!
+
صعقت رانيا لكلمات إياد والتى لم يصارحها بها من قبل ،ففتحت فمها للتعقيب بإندهاش لكن إياد أشار لها وهو يضع سبابته على طرف أنفه لتؤجل الحديث وأستطرد ببلاوى بتلعثم:_
+
_ دى دى صدفة يا باشا
+
أقترب إياد بكرسيه الدوار من المكتب مضيقا عينيه فى خبث ممزوج بوعيد :_
+
_ نفس الصدفة ممكن تخليك تخسر روان بنتك ،أتسعت عينى ببلاوى بذعر حتى واصل إياد متنهدا:_
+
_ حادث سير بسيط جدا لا من شاف ولا من درى...!!
+
كان ببلاوى على وشك الإعتراف بما حدث فى تلك الليلة المقيتة لكنه تذكر تهديد معتز له بالقتل أن تفوه بحرف،فأردف بإضطراب:_
+
_ مش حتكلم غير فى حضور المحامى بتاعى
+
لوى إياد شفتيه بإستسلام وهو يضغط على زر الإستدعاء قائلا :_
+
_ حقك ،خده على الحبس يا ابنى
+
بعد مرور لحظات إلتفت إياد لرانيا بزيه الرسمى قائلا بهدوء وإنتصار:_
+
_ كده الخطة أ خلصت ،ببلاوى سواء أعترف بال حصل فى الليلة دى أو معترفش حياخد جزائه ،قضية الإتجار دى لو محامى عالمى طالما فى حالة تلبس مش حيعرف يخرجه منها.
+
لامته رانيا بوجوم:_
+
_ أزاى يبقى معاك دليل برائتى ومتأكد منه وتسيبنى فى أكتر وقت محتاجة لك فيه وتذلنى...!!
+
عاد إياد بظهره المشدود الرياضى للخلف وهو يشبك كفيه خلف رأسه معلقا فى تبرير:_
+
_ بصى يا رانيا منكرش إنى فى البداية صدقت خصوصا إنى شوفتك بعينى، وكمان اللعبة كانت معمولة بمهارة عالة جدا ،بعد ما هديت بمدة بدأت أبحث فى الموضوع تانى خصوصا لما تعبتى اليوم ال قابلتك فيه فى شركة معتز ،حسيت أن قهرتك دى بسبب سوء ظنى فبدأت أدور فى الأدلة والأوراق تانى وأكثف البحث .
+
رانيا بإعجاب :_
+
_ مممم يعنى اليوم ال كنا فيه على النيل أنت كنت عارف إنى بريئة
+
إبتسم إياد بعذوبة:_
+
_ صحابك لما كلمونى الصراحة يعنى قالوا لى إنها حفلة على الضيق لتسنيم وكده ونفسهم أشاركهم ،بس أنتى طبعا عارفة تسنيم مبتكملش الحلو للأخر وقعت بلسانها بس أنا عملت عبيط عشان أشوفك
+
ضحكت رانيا بإستغراب :_
+
_ أتاريك كنت حنين أوى وتقولى ريحانة وغزالتك رايقة
+
بادلها الإبتسامة قائلا بأمواج ثائرة فى عينيه:_
+
_ يعنى أخدت هدنة اليوم ده والهدنة خلصت النهاردة..!!
↚
رانيا بعدم فهم :_
+
_ تقصد أيه..؟
+
أردف إياد وهو يسند ذقنه بين يديه قائلا بغموض أكبر :_
+
_ وقت العودة للملاعب بدأ، إزداد بهوت ملامحها فقال قدام شوية حتفهمى
+
أما فى منزل زيزي البدرواى:_
+
كانت شوقية فى إحدى الأسواق القريبة تشترى بعض مستلزمات المنزل بينما مرام فى يوم عطلتها الأسبوعى تؤدى مهمتها الروتينية فى تلميع النوافذ الزجاجية وغسيل الملابس المتسخة المكومة طوال الأسبوع ، أما زيزي فعادت من عملها منذ قليل تجدد طاقتها بالمياه الساخنة فى المرحاض لترتدى البرنس او المنشفة القطنية الكبيرة ممشطة شعرها المبتل أمام المرأة وهى تفكر فى يوسف وحديثهما الأخير ،حتى دخلت عليها مرام قائلة بإجهاد:_
+
_ خلاص الشقة كلها خلصت مش باقى بقى غير الرز بقى تابعيه على النار ،عشان فى فيلم حيبدأ مستنياه بقالى سنة وخايفة أنسى الأكل.
+
ردت زيزي بلهجة لذيذة :_
+
_ ما تابعيه أنتى وتخليكى جدعة
+
مرام بغيظ:_
+
_ أنتى فاكرة نفسك عايشة فى فندق، ما تخليكى فرد فعال فى الجماعة ومنتج بدل الأنتخة دى
+
علقت زيزي وهى ترتدى النصف العلوى من المنامة الحمراء :_
+
_ بصى أنا راجعة تعبانة جدا ومش فايقة لنظريات الأقتصاد بتاعة كليتك دى وبجد مش قادرة وعندى شغل قد كده ولو الأكل أتحرق أمك حتنفخنا .
+
أومأت مرام بالموافقة :_
+
_ماشى ثم أضافت :_
+
_ بس بشرط فى فيلم هندى جاى الليلة تسمعيه معايا
+
زيزي بمرح:_
+
_ والله على حسب البطل مين..؟
+
أردفت مرام بسعادة:_
+
_ شاروخان .
+
هتفت زيزي بنشوة مصطنعة :_
+
_ ياس قشطة عليكى ،بس روحى دلوقتى أعملى الأكل قبل ماما ما تيجى
+
ما أن ولجت مرام خارج الغرفة حتى تسللت زيزي للتسريحة ممسكة بهاتفها الخلوى بإندفاع لمحادثة يوسف لتجديد اللقاء بينهما تحت مسمى العمل ،أعطاها جرس عدة مرات دون إجابة ففتحت الكاميرا الخاصة بها لتخرج ذاكرتها المحملة بصور الندوة لتشبكها فى اللاب توب لكى ترفعها على الموقع الإخبارى لجريدتهم ،وبعد أن أنتهت من أعمالها المستعجلة أتصلت على يوسف فجائها صوته الرجولى الهادىء:_
+
_ أزيك يا أنسة زيزي
+
ردت عليه متصنعة الحزن :_
+
_ مش تمام من ساعة أخر مرة كنا فى المكتبة
+
أردف بإستغراب:_
+
_ أيه...!!
+
أجابت بتلقائية مرحة :_
+
_ يعنى عاوزنى أقولك تمام وأكدب عليك ،وأنا نفسيتي مدمرة ..؟
+
يوسف بذهول :_
+
_ليه بس...؟
+
زيزي بوجوم :_
+
_ المقابلة اتخصم منى عشان معملتهاش فى اليوم ده
+
وبينما زيزي تواصل حديثها مع يوسف فى حالة من الإنعزال عن كل العالم ،وهى تشعر بالنشوة وكأن صوته مضاد للإكتئاب ،تعالى صويت والدتها بإنفعال وهى تصيح بعصبية :_
+
_ طبعا ما أنا مخلفة شوية بقر قاعدين لى على الروايات والهندى طول الوقت
+
قالت مرام بصوت متلجلج:_
+
_ صدقينى نسيته والله
+
فصاحت شوقية بنبرة حادة متجهة لغرفة زيزي :_
+
_ العيب مش عليكى ،العيب على الكبيرة المايلة ال فى سنها فاتحين بيوت ومعاهم عيال وهى نايمالى على نفسها هى فييييييين ...؟
+
تناهى الصراخ وكلمات شوقية لأذن زيزي التى غمغت بإعتراض:_
+
_ بنتك حرقت الرز بتمنشنيلي أنا فى الشتيمة ليه ، حسبي الله فى ده بيت
+
علق يوسف على الخط بإرتياب:_
+
_ بتقولى حاجة يا أستاذة زيزي...!!!
+
إقتحمت والدتها الباب وهى تهم للإنقضاض عليها بعيون جمرية فصاحت زيزي بتوتر وضيق :_
+
_ أقفل دلوقتى عشان الحرب العالمية التالتة بدأتــ يالهووووو
+
فى الكافيه
+
تلاقت الرفيقات فى الكافيه المعتاد لهم ،لبدء فعاليات النميمة الأسبوعية،تقص عليهم رانيا ما حدث منذ قليل فى شغف وسعادة لعودة ثقة إياد مجددا بها ، بينما زيزي غدت شاردة تعبث فى هاتفها ،كانت هبة فى فستانها الواسع الطويل تستمع فى تركيز وإلى جوراها تسنيم بشراهتها تلتهم طبق مقرمشاتها المفضل ، حتى قالت هبة بإنبهار :_
+
_ إياد ده محصلش بجد ،يا بختك بيه
+
توردت وجنتى رانيا ثم أضافت لتغير مجرى الحديث ولجس الأوضاع :_
+
_ إياد ال محصلش ولا حسام...؟
+
علقت هبة بخجل :_
+
_ مش معنى..؟
+
شاركتهم تسنيم بتلقائية:
↚
_ يعنى اتغيرتى 180 درجة ،من بناطيل لفساتين وكمان إتحجبتى لا لا أكيد دى من عجايب الدنيا التامنة
+
تابعت رانيا فى فضول :_
+
_ الحب يا ستى بيعمل المعجزات
+
إبتسمت هبة قبل أن تواصل وهى ترتشف النسكافيه الساخن :_
+
_ لو جيتوا للحق هو يتحب إنسان محترم وحنين وذوق بغض النظر عن والدته يعنى
+
صفقت تسنيم بحماسة :_
+
_ هبة الشرقاوى وقعت ولا حدش سمى عليها
+
غمزت هبة بعينيها بمكر :_
+
_ عقبالك ما تقعى مع طروق
+
قالت تسنيم :_
+
_ طارق هههه ،يجنن بس مشكلته فى شخصيته الضعيفة بس
+
لاحظت رانيا غياب زيزي عنهم وتوهانها فتسائلت:_
+
_ مالك يا زيزي مسهمة كده ليه. .؟ ، أنتى خارجة عشان تقعدى معانا ولا مع التلفون..؟
+
أجابت زيزي وهى تحدق فى شاشة هاتفها بتركيز :_
+
_ فى كام سؤال وجودى شغلنى كده .
+
هتفت هبة بفضول :_
+
_ قولى يا فيلسوفة
+
ردت زيزي بتساؤلات ممزوجة بالمرح :_
+
_ من ساعة ما قعدنا وكل واحدة بتتكلم عن الجو بتاعها وأنا قاعدة كده وكمان فى الشغل هو انا ليه محدش فى يقولى من أول مرة شوفتك فيها حبيتك وواقع فى غرامك ومبنامش الليل والجو ده زي ما حصل مع تسنيم..؟،ليه ابن خالتى مش فى الجيش أو الكويت وبستنى إجازته عشان أشوفه وفى الأخر يطلع بيحب ويقولى خلينا أخوات وأنتحر وكده..؟،ليه مش بيجي لى كام شوكولاتاية من المعفنة دى أم 3 ج وأعمل على الفيس أشعر بالسهوكة ..؟،ليه ممشتش مع واحد وفى الأخر جالى واحد بكرش وفى الأخر أهلى غصبونى عليه ...؟
+
ندت من رانيا إبتسامة عابثة :_
+
_ لا حول الله حالتك متأخرة ههههه
+
قالت هبةفى تهكم :_
+
_ يا حرام الروايات لحست عقلك ههههههه
+
أردفت زيزي بسخرية :_
+
_ هو أنا مش حعيش الحاجات ولا أحسها ولا أحنا مش قد المقام يا أبو صلاح هههههه
+
أستفسرت تسنيم بإستهجان :_
+
_ ليه هو يوسف نفض لك...؟
+
لوحت زيزي بكبشتها :_
+
_ مش بالظبط كده
+
نصحتها تسنيمفى تحفيز :_
+
_ أوعى تيأسى
+
سخرت هبة :_
+
_ تيأس...!!، دى زيزي يا بنتى والأجر على الله
+
قالت زيزي بإرتياب :_
+
_ لا طبعا مش بالسهولة دى ،الفكرة بس أنه غامض وغريب شوية بس على مين أنا حفك شفرته
+
رانيا :_
+
_ إزاى ..؟
+
لوت زيزي فمها قبل أن تستفسر :_
+
_ البداية من عندك ،سألتيلي إياد عن محل سكنه ..؟
+
أومأت رانيا بالإيجاب ،فواصلت زيزي :_
+
_ كده أقدر أبدأ من موقع الحدث
+
نكشتها هبة :_
+
_ أوعى تتهورى يا زوزة وتخطفيه هههههههههه
+
ضحكت زيزي قائلة بإندفاع:_
+
_ لا الموضوع ده اتهرس فى 100 فيلم أنا حبدأ رحلة تحرياتى عنه وحوقعه يعنى حوقعه ،أمال انتوا فاكرينى زى تسنيم وباندتها هههه
+
تسنيم:_
+
_ لا خفيفة يا بت ،على الأقل طارق بيحبنى وخطوبتنا الاسبوع الجاى الدور والباقى عليكى
+
هناتها رفيقاتها فى سعادة
+
فى شركة معتز
+
إزدادت الأوضاع سؤءا،فألغى معتز جميع تعاقداته لذلك اليم والتفكير يكاد أن يفجر رأسه كيف سيخرج نفسه من تلك الكارثة..؟، ماذا لو أعترف ببلاوى..؟، هل ستكون نهاية عائلة الحديدى بشىء كهذا..؟، كما أن الصحف قد تسرب إليها الخبر وهم الأن يقفون أمام شركته فى مجموعات متناثرة بمعداتهم ،لا يعرف ان خرج لهم ماذا سيقول ،لا حل له سوى حماه كريم الحلفاوى أتصل به ينجده لكن رده كان صادما للغاية:_
+
_ المرة دى مش حقدر أتدخل ،انا مش عاوز شوشرة يا معتز ،داخل إنتخابات أهم حاجة فيها السمعة
+
قال معتز بقلق :_
+
_ بس يا كريم بيه الضغط عليه كبير جدا أنا خايف يعترف..؟
+
أردف كريم خاصة بعد شكوى ابنته المتكررة من خطيبها المهمل بلهجة غير مبالية :_
+
_والله دى مش مشكلتى ،المرة ال فاتت ساعدتك عشان نفين اسمها ميجيش فى الموضوع لكن المرة دى خارج سيطرتى
+
أستأذن معتز لدخول المحامى متسائلا بتوتر:_
+
_ ها عملت أيه..؟
+
رد المحامى بإستياء:_
+
_الأخبار كلها سيئة جدا للأسف
+
علق معتز بتحفيز :_
+
_ حزود لك العمولة بس طلعه برأة بأى طريقة ،ببلاوى يعرف عنى حاجات كتير لو قالها حتبقى نهاية الحديدى
+
أعترض المحامى بيأس :_
+
_ المشكلة مش فى الاتعاب المشكلة المرة دى فى الرائد ال متابع القضية،حرر له قضيتين واحدة خطف والتانية إتجار
+
أزاح معتز بكلتا يديه الأشياء القابعة على سطح المكتب بهستيريا وهو يصيح فى إحباط ممزوج بالهلع واليأس :_
+
_ أطـــــــــــــــــــلع بره
+
هاتف ياسر دراعه الأيمن عبر الهاتف الداخلى للعمل وهو يأمره بصرامة وحزم :_
+
_ الليلة التصفية تتم بشكل طبيعى ،ثم واصل وأتعابك متقلقش عليها بس الأول أضمن أنك مش حتسيب أثر ،لأنه حيكلفك حياتك كلها
+
مكتب حسام
+
مدت الشمس خيوطها الذهبية لتدفئة ساحة الجامعة قرب وقت الظهيرة ،كان الحضور كثيفا فى ذلك اليوم لرؤية النتائج بشغف أو رهبة،أتصل حسام على حبيبته ليبارك لها على تقديراتها المرتفعة فى نشوة، تشكره على دعمه الدائم لها وكذلك إستيقاظه لأوقات متأخرة أيام امتحانتها بالرغم من إرهاقه ،وبينما هم فى حديثهم الرومانسى السعيد ،دلفت ولاء بهيئة مضطربة إلى الحجرة ،فأستأذن حسام من زوجته لإغلاق الهاتف ،فقالت ولاء بغضب :_
+
_ ينفع كده بقى هبة تجيب 20 وأنا 11
+
رد حسام بمنطقية :_
+
_ كل واحد بياخد على قد مجهوده يا ولاء
+
عقبت ولاء فى سخط:_
+
_ مجهوده ولا خبرته
+
أردف حسام بإنفعال لتعرضها لشرف زوجته:_
+
_ أخرسى وألزمى حدودك
+
ندت منها إبتسامة ساخرة قبل أن تتابع بغل:_
+
_ كان لازم أتوقع ده ما هى عرفت تعمل ال أنا معرفتش أعمله بقالى 3 سنين وتوقعك...!!!
+
واصل حسام بعدم تصديق للهجتها الغريبة :_
+
_ يا أما شاربة حاجة يا أما أتجننتى، اطلعى بره مش فاضى للتفاهات دى
+
هتفت فى إستياء وهى تلوح بكفها :_
+
_ مشاعرى تفاهات ...!! ،من أول يوم فى أولى وأنا معجبة بيك وطول الوقت بلمح لك وأنت عامل مش واخد بالك وتقلان عليا
+
تسائل بإندهاش مموج بالحيرة:_
+
_ تقلان عليكى أيه ..؟،وبعدين مش دي صاحبة عمرك ال جيتي لى عشان أساعدها...!!!
↚
لوحت بكفها بإستنكار:_
+
_ أديك قولت تساعدها مش تتجوزها.
+
عقب حسام مدافعا ًعن زوجته وهو يعربإستهجانه لتصرفات ولاء:_
+
_ عارفة أتجوزتها ليه..؟،لإنى بحبها لإنها نضيفة من جوه مش ب 100 وش زيك
+
رفعت حاجبيها فى سخط ممزوج بالحقد:_
+
_ يا ترى بقى هى كمان بتحبك...!!
+
زفر بحنق لحشريتها :_
+
_ دى حاجة متخصكيش
+
صاحت بحدة وهى تقترب من مكتبه مستنكرة :_
+
_ فوق يا حسام فوق هبة عمرها ما حبتك
+
لامست كلماتها الوتر الحساس فى قلبه فلم يستطع التحكم فى نفسه حتى صفعها بتذمر :_
+
_ غورى من وشى
+
وضعت كفها على وجنتيها المكتنزتين لتقول بإنتقام :_
+
_ مش مصدقنى روح شوف الحبوب ال بتخدها كل يوم قبل النوم
+
فى عمارة يوسف الصياد
+
لم يكن يوسف محبا للضوضاء ولا للتجمعات الكثيرة ،فأختأر ان يسكن بإحدى الشقق فى مدينة أكتوبر حيث الهدوء والراحة ،كانت زيزي فى تلك الأثناء فى طريقها إلى بيته حيث تنكرت فى زى إمرأة طاعنة فى السن ،وساعدها على ذلك الشعر الصناعى الأبيض وعبائتها السوداء المهلهة المتسخة ،يسبق خطواتها عكاز خشبي أعرج ، وقفت لثوان تطالع واجهة المبنى الملونة باللون الطوبى الدافىء يجلس على مصطبة قريبة منها البواب عتريس ،أقتربت منه بعصاها وهى تنهج فسألها عتريس:_
+
_ أيوة يا حجة عاوزة مين.. ؟
+
أجابت عليه من بين أنفاسها المتقطعة :_
+
_ ابنى فرغلى فى الدور التالت
+
عقد عتريس بإستغراب ما بين حاجبيه :_
+
_ بس مفيش حد هنه بالاسم ده ، تلاقيه فى العمارة ال حدانا
+
قالت زيزي بثقة :_
+
_ لع هو فى الحداية ال هنا دى
+
نفى البواب بإصرار:_
+
_ لا يا أمى ال هنا فى الدور التالت أستاذ يوسف الصياد
+
لكزته بعصاها فى مرح وسعادة حاولت مدراتها فى تمثيل الإعياء:_
+
_ حد يسيب أمه واجفة جده ، رمقها عتريس بإرتياب فواصلت وهى ترمى بنظراتها فى مدخل العمارة فى إرهاق مصطنع:_
+
_ أنتى حتجف تبصلى كتير جده ،ناولنى الكرسي ال هناك ده إلهى يسترك لأحسن جاية من البلد منيش شايفة جدامى
+
أحضر لها المقعد بعد ثوان وهو يرتشف الشاى الساخن قائلا:_
+
_ وأنتى مننو عزبة..؟
+
أجابت بسخرية تصنعه بإنه أستاذ بالجغرافيا وسيعرف حقا معقبة :_
+
_بلد جنب أسيوط اسمها السحر الأسود
+
عتريس بإندهاش وهو يضع كوب الشاى على منضدة خشبية مربعة :_
+
_ أول مرة أسمع عنيها .
+
تابعت زيزي بنفس جديتها وهى تتذكر لهجة الصعيد فى سلسال الدم:_
+
_ دى حكاية طويلة ،ثم ستلت المشروب وعتريس يحدجها بقلق أزالته:_
+
_ معلش يا ابنى بجالى 13 ساعة فى القطر وخرمانة
+
قال عتريس فى إستجاواب :_
+
_ وأيه حكاية البلد دهي
+
ردت زيزي بخوف زائف وجسد يرتعس وهى تلوى فمها:_
+
_ إتسمت جده لأن فيها سحر بيحرج البيوت ،وبيتى إنحرج عشان جده جيت القاهرة عشان أعيش مع فرغلى
+
حك عتريس فروة رأسه محاولا إستيعاب حديثها ثم علق:_
+
_ بس هنه دى شقة يوسف الصياد
+
كادت زيزي أن تشرق حيث توقف الشاى فى زورها ،لتسعل بحماس وهى تمسك كف عتريس:_
+
_ عليك نور أحكى لى عنه شوية
+
هب عتريس بإضطراب:_
+
_ ليه أنت مباحث ومتخفى...؟
+
أجلسته زيزي بعاتها وهى تزغده:_
+
_ أجعد يا عثمان _كما الأعتقاد الشعبي السائد لاسم البواب) ،بجى المباحث حتجعد تخمس معاك فى الشاى
+
حك رأسه :_
+
_ أيوة صوح، محسوبك عتريس ، أمال بتسألى عن يوسف بيه ليه ..؟
+
عقبت زيزي بتهكم :_
+
_ حتبناه يا عتريس بدل فرغلى ال مات
+
إبتسم عتريس على خفة دمها فواصلت :_
+
_ متخفش مرحش أأذيه ، بس جولى هو فوق دلوقتى ..؟
+
نهض عتريس مجددا فى ذعر :_
+
_ ست أنتى أنا مش مستريح لك ، لكزته مجددا بعصبية:_
+
_ جرى أيه يا عتريس حبلعك يعنى ،بندردش الدردشة حرمت...؟
+
هز رأسه وهو يدقق النظر فى لوحة رقمية مقتربة قائلا:_
+
_ أهو يوسف بيه جه أهو
+
سحبته من ياقة العباءة لتقول مضيقة عينيها:_
+
_ عتريس أنا حدخل الأسانسير دلوجيت مع يوسف أول ما أدخل والباب يتقفل عطل الكهرباء
+
تلجلج عتريس :_
+
_بس بس ــــ
+
قاطعته بحماسة:_
+
_ مراتك حلوة ..؟
+
أتسعت عينيه ليصيح :_
+
_ جرى أيه يا حرمة أنتى..؟،مالك ومالها..؟
+
لوت زيزي شفتيها بتصحيح:_
+
_ أقصد صحتها حلوة تدعكى لى السجاد ...؟
+
أومأ برأسه فتركت له مبلغا من المال بين يديه وهى تغمز له متجهة للمصعد
↚
منزل حسام السنهورى
أتصلت هبة برفيقاتها لتبلغهن بالخبر المنتظر بنجاحها المميز لهذا العام ،يتجاذبن أطراف الحديث، فدعتها تسنيم للذهاب معها مع خطيبها لشراء الشبكة لكن هبة إعتذرت لتقضى مناسبتها إلى جوار رفيق حياتها وقرة عينيها ،أما رانيا فكانت طائرة من الفرح منذ أن علم إياد ببرائتها وقد أتفقا سويا على الخروج مساءا ،لمصارحة أهلها بالأدلة الجديدة عقب إنتهاء عملهما،وزيزي لا تزال عند يوسف هاتفها غير متاح منذ الصباح ،قطع عليها نشرتها الإخبارية التى تجمعها إقتحام حسام بغضب عارم وملامح متجمدة للغرفة وهو يركض بشكل هستيري عينيه تتحرك فى كل إتجاه حتى عثر على شريط الحبوب ،فأمسكه متسائلا بحيرف رفيقتها وهى تسبها :_
_ يبقى أكيد ولاء المنحطة ة:_
_ حبوب منع حمل يا هبة...!! ،لييييييييه..؟
ردت هبة بصدمة من تصرال قالت لك أنا حفهمــ
صاح حسام بإنفعال :_
_ مشكلتك دلوقتى فى ولاء..؟،مش فى جوزك ال أسرار حياته على الملأ بره ،وبتتصرفى من وراه فى قرار مشترك
تلعثمت زوجته وهى تبرر :_
_ يا حسام والله أنا فى الأول كنتــــــ
بتر كلماتها بصوت مبحوح :_
_ ليه كده يا هبة ده جزاتى أنى حاولت أعمل منك بنى أدمة واستحملت عنادك كتير..؟
زفرت هبة بضيق من لهجته القاسية :_
_ حتقعد تكلم فى نفسك كده كتير ولا تديني فرصة أوضح..؟
عاد لثورته مستهجنا:_
_ توضحى أيه يا هانم ما هى واضحة زى الشمس، وكل يوم أسألك أيه الحبوب دى مرة تقولى لى صداع ومرة برد ،أنتى كدابة وانا معدتش حسمع لك تانى
هتفت هبة بصراخ :_
_مكنتش حاااااااااااااااااااسة معاك بالامــان عشان
بتر كلماتها فى لوم مختلط بالمرارة :_
_ مش حاسة بيه وأنا نايم معاكى وعلى سرير واحد أخوات 7 شهور...!! مع ان كان ممكن أستغلك..؟، مش حاسة بيه وأنا طول الوقت بعوضك عن أهلك...؟، مش حاسة بيه وأنا بفحت فى الصخر عشانك..؟؟
إرتعش جسدها وإمتلأت عينيها بالدموع لمعايرته لها بما فعله فواصل: وهو يرمقها بإشمئزاز :_
_ أكتر حاجة ندمان عليها بجد أنى وقفت ضد أمى عشانك فى يوم
عقبت هبة بظفر وكأنها نقة تحسب لها :_
_ واأنا استحملت ماما كتير وانت عارف ده
فتح زوجها باب الغرفة على مصراعيه وهو يشير لها بالخروج هاتفا بوجوم جاد :_
_ من نهاردة معدتيش ملزمة تستحملى ،أتفضلى لمى هدومك وعلى بيت أهلك وفى ظرف يومين حتوصلك ورقة طلاقك
+
فى شقة يوسف الصياد
+
كان المنزل أقرب لمتحف فنى أو كلاسيكى منذ سبعينات القرن الماضى ، أستقرت عليه الرسومات المقلدة ومنها الأصلى لبيكاسو كبار الرسامين العالميين ،الصالون يرجع إلى عهد محمد على من حيث العلو والفخامة ،بدى المكان مبهجا للغاية،كان ليوسف أخ أصغر منه فى كلية الهندسة وهو رامى يجلس فى الأنتريه لمشاهدة إعادة المباراة ،تعد والدتهما لهما الطعام سويا حتى تفاجىء بصوت الأكرة تفتح ،فأتجه على الباب ليجد يوسف حاملا بين ذراعيه إمرأة فى أواخر العقد السادس من العمر كما تبرز معالمها أو مكياجها الخفى ،تبدو غائبة عن الوعى :_
+
_ أيه يا عم الجثة ال انت داخل بيها دى ..؟، وصلت كلماته لزيزي المطبقة لعينيها وبداخلها تقول(جثة فى عينك قليل الأدب )
+
تنهد يوسف بقميصه الأزرق مبررا:_
+
_ كانت راكبة معايا الأسانسير وحصل عطل مفاجىء فأغمى عليها
+
ساعده أخيه على حملها إلى أحد الغرف الإضافية وهو يقول :_
+
_ خلاص حطلب لها الدكتور يشوف لو فى حاجة .
+
جائهم صوت والدتهم الدافىء من الداخل بمريلة المطبخ :_
+
_ مين يا ولاد ..؟
+
أوضح لها يوسف حتى تبعتهم للغرفة، تشجع يوسف للذهاب والإعتناء بالمرأة ،ترك يوسف حاملة مفاتيحه على منضدة صغيرة قائلا برجاء:_
+
_ ياريت لأنى جاى حغير وأخد دش سريع وأنزل عندى ندوة لتوقيع كتابى الجديد مهمة جدا
+
أردفت والدته بدعاء :_
+
_ ماشى يا حبيبي ربنا يوفقك بينما زيزي ترتجف من صعوبة الموقف وجسدها يتصبب عرقا، فحتما تلك المرأة ستكشف هويتها وتكون نهايتها مع يوسف أم جسر للإتصال بينهما..؟
+
ما أن غادر يوسف المنزل حتى أحضرت والدته كوبا من الليمون لتلك الغريبة الغائبة عن الوعى ،لكن حركة زيزي المفاجأة أفزعتها وهى تنهض لتغلق الباب بسرعة وإحكام ،هتفت والدة يوسف بفزع وهى تمد كفها للسماعة الداخلية للغرفة:_
+
_ حتقولى أنتى مين ولا أبلغ البوليس..!!!
+
قالت زيزي بأمل ممزوج بالرجاء :_
+
_ حعرفك كل حاجة بس أوعدينى تساعديني
+
أمام محل المشغولات الذهبية
+
توقفت عجلات عربية رياضية ذات لون أسود ،فتح بابها لتدخل تسنيم منه فى حالة من الرضا على شبكتها القيمة ،يتبعها طارق فى الكرسى الأمامى ، شكرته تسنيم بحرارة على تركه المجال لها على إختيار كل ما تريده ، يتجاذبون الحديث فى تفاصيل الخطوبة والمدعوين ،لكن طارق لم يكن بنفس شغفها بدى عليه التوتر والإرتباك وكأنه يريد أن يقول شيئا ما ،لكنه بعد لحظات قطع تردده فجأة حين تطرقت تسنيم لزواجهم وأسماء أطفالهم وهو يبتلع ريقه:_
+
_ تسنيم فى موضوع عاوز أفاتحك فيه من مدة ومش عارف إزاى ..؟
+
تسارعت دقات قلبها الصغير بحيرة:_
+
_ قلقتيني في أيه..؟
+
رمى طارق همومه فى جملة بسيطة لكنها تحمل عن شخصيته الكثير :_
+
__ الشغل ماما مش موافقة عليه
+
رفعت تسنيم حاجبيها فى إعتراض :_
+
_ يا ننوس عين ماما،وماما توافق ولا ترفض ليه..؟
+
زفر طارق بعصبية لتهكمها أو تلقائيتها السخيفة:_
+
_ تسنيم عيب كده ،وبعدين هى مغلطتش مينفعش يبقى كل ستات العيلة مبيشتغلوش وسيادتك ال تشتغلى أيه يقولوا مش مكفيكى..؟
↚
صفقت تسنيم بكبشتيها فى إنفعال لضعف شخصيته :_
+
_ أه يعنى المهم حيقولوا أيه وماما وزعلها،لكن أنا وكيانى وشخصيتى المستقلة فى ستين داهية صح..؟
+
هز طارق رأسه نافيا :_
+
_ أنا مقولتش كده ومتكبريش الموضوع
+
قذفت علبة الشبكة الأنيقة فى وجهه وهى تفتح باب السيارة بإستياء:_
+
_ الموضوع كبير لوحده يا طارق،أنا رافضة إنى أرتبط بإنسان قرارته
+
مش من دماغه
+
فى قسم مدينة نصر
+
كان إياد فى أوج أناقته وإزدهاره ،وجهه يبدو عليه الإرتياح وحالته النفسية جيدة لتحقيق ولو نقاط بسيطة للتقدم على معتز، أنهى يوم عملا شاق مليئا بالمطاردات والتحقيقات المثيرة ،يجمع له فريقه الخاص البيانات اللازمة بشأن معتز الحديدى وشركاته ،كانت نسمات المساء تحل فى ذلك الوقت برقتها حين دلف إياد لسيارته المنتظرة على الرصيف المقابل للقسم حتى أتصلت حبيبته وهى فى كامل أناقتها للقاء المعهود:_
+
_ ها أنت فين دلوقتى..؟
+
رد وهو يفتح باب السيارة:_
+
_ حركب العربية أهو ،أدينى 10 دقايق وأكون عندك فى فندق هيلتون رمسيس
+
علقت رانيا برومانسية شبيهة للزهور الوردية على فستانها الطويل :_
+
_ ولو إنهم حيفتوا سنة بس عشانك أستحمل
+
إبتسم إياد بعذوبة وهو يخرج كفه خارج الشباك لتلك السيارة التى تتبعه من الخلف لكى تأتى يسارا :_
+
_ يا حبيبتى يا رنوشة ربنا ما يحرمنى منك
+
هتفت رانيا فى سعادة :_
+
_ ولا منك يا حبيبي،قولى بقى مفيش جديد فى موضوع ببلاوى..؟
+
قال إياد بظفر :_
+
_ ما أنا قولت لك سواء أعترف أو لا فخلاص هو كده فى الباى الباى الدور والباقى على معتز
+
عقدت ما بين حاجبيها وكأنها تذكرت شيئا ما :_
+
_ أه صحيح هى أيه الخطة ب دى..؟
+
ضيق إيادعينيه فى المرأة الأمامية بحذر قائلا:_
+
_ ثوان يا رانيا ،عشان فى عربية ماشية ورايا.
+
همست رانيا بخوف ونبرة مضطربة :_
+
_ طيب خلى بالك على نفسك
+
كان ميدان التحرير مزدحما للغاية فالسيارات على كلتا الجانبين فقال إياد بهلع:_
+
__ رانيا أنا مش عارف أفـــــــــ
+
جائها صوت الإصطدام القوى حتى صاحت وقلبها قد انخلع من مكانه فى صدمة :_
+
_ إياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااد
+
إحدى المستشفيات العسكرية
+
علت أبواق سيارات الإسعاف بالإستغاثة أمام المبنى الطبى ،الممرضات يركضن بشكل هستيرى يدفعن السرير الحامل لجسد إياد الغائب عن الوعى وهو مستلق فى دمائه متجهات إلى غرفة العناية المركزة ،يستدعين الطبيب بأسرع ما يمكن ليقوم بعمل اللازم وإيقاف ذلك النزيف ومعالجة تلك الكدمات المتفرقة بجسده ،كما أن نبضات قلبه بدت منهكة للغاية وشاحبة،وبعد مرور فترة قصيرة دخلت رانيا مع صديقتها زيزي المشفى والعبرات تبلل وجهها الفولى البرىء ،لتسأل عن حبيبها فى قسم الإستقبال ،أخبرتها الممرضات بكونه فى الطابق العلوى ،جلست مع رفيقاتها فى ساحة الإنتظار المواجهة لغرفة العناية وهى تدعو الله من أعماقها وتترجاه بأن لا يصيب حبيبها مكروه، ترتعش شفتيها مرددة باسمه فى قلق وتوتر خاصة بعد ان عرفت بنزيفه الحاد ،فقالت زيزي لتهدئتها:_
+
_ متقلقيش إن شاء الله يبقى بخير
+
رفعت رانيا عينيها المحتقنتين بالدماء من على الأرض لتعلق فى نبرة صوت واهنة :_
+
_إياد لو جرى له حاجة أنا ممكن أموت
+
ربتت زيزي على كتفها لتقول فى تسليم لقضاء الله :_
+
_ بعد الشر عليكى يا حبيبتى ،خلى إيمانك بالله كبير
+
أردفت رانيا بمرارة مختلطة بالحسرة:_
↚
_ أصلك متعرفيش هو بنسبالى هو أيه..؟،هو كل حاجة النور ال بتشوف بيه عينى دقات قلبى ،إياد بنسبة لى بهجة وأمل
+
قاطعت تسنيم حديثهم الهادىء بدخولها متسفسرة بقلق:_
+
_ ها يا بنات عامل أيه دلوقتى..؟
+
تنهدت زيزي قبل أن تعقب :_
+
_ لسه فى العناية المركزة ،ثم أستطردت بلوم وبعدين سنة عشان تيجي
+
ردت تسنيم بإعتراض :_
+
_ أنا بقالى ساعة أصلا بلف بالعربية، وبعدين أنتوا عرفتوا أنه هنا إزاى ..؟
+
أوضحت رفيقتها :_
+
_ رانيا كانت بتكلمه على الفون وقت الحادثة ،ولفينا على كل الأقسام والمستشفيات على ما عرفنا أنه هنا
+
عانقت تسنيم رانيا بحنان :_
+
_ رنوشتى أحنا جنبك متبقيش ضعيفة كده،الموضوع مش مســ
+
عنفتها زيزي على تلقائيتها الغير مناسبة :_
+
_ كده أيه وضعيفة أيه عاوزاها ترقص لك عشرة بلدى يعنى ،ما تهدى يا تسنيم وتحاسبي على كلامك البنية مش ناقصة
+
زفرت تسنيم بحنق وهى تعقد معصميها أمام صدرها:_
+
_ وبعدين بقى انتى مالك انتى بكلم صاحبتى ،وهى فاهمة أنى أقصد إنه حيقوم بسلامة وموضوع مش كبير عشان تقعد تنهار كده
+
كانت رانيا شاردة بنظراتها فى الفراغ فلم تركز مع مشاداتهم المعتادة ،حتى لمحت خروج طبيب فهرعت نحوه بلهفة:_
+
_ ها طمنى عليه ..؟،ثم أضافت بصوت مبحوح عشان خاطرى متقوليش أنه حصله حاجة وحشة
+
نزع الطبيب عنه كمامته الزرقاء ليقول بأسى:_
+
_ للأسف الوضع مش مستقر دلوقتى والمريض نزف كتير فمحتاجين نقل دم بأسرع ما يمكن
+
سألته رانيا عن فصيلة دمه فلم تتوافق معها هى ورفيقاتها ،فدفنت وجهها الأملس بين يديها المشبكتين وإحساس العجز يكاد أن يقتلها ،وزيزي تقطع صالة الإستقبال ذهابا وإيابا فى تفكير حتى عادت لتقول بحماس:_
+
_ ممم ،يمكن الباندا تسعفنا ..؟
+
لكزتها تسنيم بلوم :_
+
_ ما تلمى نفسك بقى
+
ردت زيزي إهانتها بسخط:_
+
_ أنتى تخرسي خالص المهمة لسه مبردــ
+
صاحت فيهم رانيا بعصبية وهى تهم بترك مقعدها الجلدى بإحباط وكأبة كبيرة :_
+
_ أسكتووووووووووووا بقى أنا مش نقصاكم
+
وجهت زيزي حديثها لصديقتها قائلة :_
+
_ أتصلى بيه أسأليه طيب عن فصيلة دمه
+
لوت تسنيم شفتيها متذكرة أحداث اليوم بوجوم:_
↚
_ لا مش حينفع أنا متخانقة معاه ومش طايقة أبص فى وشه وما حيصدق ،تعالى نكلم هبة يمكن تساعدنا.
+
علقت زيزي بيأس :_
+
_ تلفونها مغلق من الصبح
+
تابعت تسنيم بإستسلام :_
+
_ خلاص مقدمناش غير يوسف
+
هزت زيزي رأسها بنفى :_
+
_ لا لا انسى
+
وضعت تسنيم يديها على خصرها قائلة بتهكم :_
+
_ مش معنى طارق يعنى ال كنتى عوزاه يتبرع ،خايفة على حبيب القلب من شكة الإبرة..؟
+
زيزي :_
+
_ مش قصدى بس حكلمه أقوله أيه..؟
+
أجابت تسنيم بثقة :_
+
_ سيبلى أنا الموضوع ده
+
فى إحدى المطاعم الفاخرة
+
كانت نفين منزعجة للغاية فى الفترة الأخيرة من إهمال معتز لها ،وكذلك حدوث بعض المستجدات بالمنزل ،فأتصلت بخطيبها تطلب منه إلتقائهما على عجلة،جلسوا سويا إلى إحدى الطاولات المنعزلة عن ضوضاءالمحل ،لكن معتز بدى عليه الإضطراب وعدم ملاحظته لذبول ملامحها،فأخذ يعبث بهاتفه منتظرا إشارة ياسر بإتمام المهمة،بينما تفضفض له خطيبته عن تفاصيلها اليومية المملة حتى قالت بعتاب حين لاحظت عدم تفاعله معها:_
+
_ أيه يا زيزو أنت طالع عشان تقعد معايا ولا مع شغلك..؟
+
أعتذر معللا :_
+
_ معلش يا حبيبتى بس فى صفقة كبيرة جدا مستنيها تتم،ثم أستكمل فى حنان مصطنع ها قولى لى بقى مالك..؟
+
شبكت يديها على الطاولة لتضع بينهما وجهها القمحى :_
+
_ دادى بقى nervous(عصبى ) أوى الفترة الأخيرة
+
علق معتز بإقناع:_
+
_ تلاقيه عشان النتيجة بس أعصابه متوترة
+
لوت شفتيها بضيق لعدم متابعته لحماه المستقبلى:_
+
_ أخس عليك يا ميزو بقى مش عارف إنه خسر الإنتخابات..؟
+
قال بعيون مملؤة بالشماتة لرفضه مساعدته :_
+
_ أمتى...؟
+
ردت نفين بلوم ممزوج بالدلع :_
+
_ ما أنت لو بتسأل ومهتم كنت عرفت .
+
هدهدها بحنو مبررا :_
+
_ معلش يا قلبى مشاغل ، وعقد ما بين حاجبيه قبل أن يقول وبصراحة مش فاهم خسر إزاى بقى ده صارف ملايين على الحملة..؟
+
فتحت فمها لتعلق على ما حدث لوالدها والطامة الكبرى ،لكن الهاتف إنتزع كلماتها فأجاب معتز بتوتر وإضطراب على الطرف الأخر ،والذذى بدى وكأنه فعل شيئا ما غير صحيح وسيؤدى بحياتهم ،حيث صاح معتز وهو يخبط بيديه بسخط على سطح المنضدة الزجاجية من بين أسنانه:_
+
_ أنا مش منبه عليك يا غبيييييييييييييييي تخلوا بالكم ،أهو لو فاق مش حيسبنا فى حالنا
+
ياسر وهو يبتلع ريقه بأعجوبة شديدة وجسده يتصبب عرقا :_
+
_ وأنا اكدت على الراجل بتاعنا والله وبالفعل الفرامل عطلناها لكن هو القدر
+
هتف معتز بإنفعال :_
+
_ ده مش قدر ده غباء منكم ،ثم أضاف بتهديد ويكون فى علمك لو رجلى جت فى الموضوع ده حبعتك رحلة للأخرة..؟
+
قال ياسر بإضطراب :_
+
_ أحنا ممكن نمسح الأثر ده ال فى المستشفى
+
نفى معتز بهلع :_
↚
_ أوعى الداخلية كلها زمانها هناك وكل خطوة محسوبة،قابلنى كمان ساعة فى الشركة وحقولك حنعمل أيه ..؟
+
_
+
منزل حسام:_
+
أضرب حسام عن الطعام منذ تلك الليلة وبدى واجما للغاية،حتى سهرته المسائية لم يشاركها مع والدته ،لا زال رأسه مشغولا بما حدث منذ قليل مع زوجته ، يلوم نفسه على قسوته لكنها فى نفس الوقت كانت غلطتها مضاعفة مرة حين أخبرت صديقتها بأمر من أمور البيت والمرة الثانية حين أقدمت على أتخاذ قرار مشترك بمفردها متجاهلة وجوده فى حياتها ،زفر بضيق وهو يتذكر مشاكستها له حين كان يجلس على مكتبه يعد بعض الأبحاث الاكاديمية وحين تجهز له الفطور ونكاتهما وغيرها من التفاصيل التى باتت ذكرى لكن هل ستدوم..؟، قطعت عليه والدته خلوته الكئيبة لتفتح باب الغرفة وهى تجس الأوضاع:_
+
_مش حتتعشى معايا بردو...؟
+
إعتدل حسام فى جلسته ليقول بإبتسامة تخفى خلفها الكثير من الألم:_
+
_ مليش نفس روحى أنتى يا أمى
+
جلست كريمة على طرف السرير وهى تتنهد بتذمر على أحوال ابنها:_
+
_ لغاية أمتى حتفضل أحوالك متغيرة كده لا بتاكل ولا بتروح شغل ولا بتقابل حد...؟
+
أردف حسام ببهوت :_
+
_ربنا يصلح الحال
+
تابعت كريمة بجدية مختلطة بالعقل:_
+
_ بص يا حسام أنا مكنش قصدى أسمع حوراكم وكنت رايحة الحمام بالصدفة ،بس أنا معاك إنها غلطانة ومكنش يصح تحكى لزميلتها وتتصرف من دماغها لكن فى نفس الوقت متنساش إنها مرت بظروف صعبة فقدت فيها إحساسها بالأمان حتى من والدها
+
رد عليها بإستغراب :_
+
_ معقول ماما ال بتقول كده...؟
+
أضافت بلهجة صادقة وخائفة بذات الوقت على والدها الوحيد :_
+
_ مخبيش عليك فى الاول مكنتش طايقاها وشايفاها متكبرة ،لكن مع الوقت حسيتها زى أى ست بتحاول تبين قوية مع إنها هشة جدا من جوه،عشان خاطرى راجع قرارك هدم البيوت مش بالساهل يا ابنى
+
أومأ برأسه بالإيجاب وهو يقبل رأس والدته بحب قائلا:_
+
_ ال تشوفيه يا ست الكل
+
فى المستشفى العسكرى
1
كانت أمسية كئيبة أتشحت فيها السماء بالظلام لا يشق الشوراع الخلفية والفرعية للمشفى سوى أضواء خفيفة لأعمدة الإنارة، تحاصر قوات الامن الأرجاء بحذر وهم يحملون أسلحتهم فى حالة من الترقب لأى شىء غير مألوف ، أما إياد فلم يفق بعد من غيبوته ولا زال بالعناية المركزة ، وحبيبته بالخارج فى قاعة الإستقبال لا تملك غير الصلاة والدعاء لله للتخفيف عنه ،قلبها ممتلأ بنيران الغل تجاه معتز تود لو أن تفتك به ،ثورتها الداخلية لا تهدأ أبدا ، لكنها ليست واثقة فإياد رائد بالداخلية وأعدائه كثر ، جلست لتحدق بعينيها المتسعة والمليئة بالدموع فى الفراغ ترجو أن لا يكون مصيرها الأبدى ،قطعت عليها زيزي ببنطالها النبيتى هواجسها قائلة وهى تضع أصبعها أسفل ذقنها :_
+
_ تفتكروا حادثة ولا شروع فى قتل ..؟
+
أجابت رانيا من بين شهقاتها المتقطعة وتشناجتها برفض:_
+
_ بقولك كان بيكلمنى وفى عربية ماشية وراه .
+
أنضمت تسنيم للحوار لتضيف بإستنتاج:_
+
_ يبقى أكيد معتز الكلب مفيش غيره
+
أحست رانيا بنغزة مؤلمة فى صدرها حين تذكرت التطورات بشأن ببلاوى فزالت شكوكها لكونه معتز ،فأطبقت على عينيها لتحتجز العبرات الملتهبة المقهورة قبل أن تقول بحزم ووجهها محتقنا بالدماء :_
+
_ فى مشوار مهم لازم أعمله ،ساعة بالظبط وأكون عندكم
+
أمسكت زيزي كبشتها برجاء:_
+
_ متوديش نفسك فى داهية عشان كلب ولا يسوى
+
أراحتها رانيا بغموض تنطق به عينيها الراغبة بالإنتقام :_
+
_ متقلقيش حبقى بخير سبيني من فضلك
+
علقت زيزي بخوف على تهور صديقتها:_
+
_ طيب انا جاية معاكى
+
أوقفتها رانيا بكفها لتقول بصرامة تنطلق منها النيران:_
+
_ ده أخر كلام بينا لو أى واحدة منكم فكرت تيجى ورايا سبونى فى حالى
+
لم تملك الفتيات سوى الإستسلام لرفيقتهم بالرغم من قلقهم الشديد عليها، و بعد أن غادرت رانيا من المشفى على عجل ،والضباب متكاثف فوق مقلتيها الحمراوتين ،كاد رأس زيزي أن ينفجر فى التفكير بما حدث مع والدة يوسف هل يعقل أن تكون قد أخبرته..؟، لكن أن حدث هذا فلما سيأتى هنا للتبرع وهو يعلم بوجودها من تسنيم المنزلقة بلسانها..؟، فعادت لتسأل تسنيم للمرة الخامسة بعدم إرتياح:_
+
_ يعنى أنتى متأكدة أنه وافق يا تسنيم ..؟
+
حركت تسنيم رأسها بثقة قائلة :_
+
_ عيب عليكى وافق طبعا ،وبعدين دى خامس مرة تسألينى أيه ال مخليكى مستغربة كده...؟
+
أخذت زيزي نفسا عميقا قبل أن تقول بإحراج:_
+
_ أصل الصراحة يعنى قابلت مامته النهاردة وكانت حتبلغ عنى البوليس
+
شهقت تسنيم بذعر:_
+
_ يا نهار أبيض ليه..؟
+
أجابت زيزي وهى تفرك يديها ببعضهما:_
+
_ جربت أعمل فكرة مطرقعة وروحت لهم فى زى ست كبيرة بس مامته بعد ما نزل قفشتنى .
↚
أستفسرت تسنيم بقلق مشوب بالفضول:_
+
_ مطرقعة يا دى الروايات ال حتوديكى فى ستين داهية ، ثم أضافت وعملتى أيه بقى ....!!!
+
ردت زيزي بغموض:_
+
_ قولت لها أنى معجبة بيه بقالى سنتين فى الأول مصدقتنيش غير لما ورتها الكارنيه بتاع شغلى وسماء روايته أيه
+
قاطعتها تسنيم وهى تضييق عينيها وهى مدققة البصر فى الأتجاه الأخر :_
+
_ يوسف وصل تعالى نقابله
+
ما أن خطت الفتاتان صوب الصياد مرحبتين به حتى جاءت الممرضة لتصطحبه الممرضة لتصطحبه للتبرع بالدماء والكشف بداية عن فصيلة دمه وبعد أن أنهت سحب الدماء منه ، قالت تسنيم بإمتنان لحضوره وتقديره لها رغم تأخر الوقت :_
+
_ الجميل ده عمرى ما حنسهولك يا أستاذ يوسف
+
رد عليها بلطف :_
+
_ متقوليش كده الناس لبعضها ،إن شاء الله يقوم بالسلامة
+
أردفت تسنيم :_
+
_ أمين يارب تعبناك معانا
+
مد يوسف كفه لها بلين :_
+
_ مفيش تعب ده رقمى لو أحتاجتوا أى حاجة وقدرت أقدمها
+
كمشت زيزي وجهها بوجوم مصطنع وهى تغمغم بسخط:_
+
_ أيه ده أنت حتمشى بسرعة كده
+
سأل يوسف:_
+
_ عاوزة حاجة يا أنسة زيزي..؟
+
أجابت عليه بحماسة :_
+
_ يعنى أنا بقول لو ننزل نشرب قصب وكده عشان الدم ال نزل
+
رفض يوسف بأدب :_
+
_ شكرا ليكى بس الموضوع فعلا مش مستاهل
+
أصرت عليه قائلة بثبات وكأنه عديم الشخصية :_
+
_ لا شكرا أيه ، أنت مفكرنى بخيلة والله أبدا لازم تشرب
+
لوى يوسف شفتيه بإمتعاض :_
+
_ بس انا ـــ
+
وقفت تسنيم تراقب الاجواء الرومانسية لتقطع كلماته بمشاكسة إن نجحت فستلقى بها صديقتها للجحيم:_
+
_ خلاص سبيه على راحته يا زوزة
+
مالت زيزي على أذنها لتحفزها لعلمها بحبها الشديد للطعام :_
+
_ الحق عليا كنت حنزل أجيب لك تطفحى أنا غلطانة والله إنى بفكر فيكى
+
هتفت تسنيم بإلحاح أكبر من صديقتها:_
+
_ لا لا العصير فعلا أقل واجب يعبر عن شكرنا لحضرتك ،روحوا يا زوزة ومتتاخروش
+
أمام أحدى محلات المشروبات المثلجة :_
+
كانت الوراع مزدحمة بالعائدين من أعمالهم والذاهبين إليها والممرضات المتجهات لورديتهن ،دلفت زيزي مع كاتبها المفضل إلى عتبة المحل ،وهو يطالع هيئته بإستغراب بينما زيزي تريد أن تستغل تلك الفرصة أفضل إستغلال ،وأن تعرف عنه ولو القليل ،لا بأس فستقوم بإستجوابه ولو بشكل غير مباشر ،تسمرت لثوان ترمق قائمة العصائر من قصب وتمر هندى إلى مانجو وغيرها، واقفة أمام البائع وهو يصب لزبائنه لتستدير بظهرها ليوسف متسفسرة :_
+
_ ها بقى تشرب أيه..؟ ،تمر ولا قصب ...؟
+
عقد ما بين حاجبيه بسوء من شعبية المكان الجارفة وكذلك لإن معدته حساسة للغاية وأقل شيء يؤثر بها :_
+
_ أحنا حنشرب هنا..؟
+
ردت زيزي بوجوم :_
+
_ المكان مش عاجبك ولا أيه..؟
+
نفى يوسف بتصحيح :_
+
_ مش قصدى بس
+
قاطعته زيزي بمرح :_
+
_ عاوز فى كيس...؟،ثم ألتفتت للرجل قائلة هات لنا 2 قصب فى أكياس
+
وبعد أن تجاوزا عتبة المتجر ، وأخذا يسيران سويا على كورنيش النيل القريب من المشفى قال يوسف بإستغراب :_
+
_ هو انتى على طول كده ...؟
+
علقت زيزي وهى تأخذ رشفة بالشفاطة من كيسها :_
+
_ ال هو إزاى..؟
↚
أجاب يوسف بدهاء:_
+
_ يعنى مندفعة شوية ،ومبتديش لل قدامك فرصة يفكر
+
أردفت زيزي بخبث وهى توجه له رسالة غير مباشرة :_
+
_ ما هى دى المشكلة أن ال قدامى دايما متردد حتى فى أبسط الأشياء
+
علل يوسف بجدية :_
+
_وليه متقوليش واضح و أنتى ال مش عاوزة تشوفى الحقيقة دى ..؟
+
أضافت زيزي بمنطقية مختلطة بقرائتها:_
+
_ لو خدنا رأى إيناشتين فى المعادلة دى فأعتقد حينفى أى حقيقة وحيقول بالنسبية كل حاجة بتتغير بالوقت بس أحنا ندى المجال لنفسنا
+
إبتسم يوسف وقد عاد بذاكرته لدراسته هاتفا بنشوة ماكرة:_
+
_فكرتينى بأسطورة يونانية مشهورة جدا بتدور حولين أبو لو وده كان إله الشمس والضياء عند اليونان وأيروس وده كان ابن أفروديتى ودى ربة الحب والكراهية ،المهم يعنى أن أبو للو فى مرة أتريق على إيروس بإعتبار انه إله صغير وبدين ،فقرر إيروس إنه ينتقم فخلى حسناء تعدى من قدام أبو لو وراح رامى عليه سهام الحب ال هى من وظيفة عمله ،وفضل أبولو يحب البنت دى جدا وأيروس رمى فى قلبها سهام الخوف منه أو عدم حبه ففضلت مذعورة منه وفى حالة هلع ،ورفضت حبه بكافة الطرق وهو بردو متمسك بيها وفضل يذل فى نفسه وحاطط أمل إنها فى يوم تحبه لحد ما راحت للنهر وإستغاثت بيه وإنتحرت .
+
لوت زيزي شفتيها وهى تأخذ رشفة من القصب :_
+
_ مش يمكن لو كانت أدت لنفسها الفرصة لأبولو يحبها كان أداها من صفاته الحب والبهجة والإشراق بما إنه إله الشمس ..؟
+
رد يوسف ممسمتعتا بالمشروب رغم خوفه فى البداية منه لما يسببه من حساسية :_
+
_ ما أنا قولت لك فوق أن قلبها مكنش بأيدها ولا مشاعرها
+
قالت زيزي بإعجاب وهى تضغط على زر الرد فى هاتفها بضيق:_
+
_ ممم جميل أنك تكون كاتب مثقف
+
ندت منه بسمة رقيقة :_
+
_ ههههه مش مثقف أوى يعنى ، قد ما أن دراستى للفلسفة أثرت فيا جدا وفى شخصيتى ورؤيتى لكل حاجة
+
تسائلت بفضول :_
+
_ وبتشتغل بشهادتك..؟
+
أجاب يوسف بحب وشغف كبير :_
+
_ مبحبش قد التدريس و الكتابة بنسبة لى هما كل حاجة .
+
ستلهما من حديثهما إتصالات طارق المتكررة ،فأستأذنت زيزي من كاتبها للرد حتى قالت بعصبية:_
+
_ أيوة عاوز أيه ...!!،وليه كل الإتصالات دي كنسلت يبقى مشغولة حتى دى مبتفهمش فيها...!!!
+
أعتذر فى وهن ممزوج بالإشتياق لخطيبته:_
+
_ أسف بس تسنيم بكلمها من الصبح مبتردش ممكن تقولى لى هى فين..؟
+
منزل هبة الشرقاوى
+
لم يكن حسام ينوى منذ البداية الإنفصال عن زوجته ،لكنه أراد أن يقوم ب "قرصة ودن" لتنتبه على حديثها مع رفيقاتها ومن دلالاها الزائد عن الحد قليلا ،كما أن كلمات والدته وقعت كقلبه كالبلسم لحصول هدنة كان يحسبها مستحيلة بين والدته وزوجته ،اشترى بعض الحلوى قبل الذهاب إلى بيتها،أستقبلته والدتها أفضل أستقبال وتجاذبا أطراف الحديث لدقائق وهو يرتشف قهوته قبل أن تدخل إلى ابنتها لتحضرها له لتعتذر ، لكن هبة كانت عنيدة للغاية كما أن معايرته لها أزعجتها كثيرا وكادت أن تمحو كل ما فعله لها،إحساسها بالشفقة كان يزيد من جراحها ، تنهدت والدتها بعبائتها الطويلة السمراء قبل أن تقول:_
+
_ أستهدى بالله وقومى ألبسى عشان تروحى الراجل مستنيكى بره
+
عقدت هبة ساعديها أمام صدرها بغضب:_
+
_ مش رايحة يا ماما يعنى مش رايحة ، أنا مش لعبة فى أيديه
+
تنهدت هناء بضيق من طيش ابنتها :_
+
_ أكبرى يا هبة مش كده، متصغرنيش قدامه
+
صاحت هبة بتبرير :_
+
_ يا ماما ده عايرنى بكل حاجة حلوة عملها لى
+
ربتت على كتف ابنتها لتهدئها :_
+
_ على الأقل عملك الحلو ومراعى ربنا فيكى ،غيرك بيتمنى ضفره
+
زفرت هبة بعصبية مغتاظة :_
+
_ ضفره ..!!، خليه لهم بقى بس قبلها يبعت لى ورقة طلاقى
+
شهقت والدتها وهى تصك على صدرها بهلع :_
+
_ تتطلقى ...!، لا أحنا معندناش بنات تتطلق ، ثم واصلت بإنفعال أنا سيبالك الحبل من زمان وبدلعك عشان أنتى الوحيدة وأعوضك عن أبوكى ،لكن ال بتعمليه دلوقتى قلة أدب
+
هبة بإستنكار لمجىء والدتها بصف زوجها :_
+
_ أنا قليلة الأدب يا ماما والله لألم هدومى وأسيب لك البيت
+
عنفتها هناء بسخط على تصرفاتها الصبيانية :_
+
_ أيوة قليلة الأدب ، لما تاخدى حبوب منع حمل من وراء جوزك وتقرطسيه ،لو راجل تانى كان حطك تحت رجله وعاد هيكلتك طالما الذوق مش نافع معاكى
+
هرع حسام بتوتر على صوتهما متسائلا :_
+
_ أيه يا ماما صوتكم عالى كده ليه ...؟
+
كزت هبةعلى أسنانها بحدة ،لشعورها بإنه السبب بالشرخ الحادث الأن بينها وبين والدتها قائلة بعصبية:_
+
_ أنت أيه ال جابك ..؟،جاى توقع الدنيا ..؟، و تطلع الملاك البرىء وأنت سبب البلاــــــ
+
صفعتها والدتها بقسوة وهى تطالعها بإزدراء:_
+
_ لما تتكلمى مع جوزك تتكلمى بأدب ،عيب أنتى مش بتكلمى طفل
+
سحبها حسام بشكل تلقائى إلى أحضانه الدافئة ليدفن رأسها فى صدره لكى تختفى كلماتها الثائرة ،بينما والدتها تهتف:_
+
_ بتتبرطمى بتقولى أيه يا بنت **
+
قال حسام برجاء:_
+
_ عشان خاطرى خلاص يا ماما ساعة شيطان متكبروش الدنيا
↚
فى المبنى الرئيسى لشركات الحديدى
إنتهى دوام العمل بنسبة لجميع العاملين عدا ياسر ذراع معتز القوى والمنفذ لكل صفقاته الإجرامية وكذلك شريف القابع فى البوفيه يعد فنجان القهوة الخاص لمديره،حيث تبدأ ورديته مساءا ،تململ معتز فى كرسيه الضخم بتفكير ،وهو يمسح على شعره بعدم إرتياح ،أحسه ياسر الجالس قبالته وهو يلوى شفتيه قائلا عبر الهاتف:_
_ بس المبلغ مش كبير شوية ..؟
رد عليه العميل على الطرف الأخر بحماس :_
_ لا لا مش كبير بنسبة أن مكاسبها مش 100 % لا دى 150 % ثم واصل بتحفيز أكبر:_
_ وبعدين ده مش أول تعامل بينا
أقترب معتز بكرسيه الدوار معلقا :_
_ ما هو ده ال مطمنى شوية
قال المصدر بلهجة مستفسرة:_
_ كده ديل (أتفاق)..؟
أجاب معتز بعد لحظات من الحيرة قطعها بقراره بينما شريف يصب القهوة أمامه فى فنجان كلاسيكى ملكى :_
_أدينى يومين كده أكون دبرت لك المبلغ ،وبالمرة المخازن تكون فضت من البضاعة القديمة
عقب بالموافقة المشروطة :_
_ بس ميزدش عن يومين يا معتز ،الصفقات ال زى دى بتتعرض فى مزاد علنى ،بس عشان أنت حبيبى أنا عرضتها عليك الأول
نفث معتز دخان سيجارته مردفا بوعيد :_
_ بس أسمع أى خسارة فى الصفقة دى حتكلفك حياتك كلها، أنا ححط فيها كل ما أملــ..
بتر ولوج رانيا المفاجأ كلماته فأنهى مكالمته على عجل ،بينما هى فى أوج غضبها وأنفعالها ،فرمق معتز الساعى والمدير للخروج ،بينما بدت رانيا ثائرة للغاية ،كالفرس دون لجام حتى أطبقت بكفيها على ياقته بإحكام ليلتصق إلى الحائط وهى تصيح بإنفعال:_
_ لو إياد جرى له حاجة ،أنا حقتلك يا معتز حقتلك ...!!
طالعها بنظراته الباردة وإبتسامته اللزجة وهو يفلت كبشتيها من قميصه بعنف ،يدنو منها بأنفاسه الثقيلة بينما هى تتراجع للخلف بذعر وعينيها متشحتين بالدموع المقهورة ،فحاصرها بذراعيه المشدودين بين الحائط ،ليحدق بها قائلا :_
_ تقتلينى عشان إياد لكن لما دوست على شرفك كان عادى .
إرتجف جسدها وهى تبكى بإنهيار من وقع كلماته المؤذية على قلبها ،بينما واصل بغلاظة أكبر وهو يقيد يديها الغاضبتين المتجهتين للإنتقام ولكمه ،قائلا لإثارة غضبها :_
_ بزمتك موحشتكيش شقة المهندسين
بصقت على وجهه بإشمئزاز وهى ترمقه بنظرات إستهجان وإحتقار من أخمص قدمه إلى شعره ،جذبها من شعرها بقسوة وهو يدفع بها صوب المكتب يركلها بقدميه فى معدتها وهى تمسك بها بألم وتأوه ،يزيد من ركلاته العنيفة وهى تصيح بإستغاثة :_
_ أأأ أأأأ أأأه أأأ لحقــ ألحقووووووووووووووو
+
دلف شريف بهلع على تلك الضجة فأقتحم الباب دون إستئذان وهو يحاول سحب معتز بعيدا عنها ، ينتفض بجسده القوى مصرا على إستكمال تأديبها ،لكن شريف لامه :_
+
_ يا معتز بيه مينفعش تمد أيدك على ست مهما كان عندنا ولايا
+
إتجه معتز بمقلتيه صوبه وهو يرد بعصبية ممزوجة بالسباب ،والنيران تنطلق من عينيه :_
+
_ مبقاش إلا ولاد الفراشين ال يتكلموا ثم أضاف بإستفزاز:_
+
_ أجرى شوف كنت بتكنس أيه
+
وإلتفت لرانيا ولإرتعاشة جسدها وهى تبكى وتشنجاتها متقطعة واجمة ،ليستطرد ما بدأه لكن شريف وقف أمامها كحاجز حام وقد أحس بالإهانة فمد ذراعيه على أخرهما ليمنع إقترابه منها ،قائلا بغضب عارم:_
+
_ على الأقل الفراشين مش حرامية ونصابين
+
أثارت كلماته إنفعال معتز حتى فقد أعصابه فأنزل بكفه على وجنتيه بقوة معنفا :_
+
_ أخررررررررررررررررررررررررس ،دى غلطتى إنى شفقت على واحد زيك
+
تحسس شريف موضع الصفعة بغل ،لم يهمله معتز للرد حتى مد ساقه لركله فى منطقة حساسة لكن رانيا فجأته برميها إحدى المزهريات المنمقة على رأسه لتفر مع شريف بفزع تاركين معتز فى دمائه
+
فى المستشفى الطبى
+
رجعت زيزي بصحبة طارق وهى فى قمة نشوتها لإستمتاعها بتلك اللحظات القصيرة مع حبيبها ،تلتهم تسنيم المقرمشات بنهم وجوع وهى تهز قدميها فى توتر على عدم إجابة رانيا على إتصالاتها المتأخرة ،أشاحت بوجهها بعيدا فى سخط حين لمحت مجىء طارق على بعد خطوات ،بينما أستأذنت زيزي للإطلاع على حالة إياد من طبيبه لتخلى الأجواء، زفرت تسنيم بقوة وهى تستجمع نفسها لتستأذن من زيزي لدخول المرحاض ،لكن طارق أطبق على كفيها مستوقفا إياها فقالت بتهكم ممزوج بالغضب:_
+
_ يا ترى ماما عارفة أنك هنا..؟
+
أغلق عينيه بإستياء ليفتحها ببطء وهو يتنهد :_
+
_ عارف إنك متضايقة وحقك ،بس ...
+
قاطعته بعتاب وهى تهز رأسها برفض لأى تبريرات منه :_
+
_ طارق أنا مش مستعدة أسمع أى حجج فارغة من فضلك
+
كان فى البداية يلتمس لها العذر لكونها إمرأة ناجحة وذات كيان يحتذى به ،لكن تقليلها من مستوى الحوار بشكل متعمد جعله ينزعج ،فرفع حاجبيه بإستنكار:_
+
_ فارغة.....!!!!!
+
زفرت بحنق ثم صمتت لثوان وكأنها تستجمع نفسها ،وقد تجمعت العبرات الساخنة فى مقلتيها قبل أن تضيف بنبرة صوت حادة تخفى ورائها ضعفها:_
+
_ أيوة فارغة، لما تبقى عايز تهد كيانى ونجاحى عشان المجتمع تبقى فارغة
+
لوى شفتيه بإمتعاض لقناعات مجالس المرأة التى تتحدث بها ،فقال فى محاولة أخيرة لإقناعها:_
+
_ خلينا نتناقش بالعقل طيب ،ولو قصرت معاكى أنا ال حقولك أشتغلى ،يا كده يبقى أنتى مبتحبنيش وبتدورى على أى سبب وخلاص تفكرشى بيه الجوازة
↚
كتمت تسنيم دموعها ،وشعورها بالوحدة طوال عمرها يدفعها للإكتئاب متذكرة حادثة والديها ومعاملة أهلهم لها أطبقت على عينيها بوجوم قبل أن تفتحها مردفة بلهجة مختنقة :_
+
_ طارق أنا لو مبحبكش مكنتش بعت الأرض ال كنت بصرف من إيجارها على نفسى من وأنا صغيرة عشان أجهز وأجيب أحسن حاجة فى بيتى ،لو مبحبكش مكنتش ضحيت بالذكرى الوحيدة فى حياتى .
+
دنا منها طارق بشفقة وهو يرفع بسبابته وجهها الناعم لتتقابل أعينهما مهدهدا إياها:_
+
_ كفاية دموع يا حبيبتى مش عارف أشوف عينيكى
+
أضافت وهى ترتجف من الألم النفسى الكبير الملم بها ،وحنجرتها تخونها لوجود غصة مؤلمة بها ،فقالت من بين شهقاتها:_
+
_ عمامى سابونى وأنا صغيرة ومحدش منهم رضى يصرف على ،وكانوا دايما شايفين الورث ده كفيل أنه يعوضنى عن بابا وماما، مسح دموعها بأصبعه بحنو لتواصل بتنهدات متقطعة :_
+
_ عشان كده يا طارق الشغل بنسبة لى هو كل حياتى ،فتح شفتيه ليبرر لها لكنها قاطعته بخوف من المستقبل وخاصة من والدته:_
+
_ عارفة أنك مش حتبخل عليا لكن تحكم ماما فيا ،ممكن فى أى وقت أبقى فى الشارع وساعتها حبقى خسرت أرضى وشغلى ونفسى وكيانى
+
طبع طارق قبلة حانية على جبينها ليطمئنها لعدم تخليه عنها ،وليخبرها عن مدى حبه وتقديره لها، لكن دخول زيزي وهى تركض بتر حديثهم حيث هتفت بفرح عارم وهى تنهج:_
+
_ إإإى إياد فااااااااااااااااااااااااااااااااااق
+
فى سيارة حسام :_
+
بات حسام يختلس النظرات عبر المرأة الأمامية لزوجته الغاضبة فى تلذذ،بينما تتأمل واجهات المبانى والباعة الجائلين على كورنيش النيل من نافذتها النصف مفتوحة ،لتتفادى المشاحنات معه تتملكها أحاسيس متناقضة ما بين الشكر لإنقاذه لها من بين يدي والدتها وما بين التوبيخ على معايرته ،قطع هواجسها وهى تنفخ بسأم:_
+
_ متفكرش إنك عشان دافعت عنى أنا حتنازل عن موقفى
+
لم يعط لكلماتها أية إهتمام ولم يعقب عليها لكى لا يفتح لها مجالا للشجار ، لكنها زفرت وهى تكز على أسنانها من بروده:_
+
_ على فكرة يعنى أنا بكلمك
+
حدق فى إنعكاس صورتها بإعجاب ليستفزها سؤاله:_
+
_ أيوة يعنى عاوزة أيه ...؟
+
ردت عليه بجدية كبيرة هى تعقد ذارعها أمام صدرها بضيق :_
+
_ عاوزة أطلق ودلوقتى
+
توقعت أن يكون رده "لا طبعا أنتى مراتى ،عمرى ما حطلقك إلا على جثتى "، لكنه فاجئها بقوله بثبات أزعجها كثيرا وكاد أن يدفعها للبكاء:_
+
_ من عنيا يا حبيبتى بس كده أنتى تؤمرى بس نوصل البيت
+
أحرقت دموعها المتمردة وجنتيها وقلبها يعتصر ألما وحزنا لصدمتها به ،لمح حسام تبدل ملامحها عبر المرأة ،فضغط بقدمه على الفرامل ليتوقف جانبا ،لينزل كلايهما من السيارة وهو يتسائل بحيرة :_
+
_ طيب أنتى بتعيطى ليه دلوقتى ...؟
+
أجابت من تشنجاتها المتقطعة ووجهها الغارق بالدموع والمحتقن بالدماء بصوت مبحوح:_
+
_ عشان أن أنا بحبك يا حسام
+
جذبها إلى صدره وهو يربت عليها بحنان ويمسح على شعرها برقة وعذوبة مردفا بإبتسامة واسعة تحمل كل معانى الحب:_
+
_ وأنا عمرى ما حسيبك يا هبتى
+
فى غرفة الرائد إياد بالمستشفى العسكرى
+
ترك الطبيب ملاحظته معلقة على طرف السرير المتحرك عقب نقل إياد من العناية المشددة إلى غرفة عادية لتجاوزه مرحلة الخطر، أستقبلته زيزي وتسنيم أمام الباب ليسألون عن حالته الصحية بلهفة طمأنهم الطبيب على أستقرار حالته الصحية وهو يعرض عليهم التقرير الطبى ،تتصل زيزي برفيقتها لتبلغها الأخبار المفرحة ،بينما سبقتها تسنيم إلى الداخل مع الممرضة والتى تزود الأدراج باللفافات الطبية وبعض الأدوية المطهرة للجروح ،فتح إياد عينيه الزرقاويين ببطء شديد حيث بدت الرؤية مشوهة فى البداية ،وهو يحرك شفتيه بإجهاد متفوها باسم حبيبته "رانيا " مع دخول تسنيم ،أقتربت منه لتشد أحدى الكراسى البلاستيكية المقابلة لفراشه قائلة :_
↚
_ حمد لله على السلامة يا بطل
+
علق إياد بتعب وهو يتنقل بنظره فى الغرفة وكأنه يبحث عن شىء ضائع:_
+
_ الله يسلمك ،بس فين رانيا...؟
+
ردت تسنيم بتلقائيتها المعهودة لتطمئنه لكنها أذعرته:_
+
_ راحت لمعتز عشان تنتقم منــــ
+
بتر هرع زيزي صوبها كلماتها وهى تضع كبشتها على ثغرها هامسة:_
+
_الله يحرقك الراجل حيموت على أيدك مشلول
+
سعل إياد وإزدادت دقات قلبه فى خوف حتى بدت رسوماته التخطيطية على الجهاز غير منتظمة فجاءت الممرضة من جديد لتى التطورات عقب إستدعاء زيزي لها بتوتر ،وبعد أن هدأت دقات قلبه المتشنجة حرك قدميه إلى طرف السرير وهو يتأوه فى ألم وتسنيم تحاول منعه بينما عقبت زيزي:_
+
_ رايح فين ...؟،متقلقش والله حتجيب ماما وجاية
+
قطع عليهم ولوج والدته عبير مع حبيبته إلى الداخل ،وهى تهم بالإقتراب من ابنها تتحسس وجهه فى بإضطراب ولوم ،وتقبله من جبينه ويديه فى شغف وغير تصديق ودموعها تسيل على وجنتيها المتشققة قائلة بصوت متهدج:_
+
_ كده كده يا إياد تبقى فى المستشفى كل ده ومتقوليش...؟
+
أجابتها بإشفاق على حالتها الصحية التى تعلم بها لذلك أخبرتها بكونه فى مهمة خاصة منذ يومين ،بينما عقد إياد حاجبيه بإستغراب:_
+
_ إياد يا ماما مكنش عاوز يتعبك
+
سألته فى لهفة وخوف وهى ترمق جسده الممتلىء بالكدمات بتألم ووجوم:_
+
_ أنت كويس...؟
+
جاهد ليرسم إبتسامة عريضة بين شفتيه ليريحها:_
+
_ زى الأسد يا حبيبتى ،متخافيش عليا
+
تنحنت زيزي لترك المجال للاحباء وهى تقترب من والدته ورفيقتها مردفة:_
+
_ طنط الدكتور كان عاوز حضرتك بره
+
تقدمت الحاجة عبير و زيزي تتأبط ذراعها ممسكة بعصاتها فى ناحية الأخرى ،بينما تسنيم متسمرة فى مكانها وكأنها لم تفهم حتى لكزتها زيزي فصاحت تسنيم:_
+
_ طيب دكتور عاوزها عشان تقرير وأنا ذنبى أيه ...؟
+
تنهدت زيزي وهى تشير لها بالخروج :_
+
_ يلا يا لماضة زمان طارق جاب الأكل
+
غادر الجميع الغرفة بينما رانيا ترتكز على ركبتيها مقتربة من الفراش وهى تقبض على كف إياد الخشن بحنان وتقبله ،فبللت دموعها جلده حتى لامس وجنتيها بأصابعه بخفة مداعبا :_
+
_ حتعملى زى ماما ،ما أنا قدامك أهو عايش وزى الفل
+
قالت بتألم وهى تمسح عبراتها بالمنديل الورقى لكى لا تضاعف همومه:_
+
_ أصلك متعرفش كنت عاملة إزاى كنت حتجنن .
↚
أومأ رأسه بالإيجاب مع إبتسامته الرقيقة وهو يهدها قائلا :_
+
_ تانى مرة مهما حصل أوعى تتصرفى من دماغك
+
إبتلعت ريقها بأعجوبة لتذكرها لما حدث منذ قليل وهى تحس بوخزة فى جانبها الأيسر متنهدة :_
+
_ أنا مكرهتش فى حياتى قده ،ثم واصلت بمراة ولازم أدفعه تمن كل دقيقة خلانى أتألم فيها
+
عقب إياد وهو يضيق عينيه بغموض:_
+
_ كشف الخساب بدأ من زمان ومش هو بس هو وكريم الحلفاوى وقريب جدا نفين
+
عقدت ما بين حاجبيها بإندهاش لتستفسر :_
+
_ هو أنت السبب فى ال حصل لكريم الحلفاوى وخسارته فى الإنتخابات ..؟ ثم أضافت بنشوة دى فضايحه مالية الفضائيات
+
أردف إياد بخبث ونظراته تشع شماتة :_
+
_ ولسه دى دفعة أولى تحت الحساب ثم أضاف موضحا الإعلام بيموت فى الفضايح صوره مع مراته التانية ال كان خافيها عن كل الناس بعقد عرفى بقت مع كل الصحفيين ،ومع شوية البهارات وإنه ماشى فى الحرام كل ده خلى سمعته فى الباى الباى ،وعشان يقول إنه متجوزها مراته الأولى حتنصب له محكمة عسكرية درجة أولى ، ثم أستطرد بإنتصار لسه مشفتيش أنتى الخطة ب حتعجبك أوى .
+
قالت رانيا بإندهاش:_
+
_ بس ازاى عرفت بمراته التانية ..؟
+
أجاب إياد بمكر :_
+
أصل حبايبه كتير
+
غدت رانيا شاردة لثوان غارقة فى تفكير حتى هتفت بحماس:_
+
_ تمام بس قبل الخطة ب عندى خطة حتحرق قلب معتز
+
إياد بإنتباه وهو يحرك أطرافه حتى ساعدته بوضع الوسادة القطنية خلف رأسه متسائلا:_
+
_ أيه هى ...؟
+
فى كافيه المهندسين
+
عقدت الشلة جلستها الطارئة عقب غياب طويل لتقص كل واحدة مستجداتها ولبدء فعاليات النميمة ، تحكى لهم رانيا بداية عن ما حدث لإياد يوم الفندق ومع المجرم ببلاوى وإنكاره لما فعله فى تلك الليلة المشئومة ،تعبث زيزي بهاتفها كعادتها لإعطاء أوامر النشر للديسك بالقسم الفنى على واجهة موقع الحقيقة الإخبارى ،بينما تسنيم كفها غارق بكيس كبير للسودانى تضغط عليه لتخرج حبته لتلتهمها فى تسلية وكأنها أمام سينما،تنصت هبة بإهتمام لحديث صديقتها معتذرة:_
+
_ حمد على سلامة إياد ثم واصلت بوجه متورد من الخجل لحدوث هذه تطورات كلها دون تواجدها والله معرفش غير منكم دلوقتى
+
أزالت رانيا عنها الحرج بنظراتها الهادئة :_
+
_ ولا يهمك يا حبيبتى ،ثم أضافت بتساؤل بس أنتى كنتى مختفية فين المدة دى كلها...؟
+
أجابت تسنيم وهى تسحب قائمة المأكولات الشهية لطلب الأوردر الخاص بهم بنهم كبير مردفة بمشاكسة :_
+
_ هما البنات كده أول ما يتجوزوا يتبروا من صحابهم
+
تنهدت هبة لتذكرها ما حدث مع زوجها وتركها للبيت معللة بضيق لغدر أقرب صديقات الجامعة إليها بها :_
+
_ لا والله أبدا بس حصلت مشكلة كبيرة مع حسام كنت حطلق فيها
+
شهقت زيزي بفزع وهى ترفع عينيها عن شاشة المحمول :_
+
_ بعد الشر عليكى ليه بس..؟
+
أغمضت عينيها لتفتحهما ببطء وكأنها تريد فى تلك الثوان مسح ما مرت به:_
+
_ حسام عرف إنى باخد حبوب منع حمل منــ
+
قاطعتها رانيا وهى تمط شفتيها بسأم لعند هبة و لتحذيراتهم المسبقة لها :_
+
_ أكيد ولاء ،ما أحنا حذرناكى منها كتير مسمعتيش الكلام ،مش كل الناس حتحب لك الخير .
+
لامتها زيزي وهى تؤكد إستنتاج رانيا ناصحة صديقتها :_
+
_ أيوة صح وبعدين أسرار بيتك دى مش أخبار محلية تتداوليها مع كله وطنط نبهتك قبل كده
+
عدلت هبة من حجابها وهندامها وكأنها تنفض عنها شعور الأسف بخيبتها من ولاء قائلة بوجوم:_
+
_ معلش الواحد بيتعلمش ببلاش وأتجهت بنظراتها لتسنيم الغارقة بالمنيو للمأكولات البحرية والمشويات لتشركها معهم فى الحديث وكذلك لتغيير مجرى الحوار عنها مستفسرة بمرح:_
+
_ وأنتى يا توتى مفيش جديد مع طروق
+
أجابت بتلقائيتها المعهودة ،ولكن إحساس بالغصة فى حلقها راودها :_
+
_ أنا كمان دبيت خناقة كبيرة مع طارق بسبب الشغل لما روحنا نجيب الشبكة بس ربنا سترها ،وخلاص حنكتب كتابنا عشان طارق مستعجل الشهر الجاى وطبعا حتساعدونى فى الفرش عشان ألحق هههه
+
تبادلت الرفيقات التهانى والمباركات بحرارة وهم يعانقنها ، و إبتسمت زيزي لتقول بمداعبة مرحة :_
+
_ دى أكيد عين وصايبة الشلة رانيا إياد يتصاب وتسنيم تفشكل وهبة كانت حتتطلق لا لا أنتوا محتاجين تتبخروا هههههه بس الصراحة عدا تسنيم سوسة سوسة يعنى
+
أخذت رانيا رشفة من كوب الكابتشينو الساخن لترد بمكر :_
+
_ أنتوا مش أحنا ..؟،ليه يوسف لسه بردو تقلان ...؟
+
عقدت زيزي ما بين حاجبيها بإستغراب ليوسف وتقلباته المزاجية :_
+
_ مش تقل قد من إنه متعقد .
+
لكزتها هبة بحماس وهى تحاول مساعدتها بشكل ساخر:_
+
_ ما تستعينى بأكليشهات الروايات ال كنتى حتخربى بيتى أنا والغلبانة رانيا بيها لما أتقدم لها إياد هههههههه
+
بينما علقت رانيا بجدية وكأنها خبيرة الشلة للشئون العاطفية :_
↚
_ مين قالك إنه معقد مش يمكن مبيفكرش فى الجواز حاليا مش مستعد نفسيا خصوصا أن كل الشباب بيحب يعيش له يومين يلعب بديله
+
أردفت تسنيم بإندفعها الدائم وهى تضحك بشدة متخيلة زيزي :_
+
_ لا ما هى أمه قفشتها فى شقتهم هههههههههههه
+
زفرت زيزي بحنق وهى تلومها على إنزلاق لسانها :_
+
_ والله يستاهل ضرب الجزمة ال يقولك حاجة بعد كده .
+
ربتت هبة على كتفها ملتمسة العذر لرفيقتها :_
+
_ معلش دى تسنيم يا حبيبتى وال فيه داء
+
حاولت تسنيم مصالحتها بينما أرادت رانيا تغيير أجواء المشادات بين رفيقتيها مستفسرة بحيرة:_
+
_ خلينا فى المهم أنتى حتعملى أيه..؟
+
شبكت زيزي أصابعها على الطاولة وهى تقول بأمل متذكرة وعد والدته لها بمساعدتها لكى يكسر ابنها وحدته وليودع عذوبيته ،حيث تأكدت من حب زيزي له بسبب مجازفتها المستمرة كما أن حكايات يوسف لها عن صحفية تتبعه أينما ذهب كانت فى خلدها لكنها لم تعرف الاسم إلا حين ألتقت بها :_
+
_ مامته قالت لى أن عيد ميلاده كمان شهر وإنها حتساعدنى أقرب ليه ،بس الأول لازم فى خلال الشهر ده أعلقه بيا
+
تسنيم بفضول :_
+
_ إزاى ..؟
+
أجابت زيزي بشغف ممزوج بروح المغامرة وهى ترجع بقميصها الزيتى للوراء :_
+
_ نرجع للكلاسيك شوية ونبتديها بالجوابات
+
أردفت تسنيم بتهكم وهى تحبطها كطقسها اليومى فى نشر الإحباط :_
+
_ وتفتكرى حيحوق فيه جو ساعى البريد بتاعك ده ههههه
+
بترت هبة كلماتها:_
+
_ بتسمعى لمصطفى كامل كتير يا توتى..؟
+
عقدت تسنيم جبينها بإستفسار :_
+
_ مش معنى ..؟
+
ردت هبة بإبتسامة واسعة :_
+
_ أصلك قالبة عليه بتشاؤمك المفرط
+
لكزتها تسنيم بحذائها ذو الكعب العالى حتى تأوهت ،فهتفت زيزي بإصرار لفكرتها:_
+
_ يا ستى أدينى ححاول ومش حخسر حاجة .
+
صاحت رانيا وهى تفرقع بأصابعها بعد فينة صغيرة كمن نسى شيء لإنشغالها بمشاكل صديقاتها:_
+
_ صح إياد عاوزنا كلنا فى العنوان ده بكرة .
+
تسائلت الفتيات عن السبب لتخبرهم به وأتفقن على الإلتقاء وانصرفن جميعا مع إتصال حسام بهبة لإخباره بعودته للمنزل لتعد له طعامه، كذلك تسنيم هى الأخرى هاتفها مخرج البرنامج لإجراء بعض التعديلات على الحلقة المسجلة الأخيرة فتوترها بالفترة الأخيرة جعلها تعود للتسجيل وعدم البث المباشر لحين إستجماع نفسها وتركيزها الكلى
+
فى شقة كريم الحلفاوى
+
كانت عزة حرم اللواء الشهير تجوب المنزل ذهابا وإيابا فى غيظ وهى تفرك كفوفها ببعضهما بوعيد ،عقلها الباطن يرفض التصديق لكن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة تجبرها عليه إضافة لصورة العقد العرفى الواقعة بين يديها ،ما أن سمعت صرير الباب يفتح حتى دلفت لعتبته بسخط كبير ، والعبرات الساخنة تحرق وجنتيها المكتنزتين ،حتى شرعت بصوت مبحوح متسائلة بإستهجان:_
+
_ أنا قصرت معاك فى حاجة عشان تخونى ..!!
+
إبتلع كريم ريقه بأعجوبة وهو يفك عنه رابطة عنقه بأضطراب من بروز عروق رقبتها المنتفخة بعصبية نافيا بثقة كبيرة:_
+
_ يا حبيبتى دى إشاعات صدقينى ،ثم أستكمل ليعطى للأمر مصداقية أكبر بينما هى تطالعه بإشمئزاز لازم أعاقب الكلاب ال روجوا لها
+
ألقت بصورة العقد بوجهه ولكأنها تلقى بذكريتهما سويا على مدار ربع قرن ،عانت فيه كثيرا لكى تدبر وتساعد زوجها كأى إمرأة أصيلة ،تهز رأسها بعيون مترجرجة بالدمع :_
+
_ الكلاب..!!، على الأقل عندهم وفاء عنك
+
شحبت معالمه وتحول لونه إلى إصفرار قاتم كما تسمرت أطرافه ،وهو يتأمل ثورتها عليه ومقلتيها المشعتين بالشر ،بينما هرب المنطق من على شفتيه دفعته بكلتا يديها فى صدره وهى تصيح بنبرة تحمل فى طياتها المرارة والألم الكبير:_
+
_ قولى أيه النقص ال عندى خلاك تعمل كده يا أبو عين زايغة
+
دافع عن نفسه بصوت هادر يخفى به عملته وأنانيته المفرطة وهو يقبض على وجهها الأملس بين يديه بقسوة :_
+
_ تعبت منك ومن ريحة البصل ال بتقابلينى بيها كل يوم ، تعبت من شعرك ال مبتسشورهوش غير مرة كل سنة ، تعبت من كتر ما بشوف الستات ملكات جمال بره وأنتى ولا بواب العمارة ..!!
+
هزت رأسها عدة مرات بعنف حتى أفلتت كفه ،وهى ترمقه بإزدراء وندم على أعوامهما المنقضية معا، وعلى تحملها مر العيشة معه منذ أن كان بكلية الشرطة:_
+
_ بواب عشان بحافظ لك وبلم وراك وبدبر ..!!،ثم واصلت بعروق منتقخة عشان مرضتش أجيب خدامة من أول الزمن تشفط نصف مرتبك ..؟، عشان مبعزقش فلوسك فى البيوتى سنتر ..؟،عشان مش حل شعرى زى المهزقات ال تعرفهم بره...!!
+
لوى كريم شفتيه بإمتعاض لطول التحقيق الزوجى وهو يزفر بقوة مردفا لإنهاء تلك المهزلة :_
+
_ يوووووه دى بقت عيشة تقصر العمر
+
فجائتهم نفين بجسدها المرتجف فى ذلك الوقت وهى تحمل حقيبتها الجلدية بتوتر عائدة من النادى بذعر على صواتهما مستفسرة لكن ،ووالدتها لم تلتفت لها بل واصلت بإنفعال أكبر وهى تلوح بكفها بسخط:_
+
_ أنا حمشى وسيبهالك مخدرة عشان ال زيك ملوش غير واحدة تدوس فى مصراينه ومتتقيش ربنا فيه لا فى ماله ولا بنته
+
علق كريم وهو يتجه إلى غرفة مكتبه بغمغمة غير مفهومة :_
+
_ السكة ال تودى
+
إنهارت عزة على الأريكة القديمة وهى تدفن عبراتها بين كفيها ،ووجهها محتقنا بالدماء تشنجاتها المتقطعة تتذكر أيامهما الأولى فى تلك الشقة وصبرها عليه منذ أن كان فقيرا معدما لا يتعدى كونه طالبا بكلية الشرطة إلى أن أرتقى إلى أعلى المناصب منذ عدة أشهر وبالرغم من عرضه عليها لتركهما شقتهما القديمة إلا أن إيمانها بضرورة تجهيز نفي على أعلى مستوى وصيحة كان أكبر،ففضلت ابنتها على نفسها ،جذبتها نفين من رسغيها وهى تهزها متسائلة بهلع:_
+
_ معقول يا ماما حتسيبى البيت ،طيب والعشرة ال ما بينكم..؟وأنا ...؟
+
سهمت عزة للحظات لترفع إبتسامة ألم على شفتيها وعدم تصديق لما فعله شريك الدرب معها :_
+
_ العشرة ال مقدرهاش هو متلزمنيش،ثم إستكملت وهى تمسح دموعها بقماشة بيضاء صغيرة وبنبرة صوت متهدجة تحمل الشعور العميق بالمسئولية أنا أستحملت عشانك كتير إهانات ومرمطة وبقول كله عشان بنتى ،بس اليوم ال حتتجوزى فيه هو اليوم ال حسيب فيه أبوكى للأبد .
+
تنهدت نفين بضيق وهى تضم رأس والدتها إلى صدرها بحنان ووجهها منكمش لتألمها ،حتى إنصرفت عزة إلى الحمام لتغسل وجهها ولإستعادة حيويتها ولكنها لا تزال فى أوج غضبها فأعادت مشاداتها مع زوجها مرة أخرى ،بينما نفين تنفخ بإستياء لتأزم الأوضاع فى الفترة الاخيرة ،والدتها فى الداخل تصرخ طالبة الطلاق،ماذا إن حدث ذلك قبل عقد قرانها..؟، هل يتراجع معتز لدخوله على عائلة مفككة
+
أسريا وإن تمسك بها فماذا عن والدته ،تناولت نفين هاتفها وهى تنقر برقمه على سطح الشاشة بإنتظار لإجابته حتى أقنعته بتحديد القران بأسرع وقت ممكن لتكاثر الأقاويل عن طول مدة خطوبتهما
↚
بمدينة 6 أكتوبر
+
أستقلت زيزي دراجتها البخارية فى نشاط مع عقارب السادسة والنصف صباحا قبل الذهاب لعملها وكذلك يوسف لمدرسته ،وهى تدندن مع فيروز حيث ثبتت السماعات بأذنيها جيدا ،" يا مرسال المراسيل على الضيعة القريبى ،خد لى بدربك هالمنديل وأعطيه لحبيبي ،على الداير طرزته شوي " كتبت له قصة عمر بدموعى القريبي خد لى بدربك هالمنديل وأعطيه لحبيبي " ، تحرك بقدميها بدلات الدراجة فى نشوة وهى تلمح من على بعد عربية يوسف مواصلة بسعادة "بيته بأخر البيوت قدامه علية بتر غنائها عتريس الجالس على مصطبتع على بعد عدة أمتار خبطت على رأسها وهى تكز على أسنانها"أيه الغباء ده إزاى نسيته أوف "، إقتربت ببنطالها الازرق وقميصها نفس اللون وهى تركن عجلتها على الصف الثانى لعدم خلو مكان فى الصف الأول، هب عتريس ناحيتها فأنزلت كابها لتدراى عينيها بينما عتريس يقول :_
+
_ ممنوع الوجوف هنا صف تانى
+
تنهدت زيزي وهى تقبض على جوابها معلقة وهى ترمق عجلتها بعدم إكتراث لحديثه:_
+
_ هى يعنى عشان ملهاش مراية تلمعها حتخنقنى ...؟
+
رد عتريس بنفس إصراره على مغادرتها وهو يعلق بسأم:_
+
_ بجولك أيه أنا مش عايز مشاكل خد العجلة بتاعتك وأمشى من هنا
+
زفرت زيزي بضيق من مماطلته قائلة وهى تشير لكرسيه المستقر بمدخل العمارة بلهجة أمرة مخيفة:_
+
_ أنا ال بجولك أيه خد كرسيك وروح أجعد بعيد متعصبنيش عليك .
+
أثارت مناداتها له باسمه ريبته ،فضيق عينيه وكأنه بحاول التعرف عليها وهو يلوى رقبته يمنى ويسرى متعجبا:_
+
وأنت عرفت منين أن اسمى عتريس..؟
+
أجابت بتلعثم لعدم ترتيبها لما ستقوله وهى تخرج كارنيه الجريدة فى وجهه قائلة :_
+
_ عشان أنا أنا مباحث يا عتريس
+
حلت عليه الكلمة كالصاعقة فضرب بكفه على رأسه وهو يقول بلهجة متقطعة مضطربة:_
+
_ يا خبر أبيض الداخلية بذات نفسيها ...، ثم واصل بعد ثوان وهو يتذكر أين سمع تلك النبرة كما أن الدراجة لا زالت تثير ريبته:_
+
_ بس مش غريبة شوية إنك جاى بالعجلة مش بالبوكس ..؟
+
علقت زيزي وهى ترفع النضارة الشمسية على وجهها وشاربها مثبت فوق شفتيها بإحكام وبصوت شبيه بالرجال:_
+
_ أصل أنا صديق البيئة جيت بالعجلة عشان التلوث وجده ، أنت عارف
+
فتح عتريس شفتيه بإمتعاض فأسكتته زيزي بحزم ووعيد :_
+
_ عتريس روح كل عيش بدل ما تتوحشك أم العيال الليلة وتبيت فى الحجز
+
تركت عتريس بين ظنونه إتجهت إلى المرأة الأمامية لسيارة يوسف،لتثبت عليها رسالتها الكلاسيكية التى تحمل فى داخلها مقتبسات لغادة السمان ومقدمة من صنع يديها بعجلة وقد ترامى لأذنها صوت البواب وهو يهلل بنزول يوسف ويستقبله ، فأختبئت خلف أحد أعمدة الإنارة بذعر من أن يكون رمقها ،لكن رامى سبق أخيه لإلحاح البواب بإخبار يوسف عن حدوث أشياء غريبة فى العمارة ،يسير رامى صوب السيارة حتى لفتت تلك الرسالة المتدلية نظره ،فمسكها وهو يرفع حاجبيه بدهشة ليطالع ما بها لكن زيزي قفزت عليه فى هلع وهى تعنفه:_
+
_ حاجة مش بتاعتك بتفتحها ليه ،أيه الناس الحشرية دى .
+
وضع رامى سبابته أسفل ذقنه وهو يقوس شفتيه محاولا تذكر تلك النبرة ،حتى نزع عنها بشكل مفاجىء وهى تعيد تنظيمها على المرأة شنبها الصناعى ،فأتسعت عينيها بذهول لجرأته فأردف بضحك:_
+
_ هو أنتى يخرب عقلك معرفتكيش .
+
سحبت منه الشنب الصناعى بعنف وهى تحاول تثبيته بلا جدوى حتى جاء يوسف من خلفها وهو يقول :_
+
_ مين ده..؟
+
تنحنح رامى وهو يحاول كبح ضحكاته متصنعا الوقار:_
+
_ ده ده واحد عاوز مساعدة
+
تسائل يوسف بشفقة وهو يضع يديه فى جيبه :_
+
_ عاوز أيه ...؟ فلوس ...؟
+
مدت كفها تجاهه ورأسها منتكس فى الأرض بخجل وخوفا من أن يكشفها ،أحس بقشعريرة باردة فى جسده فقال بحيرة :_
+
_ أنت مبتتكلمش ليه..؟ ثم ألتفت لرامى :_
+
_ هو أخرس ..؟
+
أوما رامى بالإيجاب وهو يحاول تخليصها بلطف من مأزقها المحرج :_
+
_ ده أخرس شحــ
+
فرمت زيزي بحذائها قدمه حتى تأوه فسأله يوسف عن ما حل به فأردف :_
+
_ يلا عشان منتأخرش على الكلية
+
ما أن ولج كلاهما إلى مقاعدهما فى نشاط متجهين إلى أعمالهم ،حتى تنهدت زيزي بإرتياح وهى تجفف وجهها الممتلىء بالعرق،أعطى رامى لأخيه الرسالة وهو يوضح له وجودها على أمام السيارة ،ففتحها يوسف بإستغراب ليجد نصها يقول" دع عنك المقدمات التقليدية الروتينية القاتلة من عزيزي و صديقى وغيرها . فأنت أقرب لى من وريدى ،أعلم إنك مندهش لجرأتى ،ولربما لإننى أتحرك صوبك كما يتحرك كل حي صوب الضوء وأهمس باسمك كما يهمس السجين البرىء باسم الحرية ،وأحبك بأسلوبى الخاص المتوحش الأبكم"جملة مقتبسة من الأديبة المفضلة لزيزي غادة السمان " ،و لربما تعلقنا بالنجوم وحرمنا الله متعتها ليهبنا القمر وهو الأسمى والأعلى ، أرجوك كن لى إمضاء مريم " ،طوى يوسف الرسالة بإعجاب والإتبسامة تعلو ثغره بينما رامى يتابعه بترقب فعقد رامى حاجبيه بإستهبال:_
+
_ مين مريم دى ..؟
+
رد يوسف بعذوبة وهو يضغط بصف أسنانه العلوى على شفتيه:_
+
_ ده اسم البطلة فى أخر رواياتى
+
غمز رامى:_
↚
_ أيوة بقى
+
رد عليه يوسف وهو يلملم بهجته التلقائية :_
+
_ أحم أنا بقول يلا عشان أتأخرنا
+
فى إحدى الأحياء الشعبية
+
ألتقى إياد مع حبيته رانيا برفيقاتها تسنيم وزيزي مع طارق وحسام فى منزل شريف متبولى ،ليشرعوا فى وضع خطتهم لإنهاء الحديدى بشكل كلى وتام ،أعد لهم شريف أكواب من المشروبات الساخنة ما بين النسكافيه إلى الشاى إلى الكركديه ،وهو يسحب كرسيه الملتصق بالسفرة الملتفين حولها ،وإياد يتقدم بذقنه للأمام بحيرة قبل أن يعرض عليهم خطته الخاصة :_
+
_ مقولتلناش أيه الخطة ال قولت لرانيا حتنهيه بيها ...؟،وأيه مصلحتك من ده ..؟
+
أتشحت عينيه بالغموض والوجوم ،وأصفرت قسمات وجهه الأسمر فأغمض عينيه ليتحاشى إبراز دموعه أمامهم ليعيد فتحها متنهدا:_
+
_ أنا خريج سياسة واقتصاد ، البداية كانت من 25 سنة لما بابا كان شريك لوالد معتز فكان اسم الشركات دى فى الأول الحديدى و المتبولى للإستيراد والتصدير ،الأتنين بنوها بتعبهم ومجهودهم وبدأوا حرفيا من الصفر،لكن لما والد معتز تعب ،وابنه مسك الشركة وأنا فى 2 جامعة ،معتز جشعه عماه خلاه يمضى بابا على صفقة مخالفة قانونيا .
+
قاطعته تسنيم بدبشها متهكمة:_
+
_ ده على أساس مبيعرفش يقرأ ويكتب مثلا
+
لكزتها هبة برفق ،وزيزي الجالسة بجوراها تميل عليها قائلة :_
+
_ تسنيم أخرسى خالص يا حبيبتى نقطينا بسكاتك
+
إعتذرت رانيا منه بعد أن لاحظت حنقه من سخرية صديقتها ،وطلب منه إياد أن يواصل فأستطرد بمرارة وغصة بحلقه:_
+
_ بنود العقد كانت سليمة كلها عدا بند واحد تم التلاعب بيه من قبل المحامى ال فضلنا مأمنينه على كل شئونا القانونية مدة كبيرة جدا ، ولما الصفقة دى دخلت المطار وأتمسكت اسم بابا ال جه فى الموضوع وأتقبض عليه،والأسهم راحت لمعتز ، وقبل القاضى ما ينطق بالحكم بابا بابا جت له سكتة قلبية وصمت لثوان وعينيه ممتلئتان بالدموع ومات ..!!
+
ربت إياد على كتفه بمواساة ،فى حين قالت رانيا بإستنتاج:_
+
_ عشان كده قررت تشتغل عنده وتنتقم..!!
+
علق وهو يهز رأسه بألم:_
+
_ مكنش موافق ،بس إحساس والده بتأنيب الضمير وإلحاحه على معتز أجبره إنه يشغلنى
+
بعد لحظات صمت قصيرة قالت زيزي بفضول:_
+
_ تفتكر أيه الخطة ال ممكن ننهيه بيها...؟
+
رد وهو يتذكر حديث معتز بالمكتب عن مدى أهمية تلك الصفقة بنسبة له وعينيه تلتمعان بفكرة الإنتقام:_
+
_ فى مشروع لو تم حيبقى الضربة القاضية ليه .
+
قال إياد بشغف كبير وهو يحتضن فنجان الشاى بين كبشتيه :_
+
_ أيه هو ...؟
+
واصل بنفس رغبته الإنتقامية :_
+
_ فى بضاعة جاية للمخازن بكرة ،معتز حاطط فيها دم قلبه وأخد قروض لإنه ضامن نسبة نجاحها
+
شاركهم حسام بالحديث كاسرا لصمته منذ بداية الجلسة نظرا لكونه ليس إجتماعيا بالدرجة الأولى :_
+
_ يعنى أنت شايف أننا نحرقها له وبكده يبقى خسر ثروته ...!!
+
أومأ بالإيجاب بينما ضم طارق شفتيه مستفسراً:_
+
_ بس إزاى ده أكيد مأمن عليها جدا .
+
أجاب إياد بوميض خبيث فى عينيه :_
+
_ إزاى دى حنتعاون فيها كلنا ،وأقولكم حنعمل أيه...؟
+
فى أفخم قاعات المناسبات المطلة على النيل
+
كانت نفين بفستانها الرمادى متأبطة لذراع معتز فى نشوة ، وهما ينقلان نظرهما فى أرجاء القاعة يرافقهما المسئول عنها ،ليشرح لهم ديكوراتها الملكية تتدلى الثريات الكريستالية من السقف معلنة بأضوائها الملونة الجميلة عن وجودها ،وليزيد المسئول من حماسهم واصل فى توضيح لباقى فقرات الحفل:_
↚
_ أول حاجة الزفة لو حابين تعملوا حاجة مميزة فأحنا ممكن نجيب فرقة موسيقية أو شعبية زى حجازى متقال يستقبلكم بالمزمار
+
أومأ معتز بالموافقة وهو يرمق المسئول بجدية ليستكمل:_
+
_ أما المعازيم فالقاعة هنا تشيل 500 فرد ،وفقراتنا ليهم مميزة
+
عقد معتز ما بين حاجبيه بإستغراب:_
+
_ مميزة إزاى يعنى..؟
+
رد المسئول وهو يعدل رابطة عنقه بفخر :_
+
_ أول فقرة حنقدم لكل ضيف لوحات canvas عشان يرسموا فيها ويطلعوا مواهبهم الفنية ،والفكرة دى أهميتها أنها تسليهم فى الحفلة قبل دخول العروسين ،وفى نفس الوقت حتبقى تذكار تمام..؟
+
دقق النظر معتز فى ملامح نفين وكأنه يستلهم الرد ،فلمح السعادة وهى أن تكاد تقفز من عينيها ،ينصت كلاهما للمتعهد بحماس :_
+
_ تانى حاجة حنعمل ورق صغير وحنكوره وحيبقى على كل طربيزة فى مزهرية أزاز واسعة ، الورق الصغير حيبقى متضمن لكلمات متقاطعة أو أسئلة عنكم زى مثلا أول مرة أتقابلتم فين ..؟،أمتى كانت خطوبتكم ..؟، حتسموا أولادكم أيه ..؟ ،وده ميزته أنه حيخليهم متفاعلين معاكم
+
علق معتز بتساؤل :_
+
_وبنسبة لتقديم العشاء أيه الأفكار ال تخلينى أفضلكم عن غيركم ..؟
+
أجاب المسئول وهو يشير إلى اكشاك صغيرة فى أرجاء القاعة تبدو فى غاية الاناقة ،ليفتح باب إحداها:_
+
_ هنا وجبات الأكل الأساسية قدام شوية كل كشك فيه تسالى زى الفشار والسودانى وغيرها يتسلى بيها المعازيم لغاية ما يبدا البوفيه
+
إستدار معتز لخطيبته المتشبثة به كطفلة صغيرة :_
+
_ أيه رأيك يا حبيبتى....؟
+
هتفت فى مرح وهى تصقف بكلتا يديها :_
+
_ جميل جدا يا حبيبى بس الكوشة نظامها أيه ...؟
+
صحبهم المتعهد صوبها وهو يشير لها موضحا :_
+
_ أحدث الموضات المتبعة حاليا البساطة يعنى حنعمل دمج للورود بأشكالها المختلفة وبإرتفاعات مختلفة حسب الطلب ، مع بريق من الكريستال والشموع الكلاسيك والإضاءة
+
ربت على كفي خطيبته بحنو وهو يبتسم فأرتفع هاتفه بالرنين ليضغط على زر التجاهل ملتفتا لمنظم الحفل :_
+
_ تمام حنحجز القاعة يوم الخميس الجاى ، وحكتب لك شيك بالمبلغ
+
أمام المبنى الرئيسي لشركات الحديدى
+
أنقسمت الشلة لفريقين فريق أمام الشركة وهما هبة وحسام متنكر حسام بزى رجل عجوز يسحب عصاه الخشبية أمامه وهبة كابنته لكى يشاغلوا الأمن ليسحب شريف حاملة المفاتيح المقيمة فى درجهم المتعلقة بكل أبواب الشركة ليتجه إلى رانيا ليخرجوا من الباب الخلفى للشركة المطل على باب خلفى للمخزن عقب إعطاء إياد لها الإشارة ،وتسنيم وطارق مع إياد وزيزي أمام المخزن الخلفى الملاصق للشركة ،ترجلت هبة ببطنها المنتفخة بالملابس متظاهرة بالحمل وهى تستند على حسام بوهن بعد أن أتصلت برانيا القابعة فى الشركة بحجة إنجاز بعض الأعمال المتأخرة يرافقها شريف لتنفيذ خطتهم ما أن وصلتها إشارة هبة حتى أطلت برأسها من نافذة ،مقتربة من رجال الامن البالغ عددهم أثنين أمام مبنى الشركة وهى تنهج بإعياء وحسام يتظاهر بالهلع عليها بينما يتابع الأمن الموقف بإنتباه ،تناهى إلى مسامعهم قول حسام بخوف وهو يقبض على كفى هبة المتقلصة معدتها:_
+
_ مالك يا حبيبتى حتولدى دلوقتى ولا أيه ...؟
+
أجابت وهى تبتلع ريقها بأعجوبة كبرى وعينيها ككرات الدم :_
+
_ عاوزة أقعد يا بابا تعبانة حاسة إنى حسقط
+
كمش وجهه بألم وهو يطمئنها لائما زوجها:_
↚
_ أنا مش فاهم إزاى بس تسيبي بيت جوزك فى نصاص الليالى كده ..؟
+
أردفت بتعب مبررة:_
+
_ كان بيضربنى يا بابا فى بطنى عاوز يسقطنى بيقولى انا عارف أصرف عليكى لما تجيبي لى عيل أصرف عليه،ثم صاحت بهستيريا كبرى أفزعت بها رجال الأمن أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه بطنى سكاكين بتتقطع
+
هدهدها حسام بحنان بالغ وهو يجر عصاه صوب رجل الأمن الواقف بالورقة المثنية بين كبشتيه :_
+
_ ممكن تجيب لى الدواء ده ربنا يسعدك ..؟
+
رد عليه بخشونة وقسوة :_
+
_ وأنت متجبهوش ليه ...؟
+
أصدر حسام تشنجات قصيرة وقد أصفر وجهه ليقول بصوت مبحوح وهو يشير لركبتيه :_
+
_الروماتيزم مبهدلنى يا ابنى وزى ما أنت شايف أنا بتحرك بالعافية لولاش إنها يتيمة الام وجوزها بهدلها مكنتش نزلت فى نصاص الليالى .
+
شعر زميله بالأسى والشفقة على حال العجوز المزيف فرمق زميله :_
+
_ خليك أنت ،حروح أجيبهوله أنا عشر دقايق وأكون عندك
+
دعا له حسام وهبة تكاد أن تفسد الامر بسبب ضحكاتها التى تورايها بصراخ عال متفق عليه لنفاذ الجزء الاول من خطة وهى تطالع سماء حيث تقف رانيا مع شريف :_
+
_ أييييييييييي أييوووووووووووووو
1
هبط شريف عقب مراقبتهم وتأكدهم لمغادرة فرد الأمن الأول السلالم بخفة وهو يقف خلف عمود ضخم بحذر ليراقب فرد الأمن الباقى معطيا ظهره للمكتب ،لمحته هبة الجالسة على كرسى خشبى فقال حسام لشد إنتباهه له لحين ستل شريف للمفاتيح :_
+
_ الله يقويك أنت وال زيك يا ابنى بتكافحوا وبتشقوا عشان عيالكم فى عز البرد ده
+
كاد أن يلتفت فرد الأمن للخلف حين سمعة شخشخة المفاتيح لكن هبة أفزعته بصراخها العالى للغاية :_
+
_ أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه
+
صعد شريف بالحاملة فى تلك الأثناء السلم بقفزة واحدة لرانيا ،بينما أخذت هبة وحسام يشاغلون رجال الأمن ،كانت رانيا واقفة خلف الباب الخلفى للشركة برفقة شريف فى إنتباه وحرص كبير للغاية ، منتظرين الإشارة من إياد ليعلن لهم عن غختفاء أفراد الأمن الواقفين أمام الباب الخلفى للمخزن المطل على باب خلفى للشركة
+
أمام المخزن الخلفى الملاصق لشركات الحديدى للإستيراد والتصدير
+
أتخذ إياد التدابير اللازمة حيث أتى بسيارة نزعت منها اللوحة الرقمية لكى لا يكشف أمرهم ،كما إن الجميع تنكروا فى أزياء ريفية حتى لا يتعرف عليهم رجال الأمن ، عدا حسام وهبة أمام أبواب الشركة توقف كلاهما لإشغال الأمن لحين أن يستل من المكتب الخاص بهم شريف المفاتيح ورانيا فى الشركة متظاهرة بالإنشغال ببعض الأوراق الهامة لتأمن الأجواء لشريف لكى يخرج من الباب الخلفى للشركة متوجها للباب الخلفى للمخزن ،يقف على حراسته أثنين من أفراد الأمن وهم يحملون أسلحتهم ،واثنين أخرين على الباب الامامى ،كانت سيارة إياد تسير بسرعة قصوى ،وزيزي تدفع الباب الأمامى لبدء خطتهم ،بينما إياد يحاصر معصمها بعصبية مصطنعة ،حتى نجحت فى الترجل وهى تهرع من الخوف متجهة صوب رجال الأمن وهى تحاول إلتقاط أنفاسها المتقطعة المنهجة ،يتبعها إياد والشرر يتطاير من عينيه فى عباءة ريفية وتسنيم مع حبيبها بالخلف ،فصاحت زيزي زهى تتشبث بكلتا كبشتيها بالزى الأزرق لرجل الأمن ممدوح بدموع مترجية زائفة:_
+
_ ألحجنى يا بيه خطفنى وعاوز يتجوزنى غصب أهىء أهىء
+
زفر إياد بحنق وهو يمد ذراعيه ليسحبها صوبه لكنها مختبئة خلف رجل الأمن بأقدام مرتعشة متوترة من فشل العملية :_
+
_ اللهم طولك يا روح ،لو موجفتيش جدامى هنهو حمد أيدي عليكى يا بت الناس
+
ردت عليه بتهديد وهى تشير للجسد الضخم المندهش أمامها :_
+
_ ليه أنت فاكره هفية وحيسكت لك ..؟
+
هز ممدوح رأسه بعدم إستيعاب ليتأفف من صداعهم قائلا:_
+
_ روحى مع جوزك وحلوا عن سمايا من فضلكم
+
عقبت زيزي بسخط وهى تضع يديها على خسرها بوجوم :_
+
_ بجى دى الشهامة بتتخلى عن ولية منكسرة بتتحامى فيك ...؟
+
أردفت تسنيم وهى تجاهد لكبح جماح ضحكاتها لتأكيد بإنها زوجته:_
+
_ متصدقهاش دى مراته بس صحتها العقلية بعافية شويتين .
+
رمقتها زيزي بنظرة نارية لوصفها لها بالجنون ، لتصيح بإنفعال حاد :_
+
_ كدابة دى مرات صاحبه وجايبهم يشهدوا على العقد العرفى يرضيك جده...؟
+
إلتفت ممدوح لها وهو يكز على أسنانه بسأم ليدفعها أمامه بعنف:_
+
بلا يرضينى بلا ميرضنيش أتفضلوا خدوا بعضكم بعيد عن هنا ده محل أكل عيش
+
تدخل طارق لتهدئة الاوضاع وهو يعلق بمنطقية و حكمة :_
+
_ يا جماعة أستهدوا بالله الخلافات دى تتحل فى البيت بالهدوء .
+
هتفت زيزي بنبرة صوت مختنقة ومشحونة بالدموع:_
+
_ لا منيش متزوجاه يعنى مش متزوجاه ،هى غصابنية ...؟
+
كور إياد يده ليلكمها ليضفى على لأمر جدية أكبر ،لكنها إنبطحت لتجىء اللكمة فى وجه ممدوح :_
+
_ أيوة غصابنية أنا حشوف الليلة دى أنا ولا لا أنتى
+
تحسس ممدوح وجهه الوردى أثر اللكمة وهو يحاول أن يتمالك أعصابه لكى لا يرتكب جناية كبيرة لكن حضور زميله من على بعد وهو يحمل أكواب الشاى،ليضعها بسرعة وهو يمنع ممدوح من التهور ملتفتا لهم بتحذير:_
+
_ لو ممشتوش من هنا حالا حبلغ البوليس
+
عقبت تسنيم بهدوء :_
+
_ لا بوليس أيه ، الطيب أحسن
+
نظر طارق لساعة تليفونه القديم ليجدها مشيرة للعاشرة مساءا ليعلق بلوم: _
+
_ الوقت أتأخر يلا بينا ميصحش الوجفة كده فى الشارع
+
شدها إياد من فروة رأسها برفق وهو يقول بلهجة أمرة :_
+
_ أتفضلى يا هانم
+
لوت فمها بإنفعال وهى تحاول أن تتخلص من قبضة يده صارخة:_
+
_ لا والله أصوت وألم عليك الناس وأجول بيتحرش بيا
+
دفعها السكيورتى للأمام بعد أن نجحت فى التخلص من قبضة إياد وهى تحاول الإختباء بشعرها الثائر الغجرى خلف ممدوح مجددا لكنها أزاحها للأمام بقسوة ألامتها حتى عاتبته بغضب:_
+
_ بقى بتزقنى يا عديم الإنسانية والشرف أنت
+
رد بتشفى وهو فى زيه الرسمى :_
+
_ تصدقى بالله تستاهلى ال بيعمله فيكى
+
كان إياد يتفحص هاتفه فوصلته الإشارة من رانيا بنجاحهم فى ستل المفاتيح من أمن الشركة ،فأشار لزيزي بأصبعه بالحركة المتفق عليها فرفعت حاجبيها بوعيد وهى تستنجد بهلع :_
+
_ جده طيب يالهووووووووووووووووتى ألحقونى يا ـــ
+
ركض رجال الأمن من الباب الخلفى نحو مصدر الصوت خاصة بعد إستنجاد شاكر بهم بعد أن فقد ممدوح أعصابه وهو يكيل الضربات لزيزي وطارق وتسنيم يحاولون تسلكيها بتشنجاتها وصراخها من بين يديه بينما أخرج إياد هاتفه لإعطاء الإشارة لرانيا بترك الأمن لمواقعهم فى باب الخلفى للمخزن ،أنتبه على صوت جلبة فرفع مسدسه فى وعيد على رجال الأمن لكى يبتعدوا عن زيزي وبعد لحظات أصدر هاتفه أزيز خافتا معلنا نجاح العملية ،بينما صاح شاكر للحرارة التى لهفت جسده مستديرا للخلف ليجد المخزن وقد أكلته ألسنة النيران يركض مع رفاقه فى حالة من الفزع وهم يحاولون إطفاء الحريقة بينما فر إياد مع زيزي وتسنيم ،كذلك هبة مع زوجها عقب هلع الأمن على على صوت صراخ عال "حرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررريقة ألحقوووووووووووووووووونا "
↚
كان معتز مع خطيبته فى السيارة ليوصلها إلى منزلها حين أتاه ذلك الخبر السيء ،فغير مساره فى غضب ،وهو يسب ويلعن الأمن بأسوء الألفاظ ويتوعدهم بالجزا والخصومات وإن لم يكن الرفد التام ،تحاول نفين مواساته والوقوف إلى جانبه بصوتها المبحوح الحزين لأجله ،لكنه صاح بها بإنفعال كبير وهو يضع يديه على الدريكسيون :_
+
_ المخازن دي كان فيها كل ثروتى كل ما أمللللللللللللللللك
+
إبتلعت نفين ريقها بأعجوبة ودقات قلبها متسارعة:_
+
_ كل حاجة ممكن تتصلح بس أهدى يا ميزو متعملش فى نفسك كده .
+
نظر نحوها فجأة ثم حول السيارةإلى زقاق مظلم وأوقف المحرك ليهتف بحدة :_
+
_ جايبة البرود ده منين ...!!،بقولك أنا أنتهييييييييييييييييييييييييييييييت مبتفهميش...!!
+
تسارعت العبرات على وجهها الساخن بلا إرادة منها وهى تتشنج حتى واصل معتز بحنق ووعيد:_
+
_ صوتك ده بيستفزنى مش عاوز أسمعه نقطينى بسكاتك ثم أضاف حين لمح إضطراب هيئتها فى نفور ليفتح الباب :_
+
_ ولا أقولك أنزلى يا نفين مش عاوز أشوف حد دلوقتى وسبيني لمصيبتى يلااااااااااااااااااااا
+
علقت بذعر وجسدها ينتفض من قسوة كلماته وملامحه وهى تقول بصوت مبحوح:_
+
_ مش حنزل يا معتز عشان عشان أنا بحبك ومهما كانت الظروف مش حسيبك
+
زفر معتز وهو يكز على أسنانه بغيظ كبير ليعيد تدوير السيارة صوب المستودعات التى تحولت إلى ركام فبات يمسك الكراتين المحترقة بالبضاعة وهو يبكى لإحساسه بالقهر ،يصرخ فى وجه رجال الأمن ويكيل لهم التهديدات والجزاءات المختلفة ،مزق قميصه بعنف وهو يتأوه فى ألم نفسي كبير:_
+
_ أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأااه شقى عمرى ضااااااااااااااع .
+
دنت منه نفين بأقدام متوترة بعد أن إرتكز على ركبتيه تسيل دموعه بمرارة ،تضمه نفين بشفقة إلى قلبها وهى تربت عليه بعطف ،قطعه نظرات شريف من على بعد عدة أمتار المتشفية والشامتة لما حدث له ،أنقض عليه معتز ليمسك بياقة قميصه بعصبية وإستنكار:_
+
_ ليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه...!!، ده جزاء الإحسان وإنى اويتك ..!!
+
ندت منه إبتسامة ساخرة مليئة بالغل:_
+
_ أوتنى..!، ده على أساس إنك مش أنت ال سرقت منى ملكى ،ثم أفلت يديه من على ياقته وهو يقول بنظرات كلها إنتقام وكراهية:_
+
_ ده جزاء الظلم يا معتز لكل ظالم نهاية ،شوف كام واحد أتأذى بسببك ،شوف شردت كام بيت
+
كز معتز على أسنانه بسخط وهو يلكم شريف الذى أنطلقت نظراته النارية ليضحك بشكل هستيرى :_
+
_ ضربك مش حيغير حاجة أنت إنتهيت يا معتز إنتهيييييييييييييييت
+
إنهارت قوى معتز مع الجملة الأخيرة فضم ركبتيه إلى ذقنه ليدارى وجهه بينهما وهو يبكى بوجوم وإحساس العجز يتملكه ،غير مصدق لإنتهاء أسطورة الحديدى إلى جانبه نفين تحاول تهدئته ،بينما رحل شريففرفع معتز وجهه المحتقن بالدماء ليقول بإنكسار:_
+
_ شقى طريقك يا نفين أنا منفعكيش ،خلاص إنتهيت
+
هزت رأسها بنفى فواصل:_
+
_ مش حقدر أعمل الفرح فى أكبر قاعة ولا زفة زغاريط وفرح زى ما كنا عاوزين أنسيني .
+
أنكمش وجهها بألم وهى تتشبث به بإصرار قائلة وهى تحتضنه :_
+
_ مش حسيبك يا معتز ال بينا مكنش فلوس كان حب ولو على فلوس حنحجز فى قاعة أقل وحقنع بابا يساعدنا
+
فى مكتب مدينة نصر
+
ترتشف رانيا كوب النسكافيه الساخن بفضول للمفاجأة التى أعدها لها إياد وهى الخطة ب ،بينما حبيبها بالخارج يجرى بعض الإجراءات الهامة تاركا إياها للشغف يفترسها ،بعد لحظات دلف إلى الباب ليغوص بجسده الضخم على كرسيه الزيتى بنشوة وهو يغازل عينيها بينما تنحنت :_
+
_ مقولتليش أيه الخطة ب
+
أجاب لإثارتها بشكل أكبر :_
+
_ تفتكرى عن أيه ....؟؟
+
وضعت سبابتها على جبينها تحكها فى تفكير :_
+
_ ممم مش عارفة
↚
أردف بنبرة صوت رقيقة عذبة تحمل فى طياتها الغموض:_
+
_ لا لا مرات الرائد إياد بتستسلم من أول جولة مش قادر أصدق
+
صفقت بيديها فى سعادة وفرحة كبيرة وهى تقول بخبث:_
+
_ قول تانى كده ...؟
+
علق بهدوء وبطء :_
+
_ رانيا الزيات مرات الرائد إياد الديب
+
قبلته بتلقائية وهى تهتف بمرح :_
+
_ بحبك اوى يا إياد
+
تنحنح لوجودهم فى مكان رسمى ، بينما أعتذرت وأحست بالخجل الشديد،ففرقع إياد أصابعه ليدخل شخص بجسده الهزيل لتساله رانيا عن هويته فعقب وهو يدور بكرسيه الدوار موجها نظراته نحوه :_
+
_ ده أول طرف الخيط ال حيحط معتز فى السجن
+
عقدت ما بين حاجبيها بذهول :_
+
_ إزاى ...؟
+
ضيق ما بين عينيه قائلا بفخر :_
+
_ بقالى مدة شغال فى موضوع الحادثة ال حصلت لى والسبب وراها ،وبجمع معلومات ثم أشار للرجل الغريب الواقف:_
+
_ وكان من ضمن إجراءات تحرى طلبت من شرطة المرور كل مخالفات فى اليوم ده ، وهو طبعا خبطنى وطلع يجرى فكسر الإشارة ورقم عربيته أتاخد
+
تلعثم المجرم مدافعا:_
+
_ يا بيه أنا معرفكش
+
نهض إياد وهو يلوى إياد شفتيه بعدم رضا مقتربا منه ليصفعه :_
+
_ حتكدب يا روح أمك ...!، ثم أضاف بتهديد ذعرت منه رانيا فهى أول مرة يتعامل إياد أمامها مع مجرم تلك القسوة بينما هو مصر على النفى قال إياد وهو يرمق باش كاتب :_
+
_ ممم ماشى ،إكتب يا ابنى إنه فى تاريخه اكتب تاريخ النهاردة عند فى تمام الساعة الثامنة والنصف مساء تمكنت قواتنا من إلقاء القبض على المجرم الهارب حسين أشرف بتهمة حيازة المخدارت والإتجارــــــــــ
+
قاطعه حسين برجاء وهلع:_
+
_ لا يا بيه حعترف والله حعترف .
+
إبتسم إياد بإنتصار:_
+
_ ما كان من الأول .
+
قال حسين وهو يلتقط أنفاسه بتردد :_
+
_ ال كلمنى هو واحد اسمه ياسر شغال فى شركة الحديدى وقالى أعطل الفرامل وألحقك يا بيه عشان تزود سرعة وتحصل حادثة
+
أشار إياد لمساعده بكتابة المحضر وصياغته بشكل قانونى فى حين صاحت رانيا بنشوة :_
+
_ حتقبض عليه أمتى يا ديدو ...؟
+
أجاب وهو يقبل كفها الناعم برومانسية مكتنفة بالتشويق:_
+
_ دى مفاجأة يا حياتى ، فألحت عليه ليبلغها فأجاب:_
+
_ شريف كلمنى وقالى على معتز وال حصله وخطيبته فرحهم زي ما هو ،يوم الفرح الصحافة والإعلام كلهم هناك ،حتبقى فضيحته موثقة صوت وصورة وعشان يبقى يوم ميتنسيش لا فى حياته ولا حياة نفين .
↚
رانيا بغموض:_
+
_ أنا لازم أحضر الفرح ده
+
إياد بإندهاش:_
+
_ ليه ...؟
+
رانيا بجدية بالغة :_
+
_ فى أمانة لمعتز عندى ولازم يستلمها
+
فى الكافيه المشهور بالمهندسين
+
تلاقت الفتيات مع احبائهم وأزواجهم ،تستقر أكواب المشروبات الساخنة أمامهم بينما تسنيم غارقة بمقرمشاتها إلى جوراها طارق ،كانت هبة على المقعد الأخر إلى جوار حسام الفرحة بادية على وجوههما ،بينما إياد ورانيا لعى الكراسى المقابلة ،كانت زيزي واجمة للغاية وغائبة فى هاتفها،فبدأ حسام بالتنحنح وهو يقبض على كف هبة بسعادة قائلا لرفيقاتها:_
+
_ مبروك عليكم يا بنات .
+
تسائلت رانيا فى شغف :_
+
_الله يبارك فيك بس على أيه ...؟
+
أنضمت تسنيم للحديث بفستانها البحرى الهادىء :_
+
_ أيوة أيه ،تكنش ناوى تتجوز على هبة هههههههه
+
لكزتها هبة بحذائها بغضب بينما إنتبهت زيزي لهم لتهمس بأذن تسنيم :_
+
_ مش حتبطلى الأوفر دوز دبش ال أنتى فيه ده يا بنتى
+
رسمت هبة إبتسامة سريعة على شفتيها وهى تبرر:_
+
_ تسنيم من ضمن مسببات الإكتئاب وزارة الصحة أصلا محذرة من التواجد معاها ههههههه
+
شاركتهم رانيا مزاح وهى تطالع إياد:_
+
_ ومش بس كده ده كمان الداخلية ناشرة فى كل الجرايد أنها من ضمن المجرمين المسجلين خطر ثم غمزت لإياد :_
+
_ مش كده يا ديدو هههههه .
+
عقدت تسنيم ذراعها بغب أمام صدرها لتنفخ بتهكم:_
+
_ كلكم عليا ولا أيه
+
بينما أوما إياد بالإيجاب:_
+
_ مقبوض عليكى يا أنسة تسنيم بتهمة إزعاج السلطات العليا ال حتبقى الحكومة بتاعتى أول الشهر الجاى
+
هنأ الجميع العروسين بعد إعلان إياد لتاريخ زواجهما ،متمنين لرانيا السعادة والرفاء والبنين بينما تنحنح حسام مع كلمة بنين ليقول بجدية وهو فى بدلته السوداء المنمقة إلى جوراه هبة:_
+
_ أحم البنين ده بقى تتمنهولى أنا وهبة، مبروك يا بنات حتبقوا خالات
+
أحتضنت الرفيقات هبة بنشوة ومرح كبير ،حيث أطمأنت الشلة كلها على بعضها فتسنيم ورانيا سيتزوجان قريبا عقب إلقاء القبض على معتز وإثبات برائتها أمام أهلها ،وكذلك أيضا هبة فهى فى شهرها الثانى من الحمل ،لم يتبقى سوى زيزي الغائبة عن المشهد فى هاتفها ودموعها تتهاوى فقد تلقت خبرا صادما للتو والتى وكزتها تسنيم بمشاكسة :_
↚
_ وأنتى يا زوزة مش ناوية تحصلينا ولا أيه ...؟
+
لوت شفتيها بضيق متذكرة حديث رامى معها :_
+
_ كان نفسي والله بس تعبت
+
أستفسرت رانيا منها بقلق:_
+
_ من أيه ....؟
+
أنضمت هبة للحديث :_
+
_ الموضوع كبير طالما زوزة تعبت
+
رمقت زيزي رجلهم فأستأذن الجميع بينما قالت بإنهيار داخلى كبير:_
+
_ تعبت من كتر ما بخطط وبعافر ومفيش حاجة بتحصل،تعبت من كتر الرسايل ال بتعتهاله ومش معبرنى ،تعبت من الحب ال من طرف واحد ده، بيبقى نفسى أموت لما أشوفه بيكلم أى واحدة فى أى ندوة وأنا مش عارفة ألومه ولا أعاتبه،تعبت من الامل ال فضلت متعلقة بيه وفى الأخر بعت لى واحدة مرتبط بيها تقولى أبعد عن طريقه فى الأول كنت مفكراه بيصدنى وبقول لنفسي مع الوقت حيحبنى لكن لكن خطوبته النهاردة ومن ساعة ما وصلنى الخبر الصبح وأنا متنكدة ، هددهدتها تسنيم بمواساة :_
+
_ معلش يا زوزة ،مفيش راجل والله يستاهل تبكى عليه
+
أردفت رانيا وهى تضم شفتيها بشفقة :_
+
_ بكرة ربنا يعوضك بالاحسن منه
+
عللت هبة ما حدث لها متأثرة بمحاضرات حسام الدينية لها:_
+
_ المهم تتعلمى يا زوزة ، من أستعجل شيء عوقب بحرمانه يا حبيبتى،النصيب مبيجيش بالتخطيط ،دى أكتر حاجة ملناش قرار فيها
+
رمقتها رانيا بلوم:_
+
_ ده وقته يا هبة
+
قالت زيزي فى قميصها الأزرق والدموع مغرقة وجهها بصوت منكسر:_
+
_ سبيها يا رانيا معاها حق، ثم واصلت بصوت متهدج ملىء بالمراة كنت كارهة كل قيود المجمتع ،كارهة العادات والتقاليد ال تخلينى لما أحب حد مقلوش بس مكنتش أعرف أن التلقائية ومشاعرى حتأذينى فى يوم وأن قيود الدين والمجتمع دى بتحمينى من الأهانات ،ثم جففت دموعها ووجنتيها متوردتين فى ألم :_
+
_ أصلكم محستوش بال حسيت بيه لما بعت لى رامى يقولى أبعد عن طريقه
+
ربتت على كتفها رانيا لتقول بعظة:_
+
_ ربنا بيعمل الأفضل ، ثم سرحت بنظراتها معتز كنت زعلانة جدا لما سابنى وكنت فاكرة كل الخير فيه لى وقعدت كتير اوى أقول ليه كده يارب ،لكن لكن ... لما حصل ال حصل عرفت أن ربنا كان شايل لى الخير لكن أنا ال نظرى قصير
+
عقبت تسنيم بمرح لتخفيف الأجواء:_
+
_ أيوة بقى وبكرة ربنا يرزقك بواحد صاروخ عيون زرقا وطول وجمال
+
ردت هبة بحكمة أستغربتها شلة:_
+
_ مينفعش كده يا تسنيم ، فى أية فى القران بتحثنا على غض البصر مش نقعد نعاكس فى الناس
+
دفعتها تسنيم بمزاح فى صدرها ورانيا تضحك معها :_
+
_ هالله هالله شاكيرا شاكير بقت مصطفى حسنى الشلة
+
لم تشاركهم زيزي لهوهم فكانوا يمزون للتخفيف عنها حتى تسائلت تسنيم بإصرار:_
+
_ تضحكيش ليه بينما رانيا تزغزغزها وهبة هى الاخرى يحتضن بعضهن البعض فى مودة ومحبة
+
فى قاعة المناسبات
+
توافد الضيوف من رموز كبار الدولة إلى عرس معتز الحديدى لتهنئته،يستقبلهم والده إلى جوار كريم الحلفاوى فى ترحيب ،الديكورات تبدو بسيطة ولكنها أنيقة للغاية ،جلست رانيا مع صديقتها تسنيم بفستانها الزيتى إلى إحدى الطاولات المنعزلة فى ركن هادىء بينما زيزي أعتذرت لسوء مزجيتها وصدمتها الكبرى بيوسف ،أنتشر الصحفيون فى أرجاء الحفل يلتقطون صور وأخبار مثيرة عن معتز الحديدى وإلى جوراهم أشهر مذيعين الدولة وصفوة المجتمع ،يلتقطون بعض الاخبار بشان طامة معتز الكبرى والتى تعرض لها مؤخرا ومساعدة نفين له ،تعالت الموسيقى الشعبية بالمزمامير لتقابل نفين وزوجها بشعره اللامع ، تتقافز الورود عليهما من الاعلى بينما يسبقهما رجلان يحملان شمع كلاسيكى فاخر ،غدت السعادة على وجهه ،هزت تسنيم صديقتها السارحة بنظراتها فى الفضاء راغبة فى الإنتقام ،فأنتبهت رانيا:_
+
_هاااه..؟
+
كررت تسنيم جملتها الأخيرة :_
+
_ أيه يا بنتى سرحانة فى أيه ...؟
+
هزت رانيا رأسها نافية وهى تتابعه يراقص عروسته معلقة:_
+
_ مفيش حاجة يا توتى
+
عقبت تسنيم لتصبرها:_
+
_ خلاص هانت يا توتى كلها لحظات وإيـــ
↚
بتر حديثها توقف الأغانى المفاجأ وإنتشار رجال الأمن بأسلحتهم بحذر كبير ،يتبعهم الرائد إياد بينما معتز عقد حاجبيه بسخط لإفساد حفل زواجه مهددا ولكأنه فى أوج قوته وسلطته التى نزعه منها إياد بتدمير كل ثروته مصدر القوة:_
+
_أنت إزاى تقتحم فرحى بالشكل ده ...!،أنت أتجننت ثم هتف بإنفعال أكبر مش عارف أنا مين ..؟
+
إبتسم إياد وهو يرفع سلاحه من جرابه فى زيه الرسمى وحوله قوات الأمن بينما بدأت الصحافة فى عملها وتسليط الأضواء على معتز موضحا:_
+
_ معتز الحديدي صاحب أكبر منظمة إجرامية فى مصر من قتل وإغتصاب وخطف .....
+
شهق الجميع بصدمة حين تناهى لمسامعهم ما قاله إياد فأقترب الصحفيون يتسائلون:_
+
_ أيه أقولك فى التهم الموجهة ليك..؟، معتز باشا الكلام ده صحيح بنسبة قد أيه ..؟
+
صاح بهم بعصبية بينما نفين جلست على الكوشة تدفن رأسها بين يديها وقد غسلت الدموع مكياجها فى إنهيار ووالدتها تواسيها ،بينما حاول والدها التدخل فكشف له إياد عن إذن النيابة بإلقاء القبض على معتز ،قال معتز بتأوه وإستنكار كبير حين وضع إياد كلبشات الحديد بيده :_
+
_ لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ،أنا حعرف أزاى أربيكم كلكم
+
أوقفته رانيا بكفها الناعم ،لتدنو من معتز بعيون تحمل فى طياتها الكره والإشمئزاز:_
+
_ كان ليك عندى أمانة يا معتز ،وقبل أن يستفسر عنها بجسدها المنتفض وهو يغمغم بتهديداته التى لا جدوى منها صفعته رانيا أمام الجميع صفعة مدوية بينما يتغامز الحضور مندهشين من ما حدث ،شفت رانيا غليلها وهى تقول بإنتصار:_
+
_ كنت عاوز تكسرنى لكن ربنا كسرك الجزاء من جنس العمل
+
ندت منه ضحكة باردة تخبأ مشاعره المضطربة ليقول بوعيد:_
+
_ أفرحى لك دلوقتى شوية ،بس بكرة حطلع يا رانيا ،والألم ده حردهولك أضعاف مضعفة .
+
علقت بنشوة وإياد يحاوط ذراعها ليطمأنها:_
+
_ حتطلع ..!!، ده على أساس أنك معتز بتاع زمان ثم صرخت بهستيريا:_
+
_أصحححححححححححححححى يا معتز أنت خسرت سلطتك ومصدر قوتك ال هى فلوسك ،خسرت كل شيء كان ممكن يخليك فى يوم تعيش بنى أدم شريف بينما أتجهت بنظراتها ومعتز يغمغم بعد أن سحبه إياد إلى الحجز أتجهت لنفين المتشنجة وهى تبكى بإنهيار تهز به جسد رانيا بلوم :_
+
_ أرتااااااااااااااااااااااااحتى ليييييييييييييييييييييييييييه كده .
+
رفعت رانيا حاجبيها بتشفى وتسنيم لجوراها وهى تقول بعظة:_
+
_ الجزاء من جنس العمل ، مش ده معتز حبيبك ال عشانه خونتينى وغدرتى بيا ،أشبعى بيه حاولت الإنقضاض على رانيا لكن تسنيم لكمتها فى وجهها بدفاع عن صديقتها وجذبتها والدتها بعيدا عن تلك الصراعات
+
دلفت رانيا خارج الحفل برفقة صديقتها ينتظرهم إياد بالخارج يلهث ورائها الصحفيون لإصطياد الأخبار الحصرية والتعليقات على ماحدث منذ ثوان ، صعدت رانيا إلى سيارة إياد بينما أتجهت تسنيم بسيارتها حيث منزل زيزي والتى تجلس معها هبة منذ الصباح محاولة التخفيف عنها ،بينما إياد أصر على حبيبته أن تذهب معه إلى القسم لإنهاء معتز بشكل تام ومن ثم التوجه إلى بيت أهلها بأدلة برائتها الجديدة لكى لا تكون وحيدة فى زفافهما.
+
فى منزل زيزي البدرواى
+
لا زالت زيزي غاضبة منذ الصباح ،رافضة الإقتراب إلى الطعام رغم محاولات هبة ومرام المستميتة وكذلك والدتها،أحضرت هبة بعض شرائط الكرتون لتضعها فى الشاشة الضخمة الملتهمة للحائط لكى تسليهما وتجذبها من حالتها النفسية السيئة بلا جدوى،فأخذت هبة ومرام فى شغف طفولى يستمعان إلى كرتون الخاطبة مولان تحاول أن تشرك زيزي معها لكنها على إصرارها بينما دخلت تسنيم مع والدتها شوقية المستاءة لحال ابنتها وهى تنفخ بغضب:_
+
_ أهى من الصبح قاعدة مبلمة لى كده ،مش راضية تحط لقمة فى بوقها .
+
لوت تسنيم شفتيها وهى ترفع فستانها الزيتى ليكشف عن بنطالها الأسود لتجلس على طرف السرير مع والدة رفيقتها :_
+
_ أنا مش حقولك مينفعش ال بتعمليه ده ، ولا محدش بينفع حد وأن ال حصل كان خير ليكى تؤتؤ أنا حقولك عرف الحبيب مقامه فتمردا
+
إرتسمت الإبتسامة على شفتى زيزي متذكرة جملتها الشهيرة لرفيقتهم رانيا حين تركها معتز ،لتنضم مرام للحديث وهى تضع كبشتها بالوعاء الواسع للفشار الشهى قائلة :_
+
_ ما هى الروايات دى ال حتودينا فى داهية
+
وكزتها والدتها فى جنبها بلوم:_
+
_ حوش حوش شوف مين ال بيتكلم ،ثم أضافت بمزاح:_
+
_ طيب خلى حد غيرك يا بتاعة الهندى أم لسان ال يتكلم
↚
أنضمت هبة للحديث مبتسمة :_
+
_ تعرفى يا طنط أنتى مخلفة أينشتين العلاقات العاطفية زيزي دماغها قنبلة ،ما تخديها معاكى يا توتى فى برنامجك الإجتماعى ههههه ،حتخلى مصر كلها تفشكل
+
عقدت زيزي حاجبيها بسخط وهى تزم شفتيها بشكل طفولى بينما تنهدت تسنيم :_
+
_ فكرتينى بكرة حلقة برنامجى بث مباشر وقلقانة جدا يا حيتجدد لى العقد يا حيترفض
+
ربتت زيزي على كفيها بحنان :_
+
_ متقلقيش يا توتى خفى بس شوية من الدبش يا روحى وكل حاجة حتبقى تمام
+
عقبت تسنيم بقلق:_
+
_ ما هو ده ل مخوفنى المكالمات كلها على الهوا مش حعرف أمنتج حاجة ولا لو عكيت مع ضيف أظبط ده بعد كده
+
قالت هبة بهدوء:_
+
_ كلنا حنبقى معاكى وجنبك بكرة زى ما حنبقى جنبك فى فرحك يا ندالة هههههههه وهى تغمز لزيزي بمكر:_
+
_ مش كده يا زوز ولا أيه ..؟
+
أومأت بالإيجاب بينما تلألأت الدموع بعينى والدتها بشكل مفاجأ أستغربت له رفيقاتها بينما أستفسرت زيزي:_
+
_ _ مالك يا ماما...؟
+
مسحت بكم عبائتها ذات اللون الطوبى مقلتيها المكتظتين بالعبرات :_
+
_ نفسي أفرح بيكى يا حبيبتى ثم ربتت على ظهر مرام الممدة على الفراش غير عابئة لحديثهم كالأطفال عينيها معلقتين بتلفاز:_
+
_ العمر مش مضمون قبلت زيزي يديها بخوف وهى تنهرها قائلة لتخفيف الأجواء:_
+
_ بعد الشر عليكى متقوليش كده تانى ،وبعدين اتجدعنى أنتى الأول وهاتى لنا عريس وأنا ححصلك ههههههه
+
صححت والدتها بعيون شاردة فى الماضى البعيد:_
+
_ الموت مش شر يا زيزي ،الشر الحقيقي فى البعد ال ملوش رجعة، ثم واصلت وأبوكى مفيش زيه من زعلى عليه فقدت النطق شهر كامل كنتوا أنتوا لسه مدخلتوش المدرسة ،ثم ثبتت كبشتها صوب جانبها الأيسر لتقول بمرارة:_
+
_ حسيت أن الضهر الوحيد لى أنكسر ال كان بيحبنى بجد وبيحمينى حتى من نفسي ثم أردفت من بين تشنجاتها لتوعظ ابنتها بشكل صدم زيزي لمعرفتها بأمر يوسف ،فتسنيم لجأت لوالدتها فى الصباح لتقف إلى جوارها وكعادتها أنزلقت بلسانها فتابعت والدتها بخوف على ابنتها:_
+
_ إنما ال يختار البعد وهو عايش ولسه فى نفس مهما كانت الظروف متفكريش فيه ،واحد باعك أنسيه
+
فركت زيزي مقلتيها بعدم تصديق وقد فتحت فمها بإندهاش:_
+
_ أيه ده أنتى كنتى عارفة يا ماما...؟
+
تنهدت شوقية وهى تضم مرام وزيزي لها بينما تسنيم تلتمس شعور الأمومة من بين أحضانها وهبة هى الأخرى :_
+
_ عارفة كل حاجة ،مشكلتكم أنكم فاكرينا فى وادى وأنتوا فى وادى بس أحنا بنحس بيكم وبهمومكم ،أنتى فكرك أنا مش عارفة كل روايات يوسف الصياد بتعمل أيه على مكتبك..؟، وكل ندواته ال بتحضريها وأنتى قسم تحقيقات مش فن...؟، رفعت حاجبيها بإعجاب بينما أستطردت بجدية شوقية وهى تمسح على شعرها بدلال والجميع يحتضن شوقية بمحبة :_
+
_ والرسايل ال كنتى بتكتبها له كنت بشوفها على المكتب الفجر وأنا رايحة أصلى
+
شهقت زيزي بإستهجان ممزوج بالدموع:_
+
_ وسيبتنى عادى كده ،ليه محاولتيش تمنعينى..؟
↚
ردت عليها بحكمة أثارت إعجاب الفتيات:_
+
_ عشان تتأكدى بنفسك أن أى حاجة كنت بقولها لكم من وأنتم صغيرين لحد ما كبرتم وبقيتم عرايس فدى لمصلحتكم ،وكمان النصيحة غير التجربة أديكى أيقنتى أنى مش دقة قديمة
+
قبلت زيزي جبينها:_
+
_ انتى أجمل ماما فى العالم كله
+
تعالى هاتف تسنيم بإلحاح لتجدها رانيا تنتظرهم بالأسفل مع إياد ليذهبوا جميعا إلى فيلا الزيات ،وقد أخبروا والدة زيزي بالأمر فى الطريق لقوتها الإقناعية الكبيرة ولكونها إمرأة وأم فسوف تفهم معاناة صفية والدة رانيا وتهدىء من الأمور
+
فى فيلا الزيات
+
تتناثر الأنتيكات فى أرجاء الصالة بشكل منظم وجميل ، تتدلى الثرية الكريستالية من السقف معلنة وجودها بألوانها الهادئة الجميلة ،جلس وليد بقميصه الأبيض وبنطاله البنى المصنوع من القماش الفاخر ليستقبل ضيوفه إلى جواره صفية الواجمة وهى تضع سبابتها أسفل وجنتيها بغيظ ،وإياد جالس قبالتها مع والدته ورانيا معهم وكذلك رفيقاتها ترك إياد على المنضدة الصغيرة بعض الملفات الهامة لتتسأئل بضيق صدر:_
+
_ أيه ده...!!
+
رد عليها بجدية وفخر بخطيبته:_
+
_ دى القضايا ال معتز لبسها ودخل بيها السجن
+
أنزلت ساقيها من على بعضهما وهى تزفر بحنق لتهم بالنهوض لكن وليد رمقها بتهديد فأردفت:_
+
_ ما يروح السجن ولا يروح فى ستين داهية أنا مالى ..!!،مشكلتى مش فى معتز قد ما هى فى ـــ
+
قاطعتها كريمان والدة إياد وهى تمرر حبات السبحة كعادتها بحكمة :_
+
_ لو صبر القاتل يا صفية ،الورق فيه دليل براءة بنتك
+
تابع إياد وهو فى قميصه الثلجى وسترته الزرقاء المهندمة ليعقب :_
+
_ ببلاوى أعترف وده ال معتز سلطه على رانيا فى الليلة إياها
+
أمسكت بالاوراق من على الطاولة الصغيرة وهى تقلب بها بإهتمام لترفع حاجبيها قائلة بمكابرة ورفض للإعتراف بخطأئها:_
+
_ ولو فرضنا أن كلامك صح أيه المطلوب منى ..؟
+
أجاب إياد بينما رانيا فى حالة من الصدمة لرد فعل والدتها :_
+
_ أنا جاى النهاردة عشان أطلب أيد بنتك يا عمى ،وأتمنى أنك توافق أنت ومرات عمى
+
لم تمهلها تسنيم وزيزي فرصة للرد فتعالت الزغاريط والتهنئة التى بترتها وهى تلوح بكفها :_
+
_ حيلكم حيلكم ومين قالكم أنى وافقت ..؟
+
طالعها وليد بحسم وقد أحس بظلمه لابنتهم ورغبته فى معانقتها لبعدها مدة طويلة على المنزل :_
+
_ بلى الشربات يا سعديييييييييييييييييييييييييييييييييييية
+
فتحت فمها للإعتراض لكن والدة زيزي دنت من كرسيها لتهمس بأذنها:_
+
_ والنبى ما انتى كاسرة فرحتها ،دى غلبانة خليها تشوف لها يومين كفاية ال عاشته بينما أردفت بحدة متلعثمة وكمن يبحث عن سبب ليتشبث به لكى لا تنهار صورتها أمام ابنتها :_
+
_ بس بســــ
+
رفعت صفية كفها على فمها وهى تزغرد بنشوة وفرحة كبرى :_
+
_ لولللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللى بت يا سعدية بلى شربات ،متسبيش بيت ولا شقة إلا اما ياخدوا خبر ،عقبالك يا زيزي
+
تبادل الجميع التهنئة بينما إنهارت رانيا فى حضن والدها تدفن همومها النفسية وهو يبكى فوق شعرها الأملس الناعم ،ينقبض قلب صفية بإستياء لما فعلته بها وقد تحطم قناعها الخارجى ففتحت ذراعيها لابنتها قائلة:_
+
_ أنا أسفة يا رانيا ،أسفة يا نور عين ماما من جوه ،أسفة لأانى موثقتش فيكى
+
فى مبنى القناة الفضائية
+
بدت تسنيم متوترة وهى تراجع إسكريبت الحلقة تحاول صديقتها طمئنتها بإن الأمور ستسير على ما يرام ،فريق الإعداد ومهندس الصوت يلقون عليها بعض تعليمات لتلاشى أخطائها القديمة ، شرعت تسنيم مع الإضاءة وإعلان المخرج لبدء التصوير وهى تقول مساء النور على كل مشاهدينا فى برنامجنا الأسبوعى " أسرار الحب " على قناة "الحدث تى فى " معاكم تسنيم عبد المنعم ، حلقتنا النهاردة موضوعها عن الكلمة وأثرها فى حياتنا ،بكلمة ممكن تسعد حد أو تضايق حد ،بكلمة بنحب بكلمة بنفارق ،ثم تنهدت لتضيف ممكن كلمة بسيطة فى لحظة غضب تهدم بيت ،بكلمة ممكن تهدم إنسان أو تشجعه يكمل حلمه ،لو حصل وقابلت إنسان بيعمل ذنب بلاش تعنفه وتهينه لأنك بكلمتك دى بتقفل قدامه كل أبواب التوبة عدلت من وضع المايك فى أذنيها لتقول تقدروا تتواصلوا معانا على الأرقام التالية ال ظاهرة على الشاشة معاكم " كانت الفتيات خلف الحاجز الزجاجى تكاد مصراينهم أن تنفجر من كثرة الضحك أيعقل أن تلقى تسنيم دبش الشلة محاضرات عن ضرورة إختيار الألفاظ ،بينما جائتها مداخلة هاتفية ليقول طرف الأخر على الهواء بصوت رجولى:_
+
_ مساء النور معاكى محمد من المنوفية
+
رحبت به وهى فى بدلتها الأنثوية تعدلها وشعرها منسدل على كتفيها بدلال:_
+
_ أهلا يا فندم
+
واصل بمغازلة :_
+
_ جميلة أوى البدلة وشيك
+
اتسعت عينيها بذهول وهى تحاول أن تستجمع أسكريبت أمامها لتملك أعصابها:_
↚
_ ممكن تدخل فى الموضوع على طول..؟
+
تنحنح بوله وهو يدقق فى شعرها وجمالها الصاخب:_
+
_ ما هو ده الموضوع أنا عاوز رقمك يا قمر أنتى
+
أنزلت تسنيم ساقيها من على بعضهما وهى تصيح بإنفعال:_
+
_ أيه التهريج ده الكنترول فين ...!!
+
بينما قطعت المحطة المكالمة وطلب منها مخرج خروج لفاصل إعلامى عبر المايك القابع فى أذنها ،ليعنفها بإستياء:_
+
_ أيه ده يا هانم ال عملتيه ..؟،عاوزة تخربى بيتنا...؟، بقى تقولى الكلمة الحلوة وتهزقى المشاهدين ،أتجننتى...!!
+
دافعت عنها زيزي :_
+
_ يا فندم دى عملت دعاية مجانية للقناة.
+
عقب بإستنكار:_
+
_ دعاااااااااية....!!! ،الرعاة الرسميين مش بعيد يسحبوا فلوسهم بعد الكارثة دى
+
إنضمت رانيا للحديث:_
+
_ لا طبعا بالعكس الإقبال عليكم حيبقى جماهيرى أسألينى أنا دراسة علاقات عامة
+
قاطعتها هبة وهى تربت على تسنيم لكى لا تنطلق فى الرجل بحدة:_
+
_ أيوة لأن ال حصل مكنش متخطط ليه فحيبقى حديث كل الجرايد والقناة تشتهر بقى وكده وتسبق كل القنوات القديمة .
+
أشار مهندس الصوت والإعداد للمخرج فعادت تسنيم بعد أن عدل لها الميك أب أرتيست زينتها ،وفى أثناء البرنامج هلت المكالمات على المخرج لتهنئته وترددت أصداء الحلقة بشكل واسع وكبير ولكأنها دعاية إيجابية للمكان ، وبعد مرور شهر مضت التعاقد مع القناة وأحتفلت الرفيقات بنجاحها ،وشرعن جميعا بالإستعداد لفرح رانيا على الرائد إياد الديب .
+
على يخت نيلى ضخم فى عرض النيل :_
+
تلألأت الأضواء الملونة منعكسة على مياه النيل الزرقاء ،ينتقل المعازيم عبر لانشات إلى اليخت ،وكانت تلك فكرة زيزي المجنونة ولكنها جديدة فى نفس الوقت ،القاعة تتزين ببوكيهات الورود الحمراء ، تستقبل عبير برفقة صفية ضيوفهم من السيدات ،بينما وليد يرشد المعازيم إلى أماكنهم المخصصة بمن فيهم أصدقاء إياد المقربين فى الداخلية وزملائه ،أتخذت زيزي مع تسنيم وهبة بفساتينهم الهادئة الرقيقة ،والتى منحتهم جمالا على جمالهم مع تصفيفهم لشعورهم طاولتين عريضتين ،يراقص إياد عروسته على صوت عمرو دياب وهو يشعل الحفل بأغنية " وماله لو ليلة توهنا وسبنا كل الناس ده أنا يا حبيبى حاسس بحب جديد بادلنى ده الإحساس وأنا هنا جنبى أغلى الناس "، طبق طارق ببدلته السوداء اللامعة على كف تسنيم ليقبله :_
+
_ عقبالنا يا حبيبتى
+
ردت تسنيم برومانسية :_
+
_ يارب يا قلبى
+
بينما حسام مع هبة يسترجعون فى حديث جانبى ساخر فرحهم فى الصعيد وكلمات عمها ممدوح لها فهمس بأذنها"يا بتاعة الأكاديمى "،فندت عنها ضحكة مجلجلة غمزت لها زيزي الجالسة مع والدتها بمرح ووالدة هبة معهما بملابسهم المهندمة المناسبة لأجواء الحفل :_
+
_ أيوة بقى الله يسهله
+
لكزتها هبة بمشاكسة:_
+
_ عقبالك يا زوز
+
هتفت زيزي بمرح:_
+
_ لا مش دلوقتى أنا ناوية أتأنى كده عشان أخد حاجة نضيفة زى حسام
+
قرصتها هبة لتصيح زيزي بعلو صوتها لكى يسمع زوجها :_
+
_ وكمان بتغيرى عليه لا لا ده أحنا تطورنا
+
إبتسم حسام وزوجته وهم يتابعون برومانسية رانيا وهى ترقص السلو مع إياد على صوت تامر عاشور الواقف خلفهما بالمايك يغنى"أنت يالى خدت قلبى من الزمان ومن ال فى خدت قلبى لدنيا تانية أحلى من ال حلمت بيه أحلى عمر أنا عشته جنبك والحنان عند كتير هو فى كده زى قلبك حملها إياد يلف بها فى فستانها الأبيض المنفوش فى عدة دوريات بمرح وسعادة ليواصل عاشور لسه فى الدنيا خير ،عمرى ما أنسى أنا قبلك كنت فى أيه ومعاك بقيت أنا أيه "
+
نظرت زيزي بملل وهى تلوى شفتيها لتسألها شوقية :_
+
_ مالك يا بت ..؟
+
ردت :_
+
_ الرومانسية حلوة بس مش كده .
+
سألتها مرام بفستانها العشبى الهادىء :_
+
_ أمال حتعملى أيه يا مجنونة ..؟
+
علقت تسنيم بمرح وطارق لجوراها:_
+
_ دى زوزة يا بنتى مش بعيد ترقص عشرة بلدى هنا ههههههه
+
عقبت زيزي وهى تفرقع بأصابعها بمرح لتسحب تسنيم :_
+
_ طيب تعالى
+
سألتها تسنيم :_
+
_ وخدانى على فين ...؟
+
أردفت زيزي بوميض فى عينيها لا يبهت:_
+
_ حنرقص .
+
أفلتت تسنيم كبشتها بإعتراض:_
+
_ نرقص أيه مش قبل ما أكل أنا دايخة من الصبح وممكن أقع منك على الكوشة
+
سحبتها زيزي بإستسلام إلى البوفيه حيث الحلوى لتملأ طبق تسنيم بالجاتوه بالشوكولاة الخام متجهين حيث مهندس صوت بالقاعة بعد أن أنهى دياب وعاشور فقراتهما تهمس زيزي بأذنه :_
↚
_ ما تغير ال أنت مشغله ده وتبطل جو سواقين الميكروباص ...!!
+
صاح بعدم فهم من الصخب حولهم :_
+
_ أيييه ...ََ!!
+
أجابت بصراخ هلع له فى أذنه:_
+
_ شغلنا شعبى عاوزين نرقص،شغل يا بتاع النعناع يا منعنع يلااااااااااا
+
أما على الكوشة فجلس العروسان يتلقيان التنهئة والمباركات والأمنيات بالرفاء والبنين ،حتى جاء صديق إياد المقرب وهو عريض المنكبين وعينيه مظلمتين بشكل لذيذ وجسده رياضى لهمس فى أذن إياد وهو يداعب بصف أسنانه العلوى شفتيه بحسد مصطنع:_
+
_ صبرت ونولت يا ابن المحظوظة
+
ضحك إياد ورانيا متأبطة لذراعه قائلا برضاص:_
+
_ رانيا دى رزق من ربنا لى ربنا ما يحرمنى منها أبدا
+
بادلته الإبتسامة لتقول برومانسية وشغف:_
+
__ ولا منك يا حبيبي
+
تنحنح شادى ليذكرهما بوجوده ليقول فى مرح :_
+
_ أحم الحب ولع فى الكوشة ههههه ، عن إذنك يا كبيــ
+
قطع حديثهم الأغانى الشعبية وزيزي ترقص مع تسنيم وقد سحبوا رانيا معهم على الأستيدج فأشار إياد لزميله وكيل النيابة شادى ليقترب منه:_
+
_ كلم لنا ال هناك دول يغيروا لنا الأغانى دى ،الفرح فيه أكبر قيادات البلد والجو ده مينفعش معاهم
+
رد شادى :_
+
_ من عنيا يا ريس عن إذنك
+
أتجه شادى غلى حيث المسئول عن الدى جى بينما كانت زيزي تراقبه بإعجاب كبير لأناقته فأخذت طبق تسنيم وهى تجرها تاركين رانيا لترقص مع هبة وصديقات الجامعة فى حلقات دائرية وتسنيم تصرخ:_
+
_ فى أيه يا مجنونة ....!!
+
لم تبرر لها زيزي إلا حين أقترب كلاهما من مهندس صوت وشادى واقفا بجسده الضخم لديه معطيا إياهم ظهره حتى تظاهرت زيزي بالشرود لتلطخ شادى بطبق الحلوى ليستشط غضبا بينما تسنيم تنهرها:_
+
_ أيه ال عملتيه ده ...؟
+
ردت زيزي وهى تغمز بعينيها لتهمس لتسنيم وقد عادت ريما لعادتها القديمة :_
+
_ دى أول خطة عشان أوقعه
+
نظر لها شادى بسخط وهو فى زيه الرسمى ،أزالته بإرتباكها المصطنع وهى تمسح على رابطة عنقه أثار الجاتوه بصوت متلجلج:_
+
_ أسفة أسفة مقصدتش .
+
أبتعد عنها وهو يقول متجها للحمام:_
+
_ ولا يهمك ،عن إذنك حغسلها قبل ما تطبع
+
بينما أعترضت طريقه بإصرار وهى تصيح بتسنيم لكى تنصت:_
+
_ والله أبدا لازم أنا ال أعملها لك ،هاتى لنا مياه يا تسنيم
+
وبينما تسنيم تحضر المياه تبادلت زيزي بعض الاحاديث معه كما عرفته على والدتها ،وبعد مرور عدة أشهر نجحت زيزي فى إيقاعه لكن هذه المرة كانت ملتزمة للغاية وقد أستفادت من تجربتها الأولى بعدم الإندفاع سوى فى البداية فقط لكنها نجحت فى السيطرة على نفسها بعد ذلك .