رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول بقلم سوليية نصار

رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول بقلم سوليية نصار

رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة سوليية نصار رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول

رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول بقلم سوليية نصار

رواية الشيطان يقع في العشق الصياد ووعد كاملة جميع الفصول

-عامر النجار   نفد تاني .... للمرة التانية نكون قريبين جدا منه بس هو يقدر يهرب ومنمسكش عليه دليل
هدر بها مفوض الشرطة وهو يدور حول نفسه ...
هز أحد الضباط رأسه وقال:
-الراجل ده فعلا داهية ده اكيد كشف المخبرين اللي جندتهم عشان كده معاد تسليم شحنة المخدرات مكانش مضبوط وروحنا علي الفاضي ...
ضرب المفوض مالك العمري كفه علي الطاولة بحده....سنة كاملة وهو مكرس وقته حياته لكي يقبض علي هذا الرجل ...هذا الرجل الذي دمر حياته قبل سنتين بالكامل ...ولكن كل محاولاته فشلت هل اتي الوقت للاستسلام ...هل سيترك ثأره ولن ينتقم من هذا الرجل ....اسئلة كثيرة كانت تدور بعقله ولكن فجأة أضاء عقله بفكرة ما ...هو لن يقبض علي  عامر  ...عدي من سيفعل ...عدي العمري!!!!هو زرع في قلب عدي رغبة الانتقام من عام  ....رغبة الانتقام كبرت وأصبحت هوس بالنسبة لعدي  ...أصبح يحلم باليوم الذي سيلقي فيه عامر  في السجن ليتعفن به ...أن الاوان لإعطاء ابنه تلك الفرصة ....فرصة الانتقام !
...........
في مكان ما  ..
مخبرين الشرطة مكبلين علي الأرض بإنتظار مصيرهم ....وجوههم جامدة رغم الرعب الذي تمكن من قلوبهم وهم يعرفون ان مصيرهم الموت لا محالة
امسك عامر السلاح الخاص به ثم هيأه وقال:
-زعلان اني هقتل رجالة شجعان زيكم...بس الشغل شغل ....
ثم دون انتظار أطلق عليهم النار حتي فاضت أرواحهم ....
نظر عامر لأحد رجاله وقال:
-اتخلص من الجثث دي واتصل بالصياد وقوله يحصلني علي البيت !
...........
-كانت مجرد خطوبة صالونات يا حياة واتفسخت وقولتلك الحقيقة أنا محبتكيش اعمل ايه ...الحب مش عافية 
زعق بها يوسف وقد نفرت عروقه وهو ينظر الي تلك التي تبكي امامه...لقد مل من هذا الموضوع ...مل من ادعاءها الظلم ...مل من ملاحقتها له واهتمامها الذي ضايقه كثيرا ...يعلم انها لا تقصد ازعاجه ويعلم انها تعشقه ولكنه لا يحبها ولن يحبها ابدا ..
فقلبه ملك لواحدة فقط ...ملك لتلك التي من نظرة واحدة سلبت قلبه وعقله ...حياة لم تعني أكثر من شقيقة له تقدم لها لانه لم يجد الفتاة المناسبة وحتي يرتاح من إصرار والدته ...دامت خطبتهما شهرين فقط قبل أن تنقلب حياته بأكملها عندما رأي وعد ...عندها عرف أن تلك هي فتاة أحلامه ....المرأة التي يريدها لذلك انفصل عن حياة وبعدها بفترة قصيرة بدأ بالتقرب من وعد ...وعلي الرغم من مرور الوقت ما زالت حياة تعيش بالماضي...ما زالت تحملهما قسرا ذنبها ....لا تريد أن تنسي وتعيش حياتها كما هو عاشها ... 
ضمت حياة شفتيها وهي تقول بإنهيار:
-هي اخدتك....
ولكنه قاطعها بحدة:
-انا حبيتها يا حياة افهمي محبتكيش ولا عمري هحبك  ..انتِ بالنسبالي اختي الصغيرة وهتفضلي كده فبلاش ابوس ايديكي تحمليني فوق طاقتي ...
نكست رأسها وهي تمسح دموعها ... لينظر إليها هو بشفقة ويقترب منها ثم يحاوط وجهها بحنان اخوي ويقول:
-هيجيلك اللي احسن مني يا حياة ...هياجي اللي يقدرك ويسعدك ويحبك لانك تستاهلي الحب وساعتها هتعرفي أن مشاعرك دي مجرد أوهام وهتعرفي الحب الحقيقي 
-بس أنا عاوزاك 
قالتها بضعف مغروس فيها ...ضعف بسبب عشقها الشديد له ولكنه قطع أملها بكلمة إصابتها في مقتل :
-وانا مش عاوز غيرها ...اسف ...
نكست رأسها ودموعها تتساقط بينما تحاول السيطرة علي شهقاتها التي تعلو ...وقالت:
-اسفة اني بحرجك ...
نظر إليها بشفقة وقال:
-لا يا حياة متقوليش كده انا اخوكي وهكون جمبك دايما متتكسفيش مني ابدا ...أنا عارف اني غلطت في حقك ...
تنهد ناظرا إليها وهو يقر داخله أنه مذنب...وأكمل:
-ايوة غلطت اني خطبتك وانا معنديش اي مشاعر ليكِ عشان كده لما حسيت اني هظلمك سيبتك عشان تلاقي الاحسن مني ...صدقيني أنا عملت ده برضه عشانك ...
ابتسمت بسخرية ...أرادت أن تصدقه ولكنها تعرف أن الأمر ليس من أجلها ...هو عشق...تعلق قلبه بغيرها وخرجت هي من حياته خاسرة محطمة القلب ...
نظرت إليه وقالت :
-متضحكش علي نفسك يا يوسف ...أنا الوحيدة اللي خسرت في القصة دي اشبع بيها بس عمري ما هنسي ظلمك ليا ...
ثم ركضت من أمامه ودموعها تتسابق علي وجنتيها ...كانت تشعر بالاختناق ...لقد عراها اليوم ... دق مسمار في النعش الاخير لكرامتها ...ولكنها لن تسامح ...لن تسامحه ابدا لانها ولاول مرة تشعر بالنقص ...لقد استجدت حبه حرفيا ولن تسامحه ابدا ....جلست علي أحد الأرصفة وهي تبكي بقوة ...عينيها السوداء استحالت حمراء بسبب كثرة البكاء بينما عقلها يتذكر اول مرة حطمها به ...
.....
-انا بحب واحدة تاني يا حياة 
قالها بتوتر ليرتج قلبها بعنف وهي تتطلع إليه ليكمل هو :
-معرفش امتي وازاي ...بس لقيت نفسي بحبها ...حاولت كتير انساها واحترم اني خاطب ...احترم وجودك في حياتي بس مقدرتش ...لقيت نفسي بالعافية بفكر فيها ...بقارن بينكم انتو الاتنين ..دايما بتمني تكون هي خطيبتي مش أنتِ ...وقتها اكتشفت اني بحبها هي وعمري ما حبيتك 
اخذت تتنفس بعنف وهي تشعر بقلبها يتحطم ...لا تصدق أنه يفعل هذا بها ..انسابت دموعها وهي تقول بإختناق:
-انت خنتني ؟!
-لا مش خيانة أنا مفكرتش حتي اقرب منها لاني بحترمك ...أنا دلوقتي صريح معاكي وبقول اني عايز افسخ الخطوبة !!لاني مش قادر احبك مش قادر ...
هزت رأسها قائلة:
-لا مش بمزاجك ..أنا مش لعبة في ايديك تخطبني وقت ما تحب وتسيبني ...مش بمزاجك ...
نهض وقال ببرود:
-لا بمزاجي يا حياة ..أنا خلاص فسخت الخطوبة بتاعتنا والشبكة احتفظي بيها مش عايزها 
خرجت من شرودها وهي تمسح دموعها بقوة ...لا لن تبكيه بعد الان ....لقد أهدرت كرامتها بما يكفي بسببه وهي ستحافظ علي الباقي منها ....ستنساه حتي لو كان هذا اخر شئ ستفعله قبل أن تموت ...نهضت وطلبت سيارة أجرة ثم ذهبت لبيتها ...
........
-ايه الشنطة دي يا بابا ؟!
قالتها وعد وهي تنظر  للشنطة التي يحملها والدها...نظر إليها رجب بتوتر وقال :
-لا ده انا مسافر بس تبع الشغل في الشركة اللي بشتغل فيها ...الباشا صاحب الشركة ناوي يرقيني وهنعيش كويس أنا وأنتِ ...
تنهدت وعد وهي تستشعر كذب والدها ...هي لا تثق به وتعرف ان خلف سفره كارثة ...ولكنها لن تتدخل ...يكفيها ما حدث لها بسببه ...اضطرت أن توافق علي أول شخص يطلبها فقط كي لا تخضع لأوامر والدها المجحفة بحقها  ...أراد يوما أن يزوجها بمعلم فتحي الذي يكبرها بخمسة عشر عاما ولولا أنها تمسكت برفضها وهددته أنها ستترك المنزل لذلك تراجع خوفا من الفضيحة ...منذ وفاة والدتها وهي تعيش مع والدها في جحيم لا ينتهي ابدا لذلك عندما أتاها يوسف ظنت أنها طوق النجاة ووافقت عليه بعض النظر عن مشاعرها ...
راقب رجب ابنته الغارقة في أفكارها بحزن ...لقد باع ابنته وقبض الثمن ...شعور بالمرارة يغلف روحه ...اقترب منها وقبلها علي رأسها وقال:
-لما ارجع اوعدك أن كل حاجة هتتغير ..
وثم دون أن تفهم اي شئ تركها وغادر ...هزت وعد رأسها وقالت:
-ربنا يهديك يا بابا ...
........
كانت تقف أمام المرأة وهي تبتسم بسعادة ...اخيرا ستتزوج من أحبته ...ستكون ملكه للابد وهو سيكون ملكها ويحبها بحرية دون قيود ...كانت عينيها تلمعان بسعادة وهي تنظر إلي جمالها المبهر ....بدت كأنها أميرة خرجت من احدي القصص الخرافية بفستانها الابيض البسيط الذي يضيق علي خصرها ثم ينسدل بإتساع ع ركبتيها ...فرشات فضية لامعة تلتصق بالفستان جعلتها كجنية خيالية من ارض الاحلام عينيها الرمادية التي ورثتها من والدتها تبرقان بسعادة بينما شعرها الأشقر مرفوع بتسريحة بسيطة للغاية ...بدت كالملاك مثل اسمها بالضبط وكأن والدتها كان لديها حق في تسميتها بهذا الاسم ...اخذت تدور حول نفسها وهي تفكر أن مجرد ساعات وتبقي ملكه ...بالاول سيكتبون الكتاب وبعده ستكون هناك حفلة كبيرة بالقصر احتفالا بالزفاف ثم ستبقي معه للأبد ...ضحكت بسعادة ولكنها فجأة توقفت بينما عينيها تلمعان بالدموع وهي تنظر لصورة والدتها علي طاولة الزينة ...امسكت الصورة وهي ترتعش ثم ضمتها اليها وقالت:
-ياريتك كنتِ معايا يا ماما في يوم زي ده ...ياريتك تعرفي قد ايه انا محتاجاكي ...محتاجة تفرحِ معايا تنصحيني وتحضنيني وتعيطي اني همشي واسيبك ...
ولجت ياسمين ابنة خالتها لتشهق بصدمة وتقول :
-فيه حد يبكي في يوم زي ده يا عبيطة؟!
نظرت إليها ملاك وهي تمسح دموعها وتقول:
-ماما .. 
احتل الحزن ملامح ياسمين واقتربت من ملاك ثم ضمتها بقوة وهي تقول :
-يا عمري انتِ ربنا يرحمها ...
ثم أمسكت كفيها وقالت:
-بس يا ملاك مامتك مش هتكون سعيدة وهي شايفاكي بتبكي في يوم زي كده بالعكس هتكون زعلانة لأنها نفسها تكوني سعيدة صح ولا غلط ....
هزت ملاك رأسها وقالت:
-تمام ساعديني اضبط الميكب زمان عاصم جاي دلوقتي 
-ايوة بقا 
قالتها ياسمين وهي تغمز لها ثم بدأت بتعديل مكياجها ....
اخيرا انتهت ياسمين لتتطلع ملاك الي نفسها وهي تبتسم بسعادة ...نظرت إلي الساعة وقالت:
-زمان عاصم جاي ...
وما كادت أن تتم كلمتها حتي رن هاتفها معلنا عن قدوم رسالة ....
-اهو وصل ...
قالتها ملاك بسعادة ثم أمسكت هاتفها وهي تفتح الرسالة لتتجمد كليا وهي تري محتوي الرسالة الذي كان أكثر من كافي لهدم حياتها !!!!
.............
كانت تقف بذهول أمام منزل الزوجية الخاص بهم ...دموعها تتسابق علي وجنتيها وهي تنظر إلي خطيبها وحبيبها وهو عاري الصدر مرتبك بينما خلفه تقف خطيبته السابقة وهي ترتدي قميصه ...شعرت بالدوار وهي تراه في هذا الشكل ...هو يخونها ...يخونها !!غير معقول ...
-ملاك أنا 
تكلم عاصم بصعوبة ولكنها لم تسمعه ...بدت وكأنها انفصلت عن الواقع تمام .. كانت تنظر إليه بذهول ...لا تصدق أن من سلمته قلبها يحطمه بكل تلك السهولة ...كيف فعل هذا ...وماذا فعلت هي ليقتلها بتلك الطريقة ...هل جريمتها أنها احبت...هل الحب جريمة ....ام جريمتها هي غباؤها ...أم تسليمه ثقتها كانت أكبر جريمة فعلتها بحق نفسها ...شعرت بالهواء ينحسر من رئتيها ...عندما رأت تلك الصور المقرفة لم تصدق أن هذا خطيبها ولكن عندما اتت الي هنا صُعقت بما رأت ...لقد ركضت كالمجنونة بفستان زفافها ...كانت تريد أن تقنع نفسها أن عاصم حبيبها لا يفعل هذا بها. ...تساقطت الدموع من عينيها الرمادية ....
-ملاك اسمعيني 
اقترب اكثر وهو يمسك ذراعها ...يتوسلها لتعطيه فرصة ...اي فرصة ...دفعته بعيدا ثم مسحت دموعها واشتعل الرماد بعينيها وهي تقول :
-اللي بيننا انتهي يا عاصم ...
وبكلمتها تلك كتبت النهاية لعلاقة عشق دامت اربع سنوات !
..........
أمام منزل وعد كانا يقفا عده  رجال ضخام الجثة يستعدان للدخول للمنزل ....
نظر عباس الي رفاقه وقال؛
-يالا يا شباب هناخد البنت مباشرة لبيت الصياد ...مش عايزين اي أخطاء مفهوم ..
-تمام يا بوص ...
ثم قام بكسر الباب واقتحم المنزل!!!!
في مركز الشرطة كان يجلس مع والده ...عينيه الزرقاء تلمعان كشظايا مرعبة وهو يري صورة من دمر حياتهما وأقسم علي الانتقام منه ...ذلك الذي سلب منه اعز ما يملك ...كان يقرأ الملف بعناية ....يدرسه بإستفاضة ...يستنبض نقاط ضعفه
عينيه تلتهمان تفاصيله بجدية ...كان يبحث عن ثغرة أي ثغرة تساعده علي الدخول إليه ....هو الآن مصمم اكثر من ذي قبل ان يقبض عليه ولا يهمه الطريقة التي سيستخدمها ...المهم أن يدمره كما دمر حياته من قبل ...
نظر عدي الي والده وقال:
-المخبرين اللي ...
-انسي خلاص كشفهم ...
-يعني ماتوا 
قالها عدي بجمود وداخله يغلي فرد والده:
-انت عارف الناس دي مبتهزرش ...للاسف هما طلعوا اذكي مننا 
-ودي هتكون اخر مرة يا فندم عشان أنا هعمل المستحيل واحط الراجل ده وعصابته في السجن ...
نهض مالك وهو يمسك كتف ابنه ويقول :
-الناس دي مبتهزرش يا عدي ...عامر لحد.دلوقتي معلهوش أي حاجة ولا فيه اي دليل يدينه ...احنا لازم تكون اذكي منه ولو حبينا نزرع مخب...
هز عدي رأسه وقال:
-لا يا فندم الطريقة دي اتحرقت بالنسبة لعامر النجار ...احنا عايزين طريقة تاني ندخله بيها ...
عقد مالك حاجبيه وقال:
-يعني ايه ؟! 
ابتسم عدي وهو يلتقط صورة ملاك ابنة مالك ويقول
-لكل انسان نقطة ضعف ...ونقطة ضعف عامر النجار هي  بنته ملاك ...دي نقطة الضعف اللي هندخله منها ...
تنهد مالك بإحباط وقال:
-مش عايزة اصدمك بس فرح بنته النهاردة يعني انسي .. .
.........
كانت تركض بالشارع وهي تشعر بقلبها يتفتت من الألم ...صرخت وهي تضع يديها علي أذنها عندما كادت السيارة أن تصدمها ولكن توقف السائق قبلها بقليل وهو يطلق البوق بملل ...نظرت اليه ودموعها تهطل واكملت طريقها وهي تركض ....بينما خرج عاصم من البناية وهو يزرر قميصه جيدا ...كان قلبه ينبض بهلع خوفا عليها ..استطاع بجهد أن يصل إليها قبل أن تركب سيارتها ...
-ملاك ..
قالها بينما يمسك ذراعها ولكن صفعة قوية حطت علي وجهه بينما تنظر إليه بكره وتقول:
-اياك تجيب اسمي علي لسانك ...مش عايزة اشوف وشك تاني ...
-اسمعيني بس ...ابوس ايديكي.
قالها متوسلا وهو يمسك ذراعها جيدا حتي لا تهرب منه ولكنها حاولت أن تتحرر منه ودموعها تنساب بغزارة ليتلطخ وجهها الجميل بمساحيق التجميل ...بدا وجهها حزينا بشكل يمزق القلب ...بشكل مزق قلبه ...هو لم يخطط لهذا ...لم يخطط أن يخونها ولكنه ضعف امام رنيم ...هي استطاعت بخبثها السيطرة علي ضعفه كرجل ...ولكن قلبه ...قلبه لا ...قلبه ملك لملاك وحدها ...
-ملاك دي كانت غلطة أنا بحبك انتِ 
دفعته بقوة وقالت:
-وغلطتك ملهاش مغفرة عندي ....روح للي كنت معاها...انتوا شبه بعض !
ثم تركته واتجهت الي سيارتها واستقلتها...
....
بعد نصف ساعة من القيادة ...وصلت للفيلا ...كان جاسر ينتظرها امام الباب بينما كان قد صرف جميع المدعووين لم يرغب ان يري أحدهم ابنة عمه العزيزة في تلك الحالة ...وهو حقا ما زال لا يفهم شيئا ...فهو قد اتي متأخرا كالعادة ليفاجئ بعمه يخبره ان ملاك خرجت من الفيلا منهارة واستقلت سيارتها ...خرج وبحث عنها ولكن لا فائدة ولكنه بالتأكيد استنبط ما حدث ...هذا الحقير عاصم لابد انه جرحها ...
خرجت من سيارتها وهي منهكة القوي ...كادت أن تسقط إلا أن جاسر ركض وامسكها حتي لا تسقط ثم ضعها وهو يقول بقلق:
-اهدي تمام 
هزت ملاك رأسها وهي تشعر بالدوار ثم قام جاسر بحملها لتتمسك هي به وهي تشعر انها في عالم آخر تماما ...لم تسمع تمتمات جاسر المطمئنة ولا نظرات والدها الهلعة ...وكأنها انفصلت عن الواقع لا تري فقط الا خيانته ولا تشعر الا بالمرارة ...وسؤال يلح في عقلها ...هل تستحق هذة الخيانة؟!
وشيطانها يهتف بتشفي انها المخطئة ...يوهمها بالنقص ...فعاصم رجل وربما اشبعت رنيم احتياجاته التي تمنعت عنها ملاك ...ولكن العقل والمنطق اخبرها انها ليست مخطئة ...هي حافظت علي نفسها...علي الاخلاق التي تربت عليها ...رغم انها تعيش في بيئة منفتحة بسبب ثراء والدها الفاحش ولكنها حاولت بقدر الامكان الا تنساق لاهوائها وهذا ما جعلها تتصادم مع عاصم عدة مرات !!
استعادت اتزانها  ...لا ...لن تبكي رجل مثله ...عاصم لا يستحق حتي ان تحزن عليه لثلاث دقائق ...وقفت بشموخ وقالت:
-هبقي كويسة يا جاسر متقلقش ...هبقي كويسة ...
ثم أمسكت فستانها وهي تدخل للفيلا ....
-انا خايف عليها يا جاسر 
قالها عمه بقلق ليربت جاسر علي كتفه ويقول وهو يتطلع الي أثرها بإعجاب وقال:
-متقلقش يا عمي ...ملاك قوية ..
ثم ذهب لوجهته ..
......
في منزل عاصم ...
-اخرسي ...
صفعة حطت علي وجنتها لتقع رنيم علي الأرض ...شعرت لشئ ساخن ينسال جانب فمها ...مسحته لتجده دماء ....نظرت الي عاصم بكره وقالت بسخرية :
-ايه زعلان علي حبيبة القلب ...مقهور انها اكتشفت قد ايه انت واحد خاين بيتبع نزواته وبس ...عرفت أنك كنت زي الكلب بتجري ورايا ...
-اخرسي ...
زعق بها وهو ينحني ويشد شعرها بعنف حتي تمزقت خصلاته وقال:
-انتِ اللي بعتيلها الرسالة ...بتستغفليني 
صفعها مرة اخري لتصرخ هي بألم عندما شعرت برأسها ترتج بقوة ....نظرت إليه بخوف وقد تبخرت شجاعتها ...عينيه السوداء كانت مخيفتين ..عروقه نافره وكانت تشعر بشياطين غضبه تتراقص من حولها ....
-عاصم أنا ...
نهض وهو يشد شعرها بغل وسحبها ورماها بالخارج  قائلا:
- لو شوفتك هنا تاني هقتلك فاهمة !!!
ثم اغلق الباب بوجهها ...اتجه للاريكة وانهار عليها ...تصاعدت الدموع لعينيه...لقد خسرها ..خسرها للأبد ...ظل لدقائق متجمد مكانه يبكي علي ما خسره عندما انتفض وهو يشعر بضربات قوية علي الباب ..ذهب وفتح سريعا ليفاجئ بلكمة قوية جعلت توازنه يختل ويقع ارضا ...اتسعت عينيه وهو يري جاسر امامه...عينيه البنيتين تشتعلان بقوة ...اقترب جاسر منه واخد يضربه بقسوة وهو يصرخ:
-ازاي تعمل كده ...ازاي تتجرأ تكسر قلبها وتخونها ...
لم يستطع عاصم ان يقاومه من الاساس ...
بعد قليل ...
نهض جاسر وهو يلهث بقوة وقال:
-والله لو شوفتك قريب منها هقتلك ...انت فاهم !!!
ثم ذهب تاركا اياه بوجه مكدوم وجسد منهك
......
-فيه عريس متقدملك 
قالها حسين والد حياة وهو ينظر الي ابنته الصامتة علي غير عادتها ...توترت حياة وتركت ملعقتها واخذت تفرك كفها بتوتر ...
-مش وقت الكلام...
تدخلت حنان والدتها ولكن حسين اوقفها بإشارة من يده وهو يقول ؛
-لا يا حنان لحد امتي هتفضل حياة حابسة نفسها في الدايرة دي ؟!!يوسف خلاص شاف حياته وخطب وسعيد مع اللي خطبها وانا شايف ان الوحيدة اللي بتعاني هي حياة ...
امسك والدها كفها وقال:
-يا بنتي انا خايف عليكي هتفضلي قافلة علي نفسك في الدايرة دي لحد ما تفوقي وتلاقي نفسك وحيدة...
وكلامه تلك المرة كان صائب ...فالاخر قد القاها خارج حياته نهائيا ولم يفكر بها حتي ...نظرت الي والدها وقالت:
-موافقة يا بابا!
........
في اليوم التالي ..
تأوهت بألم وهي تفتح عينيها الزرقاء... للحظات كان الرؤية مشوشة للغاية... ولكن بعض لحظات استطاعت أن تري جيدا... وما عرفته للوهلة الأولي أن تلك ليست غرفتها!!! نهضت بفزع وهي تدير عينيها في المكان الغريب... كانت غرفة واسعة فاخرة للغاية باللون الأزرق... وضعت كفها علي رأسها وشعرت أنها سوف تجن.... ماذا أتي بها إلي هنا؟!!! حاولت عصر عقلها للتذكر وأخيرا لمع الادراك بعقلها عندما تذكرت!. 
فلاش باك 
نهضت بفزع من فراشها عندما سمعتهم يقتحمون المنزل ...... فتحت باب غرفتها بتردد لكي تري ما الذي حدث ليدفعها أحد الرجال للداخل :
كان طويل... قوي البنية... جامد الوجه... يبدو كأحد الحراس الخاصة 
-انتوا مين؟! 
صرخت وعد بفزع احتل ملامح وجهها الناعمة 
لم يرد عليها الرجل بينما أخرج الرجل شيئا من جيبه تعرفه جيدا بحكم عملها كممرضة... كان منوم... اقترب منها لتصرخ مجددا ثم أمسكت السكين بجوارها وضربته بها في يده.. صرخ بقوة وهو يمسك ده لتستغل وعد الفرصة وتخرج من غرفتها وهي تصرخ بقوة متجهة إلي باب المنزل وما كادت تفتحه حتي شعرت بضربة قوية علي رأسها ثم سقطت فاقدة للوعي.. 
باك 
وضعت كفها علي فمها وشهقت وهي تعود من ذكرياتها.... لقد تم اختطافها رسميا ولا تدري السبب... تجرؤا لإقتحام منزلها الصغير واختطفوها منه... ولكن ماذا يريدون منها... ماذا؟!! 
-متفكريش كتير 
اتاها صوت عميق من ركن ما مظلم  بالغرفة.... شهقت بفزع وهي تري رجل جالس علي المقعد... لم تتبين ملامحه ولكن صوته لوحده اخافها وبقوة... فجأة نهض واقترب منها لكي تراه جيدا.. اتسعت عينيها بذهول هي تجد رجل حسن المظهر طويل وقوي البنية يمتلك شعر اسود كجناح الغراب.. عينيه بنية جذابة بشكل فطري والأهم من ذلك تبدو جليا مظاهر الثراء عليه.... فكرت قليلا.. رجل كهذا ماذا يريد من فتاة بسيطة مثلها.... ودون انتظار كان السؤال ينساب من شفتيها :
-أنت مين؟! وجايبني هنا ليه؟! وليه جيبتوني بالطريقة دي؟! عايزين ايه مني؟ رد فورا 
-مزاجك ناري زي ما ابوكي قال واضح إني هعيش معاكي أوقات لطيفة
تطلعت إليه بذهول وقالت:
-أنت تعرف بابا 
أبتسم وهو يمرر عينيها علي جسدها الأنثوي وقال بنبرة ايحائية :
-ده من حسن حظي 
لم تعجبها نظراته ابتعدت قليلا ومئات الاسئلة تدور في عقلها... 
كان يراقبها بتسلية.... وجهها المضطرب وعينيها القلقة.... أبتسم وقال :
-مستعدة تسمعي الإجابة يا وعد.... عايزة تعرفي أنا جيبتك هنا ليه وعشان ايه... 
للحظات خافت وهي تري نظراته لشيطانية... ودعت ربها أن يكون ما بعقلها غير صحيح... هل يا تري والدها أوقع نفسه بمصيبة أخري. 
-الأول أحب أعرفك بنفسي يا وعد...  صاحب الشركة  اللي ابوكي شغال فيها او كان شغال فيها 
-بابا عمل مصيبة تاني في الشغل
قالتها بخوف شديد.. هي تعرف والدها جيدا... وتعرف أنه في بعض الأحيان يورط نفسه في المصائب عندما لا يكون في وعيه بسبب مقارعته للخمر.... ولكن أن يختطفها مديره هذا يعني أنه قد فعل كارثة مرة أخري.... يا إلهي لم يكمل شهرين حتي بالعمل. 
كان يتابع اضطرابها برضا الأسد.. فالفريسة أمامه وكل ما عليه هو التهامها.... بينما هي غارقة في أفكارها استغل هو الفرصة للتمعن في فريسته جيدا.. كانت تمتلك أجمل عينين رأهم في حياته.. زرقاء داكنة تكشف عن عناد وإصرار تمتلكه... بالإضافة إلي شعرها الأسود المبعثر والجميل الذي يحيط بوجهها الأبيض الدائري... شفاه صغيرة وحمراء... وجسد مهلك مختفي تحت منامة قبيحة... ببساطة فريسة مثالية لأسد مثله!. 
نظرت إليه لتجد نظراته تغيرت وهو ينظر إليها.... النظرات الساخرة اختفت وحلت نظرات شهوانية... نظرات اشعرتها أنها عارية أمامه لا يسترها شئ... ابتعدت قليلا وأصبح قلبها ينبض بخوف... فهي قد فهمت نوايا هذا الرجل... نواياه تقبع في عينيه.. تراجعت بخوف وهي تستل مزهرية وكادت أن تضربه بها إلا أنه أمسك المزهرية بسهولة ثم ألقاها بعيد حتي تهشمت كروحها تماما... فزعت وعد وحاولت الهروب من إمامه إلا أنه امسكها جيدا ثم دفعها بقوة إلي الفراش... ثم اعتلاها وثبتها جيدا ثم قرب شفتيه من شفتيها :
-شرسة اووي يا وعد... بس really I like it  اصلي مبحبش الستات السهلة... لما تاخد حاجة بسهولة الموضوع بيبقا ممل... لكن أنا مضطر احاربك عشان اخد اللي أنا عايزة منك! 
-وأنت عايز ايه 
قالتها برعب 
ليرد مبتسما :
-عايزك يا وعد 
تصاعدت الدموع لعينيها وقالت :
-م.. مش فاهمة 
تأملها بنظرات راغبة وقال :
-عايزك تبقي عشيقتي !!!!
اتسعت عينيها وهي تنظر إليه بينما ما زالت كلماته ترن في اذنها...عشيقة ...عشيقة من يظن نفسه ...هل هي سلعة ليبيعها والدها بتلك الطريقة ويظن انها ستقبل ...لا والف لا ...ركلته بعنف علي قدمه....تأوه الصياد  بألم ثم ابتعد عنها لتركض هي خارج الغرفة ...اخذت تركض بعشوائية وهي لا تعرف أين تذهب ...شعرت أنها في منزل ابليس وان لا فرار لها وداخلها تلعن والدها الذي وضعها في هذا الموقف ...تعرف انه حقير وسكير ولكن لم تتخيل في اتعس احلامها انه سوف يبيعها كأنها سلعة رخيصة ...وصلت لباب المنزل ثم حاولت فتحه دون جدوي ...حاولت مرة واثنان ولكنها توصلت الي انه مغلق بالمفتاح ...
-بتدوري علي ده ؟!!
قالها بخبث وهو يخرج المفتاح من جيبه ...ابتلعت وعد ريقها وقالت وهي تبكي :
-ابوس ايدك يا باشا خليني امشي من هنا...
-ابوكي باعك ليا !
القي الكلمات في وجهها بينما ترتاح علي شفتيه ابتسامة ساخرة لتصرخ هي بجنون بينما تلمع عينيها الزرقاء بشراسة:
-باعني ليك ...هو انا كيس مكرونة تبيعوا وتشتروا فيا ...فوق أنا إنسانة ومش هسمح تعاملوني بالطريقة دي وهخرج من هنا ورجلك فوق رقبتك ...
ثم أخذت المفتاح و اجتازته لتخرج إلا أنه امسك ذراعها ودفعها بقوة حتي سقطت ارضا ...اشتعلت عيناه وهو ينظر إليها ويقول:
-واضح ان كلامي مش واصلك...طيب ابوكي اختلس مني تلاتة مليون ...
اتسعت عينيها برعب وهي تردد؛
-تلاتة مليون؟!!يا وقعة مطينة ...يالهووي ...
راقبها بتسلية واقترب اكثر ثم ركع جوارها وهو يمسك ذقنها ويقول :
-وعشان كده يا حبيبتي ...انتِ اللي هتسدي الدين ده وتبقي عشيقتي....
فارت دماءها وهي تنظر إليه ثم دفعته بقوة حتي سقط استغلت لحظة سقوطة ثم حاولت تهرب  الا انه نهض بسرعة وامسك شعرها وهو يقربها إليه ويصرخ بها:
-تصرف تاني متهور منك وهقتلك انتِ فاهمة ولا لا ...
صرخت بدورها :
-اقتلني ...الموت اهون من القرف اللي انت بتقوله ده ...مستحيل اوافق ...وخطيبي مش هيسكت علي اختفائي المفاجئ ده هيبلغ الشرطة وانت وابويا هتروحوا في ستين داهية ! ...
-شرسة اووي يا وعد بس كده افضل مبحبش الستات السهلة ...
قالها ضاحكا ثم اقترب ليقبلها ولكنها بيدها الحرة قامت بصفعه ...
تجمد وهو يدرك ما فعلته بينما هي شعرت بالرعب من ملامحه التي تغيرت ولكنها تمسكت بشجاعتها وهي ترفع رأسها وتقول:
-المرة الجاية اللي تحاول تلمسني فيها هقطع ايديك ...انت فاهم ...
شدها سريعا عليه ثم اخرج سلاحه وصوبه علي رأسها بينما اصابعه تضغط علي الزناد!
-انتِ ملكي أنا وبس ...اشتريتك بفلوسي ...ومضطرة تنفذي اللي انا اقولك عليه...والا والله اقتلك 
قالها بغضب وهو يوجه السلاح لرأسها لتصرخ به وتقول:
-قولتلك اقتلني ...اقتلني وريحني لكن اللي بتقول عليه ده مش هيحصل ...علي جثتي تلمسني ...هفضل اقاومك لحد ما اموت ...
ابتسم لها بإعجاب وأبعدها عنه ووضع المسدس في جيبه  وقال:
-جدعة يا وعد عنادك ده عاجبني اووي ...هنبسط اووي وانا  بكسر غرورك لما تجيلي بنفسك وتبقي عشيقتي  وتترجيني المسك ...
-مستحيل .
رفعت رأسها وهي ترد عليه ليقول هو:
-للاسف يبقي كده مش هتخرجي من هنا ...عشان  للاسف يا حلوة مش هطلعك من هنا الا لما تبقي عشيقتي ساعتها ممكن احررك !
حرقت الدموع عينيها بينما تداعت شجاعتها وهي تقول:
-ابوس ايديك يا باشا سيبني اروح .
.ابوس ايديك مستعدة اشتغل خدامة تحت رجليك بس متلمسنيش أنا مش كدة والله أنا مخطوبة وفرحي قرب متدمرش حياتي .....
لمعت عينيه البنية وقال:
-لا لا يا وعد سلبيتك دي هتخليني اتضايق...أنا عايزك شرسة ...بس اي رأيك نجرب مدي شراستك في مكان احسن ...
ودون أن تفهم قصده  حملها بسهولة وسط صراخها ليلقيها علي الفراش ...كادت أن تنهض ولكنه كتف ذراعيها وقال وهو ينظر إلي عينيها بعمق :
-عيوني اجمل عيون شوفتها في حياتي يا وعد ...هنبسط معاكِ اووي 
ثم بدأ في تقبيلها لتصرخ وهي تشعر بروحها تنسحب منها ...
-أبعد ..ابعد 
صرخت وهي تبكي بينما الصياد يكتف ذراعيها ويجثم فوقها بينما شفتيه تمر علي وجنتها ويقول بصوت خشن:
-انتِ جميلة يا وعد ...جميلة اووي..مش خسارة فيكي التلاتة مليون ...
امتدت يده لمنامتها لتفزع هي وتقول:
-ابوس ايدي يا باشا سيبني امشي ...أنا مش كده 
ولكنه لم يستمع إليها بل استمر في تقبيلها وهو يقول :
-انتِ بقيتي ملكي خلاص .
ثم ارتفع صوت صراخها بالتزامن مع صوت تمزيق المنامة بواسطة يديه !
حاولت بكل ما لديها من قوة أن تقاومه ولكنه كتف يديها جيدا وقال وهو يضحك:
-ايوة ..قاوميني كده أحسن ...
-انت مجنون .
صرخت بقوة ودموعها تنساب من عينيها ليرد:
-تقدرِ تقولِ مجنون بيكي يا جميل ....
مرت لحظات ثقيلة وهو لا يفعل شئ سوا تقبيلها ولكنها كانت تشعر أن روحها تتدنس شيئا فشئ ...فجأة ابتعد عنها ونهض لتضم هي ثيابها الممزقة لجسدها شبه العاري ...ابتسامة مدمرة ارتسمت علي شفتيه وقال:
-انا ضد الاغتصاب يا وعد لو هتكوني عشيقتي هتكوني بمزاجك ..
-ولو رفضت 
قالتها بنبرة مهتزة 
هز كتفيه وقال:
-هتبقي هنا للأبد ...
ثم اتجه خارجا وقال:
-متقلقيش رجالتي هيجبولك اكل.  .
ثم تركها وذهب لتنهار هي في البكاء وتتساءل ما تلك المصيبة التي وقعت بها !!!!
.........
-انسة ملاك استاذ عاصم مستنيكي تحت ..
قالتها الخادمة لتتجمد ملاك في مكانها وتشرد قليلا ..نظرت إليها الخادمة بإشفاق وقالت:
-تحب اقوله أنك مش موجودة عشان استاذ جاسر مش ...
اوقفتها ملاك بإشارة من كفها وقالت:
-خمس دقايق ونازلة شوفي استاذ عاصم هيشرب ايه ...
نظرت إليها الخادمة بحيرة ...فليس هذا ما توقعته ...توقعت ان تصيح بها وتخبرها ان تطرده شر طردة ولكن ردة فعلها كانت جد غريبة ...ولكنها لم تعلق بل غادرت الغرفة وهي تنوي أن تفعل ما امرتها به سيدتها ...
..
بعد ان غادرت الخادمة الغرفة نظرت ملاك الي المرأة ...كانت ملامحها باردة تناقض تلك الحروب التي تحدث داخلها ...حروب سوداء والضحية قلبها الذي أحب رجلا لا يستحق ...ما زال جرحها ينزف فلم تظن أن يخونها عاصم بتلك البساطة ...ولكي تكون صريحة خافت أن تراه الان فتنهار ...للأسف لا جاسر ولا والدها هنا ليدعمانها ...ولكن بالنهاية يجب أن تنزل ...ستواجه هذا بمفردها !!!!
............
وقف عاصم ونبض قلبه بخوف عندما راها تنزل ...ابتلع ريقة وجزء منه يشعر بخيبة الامل عندما راها علي غير  توقعاته تماما ...كان تظهر عليها القوة ...ترفع رأسها بشموخ ...رماد عينيها متجمد تماما وهي تنظر داخل عينيه ببساطة وكأن تأثيره تلاشي تماما ...وصلت إليه وهي تمنحه ابتسامة باردة بدأ كصفعة لكبرياؤه الرجولي  غير مهتمة بتلك الكدمات التي تملأ وجهه لأنها تعرف من فعل هذا ...جاسر بالطبع الذي لا يطيق أن يأذيها أحد ثم جلست واضعة ساق علي ساق وهي تبتسم وتقول بهدوء:
-اقعد يا عاصم واقف ليه؟!
جلس هو وتطلع إليها بذهول ولكنها تجاهلته وهي توجه حديثها للخادمة وتقول:
-سالي اعمليلي القهوة بتاعتي وشوفي استاذ عاصم هيشرب ايه تاني ...
-لا لا شكرا خلاص أنا شربت 
قالها عاصم بتوتر لتهز الخادمة رأسها وتذهب للمطبخ
نظرت إليه بعلو وقالت:
-خير يا عاصم عايز ايه ؟!
شعر بقبضة باردة تعتصر قلبه ...هل حقا هي تتعامل معه بهذا  البرود ام أن البرود مجرد حماية لتخفي انهيارها خلفه ...
-انا عايزك تسامحني....عايز فرصة تانية ..
تصاعدت الدموع لعينيها ...ثم نهضت وقد كانت علي حافة الانهيار ...
-انت خنتني يوم فرحنا ...وجاي بكل بحاجة بتقولي اديني فرصة ...
كانت تصرخ به ملاك بينما الدموع محتجزة في عيونها لا تسمح لها بالتحرر ...ابتلع عاصم ريقه وهو ينظر إلي انهيارها وكاد أن يتحدث إلا انها أوقفته وقالت :
-مش عايزة اي مبرر ...مش عايزة اسمع صوتك حتي ...أنا شوفتك بعيني معاها...مع خطيبتك القديمة في الشقة اللي مفروض هنتجوز فيها ...شوفت صوركم المقرفة مع بعض ...ايه ده كله كدب وتمثيل ...
نظر إليها بندم شديد وقال:
-اسف اديني فرصة تانية ...
حاول أن يمسك كفها ولكنها ابتعدت وهي تنظر إليه بكبرياء وقالت؛
-مستحيل ...
اقترب اكثر وهو يضمها إليه ويقول بهوس:
-انتِ  مستحيل تتخلي عني بالسهولة دي يا ملاك ...أنا بحبك ...بحبك اووي ...
-سالي...سالي 
صرخت ملاك لتأتي الخادمة وتري عاصم يمسك ملاك بقوة ...نظرت إليها ملاك وصرخت:
-جيبي الحراس خليه يطردوه من هنا وميدخلهوش تاني ...
ثم دفعته بقوة وقالت:
-عاصم رشدي ...انت انتهيت من حياتي للابد!
امسك هو ذراعها وقال بتصميم:
-مستحيل افلتك من أيدي ...وهترجعيلي ...
شهقت بعنف بينما تشعر بعاصم يبتعد عنها ويقع علي الأرض ...نظرت لتري جاسر بملامح غاضبة عاصفة وعينيه البنية تشتعل ببراكين الغضب  ...
-انا مش قولتلك متقربش منها !!
زعق جاسر بعنف وكاد أن يهجم عليه إلا أن ملاك امسكته وهي تقول بهلع :
-خلاص يا جاسر ...سيبه ... سيبه 
نظر إليه عاصم بكراهية وقال:
-عايز اعرف انت مهتم بيها كده ...ليه دايما لازق فيها وبتحميها ...
-اخرس ...اخرس ...
ابتسم عاصم بشر وقال :
-عارف ليه ...اقولك السبب 
-قولت اخرس 
قالها جاسر وقد انفجرت براكين غضبه ...ليطلق عاصم كلماته كالرصاص :
-لانك بتحبها...انت بتحبها يا جاسر بس للاسف هي مش شايفاك
معقول مقالكيش أنه بيحبك يا ملاك ...وأنه كان بيتمناكي دايما ...مشوفتيش ده في نظراته ليكِ  ولا غيرته عليكِ ..
قذف عاصم الكلمات في وجههما لتبهت ملاك بينما يتوتر جاسر ....شعر أنه يرغب في لكمه ...ابتلع جاسر ريقه وهو ينظر لملاك المصدومة ....كان شكلها مضحك للغاية وهي تفتح فاها بصدمة بينما لا تستوعب ما يقوله ...جاسر يحبها ؟!!لكن كيف ...ومتي أحبها؟! لطالما عاملها كأنها شقيقة له ...كان يحميها دوما وكأنه حارسها ...لقد رأت فيه الشقيق الأكبر ولم تفكر به بتلك الطريقة ابدا ... للحظات اقتنعت أن عاصم كاذب تماما لذلك وبكل برود صرخت برجال الأمن لكي يلقياه وبالخارج...
...
بعد أن أخذوه تنهدت ملاك وهي تنظر إلي جاسر المصدوم وقالت له:
-متقلقش مش هصدق المجنون ده .
ثم كادت أن تذهب سريعا...لم تتحمل أن تبقي أكثر من هذا فعيني جاسر كانت تحصرانها بعاطفة غريبة وكأن كلام عاصم جعلها تري الكثير ...رباه هذا لا يمكن ...لا يمكن أن يحبها جاسر ...هي ستؤذيه بتلك الطريقة...فهي لا يمكنها أن تحبه ابدا ...هي تراه كشقيق فقط ولن تراه أكثر من هذا ...تجمدت للحظات عندما شعرت بكف جاسر القوي يقبض عليها ...كان علي وجه جاسر ابتسامته المحبة كالعادة وقال:
-بس أنا عايزك تصدقِ الكلام ده يا ملاك ...لاني فعلا بحبك ...
ضحك بتوتر وأكمل بينما تسحب  ذراعها :
-انا بحبك يا ملاك وده مش دلوقتي ولا من قريب ...بحبك من زمان من اول ما جيت وانا عندي ستاشر سنة هنا وشوفتك ...حسيتك شبه ماما الله يرحمها ومع كل يوم بتكبرِ قدامي حبي ليكِ كان بيزيد...
تراجعت بخوف وهي تنظر اليه..
-انا مش بحبك !
قالتها ملاك بينما قلبها يعتصر الما وهي تنظر إلي جاسر ...بهت جاسر وهو ينظر إليها وكافح ليحافظ علي ملامحه ثابته لتكمل ملاك :
-انا اسفة يا جاسر بس انت بالنسبالي مجرد اخ عمري ما فكرت فيك غير كده ...
تنهد جاسر وقال:
-انا مش بضغط عليكِ يا ملاك ومش بقولك هتجوزك فورا ...مستعد استناكِ لحد ما تنسي وتتخطي عاصم وصدقيني في كل خطوة هكون معاكي ...
صمتت بينما أحرقت الدموع عينيها ليبتسم هو بحب ويمسك كفها قائلا :
-ممكن استناك شهر او سنة حتي مش مهم المهم انك تديني فرصة ...
سحب كفها وهي تشعر بغصة في قلبها وقالت:
-اسفة يا جاسر ..أنا مقدرش احبك ولا عمري هحبك!
ثم هربت تاركة خلفها قلب محطم ...انسابت دموع جاسر وهو ينظر لأثرها بينما من بعيد كان يقف عامر الذي شاهد كل ما حدث ...هل يقول إنه صُدم ؟!لا هو يعرف جيدا أن جاسر يعشق ملاك ولكن لا ...ملاك لن تكون له ...هذا مستحيل ..ملاك صغيره ستتزوج شخصا افضل منه وهو يجب أن يتأكد من هذا !
..........
كان عدي يمسك صورتها ...يتطلع الي ملامحها الجميلة ...شعرها الأشقر وعينيها الرمادية وابتسامتها الجذابة ....فريسته كانت رائعة الجمال ...هو سيستمتع وهو يطاردها ...ملاك هي التي ستكون مفتاحه ليقبض علي إبيها ...لم يكن يريد أن يصل لهذا الحد من الانحطاط لدرجة أنه يستغل فتاة لا ذنب لها إلا أنه تعلم أن في الحرب والحب كل شئ مباح وتلك هي حربه التي سيخوضها ضد اكبر تاجر مخدرات في مصر ...وهذا سيكون من أجل وطنه ...بتلك الكلمات اقنع ضميره المعترض ولكن هيهات ظل الضمير يصرخ به ...يحاول افاقته ولكنه رفض الاستماع فنيران الانتقام صعبة للغاية عندما تتملك منك وهو أصبح لا يريد الان إلا الانتقام ...لقد عرف أن زفافها قد تم الغاءه ...حسنا هذا سيحل مشكلته تماما ...اقترب منه والده وقال:
-بتعمل ايه؟!
-ببص علي فريستي يا بابا ...نقطة ضعف عامر النجار ..
نظر إليه مالك بدون فهم ليعطيه عدي الصورة 
-بنته هي نقطة ضعفه .
قالها عدي بتقرير وهو ينظر لصورتها واكمل :
-عامر النجار صحيح تاجر مخدرات وقاتل معندوش قلب بس بيحب بنته ملاك اكتر من حياته ...وعشان نقدر نوقع عامر هندخل من طريق بنته ..
تنهد مالك وقال:
-يعني هتعمل ايه ؟!
-هخليها تحبني وتثق  وبالتالي هي هتديني معلومات عن ابوها 
اتسعت عيني مالك وقال:
-يعني هتستغل البنت .
ابتسم عدي ولمعت عينيه الزرقاء بقوة قائلا :
-في الحب والحرب كل شئ عادل يا بابا ....لو مضطر اكسر قلبها عشان اسجن عامر هكسره من غير تردد!بس الانسان اللي دمر حياتي وحياتك لازم يتعاقب !
..........
الهاتف الذي طلبته....
القي يوسف هاتفه علي الأرض ...منذ ساعات وهو يتصل بها ..
القلق ينهش قلبه عليها ومئات الأفكار السوداء تشغل عقله ...أنها المرة الأولي التي تغلق فيها وعد هاتفها بهذا الشكل ..تري ما حدث لها ...واين يذهب ليبحث عنها ..هو الآن يعرف انها في عطلة من العمل   ولكنه لا يحبذ فكرة الذهاب لمنزلها ...والدها رجل نذل حقير وهو لا يريد أن يشتبك معه قبل زفافهما ...ولكنه لن يستطيع أن يبقي فريسة للقلق لهذا أخذ مفاتيحه وخرج من غرفته ...سيذهب الي منزله وليحدث ما يحدث ...
.......
في المساء كان جاسر يجلس بصالة المنزل مغمضا عينيه وهو يتذكر رفضها له ...
-جاسر ..
اقترب منه عنه لينظر إليه جاسر بعيون لا تحمل مشاعر ...ابتسم عمه وقال :
-تحب اجيبلك مشروب ..
هز جاسر رأسه بالإيجاب ولمعت عينيه بالدموع وهو يقول :
-انا بحبها يا عمي ...صدقني ملاك هي حياتي ..
ضحك عامر بقوة وهو يمد له كأس الخمر ويقول:
-خد اشرب عشان تهدي ...
امسك جاسر الكأس ثم تجرعه دفعة واحدة بينما أحرقت الدموع عينيه وهو يتذكر رفضها له ..كيف أخبرته أنها لا يمكن أن تحبه ابدا ...لقد شعر بقلبه يتحطم في تلك اللحظة .....
تنهد عامر وهو ينظر لجاسر...هو يعرف مقدار حب لملاك ويعرف أنه مستعد للموت من أجلها ولكن لا ...ليس جاسر الرجل المناسب لملاك ...هو يعرف ماضي جاسر ...يعرف أفعاله السيئة وليس من العدل أن تتزوج ابنته الرقيقة منه هو !
-ملاك مبتحبكش يا جاسر ...
قالها عامر وهو ينظر إليه بقوة ...ليرد جاسر عليه :
-هتحبني يا عمي ...بس اديني فرصة اقرب منها. ..اكيد هخليها تحبني ...
-بس أنا مش عاوزك تقرب منها يا جاسر ...انت مش مناسب لملاك ...
بهت جاسر وهو ينظر لعمه ...ليكمل هو :
-انا مش هجوز بنتي لتاجر مخدرات ورجل عصابات  يا صياد ..
ابتسم جاسر بسخرية وقال:
-بس عادي ابوها يكون تاجر صح ؟!!
-محدش بيختار أهله بس انا اقدر اختار جوزها ...أنا مجرم صحيح لكن بنتي هتعيش حياة نضيفة مع واحد نضيف والحد ده مش انت يا جاسر ...انت متليقش ببنتي ...
صمت جاسر وهو ينظر إليه ليتنهد عامر ويربت علي كتفه قائلا:
-جاسر انت ابني وانا بحبك بس ملاك لا ...شاور علي اي بنت لكن بنتي لا ....بنتي خط احمر ...أنا نويت اسيب تجارة المخدرات عشانها فأكيد مش هرميها للنار برجليا ...انت صحيح قررت برضه تتوب عن الطريق ده بس انت ملكش امان  ..تصبح علي خير يا بني ...
ثم تركه وذهب ليلقي جاسر الكوب لتتناثر شظاياه علي الأرض ...ثم ينهض ويخرج من البيت مسرعا !!!....
......
كان يقود سيارته بسرعة ...الدموع في عينيه تحجبان عنه الرؤية ...لقد ضاعت ملاك للأبد ...ضاعت النقطة الوحيدة المضيئة في روحه ...
.....
كان وعد تجلس علي الفراش ...امامها الطعام الذي احضراه رجال الصياد ولكنها رفضت ان تتذوق شئ ...كل ما تريده ان تخرج من هذا المكان ..كل ....
اخرجها من شرودها جلبة بالخارج نهضت بينما ينفتح الباب بقوة ...ابتلعت ريقها وهي تري امامها الصياد بوجه قاتم بينما عينيه لا تبشران بالخير ...
اخرج مسدسه وهو يقول :
-اقلعي 
-نعم  
اطلق النار علي الحائط خلفها لتصرخ هي بينما يقول هو بقوة :
-قولت اقلعي يا حبيبتي بتكلم هندي!!!!
(بداية الخطة)
-ابوس ايديك ارحمني وسيبني في حالي ...
قالتها وعد وهي تصرخ بينما طفرت الدموع من عينيها ولكن وجهه ظل متجمدا وهو ينظر إليها ...لهجته ثابته بينما يقول:
-قولت كلمة ومش هكررها ..اقلعي والا انا اللي هعمل كده ...أنا اشتريتك بفلوسي ...
ثار داخلها ...أرادت أن تقتله في تلك اللحظة ولكن هي الطرف الأضعف هنا ...هو من لديه سلاح ...هو اقوي منها وهي لا تستطيع أن تجاريه ...وحتي لو توسلت إليه سيفعل ما يريده ولن يردعه ذلك ...نظراته السوداء ووجهه الجامد أخبرها بهذا ...ولكن لا هي لن تخضع ابدا ولن تخضع له ...لذلك أمسكت المزهرية التي بجوارها والقتها عليه ودون أن تري ماذا حدث اصلا همت بالركض إلي الخارج ولكنها صرخت وهي تشعر به يمسك شعرها بعنف ثم دفعها علي الفراش بينما اسود وجهه من الغضب ...صفعها بقوة حتي انسال الدم من فمها وقال:
-انا هربيكي ...والله لأخليكي تكرهي نفسك ...
ثم هجم عليها مكبل يديها وقد نوي أن يجعله له يوم حتي لو وصل الأمر للإغتصاب...فلن ينسي ملاك الا بتلك الطريقة ...لن يداوي قلبه المجروح بسبب امرأة الا عن طريق امرأة اخري ...ووعد كانت هي المرشحة المثالية ...فتاة جميلة وقوية ..سوف يستمتع بها ....كبلها جيدا وابتسم بشراسة وهو ينظر إليها ... كانت تبدو شرسة ...ما زالت تقاومه ...صحيح الدموع تغطي وجنتيها ولكن عينيها تلمعان بقوة وهو يحب هذا ...يحب أن تكون المرأة قوية فهو لا يحبذ المرأة سهلة المنال...لهذا عشق ملاك .....عشق قوتها وكبرياؤها والان هناك وعد صحيح أنه لن يحبها ابدا ولكنه سيستمتع كثيرا بصحبتها ...ابتسم بمكر وهو يشاهدها ما زالت تقاومه ..فأمسك كفيها بيد وثبت وجهها باليد الأخري ثم اقترب منها ليقبلها الا أنها هتفت بسرعة قائلة  :
-انا عندي ظروف ..
تجمد وهو يبتعد عنها قائلا :
-نعم يعني اي ظروف  !!!
-عندي ظروف ...ظروف زي اي واحدة اي انت خرجوك من المدرسة في ساتة ابتدائى ولا ايه !  
قالتها بملل ..
نظر إليها بشك ...كان متيقن أنها تكذب ولكن لا بأس هي من ستتوسل إليه لكي يلمسها ...
فكر بتمرد ونهض عنها قائلا:
-وماله يا حلوة نستني كده كده هتفضلي هنا كتير ...أنا مش هخليكِ تبعدي عني الا لما اخد اللي أنا عايزة ...
اتسعت عينيها بخوف وقالت:
-اتقي الله أنا مخطوبة .. خطيبي زمانه قالب الدنيا عليا ...ممكن يبلغ البوليس وساعتها انت هتتضر ...أنا انصحك نصيحة ايه رأيك تسيبني واعتبر التلاتة مليون دي زكاه علي صحتك ...
ضحك الصياد بقوة وقال:
-وكمان بتقلشي  ...
اقترب وقال :
-بمناسبة خطيبك ابقي فكريني بكرة هخليكِ تكلميه ...
نهضت بلهفة وقالت:
-هتسيبني اروح صح ...والله كنت عارفة انك ابن حلال صحيح باين علي شكلك انك شمام ورد سجون  بس طلعت ابن حلال ...
ضحك ورد الصياد عليها:
-لا هتكلميه وتقوليله انك بتحبِ واحد تاني وانك فسختي الخطوبة!!!
تراجعت وعد بخوف وقالت:
-مش هعمل كده ...
ضحك هو ورد:
-بسيطة يبقي هقتلك وفي اقرب مقلب زبالة هرمي جثتك!
ثم تركها مصدومة وذهب 
وضعت كفها علي رأسها ...لقد أصبحت فريسة له وهو لن يتركها ابدا!! ....
   ........
في اليوم التالي ...
في دار الأيتام ....
ابتسمت وهي تري سعادة  الاطفال بالهدايا التي احضرتها ...كلما شعرت بالحزن  ملاك اتت الي هنا ...كثيرا ما تشعر بالراحة وسط هؤلاء الملائكة ...تشعر وكأنها عادت طفلة معهم عندما يلعبون ويغنون سويا ...على الرغم من الوقت العصيب الذي تعيشه الان بين خيانة من أحبته من كل قلبها وهو كسر قلبها ليلة زفافهما وخانها وبين جاسر المسكين الذي اكتشفت انه يحبها وللاسف هي لا تراه الا شقيق ..لقد تألم قلبها وهي ترى التحطم علي وجهه ولكنها لا تستطيع أن تخدعه...جاسر ابن عمها .. صديقها وبمثابة شقيقها .... ساعدها كثيرا ...كان دائما بجوارها وتقسم أنها لو كان لها سلطان علي قلبها لأحبته وتزوجت منه لأنها لن تجد ابدا شخصاً مثله...
تنهدت بيأس وهي تمسح الدموع من جانب عينيها لتنتبه عندما هتف بإسمها أحد الأطفال لتلعب معهم بالكرة ...
ضحكت ملاك بسعادة  ونهضت بسعادة لتشاركهم الكرة...
قذفت الكرة بسعادة لتبتعد الكرة حتي اوقفتها ساق قوية ...نظرت ملاك الي ذلك الشاب الرياضي الذي أوقف الكرة لتنطلق صيحة من جانبها عندما قال أحد الأطفال:
-عمو عدي جه ...
ثم انطلقا جميع الأطفال من حولها يحيون هذا الشخص ...
عبست  ملاك وهي تري هذا الشخص الغريب وحب الاطفال له ...هي لم تراه هنا من قبل ...غريبة ...هكذا فكرت ...اقتربت منها مشرفة الملجأ لتمسك ملاك ذراعها وتقول:
-مين ده يا استاذة هدي ...أنا أول مرة اشوفه هنا !
ابتسمت هدي وقالت:
-ده الاستاذ عدي العمري بقاله اسبوعين بيجي هنا ومتبرع مهم للملجأ والأطفال بيحبوه اووي ...
ابتسمت لها ملاك وقالت:
-واضح اوووي ...ربنا يباركله يارب ...
تنهدت ملاك وهي تنظر إليه وكيف التف الأطفال حوله بل بعض العاملات بالميتم تجمعا أيضا ...كانت نظرات الفتيات تنطق بالوله له ولكي تكون منصفة فهن علي حق تماما ...فهذا الرجل يمتلك وسامة لا تقاوم ...شعر اسود يرتاح علي جبهته ...عينيه زرقاء كالمحيط ...ملامحه رجوليه تماما ..بدأ كأحد ابطال الروايات الذي خرج من قصة خيالية الي ارض الواقع ...
هزت ملاك رأسها وهي توبخ نفسها ...بما تفكر هي ...حقا هل تتغزل بآخر الان وهي التي تحطم قلبها منذ أيام ...ضحكت من سذاجتها ربما فقط انبهرت لجماله ...ولكن في قرارة نفسها عرفت أن هذا خاطئ تماما ...فجاسر وسيم للغاية ولكنه لم تنجذب إليه ابدا  ....تنهدت وهي تحاول طرد تلك الأفكار من رأسها لتصدم بهذا الشاب الوسيم يقترب منها ...ابتلعت ريقها وشعرت بالارتباك ....رباه لما يقترب منها ...أصبح قلبها يقفز داخل صدرها بعنف وقد شعرت العالم يضيق بها ...كانت تعرف انها سخيفة في تلك اللحظة لأن الرجل لن يأكلها بالطبع ...ربما يريد فقط أن يتحدث معها ولكن رغم ذلك لم تستطع أن تمنع نفسها من الهلع وقد حاولت قصاري جهدها الا تهرب منه ..ولكنها لم تعرف لماذا فعلت هذا فلم تشعر بنفسها الا وهي تذهب مسرعة لخارج الميتم .....
....
كانت تركض فعليا ولا تعرف لماذا ...فجأة صرخت وهي تشعر بنفسها تصطدم بأحد...صرخت بألم لتجده عاصم ...نظرت إليه ملاك بكره وكادت أن تذهب من أمامه إلا أنه امسك ذراعها وقال:
-ملاك لازم نتكلم!
-مش عايزة اتكلم معاك ولا عايزة اسمع صوتك خلاص سيبني في حالي انت ايه معندكش كرامة!!!!
غضب عاصم وضغط علي ذراعها بعنف وقال:
-هنتكلم يعني هنتكلم ....بمزاجك أو غصب عنك ...
ثم جرها بعنف خلفه ...كانت تصرخ به:
-سيبني يا عاصم بتعمل ايه ؟!
فجأه شعرت بلكمة  تبعد عاصم عنها ...نظرت ملاك الي صاحب اللكمة  ...لتجده عدي ...جذبها عدي خلفه وقال:
-اظن الآنسة وضحت انها مش عايزة تيجي معاك...فمفروض تكون جنتل مان وتحترم رغبتها والا المرة الجاية مش هكتفي بالبوكس الخفيف ده ...وقتها أنا هكسر عضمك لدرجة الدكاترة مش هتعرف تجبسها!!!
............
القلق ينهش في قلبه.....لقد ذهب الي منزلها ليجده مغلقا وعندما سأل الجيران اخبروه أنهم لم يروها منذ يومين  ...لا هي ولا والدها ...
أراد أن يطمئن نفسه ولكن دون جدوي ..لا يمكنه منع تلك الأفكار التي تراوده ...ماذا أن كان حدث لها شئ ...ماذا أن فعل ذلك السكير بها شئ ....
هز يوسف رأسه ...لا لا لن يفكر بهذا الأمر ...هذا والدها ...صحيح سكير وحقير ولكنه يظل والدها وبالطبع لن يفعل معها شئ سئ ...هو حقا يتمني هذا ...يتمني الا يكون والدها قام بأذيتها ...لكن ماذا يفعل ...هل يبلغ الشرطة عن اختفائها ام ماذا ؟!!شعر بالارتباك ولأول مرة يشعر أنه لا يعرف ماذا يفعل ...حب حياته الان اختفي وهو لا يعرف اين ؟!!!ويخاف ان يبلغ الشرطة ويتفاقم الأمر ...
تنهد بيأس ليخرجه من شروده صوت والدته وهي تقول:
-متقدم عريس لبنت خالتك يا يوسف
نظر إليها وقال بشئ من الضيق:
-نعم!!
.........
في منزل حسان...
كانت حياة تجلس بين الضيوف وهي تجاهد كي لا تبكي ..أو تصرخ ....تشعر ان قلبها يتمزق من الداخل فها هي سوف ترتبط بشخص آخر ...شخص غير يوسف فارس أحلامها الرجل الوحيد الذي احبته ليس ملكها بل ليس يحبها من الأساس هو غارق في حب امرأة متأكدة أنها لا تحبه ...تنهدت وهي تخبر  نفسها أنها يجب أن تنساه نهائيا وتنظر لحياتها ...شوف تعمل وترتبط بآخر...ستفعل اي شئ كي تنساه ...
-حياة يا بنتي ...
انتشلها من شرودها والدها الذي ابتسم لها برقة وقال :
-هنسيبكم شوية أنتِ وعمر عشان تتعرفوا علي بعض اكتر ماشي ...
هزت رأسها بطاعة بينما شعرت بالتوتر يتصاعد داخلها ...نظرت هي الي الشاب وصدمت من النظرات الغريبة التي يرميها بها ...ابتلعت ريقها وشعرت بالخوف منه ...اقترب هو منها وهو يبتسم بسماجة ويقول :
-حابة تعرفِ اي حاجة عني ؟!
هزت حياة رأسها بالنفي لينظر هو الي شعرها دون رضى ويقول :
-شوفي يا آنسة حياة أنا مش هكدب عليكي ...بصراحة لما ماما رشحتك ليا افتكرت اني هشوف واحدة جميلة وفيها انوثة لكن للاسف أنتِ بتسريحة شعرك  وجسمك الضعيف شبه الرجالة وانا للاسف الكلام ده مينفعش معايا ...
نظرت إليه بصدمة من وقاحته ...كيف يجرؤ علي هذا ...ليكمل هو استفزازي ويقول:
-عشان كده يا آنسة حياة لو عايزة تتجوزيني يبقي تغيرِ من نفسك شوية ...يعني تعملِ شوية عمليات تجميل كده ...تعملِ اكستنشن لشعرك ...يعني أنا عايز اشوف انسة قدامي مش جعفر ...
اغتاظت حياة ولم تشعر بنفسها الا وهي تمسك فنجان القهوة وتسكبه علي وجهه !!
-اه ...البنت دي مجنونة ... 
صرخ الرجل عندما سكبت حياة القهوة علي رأسه وكم شعرت في تلك اللحظة بالارتياح لانه حقا قد اغضبها ...كلامه عنها ...وعن جسدها جعلها تغلي غضبا ولم ترتاح الا وهي تجده يصرخ من الالم بينما يغمض عينيه والقهوة الساخنة تنساب علي وجهه ...لم تفكر بعواقب الأمور فقط هي كانت غاضبة وافرغت غضبها جيدا به ...ابتسمت بشماتة بينما تجمعت العائلتان ....صدموا مما رأوه ...حياة تجلس بإرتياح بينما الشاب يصرخ بألم 
-يا حبيبي يا ابني ...
قالتها السيدة بهلع ثم اقتربت منه وسحبته الي الحمام بسرعة ليغسل وجهه ...
نظر والد الشاب الي حسان وقال:
-ايه ده يا استاذ حسان انت جايبنا نتهان هنا ولا ايه ؟!!!ايه اللي عملته بنتك ده ؟ 
كان الرجل حقا غاضب ...ملامح وجهه كانت عاصفة من شدة الغضب ولكن حياة لم تخاف ...هي بالأساس لا تريد تلك الزيجة ولا تعرف من اين اتتها تلك الشجاعة وقالت:
-خد ابنك من هنا يا عمي معندناش بنات للجواز أنا مش هتجوز واحد تافه زيه !!! ...
-حياة احترمِ نفسك .
قالها حسان بغضب ولكن حياة لم تصمت بل قالت بقوة:
-الاستاذ جاي يقولي اني معنديش أنوثة ...جاي يهينني في بيتي يا بابا هو فاكر نفسه مين اومال لو كان حلو شوية كان عمل ايه ده شبه البغل ...ده كتر خير اللي هتتجوزه ...يعني هو انا عشان مرضتش احرجه هو يتكلم عني بالطريقة دي. ..لا مستحيل اسمح لحد يكلمني بالاسلوب ده !!
تنهد والدها وصمت كان يري أن كلام هذا الشاب قد جرح ابنته بشده وهو لن يسمح لأي شخص أن يجعلها تبكي لذلك عندما خرج الشاب ووالدته من المرحاض امسك حسان كف ابنته ...نظر إليهما الشاب ...ثم اشتعلت عينيه بالغضب وقال:
-انتِ واحدة ح. ...
-ولا كلمة !
قاطعه حسان بقوة وهو ينظر الي الشاب بنظرات اخافته ثم أكمل :
-مين أنت عشان تيجي هنا وتهين بنتي انت فاكر نفسك مين ....انت قبل ما تنتقدها مشوفتش عيوبك ...انت انسان وقح وسطحي والله ومستحيل أخلي بنتي ترتبط بواحد زيك ...يالا اتفضل من غير مطرود  ...
نظر والده الي حسان وقال:
-استاذ حسان بلاش تتهور .....عادي الولاد اختلفوا وبعدين بنتك ...
أوقفه حسان بإشارة من كفه وقال:
-لو سمحت يا استاذ خلاص انتهي الموضوع معنديش بنات للجواز ويالا اتفضلوا من هنا ...
ودون أي كلمة اخري غادرت عائلة العريس بغضب ...
تنهدت حياة براحة لتنتفض فجأة عندما صرخت والدتها بها وقالت:
-عملتِ اللي انتِ عايزاه يا حياة ...طفشتِ العريس وارتحتِ ...فاكرة أن يوسف بالطريقة دي هيبصلك ...يا بنتي ده خاطب وبيحب خطيبته بطلِ بقا الهبل ده ....يوسف مستحيل يبصلك ...
تألم قلب حياة وتصاعدت الدموع لعينيها ثم قالت:
-انا معملتش كده عشان يوسف...أنا عملت كده عشان الاستاذ ده اهانني وان كنتِ شايفة اني رخيصة وعادي اتهان أنا مش شايفة كده يا ماما ...
ثم سريعا ذهبت حياة لغرفتها وهي تبكي ...
..............
-دي هتكون زي ماتش الاعتزال يا جاسر ...اكبر صفقة نعملها في حياتنا وبعدين هنوقف ...
قالها عامر وهو يبتسم بينما يرتشف كأسه ببطء ..كان يفكر بصفقة العمر ...سوف يستقبل أكبر شحنة مخدرات من الخارج وسوف تباع بملايين الدولارات  وعندها سوف يكون لديه مال لا يحصي وسيبقي مرتاح المتبقي من حياته ...حينها سوف يهتم بإبنته الصغيرة....
نظر إليه جاسر بتعب وقال:
-ايوة الصفقة دي مهمة عشان كده لازم نفتح عينيا كويس يا عمي ...خصوصا اني سمعت أن مالك كلف ضابط شاطر اووي بيدور ورانا بحاول اعرف هو مين بس للأسف مفيش أي معلومات لحد دلوقتي ...فيه تكتم غريب عن الضابط ده...مالك دلوقتي بيلعب بالطريقة الصح ولو مأخدناش بالنا هيتقبض علينا ...
تنهد عامر وقال :
-انا معتمد عليك يا صياد ....انت اكفأ واحد من رجالتي ...انت اكفأ مني شخصيا وهتعرف تتصرف معاه...
ابتسم جاسر بسخرية وقال:
-عندك حق ...
شرب كأسه مرة واحدة ثم نهض وقال:
-مضطر امشي دلوقتي 
-رايح فين ...
نظر إليه جاسر وقال بنبرة باردة:
-فيه حاجة لازم اخلصها ...يالا سلام ....
ثم خرج من الغرفة متجها لباب القصر فتح الباب ليجد ان ملاك قد اتت من الخارج .. 
-ازيك يا جاسر ..
قالتها ملاك بإبتسامة ...ليذهب جاسر دون ان يرد عليها ...
.....
بعد ساعة ...
كان يقف مبتسما وهو يراقبها بينما تنام هي بعمق وسكينة لطالما بحث عنهما!!
......
في اليوم التالي 
فتحت عينيها لتصطدم عينيها الزرقاء بعيني بنية تنظر إليها بسخرية ...شهقت وعد ونهضت لتجد الصياد ينام علي الفراش بجوارها ...ابتسم بسخرية وقال:
-صباح الخير يا قمر ...بصراحة جيت امبارح متأخر لقيتك نايمة زي الملاك مقدرتش اصحيكِ خصوصا ان لسانك طويل وانا مكنتش في مزاج اجادلك امبارح فنمت جمبك وقعدت اراقبك وانتِ نايمة ....
ضحك قليلا واكمل :
-صحيح شخيرك زعجني بس شكلك الجميل وانتِ نايمة كان اجمل حاجة شوفتها من سنين ....
ابتلعت وعد ريقها وهي تنهض وتقول بعدوانية:
-انت عايز ايه ..؟!
ابتسم ونهض بدوره ثم اخرج هاتف صغير وقال:
-بسيطة يا قمر تتصلي بخطيبك المغفل وتقوليله زي ما هقولك بالضبط ..
-ده مستحيل !!!
قالتها وعد بعصبية ليخرج الصياد سلاحه ثم يوجهها لرأسها قائلا بنبرة ارعبتها:
-يبقي هضطر للأسف اقتل ست جميلة زيك يا وعد !!!
........
وقفت مصدومة وهي تجده  يحطم لوحاته التي يضعها بمرسم صغير فوق السطح....كان يبدو غاضب محطم ويائس ...تألم قلبها وهي تراه بتلك الحالة وتصاعدت الدموع لعينيها بينما الخوف استبد بقلبها ...أرادت أن تذهب إليه وتواسيه قليلا ولكنها ارتعبت أن يؤذيها بكلمة من كلماته التي يلقيها بوجهها كلما رأها ...وهي لا تريده أن يظن أنها تلتصق به أو تلاحقه ولكن رغم هذا تسمرت قدماها في الأرض ..لم تستطع حتي التحرك لتذهب بعيدا عنه بل وقفت تراقب انهياره وهي تبكي علي حاله ...رغم أنها تركها بأسوأ طريقة من أجل اخري الا ان قلبها يتألم كثيرا لأجله ولا تعرف لماذا أيقنت أن خلف انهياره هي وعد ...لطالما شكت بحبها له ...والأمر ليس غيرة منها ولكن لا تري نظرات الهيام بعينيها ليوسف ... لا تشعر بإرتجافها كلما امسك يدها على عكسها هي تماما...وضعت كفها علي قلبها وهي تبكي لأجله...ليتها تستطيع أن تذهب وتواسيه ...ليتها لديها تلك الحق الذي يجعلها تربت علي كتفها وتمسك كفه كي يهدأ...ولكن للاسف كل ما تستطيع فعله أن تبقي هنا ...تراقبه وهي تبكي وتتألم وهي تدعو الا يصيبه اذي وان يهدأ ...
-اهدى ارجوك ...
قالتها حياة وهي تبكي بينما تختبئ بعيدا حتي لا يراها ويوبخها ولكن ما زال مستمر في تحطيم كل شئ ...لقد جعل المكان خراب ...هي تعلم كم يحب الرسم وكم مغرم بلوحاته...هل فعلا اذته وعد الي هذا الحد الذي جعله ينهار بتلك الطريقة ....حقدت عليها حياة في تلك اللحظة كثيرا ...كيف تفعل هذا برجل عشقها حد الجنون كيف ....هي تعترف أجل أن يوسف عشق وعد ولم يحبها هي ...فما أن رآها واغرم بها حتي ترك حياة دون أن يفكر بمصيرها حتي ...وهذا ما جعلها تحقد عليه قليلا ولكن الآن كل حقدها اختفي وحل محله الشفقة والألم لحاله....ارتجف قلبها بقوة عندما صرخ يوسف بألم ...نظرت حياة بلهفة لتجده قد جرح نفسه عندما اصطدمت كفه بحاجز زجاجي ...أخذ قلبها يرتعش وهي تري الدماء التي تتساقط من كفه...شعرت بالاختناق ...لم تعرف ماذا يجب عليها أن تفعل ...هل تذهب إليه وتداوي جرحه وتتحمل توبيخه أم تتجاهله ...ولكنها عرفت أن مستحيل تتجاهل يوسف ...للاسف هي ما زالت مغرمة به ولن تترك من تحبه ينزف بتلك الطريقة ...ستذهب إليه وليحدث ما يحدث ...بضع كلمات لن تقتلها..صحيح ...غير ذلك أن يوسف بالفعل قتلها عندما تركها وارتبط بآخري....بسرعة وبدون تفكير ذهبت إليه عبس يوسف وهو يجدها إمامه...فتح فمه ليوبخه ولكنها أمسكت كفه وقالت بقلق:
-تعالي نروح الدكتور الجرح كبير يا يوسف ...
سحب كفه بعنف وقال؛
-ملكيش دعوة ممكن ....سيبيني في حالي ...
إن ظن أن بكلماته تلك فسوف تبتعد فهو مخطئ كثيرا لانها تمسكت بكفه اكثر وقالت:
-تعالي معايا بس ...أنا ...
ابعدِ ايدك عني !!!!
صرخ يوسف بحياة وهو يدفعها بعيدا عنه ...عينيه حمراء من الغضب ثم أكمل وقال:
-ليه ميكونش عندك كرامة وتبعدِ عني..ليه ؟!!ليه بتلاحقيني قولتلك مش بحبك ...ولا عمري هحبك ...ايه هو عافية ؟!!
تصاعدت الدموع بعينيها وشعرت بقلبها ينزف بينما هو يقتلها بكلماته ونظراته المشمئزة ...ودت أن تهرب ولكن منظر يديه المخضبة بالدماء منعتها ...هو يحتاج لمساعدة طبية علي الفور ..
-يوسف اسمعني .. 
-اخرسِ بقا مش عايز اسمع صوتك ..ومش عايز أشوفك ...دايما لازقالي ...ايه مفهمتيش كلامي قبل كده ...للدرجادي معندكيش اي كرامة قولتلك مستحيل نبقي سوا ...
هزت رأسها بعصبية وامسكت كفه بقوة وهي تصرخ به :
-مجيتش عشان بحبك يا استاذ يوسف ...انا نسيتك خلاص انت برة حياتي ...بس انت ابن خالتي اللي اتربيت معاه فعشان العيش والملح بقولك يالا نروح المستشفي وضع ايدك في خطر ...
عبس يوسف ونظر الي كفه التي تنزف  ليدرك اخيرا أنه ينزف ...ثم قال بذهول:
-انتِ جيتِ بس عشان أيدي!!!
رفعت رأسها وقالت:
-ايوة عشان ايدك ...مخك ميروحش لبعيد لاني فعلا بطلت أحبك ...تقدر تقول إن مشاعري ناحيتك كانت مراهقة وتعلق اكتر منه حب !!!
وبهذة الكلمات سببت له ضيق غير متوقع 
تنهدت حياة براحة وهي تجده قد هدأ قليلا ثم سحبته خلفها وهو لم يعارض ...
.......
في دار الأيتام قابلها والامر لم يكن صدفة بل خطط جيدا لهذا الأمر خاصة انها تقدر انه انقذها من خطيبها السابق من قبل ..كان يحاصراها بنظراته بينما يبدأ في الكلام 
-انتِ بتيجي هنا كل يوم ؟!
قالها عدي وهو ينظر إليها مبتسما ...لم تستطع ملاك أن تنظر إليه أكثر من هذا لهذا وضعت عينيها في الأرض وأجابت بخجل :
-ايوة ...اتعودت دايما اجي هنا ...في المكان ده بحس بسلام نفسي غريب اووي  مع الاطفال بحس اني رجعت طفلة من جديد ...
ابتسم عدي وهو ينظر اليها ...نظراته اربكتها وقد شعرت بسخونة في وجنتها ...حقا ما بها ...لماذا تشتغل خجلا كمراهقة لم تكمل الخامسة عشر بسبب نظرات رجل مثله ...ولكنها فعلا كانت مرتبكة...خجلة...نظراته كانت تخترقها بقوة ...تمس روحها ....روحها التي لم يستطع احد الوصول إليها الا والدتها ...حتي عاصم لم يصل لروحها بتلك الطريقة وهذا ما جعلها تنصدم ...هي تنساق بقوة الي طريق تجهله ...تشعر بالإعجاب نحو رجل لا تعرفه حتي وكل هذا من المرة الثانية لرؤيته ...الأمر حقا مريب ...هي تخاف ولكنها سعيدة في نفس الوقت 
..سعيدة بطريقة تجهلها...
هزت رأسها وحاولت ان تطرد تلك الافكار السخيفة من راسها وقالت له بلطف:
-بس واضح ان الاولاد بيحبوك اووي ..
هز عدي رأسه وقال :
-هما قلبهم ابيض ...كفاية تكون حنين عليهم وهيحبوك ...
نظر إليها وأكمل قائلا:
-بس أكيد بيحبوكِ اكتر صح ؟!
ضحكت وقالت:
-لا شكلهم بيحبوك انت اكتر ...
هز رأسه وقال معترضا :
-لا أكيد انتِ اكتر ...لأنك فعلا جميلة وتتحبِ ..
ذابت خجلا وهو ترجع شعرها الخلف بينما تطرق بخجل ...هو يتغزل بها بصراحة ..
-مفيش داعي تتكسفِ يا ملاك انتِ فعلا جميلة اووي زي الملاك ...انتِ اسم علي مسمي ...
نظرت إليه ملاك وهي تضحك وقالت:
-انت بتعاكسني ؟!!
-بصراحة أه ...
قالها بصراحة تامة لتضحك هي ...
قاطع حديثهما الاطفال الذي طلبا منهما ان يلعبا سويا ..وقد وافقا بسرور ....
.....
بعد ساعتين ....
كانا يسيران سويا ...
قالت ملاك:
-دي عربيتي انا دلوقتي لازم اروح ...
كادت أن تذهب الا ان عدي اوقفها وقال بسرعة وهو يدعي الارتباك:
-أيه رايك  نتقابل تاني ...
ابتسمت ملاك بحيرة وقالت:
-ما أكيد بكرة هنتقابل تاني في الملجأ....
هز عدي رأسه وقال:
-لا قصدي نتقابل برة الملجأ....لو معندكيش اعتراض ممكن تقبلي اني اعزمك علي الغدا بكرة بعد ما نطلع من الملجأ ...
ابتسمت له ملاك وقد هزت رأسها علي الفور بينما ابتسم عدي ...فها هي فريسته وقعت في الفخ !!!
كانت تبكي بعنف ...قلبها يعتصر ألما وهي تتذكر كيف حطمت قلب يوسف ...كيف اخبرته انها لا تحبه بأسوأ الطرق ...كيف انها تركته ولم تهتم به ....لقد شعرت بالقرف من نفسها ليس لانها انفصلت عنه تحت تهديد السلاح من هذا المجنون بل لان للأسف كل كلمة قالتها كانت صحيحة مائة بالمائة ..
هي لا تحب يوسف...يوسف كان اختيار العقل لا القلب ...هو لم يمر حتي بجوار قلبها وكم كان هذا يعذبها لانه حقا يحبها كثيرا..
هي رأيت هذا  في عينيه ولكن الارتباط به كان الحل الوحيد حتي تتخلص من ظلم والدها ...كان الحل الوحيد حتي تتخلص من هذا السجن ولكن للاسف وقعت في سجن أسوأ بكثير وها هي خسرت كل شئ
...حياتها وخطيبها وحريتها يتبقي أن يفعل هذا المجنون ما يريده بها ليسلب شرفها ....
تسطحت علي الفراش وأغمضت عينيها وهي تتذكر ما حدث بالتفصيل !!!
....
-مش هعمل كده ...حرام عليك اتقي الله وسيبني اطلع!!
قالتها وعد وهي تنظر إلي السلاح بذعر ...كان قلبها ينبض بخوف ...ماذا إن قتلها هذا المجنون ...تصاعدت الدموع لعينيها وأخذت تتوسل:
-يا باشا سيبني اطلع من هنا حرام عليك...ابويا اللي سرق أنا مالي ليه أنا اتعاقب ...عاقبه هو ...
ابتسم الصياد بسخرية وقال:
-ذنبك انك بنته ...
اقترب منها ثم لمس وجهها بإفتتان قائلا:
-بس ذنبك الأكبر انك جميلة يا وعد ...عينيكي اجمل عيون شوفتها في حياتي ...
ابتلعت ريقها بينما يقترب أكثر منها ...اقترب بشفتيه من وجهها  ثم قبل فكها برقة وقال :
-اعملِ اللي انا عايزه وصدقيني هعيشك أميرة ...هجيبلك اللي أنتِ عايزاه ...هتأكلِ احسن أكل وتشربِ احسن شرب ...وهسفرك بلاد عمرك ما شوفتيها ...هعيشك في الجنة حرفيا ...بس وافقِ ده الحل الوحيد اللي قدامك لاني انا ممكن حرفيا اعيشك في جحيم ..يعني اقدر اضربك ...اعتدي عليكِ واخلي كمان رجالتي يعتدوا عليكِ واصورك ...فالذوق احسن صح ؟!...
كانت ترتعش وهي تشعر بشفتيه تنتقل من وجنتيها لفكها ....صوته الهادئ جعلها ترتعب....تهديداته تلك حقا ارعبتها ...أنه يلقيها بين نارين ويطلب منها الاختيار وفي الحالتين ستحترق حتي الموت...ابتلعت ريقها وهي تشيح بوجهها ...كانت تشعر بالتقزز منه ...
ابتعد الصياد وهو يقول:
-ها يا وعد ناوية تسمعي الكلام ولا انفذ تهديدي...اعرفي اني ممكن  اخليكي تتمني الموت فياريت بالادب كده تعملي اللي اطلبه منك ...
ابتلعت ريقها وهي تمسك الهاتف منه بينما تطلب رقم يوسف ....وجه هو السلاح لراسها وقال:
-اي محاولة منك مش هتردد افجر المسدس في رأسك يا حلوة تمام ...
هزت رأسها وهي تبكي بقهر ..تبكي من الظلم الآن هي ستخسر اخر شخص تبقي لها ...اخر شخص قد يحميها ...انتظرت وهي ترتجف رد يوسف وتجمدت للحظة عندما انفتح الخط وصوت يوسف الملهوف يظهر :
-وعد حبيبتي فينك ...قلقتيني عليكِ ...أنا هتجنن بقالي يومين...
-يوسف أنا سيبت البيت وسافرت مع بابا ...
قالتها وهي تكتم دموعها فرد هو دون تصديق:
-من غير ما اعرف ...من غير حتي اتصال او مبرر يا وعد ...هو باباكي أجبرك ولا ...
أغمضت عينيها وقالت :
-لا أنا سافرت معاه بمزاجي ...قرر يبدأ من جديد في بلد تانية ...
-طب وانا يا وعد ...
نظرت إلي الصياد بتوسل ولكن وجهه لم يحمل أي أثر للشفقة فاكملت وهي تضغط علي نفسها وقالت بنبرة صادقة تماما:
-انا محبتكش يا يوسف ...أنا اسفة حاولت كتير بس مقدرتش ...أنا...
-انتِ بتقولي ايه ...أنتِ بتكدبي عليا صح ...وعد أنا ...
-انا اسفة يا يوسف ...اسفة ..
قالتها وهي تبكي ثم أغلقت الهاتف ...
...
عادت من شرودها وهي تبكي بعنف ...تشعر بالقرف من نفسها لأنها استغلته وتركته بتلك الطريقة !!!
..................
-نظر الي كفه المضمدة بتفكير ثم تنهد ونظر الي حياة وقال بهدوء :
-شكرا ...
هزت رأسها وهي ترجع خصلات شعرها القصير للخلف وتقول :
-العفو..
تنهدت ثم أكملت وقالت:
-يالا نروح البيت ماما اتصلت واتضايقت اني خرجت من غير أذنها ...
هز رأسها وهو يسير بجوارها ...قام بإيقاف سيارة أجرة واستقلوها سويا ...
كان كل لحظة يرمقها بدهشة ...ليست تلك حياة التي يعرفها ...حياة التي كانت تطارده دون أي ملل ...تلك فتاة اخري لا تنظر إليه حتي ...عينيها التي كانتا تنظران إليه بحب جافة الان لا ترمقه الا بنظرات باردة تمزق قلبه ...وهو لا يدري السبب ...هو الآن يجب أن يغضب ويحزن لأن من احبها تركته دون أي سبب ولكن يجد نفسه يفكر بحياة ابنة خالته التي كانت تعشقه وهو للاسف لم يبادلها تلك المشاعر!!!
تنهد وحاول فتح الحوار قائلا :
-مش عايزة تسأليني ايه السبب اللي خلاني اعمل كده ...
-ما يهمنيش ...
وبتلك الكلمة الباردة قطعت الحديث تماما واخرسته شخصيا ....
وصلا الي المنزل اخيرا بصمت تام وصعدا سويا ..توقفت حياة وهي تري والدتها تنظر إليها بنظرات غير راضية تماما ثم تنظر إلي يوسف الذي توتر قليلا ...
نظرت والدة حياة الي كف يوسف وقالت:
-الف سلامة عليك يا حبيبي خير ؟!؟
-مفيش حاجة يا خالتي حاجة بسيطة ...
ثم بسرعة اتجه لمنزله ...
نظرت حياة الي والدتها وكادت أن تتكلم لتبرر إلا أن والدتها أمسكت ذراعها وأدخلتها للمنزل ...
دفعتها والدتها ثم صرخت بها :
-احنا مش هنخلص من يوسف ده ...أنا ما صدق انك قررتِ تشوفي حياتك يا حياة ...ليه بتعملي كده يا بنتي ...
-يا ماما أنا...
-اسكتي ولا كلمة ...يا بنتي ده مبيحبكيش ...بيحب خطيبته كفاية اللي عمله فيكي ...ما صدق انك بدأتِ تشوفي حياتك ايه اللي خلاكِ ترجعي لوجع القلب ده !!
تصاعدت الدموع لعيني حياة وقالت وهي ترفع رأسها :
-وانا يا ماما خلاص نسيته وصدقيني مش بفكر الاحقه ابدا ...أنا بس مقدرتش اشوفه بينزف ومساعدهوش ...كأبن خالتي بس...لكن أنا لا بلاحقه ولا حاجة اطمني خالص ومتقلقيش ..وعشان ترتاحي اكتر أنا موافقة اقابل ابن طنط مريم حددي الميعاد اللي يناسبك وانا موافقة علي اي حاجة ..تمام ..
هزت الام رأسها وهي تشعر بالراحة واخيرا ابنتها قررت التحرر من قيود عشق لا فائدة منه ...
تنهدت حياة وهي تنسحب الي غرفتها بينما تكتم دموعها ...وما أن أغلقت باب غرفتها حتي جلست تبكي بشكل يمزق القلب ...لما لم يحبها يوسف بتلك الطريقة التي أحب وعد بها ...تقسم أنه لو احبها بتلك الطريقة ما كانت لتتركه ابدا !!!
.....
في منزل يوسف ...
كان جالس وهو يمسك صور خطبته هو ووعد ...كم كان سعيد في ذلك اليوم ...كان يطير من السعادة ...فالفتاة التي سلبت لبه من اللحظة الأولي أصبحت ملكه ...لن ينسي كيف التقي بوعد ..عاد بذكرياته للخلف عندما أجرت والدته جراحة بسيطة في عينيها وكان هو يرافقها ...أخذ عطلة من عمله وقرر أن يبقي بجوارها بالمشفي...كان حينها خاطب حياة ...كانت مجرد خطبة تقليدية ليتخلص من الحاح والدته ولكن الحقيقة أن حياة لم تمر جوار قلبه حتي ...الي أن أتي اليوم الذي دخلت فيه وعد لغرفة والدته...لقد نسي أن يتنفس لدقائق وهو مسحور بعينيها الجميلة ...أنفها الشامخ وشعرها الذي يتأرجح بقوة ....بدت في تلك اللحظة كأمرأة أحلامه ...المرأة التي حلم بها طويلا ...ومن وقتها ألقت عليه لعنة الحب وأصبح هو الملعون بعشق محرم عليه ...ظل لأيام يلاحقها دون أن تدري غير مهتما كليا فمن هي خطيبته حتي اتخذ قراره وانفصل عن حياة تماما ليريح ضميره ...
فاق من شروده بينما دموعه سقطت علي صورتهما بينما يفكر أنه جرح أكثر شخص يحبه من أجل من لا يستحق !
.....
في اليوم التالي ...
كانت تقف أمام المرأة وقلبها يقذف داخل صدرها ...لا تدري لما تشعر بكل هذا التوتر من لقاء هذا الرجل ...ولا تدري بالأساس لما وافقت أن تخرج معه بتلك البساطة ...لا تعرف اي شئ فقط تعرف انها تشعر بسعادة غريبة ...وتشعر انها سخيفة جدا ... فهي هي خرجت من علاقة منهكة وتقابل اخر ....آخر لا تعرف إلا أنه سلب دقات قلبها من الوهلة الاولي... ابتسمت بخجل وهي تشعر بفراشات تداعب معدتها ...نظرت إلي فستانها الخريفي اللطيف التي تتناثر أزهاره في كل مكان بمختلف الألوان ...أمسكت احمر الشفاه ثم مررته علي شفتيها قلبت شفتيها برفق لتثبيته وكادت أن تربط شعرها إلا أنها تراجعت في آخر لحظة وقامت بتسريح خصلاتها الذهبية ثم تركتها ترتاح علي كتفها ... نظرت إلي نفسها نظرة أخيرة وهي تبتسم برضى ثم أمسكت حقيبتها وغادرت ....
.....
خرجت من غرفتها وهي تدندن بسعادة ولكن فجأة تجمدت وتوقفت الكلمات في حلقها وهي تنظر إلي جاسر الذي ظهر أمامها فجأة ...ابتلعت ملاك ريقها واطرقت برأسها للاسفل ....تجاهلها جاسر كليا وكاد أن يذهب إلا أنها قالت:
-انا عارف انك زعلان مني وده قاهرني يا جاسر ... مقهورة اني زعلتك أنت بالذات ...انت اغلي انسان علي قلبي ...اخويا اللي وعيت واتربيت معاه ...
اعتصر الالم قلبه ...شقيق؟!!هذة هي مكانته لديها ...الفتاة التي أحبها أكثر من حياتها كلها لا تراه الا شقيق عزيز ...أراد الضحك علي خيبته ولكنه استطاع السيطرة علي نفسه وقال:
-وأزعل ليه يا بنت عمي الحب مش عافية ...وانا أكيد مش هجبرك...
اقترب اكثر منها وقال بينما عينيه البنية تلمعان بقسوة:
-متقلقيش عليا أنتِ مش هتشكلي ضغط ابدا ...هنساكِ بسهولة عادي اصل اللي خلقك خلق غيرك عادي ...
ابتلعت ريقها وقالت:
-انا عارف انك مجروح و...
-لا مش مجروح ولا حاجة قولتلك أنتِ مش هتشكلي ضغط ولا تهديد حتي أنا مكنتش مجنون بيكي للدرجة ...أنا افتكرت اني بحبك ...بس لما قعدت مع نفسي عرفت أنه مجرد اعجاب وهيروح متقلقيش ..قلبي مش متورط للدرجة دي ...
أمسكت ملاك كفه وقالت:
-اتمني من قلبي أن قلبك فعلا ميكونش متورط معايا ...اتمني تحب واحدة تقدرك يا جاسر ...تحب واحد احسن مني بمليون مرة ...
فقط حينها صوابه تماما وهو يمسكها من ذراعها ويقول:
-مفيش حد احسن منك ولا هيكون يا ملاك ...
لمعت عينيه بالدموع وأكمل بتوسل:
-اديني فرصة واحدة ...واحدة بس والله هسعدك...هعمل اللي أنتِ تطلبيه ..مش هضغط عليكِ ولا ...
تصاعدت الدموع لعينيها وهي تقول بعذاب:
-ابوس ايديك انت كفاية ...مقدرش ...مقدرش يا جاسر انت تستحق احسن من كده مش قادرة اشوفك الا اخويا ...سامحني ...
ابتعد سريعا كالملسوع وقال:
-وانا مش عايزك تشوفيني اي حاجة ...
اقتربت وكادت أن تلمسه الا انه ابتعد عنها وقال:
-كفاية كده ...ابعدي عني مش عايزك تكلميني ولا تحتكي بيا ...أنتِ من النهاردة بنت عمي وبس وعلاقتنا مش هتكون الا رسمية ...
-جاسر أنا ...
ولكنه لم يستمع إليها بل تركها وغادر ...
تساقطت دموعها وهي تشعر بالأسي عليه ...لم ترغب أن تحطمه لتلك الدرجة ولكن هي لا يمكن أن تحبه ...لا تستطيع ...لو كان بيدها لأعطته الحب الذي يريده ولكن للأسف نحن لا نملك سلطان علي قلوبنا ...
مسحت دموعها برفق وخرجت من المنزل ....
.......
بعد ساعات ....
كانت تخرج من الملجأ وهي تسير بجواره بينما ما زال قلبها مشبع بالحزن ...وقد اختفت أي رغبة لها بالسعادة ...فجاسر لديه مكانة مميزة لديها حتي وإن لم تكن تحبه كحبيب ...هي تحترمه وتقدره وتحبه كشقيق ...هو صديقها ...من وقف بجوارها في محنتها دوما ...كان دوما أقرب إليها من اي شخص ...عرفت أن لن أحد سوف يأذيها طالما هو موجود ...
الحزن علي وجهها الجميل جذب انتباه عدي ...نظر إليها وقال بنبرته المميزة :
-مش قولتلك أن الحزن مش لايق علي جمالك يا ملاك... وشك اتخلق عشان تضحكِ بس لان ضحكتك هي تاني اجمل حاجة في الدنيا بعدك ....
كل أفكارها تلاشت أمام هذا الغزل الصريح منه بينما تذوب خجلا وهي تنظر إلي عينيه التي ترمقها بنظرات خاصة اربكتها ...وهو لم يزيد من وقاحته با قام بتغيير  الموضوع تماما وقال:
-يالا عشان نلحق اليوم من أوله ...
وضعت خصلات شعرها خلف أذنها وهي تقول بتوتر أنا...
-لا لا يا ملاك مفيش أعذار انتِ وعدتيني!
ودون أن يهتم بإعتراضاتها امسك كفها وهو يجرها خلفه ...
ومن بعيد كان يوجد من يراقبهما بينما عينيه تشتعلان بنيران الغيرة!....
......
في الملهي الليلي ....
كان جاسر يشرب بشره كبير ...وكلما تذكر كيف رفضته وكيف ذهبت مع اخر كان يشرب أكثر ...الالم في قلبه لا يتوقف ...يشعر أنه سيموت ...لما فعلت به هذا ...لما لم تحبه ...قلبه يتمزق من الغيرة وهو يري اخر يحقق أحلامه ...اخر يستولي علي امرأة حياته ...عجز تماما عن فهم فشله في الحصول عليها ...أنها المرأة الوحيدة الذي أعطاها كل هذا الحب والاهتمام ...هو مهووس بها ...مهووس بطريقة لا يستوعبها اي عقل بشري ...لو طلبت منه أن يموت ...سيموت وهو راضي تماما ....ولكن اليوم عرف أن بعد عاصم هناك اخر احتل قلبها وهو ليس لديه اي فرصة حتي...
صرخ وهو يلقي كأس الخمر ثم خرج من الملهي وهو يترنح بقوة ...خرج الي المرأة الوحيدة التي ستخفف تلك النيران التي تشتعل به !!!
........
انتفضت وعد عندما ولج الصياد فجأة ...عينيه حمراء يترنح بقوة ...والألم يتشكل بشكل بغيض علي وجهه...انكمشت بخوف بينما عينيها الزرقاء تزوغان بتوتر ...كان يبدو عليه الغضب والألم وقد شعرت أن هذا اليوم لن يمر علي خير ابدا ...
-انا مليت من الوضع ده !
قالها بنبرة ثقيلة غاضبة لتبتلع ريقها وتقول بتوجس:
-اي وضع مش فاهمة ؟!
اقترب منها وصرخ:
-انا دفعت فلوس ومن حقي اخد مقابل اللي دفعته ...مش هستني اكتر. ..الليلة هتكوني ليا يا وعد ....
هزت رأسها وهي تبكي وقالت؛
-ده مستحيل ...
ضحك ساخرا وهو يقترب أكثر ويقول بنبرة ثقيلة:
-للأسف يا حبيبة قلبي هيحصل ...أنا مشيت كل الحراس ...والليلة هتبقي بتاعتنا أنا وأنتِ وبس ...
ثم هجم عليها يكتفها بجسده ...
صرخت وعد وهي تحاول أن تبعده عنها ولكن دون جدوى ...كان كالثور الهائج بينما شفتيه تقبلها بهووس ...رباه يبدو أنه لن يتراجع الان ...
-انتِ الوحيدة اللي هتخففِ ألمي
قالها بنبرة غريبة ...بينما يديه تتجه الي ملابسها ...حاولت وعد بكل قوة أن تبعده وهي تبكي...لا ...لن تسمح له بهذا ...ستقتل نفسها ولن تسمح له أن يسلب شرفها ...نظرت بجانبها لتجد طبق الطعام الخاص به وسكين صغيرة ولكن حادة ... حاولت الوصول إليها ولكن الصياد كان يشل حركتها تماما ...فجأة هبط بشفتيه علي شفتيه وقد غاب تماما  ...ادعت هي الاستجابة ووضعت كفه علي رأسه تقبله بالمقابل ليترك كفها الأخر  بحرية ...وثم بسرعة دون أي تفكير استلت السكين وبأقصي قوة لديها طعنته في بطنه !
اتسعت عينيها بفزع وهي تشعر بسائل دافئ ينساب علي يديها بينما عيني الصياد جحظت بألم ...أبعدته وعد وهي تصرخ ليقع هو علي الأرض  بينما يصرخ بألم ...رمت السكين من يدها وهي تصرخ .. ...للحظات ظلت باهتة وهي تنظر إلي  ألمه الواضح ولا تعرف لماذا شعرت بالآسي عليه ...شعرت بثقل في ضميرها وهي تراه ينزف بتلك الطريقة ويتألم ...عرفت انها لو تركته سوف يموت  ولكنها عرفت  أيضا انها فرصتها الوحيدة للهرب من الشيطان ولذلك دون أي تفكير خرجت من الغرفة لتركض ...لم تفكر ابدا بالتوقف ...فتلك هي فرصتها الوحيدة ...الحراس ليسوا هنا والصياد مصاب بالداخل...تلك هي فرصتها الذهبية ...اخذت تتنفس بصعوبة وكادت أن تصل لباب المنزل إلا أنها توقفت فجأة وهي تلهث بعنف ونظرت بتوتر الي الغرفة ...هل  ستتركه يموت بتلك البساطة ...هي من ستكون السبب لو مات وضميرها لن يحتمل هذا العذاب ...
نفخت بضيق وهي تشد خصلات شعرها وتقول:
-فوقي يا وعد ده مجرد مجرم بطلي هبل...يستحق اللي هيحصله ...أنتِ ملكيش دعوة ...دي فرصتك ...روحي ليوسف وبلغي عنه وارتاحِ....
صوت صراخ الصياد المتألم جذب انتباهها ...ارتجفت وهي تشعر بالرعب وللحظات توقف عقلها عن العمل تماما ...رباه ماذا تفعل ...هل تعود وتخاطر أن يحتجرها ...ام تهرب وتتركه لمصيره وتتحمل تأنيب الضمير ...شعرت حقا انها تائهة ولكن للحظة انتصر ضميرها المعذب علي عقلها  وعادت إليه....
وقفت وعد وهي مصدومة تراقب الصياد الغارق في دمه بينما يصرخ من الالم وهو يتسطح علي الفراش بشق الأنفس  وما أن لاحظ وجودها حتي اشتعلت عيناه البنية وهو ينظر إليها وقال بنبرة تقطر حقد:
-هقتلك يا وعد ...هقتلك بطريقة متتخيلهاش ..بطريقة أسوأ من اي فيلم رعب شوفتيه...
ابتسمت بسخرية وردت:
-انت الطرف الضعيف هنا فأحسنلك تحط لسانك جوا بوقك والا هسيبك تنزف لحد ما تموت...
-انتِ ...أنتِ 
-ششش 
قالتها بإستفزاز...ثم أكملت:
-احسنلك تخرس والا والله اسيبك تموت عادي وابقي ريحت العالم من شرك ...انت دلوقتي صباعك تحت ضرسي فبالذوق كده تخليك مؤدب عشان اطهرلك الجرح وامشي من المكان الموبوء ده وابعد عن شخصية مريضة زيك ...
احمر وجهه من الغضب وهو ينظر اليها... ولكنه لم يتحدث ...هي محقة هو الآن الطرف الأضعف ...علي  رغم شعوره بالغضب الشديد إلا جزء مجنون منه كان يشعر بالتسلية لأنها تهدده بتلك الطريقة دون خوف ..هذا جعله يشعر بحماس غريب ...حماس غريب يجعله يرغب في قتالها وإخضاعها له ...والصياد عرف في تلك اللحظة أن وعد ليست مجرد فتاة  سوف يتخذها عشيقة ...بل هي امرأة ستغير حياته كثيرا ...تلك الشرارة بعينيها لم يراها بعيني أحد إلا عين والدته حتي ملاك لا تمتلك تلك الشرارة النادرة ....
-انت مبتسم ليه ؟!!
قالتها وعد بتوجس ليرد الصياد بألم:
-مستغرب أن واحدة زيك يدوب واصلة لكتفي تقف تهددني كده ...
ربعت ذراعيها وقالت بفظاظة:
-للاسف معندكش حل تاني ...انت دلوقتي هتنفذ اللي اقول عليه وبس ودلوقتي خليني اشوف الجرح ...
ثم اقتربت منه متوجسة حذرة وهي تقرر أنه لو فكر أن يفعل أي شئ ستضربه ...عاينت جرحه وتنهدت عندما وجدت أن جرحه سطحي ...
نظرت إليه وقالت:
-متقلقش الوحش لا بيروح ولا بيضيع جرحك سطحي ..
ثم بعنف ضربته علي الجرح ليصرخ بقوة وهو يسبها بألم ...رفعت وعد حاجبيها وقالت ببراءة مزيفة ؛
-مش انا دي أيدي .
نظر إليها وهو يكز علي أسنانه وقال:
-بس اقوم هربيكي كويس علي اللي بتعمليه ده ...
ضربته علي وجهه وقالت:
-لا قلة ادب هسيبك وامشي...لم لسانك لاقطعهولك انت فاهم !!!!! 
ثم بمهارة ممرضة بدأت تحضر ما تريده من علبة الإسعافات الأولية الموجودة بالغرفة لتنظيف  جرحه !!!
.........
كانت ملاك تتسطح علي الفراش ...خصلاتها الذهبية تنتشر علي وسادتها بينما ابتسامة حالمة تزين شفتيها ...وعقلها يستعيد يومها مع عدي ...لقد كان من اجمل ايام حياتها...كان عدي يمتلك حس دعابة مذهل لم تتوقف عن الضحك ابدا طيلة اليوم ...عاملها اليوم كشئ ثمين ...تجول معها في مركز التسوق واشتري لها دب هدية ...تجول معها كثيرا ...كان بسيطا جدا وهذا ما أحبته كثيرا وبالنهاية اخذها لمطعم للمأكولات البحرية ...ذُهلت عندما اخذها هناك ...كيف عرف انها تعشق المأكولات البحرية وعندما سألته أجابها ضاحكا أنه هو يحب ذلك الاكل أيضا ...تحدثا سويا لمدة طويلة ودهشت من كم التشابه بينهم ....هو يحب كل ما تحبه ... ذوقه يشبه ذوقها الي حد كبير ...يحب الفن والموسيقي مثلها ...مولع بالقراءة أيضا مثلها ..بحياتها لم تجد أحد يشاركها اهتمامها مثل عدي ...لتعترف أنها تسير في طريق تجهله ...تسلم قلبها لشخص لا تعرفه حتي ...لكن جل ما تعرفه حقا أنه ترك تأثيرا عميقا داخل قلبها وروحها ...بعد عاصم ظنت أنها ستنبذ الحب ولكن بطريقة لا تصدق وجدت نفسها تتعلق بآخر ولا تعرف السبب...تخاف أن يكون هذا مجرد احتياج وفراغ عاطفي بعد تجربتها المريرة مع عاصم ولكن لماذا لم تنجذب لجاسر ...هو أقرب لها من اي شخص ...وتثق به أكثر من نفسها ...لما تثق بغريب لا تعرفه جيدا من الأساس ولما  تسلمه ثقتها بتلك السهولة ...هي منذ أيام خرجت من تجربة مريرة ...فالذي أحبته خانها في ليلة زفافهما وحطم قلبها ...يجب أن تتريث قليلا ولا تجعل عواطفها تتحكم فيها ...فهي تعرف كم أن القلب ضعيف متهور ...يجب أن تحكم عقلها...تجعل عقلها من يقودها ...والعقل يخبرها أن تنتظر فقلبها لن يتحمل اذي آخر ...هي لا تعرف الشاب جيدا ...يجب أن تتعرف عليه بصورة أوضح حتي تثق به ...تنهدت ملاك  وقد اتخذت قرارها لن تخرج معه مرة أخري ...يجب أن يجعلها تثق به اولا .....وبهذة الفكرة أغمضت عينيها  وقررت النوم ...وفعلا ما كادت أن تغرق في النوم حتي ايقظها صوت رسالة اتت علي تطبيق الواتس آب...فتحت التطبيق ليدق قلبها بقوة وهي تجد رسالة منه ...توقفت عن التنفس للحظات  وابتسامة رائعة ارتسمت علي شفتيها وهي تقرأ رسالته المختصرة ...كان يطلب منها الخروج معه مجددا واخبرها أن الأمر مفاجأة ...وفجأة تطايرت كل وعودها لنفسها وهي ترد عليه بالموافقة ثم تغلق الهاتف وتنام بسعادة ...
.....
علي الجانب الآخر ..
كان عدي يبتسم بخبث هي تقع في حبه ...مهمته أصبحت اسهل مما توقع ....
-قدرت توقعها ؟!
قالها مالك لابنه الذي يشع وجهه من السعادة ...
رفع عدي رأسه بفخر ورد:
-عندك شك...كام يوم تاني وملاك هتقع تحت ايدي تماما وهسيطر عليها ساعتها هجيب عامر النجار راكع عند رجلي 
-اللي  بيلعب بالنار هو اللي بيتحرق بيها الاول يا عدي .
قالها والده فجأة ليعقد حاجبيه بقوة ويقول :
-مش فاهم ...
تنهد والده وهو ينظر إليه بتوتر ويقول :
-خايف اللعبة تنقلب عليك ...خايف الصياد يبقي فريسة ..
-بابا وضح كلامك مبحبش شغل الالغاز ده !
ربع مالك ذراعيه وقال:
-يعني يا حضرة الضابط خايف انك بدل ما تخلي ملاك تحبك وتستغلها انت اللي تحبها ...خايف انك تحبها وتنسي مهمتنا ...خايف الحب يسيطر عليك ...
انفجر عدي بالضحك ...كان يضحك بقوة وهو ينظر إلي وجه والده الغاضب ثم قال وهو يشير إلي نفسه...:
-انا احبها ...احب بنت عدوي !!
ثم أكمل ضحكه وقال :
-انت اكيد بتهزر ...
-انت ملكش سلطان علي قلبك يا عدي ..وانا خايف ...
قاطعه عدي وقال بنبرة باترة جافة:
-اطمن يا بابا انا عمري ما احب بنت عامر النجار ...عامر عدوي وهيفضل عدوي وبنته هي الطعم اللي هستخدمه عشان اقضي علي عامر نهائيا ..اطمن أنا عمري ما حياتي ما ارتكب الغلطة دي واحب بنت اكبر تاجر مخدرات في مصر!
تنهد عدي واقترب من صورة والدته التي معلقة علي الحائط وقال:
-مستحيل احب بنت المجرم اللي قتل أمي ...زي ما حرمني من امي هحرمه من بنته!
............
كان جالس بغرفته غارق في أفكاره ...الخيانة أحرقت روحه ...يتذكر كل ما فعله لأجلها ...يتذكر كم أحتمل اهانات والدها فقط لأجلها ...كان يعد الايام لتكون ببيته ...كان يحقق لها جميع أحلامها ...فكيف تفعل به هذا ...كيف تتركه بتلك الطريقة المهينة ...هو قبل بها رغم كل شئ وهي من تركته ... تركته تماما ولم تهتم بقلبه الذي انكسر ...لقد كسر قلب حياة من أجلها ...تحمل لوم عائلتها وتحدي الجميع كي تكون له  ..فكيف تجازيه بتلك الطريقة..أن أن هذا عدالة الله الذي حطم قلبه بنفس الطريقة التي حطم بها قلب حياة...حياة ...
اغمض عينيه وهو يتذكر ابن خالته التي أحبته أكثر من الحياة نفسها وهو ببرود حطم قلبها وتركها من أجل اخري ...لن يكذب علي نفسه بعد الان هو خانها ...أجل كان يلاحق وعد عندما كانت خطيبته ..جعلها تتأمل أكثر  لم يكن يريد افلاتها الا عندما يجد رد فعل من وعد ...وبعد فترة قرر بستجمع شجاعته ويكلم وعد حينها انفصل عن حياة ..لأن ضميره لم يتحمل أن يقترب من فتاة وهو مرتبط بآخري وهكذا ببساطة حطمها واخبرها أنه يحب اخري ...لقد رأي الالم بعينيها...بدموعها ...ولكن في تلك اللحظة لم يفكر الا بوعد ...كان مهووس بها وأصر أن يرتبط بها مهما حدث ..صحيح واجه اعتراض كبير من والدته ولكنه أصر عليها حارب الجميع من أجلها ...وللاسف هي لا تستحق هذا ...لا تستحقه ابدا ...
تنهد وهو يشعر بألم عظيم في قلبه ...نيران الخذلان تحرق روحه ...ومن بعيد كانت تقف والدته وهي تشعر بالشفقة عليه ..تعرف داخلها ان ما يحدث في ابنها بسبب تلك الفتاة ...هي لم تحبها منذ البداية عرفت أن تلك الفتاة لا تحب ابنها كما يحبها هو ...عرفت أنها سوف تحطم قلبه ولهذا رفضتها بإصرار ولكن يوسف تمسك بها وكأنها اخر امرأة بالعالم ...لم يسمح لأحد أن يبعده عنها ...تحدي الكل فقط لتكون ملكه ...وأمام إصراره رضخت هي...وهكذا حصل يوسف علي ما يريده وتم تحطيم قلب ابنة اختها المسكينة... تنهدت منار وهي تلج للغرفة وتجلس بجوار ابنها ...نهض يوسف عندما شعر بوجود والدته ...ابتسم لها بتعب فقالت:
-قلبي واجعني عليك ..أنا عارفة أن البنت دي اذتك ...
في موقف آخر كان يوسف ليدافع عن وعد ولكن في تلك اللحظة صمت تماما..لأن للأسف لا يوجد شيئا ليقوله ....فوعد خذلته وتركته بأقسي طريقة ...لم تهتم لا به ولا بمشاعره واثبتت أنها فتاة لعوب كما أخبرته والدته ...
-ربنا يصلح حالها ويسعدها يا امي ...
تنهدت منار  بحسرة وقالت:
-كان مالها بنت خالتك بس يا يوسف ..
اغمض عينيه وقال :
-كفاية يا امي لو سمحتي الموضوع انتهى...أنا محبتش حياة والحب مش عافية ومش معني اني انفصلت عن وعد اني هبص لحياة !
مطت منار شفتيها وقالت:
-وحتي لو عايز حياة دلوقتي مينفعش ..
نظر يوسف لوالدته بحيرة لتكمل بخبث:
-متقدملها واحد ميترفضش وهتقابله بكرة...
ابتلع ريقه وهو يشعر بضيق مفاجئ وقال:
-ربنا يوفقها يا امي ...يالا دلوقتي تصبحي علي خير !
............
-ابوس ايدك يا دكتور جيب العلاج  دلوقتي وانا هديك الفلوس بعدين ...امي هتموت ابوس ايديك ...
قالها ذلك الطفل صاحب الثاني  عشر عام وهو يبكي ...الخوف يستوطن قلبه  ..حالة والدته أصبحت سيئة بسبب داء السكري والأدوية نفذت ...حتي النقود التي يكسبها من عمله كعامل بناء نفذت ...وهو الآن في ورطة لم يرضي أحد أن يسلفه اي فلس والان كل ما يستطيع فعله هو التوسل من أجل حياة والدته فهو ليس لديه غيرها ...
-مستعد اشتغلك هنا من غير اجر ..هعمل اللي انت عايزه بس ابوس ايديك اديني الحقن امي هتموت ...
-يالا يا واد انت غور من هنا وبلاش قرف مفيش دوا الا بفلوس مش فاتحينها جمعية خيرية يا حبيبي انت ...وبعدين النوع اللي طالبه مستورد ..خلي الدكتور يكتبلك نوع تاني تقدر تاخده من المستشفي ...
انسكبت دموعه وهو يشعر بالعجز بينما لم تحتل ملامح الرجل الا قسوة ...لم يجد ولا أثر ضةيل للشفقة ...لذلك قرر أن يأخذ ما يريده مهما حدث. ..ولهذا قام بدفع الرجل بقوة وهو يحاول أخذ الحقن  ويركض بها ...
-حرامي ..حرامي.   
صرخ الرجل وهو يحاول أن يمسك بالصبي...ولكنه كان يركض بقوة ...لم يفكر بشئ الا والدته ...فليموت هو ولكن تعيش هي ...فإن ماتت هي سوف يضيع للابد ...هي الخيط الضئيل الذي يجعله يتمسك بالنور وان خسرها سيغرق بالظلام ....
وصل الي المنزل المتهالك لاهثا وولج إليه وهو يقول:
- -جبت الحقن ياما ..
ولكن ابتسامته تجمدت وهو يجدها ساكنة ...اقترب منها وهو يبتلع ريقه وقال:
-امي ...امي اصحي جبت الدوا ...
ولكن لا رد ...
تساقطت دموعه أكثر وقد فقد الشعور لبضع لحظات ...امسك كفها البارد ثم قبله برفق وقال بصوت مختنق؛
-انا اسف ...اسف ...
فجأة اقتحم صاحب الصيدلية المنزل هو وبضعة رجال وقال بغلظة :
،-هو ده اضربوه ...
وهكذا أخذوه الرجال خارج المنزل بينما هو منفصل عن العالم وقاموا بضربه دون رحمة ....
.....
استيقظ الصياد من كابوسه المعتاد  وهو يلهث بقوة ...كان يشعر بقلبه يقفز داخل صدره ...بينما دموعه تنساب علي وجهه ...وضع كفه علي وجهه بتعب وهو يفكر مني سينسي الماضي!!!!
ولكنه فجأة تجمد عندما أدرك أن وعد قد اختفت !!!!
كانت تركض وهي تلهث اللعنة هي محاصرة هنا بين الأشجار الكثيفة. ..لم تعرف أن البيت المحبوسة به هو فيلا به  حديقة واسعة لهذا الحد ...أنها تركض منذ نصف ساعة ...فبعد أن اطمئنت أنه سيكون بخير قررت الهروب واللجوء ليوسف كي تخبره الحقيقة ويساعدها ...اخذت تلهث وهي تشعر ان قلبها سوف يتوقف من شدة الركض ... ابتسمت بأمل وهي تري البوابة الخاصة بالفيلا من بعيد ودون تفكير ركضت إليها ولكن فجأة وجدت نفسها محاصرة بكلاب بوليسية ....ارتعبت وعد...وارتجف جسدها وهي تشعر أنها في كابوس مخيف ....رباه ما تلك المصيبة التي حلت علي رأسها ....بدأت الكلاب تكشر عن أسنانها وهي تقترب منها أكثر لتفقد وعد وعيها من الرعب !!!
......
أغمضت عينيها وهي تشعر بقطرات من الماء تسقط علي وجهها ...شقهت وهي تنهض لتجد رجل ضخم ينظر إليها بسخرية ....نظرت حولها لتتجمد وهي تجد الصياد يجلس علي المقعد الخاص به ...شكله متعب للغاية ولكن عينيه تحمل شر عظيم ...كان الغضب يتشكل علي وجهه بطريقة افزعتها ...لقد انتهت ..هكذا فكرت وعد ...الصياد لن يتركها علي قيد الحياة ....سيقتلها بسبب فعلتها تلك ...ازدردت ريقها بصعوبة وهي تنظر إليها ... ابتسم هو بسخرية لتتألق عينيه بنظرات شيطانية ويقول:
-مساء الخير يا وعد ...كويس انك صحيتِ افتكرت أنك لا قد الله موتِ وخلصت منك ...
صمتت مرعوبة ليكمل هو :
-اللي عملتيه ليه عقاب ...اوعي تفتكري اني هسيبك من غير ما تتحاسبي ...بس حسابك معايا هيكون عسير  ...أنا همشي دلوقتي ..بس لو فكرتِ تهربِ تاني هقتلك فاهمة ؟!
انكمشت علي نفسها لينظر الصياد الي الحارس ويقول :
-لو فكرت تهرب متتردش تضرب النار علي رأسها وارمي جثتها في البحر ...
ارتعشت وعد وهي تسمع تلك النبرة من الصياد وقد عرفت أن الجحيم قد بدأ الان ...نهض هو بصعوبة متكئا علي الحارس وخرج ...
ضمت وعد ساقيها الي جسدها وقد تصاعدت الدموع لعينيها وما هي ثواني الا وقد انفجرت بالبكاء ...لقد انتهت ...يأست لن تستطيع الهرب من هنا سوف يستبيح هذا الحقير جسدها ويسلب شرفها ...وهي لن تستطيع فعل شئ....لقد ندمت أنها ساعدته ...ليتها تركته يموت ...علي الاقل تلك النيران التي في قلبها سوف تهدأ ...نامت علي فراشها وهي تبكي بعنف ...لقد وقعت أسيرة مرة آخري ظنت أنها يتهرب ولكن الصياد استطاع الامساك بها مجددا وهو لن يسامحها الان ....
...........
في غرفة اخري تسطح الصياد علي فراشه وقال:
-انا هنام النهاردة هنا يا مختار ...وانت خلي بالك من البنت دي .
-امرك يا صياد ...
اغمض عينيه وهو ما زال يشعر بالألم الجسدي ولكن الالم في روحه كان اعظم ...روحه ما زالت تنزف ...لم تلتئم جراحه بعد...بعد كل تلك السنوات ما زال اسير الماضي ...ما زال ذلك الصبي الصغير الذي فشل في إنقاذ والدته وما زال يحمل عبأ هذا الذنب ...يتذكر ما حدث كأنه حدث بالأمس ...كيف في لحظة خسرها والسبب كان فقره ...حينها كره الفقر وكره حياته بأكملها...حينها قرر أن يفعل أي شئ من أجل المال ...المال الذي تسبب في أن تموت والدته هو سيمتلكه مهما حدث ....لقد نبذه العالم حتي حرر الوحش بداخله ...حتي أضحي  جاسر النجار شيطانا ...أصبح هو الصياد الذي لا يرحم فريسته ...عمه أخبره ذات اليوم أنه إذا امتلك المال سوف يمتلك العالم ...وعلي الرغم أنه يمتلك كل شىء إلا أنها ما زال حزين...ما زال يوجد به شيئا ناقص وقد ظن أن ملاك سوف تجعله سعيد ولكن حتي هي رفضته وذهبت لآخر ...والان هو يمتلك المال لا السعادة  ...
...............
في اليوم التالي
-تفضلي..
قالها بإبتسامة بعد ما دخل الي المرسم الكبير  الخاص به ...توترت ملاك قليلا ...رباه ماذا تفعل هي هنا؟!!كيف تأتي ومع رجل بالكاد تعرفه الي مكان يخصه ...لو والده عرف هذا سيقطع رأسها ...هي تتخلي عن مبادئها شيئا فشئ...ابتلعت ريقها وكادت أن ترفض وتهرب ولكن الابتسامة علي وجه عدي جمدتها تماما ...كانت ابتسامته أجمل ابتسامة رأتها في حياتها ...جعلت قلبها يخفق بسعادة .. تنهدت بيأس وهي تتساءل يا تري اين ذهب تحكمها بنفسها ...لقد عرف الجميع أنها أكثر شخص يستطيع التحكم في نفسه...هي ألقت عاصم خارج حياتها وهي تعشقه بقوة ولكن كرامتها كانت أهم ولكن الآن لما هي بهذا الضعف أمام عدي ؟! ...هذا السؤال جعلها تجن ...استجمعت شتات نفسها ورفعت راسها وهي تقرر الرفض بأدب ولكن اصطدمت عينيها الرمادية بعينيه الزرقاء التي تتأملانها بعمق ...تزلزلت الأرض تحت قدميها قليلا وهي تطرق بوجهها في الأرض بينما تشعر باللون الاحمر يزحف علي وجنتها ..ازدردت ريقها وهي تشعر به يقترب منها
-انتِ مش واثقة فيا ولا ايه ؟!
وسؤاله الناعم كان ماكر للغاية ...كان يحاصرها عاطفيا...يلعب علي نقاط ضعفها ...هزت رأسها بضعف ليبادر هو ويمسك كفها ويقول بنبرة قاطعة:
-يبقي خلاص ادخلِ عشان اوريكِ رسوماتي ..
وكالمسحورة دخلت اخيرا للمنطقة المحظورة والغت عقلها تماما متبعة أهواء قلبها وفي عرفها القلب لا يكذب وان كان متهور ...
.....
وقفت في منتصف المرسم  واتسعت عينيها بإنبهار وهي تنظر إلي اللوحات مشدوهة ...
-عجبتك ؟
سألها وهو ينظر إليها مبتسما...رمشت وهي تنظر إليه وقالت:
-انت اللي رسمت دوول كلهم ...
ابتسم وهز رأسه بالإيجاب وقال:
-انا بحب الرسم اووي ...تعالي هوريكي رسومات اكتر ..
وببساطة امسك كفها وهو يعرض عليها لوحاته ويخبرها بفخر متي رسمها ...
توقف قليلا وقال :
-ممكن تغمضي عينيك هوريكي حاجة ...
توترت قليلا ولكنها أغمضت عينيها ...سحبها هو الي غرفة ما ثم أزاح قطعة قماش كبيرة عن لوحة وقال :
-ودلوقتي تقدري تفتحِ عينيكِ ...
فتحت  هي عينيها ببطء لتشهق بقوة وهي تري لوحة خاصة بها ...لقد رسمها عدي...نظرت إلي اللوحة الخاصة بها  عينيها متسعة بذهول وإنبهار....هل هي جميلة لتلك الدرجة ...اقتربت من اللوحة وهو تتلمسها بكفها بينما ابتسامة مهتزة ترتسم علي شفتيها ...مباردته تلك سلبت قلبها .
.تصاعدت دموع التأثر بعينيها وقالت:
-مش عارفة اتكلم ...اللوحة مبهرة ...أنا ...
 توقفت الكلمات في حلقها وانسابت دموعها ولكنها ابتسمت وهي تمسح دموعها التي تساقطت ثم استدارت وقالت:
-امتي رسمت اللوحة دي ؟!
-من اول يوم شوفتك فيها ...
واجابته صدمتها تماما ...اتسعت عينيها وقد شعرت بتصاعد التوتر بينهما ...اقترب منها وقال:
-من اول ما شوفتك يا ملاك وملامحك انطباعا في قلبي ...أنا ....
شعرت بالذعر لذلك غيرت مجري الحديث بسرعة وقالت:
-مش هتوريني باقي اللوحات أنا عايزة اشوفهم كلهم ...علي فكرة انت ممكن تعمل معرض و....
ولكنها لم يدعها تتم كلامها بل امسك كفها وقال؛
-ملاك بس اسمعيني أنا حابب اتكلم ...أنا ....
حررت كفها منه وهي تبتعد وتقول:
-حابة اشوف اللوحة دي ..
وأشارت إلي لوحة كبيرة مغطاه بقماش باللون الاسود ....توتر عدي ..وحاول تشتيتها ولكنها ذهبت وازاحت القماش لتقف مبهورة وهي تري لوحة لامرأة سمراء بعيون بنية واسعة وشعر مجعد...كانت تبدو جميلة للغاية ...هي لم ترى إمرأة بهذا الجمال من قبل ...في حياتها كلها لم تري وجه يمتلك كل تلك الجاذبية..
-مين دي؟!!
ابتلع عدي ريقه وقال؛
-دي ليالي ..تبقي خطيبتي القديمة ....
والحسرة في نبرته جعلتها تشتعل من الغيرة ....
-انت خاطب ؟!
قالتها بغيرة لم تستطع السيطرة عليها ...ابتسم بخبث وقال:
-كنت .
-بس انت مش قادر تنساها صح ...عشان كده رسمتها ...
-لا أنا ...
-متكدبش...انت لسه بتحبها ...لو مكنتش بتحبها مكنتش هتحتفظ برسمتها ...لسه بتفكر فيها و ...
قاطعها بينما عينيه تبرقان بقوة:
-حتى لو لسه بحبها ...أنتِ ايه مشكلتك ؟!
بهتت وهي تنظر إليه ليكمل وهو يقترب أكثر حتي اختلطت انفاسهما وقال:
-لتكوني بتغيري...
وها هو بمهارة يلقي شباكه علي فريسته!!!
....  .........
في اليوم التالي مساءا
وقفت أمام المرآة وهي تتطلع الي انعكاسها....بدت فعلا جميلة للغاية .بفستانها الازرق الرقيق ...والقلادة الزرقاء التي ترتاح علي نحرها ...شعرها القصير يعانق عنقها بينما التقطت احمر شفاه باهت ومررته علي شفتيها ..ابتعدت وهي تنظر للنتيجة برضا تام ...تعترف أن تلك المرة اهتمت كثيرا بمظهرها لأنها بالفعل قررت طرد يوسف خارج قلبها وحياتها  ...تنهدت وهي تهز راسها ....لا لن تفكر به اليوم ...اليوم يومها هي ...خرجت من الغرفة وهي ترفع رأسها أمسكت بصينية العصائر ثم ذهبت الي صالة المنزل لتقديم الضيافة بينما علي شفتيها ابتسامة جميلة ...
بعد الترحيبات الحارة من أهل العريس جلست حياة وهي تطرق برأسها ...كان قلبها يقصف بقوة من شدة التوتر ...الآن هي تبدأ  حياة من جديد  ...قررت تمزيق ذكرياتها مع يوسف وصنع ذكريات اخري ...تتمني أن تكون جميلة ...زاد معدل التوتر عندما سمعت والدة العريس تقول :
-يالا نسيبهم لوحدهم ...
وما هي الا ثواني حتي اختفي الجميع وبقي هو فقط ...رفعت حياة عينيها وهي تتطلع إليه ...كان منظره حسنا ...يمتلك قدر من الوسامة والذكاء أيضا ...هذا يظهر في عينيه البنية اللامعة ...شعره طويل قليلا يغطي عنقه ...يرتدي حلة سوداء تزيده جاذبية بينما ابتسامة لطيفة ترتاح علي شفتيه ...ابتسم حسام وهو ينظر إلي خجلها وقال :
-متقلقيش مش هأكلك...احنا بس هنتعرف ولو اتفقنا يبقي بشرة خير ...
أنا حسام مختار ابن طنط مريم تعرفيها طبعا ..كنت بدرس طب برة مصر وجيت من ست شهور وفتحت عيادتي هنا وقررت أن آن الأوان أسس عيلة...أنا ميسور ماديا ومش بدخن ولا هخونك متقلقيش ...
ضحكت حياة ليبتسم ويقول:
-علي فكرة ضحكتك حلوة اووي ...
اطرقت برأسها بخجل ...فتنهد هو وأكمل:
-عايزة بس اطمن أن لو وافقتِ عليا ميكونش حد ضغط عليكِ ...حابب علاقتنا تكون مبنية علي الصراحة التامة ...لو موافقة عليا قولي ولو رافضة كمان قولي مش هزعل...
نظرت إليه حياة بعمق ...ملامحه اللطيفة وابتسامته المشجعة ...ابتسمت له في المقابل وهي تفكر هل تخبره الحقيقة ...هل تخبره أنها تحب آخر ...فهي لا تريد أن تخدعه ...
-عايزة تقولي حاجة ؟!
نبرته الهادئة جذبت انتباهها وشجعتها علي الاعتراف بكل ما في قلبها ...
اطرقت وهي تقول:
-انا خارجة من تجربة فاشلة ...الموضوع بقاله وقت بس لسه قلبي متعلق باللي كان خطيبي واللي هو
-ابن خالتك في نفس الوقت
قالها بهدوء لتهز رأسها ثم تكمل:
-بس انا قررت انساه للأبد ...قررت موقفش حياتي علي حد ...هقدر اتجاوزه بس من حقك تعرف إن مشاعري متحركتش ليك ...
كان ينظر إليها بإعجاب وتقدير وقال:
-تعرفي انك شبهي ...عشان كده انا متفائل بالعلاقة دي لو تمت...
-مش فاهمة
قالتها بارتباك ليتنهد هو ويقول:
-تقدري تقولي اني برضه خارج من علاقة فاشلة استنزفتني ماديا وعاطفيا وحسيت أن جه الوقت عشان أتجاوز اللي حصل وأنتِ اكتر من مثالية ليا يا حياة...الموضوع بسيط ...احنا هنساعد بعض عشان ننسي اللي خذلونا ونعمل خطوبة ونشوف لو هنقدر نكمل مع بعض ها ايه رايك ...
-اديني فرصة افكر ...
قالتها منهية الحديث.   
.......
بعد أن ذهبوا أهل العريس تقدم والد حياة منها وقال:
-ها يا بنتي رايك ؟!
نظرت إلي والدها وهي تفكر أن تلك فرصتها الوحيدة لتنسي يوسف فقالت:
-موافقة عليه يا بابا
يعني وافقتي يا حياة ،؟!
قالتها خالتها بعتاب لحياة التي تلتهم المعكرونة بنهم لتهز حياة كتفيها وتقول :
-الراجل محترم وكويس وظروفه كويسة ليه ارفض يا خالتي ...
احنا خالتها عينيها بحزن وقالت:
-طيب ويوسف يا حياة ؟!
-ماله يوسف يا خالتي ...
تنهدت خالتها وقالت:
-انا كنت اتمني ....
قاطعتها حياة وقالت :
-يوسف مبيحبنيش وانا بطلت افرض نفسي علي حد يا خالتي...أنا دلوقتي مرتاحة اوووي ...وخطوبتي بعد اسبوع وعايزة افكر في حياتي الجديدة اللي يوسف مش جزء منها ...
تجمدت خالتها وهي تطالع يوسف الذي كان واقفا يتابع الحديث وعلي وجهه تعبير الضيق والتوتر ...
تكلمت خالتها بإرتباك وقالت:
-يوسف حبيبي امتي جيت ...حياة جات عشان تبلغنا بخبر خطوبتها ...
توترت حياة قليلا بينما نظر إليها يوسف بجمود...التوتر تصاعد في الجو لتقول والدة يوسف بارتباك رايحة احضرلك الاكل...
ثم ذهبت بسرعة للمطبخ وهي تمسك طبق حياة
-وافقتي علي العريس!!!
لم يكن سؤال بل نبرته كانت أقرب للإستهجان...أرادت أن تلقي رد وقح في وجهه ولكن سيطرت علي نفسها وقالت:
-ايوة والخطوبة بعد اسبوع ...اكيد هتيجي طبعا
-اكيد ده أنا اخوكي..
سيطرت علي انفعالاتها وقالت ببرود ؛
-طبعا...انت اخويا ...
مسحت فمها بمحرمة ثم قالت بإبتسامة رسمية :
-ودلوقتي عن اذنك .
ثم قررت أن تتجاوزه إلا أنها فجأة امسك ذراعيها بقوة وقربها منه وهو يقول:
-دور البرود واللامبالاة اللي بتحاولي تقنعيني بيه مش لايق عليكي يا حياة ...
-بتعمل ايه يا يوسف سبني ...
ولكنه لم يتركها بل   قال من بين أسنانه :
-وافقتِ ليه بالسهولة دي عايزة تهربِ مني!
دفعته وهي تحرر نفسها وقالت بقوة:
-بتدي نفسك أهمية كبيرة لو فاكر اني لسه ببكي علي اطلالك...أنا وافقت لانه انسان كويس واظن بطلت الاحقك ...فإيه مشكلتك!!!
ابتسمت قليلا وهي ترفع رأسها ..
-تحب اقولك ايه مشكلتك يا يوسف ؟!
قالتها حياة بجفاء واضح وهي تمشطه بنظراتها الباردة ...لهجتها الجليدية جرحت كبرياؤه ...ولم يصدق ان حياة من كانت تتمني نظرة منه تعامله بتلك الطريقة المهينة.!
ابتسمت حياة وهي تطالع صدمته واكملت بنبرة باترة:
-مشكلتك اني بطلت الاحقك...بطلت احبك فغرورك اتجرح ان ازاي حياة الهبلة بقا لها شخصية وقررت تنساك وتنسي حبها ليك...
اقتربت اكثر لتزداد ابتسامتها اتساعا وتردف:
-بس أنا خلاص اتحررت منك ومن حبك ومبقتش عايزاك ...أنا دلوقتي هتخطب للي احسن منك وانت اللي خسرت مش أنا ...
وابتسامة مستفزة كانت من نصيبها وحروفه الواثقة خرجت من شفتيه وقال،:
-كدابة انتِ لسه بتحبيني يا حياة ...حتي لو خطبتِ غيري  هتفضلي تفكري فيا ...سميه غرور او ثقة بس متنكريش ان دي الحقيقة ...
رغم الخراب بداخلها الا ان قناع السخرية التي ترتديه لم يتحرك من مكانه بل زادت ابتسامتها  وهي تقول:
-والله يا يوسف زي ما في يوم حبيتك وخليتك تتكبر عليا هوريك الايام الجاية أنا ازاي نسيتك وانك بالنسبالي ولا حاجة ....
ابتسامتها ازدادت اتساعا وقالت:
-عموما هبعتلك دعوة خطوبتي ...انت مهما كان زي اخويا ...
ثم استدارت وهي تذهب من امامه وقلبها يقصف بقوة وهي غير مصدقة انها تفوهت بتلك الكلمات !....
نظر إلي أثرها بضيق وهو يشعر بغضب ...كيف تجرؤ علي الحديث معه بتلك النبرة ...حقا سيجن منها...والأهم من هذا أنه سوف يجن من نفسه ...ما تلك الأنانية التي به ...هو من تركها بالأول...تخلي عنها من أجل من لا يستحق والان هو غاضب لأنها قررت أن تستأنف حياتها ... تنهد يوسف وهو يحاول طرد تلك الأفكار من عقله ...حياة لا تهمه فهو لا يحبها ...لهذا عليه ألا يكون أنانيا ...بل يجب أن يفرح لأنها قررت المضي في حياتها ...ولكن مهما حاول إقناع نفسه لا يستطيع إزاحة الحمل الذي يجسم علي صدره....
خرجت والده من المطبخ وهي تحمل طبق الطعام ...عقدت حاجبيها وقالت:
-اومال فين حياة
-مشيت
قالها بهدوء وهو يخفي ضيقه ...
تنهدت والدته وهي تضع  الطبق علي الطاولة  وقالت:
-اهي ضاعت منك يا يوسف ...مكنتش هتلاقي احسن من حياة ..
تأفف وقال:
-هو اللي هنعيده هنزيده ...قولتلك مبحبش حياة ..مبحبهاش وهي تتخطب متتخطبش مليش دعوة ربنا يوفقها...ابوس ايديك اقفلي الموضوع
-طيب ليه متعصب ؟!
سألته والدته بخبث ليرد:
-لاني خلاص تعبت ...تعبت من انك كل شوية تفتحي الموضوع ده ...يا امي وعد سابتني من فترة وانا بجد تعبان فمتزوديش عليا التعب ...
قال كلماته الغاضبة ثم دخل غرفته ...
............
بعد اسبوع..
ولج جاسر الي المنزل وهو متعب لقد غاب لأسبوع كامل ..ترك كل شىء واراد أن ينعزل عن العالم ...أراد أن يجمع شتات نفسه ...تذكره لوالدته بعثر كيانه كليا ...جعله  يدرك أنه ما زال سجين الماضي ...ما زال الظلام يقبع داخله ....كاد أن يصعد لغرفته عندما وجد عمه أمامه ...
-بقالك اسبوع مختفي ...ملاك قلقت عليك ...اضطريت اقولها انك سافرت تبع الشغل ...وقافل موبايلك ومش عارف اتواصل معاك قلقتنا عليك ..
وبخه عمه بحدة ليغير جاسر الموضوع بتعب ويقول:
-قدرت تتواصل معاهم وتتفق علي معاد الشحنة ..
امسك عمه ذراعه وقال:
-جاسر أنا بكلمك ...كنت فين ده كله ...قلقت الكل عليك ودلوقتي راجع ببرود تتكلم عن الشغل وسايبني اضرب أخماس في أسداس ...
تنهد جاسر وقال:
-حبيت ابعد شوية ...احتاجت ابعد يا عمي واهو رجعت ...ممكن بقا نشوف الشغل ...عشان نعرف هنتحرك ازاي ومالك العمري حاططنا في دماغه ...
-انت زعلان مني عشان موضوع ملاك يا جاسر ...
مط جاسر شفتيه وهو يدعي أن الأمر لا يهمه ابدا وقال:
-لا ليه ازعل ...ده حقك أنا مجرم ...تاجر مخدرات وملاك ...
تنهد وقال وهو يبتلع ريقه :
-ملاك هي ملاك ...وانا ...أنا شيطان والملايكة والشياطين مبيكونوش سوا ...في لحظة أنانية مني اتمنتها لنفسي وتجاهلت أن وجودها معايا ممكن يأذيها ...
تنهد ونظر لعمه وقال:
-انا بحب ملاك ...بحبها اكتر من اي حاجة في حياتي ...واللي بيحب مش بيأذي وعشان بحبها أنا اللي بقولك هي تستاهل حد احسن مني ...
ابتسم عمه بتأثر وقال ؛
-مش عارف اشكرك ازاي يا جاسر ...شكرا لانك اتفهمتني ...شكرا يا بني ...انت غالي عليا ...انت ابني يا جاسر اللي ربيته ...أنا واياك مرينا بحاجات كتيرة عشان نوصل للمكانة دي ..حاربنا كتير واتداس علينا كتير عشان نكبر وكبرنا ...وبقا العالم كله تحت رجلينا ...
تنهد جاسر وقال:
-ياريته كان تحت رجلينا لما كانت أمي عايشة ممكن مكنتش ماتت ...ممكن كانت هتبقي معايا ...
نظر إليه عمه بحزن ثم أمسك كفه بقوة وقال:
-لا يا صياد ... انسي اللي حصل ...انسي الحاجة اللي تضعفك ..متبقاش أسير الماضي شوف أنا وأنت دلوقتي وصلنا لفين ..العالم كله نبذنا بس مستسلمناش عملنا المستحيل عشان نوصل للمكانة دي ومش هنتراجع عنها لا انا ولا انت ...الناس اللي ذلونا عشان لقمة العيش دلوقتي بقينا احنا أسيادهم ...صاحب الصيدلية اللي رفض يديك دوا والدتك وماتت بسببه  أنا قتلته بإيدي...احنا انتقمنا من اللي ذلونا ...أنا واياك قوة عظمي أنا من غيرك ولا حاجة وانت كمان لكن احنا الاتنين مع بعض اقوي وهنبقي اقوي ...فهمتني ...
هز جاسر رأسه بالإيجاب ...ابتسم عمه وقال:
-ارتاح.دلوقتي ...مستر جاك اتواصل معايا وقال هيبعت حد تبعه النهاردة عشان الشغل !
هز جاسر رأسه وقال:
-لا أنا محتاج اروح مكان دلوقتي ...
ثم ذهب مسرعا وهو يتذكر وعد ...أخبره الحارس الخاص به أنها حاولت الهرب مرتين طوال هذا الأسبوع ...كما أنها رفضت أن تأكل ..
.......
فتح باب المرسم ليتوقف وهو يجد ملاك أمامه ...ملامحها متوترة للغاية ..وشفتيها متشنجة...تلبس ملامح الغضب والعتاب وهو يقول :
-اهلا بالهانم اللي يدوب افتكرتني دلوقتي ...أنا من أسبوع كنت هتجنن واوصلك ...أتصلت بيكِ كتير وجيت عند بيتك بس مرضتش اسببلك مشاكل ...
-ممكن ادخل ..
قالتها بصوت غريب ...ليتنهد بضيق ولكنه أفسح لها المجال ...ولجت هي بتوتر وهي تتلاعب بذراع حقيبتها ...تتذكر اول واخر  مرة اتت فيها الي هنا ...كيف بكل غباء أظهرت غيرتها عليه لدرجة أشعرتها بالخجل ...لدرجة أنها هربت من المكان واختبأت بغرفتها كالجبانة ورفضت بإصرار الرد علي اتصالاته أو رسائله ...كانت حقا مشوشة من تلك المشاعر القوية التي تنتابها...هي حتي لم تشعر تجاه عاصم بتلك المشاعر القوية ...عدي شئ اخر ...عندما عرفت عن حبيبته القديمة شعرت بقلبها يتمزق من الحزن وفقدت أعصابها بشكل صدمه هو شخصيا ...ضمت ذراعيها إليها ...ثم استدارت ونظرت إلي عينيه التي تخترق روحها وقالت بخفوت:
-جيت اعتذر علي كلامي المرة اللي فاتت أنا مكنت ...
قاطعها بقوة وقال:
-جاية تعتذري عشان حسيتِ بالغيرة عليا من ليالي ...
بهت وجهها ولكن استعادت وعيها بسرعة وهي تقول بقوة :
-مكنتش غيرانة.
-كدابة
اتهمها بقوة لدرجة أن شجاعتها بدأت تتسرب وان لم تهرب الان سوف تنهار...رفعت رأسها بينما برقا عينيها الرمادية وهي تقول:
-مش مشكلتي صدق او متصدقش بس انا مكنتش غيرانة ابدا ...ومظنش فيه سبب عشان اغير عليك ...احنا اصحاب مش اكتر أو أقل ....
ثم وبنفس القوة تجاوزته وكادت أن تذهب ...فتحت الباب ولكن بسرعة اغلقه وحاصرها هناك وهي يخترق حصونها....
يقال خير وسيلة للدفاع هي الهجوم
-انا بحبك ليه مش قادرة تصدقي ده !!
 والهجوم وسيلة فعالة في حالته فلكي يخضع فريسته عليه الهجوم علي نقاط ضعفها ...ونقطة ضعف اي امرأة هي عواطفها ...إن أحبتك امرأة فقد ملكتها ...
واتساع عينيها وتوترها كان مثال واضح انها تحبه أيضا ...وكاد أن يصرخ بسعادة لأول انتصار حققه في مهمته ...فها هي ابنة عدوه ملكه وبين يديه ...نقطة ضعف الرجل الذي دمر حياته منذ سنتين خاضعة له..فقط بقليل من المحاولة سيحصل عليها ...مد كفه ووضعها علي وجنتيها وهو يحاصرها بلا رحمة قائلا:
-انا بحبك يا ملاك ...أنا عمري ما حبيت حد كده في حياتي ابدا ...ايه الحاجة الصعبة اللي مش قادرة تصدقيها ...أنا بحبك وأنتِ بتحبيني
-لا أنا ...
-اياكِ تكدبي ..
حذرها مبتسما ثم قال :
-عيونك فضحاكِ ... غيرتك فضحاكِ ودقات قلبك كمان ...عارف مشاعرك ناحيتي وانا عندي نفس المشاعر من اول ما شوفتك وانتِ سرقتِ قلبي ومش عدل انك ترفضِ حبي ...
تصاعدت الدموع لعينيها وقالت بتوسل:
-ابوس ايديك سبني امشي ...وانسي كل حاجة قولتها دلوقتي ...أنا مش عايزة...
-مش هكون زيه
أخبرها بقوة ...ثم حاصر وجهها ووضع جبينه علي جبينها وقال:
-مش هكون زي الانسان اللي جرحك ...وعد مني اني هحبك للأبد بس اديني فرصة ...
أبعدته ملاك  فجأة وهي تبكي   ثم  فتحت الباب وخرجت مغلقة الباب خلفها ...
تنهد عدي بسخط ربما عليه أن يحاول أكثر حتي تنجح خطته ...فجأة دق أحد باب المرسم ليبتسم بانتصار ويفتحه ويجد ملاك أمامه ...وما هي الا ثواني حتي اندفعت بين ذراعيه !!
........
-ايه اخبارها دلوقتي ؟!
قالها الصياد بجدية ليرد الحارس:
-بقالها يومين مأكلتش يا صياد ...رافضة تماما تاكل اي حاجة وعلطول بتعيط ..
هز رأسه وقال:
-اطلع انت برة الفيلا وانا هتصرف معاها ...
هز الحارس رأسه بطاعة  ثم خرج مسرعا ...تنهد الصياد ثم قرر الدخول إليها ...ولج الغرفة ليتوقف وهو يجدها باهتة ... عينيها حمراء وبشرتها جافة يبدو عليها الإعياء ...كتف ذراعيه وقال:
-متفتكريش أن قلة أكلك هتخليني أشفق عليكي واطلعك من هنا ...مش هتأكلِ يبقي هتموتِ وساعتها هتخلص من جثتك واعيش حياتي عادي ...
تصاعدت الدموع لعيني وعد وهي تنظر إليه وقالت:
-لحد امتي هفضل هنا ؟!!حرام عليك خرجني انت دمرت حياتي ..دمرت مستقبلي ...خلتني اكره نفسي وأكره اني ست !!
نظر إليها وقال:
-مش هتخرجِ الا لما أخد منك اللي انا عايزه .
اقترب اكثر وقال:
-انا عايزك يا وعد ...ليلة واحدة بس وبعدين أنتِ حرة ...
هزت راسها وهي تبكي وتقول:
-مستحيل ...مش هسلملك نفسي بإرادتي ...
هز كتفه وقال:
-خلاص افضلِ هنا لحد ما تموتِ ...
لمعت عينيه البنية وقال:
-لانك يا حلوة مش هتطلعي من هنا الا لما أخد منك اللي أنا عايزة ...الصياد متعودش يسيب حاجة ملكه ...وانتِ ملكي ...ملكي وبس ...
-انت مجنون...مريض نفسي وحيوان ...
ابتسم وأكمل:
-ومجرم كمان ...أنا الشيطان اللي ممكن اقلب حياتك جحيم ...هترضخي ليا هتبقي حرة ...هتعندي والله هتفضلي هنا لحد ما تموتي  فاهمة ولا لا ؟!
ثم استدار وكاد أن يذهب ولكنها قالت فجأة:
-ليها حق متحبكش !
نظر الصياد إليها بحيرة لتكمل بقوة :
-ملاك ...حبيبتك ...انت بتحبها صح ...كنت بتهلوس بإسمها وانت نائم وزعلان أنها رفضتك ...ليها حق ...مفيش واحدة متزنة عقليا تحب واحد مجنون زيك....
اشتعلت النيران بعينيه لتنهض هي وتقترب منه ثم تكمل :
-ربنا بيحبها عشان مزرعش في قلبها حب واحد مريض زيك ...اكيد هي بنت كويسة لأنها رفضت شيطان زيك ...واحد حيوان م....اه
صرخت بألم عندما صفعها بقوة ...نظرت إليه بصدمة ليصفعها مرة أخري حتي وقعت علي الأرض ...لقد فقد أعصابه تماما ...ركع بجوارها ثم أمسك شعرها بقوة ولم ينتبه لمسدسه الذي سقط بل رفع كفه وضربها مرة اخري وهو يقول بغيظ:
-ده عقاب انك تجرأتي تتكلمي عليها ...بس بسيطة أنا هوريكي أنا شيطان ازاي ...
خلع حزامه بسرعة ثم رفعه ليضربها ...صرخت وهي تغطي وجهها  ولكنه توقف في آخر وذكري مماثلة تخترق مماثلة تخترق عقله ... ذكري لطفل يخبئ وجهه بتلك الطريقة بينما رجل الشرطة يضربه لانه تجرأ وسرق الدواء لوالدته ...رمي الصياد الحزام ...ثم تراجع ...كان يلهث وهو ينظر إليها ...يشعر أن قلبه سوف يخرج من مكانه ...ما خطبه ...لم يتذكر هذا ...لم يصبح اسير الماضي  مرة آخري ...لقد تجاوز هذا ...تجاوز الإهانات التي كان يتلقاها بسبب فقره ...شعر أنه يضعف شيئا فشئ ...وشعر بالدموع تلسع عينيه لذلك قرر الهرب
..فهو لن يظهر بمظهر الضعيف أمام فريسته ...ثم استدار ليذهب ...
-استني ...
قالتها وعد بضعف ...
نظر إليها وبهت وهو يراها تمسك السلاح وتنهض وهي تتألم ..الم كبرياؤها فاق الم جسدها ...لقد انتهي الأمر وانتهت هي ...أن بقت معاه أكثر من هذا سوف تموت كل يوم ....
وجهت السلاح نحوه وقالت:
-انت دمرت حياتي ...خطفتني وضربتني ...جرحت كرامتي وبعدتني عن خطيبي ...خليته يفتكر اني خاينة...حستتني اني رخيصة ...انت أسوأ من الشيطان وموتك هو الحل لكل مشاكلي ...
ابتسم لها بسخرية وقال:
-فاكراني هخاف ..أنتِ أجبن من انك تقتلِ نملة كان عندك فرصة تموتيني ومقدرتيش ...
انسابت دموعها وقالت:
-عندك حق معنديش الجراءة اني اقتلك ..
رفعت عينيها إليه وقد برقت بجنون وقالت:
-بس عندي الجراءة اقتل نفسي ...
ثم بسرعة وجهت السلاح لصدرها وضغطت علي الزناد!!!!!
أغمضت عينيها وهي تضغط علي الزناد منتظرة أن تموت وتتخلص من تلك الحياة ..تتخلص من سجن رجل لا يعرف الرحمة ...فجأة عقدت حاجبيها بحيرة وهي تضغط علي الزناد مرة بعد اخري ...فتحت عينيها لتصطدم بعيني الصياد الساخرتين ....اقترب منها وأخذ السلاح وقال:
-لما تيجي تقتلِ نفسك اتأكدي أن السلاح فيه رصاص ...
وقعت علي الأرض بإنهيار فرفع رأسه وهو يقول :
-مش هتتخلصي مني بالسهولة دي يا وعد انسي ...قولتلك أنتِ ملك الصياد وحظك الوحش هو اللي وقعك في أيدي ...
ركع بجوارها ثم أمسك ذقنها وهو يرفعه ببطء ويقول بصوت جاد:
-وافقِ علي عرضي. ..ليلة واحدة بس وبعدها أنتِ حرة تماما ...
بكت وهي تقول:
-مقدرش والله ما اقدر عندي اموت ولا اديك اللي انت طالبة ...ابوس ايديك ارحمني ...اطلب اي حاجة تاني غير دي ..حرام عليك ...
اشتعلت نظراته وقال:
-انا مش عايز غيرك...أنا دفعت فلوس وعايز انبسط ...والاغتصاب مش اسلوبي فعشان كده هتبقي هنا لحد ما تكوني جاهزة تبقي ليا ...
نهض وقال:
-مش هصبر كتير يا وعد ...الصياد مبيسبش حقه ...متستغليش نقطة اني مش عايزة اجبرك لان في اليوم ممكن اتخلي عن الموضوع ده بس ساعتها هوريكي اللي عمرك ما شوفتيه ...انتِ محدش معاكي ...ابوكِ باعك وخطيبك سابك ...وانا في أي لحظة لو قررتِ تعاندي ممكن أعمل أي حاجة فيكي ومش هندم ...
انسابت دموعها اكثر  وهي  تنظر إليه فأكمل حديثه:
-ببساطة هديكي يومين تفكري ان كان هتبقي ليا او هتعندي اكتر وساعتها هتأخدي علي دماغك فهمتي !!!!
ثم تركها وذهب ...
.....
خرج الصياد من الفيلا وهو يشعر بالضيق...صحيح هو يحب أن يلاعبها ولكن الأمر طال وهي عنيدة لا ترضخ وهو لن يصبر اكثر من هذا ...هو يريد الحصول عليها وسيفعل واليومين القادمين ستخبره قرارها. علي هذا الاساس سوف يتصرف ....
نظر الي الحارس وقال بهدوء:
-متنساش تراقبها اياكِ تسمحلها تهرب والا وقتها اقسم بالله هقتلك انت فاهم!
هز الرجل رأسه وقال بطاعة:
-اوامرك يا صياد ...
هو الصياد رأسه وقال:
-ودلوقتي دخلها اكل تاني .
-امرك يا صياد ...
هز الصياد رأسه ثم ذهب
............
في المساء ...
نيران حارقة اشتعلت في روحه ...شعر انه يغلي علي مراجل من الجحيم وهو يري احد آخر يضع خاتمه في اصباعها ...هو حقا لا يفهم ما به ...هو لا يحب حياة اذن لماذا هذا الشعور؟!لما الشعور بكل تلك الاسى؟!اليأس والغضب ...ولماذا تلك الرغبة المفاجأة في خطفها من وسط الجميع ...لا بد انه جن ...او ان انفصال وعد عنه اثر  علي  عقله تماما ...هو الآن يتصرف كشخص انتزعت منه حبيبته!وهي لم تكن يوما حبيبته...لعن نفسه في سره وهو يعترف انه لم يكن عليه ان يأتي ويري سعادة حياة وهي ترتبط بشخص آخر...شخص غيره وهي التي كانت تعشقه!!ماذا حل بها؟!أين ذهب هذا العشق؟!او ماذا حل به هو ؟!لماذا الاهتمام المفاجئ بحياة!طرد الافكار من عقله وقرر أن  يبارك لها ثم يذهب بسرعة  ...اقترب يوسف منها عندما لاحظ ان حسام ابتعد عنها ليتحدث لأحد المدعويين ..بينما حافظ علي ابتسامة مهذبة وما ان رأته حياة حتي تجمدت تماما وحاولت الاقتراب من حسام الا ان يوسف وقف امامها  وقال:
-رايحة فين يا بنت خالتي .؟!
-عايز ايه يا يوسف؟!
قالتها حياة برعب وهي تشعر بقلبها يكاد يخرج من صدرها  بينما تنظر حولها برعب خوفا من الفضيحة ..
ابتسم يوسف وقال:
-جاي ابوظ خطوبتك!...
شحب وجهها كالأموات وهي تتطلع اليه ...كان جسدها يرتجف وهي تري نظرة الاصرار بعينيه ...رباه ماذا يفعل ؟!!هل يريد تدمير حياتها ؟!!!! ابتلعت ريقها وقالت بهمس:
-انت بتقول ايه ؟!انت عايز ايه مني؟!
ضحك بخفوت وهو يري الرعب في عينيها وقال:
-متخافيش كنت بهزر ...أنا مش هقف في طريق سعادتك بس تكوني متأكدة  أن هو هيسعدك ميكونش مجرد وسيلة تهربي بيها من مشاعرك ليا ...
رفعت حياة رأسها وقالت بقوة:
-لا متقلقش مشاعري تجاهك ماتت يا يوسف ...انت اخويا وبس وانا حاليا مبسوطة اووي مع حسام وبطلب منك متقلقش عليا ولا تفكر فيا ...
كلماتها جعلته يتألم من الداخل ...عينيها ترميانه بنظرات غير مبالية وكأن حقا حبها له جف تماما ...ولأول مرة منذ شهور يشعر بهذا التشتت ...التشتت الذي حدث له عندما راي وعد ...ولكن تشتته الان اقوي وكأن شئ ملكه قد ذهب بعيدا عن متناوله ...كان يشعر حقا بالاختناق وهو ينظر إليها ...عينيها اللامعة وشعرها الذي يتحرك بنعومة ....ملامحها الجذابة والتي يحاول بأقصي جهده الا يتأملها ...يحاول تذكير نفسه أنها أصبحت لغيره وان ما يفعله غير صحيح ...بصعوبة اشاح عينيه عنها وهو يخرج من جيبة علبة مخملية ويقدمها بلطف لها قائلا:
-انا عارف أننا مش متفقين واني غلطت في حقك بس أتمني أن تديني فرصة تانية ...
تراجعت وقالت بشك:
-فرصة تانية ليه ؟!!
ابتسم وهو يقول:
-مش قصدي اللي فهمتيه قصدي فرصة نتعامل كقرايب ..زي الاول يا حياة ...
تنهدت وهي تاخذ هديته وقالت:
-هديتك مقبولة يا ابن خالتي ومتقلقش انت اخويا ..
حاول السيطرة علي شعور المرارة الذي أصابه فجأة بكلماتها تلك ...تنهد ثم اقترب وهو يقول :
-حياة أنا ...
ولكن الكلمات توقفت في حلقه عندما رأي حسام يتخذ مكانه بجانبها ويوجه ليوسف ابتسامة مهذبة...صافحه يوسف وقال :
-مبروك ...انا ابقي ..
-يوسف ابن خالة حياة ...عارف حضرتك طبعا ..صحيح متقبلناش وده غلطي بس عملنا الخطوبة بسرعة وكنت مشغول فسامحني...
ابتسم له يوسف وقال:
-متقلقش هنعوضها في وقت تاني
رد عليه حسام وهو يقول بنبرة أشبه بالتحدي:
-اكيد طبعا يا يوسف ...
امسك كف حياة وقال:
-في النهاية انت زي اخ لخطيبتي!!
.........
لقد وقعت ابنة عامر النجار في فخه ...فكر  بإنتصار وهو ينظر إليها تلاعب الاطفال ..لقد استسلمت له كليا...اعترفت بعشقها له والان اصبحت هي خاتم في إصبعه ...يمكنه أن يأخذ منها ما يريد ...اي شئ ...آن وقت الانتقام ممن قتل والدتها ..لقد انتظر تلك الفرصة لفترة طويلة حتي احرقه الانتقام ...حتي تعاظمت داخله الكراهية فأصبحت الكراهية هي سلاحه الوحيد ...اعمته عن قلب فتاة أحبته بينما هو يضمر لها الشر ...لم يفكر مرتين وهو يحاول ايقاع  ملاك في حبه ....لقد لعب علي نقاط ضعفها ...استغل تشوشها واقترب منها حتي نال قلبها ..ابتسم لها عندما نظرت إليه وأشار إليها ...احمر وجه ملاك واقتربت منه  وقالت:
-ليه قاعد بعيد كده النهاردة ؟!
-بفكر فيكي..
احمر وجهها بشكل محبب لينهض هو ويمسك كفها ويقول:
-تعالي نتغدي سوا ...
هزت راسها لينطلق وهو يمسك كفها ...
أنها تطير لا محالة
فكرت ملاك وهي تجلس بجوار عدي في سيارته بينما هو يمسك كفها ويقبله بين الحين والآخر ...كانت تذوب بسبب لمساته ونظراته ...تشعر أنها لم تحب ابدا من قبل ...وكأن مشاعرها القوية تجاه عاصم كانت سراب تماما ...وكأنها لم تحب من قبل ...أغمضت عينيها وهي تتخيل حياة سعيدة للغاية مع عدي ...تتخيل أنهما سيتزوجا ...ويذهبان للمرسم يوميا ...ستكون سعيدة وهي تري أن عدي لا يرسم غيرها هي ...هكذا هو وعدها ...
تنهدت بحب ليخرجها صوت عدي وهو يقول:
-وصلنا يا حبيبي ...
نظرت إليه ملاك وهي تبتسم ثم خرجت معه ...
......
كانت تجلس أمامه وهي تبتسم له بحب بينما يطعمها بيده ...ابتسم لها عدي ابتسامة سلبت عقلها وقال:
-قوليلي بقا باباكي شغال ايه ....عايز اعرف مستواه عشان اتقدم وانا مرتاح
ابتسمت وهي تقول بهدوء:
-بابا وجاسر ابن عمي  شريكين في  شركة سياحة كبيرة  يعني ينظم للأجانب رحلات ...يرشحوا ليهم فنادق كويسة حاجة زي كده بصراحة أنا مجال شغلي كمهندسة ديكور بعيد عنهم ..رغم أن بابا طلب كتير مني أني اشتغل معاهم بس رفضت قررت اشتغل لوحدي لحد ما اقدر اعمل شركتي الخاصة ...
نظر إليها بإعجاب وقال:
-انتِ ملهمة ...تعرفِ أننا متشابهين أنا وأنتِ يا ملاك ...بابا ضابط كبير وكان نفسه ابقي أنا كمان ضابط بس اختارت الرسم ..
ابتسمت له وقالت:
-احلي حاجة أننا نعمل الحاجة اللي بنحبها ...الحاجة اللي عندنا شغف ليها لان دي الحاجة الوحيدة مش هنندم عليها لو عملناها ...
امسك كفها وقال:
-فعلا وانا شغفي حاليا كله ليكي أنتِ وبس  ...
اطرقت برأسها وهي تذوب خجلا ولكنها تجمدت وصوت أنثوي جذاب يقول :
-عدي انت ...
اختفت ابتسامة عدي وهو يقول:
-ليالي!!!!
ابتلعت ملاك ريقها وقد شعرت العالم يهتز من تحتها ....
..........
في المساء
شهقت وعد برعب عندما ولج الصياد للغرفة ...رباه كانت اخر فرصة لها اليوم وسينفذ تهديده ...ولكنها عبست وهي تري خطواتها غير المتزنة ...عينيه الحمراء من شدة البكاء....اقترب منها لتصرخ بفزع عندما هجم عليها ولكنه لم يفعل شئ إلا أنه نام علي قدميها وهو يقول بصوت محطم :
-ماما وحشتني ...
ثم بدأ بالبكاء!!
........
كانت مريم تضع الثياب في الغسالة وبدأت تفحصها جيدا بحثا عن أي أموال خوفا أن تتلفها الغسالة ...أمسكت بنطال حسام وفحصته وتجمدت تماما وهي تخرج كيس ابيض شفاف به مادة بيضاء وهنا تحطم عالمها تماما !!لقد عاد حسام للمخدرات !!!
 -ايه ده يا حسام ..
قالتها مريم. هي تمسك الكيس الشفاف...ابتلع حسام ريقه وقال بنبرة متوترة وهو يمد كفه ليأخذ الكيس ولكن والدته ابعدته ثم بكفها الاخر صفعته بقوة ...ليغضب حسام ثم فجأة يبدأ بخنقها ...اتسعت عيني مريم وتبللت بالدموع ليبعد حسام كفيه وقد عاد الي وعيه وأطرق برأسه...هزت مريم راسها. وهي تمسح دموعها وقالت:
-والله عال ...هتضرب امك يا حسام ...بتمد ايدك عليا...طبعا مش رجعت للهباب ده تاني بعد ما عملت المستحيل عشان اعالجك ...
-يا ماما أنا ...
دفعته مريم وهي تقول:
-اخرس خالص ...اخرس مش عايزة اسمع صوتك ...يا خسارة اللي عملته عشان اعالجك ...يا خسارة الوقت اللي انا ضيعته وانا بحاول اعملك راجل ...
-يا ماما أنا مرجعتش للمخدرات ...
قالها بضيق لتلقي هي الكيس في وجهه بعصبية وتصرخ به :
-اومال ده ايه ..ايه ده ؟!!
امسكته من قميصه وقالت:
-يا اخي حرام عليك بعد كل اللي عملناه ترجع للقرف ده تاني ...انت كنت هتموت في أول مرة لولايا أنا وابوكي اللي دفعنا دم قلبنا في مصحة برة مصر عشان تتعالج وفي الاخر مجهودنا يتهد ويتساوي بالتراب ...انت عايز تموتني ...انت عايز تقهرني ...
اخذت تهزه بقوة :
-عايز ترجع للادمان...عايز ترجع واحد ملكش.لازمة ...اتفضل ...بس ساعتها تطلع برة بيتي انت فاهم ولا لا ...فاهم ...
اخذت تصرخ به وهي تبكي ..كانت قلبها يحترق ...عندما عرفت انه عاد لذلك السم شعرت بعالمها الذي جاهدت لإعادة بناؤه قد انهار مجددا واخذت تتساءل لماذا فعل هذا ...لماذا عاد بهما الي نقطة الصفر ...الي المعاناة التي عاشاها منذ سنة ...لقد كاد ان يموت بسبب هذا السم...كادت أن تفقده للأبد .....نشجت بعنف ثم سقطت ارضا وهي تبكي بقوة وتقول:
-ليه كده يا بني ...قولي ليه كده حرام عليك ...ده أنا اتذليت حرفيا عشان اعالجك ...ليه خلتني اعيش الكابوس ده تاني  ...ليه رجعتنا لنقطة الصفر حرام عليك البنت اللي انا خطبتهالك دي ذنبها ايه تمررها معاك ...
هزت رأسها ونهضت وهي تقول :
-انت لازم تفسخ الخطوبة دي حرام عليك البنت دي تعيش معاك ...حرام تشوف اللي شوفناه هي ملهاش ذنب...أنا هتصل بيهم واقول كل شئ قسمة ونصيب ....مستحيل اخليهم عايشين مخدوعين ...أنا ...
امسك حسام ذراعيها وهو يقول بتوسل:
-لا يا أمي ابوس ايديكِ ...أنا محتاج حياة في حياتي ...محتاجاها اووي ...صدقيني أنا مرجعتش للادمان ...ده بس فين وفين..وصدقيني خلاص هبطلها خالص ...بس ابوس ايديكِ متقوليش لحياة أي حاجة ولا حتي لبابا ...أنا خلاص اوعدك مش هرجع تاني ...
بكت مريم وقالت؛
-وايه ذنب المسكينة دي لو قررت ترجع ....هي مش مضطرة تعيش في المرار ده ...كده هبقي بخدعها وبرتكب ذنب ...حرام عليك افسخ الخطوبة دي ..
امسك حسام كف والدته ثم بدأ بتقبيله وهو يقول :
-صدقيني يا امي خلاص آخر مرة ...والله ما هرجع للقرف ده تاني ...بس ابوس ايديكي متبعدنيش عن حياة أنا محتاجاها ...أنا حاسس انها هتصلح حاجات كتير في حياتي ...
مسحت مريم دموعها ثم قالت :
-احلف بالله أنك مش هترجع للسم ده تاني .
-والله العظيم آخر مرة يا امي مش هرجع للهباب.ده تاني ...وعد مني ...
ضمته إليه مريم وهي تبكي وقالت:
-اوعي يا بني تخذلني مرة تانية والله أموت فيها ..
-متقلقيش يا ماما ...أنا خلاص وعدتك ...
.....
بعد دقائق
ولج حسام لغرفته بتعب ..هز رأسه بيأس ثم أغلق الباب جيدا وذهب الي فراشه بسرعة رفع المرتبة وهو يتطلع الي الاكياس الموجودة بكثرة تحته ..اخذ كيس منهم ثم علي الطاولة افرغ محتوياته واخذ يستنشق بمتعة وهو يفكر انه يجب أن يحذر المرة القادمة !
........
حاولت أن تبعده عنها الا انه ضم نفسه بقوة إليها وهو يبكي ....كان يهذي بقوة وهي لا تفهم شيئا ...فقط يردد امي ..امي ...تنهدت وهي تبعد شعور التعاطف البغيض الذي احتل قلبها لثواني
..هو يستحق هذا الألم ...يستحق هذا العذاب ...ولكن هذيانه وانهيار شخص مثله جعلها في حيرة من امرها وقد تزايد  الفضول داخلها...ارتفع حاجبيها بدهشة بينما برقت عينيها الزرقاء بقوة وهي تتكلم بصعوبة:
-مال مامتك ؟!
-ماتت !
قالها بنبرة ثقيلة  وهو ينشج ببكاء  ...لم ترد أن تشعر بالشفقة عليه ولكن اللعنة شعرت ...لانها أيضا تعاني بسبب موت والدتها وهي صغيرة ...تصاعدت الدموع لعينيها لتغمضها فتنساب دموعها ...حاولت السيطرة علي نفسها ولكن ذكرياتها عن والدتها اخذت في التدافع الي عقلها ...تتذكر كيف ان حياتها تدمرت عندما ماتت والدتها ...كيف اصبحت تحت سيطرة رجل ظالم لا يرحم ...كيف ان والدها دمرها وكاد ان يبيعها مرات عديدة ...لم يشعرها ابدا انه والدها ...كان دوما يحتقرها....يضربها ويهينها ...لم يقترب منها الا نادرا فقط ان اراد منها شئ واخر شئ فعله انه باعها كأنها جارية ...ابتسمت وتذكرت ان والدتها كانت علي النقيض تماما ...والدتها كانت تحبها ....رغم فقرهما ولكنها كانت تحاول توفير كل شئ لإبنتها ...لم تكن تريدها ان تعاني من الحرمان ...اعطتها الكثير من الحب...عوضتها عن قسوة والدها ...ولكن سعادتها لم تدوم ...تلك هي الحياة ...لا شئ دائم فيها خاصة السعادة ففي يوم ضاع هذا كله عندما ماتت والدتها ...حينها اهتز عالمها بقوة وعرفت ان لن يكون أي شئ كالسابق ...وان حياتها سوف تتغير كليا وبالفعل هذا ما حدث ...
-وحشتك صح ؟!
قالتها ودموعها تتساقط عليه ليرفع رأسه وينظر إليها ...ثم يمسك كفها ويقول بنبرة ثقيلة:
-منستهاش عشان توحشني ...أنا فاكر كل تفاصليها ...فاكر انها كانت كل الحياة بالنسبالي ...أنا كنت اتمنى اموت بس هي تعيش ...بس الحياة سابتها هي .....
اغمض عينيه وهو يشعر بألم كبير في قلبه ...الألم كان يمزقه ...لقد ظن انه تعافي من الماضي ولكن ما زالت ظلال الماضي تعكر حياته ....ما زال الماضي يخنقه والاسوا من هذا شعوره بالذنب لانه لم يصبح الشخص الذي ارادته والدته...فبدل من ان يبقي انسان صالح  أصبح تاجر مخدرات ودمر حياة الكثيرين ولكن العالم هو من جعله وحش ...العالم سرق منه والدته وقتل الجزء الابيض الذي داخله لتتشبع روحه بالسواد...انهكته الحياة حتي قرر ان يحاربها بأكثر الطرق شراسة ...فكما قال عمه ان الانسان دون مال لا يساوي شيئا وهو الان يمتلك المال ولكنه ليس سعيد ...هو مستعد ان يتخلي عن كل شئ لتعود والدته إليه ...تنهدت وعد وهي تنظر الي حالته ودون وعي اخذت تتلمس شعره وتقول؛
-وانا كمان امي وحشتني ...وحشتني اووي..
تنهد هو بألم وقال:
-أدفع كل اللي معايا بس ترجع ثانيتين وأحضنها...نفسي احضنها وابكي ...نفسي انام علي رجلها وتقعد تلعب في شعري لحد ما انام ...أنا واثق ان ساعتها هنام مرتاح ...حتي لو وقتها مت مش مهم ...
اخذت وعد تتلاعب في شعره دون وعي منها حتي ذهب هو في النوم ...
.....
بعد قليل ...
كانت تقف امام المرأة وهي تتأمل نفسها وتفكر ان لكل انسان نقطة ضعف وهي عرفت اليوم ما هي نقطة ضعف الصياد ...هو ليس رجل بلا مشاعر علي العكس تماما جزء كبير من قلبه متضرر ...رفعت خصلات شعرها للاعلي وهي تفكر ان لديها سلاحين  جيدين  تماما للقضاء عليه ...اولهما   جمالها ...والاخر ماضيه ...سوف تلعب علي تلك النقطة...سوف تجعل الصياد يعشقها وحينها يمكنها القضاء عليه ...
نظرت اليه من خلال المرآة وهي تعترف انها تتوق الي اليوم الذي ستجعل الصياد يركع لها!!!
........
كانت متسطحة علي فراشها ..مغمضة عينيها وهي تتذكر ليالي تلك ...تتذكر كيف اشتعلت نيران الغيرة بقلبها ...ابتسمت فجأة وهي تتذكر ان عدي استطاع اطفاء تلك النيران بحبه الواضح لها...
عادت احداث الساعات السابقة الي رأسها ...
......
-ليالي !
كررتها ملاك وهي تشعر ان سعادتها تتهاوي امامها...خاصة يوجد تلك اللمعة بعيني عدي والتي جرحت قلبها بعمق ...هل يحبها حتي الآن ؟!!..
ارادات الهروب أو الصراخ به لكن كل ما فعلته انها بقت مكانها تتلاعب بالمحارم منتظرة عدي ان يتكلم وفعلا بعد لحظات من الصمت نهض عدي وهو يبتسم ويصافح ليالي قائلا:
-امتي جيتي من دبي ؟وفين حازم؟!
تنهدت ليالي وقالت:
-جيت من ست شهور بعد ما اطلقت من حازم ...
شعرت ملاك ان الأرض تميد بها بينما حاولت رفع عينيها الا انها فشلت في هذا ....اخذ قلبها يدق بشكل مؤلم ...تخاف ان تجرح مرة اخري ...تخاف ان تكون مشاعر عدي بالنسبة لها مجرد سراب ...
تنهد عدي وقال :
-اسف مكنتش اعرف ..
هزت ليالي كتفيها وقالت:
-عادي ده نصيب ...
ثم اشارت لملاك وقالت:
-مش تعرفني؟!
نظر عدي الي ملاك بإبتسامة ثم امسك كفها لتنهض ...نهضت هي ليجذبها عدي إليه ويقول بسعادة:
-اعرفك يا ليالي دي ملاك خطيبتي ...
لم تغفل ملاك عن  الغيرة التي لمعت بعيني ليالي ..
اكمل عدي وقال:
-ليالي ..صديقة قديمة ...
رفعت ليالي حاجبيها وقالت:
-صديقة بس ...
ابتسمت ملاك بأدب وتدخلت في الحديث :
-هو الحقيقة عدي قالي أنك خطيبته القديمة ...هو بس محبش يحرجك ...
ربعت ليالي ذراعيها وقد لمعت عينيها بشراسة وردت:
-لا ويحرجني ليه؟!دي حقيقة أنا وعدي كنا بنحب بعض...
ابتسمت ملاك وردت:
-فعلا كنتوا ..
وضغطت علي خروف كلماتها الأخيرة ...
بعد ان ذهبت ليالي متجهمة ...ابتعدت ملاك عن عدي ولكنه امسك كفها وقال:
-انا قولتلك كل حاجة انها خطيبتي القديمة فليه واخده جنب وزعلانة..
ابعدت ملاك كفها وقالت بصوت مختنق:
-لسه بتحبها يا عدي ؟!!
ضحك عدي وقال:
-انتِ بتهزري صح ؟!! انتِ شوفتي في عيني أي حنين ليها ؟!
اختنقت ملاك وقالت:
-للوهلة الاولي عينيك لمعت ليها...
ابتسم وقال بخفوت:
-بتغيري ؟!
-انت بتغير الموضوع ..
هز رائع وأمسك ذقنها وقال بإصرار:
-بتغيري عليا ؟!
اطرقت وهي تهز رأسها ...ابتسم برضي وقال:
-انبسطت من غيرتك ...بس ده مش معناه اني بحبها ...أنا مبحبش ليالي واوعدك محطكيش في أي موقف يجرحك تاني يا ملاك ...
امسك كفها بقوة وأكمل :
-انا بحبك انتِ ...انتِ وبس ...
وبكلماته المطمئنة تلك اراح بالها كليا ...
عادت من شرودها وهي تبتسم بحب ...لم تظن ابدا ان يفهمها ويقدرها احد بتلك الطريقة ...كل يوم يمر تحبه اكثر واكثر ...رغم خوفها الطبيعي من ان تتطور تلك العلاقة ولكن اصبحت الآن تتوق لتصبح ملكه.....
.....
في المرسم الخاص بعدي...
كان متسطح علي الاريكة الصغيرة وهو يفكر في خطوته التالية ...يبدو جليا ان ملاك لا تعرف بشأن عمل والدها ولكن ماذا إن استخدمها كوسيلة ضغط علي عامر النجار ليسلم نفسه ...انحرف عقله لأفكار شريرة حاول بجهد ان يخرجها منه ولكن كانت تتشبث بعقله شيئا فشئ ولم يشعر بنفسه وغرق بالنوم ....
في اليوم التالي .  
استيقظ عدي علي رنين الجرس ونهض وهو يشعر بالدوار فتح الباب ليتجمد وهو يقول:
-ليالي؟!!
........
-رايحة تقابلي خطيبك ؟!
قالها يوسف وهو يتأمل حياة ...مشطها بنظراته وهو يفكر بتعجب انها لم تكن مهتمة بنفسها لتلك الدرجة  ..ففستانها الكريمي الطويل وحقيبتها الأنيقة بالاضافة الي مساحيق التجميل الرقيقة التي تجمل وجهها ...كل تلك الاشياء ليس من عادة حياة ان تفعلها...ليس بكل تلك المبالغة...تضايقت حياة من نظراته وقالت؛
-ايوة رايحة ...عن اذنك ...
وكادت أن تذهب الا انه قطع طريقها وقال:
-تعالي اوصلك ...
رسمت ابتسامة باردة علي شفتيها وقالت:
-لا شكرا مش عايزة...هركب تاكسي ...
ولكنه لم يسمح لها بالمرور وقال:
-كده كده رايح الجامعة عندي محاضرات  فتعالي اوصلك وبلاش عناد ...لو حابة اتصل بحسام اقوله ماشي ...انتِ زي اختي ولا نسيتي  ...
تنهدت بسخط وهي تقول:
-طيب ..طيب ...
ثم ذهبت امامه ليبتسم هو بغموض ويذهب خلفها  ...استقلت سيارته وهي تتنهد بتوتر ليركب هو بجوارها ...نظرت إليه وقالت:
-بس سوق بسرعة لو سمحت بقاله كتير مستنيني وانا اتأخرت !
نظر إليها بضيق وهز رأسه وهو يقود السيارة ...
بعد دقائق عديدة ...
بهتت حياة وهي تجد انه اتخذ طريقة مختلفا وقالت:
-ده مش طريق الكافية ...
ولكنه لم يرد عليها ...
-يوسف ده مش طريق الكافية...
صرخت به لينظر إليها ويقول:
-عارف ..بس أنا حابب نروح مكان ونتكلم سوا ...
-انت اتجننت صح ؟!
صرخت بذهول ليبتسم ويقول:
-بيقولي اني مخي لاسع شوية ودلوقتي اسكتي عشان اخلص كلامي معاكي وأوصلك لخطيبك ...
توسعت عينيها بذهول ...لا تصدق ما يفعله ...حقا ماذا يريد هذا منها ...لقد كان يتأفف دوما بسبب ملاحقتها له وعندما قررت الا تلاحقه الآن هو يتصرف بتلك الطريقة ...حقا هي تكاد ان تجن من تصرفاته..فتصرفاته تلك تليق بمراهق وليس رجل عاقل مثله!!!!!
.....
أخيرا توقف في مكان ما علي النهر ثم ترجل  وهو يستند علي الحاجز ...هزت حياة رأسها بذهول وهي تشك انه بالتأكيد فقد عقله تماما ...ترجلت هي الاخري من السيارة ووقفت بجواره ...ظل عدة لحظات صامتا لتغمض حياة عينيها بغضب وتقول:
-اكيد مجبتنيش هنا عشان تسمعني صمتك ...عايز ايه ..انا بالأصل متأخرة علي حسام وانت...
-مبسوطة مع حسام يا حياة ...
قالها بهدوء لتنحشر الكلمات في حلقها ويكمل وهو يقترب منها ..
-مبسوطة معاه ...بتحبيه يعني ؟!!عندك أي مشاعر ناحيته؟!
تراجعت بحذر وهي تقرأ ما فيه عينيه من غيرة ...لا هذا مستحيل ...مستحيل ان يكون يوسف يغار من حسام ...هذا جنون ...هو حتي لا يحبها ...لابد انها تتوهم ...
ضحكت بإرتباك وقالت:
-انت جايبني هنا عشان تسألني السؤال العبيط ده ...انت اتجننت يا يوسف ؟!!
هزت رأسها وكادت أن تغادر ولكنه امسك ذراعها وقال:
-متتجاهليش سؤالي يا حياة ...ردي عليا بتحبي حسام ؟!!ولا وافقتِ عليه عشان تهربي من مشاعرك ليا...
ضحكت بذهول وهي تهز رأسها وتقول :
-هو انت بتغير عليا يا يوسف؟!
........
وقفت امام المرأة وهي تنظر الي فستانها الأزرق الطويل  التي اقتنته من ضمن العديد من الفساتين التي احضرها لها الصياد والتي رفضت ان ترتدي أي منهما ولكن من اليوم تغيرت جميع خططها ...ستلاعبه علي طريقتها...امسكت المشط ومشطت شعرها الطويل وتركته حرا.... ثم اقتربت من الفراش حيث ينام الصياد وابتسمت بخبث ثم امسكت كوب الماء وسكبته علي وجهه ...فزع الصياد وهو ينهض وينظر حوله برعب ...ابتسمت وعد وهي تقول:
-صباح الخير.
شعر بالتشوش ...متي اتي الي هنا ؟!!
حك شعره وقال:
-انا جيت هنا ازاي ؟!
هزت كتفيها وقالت:
-متقلقش مبتمشيش وانت نايم...انت بس كنت سكران امبارح وجيت نمت هنا وانا حاولت اصحيك بس انت كنت عامل زي الاموات ...
تنهد وهو يتذكر ان الامس كان ذكري وفاة والدته لهذا كان بتلك الحالة ...نهض بصعوبة وكاد ان يغادر الا انه تجمد تماما بسبب ما سمعه ...
-موافقة ...أنا موافقة !
نظر إليها الصياد بحيرة لتتنهد وعد وهي تكتم ألمها وتقول:
-موافقة ابقي ليك !
ابتسم بإنتصار لتكمل هي بينما عينيها تلمعان بقوة: ..
-بس بعد كدة تحررني  منك ومتعترضتش طريقي تاني ...
ابتسم ورد:
-موافق ...ليكي شروط تانية ؟!
هزت رأسها بضعف وقالت :
-الشرط الأهم ان لو عايزني ابقي ليك يبقي بالحلال ...
-يعني ؟!
قالها والشرر يتطاير من عينيه لتلقي الكلمات بوجهه:
-يعني تتجوزني !!
ضحك ساخرا وقال:
-ودي احلام العصر صح ؟!!
رفعت رأسها وقالت:
-لا ده شرطي عشان اكون ليك ...أما كده او لا مش هكون ليك ابدا ومش هتقدر تأخد حاجة مني الا بالغصب بس ساعتها هقاومك لآخر نفس يا صياد ووقتها واحد مننا هيموت اما انت او أنا !!!
 اتسعت عينيه البنية ثم بدأ يضحك بسخرية...كان يضحك بصوت مرتفع وهي تملي عليه شروطه ...اقترب منها ثم أمسك ذراعها وأخذ يهزها قائلا:
-انتِ مجنونة ...بتحطِ شروط للصياد...الصياد!!!أنتِ مش عارفة اني ممكن اقتلك دلوقتي ..
-اقتلني ..
قالتها بهدوء ثم أكملت:
-متعرفش انك وقتها عملت معروف كبير ليا يا صياد ...
هزت كتفيها وقالت:
-بس لا انت مش عايز تقتلني ولا تغتصبني حتي انت عايزني اسلملك نفسي بمزاجي ...
رسمت ابتسامة متلاعبة علي شفتيها بينما برقت عينيها بخبث وهي تحاوط عنقه ثم تقترب من شفتيه هامسة:
-انت عايزني بأي طريقة ...أنا قدرت اجذبك ...وانا عارفة أن مش شكلي بس اللي جذبك ... قوتي كمان...انا  مش مجرد واحدة انت عايزها أنا عارفة اني قدرت اسيطر علي جزء منك والا كنت قتلتني من زمان علي اللي عملته معاك ...
ابتسم برضي وهو ينظر إليها وقال:
-واثقة من نفسك اووي ...
هزت رأسها موافقة إياها وقالت:
-تقدر تقول اني فهمتك ...انتصارك عليا اني اسلملك نفسي وبمزاجي صح ؟!
صمت لتبتعد عنه وتتهادي في مشيتها وهي تبتسم بخبث...خطتها تعمل جيدا ...هي تلعب بطريقته الدنيئة وإن كان سلاحه القوة فسلاحها جمالها ...فجمالها ليس لعنة كما فكرت دوما ...بل اللعنة أنها لم تكن تعرف كيفية استخدامه ...جلست علي الفراش وهي تنظر إليه جيدا وتقول:
-مش هسلملك نفسي يا صياد الا بالطريقة دي ...الجواز ..غير كده لا ...
ضحك بسخرية وقال:
-انتِ متعرفيش اللي ممكن أعمله ؟!
برقت عينيها وقالت :
-هتعمل ايه هتقتلني مثلا ؟!
مطت شفتيها وردت علي نفسها قائلة:
-مظنش ...لو كنت عايز تقتلني كنت عملتها من زمان من وقت ما أنا حاولت أقتلك ...غير كده انت لسه عاوزني ...فلا مظنش هتقدر تستغني عني حاليا ...أو هتلجأ للاغتصاب مثلا ؟!!
مررت عينيها عليه وهي تبتسم بشدة:
-لا يا صياد ...صحيح انت حقير ومجرم ...
رفع حاجبيه من جرائتها لتكمل هي بلامبالاة :
-بس لا مظنش انك من نوع الرجالة اللي يلمسوا ست غصب عنهم ...كبرياءك هيتجرح وانا ببين نفوري منك ...هتحس انك رخيص وانت بتلمس واحدة غصب عنها ...ببساطة انت عايزاني وبمزاجي يبقي خلاص تتجوزني لو حتي ليومين وهديك اللي انت عايزه من غير اي عنف قولت ايه ...
-قولت انك متقدريش تلوي دراع الصياد يا وعد ...
توسعت عينيها  بدهشة مصطنعة وهي تقول:
-استغفر الله أنا مبلويش دراعك أنا بعرض عليك عرض ..
-وعرضك مرفوض !
هزت كتفيها وقالت:
-خلاص وانا مش هسمحلك تلمسني وهفضل اقاومك واللي تقدر تعمله اعمله ...
كانت تتحداه حرفيا ...تلك الصغيرة امتلكت الجراءة وتحدته في منزله دون أي خوف ...كيف تجرؤ علي هذا ألا  تخاف منه؟!!اقترب ببطء منها وعلي الرغم من الرعب الذي استبد داخلها بسبب نظراته المشتعلة الا أنها حافظت علي ثباتها من الخارج ...فجأة صرخت عندما قبض الصياد علي شعرها وشده بقوة ...
-انتِ بتتحديني يا روح أمك ...أنا الصياد ..يعني لا أنتِ ولا غيرك تحطوا صباعكم تحت ضرسي ...لو  فاكرة جمالك ده هيخليني خاتم في صباعك تبقي عبيطة ..
تأوهت بألم وانسابت دموعها وهي تقول:
-عارفة انت مين ...وعارفة أن جمالي مش هيخليك تنفذ اللي أنا عايزاه ...بس ده شرطي انا مقدرش اعمل حاجة حرام ...حتي لو قتلتني ... مستحيل لو كنت ناوية علي الحرام كنت اديتك من البداية اللي انت عايزه عشان اتحرر من السجن اللي أنا عايشة فيه ده ...لكن أنا استحملت وهستحمل...لكن اقرب علي الحرام مستحيل ولو عايز تقتلني اقتلني مش هتفرق معايا ...
احمر وجهه من الغضب ثم دفعها بعنف علي الفراش وخرج غاضبا !!!!!
...........
-بتعملي ايه هنا؟!
قالها عدي بضيق ...ولجت ليالي وقالت:
-دي مش طريقة تعامل بها حبيبتك القديمة يا عدي... ذوقك في التعامل راح فين؟!.
تنهد عدي وقال:
-عايزة ايه ؟!!..
-لسه بترسم ؟!
سألته وهي تتطلع الي لوحاته ثم توقفت فجأة ورفعت حاجبيها وهي تري صورة تلك الفتاة التي رأتها معه من قبل وقالت:
-واضح جدا انك لقيت البديل ..بس للاسف يا عدي البديل ده ميرتقيش لمستوايا ...
ابتسم لها ...تلك الابتسامة تعرفها جيدا ...وتعرف أن بعدها سوف يقول شيئا سيؤذيها كثيرا وبالفعل رفع رأسه وقال:
-هي فعلا مش من مستواكي   ...لاني مظنش في حد ارخص منك يا ليالي ...ملاك هي ملاك وانتِ متوصليش لمستواها اصلا ...
تصاعدت الدموع في عينيها وقالت:
-انا مش مصدقة يا عدي ؟!
-مش مصدقة ايه يا ليالي ؟!اني خلاص مبقتش أحبك..طيب احبك ليه وأنتِ خاينة بعتيني في اكتر وقت كنت محتاجك فيه وبعد ما فسختي خطوبتنا بأسبوع اتجوزتِ ...فحضرتك راجعة متوقعة اني هكون عايش علي أطلال الأميرة ...فوقي يا حبيبتي انا خلاص رميتك برا حياتي في الوقت اللي قررتِ تغدريني فيه....أنا دلوقتي في حياتي واحدة انضف منك بكتير ...
اقتربت ليالي منه ...عينيها البنية لامعة بفعل الدموع ...جمالها في هذا الوقت كان مبهر ومهدد ...لقد شعر بالتهديد ولكن قرر ان يسيطر علي نفسه ...لن يجعل نفسه فريستها مجددا...هو قد تجاوزها الان ولديه هدف يجب أن يركز عليه ...اقتربت ليالي منه وهي تلمس وجنته وتقول:
-الكلام ده تخدع بيه حد غيري يا عدي ...انت مبتحبش البنت دي ...عينيك مش بتلمع ليها ...أنا اعرفك كويس لما تحب ...حافظاك صم ...حافظة ابتسامتك  اللي واخدة كل وشك مع البنت اللي بتحبها ...حافظة لمعة عينيك ...وتوترك وانا جمبها...كل الحاجات دي شوفتها وانا معاك ..عشان انا كنت حب حقيقي ...لكن انت بتقنع نفسك انك بتحبها وللاسف انت مبتحبهاش فبلاش تكدب علي نفسك ...
ابتسم بسخرية وقال:
-انتِ عايزة تصدقي كده عشان كبرياءك ميتجرحش ...يعني تشوفي المغفل اللي سيبتيه لسه فاكرك وعايش علي أطلالك ...مش عايزة تقتنعي أن خلاص بقا في حياتي واحدة تانية ومبقتش عايزك ...ووجودك هنا غير مرغوب فيه فلو سمحتي امشي من هنا ...
-انت كداب ...انت لسه بتحبني ...
وضعت كفها علي قلبه وهي تقول :
-انا لسه حاسة بقلبك اللي بيدق ليا ...ليا أنا وبس ...
شعر بالحنين للحظات لتستغل هي ضعفه للحظات ثم اقتربت لتقبله ...ظل ثواني مصدوم من فعلتها ولكنه بادلها قبلتها وانجرف معها وسرعان ما تجمد وهو يسمع صوت ضعيف مألوف:
-عدي!!!
ابتعد عدي بسرعة ليبهت وهو يجد ملاك تقف أمام الباب وتنظر إليه بتحطم ...دموعها تنساب بقوة علي وجهها والألم يرسم آثاره علي ملامحها الرقيقة ...
-ملاك أنا ...
ولكنها لم تستمع إليه بل ركضت بسرعة ...ركض عدي خلفها وحاول إيقافها ولكنها استقلت سيارتها وذهبت ...
وضع عدي كفيه علي رأسه بيأس...لقد تدمرت خطته تماما ...ملاك لن تثق به كالسابق ....لقد ألقت خطيبها خارج حياتها وفي ليلة زفافهما فماذا ستفعل به هو ....عاد بغضب للمرسم ليجد ليالي جالسة علي الأريكة براحة ...اقترب عدي بغضب وأمسك ذراعها وهو يصرخ بها:
-اطلعي برة !!!
انتفضت ليالي وشعرت بالرعب وهي تري عدي بتلك الحالة ...
-عدي أنا ....
-اخرسي...اخرسي ...دمرتي حياتي قبل كده وجاية تدميرها تاني ..ضيعتي ملاك مني !!!
جذبها بقوة ثم دفعها للخارج حتي سقطت علي الأرض  وقال:
-لو شوفتك هنا تاني هقتلك!!!
ثم اغلق الباب بعنف ...نظرت إلي الباب  بصدمة ...جنون غضبه كان غريب ...لقد خافت منه للمرة الأولى ....ليس هذا عدي حبيبها الذي كان يعشقها ...لقد أصبح شخص غريب تماما ...
في الداخل كان عدي يحطم اللوحات ...لقد تدمرت خطته بسبب تلك الغبية ليالي ...ملاك لن تعود إليه ...لن تعود وبالتالي لن يستطيع امساك عامر النجار !!!
.............
-بغير ؟!!
قالها يوسف بصدمة ثم أخذ يضحك بقوة وهو يهز رأسه ...كان لا يصدق أنها توصلت لهذا الاستنتاج الغبي ...ولكن أليست علي حق...الا يشعر هو بالغيرة ؟!أن كان الجواب لا ...إذن فلماذا متضايق لتلك الدرجة ...لماذا هذة الغيرة  الغريبة من  حسام ...لماذا منزعج من حياة التي اختارت أن تتجاوز حبه ...كان لا يفهم نفسه ...كل الأدلة تشير أنه يحترق من الغيرة ولكن كبرياؤه رفض الاعتراف فنظر إلي حياة وأكمل:
-مبيغريش ولا حاجة ...أنا بس قلقان عليكي...خايفة يكون اختيارك غلط عشان تهربي مني ...
رفعت حياة رأسها وقالت:
-متخافش يا يوسف ...حسام كويس جدا ...انسان محترم وانا مبسوطة معاه ...حاسة أنه هيعوضني عن حاجات كتير ...بتمني تهتم بحياتك أفضل وتشيلني من دماغك ...
شعر يوسف بالضيق منها ولكن رغم هذا لم يجادلها ابدا ...بل هز رأسه وقال:
-عندك حق أنا آسف ...بقيت بتدخل في خصوصياتك كتير مؤخرا وده مش صح ...سامحيني يا حياة
تنفست بعمق وردت ببساطة:
-مفيش مشكلة بس ياريت توصلني للكافية اللي فيه حسام ...أنا اتأخرت عليه اوووي ...
هز يوسف رأسه بطاعة ثم سبقها الي السيارة لتذهب هي خلفه وهي تحاول أن تسيطر علي قلبها الذي عاد ينبض بسرعة له ...لماذا لا يتركها بحالها كي تستطيع نسيانه ؟!!!...
استقلت السيارة بجواره ثم انطلقا بسرعة ....
......
في المقهي ...
كان حسام يجلس ويهز  ساقيه بتوتر ...لقد تأخرت عليه ...حاول الاتصال بها مرة أخري ولكن لا رد ....بدأت نيران الغضب تتصاعد داخله ...أخبر نفسه أنه سوف ينتظر لعشر دقائق فقط ثم سيذهب...أمام حياة فسيكون له معها تصرف اخر نتيجة لعدم احترامها له .....
مرت العشر دقائق ببطء ثم أخيرا نهض غاضبا وهو يأخذ هاتفه ومفاتيحه ثم خرج من المقهي ...ولكنه تجمد تماما وهو يري حياة تترجل من سيارة يوسف !!!!
اصبح وجهه متجمدا ...ونظراته تشبعت بالجليد ولكن داخله كان كمن يغلي علي مراجل الجحيم ...الهانم تخدعه وتقابل حبيبها القديم !!!نيران الشك والغيرة اخذت تعبث بعقله كليا ...مئات الأفكار أتت بعقله حتي شعر أن عقله سوف ينفجر ...اقتربت حياة منه بتوجس وهي تقول:
-اسفة علي التأخير ...أنا ...
ولكن يوسف قاطعها من خلفها وهو يقول بابتسامة بسيطة:
-انا بعتذر يا حسام ...أنا اللي اخرت حياة ...
كان حسام ينظر إليه ...ود لو يخرج عينيه من مكانهما ...
امسك يوسف ذراع حياة وشدها خلفه بطريقة فاجأت كل من يوسف وحياة !
-ابعد عن خطيبتي !
قالها حسام بعدوانية شديدة وهو ينظر إلي يوسف بكره بينما يقف أمام حياة...
-حسام!!
قالتها حياة موبخة...ولكن حسام تجاهلها تماما وهو يكمل تهديده ليوسف :
-هي مبقتش تخصك دلوقتي فأبعد عنها احسنلك والا هزعلك بجد ...
ابتسم يوسف ساخرا وقال:
-بتهددني عشان ابعد عن بنت خالتي ...انت اكيد مجنون ....
-هي بنت خالتك لكن بالنسبالي خطيبتي اللي هتبقي مراتي ...يعني ملكي أنا وبس
استاءت حياة من حديثه وكادت أن تتدخل ألا إن كانت  ليوسف كلمته الأخيرة حينما قال:
-هي خطيبتك بس مش مراتك ...لما تكون مراتك يبقي افرض تحكماتك زي ما انت عايز مفهوم!!
ثم تركهما وذهب ...نظر حسام الي حياة ليجدها تنظر إليه بغضب ..
-حياة أنا ...
اوقفتها حياة بإشارة من كفها وقالت:
-كونك خطيبي ميدلكش الحق تتكلم كأني ملكية خاصة ليك مفروض تحترمني ولو غلطت تفهمني غلطي براحة ..أنا همشي دلوقتي لاني خلاص اتقفلت ...
ثم كادت أن تذهب ولكن حسام امسك ذراعها وقال:
-استني هوصلك ...
ولكن حياة أبعدته وردت ببرود:
-معلش حابة اتمشي لوحدي ...
ثم غادرت بسرعة تاركه إياه وهو يشعر بغضب كبير .لم يتوقع أن تكون متمردة لهذا الحد وهو لا يحب هذا ...ظن أنها ستفرح عندما يظهر غيرته ولكنه كان مخطئ تماما !!!
اخرج هاتفه واتصل بشخص ما وقال:
-ايوة يا عماد بقولك السهرة الليلة عندك صح ...ضبط بقا الأداء يا معلم .... أيوة طبعا معايا فلوس ..انت ضبط الدنيا وانا هضبطك !!
............
في المساء ...
استنشق حسام المسحوق الابيض بإنتشاء وشعر به يتغلغل الي روحه ليرفعه للاعلي ويفصله عن الأرض تماما ..شعر بعقله خفيف للغاية وأن العالم أصبح وردي لا مشاكل به ...هنا يشعر بالسعادة...وكأنها دخل الي أحد العوالم الخرافية التي لا تعترف بالحزن ...أخذ يضحك بقوة وهو يشعر بالدوار بينما اقتربت منه أحد الفتيات والتصقت به وهي تغازله...نظر إليها حسام وأخذ يتلاعب بشعرها وقال:
-تعرفي انك شبهها يا مانو ؟
-شبه مين ؟!
قالتها الفتاة وهي تشعل سيجارتها ...
ضحك حسام وقال:
-خطيبتي ..
-ايه ماتت؟!
سألته وهي تغمز بعينيها فهز رأسه وقال :
-لسه بس خلينا نكثف الدعاء أنها تغور ...
ضحكت الفتاة بشدة وقالت:
-طيب ما تسيبها يا معلم ...
اخد حسام السيجارة من الفتاة وقال:
-البت فرسة مقدرش اسيبها الا لما اخد اللي انا عايزه منها ...بس للاسف طالعة متمردة ...بفضل اعاملها بحنية ...لكن هي بتتكبر عليا ...وده حاجة غايظاني...عايزة اكسر مناخيرها يا مانو ...عايز اخليها ذليلة ليا ...متشوفش غيري أنا وبس ...
سحبت  منة السيجار علي حين غفلة وضحكت وهي تقول:
-طب ما الحل في ايدك يا معلم وانت مش واخد بالك ...
نظر إليها حسام بحيرة وقال:
-مش فاهم يا مانو قصدك ايه ؟!
أمسكت منة بالكيس الشفاف وقالت بلهجة شيطانية :
-خليها تدمن ....حطلها ده في  قهوة مثلا لما تخرجوا سوا في كافيه أو لما تيجي عندكم البيت  ...وزود الكمية لحد ما تبقي خاتم في صباعك وساعتها خد منها اللي انت عايزة !!!
ابتسم حسام وقد أعجبته الفكرة تماما !!
 ..........
أوقف سيارته أمام الفيلا ثم اسند رأسه علي المقعد واغمض عينيه ...رباه هو يريدها ....أصبحت تحتل جزء كبير من عقله ولن يرتاح الا عندما ينالها ...تلك المتوحشة صاحبة العينين الزرقاوتين ...ابتسم وهو يتذكر كيف أنها وقفت تملي شروطها عليه دون خوف ...لقد وقفت أمام الصياد بكل جبروت وأخبرته أنه يريدها ...حسنا هي محقة جدا...فهو الان لا يريد غيرها ...تأثيرها أعمق مما توقع ...يتخيل أحيانا ماذا سيكون شعوره عندما ينالها وتصبح له ...هل كان الأمر يستحق كل تلك المعاناة والانتظار ...هل يوافق علي الزواج منها لفترة ام ينتظر قليلا ربما تستلم...ولكن عينيها أخبرته أنها لن تستلم بسهولة ...أخبرته أنها ستحاربه للنهاية ...ورغم أنه يحب مشاكساتها الا ان صبره نفذ وإن كان الحل الوحيد لينالها هو الزواج فحقا ليس لديه مانع !!!سيتزوجها مؤقتا وينالها ثم يطلقها...بالتأكيد لن يخسر اي شئ ...خرج وهو سعيد بهذة الفكرة ولكنه لم يدرك أنه يخسر اهم شئ!!!!
 ....
ولج جاسر للفيلا ثم أتجه لغرفته مباشرة ...فتح الباب ليبهت وهو يري ملاك جالسة علي فراشه وهي تبكي...صدم جاسر واقترب منها وجذبها إليه وهو يقول برعب بينما يحاوط وجنتيها ؛
-ملاك حبيبتي !!مالك فيه ايه مين زعلك؟!
مسحت ملاك عينيها التي انتفخت من كثرة البكاء ونظرت إليه وقالت:
-انا اسفة يا جاسر...اسفة لاني كسرت قلبك .
هز رأسه  وهو يمسح دموعها برفق وقال:
-انا مش زعلان ولا اقدر ازعل منك  وبعدين دي مشاعرك وانتِ للاسف  مكنتيش بتحب . .
ولكن ملاك قاطعته وقالت:
-جاسر هو عرضك للجواز لسه ساري؟!
-نعم ...
أمسكت كفه وقالت وهي تبكي:
-انا موافقة اتجوزك!!!!
(مكيدة)

بهت وهو يسمع كلامها وقد شعر ان قلبه يسقط في قدميه ...تراجع قليلا وهو يزدرد ريقه ...رباه لماذا الان ؟!فكر بسخط ..اقتربت منه ملاك وقالت:

-جاسر فيه ايه انت مبقتش تحبني ؟!

نظر إليها بعمق لتهدد.الدموع اسوار عينيها وتقول:

-محدش بقا يحبني خلاص ...

امسك جاسر كفها بقوة وقال:

-لا طبعا اوعي تفكري في كده ...كلنا بنحبك ...

صمت قليلا وابتسم بحنان وهو يداعب شعرها:

-انا بحبك يا ملاك أنتِ أغلي حد في حياتي ...أغلي من الكل وأنتِ عارفة معزتك ايه عندي ...ملاك أنتِ عارفة أنتِ ايه بالنسبالي ...أنا مستعد أموت بس عشانك بس ...

بكت وهي تقول:

-بس ايه يا جاسر بطلت تحبني صح ؟!!

نظر إلي عينيها وقال بقوة:

-لا مبطلتش احبك واظن اني مش هبطل...هتفضلي دايما واخدة مكان في قلبي وعقلي يا ملاك ...هتفضلي دايما الاغلي...بس ...

صمت وهو يتذكر كلام والدها ...يتذكر أنه لا يليق بها ....فهو تاجر مخدرات ...شيطان لا يرحم ...وهي ...هي ملاك وستظل هكذا ...هو سيلوثها إن اقترب منها أكثر والحقيقة الأعمق أن حاجتها القوية لامرأة لديها عينين زرقاوتين كالقطط تمنعه من التفكير اصلا بالزواج من ملاك ...وكان تلك الأيام غيرت تفكيره تماما فالفتاة التي أرادها أكثر من أي شئ أمامه الان وتقبل الزواج به ولكن هو يرفض من أجلها ومن أجل ...من أجل أن تظل روحها دوما نقية ومن أجل أن يحصل هو علي المرأة التي يريد وحتي إن وافق هو عمه لن يوافق ...سينظر إليه دوما كرجل أقل من ابنته وأنه لا يستحقها من الأساس ...لقد أخبره بالفعل أنه لن يزوج ابنته لشخص مثله ...

-انت ايه يا جاسر ؟!

قالتها ملاك بنبرة جريحة ليرد هو :

-انا مستحقيش ...

انسابت دموعها وقالت:

-انت كداب يا جاسر انت بطلت تحبني .

هز رأسه بقوة وقال:

-انتِ عارفة اني بحبك ..بس 

أمسكت كفه بقوة وقالت بنبرة قاطعة:

-بتحبني يبقي اثبت وخلينا نتجوز !

لمس جاسر وجنتها وقال:

-مالك يا ملاك ؟!ده مش أنتِ ...أنتِ متعرضيش الجواز علي حد بالشكل ده ؟!انا عارفك وحافظك...مين زعلك ...قوليلي علي اللي زعلك وانا أشيل رأسه من جسمه ...

لم تستطع هي أن تتحمل أكثر من هذا وانهارت وهي تبكي ...ضمها هو إليه وقال:

-كنت عارف ان فيه حاجة مضايقاكي ....جاهزة تتكلمي عنها ؟!

هزت راسها بالنفي ليبتسم ويقول :

-مفيش مشكلة ...مفيش مشكلة هستناكي لما تكوني جاهزة ...واللي ضايقك صدقيني أنا اللي هقفله ..ما عاش ولا كان اللي يبكيكي يا ملاك ...

-قلبي واجعني يا جاسر ...ماما وحشتني اوووي ياريتها كانت هنا مكنتش هتعذب بالشكل ده .

قالتها وهي تبكي بقوة ليربت هو علي شعرها فتكمل هي :

-هو انا وحشة يا جاسر ...متحبش يعني ليه اللي بحبهم بيجرحوني ؟!

ابتسم بحنان وقال:

-انتِ احلي بنت في العالم ...واكتر واحدة أنا بحبها ...

أبعدها عنه وقال وهو يحاوط وجهها ؛

-وعشان أنتِ اجمل واحدة في العالم هيجيلك فارس ابيض احسن مني واحسن من اي حد عرفتيه ويأخدك ...ويهتم بيكي ويخليكي اهم حد في حياته زي ما كنتِ دايما ...بس حتي لو اهتم بيكي هو انا هفضل كمان معاكِ ... دايما هتأكد ان مفيش اي مخلوق علي الأرض هيأذيكِ ...

امسك كفها وقال:

-هحميكي دايما بحياتي واستني الراجل المناسب اللي هيجي يأخدك وانا اللي ههدده بنفسي يوم فرحكم أنه لو زعلك هوريه الوش التاني .

ضحكت ملاك وقالت وهي تمسح دموعها :

-وعد ...

-وعد يا ست البنات .

-انت احسن اخ في العالم ..

ابتسم بوجع طفيف وقال :

-اهي رجعت ملاك اللي أنا اعرفها ...

قبلها علي رأسها وأكمل:

-يالا علي النوم .

ابتسمت وهي تقول:

-تصبح علي خير 

-وانتِ من أهله ...

رد عليها لتغادر هي الغرفة ويتسطح هو علي فراشه مغمضا عينيه 

..........

في اليوم التالي ...

جالس في سيارته وهو ينتظرها ....يعرف أن الحصول علي غفرانها لن يكون سهلا بالمرة ولكنه لن يفقد الأمل ...يجب ألا يفقد الأمل ...ملاك هي الامل الوحيد له ....اغمض عينيه وهو يسب ليالي في سره ...تلك المخادعة ...لقد فعل المستحيل ليتخلص من مشاعره تجاهها وعندما أصبح بخير اتت لتدمره ...ولكن الشئ الجيد أنه أدرك أن مشاعره لها ماتت صحيح ضعف للحظات بسبب طبيعته كرجل ولكنه عندما طردها خارج المرسم لم يشعر بالألم ولا بالحزن عليها ...كان يري انكسارها ولم يهمه الأمر فقط كانت في باله تلك اللحظة هي ملاك فقط وكيف سيصلح الوضع معها ...كيف سيجعلها تثق به مرة آخري وقد فقد ثقتها ؟!يعرف كم هي أمراة قوية ...كبرياؤها عنيف ....وليكن صادقا شعر بالرعب منها للحظات ...كاد أن يضحك علي نفسه....عدي العمري الضابط صاحب النفوذ الاقوي يخاف من فتاة رائعة بعينين رمادتين  بالكاد  طولها يصل  إلي كتفيه ...ولكنه حقا يخاف منها ...لقد رأي في عينيها وقتها شراسة لم يراها من قبل وكأن قطته الوديعة أصبحت شرسة وتخدش ...فقط لو لم تكن ابنة من قتل والدته لكان لقصتهما مسار مختلف وشيق تماما فالغبي الذي يترك امرأة كهذة تفلت من بين يديه هو حقا يري أن عاصم غبي لانه افلتها وخانها بكل غباء...امرأة كملاك لا يجب أن تخان بل تعامل كأميرة....هز رأسه بعنف وهو يجد نفسه يفكر بأشياء بعيدا عن خطته الأصلية ...ما علاقته هو بحياتها ولما يفكر بتلك الطريقة...أنب نفسه ..يجب أن يحذر والا سوف يقع في حبها كما أخبره والده ...وهو لا يريد توريط مشاعره معها والا سيستسلم ...هو ضعيف حين يحب...تلك هي الحقيقة البائسة بحياته ...فالحب ضعف وحبيبته هي نقطة ضعفة...وهو لن يجعل ملاك نقطة ضعفه ...بل ستكون ملاك مجرد بيدق في لعبته حتي ينتقم من والدها ثم يتخلص منها بسهولة ويلتفت الي حياته ...تجمد وهو يراها تخرج من النادي الذي ذهبت إليه ...ابتسم وهو يري أنها اخيرا خرجت بعد ساعتين في النادي ...كان ترتدي نظاراتها الشمسية وملابس مريحة من بنطال جينز وبلوزة كريمية  وهي تسير تجاه سيارتها ...وجهها خالي من المشاعر وليكون صريح خاف الان منها أكثر ...ماذا إن صرخت في الشارع وجمعت عليه أمة لا اله الا الله ..ماذا يفعل حينها ...تنهد وهو يقرر أن يتحلي بالشجاعة ويحدثها ...بالتأكيد لن تفعل شئ له ...حسنا هو ليس متأكد بل يتمني الا تفعل شئ...

خرج من سيارته تجاه ملاك ...فتحت ملاك حقيبتها لتخرج مفتاحها ولكن فجأة تجمدت وهي تشعر بأحد يمسك ذراعها ...نظرت لتجده عدي ...ارتعش قلبها للحظات ...وتصاعدت الدموع في عينيها ...ازدادت سرعة تنفسها ... حاولت بقوة أن تسيطر علي نفسها الا انها فشلت وفجأة انفجرت بالبكاء ..

-حبيبتي اسف والله ...مكنتش اقصد اللي حصل ...سامحيني ابوس ايديكي ...

-انت حيوان .

قالتها وهي تضرب بقدمها علي قدمها ليتأوه هو ويعود للخلف ثم فتحت باب السيارة بعنف ليصطدم برأسه فيقع علي الأرض ولكنها لم تهتم به بل صعدت سيارتها وهي تنطلق بها وداخلها تفكر أنه يستحق....هذا الخائن الغشاش ...

تأوه عدي بألم وهو متسطح علي الأرض ...ابعد كفه عن رأسه  ليجدها مخضبة بالدماء ...اتسعت عينيه برعب وقال:

-يا بنت المجنونة يا  مفترية!

............

في المساء 

دارت حول نفسها وهي تتطلع الي الفستان الرائع الذي اشتراه لها حسام كاعتذار وطلب أن ترتديه في حفل خطوبة رفيقه  ...كان فستان وردي لامع بأكمام طويلة ينحسر عند الخصر ويتسع قليلا بعده....يصاحبه حزام لامع يلف حول الخصر ...كان الفستان مدهش ...بسيط لكن مدهش لائم جدا بشرتها البيضاء ...ابتسمت حياة وهي تعدل من وضع الفستان ...عشر دقائق وسوف يصل حسام الي هنا ...ألقت نظرة أخيرة الي نفسها في المرآة وابتسمت برضا وهي تتطلع الي نفسها ....لقد بدت بسيطة وجميلة كما هي دوما ...فتحت الجارور لتسكن لحظات وهي تجد الهدية التي احضرها لها يوسف في حفل خطوبتها ... أمسكت العلبة المخملية وهي تنظر إليها ودون شعور ارتسمت علي شفتيها ابتسامة حلوة وهي تتلمس العلبة بينما تشعر بقلبها يرتعش داخلها وقد شعرت أن الوقت قد تجمد تماما ...تنهدت وهي تضع كفها الأخر علي قلبها وتغمض عينيها 

لما لا تنساه فحسب ؟!لما لا تمحيه من عقلها بسهولة كسهوله تركه لها وارتباطه بوعد ...لما لا تقسي قلبها عليه ...كم تمنت أن تخرجه من قلبها وعقلها وتحب حسام فقط ...حسام خطيبها الذي يفعل الكثير لارضائها ...رغم اختلافهما احيانا الا انه يعاملها بلطف ويحترمها كثيرا وهي حقا تشعر بالذنب لأنها مخطوبة له وتفكر بآخر...تشعر أنها خائنة رغم أن الله وحده يعلم أنها تحاول بأقصي جهدها أن تنسي يوسف...تحاول بقدر الإمكان أن تتجنبه...تتجنب لقاءاته كي لا يخونها قلبها ولكن يبدو أنه مصر دوما علي الظهور أمامها ....تنهدت حياة وهي تفتح العلبة وتخرج منه الاسورة الذهبية الأنيقة ..ابتسمت وهي تجد دولفين صغير ذهبي معلق بها...كم تعشق الدلافين ...الجميع يعرف عشقها لهم لدرجة أرادت أن تعمل مدربة لهم ولكن والدها خاف علي سلامتها ورفض ...هل اختار يوسف تلك الاسورة لهذا السبب ام أن هذة صدفة...ولكن حقا لم تهتم بل ارتدت الاسورة وهي تنظر إلي نفسها نظرة أخيرة وتبتسم ثم أخذت حقيبتها وخرجت لتنتظر حسام في الخارج ...

....
صفر والدها عندما رآها وقال:

-ايه الجمال ده بس ؟

ابتسمت حياة بخجل وكادت أن تتكلم إلا أن جرس الباب أوقفها ...ابتسم والدها وقال:

-حسام جه اهو ..

فتحت والدتها الباب وابتسمت بحبور وقالت:

-اتفضل يا حبيبي .

مد حسام عبوة الشيكولاتة لها وقال:

-هدية بسيطة يا حماتي ...فين حياة عشان ا....

ولكن الكلمات انحشرت في فمه وهو يراها تقترب منهما...كم بدت جميلة ...اجمل ما راي في حياته ...لحظات وسيطر علي نفسه بينما الجزء الخبيث منه كان سعيد ...اليوم هو اليوم المناسب لأخذ ما يريده من حياة!

-يالا يا حياة.

قالها بإبتسامة لتهز حياة رأسها ثم تقترب منه وتلوح لوالدتها ...قالت والدتها وقد شعرت بقلق مفاجئ:

-متأخرهاش يا حسام بالله عليك ...

-متقلقيش يا حماتي ...حياة في عينيا ...

ثم امسك كفها وغادر ...بينما وضعت والدتها كفها علي قلبها وقالت:

-ربنا يسترها عليكي يا بنتي ...معرفش ايه الاحساس اللي أنا حاساه ده ...

......

نزلا حياة وحسام سويا ليتوقفا وهما يجدا يوسف علي بابا العمارة ...تجمدت ابتسامة حياة ثم اطرقت برأسها وهي تشعر بالتوتر ...تأملها يوسف   بغيرة عندما وضع حسام يده علي كتفها...شعر حينها بالغضب يتصاعد داخله ونظر الي حياة بغضب ...تراجعت حياة بحيرة وخوف من غضبه المفاجئ إلا أن حسام كسر هذا الموقف السخيف عندما قال:

-مساء الخير يا استاذ يوسف لو سمحت عدينا عشان احنا اتأخرنا بجد ...

وبالفعل تراجع يوسف ليجذب حسام حياه خلفه ويذهب تاركا رجل يغلي علي مراجل الجحيم !

..............

-مش مرتاح ليه ...قلبي مقبوض من خروجها معاه 

قالها يوسف وهو يضع كفه علي قلبه الذي ينبض بخوف لتبتسم والدته وتقول :

-او يمكن تكون غيران مثلا يا يوسف مش كده؟!

هز يوسف رأسه وهو يضحك بتوتر وقال:

-انا مش غيران يا امي ...اغير ليه ...حياة تبقي زي اختي !...

كان فمه يعارض أوامر قلبه ...وعقله يسخر منه ...أليس آن الأوان أن يعترف أنه يغار عليها ...أنه يكره حسام هذا بشكل غريب ...لا يطيق سماع صوته ولا تحمل ابتسامته الكريه ...حاول كثيرا دفع تلك الأفكار من عقله ...حاول طرد حياة التي بدأت بإحتلال جزء كبير من روحه ولكنه فشل ..أيمكن أن يكون وقع في حبها ...فتلك المشاعر القوية داخلها هي مشاعر حب ...بل عشق ...ولكن كيف يعشقها وهو الذي حاول عدة مرات الهروب منها وجعلها تنسي أمره ...كيف يمكن للمرء أن يحب بتلك السهولة شخص هو بنفسه رفضه مرات عديدة ...تنهد وهو يشعر بالتعب والتشويش ...يشعر أن عقله لا يفكر بطريقة سليمة ...هو غاضب معظم الوقت ...غاضب من خروجها معه دوما ...خائف من فكرة أن حياة تحب حسام وتتزوج به ...اليوم عندما رآه يضع يده  علي كتفها كاد أن يقطع ذراعه من الغضب ولكنه يرجع ويقول:

هل لديه حق أن يفعل هذا؟!!لقد فقد هذا الحق منذ زمن !والان حياة أخبرته بوضوح عن مكانته أنه اخ لها فقط ...فيبدو أن حياة قررت فعليا أن تنساه ...رغم أن الأمر يزعجه كثيرا ولكنه اعترف أن لا يحق له أن يشعر بالإهانة لانه هو من رفضها في الاول وهي بالتأكيد لن تغفر له ...بل ستذهب مع المدعو حسام ...سوف تتزوج منه ..فكر بقهر ...

-يوسف رحت فين ؟!

قالتها والدته بخبث ثم أكملت بطريقة مسرحية:

-غريب امركم ايها الرجال تسيب البنت في الاول وتكسر قلبها ودلوقتي سي عاطف بقيت بغير عليها يا سي عاطف ...اعترف يا منيل انك بتحبها .

-ولو اعترفت يعني هتعملي ايه ؟!!نسيتي أنها مخطوبة .

-ملكش دعوة ...

ضحك يوسف بذهول ثم قال بعصبية:

-تمام أنا بحبها...يالا اتصرفي وخليها تبقي ليا 

..يالا 

ثم تركها غاضبا لتنظر والدته الي أثره بذهول ...لم تتوقع أن يعترف بتلك السرعة !!!

... ....

في الحفل ...

كان حفل الخطبة في منتزه واسع بديكور رائع ...كانت حياة تتأمل الديكور بإعجاب وهي تتلاعب بالأسورة الخاصة بها ...تحاول الهاء نفسها عن نظرات الغيرة الواضحة التي رأتها في عيني يوسف ....تنهدت بحسرة وهي تخبر نفسها أنها كلما أرادت أن تزيحه عن تفكيرها يأتي ويحتل عقلها بقوة ...يفرض سيطرته علي روحها ...اليوم شعرت أنها أسيرة  عينيه بينما ينظر إليها بغضب لم تفهمه ...هل يحبها ...هل يعاني يوسف الان من تلك النيران التي كانت تعاني منها عندما كانت تراه....تنهدت وهي تخبر نفسها الا تفكر بيوسف وتستمتع بالحفل علي الاقل ...اخذت تنظر حولها بحثا عن حسام لتجده يشير إليها من مسافة أنه قادم إليها ...

هزت حياة رأسها ثم بدأت تنسجم بالحفل ...

نظر حسام الي رفيقه وقال؛

-بقولك مفتاح شقتك اللي قريبة من هنا معاك ؟!

نظر إليه سعد بحيرة وقال:

-ليه فيه ايه؟!

-عايزها 

قالها بنبرة قاطعة ...

نظر سعد الي خطيبة حسام ثم نظر إليه وقال بخبث :

-هي خطيبتك من نوع كل شىء مباح في الخطوبة ولا ايه ...

اخرج المفتاح من جيبه وأعطاه له  وقال:

-عموما استمتع يا معلم وارفع راسنا ها ...

هز حسام رأسه ثم أخذ كوب العصير الذي أمامه وخلسة وضع به شيئا ثم ذهب تجاه حياة ...انتهي الامر ...ستكون ملكه الليلة ...الليلة سوف يكسر غرورها ...

.....

كانت تتسطح علي الفراش وهي تبتسم بخبث بينما تتلاعب في خصلات شعرها ...الصياد يقع في فخها...أصبحت هي من تتلاعب به الان...والأمر ليس صعبا حتي يقع في حبها بجنون وحينها سوف تنتقم منه علي كل ما فعله به ...ستقتله وهو علي قيد الحياة وتستمتع وهي تراه ينزف بقوة ...هم لم تظن ابدا أنها سوف تستخدم طرق ملتوية لتحصل من خلالها علي ما تريد ولكن هو من دفعها لهذا...هو استنزف طاقتها وظن أنها سوف تستلم له سريعا ...ولكنه لا يعرف انها عاشت في جحيم والدها من قبل واستطاعت النجاه وسوف تنجو الان ولكن ليس قبل أن تنتقم منه ...شهقت بقوة مع دخول الصياد عليها ...

-مش تخبط يا اخ انت 

قالتها بنبرة غاضبة وهي تشد الفستان وتغطي ساقيها ...

حاول الصياد بقدر الإمكان الا ينظر إلي ساقيها  وقال بقوة:

-يالا اجهزي 

-هتقتلني ولا ايه ؟!

قالت بسخرية ليرد عليها بسخرية اكبر :

-لا هدخلك قفصي ...

اتسعت عينيها وهي تنظر إليه ليقول هو:

-يالا هنتجوز مش ده شرطك عشان تبقي ليا ...

لم ترد وقد شعرت بالذهول ليضرب هو كفه علي الباب ويقول:

-يالا يا عروسة لسه هتنحي!!
(زواج )

-هنتجوز؟!!

قالتها وعد بصدمة ...رباه لقد وافق سريعا !!كان تريد أن تماطله اكثر حتي يقع في حبها وتتحرر منه ...هذا ليس جيد الآن هي ستتورط فعليا مع هذا المجنون وتصبح زوجته ....لا..لا ...

نظر إليها الصياد وقال بسخرية :

-مالك يا عروسة زعلانة ليه...ولا غيرتِ رايك وقررتِ  تديني اللي انا عاوزه من غير جواز ..والله أنا موافق وده يناسبني اكتر بصراحة ...

هزت وعد رأسها ونظرت إليه قائلة :

-لا طبعا مش هيحصل الا لما نتجوز ...

صمتت قليلا وهي تفكر انها لو اصبحت زوجته لن تتحرر منه بسهولة...رباه ما تلك الكارثة!!!!

نظرت اليه وقالت:

-احنا هنتجوز دلوقتي يعني ؟!

هز رأسه وقال:

-ايوة هنضرب ورقتين عرفي وتخلص الليلة ...

ضحكت بسخرية وقالت:

-ورقتين العرفي دوول تتجوز بيهم واحدة غيري ...لا مستحيل مش هتجوز الا عند مأذون...

نظر إليه الصياد بصدمة وقال :

-عند مين يا اختي لا بجد انتِ معتوهة صح ؟!

هزت وعد راسها وقالت:

-لا يا صياد أنا بتكلم بجد جوازنا يكون عند مأذون ويكون صحيح مية بالمية لولا اني أقبل اتجوزك ...

هو راسه وضحك بذهول:

-انا بجد مش مصدق بجاحتك؟!لا بجد عندك الجراءة أنك تتحديني بالشكل ده...تقفي وتتحديني أنا ...أنا الصياد ...

نهضت هي ببطء وابتسمت له ابتسامة حلوة وهي تحاوط عنقه ثم بخبث طبعت قبلة علي ذقنه وهي تقول بدلال:

-بس انت بتحب كده يا صياد ...بتحب اللي يتحداك ...مبتحبش تاخد حاجة بسهولة صح ...عشان كده انت معجب بيا .

لمعت عينيه بقوة وهو ينظر إليها ويقول:

-انا عايزك بس ...لكن مشاعري مش متورطة معاكِ فمتديش نفسك اكتر من حجمك عشان متقعكيش علي جدور رقبتك ...

ابتسمت وقالت:

-بس ممكن مشاعرك تتورط معايا فعلا ...ممكن تحبني بجنون وساعتها هكسر قلبك ...

-انا معنديش قلب عشان تكسريه ...

قالها ببرود لترفع حاجبيها وتقول:

-بجد؟!!

ثم ابتعدت قليلا ووضعت كفها علي قلبه وقالت :

-بس أنا حاسة ان فيه قلب هنا ...قلب بيدق ...قلب اتكسر قبل كده كتير واتخذل اكتر ...شايفة ان من جوا الانسان البارد اللي جواه ده طفل صغير بيعاني ومستني اللي ينقذه ...أنا شايفة كتير اووي يا صياد وعارفة أنك مش الشخص اللي بتحاول تبينه ليا ...عارفة ان جواك نقطة بيضا صغيرة اووي ومستنية تسيطر علي السواد اللي جواك  ...

اغمض عينيه وكلماته تنساب الي اذنه كالسحر بينما امتعضت ملامحها وهي تفكر ان الي متي سوف تقول هذا الهراء وتخدع هذا الحقير كي تهرب من هنا ...فكرة المأذون فكرة جيدة ...فما ان يأتي سوف تخبره بكل شئ حتي يبلغ الشرطة وبهذا تتخلص من هذا الثور...

-انا موافق .

قال كلمته ببساطة ثم فتح عينيه وقال بنبرة غامضة :

-انا موافق نتجوز شرعي بمأذون...بعد تلات ايام  هنتجوز اجهزي كويس .

وكاد ان يذهب الا انها امسكت ذراعه وقالت:

-انا عايزة فستان فرح..

ضحك بذهول وقال:

-هو انتِ شايفاني مصباح علاء الدين يا اختي ؟!

هزت كتفيها وقالت:

-من غير فستان فرح مش هتجوز ...

هو رأسه وقال:

-حاضر هخلي حد من هنا ياخد مقاساتك ونجيب فستان فرح ...بس انسي أنك تطلعي من هنا يا قطة ماشي ؟!

مطت شفتيها بضيق لتجذبه حركتها تلك ثم اقترب منها كي يقبلها الا انها وضعت كفها وقالت:

-بعد الجواز يا صياد اصبر ...

هو رأسه وقال:

-عندك حق ...

ثم خرج لتتنهد وهي تشعر بالجنون ...سوف يتزوجها ...ولكن سرعان ما ابتسمت وهي تتذكر انها عند المأذون يمكنها فضح امره ...كما ان ليس لديها ولي وسيكون الزواج باطل...

....

خرج الصياد من الفيلا واجري اتصالا ...

-ايوة يا سيد بقولك عايزك تجيبلي حد بس الكلام ده يكون في ظرف تلات ايام بالضبط عايزه يكون عند رجلي 

   ......

-اتفضلي اشربي يا حبيبتي عصير .

قالها حسام برقة وهو ينظر إليها ...نظراته كانت بريئة تماما ولكن كان داخله يحيك خطط عديدة عندما تشرب العصير سوف تأتي معه الي شقة صديقه وهناك سوف يسلب منها كل شئ ...كما أنه فكر في تصويرها.ليبتزها لاحقا...كان كل شئ يسير في عقله كما اراد ...انتظر بشغف لتشرب العصير ولكنها قالت بتعب:

-معلش يا حسام بجد مش قادرة اشربه ...فعلا معدتي وجعاني ...

ولكنه اصر وهو يمسك كفها قائلا:

-وحياتي عندك يا حياة لتشربيه ...أنا جايبه بنفسي ليكي ...اشربيه حتي نصه مش كله واوعدك بس تشربيه نمشي من هنا لو تعبانة ...متكسفنيش بقا ...اشربي يا حبيبتي ..

قالها وهو يرفع العصير لفمها كي تتناوله الا ان كف اوقفته ...نظر الي صاحب اليد ليجده امامه يوسف ...ابتسم له يوسف ابتسامة صفراء ووضع الكوب علي الطاولة وقال:

-للاسف حياة مبتحبش عصير البرتقال ...هي بس خافت لتقول كدة وتحرجك ....

تعكر وشه حسام وقال بفظاظة:

-ايه اللي جابك هنا؟!

ابتسم له يوسف باستفزاز وقال:

-دي خطوبة اخت صاحبي ولا أنا ممنوع اجي هنا يا حس...وبعدين اهو يا اخي نتسلي أنا واياك شوية ونتكلم بما أننا هنبقي نسايب...

كز حسام علي اسنانه بغضب ...هذا الحقير دمر خطته تماما ...كم هو مزعج لماذا يلاحقهما لولاه لكانت حياة لتكون ملكه الليلة وكان سيجعلها خاضعة له ...

كان يوسف يبتسم إليه بإستفزاز ...هذا القذر يخطط لشئ ما ...كان محق عندما قال انه لا يشعر بالارتياح له...نواياه تجاه حياة ليست سليمة بالمرة...يري هذا في عينيه...الله يعلم ماذا يوجد بعصير البرتقال ...تنهد وهو يتذكر انه لم يكن ينوي ان يأتي اصلا لحفل الخطبة عندما عرف ان خطيب شقيقة صديقه هو صديق لحسام...ففضل ان يبقي بالمنزل حتي لا يقع فريسة لنيران الغيرة التي بدأت تشتعل بروحه مؤخرا ...ولكن خالته هي من نبهته لنوايا حسام دون ان تدري وقد عرف ان شعوره صادق تماما ... تذكر يوسف  الذي حدث بينه بين خالته قبل ان يأتي الي هنا !!!

......
خرج يوسف من منزله بضيق ..لقد اعترف بكل تلك البساطة ...اعترافه لم يصدم والدته بقدر ما صدمه هو ...لقد شعر بالصدمة وهو يقول تلك الكلمات ...متي وقع في حبها ...متي اصبح مجنون بها الي ذلك الحد ؟!هو حقا لا يعرف ولكنه يعرف ان الغيرة التي تشتعل به كلما رأي حياة مع حسام ليست من فراغ ...تنهد بيأس وهو يفكر انه تأخر كثيرا في الاعتراف ...كثيرا ..كاد ان يذهب عندما توقف ورأي خالته تقف عند باب منزلها وهي تضع كفها علي قلبها ...اقترب يوسف منها وقال:

-فيه حاجة يا خالتي ؟!

انتفضت خالته ونظرت إليه وهي تقول بنبرة خائفة :

-معرفش بس حاسة قلبي بيتنفض يا ابني ...حاسة ان حياة هتحصلها حاجة وحشة !

امسك يوسف كفها وقال:

-متخافيش يا خالتي إن شاء الله خير وعشان تطمني اكتر أنا هروح بنفسي واطمنك عليها ...

....

عاد من شروده وابتسم بإنتصار ...نظرت حياة إليه بضيق ثم نظرت الي حسام الغاضب الذي ابتعد علي الفور وذهب لأصدقاؤه ...

نظرت حياة الي يوسف بغضب وقالت:

-انت ليه بتعمل كده؟؟!

-انا بحبك ..

اعترف يوسف بصدق وهو يتطلع الي ملامح وجهها الفاتنة لتتسع عينيها بصدمة بينما اصبح قلبها يخفق بقوة ...لابد انها تحلم ....اقترب يوسف وامسك كفها وقال:

-حياة قولي حاجة ...سكوتك مخوفني 

أخيرا عادت الي رشدها وهي تبعده عنها بقوة وتصرخ:

-جاي تعترف دلوقتي ؟!!بعد ما رفضتني مليون مرة وسيبتني عشان وعد ...فلما سابتك هي جاي دلوقتي تشوف المغفلة اللي حبتك صح.؟!!اهو أي حاجة تمشي بيها نفسك عشان بكرة لما تلاقي اللي تحبها تاني ترميني مرة تانية!!

هز يوسف رأسه بالنفي لترفع هي كفها  مشيرة الي خاتم الخطبة وتقول:

-بس حبك مرفوض يا استاذ يوسف ...أنا مخطوبة ...ومخطوبة لواحد محترم كمان ...فياريت تاخد حبك وتعرضه علي مغفلة تانية ولو سمحت امشي من هنا...دي خطوبة صاحب حسام ووجودك مش مرغوب فيه هنا !!

ثم تركته وابتعدت لتحتمي بحسام من تلك المشاعر غير المرغوب بها التي هاجمتها فجأة! بينما ابتسم حسام بخبث لا بأس فشل اليوم ولكنه سينجح يوما ما 

.......

بعد ثلاث ايام ..

في المساء ...

كان يصفر وهو رائق البال اليوم سوف يحصل علي القطة صاحبة العينين الزرقاوتين ...سوف ينعم بجوارها ...سوف يتذوق شهد شفتيها دون اي اجبار ...ابتسامة سعيدة شقت شفتيه وهو يشعر بقلبه يقصف داخل صدره ...انها المرة الاولى التي يكون متحمسا بها لتلك الدرجة ....تلك المرأة مذهلة تجعله يلهث دون ركض ...تشعره دوما بالحماس ...مكرها وجرائتها يجذبانه إليها كما تنجذب الفراشة للنار فتحترق ...ولكن لن يحترق هو فقط بل ستحترق هي معه ...انتهي من اعداد نفسه وكاد ان يخرج الا انه توقف وهو يري وشاح والدته الذي يحتفظ به دوما ...اقترب من الوشاح وامسكه ثم قربه من انفه وهو يشمه بينما الدموع تتصاعد في عينيه....لقد اشتاق إليها ...اشتاق إليها كثيرا ليتها تكون معه الأول ...هو يحتاج بقوة الي ان تضمه إليه ...يحتاج الي أن يبكي بين  احضانها ويشكو لها العالم ...ابعد الوشاح عن انفه وقبله برقة وقال؛

-النهاردة مفروض اتجوز ..من واحدة انا مبحبهاش اصلا ...بس أنا فرحان ومتحمس بطريقة كبيرة ...عارفة انها بتفكرني بيكي نفس القوة والاصرار والجراءة ...هي الوحيدة بعدك وبعد ملاك اللي خلتني ارضخ لقرارها بس الشرارة اللي في عينيها الزرقا مشوفتهاش الا فيكي انتِ يا امي ...شرارة الحياة ...مبحبهاش بس كل اللي اعرفه ان وجودها في الفترة دي مهم ليا لانه بيفكرني بيكي انتِ ومين عارف ممكن جوازنا يستمر للأبد ...

ابتسم ووضع الوشاح مكانه وهو يذهب بينما يصفر بإستمتاع...

-ايه الروقان ده؟!

قالها عمه وهو يتطلع الي جاسر ثم اكمل :

-خير يا حبيبي رايح فين ؟!

-رايح اتجوز يا عمي

قالها جاسر بتسلية ليضحك عمه ويرد قائلا:

-نكتة حلوة بجد ...صحيح رايح فين متهزرش ؟!

هز كتفه وقال:

-زي ما قولتلك رايح اتجوز .

وثم ترك عمه مصدوم وذهب ..هز عمه رأسه وفكر ان ابن شقيقه فقد عقله تماما ...كيف سيتزوج فجأة ؟!!وممن سوف يتزوج؟! 

....

خرج جاسر من المنزل وورده اتصال ..ابتسم بخبث ورد وقال:

-قدرتوا تجيبوه صح ؟!

ضحك بإنتصار وقال:

-عال هو ده الكلام ...جيبوه وحصلوني علي هناك تمام !

وبعدين اغلق الهاتف  وقال:

-كنتي عايزة جواز شرعي مية في المية امرك .

.....

 وصل الصياد للفيلا الاخري وجلس في الصالة ثم اشار للحارس ان يأتي بوعد ...

 .....

بعد لحظات ...

انتفض قلبه لها ولأول مرة وهو ينظر إليها...فستان الزفاف الرقيق كان ينساب علي جسدها برقة بدت كأميرة خرجت من احدي القصص الخرافية ....بدت جميلة جدا ....جمالها اوقفه عن الكلام للحظات ...نهض وهو يسير تجاهها ثم امسك كفها وقبله برقة قائلا:

-يظهر اني اكتر راجل محظوظ في الكون عشان هحصل عليكِ 

ارتعش قلبها بتوتر وزاغت عينيها وهي تبحث عن المأذون 

-بتدوري علي حاجة يا حبي ؟!

قالها ساخرا لترد هي :

-اومال فين المأذون مش شايفاه؟!

-اهو جه .

قالها الصياد وهو يشير الي المأذون بسعادة ...حينها صرخت وعد وقالت:

-يا شيخ انقذني منه ده خاطفني وعايز يتجوزني ...بلغ البوليس ..

ضحك الصياد بسخرية ليهز المأذون كتفيه ويقول:

-كان علي عيني يا بنتي والله بس هو خاطفني أنا كمان ...

بهتت وعد ثم نظرت الي الصياد وقالت بتحدي:

-بس يا صياد أنا مليش ولي يعني جوازنا باطل .....

-مين قال كده ؟!

قالها الصياد مبتسما
ثم صفق بيده ليأتي أحدهم وهو ممسك برجب بقوة نظر الصياد الي وعد وقال:

-شوفي مين جه يحضر فرحك يا وعد ...باباكي واللي هيكون هو الولي بتاعك ...جبته من فرنسا مخصوص عشانك عشان تعرفي بس غلاوتك عندي!!!

........

وضعت احمر الشفاه علي شفتيها ثم قلبت شفتيها برفق حتي يثبت ....وتراجعت قليلا وهي تنظر لنفسها برضا ..كادت أن تربط شعرها الاشقر ولكنها قررت تركه حرا ...ابتسامة لطيفة زينت شفتيها ...الآن هي قررت ان تنسي عدي للأبد وتستمتع بحياتها ...الليلة زفاف صديقتها المقربة وسوف تذهب اليه وترقص وتستمتع بوقتها حتي تنساه تماما ...هذا الحقير !!! امسكت حقيبتها غالية الثمن والتي كانت تلائم كثيرا فستانها الاحمر الطويل وخرجت ...

قابلت والدها في الطرقة قبل تنزل الدرج...ابتسم والدها واقترب وهو يقبل جبينها ويقول:

-خلي بالك من نفسك يا ملاك ...هتسوقي انتي ولا اخلي السواق يوصلك ..

ابتسمت وقالت بهدوء:

-معلش يا بابا حابة اخد تاكسي اريح ..

-براحتك يا حبيبتي ..بس خلي بالك من نفسك ومتتأخريش...

هزت رأسها ثم نظرت إليه وقالت:

-صحيح فين جاسر مش ظاهر يعني...

ابتسم والدها بسخرية خفية علي جاسر الذي قرر فجأة ان يتزوج اليوم من فتاة لا يدري هويتها حتي ولكنه لم يرد ان يصدم ابنته فقال:

-وراه شوية شغل فخرج ..

هزت رأسها ثم خرجت من الفيلا وهي تسير بحذر بسبب حذاؤها ذو الكعب العالي ...

أخيرا خرجت من بوابة الفيلا ثم اشارت لسيارة أجرة التي وقفت لها فورا ...استقلتها وقالت وهي تنظر الي هاتفها  بينما تسير السيارة بسرعة :

قاعة ال....

ولكن الكلمات انحشرت في حلقها عندما سمعت صوت مميز للغاية يقول:

-شكلك حلو النهاردة ...

اتسعت عيني ملاك بصدمة وازدادت وتيرة تنفسها بينما اخذ قلبها ينتفض داخل صدرها كطير جريح...عجزت عن الكلام للحظات بينما هو يقود السيارة بسرعة في طريق غير الذي ستسلكه بينما يقول بهدوء:

-للاسف انتِ اجبرتيني اخطفك يا ملاك ...لأنك رافضة أي تواصل بيننا ...كل ما احاول اكلمك تصرخي في وشي زي المجنونة...رافضة تردي علي تليفوناتي او رسايلي لدرجة اني قعدت  اليومين اللي فاتوا وانا مستنيكي جمب فيلتكم ...أنا أول مرة اتذل الذل ده ...

أخيرا عادت لها قدرتها علي الكلام وقالت:

-محدش اجبرك تعمل كده !وياريت تبطل لاني مش هرجعلك تاني ...ده مستحيل ...

تنهد وهو يقف السيارة في مكان خالي نوعا ما من الناس امام النهر وينظر إليها ويقول:

-ملاك اديني فرصة اشرحلك طيب ...أنا والله ما خنتك ولا حاجة ...هي اللي قربت صحيح ضعفت بس ...

وضعت كفها علي اذنها وهي تصرخ:

-كفاية ...كفاية مش عايزة اسمع كدبك ولا يهمني اصلا ..أنا الحمدلله عرفتك وعرفت حقيقتك ...عرفت أنك شخص خاين وكداب بتلعب ببنات الناس ...وانا ربنا بيحبني لانه انقذني من شخص زيك ...اتفضل رجعني للبيت ومتحاولش تقرب مني تاني والا وقتها هدخل والدي في الموضوع وصدقني هيعملك مشاكل كتيرة اووي انت في غني عنها .

انها تتسرب من بين يديه كالدخان...ها هو بيدق انتقامه يتحرر منه  ...وهو لن يسمح لها أن تتحرر ...ليس بعد كل ما فعله  ...لقد انتظر كثيرا تلك الفرصة للانتقام ممن سلب والدته منه ...والدته كانت كل حياته ولكن فجأة اتي عامر النجار ودمر حياته بأكملها ...ما زال يتذكر شكل والدته وهي مغرفة بالرصاص ...يتذكر كيف بكي وقتها حتي فقد صوابه  ...هو لن يترك دماء والدته تضيع هدر لذلك نظر لملاك وقال:

-لو مرجعتليش يا ملاك أنا هنتحر ...

ضحكت بسخرية عليه ليفتح هو الباب بهدوء ثم يتجه الي النهر ويلقي نفسه في المياة العميقة ...

-عدي!!!

صرخت ملاك برعب وهي تتذكر كلماته انه لا يعرف السباحة !
-بابا!!!

قالتها وعد بصدمة ..ثم اقتربت منه بينما تصاعدت الدموع لعينيها ...كان قلبها يتخبط داخل صدرها وهي تري ذلك الرجل الذي باعها بسهولة لمجرم مثل الصياد ...

-انت بعتني ليه!!!مهتمتش اني بنتك وبعتني بشوية فلوس لمجرم زيه يشتري ويبيع فيا!!

صرخت وعد وهي  تنتفض كطائر جريح بينما التزم والدها الصمت تماما ....اقتربت منه وقالت برجاء:

-ابوس ايديك أعمل حاجة صح في حياتك ...حسسني ولو مرة واحدة أنك ابويا ومتخذلنيش ...خدني من هنا ومتوافقش تحط ايدك في ايده وتسلمني ليه مرة تانية...ابوس ايديك متبعنيش تاني....

كانت تتوسل غريزة الاب داخله لعله يشفق عليها ...كانت مستعدة ان تتوسل للصباح فقط كي يأخذها من هذا المكان المقيت ...يحميها... ولكنه قتل املها فيه عندما قال بضعف:

-اسف يا بنتي ..

تراجعت وعد وهي تبكي بقوة ...لقد باعها والدها مرة اخري!!!

اقترب الصياد منها وقال بنبرة غريبة :

-متستنيش انه ينقذك لانه هو اللي عرضك عليا ...

نظرت اليه وعد وهي تبكي فأكمل الصياد بأسف:

-اسف يا بيبي الموضوع مش شخصي بس أنا عايزك وعشان أنا عايزك نفذتلك شروطك كلها ...ده دورك تنفذي وعدك ليا من غير دراما ولا كلام كتير ...

هزت وعد رأسها وقد استسلمت للأمر الواقع ثم ذهبت وجلست علي الاريكة وهي تبكي ...كان تريد افراغ كل طاقتها في البكاء لكي تبقي كالجثة عندما يسلبها الصياد كل شئ بعد قليل ....رفضت ان ترفع عينيها عن الأرض ...كانت لا تريد رؤية احد منهما لا والدها الذي باعها ولا الصياد الذي اجبرها ان تتزوجه ...

كانت تتم مراسم زواجها من آخر بينما هي منفصلة عن العالم تماما لا تدري شيئا عقلها يلف في دائرة مغلقة... الألم داخل قلبها لا يحتمل ...وروحها تحترق...تشعر   انها سوف تموت وكم تمنت فعلا ان تموت وترتاح كليا من هذا العذاب علي الأقل عندما تموت سوف تهرب من هذا الجحيم الذي تعيش به ...

-بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما 

كلمات خرجت من فم المأذون اخبرتها انها اصبحت زوجته والحقيقة كانت انها اصبحت سجينته التي سوف  ينتهك جسدها تحت مسمي الزواج ...احضر الصياد الدفتر بنفسه وقال:

-امضي يا عروسة 

 .... مضت ولمعت عيني وعد بشرارتها المعتادة وقد اشتعل الامل فيها ...ما بها ...هل ستستسلم الآن ...بالطبع لا ...اصبحت زوجته فعلا ولكنها ستماطله ولن تدعه  يلمس شعرة منها ...ستسير الي خطتها الاساسية حتي تقضي عليه ....

نهض الصياد من مكانه وقال؛

-مبروك يا عروسة ...بقيتي ليا رسمي ...

وثم دون اي احترام للموجودين جذبها إليه ثم قبلها بقوة ....

اتسعت عيني وعد وهي تستقبل قبلته الكريهة وثم فجأة دفعته عنها بكره ودخلت بسرعة الي الغرفة ...ابتسم وعد وقال:

-العروسة طلعت بتتكسف ...

تنهد ونظر لرجب ببرود وقال:

-خلصت مهمتك يا رجب ووعد بقت مراتي ..روح دلوقتي المكان اللي كنت فيه ولو شوفتك قريب من مراتي هأذيك فاهم؟!

هز رجب رأسه بطاعة ليذهب مع احد رجال بينما نظر الصياد للمأذون وقال بإبتسامة:

-اسف علي تصرفي غير اللائق معاك ...تقدر تمشي بس اتمنى مشوفكش مرة تانية اوكيه ...

هز المأذون رأسه وذهب....ابتسم الصياد بسعادة وولج الي الغرفة ليجد وعد تجلس علي الفراش وهي تنتفض بخوف ...جلس بجوارها وهي يتطلع الي جمالها بإنبهار وقال:

-انا مش مصدق اني أخيرا امتلكت اللي كان نفسي فيه من زمان ...انتِ النهاردة ملكي يا وعد ...ملكي وبس ....

ثم بدأ في ارجاعها للخلف لتنتفض وتقول:

-عايزة ادخل الحمام ...

ثم بسرعة ولجت للحمام وهي ترتعش...فتحت عبوة الصيدلية الصغيرة التي بها وابتسمت عندما وجدت الغرض المنشود ...

...

خرجت وعد بشكل اكثر راحة وابتسمت بإغواء وهي تقول :

-استني يا حبيبي اعملك عصير الأول  وبعدين هنعيش احلي ليلة ..

ثم فتحت الثلاجة الصغيرة وأخرجت زجاجة العصير ...احضرت كوبين وبدأت بصب العصير ...كان الصياد ينظر إليها وهو وجهه ابتسامة رائعة ..اخرجت وعد من صدر الفستان حبة المنوم ثم وضعته ليذوب بالعصير امسكت الكوبين وهي تقترب من الصياد وتقول وهي تقدم له العصير:

-في صحة حياتنا الجديدة...

امسك الصياد الكوبين ووضعهم علي الطاولة وقال :

-خلينا نبدأ حياتنا الجديدة الأول ...

ثم هجم عليها ليقبلها وفي خضم صراعها معه بدل الكوؤس بمهارة ...ابعدته وعد بضيق وقالت :

-لا نشرب العصير الأول ..

هز رأسه وقال:

-طيب نشربه سوا ...

ثم شربا العصير سويا ...

وما ان انتهيا من شربه حتي ضحكت وعد وقالت:

-شربتها يا كروديا...

ولكن فجأة شعرت بالدوار لتضع الكأس علي الطاولة وتقول:

-هو فيه ايه انا دايخة ليه..

وفجأة سقطت علي الفراش وغاصت في النوم وبدأت بالشخير أيضا !!

ضحك الصياد بتسلية وقال؛

-مغفلة!

..........

-عدي ...عدي 

صرخت ملاك وهي تبكي بخوف ...ركضت تجاه الحاجز وهي تنظر للمياه ودون انتظار او تفكير حتي القت حقيبتها وقفزت للماء  ...وجدت عدي ينازع من أجل ان يخرج ...في المياه كان عدي يدعي انه يغرق ...كانت حركة جيدة منه ان يخبر ملاك انه لا يستطيع السباحة ...لم يعرف ان كذبته تلك سوف تساعده الآن ...قرر ان ينزل تحت الماء لفترة كي ترتعب اكثر وحينما شعر بها تقفز احس بالإنتصار لانه ها هي خطته قد نجحت ...بفزع اتجهت ملاك إليه وهي تسبح بقوة بينما تشعر بالرعب عليه وجذبته بقوة إليها محاولة ان تخرجه من المياه امسكته بقوة وقالت:

-فكرني لما نطلع من هنا اضربك قلمين علي وشك ...

......

بعد دقائق خرجا من النهر ...اقترب عدي من ملاك وكاد ان يتكلم الا انها صفعته بقوة ...اغمض عينيه لتصفعه مرة اخري ...ثم بدأت تضربه علي صدره. بعنف وهي تبكي ..ثم انهارت علي صدره ليضمها هو إليه قائلا:

-اسف ...بس أنا كنت هتجنن من فكرة أنك تسيبيني مفكرتش الا في الفكرة المجنونة ودي وكنت فاكر أنك هتسامحيني ...أنا بحبك يا ملاك ...بحبك اكتر من أي حد في حياتي ...انتِ الجزء الاجمل في حياتي كلها ...

ابعدته وهي تقول بعنف :

-انت كداب وخاين ...مفرقتش عن عاصم في حاجة ...والشويتين اللي عملتهم دوول مش هيخلوني اسامحك ...

وكادت أن تذهب الا انه امسك كفها وقال:

-ورحمة امي هي اللي قربت مني يا ملاك ...أنا ضعفت لثواني بس وده غلطي الوحيد ...بالله عليكِ متسبنيش ...اديني فرصة تانية ...وانا اوعدك عمري ما اغلط تاني ...
اغمضت عينيها لوهلة كان قلبها يعتصر من الألم ...كبرياؤها ما زال جريح وقلبها المكسور يتخبط داخل صدرها بينما الروح تحترق ...هي ما زالت مكسورة من فعلته ولانها اعتادت دوما ان الخائن لا فرصة له وان لا أحد مضطر ان يتقبل الخيانة كأنه شئ اعتيادي لن تغفر  ...كيف تخبره ان صحيح الحب مهم في حياتها ولكن الكرامة والكبرياء هم الاهم دوما وعدي جرح كبرياؤها وحطم قلبها كيف تثق به ...عندما رأته  مع تلك الفتاة شعرت بقلبها يحتضر داخل صدرها ...شعرت بمرارة الخيانة ...انبت نفسها كثيرا لانها وثقت بسهولة في رجل آخر بعد تجربتها السيئة مع عاصم ...احست انها فشلت للمرة الثانية ...هي لا يمكنها ارتكاب هذا الخطأ مرة اخري ...لا يمكنها ان تغفر ....عدي انتهي من حياتها للأبد ...نظرت إليه وقالت بهدوء:

-انا مقدرش اسامحك يا عدي ...لان ...

تلكأت قليلا ثم اجابت:

-لان دي طبيعتي...أنا مبسامحش لا الكداب ولا الخاين....

كلامها اشعره برعب غير مبرر لينتبه وهي تكمل:

-انا مبسامحش حد جه علي كبريائي ...انت قولتلي مش هتبقي زي عاصم بس للأسف انت بقيت أسوأ منه ...انت خذلتني اكتر منه لاني أنا حبيتك اكتر من عاصم...خلاص احنا انتهينا ...

ثم كادت أن تذهب الا انه جذبها إليه بقوة وقبلها رغما عنها ...اتسعت عيني ملاك وهي تدرك انه قد سرق قبلتها الاولي!!!!

ابعدته بعنف ثم صفعته بقوة وصرخت:

-انت حقير!!!

ثم ركضت من امامه وهي تبكي !

ليشد عدي شعره بقهر وهو يفكر أن خطته فشلت تماما ...تلك الفتاة عنيدة وهو لن يقدر علي ترويضها ...

........

في اليوم التالي ...

عقدت وعد حاجبيها وهي تشعر بشئ ثقيل يحاوطها ...حاولت أن تبعده وهي نائمة ولكن هذا الشئ كان ملتصق بها تماما ورفض ان يتزحزح عنها ...فتحت هي عينيها بحيرة وهي تجد نفسها بغرفة غريبة تماما عن التي اعتادت النوم بها ...حاولت أن تتذكر ما حدث ...

-هو ايه اللي حصل امبارح؟!

قالتها وعد وهي تشعر بالتشويش ....ليرد عليها صوت مميز قائلا:

-احنا اتجوزنا ...

شهقت بعنف وهي تستدير لتجد الصياد عاري الجذع ...شعره مبعثر بفوضوية ...ابتسامة كسولة ورائعة علي شفتيه وهو ينظر إليها بتسلية ...اتسعت عيني وعد برعب وهي تنظر اليها بينما ينظر إليها بتلك الطريقة غير المريحة ... حاولت أن تنهض وتبتعد عنه ..الا انه امسكها بقوة واعتلاها وقال بنبرة كسولة:

-امبارح كانت اجمل ليلة في حياتي يا وعد ...انتِ خليتيني سعيد ..

-ق...قصدك ايه ؟!!

قالتها برعب بينما تجمعت الدموع في عينيها ليبتسم بمكر وهو يقبل وجنتها ويقول :

-مش معقول نسيتي أول ليلة لينا سوا ...أنا كده ازعل منك يا وعد ...ازاي تنسي ليلة مميزة زي كده ...بجد كسرتي قلبي ...

هزت رأسها وهي تبكي قائلة:

-لا مستحيل ...محصلش أكيد حاجة بيننا امبارح ...قول الحقيقة ايه اللي حصل .

مرر نظراته عليها وقال بإيحاء؛

-اخاف اقول ايه اللي حصل بالتفصيل واخدش حيائك يا وعد ...خصوصا أنك بتتكسفي اووي ...

حاولت دفعه بعنف الا انه امسك كفيها جيدا وانحني لتقبيلها....لم تمهله هي فرصة وعضته بقوة ليجفل بألم وتنهض هي ...نظر الصياد بصدمة الي الدماء التي تنزف من شفتيه ثم نظر الي وعد التي كان في عينيها تمرد لم يراه لدي احد من قبل ...كانت عينيها تلمعان كعيني القطط  البرية وتنظر الي بتشفي 

-يا عضاضة 

قالها الصياد ضاحكا لينهض ...استدارت هي لتركض ولكن الصياد ضمها من الخلف وهو يشل حركتها تماما ...حاولت أن تتحرر بشراسة ولكنها فشلت ...ضحك الصياد بعمق في اذنها وقال:

-تعرفِ يا وعد قصتنا أنا وانتِ بتفكرني بالاسد وفريسته... الاسد بيحب يلاعب الفريسة وخاصة  لو كانت شرسة زيك ....أنا بحب الاعبك يا وعد 

قبلها علي عنقها برقة وأكمل:

-انا نفسي طويل في اللعب متقلقيش وانتِ فريسة تستاهلي الصبر بس لما اتمكن منك هاكلك من غير رحمة ...

افلتها وهو يقول بهدوء:

-عموما عشان ترتاحي اكتر ...أنا ملمستكيش ...ولا حصل بيننا حاجة امبارح ..أنا بس اديتك العصير اللي كنتِ حاطة فيه المنوم وفجأة نومتِ ..

تنهدت براحة ولكن فجأة نظرت إليه وقالت بشك:

-اومال مين اللي غير الفستان ليا ؟!

ابتسم ابتسامة شيطانية وهو يقول:

-اكيد أنا ..

احمر وجهها بخجل ليكمل:

-بس كنت مغطيكي أنا مشوفتش حاجة ...

ابتسمت براحة وقالت:

-بجد كنت مغطيني لما كنت بتغير الفستان ...يعني مشوفتش أي حاجة خالص؟!!

ضحك بمكر وقال: 

-وانا عبيط يا بيبي عشان افوت فرصة جميلة زي دي أنا شوفت كل حاجة ...كل حاجة حرفيا و...

صرخت وعد بعصبية وأمسكت المزهرية ثم القتها عليه ولكنه تفاداها بمهارة ...كادت أن تضربه مرة اخري ولكنه جذبها بقوة واوقعها علي الفراش وقال:

-حياتنا مع بعض هتكون حماسية اووي يا وعد ...

ثم بدأ في تقبيلها رغما عنها...

.....

قرب اذان المغرب ...

رن هاتف حياة معلنة عن اتصال من حسام ...ردت حياة عليه مبتسما ...

-ازيك يا حسام أنا كمان نص ساعة وهلب...

ولكن حسام قاطعها قائلا:

-معلش يا حياة مش هنخرج النهاردة ...سامحيني ...ماما تعبانة اووي وانا قلقان عليها جبنالها الدكتور وقال ان وضعها صعب شوية عندها حمي ...

والخدعة كانت مستهلكة منذ الازل ولكنها انطلت علي تلك المسكينة فلم تشعر بنفسها الا وهي تقول بلهفة:

-يا خبر...طيب يا حسام ..هجيب اهلي وا..  

-لا لا معلش يا حياة ماما هتزعل لو عرفت اني قولت  ليكم عشان متتعبوش وتيجوا.. معلش ارتاحي انتِ النهاردة في البيت وانا هبقي هنا ارعي لماما بما ان بابا مسافر ...صحيح أنا معرفش هعمل ايه بالضبط عشان اهتم بيها بس اهو بحاول ...

نهضت حياة وقالت بهدوء:

-انا هلبس دلوقتي واجيلك ...

وابتسامة ماكرة شقت شفتيه وقال بإحراج مصطنع:

-مش عايز اتعبك ...

-لا ولا يهمك ...نص ساعة وأكون عندك وثم أغلقت الهاتف ...

....

ضحك حسام بإنتصار لقد وقعت المغفلة في الفخ ...اخذ يفرك في عينيه التي احمرت ثم جلس بجوار الطاولة وهي يمسك محقن ويحقن ذراعه وعندما سري المخدر في وريده شعر بإستمتاع رهيب    ...اليوم ستأتي...اليوم سيحصل عليها ...لا يوسف ولا أي شخص سوف ينقذها من يده ...

......
-مالك يا حياة يا بنتي فيه ايه ؟!

قالتها والدة حياة لإبنتها التي  تجهز نفسها للخروج  لتقول حياة:

-الست مريم تعبانة اووي يا ماما أنا رايحة اشوفها ...

قالتها حياة وهي تتجه نحو الباب بسرعة وتفتحه ...

-طسب استني البس واجي معاكِ ميصحش تروحي لوحدك ..

تنهدت حياة وقالت:

-متتعبيش نفسك يا ماما أنا هروح بسرعة واجي متقلقيش عليا ...

نظرت والدتها إليها بقلق وقالت:

-يا بنتي المغرب قرب يأذن  ...ازاي اسيبك تروحي دلوقتي بس أنا ...

-انا هروح معاها يا خالتي ..

صوت عميق اتي من خلفها لتنظر حياة الي يوسف بضيق وتقول بتحدي :

-لا هروح لوحدي 

تجاهلها تماما وقال:

-انا مستنيها في العربية يا خالتي ...

ثم نزل الدرج دون ان يسمع رد حياة ...

-يا ماما مش عايزاه يروح معايا ...حسام مش بيطيقه ..

امسكت والدتها كفها وقالت:

-معلش يا بنتي عشان خاطري ...علي الأقل هبقي مطمنة عليكي ...

زفرت حياة بضيق وقالت:

-طيب ...طيب ...

.........

طول الطريق لم تقل حرفا ولا هو أيضا ...

....

أخيرا وصلا الي منزل حسام نظرت حياة الي يوسف وقالت:

-استناني هنا هطلع فوق اطمن علي الست وانزل ...

ضحك يوسف بسخرية وقال:

-اكيد بتحلمي صح ؟!!

ثم ترجل من السيارة وهو يسبقها الي البناية...لتتبعه وهي تزفر بضيق 

.....

ارتجف قلب حسام بسعادة وهو يسمع جرس الباب ...اخرج المفتاح ونظر إليه بنظرات شيطانية ثم ذهب ليفتحه ...تجمدت ابتسامته فعليا وهو يري ان حياة لم تأتي بمفردها ...بل اتي معها يوسف ...

ابتسم يوسف له وقال :

-الف سلامة علي الوالدة جايين نزورها ...

نظر إليه حسام بكره ثم ابتعد ليدخلا ...اغلق الباب بالمفتاح وادخل المفتاح في جيبه ...نظرا كلا من حياة ويوسف إليه بدهشة بينما يوسف قام بالوقوف امام حياة وقال لها هامسا وهو يلاحظ متأخرا الاثار التي بذراع حسام:

-ادخلي  أي اوضة واقفلي علي نفسك ...ده فخ امه مش موجودة اصلا وهو شارب مش واعي للي بيعمله ...

اتسعت عيني حياة بصدمة بينما حسام يقترب من المطبخ .. ليهمس يوسف بإصرار:

-قولتلك روحي 

وكادت أن تذهب الا ان حسام امسك سكين كبير كانت بجواره وقال:

-مكانك يا خطيبتي المحترمة اللي مش عاملة اعتبار لخطيبك ورايحة جاية مع حبيبك القديم والله اعلم بتعملوا ايه !!!

نظر إليه يوسف بحذر وقال:

-اهدي بس ...صدقني هي خطيبتك مفيش بيننا أي حاجة.....سيب السكينة وخلينا نتفاهم ...

-انا هقتلك لأنك في كل مرة بتبوظ خطتي...أنا عايز حياة وهأخدها ...

-وانا مستحيل اديهالك ...

قالها يوسف بتحدي ...

ابتسم حسام وقال:

-يبقي تموت ...

ثم اقترب منه وهو يراوغه بالسكين...كان يوسف يتراجع بحذر وهو يصرخ بحياة :

-قولتلك ادخلي جوه ...

كادت حياة ان تركض للداخل فعلا ولكن حسام اتجه إليها  بينما يوسف حاول منعه من الوصول الي حياة ليطعنه حسام بقوة في بطنه ويقع يوسف علي الفور ...

-يوسف!!!!

صرخت حياة وهي تقترب من يوسف الغارق في دمه ولكن حسام امسكها من شعرها وهو يجرها خلفه ثم دخل غرفة ما واغلق الباب  ...

دفعها الي الفراش وقال وهو يخلع ملابسه:

-متخافيش. يا حلوة اخد منك اللي انا عايزه وبعدين اخليكي تحصلي حبيب القلب !

ثم هجم عليها بقوة ممزقا بلوزتها!
(مشاعر متدفقة)

تأوه يوسف بألم شديد وهو يسمع صراخ حياة كان يحاول أن ينهض ولكن دون جدوي ...تصاعدت الدموع لعينيه وبدأ بالبكاء...حياة في الداخل ...هي في خطر ...تُنتهك علي يد مجرم حقير وهو لا يستطيع النهوض ...حاول بكل ما لديه من قوة ان  يحارب الألم الذي يعصف بجسده ولكنه فشل ...فشل تماما ...لقد انتهي كل شئ ...هو لم يستطيع أن يحمي حياة ...حياة المرأة التي يحبها اكثر من اي شئ ...فكر في هذا بينما الظلام يغلف عقله ويفقد الوعي ....

...

كانت حياة تصرخ بينما حسام يسلبها ثيابها بجنون ويقول:

-محدش هينقذك مني ...انا هدمر حياتك واقتلك يا فاجرة ..يا خاينة ...تمن خيانتك ليا مع حبيبك يوسف !

ثم انقض عليها يقبلها قسرا ولم يلاحظ الباب الذي انفتح ولا والدته التي أصبحت تنظر إليه بصدمة ودموعها تتساقط ...

-ابعد عنها ....

قالتها مريم بعنف ...ليتجمد حسام وينهض عن حياة التي شدت الشرشف لتستر جسدها شبه العاري وهي تبكي بقوة حتي فقدت الوعي ...

اشهرت مريم السكين وقالت:

-لو فكرت تقرب منها تاني هقتلك يا حسام ...

-امي ..

قالها بصدمة فردت مريم بعنف:

-متجيبش سيرتي علي لسانك ...أنا بلغت البوليس والاسعاف ...كنت عارفة انك مش هتتغير ...هتفضل طول عمرك ارخص من التراب ...لما اتصلت بيا ام حياة عشان تتطمن عليا فهمت الكدبة الحقيرة اللي اخترعتها فجيت بسرعة وانا في الطريق بلغت البوليس عنك لاني كنت ...

اختنقت حروف كلماتها وهي تتذكر الجسد الهامد لقريب حياة وهو غارق في دمه بالخارج ....انسابت دموعها واكملت:

-عارفة انك هتعمل مصيبة ...انت دمرتنا ..منك لله ...

كاد حسام أن يرد ولكن صوت سارينة الشرطة أوقفه...حاول أن يخرج ويهرب لتقرب والدته السكين من بطنه بشكل خطير وتقول:

-حاول تهرب يا حسام وانا فعلا هقتلك. ...

-يا امي أنا هتحبس .

ابتسمت والدته ابتسامة ميتة وان كانت تحتضر من الداخل وقالت:

-السجن مناسب لأمثالك ...

وما هي الا ثواني واقتحما الشرطة المنزل ..وقبضا علي حسام  !!

انهارت مريم علي الأرض وهي تري الشرطة تجر ابنها للحبس وأخذت تبكي بعنف ...يا الهي لقد دمر ابنها حياة الجميع ...الجميع حرفيا !!

.........

في المشفي....

فتحت حياة عينيها وهي تشعر بالخدر في جميع أنحاء جسدها ...كانت الرؤية مشوشة ولكن اخيرا استطاعت تمييز والدتها التي تبكي بجانبها ...

-يوسف !

قالتها حياة وهي تشعر بالدوار ...ثم أكملت وهي تبكي :

-يوسف ...يوسف حصله ايه يا ماما؟!.

حاولت أن تنهض إلا أن والدتها حاولت أن تهدئها ولكن حياة اخذت تصرخ بفزع:

-حسام ضربه بالسكينة ....كان بينزف...قولولي فين ؟!

ضمتها والدتها وقالت بتوتر :

-متقلقيش ..يوسف بخير يا حياة الدكاترة طمنونا عليه ...

-عايزة اشوفه!

قالتها بإصرار لتحاول والدتها ردعها ولكن حياة أصرت علي هذا ...

.......

بهتت حياة وهي تتطلع الي خالتها وهي تبكي أمام غرفة العمليات ...نظرت لوالدتها وقالت:

-كدبتِ عليا ...يوسف مش كويس .....

شعرت بالدوار واستندت علي والدتها وهي تبكي بعنف ...هي السبب ...هي من فعلت هذا ...يوسف كان يحذرها من حسام ولكن بسبب غباؤها وكبرياؤها العنيد رفضت تصديقه   ...فقط ليستيقظ وهي سوف تفعل ما يريده ...هي لا تريد أن تخسره ..ما زالت تحبه بجنون...فكرت وهي تبكي ....

فجأة خرج الطبيب من غرفة العمليات ليلتف الجميع حوله يسألونه بلهفة عن يوسف ...

ابتسم والطبيب وقال:

-الحمدلله يا جماعة اتكتبله عمر جديد صحيح نزف كتير بس نقلناله دم وفصيلته كانت متوفرة هنا الحمدلله ....دلوقتي هننقله لاوضة تانية وتقدروا تزوره بكرة بس سيبوه يرتاح النهاردة ...

-الحمدلله ...

قالتها حياة وهي تبكي ثم فقدت الوعي!

. ........

جالس علي الاريكة وهو يشرب سيجارته ...شعره مبعثر ومنزله في فوضي تامة...لقد فشلت خطته ...فكر بقهر بينما روحه تحترق بنيران الانتقام ...كان تحت يديه ابنة عدوه وهو اضاعها بغباؤه...كل هذا بسبب ليالي ...تلك الحقيرة...كم يكرهها ...لو يستطيع لأزهق روحها حتي تهدا تلك النيران التي تشتعل به ...لا يدري ماذا يفعل ملاك القته خارج حياتها تماما والان هو عاد لنقطة الصفر ...اللعنة هو يعرف كم هي امرأة ذات كبرياء ولن تغفر الخيانة ابدا وهو بكل غباء وقع في الفخ ...لقد حاول ان يبتزها عاطفيا لتعود إليه ولكنه فشل ...كيف يجعلها تعود إليه ...كيف ...كان عقله يؤلمه تماما ...هل سيستسلم الآن ؟!!..

دفن راسه بين قدميه وهو يشعر بالضياع ....تجمعت الدموع بعينيه وهو يتذكر والدته ...تلك المرأة المحبة التي أفنت حياتها لتربيته والعناية بوالده ...كانت هي الجزء المشرق في الحياة الصارمة التي فرضها عليه والده من صغره...تعلق بها كثيرا لدرجة انه ظن انه لن يقوي علي الحياة بدونه...وبالفعل هو مات ليلة عرف بخبر وفاتها ...تزلزل عالمه السعيد تحت قدميه وسقط في قعر الجحيم واحترق بنيران الانتقام ...انسابت دموعه بغزاره ثم غطي وجهه وأجهش بالبكاء ...كان يتمزق وهو يري حق والدته  يتسرب من بين يديه كالدخان ...بيدق انتقامه تحرر منه ...نقطة ضعف عامر النجار اصبحت بعيده عن متناوله الآن ....

-ليه شايل طاجن ستك كده ...حصل ايه؟!

صوت والده اخرجه من شروده ليرفع هو رأسه ويمسح دموعه ويقول:

-خسرت يا بابا ...ملاك قدرت تفلت من بين ايدي ...مفيش ثغرة ادخل منها لعامر عشان أقضي عليه....

احمر وجه والده من الغضب ثم اقترب من عدي وشده من قميصه ليقف علي قدمه وقال:

-ضيعت انتقامك يا غبي ...ضيعت فرصة دهبية ما بين ايديك ...انت كنت عارف ان ملاك هي الطعم اللي هيجيب عامر تحت رجلينا ...أنا كنت خايف فعلا أنك تحبها وتبوظ الدنيا ...

هز عدي رأيت وقال؛

-مبحبهاش ...مبحبهاش ...

-انت كداب ...كداب وغبي...ضيعتها من بين ايديك وحبتها ...حبيت بنت عدونا ...الراجل اللي قتل امك ..امك اللي كانت اغلي حد في حياتك يا عدي ...فاكرها ولا نسيتها ...

مسح عدي دموعه وقال:
-مقدرش انساها ...أنا فاكرها وبعمل المستحيل عشان ارجع حقها ...المستحيل عشان اطفي النار اللي جوايا وانا بشوف عامر حر وهو قتل أمي ...انت فاكر اني مش زعلان عليها ...امي كانت حياتي وانت عارف ...نسيت اني فقدت النطق لما ماتت بالطريقة دي ...فضلت اتعالج نفسيا ست شهور عشان اتقبل خبر وفاتها ...النار اللي جوايا مش هتهدي يا بابا الا لما اقتل عامر ....وصدقني بملاك أو من غيرها أنا هعمل كده ومش هفشل ...ثق فيا المرة دي ...

ابتعد مالك  وهو يري نظرة الاصرار بعيني عدي...

نظر إليه والده بجدية وقال:

-اوعدني يا عدي أن دم امك ميروحش هدر اوعدني يا ابني ..

ابتلع عدي ريقه وقال:

-اوعدك ...

ابتسم مالك ثم ضم عدي إليه بقوة...عدي الذي زلزلته كلمات والده ...ليس بسبب والدته فحسب بل لأنه أخبره بصراحة أنه وقع في حب ملاك ...هل يمكن أن يحب ملاك ؟!!هل هو غبي ليحب ابنة الرجل الذي قتل والدته؟! الرعب سكن قلبه ...هو يخاف...يخاف أن يحبها لدرجة أنه قد يتخلي عن انتقامه من أجلها حينها لن يسامح نفسه ابدا ....يجب ألا يسمح لملاك أن تسيطر علي قلبه وان كان فعلا يحبها هو سوف يتخلص من هذا الحب !

...........

خرجت من الحمام وهي تجفف شعرها الطويل لتتجمد فجأة وهي تراه يجلس علي الفراش ...ابتسم ونظر إليها وقال:

-مساء الورد يا حبيبتي ..ايه خضيتك ...

ضمت روب الحمام الي جسدها وقالت:

-انت دخلت ازاي هنا؟!أنا كنت قافلة الباب بالمفتاح ..

ضحك الصياد وقال:

-انتِ نسيتي ان ده بيتي يا حبيبتي ...يعني كل مفاتيح الاوض دي معايا ...

نهض وهو يقترب منها وقال:

-انا صبرت كتير مش آن الاوان تديني اللي انا عاوزه ...

رجعت للخلف وقالت بتوتر:

-انا مش مستعدة دلوقتي ...

-متلعبيش معايا يا وعد لأنك انتِ اللي هتزعلي وانا صبري نفذ ...

-وانا مش عايزة ده ...مش هقدر...أنا ...

-انتِ ملك الصياد يا وعد ...أنا عملت المستحيل عشان تبقي ليا مش هسمحلك تتراجعي عن وعدك....

هزت راسها وعينيها تبرق كعيني القطط :

-انا مش ملكية خاصة ...انا انسانة وزي ما حطيت شروطي نتجوز هنمشي بشروطي للاخر....

ضحك ساخرا ثم اقترب منها بسرعة وقبض علي شعرها وهو يقرب وجهها من وجهه ويقول :

-اياكِ يا وعد تفتكري ان عشان حابب لعبة الفريسة والصياد دي واني سايبك بمزاجي اني ضعيف...أنا بس مش عايز اوريك الوش التاني واللي صدقيني هتزعلي منه ...

دفعها برفق لتسقط علي الفراش ثم اخرج قميص نوم  من الخزانة وقال وهو يدفعه إليها:

-البسي ده واجهزي لجوزك ...النهاردة هتكوني ليا... اللعبة من يوم ورايح هتتم بشروطي أنا !

قبلها علي شفتيها  ثم ابتعد وقال:

-يالا يا بيبي ...عشر دقايق والاقيكي جاهزة ..

ثم خرج وتركها تضرب وجهها بفزع ...اخذت تدور علي نفسها وتقول :

-يا مرك يا وعد ...خلاص كده هتستسلمي للشيطان...أنا الغبية اللي فكرت هقدر عليه ...ده طلع خبيث ..يا خرابي ياما ...

جلست وعد برعب علي الفراش ...عينيه اخبرتها ان الليلة ستكون له كليا ....انها تعرف ان الصياد سوف يحصل عليها اليوم ...اغمضت عينيها وهي تشعر انها محاصرة في ركن ضيق ...دماغها توقفت تماما عن العمل ...هي الآن محاصرة ولا مفر من ان تعطيه ما يريده ...تنهدت وهي تمسك هذا القميص الأسود...خلعت روبها  وارتدته وهي ترتجف...وقفت امام المرآة وهي تتطلع الي نفسها بصدمة ...كان القميص يظهر اكثر مما يخفي ...لم ترتدي شيئا بهذا الجراءة من قبل ...كانت تشعر انها عارية تماما ....تجمعت الدموع في عينيها وهي تخاف مما ينتظرها ...تخاف من تلك التجربة التي ستخوضها بعد قليل مع رجل تكرهه ...مع زوجها ...شقهت برعب عندما انفتح الباب ليدخل الصياد ....تراجعت وهي تبحث عن شئ لتستر جسدها ولكن النظرة التي في عينيه جمدتها وارعبتها اكثر ...وقف الصياد وهو يتطلع إليها مبهورا ...كانت فعلا جميلة بشكل لا يصدق ...لم يري في حياته ما هو أجمل منها...اغلق الباب ثم بدأ بالاقتراب منها لتتراجع هي بخوف ابتسم ثم  دفعها لتسقط علي الفراش برقة أمسكت الغطاء لتستر نفسها ولكنه سحب الغطاء منها والقاه بعيدا وهو يبتسم له ...كان يبتسم لها وهو يشعر بالإنبهار...يعترف أنها تبهره أكثر واكثر فها هي لمعة القطة البرية اختفت وحل محلها الخوف والتوتر ...كان يريد أن يلاعبها أكثر ولكن رغبته فيها كانت اقوي مما يتحمل جلس علي الفراش واقترب منها ...وضع يده علي ظهرها ثم جعلها تستلقي بحنان ...

-ايه رايك نستني  شوية...نتعرف علي بعضنا اكتر و ...

ولكنه قاطعها وهو يقبلها قائلا:

-اسف يا بيبي مش هستني ...

ثم برفق بدأ يجردها من كل شئ ليجعلها له قولا وفعلا ....

....

بعد أن انتهي ..كان يلهث في الظلام وهو يدرك أنه لا يرغب فيها فحسب بل إن مشاعر مجنونة بدأت تنتابه بشأنها ...مشاعر مختلفة تماما عن مشاعره الهادئة نحو ملاك ...فمشاعره  نحو وعد مشاعر عاصفة مجنونة ونادرة !

    .........

من بين الغيوم كان يراها ...تقف بهيئتها الجميلة ...عينيها البنية اللامعة والشرارة المميزة التي بها ...تقف شامخة ابية بينما ترتدي فستان كريمي فضفاض وشعرها الأسود الطويل يتطاير حولها ...

تصاعدت الدموع في عينيه وقد اشتعلت في قلبه الشوق إليها ...ابتسم واقترب يمد يده وهو يقول بخفوت:

-أمي...

قالها جاسر بلهفة بينما الدموع تنسكب من عينيه كان يريد أن يركض ويختبأ بحضنها ولكن ما ان اقترب نظرات الحب انقلبت لإشمئزاز وعتاب...تلك النظرات قتلته  ..اقترب اكثر وهو يقول بصدمة:

-امي ...
ولكنها كانت تبتعد عنه شيئا فشيئا بينما تهز رأسها ودموعها تنساب من عينيها التي تشبهان عيني جاسر ...العتاب كان عاصف في عينيها بشكل اوجعه  ...كانت حزينة للغاية ..هو يشعر بها ويعرفها فهي لم تكن والدته فحسب كل كانت كل حياته ...اقترب منها وهو يبكي وقال:

-عارف انك زعلانة مني بس انا نفسي احضنك وبس ...امي أنا ..

انهار عند قدميها وأخذ يبكي وأكمل:

-انتِ وحشتيني اووي مبتروحيش ابدا عن بالي بس رغم كده نفسي احضنك وبس ...نفسي تلعبي في شعري ..تعملي اي حاجة بس يوصلني حنانك ...

لمعت الدموع في عينيها ومدت ذراعيها لكي تضمه ..ابتسم جاسر وقد شعر أنه عاد طفل صغير ونهض ليندفع الي احضان والدته ولكن فجأة وجد نفسه يضم الهواء ...لقد اختفت والدته ...هطلت دموعه ثم بقوة صرخ :

-امي !!!

....

نهض الصياد من نومه مفزوعا وهو يلهث ...ما زال بعينيه اثر دموع ....جسده مغطي بالعرق وقلبه ينبض بجنون ...ابتلع ريقه وتنهد وهو ينهار علي الوسادة مرة أخري مسح بقايا الدموع  و نظر بجواره ليجد وعد نائمة ووجهها من الجانب الآخر ...

ابتسم واقترب منها وهو يضمها من الخلف ثم قبل كتفها العاري  واغمض عينيه  ....ولكن هي كانت مستيقظة ...كانت ترتعش وهي تتذكر هذيانه في نومه ...هذا الرجل يحمل ماضي اسود ووجع لا ينتهي ...وبالتأكيد سوف يؤلمها إن استمرت معه ...ولكن هو أخذ بالأمس ما يريده منه فهل سيتركها وشأنها اخيرا ...التفكير في هذا ضايقها بشكل مفاجئ ...حاولت أن تطرد هذا الضيق غير المبرر وهي تخبر نفسها أنها يجب أن تكون سعيدة فهي اخيرا سوف تتحرر من سجنه بعدما حدث أمس ...وبذكر امس بدأت الذكريات تندفع لعقلها ...احمرت وجهها وهي تتذكر تفاعلها المفاجئ معه ...لقد ظنت أن الأمر سيكون كالإغتصاب ولكنها وجدت نفسها تعطيه برضا ما يريده ...لقد تعاملت معه كزوجة ...كيف فعلت هذا ...عندما انتهي منها بالأمس ونام ظلت تؤنب نفسها حتي الخيوط الأولي من الفجر ...الرجل ...

-بطلي تفكير ...

صوته الأجش أخرجها بقوة من شرودها وارتعش جسدها بينما أدارها هو إليه بينما ينظر إليها بعينين ناعستين ...ابتسم وهو يقبل رأسها وقال :

-شكرا ...

ازدردت ريقها وهي لا تقوي علي الكلام ...أخذ هو يداعب شعرها وهو ينظر إليها ...يتأملها جيدا بينما يدرك أن شعوره ناحيتها ليست رغبة فقط ...بالأمس عندما كانت بين ذراعيه عرف أن وعد استحوذت علي جزء منه ...وصلت إلي أعمق جزء في روحه ...عرف أن لديه مشاعر لها ...مشاعر لا يعرف ماهيتها ...

تحررت وعد منه وهي  تلتقط قميصها وترتديه بسرعة وتقول بتوتر :

-انا رايحة الحمام ...

ابتسم بينما تهرب هي الي الحمام وتختبئ بسبب  موجة الخجل التي بدأت تنتابها  بسببه ...ولجت للحمام وما كادت أن تتحرك حتي شعرت أنها قد داست علي شئ لزج ثم شعرت بعضة قوية زلزلتها ...سقطت علي الأرض وصرخت بألم وفزع وهي تري ثعبان ضخم يتحرك بحرية في الحمام!!!
(هل يعشق الصياد الفريسة ؟)

اخذت تصرخ وعد بقوة وهي تشعر بالرعب بينما هذا الثعبان يتحرك بتلك الطريقة المرعبة...كانت تشعر انها سوف تموت ...دقات عنيفة علي الباب وصوت الصياد القلق يتغلب علي صراخها:

-وعد ...وعد فيه ايه ؟! 

-قرصني تعبان ...

صاحت  بألم ورعب وهي تبكي ..ليبهت الصياد و يتراجع الي الخلف ثم بكتفه يدفع الباب حتي انكسر المزلاج...ولج الصياد واصبح ينظر الي وعد القابعة علي الأرض ولكنه تنهد عندما رأي الثعبان ...

-هموت ...هموت ...

قالتها برعب وهي تبكي ليقترب الصياد من الثعبان ويمسكه برفق ثم يخرجه من النافذة المفتوحة حيث اتي ..

-ده بدل ما تقتله ؟!!!!

قالتها بغيظ ليضحك الصياد بخفوت ويقول :

-متقلقيش مش هتموتي ...

-نعم يا اخويا ...بقولك عضني تعبان هي سلحفة!!!

انحني نحوها ثم حملها بخفة وهو يقول:

-ده تعبان أرقم  صحراوي ..دخل هنا بسبب ان حوالين الفيلا صحرا ومش سام اصلا بس عضاض ...

غمز لها وأكمل :

-زيك بالضبط ...

-بس العضة وجعاني ..

قالتها وهي تبكي من الألم ليرد :

-طبيعي ...هديكي مسكن يهديكي...

خرجا من الحمام ...ثم وضعها علي الفراش واحضر من الحمام مطهر وقطن ولاصقة طبية ثم بدأ في تنظيف الجرح البسيط ..

نظرت اليه وعد وهو منهك في عمله وقالت:

-انت ازاي عرفت ان تعبان غير سام ..يعني ازاي بتعرف انواع التعابين ...

ابتسم الصياد وقال:

-وانا وصغير اشتعلت مع واحد بيصطاد افاعي ..كانت مهنته واكل عيشه احيانا عشان يبيعها او يربيها ....هو كان صديق لجارنا وهو اللي رشحني اشتغل معاه ...كان عندي عشر  سنة وقتها وهو بدأ يعلمني ازاي اصطاد وعلمني انواع التعابين ايه ...فضلت معاه ست شهور ...علمني كتير لحد ما بقي صيد الافاعي شغف عندي وغير كده كان بيديني مرتب محترم...

-من صيد التعابين؟!!!

قالتها بسخرية ليهز رأسه:

-فيه ناس بتشتريها بمبالغ عالية جدا علي فكرة ...وفيه ناس عندهم شغف يربوهم ..ده غير ان ناس بيستخدموا جلوده والسم بتاعه  ..بس أنا شغفي كان اصطادهم وبس مفكرتش اربي واحد

ولا استخدم سمه ...بس للأسف وكالعادة الحاجة اللي بحبها مبتكملش معايا ...مكملتش مع صاحب الشغل ده ...

-ليه ؟!

قالتها وعد بفضول وقد نست المها تماما ليرد هو :

-في مرة  روحنا الصحرا عشان نصطاد طريشة...كنت وقتها معرفتش اتعامل معاها كويس لانها شرسة جدا وسريعة وسمها يزعل بالذات واحد صغير زيي ..وعشان كنت متهور أول ما شوفتها شغفي غلبني وروحت عشان امسكها ولدغتني ...وقتها نجيت بإعجوبة والراجل اداني بقيت حسابي ومشاني ...

-طيب مفكرتش تصطاد لوحدك بعدها...

هز الصياد رأسه وقال:

-لا قررت ادور علي شغل تاني ..

-طيب ودلوقتي شغال ايه ؟!

قالتها بفضول ليرد ببساطة:

-تاجر مخدرات ...

انفجرت بالضحك وقالت:

-لا اتكلم بجد شغال ايه وازاي بقا عندك الفلوس دي كلها ...اوعي تكون بتخطف بنات وتسرق اعضاءها ..

ابتسم وهو يضع  قبلة سريعة علي خدها ويقول:

-فكرة حلوة هعملها بعد ما اتوب من تجارة المخدرات

نظرت اليه بضيق فقال:

- عندي شركة سياحة اللي ابوكي كان شغال معايا فيها  ...

بهتت تماما عندما ذكر والدها وأطرقت برأسها ليمسك هو ذقنها ويرفع راسها ويقول:

-اسف لاني ضايقتك ..

اتسعت عينيها بدهشة ليبتسم هو ويقول بإفتتان:

-تعرفي ان عينيكي بالذات مش بتفارقني ابدا سواء نايم او صاحي...عيونك جميلة اووي يا وعد ...عاجباني لدرجة اني لما اقتلك هحتفظ بيهم بس هبيع باقي اعضاءك ...

ضربته بقوة علي كتفه ليضحك هو ويمسك كفها ويقول:

-الالم خف ولا اجيبلك مسكن ؟!

هزت راسها وقالت:

-لا خف ...

-جميل ...تعالي بقا عشان تشوفي  كيتي ..

-مين كيتي دي ؟!

ابتسم وهو يجرها خلفه قائلا:

-قطتي اللي مربيها ...

-الله انا بحب القطط ...

قالتها بحماس ليرد ضاحكا :

-عقبال ما تحبيني ..

-في احلامك .

قالتها ببرود

.......

صراخ وعد شق هدوء المكان بينما تلتصق بالصياد الذي يضحك قائلة:

-تمساح...مربي تمساح يخربيت جنانك !!

ضمها إليه بقوة وقال:

-ايوة عشان بعدين لو مسمعتيش كلامي هيجيبك هنا عشان يأكلك!!

.........

نهضت من فراشها بالمشفي وهي تشعر بالتوتر ...قلبها يقصف داخل صدرها بقوة ...لا تعرف لماذا تشعر بكل هذا التوتر ...رغم اللهفة التي تملأ قلبها لكي تراه الا ان التوتر يسيطر عليها ...وقفت وهي تعدل من وضعها المذري ...كانت ترتدي زي المشفي البشع بينما شعرها مبعثر ...عينيها حمراء ومنتفخة ...ضحكت بخفوت وهي تتخيل ان يوسف قد يرتعب إن رأها ...
ولجت والدتها للغرفة وابتسمت لها وقالت:

-كلمت الدكتور وقال ممكن تخرجي ..

-انا عايزة اشوف يوسف الأول 

قالتها بخفوت لتهز والدتها رأسها وتقول:

-طيب يا بنتي هو صحي دلوقتي هنشوفه سوا كلنا ...

ثم خرجا سويا ...كان قلبها ينتفض داخل صدرها متحمسة كثيرا لتراه ..ولجا الي غرفة يوسف ...قصف قلب حياة وهي تراه ...كان وجهه شاحب ولكن عينيه التي لمعت عندما راتها جعلته اوسم رجل في العالم ...احمر وجهها عندما احتلت هي انتباه الجميع ...اقتربت من يوسف وقالت بخفوت:

-الف سلامة عليك ...

ابتسم لها وكاد ان يرد الا ان دقة علي الباب بتردد اوقفته ..نظر ليجدها والده حسام!!!

-انتِ ايه اللي جابك هنا؟! مش كفاية اللي حصل بسبب ابنك!!

قالتها والدة حياة بعصبية ...

-ماما اهدي ..

قالتها حياة ..لتصرخ والدتها وهي تقترب من مريم :

-كنتِ عارفة ان ابنك مدمن وخلتيه يخطب بنتي ليه إن شاء الله كنتِ واخداها مصلحة اجتماعية تصلح اخلاق ابنك البايظة !

-يا ماما اهدي شوية ..

قالتها حياة وهي تنظر بشفقة لمريم التي تبكي بخجل ولكن والدة حياة لم تهتم بل اخذت توبخ مريم بقسوة وتقول:

-يعني بنتي هتربي ابنك اللي انتِ معرفتيش تربيه ... واحد مدمن ليه تخليه يخرب حياة بنات الناس ...انت واحدة معندكيش دم ولا احساس وانا مش عايزة اشوفك ...

-يسرية اسمعيني بس ...

-خلاص اسكتي ...روحي من هنا مش عايزة اشوف وشك ...اعتبري ان ملكيش صاحبة ..أنا ميشرفنيش أنك تبقي صاحبتي ...حسبي الله ونعم الوكيل فيكي انتِ وابنك كنتوا هتضيعوا بنتي من ايديا  ...

-يا ماما كفاية بقا ...كفاية !!

صرخت حياة بقهر بينما قالت مريم:

-امك عندها حق يا حياة ...أنا كنت عارفة انه مدمن بس متكملتش بس والله هو وعدني انه هيبطل ...أنا مفتكرتش انه هيعمل كده سامحيني يا بنتي ...بالله عليكِ ما تزعلي مني ...

ثم ذهبت سريعا وهي تبكي ...

القت حياة علي والدتها نظرة عتاب ثم خرجت خلف مريم ...

...

-طنط مريم استني شوية ...

قالتها حياة وهي تركض خلفها ...وقفت مريم وهي تمسح دموعها وابتسمت لحياة ابتسامة حزينة ...كانت تشعر بتأنيب الضمير لما سببته لتلك الفتاة التي كاد ابنها ان يدمر حياتها ...لقد عرفت من البداية ان حسام لن يفي بوعده ...عرفت انه سوف يعذب حياة ولكنها بأنانية صمتت وانتظرت بأمل ان تصلح حياة الدمار الذي به لانها ظنت انه فعلا يحبها...

اقتربت حياة من مريم وامسكت كفها وهي تقول بخجل:

-اسفة يا طنط ...امي والله ...

شدت مريم علي كفها وقالت:

-امك عندها حق يا حياة ...أنا غلطانة اللي متكلمتش ومقولتش علي ادمان حسام ...أنا لما وديته المصح واتعالج افتكرت ان المشكلة خلصت وانه هيرجع طبيعي ...بس للأسف رجع تاني وحسيت وقتها كأني رجعت لوقت ما كان مدمن ...ساعتها انا انهارت وكنت ناوية فعلا اقولك لاني حرام اسيبك مخدوعة او حتي اقولك ان كل شئ قسمة ونصيب من غير تفاصيل ...بس هو اترجاني وقتها ...قال انه محتاجك ..وانا فكرت بأنانية ...

انسابت دموعها وأكملت بقهر:

-فكرت وقتها انه فعلا بيحبك وهيسمع كلامك ...بس للأسف  النتيجة كانت انتِ كان حياتك هتتدمر بسببه ويوسف كان هيموت وهو دلوقتي في السجن وانا اللي بلغت عليه بنفسي ..

بكت حياة وضمتها قائلة :

-متفقديش الامل يا طنط بإذن الله حسام هيتعالج ويبطل السم ده ولو حابة اتنازل عن اللي ...

هزت مريم رأسها وقالت:

-لا لازم ياخد عقابه ...

ثم ابتعدت عنها وهي تغادر...

ذهبت حياة الي غرفة يوسف لتجد الجميع علي وجههم ابتسامة ...

اقترب والد حياة وقال:

-يوسف بيقول انه عايز خطوبتكم الأسبوع اللي جاي ...

-افندم وليه محدش اخد رأيي افرض رفضت ...

نظر إليها يوسف وقال :

-وانتِ هترفضيني مثلا؟!!

احمر وجهها تحت نظراته ليقول يوسف:

-اهو السكوت علامة الرضا .

........

بعد اسبوع...

كان يراقبها من بعيد ...مر أسبوع وهو يراقبها بتلك الطريقة ...يحاول ايجاد أي ثغرة صغيرة كي يجعلها تسامحه ...كلامه مع والده اعطي له دفعة وجعله يشعر بتأنيب الضمير لانه لم يأخذ بثأر والدته من هذا القاتل...لقد فعل والده ما في وسعه واتي دوره الآن ...تنهد بحزن وهو يفكر أن ملاك صعبة الارضاء كثيرا  فهي رغم ما فعله لم تسامحه حتي الآن ...فماذا ستفعل عندما تعرف انه يستغلها للإنتقام...بالتأكيد سوف تطلق النار عليه ...ابتسم بتسلية وهو يفكر انها حقا امرأة قوية ... عبس وهو يفكر انها المرة الاولي التي يفكر في رد فعل ملاك عندما تعرف  ..وحقا لا يفهم لما اصبحت تحتل تفكيره بتلك الطريقة ...المرعبة!!!

نعم هو يشعر بالرعب من هذا الغزو من ناحيتها ...انه يشعر انها تغزوه...تغزو افكاره ...تتسرب داخل روحه ... ملاك تجعله يشعر بشعور مخيف للغاية ...شعور لم يختبره من قبل ...حتي مع ليالي ...اغمض عينيه بيأس وهو يفكر ...هل حقا احب ابنة عدوه ...ما تلك الكارثة ...هذا ما كان يحذره منه والده ...لقد اخبره انه سوف يتأثر بها ...فتح عينيه وهو يهز رأسه ...يحاول أن يطرد تلك الافكار السخيفة من عقله ...ليته فقط يستطيع أن يبتعد عنها حتي يخرجها من رأسه ولكنه للأسف مجبور علي الاقتراب منها حتي يأخذ ما يريده ...تنهد بضيق ولكنه فجأة تجمد وهو يراها تخرج من النادي وتقف معه ...مع عاصم !!!خطيبها السابق ....نيران مؤلمة اشتعلت داخله ...شعر فعليا انه يغلي علي مراجل الجحيم ...انه يغار ... يغار عليها ...ضحك بسخط ...هذا حقا ما كان ينقصه !!ان يغار عليها ....كان يشعر بالقهر وهي تتكلم معه ...الغيرة الشديدة تفتك به ولأول مرة لا يستطيع السيطرة علي نفسه ويخرج من السيارة وهو يندفع بغضب إليها...قررت ان تعطيه فرصة وهو الذي يلهث خلفها من أيام لا !!!!...

امسكها بعنف من ذراعها وقال؛

-ملاك عايز اتكلم معاكي...

-عدي !!

قالتها بصدمة ثم اكملت بصرامة:

-ايه اللي انت بتعمله ده ...سيب ايدي !!!

-سيب ايديها يا محترم والا هكسرهالك...

نظر إليه عدي بغضب وقال:

-اخر مرة ضربتك بس ...لكن المرادي هقتلك فعلا !!!فأحسنلك ملكش دعوة ..

ثم نظر الي ملاك وقال:

-ملاك تعالي معايا عشان ميحصلش مشاكل ...حابب اتكلم معاكي .

دفعته عنها وقالت وهي ترفع راسها:

-بس أنا مش عايزة اتكلم معاك...مش عايزة ..وكفاية بقا سيبني في حالي اللي بيننا خلاص انتهي خالص ليه مش عايز تفهم ...عدي المرة الجاية اللي هتضايقني فيها هبلغ البوليس ..

شدها من ذراعها إليه وقال وهو يطحن اسنانه بغيظ؛
-قولتلك تعالي معايا مش عايز اعملك فضايح هنا ...هنتكلم وبعدين هسيبك ..يالا ...

ثم حاول سحبها معه دون رضاها ...

-عدي انت شكلك اتجننت صح ...ايه اللي انت بتعمله ده سيبني !! ...

تدخل عاصم وهو يزعق؛

-ما تحترم نفسك يا بني ادم انت و...

دفعه عدي حتي سقط ارضا وكاد ان يذهب ويضربه الا ان ملاك وقفت امامه وقالت:

-اخرج  برا حياتي يا عدي لاني خلاص مش عايزاك ...

تنهدت واكملت:

-انا رجعت لعاصم!!!

.......

-وعد ...وعد ...

كان صوته اللطيف يخترق احلامها ...ابتسم الصياد وهو ينظر إليها وهي نائمة...تبدو جميلة جدا وهي نائمة ولكن تبدو اجمل وهي مستيقظة...واجمل واجمل وهي تحاربه بتلك الشراسة التي لا يمتلكها احد مثلها ...لقد قضي معها اسبوع كزوجين وكم تغيرت مشاعره كثيرا في ذلك الأسبوع ....يشعر انه أصبح شخصا آخر تماما ...فالصياد الذي يخافه الجميع تقف هي في وجهه وتتحداه ...هو يحب الطريقة التي تتحداه بها ...يحب سخريتها منه ...ويحب تلك اللحظات التي تسمع له وتحاوره ناسية تماما ظروف زواجهما ... وعد تتسرب الي قلبه شيئا فشئ ...تلك المرأة خطيرة فلها قدرة علي السيطرة عليه رهيبة والاسوأ هو يحب هذا ...يحب أن يفعل ما تريده ...يحب ان يري ابتسامتها ...يحب ان يري عينيها تتألق وكم يتمني ان تتألق من اجله  ...

انحني وقبلها علي رأسها وقال مرة اخري :

-وعد اصحي ...

فتحت عينيها لتتراجع قليلا وقالت:

-خير عايز ايه مصحيني من احلي نومة ليه....لو ناوي تنكد عليا  اجلها لما افوق ...

ابتسم لها وقال:

-فوقي يالا هطلعك ...

ثم نهض لتقول بسخرية:

-ايه هتهربني منك!

نظر إليها مبتسما وقال؛

-لا عايزك تيجي معايا وتزوري قبر امي ..

اتسعت عينيها ونبض قلبها وهي تري تلك النظرة الخاصة في عينيه...لا تعلم لماذا ولكن طلبه اثر بها  كثيرا ...شعرت بقلبها ينتفض داخل صدرها ولم تشعر بنفسها الا وهي تعطيه ابتسامة لطيفة وتقول:

-حالا دلوقتي هلبس ...

.......

في المقبرة....

كان الصياد يمسك كف وعد ويسير بها ...نظرت اليه وعد بعمق ملامحه تغيرت تماما وحفر الحزن اثاره العميقة في ملامحه ...وقف أخيرا  امام قبر والدته وترك كف وعد ...تأملت وعد القبر بدهشة كان حوله ازهار كثيرا ...أحدهم يعتني كثيرا بهذا القبر وهي بالتأكيد عرفت من الذي يعتني به بتلك الطريقة ...نظرت الي الصياد الذي ركع بجوار قبر والدته وقال:

-انتِ أول واحدة اجيبك هنا تزوري معايا امي ...محدش بيزورها غيري ولا استنيت من حد يزورها غيري ...ومطلبتش كمان...انتِ الوحيدة اللي طلبت منك تيجي هنا يا وعد ...اللي مدفونة هنا ...

قالها الصياد وهو يلمس القبر بيديه بينما دموعه الساخنة تتساقط علي كفه وأكمل:

-اللي مدفونة هنا تبقي كل حياتي حرفيا يا وعد ...ماما هي اكتر واحدة حبيتها ولسه بحبها ...أنا كبرت ومعرفتش غيرها ...ابويا مات وانا عندي شهرين فمعرفهوش ...امي كانت الاب والام ليا وواحدة واحدة بقت هي كل حياتي ...عملت كل اللي اقدر عليه   عشانها....كل اللي اقدر عليه  عشان تبقي معايا بس مكانش كفاية ....امي سابتني ومن وقتها أنا انكسرت فعلا ...

تسربت الشفقة لقلب وعد وجلست بجواره وهي تربت علي كتفه ...امسك هو كفها ونهض وهو يمسح دموعه وقال؛

-وعد انا ممكن اكون أسوأ انسان في العالم برا المكان ده بس اعرفي انا هنا قدام امي صادق معاكي تماما ..

-مش فاهمة.   

قالتها هي بتوتر ليرد هو قائلا:

-انا مش عايز اطلقك ...

اتسعت عينيها بصدمة ليقول هو بكلمات غير مترابطة قليلا:

-انا معرفش أنا مالي بس فيه مشاعر من ناحيتي ليكي ....مشاعر قوية ...عنيفة ...بحب جدا ابقي معاكي ...مبحسش بالوقت ...بحب اتكلم معاكي ...بحب سخريتك وكلامك الحاد .... انتِ كنتِ فريستي يا وعد بس في اغرب احلامي مكنتش اتخيل ان الصياد يحب الفريسة ...الخلاصة اني معجب بيكي وعايز جوازنا يستمر !!...

اتسعت عينيها بصدمة وازداد معدل تنفسها ليقترب هو منها ويلمس وجنتها قائلا:

-موافقة تديني فرصة نبقي سوا يا وعد ...مع بعض للأبد!!!
كانت تنظر إليه بصدمة ...كان يعرض عليها أن تكون معه للأبد ...تراجعت خطوة ولكنه لم يسمح لها أن تبتعد ...حاصرها وهو يمسك كفها ويقول بصدق:

-عارف اني اذيتك وعارف اني بشع عمري ما هجمل نفسي بس انا بجد محتاجك في حياتي يا وعد ...أنتِ بنفسك قولتي أن جوايا نقطة بيضة بتحارب السواد اللي جوايا....أنا عايزك تحاربي معايا السواد اللي في روحي ...اديني فرصة يا وعد اصلح اللي عملته واوعدك اني مش هخذلك ...لكن ...

صمت قليلا وهو يشعر بثقل غريب علي قلبه ...فكره الابتعاد عنها تقتله ...لم يتخيل ابدا أن يصبح مهووسا بها لتلك الدرجة...متي أصبحت فريسته هي الصياد وأصبح هو الفريسة ...متي وقع في الفخ لا يعرف بالضبط ولكن جل ما يعرفه أنه وقع بالفخ وهو سعيد للغاية ...وجوده مع وعد اصلح الكثير ...يشعر أن وجودها يرمم قلبه.....  يقتل السواد بداخله ...اغمض عينيه وقرر أن يعطيها حرية الاختيار ..قرر الصياد أن يعطي لفريسته حرية الهرب أو تبقي في سجنه للابد ...تبقي في نفس السجن الذي وقع هو فيه ...سجن العشق وبقا هو سجين العشق  !!

تنهد الصياد وقال:

-لكن لو عايزة انك تتحررِ مني انا معنديش مانع ...بس فكري يا وعد أنا مستعد اجيب العالم كله تحت رجلك ...مستعد اعمل المستحيل عشان تحبيني وتبقي معايا ...اديني فرصة احاول ومترفضيش علطول لو سمحتي...

نظرت اليه وعد بعمق ...كانت مشتتة ...هو يعطيها الحرية الان ...الحرية لتبتعد عنه ...كان من المفترض ألا تفكر مرتين وتهرب منه ولكن لا تعرف لماذا ولكن شعرت بأن ساقيها مثبتة في الأرض بينما عينيها تنظر إليه بذهول ...ذهول من هذا الرجل الذي ظنته بلا قلب ...ها هو يعرض قلبه بل كل حياته عليها ...هل احبها ؟!!معقول ...كيف يحبها بتلك البساطة وهو الذي كان يهذي بإسم محبوبته منذ فترة ليست بالطويلة ...كيف للمرء أن يحب بتلك السرعة بل هي كيف تفكر بعرضه من الأساس ...لقد أعطاها حريتها لماذا لا تهرب؟!!تبتعد عنه وتعود لحياتها المملة الآمنة ...لما تبقي مع رجل خطر كهذا يحرك داخلها عواصف لا تفهمها ...نعم رغم كرهها لهذا الا انها تعترف أن الصياد حرك داخلها مشاعر فشل يوسف في تحريكها ...مشاعر ظنت أنها ماتت منذ زمن ...لقد ظنت احيانا أنها باردة لا تشعر ولكن معه هو أصبحت مشاعرها تجاه هي نقطة ضعفها ...اصبح قلبها هو الذي يحركها لذلك قالت دون وعي حتي:

-موافقة ...

.... .......

في المساء ...

كان يقف بجوار فيلتها ....لم يصدق أنها سوف تعود لعاصم هذا ...مستحيل أن يصدق هذا ...منذ أن أخبرته وقد انفجرت براكين غضبه ونسي كل شىء إلا هي ....ماذا تفعل إن كانت نارين تشتعل بك ...نار الانتقام ونار العشق والغيرة...كلاهما مؤلمين للغاية وهو احترق بالاثنين ...تائه هو بين انتقامه وعشقه ...لا يستطيع التخلي عن. انتقامه ولا التخلي عنها ..ماذا يفعل الان ...كلما قرر أن يقاوم تأثيرها عليه يجد نفسه يغرق بها أكثر ...يفكر بها أكثر هي احتلته وانتهي أمره ...عرف أن وضعه ميؤوس منه عندما رآها مع عاصم  اشتعلت نيران الغيرة به وكاد أن يقتل هذا الرجل لانه يحاول سرقتها منه ...

تنهد واخرج هاتفه وهو يرسل لها رسالة ...تلك الرسالة بالذات كانت من قلبه مباشرة ...لقد خرجت من قلبه إليها هي ....

........

كانت ملاك متسطحة علي الفراش ...دموعها تتساقط...تشعر بألم كبير في قلبها ...يا الهي لماذا احبت مرة أخري إن كان سيكون  جزاءها  الالم والعذاب ...لقد انكسر قلبها مرة أخري والاسوأ أنها ما زالت تحبه ...ما زالت تفتقد وجوده ...هي لم تعشق أحد كما عشقته هو ...حتي عاصم لم تتألم هكذا عندما تركته ...رغم أن وجودها مع عاصم مدة أطول من عدي ولكن تأثير عدي عليها كبير ... لقد تسلل الي روحها حتي أصبح هو الحياة لها وبدونه هي ضائعة ...حزينة ومحطمة....صوت رسالة علي تطبيق الواتس اب أخرجها من شرودها...دق قلبها بعنف وهي تشعر أن تلك الرسالة منه هو ...بلهفة أمسكت هاتفها ودموعها تساقطت وهي تري المرسل ...أنه هو ...ابتسمت من بين دموعها وفتحت الرسالة بلهفة لتتسع عينيها الرمادية بدهشة وهي تقرأ رسالته:

-انا جمب بيتك ...

بلهفة فتحت التراس وأخذت تبحث عنه لتجده فعليا يقف تحت المنزل بجوار سيارته  ينظر إليها بيأس والحزن يرسم خطوطه علي وجهه ...تألم قلبها وهي تراه بتلك الحالة ...شعرت ولأول مرة الضعف يتسلل إليها ...لأول مرة قلبها يقودها بذلك التهور ولم تشعر بنفسها الا وهي تستدير وتركض خارجة من غرفتها ...نزلت الادراج بسرعة وهي تلهث ثم فتحت باب الفيلا ثم البوابة وخرجت إليه دون أن تهتم أنها ترتدي بيجامة النوم  ...توقفت وهي تلهث عندما رأته كان ينظر إليها وهو لا يصدق أنها أتت ...أخذ قلبه يدق بعنف وابتسامة مرتجفة ترددت علي شفتيه ولم يشعر بنفسه الا وهو يفتح ذراعيه لها وبالفعل دون تردد ركضت ملاك ثم اندفعت بين ذراعيه وهي تبكي ....

ابتسم عدي بذهول وهو يضمها أكثر إليه ...قبل رأسها وقال وهو مبهوتا:

-افتكرت ان هقضي طول حياتي اطلب منك السماح يا ملاك ...فقدت الامل انك تسامحيني ...أنا مش قادر اصدق انك اخيرا سامحتيني..

لم تتكلم هي وبقت تضمه إليها بصمت ودموعها تنكسب...مرت لحظات وهي بين ذراعيه...ثم ابتعدت عنه اخيرا بينما وجنتيها مخضبة بلون الدم من شدة الخجل ...أخذ عدي يداعب شعرها بينما عينيه رطبة بسبب الدموع ...هو سعيد الان ...سعيد أكثر مما يتخيل....لقد انتهي الأمر وهو يعترف أنه يعشقها هي ...هي فقط ...لم يعشق أحد مثلها وسيفعل المستحيل من أجل أن تبقي معه...ولكن فجأة شعر بغصة في حلقة وقال؛

-عاصم ...

هزت راسها وهي تمسح دموعها وتقول:

-مرجعتش ليه ...كنت بكدب عليك عشان تبطل تلحقني ...وقتها هو قابلني في النادي صدفة وكان حابب يتكلم معايا بس انا ...

احتوي عدي وجهها بين يديه وقال بغيرة:

-اوعي في يوم تتكلمي معاه حتي انتِ فاهمة ..

دفعته هي وقالت بقوة:

-دي اخر فرصة يا عدي لو غلطت في حقي تاني والله ما هسامحك انت فاهم ...

ارتعش قلبه بخوف وهو يهز رأسه ....وللمرة الاولي يخاف لتلك الدرجة من فقدانها ...يبدو أن الحب انتصر علي الانتقام !....

......

في منزل والد عدي ...

ولج عدي للمنزل وقال فجأة:

-هدور علي طريقة تاني عشان اقبض علي عامر النجار ...بس خرج ملاك برا حساباتنا !

.........

في احد القاعات ...

كان حياة تتألق وهي تتأبط ذراع يوسف ...يوسف حبيبها الذي اخيرا أصبح لها ...بعد أن حطمها كثيرا ...حاولت أن تمنع دموعها من الظهور وهي تتذكر هذا ...أنبت نفسها لأنها تجعل الشيطان يتلاعب في عقلها في هذا اليوم السعيد .....قررت أن تكون سعيدة الليلة ...لن تجعل أحد يعكر مزاجها ...ستنسي الجميع وتبقي مع الشخص الذي كاد يموت من أجلها. ...جلسا علي الكرسي المخصص للعروسين اخيرا ..بينما قلب حياة كان يقفز بسعادة ...كانت عينيها تلمع بسعادة كبيرة ...الليلة خطبتها علي من تحبه ...الليلة هي ليلتها فلتسعد قليلا ...

اقترب يوسف من أذنها وقال:

-الليلة أنتِ اجمل واحدة شوفتها في حياتي يا حياة ...

ضحكت بخجل وهي تنظر إليه وتنظر الي فستانها الكريمي الرقيق الذي اختارته مع عقد مع فصوص كريمية اللون يلائمه تماما ...بدت بسيطة ولكن جميلة للغاية ...هزت رأسها وقالت بخجل:

-شكرا ...

ابتسم لها وهو يفكر أنه كاد أن يخسر حياة بسبب غباؤه ولكن الله أعطاه فرصة اخري ليصلح الوضع معها وهو بالتأكيد سيستغل تلك الفرصة ...لقد عرف الان أنه يحب حياة ...يحبها بقوة ليس مشوش ولكن بالفعل يحبها ويريدها في حياته ...يريدها زوجة له ...ام لأطفاله ....يتخيل حياتهم سويا كيف أنها سوف تشاركه كل شئ ...

قبض يوسف علي كف حياة. وقال:

-انا بحبك فعلا يا حياة ...بحبك اكتر مما تتخيلي 

كادت تذوب من الخجل ...وابتسمت له وقالت بخفوت:

-وانا كمان بحبك ..

ابتسم يوسف بسعادة بينما اقتربت والدته ووالدة حياة ومعهما الخواتم ....وتذكر اول مرة خطب فيها حياة ...وقتها كان يشعر بالضيق لا السعادة ...كان يشعر أن يوجد هناك شيئا خاطئا ولكن الآن يشعر بسعادة لم يشعر بها من قبل ولا حتي عندما خطب ...

هز رأسه وهو لا يريد التفكير بها ....يكفي ما فعلته به ...لا يريد حتي استحضار صورتها ...لا يريد أن يفكر بها ...فمجرد التفكير في وعد خيانة لحياة

 ...ابتسم وهو يمسك الخاتم ثم وضعه في اصبع حياة برقة ...ابتسمت حياة وهي تنظر لقيده الذي وُضع بيده ولم تعترض إذ أن قيود عشقه وُضعت منذ زمن علي قلبها !!!

.......

انتهت الخطبة وجلسا حياة ويوسف سويا في منزل حياة ليتكلما بمفردهما....كان يوسف ينظر إلي حياة بإفتتان وقال:

-ايه رأيك نقدم الفرح شوية ؟!

ضحكت حياة برقة وقالت:

-احنا خطوبتنا كانت من ساعة وانت بتفكر في الفرح ..لا انسي انا عايزة خطوبتنا تطول عشان ادرس اخلاقك 

-تدرسي أخلاقي ؟!!ده انا كنت هموت بسببك 

قالها بإستهجان ...لتضحك هي برقة ولكن فجأة ملامحها أصبحت باهتة ولمعت عينيها بالدموع

-حياة مالك يا حبيبتي ؟!

قالها يوسف بقلق ...

-انت لسه بتحب وعد؟!

قالتها حياة فجأة وقلبها يقصف داخل صدرها ...لا تعرف ما الذي يجعلها تفتح الدفاتر القديمة وتذكره بها ولكن نيران الغيرة في قلبها لا ترحمها وهي تتذكر تلك الفتاة التي بسببها تركها يوسف ...لقد كرهت وعد حتي دون أن تتعامل معها حتي ...نظرت إليها دوما علي انها المرأة التي خطفت حبيبها وهي لا تحبه من الأساس ...

نظر إليها يوسف بحيرة ورد:

-ايه اللي جاب سيرة وعد دلوقتي ؟!وليه افتكرتيها فجأة؟!

-وانت ليه مش راضي ترد ؟! 

قالتها بتحدي ثم أكملت:

-ولا تكون لسه بتحبها ...

نهض يوسف وزعق بها :

-لا أنتِ مش طبيعية النهاردة يا حياة ...مالك؟!ليه مصرة تنكدي علينا؟! ...

تصاعدت الدموع في عينيها وقالت بصوت مختنق:

-عايزة اتأكد أنها لما تظهر تاني في حياتك متسبنيش وتجري وراها!

تنهد هو وجلس بجوارها وهو يمسك كفها ويقول :

-عمري ما اعمل كده ...وعد خلاص خرجت برة حياتي بس أنتِ في حياتي يا حياة وانا عمري ما هزعلك وهثبتلك اني بحبك أنتِ وبس ..
-انا مش مصدقاك ..

قالتها بألم وذكري تركها من أجل اخري تلاحقها لينهض هو ويقول:

--يووه هي طالبة معاكِ نكد فعلا وانا راسي وجعاني ..

ثم تركها وذهب بينما هي انفجرت في البكاء

.......

بعد اسبوع 

في مستودع الصياد ...

كان يجلس علي كرسيه ينفخ سيجارته بعمق بينما احد رجال موردي المخدرات جالس بجواره وهو يعرض عليه بضاعته قائلا:

-ده نوع جديد يا صياد ...مستر جاك عرف أنك رفضت بضاعة المرة اللي فاتت بس ده نوع معتبر وهو موصي جدا اراضيك واتفق معاك ...

امسك الصياد الكيس وهو يعاينه وللمرة الاولي يشعر أنه متضايق لتلك الدرجة ...صحيح أنه كل مرة يشعر بالضيق ولكن تلك المرة يشعر بشئ ثقيل يقبع علي صدره يمنعه من التنفس ...يشعر بالقرف والاشمئزاز ولكنها تلك ستكون صفقته الأخيرة عندها سوف يتوب من هذا العمل .....

تنهد وهو يفتح الكيس ويتذوق البضاعة ...هز رأسه برضا تام وهو يقول للرجل :

-جميل احنا هنأخد ضعف الكمية المرادي لأن دي هتكون اخر صفقة لينا معاكم ....

ابتسم الرجل وهو يقترب منه ويقول بخبث:

-عرفت أن عمك ناوي يبطل تجارة وعنده حق هو كبر دلوقتي ..لكن يا صياد انت لسه صغير ...ومستر جاك معجب بيك جدا ...انت اكتر واحد تقدر توزع البضاعة داخل البلد بإحترافية ومن غير ما يتقبض عليك ...ايه رأيك تبقي انت المستورد الرئيسي للبضاعة بتاعتنا والربح كله هيبقي ليك ...

ابتسم له الصياد بسخرية وقال:

-للاسف أنا كمان دي اخر صفقة ليا ...

بهت الرجل وقال:

-مش عايزين نخسر واحد زيك ...مستر جاك بيحب التعامل معاك اوووي ...

قاطعه الصياد وقال:

-وانا مقدر مستر جاك والله بس انا وعمي اخدنا قرارنا ...احنا هنبطل ...قول لمستر جاك طلبي وحددوا معاد الشحنة تمام !

هز الرجل رأسه بالإيجاب .

..........

-برافو يا صياد ...

قالها عامر وهو يعطيه كأس اخدته الصياد منه وشكره بخفوت ...

جلس عامر بجواره وقال:

-حرفيا دي هتبقي اكبر عملية في تاريخنا يا صياد ...هتكون العملية الافضل لينا  ...هنكسب دهب من وراها  بعدها نعتزل الشغلة دي ونخلص ... وبعدين اقضي الباقي من حياتي اراعي لملاك واجوزها من انسان يستحقها ...

ابتسم الصياد وقال :

- هنجوزها لواحد محترم اكيد يا عمي  ....

نظر إليه عامر وقال:

-لسه بتحبها ...بتحب ملاك ..

تفاجئ الصياد بهذا السؤال وقال:

-ايه مناسبة السؤال ده دلوقتي؟!!

هز عامر كتفه وقال :

-عايزة اتأكد انك لسه مش زعلان ...

هز الصياد رأسه وقال بصدق:

-لا متقلقش مش زعلان !...

ضحك عامر وقال:

-طبعا هتزعل ليه انت دلوقتي عريس جديد واكيد مبسوط مع مراتك 

ابتسم الصياد عندما اتي بذكر زوجته ...ارتعش قلبه والسعادة طفت علي وجهه ...

-شكلك مبسوط اووي معاها يا صياد  ...شكلها دي اللي هتغير الصياد وتخليه جاسر وبس ...

هز رأسه وقال :

-انا فعلا مبسوط اووي معاها ...اول مرة اكون مبسوط للدرجادي ...مكنتش اتخيل أنها هتأثر فيا للدرجادي ...محدش اثر فيا بالشكل ده بعد أمي غيرها ...

امسك عامر كف الصياد وقال بصدق:

-انا فعلا مبسوط عشانك يا جاسر ...مبسوط انك لقيت الحب الحقيقي ...لقيت الإنسانة  اللي قدرت  تأثر فيك بالشكل ده ...لقيت هدف تعيش عشانه ..

ربت الصياد علي كف عمه وقال :

-وانا كمان مبسوط يا عمي ...

ابتعد عمه وتنهد وهو يكمل :

-المهم دلوقتي فيه موضوع مهم لازم نناقشه يا صياد ...

نظر إليه بحيرة فرد عامر:

-مالك العمري مش سايبني في حالي ...بيدور ورايا ومعرفش من فين جاتله المعلومة دي بس  هو عرف أننا هنعمل اكبر صفقة في شغلنا ومتلهف يعرف المكان والمعاد...

هز الصياد رأسه وقال:

-انت خليت الراجل ده عدوك لما قتلت مراته يا عمي ...للاسف مالك العمري مش سهل ومش هينسي اللي عملته في مراته ...أنا حذرتك بس ...

-كان لازم أوقفه عند حده ...

زعق عامر ثم أكمل :

-مالك كان بيحاول يثبت بأي طريقة اني تاجر مخدرات .و...

-بابا ..

قالتها ملاك وهي تدخل ليبهت عامر ويقول وقد شحب وجهه كالاموات:

-ملاك !!!!
تبادل كل من الصياد وعامر النظر بقلق بالغ وهما ينظران الي ملاك التي اقتحمت المكان فجأة ...كان كلاهما يشعران بالرعب ...يعرفان ان ملاك لن تتحمل ان تعرف ان والدها تاجر مخدرات ..لقد حاولا كثيرا كي لا تعرف بهذا الأمر ...تكلم أولا عامر وقال:
-ملاك أنا ...
هزت ملاك رأسها  بحيرة وقالت :
-فيه حاجة يا بابا ...مالك شكلك متوتر ليه...فيه حاجة مخبينها عني؟!
تنهد جاسر براحة بينما ابتسم عامر واقترب وعانق ابنته وقال:
-لا يا حبيبتي مفيش حاجة ...
ابتعد عنها وأكمل :
-انتِ كنتِ عايزة حاجة ..
هزت ملاك راسها بالسلب وابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت:
-لا جيت اقولك اني طالعة دلوقتي علي الشغل وهتأخر شوية ...
-تمام يا حبيبتي ...
خرجت ملاك مسرعة لينظر عامر الي جاسر ويقول:
-كنا هنتمسك ..
.......
استقلت ملاك سيارتها بسرعة وهي تمنع دموعها من الانهمار...لا تصدق ما سمعته !!والدها تاجر مخدرات !!!لقد حاولت جاهدة الا تظهر انفعالاتها حتي لا يعرف انها سمعت ...حتي لا يعرف ان صورته في عينيها اهتزت كثيرا ....قادت سيارتها بسرعة كبيرة وهي تتنفس بسرعة ...تشعر وكأن جسدها اصبح كقطع من الجحيم ...انها تغلي....قلبها ينعصر وروحها تنصهر  ...والدها ...الشخص الذي كان المثل الاعلي لها لا يكون الا تاجر مخدرات ومجرم دمر حياة الكثيرين ...كيف يفعل هذا ؟!وكيف خدعها بتلك الطريقة؟!اخذت تضرب علي المقود بغضب وهي تصرخ بألم بينما دموعها تتحرر اخيرا محررة معها شهقاتها...انها تموت ...تموت الآن بسبب ما عرفته ...
أخيرا وصلت الي المنتزة الذي من المفترض ان تقابل فيه عدي ...خرجت من السيارة وجلست علي العشب وانفجرت بالبكاء ...كانت تتنفس بصعوبة ... عالمها الخيالي تحطم علي راسها...والدها المثالي الذي عشقته اكتشفت انه مجرم وكذلك جاسر ...جاسر صديقها وابن عمها ...كيف تم خداعها بتلك الطريقة ...كيف ...
-ملاك ...ملاك مالك؟!
قالها عدي بفزع لملاك التي تبكي بعنف ...نظرت إليه ملاك وهي تبكي ...كانت تبكي ولا تقول شيئا ...ضمها إليه بقوة للحظات ثم ساعدها علي النهوض وادخلها سيارته وقاد بعيدا ...
.......
-يا ملاك ابوس ايديك بقالي ساعة بترجاكي تحكيلي ايه اللي حصل ...أنا مرعوب عليكِ ..ليه بتبكي حد ضايقك ...
كانت وكأنها فقدت القدرة علي التواصل ...لم تكن تستمع اليه من الاساس ...كانت تبكي فحسب وكلمات والدها ترن في اذنها ...هي تشعر الأن وكأنها في كابوس بشع تتمني ان تستيقظ منه ....
دق قلب عدي برعب ...انها تبكي وهو عاجز عن فعل اي شئ ...هو يتألم لألمها...بل يتألم اكثر منها ...يتمني ان ينتزع الألم الذي في قلبها ويزرعه في قلبه ...امسك عدي وجهها وجعلها تنظر في عينيه وقال بهدوء:
-ملاك ايه اللي حصل ...انتِ كده بتخوفيني عليكِ بقالك ساعة بتبكي وبس ...مين زعلك بس قوليلي...من ضايقك ...ايه اللي حصل ؟!قوليلي عشان دماغي هتنفجر من كتر التفكير ...
شهقت ودموعها تنسكب من عينيها وتقول :
-حياتي كلها كانت كدبة يا عدي ...أنا كنت عايشة في كدبة كبيرة ...عايشة في كدبة ان بابا راجل مثالي ...راجل شريف ...بس مطلعش هو الانسان اللي كنت وخداه قدوة ليا يا عدي ...
ابتلع ريقه وتراجع عنها وقد فهم ... لقد عرفت هوية والدها الحقيقي ...عرفت انه مجرد مجرم تاجر مخدرات ...دمر حياة الكثير ...لقد تلقت ملاك أكبر صدماتها للتو ولا يعرف ماذا سيكون رد فعلها عندما تعرف حقيقته ...تعرف انه تقرب منها فقط للانتقام ...بالتأكيد لن تسامحه ...فكر بحزن بينما يجذبها إليه ويربت علي كتفها قائلا:
-كل حاجة هتتصلح ...اوعدك .
مسحت دموعها وقالت فجأة بتهور:
-عدي خدني بعيد عن هنا ...مش عايزة افضل مع بابا تاني ...مش هقدر ...تقدر تأخدني بعيد عنه ...
تطلع إليها بصدمة وقال:
-نهرب سوا يعني ...
هزت رأسها وهي تبكي ...
امسك كفها وقال:
-ملاك اهدي ...مهما حصل في بيتك فكري قبل ما تتصرفي اي تصرف متهور ...
هزت راسها وهي تشعر بالنيران تشتعل بقوة في روحها وقالت:
-عدي لو فضلت في البيت بتاعنا هنتحر ...مقدرش خدني ابوس ايديك ...خلينا نهرب مع بعض ...أنا...أنا ...
عانق وجهها وقال:
-انتِ دلوقتي متعصبة ومتضايقة ومنهارة ...تفكيرك مش سليم ...اهدي وكل حاجة هتتصلح بس الهروب من مشاكلنا مش حل .....
أبعدت كفيه عن وجهها وقالت:
-افهمني لوفضلت هناك هموت ...انت عايزني اموت يا عدي ...أنا هموت صدقني...أنا ...
-موافق خلاص موافق بس بشرط هنهرب بعد اسبوع  مش النهاردة يا ملاك اكون ضبطت اموري وبعدها نتجوز وساعتها محدش هيقدر يأخدك مني ...ماشي ...
هزت راسها وهي تبتسم ليبادلها هو ابتسامتها بحزن ...كانت فرصة ذهبية له لتبقي ملكه فقط ويتأكد أنها لن تتركه ولكن لن يضعها في هذا الموقف ...هو حتي رفض أن يستغلها ويجعلها تتكلم عما جعلها حزينة لتلك الدرجة وهو متأكد مليون بالمائة أن والدها هو السبب ...تلك المسكينة لقد تهاوي عالمها الوردي تماما بعد ما عرفته ...ملاكه الصغير يعاني كثيرا !
.........
-بقالك اسبوع رافضة تكلميني يا حياة ..اسبوع متجاهلاني ...
قالها يوسف بعد محاولات عديدة للتواصل معها عبر الهاتف وعندما لم يجد فائدة قرر ان يأتي الي منزلها بعد ان عرف ان العناد لن يحل شيئا ...بعدما ادرك انه مخطئ ...حياة لديها كامل الحق ان تفقد الثقة فيه بعد كل ما حدث ...هو لا يلومها...لقد تخلي عنها في الماضي بأسوأ طريقة ممكنة وحطم قلبها وركض خلف سعادته الوهمية دون ان يهتم بذلك القلب الذي حطمه ...دون ان يشعر بثقل علي ضميره يمنعه من هذا ...هو الآن يشعر بالنار التي كانت تشتعل غيرها ...فهو اصبح يعشقها ولو حدث وتركته من أجل احد آخر  لكان جن تماما ...لم يكن ليسامحها ابدا حتي لو ركعت علي ساقيها  ...إذن لماذا يغضب عندما تظهر قلة ثقتها به ؟!.... الشجار ليس حلا ...حياة فاقدة الثقة به والاسوأ أنها فاقدة الثقة بحبهما ونفسها أيضا وهو عليه أن يعيد تلك الثقة لن يضعها في موقف يجعلها تشك بحبهما ابدا يجب عليه أن يخبرها أنه لا يحب وعد لقد نسيها تماما ...أخرجها برا حياته لأنها خائنة خانته وتركته في الوقت الذي تمسك هو بها ...اغمض عينيه وهو يخرج وعد من رأسه قسرا ..وولي اهتمامه لتلك التي ترفض الكلام معه ...مد يده ليمسك كفها ولكن حياة شدت كفها ونهضت بخفة ...ما زالت تشعر بالقهر منه ...ما زال قلبها مجروح ...لقد ظنت أنها تخلصت من الماضي ولكن الماضي لن يتركهما ...دوما سوف تقارن بينها وبين وعد ...دايما سوف تتسائل ما الذي كانت وعد تتميز به ليتركها يوسف ويهرع الي وعد غير آبه بقلبها الذي تحطم ...لقد حاولت كثيرا أن تخبر نفسها أنه مجرد ماضي ...ولكن الشيطان لا يسمح لها أن تنسي ...مصر أن يعكر سعادتها ويسرب الشكوك لقلبها ...تعرف انها تبالغ ...نعم هي متأكدة من هذا ولكن هي دوما كان لديها مشاكل بسبب الثقة بالنفس وعندما تركها يوسف تحطمت بقايا الثقة التي كانت تمتلكها ...دوما كانت تظن أنه يراها  لا تستحقه وحتي الان لديها هذا الشك ...لديها شك أنه إذا ظهرت وعد فجأة سوف يتركها بسهولة وينسي كل شىء ...
انتفضت وخرجت من شرودها وهي تشعر بيوسف خلفها يمسك كتفيها برفق ويقول:
-حياة أنا عارف اني جرحتك...عارف انك عندك حق متثقيش فيا ...وعارف اني غلطان ...مش ببرر لنفسي أنا اتصرفت بحقارة معاكي ...بس انا عرفت اني بحبك لما عرفت اني خسرتك ...لما شوفت دبلة غيري في ايدك ... شوفت ابتسامتك ليه حسيت بالقهر ..دي كانت أول مرة اجرب الغيرة اللي بالشكل ده ...اول مرة احس الغيرة تقتلني وانا حي لما شوفتك مع حسام ...ولما طلب مني ابعد عنك حسيت انك بتتسربي من حياتي وان لما تتجوزي حسام هيمنعك تشوفيني وصدقيني التفكير في كده قتلني ....لما اخيرا اعترفت بحبي وأنتِ تجاهلتيني اترعبت لما شوفت اني مش هامك ...وافتكرت أن خلاص بطلتي تحبيني ووقتها قررت اسيبك لحسام لو كان هيسعدك بس لما شكيت في سلوكه قررت احميكِ منه حتي لو هموت.....
تجمعت الدموع في عينيها وانسابت بسهولة وسرت رعشة في جسدها وهي تتذكر كيف أن يوسف لم يفكر مرتين قبل أن يقف في وجه حسام ...وكيف كاد أن يموت من أجلها ..ابتسمت من بين دموعها وهو يكمل :
-انا بس عايزة اقولك ...اني بحبك بطريقة محبتش بيها حد قبل كده ولا هحب ...أنا صحيح مستحقكيش لكن هعمل المستحيل عشان اسعدك وعمري ما هخليكي تبكي ده وعد ...
استدارت إليه وهي تبتسم بسعادة ليمسح هو دموعها ويقول فجأة:
-وحاجة كمان فرحنا بعد تلات اسابيع !
-نعم !!!
قالتها بصدمة ليرد ببساطة:
-زي ما سمعتي
...............
شهقت وعد عندما شعرت به يحاصرها من الخلف بينما يضع شفتيه علي رقبتها ...اغمضت عينيها وهي تشعر بقلبها ينتفض داخل صدرها...انه يهاجمها عاطفيا ...يستولي علي قلبها وروحها ...يغزوها حرفيا وهي من كانت دائما  ضد الهجمات العاطفية...تصدها بمهارة اصبحت الآن هشة امام هاجماته هو ...تذوب بين يديه وقلبها ينبض من اجله...لقد نست الكثير وهي بين بيديه ...نست انتقامها ...مبادئها ....نست كل شئ ولم تتذكر الا انها  زوجته ...ملكه وحسب وستظل ملكه طالما يحرك قلبها بتلك الطريقة العنيفة ...
ابتعدت عنه وهي تستدير ...تنظر الي عينيه الجذابة التي سلبت عقلها وقالت:
-وعدتني بشهر عسل ...
ابتسم وهو يطبع  قبلة علي وجنتها ويقول :
-فيه شغل كده بس اخلصه هأخدك ونلف العالم كله يا وعد ..
ابتسمت له بحب وقالت:
-نفسي اروح إيطاليا .. 
ضحك وهز رأسه قائلا:
-هوديكي إيطاليا ...فرنسا ...أي مكان تشاوري عليه ...هعوضك عن ايه حاجة وحشة شوفتيها مني او من حد غيري ....
ضمها إليه وقال بشرود وهو يتلاعب بخصلات شعرها ...:
-انا عايز ابدأ معاكي من جديد يا وعد ...بداية جديدة بعيد عن كل حاجة ...حتي قررت اسيب الشركة عمي يتولاها واحنا نبدأ شغلنا وحياتنا بعيد عن هنا ...
ابتسمت بدهشة وقالت:
-وليه ده كله ...ليه عايز تبعد بالشكل ده ...فيه حاجة هنا !؛
قالت جملتها الأخيرة بشك  ولا تعلم لماذا ولكنها شعرت بالقلق بسبب جملته تلك ...لما يريد الهروب ؟!ما السبب ...في عينيها كان هناك تساؤل اخافه ...هو يخاف ان يفقدها لو اخبرها حقيقته ...انه مجرد مجرم دمر حياة الكثير ..بالتأكيد سوف تكرهه وسوف يخسرها....نبض قلبه بخوف وهو يتخيل حياته من دونها ...إن رحلت وعد سيعود لحياته الباردة المظلمة ...سيعود الظلام ليحتل روحه مجددا ...ستحتل الكوابيس لياليه وستتحول حياته الي جحيم لا يطاق ...هو لا يريد خسارتها..
امسك كفها وقال بهدوء:
-معرفش ممكن تصدقي ولا لا يا وعد ...بس انا بحبك ..
احمر وجهها ليسحب كفها ويقبله ويكمل :
-الموضوع صعب تصديقه عندك حق ...عارفة أن مشاعري دي ظهرت فجأة بس هو ده الحب يا وعد ..بيظهر في حياتك فجأة ...وحبك ظهر فجأة ...ظهر في الوقت اللي كنت فاكر فيه اني بحب واحدة تاني بس معاكِ عرفت أن المشاعر اللي حسيتها معاكِ عمري ما هحسها مع حد تاني ...أنا عمري ما هحب حد للدرجة دي تاني ...
ابتسمت له وهي تقبل كفه وتقول :
-الموضوع صعب تصديقه فعلا لاني انا كمان بحبك يا جاسر ...
ابتسم بحب وقال:
-الاسم ده احسن من الصياد صح ؟!
هزت كتفها وقالت:
-بصراحة الصياد اسم لايق عليك اكتر ...تحس ان اللي اختار الاسم ده مختل عقليا ...
حاوطت عنقه وقالت:-
-ويا زوجي العزيز مشوفتش حد مختل زيك في حياتي كلها ...
-وانتِ بتحبي المختل ده .
قالها ثم أخذ يقبلها في عنقها لتضحك بقوة وهي تحاول أبعاده عنها ...فجأة ابتعد عنها وقد تغيرت ملامحه كثيرا ...لقد قرر أن يعترف الان...والان هو الوقت المناسب 
-انا تاجر مخدرات يا وعد !
قالها فجأة وهو ينظر في عينيها دون اثر للمزاح...لتنفجر هي ضاحكة وتقول وهي تضربه علي كتفه :
-نكتة حلوة ...
ثم كادت أن تذهب من أمامه إلا أنه جذبها إليها وهو يعانق وجهها ويقول بصدق تام رأته في عينيه :
-انا مبكدبش ولا بهزر يا وعد ...أنا مجرم ...تاجر مخدرات ...دمرت حياة ناس كتير ...مش بتباهي بنفسي ...انا ندمان اووي وقررت اتوب بس حسيت أن من حقك تعرفي أنا ايه !!من حقك تعرفي أن جوزك وحش دمر ناس كتير .
تراجعت للخلف بينما تجمعت الدموع في عينيها ....
هزت راسها وهي تقول:
-ابوس ايديك قول انك بتكدب عليا يا جاسر ...قول أن دي نكتة سخيفة ...
تنهد وحاول الاقتراب منها إلا أنها ابتعدت وهي تشعر بالضياع ...يا الهي تاجر مخدرات!لم تتخيل في أسوأ أحلامها أنه اجرامه وصل لتلك الدرجة...ولكن هل احست بالصدمة؟!وجب الا تشعر بالصدمة ...فهذا الرجل خطفها واجبرها علي الزواج منه ... عذبها لأيام ...لن تكذب علي نفسها ....جاسر أو الصياد ليس مثالا للرجل الجيد ...وجب أن تعرف هذا ...يا لغبائها...
-وعد ...
صوته أخرجها من شرودها ...نظرت إليه وما زالت الصدمة تحفر آثارها علي وجهها ...كان قلبها يبكي بقوة  ...انهارت علي الأرض ودموعها تتساقط ...حياتها كذبة ...هي الآن زوجة مجرم...مجرم دمر الكثير من الناس ...
-وعد ممكن تسمعيني للآخر ؟!
قالها وهو يجلس بجوارها ...كان قلبه ينبض برعب...كان خائف أن تتركه ... خائف أن يشعر  بنفس الفراغ الذي شعر به من قبل أن تحتل حياته ..خائف أن ترفضه ...
-وعد .
كرر نداءه بيأس والرعب يتصاعد بقلبه ...بينما قالت هي بصوت جاف:
-تاجر مخدرات ....
نظرت إليه وقالت بقهر:
-تاجر مخدرات...
اطرق.بخجل لتنهض هي بعنف وتصرخ به:
-يعني انت مجرم رسمي ...تخطف الستات وتجبرهم يتجوزوك وكمان بتاجر في السموم دي وتدمر حياة الناس ...
-ممكن تهدي ؟!
قالها بتوتر لتصرخ به بقوة:
-لا مش ههدى...مش ههدى  يا صياد ...أنا دلوقتي متجوزة مجرم !!
ابتلع ريقه وتراجع قليلا لتكمل بقسوة:
-صحيح كنت عارفة انك شيطان بس مكنتش اتوقع انك تكون شيطان للدرجادي ...متوقعتش انك تكون مجرم رخيص بالشكل ده .
-وعد!!!
-لا وعد بلا زفت ...
صرخت فيه وهي تدفعه بقوة وتبكي :
-طلقني ...مش عايزة اعيش مع واحد زيك ...مستحيل اعيش معاك بعد اللي عرفته ...طلقني بقولك ...
امسك ذراعيها وقال بعنف :
-لا مستحيل ...مستحيل اطلقك ...ده في احلامك فاهمة ولا لا ...مستحيل اطلقك بعد ما لقيتك. ..أنا بحبك يا وعد ليه مش عايزة تفهمي ...ليه مش عايزة تفهمي اني عمري ما حبيت حد بالطريقة دي ...ليه مش قادرة تفهمي اني حاسس باليأس والخوف انك تسيبيني...انا قررت اتوب خلاص ...دي هتكون اخر عملية ليا اقفي جمبي ...
ضحكت بذهول وقالت وهي تشعر أنها سوف تجن:
-اقف جمب مين ؟!!اقف جمب مجرم !!!مستحيل ابقي  معاك يوم واحد يا صياد ...طلقني ...بقولك طلقني ...مش عايزاك خلاص كرهتك وكرهت قلبي اللي حب انسان زيك ...
ابتعدت وهي تشعر أنها سوف تجن ...كيف سلمت قلبها لمجرم...كيف استسلمت لهذا الشخص ..كيف ...لقد أقسمت أنها ستنتقم منه وها هي نست كل شىء ووقعت في عشقه كالمغفلة ...وقعت في حب الشيطان..وقعت في حب مجرم ...والان لا مفر لها ...هو سجنها في قلعته المظلمة ...لقد أضحت ملك الشيطان بإرادتها...
كان جاسر ينظر إليها برعب ...لقد انهدم عالمه الصغير الذي كونه معها ...لقد خرج من أحلامه الوردية ليصدم بمرارة  الواقع ...لقد وقع الشيطان في الحب ولكنه نسي شيئا هاما ...أن الشياطين ليس لديها حق لكي تحب ...الشياطين لن تتحول لملائكة وها هي وعد تتسرب من يده ...المرأة التي أيقظت إنسانيته تبتعد عنه وهو مهدد بالإنهيار...ولكنه لن يسمح بهذا ...مستحيل وعد يجب أن تتفهمه...يجب أن تبقي معه ...يجب أن تعرف انها  حياته وأنه بدونها ميت ....اقترب الصياد منها وحاوط وجهها بالقوة وهو يطبع قبلة عاطفية علي رأسها ويقول:
-انا هبطل ...القرار ده اخدته من بدري يا وعد ...بعد العملية اللي هعملها هسيب الشغل ده للابد وبعدها نسافر أنا وأنتِ ونبعد عن هنا للابد ...
ثم خرج وتركها منهارة .....
.........
بعد اسبوع ....
-يعني ايه خرجت ؟! هو انا مشغل بهايم معايا مبيفهموش ؟!
صرخ بها جاسر لرجال الأمن بفيلته ليطرق الرجل بوجهه وهو متوتر ...هو يعرف غضب هذا الرجل ...قد يقتله بسهولة تامة ...ارتعش قلب الرجل داخل صدره وقال بخوف :
-يا صياد أنا ...
امسكه جاسر من قميصه وصرخ به:
-انت ايه؟!!وعد راحت فين ...
ابتلع الرجل ريقه وقال:
-معرفش والله الهانم راحت فين وحضرتك متدنيش أوامر اني مطلعهاش برا البيت ...
دفعه جاسر وصرخ به بقهر قائلا :
-ولا اديتلك أوامر تخرجها ...فأزاي تسببها تخرج يا بني ادم انت ...ازاي متمنعهاش ...
اطرق الرجل برأسه وقلبه ينبض برعب بينما ابتعد جاسر ...عينيه البنية محمرة من الغضب ....حريق بداخله لا يهدأ ....أيعقل أنها هربت منه....لقد ظلت اسبوع بعيدة عنه ...ترفض تماما التحدث معه ...يعرف كم هي محطمة من الداخل بسبب ما عرفته عن حقيقة زوجها ...وهو لا يلومها...يعرف أنه قد صدمها ولكن الا يمكن أن تعطيه فرصة ليشرح الأمر لها ...ليخبرها أنها ينوي فعليا أن يتغير من أجلها ...لانه يحبها بجنون ...يحبها بيأس لا يفهمه ...وعد هي طوق النجاة له من حياة طويلة مظلمة ...هو بحاجة لها ...بحاجة لحبها وابتسامتها التي تشرق حياته ...
تنهد بكبت ونظر لرجله وقال:
-لو ملقيتش وعد في ظرف ساعتين هقتلك فاهم ولا لا ؟!...خد كل الرجالة اللي هنا ودور عليها ...اياك ترجع الا وهي معاك ...انت فاهم؟!
صرخ الصياد في جملته الاخير ليهز الرجل رأسه برعب وكاد أن يتكلم إلا أنه تجمد وهو يري سيدته تدخل الفيلا ببرود ...
-يا صياد الست وعد هنا ..
نظر جاسر خلفه ليجد وعد قادمة نحوه ترتدي قميص وبنطال باللون الاسود ...ملامحها الجميلة متعبة ولكن ما زالت تحتفظ بنظراتها الحادة ...
اقترب منها الصياد وأمسك ذراعها وقال بعنف :
-كنتِ فين ؟!!أنا كنت هموت من القلق عليكِ 
أبعدته عنها بشئ من البرود ثم ولجت للمنزل بصمت ...نظر الصياد إلي أثرها وهو يفكر أن وعد لن تهرب منه ...هي ملعونة بنفس لعنته ...لعنة العشق !!
دخل خلفها الي المنزل ثم الي غرفة النوم ليجدها تجلس بصمت علي الفراش وهي شاردة تماما ...والدموع تنساب من عينيها ...تألم قلبه وهو يراها بتلك الحالة ...لقد تسبب مرة أخري في أذية من يحب ولكنه مصمم الا يخسرها ...وعد لا تعرف كم تعني إليه ...هي بالنسبه له الحياة ...موت والدته قتله ولكن حب وعد هو من أحياه مجددا ...هو من أخبره أنه انسان لا شيطان ...زرع الامل بداخله لحياة أفضل ...ابتسم بحنين وقد قرر أن يفعل المستحيل كي تسامحه ...
اقترب منها ثم جلس علي ركبتيه وهو يمسك كفيها البارد بين كفيه ...طبع قبلة علي كفيها وقال بهدوء؛
-انا عارف أنه كان اسبوع صعب عليكِ ...وعارف ان اللي عرفتيه صعب ...هو صعب علي اي واحدة أنها تعرف أن جوزها تاجر مخدرات ...واحدة غيرك هتهرب مني من غير ما تبص وراها ...بس أنتِ يا وعد اللي ادتيني امل جديد للحياة ...أنتِ اللي خليتي النقطة البيضة الصغيرة اللي جوايا تنتصر علي السواد اللي محاوطني من كل مكان ..اديني فرصة أخيرة ...هكون الانسان اللي انتِ عايزاه...اوعدك اني مش هخذلك المرة دي ...
أبعدت كفيها. هي تمسح دموعها ثم قالت :
-لو فعلا عايز فرصة يبقي متدخلش اخر عملية دي يا جاسر ...خلينا نهرب فعلا من هنا بعيد عن كل حاجة ...
نهض بتوتر وقال:
-مينفعش ...شحنة المخدرات اتحدد ميعادها خلاص ...وغير كده انا اتفقت مع عمي أنها هتكون اخر مرة لينا احنا عملنا اتفاق مع اكبر مورد مينفعش نتراجع يا وعد ...
ركع مرة أخري وعانق وجهها وقال:
-صدقيني يا حبيبتي هتكون اخر مرة ..
هزت راسها ودموعها تنساب بغزارة وقالت:
-توعدني اخر مرة ...
هز رأسه وقال :
-اخر مرة .
..............
كانت تقف أمام المرآة وهي تتطلع الي فستانها بسعادة ...كان قلبها يخفق بقوة داخل صدرها ...بعد اسبوعين ستكون زوجته....ملكه هو فقط ...اخذت تدور حول نفسها وهي تضحك بسعادة بينما فستانها يتطاير حولها حولها ...كان فستان كريمي طويل  ... بأكمام طويلة ...يلتصق بخصرها النحيل ثم يتسع من عند فخذها بقصة تشبه قصة فساتين الاميرات ملحق بتاج فضي رائع مثبت علي رأسها ...لقد وقعت في عشق الفستان علي الفور ...وفعلا عندما ارتدته رأت نفسها اجمل امرأة في العالم ...ضحكت بخجل وهي تتخيل  رد فعل يوسف عندما يراها يوم الزفاف ...لابد أنه سوف ينبهر بها ...نظرت إلي انعكاسها بسعادة وهي تضع كفها علي قلبها من كان يصدق أن بعد ما حدث سوف يكون يوسف لها...حبيبها الوحيد ......وها هي تتأنق كأميرة لأميرها السحري الذي سوف يخطفها علي حصانه الابيض ...فجأة بهت وجهها وتراجعت سعادتها وهي تتذكر السيدة مريم ...تلك المرأة المحطمة التي تدمرت حياتها بسبب ابنها ...وكيف كانت تري فيها صلاح لأبنها لذلك اختارتها ....ورغم ما  فعله حسام بها إلا أنها لا تكرهه بل علي العكس هي تشفق علي هذا الشاب الذي تدمرت حياته تماما بسبب تلك السموم ...إن كان أحد يجب أن يعاقب ...فالذي يحب أن يعاقب هم تجار المخدرات الذين يتلاعبون بحياة البشر ويدمروها ...فكرت بغضب في اولئك الذين يدمرون حياة الشباب دون أي شعور بالذنب أو بتأنيب ضمير...و
-حياة خلصتِ ؟!..
أخرجها من شرودها صوت والدتها من خارج البروفة التي كانت تقيس بها الفستان لتبتسم هي وتخرج وهي تمسك طرفي فستانها ثم تنحني بسعادة وهي تقول بحماس:
-ايه رأيكم ...
تجمعت الدموع بعيني والدتها  وانسابت دون إرادة منها لتنظر إليها حياة بدهشة وتقول:
-ليه بتبكي يا ماما ؟!
مسحت والدتها دموعها بسرعة وقالت:
-كبرتِ يا حياة وهتسيبيني خلاص ...
ضحكت حياة وهي تهز راسها واقتربت منها وهي تقول:
-يا ماما يا حبيبتي انا هسيبك فين بس ....ده انا ويوسف هنسكن فوقيكي بالضبط ...يعني حتي لما هنتجوز مش هتخلصِ مني وابقي اقرفك كل شوية وانطلك أنتِ وخالتي...
ضحكت خالتها وهي تضمها إليها وتقول:
-تنوريني في اي وقت يا يويو ولو زعلك الواد يوسف اوعي تروحي عند اهلك محدش هياخد حقك منه غيري انا ...أنا هكسرلك مناخيره ...
ضحكت حياة برقة وهي تضم خالتها ووالدتها بينما تشعر اخيرا أن كل شئ كل ما يرام ....
خرجت حياة بسعادة وهي تضم الحقيبة التي بها الفستان ...تشعر أن حياتها كلها بتلك الحقيبة ...هي منذ الآن متحمسة كثيرا لزفافهما ....لمعت عينيها وهي تري من بعيد يوسف ينظر إليها ويبتسم ...
-يظهر أن يوسف مش قادر يستغني عن حياة ..
قالتها خالة حياة بخبث لتحمر حياة بقوة وتتقدم إليه ...
ابتسم لها بحب وهو يفتح لها السيارة ..لتقول والدته بإستنكار مصطنع ؛
-شوف الواد ..خلاص نسي أمه وخلي  خطيبته تقعد جمبه في العربية ...
خجلت حياة وقالت وهي تتراجع:
-لا لا اركبِ يا خالتي أنا هركب ورا ....
ضحكت خالتها وهي توقفها وتقول:
-بهزر معاكِ يا هبلة ..أنتِ فاكرة اني هعمل شغل الحموات ده مع بنتي ...اقعدي أنتِ قدام ده مكانك يا حياة متتخليش عنه ...
ابتسمت حياة وهي تستقل السيارة بجوار يوسف ثم ينطلق بهما وكم بدوا سعداء حينها وكأن جميع مشاكل العالم تبخرت ...
........
-ملاك ...
تجمدت ملاك عندما ناداها والدها ...حاولت بأقصي جهدها أن تسيطر علي انفعالاتها ...كانت لا تريد أن تبكي ...لا تريده أن يراها تبكي ...لم تكن مستعدة أن تخبره أنها تعرف حقيقته ...لقد قررت أن تذهب من هنا مع حبيبها عدي وانتهي الأمر ...لن تبقي معه ...هي لن تستطيع النظر في وجهه بعد اليوم ...لقد فقد احترامه لديها ...انهارت مكانته في عينيها ...فكرت بيأس ...هي تعيش في الجحيم منذ أن عرفت أن والدها تاجر مخدرات ...تشعر بكامل جسدها يحترق ...عقلها توقف تماما ولا تفكر في شئ الا الهرب من هنا ...نظرت إلي والدها بتردد...عينيها الرمادية رطبة بسبب الدموع ..عقد عامر حاجبيها واقترب منها وهو يعانق وجهها ويقول :
-مالك يا حبيبتي فيه ايه ؟!
نبرته الصادقة قتلتها حاولت الا تنظر إلي عينيه ولكن فشلت ...نظرت إلي عينيه المشبعة بحب لها فقط ثم انفجرت بالبكاء ...ارتعب عامر وهو يراها بتلك الحالة ونبض قلبه بخوف ...هل يا تري عرفت حقيقته ...هل تهاوت صورته بعيني ابنته الصغيرة ...هل أصبحت لا تحترمه ....كل تلك الوساوس هاجمت عقله فجأة ...اخافته بقوة ...ملاك هي كل ما لديه ...لا يمكنه أن يخسرها ...ملاك هي نقطة ضعفه ...قطعة من قلبه لا يستطيع أن يخسرها ...لقد ضحي بالكثير من أجلها. ..هو اختار ذلك الطريق ليجعلها تعيش حياة كريمة ولا يحرمها من شئ وسيضحي بهذا الطريق أيضا من أجلها ...تهربت ملاك منه وهي تقول بهدوء:
-مفيش يا بابا ..ماما وحشتني بس ...معرفش ليه بس النهاردة حاسة اني محتاجاها اووي ...
امسك عامر كفها وقال:
-هو أنا قصرت في حاجة يا ملاك ؟!
هزت ملاك رأسها وقالت :
-لا يا بابا بس مهما كان الأب مش مقصر أنا برضه محتاجة ماما صح ؟!
هز رأسه موافقا إياها وقال بحزن:
-اسف اني مقدرتش املي فراغها ...حاولت بس فشلت.
عضت شفتيها وحاولت الا تبكي وقالت :
-محدش بيملي مكان الام مهما عمل 
-عندك حق ..
وافقها الرأي ....لتقول هي بهدوء:
-بابا معلش لازم امشي دلوقتي ..
- مش النهاردة إجازة من الشغل .
قالها بتساؤل لترد هي :
-صاحبتي مستنياني في النادي قولت اخرج شوية واريح اعصابي ..
قبلها والدها علي رأسها وقال:
-انبسطي يا حبيبتي ..
لتبتعد عنه هي بسرعة وتذهب ...تنهد عامر وقال:
-عرفتِ الحقيقة يا ملاك أنا عارف . 
.......
كان عدي يقف أمام احدي مواقف الاتوبيس ...قلبه يرتجف داخل صدره لقد قرر أن يكون اناني ويهرب معها ..يترك كل شىء ...فملاك اكيد سوف تعرف حقيقته وحينها سوف تتركه للابد وهو لن يتحمل ...هو يحبها كثيرا ...لقد احتلته صاحبة العينين الرماديتين...وإن أراد أن يحتفظ بها يجب أن يكون اناني بحق ...في الاول سوف يهربان بعيدا ثم سيتزوجها وحينها ليس هناك اي احد مهما بلغت قوته سوف يأخذها منه ...
لمعت عينيه وهو يراها تقترب منه ...رسم ابتسامة علي وجهه وهو يتأمل وجهها الحزين ... اقترب منها وقال بحماس:
-الاتوبيس قر...
ولكنها قاطعته وقالت:
-عدي أنا مش هسافر معاك ...
بهت وجهه لتكمل هي بإبتسامة حزينة قائلة:
-انت عندك حق يا عدي مينفعش نهرب مش مشاكلنا مفروض نواجهها وانا اتعودت اني أواجه مشاكلي ومش ههرب المرادي ...لو بتحبني بجد اقف جمبي ...
ابتسم لها بحزن  وقال وهو يدرك أنه سوف يخسرها:
-انا هقف معاكِ مهما حصل يا ملاك .....
.........
في المساء...
كانت عامر جالس علي الأريكة وفي يده كأس شراب ...يفكر بإبنته وكيف تغيرت فجأة خلال اسبوع  فقط ...هو شبه متأكد انها عرفت بشأن عمله كتاجر مخدرات ..لقد كذبت عليه في ذلك اليوم ...هي فعلا استمعت لحديثه مع جاسر وعرفت كل شىء...لقد سمعها بالأمس تبكي بقوة ...تنهد بألم علي حال ابنته الصغيرة لم يتوقع ابدا أن يكون هو سبب في تألم طفلته ..أنه الآن خائف أن يواجهها ...خائف مما ستقوله ...وكم الاتهامات التي سوف توجهها له ... اغمض عينيه بألم وهو يتسائل ...أيعقل أنها كرهته!!!التفكير في هذا فقط حطم قلبه لأن عامر النجار قد يكون أسوأ رجل في العالم ولكنه أيضا اب محب ...يعشق ابنته بجنون ...ملاك هي نقطة ضعفة الوحيدة وقد حرص كثيرا علي أبعادها عن هذا المستنقع القذر ...فتح عينيه وتجرع كأسه بسرعة لعل تهدأ تلك النيران التي تشتعل داخله ...تنهد بيأس لينتفض عندما شعر بكف علي كتفه نظر إليه ليجده الصياد ...ابتسم عامر وقال:
-جيت في وقتك يا صياد...
-مالك يا عمي ؟!
قالها الصياد بحيرة ليرد عمه :
-ملاك عرفت كل حاجة ...
جلس جاسر بصدمة وقال:
-نعم ...عرفت ازاي يعني؟!
نظر إليه عمه وقال؛
-فاكر لما دخلت علينا احنا وبنتكلم ...هي وقتها سمعتنا ...انا بقيت قليل في نظر ملاك يا جاسر ...صحيح هي مواجهتنيش بس انا عارفها كويس....شفت في عينيها أنها بطلت تحترمني وده قهرني يا صياد ...اتمنيت وقتها اني اموت ولا اشوف النظرة دي في عينيها ...أنا مش عارف ازاي هصلح اللي عملته ...ازاي اخليها تحترمني تاني ...أنا مقهور ان بنتي الوحيدة بقت بتكرهني ...
تجمعت الدموع في عيني عامر ثم انسابت ...فغر جاسر فمه بدهشة ...أنها المرة الأولي التي يري عمه يبكي فيها وهذا بسبب ابنته ...هو يعلم كم يحب عامر ابنته ...هو يحبها أكثر من الحياة نفسها ...سوف يموت لكي تظل هي سعيدة ...اقترب جاسر من عمه وأمسك كفه وقال :
-انا عندي الحل يا عمي ..
نظر إليه عامر بحيرة ليتشجع جاسر ويقول الشئ الذي يريده ...الشئ الذي قرر أن يفعله بعد مزيد من التفكير ...هو غير مستعد لخسارة وعد وعمه غير مستعد لخسارة ابنته ...نظر إليه جاسر وقال:
-نتخلي عن اخر عملية ...خلاص نتوب من غير ما نعمل اي عملية تانية ...وبكدة تكسب ثقة ملاك من جديد ...
-انت عارف انت بتقول ايه ؟!الشحنة هتوصل بعد اسبوع يا صياد ودي ناس مبتهزرش ..
ابتسم الصياد وقال:
-مش هيقدروا يعملوا حاجة يا عمي متنساش احنا مين. ...هو ده الحل الوحيد ..خلينا نلغي العملية دي ...خلينا نعيش حياة نضيفة ...نفتح صفحة جديدة لينا كلنا ملاك وانا وانت ...ووعد ...
ابتسم له عمه وهز رأسه موافقا ودموعه تنساب من عينيه ليضمه جاسر إليه بقوة ويقول:
-النهاردة بس اقدر اقول اني جاسر النجار مش الصياد خالص ...الصياد مات خلاص ...
.......
-وعد ...وعد ...
قالها جاسر وهو يدخل لغرفة النوم التي بها وعد لتنتفض هي بخوف ... اقترب منها وأمسك كفها وهو يقول بسعادة:
-انا اتخليت عن الصفقة الأخيرة يا وعد.  .خلاص توبت  نهائيا وبطلت تجارة المخدرات ...وكل ده بفضلك ...أنا عملت كده عشان تقبليني تاني ..أنا خلاص عمري ما هرجع لتجارة السم ده تاني انا ....
بكت وعد وهي تنظر إليها بينما الذنب يمزقها بقسوة ...امسك جاسر وجهها وقال:
-مالك يا حبيبتي؟!
-انا بلغت عنك البوليس يا جاسر!
بهت وهو ينظر إليها ...ظن أنها تمزح ولكن اصوات سيارات الشرطة التي اقتربت من منزله فجأة لم تكن مزحة ... نهض تجمد في مكانه وهو ينظر إليها ...لقد طعنته وعد بطريقة لم يكن يتخيلها ...اقتحم رجال الشرطة المنزل ...ابتسم مالك وهو ينظر لجاسر وقال وهو يرفع الأصفاد الحديدية قائلا:
-والله ووقعت يا صياد !!!
من قال ان العشق دوما هو الجنة ؟!فالعشق هو الجنة والجحيم في نفس الوقت ...تغرق  به ظنا انه النعيم ثم تكتشف أنك تحترق ...وهو احترق بسبب العشق ...لقد عشق وعد اكثر من اي شئ آخر ...
فكر بينما هو مقيد بالأصفاد يجلس علي مقعد خشبية وامامه مكتب مالك العمري ...الرجل الذي كان يلاحقه دوما ...كان مطرق برأسه للاسفل ...عينيه رطبة بينما الم الخيانة يعصف بقلبه ...لم يتخيل ان في أسوأ احلامه ان من يحبها ستبيعه بتلك الطريقة ...الم خيانتها ذكره بألم قد اختبره من قبل ...الم فقدان والدته وقتها قد شعر ان العالم كله قد نبذه وانه وحيد ....هو يشعر بنفس الوحدة الآن  ...يشعر وكأن العالم نبذه مرة اخري ...
-ها يا صياد...مش ده اسمك برضه ؟!
اتاه صوت مالك ساخر بحدة ...رفع جاسر عينيه للرجل الكبير في السن ليري الكره يتصاعد بعينيه ...لقد وقع الصياد بالفخ ...بيد فريسته !..حبيبته!فكر بألم  
سيطر جاسر علي انفعالاته وقال ببرود تام :
-اقدر اعرف أنا جاي ليه؟!
رفع مالك احدي حاجبيه بينما اشتدت نبرة الصياد بروده وراوغ بطريقته القديمة وقال:
-يعني مش أي واحدة هتتخانق مع جوزها وتكدب عليك وتقولك انه مجرم هتصدقه علطول ...
ابتسم مالك له وقال:
-متأكد أنك مش عايز تطلب المحامي بتاعك ...صدقني يا صياد هتحتاجه جدا ..
هز رأسه  وقال:
-مش شايف تهمة متوجهة ليا عشان اطلب محامي يا باشا ...يمكن أنا عشان ابن اخ عامر النجار واللي اعرف كويس كام مرة حضرتك حاولت تتبلي عليه فقولت تتعندني أنا.  ..
ابتسم مالك له ثم قال:
-التسجيل ده هيعجبك اووي يا صياد .
ضغط مالك علي زر المسجل الصغير ليصدح صوت الصياد ...اتسعت عينيه بصدمة وهو يسمع نفسه يعترف لوعد في اليوم الذي اتفق معها انها ستكون العملية الأخيرة ...
وقد فهم كل شئ...فهم ان تم طعنه بأسوا طريقة ممكنة ...لقد قتلته وعد حرفيا ...من سلم لها قلبه قامت بتمزيقه بشراسة ...لقد ادعت انها تحبه ولكن في الاساس هي ارادت تدميره !
بالطبع هي لن تنسي انتقامها منه ...هي لن تنسي ولكن هو بغباؤه نسي انها فريسته واعطاها هي السكين  لتقتله !!!.. حاولت أن يكافح تلك الدموع التي بدأت في الظهور عندما تشدق مالك بإنتصار:
-المدام بتاعتك ربنا يديها الصحة هي اللي جات بنفسها تبلغ النهاردة الصبح وكانت تشكر  يعني مستعدة لأي مساعدة تقدمها عشان نقبض علي واحد زيك ودي فرصة من دهب يا صياد ...خليناها تسجلك وجبنا تصريح بالقبض عليك وقبضنا عليك وحاليا هتروح قوة تانية تقبض علي عمك ...عامر النجار ..
-عمي ملوش ذنب !
قالها جاسر فجأة ثم اكمل:
-انا مستعد اتحمل كل المسؤولية بس ابعدوا عمي عن الموضوع ده ...أنا المستورد الرئيسي المخدرات هنا مش عمي...
نظر إليه عامر بجمود ليكمل جاسر ويقول بعنف:
-انت مش عايز اعتراف واهو أنا بعترف اني المستورد الرئيسي عمي ميعرفش أي حاجة ...لا عمي ولا ملاك ...
ابتسم مالك بسخرية وقال:
-غريبة ان عيلة من المجرمين زيكم عندهم مبادئ ومشاعر وبيدافعوا عن بعض في الوقت اللي انتوا بنفسكم دمرتوا حياة ناس كتيرة وحرقتوا قلوب اهالي علي عيالهم ...
ابتلع الصياد ريقه بصعوبة وأطرق برأسه وقد تساقطت دموعه. ..يجب أن يتحمل المسؤولية كاملة ...ملاك سوف تنهار ان دخل عامر السجن ...هي ليس لديها احد غير عامر ...علي الأقل يوجد لدي عامر ما يهتم به ولكن هو. تنهد وهو يفكر ...هو وحيد ...حتي إن مات لن يهتم احد بأمره ...
رفع رأسه وقال:
-انا عايز اتحمل المسؤولية كاملة وراضي بأي عقاب بس عمي لا ...
ضحك مالك بسخرية وقال:
-للاسف يا صياد عمك كمان هيتقبض عليه !
.....
متسطحة علي الفراش تضع كفها علي قلبها ولم تتوقف عن البكاء ...كانت تشعر انها تتمزق بقوة من الداخل ...ما زالت تتذكر كيف نظر إليها جاسر ...لقد شعرت ان ما بينهما قد تحطم كليا ...لقد تحطمت ثقة جاسر بها وكم تشعر بالقهر من أجل هذا ...اغمضت عينيها ودموعها تنسكب وهي تتذكر كيف انها سلمته بتلك السهولة ...تتذكر كيف فقدت عقلها تماما عندما عرفت بحقيقته شعرت بالإختناق وكانها في مستنقع قذر تريد الخروج منه وفعلا حاولت الهروب ولكن عرفت ان قلبها ما زال معه وأنها لن تستطيع التخلي عنه ...لا تعلم لماذا ولكن كان اول ما فعلته حينها انها ذهبت الي مركز الشرطة وطلبت مقابلة الضابط ...تنهدت وهي تتذكر احداث اللقاء....
.......
كان عدي ينظر الي الفتاة الشابة بحيرة ...لقد اخبره الشرطي ان فتاة شابة تريد أن تراه للضرورة...
-اتفضلي قولي طلبك .
قالها وهو يشير إليها بالجلوس علي المقعد ...كانت هي تفرك كفيها بتوتر بينما الدموع تهطل من عينيها ...قلبها يتمزق وهي تدرك انها علي وشك خيانته ولكن للأسف ليس لديها أي حل....هي لن تستطيع العيش معه وهي تعرف انه مجرم ...لن تمكث مع شخص دمر العديد من الاشخاص ...يجب أن ينال جاسر عقابه كليا ...وحبها له لن يجعلها تتخلي عن هذا ..فبين القلب والضمير اختارت ان ترضي ضميرها علي حساب قلبها وإن كان هذا سيقتلها ....ابتلعت ريقها وهي تنظر الضابط وتقول بصوت ضعيف:
-جاية ابلغ عن جوزي!
-بيضربك؟!
قالها مستفسرا لتهز راسها بقوة وهي تبكي وترد:
-جوزي يبقي تاجر مخدرات ويبقي اسمه جاسر النجار !!!
تراجع عدي للخلف وهو ينظر إليها بصدمة ...بالطبع جاسر النجار ابن اخ عامر وشريكه ...فرحة الانتصار ضربت قلب عدي فها هو حصل علي كنز لا يقدر بثمن ...
اقترب عدي منها وقال:
-شوفي يا مدام  اللي جوزك بيعمله ده هيضر ملايين من الشباب ...هو بيقتلهم بالبطئ وانتِ سمعتِ لضميرك وجيتي هنا وانا مقدر ده جدا فكملِ جميلك وساعدينا نقبض عليه....
انقبض قلبها فوضعت كفها علي قلبها وانسكبت دموعها ثم انفجرت بالبكاء ....دفع عدي كوب الماء إليها وقال بشفقة:
-لو سمحتي اهدي أنا عارف ان ده صعب عليكِ ....وعارف انك لما عرفتِ حاجة زي دي اتدمرت حياتك لان ده جوزك وانتِ بتحبيه ...بس جوزك ده بيأذي الناس ...
-هو....هو قال انه هيبطل بعد العملية اللي جاية...
-عندنا معلومات عن العملية اللي جاية انها هتكون أكبر عملية حصلت في مصر وده هيدمر شباب اكتر ...
مسحت وعد دموعها وقد شعرت بالعالم يدور حولها وقالت بتعب :
-طيب ...طيب هو هيتحبس كده صح...هيتحبس كان سنة  ....
-تقريبا عشر سنين   ...
قالها بهدوء ليشحب وجهها مثل الاموات وتهز رأسها وهي تبكي ولكنه قال يعطيها أمل جديد:
- بس لو ساعدنا نقبض علي الموردين في العملية الأخيرة العقوبة هتتخفف كتير..
نظرت اليه بأمل وقالت:
-عايزة وعد منكم انه لو ساعدكم هتخففوا العقوبة وانا مستعدة اساعدكم ...
صمت عدي لتقول وعد بقهر:
-انا هسلملكم جوزي ...يعني حياتي كلها ...إحتمال اخسره للأبد بعد اللي هعمله...عشان كده من حقي اخد وعد منكم ان لو ساعدكم هياخد عقاب مخفف ....
هز عدي راسها وقال:
-اكيد هياخد عقوبة مخففة بس لو ساعد يا مدام ...افرض رفض يسلمنا الشحنة والموردين ساعتها هيبقي بيتحمل العقوبة لوحدة وسنوات السجن هتكون طويلة جدا ...
ابتلعت ريقها وقالت:
-انا معاكم وهساعدكم ...
....
خرجت من شرودها وهي تشهق بقوة ...كانت تبكي بشكل يمزق القلب ...لقد خسرت جاسر ...خسرته ...لا ..لا فكرت ..هي لا يمكن  ان تخسره  بتلك البساطة ...يجب أن تراه وتجعله يفهم لماذا فعلت هذا ..هكذا قررت ان تقابله ...نهضت وعد ورتبت شعرها وهي تقرر ان تكلم عدي الذي اعطاها رقمه وتطلب منه ان تري جاسر !
..........
-مش هتروح معاهم يقبضوا علي عامر النجار يا عدي؟!دي فرصتك اللي مش ممكن تتكرر تقبض علي اللي قتل امك ومراتي ...
ابتلع عدي ريقه وهو ينظر الي والده كان قلبه يرتعش بخوف ... يخاف هو من ان الحقيقة سوف تنكشف اليوم ....ملاك سوف تعرف الحقيقة وسوف تتركه ...هو سوف يخسرها للأبد...
-انا خايف!
قالها لوالده بخوف ...تنهد مالك وهو يقترب منه .  امسك كتفيه بقوة وقال:
-كنت عارف أنك هتقع وتحبها يا حضرة الضابط ...وكنت بحذرك بس يا بني هي متنفعكش ...هي بنت الراجل اللي قتل والدتك وانت هو الضابط اللي هيقبض علي ابوها ...محدش فيكم هينسي اللي حصل ...انصحك تبدا من دلوقتي تنساها الموضوع مش هيكون صعب ...
لمعت عيني عدي بالدموع وقال:
-الموضوع صعب يا بابا ...صعب جدا أنا حاسس اني هخسر جزء مني ...حاسس اني هموت فعلا لو خسرتها هي ملهاش ذنب ....
عض شفتيه ليسيطر علي انفعالاته وقال :
-هي متعرفش اصلا حاجة عن ابوها ولما عرفت انهارت...حاولت تهرب معايا وتسيب كل حاجة بس في الاخر اتراجعت رفضت تكون جبانة ....ملاك هي احسن ست شوفتها في حياتي وانا بعشقها واسف مقدرش اروح بنفسي اقبض علي ابوها قدامها رغم ان نفسي أعمل كده واشفي غليلي من اللي قتل امي ..بس مقدرش يا بابا ...مقدرش اشوف نظرات الكره في عينيها ...أنا بحب ملاك يا بابا ...بحبها اكتر من أي حاجة في حياتي ومش هستحمل انها تشوفني وانا بقبض علي اكتر انسان بتحبه ...مش هستحمل الكره اللي هشوفه في عينيها ...
-انت فاكر انها لما تعرف أنك اتقربت منها بس عشان تخدعها مش هتكرهك يا عدي ...
قالها  والده ليهز عدي راسها ويقول :
-عارف انها هتكرهني ومتأكد من كده يا بابا ...بس ..
هزه والده من كتفيه وقال بقوة:
-من غير بس يا حضرة الضابط ...ده شغلك ...مهمتك في الحياة ومينفعش تتخلي عنها عشان حبك !!!مينفعش تخلي عواطفك تتغلب عليك ...ملاك هتعرف كده كده أنك أنك ضابط وانك اتقربت منها عشان تقبض علي ابوها...هي النهاردة او بعدين هتعرف الحقيقة وانت وقتها مش هتقدر تعمل حاجة ...يا بني مفيش مستقبل لعلاقتكم...
كلماته تلك قتلته...كان يعرف أن ليس هناك اي فرصة له مع ملاك ولكن كلمات والده الصريحة جعلت الأرض تهتز من تحته ...ثباته تهاوي تماما!!!ان يقول احد في وجهه ان علاقتهم مستحيل كدره بشكل كبير ...هو يعرف هذا ولكن ماذا يفعل في قلبه ؟!قلبه الذي يهواها!!!لقد اخرجها من خطته لانه فقط عشقها ...كان مستعد ان يترك كل شيء ويذهب معها لانه احبها ...كان يريد فقط ان تكون له وسوف ينسي  كل شئ ....سوف ينسي انها ابنة عدوه الذي يكرهه  ويتذكر فقط انها ملاك ...حب حياته ...المرأة التي ادخلت النور لحياته ...قد تنتهي قصة حبهما ولكنه لن يدعها تنتهي بتلك الطريقة البشعة ...هو لن يشارك في القبض علي عامر النجار ...نظر الي والده بتصميم وقال:
-لا يا بابا مش هاجي معاكم  ...لو كانت قصتي مع ملاك هتنتهي مش هخليها تنتهي بالطريقة دي !!
..........
لقد سمحوا لها أن تراه...اغمضت عينيها وقلبها ينتفض بقوة لا تعرف ماذا ستكون ردة فعله...هل سيسامحها او سيطردها من حياته للابد ...هل سيتفهم لماذا فعلت هذا ؟!والاهم من هذا هل ما زال يصدق انها تعشقه ؟!اسئلة كثيرة عصفت بعقلها دون اجابة...الخوف كان يمزق قلبها ...لقد احرقته تعرف هذا !ولكنها احترقت بنفس النيران التي احترق بها ...هي تتعذب الآن مثله لانها عرفت وبشكل صريح انها لن تحب احد مثله ...رغم بدايتهما السيئة الا ان جاسر هو من تبقي لها في تلك الحياة وهي ستفعل المستحيل كي تصلح حياته ويعود إليها ...سوف تنتظره الي ان يقضي عقوبته ويخرج وحينها لن تبتعد عنه ابدا !!!...
ولجت وعد لغرفة عدي لتقابل جاسر ...كان عدي ينتظرها وهو ينظر إليها بشفقة!وقال:
-انا هخليكي تقابليه بس خايف يكون رد فعله...
هزت وعد راسها وقالت بخفوت:
-هو مش هياذيني متقلقش ..
هز عدي رأسه وطلب من الشرطي ان يحضر جاسر ...كانت وعد تفرك كفيها بتوتر بينما قلبها ينبض بقوة ...متوجسة هي من رد فعله...تأمل بقوة ان يتفهم ما ستقوله ويتقبلها في حياته...انفتح الباب ليلج جاسر وهو مكبل بالأصفاد ...اعتصر قلبها من الألم وهي تراه هكذا ...كان يبدو ضعيف منكسر وهي من تسببت بهذا ...ابتلعت ريقها وعينيها تواجه عينيه...صدم في البداية ولكن النفور الذي ظهر في عينيه فجأة قتلها ...نهضت وهي تحارب نفسها الا تندفع  إليه وتضمها بقوة ...
قاطع عدي الصمت الثقيل في الجو وقال:
-انا هطلع عشان تاخدوا راحتكم ..
ثم اشار للشرطي وخرجوا من الغرفة ..نظرت وعد الي جاسر وقلبها يخفق من الألم. ..تصاعدت الدموع في عينيها عندما رأت عينيه اصبحت رطبة قليلا 
-جاسر .
-متقربيش ...اياكي تقربي مني!!
قالها بتحذير بينما عينيه رطبة من الدموع ...كان يشعر بقلبه يعتصر من ألم  الخيانة ...كان محطم!!
بكت وعد وقالت بصوت مختنق:
-ممكن تفهمني ...تفهم ليه أنا عملت كده...اديني فرصة طيب اشرحلك وجهة نظري ...
هز رأسه وهو يبتعد عنها كأنها وحش بينما هي تقترب ...تحاول ان تمسك يده ...تحاول الا تخسره ولكن نظرة قلة الثقة بعينيه قتلتها ...هي فقدت ثقته للأبد ...
-مكنتش هتحمل ان جوزي يبقي مجرم... أنا عشان بحبك عملت كده  ...انت لازم تاخد عقابك.
افلتت منه ضحكة ساخرة وقال بألم:
-اخد عقابي بالخيانة...بأنك تتفقي مع الشرطة وترميني في السجن انتِ حتي مفكرتيش تقنعيني اسلم نفسي ...هو ده حبك يا وعد!!!!
-هستناك ...والله هستناك ...
هو رأسه وقال بقسوة ؛
-مبقاش ينفع يا وعد ..خلاص احنا انتهينا .
-يعني ايه ؟!
قالتها بفزع ليرد بنبرة قاطعة:
-يعني انتِ طالق!
...............
-جاسر اتقبض عليه !!!
قالها عامر بصدمة والهاتف يقع من يده...كانت ملاك تقف امامه وهي تبكي بقوة ...
-بابا ..جاسر ليه اتقبض عليه ؟
ابتلع عامر ريقه لتقترب هي منه وتقول:
-انا عارفة كل حاجة وكمان أكيد البوليس عرف انكم بتاجروا في الممنوعات ...
نظر إليها  عامر وقال بتوتر:
-انتِ اللي بلغتي؟!!
هزت رأيتها بالنفي وهي تبكي وقالت:
-لا...معرفش ازاي عرفوا بس مستحيل مجرم يفضل هربان كتير ...
اطرقت وهي تري تأثير كلماتها عليه وكم جرحته واكملت :
-انا اسفة يا بابا بس دي الحقيقة الأفضل تسلم نفسك انت كمان ...
كان ان يعترض ويرد عليها الا ان اصوات عربيات الشرطة اوقفته تماما ....
هز رأسه وحاول ان يهرب الا ان ملاك امسكته وقالت وهي تبكي:
-ابوس ايديك متصعبش الموضوع يا بابا ...
دفعها عامر بقوة حتي وقعت ارضا ...تألم قلبه عليها ولكن غريزة الهروب  كانت اقوي من أي شئ...اندفع يركض من الباب الخلفي ولكن اندفاع الشرطة إليه أيضا جعله يتراجع ...صعد الادراج وهو يلهث بقوة لم يعرف الي اين يذهب بينما حاصرته الشرطة بالكامل ....
علي الأرض كانت ملاك تبكي بقوة اقترب منها مالك وهو ينظر الي تلك الفتاة التي بسببها ابنه تراجع عن انتقامه ...امسك كفها وساعدها علي النهوض ...نظرت الي الرجل المألوف بالنسبة لها وقالت:
-لو سمحت متخليش حد يأذيه...
هز مالك راسه بينما ركض  ليقبض علي عامر ....ولكن فجأة الجميع توقف عندما صدح في المكان صوت اطلاق النار ....هوي قلب ملاك في قدميها وارتعش كامل جسدها بينما جحظت عينيها وهي تقول بإنهيار:
-لا...لا...لا باباااا....
ثم صعدت الادراج وهي تصرخ بفزع ...حاول مالك منعها من الدخول ولكنها حاربته ودخلت لتصرخ مجددا وهي تجد والدها ملقي علي الأرض بكفه سلاح وقد اطلق النار علي بطنه!!!اقترب احد الرجال منه وقال:
-عايش اطلبوا الاسعاف بسرعة ...
اقتربت ملاك اكثر من والدها الذي فتح عينيه ...الدموع كانت تغرق عينيه ...مدت ملاك كلها وهي تبكي ليمسكها عامر بقوة ويقول:
-اسف يا بنتي ...
هزت ملاك راسها وقالت:
-هتكون كويس يا بابا ...
-انا عمري انتهي خلاص ...
قالها بتعب لتقتلها كلماته ...لم تتخيل ابدا الحياة دون والدها ....الا يكفي انها خسرت والدتها والان والدها ...لا هي لن تتحمل تلك الخسارة.... لا تتخيل كيف  ستكون  الحياة من دونه ...قد يكون والدها مجرم دمر حياة الكثير ولكنه والدها الذي تعشقه اكثر من اي شئ...هو قطعة من قلبها ولن تتحمل ان تخسره ...بكت بعنف وهي تحتضنه وقالت بصوت مختنق:
-متسبنيش يا بابا ...ابوس ايديك خليك معايا ...أنا مش زعلانة منك ولا هلومك علي حاجة ...بس خليك معايا ....
...  .....
بعد دقائق .. 
كانت ملاك تقود سيارتها خلف سيارة الاسعاف وهي تبكي بقوة لا تتخيل ابدا ان تخسر والدها ... اخذت تدعو الله الا تخسره ...هي لن تستطيع أن تعيش بدونه!! ..
...
دقائق ووصلوا الي المشفي. ..وقفت امام غرفة العمليات بين رجال الشرطة وقلبها يخفق بقوة وخوف ...كانت لا تتوقف عن البكاء ...شعرت في تلك اللحظة انها وحيدة وضعيفة للغاية ...لقد عرفت ان والدها هو كل حياتها ...صحيح انه خذلها عندما عرفت حقيقته ولكنها ما زالت تحبه بقوة ...هو كل ما لديها لا أحد سوف يحتل مكانة والدها بقلبها...اخذت تدور حول نفسها وهي تنتظر أي خبر مهما صغير عن والدها فجأة خفق قلبها وهي تري عدي يقترب منها ...بكت ملاك بإنهيار واقتربت منه ثم ضمته بقوة وهي تقول:
-عدي ...عدي الحمدلله أنك جيت أنا كنت محتاجة أي حد يبقي جمبي ...
ابتعدت ونظرت إليه وقالت من بين دموعها:
-بس انت ازاي عرفت اني هنا؟!..
ابتلع ريقه بتوتر بينما اقترب احد الضباط منه وقال:
-عدي باشا كويس أنك جيت..
نظرت اليه ملاك بصدمة وقالت:
-باشا؟!!..هو يعرفك من فين ..
اقترب مالك وقال :
-ده عدي العمري يا ملاك يبقي ابني ...ابن الست اللي ابوكي قتلها وهو ضابط مش رسام!!!
تراجعت بصدمة وهي تنظر إليه كانت لا تصدق ما تسمعه ...يا الهي هذا كثير جدا ...لا بد أن الأمر مزحة لا يمكن أن يكون هذا حقيقي !!
كادت أن تتكلم لكن خروج الدكتور من غرفة العمليات اوقفها ...وقف الدكتور امامها وقال بأسف:
-البقاء لله المريض مات!!!!
 تجمدت وهي تسمع كلام الطبيب ...شعرت أن العالم يدور بها ....
-معلش حضرتك بتقول ايه؟!!اكيد بتهزر مش كده ؟!
نظرت إلي عدي وتجمعت الدموع في عينيها وقالت:
-ده مقلب منك انت صح يا عدي ...بابا مستحيل يسيبني ...
-ملاك ....
قالها عدي وهو يحاول أن يلمس كتفيها ولكنها دفعته بشراسة وهي تصرخ:
-بابا مماتش بطلوا كدب ...حرام عليكم ليه بتعملوا فيا كده !...
ثم استدارت وهي تدخل بالقوة لغرفة العمليات ....تجمدت مكانها وقد شحب وجهها كالأموات وهي تجده متسطح علي فراش العمليات وساكن تماما ...لا يتحرك ولا يتنفس حتي ...وضعت كفها علي فمها  ودموعها تنسكب علي وجهها ...الالم وقتها كان اصعب من اي الم اختبرته من قبل ...شعرت أنها تحتضر ولكنها لا تموت ....تمنت الموت وقتها ولم تجده ...كادت أن تندفع إلي والدها وهي تصرخ إلا أن عدي امسكها بقوة من الخلف  وهو يقول :
-اهدي ...اهدي ...
حاولت ملاك أن تتحرر منها وهي تصرخ وتبكي إلا أنه احكم تقييدها بذراعيه بينما قلبه ينتفض بألم لها ...كان يتألم بقوة عليها ...لم يتخيل في أحلامه أن يتأثر بموت الرجل الذي قتل والدته ولكن من أجلها فعل....عندما رأي انهيارها فعل ...
-سيبني ...سيبني عايزة اروح لبابا ...
قالتها وهي تصرخ وتبكي إلا أنه لم يفلتها بينما هي تصرخ بتلك الطريقة كان لصراخاتها صدي مؤلم في قلبه ...فجأة شعر بها ترتخي بين ذراعيه ليجدها فقدت الوعي !!!
..........
بعد دقائق ...
فتحت ملاك عينيها بتعب وهي تجد نفسها في غرفة بيضاء رائحتها خانقة....جلست وهي تضع كفها علي رأسها وبنظرة بسيطة عرفت انها في غرفة بالمشفي. ..لم يكن كابوسا!لقد مات والدها فعلا ...فكرت بينما الدموع تنسكب دون توقف من عينيها ...قلبها كان يتمزق بقوة ....لقد فقدت كل شىء...كل شىء حرفيا. ..الأميرة السعيدة تحولت حياتها لجحيم لا يطاق...ضمت قدميها إليها ثم وضعت رأسها علي قدميها وبدأت بالبكاء  ...ولج عدي فجأة لغرفتها وهي يتطلع إليها بشفقة ...كانت منكمشة علي نفسها وهي تبكي بتلك الطريقة التي مزقت قلبه ..هو يعرف كم تحب والدها ...ويعرف أن فقدانه سبب شرخ  كبير داخلها. ...اقترب برفق منها وهو يضمها إليها ...فجأة تجمدت تماما وهي شعر بهذا وبنفور قامت بإبعاده عنها وهي تنظر إليه بنظرة باردة بينما تمسح دموعها  ...
-ملاك أنا ...
تلكأ في كلماته وهو يري نظراتها تلك ...نظرات باردة نافرة تخبره بوضوح أنها طردته من حياتها باكثر الطرق إيلاما ...
-مهمتك خلصت يا حضرة الضابط ..بابا ومات وجاسر واتقبض عليه مش شايفة داعي لحبك المزيف دلوقتي ...
ابتلع ريقه لتكمل بقسوة :
-ولا هو فيه حاجة تاني عايزها عشان كده بتحاول تقرب مني تاني ...ها قولي خير فيه حد تاني في عيلتي مجرم عايز تقبض عليه فبتستغل حبي ليك ..طيب انا هسهلها عليك ...انا مليش حد تاني الا بابا وجاسر ...بابا مات وجاسر اتحبس وانت اللي فوزت ...خلاص كده المهمة بتاعتك خلصت ...مفيش داعي انك تيجي علي نفسك وتعمل انك بتحبني ...أنا عرفت الحقيقة خلاص ...خلينا ننهي اللعبة السخيفة دي ...
اقترب منها وقال :
-دي مش لعبة أنا فعلا بحبك ...
افلتت منها ضحكة ميتة تخفي وجع عظيم وقالت والدموع تتصاعد في عينيها :
-انت فاكر نفسك هتقدر تضحك عليا تاني؟!!انت بجد مش طبيعي ...
اقترب منها وهو يحاول لمسها إلا أنها صرخت بقوة في وجهه ...
تراجع بينما بهت وجهه وهو يري عينيها الرمادية التي اشتعلت بنيران لم يراها من قبل وقالت:
-اطلع برة يا حضرة الضابط بدل ما امسح بكرامة عيلتك كلها الأرض ....
.........
كان يقف جاسر أمام مكتب مالك وهو ينظر إليه بحيرة بد  الرجل متوتر تماما وهو ينظر له ...
نظر إليه مالك ...ولأول مرة يشعر أنه في ذلك الموقف ...لم يتخيل ابدا أنه سيتأثر بموت عدوه ولكنه بالأساس لم يحزن علي موت عامر فهو يستحق بسبب ما فعله ولكن حزن عندما رأي انهيار ملاك ...تلك الفتاة التي رأت في والدها كل شىء لتنصدم لاحقا فيه ⁦⁦لقد حاول ألا تقوده عواطفه كما حدث مع عدي ولكنه دون أن يدري تعاطف مع تلك الفتاة وكم شعر بالحزن لأجلها ...وشعر بالندم بسبب الطريقة التي أخبرها بيها حقيقة عدي !...
نظر إلي جاسر وقال بنبرة حاول أن يجعلها ثابتة:
-فيه اخبار مش حلوة خالص عن عمك يا جاسر .
انتبهت حواس جاسر وقلبه يخفق برعب ...حاول أن يدفع اي افكار سلبية تلاعبت بعقله ولكنه فشل تماما والخوف يتصاعد بسرعة في قلبه !...
تنهد مالك وقال:
-لما جينا نقبض علي عمك ضرب نفسه بالنار ..
تراجع جاسر برعب بينما يكمل مالك :
-وللاسف مات!!!
مات !!ترددت الكلمة بعقله ولكنه لم يستوعبها اصلا ...نظر إلي الضابط بدون استيعاب  وقال:
-انت بتقول ايه ... انت.  .
-للاسف ده اللي حصل .
قالها مالك وهو ينظر لجاسر ...اتسعت عينيا جاسر بوجع ثم سرعان ما تجمعت الدموع بغزارة في عينيه وهو يشعر بألم هائل في قلبه....الم الفقدان ...لقد فقد أحد أسس حياته ...فبعد والدته عمه كان داعم أساسي له ...ربما يكون قاسي ولكن هو من احتضنه في الوقت الذي نبذه الجميع ...تراجع أكثر ووضع كفه علي ظهر الكرسي ليقع الكرسي مسببا دوي مزعج ...تساقطت دموع جاسر وهو يشعر بالأرض تهتز من حوله وعالمه الثابت يتهاوي...وضع كفه علي فاه واجهش بالبكاء ...بكي كما لم يبكي من قبل ...وللدقة بكي كما بكي موت والدته ....لقد انهار الصياد ومات جاسر!  انهار جاسر علي الأرض ووضع كفيه علي قلبه وبكاؤه يزداد حدة ...تأثر مالك وهو ينظر إليه أنها المرة الأولى  التي يري انسان ينهار بتلك الطريقة ...حقا كان مندهش من نفسه أنه يتعاطف مع مجرم دمر الكثير ...يبدو أنه فقد صوابه مثل ابنه عدي الذي تغلبت عواطفه علي عقله...اقترب مالك من جاسر وقال:
-اسف لخسارتك يا جاسر ..بس حاليا الانهيار مش في صالحك ...دلوقتي عمك مات ولو مساعدتش البوليس هتقضي بقية عمرك في السجن ...
لم يرد عليه جاسر وأكمل في بكاؤه ليلعب مالك بورقته الأخيرة ويقول :
-عشان خاطر ملاك علي الاقل ....بنت عمك اللي ممكن تترمي في الشارع  لما نحجز علي ممتلكات عمك ...المسكينة انهارت بسبب موت ابوها ...ومظنش مستعدة تخسر اخر حد ليها واللي هو ابن عمها وأخوها ...انت المتبقي ليها وتقدر جدا تحميها وهنساعدك بس انت كمان تساعدنا وتدينا معلومات عن اخر شحنة...
نظر إليه جاسر وهو يفكر ... ملاك....ابنة عمه هي المتبقية له من العائلة ...ليس لديه غيرها وهي ليس لديها غيره...لابد أنها منهارة الان ابنة عمه المسكينة ....أن كان لديه هدف ليقاوم ستكون هي ...أمانة عمه التي يجب أن يهتم بها ولا يتركها ...سيحارب لكي تعيش هي حتي لو مات هو غير مهم ...المهم أن يحافظ علي أمانة عمه ...
نهض ببطء وهو ينفض عنه الضعف وقد وجد الان هدف له ...هدف ليريح عمه في قبره وقال:
-عايز اقابل ملاك ...مش هتكلم ولا اساعدكم الا لما اشوفها ...
ابتسم مالك بسخرية وقال:
-انت مش في  وضع  دلوقتي انك تتفاوض يا صياد انت ممكن تموت هنا ...
-الموت مش نقطة ضعف الصياد يا مالك بيه ...اللي بحبهم هما نقطة ضعفي ...اساعدك لما اشوف ملاك غير كده لا ....
.............
في اليوم التالي ....
-عجبتك القاعة ؟!
قالها يوسف بإبتسامة وهي ينظر إلي ملامح حياة السعيدة لتهز هي رأسها برضا وتقول:
-بصراحة جميلة اووي ..
اقترب وهو يقول لها:
-انا بس حبيت اعملهالك مفاجأة وتشوفيها يوم الفرح بس اكتشفت انك عنيدة وانا اضطريت ارضح ليكِ ...
قالها بتذكر لتضحك هي وتقول:
-صعب جدا تخبي عني حاجة يا دكتور !
-انا بقيت اخاف منك  
قالها ضاحكا ولكن فجأة تجمدت الضحكة علي وجهه وهو يراها ....نظرت حياة إليه بحيرة ونظرت حيث ينظر هو لينتفض قلبها بعنف ....لا يا الهي هذا مستحيل فكرت بإنهيار ...لما ظهرت الان بعد ما كان كل شىء علي ما يرام. ..كادت أن تبكي وهي تري نظرات يوسف إليها ..تلك النظرات قتلتها فعليا ...
-وعد !!!
انطلقت الكلمة من شفتيه لتتجمد وعد وهي تنظر إليه ....كانت خجلة من أن تواجهه فكرت أن تستدير وتهرب ولكن هذا لن يكون في صالحها ...اقتربت منهما ورسمت ابتسامة لطيفة وهي تلاحظ خواتم الخطبة التي تزين يديهما...وكم فرحت لأن يوسف تجاوزها نهائيا ...لقد شعرت حقا انها ارتاحت من حمل ثقيل كان يجثم علي قلبها ...
-ازيك يا يوسف .
قالتها وعد بقليل من الإرتباك ثم أكملت وهي تشير الي خاتم خطبته:
-فرحت اووي عشانك ....
كانت تثرثر بلا هدف وهي تحاول تلافي الموقف المحرج ...لم تكن تريد أن تزعج خطيبته ...لاحظ يوسف أيضا خاتم علي اصبعها ونظر إليها يتساءل لتقول بتوتر:
-انا اتجوزت !
رفع حاجبيه بدهشة لتفرك كفها بتوتر ...يا الهي هي تتمني الان أن تنشق الأرض وتبلعها ولم تكن الوحيدة التي شعورها هكذا !بل تمنت ايضا حياة أن تختفي وخاصة وهي تري نظرات يوسف تلك ... ابتسم يوسف لها ببرود وقال:
-مبروك ربنا يهنيكي...
ثم سحب حياة وذهب ...
تنفست  وعد براحة  وهي تضع كفها علي قلبها ...لا تصدق انها وُضعت في هذا الموقف المحرج ...تنهدت وهي تسير في طريق العودة إلي منزلها القديم فقد طلقها الصياد وانتهي أمرها ...لقد مكثت في منزله بعد طلاقها تبكي وتنتحب الا انها قررت أن تعود ...فالبيت دونه أصبح سجن خانق لا تتحمله هي ...لذلك في اليوم التالي اول شئ فعلته ارتدت ملابسها وخرجت من المنزل ...كان قلبها يرتج في صدرها وهي تتذكر الطريقة التي نظر إليها بها ...النفور والكره في عينيه جعل معدتها تتلوي من القهر ...لقد كرهها جاسر ....ولن يسامحها ابدا ...رات هذا في عينيه والحلم الجميل الذي عاشته معه انتهي بسرعة وسقطت الأميرة من مملكتها للهاوية تماما!!!
.........
-حياة ...حياة ...
كان يصرخ يوسف بها بينما هي تركض أمامه ...لا يعرف ماذا حل بها فجأة ...
امسك كفها وصرخ:
-حياة مالك فيه ايه؟!!
-انا شوفت الطريقة اللي بتبصلها بيها .
قالتها وهي تدفعه بقوة..وانسابت الدموع من عينيها وهي تختنق قائلة:
-انت لسه بتحبها يا يوسف 
-نعم 
قالها بصدمة لتبكي هي وترد:
-انت عمرك ما بصتلي بالطريقة دي...عمرك ما حبتني زيها ...النهاردة لما شوفتها عينيك لمعت بطريقة غريبة وانا مش هستني انك تسيبني تاني عشان وعد ظهرت في حياتك ...
نظر إليها بصدمة ...توتر وفزع عندما خلعت خاتمها وقالت وهي تعطيه له:
-انا مش هحط نفسي في الموقف ده تاني ...موقف انك ترمي دبلتك في وشي عشان ترجع لوعد !...
ثم بسرعة هربت من أمامه تاركة إياه مذهولا تماما !!!!
.......
ولجت وعد بتعب لمنزلها الصغير ...في طريقها للمنزل رأت نظرات الدهشة والاستنكار من الجيران عن تلك الفتاة التي اختفت فجأة هي ووالدها !!
فجأة توقفت وعد وهي تري والدها واقفا في الصالة ينظر إليها مبتسما بفخر وقال:
-عرفت انك سجنتِ الصياد...عاش اهو أنتِ دلوقتي بنتي بصحيح ...
-حظي سئ اني بنت واحد زيك واهو الصياد المجرم احسن منك مليون مرة ...
 قالتها وهي تقترب منه بينما عينيها تبرقان بشراسة صمت والدها وهو يشعر بالتوتر وقال:
-صدقيني يا بنتي مكانش قدامي حل غير كده وبعدين الحمدلله اهو اتحبس وخلصنا منه ومفيش حاجة تربطنا بيه ...
ابتسمت وعد بوجع وقالت؛
-لا فيه ...حبي بيربطني بيه وكمان أنا ...
صمتت قليلا وتنهدت بعمق وقالت:
-انا حامل من جاسر !!!
............
كانت تجلس علي المقعد في مكتب عدي شعرها الأشقر يغطي وجهها بينما هي مطرقة للاسفل ودموعها تتساقط بتتابع وشهقات صغيرة تنفلت من شفتيها .....اقترب عدي منها وهو يعطيها محرمة ولكنها تجاهلته تماما ...عاد بخجل لمقعده ونظر إليها بحزن بينما والده كان يراقبه ...ابنه مغرم بتلك الفتاة للاسف ....يحبها بطريقة لا يستوعبها مالك ...وقد تسبب هو من غير قصد في تحطيم قلب ابنه سعيا للإنتقام ...ملاك يبدو أنها لن تغفر بتلك السهولة....النظرات الباردة التي تخصها بعدي أخبرته بهذا ...عدي المسكين لن يستطيع أن يجعلها تعود له ...وربما هذا افضل لان قصة حبهما محكوم عليها بالفشل ...فملاك مهما حدث هي ابنة الرجل الذي  قتل زوجته وهو لن يتقبل تلك الفتاة ابدا  ...
مسحت ملاك دموعها وهي تنتظر بلهفة أن تقابل جاسر ...لقد أخبرها مالك انها الوحيدة القادرة علي إقناعه ليساعدهم وهي يجب أن تقنع جاسر لكي تخفف عقوبته ويخرج ويبقي معها ...لان بعد والدها جاسر الوحيد الذي تبقي لها ...جاسر الوحيد الذي سيتقبل انهيارها هي تعرف هذا ...فعندما مات والدها لم يسمح لها أحد أن تنهار بل بسرعة تم الانتهاء من إجراءات الدفن وقاموا بدفنه ثم حضرت هي هنا في اليوم التالي لتقنع جاسر أن يساعد الشرطة ...الأمر أنهم علي حق فهي ليست لديها تلك الرفاهية ...رفاهية أن تبكي وتغلق غرفتها عليها بالأيام ...لقد مات والدها وسُجن ابن عمها لذلك عليها أن تخلع ثوب الأميرة وتواجه الحياة بقسوتها الشديدة ...فُتح الباب لينتفض قلبها وتنهض ...غاص قلبها وهي تري جاسر ...محطم ...منهار بينما ينظر إليها بحنين وحزن ...
-جاسر ..
قالتها ملاك باكية ثم اندفعت دون تفكير تعانقه وتبكي بقوة ....انقبض قلب عدي وشعر بروحه تحترق من الغيرة وهو يري هذا المشهد  العاطفي  ...لم يتحمل هذا المشهد أكثر وخرج بسرعة كأنه يهرب من الواقع ...واقع أن ملاك لن تكون له ....
...
لم يهتم أحد لعدي الذي خرج بغضب الا والده لكن ملاك كانت في عالم اخر ..كانت تعانق جاسر وهي تبكي بألم قائلة:
-بابا مات يا جاسر ...انا بقيت لوحدي ...
-ششش اومال أنا فين ...أنا معاكي يا ملاك وهفضل معاكي دايما ...
قالها وهو يربت علي شعرها برفق ..
ابتعدت وهي تمسك يديه وتبكي:
-يبقي تساعد البوليس عشان تخرج بسرعة...عشان أنا مش هقدر اعيش من غيرك ...أنا دلوقتي مليش حد الا انت يا جاسر ولو فعلا بتحبني يبقي ساعد البوليس ...
تنهد جاسر بتعب ليتدخل مالك ويقول:
-فكر يا جاسر حسب معلوماتنا اللي بيوردلك ده اكبر مورد مخدرات في الوطن العربي مش مصر بس ..انت عارف انك لو ساعدتنا ده هيخفف عنك كتير ...وهيبقي موقفك احسن الا بقا لو عايز تشيل الشيلة لوحدك انت حر يا صياد بس لما تقضي بقية حياتك في السجن متلوميش الا نفسك ...
شدت ملاك علي كفه وقالت:
-انا خسرت بابا ومش مستعدة اخسرك .
ربت جاسر علي شعر ملاك ونظر لمالك وقال :
-هساعدك تقبض عليهم !!
تنهدت ملاك براحة وأضاء وجهها بإبتسامة عندما وافق ...شدت علي كفه وقالت:
-شكرا يا جاسر ...شكرا ..
ثم عانقته بقوة في نفس الوقت الذي دخل فيه عدي ...
-اللهم طولك يا روح ..
قالها عدي بغيظ وهو يري جاسر يعانق ملاك وأكمل هامسا :
-محسسيني أنهم عيلة بتموت في بعض وهما قتالين قتلة ...
نظر مالك الي ابنه الذي احتل الغضب ملامح وجهه وقال:
-جاسر وافق يساعدنا 
هز عدي رأسه دون رضا وهو ينظر إلي ملاك وقال بنبرة ساخرة:
يظهر أن آنسة ملاك ليها تأثير عميق علي جاسر ...تأثيرها اكبر من تأثير مراته ...
تطلعت ملاك بصدمة إلي عدي ثم إلي جاسر وهي تقول :
-مراتك !!انت اتجوزت امتي؟!!  
نظر جاسر الي مالك وقال:
-عايز بنت عمي في موضوع عائلي ينفع؟! ..
هز مالك رأسه وقال:
-اكيد ..يالا يا عدي ...
-لا انا هفضل هنا .
قالها عدي بضيق ليمسكه والده من ذراعه وهو بس يسحبه خلفه ...
....
بعد أن خرجا جلس كل من ملاك وجاسر لتنظر إليه ملاك بصدمة وتقول:
-ما تقولي يا بني امتي اتجوزت ...
تنهد جاسر وقال؛
-انا هقولك علي كل حاجة بس هختصرلك علي قد ما اقدر اتفقنا !
هزت ملاك رأسها وهي تستعد لتسمع العديد من الأسرار التي تحيط بإبن عمها الغامض!!...
.....
-ليه طلعتني من هناك؟!
تكلم عدي بعصبية ...امسك والده ذراعه وقال:
-الصياد وافق يساعدنا وملاك هي اللي اقنعته فأبوس ايديك يا عدي سيب الغيرة بتاعتك دي علي جنب ...شغلنا اهم ...
-شغلك اهم من مشاعري؟!
قالها عدي بإستنكار ليرد والده بحزم:
-ايوة يا عدي ....المشاعر حاليا مش مهمة ...بلدك هي الأهم ...الشحنة دي هتكون أكبر شحنة مخدرات في البلد ...انسي ملاك خالص مهمتنا محددة دلوقتي ...اي مجال لدخول المشاعر هيبوظها ...وانا استنيت الفرصة دي كتير ومش هسمح بشوية مشاعر تبوظها ...
هز عدي رأسه دون تصديق وقال:
-انت سامع نفسك بتقول ايه يا بابا ...هو انا للدرجادي مش مهم عندك ..
-يا حضرة الضابط عيب اووي واحد بمركزك يخلي مشاعره تسيطر عليه ...انت ضابط يا عدي يعني عقلك هو اللي يتحكم في قلبك مش العكس ...في شغلنا لازم نرمي اي مشاعر تحاول تضعفنا ...ومتنساش أن ملاك تبقي بنت الراجل اللي قتل والدتك ...أنا فعلا متعاطف معاها بس عمري ما هنسي والدتك اللي راحت بسبب مجرم ..
-انت كمان بتحب ماما يا فندم !
قالها عدي ثم اكمل:
-عشان كده مخلي مشاعر الكره متحكمة فيك ...واهو خليت مشاعرك تتحكم فيك فأظن اني شبهك الي حد ما !
قالها ثم غادر من  امامه..
.......
-بتقول ايه؟!
قالتها ملاك بصدمة وقد اتسعت عينيها ثم أكملت :
-خطفت واحدة واتجوزتها يا جاسر وهي اللي اتفقت مع الشرطة وحبستك ؟!
-وطي صوتك يا ملاك اكيد مش عايزاني اتحاكم بتهمة الخطف مع المخدرات ...
صمتت ملاك كليا فتنهد جاسر وقال :
-الوضع معقد يا ملاك بس انا فعلا حبيت الست دي ...حبيتها اكتر من اي حاجة في حياتي بس انا طلقتها ...
ربتت ملاك علي كفه وقالت:
-ما دام بتحبها يبقي تسامحها ...
نظر إليها وقال:
-الموضوع صعب ...صعب اسامح وعد زي ما أنتِ صعب تسامحي عدي يا ملاك ...
صمتت ملاك كليا فأكمل:
-شوفتك معاه بس مكنتش اعرف انه ضابط  
اطرقت ملاك وهي تقول بحزن:
-هو استغل حبي ليه ...استغل سذاجتي بس عمره ما حبني بس وعد اكيد حبتك ...
هز جاسر رأسه وقال:
-هي خانتني ...هي اللي سلمتني للشرطة ..
-يمكن حبت تكون ليكم فرصة سوا من غير ما تحس بعبأ علي ضميرها ...ليه متبصش للموضوع من وجهة نظرها ...
صمت جاسر فشدت ملاك علي كفيه وقالت:
-تحب اروح واشوفها ... اطمن عليها..
-اعتقد هي راحت بيتها خلاص ..
قالها بخفوت والضعف المزعج يغزو روحه بقوة ...
-تحب اروح لها..قولي العنوان واوصفها ليا ...
ابتسم وقال:
-عينيها شبه القطط البرية ...متأكد هتعرفيها علطول وهقولك عنوانها ...
......
انتهت الزيارة وغادرت ملاك وبدل من أن تذهب وترتاح في منزلها قررت أن تذهب لوعد ...
...
وقف عدي أمام جاسر وهو ينظر إليه بغضب فقال جاسر ببرود:
-ليه بتبصلي كده ؟!لتكون معجب بيا ولا حاجة بس للاسف أنا راجل استريت وكنت متجوز 
-مش كفاية احضان بقا !!!
قالها عدي بغيرة لينظر إليه جاسر بحيرة وهو يرفع حاجبه الأيمن ويقول :
-افندم؟!!احضان ايه؟!
احمر وجه عدي وقال بغيرة:
-انت كل اما تشوف ملاك تحضنها ..خلاص عرفنا انكم عيلة متماسكة وبتحبوا بعض بس الموضوع بقا اوفر ولا يحتمل ...مش حابة اشوفك قريب منها تاني بالطريقة دي ...
ضحك جاسر ساخرا واقترب منه قائلا:
-انت هتعلمني ازاي اتعامل مع بنت عمي ...الإنسانة الوحيدة اللي فاضلة من عيلتي؟!!...حضرة الضابط اقترح عليك تخليك في حالك ..احضنها اتجوزها انا حر وانت ملكش دعوة باللي أنا بعمله .. اتفقنا !!!
وكان الجواب نظرات نارية مشبعة بالغيرة من عدي...كان يشعر بغيرة لم يشعر بها من قبل!!!
ابتسم جاسر في وجهه  كان سعيد بالغيرة التي يشعر بها عدي فهو يستحق هذا بعد ما فعله بملاك  ...
قال  جاسر فجأة  بإستفزاز:
-ايه يا حضرة الضابط مش هتوديني زنزانتي ولا ايه؟!!
.........
-الولد ده لازم ينزل !
صرخ والدها وقد تغيرت ملامحه ...تراجعت وعد وهي تضع كفها علي بطنها في حركة حماية تلقائية ...برقت عينيها بشراسة وقالت بعنف:
-علي جثتي ...مستحيل !
اقترب منها وامسك ذراعها وهو يصرخ؛
-ده ابن حرام !.
صرخت هي بدورها:
-لا مش حرام ...أبوه يبقي جاسر النجار اللي هو جوزي ...احنا اتجوزنا علي سنة الله ورسوله ..
ابتسم ساخرا وقال:
-جاسر المجرم ...اللي هيقضي حياته كلها في السجن بسبب جرايمه الكتير ...هتجيبي ابن أبوه مسجون وممكن يموت في السجن ...
دفعته وعد وهي تصرخ بقهر:
-لا جاسر هيطلع...هيقضي عقوبته ويطلع ويبقي معايا ...
والجواب عليها كان ضحكة ساخرة اغاظتها كثيرا .. تجمعت دموع الغضب بعينيها وكم كرهته في تلك اللحظة ...
رفعت رأسها وقالت بقوة :
-ابني مستحيل أنزله ...
-يبقي تنزليه غصب عنك ...
ثم كاد أن يهجم عليها إلا أنها ركضت للمطبخ وامسكت سكين كبير وهو تقول بغضب :
-اقسم بالله لو فكرت تمد ايدك لأقتلك ...
اتسعت عيني والدها بغضب وهدر بها؛
-تقتلي ابوكي!!!
رفعت رأسها وقال :
-انا اعتبرت ابويا مات في اليوم اللي باعني فيه بفلوس ...
-كنت مضطر ...كان هيقتلني!!!..
تجمعت الدموع بعينيها وقالت ؛
-مش مبرر ليك ...مش مبرر انك تبيع بنتك ...
-وانتِ حبيتي المجرم ده!! ...
صرخ بها لتصرخ هي بدورها :
-لانه الوحيد اللي اداني الحب اللي انت رفضت تديهوني اهو المجرم ده اداني حب طول حياتك فشلت تديهوني ...
دموعها انسابت وقالت:
-عمره ما فكر يبيعني زيك  ...
ابتسم والدها بقسوة :
-بس انتِ بعتيه صح ؟!!
بهتت وهي تنظر إليه ...انسكبت دموعها وهي تتذكر كيف سلمته بسهولة للشرطة كيف لم تفكر حتي أن تقنعه ...تعترف انها أخطأت في تلك النقطة ولكنها ما أن عرفت حتي انهارت تماما ...وعقلها توقف عن العمل ...أصيبت بالجنون وهي تفكر أن حبيبها تاجر مخدرات والأمر أصبح أسوأ عندما عرفت انها حامل حينها تدمرت تماما وتصرفت التصرف المناسب من رأيها...أرادت أن يأخذ جاسر عقابه قبل أن تتقبله كليا في حياتها ولكنه للأسف رفض حتي أن يتفهم وجهة نظرها وطردها بقسوة خارج حياته  ...
استغل والدها شرودها واقترب ليهاجمها ..سقطت السكين لتصرخ وهي تحاول تجنبه ثم دفعته بقوة وولجت لغرفتها ثم أغلقت عليها الباب جيدا ...
-تعالي معايا ونزلي الواد ده بهدوء والا والله اقتلك ...
هزت راسها وهي تبكي ...هذا مستحيل ...مستحيل أن تسمح له أن يؤذي ابنها...أخذ والدها يطرق الباب بعنف وكان قلب وعد يرتج وهي تبكي ...لحظة اثنان وفجأة نجح في كسر الباب ... تراجعت وعد للخلف وهي تبكي وقالت:
-ابوس ايديك متأذيش ابني ...
هز والده رأسه وقال:
-ده ابن حرام لازم يموت !!!
ثم هجم عليها وامسكها من شعرها وقال:
-تعالي معايا بالذوق ننزله بدل ما اضربك أنا لحد ما يموت في بطنك ...
اخذت تبكي بعنف وهو يدفعها أمامه وهي تصرخ وتبكي ...فتح الباب ليتراجع فجأة بألم ويصرخ عندما شعر بضربة عنيفة علي رأسه...نظر ليجد فتاة ذات عينين رمادتين مشتعلتين تمسك عصا خشبية ثم قامت بضربه مرة أخري حتي فقد الوعي ...ودون أي انتظار أمسكت بكف وعد وهي تجذبها نحوها ثم يركضان للخارج ...
-انتِ مين؟!
صرخت بها وعد وهي تحاول أن تتوقف ولكن ملاك جرتها خلفها وهي تقول:
-خلينا بس نبعد من هنا وهفهمك كل حاجة ....
اخيرا توقفا في مكان بعيد عن المنزل لتقول ملاك لوعد وهي تلهث:
-مين الراجل المجنون اللي ضربته ده ؟!!
كتفت وعد ذراعيها وقالت:
-ده يبقي ابويا ..وبعدين مين أنتِ وجراني وراكي زي الجاموسة بالشكل ده ازاي ؟!
ابتسمت ملاك بتوتر وقالت:
-انا ملاك بنت عم جاسر أو الصياد هو طلب مني اطمن عليكِ ولما جيت سمعت صوتك بتصرخي فقولت فيه حاجة ...
خفق قلب وعد بعنف وتجمعت الدموع بعينيها وقالت:
-هو كويس ؟!
هزت ملاك رأسها وقالت :
-ووافق كمان يساعد البوليس ...
انسابت دموع وعد وهي تضحك بفرح ...شدت علي كف ملاك وقالت:
-كده هو هيخرج بدري ...مش هيفضل كتير في السجن صح ؟!...
ابتسمت ملاك وهي تشد علي كفها وقالت :
-هيطلع أيوة وهيرجعلك ...
وضعت  وعد كفها علي بطنها بحركة غير إرادية وقد أضاء وجهها من السعادة ...شهقت ملاك بفرحة وقالت:
-انتِ حامل !!!
  .............
بعد اسبوع ...
-عايزة افهم أنا عملت ايه لده كله يا خالتي ...بنتك بقالها اسبوع رافضة تتكلم معايا!!!!أنا غلطت في ايه لده كله !!
صرخ يوسف وهو يشعر بالجنون ...فحياة أصبحت تتصرف بسخافة غريبة جدا ...ألقت الخاتم في وجهه ...هي تظن أنه ما زال يحب وعد ...لقد أخبرها الف مرة أن وعد انتهت من حياته ولكنها لا تفهم وهو قد مل من تصرفاتها الطفولية تلك ...
-يا بني انت جرحت حياة قبل كده وهي حساسة ...معلش استحمل شوية معاها....
قاطعها يوسف بغضب :
-انا استحملت كتير يا خالتي وفاض بيا خلاص ...قولتها مليون مرة اني بحبها هي هي وبس ...لكن هي مصرة تتمسك بالاوهام دي لحد ما هتضيع حياتنا كلها ...بنتك لو مبطلتش غباء هتخسر كل حاجة ..
صمتت خالته وهي تشعر بالتوتر والحيرة ...الأمور مشتعلة كثيرا بينهما وتخاف أن يُلغي الزفاف بسبب هذا الجدال التافه ...اقتربت هي من يوسف وقالت:
-معلش يا ابني تعالي انت علي نفسك وروح صالحها ...والله حياة بتحبك اووي وبتغير عليك يمكن عشان كده مستحملتش لما شافت خطيبتك القديمة ...قدر شوية يا يوسف ...انت سيبت قبل كده حياة عشان وعد !..
-وانا هتعاقب علي حاجة زي دي طول حياتي ولا ايه !!!هي كل شوية هتفكرني باللي عملته لو هي ناوية تنكد عليا  طول حياتي عشان حاجة زي دي يبقي بلاها الجوازة دي يا خالتي أنا مش ناقص وجع دماغ ...
-وجع دماغ!!!!
صرخت حياة وهي تخرج من غرفتها ...عينيها كانت حمراء من البكاء وتتنفس بقوة وتقول:
-انا وجع دماغ يا استاذ يوسف ؟!!..
نظر إليها يوسف وقد شعر بقلبه يتألم بسببها ...كانت حالتها صعبة ولكن كبرياؤه وعناده المعتاد رفضا الخضوع لقلبه الضعيف أمامها وصرخ بها:
-ايوة يا حياة وجع دماغ لما كل شوية تفكريني بغلطة عملتها وتنكدي عليا يبقي وجع دماغ ...
اطل  من عينيها القهر ليكمل بقسوة :
-لما تكون ثقتك في نفسك قليلة وتعاقبيني بسبب كده يبقي وجع دماغ ...قولتها وهقولها وعد انتهت من حياتي خلاص ...مبقتش افكر فيها ...أنا لو بحبها زي ما بتتخيلي مكنتش اسيبها وامشي بكل برود ...أنا اتصدمت لما شوفتها صحيح ..بس أنتِ بنفسك شوفتي بعدها ازاي مشيت ومبصتش ورايا حتي ...قوليلي اعمل ايه اكتر من كده ...
-عيونك لمعت ليها 
قالتها وهي تبكي ...صرخ بها وقد فقد أعصابه :
-امتي عيوني لمعت ما تبطلي هوس وجنان بقا عشان خلاص جبت اخري من تفكيرك الغبي ده ...
-يوسف متتكلمش معاها بالطريقة دي !!
زعقت به والدة حياة ولكنه لم يهتم واقترب من حياة وهو يقول بغضب:
-حياة أنا تعبت ..ومش مضطر استحمل ده كله ...أنا بتعاقب علي غلطة عملتها مش كل شوية تحشري وعد في حياتنا لاني خلاص طردتها برة حياتي للابد ..لو هتفضلي تحشريها بالطريقة دي يبقي جوازنا هيفشل يا حياة ومن دلوقتي بقولك ان كان أنتِ مش واثقة من حبي ليكِ يبقي بلاها الجوازة دي من الاول وكل واحد يروح لحاله ..
بهتت حياة ليذهب هو من أمامها مسرعا تاركا إياها محطمة
...............
-نعم!!!انت اتجننت يا عدي عايز تسيب شغلك ...تنسي واجبك تجاه بلدك عشان عواطفك الغبية دي!!!
صرخ به مالك وهو يكاد يُصاب بالجنون ...لا يفهم كيف يفكر ابنه ...كيف يريد التخلي عن كل شىء من أجل فتاة لن تعود إليه من الأساس ...
لم يتكلم عدي وظل ساكنا ولكن ضجيج قلبه كاد أن يصم  أذنيه تمني في تلك اللحظة أن يختفي من الحياة فهو فقد الاغلي علي قلبه ..فقد ملاك ...اغمض عينيه وهو يتذكر بقهر الطريقة التي نظرت إليه بها ...نظراتها كانت حادة لدرجة أنها مزقت قلبه ...مرارة الخسارة قتلته ...لم يتخيل ابدا أنه سوف يحب لتلك الدرجة اليائسة ..هو لم يحب  أحد كما احب ملاك ..لا أحد سوف يملئ الفراغ التي تركته هي ...لا احد علي الاطلاق !!!
تنهد مالك وهو يقترب من عدي ويقول:
-عدي  بكرة هنقبض علي اكبر موردين المخدرات في البلد ...بكرة اكبر عملية لينا فلو سمحت متتخلاش عني في الظرف ده ...
تنهد عدي وهو ينظر لوالده وقال:
-تمام يا بابا بس بعد العملية دي هسيب الشغل!!
......
في يوم تسليم الشحنة 
-جاهز يا صياد ...
قالها مالك وهو يقترب من جاسر ليهز جاسر رأسه ويقول:
-جاهز ..
-صياد أنا وثقت فيك وهخرجك عشان تساعدنا ونقبض عليهم متلبسين بس اقسم بالله لو فكرت تغدر لأقتلك ...
ابتسم جاسر وقال:
-عمري ما هعمل كده ...دي الفرصة الوحيدة ليا عشان عقابي يتخفف وأخرج لبنت عمي افضل معاها مش هضيع الفرصة دي يا مالك بيه ...هتقبض عليهم النهاردة بإذن الله بس بعدها نفذ وعدك ليا وعقابي يتخفف ...
هز مالك رأسه وقال:
-اكيد .. 
ولج عدي وهو يري أن جاسر قد استعد تماما ...ابتسم مالك وهو يري ابنه قد قرر أن يتخلي عن قراره حاليا.حتي يقبض علي الموردين ...
نظر مالك الي جاسر وقال :
-ملاك جاية دلوقتي في الطريق ..أصرت تشوفك ...
توتر جاسر قليلا وقال:
-مقالتلكش ليه ؟!
هز مالك رأسه ثم صمت تماما عندما دخل الشرطي وأخبرهم بقدوم ملاك .....
ابتسمت ملاك وهي تقترب من جاسر ...كانت عينيها مليئة بدموع الفخر ...اقتربت منه ثم عانقته ...اشاح عدي بوجهه وهو يقول بهمس :
-استغفر الله العظيم يارب بس ترجعيلي يا ملاك هرنك علقة علي اللي بتعمليه ده ..
وضعت ملاك شفتيها عند إذن جاسر وقالت:
-لازم ترجع يا جاسر ...انت هتنجح في المهمة دي وهترجع سليم وتأخد عقابك وتطلع لأن فيه هدية عظيمة مستنياك ...
عقد حاجبيه بحيرة لتكمل هي ودموع الفرح تنساب من عينيها قائلة:
-وعد حامل!
بهت جاسر وهو ينظر إليها وللحظات تشتت...وعد حامل ...حامل بطفله!!!قلبه خفق بطريقة مغايرة تماما ...خفق بطريقة لم يختبرها من قبل وكأنه كان ميت وعاد للحياة مجددا بهذا الخبر ...قطعة منه تنمو داخل رحم المرأة التي عشقها أكثر من اي شئ ... المرأة التي قتلته واحيته مرة أخري عندما أعطته الامل أنه ستنتظره ...ورغم رفضه تماما أن يتعامل معها إلا أنها أصرت بعناد علي التواصل معه وكأنها تخبره أنها لن تياس ابدا منه ...ابتسامة شقت شفتيه لأول مرة بينما قلبه يعود للحياة ويخفق بسعادة ...اراد الصراخ بفرحة سيبقي اب ...هو الآن مسؤول عن روح ...ويجب أن يفعل المستحيل لكي يخرج لابنه سريعا ...لن يتركه ابدا ...ربما بعد أن يقضي عقوبته سوف تكون له فرصة اخري مع وعد ...
ابتعد عن ملاك وهو ينظر إليها بإمتنان وقال هامسا:
-هي وعد معاكي في البيت؟!..
ابتسمت وهي تهز راسها وقالت؛
-متقلقش عليها انا اخدتها عندي عشان ابوها رجع وكان عايز يأذيها ...
-ازاي؟!
قالها وقلبه ينبض من الخوف لتربت علي كفه وتقول:
-متقلقش خلاص الموضوع انتهي ..انت سايب وراك راجل ...أنا ههتم بوعد لحد ما تخرج بالسلامة بإذن الله بس انت خلي بالك من نفسك يا جاسر ...
هز رأسه وقال:
-متقلقيش عليا ..بإذن الله هتيجي سليمة ...المهم خلوا بالكم من نفسكم ...
تجمعت الدموع من عينيها وقد خفق قلبها برعب خوفا أن تخسره ...تخسر اخر فرد في عائلتها...فبعد والدها جاسر هو من تبقي لها وأن خسرته سوف تضيع ولكنها رفضت أن تشارك مخاوفها مع جاسر ...رفضت أن تحمله فوق طاقته بل أغلقت علي مخاوفها وهي تجبر نفسها علي التفاؤل ...فجاسر سوف ينجح في مهمته ويعود لها ... ويعود لوعد وطفلهما القادم في الطريق ...
ابتسمت في وجهه وهي تضغط علي كفه بقوة محاربة دموعها التي ظهرت بينما تعطيه دفعة للامام وتقول بصوت كله امل:
-هترجعلنا بإذن الله ..
هز رأسه وهو يقبلها علي رأسها بخفة...
زفر عدي بضيق وقال:
-ممكن نأجل المشاهد العائلية دي لبعدين ورانا مجرمين عايزين نقبض عليهم يا صياد .
نظرت إليه ملاك بملل وهز جاسر رأسه وقال بهدوء:
-انا جاهز ...
تنهدت ملاك وقالت:
-حضرة الضابط عدي ممكن اتكلم مع حضرتك شوية ؟!
خفق قلبه وهز رأسه ببطء ليخرج وتخرج هي خلفه ...
وقفت أمامه وهي تحيد بنظراتها عنه ...كانت تحاول ترتيب كلماتها التي سوف تقولها وفجأة نظرت إليه وقالت:
-اقدر اخد وعد منك انك هتحمي جاسر ؟!
نظر إليه بصمت لتقول وقد طل الالم من عينيها :
-جاسر هو اللي اتبقي من عيلتي ومش عايزة اخسره فلو سمحت ده رجاء مني انك متخليش حاجة تصيبه ...متخلهوش يتعرض للخطر ...مراته حامل ومستنياه وانا كمان مستنياه ..و ..
قاطعها وقال؛
-اوعدك اني هعمل المستحيل عشان ميحصلهوش حاجة ...
أضاء وجهها بإبتسامة رائعة وقالت:
-شكرا ليك يا حضرة الضابط ...
اغاظته رسميتها في التعامل معه وقال:
-مش ناوية تسامحيني...
-مستحيل
قالتها بقوة..
-اعمل ايه عشان تسامحيني؟!
قالها بقلة حيلة وعينيه تحاصر عينيها بإصرار ...منتظرا اي لمحة لضعف ...لحب تخبره أنه ما زال هناك امل ... أمل له لأن يعيش مجددا !! ...ولكن صدم بالصقيع الذي برز بعينيها وابتسامة باردة  أطفأت نيران الامل داخله وقالت ببرود وتصميم:
-متعملش حاجة يا عدي ...لاني مستحيل اسامحك ...أنا هعيش الباقي من حياتي اكرهك... اكرهك وبس ...وكل لما أضعف هفتكر خيانتك ليا ...هفتكر اني كنت لعبة في ايديك عشان تقبض علي ابويا ...هفتكر خداعك وافتكر أن حبك كان كدبة كبيرة ...
اقتربت أكثر وقد طل الالم من عينيها واكملت:
-عمري ما هنسي انك قربت مني عشان تقبض علي بابا ولا هنسي انك استغليت حبي ليك ...كان فيه مليون طريقة تأدي مهمتك من غير ما تكسر قلبي!
ثم تركته وذهبت..
........
-خلاص كده كل اللي بيننا انتهي ..أنا مش عايزاه تاني ...
صرخت حياة بقهر وهي تلقي هداياه علي الأرض ...الاساور التي اشتراها لها كانت ملقية علي الأرض بإهمال ...صورهم سويا. ..حتي فستان الزفاف الذي اشترته كان تدوس عليه بقدميها ...كان بكاؤها لا يتوقف ...المها لا يتوقف ...لقد تحطمت علي يده ...تحطمت للمرة الثانية ...تلك الغبية أعطته فرصة اخري لتحطميها وهو بمهارة قلب الطاولة عليها ...جعلها هي المذنبة وهو البرئ... كأنها عمياء لا تري أن وعد ما زالت تحتل قلبه  ..وعد دائما كانت الاختيار الاول بينما هي كانت دوما البديلة ...بديلة حتي يجد الفتاة المناسبة له ...وبديلة لوعد ...كانت تشعر بالقهر ...قلبها ينزف بقوة ...كانت محطمة للغاية ...تشعر بالجنون لقد تم استبدالها مجددا ...يوسف فضل وعد مرة أخري ...نظراته لها افقدتها صوابها تماما ...
اقتربت منها والدتها وهي تهزها بعنف وتقول:
-كفاية يا حياة ...بطلي جنان!
-انا مجنونة ؟!!
صرخت حياة ثم أكملت وهي تبكي:
-كلكم.فاكريني اني ببالغ لكن محدش حاسس بيا ...أنا مت في اليوم اللي قرر يسيبني فيه ويروح لوعد ...عارفة حسيت بإيه اني واحدة رخيصة ملهاش قيمة كان واخدني سد خانة لحد ما يلاقي اللي يحبها ويوم ما لاقاها جه ببرود ورمي الدبلة في وشي وقالي أنه مبيحبنيش ...فاكراني نسيت ...أنا عمري ما هنسي أنه كسرني بالشكل ده وانا بدل ما اتحط في الموقف ده تاني انا اللي سيبته ...مستحيل احط نفسي في موقف أنه يرميني مرة تانية أنا مش رخيصة يا ماما ...
تنهدت والدتها وهي تقترب منها وتمسك كفها وتقول:
-يا بنتي هو غلط وعرف غلطته وحاول يصلحها...يوسف كان هيموت عشانك وهو بيحبك أنتِ ...لو كان بيحب وعد كان رجعلها فورا ...لكن ده بقاله اسبوع بيحاول يرجعك وأنتِ رافضة ... يا حياة متضيعيش كل حاجة من ايدك عشان خاطر اوهام ...يوسف فعلا بيحبك ...صحيح هو خشيم شوية لكن يوسف يعتبر أنا اللي ربيته وأعرفه كويس يا بنتي كان هيتجنن عشان يكلمك..فكري تاني متضيعيش كل حاجة من ايديكِ يا بنتي ...
هزت حياة رأسها وقالت:
-كل اللي بيننا انتهي يا ماما ...
ثم تركتها وذهبت ...
تنهدت والدتها بتعب وقالت:
-ربنا يهديكي يا حياة!!
.....
علي الجانب الآخر ...
كانت والدة يوسف تكاد أن تفقد عقلها بسبب ابنها..
-يا بني يا حبيبي افهم بس ...
ابتعد يوسف وهو يشير بكفيه بعصبية كبيرة ويقول:
-لا يا امي مش عايز افهم حاجة ...بنت اختك تعبتني وعملت من الحبة قبة ونكدت عليا ...لحد امتي هتعاقب علي غلطة عملتها من زمان وكفرت عنها كتير ...بحاول اتكلم معاها وافهمها اني بحبها هي مش وعد لكن هي رافضة تفهم ونكدت عليا ...أنا إنسان يا امي ...انسان وليا طاقة وخلاص تعبت مش معقول كل مرة تعايرني بغلطة أنا عملتها ...لحد امتي هحاول اتفهمها يا امي عارف ان اللي عملته اكبر غلط بس انا تعبت من الاعتذار يا امي أنا بحبها وعايز اعيش في هدوء معاها مش كل شوية احاول أقنعها بحبي ...
أمسكت والدته وجهه وقالت:
-هي لسه مقتنعتش بحبك    .....مفروض تحاول لو بتحبها والا بكرة هتلاقي غيرك اخدها منك يا يوسف ...هل هتقبل حد غيرك ياخدها...هتقبل تحب حد غيرك  ؟!!
كلمات والدته أشعلت النيران في قلبه ودون شعور نهض ليذهب إليها ...
....
رن الجرس علي خالته لتفتح له ...دخل مباشرة لغرفة حياة ليجدها تجلس علي الفراش وهي تبكي 
-كتب كتابنا بكرة .
قالها بنبرة قوية لتنظر إليه بصدمة وتقول:
-نعم!!!
-سمعتيني ... كتب كتابنا بكرة جهزي نفسك يا عروسة ..
ثم استدار وتركها مذهولة
.......
في الفجر 
دقات قلبه صمت أذنيه كان ينتظرهم في المكان الذي اتفقا عليه...لحسن الحظ خبر القبض عليه لم.ينتشر بل كان هناك تكتم كبير عليه وتلك كانت فرصته ليخدعهم ...انتظر جاسر وهو ينظر في ساعته محاط ببضعة رجال هم في الأصل رجال شرطة متخفيين كان قلبه ينبض بخوف...كان يخاف أن تفشل تلك العملية ...كان يتمني بقوة أن تنجح كي تتخفف عقوبته ويخرج ...خبر حمل وعد ادخل السرور لقلبه ...صحيح ما زال غاضبا وغفرانه لن يكون بسهولة....ليكن واضحا لا يظن أنه سوف يغفر لها الان ...رغم أنه يعشقها بقوة إلا أنها جرحته بعمق ...هو يريد المزيد من الوقت لكي يغفر ولكن الأكيد لن يدعها تبتعد عنه ...وليس من أجل الطفل فحسب ولكن في تلك الأيام التي ابتعد عنها شعر بنقص رهيب داخل قلبه ...شعر بقلبه مقفر كالصحراء ولكن الآن شعر بالربيع يعود ...هوي قلبه بقدميه عندما شعر بسيارات عديدة تقترب منه ...كان عددهم كبير ودعا الله أن يتم الامر علي خير...خرج الرجل الذي يتعامل معه وهو اليد اليمني لمستر جاك يدعي مروان  ومع رجال عديدة من سياراتهم في وقت واحد ...اقترب الرجل وقال:
-في ميعادك بالضبط يا صياد ...دايما انت احسن مننا في مسألة المواعيد ...
ابتسم جاسر وقال بثقته المعتادة:
-دي عادة مقدرش اغيرها ...
تطلع الرجل إليه بأسف وقال :
-زعلان اووي أن ده اخر تعامل ليك معانا ...
-وانا كمان يا مستر مروان  بس خلينا ندخل في المهم ...البضاعة فين ؟!
هز الرجل رأسه ثم صفق بيديه ليقترب بضعة رجال بحقائب كبير ثم يفتحوها أمامه لتظهر كمية من الهيروين ضخمة ...اضخم كمية رآها جاسر من قبل ... ابتلع ريقه وهو يعطي إشارة المتفقة مع الشرطة ... لحظات ودوي إطلاق النار في المكان ...
نظر إليه مروان  بصدمة لخيانته وقال:
-خنتنا يا صياد !!!
اخرج رجال مستر جاك أسلحتهم وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة ...حاول جاسر أن يبتعد عنهم ويحمي نفسه إلا أن مروان ضربه بالرصاص من الخلف مصيبا ظهره ...صرخ جاسر بألم ثم ركض لاهثا ولكن شعر بالضعف يغزوه  ووقع علي الأرض ليتقدم مروان ويرفع سلاحه مصوبا علي رأسه وقال:
-لو هموت يبقي هتموت معانا يا صياد ...
ثم كاد أن يضغط علي الزناد إلا أن رصاصة اندفعت لتصيب منتصف جبهته ويسقط ميتا ...نظر جاسر الي من أطلق الرصاص ليجده عدي !
اقترب عدي بسرعة من جاسر وقال وهو يساعده :
-قربنا نسيطر عليهم  ....
تنهد جاسر بألم وقال :
-مش عارفة اشكرك ازاي .
ابتسم عدي وقال:
-جوزني بنت عمك ..
ضحكا سويا ...لم يتخيل جاسر أنه سوف يضحك من قلبه في تلك الأحوال ...وسط الرصاص بينما رجال الشرطة تحاول أن تسيطر علي الخارجين عن القانون ...والمفاجئ أكثر أن يضحك مع عدي !!من كان يصدق أن الصياد سوف يصادق رجال الشرطة!!!
فجأة صرخ عدي بقوة وهي يشعر برصاصة تخترق كتفه من أحدي رجال مستر جاك ليقع بجوار الصياد وهو يتألم بقوة ويصرخ ...
اقترب رجال الشرطة من عدي ليقوموا بحمايته ثم لحظات واستطاعوا امسك جميع الخارجين عن القانون وتمت بنجاح المهمة ولكن أسفرت عن إصابة الصياد وعدي ...
.......
في اليوم التالي...
-انا عايزة اروحله يا ملاك  ...
قالتها وعد وهي تبكي بقوة بينما القلق يتزايد في قلبها ...كانت منهارة كثيرا عندما سمعت أن جاسر قد أُصيب .. شعرت قلبها يخرج من صدرها....قلقت ملاك وهي تري حالتها تلك وحاولت أن تهدئها قائلة:
-وعد اهدي ..هاخدك عنده.بس اهدي ابوس ايديك ...مالك بيه كلمني وقالي أنه كويس وحالته مستقرة وهو حاليا في المستشفي ...
انسكبت دموع وعد وقلبها ينتفض داخل صدرها لتنظر إليها ملاك بشفقة وداخلها تتمني أن يخرج جاسر سريعا لعائلته ... فالحب الذي تراه في عيني وعد نادر للغاية ...
-اجهزي وبابا هنروح المستشفي .
قالتها ملاك وهي تربت علي كفها ثم أكملت :
-بس ممنوع تبكي هناك أو تجهدي نفسك ....
.......
في المشفي ...
-انت اكيد مجنون يا عدي بترمي نفسك للموت عشان مجرم ؟!!
قالها مالك بفزع عندما خرج عدي من غرفة الطوارئ ... كتفه  مضمد بسبب الرصاصة التي أصابته...ابتسم عدي في وجهه وقال:
-المجرم ده هو اللي ساعدنا انت ناسي ولا ايه ...وبعدين أنا وعدت ملاك اني هحمي جاسر ...متنساش أنه هو اللي باقي ليها من عيلتها ومكنتش هسمح أنه يصيبه اذي ...
نظر إليه والده وقال بجنون:
-ملاك ...ملاك...ملاك ...قرفتني بيها وكأنها البنت الوحيدة في العالم يا عدي ..كنت هتبوظ خطتنا عشانها ...خرجتها برا خططك ...عايز تسيب شغلك برضه عشانها وكنت هتموت عشانها!!!
البنت دي هتكون نهايتك يا عدي خلي بالك ...
لم يرد عليه عدي لانه تجمد كثيرا وهو يراها قادمة بعنفوانها المعتاد ...شعرها الاصفر يتأرجح خلفها ...عينيها لا تفصحان عن أي مشاعر ...فقط تمسك كف وعد زوجة جاسر وتمشي بهدوء معها ...اقتربت منهما وابتسامة لطيفة علي شفتيها وهي توجه الحديث لمالك غير مهتمة ابدا بعدي ..
-ايه أخباره ؟!
تنهد مالك ونظر لعدي وقال:
-كويس وبعد ربنا الفضل يرجع لعدي اللي كان هيروح فيها وهو بينقذه ...
نظرت وعد إلي عدي وقالت:
-شكرا يا بيه ...
لكن ملاك لم تتكلم بل اشاحت بوجهها ...لقد لاحظت إصابته ما أن دخلت رغم ان قلبها ارتج بقوة ولكنها رفضت أن تظهر تأثرها ...رفضت أن تظهر ضعفها له ...هي تحاول الان أن تخرج عدي من حياتها وستفعل المستحيل لكي يخرج ...
ابتسم عدي وقال: 
-هو نايم دلوقتي ممكن ...
قاطعته وعد بلهفة وقالت بتوسل :
-لو سمحت خليني اشوفه وهو نايم لانه اكيد هيرفض يشوفني لو صحي ...لو سمحت يا بيه ...
هز عدي رأسه وقال بهدوء:
-تمام اتفضلي ...
......
ولجت وعد بقلب خافق الي الغرفة لتجده نائم علي جانبه بهدوء ...تصاعدت الدموع لعينيها وانسابت وهي تقترب منه بينما قلبها يصرخ داخل صدرها ...لو كان حدث له شئ لكانت ماتت اكيد ...لقد عرفت أنه الحياة  وقد اغرمت به أكثر من السابق ...ابتسمت بحب وهي تمسك يده وتقبلها وقالت:
-قبل كده كنت مستغرب ازاي الصياد حب فريسته ....بس انا اتأكدت من زمان أن كل حاجة في الحياة معقولة لان حتي الفريسة حبت الصياد بتاعها ...أنا بحبك اوووي يا جاسر ...بحبك اكتر من اي حاجة في حياتي ...ومهما كانت السنين اللي هتاخدها هنا أنا هستناك يا جاسر ...هستناك للابد ...
وضعت كفه  علي قلبها وقالت:
-قلبي مش هيكون لحد غيرك ...هتفضل دايما انت مالكه...
تنهدت وعد ونهضت وهي تقبله علي رأسه ثم وضعت رأسها علي كفه واغمضت عينيها قائلة:
-انا بحبك يا صياد ...
فتح جاسر عينيه ونظر اليها وابتسامة جميلة شقت شفتيه...
.....
في الخارج ....
كان مالك قد ذهب ووقف عدي أمام ملاك وقال:
-مش هتقوليلي حمدالله علي سلامتك؟!!..
زفرت بضيق وكادت أن تذهب من أمامه إلا أنه امسك ذراعها وقال هامسا في أذنها:
-مش هستسلم يا ملاك ...هعمل المستحيل عشان ترجعيلي !!
-انتِ بتعملِ ايه هنا ؟!اطلعي برة !
فتحت وعد عينيها بفزع وهي تسمع صوت جاسر البارد ...رفعت وجهها عن كفه لتقابل عينيها عينيه البنية الجذابة ...ابتلعت ريقها والخوف يتصاعد بقلبها ...
-جاسر ...
قالتها والدموع تتصاعد بعينيها والغصة في قلبها تؤلمها بقوة ...فنوعا ما هي ما تسببت ان يصل الرجل الذي تعشقه اكثر من اي شئ لتلك الحالة ...انسكبت دموعها وهي تشعر بالألم علي حالهما سويا ..
نظر جاسر الي دموعها ...لن ينكر هو ضعيف بشكل مغيظ  امامها  ...اعترافها منذ قليل انها تحبه  اعاد السعادة لقلبه ...تمسكها الشديد به اسعده لن ينكر ولكنه ما زال يريد أن يعاقبها علي فعلتها الحمقاء تلك ...الغبية حاكت خطة من خلفه بدل من ان تصارحه ...سوف يكون عقابه كشدة اذن لها ...هو لن يلين بتلك السهولة رغم ان داخله يريد هذا بشدة ...يريد أن ينسي اخطاؤها ويضمها إليه بقوة حتي ينسي العالم ...ينسي الألم الذي يعصف بقلبه ولكنه تمسك بباقي كرامته وقال وهو يحاول الا. ينظر الي عينيها حتي لا يضعف وقال:
-سمعتيني يا مدام صح...أنا مش عايز اشوفك اطلعي برة ...
امسكت كفه ليجفل وهو يسبها ويسب نفسه داخله ...لما عليه ان يكون بهذا الضعف امامها ...ماذا تملك وعد لتجعله من مجرد لمسه يشعر بالضعف يعصف به من كل الجهات ...كيف لتلك الفتاة  ان تمتلك  كل تلك السيطرة عليه ...كيف امتلكت قلبه بتلك الطريقة المخيفة؟!  ...
حاول ان يبعد يده الا انها شدت عليه وقالت:
-لا انت المرة دي هتسمعني للنهاية يا جاسر ...واذا كان انت عنيد أنا اعند منك ووريني انت ازاي هتخرج من هنا !! ...
رفع حاجبيه وهو ينظر إليها لتمسح دموعها وهي تمنحه ابتسامة ساحرة ساعدت في ازدياد تألق عينيها ...تستخدم اسلحتها بمهارة ..فكر جاسر بسخط ...فعينيها احد تلك الأسلحة المحرمة دوليا وها هي تستخدمه في اصابة قلبه الضعيف دون رحمة او شفقة ..
رفع جاسر رأسه وهو يدعي انها لم تؤثر عليه وقال بتعالي:
-يالا خلصي قولي اللي انتِ عايزاه بس اختصري عشان بعدين تمشي ومش عايز اشوف وشك تاني ...
افلتت منها ابتسامة رائقة وحاصرت وجهه وقالت:
-عارفة ان الكلام ده من ورا قلبك ...انت هتموت وتحضنني دلوقتي .
-عرفتِ من فين ؟!
قالها بصدمة وسرعان ما تدارك نفسه وقال مصححا بتلبك:
-ل..لا ..قصدي يعني اني مش عايز احضنك ولا حاجة ..
ضحكت وعد علي تصرفاته الطفولية وقالت:
-كداب ..
صمت بإحباط لتمسك هي كفه وتقول:
-جاسر أنا بحبك ...
رغم ان قلبه ارتج بقوة الا انه حافظ بجهد علي ملامح وجهه ثابته تماما ...ابتلعت وعد ريقها وقالت:
-انا بعترف بغلطي بس وقتها اتصرفت بتسرع ...انت متعرفش أنا كان ايه حالي فجأة لما لقيت الحياة بتضحكلي وحبيت لأول مرة اكتشف ان اللي حبيته تاجر مخدرات ...انت صدمتني يا جاسر...فجأة حسيت ان عالمي كله اتهد ....حسيت اني مخنوقة ولما عرفت اني حامل خوفت اكتر .. خوفت ان ابني يطلع في وسط البيئة دي ...وخوفت يحصله حاجة لان ابوه دمر ناس كتير ...
انفجرت بالبكاء انه وقالت:
-عارفة اني مفكرتش وغلطت بس قدر شعوري ...أنا هستناك للأبد يا جاسر وهستني أنك تسامح خد وقتك لكن متبعدنيش عنك...لاني مش قادرة اعيش من غيرك ..حاولت وفشلت أنا مليش غيرك بعد ربنا ..
ابتلع جاسر ريقه بصعوبة وهو ينظر إليها وهي تبكي...وقال:
-خلي بالك من ابننا  يا وعد والوقت كفيل يصلح الضرر اللي حصل في علاقتنا ...
ابتسمت بأمل وقال وهي تنهض :
-وانا هعمل المستحيل عشان اصلح الضرر ده ...
ثم اقتربت منه لتقبله ليبتعد هو بفزع مصطنع ويقول:
-بتعملِ ايه يا ست انتِ ...متقربيش كده لاحسن انده للممرضة واقول أنك بتتحرشي بيا ...
ضحكت وعد ولم تهتم بكلامه بل قبلته بخفه علي شفتيه وكادت ان تبتعد الا انه شدها إليه ثم قبلها بقوة وعمق ...
بعد لحظات ابعدته وعد وقالت:
-انت المتحرش اهو...
ثم ضحكت وهي تخرج بسرعة ليبتسم جاسر بحب وهو يفكر أن ربما كل شئ سيكون علي ما يرام...والان هو مستعد تماما ان يُعاقب ثم يخرج لزوجته وابنه ...
.......
حاولت ملاك ان تبعد يدها عنه الا انه رفض ان يفلتها عينيه الزرقاوتين كانتا اسيرتين عينيها الرمادية ...لقد خفت ضجيج المشفي من حوله وضجيج آخر صم اذنيه ...ضجيج قلبه تعالي وهو قريب منها لتلك الحد ...لقد عرف العشق علي يدها هي ملاكه وها هو ملك الجليد يذوب بسبب نظرة من عينيها ...كيف يخبرها انه سوف يتخلي عن كل شئ لاجلها ...عمله ...مركزه كما تخلي عن انتقامه من قبل لانه احبها ...بل هو متيم بها لدرجة انه مستعد ان يتخلي عن حياته لاجلها وبالفعل كاد ان يموت لكي ينفذ وعده لها رغم غيرته الشديدة من جاسر ولكنه خاطر بإنقاذه فقط من اجلها 
-ممكن تسيب ايدي؟!
نبرتها الباردة اخرجته من احلامه الوردية ...رفعت حاجبيها عندما لم يستجيب لها وقالت بحدة:
-حضرة الضابط أكيد حضرتك مش عايزني الم أمة لا اله الا الله عليك  هنا في المستشفي واتهمك بالتحرش ...دي هتبقي نقطة سودا في حياتك كضابط ...
اضاء وجهه بإبتسامة تسلية وهو يشدها إليه اكثر حتي اختلطت انفاسهما سويا وقال لاهثا وهو يخترق روحها :
-كده الجريمة هتلبسني ...أنا قريب منك اكتر من الحد المسموح ...لو صرختِ واتهمتيني بالتحرش هتسجن وتأخدي حقك ...
احمر وجهها بشده وهي تقول بتوسل:
-عدي .. عدي بتعمل ايه ؟!!الناس بتبص علينا ابعد شوية .
ولكنه لم يتزحزح عنه بل ظلت ابتسامة رائعة تزين شفتيه ...وهو يتطلع الي خجلها ...وجهها التي سقط عنه قناع الجليد ليخبره انها ما زالت مغرمة به فنظرات عينيها الباردة الحادة اصبحت تفيض حبا الآن ...
ابتسامته ازدادت كما ازدادت ثقته وقال:
-انتِ لسه بتحبيني ..
ثقته التي اطلت من عينيه زلزلتها كثيرا ...لانه كان يخبرها الحقيقة وهو واثق ...بصعوبة تصنعت ضحكة ساخرة وقالت:
-ودي احلام البسطاء صح ...استوعب يا عدي أنا بطلت احبك خلاص ...دلوقتي اهتمامي منصب علي جاسر ومراته وبإذن الله قريب هلاقي الانسان اللي هيحبني لنفسي مش هيقرب مني عشان انتقام ولا حاجة ...
اشارتها لفعلته البغيضة اعطته اصرار اكثر كي يعيدها وقال وهو يخترق شعرها بيده:
-محدش هيحبك قدي ...
افلتت ابتسامة ساخرة مريرة منها وقالت:
-صحيح والدليل أنك استغلتني عشان تقبض علي بابا وجاسر ...
دفعته بغضب وقالت:
-عمري ما هنسي أنك استغلتني ..ومستحيل اسامحك ....
ثم ذهبت بعيدا عنه الا انه لم يستسلم وركض خلفها ثم امسك ذراعها دافعا اياها الي احد غرف المشفي الفارغة ثم أغلق الباب عليهما...
-يا مجنون بتعمل ايه طلعني من هنا لو حد شافنا هيفهم غلط ...
قالتها بعصبية الا انه اقترب وقال وهو يحاصرها :
-ياريت يفهموا غلط وقتها هتجوزك عشان الفضيحة 
-عدي ابوس ايديك متعملش كده ..
قالتها بضعف ليقربها هو منه ويقرب  شفتيه  لوجنتها هامسا :
-معملش ايه بالضبط؟!
ابتلعت ريقها وهو تحاول دفعه عنها ...ولكنه رفض ان يتزحزح ...شعرت ملاك بالضعف المقيت يغزوها ...ضعف لم تسبق أن تشعر به بينما شفتيه تمر علي وجنتها التي اصبحت ساخنة من الخجل ...ثقلت انفاسها واغمضت عينيها بينما تشعر بالدموع اللاذعة  تحرق عينيها بقسوة ثم قالت بصوت مخنوق :
-ليه عملت كده؟!ليه استغلتني بالشكل البشع ده يا عدي ...أنا ايه ذنبي ..أنا عمري ما اذيت حد ولا اذيتك  ...
تنهد بعمق وهو يضمها إليه اكثر ...رفض تماما ان يتركها وقال بسخرية من نفسه:
-عشت طول السنتين اللي فاتوا  وانا بكره ابوكي ...نار الانتقام صعبة يا ملاك لأما تحرق اللي قدامك او تحرقك ...مكنتش شايف الا انتقامي بس ...وكنت مستعد أعمل أي حاجة عشان ...
ابتلع ريقه وأكمل :
-ابوكي اذانا كتير ....عارف ان ده صعب عليكِ بس أنا اتحرمت من اهم ست في حياتي واللي هي امي بسببه  عشان كده قررت أعمل المستحيل عشان اقبض عليه ...
-وكنت أنا وسيلة انتقامك ؟!
قالتها ملاك وهي تبكي ليتنهد هو ويقول:
-مكنتش عارف ان اللعبة هتنقلب عليا بالقسوة دي وان أنا هحبك بالجنون ده ...حبيتك لدرجة ان فعليا خرجتك من خطة انتقامي وقررت اشوف وسيلة تاني اقبض بيها عليه ...أنا حتي كنت هسيب كل حاجة واهرب معاكِ ...كنت مستعد اتخلي عن كل حاجة بس عشان تكوني ليا بس للأسف كل حاجة انكشفت وانتِ سيبتيني قبل ما اصلح الوضع ..
تنهدت وابعدته عنها قليلا وهي تقول:
-وانا بقولك اهو ريح دماغك يا حضرة الضابط لاني مستحيل ارجعلك ...اللي بيننا دلوقتي هو جاسر ...حابة اطمن علي ابن عمي ...غير كده انت لا تعني لي أي شئ ...
تنهد بضيق لتقول هي :
-انا دلوقتي يهمني جاسر ...حابة اطمن عليه ...هو ساعدكم تقبضوا علي العصابة وانا حابة اعرف مصيره هيكون ايه ؟!
ابتسم وهو يطالعها وقال وهو يسرق قبلة من وجنتها قائلا:
-موقفه كويس اووي في القضية ...
احمرت بشدة ليضحك وهو يقبلها علي الوجنة الاخري:
-هو دلوقتي شاهد ملك ...
-عدي ..
قالتها بضعف وخجل  وهي تحاول ان تبعده الا انه وضع قبلة اخري طويلة علي وجنتها مكملا حديثه:
-ساعدنا في القبض علي أكبر مورد مخدرات ...
دفعته بقوة وكادت أن تذهب الا انه امسكها وضمها من الخلف قائلا بينما ينشر قبلات عديدة علي وجنتها وعنقها بطريقة جعلتها تشهق بصدمة:
-عقابة تحديدا من تلاتة لخمس سنين وده عقاب حلو لتاجر مخدرات خصوصا ان اعترف رسمي علي جرايمه ...
جملته الأخيرة لم تسمعها من الاساس لانها كانت غارقة معه في عالم آخر ...
جعلها عدي تستدير لتغمض هي عينيها بتوتر ابتسم وهو يتلمس وجنتها وقال:
-الايام اللي فاتت كنت عايش في جحيم يا ملاك لأنك بعدتِ عني...كنت هتجنن وعايز أي طريقة تخليكي ترجعي ليا ....
ابتلع ريقه بتوتر  وقال:
-انا مش عايز ابعد عنك تاني ...تتجوزيني يا ملاك؟!.
فتحت عينيها بصدمة ...ليبتسم هو في وجهها ويحاول ان يقترب منها مرة اخري الا انها دفعته وخرجت وهي تشعر بقلبها شوف يخرج من صدرها ...ابتسم عدي وفكر انه لن يستسلم ابدا ...خرج خلفها ...
عدلت ملاك من وضع شعرها وهي تلهث بقوة بينما عرض عدي يدوي في عقلها ...زواج ...أي زواج ...هي لن تتزوج من هذا الرجل مهما فعل ...
-ملاك...
انتفضت ملاك علي صوت وعد الهادئ لترسم ابتسامة علي ملامحها المتوترة وقالت:
-كنتِ فين ؟!دورت عليكِ كتير ...
ثم نظرت خلفها لتجد عدي يقترب منهما وقالت بتوتر :
-كويس ان لقيت حضرتك ...سألت عنك الضباط اللي واقفين علي اوضة جاسر قالوا انهم ميعرفوش أنك فين ...كنت حابة اعرف موقف جاسر حاليا ايه ..
ابتسم عدي لها وقال :
-انسة ملاك لسه سألني السؤال ده ...
احمر وجه ملاك وتوترت ليكمل عدي وهو ينظر الي ملاك بنبرة ذات مغزي:
-وانا جاوبت علي سؤالها بالتفصيل الممل...اسأليها..
ثم غمز لملاك بخفة ورحل ...
-ها جاسر هياخد كام سنة ؟!
سألتها وعد بلهفة لتتوتر ملامح ملاك وتقول:
-مش فاكرة والله ..
-نعم ... ازاي ...
فركت كفيها بتوتر وقالت:
-هو قعد يقول كلام كتير حاولت افهم شوية بس مقدرتش ...
امسكت ملاك وعد من كتفيها وقالت:
-المهم دلوقتي ان موقفه حلو اووي وعقابه مش هيكون كتير ان شاء الله فأرتاحي انتِ ..اتفقنا !
هزت وعد رأسها وهي تبتسم ..
.......
-يا بنتي ربنا يهديكِ البسي وبطلي عناد...
قالتها والدة حياة لابنتها الجالسة علي الفراش وتشاهد احد الأفلام علي حاسوبها دون اكتراث ...
-قولت مش هتجوزه ..
قالتها حياة ببرود وهي تنظر للشاشة...كان منظرها الهادئ خادع للغاية فداخلها اصوات لا تهدأ...وضجيج قلبها يسيطر علي المكان...لا تعرف ماذا ستكون رد فعل يوسف علي فعلتها تلك ولكنها لا تهتم ...اخبرت نفسها كاذبة ..وللأسف هي تهتم ....
-يوسف مش هيسكت علي عمايلك ...
قالتها والدتها بتوتر لتنظر حياة إليها وتقول بنبرة باردة:
-اعلي ما في خيله يركبه مش مهتمة بيه ...الجواز مش عافية وانا مش عايزاه ...
تنهدت والدتها وهي تنظر إليها وتعرف ان هذا اليوم لن يمر علي خير ...انتفضا سويا عندما دق احدهم  الباب ...
-يوسف جه 
قالتها والدتها بتوتر وهي تشير للخارج ابتسمت حياة في وجهها وقالت مدعية اللامبالاة :
-يشرف..
هزت رأسها بسبب عناد ابنتها ثم خرجت لتفتح الباب ... ازدادت وتيرة انفاس حياة وهي تنتظر بقلب وجل رد فعل يوسف ...حاولت أن تسيطر علي اعصابها عندما دخل ..عقد يوسف حاجبيه وهو ينظر إليها ثم بعصبية شدها من ذراعيها وقال:
-ليه ملبستيش لحد دلوقتي؟!!
شدت ذراعها بقوة وقالت:
-لاني مش عايزة اتجوزك ...أنا حرة ..
-يعني مش هتيجي معايا نكتب الكتاب ؟!
قالها وهو يكاد ينفجر من الغيظ لتصرخ هي بوجهه وتقول:
-لا مش هاجي ...ومش عايزة اتجوزك ..أنا حرة يا يوسف ...أنا وضحت أن اللي بيننا انتهي خلاص ...
امسك ذراعها وقال:
-متخلنيش اتجنن واخدك بالعافية نكتب الكتاب يا حياة  واتجوزك غصب عنك .....
-يا ولاد اهدوا بس ..
قالتها والدة حياة بقلق وهي تراهم يتشاجران كالقطط البرية ..
دفعته بقوة وهي تصرخ:
-وريني يا ابن خالتي هتتجوزني غصب عني ازاي ...ما عاش ولا كان اللي يقدر يجبرني علي حاجة ....
زفر يوسف بضيق وقال:
-انتِ اللي اجبرتبني اعمل كده ...
ثم بسرعة حملها فوق كتفه ليخرج بها ...اخذت تصرخ حياة وهي تضربه علي ظهره وتقول:
-نزلني يا ابن المجنونة انت !!!...
-لا ..لان ده الحل الوحيد مع دماغك الناشفة دي ...
قالها وهو يضحك ...لطمت والدة حياة وهي تقول:
-يا يوسف تعالي هنا البنت لابسة البيجامة هتطلعها ازاي كده بس ...يادي الفضايح يا ولاد !!
-يوسف يا مجنون أنا لابسة البيجامة ..
ضحك يوسف وقال:
-وشكلك فيها يجنن ...
اخذت تضربه علي ظهره بقوة وتقول:
-نزلني يا متخلف انت ...أنا مش عايزاك ...
رفض يوسف بإصرار وتحمل ضرباتها القوية علي ظهره وقال:
-لا مش هسيبك الا لما اثبتلك اني فعلا بحبك ولو مكنتش بحبك مكنتش شيلت دبدوبة تخينة  زيك علي كتفي اللي هيتقطم ...
-انا  دبدوبة تخينة؟! 
صرخت بقهر وهي تضربه بينما يخرجان من باب الشقة ...ضحك يوسف عليها بينما توقف وهو يجد والدته امامه تنظر إليه دون تصديق وتقول:
-يخربيتك يا واد ايه اللي انت عامله ده يا مجنون...جوز خالتك لو شافك هيمسح بكرامتك الأرض ...نزل البنت ...
زفر يوسف وهو يتجاهل والدته ويدخل بحياة لشقته ثم في الصالة وجعلها تجلس  علي الاريكة وقال :
-شوفي يا بنت الحلال لاني فعلا تعبت كلمتين ابرك من عشرة أنا مفيش في قلبي غيرك ...أنا بحبك اووي ولازم تعرفي اني محبتش حد قدك لا وعد ولا غيرها غلطت معاكي وانا آسف ومعترف بس أنا عايزك في حياتي ومستعد أعمل أي حاجة عشان اثبتلك هتديني فرصة ومتضيعيش فرحتنا عشان اوهام أنا معاكِ مش هتديني فرصة هفضل اقرف فيكي لحد ما تقرري تديني فرصة قولتي ايه؟! ..
كلامه هذا عزز الثقة داخلها وشعرت انها اجمل امرأة علي وجه الأرض  فقالت بسعادة حاولت اخفائها:
-هديك فرصة بس بشرط 
-اشرطي يا ست البنات
ابتلعت ريقها وقالت:
-نأجل الفرح
-نعم يختي!!!!
........
مرت الايام حتي اتي اليوم المنتظر ...يوم محاكمة الصياد !
... 
اليوم هي محاكمته ...فكرت وعد وقلبها يقصف بصدرها بينما تجلس علي الفراش بفيلا ملاك ...لقد رفضت بإصرار ان تحضر المحاكمة ...كانت مرتعبة من النتائج ...قلبها ما كان ليتحمل ان تراه في تلك الحالة ...انسابت دموعها وبدأت شهقاتها في الازدياد وهي تدعو ان تكون العقوبة مخففة ...صحيح ان عدي وعده ملاك ان عقوبته لن تكون كبيرة لانه شاهد ملك ..وساعدهم كثيرا ولكن لا تعرف لما تشعر بكل تلك الرعب يعصف بها ...تخاف ان يكون عقابه كبير فجريمته غير هينة...وضعت كفها علي بطنها حيث طفلها يقبع بالداخل ثم انفجرت بالبكاء  ..رباه هي تحبه اكثر من الحياة ذاتها...لم تتخيل ابدا ان تحب احد بتلك الطريقة المجنونة ولكنها فعلا احبته...احبته لدرجة الموت هي منذ الآن تشتاق إليه بطريقة يائسة فماذا ستفعل عندما يُسجن فترة طويلة ...
اغمضت عينيها وهي تتسطح علي الفراش ودموعها تنسكب بينما شهقاتها تعلو وهي تتذكر حوارها مع ملاك ...كيف انها حاولت بشدة ان تأخذها ...اخبرتها ان جاسر بحاجة إليها  ولكنها رفضت بإصرار ...كانت أقل شجاعة من أن تذهب هناك وتنتظر علي نيران الحكم عليه ...هذا كان اكثر من احتمالها ...رفضت ان تعرض نفسها لهذا الضغط ...لانها تعرف انها ان سمعت حكم لا يعجبها بالتأكيد سوف تموت او تجن...لذلك كجبانة اختبئت هنا بالفيلا وتركت ملاك تذهب وتبقي معه ...تنهدت وهي تتذكر كيف ان ملاك وبختها ...
.......
-انتِ لسه ملبستيش ؟!
قالتها ملاك وهي تنظر إليها بصدمة لترتبك وعد بشدة فتكمل ملاك:
-وعد !مالك؟!روحي البسي يالا محاكمة جاسر هتبدأ ..
نظرت إليها وعد وعينيها مبتلة بالدموع وقالت:
-انا خايفة ..
تنهدت ملاك بقوة وهي تقترب منها ...نعم هي تعرف جيدا شعور وعد فهي أيضا تخاف ...إن كان جاسر زوج وعد فهو بالنسبة لملاك كل عائلتها وكم ودت ان تختبأ ولكن للأسف جاسر بحاجتها ووعد أيضا وهي يجب أن تكون متحملة المسؤولية فهي قد وعدت  جاسر ولن تخلف بوعدها ابدا مهما حدث ..نظرت الي وعد ورسمت ابتسامة لطيفة مشجعة علي وجهها وقالت بهدوء ؛
-عارفة يا وعد شعورك ..وعارفة الخوف اللي جوا قلبك ...بس اعرفي اني خايفة زيك لان جاسر هو كل عيلتي ...بعد ربنا أنا حاليا مليش غيره هو وانتِ...احنا عيلة يا وعد ولازم نمسك ايدين بعض ونبقي قد المسئوولية عشان خاطر جاسر ....جاسر يستحق يشوفنا في ضهره عشان يقدر يكمل وانا عارفة أنك نقطة ضعفه ...وهو بيحبك جدا ووجودك هيديله دافع كبير جدا انه يكمل فأبوس ايديكِ بلاش انتِ تنهاري ولا أنا هنهار لازم نبان اقوي عشان خاطره بس ولا ايه ...
انسكبت دموعي وعد وهي تهز رأسها وتقول:
-مقدرش يا ملاك ...مقدرش اروح صدقيني ...معنديش القوة اني اشوفه كده لاني للأسف أنا اللي دخلته السجن بإيدي ..
رفعت ملاك حاجبيها بغضب وقالت:
-كفاية خوف بقا ...بقولك جاسر محتاجك مينفعش تخافِ يا وعد ما أنا زيك اهو بس هروح واقف جمبه ...بالله عليكي متسبيش جاسر في الظروف دي ...
بكت وعد وهي تطرق برأسها بينما كاد قلبها يتمزق من الألم ...
هزت ملاك رأسها وقالت:
-انتِ بجد اجبن واحدة شوفتها في حياتي ...وجاسر مفروض ميسامحكيش عشان اتخليتِ عنه في ظرف زي كده ...جاسر محتاج ست جدعة ...ست تقف معاه مش واحدة تهرب وتقفل علي نفسها الباب وتفضل تعيط ..
ثم ذهبت ملاك بغضب تاركة وعد تبكي ...
...
خرجت وعد من شرودها  ومسحت دموعها ثم نهضت فجأة وهي تقر ان ملاك معها حق ...جاسر يستحق هذا ...يستحق ان تقف بجواره لا ان تختبئ كالجبناء ...نهضت وأخرجت ملابسها بسرعة وارتدتها ...
بعد عشر دقائق بالضبط كانت في سيارة الاجرة متجهة الي المحكمة ...
......
وصلت وعد الي المحكمة لتجد ملاك تقف مع عدي وهي تمسح دموعها ... اقتربت من ملاك برعب وقالت:
-جاسر ...
دهشت ملاك من وجودها ولكنها قالت بصوت مختنق :
-حكموا عليه بأربع سنين مع غرامة ميت ألف!!
-اربع سنين !
اختنق صوت وعد بالدموع وانسكبت دموعها بغزارة ...اندفعت إليها ملاك ثم احتضنتها بقوة وهي تبكي قائلة:
-لا ...لازم نكون اقوي من كده عشان جاسر ...مينفعش يشوفنا بالضعف ده اتفقنا ؟!...
ابتعدت وعد وهي تمسح دموعها وهزت رأسها ثم فجأة خفق قلبها بقوة وهي تري رجال الشرطة يخرجانه وهو مكبل بالأصفاد ....ركضت وعد إليه دون اهتمام ثم عانقته بقوة 
-يا مدام!
قالها احد رجال الشرطة بسخط ليشير إليه عدي أن يتركها 
صمت رجل الشرطة بينما ضمت وعد جاسر إليها أكثر ثم همست في أذنه:
-هنعدي ده سوا ...وعد اني هفضل جمبك علطول يا جاسر وعمري ما هتخلي عنك...هستناك مهما حصل ...افتكر دايما أنا وابننا مستنينك ....
ابتعدت وعد وعينيها محمرة من تكدس الدموع بها  ...الدموع في عينيها ولا تسمح لها بالهطول ...يجب أن تكون قوية من اجله علي الاقل ...حبيبها يستحق أن تضغط علي نفسها قليلا ...فقط عندما تعود سوف تبكي ...تبكي كل شىء...
قبلها جاسر علي رأسها وقال :
-واثق من كده ...واثق أن مهما حصل مشاكل هنعدي ده سوا ...واثق انك هتبقي معايا للابد يا وعد ...
ضحكت بسعادة وهي تراه لأول مرة مؤمن بقوة حبهما ..لقد غفر لها ...وتقبلها في حياته مرة أخري ...وهو سوف تستغل تلك الفرصة ...لن تتخلي عنه أبدا...ستفعل المستحيل كي تخفف عنه غربة السجن ...هي ستظل معه للنهاية وتأخذ بيده الي النور....
أبعده الشرطي عنها ثم أخذه الي سيارة نقل السجناء ...
ترنحت وعد وكادت أن تسقط إلا أن ملاك بسرعة امسكتها ثم همست في أذنها :
-شدي حيلك عشانه يا وعد وعشان ابنك كمان ...
نظرت إليها وعد وقد انفجرت دموعها محررة شهقاتها أيضا :
-اربع  سنين كتيرة اووي يا ملاك ...ازاي هبعد عنه الفترة دي ...
شدت ملاك علي كتفها بقوة لتبث فيها القوة والله وحده يعلم أن ملاك بحاجة إلي تلك القوة مثلها ...لقد حاربت كي لا تنهار أمامه ...حاربت الا تركض إليه وتتوسل رجال الشرطة أن يتركوه ولكن من أجله ومن أجل وعد تحملت بينما قلبها من الداخل يعتصر من الالم ...هي أيضا تريد البكاء ...بكاء وفاة والدها الذي مهما حدث ..ومهما ارتكب من جرائم سيظل والدها الذي تعشقه أكثر من أي شئ اخر والذي انكسرت بوضوح بعد وفاته ولكنها نهضت مجددا لأجل جاسر ...لتعطيه القوة التي يحتاجها ...فهي لن تتخلي عن اخر فرد في عائلتها...للحظات دموع ملاك تغلبت عليها وانسابت دموعها علي وجهها وهي تضم وعد إليها وتقول:
-لازم نكون اقوي ...ربنا يعلم اني منهارة اكتر منك ... جاسر هو اللي اتبقالي يا وعد بس مش لازم نبين قدامه أننا منهارين ...مش عايزين نزود عليه كفاية همومه ....
ضمتها وعد بدورها وهي تبكي ولا تستطيع التوقف ...قلبها يؤلمها للغاية والأفكار في عقلها تدوي بعنف شديد ..ستبتعد عنه لمدة أربع سنوات ...اربع سنوات مدة طويلة وهي لن تستطيع التحمل ...حاولت وعد أن تفكر بإيجابية ولكن عقلها كان منهار كإنهيار جسدها ...قلبها يحترق كاحتراق روحها  ..اخذت تدعو الله أن يلهمها الصبر حتي يخرج جاسر ويبقي معها للأبد.....
.....
في المساء ...
في الفيلا ...
كانت ملاك تضع كفها علي رأسها وهي تشعر وكأن العالم كله أدار ظهره إليها ...كانت في ورطة بحق ....من اين تحضر مائة ألف وتدفعها للمحكمة ...فبعد أن توفي والدها حجزت الدولة علي نصف أملاكه والنصف الآخر خسره في البورصة ...هي حرفيا لا تملك إلا  الفيلا والشركة الصغيرة التي ترأسها....احست أن عقلها ينهار من كثر التفكير ...أرجعت رأسها علي الأريكة وهي تفكر بحل لتلك المصيبة ...المحامي سوف يأتي  غدا ليستلم منها المال فماذا تفعل ؟!حتي لو عملت لشهور لن تستطيع تحصيل هذا المبلغ شركتها ما زالت تقاوم حتي تنهض ...انتفض جسدها بفزع عندما رن هاتفها ...وجدته المحامي ...ردت عليه بقلب خافق وكادت أن تطلب منه حل ولكن المحامي قال بصوت مشرق :
-اهلا يا آنسة ملاك ..فلوس الغرامة بقت معايا وهروح ادفعها بكرة بإذن الله ..
عقدت حاجبيها وقالت بذهول؛
-ازاي؟!مين ادهالك؟!
-حضرة الضابط عدي!!!
.......
في اليوم التالي 
-طيب ايه المشكلة دلوقتي يا حياة عدم احساسك بحب يوسف ولا ثقتك بنفسك؟!
قالتها لميس صديقة حياة منذ الثانوية وهي ايضا اخصائية نفسية قررت حياة الذهاب إليها كي لا تترك نفسها فريسة للأفكار غير المرغوبة بها ...فأخيرا هي تقبلت أن لديها مشكلة كبيرة يجب أن تعالجها...وتلك كانت فكرتها التي عرضتها علي يوسف في الأيام السابقة وهو وافقها بشدة مخبرا إياها أنه فكر في هذا الأمر ولكنه خاف من ان يغضبها منه ...لا تعلم حياة إن كانت ما تفعله صحيح ام خاطئ ولكن وجودها يريحها .. تسطحها علي هذا الكرسي المريح بينما مغمضة عينيها ...لا تعرف ولكنها تشعر بسكون غريب ..أنها المرة الأولي التي تشعر بذلك السكون الغريب فبعد أن وضعت شرط تأجيل الزفاف وعارضها يوسف بقوة ولكن بعد عدة محاولات منها لإقناعه...اقتنع تماما عندها فكرت في الخطوة الثانية ...خطوة أن تعالج ما بها من خلل ..
بدأت حياة بالتحدث ...بدأت بتحرير ما كان مسجونا في روحها :
-انا معرفتش احب الا يوسف ...يوسف هو كان أول شاب اتعامل معاه ...اول واحد قلبي يدق له ...كان الاول في كل حاجة وكنت فاكرة انه مستحيل يبص لواحدة زيي ....بس الصدمة كانت لما جه اتقدملي ...وقتها طيرت من الفرحة فعلا ... ...
صمتت وابتسمت بينما تشعر بالدموع تتجمع تحت جفنيها المغلقين وقالت بصوت مبحوح قليلا :
-بس بعدها بفترة فسخ الخطوبة ...قالي أنه مبيحبنيش وأنه بيحب واحدة تاني وقتها أنا انهارت ...كنت حاسة اني في كابوس بشع ...لكن للاسف عرفت أنه حقيقة خاصة بعد ما حضرت خطوبتهم بنفسي ...خطوبته علي وعد ...
تنهدت لميس وقالت بهدوء:
-ايه مشاعرك تجاه وعد يا حياة ...يا تري بتكرهيها ...شايفاها أنها خطفت منك يوسف ...
فتحت حياة عينيها وانسكبت دموعها وهي تقول:
-انا مبحبهاش بس الموضوع موصلش للكره الشديد ...احيانا كنت بحط اللوم عليها بس برجع وبفكر أن يوسف فسخ خطوبته قبل ما يتقدملها وحسب علمي مكانش بينهم قصة حب وهي مبتحبهوش اصلا ..
-عرفتِ من فين يا حياة أنها مبتحبهوش ؟!
تنهدت حياة وقالت:
-من عيونها ...نظراتها ليه باردة وعادية كأنه أمر مفروض عليه ...شبه نظراته ليا زمان لما خطبني بس هو معاها كانت عينيه بتلمع بسعادة أنا مشوفتهاش قبل كده ...فرحته بيها كانت قاهراني وقتها شوفت أنها احلي مني واني مش حلوة عشان كده سابني عشانها...فضلت ابص في المرايا علطول وأشوف فين الغلط ...
صمتت قليلا وهي تختنق ...تلك الأيام التي تلت خطبة يوسف كانت اسوا ايام حياتها ...لقد حاولت الا تتذكر هذا الأمر ولكن الذكريات بدأت في الاندفاع الي عقلها بشكل ألمها...تذكرت كيف أنها عاشت الجحيم وهي تراه هائم بها ...كأنها المرأة الوحيدة علي الأرض ...وكم حقدت علي وعد حينها ...حاولت أن تمنع نفسها من أن تحقد عليها ولكنها فشلت...شعرت دوما ان وعد افضل منها ..
تنهدت لميس وقالت:
-شوفي يا حياة انتِ عندك مشكلة في الثقة مش مع وعد أو يوسف ...أنتِ ببساطة شايفة نفسك أقل من أن يوسف يحبك ...لانه في البداية فسخ خطوبتكم ...بس فكري من ناحية تانية يوسف بعدين اثبت حبه بكذا طريقة ولو كان بيحب وعد كان رجعلها صح ؟!
هزت حياة رأسها وهي توافقها الرأي ...فيوسف حاول بكل الطرق أن يجعلها تشعر بحبه ... لقد وافق علي تأجيل الزفاف لأجلها وتحمل نوبات غضبها ..
ابتسمت لميس وقالت:
-ودي بداية علاجك يا حياة تعززي ثقتك في نفسك وده مش  هيكون مرتبط بحب يوسف بس ...أنتِ لازم تعرفِ انك تستحقِ الاحسن وانك مش بديل لحد ...
ابتسمت حياة لها لتكمل لميس:
-هنكمل جلساتنا سوا لحد ما اشوف  ثقتك بنفسك بعيني .
..............
بعد اسبوع 
في غرفة الزيارة ...
كانت تنتظره وعد بقلب خافق ..عينيها تبحثان عنه بلهفة عندما دخل السجناء للغرفة للقاء احبتهم ...كانت الغرفة مكتظة الي آخرها بعائلة السجناء ...عقدت حاجبيها وهي تتحرك برأسها بحثا عنه واخيرا قلبها خفق تلك الخفقة بظهور حب حياتها ...ابتسامة حنونة التصقت علي شفتيها وهي تراه قادم يرتدي الزي الازرق والذي بدأ للمفاجأة جميل عليه ....شعره مبعثر وعينيه ناعستان ...وما أن رأها حتي ابتسمت عينيه قبل شفتيه ...نهضت وعد ليقترب منها جاسر ثم يعانقها بقوة ...أغمضت وعد عينيها وهي تشم رائحته وقد شعرت اخيرا أن ذراعيه وطنا لها ....لم تعد تشعر بالغربة بعد الان فبوجوده أصبحت تشعر بالأمل  ينبض بداخلها ... أعطاها هو الامل عندما غفر لها وادخلها جنته مجددا ...
جلسا سويا وهم يمسكان كف بعض ...كانت وعد تنظر إليه بحب بينما قلبها يخفق وهي تراه بعد اسبوع ...لقد اشتاقت لملامحه كثيرا ...اشتاقت لعينيه التي تمنحانها حب دون حدود ...ليت تستطيع أن تنظر إلي ملامحه تلك حتي تموت ...
قبل جاسر كفها وقال:
-وحشتيني ...عارفة لولا الظروف كنت طلبت منك تزوريني كل يوم ...
ابتسمت وعد له وقالت:
-وانا نفسي ازورك كل يوم يا جاسر نفسي اشوفك ...نفسي تشاركني اللحظات اللي ...
اختنق صوتها وحاربت الدموع التي بدأت تهدد جدران عينيها ولكن جاسر شد علي يدها وقال بقوة:
-وعدتيني أننا هنعدي ده سوا فبالله عليكِ متبكيش يا وعد ...أنا عايزك قوية لاني ابني محتاجك ...عايزك تبقي قوية عشانه لحد ما اخرج بالسلامة ...مش عايزك تضعفي يا وعد ابوس ايديكِ ..
مسحت دموعها التي تسربت خلسه وهزت رأسها وهي تمنحه ابتسامة مطمئنة ...ابتسم لها وقال:
-تعرفِ اني مرتاح لما اخدت عقابي يا وعد ...حاسس ان الجبل اللي كان علي صدري انزاح وحاسس اني خفيف ...ومستعد اخد عقابي كله كامل يا وعد عشان لما أخرج هخرج انسان تاني ...انسان يخليكي تفتخري بيه ...هكون اب مثالي لابننا أو بنتنا وهبدأ صفحة جديدة في حياتي معاكِ لاني دلوقتي أنتِ وملاك اللي فاضلين ليا ...
ابتسمت في وجهه ليكمل هو :
-اخبار البيبي ايه بيتحرك يا وعد...وهو ولد ولا بنت ؟!
ضحكت وعد برقة وقالت:
-انا لسه حامل في شهرين الا كام يوم  يا جاسر يعني لسه بدري علي حوار أنه يتحرك أو نعرف جنسه حتي ..
-اسف اتحمست .
قالها باحراج محبب لتقبل هي كفه وتقول:
-ايه اخبارك جوا ...بجد كويس يا جاسر مش زعلان ولا...
شد علي يديها وقال:
-لا مش زعلان ...ده عقاب علي جرايمي الكتير وانا بحمد ربنا أنه عقاب بسيط لاني ساعدت الشرطة ...هكون مرتاح اكتر لما اتعاقب علي كل الحاجات البشعة اللي عملتها ...صحيح قلبي بيقرصني لما افتكر انك برا من غيري وحامل واني مش هشوف ابني وهو بيتولد ..بس يمكن ده عقابي لاني حرمت أهالي كتيرة من عيالها لاني كنت بتاجر في السم ده ...فعقابي اني اتحرم من ابني  شوية...
عضت وعد شفتيها وحاولت الا تبكي وقالت مغيرة مجري الحديث:
-تعرف اني فكرت في اسامي لولادنا..
ابتسم جاسر وتحمس قائلا:
-بجد ...يالا قوليلي قررتي تسميهم ايه ؟!
-لو ولد هسميه سيف ...بحب الاسم ده اووي ..
واكملت وهي تنظر لعينيه :
-ولو بنت هسميها حسناء ...
تجمد جاسر وارتج قلبه وقد ترطبت عينيه بالدموع وهي تنطق اسم والدته ...ابتسمت وعد من بين دموعها واكملت:
-ملقيتش اسم احسن من كده بس بتمني بنتي تطلع جمال جدتها ..
-شكرا يا وعد 
قالها جاسر من أعماق قلبه بينما دموعه تنساب ثم أكمل:
-شكرا لانك في حياتي .
..........
في قسم الشرطة ...
كانت تفرك كفيها بينما مالك يطالعها دون رضا ...لا تفهم ما الذي يريده ...لقد طلب اليوم منها أن تأتي الي قسم الشرطة ...خافت أن يكون الأمر علاقة بجاسر ولكن من عينيه عرفت من المقصود ...أنه عدي ...أغمضت عينيها ونيران الاشتياق تشتعل بقلبها ...لقد اشتاقت إليه كثيرا ...بعد أن عرفت أنه دفع الفدية منعت نفسها قسرا من أن تذهب إليه بل تمسكت بعقلها وأخبرت  نفسها أنها سوف تسدد له المال ...ولكن لما يريد مالك أن يحدثها عن عدي ...ما السبب ..خفق قلبها بترقب بينما الرجل يتأملها مليا بطريقة اشعرتها بالتوتر ...حاولت التكلم إلا أن الكلمات تهاوت من  شفتيها لذلك التزمت الصمت تماما ...منتظرة مالك يتكلم ...
-عدي ساب الشغل بسببك !
قالها مالك بجمود لتعقد ملاك حاجبيها بدهشة ثم أكمل وهو يشعر بغضب تجاه تلك الفتاة التي أثرت بالسلب علي عقل ابنه:
-ابني ساب شغله ومركزه وانتقامه وراح يعيش لوحده بعيد عني وده كله بسببك...من اول ما حبك وهو اتجنن ...تصرفاته بقت متهورة ...انتِ ليكِ تأثير بشع عليه هو فاكر أنه بالطريقة دي هتسامحيه ...فاكر أنه لما يتخلي عن كل حاجة في حياته أنتِ هتحني وترجعيله ...
تصاعدت الدموع بعيني ملاك وهي تشعر بألم كبير في قلبها ...لم تتخيل أنه سيفعل هذا من أجلها ...بل لم تتخيل انه حقا يحبها لتلك الدرجة ...أخرجها من شرودها  صوت مالك البارد وهو يقول :
-بتمني منك يا ملاك تقوليله انك عمرك ما هتسامحيه لأن....
تنهد وهو يقسي قلبه ثم قال:
-لان أنا مستحيل اتقبل أن البنت اللي ابوها قتل مراتي تتجوز ابني !!
كلماتها تلك جمدتها ونسفت اي أمل بقلبها ودون أن ترد عليه نهضت وتركت مكتبه وهي تبكي ...لن ينكر مالك أنه شعر بغصة في قلبه ...فملاك لا ذنب لها فيما حدث ولكنه أيضا لا يستطيع نسيان أن والدها قتل زوجته وحب حياته ...
........
بعد نصف ساعة ...
في المرسم الخاص بعدي كان يقف أمام اللوحة وهو ينظر إليها بحب ...كان فخور بنفسه وهو يري كيف رسم ملاك بدقة لا مثيل لها ...مرر أصابعه علي اللوحة المرسومة وهو يفكر أنه اشتاق اليها بطريقة مؤلمة للغاية ...اسبوع وقد انقطع عن رؤيتها ...قلبه يتداعي في غيابها ...
انتفاضة بسيطة مرت في جسده عندما طرق أحدهم الباب ...ذهب ليفتح ثم تجمد وهو يجدها أمامه وخفق قلبه بطريقة مؤلمه كم أراد سحبها بقوة ليحتضنها طويلا حتي يشبع منها ولكنه سيطر علي نفسه لا يريد اخافتها هو قرر أن يتقرب منها بحذر ..هي تستحق الوقت كي تغفر له زلته...
-ممكن ادخل ؟!
صوتها الناعم انساب لأذنيه ليهز هو رأسه  ويبتعد قليلا كي تدخل ...
دخلت ملاك للمرسم ثم تجمدت وهي تري أن المرسم ملئ بلوحاتها هي فقط ...لقد رسمها عدي مرات عديدة ...ابتلعت ريقها وثقلت أنفاسها عندما اقترب عدي منها ..كانت تشعر بأنفاسه في عنقها وهذا تسبب في بعثرة دقات قلبها ... اغمض عدي عينيه وهو يفكر أنه وعد نفسه لن يضغط عليها ولكنه لا يمكنه مقاومتها ...هذا شئ خارج عن إرادته ...
ابتلعت ملاك ريقها وابتعدت وهي تستدير إليه بينما ترسم ابتسامة خفيفة علي شفتيها وقالت:
- عرفت من المحامي انك دفعت الغرامة ...شكرا علي الفلوس اللي دفعتها واوعدك اني هردهالك في اقرب وقت ...
ثم تجاوزته لكي تهرب ولكنه ضمها من الخلف وهو يسند رأسه علي كتفها ويقول:
-طيب ردي قلبي ليا زي الفلوس يا ملاك علي الاقل هرتاح اكتر ...
تصاعدت الدموع لعينيها وقالت بصوت مختنق:
-عدي ابوس ايديك ابعد ..سيبني احنا مينفعش لبعض ..
جعلها تستدير إليه  وامسكها من كتفها وقال:
-عارف ...ميت حاجة تمنعنا نكون سوا بس قلبي مش راضي يفهم ...هو بيحبك كده وخلاص من غير تفكير ...من غير منطق ...فحبيني من غير تفكير يا ملاك وسيبي الوقت يصلح اللي بيننا بس اديني فرصة ابقي معاكي ...
-باباك...
قاطعها وقال:
-ملكيش دعوة ببابا...هو هيفهم لما يشوف الحب اللي بيننا ...ملاك فرصة واحدة بس واوعدك عمري ما هزعلك ..
صمت ليستغل الفرصة هو ويخرج خاتم به ماسة  صغيرة :
-كنت عامل حساب اللحظة دي في اي وقت عشان كده شايله معايا وبقولك يا ملاك النجار تقبلي تتجوزيني وتكوني معايا للابد ؟!
طفرت دموعها ...ها هي فرصة اخري للسعادة هي لن تتخلي عنها ابدا فقالت وهي تضحك:
-موافقة اتجوزك.
 لقد كان الحب نعيما بالنسبة له ..
فكر عدي وهو ينظر لملامح ملاك الجميلة وقلبه يخفق من السعادة ...كان لا يصدق انها أخيرا وافقت عليه ...أخيرا غفرت زلته..وأخيرا ستصبح ملكه...لم يظن ابدا انه سيحب احد بتلك القوة ...لم يظن ابدا ان غفرانها له سيجعله سعيدا كما لم يكن من قبل ... امسك كتفيها وهو يقول بنبرة سعيدة :
-موافقة ...موافقة بجد ...
دمعتان خانتا ارادة ملاك وهبطتا بينما تهز رأسها وتقول بحب:
-موافقة ابقي معاك طول حياتي يا عدي ....موافقة نبقي سوا دايما ومش مهم الباقي...
هي لا تهتم بأي شئ ولا تعرف غير انها تعشقه بقوة لدرجة انها لن تستطيع التخلي عنه ...
بسعادة البسها عدي الخاتم ثم رفع كفها لشفتيها وقبله بعمق بينما قلبه يهتز من السعادة ...شعر انه اسعد رجل بالعالم ....اضاء وجه ملاك بإبتسامة رائعة وهي تتطلع الي الخاتم وغلالة رقيقة من الدموع غطت عينيها  بينما تنظر الي الخاتم ...قال عدي بنبرة عاطفية:
-الخاتم ده  بتاع امي الله يرحمها بابا ادهولها وقت طلبه  انه يتجوزها  ..تعرفي ان الخاتم ده ليه قصة احسن من أي رواية تحبِ تسمعيها ؟!
هزت راسها بإبتسامة رقيقة ليقول هو :
- بابا وماما كانوا جيران ...حبهم اتولد وهما بيكبروا جنب بعض ...امي دايما كانت تحكيلي ان بابا دايما يبعتلها رسايل  حب دايما ...
رفعت ملاك حاحبيها بتعجب ليضحك عدي ويقول :
-عندك حق الموضوع فعلا مريب ...يعني بابا ورسايل حب دونت ميكس...أنا برضه استغربت لان بابا دايما شخص عملي مش ليه في الرومانسية والكلام ده ...بس يظهر ماما كانت مميزة جداً عشان كده اتبع جنونه وفعلا هو ده اللي خلاها تحبه بس هي دايما كانت بتصده وبتقطع رسايله وبترميها رغم انها بتحبه من صغرها ...بس هو مكانش بيفقد الامل كان بيبعتلها تاني لحد ما رسالة منهم وقعت في ايد جدي ابو ماما وساعتها الدنيا قامت علي بابا ...هو يعتذر ويسكت لا... يروح يستغل الفرصة ويتقدملها هو ده اللي حصل ...واتجوزها بعد قصة حب رومانسية بتصرفات رومانسية مكنتش متوقعها من بابا ...وهو ادالها الخاتم ده وهي في مرة ادتهوني ...حبت اكون رومانسي وادي البنت اللي بحبها الخاتم اللي ليه قصة رومانسية ده ...
ابتسمت ملاك وهي تقبل الخاتم وقالت:
-ده هيكون جزء من روحي مش هخلعه ابدا ...
داعب عدي شعر ملاك وقال:
-مش مصدق أنك أخيرا سامحتيني يا ملاك ...أنا كنت فعلا بموت من غيرك ...رجوعك ليا زي ما يكون رجعني للحياة من تاني ...شكرا يا ملاك علي كل حاجة ..شكرا أنك ادتيني فرصة عشان نكون سوا مرة تانية ...
امسكت كفه وقالت :
-عرفت اني محدش هيسعدني غيرك فقولت استغل الفرصة ...تصرفك جرحني منكرش بس اللي عملته عشاني كتير ...وعرفت اني بضيع فرص نكون فيها مع بعض ...أنا عايزة ابقي سعيدة يا عدي ...أنا اتعذبت كتير في حياتي ...عايزة اللي يسندني مش يكسرني ...عشان كده اوعدني أنك عمرك ما هتكسرني يا عدي ...اوعدني أنك دايما هتكون في ضهري وتدعمني ...عمرك ما تكذب عليا ولا تكسر قلبي ...انت هتكون بالنسبالي كل حاجة ....
حاصر عدي وجهها وقال:
-مستحيل اذيكي تاني ...عملتها وكنت هخسرك للأبد فمش هكرر غلطي تاني ...انتِ هتكوني كل حياتي ..هعمل المستحيل عشان اثبتلك اني مبحبش غيرك وانك هتفضلي حبي الأخير للأبد ..ها امتي نتجوز بقا بعد وصلة الكلام الشاعري اللي قولتهولك ...
-بعد أربع سنين لما يخرج جاسر 
قالتها ملاك ببساطة ليبتعد عنها عدي ويصرخ  بإستهجان:
-نعم يا ختي!!!!
...
في الفيلا ...
اتسعت عيني وعد بسعادة وهي تجد ملاك ترفع كفها  وتريها خاتم الخطبة ...
نهضت وقد نست جميع احزانها وضمت ملاك بحب صادق وقالت:
-مبروك يا قلبي ...فرحتلك والله ..
ابتعدت ملاك عنها ووجهها يضئ من السعادة فأكملت وعد بمكر:
-اخيرا قررتِ تدي حضرة الضابط عدي  المسكين فرصة ...
رمشت ملاك وقالت بذهول:
-وانتِ عرفتي من فين يا وعد ان اللي بتكلم علي عدي ...أنا لسه م...
قاطعتها وعد وهي تغمز:
-عينيه فاضحاه يا ملاك ...العينين تفضح العاشق ...نظراته بتوضح انه بيدوب فيكي ...
احمر وجه ملاك لتشد وعد علي كفها وتقول:
-امتي بقا الفرح ...امتي هتفرحونا ..؟!
اختفت الابتسامة من وجه ملاك وقالت :
-اتفقنا نتجوز بعد ما يطلع جاسر ...
وخزت الدموع عيني وعد لتكمل ملاك:
-مقدرش اتجوز واخويا مش موجود وعدي اتفهم الأمر ومستعد يستناني 
ابتسمت وعد وقالت:
-مش مضطرة تعملِ كده يا ملاك ...أربع سنين فترة طويلة وممكن ...
هزت ملاك راسها بإصرار وقالت:
-لا يا وعد هستني جاسر أنا قررت ...جاسر هو المتبقي من عيلتي مش هتجوز وهو مش موجود فرحتي هتكون ناقصة....
غلالة رقيقة من الدموع اغشت عيني ملاك وهي تفكر انها اشتاقت لجاسر للغاية ...وجوده داخل السجن يؤلمها ولا تعرف ماذا تفعل ...تشعر انها ضعيفة للغاية دون عائلتها ولكن فكرت انها لا يمكنها ان تبقى ضعيفة للأبد ...فهي لا تمتلك الكثير من المال وخلفها مسؤوليات كثيرة ...يجب أن تفيق وتنهض بشركتها ...لن تتوقف حتي تنهض وتنجح وقد كان 
.........
بعد سبع شهور ....
كانت تقف ملاك بتوتر في حفلة الزفاف الذي تولت هي تصميم الديكور الخاص بها ...كانت حفلة زفاف ابن  واحد من اهم رجال الأعمال في مصر وكانت صدمة بالنسبة لها أن يتواصل مع شركتها الصغيرة لكي تصمم هي ديكور حفل الزفاف ...فشخص مثل رائد الوكيل لماذا يلجأ الي شركة صغيرة كشركتها ؟!...صحيح انها في الشهور الماضية صممت عدد من حفلات الزفاف واعياد الميلاد وايضا الشقق السكنية وبفضل الله ثم اجتهادها بالعمل كان عملها لا غبار عليه ...ولكن لم تتوقع ابدا ان صيت شركتها الصغيرة وصل للسيد رائد !!ولكن ما لا تعرفه ملاك ان عدي هو من طلب من رائد هذا بصفته ابن صديقه المقرب مالك ...لقد رأها الشهور السابقة تقتل نفسها في العمل لكي تنجح وكانت تنجح وكان هو يفتخر بها للغاية ...وارادها ان تنجح اكثر لذلك لجأ الي رائد وللمفاجأة...ملاك صممت حفل الزفاف بطريقة مبهرة للغاية ...كان فخور جدا وهو يسمع كلمات المديح من المدعووين ...ابتسم عدي ونظر إليها ...انها تسلب عقله كل يوم اكثر من اليوم السابق ...والشئ الذي اسعده اكثر ان والده بدأ يتقبل ملاك قليلا ...وبمرور الوقت سوف يحبها وحينها لن يلوم عليه فمن ذا الذي لا يحب ملاك ...احيانا يحسد نفسه انها اصبحت له ولا يصدق ان احلامه تحققت بتلك البساطة ...خفق قلبه  عندما تلاقت اعينهما ...ابتسمت له ملاك بتوتر ليقترب منها هو ويلمس ذراعها وهو يقول:
-مالك يا حبيبتي ...اليوم يوم نجاحك افرحي بيه ...انتِ عارفة أنك قدرتِ تبهري رائد الوكيل ... وده هيفتحلك مجال اوسع عشان تكبرِ شركتك ...
نظرت اليه ملاك وقد تقلصت معدتها من التوتر وقالت:
-قلقانة علي وعد يا عدي ...دي في شهرها الأخير ...ممكن تولد في أي لحظة وانا ...
-ششش 
قالها عدي وهو يضع اصابعه علي شفتيه ...ابتعدت ملاك بخجل ليبتسم ويقول:
-مش مرات عم كامل معاها..يبقي ليه خايفة ...استمتعي بحفلتك ووعد بإذن الله هتكون بخير...
هزت ملاك رأسها بتوتر وحاولت ان تسترخي قليلا ...هو لديه حق ...زوجة عم كامل معها ...ابتسمت ملاك وهي تتذكر هذا الرجل الاصيل وزوجته ...تتذكر كيف رفضوا ان يتخلوا عنها في تلك الظروف وعملوا لديها رغم قلة الراتب ولكنها وعدت نفسها انها ما ان تنجح سوف تكافئهم علي اخلاصهم ...
انتفضت وخرجت من شرودها عندما رن هاتفها...فزعت ملاك عندما رأت ان المتصل هي زوجة كامل ...ردت بسرعة لترتعب اكثر وهي تسمع المرأة تخبرها ان وعد تلد!
اغلقت ملاك هاتفها وقالت برعب لعدي:
-مش قولتلك خايفة بشكل غريب  ..اهي وعد بتولد
ثم ركضت امامه دون اي اهتمام بمظهرها امام الناس  وفكرها منشغل وعد ...ركض عدي خلفها وركبا سيارته ثم انطلقا بسرعة ...
وصلوا الي الفيلا أخيرا لتجد زوجة كامل تقف في الخارج بتوتر ...ترجلت ملاك من السيارة وهي تركض إليها فقالت المرأة دون ان تسأل ملاك حتي:
-هي في الصالون يا هانم بتصرخ جامد ...
دخل عدي مع ملاك الفيلا ليجدا وعد تبكي وتصرخ وهي جالسة علي الاريكة ...ساعداها الاثنين حتي تقف وذهبوا بها الي السيارة ..
-وعد حبيبتي متخافيش ...كل حاجة هتكون بخير ...حسناء هتنورنا النهاردة بإذن الله  ...
قالتها  ملاك في سبيل التخفيف عنها ...
......
في الطريق الي المشفي ...
كانت ملاك تبكي وهي تمسك كف وعد التي تصرخ من الألم ...كان الألم لا يقاوم  ...شعرت وعد  أنها ستموت فعلا ...
-اهدي يا وعد اهدي يا حبيبتي ....شوفي اتنفسي بعمق زيي ..يالا قولي ورايا هوف ...هوف...هوف..
لم يستطيع عدي منع ضحكاته التي تسربت من شفتيه وقال:
-يا حبيبتي وعد بتولد مش شمعة عشان تقولي هوف !
-اسكت انت مش فاهم حاجة ..
قالتها ملاك بإستياء ...
هز عدي رأسه وهو يسرع اكثر ...
.....
في المشفي وبالأخص في حجرة الولادة ...كانت وعد تصرخ بألم شديد وهي تبكي ...كانت تتمني ان يكون جاسر بجوارها ...يضمها إليه بقوة وينسيها آلامها ..
-جاسر..جاسر ..
اخذت تهذي بإسمه بتعب ودموعها تنسكب من عينيها ...فجأة شعرت ان روحها تخرج من جسدها ثم صدح في المكان صوت بكاء طفل صغير ...
ابتسمت وعد بتعب وهي تري من بين دموعها طفلتها الصغيرة الجميلة وفكرت ان نعمة كهذة تستحق التعب !
.....
بعد يومين ...
ذهبت ملاك لزيارة مفاجأة لجاسر ..
ما ان رأته حتي عانقته عناق اخوي وجلست امامه...ابتسم جاسر لها وكاد ان يسأل عن وعد التي امتنعت عن الحضور إليه منذ شهر بسبب تعبها الا ان ملاك لم تعطيه الفرصة بل اخرجت هاتفها ..
- قابل حسناء جاسر النجار يا جاسر .
قالتها ملاك وعينيها لامعة بدموع حبيسة وهي تريه صورة لفتاة رضيعة علي هاتفها المحمول  ...
خفق قلب جاسر بقوة وترطبت عينيه بالدموع وهو يراها ...يري روح  والدته في ابنته   ...أول امرأة عشقها في ابنته ...حارب جاسر دموعه بقوة ولكن روحه كانت تحترق ...وقلبه منفطر وهو يري فقط صورة ابنته الرضيعة ...دون حملها او عناقها !!!...لقد حُرم من ابسط حقوق الزوج والاب...حُرم من ان يبقي بجوار وعد في اصعب لحظاتها ..حرام من ان يضم ابنته في اسعد لحظاته ...تغلبت دموع جاسر عليه وتحررت من سجن عينيه وبشكل مفاجئ اجهش  بالبكاء بصوت عالي كطفل صغير بطريقة جذبت انتباه جميع من في غرفة الزيارة ...نهضت ملاك وهي تبكي واقتربت منه ثم ضمته بقوة ...تنهد وهو يضمها بدوره  وقد عرف أخيرا شعور الاهالي الذين دمر اولادهم!!
.......
في المساء ..
-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
بتلك الكلمات اصبحت حياة زوجة ليوسف شرعا ورسميا ...كانت جالسة علي طاولة كتب الكتاب ووجهها يشتعل خجلا ...بينما عينيها تتألقان بسعادة لم يراها من قبل ...لقد رأي أخيرا في عينيها الثقة بحبهما ...الثقة بنفسها ووعد بالسعادة الابدية...نهض يوسف واقترب من حياة ثم طبع قبلة قوية علي جبهتها .. بقربها شعر انه بالجنة ...لقد امتلكت قلبه كما لم يمتلكه احب من قبل ...حاربته وغزت قلبه بالكامل حتي اصبحت دقاته ملكا لها ...هي فقط ...نظر إليها بابتسامة من القلب وقال:
-نورتي حياتي يا حياة ..
ابتسمت حياة بسعادة وقد عجزت عن الكلام فقط ضجيج قلبها كان يصرخ بحبه ...
-حياة ..
قالتها والدتها وغلالة ثقيلة من الدموع تغشي عينيها ..لتلين ملامح حياة ثم تقترب من والدتها وتحتضنها بقوة وهي تقول ضاحكة حتي لا تبكي والدتها:
-جرا ايه يا ست الكل ...ده أنا هكون معاكي في نفس العمارة وكل شوية هقرفك 
ضحكت والدتها وقالت:
-هيكون احلي قرف والله ...
ابتعدت والدتها ليعانقها والدها ثم مرت بضعة دقائق من المباركة السعيدة للعروسين قبل ان يسحب يوسف عروسه ويصعدان للسيارة المخصصة لهما ليذهبان الي القاعة التي بها الزفاف ...
طوال الطريق لم يفلت يوسف كفها وكأنها سوف تهرب منه ..وكان كل لحظة يقبل كفها بسعادة بينما هي تذوب من الخجل ....
أخيرا وصلوا الي القاعة وسبقوهم اهلي العريس والعروس للقاعة بينما تهادت حياة بدلال مباح وهي تعانق ذراع يوسف  ..كانت تمسك فستانها الكريمي البسيط بيدها الاخري بينما تدعو الا يسقط التاج المثبت علي شعرها الذي استطال كثيرا في الشهور السابقة ...نظرت الي يوسف فوجدته ينظر إليها بحب لم تراه من قبل في عينيه ...حب حقيقي ...حب تستحقه بعد محاربة طويلة من قبلها ...لقد انتصرت هي ...انتصرت بحبها و في تلك اللحظة شعرت   انها امتلكت جميع السعادة التي بالحياة ...صوت الموسيقي دوي في اذنيها ما ان دخلت القاعة ...لم يعطيها يوسف فرصة لكي تجلس بل سحبها الي منتصف القاعة عندما صدح في المكان اغنية غربية رومانسية ثم وضع كفه علي خصرها ثم بدأ يراقصها في حب ...كان صامت تماما ولكن عينيه التي تلمعان اخبرتها الكثير والكثير...اعطتها وعود لا حصر لها ...
-مبسوطة ...
قالها يوسف وهو ينظر إليها بوله لتهز هي رأسها وترد :
-حاسة اني اسعد انسانة في الدنيا ...
ابتسم لها وقال:
-يعني صدقتِ اخيرا اني بموت فيكِ ..
ضحكت برقة وهي تهز رأسها...نعم هو فعل الكثير واثبت عشقه غير المحدود لها ...بالاضافة الي صديقتها لميس التي ساعدتها في تعزيز ثقتها في نفسها فباتت حياة تري نفسها كأجمل امرأة علي وجه الأرض ولا يضاهيها احد جمال ...كانت فكرة جيدة للغاية أن تذهب الي لميس ...بفضل الله ثم لميس ويوسف وبالطبع عائلتها  تغير بها الكثير ...
تنهدت بسعادة وهي تضع رأسها علي كتف يوسف  وتقول:
-انا بحبك اووي يا يوسف ..
ابتسم وهو يضمها إليه قائلا:
-وانا كمان بحبك اووي ...
.....
بعد انتهاء الزفاف ..
فتح يوسف باب شقته بقدميه ثم دخل وهو يحمل حياة بين ذراعيه ..اغلق الباب بقدميه أيضا ودخل لغرفة النوم  ...جلس علي الفراش بسعادة وهو يحملها .... ابتسم يوسف وهو ينظر إليها بعمق...كانت عينيه تحاصر عينيها وقد شعرت حياة بالتوتر يغزو جسدها ...حاولت أن تشيح بعينيها بسبب الخجل الفظيع الذي تشعر به الا انها فشلت في هذا ..
شعرت وكأنها مسحورة تماما ...بكل ما تملك من ارادة تكلمت وهي تقول :
-ممكن تسيبني اغي...
ولكن بقية كلماتها ماتت علي طرف لسانها عندما رأته يقترب منها ويقبلها بعاطفة قوية جاعلا اياها تستلقي علي الفراش حتي يمتلكها روحا وجسدا!
.........
بعد ثلاث سنوات وخمس أشهر 
كانت يهتز فعليا وهو يقف امام بوابة الفيلا ...لقد تغير الكثير بعد أربع سنوات ...اصبحت الفيلا اكثر بهجة ابتسم جاسر بينما وخزت دموع الحنين عينيه وقلبه يرتج داخله ... أخيرا سيقابلها ...سيقابل وعد حب حياته ...حسناء ابنته التي هي جزء من قلبه ...وملاك التي تكون شقيقته والتي فعلت الكثير من اجله...
-جاسر بيه .
اخرجه من شروده حارس الفيلا وهو ينظر اليه دون تصديق وسعادة...ابتسم جاسر له ليفتح الباب الحديدي له ويحمل له حقيبته ...
-ازيك يا عم كامل؟! ..
قالها جاسر بابتسامة صادقة ليرد الرجل :
-هروح اقولهم أنك خرجت هيفرحوا اووي ...
ثم كاد ان يذهب الا ان جاسر اوقفه وقال:
-لا يا عم كامل أنا هدخل وأوريهم نفسي ...حابب اعملها ليهم مفاجأة ...
هز الرجل رأسه ليذهب جاسر في اتجاه المنزل ...كان يحاول تنقية افكارة والتخلص من التوتر الذي يعصف به ...سوف يري عائلته بعد غياب اربع سنوات ...صحيح ان وعد وملاك كانتا تزورانه بإستمرار ولكن حسناء لا ...وهو الذي طلب من وعد الا تأتي بإبنتهما الي السجن ...اذن انها المرة الأولي التي سيري به ابنته علي الحقيقة ...المرة الاولي التي سوف يضمها إليه ويشم رائحتها...المرة الاولي التي سيلمس قطعة منه ...مسح الدموع الخائنة التي انسابت من عينيه وهو يرسم ابتسامة لطيفة علي وجهه ...فجأة انتفض مكانه بقوة وهو يراها ...ملاك صغير يركض بحديقة الفيلا ...شعرها اسود كجناح الغراب...اقترب منها وفجأة خفق قلبه بقوة وهو ينظر الي ملامحها الجميلة التي تشبه بشكل كبير ملامح والدته...تساقطت دموعه دون توقف وهو يراقب ابنته تلعب وتركض خلف الفراشة ...كانت صغيرة للغاية ولكنها نشيطة ..صدي ضحكاتها فعل الكثير بقلبه الضعيف ...فجأة توقفت وهي تنظر الي ذلك الرجل الغريب ...اختفت ضحكاتها اللطيفة من شفتيها  ولكن فجأة لمعت عينيها التي تشبهان عيني وعد وهي تقول بنبرتها الطفولية :
-بابا ..
لقد تعرفت عليه أخيرا ...بالطبع وعد تضع صور جاسر دوما في غرفتها كي تتعرف علي والدها ...ركضت حسناء إليه ليرفعها جاسر ويضمها بقوة وهو يبكي دون توقف ...رائحتها كانت كالمسك لمست روحه ..
-حبيبتي ..حبيبتي ..
ردد الكلمات وهو يضحك ويبكي في آن واحد ...كان قلبه يهدر داخل صدره ولا يصدق نعمة الله عليه...لقد اعطاه الله فرصة اخري رغم كل ذنوبه ...اعطاه فرصة أن يعيش حياة سليمة بدل من الحياة المظلمة التي يعيشها ...بعيدا عن الدماء والظلم والاجرام...بعيدا عن خطر القبض عليه او موته حتي ...اعطاه فرصة ليكون زوج صالح لوعد ...والد صالح لحسناء وهو قرر ان يستغل تلك الفرصة جيدا ...لن يدع  الشيطان يتملك.منه مرة اخري ...لقد وُلد من جديد وسيبدأ حياته من جديد حياة نظيفة تماما ...من أجل عائلته الجديدة وملاك ..
انزل صغيرته وهو يركع بجواره ثم بدأ في تقبيلها علي وجنتيها بإستمرار...اخذت حسناء تضحك وقالت بصوت طفولي:
-انت بتزغزغني ..
صوت ضحكاتها اطربه كثيرا ...ضحكاتها البريئة كانت تقتل بقايا السواد بداخله...كانت تشعره بسكون غريب تماما ...
-جاسر ...
صوت مختنق اتاه من الخلف نهض وهو يستدير ليجد وعد تقف بذهول امامه ...دموعها تنساب دون توقف وهي تراه ...تري حبيبها ..فجأة اندفعت هي الي احضانه وضمته إليها وهي تبكي ...وقد شعرت أخيرا انها بالوطن ...فذراعيه كانت مسكنها ومأمنها ....جاسر هو قدرها وكأن كل الطرق تؤدي إليه ...هو فقط .
الحب الحقيقي هو الحياة...هو الذي يمنحنا الامل لنعيش ...تحترق بنيرانه  صحيح ولكن في النهاية تتذوق جنته ...وهو احترق ..احترق بشدة حتي ظن  أنه سيموت بتعاسة ولكن الله كان رحيما به ...اغمض عينيه ودموعه لم تتوقف عن الانسياب وهو يضمها إليه بقوة المتها ولكنها لم تعترض ابدا ...هي أيضا كانت مشتاقة إليه بشكل غير طبيعي ...لقد شعرت أن الحياة عادت إليها بعودة جاسر ...حبيبها وزوجها....ابتعد جاسر وهو يقبل جبينها برقة ثم يضع جبهته علي جبهتها ...وخزت الدموع عيني وعد وانسابت وهي ترفع كفيها وتحاصر وجهه ...كان قلبها يهدر داخل صدرها بعنف وقالت:
-وحشتني...وحشتني اووي ...
صوتها كان مختنقا من الدموع ...ابتسم من بين دموعه وقال،:
-خلاص انا رجعت وهبقي معاكم للابد يا وعد ...عمري ما هسيبكم ابدا ...
قبل جبينها مرة أخري ثم وجنتيها ثم كاد أن يتجه لشفتيها ..
-جاسر البنت !
قالتها وعد بخجل وهي تتحرر منه ...ابتسم جاسر وهو ينظر لفتاته الصغيرة بشغف ...ركع بجوارها مرة أخري وأخذ يربت علي شعرها وهو يتأمل ملامحها بإنبهار...قلبه خفق مرة أخري وبطريقة اسرع واقوي من قبل ... أنها تشبه والدته بشكل كبير...
فكر وقبضة باردة تضغط علي قلبه ..
ابتسمت له حسناء ابتسامة خطفت قلبه وهي تمسح دموعه من وجهه وتعانقه بعفوية سلبت قلبه ...كانت وعد تتابع المشهد وقلبها يتمزق من الحزن ...كانت تشفق علي جاسر كثيرا ..حزينة عليه لأنه ابتعد عن ابنته كل هذا الوقت ..ولكنها متاكده أنه سوف يعوضها عن كل هذا الغياب ...حمل جاسر ابنته وهو يقبلها ثم حاوط كتف زوجته وقال :
-اول مرة احس بالسعادة دي يا وعد ...
اتسعت ابتسامتها ووضعت رأسها علي كتفه وقال:
-وانا برضه اول مرة احس بالسعادة بالشكل ده يا جاسر ...أنا فرحانة اووي انك رجعت ...ايامي كانت ناقصة من غيرك ...كنت صامدة بس عشان حسناء ...لكن من جوايا كنت بموت وانا بعد الايام عشان ترجعلي وتكون معايا انا وبنتك ...والحمدلله رجعت واعرف اني مش هسيبك تبعد عني ابدا يا جاسر ..أنا اهو بحذرك...هفضل ماسكة فيك دايما ..
ضحك جاسر ضحكة رائقة للغاية وهو يضمها ...
-جاسر!!!
توقف عن الضحك فجأة وهو يري ملاك وعدي أمامه ..نظر إلي ملاك ليجد عينيها مغرورقتان بالدموع وعلي شفتيها كانت ابتسامة مرتعشة ...ابتسم جاسر لها ثم اعطي حسناء لوالدتها لتركض في نفس اللحظة الي جاسر وتضمه بقوة وهي تبكي ...
-ابتدينا 
قالها عدي بإستياء وهو يحاول السيطرة علي الغيرة التي بدأت في التصاعد داخله ...
اقترب من ملاك وأبعدها عن جاسر وهو يقول بلطف:
-ملاك حبيبتي الراجل تعبان سيبيه يرتاح اجلي العواطف العائلية دي لبعدين ...
ابتسم جاسر بتسلية عندما أدرك أن عدي يغير منه وقرر أن يضايقه قليلا وقال:
-لا ملاك تعمل اللي هي عايزاه يا عدي وبعدين ابن عمها وخرج لازم تسلم عليه كويس...
ثم كاد أن يعانقها مجددا إلا أن عدي جذب  ملاك إليه وقال :
-ما تحضن مراتك يا اخي وتسيب خطيبتي في حالها ...
ضحك جاسر بمرح وهو يضم وعد إليه وقال:
-فرحوني امتي الفرح .؟!.
ابتسمت ملاك وقالت:
-شهر كده ...
لم يتمالك عدي نفسه وامسكها من قميصها كأنها سارقة وقال:
-نعم يا اختي شهر ايه ..الفرح بكرة إن شاء الله ...
-بكرة ايه يا عدي أنا لسه مجهزتش نفسي 
قالتها ملاك بإستياء ليرد هو :
-خلاص يا ستي ...نخلي الفرح بعد اسبوع ومش هتنازل يا ملاك ابدا ...أنا استنيت اربع سنين عشان خاطرك ومش هستني تاني ..
ابتسمت له وقالت بطاعة :
-حاضر يا سيدي نعمله الاسبوع اللي جاي بس كده هيكون عندنا شغل كتير لازم نخلصه..
-مش مهم المهم اننا نتجوز ..أنا خللت جمبك
ضحك الجميع عليه فقال جاسر :
-وكتب الكتاب يكون بعد يومين ايه رأيكم ..
رد عدي ببساطة وهو يضم ملاك  :
-احنا موافقين طبعا ..
.............
في المساء ...
علي الأريكة الموجودة في حديقة الفيلا كانت تجلس وعد وهي تضع رأسها علي صدر جاسر بينما تضمه بقوة ولا تفلته ...لا تصدق أن حبيبها عاد إليها بعد كل تلك السنوات ...تشعر حقا انها اكثر النساء حظا في العالم ...كانت تنظر إلي ابنتها التي تلعب حولهما وهي تأمل أن تدوم تلك اللحظة للأبد  ..كانت جاسر يقبل شعرها مبتسما ...كان الصمت يسيطر علي المكان الا من ضحكات ابنته اللطيفة وقد تمني أن تستمر تلك اللحظة للأبد ...
-ناوي تعمل ايه يا جاسر ...قررت هتشتغل ايه ؟!
قطع لحظات الصمت صوت وعد الدافئ وتسرب الي روحه ليرد :
-معرفش حقيقي معرفش...الشركة للاسف خسرت كتير وعايزة معجزة عشان تقف....مفيش سيولة بفكر أبيعها بعد ما استشير ملاك وافتح مشروع صغير ..
-وانت  عايز تعمل كده يا جاسر ..عايز تبيعها ...
سألته وهي تنظر إليه تخترق حصونه وتعرف خباياه ليهز هو رأسه وقال:
-بصراحة لا ...صحيح الشركة كانت غطا لاعمالي غير القانونية بس انا تعبت فيها وكبرتها وعايز أكبرها تاني بس مفيش سيولة يا وعد متنسيش أن ....
قاطعته ملاك وهي تدخل :
-وانا روحت فين يا ابن عمي ...
اعتدلت وعد لتجلس ملاك بجوار جاسر وتقول:
-انا الفترة اللي فاتت شركتي كبرت بشكل مش معقول واقدر اساعدك كويس ...
كاد جاسر أن يرفض الا أن ملاك قالت بسرعة:
-تقدر تعتبرهم سلف ...ماشي 
هز جاسر رأسه وقال :
-ربنا يخليكي ليا يا ملاك ويسعدك مع عدي يارب ابتسمت ملاك له بسعادة وقالت:
-انت اخويا يا جاسر واهم شخص عندي...
ابتسم لها جاسر ...أنها المرة الأولي التي يشعر أنه محبوب لتلك الدرجة وكأن الحياة اخيرا ابتسمت له ...زوجة محبة وطفلة رائعة وشقيقة عطوفة ...ماذا يريد أكثر من هذا ...قطع شروده اقتراب عم كامل منهم وهو يقول :
-جاسر بيه فيه واحد برة بيقول أن اسمه رجب الرافعي وعايز يشوفك ..
-بابا !!
قالتها وعد بصدمة وهي تنظر لملاك وجاسر ...ما الذي ذكره بها بعد كل تلك السنوات ...فمنذ أن حاول اجهاضها وهي ابتعدت عنه تماما...كانت تخاف أن يؤذيها هي وطفلتها ...تصاعد الرعب داخلها وهي تفكر أن والدها قد اتي ليثير المشاكل ...أمسكت كف جاسر ليربت هو علي كفها ويقول:
-اهدي أنا معاكِ ...
ثم نظر لعم كامل وقال:
-دخله يا عم كامل....
.......
ولج رجب الفيلا وهو يرتعش ...كان مرهق للغاية الكبر نال منه كثيرا ...ما أن رأته وعد في تلك الحالة حتي انقبض قلبها بشكل مؤلم ...مهما حدث هو  والدها ...
نهض جاسر وقال بنبرة مهذبة:
-اتفضل يا رجب ...
هز رجب رأسه وقال:
-لا انا همشي علطول يا بني ...انا جاي بس اطلب السماح من وعد بنتي ...عارف أنه مش من حقي بعد كل اللي عملته فيها بس كده هرتاح اكتر لو سامحتني  
وخزت الدموع عيني وعد  ليكمل هو :
-انا عارف أنه صعب عليكِ تسامحيني بس انا والله عرفت غلطي ...وهديكِ  الوقت اللي أنتِ محتاجاه عشان تسامحيني ...
ارتعش كفه وهو يخرج ورقة بها رقم معين وقال:
-انا مسافر يا وعد ...مسافر برا مصر عند صديق ليا عربي  اتعرفت عليه ...انسان صالح هو غير مني كتير في السنين اللي فاتت لما جه مصر وطلب اروح اقعد شوية لانه وحيد...ده رقمه ..لو حابه تكلميني في اي وقت ...ولو ناوية تسامحيني فرحيني قبل ما اموت يا بنتي ...
اخذت وعد الورقة وهي تبكي بينما تساقطت الدموع من عيني والدها ثم استدار وكاد أن يذهب الا أنه لاحظ تلك الملاك التي تلعب حوله دون دراية بأي ما يحدث هنا وقد عرفها ...هي حفيدته ..
نظر لوعد وقال بتوتر :
-ممكن اسلم عليها ؟!
هزت وعد رأسها وهي تمسح دموعها ليذهب رجب من فوره ويضم حفيدته إليه ...ابتعدت عنه ،  وعينيها الزرقاء اتسعتا بدهشة ليقول :
-انا جدو يا حبيبتي ..
نظرت إلي والدتها لتهز والدتها رأسها فتبتسم حسناء ابتسامة لطيفة وتقول بصوتها الموسيقي بالفطرة :.
-جدو 
هز رأسه ودموعه تتساقط ثم ضمها وهو لا يصدق أن تلك الفتاة نفسها التي أراد هو أن  يقتلها وهي في رحم والدتها !!!
.........
تنهدت والدتها وهي تجهز ثياب لطفلتها الصغيرة وهي تتذكر قدوم  والدها المفاجئ...كيف أن الندم يقطر من حروف كلماته ودموعه التي تنساب من عينيه ...لتكن صريحة هي لا تستطيع أن تغفر في الوقت الحالي. ..لقد عذبها والدها كثيرا ولكنها تعرف انها لن تبقي غاضبة منه للابد وأنها سوف تتواصل معه قريبا ...
ولجت وعد للحمام وسرعان ما صرخت بقوة وهي ترمي الثياب ...
-فيه ايه يا وعد بتصرخي ليه؟!!
قالها جاسر بفزع لتشير وعد وهي ترتعش الي ابنتها ...نظر جاسر إليها ثم ضحك بقوة وهو يري ابنته تمسك ثعبان اسود طوله متوسط يتلوي  ...اقترب منها ثم أخذ الثعبان والقاه علي الأرض ثم حملها وقبلها قائلا:
-اهو أنا دلوقتي اتأكدت انك بنت الصياد يا حسناء ...
ثم نظر إلي وعد وقال:
-ده تعبان الباح دودي يعني غير سام وغلبان ومبيعضش بس أنتِ كالعادة جبانة ...لكن ..
قبل حسناء وقال بفخر :
-حسناء تربيتي ...
اقتربت منه وعد وهي تضرب كفه وتقول:
-اياك تخلي بنتي تتعامل مع الحاجات دي كفاية عليا مجنون واحد في البيت ...
ثم أخذت حسناء منه وذهبت غاضبة تتبعها ضحكاته المرحة ....
.....
بعد يومين ...في حديقة الفيلا ..
-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ..
قالها المأذون وبهذا تم كتب كتاب ملاك وعدي ...كان عدي يطير من السعادة اخيرا أصبحت له ...لقد انتظر كثيرا تلك الفرصة ...انتظر كثيرا أن تبقي ملكه وها هي اخيرا أصبحت اميرته وهو أصبح أميرها!..اقترب منها ثم قبل جبينها وضمها إليه بقوة ...ثم توالت المباركات لهم ...اقترب جاسر من عدي وعانقه وقال هامسا :
-لو زعلتها هقطع راسك ...ده تهديد صريح ..
ابتسم عدي وقال:
-ملاك هي روحي مقدرش ازعلها ..متقلقش يا جاسر ...
ابتعد جاسر وربت علي كتفه وقال :
-ربنا يسعدكم يارب ...
فجأة تجمدت ابتسامة عدي وهو يري والده يقترب منه ...
ابتسم مالك وقال:
-عرفت ان قلب ابني اغلي من اي انتقام ...
ابتسم له عدي وعانقه بقوة ..نظر إلي ملاك واقترب قليلا .
-اهلا بيكي في العيلة يا ملاك ..
قالها مالك لملاك وهو ينظر إليها بحنان ابوي ..ثم اقترب منها وقبلها علي جبينها وقال :
-لو زعلك عدي اعتبريني ابوكي وتعالي اشتكيه وانا هجبلك حقك ...
ابتسمت ملاك له ثم عانقته وهي تربت علي ظهره ...ابتسم عدي وهو يفكر أن اخيرا كل شىء في حياته بدأ أن ينصلح ...والده تقبل ملاك تماما وأحبها ...لقد عرف دوما ان ملاك سوف تحتل قلب والده كما احتلت قلبه ..
.........
في اليوم التالي ...
قفزت حسناء بشقاوة علي الفراش بين وعد وجاسر ..ليستيقظ جاسر ويضحك وهو يجذبها إليه ويضمها ...ضحكاتها ملأت المكان  بشكل محبب  ...قبلت حسناء والدها علي وجنته وقالت بعتاب طفولي:
-ليه مبتنامش جمبي زي ما بتنام جمب بابا علي فكرة أنا بحبك  اكتر منك ...
اتسعت عيني جاسر بدهشة ثم انفجر بالضحك وقال بهمس :
-وانا بحبك اكتر منها ...اه ...
صرخ بخفوت عندما ضربته وعد بالوسادة وصرخت:
-بقا كده ...من دلوقتي الاب والابنة بيتفقوا عليا ...
ضحك جاسر ونهض وهو يرد لها ضربتها بالوسادة وما هي لحظات الا وتحولت غرفة النوم لساحة حرب الوسادات 
.........
هي امرأة تعشق التفاصيل ..تهتم بها ...وهو رجل يعشقها هي لدرجة جعل أحلامها أوامر يجب تنفيذها ...لقد رأي لمعة عينيها عندما نظرت إلي فستان الزفاف علي الانترنت الذي للاسف لم يكن متوفرا في المتجر  .
.كان الفستان يشبه فساتين الاميرات ...راقي للغاية يلائمها تماما ...لذلك فعل المستحيل ليجلبه .. لذلك تكلم مع افضل مصمم ازياء وأعطاه صورة الفستان ليصممه ...كان متحمس أكثر منها ليري  الفستان عليها في يوم زفافهما..كان متحمس لرؤية لمعة السعادة بعينيها ...
...
كانت ملاك جالسة علي المقعد المريح المقابل لمكتبها الكبير ...كانت تنظر لكل ما حققته بسعادة ...لا تصدق انها وصلت لتلك المنزلة بعد اربع سنوات فقط ..الأمر بدأ بتصميم زفاف ابن رائد الوكيل ثم انهالت عليه العروض الكثيرة وقد أنجزتها كلها بمهارة تامة حتي كبرت شركتها بشكل مبهر وأصبحت شركة  ملاك النجار واحدة من أهم شركات تصميم  الديكور في مصر ...كان سعيدة للغاية بنجاحها وفخورة أيضا ...اخذت تتذكر  أنها احيانا كانت لا تنام حتي تنجز العمل ...ايام لا تأكل الا القليل ..لقد تعبت كثيرا حتي تصل لتلك المرحلة ...حتي تفتخر بنفسها ...
طرقات خافتة علي الباب اخرجتها من شرودها ...اعتدلت ملاك علي مقعدها وقالت بصوت رسمي:
-اتفضل ..
ولجت سكرتيرتها وهي تقول بإبتسامة:
-استاذ عدي هنا وحابب يقابلك ..
اتسعت عيني ملاك وقالت بدهشة:
-ميار ..أنتِ عارفة أن عدي يدخل من غير إذن ..ازاي سايباه لحد دلوقتي برة ؟! ...
ثم خرجت وكعبها العالي ينقر علي الأرض ..فجأة تجمدت مكانها ووضعت كفها علي شفتيها بذهول ثم بدأت غلالة رقيقة من الدموع تتجمع في عينيها ...فأمامها  كان الفستان  الذي أحبته بشدة وبحثت عنه ولم تجده  معلق ...كان فستان ابيض طويل للغاية يحيطه بالكامل  قماش رقيق من التل من الجانبين ما عدا المنتصف...ملحق بقماش شفاف يغطي الذراعين وينسدل بطول الفستان ....
طفرت دموعها وهي تضحك بذهول فجأة انتفضت  عندما جاء عدي من الخلف ووضع عليها تاج فضي رقيق وقال:
-الفستان والتاج جاهز للأميرة ...
بذهول نظرت إليه ملاك وقد عجزت عن الكلام تماما ...لا تصدق أنه فعل هذا من أجلها ...ولكن لما تتعجب ...عدي دوما يهتم بأمرها ...في الأعوام القليلة التي مرت كان يهتم بها ...لم يختفي شغفه بها ...كان يفعل المستحيل لإسعادها  لم يمل يوما منها ...هبطت دموعها وهي تنظر إليه بسعادة ثم انتفضت بخفة عندما صفق الجميع ..ضحكت ملاك ونظرت إليه بحب وقالت:
-احبك ايه اكتر من كده ..
-عندك العمر كله تحبيبني اكتر يا ملاك لاني مش هسيبك ابدا ...هتفضلي معايا دايما ...
.....
في المساء ...
اوصلها عدي للفيلا ...كانت يضحكان سويا ...ضحكات من القلب ...
-تحب تدخل ؟!
قالتها برقة ليهز رأسه ويقول :
-لا ..متنسيش أن الفرح بعد يومين وفيه حاجات واقفة عايزة اخلصها.
عقدت حاجبيها وقالت:
-زي ايه مثلا
-شهر العسل مثلا ...
ضحكت بسعادة وقالت:
-انا فرحانة اووي اني هكون معاك يا عدي ...مش مصدقة أننا اخيرا هنكون مع بعض ...
امسك كفها ثم قبلها علي كفها وقال:
-وانا مبسوط اووي يا ملاكي ...مبسوط ومظنش حد فرحان قدي ....أنا بحبك بطريقة أن لما بشوفك بس بحس أن ربنا راضي عني ..بحس أن الحياة بتضحك فعلا ...تأمل ملامحك يا ملاك بيسببلي بهجة خاصة ..
ضحكت هي بخجل ليقترب هو منها بتمهل ثم يتناول شفتيها في قبلة رقيقة دامت لثواني وابتعد عنها ..ابتسم عندما رأي توردها وقال مبهورا:
-كل حاجة فيكِ مميزة يا ملاك...مميزة بطريقة مرعبة  .
..........
-يوسف ...يوسف قوم!!
صرخت حياة وهي تضرب يوسف علي كتفه بقوة ...انتفض يوسف من مكانه وقال:
-فيه ايه يا حياة؟!
اخذت تتنفس بعنف وتصرخ:
-انا بولد...بولد ايه اتعميت ؟؟!
نهض يوسف وهو ينظر إليها برعب ...ثم أصبح يدور حول نفسه ويقول:
-اعمل ايه ...اعمل ايه .؟!
-يوسف !! 
صرخت به بقوة إلا أنه لم يرد عليها وأخذ يدور حول نفسه وهو يشعر بالرعب ...لقد توقف عقله عن العمل تماما وتصاعد الرعب داخله ...ماذا يفعل ؟!!ماذا يفعل الرجل في تلك الحالة؟!!شعر أنه غبي للغاية من فرط التوتر 
-يوسف!!!
صرخت حياة مرة أخري وهي تبكي بألم ...هلع يوسف وذهب بجوارها ثم امسك كفها وقال:
-اعمل ايه يا حياة ..أنا مش عارف اعمل حاجة ...
لولا ألمها الصارخ لكانت ضحكت حياة علي رد فعله وملامح وجهه  ولكنه تماسكت وهي تقول بصوت بهت من كثرة الصراخ :
-خدني في عربيتك ووديني المستشفي للاسف اهالينا سافروا البلد عشان يحضروا فرح قريبتنا  فأنت لازم تتصرف ...
هز يوسف رأسه ثم ساعدها علي النهوض ...
-الشنطة ...
أشارت حياة بتعب الي الحقيبة  الموضوعة علي طاولة الزينة والتي حضرتها للولادة ...
امسك يوسف الحقيبة ووضعها علي الأرض ...ثم أخرج فستان واسع لحياة وساعدها بلطف لكي ترتديه وسط المها الشديد ...
....
انت السبب ...انت السبب منك لله ..
صرخت حياة وهي تضع كفها علي بطنها المنتفخ وتصرخ بينما يوسف يقود  السيارة بسرعة وتوتر ...
نظرت إليه وهي تبكي :
-انا عمرك ما هسامحك...
-مش هتسامحيني ايه؟! هو انا شربتك حاجة صفرا ما كله كان بمزاجك!!
اخذت تبكي حياة بألم وقالت:
-ممكن لله يا بعيد أن شالله تتسخط قرد ...
لم يتمالك يوسف نفسه وضحك وقال بمزاح للتخفيف عنها:
-عارفة لو مسكتيش هنزلك من العربية ...
ضربته علي كفه مرة أخري وصرخت:
-وكمان بتهددني!!
نظر إليها بتوتر وقال:،،،،،
-كنت بهزر معاكي يا حبيبتي ...
.....
وصلا للمستشفي وهو يحملها بصعوبة ويقول:
-استحملي يا حبيبتي هانت اهي ...
.....
في حجرة الولادة ...
كانت حياة تصرخ بقوة ودموعها تنساب ...كانت تشعر بألم فظيع ...كان يوسف يمسك كفها لانه اصر علي الدخول .. وقد ترطبت عينيه بدموع الخوف وهو يضمها إليه...لم يتخيل ابدا أنها ستتألم بتلك الطريقة ...
اقترب منها ووضع جبينه علي جبينها وقال مغمضا عينيه :
-اصبري ...اصبري يا حبيبتي ...
فتح عينيه وخفق قلبه وهو يسمع صوت بكاء لطفل انساب لأذنه كموسيقي ساحرة ....
.... ..
بعد نص ساعة تقريبا ...
كانت حياة تحمل طفلها الصغير وهي تبتسم بينما عينيها مبللتان بالدموع ...كان صغير للغاية ..ملامحه جميلة بشكل خطف قلبها ...لقد شعرت في تلك اللحظة بشعور سعادة غريب لم تختبره من قبل ...قبلت حياة رأسه وقالت:
-نورت حياتي يا روحي ...
ابتسم يوسف وهو يتطلع الي عائلته الصغيرة وفكر أليس هو اسعد الرجال الان؟! ...فالمرأة التي يحبها أكثر من أي شئ أنجبت له الان قطعة من قلبه ...
اقترب يوسف وضم حياة  وهي تحمل طفلها وقال:
-بحبك يا سبب سعادتي  ♡
.........
بعد أربعة أيام ...
-الليله ليلة هنا وسرور وكوبيات في صواني بتدور...
صدحت الأغنية الحماسية في حديقة الفيلا الخاصة بمالك العمري  ..كان زفاف ملاك ضخم للغاية بديكورات رائعة أشرفت هي علي تصميمها بنفسها وقد بدت ترتيبات الزفاف مبهرة للغاية تصاميم ملكية تليق بأميرة مثلها ...شعرت ملاك وهي ترقص بفستانها الاسطوري الرائع مع عدي أنها في الجنة وأن جميع أحزانها اختفت...لقد شعرت بالسعادة كما لم تشعر من قبل ...كانت ترقص بحماس مع عدي ...لا يدريان شئ إلا أن تلك اللحظة هي اجمل لحظاتهما سويا ...كانا لا يريان أحد إلا تلك الوعود بالسعادة في عينيهما ...اقترب عدي وقبلها علي وجنتها وقال:
-اوعدك أن اجمل ايام حياتك هتبدأ دلوقتي يا ملاك...ده وعد مني ...من جوزك ♡
ابتسمت بسعادة وهي تضمه بقوة بينما دموع السعادة تتصاعد في عينيها ...
من قال إننا نبكي من الحزن فقط ...فأحيانا الحياة تفاجأنا بسعادة لا تحتملها قلوبنا فنبكي ....وملاك بكت اليوم ولكن من السعادة ...بكت لأنها كانت سعيدة أكثر من أي وقت آخر ...
......
في الحياة دوما هناك فرص اخري ...فرص اخري للحب ...فرص اخري للسعادة...فرص اخري الغفران  ...كل شخص سوف يحصل علي نصيبه من السعادة فقط ليصبر ...وليصل جاسر الي تلك المرحلة مر بالكثير...المصادفة الغريبة في حياة جاسر انه مات بسبب امرأة وعاد الي الحياة بسبب اخري ...فهو مات عندما خسر والدته ...اخرج قلبه من صدره ومزقه ثم سار بعيدا في طريق مظلم للغاية....  طريق اللاعودة ولكن فتاة قوية اقحمها هو في حياته بالقوة..تمتلك عينين كعيني القطط البرية ...تلك الشرسة قاتلته بقوة ادهشته ...اصلحت قلبه وجعلته يسير علي الطريق الصحيح بالقوة ...اخذت بيده من الظلام واخرجته الي عالم منير لم يراه منذ زمن ...حيث أعطته حب لا مثيل له ...أعطته طفلة من صلبه هو عشقها للغاية ...بعد الله سيظل يدين لوعد بسبب عطاءها غير المحدود ...ربما تكون الحياة فرقت بينهما ولكنها بمثابرة حاربت حتي تستعيده ...انتظرته وربت ابنته جيدا ...لن ينسي هذا ابدا  والان وقته ليحارب من أجلها ...يكون الزوج الذي تريده ...الاب الذي تتمناه لحسناء...لن يخذلها ابدا ولن يعود الظلام بل سيبقي في النور حيث وضعته وعد ...سيبقي عند حسن ظنها وثقتها ...ابتسم لابنته التي يحملها والتي بشقاوتها سلبت قلبه وعقله ...أخذ يقبلها بلطف وهي تضحك برقة الاطفال ...ضحكاتها أنارت حياته ...ثم نظر إلي ملاك التي ترقص مع زوجها وفي قلبه سعادة خالصة لها ...كم هو سعيد من اجل ملاك ...سعيد لأنها اخيرا وجدت سعادتها ...لأن تلك المرأة القوية تستحق كل سعادة العالم ...كم حاربت ملاك من أجله ...لن ينسي الطريقة التي وقفت معه بها ...ملاك لها دور مهم في تحسين شخصيته المحطمة ...لقد سمع جملة من فيلم اجنبي مشهور تقول"المكسورون هم الأكثر تطوراً"الحقيقة لم يفهم تلك الجملة حينها ولكن الآن فهمهما لأنها تنطبق عليه هو ...فهو أيضا قد انكسر كثيرا وانحرف في الظلام وبقا هناك حتي تشبعت روحه به ...ولكنه ما أن رأي الطريق الصحيح حاول بقوة أن يطور من نفسه ...حاول أن يتوب عما فعله ويكون أفضل ...هو الآن يعرف أنه ذلك الشخص الذي كان محطما بقوة في الظلام حتي انتشلته وعد ...هو ذلك الشيطان الذي تطهر من ذنوبه الكثيرة ...تنهد وهو يقبل طفلته التي بدأت تغفو  ورفع عينيه ثم تجمد وهو يراها ...يري والدته من بعيد ...فستانها الأبيض الجميل يتطاير حولها وعلي وجهها كانت ابتسامة سعيدة راضية ...تصاعدت الدموع بعيني جاسر عندما رأي والدته تضع أصابعها علي شفتيها ثم تقبلها  وتشير إليه ...فعل هو نفس الحركة وانسابت دموعه وقال بصوت مختنق :
-بحبك يا امي ...وحشتيني ...
ابتسمت وهي تضع كفها علي قلبها ثم بدأت تختفي واخر شئ رآه نظرة الرضا في عينيها ...الرضا لما وصل إليه ....
-سرحان في ايه .؟!.
قالتها وعد وهي تجلس بجواره وتغلق الهاتف ...
مسح جاسر دموعه بسرعة وقال:
-افتكرت امي بس ...
ابتسمت له وقبلته علي وجنته وقالت:
-ايه  رأيك نزورها بكرة ؟!
هز رأسه بالإيجاب ثم قال:
-ايه  اخبار باباكي؟! ..
ابتسمت وعد وهي تتذكر والدها الذي اندهش كثيرا عندما قررت مسامحته ...هي سامحته سريعا ...لأنها أدركت أن الكره يأذيها...وعندما رأت  دموع السعادة بعينيه عرفت أن لديها حق ...
-كويس بابا 
امسك جاسر كفها وقال:
-انتِ طيبة اووي يا وعد ...أنا بحبك لأن قلبك دهبي ..صافي ونقي...أنا محظوظ بيكي  ♡
ابتسمت بسعادة ...يقول إن العشق يضئ الوجوه وقد  عرفت أن تلك المقولة صحيحة فوجهها أضاء بنور العشق ...
وضعت كفها علي وجنته وقالت:
-وانت كل عيلتي ♡
امسك كفها وقبله ثم وضعت رأسها علي كتفه وهي تري ملاك ترقص مع خطيبها ...وقد تصاعد داخلها الامل ان تعيش السعادة الأبدية معه هو ...هو فقط 
تمت بحمد الله
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-