رواية ما وراء السجن محمود ومنار كاملة جميع الفصول بقلم ندي هارون
رواية ما وراء السجن محمود ومنار كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة ندي هارون رواية ما وراء السجن محمود ومنار كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية ما وراء السجن محمود ومنار كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية ما وراء السجن محمود ومنار كاملة جميع الفصول
رواية ما وراء السجن محمود ومنار كاملة جميع الفصول
– على فكرة النهاردة العيد.
= فَ إيه يعني؟
– يعني عايزة أنزل أشوف صحابي بقالي كتير مشوفتهمش.
= وأنا قلت مفيش نزول
– يعني إيه مفيش؟ وليه؟
= يعني مفيش يا رحمة ومش عايز كلام كتير وإدخلي جوة، أنا مصدع ومش فايقلك.
دخلت اوضتي وفضِلت اعيط كالعادة، زي كل مرة بطلب فيها منه طلب وميوافقش عليه، حاسة كأني ف سِجن، أنا فعلاً ف سِجن بس أنا ذنبي إيه ! هو اللي اتجوزني صغيرة وأنا لسة ١٨ سنة، أنا معيشتش سِنّي وده مش ذنبي، أنا اتحرمت من تعليمي ومدخلتش ثانوية عامة بسببه وبسبب أهلي، أو بمعنى أصح أهل أهلي، أنا اتحرمت من حياتي بسبب إني يتيمة وماليش حد، وجوزوني لواحد عنده ٣٧ سنة عشان يخلصوا من مصاريفي ومسؤوليتي، ومني.
وأنا متحملة الحَبسة والصوت العالي والتحكُم بدافع الشك والنَقص وقلة ثقته ف نفسه بقالي سنتين ! بس خلاص أنا تعبت وجيبت أخري ومش هتحَمل أكتر من كده، أنا لسة صغيرة الهَم ده، وصغيرة ع إني أعيش مع شخص غير سوي أكتر من كده.
قعدت طول الليل أفكر وقررت أتكلم وأقول كل حاجة جوايا.
– أنا عايزة أتكلم معاك.
رد من غير ما يرفع عينه عن الموبايل اللي مشغول فيه:
= مش فاضي دلوقتي ومش فايق.
– لا لازم تفضى وتفوق وهنتكلم دلوقتي وإنت هتسمعني.
بصلي باستغراب ودَهشة، وإزاي جالي جرأة اكلمه كده، بس مهتمش وكَملت.
– أنا عايزة اتطلق.
= عايزة إيه ياختي؟
– اللي سمعته.
= ويا ترى هتعيشي فين بقا لما تطلقي، ف الشارع؟
– هروح لأهلي.
ضحك ضحكة مستفزة:
= أهلك؟ أهلك مين يا كتكوتة، اللي مفكروش يسألوا عنك ولا مرة، دول باعوكِ بالفلوس، وكان عندهم استعداد يبيعوكِ بغَدوة عادي، دول ما صدقوا خلصوا منّك.
دموعي نزلت غصب عني، كلامه كان جارِح أوي نزِل ع قلبي زي الماية المغلية بالظبط، حَرقه، أكيد مش ذنبي إني ماليش حد، ولا ليا ناس ف ضهري تخاف عليا وتحميني وتاخدلي حقي من أي حد.
حاولت أرد بتماسُك:
– طلقني، ميخصكش هعيش فين، أعيش مكان ما أعيش حتى لو ف الشارع، أرحم من عيشتي معاك.
رد عليا وهو بيضحك بنفس الاستفزاز والبرود:
= وأنا هطلقك بس مش عشان إنتِ عايزة كده لا، عشان أنا عايز أشوفك مذلولة وطالع عينك عشان تيجي تتحايلي عليا عشان ترجعي.
كمّل كلامه:
= بس اعملي حسابك هتخرجي كده، بالفستان اللي عليكِ ده.
– وأنا المهم عندي أخرج، مش مهم أخرج بإيه.
سِكت شوية وبعدين قام وقف قدامي وقرّب مني وسَند ضَهري ع الحيطة.
نَفَسي ابتدى يعلى، وحسيت إحساس غريب، يمكن خوف يمكن توتر.
قرّب مني ولف إيده حواليا، ولمَس وشي بإيده وبَاسني وقال بهدوء غريب:
= إنتِ طالق.
بَعد عني وضحك نفس الضحكة المستفزة:
= إبقي خدي الباب وراكِ وإنتِ ماشية.
نزلت وأنا مش عارفة أروح فين ولا لمين ماليش حد والدنيا شوية وهتليّل عليا، هبَات ف الشارع فعلاً؟ ولا هعمل إيه؟ أنا حتى بسببه ماليش صحاب صحابي م المدرسة معرفش عنهم حاجة ولا حتى معايا حاجة توصلني ليهم.
والليل جه، وأنا ماشية ومش عارفة أعمل إيه وخايفة من كل حاجة حواليا أنا مكنتش بنزل من كتير أوي، كل حاجة اتغيرت، زي ما أكون كنت ف سجِن حقيقي.
اضطريت أنام ع الكورنيش ف الأرض، وقضيت تلت أيام ف الشارع بتعرّض فيهم لحاجات كتير، مُضايقات ومعاكسة وناس من اللي بيبقوا عايزين ياخدوا البنات يشتغلوا ف الشغل المشبوه وكنت بفضل أروح من مكان لمكان وأنا مش عارفة أي حاجة، وكنت كل ما بيعدي الوقت بدعي من قلبي ربنا ينجيني ويساعدني، أنا مش عايزة أعمل حاجة غلط أو حرام، أنا عايزة أعيش حياة طبيعية مش أكتر، وأقول يارب أنا صابرة ومُحتسبة وواثقة من ربنا إنه هيكون معايا وينجيني، وبعد مشي كتير ف الشارع والمِرواح من مكان لمكان، وبعد تعب روحت عند الكورنيش وفضَلت قاعدة ع البحر لحد ما لقيت سِت كبيرة جت قعدت جَنبي فجأة وكانت بتعيط جامد، وفجأة أغمى عليها …
يتبع…
↚
بمجرّد ما أُغمى عليها الناس اتلمت وحاولوا يفوّقوا فيها وفعلاً فاقت وقعدها ع سور البحر ولما هديت شوية كل واحد راح كمّل طريقه، وأنا كل ده كنت واقفة مكاني من الذُعر اللي حسيته أول ما وقعت قدامي.
خَدت نفسي وروحت سألتها إذا كانت كويسة ولا لا، هزّت راسها بالإيجاب، ف سيبت مسافة بينا وقعدت ع سور البحر مكان ما كنت قاعدة وفضلت افكّر أنا ليه سألتها السؤال ده وأنا معرفهاش، يمكن عشان كنت مفتقداه دايمًا ! وطول عُمري بتمنى حد يهتم بيّا ويسألني إذا كنت بخير ولا لا !
عدّى نص ساعة وأنا سَاكتة وسرحانة ف مصيري يا ترى هيكون إيه؟ وهفضل ف الشارع كده قد إيه؟ طب هعرف اتصرف ولا لا؟
وف وسط دوشة دماغي دي كلها قطع تفكيري صوت السِت اللي جنبي:
= هي الساعة تجيلها كام دلوقتي يا بنتي؟
– مش عارفة والله حضرتك أنا مش معايا ساعة.
اتنهدِت وسِكتت شوية وبعدين حاولت تقوم بس اتزانها اختل ووقعت، ف سندتها وعَرضت عليها اوصلها مع إني مش عارفة الطريق ولا عارفة حاجة ولا ناقصني اهتم بمشاكِل حد، بس مش عارفة لقيت نفسي بقول كده من نفسي.
= ماشي يا بنتي كتر خيرك.
– ممكن بس توصفيلي وأنا هسندك؟ أصلي مش عارفة الطريق.
= إنتِ مش من إسكندرية يا حبيبتي؟
– منها بس أنا بقالي كتير منزلتش من البيت.
= طب يا بنتي بلاش، أحسن ماتعرفيش ترجعي، روحي بيتك أحسن وأنا هاخد تاكسي وأروّح.
سِكت لحظات بحاول استوعب خوفها على واحدة متعرفهاش وأنا الناس اللي المفروض أهلي مش خايفين عليا الخوف ده !
حاولت أحبس دموعي وأرد عليها.
– لا أنا مش راجعة تاني، أنا ببات هنا.
= هنا فين؟ ف الشارع؟ لا مينفعش يا بنتي مينفعش تفضلي ف الشارع كده غلط عليكِ، فين أهلك؟
– ماليش أهل.
سِكتت شوية وبعدين قالتلي:
= أنا عندي أوضة فاضية ف دخلة العمارة عندي، أنا عارفة إنها مش أحسن حاجة والله بس أهي أحسن من الشارع يا بنتي، لحد ما تدبري حالك إن شاء الله، ومتقلقيش هي نضيفة والله.
وافقت من غير ما افكّر، أي مكان مقفول أكيد هيكون أحسن من الشارع، ف الأول خوفت أكون باخد قرار غلط وأكون بعرّض نفسي للخطر لإن دي سِت معرفهاش، بس قُلت أكيد ربنا معايا وإن شاء الله هيحميني، وفعلاً اتحركنا وفضِلت طول الطريق أردد ” بسم الله الذي لا يضُر من اسمه شيءٍ في الأرض ولا في السماء، وهو السَميع العليم”.
وأخيرًا وصلنا، ودخلتني الأوضة.
= أنا ساكنة ف أول دور يا ….، إنتِ اسمك إيه؟
– رحمة.
= أنا ساكنة في أول دور يا رحمة، لو احتاجتي حاجة اطلعيلي خبطي عليا ع طول.
– حاضر، شكرًا أوي.
= يلا تصبحي على خير، اقفلي ع نفسك بالمفتاح ده وبالترباس كمان من جوة.
– وحضرتك من أهله، حاضر.
قفلت الباب زي ما قالتلي، وحسيت براحة غريبة، رغم إن الأوضة تقريبًا متجيش 20 متر حتى، بس حسيت براحة وأمان غريب، استغربت إحساسي جدًا، أنا ف بيت واحدة معرفهاش، ومش ف بيتها تحديدًا لا، ف دخلة عمارتها !
لأول مرة حد يخاف عليا من الأذى وهو ميعرفنيش ! لأول مرة حد يحاول يساعدني باللي يقدر عليه حتى لو أقل حاجة عنده !
محاولتش افكّر ونمت ليلتها وأنا ع الأقل مطمنة بنسبة كبيرة ومرتاحة، وصحيت تاني يوم ع خبط جامد ع الباب وإتسمّرت ف مكاني من الخضة، مشيت للباب بقدم خطوة وبرجع خطوة وبمجرّد ما فتَحت لقيت قلم جامِد نزل ع وشي بسُرعة البَرق، من قوته بُقي كله بقا دم …
يتبع…
↚
وف اللحظة اللي كنت بحاول استوعب إيه اللي حصل، نزلت صاحبة البيت ع صوت الخبط اللي ع الباب طبعًا لأنها فوقي ع طول، اتفزعت من منظري، بُقي بيجيب دم وباين عليا الذْعر والخوف.
ف عِز ما كنت لسة بفوق م الخضة لقيتها خدتني ف حضنها من غير أي مقدمات !
إحساس بالحنية والأمان غريب، والدَفا، لأول مرة حسيت بالدَفا ف حضن حد والمفروض إنه حد غريب.
قطع تفكيري صوته، بقوته وجبروته، وبجاحته وهو بيعرف الست بنفسه.
•• أنا ابن عمها.
= ابن عمها إزاي، هي قايلالي إن مالهاش أهل !
•• طبيعي، عشان تمشي على حل شعرها، بس ده بُعدها أنا مش هسمح بكده، ولو لازمها رباية هربيها.
كان بيتكلم بكل برود وبجاحة، كأني لعبة ف ايديهم مش من حقي اخد قرارات تخُصني ! يوم ما قررت أحارب عشان حياتي وأهرب من السجن اللي عيشوني فيه طول عمري بقيت ف نظرهم عايزة امشي ع حل شعري ! بس لا أنا مش هقبل إن حد ياخد مني حياتي مهما حصل، كفاية اللي فات !
قطع تفكيري صوت الست الطيبة اللي كانت أحن عليا من كل الناس:
= هو ده فعلاً ابن عمك يا رحمة؟
– أيوة يا حاجّة ابن عمي، بس ع الورق وبس ! يعني مالهوش الحق ف أي حاجة ليها علاقة بيا !
•• لا ليا علاقة بكل حاجة تخصك أنا ابن عمك ومسؤول عنك غصب عنك.
ضحكت بسُخرية ورديت وأنا بحاول اتغلب ع وجع قلبي من كسرته ووجع وشي م القلم اللي خدته:
– مسؤول عني؟ بجد مسؤول عني؟ تقدر تقولي إنت إمتى كنت مهتم بيا ولا بحياتي ولا مسؤول عني؟ إمتى كنت موجود ف حياتي بالخير أصلا؟ دلوقتي افتكرت إن ليك بنت عم يتيمة مالهاش حد ومحتاجة سند؟ دلوقتي افتكرت إنك ابن عمي !!
حاولت اسيطر ع دموعي وأنا برد عليه بمنتهى الوجع والحُرقة:
– مفتكرتش ده ليه وإنتوا بتجوزوني لواحد قد أبويا؟؟ ومفتكرتش إنك ابن عمي ليه وأنا بتحرم من دراستي وحياتي ومستقبلي وأهلك بيبعوا ويشتروا فيا؟؟ مفتكرتنيش ليه وقتها ها ؟؟
أنا أبويا وأمي ماتوا وسابوني أمانة وانتوا محافظتوش عليها، بس أنا قررت احافظ ع نفسي، أنا دلوقتي حُرة، وحياتي ومستقبلي من النهاردة هيكونوا بقراري أنا وبس، وابتديت المشوار بطلاقي، ودي كانت بداية طريق الصح اللي همشي فيه.
رد بمنتهى البجاحة وكأنه مسمعش حاجة م اللي قُلتها:
•• هترجعيله، بالذوق بالعافية هترجعيله
– ده بُعدك، مش هيحصل غير اللي أنا أقول عليه من النهاردة
•• يبقا هكسر دماغك !!
ف الوقت ده السِت صفية ردت بكل قوة وثبات.
– كسر إيدك قبل ما تفكر تعمل كده، إنت فاكر موراهاش حد يدافع عنها ولا إيه؟؟
•• خليكِ إنتِ ف حالك إحنا عيلة ف بعض.
الست صفية مردتش عليه وبصتلي وسألتني بكل هدوء:
= إنتِ عندك كام سنة؟
– ٢٠ سنة
= طب إنتِ عايزة تروحي معاه أو موافقة ع الكلام ده؟
– لا، مش عايزة، إوعي تسبيه يجبرني أرجع تاني معاه.
وبمُجرد ما الست صفية سمعت ردي، وقفت قدامه وطلبت منه يخرج برة المكان.
= اتفضل اخرج برة
•• مش هخرج غير بيها !
= وأنا بقولك مش هتقدر تاخدها غصب عنها، يبقا إتفضل لو سمحت
•• من مصلحتك يا حاجة متدخليش بينا.
رديت عليه بكل حزم عشان أنهي النقاش ده:
– مش هتاخدني كن هنا غير على جثتي !!
•• فليكُن.
قال الكلمة ودي وفعلاً حاول ياخدني بالقوة ف صرّخت، وفجأة حد مسك إيد ابن عمي وبعده عني وقاله بكُل حزم:
± هي مش قالتلك مش عايزة؟؟ مبتسمعش الكلام ليه؟؟ وزقّه برة الأوضة..
يتبع…
↚
قال الكلمة ودي وفعلاً حاول ياخدني بالقوة ف صرّخت، وفجأة حد مسك إيد ابن عمي وبعده عني وقاله بكُل حزم:
± هي مش قالتلك مش عايزة؟؟ مبتسمعش الكلام ليه؟؟، ولا إنت عقلك مستوعبش اللي اتقال؟وزقّه برة الأوضة..
بعدين كمّل كلامه بنفس الحَزم:
± اتفضل أخرج برة بالذوق بدل ما اضايقك وساعتها شكلك مش هيكون حلو.
ف الوقت ده قطع نقاشهم صوت السِت صفية وهي بتحاول تمنع إن الموضوع يتطور ويوصل لخناقة:
= خلاص يا رامي، سيبه، هو هيمشي بالذوق زي ما إحنا قُلنا.
وبعدين بصّت لوليد ابن عمي وقالت بهدوء:
= لوحده، هيمشي بالذوق ولوحده.
الجملة دي زودت غضب وليد أكتر، أول مرة حد يقوله ع حاجة لا ومينفذش أوامره اللي بيمشي يقولها لأي حد يقابله كأنه مالك الكون ! بس كل الكلام ده مقدرش يخليه يتغلب على بجاحته واستفزازه وهددهم إنه هيجيب الشرطة وياخدني بالقوة لإنه يعتبر من عيلتي !
حاول رامي يتماسك أعصابه عشان ميتهورش:
± إبقا روح وهات الشرطة ووريني هتخليه يمشيها معاك غصب عنها إزاي ! ولا إنت فاكِرنا هنخاف يعني؟
الآنسة مش قاصر زي ما سمعت من شوية.
وليد قرر يمشي لوحده فعلاً لما لقى إن مفيش فايدة من التهديدات وكل حاجة بيقولها، وإن كل الموجود معتبرة اللي بيقوله ده مجرد كلام فارغ محدش مهتم ينفذه ولا حتى يسمعه.
بس وهو ماشي قالي جملة واحدة مكنتش عارفة أخاف منها ولا مخافش وأكبّر دماغي؟
قالي “أنا ماشي يا رحمة، بس مش بعيد أرجع تاني وهمشي برضو بس مش همشي بإيدي فاضية، يا بيكِ يا بروحك”.!
بعد ما مشي، السِت صفية حاولت تهديني، ورامي كمان حاول يطمني، رامي اللي أول مرة يشوفني ووقف ف صفّي، وهو ميعرفنيش ولا حتى أنا أعرفه، أنا حتى معرفش هو مين !
حسيت إني دخلت دنيا تانية فوقت منها ع طبطبة الست صفية على كتفي وهي بتقول كلام يطمني ويهديني، ورامي وهو بيقولي:
± إنتِ بُقك لسة بيجيب دم على فكرة، محتاجة تروحي صيدلية، تعالي أوديكِ فيه صيدلية جنب السوبر ماركت بتاعي.
اندهشت للمرة اللي معرفش دي المرة الكام إنه صاحب السوبر ماركت ! وكان أحن عليا من أهلي وعيلتي ودافع عني !
روحت معاه الصيدلية شافوا بُقي وطلع محتاج تلج مش أكتر الحمدلله، وإن سناني نزفت من قوة الضربة مش أكتر.
ف طريقي وأنا راجعة كان عندي فضول أعرف هو عرف منين إن فيه حد بيهددني ف سألته.
– هو أنا ممكن اسألك سؤال؟
± اتفضلي.
– هو حضرتك عرفت منين اللي بيحصل ف بيت الست صفية ! وإيه اللي خلاك تدافع عني؟
± هقولك، بالنسبة لعرفت منين ف انتوا صوتكم كان جايب آخر السوبر ماركت، أما بالنسبة لسؤالك ليه دافعت عنك، ف ده لإني متعودتش أشوف حد محتاج مساعدة ومساعدهوش حتى لو مش عارف هو مين وأصله إيه وإيه حكايته، وكمان مش رجولة إني أشوف واحد بيزعق لسِت وأسكت وأكبر دماغي، بعيدًا يعني عن إن الست صفية دي خيرها ع الكل، وأنا بعتبرها أمي التانية.
كنت بسمعه وأنا مبسوطة أوي إن فيه ناس كده، أنا كنت قربت افقد الأمل إن فيه ناس كويسة وإن الدنيا بخير من اللي شوفته من أقرب الناس، ولقيت نفسي ابتسمت فجأة من غير ما أحس وأنا بفكّر ف قد إيه ربنا حط ف طريقي ناس كويسة كده، معرفتش إني ببتسم غير لما رامي قالي.
± اعتبر الابتسامة دي دليل ع إنك هديتي شوية؟
هزيت راسي بالإيجاب، ورجعت البيت، وكانت مستنياني الست صفية، وأول ما دخلت طلبت مني احكيلها كل حاجة عني بصراحة، وقالت إنها هتصدقني وهتساعدني، وأكدتلي إن محدش يقدر يأذيني طول ما أنا هنا معاها.
وقبل ما أبدأ احكي سألتني سؤال مهم مجاش ع بالي خالص:
= هو ابن عمك عرف مكانك هنا منين يا رحمة وإنتِ قُلتِ إن بقالك كذا يوم ف الشارع !
– مش عارفة، مفكرتش ف السؤال ده قبل كده.
= يمكن كان ممشي وراكِ حد؟
– معتقدتش.
= إنتِ معاكِ تليفون؟ يمكن جابك عن طريقه؟
– لا مش معايا تليفون، مخرجتش من البيت بأي حاجة ممكن حد يوصلي عن طريقها.
سؤال الست صفية شغل بالي جدًا، هو عرف منين مكاني فعلا؟ محدش يعرف إني قابلت ست طيبة وروّحت معاها ! هو ممكن يكون عامل برنامج تتبع فعلاً؟ بس هيركب الجهاز فين؟ أنا معييش موبايل ولا ساعة ولا أي حاجة خالص ! أنا خارجة من البيت بطولي وعدّى يوم كامل وأنا بحاول أفكر وأعرف إزاي ممكن يكون عرف مكاني وعن طريق إيه بالظبط …
↚
عدّى الليل كله تقريبًا وأنا بفكّر إيه اللي ممكن يوصلهم ليا وموصلتش لحاجة.
*بعد مرور ٣ أيام*
مَرت الـ ٣ أيام والسِت صفية معايا ومهتمة بيا وبنَفسيتي اهتمام كبير جدًا بعد ما سَمعت حكايتي كلها من البداية لحد اللحظة اللي شافتني فيها، وبتصمم إني أطلعلها على مواعيد الأكل عشان آكل معاها وتتونس بيا لإني لاحظت إنها عايشة لوحدها مفيش غير ست بتيجي تساعدها ف شغل البيت ولأنها محكيتش حاجة عن ولاد أو أي حاجة، وفعلاً كانوا أهدى ٣ أيام مَرّوا عليا ف حياتي، كلهم دَفا وحنية وهدوء.
بس ف خلال الأيام دي كُنت مشغولة بالتفكير في حياتي ومُستقبلي، وإني أكيد مش هفضل عايشة عندها كده طول العُمر، لازم افكّر ف اللي جاي، وف نفس الوقت ف التفكير إذا كُنت متراقبة من أهلي ولا لا، وإزاي وصلولي هِنا، بس من غير فايدة تمامًا !
فقررت أتناسى الموضوع ده وربنا أكيد هيكشفه ف الوقت المناسِب، وقررت أطلع للحاجة صفية وأتكلم معاها ف موضوع الشُغل ده.
– مساء الخير يا حاجة صفية، عاملة إيه؟
= بخير يا بنتي نحمد ربنا ع كل حاجة، قُوليلي إنتِ يا حبيبتي أخبارك إيه؟ أحسن من الأول؟
– آه يا حبيبتي بخير، ربنا جعلك ليا سبب أكون أحسن، بس كنت عايزة افاتحك ف موضوع كده.
= قولي يا بنتي موضوع إيه؟
– يعني، فكّرت أنزل أدور على شُغل ف أي مصنع كده.
= وليه تشوفي أي مصنع أنا عندي مصنع هدوم بشغّل فيه البنات الحلوين اللي زيك كده.
– بجد يا سِت صفية؟
= أيوة يا حبيبتي، وهكلم المسؤولة عنه من النهاردة وتنزلي تشتغلي من بكرة، ومتخافيش هو مش بعيد أوي عن هنا يعني محدش هيقدر يتعرضلك، وأنا كده كده هوصي عليكِ وابقا اطمن عليكِ عن طريقها من وقت للتاني برضو.
– بس اا..
= عارفة، جيتِ من بيتك من غير ما تجيبي هدوم ولا أي حاجة، هنزل معاكِ ع بعد المغرب كده نشتريلك شوية حاجات لحد ما تنزلي الشغل وتظبطي أمورك.
– بجد شُكرًا يا ست صفية أنا مش عارفة أقولك إيه والله بجد بتعملي معايا اللي أهلي نفسهم مفكروش يعملوه.
وحضنتها حضن طويل جدًا، وكنت حاسة بأحاسيس كتير أوي، فَرحة ودَفا وأمان وحنية وكل حاجة حلوة.
إحساس حلو إن حد يخاف عليك ويحب يساعدك ويدافع عنك ويساعدك تقوم من وقعتك، حتى لو ميعرفكش.
أول ما المغرب أذّن لقيتها بتناديني عشان اطلعلها، ومحضرالي فستان بسيط وحلو جدًا عشان ألبسه بدل اللي جيت بيه.
= خدي يا حبيبتي، إلبسي ده عشان ننزل ويارب يجي ع قدك.
– الله ده حلو أوي، جبتيه منين ده؟
= هقولك بعدين يلا اجهزي بس.
– حاضر، دقايق وأكون جاهزة
لبست وجهزت ونزلنا اشترينا حاجات كتير أوي، كنت حاسة إن أمي اللي معايا مش ست غريبة تعرفني من كام يوم بس، ومفيش مكان روحناه غير وحد وقفها سلم عليها ودعى ليها، بجد حب الناس ده حاجة حلوة أوي، والسُمعة الطيبة أحلى بكتير والسِت صفية ربنا كرمها بالاتنين.
↚
وفعلاً نزلت الشغل وعدت الأيام وأنا مبسوطة وعايشة حياة هادية ومحدش من عيلتي بيضايقني لدرجة إني حمدت ربنا إنهم طلعوني من دماغهم، بس للأسف اعتقادي كان غلط، بعد شهر بالظبط لقيت وليد مستنيني قدام البيت وبمجرد ما خرجت فضل ماشي ورايا لحد باب المصنع، وأول ما لقى إني بعدت عن البيت وإن محدش هيوقفه عند حده، حاول يمسكني ويشدني بالعافية عشان أمشي معاه، مكنش يعرف إن المصنع بتاع الست صفية وإنها لو مش معايا فمعايا ناس تبعها ف ضهري بدالها !
صرخت وبعدته عني والناس اتلموا وخدوه ع القسم، والمسؤولة عن المصنع عرّفت الست صفية طبعًا وجاتلي ع القسم خدتني ف حضنها وطمنتني وطبعًا رامي لما لقاها خارجة م البيت بسرعة لحقها وجه معاها، وأنا ف حضنها سمعت صوت رامي بكل ثقة بيقول إننا مش هنخرج من هنا غير وهو حالل الموضوع نهائي.
± متقلقيش يا آنسة رحمة مش هتخرجي من هنا غير والموضوع محلول.
رفعت راسي من حضنها:
– أنا عارفة إن الوقت مش مناسب بس أنا مدام، كنت متجوزة.
± تمام، يا مدام رحمة، كويس إنك قولتي عشان لو الظابط سأل ولا حاجة.
بعد ما عدى نص ساعة الظابط جه ودخلناله وحكينا الحوار والناس شهدوا إنه حاول يعتدي عليا بالضرب، ورامي والست صفية شَهدوا باللي حصل من كام يوم برضو، والظابط قرر إنه يمضّيه ع محضر عدم تعرُّض وقاله إن ده لو اتكرر هيتحبس وهتكون قضية، وفعلاً مضى محضر عدم التعرُّض، وقالي قدام الظابط إنه مش هيتعرضلي تاني ومضى ع كده.
وخرجنا من القسم وأنا بدعى ربنا يكون ده آخر الموضوع وميكُنش ليه توابع.
والست صفية كلمت المسؤولة عن المصنع وبلغتها إني مش هروح المصنع النهاردة وخدتني عندها البيت، وقضيت اليوم معاها فوق، وقعدت تحكيلي عنها وعن كفاحها وإزاي بقت الست صفية اللي كل الناس بتحبها، وكانت بتحكيلي عن بنتها، كنت أول مرة أعرف إن عندها بنت مسافرة أو إن عندها ولاد أصلاً، وعشان الحلو بيجي لما بنجيب سيرته وإحنا بنتكلم الباب خبّط، ولما فتحت لقيت مفاجأة حلوة أوي للست صفية، هي وصفتها كده أول ما شافت اللي جه.
~ ماما
= منار، وحشتيني أوي إنتِ رجعتِ إمتى؟
~ لسة واصلة حالاً وقلت لازم عيوني تشوفك أنتِ أول واحدة
= يا حبيبتي، إنتِ وحشتيني أوي، إوعي تسافري تاني بقا وتسيبيني.
~ مش هسافر يا صفصف أنا قاعدالك بقا وهكمل هنا جنبك خلاص.
= ده أحلى خبر أنا سمعته من سنين كتير.
بعد ما طفوا نار الشوق بينهم، الست صفية عرفتني ببنتها وعرفتها بيا.
لو اوصفلكم إزاي شكلهم كان حلو ولطيف أوي، وإزاي كانوا فرحانين جدًا باللُقا بعد غياب طويل، مش هقدر أوصف كم البهجة والفرحة والسعادة اللي كانت ف عيونهم، والدَفا اللي حسيته ف صوتهم ونظراتهم لبعض.
ف الوقت ده ده كان العشا اتحضر ع السفرة، وقعدنا ناكل وندردش وحسيت إني ف وسط عيلة حقيقية بجد مع ست لطيفة وبنت ألطف، وف وسط ده خرجت الست اللي بتساعد ف شغل البيت من المطبخ ومعاها حاجة ف إيديها وبتقول إنها تخُصني…
↚
وف وسط ده خرجت الست اللي بتساعد ف شغل البيت من المطبخ ومعاها حاجة ف إيديها وبتقول إنها تخُصني، وكانت ماسكة ف إيديها حاجة صغيرة أوي كده، مقدرتش أعرف هو إيه.
= جبتيه منين ده يا أم حمدي؟
••• وقع من توكة حزام فستان الست رحمة.
وإديته لـ منار
~ ده جهاز تتبع.
– طب كسريه، كسريه بسرعة.
~ يعني إيه اكسره بسرعة هو إيه اللي بيحصل مش فاهمة؟
ولإن الوضع كان فعلاً مُقلق، حَكت السِت صفية كل حاجة لبنتها بالتفصيل، من أول اللحظة اللي شافتني فيها ف الشارع لحد اللحظة اللي إحنا فيها، كانت مستغربة جدًا إن فيه بشر كده، ممكن يعملوا أي حاجة من غير حساب ولا خوف من ربنا، منار طبطبت عليا وقالتلي إنهم معايا وإني مقلقش من حاجة وهيفضلوا جنبي لحد ما المِحنة دي تعدي على خير، وبخصوص الجهاز ف رفضت إنه يتكسر.
= يعني مش المفروض نتخلص منه؟
~ لا طبعًا يا ماما، ده جهاز تتبع يعني مش حاجة سهلة ولا ينفع تعدي كده.
– يعني إيه؟
~ يعني أجهزة التتبع دي مش أي حد كده ممكن يجيبها ويراقب بيها خط سير حد، ولا بتتجاب بسهولة، ولا من حق أي حد يعمل كده مع أي شخص.
– طب والحل إيه دلوقتي؟
~ إحنا هنطلع ع النيابة نعمل بلاغ ونسلمهم الجهاز ده ونحكيله القصة كلها، وهما بقا يشوفوا شغلهم.
وفعلاً طلعنا على النيابة قدمنا بلاغ وحكينا كل حاجة وحَرروا محضر بالواقعة وقالوا إنهم هيستدعوا عصام طليقي ووليد ابن عمتي.
وإحنا خارجين منار فهمتني إن الموضوع هيكون طويل أوي لحد ما تاخدي حقك.
= خلي بالك يا رحمة إنتِ من بكرة هيكون معاكِ محامي.
– ماشي، يا ست صفية
وفعلاً استدعوهم وطليقي قال إنه جابه وحطهولي لإنه كان بيشُك فيا وف سلوكي، عشان لما أخرج من البيت.
واستدعوني تاني عشان ياخدوا اقوالي، وطبعًا كلامي كان غير كلامه خالص لإني مكنتش بنزل م البيت والجيران كلهم شاهدين إنهم مكانوش بيتكعبلوا صدفة فيا حتى، طبعًا دي حاجة غير موضوع الجهاز ده موضوع لوحده وأكبر بكتير من أي حاجة.
وف الاخر النيابة اتحفظت عليهم على ذمة التحقيقات وأنا كانت السِت صفية وكلتلي محامي، ف الأخبار كانت بتوصلني أول بأول.
*بعد مرور شهر*
~ ماما، تعالي عايزاكِ
= خير يا حبيبتي
~ أنا خلاص هبدأ دراسة من بكرة
= دراسة إيه دي؟
~ إيه يا ست الكل لحقتي نسيتي ! هكمل ثانوية عامة اللي كنت مأجلاها.
= طب يا حبيبتي ربنا يوفقك ويكرمك يا رب، كنت عايزة اقولك ع حاجة.
~ قولي يا ستي.
= رحمة كانت حكتلي إنها مش مكملة ثانوية عامة، قعدت ف اخر سنة يعني، مينفعش تسأليلها إذا كان متاح ليها تكمل ولا لا.
~والله يا صفصف إنتِ ما فيه منك، طول الوقت بحمد ربنا إن إنتِ أمي .. حاضر يا ست الكُل هسألها ع الحوار ده.
وفعلاً سألت وطلع متاح أكمل ثانوية عامة، وعرفت الإجراءات ونزلت الأوضة عندي بكُل فرحة بلغتني وفهمتني كل حاجة كأنها هي اللي هتكمل مش أنا، كأن الخبر ليها مش ليا.
أول ما سمعت كلامها لو أقول إني كنت هطير من الفرحة مش هقدر أوصف كم الفرحة اللي كنت فيها، وإني أخيرًا هيبقا ليا حياة ومستقبل وأكمل تعليمي وأحقق كل حاجة كنت بحلم بيها ودفنوها.
وبعد فترة مش طويلة أوي فعلاً خلصنا الاجراءات وقدمت الأوراق وبدأت دراسة ومذاكرة، كنت بروح الشغل الصبح وأرجع أسهر ع المذاكرة، والسِت صفية قررت إنها تاخدني عندها فوق، ومفضلش تحت لوحدي، ومنار بنتها رحّبت جدًا مع إني كنت خايفة جدًا إنها تضايق، بس اللي شوفته إنها حبت وجودي جدًا، وكنا بنذاكِر سوا ونشرح لبعض، ونروح الدروس سوا، كنت بستأذن من الشغل ف أوقاتها.
وف الوقت اللي كان المحامي متابع موضوع طليقي ووليد ابن عمي وبيبلغنا بكل اللي بيحصل، أنا كنت مركزة ف هدفي، وإني أدخل الكلية اللي اتمنتها من زمان جدًا، كلية الألسُن.
ده غير إني عرفت إنه بعد التحريات ابتدى يظهر عندهم تجارة غير مشروعة وإن النيابة ابتدت تحقيقات في الموضوع ده مع موضوع التتبع برضو.
ولأول مرة أحس فعلاً إن حقي بيجيلي وواقف ف ضهري ومعايا ناس أقل ما يتقال عنهم إنهم زي الورد، اهتموا بيا كإني بنتهم فعلاً، لو هقعد أوصف وأمدح وأشكر فيهم مش هخلص، وكنت مبسوطة جدًا بعيلتي الجديدة وبعمل أقصى جهدي عشان اثبتلهم وأثبت لنفسي قبلهم إن مجهودهم ومجهودي مراحش هدر أبدًا.
وبعد ما عدّى اسبوعين وف الوقت اللي كنت مبسوطة فيه بحياتي الهادية وبُعد طليقي وابن عمي عن طريقي ظهر ف حياتي عقبة تانية بس أصعب من وجودهم بكتير ..
↚
• هو إنتِ مش هتبطلي بقا تصرفي فلوسنا ع الناس اللي ف الشارع.
= فلوسكم إيه وهي من إمتى بقت فلوسكم أنا لسة مموتش عشان تبقا فلوسكم.
~ ربنا يديكِ الصحة يا ماما، ودي فعلاً فلوسك تتصرفي فيها براحتك.
• طبعًا لازم تدافعيلها ما الموضوع على هواكِ .. بس من النهاردة بقا مفيش مليم هيتصرف ع حد غريب.
= وهو إنت بصفتك إيه بتقول الكلام ده هو إنت واصي عليا ولا أنا فاقدة عقلي ولا يمكن مبعرفش اتصرف.
• والله ده مش بعيد.
بمُجرد ما نطق الكلمة دي كان فيه قلم من السِت صفية نازل ع وشه !
= أنا مش عارفة أنا تربيتي مأثرتش فيك ليه ! الدين والأخلاق اللي قعدت عمري اعلمهملك معلموش ف قلبك ليه ! فوضت أمري فيك لربنا يا محمود، فوضت أمري فيك لربنا.
• إنتِ فعلاً شكلك كبرتي وخرّفتي بس والله أنا ما هسكت.
خرج من البيت بعدها، والسِت صفية انهارت وقعدت تعيط كتير، زي ما كانت منهارة أول ما اتقابلنا، واللي جه ف بالي وقتها معقولة كان هو السبب برضو وقتها؟
بعد ما هدّينا السِت صفية ونامت دَخلنا الأوضة أنا ومنار وحكتلي إن محمود ده أخوها التوأم، ف الأول كنت فاكرَاها بتهزر بس كانت بتتكلم جد، هما تؤأم، فيه مثل بيقول إن التوأم ده بيبقوا فولة واتقسمت نصين وهما فعلاً فولة واتقسمت نصيّن بس ف الشكل بس، لكن الأخلاق والتربية فرق السَما والأرض،
مع إنهم من نفس الأم !
بعد ما خلصت كلام فاتحتها ف موضوع إني لو مسببة ليهم إزعاج أمشي بس طبعًا قالتلي إن السِت صفية ممكن تزعل مني جدًا ف اتراجعت عن الفكرة.
*بَعد إسبوع*
بعد إسبوع جالنا خبر إنه اتقبض عليه وراح القسم !
ولما المحامي راح عشان يفهم فيه إيه اكتشف إنه متورط ف قضية تعاطي ! والمحامي بلغنا إنه هيتابع القضية.
ومَرّت الأيام وأنا ومنة بنكمل مذاكراتنا ومهتمين بيها جدًا وسط الأخبار اللي بتيجي م المحامي، وبعد مرور فترة م الوقت اكتشفنا إن قضية التعاطي بتاعة محمود حقيقية وإن التحاليل اثبتت إن فيه مخدرات ف دمه فعلاً، بس هو بينكر وبيحلف إن عمره ما قربلها !
وجه وقت عرضه ع النيابة وماما صفية كانت موجودة، هي اللي طلبت مني اقولها يا ماما بالمناسبة، وأنا فعلاً حاسة إنها أمي.
محمود أول ما شاف والدته قعد يحلف إنه مالوش ذنب وإنها متلفقة.
• ماما، أنا مظلوم والله
وهي كانت بتقول إن قلبها مصدقه المرة دي !
وبعد شهر من التحريات والتحقيقات اكتشفوا إن صاحب محمود له علاقة بالمخدرات اللي ف جسمه وإن هو اللي كان بيحقنه بيها من وقت للتاني من غير ما ياخد باله، كان بيحطله منوم ف أي حاجة بياكلوها ويحقنه وطبعًا هو لما كان بيفوق مكانش بيكون مركز ولا فاكر حاجة وإنه لما كان يبان عليه أعراض يقوله ده برد أو أي حاجة من دي ومكانش بيحطها ف الأكل مباشرة عشان ميحسش إن طعمه متغير ورفض يقول مين قايله يعمل كده والنيابة فضلت مستمرة ف الضغط عليه عشان يتكلم.
صدمة محمود ف صاحبه لما عرف كانت كبيرة جدًا خليته مينطقش، الست اللي كان بيعلي صوته عليها ويهينها كانت واقفة جنبه ومعاها أخته والبنت الغريبة اللي هو قال عليها إنها من الشارع، وصاحبه اللي أقرب له من نفسه هو اللي عمل كده ومراعاش أي أخوة وعيش وملح بينهم.
واستمرت التحريات لحد ما اكتشفوا مين اللي سلّط صاحب محمود عليه وحاول يلبسه قضية، ودي كانت مفاجأة بالنسبالنا كلنا .. طليقي وابن عمي هما اللي عملوا كده !
طب عرفوه منين وهيستفيدوا إيه لما يعملوا كده؟ إيه اللي ممكن يكسبوه من كده !
↚
واستمرت التحريات لحد ما اكتشفوا مين اللي سلّط صاحب محمود عليه وحاول يلبسه قضية وكانت مفاجأة بالنسبالنا كلنا .. طليقي وابن عمي هما اللي عملوا كده؟
طب عرفوه منين وهيستفيدوا إيه لما يعملوا كده؟ إيه اللي ممكن يكسبوه من كده !
ولما حققوا مع صاحبه عشان يعرفوا السبب اللي خلاهم يعملوا كده قال إنهم سألوا عن البيت والناس اللي فيه وطبعًا عرفوا حكاية محمود ومامته، وبما إن محمود كاره وجودي وكاره مساعدة مامته ليا ولأي حد زيي عمومًا قرروا يستخدموه بطريقة عكسية وإنهم هيأذوه عشان بالتالي يكرهني أكتر ويكره وجودي ويعاديني شخصيًا لإن طبعًا هيكون شايف إن حصله مشاكل كتير مع مامته ومعاه بسببي !
بس اللي حصل إن محمود مهمهوش مين السبب قد ما كان هامّه إزاي صاحبه يعمل فيه كل ده.
المحامي وهو بيبلغنا بالأخبار بلغنا إن بعد اعترافات صاحبه دي محمود كده يعتبر براءة وهيتحول ع المصحة عشان يتعالج، أما بالنسبة للتحقيق مع طليقي وابن عمي فهو كان لسة مستمر والتحريات كانت شغالة وكانوا لسة محبوسين على ذمة التحقيقات.
*بعد مرور فترة العلاج*
بعد ما فترة العلاج عدّت واللي قعدت تقريبًا أقل من شهر لإنه مكانش دخل جسمه كمية كبيرة، وبعد ما إجراءات خروجه خلصت، رجع ع البيت لوالدته وأخته وحضنهم باشتياق كبير، ورغم اللي هو كان بيعملوا فيهم والزعيق والصوت العالي إلا إنهم حضنوه بنفس الاشتياق وعيونهم كانت متلهفة جدًا له وأنا كنت وافقة بعيد بشوف المنظر الجميل ده من بعيد.
• أنتم وحشتوني أوي أوي
= وإنت كمان يا محمود يا حبيبي، حمدلله ع سلامتك.
• أنا آسف أوي يا ماما، آسف على كل حاجة، أنا معرفش أنا شيطاني كان مسيطر عليا إزاي كده، حقك عليا أنا وثقت ف ناس غلط قووني عليكم وعلى نفسي.
= المهم إنك رجعت لعقلك ولينا يا حبيبي.
وحضن مامته كتير وعيط جامد وفضَل ف حضنها فترة وبعدين عدَل نفسه وبصلي:
• أنا آسف يا أستاذة رحمة على أي حاجة حصلت مني، صدقيني أنا مش وحش أنا بس مكنتش شايف الحقيقة كويس، وبحمد ربنا إنه نجاني من شر نفسي، أنا فعلاً آسف جدًا.
– ولا يهمك حصل الخير، الحمدلله إن ربنا فوّقك ف الوقت المناسب.
وبما إن محمود توأم منار فكان مأجل ثانوية عامة معاها، ولما فاق ورجع منار كلمته إنه يقدم قبل ما الوقت يعدي والسنة دي تروح عليه، وفعلاً قدم لإن مكنش فات كتير.
وبدأنا نذاكر إحنا التلاتة سوا بدل ما كنت أنا ومنار بس، وكنا بنشرح لبعض ونفهّم بعض، ومحمود اللي كان كارهني اقترح على مامته إنه ينام ف الأوضة اللي كنت ببات فيها الأول علشان أنا موجودة ومينفعش نبات ف نفس البيت.
كنت مستغربة إزاي موقف واحد يغيره ١٨٠° كده ! وكنت منبهرة باصراره إنه يتعلم من اللي حصله ويصلح علاقته بالناس اللي اثبتتله إنها بتحبه بجد !
بعد فترة مش كبيرة النيابة اتأكدت إن طليقي وابن عمي ليهم فعلاً ف الشغل الممنوع وتجارة المخدرات طبعًا اللي استخدموها ضد محمود، ده غير كمان إن ظهر أدلة إنهم بيتعاملوا مع دول برة بتجيبلهم أجهزة حساسة جدًا بيستخدموها ف تجارتهم الممنوعة مقابل تنفيذ خدمات ليهم هنا، والمحامي قال إن خلاص كده التُهم أُثبتت عليهم وبقوا مُدانيين رسميًا والقواضي هتتحول للمحكمة.
مكنتش عارفة المفروض أزعل ولا لا بس كل اللي كنت عارفاه إني مرتاحة إن كل حاجة اتكشفت وحقي جالي وكل شخص آذاني خد جزاءه.
↚
بعد ما أخيرًا ارتاحْت من ناحية موضوع عصام ووليد ابن عمي لقيتني بركز أكتر ف المذاكرة وبقا عندي حافز أكتر احقق اللي منعوني منه زمان وأوصل لهدفي، وفعلاً كملت الشهور الباقية ف السنة بذاكر باجتهاد وتركيز ومعايا منار ومحمود طبعًا.
وبعد مرور ٩ شهور دخلنا الإمتحانات وعديناها بكل خير الحمدلله وبدعوات ماما صفية وكُنا بنعِد الأيام بعد ما خلصنا الإمتحانات عشان النتيجة، كنت متشوقة أوي أعرف أنا قدرت ع التحدي ولا لا، وفعلاً النتيجة ظهرت بعد اسبوعين ولما منار قالتلي المجموع مكنتش مصدقة نفسي ! كان ٩٦% معقول أنا قدرت وتفوقت على نفسي وهحقق حلمي خلاص ! ومنار جابت ٩٨.٨% ومحمود جاب ٩٧.٥% وكلنا كُنا مجاميع تشرّف فرّحنا ماما صفية وفرّحنا نفسنا ومجهودنا وسَهرنا جاب نتيجة حلوة جدًا بعد فضل ربنا.
وكُنت مقررة إني هَدخل ألسُن بسبب حبي الكبير اللي كان للغات وشغفي إني اتعلمها، وفعلاً قدمت فيها.
ومنار ومحمود قدّموا ف إعلام بسبب حبهم الكبير للراديو وإذاعة الراديو ومن صغرهم وهما عايزين يكونوا جزء من كيان الإعلام المَسموع.
ومَرت الأيام والسنين وخَلصنا إمتحانات آخر يوم ف آخر ترم ف الجامعة، وبعد أسابيع من نهاية الإمتحانات حبيت إني أروح الجامعة وأقف اتفرج عليها من برة، على حلمي اللي لما قررت احققه حققته بفضل ربنا وفضل ماما صفية وولادها.
وف الوقت اللي كنت سرحانة فيه ف كل ده جه صوت هادي من ورايا وقال بُكل لطف:
• مبروك خريجة بتقدير جيد جدًا مُرتفع مع مرتبة الشَرف.
لفيت بوشي عشان أشوف عيونه، هو كان أجمل حاجة حصلتلي ف حياتي.
– وإنتَ ومنار
• أنا امتياز طبعًا مش محتاجة، ومنار جيد جدًا.
وقبل ما أقول أي حاجة تانية اعترفلي بحُبه، يعني استقبلت أحلى خبرين ف حياتي نجاحي العلمي ونجاحي ف حياتي، محمود كان من أكبر مكاسبي ف الحياة وف رحلتي، ماما صفية كانت السبب بعد ربنا إنها تديني حياة ومستقبل وكيان، ومحمود.
• أنا طَلبت إيدك من ماما خلاص، موافقة؟
– موافقة.
وعملنا خطوبة وعدى سنتين وبعدين اتجوزنا، وف الوقت اللي كنت فيه أنا ف حضن حَبيب وشريك روحي مطمنة وحاسة بكل الأمان اللي ف الدنيا، كانت الناس اللي ظلمتني وآذتني ف السجن بينفذوا الأحكام اللي اتحكم عليهم بيها، واللي لو قعدوا عمرهم كله ف السجن مش هيخلصوها.
– محمود.
• نعم يا حبيبي
– أنا بحبّك، إوعى متقدرش ده ف يوم.
• وأنا بحبّك جدًا ومقّدر وهفضل اقدّر نعمة إنك بس بتتنفسي ف حضني وجنبي.
________________________________________
دي قصة حياتي اللي اتعلمت منها كتير أوي، وعديت بمواقف كتير كانت مفيدة ليا وخلتني أشجع وأقوى من الأول بكتير، وعرفت فعلاً معنى وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا، ومَا وراء السِجن كان موجود كُل الخير.
“النهاية”.
تمت.