رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول بقلم شيماء يوسف

رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول بقلم شيماء يوسف

رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة شيماء يوسف رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول

رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول بقلم شيماء يوسف

رواية متى تخضعين لقلبي كاملة جميع الفصول

اليوم هو يوم عطلتها ، استيقظت من احلامها كعادة كل عطله على صوت صياح آتياً من خارج غرفتها ، تنهدت بألم وهى تضغط على عينيها بقوه رافضه تقبل امر استيقاظها او التحرك من فراشها الا بعد خروجه ولكنها تعلم جيداً ان  أمنيتها تلك دون جدوى فهو مقيم فى المنزل ما يقارب ال٢٤ ساعه ، وبالرغم من انتظارها كل عطله اسبوع بفارغ الصبر حتى يستطيع جسدها الارتياح قليلاً الا انها تكرهها بسببه ، شعور غريب ينتابها وهى تستمع إلى كل ذلك الصياح والانتقاد والسخط الخارج من فمه عليهم جميعاً ، كانت كل صرخه تخرج منه لتقتحم اذنها تشعر بأنها مرت اولاً على قلبها لتترك به ندبه دائمة لا تزول ، تنهدت بألم مره  اخرى تتمنى  لو ان لها منزل خاص ، لو تستيقظ ذات يوم فتجد كل تلك التقاليد العقيمة قد اختفت فجأه فتستطيع التحرر والاستقلال بعيداً عنه ، التقطت اذنها اسمها يُلفظ من قبل والدتها فعلمت ان كل سخطه الان سيتحول نحوها ، تنهدت بألم للمره الثالثه تستعد لاستقبال ما لا يسرها كالعاده ، تحدثت والدتها برجاء تستجديه : 

-ماشى يا عبد السلام ، بس وطى صوتك شويه ملهوش لازمه زعيقك ده، خلينا نتكلم بالراحه وبعدين حياة نايمه جوه سيبها تنام شويه النهارده إجازتها ..

صاح بها بصوت يرج أركان المنزل من قوته :

-متقولليش وطى صوتك انا حر اعمل اللى انا عايزه ، اللى عايز ينام هينام فى الطبل ، الساعه كام والهانم اللى انتى خايفه منها لسه نايمه .. 

تنهدت أمنه بيأس تعلم انه لا سبيل للنقاش معه بهدوء :
-انت عايز منها ايه ، النهارده أجازتها  من الشغل وده اليوم اللى بتنام فيه سيبها ترتاح شويه . . 
عقد عبد السلام حاجبيه معاً وهو لايزال محافظاً على نبرته الساخطه بصراخ :
-ايوه ياختى دلعيها مانتى عينوكى المحامى بتاعها ، وبعدين محدش قالها تشتغل ، هو انا كنت مستفاد ايه من شغلها ده ، مبتصرفش عليا منه ومش بتحوش يبقى تقعد احسن .. 
هزت امنه رأسها بحزن قبل ان تجيبه ونبره الضيق ظاهره عليها :
-يا حول الله يارب ، انت عايز منها ايه  ماهى شايله نفسها بنفسها ومتطلبش منك حاجه وكل اللى عايزاه بتجيبه لنفسها ده غير دراستها مش مكلفاك حاجه واى حاجه بتحتاجها بتجيبها على طول ، عايز ايه تانى ناقص تحاسبها على اللقمه اللى بتأكلها يا عبد السلام !!! . . 
اهتزت نبرته قليلاً ولكنه عاود الحديث بنفس السخط : 
-انا مش عاوز منها ، بس انا خلاص الحمل تقل عليا ، انا مش هفضل اصرف عليهم طول عمرى ، وعشان يكون فى علمك انا مش هصرف على جوازه حد تانى ، اللى عايز يتجوز يحوش ويجوز نفسه كفايه عليا قاعده لدلوقتى ، انتى اهلك رموكى عليا من وانتى عندك ١٨ سنه وبتك اهى عدت ال٢٥ ولسه قاعدالى . . 

اجابته آمنه بأستحقار جلى :
-ايه اللى انتى بتقوله ده !! انت بتعاير بنتك عشان لسه لحد دلوقتى متجوزتش يا عبد السلام !! وبعدين انت بتصرف على مين ؟؟ ما هى شايله نفسها بنفسها والتانيه متجوزه وبعيده هى وجوزها حتى الولا شايل نفسه وانا بشتغل !! انت شكلك كبرت وخرفت عيب عليك لو حد سمع الكلام ده يقول ايه ! وبعدين انا اهلى مرمونيش على حد انت اللى حفيت ورايا سنين وياريتنى ما كنت وافقت .. 

لم يجد ما يجيبها به بعد تلك الجمله فتحرك بنفاذ صبرا للخارج مدعى العصبيه صافقاً الباب خلفه بقوة. 

كانت حياه تستمع إلى كل ذلك الحديث شاعره بأن كل حرف يتفوه به كالرصاص يستقر بقوه داخل قلبها ليحدث به ضرر دائم من اقرب رجل إليها ، من بطلها الاول وسندها فى تلك الحياه والدها !! ، مسحت دموعها بكف يدها قبل ان تقرر النهوض فأمامها يوم طويل عليها قضاءه ، تحركت للخارج تلقى تحيه الصباح على والدتها بحب ، فبرغم كرهها لكل ما يحدث فى ذلك المنزل وأكثرهم ضعف والدتها وقله حيلتها الا انها كانت الاقرب إليها ، ابتسمت لها آمنه تسألها بحنان :
-حياة هتفطرى ولا زى كل يوم .. 
اجابتها حياة بقلب مثقل فذكرى كلمات والدتها لازالت تترد داخل اذنها بقوه : . 
-لا يا ماما ، مليش نفس يادوب استغل اليوم فى انى اروح الجامعه استلم شهاده الماجستير واقابل محمود واشترى شويه حاجات نقصانى واحضر لاجتماع بكره , عندى اجتماع مهم جدا فى الشركه وعلى اساسه هتقرر ترقيتى , ادعيلى والنبى يا ماما ربنا يكرمنى فيه واترقى ..
عقدت والدتها حاجبيها معاً بقوه بعد دعواتها لها بالتوفيق فعلمت حياة مصدر قلقها ، سألتها بخفوف تعلم الاجابه مسبقاً:
-ها يا ماما , فى ايه بس ..
اندفعت آمنه فى الحديث فور سؤالها :
-انت عارفه يا حياة فى ايه كويس , والله يابنتى لو عرف بموضوع محمود هيخرب الدنيا فوق دماغنا كلنا , ما توافقى يا حياة وتريحى قلبى وتريحيه ..
ثم اقتربت منها تمسح على شعرها بحنان وهى تضيف :
-يابنتى من زمان قالولنا خدى اللى بيحبك , وهو مش بس بيحبك ده بيموت فى التراب اللى بتمشى عليه عايزه ايه تانى بقى ؟!.. 
حدجتها حياة بنظره أستنكار قبل التعليق على حديثها:
-ماما حب ايه اللى بتتكلمى عليه!! انتى بجد مصدقه !! ده انسان اتشال قلبه من مكانه من زمان واتحط بداله حجر وياريت حجر ده حتى الحجر ممكن يلين لكن ده لا!! وكمان احنا مش قرينا فاتحه مع محمود امبارح وخلاص , فاضل ايه تانى بقى ؟..

اجابتها آمنه بلهفه يشوبها الكثير من القلق:
-باقى انه مش هيستخبى , هيعرف يعنى هيعرف ده جواز , ومفيش جواز بيدارى , ووقت ما يعرف هيهد الدنيا علينا , ده كل ده مستنيكى يا حياة , استناكى تكبرى وبعدها استناكى تتخرجى واخر حجه تخلصى الماجستير بتاعك وهو صابر علينا وساكت لو كان الموضوع فيه حد غيرك مكنش سكت كل ده ابداً ولا كان استحمل دلعه عليه كده , ميغركيش سكوته يا حياة انا ادرى واحده بيه لو صبره خلص هيحرقنا كلنا واولهم محمود ..

ارتعشت حياة داخلياً من حديث والدتها فهى تعلم جيداً انه لا ينتمى لعالم الانسانيه ، انه فقط مخلوق بدون قلب ، نسى مصطلح الرحمه منذ زمن طويل ويبدو انه لا مجال لتذكرها مره اخرى ، ولكنها لن تتزوجه ، حتى لو كان اخر شخص على وجهه الارض لن تتزوجه فالموت افضل لها من معاشره انسان بدون قلب ، لن تخرج من سجن والدها لتدخل سجن وحش لا يعرف معنى الرأفه ، حاولت طمأنه والدتها بشئ هى شخصياً تفتقده :
-سبيها على ربنا وربنا يستر المهم بس ميعرفش حاجه وخلاص .. 

كانت على وشك توديع والدتها عندما رأتها تلتقط حقيبه يدها وتذهب معها ، سألتها حياة مستنكره :
-ماما ! انتى رايحه فين ؟؟..
تنهدت أمنه بنفاذ صبر :
-هكون رايحه فين يا حياة يعنى , مانتى عارفه ..
زفرت حياة بحنق مُبديه اعتراضها :
-يا ماما كفايه بقى , الله يخليكى ابعدى عنه واقعدى وكفايه كده ..
اجابتها امنه بحده :
-اقعد ازاى يا حياة !! مانتى عارفه كويس اللى فيها !! عايزانى اسييله الشغل عشان ينفذ تهديده ويسجن ابوكى .. 

اجابتها حياة والكره يملؤ نبرتها:
-ايوه سبيه , انتوا اللى بتدوله الفرصه يتحكم فيكم ويوصل للى هو عايزه لما بتوافقوا على ابتزازه ده , لو كلكم بتفقوا قدامه وتقولوله لاء بعلو صوتكم مكنش عرف يتحكم فيكم بالشكل ده ..
قاطعتها آمنه بتأنيب واضح :
-انتى بتقولى كده بس عشان ابوكى ميهمكيش , لو كان بيضغط عليكى بحد مهم كان زمان رأيك اختلف ..

ااطرقت حياة رأسها للأسفل بخجل فهى تعلم بصحه حديث والدتها حتى لو لم تعترف بذلك ، فمن اكثر الأشياء التى تمد فريد رسلان بقوته هى قدرته على معرفه نقط ضعف من امامه ثم استخدامها ضده بدون رحمه حتى يخضع لطلباته ، وهذا ما فعله مع والدتها فهو يعلم جيداً ان حياة لن تهتم بما يصيب والدها لذلك تحول تهديده إلى من يهتم لامره ، اللعنه عليه لو فقط يعلم كم تمقته وتحتقره .

*****************

تحركت حياة للخارج بجانب والدتها لترى محمود واقفاً ينتظرها عن مقدمه الشارع، ابتسمت بخجل وهى تراه ينظر لها بأعجاب واضح ، كانت حياة فتاه عاديه قصيره القامه ذو جسد ضئيل ولكن متناسق بشكل مغرى ، ذو بشره حنطيه ناعمه ووجه مستدير تزينه ملامح صغيره بعيون سوداء فاحمه واهداب طويله للغايه وشعر ناعم كثيف يماثلها فى السواد ، ولكنها أيضاً كانت مثل جميع الفتيات تمتلك جمالها الخاص الذى يميزها واهم ما كان يميز حياة إلى جانب شخصيتها الانثويه الرقيقه للغايه والمتناقضة ما بين القوه والحساسية هى نظره عينيها ، لقد انعم الله عليها بنظره عين حالمه تجذب الجميع إليها ، وكم سمعت عبارات كثيره ما بين المتعجبه والحاسده لتلك النظره ، تقدم منها محمود يلقى التحيه بأدب على والدتها أولاً ثم يخصها بالحديث متسائلاً :
-حياة , جاهزه ؟.. 
اومأت له برأسها موافقه قبل ان تودع والدتها ويذهب كلاً فى طريقه .
كان محمود موظف شئون الطلبه فى الجامعه التى تدرس بها يكبرها ب٤ سنوات وذو شخصيه حنونه مستقيمه وهذا بالظبط ما دفع حياة للقبول به ، لم تكن علاقتهم مبنيه على قصه حب ، فقد اقتصر تعاملها معه على دراستها فقط حتى فوجئت به فى احدى الايام يطلب منها موعد رسمى لمقابله والدها وطلب يدها وبناءاً عليه وافقت ، لم تدرى اهو عناداً بوالدتها التى ارتعدت أوصالها بمجرد سماعها خبر طلب شخص اخر خطبتها او تحدياً  لذلك المتجبر الذى يخشاه الجميع وينتظرها ام عناداً بشخصها ، كل ذلك ليس مهم ، المهم انها وافقت وان محمود شخص جيد يعاملها بحنان افتقدته من بطلها الاول ، وصلا إلى حرم الجامعه فالتقت بصديقتها مريم تنتظرها بتأفف :
-ايه يابننننتى اتاخرتى ليييييه بقالى ساعه مستنياكى .. 
ثم التفت إلى محمود تلقى عليه التحيه باقتضاب فانسحب من بينهم متمتاً :
-حياة , انا هروح اخلصلك الشهاده وارجع على طول مش هتاخر ..
اومأت براسها له موافقه :
-تمام وانا ومريم قاعدين هنا لحد ما تخلص .. 

تحرك على الفور يصعد الدرج عندما التفتت حياة تؤنب مريم :
-يابنتى فى ايه مالك ؟, مش طايقه محمود ليه ؟.. 
اجابتها مريم بصدق :
-بصراحه يا حياة دمه تقيل , وبعدين مش حاساه لايق عليكى خالص , يابنتى ادى لنفسك فرصه تخبى وتتحبى, ليه قافله على نفسك كده ؟؟ حرام تتجوزى من غير حب ولا مشاعر ..
نظرت إليها حياة بجفاء :
-مشاعر ايه وكلام فارغ ايه !! الحياه الواقعيه مفيهاش الكلام ده , وبعدين مش يمكن احبه بعد الجواز ؟!.. مادام هو شخص كويس ومتفاهم مش هحتاج اكتر من كده .. وبعدين يا فيلسوفه عصرك انا مفطرتش لدلوقتى , ممكن تسيبك من نصايحك دى وتيجى نشوف اى حاجه اكلها .. 

هزت مريم راسها بيأس وهى تدفعها للأمام :
-اتفضلى , انا مش عارفه انتى ايه !! انسانه معدومه الاحساس !! ..
ثم رفعت راسها تنظر للسماء متمته بطريقه دراميه :
-يارب البت دى توقع على رقبتها وتحب واحد وتيجى تعيطلى وتقولى مقدرش اعيش من غيره يا مريم .. وانك يا مريم كان عندك حق وان الحب ده احلى حاجه فى الدنيا .. 
نظرت لها حياة متهكمه :
-فى احلامك .. 
ثم ركضت امامها تتبعها مريم وهى تدب بأرجلها فى الارض من شده الغيظ .. 

***************** 

التقط فريد هاتفه مجيباً بنفاذ صبر ووقاحه معتادة:
-اتكلم !!.. 
صمت قليلاً يستمع بأهتمام وعينيه تضيق بتركيز مع كل كلمه تخرج من الطرف الاخر ثم هب واقفا يسأل بغضب :
-انت متأكد من الكلام اللى قلته ده !! اقسم بالله لو طلع مش حقيقى لادفنك مكانك ..

صمت مره اخرى ثم سأل وهو يتحرك من مقعده داخل المكتب يلتقط بيده الفارغه معطفه ومفاتيح سيارته :
-يعنى هى فى الكليه دلوقتى وهو معاها ؟..
جاءته الاجابه من الطرف الاخر قبل ان يغلق هاتفه دون وداع وينطلق للخارج بوجه غاضب وجسد منتفض .

*****************

كانت حياة واقفه مع زميلتها مريم عندما شعرت يقبضه قويه داخل صدرها لم تدرى ما سببها ولكنها عندما رفعت راسها علمت جيداً لماذا شعرت بذلك فهناك زوجين من العيون الناريه تحدق بها بقوه ، شهقت بفزع وهى تتمسك بيد مريم التى التفت فوراً على حركه صديقتها لتسألها ماذا اصابها ، تمتمت حياة بكلمات غير مفهومه التقطت منها مريم اسم فريد فسألتها مستفسره :
-ماله فريد يابنتى ؟؟.. 
همست حياة برعب وهى غير قادره عن تحريك عينيها من امامه :
-فريد هنا .. 
شهقت مريم بدورها قبل ان ترفع راسها للبحث عنه ، بالطبع لم تكن مهمه صعبه فهاهو يقف باسترخاء وتفاخر على مقدمه سيارته يرتدى بدلته الفخمه ونظارته الشمسيه عاقداً كلتا ذراعيه امام قفصه الصدرى بتأهب ، سمعت حياة مريم تتمتم بأعجاب :
-واو .. ده حلو اوى يا حياة مكنتش متوقعه ان شكله حلو كده ..
نهرتها حياة بعنف :
-انا فى ايه وانتى فى ايه يا مريم .. ايه اللى جابه هنا دلوقتى ..
ثم شهقت بفزع :
-يانهار منيل !! محموود !! ده لو شافه هتبقى ليلتنا مش معديه ..

ارتبكت مريم بدورها فكم سمعت من حياة عن ردات فعله المتسلطه اذا علم بأعجاب شخص اخر بها فمابالك بخطوبه ..
حاولت طمأنت صديقتها بهدوء بدءت تفتقده :
-متخافيش انا هروح دلوقتى أعطل محمود ومش هخليه ينزل وانتى حاولى تخرجى بيه بره الكليه.. وأقلعى الخاتم ده بسرعه .. 

اطاعتها حياة على الفور وفى حركه أليه منها قامت بخلع محبسها ووضعه داخل جيب ردائها بسريه ، اوشكت مريم على تركها ولكن امتدت يده حياة تتمسك بها بكل قوه وهى تراه يترك سيارته ويتحرك فى اتجاهها  متمته :
-متسبنيش لوحدى ده جاى علينا

بدء الذعر يدب داخل أوصالها بشده وهى تراه يتقدم نحوها ، لم تكن تخشاه لشخصه ولكن كانت تخشى قوته وجبروته وقدرته على إيلام اى شخص دون أدنى احساس بالذنب ، راقبته وهو يتقدم منها ببطء وهى تلوى فمها بسخريه فمريم محقه ، انه يبدو وسيم فعلاً ببدلته الانيقه وساعته الرولكس وعضلاته البارزه وخطوته الواثقه بحيث تعجب به اى فتاه من الوهله الاولى ، ولكن لا احد يعلم ان خلف هذا المظهر الرائع انسان مصنوع من الحجر ، لا يتألم ولا يرحم ولا يحب ، فقط يمتلك ..

وقف امامها بطوله الفارغ يتفحصها عن قرب ، كتمت انفاسها وهى تعد بداخلها للعشره فى محاوله لاستعاده هدوئها ، لوى فمه بأبتسامه جانبيه قبل ان يوجهه حديثه لها بتسليه :
-لو مكنتش اعرفك كويس كنت قلت النظره الذى فى عينيك دى نظره أرنب مرعوب من مصيبه عملها وخايف حد يكتشفها ..

رفعت عينيها تواجهه نظراته بتحدى وكره دون حديث ولكن ما سرعان ما استحوذ على نظره عينيها شئ اخر ، انه محمود يهبط الدرج فى اتجاهها ، يالله الا يوجد مخرج من هذا المأزق ، اتسعت عينيها بصدمه مفكره ايعقل انه لديه علم بخطبتها البارحه ؟؟ دعت ربها داخلياً ان تكون تلك هواجسها الخاصه ، وقف محمود امامها بأبتسامه عريضه كعادته وهو يمد يده ليعطيها شهادتها الدراسيه متمتاً بفخر :
-حياة اتفضلى الشهاده اهى .. ولو احتجتى اى حاجه تانى مش محتاجه تيجى بلغينى بس وانا هتصرف ..

بالطبع من وقت وصوله امامهم وقد استحوذ على انتباه فريد بالكامل وها هو الان ينظر لها شرزاً كانه قط برى يستعد للهجوم نحو فأره فى اى لحظه ، فكرت بيأس لو تظاهرت الان بفقدانها للوعى هل ستتمكن من إنهاء هذا اللقاء ؟!، اعادها من افكارها صوت فريد القوى يسال محمود متأهبا :
-مين حضرتك بقى ..
اجابه محمود على عجل بتفاخر :
-انا محمود خطيب حياة وزميلها ..

الان ستفقد وعيها حقاً وليس تظاهراً ، التفت فريد ينظر إليها بحاجب مرفوع يهز رايه لها ببطء قبل ان يعود بنظره إلى محمود مستنكراً وهو يرفع كلتا يديه يستند بها على كتفه :
-خطيبها !! لا مبروك .. بس يا خطيبها محدش قالك انك مينفعش تخطب واحده مخطوبه !! ..
كان يضغط بقوه على كل حرف يخرج منه مما جعل حياة ترتجف داخليا من القادم ، اجابه محمود مستنكراً :
-خطيبها !! ازاى الكلام ده ؟.. 
ثم وجهه حديثه لحياة :
-حياة ,الكلام الل بيقوله الاستاذ ده صحيح ؟..
فتحت فمها تجيبه ولكنه أوقفها نبره فريد الهادره  :
-لما اكون بتكلم معاك متوجهلهاش كلام .. لا انت اصلا متتكلمش معاها تانى لا وانا موجود ولا مش موجود ..
ثم انقض عليه فى اللحظه التاليه يلكمه بكل ما أوتى من قوه حتى صرعه أرضاً غير آبهاً باحتجاجات حياة .
تجمهر حولهم العديد من الطلاب يشاهدوا ذلك الصراع الدامى بين زميلهم وهذا الشخص الغريب دون تحرك من احد منهم للتدخل لفض ذلك الاشتباك بما فى ذلك حرس الجامعه !!
كانت حياة تصرخ به بقوه متوسله من بين دموعها المنهاره ليتركه ولكن دون جدوى ، جلست بجواره وهو لايزال يسدد لكماته لمحمود الذى أوشك على فقدان وعيه تتوسّله وهى تمسك بكتفه :
-سيبه .. هيموت فى ايديك .. الله بخليك سيبه .. عشان خاطرى كفايه .. 
نظر لها اولاً بغضب قبل ان يتحرك من فوق محمود  الذى كانت الدماء تملئ وجهه وثيابه ، اعتدل فى وقفته وحاول إصلاح هيئته بغرور قبل ان يحدثها محذراً :
-دى عينه صغيره من اللى هعمله فى اى حد يفكر يقربلك ..
ثم تقدم عده خطوات يقترب منها قبل ان يضيف :
-انتى بتاعتى انا وبس .. حطى ده فى دماغك عشان ترتاحى وتريحينى .. 
دفعته بذراعيها بكل ما أوتيت من قوة صائحه بغضب :
-مش هتجوزك يا فريد ، صدقنى لو انت اخر راجل فى الدنيا مش هتجوزك ، انا افضل انى اموت الف مره على انى اتجوز واحد زيك معندهوش لا قلب ولا احساس ..

التوت فمه بأبتسامه تحدى ثم أجابها بثقه :
-هنشوف .. كلام مين اللى هيمشى .. 
ثم تركها واتجه نحو سيارته يصعد بها اولاً ثم يقودها بجنون إلى الخارج ، كانت لاتزال ترتجف من هول ما رأته عندما اقتربت منها مريم تحتضنها بقوه وتخبرها ان سياره الاسعاف فى الطريق لنقل محمود لاقرب مشفى .

***************

وقفت داخل احد اروقه المشفى بجانب صديقتها مريم تنتظر خروج الطبيب من الداخل بتوتر ، وصلت والده محمود برفقته والده وأخواته تلهث وهى تقف امام حياة تستفسر منها عما حدث معه ، لم تستطع حياة الا قول الحقيقه كامله لوالديه دون تحريف ، انتفضت والدته تصرخ بها مع صدور اخر الكلمات من فمها :
-وانتى مستنيه ايه !! لما يموت ابنى عشان ترتاحى .. 
حاولت مريم التدخل للمدافعه عن صديقتها ولكن أوقفتها يد حياة وهى تمتم بخجل :
-عندك حق .. انا اسفه وياريت تبلغى اسفى ده لمحمود وصدقينى  مكنش قصدى ابدا انى ااذيه وبكرر اعتذارى لتانى مره ..

ثم وضعت يدها داخل جيب ردائها وأخرجت منه محبسها وأعطته لوالدته ثم انصرفت دون كلمه اخرى .
وقفت خارج أبواب المشفى تستنشق بعض الهواء النقى عل ذلك يعدل من مزاجها ولو قليلاً ثم استأذنت مريم فى الذهاب إلى منزلها ، اصرت مريم على الذهاب معها ولكنها رفضت بشده مصره على السير بمفردها لتنقيه افكارها وأعاده ترتيبها 
تحركت نحو الشاطئ تجلس على احدى المقاعد الخشبيه الموضوعه هناك ، ظلت فتره تنظر إلى مياه البحر وأمواجه المتلاطمة بصمت ،اثر هذا المشهد علي نفسيتها بشكل كبير حتى فاضت  جميع مكنونات قلبها ومشاعرها المكبوتة بداخلها ، كانت روحها هى التى بحاجه إلى الدموع لذلك تركتها تنساب بحريه ، لم تكن تعلم لم كانت تبكى بكل تلك الحرقه ، ربما لانها غير مستعده لرد فعل والدتها التى ما ان تعلم حقيقه ما حدث ستخبرها كم كانت محقه وكم نبهتها من طيشها وشده عنادها معه ، او ربما لان محمود كان يمثل لها الامل بالهروب من ذلك السجن المسمى منزلها ، او ربما لانها هيأت نفسها للخروج من تحكم ذلك المسمى والدها الذى ربما لو اعتنى بحيوان اليف لكان اهتم لمشاعره اكثر من مشاعر ابنته !!! ، او لانها خسرت معركتها امام ذلك المتجبر واستطاع فى النهايه تنفيذ ما يريده ، فريد !! ، ظل اسمه يتردد فى ذهنها بقوه ، فكرت بحسره كم ان الحياه قاسيه معها ، حتى الشخص الوحيد الذى اعتبرته صديقها المقرب سلبته منها الحياه ليتحول إلى انسان دون قلب وتتحول مشاعرها معه ليصبح اكثر الناس بغضاً لقلبها .. 

****************

عاد هو إلى مكتبه والتقط هاتفه بغضب ، عبث به قليلاً بعنف قبل ان يخرج اسم شخصاً ما ويجرى معه اتصالاً هاتفياً :
-انا قلت بما انك مش بتسال عليا اسال انا ..
ارتبك الرجل على الطرف الاخر من نبرته فتحدث مبرراً :
-فريد بيه .. صدقنى مفيش حاجه مهمه تعرفها ..
اجاب الرجل بهدوء ساخر :
-لا يا راجل .. امال ترقيه بكره دى ايه ؟!.. وبعدين  انا هنا اللى يحدد ايه اللى مهم وايه لاء ..
تعلثم الرجل فى نبرته قبل ان يجيبه بأرتباك:
-هو حضرتك عرفت ..
اجابه فريد ساخراً :
-لا قاعد نايم على ودانى مستنى لما انت تقرر ابه مهم عشان اعرفه وايه مش مهم ..
تنحنح الرجل من الطرف الاخر محاولاً تنقيه حنجرته ثم اجابه مبرراً:
-يا فريد بيه هى مجتهده  وموهوبه وتستحق الترقيه وانا قلت دى حاجه اكيد هتبسط حضرتك..
قاطعه فريد بحده :
-انا عينتها عندك بس عشان تكون تحت عينى وانا اللى اقولك تعمل ايه معاها امتى وفين مش انت .. وبعدين بكره قبل الاجتماع تبلغها انك استغنيت عن خدماتها .
تذمر الرجل معترضاً :
-بس يافريد بيه دى من أكفأ الموظفين عندى !! ..
صاح به فريد ناهراً :
-رؤوف !!!! متنسااش نفسك .. انا اللى طلبت منك تعينها عندك واظن انك قبضت تمن ده واكتر كمان ، ودلوقتى لما اقولك ارفدها تنفذ وانت ساكت يا اما استثمار الشركه الفرنسيه هيروح لحد تانى .. فاهمنى ؟!..
ارتبك الرجل على الهاتف ثم تمتم بخضوع :
-اللى حضرتك تؤمر بيه ..
اغلق هاتفه والقى به على المكتب دون وداع ودفن راسه فى احدى الملفات التى امامه يحاول الهاء عقله بها ، بعد قليل اندفع باب مكتبه بقوه مما اجبره على رفع راسه ليرى من ذلك المتطفل الذى يقتحم غرفته وخصوصيته دون استئذان ، لوى فمه متشدقاً وهو يرى والده يتقدم منه والغضب يملؤ نظرته سخر منه فريد :
-غريب بيه .. شكلك شايفانى فى كابوس من كوابيسك عشان كده داخل عليا دخله السينما دى , ولا يمكن جيهان هانم بخت شويه من سمها فى ودانك كالعاده !! .. 
اجابه والده بحنق :
-بلاش قله ادب .. وقولى انتى لسه ماشى ورا بت الخدامه دى !!! ..
انتفض فريد من مقعده يضرب سطح مكتبه بقوه :
-اسمها حياة , فاهم ليها اسم تناديها بيه ده اولاً .. وبعدين ده شئ ميخصكش ثانياً .. وثالثاً انت لسه مخلى حد من كلابك يجبلك اخبارى ؟!!.. 
لوى والده فمه متشدقاً :
-متهربش من سؤالى .. 
صمت قليلاً متفكراً ثم اضاف بتشفى :
-التاريخ بيعيد نفسه .. والابن غصب عنه بيورث من جينات الاب .. واضح ان فى حاجه فى دمنا ينجذبنا للخادمات .. انا برضه امك كانت مجننانى كده وهى مستعصيه عليا .. بس عمتا لو عايزها اوى كده قولى وانا هتصرف واجوزهالك ..
اجابه فريد والاشئمزاز بادياً فى نظرته ونبرته :
-لا انا مورثتش منك حاجه وده من حسن حظى لانى مش ناوى اموتها بأيدى .. ثم ان دى حاجه تخصنى انا لوحدى وانا هتصرف فيها كفايه انت بس تبعد انت والعقربه وبنتها عن حياتى .. ولو عرضك خلص اتفضل روح مكتبك وسبنى اكمل شغلى ..

ارتبك والده وبدء الاحمرار يغزو وجهه فاستدار للخارج يصفق الباب خلفه بعد ان القى نظره حانقه على ابنه الذى ارتمى فوق مقعده مره اخرى يسحب هاتفه بغضب ثم تحدث إلى شخص ما :
-اسمعنى .. اللى اتفقنا عليه يتنفذ بكره .. واقسم بالله لو حصل اى غلط ولو صغير هدفنك مكانك .. فاهم .. 

صاح بكلمته الاخيره قبل ان يغلق هاتفه ثم تحرك بعصبيه يلتقط معطفه ومفاتيحه ويتحرك للخارج كالعاصفة .

******************

دلف بعد فتره إلى منزله بهدوء يحاول الوصول إليه منذ الصباح ، لمح مديره منزله تمر من امام الممر المؤدى لمكتبه فتوقف عن السير يلتفت إليها ثم امرها بعجرفته المعتاده :
-خلى داده آمنه تحصلنى على مكتبى ، دلوقتى حالاً ..
ثم استدار مره اخرى مكملاً طريقه حيث يقع مكتبه ، قام بخلع معطفه وربطه عنقه ثم جلس على كرسى مكتبه الفخم بهدوء يستند بذقنه على يديه المتشابكه ينتظر وصولها ، دلفت آمنه إلى مكتبه بعد ان طرقت باب الغرفه وسمح لها بالدخول فور سماعه لطرق الباب ، نظرت إليه وإذا به يجلس شارداً ويديه المتشابكه تسند راسه بوقار ، لم يرفع راسه ولم يتكبد عناء النظر إليها ،   تحدث على الفور وعينيه مازالت تنظر إلى الفراغ ، سألها بصوت ناعم كالفحيح :
-امنه هانم.. تفتكرى لو فى حد كدب عليا المفروض اعمل معاه ايه ؟!..
بدءت آمنه فى التأكد من شكوكها التى تساورها منذ طلبه ان تلحق به إلى غرفه مكتبه ، ازدردت ريقها بصعوبه وهى تنظر إليه برعب ثم تنحنحت محاوله تنقيه حنجرتها  قبل ان تجيبه :
-على حسب يا فريد بيه ..
رفع عينيه يلتقط نظراتها كالصقر بعدما شعر بتذبذب نبرتها :
-ايوه كملى على حسب ايه ..
-على حسب هو كدب عليك فى ايه بالظبط وهو بالنسبالك ايه ..
لوى فمه بأبتسامه ساخره قبل ان يجيب بثبات جعل أوصالها ترتعد خوفاً من القادم :
-لا هو من جهه كدب عليا فهو كدب عليا فى حاجه مهمه اوى ، تقدرى تقولى كده اهم حاجه فى حياتى ومكتفاش بالكدب بس ..ده حاول يستغفلنى ويخلينى زى العبيط مش حاسس بحاجه .. ها ايه رايك بقى المفروض اعمل فيه ايه ؟؟.. 
نظرت إليه وإذا به يبتسم ابتسامه شرسه ، حاولت اخراج نبرتها طبيعيه قدر الإمكان :
-على حسب مكانته .. لو مهم عندك او بتحبه هتسامحه ..
هز راسه موافقاً قبل ان يتحرك من مقعده ببطء ويضع كلتا يديه داخل جيوب بنطاله ويسير فى الغرفه وحولها ببطء :
-وياترى هو ده اللى اعتمدتى عليه انتى وحياة لما استغفلتونى واتخطبت لغيرى ؟،.. ولا فاكرين انى نايم على ودانى ومش حاسس بحاجه من اللى بتحصل حواليا ؟!..  
شعرت بقلبها يهبط إلى أرجلها ، اذا كل شكوكها كانت صحيحه ، انه يعلم ، والله وحد يعلم رد فعله التالى ، انتظر فريد خروج رد فعل منها ولكنها آثرت الصمت لذلك قاد هو دفه الحديث مره اخرى :
- حياه لسه صغيره وطايشه .. بتعاند ومش عارفه الصح من الغلط .. لكن المفروض ان انتى ست عاقله وكبيره وهتحافظ على عيلتها .. صح ولا ايه ؟!..
ضغط على جملته الاخيره بقوه وهو يبتسم لها ابتسامه ذات مخزى ، ضيقت امنه عينيها عليه تحاول استيعاب ما نطق به للتو ، نعم انه يهددها بعائلتها ، لم تخطئ فى فهم رسالته المبطنة ، اللعنه على حياة ، ستقضى عليهم جميعاً بسبب عنادها ، اطرقت براسها أرضاً قبل ان تتمتم بخفوت محاوله تدارك الموقف وامتصاص جزء من غضبه:
-اللى انت عايزه يا فريد بيه هيحصل متقلقش ..
ثم استأذنته فى الخروج هاربه منه تحاول التفكير فى حل للخروج من ذلك المأزق قبل فوات الاوان .
لم يستطيع المكوث فى منزله لأكثر من ذلك فهو يشعر ان تلك الاثنا عشر الساعه القادمه لا تمضى وعقارب الساعه لا تتحرك لذلك التقط معطفه ومفاتيح سيارته واتجه نحو الخارج ، بعد قليل وصل إلى مكانه المعهود وجلس به ولكن لن يطلب اليوم شرابه المعتاد ، يريد شئ يجعله يفقد وعيه بشده حتى لا يستطيع التفكير بها ، التقط الشراب ثم تجرعه مره واحده قبل ان يخفض الكأس ويضعه على طاوله البار ويطلب كأساً جديد ، اللعنه حتى ذلك الشراب القوى لم يستطيع اخراجها من عقله ، هذا ما فكر به بألم وهو يخرج صورتها من جيب ردائه ، كم انها جميله وبريئه !! هل تعلم انها تمتلك اجمل عيون رأها يوماً ؟!!،، كم تبدو بعيده وطاهره بقدر ذنوبه واخطائه ، ها هى تقف امامه فى تلك الصوره التى التقطها لها منذ زمن بعيد بنظرتها  الحالمه ، هل تعلم انه يحفظ جميع نظراتها عن ظهر قلب ؟!، لا ولا يعتقد ان هناك احد اخر يفعل ذلك حتى ذلك المدعو محمود !! ، لا يعلم لماذ تذكر الان ذلك السؤال الذى رمته به منذ سنوات عديده عندما أعلنت لاول مره عن كرهها القوى له مستنكره ، فى ذلك الوقت كان يشعر بصدمه شديده من مشاعر الكره التى اطلقتها نحوه وبقوه غير عابئه باحساسه او بما شعر به حينها لذلك لم يستطع الاجابه على سؤالها ولكنه تذكره الان ، هل حقاً يحبها ام انه فقد يريد تملكها ، لقد تخطت مشاعره مصطلح الحب منذ أعوام ، كان ذلك ما يشعر به فى طفولتهم وكلما كبر عام كلما كبر حبها داخل قلبه حتى اصبح متغلغلاً داخل دمه وكيانه ، فكر بألم هل يؤلمه ذلك الحب ؟، انه يسحق روحه ، فى كل مره ترميه بنظره كره يشعر وكأن شاحنه كبيره مرت فوق قلبه لتحوله الى اشلاء وتترك به عاهه مستديمه لا يستطيع احد مداواتها غير تلك المتسببة بها ، هل يسخط عليها ؟؟ ، ان انتزاع قلبه بيده اهون عليه من ان يسخط عليها او يتحول ذلك الحب إلى اى شئ اخر غير الحب ، وايضاً كيف يستطيع انتزاع قلبه وإخراجه وهى تسكنه ، سينتظر كما انتظر دائما ، وسيدعو الله كما يدعو دائما عل يوم من الايام يتغير قلبها لحبه اليست القلوب بيده يغيرها كيفما يشاء اذا سينتظر .. 
اعاده من افكاره يد شخص ما حطت على كتفه بحنان ، تمتم بأمل ما بين الصحو والغفله :
-حياة !!!
لوت نجوى فمها بأحباط قبل ان تجيبه بغيظ :
-لا انا مش ست الحسن بتاعتك .. انا نجوى يا فريد .. نجوى ..
رفع رأسه لينظر إليها ثم حرك يده ليزيح كفها من فوق كتفه بضيق قبل ان يتمتم بنفاذ صبر :
-عايزه ايه يا نجوى انا مش فايقلك .. 
اجابته برجاء :
-عايزاك تسيب نفسك ليا شويه وتنسى البتاعه بتاعتك دى شويه.. 
 اقبض بيده على معصمها بقوه متمتاً بتهديد :
-قلتلك ميه مره قبل كده متجبيش سيرتها على لسانك ال.... ده !! فاهمه ولا لا ..
شعرت نجوى بأنها تخسر فى تلك المعركه للمره الالف لذلك حاولت تغير مجرى الحديث ، فاقتربت منه تحاول وضع يدها فوق صدره تتحسسه بأغراء متمته:
-طب بقولك ايه الجو هنا خنيق اوى ما تيجى نكمل السهره فى الفيلا عندى .. كده كده بابى ومامى لسه مسافرين ..
ابتعد فريد عنها وهو ينظر لها بأشمئزاز واضح :
-انتى هتفضلى سهله كده لحد امتى !! حرام عليكى ابوكى با شيخه !! انضفى بقى شويه ..
صرخت به بغضب وهى تجيبه :
-انت عارف كويس انى بعمل كل ده ليك انت بس عشان بحبك ..
نظر لها فريد بأستهزاء قبل ان يضيف :
-انتى مبتزهقيش من الاسطوانه دى !! قلتلك مليون مره وانا مبحكيش .. خلى عندك كرامه بقى وحلى عنى .. 
حاولت مسك ذراعه لمنعه من تركها والذهاب ، أغضبه ذلك كثيراً فهو يكره ان يلمسه احد او ان يتعدى على مساحته الشخصيه وهى فعلت ذلك الليله مرتين متتاليتين ، اقبض على معصمها بقوه جعلتها تصرخ متالمه ولكنه لم يبالى بل واصل ضغط يده فوقه يدها بقوه اكثر جعل وجهها يشحب من شده الالم ، وعندما اخرج صوته كان هادئاً ولكن مملؤ  بالغضب :
-قلتلك ميه مره متلمسنيش .. زى ما قلتلك برضه قبل كده لعبتك الرخيصه دى تروحى تلعبيها على حد غيرى .. مش على اخر الزمن واحده ..... هتضحك على فريد رسلان !! ولا انتى مش مكفيكى فلوس ابوكى دى كلها فقلتى اضحك عليه واهو يبقى زياده الخير خيرين !!! طلعينى من دماغك عشان انا صبرى عليكى بدء يخلص .. وانتى مش هتحبى تشوفي الوش التانى منى .. 
انهى حديثه بحزم ثم نفض يده من فوقها بأشمئزاز قبل ان يترك لها المكان بأكمله ويخرج عائدا بتفكيره إلى تلك الحياة خاصته .. 

*************

عاد إلى منزله ثم توجهه مباشرةً إلى غرفته ، القى بثقل جسده المتعب فوق الفراش  ، فى الحقيقه لم يكن جسده هو المتعب بل روحه ،  أغمض عينيه بأرهاق سامحاً إلي سيل الذكريات بالتدفق بقوه داخل عقله لتسحبه داخل دوامه من الالم والحسره والكثير من الشوق للماضى ، حاول نزع نفسه منها ولكن الاوان قد فات فيبدو انها ستنتصر عليه كعادتها كل ليله دون حيله منه  ، ظهرت امامه صوره والدته بوضوح وآثار الضرب المبرح واضحه عليها وهى تمسح على شعره بحب  وتحدثه مازحه بنبرتها المليئة بالحنان :
-انت بتحب حياة اكتر منى يا فريد .. اول ما بتفتح عيونك بتسالنى عليها .. حتى قبل ما بتقولى صباح الخير .. 
أجابها بثقه وحزم يفتقده جميع اقرانه المماثلين له فى العمر :
-لا انا بحبكم انتوا الاتنين قد بعض .. انتى بابا بيكرهك وهى بباها بيكرهها .. وانا لما اكبر هاخدكم انتوا الاتنين واهرب بيكم ومحدش هيعرف يضايقكم تانى .. 
نظرت إليه والدته بأنبهار من نظره الإصرار التى رمقها بها فهو منذ صغره ورغم ضأله حجمه فى ذلك الوقت الا انه كان يتمتع باراده قويه ، ومع مرور الوقت تعلم كيف يطوع تلك الهبه حتى ينحنى كل شئ يريده امامها ببساطه ، ابتسمت والدته إليه بحب قبل ان تقول له بعيون لامعه محاوله اخفاء الالم الكامن بداخلها  :
-لو بتحبها اوى كده يا فريد لازم تحافظ عليها وتحميها من نفسك .. 
صمتت قليلاً تستجمع كلماتها ثم اضافت كتقرير  :
-انا عارفه انك لسه صغير على كلامى ده ويمكن متفهموش .. بس انا خايفه مفضلش معاك لحد ما تكبر وتفهم اللى بقلهولك ده  .. 
صمتت مره اخرى  لتزدرد ريقها عده مرات وتحاول السيطره على دموعها التى اوشكت بالاعلان عن نفسها :
-اللى بيحب حد يا فريد مبيقدرش يعذبه .. ولو حبك ليها زى ما بتقول حقيقى يبقى عمرها ما هتهون عليك .. اوعى يا فريد دم غريب اللى بيجرى فى شرايينك ده يسيطر عليك وتفكر فى يوم من الايام تأذيها بحجه انك بتحبها .. 
هز راسه لها بقوه كأنه يحاول حفظ كلماتها داخل عقله حتى لو لم يستوعبها الان ..

زفر بقوه  ثم مرر يده فوق وجهه قبل ان يفتح عينيه بمراره  .. لقد استوعب فى اليوم التالى كلمات والدته له بأقسى طريقه ممكنه لطفل فى عمره وعلى يد والده أيضاً ، ومن ذلك اليوم أقسم على دفع حياته ثمن قبل ان يقوم بأذيتها فهى كل ما تبقت له من ذلك الماضى السحيق ..

********* 
استيقظت حياة فى الصباح بقلب مثقل ، فكرت بيأس انه لا فرار من تلك المواجهه ، فقلبها يحدثها بأن والدتها على علم بكل ما حدث معها بالامس ، فمنذ المساء ووالدتها تحاول الوصول إليها هاتفياً  وبمجرد دخولها  للمنزل  اقتحمت غرفه حياة على الفور ولكن الاخيره تظاهرت بالنوم فور سماعها اقدام والدتها خارج غرفتها ، تحركت حياة على مضض ، اتجهت إلى الحمام مباشرة فلم تصادف احد فى طريقها وذلك لحسن حظها ثم عادت مره اخرى لغرفتها تستعد  لارتداء ملابسها والخروج ، بعد قليل كانت قد انتهت من ارتداء جميع ملابسها وتمشيط شعرها ، نظرت إلى المرآه بحزن ، ففى ظروف اخرى كانت لتبدو سعيده بأن كل مجهودتاتها فى الثلاث سنين الاخيره توجت اخيراً بالنجاح ، ولكن الان كل ما تشعر به هو الحزن مع الكثير والكثير من تأنيب الضمير بسبب ما حدث مع محمود البارحه ،  وكل ذلك بسبب ذلك المدعو فريد وهوسه فى التملك ، إعادتها والدتها من افكارها باقتحامها غرفتها بحده ، تنهدت حياة بأحباط ، اذا فكل شكوكها صحيحه فملامح والدتها تبوح بكل ما يعتمر داخل راسها دون حديث ، لوت حياة فمها بأحباط قبل ان تأخذ مبادره الحديث:
-واضح انك عرفتى باللى حصل امبارح ..
اجابتها والدتها بجديه :
-مقالش تفاصيل ..
تنهدت حياة بحزن قبل ان تقص عليها كل ما حدث معها البارحه وما فعله فريد  بمحمود وحالته الصحيه وايضاً تركها له ، شهقت والدتها برعب من بطشه فلم يكفيه ما فعله ولكن أيضاً قام بتهديدها ، كانت تريد لوم ابنتها على طيشها وعنادها الغير مبرر معه ولكنها تراجعت فور رؤيتها الدموع المتكونه داخل عيون ابنتها بوضوح، تحركت حياة للخارج وتبعتها والدتها بصمت ، صادفت اخيها يستعد للخروج هو الاخر ، ابتسم لها بعذوبه وهو يلقى عليها تحيه الصباح ، قبل ان يسألها بأهتمام :
-مالك ؟!.. فى حد قالك حاجه زعلتك ؟!.. 
ثم أشار برأسه حيث غرفه والدهم ، هزت حياة رأسها بالنفى قبل ان تقول :
-انا عطيت محمود المحبس بتاعه .. 
عبس اخيها قبل ان يسألها مستنكراً :
-انتى لحقتى !!! ده مكملتيش يومين !! ايه السبب ؟!.. 
حاولت حياة تغير مجرى الجرى فأجابته بنفاذ صبر :
-هحكيلك بعدين بس يلا عشان منتأخرش ..
اخيها :
-طب يلا انا كمان نازل معاكى تعالى اوصلك ..
ثم تحركا معاً للخارج ، وفى الطريق سألته حياة بأهتمام :
-عامل ايه فى الشغل وبعدين انتى نازل بدرى ليه مش ميعادك يعنى ؟!..
أجابها اخيها بتذمر :
-حياة انا خلاص قرفت .. ضغط شغل مش بيخلص والراجل المدير ده مش بيرحم كأنه اشترانى .. حتى النهارده طلب منى اروح بدرى عشان اخد فلوس واوديهاله البنك مع ان ده مش من مهامى واول مره يعملها ..
عبست حياة قبل ان تفتح فمها لمواساته:
-معلش يا محمد اصبر عليا شويه كمان ان شاء الله هلاقى فرصه للسفر وهاخدك معايا انا مش ساكته ويمكن ربنا يكرم فى اقرب فرصه ..
هز لها اخيها رأسه مطيعاً قبل ان يضيف :
-طب انا هسيبك هنا عشان متأخرش على الراجل ده والحق ميعاد البنك وانتى خلى بالك ولو احتجتى اى حاجه قوليلى.. 

ابتسمت له حياة بحنان قبل ان تلوح له مودعه وتستمر فى طريقها .
كان محمد هو اخيها الأصغر وبالرغم من ذلك كان يتعامل معها على انه يكبرها بسنوات ، كان حنون معها بطريقته الخاصه ، كان دائما ما يأخذ صفها عند نوبات غضب والدها وفى المساء اثناء عودته يجلب لها نوع الشيكولا المفضل لديها ويحاول دائما اخراجها من حزنها ، بالطبع لم يكن السند الذى تستطيع اخباره بمشاكلها وما يفعله معها فريد ولكنه كان يحاول حبها بكل ما يملك ..  

*************

وصلت حياة إلى مكتبها قبل ميعادها الرسمى  بعشر دقائق تقريباً فبدئت فى تحضير ملف الاجتماع على الفور ، بعد حوالى ساعه تفاجئت برب عملها يدلف إلى غرفه مكتبها بعبوس ، حييته بأحترام قبل ان تسأله بأرتياب وهى ترى ملامح وجهه المتجهمة امامها :
-فى حاجه اقدر اساعد حضرتك فيها يا مستر رؤوف ؟؟!.. 
بدء الارتباك يظهر جلياً على ملامح وجهه ، فتح فمه للتحدث ولكنه اغلقه مره اخرى ، ظلت حياة تنظر له وقد اتنقل إليها توتره ألياً فملامح وجهه لا تُبشر بخير ، تنحنح اخيراً لتنقيه حلقه قبل ان يتحدث إليها :
-حياة .. انتى عارفه انك من احسن الموظفين اللى عندى .. وانا فعلا بعزك وبحترمك وبتمنى كل الموظفين يكونوا فى نشاطك وذكائك وخوفك على الشغل .. بس انا اسف ومضطر اقولك اننا استغنينا عن خدماتك .. وكتعويض ليكى هنصرفلك ٣ شهور مكافأه .. 
نظرت له حياة بصدمه تحاول استيعاب ما تفوه به للتو ، هل هذه مزحه سخيفه ؟!، لا فملامح وجهه وارتباكه لا يدل إطلاقاً على انه مزاح ، كما انها ليست كدبه ابريل فنحن على اعتاب الشتاء !، صمتت قليلاً واخفضت راسها محاوله السيطره على الدموع التى تجمعت داخل مقلتيها ثم بعد قليل رفعت رأسها وهى تبتسم له وتقول :
-تمام .. قدر الله وماشاء الله فعل ، مفيش اى مشكله وانا اكيد سعيده انى اتعرفت على حضرتك واكيد اتعلمت من حضرتك حاجات هتنفعى فى سيرتى الذاتيه .. اسمحلى بس الم حاجتى وأتحرك ..
ارتبك وهو واقف امامها ولم يدرك ما يجيبها به فقد اعُجب بقوتها ورد فعلها الثابت ، فكر متعجباً لماذا يفعل ذلك الملعون فريد كل ذلك معها ، على كل حال هذا ليس من شأنه يكفيه ما تحصل عليه منه منذ ان قام بتعيينها حتى الان وذلك هو المهم ، خرج من غرفتها بعد ان وضع مغلف امامها وانصرف دون وداع ، انتظرت حياة خروجه بفارغ الصبر حتى تستطيع الارتماء فوق المقعد والتفكير بتلك المفاجئه التى قلبت موازين يومها ففى اثناء استعدادها لتشغل منصب جديد وجدت نفسها خارج المؤسسه باكملها ،على كلاً  حاولت تشجيع نفسها ففى الاخير كل ذلك رزق من الله وهى لديها من الخبره والمؤهلات ما يؤهلها للتعيين فى اى شركه اخرى بسهوله ، بالطبع كانت تلك من افضل شركات الملاحه فى الاسكندريه ولكنها لن تجزع ، ستجد فرصه افضل ان شاء الله ، اخذت حاجياتها وهمت بالانصراف عندما اوقفها رنين هاتفها ، نظرت به وإذا بوالدتها هى الطرف الاخر ، تجاهلت اتصالها فى المره الاولى ولكن والدتها كانت تعاود المحاوله دون انقطاع ، التقطت هاتفها وأجابت بحزن فجائها صوت والدتها باكياً :
-حياة .. الحقى محمد اخوكى ..
كانت تشعر بالأرض تدور بها من شده الفزع ، خرج صوتها هامساً تستفسر : 
-ماما !!!! حصله ايه !!! محمد حصله حاجه !!! ماما !!! ..
إجابتها والدتها وهى لازالت على بكائها :
-هو كويس بس تعالى على شغله دلوقتى حالاً .. حالاً يا حياة .. اخوكى فى مصيبه ..
تحركت حياة تلقائياً تركض نحو الخارج كأنها انسان ألى دون روح ، استقلت اول سياره أجره صادفتها فى طريقها وصوت كلمات والدتها يتردد فى اذنها بقوه ، ضرب ألف احتمال واحتمال رأسها فى تلك المسافه من مقر عملها لعمله ، حاولت طمأنت نفسها ، المهم انه لم يصيبه مكروه ، أى شئ اخر يمكن تفاديه المهم الا يصيبه مكروه ، هذا ما فكرت به بيأس وهى تركض الدرج للاعلى حيث مقر الشركه التى يعمل بها ، دفعت الباب بيد مرتعشه فألتقطت عينيها على الفور والدتها تجلس بعيون منتفخه من كثره البكاء على احدى الارائك الموضوعة فى مدخل الاستقبال ويجلس إلى جوارها اخيها بملامح مرتعبه ، رفعت رأسها قليلاً وإذا بها ترى شخص تعرفه جيداً يستند بكسل وملامح مسترخيه على حافه احد الابواب وبجواره يقف مدير اخيها ، لم يكن الامر يحتاج إلى الكثير من الذكاء لمعرفه من المتسبب بكل ذلك الذعر الذى تمر به عائلتها ،  تمتمت بغضب توجهه نظراتها المشتعله إليه :
-انت !!!..
ثم تحركت تركض حتى وصلت إليه وأخذت تلكمه فوق صدره بكل ما أوتيت من قوه وهى تصرخ به كأنها بذلك تفرغ جميع شحنات الغضب المتكونه بداخلها منذ البارحه :
-انطق عملت فيهم ايييه تانى !!! انت ايه مش بتشبع تعذيب فى الناس !! عملت ايه فى اخويا انطقققق ..

كان فريد يقف امامها بثبات كأنها تسدد تلك اللكمات للهواء وتصرخ بشخص اخر وليس هو نفسه ، بعد قليل شعرت بقوتها تنهار فتوقفت عن لكمه وهى تلهث فتحدث هو بصوت ثابت وعميق :
-لو خلصتى الدراما اللى عملتيها ياريت تتفضلى معايا جوه .. 
لم تتحرك من مكانها فأضاف بنفاذ صبر لجذب انتباهها:
-عشان اخوكى ..
التفت تنظر إلى والدتها بعيون حائرة  فاومأت لها براسها مشجعه ، تحرك هو اولاً وتحركت حياة فى اثره دون اعتراض او حتى سؤال ، فتح لها باب غرفه ما وتركها تتقدمه ، دلفت حياة إليها اولاً تتفحصها ، كانت الغرفه مؤثثه جيداً وواسعه يبدو انها غرفة المالك ، قاطع افكارها صوت فريد الذى اغلق الباب فور دخوله يطلب منها الجلوس ، رفضت على الفور ،وهى تفكر بقلق ما الذى يمكن ان يجمعها به ويخص اخيها ، ولماذا تشعر بأنها كبش يُجر إلى الذبح ، استند فريد على حافه المكتب يراقب تعابير وجهها ونظراتها الحائرة بهيام ، يالله كم يعشقها ، هل تعلم كم هى جميله ورقيقه وهى تقف امامه الان ترتدى جاكيت بدله نسائيه من اللون الاسود وبنطال من الجينز فتبدو شابه وقويه ، وشعرها الفحمى الناعم مرفوع على هيئه ذيل حصان ، انها حقاً تبدو كمُهره اصيله متمرده حتى تلك اللحظه لم يستطيع ترويضها ، لوى فمه بمرح مفكراً ومن قال انه يريدها مروضه!!! انه يريدها بكل عنفها وكبرها وتمنعها عليه ، اعاده من تأملاته صوتها الرقيق تسأله بحده :
-هنفضل واقفين طول اليوم تبصلى كده !!! ..
ابتسم بمرح قبل يجيبها :
-انا شخصياً معنديش اى مانع افضل واقف سنين مش بس يوم أتأملك .. بس عندك حق الايام جايه .. خلينا فى المفيد ..
نظرت له برعب واضح من تلميحه المبطن ولكنها تجاهلت ما يخبرها به عقلها فقالت بهدوء مصطنع يشوبه التحدى :
-سمعاك ..
تنحنح فريد ثم تحدث مباشرةً :
-محمد ..
سألته حياة بأرتياب :
-ماله ؟!...
أجابها ببرود يخرج فقط من انسان ألى وليس انسان يمتلك مضخه دم وشرايين :
-ولا حاجه .. بس أختلس من الشركه ٥٠٠ الف !!  دولار ..
نظرت له حياة بأستهزاء :
- هزار .. انت حد فاكر ان دمه خفيف فسايب اعماله وإشغاله وجايبنى عشان تهزر !!..
هز فريد راسه لها ببطء صادراً صوت من فمه ينم على الاستياء :
-غلط .. اجابه غلط .. المفروض الاجابه اللى اسمعها انا موافقه انى اتجوزك يا فريد ..
نظرت له حياة بصدمه واضحه دون ان تنبث ببنت شفه ، انتظر فريد صدور رد فعل منها لمده دقيقه ولكن لم تفعل ، اضاف بنفس بروده المعتاد بعد ان وضع إصبعه فوق فمه متفكراً :
-اعذرينى ، يمكن حماسى خلانى انط للجزء ده قبل ما أسمعك باقى عرضى .. دلوقتى اخوكى محمد اختلس من الشركه اللى شغال فيها ٥٠٠ الف دولار ، وطبعا انتى ماخدتيش بالك ان فى ناس واقفه بره شهود شافوه وهو بياخد الفلوس من الخزنه وبيحطها فى شنطه وبعدين الشنطه بالفلوس اختفوا .. ها ايه رايك محمد يتحبس ولا تتجوزينى !! 
تمتمت حياة بخفوت مقره كأنها تتحدث لنفسها قبل ان تتحدث إليه وتحاول حل تلك الاحجيه فى راسها :
-المدير اللى بره ده الكلب بتاعك مش محتاجه تفكير .. 
صمتت لبرهه ثم اضافت وهى تضيق عينيها :
-والفخ ده مترتبله من زمان عشان كده طلب منه ان يجى قبل ميعاده ويوصله الفلوس للبنك على غير العاده..

ابتسم فريد بعمق قبل ان يرفع كفى يده يصفق لها باسلوب درامى :
-ذكائك كل يوم بيزيد كنت خايف بعدك عنى السنين دى كلها يقلل منه بس بالعكس طمنتينى عليكى ..
نظرت اليه بأشمئزاز قبل ان تقول :
-انت ازاى كده !! انت بقرف منك وبكرهك .. فاهم يعنى ايه بكرهك والموت اهون عندى من انى اتجوزك ..
وضع يده فوق قلبه بتمثيل قبل ان يجيبها :
-زوجتى المستقبليه .. كلامك جرح قلبى بس مش مهم هعتبره خجل منك برضه احنا يادوب لسه مخطوبين من ساعه وشويه وهتتعودى عليا ..
صرخت به حياة بقوه وقد بدءت تفقد أعصابها امامه : 
-هلاقى حل .. السجن ارحملى .. هقول ان انا اللى اخدتهم مش هو ..
أجابها بثقه :
-الشهود ضده والكاميرا سجلت وهو بيفتح الخزنه وبياخدهم مش انتى ..
صرخت به مره اخرى :
-هتصرف وادفع المبلغ:
هز راسه لها رافضاً قبل ان يفتح فمه ويقول :
-ومين قال اننا عايزين المبلغ هو عرض واحد .. جوازنا قدام سجنه ..

شعرت حياة باللعبه تضيق عليها وها هى على وشك الخساره ، التفتت حولها تبحث عن شئ ما تجلس عليه ، اتجهت إلى الاريكه الموضوعه بعنايه وجلست عليها ثم انحنت ووضعت كلتا كفيها فوق راسها وهى مغمضه العينين تحاول التفكير بهدوء او ايجاد مخرج ما ، فكرت بيأس ، اللعنه !! إلى من تلتجئ ، ليس لديها احد ما يحميها منه فوالدها يلومها على ما تفعله وما لا تفعله وبالطبع ينتظر اليوم الذى يتخلص به منها ، فما بالك بشخص غنى كفريد ، والدتها أيضاً لن تسعفها ، فهى لا حول ها ولا قوه ، أتترك أخاها للسجن وهى تعلم انه مظلوم ، هل سيتعفن داخل جدرانه وينتهى مستقبله من اجل حربها مع فريد ، لا لن تكون بتلك الانانيه ، ثم انها لا تفرط به  ، شعرت بوخز الدموع يزداد داخل مقلتيها وهى تفكر بحزن لو ان لها قوه ، حاولت السيطره على دموعها فالقرار واضح ، ستحمى أخاها حتى لو على حساب ربط ما تبقى من حياتها باسم رجل تبغضه ، فكرت بأمل وهى تحرك راسها يميناً ويساراً ، ستسايره فى خطته حتى تُهرب أخاها خارج البلاد وتحمى والدتها ثم تتركه وتهرب ، هذا هو الحل الوحيد ، لن تستسلم له ولكن ستنحنى للعاصفه ، نعم ، طمأنت نفسها داخلياً هذا كل ما ستقوم به ، لن تنهزم فقط ستنحنى حتى تتفادى تلك العاصفه الغير متوقعه ، جائها صوته قريباً منها يحدثها  :
-قدامك نص ساعه والا البوليس هيكون جوه الشركه ..
انتفضت من مقعدها تصرخ به :
-خلاااااص موافقه بس بشروط ..
عقد حاجبيه معاً وهو يكتف كلتا ذراعيه فوق صدره ويسألها بتركيز:
-ايه هى شروطك ؟!.. 
اجابته بثقه مزيفه وهى تحاول رفع راسها بكبرياء :
-وصلات الامانه اللى مضيت بابا عليهم وساومت ماما بيهم يتقطعوا قبل كتب الكتاب .. وطبعا مش محتاجه اقول ان من بكره ماما توقف شغل عندك .. 
راقبت رد فعله بهدوء بسيط اكتسبته من نظرته الحانيه، حسناً ان كان يريد المساومه فهى أيضاً ستساوم وتبدء فى تتفيذ خطتها منذ الان .. 
أومأ راسه لها موافقاً وهو يتمتم :
-اللى انتى عايزاه .. 
اكملت حياة بثقه اكبر :
-الشرط التانى .. تكون ليا اوضه لوحدى خاصه بيا ومحدش معاه مفتاحها غيرى وده من اول يوم جواز .. انت فى مكان وانا فى مكان .. 
نظر لها مطولاً يتفحصها قبل ان تضيق عينيه عليها ويسألها :
-يعنى ايه ؟؟ .. 
اجابته مفسره :
-يعنى اللى فهمته .. مفيش حد عنده كرامه ممكن يقرب من واحدة مش طايقاه .. 
دوت ضحكته عالياً بشراسه داخل أنحاء الغرفه قبل ان يقول :
-لا انتى بتهزرى !! .. انا استنيت كل ده عشان اتجوزك وملمسكيش .. لا ومتوقعه منى انى اقبل كمان .. طبعا شرطك مرفوض .. 
صرخت به حياة وهى تنظر فى اتجاه المكتب الواقف امامه :
-وانا قلتلك الموت اهون عليا من انى اتجوز واحد زيك ..
ثم تحركت مسرعه تلتقط أله فتح المظروفات الحاده من فوق المكتب وتضعها فوق شريان رقبتها وتضيف :
-اقسم بالله يا فريد هموت نفسى قدامك واريحهم وارتاح ومش هتقدر تهددهم بعد موتى .. 
 شعرت فى اللحظه التى نطق بها برفضه بأنها فقدت السيطره على اعصابها تماماً ، حتى جسدها خرج عن نطاق سيطرتها فلم تستطيع توقيف ارتجافه ، حاولت التوقف عن الصراخ ولكن دوى جدوى فكل ما شعرت به فى تلك اللحظه انها تريد الصراخ بكل قوتها حتى تُنفس عن كل ما شعرت به منذ البارحه : 
-انت ايييه !! انسان مش بيرحم !! مش كفايه اللى عملته فى محمود امبارح ومش كفايه اللى عملته قبله فى امى !! انت عمال بتدمر حياة اى حد قريب منى لمجرد انه يعرفنى .. انا بكرهك وبكره اليوم اللى شفتك فيه والساعه اللى قدرى وقعنى فيها فى طريقك .. انا عايزه اموت عشان ارتاح من انك دايما واقف فى طريقى ..
ظل فريد يراقبها وضغط يدها يزداد تدريجباً فوق عنقها دون وعى منها ، تقدم خطوه للاقتراب منها ولكن صراخها الذى ازداد أوقفه :
-اوعى تقرب .. لو فكرت فى يوم تقرب منى او تجبرنى هموت نفسى ..
كان يرتعد داخلياً خوفاً عليها ، اللعنه عليه ماذا فعل بصغيرته وحياته ، انها على وشك فقدان الوعى من شده رعبها وتلف اعصابها ، هل هذا ما يريده لها ؟!، ولكن تلك فرصته الاخيره حتى تصبح زوجته فمنذ سنوات وهو ينتظر موافقتها ولكن دون جدوى حسناً سيكفيه ان تعيش تحت سقف بيته ويراها يومياً ، نظر إليها فوجد يدها تضغط بقوه اكثر على الاله الحاده حتى بدءت بعض الدماء تزحف نحو عنقها ببطء فصرخ بفزع :
-تماااام .. خلاص موافق بس اهدى وسيبى اللى فى ايديك دى .. 
نظرت إليه بعدم تصديق ، بينما يحاول هو الاقتراب منها ولكنها صرخت به بقوه :
-قلتلك متقررربش مننى .. 
توقف فريد عن السير وتراجع خطوه للوراء وهو يرفع كلتا يديه امامه فى استسلام ويتمتم بحزن :
-مش هقرب بس انتى اهدى وسيبى اللى فى ايديك ..
تمتمت حياة :
-مش مصدقاك ..
أجابها فريد والالم يعتصر قلبه :
-والله ما هقرب منك .. 
سالته حياة مستنكره :
-احلف بأغلى حاجه عندك .. احلف برحمه ماما رحاب ..
ازدرد فريد ريقه بصعوبه قبل ان يتمتم بحزن وصدق حقيقى :
-ورحمه امى ما هقرب منك .. وحياتك عندى ما هقرب منك غصب عنك ابداً ..
أفلتت حياة الاله من بين يديها فسقطت على الارض الخشبيه تدوى بقوه وسقطت حياة بجوارها تشهق وتبكى بكل ما أوتيت من قوه ، تحرك فريد يجلس جوارها بصمت دون محاوله للمسها ، ظل يجلس جوارها حتى هدئت تماماً من نوبتها ثم وقفت فجأه وتحركت فى اتجاه المرحاض لتنظيف وجهها وعنقها ، خرجت منه انسانه اخرى بملامح هادئه وقويه وبمجرد رؤيته يتحرك فى اتجاهها رفعت رأسها بكبرياء موجهه له نظرات ناريه ، ابتسم داخلياً من عوده متمردته مره اخرى ، سألها باهتمام :
-محتاجه حاجه ؟!.. 
هزت راسها نافيه وهى تنظر إليه بازدراء ، لوى فمه بنصف ابتسامه جانبيه التقطتها عيونها فسارعت تقول :
-انا بكرهك على فكره ..
تمتم فريد بمرح :
-مش مشكله .. تكرهينى وانتى فى بيتى وتحت عينى احسن من انك تكرهينى وانتى بعيد عنى ..
صمت لبرهه ثم اضاف :
-شفتى انا قنوع ازاى ؟!.. 
لم تعقب حياة على سخريته فقد كانت تفكر بخبث ان انتصاره ذلك مؤقت لذلك فلتتركه يستمتع به قليلاً ، تحركت فى أتجاه الباب تهم بالخروج عندما اوقفها صوته العميق يضيف :
-الفرح الخميس الجاى .. ده المهم انك تعرفيه غير كده انا هتولى  باقى الامور ..
كانت على وشك الاعتراض ولكنها تراجعت فكلما أسرعت فى الزواج منه وبدء خطتها مبكراً كلما تخلصت منه بشكل اسرع ، لاحظ هو الصراع الداخلى الذى تمر به والبادياً بوضوح على قسمات وجهها فأبتسم تلقائياً عند تراجعها ، فكر بفخرانه يحفظ تعابير صغيرته عن ظهر قلب ..

*************

فى الخارج نظرت حياة إلى والدتها التى استمعت إلى كل ما حدث مع ابنتها بالداخل ولكنها لم تستطيع التدخل فذلك هو التصرف الصحيح من اجل الجميع ، تمتمت حياة بنبره خاليه لجميع من بالغرفه :
-الفرح اخر الاسبوع ..
ثم التفتت تلقى نظره اخيره تطمئن بها على اخيها  قبل ان تنصرف دون حديث ..
مرت الايام سريعاً وجاء موعد عقد القران ، لم تقم او تهتم بأى شئ ولم يتركها فريد تنشغل بشئ ، حتى فستان زفافها التى ارتده بعد توسلات كثيره من والدتها كان من اختياره ، تم عقد القران فى الفيلا خاصته وسط حضور عدد بسيط من المدعوين ، ولكن فى النهايه كان كل شئ مثالى وراقى لاقصى حد تحلم به كل فتاه عداها ، هذا ما فكرت به حياة وهى تنظر حولها متأمله ، انتهت الحفله سريعاً ولم يحاول فريد خلالها الاقتراب منها او لمسها ، حتى بعد عقد قرانهم اقترب منها يطبع قبله بسيطه فوق جبهتها ثم ابتعد فوراً عند شعوره بتململها تحت قبضته ، انقضى الحفل وودعت حياة الجميع ثم جاء وقت توديع والدتها التى بكت من أعماقها قبل ان تتمتم هامسه فى اذن حياة:
-انا اسفه يا بنتى بس مكنش فى حل تانى ..
شددت حياة من احتضانها لوالدتها وهى تتمتم لها مطمئنه :
-عارفه وصدقينى مش مضايقه ..
كانت حياة صادقه فيما تفوهت به فهى لا تشعر بالضيق نحو اى منهم على الاطلاق فلقد اختارت حمايه أخاها دون أدنى ضغط من اى طرف ، وقرارها ذلك نابع من قلبها فقط ولو عاد الزمن لفعلت نفس الشئ مجدداً من اجله، ثم انها لا تدرى لعل ذلك هو الخير لها ، ربتت آمنه على شعرها وظهرها بحنان قبل ان تُقبل جبينها وترحل ، سألها فريد بنبره خاليه بعد رحيل الجميع  :
-تحبى تدخلى دلوقتى ؟!..
هزت راسها له موافقه دون اضافه ، دلفت حياة إلى الداخل ثم طلبت منه ان يريها غرفتها فوراً فهى تريد التخلص من ذلك الرداء بأسرع ما يمكن ، تقدمها نحو الدرج ليرشدها ثم توقف امام غرفه ما يفتحها ، دلفت حياة للداخل اولاً ثم تبعها فريد بهدوء ، كانت غرفه واسعه رائعه الجمال بألوانها الكريميه الهادئه مع أثاثها الخشبي المريح من الطابع الفيكتور ، اول شئ استرعى انتباه حياة هو وجود بابين داخل الغرفه ، سألته بتوجس وهى تشير برأسها نحو الباب الاخر :
-ايه الباب ده ؟!..
أجابها فريد بلامبالاه وقد وضع كلتا يديه داخل جيوب بنطاله :
-ده باب اوضتى ، او بمعنى اصح باقى جناحى ..
شعرت حياة بالدم يتدفق بقوه داخل عروقها فأجابته بنبره حاده :
-يعنى ايه الكلام ده !! وبعدين انت وعدتنى .
نظر إليها فريد مطولاً ظنت انه لن يجيبها قبل ان يقول :
-وانا لسه عند وعدى .. انتى طلبتى يبقى ليكى اوضه خاصه .. اهى اوضه خاصه بباب مقفول ومفتاحه معاكى ..
ضربت حياة الارض بقدمها من شده الغيظ وهى تصيح به :
-اوضه خاصه ازاى وانا فى نفس جناحك وبينى وبينك باب !!..
نظر إليها بتسليه قبل ان يجيبها قائلاً :
-الباب مقفول ومش هيتفتح الا بأذنك .. وبعدين المره الجايه ابقى حددى طلبك اكتر .. 
ثم تحرك دون انتظار ردها يدير قبضه الباب بيده ثم اختفى داخل غرفته ، نظرت حياة إلى اثره بغضب ، وهى التى ظنت انها ستقطن فى طابق غير الذى يقطن به ولكن كل ما تحصلت عليه هو جناح واحد والفاصل بينهم هو باب مشترك !!.. اللعنه على هفوتها فالخطأ منها ، كيف لم يخطر فى عقلها ان فريد سيتلاعب بالكلمات كعادته ويستغلها لصالحه ، تحركت بغضب نحو المرأه تقف امامها لبرُهه قبل ان تقوم بخلع فستان زفافها ، زفافها !! يالها من كلمه كبيره الان ، تأملت نفسها بالمرأة قليلاً ، لتكن واقعيه ان ذلك الفستان الدى ترتديه غايه فى الروعه تماماً كالذى حدثت والدتها عنه أياماً واياماً ، كأنه خرج من مخيلتها ليتجسد امامها ، رفعت يدها تتأمل ذلك المحبس الموضوع داخل إصبعها بعنايه ، لوت فمها بسخريه فأى فتاة اخرى كانت ستقفز فرحاً من فرط سعادتها لتحصلها على زوج غنى ووسيم كفريد فالحقيقه انه كان وسيماً للغايه ببدلته الانيقه وابتسامته الهادئه وعيونه العسليه التى تشع اصرار وقوه ، ولكن ذلك لا يشفع عن طباعه المهلكه ، ربما هى أيضاً اذا حدث ذلك منذ عشر سنوات او يزيد كانت لتفقز فرحاً لزواجها من حاميها الاول ولكن الان الوضع تغير وهاهى متزوجه من صديق طفولتها و نقمه حياتها ، حتى انه لم يعلق على مظهرها كأى عروس ، عنفت نفسها بقوه ، أتنتظر منه مدح او تعليق !!! ، ليحل البؤس والشقاء على حياتها قبل ان تنتظر منه شيئاً هكذا ، قاطع افكارها طرقات خفيفه على الباب المشترك فعلمت انه هو ، أغمضت عينيها واخذت نفساً عميقاً قبل ان تمسد على ثوبها الناعم وتتحرك لتواجهه ، وضعت يدها فوق المقبض ثم حركته ووقفت تنظر إليه بهدوء منتظره ان يدلو بما فى افكاره ، نظر إليها فريد مطولاً وهو يضع يديه فى جيويه مفكراً كم انها صغيره وجميله ، انها اميرته الخاصة ، هل تعلم كم تبدو فاتنه بذلك الفستان الابيض ؟!، بل هل تعلم كم حلم وتمنى تلك اللحظه ؟!، هل تعلم انه طوال حياته لم يقترب من اى امرأه اخرى فقط ينتظر إشارتها ، ان مظهرها الرقيق بنظرة عيونها الحائرة التى تفصح عن اكثر بكثير مما تصمت هى عنه تجعله يفقد السيطره على اعصابه وتفكيره ، تنحنح محاولاً تنقيه حلقه قبل ان يقول بنبره حانيه:
-انتى جميله اوى النهارده .. انتى جميله كل يوم وأجمل فى عينى يوم عن يوم بس النهارده جمالك من نوع تانى ..
شعرت حياة بالخجل من تفكيرها ايعقل انها علم ما كانت تفكر به منذ قليل ، اطرقت عينيها للأسفل تهرب منه حتى لا يرى ارتباك نظرتها ، لم يكن بحاجه إلى ان يراها ليعلم رد فعلها ، هذا ما فكر به وهو ينظر إلى احمرار وجنتيها ، حرك يده داخل جيب بنطاله يلتقط شيئاً ما ثم مد يده فى اتجاهها ، عبست حياة وهى ترى يده ممدوه امامها وهو ممسك بورق ما فوق ما يبدو انها قطعه قماش مطويه بعنايه ، رفعت راسها تساله وهى لاتزال مقطبه الجبين :
-ايه ده ؟!.. 
أجابها فريد بهدوء :
-ده الورق اللى يخص والدك وطلبتى منى أقطعه ..
تمتمت حياة متذكره :
-اه انا نسيت حكايه الورق ده خالص ..
أجابها فريد مبرراً :
-بس انا منستش .. انا وعدتك انى هنفذ اللى طلبتيه كله بس ملقتش فرصه اديهولك قبل كتب الكتاب لانك كنتى بتتهربى  من انك تشوفينى .. 
شعرت حياة بالخجل يزحف نحو وجنتيها مجدداً فهو محق فى ملاحظته تلك فطوال يومها حاولت التهرب من رؤيته او مصادفته بأى شكل كان ، اضاف فريد بثبات وقد تبدلت ملامحه :
-عمتا الورق قدامك اهو تقدرى تعملى فيه اللى انتى عايزاه .. 
مدت يدها ببطء تأخذ منه الاوراق مع قطعه القماش تاركه له المجال ليعود إلى غرفته ، توقف مره اخرى عائداً إليها ومتحدثاً بهدوء :
-حياة .. لو حبيتى تاكلى هتلاقى العشا تحت جاهز .. انا مطلبتش منهم يطلعوه هنا عشان متاكد انك مش هتحبى تتعشى معايا وطبعا مش منطقى من اول ليله هطلب منهم يطلعوا عشا لكل حد فينا لوحده ..
انهى حديثه ولم ينتظر تعقيبها ، بل مد يده يلتقط مقبض الباب المشترك بينهم ويغلقه  ، شعرت حياة بالخجل للمره الثالثه من حديثه ولكن لا لن تنخدع بكل ذلك ذكرت نفسها انه هو من ابتزها ليتزوجها ، اذا فليتحمل شروطها واسلوبها مهما كان فظ ، ثم انه لا يمتلك قلب مثل البشر ليشعر او يتالم ، تحركت نحو المنضده تضع الورق فوقها ثم منه الى خزانه الملابس لتبديل ثيابها ، فتحت الخزانه  قبل ان تشهق بصدمه ، انها تحتوى على الكثير والكثير من الملابس بألوانها واقمشتها المفضله لديها ، يالله لقد وقعت فى حبهم على الفور ، كيف استطاع معرفه ذوقها لذلك الحد ، ولكن لا ، ذكرت نفسها بحزم ، لن ترتدى من ملابسه فهاهى احضرت معها جميع ملابسها التى كانت تدخرها لزواجها ، ستستخدمها عوضاً عن تلك الملابس التى ابتاعها لها فهى لا تريد شيئاً منه ، التقطت احدى البيجامات الناعمه من حقيبتها ثم تحركت نحو الحمام لتبديل ملابسها ، فقط للاحتياط ، خرجت بعد قليل وقد بدلت ملابسها وأزالت اثار المكياج الذى غطى وجهها بعدما اخذت دشاً سريعا تريح به اعصابها وربطت شعرها على هيئه كعكه بسيطه وجلست على حافه الفراش بجوار المنضده بصمت تسحب الورق الذى أعطاه لها منذ قليل ، فتحته ووجدت توقيع والدها يقبع هناك بهدوء ، تنهدت بألم ثم قامت بتمزيقه إلى قصاصات صغيره ووضعته فى سله المهملات بجوار فراشها ، مدت يدها مره اخرى تلتقط قطعه القماش المطويه لتفتحها بأستغراب ، شهقت حياة من جمالها ، انه ليس اكثر من منديل عقد قرانهم ، لمعت عينيها بأنبهار فقد كان تحفه فنيه رائعه ، زُينت أطرافه بالجُبير الرائع ونُقش بداخله يدوياً  بخيوط من الذهب
"قلْبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتلِفي" 
فى بدايه الامر ارادت إلقائه مع باقى الاوراق فى سله المهملات ولكن براعه تنفيذه منعتها من ذلك ، لذلك قامت بطيهِ بعنايه مره اخرى ثم وضعته بحرص داخل احد ادراج خزانه ملابسها ، عادت إلى الفراش لتستلقى عليه فى محاوله فاشله منها للنوم ، تأفأفت بعد مده تنظر فى ساعتها فوجدتها تجاوزت الواحده صباحاً ، حسناً لن تستلقى هناك طيله الليل فيبدو ان كل محاولاتها البائسة فى النوم ذهبت جفاءاً ، أضاءت مصباح الغرفه قبل ان تقرر استكشاف الشرفه ، فتحت النافذه ودلفت إليها وإذا هى تشهق بسعاده ، فغرفتها مطله تماماً على البحر ، ابتسمت بقوه وهى تتقدم إلى الامام بداخلها حتى استندت على جدارها تستمع بذلك الهواء البارد الذى يلفح وجهها مُغلف برائحه الصوديوم المنبعثة بقوه من رذاذ البحر ، التفت يميناً تنظر إلى الضوء المنبعث فتسمرت مكانها ، ان شرفتها أيضاً مشتركه معه ، لقد قام بعزل الغرفه ولكنه ترك الشرفه مشتركه بينهم ، ارتبكت بشده عندما سمعت وقع خطوات تقترب منها آتيه من غرفته فعادت راكضه إلى غرفتها تغلق نافذه الشرفه خلفها جيداً وتندس داخل الفراش ، فكرت بحنق اللعنه عليه ان غضبها يزداد منه مع مرور الوقت فكيف ستتحمل عشرته كل ذلك الوقت حتى يأتى يوم الخلاص؟!.. 

***********

فتحت عينيها فى الصباح بثقل بعد نوم ليله متقطعه ، نظرت حولها وهى مستلقيه فوق الفراش تحاول اجبار عقلها على تقبل ما مرت به منذ البارحه حتى تستطيع التعامل مع كل تلك التغييرات ، زفرت بيأس فليس هناك أمل فى التظاهر بالنوم حتى يصبح كل شئ على ما يرام ، حثت نفسها على القيام ومواجهه قدرها فليست حياة من تتهرب من عقبات حياتها ، بعد قليل كان تقف امام مرأه غرفتها تصفف شعرها جيداً ثم عقدته للاعلى على هيئه كعكه بسيطه أبرزت نعومته ، لوت فمها بسخريه وهى تنظر فى المرأه تتفحص هيئتها البسيطه وهى ترتدى بنطال من الجينز الفاتح مع تيشرت قطنى خفيف  فكان مظهرها ابعد ما يكون عن عروس جديده ، تنهدت بثقل وقد عادت إليها تلك الافكار التى تحاول الهرب منها منذ البارحه ، كيف ستتعامل معه ؟!! فبرغم تظاهرها بالقوه امامه الا انها منذ البارحه تخشاه او بالأدق تخشى التواجد معه فى نفس المنزل فهى لا تعلم ردود افعاله عن اى شئ فعلاقتها معه انقطعت منذ ما يقارب الخمسه عشر عاماً ، وما تعلمه عنه فى تعامله مع غيره لا يبشر بخير إطلاقاً ، هل سيفى بوعده لها ام انه فقط يجاريها ؟! ، هل سيستخدم العنف معها مثلما كان يفعل والده مع والدته ؟!، كان هذا اكثر ما تخشاه فقد اصبحت الان فى عرينه بمفردها وليس لديها من يدافع عنها او يحميها من بطشه ، تذكرت بأمل ان دائماً لديها الله ، لذلك تضرعت له بقلب مفعم بالرجاء ان يحميها من بطشه وقوته ثم رفعت راسها بكبرياء تستعد لاستقبال اول يوم فى أسرها واول شئ قررت القيام به هو استكشاف سجنها، فتحت باب غرفتها بهدوء كانها تخشى إصدار اى صوت قد يُعلن عن وجودها فيذكره بها وكأنها ينساها !! ، 

التفتت يميناً ويساراً تبحث عنه فلم تجد له اثر ، تنهدت براحه ثم استأنفت طريقها للأسفل ، اول شئ لفت انتباهها بمجرد وصولها للأسفل هو كل تلك الاجساد الضخمه التى تقف متأهبه داخل الحديقه وعلى اعتاب المنزل الداخليه ، بالطبع لم يكن الامر يحتاج لذكاء خارق لتدرك ان كل هؤلاء الرجال للحمايه ولن تتفاجئ  اذا علمت ان نصفهم للحرص على إبقائها داخل جدران ذلك القفص ، اثناء تفحصها لهم استرعى انتباها زوج من العيون يتأملها بحذر التفتت حياة تتقدم للأمام وهى تدقق النظر فإذا بها ترى امرأه فى منتصف الثلاثينيات على اقصى تقدير ذات قوام متناسق ووجهه ابيض رائع الجمال ترتدى زى رسمى وتنظر إلي حياة بتفحص من راسها حتى اخمص قدميها ، توقفت حياة عن السير ولم تدرى لمً لم يُعجبها نظرات تلك المرأه لها !!، على كل حال سالتها حياة بفضول :
-مين حضرتك ؟؟!!!..
اجابتها المرأه بنبره رسميه خاليه من اى عاطفه:
-انا عزه .. مديره البيت هنا ..
لوت حياة فمها بيأس فيبدو ان أقامتها هنا لن تكون سهله على الإطلاق ، على كلاً هزت حياة كتفيها بعدم اهتمام ثم اكملت طريقها عده خطوات للأمام قبل ان تتوقف فجأه وتعقد حاجبيها معاً بعبوس وهى ترى احدى زجاجات الخمر موضوعه فوق بار للمشروبات بعشوائية ، لم تتخذ الكثير من الوقت قبل ان تقرر ما عليها فعله ، التفت خلفها مره اخرى توجه حديثها إلى تلك التى لحقت بها :
-مدام عزه لو سمحتى خدى الازايز دى بالكاسات بتاعتها أرميهم ..
اجابتها عزه بكبرياء محافظه على نبرتها الخاليه معها :
-اسفه يا هانم .. دى حاجات فريد بيه ومقدرش اتصرف فيها غير بأمره هو ..
رفعت حياة احدى حاجبيها باندهاش قبل ان تحرك راسها موافقه وهى تلوى طرف فمها بأبتسامه سخريه وتقول بأصرار:
-طب تمام .. تقدرى تندهيلى حد من الحرس اللى واقف بره دول .. بيتهيألى مش محتاجه اذن فريد بيه فى حاجه زى دى صح ؟!!!!.. 
نظرت إليها عزه بتشكك واضح قبل ان تتحرك نحو الحديقه ثم اختفت لثوان قبل ان تعود ومعها احد الأفراد مرتديا بذله سوداء ويحمل احد الاسلحه فوق خصره بوضوح ، تشدقّت حياة وهى تنظر إلى مظهره المرعب تشعر وكانها سقطت فى احدى دور المافيا الايطاليه !! ترى هل كل ذلك حلم ستفيق منه بعد قليل ؟!!،، كان ذلك اقصى أمانيها فى الوقت الحالى ، على كلاً أغمضت عينيها لبرهه قبل ان تفتحهم مره اخرى وتطلب من الحارس بهدوء :
-لو سمحت ممكن تجيبلى صندوق خشب مقفول او برميل ؟!.. عايزه اى حاجه متسربش مياة ..
أومأ لها الحارس على الفور بأحترام قبل ان يجيبها :
-حالاً يافندم ويكون عند حضرتك .. 
ثم تحرك للخلف وهو لازال يعطيها وجهه حتى اختفى عن الأنظار ، التفتت حياة مره اخرى بعد ذهابه  تسالها بنبره متحديه :
-عايزه جوانتى .. اكيد عندك ..
اومأت عزه لها براسها قبل ان تختفى هى الاخرى ، زفرت حياة بحنق وهى تفكر فى تلك المرأه وطريقتها العدائيه فى التعامل معها ، 

اعادها من افكارها عوده الحارس حاملاً برميل ازرق عميق فابتسمت حياة بسعاده ثم طلبت منه وضعه امامها والانصراف فنفذ على الفور دون جدال ثم بعد ذلك جاءت مدبره المنزل تحمل لها القفازات فارتدتها حياة على الفور ، همت بأمساك الزجاجه الموضوع فوق البار عندما شعرت بعيون تحدق بها ، التفتت حياة فوجدتها لازالت واقفه مكانها تراقبها ، قالت لها حياة بهدوء يشوبه الكثير والكثير من تمردها المعهود:
-على فكره تقدرى تتفضلى انا مش محتاجه حاجه ..
اومأت لها مدبره المنزل بنفاذ صبر قبل ان تتحرك للداخل بتردد وتتركها بمفردها وهى تعلم جيداً ما تنوى فعله .

*************

كان فريد يجلس فى غرفه مكتبه المطله مباشرةً على البحر خلف مكتبه الواسع فى مقعده الجلدى المريح يدقق فى احدى الملفات الموضوعه امامه عندما سمع أصوات تحطم قادمه من الخارج ، أرهف سمعه فإذا بها أصوات تحطم زجاج ، ركض على الفور نحو الخارج يتبع مصدر الصوت وقلبه ينتفض رعباً عليها ظناً منه ان احد اعدائه قد تجرأ على مهاجمه منزله ، صرخ بأسم احد الحراس بقوه مما جعل حياة تنتفض قبل ان يتوقف بصدمه وهو يرى صغيرته تقف بتحدى وهى تضع يدها فوق خصرها وتزم شفتيها للأمام ويدها الاخرى تلقى بما تحمله من زجاجات الخمر فى وعاء ازرق عميق ، جابت عينيه جسدها ونظرات الإعجاب ظاهره عليه ، كم سيسعده ترويضها ؟!.. هذا ان استطاع التفريط بها أساساً ، رفعت حياة راسها على صوته العميق الغاضب :
-حياة !!! هتجرحى نفسك !! .. 
استعادت هدوئها ثم نظرت إليه بعيون متحديه وهو يقف امامها يرتدى تيشرت ازرق يبرز عضلاته بقوه ويضع كلتا يديه داخل جيوب بنطاله ، رفعت حاجبيها مع نظره مغيظه له قبل ان تتحرك نحو البار تلتقط اخر زجاجه موضوعه به ثم رفعتها بتحدى امام عينيه وتحركت بها حتى توقفت امام البرميل مره اخرى وقامت بإلقائها من ارتفاع عالى فأصدرت ضجيج قوى من ارتطامها بالزجاج الملقى بداخله ، حاول كتم ضحكته امامها ولم تلاحظ هى بريق التسليه فى عينيه ، تنحنح لتنقيه حلقه وإخراج صوته حازماً :
-على اساس انك لما تكسريهم مش هعرف اجيب غيرهم تانى!! ..
عقدت كلتا ذراعيها امام صدرها ثم تحركت ببطء فى خطوات ثابته نحوه قبل ان تقف امامه مباشرة وترفع راسها بكبرياء حتى تصل لعينيه ثم تحدثت بنبره ثابته قويه عكس ما تشعر بداخلها تماماً وتقول :
-من اللحظه اللى اجبرتنى فيها على انى اكون مراتك ودخلتنى بيتك وبقى اسمى مرتبط بأسمك والبيت ده بقى بيتى انا كمان .. وانا معنديش استعداد لحظه واحده اقعد فى بيت بيتعصى فيه ربنا بالشكل ده .. وأوعى فى يوم تفكر ان قبولى بيك معناه قبولى لشياطينك دى .. البيت اللى هكون موجوده فيه لازم يكون نضيف .. 

صمتت قليلاً وهى ترى عرق خفيف بدء ينتفض فى جانب صدغه ولكنها كانت تغلى غضباً من كل ما حدث منذ البارحه ولن تستطيع التوقف الان ، اضافت محافظه على نفس نبرتها وتحديها :
-عايز تشرب هنا اتفضل .. بس ساعتها هتكون ملزم تجبلى بيت تانى اعيش فيه حتى لو اوضه واحده .. بس خليك متأكد انى هحارب على طهارتها بروحى .

أنهت حديثها وصدرها يعلو ويهبط امامها من شده التوتر والغضب معاً ، ظل فريد ينظر إليها مطولاً دون ان ينبث ببنت شفه وهى أيضاً لم تزيح عينيها من امام عينيه فقد كانت مسأله اراده بالنسبه لها وشعرت انها لو حركت عينيها بعيداً عنه معناه اعلان هزيمتها وهى ابداً لن تُهزم امامه ، ظلا هكذا لمده دقيقه ينظر إليها بشرر يتطاير من عينيه قبل ان تلين نظراته امامها وتتحول إلى شئ اخر يعلم انه لن يستطيع تحقيقه ولو بعد حين ولكن ليس بيده حيله فوقوفها امامه الان بكل ذلك التحدى يثيره إلى اقصى درجه ممكنه ، قاطع افكاره دخول الحارس يسأله بقلق  :
-فريد بيه .. فى حاجه حصلت  ؟!.

صاح به فريد بغضب بعد ان حول نظره عن حياة وقد تبدلت ملامحه ونبرته :
-مين الحيوان اللى دخل البرميل هنا ؟!. 
هبت حياة تجيبه بشجاعه وهى تنظر للحارس نظره ذات مغزى من وراء فريد قائله :
-محدش جابه .. انا اللى جبته لوحدى ؟!.. 
التفت فريد ينظر إليها نظره متشككه قبل ان يعود بغضبه للحارس :
-لما اسالك ترد علياااا !! .. مين اللى دخله هنا انطق !!! ..
فتح الحارس فمه ليجيب قبل ان يسكته صوت حياة للمره الثانيه :
-انا قلتلك انى جبته لوحدى .. روحت الجنينه جبته ورجعت .. 

بالرغم من نبرتها القويه ونظرتها الثابته فوقه الا انه استطاع ان يرى الخوف فى عينيها ، لانت نظرته امام حيرة نظرتها وطول أهدابها فوقهم، قاطع تأمله صوت مدبره منزله تقول فى وقار :
-فريد بيه .. الفطار جاهز ..
أجابها فريد دون ان يحول عينيه عن حياة التى التفتت تنظر إلى مصدر الصوت بتركيز بمجرد سماعه :
-تمام .. روحى انتى واحنا هنحصلك .

شدد على حروف جملته الاخيره بقوه مما جعل حياة تفكر فى الرفض اغاظه له ولكن كان لمعدتها رأيى اخر فهى لم تتناول شئ منذ صباح البارحه ، أشار فريد لها بيده نحو غرفه الطعام لتتقدمه فتحركت امامه فى صمت وكبرياء منتهزه الفرصه للهروب من الموقف ، التفت يحدث حارسه بنبره متوعده :
-حسابك معايا مخلصش بس خليه لبعدين .. 

انهى جملته ثم التفت يكمل طريقه ويتبعها ، دلفت حياة للغرفه فتفاجئت بعزة مدبره منزل تقف خلف الطاوله بهدوء ، توقفت حياة تفكر بيأس كيف ستتمكن بتمرير الطعام داخل حلقها فى ذلك الجو المتوتر المشحون ، كانت غارقه فى تلك الفكره فلم تشعر بتحرك فريد خلفها يسحب لها احدى مقاعد الطاوله للجلوس ، اندهشت من فعلته تلك والحقيقه انها أعُجبت بها فهى لم تتوقع ابداً ان يصدر منه مثل ذلك الفعل تجهاها بعد ما حدث بينهم منذ قليل ولكنها سرعان ما حذرت نفسها فهو يفعل ذلك فقط من اجل خداعها، تحركت تخفض جسدها قليلاً لتجلس غافله عن نظرات الحقد التى تخترق ظهرها ، بمجرد جلوسهم اومأ فريد لمديره منزله براسه متمتاً :
- تقدرى ترجعى للمطبخ مش محتاجينك معانا . 
لم يصدر منها اى رد فعل ولكنها سألته بأهتمام :
-حضرتك تحب تطلب او تضيف حاجه معينه للغدا النهارده ؟!..
نظر فريد بأتجاه حياة ثم اجاب بنبره حانيه ؛
-لا .. تقدرى تسألى حياة هانم .. ومن هنا ورايح تنسقى معاها كل يوم وتشوفى هى هتقولك ايه ..

رفعت حياة رأسها لاعلى تنظر إليه بأندهاش قبل ان تحول نظرتها نحو مدبره المنزل ، انقبضت معده حياة من نظرتها القويه الجافه نحوها ، اللعنه !! ماذا يحدث هنا ؟!! ، لماذا توجه إليها تلك المرأه كل تلك النظرات الغير مريحه ، تنهدت حياة بأحباط فقد ضاع املها فى انه يصبح لديها صديق فى ذلك المنزل ، شردت فى تلك الافكار وهى تنظر إلى وجهه عزة قبل ان  يلفت انتباهها نظره الاخيره لفريد ، لقد كانت النقيض لنظرتها له ، كان هو مستغرق فى تناول طعامه ولم يدرى بتلك النظره المبهوره الموجهه نحوه من مدبره منزله ، وضعت حياة كفيها بأحباط فوق وجهها وهى تعود بظهرها إلى الوراء لتستند على ظهر المقعد ، حسناً ما الذى يحدث هنا الان ؟! ، ايُعقل انها عشيقته او اى شئ من ذلك القبيل !!، انها ليست غبيه وتعرف نظرات الإعجاب جيداً حين تراها ، جعدت جبينها بحزن وهى تفكر بقلق  هذا ما كان ينقصها ، لا يكفيه ما سببه لها من تعقيدات حتى الان ليجمعها مع عشيقته او ايا كان مسماها تحت سقف واحد ، هزت حياة رأسها مستنكره ماهذا الذى تفكر به !! انها تتهم امرأه مثلها بشئ سئ فقط من اجل نظره لاحظتها ، كيف تفعل ذلك !!! ربما كل ذلك من وحى خيالها وربما هو مجرد إعجاب من طرف واحد لم يتعدى تلك النظره ، شعرت بالسوء من نفسها وقررت تجاهل الامر باكمله فذلك لا يعنيها ، 

لاحظ فريد صراع المشاعر المرسوم بدقه على وجهها ونظرتها ولاحظ أيضاً عدم تناولها للطعام ، فتح فمه ليتحدث إليها ولكنه أغلقه مره اخرى فهو يعرفها جيداً ويعلم انه اذا طلب منها تناول طعامها ستعانده ، حاولت حياة دس اى شئ داخل فمها ولكن كان لحلقها رأيى اخر مخالف لها ، وضعت شوكتها بأحباط ثم نظرت له تساله فهى لم تستطع جمح ركاب فضولها لأكثر من ذلك ، تحدثت بهدوء محاوله اخفاء فضولها بعد خروج مديره المنزل  :
-هى عزه شغاله هنا من زمان ؟!.. 
أجابها بعدم اهتمام مرتشفاً قهوته دون النظر نحوها :
-مش فاكر .. يمكن ٣ سنين ..
علمت من نبرته انه لا يريد الاستمرار فى ذلك الحديث ولكنه لن تتركه حتى تحصل على أجوبتها فاضافت :
-مع ان شكلها صغير .. يمكن قدى او اكبر شويه .
رفع رأسه ينظر إليها بنظره متشككه ثم اجاب بتركيز :
-لما أتوظفت هنا كان عمرها ٣٠ ..
شهقت حياة بصدمه دون وعى متمته:
-دى قدك تقريباً !!!!! .

عقد حاجبيه معاً وضاقت عينيه فوقها يتأملها فأضافت مبرره بعد ان شعرت انه يشك بشئ من كثره اسئلتها :
-اصل انا مستغربه انها عرفتنى بنفسها على انها مديره البيت فى الوقت اللى ماما كانت فيه هنا !! يعنى ماما كان لازمتها ايه ؟!..  

نظر لها مطولاً وهو يعود بظهره ليسترخى فوق المقعد حتى شعرت انه لن يجيب عن سؤالها ثم تحدث بأقتضاب :
-كانت جنبى .. 

هزت رأسها فقد ادركت معنى اجابته قبل ان تزم شفتيها معاً للأمام فى حركه طفوليه ، تحرك من مقعده ليقف امامها بنفاذ صبر ثم حدثها أمراً :
-متعمليش الحركه تانى ..

اساءت فهم مقصده وظنت انها تغضبه فعقدت  النيه فى قراره نفسها ان تفعلها امامه كلما اتاحت لها الفرصه عناداً به .

************ 
بعد انتهاء الفطور انسحب فريد مره اخرى إلى غرفه مكتبه وقررت حياة استئناف اكتشافها للمنزل ، فقبل مقابله عزه كانت تنتوى الدخول للمطبخ فهو من احدى هواياتها المفضله ، اما الان فهى تعلم جيداً ان وجودها بداخله شئ غير مرحب به ، اكملت جولتها بداخل المنزل ولم تملك الا الإعجاب به حقيقةً فكل ركن به مفروش بعنايه وذوق رفيع ، لم يتبق لها الا المطبخ لدخوله ، كان ينتابها الكثير من الفضول لرؤيته ورؤيه تأثيثه وتجهيزاته لذلك وقفت متردده تحاول الوصول لقرار ثم رفعت راسها بكبرياء وقررت زيارته فهو فى الاخير منزلها هى ، وما ان خطت بداخله حتى رأت ٦ أزواج من العيون تنظر لها ما بين مهتمم ومستنكر ، زوجان اصبحت تعرفهم جيداً اما الآخرين فغريبان كلياً 
تنحنحت حياة بحرج وهى تقف فى مدخله وعلى الفور تقدمت نحوها سيده ممتلئه الجسد فى منتصف الخمسينات تقريباً قصيره القوام ذو ابتسامه دافئه احبتها حياة على الفور فبادلتها ابتسامتها بأشراق 
تحدثت السيده بنبره اكثر دفئاً وهى تمد يدها فى اتجاه حياة لتحتضن كلتا يديها بحب متسائله :
-اكيد انتى بنت آمنه حياة .. قصدى حياة هانم .. 
هزت حياة راسها لها بأيجاب ثم النفى وهى لازالت تحافظ على ابتسامتها الواسعه :
-لا طبعا انا اسمى حياة بس .. واه انا بنت امنه حضرتك تعرفيها ؟!.. 
مسحت المرأه على شعر حياة بحنان ونظرات الإعجاب تملؤها قائله  :
-ماشاء الله .. آمنه عرفت تربى .. ليه حق فريد .. جميله خلقاً وُخلقاً ..
اخفضت حياة رأسها بخجل والاحمرار يغزو وجنتها فأضافت السيده متمتمه :
-صحيح نسيت اعرفك بنفسى .. انا عفاف المسئوله عن الطبخ والمطبخ هنا ..
ثم اشارت إلى رجل فى مقتبل الستينات من عمره كان يجلس على الطاوله بهدوء يتناول طعامه ولكنه نهض بمجرد دخول حياة ورؤيتها :
-وده بقى عمك رضا .. جوزى والجناينى بتاع الفيلا .. 

اومأ  براسه لحياة يحييها باحترام ووقار ولكنه تفاجئ من رد فعلها وهى تتقدم نحوه تمد يدها فى اتجاهه متمته:
-ازى حضرتك ياعم رضا .. 
أجابها معجباً بسلوكها :
-بقيت احسن لما شفتك يابنتى .. ربنا يباركله فيكى .. 

تمتمت حياة بخجل موجهه حديثها للسيده عفاف :
- لو حضرتك مش هتضايقى ممكن اقعد معاكم شويه ؟!.. 
اجابتها عفاف بترحاب لم تعهده حتى من والدتها :
-ياخبر ابيض !! انتى بتسأذنينى عشان تقعدى فى بيتك !! ده المطبخ كله ينور .. 
ثم سحبتها بحنان لتجلس على احد المقاعد الموجودة به وللحق كان وثيراً وناعماً مثل مقاعد  الاستقبال 
 لم تعلم كم شعرت حياة بالسعاده من ذلك الاستقبال الحميم فعلى الاقل شعرت انها فازت بصديق فى ذلك المنزل الكبير الجاف ، خرج عم رضا بعد قليل ولم يتبق سوى ثلاثتهم معاً ، كانت السيده عفاف تثرثر مع حياة دون توقف قبل ان تتوقف لتسألها بعبوس :
-شوفى انا اكلت دماغك ازاى ونسيت اسالك !! تحبى اعملك حاجه مخصوص للغدا النهارده ؟!! .. اكيد مش هتحبى تاكلى اكل فريد بيه من اول يوم كده .. 
ضمت حياة حاجبيها معاً بتركيز مستفسره :
-ليه مش هحب اكله ؟!.. 
اجابتها عفاف مسترسله فى شرحها وهى تجعد انفها وتهمس كأنه سر حربى خطير :
-مانتى اكيد عارفه .. فريد بيه بيحافظ على صحته ازاى مش بياكل غير انواع اكل محدده كله خضار ومفيهوش ملح وحاجات غريبه كده وبعدها بيدخل الجيم ويقفل على نفسه مبيطلعش قبل ساعتين تقريباً كل يوم وممنوع حد يدخله .. تقريباً الجيم والمكتب محظورين اى حد يدخلهم وهو فيهم الا لو هو طلب ..

صمتت قليلاً لتزدرد ريقها وهى تتفحص حياة قبل ان تضيف بأبتسامه واسعه :
-طبعاً الكلام ده مش ليكى اكيد فريد بيه هيحب تكونى جنبه على طول ..

زمجرت مدبره المنزل القابعه بهدوء على احد المقاعد وتستمع لحديثهم دون المشاركه فيه :
-ست عفاف بيتهيألى كفايه كلام كده وتخلصى اللى وراكى ميعاد الغدا قرب ..

حدجتها عفاف بنظره حنق قبل ان تجيبها قائله :
-عزه .. انا بتكلم انا والهانم وانا بشتغل وهى مش معطلانى .. روحى بس انتى شوفى وراكى ايه بدل مانتى قاعدلنا كده ..

ضربت الاخيره الارض بقدمها غيظاً قبل ان تحدج حياة بنظره غل وتتجه نحو الخارج ، اعادت عفاف تركيزها نحو حياة متسائله :
-احنا وقفنا لحد فين ؟!. 
-اه كنت بقولك ان فريد بيه محبش فى النيا دى حد قدك .. انا من ساعه ما جيت هنا وانا مش بسمع غير عن حبه ليكى .. 

ارادت حياة فتح فمها للاعتراض وقول ملاحظه لاذعة ولكنها عدلت عن ذلك ففى النهايه لن تتحدث عنه امام موظفته . 

************

فى تلك الأثناء كان فريد يجلس خلف مكتبه وعروق وجهه بارزه من شده الغضب وهو يتحدث فى الهاتف بعصبيه ، صاح بمساعده قائلاً :
-يعنى ايه يعلى علينا السعر هو لعب عياااااال ..
تعلثم المساعد فى نبرته قائلاً :
-ما .. ما يا فندم ..... 
قاطعه فريد بغلظه قائلاً :
-انت لسه هتمئمئلى اخلللللص .. 
انهى فريد كلمته الاخيره بصراخ جعلت الرجل على الطرف الاخر ينتفض فزعاً ثم قال مسرعاً :
-يافريد بيه .. هو بيقول ان الشركه بره علت عليه وهو معندهوش استعداد يتحمل الخساره .. 

جحظت عيونه للخارج بقسوه قبل ان يصمت قليلاً متفكراً قبل ان يقول يتوعد :
-الجنيدي ببلوى دراعى صح !!.. انا عارف كويس ان مفيش حاجه من دى حصلت .. هو فاكر كده بيضربنى يعنى !!!!هو كده جاب اخره معايا ..  بس ورحممممه امممى ان ما كنت افلسه مبقاش فريد .. 
حك ذقنه بيديه ثم تابع بصيغه الامر :
-اسمممع .. قدامك اسبوع وتكون ظبطلى مع الشركه الألمانية اللى عطياه التوكيل وتبلغنى ..
اجابه مساعده برعب :
-بس يا فريد بيه احنا كده بنعلن الحرب عليهم وعيله الجنيدي مش قليله فى السوق ..

صاح به فريد بغضب :
-نبيل !! اظبط معايا كده ولو بتخاف روح اقعد فى بيتك .. 
سارع نبيل يجيبه مصححاً :
-يافندم انا خايف على ساعتك مش اكتر .. 

اجابه فريد وهو يصر على اسنانه بشراسه : 
-لسه متخلقش اللى يقف قدامى او يلوى دراعى .. 
حرك كفه داخل فروه راسه مفكراً  ثم تابع بنفس صيغه الامر :
-  ظبطلى بس انت الشركه وانا هقولك بعدها هنعمل ايه ..

ثم اغلق الهاتف بنفاذ صبر وألقاه بقوه فوق سطح مكتبه وهو يتوعد لعائله الجنيدي .. 

**********

 مضى الوقت وجاء موعد وجبه الغذاء سريعاً ، دلفت حياة غرفه الطعام على مضض فوجدته يجلس على قائمه الطاوله باسترخاء ينتظرها ، نظر إليها بتمعن يتأمل ملامحها المتجهمة فاسترخت تقاسيم وجهه على الفور ، حتى وهى فى حالتها تلك تستطيع تبديل بنظره منها ، فكر بحب انها اصبحت كالمخدر بالنسبه له ولكن مخدر من نوع اخر ، مخدر يجعل الزمن يتوقف عن الحركه وينسى معها ماضيه وما يخشاه من حاضره مستقبله.
قررت هى تجاهله والتصرف بلامبالاه مثله ، لذلك توجهت مباشرة نحو احد المقاعد البعيده عنه نسبياً لتجلس فوقه بهدوء ، نظر إليها ملياً اولاً نظره خاليه قبل ان ينطق جملته متشدقاً :
-بصى كده كويسه هتلاقى انى الحمدلله معنديش مرض معدى .. ولا احنا فى نص الشهر والقمر بدر فخايفه اتحول واقوم اعضك !!.. 
نظرت إليه بصدمه قبل ان تستوعب حديثه ، انتظر هو رد فعل منها ولكن دون فائده لذلك تمتم بنفاذ صبر قائلاً بتهديد:
-هتتفضلى تقعدى جنبى من نفسك ولا تحبى اجى اشيلك .. 

قفزت من مقعدها على الفور بمجرد سماع جملته فكلاً من نبرته ونظرته كانت توحى بجديته التامه ، جلست فى المقعد المجاور له دون ان ترفع نظرها نحوه حتى لا ترى نظراته البارده التى يرمقها بها منذ الصباح ، 
فى تلك الأثناء دلفت السيده عفاف داخل الغرفه تحمل الوعاء الخاص بالطعام ، وضعته فوق الطاوله وشرعت فى بدء عملها عندما تحركت حياة من مقعدها وهى تتحدث بود :
-متتعبيش نفسك يا دادا انا هكمل ..
قبض فريد على معصم يدها بقوه يمنعها من الحركه وهو يرفع نظره إليها بنظره غاضبه اصابتها بالارتباك ثم تحدث بنبره منخفضة ولكن حاده : 
-اقعدى مكانك .. انا مش جايبك هنا تشتغلى .. 
فتحت فمها لتعارضه ولكنه نظرته التحذيرية التاليه التى رمقها بها مع زياده ضغطه على معصمها جعلتها تتراجع ، عادت تجلس فوق مقعدها بغضب  قبل ان توجهه نظره معتذره فى اتجاه السيده عفاف فبادلتها الاخيره نظرتها بايماءه خفيفه من راسها وأبتسامه متفهمه قبل ان تشرع فى استئناف عملها والخروج بهدوء من الغرفه بعد استئذانه ، 

امسكت حياة بملعقتها لتبدء فى تناول طعامها قبل ان تعقد حاجبيها معاً بأشمئزاز !!! ان الحساء يحتوى على جميع المكونات التى تكرهها فعلاً ، دفعت الوعاء بعيداً عنها قليلاً فهى لن تتناول ذلك الطعام تحت اى ظرف كان ، كان فريد يراقب ما تقوم به بتركيز تام وعندما دفعت الوعاء من امامها حدثها بنبره آمره :
-حياة كملى أكلك انتى مش طفله !!!! .. 
حدجته بنظره غاضبه قبل ان تجيبه بحنق قائله وهى تقلد نبرته : 
كويس انك عارف انى مش طفله !.. ولا اقولك تعالى اكلنى غصب عنى زى ما اتجوزتنى غصب .. 

شعرت بالانتصار عندما رأت اثر الصدمه واضحاً على ملامحه ولكن سرعان ما تحولت نظره انتصارها إلى قلق عندما وجدته يرفع احدى حاجبيه بتحدى ويضع معلقته فوق الطاوله وهو يستعد للتحرك ، شهقت برعب وهى ترفع كفها فى اتجاهه لتوقف وهى تتمتم برعب :
-اوعى تقرب منى انا مش هاكل اكل الناس العيانه ده .. 

اتسع فمه بأبتسامه انتصار ثم تحولت بتسليه وهو ينظر إلى ملامحها الغاضبه ، فهو يعلم جيداً ان مذاق الطعام لم يعجبها ولكنها ارادت اللعب معه وعدم الاعتراف. ، زمت هى شفتيها بحنق وهى تفكر بغيظ  لقد خدعها ، اذا عليها ان تكون اكثر يقظه عندما تتعامل معه فى المستقبل ، اعادها من افكارها صوته العميق يسألها بأهتمام ونبره حانيه :
-ليه مطلبتيش من المطبخ حاجه انتى بتحبيها ؟!.. 

اجابته بحنق :
-وانا اعرف منين يعنى !! كنت بحسبك بتاكل زى الناس .. 
رمقها بنظره غير مفهومه قبل ان تعود إليه نظرته البارده مره اخرى :
-الناس هى اللى مش بتاكل زيى !!!
تمتمت بخفوت :
-مغرور 
فريد :
-سمعتك .. 
اجابته بحنق :
-ميهمنيش .. انا كده كده بكرهك .. 
اهتزت نظرته قليلاً قبل ان يجيبها بصوت هادئ ونبره تملؤها التهكم المرير :
-مسمعتهاش من امبارح .. 

ثم وضع المحرمه فوق الطاوله بعد ان مسح بها فمه وتركها وخرج من الغرفه .. 

**************

قررت حياة قضاء ما تبقى من يومها داخل غرفتها حتى تتجنب لقائه ، وفى المساء عند حلول موعد العشاء رفضت النزول بحجه انها ليست جائعه ولكن بعد العاشره بقليل أعلنت معدتها العصيان الكامل عليها فهى لم تتناول شيئاً يُذكر منذ صباح البارحه لذلك قررت التسلل إلى المطبخ بهدوء لعلها تهدء من احتجاج معدتها قليلاً ، صادفت السيده عفاف التى كانت على وشك إنهاء عملها والذهاب لمخدعها ، عندما رأتها فهمت على الفور سبب هبوطها فابتسمت لها بتفهم تمتمت حياة بخجل تقول :
-دادا .. انا جعانه .. 

استجابت السيده عفاف لطلبها على الفور وقامت بوضع مائده كامله امامها ، تناولت حياة طعامها بهدوء ثم جلست تتسامر قليلاً مع السيده عفاف عندما شعرت بخيال شخص ما يقف عند مدخل المطبخ ، علمت من هو من رائحه عطره المميزه ، التفت تنظر إليه فوجدته يرتدى زى رياضى اسود يتناسب تماماً مع عضلات جسده ويضع منشفه صغيره حول عنقه وتبدو على ملامحه الارهاق  فعلمت انه قد انتهى للتو من تمارينه ، تحدث على الفور بلهجته اللاذعه :
-بيتهيألى مش ناويه تقضى الليل كمان فى المطبخ .. 

ثم تحرك فى اتجاهها بعد انتهاء جملته يُمسك بذراعها ليجذبها نحوه ويتحرك بها للخارج دون كلمه اخرى ، نفضت يدها من قبضته فور خروجهم من المطبخ ورفعت راسها بكبرياء تسبقه للاعلى ، كانت على وشك دخول غرفتها عندما اوقفها صوته يقول بأستهزاء :
-مكنتش اعرف ان القاعده مع الخدامين والحرس حلوه كده !! .. الصبح  حاولتى تحمى واحد وباقى اليوم قاعده مع التانيه !! .. 

التفتت وعادت بخطواتها للوراء حتى توقفت امامه مباشرةً ثم وضعت احدى أصابعها فوق فمها بتفكير قبل ان تميل برأسها نحوه وتقول بثبات وعيونها تطلق شرراً نحوه :
-الخدامين دول امى وامك منهم يا فريد بيه يا ابن رحاب هانم .. 

شعرت بذلك العرق بجانب صدغه قد بدء فى البروز من كثره ضغطه فوق اسنانه لذلك قررت الانسحاب على الفور ولكنه سرعان ما تدارك غضبه فأجابها بسخريه وهى تدير مقبض باب غرفتها :
-حياة هانم طلعت عن شعورها وبتقول امى وامك !! واضح ان تعب رحاب هانم معاكى مجبش نتيجه .. 

انهى جملته الاخيره وهو يضغط علي كلماتها بقوه فهمت مغزاها جيداً ،توقفت يدها عن تدوير المقبض ثم التفتت تحدقه بنظرات حانقه قائله له بغيظ :
-بكرهك .. 

لوى فمه بسخريه مجيباً وهو مازال يقف امام باب غرفته :
-عارفه ايه الناحيه التانيه للكره ؟!.. خلى بالك تلاقى نفسك واقفه عندها من غير ما تحسى .. 

انهى جملته الاخيره ثم دلف غرفته واغلق الباب خلفه بهدوء تاركها تشعر بالرعب مما هو قادم ..

***************

دلفت إلى غرفتها واغلقت الباب خلفها برفق ، واستندت بثقل جسدها فوق الباب ثم اغلقت جفونها بحزن قبل ان تضع كلتا كفيها فوق وجهها لتخفى ملامحها من شده خجلها، فكرت بضيق يالله !! ماهذا الذى تفوهت به منذ قليل !! ايعقل انها أقحمت احب انسانه إلى قلبها فى صراعهم العقيم ونقاشهم الملغم !! ، شعرت بوخز الدموع داخل مقلتيها بسبب شعورها المتزايد بالذنب ، اللعنه على ذلك الفريد ، انه يستطيع اثاره غضبها واخراجها عن شعورها بكلمه واحده منه ، انزلقت بجسدها إلى الارضيه الخشبيه لتجلس فوقها وهى تضم ركبتيها إلى قفصها الصدرى وتحاوطهم بذراعيها وهى تستند بذقنها عليهم مطلقه لدموعها العنان ، فكرت بحزن ان كل ما وصلت إليه حتى الان يعود فضله بعد الله إلى والدتها الثانيه رحاب التى سخرت منها منذ قليل 
ففى الحقيقه كانت تعاملها بحنان اكثر من طفلها الوحيد ، حتى عندما قرر السيد غريب والد فريد ان يعهد بتربيته إلى معلمه خاصه لتعليمه كافه أصول الاتيكيت متعللاً انه لايثق فى خادمه لتنشئة ولى عهده اصرت امامه السيده رحاب ان تتلقى حياة نفس التنشئه وتحضر معه كافه الدروس حتى تتعلم كيفيه التصرف كسيده مجتمع منذ صغرها ، وبالطبع لم يكن فريد ليتركها فوافق والده مجبراً، وعندما حان موعد دراستها الاكاديميه اصرت على صديقه عمرها ووالده حياة ادخالها مدارس الراهبات لتتلقى افضل تعليم للفتيات فى ذلك الوقت وبالطبع تكفلت بكل مصاريفها فى مراحل تعليمها الاولى ، حتى بعد وفاتها علمت حياة انها آمنت مصاريف دراستها حتى المرحله الاعداديه وعندما انتقلت بعد ذلك إلى المدارس الحكومية كانت قد حُفر داخل ذاكرتها كل ما تعلمته منذ صغرها فكان يُعجب بأخلاقها ورقتها وفطنتها فى التعامل كل من يراها ، والآن هكذا يكون رد الجميل لها ؟!، السخريه من ذكراها ؟!، فكرت بضيق وحزن انها منذ وصولها إلى ذلك المنزل وهى تشعر بالغضب على الدوام حتى انها أصبحت لا تعرف نفسها فالطالما كانت هادئه ذات نفسيه متوازنه لاتسمح لايا كان ان يؤثر بسلوكها حتى والدها ولن تسمح لفريد الان بان يحولها إلى شخص فظ مثله ، هذا ما قررته وهى تجفف دموعها وتنطلق نحو الباب المشترك بينهم . 

طرقت الباب عده طرقات  دون اجابه ، طرقته للمره الاخبره قبل ان تقرر التوجه نحو الحمام وتبديل ملابسها عندما وجدت الباب يفُفتح ويقف فريد قبالتها وهو لا يرتدى سوى منشفه بيضاء على خصره واُخرى صغيره فوق عنقه وشعره يبدو مبلللاً ، شهقت بفزع من مظهره والاحمرار يزحف نحو وجنتيها قبل ان تبدء فى مهاجمته متناسيه كل ما ذكرت به نفسها منذ قليل :
-ايه ده !!! ايه قله الادب دى انت ازاى تفتحلى وانت كده .. 
نظر لها بحاجب مرفوع متعجباً من هجومها الغير مبرر قبل ان يجيبها متشدقاً :
-حياة .. انتى اكيد مخبطيش ع الباب كل ده عشان تقوليلى انى قليل الادب ؟!! .. 

ارتبكت من نبرته ومظهره العارى وعضلاته البارزه وبدء الاحمرار يزداد فوق وجنتيها ففى كل الاحوال تلك هى مرتها الاولى التى ترى أمامها رجل نصف عارى ولديه كل ذلك الكم من العضلات المصقوله ، انتظرها لتتحدث ولكن دون فائده لذلك تحدث مره اخرى بعد ان تبدلت ملامحه للاستمتاع وهو يرى ارتباكها فهتف باسمها :
-حياااااااة .. 
اجابته مغيظه وهى ترفع راسها نحوه بتحدى وثبات :
-فرييييييد !! 
التوى جانب فمه بأبتسامه صغيره قبل ان يجيبها بنبره مشاكسه:
-عيون فريد !! انا معنديش مشكله افضل واقف كده للصبح بس انتى شويه وهيغمى عليكى من الكسوف فقولى عايزه ايه من غير كل التوتر ده ؟!! .. 

فركت باطن كفيها بتوتر قبل ان تقول بتعلثم وهى تشعر بحراره جسدها تزاد تلقائياً من كثره الضغط :
-انا بس كنت عايزه اقولك انى .. 

صمتت قليلاً محاوله استجماع شجاعتها فأخر ما كانت تتوقعه هو ان تقف امامه تطلب منه السماح ، سألها بنفاذ صبر يحثها على تكمله جملتها:
-ها كنتى عايزه تقولى انك ؟!.... 

رفعت نظرها إليه ثم قالت بخجل :
-كنت عايزه اقولك انى اسفه على الكلام اللى قلته من شويه ، وأسفه انى جبت سيره ماما رحاب فى كلامنا .. انت اكتر حد عارف انا بحبها قد ايه ومكنش ينفع اقول كده ابداً .. 

هل لمعت عيونه للتو ام انها كانت تتخيل ذلك ؟؟، لم تتلقى منه اى رد ولكنها رأت تبدل ملامحه تماماً فقد تحولت من التجهم إلى شئ اخر لم تفهمه ثم سريعاً إلى الاسترخاء حتى انه بدا اصغر سناً وهو يقف امامها ، وقف ينظر إليها ملياً يحاول تفسير ما يراه امامه وما تفوهت به للتو ! هل لذلك السبب يبدو عليها اثر البكاء ؟!! كم تبدو شهيه بأنفها الاحمر ووجنتيها وعيونها الدامعه ، انها تثيره إلى اقصى درجه دون ان تعلم ذلك حتى ودون اى جهد يُذكر منها ، انتظرت حياة اى رد فعل منه ولكن دون جدوى لذلك سألته بتحدى وهى تعاود رفع رأسها فى كبرياء :
-دورك على فكره .. 

اعاده صوتها الرقيق من تأمله فسألها بعدم فهم :
-دورى فى ايه بالظبط ؟.. 
اجابته بكبرياء :
-انك تعتذر منى على اللى قالتهولى من شويه .. 

نظر إليها بصدمه كأنها تطلب منه المستحيل ، لوت فمها بأحباط قبل ان تتحول نظرتها إلى خيبه الامل ، حسناً ما الذى كانت تنتظره منه ، ان يتخلى عن غروره ويعترف لها بخطئه ، لو كانت تلك شخصيته ما كان اجبرها منذ الاساس على الزواج منه ، التفتت تعود إلى غرفتها تجر معها إحباطها عندما اوقفها صوته العميق يقول بصوت ملئ بالعاطفة :
-حياة .. انتى اغلى عندى بكتير من ان انى ازعل على اللى قلتيه من شويه  ..

تنهد بحراره قبل ان يكمل حديثه بصوت أجش :
- وصدقينى انتى فى عينى اكبر من انك تعتذرى حتى لو ليا .. و حتى لو غلطتى انا اعتذر عن غلطى وغلطك بدالك .. 

فاجأها اعتذاره وحديثه فالتفت تنظر إليه ودون وعى منها بأبتسامه واسعه مشرقه وعيون تلمع بالرضا ، بادلها ابتسامتها بابتسامه حقيقه لم تزر شفتيه منذ زمن بعيد ولم تعلم ان بأبتسامتها تلك قد اضاءت له ليلته المظلمه ..
استيقظت حياة فى الصباح والابتسامه تعلو ثغرها فهى عاقده النيه على بدء خطتها بدايه من اليوم ، ولكن اول شئ عليها فعله هو اقامه هدنه مع فريد او بالأدق ذلك ما سوف توهمه به ، فهى لا تريد الاستمرار فى معاملته على ذلك النحو حتى تصرف انتباهه عنها فالتجربة علمتها جيداً انه كلما عاندت معه كلما لفتت انتباهه اكثر وهذا اخر شئ تود فعله فى تلك الايام ، فكرت أيضاً فى البحث عن عمل حتى تستطيع الهرب من المنزل اكبر وقت ممكن ولكنها تراجعت فهى لا تريد شئ ما يربطها حتى تستطيع الهرب متى تحين لها الفرصه 

قفزت من فراشها بسعادة بِعد ما قررت ما عليها فعله ورتبت كيفيه فعله أيضاً فقط يبقى التنفيذ ، هبطت إلى الاسفل بمزاج مرح نوعاً ما ، توجهت مباشرةً نحو غرفه الطعام فوجدته جالساً بانتظارها ، انه دقيق فى مواعيده حتى انه لا يتاخر ثانيه ، هذا ما فكرت بِه حياة بتعجب وهى تراه يجلس على قائمه الطاوله ويرتدى بذله رسميه سوداء تتناسب جيداً مع تفاصيل جسده ويُعبث بتركيز بأحد هواتفه الموضوعه امامه ، رفع نظره بمجرد وصولها الغرفه واؤمأ لها ايماءه خفيفه براسه وظل يتأملها وهى ترتدى بنطال من الجينز مع قميص من نفس النوع واللون عكست جمال بشرتها واظهرت تناسق قوامها ، ارتبكت نظرتها امام نظراته المتفحصة لها اللعنه على ذلك التوتر الذى ينتابها بحضوره ، انها لا تخشاه فى المجمل ولكن وجوده  بجوارها يوترها كثيراً ، للحق ان حضوره بهيئته تلك ونظراته التى تشبهه نظرات الصقر ولا يفوتها حركه واحده تستطيع ارباك اى شخص وليس هى فقط ، على كلا حييته تحيه الصباح بأقتضاب ثم جلست على مقعدها لتناول فطورها ، بالطبع كانت عزه هى من تشرف على تقديم الطعام ، يبدو ان البارحه وعلى الغذاء كان استثناء وسيحرص فريد جيداً على الا يتكرر ثانيه ، قررت حياة تجاهلها وتجاهل نظراتها فهى لن تسمح لهم بالضغط عليها او افساد تعاليمها بسبب سوء معشرهم 

تناولا الطعام بصمت ففريد كان هادئاً بطبيعته ولا يتحدث كثيراً منذ صغره وهذا ما اسعد حياة كثيراً ، ففى الحقيقه أخر شئ تود فعله هو مشاركته اى حديث مهما كان تافهاً او بسيطاً ، انتهى من تناول فطوره اولاً ثم حدثها بنبره منخفضة هادئه وهو يتحرك من مقعده قائلاً  :
-حياة انا فى الشركه النهارده لو احتجتى اى حاجه بلغينى .. 

ثم اقترب من مقعدها بعد انتهاء جملته واخفض راسه نحوها محاولاً تقبيل شعرها ولكنها انتفضت وابتعدت عنه فى حركه تلقائيه منها غير عابئه بوجود مدبره منزله التى تتابع المشهد بتركيز تام فابتعد عنها فى الحال بضيق وهو يرى نظره الرعب داخل عينيها واضحه ثم هم بالخروج من الغرفه وقد بدءت علامات الغضب تظهر عليه ، أوقفه صوت مدبره منزله تحدثه باحترام :
- فريد بيه لو حضرتك عندك وقت ممكن اتكلم معاك شويه :
أجابها بنبره غاضبه لم يحاول إخفائها :
-لو حاجه بخصوص البيت انا قلتلك بعد كده ترتبيها مع حياة هانم ..

هزت له رأسها نافيه قبل ان تجيبه بتصميم :
-لا يا فندم حاجه ملهاش دخل بالبيت .. دى حاجه شخصيه ..

نظر بنفاذ صبر إلى ساعه يده ثم أجابها بهدوء :
-معاكى عشر دقايق تقولى فيهم عايزه ايه ..
هزت له راسه موافقه دون حديث فأضاف بصوته العميق :
- تقدرى تحصلينى على مكتبى ..
ثم تابع سيره دون النظر إلى الخلف .

كانت حياة تتابع ذلك الحديث والفضول يتأكلها ، ما هذا الشئ الخاص الذى يجمع بينهم ، هل شكوكها بشأنهم صحيحه ام ماذا ، عنفت نفسها بقوة لإخراج تلك الافكار من راسها فذلك ليس من شأنها فهى لديها أمور اهم تهتم بها الا وهى حريتها .. 

***********

فى تلك الأثناء كانت تجلس كلاً من جيهان زوجه والده بجوار والده غريب على طاوله الطعام فى فيلتهم الخاصه ، سألته جيهان بحقد واضح مع نبرتها المتعالية المعتاده:
-وعلى كده حلوة حبيبه قلب البيه ابنك ؟!.. 
حدقها غريب بنظره لوم قبل ان يجيبها بعدم اهتمام :
- مش مهم حلوة ولا وحشه المهم انه كان عايزها ووصلها ..
اجابته جيهان بغيظ قائله :
-طبعاً هو فى حد مدلعه هنا غيرك !! .. وبعدين مالها نجوى يعنى بنت حسب ونسب بس هقول ايه !! طبعا ذوقه بلدى شبهه ابوه ..
سألها غريب بأستنكار :
- ولازمته ايه الكلام ده دلوقتى يا جيهان ؟!.. 
اجابته بحده كأنها كانت تنتظر جملته لتبدء بالهجوم عليه:
-لازمته انى عمرى ما هنسى انك فى يوم جريت ورا حته خدامه عشان تتجوزها عليا انا جيهان هانم السكرى .. 

انهت جملتها الاخيره وهى تشير بأصبعها نحو نفسها بغرور وثقه ، فقال لها غريب مبرراً فعلته :
- انتى عارفه كويس انى عملت كده عشان اجيب ولد يحافظ على  كل ثروتى دى بعد ما الدكتور أكد انك استحاله تحملى تانى بعد نيرمين .. 

هاجمته على الفور بمجرد انتهاء جملته :
- انت بتضحك عليا ولا على نفسك وعايزنى اصدقك !!.. انا عارفه كويس يا غريب انك اخترت الخدامه بتاعتك عشان احلوت فى عينيك وخصوصاً لما مقدرتش توصلها من غير جواز ..

انهت جملتها وهى ترميه بنظرات حارقه  اما غريب فقد ظهر الارتباك جلياً على ملامحه ونبرته وهو يقاطع حديثها المهاجم له قائلاً:
-جيهان !! انتى بتتكلمى فى ماضى عدى عليه اكتر من عشرين سنه !! دى واحده ميته من سنين فاهمه !! سنين ..

صاحت به وهى تتحرك من مقعدها متأهبه :
-ايوه بتكلم فيه وهفضل اتكلم فيه طول مانت مفضل ابن الخدامه دى عليا وعلى بنتك لحد ما فى يوم هيكوش على كل حاجه ويرمينا فى الشارع .. 

صاح بها غريب مهدداً وهو يضرب الطاوله بقبضه يده:
-جيهان !! ابنى ميعملش كده وبعدين هو اللى شايل الشركات كلها فوق كتافه والفلوس اللى عماله تدخل حسابك كل اول شهر وتزيد زى الرزدى من تعبه .. ومتفكريش انى عشان سكتت على اللى عملتيه زمان ابقى نسيته .. ملكيش دعوه بفريد انا بحذرك مش هسمحلك تأذى ابنى تانى ..

ارتبكت نظرتها قليلاً ولم تعقب ولكنها توعدت له داخلياً، فهى لن تكون جيهان السكرى ان لم تنهى ما بدئته منذ سنوات مضت . 

تركها غريب منتفضاً من مقعده بغضب وأثناء استعداده للخروج من المنزل صادف فتاتان متقاربتين فى العمر احدهما تشبهه والدتها السيده جيهان بشعرها البنى وبياض بشرتها ونحاله خصرها والأخرى بشعر اشقر ووجهه رفيع ، ارتمت نرمين بداخل احضان والدها تقبله قبل ان تلقى عليه تحيه الصباح بدلال ، حياهم غريب على عجل ثم توجهه مباشرةً نحو الخارج ، بمجرد وصولهم إلى المدخل تحركت جيهان لاستقبالهم وهى تتمتم بحبور مرحبه بضيفه ابنتها :
-نجوى حبيبه قلبى .. ايه الجمال ده كله .. البيت نور طبعاً .. 
ثم وجههت حديثها لابنتها :
-ها يا نيرو يا حبيبه مامى .. قوليلى اتبسطتوا فى النادى ولا ايه .. 
اجابتها نيرمين بدلال مصطنع :
-ننبسط ازاى يا مامى ونجوى عامله مناحه من اول امبارح .. اوف بجد زهقتنى .. 
تحدثت نجوى على الفور مدافعه عن نفسها :
-يعنى يرضيكى اللى حصل ده يا طنط .. خلاص كده فريد اتحوز وراح من ايدى ؟!.. 

ربتت جيهان على ذراعها بحنان وهى تحثها على الجلوس :
-تعالى بس نقعد هنا ونتكلم بالراحه ..
اجابتها نجوى بضيق قائله  :
-اقعد ايه يا طنط انا بقولك فريد اتجوز وانتى تقوليلى اقعد !! 
ابتسمت لها جيهان مشجعه وهى تقول بلؤم :
-تعالى بس واسمعى منى .. فريد مضاعش من ايديك ولا حاجه .. 
التمعت عيون نجوى بأمل وهى تسالها مستفسره :
-قصدك ايه يا طنط ؟؟.. 
اجابتها جيهان بمكر :
-قصدى اننا احنا التلاته هنرتب سوا ازاى نطير بنت الخدامه دى من سكتنا .. انتى تتجوزى فريد حب حياتك واحنا نطلع باللى احنا عايزينه برضه .. 
تدخلت ابنتها نيرمين قائله :
-والطالعه الاولى دى بقى سيبوها عليا .. 
سألتها والدتها مستسفسره :
- هتعملى ايه يعنى يا نيرو ؟!..
اجابتها ابنتها بخبث وهى تغمز لهم بعيونها :
-هعمل زياره لست الحسن واعرف ميتها ايه بالظبط عشان نعرف احنا بنلعب مع مين .. 
وافقت والدتها على الفور على اقتراحها وهزت نجوى راسها بحماس موافقه على حديثها وهى عاقده النيه بداخلها بمجرد الحصول على فريد ستقوم بألقائهم جميعاً بالخارج .. 

**********

انتهزت حياة فرصه جلوسها بمفردها  وقررت الحديث مع صديقتها مريم للاطمئنان عليها من جهه ومعرفه  اخبار محمود الصحيه من جهه اخرى ، فهى لازالت تشعر بالذنب تجاهه بسبب ما حدث معه وتريد الاطمئنان على احواله فهذا اقل ما تستطيع فعله بعدما تركته دون حتى اعتذار ، أمسكت بهاتفها وتحدثت قليلاً مع صديقتها التى كانت تمازحها عن زواجها برجل اعمال وعن زفافها الفخم رغم بساطته ، مزحت حياة معها قليلاً قبل ان تسألها بقلق قائله  :
-مريم .. متعرفيش محمود عامل ايه دلوقتى ؟!.. 
اجابتها مريم قائله بغيظ :
-ما تسيبك منه وتخليكى فى جوزك !! عايزه ايه من سى محمود ده ؟ وبعدين انا معرفش عنه حاجه من ساعه ما كنا سوا .. 
عنفتها حياة قائله بحده :
-مريم انا مش بهزر !! .. 
ثم لانت نبرتها وهى تترجاها قائله :
-مريم الله يخليكى حاولى تعرفى هو عامل ايه دلوقتى  وتتطمنى عليه وترجعى تطمنينى ..  

-حييااااااااة !!! 
صدح صوت فريد خلفها بقوه جعلها ينتفض وسقط الهاتف من يدها تلقائياً ، ارادت الركض من امامه بكل ما تملك من قوه ولكن كان لقدميها رأى اخر مخالف كليا فقط تسمرت قدميها  فوق الارضيه ولا تستطيع التحرك قيد أنمله ،التفت تنظر خلفها برعب فلا مفر من المواجهه فوجدته ينظر إليها بوجهه لا يمكن تفسيره ، حسناً ان كل تفكيرها الساذج على انها لا تخشاه اصبح الان هراء ، لقد كان وجهه يكسوه الاحمرار من شده الغضب وعيونه تنطق بالشرر وذلك العرق بجانب صدغه كان ينبض بقوه كأنه على وشك الانفجار  ، سألها بصوت أشبهه بالفحيح وهو يقترب منها :
-مين ده بالظبط اللى عايزه تطمنى عليه !!!!.. 

ازدردت ريقها بصعوبه وهى تنظر إليه برعب ، لم يتلقى منها اجابه فأعاد سؤاله مره اخرى وهو يضغط على كل حرف يخرج منه :
-انا سألتك سؤال ومحتاج رد .. مين ده اللى عايزه تطمنى عليه يا حياة !! انطققققى .. 

انهى كلمته الاخيره بصوت هادر جعلها تنتفض من مكانها ، وفى تلك اللحظه وهى تراه يتقدم منها بعيون جاحظه تدفق الأدرينالين داخل جسدها بقوه  تراجعت خطوه للوراء فى محاوله للركض بعيدا عنه ولكنه فى اللحظه التاليه كان يقبض عليها بكل قوته ، ذراع واحده تحاوط خصرها وهى تضغط فوقه بقوه وأرجله حاوطت قدميها قبل ان تتشابك معاً لتكبيلها ، وضعت يدها فوق ذراعيه لفك حصارها وفى نفس الوقت حاولت دفع نفسها بعيداً عنه ولكنه كان يضغط بقوه على مؤخره ظهرها حتى شعرت انها ستتأذى اذا حاولت اكثر ، 
حاولت عدم النظر فى وجهه حتى لا ترى نظراته المرعبه لها فاخفضت راسها بعيدا عنه وهى تتمتم اسمه بخفوت وتطلب منه ان يتركها ولكن دون جدوى فغضبه كان فى قمته ، صاح بها قائلاً :
-انتى عايزه تجننينى صح !! لا واقولك واتجنن ليه ؟!.. انا هريحك من حبيب القلب دلوقتى عشان متعرفيش توصليله او تطمنى عليه تانى .. 

انهى جملته واخرج هاتفه بيده الفارغه وأخذ يعبث به ، شعرت حياة بضغط دمها ينخفض من شده الرعب احقاً سيقدم على قتله !! سُتزهق روح بريئه بسببها !! هتفت إليه متوسله وهى تحرك يدها لتمسك يده وتمنعه قائله بلهفه:
-فريد !! الله يخليك لا .. لا انت بتعمل ايه .. هتموت انسان بجد عشان بسال عليه !! .. انا غلطانه مش هسأل عليه تانى والله بس سيبه .. فريد .. 
كان يشعر بكامل جسدها ينتفض تحت قبضته رغم محاولتها ان تبدو ثابته ، توقف عن العبث بهاتفه قبل ان يحدثها بصياح  :
-عشان بتحبيه .. عرفتى ليه مش هخليه عايش .. عشان بتحبيه هو .. 

لم تعرف ما الذى يجب عليها فعله فى تلك اللحظه فلو عاندته سيقتله وهى ابدا  لن تترك شخص يلقى حتفه بسبب غضبها منه ، هزت راسها له نافيه وهى شبهه مغيبه ثم رفعت  كلتا يديها المرتجفتبن لتحيط بوجهه وتجبره على النظر إليها وهى تمتم له بتوسل ورعب حقيقى :
-مش بحبه .. والله العظيم مش بحبه .. انا عمرى ما كدبت عليك ومش بكدب دلوقتى مش بحبه ومش هسأل عليه تانى ومش هعمل اى حاجه بس سيبه عشان خاطرى .. 

لانت نظراته وهو يرى ارتجاف يدها الناعمه التى تحيط بوجهه ونظرتها المتوسله وملامحها التى على وشك الإغماء من رعبها فأنزل يده ووضع هاتفه مره اخرى داخل ردائه ، وبالرغم من انه أرخى قبضته عليها وترك لها المساحه لتتحرك بحريه  وفى ظروف اخرى كانت لتهرب من لمسته مسرعه الا انها  فى تلك اللحظه كانت تشعر ان الشئ الوحيد الذى يحول بينها وبين سقوطها أرضاً هو جسده الذى يحاوطها ، فهى تشعر ان قدميها كالهلام لا يقدران على حملها ، حاولت تهدئه ضربات قلبها والسيطره على ارتجافها حتى تستطيع الذهاب من امامه ولكنها لم تتجاوز صدمه انها كانت على وشك وضع محمود فى دائره الخطر مره اخرى ، لقد اختبرت مرحله جديده كلياً من الرعب بالنسبه لها ، فهى منذ اصرار والدها على انتقالهم من القصر إلى ذلك الحى المتواضع الذى يقع به منزلهم قد اعتادت على الصراخ والعنف من جميع قاطنيه إلى جانب عنف والدها وصياحه المعتاد ، ولكن غضب فريد كان شئ اخر ، غضب يحرق معه الاخضر واليابس ويجعلها تشفق كثيراً حتى على اعدائه ، رفعت جفونها تنظر إليه حتى تستطيع قراءه ما بداخلهما وان كان ذلك مهمه مستحيله ولكن كانت تريد الاطمئنان اذا كان صدق حديثها ام انه فقط يجاريها ،
 التقط هو نظره العتب التى رمقته بها ، نعم لم يخطأ تفسير نظرتها فقد كانت عتاب خالص ، زفر بضيق وهو يرى حالتها تلك امامه وبسببه هو ، لعن نفسه سراً فقد تفوق عليها فقط وارعبها بسبب تفوق قوته الجسدية لا اكثر ، لوى فمه بسخريه وهو يفكر هل استطاع فعلاً التفوق عليها بأى شئ !! حتى قوته الجسدية ونفوذه لا تعطى له الافضلية ، فالافضليه فقط موجوده داخل تلك النظرات التى تصرعه أرضا بنظره توسل واحده ترمقه بها ، رفع كفيه يحاوط راسها ثم طبع قبله رقيقه فوق جبينها حاولت هى بكل قوتها تحاشيها قبل ان يتركها وينصرف .. 

***********

حركت قدميها ببطء بعد خروجه ترتمى على اقرب مقعد يقابلها وتترك لدموعها العنان ، لقد تلقت منذ قليل هزيمتها الثانيه من فريد رسلان وخضعت له فى اقل من أسبوعان ، وفى المرتان تنازلت من اجل أشخاص اخرين غيرها ، فكرت بحزن يبدو انه علم جيداً نقطه ضعفها وان ايامها التاليه معه ابداً لن تمر بسلام ، ظلت هكذا طوال يومها تقبع بهدوء فوق احد المقاعد فى صاله الاستقبال ، لم تتناول شئ ولم تتحدث مع احد فتلك كانت طبيعتها التى لم يعرفها الكثيرين ، كانت شديده التأثر ومرهفه الحس حتى وان حاولت اخفاء ذلك عن عيون الجميع واظهار الصلابه والقوه ولكنها كانت بتتأثر بأقل صراخ او حركه عنف امامها والفضل فى ذلك يعود إلى والدها الذى كان يملئ المنزل يومياً بصراخه عليها بمجرد رؤيتها امامه ، حاولت السيده عفاف اخراجها من حالتها تلك او حثها على تناول شئ ما ولكنها رفضت بشده ، وعند حلول المساء تفاجئت بأمرأه تقارب فريد فى السن بشعر بنى ناعم وجسد رشيق طويل وعيون مشابهه للون عينيه  تقتحم المنزل دون استئذان وتمشى بخطوات واثقه حتى توقفت امام حياة تسألها بعجرفه واشمئزاز واضحين وهى تشير إليها بسبابتها :
-ها انتى بقى اللى اسمك حياة ولا فى شغاله تانيه هنا شبهك ؟!.. 

نفضت حياة رأسها ثم نهضت من فوق مقعدها وهى تعقد حاجبيها معاً وتكتف ذراعيها فوق صدرها فى حركه معتاده منها عند الهجوم ثم اجابتها قائله بكبرياء :
-ايوه انا حياة .. وبيتهيألى البيت ده له احترامه !! مش بندخل  بيوت الناس كأننا حيوانات كده ؟!! .. 
اجابتها نيرمين مهاجمه :
-يااااى .. حيوانات !! ايوه طبعاً ما انا هستنى ايه من واحده بنت خدامه وتربيه خدامين !! .. 

لوت حياة فمها بسخريه قبل ان تجيبها بنبره هادئه لآثاره غضبها :
-ياما فى ناس لابسه كويس بس تربيتها اقل بكتير من تربيه الخدامين اللى مش عجباكى ده وانا قدامى مثال حى على كلامى اهو .. 

شهقت نيرمين بصدمه وهى تضرب قدميها فى الارض بغيظ قبل ان تقول لها :
-انا مش هرد عليكى عشان اخلاقى متسمحليش .. انا بس جايه اقولك انك لو فاكره ان كده كسبتى بجوازك من فريد وهتاخدى الجمل بما حمل تبقى غلطانه .. صدقينى على جثتى فلوسنا تطلع لابن الخدامه ومراته !! .. 

فتحت حياة فمها لتسألها من انت ولكن اوقفها صوت فريد الذى دلف من الخارج يسأل بعبوس وتأهب ناظراً نحو  شقيقته :
-نيرمين !! انتى بتعملى ايه هنا فى بيتى وانا مش موجود ؟!!!! .. 

نظرت له اخته بغل قبل ان تجيبه قائله بمرح وهى تحاول تبديل ملامحها :
-ولا حاجه .. كنت ببارك الهانم الجديده على الجوازه الهنا دى .. مانت عارف انت حتى  مسمحتلناش نحضر الفرح فقلت اعرفها بأخت جوزها .. 

تقدم فريد فى اتجاههم وهو يقول لها بعبوس وحده:
-محدش طلب منك تتعبى نفسك وتعرفى نفسك لحد مش عايز يعرفك اصلا !! ودلوقتى لو خلصتى كلامك اتفضلى من غير مطرود .. 

حدجته بنظره كرهه قبل ان تجيبه بعدم اهتمام :
- انا كده كده كنت ماشيه واللى عايزه اقوله خلص ..

انهت حملتها ثم وجهت حديثها لحياة تسالها بتهديد:
- عايزه حاجه يا حياة هانم !! متنسيش اللى قلته من شويه.. 
نظرت حياة إليها مطولاً قبل ان تقول وهى تشير إليها وإلى فريد بإصبعها :
- عايزاكى تاخدى اخوكى فى طريقك وتحلوا عنى ..
ثم تركتهم وتحركت نحو غرفتها دون النظر خلفها ..
بعد عده دقائق كانت حياة تجلس على طرف الفراش ويدها تتمسك بالشرشف بقوه من شده غضبها ، تنفست سريعاً عده مرات متتالية ثم استغفرت قليلاً مثلما اعتادت من والدتها فى محاوله منها لتهدئه غضبها المتزايد من تلك العائله التى يتسم جميع أفرادها بالوقاحة ، سمعت طرقات خفيفه فوق الباب المشترك بينهم ، ارادت تجاهله وخصوصا بعد ما حدث بينهم فى الصباح ولكنها خشت ان يقتحم الغرفه عنوه اذا لم تجيبه لذلك تحركت على مضض من مقعدها واتجهت نحو الباب لتفتحه ثم وقفت امامه بهدوء ترفع احدى حاجبيها بسؤال لم تفصح عنه ، التوت شفتيه بنصف ابتسامه جانبيه وهو يراها تعقد ذراعيها امامها فعلم بأستعدادها للهجوم فى اى لحظه ، كان لايزال يحتفظ بجزء من غضبه منذ الصباح ورؤيته تلك المسماه اخته قد زاد من حنقه لذلك سألها مباشرة دون مقدمات :
-كانت هنا ليه وعايزه ايه منك وقالتلك ايه بالظبط ؟!.. 
اجابته بلامبالاه متعمده قائله :
-ولا حاجه .. شويه كلام تافه ملهوش لازمه .. 

رفع حاجبيه معاً فى استنكار ثم كرر حديثها ببطء كأنه احجيه يقوم بحلها :
-شويه كلام تافه ملهوش لازمه !! وانتى بقى وشك كده عشان كلام تافه ملهوش لازمه ؟!.. 
اجابته بنبره متهكمه :
-وانت تفتكر انى كده عشان كلامها ؟!!.. 

علم جيداً ما ترمى إليه بحديثها ، فرعبها وان حاولت إخفاءه مازال واضحاً فى حركتها ونظرتها ، رفع رأسه للاعلى محاولاً الاسترخاء ثم زفر مطولاً بتعب قبل ان يعاود النظر إليها وقد تبدلت ملامحه إلى الرفق ثم حدثها بنبره مليئة بالحنان قائلاً :
-حياة خليكى عارفه حاجه واحدة بس .. انى مش هسمح لحد يأذيكى ايا ان كان هو مين حتى لو كان انا .. عشان كده كنت بسالك وعشان كده بلاش نظره الخوف اللى فى عيونك منى دى .. ده وعد منى .. حياتى قبل آذيتك .. 

ارتبكت نظرتها قليلاً وتوترت معها حركه جسدها ولكنها سرعان ما تمالكت واجابته وهى تراه يلتفت بجسده عائداً إلى داخل غرفته قائله بصوت هادئ ولكنه ملئ بالمراره :
-فريد انت ايه مفهومك عن الاذى !!! انت متخيل ان الاذى يكون بالضرب بس ؟!!.. 

توقف عن السير والتفت ينظر إليها مره اخرى بملامح وجه مصدومه نوعاً ما فأضافت هى بعد ان ازدرت ريقها وبدء صوتها فى التحشرج :
-يعنى انت فاكر انى اقعد هنا مقفول عليا باب ورا باب وعلى كل باب حارس مش اذى ؟!.. او انك تهددنى بأخويا الصغير مش اذى ؟!! او انك تقف فى طريق اى حد بيحبنى او يعرفنى وتستغله عشان اعملك اللى انت عايزه ده مش قمه الاذى ؟!!!!! .. اللى بيحب حد يا فريد مبيقدرش يأذيه ولا يعذبه !! .. 

صمتت بعد ان تغلبت الدموع عليها وتساقطت فوق وجنتيها بكثره ، ام هو فوقف امامها مصدوماً لا يقوى على الحركه من جملتها الاخيره ، لقد اخترقت قلبه مباشرة ، لقد سمع جملتها بصوت والدته وتوسلها مثل توسل والدته له وهى توصيه بها خيراً ، تراجع خطوات للوراء وهو مازال ينظر إليها كالأشباح التى لا روح فيها وهو يحل آزار قميصه كالاله ثم ارتدى بنطاله الرياضى بعد ان تركته هى وأغلقت الباب المشترك بينهم وتوجهه مباشرة نحو صالته الرياضيه فى الطابق الارضى .

*********

دلف إلى الصاله الرياضيه كالانسان الألى ، ارتدى ففازاته وذكريات تلك الليله المشئومه بصورتها الكريهه تومض داخل عقله بوضوح ، توجهه نحو الكيس الرملى المعلق والخاص بالملاكمة ثم صرخ بألم حتى شعر بأحباله الصوتيه على وشك الانقطاع وهو يلكمه بكل ما أوتى من قوه لإفراغ حزنه وغضبه ، ومع كل لكمه يسددها كانت تظهر صوره امام عينيه من الماضى 

تذكر وهو ممدد تلك الليله داخل فراشه برعب يترقب عوده والده فتلك الليله هو موعد قضاءها فى منزلهم  ، أرهف سمعه عند سماعه وقع خطوات تقترب من امام غرفته ثم ابتعدت مره اخرى متوجهه إلى غرفه والدته فعلم جيداً انها تعود لوالده ، أغمض عينيه بقوه حتى يستطيع طرد تلك الفكره التى تسيطر على عقله منذ الصباح ثم طمأن نفسه داخلياً بعقلين طفل لم يتجاوز الثانيه عشر بعد انها لن يصيبها مكروه ، بعد فتره من الصمت استعاد فيها هدوئه قليلاً  بدءت بعض الهمهات الغير مفهومه تصل إليه ولكن لم تلتقط اذنه اى شئ واضح منها ، حدث نفسه مطمئناً ان تلك الليله من الممكن ان تمضى على خير وخصوصاً ان اثار الضرب المبرح من الليله التى تسبق البارحه مازالت تغطى وجهه والدته وعنقها بوضوح إلى جانب النوبه القلبيه التى اصابتها فى الصباح فبالتأكيد سوف يشفق والده على حال والدته ويتركها وشأنها ، 
بدءت تلك الهمهات تتصاعد حتى اصبحت صياح واضح من والده ، قفز فريد من فراشه ثم توجهه إلى باب غرفته يفتحه بهدوء ويخرج منه ثم أغلقه خلفه مره اخرى وتوجهه إلى حيث غرفه والديه يقف امامها برعب ، رغم ان وجوده لم ولن يفيدها ولكنه كان يشعر هنا حيث وقف بشئ من الحمايه الوهميه ، سمع توسلات والدته الباكيه تطلب من والده بضعف :
-غريب الله يخليك ادينى علبه الدوا خلينى اخدها مش قادره أتنفس ..
صرخ به والده قائلاً بحنق :
-يا ساهله .. عايزه تاخديها وتخفى عشان تسبينى وتروحى جرى على عشيقك صح ؟!.. 

هزت رحاب رأسها له عده مرات بفزع وهى تقول من بين توسلاتها وبكائها :
-مفيش حاجه من اللى فى دماغك دى يا غريب .. متصدقيش كلام جيهان .. انا عمرى ما خنتك ولا هخونك ..
ازدردت لعابها فى خوف ثم اضافت من بين شهقاتها المتتالية قائله :
-هخونك ازاى وانا مش بطلع من البيت ومش بشوف حد خالص .. 
صرخ بها وقد جحظت عينيه إلى الخارج ثم قال بشراسه وهو يقترب منها :
-مانا عارف عشان كده جبتيه يشتغل هنا مع الحراس بحجه انه قريبك صح !! انطقى !!!!.. 

شهقت بفزع مصدومه من اثر كلماته ثم قالت وقد بدءت ملامح وجهها فى الشحوب من توترها وشده نغز قلبها :
-كدب .. والله كدب .. قلتلك المره اللى فاتت ده راجل قريبى غلبان عنده اولاد ومراته طلبت منى انى أساعده .. دى كل الحكايه والله .. 

هز راسه نافياً بشراسه وهو يقترب منها وبقول يتوعد :
-انا هشرب من دمك وبعدين من دمه .. انا غلطت انى اتجوزت واحده زيك ولازم اصلح غلطى ده دلوقتى.. 

ثم انقطعت الأصوات الا من صوت صفع والده لها وبعدها بدءت والدته فى الصراخ بشده ولطمات غريب تقع فوق جسدها دون رحمه ، ظل فريد واقفاً امام الباب يضع كفيه فوق أذنه محاولاً منع صراخ والدته من الوصول إليه حتى اختفى الصوت تماماً وخرج غريب بملامح مرتبكه وهو يلهث من شده المجهود والفزع، نظر له فريد بملامح مرتعبه قبل ان يقول له وهو يزدرد ريقه بخوف :
-انا عايز اشوف مامى ..
حدجه غريب بنظره حانقه ارعبته قبل ان يقول له بتهديد واضح :
-مفيش حاجه اسمها مامى .. فاهمممم !!! انتى ايه اللى جابك هنا دلوقتى ؟!!! يلا على اوضتك ومش عايز اسمعلك صوت او اشوفك قدامى قبل الصبح .. يلااااااا .. 

لم يطعه فريد بل ركض من خلفه نحو غرفه والدته ثم قفز على فراشها ليطمئن عليها فوجدها نائمه فوقه بلا حراك بوجه ابيض شاحب وشفاه زرقاء ،هتف بأسمها عده مرأت ولكن دون جدوى ، هزها بقوه حتى تستفيق ولكن أيضاً دون جدوى كان جسدها مرتخى تماما بين كفيه ، توسل إليها بصوت باكى ان تجيبه ولم يتلق منها اى رد ، حمله غريب عنوه بتوتر من خصره وذهب به نحوه غرفته وهو يصرخ بِه ان يظل بها والا سوف ينال جزاءه هو الاخر 
 ادخله إلى غرفته ومنها إلى مخدعه ودثره  جيداً بغطاء الفراش حتى اعلى رأسه وظل فريد هناك  منتظراً بجسد مرتجف حلول الصباح حتى يطمئن على والدته التى لم يصدر منها اى صوت منذ وقت ليس بالقليل . 
لم يعلم متى غالبه النوم ولكنه استيقظ فى الصباح على هرج ومرج وكثير من الأصوات المتداخلة فقز من فراشه ركضاً إلى الخارج فوجد طبيب العائله يقف مع والده وهناك ٣ أشخاص اخرين يحملون على حماله طبيه والدته التى كانت مغطاه من اعلى راسها إلى اخمص قدميها بغطاء ابيض ويتحركون بها نحو الدرج هبوطاً للطابق الارضى وهم مطأطئين رؤسهم وتبدو على ملامحهم الاسف فعلم ان اسوء ما يخشاه قد تحقق على يد والده ..
مضت الايام التاليه على كلاً من حياة وفريد على نفس المنوال ، تجنبت هى لقائه وتعمد هو الخروج باكراً والعوده بعد منتصف الليل ، وبالتالى كانت  تتناول هى وجباتها الثلاث يومياً بمفردها وتقضى ما تبقى من يومها بين البحث عن فرصه سفر مناسبه لأخيها لإخراجه من البلاد وما بين اكتشاف شئ جديد فى المنزل ، وفى احدى الايام عندما لاحظت عفاف حاله الملل التى اصابت حياة نصحتها بالتوجه إلى مكتب السيد فريد اذا كانت من محبى القراءه فغرفه مكتبه تحتوى على كم هائل من الكتب ، ابدت حياة ترحاب شديد بتلك الفكره وقررت اكتشافها على الفور ، دلفت داخل الغرفه بتوجس فمجرد تفكيرها انها ملكيه خاصه لفريد لا يستخدمها احد غيره اربكتها ولكن عفاف شجعتها انه ابداً لن يعارض على استخدامها لها ، ورغم ذلك قررت الدخول فقط للبحث عن شئ ما تقرأه ثم الخروج فوراً 
 كانت رائحته المميزه تملئ المكان ، هذا اول شئ خطر ببال حياة بمجرد دخولها قبل ان تقع عينيها على محتويات الغرفه ، فتحت عينيها بأنبهار فالغرفه تجسيد حى للكمال والدفء بخشبها باهظ الثمن مع مكتب عصرى ومقعد جلدى مريح ووثير مع الكثير من التحف العتيقه والاكسسورات الثمينة  ، اما ما جعل حياة تشهق بأعجاب هى تلك المكتبه التى كانت تحتل أركان الغرفه وتحاوط المكتب بنافذته وتمتد حتى السقف وتحتوى على مئات بل الالاف من الكتب المنظمه على حسب حقبتها الزمنيه ونوعها وتراثها ، تحركت حياة اول شئ نحو رف الادب العالمي فوجدته يحتوى على كثير من الكتب الفرنسيه ، زمت شفتيها معاً للأمام بتفكير وهى تلتقط احدى الكتب بتغليفها الجلدى العتيق بين يديها وتتأمله ، اذا لقد اتقن الفرنسيه فعلاً ، لقد كانت تتذكر كم تذمر فريد من كرهه لتلك اللغه وعدم قدرته على استيعابها وكم من خلافات نشبت بينه وبين والده بسبب ذلك الامر ولكن غريب كان دائماً يجبره على تلقى الدروس بحجه ان جميع تعاملاتهم مع شركات فرنسية وعلى ولى عهده ان يتقنها تمام الاتقان حتى يستطيع التعامل معهم فى المستقبل عند توليه اداره الشركات 
هل يعلم انها كرهت اللغه والبلد بأكملها من اجله !! فكم ألمها ان يكون صديقها المفضل مجبراً على فعل شئ ما بالاكراه وبناءاً عليه رفضت هى الاخرى تلك اللغه رغم انها أيضاً اضطرت اسفه بحكم دراستها ان تتعلمها  ولكنها أبداً لم تستغيثها فى طفولتها من اجله ، تنهدت بعمق من اثر تلك الذكرى واعادت الكتاب القيم إلى موضعه فوق الرف قبل ان يرن هاتفها داخل جيب ردائها ، التقطته تنظر به اولاً قبل ان تبتسم بفرح فيبدو ان مساعيها خلال الايام الفائتة قد أتى بثماره اخيراً ، أجابت بحماس على الطرف الاخر ثم استمعت له قليلاً قبل ان تجيبه بسعاده قائله:
-ايوه يا فندم تمام .. بالظبط زى ما بعت لحضرتك كده وان شاء الله الورق هيكون جاهز فى اقرب وقت .. 
صمتت قليلاً ثم اجابته بحرص :
-طبعاً طبعاً .. ان شاء هيسافر لحضرتك قريب ..

انهت المكالمه وأغلقت هاتفها ثم قفزت عده مرات بسعاده وفرح ، فاخيراً استطاعت التحصل على فرصه خارج البلاد لأخيها بمعاونه صديقتها فى الخارج التى ما ان علمت بالتحول الذى حدث فى حياتها وزواجها من شخص ثرى حتى أسرعت فى مساعدتها على الفور .. 

***********

فى تلك الأثناء كان فريد يجلس فى مكتبه بمقرعمله وشئ وحيد يستحوذ على تفكيره ، حياة خاصته ، لقد اشتاق إليها كثيراً فمنذ حديثهم الاخير سوياً وهو يتعمد عدم مواجهتها او الاحتكاك بها حتى يعيد ترتيب اموره ويمهلها بعض الوقت للاعتياد على فكره زواجهم ووجوده بجانبها ، فقد كان يقضى يومه كاملاً فى العمل ويذهب للمنزل فقط فى المساء عندما يتأكد من خلودها للنوم وبعد فتره يتسلل إلى غرفتها بهدوء دون علمها ليتأملها قليلاً قبل ان يخلد هو الاخر إلى نوم متقطع يظهر فى اغلبيته مقتطفات من الماضى الحزين 

قاطع تفكيره دخول والده العاصف لغرفته ، لوى فريد فمه متشدقاً قبل ان يقول بسخريه واضحه :
-مادام دخلت عليا دخله المخبرين دى يبقى فى مصيبه .. قول اللى عندك .. 
حدقه والده بنظره غيظ قبل ان يقول بحنق واضح :
-نفسى تبطل قله ادب وتحترمنى شويه !!!.. 
لوى فريد فمه متأففاً قبل ان يجيبه بتهكم مرير :
-معلش اصل محدش ربانى وانت عارف .. امى ماتت وانا صغير ومرات ابويا كان كل همها ازاى احصلها .. 

ارتبكت ملامح غريب من تلميحات فريد قبل ان يجيبه بنفاذ صبر هارباً من الصدام مع ابنه الوحيد :
-خلاص خلاص .. مش هى دى مشكلتنا دلوقتى .. انت ايه اللى عملته ده مع عيله الجنيدي .. 
اجابه فريد بغرور وهو يعود بجسده إلى ظهر مقعده ليجلس فى تعالى واضح ويضع ساق فوق الاخرى :
-عملت اللى المفروض يتعمل معاهم من زمان .. 

هز غريب راسه عده مرات بأسف قبل ان يقول بغضب جلى :
-انت بتستعبببط !!! مش هيسبوك بعد اللى عملته فيهم !! انت مش خايف على نفسك .. 
اجابه فريد وهو مازال محافظاً على نبرته الواثقه وهدوئه :
-اعلى ما فى خيلهم يركبوه .. يبقوا يورونى يقدروا على ايه وروحهم فى ايدى دلوقتى .. 

اجابه غريب متوسلاً :
-يابنى لو انت مش خايف على نفسك انا خايف عليك .. بلاش عند مع ناس زى دى!!.. 
قفز فريد من مقعده بغضب ثم توجهه نحو والده يقف امامه بشموخ وهو يضع يديه فى جيوب بنطاله قائلاً بشراسه :
-خلى خوفك لنفسك . وبعدين انا حلفت برحمه اغلى حاجه عندى انى ادفعه تمن اللى عمله قديم وجديد .. كفايه ان حسابه اتاخر لدلوقتى بسببك .. 

انهى جملته ثم التفت بجسده يتجه نحو النافذه لينظر منها بجسد متصلب ، سمع صوت والده يتنهد بيأس قبل ان يقول منهياً ذلك الحديث :
-خلاص اللى انت تشوفه اعمله .. بس ع الاقل زود عدد الحراسه معاك شويه.. اه واعمل حسابك الاسبوع الجاى حفله التجديد السنوى مع الشركه الفرنسيه .. والحفله هتكون على شرفك انت ومراتك عشان يتعرفوا عليها ..

ادار فريد جسده نحو والده بهدوء ثم رفع احدى حاجبيه مستنكراً قبل ان يجيبه ببرود :
-لا مش عايز .. 
صاح به غريب وقد سأم من تصرفات ابنه تجاهه الامباليه :
-هو ايه اللى مش عايز !!!! ده شغل ومستقبل شركات انت المسئول عنها !! الخميس الجاى الحفله فى الفيلا تكون موجود انت ومراتك ومش عايز اعتراض .. 
انهى جملته ثم تركه وانصرف صافقاً الباب خلفه بقوه .. 

**********

انتظرت حياة حتى المساء وعوده اخيها للمنزل حتى يكون بكامل تركيزه قبل ان تقرر الاتصال بِه ، جلست فى غرفتها وعلى حافه فراشها ثم أمسكت هاتفها وانتظرت ان يأتيها الرد من الطرف الاخر ، كانت على وشك خوض كافه التفاصيل معه عندما سمعت وقع خطوات كثيره فى الخارج فلم تود المجازفة بأى حديث قد يفسد مخططها لذلك اثرت الحرص على حماسها فقالت لاخيها بنبره منخفضة  :
-بص الكلام مش هينفع فى التليفون انا لازم اشوفك بكره .. فضى نفسك وقابلنى فى البيت .. 

فى تلك اللحظه فُتح باب غرفتها بقوه ورأته يقف امامها يسألها بوجهه عابس وعيون مكفهره :
-انتى بتكلمى مين ؟!.. 
انتفضت هى على صوت اقتحامه لغرفتها ثم وضعت يدها فوق قلبها برعب قبل ان تمد يدها الممسكه بالهاتف نحوه وهى تقول برعب :
- محمد اخويا .. خد اتاكد بنفسك .. 
ارتبكت نظرته قليلاً وظهر التوتر على قسمات جسده قبل ان تلين نظرته ويدير جسده المتصلب لها خارجاً من غرفتها .

تنفست الصعداء بعد خروجه واغلقت الهاتف مع اخيها بتعجل ثم اخذت تذرع الغرفه ذهاباً واياباً بتوتر ، هزت رأسها عده مرات بتصميم لتشجع نفسها داخلياً ، ستذهب لتخبره ولن تتهاون فى حريتها فعهد تحكم والدها انتهى وابداً لن تعيد تلك التجربه معه ، فوالدها كان يمنعها من الخروج بمفردها الا من اجل الدراسه والعمل بالطبع بسبب العائد المادى للأخير حتى يرتاح من طلباتها ، اما عن خروجها مثل مثيلتها من الفتيات كان ممنوعاً عليها منعاً باتاً ففى منطقه ان البنت ذات الدين والُخلق الجيد مكانها فقط فى المنزل !!! 

على كلاً انها شاكره لسماحه لها باكمال دراستها دون تعنتات ، ولكن كل ذلك انتهى الان ولن تسمح لأحد اخر التحكم فى حياتها 

 **********

بعد قليل هبطت إلى الطابق الارضى بعدما استجمعت شجاعتها واستعدت لمواجهته تبحث بعينيها عنه ، فى الاسفل لمحت بعينيها مدبره منزله تخرج من غرفه مكتبه ممسكه بفنجان قهوه فارغ  فعلمت انه بداخلها لذلك توجهت على الفور تجاه الغرفه  ثم توقف امامها تسالها بهدوء قائله :
- فريد جوه ؟؟!!!.. 
اجابتها عزه بجفاء قائله :
-اها فريد بيه فى المكتب .. 
هزت حياة راسها عده مرات وتركيزها منصب على مواجهتهم وهى ترفع راسها بتحدى ممسكه بقبضه الباب وتهم برفع يدها الاخرى لتطرقه ، اوقفها صوت عزه مره  اخرى قائله بنبره خاليه :
-فريد بيه طلب محدش يزعجه !!! ..

نظرت إليها حياة من فوق كتفها وهى لازالت ممسكه بقبضه الباب ثم رفعت احدى حاجبيها لها بتحدى قبل ان تدير مقبض الباب وتدلف إلى الغرفه دون استئذان وهى توجه إليها ابتسامه مغيظه قبل ان تصفق الباب فى وجهها 

كان فريد يجلس خلف مكتبه عاقد حاجبيه معاً بشده وهو ينظر بتركيز فى شاشه كمبيوتره المحمول عندما سمع باب غرفته يُفتح ويُغلق دون استئذان انتفض من مقعده وهو يصيح قائلاً :
-مين اللى بي... 
انهى جملته بمجرد وقوع نظره على الباب ورؤيته لها تدلف الغرفه بتوجس ، لانت ملامحه المتجهمة قبل ان يتحرك فى اتجاهها يسألها بقلق :
-حياة !! فى حاجه حصلت ؟!... 

اخذت نفساً عميقاً قبل ان تبرر دخولها الهمجى ذلك قائله :
-مفيش وانا عارفه انى دخلت من غير ما اخبط ع الباب  .. بس هما قالولى بره انك مش عايز حد يزعجك .. وانا كنت هقولك حاجه واطلع على طول .. 

تبدلت ملامحه على الفور ثم اضاف بنبره حانيه وهو يتأمل نظرتها المرتبكة  رغم حركات جسدها المتصلبة  :
-حياة .. انا قصدى محدش يزعجنى منهم ..
اطرقت براسها للأسفل فى محاوله منها لكتم ابتسامه خفيفه كانت تهدد بالظهور على شفتيها من اثر ذلك الانتصار الصغير ولكنها سيطرت عليها بالاخير ثم تنحنحت عده مرات قبل ان تقول بنبره هجوميه استعداداً لما هو ات  :
- انا عايزه اروح لماما بكره أزورها .. وعلى فكره ده مش ....
قاطعها فريد قبل ان تكمل جملتها بنبره هادئه :
-مفيش مشكله شوفى عايزه تنزلى الساعه كام وبلغى السواق قبلها ..
فتحت فمها بأندهاش فقد كانت تعد نفسها لرفضه فسألته بأستنكار :
-ايه ده يعنى انت موافق انى اروح بسهوله كده ؟!!... 

ابتسم لها بأعجاب من سؤالها الطفولى ثم أجابها  قائلاً :
-مفيش مشكله زى ما قلتلك السواق هيوصلك وقت ما تحبى وانا بليل بنفسى هاجى اوصلك .. 
عقدت حاجبيها معاً ثم اجابته معترضه :
-بس انا مش عايزه حد يوصلنى !! انا بعرف امشى على فكره ولوحدى !! .. 

وضع فريد يديه فى جيوب بنطاله قائلاً بلا مبالاته المعتاده وهو يرمقها بنظره محذره :
-حياااة !! مش عايز مناقشه كتير ده اخر كلام عندى  !!! والقرار قرارك يا حد يكون معاكى يا لاء !! اختارى ؟!! . 

التفت بجسدها واتجهت نحو الباب وهى تضرب الارض بقدمها من شده الغيظ وتتمتم بكلمات حانقه لم تلتقط أذنه منها شئ ولكنه ابتسم لااراداياً من مظهرها الطفولى الغاضب ، تنحنح محاوله تنقيه حلقه والسيطره على رغبته فى احتضانها 
ثم تحدت بنبره آمره وهى على اعتاب الخروج قائلاً :
-اعملى حسابك الخميس الجاى فى حفله للشركه على شرفنا .. حضرى نفسك .. 

التفت تنظر له بعيون غاضبه قبل ان ترفع راسها بتحدى قائله :
-مش هروح .. اتفضل احضرها مع نفسك !!.. 
رأت التسليه واضحه فى بريق عينيه قبل ان يجيبها بنبره تهديد منخفضة :
-تمااام براحتك !! اهى فرصه برضه البسك بأيدى واشيلك لحد هناك .. 
شهقت بفزع  وفتحت فمها مندهشه من وقاحته معها  ثم اضافت بنبره حاده مرتبكه  :
-انت .. انت انسان مغرور .. ووقليل ذوق واناااااا ..
قاطعها بمرح مقلداً نبرتها وهو يلوى فمه بنصف ابتسامه ويتقدم منها حتى اصبح على خطوه واحده منها قائلاً :
-بتكرهينى عارف .. 
تشدقّت بحنق قائله بأشمئزاز :
-كويس انك عارف انى بكرهك وجداً كمان .. 

ومضت عينيه ببريق غريب وهو ينظر لداخل عينيها مباشرةً 
ثم أجابها وهو يمد كلتا ذراعيه يستند بهم فوق الجدار ليحكم حصارها ويمنع يدها من الامتداد لفتح الباب والخروج قائلاً بصوت أجش وعينيه تضيق فوق وجهها :
- عارفه يا حياة ايه اللى مصبرنى على كل اللى بتعمليه ده ؟!... 
لم تجيبه بل اغمضت عينيها بقوه تضغط عليهم محاوله تجاوز الشعور الذى بدء يتسلل إليها من انفاسه الحاره التى تقع عليها وهى تحرك راسها نافيه ببطء و تبتلع ريقها بصعوبه بالغه ، فأضاف وهو يقترب بوجهه اكثرمن وجهها :
-عشان العيون دى اللى فى كل مره بتشوفنى فيها بتقولى حاجه واحده بس .. " محتاجالك يا فريد " .. وانا وعدتهم من زمااان انى ما عمرى ما هتخلى عنهم .. 

فتحت عينبها بصدمه قبل ان تشرد بنظرها نحو الفراغ ويشحب وجهها ، انتهز هو فرصه صمتها واقترب منها يطبع قبله حانيه فوق وجنتها ، انتفضت بفزع من اثر قبلته وقد إعادتها لمسته للحياه ثم دفعته بكلتا يديها وهى تصرخ به بقوه قائله :
-متلمسنييييييش .. انت فاهم اوعى تقرب منى او تلمسنى تانى .. 

ثم استدارت برعب لتفتح الباب بيد مرتعشه وركضت إلى الخارج بجسد منتفض تاركه فريد يشعر بالصدمه من رد فعلها الغير مفهوم 

************

فى صباح البوم التالى كانت آمنه تجلس فوق الطاوله الصغيره تقوم بتحضير أشهى المأكولات وهى تدندن اغنيه قديمه بسعاده ، خرج عبد السلام من غرفتهم ينظر نحوها شرزاً قبل ان يتشدق جملته بغيظ :
- ايوه ياختى حضرى ما هى ست الحسن بتاعتك جايه النهارده .. 
حركت امنه راسها يميناً ويساراً فى حنق ثم استغفرت ربها وآثرت الصمت ولكنه تعمد استفزازها مضيفاً :
- ايه مش اللى عاجبك الكلام ولا بتكلم غلط ولا يمكن كلامى دلوقتى مبقاش جاى على هواكى بعد ما ناسبتى الباشا !! .. 
زفرت آمنه بضيق وهى تلوى فمها قبل ان تجيبه قائله :
-يا حول الله يارب .. انا عايزه اعرف انت ايه عايز تجر الشكل وخلاص !!! ما تسيب البت فى حالها مش كفايه من ساعه ما اتجوزت محدش عبرها ولا سأل عليها !!!.. 

قاطعها وقد بدءت نوبه صياحه المعتاده قائلاً بصوت يصم الاذان :
-مالها ياختى ما هى قاعده فى فيلا والخدم تحت رجليها هتعوز ايه تانى !! انا بقول بس بدل مانتى مهتمه بيها والاكل الحلو مظهرش غير بقدومها كنتى تعملى حاجه لابنى الغلبان الشقيان ده هو اولى !!.. 
قاطعته امنه بنفاذ صبر معترضه :
-وهى مش بنتك يا راجل !! وكمان لو كنت نسيت أفكرك مين اللى أنقذ ابنك الغلبان ده ..
قاطعها بصوته الجمهورى قائلاً ؛
-وهو مين اللى كان هيضيع ابنى غير الست بنتك وعمايلها ؟!!!! .. 
اجابته امنه بحنق :
-طب والوصلات اللى كانت عليك مين انقذك منها يا عبد السلام !!.. ياخى اتقى الله بقى وكفايه كده ..

مر كفه داخل شعر يحك قررتها بتفكير ثم تمتم بخفوت :
-عندك حق بس المره دى البت وقعت واقفه بجد .. شكلنا اتسرعنا المره اللى فاتت بس الحمدلله انها باظت .. 

صاحت به آمنه وهى ترميه بنظرات اشمئزاز واضحه قائله:
-عبد السلاااااام .. قفل ع السيره الهباب دى لمصلحتك .. وأتوكل على الله شوفْلَك حاجه تعملها خلينى اكمل شغلى .. 
رمقها بنظرات حانقه قبل ان يقول بغيظ :
-ادينى سايبهالك وماشى وهروح اقعد ع القهوه .. 
تمتمت امنه بخفوت قائله :
-فى ستين .... 
ثم عادت للتركيز على ما كانت تقوم به قبل مناقشتها معه .. 
*********

انقضى يوم حياة سريعاً مع والدتها التى اهتمت بسؤالها عن ادق تفاصيل حياتها فحاولت حياة قدر المستطاع اعطائها اجابات منطقيه مختصره دون التطرق إلى اى مواضيع جانبيه فظنت آمنه ان ابنتها تتجنب الحديث معها فى اى شئ يخص زواجها خجلاً منها اما عن حياة فقد تنهدت براحه عندما توقفت والدتها عن سيل الاسئله التى غدقتها بها منذ وصولها ، صمتت قليلاً ثم سألتها بإستفسار وهى تلكز ابنتها من  مرفقها بمرح:
-صحيح قوليلى ؟!! عجبتك الهدوم اللى اخترنهالك ؟!.. 
قطبت حياة حاجبيها معاً بتركيز قبل ان تسألها مستفسره :
-هدوم ايه ؟!!. 
اجابتها آمنه بحماس والابتسامه تعلو ثغرها فخراً :
-الهدوم بتاعتك اللى هناك فى الفيلا .. 
ازدردت ريقها بعجاله ثم اضافت قائله :
-فريد حب يعملهالك مفاجأه .. كلمنى وقالى أقابله واختار معاه كل اللى بتحبيه عشان انا ادرى بذوقك يعنى .. حتى فستان الفرح سالنى لو بتحب حاجه معينه وافتكرت ساعتها الفستان اللى كنتى كل شويه تدوشينى بشكله وتورينى صور شبهه  وخلانى اقابل واحده مصممه كده ده اسمها .. ووصفتلها على قد ما اقدر .. بس الحق يا حياة ان الفستان طلع احلى من اللى كنتى بتوصيفه .. انا مرضتش احرقلك المفاجأه ساعتها بس دلوقتى اقدر اتكلم براحتى بقى .. 

هزت حياة رأسها ببطء فقد حلت لغز تلك الملابس الرائعه القابعه داخل خزانتها وحتى الان ترفض ارتدائها بسببه ، اعادها من شرود تفكيرها صوت اخيها يدلف إلى المنزل ، فقفزت على الفور تستقبله بسعاده وحماس ثم تمتمت لوالدتها بعجاله :
-مانا احنا فى الاوضه جوه .. متخليش حد يدخل علينا ..

ثم جذبت اخيها من مرفقه تدفعه نحو الغرفه بحماس ، فى الداخل قصت على اخيها الذى كان يستمع إليها بتركيز وحماس كافه تفاصيل تلك السفريه المنتظره ثم اطرق برأسه فى حزن متسائلاً :
-ماشى يا حياة بس انا هجيب مصاريف السفر دى منين ؟!.. انتى عارفه ان الشغل يادوب .. 
ربتت على كفه بحنوبقبل ان تجيبه بنبره مطمئنه :
-متشغلش بالك بكل ده انت عارف انى كنت محوشه شويه فلوس من شغلى وانا هتكفل بكل حاجه .. 
ثم مدت يدها داخل احدى جيوب بنطالها وأخرجت بطاقه إلكترونيه وضعتها فى كفه قبل ان تضيف :
-دى الفيزا بتاعتى ان شاء فيها اللى يكفى كل المصاريف خدها استخدمها وأتوكل على الله بس بالله عليك يا محمد فى اسرع وقت انا ما صدقت الفرصه دى تجيلى .. 

هز راسه لها متفهماً قبل ان يحتضنها ويطبع قبله حانيه على جبهتها ويقول :
-مش عارف اقولك ايه ع اللى بتعمليه معايا .. بس ان شاء الله هردلك كل فلوسك دى وزياده .. 
لكزته فوق وجنته برفق قبل ان تجيبه بمرح قائله :
-يا واد انت هتكبر عليا .. يلا قوم شوف وراك ايه تعمله معندناش ووووقت .. 
قفز اخيها على الفور فى حماس وهو يتمتم بسعاده :
-حاضر يا اجدع اخت فى الدنيا ..

ابتسمت حياة بسعاده لرؤيتها سعادته واضحه فوق ملامحه ثم أوقفته بصوتها الناعم ترجوه قائله :
-محمد متنساش انت وعدتنى ..  محدش يعرف حاجه لحد ما تسافر .. 

هز رأسه لها متفهماً قبل ان يخرج من غرفتها ويتركها تزفر براحه وسعاده من تحقيقها اول خطوه فى سبيل حريتها .

********** 

فى المساء هاتف فريد حياة يطلب منها الاستعداد للخروج فهو على وشك الوصول إليها ، ودعت والدتها التى اقتربت منها بحزن قائله:
-ملحقتش اشبع منك يا حياة كنتى خليكى شويه كمان معانا .. 
اجابتها حياة وهى تربت على كتف والدتها بحنان مبرره :
-معلش يا ماما فريد كلمنى و قالى انه خلاص فى الطريق وان شاء الله هبقى اجيلك تانى .. وانتى كمان ابقى تعالى زورينى بلاش تسبينى لوحدى هناك ..

كانت آمنه على وشك اجابتها عندما قطع حديثهم صوت والدها الذى كان يقف على عتبه المنزل يستمع لحديثهم قائلاً بسخريه :
-سبيها تروح لجوزها !! .. دلوقتى بقى فريد اللى كانت عامله دوشه ١٠ سنين وهى تقول مش عايزاه مش عايزاه دلوقتى مش قادره علي بعده .. 

التفت حياة بحده تنظر إليه وعلامات الحنق تبدو ظاهره على ملامحها قل ان تقرر اثاره غيظه  قائله بسخريه وهى تتحرك فى اتجاهه وتقف على مقربه منه :
-طب وانت زعلان ليه كده يا بابا .. يمكن عشان المره دى معرفتش تطلع غير بوصلات الامانه فالموضوع بالنسبالك خسران !!!!! .. 

صُدم عبد السلام من ردها فتلك كانت اول مره تقف حياة فى وجهه والدها ، صدح صوته بقوه يرج أركان المنزل صارخاً فيها بعنف  :
-انتى قليله ادب بنت ..... وشكلك افتكرتى انك اتجوزتى ومحدش هيقدر عليكى ..
ثم رفع كفه لاعلى فى محاوله لصفعها ولكن أوقفه صوت فريد الهااادر ممسكاً  بيده المرفوعه قائلاً وعلامات الغضب تبدو ظاهره على وجهه وعينيه :
-عبد السلام بيييييه !!!!! انا مراتى متربيه احسن تربيه ..

ثم قام بالضغط بقوه على كف والدها المرفوع حتى شعر بالاحمرار قد بدء يغزو وجه غريمه من شده الالم وأضاف بنبره غاضبه منخفضة وهو يضغط على شفتيه بقوه :
-ثم ان مش مرات فريد بيه رسلان اللى حد يفكر يمد ايده عليها حتى لو كان ابوها فاهم !!! .. 

ثم نفض يده بقوه شعر معها عبد السلام بذراعه على وشك الخروج من مفصله ، تحرك فريد من امام الباب يحتضن يد حياة التى وقفت خلف والدتها متسمره مما كان والدها على وشك فعله معها ومن رد فعل فريد ثم سحبها نحو الخارج وهو يقول بنبرته الآمرة :
-دادا آمنه .. لو عايزه تشوفى حياة هتلاقيها فى بيتى .. 
ثم سحبها للخارج نحو السياره دون النظر خلفهم .

دلفت حياة داخل السياره بهدوء دون ابداء اى رد فعل ، صفق فريد الباب خلفها بقوه ثم استدار ليحتل المقعد المجاور لها ويأمر سائقه بالتحرك ولازال ذلك العرق بجانب صدغه ينبض بقوه من شده الغضب ، زفر بقوه عده مرات فى محاوله منه لاستعاده جزء من هدوئه قبل ان يتحدث مع حياة التى لم تبدى اى رد فعل حتى الان ، هتف بأسمها بنبره حاول قدر الإمكان اخراجها طبيعيه وهو يمد يده ليحتضن كفها فى توجس متأهباً لرفضها ولكنها فاجأته بتقبل يده بهدوء غير معتاد ، هتف بأسمها مره اخرى بنفاذ صبر ولكن أيضاً لم يصدر منها  اى رد فعل فقط ضغطه خفيفه على يده المحتضنه يدها ثم استندت برأسها على النافذه وسمحت لنفسها بالعوده إلى سن السادسه ..
" تذكرت ذلك اليوم فى قصر غريب عندما كانت تتلوى تحت قبضه والدتها وهى تمشط لها شعرها قائله بطفوليه :
-يا ماما يلا بسرعه عشان الحق اروح لفريد قبل الدرس ما يبدء ..
ضحكت آمنه بمرح وهى تحاول جاهده إتمام مهمتها مع قله صبر طفلتها قائله بمرح :
-ايوه يا ست حياة .. كأن الدنيا دى مفيهاش غير فريد ليل ونهار عايزه تجرى عليه .. اتفضلى يا ستى روحيله ادينى خلصت ..
ركضت حياة على الفور فى اتجاه الباب المؤدى إلى الحديقه عندما أوقفتها يد والدها الغليظه تسحبها للداخل مره اخرى ويجرها خلفه بقسوه قائلاً :
-مفيش حاجه اسمها فريد تانى ..
ثم توجهه بحديثه لوالدتها :
-انتى يا ست آمنه معندكيش نخوه ولا احساس بتشجعى البت على قله الادب !! عايزاها تحط راسنا فى الطين !! 
سألته آمنه مستنكره عاقده حاجبيها معاً  :
-قله ادب ايه دى يا عبد السلام اللى بتتكلم عليها ؟!..

أجابها بصراخ وهو مازال ممسكاً بذراع حياة التى كانت تحاول جاهده الافلات من قبضته المؤلمه :
-ايوه قله ادب .. ليل ونهار سيباها قاعده لوحدها مع ابن الباشا ومحدش عارف بيعملوا ايه .. بتك دى مش هترتاح غير لما تجبلى العار وتخلى ناسى فى البلد يعايرونى بيها !.. 

شهقت آمنه بفزع وهى تضع يديها فوق فمها تحاول استيعاب حديث زوجها الغير متزن ثم اجابته بأستنكار ممزوج بإشمئزاز قائله :
-عار ايه  يا راجل!!! دول عيال !!! انت بتتكلم على بنتك اللى مكملتش ٦ سنين !!!! انت بتقول ايه ..

صاح بها بصوت جهورى افزع كلاً من حياة التى بدءت تبكى من شده الالم ووالدتها :
-ايوه هو ده اللى عندى واعملى حسابك تلمى هدومك انا خلاص جبت شقه ايجار ومن بكره هنتنقل ليها .. وأقسم بالله لو بوقك اتفتح او اعترضتى لارمى عليكى اليمين دلوقتى وارميكى فى الشارع انتى وعيالك !! ..

ازدرد ريقه بقوه قبل ان يضيف بتوعد :
-ومن بكره الحال المايل ده هيتعدل وهشوف البت دى اللى عايشه عيشه البشوات هتتربى ازاى ..

ثم نفض ذراع حياة من قبضته وخرج صافقاً باب الملحق خلفه بقوه ، انتظرت حياة خروجه ثم ركضت نحو الحديقه وهى لازالت تبكى حتى وجدت فريد يجلس بهدوء تحت شجرته المفضله ، هتفت بإسمه بصوت باكى تشتكى له من والدها قائله من بين شهقاتها المتلاحقة :
- فريد . بابا زعقلى .. وقالى .. قالى انى هجيبله العار .. وانه هيخلينى امشى وكمان بكره .. هنروح .. هنروح بيت جديد.. 

قاطعها صوت فريد الطفولى يهدئها وهو يمسح فوق شعرها بحنان قائلاً بأصرار :
-متخافيش يا حياة .. انا هحميكى منه ومش هخليه يعملك حاجه وبعدين انا دلوقتى هكبر وهتجوزك واخليكى تعيشى معايا انا وانتى وماما بس بعيد عنه وعن بابا .. 

هزت رإسها له بحماس موافقه وهى تمسح بكف يدها دموعها المنسابه فهى تثق به وتعلم انه بطلها وحاميها الاول ، تنهدت بعمق وهى تفكر فيبدو ان قوة ذلك الصغير لم تكفى لردع والدها عما انتوى القيام بِه وبالفعل فى اليوم التالى انفصلت حياة عن فريد دون حتى وداع .. 

افاقت من شرودها على توقف هدير السياره  وصوت فريد العميق يحثها على النزول ، دلفت إلى الداخل فوجدت الهدوء يعم ارجاء المنزل فاستنتجت ان ساعات العمل قد انتهت وذهب كل موظفيه إلى مخدعهم ، راقب فريد ردود افعالها الهادئه بقلق فهو يفضل حياة الثائرة عن تلك التى لا يصدر منها اى رد فعل ، رفع رأسه للاعلى ثم تنهد بتعب وهو يمرر يده داخل خصلات شعره ويضغط على شفتيه قبل ان يقول آمراً بنبره خرجت حاده دون وعى منه :
-حياة .. مفيش روح لهناك تانى .. فاهمه !! .. 
التفت تنظر إليه وعيونها تنطق بالشرر قبل ان تنفجر وتصرخ به بقوه وهى تدفعه بكلتا يديه للخلف قائله :
-ملكش دعوووووووه .. انت بالذات ملكش دعوه ... مش عايزه منك حاجه .. فاهم يعنى ايه مش عايزه منك حاجه .. متجيش دلوقتى تدينى أوامر .. روح واختفى زى ما اختفيت زمان .. حياة كبرت ومش محتاجالك فاهم !!! انا قادره ادافع عن نفسى لوحدددى متعملش فيها بطل ليا .. كنت فين زماااان .. كنت فين وانا عندى ١٤ سنه !!!! كنت فين وهو ... 
ابتعلت ما تبقى من الكلمات بداخلها وهى تشهق بقوه وجسدها يرتجف من شده  الغضب ، ظل فريد ينظر إليها بصدمه يحاول استيعاب حديثها وسبب ذلك الانهيار الغير مبرر ، تقدم خطوه منها يمد كلتا يديه ويحاول احتضانها ولكنه تفاجئ بها تلكمه فوق صدره بقوه وهى تصرخ بأستياء :
-متقريش منننننى .. قلتلك ميه مره متقربش منى .. فاهم .. ابعد عنى ومتقربش منى .. مش عايزه حد يقرب منى فيكم .. سيبونى فى حالى .. وانت ارجع مكان ما كنت مختفى مش عايزاك فى حياتى .. 

قاوم فريد لكماتها المتتالية وانهيارها وهو يشدد من احتضانه لها حتى استكانت وهدئت بين ذراعيه ثم قامت بمسح عبراتها المنهمره بكثره قبل ان  تدفعه برفق وهى تمتم بنبره منهمكه :
-انا كويسه لو سمحت سيبنى .. 
فك حصارها من بين ذراعيه وتركها لتتجه نحو الدرج وملامح وجهه يكسوها الصدمه يحاول عقله استيعاب كلماتها وما تفوهت به للتو .
مرت الايام التاليه على فريد كالجحيم فترتيبات عمله من جهه وكلمات حياة التى كانت تطن داخل أذنه دون توقف من جهه اخرى ، اما أسوئهم فهو اضطراره إلى التعامل مع نوبات غضب حياة المتواصله ، التى لم تدخر جهد لأثاره غضبه بكل الطرق الممكنه  الامر الذى تطلب منه اقصى درجات ضبط النفس حتى لا يصب جام غضبه عليها ، فهى كانت تتعمد استفزازه ومعاندته فى ابسط المواقف والامور ، لذلك قرر ان افضل حل هو تجاهلها وعدم الاحتكاك بها حتى يتخلص من اعباء عمله وعقوده التى تتطلب التجديد قبل ان يتفرغ لها ، فهو عاقد النيه وبقوه على اكتشاف ما اشارت إليه من كلمات خلال حديثهم الاخير ، اما غضبه ويأسه المتزايد فكان يتخلص منه من خلال موظفيه المساكين او داخل صالته الرياضيه او الاسوء من خلال ذلك المشروب الذى اصبح يلازمه بكثره خلال لياليه .

استيقظ فى صباح اليوم السابق لحفله التجديد بأرهاق ، فرك وجهه بقوه فلديه يوم عمل مملؤ وشاق ، اتجه اولاً نحو المرحاض ليأخذ دشاً سريعاً يعيد إليه نشاطه ثم هبط فوراً إلى غرفه مكتبه مقرراً على غير العاده ترتيب اوراق اجتماعه والذهاب إلى مقر الشركه قبل موعد الاجتماع مباشرة 

اما عن حياة فقد ندمت على ما تفوهت به تلك الليله فهى تعلم فريد وتعلم انه لن يمر ما تفوهت به مرور الكرام لذلك آثرت الهرب ، اما عن طريق المكوث داخل غرفتها والخروج بعد التأكد من خروجه للعمل او بمهاجمته و اثاره حنقه اذا حدث بالخطأ وصادفته ، 

بعد منتصف الظهيرة انتهى فريد من تدقيق اوراق اليوم ثم تمطى بأرهاق قبل ان يقرر جمع اوراقه والتحرك ، فى تلك الأثناء  نظرت حياة فى ساعه يدها فوجدتها تجاوزت الثانيه عشر ظهراً والهدوء يعم المكان وعلى ذلك تستطيع التحرك بحريه فى غيابه ، ارتدت لباس رياضى ثم توجهت مباشرةً نحو الدرج ، صادفت فريد عند مدخل الخروج الذى تسمرت نظرته ما ان رأها ، فقد كانت ترتدى لباس رياضى رائع مزيج من اللونين الابيض والاسود يحتضن خصرها ويتناسب تماماً مع انحناءات جسدها وترفع شعرها الناعم لاعلى على هيئه ذيل حصان ثم تتركه ينساب بنعومه فوق كتفيها ، شعر بحراره جسده تزداد من ذلك المظهر العفوى والمثير للغايه ، توقفت هى فى منتصف الدرج بأرتباك لا تعلم ما الذى يجب عليها فعله فلقد رأها وقضى الامر وليس هناك اى سبيل للهروب او الركض لاعلى مره اخرى لذلك قررت استئناف طريقها كأنها لا تراه ، رفعت رأسها بكبرياء وهى تمر من جواره دون حديث ، زفر مطولاً عده مرات للتخلص من كم المشاعر الذى اجتاحته دفعه واحده فهو مزيج غريب ما بين الغضب والإرهاق والاثارة ، اوقفها صوته يسألها بنبره منخفضة  قائلاً بجديه بعدما تجاوزته :
-حياة انتى رايحه فين ؟!.. 

توقفت عن سيرها بعنفوان ثم عادت خطوتين للخلف حتى تقف امامه قائله بتحدى وهى ترفع احدى حاجبيها :
-رايحه أتمشى شويه فى مانع ؟!!.. 
ضغط على شفتيه بقوه وأغمض عينيه لبُرهه قبل ان يفتحها ويجيبها محاولاً الحفاظ على هدوئه النسبى :
-لا مفيش .. بس خدى حد من الحرس معاكى وانتى خارجه ..
انهى جملته وهم بالخروج وهو ينظر فى ساعه يده فلديه يوم مشحون عندما أوقفه صوتها معترضه :
-انا مطلبتش حد يجى معايا انا عايزه أتمشى لوحدى مش حاجه عويصه والله !!! .. 

توقف عن سيره وأطرق راسه للأسفل قبل ان يهزها عده مرات بشراسه ويمرر كفه داخل خصلات شعره ثم استدار لها بجسد متصلب قائلاً بنبره لا تحمل اى معنى للمزاح :
-حياة .. صدقينى الجدال النهارده بالذات مش فى مصلحتك خالص .. يا تاخدى حرس معاكى وانتى بره يا تستخدمى اوضه الجبم جوه !! انتهى .

ثم انهى جملته وتركها تحدق بغضب فى اثره ، تحرك هو نحو الحديقه ثم استدعى رئيس الحرس ينبهه بنبرته الآمرة :
-حياة متطلعش من الفيلا لوحدها سامع !! لو عرفت انها خطت خطوه واحده بره الفيلا لوحدها هيكون اخر يوم ليك بكل اللى معاك ..

انهى تهديده ثم تركه واتجهه نحو سيارته ليصعد بها ويصفق الباب خلفه بقوه وغضب . 

بالطبع انتهزت حياة فرصه خروجه من المنزل قبل ان تقرر الاستمرار فى عنادها ، كانت على وشك الاقتراب من الباب الخارجى للفيلا عند اوقفها احد الحراس بجسده الضخم يسألها مستفسراً بأحترام :
-حياة هانم حضرتك رايحه فين ؟!.. 
رمقته حياة بنظره متشككه قبل ان تجيبه على مهل قائله :
-رايحه أتمشى !! .. 

اومأ الحارس لها بخنوع قبل ان يجيبها قائلاً :
-تمام يا فندم اتفضلى حضرتك قدامى .. 
سألته حياة وهى ترفز بنفاذ صبر :
-يلا فين !! انا بقولك عايزه أتمشى .. لوحددددى !!! . 
هز الحارس رأسه لها ثانيا قبل ان يعقب على حديثها قائلاً :
-معلش يا فندم معندناش أوامر انك تخرجى لوحدك .. 

زفرت حياة مره اخرى مطولاً وهى تضع يديها فى منتصف خصرها وتنظر حولها متأمله قبل ان تمتم بتفكير :
-خلاص خلاص مش عايزه حاجه هقعد فى الجنينه شويه .. 

اخفض الحارس رأسه للمره الثالثه لتحييتها بصمت قبل ان يعاود ادراجه إلى موقعه دون ان يستدير بظهره لها 

سارت حياة قليلاً متظاهره بتأمل الحديقه بأزهارها عندما لمحت سلم خشبى طويل ملقى بأهمال فى احد أركان الحديقه الجانبيه ،لمعت فكره ما داخل رأسها وابتسمت بخبث وهى تحدث نفسها داخلياً بتحدى قائله :
-ابقى ورينى هتمنعنى ازاى .. 
ثم صفقت يديها معاً بسعاده قبل ان تحاول تحريك ذلك السلم لترفعه نحو السور ، أتمت مهمتها ونفضت يديها بزهو قبل ان تبدء فى تسلقه عندما شعرت بيد ما تقبض على قدميها من الاسفل ..

***********

فى مقر شركته كان فريد يجلس فى مقعده الوثير خلف مكتبه العريض يراجع بتركيز التعديلات الاخيره قبل توقيع الغد عندما صدع رنين هاتفه ليملئ الغرفه ، التقطه بهدوء ينظر فى شاشته قبل ان يعقد حاجبيه معاً ويجيب بجمود قائلاً :
-اتمنى تكون حاجه مهمه عشان تشغلنى بيها .. 

صمت قليلاً يستمع بتركيز إلى الطرف الاخر ووجه يزداد عبوس ثم أردف قائلاً بنبره آمره :
-خليها عندك اوعى تخليها تطلع لحد ما اجيلك .. 
رفع كفه ليفرك جبهته  بأصبعه بأرهاق قبل ان يضيف بنبره تحذير خطيره :
-تمنعها من غير ما حد يلمسها فاهم !!! لو عرفت ان حد لمسها اقسم بالله هيكون اخر يوم فى عمره سامعنى !!! .. 

ثم انهى مكالمته وانتفض من مقعده ملتقطاً مفاتيح سيارته وهو ينفخ بضيق وقد بدء غضبه يتصاعد من أعمالها الطفولية ثم خطى بخطوات واسعه نحو الخارج وهو يتمتم بعصبيه وحنق  قائلاً :
-اه يا حياااة !!هشتغل ناظر مدرسه على اخر الزمن !!! .. 

وصل فريد بعد دقائق فمقرعمله لا يبعد كثيراً عن منزله وهذا اهم ما يميزه ثم اندفع بسيارته مسرعاً عبر بوابه الفيلا الرئيسيه بعد ان قام بفتحها له متعجلاً الحارس الأمنى الخاص بها ، ولج إلى الداخل بغضب ساحقاً الممر الحجرى تحت اطارات سيارته ثم اوقفها فجأه فأصدرت فراملها صرير قوى جعل حياة التى كانت تقف على قرابه من المدخل تحاول الخروج تنتبه بكامل حواسها لقدومه 

ترجل فريد من سيارته برشاقة وسرعه الفهد قبل ان يصفق باب السياره الامامى خلفه بهدوء تاركاً محركها لايزال هادراً ، توجهه نحوها على الفور والغضب يعلو قسمات وجهه وجسده المنتصب ، قبض بكفه على مرفقها يجرها نحو الداخل دون ان ينظر فى وجهها قائلاً  بنبره عصبيه وصوت مكتوم وهو يضغط على شفتيه بقوه :
-تعالى .. 
تلوت حياة بجسدها بين يديه تحاول الافلات منه وتحريره وهى تقول بحنق :
-سيب .. ااااه .. بقولك سيب .. 
استمر فى طريقه جاذباً لها وهو لايزال يجرها خلفه دون الاهتمام بأعتراضها فاضافت وهى تزفر بضيق قائله بعصبيه :
-اه فريد بقولك سيب بتوجعنى .. 
توقف عن السير بمجرد سماعه لجملتها ثم ابعد قبضته عن ذراعها دون ان تلين ملامحه او تحيد نظرته عن الطريق او حتى يحاول النظر إليها ، انتهزت هى فرصه تركه لها وركضت من خلفه نحو الخارج مره اخرى ، صدح صوت فريد بحنق وهو يهتف قائلاً بحنق :
-برافو حياااة  .... حقيقى برافو !!! هجرى وراكى كمان فى سننا ده !!!. 

وخلال خطوتين له استطاع القبض عليها ثم مال بجذعه للأمام نحوها ، وحاوط ركبتها بذراعه قبل ان يحملها فوق كتفه بغضب ويتحرك بها نحو الباب الداخلى للمنزل ثم قام بقرع جرس الباب الداخلى وهو يركله بقدمه بقوه ، ركضت مدبره منزله بخوف تسرع فى فتح الباب لمخدومها ، اتسعت عينيها بصدمه وهى تراه يحمل زوجته على ذلك النحو دون الاكتراث بوجود أشخاص حولهم ، تجاوزها فريد نحو الداخل مباشرهً ومنها إلى الدرج ليتسلقه .. 

اما عن حياة فكانت تركل بقدميها فى الهواء فى محاوله بائسه منها للتخلص منه ثم صاحت معترضه بحنق وذهول قائله :
-نزلنى .. فرريييييييد بقولك نزلنننى .. 

صدح صوته الجمهورى داخل ارجاء المنزل بنبره تهديد عاليه :
-حياااااااااااة !!!!! .. 
اخذ نفساً عميقاً لم يهدئ من غضبه ثم أردف بنبره تهديد منخفضة :
-بلاش النهارده احسنلك .. بلاش النهارده عشان احنا الاتنين منندمش !! .. 
توقفت عن الحركه واستكانت فوق كتفه بهدوء فنبره التهديد بصوته لا تحمل اى معنى للمزاح ابداً ، لوى فمه بابتسامه رضا رغماً عنه عندما توقفت عن محاولاتها فى مقاومته .

كانت عزه تراقب ما يحدث بينهم بوجه عابس والغيره تتأكلها داخلياً ، فكرت بحقد ما الذى ينقصها عنها حتى يكن لها كل ذلك الحب !!! فعلى العكس حياة ليست بنصف مقدار جمالها كما انها تطيعه منذ قدومها للمنزل وتسعى دائما لراحته، وضعت يدها داخل جيب ردائها لتخرج منه هاتفها المحمول بعدما اتخذت قرارها النهائى ، طلبت رقم ما ثم تحدثت بمجرد سماعها الطرف الاخر يجيب قائله بتصميم :
-ايوه يا بيه .. انا موافقه اعمل اللى قلت عليه خلاص .. 
ثم اغلقت هاتفها وهى تتوعد لحياة . 
وصل فريد إلى الطابق العلوى وتحديداً امام غرفتها ثم دلف لداخلها وهو لايزال يحمل حياة حتى وصل إلى الفراش ثم القاها فوقه بلا مبالاه قبل ان يعيد ترتيب ملابسه ويمرر يده داخل خصلات شعره قائلاً لها بتهديد وهو يشير إليها بأصبعه :
-متتحركيش من هنا لحد ما ارجعلك فاهمه !!! .. 
انتفضت هى من الفراش  بعصبيه ثم تحركت حتى وقفت امامه قائله  بتحدى  : 
- لا مش فاهمه انا من حقى ...... 
حرك كلتا كفيه ليحاصر وجهها ويمنعها من الحركه ثم قطع جملتها بطبع قبله قويه فوق شفتيها ثم تركها وانصرف على الفور بعد ان اوصد الباب خلفه بالمفتاح من الخارج ،

تسمرت حياة فى مكانها من رد فعله الغير متوقع ولم يعيدها للواقع سوى صوت تكات المفتاح من الخارج ، ركضت فى اتجاهه فى محاوله بائسه لفتحه رغم انها تعلم جيداً عدم جدوى محاولتها قبل ان تطرق عليه بعنف هاتفه بأسم فريد بغضب :
-فريد افتح الباب ده !! انت بتهزررررر !! انت بجد هتحبسنى!! فريييييد !!!!! ..

لم تتلقى اى رد فعل منه لذلك توقفت قليلاً تلتقط انفاسها المتلاحقة  قبل ان تركض نحو الباب المشترك بينهم ومنه إلى باب غرفته لفتحه والخروج منه ولكن هيهات ، فقد سبقها  بتفكيره وأغلقه هو الاخر ، وقف فريد يبتسم بأنتصار ثم ركض إلى الاسفل مره اخرى مصادفاً عفاف فى طريقه للخارج ، توقف ليقول لها بنبرته الآمرة المعتاده :
-محدش يفتح لحياه لحد ما ارجع فاهمين !! ..

اؤمأت له برأسها موافقه على مضض قبل ان يختفى هو من امامها مستأنفاً طريقه نحو الخارج . 

************

فى المساء عاد فريد إلى المنزل وهو يتنفس الصعداء بعد انتهاء جميع اعماله المتراكمة ، تحرك فوراً نحو غرفته لتبديل ملابسه وأخذ دشاً سريعاً قبل ان يتوجه نحو غرفه حياة ، طرق باب الغرفه المشترك بينهم وكان هو الوحيد الذى يستخدمه لذلك كانت تعلم حياة هويه الطارق ، تحركت نحو الباب لفتحه على مصرعيه تاركه له المجال للدخول قبل ان تستدير بجسدها عائده لتقف بحوار قائم الفراش بغضب 

ظل فريد ينظر إليها متأملاً دون حديث مما اثار حفيظتها فتحدثت قائله وقد عاهدت نفسها فى الصباح على تجاهله تماماً :
- مفيش حاجه مهمه هنا عشان تفضل واقف باصلها كده !!!
التوت شفتيه بنصف ابتسامه ثم تحرك نحو خزانه الأدراج يتكأ بجسده عليها قائلاً بتسليه :
-يمكن بالنسبالك مفيش .. بس بالنسبالى انا حياتى كلها واقفه قدامى .. 

لوت فمها بأستهزاء قبل ان تأخذ نفساً عميقاً وتعقد ذراعيها امام صدرها فى تأهب قائله بنبره عتاب حزبنه :
-فعلاً حياتك !! وعشان كده حبستنى زى القطط من غير ما تفكر مره واحده ان ممكن احتاج اخرج طول الساعات دى !! او الاسوء ان ممكن تحصلى حاجه جوه ومحدش يعرف عنى حاجه او حتى يوصلى !!! .. طبيعى ما هو ده فريد .. حاجه استعصت عليه فحارب لحد ما ضمها لمجموعته وبقت بتاعته  !! حب امتلاك مش اكتر .. 

توترت عضلات جسده وارتبكت ملامحه فأستقام فى وقفته واخرج يده من جيوب بنطاله وبدء يتقدم نحوها فى خطوات بطيئه واثقه تراجعت هى على اثرها حتى وجدت جسدها يرتطم بالحائط ، اقترب فريد منها ليحاصرها وانحنى برأسه نحوها فحال دون فرارها ثم أردف قائلاً بحنان :
-عارفه المشكله فين ؟!!.. المشكله هنا . 

انهى جملته ثم مد احدى يديه ليحتضن كفها بنعومه ، نظرت إليه حياة بتوجس ونظرات حائرة وهو يحتضن يدها ويرفعها بهدوء حيث موضع قلبه مستطرداً حديثه بنبره حانيه وهو لا يزال محتفظاً بوضع كفه فوق كفها :
-ده اختارك من ساعه ما وصف حالته وانتى جنبه بأسمك .. حياة كامله بيعيشها بنظره او كلمه واحده تقوليها .. عايزه تشوفى ده تملك شوفيه .. بس انا متاكد انه حب وحب خالص .. وبالنسبالى كل حاجه متاحه فى الحب والحرب حتى لو انتى رفضتى ده .. 

 انهى جملته وهو يرفع كفها نحو فمه ويقبل باطن يدها عده قبلات رقيقه ناعمه ، ازدردت حياة لعابها بصعوبه بالغه وفتحت فمها عده مرات فى محاوله للرد عليه ولكن فى كل مره كانت تهرب منها كلماتها فلم تجد الجواب المناسب سوى انها اخفضت رأسها وضغطت على عينيها بقوه محاوله نفض كلماته من رأسها ثم سحب يدها من يده بهدوء ، انقذها بضع طرقات فوق الباب فتسائل فريد بصوت مكتوم وهو يضغط على شفتيه :
-ايوه .
اجابته مدبره منزله بهدوء قائله :
-فريد بيه العشا جاهز .. 

أجابها وهو يرفع إصبعه ليضعه فوق ذقن حياة رافعاً رأسها إليه حتى يستطيع النظر داخل عينيها مباشرةً قائلاً بصوت أجش :
-تمام احنا نازلين .. 

اوشكت حياة على الاعتراض ولكنها تراجعت فهى كانت تريد التخلص من وجوده بداخل حجرتها بأسرع وقت ممكن ، تحرك هو اولاً يفتح الباب قبل ان يتكأ بجسده عليه تاركاً لها حيز صغير للخروج منه ، توقفت هى امام الباب تسأله بهدوء :
-ممكن توعى عشان انزل ؟!.. 
رفع احدى حاجبيه مستنكراً قبل ان يجيبها بمرح قائلاً :
-ما تعدى وإنا منعك ؟!.. 
زفرت مطولاً ثم اجابته بنفاذ صبر قائله :
-هعدى ازاى وانت واقف كده مفيش مساحه اعدى منها  .. 

التوت فمه بنصف ابتسامه ثم اضاف يمازحها :
-والله المكان واسع وتقدرى تعدى الا لو انتى محرجه تقولى انك طخينه والمكان مش مكفيكى !! ..

نظرت له شرزاً قبل ان ترفع رأسها بتحدى وتمر من خلال الباب ، حاولت حياة بكل طاقتها الا تحتك به اثناء خروجها لتثبت له عدم صحه حديثه وقد وقعت فى فخه ، انتهز فريد الفرصه وضيق الفراغ اكثر بينهم فأحتك كامل جسدها بجسده ، شهقت بصدمه من تصرفه ورفعت رأسها تنظر إليه شرزاً  فتفاجئت بأبتسامته العريضه العابسه التى استفزتها تملأ وجهه  تمتمت بحنق واضح قائله:
-انت قليل الادب على فكره عشان انت متعمد ... 

دوت ضحكته حولها بقوه قبل ان يضيف بسعاده قائلاً :
-امممممم فى تقدم ..  ع الاقل مسمعتش بكرهك من كام يوم ..  

ضربت حياة الارض بقدميها من شده الغيظ ثم ركضت نحو الدرج للأسفل وهى تمتم بكلمات غير مفهومه لم تلتقط أذنه منها سوى كلمه مغرور مما جعل ابتسامته تزاد سطوعاً وهو يتحرك فى اثرها . 

************

فى الصباح التالى استيقظت حياة وهى تبتسم بأنتصار من امتثال فريد لرغبتها ، فاليوم هو ميعاد تلك الحفله المزعومه ولم يأتِ على ذكراها مره  اخرى او يقم بأى تحضيرات استثانئيه لذلك هى بأمان ، تمطت بكسل ثم قفزت من فوق الفراش بسعاده وأغتسلت جيداً بالماء الدافئ لبدء يومها بنشاط قبل ان تهبط إلى الأسفل ، كانت على وشك الخروج عندما سمعت طرقات خفيفه فوق باب غرفتها الخارجى ، أجابت حياة الطارق بنبره ناعمه قائله :
-اتفضل الباب مفتوح ..

تفاجئت حياة بعزه تدلف إلى داخل الغرفه بملامح جامده وهى تحمل بكلتا يديها صندوق كبير مغلف بطريقه رائعه يتوسطه صندوق اصغر منه من نفس التغليف ، توجهت نحو الفراش مباشره لتضع ما تحمله يدها فوقه بحرص ثم تحدثت إلى حياة بنبره رسميه جافه :
-فريد بيه بعت دول عشان حضرتك وبيفكرك انه هيتحرك الساعه ٧ فتكونى جاهزه قبلها .. 

هزت حياة رأسها عده مرات فى تصميم ، فهى لا تكشف لموظفته عن نيتها فى عدم الذهاب ، خرجت عزه وظلت حياة داخل غرفتها تجلس بهدوء فوق احد المقاعد مر الوقت سريعاً وحياة لازالت جالسه داخل غرفتها تضع ساق فوق الاخرى بكبرياء وتعبث بخصلات شعرها وهى عاقده النيه تماماً على مخالفه آمره ، وفى تمام الخامسه سمعت طرق اخر فوق الباب فظنت انها عزه مره اخرى اجابتها بهدوء :
-ادخلى يا عزه .. 

فتح الباب وتفاجئت بفريد يطل من خلفه ينظر إليها مطولاً ثم يقول بفم متقوس :
-امممم .. كنت متوقع .. 
انتقضت حياة من مجلسها بارتباك ولكن سرعان ما تمالكت نفسها ورفعت راسها بتحدى منتظره رد فعله التالى ، تقدم فريد نحوها ببطء وهو يبتسم ابتسامه عابثه حتى توقف امامها ثم انحنى بجزعه فجاه امامها ووضع ذراعه فوق ركبتها والأخرى خلف خصرها ليحملها فى اقل من ثانيه ،لم تعى حياة ما قام به الا بعد ان وجدت نفسها داخل احضانه ، شهقت مصدومه وهى تحاول التخلص منه وتعترض عن فعلته بذهول قائله :
-فريد !!! انت بتعمل ايه نزلنى ..
أجابها بمرح وهو يتحرك بها نحو غرفته :
-ولا حاجه مش انا قلتلك فرصه البسك بأيدى وانا راجل مبعرفش أفوت فرصه تيجى قدامى وخصوصاً لو زى ده .. 
ركلت حياة بقدميها فى الهواء محاوله التخلص منه فحدثها فريد :
-لو فضلتى تتحركى كده هسيبك تقعى على فكره .. 

لم تهتم بتهديده بل ظلت تركل بقدمها فأرخى فريد قبضته من حولها فبدء جسدها ينزلق للأسفل ، شهقت حياة برعب وهى تلف كلتا ذراعيها حول عنقه لتتشبث به وتدفن رأسها داخل تجويف عنقه متمته برعب :
-فريد الحقينى هقع .. 

دوت ضحكته عالياً ثم انزلها على قدميها وهى لاتزال متشبثه به ، تنهد بحراره وهو ينظر إليها مطولاً وقد تبدلت ملامحه كلياً ثم أجابها بصوت أجش وعيون داكنه  :
-عمرى .. طول مانا جنبك عمرى ما اسيبك تقعى .. 
شعرت بحراره جسدها تزداد من شده توترها فهى لا تصدق انها هى من تمسكت به فابتعدت عنه على الفور قائله بخنوع للهروب من ذلك الموقف المحرج :
-ممكن تسيبنى بقى عشان اروح البس ..
هز رأسه لها موافقاً وهو لا يزال يبتسم لها بعمق فمنذ أعوام طويله يشعر ان هناك امل ..

************

عادت حياة إلى غرفتها مره اخرى وقامت بفتح ذلك المغلف الموضوع فوق فراشها بعنايه ثم شهقت بأعجاب وهى تقوم بأخراج ذلك الفستان الرائع بقماشه المخملى الناعم من اللون الاحمر 
رفعته ووضعته فوق جسدها وظلت تدور به عده مرات برشاقة وانبهار تام ثم سارعت فى ارتدائه .

انتهى فريد من ارتداء ملابسه ونزل إلى الاسفل ليقوم بأجراء عده مكالمات هاتفيه اخيره قبل انطلاقه ، انهى حديثه وظل ينظر نحو الدرج بتأفف منتظراً قدومها فالساعه اوشكت على السابعه ، بعد قليل شعر برائحتها الخلايه تغزو المكان من حوله ، رفع رأسه لاعلى وقد تسمرت نظرته واتسعت عينيه بأنبهار وتسارعت انفاسه بسبب الشعور الذى اجتاحه من رؤيتها ، كانت تهبط الدرج بكل ثقه وهى ترتدى ذلك الفستان الحريرى الذى يتلائم تماماً وبشده مع تقاسيم جسدها المغريه ثم ينساب من فوق خصرها بنعومه واتساع إلى الاسفل وحذاء قطيفى اسود اللون يماثله فى النعومه والجمال ، كان كل ذلك من اختيار فريد ولكنه لم يتوقع ان تهرب منه كلماته عند رؤيتها بتلك الصوره المدمره امامه ، أنها تبدو كالفاكهه المحرمه بالنسبه إليه فقط لا يستطيع سوى النظر إليها ولكن دون لمسها ، تحركت هى حتى وقفت امامه وتمتمت برقه قائله :
-انا جاهزه لو خلاص ممكن نتحرك ..

لم يكن ينقصه سوى هذا التحول الكامل فى صوتها وسلوكها أيضاً حتى تنهار دفاعاته ، رفع رأسه للاعلى حتى برزت تفاحه ادم خاصته بشكل قوى ثم تنهد بحراره بعد ان ازدرد ريقه بصعوبه بالغه قائلاً بصوت مكتوم من شده الإثارة :
-طب اعمل ايه دلوقتى ؟!.. ياريتنى ما كنت صممت عليه .. 
سألته حياة مستفسره :
-فريد فى حاجه ؟!.. 

تنحنح عده مرات محاولاً السيطره على مشاعره قبل ان يجيبها قائلاً :
-لا مفيش .. يلا نتحرك عشان منتأخرش .. 

حرك يده ليحتضن كفها ولكنها تراجعت للخلف قليلاً بأرتباك فتراجع هو عن حركته وأشار لها بيده لتتقدمه فى الخروج ثم سار بجوارها كلاً غارقاً فى تفكير مختلف عن الاخر .
متى تخضعين لقلبى 
الفصل الثامن (الجزء الثانى)

بعد قليل كانت السياره تتوقف امام فيلا غريب رسلان ، ترجلت حياة من السياره اولاً بعدما قام احد حراس فريد الخاص بفتح الباب لها ، تنفست بضيق فهى لم تحب فكره وجودها فى ذلك المكان وخصوصاً بعد المقابله الوحيده والاخيره مع اخت فريد غير الشقيقه ، افاقت من شرود افكارها على يد فريد التى تسللت نحو ذراعه ليتأبطه بتملك واضح ، ثم احنى رأسه فى اتجاه اذنها قائلاً بنبره منخفضة :
-حياة كل ده عشان مظهر الشركه فياريت على قد ما نقدر نحافظ عليه .. 
اومأت برأسها موافقه دون حديث فهى كانت فى مجال الاعمال أيضاً وتعلم اهميه تلك اللحظات لنجاح الشركات الكبرى مثل شركته ، اخذت نفساً عميقاً ثم زفرته ببطء للخارج قبل ان ترفع رأسها للاعلى فى كبرياء وهى تتحرك بجواره نحو الداخل ، تحركت كل العيون تنظر فى اتجاههم بمجرد وصولهم إلى الحديقه ، لوت حياة فمها بسخريه فبالطبع السيد فريد هو نجم تلك الامسيه وكل الأمسيات ان صح التعبير ، تحرك والده نحوهم فور رؤيته لهم لاستقبالهم  وتحركت بجواره امرأه فى الخمسينات من العمر رائعه الجمال علمت حياة بمجرد رؤيتها انها زوجه والده جيهان ، او رأس الافعى كما تلقبها والدتها ، استقبله والدهم بحبور اما عن زوجه ابيه فقد اكتفت بأيماءه خفيفه براسها لفريد ونظره احتقار جليه لحياة ، اصطحبهم والده على الفور نحو شركائهم الفرنسيين للتعريف بحياة ، انتهى التعريف سريعاً بعد العديد من المجاملات التى قيلت بالعبارات الفرنسيه فى جمال حياة الشرقى الخالص والتغزل قليلاً فى عيونها ونظرتها ، فهمت حياة ما يقال بينهم ولكنها اثرت الصمت ، زفر فريد بنفاذ صبر وشتم عده مرات بخفوت عندما امسك رجل ما بكف حياة ثم قام بتقبيلها على حين غره منها ، سحبت هى يدها على الفور ولكن الاوان قد فات فقد بدء الغضب يظهر على فريد ، تدارك والده الامر سريعاً فأضاف موضحاً للجميع ان زوجة ابنه من طبقه محافظه لا تحبذ تلك الأفعال وبناءاً عليه لم يتجرء احد على لمس يدها مره اخرى 

**********

مرت الساعات الاولى على حياة وهى تتحرك برشاقة وتبتسم بمجامله وترحاب لكل من صادفته حتى شعرت بعضلات وجهها بدءت تتيبس من كثره الابتسام ،  الامر الذى فاجئ فريد كثيراً فقد كان يتوقع بركان ثائر يمشى على قدمين وليست زوجه رجل اعمال محنكه تتعامل مع الجميع بفنطه وذكاء ولكن فى نفس الوقت كان يشعر بالسعاده والفخر نحوها  ، خلال الامسيه كانت كلاً من زوجه والده وابنتها نيرمين و نجوى يتابعان بحقد تحركات حياة وفريد سوياً وهمهمات الرضا عن ذلك الكوبل الرائع والسعيد ، فتباينت المشاعر بينهم ما بين من يشعر بالرعب على مكانته التى بدءت تتضائل ومن يشعر بالحقد لعدم حصوله على فرصه مماثلة وكلاً منهم ينتوي التحرك قبل ضياع كل شئ . 

***********

فى منتصف الحفل بدء جميع المدعوين من تلك الطبقه الراقيه  فى التهافت على طاولات المشروب التى كانت تحوى جميع انواع الخمور الغاليه والعتيقه ، شعرت حياة بأنقباضه قويه داخل صدرها من ذلك المشهد الغير محبب لنفسها ، تنفست عده مرات فى محاوله منها لتهدئه ذلك التوتر الذى بدء يزحف بداخلها من تلك الأجواء ، اطرقت راسها للأسفل فالحل الاسلم لتجاوز تلك الامسيه ومواجهه مخاوفها هو عدم التركيز معهم والتفكير بأى شئ سعيد يشتت انتباهها لذلك اثرت الانسحاب فى احد الأركان حتى تصبح بعيده عن الأنظار . 

 فى تلك الأثناء التفت فريد الذى كان يقف بالقرب من طاوله الشراب على يد ما تمسك به من الخلف ، لوى فمه بأحتقار ثم تشدق بجملته قائلاً :
-انتى ابوكى ازاى سايبك كده وايه القرف اللى انتى لبساه ده ؟!.. روحى شوفيلك كوبايه قهوه اشربيها بدل مانتى سكرانه طينه كده !... 

ترنحت نجوى من شده ثمالتها ثم اجابته بكلمات متعلثمه :
-لابسه كده عشانك .. وشربت كده عشانك برضه !! .. مانا مش قادره استحمل اشوفك معاها وانا لاء .

زفر فريد بضيق جلى قبل ان يجيبها بنبره حاده وقد بدءت علامات الغضب تغزو ملامحه :
-قلتلك كام مره متجبيش سيرتها على لسانك ده !! 
صرخت نجوى بحقد تساله :
-تفرق عنى فى ايه !!! تفضلها عليا ليه ؟!.. 

تقوس فم فريد بوضوح ثم اقترب منها وهو يرد عليها بتجهم مشيراً بأصبعه نحو حياة التى تقف مذعوره قائلاً :
-بصى كده عليها .. شايفه هى نضيفه ازاى ؟!.. 
صمت قليلاً ثم اضاف بنفس نبرته بعد ان حول نظره نحو نجوى يتفحصها بضيق :
-وبصى على نفسك كده .. على قد ماهى نضيفه على قد مانتى و***
انهى جملته ثم تركها وانصرف مبتعداً نحو طاوله حياة .. 

صرخت بِه نجوى مهدده بحقد قبل ان يبتلع صوتها تلك الموسيقى الصاخبه فلم تصل إلى مسامع فريد :
-انا هوريها .. وحياة ابويا لريحك منها عشان تعرف تحب فيها كويس .

***********

اما عن حياة فقد بدءت الزعر يدب داخل أوصالها بقوه ، اغمضت عينيها بيأس وضغطت عليهما بشده  محاوله طرد تلك الصوره التى بدءت تتجمع داخل عقلها بوضوح ، بدءت تشعر بوخز الدموع داخل مقلتيها مع ازدياد حاد فى ضربات قلبها ، فتحت عينيها مسرعه حتى لا تسمح لتلك الصوره فى الظهور امامها ، ارمشت بعينيها عده مرات فى محاوله جاده منها لصرف تلك الدموع التى اوشكت بالإفصاح عن نفسها ثم حدثت نفسها داخلياً :
-متخافيش انت كبيره وقويه .. انتى غير حياة زمان .. 

جالت بنظرها نحو الخارج فى محاوله اخيره لصرف تفكيرها عن اى شئ مخيف عندما استحوذ على انتباهها رجل ما فى منتصف السبعينات يغزو الشيب ملامحه ، كان يترنح بشده وهو فى طريقه نحو حياة ، فى تلك اللحظه كان فريد يتقدم نحوها وهو ممسكاً فى يده احدى كاسات المشروب ، سألها فريد بنبره قلقه وقد لاحظ شحوب وجهها ونظرتها نحو الفراغ :
-حياة انتى كويسه ؟!.. 
شحب وجهها اكثر وعينيها تتابع ذلك العجوز الذى كان يقترب من طاولتها ببطء ، انتفضت حياة من سؤال فريد ومن ذلك العجوز الذى تجاوزها للتو متوجهاً نحو طاولته خلفها ، وضعت يدها فوق قلبها برعب ثم تراجعت خطوه للخلف تنظر بخوف نحو فريد قبل ان تلتقط عينيها ذلك الكأس البغيض داخل كفه ، اجابته بنبره حاده :
-انا عايزه امشى .. انا مش عايزه اقعد هنا ..

انهت جملتها وانحنت للأمام تمسك طرفى ردائها بيدها لترفعه ويحول دون تعثرها قبل ان تركض نحو الخارج دون انتظار اجابته ، ركض فريد خلفها مستنكراً من تلك الحاله الغريبه التى اصابتها فهى كانت على ما يرام عند بدايه الحفل ، لحق بها على الفور ثم أشار لأحد حراسه بالتحرك ، بعد عده ثوان كانت حياة تستقل السياره وفريد يجلس بجوارها قبل ان تشق طريقها نحو الخارج 

جلست حياة فى مقعدها بأنكماش وزعر وهى تحتضن جسدها بذراعيها ورائحه الكحول المنبعثة من فريد تغزو انفها بقوه فتصيبها بالغثيان ، اغمضت عينيها مره اخرى فى محاوله منها للبحث عن جزء بسيط من شجاعتها الزائفه ، ومضت صوره اخرى بوضوح عن تلك الغرفه الكريهه التى ظلت حبيستها لايام دون الخروج منها ، بدء جسدها فى الارتجاف وهى تتذكر مشهده وهو يحمل تلك الزجاجه اللعينه فى يده ويرتشف منها بشراهة تاركاً ذلك المشروب الردئ ينسكب فوق ردائه وفمه وهو يتقدم بأتجاهها ، انها تكرهه وتكره والدها وابداً لن تسامحه على ما فعله بها ، كان فريد يراقب كل ردود فعلها عن كثب بعدم استيعاب ، سألها بهدوء :
-حياة انتى كويسه ؟!.. 

لم تجيبه فيبدو جلياً لمن يراها انها فى عالم اخر ، عالم لا ينتمى للأحياء ، كرر سؤاله مره اخرى وهو يمد إصبعه ليلتمس بشرتها العاريه :
-انتفض جسدها من اثر لمسته وانكمشت اكتر على نفسها قبل ان تقول له بنبره حاده :
-متلمسنيش .. متلمسنيش .. مش عايزه حد يلمسنى .. 
شعر انها على وشك الإغماء لذلك لم يستطيع الضغط عليها اكثر فتركها وشأنها رغم انه كان داخلياً يحترق لمعرفه ما الذى حدث معها ، سيطر الصمت على رحلتهم حتى دلفت السياره من البوابه الخارجيه للفيلا ، صرخت حياة فى السائق بحده طالبه منه ان يتوقف ، توقفت السياره على الفور وخرجت هى منها بعد ان قامت بخلع حذائها لتركض نحو الداخل ، لم يستطع فريد السيطره على اعصابه لأكثر من ذلك فهو لن يتركها قبل ان بعلم ما الذى حدث لها وما هذا الشئ اللعين الذى تمر به ، ركض خلفها وأمسك بذراعها بقوه صارخاً بها بعصبيه :
-حياااااااة .. اقفى كلمينى فهمينى بتعملى كده ليه !!!!!!! .. 
حاولت التخلص من قبضته وهى تنظر إليه برعب وبعد مجهود منها أرخى قبضته عنها تاركاً لها المجال بالعوده إلى داخل المنزل ، ألمه مظهرها فقرر اللحاق بها إلى الداخل أيضاً ، هتف بأسمها مره اخرى وهو يمسك بخصرها من الخلف ليوقفها ويمنعها من التقدم اكثر ، صرخت بِه بقوه وقد بدءت الارتجاف يسيطر على جسدها بالكامل قائله :
-سيبنى .. انا بكرهك .. سيبنى متقربليش .. مش عايزه حد يقربلى انا بكرهك وبكرهه وبكرهكم كلكم .. انت زيه !! انت كمان بتغصبنى على كل حاجه .. انت زى بابا و زى غريب .. كلكم عينه واحده .. انت شبهه فى كل حاجه !! انا مش عايزه حد منكم فى حياتى .. انت فاهم انت زى ابوك وأبويا وعشان كده انا بكرهك ..
انهت صراخها ثم ركضت بكل قوتها نحو الدرج ومنه إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها جيداً من الداخل بالمفتاح 

ظل فريد مكانه يحاول استعياب ما تفوهت هى به للتو !! لقد قارنته بقاتل والدته !!! كل محاولاته خلال تلك السنوات فى ان لايصبح مثل والده ذهبت هباءاً منثوراً عندما حكمت حياة عليه بجمله واحده انه يشبهه ، تحرك نحو الخارج وذلك العرق بجانب صدغه ينتفض بشده من قوه غضبه ، استقل سيارته واتجهه نحو مكانه المعتاد ، جلس فى مقعده خلف طاوله البار وطلب من النادل اقوى شراب لديهم ، ظل بتحسى بشراهه وكلماتها تطن داخل اذنه حتى شعر بقدميه لا تقدران على حمله ، انهى حسابه وترجل نحو الخارج بجسد مثقل ولكن بعقل يقظ يتذكر كلماتها واشمئزازها منه بوضوح 

دلف إلى المنزل والغضب يتصاعد بداخله من اثر تشبيهها وكرهها له صعد إلى غرفته بشعر مشعث وعيون مكفهره وتوجهه مباشرةً نحو خزانته ، اخرج منها ذلك المفتاح الاحتياطى لبابهم المشترك الذى كان يخفيه للطوارئ ثم ادار المقبض وفتح الباب على مصرعيه واقتحم غرفتها وهو لايزال يترنح ، كانت حياة تجلس على حافه الفراش ولازالت ترتدى ذلك الفستان وتستند بمرفقيها على ركبتيها وتضع كفيها فوق اذنها محاوله طرد تلك الذكريات المؤلمه من رأسها ، انتفضت على حركه الباب ثم اقتحامه للغرفه التى تاكدت بنفسها من اوصاده بأحكام ، نظرت إليه برعب وهى تسأله وحاله السكر تبدو جليه على حركته :
-انت دخلت هنا ازاى ؟!.. 
جحظت عينيها للخارج ثم اضافت بتوجس قائله :
-انت عامل مفتاح تانى تدخل بيه صح ؟!.. حتى فى دى طلعت كداب !! انت ايه .. عايز منى ايه ؟!... 

اقترب منها ثم جذب ذراعها بعنف قائلاً بتهديد وهو يضغط على اسنانه بشراسه :
-هقولك انا عايز منك ايه .. مش انا شبهه غريب ؟!.. هوريكى غريب كان بيعمل مع مراته ايه .. 

انهى جملته ثم قام بدفعها بقوه نحو الفراش قبل ان يقفز فوقه هو الاخر بعد ان خلع معطفه وبدء فى فك آزار قميصه ، صرخت حياة بقوه وهى تراه يتقدم منها وعيونه تومض بالرغبة والعنف ، استعانت بمرفقها وقامت بالزحف إلى اخر الفراش قبل ان يمد يده ليسحبها من قدمها ويعيدها إليه مره اخرى  صرخت حياة ثانيه وهى تركله بقدمها الحره فى محاوله لإصابته والتخلص منه ولكن دون جدوى فقد اقبض بكلتا يديه على قدميها ليكبلها ويمنعها تماماً من الحركه ثم ثبتهما بيد واحده واستعان بالأخرى فى خلع قميصه ثم قفز فوقها بادئاً فى تقبيلها بقوه 

 صرخت حياة  بكل ما أوتيت من قوه وهى تقاومه وتدفع وجهه عنها بكفها ولكن الفارق البدنى بينهم جعل التفوق من نصيبه ، مد يده وقام بشق ردائها بحيوانيه قبل ان يبدء فى تقبيل جسدها برغبه وعنف ، بدءت حياة تتوسّله بصوت باكى بعدما شعرت بقوتها تنهار تحت ضغط جسده الثقيل قائله :
-فريد متعملش فينا كده .. فريد انا حياة .. انت وعدتنى مش هتأذينى وانا صدقتك .. فوق يا فريد عشان خاطرى .. سيبنى متعملش فيا كده 

لم يعير لتوسلاتها اى انتباه او اهميه بل واصل ما كان يقوم به من تقبيل جسدها بعنف بدءت تشهق بقوه اكثر وهى تضربه بكف مرتعش فوق كتفه وتقول بتوسل من بين شهقاتها :
-فريد فوق .. فريد متموتش كل حاجه باللى بتعمله ده انا عمرى ما هسامحك ابداً .. 

رفع رأسه ينظر إلى دموعها الباكيه قبل ان يخفضها مره اخرى ويبدء فى تقبيل وجنتها وعنقها ، شعرت بالادرينالين يتدفق داخل جسدها بقوه من اثر قبلته وتذكرت ذلك العجوز القذر بلمسته فشعرت بقوتها تعود  إليها مره اخرى ،فبدءت تصرخ وتلكمه بكل ما أوتيت من قوه وتركل بقدمها اى الهواء وهى تقول :
-يا ماما الحقينى .. يا ماما تعالى خدينى من هنا .. خدينى من عند الراجل ده .. 

بدء فريد يستوعب حالتها ، رفع رأسه لينظر إليها فوجدها تنظر إلى الفراغ بعيون جاحظه وهى لا تزال على صراخها قائله بتوسل :
-يا ماما انتى فين .. فريد انت فين الحقنى .. فريد تعالى خدنى من هنا .. فرييييد متسبنيش .. فريد انقذنى من الراجل ده .. 
تسمرت حركته وازدرد ريقه بصعوبه وهو يراها تصرخ وتلكم بكل ما أوتيت من قوه ووجهها شاحب كالأموات ، بدء عقله بأستيعاب انها ليست بوعيها وانها بعالم اخر تماماً ، هتفت بأسمها متوسلاً :
-حياة انا هنا .. حبيبتى متخافيش انا معاكى .. محدش هيقدر يأذيكى انا اسف .. 

ظلت تلكمه وهى تضغط على عينيها بشده رافضه ان تعود للواقع وهى تصرخ حتى بُح صوتها :
-فريد تعالى طلعتى من هنا انا مش عايزااااه .. 
شعر بألالم ينتزع قلبه من كلماتها فأضاف هو بنبره باكيه وهو لايزال يتوسلها :
-حياة فوقى انتى هنا .. حبيبتى انتى معايا متخافيش .. مفيش حد معانا افتحى عينيك مش هعملك حاجه صدقينى .. افتحى عينيك وبصيلى انا هنا .. 

بدءت شهقاتها فى الانخفاض وتوقفت عن لكمه ومقاومته فقد خارت قواها تماماً ثم فتحت عينيها الحمراء ببطء وهى  تنظر إليه برعب جلى ، نظر إليها ملياً قبل ان يرتمى بجسده مره اخرى فوق جسدها ويدفن راسه فى تجويف عنقها ، رفعت كفيها المرتجفتين لتدفعه عندما شعرت بجسده يهتز فوق جسدها بقوه ثم بدءت تشعر بدموعه الساخنه تجرى فوق عنقها بشده ، تمتم من بين شهقاته وصوته المكتوم قائلاً بندم :
-انا اسف .. انا اسف .. 
سقط كفيها المرفوعين لدفعه فوق ظهره بوهن ثم تحركا بتلقائيه نحو عنقه وكتفه تتلمسه برقه وبعد عده دقائق شعرت بأرتخاء جسده فوق جسدها وانتظام انفاسه التى تقع فوق عنقها ، اردات دفعه من فوق جسدها والهروب من الغرفه بأكملها لكنها خشيت اذا أصدرت اى حركه ان يستيقظ مره اخرى وهو لايزال مخموراً لذلك اثرت الهدوء تاركه لدموعها العنان ولجسده يسحق جسدها ، وعلى عكس ما توقعت  فلقد تسللت حراره جسده إلى جسدها وسرعان ما ذهبت فى نوم عميق ودموعها لازالت فوق وجهها ، مثل حالته .
مضت الايام الثلاث التاليه على فريد فى محاولات مميته للاعتذار من حياة ولكن ذهبت جميع محاولاته ادراج الرياح فقد تحولت إلى حياة اخرى لا يعرفها ، حياة خاضعه ، كانت تشاركه جميع وجباته وتستمع إلى جميع اوامره بصمت ، وكان اقصى رد فعل يصدر منها رداً على اعتذاره او حديثه هو ايماءه خفيفه من رأسها او نظره عتب ممزوجه بالكثير من الحزن ثم تمضى فى طريقها كأنها مُغيبه ، شعر كأنه يحارب على ثلاث جبهات ، شعوره المضنى بالذنب عما بدر منه فى تلك الليله ، وحزنه الشديد على حالتها التى اوشكت على دفعه للجنون ، اما اسوئهم فكان ذلك البركان الذى يشتعل بداخله عندما يتذكر ما تفوهت به اثناء رعبها منه ، كانت كلماتها واضحه لا تحتاج إلى تفسير ، كان يحترق بناره كطائر العنقاء ويتحول إلى رماد قبل ان ينبعث مره اخرى من رماده ليعيد الكره ، مئات الاسئله التى تدور فى عقله يومياً دون اجابه ، ما الذى فعلوه بها اثناء غيابه !! اقسم لنفسه بكل ما يملك وما لا يملك اذا كانت شكوكه صحيحه سيقوم بحرق من أذاها حياً حتى يهدء تلك النار التى تستعر بصدره ولكن اولاً ينتظر خروجها من تلك الحاله اللعينه ويضع حلاً لذلك اللغز ثم ليأتى وقت الحساب .

*********

فى احد الايام كانت حياة وكعادتها فى الايام السابقه تستغل فرصه خروج فريد وعودته متأخراً فى استخدام غرفه مكتبه للقرءاه ولم تدرى سبب شعورها بالراحه بداخلها ولكنها كانت تفضل المكوث بها عن غرفتها ، جلست فوق الاريكه الوثيره الموضوعه بعنايه فى جانب الغرفه وأشغلت ضوء المصباح الخافت و سرحت داخل تفاصيل تلك القصه التى تتحدث عن بطل يحاول بشتى الطرق اكتشاف نفسه بعد ان قضى نصف حياته مع زوجه لا تفهمه ووظيفه تقتل شغفه ، تثابئت عده مرات قبل ان تذهب فى نوم عميق وهى تحتضن الروايه بين ذراعيها كأنها كنز ثمين .

عاد فريد فى وقت متأخر من الليل وتوجهه مباشرة نحو غرفه مكتبه ليضع بخزنته بعد الاوراق الهامه ، دلف إلى داخل الغرفه وتفاجئ بنور خفيض يأتى من احد أركانها  ، رمش بعينه عده مرات قبل ان يستوعب وجود حياة تنام منكمشه داخل الاريكه وهى تحتضن كتاب ما بين ذراعيها ، وضع حافظه اوراقه فوق مكتبه بهدوء ثم توجهه نحوها وانحنى بجزعه فوقها يزيح احدى خصلات شعرها حتى يتسنى له رؤيه قسمات وجهها الناعم ، كانت مستلقيه هناك بهدوء تمثل كل ما لديه من احلام ، عدل من وضع جسده ثم جلس على ركبتيه حتى يصبح فى نفس مستواها ويمتع عينيه برؤيتها ، زفر مطولاً وهو يفكر كم يتمنى لو كان بديلاً لذلك الكتاب الذى يقبع هناك قريياً جداً من قلبها ويستمع إلى دقاته ، فليس من العدل ان ينعم ذلك الكتاب بدفء جسدها بينما هو يظل وحيداً يعصف به الشوق والغيره من مجرد جماد ، تنهد بألم ثم  مد كفه ببطء يتلمس برقه وجنتها ثم انزلقت يده نحو شفتيها الناعمه يتحسسها بشغف قبل ان يهتف بأسمها هامساً بنبره حانيه وهو يهز جسدها بنعومه:
-حياة ..
حركت جفونها ببطء تفتحها وهى تنظر إليه بعدم استيعاب ثم انتفضت من مقعدها برعب وهى تحتضن جسدها بكلتا ذراعيها وتقف فى مواجهته بملامح ناعسه ، حاول فريد طمأنتها فتحدث مسرعاً وهو يرفع كلتا يديه فى وجهها باستسلام قائلاً بصوت أجش ناعم لا يزيد عن الهمس :
-متخافيش .. انا بس دخلت الاوضه لقيتك نايمه هنا قلت اصحيكى ..

تنهدت براحه ثم لانت قسمات وجهها قبل ان تتحدث بصوت هادئ مبرره تصرفها :
-انا كنت قاعده هنا بقرا كتاب وبعدين محستش بنفسى ومعرفش ازاى نمت .. 
هز رأسه لها عده مرات وهو يحرك جسده بتوتر واضعاً يده داخل جيوب بنطاله ، تحركت بجسدها بهدوء فى اتجاه الباب  عندما اوقفها صوته يسألها قائلاً بحزن :
-حياة !!! ..
التفت بجسدها تنظر إليه ببطء ثم شاحت بنظرها بعيداً عنه ، تنهد هو مطولاً وتقوس فمه ثم اضاف بأحباط متسائلاً :
- انتى هتفضلى ساكته كده لامتى ؟!.. 

لوت فمها بتهكم مرير ولم تعقب على حديثه وهى تحرك راسها جانباً وتخفض نظرها  ، تنهد هو بألم ثم استطرد حديثه قائلاً بيأس :
-انا عارف انك زعلانه منى ومفيش كلام ممكن ادافع بيه عن نفسى بس على الاقل قولى اى حاجه .. اصرخى .. زعقى .. 

رفعت رأسها مره اخرى تنظر إليه ثم أبعدتها عنه مره اخرى ، رفع رأسه لاعلى قليلاً وزفر عده مرات قبل ان يضيف بنبره شبهه حاده مملؤءه باليأس قائلاً :
-حياة !! انا عمرى ما شفتك كده !! قولى اى حاجه !! مش دى حياة اللى انا اعرفها !!!..

اقتربت منه ببطء وهدوء وهى تنظر إليه بعيون لامعه حتى توقفت امامه ثم سألته بصوت منكسر :
-انت عايز حياة ازاى ؟! ..
أجابها بأندفاع وقد بدءت تتجاوب معه :
-عايز حياة اللى اعرفها !! اللى بتعاند معايا !! اللى بتصمم تعمل اللى هى عايزاه .. اللى زى موج البحر قويه وبتاخد اى حاجه فى طريقها ..

أصدرت صوت من فمها ينم عن السخريه وهى تلوى فمها بسخريه ثم اجابته بعدما ازدرت لعابها وحاولت السيطره على ارتجاف شفتها السفليه وصوتها الملئ بالدموع :
-حياة خلاص انت عرفتها مقامها وقوتها كويس .. عرفت انها مهما كانت قويه بحركه واحده منك تقدر تغلبها .. 

رفعت كلتا ذراعيها تلوح بهم فى الهواء وهى تضيف بمراره :
-عشان كده انا قدامك .. بسمع كل الكلام .. باكل زى ما تحب .. وبنام وقت مانت تحب .. ومش بتحرك غير لما انت تحب .. بأختصار كده بعمل كل حاجه زى مانت عايزها !! 
صمتت قليلاً بسبب دموعها التى اوشكت على الانهيار ثم اضافت بصوت متحشرج :
-فاضل حاجه واحده بس اعملها عشان ابقى الزوجه المطيعة المثاليه .. نكمل اللى انت بدءته يوم الخميس .. ومتخفش المره دى مش هيطلعلى حتى صوت .. 
انهت جملتها وبدءت تحل آزار قميصها وهى تبكى بصمت 
صرخ بها فريد بقوه وهو يمد كفه يغلق آزار ردائها قائلاً :
-حياة !! حيااااة متعمليش كده !! قلتلك انى اسف !! اعمل ايه عشان تسامحينى !! انا كنت شارب ومش حاسس بحاجه !! وعد مش هشرب تانى بس متعمليش كده !.. فوقى بقى حرام عليكى !!.. 

ابتلعت لعابها بقوه ثم اجابته من بين دموعها قائله:
-عارف المشكله كلها فين ؟!.. انى كل ما افرد جناحى عشان أطير يجى حد يقصه .. لحد ما صدقنى كرهت الطيران .. فاطمن انا بقيت هنا تحت طوعك .. 

انهت جملتها ثم تحركت بخطوات ثقيله بإكتاف متهدله نحو الخارج . 

************

فى الصباح التالى كانت نجوى تجلس فى احد الكافيهات تتحدث هاتفياً إلى رجل ما ، سألته بترقب قائله :
-ها خلصت معاها ؟!!.. 
أجابها الرجل بثقه :
-ايوه يا هانم اتفقت وكله تمام .. 
سألته نجوى مره اخرى بقلق :
-متأكد انها هتعرف تنفذ ولا هتلخبط وتبوظ كل ترتيبى ؟! 
أجابها الرجل بنبره فخر :
-اطمنى يا سيرين هانم كله تحت السيطره .. شكلها كده كانت واقعه وما صدقت ..
صمت الرجل قليلاً ثم اضاف متسائلاً :
-بس حضرتك مقلتليش وقعتى عليها ازاى دى ؟!.. 
اجابتها نجوى بحده :
-مش شغلك المهم انك اتفقت معاها وهتعمل اللى انا عايزاه غير كده ملكش .. 
اجابها الرجل مسرعاً :
-خلاص يا هانم ميبقاش خلقك ضيق كده .. انا مليش فيه المهم انى هقبض ..
لوت نجوى فمها بضيق ثم اجابته بحنق :
-متخافش هتاخد نص فلوسك قبل ما تنفذ والنص التانى بعد التنفيذ على طول ..
سألها الرجل بتلهف :
-يعنى هشوف حضرتك امتى ؟؟!..
اجابته نجوى بخبث :
-لا يا حلووو متفقناش على كده .. هبعتلك حد يسلمك ولا عايز لو الدنيا خربت رجلى تتجاب !!!
اجابها الرجل بثقه وثبات :
-متخافيش يا سيرين هانم كل حاجه هتبقى تمام وهشرفك ..
اجابته نجوى بنفاذ صبر :
-لما نشوف ..وزى ما نبهتك مش عايزه موووت .. عايزاها قرصه ودن وبس فاهمنى ؟!!..
اجابها الرجل بأعتراض :
-لييييه بس يا هانم ؟!!! ما تخلينا نخلص مره واحده ..
اتسعت عينى نجوى وهى تجيبه بشراسه قائله :
-اسمع اللى بقولك عليه وتنفذ وبس ..عايزاها قرصه ودن بس تكون تقيله .. حاجه حلوه كده .. والباقى هيجى فى وقته ..
اجابها الرجل موافقاً على مضض :
-اللى حضرتك تؤمرى بيه يمشى .. انا المهم عندى الفلوس ..
اجابته نجوى بنفاذ صبر :
-مفهوم مفهوم .. اقفل وهكلمك تانى نتفق على ميعاد التسليم والتنفيذ ..
اغلقت الهاتف وهى تبتسم بشراسه وتقول بحقد :
-نبقى نشوف يا فريد بيه هتعمل ايه مع ست الحسن بتاعتك ..

*********** 

فى الصباح التالى ورد إلى فريد اتصال هاتقى متعلق بالعمل يضطره إلى السفر بأقصى سرعه لذلك طلب من السيده عفاف بتحضير حقيبه سفره من اجله وكان يعهد إليها دائماً بتلك المهمه دون غيرها ، انتهى سريعاً من جميع الترتيبات وتبقى لديه مهمه اخبار حياة مع علمه جيداً بعدم اهتمامها بتلك المعلومه ولكنه داخلياً كان يتخذها حجه للتحدث معها ، لذلك توجه نحو باب غرفتها الرئيسيه وطرق فوق الباب طرقاً خفيفاً ، جاءه صوتها الناعم يطلبه بالدخول ، دلف ببطء وتوجس فتلك المره الاولى اللى يدخل غرفتها منذ تلك الليله ، تفاجئت هى بوجوده وتعجبت من عدم استخدامه للباب المشترك بينهم ولكنها اثرت الصمت وعدم التعليق وانتظرت ان يبدء حديثه ، تنحنح هو قائلاً :
-احم .. حياة انا عندى سفر هغيب فيه كذا يوم .. 
صمت قليلاً وتقوس فمه بأحباط ثم اضاف بتهكم مرير :
-انا عارف طبعا انه مش مهم بالنسبالك بس كان لازم أبلغك .. وياريت لو سمحتى مش تحكم لو حبيتى تخرجى يكون معاكى الحرس .. ده لامانك .. 
انهى جملته ثم توجهه نحو المنضده الموضوعه فى احد أركان الغرفه وانحنى بجذعه يضع شئ ما فضى يلمع بخفوت بعدما اخرجه من احد جيوب بنطاله ، رفعت حياة احدى حاجبيها بأستنكار ثم سألته بنبره حاده قائله :
-ايه ده بالظبط ؟!!.. 
اجابها بأبتسامه خافته :
-ده مفتاح الاحتياطى اللى كان معايا.......
ابتلع ما تبقى من جملته داخل فمه وأشار بنظره بعيداً عنها ، تحركت هى بعنف نحو المفتاح والتقطته بحده ثم توجهت نحو النافذه وقامت بألقاءه من اعلى ثم عادت تنظر إليه شرزاً وهى تعقد ذراعيها امام قفصها الصدرى وتتقدم نحوه بثبات قائله بحنق:
-على اساس انه ده هيمنعك !!! ولا المطلوب منى دلوقتى انى اسقفلك على تضحياتك البطوليه دى !!! .. 

انهت جملتها وصدرها يعلو ويهبط من شده الغضب وترميه بشرر ، اتسعت ابتسامته وهو ينظر إليها إذاً لقد عادت فرسته  لتمردها ،  تقدم منها بضع خطوات ورفع كفيه ليحيطا براسها ويمنعها من المقاومه ثم تمتم بسعاده قائلاً :
-وحشتينى ..
انهى كلمته وهو يطبع قبله حنونه فوق شعرها وانصرف فى طريقه تاركها تشعر بالغضب والارتباك من تصرفه ..

**********

مضت الايام التاليه على حياة بسلام وسعاده نسبيه فقد تمت إجراءات سفر اخيها على خير وقامت بتوديعه بمشاعر ممزقه ما بين الراحه من ابعاده عن الحرب القائمه بينها وبين فريد وبين الحزن من حرمانها من حضن  كان ينشر بعض الدفء فى حياتها البارده ، اما ما تبقى من ايامها فكانت هادئه إلى حد الملل  فى بعض الأحيان وفقط من باب الفضول كانت تتسائل عن موعد عودته وهذا فقط بسبب فضولها المتزايد  وأخذ احتياطاتها وليس الا  ولكنها كانت تتراجع ففى النهايه لن تسأل موظفيه عند موعد عودته .

دلفت حياة إلى المطبخ فتعثرت فى عزه التى كانت تخرج منه على عجل وتظهرعلى ملامح وجهها الارتباك ، نظرت إليها بأستنكار وهى تمد شفتيها من تصرفها الغير مفهوم ثم سألت السيده عفاف بفضول وهى تجلس فوق احد المقاعد قائله :
-هى مالها ؟!.. 
اجابتها عفاف وتركيزها منصب على ترتيب بعض الصحون امامها وهى تهز كتفيها بعدم اهتمام قائله :
-مش عارفه .. تلاقى طليقها عمل حاجه جديده .. 
سألتها حياة بأندهاش :
-طليقها ؟!!.. 
استحوذت حياة بسؤالها ذلك على انتباه عفاف الكامل فتركت ما كانت تقوم به ورفعت رأسها تنظر إليها بأستنكار مكرره :
-ايوه طليقها !!.. هو فريد بيه مقالكيش ؟!.. 

حاولت حياة اخفاء ارتباكها وقالت بنبره حاولت قدر الإمكان إظهارها طبيعيه :
-لا فريد مش بيحب يتكلم عن حياة الناس الخاصه كتير ..
هزت عفاف رأسها بأستحسان ثم بدءت تسرد حكايتها بحماس كأنه سر من اسرار الدوله :
-اصل طليق عزه اصلا كان شغال عند فريد بيه فى الشركه وكان بيضربها علقه موت لحد ما فى يوم ضربها وبهدل وشها خالص وراحت تزوره فى شغله وعملتله مشكله صادفت خروج فريد بيه ساعتها من الشغل وسمع اللى حصل بينهم .. اتجنن ورفده على طول وعالجها على حساب الشركه وجابها هنا تشتغل بعد ما سألها عايزه تكمل معاه ولا تنفصل وصممت تسيبه .. ومن ساعتها فريد بيه اصدر قرار فى كل شركاته لو اكتشف ان اى حد بيضرب مراته هيترفد فوراً وكل مستحقاته هتروح للزوجه ..

فغر فاه حياة بأندهاش مما سمعته للتو ثم سألتها بأستنكار حسن قائله :
-فريد عمل كده فعلاً ؟!.. 
اجابتها عفاف بأعجاب وحماسه :
-اه والله انتى مش متخيله الستات بتدعيله قد ايه .. بس من ساعتها وعزه ماشيه تقول ده عمل كل ده عشانى ..
لوت حياة فمها بسخريه وهى تمتم لنفسها قائله :
-لا هو عمل كده عشان ماما رحاب ..
سألتها عفاف مستفسره :
-حضرتك بتقولى حاجه مسمعتش ؟!...
اجابتها حياة بعدم تركيز :
-لا مفيش حاجه .. بقولك ايه يا دادا بما ان مفيش غيرى خدوا النهارده اجازه كلكم وغيروا جو ..
وافقت عفاف على مضض وهى تسالها باهتمام :
-طب هعمل لحضرتك الغدا الاول وامشى ..
اجابتها حياة معترضه :
-لا مش مشكله هطلب من عزه تعملى اوردر من بره وبعد كده تروح هى كمان .. اتفضلى انتى ومتشغليش بالك .. 
ابتسمت لها عفاف بحب وهى تتحرك نحو الخارج وتدعوا لها بالسعاده وصلاح البال .

بعد حوالى ساعه  خرجت عزه من الباب الخارجى للفيلا وقامت بإخراج هاتفها الجوال بعدما ابتعدت قليلاً عن مجال كاميرات المراقبه ثم تحدثت للطرف الاخر مسرعه :
-ايوه يا بيه .. اسمعنى حضرتك .. النهارده الهانم عطت للبيت كله اجازه وطلبت منى اطلبها اكل جاهز .. دى فرصتنا عشان ننفذ ..

صمتت قليلاً ثم استطردت حديثها قائله بلهفه :
-ايوه انا طلبتلها من مكان ***** اتصرف بقى وخلى بالك الفيلا حواليها كاميرات .. انا كده عملت اللى عليا هظبطلك الدنيا وانت عليك تكمل الباقى .. 

بعد اقل ما يقارب الساعه اقترب عامل التوصيل بأرتباك جلى من احد حراس الفيلا الداخليين وقام بأعطائه اكياس الطعام ثم انهى حسابه وانصرف ، ترجل من الفيلا على عجل ثم قام بأتصال هاتفى بعدما قام بتبديل زى المطعم المشهور الذى تنكر به ، اجابه الرجل على الطرف الاخر بلهفه قائلاً :
-ها خلاص خلصت ؟!!.. 
اجابه الراجل ٢:
-ايوه يا بيه كل حاجه زى ما طلبت بالظبط .. استنيت الولد بتاع الدليفرى واتعاملت معاه على انى من عمال الفيلا وحاسبته بزياده وبعدها غيرت هدومى ودخلت سلمتهم الاكل بعد ما حطيت فيه السم زى ما حضرتك طلبت .. 

أنصت الرجل ١ جيداً يستمع إلى حديثه ثم اجابه بسعاده :
-برافو عليك با واد يا على .. تطير بقى علي المكان بتاعنا عشان تستلم باقى حسابك .. 
ابتسم على بسعاده وهو يجيبه :
-هوا يا باشا وأكون عندك .. 

انهى الرجل ١ محادثته ثم عبث بهاتفه ليجرى مكالمه اخرى :
-ايوه با سيرين هانم .. كل حاجه تمت زى ما طلبتى وزمانها دلوقتى بدءت تاكل منه وربنا يتولاها بقى ..
اجابته نجوى بتشفى قائله :
-انت متأكد ؟!.. طب واهم حاجه زى ما نبهت عليك ميكنش بيموت مش دلوقتى عايزه عاهه بس ..
اجابها الرجل بثقه :
-ايوه يا هانم متخافيش .. انا اخترت حاجه بتاعه فران خفيفه كده تعمل كل اللى قلتى عليه بس من غير ما تموت ..
اجابته نجوى بحقد :
-برافو عليك .. باقى حسابك هبعتهولك دلوقتى زى المره اللى فاتت وزى ما اتفقنا لا انا اعرفك ولا انت كلمتنى .. 
اجابها الرجل بحماس :
-مفهوم مفهوم .. كل اللى حضرتك تؤمرى بيه .. 

اغلقت الهاتف معه وهى تبتسم بشراسه ثم اخرجت بطاقه الاتصال من هاتفها وقامت بتحطيمها بعدما أرسلت رساله نصيه اخيره وهى تردد بخبث :
-وكده لو اتكشفت ولا هتعرف توصلى .. 

**********

انهت حياة تناول طعامها وبعد قليل بدءت تشعر بوخز قوى داخل معدتها ارجعت ذلك إلى بدء تغيير الفصول وبروده الجو لذلك قررت الصعود إلى غرفتها وارتداء ملابس ثقيله نوعاً ما ، بدلت ملابسها بتيشرت اخر واستلقت فوق الفراش بتعب ولم تدرى متى غلبها النوم 
 استيقظت بعد عده ساعات وهى تشعر بصداع نصفى مع دوار شديد وألم مزمن داخل معدتها ، حاولت التحرك من الفراش والذهاب إلى المرحاض ولكنها شعرت بتشنج قوى داخل ساقيها يمنعاها من الحركه . 

فى تلك الأثناء كان فريد ينهى إجراءات خروجه من المطار ، اخذ اوراقه وشنطة ملابسه ثم تحرك نحو الخارج حيث وجد سائقه فى استقباله ، ركض السائق نحوه يأخذ منه حقيبته ليضعها بداخل صندوق السياره ثم سأله بأحترام بعدما صعد إلىها مستفسراً  :
-فريد بيه حضرتك تحب تروح على البيت ولا الشركه ؟!..

فرك فريد جبهته بأصبعه من شده الارهاق ثم اجابه متمتاً بتعب :
-خلينا نطلع على الشركه الاول أمضى الاوراق المتأخرة دى وبعدها نطلع على البيت ..

اومأ السائق رأسه موافقاً بهدوء ثم شرع فى طريقه .. 

 فى منتصف الطريق تذكر فريد انه لم يعيد تشغيل جواله منذ هبوطه من الطائره  لذلك اخرجه من جيب قميصه بنفاذ صبر ثم قام باعاده تشغيله عندها رن هاتفه عده مرات  معلناً عن وصول عده رسائل جديده ،  فتحه فريد ليقرء عدد من الرسائل النصيه قبل ان تقع عينه على رساله قصيره مفادها كالاتى ..
"فريد بيه .. لما توصل بيتك بالسلامه هتلاقى هديه صغيره عشان جوازاك .. معلش هى متأخره شويه بس احسن من مفيش " 
ثم انتهت الرساله بوجهه ضاحك بغمزه  .

اتقبض صدر فريد بقوه وصاح بسائقه يأمره بالتوجهه إلى منزله بأسرع وقت ممكن ، عبث بهاتفه وحاول الاتصال بحياة ولكن دون جدوى ، انهى المكالمه بنفاذ صبر وقد بدء قلقه يزداد ، حاول الاتصال بمن معها فى المنزل فكان هاتف عزه مغلق وعفاف لا تجيب ، قام بأتصال هاتفى اخر لكبير حراسه يسأله بلهفه :
-حياة هانم فين ؟!.. 
اجابه الحارس بهدوء :
-حياة هانم فى الفيلا جوه ..
اجابه فريد بعصبيه قائلاً :
-ادخل شوفهالى وانا معاك على الخط ..
تحرك الحارس يفعل ما يأمره به رئيسه وظل يطرق على الباب ويقرع الجرس ولكن دون اجابه ، كان فريد يستمع إلى محاولاته والرعب يزداد بداخله ، صرخ به بيأس متسائلاً :
-فين الناس اللى جوه راحوا فين ؟!..
اجابه الحارس بخنوع :
-يا فندم مفيش حد حياة هانم عطتهم كلهم اجازه النهارده ومفيش حد غيرها جوه .. 

صمت الحارس قليلاً ثم استطرد حديثه قائلاً وقد شعر بقلق رئيسه :
-لو حضرتك حابب انا ممكن اكسر الباب واطمنك ..
كان هذا اكثر ما يريده فريد فى تلك اللحظه ولكنه خشى ان يقتحم عليها شخص غريب خلوتها اذا كانت بخير لذلك تراجع قائلاً بعصبيه :
-متعملش حاجه بس خليك مركز وانا ربع ساعه وأكون عندك ..
اغلق هاتفه ثم صاح بسائقه بتوتر طالباً منه ان يوصله بأقصى سرعه ممكنه .

شعرت حياة بتشنجات قويه فى كافه أنحاء جسدها وأصبحت الرؤيه ضبابيه امامها مع جفاف تمام فى حلقها ، مدت يدها بيأس تتلمس الطاوله الموضوعه بجانب الفراش لتصل لهاتفها وتحاول طلب المساعده ولم تجده ، تذكرت بعده عده دقائق من محاولاتها البطيئة لإيجاده انها تركته فى الاسفل فوق طاوله الطعام ، اذا لم يكن امامها حل سوى ان تتحرك للأسفل لإيجاده او لطلب المساعده ممن هم فى الخارج ، حاولت بعد عده محاولات فاشله بسبب تشنجات جسدها وساقيها النزول من فوق الفراش والتحرك نحو الخارج ، استندت بيدها على احد الكراسى الموضوع تتلمس طريقها للخارج فالرؤية مع مرور الوقت تصبح ضبابيه اكثر فإكثر وتشعر معها بصعوبه بالغه فى الحركه والتنفس ، استغرق الوقت منها اكثر من ربع ساعه للوصول إلى خارج الغرفه بسبب تشنجات يدها وساقيها ، حاولت دعم ثقل جسدها الذى أوشك على الانهيار بالاستناد على الحائط الخارجى للباب والتحرك ببطء نحو الدرج لتتمسك به ، وصلت إلى منتصف درابزين الدرج المقابل لجناحهم بعد عناء كبير وتمسكت به بقوه عندها شعرت بسائل ما ثقيل و لزج يخرج من فتحه انفها اليسرى مدت يدها تتلمسه ثم رفعتها قريب من وجهها لترى سائل احمر اللون يملئ كفها ، اغمضت عينيها قليلاً تحاول السيطره على دموعها التى كانت تنهمر من شده ألمها وإحساسها بالعجز ، هاجمها دوار اخر اقوى وأشد لذلك اخذت نفس عميق لمحاربه احساسها بفقدان الوعى .

**************

وصل فريد إلى داخل الحديقه وترجل من السياره راكضاً نحو الباب الداخلى للمنزل ومنه إلى الداخل ، صرخ بإسمها  عده مرات وهو يركض ويبحث عنها بعينيه قبل ان يرفع راسه ويقع نظره عليها تقف فى الاعلى متمسكه بدرابزين الدرج وجسدها منحنى فوقه  ، اتقبض صدره وتعالت دقات قلبه فمظهرها لا يبشر بخير، ركض إلى الاعلى وهو لا يزال يهتف بأسمها بلهفه وذعر ، جاءها صوته بعيداً فظنت انها تتخيل رجوعه ، هزت رأسها بوهن عده مرات رافضه ثم فتحت عينيها مره اخرى تحاول استكمال طريقها عندما لمحت جسد ما يتحرك نحوها وهو يهتف بأسمها برعب ، مدت يدها فى محاوله ضعيفه منها للإمساك به وهى تتمتم بأسمه هامسه :
-فريد !!!! 
وصل إليها وأمسك بيدها الممدودة بقوه وهو يسالها برعب جلى :
-حياة !!! حبيبتى انتى كويسه .. 
تركت يدها الدرابزين وحركت جسدها المتعب وهى تترنح بشده لتقف امامه ثم رفعت رأسها تنظر إليه قائله بخفوت ووجهها شاحب كالأموات :
-فريد انت هنا ؟!! انت جيت صح .. 
انهت سؤالها ولم تحظ بفرصه للاجابه فقد اغمضت عينيها وارتمت بجسدها فوق جسده غائبه عن الوعى وعن العالم ..

********
لم يستوعب فريد  ما حدث الا وجسدها ينزلق من بين يديه ، صرخ بأسمها برعب ثم حملها وقد لاحظ بعض الدماء تتساقط من انفها ، تفحص جسدها مسرعاً ليتأكد من عدم وجود اى إصابات خارجيه ثم ركض بها نحو الخارج ، كان يصرخ بكل من يقابله وهو يحملها كالأموات بين يديه ، صعد بها إلى السياره وهو لا يزال يحتضنها ويتمتم برعب ويمسح على شعرها ووجهها بحنان :
-حياة خليكى معايا .. انا اسف انى سبتك ومشيت .. الله يخليكى فتحى عينيكى .. خليكى معايا حياة متناميش .. 

كانت السياره تسير بأقصى سرعه لها مخالفا سائقه كافه الإشارات المروريه للوصول بأسرع وقت ممكن وهو يرى زوجه مخدومه شبهه منتهيه ورغم ذلك لم يسلم من صرخات فريد الذى كان يوجهها له بقوه 
 بعد قليل وفى وقت قياسى توقفت السياره امام المشفى  الخاص الذى كان فريد من اكبر مساهميه ، كان كبير الأطباء يقف فى انتظاره عند مدخل الطوارئ لاستقبال حياة بعدما هاتفه فريد فى الطريق ليخبره بما حدث ، بمجرد رؤيتهم للسياره ركض كبير الأطباء ومعه المسعفين لأخذها  منه ثم ركضوا بها مباشرة نحو الداخل ، ربت الطبيب حازم فوق كتف فريد الذى كان وجهه يبدو كالأشباح من شده الذعر مطمئناً وهو يتمتم له قبل ان يركض هو الاخر مسرعاً نحو الداخل :
-متخافش حضرتك هعمل كل اللى نقدر عليه واطمنك لما اخلص .. 

ظل فريد واقفاً مكانه كالجماد يحدق فى أثرها وهم يركضوا بها  إلى  للداخل رافضاً عقله تصديق كل ما مر به ، ظل هكذا بدون حراك يقف مصدوماً لمده لا يعلمها الا الله حتى خرج الطبيب حازم من غرفه الاستقبال يركض فى اتجاهه قائلاً :
- حاله تسمم .. احنا دلوقتى بنعملها غسيل معده .. وبعد كده هنطلعها على غرفه الاشعه نطمن ان مفيش نزيف داخلى .. 

فاق فريد من صدمته وسأله مستفسراً بجمود وقد عاد عقله للعمل :
-نزيف !!!!!!..
اجابه حازم بأسف قائلاً :
-فريد بيه للاسف من التشخيص المبدئي حاله التسمم دى مقصوده .. هنتاكد بالتحليل بس دلوقتى لازم نطمن انه معملش نزيف داخلى جوه وخصوصاً بعد نزيف الأنف اللى حصلها .. وعمتاً الحمدلله ان الأعراض بانت عليها .. فى ناس بيحصلها نزيف داخلى بصمت من غير اى اعراض .. بس من الكشف المبدئي الحمدلله اتلحقت بدرى وان شاء الله مفيش حاجه خطيره .. 

انهى الطبيب جملته ثم استأذنه فى الرجوع للداخل مره اخرى ، فى تلك اللحظه وصل كبير الحراس مع باقى موظفيه إلى المشفى بمجرد لمح فريد له ركض نحوه ثم قام بتسديد عده من اللكمات إلى وجهه وهو يصرخ بِه بغضب قائلاً :
-كنت فيييين !!! كنت فين وهما بيعملوا فيها كده .. 
اخفض الحارس رأسه للأسفل  بخنوع تاركاً لمديره فعل ما يشاء به فالخطأ خطأه 
ابتعد فريد عنه  بعدما امتلاً وجه حارسه بالدماء ثم قال له بنبره مهدده وهو يشير إليه بأصبعه :
-لو جرالها حاجه هخليك تحصلها سامع !!! اقسم بالله لخليكم كلكم تحصلوها ..

**********

بعد قليل خرج الطبيب وبرفقته حياة المستلقيه فوق الناقلة الطبيه (الترولى) وهى لازالت غائبه عن الوعى ، ركض فريد نحوها يمسك بيدها ويمسح على شعرها بحنان وهو يمنع جاهداً دموعه من التساقط ، تحدث إليه الطبيب المساعد قائلاً بأهتمام بعدما لاحظ حاله الالم والحزن الذى يمر بها فريد :
-لو حضرتك حابب تطلع معانا الاشعه عشان تكون مطمن مفيش مشكله ..

هز رأسه لها موافقاً دون النظر إليه فهو لم تكن لديه أدنى نيه فى تركها بعد الان 
 انتهت إجراءات الفحص وطمأنه كبير الأطباء  بأستقرار حالتها وعدم وجود اى مضاعفات اخرى او نزيف داخلى ثم قام بنقلها إلى غرفه خاصه . 
دلف فريد إلى الغرفه بخطوات بطيئه متثاقله ، وقف امام الفراش بقلبه المنهك يتأمل شحوب وجهها وتلك الابره الطبيه المنغوسه داخل كفها الرقيق لتتولى مهمه نقل المحلول إلى سائر جسدها ، تحرك ببطء نحو مقدمه الفراش ثم انحنى بجزعه فوقها ليضع كفه بحذر فوق راسها ثم مسح على شعرها بنعومه وحنان قبل ان تتحرك شفتيه نحو جبهتها ، طبع قبل مطوله فوقها صاحبتها دمعه واحده سقطت عنوه من بين أهدابه جعلتها تجفل اثناء نومها 

 اخذ نفساً عميقاً يهدء به بركان المشاعر الذى يموج بداخله ثم دفن راسه يستنشق عبير شعرها ببطء وشغف ، اعتدل بعدها فى جلسته وجر المقعد الموضوع فى احدى أركان الغرفه الاربعه إلى جانب الفراش ليجلس عليه واتكأ بذراعيه على طرف الفراش ثم مد يده يتحسس كفها الاخر بحنو قبل رفعه بحذر امام وجهه ، تأمله مطولاً ثم اخذ يتحسس بإصبعه ذلك الشريان النابض عند مقدمه معصمها كأنه يتأكد من قيامه بمهمته على اكمل وجهه فذلك الشريان ينقل الدم لحياته قبل حياتها ، طبع قبله حانيه فوقه ثم قام بطبع عده قبلات رقيقه متتالية داخل كف يدها وهو يتمتم بحزن :
-اسف .. اسف انى فى كل مره بوعدك محدش يأذيكى ومش بقدر اوفى بوعدى .. 

انهى جملته ثم عاد لتقبيل كفها وأصابع يدها كلاً على حدى وهو يحتضن كفها داخل كفه العريض ، بعد قليل دلف كبير الأطباء  إلى الغرفه بعدما قام بالاستئذان منه ثم تنحنح وهو يقف قبالته قائلاً بحذر :
-فريد بيه .. نتايج التحاليل طلعت وزى ما قلت لحضرتك قبل كده .. شكنا طلع فى محله .. حياة هانم اتناولت عن طريق الفم سم حيوانات وبالأخص فئران .. 

جحظت عين فريد للخارج وبدا الاحتقان جلياً على وجهه وعضلات جسده المنتصبه ولكن لم يعقب ، تنحنح الطبيب مره اخرى مستطرداً حديثه بتوجس :
-احم .. فريد بيه الموضوع كده فيه شبهه جنائية وانا لازم ابلغ ..
انتفض فريد فى وقفته واحتقن وجهه وهو يجيبه بنبره جامده ضاغطاً على حروف كلماته بتحذير قوى :
-محدش هيحقق مع مراتى .. فاهم !!!!..
ارتكبت ملامح الطبيب ثم بادر بحروف متعلثمه يبرر طلبه قائلاً :
-بس انا لازم اخلى مسئوليتى .. دى مشكله لوح.... 
قاطع حديثه نبره فريد الناهره قائلا بحده :
-ملكش دعوه انا هتصرف .. 
انهى جملته الاخيره واخرج هاتفه وقام بطلب شخص ما ثم تحدث على الفور قائلاً بنفاذ صبر وحده :
-اسمعنى .. فى حد ابن ****** حاول يسمم مراتى والمستشفى مصممه تبلغكم عنه .. خلصلى الموضوع ده دلوقتى من غير ما تتحرك من مكتبك فاهمنى !!!!.. 

صمت لبرهه ثم اضاف بنفس نبرته الآمرة :
-وبكره اللى عمل كده يكون عندى .. تتصرف تشق عليه الارض وتطلعه والاقيه قدامى .. بكره فاهممممم !!! 
انهى مكالمته ثم استدار بجسده نحو الطبيب بغضب وشراسه قائلاً ببرود وهو يرفع احدى حاجبيه فى اشاره للتحدى :
-فى حاجه تانيه ؟!!.. 

هز الطبيب راسه نافياً بصمت ثم تحرك بخطوات مسرعه نحو الباب ، أوقفه صوت فريد يسأله بجمود :
-نقدر نطلع امتى ؟!.. 
اجابه الطبيب بمهنيه شديده وثبات مفتعل :
-مفيش اى خطوره على حياتها تمنعها من الخروج .. بس يُفضل انها تستنى معانا ال٤٨ ساعه الجايبن عشان تستعيد عافيتها ..
اجابه فريد بنفاذ صبر قائلاً :
-شوف هتكون محتاجه ايه وانا هوفره فى البيت مش عايزها تفضل هنا .. 
اومأ الطبيب برأسه موافقاً فهو يعلم جيداً عدم جدوى النقاش معه ثم أردف قائلاً بخنوع :
-مفيش مشكله هجهز لحضرتك واحده من افضل الممرضات عندى تتابع معاها أمور العلاج .. وزى ما قلت لحضرتك ال٤٨ ساعه الجايبن مهمين .. هتلاقى سخونيه وهلاوس كل ده طبيعى جدا وواحده واحده هتستعيد  وعيها وترجع احسن من الاول ان شاء الله  ..

اومأ له فريد بجمود طالباً منه الانتهاء من إجراءات الخروج بأسرع وقت ممكن ، فهو لا يستطيع تأمينها جيداً وسط هذا الكم الهائل من الأفراد حتى لو كان داخل مشفاه الخاص .

************

فى الخارج ، حمل فريد حياة التى مازالت غائبه عن الوعى  بتملك رافضاً كل محاولات او عروض حرسه او موظفى الإسعاف فى مساعدته ، صعد بها إلى السياره بحذر وهو لا يزال يحملها ويضمها إلى صدره بقوه ، فى الحقيقه هو من كان بحاجه إلى ذلك العناق ، بحاجه إلى قربها ، إلى ان يشعر بدقات قلبها قريبه من صدره حتى تستكين روحه المرتجفة   ويتسلل الهدوء لخلايا جسده المنتفض . 

وصل إلى المنزل ووجد فى استقباله عفاف التى علمت بما حدث فأنتفض قلبها هى الاخرى ذعراً على تلك الفتاه التى كانت تعاملها بحنان ورأفه 
انتهى فريد من وضعها برفق داخل الفراش فى غرفته وطلب من السيده عفاف تبديل ثياب المشفى لها ومساعده الممرضه التى جاءت معه فى الاعتناء بها حتى يعود ثم تحرك نحو الخارج بوجهه مكفهر وعرق نابض منتفض من شده الغضب ، أمر نصف حراسه بالتحرك معه ثم صعد إلى سيارته وانطلق بها .

كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل عندما وصل فريد إلى فيلا والده وأطلق زمور سيارته بقوه ليحث الحارس على فتح الباب الرئيسى ليتسنى له الدخول ، انتفض الحارس من مقعده على صوت اْبواق السيارات التى كانت تدوى دون توقف وهرول مسرعاً ينظر فى شاشه المراقبه عن هويه ذلك المتطفل ثم قام بفتح الباب راكضاً بتوجس من مظهر ابن رئيسه الغاضب ، اندفع فريد بسيارته للداخل بسرعه ساحقه تتبعه سياره حراسته ثم توقف امام الباب الداخلى ، ترجل منها وعيونه ترمى بشرر من شده الغضب ثم تحدث إلى رئيس حراسه يأمره بأقتضاب :
-خليكم هنا لو احتجتكم .. 

انهى جملته وتحرك يركل بقدمه وبكل ما أوتى من قوه الباب وهو يطرق عليه بكفه فكاد الباب ينكسر تحت وطأه طرقاته وغضبه ، آفاق جميع من فى البيت على خبطات فريد المتلاحقة وركضت الخادمه برعب تفتح الباب ثم تنحنت جانباً عندما رأت فريد وهو بتلك الحاله ، وقف فى منتصف البهو يصرخ بصوته الجمهورى هاتفاً :
-يا جيهان هانم !!!! انتى يا جيهاااااان انزليلى هنا .. 
ركض غريب من فوق الدرج حيث مكان فريد ثم توقف امامه ينظر له بغضب واضح ثم نهره بقوه قائلاً :
-ايه ده !!! فى ايه !!! انت اتجننت ؟!. ازاى تعمل كده فى بيتى فى الوقت ده !!!! .. 

مد فريد احدى ذراعيه يزيح والده من امامه بعدما حرك عينيه ينظر إليه شرزاً وهو يقول بأهتياج :
-انت لسه شفت جنان !! ..
ابتسم بشراسه ثم قال بتهديد وهو يضغط على شفتيه بقوه ثم صاح بوالده قائلاً :
-انا بقى .. فريد .. هوريكم الجنان اللى على اصله .. انتى يا جيهان يا سكرى تعاليلى هنااااااااا .. 
انهى جملته بصراخ هز أركان المنزل وجعل والده الواقف بجواره ينتفض ، هبطت جيهان إلى الاسفل وهى تغلق رداء نومها الحريرى بأحكام وتتسائل ببرود وأشمئزاز :
-ايه ده !! فى ايه ؟!.. ايه الهمجيه دى ؟!... 
ركض فريد نحوها وقبض على ذراعها بقوه وغزرأظافره  بذراعها  قائلاً بعصبيه شديده :
-عملتى ايه فى مراتى انطققققققققى ..

هدر بسؤاله بقوه جعلتها تنتفض من مكانها وتجيبه برعب من بين تأوهاتها قائله :
-معملتش حاجه .. اه سيب ايدى دى قلتلك معملتش حاجه ... 
اجابها فريد بغضب وهو لايزال يضغط على ذراعها بقوه مستطرداً حديثه وقائلاً بحنق :
-امال مين اللى عمل !!!! مين اللى حطلها السم فى الاكل !!! مش ده اللى كنتى بتعمليه معايا زمااااان !!!!! ..

حركت رأسها نافيه بيأس وقد بدءت تشهق بصوت مسموع من الم ذراعها وقوه قبضته قائله بتوسل :
-معملتش حاجه .. والله ما عملت حاجه انا معرفش انت بتتكلم عن ايه .. 

نفض فريد ذراعها بقوه تاركها تتلمسه بحذر للتأكد من عدم اصابته ثم اجابها بتحذير قائلاً وهو يرميها بنظرات احتقاريه :
-انا بنفسى هعرف مين اللى عمل كده ولو كان ليكى دخل بالموضوع ده اتشاهدى على روحك ..فريد اللى كنت بتأذيه زمان خلاص بح مبقاش موجود .. وأقسم بالله لو عرفت ان ليكى يد فى الموضوع لكون مولع فى البيت ده بكل اللى فيه .. فاهمه !!!!!!! .

انهى جملته بصراخ قوى وهو ينظر نحوها بشراسه قبل ان يستدير للخارج ويغلق الباب خلفه بعنف رج معه أركان المنزل من شده قوته ، توجه غريب نحوها يسأله بأسف :
-عملتى ايه يا جيهان ؟!.. 
هزت راسها نافيه بعدم تصديق فائله :
-معملتش حاجه .. والله ما عملتش حاجه . 

*************
عاد فريد إلى منزله ومنه مباشرة إلى غرفته للاطمئنان عليها ، دلف إلى الغرفه بهدوء فوجد الممرضه تجلس فوق المقعد الموجود بغرفته فى حاله تأهب ، انتفضت من مقعدها بمجرد رؤيته ووقفت تنتظر تعليماته ، سألها بأرهاق مستفسراً عن حالتها وهو لا يحيد بنظره عن الفراش حيث هى مستلقيه :
-فى جديد ؟!.. 
هزت الممرضه رأسها نافيه فاستطرد حديثه قائلا بجمود :
-طب تقدرى تروحى انتى تقعدى فى اى اوضه جنبنا وانا هكون معاها .. 
قاطعته الممرضه قائله :
-بس يا فريد بيه ..
قاطعها فريد بحده متجهماً  :
-مفيش بس .. نفذى اللى قلت عليه من غير كلام كتير .. هتلاقى اوض كتير فاضيه استخدمى اى واحده منهم بس خليكى قريبه عشان لو احتاجتك .. 

وافقت الممرضه على اوامره بخضوع وتحركت من الغرفه على مضض ، انتظر فريد خروجها ثم بدء فى حل آزار قميصه الملطخ ببعض دمائها وهو يزفر بتعب ثم التقط احدى ملابسه النظيفه من خزانه الملابس وتوجه نحو المرحاض ليغتسل وياخذ دشاً دافئ ليريح به عضلاته المرهقه 

خرج بعد قليل وهو يرتدى تيشرت ابيض وبنطال رياضى من اللون الاسود ، ثم تحرك فى اتجاه فراشه يتسلقه بحذر بعد ان رمقها بعده نظرات ناعمه ، مد كفه يتحسس حرارتها ثم زفر بضيق ، ، لقد بدءت حرارتها فى الارتفاع ولكن ما يطمئنه هو الدواء الموضوع داخل المحلول المعلق بكفها 
، مد إصبعه يزيح احدى خصلات شعرها التى تمردت من الجديله التى قامت بعقدها لها السيده عفاف ، ثم انحنى يطبع قبله فوقها قبل ان يعتدل فى جلسته ويرجع برأسه للخلف ويستند برأسه على ظهر الفراش ثم أغمض عينيه المرهقتين وهو يتنهد بوجع ،  ابتلع لعابه بصعوبه وهو يتذكر ما شعر به وهو واقف امام غرفه الطوارئ منتظر خروجها ، تلك الدقائق شعر كأنها دهر كامل يعيشه ، كان قلبه يرتجف بقوه كأنه سيتوقف فى اى لحظه عن العمل ، لم يجد امامه سوى التضرع ، التضرع لله بكل حواسه ، التضرع بقلب طفل نقى لم يتجاوز السابعه تعلمه والدته لاول مره كيفيه الخشوع لله ، بصرف النظر عن انتصاب جسده ، كانت روحه ساجده بكل حواسه يطلب منه برجاء العاصى قبل التقى ان يحفظها له . 

فتح عينيه مره اخرى ورمش بجفونه عده مرات لطرد تلك الدموع الدخيله التى تجمعت فى الداخل دون استئذان ، مرر كفيه فوق وجهه بتعب ثم استدار برأسه ينظر إليها كأنه يتاكد من وجودها هنا وبجواره ، فبعد اعتياده على فكره وجودها الدائم معه شعر بعدم اهميه اى شئ اخر ، الغضب والانتقام والشراب والسهر ، كل شئ يبعده عنها لن يكون له مكان فى حياته فقد اختبر اليوم هذا الشعور المزعج ولا يريد تكراره مره اخرى تحت اى ظرف كان . 

***********

شعرت حياة بأنها سقطت بمفردها داخل بئر عميق مظلم وقد تحولت إلى عقله الاصبع ، كانت تتلفت حولها بذعر فكل شئ حولها يبدو عملاق ، ما بين صحوتها وغفوتها كانت تتداخل الاحداث فى عقلها ، كان الفراش الذى تستلقى فوقه يبدو عملاق ويبدو وكأن سقف الغرفه سيسقط فوقها فى اى لحظه ليسحقها تحته بعد ان عادت إلى سن التاسعه مجدداً ، حاولت التسلق على جدران ذلك البئر فى محاوله بائسه منها للخروج ، ولكن بائت كل محاولاتها المستميتة بالفشل لذلك تخلت عن الفكره وعادت إلى قاعه تجلس هناك بخنوع وهى تضم ركبتها نحو قفصها الصدرى تنتظر هبوط سقف الغرفه فوق جسدها الضئيل  ، فجاة لمحت جسد عريض برائحه ما تعرفها جيداً وتميزها من بين مئات الروائح تتجه نحوها ، انتظرت وصوله إليها ثم تنهدت بأرتياح قبل ان تنتنفض من جلستها لتركض نحوه وتشكو إليه ذلك الوخز الذى اصاب كفها ، تململت فى نومتها ثم همست بأسمه بخفوت من بين غفوتها :
-فريد ..
كان صوتها لا يزيد عن الهمهمة ولكنه وصل إلى حواسه ، وصل إلى قلبه قبل اذنه ، انتفض يعتدل فى جلسته وهو يجيبها بصوت أجش مملوء بالحنان :
-عيون فريد وروح فريد ..
رفعت كفها الموضوع به تلك الابره الحاده ثم اجابته بوهن :
-فريد فى وجع هنا خليه يروح .. 
ابتسم بحزن ثم امسك يدها بحذر يطبع قبله حانيه للغايه فوقه قبل ان يجيبها بحنو كأنه يتحدث إلى طفلته  :
-حبيبى مينفعش تتشال دى عشان تخفى بسرعه .. 
حركت رأسها بتعب شديد رافضه تصديق حديثه ثم اجابته باعتراض طفولى بصوت لا يزيد عن الهمس :
-مليش دعوه انت وعدتنى .. خلى الوجع ده يروح .. 
مرر إصبعه أسفل جفنه يمسح تلك العبرات التى تجمعت داخل عيونه قبل سقوطها ثم انحنى بجذعه يطبع قبله حانيه فوق جبهتها وهو يتمتم لها قائلاً :
-حاضر .. ثوانى وهشيلهالك .. 
انهى جملته ثم تحرك بجسده للخارج يبحث عن الممرضه التى اصطحبها معه ، عاد بها إلى الغرفه ثم طالبها بنبرته الآمرة المعتاده :
-شيلى المحلول ده من ايديها ..
نظرت إليه الممرضه بدهشه ثم فتحت فمها معترضه :
-بس يا فريد بيه ده مش كويس عشانها ..
اجابها فريد بحده ونفاذ صبر :
-قلتلك شليها .. بتوجعها .. شوفى اى طريقه تانيه تاخد بيها العلاج .. 
اطرقت الممرضه برأسها مفكره فى حل ما ثم اجابته على مضض قائله :
-هو الحل الوحيد انى اشيلها دلوقتى واستبدلها بأبره عاديه بس الصبح لازم اعلق محلول تانى عشان الجفاف ..
وافق فريد على الفور متمتاً براحه :
-ماشى على الاقل تكون ارتاحت شويه منها .. 

انتهت الممرضه من عملها وقامت بنزع تلك الابره الحاده من يدها وقامت بوضع لاصق طبى فوق أثرها ثم انسحبت من الغرفه بهدوء .

تسلل فريد مره اخرى إلى جوارها بهدوء ثم قام بطبع قبله حانيه على كف يدها المتألم وموضع اللاصق الطبى قبل ان يستلقى على الفراش بهدوء ، تحركت حياة وقد بدءت تشعر بالبرد يتسلل إلى جسدها الضعيف لتندس داخل احضانه وهى تتمتم بخفوت :
-خليك هنا .. انا بردانه .. 
اجابها بصوت أجش عميق :
-انا دايماً هنا .. 
رفعت كفها تتلمس وجهه برقه كأنها تتأكد من وجوده ، لم يقاوم اغراء النوم بين أحضانها لذلك ، اقترب بجسده اكثر يضمها إليه ويحاوطها بذراعيه حتى شعر بدفء انفاسها يلحف عنقه بقوه ، اغمض عينيه ببطء يستمتع بذلك الدفء الذى احاط قلبه من اقترابها منه ثم اقترب منها اكثر يقبل وجنتها وجبهتها وانفها ثم تحرك ببطء نحو شفتيها يطبع قبلات خفيفه ناعمه ، كان يعلم جيداً انه يستغل وضعها وعندما تتذكر ما فعله ستقوم بتعنيفه ولكنه فكر بيأس وليكن فهو ليس قديساً ولا تنتظر منه ان تكون بمثل هذا القرب منه ويستطيع السيطره على مشاعره ..

ظنت حياة انها داخل حلم غريب ولكن جميل ، يقوم رجل ما ذو قناع بأنقاذها من بين براثن وحش مخيف ثم يطلب منها بحب وهو يركع على ركبه واحده ان تتزوجه ، وافقت بفرحه على طلبه فقفز يبنتصب فى وقفته بسعاده ثم احتضنها بحب وهو يتمتم فى اذنها بكلمات حب شغوف ثم بدء بطبع قبلات خفيفه متفرقه فوق وجهها ، مدت حياة كفيها وهى تبتسم له لنزع ذلك القناع الذى يخفى ملامح فارسها عنها فوجدته فريد ، ابتسمت بخجل ثم أسندت  رأسها فوق كتفه براحه قبل ان تغمض عينيها وتذهب فى نوم عميق .

**********

فى الصباح استيقظ فريد فوجدها غافيه داخل احضانه بهدوء وتدفن رأسه داخل تجويف عنقه ، اغمض عينيه بأستمتاع ثم دفن انفه داخل شعرها يستنشق عطره المميز فحتى تلك التفصيله البسيطه لم تغفل عن عفاف اثناء مساعدتها لها بالامس ، فكر بسعاده ، ماذا سيحدث اذا توقف العالم الان وعند تلك اللحظه بالذات ، ما سيحدث هو انه سينعم براحة وجودها داخل احضانه للأبد ، ولكن اكثر ما يزعجه هو حرارتها التى تزداد بشكل دائم مع هلاوسها المستمرة ، تململت هى بين يديه لفتره قبل ان تبتعد عنه وهى تفتح عينيها بكسل اذا انها لازالت داخل حلمها الخاص حتى انها استيقظت بداخل غرفه بألوان زرقاء زاهيه لا تعرفها ابداً ، ابتسم لها بحنان ثم طبع قبله حانيه قوف أرنبه انفها وهو يتمتم بحب :
-صباح الخير .. 
ابتسمت له بخجل فهى تعلم انها لازالت داخل الحلم ولكنها تستمع بكافه تفاصيله ، بدءت تتحرك من الفراش فاعتدل على الفور يسالها مستفسراً :
-حبيبى رايحه فين ؟!.. 
اطرقت راسها بخجل وقد بدءت وجنتيها تورد ثم اجابته بتعب شديد وهى لازالت مطرقه الرأس :
-عايزه اروح الحمام واغسل وشى .. ممكن؟!  .. 
ابتسم لها بأشراق ثم اقترب منها يضع ذراعه تحت ركبتها ويحملها بين ذراعيه حتى وصل إلى باب الحمام فاوقفته معترضه : 
-لو سمحت نزلنى وانا هكمل .. 
اقترب برأسه من وجهها ثم سألها بخبث وهو يحك انفه بوجهها :
-طب مينفعش اكمل للاخر ؟!!.. 
هزت راسها له معترضه فانزلها على مضض وبحذر واختفت هى بجسد هزيل ومتعب داخل الحمام ، بعد قليل خرجت منه وقد بدءت تترنح من شده الحراره والتعب فيبدو ان هذا المشوار القصير قد اضناها ، حملها فريد على الفور وضمها بين ذراعيه يقربها اكثر نحو صدره ، وصل بها إلى الفراش وجلس فوقه وهى لازالت داخل احضانه ، سألها بقلق :
-حياة انتى كويسه ؟!..
أصدرت همهمه خفيفه ثم حركت راسها تحت صدره وهى مغمضه العينين ، سألها مره اخرى بترقب يتمنى بداخله رفضها :
-تحبى انزلك ؟!.. 
حركت جسدها لاعلى قليلاً حتى تستطيع الاختباء داخل تجويف عنقه ثم قالت بعدم وعى :
-مش مشكله .. انا عارفه انك مش هنا .. 
اجابها بصوت أجش هامس :
-مش ممكن اكون هنا .. 
حركت راسها داخل عنقه ثم تمتمت هامسه :
-شششش .. انت مسافر وانا عارفه ان كل ده مش حقيقى .. 

انهت جملتها ثم انتظمت انفاسها دلاله على ذهابها بنوم عميق ، احكم لف ذراعه حول خصرها ، ثم استلقى فوق الفراش وجسدها يقبع فوقه بهدوء رافضاً إنزالها او وضعها فى وضع اكثر راحه فهنا هو مكانها الطبيعى حيث قلبه ، لقد خُلقت من هذا الضلع ، وهذا الضلع موجود لتستند عليه .
قضت حياة اليوم التالى لها ما بين الصحوه والغفوه مع الاستمرار الدائم لهلاوساتها وأحلامها الغريبه والتى كان العامل المشترك بينهم جميعاً هو شخص واحد .. فريد .
اما عنه هو فكان ملازماً لها خلال الليل والنهار لا يتحرك من جوارها الا لمتابعه اخر التطورات لمعرفه مرتكب تلك الجريمه بحقه وحقها ، ثم يعود إليها مره اخرى راكضاً ينصت بإستمتاع إلى هلاوسها بقلب أب حنون قبل ان يكون قلب عاشق وما أشد سعادته عندما كان يستمع إلى اسمه يخرج من بين شفتيها عالماً انه محور تلك الهلاوس ، فهى مازالت تلجأ إليه مثلما كانت تفعل فى صغرها ،وها هو الان يجلس بجوارها يستمع إليها ويلبى طلباتها مثلما كان يفعل أيضاً وهو صغير ، تذكر بسعاده ان اول خطوه لها تحركت نحوه هو ، واول ركضه لها كانت لتصل إليه ، واول شكوى منها كانت إليه ، كان تفسير والدته ووالدتها على ذلك التعلق الشديد هو افتقار كلاً منهما لوجود اخ او اخت من نفس فئتهم العمريه  ، وكم سمع من شفتيهما كلمه "حياه اختك " ولكنه ابداً لم يستسيغ تلك الكلمه ويبدو ان قلبه أيضاً لم يفعل فهى ببساطه لم تكن اخته . 

فى اليوم الذى يليه بدءت حرارتها تعود طبيعيه وعليها كانت استفاقتها قريبه لذلك قام فريد بنقلها إلى غرفتها وأكد على كل من بالمنزل واولهم السيده عفاف التى كانت ترعاها فى اوقات انشغاله بعدم التطرق لتلك الحادثه والاهم عدم التحدث عن اى تفاصيل تخص ميعاد عودته او وجودها داخل غرفته .

فى منتصف النهار فتحت حياة عينيها بتثاقل ووهن ، قطبت جبينها وعقدت حاجبيها معاً محاوله تذكر ما حدث ، استغرق الامر قليلاً لمعرفه ما يدور حولها وسبب تيبس عضلاتها قبل ان تنتفض من نومتها بفزع وتنظر حولها بقلق ، حركت رأسها عده مرات محاوله طرد تلك المخاوف من رأسها ، طمأنت نفسها بقوه كانت مجرد احلام والدليل انها هنا غافيه داخل غرفتها ، اذا ليس هناك داع للقلق ، هكذا حدثت نفسها داخلياً ، مجرد احلام عابره ليست الا ، طل هناك سؤال واخد يفرض نفسه داخل عقلها بقوه ، هل عاد إلى المنزل ام لا ؟!!.. 

 قررت بعد قليل التحرك من ذلك الفراش واكتشاف ذلك بنفسها فهى أيضاً لا تعلم كم مضى على مرضها ومن اسعفها فاخر ما تتذكره هو محاولتها للخروج من غرفتها لطلب المساعده ووصول شخص ما ، تحركت من الفراش وقررت التوجهه إلى المرحاض والاغتسال جيداً بالماء الساخن لانبساط عضلاتها واستعاده نشاطها قليلاً وبالفعل بعد حوالى ساعه كانت تقف امام المرآه تنظر برضى بعدما قامت بتجفيف شعرها وتركه منسدلاً بحريه فوق كتفيها ثم قامت بوضع لمسات بسيطه من الكحل واحمر الشفاه لاعاده بعض اللون إلى وجهها ، هزت كتفيها بعدم اهتمام وهى تتسائل لماذا ارادت فعل ذلك ولكن يبدو ان مزاجها كان مرحاً دون اى اسباب او هذا ما حاولت إقناع نفسها بِه قبل التحرك للأسفل .

بمجرد خروجها من الغرفه استرعى انتباهها وجود عدد من الأشخاص يتناقشون بتركيز فيما بينهم ، اكملت طريقها للأسفل عندها صادفت السيده عفاف التى أسرعت إليها مهروله تستقبلها بترحاب وهى تقول بحبور :
-حمدلله ع السلامه .. البيت نور .. لا البيت ايه .. دى الدنيا كلها نورت .. 
احتضنتها حياة بحب وهى تتمتم بخجل :
-الله يسلمك يا داد .. 
ابتعدت عنها قليلاً حتى ينسى لها رؤيتها جيداً ثم سألتها بفضول :
-داد قوليلى هو حصل ايه ؟!.. 
ارتبكت نظرات عفاف قليلاً وهى تتذكر تنبيهات رب عملها التى وصلت لحد التهديد فأجابتها محاوله اخراج نبرتها مقنعه  قدر الامكان :
-حاله تسمم .. واضح ان الاكل بتاع بره ده كان فى مشكله .. 
صمتت قليلاً ثم اضافت بنبره نادمه :
-ياريتنى مسمعتش كلامك وكنت عملتلك الاكل بايدى .. 
اقتربت حياة منها مره اخرى تربت على كتفها قائله بود واضح :
-خلاص يا دادا الحمدلله انه محصلش حاجه اكتر من كده تلاقيها بس غلطه المطعم متحطيش فى بالك .. 
انهت جملتها ثم اضافت تسال بفضول قاطعه المجال على عفاف لأجابتها قائله :
-دادا .. ايه الناس دى ؟!.. 
اجابتها عفاف وقد عّلى ثغرها ابتسامه واسعه  قائله بحماس :
-ده مهندس ديكور فريد بيه طلبه عشان يهد البار اللى هنا ويشوف هيعمل ايه بداله .. 

اتسعت حدقتى حياة بدهشه وسعاده حقيقه حتى شعرت بترقرق الدموع بداخلها  ثم سألتها بكلمات متعلثمه من شده صدمتها قائله :
-البار ... اللى كان بيش...؟!.. ده حقيقى .. هو فعلا هيشيله ؟!..
هزت عفاف رأسها موافقه وقد ازدات ابتسامتها اتساعاً برؤيه السعاده واضحه على وجهه حياة التى أشرق وجهها بابتسامه وسعاده حقيقه  لم تشعر بها منذ زمن بعيد .

فى تلك الأثناء كان فريد عائداً من المستودع الصغير الملحق بالفيلا والذى احتجز بداخله ذالك المدعو على والذى تولى مهمه توصيل الطعام والرجل الاخر المدبر للحادثه او كما يلقبونه "سيد الدولى "، بعدما استطاع بمساعده المطعم وبعض أساليبه الخاصه التوصل إليهم وها هما الان ملقيان فى المستودع يرفضان التحدث او الايشاء بمن طلب تنفيذ تلك الجريمه ، تحرك بغضب نحو الباب الداخلى للمنزل يفتحه بحده، فى تلك اللحظه رفعت حياة وهى لازالت محتفظه بتلك الابتسامه السعيده فوق  ثغرها تنظر إلى القادم فتفاجئت به 
تسمر فريد مكانه وقد تبدلت ملامحه على الفور هو الاخر وهو يراها تنظر إليه بابتسامه عريضه وعيون لامعه ، تشابكت نظراتهما للحظات قبل ان تطرق حياة راسها للأسفل بخجل ، انسحبت عفاف من المكان بهدوء بعدما رأت تعلق نظرات كل منهما بالاخر ، اما هو فكان قلبه يقفز من شده الفرح وهو يراها تقف امامه مره اخرى وقد استعادت عافيتها من جديد ، كل ما اراد فعله فى تلك اللحظه هو التوجهه  نحوها وأخذها بين احضانه حتى يتسنى له الشعور بدقات قلبها فوق صدره ، ولكن بدلاً عن ذلك تحرك نحوها بهدوء حتى توقف امامها ثم سألها بنبره عميقه :
-حمدلله ع السلامه .. انتى كويسه دلوقتى ؟!.. 
هزت رأسها موافقه ثم اجابته برقه بالغه :
-الله يسلمك .. اه الحمدلله .. 
انهت جملتها ثم حركت رأسها بأتجاه العمال قبل ان تعيدها نحوه وهى تمتم بخجل :
-شكرا .. 
رفع احد ذراعيه يحركها فوق مؤخره راسه وهو يبتسم لها بهدوء وقد علم ما ترمى إليه ولكنه آثر سماعها من بين شفتيها ، اقترب منها خطوه واحده ثم سألها بصوت أجش :
-على ايه ؟!.. 
اتسعت ابتسامتها وزاد احمرار وجنتها ثم اجابته بخجل :
-انت عارف على ايه .. 
انهت جملتها وركضت مسرعه نحو الاعلى حيث غرفتها  ، انا فريد فقد ظل حيث هو بلا حراك وعينيه تتبع خطواتها والابتسامه البلهاء لم تفارق شفتيه 

************

عند حلول موعد الغذاء سمعت حياة بضع طرقات خفيفه فوق باب غرفتها لذلك طلبت من الطارق الدخول فطلت السيده عفاف من خلف الباب تسألها بهدوء قائله :
-فريد بيه طلب منى اسالك لو ينفع تشاركيه الغدا النهارده .. ده طبعا لو حاسه نفسك كويسه .. 
اندفعت حياة تجيبها دون تردد قائله :
-اه يا دادا ..  خليكى انتى وانا هنزله على طول .. 
انهت جملتها ثم تحركت مباشرة نحو غرفه الطعام فهى لديها العديد من الاسئله التى تشغل عقلها ولن يجيبها أحداً غيره . 

وصلت إلى غرفه الطعام فوجدته جالسا فى مكانه المعتاد على راس طاولته ينتظر ردها ، تحرك من مقعده بمجرد رؤيتها يسحب لها الكرسى الملاصق لمقعده وقد لاحظت حياة اقتراب المقاعد من بعضها اكثر من السابق ، جلست فى مقعدها والذى كان ملاصق تماماً لمقعده حتى ان قدميها تلامست عده مرات  مع قدميه ، لاحظت حياة بعد جلوسها وجود عزه فى احد أركان الغرفه لذلك ومن باب الذوق حييتها حياة بهدوء ، ردت عزه تحيتها بارتباك واضح وشرعت فورا فى تقديم الطعام ثم استئذنت فى الخروج من الغرفه فسمح لها فريد على الفور 

بدءت حياة فى تناول حسائها بصمت وهى تفكر فى كيفيه سؤاله عند موعد عودته دون ان تبدو كمن يتحرى عن الامر ، قاطع تفكيرها صوت فريد يسألها بأهتمام :
-حياة .. الدكتور كان كتبلك شويه ادويه .. اخدتيهم فى ميعادهم ؟!.. 

ابتسمت بسعاده وقد اتيحت لها الفرصه للسؤال عما يدور فى خلدها براحه ، لذلك اجابته برقه :
-اه دادا عفاف من شويه قالتلى وفكرتنى بمواعيدهم كمان .. 
صمتت لتبلع ريقها ثم استطردت حديثها تسأله بفضول :
-فريد .. هو انت وصلت امتى ؟!.. 

ترك طعامه وعاد بجسده للوراء يستند بكسل على ظهر مقعده ثم سالها وبريق التسليه يلمع داخل عينيه قائلاً وهو يتظاهر بالعبوس :
-بتسألى ليه ؟! عايزه تطمنى عليا ؟!.. 
اندفعت تقول فى ارتباك :
-لا طبعا .. انا كنت عايزه اعرف عشان حاجه تانى .. 
صمتت قليلاً عندما رأت ملامح وجهه بدءت فى التجهم ثم اضافت مصححه بارتباك :
-مش قصدى .. انا عايزه اعرف اكيد.. 
توقفت عن الحديث وزفرت بتوتر ثم استطردت حديثها مصححه :
-انا قصدى انى بسأل من باب الفضول مش اكتر .. 
عاد بريق التسليه إلى عينيه وهو يرى ارتباكها واضحاً عليها فسألها بمرح :
-طب قوليلى ايه الحاجه التانيه دى يمكن افيدك ؟!.. 
تذكرت ذلك الحلم الذى راودها عندما حملها بين ذراعيه وسمحت هى له بتقبيله فاحمرت وجنتاها خجلاً واطرقت رأسها لأسفل هاربه من نظراته المتفحصة ، التوى فمه بنصف ابتسامه وهو يرى ارتباكها وتخبطها امامه فهو يتحرق شوقاً لمعرفه اذا كانت تتذكر ما حدث بينهم ام لا وابداً لن يكشف اوراقه أمامها 

قاطع تفكيره  اقتحام حارسه الشخصى للغرفه  فجاة بجسد وملامح متوتره ثم توجهه نحو فريد مباشرة يهمس له بكلمات لم تلتقط حياة منها اى شئ رغم محاولتها المستميتة  فى معرفه ما يدار بينهم ، انتفض فريد من مقعده وهو يقول وقد تحولت ملامح وجهه للجديه :
-تعالى ورايا ..
انهى جملته وتحرك من الغرفه مسرعاً دون وداع تاركها تشعر بالحيره والفضول حول ما يحدث معه دون علمها. 

************

داخل المستودع تكوم الرجلين فى احد الزوايا فاقدين الوعى من شده الضرب والإرهاق ، تحرك فريد فى اتجاههم ثم قام بسحب الكرسى الخشبى الموضوع داخل المستودع وجلس فوقه بطريقه  عكسيه واستند بذراعيه على راس الكرسى ثم اشار برأسه للحارس الذى كان يقف بجواره ويحمل دلواً كبيرا مملوء بالماء ، اومأ الحارس رأسه لفريد بأيماءه خفيفه قبل ان يقوم بسكب الماء البارد فوق وجهه المدعو سيد ، انتفض الاخير على الفور وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً محاولاً التقاط انفاسه بصعوبه ، سأله فريد بنبره منخفضة :
-ها .. عقلت وناوى تقول مين اللى وزك تعمل كده ولا تحب اخليهم يكملوا عليك ؟!.. 
انتفض الرجل فى جلسته متوسلاً لفريد :
-لا يا باشا الله يخليك .. انا هقولك كل اللى عندى والله .. اللى طلبت منى اعمل كده واحده اسمها سيرين ومعرفش وصلتلى ازاى .. ولا حتى شفتها قبل كده .. كل اللى اعرفه انها كلمتنى تليفون ومردتش تقولى عرفتنى منين ولا حتى رضيت تقابلنى .. هى عطتنى رقم واحده قالتلى دى شغاله فى الفيلا وهتساعدك .. 

صمت الرجل ليزدرد لعابه بخوف ثم اضاف بعدما لمعت عيونه بخبث قائلاً لفريد بترقب لعل ما يقوله يشفع له :
-يا بيه صدقنى هو ده اللى عندى ومعرفش غيره .. بس اللى قالتلى ان الهانم لوحدها ودى فرصتنا واحده شغاله هنا
جحظت عينى فريد للخارج ثم اجابه بعصبيه هادره :
-قصدك مين ؟!.. انطقققققققق ؟!.. 
اجابه الرجل متمتاً فى خبث :
-انا هقول لحضرتك يا باشا .. 

**************

بعد قليل اقتحم فريد المطبخ بعنف جعل كلاً من السيده عفاف وعزه يجفلان ، توجهت نظراته الغاضبه مباشره نحو عزه التى بدءت تتراجع للخلف برعب وهى تراه يتقدم نحوها كالفهد فعلمت ما ينتظرها ، اقبض على شعرها قبل ان يجرها بقوه نحو الخارج  غير عابئاً بصراخها الذى كان يدوى داخل المنزل ولا بنظرات عفاف المصدومه من فعلته ، ركضت حياة من داخل غرفتها على مصدر ذلك الصراخ فتفاجئت بفريد يمسك بشعر عزه بحده ويجرها إلى خارج المنزل بعنف ، ركضت خلفه تحاول ايقافه ولكن اوقفتها ذراع عفاف التى امتدت لمنعها بكل قوتها وقد استعادت وعيها من صدمتها قائله بتوسل :
-حياة هانم .. الله يخليكى بلاش ..
صاحت بها حياة بقوه قائله :
-اوعى يا دادا !! انتى مش شايفه هو ماسكها ازاى ؟!! من فضلك خلينى اشوف فى ايه ؟!.. 

هزت عفاف راسها بقوه رافضه إفلات يدها وهى تبرر بثقه:
-اكيد عملت حاجه .. فريد بيه اول مره يعمل كده .. اكيد عملت مصيبه .. 
اجابتها حياة بحنق قائله :
-هتكون عملت ايه يعنى ؟!.. وبعدين حتى لو كان مينفعش فريد يعمل كده خالص !!! .. 
بعد عده دقائق اقتحم فريد المنزل مره اخرى بحده جعل كلاً من حياة وعفاف ينتفضان من الرعب ثم تحرك نحوها مباشرةً  وامسك بيدها قائلاً بنبره خاليه :
-تعالى ... 

ان كانت التجربه قد علمتها شيئاً فهى قد علمتها ان لا تجادله عند وصوله إلى تلك الحاله ، فالجدال معه ابداً لن يكون فى صالحها لذلك تحركت معه على الفور يجرها خلفه وكفه يحتضن كفها بتملك ، تحركا من خلال الحديقه نحو مبنى ابيض مكون من غرفه واحده عريضه ، سألته حياة بخفوت هامسه :
-فريد احنا رايحين فين ؟!.. 

لم يجيبها وبدلاً عن ذلك لاحظت ذلك العرق بجانب صدغه ينبض بشده ، كررت سؤالها بعدما توقفت عن السير وهتفت اسمه بيأس :
-فرييييد .. 
توقف هو الاخر عن السير والتفت بجسده ينظر إليها قائلاً وهو يحاول السيطره على نبرته الحاده :
-دلوقتى هتعرفى .. تعالى .. 

انهى جملته ثم قام بضغطه خفيفه مشجعه على كف يدها الموضوع داخل كفه ، تحركت معه بصمت حتى دلفا إلى داخل المستودع وهو لازال محتضناً يدها بقوه ، نظرت حولها باستغراب تحاول استيعاب هذا المكان الغريب ، اثناء تأملها له وقع نظرها اولاً على عزه الجالسه عَنوه فوق كرسى خشبى ومقيدة ببعض الحبال لتمنعها من الحركه ، ازداد قلقها وعبوس وجهها فهى حتى الان لم تستوعب شئ مما يدور حولها ، حركت رأسها مره اخرى تستأنف اكتشافها لذلك المكان  الغريب واذا بها ترى رجلان مكومان فوق الارضيه والدماء تغطى وجههم وملابسهم ، شهقت بفزع وحركت جسدها اكثر لتلتصق بفريد فى حركه تلقائيه منها ، ضغط على يدها مطمئناً لها قبل ان يحول انتباهه نحوه عزه ويهدر بها بعصبيه وتوعد قائلاً :
-حسابى معاكى على خيانتك ليا هيكون بعدين .. 
ترك يد حياة ثم توجهه يقف قباله حياة ويطل عليها بجسده الطويل مستطرداً :
-لكن دلوقتى .. اللى حياة هانم هتحكم عليكى هو اللى هيتنفذ .. 
نقلت حياة نظرها بين فريد وبين عزه محاوله استيعاب ما يحدث بينهم ثم هتفت بإسمه بنفاذ صبر قائله :
-فريد !!! فهمنى فى ايه ؟!... 
التفت بجسده نحوها قبل ان يتحرك ويقف قبالتها ، نظر لها مطولاً وقد ظهرعلى وجهه لمحه من الالم قائلاً بحزن :
-حاله التسمم اللى حصلتلك كانت مقصوده .. 

اتسعت عيني حياة بصدمه ثم بدءت تنقل نظرها بينه وبين عزه مره اخرى وهى تتمتم بعدم استيعاب :
-مقصود ازاى ؟!.. مش ممكن تكون .. عزه !!!!... 
هز رأسه بجمود دون حديث ، استطردت حياة حديثها متمته بأقرار اكثر منه سؤال :
-انت اللى لحقتنى صح ؟!.. انت اللى كنت واقف قدامى ؟! . 
لم يأتيا الرد ولم تكن بحاجه إليه ، ظلت تنظر داخل عينيه وقد بدءت الدموع تلمع داخل عينيها ، ثم اطرقت براسها للأسفل ، أحاط فريد وجهها بكفه قبل ان يحرك يده ويقبض على خصلات شعرها الناعم قائلا بقوه :
-بصيلى .. حياة بصيلى .. 

رفعت عينيها تنظر إليه واذا بها ترى تلك النظره التى تعرفها جيداً نظره التصميم التى يتميز بها ثم اضاف بحده :
-انا هنا .. فاهمه ؟!.. انا من دلوقتى هنا يعنى محدش هيقدر يأذيكى تانى .. اعرفى ده كويس .. 

حركت راسها مسرعه عده مرات كأنها تحاول حفظ ما تفوه بِه للتو ، مد احدى أصابعه يمسح تلك الدمعه التى فلتت عنوه من بين جفنيها ، عندها صرخت عزه بحقد قائله :
-ايوه انا اللى ساعدته يعمل كده عشان بحبك .. 

دوت الكلمه داخل أركان المستودع وشعرت حياة بأنها تدوى أيضاً بداخل قلبها ، استطردت عزه حديثها بشجاعه قائله :
-ايوه بحبك وحبيتك من اول مره شفتك فيها .. من ساعه ما ساعدتنى وجبتنى اشتغل عندك .. 
ظل فريد يستمع إلى حديثها بملامح جامده وجسد متصلب ، اما بالنسبه لحياه فشعرت بانها تريد وضع كفيها فوق اذنها حتى لا تستمع إلى ذلك الحديث العقيم ، أردفت عزه بغل وهى تنظر نحو حياة قائله:
-هى مش بتحبك ولا عمرها هتحبك قدى .. مفيش حد فى الدنيا دى ممكن يحبك قدى .. 
صرخ فريد بها قائلا بعصبيه :
-اخررررررسى ... 

اجابته عزه بتحدى وقد شعرت ان نهايتها اوشكت :
-لا مش هخرس هى دى الحقيقه اللى لازم تعرفها .. انا قاعده كل يوم وشايفه هى بتعاملك ازاى وفاهمه كويس انها مش بتحبك .. 
اقترب فريد منها وقد بدء وجهه يتحول من شده الغضب والاحمرار ثم اجابها وهو يضغط على كل الحروف الخارجه من فمه قائلاً بتهديد:
-عارفه .. لولا انى حالف على قبر امى ممدش ايدى على واحده ست كنت عرفتك مقامك دلوقتى .. 
صرخت عزه بجنون تجيبه :
-ده مش هيمنع حقيقه انى بحبك .. 

فى تلك اللحظه قاطعت حياة حديثها بيأس تترجاه قائله :
-كفايه .. مش عايزه اسمع حاجه تانى .. انا عايزه امشى من هنا .. فريد لو سمحت خلينى امشى من هنا .. 

اتجهه فريد نحوها على الفور ثم اصطحبها نحو الخارج ومنه إلى المنزل دون ان ينبث احد منهم ببنت شفه ، وصلت حياه إلى الدرج ثم حدثته بنبره جامده :
-انا عايزه اطلع الاوضه بتاعتى شويه ..
زفر فريد مطولاً بضيق ثم اجابها  بتردد قائلاً :
-تمام .. انا فى المكتب لو احتجتى حاجه قوليلى ..
هزت رأسها موافقه ثم تحركت نحو الاعلى دون اضافه .

***********

فى منتصف الليل كانت حياة لازآلت داخل غرفتها تتلوى داخلياً من تلك الكلمات المسمومة التى سمعتها من عزه منذ عده ساعات ، فكرت بحزن ايعقل ان تدفع الغيره الانسان حتى القتل ، مسحت دموعها وقد اتخذت قرارها ثم تحركت إلى الاسفل حيث غرفه مكتبهِ، وقفت امام الباب وأخذت نفساً عميقاً ثم طرقته وانتظرت اذنه للدخول ، اجابها بصوت عميق :
-اتفضل ..
أدارت حياة مقبض الباب ودخلت على مضض ، انتقضت فريد فى جلسته فور دخولها وهويسألها بأهتمام :
-حياة فى حاجه ؟!.. 
اجابته مباشرهً دون مقدمات :
-انا عرفت هعمل ايه فى عزه .. 
تحرك حتى مكتبه ثم استند بجسده عليه وعقد ذراعيه امام صدره ثم اجابها بجديه قائلاً :
-سامعك .. 
رفعت رأسها بتحدى قائله بأصرار :
-مش عايزاك تعمل فيها حاجه .. بس سلمها للبوليس ..

اعتدل فريد فى وقفته ثم أرخى ساعديه وعقد حاجبيه معاً سائلاً بجمود :
-يعنى ايه ؟!.. انا مش هسيبها تفلت باللى عملته !!!.. 
زفرت حياة مطولاً بيإس ثم اجابته بأرهاق قائله :
-لا هو ده بالظبط اللى انا عايزاك تعمله ..
قاطعها فريد بحده قائلاً :
-لا مش موافق .. 
اجابته حياة مسرعه :
-انت قلت اللى انا هحكم بيه وده حكمى !!!.. 
صاح فريد بها بحده :
-حياااااااة !!!!! ..
اجابته بتحدى :
-فرييييييييد !!! .. 
اضافت مستطرده حديثها :
-فريد لو سمحت لو قضينا عمرنا ننتقم من مل حد آذانا مش هنلاقى وقت ولا هنعرف نعيش حياتنا .. ده طلبى وده اللى انا عايزاه فلو سمحت نفذه .. 
تأملها ملياً ثم اجابها وقد لمعت فكره ما داخل رأسه :
-موافق بشرط ..
اجابته بثقه موافقه ..

ابتسم بأنتصار ثم باغتها بشرطه مسرعاً :
-تقوليلى حصلك ابه وانتى عندك ١٤ سنه ؟..
ارتبكت نظرتها وارتجف جسدها ولم تُعقب ، استطردت هو حديثه كاذباً وقد لاحظ اقترابه من هدفه :
-انا سألت دادا آمنه وحكتلى اللى حصل بس عايز اسمع التفاصيل منك ..

نظرت إليه بدهشه اولاً ثم لوت فمها بابتسامه سخريه وهى تتحرك لتجلس على الاريكه الموضوعه بداخل الغرفه ، جلست بكبرياء ثم رفعت راسها تنظر إليه بتحدى قائله :
- وآمنه هانم قالتلك انك تانى استعمال .. second hand  يعنى ؟!.. 
انتصب جسده واحتقنت ملامحه وهو يسألها بقلق:
-قصدك ايه ؟!!..
حبس انفاسه وهو فى انتظار اجابتها  ، ابتسمت له بتشفى ثم أجابت بهدوء كاذب  :
-يعنى انا كنت متجوزه .

حسنا انها تفعل ذلك فقط من اجل اثاره حنقه كعادتها ليس الا ، هذا ما فكر به فريد بيأس رافضاً عقله تصديق الكلمات التى خرجت من فمها للتو ، انها فقط تلعب به ، طمأن نفسه بتلك الجمله ، ولكن اللعنه !!!  لماذ تبدو ملامحها شاحبه كالأموات !!! سألها وهو على حافه الانفجار لعل الخلل صادراً من اذنه التى هيأت له تلك الكلمات بينما هى لم تنطق بها من الاساس :
-انتى قلتى ايه ؟!!.. 

رفعت نظرها مره اخرى إليه وهى تبتسم بشراسه ثم اجابته بتهكم مرير قائله :
-اكيد عبد السلام بيه نسى يقولك التفصيله الصغيره دى قبل كتب الكتاب لحسن ترفض البضاعه .. 

شعر فريد بأن صاعقه قد اصابت عقله قبل جسده فأصابته بالشلل ، إذاً اذنه لم تصاب بالعطب بعد ، متزوجه !! ومن رجل اخر !!! ، حرك جسده يميناً ويساراً بتشنج ، اللعنه ان ذلك يتخطى  قدرته على احتمال ، رفع ذراعيه بتوتر ومسح بكفه فوق قسمات وجهه بعصبيه قبل ان تستقر قبضته فوق فمه ، ازدادت حده تنفسه وأخذ صدره يعلو ويهبط بقوه ، يبدو انه قد بدء يفقد السيطره على رئتيه ، لا انه بدء يفقد السيطره على جسده بأكمله واولهم قلبه الذى كان يخفق كالطبول من شده الغيره ، اين يذهب ؟!، تجول بنظره داخل الغرفه كأنه يبحث عن شيئاً ما ، انه يبحث عن هدوئه الداخلى ، مازالت الكلمه تطن داخل رأسه بقوه ، متزوجه !!! ، اين يهرب من تلك الصوره التى بدءت تتشكل امامه عينه بوضوح عن لمس رجل اخر لها ، سيجن ، اقسم لنفسه انه سيجن ، انه يجاهد نفسه الان حتى لا يحرق الدنيا بمن فيها، الا يقوم بهدم ذلك المكتب بكل محتوياته ، ماذا عليه ان يفعل ؟!، انه يشعر بأنه يقف الان بداخل مرجل محاطه به النار من جميع جوانبه فماذا يفعل ؟! هل يجلس ام يظل واقفاً ام يتركها ويركض للخارج ، ماذا يفعل لتهدء روحه ، ايصرخ حتى ينقطع صوته ؟!، ام يبكى حتى تنفد دموعه ؟!، او يرتمى داخل أحضانها لعله يجد السكينه بداخله ؟!، فى كل الاحوال اصابته النار وانتهى الامر . 

انتهى به الامر بالجلوس فوق المقعد المقابل لها ومال بجذعه للأمام وهو يستند بمرفقيه على فخذاه ويشبك كفيه معاً للأمام زفر مطولاً ثم قال بنبره متقطعه كمن يلفظ انفاسه الاخيره :
-ادينى تفاصيل .. 

ادرات رأسها جانباً تنظر إليه نظره زجاجية ليس بها حياة ثم رفعت كفيها ومسحت وجهها وشعرها عده مرات بتوتر وهى تهز رجلها اليمنى بعصبيه وقد بدءت تتذكر ذلك الصيف المقيت بعدما انتهت من اختباراتها المدرسيه لنهايه العام ، دخل والدها المنزل فى عجاله وطلب منهم جميعاً آمراً كعادته الاستعداد للذهاب لبلدته حيث مسقط رأسه ومسكن إخوته لقضاء اجازه الصيف معهم ، بالطبع لم تكن والدتها لتعارضه رغم عدم تقبلها لتلك الفكره او بالأدق توجسها منها ، وبالفعل فى اليوم التالى كانوا فى طريقهم نحو احدى قرى الصعيد ولم تكن تعلم حياة انها تُساق كالبهيمه لتُعرض فى السوق والفائز هو من يدفع اكثر ، وكانت القسمه من نصيب رجل يتجاوز عمره الثمانين عام ، اى حوالى ٦ اضعاف عمرها ، رجل ماجن مدمن شراب هوايته الاولى هو تزوج القاصرات 
، تم الزواج وبالطبع كان عرفياً ودون تسجيل بسبب صغر سنها ، تذكرت كم انتحبت تحت أقدام والدها  الا يفعل بها ذلك ،وكان رده الوحيد ان ذلك طبيعى لجميع فتيات بلدتهم ،  وكم توسلت إلى والدتها ان تأخذها وتهرب من تلك البلده وتُنقذها من ذلك المصير ولكن الخذلان كان ولا يزال رد فعل والدتها الوحيد 

 تزوجته وقاومته بكل ما أوتيت من قوه ، تذكرت كم استعصت عليه وكم كبلها حتى ترضخ له ، كان ضعيفاً لا يقوى على شئ وكان تمّنع حياة عنه يزيده عجزاً فلا يجد ملجأ لإخفاء ضعفه الا من خلال تعنيفها ، كان يحاول معها كل ليله بعدما  يرتشف زجاجه او اثنان من ذلك الشراب الرخيص ، وفى كل ليله كانت تصرخ بأسم فريد لكى يأتى ويخلصها من قبضته فكانت تثير جنونه اكثر ويبرحها ضرباً من اجل عجزه مره ، ومن اجل تفكيرها برجل اخر مره 

 لم يأت فريد ولم تنقذها والدتها ولم يعطف عليها والدها ، لم يكن معها فى محنتها سوى الله وقد قال وقوله الحق "وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا " وقد كان 
كان ارحم بها من والديها وبعد ايام معدوده من تلك الزيجه المشئومه ومن عجزه عن جعلها زوجته ، سقط صريعاً فوقها ليلاً بعدما تناول جرعه زائده من الأقراص المنشطه ، لقد جاء خلاصها سريعاً ولله الحمد  ، تذكرت كيف ركضت فى شوارع تلك البلده الغريبه وهى طفله تجاوزت للتو الرابعه عشر حافيه القدمين وبوجهه وجسد متورم بعدما انتقم منها زوجته الاولى واولاده فابرحوها ضرباً وطردوها من المنزل باعتبار انها "وش شئوم " ، ولكن كان يكفيها الخلاص ، عادت بعدها إلى بيت والدها وإلى دراستها ، دفنت تلك الذكريات بداخل قلبها وتظاهرت كأن شيئاً لم يكن ، لم تبكى ولم تنهار ولم تتحدث فى الامر ثانيةً ، 
وبعد عده اشهر من تلك الواقعه ظهر فريد مره اخرى فى حياتها ومن يومها لم يعط لأحد الفرصه للاقتراب منها والا لكان والدها أعاد الكره بضمير مرتاح . 

اعادها من رحله ذكرياتها صوت فريد يسألها مره اخرى بنفاذ صبر ، كانت تنظر إلى الفراغ بملامح جامده ثم بدءت تسرد عليه التفاصيل بنبره مرتعشه حاولت قدر الامكان تغليفها بثبات هش ، كان يستمع إلى ما مرت به دون اى رد فعل سوى ذلك العرق بجانب صدغه والذى كان على وشك الانفجار من شده غضبه ، انهت ذكر تفاصيلها وهى منقطعه الانفاس ، لقد قصت عليه كل ما حدث الا شئ واحد وهو انه لازالت عذراء ، لقد اجبرها على الزواج منه مثلما فعل ذلك الرجل الاخر دون أدنى اعتبار لرغبتها ، وهى إرادات الانتقام منه بطريقتها الخاصه.

انتفض من مجلسه بعدما انتهت هى من سرد ملابسات زيجتها  مكوراً يده ضاغطاً عليها بشده حتى ابيضت مفاصله ثم قال لها بنبره منخفضة :
-حياة سبينى لوحدى .. 
تحركت كجسد بلا روح حتى وقفت امامه وقالت ببرود مستفز :
-صعبه على كرامه فريد بيه صح ؟!! .. 

اجابها من بين اسنانه بنبره شديده الانخفاض قائلاً :
-حياة !! اطلعى على اوضتك .. 
تحركت ببطء نحو الباب لتخرج منه وما ان اغلقت الباب خلفها حتى سمعت صراخه وأصوات تكسير آتيه من الداخل .

*************

قضى ليلته بداخل غرفته الرياضيه ، مارس جميع انواع الرياضه حتى شعر ان جسده لا يقوى على حمله ولكن دون جدوى لازالت تقفز امام عقله صوره ذلك الرجل وهو يقوم بلمسها ، ان النار لازالت تستعر بداخله ليس من اجل زواجها فرفضها وكرهها لتلك الزيجه لا يحتاج توضيح ولكن ما يؤلمه هو عذابها وغيرته ، انه يغار عليها من نفسها فكيف بلمس رجل اخر لها !!! . 

تحرك بجسد مرهق وقلب مشتعل نحو غرفته ليأخذ دشاً بارداً عله يتسلل إلى داخل روحه فيطفأ لهيبها ، ارتدى ملابسه وتمدد على الفراش  منتظرا قدوم ضيف يعلم جيدا انه فى تلك الليله بالذات سيكون عزيزاً متمنعاً .

كان ينام بعين مفتوحه مثل اللصوص كما يقال ، فهى عاده عقيمه اكتسبها منذ طفولته عندما كان يرهف السمع ليتأكد من ميعاد رجوع والده ومن امان والدته ،  وبعد ذلك يبدو ان جهازه العصبى قرر معاقبته فلقد تطور الامر لديه حتى انه اصبح يستيقظ اذا مر احد ما من جوار غرفته 

انتفض من غفلته القصيره التى لا يعرف متى زارته على صوت صرخه مكتومه قادمه من غرفتها ، ركض مسرعاً نحو غرفتها وأشعل الضوء قبل ان يستأنف هرولته نحوها ، كانت تركل بقدمها وتمسح وجنتها بعنف واشمئزاز وهى تترجى شخص ما بيأس من بين شهقاتها ان يبتعد عنها ، لم يحتاج الامر منه إلى اى جهد ذهنى لمعرفه زائر حلمها او بالاصح كابوسها ، استند بركبتيه فوق الارضيه الخشبيه بجوار فراشها ثم قام بهزها برفق هامساً اسمها بحزن 

انتفضت من نومتها وهى تصرخ وتزيح يده ليبتعد عنها ، قفز فوق الفراش بجوارها وقام باحتضانها بين ذراعيه وهو يتمتم لها بحنو لتهدء :
-حياتى .. انتى بتحلمى مش اكتر .. مفيش حد هنا .. فتحى عينيك هتلاقى نفسك فى اوضتك ومفيش حد موجود .. فتحى عينيك يا عمرى .. ده كابوس وراح .. 

سكنت مقاومتها وبدءت تفتح عينيها بتوجس حتى تتأكد من صدق حديثه ، ابتعدت عنه قليلاً تتأمل الغرفه حولها ثم بدءت تمسح عنقها ووجنتها بأشمئزاز وهى تتمتم بتوسل وعيون متحجره :
-خلى لمسته تروح .. انا مش عايزه افتكرها .. انا قرفانه منها .. خليها تروح من هنا .. انا مش عايزه اشوفه تانى .. مش عايزه افتكره .. 

لاول مره ومنذ زمن طويل شعر بالعجز ثانيةً  ، لقد دفنه منذ سنوات طويله وها هو الان يخرج ليسخر منه فى أعز ما يملك ، مره اخرى ، كيف يستطيع محو تلك الذكريات من داخل رأسها 
لقد اصبح الان يعلم جيداً سبب انفجارها ليله الحفله ، وسبب غضبها من شربه ، واصبح أيضاً يعلم لماذا تنفجر غضباً عندما يقوم بلمس ذراعها او تقبيل وجنتيها 
 لقد أنقذه الموت من بين يديه ، هذا ما فكر بيه فريد غاضباً فلولا حُرمه الموت لكان انتقم حتى من جثته على ما فعله بها 

ازدرت حياة لعابها بصعوبه بالغه وهى تنظر إلى الفراغ وتمتم بنظره زجاجية خاليه :
-هو عمل كده عشان بيكرهنى .. انا عارفه انه عمره ما حبنى .. هو دايما كان شايف انى عار محتاج يخلص منه ويرمى مسئوليته على شخص تانى .. كل ده عشان هو مكنش عايز بنت .. مع انى عمرى ما زعلته او عملت حاجه غلط .. 
صمتت قليلاً وهزت رأسها عدت مرات رافضه ثم استطردت حديثها بألم :
-ايوه هو ده كان كل ذنبى انى اتولدت بنت .. 

كانت الكلمات تخرج من فمها كخناجر تستقر فى قلبه مباشرةً ، حاوط وجهها بكفيه ثم حدثها بصوت متحشرج :
-انا اسف انى مكنتش موجود .. انا اسف انى سبته يعمل فيكى كده .. انا اسف انى رجعت متأخر .. خلاص كل ده كان ماضى وراح .. من دلوقتى محدش هيقدر يقربلك او يأذيكى .. 

لم تكن تعلم كم كانت بحاجه إلى الامان الا بعدما سمعت تلك الكلمات من فمه ، لذلك وجدت نفسها دون وعى تدفن رأسها داخل صدره وتطلق العنان لسيل الدموع المحبوس داخل مقلتيها منذ عشرة سنوات ، شدد فريد من احتضان ذراعيه حولها كأنه يريد تخبأتها داخل ضلوعه ولا يخرجها مره اخرى لتسكن بأمان بداخله ، ظل يمسح على شعرها ويربت على ظهرها بحنان وهو يتمتم داخل اذنها بكلمات حانيه حتى هدئت بين ذراعيه وذهبت فى نوم عميق ، تحرك ليستلقى بها فوق الفراش وهو لايزال محتضنها بذراعيه وهى لازالت متمسكه بتيشرته الذى تبلل من كثره دموعها .

لم يغمض له جفن ما تبقى من الليل ، ظل يتأملها وهى متشبثه بِه كطفل صغير ومع ظهور اول خيوط للشمس حاول التحرك من جوارها فلديه زياره عاجله يجب عليه القيام بها حتى تخمد ناره قليلاً ولكنها اجفلت فى نومها بمجرد ابتعاده عنها وتمسكت اكتر بيديه فعاد مره اخرى لاحتضانها والتمتع بدفء جسدها حتى غالبه النوم . 

فى الصباح تململت بين ذراعيه فأستيقظ على الفور بمجرد تحركها داخل احضانه ، فتحت عينيها ببطء فأصطدمت بزوجين ناعستين من العسل المصفى ، اصبح الان يعلم مناطقه المحظوره لذلك مد يده فى ثقه يزيح بعض خصلات شعرها المتمرده من فوق جبهتها ، قالت ساخره من هيئتها بصوت متحشرج ناعم من اثر النعاس  :
-متتوقعش انى بقوم من النوم شعرى بيرفرف حوليا زى ابطال القصص والروايات .. 

لم يعقب على حديثها بل اخفض يده حتى أطراف شعرها وأسر بعض خصلاته داخل كفه ثم  قربها من انفه يستنشقه وهو مغمض العينين ثم قام بتقبيله بنعومه قبل ان يحرره من قبضته ، ارتبكت ملامحها من اثر فعلته فحاولت اخفاء خجلها بسؤاله :
-هتسلم عزه للبوليس ؟!.. 
اجابها بصوت أجش عميق :
-عشان خاطرك رغم انى مش موافق .. 

حركت عينيها بعيداً عنه وعندما إعادتها إليه مره اخرى كانت تحمل بداخلها سؤال لم ولن تفصح عنه ولكنه استشفه من بين جفونها بسهوله ، ففهم نظراتها بالنسبه له اسهل من قراءه كتاب مفتوح ، حرك ذراعه  يمسك كفها  بكفه فى حنو بالغ ثم قام بفرده برقه وبطء فوق موقع قلبه هامساً بحب :
-لو تعرفى فى قد ايه هنا حب ليكى هتفهمى ان ولا مليون جوازه قبلى تفرق معايا .. 

انهى جملته ثم اقترب منها يطبع قبله رقيقه فوق ارنبه انفها قبل ان يفلت يدها ويتحرك نحو غرفته  

اغمضت عينيها تستمع  بذلك الفراغ الداخلى الذى اصابها فجاة ، فمنذ سنوات طويله لم تشعر ان بداخلها فراغ مريح هكذا .

***************

ترجل فريد من سيارته وأغلق جاكيت بدلته وأشار لكبير حراسه بعدم اتباعه ، توقف امام منزل حياة قارعاً الجرس برأس مرفوع ، توقفت آمنه امامه بقلق متسائله بداخلها عن سبب تلك الزياره الغريبه فى الصباح الباكر ، دلف فريد إلى الداخل متحفزاً وهو ينظر إليها من علياءه ثم سألها بأحتقار :
-جوزك فين ؟!.. 

فتحت فمها لتجيبه ولكن اوقفها صوت زوجها يخرج من غرفته بمظهر مشعث ناعس ، نظر نحو فريد وهو يتثائب بقوه ثم قال بسخريه :
-نسيبك الباشا جاى يزورك من صباحيه ربنا .. 

هز فريد رأسه موافقاً عده مرات وهو يحرك يده ليفتح زر سترته ثم قال وهو يتقدم نحوه بنبره منخفضة :
-انت عارف ليه مدخلتش حد من الحرس معايا ؟!.. 
نظر والدها نحو ببلاهه يحاول حل تلك الاجحيه فاستطرد فريد حديثه قائلاً :
-عشان محدش ياخد حق مراتى غيرى ..

انهى جملته ورفع يده المتكوره وبدء يسدد لكمات متتالية فى وجه حتى صرعه أرضاً ، صرخت آمنه بتوسل وهى تحاول رفع جسد فريد من فوق جسد زوجها المتهالك أرضاً ولكن هيهات ، ظل فريد يلكمه وهو يتمتم بحنق :
-انت بتستغل عدم وجودى وتجوزها لواحد ****** ؟!.. 
انا تضحك عليا يوم كتب الكتاب وتفكر تستغفلنى !!.. 

التقط والدها انفاسه بصعوبه وهتف من بين اسنانه :
-هى بنت الك**** قالتلك .. 
هدر فريد به بعصبيه وهو يسدد اللكمات  لوجهه مره اخرى :
-متقولش عليها كده .. خساره انها بنتك .. انت متستاهلش بنت زيها .. انت راجل ***** .. 

ظل فريد يلكمه بغضب حتى خر فاقداً وعيه ، كانت آمنه تصرخ وتتوسل له ليتركه ولكن دون جدوى ، تحرك فريد من فوق جسده ينفض يده من اثر الدماء بعدما تأكد من فقدانه للوعى ثم استدار ليواجهه آمنه قائلاً بتهديد :
-انا صابر عليه عشانها .. بس اقسم بالله لو ضايقها او اتعرضلها بأى شكل لارميه فى السجن بقيه حياته ومش هيهمنى هو مين فاهمانى !!!! ..

هدر بكلمته الاخيره بعصبيته المعتاده مما جعلها تنتفض وتحرك رأسها موافقه دون حديث ، خرج فريد صافقاً الباب خلفه تاركاً آمنه تحاول إفاقته بكل الطرق الممكنه .

************

لم يعد فريد فى ذلك اليوم الا فى المساء ، سلم كلاً من مدبره منزله والرجلين للمخفر ثم بعدها تشاركا وجبه العشاء فى صمت ، كان يجلس عابساً كأنه فى عالم اخر ، استغربت حياة من تغيره منذ الصباح وحاولت فتح فمها اكتر مره لتسأله عما به ولكن كان يموت السؤال فوق شفتيها ، فكرت بضيق ايعقل انه ندم على تنفيذ رغبتها ؟!، 
انهى وجبته وانسحب على الفور نحو غرفه مكتبه دون تبرير ، شاركت حياة مساعده السيده عفاف فى المطبخ فبعدما سلم فريد عزه للمخفر ارتمى الحمل بأكمله على كاهل تلك السيده المسنه فتطوعت حياة لمساعدتها فى بعض الامور حتى وصول مدبره جديده 

 بعد التاسعه مساءاً كانت حياة تجلس فى غرفه المعيشه بعدما انسحبت عفاف إلى مخدعها ، قُرع جرس المنزل فتوجهت حياة بنفسها لتفتحه ، وجدت امام الباب سيده مسنه تجاوزت السبعين من العمر على اقل تقدير ، ابتسمت لها العجوز ثم سالتها بحنان :
-حياة صح ؟!.. 
ابتسمت لها حياة فى المقابل ثم سألتها بأدب :
-ايوه صح بس حضرتك مين ؟!.. 
اجابتها الجديده بنبره مراوغه :
-فكرى كده شويه .. انا عارفه ان ملامحى اتغيرت وانتى كنتى صغيره بس معقول تنسى كلمه حيوى من لسانى ؟!.. 

صرخت حياة بفرح وهى ترمى نفسها بداخل أحضانها قائله بسعاده :
-تيتا سعاااااد .. انا اسفه معرفتكيش .. نورتى البيت والمكان كله .. 
ربتت السيده سعاد فوق ظهرها بحنو وهى تتمتم بشوق :
-وحشتينى يا حياة .. ياه انتوا الاتنين من ريحه الغاليه ..

ابتعدت حياة عن حضنها ثم اخذت بيدها وهى تمتم بأحترام :
-يا تيتا لسه واقفه .. اتفضلى ادخلى ..
انهت جملتها وهى تسحبها للداخل ، ظهر من خلفها الحارس حاملاً حقيبه السفر فطلبت منه حياة بوضعها فى الداخل ثم اغلقت الباب وهى لازالت تحتضن يدها ، خرج فريد على مصدر الصوت وسار فى اتجاههم حتى توقف امامهم بجسد متصلب ، وضع كلتا يديه داخل رداء بنطاله ثم تحدث بنبره جافه متسائلاً ونظره مسلط فوق جدته :
-جيتى ليه مكنش له داع .. 

شهقت حياة بصدمه من طريقته الفظه فى التعامل مع جدته ولكنها اثرت الصمت ، اجابته ام والدته فى عتاب واضح :
-جيت بيت ابن بنتى يا فريد ولا عندك كمان مانع ؟!... 

هز كتفيه بعدم مبالاه ثم استدار بجسده عائداً بإدراجه نحو مكتبه الذى اختفى به ثانيه ، شعرت حياة بالحزن والغضب من معاملته الجافه مع جدته والده والدته ، ولكنها سرعان ما استعادت مرحها واحتضنتها قائله بترحيب :
-نورتينا يا تيتا .. تعالى بقى نقعد هنا واحكيلى عن كل السنين اللى فاتت دى ..

نظرت السيده سعاد نحوها بشوق ثم رفعت كفها تمسد شعر حياة وهى تقول بحزن :
-اه يا حياة لو تعرفى رحاب كانت بتحبك قد ايه ؟!.. انتى وفريد كنتوا عندها واحد ..
اغرورقت عيون حياة بالدموع وأخفضت نظرها تقول بصوت متحشرج :
-وانا كنت بحبها اكتر من امى .. ربنا يرحمها يارب .. 

آمنت السيده سعاد على دعائها ثم تحركا نحو الداخل .

قضت كلاً من حياة والسيدة سعاد أمسيتهم فى تحرى اخبار كل واحده الاخرى فشعرت حياة بالدفء يملاً قلبها ، شعرت انها عادت طفله من جديد عندما كانت عائله فريد هى عائلتها أيضاً التى  تمنحها الدفء والحنان فتعوضها عن جفاء والدها وعائلتها ، عند حلول المساء تقريباً بدءت السيده سعاد فى التثائب ثم طلبت من حياة بأرهاق :
-حياة يا بنتى تعالى طلعينى فوق ارتاح الا طريق السفر كان طويل عليا ..

نفذت حياة على الفور وفى الدقائق التاليه كانت تقف امام الغرفه المخصصه لزيارتها فى الطابق العلوى وجانب غرفتها ، اندفعت حياة تسألها بتهور :
-تيتا لو حضرتك تحبى تقضى الليله معايا معنديش مانع ..

سألتها الجدده سعاد مستنكره :
-ليه يا بنتى ؟! انتى مش بتنامى مع جوزك ؟!.. 

عضت حياة على شفتيها ولعنت غبائها بصمت ، بماذا تجيب الان ؟! لن تخدع تلك العجوز الرائعه بقول الاكاذيب لذلك اثرت الصمت ودلفت داخل غرفتها دون رد .

*************

فى الصباح الباكر دلفت السيده سعاد إلى المطبخ وجلست بعدما رحبت بها عفاف ، سألتها السيده سعاد بترقب :
-ها يا عفاف فى جديد ؟؟.. 

اجابتها عفاف بهمس وهى مسلطه نظرها فوق الباب تراقبه :
-مفيش .. من ساعه ما اتجوزوا وكل واحد فى اوضه زى ما قلتلك .. هما فاكرين ان محدش واخد باله .. 
صمتت قليلاً ثم اضافت بحزن :
-حتى اللى تتجحم عزه دى لما لاحظت كده حاولت تبوظ الدنيا وتأذى حياة بس الحمدلله فريد بيه لحقها .. 

هزت السيده سعاد رأسها بأحباط ثم تمتمت بصوت خفيض قائله :
-كله يتحل ان شاء الله .. المهم فريد صحى ؟!.. 
اجابتها عفاف بحزن :
-مانتى عارفه اليوم ده بيعدى عليه ازاى !! مبينامش اصلاً .. تلاقيه فى المكتب من بدرى .. 

هزت السيده سعاد رأسها بحزن ثم تحركت نحو الخارج دون اضافه . 

انتهت حياة من ارتداء ملابسها وتمشيط شعرها وهمت بالخروج عندما اوقفها طرق خفيف فوق باب غرفتها ، تحركت نحو الباب تفتحه فتفاجئت بجده فريد تقف امامها بحزن ، استقبلتها بابتسامه واسعه وطلبت منها الدخول ، دلفت الجده سعاد تتفحص الغرفه جيداً ثم جلست بأرهاق فوق المقعد الوثير الموضوع بداخل الغرفه ، نظرت إلى حياة مطولاً ثم طلبت منها الجلوس ، جلست حياة بترقب فقد ظنت انها سوف تسألها على سبب انفصال غرفهم ولكنها باغتتها بسؤال اخر مستفسره بحزن :
- حياة عارفه النهارده ايه ؟!.. 

اجابتها حياة بقلق نافيه :
-لا يا تيتا .. هو النهارده ايه ؟!.
اجابتها الجده بعيون لامعه بالدموع :
-النهارده ٨ نوفمبر ..

شهقت حياة حزن وهى تضع كفها فوق فمها ثم تمتمت بخفوت :
-النهارده سنويه ماما رحاب !!! ..

هزت الجده رأسها بأسى ثم استطردت حديثها بغصه قائله :
-عرفتى ليه فريد قابلنى كده امبارح ؟!.. كل سنه باجى بقول يمكن أخفف عنه يوم زى ده وكل سنه بيرفض ان حد يشاركه حزنه .
تنهدت بألم ثم أردفت حديثها قائله :
-عارفه يا حياة رحاب ماتت ازاى ؟!..
اجابتها حياة بنبره حزينه :
-ماما رحاب ماتت بسكته قلببه الله يرحمها ..

حركت السيده سعاد رأسها نافيه ثم اضافت مفسره :
-اه رحاب ماتت بالسكته القلبيه بس على ايد غريب وقدام عيون فريد .. 

شهقت حياة بصدمه واخفت فمها بكفها وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها ، استطردت السيده سعاد ذكرياتها وهى تنظر إلى نقطه ما فوق كتف حياة كأنها ترى الذكريات امامها :
-كان فريد عنده ١٢ سنه .. وفى يوم زى ما كان غريب بيضرب رحاب كعادته اخد منها الدوا بتاعها ونزل فيها ضرب لحد ما قلبها وقف ومرضاش يجبلها دكتور او يسعفها .. فريد شاف وحضر كل ده .. ولما وصلت الصبح على الخبر حكالى وكان مرعوب من تهديد غريب ليه .. بس غريب الله يسامحه وقف بكل قوته قدام كلامى وكلام فريد وهو طفل صغير وعرف بنفوذه وقتها يدارى على الحكايه كلها وادفنت رحاب بتقرير طب شرعى ان سبب الوفاه طبيعى .. 

استمعت حياة إلى حديث جدته ودموعها تفيض من داخل عينيها حزناً على ما لقاه فريد فى صغره وبمفرده ، اكملت الجدده سعاد حديثها الموجه لحياة مستفسره :
-انتى فكرك ان الموضوع خلص على كده .. ياريت كنت قلت خلاص امانه ورجعتله  وربنا عوضنى بأبنها أربيه واخده فى حضنى .. بس غريب رفض وانا على قدى مليش لا حول ولا قوه وعرف ياخد منى فريد بسهوله .. وراح يعيش معاه فى بيت جيهان اللى كانت بتكره فريد كره العمى وبتحاول تخلص منه بأى طريقه ممكنه .. لحد ما وصل بيها الامر انها كانت بتحط لفريد فى الاكل دوا يسببله ضمور فى عضلات القلب عشان يحصل رحاب .. 

انتفضت حياة من مجلسها غير قادره على استيعاب ما يقال لها الان ، أردفت السيده سعاد مكمله حديثها :
-بعد ما رحاب ماتت فريد صمم يلعب كل ألعاب  الدفاع عن النفس وكان بيموت نفسه فى التمارين .. هو كان فاكر ان محدش فاهم هو بيعمل كده ليه . بس انا كنت عارفه انه بيعمل كده عشان يحمى نفسه .. وفى يوم طلبوا منه يعمل تحاليل روتينيه فاكتشفوا الدوا فى دمه .. الحمدلله لحقوه وغريب ساعتها كان اضعف من انه ياخد موقف من جيهان ففضل انه ببعد ابنه عنها .. بحجه التعليم والعلاج سفره فرنسا ورماه هناك فى مدرسه داخليه لوحده من غير اب ولا ام ومرجعهوش غير وهو عنده ٢٢ سنه .. بعدها فريد رجع بالشكل اللى انتى شايفاه ده .. كل احواله مقلوبه وجواه غضب يمحى الدنيا كلها .. لا بيعمل حساب لحد ولا بيهمه حد .. ولا بيشفق على حد .. وعلى قد ما بتقهر على حاله على قد ما بعذره من اللى شافه .. على قد ما بدعى ربنا يريح قلبه ويرجع فريد بتاع زمان .. 

ارتمت حياة فوق الفراش بذهول ، يالله ، اللعنه عليها وعلى غبائها .. لم يتركها بأرادته ، ولم يتخلى عنها ، ولم ينتهى الامر على ذلك بل عانى اكثر منها ، لقد حاولت زوجه والده تسميمه وهو طفل صغير  ، شعرت بقلبها يتمزق حزناً وألماً عليه ، أخفت وجهها داخل كفيها واخذت تبكى بصمت على ما حل برفيق عمرها ، تحركت السيده سعاد من مقعدها وربتت على كتف حياة بحنان قبل ان تتركها وتذهب .

***********

ظلت حياة طوال يومها تتحرك بتوتر محاوله رؤيته او الاطمئنان عليه ولكنه ظل حبيساً غرفه مكتبه دون خروج ، فى المساء قررت رؤيته وليحدث ما يحدث لها  ، وقفت امام المكتب وزفرت عده مرات مشجعه نفسها ثم أدارت مقبض باب مكتبه ودلفت للداخل بعدما اغلقت الباب خلفها مره اخرى ، كان الظلام يعم الغرفه لذلك انتظرت قليلاً حتى اعتادت عينيها على الظلام ثم تحركت فى اتجاهه عندما لمحته يجلس بحزن فوق الارضيه سانداً رأسه وظهره فوق الحائط خلفه وواضعاً كلتا ذراعيه فوق ركبتيه ، تحركت تجلس بجواره بهدوء واتخذت نفس وضعيته ، ظل الصمت سيد الموقف حتى استجمعت حياة شجاعتها وتحدثت بتوجس محاوله فتح حديث معه :
-تيتا سعاد قالتلى انك مش بتحب حد يكون معاك بس انت عارف كويس انا مش بعرف اسمع كلام حد .. 

لم يصدر منه اى رد فعل حتى ولو بسيط كأنها تتحدث إلى جماد ،حسناً هدا ما كانت تتوقعه فهو فى العادى قليل الكلام ، فكيف بتلك الليله !! ، بلعت لعابها بقوه ثم استطردت حديثها وهى تدير رأسها فى اتجاهه تنظر إليه قائله بصوت خفيض :
-انت عارف ليه انا طلبت منك تسلم عزه للبوليس ومتتعاملش معاها انت ؟!.. 

استطاعت جذب انتباهه ، فحرك رأسه جانباً ببطء لينظر إليها بصمت ، تحركت فى جلستها حتى اصبحت تقابله وشبكت قدميها معاً ثم اضافت وهى ترفع ذراعها تحتضن بكفها كفه الممدودة فوق ركبته قائله :
-عشان ماما رحاب .. 

رفع احدى حاجبيه ينظر إليها بأستنكار ، هزت رأسها له عده مرات موافقه ثم أردفت قائله بحنان :
-ايوه عشان ماما رحاب .. عشان انا عارفه ومتأكده انها لو كانت عايشه مكنتش هتحب انك تضيع وقتك ولا تتعب قلبك فى الانتقام ، واكيد هى دلوقتى حاسه بيك وفخوره باللى انت عملته حتى لو كان حاجه بسيطه اكيد هى فرحانه زى مانا كمان فرحت .. 

نظر لها مطولاً بأندهاش ثم تحرك فجأة يحيط عنقها بكفه ليدنيها منه وفى اللحظه التاليه التهم شفتيها بين شفتيه فى قبله متطلبه ، اتسعت حدقتى حياة بدهشه فقد باغتها على حين غره منها ورفعت كفيها التى استقرت فوق صدره لتدفعه قبل ان تسقط مقاومتها من نعومه وشغف قبلته .
حرر فريد شفتيها من بين شفتيه ببطء وابتعد عنها قليلاً حتى يتسنى له رؤيتها وهو يلهث بقوه ، زاغت عيونها وارتبكت نظراتها ولم تدرى ما الذى يجب عليها فعله فهو شعور لم تختبره فى حياتها من قبل ، كانت هناك لمحه من فريد القديم تطل من داخل عينيه هى التى كبلتها ومنعتها من التحرك ، اغمضت عينيها لبرهه وعضت على شفتيها فى محاوله منها لإيجاد مقاومتها المسلوبه ، ثم دفعته بكفيها المرتعشتين وركضت نحو الخارج ، ركضت دون توقف حتى وصلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها واستندت بجسدها عليه ، وضعت كفها فوق قلبها لتهدء تلك الخفقات المتسارعة التى اصابته ، كيف حدث هذا ، عنفها عقلها بقوه ، كيف سمحت له ، وجدت يدها ترتفع تلقائياً نحو شفتيها تتلمسها بحذر ، اغمضت عينيها تتذكر تلك القبله ومدى روعتها لقد كانت ناعمه ومتطلبه بشكل يخطف الانفاس ، هذا ما برره قلبها ، هزت رأسها بقوه لنفض تلك الافكار من داخل راسها ، وتحركت لتبدل ملابسها وتستلقى فوق الفراش محدقه فى سقف الغرفه ، ظل عقلها وقلبها فى صراع طيله الليل ، بداخلها تمنت لو عادت تجربه ذلك الشعور المثالى مره اخرى وعقلها أعاد ارتباك قلبها بسبب وسامته وقوته فهو فى النهايه يعتبر مكتمل الرجوله حتى لو رفض هو الاعتراف بذلك علنياً .

***********

قضت حياة اليوم التالى بأكمله وهى تتهرب منه ، حاولت بقدر الامكان عدم رؤيته او الاحتكاك به وعندما كانت تشاركهم وجبات الطعام وهذا فقط من اجل الجده سعاد ، كانت تهرب بنظراتها منه قدر المستطاع ، الامر الذى استمتع به فريد كثيراً ، كان يتطلع إلى ارتباكها وهروب نظراتها بعيداً عن عينيه بسعادة ، كم اراد قربها واختبار ذلك الشعور مره اخرى . 

اما عن حياة فأنتهزت فرصه وجود الجده سعاد داخل المنزل واستولت على المطبخ ، فى الحقيقه بعد معرفتها بمحاوله زوجه والده لتسميمه إلى جانب اصابتها هى شخصياً تمنت  لو تتولى هى مهمه إعداد الطعام لضمان سلامته ولكن الجده سعاد طمأنتها انها تستطيع الثقه فى عفاف كثقتها بها شخصياً فوافقت حياة مجبره وبداخلها تنتوى تولى تلك المهمه كلما سنحت لها الفرصه  . 

**************

فى تلك الليله عاد فريد من مكتبه باكراً فوجدها تحتل المطبخ بجانب جدته وأصوات مرحهم تملئ المنزل ، تناول عشاءه وتوجه مباشرةً نحو مكتبه فيبدو ان لديه الكثير من العمل المتراكم ، هذا ما فسرت به حباة انسحابه عندما سألتها الجده عن سبب غيابه . 

بعد حوالى الساعتين خرج فريد من غرفه مكتبه وهو يتمطى بأرهاق متسلقاً اولى درجات الدرج ومنه إلى غرفته لتبديل ملابسه والدخول لغرفه الرياضه عندما سمع صوت ضحكاتها تدوى بسعاده آتيه من داخل المطبخ ، أستدر بجسده وعاد ادراجه متوجهاً نحو المطبخ لرؤيتها فهو على استعداد لدفع الكثير ليسمع او يرى تلك الضحكات موجهه إليه ، وصل إلى المطبخ واستند بجسده على حافه مدخله  يتأملها وهى جالسه فوق الطاوله تضع علبه من الشيكولاته بين فخذيها وتتتناول منها بسعاده ، لمحته جدته اولاً فتنحنح ثم سألها  بجديه ملعناً عن وجوده :
 -انتو بتعملوا ايه كل ده ؟!.. 

ارتبكت حياة من سماع صوته الرخيم ولكنها قررت تجاهل وجوده والتصرف كأنها لا تراه ، اجابته جدته بسعاده قائله :
-حياة صممت نعمل كيكه شيكولاته قبل ما ننام .. حظك حلو جيت فى وقتك عشان تاكل منها .. 

نست حياة ارتباكها وقرارها واندفعت تجيب الجده سعاد  قائله :
-فريد مش بياكل الاكل بتاعنا ده يا تيتا ريحى نفسك .. 

حك فروه رأسه بمرح ثم حركها موافقاً على حديثها وهو يعتدل فى وقفته ثم بدء يتقدم منها ببطء ، لاحظت السيده سعاد ارتباك نظراتهم فأثرت الانسحاب بهدوء بحجه البحث عن هاتفها المحمول 
اقترب فريد من الطاوله الجالسه عليها واستند بكفيه ماداً  ذراعيه بجوارها كأنها يحاصرها ثم انحنى بجسده نحوها فأصبح فى نفس مستواها وعلى بعد خطوه واحده منها ، سألها بصوت أجش مستفسراً:
-كنتى بتقولى ايه ؟!.. 
شعرت حياة فجأه بارتفاع درجه حراره المطبخ من حولها وأرجعت ذلك للفرن المشتعل ، فكرت بالقفز من فوق الطاوله والهرب ولكن ذراعيه الممدوان على جانبيها سيعيقان تحركها لذلك اجابته بتعلثم قائله : 
-انت .. دادا عفاف .. يعنى انت .. 
قال فريد ليحثها على التحدث وهو يقترب اكثر من وجهها هامساً :
-اها انا .. 
ابتلعت لعابها بقوه ثم استطردت قائله بصوت خفيض:
-قصدى يعنى ان دادا عفاف قالتلى انك مش بتاكل اى حاجه من دى ..
 اجابها فريد بصوت أجش قائلاً بمرح :
-انا فعلا مش باكل غير الاكل الصحى بس الشيكولاته دى مغريه بشكل يخلينى مقدرش ارفضها .. 

انهى جملته وامال رأسه نحو الملعقه المملوءة بمعجون الشيكولاته والتى كانت حياة ترفعها نحو فمها وتوقفت عن إكمال فعلتها منذ حاصر جسدها بذراعيه ليلعق بعض من الشيكولا منها ، تسمرت بذهول وفتحت فمها فى ببلاهه وهى تنظر إليه حركته بأندهاش ، ابتسم لها ابتسامه مستمتعه وهو يرى حاله الذهول التى انتابتها فأضاف هامساً وهو يقترب منها :
-بس الشيكولاته اللى هنا احلى بكتييير ..

انهى جملته واقترب بشفتيه يلعق ببطء شفتها السفلى والشيكولاته العالقه فوقها ، ارتبكت حياة وافلتت الملعقه المليئه بمعجون الشيكولا فوق فتحه عنقها وملابسها ، ابتعد عنها على ببطء ثم قال مازحاً بأيحاء وهو ينظر إلى عنقها :
- المره الجايه خلى بالك عشان انا ممكن الحس الشيكولاته من اى حته ..

انهى جملته ثم انصرف بعد ان غمز لها بعينه ، تاركها متسعه العينين تنظر بذهول وبلاهه من فعلته الجريئة  . 

************ 

خلال الايام التاليه كل ما كان يشغل تفكير فريد هو مساعده الشرطه للوصول إلى تلك المدعوه سيرين التى بدت بالنسبه لهم كالأشباح ، ففعلياً بعد التحرى الدقيق من جهته شخصيا وجد ان هذا الاسم برقم الهاتف يعود إلى سيده متوفيه ولكنه اقسم بأنه سيصل إليها مهما كلفه الامر ، اما عن نجوى فكانت تشتعل غيظاً من فشل مخططها حتى انها لم تستطع اصابه حياة بأى اذى ولو بسيط إلى جانب أيشاء ذلك الوغد المسمى سيد بها ، بالطبع استطاعت معرفه ذلك من خلال بعض الرشاوى التى قامت بتقديمها لبعض الرجال من داخل الحبس وحمدت ربها كثيراً انها استطاعت التخفى جيداً فلازال فى جبعتها الكثير من الامور لفعلها والتخلص من حياة . 

*************

عادت نيرمين من الخارج ليلاً فوجدت والدتها لازالت تجلس فى غرفه المعيشه بجمود ، اقتربت منها تطبع قبله فوق وجنتها وتحتضن رقبتها بقوه وهى تتمتم بمرح :
-ايه يا جيجى القمر لسه زعلان ؟!.. 
اجابتها جيهان بحنق :
-سبينى يا نيرو انتى مش حاسه بحاجه ..

صمتت قليلاً ثم اضافت بغل وعينيها تطلق شرراً قائله :
-اه يا نارى .. انا ابن الخدامه ده يجى ويعمل كده فيا وفى بيتى كمان !! لا والانيل ان ابوكى ولا عرف ينطق قصاده ..

عادت تستند بجسدها إلى ظهر الكتبه الوثيره وتضع ساق فوق الاخرى قائله بتوعد :
-بس هيروح منى فين .. مبقاش جيهان السكرى لو مدفعتهوش التمن غالى هو وحته الخدامه اللى متجوزها دى .. اه بس لو اعررف مين اللى عمل فيها كده كنت ارتحت .. 
اجابتها ابنتها قائله بتفكير :
-يا مامى مش مهم مين اللى عمل كده .. المهم نشوف هنخلص منهم ازاى سوا .. 
اتسعت عينى جيهان بمكر وهى تتمتم بنبره منخفضة :
-لازم حد يساعدنا ويكون قريب منها عشان نخلص منها مره واحده .. 
سألتها نيرمين بترقب وحماس :
-قصدك مين يا مامى ؟!!.. 
اجابتها جيهان وهى تحرك رأسها بتصميم :
-هتعرفى بس بعدين .. والمهم نخطط بهدوء وروووواقه عشان الضربه تيجى صح . 

**********

رحلت الجده سعاد عائده إلى منزلها مره اخرى بعدما وعدت حياة التى حزنت كثيراً لذهابها بزيارتهم فى القريب ، وفى المساء وبينما كان فريد جالساً فى مكتبه كعادته كل ليله اندفعت حياة بعصبيه داخل المكتب دون استئذان وأغلقت الباب خلفها ووقفت امامه تسأله بغضب وقد عقدت ذراعيها فوق صدرها فى وضع استعداد سائله بحده :
-انت رحت عند بابا وماما !!!!... 
تحرك فريد من مقعده حتى وقف امامها ثم زم شفتيه معاً للأمام وهى يحرك كتفيه بعد اهتمام قائلاً ببرود :
-اها .. 

زفرت بغضب من رد فعله الامبالى ثم سألته بعصبيه :
-ومين قالك تعمل كده ؟!.. 
أغضبه عصبيها ورد فعلها وهو قد فعل ذلك من اجلها فاجابها بنبره حاده جعلتها تتراجع قليلاً :
-حيااااااة !!! وانا من امتى بستنى حد يقولى اعمل ايه .. 
ابتلعت ريقها وقالت بنبره مرتبكه :
-انت عارف قصدى كوووويس .. انا مكنتش عايزه كده !!..
اجابها فريد بأستفزاز :
-وانا مكنتش هخليه يعدى باللى عمله ده واحمدى ربنا عشان انا اعتبر معلمتش فيه حاجه .. 
اجابته بنبره حاده يائسه :
-فريد مينفعش برضه ده ف الاخر بابا !!! ..
هدر بها محذراً بنبره ارعبتها  :
-حياة مش عايز كلام فى الموضوع ده كتير .. 
تمتمت  بحنق وهى تنظر نحوه قائله :
-وانا مش تحت امرك على فكره عشان تسكتنى وقت ما تحب .. 
هدر بها بعصبيه وهو يضغط على شفتيه بقوه :
-حيااااااااااة !!!! .. 

تراجعت عن الحديث ثم اخذت تتمتم بحنق قائله بصوت خفيض 
-مغرور ومستبد وانسان مستفز على فكره.. 
نظر لها مطولاً ثم اجابها ببرود لآثاره حنقها :
-حظك وهو ده اللى عندى .. 
تحرك بجسده نحو الباب بعد انتهاء جملته ثم قال بنفاذ صبر وجمود : 
-يلا اتفضلى على اوضتك .. 

 رفعت رأسها بكبرياء ثم اجابته بنبره حاولت اخراجها قدر الامكان ثابته :
-مش هطلع انا هاخد روايه اقعد اقراها هنا .. 
تبدل مزاجه على الفور ورفع حاجبه ينظر إليها محاولاً كتم ضحكته من تمردها الطفولى ثم اجابها بنبره جامده :
-براحتك .. بس اعملى حسابك متناميش هنا عشان مش ناوى اشيلك اتفقنا !!.. 

ضربت قدمها بالأرض من شده الغيظ ثم اجابته بحنق قائله :
-محدش قالك تشيلنى على فكره .. وبعدين انا افضل يحضنى قطر عنك .. 

رفع احدى حاجبيه بأستنكار ثم استدار بجسده يتقدم منها حتى توقف امامها وانحنى بجزعه نحوها فأصبح وجهها على بعد حركه واحده منه ، ثبت نظره فوق فمها ثم مال برأسه جانباً وهو يحرك شفتيه بالقرب من شفتيها حتى كادت تلامسهما، انفرجت شفتيها فى حركه تلقائيه منها واسبلت عينيها وهى تراه بذلك القرب منها ، تحولت النظره فى عينيه إلى ابتسامه عابثه ثم قال لها بنبره هامسه مثيره :
-متخافيش ومتتحمسيش مش هشيلك حتى لو طلبتى .. 

عادت إلى وعيها فور سماعها لجملته ورفعت نظرها تنظر إليه بصدمه ممزوجه بغضب اما عنه هو فابتعد عنها وعلى شفتيه ابتسامه عريضه من الرضا ، مسحت حياة شعرها وجهها بكفيها ونفضت راسها يميناً ويساراً ثم اتجهت نحو احد الرفوف تلتقط منه احد المجلدات بعصبيه وهى تتوعد له .

***************

امتلئت السماء بالغيوم وبدء الرعد يدوى فى الخارج  ، خرج فريد بعد الانتهاء من تمارينه الرياضيه وهو يتسائل بقلق هل لازالت تخشى صوت الرعد  ام انه مجرد رعب طفولى قديم انتهى مع مرور الوقت ، اتجه نحو غرفه مكتبه وهو على يقين انها ستعانده وقد كان ، كان ضوء الغرفه الخافت يتسلل من عُقب الباب فعلم انها لازالت بالداخل ، دلف الغرفه فوجدها غافيه فوق الاريكه وجسدها مقابل لها و ذلك الكتاب الذى كانت تقرأه ملقى فوق عنقها ومقدمه صدرها بعشوائية ، يبدو انها سيحسد تلك الكتب كثيراً بعد ،  هذا مافكر به بسخريه وهو ينحنى بجزعه نحوها ويضع ذراعيه أسفل ركبتيها ليرفعها بخفه إلى داخل احضانه ، تململت هى فى نومتها واستدارت تواجهه وتشبك ذراعيها حول عنقه بقوه لتتمسك به ثم تمتمت بنبره ناعسه وهى تحك انفها داخل تجويف عنقه :
-انا لسه متعصبه منك .. 

رفع حاجبه بأندهاش من جملتها ثم احنى رأسه قليلاً ليرى وجهها فوجدها لازالت مغمضه العينين ، اجابها بأستمتاع قائلاً :
-عارف .. 
استطردت حديثها قائله بنبره طفوليه معاتبه :
-انت اتعصبت عليا على فكره .. 

ابتسم داخلياً وقد تذكر طفولتهم عندما كانت تقوم بشئ ما خاطئ ويعنفها من اجله كانت تتركه وتركض بعيداً عنه ثم بعد قليل تعود لتجلس بجواره وتشتكى له من معاملته الحاده معها  ، اذا طفلته قد عادت لتصرفاتها القديمه ، رفع ذراعيه ليضمها اكثر نحو صدره ثم زفر بأستسلام قائلاً بيأس :
-حياة .. عنادك ده هيجننى فى يوم .. 

اجابته بنبره طفوليه مجادله :
-انا مش عناديه انت اللى مش بتسمع غير لنفسك وبتحب تعمل اللى فى دماغك وبس .. 

توقف عن السير ورفع كلتا حاجبيه معناً بأستنكار وقد تشنجت ملامحه بحنق ثم حدثها آمراً مغيراً مجرى الحديث :
-افتحى الباب .. 
فى بدء الامر لم تستوعب طلبه لذلك فتحت عينيها لتنظر  حولها فتفاجئت به قد وصل إلى غرفتها دون ان تشعر بذلك ، مدت كفها تدير مقبض الباب ثم قام هو بدفعه بقدمه قبل  توجهه بها نحو الفراش ليضعها على حافته  ثم انحنى مستنداً بركبه واحده فوق الارضيه يحل بصمت رباط حذائها ويخلعه، تنهدت هى بحزن حقيقى ثم أردفت قائله بأحباط :
-مكنتش عايزاه يكرهنى اكتر .. 

توقفت يده عن العمل ثم رفع رأسه ينظر إليها بصدمه فقد فاجئه شعورها واحزنه إحباطها ، تنهد بضيق ثم مد أصابعه يتلمس جبينها بحنو ويزيح بعض الخصلات من فوقه ثم اجابها بصوت رخيم هادئ :
-لو كرهك صدقينى دى مشكلته هو وهو الخسران .. 

هزت رأسها ببطء موافقه كأنها كانت تنتظر سماع تلك الكلمات لتطمئنها ، فى ذلك الوقت دوى صوت الرعد مره اخرى فأجفل جسدها وتمسكت يدها بياقه قميصه ، تمتم لها هامساً ليطمئنها :
-هششش متخافيش انا هنا ..

عضت على شفتيها وإجابته كاذبه متظاهره بالشجاعه :
-مش خايفه  انا بس اتخضيت ..
التوى جانب فمه بأبتسامه جانبيه  فهو يعلم جيداً ومنذ الصغر مدى رعبها من صوت الرعد ولكنها تعاند امامه ، اجابها بسخريه ليستفزها قائلاً :
-طب سيبى التيشرت عشان اقوم .. 

اتسعت حدقتيها بصدمه وافلتت يدها مسرعه بأرتباك قائله :
-مكنتش مسكاها قصد على فكره !!.. 

فتح فمه ليجيبها ولكن أوقفه صوت الرعد الذى دوى مره اخرى بقوه اكبر من المره السابقه فانتفضت من نومتها وهى تصرخ برعب وتتعلق بعنقه ، دوت ضحكته عالياً ثم قال لها هامساً باستسلام :
-تعالى .. 
انهى آمره  واستلقى فوق الفراش بجوارها يحيط خصرها بذراعه ويجرها نحوه ، رفعت نظرها تنظر إليه فقاطع نظرتها متوسلاً بأرهاق وبنبرة خفيضه للغايه :
-حياااة .. انا تعبت وعايز انام كفايه مجادله النهارده .. 

هزت رأسها طائعه بصمت ، ابتسم لها مطولاً ثم اقترب منها وطبع قبله حانيه فوق جبهتها ثم اخفض راسه ببطء وطبع واحده اخرى فوق ارنبه انفها واخيراً قبله خاطفه ناعمه فوق شفتيها ثم تمتم لها هامساً :
-تصبحى على خير وفى حضنى .. 
اجابته هامسه وهى مغمضه العينين قبل ان تذهب فى نوم عميق داخل احضانه
-وانت من اهله . 

فى الصباح استيقظت حياة فوجدت الفراش بجوارها بارد ، تحركت إلى الاسفل بعدما اغتسلت وارتدت ملابسها تسأل عفاف بأهتمام :
-دادا هو فريد فين ؟!.. 
اجابتها عفاف بأنشغال :
-فريد بيه اتحرك من الصبح وقالى لو حضرتك سالتى عنه اقولك انه خرج .. 

هزت رأسها موافقه فاستطردت عفاف متسائله :
-تحبى احضرلك الفطار هنا ولا فى السفره .. 
اجابتها حياة باحباط قائله :
-اى حاجه يا دادا مش فارقه .. 
تناولت حياة فطورها وانقضى يومها دون اى فعل يذكر لذلك شعرت لاول مره بأفتقداها لوجوده داخل المنزل ، فى المساء عاد فريد إلى المنزل وتوجهه مباشرةً نحو غرفه مكتبه دون تبديل ثيابه طالباً منها تناول العشاء بمفردها فلديه الكثير من العمل المتراكم خصوصا مع اقتراب نهايه العام ، عادت حياة إدارجها مره اخرى حيث المطبخ لتناول وجبتها بمفردها ، حينها رن جرس الهاتف الداخلى للفيلا الموجود داخل المطبخ أجابت عفاف على الحارس الأمنى ثم أردفت  بحماس قائله :
-ايوه طبعا دخلها انت لسه هتسأل !!.. 

سألتها حياة بفضول قائله :
-فى حاجه يا داد ؟!.. 
اجابتها عفاف وهى تتجه نحو الاستقبال :
-دى الانسه جميله بنت عم فريد بيه وصلت دلوقتى من إنجلترا ..

اكملت عفاف حديثها وهى على عتبه المطبخ قائله باستعجال :
-هروح ادى خبر لفريد بيه واستقبلها .. 

اومأت حياة رأسها لها موافقه وتحركت فى اثرها تمسح يدها وفمها وتستعد هى الاخرى لاستقبالها ، كانت فى طريقها للخارج عندما سمعت صوت صراخ انثوى ناعم ينطق اسم فريد بدلال ، تقدمت مسرعه فوجدت فريد يحتضنها بدفء ويربت على ظهرها بحنان وعلى شفتيه شبح ابتسامه هادئه ، تفاجئت حياة من رد  فعله  فهى لم تراه يتعامل بود مع اى حد من قبل سواها بالطبع ولم تدرى لم اثار ذلك حنقها 

 تحركت نحوهم حتى توقفت بجواره ، استدار فريد  بعدما افلت جسده من ذراع جميله ناظراً  إليها ثم قال بنبره عاديه :
-حياة .. دى جميله بنت عمى .. جميله دى حياة مراتى .. 
صرخت جميله بأندهاش قائله :
-لا مش معقووول .. واتجوزت كمان !! ومن غيرى ومن غير ما حتى تقولى مع انى دايما بكلمك !.. 

ابتسمت حياة لها ابتسامه باهته ثم تمتمت بنبره خفيضه لم يلتقطها احد :
-شوفى ازاى !!.. 
سألتها جميله مستفسره :
-معلش مسمعتش ؟!.. 
اجابتها حياة مصححه بحنق :
-بقول مينفعش نفضل واقفين هنا اكيد راجعه من سفر تعبانه وعايزه ترتاحى .. 

بأدلتها جميله ابتسامتها المصطنعة بابتسامه واسعه مشرقه ثم قفزت تتمسك بذراع فريد الموضوع داخل جيوبه تدفعه وتحثه على السير معها قائله بسعاده :
-لا ارتاح ايه .. انا عايزه اعرف كل حاجه بالتفصيل .. 
حرر فريد ذراعه من قبضتها ثم قال بنبره جافه :
-لا انتى فاضيه وهتاكلى دماغى وانا مش ناقص وجع دماغ .. انا داخل اكمل شغلى ومش عايز ازعاج .. 

انهى جملته محذراً قبل ان يختفى نحو الداخل ، اما عن حياة فتفاجئت من جميله التى قفزت تحتضنها بسعاده وحدثتها بنبره مختنقه من شده الحماسه :
-حياااة انا فرحانه اوى ان اخيراً فريد لقى واحده تخليه يستقر .. تعالى احكيلى كل التفاصيييل ومتسبيش تفصيله واحده ..  

استدارت حياة براسها تنظر نحوها متشككه ولكن روح جميله المرحه جعلتها تستسلم وترضخ لطلبها . 

*************

كانت جميله فتاه اسماً على مسمى تبلغ من الأعوام ٢٣ عاماً كانت تعيش مع والديها فى إنجلترا قبل وقوع حادث سيراليم منذ خمس سنوات راح ضحيته والديها معاً ، ومنذ ذلك الوقت وتولى غريب مسئوليتها ، كانت الاقرب لفريد فى العائله أوبالآدق الأكثر حباً له لذلك كان يعاملها كأنها اخته الصغيره بصرف النظر عن حماسها الزائد وثرثرتها طوال الوقت .

قصت حياة على مسامع جميله تفاصيل زواجهم دون التطرق لمرحله الاجبار ، تنهدت جميله بحراره ونظره حالمه وهى تتعجب كم ان روايه حياة رومانسيه فما احلى من حب الطفوله ؟. 

بعد منتصف الليل اصرت حياة على جميله التى قاومت بشده تناول الطعام ولكنها رضخت فى اخر الامر لرغبه حياة ، بعد قليل بدءت تشعر بتوعك فطلبت من حياة على عجاله الذهاب إلى غرفتها ، تحركت حياة معها إلى احدى الغرف المخصصه للضيوف وكانت على وشك الخروج عندما شعرت بحركه عنيفه خلفها ، استدارت لترى جميله تركض باتجاه المرحاض وهى واضعه يدها فوق فمها ، دلفت واغلقت الباب خلفها غافله عن حياة التى عادت تنتظر امام الباب بقلق ، خرجت جميله بعد قليل تمسح فمها بباطن كفها واليد الاخرى موضوعه فوق معدتها وتتحرك بوهن ، سألتها حياة بقلق :
-جميله انتى كويسه ؟!.. 

حاولت جميله التحامل على نفسها وإخراج نبرتها طبيعيه قدر الامكان فأجابت حياة وهى تبتسم لها بأرهاق وجهه شاحب :
-اه انا الحمدلله كويسه متقلقيش ..
اجابتها حياة معترضه :
-مقلتش ازاى وانتى وشك اصفر كده ؟!.. 

اجابتها جميله محاوله التظاهر بالقوه قدر الامكان وقد شعرت بالغثيان يعود إليها مره اخرى وبشكل اقوى :
-انا كويسه صدقينى .. تلاقينى بس اخدت ب..... 
لم تنهى جملتها فقد شعرت انها سوف تتقيأ مره اخرى وفوق الارضيه لذلك ركضت إلى المرحاض ثانيةً ، ركضت خلفها حياة ومنعتها من إغلاق الباب خلفها وظلت تنظر إليها برعب وتفكيرها يأخذها إلى منحيات اخرى ، هزت رأسها رافضه ، فعفاف هى من قامت بتحضير الطعام ، ولكن ما حدث معها اضافه إلى ما عرفته من الجده سعاد عن محاوله تسميم فريد جعلها مرتابه نحو الجميع ، ولكنها تناولت من نفس الطعام دون حدوث مشكله حتى الان ، هذا ما فكرت به وهى تحاول التوصل لقرار ، اخرجها من شرودها نوبه قئ اقوى اصابه جميله فتحدثت حياة برعب حقيقى قائله :
-انا هبلغ فريد يجيب دكتور ... 

صرخت جميله بحده معترضه :
-لا دكتور لا انا كويسه .. 
عارضتها حياة قائله بتوتر :
-كويسه ازاى !! ده انتى شويه وهيغمى عليكى !! خلي الدكتور يجى ويطمنا .. 

انهت جملتها واستدارت بجسدها متوجهه نحو الخارج ، ركضت جميله خلفها بقوه لتمسك بها مما جعلها تترنح من حركتها المفاجئه ، تمسكت بطرف رداء حياة وهى على وشك السقوط ، ارتاعت حياة من مظهرها الشاحب فاستدارت  تدعم جسدها بذراعيها وتتحرك بها نحو الفراش لتجلسها فوقه وهى تمسح فوق شعرها بحنان وتقول مطمئنه بنبره دافئه :
-متخافيش انا هنزل ثوانى اخلى فريد يكلم الدكتور وارجعلك .. 
تمسكت جميله بكف حياة بقوه تمنعها من الحركه وقد بدءت دموعها فى التساقط فوق وجنتيها وهى تتمتم بتوسل :
-لا الله يخليكى فريد دلوقتى لا .. بلاش دكتور ..
اجابتها حياة بعدم فهم :
-طب اهدى بس .. انتى بتخافى من الدكاتره طيب ولا ايه ؟!.. 

اجابتها جميله ونحيبها فى تزايد قائله بنبره هامسه :
-انا حامل .. 

شهقت حياة ورفعت كفها لتغطى به فمها وهى تتحرك للخلف ، استطردت جميله قائله برعب :
-لو فريد عرف هيقتله .. 
هزت حياة رأسها يميناً ويساراً بعدم استيعاب فالخبر وقع فوقها كالصاعقة ولا تدرى ما الذى يجب عليها فعله ، تحركت ترتمى بجسدها فوق اقرب كرسى وهى تحاول ايجاد صوتها لتسألها بهمس :
-من امتى ومين ابوه ؟!..

هزت جميله راسها نافيه ورافعه كفها المرتعش تمسح دموعها ثم اجابتها بصوت خفيض قائله :
-انتى فهمتى غلط .. انا متجوزه وجواز شرعى .. 

رفعت حياة رأسها لتنظر إليها بدهشه ثم سألتها بعدم فهم :
-متجوزه !! بس دادا عفاف قالت انك آنسه !! انا مش فاهمه حاجه !!.. 

اجابتها جميله وهى تبتلع لعابها بصعوبه قائله بتوسل :
-انا هحكيلك كل حاجه .. انا اصلا جيت عشان احل المشكله بس انا خايفه من فريد ومن رد فعله .. بس هقولك وأوعدينى تساعدينى .. 

اجابتها حياة بتوجس :
-مش هقدر أوعدك غير لما افهم الاول ..

حركت جميله رأسها موافقه  برجاء ثم قالت بهدوء :
-انا كنت عايشه مع مامى وبابى فى إنجلترا من وانا صغيره وبابى كان استاذ فى الجامعه هناك .. ومن ٥ سنين بابا وماما كانوا راجعين من بره حصلهم حادث سير واتوفوا فى لحظتها وسابونى لوحدى .. انا رفضت طلب اونكل غريب انى ارجع غير لما اكمل دراستى هناك ع الاقل وهو وافق وفجأة ظهر فى حياتى هشام .. قدملى نفسه على انه طالب ماستر عند بابا الله يرحمه وبابا ساعده كتير وكان بيحبه وبيحترمه جدا وعشان كده حاول يردله جزء من جميله ده بأنه يساعدنى لو احتجت حاجه وانا لوحدى هناك .. وفعلا مسابنيش لحظه وعوضنى عن حنان بابا وماما الله يرحمهم .. حبيته جداً وبقى كل حياتى وهو كمان حبنى .. وطلب انه يتقدملى وفعلاً من ٣ سنين نزل إجازته الصيفيه وراح اتقدم لاونكل غريب .. طبعا عشان كانت عيلته بسيطه جدا وبباه فلاح على قده اونكل رفضه واتهمه انه طمعان فى فلوسى وفريد كمان رفض يقابله او يتكلم معاه .. 

صمتت قلبلاً لتأخذ نفساً عميق ثم استطردت حديثها بعيون لامعه من كثره الحب :
-بس ده مخلهوش يسبنى او يتخلى عنى .. بالعكس كان كل سنه بينزل مصر ويطلبنى من اونكل غريب على امل انه يوافق بس برضه كان بيرفضه ، مع انه مجتهد جداً وخلص الدكتوراه واتعين فى الجامعه هناك وحياته استقرت .. بس هما كانوا مصممين انه فقير ومش مناسب لعيلتنا .. وفى يوم اتعرضت لمضايقه من واحد مصرى زميلى عايش هناك ولما هشام عرف صمم اننا نتجوز حتى لو من غير موافقتهم .. وفعلا سألت وعرفت انى ممكن اتجوز رسمى بمحامى او قاضى واتجوزنا من ٤ شهور وانا دلوقتى حامل .. 

انتظرت اى رد فعل من حياة ولكن الاخيره لم تعقب لذلك أردفت جميله حديثها قائله :
-انا عشت معاه اجمل ايام حياتى .. هشام هو كل حاجه فى حياتى ودنيتى كلها .. لما عرف انى حامل صمم اننا نزل مصر ونواجهه عمى تانى بس انا خفت عليه وطلبت منه انى انزل وامهد الموضوع الاول وعشان كده جيت لفريد عشان افاتحه فى الموضوع بطريقه مناسبه ..

شعرت حياة على الفور بالتعاطف تجاههم لذلك تحركت بعيون لامعه من اثر الدموع وجلست بجوارها على الفراش واحتضنها بحب ثم قالت متأثره :
-أوعدك انى هعمل كل اللى اقدر عليه .. بس انا عارفه فريد عصبى وانتوا غلطتوا لما اتجوزتوا من وراهم وهو مش بيسامح فى الغلط انتى عارفاه ..

تحركت جميله من بين ذراعيها ورفعت رأسها تنظر إليها برجاء وهى تحتضن كفها قائله بلهفه :
-عارفه انى غلطت بس دى حياتى وحبى وانا مكنش عندى استعداد اتخلى عن حب حياتى عشان اوهام فى دماغ عمى وفريد وبس .. الله يخليكى ساعدينى واكيد فريد هيسمعلك ..

اومأت حباة لها موافقه بأستسلام ثم أردفت قائله لتطمئنها :
-خلاص ربنا يسهل انا هكلمه بس فى الوقت المناسب .. 
نامى انتى وارتاحى دلوقتى وبكره ان شاء الله نشوف حل ..

انهت حديثها وتحركت نحو الباب تدير قبضته ثم استدارت بجسدها قائله لجميله بتحذير :
-خلى بالك يا جميله اوعى تكلميه وفريد فى البيت وانا مش هقوله انك حامل غيربعد ما نحل المشكله ويقبله..

لم تنهى اخر حرف من جملتها عندما شعرت بالباب يندفع خلف جسدها بحده، دلف فريد للغرفه بعيون تطلق شرراً ثم سألها بنبره خفيضه ضاغطاً على شفتيه وحروف كلماته :
-فريد مين اللى عايزه تخبى عليه انها حامل !!!!!!!...

شهقت حياة برعب وتراجعت للخلف وهى تراه يتقدم منها ويقبض على ذراعها بقوه جعلتها تنتفض هادراً بها بعصبيه :
-انطقى يا حياااة !!!!!!..
كان فريد فى طريقه إلى غرفته عندما توقف متراجعاً عده خطوات للخلف ومقرراً الذهاب والاطمئنان على جميله اولاً قبل الذهاب للنوم ، وعندها تفاجئ وهو واضعاً قبضته فوق الباب بصوت حياة تحذرها من معرفته بحملها ، لم يحتاج الامر لكثير من التفكير منه لربط الخيوط معاً ومعرفه هويه الفاعل .

انتفض جسد حياة تحت قبضته من اثر نبرته ونظراته الشرسه ، ابتلعت لعابها بصعوبه بالغه كأن هناك حجره تقبع بمدخل حلقها تمنعها من ازدراده ، أعاد سؤاله مره اخرى ولكن هذه المره بنبره منخفضة كالفحيح جعلت جسدها يرتجف ممن هو قادم ، حاولت ايجاد صوتها لتجيبه ولكن يبدو انه قد هرب منها مع الدم الذى بداخل عروقها ، هز رأسه بشراسه متوعداً وهو ينفض ذراعها من تحت قبضته بقوه ثم توجهه نحو جميله التى كانت جالسه على حافه الفراش تنتفض هى الاخرى من مظهره قائلاً بقسوه وتصميم :
-انتى فاكره انها هتعرف تدافع عنك او تخلصى من تحت ايدى !!! ..

انهى جملته واقبض بكفه على ذراعه يرفعها من فوق الفراش غير عابئاً بشهقاتها ولا توسلاتها مستطرداً حديثه بحده :
-انطقى مين ال**** اللى ضحك عليكى ..

صرخت جميله من شده ضغطه فوق مرفقها وتمتمت من بين شهقاتها وهى تحرك رأسها رافضه :
-الموضوع مش زى مانت فاهم .. بليز اسمعنى بالراحه ..

هدر بها بعصبيه جعلت كلاً من حياة وجميله ينتفضا متسائلاً :
-اخلصصصى .. قولى من اللى عمل معاكى كده !! اكيد حته العيل اللى متعلقه بيه صح !! ..

لم تجيبه وبدلاً عن ذلك ازداد علو شهقاتها ..
دفعها فريد بقوه فوق الفراش ثم قال وهو يتحرك نحو الخارج بتوعد وعيونه تطلق شرراً من شده الغضب  :
-انا هعرف ازاى أربيه عشان يعرف يضحك عليكى  ..

صرخت جميله برعب وهى تحاول الاستناد على مرفقيها ليساعداها فى النهوض اما عن حياة فقد اعاد تهديده قوتها لذلك تحركت مسرعه  لتركض خلفه وهى تهتف بأسمه بزعر ، لم يهتم بها ولم يعيرها اى انتباهاً بل دخل غرفته صافقاً الباب خلفه بقوه فى وجهها 
فتحت حياة باب الغرفه خلفه لتدخلها وقد قررت انها لن تتخلى عنهم مهما كلفها الامر ، شهقت بصدمه وهى تضع يدها فوق كفها بمجرد رؤيتها للغرفه بألوانها الزرقاء الزاهيه ، فغرفته هى تلك الغرفه التى سكنت احلامها ايام مرضها او كذلك تهيأ لها ، تمتمت هامسه بصدمه بأقرار اكثر منه سؤال :
-هى دى الاوضه .. انا كنت هنا !! انا مكنتش بحلم بولا حاجه من دى .. فريد انت كنت هنا من الاول ..

استدار بجسده ينظر إليها بجمود وهو يخلع سترته قائلاً بتهكم يشوبه الكثير من الغضب :
-لما قولتيلى خليك هنا انا بردانه ..
لوى فمه بأستهزاء ثم أردف قائلاً :
-لا مش انا ..

حسناً انها يسخر منها ، نفضت رأسها بقوه فتلك ليست قضيتها الرئيسيه وستتعامل معها بعد حين ولكن الان لتعود إلى تلك المصيبه التى حلت فوق رؤوسهم بسبب اندفاعها وعدم حرصها اثناء الحديث ، ابتلعت ريقها بصعوبه ثم اضافت بقوه حقيقه:
-فريد الموضوع مش زى مانت فاهم ..
رمقها بنظره ناريه وهو يحرك يده ليحل آزار قميصه ثم قال بجمود :
-مطلبتش رايك ولا توضيحك .. واطلعى عشان هغير هدومى .. 

هزت رأسها بقوه رافضه ثم اجابته  قائله بنبره شبهه متوسله :
-فريد اسمعنى .. جميله متجوزه وجواز شرعى كمان يعنى معملتش حاجه غلط ..
توقفت يده عن العبث بأزرار قميصه ثم رفع احدى حاجبيه ينظر لها بأستنكار وهو يسألها بغضب :
-والمفروض اعمل ايه .. اروح اباركله !! ولا اقوله برافو انك اتجوزت البنت من ورا اهلها !!..

تشدق بجملته الاخيره بحنق واضح ثم انحنى يلتقط هاتفه من جيب سترته بعنف وعبث به قليلاً قبل وضعه فوق اذنه ثم تحدث دون تحيه قائلاً للطرف الاخر بجديه :
-اسمع .. فى واحد اسمه هشام عبد الجليل تقريباً .. عايز بكره تكون جايبه فى شوال قدامى .. هو عايش فى إنجلترا هبعتلك عنوانه ولو ملقتهوش يبقى اكيد نزل مصر تدور عليه وتجمعه .. فاهم !!! بكره زى دلوقتى بالكتير الاقيه مرمى قدامى .. 

اغلق هاتفه وألقاه بقوه فوق الفراش ثم قام بخلع قميصه وألقاه هوالاخر بعشوائيه فوق الارضيه الخشبيه 
ركضت حياة نحوه برعب بعد سماعها لمكالمته ثم رفعت كفيها تتلمس ذراعيه العاربين فى محاوله بائسه لتوقيفه وجعله يستمع إليها ، هتفت بأسمه متوسله بيأس :
-طب نتفاهم .. طب انت ليه معترض عليه من غير ما تسمعها ولا تسمعه .. فريد حرام عليك دى حامل وهما بيحبوا بعض ليه تفرقهم !!!..

نظر لها بنفاذ صبر قائلا بجمود :
-مش هقعد اتناقش معاكى .. وروحى على اوضتك عشان هقلع هدومى ومش هيهمنى انك واقفه ..

صرخت به وقد بدء اليأس يتملك منها بسبب تصرفاته الجامده معها :
-مش هتحرك من هنا وانت لازم تسمعنى وتفهمنى !! انت بتعمل كل ده عشان هو فقير !! طب مانا كمان فقيره ..
هتفت جملتها الاخيره بصوت متحشرج من أثر الدموع ، اجابها بنبره خاليه :
-متقارنيش نفسك بحد .. 

هتفت به مره اخرى شاعره بالحزن من جموده الذى لا يلين:
-لا انا زى اى حد !!! لو هو فقير فانا أفقر منه اتجوزتنى ليه !! ..
اجابها بنفاذ صبر قائلاً :
-ده واحد ضحك عليها وهى لوحدها واهو لما ملقاش فايده اتجوزها من ورانا ..

صرخت بِه بعصبيه لتجيبه قائله :
-وانت مين قالك انى مش زيه !! ما يمكن عملت عليك كل التمثيليه دى عشان تتمسك بيا اكتر وتتجوزنى !!..

رمقها بنظرات خاليه ثم أشاح  وجهه بعيداً عنها ، نظرت إليه بعيون لامعه وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها وتظهر بنبره صوتها المنكسرة ، اضافت حياة بحزن حقيقى يائسه:
-انت حكمت عليه بناءاً على وجهه نظر بباك وحتى معطتهوش فرصه تسمع فيها رأيه !! وفوق كل ده حرمت اتنين بيحبوا بعض بجد من انهم يتجوزوا قدامكم وفرحتهم تكمل !! مع انك المفروض اكتر واحد تحس باللى بيحب . ده لو فعلا بتحب بجد ... 

صمتت قليلاً لتسمح بأصابع مرتعشه بعض الدموع التى تساقطت فوق وجنتها عنوه ثم أردفت بتوسل قائله :
-اثبتلى بقى ان خوفى ده مش فى محله وان جوازك منى حب مش تملك وخلاص !.. 

انتظرت انكاره او صدور اى رد فعل منه يطمئنها ولكنه لم يجيب ، فقط تحرك فى مكانه بجسد متوتر وهو يحاول الهروب بنظراته من نظراتها ، هزت رأسها بأحباط وقد وصلتها اجابته قائله بألم :
-تمام انا كده فهمت .. 

مسحت اخر دمعه فوق وجنتها بعنف ثم تركته وتحركت بأكتاف متهدله من شعورها الثقيل بالخيبه والخذلان نحو باب غرفتهم المشترك لتختفى خلفه تاركه فريد شاعراً انه قد تمزق لشطران ولا يدرى لأيهما يستجيب

************

خلال اليوم التالى التزمت حياة بالمكوث داخل غرفتها ولم تخرج منها ابداً ولم تتناول اى شئ على الاطلاق حتى مع محاولات عفاف وتوسلاتها المتواصله التى لم تجدى نفعاً  ، لامت نفسها بقوه فهى من توقعت انها تستطيع إقناعه وهيأت لها نفسها انها ربما تكون فى مكانه اوضح لها فى البارحه انها لن تحتلها ابدا ، ولكن اكثر ما كان يؤلمها هو حال جميله وزوجها فقد شعرت بصدق حبهم تجاه احدهم الاخر والآن يبدو ان مصير زوجها ووالد طفلها الذى لم يولد بعد فى قبضه انسان قاسى القلب لا يعرف الرحمه ، اما عن جميله فلم يكن حالها بأحسن منها فقد كانت تنحب طوال اليوم على حب عمرها وتوأم روحها والذى بسبب عنادها وسوء تقديرها سيلقى حتفه دون ان تحظى حتى بفرصه وداع له .

فى صباح اليوم التالى كانت حياة تجلس داخل غرفتها بأحباط وحزن شديد فلم يغمض لها جفن طوال الليل وهى تفكر بقلق ما الذى اقدم فريد على فعله مساء البارحه مع هشام ، عندما طُرق باب غرفتها بخفوت، ظنت انها عفاف فأجابتها باصرارمن وراء الباب المغلق قائله :
-ريحى نفسك يا دادا مش هنزل ومش هفطر.. 

لم تتلقى اى رد على جملتها فظنت انها استسلمت لرغبتها  وعادت للأسفل ولكن لحظتها فُتح باب الغرفه وطل فريد من خلفه ، بمجرد رؤيتها له شاحت ببصرها بعيداً عنه ولم تلقه اى اهتمام ، تحدث على الفور وبأقتضاب بلهجته الجامده الآمرة :
-حياة قدامك عشر دقايق يا تنزلى تاكلى معايا تحت يا انا هخليهم ينقلوا الفطار هنا .. اختارى ..
رفع معصمه ينظر فى ساعه يده قبل ان يضيف بجمود :
-دلوقتى بقوا ٩ .. 

ظلت تنظر شرزاً فى اثره بعدما استدار عائداً بإدراجه للأسفل وبرغم انها علمت جيدا بأضطرارها للنزول حتى لا تشاركه الطعام فى تلك الغرفه المغلقة الا انها قررت التحرك بعد مرور العشر دقائق كامله فقط من اجل اثاره حنقه .

دلفت إلى غرفه الطعام وهى تتحاشى كلياً النظر فى اتجاهه ، وفقط من اجل عناده توجهت إلى الكرسى المجاور لمقعدها المعتاد لتجلس عليه ، جلست بجمود وهى تتجاهله تماماً ، وبرغم عدم رؤيتها لوجهه الا انها كانت تشعر بنظراته الثاقبه المسلطه عليها تخترق جسدها واعماقها معاً  ، نظر إليها مطولاً ثم تحرك من مقعده ببطء يزيح المقعد الفاصل بينهم بعيداً ثم توجهه نحوها يميل بجانبه الايسر على احد ارجل المقعد ثم قام بجر المقعد وهى جالسه فوقه ، شهقت من فعلته وادرات رأسها تنظر إليه شرزاً ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها وعادت لجمودها ولامبالاتها مره اخرى ، عاد فريد يجلس فوق مقعده بأستمتاع وقد اصبح مقعدها ملتصق تماماً بمقعده اكثر من العاده حتى ان الجزء السفلى من ساقه كان مستندا  بكسل على ساقها ، حاولت بهدوء تحريك مقعدها بعيداً عنه مره اخرى ولكنه كان يحاصر بقدمه الجزء السفلى من رجل المقعد ليمنعها من التحرك بِه بعيداً 
لم يكن امامها حل سوى الابتعاد بجسدها ، ابتعدت حتى اصبحت تجلس على حافه المقعد ولكنه بحركه واحده اغلق المسافه بينهم مجدداً ، تحركت مره اخرى بسوء تقدير فمال جسدها وكانت على وشك السقوط ولكن يده القويه امتدت تحاصرها وتدعم جسدها ثم إعادتها مره اخرى لتلتصق به دون اى فواصل ، لو نظرت نحوه لرأت بوضوح نظره الاستمتاع التى تملاً عينيه وتلك الابتسامه العابثه التى تحتل ثغره ، مال بجزعه نحوها ثم حك انفه بوجنتها وجانب وجهها الأيمن ، أشاحت بوجهها إلى الجهه الاخرى محاوله تجنب لمساته قبل ان يوقفها صوته الهامس قائلاً بنبره شبهه متوسله :
-حيااااة .. 

دون وعى منها وجدت نفسها تدير رأسها لتنظر إليه بأنفاس مضطربه بسبب انفاسه الدافئة التى تلحف وجهها ، كان عقلها يأمرها وبقوه ان تشيح بنظرها بعيداً عنه ولكن كان هناك دفء غريب خارجاً من عسليتيه أسرها رغماً عنها ومنعها من الابتعاد عن تلك العينين التى استحالت إلى لون البندق من فرط مشاعره ، ظلا مده يحدقان ببعضهما البعض فى عتاب صامت من جهتها ونظره عاشق من جهته  قبل ان تشيح بوجهها بعيداً عنه مره اخرى ، رفع كلتا كفيه يحتضن وجهها بحب ويجبرها على النظر إليه مره اخرى ثم اقترب بشفتيه من شفتيها وقام بتوزيع قبلات ناعمه على طول شفتيها المنغلقتين قائلاً لها بصوت أجش من بين قبلاته :
-بحبك .. مش تملك .. ومش اجبار .. 
الصق انفه بأنفها وأغمض عينيه مستطرداً بهمس وهو يتنهد بحراره :
-والنفس ده اهم من حياتى كلها .. 

رغم انه لم يعد يحاصرها او يمنعها من الحركه الا انها شعرت نفسها مكبله بعدد لا نهائى من القيود الغير مرئيه ، قيود لن تجرؤ حتى على الاعتراف بها بينها وبين نفسها ، فتحت فمها لتعترض ولكنه انتهز الفرصه ولامس شفتيها بشفتيه لبدء تتقبيلها ، افاقت حياة من لمسته على صوت صراخ جميله التى كانت تركض نحوهم ، ابتعد فريد عنها على مضض تاركاً المجال لجميله التى من شده سعادتها لم تنتبه لمدى تقاربهم ، انحنت جميله تحتضن كتفى حياة بشده وهى تقفز بسعاده وتمتم بفرح :
-شكراً .. شكراً .. شكراً يا احلى اخت فى الدنيا ..

انهت جملتها وقامت بطبع قبله مطوله فوق وجنه حياة ثم تركتها وركضت لتحتضن فريد هو الاخر الذى استقبل احتضانها بجمود ثم قال لها مهدداً بنبره خاليه :
-اقعدى مكانك من غير دوشه قبل ما ارجع فى كلامى .. 

ركضت جميله تجلس فى المقعد المقابل لحياة التى كانت تنقل بصرها بينهم بعدم فهم ، التقطت جميله دهشتها فسألتها بأستنكار قائله :
-متقوليش ان فريد لسه مقالكيش ؟!.. 
اجابتها حياة بترقب متسائله :
-مقاليش ايه بالظبط مش فاهمه ..

اجابتها جميله بنبره شبهه مختنقه من شده الحماس والفرح :
-هنعلن جوازنا انا وهشام وفرحنا بعد بكره ..
شهقت  حياة بدهشه وادارت راسها بحده تنظر نحو فريد بذهول وعيونها تلمع من شده الفرح 
حرك رأسه مطمئناً بايماءه خفيفه قبل ان يمد يده من أسفل الطاوله ليحتضن كفها ويضغط عليه برفق ، ظلت تنظر إليه بأبتسامه بلهاء ونظره حالمه بادلها إياها بأخرى عاشقه وهو يمسد أصابعها ويتلمس باطن كفها بلمسات مثيره أرسلت قشعريرة إلى سائر جسدها غير عابئين بوجود جميله بجوارهم ، أعادهم من شردوهم صوت جميله تسأله بقلق :
-فريد بس تفتكر اونكل غريب هيوافق على كده ولا هيقلب الدنيا علينا ؟!..

التفت فريد ينظر إليها بحده قبل ان يجيبها بنبرته الجاده محذراً :
-جميله !! انا محدش بيراجع كلامى حتى لو كان غريب .. 

انكشمت فى مقعدها وهى تتمتم له بعبارات أسفه فاخر شئ تريد فعله فى تلك الايام هو اثاره حنقه 

ظلت حياة تنظر إليه وهى تفكر بأستغراب كيف يستطيع التحدث مع ابنه عمه بذلك الوجهه الجامد وتلك النبره القاسيه فى حين ان يده لازالت تعبث بكفها بلمسات تجعلها على وشك الانصهار من نعومتها ورقتها .

انتهى فريد من تناول قهوته فترك يدها ليلتقط المحرمه التى امامه يمسح به فمه ، شعرت حياة بالبروده تتملك منها بمجرد تركه ليدها ولكنها فسرت ذلك بسبب بدء فصل الشتاء وعليه فالجو اصبح بارد ، تحرك فريد من مقعده وهو يوجه حديثه لجميله بنبره خاليه قائلاً بلامبالاه :
-جوزك بقى هيحضر الفرح بوش مشلفط بس دى حاجه خفيفه كده عشان يتعلم ميعملش حاجه من ورايا تانى.. 

انهى جملته وانحنى بجذعه يطبع قلبه حانيه فوق شعر حياة ويستنشق رحيقه قبل ان ينصرف للخارج 

دفعت حياة مقعدها بعجل ثم ركضت خلفه وهى تهتف اسمه بلهفه جعلته يتوقف على الفور ، استدار ينظر إليه بأبتسامه دافئه بادلته إياها بأخرى مرتبكه وهى تضع كفيها داخل الجيوب الخلفيه لسروالها الجينز وتتحرك بتوتر ، سألته برقه بالغه جعلته يفكر فى التراجع عن التحرك من امامها قائله :
-فريد انت هتتأخر النهارده ؟!.. 

ابتسم لها بأستغراب ثم اجابها مندهشاً بنبره مترقبه :
-مش عارف .. بس لو فى حاجه مهمه هحاول ارجع بدرى .. 

حركت جسدها بتوتر يميناً ويساراً ثم اجابته بخجل قائله :
-مفيش بس هستناك بليل مش هتعشى من غيرك .. 

ظل واقفاً مكانه لبُرهه من الوقت محاولاً استيعاب هذا التغيير المفاجئ فى تصرفاتها ، اللعنه ان عنادها ارحم كثيراً من تعاملها ذلك فهو بالكاد يستطيع تمالك نفسه امام تخبطها ونظرتها التى ترمقه بها والتى يعلم جيداً انها خارجه دون وعى منها ، انحنى بجزعه يطبع قبله خفيفه على طرف شفتيها كعلامه موافقه ثم تركها وانصرف دون حديث قبل تفاقم الامور . 

************

فى شركه الجنيدي وتحديداً فى مكتب منصور الجنيدي جلس منصور فى مقعده المريح يضع ساقاً فوق الاخرى فى زهو واضح وكان جالساً قبالته ابن اخيه وائل الجنيدى ويقف بينهما بجوار المكتب سكرتير منصور الشخصى ، هتف به منصور فى حنق واضح يسأله مستفسراً بعصبيه :
-يعنى ايه الشركه مش عايزه توردلنا تانى !! يعنى ايه الكلام ده ؟!.. 
ارتبك السكرتير الخاص فى وقفته وتنحنح بأرتباك قائلاً بتوتر :
-يافندم انا شاكك ان فى حد لعب فى دماغهم فعلاً ..
ساله منصور بنظرات شرسه :
-قصدك مين ؟!.. 
اجابته سكرتيره بتردد :
-فى كلام انهم هيمضوا مع فريد رسلان والتوريد هيتنقل حصرى ليهم ..
ضرب منصور سطح مكتبه بقبضه يده وهو ينتفض بأنزعاج واقفاً ثم تمتم وهو يضغط على حروف كلماته بغل :
-ايوه مفيش غيره ابن غريب .. طول عمره **** زى ابوه .. 

التفت بشراسه ينظر إلى سكرتيره الخاص ويأمره بحده :
-عايزك تتأكدلى من الكلام ده ولو طلع صح عايزك توصل تحيه لفريد وفى بيته فاهمنى ؟!.. 

اومأ له سكرتيره رأسه بخنوع ثم تحرك بهدوء مغلقاً الباب خلفه وتاركاً وائل الجنيدى ينظر بضيق نحو عمه الذى من تولي اداره الشركات بعد والده المرحوم وهو يتعمد استفزاز عائله رسلان بكل مناسبه ، هتف وائل بحنق واضح قائلاً: 
-يعنى كان ايه لازمته يا عمى اللى عملناه معاهم ده ؟!.. ماحنا كنا بنوردلهم والدنيا كانت ماشيه كويس ليه دلوقتى بنجر شكلهم وخلاص ؟!.. 

هتف بِه منصور بعصبيه وشبح الماضى يلوح امام عينيه قائلاً بحقد دفين :
-لازمته انهم دايما بياخدوا حاجه مش من حقهم .. بس خلاص وقتهم خلص ويا انا يا هما .

*************
دلفت حياة إلى المطبخ بعد خروج فريد وطلبت من السيده عفاف ترك المطبخ لها اليوم فهى تريد مفاجاه فريد ثم شرعت بتحضير بعض الأصناف بعدما استفسرت منها على الأنواع المفضله بالنسبه له وفى المساء بعد الانتهاء من كافه التحضيرات صعدت للاعلى للاغتسال وتبديل ثيابها والهبوط مره اخرى ، عاد فريد فى الموعد يزفر بضيق بعد جداله العقيم مع والده الذى استمر لساعات بسبب رفض الاخير لامر الزيجه ولكن فى نهايه الامر رضخ لرغبه  فريد كالعاده 
 دلف إلى غرفه الطعام يبحث عنها بعينيه بعدما بحث عنها فى المطبخ أيضاً ولم يجدها ، جاءت من خلفه تمتم بخجل قائله بنعومه :
-حمدلله على السلامه ..

استدار ينظر إليها وفتح فمه ليجيبها ولكنه تعقد لسانه وهو يراها امامه ترتدى بنطال من الجلد الاسود ابرز تفاصيل أنوثتها بكل وضوح وفوقه ستره مفتوحه فضفاضه اضافت إليها مظهر طفولى عابث وأسفلها بلوزه بيضاء بعنق منخفض كشفت عن عنقها الممشوق وعضمتى كتفيها البارزتين إلى جانب شعرها المجعد بنعومه والذى تركته ينسدل بحريه خلفها وعيونها التى تلمع بسعاده وهى تنظر إليه ، زفر بيأس فكل هذا كثير على صبره وعلى اعصابه بحق  !! ، كل ما ارداه فى تلك اللحظه هو الشعور بها بين يديه واكتمالهما سوياً ، ولكنه لن يجازف فى تلك المرحله بفعل اى شئ قد يعيدهما لنقطه الصفر من جديد 
زفر مطولاً لإخراج تلك الافكار من رأسه وحاول تشتيت انتباهه بأى شئ لذلك تنحنح لتنقيه حلقه ثم سألها بصوت متحشرج من اثر الرغبه:
-امال فين جميله لسه مضربه فى اوضتها ؟!.. 

حينها ابتعدت عنه عده خطوات للوراء لضمان مسافه أمنه بينهم ثم قالت وهى تنظر إليه بتوجس ونبره متردده :
-بص .. عايزه اقولك حاجه .. بس عشان خاطرى متتعصبش .. 
تأهبت ملامحه على الفور وضاقت عينيه وهو ينظر إليها بترقب ثم سألها بنفاذ صبر قائلاً بنبره حاده وقد شعر بترتيب شئ ما بينهم من نظراتها الخائفه :
-حياة فى ايه ؟!.. 
توترت ملامحها اكثر وهى ترى الغضب بدء يعلو قسماته فأردفت تقول بتوسل :
-هقول بس اوعدنى انك متتعصبش ..
هدر بها بحده وقد بدء بالفعل يغضب :
-حياااااااة .. 
انكمش كتفيها وأغمضت عينيها وقالت وهى تخفى وجهها بملامحها برعب مسرعه :
-جميله طلبت تروح تزور هشام فى الأوتيل وانا وافقت .. 

انتظرت عده ثوانى وهى مغمضه العينين متوقعه هجومه ولكنه لم يصدر اى صوت منه ، فتحت احدى عينيها ببطء وتوجس لتتبين رد فعله ولكنها وجدته يحاول كتم ابتسامته متأملاً ملامحها الطفولية بشغف واضح ، فتحت كلتا عينيها وبسطت كتفيها مره اخرى وهى تسأله بدهشه :
-انت مش هتتعصب عليا ؟!.. 

بالفعل كان هذا بالظبط ما ينتوي فعله عندما نطقت جملتها ولكن رعبها الطفولى البريئ منه جعله يشعر بأن كل ما يريده فى تلك اللحظه هو اخذها داخل احضانه ليطمئنها حتى وان كانت مخطئه فى حقه هو شخصياً ، نظر لها مطولاً قبل ان يفتح فمه ليجيبها محاولاً التظاهر بالغضب :
-والله عال يا حياة بقيتى بتتصرفى من دماغك كمان !!.. 
تمتمت بنبره خفيضه قائله :
-انا طول عمرى بتصرف من دماغى .. 
هدر بها بصوت جهورى يسألها :
-انتى قلتى ايه ؟!.. 

انتقضت من صوته وقالت وهى تتقدم نحوه وتضع كفيها فوق صدره فى رجاء :
-مقلتش مقلتش .. انا بقول اخر مره والله بس هى قعدت تعيط كتير وكانت خايفه وعايزه تطمن عليه وقالت هتروح تشوفه وترجع على طول وانا بعتت معاها حد من الحراسه مسبتهاش تروح لوحدها والله.. 

زفر بضيق ثم تمتم بحنق واضح :
-هى بتستغلك وانتى هبله ماشيه وراها وخلاص .. 
زمت شفتيها معاً للأمام فى حركه طفوليه تعبرعن حزنها ثم استدارت بجسدها مبتعده ، اقبض على ذراعيه بكفه ليعيدها امامه مره اخرى ثم زفر بنفاذ صبر قبل ان يخفض رأسه نحو رأسها ويطبع قبله حانيه فوق شعرها وهو يتمتم بحنو :
-خلاص .. خلينا ناكل انا جعان .. 

عادت ابتسامتها تملئ وجهها وعينيها وهى ترفع رأسها تنظر إليه قائله بحماس :
-على فكره انا اللى عملت الاكل النهارده بأيدى .. 
رفعت رأسها بكبرياء ثم اضافت مازحه :
-عشان تعرف بس انى مش اى حد .. 
رفع احدى حاجبيه لها وهو يبتسم ابتسامه جانبيه ثم قال بتهكم واضح :
-يعنى ربنا يستر ومتسممش النهارده .. 
سارعت تقاطعه وهى تقول بلهفه :
-بعد الشر .. 
عضت على شفتيها بندم بعد انتهاء جملتها فهى لم تقصد ابداً التفوه بها علناً ، اتسعت ابتسامته وهو ينظر إلى داخل عيونها بعشق واضح ثم امسك كفها يرفعه نحو شفتيه ليقبله وهو مازال ينظر لعينها بحب ، تنحنحت فى محاوله منها لإخفاء ارتباكها الظاهر ثم تمتمت بنبره حاولت اخراجها طبيعيه قدر الامكان وهى تسحب كفها من  يده قائله :
-الاكل هيبرد بقى ممكن نقعد ناكل .. 

سحب لها المقعد اولاً لتجلس فوقه ثم انحنى بجزعه نحو جانبها الأيمن هامساً داخل اذنيها بنعومه :
-تصدقى كويس ان جميله مش هنا .. 
التفت بأرتباك تنظر إليه بدهشه فباغتها بطبع قبله خاطفه فوق شفتيها قبل ان يستقيم فى وقفته ويتجه نحو مقعده الملاصق لها .

************

بعد انتهاء وجبه العشاء التى كانت مربكه  لحد كبير بالنسبه لحياة بسبب نظرات فريد ولمساته انسحب هو لغرفه مكتبه لاستئناف عمله ، بعد قليل طلب من عفاف احضار القهوه له فتطوعت حياة لتحضيرها وإدخالها له بنفسها فهى لم تشكره بعد عن موقفه من جميله وهشام ، طرقت باب غرفته ثم دلفت للداخل بعد سماع اذنه وهى تحمل صينيه القهوه بين يديها ، تحركت حتى وقفت امام مكتبه ثم وضعتها فوقه وبعيداً عن اوراقه المبعثره بحذر ، وتراجعت تمتم بخجل وهى تجمع طرفى رداءها معاً سوياً قبل ان تعقد ساعديها امام صدرها قائله :
-حبيت اعملك القهوه النهارده بدل دادا عفاف .. لو ده مش هيضايق يعنى .. 

حمقاء !! هل تسأله ان كان فعلها ضايقه !! انها اقصى امانيه ان تظل معه طول الوقت لو انه فقط يستطيع تخبئتها بداخل جيب ردائه فتكون بجواره أينما تحرك وبجانب قلبه دائماً ، أردفت تسأله بفضول وقد رأت الارهاق بادياً على ملامحه :
-ايه الاوراق دى كلها ؟!.. 

مسح وجهه بكفيه ثم اجابها بنبره متعبه :
-دى حسابات الشركه .. اخر شهر من كل سنه اتعودت اراجعهم بنفسى عشان لو فى اخطاء اواى لعب اكتشفه ..
عقدت حاجبيها معاً وهى تسأله بأستنكار :
-طب فين مدير الحسابات ؟!.. 
آجابها معللاً بهدوء:
-انا مش بثق فى حد ثقه كامله .. عشان كده براجع وراه .. 
تحركت بجسدها تتجه نحوه حتى وقف بجوار مقعده ثم سألته بترقب :
-تحب اساعدك ؟!.. 
رفع رأسه ينظر نحوها ثم اعاد سؤالها مستنكراً :
-تساعدينى ؟!.. 

اجابته بحزم مازحه وهى تحرك جسدها لتستند على حافه مكتبه ويصبح وجهها مقابلاً له  :
-ايوه اساعدك .. انت ناسى يا استاذ انى دارسه اداره اعمال وعامله ماستر كمان .. 

نظر لها مطولاً بعيون لامعه ثم اجابها بنبره تملؤها الفخر :
-لا طبعا مش ناسى ان حبيبتى اذكى واحده فى الدنيا ..
تنحنحت بأحراج ثم أردفت تقول محاوله تغيير مجرى الحديث :
-فريد .. شكراً على انك وافقت على جواز جميله .. 
تحرك من مقعده يقف قبالتها وهو يستند بجسده على ذراع مقعده ثم مد يديه يحتضن كلتا كفيها وهو ينحنى نحوها قائلاً بحراره :
-انا عملت كده عشانك ..
هزت رأسها ببطء موافقه وقائله بهمس :
-عارفه .. وعشان كده بشكرك .. 
تنهد بحراره ثم رفع يديه يزيح بعض من خصلات شعرها برفق من فوق جبهتها ثم حرك أصابعه بحذر يتلمس وجنتها بنعومه وترقب ، اجفلت قليلاً من لمسته لكنها لم تبتعد عنه ، تحدثت هى لإخفاء قلقها قائله بتوتر :
-يلا ابدء اراجع الاوراق معاك؟  .. 
اجابها بأرهاق قائلاً :
-لا مش النهارده انا تعبت جداً فى الشركه ومش مركز خلينا من بكره ..

هزت رأسها موافقه فأردف هو بعدما نظر فى ساعه معصمه يسألها بتأهب :
-حياة جميله اتاخرت الساعه عدت ١١ !.. 
ابتلعت لعابها بصعوبه ورمقته بنظره خائفه فهى لا تدرى بما تجيبه بالفعل جميله وعدتها الا تتأخر وها هى حاولت الاتصال بها اكثر من مره ولكن هاتفها مغلق ، ضاقت عين فريد نحوها وهو يعيد سؤاله مره اخرى بنبره تهديد قائلاً :
-حياة انتى مخبيه عنى ايه تانى ؟.. 

لم تعقب ولكنها تحركت بجسدها مبتعده بخوف من تلك الشرارت المنبعثة من عسليتيه والتى كانت منذ قليل مصدر الدفء بالنسبه لها ، تقدم هو الاخر منها يعيد سؤاله بنظرات غاضبه ونبره محذره :
-حياة!!!.. 

اصطدم جسدها بالباب فحاولت مد كفها من خلف جسدها لفتحه والهروب ولكنه لاحظ حركتها تلك فاقبض على ذراعها يمنعها من التحرك ، ظلت تنظر إليه وعينيها معلقه بعينيه فى خوف وترقب وهى تلعن جميله وما اقحمتها به معه ، هدر بها بعصبيه جعلتها ترتجف سائلاً :
-انت عارفه انها مش هترجع تبات هنا ؟!!.. 

اذا ظنونها وصلت إليه هو الاخر ، ازدردت ريقها بصعوبه واسرعت تجيبه بهلع مدافعه عن نفسها :
-لا والله معرفش اى حاجه.. انا بس كلمتها تليفونها مقفول ..

هز رأسه بعصبيه عده مرات ثم حرر ذراعها وابتعد عنها متجهاً نحو مكتبه ليلتقط هاتفه من فوقه بعنف ، هاتف حارسه ليسأله عنها فأجابه انها لازالت بداخل الغرفه وهو ينتظر خروجها ، اجابه فريد بنبرته القويه الآمرة :
-خليك عندك وانا جايلها ..

انهى جملته وتحرك نحو الباب يزيح حياة من طريقه بسهوله ليعبر ، كانت تعلم انه فى اقصى درجات غضبه الان ولديه الحق فجميله تعول على صبره كثيراً غير مدركه لعواقب فعلتها ، ركضت خلفه هاتفه بأسمه بذعر وهى تحاول اللحاق به ، لم يتوقف ولم يعير لتوسلاتها اى اهتمام ، زادت من سرعتها وهى تركض نحو الحديقه خلفه بلهفه فأنزلقت قدمها أسفل منها والتوى كاحلها اسفل قدمها ، صرخت بقوه من شده الالم فالتفت فريد مسرعاً ينظر خلفه ، تحاملت على قدمها للنهوض ولكنها صرخت مره اخرى بدوى اكبر ، ركض فريد نحوها يتفحصها ، ظن فى بادئ الامر انها تفعل ذلك من اجل تعطيله وامتصاص غضبه ولكن دموع الالم التى اجتاحت عيونها فى لحظه جعلت قلبه ينتفض فزعاً عليها .
جثا فريد على ركبتيه يتفحص كاحلها حيث اشارت له عن موضع الالم ، اما هى فكانت تتقافز بطفوليه على قدم واحده كحيوان الكنغر ، هتف بها هو بأنفعال ورعب قائلاً :
-حياة !!! اثبتى خلينى اشوف رجلك كويس !!.. 

اجابته بحنق وهى لازالت تتقفافز ولا تقوى على الوقوف ثابته من شده الالم :
-انت بتتعصب عليا ليه دلوقتى !! مش انت السبب وبعدين رجلى وجعانى هموت مش قادره اقف .. 
تهدج صوتها بألم واضح فى الكلمه الاخيره مما جعله  ينتفض من جثوته مسرعاً ليقف امامها قائلاً بلهفه لم يحاول إخفائها :
-ايه اللى حصل .. 
اجابته وهى تضغط على شفتيها لإحتواء المها :
-رجلى اتلوت وانا بجرى .. 
كانت بالفعل غاضبه منه بسبب اندفاعه الغير محسوب دائماً وعدم الاستماع لها لذلك حاولت التحرك قليلاً للابتعاد عنه ولكن يبدو ان لقدمها رأيى اخر مخالف ، تأوهت بقوه للمره الثالثه من شده الالم فانحنى هو على الفور يضع ذراعيه اسفل ركبتها ليحملها فى اللحظه التاليه بين يديه ، حاولت دفعه وهى تتمتم بأعتراض قائله:
-لو سمحت نزلنى انا هعرف امشى لوحدى ..

اخفض رأسه ينظر إليها بحاجب مرفوع ثم اجابها بحنق :
-حياة بطلى عند فى كل حاجه .. وبعدين مانتى جربتى ومعرفتيش !!..
اندفعت تجيبه بنبره حاده :
-انا مش بعاند مش عايزاك تشيلنى رجلى وانا حره فيها .. 

استطردت حديثها قائله بنبره ساخطه :
-وبعدين مش حضرتك من كام يوم كنت مضايق انك هتشلينى !! .. 
أشاحت بوجهها بعيداً عنه بعد انتهاء جملتها اما عنه هو فقد اتسعت ابتسامته من رد فعلها ثم اجابها مشاكساً :
-مكنتش اعرف ان الموضوع ده مأثر فى نفسيتك اوى كده .. بس عندك حق انا غلطان ولازم اصلح غلطى ..

انهى جملته ثم توقف عن سيره واقترب من شفتيها بشفتيه ، شهقت حياة بأرتباك وابتعدت بوجهها قدر المستطاع عنه ثم استطردت حديثها بتعلثم واضح قائله :
-مش عايزه منك حاجه نزلنى بس .. 
اجابها وهو يبتسم لها بأغاظه قائلاً ببرود :
-فى المره الجايه هنزلك بس المره دى احنا وصلنا خلاص ..
شهقت بأندهاش وهى تلتفت حولها لتجد نفسها بالفعل امام الفراش بداخل غرفتها ، وضعها فريد  برفق ثم جلس قبالتها يخلع عنها حذائها ليرى مدى تضرر كاحلها ، شهقت بخفوت من لمسته البسيطه ، ولعن فريد بخفوت وهو يرى كاحلها قد بدء فى التورم ، التقط هاتفه مسرعاً ليستعدى الطبيب متجاهلاً اعتراضاتها المستمرة ، وبعد فتره ليست بطويله كان الطبيب يجلس قبالتها يتفحص كاحلها باهتمام 

اما عن فريد فقد كان يقف بجوارها بجسد متصلب وملامح حانقه من شده الغيره وهو يرى الطبيب يتلمس قدمها وكاحلها براحه ، زفر مطولاً لتهدئه غضبه فهو يعلم ان لمساته ضروريه ولكنه لا يتحمل الفكره من الاساس ، فكر بيأس انه اخطأ بأستدعاء طبيب وفى المستقبل سيكون التعامل مع طبيبه افضل ، نعم هذا ما قرره بصرامه ، اعاده من افكاره صوت الطبيب يسألها بوقار :
-مدام حياة .. رجل حضرتك دى كانت مصابه قبل كده ؟!.. 
هزت رأسها موافقه ببطء ثم اجابته بتردد :
-اها .. وقعت عليها قبل كده وانا صغيره وحصلها شرخ واتجبست ..

تململ فريد فى وقفته بجوارها بعصبيه فقد ظن ان هناك احد ما وراء ذلك الامر ، هز الطبيب رأسه مطمئناً لها ثم اخرج ورقه وقلم من حقيبته دّون بها بعض الادويه ثم استقام من جلسته ليقف مقابلاً لفريد يعطيه الروشته ويحدثه مطمئناً بعمليه شديده :
-اطمن المدام زى الفل .. هو بس حصل التواء بسيط والالم ده كله بسبب اصابه القدم قبل كده .. هكتبلها على مسكن عشان الالم وندهن المرهم ده مع رباط ضاغط وكام يوم وراحه تامه هتبقى زى الفل .. بعد ٣ ايام  تقدر تدوس عليها خفيف وبعد اسبوع تقدر تتحرك عادى .. 

التقط فريد الروشه من يده بجمود ثم تحرك معه نحو الخارج حيث كان احد الحراس فى انتظاره امام الباب ، ودعه بجفاء شديد  ثم التفت براسه موجهاً حديثه لحارسه بنبرته الآمرة يطلب إيصال الطبيب وإحضار الدواء فى الحال .

بعد عده دقائق عاد فريد يجلس قبالتها بهدوء وهو يضع الدواء بجوارها ثم سألها على الفور مستفسراً بنبره خرجت منه حاده دون قصد :
-مقلتليش ليه ان رجلك دى كان فيها مشكله !!.. 
اعتدلت فى جلستها قليلاً وقد اربكتها نظرته الجامده ثم اجابته بترقب قائله :
-انت مسألتنيش وبعدين مجتش مناسبه .. 
انتبه لقلقها فزفر مطولاً وهو يمرر كفه على وجهه ورأسه مستطرداً بضيق:
-هو اللى عمل فيكى كده ؟! .. لو ضربك قوليلى .. 

استوعبت انه يتحدث بصيغه الغائب عن والدها فأجابته بنبره جافه قائله :
-لا دى حادثه عاديه .. وقعت فعلاً ورجلى اتصابت .. 
صمتت قليلاً ثم اضافت بمراره لم تخفى عليه وهى تحنى رأسها للأسفل :
-هو بصراحه عمره ما ضربنى .. بس مين قال ان الوجع بالضرب بس !! .. 

انها تتحدث الان عن اكثر شئ يعلمه جيداً ، تنهد بألم ثم اقترب منها حتى اصبح على بعد خطوات من وجهها ثم مد أنامله اسفل ذقنها ليرفع رأسها إليه ثم رفعها ليتلمس جبهتها برفق ويزيح احدى الخصلات التى سقطت فوق جفونها وهو يتنهد بحراره ثم تحدث إليها بنبرته الحانيه قائلاً:
-انسيه .. كل ده ماضى وراح .. مش عايزك تفكرى في اللى عمله طول مانا معاكى ..

هزت رأسه موافقه وهى تنظر بداخل عينيه ، فى تلك اللحظه رأت صديق طفولتها يطل لها من بين نظراته ، ابتسمت له مطولاً قبل ان تتذكر عصبيته وخوفها منه فى الساعه الماضيه لذلك اختفت ابتسامتها وحلت محلها تقطيبه جاده وهى ترفع يدها لتزيح كفه ببطء وهى تتحدث بطفوليه بنبره معانبه يشوبها دلال فطرى:
-انت قاعد هنا ليه !!.. اتفضل روح مشوارك اللى كنت بتجرى عشانه .. 

تأملها مطولاً بشغف ومبتسماً لها بحنان ، انه يعشقها بجميع احوالها ولكنها تكاد تفقده عقله عندما تعود طفله وتتعامل معه بدلالها القديم ، فهى طفلته قبل ان تكون حبيبته ومنذ ان وقعت عينيه عليها وهو يشعر بالمسئوليه تجاهها لذلك فلتتدلل عليه كيفما شائت فهو موجود فقط ليراضيها . 

التقط كفه يدها وظل يتحسس ظهر كفها ببطء وهو يجيبها بنبرته الحانيه متجاهلاً الرد على جملتها :
-انا هقوم ربع ساعه وارجعلك تكونى غيرتى هدومك عشان تاخدى الدوا .. 

فتحت فمها لتعترض ولكنه كان بالفعل قد تحرك من جوارها نحو خزنتها يعبث بها قلبلاً وهو يغمغم بتفكير :
-بلاش حاجه فيها بنطلون عشان متوجعكيش وانتى بتلبسيها..

بعد دقيقه كان قد انتهى من بحثه فاستدار بجسده ينظر إليها وهو حاملاً بيده قميص بيتى متوسط الطول ، وضعه امامه ثم انحنى يسألها بمكر :
-هتعرفى تلبسيه ولا تحبى اساعدك فيه ؟!.. 

غمز لها بعينيه بعدما انتهى من سؤاله وهو يحرك أصابع يده نحو فتحه عنقها مما جعلها تشهق بخجل ثم تمتمت بعدها بعده كلمات غير مفهومه وهى تدفعه بكلتا يديها ليبتعد عنها ، انحنى بجزعه اكثر ليطبع قبله مطوله فوق شعرها ثم تحرك نحو غرفته وضحكته تدوى بشده من اثر خجلها واحمرار وجنتيها .

عاد إلى غرفتها بعد قليل وهو يرتدى ملابسه البيتيه وقد تعمد التأخر قليلاً حتى تنتهى من تبديل من ملابسها ولا تشعر بالانزعاج من اقتحامه لخصوصيتها ، جلس قبالتها ومال بجسده يلتقط احدى الوسادات الصغيره الموضوعه بجوارها ثم وضعها بجواره وأمسك قدمها بحذر يرفعها ويضعها فوق الوساده ، اجفلت من حركته فحدثها بهدوء قائلاً بصوته الاجش :
-هش .. متخافيش .. رجلك لازم تتلف ..

عضت على شفتيها محاوله اخفاء خجلها الذى ظهر جلياً فوق وجنتيها ، التقط علبه الدهان من جواره وبدء بوضعه بحذر فوق كاحلها ثم بدء بتوزيعه بأطراف أنامله فى حركات دائرية ناعمه ، سرت ارتعاشه بسيطه على طول عمودها الفقرى من اثر لمساته الناعمه واغمضت عينها بقوه محاوله تدارك ذلك الشعور ، انهى هو مهمته وانتهى أيضاً من لف الرباط الضاغط فوق قدمها ورفع رأسه ينظر إليها بعيون داكنه فتفاجئ بها مغمضه العينين وهى تضغط على شفتيها برفق ، رفع قدمها ببطء شديد نحوه ، فتحت هى عينيها مسرعه على حركته تلك وقد ازداد ارتباكها وخجلها بسبب انحصار منامتها إلى نحو ركبيتها تقريباً ، بادلها نظرتها المرتبكة بأخرى راغبه ثم انحنى برأسه يقبل كاحلها بشغف قبل ان يعود ويضع قدمها مره اخرى فوق الوساده الصغيره ، شهقت حياة بارتباك ولَم تدرى  ما الذى يجب عليها فعله فقد ازدادت درجه حراره جسدها بأكمله من أثر تلك الحركه البسيطه التى اصابتها بارتعاشه بداخل قلبها 

تحرك مبتعداً عنها نحو المرحاض لازاله بقايا الدهان من فوق يده ثم عاد إليها مره اخرى يجلس تلك المره بجوارها ويضع بين شفتيها حبه الدواء بدون حديث ، رفعت رأسها ببطء تنظر إليه قبل ان تنحنى براسها نحو يده الممدودة تلتقط بشفاه مرتعشه الحبه من بين أصابعه ، شعر هو الاخر بقشعريرة تتملكه عندما أطبقت شفتيها بنعومه على أصابع يده ولكنها تجاوزها مسرعاً بتحريك جسده للإمساك  بكأس الماء واعطاءه لها ، تجرعته مره واحده لعل ذلك يروى جفاف حلقها ثم ناولتها له مره اخرى بتوتر ملحوظ ، وضعه بجواره مره اخرى ثم مال فى جلسته وهو يرفع قدميه فوق الفراش ليستلقى بجوارها وظهره يستند على الوسائد خلفه ، لف ذراعه حولها ايحاوط خصرها ويقربها منه حتى اصبح رأسها يستند على كتفه مغمغاً لها بأرهاق :
-تعالى ..

فتحت فمها لتعترض ولكن كان  لصوتها رأيى اخر ، رايى يتعارض تماماً مع عقلها ويتفق مع ما تبقى من خلايا جسدها ، كل ما استطاعت فعله هو رفع رأسها لتنظر إليه متسائله :
-تنهد بصبر ثم تحدث إليها مفسراً :
-انتى سمعتى الدكتور قال مفيش حركه .. وانا عارف لو سبتك لوحدك هتكملى نط زى القنفد طول الليل ..

امتلاً وجهها بأبتسامه واسعه لم يستطيع الا ان يبادلها إياها بأخرى سعيده متفهمه قبل ان يحنى براسه ليطبع قبله مطوله فوق شعرها ويستند بعدها بذقنه على مقدمه رأسها، عادت هى تستند برأسها فوق كتفه واضعه يدها المتكوره فوق صدره القوى ، تنهدت باستسلام وهى تغمض عينيها براحه مستمتعه بذلك الشعور الرائع بالدفء الذى اجتاح روحها قبل جسدها ، لقد تربت حياة بالفعل حياة جافه عاطفياً ، فوالدها بالكاد كان يتحمل وجودها فى هذا العالم وكأن خلفه البنات عار وعبء مجبر على تحمله حتى موعد الخلاص ،  حتى انه لم يكن يسمح لأخيها ان يقترب منها بحضن او لمسه اخويه مهما كان السبب للمحافظه على تربيتها وأخلاقها ، اما والدتها فكانت تحتضنها فى الطامات الكبرى فقط  ودون ذلك لم تكن تحصل منها حتى على نظره حانيه ويبدو انها اعتادت ذلك من كثره معاشره زوجها حاد الطباع ، وبالطبع عندما القاها والدها فى احضان رجل بعمر والده هو كانت رافضه له وتكره حتى لمسته لذلك لم تتعلم حتى كيفيه الأحتضان وما هو شعور الاحتواء الذى يتنغنون به فى الاغانى ويتحاكون به فى الأفلام ولكن كل ما كانت تعلمه انها اردات التمسك به بكل قوتها حتى يتسلل إليها اكبر قدر من الشعور بالامان حتى لو أنكر عقلها ذلك ، اما هو فلم يكن حاله بأفضل منها فقد حُرم من حضن الام فى سن مبكّر ورغم تأكده من حب والده له الا انه كان حب ضعيف لا يُسمن ولا يُغنى من جوع حب يشوبه الكثير من علامات الاستفهام ولم يفيده حتى فى الدفاع عنه ضد حقد وغل زوجته .
بعد فتره من الصمت شعرت خلالها بألم قدمها يتراجع بفعل المسكن سألته بنعومه بالغه بصوت يقرب الهمس :
-فريد .. 
اجابها بنبره تماثلها هامساً بجوار اذنها :
-حياة فريد ..
امتلاً وجهها بأبتسامه عريضه من تلك الجمله ذات المغزى وظهرت تلك الابتسامه واضحه فى نبره صوتها الهامس فأضافت متسائله :
-انت ليه مقلتليش انك كنت معايا لما تعبت وانى كنت فى اوضتك ..
حرك ذقنه فوق رأسها ثم اجابها وهو يطبع قبله حانيه فوق جبهتها مفسراً :
-عشان مكنتش عايزك تضايقى انى معاكى وقتها .. وبصراحه اكتر عشان مكنتش قادر ابعد عنك وانتى بتحضنينى ومحتاجانى بالشكل ده ..

ازدادت ابتسامتها اتساعاً وخجلاً من جملته فحركت رأسها تدفنه فى ثنايا عنقه وقد بدءت تشعر بالنعاس يراودها بسبب ذلك الدواء المسكن الذى يحتوى على نسبه بسيطه من المخدر ، شعر هو بخجلها دون ان يراه  فأزدانت شفتيه بابتسامه رضا ثم رفع ذراعه لتعبث أنامله برفق داخل خصلات شعرها ، هتفت بأسمه مره اخرى ولكن تلك المره بصوت مكتوم يغالبه النعاس  :
-فريد هتعمل ايه مع جميله ؟!.. 
اجابها بنبره هادئه :
- كلمتها من تليفون الحارس وطبعا مقدرتش تعترض .. وزمانها قربت توصل .. 
اجابته متوسله :
-طب عشان خاطرى بلاش تزعلها .. فريد جميله بتحب بجد بلاش تقسى عليها ..

تنهد مستسلماً ثم اجابها بنبرته الحانيه وهو لايزال يمسد خصلات شعرها بأصابعه :
-حاضر عشان خاطرك انتى .. 

حرك رأسها ببطء داخل عنقه ثم تمتمت بخفوت :
-ربنا يخليك ليا ..
توقفت يده عن العبث بشعرها لوهله واتسعت مقلتيه بدهشه وهو يزدرد لعابه بقوه ثم سألها بتلهف :
-حياة انتى قلتى ايه ؟!.. 

اجابته انفاسها التى انتظمت فعلم من خلالها انها ذهبت فى النوم تاركه قلبه يتراقص فرحاً من دعوتها البسيطه .

************

فى الصباح استيقظت حياة ورأسها يتوسد صدره ، عقدت حاجبيها معاً وهى تتذكر البارحه قبل ان تغزو شفتيها ابتسامه خافته من ذكرى افعاله الحانيه ، رفعت رأسها لتنظر إليه وتتأمل ملامحه ، انه وسيم بحق وبشكل مثالى يتناسب تماماً مع شخصيته بجبهته العريضه التى تغزوها بعض التجاعيد من كثره العبوس والتى تبدو اكثر وضوحاً عندما يعقد حاجبيه معاً  ، اما انفه فهو حاد شبهه مستقيم بطريقه مثاليه لا يوجد به زياده او نقصان وشفاهه حاده تمثل خط مستقيم أيضاً وممتلئه بأن واحد مع تلك الذقن الغير حليقه والمشذبه بعنايه ، اما اقوى ما يمتلكه فهى تلك العينين الجوزيه والتى تشبهه مناهل العسل فى حاله صفائها وتتحول إلى لون البندق عند الغصب او الانفعال ، يوازيها ذلك العرق الذى ينبض بقوه بجوار فكه مع غمزة خفيفه لا تظهر إلا وقت الابتسامه الحقيقه والتى نادراً ما تحدث ، رفعت أصابعها بهدوء تتلمس ذقنه بحذر شديد ، اما هو فقد استيقظ منذ تململها بين ذراعيه ولكنه تظاهر بالنوم حتى يستمتع قليلاً بدفء جسدها بين ذراعيه ولكنه فتح عينيه فوراً بمجرد ملامستها لذقنه ، اتسعت عينيها بصدمه وارتكبت نظرتها بمجرد اصطدامها بعسليتيه والذىن كانتا الان فى قمه صفائهما ، رفعت يدها  محاوله فك حصار ذراعيه من فوق خصرها لتتحرك بعيداً عنه ولكنه شدد من احتضانها وهو يسألها بصوت أجش ناعم :
-تعالى هنا رايحه فين ؟!.. 
رمته بعدها كلمات متبعثرة :
-اصل انا .. كنت عايزه .. هروح ..
ابتسم له بعبث قائلاً بصوت أجش :
-مش مهم ومش وقته ..

انهى جملته وهو يقترب بشفتيه منها ببطء شديد عندما قاطعه طرقات حاده متواصلة فوق باب غرفتها ، ابتعد فريد وهو يزفر بحنق حتى يفتح ذلك الباب وفى نيته تعنيف من خلفه ، اندفعت جميله نحو الداخل تركض فى اتجاه حياة التى اعتدلت فى جلستها بمجرد رؤيتها ، ارتمت جميله تحتضنها بحنان وهى تسألها بحزن:
-حياة.. الف سلامه عليكى .. ايه اللى حصلك يا حبيبتى لسه دادا عفاف قايلالى ..

ربتت حياة فوق كتفها بحنان مطمئنه وهى تغمغم لها بصدق -الحمدلله يا جميله حاجه بسيطه متخافيش ..

انهت جملتها ورفعت نظرها فى أتجاه فريد لتتبين رد فعله عن دخول جميله المفاجئ وتبعتها الاخيره هى الاخرى لموضع نظرها لتنظر بترقب وهى تبلع ريقها بصعوبه وتوتر ، عقد فريد ساعديه فوق صدره وهو يقف فى وضع استعداد وينظر نحو جميله بجمود قبل ان يحدثها بنبرته الحاده :
-لو خلصتى واطمينتى على حياة اتفضلى بقى هوينا واطلعى بره لحد ما اجيلك ..

رمقته حياة بنظره معاتبه فأردف يقول متشدقاً بجملته :
-متبصليش مينفعش تدخل الاوضه كده وبعدين لسه حسابها معايا طويل .. 

وقفت جميله تنظر إليه بحزن ثم تحركت نحو الخارج برأس منكسه ، تحدثت حياة فور خروجها قائله بإشفاق :
-انت كده كسفتها على فكره .. 

نظر إليها مطولاً قبل ان يقول وهو يتحرك بجسده مبتعداً عنها :
-عشان غبيه ومتسرعة ومتدافعيش عنها بعد اللى حصل امبارح عشان هى السبب فيه .. 

اطرقت حياة رأسها وتنهدت بأستسلام فقلبها يحدثها انها لو استطردت فى الحديث او الدفاع عنها ستكون النتيجه عكسيه لذلك لازمت الصمت ، توقف هو عند مدخل غرفته واستدار برأسه ليردف حديثه قائلاً بتحذير وهو يشير لها بسبابته:
-هروح اخد دش وأغير هدومى .. متتحركيش من مكانك لحد ما ارجعلك وانا هطلب من عفاف تبعتلك الفطار هنا ..

اومأت له برأسها موافقه دون جدال ، ابتسم بحبور عائداً إليها ثم انحنى بجسده نحوها مغمغماً بأعتراض :
-جميله دى نستنى انا كنت بقول ايه .. 
انهى جملته وطبع قبله ناعمه خاطفه فوق شفتيها وهو يتمتم هامساً :
-صباح الخير .. 
اتسعت ابتسامتها وأطرقت برأسها وهى تجيبه بهمس خجول :
-صباح النور .. 

تنهد بحراره وهو يفرك بكفه فروه رأسه مجعداً انفه كأنه يحاول التوصل لقرار ما ثم انسحب بعدها إلى غرفته تاركها تنظر فى اثره وابتسامة حالمه لازالت تعلو ثغرها 

بعد قليل عاد إليها وهو يرتدى بذله رسميه من اللون الرصاصى الغامق وربطه عنق حريرية من نفس اللون أسفله قميص من اللون الاسود مع رائحه عطره المميزه وتصقيفه شعره كان يبدو وسيماً بشكل خطير ، ابتلعت لعابها بتوتر وهى تراه يقترب حتى جلس قبالتها ثم تمتم بأنشغال قائلاً :
-حياة انا لازم اتحرك دلوقتى عندى شغل كتير .. دادا عفاف هتكون معاكى طول اليوم متتحركيش من نفسك ومتنسيش الدوا بتاعك .. 

اجابته بحماس قائله :
-مش هتحرك بس بشرط .. 
تنهد ببطء ثم سألتها بنبرته الحانيه :
-ايه شرط حياتى ..
ابتسمت بخجل ثم اضافت بلهفه :
-اقعد اراجع الملفات اللى المفروض اراجعها معاك بليل ..
عقد حاجبيه معاً ثم اجابها بنبره قاطعه :
-لاء .. 
اجابته بأندفاع وهى تمد كفها لتحتضن كفه بتوسل قائله :
-ليه بس لا!! انا هقعد هنا طول اليوم لوحدى وجميله هتكون بتجهز لبكره وانت هترجع متأخر .. خلى دادا عفاف تطلعهملى وهراجعهم وانا قاعده والله مش هتحرك ..

نظر لها دون رد كأنه يحاول التوصل لقرار فأستطردت بنبره طفوليه متوسله وهى تضغط بكفها على كفه مشجعه :
-فريد بليييييييز !!.. 
زفر بأستسلام ثم اجابها على مضض متردداً :
-ماشى بس بشرط متتعبيش نفسك ومتنسيش أكلك ودواكى وأوعى تتحركى فاهمه ؟!.. 

هزت رأسها عده مرات موافقه وهى تبتسم له بسعاده ثم أردفت تحدثه بتوجس :
-طب فى حاجه كمان .. 
نظر لها لوهله ثم اجابها على الفور دون انتظار سؤالها :
-متخافيش معملتش حاجه عشان وعدتك بس .. بس لو عملت حاجه تانيه لحد بكره هلغى الفرح وانا فهمتها ده ..
صفقت بيدها وعيونها تلمع بسعاده وهى تجيبه بحماس :
-وعد مش هتعمل حاجه تانى ولو عملت يبقى انت عندك حق .. 

هز فريد رأسه موافقاً وهو يرفع يدها المتعلقة بكفه ليقبلها بحب ثم استقام فى جلسته مغمغاً وهو يهندم من وضع لباسه :
-انا هتحرك دلوقتى وزى ما نبهت عليكى .. 
مال نحوها يطبع قبله مودعه فوق شعرها قائلاً بخبث :
-ومتدهنيش رجلك غير لما اجى بليل عشان الموضوع عجبنى .. 

شهقت بخجل واطرقت برأسها للأسفل تدارى ارتابكها مما جعل ضحكته تدوى وهو فى طريقه نحو الخارج .. 

**********

انقضت الايام التاليه على حياة وهى غارقه بين ملفات الحسابات تراجعها بشغف حتى انتهت مما يعادل نصفها تقريباً ، اما عن زفاف جميله فانتهى بدون حضورها رغم توسلاتها الشديده لفربد ولكنه اثر بقائها فى المنزل بحجه راحتها وأوامر الطبيب ، اما السبب الاخر والذى لم يعترف لها به هو قلقه من  تكرار تجربه حفله التوقيع مره اخرى وخصوصا بعدما اجبر والده على دعوه كبار الدوله وهو ابداً لن يسمح بأنهيارها لاى سبب كان ، 
اما عن جميله نفسها فقد سافرت فى اليوم التالى للزفاف بعدما زارت حياة وودعتها بقلب مثقل وهى تتمنى لها الخير مع وعود بالتواصل يومياً والاطمئنان عليها ، وكم احزن حياة فراقها فقد شعرت معها بمشاعر الإخوة والتى لم تتذوقها مع اختها الحقيقه التى كانت تهاتفها مره كل عام وفقط لعده دقائق ومن اجل مصلحه . 

***************
جلس منصور الجنيدى فى مكتبه وهو شارداً فى افكاره بما يتعلق بذلك الماضى القديم ، تنهد مطولاً وهو يتذكر تلك العينين الزرقاوتين التى اخترقت سهامها قلبه منذ اول مره وقعت عينيه عليها فى حفل شراكتهم سوياً ، اللعنه على غريب رسلان وعائلته وذريته وكل ما يتعلق به ، لقد فاز بها قبله ، كم اشتهاها وكم تمنى قربها فغريب ابداً لم يكن يستحقها ، "رحاب " تلك الحوريه التى سرقت قلبه بشعرها المسترسل فوق كتفيها كأشعة الشمس والتى اخذها القدر منه قبل اكتمال مخططه ومحاوله التخريب بينها وبين غريب حتى يستطيع الحصول عليها ، عاد من شرود افكاره على صوت طرقات خفيفه فوق باب مكتبه يليها دخول سكرتيره الخاص متنحنحاً قبل ان يبدء حديثه بجدية قائلاً :
-يا فندم زى ما توقعت .. فريد رسلان اتفق مع الشركه الألمانية هيوردوله مباشرةً ، والتوقيع قريب جداً ..

انتفض منصور من مقعده ليقف امامه ثم تحدث بنبره قويه متوعداً :
-ماشى يابن غريب ال****** ..
التفت ينظر نحو سكرتيره وعيونه تطلق شرراً ثم اضاف بغل :
-النهارده زى ما قلتلك تحيتى توصله وفى بيته فاهم ؟!.. 
اومأ السكرتير رأسه بخنوع قبل إخراجه لهاتفه الخلوى يتحدت لأحد الرجال قائلاً بجديه :
-نفذ ودلوقتى ..

**********

كانت حياة تجلس داخل غرفتها وهى تتأفف بملل ، فبرغم شفائها التام الا ان فريد رفض تحركها الا بعد الرجوع للطبيب والسماح لها لذلك فهى مجبره على البقاء هنا بداخل غرفتها امتثالاً لرغبته والعجيب انها وافقت على ذلك دون جدال 

فى تلك الأثناء وقفت سياره مصفحه امام الباب الرئيسى للفيلا وطل من نوافذها عده رجال ملثمين الوجهه  بأسلحه أليه  وبدءوا بأطلاق النار بعشوائيه نحو مداخل ونوافذ الفيلا ، انتفضت حياة من مقعدها على صوت الرصاصه الاولى تليها وابل من الرصاصات المتتالية ، شعرت بقلبها على وشك التوقف من شده الهلع والذعر مع دوى الرصاصات المتلاحقة وهى حبيسه الغرفه بمفردها ولا تدرى ما الذى يحدث بالأسفل ، لم تعلم ما الذى يجب عليها فعله لذلك وبدون تفكير وجدت نفسها تزحف بجسد مرتجف نحو هاتفها الموضوع فوق الفراش تطلب رقمه بأصابع مرتعشه ، فدون ادراك منها شعرت فى تلك اللحظه ان صوته هو مصدرالامان بالنسبه لها وهو أيضاً اخر شئ تود سماعه اذا اصابها مكروه 

اما  فريد فكان فى ذلك الوقت بداخل اجتماع هام مع مدراء الأفرع لمناقشه خطه السنه القادمه، نظر بتأفف نحو شاشه هاتفه التى أضاءت امامه بصمت ليجد اسمها يسطع بداخله ، عقد حاجبيه معاً وهو يفكر بقلق فهى المره الاولى التى تحاول الوصول إليه وهو بالعمل ترى ما هو الامر الهام الذى دفعها لذلك ، التقط هاتفه مسرعاً يجيبها ويطمئن عليها ، صرخت هى بأسمه من بين شهقاتها المتلاحقة تستنجد به قائله :
-فريد الحقنى .. فى ضرب .. نار بره .. انا خايفه ..
انتفض فريد من مقعده على صوت احد الرصاصات التى اخترقت مسامعه بقوه ، صرخ بها بلهفه وهو يركض نحو الخارج برعب حقيقى يحذرها قائلاً :
-خليكى مكانك اوعى تتتحرررركى .. ابعدى عن الشباك والباب .. اتحامى فى حاجه وانا ثوانى وهكون عندك .. متخافيش انا مش هسيبك .. 

انهى اتصاله معه وهو يركض نحو الدرج ليستخدمه اختصاراً للوقت ، وصل إلى الباب الرئيسى للشركه وصرخ بحراسه وهو يستقل سيارته ليتحركوا سريعاً دعماً لأصدقائهم فمنذ حادثه التسمم  السابقه قد أعطى امر بأنقسامهم نصفين ، نصف  للبقاء حول الفيلا والنصف الاخر للتحرك معه  أينما ذهب ، كان يسابق الزمن ليصل إليها فى اسرع وقت وأكثر ما كان يقلقه هو عدم اجابتها على الهاتف عندما حاول الاتصال بها مره اخرى ، دوت دقات قلبه كالطبول وشعر بالاختناق يصيبه وعقله يهيأ له اسوء الاحتمالات حدوثاً 

بعد ١٠ دقائق من إطلاق النار المتواصل والذى ادى إلى تحطيم جميع نوافذ الفيلا وتناثرالطلقات فوق الجدران وأصابه احد الحراس بقدمه هدء الصوت وانسحب الملثمين بسيارتهم وعم السكون المكان . 

اما عن حياة فحتى بعد وقف إطلاق النار ظلت جالسه فوق الارضيه الخشبيه بجوار الفراش وهى تضم ركبيتها إلى صدرها وتحيطاهما بكلتا ذراعيها دافنه وجهها الباكى بينهما وهى تحرك جسدها بقوه من شده التوتر والرعب منتظره قدومه 

 وصل فريد فى الثوانى التاليه وهو يلهث بقوه من شده الغضب والرعب فوجد جدران الفيلا متراشقه جميعها ببقايا الرصاص المنثور فوقها وجميع حراسه محاوطين زميلهم الملقى على الارضيه مصاباً ينتظر قدوم سياره الاسعاف لنقله ، أعطى الامرلرئيس حراسه على عجاله ان يتولى آمره ثم اكمل ركضه نحو الداخل ليستقل الدرج وهو يهتف بأسمها برعب حقيقى 

دفع باب غرفتها بحده وهو لازال يهتف بأسمها بلهفه فوجدها جالسه فوق الارضيه تحتضن جسدها بذعر ، بمجرد رؤيتها له قفزت من جلستها ترتمى داخل احضانه بكل ما أوتيت من قوه حتى ترنح جسده للخلف قليلاً وهو يلتقطها داخل احضانه ، اعتصر جسدها بين ذراعيه وهو يتحسسه برعب ليتأكد من عدم وجود اى اصابه بها  ، شددت هى من احتضان ذراعيها المنعقدين حول عنقه وهى تنتحب بشده وتسأله من بين شهقاتها اذا اصابه مكروه ، ابتعد عنها قليلاً  لينظر إليها بلهفه محاوطاً وجهها بكفيه ليسألها من بين انفاسه اللاهثه :
-انتى كويسه صح ؟!.. 

هزت راسها عده مرات وهى تزدرد ريقها بصعوبه ثم رفعت كفيها المرتعشتين تضعها فوق صدره وتتحسه كأنها تتأكد من وقوفه امامها حقاً معافى 

بدء هو فى تقبيل وجهها بالكامل بشوق جارف غير عابئاً بحذره الذى كان يتمسك بِه خلال الايام السابقه ، قام بتقبيل جبهتها وانفها وجفونها ووجنتها وشفتيها وذقنها ومقدمه عنقها وكل ما يقع عليه نظره وهو يردد من بين قبلاته كأنه يحاول طمأنه نفسه وليس طمأنتها :
-حياتى انتى كويسه .. حبيبتى انتى كويسه .. متخافيش انتى كويسه يا عمرى كله .. 

اما هى فلم تعترض ولم تُبالى كأن قبلاته هى الشئ الوحيد الذى يقنعها انها لازالت على قيد الحياة وانه هو كذلك يقف امامها بجسده كاملاً ، رفعت ذراعيها مره اخرى تحاوط  عنقه ضاغطه بجسدها فوق جسده لتسمد منه الامان محاولة اخفاء وجهها بداخل كتفه وهى لازالت تبكى بقوه ، زفر فريد عده مرات مطولاً يحاول استعاده هدوءه بعدما اطمئن عليها وهو يربت على ظهرها بحنان حتى هدئت وسكنت بين ذراعيه 

بعد توقف نحيبها حملها وتوجهه بها نحو الفراش ليجلس فوقه وهو لا يزال يحملها بين ذراعيه ، ظلا هكذا فتره من الوقت حتى هدءت اعصاب كلاً منهما وانتظمت دقات قلوبهم وهما فى حضن احدهما الاخر ، وبعد فتره ليست بقليله حاول فريد إنزالها ووضعها فوق الفراش ولكنها تمسكت بقميصه بقوه مغمغه بتوسل وهى مغمضه العينين :
-لا خليك معايا متمشيش .. 

تنهد براحه وهو يمسح فوق شعرها بحنان ثم اجابها بنبرته الناعمه :
-انا هنا عمرى ما هسيبك .. 

حكت رأسها بمقدمه ذقنه كعلامه موافقه على حديثه  ، وبعد مده طويله من جلوسها داخل احضانه شعر بأنتظام انفاسها فوق عنقه فعلم انها ذهبت فى نوم عميق ، تحرك بها بحذر ليضعها فوق الفراش فى وضع اكثر راحه ثم انسحب من جوارها بهدوء ، ظل فتره واقفاً يتأملها محاولاً استجماع ارادته واجبار عينيه وساقيه على التحرك من امامها 

اللعنه انه يريد العوده والاندساس داخل أحضانها والاستمتاع بدفء انفاسها الواقع على عنقه ووجهه بصرف النظر عما ينتظره بالأسفل ، فعقله يحدثه بضروره التحرك لمعاقبه من سولت له نفسه بالتعدى على منزله وفى غيابه وايضاً الاطمئنان على حارسه المصاب والذى تركه بالأسفل منذ ما يقارب الساعه دون معرفه التفاصيل ، اما قلبه فهو مكبل بحبها يريد قربها بيأس حاله حال عينيه وباقى جسده ، زفر بأستسلام وقد حزم أمره ، فحياته دائما فى المرتبه الاولى وما تبقى مهما بلغت أهميته  يأتى خلفها ، لذلك عاد مره اخرى يتسلقى بجوارها وهو يجرها نحوه ويحتضنها بكلتا ذراعيه حتى يرتاح قلبه داخل ضلوعه وهى بين يديه .
استيقظ فريد من غفوته بجوارها على صوت أزيز هاتفه الموضوع فوق الكومود بجواره ، التقطه ينطر بشاشته قبل ان يجيب وهو يتأفف بملل فالمتصل لم يكن سوى والده وهو يعلم جيداً فحوى ذلك الاتصال لذلك اجابه بضيق ساخراً :
-مش محتاج اسأل عن سبب اتصالك ده .. 
اجابه غريب من الطرف الاخر متشدقاً بحنق :
-مش عايزنى اطمن عليك كمان!!! ..
اجابه فريد وهو يعود لاحتضان حياة التى بدءت تستفيق على اثر مكالمته قائلاً :
-لا اتفضل اطمن براحتك ومتفكرش انى مش عارف مين اللى بينقلك كل حاجه .. انا بس سايبه بمزاجى ..

صدح به غريب بقوه حتى وصل صوته من الهاتف إلى مسامع حياة قائلاً بعصبيه :
-يابنى انت عايز تجننى !! ايه البرود اللى عندك ده !! اضرب نار على بيتك وانت بتكلمنى فى مين اللى وصلى الخبر !!عمتاً انا بعتلك شويه حرس زياده يفضلوا معاك الفتره دى لحد ما نشوف اخرتها مع الزفت منصور ده اكيد هو السبب ..

تشنجت ملامح وجهه فريد وابعد الهاتف عن اذنه قليلاً حتى انتهى والده من صياحه ثم اجابه ببرود مستفز :
-متشغلش بالك بمين ضرب نار على مين وبعدين انا مش عايز حاجة من حد .. امورى وانا هظبطها بمعرفتى .. المهم انت متدخلش .. 
اجابه غريب بأستسلام :
-انا عارف ان مفيش فايده فيك وكلامى كله ع الفاضى معاك .. عمتا نكمل كلامنا بكره فى الشركه .. 

اراد فريد إنهاء المكالمه بأسرع ما يمكن لذلك لم يجادل والده اكثر وانهى المكالمه دون تعليق ، ظلت حياة تراقبه حتى انتهاء مكالمته ثم بدءت تحدثه بهدوء قائله :
-فريد .. بباك عنده حق .. انت لازم تزود عدد الحراسه معاك لحد ما تعرف مين اللى عمل كده ..

تأملها مطولاً بعشق ثم تنهد بحراره وهو يدنى بجسده من جسدها ثم احنى رأسه يطبع قبله فوق جبهتها قائلاً بحنان :
-تعالى ..
احتضنها جيداً وحاصر جسدها بذراعه ثم أردف حديثه بنفس نبرته الحانيه قائلاً :
-متخافيش ومتقلقيش انا عارف مين عمل كده والموضوع ده هيخلص قريب ..

تنهدت حياة بأستسلام ورأسها يتوسد صدره ثم أردفت قائله بتردد :
-فريد .. ينفع اسالك سؤال ..
اجابها وهو يعبث بخصلات شعرها مجيباً بحب: 
-اسألى يا قلب فريد ..
رفعت حياة جسدها مستنده على مرفقها لتنظر إليه متسائله بترقب :
-انت عارف مين اللى عمل كده صح؟!..
اومأ برأسه موافقاً دون حديث ، ازدرت حياة ريقها بقوه ثم استطردت سؤالها بأستنكار :
-طب ليه كل ده ؟!.. ليه يعمل كده ؟!.. 
اغمض عينيه لبرٌهه يتذكر حديث والده عن اكتشاف حب منصور لوالدته وكرهه الواضح لفريد دون مبرر ثم فتحهما مره اخرى قائلاً لها وهو لازال يعبث بمقدمه شعرها :
-واحد من منافسين السوق .. مش قابل اننا نتفوق عليه ..

زفرت حياة بحزن ثم استطردت قائله بضيق :
-هو فى حد يعمل كده عشان الرزق ده كله بتاع ربنا !!! طب وبعدين هتعمل ايه دلوقتى .. 
اعتدل فريد بجسده حتى اصبح امامها ثم اضاف وهو يحتضن كفها بكلتا يديه قائلاً بحنو :
-متشغليش بالك انتى زى ما قلتلك الموضوع هيتحل قريب .. بس دلوقتى انا لازم اتحرك ورايا كام مشوار .. 

تبدلت نظرتها للقلق  وتمسكت بيده بقوه متمته برعب :
-لا متمشيش ..

اجابها فريد وهو يحتضنها بين ذراعيه قائلا تبرير :
-حبيبى انا مش هغيب بس فى حارس اتصاب ولازم اروح اطمن عليه مش هينفع اسيبه كده وكمان لازم افهم ازاى كل ده حصل ..

شدت من احتضان ذراعيها حول جسده متمته بتوسل :
-لا متسبنيش لو مصمم تنزل خدنى معاك ..
اجابها فريد بحزم حانى :
-حياة مش هينفع انا هروح المستشفى وبعدين متخافيش هسيب ناس معاكم هنا جوه الفيلا كمان للاحتياط ..
هزت رأسها بقوه وهى لازالت تحتضنه قائله بأصرار :
-لا مش عايزه حد .. يا اجى معاك يا تفضل هنا ..
انهت جملتها ورفعت رأسها تنظر إليه بعيون لامعه من اثر تجمع بعض الدموع بداخلها ، تنهد بأستسلام بمجرد رؤيته لدموعها ثم قال على مضض :
-ماشى خلاص قومى حضرى نفسك واعملى حسابك ننتعشى بره .. 

قفزت من الفراش بحماس كالطفله وهى تركض نحو غرفتها متمته بنبره تملؤها الحماس :
-حاضر ربع ساعه وهكون جاهزه ..

************

كانت جيهان جالسه بجوار غريب تستمع إلى مكالمته وعيونها ممتلئه بالتشفي ، سالت غريب بعد انتهاء مكالمته متلهفة  :
- غريب هو حصل ايه ؟!!..
زفر غريب بضيق وهو يعود بجسده للوراء ليستند على ظهر مقعده قائلاً بحزن :
-فى حد ضرب نار على البيت عند فريد 
..
سألته جيهان بخبث مستفسره :
-نار مره واحده !!! وفى بيته كمان !!! طب حد حصله حاجه ؟؟!..
اجابها غريب بعدما تنهد براحه :
-لا الحمدلله جت سليمه .. وأضح ان اللى عمل كده كان قاصد يهوش بس .. كل الضرب كان على الشبابيك والمداخل ..

أردفت جيهان تسأله بتفكر :
-طب ويا ترى عرفتوا مين اللى عمل كده ؟!!.
اجابها غريب مسرعاً :
-مش محتاجين نعرف هو منصور زفت مفيش غيره ..

هزت جيهان رأسه ببطء ونظراتها شاردة فى مكان اخر، نظر لها غريب مطولاً بأستنكار يتأمل سكوتها ثم سألها متوجساً :
-جيهان اوعى تكونى !!!!..

صاحت به جيهان بعصبيه قائله بحنق :
-جيهان جيهان !!! جيهان زهقت منك انت وابنك كل ما تحصله مصيبه تجيبوها فيا !! روح شوف ابنك اللى مش مخلى حد فى السوق مش عامل معاه عداوه .. 

لم يجد غريب ما يجيبها به فقط اكتفى بالانسحاب من تلك الجلسه الغير مجديه اما عن جيهان فقد غمغمت بسعاده قائله بعيون تلمع من شده الحماس :
-والله زمان يا منصور .. شكلنا هنعيد القديم تانى .. كويس انك ظهرتلى قبل ما أتورط لوحدى 

**********

انتها كلاً من فريد وحياة من زياره الحارس الخاص بالفيلا وتفاجئت حياة ان المصاب ليس الا ذلك الحارس الذى ساعدها فى اول يوم لها بالمنزل لذلك حزنت من اجله كثيراًوتمنت له الشفاء العاجل من كل قلبها الامر الذى اسعد الحارس كثيراً 

وبعد انتهاء زيارتهم اصطحبها فريد الى احد أفخم مطاعم الاسكندريه والمطل مباشرةً على البحر ، ومنذ وصولهم وأثناء فتره العشاء كان فريد مراعياً إلى اقصى درجه ممكنه حتى يستطيع اذابه ذلك الارتباك الذى تحمله نظراتها طوال الامسيه وبعد انتهاء وجبه العشاء تتهد فريد مستعداً قبل يحدثها بلهجته حازمه لا تحمل مجالاً للتراجع :
-حياة .. من اول الليله دى هتنامى معايا فى اوضتى .. انا عطيت امر لدادا عفاف تنقل حاجتك كلها معايا .. 

استحوذ على انتباهها بالكامل بمجرد نطقه لتلك الكلمات ، فازدردت لعابها بقوه وقد بهتت ملامحها وظهر التوتر جلياً عليها  قبل ان تسأله بنبره منخفضة مترقبه :
-يعنى ايه ؟؟!.. 

اخذ نفساً عميقاً ليستطرد قائلاً بنبره عمليه جاده :
-يعنى انا اوضتى أآمن من اوضتك غير انى مش هطمن بعد كده وانا فى مكان وانتى فى مكان حتى لو كان الفاصل باب .. عشان كده هتنتقلى معايا لحد ما احل المشكله دى ..

ظلت تنظر إليه ولم تعقب ولكن من قال انه يحتاج صوت ليفهمها فقد التقطت عينيه حيرتها بسهوله فأضاف بنفاذ صبر قائلا نبره خاليه  :
-متبصليش كده انا مش عضك .. ومفيش اى حاجه هتحصل بينا غير بموافقتك .. وبعدين قررى يا انا انام عندك يا العكس .. 
لوت فمها بضيق فهى من جهه تعلم ان كلامه منطقى وهى نفسها تخشى الابتعاد عنه خاصهً بعد ما حدث اليوم ومن جهه اخرى يراودها احساس قوى ان ذلك القرار لن يَصْب فى صالحها ابداً ، اما قلبها فكان له رأيى ثالث لن تجرؤ حتى على الاستماع إليه 
اما عن فريد فكان يجلس مترقباً ينتظر قرارها والذى بناءاً عليه سيقرر اذا كان سيستمر فيما انتوى فعله معها لبدء حياة طبيعيه بينهم ام انه سينتظر قليلاً بعد ، زفرت بتوتر ثم اجابته مسرعه كأنها تخشى التراجع فى قرارها :
-اوك .. 

امتلئ وجهه فريد بأبتسامه واسعه فبرغم وضعه لخطه بديله فى حاله رفضها او عنادها الا انه أسعده كثيراً ان توافق بملئ ارادتها فهذا معناه انها أصبحت مستعده ولو بنسبه بسيطه لمشاركته حياته ، تنحنح محاولاً السيطره على مشاعره ونبره صوته قبل ان يستطرد حديثه قائلاً بجديه شديده :
-تمام دى اول نقطه .. تانى نقطه ان من اول بكره هتنزلى معايا الشركه .. 

نظرت إليه مطولاً وهى تعض على شفتيها لمنع لسانها من الاندفاع  فهى تعلم جيداً انه لن يحتاج التفوه بأكثر من ذلك لتهتف بحماس بموافقتها فهى تكاد تموت مللاً من الجلوس بالمنزل طوال النهار بمفردها ، ولم تعى مدى اشتياقها للعمل الا بعدما رمى إليها كل تلك الملفات التى راجعتها كالنهمه ، ولكن لا ضير من اثاره حنقه قليلاً ،  لذا سألته مستفسره بأستفزاز :
-هعمل ايه فى الشركه ؟!.. 
رفع احدى حاجبيه ينظر إليها متأملاً   قبل ان يتشدق بجملته ساخراً :
-فى تمثال نقص من الشركه ومحتاجين حد بداله !!..

نظرت إليه فى بادئ الامر مستنكره قبل ان ترتخى نظراتها وتسأله بتهكم قائله :
-وعلى كده بتدفعوا حلو للتماثيل بتاعتكم ؟!.. 
التوى جانب قمه بنصف ابتسامه قبل ان يجيبها قائلاً بسخريه :
-مكنتش اعرف انك ماديه كده !!! .. 

اتسعت ابتسامتها وبدءت عيونها تلمع ببريق تسليه أعجبه بشدة قبل ان تضيف مشاكسه :
-وانا مكنتش اعرف انك شايفنى تمثال !! ..

فتح فمه ليجيبها ولكن فى تلك الأثناء مرت من خلف حياة امرأه كانت تبتسم لفريد بأغراء وهى تلوح له بيدها بدلال واضح ، فى بادئ الامر عقد حاجبيه محاولاً التذكر اذا كانت من معارفه ام لا قبل ان يشيح بنظره بعيداً عنها بعدم اهتمام ، التقطت حياة نظرته المتفحصة  فالتفت برأسها للخلف تنظر حيث تركيز نظراته  فتفاجئت  بتلك المرأه تشيح بنظرها بأرتباك بعيداً عنه ، استدارت برأسها بحده تنظر إليه بغضب وتمتم بحنق واضح :
-عيب كده على فكره !!! .. 

سألها فريد بعدم اهتمام واضح :
-هو ايه اللى عيب بالظبط !!..

ازداد حنقها من انكاره فأجابته بنبره حاده :
-انت عارف كويس انا بتكلم على ايه متلفش وتدور !! ..

ضيق نظراته عليها قبل ان يسألها مستفسراً وهو يضغط على حروف كلماته :
-اولاً مش فريد رسلان اللى يلف ويدور فلو انتى عندك حاجه عايزه تقوليها وضحى !! ثانياً دى واحده ***** شافت نفسها حلوه شويه فقالت اجرب يمكن اطلع منه بحاجه وثالثا ودى اهم نقطه .. حياة انتى غيرانه ؟!.. 

ارتبكت نظرتها قليلاً امام نظرته المتفحصة ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها لتقول بتعلثم واضح :
-لا انا مش غيرانه .. بس مش عايزه الناس تتكلم عليا وتقول ياعينى قاعد مع مراته وبيبص لغيرها .. 

مال بجسده حتى اصبح وجهه على بعد خطوه واحده منها ثم قال بنبره ناعمه صادقه :
-انتى معايا ولا مش معايا ولا مليون واحده غيرك تملى عينى .. وبعدين هتفرق فى ايه لو انتى مش قدامى وانتى دايماً هنا ..

انهى جملته والتقط بيده كفها الموضوع فوق الطاوله ورفعه حتى موضع قلبه ثم قام بفرد أصابعها فوقه وهو لازال محتضناً كفها بكفه ، التمعت عيونها بسعادة واتسعت ابتسامتها رغماً عنها وهى تنظر مباشرةً فى عسليتيه ، أردف هو حديثه قائلاً بهمس ناعم وهو يقترب بشفتيه من شفتيها 
-وبعدين ممكن نثبت للناس دلوقتى انه جوزك بيحبك انتى .. 

شهقت بخجل وعادت برأسها للخلف مبتعده عنه وهم تغمغم بكلمات غير مفهومه مما جعله يقهقه عالياً ، تسمرت نظرتها فوقه وهى تتأمل ضحكته بتلك الغمزه الوحيده التى حفرت بداخل خده من اثر ابتسامته الحقيقه قائله بأعجاب واضح :
-ضحكتك حلوه اوى !!! المفروض اللى زيك مييطلبش يضحك ابداً .. 

كانت تريد الان العض على لسانها ذلك الذى تفوه الليله بكثير من الحماقات اما هو فقد لمعت عيونه بسعادة واضحه ثم تمتم لها وهو يتأمل عينيها قائلاً بعشق :
-واللى زيك المفروض يخبوا عيونهم عن الناس لان عيونك دى فتنه وانا اتفتنت بيها من اول فتحتيهم فى وشى ..

شعرت بحراره جسدها تزداد من أثر كلماته ونبرته الهامسه ويده التى لازالت تحتضن يدها بتملك ونعومة  لذلك اثرت الهرب من ذلك الموقف فسألته بأرتباك واضح :
-فريد ممكن نروح..

كان يعلم حيداً انها تراوغ ولكن يكفيه ما حصل عليه منها الليله لذلك اومأ لها برأسه موافقاً قبل ان يطلب من حارسه إنهاء الحساب والتوجه بها نحو الخارج وهو لايزال يحتضن يديها بين يديه 

***********

فى الصباح استيقظت حياة بحماسه لتجد نفسه نائمه بين ذراعيه وراسها يتوسد صدره ، عقدت حاجبيها بتركيز فهى تتذكر جيداً ان البارحه حاولت الحفاظ على مسافه بينهم حتى لا يظن انها ترتمى داخل احضانه كلما اتاحت لها الفرصه ، اما عن فريد فقد استيقظ بالطبع كعادته بمجرد تململها بين ذراعيه ، فتح عينيه ينظر لها بأبتسامه عابثه دون حديث ، سألته هى بتقطيبه واضحه مستفسره :
-بتضحك على ايه ؟!.. 

هز رأسه نافياً فى حركه تنم عن عدم نيته فى الاجابه عن سؤالها  لذلك انسحبت من الفراش وتحركت قبله لتستعد وترتدى ملابس العمل ، اما هو فقد ظل ينظر فى اثرها بأبتسامه واسعه وهو يتذكر فى منتصف الليل وبعدما اصرت على وضع وساده فاصله بينهم حتى يلتزم كلاً منهم بموضعه تفاجئ بها تقوم برميها بعيداً قبل ان تقترب منه طالبه النوم بين ذراعيه ، تنهد بحراره قبل ان يقرر وهو الاخر التحرك والاستعداد لبدء يومه المشحون .

بعد قليل كانت حياة تقف امام الجزء الخاص بملابسها امام خزانه فريد العريضه تحاول اختيار رداء اليوم ، لوت فمها بسخريه وهى تفكر بيأس ان خزانه ملابسه تعادل حجم غرفتها بمنزل والدها بعدما احتلت هى نصفها تقريباً فقد قامت السيده عفاف بنقل جميع ملابسها الذى انتقاها لها فريد منذ زواجهم والتى لم تمس اى منهم حتى الان ، حانت منها التفاته جانبيه لذلك الكم من البدل النسائية بألوانها المتنوعة  واقمشتها الناعمه ، انها تحتاج الان إلى اراده فولاذية حتى لا تمتد يدها وتنتقى احدهم من اجل ايبوم ، كانت غارقه فى تأملاتها ولم تشعر بحركته الا وهو يقف خلفها ليحتضن خصرها بكلتا يديه ويحنى رأسه ليستند بذقنه فوق كتفها ويهمس بجوار اذنها قائلاً ويده تمتد إلى بدله ذات ستره طويله من اللون الاسود مع بنطال من الجينز الفاتح قائلاً بصوت أجش :
-البسى دى هتبقى تحفه عليكى ..
 حركت رأسها قليلاً حتى تستطيع رؤيته فأردف يجيب على سؤالها الذى لم تنطق بِه قائلا بحراره :
-الاسود بيليق اوى مع لون عينيكى وشعرك ومفيش لون ممكن يعبر عن طبيعتك المتمردة غيره .. 

انهى جملته وفك حصار ذراعيه من فوق خصرها قائلاً بلطف وهو يضع قبله ناعمه فوق وجنتها :
هسيبك واروح البس فى الحمام وانتى البسى براحتك .. 

ظلت تنظر فى اثره حتى اختفى من امامها قبل ان تتحرك لتنفيذ مطلبه دون وعى او حتى اعتراض واحد

بعد فتره لا بأس بها كانت حياة تقف امام مبنى الشركه والمكون من عده طوابق نوافذه جميعها من الزجاج العاكس وفريد يقف بجوارها  يضغط بيده على يدها ليحثها على التقدم والدخول ، حركت رأسها تنظر إليه محاوله استمداد شجاعتها منه ولكنه كان ينظر إلى الامام بجبين عابس وملامح شديده الجديه كأنه يستعد لدخول معركه ما ، ابتعلت ريقها بصعوبه وهى تتأمل تبدل ملامحه ، فكرت بيأس ان تعود بأدراجها حيث المنزل فقد تخلت عن الفكره بأكملها كما ان فريد بهيئته تلك يبدو من نوعيه المديرين التى لا تفضل ابداً التعامل معهم او العمل تحت إمرتهم بأى شكل كان ، كما انها تفضل فريد الذى بالمنزل عن ذلك الذى يتحرك بجوارها ويرمى الجميع بنظرات ناريه دون سبب مقنع 

استأنفت طريقها بجواره بصمت شاعره بالتوتر من كم النظرات المسلطه عليها ما بين معجب وحاسد ومستنكر ومترقب حتى وصلا إلى الطابق الثالث حيث غرفه مكتبه ، توقف عن السير امام مكتب سكرتيرته الخاصه يأمرها بجمود دون ان يتكلف حتى عناء النظر نحوها قائلاً بحده :
-اطلبى مدير الحسابات وقوليله يحصلنى ع المكتب بعد عشر دقايق .. عشر دقايق بالظبط ومش قبل كده ..

شعرت حياة بالشفقة كثيراً على تلك الموظفه والتى  يبدو الارتباك جلياً على مظهرها وملامحها وهى تستمع إلى تعليماته الصارمة وفكرت بيأس اذا لم تكن هى حياة خاصة فريد كما يلقبها كيف كان سيتعامل معها وهو مديرها الخاص ، انها لا تريد حتى التفكير فى ذلك الامر ، تنحنحت محاوله تلطيف الجو من حولها قليلاً لذلك وجهت حديثها للسكرتيره قائله بود شديد: 
-صباح الخير ..
بادلتها السكرتيره ابتسامتها بأخرى مرتبكه وهى تغمغم بحذرقائله :
-صباح النور يا فندم ..

سحبت حياة يدها من داخل يد فريد ووجهتها نحو السكرتيره مبادره بتحييتها وهى تسألها بوجهه بشوش :
-انا اسمى حياة .. انتى اسمك ايه ؟!..
مدت السكرتيره كفها مسرعه تحتضن يد حياة وتحركها بترحاب شديد وهى تتمتم باحترام  :
-ايوه طبعا يا فندم انا شفت حضرتك فى حفله التوقيع .. انا اسمى ايمان ..
هزت حياة رأسها باستحسان وهى تجيبها بمرح :
-اسمك جميل يا ايمان ..

قاطع حديثهم صوت فريد الذى هتف بأسم حياة بنفاذ صبر وهو يتململ بجوارها مما جعلها تلتفت برأسها تنظر داخل عينيه لتستبين حالتهم ، اتسعت ابتسامتها وهى تنظر إليه فبرغم نبرته الحاده  الا انه مازال محافظاً على صفاء عينيه اذا فهى لازالت فى مرحله الامان ، اثرت التحرك قبل اثاره غضبه بحق ولكنها اثناء تحركها معه داخل مكتبه استدرات بجسدها تلوح لايمان بمرح وهى تتمتم مسرعه :
-هجيلك تانى ..

فى الداخل سألها فريد بنبره خاليه :
-خلصتى تعارف ولا تحبى اجيبهالك تكملى هنا ..
مدت حياة شفتيها للأمام فى حركه طفوليه منها لتعبر له عن حزنها دون حديث ، استطردت هو حديثه الجامد محذرا بضيق :
-كام مره قلتلك متعمليش الحركه دى ..
اندفعت تجيبه بتذمر واضح :
-أنت بتتعصب عليا ليه دلوقتى !!! انا اصلا متوتره وخايفه من غير حاجه ..

تنهد باستسلام ثم تحدث وهو يتحرك بها نحو مكتبه ليستند بجسده على حافته وتقف هى مقابله له محضتناً كلتا كفيها بين يديه ومتسائلاً بهدوء :
-ها يا ستى متوتره ليه بقى ..
اجابته بضيق وهى تضغط بيدها على يده :
-انت مش شايف كلهم بيبصولى ازاى .. تلاقيهم فاكرينى جايه اتفسح بما انى مرات المدير ..
اجابها فريد مازحاً :
-لازم يبصولك مانتى مراد فريد رسلان .. المدير ..
تشدقّت حياة بجملتها بحنق قائله :
-مغرور اوى على فكره..
رفع فريد احدى حاجبيه ينظر إليها محاولاً تصنع الغضب وقائلاً بجديه :
-انتى عارفه ان محدش غيرك بيقدر يقولى كده ؟!..
اجابته ساخره :
-تلاقيهم بيقولوا من وراك عادى ..
سألها بتهكم :
-وانتى بقى الشجاعه اللى فيهم ؟؟!..
اجابته بفخر وهى ترفع راسها للاعلى:
-اها .. عشان انا الوحيدة اللى عارفه فريد زمان .. يعنى انا صاحبه عمره وأقدر اقول اى حاجه براحتى .. 

نظر لها مطولاً دون حديث .. كانت تعلم جيداً ما يريد قوله لها دون الحاجه لنطقه للكلمات ، قاطع حديث عيونهم طرقه خفيفه فوق الباب ، سمح فريد للطارق بالدخول وقد كان مدير الحسابات اومأ له فريد رأسه فى تحيه شديده الجفاف قبل ان يقول بعمليه شديده :
-ابراهيم .. دى الاستاذه حياة "مراتى " .. هتبدء معاك من النهارده فى مراجعه الحسابات وهيكون فى ايديها كل الصلاحيات يعنى تتعاون معاها على قد ما تقدر ومش عايز مشاكل .. فاهمنى ؟!.. 

اومأ المدير رأسه لفريد بخضوع تام موافقاً على حديثه قبل ان يرفع راسه لتحيه حياة بأدب :
-اهلا وسهلاً يا حياة هانم شرفتينا .. 

اندفعت حياة تجيبه بمرح وهى تمد يده لتحييته وهى تبتسم لها ابتسامتها الواسعه
-لا هانم ايه .. حياة بس طبعاً .. 
امتلئ وجهه الرجل بابتسامه عريضه وهو يردد من ورائها :
-حياة .. 
انتفض فريد فى وقفته وهدر بالمدير بعصبيه واضحه لم يحاول إخفائها :
-تقولها حياة هانم وبعدين اتفضل انت دلوقتى ولو احتاجتك هناديلك .. 

فتح الرجل فمه ليعترض ولكن نظره فريد جعلته يتراجع على الفور ويهرول نحو الخارج فى عُجاله ، استدار فريد يهتف بها بعصبيه :
-انا جايبك هنا تهزرى ولا تشتغلى !!! .. 
فتحت فمها لتجيبه وقد ارعبتها نظرته ولكنه رفع يده يوقفها مستطرداً بغضب شديد :
-رجعت فى كلامى .. مفيش شغل ومفيش شركه والنهارده هتقضيه طول اليوم جنبى فى المكتب من غير صوت ولا حركه ولا نفس لحد ما اخلص بليل ..فاهمه !! .. 
صمت قليلاً محاولاً تهدئه غضبه ثم أردف  رافعا إصبعه فى وجهها محذراً :
- اقسم بالله لو اتعاملتى معاه او مع اى راجل كده تانى هتشوفى منى وش تانى مش هيعجبك ابداً يا حياة .. ومتضحكيش لاى حد مهما كان السبب !! فاهمه !! ..

هدر بقوه فى كلمته الاخيره مما جعلها تنتفض رعباً وبدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها  ثم انسحبت بهدوء تجلس فوق احد المقاعد حتى تتجنب المزيد من غضبه فحركه جسده ونظرته تخبرها انها تخطت خطوطها الحمراء . 

*********

فى منتصف الظهيرة واثنا عوده نيرمين من النادى الرياضى صادفت والدتها خارجه من المنزل على عجاله، استوقفتها نيرمين تسألها بأستنكار :
-مامى !! انتى رايحه فين .. 

تفاجئت جيهان بعوده ابنتها باكراً فهى قد تعمدت اختيارذلك التوقيت بالتحديد لثقتها بعدم وجود احد بالمنزل فى ذلك الوقت ، اجابتها جيهان على مهل حتى تبدو منطقيه فى حديثها قائله بأستفهام :
-نيرو ؟!.. انتى ايه رجعك بدرى كده من النادى ؟!.. انتى ملحقتيش تقعدى !!.. 

اجابتها نيرمين بضيق واضح :
-ولا حاجه يا مامى بس نجوى مجتش النهارده وملقتش حد اقعد معاه ولما كلمتها قالتلى تعبانه وهنتقابل بليل .. فزهقت من القعده لوحدى ورجعت ..

حركت جيهان راسها متفهمه ثم اردفت تقول فى عجاله وهى تتحرك نحو سيارتها لتستقلها :
-تمام .. ادخلى انتى يا حبيبتى وانا شويه وهرجع مش هتاخر ..

مدت نيرمين ذراعها تستوقف والدتها وهى تسالها بفضول قائله :
-انتى برضه مقلتليش رايحه فين ؟!.. 

اجابتها جيهان بارتباك :
-زهقت وقلت اروح النادى اقابل طنطك صفيه ..
اجابتها نيرمين بتذمرها المعتاد :
-يا مامى مش كنتى قلتيلى طيب كنت استنيتك هناك .. طب استنى اجى معاكى ..

قاطعتها جيهان بحزم واضح :
-لا انتى تدخلى ترتاحى مش هتقضى اليوم كله بره .. ويلا عشان انتى معطلانى ..

لم تنتظر لسماع المزيد من الحديث فقد تحركت على الفور تستقل سيارتها لتقودها بنفسها على غير عادتها تاركه ابنتها تشعر بالاستنكار  من تصرفات والدتها الغير منطقيه.

فى احدى الكافيهات المعزوله كانت جيهان تجلس امام منصور الجنيدى بكل ثقه وهى تضع ساقاً فوق الاخرى وتجيبه عن سؤاله المتشكك قائله بأقناع :
-انت عارف انا طلبت اشوفك ليه يا منصور فبلاش نلف وندور على بعض .. انا عرفت انت عملت ايه فى بيت فريد عشان التوكيل اللى اخده منك .. يعنى من الاخر كده مصلحتنا رجعت مشتركه تانى ..

ضرب منصور الطاوله امامه بقبضته غاضباً وهو يجيبها بحنق :
-محدش استفاد غيرك المره اللى فاتت يا جيهان وانا طلعت من المولد بلا حمص ..

اجابته جيهان باندفاع ونبره حاده وهى تقترب تتحرك بجسدها متخذه وضع الاستعداد للهجوم :
-وانا كنت اعرف منين ان غريب هيعمل كده .. انا فلت هيطلقها بعد ما يشك فيها وخلاص .. بس عمتا المره دى اطمن انت فعلا هنستفاد ..

نظر لها منصور بتشكك قبل ان يسألها بحرص :
-قصدك ؟!..
اجابته جيهان بعيون تقطر حقد وصوت يشبهه فحيح الأفاعى :
-يعنى المره دى تعمل اللى انا مقدرتش اعمله زمان .. تخلصنى منه ومش هو لوحده هو ومراته كمان ..
سالها منصور بأستهزاء واضح :
-ولما انا اعملك كل ده انا هستفاد ايه ؟!..
اجابته جيهان بنبره جاده مقنعه:
-انا مش هاممنى التوكيل ولا ان الشركه تتوسع .. انت عارف ان شراكتنا مع الفرنسيين مكفيه الشركه وزياده .. كل اللى عايزاه انى اخلص منه وكرسى رئيس مجلس الاداره يكون لبنتى .. والباقى حلال عليك كل حاجه هترجع زى الاول .. واوعدك انى هكون متحكمه فى كل حاجه لما نيرمين تمسك بداله واخلصلك كل الصفقات اللى انت مش قادر عليها ..

حك منصور ذقنه بيده وعيونه شارده فى تفكير عميق استمر لعده دقائق قبل ان يجيبها بهدوء :
-موافق .. انا كده كده عايز اخلص منه من زمان ومستنى الفرصه ..

اجابته جيهان بسعادة واضحه وهى تمد كفها تحتضن كفه :
-اتفقنا بس زى ما قلتلك هو ومراته وتقتل مراته قبل منه .. مش عايزه يطلعلى ديل يا منصور وتطلع حامل ولا حاجه ساعتها انا وانت هنخسر كل حاجه ..

اومأ منصور برأسه موافقاً وهو يجيبها بثقه :
-منصور مبيفشلش ومع انها متخصنيش بس عندك حق .. لازم المره دى نخلص خالص ..

**********

فى المساء كانت نيرمين تجلس مع نجوى فى احد بارات الاسكندريه الشهيره ، مالت نيرمين حول نجوى تصرخ فى أذنها قائله بشماته :
-عارفه مين كان فى الشركه النهارده ؟!.. 

سألتها نجوى بقلق وصوتها يماثلها فى الصراخ حتى تستطيع سماعها من بين تلك الموسيقى الصاخبه :
-بنت الخدامه .. فريد اخدها معاه تشتغل فى الشركه ..

صرخت نجوى بصوت اعلى ولكن هذه المره من اثر الحنق قائله بغيظ :
-مين قالك الاخبار الزفت دى ؟!... 
اجابتها نبرمين وهى تحتسى مشروبها المُسْكر:
-بابى .. ولما ماما عرفت كان حالها زيك كده بالظبط واكتر منك ..
صرخت نجوى بعصبيه قائله :
-البت دى هتكوش على كل حاجه ولا انا هطلع بفريد ولا انتوا هتطلعوا بالشركه ..

نظرت نيرمين نحو نجوى بتفحص شديد قبل ان تسالها بشك :
-نجوى .. انتى فعلاً مش همك الفلوس وبتعملى كل ده عشان خاطر فريد ؟!..
اجابتها نجوى بنبره لا تحمل اى دليل على الكذب :
-اه طبعاً .. انا ميهمنيش غير فريد وحب فريد .. هو انتى لسه هتعرفينى دلوقتى يا نيرو ؟!.. ده احنا حتى صحاب من ايام الطفوله ..
هزت نيرمين رأسها لها بسعادة قائله بحبور وقد اطمأنت على نوايا صديقتها:
-طبعا يا روحى ده انتى صاحبه عمرى ..

ربتت نجوى على كتفها متصنعه الحب  قبل ان تنظر نحو كأس نيرمين الذى أوشك على الانتهاء لتقول لها بخبث :
-نيرو با قلبى .. الدرينك بتاعك خلص .. خليكى متتعبيش نفسك انا هروح اجيبلك واحد جديد معايا .. 

اومأت نيرمين رأسها موافقه وهى تتمايل على نغمات الموسيقى الصاخبه ، تحركت نجوى نحو بار المشروبات ثم مالت برأسها نحو شاب ما يقف بجوارها وسألته بنبره خفيضه :
-ها اللى طلبته جاهز ؟!.. 
هز الشاب رأسه لها بثقه قائلاً بفخر :
-عيب عليكى با حب العمر .. جاهز وزى ما طلبتى ..

انهى جملته واخرج من جيب ردائه الخلفى مجموعه من الحبوب التقطتها نجوى بتوجس وهى تنظر حولها اولاً لتتأكد من عدم رؤيه احد ما لها ثم اخذت تنظر بها بتفحص شديد وهى تسأله بتركيز :
-الزفت ده هيجيب معاها من الاخر صح ؟!..
اجابها الشاب بثقه :
-زى ما اتفقنا اسبوع واحد كل يوم حبايتين فى اى درينك وبعدها هتجيلك زاحفة تقولك الحقينى بالجرعه .. ساعتها اتعامل معاها انا بقى فى البودره واطلعلى بسبوبه حلوة ..

ربتت نجوى على كتفته بتشجيع قائله بغل :
-يدخل بس فى دمها واشتغل معاها زى ما تحب ..
اردفت تكمل حديثها بخفوت  قائله بتوعد وهى تفرغ حبتين من المخدر داخل شراب نيرمين :
-وكده يبقى خلصنا من نيرمين وكل الهيصه دى تروح لفريد ىومن فريد لايدى بعد ما اخلص من بنت الخدامه ست الحسن بتاعته..
فى غرفتهم ظلت حياة تذرع الغرفه ذهاباً واياباً بعصبيه وهى تفرك كفيها معاً بضيق من لامبالاته نحوها ، فهو منذ تعنيفها فى الصباح لم يتحدث معها بكلمه واحده ولم يتعامل معها بأى شكل كان وهى أيضاً لم تفعل ، حتى انها رفضت مشاركته وجبه العشاء عل وعسى يبعث فى طلبها او يأتى هو بنفسه طالباً صحِبتها كعادته ولكن أيضاً دون جدوى 

فكرت بعناد وهى تتوجه نحو خزانه الملابس اذا انتظر منها ان تبدء هى فى الحديث معه فهو سينتظر طويلاً بعد .

دلف فريد بعد قليل إلى داخل الغرفه متجاهلاً وجودها تماماً ، كانت تقف هى امام خزانه الملابس لإخراج ملابس للنوم وعندما رأته يدلف داخل الغرفه التقطت اول ما وقع تحت يدها دون النظر به  وهو عباره عن قميص قطنى قصير بفتحه عنق منخفضة وينحصر إلى ما بعد الركبه بمسافة لا بأس بها واغلقت باب الخزانه خلفها بقوه فأصدرت صوت ارتطام قوى قبل ان تتحرك برأس مرفوع بتحدى لتبديل ملابسها فى الحمام 
 شهقت بصدمه وهى ترى ذلك الرداء القصير الذى جذبته يدها دون تركيز ، ظلت جالسه فوق حافه البانيو فتره لا بأس بها تفكر بيأس فى حل لتلك المعضله ، هل ترتديه ام تعود للخزانه وتستبدله بقميص اطول ، اذا خرجت بعد كل تلك المده دون تبديل ملابسها سيسخر منها وهى ليست فى مزاج يسمح لها ابداً بسخريته لذلك قررت ارتداءه والتحرك مباشرةً إلى الفراش والاندساس تحت الاغطيه واذا حالفها الحظ فمن الممكن الا يراها 

بدل فريد ملابسه ووقف ينتظر خروجها لكنها استغرقت وقتاً اطول من اللازم للخروج ، أرهف سمعه محاولاً الاطمئنان عليها فوجد الصمت يعم المكان  ، ظل يتحرك داخل الغرفه بقلق يحاول الوصول لقرار هل يطرق الباب ليطمئن عليها ام يستمر فى تجاهلها حتى تخرج بمفردها ، حسم آمره وقرر تنفيذ الاختيار الاول فهو كان ينتوي فى كل الاحوال التحدث معها قبل انتهاء تلك الليله لذلك استدار بجسده فى اتجاه المرحاض بدءاً لتنفيذ قراره عندما اصطدمت عينيه بها ترتدى رداء نوم قطنى بسيط يحاوط جسدها بشغف ويبرز جميع تفاصيله ويكشف عن اغلب ساقها وعنقها بمقدمه صدرها ، وقعت عينيها عليه فصرخت بصدمه قائله بإستنكار :
-ايه ده انت بتعمل ايه ؟!... 

افاق من شروده وتأمله لها على صوت صراخها وهى تساله بحده ، عقد حاجبيه معاً عابساً وهو يجيبها بعدم فهم :
-عملت ايه ؟!.. 

اجابته بتعلثم قائله :
-انت مش لابس .. قصدى فين تيشرتك .. قصدى انت مش لابس غير بنطلون ..
نظر لها مطولاً ثم اجابها بعدم اهتمام :
-الجو حر وانا متعود انام كده .. 

قاطعته معترضه بضيق :
-يا سلااااام !!!!! مانت كنت بتنام جنبى بالتيشرت .. 
اجابها بنبره خاليه وهو يتحرك نحو الفراش ليستلقى فوقه :
-كنت بعمل كده عشان متضايقيش .. بس بيتهيألى لازم تتعودى بقى زى ما بتتعودى تضحكى وتهزرى مع باقى الناس عادى .. 

هتفت بأسمه بحنق واضح :
-فرييييييييد !!! 
اجابها هو بتحدى رافعاً احدى حاجبيه :
-حيااااااة !! 
زفرت بأحباط ثم اردفت قائله بيأس :
-ولا حاجه مش مهم اصلاً .. انا هروح انام فى اوضتى .. 

انهت جملتها وهى تتحرك نحو باب غرفتهم المشترك تدير مقبضه فانتقض هو من نومته وفى اللحظه التاليه كان امامها يمسك بيدها ويمنعها من التحرك ، هتفت به بحنق قائله :
-فريد لو سمحت سبنى .. 

لم يجيبها بل انحنى بجسده يضع ذراعيه اسفل ركبتها ليرفعها بين ذراعيه ثم قام بألقائها فوق الفراش قائلاً بنبره حازمه :
-انا قلت مفيش بيات فى الاوضه دى تانى وكلامى يتسمع ..

أشاحت بنظرها بعيداً عنه وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها من الاحباط ، استلقى هو بجوارها متمدداً فوق الفراش وهو يزفر بضيق ، انتهزت فرصه ابعاد يده عنها فزحفت بجسدها بعيداً عنه ، مد ذراعه يسحبها نحوه مره اخرى ، كررت محاولتها ولكنه إلى جانب ذراعه التى حاوطت خصرها قام بلف قدميه حول قدمها ليكبلها فعلمت انه لا جدوى من مقاومته لذلك استلقت على جانبها الأيمن تدير ظهرها له وبدءت بالبكاء فى صمت ، ظل فريد يتأملها من الخلف لمده دقيقه ، كان يعلم انها تبكى رغم محاولتها عدم إصدار اى صوت او حركه توحى بذلك ولكنه كان يعلم جيداً انها تبكى ، زفر بتأثر ثم استدار على جانبه المقابل لها ورفع جسده يستند بمرفقه على الوساده فوقها وهو يتمتم لها بحزم حانى :
-حياة بصيلى .. 

لم تصدر منها اى حركه تدل على سماعها او نيتها تنفيذ طلبه وبدلا عن ذلك رفعت إصبعها لتمسح سريعاً بعض الدموع التى بللت وجنتيها ، اعاد طلبه مره اخرى ولكن بنبره هامسه ناعمه لم تستطع مقاومتها فوجدت جسدها يستدير فى ناحيته تلقائياً ، اخفضت عينيها وثبتت نظرها فوق صدره العارى حتى لا ينظر فى عينبها ويكتشف امر بكائها ، مد يده الحره يتلمس بأصبعه خصلات شعرها ثم سألها بهمس وهو لا يزال محافظاً على نبرته الحانيه :
-بتعيطى ليه دلوقتى ؟!.. 

فى ظروف ونبره صوت اخرى كانت ستجادله وتثير حنقه بكل ما أوتيت من قوه ولكن بتلك النبره التى يهمس بها بجوار اذنها والتى تحمل فى طياتها حنان العالم اجمع شعرت انها على وشك الذوبان او الإجهاش فى البكاء أيهما اقرب 
هزت رأسه رافضه ثم اجابته بصوت هامس متحشرج وهى لازالت مثبته نظرها فوق صدره :
-مش عارفه .. 
لاحت شبح ابتسامه حانيه فوق شفتيه حاول السيطره عليها ليستطرد حديثه بنفس النبره الناعمه قائلاً :
-طب ممكن ترفعى عينيك وتبصيلى .. 
هزت راسها مره اخرى رافضه فهى تحاول جاهده الحفاظ على رباطه جأشها امامه واذا رفعت نظرها نحوه ستنهار فى البكاء ، تنهد هو مره اخرى مطولاً ثم أردف حديثه قائلاً بعتاب حانى :
-طيب يعنى ينفع تتعاملى مع حد اول مره تشوفيه بالطريقه دى !! وبعدين افرضى طلع حد دماغه شمال وفهم تعاملك ده غلط اعمل ايه انا وقتها !!.. 

لم يخطر ببالها تلك الفكره على الاطلاق فقد دفعها حماسها للتعامل معه مثلما تعاملت مع السكرتيره فقط من باب المجامله وكسر التوتر وليس الا ، صمتت قليلاً ثم اجابته بنبره طفوليه تحمل دلال فطرى خالص :
-مكنش قصدى على فكره .. 
اتسعت ابتسامته رغماً عنه من اثر نبرتها المدللة فأردف يقول وقد بدء المرح يغلف همسه الناعم بعدما قام بطبع قبله رقيقه فوق جفنها الأيمن  :
-يعنى انتى مش عارفه انى بغير عليكى من اى حد ..
هزت رأسها ببطء عده مرات موافقه وهى لازالت تتحاشى النظر إليه ..

أردف هو متسائلاً بهيام وهو يطبع قبله اخرى فوق جفنها الأيسر :
-وعارفه انى لما بغير مبشفش قدامى ؟!.. 
هزت راسها مره اخرى وبنفس الطريقه عده مرات موافقه على حديثه وهى تنظر إلى خط البدايه فى مقدمه عنقه وتقاوم اغراء شديد لمد إصبعها وتلمسه

 أردف قائلاً بنبره جاده :
-يبقى احمدى ربنا انى مكسرتلهوش صف سنانه ده اللى كان بيضحكلك بيه .. 
هزت راسها تلك المره ولكن مسرعه كانها تخشى اذا تأخرت ان يقوم بفعل ذلك الان ، عادت ابتسامته تملئ وجهه وهو يرى الذعر بادياً على وجهها فأستطردت حديثه قائلاً بمرح :
-اتفضلى بقى نامى عشان عندنا شغل الصبح ..

رفعت نظرها تنظر إليه بدهشه فوجدت الابتسامه تزين ثغره وتملئ عينيه ، أردف هو مغمغماً بعبوس كأنه يتحدث إلى نفسه : 
-انا بقيت برجع فى كلامى معاكى كتير ودى حاجه مش عجبانى على فكره .. 

اتسعت ابتسامتها وهى تنظر نحوه ثم تمتمت بخجل :
-شكراً..
ودون وعى منها وكأن عقلها قد انفصل عن جسدها مدت إبهامها نحو عنقه تتحسس ببطء بدايته وتتبع عضلاته حتى توقفت عند مقدمه معدته تسمر إصبعها فى المنتصف وكأنها ادركت فجأة انها تفعل ذلك حقيقةً وليس داخل عقلها 
اغمضت عينها  بخجل  وسحبت إصبعها سريعاً وكورت يدها  كأنها تخشى اذا تركتها مفروده ان يخونها إصبعها مره اخرى ، كان فريد يتتبع بنظره إصبعها ويشعر وكأن يترك من خلفه خط من الحريق فوق جسده ، اغمض عينيه قليلاً محاولاً السيطره على سيل مشاعره المتدفقة ثم حدثها بمكر قائلاً :
-حلو اوى البتاع اللى انتى لابساه ده انا عايز منه كل بوم ..

فتحت عينيها تنظر إليه بعدم فهم قبل ان يقع نظرها على جسدها وتشهق بخجل لقد انحصر الرداء بسبب حركتها وكشف عن ساقيها كامله تقريباً ، مدت يدها بأرتباك تحاول إنزاله مره اخرى ولكن يد فريد كانت اسرع منها فقد قام بتكبيل كلتا يديها معاً بيد واحده وهو يتمتم داخل اذنها بأغواء :
-سبيلى انا المهمه دى ..

انهى جملته ومد كفه ببطء يلتقط طرف ردائها بأصبعه ثم بدء يسحبه للأسفل ببطء شديد متعمداً اثناء حركته لمس باطن كفه لساقها ، عضت حياة على شفتيها محاولة السيطره على تلك الرعشه الخفيفه التى اجتاحتها من اثر لمسته البطيئة ، اللعنه على هرموناتها المتقلبة !! لقد اختار التوقيت المثالى ليقوم بفعلته تلك ، هذا ما فكرت به حياة بيأس وهى تشعر بحراره جسدها تزداد مع كل لمسه منه على ساقها ، انتهى فريد مما يفعله ورفع رأسه ينظر إليها وقد استحالت لون عينيه إلى البندق من شده انفعاله ورغبته ، اخفض رأسه قليلاً ليقترب منها وهو ينظر نحو فمها ، فانفرجت شفتيها فى حركه تلقائيه منها امام نظراته الملتهبة ، اللعنه على جسدها الخائن تلك الليله ، واللعنه أيضاً على فريد ونظرات فريد ولمساته التى تكاد تفقدها صوابها ، انه لا يلعب بعدل مطلقاً فهى تكاد تكون بكر فى كل شئ وتفتقد حتى لتلك النبره الناعمة والتى كان يهمس بها بجوار اذنها منذ قليل ، اعادت كل ذلك إلى هرموناتها التى اوشكت على التغيير 

همس فريد اسمها بنعومه من بين شفتيه التى تكاد تلامس شفتيها فذابت اخر نقطه مقاومه لها ، رفعت كفها لتضعه خلفه عنقه وتدنيه منها ، التهم فريد شفتيها بين شفتيه ببطء ونعومة شعرت معها انها تغيب عن الوعى ، قطع قبلتهم صوت رنين هاتفه والذى صدع بقوه داخل أرجاء الغرفه  ، ابتعد عنها فريد وهو يلعن بحنق ثم سحب هاتفه من فوق الكومود ليجيب ، اخبره مساعده انه علم بطرقه الخاصه انه قد تم اختيار الغد لتقوم الضرائب بتفتيشها السنوى ، اغلق فريد هاتفه بعدما قام بعده اتصالات هاتفيه اخرى لترتيب أوضاعه ثم استلقى مره اخرى فوق الفراش ساحباً جسدها معه وهو يتمتم بخفوت :
-تصبحى على خير .. 

لم تدرى لم اصابها الاحباط عندما ابتعد عنها فجأة ، نهرت نفسها بقوه على  ذلك التفكير فيبدو ان عقلها لا يستطيع التفكير بطريقه سليمه تلك الايام 
تنهدت  بحيره وهى تفكر فى تبدل احوالها معه ، فمنذ فتره ليست ببعيده كانت تخطط  للهرب منه بكل ما أوتيت من عزم والآن ها هى تندس بين احضانه كأنها تريد الاختباء تحت جلده وداخل ضلوعه ، اما هو فأغمض عينيه بقوه محاولاً السيطره على اعصابه وجسده واستجماع إراداته حتى لا يعود ويقبلها مره اخرى فهو فى تلك اللحظه يعلم ان قبلتها لن تكفيه وهى ليست مستعده لذلك بعد ، سيتمهل ويسير فى طريق علاقتهم كما خطط واول شئ يجب عليه فعله هو محو لمسات ذلك الرجل المقيت من فوق جسدها ومن داخل عقلها .
فى الصباح استيقظت حياة وهى تتذكر بخجل كيف دنت بنفسها منه تطلب قربه وقبلته ، تنهدت بضيق ثم انسحبت بهدوء من جواره لتأخذ دشاً بارداً يعيد إليها توازنها وسلامه فكرها قبل الذهاب إلى العمل ، استيقظ فريد فور انسحابها من داخل احضانه ولكنه اثر التظاهر بالنوم حتى تتحرك بطبيعتها ، ابتسم بسعاده وهو يتذكر البارحه وكيف  اثبتت له انها اكثر من متقبله للمساته 

اما عن حياة فقد حاولت منذ استيقاظها  التهرب بنظراتها من نظراته قدر الامكان حتى تضع مسمى لكل ذلك التخبط الذى تشعر وهى بجواره . 

**********

امام مقر شركته ترجل فريد من سيارته ومد يده ليحتضن يدها وسار بها نحو الداخل وظل محتضناً يدها بداخل يده حتى وصلا إلى طابق غرفه مكتبه ، ابتسمت حياة بحبور فى تحية صامته لسكرتيرته الخاصه "ايمان" والتى انتقضت من مقعدها بمجرد رؤيتها لفريد يخرج من باب الاسانسير وحياة تسير إلى جواره بصمت ، وقف امامها ويبدو انها عادته اليوميه ان يملى عليها تعليماته المبدئية  قبل دخوله مكتبه ، سألها فريد بنبرته الجاده :
-فى حاجه ناقصه ؟!.. 

سارعت ايمان بالاجابة على سؤاله بوقار واضح :
-لا يا فندم كله تمام وكل الاوراق جاهزه وقت ما يوصلوا .. 

هز فريد رأسه بأستحسان ثم اجابها وهو يتحرك نحو باب مكتبه ساحباً حياة من خلفه :
-تمام انا فى المكتب دخليلى كل الاوراق اللى عايزه تتمضى اخلصها لحد ما يوصلوا ..
توقفت يده على مقبض الباب ثم استطردت حديثه كأنه تذكر ما يريده للتو :
-اه .. وهاتى لحياة هانم باقى ملفات الحسابات هنا ..

اومأت ايمان رأسها بخضوع موافقه على حديثه ثم رفعت  رأسها موجهه ابتسامه إعجاب نحو حياة التى بادلتها الاخيره ابتسامتها بأيماءه خفيفه من رأسها مطمئنه قبل ان تختفى مع فريد داخل غرفته ، غمغمت حياة بأعجاب واضح بمجرد إغلاق فريد للباب خلفهم لتقول :
-ايمان دى باين عليها طيبه اوى وشاطره كمان فى شغلها هى بقالها كتير معاك ؟!.. 

اجابها فريد وهو يمد كلتا يديه ليحتضن خصرها قائلاً :
-اه يعنى بقالها حوالى ٧ سنين .. كانت سكرتيره ليا من قبل ما امسك رئاسه الشركه واترقت معايا برضه ..

همست حياة بدهشه قائله بسخريه لاغاظته:
-واااااو .. فريد بيه متمسك بحد .. اكيد ايمان عندها اراده حديديه عشان شغلها يعجبك كده .. انا اعُجبت بيها فعلا .. 
رفع فريد احدى حاجبيه ينظر لها بعبوث ساخر وهو يشدد من لف ذراعيه حول خصرها حتى اصبحت ملتصقه به تماماً ثم همس بشفتيه امام شفتيها قائلا بشغف واضح :
-متأكده انى مش بتمسك بحد ؟!.. 

ازدردت لعابها بقوه ولَم تعُقب وبدلاً عن ذلك حركت ذراعيها لاعلى  لتستند بكسل على ساعديه وتحتضنهما بكفيها فى تملك واضح وهى تسلط نظرها فوق شفتيه ، حرك فريد رأسه ببطء فتلامست شفاهما معاً قبل ان يبتعد عنها قليلاً ، رفعت حياة رأسها تنظر إليه بتساؤل جعل ابتسامه رضا تلمع داخل عينيه ثم اخفض رأسه مره اخرى نحوها ملامساً شفتيه بقبله قاطعتها عده طرقات فوق باب غرفته ، زفر هو بضيق وابتعدت عنه حياة على الفور وهى تمسح جبهتها بتوتر لأئمة نفسها على الانسياق وراء رغبه جسدها فى التقرب منه ، 
دلفت ايمان نحو الداخل بتوجس وهى ترى نظرات فريد الناريه نحوها دون مبرر، وضعت الملفات فوق مكتبه بارتباك  وهى مطرقه الرأس ثم استأذنته فى الخروج والتفت مره اخرى نحو الخارج مسرعه ، عبث فريد بأصبعه فى احد الملفات ثم سأل حياة بنبره جامده كانها لم تكن منذ دقيقه واحده بين احضانه :
-فى مشاكل قابلتك امبارح ؟!..

هزت حياة رأسها نافيه بغيظ وقد تذكرت كيف قام بتجاهلها البارحه طوال اليوم ولم يهتم حتى بسؤالها عن اول يوم لها بالعمل ولكن ذلك المغرور تذكر فعل ذلك اليوم بعدما انهى عقابه لها ، تحركت بحده نحوه تسحب الملفات من تحت يده بقوه وهى ترمقه بنظره غاضبه من بين أهدابها الطويله ثم انسحبت نحو الاريكه تجلس بكبرياء وهى تضع ساقاً فوق الاخرى وتتفحص الملف بتركيز ، اتسعت ابتسامه فريد من مظهرها الغاضب وهو ينظر نحوها بأعجاب فهو لم يكن يتوقع ان يستمر هدوئها مطولاً وخصوصاً انها لم تعانده البارحه ، هز كتفيه بعدم اهتمام ثم تحرك يجلس خلف مكتبه ليبدء عمله ، انغمست حياة  فى مراجعه الملفات بعنايه وقد أقسمت على تجاهله طوال اليوم وعدم السماح له بالاقتراب منها 

 بعد حوالى الساعتين حانت منها التفاته جانبيه نحوه وهى تفكر بأشفاق انه حقاً يعمل بجد طوال اليوم ففى خلال تلك الساعتين اجاب على ما يقارب خمسه عشر اتصالاً هاتفياً إلى جانب كم الملفات الموضوعه امامه والمطلوب منه مراجعتها قبل انتهاء اليوم ورغم ذلك فهو يبدو فى قمه وسامته وقد خلع سترته وشمر عن ساعديه القويين  وارخى ربطه عنقه وحل الزر الاول من قميصه كاشفاً عن عنقه المثير ، حركت حياة رأسها بشده محاوله طرد تلك الافكار الغريبه من داخل رأسها 

وفى منتصف اليوم ورده اتصال داخلى يبلغه بوصول موظفى هيئه الضرائب إلى الطابق الارضى ، فطلب فريد ايصالهم إلى غرفته ،  بعد قليل استقبلهم فريد وحياة بجانبه بداخل مكتبه وصمم على قيامهم بالمراجعة هنا وبداخل مكتبه لضمان اكبر قدر من الراحه لهم ، كانت حياة تراقبه وهو يتعامل مع الامور بمنتهى الحنكه والذكاء غير قادره على اخفاء نظره الفخر والتى كانت تلمع بها عينيها وبوضوح ، حتى انها وجدت نفسها تحرك جسدها تلقائياً لتدنى منه عندما قام رئيس اللجنه وهو رجل فى منتصف الخمسينات بسؤالها بنبره وديه عن تخصص دراستها العليا بعدما قام فريد بأخباره عن مجال دراستها بفخر شديد وهو يرمقها بنظره أبويه مشجعه ، اجابته حياة على سؤاله باستحياء قبل ان يعود  الرجل مع باقى لجنته لدفن رؤوسهم داخل الملفات مره اخرى 

انتهز فريد فرصه اقترابها منه وانشغال الرجال بعملهم ومد يده ببطء ليضعها فوق ظهرها تحت سترتها ثم قام بعدها وبحذر شديد برفع طرف بلوزتها وادخال يده تحتها ، تسمرت حياة فى مكانها واتسعت مقلتيها وهى تنظر نحوه بأندهاش من فعلته الجريئة غير قادره على ايجاد صوتها والاعتراض ، غمز لها فريد بطرف عينيه دون ان يراه احد وهو يبتسم نصف ابتسامه مستمتعه وهو يحرك أصابعه بأغراء فوق بشرتها الناعمه حتى وصل إلى جانبها الأيمن ، ضمت حياة ذراعها تضغط بمرفقها من فوق ملابسها وبكل ما أوتيت من قوه على أصابعه لتحاصره وتمنعه من الاسترسال فى تحسسه لجسدها ولكنه فرق أصابعه وحررها من تحت ضغطها بسهوله واستمر فى تحسسه حتى وصل للجزء العلوى من ملابسها النسائية وأخذ يعبث بها محاولاً فك رباطها ، شهقت حياة بقوه مما جعل احد الرجال يرفع رأسه للاعلى بفضول مستكشفاً  ، سحب فريد يده مسرعاً دون ان يلاحظه احد ووضعها بجانبه كأنه لم يفعل شئ ، حاولت حياة تدارك موقفها وإخفاء احمرار وجنتيها فتحولت شهقتها إلى سعال مفتعل ، ربت فريد فوق ظهرها محاولاً كبت ابتسامته وهو يسألها بخبث :
-انتى كويسه ؟!.. 
هزت رأسها بأرتباك موافقه و نافيه فى نفس الوقت ثم تمتمت بخفوت قائله  :
-عن اذنكم ..

اومأ لها فريد برأسه موافقاً وهو يرمقها بأبتسامه عابثه وفى نفس الوقت ساحره ، ركضت حياة مسرعه إلى داخل المرحاض الملحق بغرفته ، اغلقت الباب خلفها جيداً ثم استندت بجسدها فوقه وهى تتنفس بحده محاوله السيطره على ارتجاف جسدها وخفقات قلبها التى تقرع كالطبول ، رفعت يدها تتلمس بكفها وجنتها وجبهتها وهى تغمغم لتهدئه انفاسها المضطربه :
-دى هرمونات مش اكتر .. انتى اليومين دول متلغبطه مفيش حاجه من اللى فى دماغك .. انتى بس هبله ومتأثرة بكلامه مش اكتر .. متفكريش فى حاجه مش موجوده .. يومين وهترجعى طبيعيه تانى ..

هزت رأسها بحزم وهى تعدل من وضعيه ملابسها ثم خرجت برأس مرفوع محاوله قدر الامكان تجاهل نظرته والتى كانت تعلم جيداً انها مسلطه عليها ثم غمغمت هاربه منه :
-انا هطلع اسال ايمان على حاجه وراجعه .. 
انهت جملتها وهرولت نحو الخارج مسرعه دون انتظار اجابته .

قضت حياة ما تبقى من يومها على المقعد المقابل لايمان تثرثر معها فى اى شئ وكل شئ محاوله صرف تفكيرها عنه وإشغال عقلها بأى حديث حتى لا تتذكر لمساته التى لازالت تشعر بحرارتها على جسدها .

*************

فى تلك الأثناء اصطدم منصور اثناء خروجه من احد المطاعم الشهيره بجسد انثوى مغرى ، ضغطت المرآة والتى لم تكن تتجاوز اواخر العشرينات بجسدها على جسده وهى تقول بدلال مصطنع :
-سوورى .. ماخدتش بالى .. 
اجابها منصور وهو يتأمل جسدها ومفاتنها الانثويه والتى تُظهرها ملابسها الفاضحه بقوه قائلاً بأعجاب :
-لا سورى ايه بس .. ده ياريت كان حصل من زمان ..  

دوت المرأه ضحكتها عالياً وهى تتحسس صدره بكفها قائله بأغراء :
-اسم الباشا ايه ؟!..
اجابها منصور وهو يتنهد بحراره قائلاً :
-باشا ايه بس ده انتى اللى باشا ..
رنت ضحكه المرأه مره اخرى وهى تسأله باغواء :
-طب ايه هنفضل واقفين هنا كتير ..

التفت منصور برأسه يميناً ويساراً ليتأكد من عدم وجود احد حولهم ثم قال بخبث :
-لا هنا ايه .. تعالى عندى مكان تانى هيعجبك اوى .. 

انهى جملته وهو يمسك بذراعها ويسحبها نحو سيارته بحذر قبل ان يراه احد ، جلست المرآه بجواره ثم اخرجت هاتفها مسرعه تبعث برسالته نصيه إلى شخص ما ثم اخفته بحذر مره اخرى دون ان يراها ..

**************

 انتهى اليوم وانتهى معه التفتيش ورافق فريد اللجنه إلى الخارج مودعاً بتفاخر  بعدما سار كل شئ على خير ما يرام ثم التفت نحوها يقول بنبرته الآمرة :
-حياة حضرى نفسك عشان هنتحرك .. 

هزت رأسها موافقه وهى تتحرك خلفه نحو غرفته تلتقط حقيبتها وهى تحمد الله سراً على انتهاء يومها اخيراً فهى تشعر بأرهاق شديد من جلوسها على ذلك المقعد طوال اليوم كمان انها بدءت تشعر بالآلام  خفيفه تغزو ظهرها وأسفل بطنها ، التقط فريد هاتفه ومفاتيح سيارته ثم مد يده الخاليه يحتضن يدها وهو ينظر إليها بتفحص ثم سألها بأهتمام :
-انتى كويسه ؟!.. 
هزت رأسها له مطمئناً وهى تبتسم بشحوب .. 
عقد حاجبيه معاً وهو يسالها مستفسراً :
-متأكده انك كويسه ؟!.. حاسس انك تعبانه !!.. 

كانت تشعر بالخجل من الإفصاح عن سبب آلمها الحقيقى لذلك اجابته كاذبه :
-مفيش بس صدعت شويه هروح اخد مسكن وابقى كويسه ..
ترك يدها على الفور مبتعداً عنها وهو يبتسم لها بتفهم ثم غمغم بأصرار وهو يلتقط الهاتف الداخلى :
-وليه نستنى لما تروحى ..

صمت قليلاً ثم تحدث على الفور امرأ بلهجته الصارمه:
-ايمان لو سمحتى هاتى مسكن دلوقتى وتعالى مكتبى ..
ابعد سماعه الهاتف عن اذنه قليلاً موجها حديثه لحياة متسائلاً :
-تحبى تجيبلك نوع معين ولا اى حاجه ؟!.. 
حركت رأسها بأرتباك وهى تغمغم بخفوت :
-اى حاجه مش مهم .. 

بعد قليل كانت ايمان تقف امامهم بشريط كامل من الأقراص المسكنه وكوب من الماء اخذهم فريد من يدها مسرعاً ثم اخرج حبه دواء ووضعها داخل فم حياة التى فتحت فمها دون اعتراض تلتقطها منه بشفتيها قبل ان يرفع كوب الماء نحو فمها لتبتلع حبه الدواء وسط نظرات ايمان المتفاجئه والتى كانت تفتح فمها بأندهاش من تصرف رب عملها الغير متوقع ومسبوق ، استدار فريد ينظر نحوها شرزاً ويرميها بنظرات  عابسه  جعلتها تستدير  بجسدها بأرتباك ثم ركضت على الفور نحو الخارج مغلقه الباب خلفها بذعر ، انحنى فريد يطبع قبله حانيه فوق شعره حياة وهو يحتضنها بين ذراعيه بنعومه تناست معها قسمها الذى اقسمته صباحاً بالابتعاد عنه وتجاهله ، همس فريد بجوار اذنها قائلاً بمكر :
-على فكره انا نومى خفيف وسمعتك الشهر اللى فات وانتى بتسألى عفاف على مسكن برضه .. وبعد كده لما تكونى تعبانه متكدبيش عليا وقوليلى على طول .. 
شهقت حياة بخجل وهى تتذكر الشهر المنصرم عندما تفاجئت فى منتصف الليل بألم شديد ولم تجد احد تطلب منه المساعده غير دادا عفاف التى هرولت إليها تساعدها وكانتا يتحدثان معاً داخل غرفتها الملاصقة له ولم تتخيل ابداً ان اصواتهم تصل إليه  ، فتحت فمها لتجيبه معترضه ولكن اوقفها او بمعنى اصح انقذها صوت رنين هاتفه الذى صدع داخل الغرفه مقاطعاً ، اجاب فريد متسائلاً على الفور :
-ها كله تمام ؟!.. 
صمت قليلاً ثم أردف قائلاً بجمود :
-استنانى .. نص ساعه وهكون عندك ..

انهى مكالمته ثم تمتم لها على عُجاله قائلاً وقد تبدلت نبرته تماماً للجديه :
-حياة السواق هيوصلك على البيت وانا عندى مشوار هخلصه وارجع ..
نظرت إليه فأردف قائلاً  بحزم شديد :
-حييااة .. مش عايز اعتراض .. روحى على البيت وانا هحصلك بليل ..
هزت رأسها موافقه فهى لم تكن فى مزاج يسمح لها بالمجادله من الاساس .

**********

فى منزل منصور دلفت المرأه إلى الداخل وهو يحتضنها باشتهاء واضح ، غمز لها قائلاً بمجون :
-بقولك ايه اوضه النوم فوق اطلعى ظبطى نفسك عقبال ما احصلك ..

 سألته المرآه وهى تفرك يدها معاً متصنعه القلق:
-بس يا باشا الناس اللى واقفه بره دى هتفضل كده عادى ؟!..
سألها منصور بعبوس :
-مالهم يعنى ؟!.. 
اجابته المرآه وهى تعض على شفتيها وتقترب منه بأغواء :
-قصدى انى مش هبقى واخده راحتى وانا عارفه ان فى حد بره واقفلى كده وبعدين ممكن يسمعونا ..
اجابها منصور بنفاذ صبر : 
-ملكيش دعوه  بيهم مش هيركزوا وبعدين خلصى بقى مش هنقضى اليوم كله كلام ..

اقتربت المرآه منه لتقاطعه معترضه وهى تتعمد لمسه بأثاره حتى يرضخ لطلبها قائله بهمس مغرى :
-يا باشا عشان خاطرى نص ساعه بس حتى خليهم يمشوا عشان اعرف اشتغل معاك بمزاج واهو فى الاخر كله لمصلحتك ..

نظر منصور نحوها متردداً ولكن يدها التى كانت تعبث بجسده جعله يستسلم قائلاً بحراره :
-ماشى هخليهم يمشوا شويه بس انتى انجززززى ..
ابتعدت عنه وهى تغمغم بحماس :
-هوا يا باشا اغير هدومى واجيلك ..
وصف لها منصور موقع غرفته ثم تركها وذهب ليطلب من حراسته الذهاب والعوده بعد حوالى ساعه على الا يبتعدوا كثيراً عن محيط المنزل 

دلف غريب إلى غرفته فوجدها تتمدد فوق الفراش برداء فاضح يظهر جسدها كاملاً ، دنى منها فأوقفته يدها وهى تقول بأعتراض :
-يا باشا !!.. هنبدء كده !! مش لما تقلع الاول ..
اجابها منصور وهى يمرر لسانه فوق شفتيه بأشتهاء قائلاً :
-عندك حق يا بنت الايه .. شكلك عارفه شغلك صح ..
انهى جملته وانتهى من خلع ملابسه ثم تمدد جوارها فى الفراش ، وسحبها نحوه ثم شرع فى تقبيلها بنهم

وفى اللحظه التاليه دلف فريد لغرفته وبصحبته حراسته كامله ، انتفض منصور من فوق فراشه وهو يصرخ بحنق مستنكراً :
-ايه ده !!! انت بتعمل ايه هنا !!..
حرك فريد رأسه ببطء أسفاً ثم تحدث ببرود متعمداً استفزاز منصور :
-تؤ تؤ تؤ .. اعصابك يا منصور بيه ..
تحرك فريد حتى وصل إلى احد المقاعد الموضوعه بداخل الغرفه ليجلس فوقه وهو يضع ساقاً فوق الاخرى بزهو بعدما اومأ برأسه للحراس بتكبيل منصور ومنع حركته  ثم أردف حديثه وهو يمط شفتيه  بتفاخر قائلاً:
-عارف قوه فريد رسلان ايه ؟!.. انه بيصبر لحد ما يعرف ايه هى نقطه ضعف اللى قدامه عشان لما يضربه .. يضربه صح .. 

تحرك من فوق مقعده ثم تحرك فى اتجاهه مستطرداً حديثه قائلاً بأشمئزاز واضح :
-وعارف انت ايه هى نقطه ضعفك ؟!.. انك نجس .. والنجاسه بتجرى فى دمك .. يعنى مفيش اسهل من كده .. 

وقف امامه ثم مال بجزعه نحوه ثم أردف يقول بتشفى :
-عشان كده شايف الشنطه اللى هناك دى !! فيها كاميرا hd يعنى فضيحتك هتكون بالصوت والصوره وfull hd كمان .. عشان تتعلم لما تلعب تلعب مع اللى قدك ..
انهى حديثه واستدار بجسده نحو الخارج بعدما اخذ الكاميرا من داخل الحقيبه ثم توقف ونظر إليه من فوق كتفه وهو يبتسم بشراسه قائلاً :
-انت عارف ان كان ممكن أنفذ كل ده من غير ما اتعب نفسى واجيلك .. بس لما فريد بيعمل حاجه بيقول انه عملها مش بيستخبى زى النسوان !! .. عمتا لما تفوق كده وتستر نفسك ابقى كلمنى عشان تسمع شروطى بدل ما صورك بكره تكون مغرقه  النت .. واحمد ربنا ان محدش جراله حاجه ساعتها عشان صدقنى كنت هتحصله ليلتها ..

حاول منصور الافلات من قبضه الحراس ولكن فريد أشار لهم فقام احدهم بضرب منصور فوق رأسه وأسقطه فوق الفراش فاقداً للوعى 

ركضت جليله التى انسحبت بمجرد دخول فريد وحراسه لتبديل ملابسها خلف فريد تستوقفه وهى تساله برجاء :
-باشا .. الله يخليك انت وعدتنى وشى مش هيبان صح ؟!..
اجابها فريد مطمئناً :
-اطمنى يا جليله .. انتى خدمتينى وانا عند وعدى .. شقتك موجوده هتختفى فيها ومحدش هيعرف يوصلك والصور هتنزل من غير ما حاجه منك تبان ..
انحنت جليله نحو كف يده لتقبلها ولكن فريد سحب يده مسرعاً وهو يتمتم بنفاذ صبر :
-خلاص يا جليله متوجعيش دماغى .. هخلى حد من اللى معايا بره يوصلك وزى ما نبهتك مشوفش وشك تانى ..
حركت رأسها بسرعه موافقه فزفر هو براحه ثم تحرك مسرعاً نحو سيارته يستقلها ويذهب ..

***********

دلف فريد إلى غرفته وهو يبحث عنها بعينيه فلم يجدها ، فتح خزانته وسحب ملابسه ثم توجهه نحو الحمام ليأخذ دشاً سريعاً يزيل به إرهاق يومه ، خرج بعد قليل فوجدها تقف امامه وهى ترتدى جاكيت ثقيل مبطن يخفى جسدها بأكمله حتى عنقها مع بنطال واسع فضفاض ، سألها مستنكراً :
-حياة ايه اللى انت لابسه ده ؟!..

-اجابته كاذبه بحده :
-ايه سقعانه !! بلاش كمان ادفى ؟! ..
اجابها مقلداً لهجتها اللاذعه :
-سقعانه والدفايه شغاله ودرجه الحراره ٢٦!!! ..
ارتبكت ملامحها ثم اجابته مهاجمه وهى تتجه نحو الفراش تستلقى فوقه وترفع الاغطيه فوق جسدها :
-اه سقعانه وبعدين انا حره هو انت اللى حاسس بالسقعه ولا انا !!..

حرك فريد رأسه بأستسلام وهو يبتسم من حركتها الطفولية تلك ثم تحرك خلفها ليستلقى فوق الفراش ويجرها نحوه  لتنام داخل احضانه ، تنهدت حياة بضيق فهى بالفعل تشعر بالحراره منذ الان ولكنها لن تجازف بالنوم جواره بملابس خفيفه حتى لا يكرر ما فعله معها فى شركته فى الصباح ، لذا ستظل بتلك الملابس التى تخفى جسدها حتى تنتهى ايامها الصعبه وتعود سيطرتها على جسدها مره اخرى 

حل منتصف الليل ولم يغمض لها جفن فهى فى الحقيقه تشعر بالحر الشديد بسبب تلك الملابس اللى ترتديها مع الغطاء ونظام التدفئة الذى يستخدمه فريد لتدفئة المنزل باكمله فى الشتاء إلى جانب الحراره المنبعثة من جسده والذى يحاوطها بتملك ، زفرت بيأس ثم استدرات برأسها تنظر إليه حتى تتأكد من ذهابه فى النوم ثم انسحبت ببطء تسير بحذر على أطراف أصابعها حتى وصلت إلى الخزانه ، قامت بسحب شورت قصير وكنزه صيفيه فضفاضه وقامت بارتدائهم على عُجاله وعادت مره اخرى تستلقى بجواره ، قاوم هو بشده ابتسامه هددت بفضح آمره والكشف عنه وعاد للتظاهر بالنوم مره اخرى .

فى الصباح استيقطت حياة على أصابع  ناعمه تدلك اسفل بطنها برفق ، تأوهت براحه وهى تقوس ظهرها لتلتصق به وهى تظن انها تحلم بكل ذلك ، دنى فريد منها ثم سألها هامساً داخل اذنها بصوته الناعس :
-لسه تعبانه ؟!.. 

استدرات بجسدها تنظر إليه وتستلقى على ظهرها فتفاجئت به ينظر إليها حقاً ، اذا فهى لا تحلم !! شهقت بصدمه فسارع هو يقاطعها هامساً :
-هششششش .. 
همت بالحديث ولكن كفه الذى كان يضغط برفق فوق بطنها ويبعث لها بالحراره والدفء جعلها تفقد النطق تماماً ، سألها فريد هامساً :
-تحبى اوقف ؟!..
هزت رأسها ببطء رافضه وهى تضغط بقوه على جفونها بعدما أغلقتها لتسيطر على مشاعر المتدفقة ، هتف فريد بأسمها بنعومه قائلاً :
-حياة .. افتحى عينيك ..

أطاعته على الفور وبدء تفتح جفونها فى عسليتيه الداكنتين وهى تعض على شفتيها بترقب ، تحركت بجسده يستدير على جانبه المقابل لها مستنداً بمرفقه ثم احنى رأسه وبدء يقبل جبهتها وجفونها ثم اخفض شفتيه يتلمس وجنتيها اولاً ثم بدء يقبلهما ببطء شديد وهو يسألها من بين قبلاته بترقب :
-مضايقه ؟!..

حركت رأسها نافيه فأكمل سيل قبلاته حتى وصل إلى عنقها وأخذ يقبلها بقوه ورجولته تغويه لترك علامات فوقها يثبت لها انها ملكه هو فقط وللأبد ، اخذت حياة تتأوه بخفوت ودقات قلبها على وشك التوقف من نعومه قبلاته ، انها سيمفونيه متكامله ، لم تكن قبلاته عباره عن اشتهاء او محرد رغبه جسديه ، بل كان يبث من خلالها كل ما يشعر به من عشق خالص لها ، انحنى برأسه فوق بطنها واخذ يقبلها فى خط مستقيم بعدما قام برفع كنزتها حتى وصل إلى فمها رفعت يدها تحاوط عنقه وتدنيه منها غير واعيه بأى شئ اخر ، التقط شفتيها بين شفتيه وأخذ يقبلها بجنون وشغف ويده تطوف فوق جسدها  ، ابتعد عنها بعد فتره حتى يسمح لرئتيهما ببعض الهواء وهو يتأملها بشغف وشفتيها قد تورمتا من اثر قبلاته 
همس امامهم قائلاً بهيام :
-متمنتش حاجه فى حياتى قد انك تبقى بين ايديا كده ..

دفن رأسه فى تجويف عنقها مستنشقاً عطرها ثم اضاف وهو يهمس بجوار اذنها :
-حياة متنفعش غير لفريد .. وفريد مينفعش غير لحياة .. 

*********

بعد انتهاء الفطور والذى تناولته حياة معه وهى تكاد تذوب خجلاً كلما تذكرت ما حدث بينهم فى الصباح  تحركا معاً إلى الشركه جنباً إلى جنب ،  كانت فريد  يحتضن يدها بتملك واضح وشديد كانه يخشى إفلاتها  ، دلفا معاً إلى مكتبه ثم حدثها فريد بنبرته الناعمه قائلاً بحنان وهو يقف قبالتها :
-حبيبى .. مكتبك جهز .. من النهارده هتقعدى فيه .. هو جنب مكتبى هنا .. لو احتجتى اى حاجه قوليلى ..

هزت رأسها موافقه وفتحت فمها لتجيبه عندما اوقفها اندفاع نجوى من الباب دون استئذان  نحو فريد قائله بدلال :
-فريد حبيبى ..
استدارت حياة بحده تنظر نحوها وهى تسألها بأستنكار شديد :
-نعمممممممممممم !!!!!...
نظرت حياة يميناً ويساراً بصدمه قبل ان تعود بنظرها لفريد ، هل حقاً تحرك لسانها وافصح عما يدور فى عقلها ام ان هذا الاستهجان الذى كان بداخل عقلها ظل بداخله؟! ، اللعنه على لسانها الذى اصبح يثرثر كثيراً وينطق دون تفكير !! لا اللعنه على تلك الوقحاء المتصنعة التى تحاول اغراء زوجها وتحسسه امامها !! زوجها هل قالت للتو زوجها ؟!!! ، ما هذا الهراء الذى يسيطر على تفكيرها تلك الايام !! لقد فقدت توازنها تماماً لتتقبله كزوجها ولكن لم لا فتلك هى الحقيقه !! ، نفضت رأسها بحده وهى تفكر بضيق  فسيكون لديها الكثير من الوقت للتفكير فى وضعها اما الان فستعود إلى تلك الوقحه التى اندفعت لتزيحها من طريقها وتأخذ مكانها لتقف قبالته بملابس كاشفه وتتلمس ذراعه بطريقه فاضحه ، زجرها فريد بقوه وهو يحاول نفض يدها من فوق ذراعيه وهو ينظر فى اتجاه حياة التى كانت فى تلك اللحظه فى عالم اخر تفكر هل تقوم بنتف شعر تلك المتطفله ام القائها من نافذه المكتب ، اعادها من افكارها العدائيه صوت نجوى  قائله لفريد بدلال :
-سورى يا فريد .. انت عارف انى متعوده على كده وماخدتش بالى ان مراتك يعنى من ثقافه تانيه وممكن تضايق ..

فى تلك اللحظه وعندما هم فريد بطرد نجوى أوقفه اندفاع حياة نحوه تتأبط ذراعه قائله بتهكم شديد ونبره ذات مخزى :
-عندك حق .. بس مش فى ثقافتنا احنا بس هو معروف فى العالم كله ان اللى بتتعامل كده مع راجل متحوز ليها مسمى وتوصيف واحد ..

لمعت عينى فريد بأعجاب واضح وهو يفكر بسعاده بقطته المشاكسه التى لا تحتاج لمن يدافع عنها ، ابتسم لها بحب وهو يتحرك نحو مكتبه مستديراً بجسده عنها سألاً نجوى بنفاذ صبر ومستفسراً بجمود:
-نجوى ايه اللى جابك وعايزه ايه ؟!.. 

ركضت نجوى بلهفه واضحه تجلس فى المقعد المقابل له وهى تجيبه بدلال مصطنع :
-ولا حاجه يا حبيب... قصدى يا فريد .. انا زهقت من القاعده وطلبت من بابى يخلينى انزل اشتغل وهو وافق على طول وطلب منى اجيلك امسك مكانه مادام هو مسافر ..

زفر فريد بضيق وهو يتململ داخل مقعده الوثير مفكراً فى طلب نجوى فى ذلك التوقيت تحديداً فهو يعلم طباعها جيداً على ان يكون كل ذلك مصادفه 

اما عن حياة فقد تحركت نحو المقعد الوحيد الشاغر قبالته تجلس هى الاخرى تضع ساقاً فوق الاخرى وتنظر نحو نجوى بترقب كأنها تنتظر اللحظه المناسبه للهجوم عليها ، سألها فريد بصوته العميق مستفسراً بعدما وجهه نظراته لها :
-حياة !! مش هتروحى على مكتبك ؟!!.. 

التفت تنظر له بحده ثم سألته ببطء شديد رافعه احدى حاجبيها بأستنكار  :
-انت عايزنى امشى ؟!... 

اجابها فريد وهو يحاول كبت ابتسامته مفسراً :
-لا بس كان فى الملف اللى طلبته منك محتاج تخلصيه عشان محتاجه بكره فى الاجتماع .. 
اجابته بحده :
-تمام مادام مستعجل عليه هقعد اخلصه هنا زى اليومين اللى فاتوا .. ولا فى مشكله ؟!..

نطقت جملتها الاخيره بنبره ذات مخزى وهى ترمقه بنظره محذره مفادها الا تجرؤ على طردى امامها ، اما عن نجوى فقد كانت غافله عن حرب النظرات الواقعه امامها وكل ما يشغل تفكيرها هو كيفيه التخطيط واستغلال ذلك الملف وتلك المعلومه لصالحها فيبدو انها وصلت فى الوقت المناسب تماماً .

بعد فتره من الصمت المطبق والترقب بدءت نجوى تتحدث مع فريد وتسأله عن سير الاعمال وبدء هو بالاجابة عن أسئلتها  والاندماج معها فى الحديث لا اردادياً ، راقبت حياة حديثهم الودى بقلب حزين ، فما هذا الشعور المؤلم الذى يتملك منها !! انها تشعر كما لو ان احدا ما قام بأعتصار  قلبها بين كفيه دون رحمه بعدما اضرم النيران به حتى ان رئتيها لا يستقبلان الهواء بشكل سليم ، وكل ما تريده فى تلك اللحظه هو إخفائه بداخلها او التحرك والوقوف امامه حتى لا تراه عيون تلك المتطفله ولا يرى هو سواها ، حاولت اخذ نفس عميق وإبقاءه بداخل رئتيها قليلاً قبل إخراجه ببطء لعل ذلك يهدء تلك النار التى تستعر بداخلها من رؤيته يتحدث مع غيرها ، زفرت بأحباط وبدءت تهز ساقها بعصبيه لم تخفى عن فريد او الاهم نجوى التى تحركت من مقعدها بأتجاه فريد متظاهره بتوضيح شئ ما له على هاتفها الخلوى وهى تراقب رد فعل حياة من طرف عينيها ، أسقطت نجوى الهاتف متعمده بين ساقى فريد ثم مدت يدها تلتقطه وهى تتصنع الترنح قبل ان تسقط بتمثيل داخل احضانه وهى تبتسم بخبث ، هدر بها فريد بعصبيه وهو يدفع يدها وجسدها بعيداً عنه وشهقت حياة بصدمه ثم اندفعت من مقعدها بأتجاه نجوى وهى تغمغم بعصبيه :
-لا كده كتير ..
فى اللحظه التاليه كانت تقف امامها قابضه على ذراعها بقوه ثم جرتها نحو لخارج وقد فقدت السيطره على اعصابها تماماً ، تذمرت نجوى بتمثيل مدعيه الالم من قبضه حياة وهى تتمتم بتصنع :
-اه ايدى .. سيبى ايدى طيب .. 

توقفت حياة عن السير ورفعت قبضتها من فوق ذراعها قائله بحده :
-اطلعى بره .. 
هتفت نجوى بتذمر مستنجده:
-فريد !!.. 

تحركت حياة بجسد متصلب نحو باب المكتبه لتفتحه عن اخره وهى تشير لها بعينيها قائلاً بتهديد :
-اطلعى بره المكتب احسنلك .. 

نظرت نجوى مره اخيره لفريد الذى كان عينيه تلمع بأستمتاع من رد فعل حياة الغير متوقع قبل ان ترفع برأسها وتسير بكبرياء نحو الخارج وهى تبتسم متمته بداخلها :
-سهل اوى اخليها تطلع عن شعورها .. حلوووووو .. 

اغلقت حياة الباب خلفها بعنف ثم رفعت إصبعها فى وجه فريد الذى تحرك يقف قبالتها بعدما استدارت لتواجهه هادره بعصبيه شديده وصدرها يعلو ويهبط من شده الانفعال قائله بتحذير :
-اوعى تفكر انى هسمح فى يوم ان حاجه زى دى تحصل قدامى تانى وانا هقف اتفرج ماشى !!! .. 

حدثها فريد ببرود مستفز متجاهلاً جملتها :
-حياة وطى صوتك الموظفين هيسمعونا .. 
حدجته بعيون ترمى بشرر من شده غيظها قبل ان تصرخ به قائله :
-متستفزنيش ومتغيرش الموضوع .. 

ابتسم فريد ببرود ثم سألها فريد بأستمتاع شديد وهو يدفع كلتا يديه بداخل جيوب بنطاله :
-طب وانتى مضايقه ليه دلوقتى هى معملتش حاجه !!.. 

اقتربت منه حياة حتى وقفت امامه ثم لكزته بقوه وهى تمتم بغضب :
-متدافعش عنها قدامى !!! .. 

لكمته مره اخرى بقوه اكبر حتى ترنح بجسده غير المتزن قليلاً للخلف مضيفه بحنق :
-ومتقولش عملت ايه عشان انت عارف !!!.. 

-ومتستناش منى اسيب واحده تانيه تلمسك وانت جوزى انا فاهم ..

هدرت بكلمتها الاخيره بعصبيه وهى تلكمه بكلتا يديها ثم اندفعت مسرعه نحو المرحاض صافقه الباب خلفها بعنف شديد تاركه فريد ينظر فى اثرها بعيون تلمع بسعادة وابتسامه رضا تملئ وجهه. 

استندت حياة بكلتا يديه على الحامل الرخامى لحوض الغسيل محاوله السيطره على غضبها  وقد بدءت تشعر بوخز الدموع الذى قاومته فى الخارج يزداد داخل مقلتيها ، رفعت يدها حيث موضع قلبها تضغط بقوه على موضع الالم وهى ترفع نظرها لتتأمل انعكاس صورتها داخل المرآه بضياع ، اهكذا هو الشعور بالغيره !! ان تشعر بقلبها يتمزق بداخل صدرها لمجرد دفاعه عن امراه اخرى أمامها !! ان تشعر بالنار تستعر بكامل جسدها لمجرد سماع كلمه حبيبى تقال له من فم غريبه !! هزت رأسها بعنف رافضه فهى لا تشعر بالغيره عليه ، كاذبه !! هذا ما واجهت به نفسها بقوه وهى تنظر فى المرآه ، مدت يدها المرتعشه من فرط انفعالها تفتح صنبور الماء وتلقى بالماء البارد فوق وجهها وعنقها ، امتدت أناملها ببطء نحو ياقه قميصها الابيض لتزيحها وتتلمس بأصبعها تلك العلامات التى تركها فى الصباح كدليل على تقاربهم  ، اغمضت عينيها بتعب محاوله التخلص من ذلك الشعور الذى ينتابها ، شعور الضياع ، ان تكون ممزقه نصفين ، نصف يريده ونصف يكرهه ، نصف يطلب قربه ونصف يريد الابتعاد عنه ، جزء يحترق شوقاً لصوته ولمسته وجزء اخر يريد الفرار من امامه ، جزء يتحكم به قلبها والجزء الاخر يتلقى يومياً اللوم من قلبها ، حتى عقلها بدء يفقد قدرته على المقاومه او التفكير بشكل سليم سواء فى حضوره او فى غيابه ، اما عن ارادتها فهى الاخرى اصبحت لا تكفى لمقاومه جنون قلبها بجواره .

بعد فتره ليست بقليله جففت وجهها ومسحت على شعرها وعدلت من وضع ملابسها ثم خرجت من المرحاض بوجهه متجهم  فوجدته ينتظرها امام الباب ، تجاهلت وجوده وتقدمت نحو مكتبه تسحب حقيبه يدها من فوق المقعد متوجهه نحو باب الخروج ، ركض فريد خلفها يمسك ذراعها برفق ليستوقفها وهى يهمس اسمها بهدوء :
-حياة !!..

حاولت سحب ذراعها من بين قبضته وهى تستدير بجسدها فى الجهه الاخرى بعيداً عنه ، تحرك بجسده فى اتجاهها حتى وقف قبالتها ثم اخفض ذراعه يحتضن خصرها وهو يغمغم اسمها ولكن تلك المره بنعومه واضحه :
-حياة .. مش عايزه تبصى لجوزك ؟!..
هل يستغل كلمتها ضدها الان !!! لا لن تسمح له لذلك رفعت رأسها تنظر نحوه بغضب وهى تدفعه بجسدها وذراعها ليبتعد عنها ولكن الفارق الجسدى الغير قابل للمقارنه بينهم حسم النتيجه لصالحه من قبل ان تبدء حتى ، هتف بأسمها مره اخيره بتحذير :
-حيااااة .. 

اندفعت تجيبه بحده وهى تحاول دفعه بكل ما أوتيت من قوه وقد عاد كل غضبها وإحباطها وتخبطها ليطفو على السطح مره اخرى دون سابق انذار  :
-اوعى .. سبنى .. مش عايزاك تلمسنى ولا تكلمنى ولا تقرب منى .. اتفضل روح اتطمن على الهانم بتاعتك .. 

احكم فريد حصار ذراعيه لخصرها حتى يمنعها من الافلات منه ويضمها إلى صدره اكثر ، دفنت رأسها بداخل صدره وقد هدئت مقاومتها تماماً وعم الصمت ، انتظر فريد قليلاً قبل ان ينطق اسمها للمره الاخيره بنبره حانيه :
-حياة .. 
شعر بجسدها يهتز بين ذراعيه فهتف بأسمها بقلق وهو يبعد جسدها عن جسده قائلاً بتوسل :
-حياة ؟!.. حبيبى ؟!.. 

بدءت شهقاتها تعلو خصوصاً بعدما سمعته  وهو ينطق اسمها بكل ذلك الحنان فلم تشعر بنفسها الا وهى ترفع ذراعيها وتشبك كفيها خلف رقبته ثم دفنت راسها داخل عنقه وبدءت تشهق بقوه من كل تلك المشاعر التى تحاصرها ولا تقوى على وضع مسمى لها او الاعتراف بها 

ظل فريد يمسح فوق شعرها بحنان وهو يهمس داخل اذنها بحب حتى هدئت تماماً وابتعدت عنه وهى تمسح دموعها ووجهها بظاهر كفها ثم غمغمت بصوت باكِ :
-ممكن اروح الاوضه بتاعتى ؟!..

ظل فريد ينظر إليها لفتره كأنه يحاول التوصل لقرار قبل ان  يفتح فمه ويجيبها بأصرار وهو يمد يده ليحتضن كفها داخل كفه :
-لا مش ممكن !! مش هتتحركى من جنبى النهارده ..

زفرت حياة بأرهاق ثم اجابته بنبره هادئه وكأن دموعها قد عادت إليها هدوئها وتعقلها :
-فريد ..
قاطعها فريد قبل إكمال جملتها قائلا بحسم وهو يعاود احتضانها بين ذراعيه :
-مفيش فريد .. هتقعدى هنا جنبى وتكملى شغلك هنا واعملى حسابك تخلصى بسرعه عشان نروح بدرى .. 

هزت رأسها بأستسلام وقد جاء طلبه على هوى قلبها حتى تظل بجواره فى حاله عوده تلك الشمطاء مره اخرى .

***************

ركضت نجوى نحو الخارج تبحث عن مدير الحسابات لتسأله عن ذلك الملف المهم الذى طلبه فريد منذ قليل حتى يتسنى لها التخطيط بتروى ، أعطاها مدير الحسابات المعلومات الكامله بعدما صار اتفاق سرى بينهم على زياده راتبه مع شيك فورى يحتوى على مبلغ ضخم من المال ووعود بالتخلص من حياة الدخيله على منصبه وتأمين مستقبله داخل شركه اخرى فى حاله انكشاف مخططتهم مقابل مساعدتها فى ذلك . 

وفى نهايه اليوم كانت حياة قد انتهت من تدقيق ثلاثه ارباع ذلك الملف وتبقى لها الجزء الاخير ثم طباعته ورقياً وانزاله للأرشيف فى حال موافقه فريد عليه 

فى الصباح التالى استيقظت حياة بحماس بين ذراعى فريد ثم دفعته بأصرار للذهاب باكراً لمقر الشركه حتى يتسنى لها إنهاء ذلك الملف المهم وإعطائه له فى اسرع وقت ممكن ، طاوعها فريد بحب وهى تتقافز امامه كالأطفال من شده الحماس وبعد حوالى الساعه وصلت حياة إلى مكتبها بعدما قامت بتوديع فريد وقد آثرت الذهاب إلى مكتبها حتى تستطيع التفكير بشكل سليم فهى بجواره يتعطل عقلها عن العمل بنسبه كبيره 
اما عن فريد فقد كان لديه الكثير من الاعمال المتراكمة والتى يجب عليه الانتهاء منها قبل ذلك الاجتماع الهام لذلك دلف إلى غرفته واغلق الباب خلفه بعدما أعطى آمراً قاطعاً لسكرتيرته بعدم الإزعاج لاى سبب كان . 

بعد حوالى الساعه  انهت حياة تدقيق الملف بالكامل ثم قامت بحفظه داخل الحاسب الألى بعدما احتفظت بنسخه منه على ذاكره خارجيه كعادتها ثم تحركت للخارج لتشرف على طباعه الملف بنفسها قبل ان تعود مره اخرى لمكتبها  وتراجعه للمره الاخيره فهذا الملف إلى جانب أهميته يعتبر اول اختبار حقيقى لها داخل المؤسسه ويجب عليها اثبات كفائتها لموظفي الشركه قبل مدير الشركه نفسه حتى لا يظن الجميع انها عُينت هنا فقط من اجل زواجها به ..

*********

جلس فريد بداخل غرفه مكتبه يتحدث عبر الهاتف إلى مساعده الشخصى ويسأله مستفسراً :
-عملت كل اللى قلتلك عليه ؟!.. 
اجابه مساعده بثقه :
-ايوه يا فندم الفيديو والصور كلها جاهزه .. 
سأله فريد مره اخرى منبهاً :
-ووش البنت مظهرش زى ما طلبت ؟!.. 

طمأنه الطرف الاخر بثقه شديده :
-ايوه يا فندم انا فضلت جنبه لحد ما ظبط كل حاجه على ايدى .. 

ابتسم فريد بشراسه وهو يحك إصبعه بذقنه قائلاً بأنتصار :
-عارف هتعمل ايه بعد كده ؟!.. 
اجابه مساعده بخضوع :
-ايوه يا فندم .. هيطلع نسخه من الفيلم على عنوان منصور .. والصور هتتسرب كلها للإعلام ومواقع الانترنت .. 
أردف  فريد قائلاً بنبره رضا :
-اتحرك فوراً وبلغينى بالجديد .. ومتنساش محدش يقدر يتبع المصدر الاساسى للصور .. 
تمتم  مساعده له مطمئناً بثقه قبل ان يغلق فريد هاتفه وهو يتمتم بتوعد وعيونه تلمع بقسوه واضحه :
-اول ضربه ليك يا منصور الكلب عشان تعرف حجمك تتعلم ان فريد مبيهددش وبس .. 
********

فى منتصف النهار انتهت حياة من مراجعه الملف للمره العشرين والاخيره وكانت على وشك التحرك للخارج عندما أنقطع التيار الكهربائى ، زفرت بضيق فقد كانت غرفتها من الداخل ولا تطل على اى نوافذ وبالتالى فقد أظلمت بالكامل وذلك الظلام  يعنى شئ واحد هو ذكرياتها مع ذلك العجوز البائس لذلك خرجت مسرعه فى اتجاه غرفه فريد ، حاولت ايمان ايقافها وإخبارها ان السيد فريد قد طلب من الجميع عدم إزعاجه ولكن يد حياة قد سبقتها واطرقت  باب مكتبه وهى تهتف اسمه بأرتباك ، تحرك فريد نحو باب غرفته مسرعاً ريثما استمع إلى صوتها القلق  ، اندفعت حياة لداخل غرفته  تبرر بمجرد  رؤيتها له بتوتر :
-فريد النور قطع وانا .. زمان ..... 
قاطع فريد حديثها المضطرب قائلاً بحنو :
-شششششش .. تعال .. 

انهى جملته ومد ذراعه ليجذبها نحوه ويحتضن خصرها برفق ثم رفع رأسه موجهاً حديثه لسكرتيرته بتلك النبره الآمرة الجامده :
-متدخليش حد تانى ... فاهمه ؟!...

لم ينتظر اجابتها بل اغلق الباب فى وجهها بعد انتهاءه من إكمال جملته ثم تحرك بحياة نحو الاريكه الوثيره الموضوعه بداخل الغرفه جالساً فوقها وساحباً حياة هى الاخرى نحوه ، تحركت هى لتجلس بجواره ولكنه اوقفها طالباً منها بأبتسامه عابثه :
-لا مش هنا .. تعالى اقعدى هنا .. 

أشار لها بالجلوس فوق ساقيه الممدودة بكسل فوق الارضيه ، اخفضت حياة رأسها بخجل وهى تتحرك لتجلس داخل احضانه متذكره البارحه عندما سقطت تلك الحرباء بين ذراعيه بكل تبجح وتذكرت أيضاً كيف راودها ذلك التفكير برغبتها فى التسلل بين ذراعيه حتى تُمحى ذكرى جلوس اخرى بأحضانه حتى لو كان حادثه كما ادعت ، قاطع تفكيرها صوت فريد يسألها بترقب :
-حياة ؟؟؟.. انتى مش بتحبى الضلمه ؟!..
اجابته بتردد وهو تعض على شفتيها :
-لو لوحدى بس لما بيكون حد معايا عادى .. 

صمتت قليلاً لتبلع ريقها بتوتر ثم اردفت تقول وهى تشعر لاول مره برغبتها فى اخباره ومشاركته ذكرياتها :
-لما اجبرونى .. انت عارف يعنى .. كنت بطلب منه يطفى النور عشان مشفش ملامحه ولا وشه .. رغم ان ده مكنش بيفرق فى حاجه بس ع الاقل مكنتش ببقى مجبره اشوفه .. وبعدها فضلت فتره بضايق اول ما النور بيطفى لانى كنت بفتكر الاوضه بكل تفاصيلها .. 

صمتت قلبلاً تراقب تعبيراته المتجهمة قبل ان تضيف بأرتياح :
-بس مبحسش بكده وانت موجود حتى لو فى ضلمه .. 

لم يعقب ولكن بدلاً عن ذلك رفع إصبعه يتلمس جبهتها برفق وهو ينظر داخل عينيها  فى حديث صامت مفاده اعتذار يشوبه الغيره مع نظره اخيره محمله بوعده بالامان ، ظلت تنظر إليه بهيام وهى تفكر بأستغراب فكيف ومتى استطاعت قراءه نظرته بكل تلك السهوله ؟!! ، جائتها الاجابه من داخل قلبها ليقول دائماً ، نعم دائما كانت تفهمه دون حاجته للحديث حتى وهى تعاند وتدعى غير ذلك .

قطع نظراتهم جرس هاتفه الذى دوى بداخل الغرفه فتحرك فريد ليتلقطه مسرعاً من فوق مكتبه  ثم عاد فى اللحظه التاليه إلى جلسته السابقه وهو يجذبها لتجلس مره اخرى بين احضانه ، ظلت تراقبه بأعجاب وهو يتحدث إلى شخص ما بجديه شديده بفرنسيه مكتمله ويده الخاليه تعبث بخصلات شعرها وبعد انتهاء مكالمته سألته بتذمر :
-على فكره انت عمرك ما كلمتنى عن دراستك ولا حكتلى عنها ..

رفع احدى حاجبيه مستنكراً وهو ينظر إلى تحولها الشديد ثم اجابها بنبره شديده الثبات :
-يمكن عشان عمرك ما سألتى !!! ..

ابتسمت له برقه وهى تحرك رأسها مستسلمه فقد التقطت عتابه ثم اردفت قائله بمرح :
-وادينى سألت اتفضل بقى احكيلى ..

تنهد مطولاً قبل ان يحاول اخراج نبره عاديه قدر الامكان رغم الضيق الذى ارتسم بوضوح فوق ملامحه :
-بصى يا ستى .. غريب بيه عشان يريح دماغه ويرضى جيهان هانم مراته قرر يبعدنى عنها وساعتها مقررش يبعدنى بس لا ده قرر ينفينى بره البلد كلها وشاف ان افضل مكان لكده هى فرنسا على اعتبار ان شراكته كلها معاهم ولما اعيش وسطهم وأتقن لغتهم هيكون التعامل سهل وفعلا سفرنى وانا عمرى ١٢ سنه دخلت هناك مدرسه داخليه وعلى غير المتوقع منى كانت درجاتى كلها عاليه اهلتنى انه 
ادرس الهندسه الملاحيه .. يعنى اساس شغلنا .. تقدرى تقولى من الاخر كده كنت صفقه رابحه لغريب بيه ..

برغم نظراته الثابته فوقها ونبرته العاديه الا انها شعرت بالمراره تغلف كلماته لذلك ودون شعور منها مدت إصبعها تتلمس وجنته وخطوط جبهته العابسه بحب وهى تسأله بحنان :
-ومفكرتش تكمل دراسه بعدها بما انك كنت مجتهد كده ؟!.. 

اجابها هامساً وهو يقترب برأسه منها :
-لا ماصدقت خلصت الجامعه ورجعت على طول .. مقدرتش افضل بعيد عن حياتى اكتر من كده ..

ابتسمت بخجل من جملته المعبرة وهى تحاوط وجهه بكفيها وتفمغم بمرح محاوله تغيير مجرى الحديث :
-اه وحضرتك بقى بقيت بتتكلم فرنساوى زى البلب وانا اللى اضحك عليا فى الاخر ..

سألها مستفسراً وهو يضيق عينيه فوقها :
-مش فاهم ؟!.. 
اجابته بأستطراد قائله :
-مش انت كنت بتكره اللغه ورافض تتعلمها .. انا كمان لما دخلت المدرسه كانت ماده أساسيه عندنا وكنت بحضر الحصص بالعافيه ومكنتش بقبل اعمل الديفوار بتاعه ولما كانت المدرسه بتعاقبنى كنت بقولها انه فريد قالى انها لغه وحشه وانا كمان مش هتعملها ..

صمتت قليلاً ثم أردفت من بين ابتسامتها قائله :
-انا كنت على طول بقول فريد .. لما كان حد بيضايقنى كنت بقول فريد ولما كان حد بيسالنى كنت بقولهم فريد .. ولما كان بيقرب منى كنت بقول فريد .. فضلت اقول فريد فريد لحد ما فى يوم المدرسه بتاعتى قالتلى انا لازم اشوف فريد اللى مش بتتكلمى غير عنه ده .. 

ازدرد هو لعابه بقوه ثم غمغم آمراً بعيون تلمع بشغف :
-قربى .. 

ضيقت عينيها تنظر نحوه غير مستوعبه فأردف يقول مفسراً :
-عارفه فى كل مره بسمع اسمى من بين شفايفك ببقى عايز اعمل ايه ؟!..

هزت رأسها نافيه فى علامه على عدم علمها فأردف هو هامساً امام شفتيها :
-ببقى عايزه اعمل كده ..
انهى جملته وقام بلثم شفتيها بنعومه قبل ان تزداد عمق قبلته 
امام تجاوبها معه ، ابتعد عنها بعد قليل مستنداً بجبهته فوق جبهتها ومتمتاً بشغف :
- هيجى يوم وهاخد دينى منك كامل عن كل مره نطقتى اسمى فيها وكنت بعيد عنك .. 

ابتسمت بخجل وهى تبتعد عنه قائله بدهشه وهى تنظر حولها :
-فريد النور رجع .. 

اجابها وهو يرفع شفتيه مقبلاً جبينها مطولاً :
-النور رجع من بدرى بس انا اللى مكنتش عايزك تتحركى من جوه حضنى .. 

ابتسمت قائله بمرح :
-طب دلوقتى ممكن اتحرك عشان أسلمك الملف اللى كنت مستعجل عليه ؟!.. 
اجابها بأندهاش :
-انتى فعلا خلصتيه !!.. 
اجابته بفخر :
-ايوه طبعاً أمال انت فاكرنى هاويه ولا ايه الملف بتاعك خلص من قبل ما النور يقطع بس انا اتوترت ونسيت اجيبه وانا جايه ..

طبع قبله خاطفه فوق وجنتها وهو يهمس بداخل اذنها بثقه:
-انا عارف ان حبيبتى اشطر حد فى الدنيا كلها ..

كم أسعدها ثقته فيها وتشجيعه لها وكمًايهدها اكثر انه لايقهر هذا الجانب الرائع منه الا لها فقط !! لذلك وقفت على أطراف أصابعها تطبع قبله خاطفه فوق وجنته ثم ركضت للخارج دون النظر وراءها 

عادت حياة إلى غرفه مكتبها لتأخذ الملف وتعود به مره اخرى إلى مكتب فريد لتسليمه له ، استلمه فريد منها على عجاله وبدء فى مراجعته على الفور تمهيداً لبدء اجتماعه اما عن حياة فقد عادت إلى غرفه مكتبها لمتابعه ما تبقى من مهامها اليوميه ، وبعد حوالى ساعه رن هاتف مكتبها الداخلى لتجد ايمان تطلب منها الحضور إلى غرفه السيد فريد على الفور ، توجهت نحو مكتبه بأبتسامه ثقه فهى على يقين انها أدت  مهمتها على اكمل وجهه ، طرقت غرفه مكتبه مستأذنه للدخول ثم دلفت إلى الداخل بعد سماعها اذنه لتجده يجلس بعبوس فوق مقعده وهو يقلب اوراق الملف بحيره بين أصابعه ، نهض من مقعده بمجرد رؤيتها ثم تمتم بجمود قائلاً :
-حياة الملف ده فى غلط ٥٠٠  الف جنيهه زياده عن الميزانيه اللى طلبتها !!!!!.. 

***********
سألته حياة بأستنكار وهى تقترب منه حتى تُلقى نظره حيث موضع إصبعه وتركيزه :
-ملف ايه ده اللى فى غلط بالظبط ؟!.. 

اجابها فريد وهو يمد ذراعه ويجذبها نحوه ثم أشار لها بأصبعه فوق احد البنود متمتاً بحيره:
-مش عارف الارقام قدامى بتقول كده .. البند ده بالذات فيه صفر زياده يعنى ٣٠٠ بدل ٣٠ .. 

صمت قليلاً وهو يقلب بين يديه عده صفحات للامام قبل ان يستطرد وهو يشير لها بسبابته :
-والبند ده كمان نفس الحكايه المفروض يكون ٢٠ مش ٢٠٠ .. 
سألته حياة  وهى عاقده جبينها بتعجب :
-ازاى انا مرجعاه كذا مره والارقام دى مكنتش كده !! .. 
اجابها فريد بتفهم وهو يحيط خصرها بذراعه :
-خلاص مش مشكله .. انا راجعته وعرفت فين الغلط لانى حافظ الارقام .. بس حبيبى ابقى خلى بالك المره الجايه ..

رفعت حياة رأسها تنظر نحوه بضيق قائله بأعتراض :
-لا مفيش مشكله انا متاكده انى مراجعه والارقام دى مكنتش كده .. 

زفر فريد بهدوء ثم اجابها بنبره هادئه متفهمه :
-حياة مش قصه كبيره يعنى ده صفر بدل اتنين ممكن متكونيش اخدتى بالك منه خصوصاً انك خلصتيه بسرعه .. 

رفعت حياة كفها تدفع ذراعيه بعيداً عنها وهى تسأله بحده :
-يعنى انت مصدق انى اتلخبطت ومش مصدق انى بقولك الارقام دى مكنتش كده !!.. 

صمت قليلاً محاولاً انتقاء كلماته بعنايه فأردفت حياة قائله بحزن :
-فرييييد !!!.. 

اجابها هو على الفور وهو يمد يده مره اخرى ليعاود احتجازها بين ذراعيه بعدما قام بطبع قبله مطمئنه فوق مقدمه شعرها قائلاً :
-عيون وقلب فريد .. انتى مضايقه ليه اذا كنت انا نفسى مش مضايق غلطه وممكن تحصل .. 

اجابته حياة بحنق وهى تدفع يده للمره الثانيه محاوله التخلص من قبضته :
-مضايقه عشان انت مش مصدق اللى بقوله او الاصح مش عايز تسمعه !!.. 

صمتت قليلاً تنظر حولها بضياع ثم اردفت بعدما زفرت مطولاً بأحباط  وقد بدءت الدموع تلمع داخل مقلتيها بوضوح :
-عشان انت شايف ان ده عادى انى غلطت وعشان انا مراتك فالموضوع مش مشكله ويتحل بسهوله .. بس انا بالنسبالى مش كده ده شغلى واكتر حاجه فى حياتى بعملها صح .. ده غير انى مش هقبل ابداً انى اغلط واعرض الشركه او اسمك اللى انا شايلاه لموقف محرج حتى لو انت شايفه بالنسبالك حاجه عاديه ..

انهت جملتها الاخيره بصوت متحشرج وقد بدءت دموع الاحباط تعلن عن نفسها بسقوط دمعه خائنه فوق وجنتها ، ظل فريد ينظر إليها بأنبهار لعده ثوانى لم يعيده لوعيه سوى تلك الدمعه الوحيده التى فرت من عينيها على حين غره منها ، اعتدل على الفور فى وقفته ثم سحبها بين ذراعيه يحتضنها وهو يغمغم لها بصوت مختنق من شده مشاعره :
-ششش .. انا مكنش قصدى كل ده وماخدتش بالى من كل ده .. حياة بالنسبالى يعنى انا معقول لو كنت اكتشفت انى غلطت كنت هعمل غير اللى عملته معاكى !!.. 

رفعت رأسها تنظر إليه وفتحت فمها توشك الاعتراض ولكنه اوقفها عندما قام بوضع سبابته فوق شفتيها قائلاً بحنو :
-استنى لسه مخلصتش .. انا مكنتش عارف انك خايفه على اسمى اوى كده ومهتمه بحمايته .. 

حاوط وجهها بكفيه حتى يجبرها على النظر داخل عينيه قبل ان يردف حديثه قائلاً بشغف :
-بس عايز اقولك ان اللى شايله وخايفه على اسمه ده  فخور بيكى ومصدقك اكتر من نفسه .. 

انهى جملته وهو يطبع قبله حاره فوق وجنتها وشفتيها ، ابتسمت حياة بسعاده ممزوجه بالخجل من اثر كلماته ثم قالت برقه وهى تشبك كفها بيده وتحثه على التحرك معها :
-طب تعالى معايا ..
سألها بأبتسامه مستنكره :
-على فين ؟!..
اجابته بثقه وهى لازالت تبتسم له :
-تعالى اثبتلك انى صح ..

اومأ له برأسه موافقاً ثم تحرك معها نحو الخارج حيث غرفه مكتبها وهى لازالت تتمسك بيده بتملك واضح وخاصةً عندما رأت نجوى تسير داخل الممر المقابل لهم ، دلفا معاً إلى داخل غرفتها ثم قامت بتشغيل جهاز الكمبيوتر المحمول "اللاب توب " وقامت بالبحث بداخله لفتره قبل ان ترفع رأسها نحو فريد عاقده حاجبيها معاً وهى تتمتم بعبوس :
-فريد الملف مش موجود !!..
سألها بأستنكار :
-يعنى ايه مش موجود ؟!..
اجابته بأستغراب مفسره :
-يعنى انا خلصت الملف وحفظته وحطيته على الdesktop فى فولدر بأسمه لحد ما توافق عليه وبعدها انقله .. بس دلوقتى الملف اختفى ومش لقياه فى اى مكان ..
سألها فريد بنبره شارده :
-حياة متاكده انى حفظتيه يعنى ؟!..

رمقته حياة بنظره معاتبه فأردف على الفور مصحصاً وهو يقترب منها :
-مش قصدى حاجه انا بس بفكر معاكى بصوت عالى ..
هزت رأسها متفهمه قبل ان تجيبه بثقه :
-حتى لو ده حصل .. انا معايا بديل ..

غمزت له بعينيها وهى تخرج من داخل جيب ردائها "فلاشه " خارجيه خاصه بحفظ الملفات وقامت برفعها امام وجهه قائله بفخر :
-مش انا اللى توقع فى الغطله دى .. 

وضعت الذاكره الخارجيه بداخل المدخل الخاص بها فى الجهاز ثم قامت بفتح الملف وابتسامتها تزداد شيئاً فشئ وهى ترفع رأسها بفخر وسعادة ثم أدارت شاشه الجهاز نحوه وهى تقول بثقه شديده :
-اتفضل شوف ..
انحنى فريد بجذعه قلبلاً حتى يتسنى له الرؤيه بوضوح ثم رفعها بعد قليل قائلاً بحيره :
-الحسابات هنا مظبوطه فعلاً !! فى صفر فى الورق زياده عن هنا ..

اجابته حياة وهى تعقد ذراعيها معاً قائله بعدم فهم :
-وهو ده بالظبط اللى انا طبعته وراجعت عليه قبل ما اسلمهولك بنفسى ..

نظر فريد نحوها مطولاً عاقداً حاجبيه معاً بتركيز قبل ان يتمتم بخفوت :
-طب تعالى معايا ..

سألته حياة وهو يسحبها خلفه نحو الخارج :
-اجى معاك فين ؟!!.. 
اجابها فريد وهو يغمز لها بخبث :
-تعالى نعرف مين اللى لعب فى ملف حياتى ..

أصدرت همهمه سعيده تدل على موافقتها وهى تسير خلفه بأبتسامه عريضه حتى وصلا إلى غرفه مكتبه مره اخرى ، استدار فريد يقف خلف مكتبه وهو لازال يسحبها وراءه ثم قام بفتح الشاشه الاخرى والموضوعه بجانب كمبيوتره المحمول والتى تسائلت حياة كثيراً عن سبب وجودها هنا دون اجابه ترضى فضولها ثم قال بنبره تحمل الكثير من التوعد :
-دلوقتى هنقدر نشوف مين اللى بيلعب من ورايا ..
سألته حياة بعدم فهم :
-هنشوف ازاى مش فاهمه ؟!!.
اجابها فريد مفسراً  :
-من كاميرة المراقبه بتاعه الممرات .. 

قاطعته حياة معترضه :
-بس النور كان قاطع واكيد اللى عمل كده استغل الوقت ده عشان يتحرك براحته ..
سألها فريد بعبوس :
-وايه علاقه ده بالكاميرا !!!!
اجابته حياة بأستنكار :
-فريد !! انتى هتجننى ما اكيد الكاميرات فى الوقت ده مش هتسجل ..

اجابها فريد بثقه :
-ولو سجلت تدفعى كام ؟!!..

رفعت احدى حاجبيها متفاجئه وهى تغمغم بتوجس :
-مش عارفه .. يعنى لو حد تانى كنت اتحديته بقلب .. بس انت بالذات لا ..
اجابها فريد وهو يتحرك فى اتجاهها حتى اصبحت شفتيه امام شفتيها هامساً بشغف :
-طب ما تقولى انك بتثقى فيا وفى كلامى اسهل من كل ده !!..

أبعدت وجهها قليلاً عنه قبل ان تغمغم بخجل :
-فرييييد .. عشان خاطرى فهمنى فى ايه فى دماغك !!..
اجابها وهو يتلمس وجنتها بأنامله :
-ولا حاجه .. بس كاميرات المراقبه بتاعه الممرات بالذات وأوضه مكتبى بتشتغل بالبطارية ملهاش علاقه بالتيار الكهربى .. وده سر محدش يعرفه غير الفنى اللى ركبها وانا ..
صمت لبُرهه قبل ان يضيف بحب :
-وانتى ..

نظرت له مطولاً قبل ان تجيبه بشغف :
-يعنى انت برضه .. 
بلعت لعابها بصعوبه قبل ان تضيف بتعلثم :
-احم قصدى واحد .. لا يعنى قصدى اننا فى نفس الصف .. يعنى كأنك مقلتش حاجه ..

هز رأسه لها متفهماً وقد ظهرت على ثغره ابتسامه عابثه قبل ان يعود للشاشه مره اخرى ويقوم بتفريغ ذاكره الكاميرا وينتظر بترقب حدوث اى شئ غير طبيعى ، وبعد دخول حياة لمكتبه بعده دقائق ظهرت نجوى تسير بأتجاه غرفه حياة حامله بيدها رزمه من الاوراق ثم التفت حولها بقلق يميناً ويساراً قبل ان تدلف لداخل الغرفه وتخرج بعد حوالى عشر دقائق ولازالت بيدها رزمه الاوراق قبل ان تتجهه نحو سلم الطوارئ بأخر الممر  لتستقله ، شهقت حياة بصدمه واضعه كفها فوق فمها قبل ان تساله بعدم تصديق :
-فريد !!! هى دى ؟!!!..

اجاب فريد على تساؤلها بنبره جامده :
-ايوه هى  نجوى ..
اردفت حياة تسأله بذهول :
-يعنى هى اللى عملت كل ده !!! معقول تكون اتعمدت تقطع النور ..

انتفض فريد من مقعده وقد بدءت علامات الغضب تظهر صريحه فوق ملامحه وهو يغمغم بصوت خفيض يحمل الكثير من الإصرار :
-دلوقتى هفهم ..

التقط سماعه هاتفه طالباً من ايمان بنبره جامده إرسال عامل الصيانه إلى غرفته فى الحال

ظل فريد طوال الدقائق التاليه يذرع الغرفه ذهاباً واياباً مطرقاً رأسه لأسفل بهدوء شديد كانت تعلم حياة جيداً انه مصطنع فدائما ومنذ الصغر كان يتقبل جميع الامور برويه دون إصدار اى رد فعل متهور ، اما الان ورغم محافظته على هدوئه الخارجى الا انها باتت تعلم ان خلف ذلك القناع البارد نيران مستعره يحاول جيداً السيطره عليها لا تظهر الا من خلال نظرات عينيه ، عاد فريد مره اخرى يقف خلف مكتبه ويتابع بشرود وجسد متصلب حركه السير امامه وبعد عده لحظات كان العامل والذى لم يكن يتجاوز الخامسه والثلاثين بعد يقف فى منتصف الغرفه بعدما سمح له فريد بالدخول 

ظل فريد على وقفته يوليه ظهره لعده لحظات قبل ان يستدير وينظر نحوه بعدة نظرات خاليه يتخللها صمت متعمد من جهته وترقب شديد من الجهه الاخرى ، اما عن حياة فكانت تراقب كل ذلك الوضع ولم تملك الا الإشفاق على ذلك الرجل والذى اذا ثبُث تورطه لن ينجو من براثنه بسهوله ، قطع فريد اخيراً الصمت قائلاً بهدوء شديد :
-فكرنى بأسمك كده تانى عشان نسيت !!..

اجابه الرجل بثبات يُحسد عليه :
-مؤمن يا باشا ..
مط فريد شفتيه معاً وهو يهز رأسه بترو شديداً ومضيفاً بأستفهام :
-حلو اسم مؤمن ده .. طب قولى يا مؤمن استلمت ورديتك النهارده الساعه كام ؟!.. 

اجابه الرجل بنبره حاول قدر الامكان اخراجها مستقره :
-الساعه ٧ الصبح با باشا .. 
أردف فريد يسأله بنبره جافه :
-كان فى حد معاك من زمايلك ولا انت لوحدك ؟!.. 

اجابه العامل وقد بدءت علامات القلق تظهر بوضوح على قسماته :
-لا يا فندم .. دى دوريتى لوحدى من ٧ل٣ .. 

هز فريد رأسه عده مرات موافقاً ببطء شديد وهو يتقدم عده خطوات فى اتجاه العامل الذى ابتلع ريقه بصعوبه سائلاً  فريد بقلق وهو يراه يتقدم نحوه بهدوء:
-هو فى حاجه يا باشا .. 

اجابه فريد بثبات ونبره خاليه وهو يدس كفيه بداخل جيوب بنطاله :
-لا مفيش .. 
صمتت فريد قليلاً وأطرق رأسه للأسفل بتفكير ثم سأله مستفسراً بجديه شديده وهو يرفع نظره نحوه :
-الا قولى يا مؤمن .. عندك ولاد ؟!.. 

 رمقه العامل بنظرات متشككه قبل ان يجيبه بتوجس :
-اه يا باشا عندى ٣ ..
أردف فريد يسأله ببرود قاتل وهو يرمقه نظرات متفحصه وهو لازال يتحرك حوله :
-وعلى كده بتحبهم ومستعد تعمل اى حاجه عشانهم ؟!..
اجابه العامل بأندفاع قائلاً :
-ايوه يا باشا اكيد ..

توقف فريد عن التحرك ورفع نظره فجاة وهو يبتسم بشراسه ويقول بنبره بارده:
-وعشان كده قطعت النور النهارده متعمد ؟!.. 
نظر العامل نحوه بهلع ثم قال بتعلثم شديد بعدما ازدرد لعابه بقوه :
-انا معملتش حاجه يا باشا هو اللى ق... 
هدر به فريد بعصبيه شديده وهو يلوح له بكفه محذراً:
-كداااااب .. كمل كدبك وشوف نهايتك لما اكتشف كل حاجه بنفسى ..

صمت لُبرهه ثم اضاف بنبره شبهه محتده :
-او زى الشاطر كده تحكيلى الست نجوى اتفقت معاك على ايه ساعتها عيالك مش هيضرروا .. 

انحنى العامل بجزعه يلتقط كف فريد ويتشبث بها بتوسل قائلاً برعب شديد :
-ابوس ايديك يا باشا انا مليش ذنب هحكى لحضرتك كل حاجه .. 
تأمله فريد مطولاً ثم أردف بنبره جامده وهو يتحرك نحو مقعده ليجلس فوقه قائلاً بترقب شديد :
-قول وانا سامعك ..

اندفع العامل يجلس امامه بلهفه مسترسلاً بفزع حقيقى :
-امبارح بليل بعد ما الموظفين كلهم اتحركوا كان ميعاد مناوبتى بليل لحد الساعه ٩ .. لقيت نجوى هانم ندخت عليا وطلبت منى ان وقت ما تكلمنى افصل النور من التابلوه العمومى لحد ما هى تدينى امر تانى ولو حد سألنى اقوله ان حصل مشكله والزار العمومى فصل لوحده وشويه وهحلها .. وانا يا باشا نفذت من غير اسئله وفعلا بعد عشر دقايق لقيتها قدامى بتشاورلى انى ارجع كل حاجه زى ما كانت تانى .. 

صمت الحارس ليبتلع ريقه بتوتر ثم اضاف بصدق شديد :
-وحياة عيالى هو ده اللى حصل وهددتنى كمان ان لو اى حد عرف حاجه عن طلبها ده والدها هيطردنى من الشغل وهترمى فى الشارع ومحدش هيصدقنى وهتبقى كلمتى قصاد كلمتها .. 

أستمع فريد لكلمات العامل بهدوء عجيب رغم غضب نظراته وبعد انتهاءه عم الصمت المثقل المكان ولم يعقب لذلك اندفع العامل البسيط  يسأله بتوسل :
-صدقتنى يا باشا ؟!  .. والله هو ده اللى حصل ومستعد احلف على مصحف كمان .. حتى لو حضرتك ناويه  تعاقب حد عاقبنى انا بلاش العيال ملهمش ذنب .. 
انتفضت حياة من مقعدها مندفعه فى اتجاه فريد وقد لامس صدق الحارس قلبها حتى توقفت امامه ثم رمقته بنظره مرتابه وهى تهتف اسمه بتوسل  :
-فريد ؟!!! .. 

نظر نحوها بنظره خاليه ثم عاود بنظره نحو العامل قائلاً  بهدوء شديد :
-هصدقك بس شرط ..

هز الرجل رأسه موافقاً  بلهفه شديده فأردف فريد قائلاً  بغموض :
-تستمر معاها لو طلبت منك اى حاجه تاني وتجاربها فيه وفى المقابل تيجى تقولى لحظتها .. 

أردف فريد وقد تبدلت نبرته لتهديد شديد :
-وأوعى تفكر ان فى حاجه بتستخبى عليا فاهم !!!..
نطق جملته الاخيره بصوت محتد جعل العامل ينتفض داخل مقعده وهو يجيب بذعر :
-حاضر يا باشا اللى تشوفه هعمله ولو خالفت كلامك اقطع رقبتى حتى مش هعترض ..

اومأ فريد له برأسه ايماءه خفيفه قبل ان يشير له بعينه بالانصراف ، انتظرت حياة حتى خروج العامل ثم اندفعت تسأله بجديه شديده وهى تعقد ذراعيها معاً بوضع التأهب الذى بات يحفظه عن ظهر قلب :
-هتعمل ايه دلوقتى ؟!.. 

اجابه فريد ببرود شديد وهو يعتدل فى جلسته :
-ولا حاجه .. 
سألته حياة متشدقه بحده :
-يعنى ايه مش هتعمل حاجه دى !!!! .. 

تحرك فريد يقف قبالتها وهو يمد ذراعه ليجذبها نحوه قائلا بهدوء استفزها :
-زى ما سمعتى دلوقتى مش هعمل حاجه .. 

ضاقت عيني حياة فوقه ثم سألته مستنكره وهى تضغط على شفتيها بأمتعاض شديد :
-يعنى انت عايز تقولى انك هتسيب الست هانم دى ترتب كل ده وتدخل مكتبى تلعب فى اوراقى عشان توقعنى فى غلط وانت مش ناوى تعمل حاجه !!!.. 

هز فريد رأسه موافقاً دون تعقيب مما اثار حفيظتها اكثر فأندفعت تضيف بغضب شديد وهى تعود بجسدها عده خطوات للخلف :
-انت بتهزر ولا بتتكلم جد ولا بتعمل كده عشان تحرق دمى !!! .. 

التوى فم فريد بأبتسامه جانبيه وهو يميل بجذعه نحوها ليجذبها نحوه مره اخرى فسارعت هى تضيف بحنق وهى تدفع يده بحده شديده من فوقها :
-فريد متضحكش ومتستفزنيش !! .. 

حركت رأسها بضيق يميناً ويساراً وهى تضيف بنبره مختنقه من شده الانفعال :
-طبعا حضرتك هتعمل كده عشان خاطرها !!.. بس العامل الغلبان ده هو اللى يتعاقب ويتهدد عشان غلط لكن الست هانم بتاعتك تغلط عادى ماهى بتعرف تقول حبيبى حلو !! 
هتف فريد بها بنبره شبه محتده مخذراً :
-حياااااااة !! ..

دفعته بقوه بكلتا يديها وهى ترمقه بنظرات محتقنه قائله بصوت مختنق:
-متقولش حياة عشان حياة مش بتخاف منك على فكره وخصوصاً وانت مش واقف معاها وعشان مين !! عشان واحده تانيه .. 

انهت جملتها وهى ترمقه بنظره انكسار واضحه ثم اندفعت نحو الخارج لتختفى داخل مكتبها 
زفر فريد بضيق شديد وهو يمسح وجهه بباطن كفه بأنهاك قبل ان يتمتم بتوعد صريح :
-ماشى يا نجوى ال****** خلى حسابك يتقل كمان ..

*************

عاد فريد وحياة فى المساء إلى المنزل وسط غضب شديد من ناحيتها وعدم اهتمام واضح من ناحيته ، تناولت معاه وجبه العشاء بحنق شديد فقد تعمدت خلال الطعام التعامل بحده مع أدوات المائده مصدره فى كل مره ضوضاء عاليه كتعبير عن غضبها منه ، اما عن فريد فقد جلس خلف مقعده بأسترخاء تام يتابع بكسل شديد ثورتها وعيونه تلمع بتسليه واضحه من شغبها الطفولى وقد قرر ان يترك لها المجال كاملاً للتنفيس عن غضبها حتى ان غرفه نومهم كان لها النصيب الاكبر من ذلك الغضب فكلما مر الوقت دون ان يتحدث معها او يعتذر منها يزداد حنقها وعصبيتها على كل ما حولها حتى الجماد لم يسلم من تلك الثوره العارمه ، ظلت تذرع الغرفه ذهابا واياباً بضيق وتلك النيران التى استعرت بداخلها البارحه عندما وقعت تلك الحرباء داخل احضانه بدءت تشتعل داخلها مره اخرى وهى تفكر بحزن انه ولاول مره لم يدافع عنها او يتخذ موقف يسعدها وكل ذلك من اجل تلك النجوى خاصته ، 
اغرورقت عينيها بالدموع وهى تفكر بألم شديد يعتصر قلبها هل هناك احد خاصته غيرها ، زفرت بقله حيله وهى تحاول التخلص من تلك الوغزات التى تتجمع داخل مقلتيها وإشغال فكرها بأى شئ اخر عداه ، هذا ان استطاعت بالطبع ، لذلك توجهت بأكتاف متهدله نحو خزانه ملابسها تلتقط بعدم اهتمام ملابس بيتيه للنوم وبما انها كانت فى مزاج سئ فقد اختارت بيحامه بيتيه بملابس كرتونية مضحكه لعلها تعدل مزاجها ولو قليلاً 
 وأثناء سحبها لبيجامتها سمعت صرير باب الغرفه يفتح بهدوء ثم يغلق مره اخرى فعلمت انه دلف للداخل وخاصةً بعدما تسلل إلي انفها رائحه عطره المميزه لها ولكنها قررت تجاهله مثلما يفعل منذ مناقشه الصباح ، تنحنح هو بصوت عال نسبياً للفت انتباهها وقد نجح بالفعل فقد اشرأبت بعنقها تنظر نحوه بغضب واضح قبل ان تغلق باب الخزانه بقوه وحده متناسيه ذراعها الذى مازال ممتد بداخلها ، صرخت بقوه عندما ارتطم مرفقها بباب الخزانه الخشبى وبدءت تقفز فى الهواء كعادتها عند شعورها بالالم ، هرول فريد نحوها بلهفه يتفحص بأهتمام تلك الكدمه الكبيره والتى اصابت الجزء العلوى من ذراعها مع مرفقها وهو يتمتم بحنق :
-نفسى تبطلى شغل الاطفال ده وتعقلى !!!..
سحبت ذراعها من بين يديه بحده قائله بأستفزاز وهى ترمقه بنظرات محتقنه :
-محدش طلب منك تشوفه ده اولاً يعنى .. ثانياً بقى معلش روح للست هانم بتاعتك العاقله الناضجه وملكش دعوه بشغل العيال ..

انهت جملتها وهى تدفعه بكل ما أوتيت من قوه قبل ان تتوجهه نحو المرحاض وتصفق بابه بنفس القوه تعجب انها خارجه من ذلك الجسد الضئيل !! .

**********

فى فيلا غريب وبعد انتهاء العشاء تحركت جيهان لتجلس بتفاخر بجوار غريب ترتشف قهوتها المسائية كعادتها كل ليله وهى تتفحص وسائل التواصل الاجتماعى ، بعد عده دقائق من تركيزها التام شهقت مشدوهه وهى تغمغم بأندهاش قائله :
-لا مش معقول !!! ده هو !! يانهار ابيض !! ..
جحظت عينها للخارج هاتفه بعدم تصديق :
-غريب الحق يا غريب حاجه مش ممكن تتخيلها !!..

سالها غريب مقطباً جبينه بأستنكار :
-مالك يا جيجى فى ايه ؟!..
رفعت الجهاز اللوحى امام عينيه وهى تغمغم بشماته واضحه :
-خد اتفرج ومش هتصدق عينيك !! مش ده منصور برضه !! ..

التقط غريب الجهاز من بين يديها وهو ينظر بداخله بتركيز تام قبل ان تجحظ عينيه هو الاخر متمتاً بصدمه :
-ده هو !!! دى صور فاضحه !!! ..

قاطعته جيهان لتسأله بتعجب وهى مقطبه جبينها بأندهاش :
-تفتكر يا غريب من اللى نشر الفيديو ده وايه مصلحته فى كده .. 

ساد الصمت الغرفه قبل ان يفغر غريب فاه بذهول قائلا بصوت خفيض :
-يانهار مش فايت !! ابنى ويعملها ..

التقط غريب هاتفه بحنق يطلب رقم ابنه ليتأكد من شكوكه لتأتيه الاجابه على هيئه رساله مسجله بأن الهاتف مغلق او غير متاح ! 

************

بعد عده دقائق بدل هو ملابسه خلالها واستلقى فوق الفراش يتابع وسائل التواصل الاجتماعى وصور رجل الاعمال المخله والتى انتشرت فضيحتها كالنار فى الهشيم وهو يبتسم بأنتصار قبل ان يتنهد بأرهاق مغلقاً هاتفه ثم قام بألقائه بأهمال فوق الكومود المجاور له 

خرجت حياة من الحمام تتجه نحو الفراش مباشرةً بعدما اغتسلت جيداً وقامت بتجفيف شعرها وارتداء منامتها المضحكة وهى تفكر بضيق انه الان سيراها طفله بحق !! عنفت نفسها مستفسره وما الذى يزعجها ان كان يراها امرأه او طفله !! كل ذلك لا يعنيها !! جاءها ذلك الصوت من أعماقها هاتفاً بقوه "كاذبه" ، زفرت بنفاذ صبر وهى تتوجهه بخطوات منزعجه نحو الفراش تستلقى فوره مباشرةً دون رفع رأسها والنظر نحوه ولو كانت فعلت لرآت تلك اللمعه الراغبه تنضح من داخل عينيه بوضوح وخاصةً بذلك الرداء الطفولى الغريب الذى يزيدها براءه وخطوره معاً 

استلقت هى بعصبيه ساحبه الغطاء فوقها بحده ليغطيها حتى رأسها ، زفرت مره اخرى بضيق وهى تقوم بأبعاد الغطاء عن جسدها فالغرفه بالفعل درجه حرارتها مرتفعة او ربما جسدها الغاضب هو من يطلق تلك الحراره لا تستطيع الجزم ، بعد عده دقائق حاولت بكل طاقتها الذهاب فى النوم اجفل جسدها على صوت الرعد يدوى فى الخارج بقوه ، ابتسم فريد وهو يفكر بسعاده فيبدو ان السماء قررت الوقوف بصفه تلك الليله ، 
اغمضت حياة عينيها بقوه مطمئنه نفسها داخلياً بأنها داخل المنزل ولن يصيبها مكروه فى وجوده ، دوى صوت الرعد مره اخرى ليتبعه البرق منيراً الغرفه بأكملها ، شهقت حياة بفزع وهى تتكور على نفسها مفكره بيأس لو اعادت جسدها قليلاً للخلف كأنها ارتطمت به صدفه هل سيصدقها ام ستكون حجتها واهيه ؟!، او من الممكن ان تعتبر ذلك المساء كهدنه وتعود فى الصباح لغضبها منه مره اخرى ، انقذها من رعبها وتفكيرها البائس ذراعه التى تسللت ببطء تحتويها وتجذبها نحوه حتى التصقت به تماماً ، التفت تنظر نحوه بنظرات لازالت محتقنه قائله بصوت خفيض :
-لو سمحت ابعد ايديك عنى !!. 

اعتدل من نومته يتكأ على مرفقه ويستند بجسده كله فوق جسدها قائلاً بأبتسامه ونبره عابثه :
-بس انا مرتاح كده !!..

بالرغم من غضبها الشديد منه الا ان الدفء الذى تسرب إليها من حراره جسده القابع فوقها  جعلها تشعر بالامان الشديد حتى عندما دوى الرعد للمره الثالثه لم تجفل او تشعر بالذعر على غير عادتها ، ازدردت لعابها بقوه وهى ترمقه بنظره معاتبه قبل ان تشيح بوجهها بعيداً عنه ، اتسعت ابتسامته وهو يضع إصبعه اسفل ذقنها معيداً رأسها نحوه مغمغاً بحب شديد :
-عارفه انتى عندك كام نظره بتوعى انا لوحدى ؟!..

سألته بخفوت وقد بدء غضبها يتلاشى منه :
- كام؟!. 
اجابها بعشق شديد :
-١١
قطبت جبينها يأندهاش ثم سألته متعجبه :
..١١-

اومأ لها برأسه مواففاً ببطء شديد ثم أردف هامساً بهيام :
-واحده لما بتزعلى منى .. وواحده لما بعمل حاجه تفرحك .. وواحده لما بتخافى منى مع ان دى قليله .. وواحده لما بتتعصبى .. وواحده لما بقرب منك او المسك .. وواحده اول ما بتشوفينى .. وواحده لما بعمل حاجه مش متوقعاها.. ونظره لما بتحتاجينى وواحده لما بتترجينى وأخيره لما بتعاتبينى من غير كلام زى دلوقتى .. 

صمتت قليلاً محاوله ايجاد صوتها وقد ابهرها حديثه قبل ان تقول بنعومه هامسه :
-بس دول ١٠ بس ..

هز رأسه موافقاً على حديثها قبل ان يهمس بجوار اذنها :
-الاخيره هقولهالك لما انتى تعرفيها .. 
قطبت حاجبيها معاً بعدم فهم لتسأله بأستفسار :
-مش فاهمه ؟!..

اجابها وهو يقترب منها طابعاً قبلتين ناعمتين فوق جفونها :
-مينفعش لما تطلع منك هتعرفيها ..

رفعت نظرها نحوه تسأله بمكر قائله :
-طب والمفروض دلوقتى اى واحده ؟!..

ابتسم لها بأستمتاع قبل ان يقول مضيقاً عينيه فوقها :
-كانت عصبيه وقلب زعل بس دلوقتى عتاب .. مع انك لو تعرفينى كويس هتعرفى ان مفيش اى حاجه من اللى فى دماغك دى وان عمرى ما هسيب نجوى تفلت باللى عملته فى حقك بس انا مستنى غلطه اكبر عشان اعرف اتصرف معاها صح .. 

تسللت أناملها تتلمس ذقنه قائله بنبره طفوليه معاتبه :
-طب مقلتليش ده من الصبح ليه وريحتنى .. 

ابتسم لها بحنان وهو يحنى رأسه ويقوم بتقبيل إصبعها المستنده فوق ذقنه واحد يلو الاخر قائلا بهمس مغرى :
-اولاً عشان انتى مسألتيش ..
ثانياً عشان كنا فى الشركه وتتعلمى طول ماحنا هناك انا مديرك فتسمعى كلامى ..
ثالثاً ودى الاهم عشان تتعلمى تثقى فيا ..

مطت شفتها السفليه بتذمر طفولى متصنعه الحزن ومعاتبه :
-يعنى انت كنت بتعاقبنى رغم انك المفروض تعتذرلى عشان موثقتش فيا من الاول وصدقت انى غلطت فى الحسابات .. 
احنى رأسه نحوها قائلا بهمس وهو يقبل وجنتها اليمنى :
-اسف ..
اعاد تكرارها وهو يحرك رأسه ويقبل وجنتها اليسرى :
-اسف .. 
ثم غمغم بها وهو يطبع عده قبلات على جانب شفتيها :
-اسف .. اسف .. اسف .. 
شعرت حياة بأرتجافه تسرى على طول عمودها الفقرى من اثر قبلاته وهمسه الناعم بصوته الذى اصبح يأسرها ، مال فريد برأسه جانباً وهو لايزال يحدق بهيام داخل عينيها اللامعتين بسبب قربه منها ثم بدء يتلمس بشفتيه وببطء شديد وجنتها حتى وصل إلى شفتيها وقام بالتهامهم بين شفتيه بقبله طويله عميقه متطلبه شعرت حياة معها انها تحلق فوق السماء من روعتها ونعومتها 

ابتعد عنها فريد بعد فتره لا بأس بها تاركاً لها المجال لتتنفس قليلاً ولكنه ظل يتأملها بشغف وهى تبتلع ريقها بصعوبه بالغه وصدرها يعلو ويهبط من فرط انفعالها بصوره واضحه ، اما نظراتها فكانت قصه اخرى فتنه من نوع خاص اصبح على يقين تام انها خُلقت هكذا فقط من اجل يقع فى حبها من اول نظره ، همس داخل اذنها بأغراء شديد قائلاً :
-شكلك ده بيغرينى انى اتهور بطريقه مش طبيعيه وعشان كده احسن حل اننا ننام .. 

ابعد جسدها من فوقها فشعرت ببروده تجتاحه على الفور بمجرد ابتعاده عنها ، استلقى هو فوق الفراش ثم قام بسحبها داخل احضانه متمتاً بأنهاك :
-تصبحى على خير ..
اجابته هامسه بخجل وهى تقترب منه دافنه رأسها داخل تجويف عنقه حيث موضعها المفضل :
-وانت من اهل الخير ..

صمتت قلبلاً ثم هتفت اسمه بنبره رقيقه متردده :
-فريد ؟؟..
همهم بصوت خفيض ليحثها على الاستئناف فأردفت تقول بنبرتها الطفولية المحببه له :
-فريد دراعى واجعنى ..

حاول بقدر الامكان كتم ابتسامته وهو يعتدل بها من نومتهم قبل ان يتركها ويتحرك للبحث عن مسكن للكدمات وهو يهز رأسه بأستسلام فهى الوحيده القادره على التحول خلال دقيقه من امرأه شديده الفتنه وهى تتجاوب مع لمساته إلى طفله تعتبره ملاذها وتشتكى له وفى الحالتين تكاد تُفقده صوابه وتعقله . 

***********

فى الصباح وصلا فريد إلى داخل غرفه مكتبه وهو يحتجزها بتملك داخل أحضانه غير عابئاً بنظرات ايمان الغير مستوعبه ، التفتت حياة تسأله وهى تحاوط خصره بذراعيها رافعه رأسها نحوه :
-فريد هعمل ايه دلوقتى ؟!..

اجابها وهو يطبع قبله حانيه فوق ارنبه انفها مستفسراً :
-هتعملى ايه فى ايه !!..
اجابته قائله بنبره شبهه محتده  :
-فى الست زفته دى لو عملت حاجه تانى ..

اجابها فريد بتوعد :
-ولا اى حاجه ياريت تعمل حاجه تانى عشان تبقى نهايتها .. بس لحد الوقت دى اتعاملى عادى وخلى بالك بس وانا عينى عليكى متخافيش ..

هزت رأسها موافقه وهى تهم بالانسحاب من داخل احضانه ، ولكن شدد فريد من احتضانه لها وهو يسألها مستفسراً بنبره جافه :
-انتى رايحه فين ؟!!.. 

قطبت جبينها تجيبه بأستنكار :
-رايحه مكتبى !!..
اجابه وقد امتلئ ثغره بأبتسامه عابثه وهو يقترب منها بشفتيه :
-اوك روحى بس بعد ما اخد صباح الخير المتأخرة الاول ..

فى تلك اللحظه اندفع غريب داخل غرفه مكتبه دون استئذان ، اخفضت حياة رأسها بخجل وحاولت الابتعاد عن فريد ولكنه شدد من لف ذراعيه حولها يمنعها من التحرك ، رمقه غريب مطولاً بنظرات محتقنه قبل يسأله بجمود :
-هو انا مش بكلمك من امبارح !! معبرتنيش ليه ؟!!!..
اجابه فريد بتهكم واضح ليستفزه كعادته :
-وانا بقول مادام دخلت عليا دخله السينما دى ييقى فى حاجه .. 

حدجه غريب بنظرات غاضبه قبل ان يقترب منه وهو يخرج هاتفه الخلوى ويرفعه امام وجهه متسائلاً بنبره محتده :
-ليك علاقه بالصور دى !!!..

شهقت حياة واخفضت عينها بخجل عندما تناهى امام عينيها تلك الصور الفاضحه لشخص ما ، نظر فريد بوالده مطولاً دون اجابه ،اعاد غريب سؤاله على مسامعهم مره اخرى بضيق مستفسراً :
-بسالك عبرنى !! ليك علاقه بالصور الزفت دى !!!..

اجابه فريد بنبره مقتضبة وجسد متصلب :
-ايوه ..
زفر غريب بيأس واستدار للخارج على عُجاله قائلاً بعصبيه شديده :
-مصمم تعرض نفسك للخطر !!..

اما عن حياة فقد ابتعدت من داخل احضانه تنظر نحوه بذهول وهى تسأله بعدم تصديق :
-فريد !!! انت حقيقى ليك علاقه بالقرف ده !!! ازاى وليه ؟!! ..

اجابها محافظاً على نبرته الجامده :
-معنديش استعداد ابررلك على فكره !! ..

صدحت بِه بغيظ شديد مستفسرة بحنق :
-يعنى ايه معندكش استعداد تبررلى !! دى اعراض !! انت عارف انت عملت ايه !! انت فضحت واحد وواحده !!! .. الموضوع عندك بالبساطة دى !! ..

اجابها بفتور وهو يتحرك بجسده ليجلس فوق مقعده :
-اولاً دى حاجه ماتخصكيش .. ثانيا اللى زعلانه عليه دى متعرفيش هو عمل ايه ..

هدرت به بيأس شديد قائله :
-حتى لو معرفش عمل ايه .. مفيش حاجه فى الدنيا تخيلنى اقبل اللى انت عملته دى ..

رمقها بنظرات جامده قبل ان يقول بغرور شديد :
-وانا ميهمنيش رايك واتفضلى على مكتبك ومتدخليش فى شغلى ..

صاحت به بحنق شديد قائله بأشمئزاز:
-انت انسان مغرور وهتفضل طول عمرك مغرور .. حتى مش عايز تعترف بغلطك !!.

ضرب فريد حافه المكتب بقبضته صادحاً بها بحده شديده :
-وفرى محاضراتك لنفسك واتفضلى على مكتبك مش هتفضلى طول اليوم تضيعى وقتك هنا ..

حركت حياة رأسها بأسف وهى تغمغم بعدائية شديده :
-انا بكرهك على فكره !!..

رفع راسه ينظر نحوها بحده وقد بدء ذلك العرق ينبض فى جانب صدغه بقوه ثم اجابها بنبره خاليه ضاغطاً على شفتيه :
-ميهمنيش ..

شعرت حياة بالدموع تتجمع داخل مقلتيها بعجز من جموده وطريقته فى الحوار لذلك خرجت مسرعه صافقه الباب خلفها ليتنهد هو بعد خروجها بضيق شديد .

***********

التقط منصور هاتفه الخلوى بعنف وهو يقلب القرص المدمج بين أصابعه والذى وصله البارحه امام باب منزله ويحتوى على مشهده الساخن مع تلك الفتاه التى دفعها فريد فى طريقه ليلتقط له ذلك الفيديو المشين كتهديد له ثم قام برفع صوره على الانترنت وأصبحت فضيحته داخل الوسط بأكمله وقد اقسم على جعله يدفع الثمن حياته لخطئ معه ، صرخ بالطرف الاخر قائلا. بعصبيه :
-انا مش قلتلك تنفذ من يومين !!..اهو ابن ال*****  ده فضحنى فى كل حته .. عايزك تنفذ النهارده ودلوقتى فاهمنمنى !!!!!

صمت قليلاً يحرك رأسه بشراسه وعيونه تلمع بغل قائلاً بنشوه :
-بليل هستنى منك تطمنى انك خلصت عليه وزى ما اتفقنا مراته قبله ..

***********

لم تلتقى حياة بفريد خلال ما تبقى من يوم عملهم الا بعد انتهاءه ، فتح باب غرفتها بهدوء ثم سألها بجمود مباشرةً :
-جاهزه نتحرك ؟!.. 

اومأت له رأسها بأليه شديده دون النظر نحوه وهى تسحب حقيبتها متجهه نحو الخارج وهى تسير بجواره بعبوس شديد ، وصلا إلى السلالم الخارجيه للشركه فانتفض الحراس الخارجيين فى وقفتهم فى انتظار وصول سيارته الخاصه وأثناء تلك الدقيقه اندس رجل بملابس رثه وجسد هزيل بينهم يغمغم بتوسل وهو يحاول شق طريقه نحو فريد لأعطائه اى أموال ، اندفع حوالى ٣ حراس من حوله ليقوموا بأبعاد ذلك الرجل الدخيل من بينهم فتفاجئوا به يقاومهم بحده مما جعل الحراس الباقيين يشتركون معه فى شجار خفيف ، عقد فريد حاجبيه بأنزعاج شاعراً بوجود خطأ ما وخاصةً بعد انشغال جميع حراسه عنهم ، رفع رأسه ينظر حوله بتركيز شديد وذراعه تمتد تلقائياً لمحاوطه حياة التى رمقته بنظرات حانقه وهى تحاول الابتعاد عنه ، التقط فريد بنظره الثاقب ظل رجل ما يحمل شيئاً بيده ويتحرك بهدوء شديد امام احدى نافذات البنايه المقابله له ، ضيق عينيه فوقه محاولاً التأكد مما يراه !! ، هل تلك فوهه مسدس ام انه يهيأ له ذلك !! 
هتف بحراسه بجديه شديده مما استرعى انتباههم على الفور وهو يحاوط جسد حياة بجسده بلهفه شديده ، حدث كل ذلك فى اقل من ثانيه ، قبعت حياة داخل احضانه بهدوء وهى تشعر بالذعر من اندفاع حراسه نحو تلك البنايه وحاله الهرج والمرج التى اصابتهم بعد سماع صوت خفيف مكتوم دوى حولهم ، تنهدت براحه وهى تشدد من لف ذراعيها حول خصره فقد انتهى الموقف بسلام ولم يحدث شئ ، إذاً لماذا بدءت قبضته المحاصره لها ترتخى حول خصرها ، هذا ما فكرت به بقلق وهى ترفع رأسها تنظر نحوه بأستكشاف لتجد ملامح وجهه بدءت فى الشحوب وقد شعرت بسائل ما لزج بدء يصل إلى كفها المحاوطه خصره ، رفعت ذراعها ببطء تتلمس برعب ظهره حتى وصلت لموضع قلبه تتحسه شاعره بخطب ما فوقه ، همست اسمه بذعر شديد كأنها تستجديه ان يكون بخير :
-فريد !! ..
همس امامها بصوت متقطع خفيض :
-بحبك ..
أبعدت  كفها قليلاً لتنظر به فوجدت الدماء تغطيه بكثره ، هتفت اسمه برعب ممزوج بتوسل شديد وقد بدء جسده ينزلق من بين يديها بعد ارتخائه بالكامل غائباً عن الوعى ليسقط جسده وتسقط  هى معه فوق الارضيه صارخه بكل ما أوتيت من قوه حتى انقطع صوتها :
-فريد .. لااااااا .. فرييييييييييييييد ..
ظلت حياة جالسه فوق الارضيه الرخاميه امام البوابه المطله على الشارع الرئيسى وهى محتضنه جسده المصاب بين ذراعيها ومانعه اى احد من الاقتراب منه او تفقده حتى والده الذى هرول فزعاً نحو الخارج بعد انتشار خبر اصابه وريثه الوحيد بطلق نارى امام مدخل المقر الرئيسى لمجموعه شركاتهم صرخت به بكل ما أوتيت من قوه وهى تدفعه بأحدها يديها مانعه يده من الوصول إلى جسده او تفصحه قبل وصول عربه الاسعاف لنقله وانقاذه ، عادت يدها  تحاوط رأسه الملقاه فوق صدرها برعب ويدها الاخرى ضاغطه فوق جرحه بسترتها التى خلعتها بكف مرتجف فى محاوله بائسه منها لوقف نزيف دمائه متمته لنفسها وله :
-هتبقى كويس .. لازم تبقى كويس .. مش هسمحلك تسبنى .. كفايه بعدت زمان مش هسمحلك تانى !!.. 

فى تلك اللحظات وصلت سياره الاسعاف وقفز من داخلها طبيب مختص من مشفاه الخاص أرسلته المشفى على الفور بمجرد معرفتهم بما اصاب اكبر مساهميها ، دفعت حياة الطبيب بيدها فى بادئ الامر لمنعه من لمسه ولم تسمح له بالاقتراب الا عندما اخبرها انه الطبيب المعالج ، جلس الطبيب فوق ركبه واحده قبالتها ماداً يده فوق عنقه مستشعراً  بأنامله النبض قبل اعطاء الامر لمرافقيه بحمله برفق حيث عربه الاسعاف 
رفعه المسعفين بحذر شديد فوق الحمالة الطبيه ومنها إلى داخل العربه ، ركضت حياة خلفهم دافعه بيدها كل من تقابله حتى وصلت إلى العربه وقفزت بداخلها ، حاول احد رجال الاسعاف منعها ولكنها صرخت به بحده قائله :
-جوزى وانا مش هسيبه !! ..

اومأ له الطبيب بتركها فهو يعلم جيداً مكانتها منذ حادثه تسممها والتى قلبت المشفى رأساً على عقب وقتها بسبب خوف فريد الشديد عليها . 

توقفت عربه الاسعاف امام مدخل المشفى فى وقت قياسى وكان الجميع يقف على قدماً وساق منتظراً وصوله  فى اى لحظه وعلى رأسهم رئيس الأطباء الذى ركض خارجاً يُستقبل رب عمله ويطمئن على حالته الصحيه هاتفاً فى الجميع بالإسراع  به إلى غرفه العمليات مباشرةً ،  ركضت خلفه حياة حيث مدخل العمليات وهناك اوقفها رئيس الأطباء طالباً منها بهدوء الانتظار فى الخارج ، وبعد لحظات قليله وصل خلفهم غريب رسلان بمجموعه حراسته  وحراسه ابنه المصاب مطوقين الطابق والممرات ومانعين اى شخص غريب من التحرك بداخله إلا بعد التأكد من هويته .

اما عن حياة فقد اصابتها حاله من الهستيريا الشديده والتى جعلتها تصرخ فى كل من يقابلها رافضه الاستماع إلى اى شخصاً كان ، حتى عندما خرج الطبيب الجراح بعد فتره لا بأس بها مطالباً بأحضار اكياس من الدماء اصرت هى على التبرع له مؤكده ان فصيله دمها o وعليه يستطيع اخذ ما يشاء منها فهى لن تسمح لاى احد اخر بأعطاء دم لزوجها طالما هى على قيد الحياة .

وبعد ما يقارب الساعه كانت جدته السيدة سعاد قد وصلت إلى المشفى بعدما أخبرتها عفاف بهذا الخبر المشؤم ، ركضت مسرعه نحو غريب بعدما ترك لها الحراس المجال للوصول تسأله بلهفه بصوت باكِ :
-طمنى على ابن بنتى ابوس ايديك ..

اجابها غريب بأنكسار ان الرصاصه على مسافه قريبه جداً من القلب ولكن الطبيب أكد له ان حالته حتى الان مستقره رغم فقده الكثير من الدم 

تحركت حياة من مقعدها  بعد انتهائها من التبرع بالدم رافضه كل توسلات الممرضه والطبيب بالاستلقاء قليلاً او تناول اى مشروب لتعويضها عن كميه الدم التى فقدتها فهى ابداً لن تجلس فى تلك الغرفه البائسة المعزوله لا تعلم عنه شئ وتتركه هو بمفرده داخل غرفه العمليات البارده دون الاطمئنان عليه فحتى ان لم تكن بجانبه ، يكفيها ان تظل امام الغرفه حتى خروجه 

تحركت بجسد متعب حتى بدايه الممر وقد بدءت علامات الشحوب تظهر جليه فوق ملامحها ، ركضت الجده سعاد فى اتجاهها بمجرد رؤيتها قادمه وتسير ببطء فى اتجاههم وكفها بملابسها مغطاه بالدماء  ، شهقت برعب وهى تتقدم منها تلتقط كفها وتساعدها على السير ، فى بدء الامر قاومتها حياة رافضه المساعده منها او من اى احد فمن يحتاج للمساعده حقاً ملقى بالداخل حتى الان لم تسمع منه خبر يهدء ارتجافه قلبها الذى على وشك الخروج  من مكانه من شده ذعره ، ولكن ذلك الدوار الذى داهمها جعلها تتكأ على كفها مرغمه حتى وصلت إلى احد الكراسى الموضوعه امام الغرفه الجراحيه تجلس عليه بجسد مرتجف وقلب لم يتوقف ثانيه عن الدعاء والرجاء 

مدت كفها الملطخ بالدماء تنظر برعب إلى اثار دمائه الجافه فوقها وقد بدءت تشعر بالاختناق يعيق حركه تنفسها ، مالت بجزعها إلى الامام فى محاوله بائسه منها لايصال الهواء إلى رئتيها فحتى ذلك الفعل البسيط يؤلمها إلى اقصى درجه ممكنه ، فكرت بوجع وهى تجاهد لسحب نفسها هل يمكن للمرء ان يشعر بكل ذلك الكم من الالم دون ان يكون مصاب بمرض عضوى ؟!! ، ان يشعر بأنسحاب روحه ثم عودتها فى كل نفس يسحبه ؟!.. رفعت كفها المتكور تضغط بقوه فوق صدرها حيث موضع الالم عله يهدء قليلاً فهى تشعر كما لو ان شخص ما قام بشقه نصفين بمنشار حاد دون رحمه 

اما عن قلبها فوجعه  نقرة اخرى فتلك الرصاصه لم تخترق صدره فقط بل تشعر انها تجاوزته واستقرت بداخل قلبها هى . 

لاحظت الجده سعاد والتى تحركت تجلس بجوارها ارتجافه جسدها وتنهبت انها لا ترتدى سوى بلوزه بيضاء خفيفه تلطخت أكمامها بالدماء فى ذلك الجو البارد لذلك تحركت مسرعه تطلب من احد الحراس امر السائق بالذهاب للمنزل واحضار ملابس ثقيله من اجلها بعد الاتصال بعفاف تطلب منها ترتيب عده أشياء وإرسالها مع السائق الخاص به والذى كان يرابط فى الاسفل منتظر اشاره منهم ثم عادت تجلس بجوارها مره اخرى وهى تنظر نحوها بأشفاق شديد فالاعياء يبدو جلياً على ملامحها رغم ادعائها المستمر بغير ذلك 

بعد مرور ساعه ثقيله تكاد تُجزم انها كالدهر تقدم احد الحراس وبيده حقيبه وضعها امامهم ثم انصرف بهدوء ، اقتربت الجده سعاد تحاوط كتفيها بكلتا ذراعيها وهى تغمغم لها بحنان :
-حياة يابنتى قومى معايا اغسلى وشك وايديك والبسى حاجه بدل هدومك الخفيفه اللى كلها دم دى ..

حركت حياة رأسها تنظر نحوها ثم حركت رأسها نافيه بأصرار ، زفرت الجده بأحباط ثم اردفت قائله بأقناع :
-يابنتى الهدوم دى خفيفه عليكى والجو برد كده هيجيلك برد !!.. 

طلت حياة تنظر نحوها دون تعقيب فأستطردت السيده سعاد قائله بخبث :
-طيب تمام .. بس انتى عارفه ان لو جالك برد هيمنعوكى تشوفيه عشان العدوى .. 

انتبهت حياة لحديثها بكامل حواسها فشعرت الجده انها أتمت مهمه إقناعها على اكمل وجهه وبالفعل تحركت حياة بخطوات بطيئه نحو المرحاض الواقع بأخر الرواق وبجوارها تسير الجده سعاد لمساعدتها  

دلفت للداخل وقامت بغسل يدها وذراعها بأليه شديده ثم نزعت تلك البلوزه المغطاة بدمائه وارتدت بدلاً عنها كنزه صوفيه ثقيله ثم قامت بغسل وجهها ومسح شعرها ثم عادت يدها مره اخرى تحتضن بلوزتها والتى كانت مغطاه بدمائه ثم رفعتها نحو فمها تقبلها بحب ، مسحت السيده سعاد فوق شعرها بحنان وهى تغمغم بدهشه قائله :
-للدرجه دى بتحبيه يا حياة !!..

حركت حياة راسها تنظر فى اتجاهها قبل ان ترتمى داخل أحضانها وتنفجر فى البكاء وقد عرفت الدموع اخيرا الطريق لمقلتيها ، ظلت تشهق بقهر حتى جفت دموعها ولم يعد بمقدارها ذرف المزيد  فابتعدت عن الجده وقامت بغسل وجهها مره اخرى ثم تحركت نحو الخارج عل وعسى تسمع خبر ما يريح قلبها ولو قليلا 

خرجت من المرحاض فى نفس الوقت الذى اندفع به باب غرفه العمليات خارجاً منه كبير الأطباء وخلفه جسد فريد ممدد فوق السرير المدولب "الترولى" دون حراك ، ركضت حياة بمجرد رؤيته غير عابئه بذلك الدوار القوى الذى اجتاحها حتى وصلت إليه ، هالها رؤيته على هذا الوضع فلم تشعر بجسدها الا وهو يسقط مغشياً عليه بجواره

***********

افاقت حياة على صوت والدتها القلق بجوارها والتى وصلت هى الاخرى للمشفى بمجرد علمها لما حدث لابنتها وابن رفيقه عمرها ، مسحت آمنه على شعر وجبهة حياة فى محاوله منها لافاقتها فهى فاقده للوعى منذ ما يقارب النصف ساعه تقريباً ، فتحت حياة عينيها ببطء وإرهاق شديد تنظر حولها بأستغراب وهى تشعر بوخز قوى داخل كفها ، جالت عينيها بنظره شامله على محتويات الغرفه لترى والدتها جاثيه تنظر إليها بقلق وذلك المحلول المعلق والمتصل بكفها انتقضت تجذب تلك الابره الطبيه من داخل كفها بمجرد تذكرها  لما حدث راكضه نحو الخارج للاطمئنان عليه غير عابئه لتوسلات والدتها والممرضه وذلك الدم الذى اخذ يقطر من وريد كفها فكل ما كان يشغل تفكيرها فى تلك اللحظه هو معرفه اخر تطورات حالته ، وصلت إلى الطبيب الذى كان يتحدث بجديه تامه مع السيد غريب تسأله بلهفه واضحه :
-دكتور طمنى ؟!.. 

اجابها الطبيب بأشفاق وهو يرى حاله الذعر التى لاتزال متملكه منها :
-متخافيش يا مدام حياة .. فريد بيه زى الفل .. اينعم الرصاصه كانت قريبه جداً من القلب بس الحمدلله قدرنا نخرجها وهو دلوقتى تحت الملاحظه فى العنايه المركزه .. بعد ٤٨ ساعه لو فضلت الحاله مستقره هيفوق و هيتنقل على غرفه عاديه فوراً .. 

قاطعته حياة قائله برجاء :
-لو سمحت انا عايزه اشوفه ..
اجابها الطبيب حاسماً :
-للاسف يا مدام مش هينفع .. انا لسه كنت بكلم غريب بيه وبقوله .. صعب جداً حد يشوفه وهو فى العنايه المركزه .. بس ممكن حضرتك تشوفيه من ورا الازاز عادى .. 

هل يمزح معها الان !! بعد كل ذلك الرعب الذى عايشته تراه من خلف الزجاج !! رفعت حياة كلتا ذراعيها تقبض بكفيها  على تلابيب الطبيب قائله بتهديد ونبره حاده :
-انت عارف لو مخلتنيش ادخله .. صدقنى اول حاجه هخليه يعملها اول ما يفوق انه يطردك بره المستشفى ده ..

اردفت قائله بشراسه ادهشت الجميع :
-يا تخلينى معاه لحد ما يفوق يا انا هنقله دلوقتى لمستشفى تانى وبرضه هفضل معاه ..

صُدم الطبيب من رد فعلها وحديثها  الغير متوقع لذلك رفع نظره نحو السيد غريب ليتملس العون منه فوجده يومأ له برأسه ان يدعها ترافقه ، هز الطبيب رأسه بأستسلام وهو يغمغم لها وقد رأى قطرات الدم التى لازالت تخرج من كفها :
-تمام يا هانم .. بس اتفضلى حضرتك الاول حطى بلاستر عشان الوريد ده يكتم والبسى اللبس المعقم الاول قبل ما تدخليله .. ومش هاكد على حضرتك بلاش كلام التعامل يكون بحذر شديد ..

هزت رأسها له موافقه وهى تتحرك بلهفه مع احدى الممرضات التى ظهرت جوارها من العدم لتوقف نزيف كفها وتساعدها على الدخول إليه .

************

بداخل غرفه العنايه المركزه  خطت حياة بخطوات بطيئه مثقله ناظره إليه برعب وهى تراه ممد على الفراش بضعف تحيط بكتفه وقفصه الصدرى حتى معدته ضماده بيضاء كبيره تخفى ذلك الجرح الذى أوشك على اختراق قلبه وأبعاده عنها للأبد ، بدءت  تشعر بوخز الدموع يعود لمقلتيها مره اخرى وبقوه ، اغمضتها قليلاً محاوله السيطره عليها ولكن يبدو انه لا سبيل لذلك الان ، لا تدرى لماذا ولكن منذ اصابته وهى تتظاهر بالصلابه امامهم رغم شعورها المتزايد بأن كل خليه من خلايا جسدها ترتجف داخلياً فزعاً عليه ، شعور مرير بالذعر تختبره لاول مره بسبب فكره فقدانه ، فهى تشعر كما لو ان احدهم قام بوضعها وسط موجات البحر المتلاطمة فى ليله شتويه عاصفه ثم تركها تبحر بمفردها ورحل ، ولا يعلم ان اكثر ما تخشاه هو البحر الهائج فى الظلام ، لم تستطيع حبس دموعها اكثر لذلك تركت لها العنان لتنساب فوق وجنتها بحريه ، ارتمت بجسدها على المقعد الموضوع بجانب الفراش والذى يبدو انها وُضع خصيصاً من اجلها ناظره إليه بحزن وهو غافياً ومحاطاً بذلك الكم من الاجهزه والمحاليل ولا يدرى بما يدور حوله والاهم بما يدور فى قلبها من احاسيس تجاهه ، ، لقد بدء عقلها يجبرها وبقوه على الاعتراف بما تهربت منه منذ سنوات ، الحقيقه التى لطمتها بقوه ودون سابق انذار  ، فريد هو ملجأها الوحيد ، أمانها منذ اعوامها الاولى ، بل منذ ان قررت ان تأتى إلى ذلك العالم وتخوض فيه معركتها الخاصه والتى ابداً لم تكن خاصه ، كان معها دائماً حصنها ورفيق دربها الوحيد ، حتى عندما كانت تقف امامه وتتحداه ، كانت تفعل ذلك لعلمها انه معها وخلفها ، يمدها بالقوه ، يحبها ويحميها ويشد عُضدها ، عندما تقع فى ازمه كانت تعلم جيداً ان فريد بجوارها فى مكان ما يراعها وينتظر فقط الوقت المناسب ليتدخل وينقذها ، ولكنه ها هو الان يرقد فى الفراش غير واعياً برعبها فى الساعات الماضيه والتى قضتهم فى الخارج وحيده للغايه بدونه ترى كل الوجوه غريبه لانه ليش من ضمنهم ، تماماً كورقه شجر فى فصل الخريف تخشى هبوب ريحاً عاصف يميد بها ، لوت فمها بسخريه مفكره ، هل يعلم ان مجرد دخولها الغرفه وجلوسها بجواره أعاد اليها شيئاً من الطمأنينة والدفء لقلبها ، مدت يدها تتلمس بحذر شديد كفه الأيمن قبل ان ترفعه لتطبع عده قبلات مشتاقة فوق أصابعه وباطنه ، بعض الأشخاص محظوظون كفايه ليقعوا فى الحب مثله ، اما هى فكانت الاوفر حظاً لانها لم تقع فى الحب بل ولدت فيه ، فتحت عينيها عليه ، وكبرت وترعرت فى ظله ، لن تكابر بعد الان ولن تحارب مشاعرها اكثر من ذلك ، انها تحبه كما كانت دائماً ، بطهره وعصيانه ، بلينه وقسوته ، بطاعته وعناده ، غارقه فى حبه تماماً وكلياً ، تحبه الان كما أحبته فى الماضى وستظل تحبه فى المستقبل ، لم تشعر بالحب الا معه ولم يدق قلبها الا له ، لم تكرهه ابداً بل على العكس كل ما كانت تشعر به هو الغضب ، كل عبارات الكره التى رمته بها منذ سنوات لم تكن الا تنفيس عن خيبه املها منه مع الحزن لفقدانها لحبيبها الاول وصديقها المفضل  فى اصعب أوقاتها ولكن كل ذلك اصبح الان من الماضى ، من اليوم ستحارب من اجل اعاده فريد خاصتها ، فريد الحنون المتسامح ، هزت راسه بأصرار فهى عاقده على تنفيذ خطتها وستعمل بكل طاقتها ان تنسيه ذلك الماضى بكل تعقيداته والالامه وتعويضه عن كل ما عاناه بمفرده دون ان تكون بجواره ، ثم بعد ذلك ليبدءا معاً حياتهم الجديده دون وجود احد ودون تدخل من احد ، دون اطماع وخطط وأحقاد ، والاهم دون خطر او انتقام . 

تحركت نحوه تحتضن وجهه بكفيها بحنان شديد وهى تتأمله بعشق ، يالله كم هو وسيم ، لقد كان دائما وسيم بتلك العينين العسلتين التى تدفئ قلبها وحياتها كالشمس ولكنها تراه الان اكثر وسامه ، كم تمنت ان تتلقى تلك الرصاصه بدلاً عنه ، لو فقط يُعاد بها الزمن لكانت وقفت امامه تحميه وتفديه بروحها قبل جسدها فأن تُصاب هى وتعلم انه بجوارها اهون كثيراً من ان يصاب هو وتظل هى هكذا بدونه  فاقده للحياة ولن تعود حياة الا بعوده فريد .

قامت بطبع قبله دافئه ومطوله فوق جبهته وهى تهمس له بهياام :
-بحبك .. بعدد كل كلمه بكرهك قلتهالك بحبك .. قوم بقى عشان خاطرى متسبنيش لوحدى .. قوم عشان انت عارف ان حياة متنفعش غير لفريد ..

سقطت من احدى جفنيها دمعه اخرى فوق وجنته سارعت بمسحها برعب كأنها ستتسبب فى ايذائه ثم قامت بطبع قبله ثانيه وثالثه فوق جبهته واُخرى فوق وجنته مكان سقوط دمعتها ثم عادت تجلس فوق المقعد مره اخرى وهى تحتضن كفه بتملك .

فى اليومين التاليين ظلت حياة بجواره لم تبارح مطرحها ولو قيد أنمله ، رفضت جميع التوسلات من قبل والدتها وجدته وحتى الطبيب بالارتياح قليلاً او تناول الطعام  ولكنها رفضت ذلك رفضاً باتاً فيبدو ان جهازها العصبى اصبح متنبهاً بالكامل بسبب حاله الذعر الذى يمر بها لذلك لم يغمض لها جفن خلال ذلك اليومين المنصرمين كما انها لن تشعر بطعم الحياة حتى يفتح عينيه مره اخرى 

كانت تقضى يومها بالصلاة والدعاء له بالشفاء العاجل وفى المساء وأثناء صلاتها فى جوف الليل فتح فريد عينيه بوهن شديد ليطالعها ساجدة فوق الارضيه وهى تنتحب. بصوت رقيق ، تمتم اسمها بخفوت شديد عده مرات قبل ان يغالبه النعاس مره اخرى من اثر المخدر ، انهت حياة صلاتها ثم هرولت نحوه مسرعه تتفقده  تنهدت بأحباط وهى تراه لازال غائباً عن الوعى فقد هيأ لها أثناء صلاتها  انه يهتف بأسمها ولكن يبدو انها تتهيأ بذلك كعادتها فى اليومين الماضيين ، 

اغمضت عينها تدعو الله بقلب مضطر ان يستيقظ فهى لا تشعر ان قلبها سيحتمل يوم اخر بدونه ، اخفضت رأسها تطبع قبله حذره للغايه فوق موقع قلبه ثم تحركت تطبع قبلات مشتاقة فوق كل إنش من وجهه ، اما هو فمن بين صحوته وغفوته ، حلمه وواقعه كان يشعر بقبلاتها كالنسمه الناعمه تقع فوق وجهه ممنياً نفسه باليوم الذى يقوم به بكل ما يفكر به الان كاملاً مكملاً .

بعد ما يقارب الساعتين وعندما كانت حياة تجلس فوق المقعد بجوار فراشه محتضنه كفه كعادتها شعرت بِه يتململ ويده تضغط بضعف شديد فوق يدها وهو يتمتم اسمها بهمس خافت ، رفعت رأسها بترقب شديد تنظر نحوه فوجدته يرمش عده مرات قبل ان يفتح عينيه بوهن ، انتقضت من مقعدها واندفعت نحوه تتلمس وجهه بلهفه وهى تتمتم بصوت مختنق من شده مشاعرها :
-فريد انت صحيت .. انت صحيت صح .. انت هنا .. 

حرك شفتيه يسألها بهمس ضعيف :
-انتى كويسه ؟!.. 
اومأت رأسها له عده مرات موافقه وهى تحاول جاهده كبت دموعها حتى لا تبدء فى التساقط وتفضح مشاعرها امامه ثم اجابته وهى تحتضن وجهه بحنان شديد :
-هششش .. متتكلمش ومتتعبش نفسك .. انا كويسه .. ثوانى هندهلك الدكتور .. 

انهت جملتها وركضت نحو الخارج بأندفاع شديد ثم عادت بعد دقائق معدوده وبصحبتها رئيس الأطباء الذى اندفع هو الاخر خلفها للفحص والتأكد من سلامه مخدومه ، اجرى الطبيب فحصه مطولاً ثم استقام فى وقفته هاتفاً بمرح شديد :
-كله زى الفل مفيش اى حاجه تخوف .. هترتاح هنا شويه والصبح هنتنقل لاوضه عاديه .. 

وجهه حديثه لحياة وهو يتحرك نحو باب الغرفه للخروج :
-مدام حياة .. زى ما نبهت على حضرتك بلاش اى كلام او مجهود وشويه والممرضه هتيجى تكمل العلاج .. 

اومأت حياة رأسها له موافقه بتفهم شديد قبل ان تتقدم مره اخرى نحوه ، جلست على حافه الفراش بجواره تتأمله ويتأملها فى صمت ، كان يبدو واضحاً لها من تعبيرات وجهه انه يتألم لذلك عندما حاول فتح فمه للحديث قامت بوضع إصبعها فوق فمه قائله برقه شديده :
-شششششششش .. ولا كلمه .. 

ثم اكملت جملتها بمرح شديد وهو لازالت تضع إبهامها فوق فمه :
-اخاف الدكتور يقفشنا واحنا بنتكلم يطردنى وانا بصراحه ما صدقت أقنعه يخلينى هنا ..

رفع احدى حاجبيه معاً بأستنكار شديد مما دفعها للابتسام بقوه ثم فجأه وبدون اى مقدمات سألته برجاء :
-فريد .. ممكن احضنك ؟!.. 

لم يجيبها ولكن بدلاً من ذلك ابعد يده السليمه عن جسده مشيراً لها للاقتراب ، مالت بجسدها تحتضنه بحذر شديد دون تحميل ثقلها عليه سانده جبهتها على الوساده وما تبقى من وجهها واقعاً بين المسافه بين الوساده وكتفه ، ثم اقتربت ببطء حتى شعرت بأنفاسه المتعبه تلامس اذنها ، تنهدت براحه فالآن يمكنها الاسترخاء وقد عاد دفء انفاسه يحيط روحها .

فى الصباح استيقظ فريد شاعراً بثقل ما جاثياً فوق ساقه اليمنى ، فتح عينيه ببطء فوجدها غافيه ورأسها مستنده فوق ساقه بكسل ويدها محتضنه كفه بقوه كأنها تخشى هروبه ، ابتسم ببطء ثم حرر يده من كفها وبدء يتلمس خصلات شعرها بأشتياق ، لم يدرى كم مضى عليه من الوقت وهو غافياً بتلك الضماده الغبيه التى تكتسى صدره ولكن الشئ الوحيد الواثق منه هو انه يريد اعتصارها بين احضانه حتى يُطفئ شوقه لها ، فى تلك اللحظه دلفت الممرضه للغرفه فانتفضت حياة من نومتها تسألها بقلق :
-ميعاد الدوا جه ؟!..
اجابته الممرضه بأبتسامه ودوده وهى تتحرك بأتجاهه وتناوله عدد لا بأس بِه من الادويه ثم تفقدت جرحه قبل ان تقول بهدوء :
-٥ دقايق وهننقل حضرتك لأوضه عاديه لو مستعد ..

اومأ لها فريد برأسه موافقاً وقد بدء يستعيد عافيته وقوته شيئاً فشئ 

**************

تمت عمليه نقله إلى غرفه عاديه بمنتهى اليسر والسهوله فيبدو ان وجوده داخل المشفى جعل الجميع يعمل على قدم وساق حتى رئيس الأطباء كانت متواجد جوارهم بشكل دائم ، انتهى الطبيب المعالج من تفحص جرحه المره الاخيره  ثم بدء فى إعطاء تعليمات صارمه الموضه التى كانت تستمع لتعليماته بتركيز تمام ، فى تلك اللحظات تسللت حياة تجلس قبالته على الفراش الوثير فى تلك الغرفه التى تشبهه غرف الفنادق ، لوت فمها بسخريه وهى تجول بنظرها بداخلها فبالطبع اذا لم تكن تلك الغرفه من نصيب فريد رسلان فلمن تكون 
 عادت تنظر إليه وهى تفكر بشوق فكم تود فى تلك اللحظه إمساك ذراعه ووضعه فوق خصرها كمان كان يفعل دائماً بتملك ، أعادها من شرود افكارها صوت الطبيب يوجهه حديثه إليها قائلاً بنبره وابتسامه ذات مغزى :
-حمدلله على سلامه فريد بيه يا مدام ..

اخفضت حياة رأسها بخجل متذكره كيف جذبت ذلك الطبيب من ردائه وقامت بتهديده ثم رفعت رأسها ببطء تبتسم له بموده وتقول بنبره شبهه معتذره :
-شكرا لمجهودك يا دكتور والفضل لحضرتك  بعد ربنا سبحانه وتعالى .. وبتمنى ان حضرتك تعذرنى على اى حاجه حصلت اليومين اللى فاتوا دول .. 

اومأ لها الطبيب رأسه وهو يبادلها ابتسامه متفهمه قبل ان يتحرك وتتبعه الممرضه إلى الخارج .

شعرت حياة به يتململ بجوارها وهو يزفر ببطء ، لم تكن تحتاج للنظر إليه لتعلم انه غاضب ، فرغم ضعف حركته الا انها كانت تعلم جيداً انها حركات غاضبه ، رفعت رأسها بترقب شديد تنظر نحوه فوجدته بالفعل يرمقها بنظرات حانقه ، فى السابق كانت تغضب كثيراً.من غيرته ، اما الان فهى تريد رمى نفسها بداخل احضانه وتقبيله حتى يعلم انها الوحيد الذى يمتلك قلبها ، حاولت كتم أبتسامتها وهى تراه يضغط على شفتيه بقدر ما يسمح له ألمه وقد قررت إراحته لذلك تحدثت مبرره :
-فريد .. ينفع اقولك حاجه ؟!.. 

لم يجيبها واستمر فى رميها بنظراته الحانقه فأردفت تقول بنبره طفوليه هامسه كأنها تعترف بذنب كبير :
-لما انت كنت فى العنايه الدكتور رفض انى ادخل وانا بصراحه هددته لو مخلنيش افضل معاك لما تفوق هترفده ..

انهت جملتها وجعدت انفها وهى تنظر نحوه بترقب كأنها تنتظر توبيخه ، حاول هو كتم ابتسامه كادت تظهر على شفتيه ثم تنحنح قائلاً بنبره جامده :
-العرض لسه متاح .. استمرى انتى فى معاملته كده وان شاء الله هيقعد فى بيتهم بكره .. 

ضغطت فوق شفتيها بقوه واخفضت نظرها لإخفاء تلك الابتسامه السعيده التى لاحت فوق شفتيها ثم اردفت محاوله تغير مجرى الحديث :
-على فكره بباك وتيتا سعاد كانوا هنا متحركتش من جنبك .. هما بس بيروحوا بليل وشويه وزمانهم على وصول .. 

لم يعقب على جملتها مطلقاً بل فاجئها بسؤاله قائلاً بجمود :
-ومروحتيش معاهم ليه ؟!..

رغم الجمود الذى كان يغلف نبرته الا ان نظرته كانت تلوح بسؤال اخر مختلف  ، كانت تعلم انها لازال يعاملها بجمود بسبب غيرته لذلك اجابته قائله بتهكم شديد :
-امممم .. بصراحه الجو شتا والدنيا برق ورعد .. والبيت بتاعك ده على البحر على طول وانا بخاف من صوت البحر بليل .. عشان كده قلت خلينى هنا احسن ..

رفع احدى حاجبيه وقد بدء المرح يظهر جلياً بداخل عينيه ثم اجابها بنبره شبهه مرحه :
-يعنى انتى بتستغلينى حتى وانا تعبان !!!...

لم تستطع كتم ضحكتها لاكتر من ذلك فأجابته ضاحكه وهى تمد يدها وتحتضن يده اليمنى قائله بسعاده :
-قدرك بقى .. 

لم يعقب وبدلاً عن ذلك ظل يتأملها مطولاً بنظرات اسرتها وجعلتها هى الاخرى فاقده للنطق 
قاطع نظراتهم صوت الباب الذى اندفع وظهر من خلفه والده يليه الجده سعاد ، حياه والده بجمود شديد رغم الدفء الواضح فى عينيه ونبرته ورغم قلقه وذعره  الذى لم يفارقه الايام الماضيه والذى كانت حياة شاهده عليه ، فكرت بسخريه وهى تتأمل استقبال فريد له فقد باتت تعلم من اين  ورث كل ذلك الجمود والجفاء ، اما عن الجده سعاد فقد اندفعت نحوه بعيون دامعه تحتضنه بحب شاكره الله على استجابه دعائها ورؤيته مره اخرى سالماً ، ربت فريد على ظهرها مطمئناً وكان ذلك هو اقصى رد فعل بدر منه وهو يستقبلهم ، استقامت الجده سعاد فى وقفتها مره اخرى وهى تتمتم بمكر :
-لا ماشاء الله ده دم حياة اللى اتنقلك خلاك زى الفل اهو .

تجمدت نظرات فريد فوق حياة التى أبعدت وجهها عنه بخجل شديد ثم سالت الجده حياة محاوله الهرب من نظراته التى لازالت تشعر بها فوقها :
-تيتا حضرتك جبتيلى الحاجات اللى طلبتها ؟!..

اجابتها الجده بمرح وهى ترى احمرار وجنتيها :
-اتفضلى يا ستى كل الحاجات اللى طلبيتها لحد ما تروحى مع انى كنت افضل ترجعى البيت تريحى شويه واحنا هنا معاه ..

هزت حياة رأسها رافضه بصرامه وهى تتحرك نحو الحقيبه الموضوعه فوق الارضيه تلتقطها وتتجه بها نحو المرحاض لتبديل ملابسها .

استبدلت حياة ملابسها وقامت بارتداء كنزه صوفيه ناعمه ذات فتحه عنق منخفضة  من اللون الاحمر مع بنطال يلائمها من اللون الاسود ثم مشطت شعرها جيدا ورفعته لاعلى على هيئه كعكه بسطيه وتركت الكثير من خصلات شارده فوق وجهها وعنقها لتبرز نعومته ثم تحركت إلى الخارج بعدما استعاده جزء كبير من نشاطها وسعادتها بسبب استيقاظه ، 

تسمرت نظرات فريد فوقها بمجرد رؤيتها تتقدم منه وهى ترتدى تلك الكنزه الواسعه التى تجعلها تبدو كالطفله بداخلها ، طفله اى طفله تلك التى تبدو بهذا المظهر الرائع المثير فقط بسبب كنزه !! وقعت عينيه على فتحه عنقها وتلك القلاده الفضيه الصغيره التى كانت تلازمها والتى كانت تحتك بعنقها فى كل خطوه تخطوها غتثير اعصابه ، اغمض عينيه بقوه لاعناً ذلك الالم الذى يضرب صدره ويمنعه من التحرك والتنعم بقربها ودفء جسدها ، جلست حياة فى احدى المقاعد المجاورة له بتوتر وهى ترى نظراته مسلطه عليها وللحقيفه لم تستطع هى الاخرى ابعاد نظرها بعيداً عنه فكل ما تمنته فى اليومين الماضيين هو النظر بداخل عسليتيه والشعور بالدفء والامان المنبعث منهما 

انقضى النهار سريعاً وقد لاحظ فريد  انها لم تتناول شئ خلال اليوم بأكمله فقط قهوه وبعض العصائر ، اذا لذلك السبب تبدو شاحبه ومرهقه ، بالطبع ستبدو مرهقه بعدما تبرعت له بدمائها ، هل يحق لامراه ما ان تكون بكل ذلك الجمال والشحوب يملئ وجهها ؟! هذا ما فكر به بيإس وهو يتأمل وجهها بعشق خالص ، كل ما يريده هو ذهاب والده وجدته حتى يتسنى له ضمها بين ذراعيه ولتذهب تعليمات الطبيب إلى الجحيم معه .

زفر فريد براحه بعد توديع والده وجدته وتحركها من جديد لتجلس قبالته وتسأله بأهتمام :
-انت كويس ؟!.. 

هز رأسه لها ببطء دون حديث ثم سألها بصوت أجش : 
-ممكن بس ترفعيلى السرير شويه ؟!.. 

تحركت على الفور تنفذ طلبه ثم بعدها اقتربت منه حتى شعر بعطرها يغزو انفاسه وخصلات شعرها تلامس جبهته وهى تعدل له من وضع الوساده خلفه حتى يستلقى بوضعية مريحه ، عادت بعدها لتجلس بعيداً عنه ولكنه رفع ذراعه الأيمن ليضعه فوق مؤخره ظهرها ثم ضغط عليه برفق شديد فى اشاره لها للاقتراب منه ، تحركت على الفور تلتصق به وكم أسعدها يده التى إحاطتها بتملكها المحبب لها ، رفعت جفونها تنظر نحوه فوجدته يتأملها بحب شديد فرفعت أصابعها تتلمس ذقنه النابته بنعومه شديده ثم قالت بصوت ناعم كالحرير وهى تتبع بأصبعها خطوط عنقه ثم انزلقت حتى وصلت إلى بدايه جرحه :
-دمى بقى بيجرى لحد هنا وبعد كده بيروح لكل جسمك قبل ما يرجع لقلبك تانى .. 

اجابها بنبره هامسه وهو يحرك يده ببطء على طول ظهرها :
-مش بس دمك اللى بيجرى جوايا .. كلك يا حياة .. 

تحرك إصبعها يتلمس شفته السفلى برقه بالغه وهى تقترب منه لتتلمس دفء انفاسه ، غمغم هو بهمس ناعم قائلا  :
-حياة بوسينى .

لم تتفاجئ من طلبه فهذا كل ما كانت تفكر به فى تلك اللحظه ، انحدر نظرها مباشرةً حيث فمه ثم غمغمت بنفس النبره الهامسه معترضه:
-فريد .. جرحك ..

قاطعها هو قائلاً بعيون داكنه :
-مش متخيل انى كنت هروح من غير ما ....

قاطعت حديثه بقبلتها التى التهمت شفتيه تقبله بعمق غير عابئه بأى شئ مما حولها سوى قربه وملمس شفاه الناعمه المتملكه ، ابتعدت عنه بعد قليل ثم أسندت جبهتها فوق جبهته وانفها تلامس انفه تتنفس انفاسه بأستمتاع ، قالت له وهو مغمغضه العينين :
-انت عارف لو اتقفشت الدكتور هيعمل فيا ايه ؟!..

اجابها مازحاً وهو يطبع قبله خفيفه فوق انفها ومقدمه فمها :
-انا بتلكك عشان امشيه ..

دوت ضحكتها عاليا وهى تحك انفها بأنفه قبل ان تتحرك شفتها تتلمس ببطء ذقنه ووجنته طابعه عده قبلات فوقها ، جالت يده السليمه فوق جسدها يتلمسها بشغف وهو يغمغم بمرح :
-انتى بتستغلى مرضى صح ؟!..

شهقت بصدمه ثم رفعت رأسها قائله بعتاب :
-والله !! انت اللى طلبت انى ..

قاطع حديثها عندما التقط شفاها مره اخرى يبث من خلالها كل ما يعتمر بداخل صدره من احاسيس ومشاعر مهلكه .
توقف فريد عن تقبيلها على مضض ورغم ذلك لم يبتعد عنها ولم تفعل هى بل ظلت تستند بجبهتها على جبهته وهى تحتضن وجهه بكفها كأن كل منهما يتلمس العون من صاحبه ، بعد فتره من الوقت تحركت برأسها مكرهه حتى تسمح له بالتنفس براحه ولكنه منعها قائلاً بصوته الاجش :
-خليكى .. نفسك مدفينى .. 

يالله .. أيجب عليه ان يكون بتلك الروعه طوال الوقت ، انها تجاهد لكبح جماح لسانها حتى لا ينفجر ويكشف عن كل ما يحمله قلبها له من عشق وهيام ، تنهدت بحب وهى تعود وتدفن وجهها داخل ثنايا عنقه حيث راحتها وامانها .

بعد وقت ليس بقليل وهما على تلك الحاله ابتعدت هى عنه ببطء بعد سماعهم طرقه خفيفه فوق باب الغرفه يليه دخول احدى الممرضات وهى تحمل صينيه محمله بالدواء بين يديها ، استقامت حياة فى وقفتها قبل ان تسأل الممرضه بخجل موجهه لها  ابتسامه عريضه:
-لو سمحتى ممكن اديله انا العلاج ؟!..

بادلتها الممرضه ابتسامتها بأخرى موافقه وهى تومأ لها برأسها قبل تحركها نحو الخارج ، ناولته حياة دوائه بشغف شديد بعدما اصرت ان تناوله عشائه بيدها ، وبعد انتهاءها حاول التحرك من مكانه ولكنه اجفل بقوه من شده الالم ، اغمض عينيه برُهه من الزمن محاولاً السيطره على ألمه وهو يسب ويلعن بخفوت ، علقت حياة على سبابه قائله بسخريه شديده :
-حتى وانت تعبان بتشتم ؟!.. 

نظر إليها متشدقاً وقد بدء صوته يستعيد قوته قائلاً بتهكم مرير :
-انا اسف يا زوجتى العزيزه انى خدشت حيائك بكلامى وبذائتى .. المره الجايه لما حد يحاول يموتنى وعد هبقى اقوم ابوسه تقديراً لجهوده فى انه يريحك منى .. 

نظرت له حياة بأحباط وفتحت فمها لتجيبه ولكن قاطعها صوته قائلا لها بنبره حازمه :
- اندهيلى حد من اللى بره .. 
انتفضت حياة من مقعدها بجواره تسائله بقلق :
-اشمعنى ؟!!!...

اجابها بنبره خاليه :
-من غير اشمعنى .. ناديلى حد من البهايم اللى بره دول .. 

تحولت نبرتها هى الاخرى وهى تحدثه بنبره شبهه محتده :
-انت بتهزر صح !!! اكيد مش هندهلك حد ومش هتكلم حد لحد ما تخف ..

زفر فريد بنفاذ صبر قبل ان يقول بحسم شديد :
-حياة !! لو مندهتليش حد من الاغبيه اللى بره دول هقوم اناديهم بنفسى .. 

اجابته حياة بحنق شديد:
-تقوم تنده مين !! فريد لو حضرتك مش واخد بالك انت اضربت برصاصه جنب القلب على طول يعنى لازم تراعى صحتك اكتر من كده !!.. 

اجابها بتهكم ونبره ذات مخزى وهو يستعد للتحرك من الفراش :
-متخافيش عليا لو على قلبى فهو مستحمل كلام كتير اسوء من الرصاص ولسه عايش اهو .. 

علمت جيداً ما يرمى إليه فأخفضت رأسها بخجل وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها وهى تتذكر ما تفوهت به خلال شجارهم الاخير قبل اصابته لذلك آثرت الانسحاب نحو الخارج مغمغه بأستسلام :
-تمام خليك هعملك اللى انت عايزه ..

غابت قليلاً وعادت وبجوارها رئيس الحراس مطأطأً رأسه بخزى من فشله فى حمايه رئيسه ، وجهه فريد حديثه لحياة بنبره آمره كأنها لم تكن قبل دقائق معدوده داخل احضانه :
-سبينا لوحدنا شويه ..

رفعت احدى حاجبيها تنظر له بتحدى صامت ، زفر فريد مره اخرى بملل قبل ان يهتف اسمها بنبره محذره :
-حيااااااة !! .. 

اندفعت حياة خارج الغرفه وقد صفقت الباب خلفها بقوه وهى تشعر بالغضب الشديد من عناده وجفائه معها خاصةً ان لديها شكوك قويه عن سبب استدعائه للحارس فى ذلك الوقت بالذات .

وامام باب غرفته ظلت حياة تذرع الممر ذهاباً واياباً وهى تنظر كل عده دقائق بساعه يدها  مفكره بقلق ما الذى يحيكه فريد برفقه حارسه ، تحركت تضع اذنها فوق الباب مرهقه السمع لعلها تستمع إلى ما يرضى فضولها او يطمئنها ولكن ذلك العنيد كان يتخذ احتياطه جيداً ويتحدث بنبره خفيضه حتى لا يصل ترتيبه إلى مسامعها او مسامع اى حد اخر فى الخارج ، وأثناء استراقها للسمع فُتح الباب فجأة وهى لازالت مستنده براسها عليه فترنحت قليلاً لإمام ، تنحنحت محاوله اخفاء حرجها من الحارس الذى تفاجئ بوجودها امامه وكاد ان يصطدم بها  ثم بادلته ابتسامه مقتضبه قبل ان ترفع رأسها بكبرياء وتعود بداخل الغرفه مره اخرى دون حتى النظر إليه ، بمجرد دخولها الغرفه سألها فريد بتذمر :
-مفيش اى حاجه البسها بدل البتاع الغريب ده !! ..

اجابته بنبره شبهه جامده  :
-اه طبعاً تيتا سعاد جابتلك لبس معايا ثوانى هطلعهولك .. 

انهت جملتها وهى تتوجه نحو الخزانه الصغيره والموضوعه بجانب الغرفه تلتقط منه بنطال رياضى واسع وستره رياضيه بسحاب أمامى حتى تسهل له عمليه إرتدائه دون ألم ، وقفت امامه عاقده حاجبيها بتركيز تام وهى تفكر فى كيفيه ارتدائه للبنطال فهى ابداً لن تساعده فى تلك المهمه مهما حدث ، ابتسم هو من ترددها الواضح داخل عينها ثم قال بتهكم واضح :
-هاتى متخافيش انا هتصرف .. غمضى عينيكى بس ..

ضغطت على شفتيها بخجل قائله وقد تناست كل غضبها منه :
-تمام حاول تلبسه وانا هساعدك فى التيشرت ..

هز رأسه بعبوس وهو يحاول ارتداء البنطال بحذر شديد من اسفل ذلك الرداء الازرق الخاص بالمرضى ، فتحت حياة عينها على مضض حتى تتاكد من انتهائه قبل ان تزفر براحه وهى تتحرك من خلفه حتى تحل الرباط الخلفى الرداء ثم تعود مره اخرى لتساعده فى خلعه وارتداء سترته ، غمغم فريد فى اول الامر رافضاً مساعدتها قائلاً بتحدى :
-انا هلبسه لوحدى ..

نظرت حياة نحوه بتحذير قبل ان تجيبه بأقتضاب وهى تساعده فى ادخال ذراعه فى احد الأكمام  :
-ممكن تبطل تعلق على كل حاجه وتسيبنى اشوف شغلى !!.. وبعدين على فكره انت مريض متعب اوى ..

اجفل وتأوه متألماً بصوت مكتوم بمجرد لمسها لذراعه القريب من الاصابه فسارعت تحتضن وجهه بكفيها وهى تغمغم برعب شديد :
-اسفه .. اسفه .. انا وجعتك غصب عنى انا اسفه .. 

لمح فريد اللهفه والذعر داخل عنيها فأوماً لها برأسه مطمئناً قبل ان يقول بتهكم محاولاً تلطيف الجو بينهما :
يمكن عشان اللى بيساعدنى حد مش مريح ..

انهت مهمه ادخال ذراعه الاخر داخل الرداء ثم مالت بجذعها نحوه حتى تستطيع التقاط السحاب ثم اجابته وهى تغلقه بهدوء شديد وعينيها تحملق بأعماق عينيه:
-اخر طموحاتى انى أريحك .. خصوصاً لو فى حاجه اخرتها وجع قلبى .. خليك عارف ده كويس .. 

انهت جملتها ثم تركت السحاب يفلت من بين أصابعها قبل ان تتوجهه نحو احد المقاعد بأخر الغرفه تجلس فوقه بصمت ، 

استلقى فريد بهدوء شديد فوق الفراش وقد بدء يشعر بالإرهاق والنعاس من الدواء وحركته المستمرة منذ الصياح ثم وجهه حديثه لها قائلاً بنبره آمره :
-تعالى عشان ننام ..

عقدت ذراعيها معاً امام قفصها الصدرى قائله بتهجم :
-اتفضل انت انا مش هنام غير هنا ..
زفر فريد بأرهاق ونفاذ صبر قبل ان يبها بحده شديده :
-حياة مش عايز لعب عيال .. يا تيجى تنامى جنبى يا هبعت لحد بره يروحك !! مش هتفضلى تجادلى فى كل حاجه اقولك عليها ..

كان يعلم جيداً انه لن ينفذ تهديده فهو لا يأمن على إرسالها بعيداً عنه ومن دونه خاصةً بعد ما حدث له ولكنه متعب من مجادلتها فى كل شئ يطلبه ، زفرت بحنق وهى تتحرك من مقعدها وتتجه نحوه بغيظ شديد حتى توقف امام الفراش تسأله بقلق :
-طب هنام ازاى دلوقتى والسرير ضيق كده اكيد هتعبك !!!..

كانت كاذبه فالفراش رغم صغره الا انه كان يكفى لفردين براحه ، اغمض فريد عينه لبرُهه قبل ان يفتحها مره اخرى ناظراً لها بتحذير التقطته على الفور فتحركت تستلقى بجواره دون اى  تعليق اخر 

ورغم اتساع الفراش نسبياً الا ان فريد ترك لها مساحه صغيره جداً لتستلقى فوقها فتوارى نصف جسده تقريباً تحتها ، حركت جسدها بعيداً عنه لتعطى له مساحه اكبر للراحه ولكن بسبب انزلاق جسدها من فوق الفراش والذى منعته يده التى امتدت خلفها تدعمها جعلها تعود للالتصاق به مجدداً 
وبمجرد لمسها لجسده وبسبب الدفء والامان الذى تسلل إليها من قربه شعرت بكل غضبها يتلاشى منه وبدء جسدها يسترخى على الفور والنوم يداعب جفونها وهى داخل احضانه ، غمغمت بصوت رقيق ناعس :
-فريد لو سمحت ممكن تمسك ايدى وانا نايمه ..

سألها بهدوء وقد بدء يسترخى هو الاخر بسبب قربها منه :
-حاضر بس ليه ؟!..

اجابته بأهتمام بالغ :
-عشان خايفه ايدى تتحرك وانا نايمه وتخبط فيك او توجعك .. 

زفر فريد بحراره وهو يحرك يده اليمنى ليحيط خصرها ويدنيها منه اكثر فأكثر حتى يتسلل دفء جسدها كاملاً إليه . 
بعد عده دقائق شعر بأنفاسها تنتظم بداخل ثنايا عنقه فعلم بذهابها فى النوم ، أغمض عينيه متنهداً براحه يستمتع بقربها ودفء جسدها فوقه وبأنفاسها الواقعه عليه ، تحركت هى فى نومها تدفن راسها فى تجويف عنقه وتشدد من احتضان يدها ليده السليمه ، اتسعت ابتسامته كأنه مراهق يلمس يد حبيبته لاول مره ، ولكن ليس بيده حيله كل ما يحدث له وهى بقربه ليس بيده ، فقربها منه هكذا يدعوه إلى دنيا اخرى ، دنيا مليئة بالسعاده لم يختبرها من قبل وهى فقط من تمتلك مفتاحها ، لو انها تأذن له بالدخول بدلاً من تركه معلقاً هكذا تدنيه تارة وتبتعد عنه تارة لكان تخلى عن دنياه وما فيها من اجلها .

**********

تحركت جيهان بمجرد رؤيتها لغريب يدلف من خلال الباب الداخلى للمنزل تساله بلهفه واضحه :
-ها يا غريب ايه الاخبار ؟!!..
اجابها غريب وهو يبتسم بسعاده :
-الحمدلله يا جيهان .. ربنا ستر وفريد فاق النهارده ونقلوه لاوضه عاديه ..

تهدلت اكتاف جيهان وهى  تغمغم بأحباط جلى :
-فعلاً .. طب كويس حمدلله على سلامته ..
لم يعقب غريب على حديثها وبدلاً من ذلك سألها بنبره شبهه معاتبه :
-جيهان .. هى نرمين فين ؟!! .. 

اجابته جيهان بضيق واضح بعد ذلك الخير الغير سعيد بالنسبه إليها :
-نيرو مع نجوى اكيد بيغيروا جو ..
رمقها غريب بنظره حانقه قبل ان يقول بعتاب صريح :
-عندها وقت تغير جو بس معندهاش وقت تزور اخوها اللى كان بين الحياة والموت صح !! ده غيرك طبعاً ..

اندفعت جيهان تخاطبه بنبره محتده :
-بقولك ايه سيب بنتى فى حالها ملكش دعوه بيها ولا بيا كمان ..
حرك غريب رأسه بيأس وهو يغمغم اثناء صعوده الدرج :
-مفيش فايده .. عمرك ما هتتغيرى يا جيهان حتى حقدك ورثتيه للبنت !.. 

************

فى النادى الليلى جلست نرمين بوجهه متعب وملامح شاحبه وهى تحتضن جسدها بيدها ويبدو الاضطراب جلياً على ملامح وجهها وحركات جسدها باكمله ، سألتها نجوى بخبث شديد :
-مالك يا نيرررررو .. شكلك مش فى المود النهارده خالص ...

اجابتها نيرمين وهى تضغط بأصابعها فوق صدغيها :
-مش عارفه يا نوجه .. حاسه انى مش مظبوطه خالص وجسمى كله سايب .. بقولك ايه ما تجبيلى من المشروب الحلو بتاعك ده .. مفيش حاجه بتضيع صداع دماغى غيره .. 
رمتها نجوى بأبتسامه تشفى قبل ان تقول بسعاده واضحه :
-لا مشروب ايه بس .. انا عندى ليكى حاجه جامده اخر حاجه هتطيرك فوق السحاب ..

قالت نرمين بلهفه واضحه :
-طب وحياتك يا نجوى الحقينى بيها اصل انا على اخرى ..
اجابتها نحوى وهى تعبث بحقيقتها قبل ان تخرج لفافة  صغيرة وتدسها فى كف يدها مغمغه بنبره خفيضه :
-خدى جربى البتاع ده وهتدعيلى ..

فتحته نيرمين تتفحصه بأصابع مرتجفه قبل ان تقول بأعتراض :
-ايه ده يا نجوى !! دى بودره ؟!!..
اجابته نجوى متصنعه الضيق :
-بقولك ايه مش عايزاه هاتيه اضربه انا واريح دماغى يدل الدوشه دى ..
أطبقت إصابع نيرمين فوق الكيس تتمسك به بقوه مغمغه بلهفه واضحه :
-خلاص يا نوجه ميبقاش خلقك ضيق كده هاخده وامرى إلى الله ..

اومأت نجوى رأسها لها موافقه وابتسامتها تزداد اتساعاً شيئاً فشئ من نجاح مخططها ..

***********

تجاوزت الساعه الثانيه صباحاً ولم يغمض له جفن رغم ألمه وإرهاقه الذى كان يشعر به قبل اندساسها بجواره ، ومن قال انه يريد ان يغفو وتغفل عينيه عن رؤيتها بذلك الوضع متمسكه به وكأنه كل دنياها ، مد احد أصابعه يتلمس وجنتها وجفونها المنتفخه من شده الارهاق والقلق ، اغمض عينيه بقوه محاولاً ايجاد سلامه الداخلى ، هل حقاً يرى ما تومض به عينيها منذ استيقاظه ام ان كل ذلك من نسيج خيالاته ؟! ، 

 انزلق إصبعه فوق شفتيها متذكراً مذاق قبلتها له ، حتى ان قبلتها اصبحت مختلفه ، تمتمت هى اسمه بخفوف اثناء نومها :
-فريد .. 
أجابها متنهداً وقد اجتمع عشق العالم داخل قلبه  :
-عيون فريد .. 

لم يصدر منها اى رد فعل سوى انها اقتربت بجسدها اكثر تحتضنه ، اخفض وجهه قليلاً ثم اقترب منها يقبل وجنتها وانفها وجفونها قبلات ناعمه خفيفه ، أوقفه طرق خفيف على الباب يتبعه دخول احدى الممرضات من اجل موعد الدواء ، توقفت متردده بخجل  بسبب رؤيتها لحياة نائمه بجواره ولكن فريد أشار لها بالتقدم دون إحداث ضوضاء ، بالفعل تقدمت لإعطائه الدواء والاطمئنان عليه دون صوت يُذكر ثم تسللت بهدوء مره اخرى للخارج لتتركه يعود إلى تأمله وافكاره

استيقظت حياة فى الصباح والابتسامه تعلو وجهها فقد كان يراودها حلم جميل ان فريد يحتضنها ويهمس فى اذنها بالكثير من عبارات الحب ، فتحت عينيها ببطء لتجد نفسها مازالت قابعه داخل احضانه تحتضن كفه بتملك شديد ، حركت رأسها بحذر تطبع قبله رقيقه فوق عنقه وهى تبتسم بسعاده ، ففاجئها صوته يقول لها بنبره ناعسه مرحه :
-مش بقولك انتى بتستغلينى .. 

اغمضت عينيها بقوه خجله من تهورها فلم تتوقع انه مستيقظاً وخاصةً مع ذلك الدواء الذى يأخذه ، سمعت صوت ابتسامته يأتيها بوضوح قبل ان يقول بهمس شديد مشاكساً:
-طب مفيش صباح الخير ولا الاستغلال ده وانا نايم بس ..
تمنت هامسه بخجل شديد وهى تخفى وجهها بصدره :
-فريييييد .. 
اجابها بمرح محافظاً على همسه :
-مفيش فريد .. انا عايز صباح الخير الاول ..

رفعت رأسه تنظر إليه قائله بجديه :
-صباح الخير ..
رفع حاجبه ينظر لها بدهشه قبل ان يتشدق بتذمر :
-ايه دى !! مش هى صباح الخير اللى عايزها .. يلا خلصى .. 

عقدت حاجبيها معاً قائله بمرح وكان حديثهم لا يزيد عن الهمس :
-انت تعبان على فكره ولازم متتحركش عشان الجرح ..

جاوبها بخبث وهو ينظر نحو شفتيها :
-مانتى لو قربتى منى مش هتعب .. 
حركت رأسها رافضه قائله اسمه بسماجه لتستفزه :
-فريييد .. 

عقد حاجبيه متسائلاً بتفكير :
-انتى قلتى اسمى كام مره وانا مش فايق ..
اندفعت تجاوبه دون تفكير :
-مش فاكره بس كتير بصراح...

شهقت بفزع وهى تدرك مقصده فسارعت تقول مصححه :
-ولا مره .. مقلتش اى حاجه خالص .. 

حرك رأسه له بتوعد مغمغاً ومتصنعاً الضيق :
-ماشى تمام .. انا هفكرك .. 

حرك رأسه مقترباً منها فسارعت هى بأبعاد جسدها عنه ، تأوه بصوت مسموع وتشنجت ملامحه وهو يعود ليرتمى بجسده ورأسه فوق الوساده مره اخرى مغمضاً عينيه متظاهراً بالالم ، تمتمت بلهفه وهى تقترب منه وتتلمس بكفها موضع اصابته قائله بذعر حقيقى :
-فريد فى حاجه حصلت .. انا اسفه والله مكنتش اقصد .. 
لم يجيبها ولم يفتح عينيه فأردفت تقول بصوت مختنق وهى تطبع قبله معتذره فوق وجنته :
-انا اسفه وغبيه ومكنتش اقصد انى اتعب.....

قاطع جملتها بألتقاطه لشفتيها طابعاً قبله متطلبه فوقها ، ابتعدت عنه وهى تغمغم بحنق وقد بدءت الدموع تترقرق بداخل عينيها :
-انت بتستهبل صح .. 
جاوبها هامساً وهو يطبع قبله على طرف فمها وقد شعر بالذنب من ذعرها :
-انا اسف .. 
لم تعقب بل ظلت تنظر إليه بخوف وضيق وهو يعبث بأحدى خصلات شعرها الشارده ثم تحولت نظرتها لارتياح مع لمسته قبل ان تقترب هى منه وتقوم بطبع قبله حانيه فوق شفتيه انتهز فيها قربها  ولم يسمح لها بالابتعاد بعدها .

***********

ابتعد عنها بعد قليل وهو يلهث من فرط مشاعره ، فتحت فمها لتتحدث ولكن اوقفها طرقه الباب التى جعلتها تنتفض من فرق الفراش مبتعده عنه وهى تغمغم بخجل اثناء ركضها نحو المرحاض :
-تيتا سعاد .. 
اتسعت ابتسامته من مظهرها المضطرب وهو يقول بلامبالاه :
-ايه المشكله تيتا !! هو انتى مش مراتى ولا انا متجوزك تخليص حق  !!..

دلفت الجده سعاد للداخل بعدما سمح لها بالدخول وهى تحييه بمرح قائله بحب شديد :
-الحمدلله والله اكبر .. زى الفل .. الحمدلله انى اطمنت عليك .. 
انهت جملتها ومالت بجذعها تطبع قبله حانيه فوق جبهته استقبلها فريد بأخرى خاطفه فوق وجنتها ، تسمرت الجده فى مكانها وقد فاجئها رد فعله فتلك هى مرته الاولى التى يظهر بها عاطفته نحوها ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها وربتت بيدها فوق كتفه بحنو بالغ ، خرجت حياة من الحمام بعدما استعادت وعيها وجزء من هدوئها فى نفس الوقت الذى اندفعت فيه نجوى لداخل الغرفه قائله بأهتمام مبالغ فيه وهى تتحرك فى اتجاه فريد :
-فريد .. الف حمدلله على سلامتك .. انت مش متخيل كنت هموت من القلق عليك ازاى .. خصوصا واونكل قالى الزياره ممنوعه .. 

هرولت حياة هى الاخرى فى اتجاهه تضع ذراعها حاجزا بينهم وقد توقعت ما تنتوى نجوى على فعله خاصةً وهى تميل بجذعها نحوه قائله بجمود شديد :
-معلش الدكتور مانع اى حد يقرب منه .. حتى السلام ممنوع ..

حركت رأسها تنظر نحوه بتحذير قائله بأستفهام :
-مش كده يا فريد ..
عقد حاجبيه معاً بعبوس مصطنع وهو يومأ لها برأسه موافقاً قبل ان يقول نبره غايه ف الجديه :
-اه خالص ممنوع اى حد يقرب منى حتى حياة ..

ضغطت حياة فوق شفتيها محاوله اخفاء ابتسامتها خاصه وهو يغمز لها بعينيه فى الخفاء دون ان يراه احد .

اثناء زياره نجوى القصيره حبست حياة انفاسها متوقعه صدور اى فعل منها قد يثير اعصابها ولكن للحق لم يسمح لها فريد بمضايقتها بأى شكل من الاشكال حتى هى تعمدت الجلوس بجواره فوق الفراش وهى تحتضن يده بتحدى وتملك واضح رافضه التحرك من جواره لاى سبب كان حتى تخرج نجوى اولاً ، وبعد حوالى ساعه تنفست حياة الصعداء عندنا تبرعت جدته لتوديعها حتى باب المشفى 

بعد خروجها رمقها فريد بأبتسامه واسعه بادلته إياها بأخرى غاضبه وهى تغمغم بضيق :
-البنى ادمه بتتعبلى اعصابى هروح اجيب حاجه أشربها واصلى وارجعلك .. ماشى .. 

اومأ لها فريد برأسه موافقاً والاستمتاع يلمع داخل عينيه بوضوح فهى حتى لا تحاول مداراه غيرتها عنه ، هبطت حياة للأسفل حيث الكافتيريا وفى ذلك الوقت تحديداً دلف وائل الجنيدى ابن شقيق منصور الجنيدى لغرفه فريد ، تأهب فريد واعتدل فى جلسته وهو يستقبل ضيفه بتأهب شديد ، ابتسم وائل على الفور مبرراً زيارته ليقول :
-متقلقش يا فريد بيه .. صدقنى الزياره دى بس عشان اطمن عليك لا اكتر ولا اقل .. وعشان حابب ابلغك حاجه كمان .. انى مش موافق ولا قابل كل اللى بيحصل بين عمى وبينك .. واتمنى تكون العلاقه بينا مختلفه ..

ارتخت ملامح وجهه فريد وعضلات جسده قليلاً ولكنه لم يتخلى عن حذره ولن يفعل فى القريب .

انتهت زياره وائل الجنيدى القصيره بعوده الجده سعاد ووصول غريب رسلان لغرفه ابنه ، ودعه فريد بجمود شديد ولم يبادله غريب تحيته بل ظل وجهه متجهماً حتى انصرف من الغرفه بأكملها ثم اندفع يسأل فريد بفضول شديد عن سبب زيارته الغير متوقعه ولكن هيهات ان يُفصح فريد عن اى شئ يخصه وخاصةً لوالده .

*****************

اثناء وصول حياة لبدايه الممر المؤدى لغرفه فريد وبسبب انشغالها بالتركيز فى كوب القهوه الساخن الذى تحمله اصطدمت بجسد ما صلب جعلها تترنح وكوب القهوه بيدها ، اندفع وائل الجنيدى يسألها بلهفه :
-انا اسف ماخدتش بالى كنت مركز مع التليفون .. حصلك حاجه ؟!..

رفعت حياة رأسها تنظر إليه وهى تغمغم بأبتسامه باهته :
-محصلش حاجه انا كمان ماخدتش بالى ومكنتش مركزه ..عن اذنك .. 

لم يستمع وائل إلى ما تبقى من حديثها فبمجرد رفع عينيها نحوه تشتت انتباهه وتسمرت نظرته  فوق تلك الحوريه بعيونها التى تشبهه قطعه من الليل بنجومه المتلألئة ، ونظرتها الهائمه التى تأسر كل من يراها على الفور ، غافلاً عن ذلك المحبس الذى يزين يدها اليسرى ، ظل ينظر فى آثرها حتى اختفت عن ناظريه وهو يحك فروه رأسه بيده ويبتسم ببلاهه متمتاً بأعجاب :
-ياترى اسمك ايه .. المفروض يسموكى ريم .. 

انهى جملته وهو يتحرك هو الاخر نحو المصعد قبل ان يختفى بداخله متمنياً رؤيتها مره اخرى .

***********

انقضت الايام  التاليه على عائله رسلان بهدوء ففريد بدء يتماثل الشفاء بشكل سريع حتى انه اصر على الخروج من المشفى والعوده لمنزله  غير عابئاً  بتوسلات كلاً حياة وجدته والطبيب المعالج بالمكوث اكثر حتى يتماثل الشفاء تماماً والتى لم تثنيه عن قراره وبالفعل عاد للمنزل بعدها ، اما عن امور الشركه فقد تولاها غريب كاملةً حتى يعود وريثه ويباشر مهامه مره اخرى وكان يبعث له كل مساء بكافه الاوراق والمستندات حتى يراجعها ويعيد تدقيقها والنظر فيها وتوقيعها ، وبالنسبه لجيهان فقد كانت غارقه فى تخبطها ورعبها وتخطيطها مع منصور الذى شعر بالخطر المحدق بسبب فشل مخططه فى إنهاء حياة غريمه غافله عن ابنتها التى كانت تتسلل كل مساء من اجل الحصول على جرعتها من ذلك "الديلر" الذى أوقعتها نجوى فى طريقه ، اما عن حياة فلم تبارح مكانها بجواره مطلقاً وكانت تهتم بكل تفصيله خاصه بِه بدايه من طعامه الذى تولت مهمه اعداده بنفسها ومواعيد دوائه التى كانت تحرص على اعطائها له بيدها وفى المساء كانت تندنس بجواره وتساعده فى مراجعه الاوراق الحسابيه ويقوم هو بشرح باقى البنود لها قبل ان تغفى هى بين ذراعيه ليلاً وتستيقظ على قبلاته صباحاً . 
وأخيراً جدته السيده سعاد عادت إلى منزلها بعدما قالت لحياة مشجعه :
-انا دلوقتى بس اقدر امشى وعارفه ان ابن بنتى فى ايد امينه .. عارفه لو كانت رحاب عايشه مكنتش هتعمل اكتر من اللى انتى عملتيه معاه .. ايوه متستغربيش .. انا فى الاول كنت فاكره ان حب فريد اكبر من حبك ليه مع انى كنت شايفاه فى عنيكى رغم محاولتك انك تخبيه .. بس دلوقتى عرفت واتاكدت انك تستاهلى حبه ليكى واكتر .. قلب فربد امانه فى رقبتك يا حياة .. حاولى تشفيه من كل اللى عاناه ومر بيه .. وحاجه اخيره .. متنسيش انك فرصته الوحيده عشان تصالحيه على حياته وبالأخص ماضيه .. رجعيه فريد بتاع زمان واوعى تيأسى ولا تقولى مش هيتغير عشان انا بدءت اشوف التغيير ده طالل من عينيه محتاج بس اللى ياخد بأيده ويطمنه .

***********

فى احدى الأمسيات وأثناء انشغال حياة بأعدادها وجبه العشاء هرولت عفاف داخل المطبخ بأتجاه حياة تقول لها برعب وهى تضع يدها فوق قلبها :
-حياة يابنتى الحقى .. عمك رضا سمع رجاله فريد بيه وهما بيقولوا انهم قبضوا على اللى ضرب نار على فريد .. وكانوا بيضحكوا بينهم وبين بعض وهما بيقولوا ان فريد بيه هيخلص عليه دلوقتى .. 

جحظت عينى حياة للخارج مذعوره وهى تقذف الملعقه من يدها وتركض برعب نحو الخارج حيث المخزن القديم 

انحنى فريد بجذعه فوق جسد القاتل المأجور المقيد ومسجى فوق الارضيه وهو يبتسم بشراسه شديده قبل ان يقول ضاغطاً على حروف كلماته :
-منصور ال****** هو اللى بعتك تعمل كده صح !!.. بس لما قالت تقتلنى منبهكش ان فريد لو عاش مش بيسيب حقه ولا تاره!!! ..

صمت قليلاً ليشد اجزاء مسدسه مستطرداً بنبره جامده :
-والله كان نفسى اوديكم انتوا الاتنين سوا فى يوم واحد بس معلش .. منصور عنده حساب قديم لازم يخلص معاه قبل ما اخلص الجديد .. 

انهى جملته وانحنى يجلس على ركبه حتى اصبح فى نفس مستوى القاتل ثم قام بوضع فوهه مسدسه فوق موضع قلبه مباشرةً مغمغاً بشراسه :
-العين بالعين والسن بالسن .. والرصاصة هتضرب فى نفس المكان ونشوف ساعتها حد هنا هينقذك ولا هتفضل مرمى هنا زى الكلب لحد ما روحك تطلع ..

كان الرجل مستسلماً تماماً لم يعقب ولم يقاوم فيبدو انه تقبل نهايته وأيقن انه لا سبيل للفرار خاصةً بعد ما لاقاه اليومين الماضيين عندما القى رجال فريد رسلان القبض عليه ، اغمض الرجل عينيه عندما قام فريد بوضع ابهامه فوق الزناد استعداداً لقتله ..

التفت فريد على صوت حياة التى اندفعت من داخل الباب القديم تهتف اسمه بذعر شديد وهى تركض نحوه متوسله :
-فريد .. لا .. عشان خاطرى لا .. الا القتل يا فريد ..

انتبه فريد بحواسه كامله لها واستقام فى وقته ملتفتاً  لينظر نحوها بغضب غافلاً عن حاله الذعر والارتجافه التى اصابتها ، توقفت امامه واضعه جسدها درع بينه وبين القاتل الملقى على الارض قبل ان تمد يدها المرتجفة لتدفعه للخلف قليلاً مستطرده بيأس شديد :
-وحياة اغلى حاجه عندك .. ورحمه ماما رحاب .. وحياتى لو فعلا بتحبنى بلاش دم .. متلوثش ايديك بالدم وتطفى قلبك بسواد القتل ..

لم يعقب فواصلت دفعه بكل ما أوتيت من قوه وقد بدء يلاحظ ارتجافها امامه ودموعها التى بدءت تنهمر بغزاره :
-انا عارفه انه يستاهل اكتر من كده بس لو انت موته احنا اللى هنخسر .. انت اللى هتخسر وانا هخسر معاك .. 

اقتربت منه تضغط بجسدها فوق جسده وهى تحتضن وجهه بكفيها غير عابئه بوجود احد ما حولهم :
-متخلنيش اخسرك .. بلاش تخلى الدم يفرق بينا انا مش عايزه كده .. عشان خاطرى بلاش ..

بدءت نظراته تلين امام ارتجافة جسدها ونظرة الإعياء التى بدءت تظهر جليه فوق ملامحها ، واصلت هى ضغط جسدها فوق جسده وهى تشعر بعضلات جسده المتشنجه بدءت تلين تحت لمستها ولذلك رفعت ذراعها تحتضن كفه قبل ان تضعه فوق موضع قلبها حتى يشعر بدقاته التى تكاد تنفجر ذعراً عليه ثم اردفت قائله وهى تنظر داخل عينيه بحب :
-عشان خاطرى .. 

ضغط فوق شفتيه بقوه محاولاً إنهاء صراع مشاعره الذى يكاد يمزقه نصفين قبل ان يدفعها بعيداً عنه ويتحرك نحو الخارج بخطوات مسرعه ، تنفست حياة الصعداء واغمضت عينيها وهى تزفر براحه قبل ان تلفت برأسها للخلف موجهه حديثها للقاتل الذى كان ينظر إليها مذهولاً بنبره عدائية :
-اوعى تفكر انى عملت كده عشانك .. انت تستاهل اكتر من القتل بكتير بس انا هستنى اشوف عقاب ربنا ليك ..

************

عادت حياة للمنزل خلفه وهى لازالت ترتجف من هول ذعرها فهى حتى الان لا تكاد تصدق انها استطاعت الانتصار على شيطانه ومنعه من التهور وزهق روح حتى لو لم تكن بريئه ،   جالت بعينها بحثاً عنه وما ان لمحت ضوء غرفه المكتب الخافت يتسرب من عقب الباب حتى توجهت نحوه مباشرةً تدفع الباب بيديها دون استئذان وما ان رأها هو  امامه حتى انتفض من مقعده الذى كان يرتمى فوقه حتى يقف امامها بتأهب  ، اندفعت هى بكل قوتها تطوقه بذراعيها وتعانقه بقوه وقد بدءت فى النحيب ، صُدم فريد من حالتها تلك ولم يملك الا ان يشدد من لف ذراعيه حولها محاولاً احتوائها واخماد ثورتها العجيبة ، دفنت وجهها بداخل كتفه وظلت تشهق بصوت مسموع وهى تغمغم من بين شهقاتها :
-شكراً ..

زفر فريد بحيره فبرغم غضبه منها ومن منعها له الا انه هنا جزء بعيد وصغير داخل قلبه متفق معها ومرحباً  بفعلتها ، رفع كفه يمسح على شعرها ويهدء من روعها حتى استكانت بين يديه بعد فتره ليست بقليله ، ابتعدت عنه بعدما جففت دموعها وهدءت نوبه بكائها والتى لا تعلم تحديداً سببها ثم رفعت كفها حيث موقع قلبه قائله برفق شديد وهى تحدق بداخل عسليتيه :
-مش هستسلم غير لما الدفا اللى شايفاه فيهم ده يتنقل لهنا عشان ترتاح وارتاح معاك ..

ربتت بحنو شديد فوق موضع قلبه قبل ان تخفض رأسها وتطبع قبله ناعمه بطيئه حيث قلبه ثم تركته وانصرفت .
ارتجف قلب فريد من فعلتها وتسمر فى مكانه غير قادراً على السيطره على سيل مشاعره الذى اجتاحه من فعلتها البسيطه ، اغمض عينيه بألم وهو يفكر بحزن فى جملتها فى اه لو تعلم كم يتمنى ان يرتاح قلبه فعلاً من كل ما يحمله ، ان يرمى ذلك الماضى البئيس وراء ظهره وعن كاهله الذى أضناه لسنوات وسنوات ولم يجنى منه سوى الظلام والوحده ، ان يستطيع التسامح فى حق والدته وحقه وان يستطيع العيش بسلام دون احقاد ومؤمرات .

*********

اثناء الليل استيقظت حياة من نومها تتأمله وتتأكد من انتهاء تلك الليله على خير فهى حتى الان لا تكاد تصدق انه فعل ذلك من اجلها ، زفرت براحه وهى تمد أناملها تتلمس ببطء ورفق شديد ملامحه شاعره وكأنها فقدته ثم عاد لها من جديد ، فتح هو عينيه على لمستها الناعمه فلم تتحدث ولم تعطى اى رد فعل بل ظلت تحدق بداخل عسليته الناعستين بهيام شديد ، تحرك هو نحوها قليلاً حتى التصق بها ثم سألها بهدوء شديد :
-بتبصيلى كده ليه ؟!..

اجابته بصوت ناعم متحشرج من اثر النعاس :
-مش مصدقه انك اتنازلت عشانى ..
زفر مطولاً قبل ان يجيبها بصوت هامس :
-عارفه ان من جوايا مكنتش حابب اعمل كده .. بس انا لو معقبتهوش هيقولوا عليا جبان وهيتمادوا.. لازم تنتقمى عشان تعرفى تعبشى .. لازم تكونى قويه عشان متتاكليش ..

تنهدت بحب وهى تقترب منه هامسه امام شفتيه :
-مينفعش نهرب من كل ده ونعيش من غيرهم .. من غير مشاكل ..
طبع قبله فوق ارنبه انفها وهو يقول بألم :
-ياريت يا حياة .. ياريت ..
اقتربت هى تطبع قبله فوق فمه فأوقفها قائلاً بصوت أجش :
-مش هقدر ..

عقدت حاجبيها معاً فى سؤال صامت فأردف يقول بنبرته الهامسه :
-لو قربت منك مش هقدر ابعد .. مش هكتفى منك .. وانا بينى وبينك وعد ان عمرى ما هقربلك غصب .. 

ظلت تنظر نحوه بأرتباك محاوله التوصل لقرار فقلبها يضرب داخل صدرها بعنف مطالباً بقربه اما عقلها فيطالبها بالتروى قليلاً قبل التسليم له ، اغمضت عينيها قليلاً قبل ان تفتحها وتهمس له :
-مش عايزاك تبعد ..

اعتدل فريد فى جلسته يسألها بترقب :
-يعنى ايه .. 
اجابته بخجل وهى تضغط على شفتيها بتوتر  :
-يعنى اللى انت فهمته متبعدش ..

ظل فريد ينظر نحوها مطولاً بعدم تصديق حتى ظنت انه لا يريدها او تراجع فى رغبته فيها  فأردفت تقول بخجل شديد لاعنه نفسها سراً من تسرعها :
-لو انت مش عايز اعتبر ان......
قاطعها قائلاً بسعاده :
-مش عايز !!!! اخيراً !! ده انتى طلعتى عين امى ..

همست معترضه بخجل :
-فريد .. على فكره مينف.... 

لم يترك لها المساحه لتكمله جملتها فقد اعتصرها بين جسده يقبلها بجنون على كل إنش من جسدها يبث لها كل أشواقه التى أتعبته ليالى طويله منتظراً ذلك الاكتمال بينهم والذى ينتوي ان يعطيه وقته كاملاً مكملاً .
ظل فريد يتأمل تلك الغافيه بين ذراعيه والابتسامه البلهاء لا تفارق وجهه خاصةً وهو يتذكر عندما توقف فى منتصف ما يفعله ليسألها بذهول :
-حياة !!! انتى ؟!!!... 
كانت تعلم جيداً سبب ذهوله وتترقب تلك اللحظه لذلك هزت رأسها بأيجاب وهى تكاد تذوب خجلاً من نظرته ولمسته المراعيه خاصةً بعد ذلك الاكتشاف. 

رفرت حياةً بعينيها قليلاً ثم فتحتهما بخجل شديد ، ظل فريد على تأمله لها بصمت جعل وجنتيها يستحيلان للأحمر من شده توترها وخجلها ، تنهد هو بحراره مقرراً قطع الصمت بينهما  بسؤال رغم سعادته الشديده يتأكله فضوله لتلقى اجابته لذلك هتف مستفسراً :
-حياة .. انتى ازاى لسه بنت لدلوقتى والاهم ليه خبيتى عليا حاجه زى دى ؟ ..

ضغطت على شفتيها بأحراج شديد وقد سلطت نظرها فوق صدره العارى متجنبه تلك المواجهه فرغم ما حدث بينهم منذ قليل الا انها لا تستوعب بعد مناقشه ذلك الامر معه ، هتف فريد بأسمها مره اخرى ليحثها على الحديث فهو ينتظر اجابتها على احر من الجمر ، رفعت نظرها لمواجهته بمجرد سماعه ينطق ينطق اسمها بتلك النبره المطمئنة فتحدثت تقول بأرتباك :
-مش عارفه .. قصدى يعنى انه مكنش .. يعنى مش بيقدر ..

تركت جملتها غير مرتبه فدقات قلبها المضطربه تمنعها من صياغه الجمله بشكل كامل صحيح ، راقب فريد ارتباكها وترددها بتفهم شديد وقد قرر اعطائها وقتها كاملاً حتى تستطرد هى حديثها من تلقاء نفسها دون ضغط منه ، اخذت نفساً عميقاً تهدء بِه توترها ثم حاولت النظر داخل عينيه بثبات فهى أيضاً ينتابها الفضول لمعرفه رد فعله ثم اردفت قائله بهدوء نسبى :
-انا فعلا معرفش السبب انا كنت صغيره وقتها ومكنتش فاهمه حاجه .. بس الاكيد انه كان بياخد الحبوب دى عشان تساعده ومكنتش بتنفع ..

اخذت نفساً عميقاً مره اخرى وقد بدءت ملامح وجهها تمتعض من تلك الذكرى لذلك اثرت إنهاء الحديث قائله بنبره شبهه حاسمه :
-مش عايزه افكر ولا اشغل دماغى .. بس كل اللى اقدر اقولهولك ان ربنا كان رحيم بيا اوى ..

مد ذراعه واضعاً كفه فوق مؤخره عنقها ثم ضغط برفق شديد حتى يدنيها منه طابعاً قبله حنون مطمئنه فوق جبهتها ثم أردف قائلاً بأمتنان شديد :
-ده ربنا كان رحيم بيا انا .. 
ازدرد لعابه ببطء قبل اعاده الجزء الاخير من سؤاله مره اخرى بترقب :
-طب ليه خبيتى عليا حاجه زى دى ؟!.. 

عضت على شفتيها بأحراج لم يخفى عليه ثم اجابته مفسره بنبره شبهه نادمه :
-بصراحه .. فى الاول كنت عايزه اضايقك عشان انت اجبرتنى احكى مقابل تنفيذ رغبتى .. وبعد كده اتحرجت انى احكيلك حاجه زى دى خصوصاً ان مجتش مناسبه ..

ضيقت عينيها عليه تتبين رد فعله لحديثها بترقب شديد ثم ارستطردت فى تبريرها قائله بنبره صادقه :
-والسبب الاخير .. كان فى جزء جوايا صغير عايز يطمن انك بتحبنى بكل مشاكلى واللى حصلى وانى دايماً هفضل حياة القديمه بالنسبالك مهما حصلتلى من ظروف ضدى .. 

لمحت شبهه صدمه تلوح من داخل عينيها قبل تحولها لنظره تفهم واضحه ، تنهد براحه ثم سألها بصوته الاجش وهو يجذبها بذراعه لتتوسد صدره :
-اعمل فيكى ايه دلوقتى ؟!..
لاحت على شفتيها ابتسامه لم يراها ولكنها ظهرت جليه فى نبرتها وهى تجيبه قائله بحب :
-اممم ممكن مثلاً تخلينى هنا على طول .. 

هز رأسه موافقاً بشده قبل اداركه انها لا تراه فعاد موافقته من خلال قُبلتين قام بطبعهم فوق منابت شعرها ، اغمضت عينيها تستمع بذلك الامان الذى يجتاح روحها بمجرد اندساسها بين ذراعيه فقد شاءت أقدارها الا تتلقى ذلك الامان والاحتواء الا على يده .

بعد فتره من الهدوء كانت هى من قرر قطع الصمت تلك المره عندما رفعت جسدها لتنظر إليه داعمه ثقلها بمرفقها لكى تسأله بتوسل :
-فريد .. ممكن اطلب منك طلب ؟!.. 
اجابها مشجعاً ويده تعبث بخصلات شعرها الثائرة :
-حياة فريد تآمر وهو ينفذ ..

ظهرت  ابتسامتها ولمعت عيونها بعشق وهى تجيبه بنبره رقيقه للغايه :
-ممكن مهما حصل بينا .. ميعديش علينا يوم وانت مدينى ضهرك ابداً .. 

انزلقت أصابعه حيث وجنتها يتلمسها برفق شديد بلمسات حانيه ثم اجابها هامساً امام شفتيها :
-مع انك مش محتاجه تطلبى .. بس أوعدك عمرى ما هخليكى تنامى فير فى حضنى .. 

اتسعت ابتسامتها  بسعاده شديده وهى تعود لتندس داخل احضانه ويحيطها هو بذراعيه وقد اخذت مطلبها ، حركت رأسها للاعلى قليلاً حتى يتسنى لها الاختباء بداخل عنقه وهى تفكر بسذاجه طفله صغيره ماذا سيحدث لو تحولت لعصفور صغير واتخذت من المسافه بين عنقه وكتفه ملاذاً دائماً لها ؟!، اغمضت عينيها بسلام وتلك الفكره تداعب قلبها العاشق .

************

فتحت حياة عينها فى الصباح فوجدت فريد يتأملها فى صمت بمظهرها الفوضوى وشعرها المشعث بخصلاته الثائرة إلى جانب شفتيها المتورمة من اثر قبلاته وعلامات الحب التى تملئ عنقها وتمتد حتى كتفيها ، ان مظهرها ذلك يقوده للجنون خاصةً وهو يتذكر ما مرا به البارحه وذلك الاكتشاف المذهل الذى اعاد الحياة لروحه ، تنحنح محاولاً تتقيه حلقه قبل ان يحدثها مشاكساً :
-شعرك منكوش على فكره..

جعدت انفها ورمقته بنظرات شبهه حانقه وهى تلكزه بخفه فوق كتفه وتغمغم متصنعه الضيق :
- بطل تتريق عليا عشان ربنا هيرزقك ببنت شعرها شبههى وساعتها مش هيهون عليك  تتريق عليها .. ده غير انه كده بسببك لو كنت سبته فى حاله بليل مكنش بقى كده ..

تنهد بأنتشاء وهو يمد إصبعه متلمساً وجنتها وقد بدءت عينيه تضوى بسعاده من مجرد التفكير بطفله منه تنمو داخل أحشائها وتحمل ملامحها .

اردفت حياة حديثها وهى تبادله ابتسامته  بأبتسامه ونظره ناعمه وهى تساله بصوت أجش متحشرج من اثر النعاس :
-وبعدين ممكن اعرف بقى انت بتنام امتى ؟!..

اجابها وهو يبادلها ابتسامتها بأخرى واسعه :
-اقولك سر ..

اخرجت صوت من حنجرتها ينم على الموافقه قبل ان تقول بمرح :
-اامممم قولى على سر  ..
استطرد يسألها بخبث :
-طب ولو قلتلك على سر هاخد ايه المقابل ؟!.. 

ابتسمت بخجل وهى تمد إصبعها وتتلمس ذقنه ببطء قائله بنبره خفيضه مرتبكه :
-اللى انت عايزه ..

اجابها بمكر وهو يقترب منها :
-انا عارف هاخد ايه بس خلينا فى السر الاول ..
ضغطت فوق شفتيها وهى تسأله بحماس :
-طب بقى قولى السر عندى فضول ..
دوت ضحكته وهو يمد ذراعه ليدنيها منه قبل ان يقول بنبره شبهه مرحه :
-انا نومى خفيف جداً .. واول ما بتتحركى من جنبى بصحى بس كنت بعمل نفسى نايم عشان اسيبك براحتك ..
شهقت بمرح وهى تجيبه متصنعه الضيق :
-يعنى انت كل ده كنت بتضحك عليا !!..

حرك عينيه يميناً ويساراً مدعياً التفكير قبل ان يقول بنزق :
-انا غلطان انى كنت بسيبك تتحركى براحتك .. 
انهى جملته وهو يمد كلتا ذراعيه ليحيط خصرها ويرفعها قليلاً من فوق الفراش وهو يسألها بصوت خفيض :
-تعبانه ؟!..

هزت رأسها نافيه وهى تبتسم بخجل فأردف مغمغاً  وهو يلتقط شفتيها بين شفتيه :
-طب كويس ..
نطقت هى اسمه معترضه بدلال :
-فرييييد هتتأخر ..
همس فريد امام شفتيها بنبره ناعمه مثيره :
-لما اخد مقابل السر الاول ..

حاولت مشاكسته والابتعاد عنه ولكنه كان اسرع منها فى اخدها  بين يديه ويغيب بها داخل عالمهم الخاص والملئ بمشاعرهم المحبة . 

بعد فتره لا بأس بها كان فريد يرتمى بجسده فوق جسدها يحاوطها ويحتضنها وبرغم ثقل وزنه فوقها الا انها كانت سعيده للغايه وهى تشعر بدقات قلبه قريبه من قلبها وانفاسه الغير منتظمه تلحف عنقها ، غمغمت قائله اسمه بنعومه شديده وهى تحرك كفها فوق ظهره بلمسات مداعبه :
-فريد ؟!..
اصدر صوت مكتوم من حنجرته يحثها على الاستمرار فأردفت تحادثه وهى تبتسم بهيام  :
-الوقت أتأخر على فكره وانت اتأخرت اوى على الشغل .. 

رفع رأسه على مضض ينظر نحوها متفحصاً ملامحها بعشق شديد وهو يجيبها بهمس ناعم :
-ايه رايك نلعب لعبه .. 

هزت رأسها موافقه وهى تضغط على شفتيها وتسأله بحماس شديد :
-لعبه ايه ..
اجابها وهو يقوم بلثم شفتيها :
-هقترح عليكى اقتراح ولو موافقه قولى اه ولو مش موافقه قولى لا ..

ابتسمت بحبور وهى تهز رأسها موافقه وعيونها تلمع بسعاده فأردف يقول بنفس نبرته الهامسه :
-ايه رأيك نقضى اليوم انا وانتى النهارده سوا بعيد عن الشغل ودوشته..

كان يسألها وأصابعه تتحرك بلمسات خفيفه كالفراشة فوق عنقها مما إفقتدها القدره على النطق لذلك أصدرت صوت ضعيف من حنجرتها ينم على الموافقه ، ابتسم هو برضا مضيفاً وهو لايزال محافظاً على نبرته المثيره :
-وندى عفاف اجازه وتطبخيلى بأيدك وانا هحاول اساعدك ..

اسبلت عيونها وهى تحرك رأسها موافقه غير قادره على ايجاد صوتها بسبب أصابعه  التى انزلقت للأسفل لتتحرك فوق جسدها بلمسات مثيره ويتحدث وكأنه لا يفعل شئ ، حرك راسه هو الاخر موافقاً قبل ان يضيف بمكر غامزاً لها بعينه :
-وعايز تعمليلى كيكه شيكولاته وأكلها زى ما احب .. 

ظلت تحدق بِه بهيام غير قادره على ايجاد صوتها للاجابه فأخفض رأسه مقترباً بشفتيه من شفتيها محركاً  رأسه ومتعمداً الاحتكاك بهم وهو يسألها هامساً:
-مسمعتش اجابتك على فكره .. 

كانت همهمه ضعيفه متقطعه هى كل ما صدر عنها كعلامه موافقه على اقتراحه الماكر ، أردف هو قائلاً بخبث :
-مادام اتفقنا يبقى فاضل اخر حاجه ..

رفعت رأسها تسأله بعينيها مستفسره فأستطردت يقول وهى يقترب منها :
-توافقى على اللى هعمله فيكى دلوقتى .. 

صرخت اسمه بمرح معترضه قبل ان تخمد مقاومتها ويختفي صوتها بين يديه حيث لا طاقه لها على معارضته وهو يبث لها ذلك الكم من المشاعر الرائعه .

***************

خرجت حياة من المرحاض وهى تحيط جسدها بمنشفه سوداء كبيره تاركه شعرها المبلل يقطر ماءه فوق كتفها وعنقها مما أعطاها مظهراً مثيراً للغايه ، ازدرد فريد لعابه بصعوبه وهو واقفاً امامها يتأملها وقد بدءت حراره جسده فى الارتفاع من مظهرها العفوى ، مد ذراعه يجذبها نحوه ليحاصرها بين ذراعيه ثم اخفض رأسه نحوه شفتيها ليبدء فى تقبيلها ، ولكن حياة عادت برأسها للخلف متجنبه قبلته وقد قررت انه الوقت المناسب لبدء مصالحه فريد على نفسه واول خطوه لفعل ذلك هو اعاده العلاقه بين وبين خالقه لذلك قالت بتحفظ شديد مبرره ابتعادها عنه :
-فريد .. هروح اصلى الاول ..
هز رأسه متفهماً وقد بدءت يده تلقائياً ترتخى حول جسدها تاركاً لها المجال للتحرك بحريه ، ازدردت حياة لعابها بتوتر ثم اردفت بذلك السؤال الذى طالما راودها منذ حادثه الحفله :
-فريد ممكن اسالك سؤال ؟!..

التقط توترها بسهوله بالغه فضيق نظراته حولها يتفحصها بارتياب  وهو يومأ لها برأسه كعلامه موافقه ، اردفت هى تسأله بترقب شديد وبنبره قلقه :
-ممكن اعرف يعنى اخر مره .. يعنى شربت كانت امتى ؟!..
انهت سؤالها وكتمت انفاسها فى انتظار اجابته بترقب شديد للغايه فهى تتذكر وعده لها تلك الليله ولكن جزء ما بداخلها يريد التأكد من إيفائه به ، صمت قليلاً ثم اجابها بتعابير وجهه ونبره جامده للغايه :
-يوم الحفله ..

تنهدت بأرتياح وارتخت ملامحها المترقبه وبدءت رئتيها تعود للعمل بشكل سليم مره اخرى وظهرت الابتسامه جليه فوق شفتيها ثم حركت كفيها تحتضن وجهه بينهما وقد تعمدت النظر بداخل عينيه وهى تنطق بجملتها :
-فريد عارف .. انا نفسى اوى انا وانت نصلى سوا ..

لم تنتظر اجابته ولن تنتظرها الان فقد نطقت بأمنيتها وتركت له المجال ليتسوعبها ثم طبعت قبله مطمئنه فوق جبهته وتوجهت لخزانه ملابسه بعدما قامت بتجفيف شعرها استعداداً لبدء صلاتها وقد تعمدت فعل ذلك امامه .

كان فريد يعلم انها تؤدى فرائضها كامله فحتى فى منتصف الليل ومنذ انتقالها لغرفته كانت تنسحب من داخل احضانه  ثم تعود بعد قليل فيدرك انها فعلت ذلك من اجل الصلاه ولكن رؤيتها وهى تتلو ايات الذكر الحكيم امامه بخشوع تام شئ اخر جعل قلبه يرتجف وهو يعود للذاكره حيث عمر السابعه عندما قامت والدته بتعليم كيفيه اسباغ وضوئه واقامه صلاته وكانت تحرص على تأديتها معه ، بالطبع انتهى ذلك بموت والدته وسفره بمفرده للخارج حيث ثقافه جديده مختلفه كلياً لم يقوى على مقاومتها وبدء بعدها بالابتعاد شيئاً  فشئ عن كل ما يخص دينه ولكن تلك اللحظه بالذات اعادت إليه جزء من الحنين ظن انه افتقده للأبد

************

فى الاسفل شهقت حياة بسعاده وهى فى طريقها  للمطبخ وقد تسللت لانفها رائحه المخبوزات الفرنسيه الشهيه والذى يرفض فريد رفضاً تاماً تناولها مدعياً الحفاظ على صحته، صفقت بيدها وهى تركض فى اتجاه الطاوله وتهتف بنبره طفوليه سعيده :
-الله .. دادا عفاف متوصيه بيا اوى النهارده ..

رفعت رأسها تنظر نحو فريد الذى جلس بالفعل امام طاوله المطبخ يتناول إفطاره الصحى بجانب قهوته السوداء واردفت تقول لآثاره غيظه :
-والاهم ان كل ده ليا لوحدددى .. الحمدلله مش هاكل النهارده الاكل الغريب بتاعك ده ..

ضيق نظراته فوقها وهو يجيبها بحنق واضح :
-انا نفسى اعرف الاكل اللى بتاكليه كل ده بيروح فين ؟!.. 
رمقته بنظره حانقه قبل ان تجيبه بتذمر :
-اولا يعنى دى طبيعه جسم على فكره .. ثانياً بقى انا بدخل اوضه الجيم من وراك ..

رفع احدى حاجبيه مستنكراً قبل ان يجيبها مقلداً نبرتها وساخراً منها :
-عارف على فكره ..

فرغ فاها وشهقت بصدمه قبل سؤال بعدم تصديق :
-بجد !!!.. اكيد داد عفاف هى اللى قالتلك صح .. 
هز رأسه نافياً وهو يوشك على إنهاء طعامه قائلاً بلامبالاه :
-معرفتش من حد .. انتى اللى بتسيبى اثار وراكى .. 

مسح فمه بمحرمه الطعام قبل ان يردف قائلاً بنبرته الآمرة :
-ممكن بقى تبدئى تأكلى بدل ما عماله تلفى كده ؟!..
جلست على الفور بمجرد انتهاء جملته وشرعت فى تناول فطورها ولكن ببطء شديد مما أثار اعصابه فقد كان يعلم جيداً انها تماطله .

هتف فريد بها بعد مده من الوقت قائلاً بضيق :
-حياة ممكن تنجزى شويه بقالك ساعه بتاكلى !!..
مطت شفتيها بحزن قبل ان تجيبه متصنعه البراءه :
-الله جعانه طيب اعمل ايه .. 

اسبلت بعينيها للأسفل حتى لا يكتشف تمثيلها قبل ان تضيف متصنعه الحزن :
-خلاص مش هكمل شوف انت عايز ايه ..

زفر مطولاً قبل تحركه بالمقعد نحوها ثم مد ذراعه يحتضن خصرها ويقول بأستسلام :
-حبيبتى كلى براحتك بس انتى بقالك اكتر من نص ساعه بتاكلى .. 

عضت على شفتيها وقد بدءت ابتسامتها تلوح فوق شفتيها قائله بمرح :
-على فكره الكرواسون حلو اوى .. بجد دادا عفاف موهوبه .. بس انت طبعاً مش بتاكل الحاجات دى .. 

كانت تحاول اثاره حنقه بكل السبل الطرق الممكنه وتستفزه حتى يتناوله ففى كل مره تصنعه عفاف من اجلها يسخر منها ومن عاداتها الغير الصحيه لذلك أقسمت تلك المره على جعله بتناوله حتى يتوقف عن سخريته  ، قطمت قطعه اخرى منه وظلت تمضغها ببطء شديد وهى تراقب رد فعله ثم مدت كفها فى اتجاه فمه تسأله بنبره هامسه :
-دوق هتعجبك اوى على فكره .. 

نظر لها مطولاً قبل ان يسألها بنبره مرحه قائلاً بتهديد لذيذ :
-انتى قد اللى بتعمليه ده ؟!.. 

سألته ببراءه مدعيه عدم الفهم :
-بعمل ايه مش فاهمه ؟!.. 
ابتسم لها ببطء وهو يهز رأسه بتوعد قائلاً وهو يجذبها نحوه :
-انا ممكن اكله على فكره بس مش هنا .. 
ضيقت عينيها وعبس جبينها بعدم فهم حقيقى قبل ان تشهق بدهشه وهو يلتقط شفتيها بين شفتيه متمتاً بنبره ناعمه كالحرير :
-اكيد طعمه هنا احلى بكتيررر ..

فى بدء الامر ظلت جامده وهى تلوم نفسها على تهورها امامه قبل ان يتعمق هو فى قبلته متذوقاً ما بداخل فمها فلم تشعر الا وهى تبادله إياها بنفس الشغف والتطلب ، اخفض جزعه حتى يتسنى له وضع يده اسفل ركبتها وحملها وهو لازال يقبلها ثم ابتعد عنها قليلاً قائلاً من بين انفاسه اللاهثه وهو يتحرك بها نحو الدرج 
 -كفايه عليكى فطار لحد كده ..

*******************

لم يسمح لها فريد بالعوده للأسفل مره اخرى لاى سبباً كان وفى المساء كانت حياة تحاول جاهده فتح جفنيها من شده الارهاق والنعاس ، غمغم فريد وهو يحرك يده على طول ظهرها :
-حياة .. انا جعان ..
اجابته حياة بنبره ناعسه مرهقه وهى تحرك رأسها داخل تجويف عنقه :
-فريد اتلم .. انا تعبت وعايزه انام ..
دوت ضحكته عالياً وهو يجيبها بصوت مختنق من شده الابتسام :
-مكنتش اعرف ان دماغك منحرفه كده .. انا جعان بجد والله ..

رفعت رأسها تنظر نحوه متصنعه الغضب وهى تجيبه بنبره مؤنبه :
-ما عشان حضرتك مفطرتش كويس وقضيتها تريقه عليا .. ده غير انك اتهورت وعطيت لدادا عفاف اجازه من قبل ما تعملنا الغدا .. ثالثاً بقى ودى اهم نقطه انك لهتنى لدلوقتى ومخلتنيش انزل اعمل اى حاجه .. 

انهت جملتها ثم عادت تندس مره اخرى بين ذراعيه وتتوسد رأسها صدره ، تجعدت ملامح فريد كطفل يتلقى التعنيف من والدته  ثم اجابها بضيق :
-مش مهم هروح اطلب اكل من بره ..

انتفض جسدها من بين يديه وتحركت ترفع جسدها مستنده على مرفقها قائله بذعر شديد:
-لا طبعاً الا الاكل من بره ده ..
سألها فريد بعدم فهم :
-مالك خفتى كده ليه ؟!..

اجابته وقد بدء صوتها يختنق وعيونها تلمع بالدموع من اثر الفكره :
-انت ناسى ان فى حد حاول يأذيك .. يعنى ممكن ينتهز الفرصه دى ويعمل فيك حاجه زى ما عملوا قبل كده معايا ..

مسح فريد على وجنتها برقه بالغه ثم اجابها بنبره اكثر رقه محاولاً تهدئه نظره الرعب التى تطل من داخل جفونها :
-حبيبتى متخافيش .. عايزك طول مانتى معايا متخافيش من حاجه ..

تنهدت بعدم ارتياح  وهى تعود وتدفن رأسها بتجويف عنقه حيث ملجأها المفضل وهى تغمغم برعب :
-فريد مش عايزه اجرب احساس الكام يوم اللى فاتوا ده تانى ابداً .. 
-ششششش .. متخافيش  انا معاكى اهو ..

تفوه بجملته تلك بعدما طبع قبله مطمئنه فوق شعرها وهو يحرك كفه فوق ذراعها العارى مهدهداً لها .. 

بعد فتره من الصمت بينهما تحدث هو قائلاً بمرح محاولاً تلطيف الأجواء :
-حياة .. انا لسه جعان  ؟!..

لم يأتيه اجابه منها فعاود قول اسمها ولكن تلك المره بنبره خفيضه للغايه فلم يصدر منها سوى همهمه خفيفه علم من خلالها مع انفاسها المنتظمه انها ذهبت فى نوم عميق ، اتسعت ابتسامته وهو يتحرك ليلتصق بها اكثر متنازلاً عن فكره الطعام ويستعد وهو داخل أحضانها لنوم عميق ظل يحلم بان يزوره منذ سنوات طويله ويبدو انه اخيراً قرر التعطف عليه. 

*************

فى الصباح استيقظت حياة شاعره بثقل ما يجثو فوق قفصها الصدرى ، فتحت جفنيها بتثاقل لترى فريد ولاول مره رأسه تتوسط صدرها وذراعيه تلتف حول خصرها بقوه كأنه طفل صغير متشبث بها ، قاومت اغراء شديد فى رفع ذراعها ودس كفها بداخل خصلات شعره الناعمه وبدلاً عن ذلك اثرت عدم التحرك حتى لا تزعجه فى غفوته 

وبعد ساعه من الجمود التام بدءت تشعر به  يتململ بهدوء داخل أحضانها فحرّكت كلتا يدها على الفور واحده تعبث بخصلات شعره والاخرى احاطت جسده ، لم يتحرك من موضعه ولم يصدر اى صوت يدل على استيقاظه ولكنها علمت انه استفاق من انفاسه التى اصبحت غير منتظمه وكفه التى تحركت تتشابك مع يدها ، قطعت حياة الصمت قائله بصوت رقيق للغايه :
-على فكره انا صحيت النهارده قبلك وانت محستش زى كل يوم شفت ازاى ..

تحرك بجسده قلبلاً حتى وصل إلى عنقها وقام بطبع قبله ناعمه فوقه ثم دفن رأسه بداخلها وهو يتمتم بنبره ناعسه :
-انا فعلاً اول مره انام كتير كده ..
امتلئ وجهها بأبتسامه رضا واسعه ثم رفعت كفها لتستأنف تمسيد خصلات شعره برفق شديد وهى تقول بترقب :
-فريد .. انت عمرك ما حكتلى حاجه من ساعه ما سبنا بعض .. رغم انك عرفت تقريباً كل حاجه عملتها من يوم ما بابا قرر نتنقل لحد مانت رجعت تانى ..

رفع جسده قليلاً متخذاً من مرفقه حاملاً له قبل ان يجاوبها بنبره جامده :
-عايزه تعرفى ايه بالظبط ؟!.. 

رفعت رأسها هى الاخرى تطبع قبله خاطفه فوق شفتيه ثم احاطت وجهه بكفيها وهى تجيبه بحماس :
-عايزه اعرف كل حاجه ..
لمحت سحابه حزن خاطفه مرت بعينه قبل ان يبتسم لها بمكر وهو يمد ذراعيه اسفل جسدها استعدادا لحملها قائلاً بمرح شديد :
-اممم بليل هقولك كل حاجه بس دلوقتى مش هبنفع ..
سألته بأستنكار :
-ليه بقى ؟!.. 
اجابها وهو يتحرك بها من فوق الفراش قائلاً بنبره هامسه مثيره :
-عشان عندنا شغل وقبل الشغل لازم ناخد دش ..
شهقت حياة بخجل وهى تضرب بقدميها فى الهواء محاوله الافلات منه ولكنه تأكد من احكام لف ذراعيه حولها قبل اختفائه بها داخل الحمام ..

************

فى الخارج وقفت حياة بجسد جامد امام المقر الرئيسى للشركه وتحديداً امام مدخلها الذى شهد اصابته ، اغمضت عينيها بقوه محاوله طرد تلك الذكرى الأليمة التى ومضت امام عينيها عن يوم اصابته ، شعر فريد بكفها يضغط فوق كفه كأنها تستمد منه قوتها ، تحركت نظراته هو الاخر حيث موقع نظراتها قبل ان يفهم سبب توجسها ، مال برأسه ليهمس داخل اذنها بنبره مطمئنه :
-انا معاكى على فكره ..

حركت رأسها ببطء رافعه نظرها نحوه وهى ترمقه بأبتسامه باهته استقبلها هو وبادلها إياها بأخرى مشجعه قبل ان يتحركا معاً يداً بيد نحو الداخل ، بمجرد خروجهم من المصعد ووصولهم نحو الممر المؤدى لغرفته ، لمحت حياة نجوى تهرول فى اتجاههم ثم توقفت بأنفاس لاهثه امامهم قائله بحماس شديد :
-فريد انت اتاخرت اوى النهارده وامبارح كمان مكنتش موجود .. وانا كنت عايزه ابلغك ان الشركه الجديده اللى اتكلمت معاها بخصوص الماركيتنج عايزه تاخد ميعاد معاك بكره ..

حاولت حياة اثاره غيظها لذلك وبمجرد رؤيتها مالت برأسها تستند على كتف فريد ورفعت كفها لكى تحاوط ذراعه بتملك واضح اما كفها الاخر فظل يتشابك معه بحب ، هز هو رأسه موافقاً بعدم اهتمام  ثم  اجابها على عجاله :
-تمام .. هاتيلى ملف العرض بتاعهم اراجعهم قبل ما ااكد عليكى الميعاد بكره ..

انهى جملته وجذب حياة خلفه متجهاً بها نحو غرفته دون انتظار اجابه نجوى .
حدقتهم نجوى بنظرات غل صريحه وهى تتابع سيرهم جنباً لجنب ونظرات عشقهم الواضحه للعيان وهو تقول بتوعد صريح :
-ماشى يا بنت **** مبقاش نجوى ان ما قلبت الدنيا عليكى بس الاقى فرصتى .. 

فى الداخل وقف فريد قبالتها بعدما تأكد من احكام غلق الباب خلفهم ثم جذبها نحوه مشبكاً يده خلف ظهرها وهو يسألها بنبرته العابثه :
-مينفعش تشتغلى هنا النهارده ..
اجابته بأبتسامه واسعه وهى ترفع كفيها وتتلمس صدره القوى :
-انت عارف كويس انى لو قعدت هنا مش هتشتغل ..

اخفض رأسه حتى تلامست شفاهم سوياً ثم غمغم امامهم بصوته الإجش فشعرت به ينطق الكلمات من خلال فمها:
-اقعدى وجربى ..
نطقت اسمه بدلال ناعم :
-فريييييد .. 
طبع قبله خاطفه فوق شفتيها وهو يجيبها بأستسلام :
-خلاص اتفضلى روحى بس خليكى عارفه انى بجمع لحد بليل ..

رمقته بنظره عاشقه وهى ترفع جسدها على اطرف اصابع قدمها لكى تطبع قبله ناعمه فوق وجنته ثم تركته وانصرفت مسرعه حتى لا تستسلم لرغبه قلبها فى البقاء بجواره .

فى منتصف اليوم جائها اتصال هاتفى من سكرتيرته تطلب منها التوجهه إلى غرفته على وجهه السرعه ، ركضت حياة مسرعه نحو غرفته وهى تشعر بالقلق من طلبه المفاجئ فالملفات التى بين يديها لا تستدعى طلبها بهذا الشكل العاجل ، طرقت الباب ولم تنتظر الاجابه بل دلفت للداخل على الفور وبمجرد دخولها تفاجئت بيده تجذبها حتى اصطدم جسدها بصدره القوى ثم احتجزها بينه وبين الحائط وهو يتمتم امام شفتيها قائلاً بنبره مثيره للغايه :
-وحشتينى .. 
زفرت حياة بأرتياح قبل ان تقول وهى تبادله قبلاته المتطلبه بأخرى مشتاقة :
-فريد احنا فى المكتب .. 

لم يعيرها اهتماماً ولم يجد الوقت ليجيبها بل ظل يعمق من قبلاته حتى تناست جميع ما حولهم ورفعت كفها تضعه فوق عنقه وتضغط عليه حتى يدنى منها اكثر ، بعد فتره من الوقت أبعده عنها ذلك الهاتف الذى ظل جرسه يدوى بلا توقف ، تحرك فريد ليلتقطه من فوق مكتبه ثم اجاب بهدوء شديد وهو بعود لنشر قبلاته فوق وجهها مره اخرى كأن الامرين لا يتعارضان مع بعضهما البعض على الاطلاق ، تسائلت حياة وهى تبادله قبلاته كيف يستطيع التركيز فى كلا الفعليين معاً ؟!!!!، انهى مكالمته دون الرد بكلمه واحده فقط استمع إلى الطرف الاخر والذى علمت حياة انه رجل من صوته الذى كان يصل إليها بوضوح بسبب اقتراب فريد والهاتف من وجهها 

اغلق فريد الهاتف ودسه بجيب بنطاله دون حتى كلمه وداع ثم عاد ليلتهم شفتيها مره اخرى ، غمغمت حياة بأعتراض ضعيف محاوله ايجاد ارادتها فى الابتعاد عنه فقد بدء جسدها بأكمله يستجيب له وهى تعلم تمام المعرفه ان ما يقومان به هو قمه التهور ، استجاب فريد لاعتراضها وبدء يحرر شفتيه من بين شفتيها وهو يلهث من فرط مشاعره قبل ان يبلغها بصوت أجش :
-حياة انا لازم اسافر بكره الصبح .. 
عقدت حاجبيها معاً وهى تسأله بقلق شديد :
-فى حاجه حصلت ؟!..

هز رأسه نافياً وهو يعاود تقبيل شفتيها بقبل متفرقه شارحاً لها من بين قبلاته :
-مفيش حاجه مهمه .. بس حاجه لازم اخلصها بنفسى .. هما يومين ومش هتأخر عليكى ..

هزت رأسها بأيجاب وقد بدءت تشعر بالاحباط يتملك منها من فكره بعده عنها ولكنها حاولت اخفاء ذلك بمهاره لم تخفى عليه ، اعطته ابتسامه واسعه وهى تستدير نحو الباب لتتركه يرتب امور سفره .

دلفت نجوى غرفته بعد خروج حياة بفتره لا بأس بها وفى يدها ملف تلك الشركه التى أُوكل إليها مهمه التنسيق معها ، تحدثت معه بعمليه شديده كانت تمتاز بها وهى تضع الملف امامه :
-فريد ده الملف اللى طلبته منى عشان تراجعه قبل الاجتماع مع الشركه .. ياريت تقولى رايك الاخير فيه قبل ما اكد عليهم الميعاد بكره .. 

اجابها فريد بجمود دون رفع نظره نحوها فقد كان غارقاً فى الملفات التى امامه والتى تحتاج المراجعه والتدقيق قبل سفره :
-مش هينفع بكره يا نجوى خالص .. انا مسافر يومين ولما ارجع نبقى نحددلهم ميعاد تانى ..

لمعت عينى نجوى بمكر واتسعت ابتسامتها فيبدو ان الحظ وضع الفرصه التى تبحث عنها امام عينيها من جديد ، لذلك اندفعت تقول بلهفه شديده مدعيه الارتياح :
-كويس اوى .. انا كمان مكنش يناسبنى بكره لان بابى طلب اسافرله ضرورى وانا كنت هأجل عشان الاجتماع ده دلوقتى اقدر اسافر وانا مطمنه .. بس مقلتليش طيارتك الساعه كام 
اجابها فريد بعدم اهتمام وهو لايزال ينظر بداخل الاوراق :
-الصبح بدرى ..

هزت رأسها بسعاده ثم استأذنته فى الخروج  قبل ركضها نحو ايمان تطلب منها حجز تذكره ذهاب لإيطاليا غداً صباحاً مهما كلفها الامر 

بعد فتره ليست بطويله وبسبب ازدواج جنسيتها استطاعت ايمان إتمام الامر بمنتهى السهوله حتى انها قامت بطبع تذكره السفر وسلمتها لها ، استلمتها نجوى منها بسعاده غامره وأخفتها جيداً بداخل حقيبه يدها ثم تحركت للتنفيذ خطوتها التاليه .

ظلت نجوى تراقب الممر منتظره خروج حياة من غرفتها لاى سبب كان حتى يتسنى لها ابلاغها بالأمر ، وبالفعل بعد حوالى الساعه خرجت حياة من غرفتها متجهه حيث مكتب ايمان حيث اصبحت عادتها فى الايام الاخبره قضاء وقت راحتها معها ، بمجرد رؤيه نجوى لحياة وقفت تعطيها ظهرها وقد تظاهرت بالحديث داخل هاتفها المحمول قائله بخبث شديد وبصوت مرتفع نسبياً حتى تتأكد من وصول حديثها لمسامع حياة :
-ايوه يا بنتى زى ما بقولك كده اتفقنا نسافر سوا بكره وهو ضحك عليها وقالها انه شغل ..

تسمرت حياة فى مكانها واذردرت لعابها بصعوبه وقد بدءت تشعر بدقات قلبها تتعالى توتراً ولكنها قررت تجاهل كل ذلك الامر والمضى قدماً ، أسرعت نجوى تضيف بعدما رمقت حياة بنظره جانبيه ورأتها على وشك التحرك :
-يابنتى بقولك اتفقنا وحجزنا سوا خلاص وهنتقابل بكره فى المطار بس هو طلب منى كل واحد يحجز لنفسه احسن عشان منجازفش يعنى وخصوصاً ان مراته معانا فى الشركه ..

شعرت حياة بأنقباضه قويه داخل قلبها وبدءت الدموع تغزو مقلتيها وهى تفكر بحزن ، ايعقل ان يفعل بها فريد ذلك خاصهً بعد ما حدث بينهم !!، نفضت رأسها من تلك الافكار وهى تستأنف طريقها نحو الخارج فهى تثق بزوجها ولن تسمح لتلك الحرباء بأفساد صفو حياتها .. 

ظلت حياة شارده خلال ما تبقى من يومها فكلما نفضت تلك الافكار المسمومة من داخل رأسها تعود إليها مرةً اخرى 
وبعد طول تفكير منها قررت مواجهه فريد والاستفسار منه  ، نعم بمجرد وصولهم للمنزل ستسأله واذا تطلب الامر ستطلب الذهاب معه بدلاً من جلوسها هنا بداخل مكتبها يتأكلها التفكير والقلق 

انتهى اليوم وكعاده فريد اليوميه توجهه حيث غرفه حياة لاصطحابها من داخلها والتحرك معاً يداً بيد نحو الخارج ، بالطبع كانت تلك الفرصه التى تعول عليها نجوى لتنفيذ اخر خطوه من مكيدتها فظلت واقفه قرب غرفه حياة منتظره وصول فريد اليومى فى نفس الميعاد تقريباً وبالفعل انزوت بعيداً بمجرد رؤيته يتحرك داخل الممر وبمجرد وصوله امام غرفه حياة سارعت نجوى توقفه بيدها وتقول له بصوت مسموع حتى تتأكد من استماع حياة لها :
-فرييييد ..انا حجزت التذكره على فكره زى ما اتفقنا وكده بكره هنتقابل فى المطار الصبح ..

عقد فريد حاجبيه معاً بعدم فهم قبل ان يفتح فمه ليستفسر منها ولكن نجوى قاطعته قائله بخبث :
-ان شاء الله تبقى رحله سعيده وننبسط بيها ..

انهت جملتها وهرولت نحو الخارج لتقطع عليه اى طريق للاستفسار او التصحيح تاركه فريد ينظر فى اثرها بعدم فهم قبل دخوله لغرفه حياة والتى بالطبع استمعت لما تفوهت به نجوى واصبح وجهها شاحباً يحاكى الأموات ..
لاحظ فريد منذ دخوله لمكتبها وحتى وصولهم للمنزل جمودها التام ولكنه اعاد ذلك لمسأله سفره المفاجأه ، حسناً انه يعلم انها اُحبطت ولكن ليس لذلك الحد  فوجهها شاحب للغايه وعيونها تلمع بالدموع طوال الطريق رغم محاولتها المستميتة لتنجب التقاء عيونهما معاً الا انه لاحظهم، لو انه يستطيع اصطحابها معه لما توانى فى تنفيذ ذلك ولكن تلك السفره خصيصاً يحتاج إلى خوضها بمفرده فهو لا يضمن حتى سلامته فكيف بها ، زفر بضيق وهو يقفز من مقعده بداخل السياره عندما توقفت امام الباب الداخلى للمنزل ، مد كفه يحتضن يدها فلم تعارضه ولم تبادله عناقه أيضاً ، سألها مستفسراً وعينيه تتفحص ملامحها بأهتمام :
-حياة انتى كويسه ..

اجابته كاذبه بنبره جافه بعدما اجبرت نفسها على رسم ابتسامه مقتضبه فوق شفتيها :
-اه كويسه الحمدلله .. 

بخير !! انها الان ابعد ما تكون على ان تكون بخير فالنار التى بداخلها تزداد اشتعالاً مع مرور الوقت ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تخطو بداخل المنزل ، ذلك المنزل الذى اصبح فجاه ودون سابق انذار احب الأشياء إلى قلبها لمجرد انه يجمعهما سوياً ، شعرت بوخز الدموع يعود بقوه لمقلتيها فرفرت بجفنيها عده مرات محاوله صرف تلك الدمعات من داخل عينيها فهى لا تنتوى البكاء امامه مهما حدث ، توجهت مباشرةً نحو غرفتهما ومنه إلى الحمام حيث آثرت الاغتسال لتهدئه اعصابها تاركه العنان لدموعها المختلطة مع رذاذ الماء الدافئ المنهمر فوقها .

خرجت حياة من الحمام بعد فتره لا بأس بها فقد قامت بتجفيف شعرها اولاً وارتدت ثيابها كامله وقد تعمدت الإبطاء قليلاً حتى يتسنى لها مواجهته بأعصاب هادئه ، بالطبع هذا ما فكرت به منذ قليل ولكن بمجرد خروجها ورؤيه حقيبه سفره قد أُعدت بالفعل عادت تلك النيران لتستعر بداخلها من جديد ، تحركت بجمود شديد تجلس على المقعد المنخفض الموضوع امام الفراش ثم أخذت نفساً مطولاً قبل سؤاله بجمود شديد :
-فريد انت مقلتليش مسافر فين ؟!.. 

اجابها وهو يتوجهه نحوها ليشاركها مجلسها :
-لندن ..
مد ذراعه ليدنيها منه ولكنها انتفضت على الفور من مجلسها بعدما دفعت يديه بحده متجنبه لمسته ، تفاجئ فريد من رد فعلها الغير مبرر وبدء الضيق يظهر جلياً على نظراته هو الاخر ، ظل يتفرسها مطولاً وهى تقطع الغرفه امامه ذهاباً واياباً بعصبيه شديده ،ثم اندفعت تقول بنبره شبهه محتده وهى تراه يستقيم فى جلسته استعداداً للنهوض :
-بس انا مش عايزاك تسافر .. 

ضيق فريد نظراته فوقها يحاول استشفاف اى شئ من ملامحها الغير مفسره قبل ان يسألها بنبره خاليه :
-والسبب ؟!.. 

اجابته كاذبه :
-من غير اسباب ؟!..
اعاد فريد نطق طلبها بنبره مفكره قائلاً بأستنكار :
-انتى مش عايزانى اسافر ؟! ومن غير اسباب !!. والمفروض منى اعمل ايه ؟!..

اجابته حياة بثقه شديده :
-المفروض تنفذ اللى طلبته عادى يعنى .. 
رمقها فريد نظرات حانقه قائلاً بنبره شبهه غاضبه:
-ده على اساس انى عيل وانتى بتقوليلى اعمل ايه ومعملش ايه !!.. 

اندفعت حياة مصححه  بيأس شديد :
-لا مش عيل طبعاً بس انا مش عايزاك تسافر ومضايقه فعشان خاطرى حقق رغبتى دى .. 

لانت ملامح فريد والتى كانت بدءت فى الاحتقان من تعنتها الواضح ، فتحرك نحوها جاذباً جسدها نحوه ومحكماً حصاره بذراعيه وتلك المره لم توقفه فقد كانت تأمل بشده ان يحقق لها رغبتها فى عدم إكمال تلك السفره ، تحدث فريد بهدوء قائلاً بلين :
-حياة مش هينفع السفريه دى مهمه وانا لازم أطلعها ..

ردت حياة على جملته بنزق وقد عاد التجهم لملامحها :
-خلاص سافر بس على الاقل خدنى معاك .. 
اعاد فريد رأسه للخلف وزفر بقله حيلة من اصرارها الطفولى ثم اجابها فى محاوله اخيره منه لمهاودتها: 
-السفريه دى بالذات مش هينفع ..

هتفت حياة بحده معترضه :
-ممكن اعرف السبب ؟!.. 
اجابها فريد بنفاذ صبر من تقلبات مزاجها العجيب :
-برضه من غير اسباب .. 
قاطعت جملته قائله بغضب شديد :
-وانا مش موافقه .. 

بدء فريد حقاً يفقد القدره على التحكم بأعصابه من جدالها المستمر فهتف قائلاً بحسم :
-مش مهتم وهسافر ..

نظرت حياة نحوه بأحباط ثم سألته بعدم تصديق :
-للدرجه دى السفريه دى مهمه بالنسبالك ؟!.. 
كانت تأمل بأن يحتويها ، يطمئنها ، ينفى شكوكها التى تعصف بداخل عقلها وتدمى قلبها ولكنه نظر نحوها بجمود دون تعقيب ، هزت رأسها بحسره وهى تجاهد لكبح لجام دموعها من الانفجار امامه ، هل تلك الحرباء اصبحت مهمه له كل ذلك القدر ، عضت على شفتيها فى محاوله جاده لصرف دموعها ثم تحركت من امامه منسحبه من الغرفه بأكملها ، لحق بها فريد بخطوات واسعه قبل خروجها من الغرفه ممسكاً ذراعها ومعيدها مره اخرى إلى احضانه ، شاحت بوجهها بعيدا عنه عندما اقتربت انفاسه من شفتيها وحاولت الافلات منه ، غمغم هو بصوت ناعم كالحرير ونبره شبهه متوسله :
-حياة هما يومين فلو سمحتى بلاش تعملى مشكله ..

كانت مشغوله بالسيطره على دموعها التى لازالت تهدد بالاعلان عن نفسها فى لحظه إلى جانب محاولتها فى مقاومه رغبه قلبها فى الارتماء داخل احضانه ، ظن فريد انها سكنت بين يديه فأردف يقول هامساً بحب وهو يلامس بفمه شفتيها تمهيداً لتقبيلها :
-وحشتينى .. 

اغمضت عينيها بقوه بحثاً عن ارداتها المسلوبه للبعد عنه وبمجرد اغلاقها جفونها ظهر امام عينيها صورته الحميمية ولكن مع نجوى ، بدء فريد يقبلها بنهم فهتفت بحده وهى تدفعه بكل قوتها للابتعاد عنها :
-لا ..

رفع فريد رأسه ينظر نحوها بعدم فهم وقد ضاقت المسافه ما بين حاجبيه من شده عبوسه :
-لا ايه ؟!!.. 

اجابته بغضب شديد متأثره بذلك المشهد الذى هيأه لها عقلها :
-لا مش عايزه كفايه انى اتسرعت قبل كده .. 

احتقنت ملامح وجهه بشده وبدء الاحمرار يكسو وجهه من شده الغضب وهو يعيد كلمتها ببطء شديد ضاغطاً على حروفها :
-اتسرعتى !!!!!.. 

اجابته بأندفاع وقد فشلت تماماً فى السيطره على لجام لسانها الثائر :
-ايوه اتسرعت ومش ناويه اعيد الغطله دى تانى .. 

شهقت برعب وعضت لسانها بقوه لا تكاد تصدق انها نطقت بتلك الكلمات عالياً ، يالك من حمقاء غبيه يا حياة ، هتفت بداخلها تؤنب نفسها على تلك الغطله الشنيعه التى صدرت من بين شفتيها منذ قليل ، فتحت فمها لتصحيح ذلك الخطأ ثم أغلقته مره اخرى وهى تتراجع للخلف برعب خاصةً  وهى تراه يتقدم منها بخطوات بطيئه حذره وذلك العرق بجانب صدغه على وشك الانفجار من شده الضرب ، توقف امامها مباشرةً قائلاً بنبره أشبهه بالفحيح بعدما اخفض رأسه قليلاً حتى اصبحت انفاسه المتلاحقة تلفح وجهها وتزيد من بث الرعب بداخل صدرها :
-انا فعلاً مش هقربلك لا دلوقتى ولا بعدين .. بس مش عشان انتى عايزه كده لا .. عشان انا خلاص مبقتش عايزك ولا مهتم حتى انى اقربلك .. وعشان فى حاجات احلى كتير مستنيانى اجربها ..

اصدر حلقها شهقه اخرى ولكن تلك المره من اثر الصدمه ، انهى فريد جملته وتحرك نحو الخارج بجسد متصلب للغايه ثم صفق الباب خلفه بقوه تاركها تشعر بأركان الغرفه تهتز من اثرها ، تحركت هى حتى الفراش ثم ارتمت فوقه تاركه لدموعها العنان وهى تشهق بحسره لا تكاد تصدق ما حدث بينهم منذ قليل .

*************

ظلت حياة تنتحب بقوه حتى منتصف الليل وكلماته الاخيره تدوى بداخل عقلها ، لقد سئم منها !! ، بل وأوضح ذلك علانيةً ، اى شئ قد يطعن المرأه فى أنوثتها اكثر من ان يسأم منها زوجها !!، او فى حالتها لتكن اكثر دقه لم ترضيه من الاساس فلا يوجد سبب واحد على الارض يجعل رجلاً ما ينفر من زوجته بعد مرتهم الاولى سوى انها لم ترضيه ، وعليه بالطبع التجأ إلى احضان اخرى ، لقد أكد بجملته شكوكها التى تتأكلها منذ الصياح ، عادت لتعلو شهقاتها من جديد ولا تدرى ما الذى يحزنها اكثر !! ، اهو عزوفه عنها كزوج بعد ما حدث يينهم ، ام رغبتها الملحه فى البحث عنه واسترضائه ؟!، فكرت بحزن اهذا هو الحب ؟!، يجعل المرء يتنازل عن كرامته بكل تلك السهوله !! ، فهناك صراع قائم يكاد يشطرها نصفين بين عقلها وقلبها ، فكرامتها تغريها بقلب الدنيا رأساً على عقب والاختفاء من حياته  وقلبها يطلب منها الارتماء بين احضانه ومحاوله استعطافه مره اخرى ، رفعت رأسها بكبرياء شديد وهى تمسح دموعها بكف يدها مقرره الرضوخ لعقلها فهى ستكون ملعونه ان حاولت استرضاء رجل يرفضها حتى لو كان قلبها بين يديه

فى غرفه مكتبه ظل فريد يذرع الغرفه ذهاباً واياباً وهو يكاد يجن من غضبه ، كيف تجرؤ على وصف ما حدث بينهم بالغلطه !!، لقد طعنته فى رجولته بقوه غير عابئه بمشاعره !!،وبالتالى لم يجد امامه سوى المحافظه على ما تبقى من كرامته وأخبارها بأنها لم تعد تؤثر به  والزم نفسه بالابتعاد عنها ربما للأبد ، ما الذى حدث لها منذ الصباح ، هذا ما فكر به بعمق وهو يجول داخل مكتبه فهو ليس ساذج وليس اعمى أيضاً فتلك المرآه التى كانت بين يديه فى الصباح لا تستطيع إقناعه بأنها رافضه لما حدث بينهم فقد كادت تذوب بين ذراعيه عشقاً وهياماً وهى تنطق اسمه بلهفه شديده ، بالتأكيد هناك شيئاً ما حدث وهو السبب فى ذلك التغيير ولن يهدئ حتى يكتشفه ، زفر بحيره وهو يدس يده بجيوب بنطاله هل حقاً يستشعر بحدوث شئ ما معها ام ان عقله يحاول إقناعه بذلك حتى لا يتقبل فكره انها رافضه للمسته ، هذا ما فكر به بأحباط وهو يراقب امواج البحر الهائجه من نافذه غرفته ، وحتى ان اكتشف الخطأ ان وجد فهو لا يستطيع ابداً مسامحتها على تلك الجمله .

ظلت حياة قابعه فوق الفراش ضامه ركبتيها إلى قفصها الصدرى وتحيطاهما بكلتا ذراعيها مستنده بذقنها ووجهها الباكى فوقهما وعينيها معلقه فوق الباب منتظره عودته فى اى لحظه 

وفى الصباح فتحت عينيها بذعر وهى تتلفت حولها محاوله تذكر متى غالبها النوم فأخر ما تتذكره هو جلوسها فى ذلك البرد الشديد منتظره عودته لفراشه واندساسها داخل احضانه ، وقعت عينيها اول الامر على المكان الذى كانت تقبع به حقيبته فوجدته فارغاً ، تحركت من فوق الفراش مسرعه نحو الاسفل فعلى الاقل تريد رؤيه وجهه قبل سفره متناسيه الواقع الاليم وهو ذهابه مع امرأه اخرى غيرها ، أخبرتها عفاف انه قد غادر بالفعل منذ ما يقارب الساعه ، فتهدلت أكتافها وعادت إلى غرفتها ترتمى فوق الفراش بأحباط غير قادره على بدء يومها البارد دونه .

**********

فى ذلك الكافيه المنزوى عن أعين الناس جلست جيهان مره اخرى امام منصور الجنيدى هاتفه به بحنق شديد :
-يعنى ايه يا منصور مخافش !!! .. انا مش عارفه انت جايب البرود ده كله منين ؟!.. مادام فريد طلع منها زى القط من غير خربوش واحد حتى يبقى مش هيسكت ده ابن جوزى وانا اكتر واحده عرفاه ..

عاد منصور بجسده للخلف ليتكأ على ظهر مقعده وهو يجيبها  بثقه شديده اثارت حنقها اكثر :
-انا مظبط الدنيا كويس مش هيقدر يعمل حاجه ده غير ان الولد اللى نفذ المهمه انا خلصلته اوراق خروجه بره البلد مع مبلغ محترم وزمانه طار من زمان ..

صمتت جيهان معطيه لعقلها الوقت اللازم للتفكير جيداً فى حديثه ثم قالت بأرتياب :
-طب دى بالنسبه للى نفذ .. انت فكرك بقى ان فريد مش عارف انك اللى ورا الموضوع ده ؟!.. اذا كان غريب نفسه عارف وبصراحه انا مستغربه لحد دلوقتى ازاى غريب وفريد سيبينك كده !!..

ظهرت أسنان منصور من خلف شفتيه فى ابتسامه سمجه قائلاً بتفاخر :
-مش هيلحقوا يعملوا حاجه ..

زفرت جيهان بنفاذ صبر ثم ردت قائله بنزق :
-هموت واعرف برودك ده من ساعه الحادثه جايبه منين ..

ضيقت عينيها فوقه بشك ثم سألته مستفسره بتوجس :
-منصور !! انت مخبى حاجه عليا ؟!.. اسلوبك ده مش مريحنى خالص !!.. 

ارتبكت ملامح منصور لثانيه واحده ثم استقرت ملامحه مره اخرى وهو يجيبها كاذباً بثبات شديد :
-لا هخبى عليكى ايه انا وانتى فى مركب واحد حتى وانتى عارفه كده كويس ..

هزت جيهان رأسها موافقه رغم الشك الذى لازال يراودها تجاهه ، اما عن منصور فقد ابتسم بخبث بعد رؤيه استسلامها فهو ابداً لن يخبرها عن تلك الصفقه التى خاض بها والتى ان تمت على خير ما يرام سيغادر البلاد بعد تأمين مستقبله بعده مليارات خضراء .

************

كل ما فى الامر يومان ، اذا لماذا تشعر كما انها تنتظر منذ قرن !!،هذا ما فكرت به حياة بحزن وهى جالسه خلال فتره راحتها امام ايمان السكرتيره وعقلها لا يلتقط شئ مما تتفوه به صديقتها والتى بالرغم من فارق السن بينهم والمده القصيره التى عاشرتها بها تشعر بجوارها بروح الصديق الحقيقى وخصوصاً بعد اختفاء صديقتها مريم من حياتها دون ابداء اسباب غير انشغالها بالعمل إلى جانب خطبتها ، اعادها من شرودها صوت ايمان تسألها مستفسره :
-حياة !! انا بكلمك .. 

حركت حياة رأسها بأتجاه ايمان تسألها بشرود :
-ها .. قلتى حاجه ..

هزت ايمان رأسها مبتسمه وهى ترمقها بنظره متفهمه :
-انتى مش معايا خالص .. بس عمتا انا كنت بسألك فريد بيه راجع النهارده صح ؟!..

ارتبكت ملامح حياة واومأت برأسها ايماءه خفيفه للغايه فهى لا تعلم بماذا تجيبها فهو لم يتواصل معها منذ تلك الليله ولم يحاول حتى الاطمئنان عليها وليس لديها معلومه عنه زياده عن موظفيه وربما سكرتيرته تعرف تفاصيل عودته اكثر منها 

اثناء شردوها فى تلك الافكار المحزنه التقطت اذنها شئ ما من حديث ايمان يتضمن نجوى وإيطاليا ، انتبهت بكل حواسها  وعادت تسأل ايمان مره اخرى بأستفسار :
-انتى قلتى ايه ؟!.. 

هتفت ايمان بنبره ممازحه تجيبها قائله :
-لاااا انت بجد مش هنا وحالتك بقت صعبه .. انا كنت بقولك وبرضه نجوى هانم هترجع النهارده مع سعيد بيه من إيطاليا .. 

انتفضت حياة تسألها بأمل :
-إيطاليا !!..
اومأت ايمان رأسها لها موافقه ثم اجابتها شارحه :
-اه كلمتنى الصبح تبلغنى ان سعيد بيه والدها راجع معاها النهارده .. 

بدء وجهه حياة يشرق بالسعاده وهى تعاود سؤال ايمان لمزيد من التوضيح :
-هى نجوى مش كانت مسافره إنجلترا ..

حركت ايمان رأسها نافيه بثقه ثم اجابتها قائله بنبره قاطعه :
-لا فريد بيه هو اللى فى لندن بس نجوى هانم سافرت لبباها ومراته الايطاليه هما معظم الوقت عايشين هناك نجوى بس اللى عايشه هنا وبتزورهم من وقت للتانى .. بس واضح ان فى حاجه مهمه عشان كده سعيد بيه نازل معاها .. 

سألتها حياة بترقب كبير وقلبها يضرب سريعاً من شده السعاده :
-ابمان .. انتى متأكده :

-اجابتها ايمان بثقه شديده :
-ايوه .. انا اللى حجزت لها تذكره الطياره والفندق كمان لانها مش بتحب تنزل فى بيت بباها.. 

لمعت عينى حياة وقد عاد الإشراق إليها مره اخرى ولكن سرعان ما عاد لإحباطها مره اخرى فربما قضت ليله هنا وليله هناك ، ومضت بداخل عقلها فكره ستجعلها تطرد الافكار للأبد فغمغمت قائله بلهفه شديده :
-ايمان .. ممكن اطلب منك طلب ؟!.. 

اجابتها ايمان بود شديد :
-طبعا اؤمرينى ..
ازدردت حياة لعابها بقوه ثم قالت بهدوء :
-مش بتقولى انك انتى اللى حجزتى لها الفندق ؟!.. ممكن تكلميهم وتتاكدى انها كانت موجوده امبارح  
.
هزت ايمان رأسها موافقه دون استفسار وشرعت فى فعل ما طلبته زوجه مخدومها على الفور وبعد دقائق عده كانت حياة تتنفس الصعداء بعدما تأكدت من نزول نجوى فى فندق بالعاصمة الايطاليه روما والتى تبعد فى اقل تقدير عن مكان تواجد زوجها الالاف الكيلو مترات .

*************

ظلت حياة تنتظر انتهاء ذلك النهار بفارغ الصبر حتى يتسنى لها رؤيته فعلى حد علمها يجب ان يكون فى المنزل على موعد العشاء وبالطبع قد قررت مصارحته بسوء فهمها او تلاعب نجوى بها لم تستطع الجزم حتى الان ولذلك ستخبره لانها تثق فى رأيه وتعلم جيداً حنكته فى تصريف الامور وقبل ذلك بالطبع سنعتذر منه عن تلك الحماقات التى تفوهت بها تلك الليله . 

عادت إلى المنزل بعد السادسه بقليل فقد كان لديها يوم عمل ممتلئ للغايه وتشعر وكأنها مسئوله مسئوليه تامة فى غيابه عن ابقاء الامور فى نصابها الصحيح ، بدلت ملابسها وعادت للأسفل مرة اخرى فهى تنتوى تحضير الطعام الليله بنفسها وبالفعل بعد مده طويله كانت قد انتهت من إعداد  الاطباق المفضله لديه وصعدت للاعلى للاغتسال وتبديل ملابسها والاستعداد لاستقباله .

نظرت فى المرأه للمره الاخيره للتأكد من مظهرها وعيونها تلمع برضا فقد قامت بتمشيط شعرها الناعم وتركه منسدلاً بحريه فوق كتفيها كما ارتدت كنزه بلون الخردل بأكتاف منخفضة كاشفه عن عنقها بأكمله وعضمتى كتفيها البارزتين مما أعطاها منظر انثوى رائع ، ابتسمت بحنين وهى تتذكر يوم حفله التجديد وهما فى طريقهم لمنزل والده عندما أعطاها أوامر بشكل قاطع وضيق شديد الا ترتدى مثل تلك الملابس الكاشفة مره اخرى خارج المنزل رغم انه هو من قام بأختيار معظمهم على حد علمها ، تنهدت بأشتياق وهى تلقى نظره اخيره على وجهها قبل ركضها للأسفل عند سماعها لصوت محرك سياره داخل حديقه المنزل ، هبطت السلالم بعجاله حتى يتسنى لها استقباله وبالفعل لم يخطأ حدسها فقد كان هو القادم ، ابتسمت له بلهفه واضحه بمجرد رؤيتها له يدلف من الباب الداخلى فبادل تلك الابتسامه بجمود تام ثم أشاح بنظره عنها ، اللعنه على كل ذلك ، الم يكفيه شوقه لها خلال الايام الماضيه رغم رفضها الصريح له لتقف امامه الان بهذا المظهر الفاتن وتتوقع منه ضبط اعصابه !!، هذا ما فكر به بحنق وهو يتجاوزها متسلقاً الدرج ومنه إلى غرفتهم ، تحركت وراءه وتبعته حتى غرفتهم رغم تجاهله التام لها ، التقط هو ملابسه بعصبيه واضحه وهو لايزال يشيح بوجهه عنها ثم صفق باب الخزانه خلفه قبل ان يتجه إلى الحمام لأخذ دشاً بارداً ، زفر بضيق واضح مفكراً بحنق ان هذا اخر ما يطمح له ، فبدلاً من التمتع بدفء جسدها عليه الاغتسال بماء بارد فى ذلك البرد حتى تهدء اعصابه .
خرج بعد قليل فوجدها لازالت واقفه تنتظره ، تنحنت حياة محاوله ايجاد صوتها وشجاعتها لمحادثته فليس خفياً عليها تجاهله الصريح لها ، سألته بنبره متردده ولكن ناعمه للغايه جعلته يسب داخلياً :
-محتاج مساعده ؟!..

رفع رأسه بحده اكثر من اللازم لينظر نحوها ثم اجابها بنبره جافه وهو يقوم بأرتداء ملابسه امامها كأنه غير موجوده :
-لا ..

عضت على شفتيها بحرج وأشاحت بنظرها بعيداً عنه وقد بدءت وجنتيها تتلون وهى تراه يقوم برمى المنشفه التى كانت تحيط بخصره فوق الفراش بلا مبالاه ثم استجمعت جرأتها لتردف حديثها قائله بخجل :
-طيب انا خليت دادا عفاف تحضرلك العشا .. اكيد تعبان ومحتاج تاكل ..

اجابها بنبره خاليه وهو يتحرك من حولها متجهاً نحو الخارج بعدما قام بأرتداء ملابس رياضيه مريحه ومشط شعره الرطب :
-اكلت فى الطياره .. 

زفرت بأحباط وهى تراه يتعامل معها بكل ذلك الجمود فهى كانت تأمل فى التحدث معه عما حدث والاعتذار منه ولكنه لا ينظر حتى نحوها ، توقف امام الباب موجهاً حديثه إليها بنظرات جامده :
-انا نازل الجيم ومش عايز ازعاج من اى حد مهما كان السبب .. 

اندفعت خلفه هاتفه اسمه بلهفه لتوقفه عندما عاود السير مره اخرى فتوقف ببطء مستديراً إليها بضيق ثم نظر نحوها  بنفاذ صبر ليحثها على التحدث بصمت ، تهدلت أكتافها من نظرته البارده نحوها فيبدو انه فعلاً مل منها او الأدق انها لم ترضيه من البدايه ، غمغمت بصوت مختنق كاذبه :
-خلاص مفيش حاجه ..

هز كتفيه بلامبالاه قبل استئناف سيره نحو الدرج ومنه إلى الاسفل ، عادت حياة لغرفتهم وجلست فوق حافه الفراش تبكى بصمت فيبدو ان بوجود نجوى او فى عدم وجودها هى لم ترضيه كأمراة . 

تحركت تبدل ملابسها بعدما أعطت لعفاف امر من خلف الباب المغلق بعدم رغبتها فى تناول الطعام ثم ارتمت فوق الفراش بحزن شديد مستمره فى نحيبها ولم تدرى كم مر من الوقت وهى على تلك الحاله حتى شعرت بحركه ما امام باب غرفتهم ، مسحت دموعها بسرعه شديده ثم اغمضت عينيها متظاهره بالنوم ، دلف فريد للداخل بهدوء شديد وقام بالاغتسال مره اخرى فقد كان يتصبب عرقاً من فرط ممارسته للرياضه ، بدل ملابسه على ضوء مصباح الطاوله الخافت ورغم علمه التام بأستيقاظها الا انها اثر التعامل كما لو انه صدق ادعائها الساذج  للنوم ،  تمدد بظهره على الفراش بجوارها وهو يشعر بالإرهاق فى كل خليه من خلايا جسده آملاً ان يزوره النوم سريعاً بعد كل ذلك المجهود البدنى والعضلى الذى قام به ، القى نظره متفحصه فوق ظهرها الذى كان قبالته  ورغم عدم رؤيته لملامح وجهها الا انه احس بتشنج ملامحها وجسدها ، حبست حياة انفاسها وهى تدعو الله فى صمت ان يمد ذراعه ويأخذها بين احضانه ولكن طال انتظارها حتى سقطت فى نوم حقيقى دون تحقيق أمنيتها .

فى الصباح استيقطت حياة وهى تشعر بدفء ما بجوارها كانت افتقدته بشده فى اليومين الماضيين ، فتحت عينها تستكشف موقعها فإذا بها داخل احضانه مجدداً ولكن تلك المره هى من تلف ذراعها حول خصره وتقترب منه وليس هو كالعاده ، شعرت بالاحباط يتملك منها مره اخرى فحتى احتضانه لها اثناء النوم لم يعد يريده ويبدو انها هى من تسللت اثناء نومها إلى داخل احضانه ، شعرت بالدموع تملئ جفنيها فانسحبت من جواره ببطء متجهه نحو الحمام حتى لا تفضحها دموعها فى اى لحظه ويستيقظ هو على صوت نحيبها وينكشف امرها كله ، انتظر فريد سماع صوت إغلاق باب الحمام خلفها ثم فتح عينيه مطلقاً تنهيده حاره تعبر عما يعتمر داخل صدره من مشاعر متناقضه . 

***********

فى مقر الشركه سار فريد جنباً إلى جنب بجوارها وللمره الاولى لم يكلف نفسه عناء إمساك يدها ، زفرت حياة بضيق وخاصةً وهى ترى تلك الحرباء تتقدم نحوها وتتفرس ملامحهم بتركيز شديد ، التوى فم نجوى بابتسامةً رضا وهى ترى تلك الحاله الجامده التى يسيران بها على عكس العاده وهى تفكر بأنتصار ، يبدو ان مخططها قد نجح وبقوه وحان الان وقت الانتقال للخطوه التاليه فالضرب على الحديد وهو ساخن يعطى افضل النتائج ، حييتهم بأبتسامه واسعه دون التوقف مستأنفه سيرها نحو مكتبها .

فى منتصف اليوم قررت حياة التحدث إليه وعليه تحركت نحو غرفته طالبه من ايمان اخذ الإذن منه للدخول ، دلفت داخل المكتب آمله ان يكون مزاجه قد تحسن قليلاً عن البارحه والصباح ، اغمضت عينيها مستجمعه شجاعتها وهى تقف امامه وتراه خافضاً رأسه نحو الملفات ولم يكلف نفسه عناء النظر نحوها ، هل سيظل يتجاهلها للأبد ؟!، هذا ما فكرت به بحزن وهى تفتح فمها لجذب انتباهه :
-فريد .. لو سمحت عايزه اتكلم معاك فى حاجه ..

رفع رأسه ببطء شديد ثم رمقها بنظره جامده وهو يسألها مستفسراً بنبرته العمليه :
-الحاجه دى بخصوص الشغل ؟!.. 
هزت رأسه نافيه دون حديث ، اردفت يقول لها بأقتضاب شديد :
-مادام مش بخصوص الشغل يبقى متعطليش وقتى ووقتك .. واى حاجه تانيه تقدرى تقوليها فى البيت ..

صمت قليلاً يتأمل أهدابها التى انسدلت فوق عيونها محاوله اخفاء الدموع المترقره بداخلها ثم اضاف بنبره خاليه :
-دلوقتى تقدرى تتفضلى على مكتبك لانك كده معطلانى .. 

انسحبت من امامه على الفور بخطوات واسعه تخشى الانفجار فى البكاء امامه فهى لم تعد تحتمل ذلك الجفاء وخاصةً منه هو . 

دخل غريب رسلان غرفه ابنه كالعاده دون استئذان ، التوت شفتى فريد بضيق ولم يعقب فلم يكن فى مزاج يسمح له بالتعقيب على اى شئ ، تحدث غريب على الفور قائلاً بود واضح :
-حمدلله على السلامه .. 
رد فريد على تحييته قائلا بنزق :
-حمدلله ع السلامه دى وراها حاجه ولا لله وللوطن ؟!..

زفر غريب بحنق شديد وأغمض عينيه لبرُهه محاولاً الاحتفاظ بتعليقه اللاذع بداخل عقله قبل اجابه وريثه الوحيد قائلاً بنفاذ صبر :
-مادام انت عارف ان وراها حاجه يبقى قولى بأختصار .. سافرت ليه ؟!..

نظر فريد نحوه مطولاً حتى شعر غريب انه لن يحصل على اجابه لسؤاله ثم اجاب ببرود وهو يتحرك من مقعده :
-انت عارف انى مش مجبر أجاوبك ..

هز غريب رأسه على مضض موافقاً وهو يبتسم بفخر لم يدرى فريد سببه ثم بدء يقول بهدوء :
-متقولش .. بس انت عارف انى هدور لحد ماعرف .. اصل اللى بيجرى فى دمك ودماغك ده مش من بره .. 

زفر فريد وهو يحرك مقلتيه فى كل اتجاه من اثر الملل فأردف غريب قائلا بجديه :
-بما ان السفريه دى ملهاش علاقه بشغلنا .. أقدر اقول ان ليها علاقه مثلاً بمنصور ؟!..
اتسعت ابتسامه فريد بتهكم ثم اجابه بتحدى :
-بقولك ايه ما تخلى جاسوسك يقولك ويريحك عشان انا معنديش النيه ..

تبدلت ملاح غريب للجديه قبل ان يجيب فريد بحزم :
-شيل منصور من دماغك وسبنى انا أعاقبه بطريقتى ..
حرك فريد رأسه رافضاً بحسم شديد ثم اجابه بأبتسامه شرسه قائلاً بغموض :
-ومين قال انى هاجى جنبه .. منصور لف حبل المشنقه حوالين رقبته .. انا بس هزق الكرسى اللى تحت رجله .

************

فى المساء ظلت حياة تذرع غرفه نومهم ذياباً واياباً بعصبيه فهى لا تستطع الجلوس لأكثر من ذلك وتكتم كل ذلك بداخلها لذلك تحركت مسرعه نحو الاسفل ومنه إلى غرفه الرياضه حيث تعلم جيداً انها بداخلها ، اندفعت تقتحم الغرفه دون استئذان لتجده يلكم كيس الرمل المعلق امامه بقوه كبيره عارياً الصدر ، هرولت تقف امامه متحاشيه كيس الرمل الذى أوشك على صدمها متسائله بحده شديده :
-انت بتعمل ايه بالظبط !!!. 

كان بالفعل قد توقف عن اللكم بمجرد اقتحامها الغرفه ، انحنى بجزعه للامام كى يلتقط انفاسه ثم سألها بحنق وهو يعاود الاستقامه فى وقفته :
-انتى بتعملى ايه هنا ؟!..

اجابته مؤنبه بعدما قامت بوضع يدها فوق خصرها بتأهب :
-انت اللى بتعمل ايه !! وازاى تقلع هدومك كده انت مش حاسس بالبرد !!.. والاهم انك مينفعش تلعب حاجه بالقوه دى وانت من اسبوعين كنت متصاب !!! .. 
رمقها بنظرات غير مباليه وهو يتحرك نحو احد الأركان ليلتقط منشفه صغيره يجفف بها عرقه ، سارت حياه وراءه بغضب شديد وهى تعاود الحديث بعصبيه قائله :
-انا بكلمك على فكره !!..

نظر لها من فوق كتفه ببرود شديد ثم اجابها بأستفزاز قائلاً :
-وانتى بقى الوصيه عليا !! اولاً انا قلت مش عايز حد يزعجنى يعنى كلام يتفهم ويتنفذ .. ثانياً كلامك مش مقبول حاجه منه .. ثالثاً انا حر .. رابعاً اطلعى عشان اكمل ..
عقدت كلنا ذراعيها امام قفصها الصدرى وهى ترمقه بنظرات غاضبه دون الرد على حديثه ، تجاهل هو وجودها وتحرك يلتقط احد الأوزان بين كفيه ثم تحرك بها حيث المقعد وبدء فى التمرن من جديد ، هتفت به حياة قائله بحنق شديد :
-فريد !! انا بكلمك على فكره على الاقل احترمنى واسمع عايزه اقول ايه بما ان حضرتك الصبح بتبقى رجل الاعمال اللى مش فاضى ..
رفع رأسه للاعلى ليرمقها بنظره محذره ثم عاد واخفض رأسه مسلطاً نظراته فوق يده قائلاً بعدم اهتمام :
-عايزه تقولى ايه سامعك ..

هتفت بأسمه من جديد ولكن تلك المره بنبره يائسه ، زفر هو بأستسلام وأغمض عينيه محاولاً التوصل إلى سلامه الداخلى  ثم تحرك ليقف امامها قائلاً بنبره اقل حده :
-قولى وانا سامعك .. 

زفرت مطولاً محاوله استعاده هدوئها ثم قالت مباشرةً وبدون مقدمات :
-انا سمعت نجوى بتتكلم فى الفون مع حد وبتقوله انها مسافره معاك ومش عشان الشغل عشان تتبسطوا سوا بعد ما اتفقت معاك على كده  .. عشان اكون صادقه هى مقالتش كده بالظبط بس كلامها كان إيحاء على كده .. وبعدها سمعتكم وانتوا بتتكلموا قدام مكتبى وبتقولك انها حجزت التذكره زى ما اتفقتوا وانها مستنيه تكون رحله سعيده وتبسطوا بيها ..
تجمدت ملامح فريد لثوانٍ معدوده ولكنه سرعان ما استعاد طبيعته البارده وقال يحثها على الاستمرار :
-وبعدين ؟!!..

اجابته حياة بترقب :
-مفيش بعدين .. انا افتكرت انك مسافر معاها فعلاً وخصوصاً انى طلبت منك تخلينى اسافر معاك وانت رفضت .. وعشان كده كل الكلام البايخ ده ليلتها طلع منى ..
مط فريد شفتيه معاً للامام مكرراً كلمتها وهو يرفع حاجبيه معاً :
-بايخ !!! انتى شايفاه بس بايخ !!.. لا تماااام .. بس معرفتش يعنى ايه اللى غير فكرتك العظيمه دى .. 

اخفضت حياة عينيها بخجل ثم اجابته بخفوت شديد :
-عرفت انها كانت فى ايطاليا مش معاك .. 
تحدث فريد معلقا على اجابتها قائلاً بأستفزاز شديد :
-طب وايه عرفك انى مروحتلهاش ؟!..

شهقت حياة بصدمه ورفعت رأسها بحده ناظره نحوه بعدم تصديق ، ابتسم هو بشراسه قائلاً بقسوه شديده :
-شفتى الموضوع سهل ازاى !! كلها ٣ ساعات بالطياره .. ولو هى مكنتش معايا انا كنت معاها صح !!..
اجابته بنبره متذبذبة :
-انت مش هتعمل كده ..
قاطعها بحده :
-والسبب ؟!.. 
اجابته بصوت متهدج :
-من غير سبب ..
اجابها بجمود :
-غلط اجابتك غلط .. ولحد ما تعرفى الصح انا كنت مع نجوى .. ودلوقتى اطلعى متعطلنيش اكتر من كده ..

تلك المره لم تستطع الهروب من امامه قبل رؤيته دموعها فما تفوه به  كان كثيراً جداً على ان تتحمله لذلك اندفعت نحو الخارج راكضه وهى تشهق بقوه ، اغمض هو عينيه مكوراً يده وضاغطاً بشده عليها حتى ابيضت مفاصله ، لقد قسى عليها كثيراً ولكن على صغيرته ان تتعلم درسها .
انقضى اسبوع تام منذ حديثهم الاخير شعرت حياة خلاله كما لو انها تسير فوق الجمر حافيه القدمين ، فمن جهه العمل كان فريد يتعامل معها بالقسوة التى اشفقت دوماً على موظفيه منها ويبدو ان الاوان قد حان لتتذوق هى منها أيضاً  حتى انها فى معظم الاوقات كانت تبكى داخل حمام العمل بعد تظاهرها بالقوه امامه وكم فكرت خلال ذلك الاسبوع المنصرم بتقديم استقالتها فهى لا تقوى على تحمل ذلك الاسلوب المتسلط منه او من غيره ولكنها كان تتراجع فى اللحظه الاخيره فهى فى الاخير ليست ضعيفه لتهرب من مخاوفها ، اما فى المنزل فكان العكس تماماً فالتجاهل لازال سيد الموقف من جهته ومن اللحظه التى يأخذها من مكتبها تصبح غير مرئيه امامه ، حمداً لله انه لازال محافظاً على اصطحابها من مكتبها ، هذا ما كانت تفكر به بسخريه يومياً وهو يسألها بجمود تام اذا كانت مستعده للرحيل ، اما الليل فكان تحت شعار ليبقى الحال على ما هو عليه ، لم يقترب منها بأى شكل من الاشكال فكانت تقضيه وهى تنتحب بصمت وفى الصباح تجد نفسها مستيقظه بين ذراعيه بنفس الطريقه فيبدو ان جسدها اللعين لم يستوعب بعد انه رافضها حتى يتسلل كل ليله ودون وعى منها ويلتصق به ، وأخيراً عطله نهايه الاسبوع اختفى خلالها من اول النهار حتى اخره حتى انها سقطت غافيه ودموعها تغطى وجنتيها وهى بأنتظار عودته
بأختصار شديد كان اسبوع كالجحيم بالنسبه لها حتى انها بدءت تفقد الوزن بشكل ملحوظ بسبب قله شهيتها وانتفخت عينيها بسبب بكائها المستمر فى العمل والمنزل .. 

************

فى مقر الشركه صارت نجوى جنباً إلى جنب بجانب ابن عمها وهو شاب فى مطلع العشرينات بملامح اجنبيه خالصه من حيث بياض البشره وزرقه العينين  وجسده الرياضى فارع الطول فكان يجذب انتباه الجميع أينما حل بسبب وسامته الفائقة والتى لم تشفع لمن يعرفه جيداً عن سوء اخلاقه والتى لم تكن تختلف كثيراً عن ابنه عمه ، لكزته نجوى بضيق لتجذب انتباهه قائله بنبره خفيضه حانقه وهى تراه يغازل بعينه موظفه الاستقبال :
-سفيان !!!! انا مش جايباك هنا عشان تشقط وتحلو فاهمنى !!! ركز فى اللى اتفقنا عليه ..

اجابها بثقه وهو يبتسم بسذاجه شديده :
-متخافيش هحطها فى جيبى الصغير بس قولى يارب تطلع حلوه عشان الواحد يشتغل بنفس ..
غمغمت نجوى بحقد شديد مجيبه على حديثه :
-لا اطمن من جهه حلوه هى حلوه بس يارب تقدر عليها او على الاقل خليه يشوفها معاك وخلاص .. المهم تخلصنى فاهم !!! .. 

هتف سفيان بحماس شديد ونبره عابثه :
-ايوه بقى يا نوجه هو ده الكلام مادام حلوه سبينى وانا هتصرف ..
زفرت نجوى بضيق وهى ترمقه بنظرات غير واثقه ثم قالت بنزق :
-لما نشووووف شطارتك .. المهم دلوقتى تعالى ندخل المكتب لحد ما اقنع فريد يدربك عشان تفضل قريب منها ويارب يوافق ..

**********

بعد قليل دلفت نجوى الى داخل غرفه فريد بعد سماعها الإذن منه ، نظر نحوها شرزاً وهو يراها تتقدم نحوه محاولاً قدر الامكان ضبط اعصابه فهو يريد لو يطبق على عنقها من شده غيظه او على اقل تقدير طردها خارج المؤسسه بأكملها وليحدث ما يحدث مع شراكه والدها خاصةً بعد بخ سمها داخل عقل زوجته الساذجة ولكن صبراً فنجوى على وشك كتب نهايتها بنفسها خصوصاً وان خيوط تتبعه لتلك المدعوه سيرين بدءت تتجمع عند قدم نجوى وقد اقسم بكل ما يملك اذا اتضح تورطها فى حادثه التسمم سيجعلها تعانى مما عانت منه حياته وحتى ذلك الوقت سيتظاهر بعدم معرفته لاى شئ مما يحدث لتعليم حبيبته كيف تثق بِه من جهه ويترك المساحه كامله  لنجوى للوقوع فى الخطأ من جهةً اخرى ، لذلك سألها بنبره عدائية مستفسراً :
-قولى اللى عندك بسرعه عشان مش فاضيلك ..

تظاهرت نجوى بالحزن وردت على جملته بدلال شديد :
-ليه كده يا بيبى بس ..
هتف فريد بها بقوه جعلتها تتراجع للخلف خوفاً :
-نجوووووى !!! مش فايقلك على فكره ..

اندفعت تجيبه بلهفه واضحه :
-خلاص خلاص مش قصدى .. انا بس كنت عايزه اطلب منك حاجه .. 
زفر فريد بنفاذ صبر دون تعليق فأردفت نجوى قائله بترقب شديد :
-سفيان ابن عمى .. عقله رجعله وقرر انه يشتغل ويبدء حياته وطلب منى انه يدرب فى الشركه هنا ..

هتف فريد بأحتقار وقد تجعدت ملامحه اشمئزازاً قائلاً :
-سيفان !! العيل اللى بيريل على كل ة مربوطه !! عايز يدرب هنا ؟!.. 
اجابته نجوى متوسله ومتصنعه البراءه :
-اه والله ده عقل خالص وعايز يبقى راجل ومحدش يقدر يخليه كده غيرك .. ده هو بنفسه طلب يدرب تحت ايديك عشان تتاكد انه اتغير فبليييز يا فريد وافق وانا هضمنه .. 

نظر فريد نحوها مطولاً دون اجابه فأردفت نجوى قائله بتوسل :
-طب حتى جربه كام يوم بس..

لوى فريد فمه متشككاً ثم قال بنبرته الجامده :
-خليه يجى وهيكون تحت مراقبتى .. بس ورحمه امى يا نجوى لو بص لموظفه مش هرحمه وانتى معاه .. فاهمه
اجابته نجوى بسعاده واضحه :
-حاضر حاضر .. هو قاعد فى مكتبى مستنى موافقتك هروح ابلغه ..

فى تلك اللحظه دلفت حياة حامله بيدها ذلك الملف والذى طلب فريد إحضاره بنفسها ، خطت للداخل بتوتر ونظرها مثبت على الارضيه الخشبيه تتجنب النظر نحوه وهى تدعو الله الا يتعنت معها كما كان يفعل فى الايام السابقه ولم تكن تدرى تلك الحمقاء انه كان يشتاق إليها وكانت الوسيلة الوحيده التى امامه هو استدعائها يومياً والتمتع بها امام ناظريه بحجه انه يريد مراجعه الملفات وهى جالسه امامه ، التوى فم نجوى بأبتسامه ماكره وقد قررت تنفيذ ما جال بخاطرها سواء خاب او صاب سعيها فلن يضر مخططها فى شئ ، انتبهت حياة والتى لم ترفع نظرها عن الارضيه الخشبيه بكل حواسها عند سماعها صوت نجوى يقول بدلال شديد :
-ايه رأيك يا فريد نخلى حياة تدربه ؟!.. المعروف انه حياة شاطره اوى فى الحسابات وهتعرف تعلمه كويس ..

نظرت حياة نحوها شرزاً وقد بدء الغضب يتملك منها بسبب نبرتها المدللة والتى تحدثه بها ثم أيضاً ما سبب وجودها هنا من الاساس !!، فتحت فمها على اتساعه لتجيبها بتعليق لاذع قبل اندفاعها خارج الغرفه ولكن جعلها تتراجع رد فعل فريد الذى اندفع من مقعده قائلاً بحده رداً على سؤال نجوى :
-ملكيش فيه واحمدى ربنا انى هخلى حد يدربه اصلاً .. مراتى خط احمر فاهمه ؟!.. 

تباينت مشاعر حياة ما بين السعاده من طريقته الحاده فى التعامل معها وسماع كلمه "مراتى " من فمه وما بين فضولها لمعرفه اصل الموضوع ومن ذلك المجهول الذى يثير حنقه حتى فى غيابه !! ، بالطبع انتصر فضولها اخيراً مع فكره ما نبضت بداخل عقلها ربما تثير رضاها فى اخر الطريق لذلك ورغماً عنها اجبرت نفسها على توجيهه سؤالها لنجوى مستفسره ومتجاهله نظره فريد المحذره نحوها :
-مين ده اللى عايزانى ادربه ؟!.. 

اتظاهرت نجوى بالحزن وهى تجيب حياة متصنعه المسكنه :
-ده ابن عمى يا حياة .. عايز يدرب هنا عشان الشهاده تساعده فى الشغل بس فريد مش راضى انك تدربيه مع انه كله لله .. 

هدر فريد بنجوى محذراً للمره الاخيره :
-نجووووى !!! قلتلك حياة لا احسنلك .. 
اندفعت حياة تقاطعه وقد قررت اثاره حنقه كما يفعل معها فى الايام الماضيه :
-انا معنديش مشكله أساعده مادام هو عايز يتعلم يسألنى فى اى حاجه وانا ان شاء الله هكون معاه .. 

تحرك فريد من خلف مكتبه حتى وقف امامها ينظر نحوها بغضب شديد لم يخفى عن نجوى ولا عنها والذى جعلها تتراجع للخلف خطوتين ، تحدث موجهاً حديثه لنجوى وهو لازال ينظر نحو حياة من علياءه :
-نجوى .. اطلعى بره .. 

فتحت نجوى فمها للاعتراض ولكن فريد لم يمهلها وقت للاعتراض فقد عاد جملته بلهجه اقوى :
-قلت اطلعى بره ..

هزت نجوى رأسها موافقه قبل تحركها نحو الخارج مسرعه وبمجرد اغلاقها لباب مكتبه خلفها أردف هو يقول بنبره عصبيه :
-هو اللى انا بقوله مبيتسمعش ليه !!!.. انا مش قلت انتى لا ؟!..

سألته بنبره بارده لم يتوقع صدورها منها فى ذلك الوقت تحديداً ولم يعلم انها كانت تفعل ذلك فقط لاستفزازه :
-مانا مش فاهمه السبب عشان أوافق على كلامك !!..

هدر بها بعصبيه شديده جعلتها ترتجف داخلياً رغم ثباتها الهش قائلاً بحزم :
-من غير اسباب ومن غير شرح واللى قلته هيتنفذ بالحرف الواحد .. 

رفعت حياة رأسها بتحدى وهى تعقد ذراعيها امام قفصها الصدرى كعادتها والتى يحفظها عن ظهر قلب لتقول بأصرار غريب لا يتناسب من صغر حجمها :
-طب تمام ومادام من غير اسباب انا هساعده لحد ما تقرر انى انسانه المفروض تتناقش معاها وان من حقها تعرف أسبابك ..

***********

فى ذلك الوقت ركضت نجوى فى اتجاه غرفتها تبحث بعينيها عن ابن عمها ، اندفعت فى اتجاه تسحبه من فوق ذلك المقعد الوثير والذى كان يجلس بأريحية شديده قائله من بين انفاسها اللاهثه :
-قوم تعالى معايا بسرعه .. 

سألها سفيان ببرود شديد وهى تسحبه خلفها فى اتجاه غرفه فريد مره اخرى :
-ايه فى ايه مالك ؟!..
اجابته نجوى بنزق شديد :
-تعالى متضيعش وقت هى دلوقتى فى اوضته احسن حاجه انك تقابلها اول مره قدامه ..

تأفف سفيان بملل شديد وقد بدء يضيق ذرعاً من تحكمات ابنه عمه الغريبه خاصةً وهى تجره خلفها مثل الذبيحه غير عابئه بمظهره امام موظفى الشركه وخاصةً الإناث منهم .

**********

هتف فريد بها محذراً وهو يضغط فوق اسنانه بقوه حتى بدء عرقه فى الظهور :
-حيااااااااة ..

اندفعت حياة تقاطعه متسائله بغضب شديد وقد فقدت السيطره على لجام لسانها :
-ايه حياة !!.. فهمنى كده بالظبط المفروض حياة تعمل ايه !!!.. حضرتك بقالك ١٠ ايام متجاهلنى تماماً كأنى فراغ قدامك .. ودلوقتى لما حصلت حاجه مش على هواك افتكرت تتعطف عليا وتوجهلى كلام !! وياريته كلام ده أمر !! وقصاد مين !!! تقدر تقولى كان رد فعلك ايه على الكلام اللى قلتهولك !! اقولك انا رد فعلك الوحيد انك مش هاين عليك حتى توجهلى كلام فى الوقت اللى الست هانم بتاعتك قاعده فى مكتبك عادى جداً !! متقولش حياة بقى لان حياة مش هتعمل غير اللى هى عايزاه مادام انت تخليت عنى وزهقت منى !!..

انهت حديثها وصدرها يعلو ويهبط من اثر الانفعال وبدءت عيونها تلمع بالدموع ، اما عنه هو فقد صُدم من رد فعلها وظل ينظر نحوها دون تعقيب ، تلك الحمقاء التى يريد ضمها بين ذراعيه واخفائها داخل ضلوعه لا تعلم انه يتعذب اكثر منها !!، لا تعلم انه يظل مستيقظاً كل ليله حتى يتأكد من ذهابها فى النوم ثم يأخذها بين ذراعيه حتى لا ينكث بوعده معها الا تنام يوماً بعيده عن احضانه او الاصدق انه لم يعد يتخيل ليله واحده يقضيها دون الاطمئنان وهى بجوار قلبه ، وانه فقط يمنعها من ذلك الفاسق لانه يغار عليها حد الجنون !!

فتح فريد فمه ليجيبها فى نفس اللحظه التى سمع بها عده طرقات فوق باب مكتبه يليها دخول نجوى مره اخرى ولكن تلك المره ليست بمفردها فخلفها يدلف ذلك الكائن السمج الملقب يسفيان ، جز فريد فوق اسنانه وهو يـطلق سباب خارج جعل حياة رغم تحفزها الشديد تبتسم رغماً عنها لمجرد معرفتها ان تلك السبه تخص نجوى ، لاحظ هو تلك الابتسامه فأخفض رأسه يهمس داخل اذنيها وهو يجرها لتقف خلفه :
-متضحكيش والواد الملزق ده هنا .. 

ابتسم برضا بعد إنهاء أمره خاصةً وهو يراها تهز رأسها لها موافقه بخضوع تام ، انها حمقاء ، من المؤكد انها حمقاء فبمجرد شعورها بأنفاسه الحاره تلفح وجهها تلاشى كل غضبها منه ، هذا ما فكرت به مؤنبه نفسها على استسلامها التام له وهو يحرك كفه ليتلمس كفها ويحتضنه فى تملك ، شعور غريب بالدفء تملك منها بمجرد تشابك أصابعها مع أصابعه كأن كل إصبع قد اشتاق لصاحبه لذلك وجدت نفسها دون وعى منها تميل برأسها لتستند على كتفه بهدوء تام غير عابئه بوجود احد غيره بالغرفه حتى ان حديثهم الدائر بينهم لم يلتقط عقلها منه شئ ، قاوم فريد اغراء شديد بطرد هذان المتطفلان من امامه وجذب كامل جسدها داخل احضانه وليس فقط كفها ورأسها ولكنه عاد لتعقله فهو يعلم جيداً ان فى اللحظه التى ستخرج نجوى من تلك الغرفه سيضطر للابتعاد عنها لذلك حاول قدر الامكان أطاله ذلك الحديث الملل موجهاً حديثه لنجوى ومتسائلاً بجمود :
-انا مش قلتلك من كام دقيقه اطلعى بره ؟!.. 

ابتعلت نجوى تلك الاهانه القويه منه كأنها لم تسمعها واردفت تقول مفسره :
-اصل سفيان كان هنا وطلب منى يشكرك بنفسه على قبولك تدريبه معانا فقلت انتهز الفرصه ويشكرك دلوقتى وانت موجود عشان تتأكد من التزامه .. 

صدقاً وحقاً ان إسناد رأسها فوق كتفه والدفء الذى يتسلل له من خلال كفها المتشبث به بقوه دون وعى منها هو الشئ الوحيد الذى يمنعه من الاندفاع ولكم ذلك الكائن اللزج فوق فمه لمحو تلك الابتسامه التى يوجهها لحياته ، زفر فريد بنفاذ صبر عند سماعه صوته المزعج موجهاً حديثه له بعدما قامت نجوى بلكزه فى مرفقه لتحثه على الحديث :
-اه طبعاً شكراً يا فريد على الفرصه دى .. وكمان عايز اشكر مدام حياة نجوى قالتلى انها وافقت تدربنى .. 

قاطع فريد حديثه قائلاً بنبره قاطعه :
-طول مانت هنا اسمى فريد بيه .. اما كلام نجوى ده تبله وتشرب مايته مراتى مبتدربش حد وخصوصاً انت .. ودلوقتى تقدر تروح تسأل على استاذ داوُد موظف فى الحسابات وهو هيقولك تعمل ايه .. اخر حاجه بقى اقسم بالله لو شفتك بتدلع ولا بتستهبل مع حد هنا ولا هنا وانت فاهم قصدى لهتشوف حاجه مش هتعجبك لا انت ولا هيا ودلوقتى هاوينى عشان عندى شغل .. 

نظر سفيان نحوه شرزاً دون القدره على الاعتراض اما نجوى فقد ضربت الارض بقدميها غيطاً وهى تتحرك نحو الخارج فتلك هى المره الثانيه التى يطردها فيها فى اقل من ساعه ، 
فى الخارج هتف سفيان بحنق واضح قائلاً بصوت خفيض حتى لا يصل إلى مسامع احد :
-بنى ادم مغرور ولا يُطاق .. انا مش عارف عاجبك فيه ايه ده ؟!..
قاطعته نجوى مسرعه وهى تتلفت حولها للتأكد من عدم استماع احد لجملته :
-شششش .. ايه وطى صوتك هتفضحنا .. وبعدين بدل مانت مركز معاه ركز مع بت الشغاله دى ده المهم عندى ..

حك سفيان فروه رأسه بكف يده ناظراً إلى الفراغ ببلاهه ثم استطرد يقول مفكراً :
-لا بس البت تستاهل اييييه يا نوجه .. حته ماكينه ولا عليها جوز عيون ليه حق يرميكى عشانها ..

صرخت نجوى به بغيظ وهى تلكمه بقوه فوق ذراعه وساقه مغمغه بحنق :
-انا غلطانه انتى جبت واحد حقير زيك يساعدنى .. انت عارف لو معرفتش تعمل اللى انا عايزاه والله لاخد حقى منك قبل فريد ..

هتف سفيان بنزق منهياً تهديدها :
-خلااااص هشتغل اهو بس مش عشان شويه الملاليم اللى عطتهوملى دول لا .. عشان احرق قلب البيه بتاعك بس قولى يارب هى تلين معايا ..

**********

إلى متى سيستمر ذلك الجحيم !!! هذا ما تسائلت به حياة وهى تعود لتجلس على مقعد مكتبها بعدما عادت من غرفه مكتبه لأيصال احد الملفات كعادتها فى الاسبوعين المنصرمين ، لقد ظنت بعد انتهاء مقابلته مع ذلك المدعو سفيان ابن عم الحرباء وانفجارها قبله ان تجاهله لها سينتهى ولكن خاب ظنها ، لقد عاد لقوقعته من جديد ، زفرت بقله حيله وهى تعود وترتمى بجسدها فوق ظهر مقعدها بأحباط ، حسناً لقد اخطأت كثيراً عندما وصفت ما حدث بينهم بالخطأ وقد اعترفت بذلك بالفعل وارادت الاعتذار منه ولم يعطها حتى الفرصه لذلك ، هل يعلم ذلك العنيد إلى اى درجه اشتاقت إليه ، اشتاقت إلى صوته ونظرته ولمسته حتى غضبه قد اشتاقت إليه ، اشتاقت إليه لدرجه جعلتها تغفل عن  اعترافه بوجوده مع امرأه اخرى ، ان تتناسى انه قال بكل صراحةً انها لم تعد تعنيه كأنثى ، هل من المعقول ان يظل الحال بينهم هكذا للأبد ؟!، هل تأخرت فى اكتشاف حبه بداخلها ؟!، تنهدت بحزن وهى تستند بمرفقها فوق سطح المكتب ، لقد انتظرها مطولاً وعندما ارادت هى الاخرى قربه كان قد سأم منها ،. ايوجد أشقى منها حظاً ، كما ان تصرفات ذلك المدعو سفيان بدءت تقلقها ، ففى اليومين السابقين كان ينتهز كل فرصه تقابله للحديث معها والاقتراب منها بطريقه غير مريحه على الاطلاق ، حتى انها فكرت فى اخبار فريد فقد بدء الامر يزعجها كثيراً ويبدو انه كان محقاً فى ابعادها عنه ، لو انه فقط يتحدث إليها لكانت باحت له بما يقلقها .

***********

فى اليوم التالى وأثناء سير حياة فى الممر المؤدى لمكتب ايمان والتى باتت تقضى استراحتها معاً يومياً وخاصةً ان مكتب فريد اصبح محذوراً عليها الا اذا أرسل فى طلبها هو فوجئت بذلك المدعو سفيان يخرج امامها من العدم ، شهقت حياة بفزع وارتدت للوراء عده خطوات لترك مسافه مناسبه بينهم الا انه اختصرها فى خطوتين وعاد يلتصق بها مرةً اخرى ، زفرت بضيق شديد وهى تحاول دفعه بيدها قائله من بين أسنانها :
-على فكره ده رابع تحذير ليك فى يومين .. لو متحترمتش المسافه اللى بينى وبينك بعد كده مش هيحصل كويس .. ماشى ؟!.. 
قهقهه سفيان بأستهزاء استفزها ثم رد على حديثها بنبره لا مباليه قائلاً وهو يحنى رأسه فى اتجاهها :
-ما تسيبك من الجو ده بقى قديم اوى وتفكيها شويه وكده كده مفيش حد شايفنا .. 
أردف يقول بتلميح ماجن وهو يحاول الصاق جسده بجسدها :
-ثم انى احب اوى اعرف الجميل ده ممكن يعمل معايا ايه ..

دفعته حياة بكل ما أوتيت من قوه وهى ترمقه بنظرات احتقار جليه ثم ركضت فى اتجاه غرفه فريد وقد عزمت النيه على اخباره بمضايقات ذلك الفاسق وليحدث ما يحدث له ، وصلت إلى باب غرفته وهى لازالت ترتجف ولحسن حظها لم تجد ايمان خلف مقعدها فتحركت تجلس على احد المقاعد الوثيره الموضوعه كأستقبال لضيوف فريد تلتقط انفاسها وتهدء من روعها قبل الدخول إليه وفعلا بعد عده دقائق كانت استعادت هدوئها وتوقف ارتجاف جسدها فتحركت تطرق باب غرفته منتظره سماع اذنه بالدخول 

دلفت بتردد شديد لا تعلم رد فعله ولكن ما هى واثقه منه ان فريدها سيحميها مهما كلفه الامر ، اما هو فكان يدفن رأسه بين كوم من الملفات الموضوعه امامه ، سألها بتركيز شديد بعدما رفع رأسه ينظر من القادم وقد لاحظ قلق نظراتها :
-حياة ؟! فى حاجه !!!.. 
فركت كفيها معاً بتوتر ثم تحدثت بنبره متردده :
-شكلك مشغول .. 

سألها بعدم تركيز وهو يرفع هاتفه الذى صدع رنينه داخل أركان الغرفه رافضاً المكالمه :
-فى حاجه ؟!.. 
هزت رأسها موافقه ثم اجابته بهدوء شديد لم تدرى من اين جائها :
-اه .. كنت عايزه اتكلم معاك فى حاجه ..

عاد رنين هاتفه يملأ الغرفه مره اخرى لذلك اردفت تقول بأحباط :
-شكلك مشغول .. خلاص خلينا نتكلم وقت تانى ..
ظل ينظر نحوها محاولاً التوصل لقرار خاصةً وهو يرى عبوس وجهها وذلك الضيق الشديد الذى يكسو ملامحها ، هل  ستتحدث معه فى موضوع نجوى وسفره مره ثانيه ؟!، قطع افكاره صوت نغمه هاتفه للمره الثالثه فزفر بضيق وقد توصل لقراره ثم اجابها معتذراً :
-حياة معلش .. لو ينفع نستنى لحد بليل .. وعد هسمعك .. 

حركت رأسها موافقه بجمود ومحاوله اخفاء حزنها قبل تحركها للخارج وعودتها إلى غرفتها .

فى شاشه مراقبته ظل هو يتأملها كعادته فى الايام السابقه فهى تظنه لم يعد يراها ولا تعلم ان منذ شجارهم وقد طلب من مسئول الصيانه بتشغيل كاميرة غرفتها على الشاشه التى بغرفته حتى يتسنى له رؤيتها اطول وقت ممكن ، لماذا يشعر بالقلق يتأكله منذ حديثها معه وايضاً منذ عودتها لغرفتها وهى تجلس جامدة هكذا دون حراك ، تململ فى مقعده وقد اتخذ قراره سيذهب إليها وليذهب كبريائه للجحيم 

على باب غرفته أوقفته ايمان بكم جديد من الملفات بين يديها مغمغه بجديه:
-فريد بيه .. غريب بيه بعت لحضرتك الملفات دى وبيبلغك انها لازم تتراجع حالاً عشان تروح للبنك  ..

هز فريد رأسه موافقاً بلامبالاة وهو يعاود التحرك نحو الخارج فأردفت ايمان تقول بتوسل شديد :
-فريد بيه لو سمحت .. المندوب مستنى تحت عشان نلحق النهارده ..

لعن فريد بخفوت وهو يعاود الدخول لمكتبه ملتقطاً الملفات من بين يديها بحنق شديد ثم عاد ليجلس خلف مقعده غارقاً فى عمله الذى لا ينتهى بعدما القى نظره اخيره مشتاقة يطمئن عليها من خلال شاشته .

*************

فى المساء تنهدت حياة بحزن شديد شاعره بذلك الاحباط يتملك منها مره اخرى فها هى تنتظر منذ الصباح  ان يعاود سؤالها عن ذلك الموضوع الهام الذى ارادت ابلاغه به والذى وعدها ان يتحدثا به فى المساء وهاهى الساعه قد تجاوزت العاشره مساءاً ولم يظهر ولم يبعث فى طلبها حتى ، زفرت مره اخرى بحيره وهى تتسائل داخلياً هل عليها ابلاغه بتجاوزات ذلك المدعو سفيان والتى زادت عن حد احتمالها خلال اليوم المنصرم ام تتعامل معه بمفردها ، لوت فمها بتهكم مرير وهى تفكر بأسى ، لماذا ترهق ذهنها بتفكير قد علمت اجابته مسبقاً فلو كان فريد يهتم بها ولو قليلاً لعاد ليستبين منها ، ترقرت الدموع داخل عينيها فرغم كل شئ حدث بينهم لم تكن تتوقع فى اسوء خيالاتها ان يتركها وحيدة هكذا بدونه ، مسحت دمعه واحده سقطت عنوه من جفنها ثم تحركت نحو خزانه ملابسها وقد قررت استغلال فرصه انشغاله بالعمل واستخدام غرفه الرياضه عل وعسى تفرغ بها شحنتها السلبيه .

***********

اما عن فريد فقد فرك عينيه بأرهاق شديد وهو يتمطى داخل مقعد مكتبه الوثير بعدما انتهى من كافه الترتيبات اللازمه لذلك الموعد الهام بعد الغد ، تنهد بأرتياح وأخيراً سينتهى من ذلك الحمل الذى اتعب كاهله لسنوات وبعدها فليتفرغ لتلك المدعوه نجوى وينتهى منها هى الاخرى للأبد ليهنأ بعدها بحياته ، اه من حياته تلك الحمقاء العنيده والتى تأبى ان تسعده بسماع كلمه الثقه من بين شفتيها ، لقد أوشك على الاستسلام امامها وهى لازالت ترفض حتى الاعتذار ، اتسعت مقلتيه على آخرهما وهو يتذكر وعده لها ، اللعنه عليه وعلى عمله ، انتفض من مجلسه مهرولاً نحو الخارج  متذكراً وعده لها لمناقشه ذلك الامر الهام الذى جاءت فى طلبه فى الصباح والذى نساه تماماً فى خضم اعماله التى لا تنتهى ، توجهه مباشرةً نحو غرفته يبحث بعينه عنها ولم يجدها ، عاد للأسفل مره اخرى متجهاً إلى المطبخ عل وعسى يجدها تتناول عشائها والذى رفضت مشاركته به منذ عده ساعات ، زفر بضيق بعدما جال بعينيه داخل المطبخ الفارغ مستفسراً من السيده عفاف :
-عفاف .. حياة فين ؟!..
اجابته عفاف بقلق :
-هى مش فى اوضتها ؟!.

ضغط على شفتيه بضيق ثم سألها بأقتضاب مره اخرى :
-يعنى منزلتش تاكل ؟!..
اجابته عفاف وهى تحرك رأسها نافيه :
-لا خالص حتى طلعت بنفسى اسألها لو محتاجه حاجه ومردتش خالص ..

حرك رأسه متفهماً بنفاذ صبر ثم خرج من المطبخ سريعاً وأثناء تحركه فى اتجاه الحديقه لمح ضوء خافت يتسرب من عقب باب صالته الرياضيه ، هرول بلهفه نحوها متمنياً الا يصدق حدسه فى تهورها ، دفع باب الغرفه متجولاً بنظره داخلها ليلمحها تتمرن على أله الجرى ، زفر بضيق وهو يركض نحوها متسائلاً بقلق وهو يقف قبالتها :
-انتى اكلتى حاجه قبل ما تشغلى الزفت ده !!..

لم تجيبه ولم تنظر نحوه من الاساس كل ما فعلته انها زادت من سرعه الاله التى امامها رغم شعورها المتزايد بالإرهاق ، لم يكن بحاجه لسماع ردها فأجابه سؤاله تبدو واضحه من ملامح وجهها وشفاها الشاحبه ، لعن بضيق وهو يغمغم امرآ بجديه شديده :
-حياة طفى الجهاز وانزلى ..

حركت رأسها تنظر نحوه ببطء شديد ثم عادت برأسها تنظر امامها مره اخرى وأصابعها تزيد من سرعه الاله لتستفزه ، هدر بها مره اخرى بعصبيه شديده :
-حيااااااااة طفى الزفت ده وانزلى .. 

ضغطت على زر السرعه عده مرات متتالية وهى تصرخ به وقد فاض الكيل بها :
-ملكش دعوووووه .. ومش هطفى الجهاز ومتدخلش فى اى حاجه بعملها ..

مرر كفيه فوق وجهه بتصلب شديد وقد بدء الاحمرار يكسو وجهه من شده الغضب فتلك الحمقاء لم تتناول شئ منذ الصباح وتلك الاله تصل سرعتها لحوالى عشرين كيلو متراً فى الساعه وجسدها ابداً لن يتحمل ذلك المجهود دون طعام وخاصةً انها لم تتعامل مع تلك السرعه من قبل والتى أصبحت تزيدها بشكل جنونى نكايه به ، هتف بها للمره الاخيره مهدداً وهو يركل الاله بعنف شديد:
-طفيها وانزلى بدل ما أطفيها انا ومش ههتم انك ممكن تقعى من عليها .. 

نظرت إليه من بين دموعها التى بدءت تتجمع وتشوش الرؤيه حولها غير عابئه بذلك الدوار الذى بدء يجتاحها من شده الركض ، ضيق عينيه حولها وقد بدء يلاحظ ترنح جسدها امامه ، انحنى بترقب يلتقط سترتها والتى ألقت بها على الارضيه  وعينيه لازالت تتابعها بأهتمام فهو متأكد من سقوطها لا محاله ، اعتدل بجزعه سريعاً وفى اللحظه التاليه كان يقف خلفها يلتقط جسدها بين ذراعيه ويحول بينها وبين السقوط من فوق الاله ، اغمضت عينيها قليلاً محاوله استعاده قوتها ومحاربه ذلك الشعور القوى بالإعياء ، أدارها هو فى اتجاهه وأسند رأسها فوق صدره داعماً جسدها بيد واحده اما الاخرى فكان يحاول إلباسها تلك الستره الرياضيه ذات الأكمام لسببين مترابطين الاول حتى لا تصاب بالبرد والثانى لإخفاء  جسدها عن نظره حتى لا يتهور خاصةً وهى شبهه فاقده للوعى فيكفيه ذلك البنطال الدى ترتديه والذى يكشف مفاتن جسدها كامله ، انه حقاً لا يعلم اين يذهب كل ذلك الطعام الذى تلتهمه فلو لم يكن جسدها متناسقاً لذلك الحد لكانت مقاومته اكثر قوه ، رفعها بين ذراعيه بسهوله شديده متوجهاً بها نحو المقعد المنخفض والموضوع بداخل الغرفه بعدما التقط عده قطع من اصابع الطاقه المغلفه من فوق احد الرفوف والتى يستخدمها قبل بدء تمريناته ثم جلس بها وهى داخل احضانه بأستكانه شديده ، سألها بصوته الاجش بنبره حانيه خفيضه :
-حياة تقدرى ترفعى رأسك ..

هزت رأسها موافقه بوهن شديد وقد بدءت تستعيد الرؤيه الواضحه مره اخرى ، تنهد بأرتياح ثم أردف يقول بنفس نبرته الحانيه :
-طيب ممكن ترفعى رأسك على كتفى عشان تعرفى تأكلى البتاع ده ..

أطاعته على الفور وحركت رأسها فى أليه شديده ترتاح برأسها فوق كتفه وتتلمس منه القوه ، اخرج احدى بارات الطاقه من مغلفه وبدء يطعمها إياه واحد يلو الاخر ببطء شديد مغمغاً بنبره ناعمه للغايه :
-انتى عارفه انك مجنونه وقربتى تجنينى معاكى .. نفسى تبطلى عندِك ده .. 

لم تعلم ان كان حديثه حب ام عتاب فهى لم تعد واثقه من اى شئ الان الا انها تحبه حد الجنون ورغم إحباطها وحزنها منه تريد المكوث هنا بداخل احضانه ما تبقى من عمرها بصرف النظر عما كان او سيكون ولكنها أيضاً لا تريد شفقته هى فقط تريد حبه ليس إلا ، لا تريد اهتمامه المدفوع بالشعور بالذنب لذلك وبمجرد شعورها ببعض القوه دفعت يده من حول خصرها وتحركت بخطوات متمهله إلى حيث غرفتها لتستلقى فوق فراشها تاركه لدموعها العنان 

تبعها فريد داخل الغرفه فوجدها متكوره فوق الفراش وهى تبكى بصمت ، لعن نفسه داخلياً فهو المتسبب الوحيد بحزنها ، تحرك داخل الغرفه بهدوء شديد وقام بتبديل ملابسه ثم استلقى بجوارها داخل الفراش ومد يده يجذبها نحوه حتى تلتصق به ، رفعت هى كلتا كفيها تفك حصار ذراعيه من فوق خصرها بغيه الابتعاد عنه ، فشدد هو من لف ذراعيه حول خصرها جاذبها اكثر ليلتصق ظهرها بجسده ثم بدء فى تقبيل عنقها من نهايه شعرها حتى وصل لبدايه كتفها ، ارتجف جسدها بأرتعاشه خفيفه من اثر قبلاته الناعمه ووجدت جسدها لا ارادياً يتحرك اكثر ليلتحم بجسده ، امتدت قبلاته حتى وصل إلى شحمه اذنها قام بقضمها بخفه  ثم هتف داخل اذنها قائلاً بنبره هامسه للغايه :
-انا تعبان وعايز انام ومش هقدر استنى لحد ما تنامى زى كل يوم عشان اخدك فى حضنى .. ممكن تيجى من دلوقتى ..

شهقت بصدمه والتفت تنظر نحوه من فوق كتفها بذهول ، هز هو رأسه ببطء شديد مؤكداً حديثه ثم همس ثانيةً وهو يطبع قبلتين على طرف فمها :
-هو انا مش واعدك قبل كده مش هتنامى غير فى حضنى ولا انتى مش بتثقى فى كلامى كمان !!..

اخفضت جفنيها بخجل من تلميحه وهى تعض فوق شفتيها تحاول ايجاد صوتها لتجيبه فأردف هو يقول بنبره مرحه :
-لا قررى يا اما هتيجى دلوقتى يا اما هستناكى تنامى وهسحبك جواه برضه خصوصاً وانتى نومك تقيل كده ومش بتحسى بحاجه يعنى هاخد راحتى معاكى على الاخر ..

انهى جملته وهو يغمز لها مما جعل الدماء تندفع لوجنتيها خاصةً ويده تعبث بجسدها بحريه ، عبس فريد قائلاً بنبره ماكره :
-حياة !!! انتى  بقالك ساعه مش بتنطقى ورينى اتاكد كده ان لسانك لسه موجود !!.. 

بدءت ابتسامتها تتسع تلقائياً وهمت بفتح فمها فعلياً ولكنها ادركت ما يرمى إليه فى اللحظه الاخيره فأطبقت شفتيها بقوه وهى تنظر نحوه بحنق ، قهقهه هو على سذاجتها وسحبها بين احضانه قائلاً بهيام شديد :
-عادى هعرف اخد حقى بطريقتى وعلى مهلى كمان .. بس دلوقتى انا مقتول نوم وانتى فى حضنى كده .. 

تحركت هى الاخرى تتنهد براحه وهى تدفن رأسها داخل تجويف عنقه حيث مكانها المفضل والذى اشتاقته كثيراً فى الايام الماضيه غير عابئه بصوت كرامتها والذى يضرب داخل عقلها بقوه آمرها بالابتعاد عنه .
فتحت حياة عينيها فى الصباح وهى تبتسم ببلاهه مستمتعه بذلك الدفء العجيب المتسلل لجسدها والذى افتقدته بشده خلال الايام السابقه ، هو محق وهى حمقاء فلو كانت هى من تندس بداخل احضانه كل ليله لكانت اختفت فى ثنايا عنقه كما تحب وتفعل عادة ولكنه هو من يحب توسدها لصدره واسناد رأسه فوق شعرها ، تنهدت بوله شديد منتشيه بذلك الاعتراف الليلى وحفاظه على وعده حتى فى خصامهم ، قاومت اغراء شديد فى التهور وتقبيل حنجرته التى امام فمها الان فرغم كل شئ هناك جزء صغير منها لازال يأن بسبب كرامته ويتذكر بوضوح كلماته الجارحة لأنوثتها لذلك انسحبت من بين ذراعيه بهدوء شديد متجهه إلى الحمام لتبدء يوم جديد تتمنى ان يكون مختلف عن سابقه من حيث تعامل فريد ووقاحه سفيان 

وبعد فتره لا بأس بها وقفت حياة امام خزانه ملابسها الضخمه تحاول انتقاء شئ ما لارتدائه وأثناء ذلك شعرت بخطواته الواثقه تتحرك خلفها ، كتمت انفاسها بترقب داعيه الله بلهفه شديده الا يعود لجفائه السابق معها وبالفعل لم يخيب رجائها وشعرت به فى اللحظه التاليه يحتضنها من الخلف ، أطلقت العنان لانفاسها بمجرد اقترابه منها و احتضانه  جسدها الذى اشتاقه كثيراً ، أسند فريد ذقنه فوق كتفها بكسل ثم غمغم بجوار اذنها  قائلاً بأهتمام :
-البسى حاجه تقيله عشان الجو برد بره ..

حركت رأسها جانباً حتى يتسنى لها رؤيته ثم حركتها بخضوع تام موافقه وهى تنظر داخل عينيه بهيام شديد قبل هبوط نظرتها المشتاقة حيث شفتيه ، تنهد هو بحراره ثم حرك رأسه داخل شعرها مستنشقاً رائحته المنعشه وهو يهتف اسمها بوله شديد جعل ارتجافه بسيطه تسرى بداخل جسدها ، اغمضت عينيها وهى تتنهد بأرتياح مستمتعه بذلك الشعور الجميل الناتج عن ألتصاقه بها حتى انها تمنت لو يتوقف الزمن عند تلك اللحظه ليظلا هكذا ما تبقى من عمرها ، بدء فريد بنثر قبلات متفرقه على طول شعرها مغمضاً عينيه هو الاخر ومستقبلاً برضا شديد استجابه جسدها للمساته ، قطع قبلاته عده طرقات خفيفه فوق باب غرفتهم جعلته يبتعد عنها قليلاً ليتسائل من بين اسنانه بضيق :
-مين ؟!!!..

جائهم من خلف الباب المغلق صوت أنثى مرتعش والتى لم تكن سوى سارة ابنه اخت السيده عفاف والتى أرسلت فى طلبها منذ عده ايام لمساعدتها فى شئون المنزل المتراكمة بالطبع بعد اخذ موافقه فريد عليها :
-فريد بيه .. الاستاذ مؤمن مستنى حضرتك تحت وطلب منى ابلغ حضرتك بوصوله ..

عقد فريد حاجبيه معاً بعبوس متذكراً ميعاد مساعده والذى أغفل عنه بالفعل ، اخذ نفساً عميقاً يستعيد به اتزانه ثم وجهه حديثه لحياة  قائلاً بصوته الاجش :
-كملى لبسك وانزلى افطرى .. وهاجى اتاكد بنفسى انك فطرتى .. ماشى ؟!..

سألته بلهفه واضحه وهى تحتضن كفه لتمتعه من التحرك :
-طب وانت ؟!.. 
حك ذقنه بيده الخاليه ثم اجابها بتفكير :
-مش عارف هخلص معاه امتى عشان منتأخرش بس انتى لازم تأكلى .. انتى مأكلتيش من امبارح ..

مطت شفتيها للامام ثم قالت بنبره رقيقه للغايه :
-هستناك ..
قلص المسافه التى ابتعدها مره اخرى وعاد ليلتصق بها مره اخرى قائلاً بحب شديد:
-لا ملكيش دعوه بيا .. اهم حاجه تاكلى انتى .. 

وقفت على اصابع قدمها حتى يتسنى لها الوصول إليه ثم همست امام شفتيه بأغراء شديد :
-فرييييييييييد ..
اجابها بأشتياق بعدما اخفض رأسه قليلاً ليحك شفتيه بذقنها :
-عيون فريد ..
اجابته بنفس الهمس برقه بالغه :
-مش هاكل من غيرك .. 
تتهد بأستسلام وقام بطبع قبله مطوله فوق جبهتها قائلاً بأستسلام :
-طيب .. استنينى تحت بعد ما تخلصى لبس مش هتأخر عليكى ..

حركت رأسها موافقه بسعاده وهى تعطيه ابتسامه حالمه جعلته يتوقف عن السير قليلاً يحاول التوصل لهدوئه قبل الهبوط للأسفل .

*************

فى مقر الشركه تحركت نجوى تغلق باب غرفتها جيداً حتى تتأكد من الامان وعدم استماع احد لهم ثم سألت سفيان بأستهجان ونبرتها منخفضة للغايه :
-يعنى ايه يا سفيااان !! بقالك كام يوم مفيش اى حاجه خالص !!!..
هتف سفيان بحنق شديد قائلاً من بين شفتيه :
-طب وانا هعملك ايه دى مش معبرانى خالص وبتتنفض لما تشوفى كأنها شافت عفريت !! ..

زفرت نجوى بأحباط قائله بعبوس :
-بقولك ايه الحوار ده شكله هيطول وشكلها بت اللذينه بتحبه بجد ومش هتميل معاك .. وبعدين اخاف تروح تقوله ونتفضح ويقلب عليك من قبل ما تعمل حاجه ..

سألها سفيان بترقب شديد :
-طب والحل ايه ؟!.. 
اجابته نجوى وهى تتحرك داخل غرفتها ذهاباً واياباً محاوله التوصل لحل لتلك المعضله هاتفه بأرتياح :
-بس لقيتها .. انت النهارده تروح مكتبها وقت استراحه الغدا عشان لو صرخت او حاجه محدش يسمعها وتحاول تقرب منها بأى شكل وتصورها بالفون وانت مقرب منها كأنك يعنى بتبوسها زى ما عملت قبل كده مع البت دى اللى كنت متراهن عليها مع صحابك .. وانا هورى الصور دى لفريد وهو يتعامل بقى .. انا عارفاه دمه حامى ومش هيتحمل .. بس اهم حاجه يا بطل تبان طبيعيه ومش مهم وشها كله يكون باين فاهمنى ؟!.. 

اجابها سفيان بأبتسامه واسعه وعيونه تلمع بحماس :
-بسسس كده .. دى اسهل حاجه سيبى الموضوع ده عليا وهخلصهولك ..
ربتت نجوى على كتفه مشجعه وهى تغمغم بثقه :
-عارفه انك قدها وهتعملها ..

**************

فى منتصف اليوم وتحديداً عند استراحه الغذاء اغلقت حياة حاسبها المحمول وهمت بالتحرك من خلف مكتبها عندما فاجئها ذلك الكائن المتطفل بدخول غرفتها عنوه ودون استئذان ، هتفت به بضيق شديد وقد بدء الغضب يتصاعد بداخلها من وقاحته المستمره معها :
-ايه ده انت حيوان !!! ثم انت ازاى تدخل مكتبى كده من غير استئذان !!..

لم يعيرها سفيان اى اهتمام بل بدء يتقدم منها ببطء قاطعاً المسافه بينهم وغالقاً عليها المجال للحركه فأصبحت محصاره بين جسده وبين طرف المكتب المغلق من الجهه الاخرى ، بدء الذعر يدب داخل أوصالها  وهى ترى عينيه تجول فوق جسدها بوقاحة شديده ثم قال بنبره لا مباليه :
-بقولك ايه ما تخليكى حلوه معايا كده و من غير وجع دماغ !! اصلك بصراحه حلوه اوى وحرام فريد يتهنى بكل ده لوحده ..

شهقت حياة بفزع وهى ترتد للخلف متجنبه اقترابه منها وقد بدءت تشعر بالخطر وخاصةً من نظرات عينيه الخبيثه ، حاولت قدر الامكان الحفاظ على ثبات صوتها وهى تعقب على جرأته فى الحديث :
-انت بجد فاكر نفسك تقدر تعمل حاجه !! روح شوف نفسك فى المرايا الاول .. وبعدين صدقنى فريد مش هيسمحلك ..

دوت ضحكه سفيان عالياً ثم قال بأستهزاء شديد وهو ينظر حولهم :
-فريد .. فريد .. جربى كده يمكن يكون حظك حلو ويسمعك هو او اى حد بره .. 

ازدردت لعابها  برعب فهى تعلم جيداً انه موعد استراحه الغذاء والشركه بأكملها تكون بالخارج او الطابق الارضى اغمضت عينيها تتلمس الشجاعه التى بداخلها ثم فتحتها مره اخرى وجالت بعينها بحثاً عن اى شئ تدافع به عن نفسها فهى ابداً لن تسمح بتكرار الماضى اوالسماح لرجل بلمسها او الاقتراب منها رغماً عنها ، لم تجد امامها سوى تلك الاله الحاده والخاصه بفتح المظروفات لذلك مالت بجزعها تلتقطها بيد مرتجفه وتوجهه نحو وجهه قائله بقوه شديده رغم يدها التى ترتجف ذعراً :
-لو انت راجل قرب ..

رغم قوتها الظاهره الا ان جسدها بأكمله وليس يدها فقط كان يرتجف كورقه خريف وعقلها يعيد إليها تلك اللمسات المقززه والتى كانت دائماً تكرهها ، بدءت الدموع تتساقط بغزاره من داخل مقلتيها وداخلها يتمنى لو تحدث معجزه ما وتجد فريد امامها ينقذها . 

فى تلك الأثناء وضع فريد كفه فوق عنقه ليمسدها قليلاً ورفع كفه الاخر ينظر بساعه يده ، لقد حان موعد استراحه الغداء ، تحرك من مقعده وهو يبتسم بحماس ، سيذهب إلى حياة ويطلب منها تناول غذائهم سوياً بعيداً عن الاعين فقد اشتاق حديثها وصحبتها كثيراً لذلك التقط هاتفه ووضعه داخل سترته ثم القى نظره اخيره على شاشته ليتأكد من وجودها فى مكتبها قبل الذهاب إليها ، للوهله الاولى تجمدت نظرته وشعر بأنقباضه قويه داخل صدره وهى يرى ذلك المدعو سفيان يحتجزها بجسده ويحاول الاقتراب منها وهى تقوم بدفعه بعيداً عنها ، ركض نحو مكتبها كالمجنون وفى اقل من دقيقه كان يدفع الباب بكل ما أوتى من قوه ، التفت سفيان بحده على صوت ارتطام الباب ورفعت حياة رأسها عند سماعها صوت فريد الغاضب يصرخ بقوه قائلاً :
-ابعد عن مراتى يا****** ..

أطاعه سفيان على الفور كأنه منوم مغناطيسياً وابتعد عنها مفسحاً لها المجال للحركه ، اندفعت حياة نحوه وهى تهتف اسمه بلهفه واضحه من بين شهقاتها ويدها لازالت ممسكه بالمديه :
-فريد .. فريد .. كنت بدعى ربنا تيجى .. 

استقبلها بين ذراعيه وهى ترتجف كورقه فى مهب الريح  حتى هو كان يرتجف ولكن ليس ذعراً بل غضباً على ما كان ينتوى ذلك السافل فعله معها ، سألها من بين اسنانه محاولاً اخفاض نبرته قدر الامكان حتى لا يثير ذعرها اكثر :
-لمسك ؟!.. 
حركت رأسها نافيه بخوف شديد ويدها تشدد من تشبثها بقميصه ، تحدث سفيان متشدقاً بجملته فى نزق شديد ومحاولاً الدفاع عن نفسه :
-انا مجتش جنبها هى اللى كان......

هدر به فريد بقوه جعلته يصمت على الفور ويرتد للخلف خطوه بعدما تقدم فى اتجاههم :
-اخررررررس يابن ال****** .. وانت فاكر لو كنت قربتلها كنت هتفضل عايش لدلوقتى !!.. 

اخرج هاتفه بعد انتهاء جملته بيده الخاليه ثم قام بمهاتفه قائد حراسته قائلاً بغضب شديد :
-هات اللى معاك وتعالى على اوضه حياة هانم حالاً وخليكم قدام الباب لحد ما اندهلكم .. 

حاول سفيان الحفاظ على ثباته رغم رعبه الداخلى وخاصةً بعد استماعه لمكالمه فريد وبدء يتقدم نحو باب غرفه المكتب للهروب ولكن فريد سبقه بتفكيره وتحرك بجسده يقف امام الباب وهو لازال يحتضن حياة المتشبثه به كطفل صغير ، بدء جسد سفيان فى الانكماش والتراجع وهو يرى نظرات فريد المحتقنه والموجهه نحوه  ، اندفع باب الغرفه مره اخرى ولكن تلك المره لم يكن الزائر سوى غريب والذى كان يمر بأتجاه غرفه فريد ولفت أنظاره وقوف حرسه امام غرفه زوجته ، سأل غريب بقلق وعينيه تجوب داخل المكان وتتفحص وجه فريد الغاضب وجسد حياة المنكمش :
-فريد !!! حصل ايه ؟!! مالها حياة ؟! ..

اجابه فريد من بين اسنانه بغضب شديد :
-ال***** ده حاول يمد ايده على مراتى .. 
اندفع غريب بمجرد سماعه جمله فريد فى اتجاه سفيان المنزوى بأحد أركان الغرفه يجذبه من تلابيبه وقد هم بصفعه ، هدر فريد بوالده مسرعاً ليوقفه عما انتوى فعله :
-بابا !!! محدش هياخد حق مراتى غيرى ..

ابتعد غريب عنه على الفور واخفض كفه والدهشه تملئ ملامحه ، فى الحقيقه لم يكن هو الشخص الوحيد المندهش بداخل الغرفه فحتى حياة المرتجفة رفعت رأسها ناقله نظرها بين فريد ووالده لا تكاد تصدق ما يحدث امامها ! غريب يهتم بها من اجل ابنه وثار لكرامته !! وفريد ولاول مره ينطق كلمه "بابا" من شفتيه ، تململ فريد بين يديها ويبدو انها قد تدارك خطائه لذلك أردف يقول بضيق واضح وهو يرخى قبضته من فوق جسدها :
-خد حياة بس وصلها لاوضتى وانا هتصرف .. 

انتقضت حياة وتشبثت بياقته اكثر وهى تغمغم بتوسل شديد :
-لا ... لا .. انت بس .. 

زفر بأستسلام فهو الوحيد فى تلك الغرفه الذى يعلم سبب رعبها ، مسح فوق شعرها مطمئناً  رغم غليانه الداخلى ثم قال بهدوء وهو يتحرك بها للخارج :
-طيب تعالى .. 
أطاعته وتحركت معه كالانسان الألى للخارج ، وجهه فريد حديثه لقائد حراسه فى الخارج قائلاً بحزم شديد :
-مش عايزه يتحرك من جوه الاوضه ويفضل سليم لحد ما ارجعله .. فاهمين !!! مش عايز فيه خدش واحد ..

اومأ له قائد الحرس بخنوع قبل تحرك فريد من امامه متوجهاً نحو غرفته .
دلف فريد لغرفه مكتبه وحياة لازالت داخل احضانه وأغلّق الباب خلفه جيداً ثم تحرك بها الاريكه ليجلسها فوقها ويجلس هو فوق المنضده المقابله لها ، احتضن كفيها بكلتا يديه ثم سألها بحنان محاولاً بث الطمأنينة داخل قلبها وإيقاف ارتجافها :
-حياة .. انتى فين دلوقتى ..
اجابته وهى تمسح دموعها بظهر كفها :
-معاك .. 
تنهد مره اخرى يحاول تهدئه نفسه قبل تهدئتها ثم عاد ليسألها من جديد بحنو بالغ :
-طب مادام انتى معايا خايفه ليه ؟!..

اندفعت تقول بتبرير وقد بدءت تعود لوعيها تدريجياً :
-مش خايفه عشان انت جيت .. انا بس افتكرت زمان .. بس انا مكنتش هسمحله .. مش هسمح لحد يقربلى غيرك  ..

ابتسم لها وعيونه تلمع بفخر خاصةً وهو ينظر إلى كفها والذى مازال محتفظاً بالمديه بين أصابعه ثم سحبها من بين أصابعها بلطف وجذبها داخل احضانه قائلاً بصوت مختنق من شده مشاعره المختلطة :
-عارف انك مش هتسمحى لحد يقربلك غيرى .. 

بعد فتره  قليله من الصمت استطرد حديثه قائلاً بهدوء :
-دلوقتى هخلى السواق يوصلك البيت لحد ما اخلص وارجعلك ..

ابتعدت بجسدها عنه ثم رفعت رأسها تنظر نحوه بقلق فأردف يقول مطمئناً :
-متخافيش .. مش هتأخر .. حاجه صغيره هعملها وعقبال ما تروحى هتلاقينى وراكى ..

أطاعته فى صمت وهزت رأسها موافقه قبل تحركها معه نحو الخارج مرة ثانيه ، أعطى فريد آمره لاحد الحراس باصطحاب حياة للمنزل بسيارته هو والتأكد من سلامتها وهى بداخل المنزل والعوده إليه فى اسرع وقت ، ثم عاد لغرفتها مرةً اخرى .

دلف لغرفته مكتبها ببطء شديد رغم ملامحه المشدوده وعضلات جسده المتشنجه ثم وجهه حديثه لمن بداخلها ومن ضمنهم والده قائلاً بجمود :
-بره ومحدش يتدخل ..

أطاعه الحرس فوراً دون اعتراض وظل والده بالداخل ، رفع فريد حاجبه ينظر نحو بأستنكار ثم سأله بنفاذ صبر :
-مسمعتنيش ؟!.. 
فتح غريب فمه للتعقيب ولكن أوقفه صوت فريد مردفاً حديثه بحزم  :
-قلتلك محدش هياخد حق مراتى غيرى فريح نفسك وشوف وراك ايه .. 

حرك غريب رأسه بأستسلام ثم توجهه نحو الخارج دون تعقيب ، خلع فريد سترته وحل ربطه عنقه ووضعهم فوق احد المقاعد بهدوء ثم قام بطى أكمام قميصه وشمر عن ساعديه القويين وهو يقول ضاغطاً على حروف كلماته :
-قلتلى بقى معملتش حاجه وهى اللى قربت منك .. 

هز سفيان رأسه موافقاً بلهفه شديده فتلك هى فرصته الاخيره فى النجاة بحياته ثم قال برعب شديد :
-انا مليش دعوه بحاجه ومكنتش هقربلها .. نجوى هى اللى قالتلى تصورها بس وانا كنت هنفذ ، هز فريد رأسه موافقاً وقد بدءت الدماء تغلى بداخل عروقه لمجرد سماع اسم نجوى ثم قال بتوعد وهو يقترب منه :
وماله ميضرش .. اهو أدرب عليك لحد ما تاخد هى كمان اللى فى النصيب ..
 انهى حديثه ثم قام بجذبه من ياقته قبل انقضاضه عليه يلكمه بكل ما أوتى من قوه دون رأفه حتى تكوم سفيان فوق الارضيه وهو يأن بقوه بسبب الكسور التى ملئت جسده وجهه المضرج بالدماء ، قام فريد من فوقه ونفض يده بأشمئزاز شديد ثم التقط هاتفه طالباً من ايمان استدعاء نجوى لغرفه حياة . 

اما عن نجوى فقد ظلت تذرع غرفتها قلقاً من تأخر سفيان الغير مبرر فمهمته لا تتطلب كل ذلك الوقت حتى تكتمل وأثناء تفكيرها فى ذلك جائها اتصال هاتفى من سكرتيره فريد الشخصيه تطلب وجودها داخل غرفه حياة فى الحال ، ركضت مسرعه والقلق يتزايد بداخلها خوفاً مما هو آتى ، وبمجرد وصولها لعنت بحنق لرؤيتها هذا الكم من الحراس يطوقون الممر بمدخل الغرفه ، تحركت ببطء شديد تحاول التفكير فى حل سريع للخروج من تلك المعضله اذا تم كشف ذلك الاحمق  ، دلفت الغرفه بتوجس بعدما فتح لها الباب قائد الحرس ودفعها للتقدم بعدما رأى ترددها بادياً على وجهها ، هتف فريد بغضب شديد وهو يراها تقف امامه ناقله نظرها بينه وبين ابن عمها المكوم فوق الارضيه وغارقاً فى دمائه :
-أهلاً بال****** ..

ابتعلت نجوى لعابها بتوتر ثم اندفعت تواجهه بحده قائله :
-انت بتقول ايه انا مسمحلكش .. 
هدر فريد بها  قائلاً بعصبيه وهو يتوجهه نحوها ويجذبها من فروه رأسها :
-وحياااااة امك !!! .. عارفه انا بتمنى قد ايه دلوقتى تكونى راجل عشان اعرف امد ايدى عليكى و****** ..

انهى جملته وبدء يجرها خلفه من خصلات شعرها حتى وصل بها لخارج الشركه غير عابئاً بصراخها المستمر ولا بنظرات الموظفين المذهوله من حوله بسبب مظهرها المشعث وقميصه الملطخ ببعض الدماء ، دفعها بداخل سيارته التى كانت تنتظره امام مدخل شركه وانزلق بجوارها آمراً سائقه الخاص بالتحرك فى اتجاه منزل والدها ، وبعد نصف ساعه من الصمت التام من جهه نجوى والحنق من قبل فريد توقفت السياره امام منزل السيد سعيد ، ترجل فريد من داخل السياره وقام بجرها من خصلاتها مره اخرى حتى دلف للداخل ، هتف بقوه معلناً عن وجوده بصوت هز أركان المنزل :
-سعيد بيه !!!.. تعالى استلم بتك ..

خرج السيد سعيد من غرفه مكتبه مهرولاً فى اتجاه المدخل بمجرد استماعه لصوت فريد الهادر حتى توقف امامه بصدمه من مظهر ابنته الغير أدمى ، دفعها فريد فى اتجاه والدها وهو يقول بعصبيه وصوت جهورى أفزع كلاً من نجوى ووالدها :
-بتك ال***** دى خلت الكلب اللى اسمه سفيان يتعرض لمراتى .. وقبل كده راحت عملت عليها تمثيليه عشان توهمها انى مقضيها معاها .. وقبلها بقى لعبت فى ملفها  عشان تبوظ الشغل بتاعها .. وانا صبرت عليها كتير بس من دلوقتى بحذرك .. بتك بقت من اعدائى يعنى احسنلها واحسنلك تخافوا منى وبالنسبه لشراكتنا بح .. انساها .. 

انهى جملته وحدقها بنظره اشمئزاز ثم قام بالبصق على وجهها قبل الانصراف للخارج ، هتف سعيد بعصبيه شديده فى وجهه ابنته الصامته :
-انتى عملتى ايه تانى !! انتى انسانه مريضه !!! لا بجد مريضه !!!..

صمت قليلاً وقام بمسح وجهه بكف يده باحباط شديد ثم أردف يقول بحنق :
-عارفه انتى لازم تتعالجى !! .. لازم تعترضى على دكتور نفسانى .. مش هينفع تتسابى كده ..

صرخت به نجوى بعصبيه قائله بأهتياج :
-بابا !!!!
هتف سعيد قائلاً بنبره محتده :
-بابا ابه وزفت ايه !!! .. ده لغى الشراكه وأعلن صراحة انك عدوته !! فاهمه يعنى ايه !!! .. يعنى فريد هيفرمك تحت رجله وانا معاكى .. كل ده وهو ميعرفش انك حاولتى تسممى مراته !! تخيلى بقى لو الراجل الندل اللى ساعدك راح يقوله زى ما جه بلغنى فريد هيعمل فيكى ايه ؟!..

صرخت نجوى بهياج شديد وهى تقوم بتكسير كل ما يقع تحت يدها :
-مش هيعرف ومحدش هيقوله .. فريد بتاعى لوحدى فاهم .. بتاعى ومش هسكت غبر لما أرجعه ليا مهما كان التمن ..

حرك سعيد رأسه بحزن شديد على ابنته الوحيده وما وصلت إليه ثم غمغم بعدم اهتمام وهو يعود لمكتبه تاركها تخرج طاقتها بتحطيم المنزل  :
-لما الحق اكلم غريب واشوف هخليه يقنع فريد ازاى يرجع عن قراره ده ويارب يوافق .

**********

ظلت حياة جالسه فوق فراشها تقضم أظافرها وهى تفكر بقلق شديد لقد مرت اكثر من ساعه ونصف منذ وصولها ولم يعد حتى الان ، ترى هل حدث شئ ما خارج عن السيطره فهى تعرفه جيداً وتعرف ما الذى رأته بداخل عينيه وهو ينظر لذلك الوغد ، تنهدت بقله حيله وهى تعلم انها لا تستطيع التدخل فى ذلك الامر خصيصاً ،  لذلك كل ما تستطيع فعله هو الجلوس هنا والتمنى الا يكون تمادى كثيراً فى غضبه 

بعد عده دقائق وأثناء انغماسها بأفكارها تلك فُتح باب الغرفه وعبر هو من خلاله ثم أغلقه خلفه جيداً  ، انزلقت حياة من فوق الفراش مندفعه فى اتجاهه حتى اصطدم جسدها بصدره ، تلقاها فريد بين ذراعيه بعدما القى سترته التى كان يحملها فوق ذراعه وبدء فى تقبيلها بنهم شديد ، بادلته قبلته بأشتياق حتى انقطعت انفاسهم وابتعد عنها تاركاً لها المجال للتنفس بحريه وهو يسألها من بين انفاسه اللاهثه :
-متأكده انه ملمسكيش .. 

رفعت كلتا كفيها لتحاوط وجهه ثم هزت رأسها  نافيه  بحزم وهى تنظر داخل عسليته المشتعله ، همس هو يقول بضيق :
-اقسم بالله لو كان لمسك لكنت قطعتله ايده ..

كان فضولها يتأكلها لتسأله عما فعله به خاصةً وقد لمحت بعض الدماء متناثره  فوق قميصه الابيض ولكن جزء ما داخلها هى الاخرى كان يريد معاقبه ذلك المتحرش اشد العقاب لذلك حركت كتفيها بعدم اهتمام ثم اقتربت منه وبدءت فى تقبيله مجدداً ، استجاب لها على الفور وبدءت يده تجول فوق جسدها كأنه يؤكد على ملكيته له ، دفعها فى اتجاه الفراش وتمدد فوقها وهو لازال يقبلها بشغف ، بالرغم من اشتياقها الشديد له كان هناك من كرامتها لازال يأن وينتظر ان تثور من اجله ولكن هيهات كل ما استطاعت فعله هو معاتبته بنبره خفيضه للغايه قائله من بين قبلاتهم المتبادله :
-انتى عذبتنى اوى .. 

عقب على جملتها قائلاً بصوت أجش وهو يقوم بتقبيل عنقها :
-اسف .. 
اردفت حياة تضيف وهى تبادله قبلته بأخرى ناعمه :
-وخلتنى احس انى لوحدى .. 
غمغم يقول هامساً وهو يوزع قبلاته فوق وجنتها وانفها :
-مش هتحصل تانى .. 
اضافت برقه وهى تخفى كفها بداخل خصلات شعره وتدفعه للاقتراب منها اكثر :
- انا حاولت اقولك انى مش مرتحاله بس انت قلتلى مشغول ونستنى .. 

تنهد بحزن ثم رد على جملتها بندم حقيقى وهو يدفن رأسه بمنحنيات عنقها :
-عشان انا غبى وحمار ومش بفهم .. وعمرى ما هكررها تانى .. 
اندفعت تقاطعه بأعتراض :
-لا متقولش كده .. وكمان انا اسفه ..

رفع رأسه ينظر نحوها بتفاجئ فأردفت تقول مفسره :
-اها اسفه .. اسفه عشان قلت كلام غبى ليلتها مكنتش اقصد منه حاجه وكمان عشان انا عمرى ما شفت اللى بينا غلطه ..

ظهرت ابتسامته واضحه داخل عينيه قبل فمه وهو يتنهد بحراره قائلاً بهمس مثير ويقترب منها اكثر :
-وحشتينى .. 
ابتسمت هى الاخرى بسعاده ثم اجابته بخجل شديد ويدها تمتد لحل آزار قميصه :
-وانت كمان وحشتنى اوى .. 

كانت تلك اخر ما تفوهت به شفتيها والذى التهمها هو بنهم شديد ليثبت لها بالفعل كم اشتاق إليها متناسياً وعده بعدم الاقتراب منها ثانيةً فأسبوعان من العذاب المتواصل تكفيه ويزيد وقد حان الان الوقت التعويض لا للحديث .

*************

فى المساء جلست نجوى بداخل منزل غريب رسلان امام جيهان ونيرمين وهى تهز قدمها بعصبيه شديده ، اردفت جيهان تقول بنبره خفيضه محاوله السيطره على عاصفه نجوى :
-متخافيش يا نوجا .. كل حاجه هتتصلح .. احنا كده كده اتأخرنا اوى على شغلنا ولازم نبدء ..

هتفت نجوى قائله بعصبيه  :
-ونبدء ازاى بعد ما جرنى من شعرى وطردنى قدام الموظفين كلهم .. انا كده خسرت ومش هعرف أكسبه ولا اقرب منه  تانى ..
اجابتها جيهان بمكر شديد :
-ولا خسرتى ولا حاجه اذا كان هو مش هيسمحلك تقربى منه  يبقى نخليها هى تبعد عنه عشان ميلقيش قدامه غيرك يترمى فى حضنه وساعتها انتى وشطارتك بقى ..

التفت نجوى بكليتها تنظر نحو جيهان بتركيز شديد وهى تسالها بترقب وامل :
-قصدك ايه ؟!.. 

اجابتها جيهان مستطردة :
-قصدى اننا هنلعب ازاى نبعدها عنه وتخليها هى تسيبه  مش العكس فهمتى .. 
سألتها نجوى مستفسرة :
-طب وهنعمل كده ازاى وهو اكيد هيحذرها منى يعنى كده كل كروتى اتحرقت قدامها ومهما اعمل مش هتصدق تانى !!.. 
فى تلك اللحظه تدخلت نيرمين المتابعه لحديثهم بتركيز شديد قائله بتخطيط :
-دى بقى سبيها عليا ..

التفت كلاً من جيهان ونجوى نحو نيرمين يسألاها معاً بعدم فهم :
-قصدك ايه يا نيرو ؟!!!.
اجابتهم نيرمين بخبث شديد :
-قصدى انى هكون همزه الوصل بينكم .. يعنى هوصلها بكل حب وخوف عليها اللى عايزين نوصله وبس ..

التمعت عينى جيهان بفخر اما عن نجوى فزفرت بضيق وهى تسألها مره اخرى مستفهمه :
-ازاى بقى وهى مش بطيقك يا فالحه !!!..
تحدثت جيهان تجيب بدلاً عن ابنتها قائله بمكر :
-بسيطه قووووى .. نيرو خلاص ندمت وقررت انها تصلح علاقتها بأخوها حبيبها وطبعا محدش هيقدر يساعدها فى ده غير مرات اخوها الطيبه وبعد ما تدخل بيتهم وتأمن لها نيرمين تفهمها قد ايه هى بتكرهك وخايفه عليها منك .. والباقى بقى سبيه لوقتها ..

اندفعت نجوى تقول بحماسه وعيونها تلمع بخبث :
-لا الباقى بقى انا عارفاه كويس سيبوه عليا .. بس لازم نبدء فى الخطه دى وفى اسرع وقت كمان .
تنهدت حياة بوله وهى تتطلع لملامحه المسترخيه وهو يتمدد جوارها بهدوء ، حكت انفها بذراعه ثم أخفت وجهها به ، ذلك العضد الذى تسند رأسها دائما عليه لتستمد منه القوه والامان اما أصابعها فقد تسللت ببطء شديد تتلمس ذقنه المشذبه بعنايه وهى تهتف اسمه بدلال شديد جعلته يلتفت بكليته لها جاذباً جسدها اكثر نحوه ومحاصراً خصرها بذراعه :
-فريد ..

اجابها وهو يتنهد بحراره ويمسح بأصبعه فوق جبهتها بعشق :
-حياة روحه ..
انتشت روحها بمجرد سماع ذلك التدليل منه والتمعت عيونها بحب وهى تجيبه من بين ابتسامتها الخجله :
-فاكر واحنا صغيرين لما صممت اطلع الشجره لوحدى وانت مكنتش موافق ..

اجابها وقد بدءت الابتسامه تغزو محياه للذكرى المرحه :
-اها .. 
اردفت تقول مبتسمه هى الاخرى بحنين :
-ساعتها انت قولتلى هتقعى وانا مسمعتش كلامك وطلعت وبعدها وقعت فعلاً وانت لحقتنى وأيدك اتجزعت ..
عبس وجهه وضاقت المسافه ما بين حاجبيه قائلاً بتذمر :
-وانتى من امتى بتسمعى كلامى !!! .. انا عارفك مش هترتاحى غير لما تكسرى رقبتى ..

دوت ضحكت حياة عالياً وهى ترى ملامح وجهه المتجهمة ثم مررت إصبعها بين حاجبيه محاوله بسط ذلك التجهم ثم اردفت تقول بمرح :
-نفس رد الفعل مبيتغيرش !! .. فاكر برضه ساعتها قعدت قد ايه مش عايز تكلمنى .. وماما كمان عاقبتنى بسبب اللى حصلك ورفضت تكلمنى يومين  .. كنت بجيلك كل يوم الاوضه عشان اشتكيلك بس انت كمان مكنتش بترضى تكلمنى او تسمعنى .. حسيت انى لوحدى وفضلت حاسه بكده حتى بعد ما ماما صالحتنى .. فى الاخر جيت قلتلى هسامحك بس بعد كده تسمعى كلامى ..  

انفرجت أساريره واتسعت ابتسامته من مغزى ذكراها ثم اجابها بمشاعر مختنقه من ذكريات طفولتهم البريئه :
-انا نفذت اتفاقى وسامحتك بس انتى لحد دلوقتى مش عارفه تسمعى الكلام ..

جعدت انفها ونظرت نحوه بنصف عين ثم قالت بنبره طفوليه خالصه :
-اخر مره وبعد كده هسمعه وهتشوف .. 
احتضن كفها وجهه ومسدت بأصبعها وجنته وهى تحملق داخل عسليتيه بهيام ثم قالت بهمس متوسله :
-قولى انك مش هيجى يوم وتزهق من عنادى ده وتكرهنى وتسبنى لوحدى وتمشى  .. 

ادار رأسه قليلاً حتى يتسنى له تقبيل باطن كفها الذى يحاوط وجهه ثم اجابها بقلب عاشق :
-عمرى .. عارفه انا مش بعرف ازعل منك  .. اه بقسى عليكى لما بتغلطى بس مش بضايق منك .. زى الاب بالظبط بيعاقب ولاده عشان يعرفوا الغلط بس عمره ما بيكرههم ..

توقفت يدها عن لمس وجنته واسبلت عينيها للأسفل بحزن ثم قالت بصوت مختنق من اثر الدموع :
-معرفش .. انا عمرى ما عرفت احساس حنان الاب ده .. 

احتنقت ملامحه وشعر بالالم يعتصر قلبه من صوتها الحزين فهو يعلم جيداً رغم اخفائها للامر ان جفاء والدها يؤلمها ويؤثر فى نفسيتها كثيراً لذلك زفر بأشفاق وحرك ذراعه ليجذبها نحوه اكثر وأردف يقول بحنو بالغ محاولاً التخفيف عنها:
-يعنى مش كفايه انك تكونى بنتى انا ؟؟ ..

رفعت رأسها تنظر نحوه وقد بدءت ابتسامتها فى الظهور مره أخرى وقامت بطبع قبله رقيقه فوق وجنته ثم عادت لتتندثر داخل احضانه واخفت وجهها بثنايا عنقه وهى تغمغم بحب :
-كفايه عليا وزياده ربنا يخليك ليا .. 

صمتت قليلاً مستمتعه بذلك السكون الذى شملها وهى داخل احضانه واحدى يديه تعبث بخصلات شعرها وتهدهدها ثم اردفت قائله بحب :
-انت عارف انك متغيرتش .. يعنى اللى يشوفك من بعيد يقول واحد تانى بس مهما تحاول تدارى لسه جواك فريد بتاع زمان .. اللى جواه نار وبراه تلج .. 

تنهدت بعشق ثم حركت يدها لتضعها حيث موضع قلبه واستطردت قائله بهيام :
-بس اللى يعرفك زى حياة عارف ان تحت كل ده مدفون حنان الدنيا كله ..
توقفت يده عن الحركه وتنحنح محاولاً ايجاد ثباته ثم بدء ينسحب اسفل جسدها ، رفعت رأسها تنظر إليه قائله بأستنكار :
-رايح فين ؟!..

اجابها بنبره وملامح خاليه :
-ولا حاجه هروح اخد دش وانزل العب بوكس شويه .. 
كانت تعلم جيداً انها يهرب منها ويريد  الانفراد بنفسه  لذلك اندفعت تسأله بترقب :
-ممكن اجى معاك ؟..
نظر نحوها ولم يعقب على طلبها لذلك اردفت تقول بتوسل شديد :
-بليز مش هضايقك والله وبعدين انا نفسى اتعلمها عشان اعرف ادافع عن نفسى .. 

تنهد بأستسلام وجذب رأسها ليطبع قبله مطوله فوق جبهتها ثم قال بصوته العميق :
-طب البسى لحد ما اخد دش واحصلك .. 
صفقت بيدها وقفزت فوق الفراش بسعاده كالأطفال ثم ارتمت فوقه تعانقه بمحبه وتطبع عده قبلات فوق وجهه تعبيراً عن فرحتها جعلته يبتسم هو الاخر بعمق قبل انسحابه من بين ذراعيها فى اتجاه الحمام .

دلف فريد لغرفه الرياضه فوجدها بالفعل سبقته للأسفل وتنتظره بداخلها ، مرر نظره فوق جسدها ثم سألها بأستنكار بعدما اغلق الباب خلفه ألياً :
-هو ده اللبس !!!..
نظرت إلى ملابسها اولاً ثم نحوه وهى تسأله بعدم فهم :
-اها .. هو انا لبست غلط ولا ايه ؟!.. 

لوى فمه بعدم ارتياح فقد كانت ترتدى ذلك البنطال الملاصق لجسدها والذى يثير اعصابه بشكل كبير وفوقه تيشرت ذو حمالات عريضه بفتحه عنق مثلثه يكشف عن عنقها ومقدمه صدرها بشكل كبير وينتهى عند بدايه معدتها ، تنحنح محاولاً اخراج نبرته طبيعيه ثم اجابها بنبره جاده :
-لا مفيش بس اللبس ده ميتلبسش قدام حد اتفقنا ؟!.. 
اجابته مبرره وهى تقترب منه :
-بس احنا فى البيت ومفيش حد غير دادا عفاف وسارة حتى الحراس مش بيدخلوا غير لما انت تأذنلهم ..

هز رأسه بجمود موافقاً وهو يتحرك من امامها ليلتقط القفازات الموضوعه فوق الرف وهو يفكر بعدم تصديق هل يعقل انه يغار من عاملات المنزل فهى على حق بنسبه كبيره وهو لا يسمح للرجال بدخول المنزل الا بأذنه اذا لماذا انزعج من لباسها ثم انه هو من قام بأختياره لها من الاساس ، هتفت أسمه بترقب وقد بدءت تشعر بحدوث خطب ما :
-فريد ؟؟؟؟..

رفع رأسه نحوها وهو يهمهم بعدم تركيز ، سألته بخفوت وهى تتفحص ملامح وجهه الجامده :
-انت مضايق عشان اللبس ؟!. على فكره انا كنت نازله بالجاكيت بتاعه بس قلعته لما نزلت هنا .. 

حسناً انه يعترف بفقدان عقله فلا يوجد مبرر يجعله يتسرخى لمعرفته ان لا احد يراها هكذا غيره سوى انه فقد عقله ولكن ماذا يفعل فتلك المخلوقة التى لا تتجاوز نصف طوله تكاد تذهب بتعقله ، انفرجت أساريره وبدءت الابتسامه تظهر فوق شفتيه وهو يدنو منها ويحاصر جسدها بذراعيه قائلاً بأستسلام :
-خلاص بعترف انى غرت .. 
دوت ضحكتها عالياً فعاد يقول مزمجراً :
-شكلك مبسوط !!!..

رفعت ذراعها لتحاوط عنقه بتملك وهى تجيبه بنبره دلال هامسه محاوله امتصاص غضبه :
-اصل شكلك حلو وانت مكشر وعامل ٨٨ كده .. 
سألها مستفسراً بنبرته العابثه وهو يقترب بشفتيه من شفتيها :
-والله !!.. 
مطت شفتيها معاً للامام ثم اجابته وهى تحاول جاهده كبت ابتسامتها :
-بصراحه .. انا لازم اهاودك دلوقتى عشان هنلعب سوا واخاف تتهورعليا وانا مش قدك .. 

طبع قبله خاطفه فوق شفتيها ثم قال بهدوء وهو يرفع القفازات امام وجهها :
-طب متشتتييش تركيزى وخدى البسيهم ..
حركت كتفيها رافضه ثم قالت بدلال فطرى وهى ترفع كفيها هى الاخرى امام وجهه :
- لبسهملى انت .. 

امسك بأحدى كفيها وقام بطبع قبله ناعمه داخله ثم قام بألباسها احد القفازين واحكم غلقه جيداً ثم عاد نفس الفعل مع الكف الاخرى ، ظلت حياة تراقب ما يقوم به بوله شديد ، لو انه رفع رأسه إليها الان لرأى عينيها تلمع بالدموع من شده عشقها له وتأثرها بما بقوم به ، انه حقاً دنياها بأكملها وكل ما تحتاجه من هذا العالم الكبير ، انهى مهمته وارتدى هو الاخر قفازاته ثم تحدث بصوته العميق يطمئنها :
-متخافيش مش هأذيكى ..

ظلت تنظر إليه بوله ثم قالت بصوت متحشرج بعدما تنحنت عده مرات :
-محدش بيخاف من امانه .. 

لم يستطع فريد ابعاد عينيه عنها وكأن هناك قوه مغناطيسيه تجذبه للغرق بداخل ذلك الليل بنجومه المتلألئة لذلك وجد نفسه تلقائيا يخفض رأسه نحوها ويقوم بتقبيل جفنيها واحد يلو الاخر بحذر شديد ثم غمغم يقول بنبره خفيضه لم تصل إليها :
-انا كنت عارف انى لا هلعب ولا هتنيل النهارده .. 

سألته حياة مستفسره :
-بتقول حاجه ؟!.. 
هز رأسه نافياً ثم اجابها مصححاً :
-بقول يلا نبدء .. 
حركت رأسها هى الاخرى موافقه وبدءت تستمع لتعليماته بتركيز شديد وبعد حوالى ربع ساعه هتفت حياة بتذمر من بين انفاسها اللاهثه :
-حرام عليك انا تعبت .. مليش دعوه مش عايزه اكمل .. 
سألها فريد بحنق شديد :
-حياة انتى بتتدلعى احنا مكملناش ربع ساعه واصلاً سايبك تضربى فيا من الصبح زى المراهقين ..
اجابته بصوت باكِ كالأطفال وهى تمد ذراعيها لتتعلق بعنقه ويحمل ثقل جسدها عنها :
-مليش دعوه مراهقين مراهقين اللعبه دى هتقطع نفسى انا عايزه حاجه ساهله ..
زفر بأستسلام وهو يضع ذراعه اسفل خصرها ليرفعها من فوق الارضيه ويسير بها نحو الرف الجلدى المنخفض ليجلسها فوقه :
-تعالى أمرى إلى الله .. وبعدين عشان اتعلم موافقكيش على حاجه تانى .. 

انحنى بجذعه وهو يحملها حتى يضعها فوق المقعد ولكنها شددت من احكام ذراعيها الملتفه حول عنقه رافضه تركه او السماح له بالابتعاد عنها ، تنهد مطولاً وهو يغمغم بعده كلمات غير مفهومه قبل جلوسه بها فوق المقعد الجلدى ، التوى فمها بنصف ابتسامه انتصار حاولت إخفاؤها عنه عندما رضخ اخيراً لرغبتها واجلسها داخل احضانه ، زفر قائلاً بأمتعاض ونبره قاطعه :
-مفيش بقى أدرب معاك تانى .. اتفقنا ؟!. 

كانت تحاول جاهده كبت ابتسامتها العابثه وهى ترى علامات الضيق تغزو ملامحه ، هل ظن انه يستطيع الهرب منها حسنا فليتحمل نتيجه هروبه ، هذا ما فكرت به بخبث وهى تمط شفتيها للامام متصنعه الحزن ثم سألته وأصابعها تمتد إلى عنقه وتتلمس تفاحه ادم خاصته :
-طب اعمل ايه حاولت اشاركك حاجه بتحبها بس معرفتش .. يعنى المفروض انت كمان تكون مبسوط انى عايزه اكون معاك ..

نظر نحوها بادى الامر بتشكك ثم لانت ملامح وجهه وهو يسألها بنبره متحشرجة  بسبب أناملها التى تداعب عنقه :
-يعنى انتى عملتى كل ده عشان تشاركينى ؟!..

هزت رأسها ببطء شديد موافقه ، أردف يسألها مستفسراً بأستغراب :
-انتى مجنونه !! يعنى مينفعش تقوليلى خليك معايا ؟!.. 
اجابته بنبرتها الرقيقه والتى كانت تتميز بها دائماً :
-مكنتش عايزه اخنقك .. وبعدين المفروض تعرف لوحدك .. 

حرك رأسه مبتسماً بعدم تصديق ثم تنهد بحراره وهو يتأمل وجهها الذى يعشق ملامحه قائلاً بهمس :
-اعمل فيكى ايه .. 
ابتسمت بخجل واخفت وجهها داخل عظمه ترقوته قائله بمرح :
-ممكن تقولى شكراً .. انتى زوجه عظيمه .. انا مبسوط ان مراتى عايز تعمل حاجه بحبها .. اى حاجه من الحاجات الحلوه دى يعنى .. 

اجابها بأبتسامته العابثه وهو يغمز لها بأحدى عينيه :
-انا عندى اللى احلى من الكلام ..
ابتعدت بجسدها عنه بقدر ما سمحت لها ذراعه المحاصره خصرها وهى تقول بتحذير خجول :
-فريييييييييد ..
ضغط بكفه فوق ظهرها ليعيد التصاقها به مرة اخرى قائلاً بشغف :
-لا صدقينى فريد بالطريقه دى مش هتفيدك خااالص ..

رفعت ذراعها اليمنى تحاوط بها عنقه وتركت أناملها تعبث بمؤخره عنقه قائله بنبره ناعمه :
-احنا تحت على فكره ..
اجابها وشفتاه تتلمس وجنتها ببطء شديد جعلت نبضات قلبها تتسارع :
-بيتى وانا حر فيه ..
اجابته بنبره اكثر نعومه وقد بدء عقلها يتشوش بسبب قبلاته الناعمه التى يطبعها فوق عنقها وكتفها :
-فريد ممكن حد يشوفنا ..
رفع رأسه إليها ليتأملها بعيون داكنه من شده مشاعره ثم هتف داخل اذنها بهمس مغرى جعل قشعريرة لذيذه تسرى بداخل جسدها :
-الباب مقفول بالمفتاح .. 
تتهدت بحراره وقد بدءت مقاومتها تختفى شيئاً فشئ بمجرد التقاطه شفتيها بين شفتيه ، ظلت تبادله قبلاته الناعمه بأخرى اكثر نعومه وتطلب رغم عقلها الذى كان يطالبها ببعض التعقل ، دفعته بكفها المرتعش ليبتعد عنها قليلاً حتى يتسنى لها التنفس براحه ، نظر فريد نحوها بعدم فهم واناملها تمتد إلى أطراف تيشرته الرياضى ، قبضت بأصابعها على أطراف ردائه ثم قامت بسحبه لاعلى حتى وصلت لرأسه ، رفع كلتا يديه بأليه شديده حتى يسمح لها بخلعه ، قامت بأخراجه من رأسه وألقت به فوق الارضيه بلامبالاه شديده قائله بتفسير وهى تعود للاقتراب منه :
-كان مضايقنى .. 

ظل ينظر نحو الارضيه حيث موضع قميصه بذهول عده ثوانٍ ثم عاد بنظره نحوها قائلاً بنبره شديده التركيز :
-استحملى بقى ..
ابتلع داخل فمه شهقتها التاليه والتى صدرت منها تعقيباً عما قام به تالياً .

***********

فى الصباح فتحت حياة عينيها وهى تبتسم بخجل من ذكرى البارحه فهى لم تكن تتخيل ان يأتى يوم وتتود لاحد ما مثلما فعلت معه البارحه ، فتح فريد عينيه بكسل شديد عندما تململت بين ذراعيه وابتسم لها بحنان ثم سألها ممازحاً بصوت متحشرج من اثر النعاس بعدما طبع قبله خاطفه فوق ارنبه انفها :
-حياة انتى لسه وشك احمر من بليل !!...

عضت على شفتيها بخجل وقامت بلكزه بكفها المتكور بنعومه فوق كتفه مغمغه بنبره خافته بالكاد وصلت لمسامعه :
-فريد بطل ..
دوت ضحكته عالياً وعاد برأسه للوراء حتى يتسنى لها رؤيه وجهها كاملاً ثم عاد يسألها بنبره ذات مغزى :
-طب بقولك ايه .. ما تيجى ننزل الجيم تانى عشان بصراحه الموضوع عجبنى ..

شهقت بخجل واخفت وجهها الذى ازداد احمراراً بصدره مغمغه بأحراج :
-فرييييييييد .. 
تنهد بسعاده ثم اجابها بهيام :
-عيون فريد وقلب فريد وحياة فريد كلها ..
رفعت رأسها ببطء لتنظر داخل عينيه بعشق لم تكن تحتاج للإفصاح عنه ولم يكن هو بحاجه لسماعه ، ظلت تحدق داخل عسليته الصافيتين بوله شديد رافضه تحريك جفنيها او رموشها حتى لا يغيب عن نظرها للحظه واحده ، قطع هو الصمت قائلاً بعشق واضح :
-صباح الحياة .. 
اجابته بصوت مختنق من شده مشاعرها التى تحبسها بداخل قلبها :
-يدوم صباحك ليا وجنبى .. 
تنهد بحراره ثم اخفى رأسه بداخل عنقها قائلاً بصوت مكتوم :
-بحبك يا حياة الروح .. 

رفعت كلتا ذراعيها تحاوط بقوه جسده الملقى فوقها كأنها تريد إخفائه داخل قلبها ، بدء فريد بتقبيل عنقها بنعومه فأستقبلت قبلاته بترحاب شديد ، كان الوقت بالفعل قد تجاوز موعد نزولهم اليومى للافطار ولكن من يهتم فهو حبيبها وزوجها ويبدو انها هى الاخرى لم تشبع من قربه لذلك عندما رفع رأسه ليلتهم شفتيها تجاوبت معه على الفور تاركه له المجال لسحبها داخل دوامه مشاعرهم المتأججة .

************

على مائده الافطار ظل فريد يحدق بها بنظرات ذات مغزى اربكتها ، اخفضت رأسها لأسفل ورفعت كفها لتعيد احدى خصلات شعرها للخلف محاوله اخفاء خجلها الذى يزداد من قوه نظراته ، هتفت به معترضه بعد خروج سارة من الغرفه لإحضار ما تبقى من الطعام :
-بطل بقى ..

سألها مدعياً عدم الفهم وهو لازال يحدق بوجهها ومقدمه عنقها الذى حاولت جاهده إخفاء ما به عن الجميع :
-معلمتش حاجه ..

انهى جملته ومد يده من اسفل الطاوله يتلمس بأصابعه ساقها حتى وصل إلى ذراعها الموضوعه فوقها والتقط كفها وبدء يمسد داخله ببطء شديد اثار اعصابها ، هتفت به مره اخرى متوسله وقد بدء احمرار وجنتيها فى الازدياد :
-فريبيييييد ..

مال بجزعه نحوها وأسند مرفقه الخالى فوق الطاوله قائلاً بنبره خفيضه ناعمه :
-طل بطلى تقولى فريد ..
ضغطت على شفتيها فى اشاره منها للموافقه وعدم الكلام ،
اضاف وهو يزيد من نعومه لمساته داخل بطن كفها :
-وبطلى تدوسى على شفايفك ..

أفلتت شفتيها على الفور ونظرت نحوه بتوسل شديد ، كتم ابتسامته واستطرد يقول بنبره مرحه عابثه :
-ومتبصلبش كده ..
زفرت بقله حيله وهى تعود لترتمى بجسدها فوق المقعد قائله بضعف :
-انت مبسوط بكده صح !!..
اجابها هامساً وهو يميل بجذعه اكثر نحوها وعينيه مسلطه فوق شفتيها :
-جداً ..

سحب يدها من داخل يده بحده وتنحنحت عده مرات محاوله السيطره على حراره جسدها المرتفعه والتى بدءت تظهر جليه فوق ملامحها بمجرد سماعها لوقع خطوات سارة عائده مرة اخرى بمشروب القهوه خاصتها ، وضعته امامها بحرفيه ثم توجهت بنظرها لفريد الذى كان يجلس فوق المقعد بأسترخاء شديد لتسأله بأحترام :
-فريد بيه تحب احضر لحضرتك القهوه دلوقتى ؟!.. 

عاد بنظره إلى حياة قائلاً بنبره خاليه ونظراته لازالت مسلطه عليها بعدما قام بأحتضان كفها مره اخرى :
-لا هشرب النسكافيه من حياة ..
شهقت حياة بخجل وسرعان ما تحولت شهقتها لسعال متختنق فأردف فريد يقول مصححاً وعينيه تلمع ببريق تسليه وهو يرى خجلها وارتباكها واضحاً امامه :
-قصدى هشرب النسكافيه بتاع حياة ..

اومأت سارة برأسها لها موافقه ثم وجهت حديثها لحياة التى لازالت تسعل بصوت مكتوم :
-حياة هانم تحبى اعملك بداله ..
حركت حياة رأسها بسرعه شديده نافيه دون حديث فأنسحبت سارة من الغرفه تاركه لهم المجال لتناول فطورهم بحريه كعادتها منذ قدومها للمنزل .

رفعت حياة رأسها نحوه بحده متسائله بأمتعاض :
-عجبك كده !!!.
سألها فريد بأبتسامه مستفزه ونبره بارده :
-حبيبى اى حاجه منك تعجبنى بس حددى اكتر ..
لانت ملامحها واتسعت ابتسامتها رغماً عنها بعد سماعها تدليله لها ثم قالت بنبره ناعمه معاتبه :
-طب افرض سارة اخدت بالها بقى دلوقتى هتقول ايه ؟!..

أجابها وهو يجذبها من يدها نحوه ثم قام بأجلاسها فوق ركبتيه قائلاً وهو يحاوط خصرها بذراعه ويشدد من احتضانه لها :
-هتقول حاجات كتير ميهمنيش منهم ولا حاجه طول مانتى فى حضنى كده ..

اتسعت ابتسامتها وهى تتطلع نحوه بحنان ثم قامت بأرتشاف رشفه صغيره من مشروبها سريع التحضير فطبع رغوته فوق فمها وشفتيها ، تسائل فريد بهدوء وهو يتطلع إليها بشغف :
-انتى طمعتى فى النسكافيه بتاعى ولا ايه ؟؟!!!.

هزت رأسها نافيه ثم غمغمت بأسف وهى تقرب الفنجان من شفتيه :
-انا اسفه والله بحسبك بتهزر .. خد اشربه كله بالهنا والشفا ..
بادلها ابتسامتها بأخرى ماكره ثم اجابها وهو يسحب الفنجان من بين يديها ويعيده فوق الطاوله :
-هشربه بس ادوق اللى هنا الاول .. 
قطبت جبينها بعدم فهم فعاد يقترب منها قائلاً بأستمتاع وهو يقوم بتحسس فوق شفتيها بلسانه :
-مش عارف بس بيتهيألى هنا احلى .. 
هتفت به معترضه :
-فريد حد يشوفنا ..
اجابها بأنشغال وهو يعاود علق شفتيها بلسانه :
-لو حد شافنا هقوله بشرب النسكافيه عشان اركز فى الشغل باقى اليوم ..

دوت ضحكتها عالياً ثم بدءت تبادله قبلاته على الفور ، قطع اتصالهما هاتفها والذى صدع رنينه واهتزازه فوق طاوله الطعام ، ابتعدت عنه حياة على مضض ثم قامت بألتقاط هاتفها تنظر به اولاً ثم قالت بأستغراب :
-ده رقم بباك  ..

قطب فريد جبينه هو الاخر ثم سألها بأستنكار :
-بيكلمك انتى ليه ؟! مع ان تليفونى معايا !!!..
اجابته وهى تحرك كتفيها :
-مش عارفه هرد واعرف ..

انهت جملتها وقامت بأستقبال المكالمه على الفور ، عقدت ما بين حاجبيها اولاً ثم عادت بنظرها لفريد الذى كان ينظر هو الاخر إليها بترقب مردده بتعجب وهى تزم شفتيها نحوه :
-نرمين !!! اها الحمدلله ..

قالت نيرمين على الفور مبرره :
-انا اسفه انى بكلمك من تليفون بابا بس مش معايا رقمك وخفت مترديش على ارقام غريبه ..
اجابتها حياة بجفاء وهى لازالت تنظر إلى فريد :
-لا عادى مفيش مشكله ..

اردفت نيرمين تسألها على الفور :
-مش عايزه اعطلك بس لو مش هتضايقى ممكن نتقابل ؟!.. 
تعلقت أنظار حياة بفريد الذى كان يستمع إلى حوارها بتركيز تام وقد فاجئها طلب اخته واتصالها فعادت تردد طلبها على مسامعه بأستغراب :
-تقابلينى !!!..

هز فريد رأسه رافضاً بحزم فاومأت حياة برأسها له موافقه ثم اجابتها بأقتضاب شديد :
-بصراحه معتقدش ان فى حاجه بينى وبينك  ممكن تخلي بينا كلام او مقابله ..
اندفعت نيرمين تقاطعها بلهفه :
-لا طبعا فى بينا اهم حاجه وهى فريد .. 

استرعت نيرمين انتباه حياة بالكامل بمجرد لفظها اسم فريد فأردفت نيرمين تقول بتوسل :
-حياة لو سمحتى متتسرعيش .. صدقينى انا عايزاكى فى حاجه مهمه وعشان تطمنى انا هاجى الشركه مع بابا وانا عارفه انك بتشتغلى معاهم .. اسمعينى الاول ولو معجبكيش كلامى كأنك مشفتنيش .. 

لوت حياة شفتيها بحيره ثم اجابتها على مضض قائله بتوجس :
-تمام .. مفيش مشكله ..
انهت المكالمه وعادت تضع هاتفها فوق الطاوله بشرود ، سألها فريد بترقب شديد مستفسراً بضيق :
-كانت عايزه ايه ؟!..

اجابته حياة بنعومه وهى ترفع كفيها وتحتضن وجهه بحب بعدما لاحظت تبدل مزاجه :
-ولا حاجه زى ما سمعت طالبه تقابلنى ولما رفضت قالت انها هتيجى الشركه النهارده مع بباك ولو سمحتلها هتقابلنى ..

قال فريد بنبرته القاطعه :
-حياة مفيش مقابله ومفيش تعامل معاها .. فاهمه !!..
زفرت بحيرة فقد أخفت عليه انه محور الزياره واذا كان هو محورها ستقابلها ولو كان الثمن حياتها لذلك سألته بنعومه وهى تتلمس بأصابعها وجنته :
-ممكن تفهمنى انت قلقان كده ليه دى جايه شركتكم وهتكون مع بباك .. ولو عايز قابلها انت ..

اجابها فريد بضيق محذراً :
-عشان لا نيرمين ولا جيهان حد ممكن يتسمعلهم او تتعاملى معاهم .. واظن مش محتاج أحذرك منهم ..

احنت رأسها فوقه وطبعت قبله مطوله فوق جبهته ثم اردفت تقول بحنان :
-عدوك عدوى من غير ما تفكير وأوعى فى يوم تفكرغير كده  .. بس وحياة اغلى حاجه عندك .. ورحمه ماما رحاب ممكن تسمحلى اتكلم معاها ؟!. حتى لو قدامك ..

نظر نحوها مطولاً ثم هم بالحديث فأردفت تقول بلهفه متوسله :
-عشان خاطرى مكالمتها قلقتنى متسبنيش بفضولى ووعد هاخد بالى ولو قالت اى حاجه تضايقنى هطردها .. ولو عايز تخلى حراس قدام الباب اعملها ولو عايز تحضر بنفسك احضر ولو عايزنى اسجلك كمان وهقولك كل حاجه قالتها بالحرف بس بليز متقولش لاء .. 

زفر بقله حيله ثم اجابها على مضض بجمود شديد للغايه :
-فى مكتبك ..
عادت جملته من وراءه موافقه بسعاده :
-فى مكتبى طبعاً ..
أردف يقول بتحذير:
-وهكون شايفك فى الكاميرا .. وهتقوليلى كل حاجه قالتها بالحرف الواحد ..
اجابته بأبتسام وهى تطبع قبله خاطفه فوق وجنته :
-هحكيلك حرف حرف بس وهاكل ودانك بس يكون عندك وقت ..
رمقها بنظره تحذير ثم أردف يقول بنبرته القاطعه :
-وهسيب حارس قدام الباب :
-اجابته وهى تقلد نبرته وملامحه المتهجمه :
-وهيكون فى حارس قدام الباب ..
هتف بها محذراً بصوته العميق :
-حيااااااة ..
اجابته بدلال وأبتسامه واسعه وهى تستند برأسها فوق كتفه :
-فريدى .. 

تنهد بأستسلام ثم قام بطبع قبله مطوله ومتقطعة فوق شفتيها بادلته إياها على الفور ثم قال بصوته الاجش :
-انا بقول نقوم احسن لانى اتاخرت النهارده بما فيه الكفايه ولو فضلت كده مفيش شغل النهارده ..

حركت رأسها التى لازالت مستنده فوق كتفه ببطء موافقه على طلبه ثم خرجت من داخل احضانه على مضض قبل تحركهم معاً للخارج جنباً إلى جنب .

**********

فى منتصف اليوم طُرق باب غرفه حياة المغلق ولم تكن تحتاج لكثير من الذكاء لمعرفه الطارق فهى كانت تنتظر قدومها منذ زمن وخصوصاً عندما رأتها تدلف الشركه بجوار والدها السيد غريب ، دلفت نيرمين بتعجرفها المعهود بعدما سمعت اذن حياة ووقفت تتأمل الغرفه بتمعن شديد قبل جلوسها قباله حياة فى احد المقاعد الوثيره قائله بدون مقدمات  وبنبره جديه ذكرت حياة بفريد خاصةً وهى تمتلك نفس لون عينيه :
-انا عارفه ان العلاقه بينا انا وانتى حتى انا وفريد مش كويسه .. وده اللى خلانى اجى النهارده بعد ما اتكلمت مع بابى واستأذنته ..

ضيقت حياة عينيها فوقها تتفحص ملامحها بترقب فرغم ثباتها وقوتها هناك شئ غريب بها شعرت به حياة ولم تعرف سببه ، اردفت نيرمين تقول بأسترسال :
-انتى عارفه ان انا مليش اخوات .. قصدى غير فريد طبعاً .. ومعرفش لو فريد صدف وقالك بس انا كنت متجوزه قبل كده من زمان وانفصلنا بسبب الأولاد لانى مبخلفش ..

صمتت قليلاً لتبتلع غصه اصابت قلبها جعلت حياة تشعر بالأشفاق نحوها ، استطردت نيرمين حديثها وقد بدء صوتها يختنق قليلاً :
-يعنى بأختصار كده انا مليش حد بعد مامى وبابى .. عشان كده ومتستغربيش من اللى هقوله .. انا مش عايزه علاقتى مع فريد تفضل وحشه .. نفسى نتصالح ونتعامل زى اى اخ وأخت بيحبوا بعض .. انا عارفه ان مامى وانا كمان ضايقناه كتير بس صدقينى انا ندمت على كل ده ونفسى اصلح علاقتى بيه ونبدء صفحه جديده ..

سألتها حياة يتوجس مستفسره :
-طيب انتى بتقوليلى انا الكلام ده ليه !! عندك فريد "اخوكى" هو اولى بالكلام ده ..

اجابتها نيرمين محاوله استماله حياة لصالحها :
-فريد شايل منى انا ومامى كتير وعارفه انه استحاله يقبل يشوفنى او يسمعنى وانتى شفتى بنفسك عاملنى ازاى لما زرتكم فى البيت ..

عضت نيرمين فوق شفتيها ولعنت غبائها بصمت وقد ادركت خطأها فأسرعت تقول مصححه :
-انا كمان بتأسفلك على الكلام اللى قلته اليوم ده وبتمنى تسامحينى وتتوسطيلى عند فريد على الاقل يسمعنى ويدينى فرصه وعشان تكونى مطمنه مش انتى بس اللى هتحاول معاه ده بابى كمان هيحاول .. بس انا عارفه انه بيحبك وهيسمعلك فبليز متحرمنيش من ان يكون عندى اخ وسند ليا اقدر اعتمد عليه والجأله ..

تنهدت حياة مطولاً ثم اجابتها على مضض قائله بحيره :
-مقدرش أوعدك بحاجه لانى مش ضامنه رد فعل فريد .. بس على الاقل هحاول معاه ..

ابتسمت نيرمين بأنتصار واندفعت تحتضن حياة قائله بأمتنان :
-وانا مش محتاجه منك اكتر من المحاوله وانك اسمحيلى اطمن عليه من خلالك لحد ما يقبل يتعامل معايا ..

حركت حياة رأسها موافقه بتفكير فداخلها يتمنى رغم كل شئ  إصلاح علاقه فريد بوالده واخته حتى يرتاح قلبه ويهنأ .

ودعتها نيرمين وركضت نحو الخارج وهى تبتسم بخبث ثم هاتفت نجوى قائله بأنتصار :
-ايوه يا بيبى .. كله تمام وشكلها الغبيه دى شربتها وكله هيبقى تمام متقلقيش ..

***********

بالطبع كان فريد يراقب لقائهم منذ بدايته بترقب شديد مستعداً للهجوم فى اى لحظه وقد تفاجئ كثيراً عندما انتهى لقائهم بذلك العناق الودى ، استدعى حياة على الفور بعد انتهاء زياره اخته ليسألها مستفسراً بفضول :
-كانت عايزه ايه ؟؟!!!. 

اجابته حياة وهى تتجه نحوه وتحتضن جسده بذراعيها :
-حاجه ملهاش علاقه بالشغل .. ممكن نتكلم فى بيتنا ؟!..

رفعت رأسها تنظر إليه لتتبين رد فعله فهى تعلم ان تلك المواجهه ابداً لن تكون سهله ولكن من اجل سعادته وراحته ستتحمل كل الصعاب ، احتنقت ملامحه وهو يسألها بضيق :
-حيااااة !! انتى وعدتينى !!! كل حرف !!..

اجابته وهى تمسح بأصبعها فوق جبينه بحنان :
-والله كل حرف بس عايزه اتكلم معاك وانا فى حضنك .. ممكن متحرمنيش من ده ؟!.. 
زفر بأستسلام ثم اجابها بنبره خاليه :
-طيب تمام اعملى حسابك هنروح بدرى النهارده عشان عندى شغل بليل ..
سألته بقلق وهى تنظر نحوه بأرتياب :
-شغل ايه ده ؟!!.. 
اجابها بجمود :
-شغل يا حياة .. شغل .. اكيد مش هبررلك كل حاجه .. 
اطرقت برأسها للأسفل وهى تجيبه بخفوت :
-مش قصدى .. انا بس كنت عايزه اطمن ..

زفر مطولاً ثم قام بجذبها لاحضانه مره اخرى بحنان وهو يقول مدافعاً عن نفسه :
-مش قصدى انا بس عندى ضغط شغل كتير ولما شفتها اضايقت اكتر .. 

اغمضت حياة جفنيها بألم فهى تعلم جيداً رغم إخفائه ان اسفل حنقه ذلك هناك حزن شديد يمكن بداخله حزناً على علاقته السيئه بأخته الغير شقيقه . 

**********

فى المساء وبعد انتهاء وجبه العشاء التى قُدمت باكراً بسبب عمل فريد المتأخر عادت حياة إلى غرفتهم وظلت تجوبها بقلق ، دلف فريد خلفها ثم بدء فى تبديل ملابسه على الفور ، سألته حياة مستنكره :
-انت نازل دلوقتى ؟!..
نظر فى ساعه يده اولاً ثم اجابها بعبوس:
-اها يادوب الحق .. 

زفرت بقله حيله فهى تشعر بالقلق ولا تدرى السبب هى فقط تشعر به بداخلها ، سألته بأحباط :
-طيب .. برضه مش عايز تقولى شغل ايه ده  !!!..

رمقها بنظره خاليه ولم يعقب ، لوت فمها بضيق وقد علمت انها لن تحصل على اى اجابه خاصةً وهو ينتظر اجابه اسألته لذلك ازدرت لعابها بتوتر ثم تنحنحت بقوه محاوله تتقيه حلقها ثم قالت بهدوء شديد :
-طب هتتأخر ؟!. 
لم يعقب ايضاً لذلك اردفت تقول مفسره :
-عشان نتكلم سوا عن النهارده ..

بدءت ترى بعض الانبساط لملامحه المتجهمه بعدما استمع إلى ما يريده فأبتسمت بخفوت عندما اقترب منها وجذبها بين ذراعيه قائلاً بنبره حنونه مطمئنه :
-مش عارف .. بس اتمنى متأخرش .. ادعيلى بس .. 
عبس وجهها وتأهبت ملامحها وقد اصابتها الريبه والشك لذلك هتفت متسائله بقلق متزايد  :
-يعنى ايه !!!.. فريد انت رايح فين ؟!.. 

فك حصار ذراعيها المحاوط جسده وابتعد عنها ليكمل ارتداء ملابسه وهو يقول بنبره هادئه :
-ولا حاجه يا حياة .. متقلقيش ..

تبعته حتى خزانه ملابسه والتفت بجسدها حتى تصبح فى مقابلته وتعلقت عيونها بعينه ناظره نحوه بحنان كبير يشوبه بعد القلق والحزن ، مد يده يحتضن كفها وبدء يداعبه بلمسات رقيقه مطمئناً لها بحب :
-مش هتأخر بس خلينى انزل دلوقتى عشان مستعجل ولما ارجع هحكيلك كل حاجه .. 

اومأت لها برأسها موافقه على حديثه دون تعقيب خلاف نظرتها الحزينه فأردف يقول وهو يلصقها بصدره القوى :
-حياة .. انا محتاج اتحرك دلوقتى فلو سمحتى اضحكى ..

زفرت بحيره وتمتمت وهى تخفى وجهها بصدره :
-طب انا ليه قلقانه ؟!.. 
اجابها بمرح وهو يرفع رأسها إليه ليتأمل سواد عينيها اللامعه :
-عشان شكلك اتعودتى انى افضل جنبك وانا لازم اشوف حل للدلع ده ..
قطبت جبينها وسألته بأعتراض :
-والله !!!.. 

اجابها مبتسماً وهو يطبع قبله فوق وجنتها :
-اهاا .. ارجع بس واشوف حل طويل للموضوع ده اهم حاجه متناميش .. 

غمز لها بمكر فردت وهى تبتسم بخجل وتطبع هى الاخرى قبله مودعه فوق وجنته مغمغمه برقه :
-هستناك ..

بادلها ابتسامتها بأخرى عاشقه وهو يتحرك نحو الخارج بخطوات واسعه ، هتفت حياة بأسمه تستوقفه فألتفت نحوها على الفور بعدما توقفت خطواته ينظر إليها بأستفسار ، اردفت حياة تقول بنعومه وخجل :
-لا اله الا الله ..
فتح فمه لوهله مندهشاً من جملتها ثم اجابها بأنبهار:
-محمد رسول الله .. 

************

 ظلت حياة تتجول داخل المنزل بقلق وهى تنظر فى ساعه يدها كل عشرة دقائق  تقريباً ، زفرت بضيق وهى تجوب غرفتها ، لقد مر اكثر من ٣ ساعات منذ خروجه وحتى الان لم يعد ، نهرت نفسها على سذاجه تفكيرها ، بالطبع ان اعماله تتطلب اكثر من هذا الوقت بكثير وربما لديه واحد من تلك الاجتماعات التى تدوم بالساعات ، اذا لماذا لم يخبرها بتفاصيله !! ولماذا انقبض صدرها بمجرد سماعها عنه !! هذا ما فكرت بقلق وقد عاد إليها توترها مره اخرى 

وبعد ساعه اخرى من القلق المتواصل وتعلق نظراتها بحديقه المنزل منتظره عودته لمحت ضوء سيارته يأتى من بعيد ، تنفست الصعداء ورتبت من مظهرها قليلاً ثم ركضت نحو الاسفل تستقبله ، دلف فريد المنزل وهو يبتسم بأنتصار من اجل نجاح خطته ، تفاجئ وهو يتسلق الدرج بحياة تقفز بقوه داخل احضانه مما جعله يترنح قليلاً ومد يده ليتمسك بدرابزين الدرج ليحافظ على ثباته ، أخفت حياة رأسها فى طيات عنقه قائله بصوت مكتوم :
-انت اتاخرت اوى ..

اتسعت ابتسامه وتحركت يده ترفع قدمها من فوق الدرج ليحملها بخفه ويتوجه بها نحو غرفتهم قائلاً بمرح :
-انا لو اعرف ان كل مره هتأخر هتستقبلينى كده كنت اتاخرت من زمان ..

انزلقت بجسدها من بين قبضته وعادت قدمها تستند على الارضيه بمجرد وصوله غرفتهم قائلاً بأعتراض :
-والله !!.. لا حضرتك ده النهارده بس عشان كنت قلقانه مش اكتر .. 

مال بجزعه نحوها وطبع قبله خاطفه فوق وجنتها ثم توجهه مباشرةً نحو خزانه ملابسه ليستبدل ثيابه قائلا بثفه :
-كام مره قلتلك وانا معاكى متخافيش .. وبعدين متفتكريش هتعرفى تهربى منى .. احكيلى كانت عايزاكى فى ايه النهارده ..

تنفست حياة مطولاً سامحه لأكبر قدر من الهواء بالوصول لرئتيها ثم قالت مباشرةً ودون مقدمات بنبره متوجسه :
-نيرمين عايزه تصالحك .. او بالمعنى الاصح عايزه تتعامل كأنكم اخوات وطلبت منى اتوسط عشان تعرف تقابلك ..

توقفت يده عن العمل للحظات وتجمدت ملامحه ثم استدار ليواجهها بكليته قائلاً بملامح محتقنه :
-بنت جيهان !!! وانا ؟!..

اردفت حياة تقول بأسترسال رغم رؤيتها جموده :
-ليه لاء !!! .. اكتشفت انها محتاجالك ومش عايزه العلاقه تفضل بينكم كده خصوصاً وانك اخوها الوحيد ..
اكمل فريد ارتداء ملابسه بأليه شديده غير مبالياً بحياة التى كانت تقف امامه مترقبه اجابته ، رفع رأسه بعد انتهاءه من ارتداء تيشرته ثم اجابها بنبره قاطعه :
-لاء .. 

اندفعت حياة تسأله مستفسره :
-ليه لاء ؟!.. 
رمقها بعده نظرات حانقه ثم اجابها بنبره بارده مقتضبه :
-من غير ليه ..
هتفت حياة تسأله بأعتراض :
-يعنى ايه من غير ليه .. فريد انت مش شايف ان من حقى تشاركنى قراراتك خصوصاً لو انا طرف فيها ..

رفع احدى حاجبيه مستنكراً ثم هتف مستفسراً. بتهكم مستفز :
-اشاركك ؟!.. طرف ازاى مفهمتش !!..

استفزها تهكمه فأردفت تجيبه بنبره شبهه محتده :
-طرف لانى مراتك ودى اختك .. يعنى يهمنى ان ولادى فى المستقبل تكون عندهم عيله كامله وقبل كده عمه بيحبوها ..

برغم سعادته من سماعها تنطق بتلك الفكره التى داعبت قلبه الا انه اجابها  بغلظه لم تعهدها منه:
-لما يبقى عندك ولاد ويشتكوا نبقى نتكلم ..
هتفت حياة اسمه بعدم تصديق :
-فريد !!!.. 

اجابها من بين اسنانه بنبره قاطعه وهو يتحرك نحو الفراش ليتمدد فوقه :
-حياة انا حذرتك من الاول ورفضت تقابليها وانتى صممتى .. انها شافتك عبيطه بقى وضحكت عليكى بكلمتين هبل دى مشكلتك مش مشكلتى ومش عايز كلام تانى فى شئ ميخصكيش .. 

نكست رأسها للأسفل واختتق صوتها نسيباً وهى تجيبه بخفوت :
-شكراً على انى عبيطه .. 

انهت جملتها وتحركت تجلس على الطرف الاخر من الفراش متجنبه النظر نحوه ، زفر فريد بضيق وأردف يسألها بنبره مازالت محتده :
-انتى عايزه تتخانقى يعنى ؟!.. 
التفت برأسها تنظر نحوه بحده وهى تجيبه بنزق :
-انا مش عايزه اتخانق طبعاً انت اللى اتعصبت عليا ..

ارتخت ملامحه قليلاً ثم قال متشدقاً بجملته :
-كويس عشان نيرمين متستاهلش اننا نتخانق عشانها ..
برغم غضبها منه الا انها ضغطت فوق شفتيها تحاول كبت ابتسامه هددت بالظهور فوق شفتيها وتعمدت عدم النظر إليه او الرد عليه برغم تحديقه المستمر لها ، اقترب هو منها متودداً وقائلاً بنعومه :
-طب بصيلى .. 
اجابته بخفوت ورقه دون النظر نحوه :
-نعم !!.. 

فرك ذقنه عده مرات بقوه ثم أردف يقول وهو يزيد من اقترابه منها :
-مش هقول غير لما تبصيلى .. 

رفعت رأسها نحوه ليرى عينيها تلمع ببعض الدموع فاستأنف حديثه الهادئ وهو يرمقها بنظرات حنونه :
-مش انا حذرتك من نيرمين ! .. مش عايزها تأثر عليكى انا اكتر واحد عارفهم هى وجيهان وعارف ممكن يعملوا ايه عشان مصلحتهم اسالينى انا ..

مدت أناملها لتداعب مقدمه عنقه وهى تتسائل بخفوت :
-طب ممكن تحكيلى ..
تصلبت ملامحه وأظلمت نظراته وهو يجيبها بضيق :
-مش عايز افتكر ..

توسلته بأستعطاف رقيق وهى تحاوط وجهه بكفيها :
-طب عشان خاطرى اديها فرصه وأسمعها يمكن فعلا تكون اتغيرت .. دى قالتلى انها انفصلت عشان مش بتجيب اولاد يعنى اكيد محتاجالك ولولادنا فى المستقبل فى حياتها ..
زفر فريد بنفاذ صبر وأغمض عينيه لوهله فقد أرهقه هذا الجدال السخيف :
-حياة كلامى نهائى لاء ..

علمت انها لن تستطيع حسم ذاك النقاش الليله لذلك لوت فمها بأستسلام وقد قررت تأجيله لوقت اخر ، عادت تسأله برقه مستفسره :
-طب ممكن اعرف كنت فين ..
مد يده ليحتضن كفها وبدء يداعبه بنعومه قائلاً بصوته الاجش :
-مش عايز اتكلم دلوقتى .. 

تعلقت نظرتها بعينيه العاشقتين وقد بدءت ترتجف من لمسته الحانيه فوق بشرتها وشعرت بكل غضبها منه يتلاشى ولكنها تمالكت نفسها حتى لا تستسلم له من اول جوله قائله بعتاب :
-انت مش بتفهمنى اى حاجه ودايما سايبنى قلقانه ..
أجابها متجاهلاً عتابها وهو يخفض رأسه نحوها ويقوم بتوزيع قبلاته فوق وجهها :
-وحشتبنى ..
تنهدت قائله بأعتراض ضعيف :
-فريد !!..
اجابها بأبتسامه عابثه :
-انتى قلتى كام فريد النهارده ؟!.. 
اجابته بسذاجتها المعهوده :
-كتير ..
اردف يقول بجديه تتتاقض مع موضعهم وانفاسه التى تلفح بشرتها الساخنه :
-يبقى سبينى قبل ما يتكوموا عليا ..
رمشت بعينها عدت مرات ثم سألته بخبث وهى تقترب اكثر من شفتيه :
-هما ايه دول ..
اجابها قبل التهامه شفتيها بتملك :
-هعرفك ..

اختفت مقاومتها وغضبها وارداتها لتخطف معه من الزمن لحظات خاصه بهم لم يتمناها الا معها .
اخذت حياة نفساً عميقاً تستجمع به ارادتها وقد قررت التحدث معه مرةً اخرى لعل مساعيها تلك المره تُكلل بالنجاح ، ضغطت فوق شفتيها واغمضت عينيها لوهله تتضرع إلى الله فى صمت ان يتجاوب معها ولا يصدها كعادته ، فتحت عينيها بأمل وهتفت اسمه وهى داخل احضانه بدلال يشوبه الكثير من التوتر الخفى لجذب انتباهه :
-فريدى .. ممكن اطلب منك حاجه وعشان خاطرى متتعصبش ..

لوى فريد فمه بنصف ابتسامه جانبيه من سذاجتها المعهوده ثم اجابها بخفه ممازحاً وهو يربت فوق شعرها :
-فريدك عارف كويس انتى عايزه تطلبى ايه وبرضه لسه اجابتى لاء ..

رفعت جسدها واستندت على مرفقها حتى يتسنى لها رؤيته بوضوح ثم سألته بأحباط ووجها قبالته :
-طيب على الاقل فهمنى .. ماشى تمام انا عارفه انك مضايق منها وعارفه كمان انك من زمان مش بتحب تحكى حاجه لحد ..
صمت قليلاً لتستبين رد فعله وتنظر داخل عينيه ثم اردفت بنبره خفيضه وهى تحتضن كفه بتوسل :
-بس لو محكتليش انا هتحكى لمين ؟!.. 

لمعت عينيها برجاء وهى تحدق داخل عسليتيه منتظره جوابه ، طال أسر عينيها لعينيه بصمت مترقب شعرت خلاله ان املها يتضائل شيئاً فشئ ، حسناً ان كان يظن انها ستستلم فهو لم يختبر قوه عنادها حتى الان ، هذا ما فكرت بأصرار منتظره صدور اى رد فعل منه ، زفر بعد لحظات بأستسلام قائلاً بنبره ثقيله مختنقه وعينيه تتنظر للفراغ:
-ماما مماتتش بسبب السكته قلبيه .. او يعنى ماتت بيها بس بابا كان السبب هو اللى قتلها .. 
ارتمت حياة بجسدها فوق الفراش بجواره تستند بظهرها فوق الوساده وهى تتنفس الصعداء ، اخيراً !! 

بدون مقدمات استدار بجسده نحوها وقام بسحبها من خصرها للأسفل حتى تتمدد فوق الفراش ثم اسند رأسه فوق كتفها خافياً وجهه عنها ثم اردف يقول بنبره جامده وجسد متصلب للغايه :
-جيهان هى السبب .. هى ومنصور .. انا كل اللى كنت اعرفه انه كان شاكك انها على علاقه بواحد قريبها وعشان كده ضربها زى المجنون ومنع عنها الدوا لحد ما جاتلها ازمه قلبيه .. قلبها مستحملش ومقدرتش تكمل .. بس بعدين لما رجعت مصرهو جه حكالى وطلب منى اسامحه .. حكالى انه وقع ضحيه للعبه جيهان ومنصور .. جيهان تخلص منها ومنى ومنصور يتجوزها بعد ما هو يطلقها لانه كان بيحبها!! ..

ارتجف جسده من الذكرى واجفلت هى معه ، رغم علمها المسبق بالخطوط العريضه لتلك القصه الا ان سماعها من فمه بذلك الالم الواضح فى نبرته جعل بدنها يرتجف لا ارادياً ، كانت كلماته متقطعه ثقيله وغير مكتمله ولكنها علمت ان ذلك كل ما ستحصل عليه آلان لذلك استمعت له بكل حواسها دون مقاطعه يكفيها انه اخيراً قرر التحدث وأخبارها .

اردف فريد حديثه محاولاً اخراج نبرته ثابته قدر الامكان :
-بعد ما ماما ماتت كان لازم اروح اعيش معاه ومع جيهان رغم انى كنت عارف انها مش بتحبنى بس مكنش قدامى اختيار ..
صمت قليلاً ليضيف بتهكم مرير :
-تخيلى جبروت بابا قصاد تيتا سعاد .. طبعا النتيجه محسومه ..

تنهد بوجع ثم اردف يقول :
-بس مكنتش متوقع انها تعمل كل ده .. مكنتش بتقبل تخلينى أكل معاهم الا فى وجوده عشان انا ابن الخدامه .. كانت بترميلى الاكل فى اوضتى لوحدى .. طبعاً بعدين عرفت ان فى سبب تانى .. حتى نيرمين مكنتش بتندهلى غير كده .. كانت بتتعمد تستفزنى وتضربنى ولما كنت بدافع عن نفسى كانت جيهان بتيجى تجرنى وترمينى فى اوضه المخزن ، اوضه ضالمه مفيهاش نور ولا اى حاجه اقعد عليها مع كلام من نوعيه انى جيت غلط وانى لازم احصلها وآموت زيها .. وانها مش هتسمحلى اخد كل حاجه واسيب لبنتها الملاليم .. كنت بفضل قاعد على الارض لحد ما تقرر تفرج عنى وده طبعا كان قبل ميعاد رجوعه عشان مياخدش باله من حاجه .. فى الاول كنت بخاف من الضلمه لوحدى بس بعد كده حبيتها ، لان الحبس كان ارحم كتير من انى اقعد معاهم .. بس وبعدها  قررت انى مش هسمح لنيرمين تأذينى او تضربنى تانى وانى لازم ادافع عن نفسى وطلبت انى اتعلم كل انواع الرياضه وفعلاً وافق على طول .. طبعاً مانا ولى العهد ..

لاحظت حياة خلال حديثه انه يتحدث عن والده بصيغه الغائب ، بالطبع تعذره لقد تخلى والده عنه وعن حمايته فى اسوء أيامه ولم يهتم بطفله الوحيد ولا بواجباته كأى اب !!، تنهدت بحزن ودموعها تنهمر فوق وجنتيها بصمت ، عادت تستمع بحواسها إلى كلماته التى تدمى قلبها دون تعقيب :
-وفى يوم مدرب المصارعة طلب منى تحاليل كأجراء روتينى عشان التغذيه لان حجمى كان صغير وجسمى ضعيف وبعدها اكتشفوا ان فى ماده فى دمى بتسبب دمور فى عضله القلب على المدى البعيد بس لحسن حظى انهم اكتشفوها بدرى .. طبعاً غريب بيه مستحملش يشوف استثماره اللى استناه سنين بيتأذى وفضل يدور لحد ما اكتشف انه مراته المصونه هى اللى عملت كده .. ولما واجهها انهارت فيه واعترفت قدامه انها بتكرهنى واكتر حاجه بتتمناها انى احصل "الخدامه" عشان تبقى صلحت الغلط اللى سمحت بيه من الاول .. متستغربيش من غريب بيه رغم قوته وهيلمانه ده الا ان نقطه ضعفه هى جيهان .. عشان كده شاف ان احسن قرار يرمينى بره فى مدرسه داخليه ارجعله بعدها رجل اعمال اشيل مسئولياتى زى ما كان طول عمره بيتمنى .. بس جيهان معملتش حسابها انى هرجع كده وانى هقدر احمى نفسى من شرها هى وبنتها .. وعارف انهم لدلوقتى لسه بيحاولوا يأذونى وهيأذوكى بس فريد بتاع زمان راح وراح معاه ضعفه وعمرى ما هسمح لحد يقرب منى او من عيلتى او اى حاجه تخصنى .. 

اهتز جسدها أسفله وبدءت شهقاتها تعلو رغم محاولتها المستميتة لكبتها ولكن أنى لها ذلك وهى تستمع لمعاناته ؟!، حتى ان أخفت دموعها كيف تخفى عنه ارتجافه ذلك القلب الذى يأن من اجل صاحبه ، رفع فريد رأسه لينظر نحوها فوجد الدموع تملئ الوساده أسفلها ورغم رؤيتها المشوشه استطاعت رؤيه احمرار عينيه وتلك الدمعه الوحيده التى فرت هاربه منه ، رفعت إصبعها لتمسحها بحنان رفع هو كفه يمسد وجنتها وشعرها ، من الذى يواسى الاخر لم تدرى ، كل ما تعرفه جيداً إنهما كيان واحد حتى لو اختلفت الاسماء والأجساد ما يؤلمه يؤلمها وما يسعده يسعدها ، فتحت ذراعيها على مصراعيها تدعوه إليها فاستجاب لها على الفور وارتمى داخل أحضانها ودفن رأسه داخل عنقها وبدءت تشعر بدموعه الساخنه تنساب فوق عنقها وكتفها ، وللمره الثانيه امتزجت دموعهما معاً حتى استكان جسده وروحه بين ذراعيها التى شددت من احتضانه كأنها تريد إخفائه بداخلها وحمايته من اى اذى اصابه او قد يصيبه 

بعد فتره قليله شعرت بأنتظام انفاسه الواقعه عليها لذلك سمحت لنفسها هى الاخرى بأغماض عينيها وانهاء تلك الليله الحزينه .

*********

فى الصباح استيقظت حياة بجسد متخشب من ثقل جسده الملقى عليها ، حركت احدى ذراعيها ببطء شديد عده مرات لفك تيبسه ثم بدء تداعب به خصلات شعره بحنان ، تململ فريد فى نومته وحرك رأسه للاعلى قليلاً علامه على بدء استيقاظه ، ابتسمت حياة بحب من مظهره العفوى فهى تعشق مظهره عند الاستيقاظ وخصوصاً بعبوس وجنتيه التى سرعان ما تتحول لابتسامه كسول بمجرد رؤيتها ، احنت رأسها قليلاً حتى تصل إليه ثم بدءت بطبع عده قبلات رقيقه فوق جبهته ، حك انفه داخل عنقها وقد بدءت ابتسامته فى الظهور ثم غمغم وهو لايزال مغمض العينين  بصوته الناعس الذى خرج مكتوم بسبب فمه الملتصق بعنقها :
-خلى بالك هتعود اصحى كده كل يوم ..

اتسعت ابتسامتها وأجابتها بدلال وهى تعبث بمنابت شعره :
-اتعود .. وانا هضطر أتعامل ..

فتح عينيه ورفع جسده لينظر نحوها ثم اردف يقول بمرح ينافى ما مرا به ليله البارحه :
-امممممم .. قولتيلى مضطره ..
انهى جملته وبدء يحرك ذراعيه اسفل خصرها ليجذبها نحوه ههتفت حياة بأسمه بنبره عاليه معترضه وهى تحاول كبت ضحكتها :
-لا فريد .. هتتأخر .. والله الموظفين هيقولوا انا السبب ..

توقف عن جذبها وعبس جبينه متصنعاً الجديه ثم سألها بتركيز مستفسراً :
-على اساس مش انتى اللى بتأخرينى !!..
جعدت انفها ولكزته بحده فى كتفه قائله بحنق وهى تحاول الابتعاد عنه :
-والله !!! طب اوعى بقى يا استاذ فريد عشان متتأخرش ..

ضغطت على حروف كلمتها الاخيره بتهكم غاضب جعلت ضحكته تدوى عالياً من تقلب مزاجها النارى ، جذبها نحوه اكثر مضيقاً المسافه بينهم ثم قال بأبتسامته العابثه :
-الموظفين ومدير الموظفين ومدير مدير الموظفين تحت امر حياتى ..

تبدل مزاجها فى الحال وعادت ابتسامتها الخجله فى الظهور من تودده المحبب لها ثم انتهزت الفرصه لتسأله وهو يقترب من فمه لشفتيها :
-طب مش هتقولى كنت فين بليل .. انت قلتلى هحكيلك وانا مستنيه ..

ابتعد عنها قليلاً وأغمض احدى عينيه قائلاً بحاجب مرفوع :
-مش وقته خالص على فكره ..
عاد ليقترب منها فأسرعت تقول مقاطعه له بنبره حاده نوعاً ما :
-لا وقته .. فريد بجد انت وعدتنى هتحكيلى!!.. 

زفر مطولاً ثم اجابها وهو يطبع قبله خفيفه جانب فمها :
-هحكيلك بليل ..
دفعته برقه حتى يبتعد عنها قليلاً ثم نظرت نحوه مردده بأستنكار :
-لسه هستنى لبليل ؟!.. 
اجابها بغموض :
-اها .. دلوقتى مش فاضى ..
اجابته بأختصار وقد اغضبها تسويفه :
-امممم عندك حق .. احنا دلوقتى مش فاضيين ..

حركت  جسدها مبتعده عنه استعداداً للخروج من الفراش ، فأردف يقول وهو يوقف تحركها :
-طب مفيش صباح الخير الاول ؟!..
رمقته بعده نظرات محتده ثم اجابه بأقتضاب من جانب فمها :
-صباح الخير ..
هتف معترضاً بضيق :
-لا مش هى دى صباح الخير بتاعتى اللى أنا عايزها ..
اجابته ببرود وهى تبتسم له بسماجه :
-هى دى صباح الخير اللى عندى لحد بليل 
هتف بضيق عندما نجحت فى التسلل من بين يديه خارج الفراش قائلا بأعتراض طفولى :
-حيااااة .. 

لم تعيره اى انتباه بل واصلت سيرها نحو الحمام وهى تبتسم بخبث ، لحق بها وهو يعاود سؤالها بضيق شديد :
-انتى بتهزرى صح ؟!.. 
التفت تنظر نحوه ببراءه شديد ثم سألته بنبره بارده مدعيه عدم الفهم :
-بهزر ليه ؟!..
هتف مره اخرى زافراً بقوه وهو يحك مؤخره رأسه بيده متسائلاً بأعتراض :
-انتى عارفه ليه .. 
اجابته بخفوت وهى تعاود الاقتراب منه بشكل حميمى :
-لا مش عارفه فهمنى .. 

قبض على خصرها بذراعيه والصق جسدها بصدره القوى قائلا من بين شفتيه وهو يخفض رأسه نحوها :
-انتى بتعاقبينى يعنى ؟!..
سألته هامسه وقد اصبحت شفتيه الان امام فمها بعدما اخفض رأسه نحوها :
-وانت بتعاقبنى ؟!..
هز رأسه نافياً ببطء ثم اجابها بصوته الاجش وهو يتلمس بشفتيه شفتيها استعدداً لتقبيلها :
-ابداً .. بس عندى حاجات اهم دلوقتى ..

ضيقت عينيها فوقه ثم بدءت تحرك كفيها بنعومه شديده فوق ذراعيه العاربين حتى ارتخت قبضته فوقها ثم قامت بألافلات منه قائله من بين أسنانها بأستفزاز :
-وانا كمان عندى حاجات اهم دلوقتى ..

انهت جملتها وركضت إلى الحمام غالقه الباب خلفها جيداً ، تاركه فريد خلفها يهتف اسمها بحنق شديد عده مرات متوعداً لها عما فعلته به .

**********

فى فيلا غريب رسلان وتحديداً داخل غرفه طعامه ارتفع رنين هاتفه الموضوع امامه فوق مائده الافطار ، اخذه غريب بأهتمام شديد خصوصاً بعد رؤيه هويه المتصل ثم سأل الطرف الاخر بترقب :
-ها .. اكيد عندك حاجه جديده ؟!..

استمع لجاسوسه المجهول بأهتمام شديد وبدء بؤبؤ عينيه يتسع بتركيز شيئاً فشئ ، سأله غريب مستفسراً بأندهاش :
-بليل ؟!!. وأتحرك لوحده !!..

استمع إلى اجابه الطرف الاخر ثم اردف يقول بأعتراض :
-حتى لو معاكم الامن !! ازاى يتحرك خطوه زى دى من غير ما تبلغنى ؟!..
استمع إلى تبرير الرجل الاخر يليه عده جمل مطوله ثم بدءت ملامح وجهه فى الابتسام بسعاده مستفسراً بعدم تصديق :
-يعنى نجح !! اتقبض عليه فعلاً ؟!.. 

استمع إلى اجابه سؤاله ثم اغلق الهاتف وضحكته تدوى بأنتصار عجيب ، انتبهت جيهان الجالسه جواره بجميع حواسها إلى مزاج زوجها الذى تبدل فى لحظه لتسأله بأستفسار :
-مالك يا غريب ؟!.. ايه المكالمه اللى بسطتك اوى كده ومين ده اللى اتقبض عليه ؟!!..

اجابها غريب بشماته وأسنانه تبرز من خلف ابتسامته :
-منصور اتقبض عليه بليل بتهمه تهريب اسلحه ومعاها الشروع فى قتل فريد بعد ما اعترف عليه القاتل اللى كان مأجره ..
ارتجفت يد جيهان وارتجف معاها فنجان القهوه الذى كانت تحمله وتمتمت تسأله بخفوت شديد ونبره مهتزه :
-انت متاكد من كلامك ده !!..

اجابها غريب بفخر وثقه وقد انتفخت أوداجه غروراً :
-متأكد .. فريد بنفسه هو اللى كان هناك بعد ما اتفق مع البوليس وقبضوا عليه متلبس بالاسلحه .. ابنى الأسد .. راجل بصحيح ..

ابتعلت جيهان ريقها بصعوبه بالغه وقد حاولت رسم ابتسامه باهته وهى تقول من بين أسنانها بشرود :
-مبرووك ..
اجابها غريب بسعاده حقيقه وهو يتحرك من مقعده استعدداً للخروج :
-الله يبارك فيكى .. لازم اتحرك دلوقتى واشوف هنعمل ايه ..

عند مدخل المنزل أوقفه صوت نيرمين التى ركضت خلفه تستوقفه بعدما رمقت والدتها بنظره ذات مغزى قائله بأستفسار :
-بابى عملت ايه فى اللى اتكلمنا فيه ؟!..
ربت غريب فوق كتفها مطمئناً وهو يقول بثقه :
-متقلقيش يا حبيبتى النهارده هحاول اتكلم مع حياة وانا واثق من تأثيرها عليه .. بينى وبينك انا كنت معترض عليها فى الاول بس بعد ما شفت السعاده فى عيونه اتاكدت انه بيحبها جدا ولو فى حد هيقدر يأثر عليه هتكون هى ..

ابتسمت له ابنته بأقتضاب تعقيباً على حديثه ثم اردفت تقول متصنعه اللهفه :
-اه يا بابى بليز انا عايزاك تخلص الموضوع ده فى اسرع وقت ..
اومأ له والدها برأسه موافقاً ثم قال بتصميم :
-متقلقيش مل حاجه هتتحل مادام عندك النيه .. مش متخيله انا مبسوط قد ايه بقرارك ده يا نيرو ..

حركت رأسها هى الاخرى موافقه على حديثه ولم تعقب ، نظر غريب إلى وجهها متفحصاً ثم سألها بقلق :
-نيرو !! انتى كويسه ؟!.. شكلك مش طبيعى  !!..
سألته نيرمين بتوتر ملحوظ :
-قصدك ايه يا بابى ؟!..

اجابها غريب بحيره وهو يعاود تأملها :
-مش عارف بس عينيكى مرهقه اوى وشك كله مش مظبوط .. حتى مامتك بتشتكى انك بقيتى بتقضى طول اليوم فى اوضتك وبليل للخروج ومش بتقعدى معاها زى الاول .. مالك يا حبيبه بابى

تنحنحت نيرمين بأرتباك ثم اجابته كاذبه :
-ولا حاجه يا بابى انا بس زهقانه عشان مفيش حاجه فى حياتى جديده .. انت بس نفذ اللى طلبته منك وانا هرجع مبسوطه تانى .. صدقنى .

ابتسم غريب بأستحسان وهو يرى جديه ابنته فى اصلاح الاحوال بينها وبين ابنه الوحيد ، ذلك الشئ الذى طالما سعى إليه وتمناه منذ صغرهم وحالت بينه وبين حدوثه جيهان ، هذا من وجهه نظره بالطبع .

***********

راقبت حياة خلال الفطور وما تلى ذلك من روتينهم اليومى رد فعل فريد ووجهه المتجهم بسبب صدها له وابتعادها عنه ، لم تكن هى الاخرى سعيده او فخوره كثيراً بما فعلته ولكنه لم يترك لها وسيله اخرى حتى يتحدث معها ويشاركها تفاصيل يومه ، كانت علاقتهم رائعه فيما عدا ذلك سواء فى المنزل او العمل اما علاقتهم الخاصه فكانت سحر من نوع اخر لم ولن تختبره الا معه ، ولكن رغم ذلك كان يؤلمها كثيراً اغلاقه على نفسه ، حسناً هى تعلم طبعه منذ الصغر وتعلم انه لم يكن كثير الحديث او البوح بما يدور بداخله ولكن هذا يضره ولا بنفعه لقد كان وحيداً بما يكفى ولن تسمح له بالانغلاق على نفسه اكثر من ذلك ، هى زوجته وقبلها حبيبته ومن واجبها مشاركته همومه ومشاكله حتى ان اضطرت إلى استخدام كل الطرق الغير محببه له ولها .

************

اما عنه هو فقد جلس خلف مكتبه بعد وصوله لمقر شركته يتصفح الجرائد اليوميه وعينيه تلمع برضا بعد حرصه الشديد على تصدر ذلك الخبر العاجل لكل الاعلام المصرى سواء المكتوب او الالكتروني ، عاد بجسده للوراء مستنداً على ظهر مقعده وواضعاً  ساق فوق الاخرى بفخر وعينيه تشع ببريق الانتصار ، لقد انتظر سنوات وسنوات لرؤيه انكساره امامه وها هو الان يجلس فوق مقعده بعدما حقق مراده ورأى منصور يسير مكبلاً بقيود الخزى والخيبه مع الصدمه تكسو ملامحه وتغلف خطواته 

لقد كلفه ذلك الكثير من الجهد والمال ولكن يهون ، كل ذلك يهون من اجل التخلص منه والانتقام لذكرى والدته فقط تبقى حساب شريكته جيهان ، قاطع تفكيره رنين هاتف مكتبه الداخلى تبلغه سكرتيرته من خلاله بوصول ضيفه المرتقب ، طلب منها فريد ادخاله على الفور ثم اعتدل فى جلسته استعداداً لاستقباله ، دلف وائل الجنيدى لداخل الغرفه بسعاده هو الاخر ، تحرك فريد يستقبله بأهتمام رغم الحذر والذى لايزال بادياً فى جميع تصرفاته معه ، صافح كفه بأستحسان عندما هنأه وائل قائلاً بأرتياح :
-مبروك ..

اجابه فريد بأقتضاب وهو يشير له بأتجاه احد المقاعد للجلوس :
-مبروك علينا ..

قال وائل بثقه :
-مكنش عندى شك للحظه واحده انك ممكن تفشل او عمى يعرف ينجح فى تهريب الصفقه دى .. واسمحلى اقولك انى معجب بذكائك وقبله تصميمك ..

اومأ فريد له رأسه بهدوء ثم اجابه بغموضه المعتاد :
-وانا معجب بحسن تصريفك للامور .. وقبلها اختيارك الصح ..

ابتسم وائل من مغزى جمله فريد الذى وصله بوضوح ثم اردف يقول بنبره ذات مغزى :
-الحياة ساعات كتير بتحطنا قدام اختيارات وبتجبرنا نتعامل بأساليب مكناش نتوقع نستخدمها فى يوم .. عمتا خلينا فى المهم .. اللى كنا عايزينه حصل ودلوقتى مستنى اللحظه الاهم ..

اجابه فريد بغرور :
-وفريد رسلان عمره ما يخلف وعده .. الشراكه مع الألمان من النهارده بينا احنا ال٣ .. 
ظهرت ابتسامه وائل الودودة والتى كان يتسم بها دائماً عكس فريد دائم التجهم .

فى الخارج لمح السيد غريب خيال حياة عائده من الممر إلى غرفتها ، انتهز الفرصه وتحرك خلفها هاتفاً بأسمها ليستوقفها ، التفت حياة بكليتها تنظر نحوه بفضول فرغم كل شئ ابداً لم تكن العلاقه بينهم وديه ولن تكون حتى رؤيتها له الان اثارت حنقها فبعد حديث البارحه مع فريد عاد غضبها الدائم منه ليطفو إلى السطح من جديد لذلك تحدثت إليه بجمود متسائله :
-فى حاجه ؟!..

اجابها غريب بوديه لم تعهدها منه :
-مبروك ..
قطبت حياة جبينها بعدم فهم ثم سألته مستفسره :
-مبروك على ايه مش فاهمه ؟!!..
سألها غريب بأستنكار :
-لا متقوليش انك مش عارفه والاهم متقوليش انك فريد مبلغكيش بحاجه !!!..

سألته حياه بترقب والفضول يزداد بداخلها :
-لا حضرتك عارف فريد مش بيتكلم كتير ..

هز غريب رأسه موافقاً على حديثها ثم بدء يسرد لها تفاصيل ليله البارحه وما علمه من جاسوسه الخاص من مشاركه فريد فى القبض على منصور ، فتحت حياة فمها بأندهاش واتسعت عينيها بذهول وهى تستمع إلى التفاصيل القليله التى بحوزه غريب والتى تكفيها لتشعر بالسعاده تغمرها ، هل فريد فعل ذلك حقاً !!، لم ينتقم منه شخصياً وبدلاً عن ذلك سلمه للامن ، تحتاج الان لمن يصفعها على وجهها للتأكد من عدم هذيانها ، بدءت ساقيها تتحرك تلقائياً فى اتجاه غرفته للتأكد من صحه تلك المعلومات ولكن صوت غريب اوقفها مرةً اخرى ليسألها على استحياء قائلاً :
-حياة .. نيرمين كلمتك صح .

بمجرد سماعها لذلك الاسم تلاشت سعادتها وعاد الغضب يكسو ملامحها ، تلك الافعى الصغرى ووالدتها ، ماذا تريد منه الان بعد ما فعلته بِه وهو طفل لم يتجاوز الثانيه عشر لذلك اندفعت تجيبه بنبره عدائيه :
-غريب بيه لو سمحت انا بره الموضوع ده .. نيرمين لو نيتها صادقه تفضل تحاول مع فريد لحد ما يسامحها .. غير كده انا مش هقدر أساعدها ..

سارع غريب يقاطعها برجاء :
-حياة لو سمحتى .. صدقينى نيرمين صادقه فى كل كلمه قالتها وصدقينى اكتر انا بتمنى فريد يسامحنا كلنا ونبقى عيله كامله من غير مشاكل ولا احقاد .. من فضلك ساعدينا فى ده ..

لانت قسمات وجهها قليلاً وكيف لا وقد عزف على وترها الحساس وهو العائله ، لذلك هزت رأسها بجمود ثم تركته وانصرفت متجهه نحو غرفه زوجها وعيونها تلمع بالحب لمجرد التفكير به 

***********

اندفعت حياة داخل غرفه مكتبه دون استئذان وهى تهتف اسمه بسعاده :
-فريدددى ..

توقفت عن الحركه واحمرت وجنتيها حرجاً عندما رأته يجلس مع شخص ما بالغرفه لذلك هتفت مسرعه بخجل :
-انا اسفه .. اسفه جداً والله .. بحسبك لوحدك وايمان مكنتش بره اسألها .. انا اسفه وكملوا اجتماعكم ..

انهت جملتها وبدءت تنسحب بجسدها للخلف استعداداً للخروج ، تحرك فريد فى اتجاهها والذى على عكس عادته لم يكن منزعجاً من دخولها العاصف خاصةً وهى تنطق اسمه بذلك الحب اما من تحرك قبله يسبقه كالمسحور فهو وائل الجنيدى الذى هتف بعدم تصديق :
-انتى ؟!.. 
تراجعت حياة خطوه للخلف ونظرت نحو فريد بعدم فهم وترقب ثم عادت بنظرها لذلك الرجل المجهول امامها تسأله بتوجس :
-مش فاهمه ؟!.. 
تقدم وائل نحوها حتى توقف امامها ثم عاد يقول بأندهاش  :
-ايوه فعلاً ده انتى .. 

لم تكن تنظر إليه بل كانت نظراتها معلقه بوجهه اخر كانت تعرفه جيداً وتعرف تلك النظره بالتحديد ، هزت رأسه لفريد الذى قطع المسافه بينهم فى ثلاثه خطوات ثم قبض على كفها بقسوه جاذباً جسدها نحوه حتى التصقت بِه ، اردف وائل يقول شارحاً :
-انتى مش فكرانى صح !!.. انا قابلتك فى المستشفى .. 

حركت حياة رأسها نافيه بأليه شديده ثم رفعت رأسها نحو فريد ترمقه بنظرات متوسله والذى بدءت عروقه فى النفور من شده الضغط فوق اسنانه ، تنحنت حياة قائله بخفوت محاوله إنهاء ذلك الموقف :
-انا اسفه بس انا مش فاكره بصراحه ..

فتح وائل فمه ليجيبها وعند تلك اللحظه تدخل فريد مقاطعاً إياه بنبره جامده :
-وائل بيه .. اقدملك حياة هانم .. مراتى ..

ضغط فريد على كلمته الاخيره مؤكداً على ملكيته لها فأستطردت وائل يقول بخيبه امل واضحه :
-احم .. اه اسف .. أهلاً وسهلاً .. انا بس صادفت الهانم يوم ما كنت بزورك فى المستشفى بس يمكن هى مش فاكرانى ..

فى الحقيقه كان محق فى ظنه وحياة لم تتذكر لقائهم ذلك ابداً وبدا ذلك واضحاً على ملامح وجهها التى كانت قلقه اكثر من رد فعل فريد على جملته ، اما عن وائل فقد تراجع بأحباط واضح بعدما تأكد ان ذلك الغزال الشارد الذى شغل تفكيره لايام وأيام لم يكن شارداً بل هو ملك لشريكه .

هتفت حياة لفريد بنبره خفيضه بعدما تراجع ضيفه تاركاً لهم المجال لبعض الخصوصيه :
-فريد انا اسفه انا كنت بحسبك لوحدك ..
سألها بغضب لم يخفى عليها :
-فى حاجه ؟!..
حركت رأسها نافيه ثم اجابته بأحباط :
-لا ابداً كنت هقولك حاجه بس مش مهم لما نروح البيت ..

انهت جملتها ورمقته بأبتسامه مسرعه وعينيها تلمع بعشق عندما تذكرت ما قام به مره اخرى ثم هرولت للخارج فهى لن تجازف بمكوثها جواره اكثر من ذلك خصوصاً والغضب لازال يكسو ملامحه 

*************

داخل غرفتها اندفع فريد يقتحمها دون استئذان والغضب يتأكله من غيرته المنطقيه بعدما لاحظ طريقه تعامل ذلك المدعو وائل معها ونظراته لها ، اندفعت حياة بمجرد رؤيتها له تقفز فوقه وتعانقه بحب وهى تغمغم بجوار اذنه بأعجاب :
-انت احلى فريد فى الدنيا كلها .. 

حسناً لقد تلاشى الان جزء من غضبه ، انهت هى جملتها وبدءت تطبع عده قبلات خاطفه فوق وجنته ، ليكن صادقاً لقتد تلاشى جميع غضبه وليس جزءاً منه ، هذا ما فكر به بسذاجه وهو يشدد من احتضان ذراعيه لها ثم سألها بإستفهام وجسدها ينزلق من بين يديه ليلامس الارضيه مرةً اخرى :
-ممكن اعرف الدلع ده كله ليه ..

اجابته هامسه بخجل وأصابعها تعبث بمقدمه ذقنه :
-انت عارف ..
سألها مستفسراً بعدم فهم ونبره ناعمه :
-لا مش عارف .. 
رفعت جسدها ووقفت على أطراف أصابعها حتى تصل إليه ثم اجابته هامسه بوله :
-بباك قالى انت عملت ايه امبارح ..
قطب جبينه بمرح ثم سألها بصراحه وهو يقبل أصابعها التى تداعب وجهه :
-يعنى كل الرضا ده عشان منصور اتقبض عليه ..

اجابته بحب وهى تحدق داخل عينيه بعيونها اللامعه بفخر :
-عشان حاجات كتير اولها انى فخوره بيك .. وعشان انت اجمل حاجه فى الدنيا دى ..
تسائل بتأنيب امام شفتيها هامساً بحراره :
-طب المفروض اعمل ايه انا دلوقتى بعد اللى عملتيه الصبح .. 

اجابته هامسه وهى تطبع قبله فوق ذقنه :
-اسفه .. 
طبعت قبله اخرى بجانب شفتيه ثم اردفت تعيدها ثانيةً :
-اسفه ..
طبعت اخرى ثالثه مطوله فوق شفتيه بعدما أعادتها للمره الثالثه ، تنهد هو بأستسلام وقد بدءت قبلاتها تأتى بثمارها ثم انحنى نحوها يقبلها بجنون تعويضاً عما فاته فى الصباح ، ابتعد عنها بعد قليل وهو يلهث قائلاً بنبره اصبحت تحفظها جيداً :
-مش هينفع هنا .. انا لازم امشى قبل ما اتهور فى مكتبك .. 
ابتعد عنها خطوتين للخلف ثم غمغم بتحذير :
-وخليكى بعيده عنى لاخر اليوم عشان اركز فى شغلى .. ماشى ..

دوت ضحكتها عالياً من مظهره الحانق فأردف يقول بغيظ :
-ومتضحكيش !!.. 
أخفت فمها بكفها وهى تحرك رأسها موافقه بمرح اما عن عينيها فكانت تلمع بعبوث ورغبه ، حرك هو رأسه قائلاً بقله حيله :
-المشكله كلها هنا اصلاً .. متبصليش بقى لاخر اليوم ولحد ما اخلص عشاء الزفت اللى عندى بليل .. 
اتسعت ابتسامتها العاشقه له ثم أرسلت له قبله فى الهواء استقبلها بسعاده قبل خروجه من الغرفه . 

***************

فى المساء عاد فريد للمنزل بعد انتهاء عشاء العمل الذى اضطر لحضوره وهو يتنهد بأرهاق فأخيرا انتهى ذلك اليوم المشحون والآن يستطيع الانفراد بزوجته ، بحث عنها بعينيه قبل رؤيته لشعاع الضوء المتسلل من غرفه المعيشه ، توجهه إليها على الفور فوجدها غافيه فوق الاريكه الوثيره ملتفه بذلك الوشاح الصوفي الناعم ومحتضنه احد الكتب الروائية بين ذراعيها بنعومه ، علت الابتسامه وجهه وهو يجلس امامها فوق الطاوله الخشبيه المقابله للاريكه متأملاً بعشق ملامح وجهها المسترخى بأرتياح ، تأمل بحب أهدابها الطويله ، تلك الرموش التى تحتضن  داخلها ليله الخاص بنجومه التى لا تضوى الا من اجله ، سحره الفاتن الذى وقع فى أسره منذ اول تحديقه بريئه به  ، مرآته التى يرى بها "نفسه" كما هو دون إضافات لم يكن يوماً يسعى إلى كسبها ، وقع نظره فوق ذلك الكتاب الذى تحتضنه كعادتها ، مد يده بحذر يسحبه من داخل ملكيته الخاصه ، نعم لقد اصبح ذلك الحضن ملكيته وملاذه موقع رأسه وراحته وهو فقط من يحق له استخدامه دون غيره حتى لو كان غيره ذلك مجرد جماد ، تسللت يده إلى الاسفل يتلمس برفق شديد بطنها وهو يتذكر بسعاده جملتها عن اطفالهم ان ما يعيشه معها الان اجمل حتى من كل الاحلام ، تنهد بأرتياح وهو يرفع رأسه للاعلى بأمتنان ، "رحيم" هذا ما ردده قلبه بصمت ، لقد مّن عليه كما تمنى وأكثر ، وها هو يحاول بكل طاقته حفظ عهده معه ، فمنذ ليله مرضها عندما وقف يشاهد ذهابها من بين يديه دون حيله وبعدما فعل المستحيل لتصبح له عاهد الله ان أكرمه بشفائها ليبتعد عن تلك المعاصى التى أهلكت قلبه وها هو حتى الان لم ينقض ذلك الوعد الا عندما سولت له نفسه بالانتقام وهّم بقتل نفس كانت هى من تقف امامه لتمنعه وكأن الله قد بعثها هى خصيصاً ليذكره بذلك العهد الذى قطعه لها ومن اجلها ، هذا هو سره الصغير الذى أخفاه عن الجميع والذى سيبقى دائماً سر بينه وبين خالقه الرحيم .

هتف اسمها بحنان وهو يعيد بأنامله خصلات شعرها الشارده خلف اذنها ليوقظها ، فتحت حياة عينها ببطء ورأسها لازالت مستنده فوق ذراع الاريكه ثم ابتسمت له بأشراق قائله بنبره ناعسه :
-حمدلله على السلامه..
 بادلها ابتسامتها بأخرى شغوفة  وأصابعه لازالت تتلمس وجنتها بحنان فاردفت تقول وكفها يتحرك نحو يده التى تعبث بخصلاتها لتحتضنها :
-وحشتنى ..

تنهد بحراره وهو يقترب بجسده منها قائلاً بوله :
-انتى اللى وحشتينى .. 
سألته بأهتمام وهى تشبك كفها بكفه :
-الاجتماع كان حلو ؟!..
اجابها وهو يطبع قبله فوق جبهتها :
-اكيد مش احلى منك بس اطمنى مضيت العقد زى ما كنت عايز ..

اتسعت ابتسامتها ولمعت عيونها بفرحه وهى تمد ذراعها نحوه لينضم لها ، احتضن هو ذراعها وتحرك يتمدد جوارها ويلتصق جسدها بها وهو يسألها بهدوء :
-انتى نايمه هنا ليه ؟!..
حركت كتفيها بعدم معرفه وأسندت رأسها فوق صدره تتوسده ثم اجابته برقه :
-محبتش اطلع الاوضه من غيرك .. وبصراحه خفت انام قبل ما ترجع وانا هموت واعرف انت عملت كل ده امتى وازاى ..

اجابها بنبره مرحه وأصابعه  تتحرك فوق ذراعها ذهاباً واياباً :
-اممممم .. يعنى مفيش فرصه أفلت من التحقيق ده ..
حركت رأسها فوق صدره دون رفعها واصدرت صوت من حنجرتها يدل على الرفض قبل قولها بأعتراض :
-لا انسى لازم اعرف وبالتفصيل الممل كمان ..

ابتسم من اصرارها الطفولى وأردف قائلاً بأستسلام مرح:
-امرى إلى الله .. بصى يا ستى .. طبعاً حضرتك عارفه ان وائل الجنيدى زارنى فى المستشفى ..

تجاهلت حياة نبره التأنيب الواضحه فى صوته ولم تعقب فأردف هو يقول مسترسلاً :
-بأختصار .. هو بلغنى انه رافض سياسه عمه ومش موافق على اى حاجه من اللى بيعملها وطريقته فى الاداره سواء مع منافسيه او جوه شركته وانه عايز يخلص من تحكماته دى لسببين .. اولهم انه اكتشف ان ليه يد فى موت والده ومقالش تفاصيل وانا مهتمتش اسأله .. والسبب التانى انه خايف على مستقبل الشركه وعايز يحافظ على اسمها اللى جده وابوه تعبوا فيه خصوصاً بعد ما عرف ان منصور بيدخل اعمال مشبوهه فى الشركه ولما واجهه بده مأنكرش بالعكس ده صمم على موقفه وده خوف وائل اكتر .. المهم .. واضحلى وجهه نظره وانه محتاج مساعدتى ونحط ايدينا سوا عشان نخلص منه فى مقابل واحد انى أنقذ الشركه من الافلاس والتوكيل اللى سحبته منهم يرجع لشركتهم تانى او على الاقل انا محتكرش السوق واقبل اوردله .. طبعا فى الاول شكيت فى كلامه بس هو اثبتلى حسن نيته بحاجتين .. الاولى انه بلغنى بسفر الكلب اللى ضرب عليا النار وفعلاً عرفت الحقه قبل ما يسافر وانتى عارفه باقى الحكايه دى .. بس اللى انتى متعرفهوش ان بعد ما انتى ادخلتى اتفقت مع القاتل يعترف على منصور مقابل حياته وحياة عيلته فوافق..

سألته حياة مقاطعه بحماس :
-طب والتانى ؟!..
اجابها فريد مستطرداً حكايته :
-والتانى يا ستى انه بلغنى ان منصور داخل فى صفقه اسلحه تقيله مع حد من المافيا فى ايطاليا والوسيط بينهم راجل عايش فى إنكلترا .. طبعاً انا انتهزت الفرصه وسافرت بسرعه وأقنعت الوسيط يبلغنى بميعاد التسليم مقابل انه ياخد نص العموله مع باقى دفعات الاسلحه اللى منصور دفعها كلها من جيبه قبل الاستلام وطبعا كانت صفقه مغريه فمقدرش يرفضها لان منصور كان غشيم فى الاتفاق ووافق ان التسليم يكون على دفعات بعد ما دفع كل الفلوس فكده هياخد العموله والاسلحه ،. والباقى بقى مش محتاج اشرحله .. الوسيط بلغنى بميعاد التسليم ومكانه وعليه بلغت البوليس وروحنا سوا .. اتقبض على منصور متلبس بتهمه الاسلحه الاولى وبتهمه الشروع فى قتلى التانيه ..

رفعت حياة رأسها تنظر نحوه بذهول وفم مفتوح بمجرد سماعها كلمه إنجلترا ، اذا لقد اضطر للسفر من اجل ذلك ، كان فريد علم جيداً ما يجول بخاطرها فأبتسم لها مؤكداً فكرتها دون تعقيب عليها  ثم اردف يقول بتشفى وسعاده متجاهلاً دخولها منه :
-يعنى مؤبد يوم ما المحكمه ترأف بيه ..

تحولت نظره حياة نحوه للضيق ثم سألته معترضه بقلق وقد انتبهت لباقى حديثه :
-فريد انت ازاى تروح معاهم كده افرض كانوا مسلحين او حصلك اى حاجه وانت عارف انه بيكرهك ..

اجابها فريد بعدم اهتمام وهو يبتسم من خوفها عليه :
-افرض !! ماهما فعلاً كانوا مسلحين ..
شهقت حياة بفزع وبدءت عيونها تلمع بالدموع فى لحظه فأردف فريد يقول مطمئناً لها بخفه :
-يا روح قلبى مانا قدامك اهو انتى خايفه من حاجه عدت وخلصت ..

اجابته حياة بأعتراض :
-اه هى عدت وخلصت بس ده مش معناه انك تكون مهمل فى حياتك كده ..وبعدين انا مضمنش ممكن تعمل ايه بعد كده يعرضك للخطر ..
اتسعت ابتسامه فريد وهو يرى كل ذلك القلق منها عليه لذلك اردف يقول بحنو مراعياً لقلقها :
-متخافيش .. انا كنت مرتب مع الامن ولبسونى واقى للرصاص خصوصاً وهما عارفين ان منصور كان السبب فى اصابتى الاولى ..

تنهدت حياة بأرتياح ولانت قسمات وجهها ثم عادت تستلقى برأسها فوق صدره ، تحدث فريد متسائلاً بأمتعاض وهو ينظر حوله  :
-هو احنا هنقضى الليله النهارده على الكنبه دى ؟!!!..
اجابته حياة معتذره :
-لا طبعاً انا غبيه اكيد انت تعبان وعايز ترتاح ..

انهت جملتها وهى تعتدل فى جلستها  استعداداً للنزول من فوقها ، امسك فريد بذراعها يمنعها من الابتعاد عنه وهو يقول بأعتراض :
-لا يا شيخه !! يعنى انا خلصت العشا بسرعه وجيت جرى عشان تقوليلى تعبان وعايز ترتاح !! .. وبعدين انا لسه يومى مخلصش عشان ارتاح ..
سألته حياة بأستنكار :
-مخلصش !! انت لسه عندك شغل تانى ؟!.. 

اجابها من بين قبلاته والتى بدء ينثرها فوق وجهها وعنقها :
-اها لسه عندى صباح الخير بتاعه الصبح اللى ضحكتى عليا فيها وبعدها عندنا تمرين البوكس اللى انتى ورطتى نفسك فيه وبعدها مكأفئتى على النهارده بس دى ممكن اعملك فيها استثناء .. 

شهقت حياة بفزع وهى تقول بأعتراض :
-فريد انت بتهزر صح ؟!.. 
هز رأسه نافياً دون حديث ثم اردف يقول بجديه شديده وهو يقترب من شفتيها :
-فى حاجه قبلهم الاول ..
سألته حياة بأرتياب وهى تضيق عينها فوقه :
-قصدك ايه ؟!.. 

اجابها بمكر وهو يضع ذراعه اسفل خصرها استعداداً لحملها  :
-فى ضريبه كلمه فريد اللى بتطلع منك كل شويه دى ..
فتحت فمها للاعتراض الذى لم يكتمل بسبب التهامه لشفتيها وهو يتحرك بها نحو غرفتهم تطبيقاً لخطته .
-يعنى ايه !!! مش هنعرف نوصل معاها لحاجه ؟!.. انتى بقالك اكتر من اسبوع يا نيرمين بتحاولى معاها كا يوم ومفيش فايده !!..

هذا ما هتفت بِه نجوى بعصبيتها التى اصبحت معتاده فى الأونه الاخيره وهى تجلس فى ذلك النادى الرياضى المشهور امام كلاً من نيرمين وجيهان ، زفرت نيرمين مطولاً وقد اصبح التوتر هو سمتها الدائمه هى ايضاً مبرره لصديقتها المقربه :
-طب خلاص أعمل ايه يا نجوى !! ما كل خطوه بعملها على ايديك .. بس هى رافضه تتعامل معايا بأى شكل خصوصاً وهى عارفه انك صاحبتى الوحيده تقريباً ..

تنفخت نجوى بغضب شديد وهى تعود وترتمى بجسدها فوق المقعد الخشبى متسائله بأحباط :
-يعنى ايه خلاص كده !! خطتنا كلها فشلت ؟!..
صمتت لوهله وسلطت نظرتها فوق جيهان التى كانت فى واد اخر بسبب ذلك الطلب المفاجئ والذى تلقته البارحه من محامى منصور يطلب فيه رؤيتها بأسرع وقت ، هتفت نجوى بسخط موجهه حديثها لها :
-ما تقولى حاجه يا طنطى مش معقوله سكوتك ده !! ..

اكدت نيرمين طلب صديقتها المقربه قائله بأستغراب :
-اه يا مامى صحيح.. من ساعه ما قعدنا وانتى ساكته خالص ومش بتشاركينا .. قوليلنا حل مع بنت الخدامه دى ..

هنا انتهبت جيهان بحواسها لحديث ابنتها وشريكتها قائله بتفكير :
-اللى انتوا فيه ده ملهوش غير حل واحد .. 
اتسعت حدقتى نجوى ونيرمين بأنتباه شديد لها ثم هتفت نجوى بلهفه متسائله :
-ايه هو ؟؟!!..
اجابتها جيهان بخبث :
-مفيش غير اننا نعمل عليها لعبه عشان تثق فى نيرو ..
هنا سألت نيرمين بعدم فهم :
-قصدك ايه يا مامى ؟!!!..
استطردت جيهان جملتها مفسره :
-يعنى نخطط حاجه سوا على اساس انها خطه من نجوى عشان تأذيها .. وقبلها نيرو تحذرها بالخطه دى ولما تحصل بعدها اكيد هتثق فى نيرمين وتتأكد انها اتغيرت وساعتها بقى نوصل اللى احنا نوصله من خلال نيرو .. فهمتوا ؟!!.

لمعت عين نجوى برضا بعدما استمعت لذلك الاقتراح الشيطانى متمته بأعجاب :
-بس .. حلو اوووى كده .. ادينى يومين بالظبط ارتب حاجه جت فى دماغى كده وأبلغك بيها ..
هزت نيرمين رأسها موافقه بأستحسان ثم قالت بتوترها الملحوظ :
-تمام .. وانا خلال اليومين دول هفضل احاول معاها كأن مفيش حاجه اتغيرت ..

***********

فى المساء نظرت حياة بداخل هاتفها الذى ظل يدوى دون توقف حتى اضطرت لإغلاقه ، ما الذى يجب عليها فعله فى تلك الظروف ؟! هذا ما فكرت به بحيره وهى تبدل ملابسها قبل تناول وجبه العشاء ، لقد مضى ما يقارب العشرة ايام منذ لقائهم الاخير ولا تنفك نرمين الاتصال بها يومياً والاطمئنان عن احوالها واحوال اخيها دون كلل او ملل ، طبعا ذلك إلى جانب توسط والد فريد هو الاخر ، هل يعقل ان يجيد الانسان التمثيل لتلك الدرجه !!، وماذا اذا كان شعورها حقيقى ؟!، هل تتخلى عن المحاوله وحرمان فريد من الشعور بوحود اخ جواره بعد كل تلك السنوات من الوحده ؟!، كما ان كلماتها عن استحاله وجود اطفال فى حياتها لازال يدوى بداخل عقلها ، ولكن من جهه اخرى هى صديقه نجوى ، تلك الافعى التى تكرهها اكثر من اى مخلوق اخر ، انها حقاً لا تعلم ما الذى يجب عليها فعله خاصةً وان فريد لا يترك لها المجال لمناقشه ذلك الامر معه ، زفرت بقله حيله وهى تتحرك إلى الاسفل للانضمام لفريد الذى كان يُجرى عده مكالمات هامه  للعمل قبل العشاء . 

ضرب جرس المنزل الداخلى واستقبلت الخادمه السيد غريب فى زياره مفاجئه والتى استنكرتها حياة كثيراً فمنذ قدومها لذلك المنزل لم يأتى السيد غريب لزيارتهم ولو لمره واحده كمان ان العلاقه بينه وبين فريد لم تكن بذلك التقارب الأسرى ، اخذت نفساً عميقاً ثم توجهت نحوه تستقبله بود يشوبه الكثير من التحفظ وهى تتمنى داخلها الا تكون شكوكها عن تلك الزياره صحيحه ، انضم فريد لهم عند مدخل الاستقبال بمجرد سماعه صوت والده فى الخارج وعلى عكس حياة كانت ملامحه مسترخيه تماماً رغم جمود استقباله المعتاد ، تحدث السيد غريب بسعاده لم تعهدها منه موجهاً حديثه لفريد :
-المحامى لسه مكلمنى .. منصور اتجددله ٤ ايام تانى .. وطبعاً رفضوا الإفراج عنه بكفالة .. القضيه لبساه لبساه .. 

ربت فوق ساعد ابنه بأستحسان ثم اردف بفخر :
-بصراحه عرفت تلعبها عليه صح .. انا لحد دلوقتى مش مصدق انك عملت كده من غير ما تورط نفسك ..
عقب فريد على جملته ببروده المعتاد :
-انا معملتش كده عشانك .. انت عارف كويس انا عملت كده عشان مين ..

تشدق بالجزء الاخير من جملته وعينيه مسلطه فوق حياة الواقفه بجانبه والتى تنحنحت محاوله تلطيف التوتر الملازم لمقابلاتهم قائله بلطافه :
-العشا جاهز .. اتفضل حضرتك اتعشى معانا ..
تلفظت بجملتها وهى تشير له بيدها ليتقدمهم نحو غرفه الطعام ، هز غريب رأسه موافقاً ثم سألها ممازحاً :
-بس اوعى تقوليلى ان العشا هو الاكل بتاع فريد اللى ملهوش طعم ده ؟!..

غلبتها طبيعتها المرحه والتى كانت تمتاز بها دائما لذلك اجابته ممازحه هى الاخرى وقد تناست غضبها المعهود منه :
-أوامر صاحب البيت بقى كله بالإجبار ..
حدقها فريد بنظره غاضبه وقد اثار غيرته  حديثها المرح  مع والده فأردفت تقول مصححه على الفور وهى تمد كفها لتحضن كفه وتضغط فوقه مطمئنه :
-بس بصراحه .. انا كمان اتعودت عليه وبقيت بحب اشارك فريد فيه ..

التمعت عيونها بحب وهى ترفع رأسها لتنظر نحوه وابتسامتها الهادئه تملئ وجهها فبادلها ابتسامتها بأخرى راضيه وهو يشبك أصابعه بداخل أصابعكفها ، ظلا يحدقان ببعضهما البعض بهيام متناسيه وقوف والده جوارهم حتى قطع غريب تأملات أحدهما بالاخر قائلاً بصوته الهادئ :
-الاكل هيبرد .. 

كانت حياة هى اول من سحب نظراتها من امامه واخفضت عينيها بخجل اما فريد فقد اخذ وقته كاملاً فى التحديق بها حتى بعد انقطاع نظراتهم مستمتعاً بذلك الاحمرار الذى غزا وجنتيها ثم انتظر حتى سبقه والده بعده خطوات وقام بجذب ذراعها وطبع قبله خاطفه فوق وجنتها جعلتها تشهق بخفوت احراجاً من فعلته 

جلسا ثلاثتهم حول المائده لتناول الطعام بصمت ، جلست حياة فى مكانها المعتاد بجوار فريد وفى مقابله والده تتأملهم بتمعن ، إنهما فعلاً يبدوان كأب وابنه ، اى شخص غريب سيرى ذلك التشابه الكبير بينهم ففريد ورث من والده هيبته وقوة حضوره وصرامته إلى جانب لون عينيه وملامح وجهه كامله و لم يرث من والدته سوى لون شعرها وطبيعتها الهادئه ، اما عن فى صفاته الحسنه  فهو بعيد كل البعد عنه ، لقد اخبرها تلك الليله ان والده طلب منه السماح ولكن هل سامحه فعلاً !!، لم تكن بحاجه لسؤاله فالإجابة واضحه كوضوح الشمس بالنسبه لها ، ولكنها بالطبع تعذره فمأساة فريد الاولى والاخيره وكل ما اصبح عليه من صفات سيئه كانت بفعل والده ، حسناً لتكن صادقه مع نفسها هى لن تجرؤ على اخبار فريد بذلك ولكنها على الاقل تستطيع مصارحه نفسها فلولا إرسال غريب فريد للخارج وأبعاده عن تلك المدعوه جيهان لكان فريد الان شخص اسوء بكثير ، فطفل فى سنه وبما مر به لم يكن لينجو اذا ترعرع تحت قبضه شخص كجيهان ولَم تكن لتملك الان اى فرصه او أمل فى تغييره ، ولم ليكن فريد ليحظى بفرصه التعليم تلك التى جعلته رجل اعمال محنك استطاع السيطره على سوق الاعمال بذكاء شديد طالما اعُجبت به ، بالطبع هى لا تبحث عن تبريرات لمسامحه غريب ولكنها على الاقل تحاول النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب حتى تستطيع مع فريد تخطى ذلك الماضى بكل تفاصيله وأحداثه ، قطع تفكيرها صوت غريب يقول بتلك النبره الآمرة التى تذكرها بشخص ما :
-فريد عايز اتكلم معاك فى موضوع .. 

اجابه فريد بنبره بارده مستفزه اعتادت عليها ايضاً :
-فى الطبيعى كنت هقولك نتكلم بعد العشا فى اوضه المكتب بس عشان انا عارف انت عايز ايه فجوابى هو .. لاء مش فاضى ..
صاح به غريب بنبره محتده حانقه :
-يعنى ايه مش فاضى !! .. وبعدين لما اطلب نتكلم  تحترمنى وتسمعنى للاخر .. 

القى فريد المحرمه فوق الطاوله بعدما قام بمسح فمه بهدوء ثم قال بنبره شبهه محتده ولكن خفيضه :
-مش محتاج أسمعك ولا اضيع وقتى فى حاجه ملهاش لازمه .. انا قلت الشراكه انتهت يعنى انتهت .. وهو وبنته ملهمش مكان فى شغلى .. واحسنله يروح يربيها بدل ما يضيع وقته فى المحايله عليك ..

كانت حياة تراقب الحوار بتوجس رغم عدم فهمها لما يدور حولها او من محور الحديث ، انتفض غريب من مقعده واقفاً ثم اردف يقول بعصبيه وتحذير :
-فريد متنساش نفسك .. الفلوس دى كلها فلوسى والشركات بتاعتى .. انا لسه مموتش عشان تتحكم  !!.. 

تحرك فريد هو الاخر من مقعده ووقف قبالته ثم قال بتحدى وهو يضع كلتا يديه بداخل جيوب بنطاله القماشى :
-عايز ترجع الشراكه مع سعيد يبقى ارجع امسك شركاتك وفلوسك تانى .. قدامك القرار واختار وعلى الاقل تريح دماغى وايدى من امضه كل شهر اللى بحول ليها ارباحكم وانتوا زى البشوات ..

كان الجو مشحوناً بينهم لاقصى درجه ، ظلا كلاً منهما يحدق فى الاخر بتحدى حتى تسائلت حياة بقلق متى ستنتهى حرب النظرات تلك رغم نتيجتها المحسومة ، وبالفعل كان غريب هو اول من سحب نظراته من امام ابنه واخفض رأسه للأسفل بأزعان رغم احتقان ملامحه ، من يصدق ان غريب رسلان الذى كان يخشاه الجميع ينحنى اليوم امام طفله الذى كان يرتجف خيفه من سماع صوته ، هذا ما فكرت حياة بتعجب وهى تتحرك من مقعدها هى الاخرى وتقف متأهبه استعدداً للتدخل فى اى لحظه ، زفر غريب بحنق ثم قال بنفاذ صبر :
-فى موضوع تانى عايز اكلمك فيه .. بس حياة تكون معانا ..

عضت حياة على شفتيها بخوف وحبست انفاسها بترقب فهى اصبحت متأكده من شكوكها وتعلم فحوى ذلك الموضوع ، انتصب جسد فريد مره اخرى بتأهب وضاقت المسافه بين عينيه استعدداً لجوله اخرى من الجدال فلم يحتاج للتفكير لمعرفه عن اى موضوع يريد والده محادثته ، وزعت حياة نظراتها بينهم ثم حركت رأسها رافضه بتوسل لغريب الذى كان ينظر نحوها الان ، فتدخل والده يعنى القضاء على اى امل فى الاستماع لها لاحقاً ، التقط غريب رجائها وحرك رأسه موافقاً عده مرات ثم اردف وهو يلتقط هاتفه من فوق الطاوله :
-بس واضح ان مش وقته النهارده نبقى نتكلم فيه وقت تانى ..

انهى جملته والقى تحيه الوداع بأقتضاب ثم تحرك بخطواته نحو الخارج ، تنفست حياة الصعداء بعد خروجه وعادت تمرر نظرها فوق فريد الذى انسحب هو الاخر نحو غرفه مكتبه دون حديث .

ظلت حياة طوال الساعه المنصرمة  تجلس فى غرفه المعيشه فى الطابق الارضى منتظره خروجه الا ان يأست وعلمت انه لن يخرج الا بعد مرور الساعتين لممارسه تمارينه الرياضيه وهذا يعنى شئ واحد ، وهو انه غاضب ، وبالفعل بعد مرور الساعتين خرج من غرفه مكتبه متجهاً نحو غرفه نومهم لتبديل ثيابه والنزول مره اخرى لغرفه الرياضه ، زفرت حياة بضيق واحباط تتمنى انتهاء ذلك التوتر المستمر والذى ينتهى فى كل مواجهه بينهم بغضب فريد وإغلاقه على نفسه ، فكرت فى اقتحام تمريناته والتحدث معه ولكن جزء كبير بداخلها كان متأكد من عدم صواب فكرتها لذلك تخلت عنها وعادت للجلوس مره اخرى وإعطائه مساحته الشخصيه منتظره التنفيس عن غضبه اولاً .

***********

استلقت حياة فوق الفراش متكوره على نفسها ومنتظره إنهاء اغتساله وخروجه من الحمام وبعد عده دقائق كان يستلقى جوارها متوجهاً بكليته لها بعدما قام بأرتداء ملابس النوم ، رفعت حياة كفها الأيمن تحاوط شطر وجهه الأيسر وتتلمس بحنان وجنته وهى تتأمله بعشق شديد ، انها حقاً تعشقه وتعشق كل تفصيله صغيره خاصه به سواء فى ملامحه او حركاته من اول تقطيبه جبينه تلك التى لا تنفرج سوى معها إلى نغزته الوحيده والتى لا تظهر سوى لها ، مروراً بغضبه وعنفوانه واصراره وحدته وعناده وغموضه وقسوته إلى حنانه وتفهمه واحتوائه وحمايته لها ، تنهدت بحراره وهى تتابع ملامحه التى بدءت فى الاسترخاء بفعل لمستها ، تحولت نظرتها للحيره مرة اخرى فهى حقاً تائهه ولا تدرى ما الذى يجب عليها فعله خصوصاً وان الشخص الوحيد الذى يمكن  ان تلجأ إليه لمساعدتها هو نفسه صاحب المشكله ، سألها فريد بهدوء وانامله تعبث بخصلات شعرها :
-عايزه تقولى ايه ؟!.. 

اقتربت منه حتى التصقت به وتوسدت رأسها صدره مستمده منه الامان والشجاعه ثم اجابته بهدوء شديد :
-مش عايزه حاجه غير انك متتعصبش .. 
طبع قبله مطمئنه فوق شعرها ولف ذراعيه حول خصرها بتملكه المعتاد ثم اجابها بحنان :
-حتى لو اتعصبت .. انتى عارفه وجودك معايا بيهدينى .. 

رفعت رأسها قليلاً حتى يتسنى لها الاقتراب منه وقامت بطبع قبله ناعمه فوق حنجرته ثم عادت لموضع رأسها القديم ثانيةً ، تحدثت بدون مقدمات بنبره رقيقه منخفضة :
-انت عارف نجلاء اختى .. هى مكنتش عايشه معانا هنا لان بابا كان رافض تفضل فى القصر وسابها تعيش مع عمامى فى البلد فكنت بشوفها فى الاجازات بس ومحمد اخويا أتولد بعدى بكام سنه .. يعنى فعلياً مكنش ليا اخوات غيرك .. 

قاطعها فريد معترضاً على جملتها الاخيره قائلاً بحنق :
-نعم !! اخوات غيرى ازاى يعنى ؟!.. 
رفعت جسدها تنظر إليه فوجدت الامتعاض يكسو ملامحه ، ابتسمت من طفوليته وتحدثت شارحه ومتلمسه رضاه :
-الاخ يعنى السند .. وانا وقتها كنت شايفاك كده .. وعايزه أفضل شايفاك كده .. 

ظهر الارتباك وعدم التقبل على ملامحه فأقتربت منه تقبله بنعومه فوق شفتيه حتى تجاوب معها ، أعطت قبلتهم وقتها الكامل وسمحت له بالتعمق فيها كيفما شاء وبادلته إياها بشغف لتؤكد له بالفعل انه زوجها وحبيبها ومالك قلبها وان ذلك لا يتعارض مع رؤيتها له كأخ ووالد وصديق ايضاً ، الا يعلم ذلك الاحمق انها تراه ومنذ الصغر عالمها بأكمله ؟!، لقد اختصرت فيه كل انواع الرجال واكتفت به حتى لو استغرقت وقتاً طويلاً لفهم ذلك والاعتراف به ، انتظرت حتى ابتعد هو عنها اولاً ورأت ذلك الوميض عاد ليلمع داخل عينيه ثم استلقت فوق صدره كسيرتها الاولى واردفت مستأنفه حديثها :
-انا ونجلاء فضلنا زى الأغراب لان مفيش حاجه تجمعنا سوا .. رغم ان فرق السن بينا قد الفرق بينى وبينك .. وبعدها اتجوزت وعاشت مع جوزها وبرضه مش بتتقابل غير كل سنه مره ومفيش بينا اى اتصال غير لو احتاجت حاجه منى .. عارف انت لما كنت معايا كنت كافينى .. وبعدها محمد اخويا بقى قريب منى .. بس لسه فى جزء ولو صغير جوايا بيحن ويتمنى قربها مهما تعدى السنين .. عارف ليه ؟!.. عشان هى اختى غصب عنى حتى لو مفيش اى حاجه تجمعنا سوا .. وحتى لو بنتقابل كل سنه مره كفايه انى لما احتاجلها الاقيها .. 

سالها فريد مستفسراً وقد فهم جيداً مغزى حديثها :
-طب انتى عايزه ايه دلوقتى .. 

ابتعدت عنه وجلست قبالته واقتربت منه حتى اصبح وجهها ملاصقاً لوجهه ثم اجابته بصدق شديد وهى تسبح بداخل بحور عسليتيه  :
-عايزاك مبسوط .. وعايزه الجزء الصغير اللى جوه هنا يرتاح ..
لفظت جملتها الاخيره وهى تربت بكفها بحنان فوق موضع قلبه ، تنهد بوله ثم احاط وجهها بكفيه مجيبها بحب شديد :
-انا مبسوط طول مانتى جنبى .. 

حرك ذراعه ليمسك بكفها ثم تحرك به نحو قلبه وقام بفرد أصابعها فوقه ببطء ثم اردف يقول وهو لايزال يحتجز كفها تحت كفه :
-وده مرتاح طول مانتى قريبه منه كده .. 
اضاف جملته الاخيره وهو يطبع قبله بباطن كفها :
-انا مكتفى بيكى عن الدنيا كلها ..

زفرت بأستسلام ثم ألقت بجسدها فوقه تعانقه بقوه غير راغبه فى الانفصال عنه فكل ذلك التفكير أرهقها وكل ما تريده هو الاختفاء بداخله والاحتماء به كعادتها عند القلق ، اخذ يمسح بحنان فوق شعرها مطمئناً ثم بدءت يده فى التجول بحريه فوق جسدها الملقى فوقه والملتصق بِه ، شعرت حياة بذلك الاحساس بحراره جسدها يزداد بفعل لمساته وقبلاته التى بدء ينثرها هى الاخرى فوق شعرها وخلف اذنها نزولاً لمقدمه عنقها ، رفعت رأسها تنظر إليه بوميض لم يختلف عن ذلك الذى يلمع داخل عينيه ، ثم حركت كفها ووضعته خلف راسه وقامت بالضغط عليه بخفه لتدنيه اكثر نحوها حتى اختلطت انفاسهما معاً ، بادلته قبلته المتقطعة والبطيئة التى كان يطبعها فوق شفتيها برغبه شديده وأصابعه الطويله تتحرك طولاً وعرضاً فوق ظهرها بلمسات خبيره ناعمه ، ترك فريد شفتيها وابتعد عنها مسافه شبهه معدومه ثم قال هامساً بنبره مثيره :
-اخوكى ؟!!..
اجابته حياة بهمس وهى تتلمس شفتيه بشفتيها :
-دنيتى ..
ابتسم برضا وسعاده وعاد بعدها لالتقاط شفتيها بنعومه مستمتعاً بذلك الشعور الذى حرم نفسه منه كثيراً حتى ترضى عنه حياته 

**************

فى صباح اليوم التالى وتحديداً بداخل مقر شركات أل رسلان ، زفر وائل الجنيدى بضيق على تحكمات شريكه الغير مفهومه فقد اقترب موعد توقيع عقد الشراكه بينهم وفى كل مره يلزمه فريد بالحضور لمكتبه لمناقشه كافه التفاصيل كأنه يتباهى بملكيته ، تحرك بعدم تركيز كعادته فى اتجاه المصعد فى نفس الوقت الذى تحركت به نيرمين لاستدعائه والصعود للاعلى حيث مهمتها المعقده مع زوجه اخيها ، اخفضت رأسها تنظر بداخل حقيبه يدها لتطمئن على تلك الجرعه والتى استلمتها منذ قليل من احد الموزعين "الديلر" فى منطقه مجاوره ، عاد وائل للخلف عده خطوات وشعر بجسده الطويل يصطدم بشئ ما ، التفت على الفور بعجاله ليرى امرأه بشعر بنى ناعم تترنح خلفه قبل سقوطها ، اسرع يضع ذراعه خلف ظهرها ليدعمها ويمنع سقوطها المحتم ، اعتدلت نيرمين فى وقفتها بعدما حال وائل بينها وببن سقوطها اما عن حقيبه يدها المفتوحه فلم تكن محظوظه كفايه قدر صاحبتها فقد سقطت وخرجت جميع محتوياتها فوق الارضيه بما فى ذلك الابره الطبيه والجرعه التى تناثر اغلبها فوق رخام الاستقبال ، زفرت نيرمين بضيق شديد وهى تجلس على ركبتها تلملم محتويات حقيبتها حزناً على جرعتها الغاليه ، انحنى وائل هو الاخر بجذعه ليساعدها وهو يتمتم بندم شديد :
-انا اسف جداً .. انا بعتذرلك انا الغلطان .. صدقينى هعوضك عن اى ضرر حصل ..

رفعت نيرمين رأسها تنظر نحوه بحنق شديد ثم اجابته بأقتضاب وتوتر اصبح يلازمها بشكل دائم :
-ولا حاجه لو سمحت اتفضل بس وسبنى لوحدى ..

كان الشبهه بينها وبين فريد كبيراً لدرجه الا يلاحظ وائل التقارب بينهم ، فتح فمه ليجيبها معتذراً مره اخرى عندما لفت نظره تلك البودره البيضاء المنثوره فوق الارض والتى تحاول تلك المرأه جمعها بتلهف شديد ، مد أصابعه يتلمسها وهو يغمغم بصدق :
-صدقينى مش هينفع قوليلى بس اسم الدوا وانا هجيبه لحضرتك ..

دفعت نيرمين يده من فوقها وهى تجيبه بحده غير مفهومه :
-انا هتصرف لو سمحت ابعد بقى ..

كان توترها كبيراً على ان يتغاضى عنه وائل ، انهت نيرمين وضع حاجياتها داخل حقيبتها مره اخرى ثم اعتدلت فى وقفتها وركضت نحو الاعلى دون استخدام المصعد ، استقام وائل بجزعه هو الاخر متتبعاً بنظره حركتها بأستغراب شديد  ، على كلاً هى لا تعنيه فى شئ ، هذا ما قرره وهو يحرك كتفيه بعدم اهتمام ويستدعى المصعد مره اخرى ، لفت نظره وهو يلتفت بجسده منتظراً وصول مصعده تلك الابره الطبيه الواقعه فوق الارضيه بجوار الحادثه ، احنى جسده يلتقطها بتوجس شديد وقام بتقليبها بين أصابعه عده مرات بحيره ، اصابه الشك خاصةً مع ارتباكها الغير مبرر فأنحنى بجسده مره اخرى يتلمس بأصابعه بقايا البودره المنتشره أرضاً ثم قام بتذوقها بشفتيه ، اتسعت حدقتيه بصدمه من مذاقها الغريب وقد اصبحت لديه فكره واضحه عن ماهيتها .

**************

أجابت نيرمين على الاتصال القادم من صديقتها المقربه متسائله بنفاذ صبر :
-فى ايه يا نجوى عايزه ايه ؟!.. 
اجابتها نجوى بأستنكار متسائله :
-مالك يا نيرو !!.. انا بطمن عملتى ايه ..
زفرت نيرمين بتوتر ثم اجابتها بضيق :

-ولا حاجه لسه مدخلتش اهو .. وكمان فى واحد غبى خبطنى ووقع شنطتى والضرب بتاع النهارده راح منى ..

ردت نجوى مطمئنه ومهاوده لصديقتها :
-ولا يهمك .. انتى بس ركزى فى اللى بتعمليه ولما تخلصى هتلاقى واحده غيرها مستنياكى .. بس اهم حاجه تظبطى معاها الامور ..عارفه هتقولى ايه ؟!.. 

تهللت أسارير نرمين وأجابتها بحماس :
-متخافيش انا حفظت اللى قولتيه صم .. هخلص معها واكلمك .. بس اهم حاجه انتى متأكده من المحاسب الزفت ده ولا كلامنا هيكون على الفاضى ؟!.. 

اجابتها نجوى بثقه شديده :
-يابنتى بقولك ساعدنى اول مره واخد كميه فلوس تخليه كلب تحت رجلينا .. 
ردت نيرمين بأعتراض مفكره :
-بس المره دى هيتطرد فيها .. تفتكرى مش هيبلغ فريد ؟!.. وكمان لو متكلمش الشركه هتخسر كتير .. نوجه انتى متاكده من خطتك دى ؟!...

زفرت نجوى بضيق من قلق صديقتها الغير مبرر ثم اجابتها للمره الاخيره بأقتضاب :
-ياستى انا متأكده مش هيبلغه وبعدين يطرد ولا يولع مانا كده كده اتكشفت وفريد عرف انى ورا اللعب فى ملف البرنسيس بتاعته يعنى مش فارق معايا حاجه ولا حد .. ولو على الخساره اه هنخسر شويه بس المهم ان بعدها هنرتاح من الخدامه دى وكل حاجه هتبقى ليكم تانى .. وفريد هيقدر يعوض متقلقيش من التقطه دى .. المهم انتى بس تمثلى عليها صح عشان تصدق .. 

وافقتها نيرمين بعد اقتناع وانهت المكالمه واغلقت هاتفها وطرقت باب غرفه حياة ودلفت الغرفه بعدما سمعت الإذن بالدخول ، ضغطت حياة فوق شفتيها بضيق بمجرد رؤيتها لنيرمين واستقبلتها داخل مكتبها بفتور شديد لم يخفى عن نيرمين التى كانت تحدقها بنظرات عدائيه للغايه ، رغم ذلك دعتها حياة للجلوس بأدب فأبتسمت نيرمين لها بأقتضاب وهى تجلس قبالتها فوق احد مقاعد الغرفه قائله بنبره مهتزه :
-طبعا انا اسفه انى جيت من غير ميعاد بس فى حاجه مهمه اوى هى اللى خلتنى اجيلك النهارده ..

سألتها حياة بأهتمام وقد اثارت فضولها بجملتها الاخيره :
-خير يا نيرمين ؟!.. 
اجابتها نيرمين وعينيها تتحرك فى كل اتجاه :
-مش خير .. نجوى ..

اتقبض صدر حياة بمجرد سماعها لذلك الاسم الذى تبغضه وأصبحت تخشاه كثيراً فأردفت نيرمين تقول بحنكه :
-نيرمين حاطه فريد فى دماغها جداً ومصممه تأذيه .. وانا بصراحه مقدرتش اسمع اللى هى قالتهولى ده ومبلغكيش بيه .. 
استمعت حياة لحديثها ثم سألتها بتوجس :
-مش فاهمه .. 
هزت نيرمين رأسها موافقه ثم قالت بهدوء شارحه :
-نجوى من زمان حاطه عينيها على فريد وعايزه فلوسه وقوة منصبه .. ومش قادره تتقبل انه اتجوز حد غيرها او ان فى واحده تانيه ممكن تبقى مراته وتشاركه فى رئاسه مجلس الاداره .. ودلوقتى قررت تنتقم منه بأنها تحاول تفلس الشركه بأى شكل .. وخصوصاً لما فريد طردها من الشركه فاتفقت مع مدير حسابات الشركه يسلمها ملف المناقصه الجديده واللى هتتقدم كمان كام يوم بعد ما عرفت تفاصيلها من اونكل سعيد لانه كان السبب فى معرفه الشركه بيها وكمان عارف كل حاجه عنها وتقدمها لشركه منافسه .. والمناقصه دى لو اتسحبت من الشركه هتخسر كتير .. 

طال صمت حياة وهى تتفحص ارتباكها الظاهر ورغم علمها التام بالمناقصة الا انها سألتها بأرتياب  مستفسره :
-ايه اللى يخلينى اصدق كلامك وانتى صاحبه نجوى ومبتحبيش فريد ؟!..

اجابها نيرمين بيأس :
-انتى ليه مش عايزه تصدقى انى اتغيرت وعايزه فعلاً افتح صفحه جديده مع اخويا !!!..
لوت حياة فمها بحيره ولم تجد ما تجيبها به ثم اردفت تسألها مرةً اخرى بتشكك :
-طب ليه بتبلغينى انا ؟!.. ليه مقلتيش لفريد او حتى غريب بيه ..

اسرعت نيرمين تجيبها مفسره :
-فريد استحاله يسمعنى وانتى همزه الوصل الوحيده بينا .. اما عن بابا فانا حذرته وقالى ان سعيد صاحب عمره واستحاله يطلع اسرار شغلنا بره حتى لو لبنته .. 

ظلت حياة تنظر نحوها بتوجس وارتياب وخصوصاً وهى تتحدث بكل ذلك التوتر ثم قالت بهدوء وعمليه حاسمه :
-مادام غريب بيه مصدقكيش مفيش قدامى اى حاجه اعملها .. 

تهدلت اكتاف نيرمين بأحباط ثم تحركت من مقعدها للخارج مستئذنه فى الخروج ، تحركت حياة خلفها بجسد متصلب وذهن شارد محاوله التوصل لقرار فيما يخص ما سمعته منها للتو .

**************

أنهى وائل ترتيباته مع فريد وتوجهه هو الاخر نحو الخارج ، صادف للمره الثانيه تلك المرأه والتى شغلت افكاره بمحتوى حقيبتها منذ وصوله لمكتب فريد حتى انه فكر عده مرات فى سؤال شريكه عنها ولكنه تراجع فى اللحظه الاخيره ، اختفت داخل الممر المؤدى إلى المصعد وظهرت خلفها حياة ، ابتسم للمصادفة وتحرك فى اتجاهها يلقى التحيه ، ابتسمت له حياة بود شديد بمجرد رؤيته فهى ممتنه له كثيراً بسبب ما فعله مع فريد ومساعدته على التخلص من عدوه والخطر الذى كان يحاوطه كما ان قلبها يحدثها بأحتماليه نشوب صداقه قويه فى المستقبل بينه وبين زوجها فقد أجبرتها ظروف العمل على التعامل معه مرتين خلال الاسبوع المنصرم وأعجبت كثيراً بتهذيبه وتعقله إلى جانب ذكائه ووسامته ، انتهز وائل الفرصه ليسألها بعدما القى عليها التحيه بتهذيب :
-مدام حياة .. كان فى واحده خارجه قبل حضرتك دلوقتى لابسه بلوفر زيتى وبنطلون جينز وشعرها بنى طويل .. تعرفيها ؟!..

قطبت حياة جبينها بأستغراب ثم اجابتها بترقب متسائله :
-اها .. دى نيرمين اخت فريد وبنت غريب بيه .. فى حاجه ؟!.. 

اتسعت حدقتى وائل بدهشه .. وحدق إلى الفراغ بشرود دون اجابه ، عادت حياة لتسأله مجدداً بقلق :
-باشمهندس وائل ؟!! بتسأل فى حاجه ؟!.. 
لن يستطيع التحدث بأى شئ دون التأكد منه لذلك اجابها وائل بعدم تركيز :
-ها .. لا مفيش حاجه عن اذنك انا لازم استأذن ..
مطت حياة شفتيها بأستغراب ثم استأنفت طريقها فى اتجاه غرفه فريد لعلها تتلمس منه العون. 

************

طرقت باب مكتبه ثم دلفت للداخل بعد سماع صوته الذى تعشقه ، كانت تلك استراحه الغذاء لذلك وجدته يستند بجسده الطويل على حافه مكتبه ويتابع بهدوء امواج البحر الهائجه امامه 

وقفت هى حيث امام مدخل الغرفه تتأمله من الخلف بطوله وهيبته ، حتى ان لم تراه وجودها فى محيطه يكفيها لتشعر بالطمأنينة والاستقرار ، لذا ستشاركه شكوكها وخطتها حتى وان كانت خاطئة فقط من اجل الامان ، التفت هو براسه ينظر إليها من فوق كتفه ليتفقدها ثم مد لها ذراعه لتتقدم إليه مشجعاً ، سارت نحوه بأبتسامه خافته حتى وقفت جواره ثم وضعت كلتا ذراعيها خلف خصره لتعانقه وتستند برأسها فوق صدره العريض ، احتضنها هو الاخر وشدد من التفاف ذراعيه حولها ثم سألها بهدوء بعد فتره من الصمت :
-مالك ؟!..

اغمضت عينيها لوهله واخذت نفساً عميقاً ثم اجابته برقه وتوجس :
-عايزه اقولك حاجه بس ممكن تسمعنى للاخر وعشان خاطرى تتناقش معايا ..

شعرت بعضلات جسده تتصلب تحت جسدها  لذلك رفعت رأسها تنظر إلى ملامحه فكانت هى الاخرى فى حاله تأهب واضحه ، رمقته بنظره رجاء ثم اردفت بنبره شبهه متوسله :
-طيب انا دلوقتى قلقانه ومش عايزه اشارك حد غيرك قلقى ده ممكن تسمعنى للاخر وتعرف هقول ايه ..

لانت ملامح وجهه قليلاً فعلمت بأستعداده لسماعها وخصوصاً عندما طبع قبله مطمئنه فوق شعرها ، عادت لتستند برأسها فوق صدره مرةً اخرى ثم قالت بحذر شديد :
-نيرمين كانت هنا وزارتنى فى مكتبى ..
اجابها بنبره جامده مقتضبه :
-عارف .. 
سألته بأندهاش :
-عرفت منين ؟!..
اجابها بنبره بارده لا تتناسب مع حراره جسده التى تتسلل إليها ولا ذراعيه التى تشملها بحمايته :
-مش لازم اكون معاكى عشان اعرف مين زارك ..

لم تكن تريد التطرق لمواضيع جانبيه لذلك اردفت تقول بترقب شديد :
-طيب هى قالتلى حاجه .. انا مش عارفه هى صح ولا غلط بس هقولهالك عشان ارتاح .. 

لم يعقب على حديثها لذلك اردفت تقول على مضض :
-نيرمين بلغتنى ان نجوى اتفقت مع مدير الحسابات يديها نسخه من المناقصه الجديده بتاعتنا عشان تسلمها للشركه اللى بتنافسنا عليها .. عشان تنتقم منك طبعاً وتضربنا فى السوق ..

حبست انفاسها منتظره تعقيبه وعندما تأخر ابتعدت عنه قليلاً حتى يتسنى لها رؤيته بوضوح وتستنبط اى شئ من ملامح وجهه ، ورغم جمود نظراته علمت انه يفكر ملياً فى حديثها لذلك اردفت تضيف لاقناعه :
-تمام .. انا متأكده انك مش بتثق فى نيرمين ومفيش اى سبب يخليك تثق فيها .. وانا كمان مش واثقه فى اى كلام قالته عشان كده جيت بلغتك بيه .. بس بصرف النظر كلامها صح ولا غلط احنا لازم ناخد احتياطنا ..

كانت كمن يتحدث إلى جدار صلب لذلك اخذت نفساً عميقاً اخر ثم استطردت تقول :
-فريد .. الله يخليك بلاش عناد فى الشغل .. انا هنا مش بكلمك فى اى حاجه خاصه ولا عايزاك تتعامل معاها .. بس ناخد احتياطنا ..

تحدث بعد فتره بكلمتين مقتضبتين :
-انا هتصرف .. 
هتفت به معارضه ومصححه :
-لا انت مش هتتصرف .. احنا هنتصرف سوا .. 
رمقها بنظره محذره وهو يهم فى التحرك من امامها فأسرعت تقول وهى تحاول ايقافه من ذراعيه :
-انا عندى حل .. الا لو مش بتثق فيا .. 

حدقها بنظره معاتبه وهو يعود ليستقيم فى وقفته فأردفت حياة تقول ممازحه لحثه على التحدث :
-تمام .. عارفه انك مش بتحب تتكلم كتير بس ده ميمنعش انى بحب اسمع صوتك .. 
لمعت عينيه ببريق التسليه ثم قال بتهكم :
-مانتى بتتكلمى عننا احنا الاتنين .. 

شهقت حياة متصنعه الضيق وردت عليه بمرح :
- انا مش هرد عشان انا فاهمه بتعمل ايه ومش هتعرف تشتت تفكيرى .. وعلى فكره بقى انت الوحيد اللى هتساعدنى انى اعمل عرض اسعار جديد .. عشان نلحق نقدمه .. 
سألها مستفسراً بتقطيبه تركيز :
-هو ده الحل بتاعك ؟!.. 
سألته بقله ثقه :
-ايه مش عاجبك ؟!.. 
عاد ليحتضنها ويضمها إليه قائلاً بفخر واهتمام:
-مش عاجبنى ازى وانا كنت هعمل كده .. بس ده هيكون ضغط عليكى .. 

حاوطت وجهه بكفيها قائله بحماس:
-مش هثق فى حد يعملك كده غيرى وبعدين طول مانت معايا وبتساعدنى مش هحس بتعب .. 

عانقها بحب وطبع قبله مطوله فوق جبهتها ثم قال بهدوء :
-طب استعدى عشان نروح مش هينفع نشتغل فى الشركه هنا ..
هزت له رأسها موافقه وقفزت بحماس تطبع قبله فوق احدى وجنتيه قبل خروجها ركضاً من المكتب .

************

مر اليومان التاليان على حياة وفريد كالجنون فقد واصلا الليل والنهار من اجل العمل على انجاز عرض الاسعار الجديد ومقارنته بما فى حوزه مدير حساباته للتأكد من تقديم عرض اسعار منخفض والفوز بتلك المناقصه الهامه ، تمطت حياة بأرهاق شديد وفخر ايضاً بعدما قامت بمراجعه عرض اسعارها للمره الاخيره واطلعت فريد عليه لأخذ موافقته كعادتها ثم قامت بأخذ نسخه احتياطه على ذاكرتها المتحركه "فلاشه" وقامت بطبعه ورقياً استعدداً لتسليمه غداً 

سألها فريد بأهتمام وهو يقترب منها بعدما نظر فى ساعه يده :
-حبيبى خلصتى ؟! الوقت أتأخر لازم ترتاحى شويه ..
اجابته وهى تتحرك من مقعدها لتقف قبالته :
-مانت كمان سهران معايا ومش بتلحق ترتاح .. بس عمتاً انا خلصت خلاص ..

شعرت بالدوار يجتاحها من حركتها المفاجئه فترنحت للخلف قليلاً وهى تمد يدها فى اتجاهه لتستند عليه ، تمسك بها فريد بقوه وهو يسألها بلهفه :
-حياة مالك انتى كويسه ؟!.. 

حركت رأسها بأيماءه خفيفه للغايه ثم اجابته بنبره هادئه رقيقه :
-متخافش تلاقينى بس عشان قاعده من بدرى واتحركت فجأه .. 
زفر بضيق وهو يضغط فوق شفتيه قائلاً بحنق :
-انا مش عارف ليه بسمع كلامك .. طبيعى تتعبى وانتى يومين مش بتنامى كويس ومش بتاكلى كمان كويس .. 

ابتسمت بسعاده من قلقه عليها رغم تأنيبه لها واحتقان ملامحه فتحركت تحتضنه بحب وهى تغمغم بأرهاق :
-خلاص والله خلصت .. ممكن بقى نطلع عشان عايزه انام .. 

انهت جملتها وشبكت ذراعيها فوق عنقه تتمسك به بدلال فى اشاره منها ليحملها ، ابتسم هو الاخر من فعلتها ووضع كفيه فوق خصرها ليرفع قدميها من فوق الارضيه قائلاً بمرح وهو يسير بها نحو الدرج:
-انا هعمل التمارين دى كل يوم ولا ايه .. 

اجابته ممازحه وهو تريح رأسها فوق كتفه فلازالت تشعر بذلك الدوار يجتاحها :
-بعوضك عن تمارينك الاساسيه  اليومين دول .. 
اجابها بنبرته العابثه وهو يقترب برأسها منها :
-بس انا البوكس وحشنى اوى ..
هتفت به محذره بدلال :
-فريييييد .. انا تعبانه وعايزه انام .. 

اجابها بحنق شديد وهو يدفع باب غرفتهم بقدمه :
-عارف .. ما المناقصه الزفت دى جت على دماغى .. 
دوت ضحكتها عالياً من تذمره الطفولى والذى كانت تعشقه خصوصاً بتقطيبه جبينه تلك والتى تصيبها بالجنون .

فى الصباح استيقظ فريد على صوت اهتزاز هاتفه الموضوع فوق الكومود بجواره ، ابتعد عنها قليلاً ورفع ذراعه من فوقها ليلتقط به هاتفه ويجيب مساعده ، سأله فريد بصوته الناعس :
-ايه الجديد ؟!.. 
اجابه مؤمن بتفاخر :
-زى ما حضرتك توقعت .. قدموا عرض أسعارنا القديم اللى احنا مقدمنهوش .. بس طبعاً المناقصه رسيت علينا بالعرض الجديد .. 

اغلق فريد هاتفه وهو يبتسم بأنتصار ويعود لاحتضانها مرةً اخرى ، سألته حياة التى استيقظت قلقه بمجرد سماع صوته :
-فريد طمنى ؟!.. 

اجابها  بأرتياح وهو يطبع قبله فوق وجنتها :
-المناقصه رست علينا ..
ابتسمت حياة بسعاده ولمعت عينيها بفرح وهى تغمغم له بصوتها الناعس :
-مبروك .. 
سألها فريد بأبتسامه عابثه :
-مبروك كده حاف ؟!! .. 
سألته بدلال وهو تحرك أصابعها فوق عنقه :
-أمال انت عايزها بأيه ؟!.. 
اجابها بخبث وهو يقترب منها مقبلاً :
-هوريكى دلوقتى انا عاوزها بأيه ..

شعرت بذلك الدوار السخيف يعود إليها مرةً اخرى وهمت بأبعاده عنها ولكن مع اقترابه منها بذلك الشكل لم تجد حتى صوتها لتعترض .
جلست حياة فوق الفراش مستنده بقدميها على الارضيه الخشبيه للغرفه ومتمدده بنصفها العلوى فوقه مغمضه العينين تحاول التغلب على ذلك الشعور المستمر بالغثيان الذى يراودها منذ الصباح ، زفرت بضيق ووضعت كفها فوق معدتها لتدفئتها فالطالما كانت معدتها حساسه من البرد ويبدو انها اهملت ملابسها فى الايام الماضيه ، هذا ما فكرت به مبرره وهنها المفاجئ ، انتهى فريد من اغتساله وخرج إلى الغرفه فوجدها ممده بذلك الشكل العجيب مغمضه العينين ، اقترب منها بهدوء واتكأ بجذعه فوق الفراش مستنداً على مرفقه الأيمن يتفحصها ثم هتف اسمها  بقلق :
-حياة .. 

فتحت عينيها تنظر بداخل عسليته القريبتين منها وهى تبتسم له ابتسامه ضعيفه فأردف يسألها مستفسراً :
-فى حاجه ؟!.. 
هزت رأسها له نافيه وابتسامتها تزداد اتساعاً لطمأنته فليس هناك داع لإخباره  فدائما ما كانت تعانى وخصوصاً فى فصل الشتاء من الآلام معدتها بسبب اهمالها المعتاد ، رفعت كفها تتمسك بكفه ثم عادت ووضعتها فوق معدتها بهدوء تتلمس منه الدفء ، بدءت أصابعه تمسد معدتها ومقدمه بطنها برفق ظناً منه انه بدايه الالامها المعتاده ثم قال بهدوء ولهجه حاسمه رغم دفئها :
-حياة خليكى النهارده بلاش تنزلى معايا .. 

سألته بأستنكار يحمل فى طياته بوادر الاعتراض :
-ليه فى حاجه حصلت !!!.. 
اجابها بتمهل نافياً :
-لا مفيش حاجه .. بس انتى شكلك مرهق من اليومين اللى فاتوا .. فخدى النهارده اجازه .. 

اجابته معترضه بنبره رقيقه :
-طب مانت كمان كنت تعبان معايا اليومين اللى فاتوا .. هنزل معاك او نقعد سوا .. 
اجابها وهو يقترب منها :
-خليكى وانا مش هتأخر لازم اروح الشركه اخلص حاجه وهرجع على طول ..

كانت تعلم جيداً لماذ يصر على ذهابه لذلك هتفت اسمه بتأهب ولكنه خرج بنبره مغريه هامسه بسبب أصابعه التى تداعب معدتها :
-فريييد .. 

توقفت يده عن الحركه وتجمدت نظرته فوق شفتيها ثم أمرها بنبره هامسه وهو يحرك جسده ليقترب بوجهه منها :
-قولى تانى .. 
سألته بعدم فهم وهى ترى عينيه تتحول للون الداكن من اثر مشاعره :
-اقول ايه ؟!.. 

اجابها هامساً وشفتيه تتلمس صدغها برقه :
-اسمى .. 
هتفت اسمه مره اخرى بصوت ناعم بسبب انفاسه الحاره التى تلفح وجهها وأصابعه التى عادت تداعب بشرتها :
-فريد .. 
لثم شفتيها مطولاً بنعومه ثم حررها ببطء قائلاً بصوته الاجش :
-تانى ..

عضت فوق شفتيها بخجل قبل امتثالها لطلبه للمره الثانيه هاتفه بنبره اكثر همساً :
-فرييييد ..
تنهد بحراره ثم عاد لتقبيل شفتيها بنفس الطريقه قائلاً بعدها بوله :
-سمعهولى تانى ..
تغلغت أصابعها بداخل خصلات شعره الرطب ثم قالت بهيام شديد ونبره ناعمه كالحرير :
-فريد حياة ..
اخفى وجهه فى ثنايا عنقها واخد نفساً عميقاً ثم زفره ببطء شديد قائلا بصوت مكتوم عاشق :
-حياة فريد .. 

بعد فتره من التصاقه بها سألته حياة قاطعه الصمت بينهم :
-فريد انت هتعمل ايه مع مدير الحسابات ؟!!..
ابتعد عنها ورفع رأسه ينظر إليها قائلاً بجديه بالغه :
-هعمل اللى المفروض يتعمل .. 
هزت رأسه له موافقه ثم اردفت مستأنفه استفسارها :
-طب ونجوى ؟!.. 

ان كان على ما يريده حقاً فهو تقطيع أعضائها جزء جزء والقائها للكلاب المتوحشه او ربطها بحجر ثقيل والقائها من فوق السد العالى لئلا يكون لديها فرصه للنجاة ، زفر بحيره ثم اجابها بغموضه المعتاد :
-مش عارف .. لسه مقررتش ..

ابتعدت عنه قليلاً وهى ترمقه بنظرات محتده ثم سألته بضيق :
-طب وبالنسبه لنيرمين ؟!.. 
سألها ببروده المستفز :
-مالها ؟!.. 
مطت شفتيه بأستياء ، هل يمزح معها ؟!!!! لم يقرر بعد ما سيفعله مع نجوى لكنه اصدر حكماً نهائياً على اخته الوحيده رغم مساعدتها له !!! ، اجابته بحده مدفوعه بغيرتها الخفيه :
-ايه اللى مالها !!! متقوليش ان بعد اللى حصل لسه مش عايز تديها فرصه !!!..

ضيق عينيه فوقها مستنكراً رد فعلها العدائي ثم سألها مستهزئا :
-هو انتى شايفانى ساذج عشان اصدق التمثيليه الهبله دى ؟!!!.. جيهان وبنتها عبيد فلوس مهما كان معاهم .. ولو هى حذرتك ف ده بس عشان الفلوس اللى بتدخلهم كل شهر متنقصش ..

ضغطت حياة فوق أسنانها بغيظ وهى تردد خلفه بنبره محتده :
-ساذج !!! .. هى دى نظرتك عنى ؟!.. وبعدين انا مش مصدقه قسوتك دى عليها !!! .. فى الوقت اللى انت مش عارف هتعمل ايه مع ست نجوى هانم !!..

زفر فريد بملل ثم قال بنفاذ صبر :
-حياة متخلطيش الامور ببعض !! وبعدين انا مش غبى عشان جيهان ونيرمين يلعبوا بيا .. واستحاله اصدق اللى هى بتقولهولك مهما حصل .. 

انتفضت حياة من جلستها ووقفت امامه تهتف بسخط :
-انا بقيت غبيه كمان !!.. كل ده عشان عايزه اديها فرصه خصوصاً بعد ما اثبتت حسن نيتها !!.. 

مرر فريد كفيه فوق وجهه بضيق ثم وقف قبالتها يقول آمراً  بتحذير :
-متحرفيش كلامى .. لو عايز اقول حاجه مش هخاف منك  وبالنسبه لنيرمين متستاهلش فرصه تانيه .. 
صاحت به مستنكره بنبره عدائيه شديده :
-انا مش مصدقه أنانيتك دى !!! وبعدين اى حد فى الدنيا دى يستحق فرصه تانيه .. زيك بالظبط .. 

هدر بها فريد محذراً بصوته العميق :
-حيااااة .. ده اخر كلام فى الموضوع ده .. ومن دلوقتى مفيش كلام او مقابلات معاها مهما كان السبب .. فاهمه !!!.. 

لماذا وصل النقاش بينهم لتلك النقطه لم تعلم !! كل ما تعلمه انها غارت من نجوى وارادت منه إرضائها وليس الا ومع مرور الحديث بينهم ازداد غضبها ولم تعد تستطيع التحكم بِه لذلك هتفت معترضه بعناد :
-وانا مش جاريه عشان تقولى اعمل ايه ومعملش ايه !!..  ومش هقفل الموضوع طول مانا شايفه نجوى عماله تخرب حوالينا وانت سايبها تعمل اللى هى عايزاه !!.. 

صاح فريد آمراً بغضب شديد من تمسكها العقيم بوجهه نظرها الخاطئه ورؤيتها الضيقه للامور :
-انتى مراتى واللى هقوله يتسمع وبعد كده مفيش كلام مع حد اصلاً الا بأذنى وتحت عينى ولو الكلام زاد مش هيبقى فى خروج من البيت أساساً ..

هتفت حياة به بعدم تصديق :
-فريد !!!!!!!!!.. 
رمقها بنظره غاضبه جعلتها تتراجع عده خطوات للخلف ذعراً ثم قال بحزم وهو يتحرك لارتداء ملابسه :
-انتهى ..

ارتمت حياة فوق الفراش مرةً اخرى وبدءت تبكى فى صمت ، لماذا يخيب ظنها فى كل مره يتعلق الامر بتلك المدعوه نجوى !! لماذ لا يناقشها بدل من غضبه الدائم وغموضه الذى يثير اعصابها !!، توقعت عودته لها بعد ارتداء ملابسه ولكنها تفاجئت بِه يخرج من الغرفه مباشرةً دون حتى النظر إليها ، ازداد جنونها من تجاهله لها فأمسكت هاتفها المحمول تُخرج رقم اخته غير الشقيقه وانتظرت اجابتها ثم قالت بدون اى مقدمات :
-انا موافقه اساعدك .. فريد دلوقتى مش فى البيت لو حابه تقابلينى ..

استمعت إلى موافقه نيرمين الحماسيه ثم اغلقت هاتفها وألقت بِه بأهمال فوق الفراش مع عوده ذلك الغثيان المقيت يتملك منها مرةً اخرى ، هذا ما كان ينقصها الان !! ..

*************

اقتحم فريد باب غرفه مدير حساباته بملامح وجهه مكفهره  الامر الذى أفزعه كثيراً وجعله يبتلع لعابه بصعوبه ، وقف فريد قبالته ثم جذبه من ياقه قميصه قائلاً بنبره لا تعرف المزاح :
-بره ..

تسائل الرجل بهلع مردداً كلمه مخدومه :
-بره !! حصل ايه يا فندم  ؟!.. 
دفعه فريد نحو الخارج قائلاً بتهديد :
-هى ضحكت عليك وفهمتك انك لو اتكشفت هتعرف تعوضك صح ؟!. وانتى غبى وصدقتها وفاكر ان لو فريد رسلان طردك ممكن شركه بعده تشغلك ؟!.. 

فتح المدير فمه ليجيبه فأوقفه فريد بنظره محذره رافعاً أصبعه فى وجهه :
-الشيك اللى انت ماضى عليه زمانه اتقدم للنيابه .. يا تدفعلى النص مليون تعويض يا الحبس .. 

فى تلك اللحظه دلف رجال حراسه فريد الذى استدعاهم قبل دخوله لجذب الرجل المذعور وإلقائه خارجاً ، القى فريد جملته الاخيره على مسامع الرجل قائلاً بشماته :
-وانا بقول لحد ما النيابه تستدعيك بلاش تروح بيتك .. عشان علاقاتك وصورك القذره كلها الفتره اللى فاتت هتلاقيها وصلت قبلك للمدام ..

انهى جملته وراقب برضا رجاله وهم يجرون ذلك الخائن إلى خارج جدران الشركه وهو يصيح متوسلاً من اجل مسامحه فريد له .

عاد بعدها لمكتبه والقى جسده فوق المقعد بقوه ، اللعنه على ذلك الامر ، انه لازال غاضباً وبشده بسبب ما حدث بينهم فى الصباح ، هل هو غبى لتنطوى عليه مسرحيه نرمين وجيهان الهزليه !! ، واذا كان الامر مقتصراً على نيرمين لالتمس رضاها قبل ذهابه ولكن ما يغضبه حقاً هو مسأله الثقه ، لماذا لا تثق فى نظرته وحكمه للامور ، لماذا لا تضع ثقتها بِه كأى زوجه طبيعيه !!، زفر بحنق فهو لا يعلم كيف يرضيها !!، حسناً هو يعلم ان امر نجوى تلك استغرق منه وقت اطول من اللازم ولكنه يريد التريث والتخلص منها للابد بدلاً من التسرع ومعالجه الامر بسطحية تؤدى إلى كوارث مستقبليه ، ثم انه يفعل ذلك من اجلها اليست هى من تطلب منه دائماً أعطاء القانون فرصته ، اذا ستنتظر معه حتى يجد الفرصه المناسبه للخلاص منها . 

 التقط هاتفه بعصبيه مهاتفاً احد رجاله وقائلاً بأستياء  :
-كل ده مش عارف توصلنى لحاجه تخلصنى بيها !!.. انا مش فاهم امال انت بتراقبها ليه !!!..

ارتبكت نبره الرجل من غضب مديره ثم اجابه مبرراً :
-يا باشا .. انا مراقبها زى ضلها .. من ساعه ما حضرتك قلتلى .. مش بتعمل اى حاجه .. بس بتروح النادى الصبح وبليل بتقابل نيرمين هانم اخت حضرتك .. غير كده مبتتحركش .. 
لم يقتنع فريد بحديثه فأردف يقول محذراً :
-ورحمه امى لو طلعت بتستغفلك وعملت حاجه من وراك وأذت مراتى تانى لهتكون حياتك التمن .. وقدامك اسبوعين تخلص موضوع سيرين الزفت دى .. وعايزك تبدء من دلوقتى تحط حد يراقب نيرمين هى كمان .. سامع ؟!.. 

تمتم الرجل موافقاً بخنوع تام قبل إغلاق فريد الهاتف فى وجهه والبدء فى مراجعه ملفاته المتراكمة .

بعد فتره ليست بطويله صدع رنين هاتفه برقم حراسه المنزل ، اجاب فريد على الفور بقلق واضح فى نبرته :
-سامعك !..
اجاب الطرف الاخر بأحترام :
-فريد بيه .. نيرمين هانم جت من شويه .. واتعاملنا زى ما حضرتك امرت بس حياة هانم صممت انها تدخلها .. محبتش اعمل اى حاجه غير لما ارجع لحضرتك .. 

استمع فريد لحديث حارسه وبدءت الدماء تغلى فى عروقه من جديد ، لقد طفح به الكيل من عنادها المستمر ، ضغط فوق اسنانه بشراسه ثم قال بحروف مقتطبه :
-سيبها .. 

القى الهاتف فوق المكتب بحده وهو يتوعد لها ، هل ظنته غير جاد فى تهديده لها ؟! ، لقد أشعلت فتيل غضبه والان عليها تحمله ، هذا ما فكر به بتوعد لحياة ولكن اولاً ينتهى من اعماله المتراكمة .

************

فى المنزل ودعت حياة نيرمين بود شديد بعدما أعطتها وعدها الكامل بمساعدتها فى لم شملها مع فريد مما جعل الاخيره تبتسم بأنتصار من نجاح خطتها ، سألتها نيرمين بحماس مستأذنه :
-انا عايزه اتكلم معاكى كل يوم .. عايزه اعرف كل حاجه عن فريد وايه بيحبه وايه بيكرهه عشان اعرف اتعامل معاه .. ونفسى تقبلينى كأخت ليكى .. انتى عارفه انى لوحدى على طول ..

ابتسمت لها حياة موافقه ثم اجابتها مشجعه :
-اه طبعاً زى ما تحبى .. انا اهم حاجه عندى انك وفريد تكونوا سند لبعض .. 

ودعتها نيرمين بأبتسامه مجامله لم تصل لعينيها وهى تتحرك فى اتجاه سيارتها لتستقلها ، هاتفت نجوى على الفور تبشرها سعيده بأخر التطورات :
-نوجه .. عشان تعرفى انك عندك احلى صاحبه فى الدنيا دى كلها .. 

سألتها نجوى بلهفه مستفسره :
-حصل ايه بسرعه احكيييلى .. 
اجابها نيرمين بثقه :
-حصل زى ما كنا عايزين بالظبط .. صدقت اللى حصل وقالت هتساعدنى .. وانا لسه خارجه من عندها بعد ما اتكلمنا فى حاجات كتير .. والاهم انها اتغيرت فى معاملتها معايا .. ده طبعاً بعد ما فهمتها انا قد ايه مضايقه من اسلوب حياتى ومنك .. 
هتفت نجوى برضا :
-ايوه بقى يا نيرو .. كده مفاضلش غير انك تنقليلها شويه اخبار عنى واخر حاجه بقى تجبيلى توقيع فريد بصوره واضحه عشان الراجل يشوف شغله ..
اومأت نيرمين برأسها موافقه ثم اجابتها بثقه :
-بس كده .. توقيع فريد بسيطه هلاقيه فى اوراق بابى .. اما عن اخبارك فأنا فعلاً قلتلها ان حادثه الملف بتاعها الاول كانت بمساعده مدير الحسابات برضه واتصدمت اوى ..

ردت نجوى قائله بخبث :
-هقولك على حاجه تبلغيها بيها ودى هتبقى الاخيره .. عشان لما تقولى على اللى اتفقنا عليه  تصدقك بعد ما تشوف العقد والصور . 

وافقها نيرمين للمره الثانيه فدائماً ما كانت تابعه لنجوى وتنفذ فقط ما تمليه عليها دون الاحساس بالذنب او تأنيب الضمير .

************

فى المساء عاد فريد للمنزل وغضبه مازال يلاحقه ، دلف غرفتهم يبحث عنها بعينه فوجدها جالسه فوق احد المقاعد بملامح وجهه متجهمه ، توجهه بجسده نحوها وجذبها من مرفقها بحده ثم سألها بعصبيه شديده :
-انا مش قلت مفيش كلام معاها !! انتى بتتحدينى ولا صبرى عليكى خلى كلامى ملهوش اهميه عندك ؟!.. 

لم تكن فى مزاج يسمح لها بمجادلته فذلك الغثيان ما ينفك يختفى حتى يعود إليها مرةً اخرى دون سبب واضح لذلك استمعت إلى حديثه العصبى بجمود شديد ، أغضبه اكثر صمتها وفسره عدم اهتمام منها له لذلك اردف يقول هادراً بها بنبره عاليه ويده تهزها من مرفقها :
-من النهادره ومن دلوقتى .. مفيش خروج من البيت ولا حتى للجنينه .. ولو سمعت يا حياة انك كسرتى كلامى تانى قدام الحرس او اى حد فى البيت هتشوفى منه وش مشفتهوش قبل كده .. فاهمه !!! .. 

لقد ازداد اعيائها بشكل مبالغ فيه بسبب يده التى تهز جسدها بأكمله ، ضغطت فوق شفتيها متحامله وقد اغضبها تهديده وتحكمه بها ، وفتحت فمها لتعترض وهى تدفعه عنها بعيداً وتهدر هى الاخرى بِه بعصبيه :
-فريييي..

انتابها شعور قوى بالغثيان فركضت نحو المرحاض غالقه الباب خلفها برفق وبدء تتقيأ كل ما بداخل معدتها حتى هدئت نوبه غثيانها ، ركض هو خلفها بأستغراب وحاول فتح الباب خلفها ولكنها أغلقته بأحكام ، هتف اسمها بقلق وهو يطرق بيده فوق الباب ويطلب منها فتحه ، خرجت تواجهه بعدما غسلت فمها ووجهها جيداً بالماء والشك  يزداد بداخلها ، رفعت رأسها تنظر نحوه بوهن فأسرع هو فى التقاط كفها يسألها بلهفه :
-حصل ايه ؟!..

اجابته كاذبه وهى تتحرك نحو الفراش وتستلقى عليه :
-ولا حاجه معدتى اخدت برد .. 
ظل يتأملها بنظرات حائرة ثم اخفض رأسه وخرج من الغرفه بأكملها فملامح وجهها الشاحبه ونظرتها المرهقه جعلت غضبه يخمد .

قضى فريد ما تبقى من يومه داخل الغرفه الرياضيه يفرغ كل ما به من غضب داخلها ، خرج بعدها منهك الجسد فتوجه مباشرةً نحو غرفته للاستحمام وتبديل ملابسه ليجدها لازالت مستلقيه فوق الفراش منذ تركها ، اغتسل سريعاً وارتدى ملابس نومه وهو يحاول التوصل لقرار ، حسناً هو لايزال غاضب منها ومن تصرفاتها المتهوره بعض الشئ ولكن رؤيتها ساكنه هكذا تؤلمه ، زفر بضيق وهو يندس جوارها فى الفراش ثم سألها بأهتمام :
-تحبى اندهلك عفاف ؟!..

حركت رأسها ببطء نافيه وانتظرت حتى استقر جسده فوق الفراش ثم تسللت تستند برأسها فوق صدره ، حاوط خصرها بذراعه كعادته وأغمض عينيه محاولاً النوم بعد ذلك اليوم المجهد ذهنياً وعضلياً له ، تنهدت حياة بحيره ، هل ما تفكر به صحيح ، بالطبع داخلها يتمنى ان يكون صحيحاً ، لا لن تتحمس ربما ما يحدث لها هو إرهاق وليس الا ، قطبت جبينها بتفكير حتى ان ايامها الخاصه لم تبدء بعد رغم حلول موعدها ، هل هى حقاً حامل رغم ان زواجهم الفعلى لم يمر عليه سوى شهر واحد ، حسناً هو فقط شهر ولكنهما كانا سوياً عدد من المرات يكفى لدزينه اطفال ، هذا ما فكرت به بسخريه وهى ترفع كفها وتتلمس برفق بطنها ، يالله ان مجرد التفكير يجعل قلبها يقفز فرحاً فكيف اذا صدق حدسها ، وماذا ستكون ردة فعل فريد اذا كان حقيقى ، طفل منه ينمو داخل أحشائها ، طفل صغير بمرحله جديده فى حياتها وحياته يتحولان معها من شخصين عاشقين إلى أبوين ناضجين ، ليس لديها شك بأن حنان فريد سيغدق طفلها القادم او ربما طفلتهم ، حسناً حسناً يكفيها تخيلات ، ستنتظر يومين أخريين ثم تذهب إلى الطبيبه لإجراء  الفحص ، هذا ما قررته وهى تغمض عينها بسعاده وقد تلاشى كل غضبها منذ الصباح .

***********

رغم ترقبها الشديد خلال اليومين التاليين الا انها آثرت اخفاء تعبها المتزايد عنه حتى تتأكد وتخبره ، اما عن علاقتهم سوياً فلم يحدث تغييرعن تلك الليله ولم يتحدثا عنها ثانيةً ، فقط يسألها بأهتمام عن حالها ثم يسحبها داخل احضانه اثناء الليل ، اما عن العمل فلم يسمح لها بالخروج من باب الفيلا الداخليه كما اخبرها ولم تجادله مما اثار استنكاره واستنكارها هى شخصياً ، وبالنسبه لعلاقتها بنيرمين فأقتصرت على المكالمات الهاتفية وتلك الاخبار الخاصه بنجوى والتى تغدقها بها نيرمين لكسب ثقتها بشتى الطرق ، حتى انها أخبرتها عن مدبره منزلهم القديمه "عزه" وكيف كانت تنقل جميع اخبارهم وتفاصيل حياتهم اليوميه لنجوى ، مع بعض الجمل عن حماسها المتزايد لمصالحه فريد وبعض مقتطفات من ماضيها والذى كان اغلبه صحيحاً الامر الذى جعل حياة تتعاطف معها بالكامل بل وتبدلت نظرتها عنها وتمنت لو تحدث معجزه ما تتبدل بها حياة اخت زوجها والتى اصبحت فى نظرها ضحيه كفريد .

وفى مكتبه جلس فريد فى مقابله وائل الجنيدى بعد مراجعه كافه التفاصيل الخاصه لشراكتهم الجديده ثم وضع فريد توقيعه عليها بعدما مررها لوائل كى يوقعها اولاً ، صافحه وائل ليهنائه بسعاده قابلها فريد بجمود معتاد وهو يومأ له برأسه بأقتضاب ، سأله وائل بعدها مستفسراً منه :
-بالنسبه لعقود هناك هنعمل فيها ايه ؟!..
اجابه فريد بغموض :
-متشغلش بالك بيها انا هتصرف ..

لم يكن وائل لترضيه تلك الجمله لذلك اردف يقول متسائلاً :
-هتتصرف ازاى ؟!.. احنا علينا دفعات متأخره للمورديين هنا ولازم نسلملهم اى حاجه والا فلوسهم ترجع .. وانت عارف ان ده دلوقتى معناه افلاس الشركه .. 

لوى فريد فمه بضيق فهو يعلم جيداً صدق حديثه ، كما انه التزم بكلمه ولن يستطيع الاخلال بها لذلك هتف مطمئناً لشريكه :
-متقلقش .. هسافر بنفسى اخلص هناك واتاكد ان البضاعه اتشحنت وهرجع .. 

استرخت ملامح وائل وقد طمأنه حديث فريد فرغم كل ما يقال عن قسوه فريد الا انه يستطيع الثقه بكلمته ، عاد وائل يسأله للمره الاخيره وهو يستعد للرحيل :
-هى مدام حياة مش موجوده ؟!.. 

انتفض فريد من مقعده كأسد يستعد للاتقضاض على فريسته فى اى لحظه وهو يسأله بحده :
-انت عايز ايه من حياة !!!..

ارتبك وائل وشعر بالإحراج من اندفاعه الغير محسوب وأجابه  مبرراً :
-لا ابداً انا بس استغربت انها محضرتش معانا اجتماعات امبارح والنهارده فكنت بطمن عليها ..
حدقه فريد بنظره محذره وهو يقول بضيق :
-شئ ميخصكش ..

علم وائل بتجاوزه لحدوده من نظرات فريد التى تنطلق كالسهام فى اتجاهه لذلك اثر الانسحاب واستأذن مسرعاً فى الرحيل .

***********

عاد وائل إلى مقر شركته وجلس خلف مكتب رئاسه الاداره وهو يلعن تهوره بصمت ، ماهى نوع الحماقه التى دفعته لسؤال زوجها عنها ، الم يستوعب قلبه بعد انها ملك لغيره ، وغيره هذا ليس غريب على الاطلاق بل هو شريكه ، تململ داخل مقعده بعدم راحه وهو يتذكر لقائهم الاخير ونظرتها وابتسامتها المرحه ، ان اعجابه بها يزيد يوماً عن يوم رغم وميض الحب الذى يلمع داخل عينيها بمجرد رؤيه زوجها ، متزوجه ، ظل عقله يردد تلك الكلمه عل قلبه يستوعبها ، لوى فمه بتهكم وهو يفكر بقله حيله فمنذ متى يتدخل العقل فى عمل القلب ، على سبيل العقل تذكر تلك المدعوه نيرمين اخت فريد والتى اثارت فضوله بما فعلته وعليه التقط هاتفه وطلب حضور مساعده ثم آمره بجديه بعدما أعطاه اسمها تأكيد شكوكه نحوها ومعاوده اخباره فى اسرع وقت ممكن ، أطاعه المساعد بخضوع ثم انصرف تاركاً المجال لرئيسه لمتابعه عمله . 

***********

بعد انتهاء وجبه العشاء والتى سادها الصمت من جهه فريد وفقدان الشهيه من قبل حياة صعد فريد إلى غرفه نومهم وتبعته حياة ، تحدث إليها بأختصار بعد تناول قهوته :
-اطلبى من عفاف تحضرلى شنطه هدومى عشان مسافر بكره الصبح .. 

اصاب حياة الاحباط بمجرد سماعها تلك المعلومه وفتحت فمها لتسأله بخفوت:
-هتغيب ؟!عشان اعرف محتاج قد ايه يعنى.. 
اجابها بأقتضاب وهو يراقب تعابير وجهها :
-حوالى ٥ تيام .. 

خمسه ايام !!!! بدونه !! وهى من كانت تأمل بأجراء ذلك التحليل غداً وأخباره بنتيجته رغم شبهه تيقنها من النتيجه ، ثم أيجب عليهم فى كل مره الرحيل وهما على خصام !! ، زفرت بأحباط ثم قالت بنبره خفيضه حزينه :
-مفيش داع لعفاف هحضرهالك انا .. 

قال معترضاً وهو يجلس فوق الفراش قبالتها :
-لا متتعبيش نفسك .. اطلبى من عفاف وهى عارفه هتعمل ايه ..

لوت فمها وهى تهز رأسها بضيق ثم سألته بصوت متحشرج من اثر دموع الاحباط :
-انت شايف انك هتتعبنى !!!!.. 

رفعت رأسها فى انتظار اجابته فرأى تلك الدموع المتلئله تلمع داخل مقلتيها ، لم يجيبها لذلك تحركت بخطوات مثقله نحو خزانه ملابسه لتبدء فى تحضير حقيبته ، تبعها بخطواته ووقف بجسده خلفها ثم مد ذراعيه يحتضنها من الخلف وأسند ذقنه فوق كتفها بصمت ، رفعت ذراعيها هى الاخرى تضعها فوق يده المحتضنه خصرها بتملك وهى تفكر بسذاجه هل يشعر بها وبما تحمله داخل أحشائها ، قاطع تفكيرها سؤاله لها  بصوته العميق :
-تحبى تيجى معايا ؟!.. 

قاومت رغبه جامحه فى الاندفاع والموافقة ولكنها تذكرت ما يحدث لها فى الصباح وموعدها غداً إلى جانب قلقها من الطيران والمجهود الزائد لذلك اجابته على مضض رافضه :
-لا شوف انت شغلك وانا هستناك لحد ما ترجع .. 

شدد من احتضان ذراعيه لها فأردفت تطلب منه بتوسل :
-فريد .. ممكن ارجع الشغل تانى ..
امتنع عن الرد لذلك حركت رأسها تنظر إلى جانب وجهه تستيبن رد فعله ، لم تجد ما يشجعها من ملامحه فأردفت تضيف :
-الشغل بس ومش هروح اى مكان من غير ما تعرف ..

زفر مطولاً ثم قال بهدوء وعلى مهل :
-متمشيش من غير حراسه .. وقبل ما تتحركى لاى مكان تبلغينى .. ومتقابليش حد غير بأذنى .. انت فهمانى طبعاً .. حياة صدقينى لو اللى حصل ده اتكرر تانى مش هضمن رد فعلى .. 

هزت رأسها لها موافقه فتلك الليله بالذات لا تسعى لاغضابه ، حرك رأسه موافقاً بأستحسان هو الاخر وقد قرر كلاً منهما تجاوز ما حدث بينهم منذ يومان .

***********

بعد مرور يومان وفى غرفه مكتبها جلست حياة تبتسم ببلاهه وهى تضع يدها فوق بطنها كعادتها منذ تأكيد الطبيبه لها خبر حملها ، يالله انها الان حامل فى شهرها الاول ، كم تنتظر بفارغ الصبر عوده فريد وأخباره فهى تجاهد فى كل مكالمه هاتفيه بينهم الا ينفلت لسانها وتخبره بتلك المناسبه الساره فبعد كل شئ تريد رؤيه تعابير وجهه ورد فعله عند سماعه خبر حملها ، فقط عليها الانتظار ثلاثه ايام اخرى ، بالطبع مده طويله للغايه بالنسبه لها ، اعادها من شرودها طرق خفيف فوق باب غرفتها ، اعتدلت فى جلستها وعدلت من وضعها ثم أذنت للطارق فى الدخول ، تفاجئت بوائل الجنيدى يقف امامها بأبتسامه عريضه تملئ ثغره ، هتفت حياة بأستنكار :
-باشمهندس وائل ؟!.. خير !!.. 

تنحنح وائل محرجاً ثم اجابها مفسراً قدومه وهو يتقدم منها لالقاء التحيه عليها :
-خير .. كان عندى استفسار بسيط كده مع المحامى ولقيت نفسى بعدى من تحت الشركه فقلت اطلع اسأله بنفسى وبالمره اسأل على فريد ولما خلصت حبيت اسلم على حضرتك .. 

كاذب ، هذا ما هتف به داخلياً ، لم يكن بحاجه للمجئ شخصياً هو فقط قادته ساقيه إلى هنا من اجل رؤيتها ، ابتسمت حياة له بود ثم قالت ببساطه :
-لا حضرتك ايه بقى ده حتى انا اصغر منك مفيش داع للرسميات دى بينا .. خليها حياة بس .
بادلها وائل ابتسامتها بأخرى واسعه وهو يتمتم بحماس :
-موافق بس بشرط .. بلاش كمان باشمهندس دى خليها وائل ..
همت حياة بالاعتراض ولكن اوقفها رنين هاتفها الخلوى ، فالتقطته مسرعه بعدما اعتذرت منه ظناً انه فريد ، اصيبت بالاحباط عند رؤيتها هويه المتصل ولكنها أجابت على كل حال :
-كله تمام يا نيرمين الحمدلله .. 

استمعت لسؤالها ثم اردفت تقول بأحراج :
-حبيبتى معلش معايا ناس .. شويه وهكلمك تانى .. 
بالطبع التقط وائل الاسم من شفتيها فعاد يسألها بعد إنهاء مكالمتها :
-هى الاستاذه  نيرمين قريبه منك ؟!.. 

قطبت حياة حاجبيها وهى تسأله بقلق :
-اها .. يعنى .. ليه في حاجه ؟!.. 
نظر وائل نحوها بتردد فأردفت تحثه على الحديث وقد اثار سؤاله فضولها :
-انا اقرب لنيرمين من فريد فتقدر تقول اه .. 

ضغط فوق شفتيه ثم قال على استحياء :
-بصراحه فى حاجه كنت عايز الفت نظر فريد ليها بس مش وقته .. يرجع بس الاول ..
لقد اثارت جملته قلقها حقاً  لذلك اندفعت تسأله بتوسل :
-لا من فضلك .. لو حاجه تخص نيرمين من فضلك تبلغنى بيها الاول ومن غير ما تسألنى ليه بس ده الاصح ..

انهت جملتها وانحنت تلتقط قطعه ورقيه صغيره وقامت بتدوين رقمها فوقها ثم اعطته له مستطرده برجاء :
-ده رقمى .. لو سمحت اى حاجه تحصل بلغنى فوراً ..

اومأ لها وائل رأسه موافقاً بتردد فهو لا يعلم اذا كان صائباً فى أخبارها  هى بدلاً من فريد ام لا ، على كلاً سيفكر ملياً ثم يقرر من سيخبره اولاً ، هذا ما قرره وهو يحيها مودعاً قبل انسحابه للخارج تاركها تشعر بالقلق والذعر من القادم .

****************

هتفت نيرمين متسائله بأرتياب وهى تجلس امام صديقتها وشريكتها فى التخطيط :
-نجوى .. انتى متأكده اننا هننجح وهتصدقنى .. المره دى هتبقى تقيله اوووى ولو راحت او بلغت فريد هنروح فى داهيه ؟!.. 

اجابتها نجوى بنبره عدائيه واضحه بعدما زفرت بتأفف :
-يوووه يا نيرمين مش معقول كده .. كل ما اقولك حاجه تسمعينى نفس الاسطوانه !!! انا بجد زهقت .. 

انكمشت نيرمين داخل مقعدها من عداء صديقتها الغير مبرر ثم سألتها بأستهجان :
-فى ايه يا نجوى !! مالك بتتعاملى معايا كده ليه ؟!.. انا بس بفكر معاكى بصوت عالى !!.. 
صاحت نجوى بعصبيه مدافعه عن نفسها وفكرتها :
-عشان انتى وترتينى .. وكل شويه تطلعى بحجه عشان متنفذيش مع ان افضل وقت نتحرك فيه وفريد مسافر .. 

حاولت نيرمين استرضائها فقالت مبرره :
-انا مش بطلع بحجج .. بس المره دى فيها تزوير وفريد مش سهل .. لو عرف هتكون نهايتى ونهايتك .. 

اجابتها نجوى وهى ترمقها بنظرات حاده :
-لو مش عايزه كنتى قلتى من الاول وكنت ظبطها مع حد تانى .. بس متجيش دلوقتى بعد ما اعتمدت عليكى وهى وثقت فيكى تخافى .. انا شفت غيرتها قبل كده وعارفه انها مش هتتحمل .. وبعدين لو حصل وفريد عرف ابقى قولى انا ضحكت عليكى زيها .. خلاص ولا فى حجج تانى ؟!..

حركت نبرمين رأسها على مضض موافقه وأجابتها رغم ترددها الملحوظ :
-خلاص خلاص .. حضرى الصور والاوراق وبكره هنفذ .. 

اندفعت نجوى تقول بسخط :
-الاوراق والصور جاهزه من يومين .. وانا هبعتلها بس حضرتك تكونى جاهزه عشان الاساس كله عليكى .. 

قالت نيرمين بفتور وهى تفكر بجديه فى صواب ما يفعلاه :
-ماشى نفذى بكره وهتلاقينى معاكى . 

************

فى مساء اليوم التالى وبعد عوده حياة من الشركه أضاء شاشه هاتفها معلناً عن وصول عده رسالات نصيه متتابعه ، التقطه حياة بلهفه فربما فريد قرر ارسال رساله لها ، لقد اشتاقته حد الجنون رغم حديثه معها عده مرات خلال اليوم ولكن كيف لقلب عاشق مثلها ان يكتفى بمكالمه او اثنان ، فتحت هاتفها ونظرت فى فحوى الرسائل المرسله من رقم مجهول ، ثم جحظت عينى حياة للخارج وازدات حده تنفسها ، انه زوجها !! نعم هو فريد ، بمواضع حميميه !!! مع من ؟! نجوى !!!!! لن تصدق ، لن تصدق ، تلك الصور مركبه ، هذا ما ظلت تهتف به إلى ان جائتها رساله مصوره اخرى ، عقد زواج عرفى ، قرأته بأنفاس مقطوعه ودقات قلب متسارعة ، عقد زواج فريد ونجوى !! بحثت عينيها بلهفه عن توقيعه للتأكد ، بدءت الدموع تترقرق داخل مقلتيها فهى تعرف توقيعه جيداً وتعاملت معه الالاف المرات ، وهو نفس ذات التوقيع الواقع هنا فى ذلك العقد ، قرأته مره ثانيه وثالثه ورابعه ربما هناك خطأ ما ، لا ليس هناك اى اخطاء ، العقد بتاريخ قديم قبل حتى عقد زواجهم بشهر، اى انهم معاً منذ ٤ اشهر ، لا فريد لا يفعل بها ذلك ، هذا ما فكرت به ودموعها تنساب فوق وجنتيها بقوه ، رساله مصوره اخيره من ذلك الرقم المجهول من احد المعامل المشهوره ، تحليل حمل بأسم نجوى سعيد العمرى ، النتيجه ايجابيه ، صرخت حياة وهى تلقى الهاتف من بين يديها ، ما هذا الكابوس الذى سقطت به ، لا يعقل ، فمنذ زواجهم وهو يبيت كل ليله داخل منزله حتى فى بدايه زواجهم عندما كانت غرفهم منفصله كان يبيت كل لياليه فى غرفته وايضاً منذ ما يقارب الشهرين وهى معه فى العمل وفى الليل تنام داخل احضانه ، ولكن ايضاً تاريخ العقد قبل زواجهم ، شهقت بفزع ، هل يعقل ان حديثه تلك الليله على ان سفريته قضاها معها صحيح ؟!، وهى من ظنته قال لها ذلك من اجل أحزانها ، لا فريد لا يفعل ذلك ، بدءت الرؤيه لديها تتشوش من كثره الدموع المنهمره من مقلتيها ، ستواجهه والان ، ستهاتفه وتستعلم منه عن كل ذلك الهراء الذى وصل إليها ، تحركت لتمسك هاتفها وتخرج رقمه وفى تلك اللحظه صدع رنينه معلناً عن ورود اتصال جديد لها من نيرمين ، لم تكن حياة فى حاله تسمح لها بالاجابة عن اى اتصالات لذلك  رفضت الاتصال ، عاودت نيرمين اتصالها عده مرات متتالية دون انقطاع يليها رساله نصيه مختصره مفادها انها بالخارج تريد التحدث إليها بأمر عاجل لا يحمل التأخير والحرس يمنعها من الدخول ، تُرى هل ستخبرها بشئ ما يخص تلك الصور والعقد ، اندفعت تستقبلها بأمل فربما تخبرها بكذب تلك الصور وذلك العقد والتحليل ، أعطت حياة اوامرها للحارس بأفساح المجال لنيرمين والسماح لها بالدخول ، هّم الحارس بالرفض ولكن قاطعه صراخ حياة به بشراسه وهى تدفعه بقوه ليسمح لنيرمين بالقدوم فهى فى حاجه ماسه لسماع ما يريح قلبها ، انصاع الحارس فى الاخير لأوامرها خصوصاً وهو يرى الحاله العصبيه التى تمر بها ، سمح لنيرمين بالدخول ثم اخرج هاتفه ليخبر سيده بما حدث .

اما عن نيرمين فقد هرولت تلحق بحياة التى سبقتها للداخل وهى على يقين ان مخططها مع نجوى قد اصاب هدفه ، فحياة على وشك السقوط مغشياً عليها من شده الإعياء وشحوب الوجه ، اخذت نفساً عميقاً متصنعه الهلع ثم هتفت بلهفه انطلت جيداً على حياة التى لم تكن ترى الامور بشكل سليم :
-حياة هاتى تليفونك لو سمحتى .. 

سألتها حياة بحده وهى تبتعد عنها عده خطوات :
-ليه !!! عشان مشوفش اللى هيتبعتلى !! اتاخرتى يا نيرمين .. 

شعرت نيرمين بالانتصار من تصديق حياة لتمثليتها فأردفت تسألها متصنعه القلق :
-قصدك ايه !! اوعى تقوليلى ان نجوى بعتتلك حاجه !!.. 
صرخت حياة تجيبها :
-هى بعتتلى حاجه واحده بس !!.. دى بعتتلى كل حاجه .. 

تحركت نحو نيرمين مرةً اخرى ثم رفعت ذراعها تهزها بعنف وهى تهتف بتوسل :
-انتى كنتى صاحبتها .. قولى ان ده مش حقيقى .. قولى فريد ميعملش كده فيا .. 

اخفضت نيرمين رأسها لتهرب من النظر فى عينيها ثم اجابتها بخفوت :
-انا كان نفسى ألحقها قبل ما تبعتلك بس ملحقتش للاسف .. 

مسحت حياة دموعها المنهمره بضهر كفيها ثم سألتها بهدوء نسبى وترقب :
-قصدك ايه ؟!... 

ابتعلت نيرمين لعابها بتأثر مدروس ثم قالت بخفوت :
-نجوى كلمتنى وهى فى حاله هيستريا وهددتنى لو فريد مكلمهاش النهارده هتبعتلك وهتقولك كل حاجه .. وانا حاولت اكسب وقت لحد ما اوصل لفريد واحذره بس طبعاً انتى عارفه هو قد ايه بيكرهنى .. فملقتش حل قدامى غير انى اجى هنا وأحاول اخبى الرسايل دى عنك ..

ضيقت حياة عينيها فوق نيرمين تسألها بأستنكار :
-يعنى انتى كنتى عارفه !!.. عارفه ان فريد متجوزها !!..
هتفت نيرمين مدافعه عن نفسها بمهاره :
-حياة لو سمحتى اهدى .. دى كانت حاجه قديمه قبل ما فريد حتى يتجوزك .. وانا متأكده انه من بعد جواركم مبقاش له اى علاقه بيها .. 

صرخت حياة بهيستريا لتقاطعها :
-قديم !!! وحملها ده كمان قديم .. انا لازم اعرف التفاصيل .. 
اجابتها نيرمين وعيونها تلمع بأنتصار فزوجه اخيها تصدقها بالكامل :
-بصراحه هو جواز فريد من نجوى كان غلطه يعنى .. كل الحكايه انهم فى يوم كانوا بيشربوا مع بعض وتقلوا شويه فى الشرب وتانى يوم فاقوا لقوا نفسهم سوا .. طبعاً ده اللى نجوى حكتهولى .. وبعدها جه موضوع جوازكم وكل ما فريد كان بيحاول يطلقها كانت بتهدده انها هتبلغك .. وصدقينى هو عشان بيحبك كان خايف يخسرك .. 

ارتمت حياة على اقرب مقعد لها فقدميها لم تعد قادره على حملها بعد كل ما سمعته ، ظلت تشهق وتنتحب بقهرحتى نفذت دموعها وشعرت بكل قواها تختفى ، رفعت كفها تتلمس بطنها بحسره ثم سألت نيرمين بخفوف وهدوء عجيب :
-وحملها ؟!.. 

اجابتها نيرمين بأقناع :
-انا بلغتك ان فريد من ساعه ما اتجوزك مبقاش له اى علاقه بيها .. والحمل حصل يومها ..
قاطعتها حياة متسائله بأعتراض :
-بس تاريخ التحليل من شهرين بس ..

اجابتها نيرمين مفسره بمهاره :
-انا كمان اخدت بالى من كده وهى لما بلغتنى مصدقتش برضه.. لحد ما فى يوم روحت معاها الدكتوره وشفت بنفسى ..

بحديثها هذا  قضت نيرمين على اخر امل يراود حياة لذلك اخذت نفساً عميقاً ثم قالت بأنكسار :
-بعنى انتى كنتى عارفه ان اخوكى هيبقى عنده طفل وساكته ..
اجابتها نيرمين مدعيه البراءه :
-بصراحه فى الاول مكنتش مهتمه ويمكن اكون مبسوطه عشان نجوى .. بس بعد ما شفت وشها المنافق واتعرفت عليكى كويس خفت تعرفى وحياتكم تدمر ..

هزت حياة رأسها بضعف وهى تلتقط هاتفها وتتحرك نحو الدرج ، ركضت خلفها نيرمين تستوقفها وهى تسألها بقلق :
-انتى رايحه فين ؟!..

اجابتها حياة بنبره خفيضه منكسره :
-ولا حاجه .. هطلع انام .. لو سمحتى سبينى لوحدى دلوقتى ..

لم تجادلها نيرمين فمهمتها نُفذت على اكمل وجهه وما تبقى فى يد حياة لذلك اومأت برأسها لها موافقه ثم انصرفت نحو الخارج .

***************

صعدت حياة إلى غرفتها وهى تجر اذيال الخيبه خلفها  ، فعقلها لا يستوعب بعد كل ما علمه حتى الان ، وهى من كانت تنظر عودته على احر من الجمر لتخبره ببشرى ابويته وهو فى الاساس اب ، لوت فمها بتهكم مرير وهى تجلس فوق الفراش بجمود وتفكر بقهر ، هذا يفسر كل شئ ، فالطالما كانت تتسائل عن سر تهاونه مع نجوى والان أضحت الاجابه واضحه امام عينيها ، ببساطه لانها زوجته حتى لو كان بعقد عرفى هى تسمى زوجته !!، عادت الدموع لتملئ عينيها مرةً اخرى ، يبدو ان السعاده تأبى ان تكتمل معها ، صدع رنين هاتفها وتلك المره المتصل هو فريد نفسه ، بالطبع اخبره حارسه بزياره نيرمين لذلك يهاتفها رغم فارق التوقيت بينهم ، اجابته بنبره خافته حاولت قدر الامكان اخراجها طبيعيه ، اما هو فهتف بها بحده متسائلاً على الفور :
-حياة .. نيرمين كانت هنا بتعمل ايه !! انا مش نبهت عليكى قبل كده !!! ..

بمجرد سماعها صوتها بدءت تشهق فى البكاء دون مقدمات ، استمع إلى بكائها بقلب قلق ظناً منه ان بكائها بسبب حدته معه ، لقد اتخذ قراره ، عندما يعود سينهى مع والده موضوع نيرمين إلى الأبد ، هتف اسمها بنعومه بعد فتره من استماعه لشهقاتها المتلاحقة محاولاً تهدئتها فأجابته بنبره ضعيفه متحشرجه :
-فريد .. ممكن نتكلم بعدين .. عشان خاطرى بلاش النهارده

زفر بضيق ثم قال بحزم قبل إنهائه المكالمه :
-طيب تمام .. انا هحاول اخلص الشغل هنا واركب طياره بكره وبليل هكون عندك .. 

انهت معه المكالمه بوداع مقتضب واستلقت فوق الفراش تحاول الوصول لقرار ما ،  لن تفرط فى طفلها مهما حدث ، هذا اول قرار اتخذته ، ولكنها ايضاً لا تستطيع العيش مع فكره وجود طفل اخر لديه ومن تلك الحرباء نجوى ، لا لن تسمح لمأساته ان تتكرر مع طفلها ، ومع وجود عقد زواج بينهم تخشى تكرار ماضى والده ووالدته معه ومعها ، إذاً ما الحل ؟!، هل تجبره على التخلص من ذلك الطفل ، لا فضميرها لا يسمح لها وحتى اذا سمح لها ، اين تذهب من عقاب الله لها !! ، لا يوجد سوى الحل الذى كانت تخطط له من البدايه ، ستفر هاربه بروحها وطفلها ، نعم على الاقل مؤقتاً هى ستحمى نفسها وطفلها وليحدث ما يحدث بعدها ، هذا ما قررته بأصرار وهى تغمض عينيها محاوله السيطره على شعور الغثيان الذى اجتاحها 

فى الصباح انتظرت حياة شروق الشمس ثم بدءت تتحرك لتنفيذ خطتها ، هذا اخر قرار اتخذته ، لن تجلس فى منزله دقيقه واحده وهى على علم بزواجه من اخرى ، وحتى لا تثير الشك ستتحرك كالمعتاد فقط بحقيبه يدها ، تناولت حبوب الغثيان التى نصحتها الطبيبه بتناولها فى الصباح لتقليل شعورها به واغتسلت جيداً ثم ارتدت  ملابس عمليه مريحه عباره عن بنطال من الجينز وحذاء رياضى ابيض مع جاكيت رياضى وحقيبه ضهر صغيره ، حانت منها التفاته اخيره لتلك القماشه المطويه بين ملابسها والتى أعطاها لها فريد يوم زفافهم ، رفعتها إلى فمها لتقبلها ثم وضعتها داخل حقيبتها وتركت هاتفها فوق المنضده فبعد كل شئ هى لا تريده ان يتتبعها من خلاله ، هبطت للأسفل متوجهه نحو الحديقه وطلبت من الحارس الذهاب إلى مول تجارى لشراء بعض الأشياء الخاصه ، تردد الحارس فى موافقته ثم تحرك مبتعداً عنها ، كانت تعلم انه يأخذ الإذن من رئيسه اولاً ولكنها لم تهتم ، يكفيها الخروج من ذلك المنزل ونجاح خطتها 

***********

هتف وائل فى مساعده بتأثر وهو يضع سماعه هاتفه فوق اذنه :
-انت متأكد من الخبر صح ؟!. 

أكد له مساعده الشخصى بثقه :
-ايوه يا فندم .. انا فضلت وراها بنفسى وشفتها وهى بتتعامل مع ديلر فى منطقه **** وبعدها عرفت بطريقتى ان الولد ده تخصص نوادى ليليله وولاد الناس اللى زى حالتها .. وعرفت انها بتتعامل معاه بقالها شهر او اكتر ..

 اغلق وائل معه الهاتف بأحباط فرغم كل شئ هى فتاه جميله للغايه لسلك ذلك الطريق المحتوم نهايته ، امسك هاتفه وظل ينظر إليه فتره محاولاً اتخاذ قراره ، هل يخبرها ام لا ؟!، انتظر عده دقائق اخرى ثم اخرج قصاصه الورقه من جيب ردائه الداخلى ليهاتفها ، ظل يستمع إلى جرس الهاتف منتظراً اجابتها ، انتهى الجرس دون رد ، عاود المحاوله عده مرات اخرى دون جدوى ، انهى اتصاله وقد قرر معاوده الاتصال بها فى وقت لاحق فهذا امر لا يقبل التأخير 

***********

بعد حوالى ساعه كانت حياة تقف امام المول التجارى الذى وقع اختيارها عليه بسبب قربه من خطوط السكك الحديدية ، تحركت وتحرك خلفها حراستها وعند وصولها إلى محل المستلزمات الاسلاميه طلبت منهم انتطارها فى الخارج لشراء هديه لاحد زميلاتها  ، بعد قليل خرجت وهى تحمل فى يدها حقيبه المتجر والتى تحتوى على زى شرعى "نقاب" لإخفاء وجهها 

بعد زيارتها عده محال تجاريه اخرى حتى لا تثير الشك طلبت منهم الذهاب  إلى المرحاض ثم قامت بتبديل ثيابها وارتداء لباسها الجديد ثم نظرت فى المرآه لتتأكد من اخفاءه لهويتها ، هزت رأسها برضا فذلك الرداء الاسود اخفى ملامحها وجسدها بالكامل ، اخذت نفساً عميقاً ثم تحركت للخارج بحذر شديد وكما توقعت لم يهتم الحراس بالنظر إليها فنظرتهم جميعاً كانت مسلطه على الباب فى انتظار خروجها بهيئتها الطبيعيه ، تحركت بتأنى حتى وصلت إلى باب الخروج ثم ركضت إلى الخارج تستقل اول سياره اجره صادفتها متجهه نحو محطه القطار لتستقل اول واحد يقابلها  

تحرك رئيس الحراس فى مكانه بملل وهو يرفع ساعده لينظر فى ساعه يده ، لقد مر حوالى نصف ساعه وسيدته لم تخرج حتى الان ، هل ما تفعله يستغرق كل ذلك الوقت ، لقد بدء الشك يراوده لذلك وعند خروج احد السيدات من المرحاض اوقفها ليسألها بأدب اذا كانت توجد سيده بمواصفات حياة فى الداخل ليطمئن عليها ، اجابته السيده بأنها كانت فى الداخل بمفردها  وعليه تحرك إلى رئيس امن المول يشرح له الامر ويطلب منه الدخول للبحث عنها ، بعد التأكد من خلو منطقه الحمام اندفع رئيس الحراسه مع ما تبقى من حرسه للبحث عنها ولم يجد لها اثر ركض وحراسه داخل المول بأكمله وخارجه بحثاً عنها دون جدوى ، رفع هاتفه بعد يأسه فى إيجادها بهلع ليخبر فريد الذى كان فى وسط اجتماع هام مع شركائه الألمان ، التقط فريد الهاتف مسرعاً ليستمع إلى صوت رئيس حراسه يخبره بصوت مذعور :
-فريد بيه .. حياة هانم اختفت ..
فى غرفه وكيل النيابه جلست جيهان تنتظر بتوتر دخول منصور فى اى لحظه ، ترى ما سبب تلك الرغبه الملحة فى رؤيتها ، لا يهم هى فقط تتمنى ان تمضى تلك الزياره على خير والا يورطها معه فى شئ جديد ، هذا ما فكرت جيهان بحنق وهى فى انتظاره 

دلف منصور الغرفه بثقه ثم سحب المقعد المقابل لها وجلس فوقه بتفاخر كعادته ، قطبت جيهان جبينها تنظر إليه بأستنكار فهيئته وملابسه لا توحى ابداً بمعاملته كمتورط فى قضيه قتل ، ابتسم منصور لها بسماجه وهو يسألها بسخريه محاولاً اللعب بأعصابها :
-ايه يا جيجى هانم .. لازم ابعتلك عشان اشوف وشك الجميل ده ؟!.. معقول هان عليكى منصور شريكك ..

ضغط على حروف كلمته الاخيره بنبره ذات مغزى جعلت جيهان تزدرد لعابها بصعوبه وهى تجيبه بنبره متوتره :
-عايز ايه يا منصور !! انت عارف ان وضعى حساس ومكنش بنفع ازروك ابداً عشان الشكوك ..

اجابها منصور بكلمه واحده وهو يبتسم لها بشراسه :
-حريتى .. 
سألته جيهان باستنكار :
-حريتك ؟!!!..
اومأ رأسه لها موافقاً ببرود ثم قال مؤكداً بأقتضاب :
-بالظبط ..

عادت جيهان تسأله باستهجان :
-وانا هعمل ايه فى حريتك يا منصور ؟؟!!!!.. 
مط منصور شفتيه كعلامه على استيائه ثم اجابها بنبره خفيضه موتره :
-ما بلاش لف ودوران يا جيجى هانم .. ولا انتى فاكره انى دخلت السجن وانتى هتفلتى بعاملتك !!!.. مظنش انك شايفانى غبى كده .. 

سألته جيهان مستفسره وقد بدء الرعب يتملك منها :
-قصدك ايه .. وبعدين انت متقدرش تثبت حاجه عليا .. حتى لو اتكلمت مفيش حاجه تثبت كلامك ده .. 

اتكأ منصور بجسده فوق مقعده ثم سألها بشك :
-متأكده ؟!!..
اجابته جيهان بثقه وهى تحرك كتفيها بعدم اهتمام :
-اها .. اتفقنا كان كلام وبس .. لا فى بينا ورق ولا انا ساعدتك فى حاجه تانى ..

ابتسم منصور بأستهزاء ثم اجابها بنبره خفيضه مستمتعاً بقلقها :
-عندك حق .. مكنش فى بينا ورق .. 
صمت قليلاً ليضيف بعض الإثارة لحديثه ثم اردف يقول بخبث :
-بس فى تسجيل بصوتك الحلو ده واحنا بنتفق هنخلص من فريد ومراته ازاى .. 

شهقت جيهان بصدمه ثم قالت بعدم تصديق :
-كدب .. 

اومأ منصور رأسه لها موافقاً بخضوع ثم قال بعدم اهتمام :
-عايزه تصدقى انه كدب صدقى .. قدامك بالظبط اسبوعين تكونى رتبتى طريقه هروبى من هنا .. بعد الاسبوعين بيوم هعترف انك شريكتى فى كل حاجه وهقدم التسجيل ..
هتفت جيهان به بحنق مستفسره :
-وانا ههربك ازاى انت بتهزر .. كده غريب وفريد هيشكوا فيا !!!..

هز منصور كتفيه بعدم اهتمام ثم اجابها وهو يعتدل فى وقفته :
-مش مشكلتى انتى خططك كتير ومعارفك اكتر ومش هتغلبى .. اسبوعين بالظبط والاقيكى قدامى بتقوليلى ان كل حاجه جهزت .. 

انهى جملته وتحرك بجسده للخارج طالباً من فرد الامن إعادته للزنزانه تاركاً جيهان ترتجف رعباً من فكره كشف امرها .

************

فى احدى القرى البعيده والتابعة لمحافظه دمياط جلست حياة تنظر بشرود من خلف النافذه الحديديه فى احدى غرف منزل صديقتها منذ الدراسه ريهام ، ان ريهام هى الاختيار الأمثل بالنسبه لحياة فى الوقت الحالى وذلك بسبب تواجدها فى مدينه اخرى مما يصعب على فريد عمليه البحث عنها ، فريد ، مجرد التفكير به جعل قلبها يعتصر ألماً من شده الشوق إليه فقد مضى اسبوع على رؤيتها له وحوالى ٤ ايام منذ سماعها صوته ، تشتاقه ؟! ، لقد تعدى شوقها له حدود العقل والقلب ، بدءت الدموع تعود لتبلل وجنتيها كعادتها منذ تركته ، احتضنت تلك القماشه الغاليه على قلبها والتى تتمسك بها ككنزها الثمين منذ هروبها تنظر بداخلها ، تنهدت بشوق وهى تتذكر يوم زفافهم يوم سلمها إياها وكيف وقعت فى حبها على الفور ، مثلها مثل صاحبها ، "قلبى يحدثنى بأنك متلفى " . ابتسمت بحنين واناملها تتلمس تلك الحروف المنقوشه ببراعه مذهله ، هو من أتلف قلبها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تطبع قبله عاشقه فوقها ، مسحت بأصابع مرتجفه بعض العبرات الساقطه فوق وجنتها ثم انزلق كفها لتمسد بحنان بطنها وتهدهد تلك القطعه الصغيره منه والتى تنمو بداخلها ، لقد فعلت كل ذلك من اجله ، لو كان الامر مقتصراً عليها لحاربت حتى اخر رمق بها من اجل زواجها ، لكانت ركضت عائده إلى احضانه تتلمس بداخله الراحه والامان ، ولكن اكثر ما تخشى عليه هو طفلها الذى لم يولد بعد ، تخشى ان يلاقى مصير والده على يد طفل غريمتها والتى تمقتها حد الموت ، تنهدت بحزن وهى تستند برأسها فوق الأسياخ الحديديه للنافذه الصغيره ، هل مازال يفكر بها ، وماهى رد فعله عن هروبها ، هتفت بقهر متضرعه "يارب " فكل ما تتمناه تلك الايام ان يُربط الله على قلبها حتى تستطيع تخطى ذلك الالم الغير محتمل الذى يعتصر قلبها ويزهق روحها حزناً على فراقه ، اغمضت عينيها بوهن وقد عاد ذلك الالم الجسدى ليضربها من جديد ، زفرت عده مرات فى محاوله منها لتخفيفه وهى تدلك بطنها برفق حتى بدء يخفت ويتلاشى كعادته منذ يومان 

ظلت ريهام تراقب حال صديقتها والتى منذ وصولها بهيئتها الشاحبه وطلبها الغريب فى المكوث معها عده ايام تشعر بوجود خطب ما بها ، والاسوء انها تمتنع عن الطعام والشراب وتظل هكذا تنظر إلى الفراغ اليوم بأكمله ، هتفت ريهام بأسمها عده مرات حتى انتبهت لها حياة والتفت تنظر إليها ببطء ، سألتها ريهام وهى تقترب منها وتربت فوق كتفها مشجعه :
-وبعدين بقى يا حياة .. انتى لسه برضه مش عايزه تاكلى ؟!..

هزت حياة رأسها على مضض نافيه فأردفت ريهام تقول بنبره عطوفه :
-يابنتى انتى بقالك ٤ ايام اهو لا بتاكلى ولا بتشربى .. شويه وهتموتى من قله الاكل !!.. ومش عايزه تقولى فيكى ايه .. مش معقول اللى بتعمليه فى نفسك ده مهما كانت المشكله ليها حل..

 ضغطت حياة فوق شفتيها تحاول السيطره على سيل الدموع المهدد بالانفجار فى اى لحظه ، استطردت ريهام تسألها بتوسل مستفسره :
-طب قوليلى بس وريحينى .. والدك زعلك زى ما كان بيعمل ايام الكليه ؟! ..

هزت رأسها مره اخرى نافيه دون تعقيب ، زفرت ريهام بأستسلام ثم قالت وهى تهم فى الوقوف :
-طيب انا مش هضغط عليكى لما تحبى تتكلمى انا موجود وهسمعك .. بس دلوقتى عشان خاطرى كلى اى حاجه لحد ما انزل اشترى شويه طلبات وارجع .. ماشى ؟!..

هزت حياة رأسها موافقه بصمت وهى تبتسم لها بخفوت ، بادلتها ريهام ابتسامتها بأخرى مشجعه وهى تلوح لها بيدها قبل اختفائها خلف باب المنزل الذى أغلقته خلفها بأحكام .

بعد ما يقارب نصف ساعه سمعت حياة عده طرقات فوق باب المنزل الخشبى الشبهه متهالك ، قطبت جبينها وهى تفكر بأستنكار ، ترى هل نست ريهام مفتاح المنزل ؟!. فتلك مرتها الاولى التى تقرع بها الباب ، ربما تحمل الكثير من الأشياء والتى تمنعها من استخدامه ، هذا ما فكرت به حياة مبررة وهى تتحرك ببطء نحو الباب لتفتحه 

 شهقت بصدمه وهى تتحرك عده خطوات للخلف مذعوره ونظرها مسلط عليه بهيئته المشعثه و نظراته الغاضبه المسلطه فوقها ، هل هو امامها حقاً ام ان عقلها يخيل لها ذلك من كثره شوقها ، رفرفت برموشها عده مرات لتتأكد مما تراه امام عينيها الان ، همست اسمه بعدم تصديق بعدما تأكدت من وقوفه امامها حقاً :
-فريد ..

هز رأسه مؤكداً بشراسه وهو يتحرك فى خطوات ثابته نحوها حتى دلف داخل المنزل واعطى امرأ لحراسه قائلاً بجمود شديد :
-خليكم هنا .. 

انهى جملته واغلق الباب خلفه بحده قائلاً بنبره ناعمه كالحرير وهو يرفع حاجبيه معاً :
-فريييد .. جوزك ..

قبض على ذراعها بقوه وغرز اظافره داخل مرفقها مما جعلها تتأوه بخفوت ثم اضاف بشراسه وهو يضغط على حروف كلماته :
-اللى فكرتى نفسك ذكيه بزياده عشان تهربى منه ..

همست اسمه بتوسل ليتركها فهتف بحده يقاطعها بأشمئزاز :
-اياكى .. إياك تنطقى اسمى ده على لسانك تانى فاهمه !!! ..

رفعت رأسها بتوجس تنظر لملامح وجهه لعلها تستنبط شئ منها ، كان وجهه لا يفسر من شده الغضب مع نظرات الاشمئزاز التى يرمقها بها للمره الاولى فى حياتها ، تسمرت نظراته فوقها وهو يرى بكائها بصمت ثم دفعها بحده فوق الاريكه البسيطه الموضوعه بمدخل الغرفه قبل سحبه لاحد المقاعد الخشبيه والجلوس قبالتها بطريقه عكسيه ، ابتلعت حياة لعابها بصعوبه محاوله استجماع جزء بسيط من شجاعتها او ثباتها امامه فلو كانت النظرات تقتل لسقطت صريعه امام حده نظراته ، تحدث فريد بنبره عدائيه للغايه ربما سمعته يحدث بها اعدائه ولكن هى !! يبدو ان ذلك اليوم سيحدث به الكثير من الأشياء للمره الاولى ، هذا ما فكرت به حياة بذعر وهى تستمع إليه يقول :
-قولى ان اللى عملتيه ده ليه علاقه بزياره نرمين ليكى عشان صدقينى دى فرصتك الوحيده اللى ممكن اديهالك .. 

لا لقد قطعت شوطاً كبيراً فيما قررت فعله ومن نظراته لها علمت انها خسرت رفقه معها وربما حبه ولم يتبقى لها سوى طفلها لحمايته لذلك اخذت نفساً عميقاً ثم اجابته بشجاعه هشه :
-محدش ليه علاقه باللى عملته .. انا اللى مش عايزه اكمل ..ولو سمحت خلينا ننفصل بهدوء .. 

بمجرد سماعه جملتها انتفض من جلسته ودفع المقعد بقدمه ثم جذبها من مرفقها مره اخرى حتى تقف قبالته ثم قال بأحتقار وقوه :
-مش فريد اللى مراته تهرب منه .. وبرضه مش فريد اللى واحده تقوله انها عايزه تسيبه حتى لو كان روحه فيها .. يوم ما زهق منك انا اللى هرميكى .. زى بالظبط ما كان جوازنا مش بمزاجك انفصالنا برضه مش بمزاجك .. 

كان صدره يعلو ويهبط من شده الانفعال رغم انخفاض نبرته اما عن وجهه فقد تحول إلى قطعه قرمزية من شده الغضب والضغط فوق فكه ، كانت تعلم انها تجاوزت معه الحدود التى من الممكن ان يقبل بها وانها كانت تتمسك بسراب ولكن طفلها يستحق تلك المحاوله لذلك سألته بتوجس :
-قصدك ايه ؟!.. 

اقترب منها حتى شعرت بأنفاسه الساخنه السريعه تلفح وجهها ثم اجابها بنبره شرسه ولكن خفيضه تشبهه الفحيح :
-يعنى فى مليون طريقه ارجعلك بيها تحت رجلى تانى اولهم الطاعه ..

شهقت حياة بفزع من قسوته وبدء جسدها يرتجف تحت لمسته ناهيها عن ارتجافته الداخليه التى اصابتها منذ رأته امامها فذلك الجانب منه يخيفها حتى الموت ، اردف فريد حديثه بنبره واثقه :
-بس انا مش عاجز عشان ارجع مراتى بالمحاكم ..

سألته حياة بنبره مرتجفه للغايه :
-قص.. قصدك ايه ..
ابتسم بشراسه وهو يخرج هاتفه من جيب سترته ثم ضغط على عده ارقام وقام بتفعيل مكبر الصوت منتظراً اجابه الطرف الاخر ، استمعت حياة اجابه الطرف الاخر ثم هتفت بصوت باكِ :
-ماما ..

اجابتها آمنه بنبره قلقه متسائله :
-حياة .. بنتى .. انتى بتكلمينى من تليفون فريد ليه ؟!.. ومال صوتك ؟!.. ومين الناس اللى واقفين حوالينا دول يا بنتى ؟!.. بيت ايه ده اللى هيمشونا منه انا وابوكى !!.. انا مش فاهمه حاجه .. ومحدش عايز يطمنى .. عايزين يرمونا فى الشارع على اخر الزمن يا حياة . 

رفعت حياة رأسها تنظر بقهر لفريد الذى كان يقف امامها بتفاخر وعلى ما يبدو بدء هدوئه بتلك المكالمه يعود إليه ، بالطبع لم لا يعود إليه وقد التقطت تهديده لها بوضوح !!، أخذت نفساً عميقاً لتهدئه خفقات قلبها ومسحت بأناملها دموعها المنهمره ثم أجابت والدتها بنبره حاولت قدر الامكان مطمئنه :
-متخافيش يا ماما مفيش حاجه ده اكيد سوء تفاهم مش اكتر .. محدش هيتحرك من بيته ولا حد هيقدر يطلعك منه ..

نطقت جملتها تلك وهى تنظر داخل عيونه بنظره ذات مغزى جعلته يلوى فمه بأبتسامه رضا ، فرغم كل شئ هو يعلم جيداً نقطه ضعفها ويعلم انه اذا ضغط عليها بالأسلوب المناسب ستنصاع لكافه اوامره ، انهت مكالمتها مع والدتها ثم قالت بخضوع تام دون النظر إليه :
-هدخل اغير هدومى واجيب شنطتى .. 

لم يعقب على جملتها فقط اتبعها نحو الداخل فهو لا يضمن تفكيرها ، بدلت ثيابها حيث انها كانت ترتدى احدى منامت زميلتها البيتيه وارتدت الثياب التى كانت وضعتها داخل حقيبه يدها عند الهروب تحت نظراته الجامده ثم التقطت حقيبه يدها وتحركت مره اخرى نحو الخارج 

فى تلك الأثناء عادت صديقتها للمنزل محمله بعدد من الحقائب البلاستيكية والتى تحوى عده مستلزمات للمنزل ، تفاجئت بمجرد وصولها لباب منزلها بعدد من الأجسام الرياضيه العريضه التى تقف امامه وتغلق مدخل المنزل كأنهم حرس الرئاسه ، حاولت المرور من بينهم فقام كبير حّراسه بمنعها ، دفعته ريهام بقوه وعنف غير عابئه بالفارق الجسدى بينهم وهى تصرخ بقوه :
-اوعى ده بيتى .. انت مين عشان تمنعنى !!! انا هدخل يعنى هدخل ..

التفت كلاً من حياة وفريد على أصوات الصراخ بالخارج وكان هو اول من تحرك نحو الباب يستكشف الامر ، فتح باب الباب بهدوء فتفاجئ بريهام تدفعه هو الاخر بعدما اومأ لحارسه بتركها وتركض نحو حياة تسألها بلهفه :
-فى ايه !! مين دول .. واهم حاجه انتى كويسه ؟!.. حد عملك حاجه ..

جائتها الاجابه من خلفها بصوت فريد يقول بنبره متهكمه :
-متخافيش عليها من جوزها ..
التفت ريهام تنظر نحوه بحده عده لحظات متفاجئه ثم عادت برأسها تنظر نحو حياة وهى تسألها بأستنكار :
-اللى بيقوله الاستاذ ده حقيقى ؟!..

اومأت حياة رأسها موافقه بخفوت وقد عادت الدموع تنهمر من عيونها مرةً اخرى ، سيكون ملعون ان تساهل معها ، هذا ما فكر به فريد وهو يضغط فوق كفه بقوه مقاوماً رغبه ملحه فى التقدم منها ومسح عبراتها المنسكبه ، عادت ريهام لتسألها بنبره اقل تحفزاً مستفسرة بعدما لاحظت استعداد حياة للرحيل :
-على فكره انا ممكن اطلب البوليس دلوقتى واعمله قضيه تهجم لو كان بيجبرك على حاجه ..

اجابتها حياة بلهفه نافيه :
-لا .. لا .. معملش حاجه .. انا هروح مع فريد ..
سألتها ريهام بتشكك وعينيها تنتقل بينهم :
-انتى متأكده .. 

هزت حياة رأسها للمره الثالثه موافقه بصمت ثم احتضنت صديقتها بحب وهى تشكرها على كل ما فعلته معها منذ قدومها قبل تحركها معه نحو الخارج ، قادها فريد للأسفل وهو ممسكاً بذراعها ووضعها داخل السياره ثم اغلق الباب خلفها جيداً قبل ان يتحرك نحو الباب الاخر ليجلس جوارها طالباً من سائقه التحرك على الفور ، تحركت سيارته اولاً على طول الطريق الضيق الغير ممهد وتحركت خلفه سيارة حراسته 

 جلست حياة جواره بصمت مثقل فحتى ذرات الهواء بينهم محمله بالكثير من التوتر ، أسندت رأسها فوق مقعد السياره وقد شعرت بذلك الالم يضرب اسفل بطنها ومؤخره ظهرها مرةً اخرى ، اغمضت عينيها بأرهاق محاوله سحب نفسها من ذلك الجو المشحون بينهم عل وعسى تسترخى عضلاتها ويسترخى معه طفلها ، بعد فتره من الصمت كان فريد يراقب خلالها الطريق الزراعي شعر برأسها تستند فوق كتفه ، التفت بحده ينظر إليها فوجدها غارقه فى ثبات عميق 

اغمض عينيه بقوه هو الاخر يقاوم رغبته فى احتضانها وسحقها بين ذراعيه ، زفر عده مرات محاولاً ايجاد ارادته والسيطره على انحراف مشاعره الذى انتابه منذ وضعت راسها فوق كتفه ، حركت هى كفها تتمسك بساعده بقوه كأنها تستمد منه العون اثناء نومها ، اى جحيم هذا الذى اوقعه فى طريقها !! ولماذا هى دوناً عن كل النساء مفاتيحه بيدها ، هذا ما فكر به بسخط وهو يتأمل تشبثها به طفل صغير كأنه دميتها الكبيره ، لوى فمه بسخريه ، لقد اصبح فعلاً دُميتها ، تحركه بنظره واحده من عينيها وتطفئ غضبه بلمسه حانيه من يدها ، لقد اصبحت كالادمان بالنسبه له ،. تتحرك بين عروقه كيفما شاءت واينما شاءت ، دائه ودوائه ، ناره وجنته ، ضعفه وقوته ، هل تعلم ما مر به منذ سماعه خبر اختفائها ؟!، كيف استقبل خبر اختفائها وظنه انها خُطفت !!، كيف ترك كل ما حوله واستقل طائره خاصه من اجل العوده والبحث عنها ؟!، هل تعلم انه لم يغمض له جفن منذ اربعه ليالى ؟!، وانه استأجر معظم شركات الحراسه المغموره قبل المعروفه للبحث عنها فى كل المناطق والمدن الممكنه الذهاب إليها ؟!، هل تعلم انه ولاول مره فى تاريخه سمح لشخص ما رؤيه ضعفه !!، ولولا مساعده والدتها له لما تكمن من إيجادها بتلك السرعه ، ولا تمكن ايضاً من إعادتها معه ، اجل لقد شاركته والدتها وصديقه والدته ذلك المخطط حتى يجبراها على العوده معه بعدما أخبرته عن شكوكها بشأن صديقتها ريهام القادمه بمحافظه اخرى ، لا ويدرك جيداً استحاله علمها فى يوم فحبه غير متبادل ، كان يظن ولكن خاب ظنه ، لقد أخطئ لاول مره فى حياته فى تقدير أمر ما ، بالطبع سيخطئ ، كيف يستطيع تقدير الامور بشكل صحيح وعقله امامها ينقلب رأساً على عقب وليس فقط قلبه ، لقد وسوست له افكاره ان تلك النظرات التى ترمقه بها هى حب ولكن هيهات !! فمن يحب حقاً لا يؤلم ، لا يترك ، ولا يهرب 

تملمت هى فى نومها واصدرت تأوه خفيف من صعوبه الطريق الغير ممهد فوجد نفسه دون مقدمات يهتف فى سائقه بحده ويأمره بالتمهل فى القياده ، رفع إصبعه يتلمس ذلك الانتفاخ اسفل عينيها من كثره البكاء ، لا ، هذا ما هتف به داخلياً وهو يعيد كفه لجواره ، فكلما غمد غضبه منها يتذكر لحظه إمساكه هاتفها ورؤيته لرقم شريكه يزين شاشته ، بالطبع كان هاتفها بنظام بصمه الأصبع فلم يستطع الولوج بداخله والبحث به براحه حتى يتأكد من شكه الذى يساوره ، ولكن صبراً فلكل مقاماً مقال ، هذا ما وعد به نفسه ليهدء من ثوره غضبه ، لقد أتم هدفه الاول وهو إعادتها لجواره وبعدها ليعلم وعلى مهل سبب هروبها منه من الاساس .

استيقظت حياة قبل وصولهم إلى المنزل بمده ليست طويله لتجد نفسها تستند برأسها على كتفه ويدها تحاوط عضده ، اعتدلت فى جلستها وابتعدت عنه فى صمت متحاشيه النظر لوجهه وبعد عده دقائق لم تقاوم اغراء النظر إلى جانب وجهه الذى افتقدته بشده ، ظلت تتأمله بهدوء بهيئة المشعثه وذقنه التى اصبحت غير مشذبة مع وجوم ملامحه ، ان ملامح الارهاق تبدو جليه على وجهه وهناك بعض الخطوط التى تحاوط فمه وذقنه من شده الضغط على اسنانه ، حتى بتلك الحاله يبدو بالنسبه لها أوسم الرجال ، يالله هل كانت تتخيل ان تحيا من تبقى من عمرها دونه !! ، ٧ ايام كانت تكفى وتزيد لتشعر بروحها تخرج من جوفها اشتياقاً له وقلقاً عليه ، نعم تشتاقه حتى اذا كانت تشاركها إياه امرأه اخرى وطفل اخر ، لم يكن يحتاج إلى تهديدها لتعود معه فمنذ رؤيته امامها شعرت بمقاومتها تتلاشى وبتلك الرغبه العارمه فى العوده إلى دفء احضانه ، حتى دون رؤيته هذا كل ما تمنته خلال الايام المنصرمة منذ تركها للمنزل ، اعادها من شرود افكارها تلك توقف العربه امام المنزل ، تحرك هو اولاً كالسابق وجذبها من مرفقها تلك المره ايضاً حتى توجهه بها إلى غرفتهم ، كان المساء قد حل واسدل الظلام ستائره على المنزل بأكمله ، صادف فى طريقه نحو الدرج عفاف التى ركضت مهروله بقدر ما سمح لها سنها ووزنها لاستقبال سيدة المنزل المحبوبة فقاطعها فريد بحده قائلاً بنبرته الصارمه :
-مش عايز اى ازعاج من اى نوع مفهوم ؟!!!!.. 

اومأت عفاف برأسها موافقه عده مرات قبل انسحابها للداخل فملامح وجهه لا تبشر بالخير ، دلفا إلى غرفتهم ثم قام بدفعها بقوه قائلاً بحده وهو يغلق الباب خلفه بالمفتاح :
-من هنا ورايح .. لا يبقى ليكى صوت ولا نفس .. تعيشى زيك زى الجماد تاكلى بأذنى وتشربى بأذنى وتتحركى برضه بأذنى فاهمه !!.. 

هتف كلمته الاخيره بصوت جهورى جعلها تنتفض ذعراً ثم استطرد حديثه قائلاً بشراسه وهو يقترب منها ليقبض على ذراعها مرة اخرى :
-انتى ملكى انا ولحد ما انا اقرر امتى هرميكى هتعيشى هنا زى الجاريه لمزاجى وبس .. 

ختم حديثه وترك ذراعها ثم بدء فى خلع ملابسه والقائها فوق الارضيه بعشوائيه مع نظره ارعبتها ، هتفت هى اسمه بعدم تصديق قائله :
-فريد !!.. 

صرخ بها بقوه رجت أركان الغرفه وجعلتها تتراجع للخلف :
-قلتلك متنطقيش اسمى على لسانك ولا تتكلمى غير بأذنى .. 

هزت رأسها بذعر موافقه فأفضل حل لاحتواء غضبه الان هو الصمت ، دفعها فوق الفراش بعدم اهتمام ثم استلقى فوقها دون مقدمات مدفوعاً بكل ما مر به من مشاعر منذ لحظه سماعه عن اختفائها ، اغمضت حياة عينيها محاوله تجاوز ذلك الالم الذى يزداد مع كل حركه عنيفه منه معها ، بدءت دموعها تهبط فى صمت فهى تعلم ان لا سبيل معه الليله مهما تحدثت وتوسلت لذلك تركته ينفس عن غضبه بالطريقه التى اختارها ، فقط ظلت تدعو الله بصمت ان يحفظ لها طفلها فذلك الالم المتواصل منذ عده ساعات والذى اصبح الان لا يحتمل بسبب قوه فريد معها جعل القلق يدب داخل أوصالها ، بعد فتره انتهى هو مما يقوم بِه ثم استلقى جوارها على الفراش معطياً لها ظهره بعدم اكتراث ، تنفست حياة الصعداء واغمضت عينيها بوهن شديد وهى تفكر بيأس هل تخبره بما تشعر به ام تظل صامته حتى يختفى الالم من تلقاء نفسه ؟!، اثناء تفكيرها بذلك ومن شده إرهاقها ذهبت فى غفوه قصيره تخللها الالم ، بعد فتره قصيره اصبح الالم لا يحتمل وشعرت ببعض البلل أسفلها ، تحركت بألم شديد ترفع الغطاء من فوقها فتفاجئت ببقعه كبيره من الدماء تغطى الفراش أسفلها ، صرخت اسمه بذعر شديد مستنجده به بصوت باكى وكفها يهزه من مرفقه :
-فريد الحقنى .. 

 انتفض فريد بمجرد سماعه صراخها ينظر نحوها برعب ثم توجهت أنظاره حيث موقع تركيزها ، انها جالسه فى بركه دماء !!!، هذا ما فكر بِه بهلع وهو يلتقط من الارضيه ملابسه ويتمتم بلهفه مطمئناً لها :
-متخافيش .. متخافيش .. 
انتهى من ارتداء ملابسه فى اقل من دقيقه وركض نحو خزانه ملابسها يلتقط منها اى شئ ذو نفع لارتدائه وبعد اقل من ثلاث دقائق كان يحملها بدمائها ويركض بها نحو سيارته وهو يصرخ فى احد رجال حراسته بفتح باب السياره له ، صعد بها بذعر شديد وهى تنتفض بين ذراعيه وتتمتم بتوسل :
-فريد الحقنى ..وقفه بأى طريقه .. اعمل اى حاجه ووقفه ..

لم يكن عقله يستوعب حرف مما تنطق به فكل ما يشغل باله هو مشهد الدماء الذى كانت تحاوطها ، اللعنه عليه ماذا فعل بها !!، غمغم برعب هو الاخر يهدئها :
-متخافيش مش هخلى حاجه تحصلك ..

هزت رأسها بثقه ثم بدءت الرؤيه تتشوش لديها قبل ذهابها فى ظلام سحيق ..

بعد قليل وبمجرد وصوله لمشفاه الخاص سلمها لطبيب الاستقبال وداخله يرتجف هلعاً عليها ، وضع كلتا كفيه فوق رأسه وظل يتحرك برعب شديد ذهاباً واياباً امام الغرفه وفى ذلك الوقت خرج كبير الأطباء والذى هرول هو الاخر نحو الغرفه بمجرد سماعه عن وصول اكبر مساهمى المشفى إليها قائلاً بنبره عمليه قبل اختفائه خلف أبواب الفحص:
-متخافش يا فندم .. هدخل اشوف ايه الوضع واطمنك .. 

وبالفعل بعد عده دقائق عاد رئيس الأطباء بملامح جامده للغايه ، ساله فريد بلهفه واضحه :
-ها حياة مالها ؟!.. 

هز الطبيب رأسه اسفاً ثم اجابه بنبره مترقبه :
-للاسف يا فريد بيه .. ملحقناش الجنين .. 
هتفت فريد خلفه متسائلاً بعدم تصديق :
-جنين ؟!!! .. 

تنحنح الطبيب قائلاً بحرج :
-واضح ان حضراتكم مكنش عندكم خلفيه .. بس للاسف المدام كانت حامل فى الشهر الاول وبسبب المجهود الشديد مع علاقه خشنه شويه الجنين نزل .. يمكن لو حضرتك جيت بيها بدرى شويه كنا قدرنا نعمل حاجه .. بس بالنسبه لحياة هانم هى كويسه .. الدكتوره معاها جوه هى محتاجه عمليه تنضيف مش اكتر ربع ساعه بالكتير وحضرتك تقدر تشوفها .. 

حرك فريد رأسه بجمود يحاول استيعاب حديثه ، حامل !! حياة !! اجهاض بسببه !! ، نعم هو السبب ، هو من سمح لغضبه بالسيطره عليه وأذيتها ، اذيتها هى وطفله الذى ذهب قبل حتى اكتشافهم امره ، لقد نقض عهده مع والدته وسمح لجينات والده فى السيطره عليه ، اللعنه عليه وعلى ما فعله ، لقد تم عقابه بأسوأ طريقه ممكنه ، حرمانه من الطفل الذى طالما تمناه منها هى وهى فقط ، ظل ينظر بشرود فى اتجاه الغرفه التى تحويها حتى خرجت بعد قليل مدفوعه بالسرير المدولب ، سار خلفها كالمغيب حتى وصلا إلى غرفه عاديه ، حملها المساعدين بحذر شديد لنقلها إلى فراش الغرفه ثم قامت الطبيبه بغرز تلك الابره الطبيه التى تكرهها بداخل يدها لايصال المحلول الطبى لها وهى تمتم لفريد شارحه حالتها :
-الحاله كويسه جداً ووضع الرحم ممتاز مفيش اى مشاكل ان شاء الله حضرتك اطمن .. هى بس ضعيفه شويه ومحتاجه تغذيه فحطتلها محلول ومعاه المضاد الحيوى .. بعد شويه هتبدء تفوق وتقدر حضرتك تخرج بيها بعد المحلول مفيش اى مشكله تمنعنا .. 

تحركت الطبيبه نحو الخارج عده خطوات ثم استدارت تردف على مضض :
-احب افكر حضرتك انها محتاجه تكون بعيده عن اى مجهود يأذى الرحم لمده اسبوعين او تلاته .. حضرتك فاهمنى طبعاً .. غير كده مفيش اى موانع من اى نوع .. والعامل النفسى مهم طبعاً فى حالتها .. 

هز فريد رأسه موافقاً وانتظر خروج الطبيه من الغرفه ثم تحرك نحوها ، تمسكت كفه بيدها المغروز بها تلك الابره الطبيه والتى يعلم جيداً انها تتألم بسببها ، جلس فوق الارضيه جوار فراشها وبدء يبكى بحرقه ، تمتم بصوته الباكى قائلاً لتلك الغائبة عن الوعى بندم:
-انا اسف .. انا السبب .. انا اللى قتلت ابننا .. انا مكنتش اعرف .. انا اتمنيته اكتر حاجه فى الدنيا .. انا مش هجبرك على حاجه تانى .. لو مش عايزانى مش هجبرك .. انا مش عايز أذيكى زى ماما .. حتى لو عايزه غيرى انا مش هأذيكى ..

بدءت حياة تستعيد وعيها شيئاً فشئ على صوت همهماته الضعيفه ، تململت فى نومتها بوهن شديد وقطبت جبينها من ذلك الالم القادم من كفها ، تحرك هو من جلسته بمجرد احساسه بها تتحرك بعدما قام بمسح وجهه وتنقيه حلقه ثم انحنى بجذعه نحوها يسألها بهدوء :
-انتى كويسه ؟..

حركت رأسه إيجابياً بصمت ، انتظر هو شكوتها كالمعتاد ولكنها فاجأته بأن حركت رأسها فى اتجاه كفها الأيسر ثم رفعته للاعلى قليلاً تنظر إليه ثم اعادت وضعه فوق الفراش بهدوء دون تعقيب او صوت يُذكر ، حاول هو طمئنتها فتحدث قائلاً من اجل التخفيف عنها :
-متقلقيش المحلول قرب يخلص واول ما يخلص هتتشال من ايدك على طول .

دائماً ما كان يفهمها دون حديث ، هذا ما فكرت به حياة بحب وهى تستمع لحديثه رغم جمود ملامحها ورغم عدم تعقيبها على جملته فقط اكتفت بتحريك رأسها للمره الثانيه ، لقد علمت بفقدان طفلها نعم ، فقبل بدء مرحله تخديرها استعادت وعيها اولاً واخبرتها الطبيبه بما حدث وبما كانت تتوقعه من الاساس نظراً لكميه الدماء التى رأتها فوق الفراش ، تنهدت بحزن واغمضت عينيها محاوله اخفاء الدموع التى لمعت بداخلها ، فمن فعلت كل هذا من اجله ذهب من غير رجعه ولم يتبق لها سوى غضب فريد مع امرأه اخرى تشاركه به وتحاول بشتى الطرق تدمير زواجها ، هل هى غاضبه منه ام من نفسها ؟!، تردد ذلك السؤال داخل عقلها بقوه ، ربما منهما سوياً بنفس المقدار ولكن بالنسبه للوم فهى لا تلومه ، هى فقط تلوم نفسها من اجل صمتها وعدم تحذيره بحملها لطفلهما ، على كلاً لقد ما حدث ما حدث وقدر الله وماشاء فعل ، هذا ما فكرت به بشئ من الرضا ليساعدها على تخطى محنتها 

بعد فتره من الصمت وانتهاء المحلول الطبى وفحص الطبيبه لها للمره الاخيره سألها فريد بأهتمام :
-تحبى تفضلى هنا ولا نرجع البيت ؟!..

اجابته بخفوت شديده متحاشيه النظر إليه :
-مش عايزه اقعد هنا .. 

اومأ لها برأسه إيجابيا ثم بدء يساعدها فى خلع رداء المشفى وارتداء ملابسها الاخرى استعداداً للعوده للمنزل ، كانت تتعامل معه بحذر شديد لم يخفى عليه والذى فسره بشكل خاطئ ، اما عنها هى فإلى الان لم تعلم رد فعله عن مسأله إجهاضها والاهم رد فعله عن إخفائها امر حملها عنه ، حملها فريد للخارج رغم رفضها الشديد وتمسكها بالسير بمفردها وبعد رحله طويله من الترقب والإرهاق بالنسبه لها والجمود بالنسبه إليه وصلا إلى المنزل بهدوء ، اصرت حياة تلك المره على الخروج من السياره بمفردها والسير حتى غرفتهم دون تدخل منه او مساعده ورغم عدم اقتناعه بما تطلبه تنحى جانباً تاركاً لها المجال لتنفيذ رغبتها حتى وصلت إلى الدرج ومع صعود اول درجه شعرت بالالم يضربها من جديد لذلك ضغطت فوق شفتيها بقوه وتنحت جانباً تتخذ من درابزين الدرج داعماً لها ، وبرغم من وقوفه خلفها الا انه لم يكن فى حاله تسمح له بجادلها او تحمل عنادها لذلك تركها تعاود المحاوله مره اخرى وتلك المره تأوهت بصوم مكتوم لذلك انحنى بجذعه بنفاذ صبر يضع يده اسفل ركبتها ويده الاخرى فى منتصف ظهرها قبل حملها وتحركه بها للاعلى دون تعقيب او اعتراض منها ، تفاجئت حياة بفريد يدلف بها إلى الغرفه المجاورة لغرفتهم والتى كانت تستخدمها قبل مشاركتها غرفته وقام بوضعها فوق الفراش بحذر ، جلس هو قبالتها بعدما تأكد من راحتها ثم حاول ايجاد كلمات مناسبه لبدء الحديث معها ، اخذ نفساً مطولاً ثم قال بهدوء ظناً منه الا علم لديها بخبر حملها :
-حياة .. انتى كنتى حامل فى الشهر الاول .. 

اخذ نفساً اخر يحاول السيطره به على حشرجه صوته ثم اردف يقول بندم :
-انا اسف .. انا مكنتش اعرف .. انا لو كنت عارف انى ممكن أاذيكى او أَآذى ابننا انا عمرى ما كنت هقرب منك .. انا معرفش عملت كده ازاى .. انا عارف ان انتى كمان مكنتيش تعرفى .. وعارف انك موجوعه اكتر منى بكتير .. بس اتمنى تنسى اللى حصل .. 

أشاحت حياة بوجهها بعيداً عنه ففى تلك اللحظه هى لا تقوى على مواجهته او النظر داخل عينيه ،هتف هو اسمها بتوسل حقيقى وهو يضع إصبعه تحت ذقنها ويدير رأسها فى اتجاهه :
-حياة .. من فضلك ردى .. 

اخفضت رأسها مره اخرى تتهرب من عينيه لذلك ضيق فريد عينيه فوقها ثم سألها بذهول وهو يتحرك مبتعداً عنها :
-انتى عارفه !!!.. انتى كنتى عارفه ؟!!! .. لا استحاله .. انتى لما هربتى كنتى عارفه ؟!..

أشاحت بوجهها بعيداً عنه مره اخرى وقد بدءت شفتها السفليه فى الاهتزاز ، صاح بها بحده وهو يعود ليجلس قبالتها ويهزها بقوه من ذراعيها :
-انطققققى !!! لما هربتى كنتى عارفه بأنك حامل !!.. انتى هربتى بأبنى من غير ما تقوليلى !!.. انتى اييييه !! مش انسانه صح ؟!.. عشان كده كنتى بتعيطى قبلها لما كلمتك !!.. مكنتيش عايزاه !!.. وعشان كده مش زعلانه !! انطققققققى وفهمينى .. هربتى بأبنى عشان تنزليه مش كده ؟!.. وانا اللى فكرت ان نيرمين السبب .. طلعتى متقرقيش عنهم !! .. عملتى كده ليه وعشان مييين قووووولى .. هو اللى ساعدك صح ؟! ..

نظر نحوها بشراسه وقال بأشمئزاز ونبره عدائيه واضحه :
-انا بكرهك عارفه يعنى ايه بكرهك ومش عايز حتى اشوف وشك قدامى .. 

عن من يتحدث ؟! لم تجد الشجاعه او القوه لسؤاله فقد بدءت تشعر بالإعياء من شده دفعه وتحريكه لها مع ذعرها منه والشرر الواضح من عينيه ولم تستطع الاحتمال اكتر ، تركها وابتعد عنها وقررت هى الاخرى رغم الضعف الشديد الذى تشعر به الاختباء داخل الحمام والاغتسال عل ذلك يزيل الشعور بالالم والندم الذى ينهش قلبها من حديثه ورؤيه الكره داخل عينيه ، وقفت اسفل رذاذ الماء الساخن تاركه الماء المنهمر يختلط مع دموعها الساخنه حتى ازداد شعورها بالإعياء وأصبحت الرؤيه لديها ضبابيه ، تحركت بوهن شديد خارج حوض الاستحمام وحاولت رفع رأسها والتقاط مئزَر الحمام المعلق امامها قبل شعورها بعدم قدرتها على التنفس واسوداد الصوره امامها ثم سقوطها مغشياً عليها فرق ارضيه الحمام ، سمع فريد الذى لازال جالساً فوق الفراش بصدمه صوت ارتطام قوى قادماً من الحمام ، ركض على الفور نحوها ثم هتف بأسمها مستفسراً عده مرات قبل اقتحامه الحمام ، شعر بالفزع من رؤيتها ممده فوق الارضيه الرخاميه وغائبه عن الوعى ، التقط المئزر بيده والبسها إياه بعدما رفعها وضمها لجسده وهو لازال يهتف اسمها بذعر محاولاً افاقتها دون جدوى ، عاد بها لغرفتها ووضعها فوق الفراش ثم ركض نحو اقرب زجاجه عطرها يلتقطها ويقربها من انفها حتى تستعيد وعيها ، بعد عده ثوان اخرى من محاولته وربته فوق وجنتها بدءت تستعيد وعيها ببطء وعليه تحرك هو من جوارها وتوجهه نحو الحمام يأخذ منشفه صغيره ثم عاد إليها ووضعها فوق شعرها وبدء يجففه فى أليه شديده متجنباً النظر إليها 

ظلت حياة تراقب ما يقوم والأفكار تعصف داخل عقلها ، هل حقاً تستطيع التخلى عنه من اجل اخرى ؟!، هل ستسمح له بالاهتمام بغريمتها مثلما يهتم بها ؟!، بعد ما خسرته هل ستترك لها الساحه للفوز بحنانه ؟!، ان تتاح لها الفرصه لاحتضانها واحتوائها مثلما يفعل معها ؟!، ان يتلمس بطنها بشغف للاطمئنان على طفلهم مثلما كانت تتمنى ان يفعل معها ، رفعت كفها ببطء حتى أمسكت كفه ثم وضعته اسفل بطنها حيث كان يمكث طفلهما فى امان ، بدءت تغمغم بخفوت لتذكير نفسها بما فقدته :
-مفيش حاجه هنا .. مكانه فاضى .. 

نظر فريد إليها بقلق وهو يراها تستخدم يده للكم بطنها بقوه وقد بدءت نبرتها تزداد علواً وهى تخبره بقهر :
-خلاص مفيش حاجه ممكن تحصل .. هو مش موجود .. مفيش حاجه ممكن تأذيه دلوقتى .. مكانه بقى فاضى .. مش هشوفه بيكبر ولا هتقدر تلمسه .. دوس عشان تتأكد انه مش موجود .. ان مكانه فاضى .. 

هتف بها فريد وهو يسحب كفه من يدها لحثها على التوقف :
-حياة اهدى .. 

صرخت بِه بقوه وهى تعاود لكم اسفل بطنها بكلتا يديها :
-هو بس اللى راح .. ابنى انا اللى راح .. انت مش فاهم حاجه .. معرفتش احميه ولا احافظ عليه .. 

امسك كلتا كفيها محاولاً ايقافها عن لكم نفسها بشتى الطرق فبدءت تدفعه وتلكمه وهى تصرخ ببكاء هيستيرى :
-سيبنى .. اوعى .. ده ابنى انا .. ابنى اللى كنت مستنياه .. اللى كنت عايزه احميه ومعرفتش .. 

ضمها فريد لصدره بكل ما أوتى من قوه واعتصرها بين ذراعيه حتى تتوقف عن الصراخ وتتوقف عن ضرب نفسها ويحتوى نوبتها العصبيه ، أخفت رأسها فى صدره وظلت تشهق بقوه وهى تعانقه حتى بدءت شهقاتها تهدء شيئاً فشئ وتحولت لنحيب صامت ، لم يفلتها هو بل ظل محتضنها وهويفكر بندم حقيقى وحزن انها لم تكن مباليه ولا غير راغبه بطفلهما كما يظن فيبدو انها تتألم اضعاف ألمه داخلياً وربما ظلمها ايضاً ولم يكن لديها علم بحملها الا من وقت قصير ، تنهد بحيره فعقله غير قادر على التفكير بشكل سليم ، مما تريد حمايته ؟!، لقد عاد الشك يضرب عقله وبقوه وعليه التحرك لإثبات شكوكه او نفيها ، شعر بأنفاسها تنتظم فوق صدره فعلم بذهابها فى النوم ، حاول التحرك بها ووضعها فوق الفراش وافلاتها من بين يديه ولكن يدها تشبثت بقميصه اكتر ترفض تركه ، تنهد مره اخرى بأستسلام وقام بضمها إليه ثانيةً بعدما قام بمسح دموعها من فوق وجنتها ، اثناء فعله ذلك صدع رنين هاتفه من داخل جيبه فألتقطه على الفور مجيباً حتى لا يزعجها ، تحدث الطرف الاخر بمجرد استقبال فريد المكالمه قائلاً بتبرير :
-فريد باشا .. انا اسف انى بكلم حضرتك فى الوقت بس فى حاجه عرفتها وبصراحه مقدرتش استنى للصبح ..

اجابه فريد بفضول قائلاً بترقب :
-سامعك .. 
قال الطرف الاخر دون مقدمات :
-نيرمين هانم .. بعد ما راقبتها اكتشفت انها بتتعاطى مخدر من نوع قوى .

سأله فريد مستنكراً :
-مخدر !!!..
أكد الرجل حديثه قائلاً بأقتضاب :
-مش اى مخدر يا باشا .. ده هيروين ..
ردد فريد بعدم تصديق :
-هيروين !!! متأكد ؟!.. 

اجابه الرجل مسترسلاً بثقه :
-متأكد يا باشا .. انا بنفسى شفتها وهى بتتعامل مع عيل سيس فى **** وبعد ما مشت روحت دردشت معاه وبكام قرش قالى كل اللى عنده .. 
هز فريد رأسه موافقاً ثم قال بهدوء :
-اسمعنى .. أرميلى الولد اللى بتتعامل ده فى المخزن لحد ما افوق واجيله .. وشفلى حد يجبلى تسجيلات مكالمتها الفتره الاخيره كلها ..

انهى بعد آمره ذلك واستماعه لموافقه رجله المكالمه وهو يفرك عينيه بقوه فما سمعه منذ قليل لم يكن بالشئ الهين عليه وقبل كل شئ عليه التريث والتأكد قبل اتخاذ اى خطوه .
تمدد فريد بجسده جوارها فوق الفراش وقد بدء إرهاق الايام الماضيه يتمكن منه ، حانت منه التفاته مشتاقة إليها متأملاً بعينيه ملامح وجهها الممتعضة حتى وهى نائمه وكيفيه تمسكها بساعده كأنها تخشى هروبه ، زفر مستسلماً قبل تحركه بجسده ليلتصق بها ويحيطها بذراعه ويمسح بيده الاخرى فوق شعرها حيث غفت بين احضانه وهو لايزال مبلل ، لماذا لا يستطيع التفكير بشكل سوى وطبيعى عندما يتعلق الامر بها !!، انه حتى لا يعلم ماهى الخطوه التاليه التى ينتوى اتخاذها معها ،  هذا ما فكر به بضيق وهو يدثرها بالغطاء جيداً حتى لا تصاب بالبرد . 
لقد اصبح على حافه الهاويه من شده حبه لها  ومع صدور اى فعل اخر من افعالها الغير محسوبه يشعر انه سيسقط وستسقط معه ، نعم سيسقطان سوياً وما حدث اليوم اكبر دليل على ذلك ، تذكر بندم ما فعله معها وأخذ يلعن نفسه بصمت ، كيف سمح لغضبه بالسيطره عليه هكذا ؟!، فدائما ما كان يرى ما بينهم شئ مقدس للغايه يبث لها من خلاله مدى حبه واشتياقه لها ، كيف طوعت له نفسه بأستخدامه كعقاب ؟!، اى عقاب هذا اللى يستخدمه ضدها وهو نفسه عُوقب قبلها وعقاب مضاعف ، مره من تأنيب ضميره وشعوره بالخزى على عنفه معها ومره اخرى عندما فقد ما ظل يحلم به سنوات منها قبل ان يعلم حتى بوجوده ، بالطبع سيتألم لالمها وسيعاقب لعقابها فهما روح واحده تعيش داخل جسدين .

تذكر بضيق ما سمعه من احد رجاله عن ابنه والده ، فى ظروف اخرى لم يكن الامر ليعنيه ولكن الان لا يستطيع الوقوف صامتاً حتى لا تدخل تلك الساذجه فى الامر ، بالطبع لن يسمح لها بذلك مهما كلفه الامر ولكن فقط من اجل الاحتياط عليه التحرك قبلها فربما هذا هو سبب تمسك بها ، ايعقل ان حياة على علم بما تمر به نيرمين !!، بدءت النوم يثقل جفنيه قبل استطراده فى التفكير مدفوعاً بدفء جسدها والتصاقها به لذلك اغمضهما بهدوء سامحاً لذلك اليوم الحزين بالانتهاء وغداً ينتظره يوم جديد حافل بالعمل وبالطبع مشاكله التى لا تنتهى .

فى منتصف الليل شعر فريد بها تتململ بين يديه مع وصول همهمات خفيضه لاذنه ، فتح عينيه بتمهل ليتفحصها قبل انتباهه بكافه حواسه لها وهى تحاول دفعه بكلتا يديه مغمغه برعب :
-سيبى .. ده مش بتاعك .. فريد ألحقها وخليها تسيبه ده ابنى انا .. 

تجعدت ملامح وجهه وشعر بتلك الغصه تعود إليها مرة اخرى فيبدو جلياً من ملامح وجهها المتجهمه انها تمر بكابوس عن ما حدث ليله البارحه ، هتف بأسمها بصوته الناعس لإيقاظها ولكن كالعاده لم تستيقظ من اولى محاولاته ، بدء جسدها يرتجف بين ذراعيه وهى تعاود لكمه ودفعه بعيداً عنها وبدءت نبرتها فى الارتفاع قائله بصوت باكِ :
-انت لسه عندك ابن .. ابنك انت موجود .. 

هتف فريد بها مره اخرى وهو يهزها بقوه من مرفقيها ليوقظها فقد بدءت ارتجافتها تزداد ويزداد معها نحيبها ، شهقت حياة بفزع وهى تنتفض من نومتها وتتطلع حولها برعب ، لقد زارتها نجوى فى حلمها وحاولت اخذ طفلها منها ثانيةً فركضت مستنجده بفريد لحمايته ثم أخبرته بأنه لديه طفل اخر منها هى ، سألها فريد بحنان وهو يتفحص ملامح وجهها المذعوره :
-انتى كويسه ؟!.. 

هزت رأسها له نافيه بأليه شديده ثم بدءت تنتحب بصمت وهى تمتم بصوتها الباكى :
-انا خايفه .. انا بردانه وخايفه وعارفه انك بقيت بتكرهنى .. 

يكرهها !! هو ؟!!! ، عن اى هراء تتحدث تلك الساذجه ياليت الامر بيده ليحبها او يكرهها ، لو كان الامر كذلك لانتهت معاناته منذ زمن بعيد ، واضح ان كلماته الكاذبه الليله الماضيه مازالت تتردد داخل عقلها  ، هذا ما فكر به وهو يتحرك ليحضتنها بهدوء دون تعقيب على حديثها ، أخفت رأسها بعنقه وتعلقت به بكل قوتها وعاد انتظام انفاسها سريعاً يضرب عنقه ، شدد من احتضانه هو الاخر لها وعاد ليستلقى بها فوق الفراش وسؤال وحيد يشغله، من هى تلك المرأه التى كانت تستنجد به منها ؟!، ام ان تلك اضغاث احلام من اثر مخدر البارحه وليس لها اساس من الصحه ؟!. هذا كل ما يريد معرفته ليطمئن قلبه .

*********

فى الصباح استيقظت حياة شاعره ببروده الفراش جوارها ، فتحت عينيها ببطء والتفت تنظر حولها لتجد نفسها فى غرفتها القديمه بمفردها ، بالطبع لم يستطع المكوث معها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تخرج من الفراش ، لم تكن تشعر بألم جسدى خصوصاً مع المسكنات التى تناولتها فى المساء ولكن معنوياً ، كل نفس تأخذه تشعر به يحرق جوفها ورئتيها فما هو أسو من فقدانها لطفلها وحب زوجها فى أن واحد ، مسحت دموعها وتوجهت نحو الحمام تأخذ دشاً سريعاً تنعش به جسدها وبعد قليل خرجت لتتفاجئ بعفاف امامها تحتضنها وتسألها بأهتمام عن حالتها الصحيه واذا كانت بحاجه للمساعده ثم أخبرتها بأمكانيه عودتها لغرفتهم الرئيسيه فقد قامت بتنظيفها ، اندهشت حياة من جملتها وفتحت فمها بعدم تصديق تسألها للتأكد من فحوى جملتها فقد ظنت ان فريد نقلها لتلك الغرفه لانه لا يريدها داخل غرفتهم مره اخرى :
-ارجع الاوضه ؟! .

اجابتها عفاف مؤكده :
-ايوه اوضتكم .. فريد بيه طلب الصبح قبل ما ينزل ينضفها وأبلغك بعدها ..

اذا لقد فعل ذلك من اجل نفسيتها ليس الا ، بدء شبح ابتسامه يزين شفتيها لاحظته عفاف التى ابتسمت لها هى الاخرى مشجعه قبل قولها بهدوء :
-هتلاقى الفطار بتاعك محطوط على الطربيزه هناك .. كليه كله عشان الدوا بتاعك ولو احتجتى اى حاجه انا موجوده تحت .. 

هزت حياة رأسها بتمهل موافقه قبل ملاحظتها عوده عفاف من الباب المشترك ، قطبت جبينها بأرتياب وتوجهت نحو الباب الرئيسى للغرفه تحاول فتحه فوجدته مغلق من الخارج ، انتبهت حواسها لسماع صوت باب غرفتهم يغلق هو الاخر بالمفتاح ، هرولت مسرعه نحو الغرفه ومنه إلى الباب لتتفحصه ، لقد اغلق عليها فعلاً كما قال البارحه ، هل حقاً يريد معاملتها كجاريه ؟!، اذا سيحصل على ما يريده عل ذلك يطفأ غضبه ، هذا ما قررته وهى تعود لتجلس فوق الفراش بهدوء منتظره عودته حتى المساء .

**********

فى المخزن القديم وقف فريد امام ذلك الشاب الأنيق ذو العضلات والملابس الباهظة والمسجى أرضاً بعدما انتفخت ملامحه من كثره الضرب ، انحنى بجزعه وجلس قبالته على ركبتيه حتى اصبح فى نفس مستواه ثم قام بالقبض على ذقنه بقوه قائلاً بنبره شديده الحزم :
-بص من غير كلام كتير عشان متعطلنيش .. هتحكيلى كده زى الشاطر كل حاجه من الاول وكل اللى تعرفه عن نيرمين ولا اختصر المسافه واخليك تتكلم بطريقتى ؟!.. 

رمقه الشاب عده نظره حانقه قبل اجابته بأرهاق :
-اللى عندى قلته لدول ..

أشار برأسه لرجل فريد الذى القى القبض عليه مع رجلين أخريين من رجاله ، حرك فربد رأسه على مهل موافقاً قبل اعتداله فى وقفته ثم أشار بيده لاحد الحراس المرابطين خلفه فأخرج احد منهم سكين حاد أعطاه لمخدومه بهدوء ، استلمه فريد وقام بتحريكه بين يديه ببطء امام ناظريه حتى يبث الرعب داخل صدره ثم عاد وجلس قبالته بنفس طريقته السابقه وهو يقول بهدوء مهدداً :
-عندك حق .. انت قلت لدول .. وعشان كده مفيش داع لفرصه ثانيه ليك .. وانا بقول برضه توفير لوقتى ووقتك اختار انت الايد اللى عايزها تتقطع عشان تعرف تبيع بعد كده كويس .. 

صرخ الشاب بفزع وهو يرى فريد يقترب بالمديه من يده اليمنى ويبدء فى احداث عده جروح خفيفه فوقها :
-لا خللللاص .. هحكيلك كل حاجه بس بلاش ايدى ..

ابتسم فريد بأنتصار وربت فوق وجنته بالمديه  بأستحسان محدثاً جرح سطحى فوق وجهه قائلاً بجمود :
-سامعك ..

ابتلع الديلر لعابه بصعوبه ثم بدء يقول متعلثماً بخوف :
-انا مليش دعوه بأى حاجه من دى .. نجوى هانم هى اللى كانت بتتعامل معايا كل فتره بحاجه خفيفه وكانت بتستلمها منى فى النايب كلوب اللى فى ******.. وبعد فتره طلب منى حاجه يكون مفعولها قوى تسبب ادمان فى اقصر فتره ممكنه وطعمها ميبانش لو حطيتها لحد فى مشروبه وفعلاً جبتلها المطلوب واستلمها منى فى نفس المكان وحطته فى المشروب وسابتنى ومشيت ..  وكانت بتطلب كل يوم نفس الطلب .. وبعد اكتر من اسبوع طلبت منى بودره وفعلاً جبتلها ومن بعدها نيرمين هانم بقت بتتعامل معايا ..

اردف الشاب كاذباً فهو ليس احمق ليخبره بأتفاقه مع نجوى للاستنفاع من صديقتها الثريه :
-انا كنت بوصل وبجيب طلباتهم بس مش اكتر .. وانا قلتلك كل اللى اعرفه .. 

هتف فريد بشراسه وهو يعتدل فى وقفته :
-نجوى .. يابت ال**** اخيراً  وقعتى تحت رجلى .. 

تحرك بعدها على الفور للخارج وبجواره رجله الغامض يسأله بترقب :
-ها عملتى ايه فى تسجيل المكالمات ؟!.. 
طأطأ الرجل رأسه للأسفل وأجابه بخفوت قائلاً :
-يا باشا الموضوع ده طلع مش سهل .. كله خايف على شغله لو اتمسك .. دى فيها فصل وسجن .. 

صاح به فريد بحده قائلاً بحنق :
-يعنى ايه ؟؟!!! .. لو مش قدها قولى وانا اتصرف !!.. 

قاطعه الرجل قائلاً بلهفه شديده :
-لا يا باشا .. قدها طبعاً قدها .. بس اللى هينفذ محتاج شويه وقت عشان يعرف يجيب كل التسجيلات وياخد منه نسخها ..

زفر فريد بنفاذ صبر ثم اجابه وهو يتحرك نحو السياره ليستقلها :
-ماشى بس قوله ميتأخرش حتى لو عايز فلوس زياده خلصنى .. وبالنسبه للكلب اللى جوه ده فى حد كمان شويه من البوليس هيجى يستلمه .. اطلع انت من الليله دى وركز فى موضوع سيرين ..

اجابه الرجل بتفاخر :
-خلاص يا باشا هانت .. الرجاله عرفوا مكان اللى ساعدها .. يتأكدوا بس قبل ما يمسكوه ويعترف عليها وبعد كده كله هيبقى تماماً ما حضرتك عايز وزياده .. 

اومأ له فريد رأسه بجمود ثم استقل سيارته طالباً من سائقه التوجهه إلى فيلا رسلان الاب .

***********

فى حديقه منزله ظل غريب رسلان يقطع الممر ذهاباً واياباً بقلق بالغ منتظراً وصول ولى عهده بعدما تلقى منه اتصالاً هاتفياً يأمره فيه بنبرته القاطعه انتظاره والحرص على تواجد نيرمين معه ، فكر غريب بأستنكار ايعقل ان تكون زياره فريد لها علاقه بأختفاء زوجته ؟!، بالطبع هو يعلم بما حدث منذ اول يوم ويعلم ايضاً بما حدث البارحه ولكنه لا يجرؤ حتى على سؤال ابنه او التحدث معه بهذا الشأن ، قطع تفكيره هذا بوق سيارة يليها فتح البوابه الرئيسيه ودخول سياره فريد منها ، انتظر غريب بتوجس خروج ولده من السياره ثم تحرك نحوه يسأله بلهفه :
-خير ؟!.. ايه اللى حصل يخليك تكلمنى من صباحيه ربنا كده !! وايه علاقه نيرمين بده !!.. 

رمقه فريد بنبره خاليه لا توحى بأى مما يدور داخل افكاره ثم اجابه بأقتضاب وهو يتحرك خلال الباب الداخلى للمنزل ليدلفه :
-دلوقتى تعرف .. بس قبلها هاتلى بنتك هنا ..

فى ذلك الوقت ظهرت جيهان مقاطعه لحديثه ومصححه جملته بتكبرها المعتاد :
-ايه هاتلى بنتك هنا دى !! ليها اسم على فكره واسم كبير كمان .. ده غير ان بنتى مش خدامه عندك عشان تنزلك .. 

ضغطت على حروف كلمه "خادمه "بنبره ذات مغزى التقطها فريد بسهوله ولكنه اثر تجاهلها فقط اكتفى بأبتسامه مستهزءه قبل اعاده طلبه لوالده قائلاً بنفاذ صبر :
-انا عندى شغل كتير ومش هقضى اليوم كله هنا عشان خاطرك وخاطر بنتك .. جيبهالى من غير كلام كتير .. 

هنا ظهرت نيرمين التى كانت تستمع لحديثه برعب شديد ظناً منها ان حياة قد كشفت له عن مخططها الكاذب من نجوى ، اذا هذه ستكون نهايتها ، ستكذبها بالطبع وتنفى كل ما سيتفوه به ، نعم ستفعل ، هذا ما فكرت بذعر وهى تهبط الدرج بترو شديد تحاول قدر المستطاع تأجيل تلك المواجهه ، هتف فريد بمجرد رؤيته لها قادمه من الاعلى متسائلاً بأشمئزاز :
-مش محتاج خلاص .. الهانم شرفت اهى من غير ما حد يتعب نفسه .. ها يا بنت جيهان هانم السكرى صاحبه الصون والعفاف .. اصطبحتى النهارده ولا لسه ضرب امبارح عامل معاكى مفعول ؟!..

فتحت نيرمين فمها بذهول وقاطعته جيهان قائله بنزق واستحقار :
-ايه الالفاظ السوقيه اللى بتتكلم بيها مع البنت دى !! اصطباحه ايه وضرب ايه !!!.. انت بجد اسلو...

صاح بها فريد بحده مقاطعاً وهو يرمقها بنظرات ناريه اخرستها :
-محدش طلب منك تتكلمى ولا تتدخلى وقبل ما تتكلمى على اسلوبى روحى شوفى بنتك بتعمل ايه من وراكى .. بدل ما وقتك كله ضايع على التخطيط وازاى تخلصى منى ..

هنا تدخل والده ليسأله بأستغراب مستفسراً :
-فى ايه يا فريد .. انا مش فاهم حاجه ؟!..
اجابه فريد بحده :
-فى انت بنتك مدمنه .. الهانم بقالها اكتر من شهر بتضرب هيروين .. وقبلها ********.. وطبعاً محدش فيكم حاسس بحاجه .. مع ان لو حد ركز معاها وبص فى وشها بس كانت هيفهم من غير ما حد يقوله ..

صرخت جيهان معترضه بعدم تصديق :
-كدب .. انت كداب .. بنتى استحاله تعمل كده .. تلاقيك بتتمنى بس ده فى خيالك .. بنتى احسن منك ومن اى حد .. 

لوى فريد فمه بنصف ابتسامه تهكم ثم توجهه نحو نيرمين التى كانت تتراجع عنه للخلف متقهقرة كلما تقدم منها ثم اقبض على ذقنها بقوه وهو يدير رأسها فى اتجاه والدتها قائلاً بشراسه :
-كدب .. اللى تحت عينيها ده كدب !!! نظرتها دى كدب !! حركه رجليها دى كدب !! للدرجه دى عاميه عشان تبقى بنتك قدامك وانتى مش حاسه بيها !!.. 

صرخت نيرمين بهيستريا وهى تدفعه بعيداً عنها بكف مرتعش :
-ايوه انت كداب .. عايز تبوظ سمعتى وخلاص .. ابعد عنى وملكش دعوه بيا .. انا بكرهك فاهم ..

ابتعد عنها فريد بأشمئزاز قائلاً لوالده الذى كان يراقب كل ما يحدث بترو :
-بتك عندك .. عايز تعالجها انت حر .. عايز تصدقها وتسيبها لحد ما القرف ده يقضى عليها برضه انت حر .. فى كل الاحوال ميهمنيش .. 

نطق بجملته تلك وهو يتحرك نحو باب المنزل استعداداً للخروج ، أوقفه غريب بصوته متسائلاً :
-عرفت منين ؟!..
اجابته فريد بسخريه :
-اسأل الجاسوس بتاعك .. تلاقيه واقف دلوقتى مع البوليس وهما بيقبضوا على الكلب اللى كانت بتتعامل معاه .. 

انهى فريد جملته وتحرك للخارج مستقلاً سيارته تاركاً التصرف لغريب الذى بمجرد خروج فريد انقض على ابنته يسحبها من فروه رأسها قائلاً بغضب :
-ورايا على الدكتور .. وساعتها هنعرف مين فيكم الكداب ..

صاحب به جيهان مستنكره ومدافعه عن ابنتها :
-غريب !!! انت اتجننت !! هتصدق اى كلام يتقال على بنتك من اى حد !!!..

صرخ بها غريب محذراً وهو يتجهه نحو الحديقه ومنها للخارج :
-مش اى حد .. ده ابنى فاهمه !! وابنى مبيكدبش !!.. وبعدين عنده حق .. انتى بس اللى مش عايزه تشوفى اللى واضح قدامك من كتر كرهك ليه !!.. وبعدين مضايقه ليه انى هوريها لدكتور يثبتنلنا صدق كلامها وافتراه هو عليها ؟!..

ابتعلت جيهان لعابها بصعوبه فجزء كبير منها يعلم منطقيه حديثه ولكنها لا تجرؤ حتى على تصديقه لذلك ركضت خلفه تستقل السياره قبل زوجها وهى تقول بحزم :
-مش هسيبك مع بنتى لوحدك رجلى على رجلك ..

فى غرفه الفحص فى عياده احدى أصدقائه المقربين والملحق بها معمل تحاليل خاص وبعد اتصال غريب برجله والتأكد من حديث فريد انتظر خروج نتيجه تحليل المخدر والذى تم فى سريه تامه وسرعه ايضاً من اجل إنقاذ الوضع استدعاه صديقه هو وجيهان لغرفه خاصه قائلاً بحزن شديد:
-للاسف يا غريب النتيجه طلعت ايجابيه ومش كده وبس .. دمها فى كميه كبيره من المخدر .. يعنى مبدئياً كده كانت بتتعاطى حوالى ٢جم فى اليوم ويمكن اكتر .. لازم تتصرف بسرعه قبل ما تخسرها ..

صرخت جيهان بقوه وهى ترتمى على اقرب مقعد قائله بحسره :
-بنتى لا .. اعمل اى حاجه وأنقذها .. ابوس ايديك بنتى لا .. مش هسمحلها تروح منى بعد كل اللى بعمله عشانها ..

تجاهل غريب حديثها وعاد يسأل الطبيب مستفسراً برباطه جأش قويه :
-انت شايف ايه يا معتز ؟!.. 
اجابه صديقه بعمليه شديده :
-انا شايف انها لازم تدخل مصحه وفوراً عشان تبدء علاج من النهارده .. انا اعرف هنا مصحه ممتازه لو موافقين هكلمهم يحجزولها مكان لحد ما توصلوا .. 

هتفت جيهان بلهفه متوسله :
-ايوه طبعاً موافقين .. كلمهم حالاً واعمل كل اللى تقدر عليه واى حاجه يطلبوها هتتنفذ بس المهم بنتى ترجع طبيعيه ..

اومأ لها الطبيب برأسه موافقاً ثم رفع سماعه هاتفه يضرب رقم المشفى استعدادا لنقل ابنه صديقه إليها . 

*********

فى المساء وبعد يوم عمل شاق تجاوز الخمسه عشر ساعه انتهى فريد خلاله من معظم الملفات المؤجلة بسبب سفره وانشغاله بالبحث عن حياة عاد للمنزل مرهقاً بشده ومستعداً لنوبه اخرى من جنون زوجته ، عرج فى طريقه على مدبره منزله يسألها مستفسراً عن احوالها اولاً متوقعاً سماع ما لايسره ولكنه تفاجئى بعفاف تخبره بهدوء :
-حياة هانم فضلت فى اوضتها زى ما حضرتك طلبت محاولتش حتى تخرج منها .. وبالنسبه للمواعيد الدوا والاكل اطمن حضرتك اخدتهم فى ميعادها برضه وهتلاقيها فى اوضتكم مستنيه حضرتك ..

اومأ فريد براسه موافقاً رغم استغرابه الشديد وعدم تصديقه لما تفوهت به عفاف ، فهو لا يكون فريد وهى لا تكن حياة اذا تقبلت ما قام به دون تمرد لذلك طلب من عفاف بنبره مرهقه :
-تمام .. تقدرى تحضرى العشا لحد ما اخد دش وننزل . 

تمتت عفاف له موافقه بخضوع ثم بدء تتحرك لتنفيذ طلب رئيسها .

دلف فريد للغرفه بتأهب فوجدها قابعه فوق الفراش بهدوء تطالع احد الروايات التى يضمها فى مجموعته وبمجرد رؤيتها له اغلقت الكتاب مسرعه ثم تحركت من فوق الفراش وانتفضت واقفه تنتظر تعليماته ، نظر نحوها بأستنكار شديد ثم واصل طريقه نحو خزانه ملابسه يسحب منها ملابس مريحه للمنزل ثم توجهه على الفور إلى الحمام لأخذ دشاً دافئاً يزيل به ارهاق اليوم

وبعد قليل انتهى فريد من حمامه وبمجرد رؤيتها له مرة اخرى انتصبت واقفه كالسابق ، رغم ما تقوم به الا انه رأى ذلك الوميض يلمع داخل عينيها ولكنه قرر تجاهله فمزاجه لا يسمح له بأى شكل من الاشكال بمجادلتها او التحدث معها حتى لا ينتهى الحال بهم إلى كارثه اخرى لذلك تحدث  بنبره جامده للغايه :
-العشا جاهز تحت .. لو لسه تعبانه ممكن عفاف تطلعهولك هنا .. 

اخفضت رأسها للأسفل بخضوع ثم اجابته بنبره خفيضه قائله :
-اللى حضرتك عايزه .. 
تشدق فريد قائلاً وهو ينظر نحوها بأستنكار :
-حضرتك !!!.. 
اجابته بنبرتها الرقيقه وهى لازالت تنظر للأسفل :
-ايوه حضرتك .. 

كان يعلم انها لن تمر ما حدث دون رد فعل وها قد انتهى اندهاشه من استسلامها باكراً ، لوى فمه بضيق ثم قال بنفاذ صبر وهو يتحرك نحو باب الخروج :
-انا شايفك كويسه وتقدرى تنزلى معايا تحت ..

هزت رأسها له موافقه دون تعقيب ثم تبعته بخنوع ورأسها لا يزال مطئطئاً للأسفل ، وفى الاسفل سحب لها فريد مقعدها كالعاده فجلست فوقه بصمت دون النظر إليه او لمس طعامها بل انتظرت حتى بدء هو فى تناول طعامه وبدءت فى تناوله بعده وبمجرد انتهائه تركت ملعقتها هى الاخرى وانتفضت من مجلسها تستقيم فى وقفتها بعد وقوفه ، نظر نحوها بغضب ثم قرر تجاهل ما تقوم به واختفى داخل غرفه مكتبه 
وفى الليل بعد انتهاءه من عمله لم يجد طاقه لممارسه اى من تمارينه الرياضيه لذلك توجهه نحو غرفته مباشرةً للنوم وبمجرد دخوله غرفتهم قامت بنفس فعلتها عند دخوله الغرفه المره السابقه ، "ابقى هادئاً فريد .. فقط ابقى هادئاً " هذا ما هتف به داخلياً محاوله السيطره على اعصابه مذكراً نفسه بألمها وانه لم يمض على خروجها من المشفى سوى اربع وعشرون ساعه ، توجهه مباشرةً نحو الفراش يستلقى فوقه استعداداً للنوم ، سيتجاهلها حسناً ولكن ايضاً لن يتركها واقفه هكذا طول الليل هذا ما فكر به بعدما اغمض عينيه ثم قام بفتح احداهما ثانيةً ينظر إليها بعين واحده وهو يقول بجمود :
-انتى هتفضلى واقفه عندك كده كتير ؟!.. 

اجابته بنعومه وهى مازالت مطأطه الرأس :
-اللى حضرتك تشوفه .. 
هتف بحنق وهو يستدير برأسه ليواجهها :
-حياة !!!!!! ..

اجابته بخنوع تام :
-افندم حضرتك ؟!.. 
مرر كفيه فوق وجهه محاولاً السيطره على اعصابه ثم قال بضيق وهو يضغط على اسنانه :
-طب اتفضلى نامى .. 

اجابته وهى لازالت على وضعها ونبرتها :
-اللى حضرتك تؤمر بيه .. بس تحب انام هنا ولا فى اوضه تانيه ؟!.. 

قطب جبينه مستنكراً فأستطردت تقول شارحه :
-اصل انا مش عارفه انام فين .. بس اللى عرفاه ان الجوارى مش بيناموا مع اسيادهم فى سرير واحد الا لهدف معين .. وبما ان حالتى الفتره دى مش هتخلينى افيدك فى حاجه فقلت اسأل حضرتك الاول حضرتك تحب انام فين  ؟! .. 

صرخ فريد بها بقوه وهو يتحرك بجسده فى اتجاهها مما جعلها تصرخ بذعر راكضه من امامه ، امسك بها بسهوله وحملها بيسر ثم قام بوضعها فوق الفراش وهو يقبض على ذراعيها بقوه متمتاً بنبره خفيضه ولكن حازمه :
-نامى ومش عايز ولا كلمه ولا نفس .. 
اجابته بنبره رقيقه ناعمه للغايه :
-اللى حضرتك تؤم...... 

صاح فريد بها مهدداً وهو ينظر نحوها شرزاً فابتلعت ما تبقى من جملتها بداخلها واغمضت عينيها على الفور ضاغطه فوقهم بقوه ، ظل فريد يتأمل ملامح وجهها المذعوره وهو يحاول كتم ابتسامته ثم استلقى جوارها بهدوء ، لم يعطيها ظهره ولكن ايضاً لم يجذبها داخل احضانه فقط اكتفى بأحتضان يدها متحججاً بعدم ثقته بها ، كأنها تستطيع التحرك من جواره دون الشعور بها !. 
بعد مرور يومان جلس فريد فى غرفه مكتبه داخل المنزل والتى كانت عازله للصوت مع كلاً من رئيس حراسه ورجله الذى يستأجره من اجل الاعمال الخاصه والصعبه والذى كان يدعى سمير، هتف فريد بتفكير لرجاله وهو يجلس خلف مكتبه :
-انا كده اتأكدت انه نجوى هى سيرين بعد ما الكلب اللى مسكناه اعترف عليها .. كده هنتحرك فى كذا اتجاه اولهم ان قضيه التسمم هتتفتح من اول وجديد بعد ما بقى معانا تسجيل رسمى بيعترف فيه ان سيرين هى نجوى .. بس ده شروع فى قتل يعنى كام سنه وتطلع .. وده مينفعنيش .. 

هنا تدخل سمير ليسأله بترقب :
-قصد ايه يا باشا ؟!.. 
اجابه فريد بغموضه المعتاد :
-هى اللى سممت مراتى ودخلت اختى فى سكه المخدرات .. يعنى هتدفع تمن الاتنين بنفس اعمالها .. 

هتف رئيس حراسته تلك المره مستفسراً :
-قصد حضرتك اننا نخلى الديلر اللى سلمناه يعترف عليها ؟!.. 
اجابه فريد رافضاً ثم بدء فى شرح خطته :
-لا ده مش هيفيدنى .. انا عايزها تتمسك فى اتجار وبعد ما ده يحصل .. عايزك تحضرلى حد من جوه السجن يعمل فيها اللى عملته فى مراتى بالظبط وتبان على انها تسمم طبيعى وانا هظبطلك الموضوع انه يتقفل على كده ..

وجهه جملته الاخيره لسمير الذى اجابه موافقاً بحماسه ، اما عن رئيس حراسته فعاد يسأله من جديد :
-ده بالنسبه لحادثه التسمم .. طب بالنسبه للاتجار ؟!.. 

هز فريد رأسه بحماس وهو يبتسم بتوعد فأذا نُفذت خطته بدقه سيتخلص منها للابد ثم قال بهدوء :
-اول حاجه سمير هيحضرلى شنطه هيروين محترمه عشان تكون اتجار مش مجرد تعاطى .. 

قاطعه سمير هاتفاً بحماسه :
-اعتبره جهز يا باشا .. 
ابتسم له فريد بسماجه ثم قال ببروده المعتاد ودون مقدمات:
-تمام كده يا سمير .. حضرلى اللى طلبته وانا هبلغك بالباقى فى ميعاده .. دلوقتى تقدر تمشى انت ..

اتسعت عيني سمير بصدمه ثم قطب جبينه بعدم فهم فعاد فريد جملته قائلاً بهدوء :
-لما احتاجك يا سمير هكلمك ومتنساش الطلب التانى اللى مستنيه . 

حك سمير فروه رأسه بيده محرجاً ثم تحرك نحو الخارج بعدما القى تحيه الوداع عليهما ، التفت فريد بعدما تأكد من خروجه مستطرداً خطته لرئيس حراسته :
-دلوقتى .. انا عايز نجوى تتمسك بالشنطه دى فى المطار او بالأدق عايزهم يكونوا فى شنطتها الاساسيه .. وده يخلينا نرجع للنقطه الاهم ان نجوى تسافر .. هتسافر ازاى .. انا دى مهمتى انا  .. وبعدها بقى مهمتك كلها .. هتدخل مع مساعدين طبعاً البيت عندها على اخر وقت وتحط المخدرات فى شنطه هدومها وتخفيهم كويس وتتأكد انها طلعت بيها على المطار والباقى سيبه على الراجل بتاعنا فى الداخليه رغم اننا مش هنحتاجه غيرعشان خطه التسمم .. كده واضح ؟!.. 

اومأ رئيس حراسته رأسه موافقاً بأعجاب ثم تحدث يسأله مستفهماً :
-تمام وسهل .. بس سؤال اخير .. حضرتك واثق فى سمير ده ؟!.. 

اجابه فريد بغموض :
-زى ما واثق فيك .. بس بحب كل واحد بعرف تفاصيل مهمته لا اكتر ولا اقل .. 

اردف فريد بعد جملته تلك قائلاً بجديه :
-بالنسبه لدخول البيت عندها .. عندها شغاله واحده بتمشى اخر اليوم بس فى كاميرات مراقبه برضه .. يعنى انت عارف كويس هتعمل ايه ؟!.. 

اجابه الرئيس بثقه شديده وهو ببتسم بتفاخر :
-نقطع النور .. 
اومأ فريد رأسه بأستحسان وهو يغمغم لنفسه داخلياً :
-بالظبط .. زى ما عملت مع حياة فى الملف اللى بوظته ..

***********

بدء فريد فى تنفيذ خطته بترو فالجزء الاكبر يقع عليه فى دفعها للسفر فعليه ان يكون شديد الاقناع والحنكه حتى تشعر بصدق تهديده لها والفرار من امامه دون الكشف عن اوراقه كامله اما ما تبقى فهو يثق فى قدره على رجاله على فعله 
لذلك اخذ نفساً عميقاً وهو يقف امام باب منزلها منتظراً ظهورها من خلفه ، استقبلته نجوى بأبتسامه مشرقه وهى تمتم بدلال :
-بيبى .. انت هنا .. انا مصدقتش نفسى لما كلمتنى وقالتلى انك عايزنى ..

رمقها فريد بنظره استحقار جليه وهو يتحرك للداخل ثم اغلق الباب خلفه قائلاً بجمود :
-انا مش جاى احب فيكى ولا وحشتنى طلتك اللى بكرهها .. انا جاى بس ابلغك بحاجه لطيفه اوووى لو عرفتيها هتبسطك .

سألته نجوى بحماسه وقد قررت غض النظر عن تعليقه اللاذع فى اول حديثه :
-ايه هى يا بيبى انا سامعاك ..
اصدر فريد من حنجرته صوت يدل على الضجر ثم قال بنبره ذلت مغزى :
-ااه عايزك تسمعى كويس عشان لو انتى مش ناويه تسمعى ممكن اوفر كلامى وأسمعه لجيهان مثلاً ..

تحولت ملامح نجوى للتركيز وهى تسأله بترو:
-قصدك ايه ؟!..
اجابها فريد بشماته :
-قصدى ان الكلب بتاعك اللى وزتيه على نيرمين اعترف انك السبب فى إدمانها ..

لم تصدر نجوى اى رد فعل فقد اكتفت بالتحديق به حتى أردف فريد يقول سخريه :
-لا يا نوجه عايزك تركزى كده عشان مش هو ده رد الفعل اللى انا مستنيه منك .. 
ضيقت نجوى عينيها فوقه ثم سألته بتمهل وعلى مضض :
-ايه اللى يثبتلى انك صح .. وبعدين انا مالى واحده وأدمنت .. دخلى بيها ايه ..

هز رأسه موافقاً على حديثها ثم قال بثقه شديده :
-عندك حق .. ملكيش دخل بيها .. بس هيكون ليكى دخل لما التسجيل اللى فى اعترف الكلب بتاعك يوصل لجيهان وتتأكد ان اللى حصل لبنتها ده انتى السبب فيه ..
بدءت ملامح نحوى تتجعد فعلم فريد انه يسير على الطريق الصحيح لذلك اردف قائلاً بتهكم :
-لا متخافيش كده واجمدى ومش عايز لون وشك يتخطف اكتر ماهو مخطوف .. نتفق تبقى فى امان ..

كانت نجوى تعلم جيداً ان الكذب معه لن يؤتى بثماره لذلك آثرت كشف اوراقها امامه واللعب وفق اصوله للخروج بأقل خسائر على امل بأستمتاع قلبه يوم من الايام ، ثم انها لم يخفى عليها تهديده فى بدايه الكلام بمعرفه جيهان بالأمر كله وهى ابداً لا تريد خساره جيهان فى الوقت الحالى حتى تتخلص من حياة فيبدو ان مخططها مع نيرمين باء بالفشل ولازال زواجهم قائم لذلك تحركت حتى اقرب مقعد تجلس فوقه بأسترخاء ثم قالت بهدوء :
-انت عارف طول عمرى بيعجبنى ذكائك .. وعارف انك الوحيد اللى مقدرش العب عليه .. صدقنى انا وانت كوبل واو .. لو اتحدنا محدش هيقدر علينا ..

حدقها فريد بعده نظرات حانقه قبل تعقيبه على حديثها قائلاً بنبره عدائيه واضحه :
-انا ذكائك مكفينى وزياده .. بس عمتاً خلينا نتكلم فى المفيد .. انتى خليتى نيرمين مدمنه .. مش مهم بالنسبالى .. بس بالنسبه لجيهان مهم .. ولو عرفت انتى باى باى وانتى عارفه ده كويس .. بس من حسن حظك ان محدش يعرف ده غيرى .. وفى المقابل انتى عامله مشاكل حواليا  وانا ورايا شغل ومش فاضى اصلح اللى بتعمليه ده يبقى نتفق اتفاق .. سكوتى مقابل انك تحلى عنى لحد ما اخلص مشاكل شغلى .. اتفقتا ؟!.. وطبعاً انتى فاهمه قصدى ايه .. 

تأملته نجوى مطولاً ثم سألته بتفكير :
-ايه ضمانتى ومعاها لو وافقت مطلوب منى ايه ؟!..

لمعت عيني فريد برضا فخطاه تسير بشكل صحيح للغايه ، تحرك بجسده عده خطوات داخل غرفه معيشتها ثم قال بترو شديد ونبره واثقه :
-ضمانك كلمتى .. فريد مبيخلفش وعده ولا كلمته .. والمطلوب بسيط .. تسافرى لحد ما اخلص مشاكلى وبالمره هعيد تفكيرى فى انى ارجع الشراكه مع سعيد تانى .. وساعتها هنسى كل اللى سمعته وهمسح التسجيل ولا كأنه موجود ..

شعرت نجوى ببريق امل يعود إليها من طريقه معاملته معها ، اذا ستطاوعه فيما يريده مؤقتاً وفى نفس الوقت تستغل ذلك الاتفاق لمصلحتها فى الوقت المناسب ، ثم ان فكره اختفائها الان مثاليه لسببين أولهما خداعه بموافقتها والترتيب لخطوتها التاليه من بعيد ، والثانيه الا تضطر لزياره نيرمين او التعامل معها بأى شكل من الاشكال بحالتها تلك حتى ترتب كيف تتخلص منها نهائياً وهى داخل مصحتها ، لقد اتخذت قرارها اذا فهى المستفاده من ذلك كله ، لذلك هتفت بموافقتها وهى تتحرك وتقف قباله فريد وتمد كفها لها مصافحه وهى تمتم بحزم :
-متفقين .. هحجز وأبلغك بميعاد سفرى ..

اومأ فريد رأسه موافقاً برضا وهو يمد كفه ليصافحها قائلاً بتشجيع :
-هستنى تليفونك ..

************

بعد مرور أسبوعان جاء اليوم الموعود ، لقد سارت خطته كما أردأ بنجاح حتى الان وحان وقت اللحظه الحاسمه وهاهو يجلس داخل غرفه مكتبه ينتظر بترقب شديد خبر القبض عليها ، رفع ذراعه ينظر بتأفف إلى ساعه يده ، لقد تجاوزت الساعه الثالثه عصراً والطائرة ستقلع فى السادسه ، اذا ساعه اخرى وتكون داخل المطار وتبدء رحلتها نحو ما تستحق ، قاطع تفكيره رنين هاتفه برقم حارسه ، اجاب على الفور بترقب متسائلاً :
-ايه الجديد ؟!.. 

اجابه حارسه مطمئناً :
-كله تمام يا فندم .. اتحركت دلوقتى بعد ما حطت الشنطه فى عربيه مستأجره واتحركت واحنا وراها من بعيد .. لما توصل هبلغ حضرتك تانى .. 

بلغه فريد بأنتظاره ثم اغلق معه الهاتف وهو يعد الدقائق من اجل سماع الخبر المنتظر وبعد حوالى الساعتين أضاءت شاشه فريد ولكن تلك المره برقم رجله الذى يعمل فى الداخليه ، والذى كان ينتظر داخل المطار فى ذلك الوقت مع أصدقائه بعدما نبهه فريد عن محتويات حقيبه سفر نجوى ، اجاب فريد بلهفه حابساً انفاسه ومستمعاً لنبره  الرجل السعيده :
-فريد بيه .. عايز البشارة .. الهانم اتقبض عليها ودلوقتى محجوزه من امن المطار عشان تترحل على اقرب قسم ومنه للنيابه .. 

تنفس فريد الصعداء براحه ثم سأله بترقب :
-انت متأكد انها كده متلبسه ؟!.. 
اجابه الرجل مؤكداً :
-يافندم دى الشنطه طلع فيها حوالى كيلو هيروين .. يعنى القضيه لبساها لبساها .. طبعاً هى منهاره وبتأكد انها متعرفش حاجه .. بس الشنطه بتاعتها بأعترافها .. 

اتسعت ابتسامه فريد بسعاده وهو يستمع للتفاصيل ، اخيراً استطاع التخلص من نجوى واخذت ما تستحقه ، الان يستطيع الاسترخاء والانتباه لمشاكله مع حياة ، اغلق الهاتف ثم اجرى اتصالاً مع حارسه يخبره بالاستمرار فى مراقبتها حتى النيابه ويطلب منه اطلاعه على المستجدات اول بأول .

بعد قليل دوى رنين هاتفه مرة اخرى وتلك المره برقم وائل الجنيدى ، لقد مضى على حادثه هروبها ما يقارب من الثلاث اسابيع وهو حتى الان يتجنب التعامل معه او الاحتكاك به فمجرد التفكير به يجعل الدماء تغلى داخل عروقه ولا يستطيع ضمان رد فعله امامه لذا الحل الأمثل هو تجنبه اما عن امور العمل فقد تركها لمساعده لينهيها معه متحججاً بكثره انشغلاته وعليه وُكّل مساعده للتعامل معه 

لماذا لم يطلب سجل تسجيلات حياة مثلما فعل مع نيرمين !! لم يجد اجابه لهذا السؤال ، فى الحقيقه لديه اجابه وأجابه مقنعه للغايه ولكنه يخشى الاعتراف بها ، يخشى الاعتراف بخوفه اذا ما تأكدت الشكوك التى تتأكله بصمت ، لحظتها لن تسمح له رجولته بالاحتفاظ بها وهى تريد غيره ولن يستطيع تركها ايضاً لغيره ، لذلك الهروب هو اسلم حل ، لوى فمه بتهكم مرير ، فريد رسلان يخشى اكتشاف حب زوجته لغيره ، ما هذا الجحيم الذى يعيشه !! ، قاطع افكاره تلك طرقه خفيفه فوق باب غرفته يليها دخول سكرتيرته ايمان تقول بخفوت وتردد :
-فريد بيه .. انا عارفه ان حضرتك طلبت محدش يزعجك بس فى واحد اسمه سمير بره بيقول هو معاه اللى حضرتك طلبته منه .. 

انتفض فريد من مقعده بمجرد سماعه تلك الجمله ثم قال بلهفه :
-دخليه على طول .. 

تحركت ايمان بعدما اومأت لها برأسه موافقه تاركه المجال لسمير بالدخول ، تحدث سمير بزهو وهو يخرج من جيب ردائه اسطوانه مدمجه ويضعها امام فريد وفوق سطح مكتبه :
-فريد باشا .. التسجيلات وصلت .. كلها موجوده فى السى دى ده ومعاه ميمورى كارد عشان لو حبيت تسمعها على التليفون .. كده انا مهمتى الاولى والتانيه انتهوا ..

ابتسم فريد بسعاده للمره الثانيه فيبدو ان اليوم هو يوم حظه ، تحرك من مقعده وربت على كتف سمير بأستحسان ثم قال بنبره سعيده :
-تمام يا سمير .. استعد بقى عشان تنفذ اخر حاجه .. متنساش مش عايز اى غلط ..
اجابه سمير بثقه مدفوعه بنجاحاته السابقه :
-رقبتى يا باشا حضرتك تؤمر واحنا ننفذ ..

ودعه فريد بأستعجال بعدما طلب من ايمان إيصاله للخارج وعدم إزعاجه لاى سبب كان ثم وضع الذاكره الخارجيه داخل هاتفه وبدء يستمع إلى مكالمات اخته مع صديقتها المقربه نيرمين ، نعم هذا ما يبحث عنه ، بعد عده اتصالات بدءت عينيه تتسع بشده وهو يستمع إلى اتفاق نجوى المبهم مع اخته والذى لم يلتقط منه الكثير ورغم ذلك استطاع ربطه بما فعلته حياة ، عاد الاستماع مره ثانيه وثالثه عل عقله يستوعب شئ مما يقال ولكن دون جدوى ، ظل غالقاً على نفسه حتى المساء يحاول التوصل لحل لتلك المعضله وبعد العاشره بقليل قرر العوده إلى منزله وقد اتخذ قراره ، نعم هذا هو القرار المناسب لكليهما فنجوى ستذهب للسجن اعواماً كثيره وجيهان مشغوله مع ابنتها اذا حياة اصبحت فى امان .

عاد إلى منزله بملامح جامدة وطلب من عفاف الذهاب اليوم باكراً ثم صعد إلى غرفته مباشرةً يبحث عنها بعينه فوجدها جالسه فوق احد مقاعد غرفتهم بحاله الخضوع  التى تتمسك بها منذ تلك الحادثه ، بمجرد رؤيتها له انتفضت واقفه تنتظر حديثه ، وبالفعل تحدث هو تلك المره على الفور قائلاً دون مقدمات بنبره جامده للغايه :
-حياة .. انا قررت اننا ننفصل .. ومن دلوقتى انتى بقيتى حرة .
انهى فريد جملته المفاجئه تلك ثم اختفى خلف باب الحمام تاركها تشعر بالصدمه والذهول بسبب ما تفوه به ، حركت رأسها يميناً ويساراً تنظر حولها جيداً لتتأكد من مكان وجودها ، انها ليست نائمه ولا تحلم أليس كذلك ؟! ، لا ليس كابوس فهى تجلس فى غرفتهم منذ الصباح تنتظر عودته كعاده كل يوم منذ تلك الحادثه ، تُرى هل اختلط لديها الواقع بالخيال وخرج منهم اسوء ما كانت تتخيّله ام انها فقدت عقلها بسبب جلوسها هنا يومياً لمده ثلاث اسابيع دون اى عمل يُذكر ، لا هى متأكده انها لا تحلم ولم تفقد عقلها حتى الان والامر ابسط من ذلك بكثير ، كل ما فى الامر نجوى ، نعم هى تلك الحرباء المتلونة يبدو انها أخبرته بحقيقه حملها وبالطبع اصبحت هى ام طفله وعليه أصبحت هى الزوجه المنبوذة ، الم يخبرها بكل صراحه انه اصبح يكرهها !!، وبالطبع كما اجبرها على الزواج منه سيجبرها الان على الانفصال عنه ، يبدو ان لعبه الجاريه تلك أعجبته وقد حان الوقت لتُظهر له حياة الحقيقه اذا لم يكن يعرفها ، فالآن ليس وقت الاستسلام له او الانكسار ، هذا ما فكرت به بعصبيه وهى تركض نحو باب الحمام تطرقه بكلتا يديها  وهى تهتف اسمه بشبه صراخ :
-فريد .. اطلع هنا وكلمنى ..

لم تأتيها اى اجابه منه لذلك عاودت الهتاف بأسمه بنبره شبهه هيستيريه وكفها لازال يطرق فوق الباب دون انقطاع :
-فرييييييييد .. اطلع وعيد طلبك وانت قدامى .. فريييييييد .. 

للمره الثانيه لم تأتيها منه اى اجابه فقط صوت انسياب المياه هو كل ما يصلها كأنها تتحدث إلى الباب وليس إليه مما جعلها تفقد اعصابها اكثر فعادت تصرخ بعصبيه شديده شعرت خلالها بأحبالها الصوتيه على وشك الانقطاع ، وهى تضع كفها فوق المقبض قائله بتحذير :
-فريد لو مطلعتش دلوقتى هدخل ومش هيهمنى انت بتعمل ايه .. 

انتظرت ثوان معدوده لعلها تصل إلى ما تريد ، هل ظنها لن تنفذ تهديدها  ؟!، حسناً فهى لن تتراجع حتى تتحدث معه وجهاً لوجهه والان وليس بعد دقيقه وليس بعد انتهاء اغتساله وليس فى الوقت الذى يريده هو ، اذا كان يتذمر دائماً من عنادها فهو لم يرى مداه حتى الان ، بعد نصف دقيقه من الانتظار فتحت باب الحمام واندفعت بحده حتى وصلت إلى كابينه الاستحمام والتى كان يقف بداخلها وقامت بسحب بابها الزجاجى بكل قوتها متجاهله رذاذ الماء الذى خرج بالكامل من حدودها ثم صرخت به قائله :
-انا بكلمك متتجاهلنيش .. 

لقد اصُيبت بالجنون حقاً ! ، هذا ما فكر به وهو يهتف اسمها بحنق محاولاً إزاله بقايا الشامبو عن شعره ووجهه :
-حياة !! انتى اتجننتى !!.. 
تجاهلت تعليقه وعادت تهتف به بشراسه وصدرها يعلو ويهبط من فرط الانفعال :
-اتفضل اطلع دلوقتى حالاً وكلمنى .. 

واصل هو غسل وجهه دون أدنى اهتمام بطلبها فتحركت تدفعه جانباً حتى كاد جسده ينزلق لولا تمسكه بأطراف الكابينه ثم انحنت بجزعها نحو صنبور المياه تغلقه غير عابئه بكميه الماء التى سقطت فوقها والتى بللت الجزء العلوى من ملابسها بالكامل ، اعتدلت فى وقفتها بعدما اغلقت المياه ثم استطردت تقول بنبره آمره قويه وقد تحولت ملامح وجهها للقرمزيه من شده الغصب وفَرَّط الانفعال :
-اتفضل البس وحصلنى .. 

كانت حياة فى حاله هيستريا شديده منعته من الاستمرار فى تجاهلها لذلك تحرك خلفها بعدما وضع منشفه فوق خصره رغم بقايا سائل الاستحمام التى لم تسمح لها بأزالتها ثم توجهه نحو خزانه ملابسه والتقط منها بنطال رياضى مع تيشرت من نفس النوع وقام بأرتدائهما سريعاً قبل تحركه إليها حيث كانت تقف امام نافذه الشرفه تنتظره ، تحدث قائلاً بهدوء  :
-اتفضلى .. عايزه تتكلمى فى ايه ؟!.

التفت بجسدها بحده موجهه إليه بعينيها شرارت متطايرة وهى عاقده ذراعيها امام قفصها الصدرى ومتخذه وضع الاستعداد ، استفزها هدوء ملامحه لذلك صاحت به قائله :
-اتفضل قول الكلام اللى قلته من شوبه قبل ما تختفى جوه ده ..

 اخذ نفساً عميقا ببطء شديد زاد من حنقها ثم قال بنبره خفيضه جامده :
-قلت ننفصل .. 
صرخت بقوه متسائله بمجرد انتهاء جملته قائله بعصبيه :
-يعنى ايييه ؟!!!.
اجابها فريد بنبره بارده مستفزه زادت من حنقها وعصبيتها :
-ننفصل يعنى نطلق .. مش هو ده طلبك من ٣ اسابيع !!!..

-طلبى !!! ..
هذا ما صاحت به مستنكره وهى تدفعه بقوه جعلت جسده يترنح قليلاً بسبب عدم مقاومته لها ، هتف هو بها بضيق مستنكراً فعلتها :
-حيااااة !!! ..

لقد بدءت تفقد القدره على اعصابها وصوتها وجسدها كله بسبب غضبها فهى لا تصدق إعادته لطلبه مره اخرى بكل تلك الاريحية كأنه سعيد للتخلص منها !! ، صرخت به بقوه وهى تعاود لكمه فى صدره :
-حياة ايه !! مفيش حياة !! سامع مفيش حياة !! خليك شجاع وقولى السبب الحقيقى .. 

هتف أسمها مره اخرى بسخط محذراً وهو يقبض على معصميها بكلتا ذراعيه لمنعها من الاستمرار فى لكمه :
-حياااة ..
تململت فى وقفتها وحاولت الافلات من قبضته وهى تقول بشراسه :
-انا عارفه انت بتعمل كل ده ليه .. عشانها صح ؟!.. كل ده عشانها !!.. اكيد قالتلك انها حامل .. 

كرر فريد جملتها مستنكراً بعدم فهم :
-حامل ؟!.. 
صرخت حياة وهى تبتعد عنه بعدما ارخى قبضته من فوق يدها وقد اصبح كل حديثها الان عباره عن صراخ :
-ايوه حامل .. انا عارفه كل حاجه .. انطق وصارحنى بالحقيقه ..

تسائل فريد وهو مقطباً جبينه عدم فهم :
-حامل مين ؟؟ انتى بتقولى ايه !!..
صرخت به وهى تعود عده خطوات للخلف مبتعده عنه :
-نجوى !! .. مش الهانم مراتك برضه ؟!..

صُدمت ملامحه اولاً ولكنها سرعان ما عادت لجمودها قبل ان يسألها بهدوء شديد :
-انتى قصدك ايه بالظبط ؟!..
اجابته وهى تتحرك بعصبيه داخل الغرفه وتفتش داخل إدارجها قائله بأصرار :
-هتعرف دلوقتى انا قصدى ايه .. 

فتحت عده ادراج بعصبيه شديده ثم تسائلت بحنق :
-راح فين !! تليفونى اللى سبته هنا راح فين !!..
عقد فريد حاجبيه معاً بترقب ثم تحرك يخرجه لها من احد الأدراج فمنذ حادثه هروبها وضعه هو فى ذلك المكان ولم تهتم هى بالبحث عنه ، حاولت فتحه بأصابع مرتجفه قبل إدراكها لنفاذ بطاريته لذلك بحثت عن شاحنه ووضعته به وجلست جواره تحرك ساقها بعصبيه شديده منتظره اعاده تشغيله وبعد عده دقائق فتحت رسائلها المرسله ثم تحركت به ووضعته امام وجهه وهى تقول بحده :
-اتفضل شوف .. الهانم بعتتلى كل حاجه لما كنت مسافر ..

التقط فريد الهاتف منها بأليه شديده ثم امعن النظر فى صوره العاريه او بالأدق صور الشخص العارى مركبه فوقها بأحترافيه شديده رأسه ، نقل بصره بين الهاتف وبين حياة عده مرات قبل مد يدها وسحبها للهاتف من داخل كفه قائله بغضب :
-متقلقش لسه فى الاحلى ..

عبثت بهاتفها ثانيه ثم إعادته ليده ليقرء صوره مرسله بعقد زواج عرفى بأسمه واسم نجوى العمرى ، تجهمت ملامحه بشده وضاقت المسافه بين حاجبيه وهو يعيد قراءه الورقه المرسله مرة اخرى ، قاطع قرائته صوتها يسأله بتهكم :
-وصلت لصوره تحليل الحمل ولا مفيش داع مانت اكيد عرفت ؟!..

فتح فريد الرساله الاخرى ليجد صوره تحليل من احد المعامل الشهيره بأسم نجوى العمرى تؤكد حملها ، ضغط فوق اسنانه بقوه وبدء ذلك العرق بجانب صدغه فى الانتفاض ثم رفع رأسه وسألها بهدوء رغم غضبه واحتقان ملامحه :
-وانتى صدقتى ؟!..

لم تعقب على حديثه بل أشاحت بوجهها بعيداً عنه لا تريد حتى النظر إليه ، القى الهاتف من يده ثم عاد يسألها بنبره قويه أجبرتها على النظر إليه وإجابته :
-انطقى انا بكلمك !! انتى صدقتى الكلام ده ؟!!!. 

اجابته بحده وهى ترمقه بنظرات متحديه :
-مصدقتش لحد ما اختك جت واكدتلى الكلام ده وانك اتجوزتها قبل منى بسبب غلطه ..

حرك رأسه بشراسه ثم صرخ بها بقوه جعلتها تنتفض ذعراً :
-اختى !!! صدقتى اختى !!! اللى حذرتك ومنعتك منها ٥٠٠ الف مره !!! صدقتى شويه صور على تليفون من غير ما ترجعيلى او تسألينى !! لا وترجعيلى ليه !!! ..

انهى جملته وانحنى بجزعه يلتقط هاتفها من فوق الارضيه ثم طلب منها اعاده فتحه ثم سحبه من بين يديها بقوه وفتح احدى الصور المخله ووضعها امام عينيها بعدما جذبها من مرفقها بحده لتقف جواره قائلاً بعصبيه :
-بصى يا حياة هانم !! يا مراتى يا اكتر واحده عرفانى !!! هى دى ملامحى لما بكون معاكى !!! هو ده بيكون شكلى !!! بتكون ملامحى طبيعيه كده زى الصوره دى !!! .. ده رد فعل واحد بالوضع ده !!! يا هانم دى صوره واحد قاعد بياكل مش بيعمل حاجه تانى .. 

دفعها فوق الفراش ثم تحرك مبتعداً عنها ليتلقط هاتفه من داخل سترته ، راقبت حياة حركته بأرتياب وقد فهمت ما شرحه لها  بوضوح ، جذب هو هاتفه بشراسه وقام بالعبث به ثم قام بتشغيل الصوت ورماه إليه بعصبيه قائلاً بجمود :
-اسمعى يا هانم واعرفى صوت مين ده .. 

أستمعت حياة بتركيز شديد لصوت امرأه غير مألوف لديها تقول برضا :
"-ايوه بقى يا نيرو .. كده مفاضلش غير انك تنقليلها شويه اخبار عنى واخر حاجه بقى تجبيلى توقيع فريد بصوره واضحه عشان الراجل يشوف شغله .."

كتمت حياة انفاسها بترقب منتظره سماع الطرف الاخر والتى فى تلك الحاله اخت زوجها تقول بثقه 
" -بس كده .. توقيع فريد بسيطه هلاقيه فى اوراق بابى .. اما عن اخبارك فأنا فعلاً قلتلها ان حادثه الملف بتاعها الاول كانت بمساعده مدير الحسابات برضه واتصدمت اوى .."

شهقت حياة بذهول وألقت الهاتف من بين يديها كأن حيه لدغتها ثم وضعت كفيها فوق فمها بذعر ، ابتسم فريد بشراسه وهو ينحنى لالتقاط هاتفه متمتاً وهو يضغط على حروف كلماته :
-لا استنى .. زى مانتى قلتى من شويه .. لسه فيه الاحلى .. 

اعاد تشغيل التسجيل الصوتى ليصدع صوت نيرمين هاتفه بسعاده 
"-ايوه يا نوجااا .. انا لسه خارجه من عندها وكل حاجه مشيت زى ما اتفقنا بالظبط .. صدقت وسبتها دلوقتى منهاره .. الباقى بقى عليها .. 

صرخت حياة وهى تتحرك بجسدها مبتعده عن الهاتف كأنها تخشى رؤيتهم بداخله ثم بدءت الدموع تنساب من فوق مقلتيها بغزاره وهى تنظر إليه بضعف ، هز فريد رأسه بأسف ثم قال بنبره خاليه كأقرار اكثر من سؤال :
-طبعاً مش محتاج اسالك الكلام ده كان امتى ولا ايه اللى حصل بعده ..

اجابته بنبره خفيضه للغايه بالكاد وصلت لمسامعه :
-ليله ما سبت البيت ..
ردد فريد جملتها خلفها بنبره هادئه :
-ليله ما سبتى البيت وهربتى بأبننا .. عشان اسهلك تصدقيهم .. او نقول بصراحه عشان انتى كنتى عايزه تصدقيهم فما صدقتى تهدى كل حاجه بينا بكلمه وتهربى ..

اخذ نفساً عميقاً يملاً به صدره ويخفى نبره الحزن من صوته ثم قال بنبره خاليه :
-انا لسه عند طلبى .. حياة انا عايز ننفصل ..

حركت رأسها بفزع رافضه ودموعها تملئ وجهها ، هز رأسه مؤكداً ثم عاد يقول بنفس نبرته :
-مش هينفع نكمل من غير ثقه .. من بكره هنمشى فى اجراءات الطلاق ..

صرخت حياة بذعر وهى تركض نحوه وتتمسك به قائله بتوسل من بين شهقاتها المتلاحقة :
-لااااا .. انفصال لاااا .. انا غبيه .. ايوه انا غبيه .. بص عاقبنى بأى حاجه فى الدنيا .. قول انك بتكرهنى زى ما قلتلى قبل كده .. وابعد عنى زى مانت بعيد عنى دلوقتى .. متخلنيش اخرج زى مانا محبوسه هنا .. اعمل اى حاجه بس اكون جنبك .. انا غلطانه وعارفه انى غلطت غلط كبير بس اخر مره .. والله اخر مره .. انا خفت .. عملت كده عشان خفت .. خفت ان اللى حصل معاك زمان يحصل مع ابننا .. خفت نجوى تقدر تغيرك وتظلم ابننا زى ما حصل معاك .. هو ده اللى خلانى امشى .. خوفى على ابنى .. بدليل انا قاعده اهو وقابله..

صمتت لوهله تلتقط فيها انفاسها وتبتلع لعابها ثم استطردت  تقول بصوتها الباكِ :
-انا مش بدافع عن نفسى .. انا عارفه انى غلطانه فى تفكيرى واتعاقبت .. اتعاقبت لما بعدت عنك وحسيت فى الكام يوم دول بالخوف من غيرك .. واتعاقبت لما شفتك بتبصلى وانت قرفان منى .. اتعاقبت لما اتحرمت انى اشوف فرحتك لما تعرف انى حامل منك .. واتعاقبت لما ابننا راح منى .. وأسوء عقاب فيهم لما سمعت كلمه بكرهك منك ..

أشاح فريد بنظره بعيداً عنها متجنباً النظر داخل عينها حتى لا ثنيه عن قراره ، انتظرت حياة صدور اى رد فعل منه يطمأنها وعندما صمت اردفت تقول بلهفه :
-فريد .. انا غلطانه بس بوعدك عمرى ما هكررها تانى .. انا غلطت لما صدقتها وموثقتش فى حبك وغلطت لما رفضت اسمع كلامك وصدقت ان نيرمين ممكن تكون اتغيرت .. بس وعد والله ما هكررها تانى .. هسمع كلامك فى كل اللى تقوله عشان انا اكتشفت انى مبعرفش احكم على الناس ولا هثق تانى فى حد غيرك .. هنبدء صفحه جديده من النهارده .. من دلوقتى هنتشارك كل حاجه ومش هخبى عليك حرف واحد مهما حصل .. انا عارفه انى غلطت واعترفت بده بس انت احسن منى صح ؟!!.. انا عارفه انك احسن منى وهتدينى فرصه .. اعتبرها اخر فرصه ليا .. انت طول عمرك بتسامحنى وبتساندنى متبخلش عليا المره دى .. بص جربنى اسبوع .. لا شهر ولو حصل اى حاجه تانى يبقى انت عندك حق تسبنى .. بس انا خلاص اتعلمت درسى بخساره ابنى وخسارتك .. وحياة اغلى حاجه عندى وعندك انا بثق فيك وكل ده حصل من غيرتى عليك .. 

رغم رؤيتها للين ملامحه قليلاً الا انه لم ينظر إليها حتى الان لذلك اردفت تقول بيأس وهى تضع أصابعها تحت ذقنه وتحرك رأسه فى اتجاهها :
-فريد بصلى عشان خاطرى .. قولى .. هتقدر تعيش من غير حياة !! لو انت تقدر تعيش من غير حياة  فحياة مش هتقدر تعيش من غيرك .. متبقاش حياة من الاساس .. فريد انا بحبك .. لا انا مش بحبك انا فتحت عينيا على حبك وعشت وكبرت فى ضل حبك .. بتنفس حبك .. اهون عليك اعيش من غير نفسى .. من غير حياتى !!.. 

لانت ملامحه وظل يتأمل بتأثر وجهها ونظره عينيها التى تبوح بما لا تستطيع صياغته بالكلمات ثم سألها بنبره خافته كأنه طفل يتلمس من والدته الامان :
-يعنى انتى مش بتحبى وائل ؟!..

هتفت بعدم تصديق وهى تبتعد عنه خطوه واحده :
-وائل !!! وائل مين ؟!!..
اجابها فريد بجمود وقد عات ملامحه للتجهم :
-وائل الجنيدى .. رقمه كان على تليفونك لما هربتى .. ودايما كان بيسأل عنك ..

شهقت حياة بندم وقد تذكرت حديثه عن نيرمين واعطائها رقم هاتفها له ، ربما كان يعلم بمخططها واراد تحذيرها ، تجعدت ملامحها وهتفت بِه مستنكره تفكيره :
-وائل !!! هو وائل اللى اختارلى اسمى ؟!! وائل اللى كان رفيق طفولته ؟!!! وائل اللى كان بيدافع عنى لو اى حد قربلى ؟!!! .. وائل اللى لما كنت بحتاج لحد اشتكيله كنت بلجأله هو ؟!!!.. وائل اللى كنت بتحامى فيه ومنه من الدنيا ؟!!!.. وائل اللى لما بابا باعنى كنت بصرخ بأسمه عشان يلحقنى ؟!!.. وائل اللى كنت بنطق اسمه اكتر من اسمى ؟!!.. وائل الوحيد اللى سمحتله وحبيت لمسته ونبرته ونظرته ؟!!.. وائل اللى بيفهمنى من غير كلام ؟!!!. ولا وائل هو اللى قالى ان عندى ١١ نظره ليه لوحده ؟!!.. رد عليا يا فريد !!.. وائل هو اللى بحب اقول اسمه كل شويه عشان لما بنطقه بحس بالامان !!! .. ساكت ليه رد عليا وجاوبنى ؟!.. عشان احب وائل لازم تحصل حاجه واحده .. انه يكون فريد .. وانا معنديش غير فريد واحد .. فريد بتاعى انا .. اللى عشت كل ده معاه هو واللى بحبه من غير كل ده .. بحبه عشان هو فريد حياة .. اللى بحبه ومش عايزه من الدنيا غير حبه .. لا حبيت قبله ولا عايزه احب بعده .. 
لانت ملامحه وانفرجت أساريره وارتخت عضلات جسده تحت لمستها وبدءت عينيه تومض بتلك النظره العاشقه لها ، تنهدت بأرتياح هى الاخرى بعد رؤيتها لتبدل ملامحه ثم رفعت ذراعيها تحتضن بكفيها وجهه وهى تغمغم بنعومه لتستجديه بعدما قامت بطبع قبله رقيقه فوق شفتيه:
-فريد .. حبيبى .. 

انهارت اخر حصون مقاومته لها وهو يسمع تلك الجمله التى ظل ايام وليال يحلم بها وهى تنطقها من بين شفتيها الناعمتين ، اخفضت حياة ذراعها حتى وصلت إلى كفه ثم احتضنته بحب وسارت به حتى المقعد المنخفض والموضوع امام الفراش وجلست فوقه ثم جذبته برقه لتحثه على الجلوس جوارها ، أطاعها فى صمت وجلس جوارها تاركاً بعض المسافه بينهم ، ابتسمت حياة له بأشراق لتطمئنه ثم انهت المسافه بينهم والتصقت بجسده بعدما وضعت ذراعها فوق خصره لتحتضنه ، اقترب بوجهه منها مستنشقاً رحيق شعرها الذى اشتاقه كثيراً ثم تحدث بصوت أجش يقول :
-انتى صدقتى انى ممكن اسيبك بجد ؟!..

قطبت جبينها بعدم فهم وتوقفت أصابعها عن العبث بمؤخره عنقه ثم سألته بتعجب :
-قصدك ايه ؟!.. 

اجابها بأبتسامه خجله خفيفه :
-انا سمعت التسجيلات قبلك واتاكدت انهم عملوا عليكى لعبه بس مكنتش عارف تفاصيلها غير لما حكتيلى .. ومكنش قدامى غير كده يا تدافعى عن حياتنا .. يا اسيبك تروحى للى بتحبيه .. عمرى ما كنت هعمل زى بابا وأذيكى يا حياة .. 

شهقت حياة بتسليه ثم سألته بمرح :
-يعنى انت ضحكت عليا عشان احكيلك .. واصلاً انا اختارت اللى بحبه فعلاً .. وبعدين انت عمرك ما هتكون زيه .. وكلامك دلوقتى اكبر دليل انك مش زيه .. 
تفوهت بجملتها وحكت انفها بأنفه وهى تقول بنعومه :
-بحبك .. يا اغلى حاجه فى حياتى .. 

اتسعت ابتسامته بسعاده حقيقه ورضا ثم بدء فى لثم شفتيها على الفور ، تجاوبت معه فى اللحظه التى لمس بها شفتيها وبادلته قبلته بأشتياق وشغف كبير ، ابتعد عنها على مضض وعينيه تنظر إليها بضياع ، تفهمت هى نظرته تلك فأومأت له برأسها متفهمه ثم قالت بهدوء لتطمأنه :
-حبيبى .. انا بقيت كويسه دلوقتى متخافش .. .. وبعدين انت مش ذنبك .. انا اللى خبيت عليك وبعدين انا كنت تعبانه من قبلها .. يعنى اللى حصل بينا ملهوش علاقه بنزول البيبى .. انا اسفه على اللى حصل بسبب غبائى .. وأسفه على الموقف اللى حطيتك فيه .. 

نظر إليها بولع شديد ثم رفع كفها وقام بتقبيل باطن كفها بشغف ثم قال بحب :
-وانا اسف انى اتعاملت كده .. بحبك يا حياتى .. 
قالت وهى تبتسم له :
-وانا بموت فيك يا روح قلب وعقل حياتك .. 

طبع قبله خفيفه فوق شفتيها ثم عاد يقول بخفوت :
-حياة .. نجوى اتقب.... 
وضعت حياة إصبعها فوق شفتيه لتمنعه من الاستطراد ثم قالت بهمس ناعم :
-هششششش .. مش عايزه اسمع اى حاجه عنهم .. مش عايزه اسمع حاجه عند حد غيرنا .. 

لمعت عينيه بشغف ورغبه وهو يعاود الاقتراب منها ، ابتعدت هى عنه قليلاً ثم قالت بخجل :
-حبيبى .. ممكن اطلب منك طلب ؟!.. 
اجابها فريد قائلاً بهمس :
-اطلبى يا عيونى .. 
ابتسمت له بحب ثم قالت بنعومه :
-ممكن نبدء مع بعض من جديد .. عايزاك تصلى بيا الاول .. احنا اول مره معملناش كده بس انا عايزه اعتبر النهارده بدايه لحياتنا سوا ونفسى نبدئها برضا ربنا .. 

اجابها فريد معترضاً بحرج :
-بس انا معرفش نصلى ازاى ..
ابتسمت له مشجعه ثم قالت بهدوء لتطمئنه :
-انا عارفه وهقولك .. بس اول حاجه تتوضأ سوا .. ايه رأيك ؟!..

اومأ لها برأسه موافقاً ثم تحركا سوياً نحو الحمام لبدء وضوئهم ، خرجت حياة بعدما تأكدت دون إظهار له من صحه وضوئه ثم خرجت ترتدى لباس صلاتها وتقف خلفه بعدما شرحت له ما بجب عليه القيام بِه ، شرع فريد فى اقامه الصلاه ثم بدء يتلو فاتحه الكتَاب بصوت مرتجف وهيبه يتمنى الا يخطأ فى تلاوتها ، اجتاحت حياة حاله من الفرحه والانتشاء والسعاده مع رجفه صغيره وقد تحقق حلمها اخيراً .

انتهى فريد من صلاتهم ثم التفت خلفه يجذبها لتجلس داخل احضانه ثم قال بحب وهو يتأمل وجهها بهيام :
-انتى عارفه انك حلوه اوى .. والطرحه لايقه عليكى ..
سألته حياة بمرح وهى تداعب بأصبعها عنقه :
-اممممم .. يعنى افضل لبساها على طول ؟!.. 

اومأ برأسه موافقاً وهو يعاود تأمل ملامح وجهها ثم قال رافضاً بأمتعاض :
-لا بس الطرحه مخلياكى احلى وبعدين هتخلى الناس تركز فى عيونك .. شوفى حل ..

اجابته حياة بمرح وهى تمسح فوق شعره بحنان :
-والله !! طب اعمل ايه يعنى ؟!.. افضل محبوسه هنا على طول ؟!.. 
حرر فريد خصلات شعرها من تحت حجابها بعدما ازاحه من فوق رأسها ثم اجابها بهيام قائلاً :
-ياريت .. لو عليا عايز اخبيكى ومحدش يشوفك غيرى ..

احتضنته بحب وأسندت رأسها فوق كتفته مغمغه بطاعه :
-وانا مش عايزه حد يشوفنى غيرك .. 

شدد فريد من لف ذراعيه حولها ثم قال بعد فتره من الصمت ممازحاً :
-حياة .. هتوحشنى اوى حياة المطيعة وحضرتك كمان ..

رفعت رأسها تنظر نحوه شرزاً مجعده انفها ثم سألته متصنعه الغضب :
-يا سلام والله !!! عجبك الدور اوى ؟!.. وانا كل يوم اقول دلوقتى يحن .. دلوقتى يزهق .. او حتى يتعصب بس اقول ايه بحب تلاجه !!!! ..

دوت ضحكته عالياً من تشبيها ثم قال بهمس وهو يقترب منها ويتلمس بشفتيه وجنتيها :
-طب مفيش واحده حضرتك اخيره .. بصراحه كانت بتطلع من لسانك حلوه اوى ..

ضغطت فوق شفتيها وابتسمت بخجل ثم اسبلت عينيها وهى تنظر داخل عسليته قائله بأغراء شديد :
-اللى حضرتك تؤمر بيه ..
تنهد بحراره ثم قال هامساً وهو يرفعها بين ذراعيه ويتحرك بها نحو الفراش :
-حضرتى يؤمر انك تفضلى جوه حضنى يا سلطانه قلبى وروحى  ..

اتسعت ابتسامتها وقد علمت ان جملته الاخيره تلك هى طريقته الخاصه فى الاعتذار منها عما تفوه به سابقاً والذى لم تعد تذكره من الاساس ، وكيف تفعل وهو بدء يبث لها بكل نعومه وحنان أشواقه وحبه ليمحى اى ذكرى سيئه قد نالت من مشاعرهم المقدسه ..

***********

بعد فتره وضعت حياة رأسها فوق صدره ثم هتفت بدلال واناملها تتحرك فوق صدره العارى :
-فريدى ..
طبع قبله فوق شعرها ثم اجابها بحب :
-عيون فريدك ؟!..
رفعت رأسها تنظر إليه ثم قالت بتذمر طفولى :
-فريد ... انا جعانه ..
رفع احدى حاجبيه بأستنكار ثم سألها بعدم فهم :
-طب اعمل ايه ؟!!..

نظرت نحوه شرزاً متصنعه الضيق ثم اجابته بأعتراض ممازحه :
-معرفش المفروض تتصرف .. يكون فى اى احساس يعنى اقولك جعانه تقولى حاضر يا حبيبتى ثوانى والاكل يكون عندك هنا .. فريد خليك رومانسى .. 

امتعضت ملامحه وتمتم بحنق غير مستسيغ جملتها :
-انتى بالنسبالك الرومانسيه فى ان الاكل يجيلك هنا !!!! .. يعنى هى دى طموحك ؟!.. 
هزت رأسه موافقه ثم قالت بدلال فطرى مدعيه الحزن :
-اها رومانسيه .. مش كفايه انى مأكلتش من الصبح مستنياك .. وبعدين مانت عارف لما بتزعل منى مش بعرف اكل .. سبنى بقى أعوض ..

كانت محقه فيما تفوهت به فقد لاحظ شحوب وجهها الشديد وفقدانها الوزن منذ الحادثه الاخيره وحتى عندما كانت تشاركه وجباته كانت تتظاهر بتناول الطعام دون تناول شئ حقيقى لذلك زفر بأستسلام ثم سألها مدلالاً :
-ماشى يا ست حياة تحبى اجبلك حاجه معينه ؟!.. 

صفقت يديها بسعادة من مجاراته لها ثم قالت بحماس :
-اى حاجه منك حلوه .. بس بسرررعه .. 
نطقت جملتها تلك وهى تدفعه من فوق الفراش لتحثه على التحرك ، ارتدى بنطاله مسرعاً ثم توجهه إلى الاسفل وهو يحرك رأسه بعدم تصديق لمطاوعته لها .

فى الاسفل وقف فى منتصف المطبخ واضعاً كفه فوق خصره ويده الاخرى تحك فروه رأسه ببلاهه ، ماذا يصنع لها فأخر علاقته بالمطبخ هو احضار الماء من داخل الثلاجه ، الثلاجه نعم ، هذا ما هتف به داخلياً وهو يتحرك نحوها فربما يجد ما يسد جوعها بداخلها ، بالتأكيد سيفعل ، هذا ما فكر به بأنتصار وهو ينحنى بجزعه لينظر داخلها .

تحركت حياة خلفه مرتديه تيشرته البيتى ثم وقف تراقبه وهو غارقاً بنصفه العلوى داخل الثلاجه ، حاولت كتم ضحكتها قدر المستطاع حتى خرج من داخلها ويده تحمل علبه ما ، تسمرت نظرته فوقها بمجرد رؤيته لها وهى ترتدى تيشرته الذى كان يرتديه منذ قليل وبالكاد يغطى خصرها وتنظر نحوه بتسليه ، ابتلع لعابه بصعوبه وهو يضع ما فى يده فوق الرخامه بأليه شديده ثم تحرك نحوها يرفعها من فوق خصرها ويضعها فوق الطاوله الخشبيه ، جلست حياة فوقها وقامت بسحب علبه المعجنات ووضعتها فوق ساقيها والتى كانت تصنعها عفاف يومياً لها وتضعها فوق الطاوله  لتحثها على تناول الطعام ، وضع فريد كلتا كفيه فوق الطاوله وعلى جانبيها ليحاصر جسدها بين ذراعيه ثم انحنى بجزعه نحوها قليلاً وهو يسألها بصوته الاجش :
-التيشرت ده بتاع مين ؟!.. 

اجابته حياة بوميض تسليه واضح فى عينيها وهى تتناول احد معجناتها اليوميه المفضله "كرواسون" :
-امممم .. بتاعك .. 

عاد فريد ليسألها هامساً بعدما استمع لجوابها :
-ولما هو بتاعى بتلبسيه ليه ؟!.. وبعدين فى ركن فى الدريسنج فوق متلمسش .. حنى عليا والبسى حاجه منه .. 

اخفضت حياة رأسها بخجل فهو يتحدث عن القمصان التى اختارها لها ولم ترتدى واحداً إلى الان ثم قالت بأحمرار :
-حاضر .. 

نظر فريد إليها مطولاً وإلى عنقها وبدايه كتفها الظاهر من ياقه تيشرته الواسعه ثم قال بتفكير وهو يقترب بشفتيه منها  :
-بس عارفه .. التيشرت احلى .. غيرت رأيى خليكى لبساه ..

ابتسمت بسعاده ثم رفعت يدها نحو فمه لتحثه على تناول المعجنات معها ، ابعد فمه متفاجئاً بتقطيبه ثم قال بغيره :
-حياة .. انا خايف تكونى بتحبى الكرواسون اكتر منى ؟!! ..

قطبت جبينها مدعيه التفكير ثم اجابته ممازحه :
-لا يا حبيبى .. انت الاول وبعد كده هو .. وبعدين ده مش كرواسون .. ده مينى كرواسون .. 

ابتسم لها ببرود ثم قال بملامح ممتعضه :
-انا اسف يا مينى كرواسون انى معرفتكش .. 
قاطعته حياة قائله بخفه :
-لا آسفك مرفوض .. بص هو قالى مش هيقبل اعتذارك غير لما تاكل منه معايا .. 

حرك رأسه رافضاً بشده ثم قال بنبره عابثه وهو يقترب بشفتيه من شفتيها :
-ما تسيبك من البتاع ده وتركزى معايا ..
أبتعدت حياة عنه مسرعه ثم قامت بوضع احدى المعجنات بين شفتيها لتصنع حائل بينهما ثم غمزت له بأحدى عينيها بأستفزاز ، ضيق فريد عينيه نحوها ثم رفع احدى حاجبيه بتحدى صامت ، هل تجبره على اكلها ؟! ، اذا فلتتحمل نتيجه لعبها معه ، هذا ما فكر به وهو ينحنى برأسه ببطء شديد ثم بدء يقطم قطعه المعجنات المحتجزة بين أسنانها قطمات  صغيره للغايه بتلذذ وترو شديد وهو ينظر داخل عينيها ، تابعت حياة ما يقوم به بشغف كبير وهى تفكر بندم ليتها لم تتحداه فهى لن تستطيع الصمود حتى ينتهى مما يفعله كأنه يلتهم شفتيها هى وليس قطعه المعجنات ، بدءت أسنانها  ترتخى فوقها منتظره وصوله إليها خصوصاً واحدى يديه قد  تحركت وبدءت تتجول فوق ظهرها بحريه ، أسقطت حياة المعجنه من بين أسنانها ثم هتفت بأستسلام :
-خلاص خلاص .. انت كسبت .. مش عايزاك تأكلها خلاص ..

ابتسم فريد بأنتصار ثم التهم شفتيها على الفور ، بادلته حياة قبلته بشغف وجنون حتى انقطعت انفاسها ، ابتعدت عنه بعد قليل وهى تلهث ثم اخذت نفساً عميقاً لتسمح لرئتيها ببعض الهواء النقى ، بدء فريد يوزع قبلاته فوق وجهها وعنقها بنعومه شديده ، غمغمت حياة بأعتراض خافت وهى مغمغضه العينين محاوله الابتعاد عنه :
-فريد احنا تحت .. 
طبع عده قبلات متفرقه على طرف فمها ثم سألها هامساً بنبره مغريه :
-عايزه تطلعى ؟! .. 

فتحت عينيها على توقف قبلاته تنظر داخل عسليته والتى استحالتا للون الداكن من شده مشاعره فرأت وميض الرغبه بهم ، حاولت ايجاد ارادتها للاعتراض وقبل فتح فمها للموافقه سبقتها رأسها تتحرك رافضه دون وعى منها ، كان ينتظر هو اجابتها تلك ليبدء بمشاعره تسطير عشق من نوع اخر ، عشق خاص بهم لم تعلمه الا يده ولم تحبه سوى منه .

*********

فى الصباح استيقظ كلاً من فريد وحياة على رنين هاتفه الذى دوى داخل الغرفه معلناً عن ورود اتصال جديد إليه، مد فريد ذراعه ليسحبه من فوق الكومود ثم اجاب بصوته الناعس بعدما علم هويه المتصل :
-ايه الجديد ؟!!.. 

اجابه سمير قائلاً بحماس :
-اخدت اول ٤ ايام يا باشا .. وغالباً هيتجددلها تانى بعدهم .. 

هنا اعتدل فريد من نومته ثم قال بشراسه آمراً وقد استعاد كامل وعيه بعد سماع ما أرضاه :
-نفذ اللى اتفقنا عليه والنهارده .. وارجع بلغنى .. 
استمع إلى موافقه رجله الأمين ثم اغلق الهاتف ووضعه مكانه ثم عاد ليستلقى فوق الفراش مرةً اخرى ، سألته حياة بصوتها المتحشرج بسبب النعاس مستنكره :
-فريد !! انت مش هتروح الشغل ؟!.. 

اصدر صوتاً من حنجرته يدل على النفى ثم قال وهو يقترب منها بنبره طفوليه تائهه:
-عايز انام فى حضنك شويه ينفع ؟! .. 

فتحت ذراعيها وهى تبتسم وتحرك رأسها له موافقه  وعيونها تلمع بحب، اخفى هو رأسه فى المسافه الواقعه بين كتفها وعنقها مغمضاً عينيه ومستمتعاً بالهدوء الداخلى الذى يجتاحه منذ البارحه من بعد سماعه اعترافها بحبه ، ياله من حلم بعيد ظل ايام وأيام يركض إليه ويسعى إلى تحقيقه حتى اصبح اليوم حقيقه ملموسة بين يديه ، المرأه الوحيده التى احبها فى حياته والتى وقع فى غرامها منذ اللحظه الاولى التى رأها فيها اصبحت الان ملكه بقلبها وعقلها وجسدها ، تنهد بأرتياح شديد ثم سألها بصوت مكتوم :
-حياة انا مش بحلم صح ؟! .. يعنى كل اللى حصل بينا من امبارح ده حقيقه ؟!.. 

حركت ذراعيها تحاوطه وتشدد من احتضانها له لتطمأنه ثم قامت بطبع قبله ناعمه فوق مقدمه شعره قبل ان تستند بذقنها فوق رأسه متمته بحب :
-لا يا حبيبى مش بتحلم .. انت هنا دلوقتى ونايم جوه حضنى بعد ٤ اسابيع اتحرمت فيهم منك .. 

لاحت ابتسامه سعاده فوق شفتيه ثم سألها ممازحاً :
-انتى عداهم ؟!.. 
اجابته بجديه شديده :
-باليوم .. لا بالساعه كمان .. صدقنى لو قلتلك معرفش عدوا عليا ازاى .. بس كنت بصحى كل يوم على امل ان النهارده تحصل معجزه ترجعنا لبعض زى الاول  .. 
طبع قبله فوق عنقها ثم غمغم قائلاً بضيق :
-كله بسببهم ..

صمت لوهله ثم اردف يقول بهدوء :
-حياة .. عايز اقولك على شويه حاجات حصلت .. 
قالت وهى تمسح فوق شعره بحنان :
-قول يا قلب حياة .. 

اخذ نفساً عميقاً ثم قال بهدوء :
- انا عارف انى اتأخرت فى الخطوه دى .. وعارف ان تأخيرى ده كان السبب فى خساره حاجه مهمه اوى لينا احنا الاتنين .. بس مكنش ينفع اتحرك وأوقف نجوى عند حدها وانا مش ماسك حاجه فى ايدى او أوعدك بحاجه مش متأكد منها .. عشان كده كل مره كنتى بتسألينى هعمل ايه معاها مكنتش بلاقى رد .. وعشان كده برضه كنت سايبها تغلط كمان عشان اخلص منها بشكل نهائى .. بس دلوقتى اقدر اقولك ان نجوى اتقبض عليها .. وانها مش هتقدر تتدخل فى حياتنا تانى ولا هتعمل مشاكل ..

شعر بجسدها يتصلب تحت ذراعه بمجرد ذكره لاسمها فأردف يقول بنبره متفهمه  :
-انا عارف انك بتضايقى من سماع اى حاجه عنها .. بس انا عايز احكيلك على كل اللى حصل .. 

رغم انقباضه صدرها التى شعرت بها بمجرد سماعها لاسمها الا ان سعادتها لطلبه مشاركتها طغى على ضيقها منها لذلك تحدثت تقول بنبره مختنقه من السعاده :
-طول مانت معايا مفيش حاجه ممكن تضايقنى .. 

ابتسم بأنتشاء لشعورها ذلك فأردف يقول بهدوء :
-هى حصلت حاجات كتير مش عارف أرتبها هحكيهالك زى ما هى .. اولها .. ان نجوى كانت السبب فى حادثه التسمم بتاعتك .. .. فى الاول انا شكيت فى جيهان بس بعدها الراجل اللى اعترف على عزه كلامه ودانى فى سكه تانيه فى الاول كان صعب اعرف هى مين بس بعد كده بدءت خطواتنا كلها تروح فى اتجاه نجوى رغم انه عطانى اسم مستعار .. وطبعا شكى زاد لما لعبت فى ملفك .. وبعدها اتاكدت بس مكنتش عارف اوصل لدليل لانها كانت مأمنه نفسها كويس .. بس فى الاخير عرفنا نوصلها .. حياة نجوى عملت حاجات كتير وحشه اوى واخرها ان نجوى خلت نيرمين مدمنه عن قصد .. 

شهقت حياة بصدمه ثم سألته بعدم تصديق :
-تسممى انا !!! وبعدين نجوى ونيرمين !!! بعد اللى عملوه فينا سوا !!! مش معقول !!!.. 

حرك رأسه داخل تجويف عنقها مؤكداً ثم اردف يقول بنبره متصلبة :
-تخيلى .. لولا ان الولد اللى اتفقت معاه عليها اعترف ليا يمكن كنت استغربت زيك .. بس اقولك بصراحه .. هى دى نجوى .. طول عمرها بتعمل كل حاجه عشان مصلحتها وبس .. عمرها ما حبت ولا هتحب حد غير نفسها .. عرفتى بقى انا ليه بكرهها ؟!.. 

اجابته بخجل لا تصدق ظنونها بهم سوياً فى يوم من الايام :
-عرفت .. طب ونيرمين حصل فيها ايه ؟.

اعاد رأسه للخلف حتى يتسنى له رؤيته خجلها الذى ظهر واضحاً فى نبرتها ثم قام بطبع قبله متفهمه فوق ذقنها وعاد ليخفى رأسه داخل عنقها مرة اخرى مستطرداً حديثه :
-نيرمين بقالها حوالى اسبوعين فى مصحه .. اكيد جيهان مش هتسيب بنتها تضيع منها .. ونجوى اتحبست ٤ ايام على ذمه التحقيق بعد ما اللى اجرته عشان يسممك اعترف عليها وبعد ما اتمسكت فى المطار بمخدرات .. بس وحياتك عندى لهدفعها تمن اللى عملته فيكى واللى عملته فى ابنى اللى ملحقتش افرح بيه بسببها هى ونيرمين .. 

اجفلت حياة وتوقفت يدها عن تمسيد شعره ثم قالت بتوسل :
-فريد .. عشان خاطرى أنساها بقى .. بص مادام انت معايا انا مسامحه الدنيا كلها .. كفايه انت عليا وكفايه اننا نعيش سوا مبسوطين ..

لم يقتنع بحديثها بالطبع فأردف يقاطعها معترضاً :
-لو انتى مسامحه انا مش مسامح فى فرحتى اللى ضيعوها منى قبل ما اعرفها .. 

أبعدت جسدها عنه قليلاً حتى تستطيع رؤيته ثم قالت بتبره شبهه متوسله :
-عشان خاطرى انساهم .. لو بتحبنى بجد انساهم .. انا عايزه ابدء صفحه جديده من غيرهم .. من غير خططهم ولا غلهم ولا انى حتى اسمع اسمهم بينا .. فريد طول مانت بتفكر فيهم هما هيفضلوا بينا ولو فضلوا بينا مش هنعرف نرتاح ولا نعيش حياتنا طبيعيه .. عشان خاطرى وحياة اغلى حاجه عندك أنساها عشان ربنا يكرمنا من جديد ونقدر نفرح .. 
لم يعقب على حديثها ولكنها رأت لمحه من اللين فى نظرته فأستطردت تضيف وهى تعود لتحتضنه بحب وتقبل رأسه :
-وحياة ولادنا اللى ان شاء الله ربنا هيفرحك ويعوضك بيهم .. اوعدنى على الاقل متعملش حاجه من غير ما تقولى فى الموضوع ده بالذات .. لانه يخصنى زى ما يخصك .. 

تنهد فريد مستسلماً ثم قال على مضض بعدم اقتناع:
-اوك .. عشان خاطرك هأجل الموضوع ده شويه ..

كانت تعلم ان جملته تلك هى اقصى ما ستصل إليه اليوم لذلك تقبلته برضا ثم غمغمت بعشق :
-يسلم خاطرك .. ربنا ميحرمنيش منك ابداً ..
اجابها فريد بحب :
-ولا منك يا حياة قلبى .. 

بعد عده دقائق من الصمت استوعبت حياة كل ما تفوه به فريد هتفت اسمه بتفكير :
-فريد !!! .. عايزه اقولك حاجه .. انت فاكر بليل لما قلتلك وائل كان عايز يقولك حاجه بخصوص نيرمين وانا وقفته .. تفتكر عرف عنها حاجه وكان عايز يبلغك ؟!.. اكييد ده السبب اللى خلاه يكلمنى .. 

اخذ فريد يفكر بتمعن فى حديثها ثم قال بهدوء :
-ممكن .. خصوصاً ان حاول بعدها كذا مره يكلمنى .. عمتا هبقى أفضى فى يوم واكلمه اشوف عايز ايه .. بس خليكى انتى بعيده عنه وعن الموضوع ده فهمانى !!!.. 

ابتسمت حياة لغيرته الخفيه ثم قالت موافقه ففى كل الاحوال لم ترد أحزانه من اجل لا شئ :
-حاضر والله مش هدخل فى حاجه تانى انا وعدتك وبعدين انا اتعلمت درسى خلاص .
اعتلى ثغر فريد ابتسامه رضا بعدما استشعر صدق حديثها ونبرتها ثم اردف يقول بنبره خجله :
-حياة .. عايز اعترفلك بحاجه كمان .. 

اعتراف اخر منه  ؟! انه حقاً يوم سعدها .. بالطبع تريد الاستماع إلى كل اعترافاته وكل مكنونات صدره بلا توقف لذلك قالت مندفعه بحماس :
-انا سامعاك بقلبى وروحى ولو عليا مش عايزاك تبطل كلام ..

شدد من احتضانه لها ثم قال دفعه واحده :
-دادا آمنه هى اللى ساعدتنى اوصلك .. وكل الكلام اللى حصل بينك وبينها كان بأتفاق بينا .. بصراحه لما شافتنى هتجنن عليكى كده ومش عارف اوصل لمكانك هى قالتلى ان ليكى زميله فى مدينه تانيه ساعات كانت بتقعد عندكم ايام الدراسه وممكن انتى تلجأيلها بما انها مش من هنا  .. وفعلا بعتت حد يتأكد من كلامها ولما بلغنى انك عندها جتلك على طول .. بس قبلها مامتك قالتلى اعمل عليكى التمثيليه دى عشان دى الحاجه اللى كانت هترجعك معايا ..

شهقت حياة بذهول ثم قال بعدم تصديق :
-ماما !! وانت ؟!.. بجد !! يعنى انتى مهددتهاش !!.. ولا كان فى حد عايز يطلعها من البيت ؟!.. 
اصدر صوتاً من حنجرته يدل على النفى فأردفت حياة تقول بتأكيد :
-اه طبعاً وانا مستغربه ليه .. اصلاً ماما طول عمرها فى صفك وكان لازم تساعدك ..

صمتت قليلاً ثم استطردت قائله بعدما تغيرت نبرتها للخجل هى الاخرى :
-فريد عارف .. بصراحه انت مكنتش محتاج تقولى اى حاجه .. انا من اول لحظه شفتك فيها قدامى هناك كنت عارفه انى هرجع معاك من غير ما تطلب .. لان كان فيه جزء جوايا بيتمنى كده والحمدلله انه اتحقق حتى لو كان التمن صعب علينا .. كفايه انى معاك دلوقتى  .

تنهد فريد بحراره وابتعد عنها قليلاً رافعاً رأسه فى اتجاهها ثم بدء يقبلها بحنان ، بادلته حياة قبلته بعشق ورغبه حتى ابتعد عنها ثم قال بعيون داكنه :
-فى حاجه اخيره لازم تعرفيها .. 

لم تجد صوتها لتجيبه فقط اومأت برأسها مستمعه فتنحنح هو قائله بجديه شديده :
-حياة .. انا عايزك تعرفى كويس وتتأكدى انى عمرى ما لمست واحده قبلك .. لا بأرادتى ولا غصب عنى .. لا وانا واعى اوغلطه .. فاهمانى .. وبعدين حياة العك دى كلها انا سبتها من ساعه ما تعبتى ..

اومأت له رأسها موافقه بخجل ثم تمتمت بأحراج قائله :
-بس انت عمرك ما قلتلى ده .. 
اجابها مبتسماً وهو يتأمل احمرار وجنتيها :
-وادينى بقولك اهو .. انا من زمان وعدتك انى عمرى ما هتجوز واحده غيرك .. وانا عند وعدى لاخر يوم فى عمرى .. 

عانقته حياة بحب واخفت وجهها فى كتفه وهى تغمغم بصوت مختنق من السعاده متأثره بحديثه :
-انت عارف .. انا كل يوم بتأكد ان قراراتك هى اللى صح .. واولهم انك صممت نتجوز حتى لو غصب عنى .. عشان وقتها انا كنت غبيه وبعاند نفسى قبل ما بعاندك .. فريد انا بحبك بجد ..

شدد هو من لف ذراعيه حولها ثم اجابها بهيام :
-وانا بحبك اكتر يا قلب وروح وعقل فريد ..
طبعت قبله فوق وجنته ثم تمتمت بدلال :
-ربنا يخليك ليا ..

*************

فى المصحه خرجت جيهان من غرفه الطبيب المعالج لابنتها وهى تجر اذيال الخيبه ورائها فبعد مرور ما يتعدى الأسبوعان لا يوجد اى تحسن ولو طفيف فى حالتها وها هو الطبيب يخبرها الان بعدم استجابتها للعلاج او بالأدق عدم رغبتها فى تقبل  العلاج او استعدادها للشفاء من ذلك الادمان ، لماذا حدث ذلك لابنتها بينما ابن غريمتها على قيد الحياة يتمتع بكل تلك السلطه والنفوذ والصحه ؟!، هذا ما فكرت به بحقد وهى تتذكر زيارتها لمنصور الجنيدى منذ عده ايام وكيف أقنعته حتى يعطيها مهله اضافيه من اجل خطه تهريبه بعدما شرحت له نيتها فى قتل فريد وبالطبع وافقها بحماسه فهو من زُج به داخل الحبس من الأساس وفى النهايه هو ايضاً يريد الانتقام  ، هزت رأسها بحسم ، نعم لن تتوانى عن الخلاص منه ، ستنهى حياته ثم حياة غريب بعدها وتأخذ إرثها وابنتها وتترك البلد بأكملها ولكن اولاً وقبل كل شئ عليها التخطيط جيداً حتى تكلل خطتها بالنجاح دون اى اخطاء  .

*************

فى الصباح التالى وبالتحديد فى مشفى السجن العام ، خطى فريد داخل احدى العنابر المحجوزة بها نجوى بخطوات ثابته ، دلف الغرفه وتوقف امامها يتأملها وهى غافيه بضعف فوق احد الافرشه القذره فى غرفه تملئها رائحه الرطوبه والعفن ويتشاركها معها عدد من المرضى الاخريين ، انحنى بجزعه فوقها ثم همس اسمها بنبره خفيضه لايفاظها  فألتفت برأسها تنظر نحوه فى الحال ، فيبدو انها لم تكن غافيه من الاساس او ربما هذا ما خَيل إليه ، حدجها بعده نظرات محتقره يتأمل كل ما وصلت إليه خاصةً وهى تهتف اسمه بعدم تصديق كأنه طوَّق نجاتها :
-فريد !! ..

هز فريد رأسه موافقاً ثم قال بشماته :
-ايوه فريد اللى اتبليتى عليه وزورتى صوره وامضته عشان تخربى بيته .. ايه رأيك وانتى مرميه كده وسط الزباله من غير حد يسأل عليكى .. جربتى احساس حياة اللى كنتى عايزه تسمميها وتخلصى منها ؟!. 

جحظت عينى نجوى للخارج ثم هتفت بعدم تصديق :
-انت ؟!.. 
هز فريد رأسه بشراسه وهو يرمقها بنظرات كارهه قائلاً بنبره عدائيه شديده :
-عارفه انا جيتلك ليه مع انى مش طايق اشوف وشك ؟! .. عشان فريد لما بيعمل حاجه مبيستخباس زى الفار .. بيواجهه ..

اانحنى برأسه اكتر حتى وصل إلى اذنها ثم اردف يقول هامساً بداخلها :
-كده حق حياة ونيرمين رغم ان حق نرمين ميهمنيش .. فاضل حق ابنى اللى راح بسبب خطتك القذره .. وصدقينى لولا وعد قطعته لحد مهم عندى كان زمانك بتدفعى تمنه دلوقتى كمان ..

انهى جملته تلك واعتدل فى وقفته ثم رمقها بعده نظرات مشمئزة قبل مغادرته ذلك المكان بأكمله .
بعد مرور شهر جلست جيهان السكرى بتأفف امام نجوى فى موعد الزياره الرسمية والمحددة من قبل قطاع السجون تسألها بنفاذ صبر :
-خير يا نجوى ؟! سعيد قالى انك طالبه تشوفينى ضرورى ؟!..

حركت نجوى رأسها يميناً ويساراً بأضطراب واضح ثم اجابتها وهى تقطم أظافرها بتوتر :
-اه يا طنطى انا طلبت من بابى يكلمك فى الزياره اللى فاتت لما لقيتك مش بتسألى عليا ولا فكرانى .. 

قالت جيهان مبرره وهى تشعر بالاشمئزاز من ذلك المكان والذى اضطرت لمجيئه بعد توسلات سعيد لها :
-مانتى عارفه يا نجوى الظروف اللى انا بمر بيها مع نيرمين .. اكيد يعنى عندك خبر نيرو حصل فيها ايه !!..

حركت نجوى رأسها بتوترعده مرات يميناً ويساراً فى حركه اصبحت ملازمه لها فى الاونه الاخيره ثم هتفت متسائله بتوجس :
-هى عامله ايه دلوقتى ؟!.. هتخف ولا لاء .. قصدى يعنى العلاج جاب نتيجه ؟!.
استرعى انتباه جيهان حاله الاضطراب التى تتحدث بها نجوى طوال الوقت ، تُرى هل تتعاطى هى الاخرى شئ ما ؟!، حتى وان فعلت هى لا تهتم قيد أنمله ، يكفيها التفكير والاهتمام بأبنتها والتى على وشك خسارتها ، تنحنحت قائله بأقتضاب :
-كويسه .. بس ياريت تقوليلى ايه الحاجه اللى عايزانى فيها عشان الحق امشى .. 

التفت نجوى حولها للمره الاخيره مما جعل جيهان تتوجس منها ثم اشارت لها بيدها للاقتراب منها وانتظرت حتى فعلت جيهان ثم قالت هامسه امام وجهها بأبتسامه شديده الاضطراب :
-بابى هيهربنى .. كمان يومين بالظبط هيخرجنى من هنا بفكره التسمم اللى حصلتلى المره اللى فاتت .. وبعدها هروح معاه ايطاليا ومش هرجع مصر تانى ..

عقدت جيهان حاجبيها معاً بأستنكار ، هل تلك فعلاً نجوى التى تتحدث إليها !!، كيف اصبحت بلا حذّر هكذا؟! ، هذا ما فكرت به وهى تنظر نحوها بتوجس حتى تتأكد من عدم استماع احد لهم ثم قالت بعدم اهتمام :
-طب وانا مالى ؟!.. 
صاحت بها نجوى بحده جعلت بعض المسجونات يلتفتوا إليهم :
-يعنى ايه مالك .. احنا مش بينا اتفاق .. 

همست جيهان بنبره خفيضه :
-شششششش وطى صوتك .. هتفضحينا .. وبعدين اتفاق ايه ده ؟!.. 
عادت نجوى لقطم أظافرها بتوتر ثم قالت بنبره خفيضه :
-اننا نخلص من حياة الزفت دى واتجوز فريد !!.. 

اجابتها جيهان معترضه :
-فريد ازاى وانتى بتقولى هتهربى بره البلد ؟!... 
اجابتها نجوى بحده :
-مش شغلك .. احنا بينا اتفاق ولازم يتنفذ ..
عادت لتقترب بوجهها من جيهان ثم قالت هامسه :
-فريد هو اللى رمانى هنا .. وهو اللى عمل كده ده بينتقم منى عشان انا اللى سممت حبيبته ..

جحظت عينى جيهان للخارج ثم همست مستنكره :
-مش معقول !!! انتى يا نجوى ؟!.. 
حركت نجوى رأسها مؤكده وهى تبتسم بأنتصار ثم اردفت وهى تعود لوضع أظافرها تحت أسنانها :
-عشان كده انا لازم انتقم منه .. لازم اموتها واحرق قلبه عليها وبعد كده اسافر واخده معايا .. وانتى هتساعدينى .. 

-اساعدك !!!.. نجوى انتى بتقولى ايه ؟!! يسافر معاكى ازاى وانتى بتقولى انتقم منك عشانها ؟!.. 
هذا ما تسائلت به جيهان بتعجب وهى ترمق نجوى بنظرات متوجسه .

صاحت نجوى بها مرة اخرى معنفه :
-ايوه هيسافر معايا .. هو بيحبنى انا بس مش عارف .. ولما هى تموت هيفهم ده ..
عادت جيهان بجسدها للوراء قليلاً تتامل نجوى وطريقتها الغير متزنه ، ربما يمكنها الاستفاده منها وهى فى تلك الحاله ، نعم هذا ما ستفعله فحركات جسد نجوى بأكملها مريبه ، ستستخدمها فى القتل بدل تلويث يدها بنفسها .

-ماشى .. موافقه بس بشرط .. مليش دعوه بخروجك من هنا ..
كانت هذه الجمله هى ما تفوهت به جيهان بمكر وقد عقدت النيه على تنفيذ خطتها فى اسرع وقت ، اجابتها نجوى بحماس :
-لا هروبى بابى مرتبه .. فاضل انتى بس تنفذى اللى هنتفق عليه بس فى خلال ٣ ايام من دلوقتى وبعدها ميعاد طايرتى انا وفريد ..

غضت جيهان الطرف عن جملتها الاخيره ثم قالت هامسه :
-اتفقنا .. انا كده كده كنت مرتبه حاجه فى دماغى .. دلوقتى بس محتاجه أسرعها شويه .. 

تحركت نجوى واقفه ثم قالت بتوتر :
-يومين بالظبط وهتلاقينى قدامك نرتب هخلص منها ازاى ..

وافقتها جيهان ثم سحبت حقيبه يدها مستعده للخروج ورأسها تعج بألف فكره وفكره ، يبدو ان القدر يسير معها فها هو منصور قد أعطاها عنوان مخزن الشركه القديم ووضعه تحت تصرفها مع عدد من رجاله ، والان نجوى على استعداد لقتل حياة ويمكنها بحيله بسيطه جعل رصاصه اخرى طائشه تخرج من يدها بالخطأ لقلب فريد .

***********

فى المساء وبعد تناول وجبه العشاء جلس كلاً من فريد داخل غرفه المعيشه وجلست حياة بجواره تستند برأسها على كتفه وتحتضن يدها كفه وهى تشاهد بشغف احد افلامها العربيه المفضله ، تململ فريد فى جلسته جوارها ثم هتف اسمها بضجر :
-حياة حبيبتى .. انتى اول مره تشوفى الفيلم ده ؟!.. 

اخرجت صوت من حنجرتها يدل على النفى وهى لازالت تتابع بتركيز واندماج شديد ، فى تلك الأثناء دلفت عفاف تحمل بكلتا يديها صينيه القهوه ثم قدمتها إلى فريد مستفسره وهى تنحنى بجذعها لتضعها فوق الطاوله الموضوعه امام الاريكه الوثيره :
-فريد بيه .. تؤمر بحاجه تانى ؟!. 

اجابها فربد بنفاذ صبر :
-لا يا دادا ..
رفعت عفاف رأسها تنظر نحوه بسعاده ، أعوام منذ قرر الانفصال عن والده والعيش بمفرده وهى تعمل فى خدمته وعلى راحته وتلك هى مرتها الاولى التى تسمعه يطلق عليها لقب مثلما تفعل زوجته ، اه من زوجته تلك التى جعلت البسمه لا تفارق وجهه منذ عده اسابيع ، تنهدت عفاف بأرتياح وهى تعتدل فى وقفتها ثم وجهت حديثها تلك المره لحياة تسألها هى الاخرى :
-حياة يا بنتى .. تحبى اعملك حاجه انتى كمان ؟!.. 

اجابتها حياة بودها المعتاد وهى ترفع رأسها من فوق ساعد فريد :
-لا يا دادا تسلمى .. لو مش وراكى حاجه تعالى اتفرجى على الفيلم معانا .. 

اتسعت ابتسامه عفاف من مجامله مخدومتها الرقيقه والمراعيه فالطالما كانت تمتاز بالأدب والتواضع ثم قالت بأمتنان شديد :
-يسلم خاطرك يابنتى .. بس لو مش محتاجين حاجه تانى اسمحولى اروح بدرى ارتاح ..

فى الواقع لم تكن عفاف متعبه او شئ من هذا القبيل ولكنها فى الفتره الاخيره كانت تتعمد كلما سنحت لها الفرصه بأعطائهم المساحه الخاصه بهم خصوصاً بعد عوده فريد من عمله بعد صلاح الاحوال بينهم فى الفتره الاخيرة ، اجابتها بأبتسامه متفهمه :
-لا يا دادا اتفضلى .. وخلى سارة كمان تروح .. لو احتاجنا اى حاجه انا موجوده ..

اومأت لها عفاف موافقه ثم تحركت للخارج مختفيه عن الأنظار ، انتظر فريد حتى خرجت عفاف من الغرفه ثم جذبها من خصرها لتجلس داخل احضانه ثم تحدث متذمراً بملامح وجهه ممتعضه :
-يا سلام !! هو انا عارف اخد راحتى مع الفيلم اللى مصممه تتفرجى عليه ده عشان تخلى عفاف تقعد معانا كمان !!! ..

ابتسمت حياة من تذمره الطفولى ثم رفعت كفها تتلمس بأناملها ذقنه ثم قالت بنعومه لتراضيه :
-يا حبيبى هى عمرها ما هتقعد معانا انت اكتر واحد عارف انها بتتحرج .. انا بس بحاول احسسها انها مننا مش غريبه .. كفايه عليا انها من ساعه ما رجعت وهى جنبك وعمرها ما باعتك رغم الظروف فى الوقت اللى كله ممكن يعمل اى حاجه عشان الفلوس .. 

تهدج صوتها حزناً فى جملتها الاخيره فعلم فريد ما ترمى إليه ، بالطبع مازالت حزينه مما فعلته بها تلك المدعوه نيرمين فرغم كل شئ هو يعلم ان نيه زوجته كانت الخير والذى قابلته اخته بالشر والمكيدة رغم اعتراضه لذلك تحدث مسرعاً ومحاولاً تغير مجرى الحوار :
-انتى واخده بالك ان البيت فضى علينا ولا ايه ؟!..
قال جملته تلك بنبره عابثه جعلت الاحمرار يغزو وجنتها ثم تحدثت بخجل :
-فريد لو سمحت خلينى اركز فى الفيلم وبعدين كنت عايزه اكلمك فى حاجه كده ..

سألها وهو يبتسم من خجلها والذى لازال يلازمها حتى الان :
-قولى اى حاجه بدل الملل اللى انا فيه وانتى حبسانى جنبك كده ..
تحولت ملامحها ولكمته فوق كتفه برقه قائله بمشاكسه :
-متقولش على فيلمى اللى بحبه ملل .. وبعدين انت مش ناوى تحن عليا وترجعنى الشغل معاك تانى ؟!.. فريد انا بجد زهقانه اوى ..

اجابها معترضاً بأسترسلال :
-ايه لازمه الشركه وانتى كده كده بتعملى اللى بحتاجه من البيت .. وكمان انتى عارفه سبب طلبى نزولك فى الاول بس دلوقتى خلاص .. بقيت اقدر اسيبك هنا وانا مطمن .. 

جعدت انفها ثم قالت بأحباط :
-تمام انا عارفه انى بعمل اللى تحتاجه هنا وبساعدك بليل بس برضه طول اليوم حاسه بملل خصوصاً يعنى انى مش بخرج تقريباً وانت مش بترجع غير بليل .. وانا اتعودت انى اكون معاك على طول .. حتى لو مش شايفاك  احساس انى معاك فى مكان واحد وبتنفس الهوا اللى انت بتتنفسه بيطمنى .. وبعدين اعمل ايه بقى انت بتوحشنى والكام ساعه اللى بشوفك فيهم مش بيكفوا ولا بحس انى اشبع منك .. 
تنهد بأستسلام وهو ينظر داخل عينيها بهيام قائلاً بلين شديد :
-والله انا ما عارف اثبت على موقف معاكى .. كل ما اقول على حاجه برجع فيها ومش بنفذها بسبب كلامك ده ..
اتسعت ابتسامتها واخفت رأسها داخل عنقه وهى تغمغم بسعاده وحب :
-انت احلى فريد فى الدنيا .. ربنا يخليك ليا وميحرمنيش من نفسك اللى مخلى لحياتى معنى ..

طبع قبله فوق شعرها رداً على حديثها ثم عاد ليقول بهدوء :
-طب خلينى اقوم العب شويه لحد ما تخلصى الدراما اللى مصممه تشوفيها دى وارجعلك .. 

شددت من لف ذراعها حول عنقه وتشبثت به كطفل صفير وهى تهتف معترضه بلهفه :
-لا .. عشان خاطرى خليك معايا .. مش عايزه ابعد عنك .. وبعدين فى حد مبيحبش فيلم دعاء الكروان وقصه حب آمنه والباشمهندس اللى اتحولت من كره لحب وهو اتغير بسبب حبها ؟!.. 
سألها فريد مشاكساً :
-وانتى بقى بتحبي الفيلم عشان كنتى بتكرهى الباشمهندس زى آمنه ؟!.. 

رفعت رأسها واقتربت منه ثم أحاطت وجهه بكفيها قائله بعشق وهى تحدق داخل عسليتيه :
-لا انا الباشمهندس بتاعى بحرى واللى فى الفيلم كان زراعى ده اولاً يعنى .. وبعدين انا بحب الباشمهندس بتاعى من اول ما عينيا وقعت عليه .. عمرى ما كرهته .. اه كنت زعلانه منه او بالأدق من نفسى لكن اكرهه ازاى وهو نفسى اللى بنتفسه ؟!.. 

ومضت عينيه بسعادة وهو يستمع إلى حديثها المحب والتى باتت تغدقه به يومياً حتى اصبح كالادمان بالنسبه إليه ، تنهد بحراره وهو ينظر إلى عينيها التى تضوى ببريق خاص لا يلمع إلا له ثم غمغم قائلاً بصوته الاجش :
-انا بقول خلينى اقوم احسن .. 

امتعضت ملامحها ثم قالت متصنعه الضيق :
-والله !! على فكره انت بتهرب عشان تروح تلعب انا عارفه .. وحشتك الاوضه بتاعتك اللى مش بتخلى حد يدخلها دى .. 

رفع فريد احدى حاجبيه مستنكراً وهو ينظر إليها بأندهاش ثم هتف بعدم تصديق :
-الاوضه بتاعتى ومش بخلى حد يدخلها !!.. طب ايه رايك هقفل ورايا فعلا عشان يبقى بجد محدش يعرف يدخلها ..

هتفت حياة مسرعه لتثنيه عن قراره :
-لا خلاص بهزر ..
صمتت لوهله لتفكر بخبث ثم قالت بدلال متصنع :
-خلاص مش هحرمك .. مادام انت مش عاجبك الفيلم روح .. 
قطب حاجبيه معاً بأرتياب وهو يسألها بتشكك :
-حياة .. انتى متأكده ؟!.. 

اجابته بعدما طبعت قبله رقيقه فوق وجنته :
-اها متأكده .. انا عارفه قد ايه انت بتحب الرياضه واكيد هبقى عايزاك تعمل اللى انت بتحبه .. 

رمقها بنظره تشكك اخيره فأردفت تقول بمكر :
-انت مش عارف ان اهم حاجه عندى تكون مبسوط ولا ايه .. بس بشرط .. لما الفيلم يخلص هتلاقينى قدامك ..

طبع قبله فوق رأسها وهو يبتعد عنها استعداداً لتركها قائلاً بحماس :
-الفيلم ده طويل ولسه بدرى ..
ابتسمت له بتصنع وهى تومأ له برأسها موافقه وتلوح له بيدها مودعه حتى اختفى من امامها ، انتظرت حتى قام بتبديل ملابسه ودلف غرفته المفضله ثم تحركت من مقعدها وداخلها يتوعد له .

***********

بعد اقل من نصف ساعه على اختفائه بداخلها ، وقفت حياة امام باب غرفته الرياضيه تأخذ نفساً عميقاً بعدما تأكدت من مظهرها للمره الاخيره فى مرآه الاستقبال ثم فتحت باب الغرفه ودلفت بهدوء حافيه القدمين ، تسمرت نظرات فريد فوقها وتوقفت ذراعه التى كانت تحمل احد الأوزان عن الحركه انبهاراً بما يراه امامه ، شعر بأنفاسه تتسارع وحراره جسده ترتفع تدريجياً وهو يتأمل مفاتنها البارزه بوضوح ، مرر عينيه ببطء شديد يتفحص رداء النوم الاسود الذى تقف به امامه والذى يتناسب تماماً مع بشرتها الحنطيه الناعمه ويكاد يغطى خصرها بعده انشات قليله ويكشف عن ظهرها بأكمله مع فتحه عنق منخفضة ، اما عن شعرها فقد رفعته للاعلى ثم تركته ينسدل حتى مقدمه ظهرها بحريه ونعومة ، ابتسمت حياة بأنتصار وهى تتقدم منه بهدوء شديد فنظرة عينيه الداكنتين تفصح عما يدور داخله بوضوح ، توجهت نحوه بأبتسامه مشرقه حتى توقفت امامه ثم قالت بتمثيل :
-حبيبى .. انا عارفه ان لسه قدامك وقت بس انا عايزه انام فجيت اقولك تصبح على خير .. 

انهت حديثها بالوقوف على أطراف أصابعها العاريه وطبعت قبله ناعمه للغايه فوق وجنته جعلت رائحه عطرها تتسلل إلى انفه وتزيد من اضطراب انفاسه ، ابتعدت عنه حياة ببطء قائله بنعومه :
-محتاج منى حاجه قبل ما انام ؟!.. 

لم يجيبها فريد بل انحنى بجزعه يضع احد الأوزان التى كان يحملها فوق الارضيه ثم عاد واعتدل فى وقفته قبل ان يسألها مستفسراً بصوته الاجش مأخوذاً بفتنتها :
-هتنامى دلوقتى ؟!.. ده الساعه يادوب ١٠ !!!.. 
تثائبت حياة امامه بتمثيل وهى تضع كفها فوق فمها لإخفائه ثم اجابته برقه مفسره :
-مش عارفه بس زهقت من القعده لوحدى والفيلم شكله نايمنى ولقيت نفسى بنام وانا قاعده فقلت اطمن عليك محتاج حاجه الاول ولا لاء .. 

تنام !! هكذا !! لقد انتظر ايام حتى يراها ترتدى تلك الأشياء التى اختارها كلها بعنايه من اجلها والان تخبره برغبتها فى النوم !! بعدما اثارت اعصابه !! وهى بذلك الشكل المدمر !! لماذا لم ترتدى تلك المنامات الطفولية الغريبه كعادتها بدلاً من ذلك الرداء الذى يجعلها كأله فتنه ؟!، على ذكر الرداء ، هتف فريد بها بضيق متسائلاً :
-حيااااة !!! انتى ازاى تنزلى من الاوضه كده !! ، احنا مش اتكلمنا قبل كده فى اللبس بره الاوضه !!..

نظرت حولها ببلاهه ثم اجابته مبرره :
-حبيبى مفيش حد فى البيت غيرى انا وانت .. وانا كنت بجربه فى الاوضه وكنت هنام على طول .. بس مهنش عليا انام من غير ما اقولك تصبح على خير .. وبعدين خلاص انا طالعه اهو ..

قالت كلمتها الاخيره وهى تتلمس بكفها عضلات ذراعه العاريه برقه شديده ثم أبعدت يدها عنه على الفور ، لانت ملامح وجهه ثم تحدث بنبره عابثه وهو يمد ذراعه ليلصقها بصدره ويمنعها من الابتعاد :
-لا تنامى ايه بس .. تعالى عايزك فى موضوع مهم .. 

سألته حياة بهيام وهى تنظر بداخل بندقيته وتمرر كلتا كفيها بنعومه فوق ذراعيه :
-معلش ممكن نأجل الموضوع لبكره .. يلا عشان مش عايزه اعطلك ..

خطوه واحده هى المسافه التى ابتعدتها عنه والتى سمحت بها قبضته التى عادت لتشدد من احتضانها لها حتى التصقت تماماً به ثم قال وهو يخفض رأسه فى اتجاهها حتى شعرت بأنفاسه الحاره تلحفها :
-طب مش هتسمعينى حاجه الاول ؟!.. 
سألته حياة بحب ورقه :
-ايه هى ؟!..
اجابها وهو يتلمس بشفتيه وجنتيها :
-الكلمه اللى بقيت بستنى يومى الجديد عشان اسمعها ..

سألته حياة بعشق وهى ترفع رأسها إليه فتلامست شفتيهما معاً :
-انت مزهقتش منها ؟!..

اجابها مستنكراً وهو يلثم بنعومه شفتها السفلى :
-ازهق منها ازاى وانا عشت سنين احلم بشفايفك بتنطقها ؟!.. ده انا بستنى طول اليوم لحد ما اسمعها .. حد يزهق من الكلمه التى بتروى عطش روحه ؟!.. 

اغمضت حياة عينيها وهى تتنهد بوله ثم فتحتهم مرةً اخرى قائله بولع وهى تحاوط جانب وجهه الأيمن بكفها وتطبع قبله عاشقه فوق شطره الأيسر :
-بحبك يا فريد .. 
ردد فريد من خلفها وهى يضع كفه فى منتصف ظهرها العارى :
-وانا بحبك يا حياة فريد ..

تنحنحت حياة متذكره خطتها قبل إزاحتها لكفه من فوق ظهرها قائله بخبث وهى تهم للتحرك :
-احم تصبح على خير .. وارجع لتمارينك بقى ..
اوقفها فريد بلهفه قائلاً بحسم :
-لا انا خلاص خلصت ..

قطبت حياة حاجبيها معاً وهى تسأله محاوله قدر الامكان كبت ابتسامتها المنتصره :
-خلصت !! متاكد !! انت مكملتش نص ساعه حتى ؟!.. 

اجابها وقد قطع المسافه بينهم وبدء يطبع قبلات متقطعه فوق شفتيها :
-تولع التمارين مش وقتها دلوقتى .. هطلع معاكى .. 
صرخت حياة بأنتصار وعينيها تلمع بسعاده :
-هيييه .. كنت عار...

شهقت بندم وهى تعض فوق لسانها من اندفاعه الذى دائما يوقعها فى شر اعمالها ، ضيق فريد عينيه فوقها بأرتياب للحظات ثم عض فوق شفته السفلى بتوعد وهو يتقدم منها ، ابتلعت حياة لعابها بصعوبه وهى تتراجع للخلف تلقائياً كلما رأته يتقدم منها ثم قالت بفزع رافعه كفها امامها بتوسل :
-بص .. نتفاهم .. 
سألها فريد وهو لازال يتقدم نحوها وتتراجع هى حتى ارتطم جسدها بالحائط :
-نتفاهم على ايه !!! بتلعبى عليا يا حياة !!.. 
انهى جملته تلك وهو يستند بكلتا ذراعيه على الحائط ليحاصرها ويمنع جسدها من الهروب ، نظرت حياة إليه بتوجس ثم انزلقت بجسدها للأسفل محاوله الفرار من اسفل ذراعه ، التقط فريد حركتها واخفض جسده هو الاخر معها ليمنعها من الحركه ، عادت حياة لتستقيم فى وقفتها مره ثانيه ثم هتفت بتوسل واناملها تتحرك فوق صدره العارى بحريه :
-فريد .. حبيبى .. طيب اعمل ايه مانا بحس انك بتحب الاوضه دى اكتر منى .. ده جزائى عشان بغير. 

سألها فريد بنبره ناعمه كالحرير وهو يقترب منها ويضغط بجسده فوق جسدها المنتفض :
-بتغيرى !! من الاجهزه والاوضه !!!.. وانا يا روح فريد ميهونش عليا غيرتك .. عشان كده هخليكى تقضى الليله كلها هنا معايا ..

اتسعت حدقتى حياة بذعر ثم رددت جملته مستنكره وهى تزدرد لعابها بقلق :
-الليله كلها !!! هنا !! بس الاوضه مفيهاش تكييف سخن وانت شايف انا لابسه ايه !!.. حبيبى انت مدرك صح ؟!..

حرك رأسه الملاصقاً لها مؤكداً على مهل فأحتكت انفه بأنفها ثم قال مؤكداً بنبره مثيره :
-متخافيش انا هدفيكى .. 

فتحت فمها لتجيبه معترضه فألتهم شفتيها على الفور مبتلعاً اى حديث قد يخرج منه فالآن ليس وقت الكلام ، خفتت مقاومتها شيئاً فشئ حتى تلاشت نهائياً تاركه له المجال ليفعل بها ما يريد .

بعد فتره جلست حياة معه فوق الارضيه مستنده برأسها فوق صدره وذراعها يحيط خصره ، اما هو فقد أحاطها بكلتا ذراعيه يضمها بقوه ويستند بذقنه فوق رأسها ، هتفت حياة اسمه بخفوت بعد فتره من الصمت قائله بنبره شبه متوسله :
-فريد ..حبيبى .. ممكن نطلع بقى اوضتنا .. 

همهم نافياً ثم اجابها بمكر :
-لا الاوضه هنا عجبانى مفيش غير انا وانتى .. وانتى عارفه انا قد ايه بحبها ومش بخلى حد يدخلها .. يعنى خلاص بقت المكان بتاعى انا وانتى وبس .. 

لوت حياة فمها بضيق وقد ابتلعت اعتراضها بداخلها وبعد فتره من الصمت عادت
 لتقول برقه :
-فريد انا بردانه ..
مد ذراعه يجذب سترته الرياضيه والتى وضعها بجوارهم تحسباً ثم عاد ليحتضنها بعدما البسها إياه بأهتمام ، اما عن كفه فقد بدءت تفرك ساقها صعوداً وهبوطاً لنشر الدفء بهما ، اغمضت حياة عينيها وهى تتنهد براحه مستمتعه بذلك الدفء اللذيذ والذى بدء ينتشر على طول جسدها بفعل لمساته  وكنزته الثقيلة التى تحمل رائحته بداخلها ، سألها فريد بأهتمام مستفسراً :
-لسه بردانه ؟!.. 

رفعت رأسها تنظر إليه ثم قربت انفها من انفه واخذت نفساً عميقاً قائله بحب بعدما حركت رأسها نافيه :
-مش هبرد فى مكان انت فيه ..
توقفت يده عن العمل للحظه مشدوهاً بجملته ثم عاد ليحرك كفه فوق ساقها وعيونه تومض بسعاده ، هتفت حياة اسمه قائله بدلال :
-فريد .. فاكر لما قلتلى عندك ١١ نظره ليا .. انتى قلتلى عشره بس ..

اصدر صوتاً من حنجرته موافقاً فأردفت تقول بترقب :
-طب مش ناوى تقولى على الاخيره بقى .. 
تنحنح محاولاً تنقيه حلقه ثم قال بترو :
-بصيلى كويس ومترديش على اللى هقولهولك دلوقتى .. 

حركت رأسها موافقه بحماس شديد فى انتظار جملته ، اخذ نفساً عميقاً ثم قال وهو يحدق داخل حدقتيها المتلالئتين :
-حياة ..انا بحبك .. 
ضوت عينيها بلمعه أشبه بالفضه وهى تنظر إليه بهيام .. 

تتهد هو بأعجاب ثم قال بصوته الاجش وهو يتأمل عيونها بأنبهار :
-النظره الاخيرة .. نظرة الحب اللى كل مره بتبصيلى بيها بحس ان الحياة ليها معنى .. 
ارتسمت ابتسامه واسعه فوق شفتيها ثم قالت بهيام وهى تضم وجهه بكفيها :
-بحبك وهفضل احبك لاخر العمر .. مهمها حد حاول يبعدنا .. انا وانت نفس فى رئتين .. روح وتوأمها .. قلب واحد وجوه صدرين .. ضلعك اللى مش بيرتاح غير لما يرجعلك .. حياة فريد .. 
قاطعها هو يقول بعشق :
-وفريد حياة .. 

طبعت قبله ناعمه فوق شفتيه بمجرد نطقه لتلك الجمله ثم عادت لتقول بوله :
-بحبك يا فريدى .. 
تنهد فريد بحراره ثم قال وهو يغمزلها بعينيه :
-طب مش هنقوم بقى ؟!.. 
سألته بدلال :
-هنروح فين ؟!.. 
اجابها بنبرته العميقه الهادئه :
-اوضتنا .. 

عضت فوق شفتها السفليه بأغراء وهى تحرك رأسها رافضه ، رفع فريد حاجبه مستنكراً وهو يحرك رأسه بعدم تصديق ، جعدت حياة انفها بمرح ثم عادت لتحرك رأسها بأيجاب وهى تقترب بشفتيها منه ، فتح فريد فمه للحديث فقاطعته تقول بهمس :
-ششششش .. انت بتتكلم كتير اوى على فكره .. 

انهت جملتها وبدءت تتمسك بزمام الامور حتى تدخل هو مستلماً منها دفه مشاعرهم والتى يديرها بمهاره عاشق انتظر طويلاً لتحقيق غايته . 

***********

فى اليوم التالى جلست جيهان فى ذلك المقهى المنزوى عن اعين المارة والتى اعتادت مقابله منصور به تحاول ترتيب كلماتها حتى تصل لغرضها وتنهى ذلك اللقاء كما تريد ، هتفت بنبره قويه واثقه :
-استاذ عبد السلام ..  انا طلبت اقابلك النهارده عشان ابلغك ان اللى اتفقنا عليه هيتقدم .. هننفذ بعد بكره على طول .. تمام ؟!.. 

سألها والد حياة مستفسراً بنظراته التى كانت دائما ما تتسم بعدم الذكاء :
-اشمعنى يعنى ؟!.. ماحنا كنا مرتبين كل حاجه .. 
اجابته جيهان بضيق :
-كنا متفقين بس حصل تغير ولازم يتنفذ بعد بكره .. فى اعتراض ؟!.. 

قاطعها عبد السلام قائلاً بلهفه :
-لا مفيش .. انا دخلى ايه ؟! مادام هقبض خلاص .. بس زى ماتفقنا ملكيش دعوه بالبت .. 
تململت جيهان بأشمئزاز من أسلوبه وطريقته ثم قالت بهدوء للخلاص من تلك المقابله :
-زى ما قلتلك .. انا معنديش مشكله مع بنتك .. كل اللى يهمنى هو ابن جوزى وبس .. بس هو حريص اوى ومفيش حاجه هتجيبه تحت رجلى غير بنتك لانه بيحبها .. ينزل تحت رجلى وخد بنتك معاك .. 

وافق عبد السلام على حديثها ثم سأل بلهفه :
-طب وفلوسى ؟!.. 
عبثت جيهان بحقيبه يدها قليلاً ثم اخرجت منها مبلغ كبير من المال وضعته امامه فوق الطاوله ثم قالت بحزم :
-نص المبلغ اهو .. وهتاخد قده لما تجيبهالى .. 

احتضن عبد السلام الأموال بكلتا يديه ثم اجابها بوميض اصرار:
-بعد بكره هتكون عندك .

***********

فى مساء اليوم التالى راقبت حياة بحب شديد زوجها وهو يتحرك داخل غرفتهم بقوته المعتادة ، تنهدت بأعجاب وعينيها متعلقه بخطواته الواثقه استعداداً لعشاء عمله المقرر اليوم ، التقط فريد نظراتها تلك فعاد يجلس جوارها فوق الفراش وينحنى بجذعه فوقها قائلاً بمرح وهو يدفن رأسه داخل عنقها :
-ما تجيبى بوسه بسرعه قبل ما البس ..

ضحكت بسعاده وهى تستقبل قبلاته التى بدء ينثرها فوق عنقها وهى تغمغم بدلال :
-انا معنديش اى مانع .. بس كده انت اللى هتتأخر على ميعادك ..
رفع رأسه حتى اصبح فى مستواها ثم قال بخبث وهو يعود للاقتراب منها :
-مش مهم الميعاد خليهم يستنوا ..

اتسعت ابتسامه حياة بسعاده وهى تراه يتلمس قربها حتى فى خضم اعماله اللامتناهية ، قطع تقاربهم رنين هاتف فريد الذى ارتفع مصدراً اهتزازه قويه على الطاوله الموضوع فوقها ، ابتعدت عنه حياة قائله بهمس :
-حبيبى تليفونك ..

زفر فريد بضيق وهو يتحرك لالتقاطه ثم اجاب بأستعجال :
-خير ؟!!..
اجابه الطرف الاخير على مضض :
-فريد بيه .. عندى خبر مش كويس لازم حضرتك تعرفه ..
تأهبت ملامح فريد على الفور وأجابه مقطباً الجبين :
-قول سامعك ..
قال الرجل بترقب :
-نجوى .. هربت النهارده من السجن ..

انتفض فريد من جلسته وهب واقفاً وهو يهتف بقوه :
-نهار ابوك اسود !! الكلام ده حصل امتى ؟!..
اجابه الرجل بتعلثم :
-النهارده الصبح بعد حادثه تسمم اتنقلت بيها على المستشفى ويعدها بساعتين اختفت ..

هتفت فريد بحده مستنكراً :
-كمان من الصبح !! ولسه فاكر تبلغنى يا غبى !! .. اقفل .. اقفل لما اشوف حل فى المصيبه دى ..
لم ينتظر اجابه رجله بل اغلق الهاتف فى وجهه وهو يتحرك داخل الغرفه بعصبيه ، وقفت حياة هى الاخرى تسأله بقلق :
-فريد .. فى ايه قلقتنى ؟!..

نظر نحوها بتوتر ثم اجابها بضيق :
-مش خير يا حياة .. نحوى هربت ..
شهقت حياة برعب ووضعت يدها فوق فمها ثم سألته بنبره متوجسه :
-يعنى ايه ؟!..
لاحظ فريد ذعرها فأخذ نفساً عميقاً يحافظ به على ثباته امامها ثم اجابها بهدوء وهو يتقرب منها ويحتضنها :
-متخافيش مفيش حاجه .. دلوقتى الشرطه تقبض عليها تانى .. وانا من ناحيتى هدور عليها مش هكست ..

قاطعته حياة معترضه وهى تلتصق به اكثر :
-لا مخافش ازاى .. طبعاً لازم اخاف وعليك قبل اى حاجه ..
اجابها فريد قائلاً بترو ليطمئنها :
-انتى عارفه انها استحاله تعملى حاجه .. انتى اللى المهم تاخدى بالك .. حياة مش عايزك تتحركى من هنا لحد ما ارجعلك .. وخدى بالك من نفسك انا هروح بسرعه ومش هتأخر وهكلم شركه الحراسه تبعتلى ناس زياده لحد ما يتقبض عليها .
تعلقت حياة به اكثر قائله بأعتراض :
-لا عشان خاطرى .. خليك هنا مش لازم تروح ..
زفر فريد مطولاً محاولاً السيطره على توتره هو الاخر وإقناعها :
-حياة .. انا مش قايلك قبل كده طول مانا معاكى متخافيش ؟!..
اجابته حياة مستسلمه :
-بخاف عليك غصب عنى .. وبعدين مش عايزه اسيبك .. مضمنش ممكن تعمل ايه .. الله يخليك بلاش تروح ..  

قبل وجنتها بحنان ثم قال بهدوء :
-مينفعش .. انتى عارفه انا محدد الميعاد ده من يومين ومش مهنيه انى الغيه فى اخر لحظه .. يرضيكى اطلع قدام الناس مش مسئول .. 
مطت شفتيها معاً بتفكير لوهله وبدء يظهر على ملامحها  ثم قالت بتأهب :
-اوك بس بشرط .. تكلمنى كل ساعه .. 

استمع إلى جملتها ولم يعقب فأردفت حياة تقول بنبره حاسمه :
-فريد بجد لو مكلمتنيش كل ساعه تطمنى عليك هتلاقينى عندك .. دى واحده حاولت تسممنى قبل كده يعنى مضمنش من غيظها ممكن تعمل ايه تانى .

تنهد فريد بأستسلام ثم قال موافقاً على مضض:
-اوك .. بس فى المقابل مش عايزك تتحركى من هنا ولا حتى تنزلى تحت .. تقفلى الاوضه كويس ومتقربيش من البلكونه لحد ما ارجع فاهمه .. وزى ما قلتلك ساعه بالكتير وهتلاقى حراسه زياده موجوده ..

فى الحقيقه كان يحاول طمأنه نفسه بما يقول وليست طمأنتها هى فهو يخشى عليها كثيراً من غل نجوى وَمِمَّا تستطيع فعله بها ، اومأت حياة برأسها موافقه بهدوء ثم عادت تراقبه وهو يقوم بأرتداء ملابسه مرة اخرى بشغف .

تحركت حياة تقف قبالته عندما بدء فى ارتداء ربطه عنقه ثم قالت بحب وهى ترفع ملتا ذراعها لإمساكها :
-خليك .. انا هربطهالك .

اخفض فريد ذراعيه جانباً تاركاً لها المجال لفعل ما تشاء به ، قررت حياة اعاده المحاوله للمره الاخيره ربما يثنيه ذلك عن قراره لذلك اقتربت برأسها منه وهى تقف على أطراف أصابعها حتى تلمست شفتيه بشفتيها ثم قالت بنعومه :
-وحشتنى على فكره .. 

لمعت عينى فريد على الفور استجابه لها ثم قال بصوته الاجش :
-وانتى اكتر .. بس مش هينفع دلوقتى ..
تبدلت ملامح حياة على الفور وامتعض وجهها ثم قالت بحده وهى تبتعد عنه :
-والله !! مش من شويه كان الميعاد مش مهم .. ماشى يا فريد بيه .. 

ابتسم فريد من تذمرها الطفولى ثم قال بنبره ضاحكه وهو يمد يده ليوقفها عن الابتعاد اكتر :
-استنى بس متجريش .. يعنى لو قعدت هتعمليلى كل اللى انا عايزه ؟!.. 

اجابته بأندفاعها المعتاد :
-اه اى حاجه بس تقعد ومتنزلش .. 
اتسعت ابتسامته وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً بيأس قائلاً بنبره جديه :
-لو كنتى بتعملى كده عشان عايزنى بجد كنت قلت يولع الشغل ..
رفع كفه امام وجهها ثم استطرد يقول بثقه :
-بس انا يا حياتى عارفك اكتر من دى وعارف انك بتعملى كل ده عشان منزلش خوف.. 

صمت قليلاً ليقطع المسافه بينهم ثم اردف يقول وهو يقبل طرف فمها :
-بس عشان تعرفى انى مش عايز ابعد عنك .. دى تصبيره لحد ما ارجع ..ووعد مش هتأخر .

انهى جملته والتهم شفتيها بين شفتيه بشغف وتملك ، بادلته حياة قبلته حتى ابتعد عنها هو اولاً متمتاً بنبره خفيضه :
-اوعى تنامى .. فاهمه .. ساعتين وارجعلك .. 

حركت حياة رأسها موافقه ببطء غير قادره على ايجاد صوتها لمعارضته او اثاره حنقه كعادتها

عدل فريد من وضع ملابس والتقط هاتفه ومفاتيحه ثم طبع قبله مودعه فوق شعرها ووجنتها قبل هبوطه للأسفل استعداداً للخروج .

بعد حوالى ثلاث ساعات من الانتظار تحدثت معه خلالها اكثر من ثلاث مرات كما وعدها سمعت هدير محرك سيارته فى الحديقه ، ركضت نحو المرآه تتفحص مظهرها للمره الاخيرة ثم ابتسمت برضا ووقفت بترقب داخل الغرفه منتظره قدومه .

خرج فريد من السياره وهو يتأفف بضيق ، يالها من امرأه وقحه ، القى نظره اخيرة فى كاميرة هاتفه على ياقه قميصه قبل ان يزفر مرة اخرى بحنق ، من المستحيل ان الا ترى حياة تلك البقعه الحمراء هذا ما فكر بيأس وهو يتذكر تلك المرأة الطاعنه فى السن والتى باغتته بقبله خاطفه فوق عنقه فطبعت نصفها على الفور فوق ياقته البيضاء ، هل تظن تلك الألمانية الوقحه انها تستطيع التأثير عليه بتلك الطريقه المبتذلة ، يا لها من شمطاء غبيه ؟!، حسناً سيتصرف بلامبالاة كأنه لا يعلم بوجودها عل وعسى لا تلاحظها زوجته هى الاخرى ، دلف فريد الغرفه بترقب وبمجرد رؤيه حياة له قفزت فوقه تعانقه بقوه وهى تمتم برقه بالغه :
-وحشتنى اوى .. حمدلله على السلامه .. 

ارتخت ملامحه وتناسى كل قلقه بمجرد ضمها داخل  احضانه وبين يديه فشدد من احتضانه لها والتصاقه بها ثم بدء مباشرةً بطبع قبلات متفرقه فوق وجهها قائلاً بعشق :
-وانتى كمان وحشتينى .. 

ابتعدت حياة عنه قليلاً ثم قالت بنعومه وهى تحل ربطه عنقه وتخلع جاكيت بدلته :
-عملت ايه فى اجتماعك ؟!.. خلصت الشغل .. 
اجابها بثقه وهو يحل آزار اكمامه :
-اها طبعاً .. دى محتاجه سؤال .. 

ابتسمت بسعاده ثم قالت برقه :
-مبروووك .. ربنا يوفقك دايماً .. تحب اعملك حاجه من المطبخ ؟!..
حرك رأسه نافياً ثم اجابها ويده تحس ذلك المئزر الاحمر الحريرى الذى ترتديه باحثاً عن رباطه :
-لا انا عايز تفضلى فى حضنى عشان انسى كل وجع دماغ النهارده .. 

ضغطت فوق شفتيها بخجل ثم تمتمت هامسه :
-اللى انت عايزه .. 
ابتسم لرقتها وخجلها ثم انحنى برأسه ليقترب منها ، رفعت حياة رأسها هى الاخرى لتنظر إليه ثم شهقت بصدمه وهى تبتعد عنه ، تبدلت ملامحها فى لحظة ثم سألته بتأهب :
-فريد .. ايه ده ؟!..

اجابها فريد مدعياً عدم الفهم :
-ايه ده !!!..
اجابته حياة بحده وهى تشير برأسها نحو عنقه :
-فريد متستعبطش .. ايه اللى فى ياقه قميصك ده ..
نظر فريد بطرف عينيه إلى ياقه قميصه بعدما حل الزر الاول منه ثم قال كاذباً :
-مش عارف .. 

اقتربت حياة منه وجذبته من ياقته ثم قامت بأستنشاقه قائله بغضب :
-فريد متستعبطش ده روج .. ممكن اعرف جه منين ؟!.. 
اجابها فريد ببلاهه :
-منك .. مش انتى كنتى بتحضنينى من شويه !!..

رفعت حياة كلتا حاجبيها مستنكره ثم قالت بنبره حانقه :
-والله !! طب اولاً يا استاذ انا كنت حاضناك من الناحيه الشمال والبقعه فى اليمين .. وبعدين اتفضل بص كده هو ده اللون اللى انا حاطاه .. 

نظر فريد نحوها بقله حيلة ثم هتف قائلاً بأستسلام :
-طب بصى هحكيلك بس بلاش الجنان بتاعك يطلع عليا ماشى .. 

رفعت كلتا حاجبيها بغضب ووضعت يدها فوق خصرها بتأهب ولم تعقب ، تنحنح فريد استعداداً للحديث ثم قال بتوجس شديد :
-وانا بسلم على الوفد الألمانى كانت معاهم واحده ست كبيره مديره العلاقات هناك .. حاولت تبوسنى وانا بعدت عنها بس كانت حاطه لون غامق طبع على طول .. واحده ست غبيه فكرت انها لما تعمل كده هتخلينى أمضى بشروطها .. 

تحولت ملامح وجهه حياة للضيق فأردف يقول بيأس :
-بس وحياتك عندى انا وقفتها عند حدها .. ممكن متزعليش انتى عارفه  عمرى ما هسمح لواحده غيرك تقربلى .. 

ضغطت حياة فوق شفتيها معاً وابتلعت لعابها بقوه ثم قالت بنبره مختنقه وهى تطبع قبله جافه فوق وجنته :
-خلاص محصلش حاجه انا مصدقاك .. 

سألها فريد بذهول :
-مصدقانى !!.. ثوانى كده .. يعنى انتى مش زعلانه من اللى حصل ومش هتتعصبى وتقلبى الليله خناق .. 

ابتسمت بأقتضاب ثم اجابته بعدما اخذت نفساً عميقاً تحاول السيطره على دموعها التى بدءت تتجمع بداخل مقلتيها :
-لا يا حبيبى .. انا واثقه فيك .. وبعدين انا وعدتك خلاص .. انا بحبك وعارفه ان عمرك ما هتعمل حاجه تضايقنى .. 

تنفس فريد براحه من رد فعلها الغير متوقع ثم قال بهمس وهو يقترب منها :
-طب ما تسيبك من كل اللى حصل ده وتعالى عشان نتكلم شويه كلام مهم .. 

ابتسمت حياة بجفاء ثم قالت بخفوت :
-فريد معلش الوقت أتأخر وانا عايزه انام .. ممكن تخليها وقت تانى .. 

لم تنتظر اجابته بل تحركت على الفور تقوم بخلع مئزرها ليكشف عما تحته وهو عبارة عن قميص من نفس اللون والنوعية يكشف عن ساقها كاملة ونصف ظهرها مع حمالات عريضه من الامام وفتحه عنق منخفضة للغايه ، زفر فريد بأحباط ثم توجهه نحو خزانه ملابسه يلتقط منها ملابس للنوم ثم تسلل بعدها للفراش ليستلقى جوارها ، نظر لظهرها مطولاً ثم مد ذراعه ليجذبها نحوه حتى التصق بها قائلاً بنعومه وهو يخفى وجهه بظهرها العارى :
-حياة .. انا عارف انك اضايقتى ومش محتاجه تكتمى جواكى عشان متضايقنيش .. قولى اللى فى قلبك مش هزعل .. 
انتقضت بجسدها بعد سماع جملته تستلقى فى مقابلته ثم صاحت بحدة وهى تلكمه فوق صدره بقوه جعلته يجفل :
-ومادام انت عارف انى هضايق ودمى هيتحرق بتخليها تقرب منك ليه .. بتسلم عليها ليه من الاساس .. والله بعد كده هروح معاك الاجتماعات الزفت دى وورينى بقى الست الألمانية دى هتقربلك ازاى .. 

اتسعت حدقتى فريد بدهشه ، انها فعلاً مجنونه ولكن هذا هو رد الفعل الذى ينتظره وليس خطبه الثقه تلك .
آفاق من شروده على دموعها التى بدءت تناسب منها قائله بضيق :
-انا واثقه فيك بس مبحبش حد يقرب منك .. الفكره لوحدها بتخلينى اتخنق وقلبى بيوجعنى .. دى حاجه غصب عنى .. 

تنهد فريد بحزن ولعن نفسه بصمت ثم قال بحنو وهو يحتويها بين ذراعيه :
-خلاص عندك حق .. انا اسف حقك عليا يا ستى .. وعد مش هتحصل تانى حتى لو غصب عنى .. خلاص بقى .. 

طبع قبله حانيه فوق جبهتها وانفها وجفونها ثم بدءت أنامله تسمح اثار دموعها قائلاً بنبره عابثه :
-بس ايه الحلاوة دى .. يعنى بذمتك لابسالى احمر وجايه تقوليلى عايزه انام .. 

ابتسمت حياة بخفوت ثم قالت بدلال :
-انا لسه متنرفزه منك على فكرة .. 
اجابها بهمس وهو يحرك جسده حتى تصبح رأسها قبالة رأسها :
-وانا عندى استعداد اصالحك للصبح .. 
ابتسمت بخجل ثم تمتمت بعشق :
-طيب بحبك ..

تنهد فريد بحرارة ثم قال بأمتعاض ممازحاً قبل التهامه لشفتيها :
-الله يخربيت هرموناتك اللى بتيجى على دماغى دى .. 

هرمونات !!! هل قال للتو هرمونات !! ، نعم نعم فهو يحفظ مواعيدها اكثر منها ، ماهو تاريخ اليوم !! اتسعت حدقتى حياة بأرتياب لقد تخطى اكثر من اسبوع كامل !! ايعقل ؟!، لقد ذكرها هو ، شهقت حياة بقلق وهى تدفعه بعيداً عنها هاتفه بترقب :
-فريد .. انا متأخرة .. 

نظر فريد إليها بأستنكار من تحولها المفاجئ ثم سألها بعدم فهم :
-متأخرة على ايه .. 

اجابته بحدة :
-افهم يا فريد .. هرموناتى .. انا .. متأخرة .. اسبوع كامل .. 
جحظت عينى فريد للخارج هو الاخر ثم سألها بترقب وعينيه تضيق فوقها :
-قصدك ايه ؟!!!.. 

اجابته حياة وقد بدء شبح ابتسامه يظهر فوق فمها :
-مش عارفه .. انا مش حاسه بحاجه زى المره اللى فاتت بس تفتكر ؟!..
سألها فريد بأرتباك وهو يحاول السيطره على حماسه من مجرد الفكره :
-هو ينفع ؟!.. يعنى بما انك لسه معترضه لإجهاض من شهرين .. 

نظرت حياة نحوه بتفكير ثم اجابته كاذبه رغم علمها بأمكانبه حدوثه بنسبه كبيره بناءاً على شرح الطبيبه لها ففى الاخير تريد التأكد قبل زرع الامل بداخله :
-مش عارفه .. ايه رأيك بكره اروح للدكتوره اسالها ونتأكد ؟!.. 

حرك رأسه موافقاً بحماس وابتسامته هو الاخر تتسع امامها ، عادت حياة للاقتراب منه فأبتعد عنها قائلاً بتصميم :
-حياة .. خليكى بعيد احسن .. 
سألته حياة مستنكره وهو تعاود الاقتراب منه :
-ليه ؟؟؟؟.. 

اجابها بضيق ارتسم فوق ملامحه وظهر فى نبرته :
-انتى عارفه ليه .. 
ابتسمت تطمأنه ثم قالت بهدوء :
-حبيبى ده شك بس .. وبعدين عايزك تنسى اللى حصل عشان خاطرى .. 
اجابها بأصرار وهى يحتضن جسدها ويعود ليستلقى بها فوق الفراش :
-عارف انه شك بس .. بس بجد لو عايزانى انسى اللى حصل خلينى على راحتى .. 

ضغطت حياة فوق شفتيها بأحباط ،حسناً لن تضغط عليه الان ثم قامت بطبع قبله رقيقه فوق وجنته قائله بحب وهى تخفى وجهها بثنايا عنقه :
-تصبح على خير ..

*************

فى الصباح ايقظها فريد مبكراً قائلاً بحماس :
-حياة ... يلا هتتاخرى .. 
غمغمت حياة مغمضه العينين بأعتراض:
-فريد .. لسه بدرى .. الساعه لسه ٧ .. 

اجابها فريد وهو يجذب جسدها من فوق الفراش :
-لا مش بدرى .. متبقيش كسلانه قومى يلا عشان ننزل سوا ..
فتحت حياة عينيها على الفور ثم سألته بعدم تصديق :
-بجد !!! هتيجى معايا ؟!.. اجابها وهو يقبل فمها ببطء :
-مش عايزانى ولا ايه ..

قفزت فوقه تحتضنه بحب قائله بحماس :
-لا طبعاً عايزاك معايا على طول .. لو عليا عايزة متتحركش من جنبى .. 
ابتسم فريد بسعادة ثم قال وهو يحملها برفق :
-طب يلا عشان ناخد دش الاول ونفطر وبعدين نتحرك ..
ابتسمت حياة بخجل ثم قامت بطبع قبله فوق وجنته موافقه وهو يتحرك بها فى اتجاه الحمام ..

فى الحديقه تحرك فريد وهو يحتضن يدها بتملكه المعتاد ، اوقف خطواته رنين هاتفه معلناً عن ورود اتصال جديد له من وائل الجنيدى ، قطب فريد جبينه وهو يزفر بضيق ، سألته حياة مستفسرة :
-فريد .. فى حاجه ؟!.. 

اجابها بضيق :
-انا نسيت خالص .. كان عندى ميعاد مع وائل الساعه ٩ ونسيته .. شكله بيتصل يفكرنى ..
اجابته حياة بتفهم :
-خلاص ايه المشكله .. روح ميعادك وانا هروح وهبلغك على طول ..

نظر فريد نحوها بعدم تقبل فأردفت حياة تقول بهدوء :
-يا حبيبى ده شغلك وانا عارفه انك مش هتنفع تأجله ، انتوا بينكم شغل مفتوح لازم يخلص .. روح خلص شغلك وانا هروح واجيلك على الشركه ايه رأيك ؟!.. 

قال فريد على مضض وهو ينظر حوله :
-طب هتبلغينى بالنتيجة على طول .. 
اجابته حياة مردده خلفه بخفه :
-على طول ..

اردف فريد يقول بجديه :
-وتخلى بالك ومتتحركيش من غير الحراسه حواليكى .. وتسمعى كلامهم متنسيش ان نجوى لسه متقبضش عليها !!.. 

قالت حياة بطاعه لتطمأنه :
-مش هتحرك وهسمع كلامهم وهبلغك بكل تحركاتنا .. مبسوط كده ؟!.. 

اجابها فريد بعدم ارتياح :
-طب تمام .. خلى بالك من نفسك .. 
طبعت حياة قبله مودعه فوق وجنته وهى تغمغم بحب :
-حاضر يا حبيبى .. وانت كمان خلى بالك.. 

انتظر فريد تحرك سيارتها بسائقها اولاً ثم أعطى تعليماته لسيارة الحراسه خلفها بالانتباه ثم تحرك هو الاخر على مقر عمله .. 

************
تحركت نجوى فى طرقات المصحه بترقب وخطى محسوبه ، بالطبع لن يتعرف عليها احد بعدما ارتدت شعر مستعار واخفت نصفه بحجاب رأس واخفت عينيها بنظاره شمسيه كبيره تخفى نصف ملامح وجهها كما انها ارتدت ملابس فضفاضه طويله مغايره لطبيعتها ، نظرت حولها بتوتر منتظره خروج الممرض فى اى لحظه وبالفعل بعد دقيقه واحده تفاجئت به يخرج لها من العدم قائلاً بنبره خفيضه للغايه :
-سيرين هانم .. انا بدور عليكى من بدرى .. 
اجابته نجوى بعصبيه شديده :
-انا واقفه بدور عليك اهو .. ها خلصنى .. الحاجه معاك ؟!.. 

ابتسم الممرض بثقه ثم التفت حوله يميناً ويساراً يتأكد من خلو الممر ثم اخرج من جيب ردائه لفافه بلاستيكية صغيره وابره طبيه مغلفه اعطاها لها مسرعاً ثم قال محذراً :
-لو حاجه حصلت انتى لا شفتينى ولا انا شفتك .. متنسيش اتفاقنا .. انتى دخلتيلها لوحدك .. 

حركت نجوى رأسها بحده موافقه وهى تدفعه ليتنحى عن طريقها قبل دخولها لغرفه نيرمين رسلان .

هتفت نيرمين بتوتر مستنكره وهى ترى صديقتها امامها :
-نيرمين !! انتى جيتى هنا ازاى ؟!..

اجابتها نيرمين بأضطراب :
-دخلت من غير ما حد يحس .. انتى عارفه انى هربت وهسافر النهارده بليل بس مقدرتش امشى من غير ما اسلم عليكى .. طمنينى انتى كويسه ؟!.. 
بدءت نيرمين تشهق بصوت مرتفع وهى تفرك جسدها بيدها :
-انا تعبانه اوى يا نجووووى .. عايزه اخرج من هنا مش قاددددره ..

اخرجت نجوى اللفافه والابره من جيب ردائها ثم دسته فى يد نيرمين قائله بعجاله :
-خدى دى .. اخر حاجه معايا شوفى نفسك بيها .. بس خدى بالك دى جرعه كبيرة .. 
انهت جملتها وانتفضت من جلستها قباله نيرمين قائله بعصبيه :
-انا انا لازم امشى دلوقتى قبل ما حد يشوفنى .. سلام يا نيرمين ..

لم تنتظر حتى سماع وداعها بل خرجت من الغرفه مسرعه وهى تضحك بهيستريا قائله بغل :
-وادى نيرمين هخلص منها .. فاضل انتى حياة الكلب .. لازم تحصليها النهارده عشان اقدر اخد فريد وأسافر ..
متى تخضعين لقلبى
تكمله الفصل الثالث والثلاثون

خرجت حياة من مشفى فريد الخاص والابتسامه تكاد تصل إلى اذنيها ، رفعت رأسها تنظر إلى السماء بأمتنان ، يالله ايعقل ؟!، لقد رزقها الله للمره الثانيه فى وقت قياسى ، نعم هذا ما أخبرتها به الطبيبه منذ قليل تشرح لها ان افضل وقت لحمل مستقر مرة اخرى هى تلك الفترة التى تمر بها الان ، ستخبر فريد ، نعم ستذهب إليه وتخبره على الفور لن تنتظر حتى المساء ولن تخبره فى الهاتف فبعد كل ما مرا به تريد رؤيه رد فعله وجهاً لوجهه ، هذا ما قررته وهى تصعد السياره وتطلب من سائقها التوجهه إلى مقر الشركه على الفور ، أضاءت شاشه هاتفها بأتصاله ، ازداد وهج عيونها وهى ترى اسمه يزين هاتفها ، حبيبها وزوجها ووالد طفلها الذى ستحميه بروحها تلك المرة ، اجابته بحب :
-حبيبى ..
-سألها فريد بنبره خفيضه مترقبه :
-حياة عملتى ايه ؟!..
اجابته كاذبه :
-ولا حاجه .. الدكتورة اعتذرت النهارده ..

صمتت قليلاً ثم قالت بدلال :
-فريد .. ممكن اجيلك الشركه دلوقتى .. عايزه اقولك حاجه مهمه .. 
سألها فريد بقلق :
-فى حاجه حصلت ؟!.. انا مع وائل ساعه بالكتير واخلص .. 

اجابته مطمئنه :
-لا مفيش اى حاجه .. بس انت وحشتنى .. عقبال ما تخلص ميعادك هكون وصلت اتفقنا ؟!.. 
اجابها فريد بصوته العميق الحانى :
-اتفقنا هستناكى ..

اغلقت حياة معه الهاتف بسعاده وقبل وضعه داخل حقيبتها صدع رنينه مرة ثانيه وتلك المرة برقم والدها ، قطبت حياة جبينها بقلق ، انه حقاً رقم والدها !!، تُرى هل حدث شئ ما فمنذ زواجها لم يهاتفها ولو لمرة واحده ، اجابه حياة بتوجس :
-الو .. 
هتف والدها متصنعاً اللهفه :
-حياة .. انتى فين يا بنتى ؟!.. 

سألته حياة بقلق :
-خير يا بابا فى حاجه ؟!.. 
اجابها والدها بتوتر :
-امك تعبت بليل ووديتها مستوصف كده على قد حالنا مانتى عارفه البير وغطاه .. هى قالتلى بلاش اقلقك بس انا قلت لازم اعرفك .. 

هتفت حياة بذعر :
-ادينى العنوان بسرعه وانا هكون عندك فى لحظتها ..
اجابها والدها معترضاً بتمثيل :
-لا يا بنتى ده فى حته غريبه مش هتعرفى توصليله .. قابلينى ونروح سوا .. 
اجابته حياة بلهفه موافقه :
-طب يا بابا انا كده كده فى الطريق ومعايا العربيه .. قولى اقرب مكان استناك فيه وأمر عليك ونكمل سوا .. 

اجابها والدها موافقاً بحماسه وأعطاها موقعه ثم اغلق معها الهاتف وأرسل رساله نصيه لجيهان التى كانت تنتظره فى مخزن منصور القديم بجوارها نجوى يخبرها فيها بأقتراب وصولهم والاستعداد جيداً .
هاتفت حياة فريد مرة ثانيه تخبره بقلق :
-فريد .. ماما تعبت وبابا نقلها مستوصف .. انا هروحلها دلوقتى ..

سألها فريد بأهتمام :
-تحبى اجيلك ؟!..
اجابته حياة معترضه :
-لا كمل انت شغلك وانا هروحلها لو احتجت حاجه هكلمك على طول .. 
اجابها فريد بعدم ارتياح :
-حياة .. خلى بالك ومتتحركيش لوحدك ولو احتاجت حاجه انقليها على المستشفى عندى وانا هتصرف فى الباقى .. 

اغلقت حياة معه الهاتف بعدما شكرته على اهتمامه بوالدتها ووعدته بالتواصل معه فى كل جديد .
بعد حوالى ربع ساعه توقفت سيارتها امام المكان الذى وصفه له والدها وصعد فى السيارة ثم سألها بقلق بعد تحركهم بفتره :
-حياة !!.. ايه العربيه اللى ماشيه ورانا من ساعه ما اتحركنا دى ؟! ..

اجابته حياة بسذاجتها المعهوده :
-دى عربيه الحراسه يا بابا .. فريد مخليها ورانا عشان موضوع كبير كده ..
هز عبد السلام رأسه متفهماً ثم قام بأرسال نصيه اخرى اخرى لجيهان يخبرها بها عن تلك السيارة وبما تحتويه

وفى الطريق ظل والدها يوجهه السائق لطريق شبهه زراعى بعيد عن المدينه لا يوجد به احد ولا حتى عابر سبيل !،سألته حياة مستنكرة :
-بابا مستوصف ايه ده اللى بعيد كده !! ده مكان مقطوع !!!. 
اجابها والدها بعدما أمر السائق بالتوقف :
-مش عارف يا حياة !!.. شكلى كده جيت غلطت .. اصل التاكسى هو اللى ودانا بليل والطريق كان ضلمه ..

انهى جملته تلك وبعدها رأت حياة حوالى خمسه عشر شخصاً من الملثمين ذو الأجسام الرياضيه يركضوا نحوها ، انتفض جسدها وبدءت فى الصراخ عندما سمعت دوى إطلاق نار حولها من سيارة الحراسه التى تتبعها ، خرج سائقها من السيارة هو الاخر للاشتباك مع هؤلاء الملثمين تاركها بمفردها داخل السيارة مع والدها الذى انتهز الفرصه واخرج من جيب ردائه قطعه قماش مخدره وضعها بسرعه فوق فمها وانفها لتغيب بعدها عن الوعى والعالم . 

*************

اخرجت نيرمين تلك البودره التى ينتفض جسدها بأكمله طلباً لها والتى أعطتها نجوى لها عند زيارتها وقامت بتحضيرها ووضعها داخل الابره الطبيه "السرنجه" وحاولت حنقها لنفسها بكف مرتعش ، لم تسعفها أورده ذراعيها بأى شكل كان لذلك قررت حقن نفسها فى احدى ساقيها ، سحبت مكبس الابره بترقب بعدما استعدت جيداً ثم حقنتها بأحدى أورده ساقيها قبل صراخها بهيستريا وسقوطها غائبه عن الوعى . 

***********

فى غرفه مكتبه وبعد انتهاء عملهم المقرر وقف فريد مودعاً وائل بجموده المعتاد فباله وتركيزه مشغول مع زوجته ، قاطع تفكيره صوت وائل يسأله بحرج :
-فريد .. بعد اذنك .. كنت عايز استأذن منك اروح أزور نيرمين .. 

سأله فريد بتأهب :
-والسبب ؟!.. 
تنحنح وائل شارحاً :
-يعنى .. كنت عندى واحد صاحبى مر بنفس حالتها .. عشان انا كده انا اهتميت بالحاله من الاول .. وبيتهيألى اقدر أساعدها ..

هز فريد رأسه متفهماً ثم اجابه بنبره خاليه :
-الموضوع ده بعيد عنى .. بس لو انت حابب تقدر تستأذن من غريب بيه .. 

حرك وائل رأسه موافقاً بحماس ثم فتح فمه ليجيبه ، فى ذلك الوقت صدع رنين هاتف كلاً من وائل وفريد سوياً ، تحرك فريد عائداً إلى طاوله مكتبه يلتقط منها هاتفه واخرجه وائل من جيب ردائه ، اجاب وائل اولاً بهدوء مستمعاً لفرد الامن :
-وائل بيه .. الحق يا بيه .. انا روحت الصبح لقيت ناس فاتحه المخزن ومحاوطينه شكلهم زى البودى جاردات ولما سألتهم انتوا مين طردونى وهددونى لو ممشتش هيقطعوا نفسى من الدنيا .. انا عملت نفسى اتحركت بس وقفت اراقب من بعيد ومن شويه ناس جديده جت وهما بيجروا واحده ست كأنها مغمى عليها وزى ما تكون مخطوفه.. انا قلت ابلغك يا باشا اضمن قبل ما ابلغ البوليس.

فى ذلك الوقت اجاب فريد على هاتفه هو الاخر ليستمع إلى جيهان تقول بغل :
-فريد بيه .. مراتك عندنا .. لو حابب ترجعلك سليمه تجيلى دلوقتى حالاً ولوحدك ..
شحب وجهه وبهتت ملامحه وشعر بقبضه قويه تعتصر قلبه بمجرد سماعه لتلك الجمله التى تفوهت بها زوجه والده ولم يدرى كيف استطاع نطق جملته التاليه بذلك الثبات :
-ايه اللى يثبتلى ؟!..

دوت ضحكت جيهان بثقه جعلت قلبه ينقبض اكثر فأكثر قبل سماعه لصرخه زوجته التى اقتحمت اذنه بوضوح بسبب لطم نجوى لها ، اغمض عينيه لبُرهه قبل صراخه قائلاً :
-اقسم بالله لو لمستى منها شعرة مش هتكفينى عيلتك نَفَر نَفَر وقبلها بنتك فهمانى !!! هولع فيكم كلكم صاحيين .. 

اجابته جيهان بعجرفتها المعتاده آمره :
-تجيلى ولوحدك مع اوراق تنازل على كل اللى تملكه فاهمنى ؟!.. 
اجابها فريد بصراخ وهو يركض نحو مكتب والده :
-هعملك اللى انتى عايزاه بس سبيها ..

قالت جيهان بجديه :
-ربع ساعه تكون حضرت أوراقك اكلمك اقولك تقابلنى فين ..
انهت جملتها واغلقت الهاتف فى وجهه مباشرةً ، اقتحم فريد غرفه والده قائلاً بأهتياج :
-مراتك خطفت حياة وبتهددنى بيها .. 

انتفض غريب هو الاخر من مقعده ليسأله بتعلثم :
-بتقول ايه ؟!...
اجابه فريد وهو يتحرك داخل  الغرفه كالمجنون يحاول الاتصال بسائقها وطقم الحراسه الذى كان يرافقها دون رد ، صرخ فريد بقوه فى قائد حراسته وهو يعود لمكتبه :
-اجمعلى كل الرجاله عندك واتصل بكل شركات اسكندريه .. عايزهم كلهم مسلحين فاااااهم .. فى اسرع وقت تحصلنى .. 

كان غريب يركض خلفه هو الاخر وهو يعطى اوامره لرجاله للاستعداد ، عاد فريد لمكتبه ومن خلفه غريب الذى سأله بقلق عندما رأه يسحب سلاحه من درج مكتبه ويستعد للخروج :
-انت هتعمل ايه .. 
اجابه فريد وهو يركض للخارج :
-مراتى عندها مش هستنى .. مش هسمحلها تأذيها .. 

هنا تدخل وائل الذى كان يجرى عده اتصالات هاتفيه للتأكد من شكوكه :
-فريد .. بيتهيألى انا عندى فكره حياة فين .. 
توقف فريد ليستمع إليه كأنه طوَّق النجاه بالنسبه إليه ، اردف وائل يقول بثقه :
-لو شكى صح .. حياة فى مخزن الشركه القديم عندنا .. 

استمع فريد لحديث وائل والذى سرد عليه مكالمه حارسه بالتفصيل  ثم قال بلهفه :
-انا لازم ألحقها .. 
نطق بجملته تلك وهو يعاود الركض للخارج وركض خلفه كلاً من غريب ووائل وفى الخارج أعطاه وائل عنوان المخزن ثم قال بتخطيط :
-اتحرك انت وهتلاقى رجالتى كلهم سابقينك على هناك .. هما عارفين مداخل ومخارج المخزن كويس وعارفين هيعملوا ايه وانا هبلغ البوليس واحصلك .. 

اومأ فريد برأسه له موافقاً اما عن غريب فقد اصر الذهاب خلف ابنه الوحيد ، صعد فريد سيارته بمفرده بعدما صرخ فى سائقه لتركها له وبعدما اعطى فكره مبدئيه لوالده عما يجب فعله ثم بدء يقود سيارته نحو العنوان الذى أعطاه له وائل بجنون ، دوى رنين هاتفه وعادت جيهان للاتصال به مرة ثانيه ، اجابها فريد بلهفه بمجرد سماعه صوتها :
-انا مش هتحرك من مكانى غير لما تسمعينى صوتها .. واتاكد انها كويسه ..
اجابته جيهان بنفاذ صبر :
-طيب طيب .. دقيقه واحده .. 

فتحت جيهان مكبر الصوت لتستمع إلى حديثه ثم طلبت من حياة التحدث ، هتفت حياة اسمه بصوت باكِ :
-فريد ؟!. 
ارتجف جسده بأكمله بمجرد سماعه صوتها ثم عاد يقول بقوه :
-حياة يا عمرى متخافيش .. مش هسمح لحاجه تأذيكى ..
اجابته حياة بثقه :
-انا مش خايفه وعارفه ان عمرك ما هتسبنى .. بس كنت عايزه اقولك انا اسفه .. انا كدبت عليك الصبح .. انا روحت المشوار اللى اتفقنا عليه وكنت مستنيه اشوفك عشان اقولك الحقيقه ..

قاطعت جيهان حديثها قائله بتأفف :
-اخلصى مش هتحكيله قصه حياتك .. 
هتفت حياة بتوسل قائله :
-الله يخليكى اقوله حاجه اخيره بس وبعدها اعملى اللى انتى عايزاه .. فريد لو انت سامعنى عايزه اقولك انى واثقه فيك بس لو ملحقتنيش عايزاك تعرف انى مش لوحدى .. اللى شكينا فيه امبارح حصل .. 

توقفت قدم فريد عن الضغط على فرامل سيارته ثم سألها بصدمه وعدم تصديق :
-حياة !! انتى !! ..
هتفت حياة بقوه مقاطعه لتمنعه من الاسترسال :
-انا مستنياك .. 

سحبت جيهان الهاتف من امامها ثم عادت تقول لفريد بتهديد بعدما ابتعدت عنها :
-تجيلى ولوحدك والا متحلمش تشوفها تانى ..
هتف فريد بتوسل مقاطعاً :
-لا .. هعملك اللى انتى عايزاه بس سبيها ..
اجابته جيهان آمره وبقوه :
-حضر اللى طلبته وتجيلى لوحدك على العنوان اللى هبعتهولك ..
انهت جملتها واغلقت الهاتف فى وجهه ثم تحركت تهتف بأسم احد الرجال من الخارج تستدعيه .

التفت حياة تنظر حولها بذعر بعدما رأت جيهان تقوم بتحضير مسدسها وإعطاء الأوامر لاحد الرجال الذين ساعدوا فى خطفها للحذر والاستعداد جيداً لاستقبال فريد ، صرخت حياة لوالدها الذى يقف جوارها قائله بيأس :
-انت هتفضل واقف كده اعمل حاجه .. انت ليه بتعمل معايا كده .. حرام عليك .. هو انا مش بنتك !!.. ازاى تعمل كده .. عملتلك ايه لكل ده .. قولى حاجه واحده عملتها ضايقتك فيها .. ده انا كنت بمشى جنب الحيط عشانك .. بعمل كل حاجه عشان ارضيك .. عشان تفرح بيا .. عشان ترضى عنى .. ادينى سبب واحد يخليك تكرهنى !!! . طول عمرى بحاول معاك .. بديلك مبررات .. بقول يمكن لو اتعلمت كويس يحبنى ... لو لبست كويس ممكن يحبنى .. لو اشتغلت كويس يحبنى ويبقى فخور بيا .. وحتى لما بعدت عنك واستقريت فى حياتى مش عايزنى ارتاح .. لييييه !!! .. انتى ازاى اب كده !!.. ازاى جاحد كده !! .. ليه يتمتنى وانا عايشه !!،ولما لقيت اللى يعوضنى عايز تحرمنى منه وتحرمه منى لييه .. قولى سبب عشان أعذرك لان أعذارك جوايا خلصت .. ادينى مبرر عشان لو كان فى عمرى باقى افتكرك بموقف حلو .. اترحم عليك بدعوه حلوه يا بابا .. ازعل عليك زى كل الناس ..

استمع عبد السلام إلى عتابها  وقد مزق حديثها قلبه لقد واجهته بما ظل دائما يفكر به ويخشى منه ، هو يعلم انه ظلمها وانها تكرهه ولا يوجد شئ قد يغير تلك الحقيقه ولكن الان لماذا ؟! ، لماذا واجهته فى تلك اللحظه وذلك الموقف تحديداً ، لماذا لم تبتلع فعلته داخلها وتصمت مثلما تفعل فى كلمه مره يؤذيها ؟!، لماذا هبت تواجهه وتعاتبه ؟!، هذا ما فكر به عبد السلام وهو ينزوى بنفسه إلى احد الأركان القريبه منها ينتظر القادم . 

************

بعد اقل من ساعه كان فريد يركض فى اتجاه المخزن بعدما بعث برساله نصيه لوالده يخبره فيها عن عدد الرجال الملثمين وأماكن تواجدهم ثم ركض بأقص ىسرعه  إلى الداخل مقتحماً المخزن بعدما قام احد رجال جيهان بتفتيشه وسحب سلاحه منه ، لا يهم ، كل ما كان يشغله فى ذلك الوقت هو رؤيتها سليمه هى وطفلهم ربما ، هذا ما فكر برجاء وهو يبحث بعينيه عنها ويتأكد من سلامتها من خلال نظرته المبدئية له ، اومأت حياة برأسها لتطمئنه فبخلاف تلك الصفعه التى وجهتها لها نجوى والتى احدثت جرح صغير بجانب شفتيها والدموع المنهمره فوق وجنتيها لم يصيبها اى اذى او مكروه حتى الان ، هتف فريد فى جيهان وهو يتحرك فى اتجاه حياة :
-جيهان .. حياة ملهاش دعوه بمشاكلنا .. سبيها وحسابك معايا .. 

رفعت جيهان السلاح فى وجهه ثم وجهت فوهته نحو صدره وهى تسأله بنبره عدائيه :
-جبت اللى طلبته منك ؟!.. 
تحرك فريد بحذر وهو يوزع نظراته بين جيهان ومسدسها وبين حياة فعادت جيهان تهتف بعصبيه :
-اقف مكانك ومتتحركش والا المسدس كله هيتفرغ فيك .

توقف فريد عن السير ورفع كفه فى اتجاه جيهان متمتاً بنبره ثابته رغم توترها :
-هعملك كل اللى انتى عايزاه بس سيبى حياة تطلع الاول ..
صرخت حياة بها بقوه تعارضه :
-لا مش هطلع .. انا معاك للاخر فاهم .. استحاله اسيبك ..
نظرت جيهان نحوهم شرزاً ثم اجابته بأستحقار قائله بلامبالاه :
-انا عن نفسى معنديش مشكله معاها .. نجوى هى اللى هتقرر ..

هنا تدخلت نجوى صارخه بعصبيه شديده رافعه مسدسها هى الاخرى نحو حياة :
-مش ده اتفقنا يا جيهان .. لازم تموت دلوقتى .. لازم .. 
صرخ فريد فى وجهه نجوى قائلا بذعر :
-نجووووى .. مش هسمحلك تأذيها ..

اجابته نجوى بصراخ وكفها يرتعش اضطراباً:
-وانا مش هسيبها تتهنى بيك .. انت ليا لوحدى فاهم .. لوحدى لازم هى تموت عشان تشوفنى .. 

انهت جملتها تلك وقامت بشد اجزاء سلاحها قبل ضغطها فوق الزناد بكف مرتعش ، كان والد حياة يتابع ما يحدث بذعر شديد ، هل ساق ابنته كالذبيحه من اجل الموت !! ايعقل ان يعود من دونها وان يوارى جسدها التراب بسبب فعلته الهوجاء والغير محسوبه !! فقط من اجل عده قروش !! لا لن يسمح بذلك لقد ظلمها بما يكفى واذا كان لا بد من موت احد اليوم فليكن موته هو وليس ابنته التى فى ريعان شبابها ، هذا ما فكر به وهو يركض فى اتجاه حياة صارخاً برعب :
-بنتى لا .. الا بنتى  ..

اغمضت حياة بقوه وهى تمتم الشهاده داخلياً وركض فريد بكل ما أوتى من قوه نحوها ولكن والدها كان هو الاقرب فأستقبل الرصاصه بدلاً منها ، صرخت حياة وهى مغمضه العينين بعد سماعها صوت إطلاق الرصاصه وفتحت عينيها بذعر تنظر نحو فريد تتفحصه اولاً قبل ان تقع عينيها على والدها الملقى أرضاً والرصاصه مستقره داخل كتفه ، صاح فريد وهو يقف امام حياة يحميها بجسده :
-انتى غلطانه يا جيهان .. اتفقتى مع الطرف الغلط .. نجوى هى السبب فى اللى حصل لبنتك ..

صرخت حياة بمجرد رؤيه جسد فريد يقف امامها ويصنع ساتراً بينها وبين رصاصات نجوى وجيهان قائله بتوسل :
-لا فريد لا .. ابعد من قدامى .. سيبنى وامشى  .. متقتليهوش ابوس ايدك ابوس رجلك فريد لا .. خدى كل اللى انتى عايزاه .. بصى انا هقنعه .. والله العظيم هقنعه يتنازلك عن كل حاجه بس سيبهولى .. انا مش عايزه غيره .. خدى كل حاجه بس سبيه .. 
ابتعلت حياة لعابها بهلع ثم عادت تصرخ بهيستريا :
-فريد ابعد عنها وعنى .. اقتلينى انا زى مانت عايزه بس فريد لاااا .. انا هخليه يمضيلك على كل حاجه انتى عايزاه بس سبيه يعيش ..

هتف فريد بها ليوقفها ثم وجهه حديثه لثلاثتهم :
-حياة اسكتى .. نجوى حياتى قبل حياة حياة فاهمانى .. مش هسيبك تأذيها غير على جثتى .. وانتى يا جيهان فوقى .. نجوى سلطت حد عشان نيرمين تبقى مدمنه .. كفايه جشع وفوقى ..

فى تلك الأثناء كان غريب ورجال فريد ووائل استطاعوا بحرفيه شديده وبسبب كثره عددهم التخلص من جميع الرجال المحاوطيين للمبنى وبدءوا عمليه اقتحام المكان بسلاسه ، كان غريب اول من ركض للداخل يبحث بعينيه عن ابنه الوحيد الذى تفاجئ به يقف امام زوجته وسلاح كلاً من جيهان ونجوى موجهان نحوه ، اخفضت نجوى سلاحها قليلاً بعد سماعها لحديث فريد نافيه بصراخ وموجهه حديثها لجيهان :
-متصدقيهوش .. عايز يوقع بينى وبينك .. انا معملتش حاجه لنجوى ..

قاطعها فريد بحده :
-كدابه .. نجوى بتلعب بيكى يا جيهان عشان توصل للى هى عايزاه .. واول ضحيه للعبها ده هى نيرمين اللى استغلتها .. لو فكرتى بعقلك هتلاقى المستفاد الوحيد من اللى حصل هو نجوى .. لو قتلتينى قبل ما اتنازلك هيتقبض عليكى وكده كده البوليس فى الطريق .. يعنى مش هتستفادى حاجه ..

استمعت جيهان لحديثه ثم قامت بوضع إصبعها فوق الزناد متمته بغل :
-انت لازم تموت عشان ارتاح من رحاب ومن روحها اللى محوطانى بسببك .. لازم غلط زمان يتصلح ..

صرخت نجوى تستوقفها وركض غريب هو الاخر بذعر يقف امام ولده قائلاً بقوه وتصميم  مدافعاً عنه :
-يا جيهان .. مش هسمحلك يا جيهان .. روحى قبل روح ابنى .. مش هسمحلك تأذيه وانا واقف اتفرج .. غريب زمان مات خلاص . 
نظرت جيهان نحوه قائله ببرود :
-وماله .. روحك تطلع الاول يا غريب .. ده حتى انت جيت فى وقتك ..
جحظت عينى غريب للخارج بعدم تصديق وهو يرى يد جيهان ترتفع بالمسدس فى اتجاه قلبه ، اما عن فريد فقد عاود يقول فى محاوله اخيرة منه :
-جيهان اسمعينى .. رجالتى كلهم بره ومش هتقدرى عليهم مهما عملتى .. يعنى كده كده مصيرك السجن .. لكن لو سبتينا نخرج دلوقتى اوعدك هعديكى منها .. 

نظرت جيهان حولها بضياع خصوصاً وهى ترى رجال حراسه فريد وغريب يقتحمون المكان وبدءوا ينتشروا بداخله استعداداً للقبض عليها فى اى وقت ،اما عن هاتف غريب فقد دوى رنينه فى المكان بأكمله معلناً عن وصول اتصال جديد له ، صرخت جيهان بهيستريا قائله وهى توجهه سلاحها نحوه :
-طلع موبايلك ده وارميه قدامى دلوقتى .. 

أطاعها غريب على الفور وقام بأخراجه من سترته ونظر به اولاً ثم قال بقلق :
-ده رقم دكتور نيرمين .. ده عمره ما كلمنى
صاحت جيهان به آمره :
-رد على طول مستنى ايه ..

وضع غريب الهاتف فوق اذنه واستمع إلى حديث الطبيب ثم اسقط الهاتف من بين يديه موزعاً نظراته بين فريد وجيهان ثم قال بأنكسار :
-نيرمين يا جيهان !! .. نيرمين ماتت بجرعه زياده حد عطهالها من بره المستشفى ..

صرخت جيهان وارتمت أرضاً وهى تنوح بعدم تصديق :
-بنتى .. بنتى لا .. انا عملت كل ده عشانها .. بنتى لا يا غريب .. انا كنت هسافر بيها وامشى من هنا .. ازاى تموت .. مينفعش تموووت .. بنتى 

انتهز غريب انهيارها وبدء يتحرك ببطء شديد وخطوات حذره فى اتجاهها ثم جلس جوارها وسحب المسدس من يدها اما عن فريد فقد اشار لرجاله برأسه للتوجهه نحو نجوى وسحب مسدسها هى الاخرى والتى بدءت تضحك بهيستريا وتغمغم بعدم اتزان :
-نيرمين ماتت .. ههههههه نيرمين ماتت .. انا نجحت .. فاضل حياة .. ايوه انا نحجت .. ههههههه 

رفعت جيهان رأسها تنظر فى اتجاه نجوى التى تهذى بكلمات غير متزنه ثم سألتها بترقب من بين دموعها المنهمره :
-انتى بتقولى ايه .. 
اجابتها نجوى وهى تضحك بلا توقف وتتحدث بأضطراب :
-فاضل حياة ويبقى فريد يبقى بتاعى .. وكل حاجه تبقى بتاعتى .. 

سألتها جيهان بذهول :
-يعنى ايه .. انتى شمتانه فى موت بنتى !!.. 
ظلت نجوى تهذى بكلمات غير محسوبه :
-ههههههه كله هيبقى بتاعى .. الغبيه اخدت الجرعه كلها زى ما خططت ..

وجهت نجوى حديثها لفريد مضيفه بثقه :
-وانت كمان .. هتعمل اللى انا عايزاه .. هتتجوزنى .. ههههههه .

استقامت جيهان فى وقفتها ثم صرخت بهيستريا :
-مش ممكن .. انتى السبب !! محدش فيكم هيعيش .. مادام بنتى ماتت لازم كلكم تحصلوها واولهم انتى .. 
انهت جملتها وقامت بسحب المسدس بقوه من يد غربب وفى اللحظه التاليه بدءت تطلق الرصاص على جسد نجوى وحولها حتى انتهى مخزون طلقاتها على جسدها . 

صرخت حياة وهى ترى نجوى تسقط امامها قتيله فى الحال ، اما عن الرجال المحاوطين لها فقد قاموا بتقييد جيهان وسحبها للخارج وخرج خلفها غريب مطأطأ الرأس بعدما تأكد من موت نجوى .

***********

بعد سقوط نجوى صريعه ركض فريد فى اتجاه حياة قاطعاً المسافه المتبقيه بينهم ثم انحنى بجزعه نحوها ليحل وثاق يدها من خلف المقعد ثم جثا على ركبتيه يتفحصها بلهفه وهو يسألها بقلق :
-انتى كويسه ؟!..

حركت رأسها عده مرات بقوه موافقه من بين دموعها المنهمره ثم سألته بصوت مرتعش :
-انت اللى كويس ؟!.. 

همهم بصوته موافقاً وهو ينحنى براسه ليحل وثاق قدميها هى الاخرى ثم عاد ينظر إليها وهو يسألها بشك مصحوباً بقلق مازال يراوده خوفاً عليها :
-حياة .. انتى فعلاً !!.. 

اجابته حياة بأحتضان وجهه بين كفيها ثم حركت رأسها مؤكده ودموعها لازالت تنهمر فوق وجنتيها مع ابتسامه خافته بدءت تظهر فوق شفتيها ، نظر فريد نحوها لثوانٍ  بذهول ثم فجأة ودون سابق أنذار اعتصرها بين ذراعيه كأنه يريد إخفائها خلف ضلوعه ، دفن رأسه فى تجويف عنقها وبدءت حياة تشعر بدموعه الساخنه تجرى فوق عنقها وتجويف كتفها ، اتسعت ابتسامتها وازدات دموعها هى الاخرى كرد فعل طبيعى من تصرفه ، رفع فريد رأسه بعد دقيقه ينظر داخل عينيها وبدء فى مسح دموعها بأنامله ، ورفعت حياة كفها هى الاخرى تتلمس بأصابعها وجنته وتمحى اثار فرحته التى لم تتخيلها حتى فى احلامها ثم انزلقت كفها للأسفل حتى تمسكت بكفه واحتضنته و قامت بفرد أصابعه  فوق بطنها قائله بصوت متحشرج من تداخل مشاعرها :
-ابننا هنا .. حته منك بتكبر جوايا هنا .. حته منك عارفه ومتأكده انك هتحميها مهما حصل .. 

تلمس فريد بطنها عده مرات برهبه واجلال ثم طبع قبله عاشقه فوق جبهتها قائلاً بأصرار :
-انتى وهو فى عينيا لحد اخر يوم فى عمرى .. 

عانقته حياة مرة اخرى بقوه ثم همست متسائله وهى تبتعد عنه عندما تذكرت والدها :
-فريد .. بابا .. 
التفت فريد برأسه هو الاخر ينظر لرجال الاسعاف وهم يقومون بعملهم ثم اجابها مطمئناً :
-متخافيش هيعملوا معاه اللازم .. 

حركت رأسه موافقه وعينيها تتحرك فى اتجاه نجوى الصريعه أرضاً والغارقة فى دمائها ثم أخفت حياة فى كتفه قائله بتوتر :
-انا كدبت عليك .. انا خايفه .. ممكن نمشى من هنا انا خايفه ..

عاد فريد لاحتضانها مرة اخرى بين ذراعيه ثم استقام فى وقفته وبدء يتحرك بها وهى لازالت  بين احضانه ، أخفت حياة رأسها فى صدره وتشبث كفها بسترته بقوه خصوصاً عند اقتراب خطواتهم من جثه نجوى المسجاه أرضاً ولم تتركه حتى عندما وصلا لخارج المخزن .

اما فى الخارج تفاجئت حياة إلى جانب غريب الذى كان يقف بجوار والدها ويشرف على حمله مع المسعفين بوائل الجنيدى يقف بجوار احد الظباط ويتحدث معه بوديه شديده وما ان لمحهم حتى بدء التحرك فى اتجاههم ثم توقف امامهم سألاً  فريد بأهتمام كبير :
-انتوا كويسين صح ؟!. مفيش مشكله حصلت جوه لحد تانى ؟!.. 

اومأ فريد برأسه له إيجاباً ثم تحدث بنبره شبهه متصلبه :
-تمام .. بس محتاج أودى حياة المستشفى يطمنوا عليها للاحتياط .. 

ربت وائل على كتف فريد كصديق حقيقى ثم تحدث بمسئوليه  قائلاً :
-روح متشغلش بالك .. انا كده كده هنا عشان انت عارف المخزن تبع الشركه وانا اللى قدمت البلاغ فلازم اتابع معاهم .. ولو احتجت اى حاجه انا موجود ..

نظر فريد نحوه بأمتنان حقيقى ثم هتف وهو يتحرك بحياة نحو سيارته :
-وائل .. 
التفت وائل ينظر نحوه بتركيز فأردف فريد يقول بنبره جديه :
-شكراً .. وجودك معايا فرق كتير ..

ابتسم وائل متفهماً اما عن فريد فلم تصل ابتسامته التى بادله إياها إلى عينيه ، سألته حياة بخفوت وهو يتحرك بها ببطء شديد :
-هو ايه اللى جاب وائل هنا ؟!. 
اجابها فريد بعدما طبع قبله حانيه فوق شعرها :
-حوار طويل هحكيلك بعدين .. 

فى ذلك الوقت وأثناء مساعده فريد حياة لركوب السياره أوقفه والده الذى تحرك نحوه يسأله بأهتمام هو الاخر :
-انت رايح فين ؟!..
اجابه فريد بجمود :
-طالع بحياة على المستشفى .. 
قاطعه غريب بحزم :
-اوك .. انا جاى معاكم .. 
فتح فريد فمه للاعتراض فأستطرد غريب قائلاً بحسم :
-انا كده كده جاى عشان اطمن عليكم واشوف الراجل اللى اضرب ده فريح نفسك .. 

ارتخت ملامح فريد وسقط اعتراضه واغلق فمه على مضض ثم صعد بسيارته ليجلس بجوار حياة دون تعقيب ثم امر سائقه الذى جاء خلفه مع بقيه رجاله بالتحرك نحو المشفى الخاص.

***********

فى المشفى وتحديداً داخل غرفه الكشف تحدثت الطبيبه بنبره عمليه مطمئنه:
-منقلقيش يا حياة هانم كل حاجه تمام .. مفيش اى قلق ولا اى خطوره من اى نوع .. عايزاكى بس تبعدى عن اى توتر الفتره الجايه والمجهود يكون فى حدود طبعاً .. 

التفتت برأسها تنظر لفريد الواقف جوارها بعضلات جسد متصلبه وملامح مترقبه توجهه حديثها إليه :
-وطبعاً مفيش اى اتصال او تقارب الشهور الاولى دى .. انا نبهت على حياة هانم الصبح وبأكد دلوقتى تانى للامان .. 

اومأ فريد لها برأسه متفهماً بعد سماعه تعليماته ثم تحركت الطبيبه من مقعدها مضيفه جمله اخيره :
-ودلوقتى ضغط المدام واطى شويه .. هنركبلها محلول فيه شويه فيتامينات وتغذيه تكون ارتاحت وبعدها تقدر تتحرك فى اى وقت ..

بلعت حياة لعابها بذعر ورمقت فريد الذى تحرك ليقف قبالتها 
ويمسك يدها مطمئناً بنظره مستنجده ، تحدث فريد إليها بنبره حانيه :
-متخافيش ومتتوتريش لو مش عايزه اكيد هنلاقى حل تانى .. صح يا دكتور ؟!.. 

نطق جملته الاخيره وهو يلتفت برأسه نحو الطبيبه مستفهماً ، اجابته الطبيبه بنبره خاليه :
-اها طبعاً زى ما تحب بس يُفضل ..
اخذت حياة نفساً عميقاً واغمضت عينيها لوهله ثم فتحتهم قائله بتصميم :
-لا هركبه .. اوك يا دكتورة ابدئى انا جاهزه .. 
نظر فريد نحوها متفحصاً بتشكك فأردفت حياة تقول له بأقناع :
-مادام ده الاحسن يبقى لازم اخده عشان خاطره .. وبعدين انت معايا .. 
ابتسم لها مشجعاً ثم قام بوضع كفه خلف عنقها ودفعها للامام قليلاً ثم قام بطبع قبله حانيه فوق جبهتها متمتاً بعشق :
-اكيد معاكى .. 

ابتسمت الطبيبه التى كانت تراقبهم بأهتمام لها مشجعه ثم قالت بود :
-تمام .. هبعت حد من الممرضات ينقل حضرتك لاوضه عاديه وتركبلك المحلول حالاً .. 
بادلتها حياة ابتسامتها المشجعه بأخرى ممتنه قبل اختفائها من الغرفه بأكملها .

بعد دقائق معدوده كانت حياة جالسه فوق فراش وثير ومغروز بكفها تلك الابره الطبيه التى تمقتها اكثر من اى شئ اخر فى الحياة ، لاحظ فريد تألمها الصامت من خلال امتعاض ملامحها فحاول قدر الامكان تشتيت انتباهها لذلك هتف متسائلاً بأستفسار :
-حياة .. هو بباكى كان بيعمل ايه معاكى ؟!.. 

اخذت حياة نفساً وقد بدء الحزن يكسو ملامحها ثم قالت بنبره شبهه متوسله :
-ممكن نتكلم بعدين .. بجد مش عايزه افتكر اى حاجه من اللى حصلت الكام ساعه اللى فاتوا دول .. 

لم يكن يريد هو الاخر التحدث فى اى شئ قد يصيبها بالتوتر لذلك اسرع يحدثها مطمئناً بصوته العميق وهو يتحرك ليحتضنها بين ذراعيه :
-خلاص انسى .. 

اقتربت حياة منه حتى التصقت بِه واراحت رأسها فوق كتفه ثم اغمضت عينيها بأرتياح بسبب السلام الداخلى الذى اجتاحها بمجرد اقترابه منها وعلمها انها فى حمايته وبين ذراعيه 
وبعد فتره من الصمت تحدثت تسأله مستفسره بأهتمام :
-انت كويس صح ؟!. 
زفر فريد مطولاً بضيق ثم اجابها بحيره :
-صدقينى لو قلتلك مش عارف .. 

رفعت حياة رأسها تنظر إليه ثم مدت أناملها تتلمس برفق ذقنه ووجنته قائله بتوجس :
-انت مش مبسوط ؟!.. 
فهم فريد ما ترمى إليه فأسرع يقول بأستنكار وهو ينظر داخل عينيها :
-محتاج اقولك ؟!.. 

هزت رأسها نافيه ببطء وهى تحدق داخل عسليتيه ثم اجابته هامسه :
-عينيك قالت ..

اخذت حياة نفساً عميقاً ثم اردفت تقول بنعومه :
-انت عارف ان ثقتى فيك اكبر من ثقتى فى نفسى .. مجرد وجودك معايا بيدينى الثقه والامان .. حتى صوتك كفايه .. 

فتح فريد فمه ليجيبها فسارعت حياة بوضع أصابعها فوق شفتيه قائله برقه :
-شششش .. بحبك .. 
لانت ملامحه وانفرجت أساريره وتناسى للحظات ما مرا به وتمتم يقول بذعر :
-كنت هعيش ازاى لو جرالك حاجه .. 

كانت حياة على علم بصراع مشاعره الداخلى لذلك طبعت قبله فوق شفتيه ثم قالت هامسه لتطمئنه :
-مجراليش حاجه .. واكبر دليل انى قدامك سليمه انى مضطره استحمل البتاعه اللى بتوجع دى .. 

لاحت شبح ابتسامه فوق شفتيه ثم سألها بأهتمام وهو يقترب برأسه منها ويستند بجبهته فوق جبهتها :
-بتوجعك اوى ؟!... 
اجابته ممازحه :
-الحاجه الوحيده اللى مخليانى مستحملاها انك جنبى .. وبعدين انا اضحك عليا .. انا مكنتش اعرف ان من اولها أبر كده 
اتسعت ابتسامته وهو يتأمل شفتها السفليه المجروحه من اثر لطمه نجوى ثم رفع أنامله يتلمسها وهو يسألها بأهتمام :
-بتوجعك .. 

جعدت انفها بمرح نافيه ثم اقتربت منه تتلمس شفتيه بشفتيها فى دعوه منها تقبلها هو على الفور وبدء فى تقبيلها ببطء وترو ثم ازداد فى تعميقها شيئاً فشئ ، ابتعدت عنه حياة بعد فتره لتلتقط انفاسها ثم سألته مستفسره بقلق بعد تذكرها :
-فريد .. بابا .. 
اجابها فريد بهدوء :
-شششش .. بابا معاه ولما يخرج هيطمنك .. 

عادت حياة لتستند برأسها فوق كتفه فى انتظار انتهاء محلوبها الطبى وبعد انتهاء جملته بعده دقائق دلف والده للداخل متنحنحاً مما جعل فريد ينتبه له بحواسه ثم سأله بهدوء :
-ايه الجديد ؟!.. 
اجابه والده بنبره خاليه :
-متقلقش الرصاصه طلعت سطحيه طلعوها واتعاملوا مع الامر .. يقدر يطلع بكره عادى .. لو حياة تحب تطمن عليه هو اتنقل اوضه عاديه .. 

رفعت حياة رأسها ببطء ثم تمتمت له بخجل قائله :
-شكراً .. وشكراً على كل اللى حضرتك عملته النهارده ..

ابتسم لها غريب بأقتضاب ثم عادت ملامحه للجمود قبل ان يلتفت بجسده نحو الخارج استعداداً للخروج ، ضغطت حياة فوق كف فريد لتحثه على اللحاق به وعندما لم يتحرك من جوارها هتفت اسم والده بخفوت تستوقفه :
-اونكل غريب .. ثوانى فريد عايز يقولك حاجه .. 

توقف غريب على صوتها واستدار بجسده ناظراً نحو فريد الذى رمقها بعده نظرات متوعده ثم بدء يتحرك من جوارها على مضض حتى توقف امامه ، اخذ نفساً عميقاً ثم قال بأقتضاب وبملامح وجهه مرتبكه :
-البقاء لله .. 

ابتسم له غريب ابتسامه باهته ثم قال بهدوء مصححاً :
-نيرمين مماتتش .. انا بس قلت كده قدام جيهان عشان اوقفها عن اللى بتعمله .. بس فى الحقيقه هى رجليها حصلها مشكله ومبتقدرش تحركها بمعنى ادق يعنى "اتشلت عن الحركه " ..وانا دلوقتى رايح لها .
ضغط فريد فوق شفتيه بأسف ثم عاود يقول بنبرته المتصلبة :
-لو احتاجت تتعالج بره بلغنى وانا هخلصلك كل المطلوب فى اسرع وقت .. 

ربت غريب فوق ساعده بأستحسان ثم اجابه بأمتنان وهو يتأمل ابنه بفخر :
-عارف انى دايماً اقدر اعتمد عليك .. 

اومأ فريد له بعينيه مؤكداً ثم عاد يتحدث على مضض :
-انا كنت عايز .. عايز اشكرك انك وقفت تدافع عنى وعن حياة .. 
نظر غريب من فوق كتف فريد محدقاً للفراغ ثم قال بنبره ذات مغزى بعدما اخذ نفساً عميقاً :
-ده دين وكان لازم يحصل من بدرى .. رغم انى اشك ان ممكن يجى يوم واسدده وارتاح منه . 

فهم فريد ما يرمى إليه بجملته تلك لذلك حاول تجاهلها وأردف يقول بنبره شبهه متردده :
-غر.. بابا .. حياة حامل .. 
ساد الصمت لبرهه نقل غريب خلالها نظراته المشدوهه عده مرات بين فريد وحياة ثم ابتسم هاتفاً بعدم تصديق وبعده كلمات متفرقه :
-حامل !!! انت !!! حفيد !!! اخيراً ..

ابتسمت حياة من ارتباكهم ومن ردود افعالهم المتشابهه ولصراع المشاعر ذلك المتباين فوق وجوههم والذى أنهاه غريب اولاً بأخذ فريد داخل احضانه بحب اما عن فريد فقد تعامل مع والده بجموده المعتاد رغم لمحه الدفء التى لاحظتها حياة داخل عينيه بعدما عاد يجلس جوارها فى صمت. 

************

بعد انتهاء المحلول الطبى اصرت حياة على الاطمئنان على والدها قبل ذهابها ، دلفت إلى داخل غرفته بتوجس تحاول السيطره على التوتر الذى انتابها بمجرد مطالعه محياه امامها ، هى لم تخبر فريد حتى الان ولا تدرى كيف تخبره فداخلها لم يرد اخباره عما حدث رغم علمها التام بخطأ ما تفعله ، ربما بسبب حرجها وربما بسبب خوفها من رد فعله او ربما من اجل الاثنين معاً وهذا هو الاقرب للصواب ، فرغم كل شئ هو لازال والدها وبداخلها تتمنى بشده ان يكون موقفه الاخير تجاهها وحمايته لها  بدايه جديده لعصر جديد بمعامله جديده ، اعتدل والدها من نومته بمجرد رؤيتها تدلف الغرفه ويدلف فريد خلفها مستعداً للقائهما ، تنحنت حياة محاوله تنقيه حلقها والسيطره على ارتباكها ثم سألته بنبره خافته وهى تخفض رأسها للأسفل متجنبه النظر نحوه :
-عامل ايه دلوقتى .. 

اجابها والدها بأنكسار :
-الحمدلله .. اخدت عقابى .. 
رفعت حياة رأسها بترقب شديد وضيق فريد عينيه فوقه ثم سألته بأرتياب :
-قصدك ايه ؟!.. 

اجابه عبد السلام بخزى وهو مطأطأ الرأس :
-انا عارف ان اللى هقوله ده هيضايقك ومش ضامن تأثيره عليك هيكون عامل ازاى بس مهما كان رد فعلك انا متقبله .. لانى كنت السبب فى اللى حصل .. جيهان اتفقت معايا ان اجبلها حياة لحد عندها واخد فلوس مقابل انها تجر رجليك وبعدها تسيب حياة بس مصدقتش معايا .. او هو ده اللى انا كنت فاكره هيحصل ومحصلش .. بس وعهد الله ما كنت اعرف ان الموضوع فيه كده مفيش اب عايز يموت عياله  .. انا عارف انى ظلمت حياة كتير وضايقتها اكتر بس عمرى ما اتخيلت انى آكون السبب فى موتها او موتك .. اموتها ازاى ودى بنتى !!! .. دى مفيش حاجه توجع الاب اكتر من عياله .. عشان كده انا ندمان وبتمنى من ربنا يسامحنى على اللى عملته ده والفلوس اللى اخدتها منها انا مش عايزها .. خدوها اتصرفوا فيها .. هو فى ايه فى الدنيا اهم من عيالى .. 

بدءت دموع حياة فى الانهمار بسبب سماعها لحديث والدها ، لم تسامحه نعم ، جزء كبير بداخلها لم يستطع نسيان ما فعله بها على مدار سنوات وجزء اخر يذكرها بالايه الكريمه "وبالوالدين احسناناً " ، تنهدت بحزن ثم قالت بأقتضاب :
-متشغلش بالك يا بابا .. المهم اننا كلنا بخير دلوقتى .. وهبقى اطمن عليك تانى .. 

انهت جملتها تلك ورفعت رأسها تنظر إلى فريد بملامحه الغاضبه ثم طلبت منه بصوت متحشرج من اثر الدموع :
-ممكن نمشى دلوقتى .. 
لم يصدر من فريد اى رد فعل بل اكتفى بتحريك كفه للامام فى اشاره منه لتتقدمه ، تحركت حياة للخارج بخطوات مثقله وبمجرد خروجها من الغرفه ووصولها للممر اندفعت تعانقه بقوه وتخفى رأسها فى كتفه وبدءت تشهق بكل ما أوتيت من قوه وهى تغمغم بكلمات متفرقه :
-ممكن نمشى .. انا عايزه اروح بيتنا مش عايزه استنى هنا .. 
شدد فريد من احتضان ذراعيه لها ثم اجابها بحزن لرؤيه حالها هكذا :
-طب تمام تمام .. بطلى عياط واهدى وهنمشى دلوقتى حالاً .. حياة انتى لازم تهدى وافتكرى كلام الدكتوره ..

ابتعدت عنه قليلاً وقامت بمسح دموعها بظهر كفها ثم سألته بنبره طفوليه :
-يعنى انت مش زعلان منى ؟!.. 
قطب فريد جبينه بدهشه ثم سألها مستنكراً :
-انتى بتعيطى عشان فكرانى زعلان منك !!..

تعلقت بسترته بكلتا كفيها المتكوره ثم حركت رأسها على مضض موافقه وهى تنظر داخل عينيه لتستبين رد فعله ، رغم غضبه الواضح بسبب مواجهه والدها الاخيره ومعرفته بما فعله الا انه وجد نفسه يبتسم رغماً عنه ثم قال بمزاح :
-وانا اللى فاكرك متأثره باللى حصل جوه .. 

لاح شبهه ابتسامه على شفتيها ثم اجابته بخفوت :
-عشان الاتنين .. بس والله كنت هحكيلك .. ممكن متزعلش مكنش قصدى اخبى عليك .. 

يبدو ان ذلك المهدء البسيط الذى وضعته الطبيبه داخل محلولها الطبى دون علمها قد بدء يؤتى ثماره لذلك تنهد فريد يأرتياح ثم اجابها وهو يحتضن يدها استعداداً للخروج :
-طب خلينا نتكلم فى البيت .. 

ضغطت فوق شفتيها بأمتعاض ثم تحركت معه للخارج محاوله تقبل ما حدث والتفكير بأيجابيه حتى ينتهى هذا اليوم الصعب فأهم شئ وأفضل شئ ان ابنها وزوجها معها ولم يصابا بأى سوء وما دون ذلك شكليات تستطيع تخطيها معه وهى داخل احضانه وتحت رعايته .

***********

في المنزل وأثناء صعود حياة الدرج شعرت ببعض الدوار ينتابها فتوقفت عن الصعود واغمضت عنيها لبرُهه محاوله السيطره عليه ، توقف فريد هو الاخر جوارها ثم انحنى بجزعه نحوها يسألها بقلق :
-حصل حاجه ؟!..

همهت بصوتها نافيه ثم اجابته مطمئنه :
-مفيش دوخت بس شويه ..
انحنى فريد بجزعه ووضع ذراعه تحت ركبتها والأخرى فى منتصف ظهرها ثم حملها للاعلى مكملاً طريقه نحو غرفتهم وهى بين يديه ، دلف بها إلى غرفتهم ووضعها فوق الفراش برفق ثم عاد ليستقيم فى وقفته ، تمسكت حياة بذراعه بقوه وهى تسأله بذعر :
-انت رايح فين !!!!!..

جلس جوارها فوق الفراش ثم اجابها بنبره مرهقه :
-مفيش هعمل شويه اتصالات اشوف وصلوا لفين وارجعلك .. 
تشبث بذراعه بقوه ثم هتفت متوسله :
-لا عشان خاطرى خليك جنبى النهارده بس مش عايزاك تبعد ..

لم يكن يحتاج لتوضيح ليفهم ما تشعر به فهو الاخر لا يستوعب إلى الان ما مرا به ولا فكره فقدان احدهم للاخر لذلك استلقى جوارها بهدوء ثم فتح ذراعه لها لتقترب منه ، ابتسمت بسعادة ثم اندست مسرعه داخل احضانه تستند برأسها على صدره القوى تتلمس منه الامان والراحه ، بعد فتره من الهدوء تحدثت حياة قاطعه بينهم الصمت وقائله بضيق :
-كل ما بغمض عينى بتخيل منظرها وهى بتضرب بالرصاص ووهى مرميه على الارض ودمها حواليها  ..بجد نهايه وحشه اوى .

شدد فريد من احتضانه لها وهو يتنهد بقله حيلة ثم قال بحنان :
-انا عارف ان اللى شفتيه مش سهل ..
قاطعته حياة قائله بسرعه فقد كانت تنتظر وصولهم المنزل حتى تتحدث معه :
-ولا انت .. انا عارفه ومتأكده انك مضايق عشان حاسس انى اتعرضت للخطر بسببك مع ان العكس هو اللى حصل .. انت كان ممكن يجرالك حاجه بسبب جشع بابا .. 

مسح فريد فوق شعرها بحنو ولم يعقب لذلك اردفت حياة تقول بهدوء :
-فريد .. حبيبى .. قولى اللى فى قلبك انا هنا سامعاك .. 
لم يصدر منه رد فعل فأستطردت حياة تقول بنبره خفيضه :
-انت عارف .. انا مش عارفه المفروض ازعل ولا افرح بسبب اللى حصل .. يعنى فى الاول كنت مرعوبه وقلبى هيقف من خوفى عليك بس دلوقتى .. دلوقتى مرتاحه باللى حصل .. فعلاً فى كل شر خير وفى الاخر كل واحد اخد جزائه ومرتاحه اننا خلصنا من شر جيهان ونجوى .. يعنى فى النهايه الحمدلله انت معايا وقدامى وابننا هنا فى امان .. 

انهت جملتها تلك واعتدلت فى نومتها لتجلس فوق الفراش ثم رفعت كفه ووضعته فوق بطنها وهى ترمقه بنظرات مشجعه ، لانت ملامح فريد على الفور بسبب فعلتها تلك وزفر بقوه مستسلماً ثم قال بضيق :
-كان ممكن تحصلكم حاجه بسببى .. ساعتها عمرى ما كنت هسامح نفسى لو جرالك حاجه .. حياة انا كنت انانى لما صممت ادخلك حياتى وكل الحقد ده حوليا .. 

قاطعته حياة بلهفه واضعه كفها فوق فمه تمنعه من الاسترسال قائله بتوسل :
-لا عشان خاطرى اوعى تقول كده .. اوعى تفكر كده .. دى حياتنا بخيرها وشرها .. بحلوها ومرها .. انا وانت مصيرنا واحد ولولا مساعده ليها بابا مكنش حصل كل ده .. يعنى زى ما قلتلك من شويه .. انا السبب مش انت .. وبعدين فين كلامك ان طول مانا جنبك مينفعش اخاف !!!.. انا كنت واثقه زى مانا بكلمك دلوقتى .. انك قادر تحمينا وتلحقنى .. وانت عملت كده ولقيتك قدامى من غير ما تفكر فى نفسك لحظه واحده .. وبعدين ربنا سترها معانا .. فريد انا عمرى ما كنت احلم ان بابا ممكن يقف قدامى وياخد رصاصه بدل منى من غير ما يفكر .. ولا ان بباك يقف قصادنا احنا الاتنين ويدافع عننا من غير ما يخاف على نفسه او من جيهان .. عشان كده بطلب منك تحاول تسامح .. عشان خاطرى حاول .. ومتأذيش بابا .. خلى فى باب مفتوح يمكن تكون دى البدايه .. 

اعتدل فريد بجسده وجلس قبالتها يسألها مستفسراً بعدما رأى وهج الدموع يلمع داخل مقلتيها :
-حياة !!! انتى لسه مستنيه منه حاجه ؟!.. 
اجابته نافيه :
-مش مستنيه .. بس مش عايزه أعصى ربنا فيه .. عشان كده بطلب منك لو بتحبنى تودنى فيه .. مش بطلب منك توده ولا تسأل عنه يكفينى انك متاخدش رد فعل ضده .. 

لوى فريد فمه بضيق ثم قال على مضض بنبره جامده :
-حاضر يا حياة .. بس هخليه تحت عينى لانى مش ضامنه .. 
ارتخت ملامحها وإجابته وهى تعانقه بحب :
-وانا مش محتاجه اكتر من كده .. ربنا يخليك ليا ويجبر خاطرك زى مانت مفرحنى وجابر بخاطرى دايماً يا احلى حاجه فى دنيتى .. 

طبع فريد قبله فوق شعرها وذراعه تحاوط خصرها وتحتضنها بتملك .

هتفت حياة بعد فتره اسمه بدلال وهى تطبع قبله ناعمه فوق ذقنه :
-فريد .. 
اجابها بصوته الاجش :
-عيون فريد ..
اجابته بخجل وهى تداعب عنقه بأناملها :
-انا جعانه .. 
دوت ضحكته عالياً من تبدل مزاجها الفورى ثم سألها بأستفسار :
-حاضر .. تحبى تأكلى ايه ؟!.. 

أخفت رأسها فى تجويف عنقه ثم اجابته بصوت مكتوم :
-اى حاجه .. وممكن تقول لدادا عفاف تعملى كرواسون .. 
اتسعت ابتسامته مره اخرى وهو يحرك رأسه بعدم تصديق قائلاً بمزاح :
-انتى متأكده انك كنتى مخطوفه من شويه ؟!..

امتعضت ملامحها ثم اجابته متصنعه الحنق :
-يا سلام !!! اعمل ايه يعنى وبعدين انت لازم تراعى ان بقيت اتنين فى واحد ومحتاجه اكل كويس .. 
سألها فريد بنبره ممازحه :
-وهو الاكل الكويس ده بالكرواسون !!!.. 

رفعت رأسها تنظر إليه ثم حركت رأسها مؤكده وهى تمط شفتيها للامام ، اقترب فريد منها ببطء ثم قال بنبره عابثه :
-تصدقى انا كمان وحشنى الكرواسون ..
هتفت حياة اسمه بدلال وهى تعض فوق شفتيها بخجل :
-فرييييد .. 
عبست ملامحه وضاقت المسافه ما بين حاجبيه وهو يسألها بحنق :
-هى قالت الفتره الاولى صح ؟!. 

هزت حياة رأسها مره اخرى مؤكده بصمت وهى تبتسم له بشماته ، رفع احدى حاجبيه مستنكراً ثم قال بهدوء متوعداً :
-يبقى متندهيش عليا .. ومتبصليش كتير .. وبطلى تستفزينى عشان فى الاخر الحساب هيجمع يا حياة ..

رددت حياة من خلفه ممازحه لتثير حنقه :
-حاضر مش هقول فريد خالص .. ومش هبصلك حتى من بعيد لبعيد ومش هاجى وراك الجيم .. اتفقنا ..

هتف فريد اسمها محذراً فسارعت تقول مصححه بجديه :
-خلاص والله اسفه بس بشرط .. تفضل قدامى ليل ونهار عشان اتوحم عليك براحتى .. ولا عندك مانع ؟!.. 
اجابها قبل التهامه لشفتيها بين شفتيه :
-انا اللى عايز افضل جنبك ليل ونهار وكفايه عليا ابصلك بس ..
***********

بعد مرور شهران وبعد وجبه العشاء تفاجئت حياة بزياره السيد غريب لهم ، بالطبع بعد تلك الحادثه تحسنت العلاقات بينهم بشكل طفيف واصبح فريد اكثر ليناً فى التعامل معه ولكن ليس لدرجه الزيارات العائليه ، تنحنح والده قاطعاً الصمت والتساؤلات وقائلاً مباشرةً دون تجميل :
-فريد .. نيرمين طالبه انها تشوفك انت وحياة ..

حركت حياة رأسها نحو فريد الذى كان يقف قبالتها بجمود تنتظر اجابته ، عاد السيد غريب  يقول موجهاً حديثه لحياة تلك المره :
-حياة لو سمحتى .. نيرمين اتغيرت بجد وهى طالبه انها تشوفك واترجتنى كتير .. متبخليش على واحده فى حالتها خسرت كل حاجه ومبقاش حد حواليها بالطلب ده ..

تنهد حياة بحيره وظهر التأثر على ملامحها ورغم ذلك قالت بحسم :
-انا اسفه بس انا وعدت فريد قبل كده انى عمرى ما هتدخل فى اللى بينه وبينها .. بس كل اللى اقدر اقوله ان لو فريد وافق يقابلها هتلاقينى قبله ..

نظر غريب نحو فريد بتوسل منتظراً اجابته وعندما لم يجد سوى الصمت تحرك للخارج بأحباط وأكتاف متهدله .

وفى صباح اليوم التالى وبعد استيقاظهم وتناول حياة للفطور تفاجئت بفريد يقول بجمود :
-حياة .. اجهزى عشان هنخرج ..
سألته حياة بأستنكار :
-هنروح فين ؟!... 

اجابها بغموض وهو يتحرك نحو مكتبه :
-اجهزى ولما نوصل هتعرفى .

بعد فتره ليست بقليله توقفت سيارتهم امام احدى المصحات المرموقة ، شهقت حياة بعدم تصديق وهى تنظر نحو فريد الذى ضغط فوق كفها مشجعاً دون حديث ، تحركت معه للداخل بتوتر حتى وصلا إلى غرفه نيرمين ، دلف فريد الغرفه بعدما استأذن من طبيبها المعالج لزيارتها ودلفت خلفه حياة بتوجس ، نظرت نيرمين إليهم بدهشه ثم هتفت بعدم تصديق :
-فريد !!..

اومأ فريد رأسه لها بجمود دون حديث ، تحولت ملامح نيرمين واخذت نفساً عميقاً ثم قالت مباشرةً بنبره متهدجة :
-انا طلبت من بابى يخليكم تزورونى .. بس مكنتش عارفه انكم هتيجوا بالسرعه دى خصوصاً بعد اللى عملته فيكم انتوا الاتنين .. فريد .. انا عارفه انى غلطت فى حقك كتير .. وعارفه ان معندكش اى سبب او دافع يخليك تصدقنى ولا انتى يا حياة .. بس صدقونى بعد اللى حصلى وبعد اللى عرفته انا مبقتش عايزه عايزه حاجه من الدنيا  .. بس كل اللى محتاجاه اخ واخت يحبونى من غير مصلحه او سبب .. عشان كده بتمنى تسامحونى وخصوصاً فريد .. او على الأقل تسألوا عليا بعد ما كل حاجه راحت ..

استمعت حياة إلى حديثها وقد بدءت دموعها فى الانهمار حزناً عليها وهى تراها تجلس فوق كرسى متحرك بعدما استشعرت الصدق فى حديثها تلك المره لذلك قالت بصوت متحشرج :
-انا مسمحاكى .. رغم ان اللى عملتيه فيا المرة اللى فاتت كلفنى كتير .. بس ربنا عوضنى ..وده كفايه عندى 

رفعت يدها تتلمس بطنها التى بدءت فى الانتفاخ امامها ثم اردفت تقول بصوت باكِ :
-فصدقيني ده السبب اللى خلانى سامحتك .. اما عن فريد فأنا وعدته مش هدخل بينكم تانى .. كل اللى اقدر اقوله انى لو مكانك هعمل اى حاجه عشان يسامحنى .. كفايه سنينك اللى فاتت عدت وانتى محرومه من حنيته وطيبه قلبه ومساعدته ليكى .. صدقينى لو كسبتى فريد فأنتى كسبتى اب وأخ ودنيا كامله ..

صمتت قليلاً ورفعت كفها تمسح على عضده برفق ثم اردفت توجهه حديثها له وعيونها تتأمله بأعجاب قائله بعشق:
-وعشان انا عارفه فريد اكتر من روحى .. عارفه ان حنانه هيغلب قسوته .. بس انا عشان وعدتك هستنى بره وهسمع قرارك منك بعدين .

انهت جملتها تلك ثم انسحبت للخارج تجلس على اقرب مقعد صادفته ، وبعد فتره ليست بكبيره خرج خلفها فريد بملامح وجهه خاليه ، انتفضت حياة من مقعدها وتحركت نحوه بلهفه ثم تمسكت بكفه فى سؤال صامت ، نظر إليها فريد بجمود ثم قال بأندفاع ودون مقدمات :
-معرفتش انسى .. مش عارف يا حياة .. مش عارف مهما حاولت .. بس وعدتها انى هاخد بالى منها ومش هسيبها لوحدها تانى ..
وضعت حياة فمها فوق كفها تحاول كبت دموعها ثم قالت بنعومه لتطمئنه :
-كله فى وقته يا حبيبى .. عارفه ان هيجى يوم وتسامح .. متحملش نفسك فوق طاقتها .. عارفه ان حمايتك جزء من حنانك هيكفيها ويزيد .. اما الباقى الوقت كفيل بيه

***********

بعد مرور تسعه اشهر .

وقفت حياة داخل غرفتهم تحتضن بحنان طفلتها بين يديها وتهدهدها بحب ، فتح فريد باب غرفتهم فسارعت حياة تهتف بسعاده بمجرد رؤيته امامها:
-بابى جه .. يا لوكا يا كسلانه قومى قولى لبابى وحشتنى وحمدلله ع السلامه يلا .. 

تحرك فريد نحوهم مباشرةً وأحطاهم بذراعيه ثم قام بطبع قبله ناعمه فوق جبهه كلاً من زوجته وطفلته وهو يهتف بحب :
-مليكه قلبى .. وحشتى بابى .. حياة دى نامت !!.. 
قالت حياة معترضه بغيره :
-والله !!. دلوقتى بقت مليكه قلبك وانا ماليش !!.. حتى لما بتدخل على فكره بتسأل عليها هى الاول وبتبوسها هى الاول .. خلاص يا فريد مبقاش ليا لازمه عندك ..

سألها فريد بمرح وهو يحك انفه بوجنتها :
-حياة روحى غيرانه ولا ايه ؟!.. 
اجابته حياة متصنعه الحزن :
-اه طبعاً غيرانه .. مانا شايفه الدلع كله لمليكه .. لو كنت اعرف كنت جبت ولد ...

حمل فريد طفلتها من بين يديها برفق وقام بوضعها داخل مهدها بحذر ثم عاد ليقف امام حياة قائلاً بمكر وهو يغمز لها بأحدى عينيه :
-طب ما تيجى نجرب تانى يمكن تجيبى ولد .. وبعدين مين اللى المفروض يغير .. ده من ساعه ما مليكه جت وانتى مش معبرانى خالص .. 

اقتربت حياة منه ثم قالت بدلال :
-طيب وحشتنى .. 
اوقف اجابته بضع طرقات خفيفه على باب الغرفه جعلته يهتف بحنق مستفسراً مما جعل طفلته تستفيق على صوته :
-مييين !!!..
اجابته سارة بنبره متعلثمه من خلف الباب المغلق :
-فريد بيه .. غريب بيه تحت ومستنى حضرتك ..

زفر فريد بحنق ثم غمغم بضيق وهو يتحرك نحو الباب :
-اهو هو ده اللى كان ناقصنى .. مش عارف انا خلفه ايه دى اللى جايه على دماغى .. 

دوت ضحكه حياة عالياً وهى تحمل طفلتها التى استفاقت بشكل كامل وعادت لوعيها استعدداً لاستقبال جدها ثم سألته بأهتمام وهى تتحرك بجواره :
-حبيبى .. نيرمين عامله ايه بعد ما وصلها خبر إعدام جيهان ؟!.

اجابها فريد بعدما توقف عن السير :
-بصراحه اتفقنا محدش يقولها غير لما علاجها يخلص خالص .. انتى عارفه كده كده هى مش بتتحرك ومحدش مسموحله يزورها غير انا وبابا ووائل ..
اومأت حياة برأسها متفهمه ثم قالت بأستحسان :
-عين العقل يا قلبى .. ربنا ما يحرمنا من وجودك حوالينا ..

طبع فريد قبله خاطفه فوق شفتيها ثم عاد ليقول مادحاً :
-وائل كمان طول الفتره اللى فاتت مسبهاش لوحدها .. الدكتور قالى ان وجوده عليه عامل كبير ..

ابتسمت حياة لحديثه بسعادة ثم عادت تقول بأعجاب :
-بصراحه يا فريد .. وائل ده طلع صاحب بجد ميتخيرش عنك .. كنت عارفه من الاول انكم هتكونوا صحاب ..

احتنقت ملامح فريد ورفع احدى حاجبيه مستنكراً فسارعت حياة تقول مصححه لتراضيه :
-بس حبيبى مفيش زيه طبعاً .. فريد قلبى وروحى .. هو واحد بس

************
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-