رواية حواديت الطب الشرعي كاملة جميع الفصول بقلم حبيبه ياسر

رواية حواديت الطب الشرعي كاملة جميع الفصول بقلم حبيبه ياسر

رواية حواديت الطب الشرعي كاملة جميع حواديت الطب الشرعي كاملة جميع الفصول يدي الخطأ كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية حواديت الطب الشرعي كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية حواديت الطب الشرعي كاملة جميع الفصول

رواية حواديت الطب الشرعي كاملة جميع الفصول بقلم حبيبه ياسر

رواية حواديت الطب الشرعي كاملة جميع الفصول

_يعني إيه بتكلمي الجُثث بليل؟
ضحكت وقولت:
_دة الحل الوحيد للإستمتاع بالنسبة لواحدة اوضتها جنب المشرحة 
_مبتخافيش؟
كُنت هجاوب على سؤال أخويا الصُغير لكن قاطعني صوت موبايلي بيرن، استغربت جدًا ان حد يتصل عليا الفجر، الجثث مش هتطير يعني!
بصيت في الموبايل، كان رقم وكيل النيابة الجديد، كنت مسجلاه من فترة لانُه كان بياخد تقارير بعض الحالات ومن وقتها متعاملناش مع بعض أوي، وطالما اتصل في وقت زي دة يبقى أكيد الموضوع مُهم.
_خير يافندم؟
_تعرفي تيجي المستشفى دلوقتي يادُكتور؟
كان صوتُه متوتر، بينهج، كان كلُه توسُّل، اتخضيت جدًا وسألت:
_في ايه يافندم؟ 
_متقلقيش متقلقيش، في جُثة لسة واصلة المشرحة ومحتاجين تقرير الوفاة ضروري
أتنفست بهدوء بعد ما كان نفسي بيزيد، غمضت عيني وقولت:
_هبعت لحضرتك رقم دكتور شريف تقدر تتواصـ..
قاطعني بصوت كلُه تردد:
_لـ.. لأ أحنا محتاجينك أنتِ، أقصد يعني أنا اتعاملت معاكي قبل كدة وعارف انك هتساعدينا في الحالة دي
سكت ثانيتين فقال:
_انا عارف ان الوقت متأخر، بس أنا ممكن أبعتلك عربية تاخدك
_مفيش لزوم يافندم، عشر دقايق وهكون عند حضرتك
بعد ما نفسُه كان بيتزايد ومش منتظم، بدأ يهدى واحدة واحدة، بلع ريقُه وأتطمن بعد ما اتأكد اني هشتغل في الحالة دي لوحدي
الموضوع مُقلق جدًا، انا مُدركة دة فعلًا
معرفش ايه اللي خلّاني اوافق غير ان الموضوع غامض وانا محتاجة أعرف ليه كل التوتر دة؟ وليه وكيل النيابة هو اللي جايب الحالة ومهتم بيها اوي كدة! وليه اختارني انا بالذات علشان اشرحّها برغم انه مصاحب نص الدكاترة عندنا في المستشفى!
خدت العربية ومشيت بأعلى سُرعة، بيدور في بالي افكار غريبة، ويمكن دي اول مرة اتوتر وانا داخلة أشرّح حالة، معرفش دة بسبب الغموض ولا بسبب ان الوقت متأخر وانا مش متعودة انزل المستشفى بليل، خاصةً بعد الحوادث اللي بسمع عنها من زمايلي في شفتات بليل
_فين ملف الحالة؟
_مفيش ملف
بصيتلُه بهدوء وقولت:
_تقدر حضرتك تحكيلي ايه اللي حصل؟
قعد على المكتب، عيونُه سرحت شوية كإن المشهد قُدامُه بيتكرر، قال وصوتُه متردد والحروف بتخرج بالعافية:
_احنا وصلنا بلاغ من ست، بتقول ان في شخص بيراقبها بقالُه فترة، لما سألناها هي فين قالت انها قاعدة على البحر، ومش معاها حد ابدًا، طلبنا انها تصور الشخص اللي بيراقبها، لكن هي قالت انه بيقرب عليها واحدة واحدة وخايفة تعمل حاجة يتهجم عليها، وفجأة الخط قطع، خدت كل رجالتي وروحت للمكان اللي وصفتهولنا، لكن ملقيناش حد ابدًا، الشط كان فاضي والوقت متأخر جدًا، بدأوا الرجالة يدوروا على أي أثر، وبالفعل
نظرُه ثبت في الأرض وقال وهو بيبلع غصة:
_بعدنا شوية عن الموقع اللي الست بعتتهولنا، وشوفت أبشع مشهد، الست كانت نايمة على الأرض وفي شخص شكلُه مُرعب، غريب، قاعد فوقها وبينهش في أعضاءها و.. وبياكُلها! 
غمضت عيني بألم، وأثر الكلام بدأت أتوتر معاه، كمّل كلامُه وقال:
_كلنا حاوطناهُم من كل حتة، لكن هو مهتمش لدة وفضل مكمّل في وليمتُه، الرجالة حاولوا يخوفوه، على الأقل يبعدوه عن الست، لكن بصّلهم بعيون جاحظة بهدوء، كإنُه مش فاهم ايه اللي بيحصل، قرّبوا عليه أكتر وضربوا نار في الهوا، وأثر صوت الطلقات اتخض، ونط على حد من رجالتي، لكن بستر ربنا الراجل قدر ينفد منُه، وكلهم جريوا على العربيات، أنا كنت واقف مصدوم من اللي بيحصل ومن اللي بشوفُه، لغاية ما جه حد شدني من ورا وركبني العربية، كنا هنتحرك لكن المشهد بيتكرر قدام عيوني كل شوية، وصورة الست وهي مرمية سايحة في دمها مراحتش من بالي، اول ما العربية عدت من جنبُه طلعت المسدس وبدون تفكير ضربت عليه 
عيني وسعت فقال:
_أتأكدنا انُه مات، والرجالة خدوه وجيبناه على هنا، انا محتاج أعرف ايه حكاية الراجل دة، الراجل دة غريب جدا كإنه مجنون او مختل عقليًا
سألت:
_في حاجة تانية عايز تحكيها؟
بصلي ثانيتين بتردد، وبعدين قال:
_لأ لأ هو دة كل حاجة
أكيد خوفت، واتوترت، لكن فضولي كان كافي اني ادخل المشرحة وأشوف الحالة، اول ما كشفت عنها وشوفت الهيئة حسيت ان في حاجة غلط في الحالة
اغلب الحالات اللي بتيجي المشرحة بتكون غرق، لكن حتى حالات القتل بالطلقات بتكون طبيعية، شكل الطلقات في الجسم بيكون طبيعي ومألوف بالنسبالي، إلا الطلقات دي، كان شكلها غريب، انا حسيت ان في حاجة غلط، وأكيد وكيل النيابة واللي بالمُناسبة إسمُه مُراد، أكيد مكملش للآخر، الـbody language بتاعتُه بتقول إنه اكيد شاف حاجة او عرف حاجة عن الشخص دة، معرفش ليه مقالش، او يمكن انا فسرت توترُه غلط وهو فعلا مخضوض من المشهد مش اكتر، لكن انا متأكدة ان الوضع مش طبيعي.
بدأت شغل في الحالة، ولإني مش هعرف أشتغل وفي دم في الحالة طبيعي كخطوة أولى في التشريح هو اني أمتص الدم كله من الجسم، لكن اللي لاحظتُه ان مفيش ولا نقطة دم بتخرج من جسم الشخص، حتى الطلقات مفيهاش دم، كل الدم اللي كان على جسمُه كان دم الست اللي كان بياكل لحمها، فضلت اعمل تشيك على الأجهزة يمكن دة عطل فيها، لكن لأ هو فعلًا مفيش في جسمُه ولا نقطة دم!
مكانش قدامي حل غير اني افتح جسمُه واشوف، واللي متأكدة منُه هو إني لو فتحت هشوف حاجة غريبة، الموضوع كله غريب وواثقة ان السر جوا تكوينُه
مسكت المشرط وبدأت أفتح من تحت الرقبة لغاية تحت البطن على شكل حرف Y
وكانت المُفاجآة اللي انا مستنياها واللي كان مخبيها عليا "مُراد"..
يُتبع.
_أتعيّن وكيل نيابة جديد! ليه؟
_أصل مُراد توفَى من اسبوع، الله يرحمُه كان طيب..
لحظة! دة نفس اللي اتقال وقتها..
الكلام نزل عليا زي النار!
بعد اللي عيشتُه في الأحداث الآخيرة، خاصةً اللي حصل معايا في الليلة دي، خلّاني متلغبطة ومتوترة دايمًا
_مش ناوية تحكي بقى إيه اللي جرالك؟
بصيتلها بهدوء، كُنت هتكلم لكن قاطعنا دخول عم حسن الفرّاش، ساب جواب على مكتبي وخرج
بصيت للجواب ورجعت لـ "مرام" تاني، رجعت كررت سؤالها، حاولت أغير الموضوع فاتجهت للجواب وفتحتُه علشان أقرأ
وأول حاجة عيني جت عليها اسم الشخص اللي باعت الجواب.. "مُراد"، وبمُجرد ما شوفت إسمُه، أحداث الليلة اللي جت فيها الجُثة عدت عليا كلها زي الشريط، قعدت على الكُرسي بصدمة ودموعي بدأت تنزل غصب عني
جريت عليا مرام علشان تلحقني، بدأت تهديني وتمسح دموعي، اتنفست بالراحة وحاولت أجمع كلام، قولتلها:
_مش هينفع أحكيلك، لو حكيت انا ممكن اتأذِي زيُه
سألت باستغراب:
_تحكي ايه وتتأذي من مين؟ 
بصيتلها بتردد، لكن قررت اني أحكيلها، لأني خايفة مصيري يبقى مجهول زي موت مُراد اللي محدش عارف سببُه
_إيه اللي شوفتيه في الجُثة؟ وايه السر اللي خباه عنك مُراد؟
مسحت دموعي وقولت:
_السر اللي كان مخبيه، هو إن الشخص دة لما قتلوه وطلبوا الإسعاف علشان يجيبُه المُستشفى، الرجالة اللي شالتُه قالت إنُه خفيف جدًا، وزنُه مش لايق على شكلُه، حرفيًا كإنهم شايلين ريشة!
والدكتور اللي كان معاهم قال انُه احتمال يكون الراجل دة مفيهوش أعضاء، وانُه نزف كل الدم اللي في جسمُه لدرجة إنه بقى مُفرّغ من جوا..
غمضت عيوني بألم:
_وهو دة اللي أنا شوفتُه في الجُثة، كانت بدون أعضاء
١٦/٩/٢٠٢٤
_مُراد أنت بتهزر! 
بصلي بصدمة ورجع بص للجُثة المفتوحة قدامُه، باين عليه إنه مخضوض لكن انا كُنت بكدب نفسي علشان مش عايزة اصدق اللي انا شايفاه، يعني ايه جُثة كانت عايشة من ساعة بالظبط، مفيهاش اعضاء! حتى الدم مش موجود!
غمض عينُه وقال بتوتر:
_كُنت مُتأكد
بصيتلُه باستغراب، فحكالي كُل اللي حصل بعد ما الراجل مات، ولما سألتُه ليه خبّى عني كانت إجابتُه:
_مكُنتش عايز أأثر على حُكمك، أنا كُنت متأكد إن في حاجة غلط، بس مكنتش عايز أصدقها ولا اصدق الدكتور
كُنت في حالة متمناهاش لألد اعدائي، تايهة بين اني اكمل تشريح أو أوقف وأمشي، لكن حالة مُراد كانت صعبة، وكمان الفضول مكانش سايبني في حالي، رجعت اوجه نظري على الجُثة بهدوء، إتهيألي انها بتتحرك! لحظة هي باصالي ازاي!
كانت عيون الجُثة خارجة لبرة بشكل يرعب، جاحظة ومبحلقَة فيا
قرّبت علشان أقفل عيونُه، لكن قبل ما اتحرك أي خطوة الإضاءة بدأت ترعش بشكل مرعب، الباب أتقفل فجأة ومع صوت الباب صرخت انا ومُراد بأعلى صوت!
لكن مكانش في حد بينجدنا، كإن محدش سامعنا أصلًا!
حاولت أتمالك أعصابي وأجرب أقرب مرة تانية، لكن المرة دي النور قطع خالص، جريت على كشاف وفتحتُه، حسيت ان الجثة كانت بتتحرك حركة ملحوظة، انا فعلًا شوفتها
دي مش أول مرة اشوف جثة بتتحرك، دايمًا بيتهيألي حاجات زي كدة، وبرغم اني عارفة ان المرة دي مش تهيئات، إلا اني كدبت نفسي، ورجعت أمسك المشرط علشان أكمل تشريح، لازم أفهم إيه حكاية الجُثة دي
قربت عليها، إيد فيها كشاف وإيد فيها المشرط، وورايا مُراد بيحاول يهدي نفسُه من التوتر بتاعُه
أول ما وقفت قدام السرير، حسيت بحاجة غريبة، قبضة قلب مش طبيعية، في حاجة جوايا بتقولي أجري متكمليش
لكن انا عاندت، بصيت لعيون الجثة اللي متثبتة عليا، بلعت ريقي بخوف، لكن مهتمتش، وحطيت المشرط على رقبة الجُثة، وفي اللحظة دي..
الجُثة فعلًا اتحركت!
مسكت إيدي بقوة، المشرط وقع من ايدي، كانت بتضغط على ايدي جامد
وانا كنت بصرُخ، لكن مش من الألم، انا بصرُخ من رهبة الموقف!
يعني إيه جثة مفيهاش اعضاء ولا دم ماسكة ايدي بالقوة دي!
طب دة لو حلم هيخلص امتى؟
في اللحظة دي سمعت الراجل بيتمتم بكلام مش مفهوم، كنت خايفة جدا، مسك المشرط وحطُه على رقبتي، الكشاف وقع في الأرض أتطفى، وبقِت المشرحة ضلمة كَاحلة!
بصيت على مُراد اللي كُنت بحاول استنجد بيه، لقيت عينُه اتحولت لعيون الجُثة، لحظة دة.. دة بيقول نفس الكلام اللي بيقولُه الراجل!
انهارت من العياط، جسمي بدأ يرتعش واعصابي فكّت، وقبل ما يُغمى عليا سمعت الراجل بيقول:
_لو أتكلمت هتتأذي، أبعد عن طريقي وإلا هاخد روحها.
٢٦/٩/٢٠٢٤
_وايه اللي حصل بعدها؟
_فوقت تاني يوم لقيتني في بيتنا، كإن مفيش حاجة حصلت، جريت على المستشفى، سألت واحد واحد بس محدش يعرف حاجة عن اللي حصل، دخلت اوضة المشرحة، مكانش في اي دليل يثبت ان كان في جثة هنا أصلا! لكن انا شوفت المشرط اللي كان محطوط على رقبتي مرمي تحت السرير، كمان الكشاف اللي اتكسر في الأرض موجود، كل دي دلايل لكن مفيش منها فايدة، لإن محدش كان موجود معايا..
سألِتني بهدوء:
_مراد؟
جاوبتها وانا دموعي بتزيد:
_دورت عليه كتير اوي، روحتله على مكتبُه، دورت على عنوان بيتُه، أرقام موبايلُه، لكن مفيش فايدة، كإن ملوش أثر، لغاية ما جيبتيلي خبر وفاتُه
سرحت ثانيتين لكن فجأة أفتكرت الجواب اللي وصلني منُه، بصينا لبعض فجأة بترقُب أنا ومرام، حسيت ان كل حاجة دلوقتي متوقفة على الجواب دة، كإن فيه التفسير لكل اللي بيحصل، فتحتُه وبدأت اقرأ.. الكلام كان صعب إني أستحملُه، كان الكلام المكتوب تاني أكبر صدمة في حياتي بعد صدمة الجثة..
يُتبع..
"أنا عالمٌ ولستُ جثة، أنا بحرٌ ولستُ قطرة، ترانِي هامدًا، وفي الحقيقةِ راكِضًا، كل حرفٌ يمثِلُ أسطورة، فَسحري لا ينتهي، في الأحلامِ كُنتُ أم العَلَنِ، أخذُ الأرواحَ بالميثاقِ، وعهدِي أنكَ المُقبِلُ"
مكُنتش مستحملة اللي قرأتُه، حسيت ان نبض قلبي ورعشة جسمي زادوا، الكلام كان مكتوب بالدم على ورقة غريبة، مهرية والزمن جاي عليها، جنب الكلام كان في حروف ورموز مرعبة، اول مرة اشوفها، كل حاجة عبارة عن دم، بصيت في عيون مرام، كانت مخضودة والتوتر باين على وشها
_دة.. ممكن يبقى عمل؟
_دة عهد يا مريم، عهد بالدم مستحيل يتفك
بصيتلها بدموع وقولت:
_دم مُراد؟
قالت وهي بتطمني بنظراتها:
_الجواب فيه ورقة تانية، يمكن يكون فيها حاجة تطمنّا
مسكت الجواب وفتحت الورقة، وبدأت اقرأ اللي فيها بصوت عالي:
_"عارف انك مستغربة من الجواب، ومن كل حاجة بتحصل من يوم ما جيبتلك الجثة المشرحة، كان نفسي اقولك كل حاجة من الأول، بس انا غبي، خبيت علشان خايف عليكي، خايف انك تتأذي، كان ممكن ألحقك قبل ما تدخلي المشرط في جسم الجثة، لو مكناش فتحناها مكانش حصل دة كلُه!
الجثة.. أو خليني أقول "المارد" هرب من المشرحة، وانا فوقت زيي زيك مش فاهم حاجة، كان بيجيلي في الأحلام كل ليلة، مكنتش بقدر اشوف حاجة من الضلمة، لكن كُنت بشوف عيونُه المرعبة وهي متابعة كل تصرفاتي، كل اللي كان بيقولُه "عهدي أنك المُقبل" مكنتش فاهم معنى كلامُه، مبقيتش عارف انام، وحتى الشغل بدأ يحصل فيه مشاكل كبيرة، جيبنا جثة الست اللي كان بينهش في لحمها، وقبل ما توصل عندكوا المشرحة.. اختفت، من كُتر الأفكار اللي تعبت راسي، روحت أقعد على البحر، تعمدت انه يكون نفس مكان الواقعة، وشوفت مشهد بشع، شوفت "المارد" واقف في نص البحر، في إيدُه شنطة لونها أسود بتنزل دم في البحر، كان باصصلي ومبتسم، وفي صوت همس بيتردد في ودني "إنَهُ العهد، عهدُنا الدم" 
"المارد" فتح الشنطة السودة، وظهر اللي فيها، كانت راسي..
من هول المنظر حاولت اجري، لكن فجأة قرب عليا وحسيت اني اتكتفت، همسلي وقال: "دمك عهد، لو عايز رحمتنا، عاهدنا"
كان قصدُه اني أقتل نفسي، لكن مطلبش دة عادي، هو طلب اني أفتح جسمي بنفسي، أفتحُه بالسكينة من تحت الرقبة لبعد البطن، على حرف Y، تمامًا زي الفتحة اللي عملتيها في جسمُه، ومن يومها وهو بيظهرلي في كل حتة وفي كل الوشوش، كان مفروض يكون بيطاردك أنتِ، لكن انا وعدتُه.. وعدتُه أوفيلُه بالعهد مقابل انُه يبعد عنك..
انا بكتب الرسالة دي، علشان أعرفك اني هوفي بالعهد، والعهد هو الدم، ودمي فداكِ"
دموعي زادت أكتر، كنت بعيط زي الأطفال، صوت بُكايا عالي لدرجة ان الدكاترة اتلموا عليا، حاولوا يهدوني لكن مفيش فايدة، كإني في كابوس، ياريتني ما مسكت مشرط في حياتي..
   "أنا بحرٌ ولستُ قطرة".
_أنا عايزة أتكلم مع وكيل النيابة الجديد
قالتلي بيأس:
_هتعمليها ازاي دي؟ مفيش فرصة
رجعت سألتني باستغراب:
_عايزاه ليه؟
_عايزة أجيب جثة مُراد المشرحة، لازم أفهم كل حاجة
قالت بتردد:
_بس.. هو مفيش جثة.
كنت هتحرك لكن وقفت بعد جُملتها، بصيتلها بصدمة وسألت:
_يعني ايه؟ فين جثتُه؟
_ملهاش أثر، حاولنا ندور عليها كتير بس فشلنا
غمضت عيني بيأس، دموعي نزلت وأعصابي فكت، حاولت أخُد نفسي، مسكت شنطتي وخرجت برة المستشفى، كنت بمشي في الشارع زي المجذوبة، لا عارفة انا رايحة فين ولا بعمل إيه، دموعي على خدي وبدعي وبكلم ربنا..
وفي اقل من عشر دقايق، لقيتني على شط البحر، تحديدًا في مكان الواقعة، كنت بتلفت بعيوني في كل حتة على أمل اني ألاقي أي دليل يثبت على الأقل وجود الجثة
مكُنتش حاسة بنفسي ولا بتحرُّكاتي، لكن حسيت ان الجو برّد أوي، والدنيا غيّمت بشكل يرعب برغم ان احنا مش في شتا، لَفت نظري ضل طويل جاي عليا من بعيد، تحديدًا من نص البحر، حاولت ادقق في الهيئة والملامح.. وكان زي ما توقعت بالظبط "المارد" لكن شكلُه كان أغرب و.. مرعب أكتر!
كان بيجُر في المايّة شنطة لونها أسود، ومع كُل خطوة ليه.. الدم كان بيملى البحر، لدرجة ان لون البحر الصافي أتحول أحمر مايل للسواد
كُنت براقب المشهد بخوف، رجلي بتخبط في بعض وعيوني مبحلقة، مش مصدقة اللي هي شايفاه، وبعد ما كان بيقرب عليا، وقف فجأة، كإنُه كان مركز في حاجة تانية غيري، والحاجة دي هي الشنطة السودة، اللي فجأة خرّج "المارد" منها جثة مراد المتقطعة، وبدأ ياكل لحمُه زي ما كان بيعمل في الست، حاولت أشغل دماغي شوية، طلعت الموبايل وفضلت أصوّر
كان الفيديو حوالي دقيقتين، ومازال "المارد" مكمّل في الوليمة
فتحت الفيديو علشان أتأكد اني مش بحلم، وانُه موجود فيه فعلًا، بس الفرحة متمتش، فجأة حسيت اني بتكتف من كُل اتجاه، حركتي اتقيّدت والموبايل وقع من ايدي في المايّة، من قوة الضغط عليا فضلت أصرخ، لغاية ما "المارد" لاحظ وجودي
بصلي للحظات قبل ما يختفي، وتفضل جثة مراد عايمة على وش المايّة
حاولت أقاوم التُقل اللي في جسمي، كُنت بردد بصوت يكاد يكون مسموع "وَمَاهُم بِضارّينَ بِهِ من أحدٍ إلَا بإذنِ اللَّه"
وصلت لجثة مراد، حاولت ألمسها لكن كُنت خايفة جدًا، فضلت ادور على الموبايل بتاعي، الفيديو دة لو اتشاف من وكيل النيابة أكيد هيساعدني، لمحتُه عايم جنب الجثة، جريت عليه علشان أخدُه، لكن فجأة الماية بدأت تتحرك، بيحصل حركة غريبة انا مش فاهماها، الجثة اتشدت لتحت البحر في دوّامة، كنت بتشد معاها لكن انا قدرت أقاومها وأبعد، وأول ما خرجت من البحر الموبايل اتشد مع جثة مراد، وبكدة الدليلين الوحيدين الموجودين في ايدي أختفوا، ودة معناه إني مش هثبت اللي شوفتُه واللي حصلي دة لحد، وهيفضل "المارد" ورايا لحد ما نهايتي تكون زي نهاية مُراد..
يُتبع..
_جثة مين اللي الدنيا مقلوبة عليها دي؟ 
قولتها على أمل ان اللي شوفتُه دة يكون مجرد حلم، وان جثة مراد هتوصل فأي لحظة، لكن الدكتور رجعني للواقع بجُملتُه:
_دي جثة ست قالوا ان في حد تعدى عليها وهي قاعدة على البحر.
رددت جُملتُه بهمس وانا سرحانة:
_حد تعدّى عليها وهي قاعدة على البحر!
جريت على اوضة المشرحة، كنت بدعي من قلبي انها تكون نفس الست اللي فتحت علينا كل اللي بيحصل دة، كشفت عن وشها، كان منظرها بشع!
كان في آثار مخالب ضخمة على وشها لدرجة ان ملامحها مش باينة، شيلت الغطا وبدأت أكشف عن جسمها كله، جثتها مهرية، متدمرة، متقطعة من كل حتة وحتى الأعضاء مش كاملة، باين انها نزفت كتير جدًا لدرجة ان نسبة الدم في جسمها قليلة جدًا، ودة اللي بيأكدلي انها ضحيّة من ضحايا "المارد"
قلبت الجثة على ضهرها علشان أكمّل تحليل، لكن اللي شوفتُه خلّاني أترعش لدرجة ان المشرط وقع من أيدي!
كان موجود على ضهرها علامة غريبة، كإنها رمز أو إشارة لحاجة، تشبه موجة البحر اللي بلعت جثة مُراد و.. موبايلي!
_دكتور شريف
ندهت عليه وانا نظري لسة متعلق على الرمز، جه وقف جنبي، بص للرمز ورجع وجه نظرُه عليا، لاحظ توتُري وخوفي ودة اللي أكدلُه ان الوضع مش طبيعي
_رمز ايه دة؟
قولت وانا لسة موجهة نظري عليه ودموعي على خدي:
_معرفش، بس لازم أعرف، انا لازم اعرف ايه اللي بيحصل دة
مسك المشرط علشان يفتح منطقة الرمز، لكن انا وقفتُه قبل ما يلمس الجثة وقولت:
_لأ، مش هينفع نفتحها بالمشرط
رجعت بصيتلها وقولت:
_طلع موبايلك 
مدلي ايدُه بيه ففتحت الكاميرا وصورت الرمز دة، اللي كان كل لحظة يبرز أكتر ويكبر على ضهرها
الوضع مريب، صعب انا مُدركة دة، لكن أنا محتاجة أرمي الخوف على جنب، لازم أخلص الناس من أذى المارد حتى لو على حساب نفسي..
_هتعملي ايه؟
_كمل تشريح الحالة، واديهم التقرير المطلوب، وإياك تذكُر الرمز اللي شوفناه، ومتجربش تلمسُه بالمشرط
كان هيعارض لكن قولت بمقاطعة:
_حاول تنفذ وبس، أنت متعرفش انا شوفت وعيشت إيه أرجوك ساعدني!
أتنفس بهدوء وهو بيهز راسُه بالموافقة، سيبتلُه الموبايل بعد تحذيرات كتيرة من انه ميضيعش الصورة، ورجعت على مكتبي، كملت يومي وشغلي عادي كإن مفيش أي حاجة بتحصل، لكن دماغي موقفتش تفكير، هعمل ايه وهتصرف ازاي، كُل حاجة دلوقتي متوقفة عليا وعلى خطواتي الجاية، يا العهد.. يا إما النهاية.
يومي انتهى في المستشفى ورجعت البيت، كل اللي فضل معايا هو اللابتوب، خدتُه وقعدت في مكتبة بابا، كُنت محتاجة لكُتبُه ومراجعُه علشان أقدر أفسر اللي بيحصل دة..
_"يُمكن أن تعبر الصورة عن وجود قوى أو كائنات خارقة تظهر من خلال دوامات الماء، مثل الأرواح أو الكائنات الغامضة التي قد تظهر وتختفي في اللحظة التي لا نتوقعها، أو تمثل الانجراف نحو شيء مظلم أو خطر، حيث تُجذب الشخص أو الكائن إلى مركز الدوامة، مما يرمز إلى الفوضى والدمار."
كُنت بقرأ بصوت عالي، مش مصدقة اللي بقرأُه، بفكر ايه علاقة المارد بالرمز، وليه دايمًا جرايمُه بتكون على البحر، لكن قاطع تفكيري ظهور إعلان لموقع غريب على اللابتوب، مكُنتش ههتم لولا الجُملة اللي مكتوبة عليه "لا تبحث عن المعنى، فكلاهما سيّان"
وتحتها بخط رفيع جدًا "أسرار قاع البحر كما لم تعرف من قبل"
اتحركت بالسهم تجاه الموقع، ومع ضغطتي عليه أتضغط على ضهري، حسيت بإيد محاوطة رقبتي وبتخنُقني، نفسي أتكتم وحتى صوتي مش خارج من قوة الضغط على أحبالي الصوتية!
الدنيا ضلمت حواليا لدرجة اني قفلت عيوني من الرعب، لكن ريحة التُراب المبلول، وصوت أمواج المايّة، وحركتي اللي كانت مقيدة، جرّأتني إني أفتح عيوني
كُنت موجودة على شط، مربوطة من كل حتة على كُرسي أسود مليان دم، وقدامي البحر، اللي بيتحول للون الأسود فجأة، وبتظهر دوامة كبيرة في نصُه، بتبلع كل حاجة حواليا إلا أنا!
انا الوحيدة اللي قدرت أنجى من الدوامة، شايفة جُثث كتير بتتشد لتحت، حتى كل الدلايل وكل الأدوات اللي كانت في ايدي واختفت فجأة، كإنه بيقولي "مش هتعرفي توصلي لحاجة، أنت أضعف من انك تقفي قدامي"
الدوامة بدأت تقوى أكتر، والبحر عِلِي جدًا اثر قوتها، غمضت عيني وانا ببكي زي الأطفال، حاسة ان الماية بتقرب مني وحتى الدم اللي على الكُرسي والحبل، ومع أول نفس دخل لصدري، كل حاجة رجعت زي الأول، شهقت شهقة كبيرة كإني فارقت الحياة لثواني ورجعت مرة تانية، جسمي كان متغرق ماية، وايديا عليها آثار الحبل بالدم، بدأت اهدي من نفسي، بصيت حواليا علشان اتأكد ان كل حاجة أختفت، قعدت في كورنر بعيد، وعيطت وقتها عياط عمري ما عيطتُه قبل كدة..
كُنت ضامة رجلي في حُضني ودافنة راسي فيها، وصوت بُكايا مُسيطر على الأجواء مع صوت مطر خفيف في الخلفية 
وكوني عايشة لوحدي، معناه ان مفيش حد الجألُه علشان يطمنّي ويدفيني دلوقتي..
_دكتور مريم، افتحي أرجوكِ
كان صوت دكتور شريف خارج من اللابتوب، جريت على المكتب وفتحت الشات، أكتر من عشر مسدجات بيقولي فيهم انُه وصل لخبير آثار، وورّاه الصورة وقالُه انه عارف عنها حاجة، لكن مش هيقدر يقولهالُه في الموبايل، وطلب اننا نتقابل عند البحر
معرفش ليه طلب اننا نتقابل هناك، لكن أكيد تفسيرُه هيساعدنا
خدت حاجتي وروحت المكان، ومعايا كل حاجة قدرت اوصلها عن الرمز دة
_بوابة كونية؟
رد عليا الدكتور "فريد" خبير الآثار اللي جابُه دكتور شريف بعد ما هز راسُه بمعنى "آه" وقال:
_رمز الموجة في بعض الأساطير، بيعبر عن أبواب بتؤدي لعوالم التانية، أو مثلا مخاطر موجودة في اعماق المايّة، حتى انه بيتقال ان اللي بيتسحب في الدوامات دي بيختفي للأبد، زي الأسطورة النوردية اللي بتعتقد إن المحاربين اللي بيموتوا بيتسحبوا لقاع البحر علشان يعيشوا في عوالم مظلمة، والأسطورة الإسكندنافية، أسطورة "الدوامة السوداء" ودي بتقول ان الدوامة هي بوابة للعالم السُفلي في قاع البحر وبتسحب كل اللي يأذي حُراسها "المَرَدة"
كنت بسمع الكلام ومفيش في بالي غير الأحداث اللي حصلت في الفترة الاخيرة، كل حاجة كانت بتوضح واحدة واحدة، وبعد ما حكيتلُه كل اللي مريت بيه قالي تفسيرُه الشخصي للأحداث:
_المارد نزل الأرض علشان يفتح بوابة، والبوابة دي مكانتش هتتفتح إلا بدم واحد غلبان وملوش في الدنيا، حد بيخاف حتى من ضلُه، والاختيار وقع عليكي أنتِ بعد ما حاول يدور أكتر من مرة، من أول جثة جاتلك غرقانة من شهرين، لحد الست اللي حاولت تصورُه على الشط واستفزتُه بتصرُفها، وبسبب انك خوفتي يوم ما جثة المارد "الوهمية" جاتلك المشرحة، المارد أصر عليكي أصرار غريب، لدرجة إن مُراد لما عرف دة، قرر يفديكي بدمُه، وبدل ما يفتحوها بدمك فتحوها بدم مُراد، لكن تصرفاتك وشجاعتك ضد المارد وعالمُه، خلتُه يحطك في دماغُه أكتر، ويفضل يطاردك في الأحلام والحقيقة كمان
بلعت ريقي بصعوبة، نفسي كان بيزيد غمضت عيني في محاولة اني أهدّي نفسي، لكن كل ما أغمضها أسمع صوت الموجه، اللي بالنسبالي بقى صوت مُرعب متحملش اني أسمعُه، لكن الصوت كان بيزيد، بيعلى واحدة واحدة، حسيت ان الدنيا ضلمت ففتحت عيوني بخوف، لقيت الدكتور فريد والدكتور شريف بيتسحبوا للموجة، البحر كان عالي زي اللي حصل الصبح بالظبط، لونه أسود والدنيا مغيّمة بشكل يرعب، كُنت براقب من بعيد، حسيت اني اقوى، لأول مرة محسش اني مخنوقة، مش خايفة، غمضت عيني اللي اتحولت لشكل الموجة اللي قدامي بالظبط، وبدأت تشبه عيون المارد، فتحتها وبصيتلهم بابتسامة وانا بتنفس بهدوء نظراتي كان كلها ثقة، الابتسامة اتحولت لضحك، وصوت الضحك بدأ يعلى، المارد قدامي، مبتسم بنفس ابتسامتي بعد ما همس في ودني "أنتِ عهدُنا، ودماؤك بوابتنا" كل الجثث بتطير وتتشد للموجة، وانا واقفة، ثابتة في الأرض
وقفت ضحك، وثبتّ عيوني في عيون المارد الجاحظة، ووقتها كشفت عن ضهري، وظهرت العلامة منوّرة وبارزة، علامة الموجة..
تمت.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-