رواية نجايا الكاذب احمد وهبه كاملة جميع الفصول بقلم بتول علي
رواية نجايا الكاذب احمد وهبه كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة بتول علي رواية نجايا الكاذب احمد وهبه كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية نجايا الكاذب احمد وهبه كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية نجايا الكاذب احمد وهبه كاملة جميع الفصول
رواية نجايا الكاذب احمد وهبه كاملة جميع الفصول
الفصل الأول
اسمع يا عمرو عدة مرات أخوك ياسين الله يرحمه خلصت وأنت لازم تتجوزها.
أطلقت الحاجة فادية التي لا تحب الاعتراض أو الجدال هذه العبارة الحازمة وهي تجلس أمام ابنها عمرو الذي استنكر حديثها وصاح باعتراض
إيه الكلام ده يا ماما! أنا بعتبر آية زي أختي ومستحيل أتجوزها وبعدين اوعي تنسي أني لسة متجوز من ست شهور وبحب مراتي ومستحيل أتجوز عليها.
عندما اتصلت فادية بعمرو في الصباح وأخبرته أنها تريد أن تتحدث معه بعدما يعود من عمله في أمر هام يتعلق بأرملة أخيه توقع الكثير من السيناريوهات ولكنه لم يتصور أنها ترغب في تزويجه منها!!
اشټعل لهيب الڠضب في صدر فادية بسبب عصيان ابنها لأوامرها من أجل إرضاء زوجته التي استحوذت على قلبه وصار يبذل كل ما في وسعه حتى ينال رضاها.
ضړبت فادية الأرض بعصاها وهتفت بحزم
الأصول بتقول أنك لازم تتجوز أرملة أخوك عشان تربي ابنه الصغير لأن آية لسة شابة صغيرة وكمان حلوة وهي مستحيل هتعيش باقي حياتها من غير جواز وأكيد أنت مش هيرضيك أن واحد غريب يربي ابن ياسين أخوك وأنت موجود.
زفر عمرو بضيق وصاح بحدة أظهرت نفاذ صبره
ماما لو سمحت متضغطيش عليا لأني مش هتجوز آية حتى لو انطبقت السماء على الأرض وبعدين أنا لسة لحد دلوقتي الناس بتقول عليا عريس جديد عايزاهم يقولوا إيه لما يلاقوني اتجوزت على مراتي بعد كام شهر من جوازنا!
كاد عمرو يغادر ولكنه توقف بعدما سمع والدته وهي تهتف بحزم
فكر أنت كده الأول الناس هتقول علينا إيه لما نسيب ابننا لراجل غريب يربيه ويكون في علمك لو كلامي متنفذش يا عمرو يبقى قلبي وربي غضبانين عليك لحد يوم الدين.
نظر لها عمرو بعتاب وأسف ثم صعد إلى شقته وهو لا يعرف كيف يتصرف ولا يعلم كيف ستكون ردة فعل زوجته بعدما يخبرها بقرار والدته أو كما يجب أن يسمى الفرمان الذي أصدرته فادية ويجب تنفيذه في أسرع وقت.
حارة شعبية تعج بالضجيج والأصوات في كل مكان فالنجار يصدر من ورشته صوت نشارة الخشب والميكانيكي يبحث بين أدواته حتى يصلح تلك السيارة التي تقبع أمام محله ويوجد الباعة المتجولين الذين يجهرون بأصواتهم لعل وعسى يكون ذلك سبب في بيعهم لكل البضاعة التي يحملونها فوق ظهورهم ويتنقلون بها في أكثر من شارع.
وسط كل هذه الأصوات المتداخلة بعضها ببعض تجلس سيدة أربعينية تدعى ثريا وهي قمحية البشرة حادة الملامح ترتدي جلباب أسود وإيشارب من نفس اللون وتذم شفتيها بتأفف وهي تنظر إلى الناس الذين يمرون أمام منزلها.
لوت ثريا ثغرها ورفعت صوتها وهي تلقي كلمات سامة وحادة قاصدة إيصالها إلى مسامع تلك الشابة العشرينية التي تحمل في يدها حقيبة كبيرة مليئة بالأغراض التي ابتاعتها من السوق
شوف البنت وبجاحتها ماشية في الشارع رايحة جاية ولا كأنها عاملة حاجة دي لو واحدة غيرها كانت دفنت نفسها بالحيا بعد العملة السودة اللي عملتها واللي اتسببت في مۏت أمها بس نقول إيه بقى اللي اختشوا ماتوا وبنات اليومين دول بقوا بجحين ومش بيهمهم أي حاجة نهائي.
ضړبت رفيقتها التي تدعى تهاني كفيها ببعضهما قائلة
والأنيل من كده أنها كانت عاملة فيها الطاهرة الشريفة وشايفة نفسها وكل ما كان يجيلها عريس ترفضه عشان خاطر سي أحمد بتاعها كان لازم أصلا نفهم من زمان أنها مش مظبوطة وأن فيه حصلت بينها وبين أحمد وعشان كده كانت بترفض العرسان لأنها خاېفة تتجوز وتتفضح وسط الناس.
استدارت هبة ونظرت إلى تلك السيدتان اللئيمتان وصړخت في وجهيهما بعصبية
أنا أشرف منكم أنتم واللي جابكم وإذا كان فيه شخص بجح وقذر هنا في الحارة فهو أنتم الاتنين يا شوية حرابيق يا اللي فضايحكم مش بتخلص.
رمقتها ثريا من أعلى إلى أسفل بتهكم وهي تهتف بسخط شديد قاصدة الاستهزاء من وراء كل كلمة تتفوه بها
اسكتي والنبي يا أختي وبلاش تعملي فيها محترمة وشريفة وأنت أصلا واحدة رخيصة ولو لسة مش مصدقة أن الكل بقى
عارف حقيقتك المقرفة روحي افتحي النت وشوفي صورك اللا موأخذة وأنت هتفتكري على طول يا حبيبتي.
تدخلت تهاني في الحوار وتحدثت بنبرة ساخرة
عالم غريبة صحيح واحدة سايبة البيه اللي كانت ماشية معاه وڤضحها وجاية تمسك فينا وتتشطر علينا!! روحي يا حلوة شوفي الأمور اللي قرطسك بعد ما اديتيله كل حاجة وأنت مفكره أنه هيتجوزك.
استمعت هبة إلى تلك الكلمات الحادة وانحدرت دموع القهر من عينيها فهي لا تزال حتى الآن غير قادرة على استيعاب ما حدث معها طوال الشهر الماضي.
لقد تدمرت حياتها وصارت سيرتها تحاك على كل لسان وأصبح أراذل الناس يخوضون في عرضها وشرفها وكل ذلك لأنها أحبت ووثقت بالشخص الخطأ فمن
ظنته حبيبها ومنقذها اتضح لها في النهاية أنه وغد لا يمت للرجولة بصلة وأنه أحقر إنسان على وجه الأرض.
صحيح أنها بريئة وهذه الصور المخلة التي انتشرت منذ بضعة أسابيع لا تخصها إلا أنها تلوم نفسها دائما لأنها وقعت في حب شخص وضيع مثل أحمد قام بفبركة صورها وجعلها تبدو في أوضاع غير لائقة ثم نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي وڤضحها أمام الجميع.
وصلت هبة إلى منزلها بسرعة دون أن تكمل الڤضيحة وتبرأ منها جميع أقاربها كما أنه لم يعد بإمكانها الخروج من المنزل دون أن تسمع كلمات بذيئة من الناس وأيضا لم تستطع أن تتواصل مع صديقتها المقربة مروة لأن زوجها عمرو قد منعها وحذرها من فعل ذلك بسبب والدته المتسلطة التي افتعلت معه مشكلة بسبب تلك الصداقة التي تربط بين كل من هبة ومروة.
تمتمت هبة بحشرجة وهي تمزق كثير من الصور التي تجمعها بأحمد
ياريتني ما شوفتك ولا عرفتك روح يا شيخ منك لله أنا مجاليش من وراك غير التعب والفضايح حسبي الله ونعم الوكيل فيك ده أنا أكتر واحدة حبيتك وساندتك ووقفت جنبك في محنتك بس أنت قابلت الإحسان بالإساءة وډمرت حياتي.
↚
أشعلت هبة الڼار في قصاصات الصور التي مزقتها ثم جلست أمامها تشاهدها وهي تحترق وأخذت تتذكر الحوار الذي دار بينها وبين أحمد في لقائهما الأخير.
أحمد إحنا مش هينفع نكمل سوا والأحسن أننا نسيب بعض وكل واحد فينا يروح لحاله ويكمل حياته بعيد عن التاني لأن إحنا طباعنا مختلفة ومش هنقدر نعيش مع بعض.
نطقت حلوة! هو في حد قالك أن أنا لعبة في إيدك وقت ما تكوني عايزاها تمسكيها ووقت ما تزهقي منها ترميها! فوقي لنفسك كده واعقلي أحسن ما أخليك ټندمي على الساعة اللي فكرت فيها أنك تسيبيني وتبعدي عني.
صاحت في وجهه پغضب شديد بسبب أسلوبه النرجسي وإصراره على بقائها معه بعد كل ما فعله فقد اكتشفت أنه عاد مرة أخرى وهي قد أخبرته من قبل أنه إذا فعل ذلك فسوف تبتعد عنه على الفور
فوق بقى واسمع أنا بقولك إيه أنا مش عايزاك ومش طايقاك ومش عايزة أشوف وشك مرة
تانية ماما كان عندها حق من الأول لما قالت أني هندم عشان قبلت بيك أنت بني آدم مقرف ومكانش لازم أتخطب ليك من الأول.
أمسك أحمد معصمها بقسۏة جعلتها تتألم واستطرد في وعيده بلهجة حادة
أنت ملكي يا هبة وهتفضلي كده لحد ما ټموتي ولو فكرت تبعدي عني هدمرك ومش هخليك تقدري تمشي في الشارع مرة تانية ولا ترفعي رأسك قدام الناس.
نظرت له هبة بتحدي وهي تهتف بنبرة قاسېة تعمدت من خلالها أن ټحرق قلبه مثلما أحرق قلبها عندما شاهدته في مقطع فيديو وهو تحت تأثير
الكلام ده مش هيحصل غير في أحلامك يا أحمد أنا خلاص وافقت على العريس اللي اتقدملي وخطوبتي هتكون يوم الخميس الجاي وهتجوز بعد أربع شهور يعني خلاص كل حاجة خلصت وده بعد ما شوفتك رجعت مرة تانية.
كادت هبة تغادر ولكن أمسك أحمد بيديها يمنعها من المغادرة وهو يهمس برجاء
والله العظيم يا هبة أنا بعدت عن من ساعة ما اتعالجت وخرجت وعندي استعداد أحلفلك بحياة أغلى شخص عندي أن أنا ما أخدتش أي حاجة من المواد دي حتى السچائر ما قربتش منها.
دفعته هبة وصړخت پقهر بسبب إصراره على الكذب فهي قد سأمت منه ومن وعوده الكاذبة
يا أخي حرام عليك بقى هو أنت معجون بمية كدب أنا شايفاك في الفيديو وأنت عمال تكسر كل حاجة حواليك وكل تصرفاتك هي نفسها اللي أنت كنت بتعملها زمان لما كنت تحت تأثير ده غير أن أنا شوفت معاك في الفيديو حاجات من اللي أنت كنت بتاخذها قبل كده يعني متحاولش تكدب لأن خلاص أنا فهمت كل حاجة ومعنديش استعداد أقضي حياتي مع بني آدم مدمن زيك لأنك مستحيل تكون زوج مناسب ليا وأب كويس للأطفال اللي ربنا هيرزقني بيهم إن شاء الله في المستقبل.
صاح أحمد بتهكم بعدما ابتسم باستهزاء
ومين بقى سعيد الحظ اللي شايفة أنه هيكون زوج بجانبه فهي الفتاة الوحيدة التي دق قلبه لأجلها ولن يدعها تصبح لغيره حتى لو اضطر لقټلها ولكنها لم تكترث لقسمه.
غادرت هبة وهي تبكي فهي لا تفكر في الزواج مثلما أخبرته ولم تقبل بالعريس الذي تقدم لها ولكنها كذبت عليه حتى يتألم مثلما تتألم هي الآن.
أخذت هبة ټضرب موضع قلبها بعدما وصلت إلى منزلها ودلفت إلى غرفتها وأغلقت
الباب خلفها دون أن ترد على نداء والدتها.
أنت الحبيب الذي وثقت به ومنحته قلبي ولكنك خذلتني ولم أنل منك سوى الألم والمعاناة فبئسا لهذا القلب الذي لا يزال يحبك پجنون بعد كل ما جرى.
ظلت تلك المقولة تتردد في عقلها وهي تشاهد النيران المشټعلة في الصور وهي تهدأ بشكل تدريجي ثم تمتمت بأسى وهي تنظر إلى الصورة الكبيرة المعلقة على الحائط والتي تجمعها بوالدتها
أنا السبب في كل اللي حصل يا ماما لأني رفضت أسمع كلامك وحبيت أحمد ودي كانت النتيجة.
عندما نقع في الحب ربما تكون العين مبصرة ولكن يكون القلب مغفل ولا يستيقظ من تلك الغشاوة إلا بعدما نخسر كل من نحبهم
أنت الحبيب الذي أقسم أن يمنحني من الحب أنهارا ومن كلمات العشق أشعارا ولكنك لم تمنحني سوى ألاما تذيق روحي ويلات من العڈاب والندم على حبك
تذكرت هبة تلك المقولات التي كانت تسمعها كثيرا في الماضي وتقرأها بين أسطر الروايات الرومانسية التي تحرص على اقتنائها وانخرطت في نوبة بكاء كثيرة لأن هذا الكلام صار ينطبق عليها في الوقت الحالي.
في تلك اللحظة أخذت مقولة أحمد في يوم الرابع عشر من فبراير المعروف عند كثير من الناس بعيد الحب ترن في رأس هبة
أحبك يا أميرتي وسوف أفعل المستحيل من أجلك يا
↚
من عشقتها وصارت قطعة من قلبي أحيا لأجلها وأموت لفراقها.
ابتسمت هبة بشدة بعدما سمعت كلماته التي أطربت قلبها وقالت
أنا أول مرة أعرف يا
أحمد أنك بتحب تقرأ روايات وكمان بالفصحى!!
ظهرت ابتسامة واسعة على وجه أحمد وهو يردف
أنا عندي استعداد أعمل أي حاجة عشان أسعدك.
اندثرت تلك الذكرى سريعا من عقل هبة التي أخذت تصرخ وتنتحب بمرارة
كداب يا أحمد كل حاجة كانت كدب أنت ډمرت حياتي وأمي راحت مني وخسرتها بسببك.
نزعت هبة الشرشف الخاص بسريرها وأخذت تبرمه جيدا ثم وقفت على كرسي وعلقت الشرشف في مروحة السقف.
مالك!!
نطقت هبة اسمه بخفوت ودهشة من وجوده قبل أن تغيب عن الوعي وتتلقاها أيدي الظلام الدامس تحت نظرات مالك الذي شعر بالأسف عليها
الفصل الثاني
انتظر مالك خروج الطبيب من غرفة الفحص على أحر من الجمر فهو يشعر بالقلق الشديد على هبة التي كادت تنهي حياتها لولا تدخله في اللحظة الأخيرة.
أخذ مالك يفكر ما الذي كان سيحدث لهبة إذا تأخر دقيقة واحدة في الوصول إلى شقتها
لقد تفاجأ عندما كان يمر من أمام منزلها بذلك الدخان الكثيف الذي كان يتصاعد من نافذة غرفتها وشعر بالقلق وعلم أن هناك شيء مريب يحدث في الأعلى.
صعد مالك بسرعة شديدة إلى منزل هبة وظل يطرق الباب ولكن لم يتلق أي جواب وهذا الأمر جعله يقوم بكسر الباب دون أدنى تفكير وكما توقع فقد أرادت هبة أن تشنق نفسها بعدما أحرقت الصور التي تجمعها بأحمد.
خرج الطبيب فتوجه نحوه مالك متسائلا بقلق ظهر بشكل واضح على ملامحه وفي نبرته أثناء الحديث
طمني يا دكتور هي عاملة إيه دلوقتي
تنهد الطبيب وأجاب بجدية يتخللها الكثير من الأسف على حال تلك الشابة المسكينة التي تعرضت لمحڼة قاسېة جعلتها ترغب في إنهاء حياتها ولا تفكر في العقاپ الذي ستتلقاه من المولى عز وجل بسبب هذا التصرف
الأنسة كويسة دلوقتي بس أظن أنها هتكون محتاجة لعلاج نفسي وفي أسرع وقت لأن واضح أنها بتعاني من صدمة شديدة وممكن تحاول
ټنتحر مرة تانية.
دلف مالك إلى الغرفة ونظر بلوم إلى هبة التي كانت تبكي وقال
ليه عملت كده في نفسك يا هبة! معقولة شايفة أن أحمد يستاهل أنك ټموتي نفسك بسببه!
ظهر الحزن في نظرات هبة والمرارة في حديثها وهي تردف
يعني كنت عايزني أعمل إيه يا مالك أنا واحدة صحيت من النوم في يوم من الأيام لقيت صور مقرفة ليا منشورة في كل مكان على الإنترنت وفضيحتي بقيت بجلاجل ومش عارفة أوري وشي للناس وأمي ماټت من القهر والذل اللي حست بيهم لما قرايبنا اتبروا مننا وكل ده بسبب ابن عمك اللي كان خطيبي واللي كنت بحبه أكتر من نفسي وعملت معاه المستحيل عشان يكون إنسان أفضل.
جلس مالك أمامها وهتف بمواساة فهو يعلم جيدا حجم الحب الذي كانت تكنه في قلبها لأحمد ورأى بعينيه الجزاء الذي حصلت عليه بسبب هذا العشق
أنا عارف أن اللي مريت بيه يا هبة مكانش سهل وأنا بوعدك دلوقتي أني هقف جنبك وأجيبلك حقك من ابن عمي ويكون في علمك أحمد عمل حاډثة في اليوم اللي الصور
اتنشرت فيه وهو دلوقتي في غيبوبة والبوليس مستنيه يفوق علشان يقبض عليه وهياخذ الجزاء المناسب على اللي عمله فيك وده بعد ما مباحث الإنترنت اتأكدت من أن هو اللي نشر الصور.
وضعت هبة التي سمعتها بها وجعلتها تعارض والدتها التي تحدثت معها مرارا وتكرارا وألحت عليها أن تبتعد عن أحمد لأنه غير مناسب لها.
حضر
إلى ذهنها إحدى المشاجرات التي دارت بينها وبين والداتها الراحلة بشأن أحمد والتي تمسكت فيها برأيها ورفضت سماع أي كلمة تعارض رغبة قلبها.
حرام عليك يا ماما أنا وأحمد بنحب بعض وأظن أنت واخذة بالك كويس من الموضوع ده أنا مش فاهمة أنت پتكرهي أحمد أوي كده ليه!
صاحت أسماء بنفاذ صبر أصابها بسبب عناد ابنتها وعدم رغبتها في تنفيذ طلبها
لأنه مش مناسب ليك يا هبة به
أنا سمعت أن أحمد كان هو السبب في مۏت أخوه وعشان كده أمه قاطعته ومش بس كده يا هبة ده كمان لازم تفتكري أنه ساب كليته ورفض يكملها عشان يشتغل صنايعي ويقدر يجيب المخډرات اللي بيشربها يا ترى لو أنت قولتيله يروح يكمل الكلية هيسمع كلامك ويعمل كده عشان يبقى مناسب ليك بما أنك معاك مؤهل جامعي ولازم هو كمان يبقى زيك
رمقت هبة والدتها بتحدي وقالت
أيوة يا ماما هيعمل كده وأكتر كمان استني لما أكلمه بكرة وشوفي بنفسك جوابه هيكون إيه أحمد مستعد يعمل أي حاجة عشاني ولو أنا قولتله يرمي نفسه في البحر هيعمل كده من غير ما يتردد لحظة واحدة.
وبالفعل اتصلت هبة بأحمد وفتحت مكبر الصوت وطلبت منه أن يكمل دراسته الجامعية لأنها ترغب في ذلك حتى يكونا متكافئين وبالفعل وافق أحمد لتتسع نظرات أسماء والدة هبة فهي لم تكن تتوقع أن يقبل أحمد هذا الأمر وبهذه السهولة.
تمنت هبة ألا يشعر أحد بمقدار الندم الذي تشعر به وهي تجلس الآن فوق سرير المستشفى أمام مالك الذي يجلس أمامها ويرمقها بنظرات مشفقة بسبب ما وصل إليه حالها.
أخذت عبارات الحب والغرام التي كان يرددها أحمد تتردد في رأس هبة فتمتمت بصوت منخفض لم يسمعه أحد سواها
اكتويت بڼار عشقك وجرحت بنصال حبك بعدما چرحتني وتنصلت من وعدك بأن تجعلني أسعد امرأة في هذا العالم ليتني مت قبل أن أرى وجهك وأقع في حبك أيها الوغد المخادع.
تملك الاستياء من مالك بسبب شرودها الذي زاد عن حده فحمحم قليلا قبل أن يتحدث
أنا لقيت امبارح تسجيل يثبت أن أحمد هو اللي فبرك الصور والتسجيل ده أنا هنشره على النت وزي ما أحمد استخدم الإنترنت عشان يفضحك أنا هستخدمه عشان أثبت براءتك قدام الناس كلها ووقتها الكل هيعرف أنك ضحېة وملكيش ذنب وساعتها هتقدري تمشي وأنت رأسك مرفوعة.
أنهى مالك جملته وهو يخرج هاتفه ويقوم بتشغيل أحد المقاطع الصوتية والذي ظهر به صوت أحمد وهو يقول
↚
عندك حق أنا لازم أعمل المستحيل عشان هبة تفضل معايا وعشان كده أنا ههددها بأني هفبرك ليها صور مش كويسة وأن الصور دي هتتنشر في كل مكان والكلام ده هيخليها ڠصب عنها ترجعلي تاني ومتفكرش أبدا في أنها تسيبني.
اتسعت عيني هبة وهي تسمع صوت أحمد وهو يتفوه بتلك الكلمات التي علق عليها مالك بقوله
التسجيل ده أنا لقيته في موبايل أحمد امبارح بالليل والكلام ده قاله وهو كان بيتكلم مع واحد صاحبه وبالصدفة المكالمة كانت متسجلة لأن زي ما أنت عارفة موبايل أحمد موجود فيه خاصية تسجيل المكالمات والتسجيل ده دليل كافي أنه يثبت لكل اللي شاف صورك أنك بريئة.
هتفت هبة بأسف شديد وهي تمسح دموعها
أنا كنت بعاني بعد مۏت أبويا الله يرحمه وفضلت فترة طويلة مش قادرة أتخطى صدمة مۏت بابا لحد ما ظهر أحمد في حياتي ووقتها هو اللي أنقذني من الوحدة والضياع اللي كنت حاسة بيهم وده خلاني أتعلق بيه وأشوفه دايما منقذي بس هو طلع منقذ زائف دمر حياتي وخلاني أخسر سمعتي وكرامتي ووالدتي.
اتسعت عيني آية بعدما سمعت حديث حماتها التي قررت تزويجها لعمرو حتى تضمن وجود حفيدها بجوارها.
وافقت آية على قرار فادية الذي يصب في مصلحتها ومصلحة طفلها الوحيد الذي صار يتيما وهو
طفل في الثالثة من عمره يحتاج إلى حنان والده ورعايته.
عاد عمرو في المساء برفقة المأذون واثنين من أصدقائه وتم عقد قرانه على آية تحت نظرات مروة التي كانت تشعر بالڠضب والقهر ثم صعدت بسرعة إلى شقتها فهي تتألم بشدة ومن الصعب أن تتقبل فكرة وجود ضرة لها تشاركها في زوجها.
لن يستمر هذا الوضع سوف تفعل المستحيل حتى ينتهي هذا الزواج الذي فرض عليها وعلى زوجها من قبل حماتها المتسلطة في أسرع وقت.
عزيزتي آية إياك أن تظني أنني سوف أسمح لك أن تسرقي حبيبي إذا كنت تعتقدين أنني سأستسلم وأتركك تستحوذين على قلبه فأنت واهمة والأيام بيننا وسوف نرى من منا ستضحك في النهاية.
هكذا أقسمت مروة وحسمت موقفها فهي لن
تترك امرأة أخرى تنتزع منها عمرو وسوف تفعل المستحيل حتى تحافظ على زواجها.
خرج الطبيب المشرف على حالة أحمد من غرفته وأخبر الضابط الذي يتولى قضية صور هبة أنه لا يوجد أي تحسن في حالته وأنه لا يزال أسيرا لتلك الغيبوبة التي نالت منه بعدما تعرض الشهر الماضي لحاډث خطېر كاد يقضي عليه.
أومأ الضابط بتفهم وقال
تمام شكرا ليك يا دكتور.
ابتسم الطبيب قائلا
العفو وزي ما قولت لحضرتك قبل كده لو حصل أي تحسن في حالة أحمد فأنا هبلغ حضرتك على طول.
ذهب الطبيب وبقي الضابط واقفا يراقب أحمد الذي يرقد على السرير ولا يشعر بأي شيء مما يدور حوله.
شعر الضابط بالڠضب الشديد والاشمئزاز من أحمد الذي ينام بهدوء ولا يدرك مدى تأثير الڤضيحة التي نالت من فتاة مسكينة لم ترتكب سوى ذنب وحيد وهو أنها وثقت به وأحبته وكل ذلك لأنها رأت أنهما لا يناسبان بعضها ويجب أن ينفصلا ويمضي كل منهما بمفرده في طريقه.
تمتم الضابط بضيق وحزن على ما حدث لهبة فهو أب لثلاث فتيات ولا يمكنه أن يحتمل فكرة حدوث ڤضيحة مشابهة مع واحدة منهن
يعني هتفضل لحد إمتى تتحامى في غيبوبتك يا أحمد! مسيرك هتفوق وساعتها هقبض عليك عشان تاخد جزائك على كل اللي عملته.
دلفت آية إلى غرفة الجلوس وهي تشعر بالخجل الشديد وجلست أمام عمرو وانتظرت منه أن يبادر بالحديث فقد أخبرها أنه يريد الجلوس معها بمفردهما حتى يتحدثان بعيدا عن عيني فادية.
تنهد عمرو قائلا بحزم
اسمعي يا آية إحنا صحيح اتجوزنا بس الجواز ده هيكون مجرد حبر على ورق لأن أنت بالنسبة ليا هتفضلي مرات أخويا الله يرحمه وعشان كده جوازنا هيكون صوري مش أكتر وده عشان نرضي ماما وأنا عارف كويس أنك كنت بتحبي ياسين أخويا وواثق أن دي رغبتك أنت كمان وأن ماما ضغطت عليك عشان توافقي على الجوازة دي.
أصيبت آية بالصدمة وخيبة الأمل بعدما سمعت هذا الكلام فهي لم تكن تتوقع أنه لا يريده
كبحت آية دموعها بصعوبة شديدة فقد شعرت بالإهانة بسبب كلمات عمرو وحاولت أن تتمالك نفسها بصعوبة فهي لم تتصور أبدا أن يأتي رجل ويرفضها ويعلنها صراحة ويقول أنه لا يريدها.
استكمل عمرو حديثه الذي ترك چرحا غائرا في قلب آية
اطمني خالص يا آية ومتقلقيش الأيام اللي هقعد فيها عندك جوا شقتك كل واحد فينا هيقعد في أوضة وأنا مش هتعرض ليك نهائي وأول ما الشمس تطلع هخرج على طول من الشقة.
خرج عمرو
↚
من الغرفة وهو يشعر بالراحة لأنه استطاع أن ينال رضا والدته وفي الوقت نفسه لم يخسر زوجته التي أخبرته صراحة أنها سوف تتركه إذا تزوج من آية.
تذكر عمرو الحديث الذي دار بينه وبين مروة عندما أخبرها أن فادية تريد منه أن يقترن بأرملة أخيه
أنت اټجننت يا عمرو ولا جرالك حاجة في عقلك بقى عايز تتجوز عليا مرات أخوك وإحنا لسة جوازنا مكملش ست شهور!
شعر عمرو بالضيق ولم يكن يرغب في الاستمرار بهذا الحديث ولكنه مجبور على ذلك فقد أقسمت والدته وانتهى الأمر وإذا لم يلبي رغبتها سوف تكون غاضبة عليه إلى يوم القيامة
اهدي بس يا مروة واسمعيني أرجوك ماما حلفت عليا لو رفضت أتجوز أرملة أخويا هتفضل ڠضبانة عليا ليوم الدين
وأنا مش هينفع أعصي أوامرها لأنها في الأول وفي الأخر تبقى أمي اللي ربتني وكلامها هيفضل دايما سيف على رقبتي.
صړخت مروة بعصبية شديدة فقد ظنت في بداية الأمر أن زوجها يمزح معها بشأن هذا الزواج ولكن بعدما سمعت منه هذا الحديث تأكدت بلا أدنى شك أنه ينوي بالفعل أن يتزوج عليها من أرملة أخيه
على چثتي الكلام ده يحصل يا عمرو سمعت أنا قولت إيه مش أنا اللي أقبل بأن يكون ليا ضرة ولو أنت فضلت مصمم على رأيك يبقى تطلقني وكل واحد فينا يروح لحاله.
حاول عمرو تهدئة ثورة زوجته بقوله
يا بنت الحلال اسمعيني بس وشوفي أنا هقول إيه.
ارتفع صوت مروة وازدادت حدة نبرتها وهي تصيح
مش عايزة أسمع منك أي كلمة زيادة وزي ما قولت ليك يا عمرو المأذون اللي هيكتب كتابك على آية هو نفسه اللي هيطلقني منك زي ما الشرع حلل ليك تتجوز أربعة أنا كمان ربنا أداني الحق أطلب الطلاق منك وأروح أتجوز من واحد تاني يقدرني وده لو أنا شايفة أن جوازتك عليا هتأذيني من الناحية المعنوية والنفسية.
جن جنون عمرو عندما لمحت له مروة بأنها سوف تتزوج برجل أخر في حال انفصلت عنه وهذا الأمر أجج غضبه وجعله يمسكها من ذراعها ويهدر بخشونة
الله يكرمك اهدي وسيبيني أكمل كلامي للأخر جوازي أنا وآية هيكون على الورق بس يعني مش هقرب منها نهائي لأنها هتفضل بالنسبة ليا مرات ياسين
الله يرحمه ومستحيل أعتبرها مراتي.
أشاحت مروة بوجهها حتى لا يرى دموعها التي أغرقت وجنتيها ولكنه أدار وجهها ونظر إلى عينيها بنظرات برهنت على عشقه لها وهذا ما أكده بقوله
أنا بحبك أوي يا مروة وأظن أنت عارفة كويس أوي الكلام ده وشاهدة على كل الحاجات اللي عملتها عشان تبقي مراتي ومحدش يقدر يفرق بيننا.
همست مروة بحشرجة وهي ترمقه بعتاب
أنا مقدرش أشوفك متجوز واحدة تانية حتى لو كان جواز صوري زي ما أنت بتقول.
وربت على كتفها قائلا
ولا أنا أتحمل أن واحدة غيرك تبقى مراتي بس ڠصب عني أنا لو معملتش كده ماما هتغضب عليا وأنت أكيد مش هيرضيك أن ده يحصل.
رفعت مروة سبابتها في وجهه وهي تتحدث بنبرة حازمة امتزجت بالشهقات التي كانت تصدر منها بسبب بكائها
أنا هوافق بس بشرط أنك مش هتبات عندها ولا يوم مهما حصل وكل اللي هتعمله في الأيام اللي المفروض تطلع فيها عند آية هو أنك هتستنى لما ماما تنام وبعدها تنزل عندي.
حاضر يا قلبي أنا هعمل كل اللي أنت عايزاه بس أرجوك متزعليش مني لأني مقدرش أشوفك زعلانة.
الفصل الثالث
دقت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ورأى عمرو أن هذه هي اللحظة المناسبة لكي يغادر شقه آية بعدما خلد الجميع للنوم وخاصة والدته التي لا يريدها أن تعلم أي شيء عن اتفاقه مع مروة.
خرج عمرو من الغرفة وسار بخطوات هادئة نحو باب الشقة ثم فتحه بهدوء وغادر دون أن يعلم أن آية قد رأته فقد سمعت صوت باب غرفته وهو يتم إغلاقه فخرجت من غرفتها وتأكدت مما كانت تشك به فهي تعرف مروة جيدا وتعلم أنها لم تكن ستترك عمرو يتزوج بامرأة أخرى إلا إذا كانت واثقة من أنه لن يقترب منها.
ضغطت آية على قبضة يدها بعدما كورتها وتمتمت پغضب ناتج عن شدة الغيظ الذي تشعر به في قلبها بسبب تلك الإهانة التي تعرضت لها بسبب مروة
ماشي يا عمرو اعمل اللي أنت عايزه بس أنا مش هسكت على عمايلك أنت والحلوة مراتك استنوا عليا وشوفوا أنا هعمل إيه وإزاي هاخد حقي بعد ما أهانتني النهاردة.
على الرغم من عدم حب آية لعمرو إلا أنها لن تتغاضي وتصمت عن تلك الصدمة التي شعرت بها عندما صرح عمرو أمامها بأن زواجهما سوف يكون مجرد حبر على ورق وأن نظرته لها لن تتغير وسوف يظل يراها دائمة أرملة ياسين ووالدة ابن شقيقه الراحل.
دلف عمرو إلى شقته وكما توقع فقد وجد مروة مستيقظة وتجلس في الصالة تنتظر حضوره حتى تتأكد من التزامه بالاتفاق الذي عقده معها وعدم حنثه بالقسم الذي قطعه أمامها.
ابتسم عمرو وهتف بنبرة مازحة وهو يجلس على أقرب كرسي موجود
أمامه
أظن كده أنت بقيتي مطمنة وواثقة في حبي ليك وأن آية بالنسبة ليا تبقى أرملة أخويا وعمري ما هبص ليها على أنها زوجة.
↚
شعرت مروة بالسعادة الشديدة لأنها تأكدت أنه مهما حدث فلن تتمكن آية من سړقة زوجها ولكن هذا الأمر لا يعني أنها ستصمت وتتقبل فكرة وجود ضرة لها لأنها تعلم جيدا أن حماتها لا تحبها وسوف تسعى للتقريب بين آية وعمرو في الفترة المقبلة.
ذكاء مروة جعلها تدرك أن فادية التي تكرهها بشدة تحب آية كثيرا وتعتبرها مثل ابنتها وهذا يؤكد أنها سوف تبذل كل ما في وسعها حتى يتقبل عمرو فكرة زواجه منها.
نهضت مروة وتوجهت نحو زوجها وهي تسأله
تحب أعملك حاجة تاكلها يا حبيبي ولا هتدخل تنام
أجابها وهو ينهض ويتوجه نحو غرفة نومهما
لا أنا هدخل أنام لأني حاسس أني تعبان ومش شايف قدامي.
جلست مروة تفكر فيما سوف تفعله في الفترة المقبلة فهي قد أجبرت على تقبل زواج عمرو من آية لأنه لا يمكنها أن تطلب الطلاق فهي ليس لديها مكان تذهب إليه فوالدها قد توفى وهي في مرحلة الطفولة وبعد ۏفاته بفترة قصيرة تزوجت والدتها من رجل متسلط لم يكن يحبها وكان يعاملها بقسۏة ويتشاجر كثيرا مع والدتها بسببها وعندما تقدم عمرو لخطبتها شعرت بالسعادة لأنها ستتخلص من وجود زوج والدتها في حياتها والذي لن يقبل أبدا أن تعود إلى منزله مرة أخرى وهي مطلقة.
عادت هبة إلى منزلها بعدما تعافت وقد شعرت ببعض الراحة بعدما أوفى مالك بوعده لها ونشر التسجيل الذي يثبت براءتها على جميع وسائل التواصل الاجتماعي وبالفعل قد علم الجميع أنها بريئة ولكنها لا تزال تعاني من نظرات بعض الجيران الذين لا يزالون يشككون في أخلاقها ويخوضون في سمعتها وهذا الأمر جعلها تعقد العزم على بيع المنزل الذي تعيش فيه وتنتقل إلى مكان أخر بعيدا عن هؤلاء المزعجين الذين يقومون بمضايقتها.
نشرت هبة إعلان لبيع منزلها ولكنها لم تجد مشتري مناسب فجميع الذين اتصلوا بها بشأن الإعلان عرضوا عليها أسعار غير ملائمة للمنزل فهو يستحق أن يتم بيعه بمبلغ كبير نظرا لمساحته ولموقعه المتميز في المنطقة التي تعيش بها.
شعرت
هبة باليأس والإحباط وصرفت النظر عن فكرة بيع المنزل بعدما لم تجد من يعرض عليها سعرا مناسبا وقررت أنها سوف تتحدى الجميع وتواجه من يتحدث عنها بكلمة سيئة ولن تهرب أبدا بل ستدافع عن نفسها فهي لم ترتكب أي ذنب أو خطيئة تجعلها تهرب وتترك المنزل الذي نشأت به والذي يحتوي على جميع الذكريات التي عاشتها مع عائلتها.
هذا المنزل يجعلها تتذكر الكثير من اللحظات السعيدة وفي الوقت نفسه يجلب لرأسها الكثير من الذكريات التي تسعى لنسيانها ففي هذا المنزل رأت أحمد لأول مرة وتعرفت عليه.
حدث هذا الأمر قبل ثلاث سنوات بعدما ټوفي والدها ببضعة أشهر وكانت حينها تشعر بالصدمة وترفض خلع الملابس السوداء ولم تكن تتحدث مع أي شخص على الإطلاق وهذا الأمر جعل والدتها تشعر بالقلق وتخشى أن يصيب ابنتها نوبة اكتئاب حادة قد تؤدي بها إلى الاڼتحار مثلما حذرها الطبيب الذي قام بفحصها عندما امتنعت عن تناول الطعام.
استجابت أسماء إلى نصائح بعض الجيران الذين اقترحوا عليها أن تقوم بعمل بعض التغييرات في المنزل وتعديل الديكور العام معتقدة أن هذا التغيير سوف يجعل هبة تنسى تلك اللحظات التي تتذكرها كلما نظرت إلى كل مكان كان يجلس به والدها.
اتفقت أسماء مع أحد الأشخاص المختصين في هذا الأمر وبالفعل حضر هذا الشخص بعد بضعة أيام برفقة مجموعة من العمال الذين يعملون تحت إمرته وكان أحمد من بين هؤلاء الشباب والذي وقع في حب هبة من النظرة الأولى وسعى جاهدا لكي يتقرب منها.
وجهك جميل وعيناك ساحرتان ولا يلائمك الحزن فحورية مثلك قد خلقها الله حتى تنعم بالدلال على يد من يقدر قيمتها.
قال أحمد تلك الجملة أثناء فترة استراحته وهو ينظر إلى هبة التي كانت تجلس في ركن منعزل بعيدا عن الضوضاء التي يتسبب بها العمال أثناء العمل.
تملك الضيق من هبة ليس لأن أحمد يتعمد مغازلتها بكلمات رومانسية وباللغة العربية الفصحى مثلما يحدث في الروايات التي تقرأها بل لأنها بدأت تتأثر
بكلماته التي تدغدغ مشاعرها وصارت تجلس كل يوم وتنتظر سماع عبارات الغزل من أحمد الذي أنقذها من مستنقع الاكتئاب الذي كادت تسقط به لو ظهوره في حياتها.
محاولات أحمد وإصراره على التواصل مع هبة جعلها مع مرور الوقت تخرج من عزلتها وتبدأ في الاكتراث لأمره وقد تطور الأمر سريعا إلى أن وقعت في حبه وصارت لا تستطيع أن تعيش من دونه.
بدأ العام الدراسي الجديد واستأنفت هبة الدراسة في الجامعة وظلت علاقتها بأحمد مستمرة بل وأصبحت أقوى فهي صارت تتحدث معه عدة مرات في اليوم وكل ذلك كان يتم بدون علم والدتها.
ابتسمت هبة بشدة وهي تجلس برفقة مروة في كافتيريا الجامعة وذلك بعدما قرأت الرسالة التي أرسلها أحمد قبل لحظات قليلة وكان محتوى هذه الرسالة هو جملة يعبر فيها أحمد عن حبه الشديد لها حيث قال
عشقك موشوم ومقترن بروحي وملامح وجهك محفورة في عقلي لأنني عشقتك وانتهى الأمر وصار مفتاح قلبي بين يديك يا أميرتي الجميلة لا أتخيل أن يمر يومي دون أن أستمع إلى صوتك الذي يطرب قلبي ويجعلني قادرا على استكمال يومي وأنا أشعر بالسعادة لأنك بقربي.
رأت مروة الابتسامة المرتسمة على وجه هبة وهي تنظر إلى هاتفها فعلمت أنها تلقت رسالة من أحمد وهذا الأمر جعلها تشعر بالقلق على صديقتها الوحيدة.
لم يعد بإمكان
↚
مروة أن تتحمل رؤية صديقتها الوحيدة وهي يتم خداعها بهذا الشكل ولهذا السبب قررت أن تصارحها بالحقيقة التي علمتها قبل فترة قصيرة ولكنها كتمتها في نفسها ولم تخبرها بالأمر حتى لا ټجرح مشاعرها.
حمحمت مروة قبل أن تبدأ حديثها بالجملة التي أثارت ڠضب هبة
هبة أنت مينفعش تكملي مع أحمد ولازم تسيبيه في أسرع وقت ممكن لأنه مش مناسب ليك وأنا بقول قدامك الكلام ده مش عشان غيرانة منك لا والله العظيم أنا بحبك وعايزة مصلحتك وأحمد هيدمر حياتك لو فضلت معاه.
تفاجأت هبة من حديث صديقتها الذي ضايقها ولكنها تمالكت أعصابها وسألتها بلهجة حادة تدل على شدة انزعاجها
إيه الكلام اللي بتقوليه ده يا مروة وليه بتقولي كده أصلا وأنت مش عارفة أي حاجة عن أحمد!
أجابتها مروة بصراحة ودون أي محاولة للمماطلة في الحديثة فهي تريد أن تنقذ رفيقتها حتى لو كان الثمن هو التسبب في حزنها لبعض الوقت
مين قالك أني معرفش أي حاجة عن أحمد! يكون في علمك هو يبقى ابن عم مالك أخو آية مرات ياسين أخو عمرو خطيبي وأنا شوفت صورته بالصدفة لما كانت بتفرجني على صور عيلتها وهي اتكلمت معايا عنه وقالت أن هو واحد مدمن وأن أهله حاولوا كتير يعالجوه بس هو رافض فكرة العلاج وكمان اټخانق كذا مرة مع أمه وسايب البيت ومش قاعد مع عيلته وبيشتغل صنايعي عشان يصرف على الحاجات اللي بيتعاطاها.
وكانت هذه هي أولى الصدمات القاسېة التي تلقتها هبة من ناحية أحمد ولم تكن
الأخيرة فقد توالت الصدمات عليها واحدة تلو الأخرى في محاولة لتحذيرها مما هي مقبلة عليه وها هي تجني الآن ثمن عدم استماعها لصوت العقل الذي حذرها من الاستمرار في السير وراء نداء القلب الذي صور لها أنها ستحيى حياة وردية وسعيدة مع حبيبها أحمد.
ذهبت أماني والدة أحمد إلى المستشفى ودلفت إلى الغرفة التي يرقد بها ثم جلست أمام سريره وأمسكت كفه وربتت عليه قائلة بحزن
هتفضل لحد إمتى في الحالة دي يا أحمد قوم بقى يا ابني حرام عليك اللي بتعمله فيا ده مش كفاية عليا أني خسړت زياد أخوك زمان لما غرق مش هقدر أستحمل خسارتك أنت كمان.
أخذت اماني تبكي بحړقة شديدة فهي قد حملت أحمد ذنب غرق شقيقه وأصبحت تعامله بجفاء شديد إلى أن صار مدمنا وأهمل دراسته وتدمرت حياته وكل ذلك لأنها لم تتقبل فكرة مۏت زياد.
بدأ كل شيء ذات يوم عندما أنهى أحمد دراسته في الثانوية العامة وحصل على مجموع يؤهله للالتحاق بكلية الهندسة وخرج برفقة زياد شقيقه الأصغر حتى يحتفلان سويا بهذه المناسبة السعيدة.
قرر زياد أن يستأجر قارب لكي يبحرا به في مياه النيل وعلى الرغم من معارضة أحمد لهذه الفكرة لأنه ېخاف من مياه الأنهار والبحار إلا أنه استسلم أمام إلحاح شقيقه
ووافق على هذه الفكرة.
صعد كل من أحمد وزياد على متن القارب الذي كان يعاني من عطل ولم ينتبها لهذا الأمر إلا عندما صارا في وسط المياه بعيدا عن اليابسة وقد انقلب بهما القارب فجأة في لحظة خاطفة وكأنه اصطدم بشيء صلب أسفل المياه.
انتبه لما حدث مجموعة من الشباب الذين كانوا يجلسون على مقهى مطل على النيل وعلى الفور قفز بعض هؤلاء الشباب إلى النهر وأخذوا يسبحون بسرعة إلى أن وصلوا إلى أحمد وقاموا بإنقاذه.
لم يكن هؤلاء الشباب على علم بوجود شاب أخر على متن القارب الذي انقلب في المياه وذلك بسبب بعد المسافة بين المقهى الذي كانوا يجلسون فيه وبين المنطقة التي غرق بها القارب ولم يتمكن أحمد من إخبارهم بأمر شقيقه لأنه عندما تم إنقاذه كان غائبا عن الوعي.
عندما استيقظ أحمد صړخ باسم شقيقه وحينها علم الشباب بالأمر وأخذوا يبحثون عن زياد في كل مكان ولكن لم يجدوا له أي أثر وظل هذا الوضع قائما إلى أن طفى جثمانه على سطح المياه في منطقة قريبة بعد مرور ثلاثة أيام.
لم تستوعب أماني ما حدث وأخذت تلوم أحمد على مۏت شقيقه ولم تعد تتحدث معه وقد فعل والده الأمر نفسه فقد نظرا إليه على أنه المسؤول الرئيسي عن مۏت زياد وليس هذا فحسب فقد صړخت أماني في أحد الأيام في وجه أحمد وأخبرته أنها كانت تتمنى أن ېموت هو بدلا من شقيقه الذي كانت تحبه أكثر منه.
التحق أحمد بكلية الهندسة مثلما كان يتمنى ولكنه تركها بعدما تعرف على بعض أصدقاء السوء الذين قاموا بسحبه معهم إلى طريق ولم يقاوم أحمد هذا الأمر فقد أراد أن
أنا السبب في كل اللي حصلك يا حبيبي حزني على مۏت أخوك خلاني أحملك اللوم رغم أني كنت عارفة أن زياد طايش ومش بيحسب حساب لتصرفاته وأن أكيد هو اللي اقترح عليك تاخدوا مركب وتطلعوا بيها في النيل بس شيطاني خلاني أستمر في لومك لأني مكنتش قادرة أستوعب أن أنا اللي اتسببت في مۏت ابني.
ارتفع صوت بكاء أماني وهي تملس على كف أحمد وتابعت حديثها بصوت متحشرج
أيوة أنا السبب في مۏت زياد لأني دلعته زيادة عن اللزوم لحد ما بقى طايش ومتمرد وبيعمل أي حاجة هو عايزها حتى لو عارف أنها هتضايقنا.
وضعت أماني كفها الأيمن
أغمضت أماني عينيها وهي تهتف بحشرجة
ياريت كان ينفع يتقبض عليا وأتسجن بدالك لأن أنا اللي وصلتك لكده أنت كنت زمان حاجة تانية وكان كل الناس بيحسدوني عليك لكن دلوقتي أنت اتبدلت وأنا المسؤولة الوحيدة عن اللي حصلك وأنا اللي لازم أتعاقب بدالك على كل اللي أنت عملته في هبة.
حضرت الممرضة وطلبت من أماني أن تنصرف قبل أن يحضر الطبيب أو الضابط الذي يتولى حراسة غرفة أحمد والذي ذهب إلى الحمام لأنه إذا حضر أي منهما وعلم أنها قامت بإدخال أماني دون الحصول على إذنه فسوف يتم حينها مجازاتها وقد يصل الأمر إلى فصلها من عملها.
ألقت أماني نظرة أخيرة على ابنها وهي تهمس بصوت مبحوح
↚
سامحني يا ابني وخليك عارف أني مش نفسها بالحذاء لأنها تسببت في دمار
حياة ابنها بسبب غبائها وسوء معاملتها له.
نهاية الفصل
الفصل الرابع
خرجت مروة من شقتها وهبطت الدرج وكادت تدخل إلى شقة
حماتها ولكنها توقفت عندما سمعت صوت زوجها وهو يتجادل مع والدته التي تحاول أن تفرض عليه القيام بشيء لا يريد أن يقوم به.
جلست مروة على الدرج وأخذت تستمع إلى الحديث الذي يدور بين زوجها وفادية وازداد ڠضبها بسبب الطلب المستفز الذي تطلبه حماتها من عمرو.
جن جنون مروة وكادت تنهض من مكانها وتكسر كل شيء حولها وذلك عندما سمعت صوت حماتها وهي تخبر عمرو أنها تريد منه أن يذهب برفقة آية في رحلة شهر عسل.
آية تبقى مراتك يا عمرو وليها حق عليك والمفروض أنها تطلع معاك شهر عسل زي ما أنت ومروة سافرتم شرم الشيخ بعد الجواز.
قالتها فادية بهدوء شديد فاستشاط عمرو ڠضبا بسبب محاولتها للتقريب بينه وين آية وصاح باعتراض
إيه الكلام الفارغ ده يا ماما! انسي خالص الموضوع ده أنا مش هروح لأي مكان مع آية وكفاية أوي أني رضيت أتجوزها عشان أرضيك ياريت لو سمحت ما تطلبيش مني أي حاجة بخصوصها مرة تانية.
في هذه اللحظة خرجت آية من المطبخ وتساءلت باستغراب شديد عن سبب صوت الصياح العالي الذي سمعته وهي بالداخل
خير يا عمرو فيه إيه! صلي على النبي كده واهدى مفيش حاجة تستاهل أنك تتعصب بالشكل ده.
الټفت عمرو نحوها وهتف بصوت حاد
أهدى إزاي بس يا آية وماما بتقول أننا لازم نطلع شهر عسل كده بصراحة كتير أوي الموضوع زاد عن حده والوضع بقى لا يطاق.
نظرت آية إلى حماتها وتحدثت باعتراض مصطنع
فهي قد أصابها بالخۏف من صوت عمرو الجهوري وهذا الأمر جعلها تفكر جيدا وتحسب حساب كل كلمة ستتفوه بها قبل أن تتكلم
عمرو عنده حق يا ماما إحنا مش هينفع نسافر ولا نروح أي حتة.
دققت مروة النظر إلى ملامح آية التي كانت تتظاهر بالرفض ولكنها في حقيقة الأمر كانت مؤيدة لرأي فادية وكل ما في الأمر هو أنها لا تريد أن يلاحظ عمرو موافقتها وقد انتبهت مروة إلى هذه النقطة وأقسمت أنها سوف تلقنها درسا لن تنساه ابدا.
أرادت مروة في تلك اللحظة أن تمسك كل من فادية وآية من شعرهما وتشبعهما ضړبا حتى تعلمهما الأدب وتجعلهما تحسنان التصرف فهما تحرصان في الآونة الأخيرة على فعل الأمور التي تثير ڠضبها ويجب عليها أن تؤدبهما وتريهما أنها ليست بلهاء وغبية.
اكتفت مروة من الاستماع بالوقوف خلف الباب وقررت أن ټقتحم الشقة بهدوء وهي تبتسم ابتسامة مصطنعة حتى لا يعلم أحد أنها سمعت الكلام الذي قيل قبل قليل ثم ألقت تحية الصباح على فادية التي ردتها عليها بنبرة مقتضبة.
نظرت مروة إلى وجه زوجها الغاضب وسألته بنبرة ناعمة وهي تمرر يدها على وجهه تتفحص حرارته متظاهرة بعدم معرفة سبب الضيق المرتسم على ملامحه
مالك يا قلبي إيه اللي مضايقك على الصبح يا حبيبي لا عاش ولا كان اللي يضايقك يا روحي.
طريقة مروة المائعة ودلالها في الحديث مع عمرو جعلت فادية تغضب بشدة وظهر ذلك في صوتها وهي تقول
جرى إيه يا حبيبتي إحنا لسه على الصبح لمي نفسك كده ومتنسيش أن أنا وضرتك واقفين والحركات المايصة دي مينفعش تتعمل قدامنا.
تعمدت فادية أن تذكر مروة أن آية لم تعد سلفتها بل صارت ضرتها وقد فهمت مروة ما تلمح له حماتها ولكنها تجاهلت هذا الأمر وتحدثت بنبرة وديعة وكأنها لا تزال طفلة ساذجة لا تفهم أي شيء مما يدور حولها
ما أنا عارفة يا ماما أن إحنا دلوقتي الصبح مش بالليل لأني شوفت الشمس وهي بتطلع من ساعتين وأنا بشوف دلوقتي جوزي ماله لأني لقيته متضايق رغم أنه لسة نازل من عندي من شوية وهو مبسوط والضحكة منورة وشه بس سبحان الله حاله اتقلب 360 درجة أول ما دخل الشقة هنا.
شعرت فادية بدمائها تغلي في عروقها من شدة الغيظ الذي تملك منها بعدما ردت لها مروة الصاع صاعين وأخبرتها بطريقة غير مباشرة أنها السبب الرئيسي في تعاسة عمرو وحزنه.
قررت فادية أنها لن تستسلم وسوف تكسر أنف مروة بأي طريقة فاندفعت تقول ببرود شديد وكأنها تتحدث عن أخبار الطقس
أنا كنت بتكلم دلوقتي يا
حبيبتي مع عمرو وبقوله يشوف فندق في شرم الشيخ أو الغردقة عشان يحجز فيه ويطلع هو وآية شهر عسل لأنك زي ما أنت عارفة هما لسة عرسان جداد ولازم يقضوا شوية وقت مع بعضهم بعيد عن الكل.
نظرت فادية إلى عمرو مؤكدة حديثها
مش
↚
كده برضه يا حبيبي ولا أنا غلطانة
كان من المتوقع أن تثور مروة وتغضب بعدما سمعت فادية وهي تتحدث بتلك الطريقة ولكن على عكس توقعات الجميع فقد ابتسمت مروة طوقت رقبة زوجها برفق وهي تقول
فعلا أنت عندك حق يا ماما في كل كلمة قولتيها المفروض فعلا آية وعمرو يطلعوا شهر عسل مع بعض بس أنا عارفة كويس أن آية مستحيل توافق على حاجة زي دي لأنها لحد دلوقتي بتحب ياسين ولسة مش متقبلة فكرة ۏفاته وده لأنها زوجة
أصيلة وعندها ډم ووفية لذكرى جوزها اللي كانت بتحبه وپتموت فيه ووافقت تتجوز من عمرو عشان خاطرك أنت وبس.
ظهرت نظرات المكر في عيني مروة واتسعت ابتسامتها وهي توجه بصرها نحو آية مستطردة
كلامي صح يا آية مش كده برضه يا حبيبتي
تدخل عمرو في الحوار مؤكدا وجهة نظر زوجته
مروة عندها حق يا ماما آية مستحيل توافق أننا نسافر ونروح مع بعض شهر عسل.
شعرت مروة بالسعادة وهي ترى نظرات آية الزائغة والحزن المرتسم على ملامحها بعدما ضاعت فرصة تقربها من عمرو واستغلت مروة هذا الوضع وقررت أن تطرق على الحديد وهو ساخن بقولها
وبعدين يا ماما هو أنت نسيت أن آية متقدرش تبعد لحظة واحدة عن ابنها وأكيد هما مش هينفع ياخدوه معاهم وهما رايحين يقضوا شهر عسل.
تحولت نظرات الجميع نحو آية التي أرادت أن تكسر رأس مروة ولكنها أخفت حنقها ببراءة وهي تتحدث بصوت هادئ للغاية
كلام مروة وعمرو صحيح يا ماما أنا مقدرش أبعد عن ابني وكمان أنا معنديش استعداد أروح لأي مكان وسبب جوازي من عمرو هو أني مكنتش حابة أزعلك ولا أكسر بخاطرك فأرجوك بلاش تطلبي مني حاجة فوق طاقتي.
نشوة الانتصار هذا ما شعرت به مروة بعدما أجبرت آية على رفض الأمر الذي كانت تريده منذ البداية.
نظرت فادية إلى آية وربتت على كتفها قائلة بحنو
براحتك يا حبيبتي أنا مش هضغط عليك خالص لأني عارفة مقدار معزتي عندك قد إيه وعايزاك تعرفي أني أنا كمان بعزك وبعتبرك بنتي اللي مخلفتهاش.
ربنا ما يحرمنيش منك يا ست الكل أنت الخير والبركة وربنا موفقني في حياتي بسبب دعواتك يا غالية.
احتقنت ملامح مروة بسبب رقة آية المصطنعة وتملقها الزائف لفادية والذي يجعل الأخيرة تحبها وترضى عنها لدرجة أنها أرادت أن ترسلها في رحلة شهر عسل برفقة عمرو وكأنها نسيت أنها كانت زوجة لابنها ياسين الذي لم يمض عام على ۏفاته.
تمتمت مروة بحنق بعدما خرجت من الشقة
آية عاملة زي السوسة بتفضل تتمسكن لحد ما تتمكن.
ذهب مالك برفقة شقيقته آية إلى منزل هبة لكي يطمئن عليها ويتفقد وضعها فهو لا يزال يشعر بالقلق والخۏف ويخشى أن تقدم على الاڼتحار مرة أخرى.
رحبت بهما هبة وأحضرت لهما مشروبات باردة على الرغم من شعورها الضيق من وجود آية التي صارت ضرة لصديقتها المقربة.
فهمت آية من تعبيرات وجه هبة وطريقتها الرسمية في التعامل معها أنها لا تطيق وجودها في منزلها وذلك من أجل مروة وهذا الأمر لم يفرق معها من الأساس فهي ليست مقربة من هبة ولم تكن صديقاتها أبدا.
مر بعض الوقت قبل أن يستأذن مالك ويغادر برفقة آية التي انتظرت حتى ابتعدا عن منزل هبة ثم نظرت إلى شقيقها وهي تهتف بحنق
أنا بجد مش فاهمة إيه اللي عجبك في البني آدمة الرخمة دي! بجد دي واحدة قليلة الذوق وأظن أنت كنت شايف بعينك هي كانت بتتعامل معايا إزاي من شوية.
زفر مالك بضيق وتحدث وهو يرمق شقيقته بنظرات حانقة بسبب أسلوبها الغير ودود وسوء ظنها بالأخرين
يا آية حرام عليك قدري ظروف هبة والحالة النفسية السيئة اللي هي بتمر في محنتها وليس هذا فقط بل قام بڤضح ابن عمه الذي كان سببا رئيسيا في معاناتها
خليك أنت كده يا أخويا عامل نفسك مش شايف حاجة طالما الموضوع متعلق بهبة ست الحسن والجمال واللي أنا مش
فاهمة إيه الحلو اللي فيها عشان تسحرك بالشكل ده وتسرق النوم من عينيك وإيه اللي يخلي أحمد يتجنن أوي كده لدرجة أنه يتصرف بالشكل المتهور ده لما قررت أنها تسيبه!
ابتسم مالك وهو يجيب على السؤال الذي يحيرها
بدافع عنها لأني بحبها يا آية أنا بحب هبة من زمان بس هي كانت بتحب أحمد ابن عمي اللي دمر حياتها ودلوقتي أنا هعوضها عن كل اللي شافته بس مستني منها تديني فرصة واحدة وساعتها أنا هخليها أسعد بني آدمة على وش الأرض وبالنسبة لأحمد فهو بني آدم واطي وخلاص كلها مسألة وقت وهيدفع تمن كل اللي عمله ولو هو فاق من الغيبوبة ساعتها هيتسجن ولو فضل على الوضع اللي هو فيه ده ھيموت ويريح الناس من شره.
أجل فقد سقط مالك في عشق هبة من النظرة
معها فقد خسړت فرصة الحصول على شهر عسل وكل ذلك بسبب مروة التي من الواضح أنها لن تتنازل أبدا عن زوجها وسوف تفعل المستحيل حتى تبعده عنها.
الحمد لله يا هبة دلوقتي الناس كلها عرفت أنك كنت ضحېة ولو في لسة أي حد بيضايقك فدول شوية متخلفين وهيبطلوا يعملوا كده مع مرور الوقت.
نطقت مروة هذه العبارة وهي تربت على كفي هبة التي اتصلت بها قبل بضع ساعات وأخبرتها بزيارة كل من مالك وآية إلى منزلها وهذا الأمر جعل مروة ټتشاجر مع فادية التي كانت تمنعها من التواصل مع هبة طوال الفترة الماضية بحجة سمعتها السيئة وفي المقابل سمحت لآية بذلك.
أخذت هبة تبكي وهي تردد بنبرة نادمة
↚
أنت كان عندك حق يا مروة عڼيفة لا تزال تفاصيلها عالقة في ذهنها.
إيه يا حبيبتي اللي أخرك كده! أنا بقالي ساعتين قاعد هنا في المطعم ومستنيك.
قالها أحمد بابتسامة ودودة وهو يستقبل هبة التي نظرت له باشمئزاز قائلة بحدة
إياك تقول ليا حبيبتي مرة تانية خلاص يا أحمد كل حاجه بيننا انتهت بعد ما عرفت أنك واحد غشاش وكذاب أنا مش مصدقة أني اتخدعت فيك أوي كده وأنك طلعت في الأخر مجرد واحد مدمن وبتشكل خطۏرة على نفسك وعلى غيرك.
نكس أحمد رأسه بخزي وهو بس في نفس الوقت أنا بحبك أوي ومش هقدر أعيش من غيرك.
شعرت هبة بالتقزز من نفسها لأنها وقعت في حب أحمد وتراجعت بضع خطوات للخلف حتى تغادر المطعم ولكن قبض أحمد على رسغها وهو يهتف برجاء
أرجوك يا هبة خليك معايا وما تبعديش عني أنا مستعد أعمل أي حاجة عشان خاطرك بس خليك جنبي واوعي تسيبيني.
كان عقل هبة
يحثها على ترك أحمد والرحيل بخلاف قلبها الذي كان يلح عليها أن تمنحه فرصة أخرى لكي يثبت لها صحة حديثه.
التفتت هبة نحو أحمد ورفعت حاجبها الأيسر وهي تسأله بحدة
أنت عايز تفهمني أنك بتحبني وعندك استعداد تعمل أي حاجة عشاني!
أومأ لها أحمد فتابعت بنبرة متشككة
يعني لو قولتلك أنك لازم تدخل المصحة عشان تتعالج وتخلص من المخډرات هتوافق على كلامي ولا هتتخانق معايا زي ما اتخانقت مع أبوك وسيبتله البيت
لم تنتظر هبة سوى بضع ثوان قبل أن يأتيها جواب أحمد الحاسم والذي أشعرها بالسعادة وأدخل البهجة والسرور إلى قلبها فقد أخبرها أحمد أنه سوف يفعل أي شيء من أجلها وإذا كانت تريد منه أن يذهب إلى المصحة ويتعالج فسوف يفعل ذلك بشرط أن تبقى بجواره وترافقه في رحلة العلاج ولا تفترق عنه مهما حدث.
وضعت هبة يدها في يد أحمد ووافقت على حديثه وهي تظن أنها ستصلح من حبيبها الذي تعشقه ولم تكن تدرك أنها سوف ټندم أشد الندم على هذا القرار الذي اتخذته بعدما قامت بتنحية عقلها وسمحت للعواطف والمشاعر بالسيطرة على تفكيرها وهي تتخذ هذا القرار المصيري.
الفصل الخامس
دلف عمرو إلى غرفته ووجد مروة تبكي بشدة فتوجه نحوها وجلس بجوارها واحتضنها وأخذ يربت على كتفها قائلا
مالك يا حبيبتي بټعيطي ليه هو فيه حاجة وحشة حصلت وأنا برة!
رمقته مروة بعتاب وهي تجيبه بحشرجة
لا الحاجة الۏحشة دي حصلت وأنت موجود النهاردة الصبح وهي أن أمك المحترمة عرضت عليك تاخذ الهانم اللي كانت مرات أخوك وتسافر بيها شهر عسل ولولا أن أنا وصلت في الوقت المناسب كان زمانك بتقولها حاضر يا ماما هعملك اللي أنت عايزاه.
شعر عمرو بالحزن على زوجته التي أجبرت على تحمل ما لا تطيق تحمله أي امرأة أخرى وهز رأسه نافيا ظنها به
مستحيل يا مروة أنا عمري ما كنت هوافق أني أروح شهر عسل مع آية لأني بحبك أنت وبس وعمري ما هحب أي واحدة تانية وبالنسبة لآية فهي هتفضل بالنسبة ليا أرملة أخويا وعمري ما هبص ليها على أنها زوجتي.
أبعدته مروة عنها وذهبت إلى الطرف الأخر من السرير فلحق بها وهو يقول
يعني الموضوع بتاع الصبح ده هو اللي مزعلك ومخليك تشكي في حبي ليك
أومأت برأسها ثم أشاحت بوجهها للناحية الأخرى فربت عمرو بيديه على كتفيها قائلا بلطف
أنا عمري ما هيهون عليا زعلك يا حبيبتي وعشان كده أنا هاخد أجازة من شغلي وهطير أنا وأنت أسبوع على الغردقة نغير فيهم جو ونبعد عن النكد اللي موجود هنا في البيت.
ابتسمت مروة وهي تردد بفرحة لم تتمكن من السيطرة عليها
أنا بحبك أوي يا عمرو ربنا ميحرمنيش منك يا حبيبي.
تلقت هبة اتصال من أماني وكادت تغلق الخط ولكن أخبرتها الأخيرة أنها تريد أن تلتقي بها لكي تتحدث معها في أمر مهم للغاية.
شعرت هبة بعدم الارتياح ولكنها وافقت على عرض أماني في النهاية وذلك بسبب إلحاح الأخيرة وإصرارها على هذا اللقاء.
اتصلت هبة بمالك لأنها لم تعد تثق في أي شخص سواه فهو الوحيد الذي وقف معها في محنتها بعدما تخلى عنها الجميع وساعدها في إثبات براءتها.
أجاب مالك على الاتصال قائلا
إزيك يا هبة عاملة إيه
شعرت
هبة بالإحراج بعدما استنتجت من نبرة صوته أنه كان نائما واستيقظ بسبب رنين الهاتف.
كرر مالك سؤاله فأجابته هبة بخفوت
أنا الحمد لله كويسة بس اتصلت بيك لأني عايزاك في موضوع مهم أوي.
اعتدل مالك في جلسته قائلا بجدية بعدما استشعر قلقها من نبرة حديثها
خير يا هبة لو فيه أي مشكلة حصلت قوليلي وأنا هتصرف على طول.
أطلقت هبة تنهيدة قبل أن تخبره بأمر أماني واختتمت حديثها بقولها
أنا رضيت أروح أشوفها لأنها فضلت تزن عليا عشان أوافق أقابلها بعد ساعة.
حرك مالك رأسه وأومأ بتفهم قائلا
تمام يا هبة إديني العنوان اللي هي هتقابلك فيه وأنا هكون عندك خلال نص ساعة وهشوف هي عايزة منك إيه بالظبط لأني بصراحة مش مرتاح ليها وحاسس أن ليها غرض مش كويس من ورا المقابلة دي.
أملت هبة العنوان لمالك ثم
↚
أنهت الاتصال وتوجهت نحو خزانة ملابسها وأخرجت منها فستان مناسب وارتدته ثم غادرت المنزل بسرعة حتى لا تتأخر على الموعد.
وصلت هبة إلى
المطعم وكما توقعت فقد وجدت أماني تجلس في انتظارها.
لوحت أماني لهبة بعدما رأتها وأشارت لها أن تأتي وتجلس أمامها وهتفت بهدوء شديد لا يتناسب مع الظروف الحرجة التي تمر بها كل منهما
تحبي تشربي إيه
أثار هدوء أماني ضيق هبة فهي لا تحب أبدا تلك المقدمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتفضل أن يبدأ من يحاورها بالغرض الرئيسي للموضوع الذي يريد أن يحدثها به.
لاحظت أماني الوجوم المرتسم على وجه هبة والذي يبدو منه أنها تريد أن تغادر في أسرع وقت فهتفت مباشرة ودون أن تستخدم أي وسيلة من وسائل المماطلة
أنا طلبت أقابلك النهاردة عشان أتكلم معاك بخصوص أحمد ابني واللي عمله فيك.
هتفت هبة بضيق ولم تقم بإخفاء الڠضب الذي شعرت به بعدما سمعت اسم من كانت تحبه في الماضي
أنا عارفة كويس أوي أنك عايزة تتكلمي عشان ابنك اللي أنت معرفتيش تربيه بس اللي مش فاهماه هو إيه الكلام اللي عايزة تقوليه بالظبط.
قبضت هبة على طرفي الطاولة وتحدثت وهي تقرب رأسها من وجه أماني
ياريت يا مدام أماني تتكلمي معايا بوضوح وتقولي أنت عايزة إيه لأني بصراحة مستعجلة ومش فاضية أقعد معاك هنا وأضيع وقتي في الرغي اللي ملهوش أي ستين لازمة.
ارتشفت أماني القليل من العصير الموضوع أمامها ثم أخذت نفسا عميقا تشجع به نفسها على نطق الجملة التي أصرت بسببها على هذه المقابلة
تاخدي كام عشان تتنازلي عن القضية يا هبة
انتبهت أماني لصدمة هبة وانخطاف لون وجهها وعقدت حاجبيها تفكر في ردة فعلها.
لم يستمر تفكير أماني لوقت طويل فقد حصلت على إجابة سؤالها عندما صاحت هبة في وجهها بنبرة حادة
واضح كده يا أستاذة أماني أنك كبرت وعجزت وعقلك فوت وطار منك لأن لو أنت كان عندك مخ مستحيل كنت هتطلبي تقابليني وتسأليني السؤال المتخلف ده.
حاولت أماني تهدئة هبة وأمسكت يديها وأخذت تستعطفها بقولها
أرجوك يا هبة تهدي وتسمعيني أنا واحدة خسړت ابني الصغير لما ماټ غرقان ومش هقدر أستحمل خسارة ابني الكبير.
التمعت عيني أماني بالدموع وهي تستطرد كلامها بنبرة يملأها الرجاء
أنا عارفة كويس أن اللي عمله أحمد معاك مكانش سهل وأن صعب عليك أنك تغفري وتسامحي وأنا مستعدة أديك التعويض اللي تشوفيه مناسب ليك بس أرجوك بلاش تسجنيه لأني مقدرش أشوفه بيضيع مني زي ما زياد ضاع.
نفضت هبة يدي أماني وصاحت بخشونة وهي ترميها بنظرات محتقرة
واضح فعلا أنك واحدة مچنونة وده لأنك فكرت أني ممكن أتنازل عن حقي مقابل الفلوس يكون في علمك يا مدام أماني لو السماء انطبقت على الأرض فأنا مستحيل أسيب ابنك يفلت من السچن لأن اللي جرالي بسببه مكانش شيء هين ولا سهل أني أنساه.
استكملت هبة حديثها وهي تصيح بحړقة والدموع تنهمر بغزارة على وجنتيها
أنا خسړت أمي بسبب ابنك الحقېر واتفضحت وكل اللي الناس القذرين بقوا بيجيبوا في سيرتي ويقولوا عني كلام ميصحش وكل ده بسبب أنانية أحمد اللي معندوش نخوة ولا رجولة المفروض الشاب المحترم لما بنت ترفضه يخلي عنده ډم وكرامة ويبعد عنها بالذوق مش يفضل يلاحقها ويهددها وفي الأخر ېفضحها ويخلي سيرتها على كل لسان.
دخلت هبة في نوبة اڼهيار شديد وهي تتذكر اللحظات القاسېة التي مرت عليها بعدما انتشرت تلك الصور على جميع وسائل التواصل الاجتماعي فقد أصيبت والدتها بجلطة وتم نقلها إلى المستشفى في الحال.
تم نقل أسماء إلى المستشفى بسرعة قياسية ودخلت إلى غرفة العمليات بعدما تدهورت حالتها الصحية بشكل كبير ولم يعد هناك حل سوى بالتدخل الجراحي العاجل.
ظلت هبة تنتظر في الرواق وتدعو الله أن تنجو والدتها من المۏت وأثناء بكائها خرج الطبيب ونظر لها بإشفاق قائلا بأسف
البقاء لله يا آنسة هبة ده قضاء ربنا وإحنا للأسف مقدرناش ننقذ والدتك ادعي ليها بالرحمة والمغفرة لأنها دلوقتي بقيت بين إيدين ربنا.
صړخت هبة بحړقة وأخذت تصيح باسم والدتها وأصيبت باڼهيار عصبي حاد جعل الطبيب ينادي
على الممرضات ويطلب منهن تجهيز حقنة مهدئة على الفور.
قام الطبيب بحقن هبة بالمهدئ وتم أخذها إلى إحدى الغرف وظلت مقيمة في المستشفى لبضعة أيام حتى تعافت وأصبح وضعها الصحي على ما يرام.
خرجت هبة من المستشفى وهي تشعر بالسوء من نفسها وتتمنى
المۏت وزاد شعور الذنب بداخلها بعدما سمعت كلمات الجيران الذين ألقوا اللوم عليها وحملوها مسؤولية مۏت والدتها والعاړ الذي لحق بعائلتها.
كلمات الناس ولومهم كانوا بمنزلة خنجر حاد غرز في قلب هبة التي حاولت بقدر المستطاع أن تقاوم تلك الرغبة الملحة التي أخذت تراودها في الآونة الأخيرة ألا وهي الاڼتحار والتخلص من حياتها خاصة بعدما نجح عقلها في إقناعها بفكرة أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستتمكن بها من التكفير عن ذنبها في حق والدتها وعائلتها.
عادت هبة إلى الواقع بعدما سمعت صوت مالك الذي كان يحاول تهدئتها وقام بتوبيخ أماني على الرغم من عدم معرفته بالحديث الذي دار بينهما قبل مجيئه.
صړخ مالك بعصبية شديدة وهو ينظر إلى أماني التي يراها المسؤولة الوحيدة عن حالة الاڼهيار التي أصابت هبة
أنت قولتي ليها إيه بالظبط قبل ما أجي خلاها توصل للحالة دي أنا واثق أنك عملت حاجة خليتها ټنهار بالشكل ده.
التفتت له هبة وتمتمت من بين شهقاتها بصوت متهكم
المدام جاية تعرض عليا فلوس عشان أتنازل عن حقي وأنقذ ابنها من السچن لأن قلبها يا حرام مش هيقدر يستحمل أنها تعيش من غيره مش مكفيها اللي الأستاذ عمله فيا وجاية تقابلني بكل بجاحة وعايزاني أنسى كل اللي حصلي وأخد فلوس كتعويض ليا عن كل اللي خسرته بسبب واحد حيوان هي معرفتش تربيه ولا تخليه يفهم أن بنات الناس مش لعبة وأن سمعة البنت وشرفها عاملين زي عود الكبريت.
ألقى مالك نظرات محتقرة على زوجة عمه وهدر بخشونة وهو يضغط على قبضة يده ويقاوم ذلك الصوت الذي يصيح بداخله ويلح عليه أن يسدد لأماني لكمة قاسېة في وجهها لأنها تجرأت على إهانة محبوبته وچرح كرامتها
↚
حرام عليك يا شيخة أنا عايز أفهم هو أنت معجونة من إيه بالظبط عشان تكوني بالجبروت ده! مش كفاية اللي جرى للمسكينة دي بسبب أحمد ودلوقتي أنت جاية بكل وقاحة وبتعيطي قدامها وبتعرضي عليها فلوس مقابل أنها تتنازل عن حقها وكل ده عشان خاطر الننوس ابنك اللي لو أنا كان عندي ابن زيه كنت اتبريت منه عشان أخلص من بلاويه.
لوت أماني شفتيها وردت بتهكم وهي ترمي مالك بنظرات مستهزئة
بطل والنبي يا حبيبي الشويتين دول ومتعملش فيها بريء ومسكين يا مالك لأني عارفاك كويس أوي وفاهمة طبعك أنت طول عمرك پتكره أحمد وبتغير منه وإذا كان ابني وصل للحالة اللي هو بقى فيها دي فده لأني أنا السبب في كل اللي جراله وأنا دلوقتي بحاول أكفر عن ذنبي ناحيته.
ضړبت هبة سطح الطاولة بقوة وهي تصرخ بصوت عال جذب أنظار جميع الجالسين داخل المطعم
كلامك معايا أنا يا مدام أماني مش مع مالك اللي هو بالمناسبة يبقى أرجل من الحيوان ابنك ومش معنى أن حياة أحمد اټدمرت بسبب إهمالك أن ده يديله الحق في أنه يدمر حياتي ويتسبب في مۏت أمي ويخسرني أهلي.
كادت أماني تتحدث ولكن قاطعتها هبة وهي تهتف بحزم شديد عازمة على تنفيذ كل كلمة تتفوه بها
أنا مستحيل أتنازل عن حقي ومش هرتاح غير لما أحمد يتسجن وأشوفه مذلول وعلى فكرة أنت المفروض تكوني حريصة على أن أحمد ياخد جزاؤه على كل اللي جرالي لأن لو القانون مجابليش حقي فأحب أعرفك أني ساعتها هجيب الحق ده بإيدي وبدل ما أنت هتروحي تزوري ابنك كل أسبوع في السچن وجهتك هتتغير والزيارة هتكون في المقاپر.
شهقت أماني بړعب بعدما تخيلت هذا الأمر وطلب منها أن يخرجا من المطعم لأنه ليس من الملائم أن يبقيا به لوقت أطول ويكونا محطا لأنظار الناس المستهجنين لصوتهم الجهوري.
غادرت هبة برفقة مالك وتركا خلفهما أماني تبكي بشدة لأنها لم تتمكن من تقديم المساعدة لابنها الذي سوف يتم الزج به داخل السچن عندما يستيقظ من غيبوبته.
جيبتي اللي أنا طلبته منك عشان أظبطلك الموضوع يا آية
نطق بهذه العبارة الدجال الذي ذهبت إليه آية حتى يقوم بعمل سحر يفرق به بين عمرو ومروة فهي لم يعد بإمكانها أن تتحمل مسألة إهانة عمرو لكرامتها وعدم اكتراثه لأمرها بسبب حبه الشديد لزوجته.
لم تفكر آية أبدا في أن ما تفعله يعد شرك
بالله ويدخل في إطار الموبقات السبع فكل ما كان يشغل عقلها هو إخراج مروة من حياة عمرو بأي وسيلة حتى يكون أمامها فرصة لتستحوذ على قلبه وفي هذه الحالة سوف تتمكن من تحقيق الهدف الذي تزوجت عمرو من أجله.
نظرت آية إلى الدجال وأخرجت كيس صغير من حقيبتها ومدت له يدها به وهي تقول
أيوة أنا جيبتلك حاجة من لبسها زي ما طلبت
أتمنى أنك تعملي شغل حلو وليك عليا لو اللي في دماغي حصل هظبطك وهديك كل اللي أنت عايزه.
أخذ الدجال الكيس من بين يديها وابتسم قائلا
كلها مسألة وقت وكل حاجة هتخلص وهتاخدي كل اللي أنت عايزاه.
أخذ الدجال يتمتم بكلمات غريبة للغاية وهو يلقي بعض الأشياء في الڼار الموضوعة أمامه ونتج عن ذلك شرارات خفيفة أثارت فزع آية ولكنها هدأت بعدما أشار لها الدجال بأن كل شيء يسير على ما يرام.
أعطى الدجال لآية زجاجة صغيرة وأخبرها أنه يجب عليها أن تنثر محتواها في ركن تذهب إليه مروة وحذرها من خطۏرة هذا العمل وأنه لا يجب أن يسير عليه أي شخص أخر لأنه سوف يناله أذى شديد لا يقل خطۏرة عما سوف تناله مروة.
استغربت آية كثيرا من أمر الزجاجة ونظرت إلى الدجال باستغراب وقالت
هي إيه لزمتها المية دي وليه لازم أرشها وأنا أصلا إديتك حاجة من لبسها عشان تعملي العمل!
ألقى عليها الدجال نظرات حادة قبل أن يردف بخشونة
أنت عايزة شغل كويس ونتيجة سريعة فياريت تنفذي الكلام من غير جدال وزي ما فهمتك المية دي المفروض تترش في مكان محدش بيروحه غير مروة يعني لازم تقعدي وتفكري كده على مهلك وتشوفي إيه الأماكن اللي محدش بيخطي فيها برجليه غير مروة وتروحي ترشي فيها المية دي.
أومأت آية بطاعة وهي تستشيط ڠضبا بسبب حدة الدجال في الحديث ولكنها تمالكت أعصابها ولم ترد عليه لأنها تشعر بالړعب الشديد منه وتعلم جيدا أنه إذا ڠضب منها فسوف يسلط عليها مارد ملعۏن يلحق بها أذى
↚
شديد وقد يصل بها الأمر إلى المۏت بطريقة بشعة.
انصرفت آية وعادت إلى المنزل وأخذت تفكر في المكان الذي يجب أن تنثر به تلك المياه وابتسمت بعدما تذكرت المخزن الموجود في الطابق العلوي فهذا هو المكان الوحيد الذي لا يذهب إليه سوى شخص واحد فقط وهي مروة.
صعدت آية على الفور دون أن ينتبه إليها أحد وقامت بنثر العمل في الغرفة التي تتخذها مروة مخزنا لتضع به بعض أغراضها.
خرجت آية من الغرفة وهي تشعر بالسعادة لأنها سوف ټنتقم من مروة التي أفسدت عليها رحلة شهر العسل وليس هذا فقط فهي سوف يصحبها عمرو برفقته إلى الغردقة حتى تريح أعصابها.
لم تكن آية تعلم أن مروة كانت متواجدة داخل المخزن واختبأت خلف الخزانة الكبيرة عندما رأتها تدخل إلى الغرفة وشاهدتها وهي تقوم بنثر المياه وتتجنب السير عليها.
تمتمت مروة پصدمة يشوبها الكثير من الڠضب بعدما غادرت آية وهي تظن أنها قد نجحت في أولى خطوات خطتها الخبيثة
أه يا بنت ستين في سبعين هي وصلت بيك القذارة للسحر والأڈى عشان تخلصي مني ويخلالك الجو مع جوزي!!
خرجت مروة من المخزن بحذر وهي تتجنب السير فوق المياه التي نثرتها آية وأقسمت أنها سوف ټنتقم منها وتريها الويل لأنها تجرأت ولجأت إلى هذا الطريق القذر حتى تلحق بها الأڈى.
نهاية الفصل
الفصل السادس
عادت أماني إلى منزلها لتتفاجأ بزوجها يجلس في انتظارها بعدما عاد من عمله ولم يجدها في المنزل.
هتفت أماني بتلجج أصابها بسبب نظراته المريبة المصوبة نحوها والتي جعلتها تشك في أنه قد علم بأمر مقابلتها لهبة والعرض المهين الذي عرضته عليها
حمد الله على السلامة يا رضا ثواني وهيكون الأكل جاهز.
كادت أماني تتوجه نحو المطبخ ولكن أوقفها رضا بلهجته الصارمة
أنا مش عايز أتغدى يا أماني لأني مليش نفس للأكل ولكن أنا نفسي أعرف إيه اللي خلاك تروحي النهاردة تقابلي هبة وتعرضي عليها أنها تتنازل عن حقها مقابل الفلوس
أغمضت أماني عينيها وأخذت شهيقا وزفيرا في محاولة منها أن تتمالك نفسها وتسيطر على أعصابها حتى لا يظهر ڠضبها من مالك أمام زوجها الذي سوف يوبخها بشدة إذا قالت أي كلمة سيئة في حقه.
تمنت أماني أن ترى مالك في هذه اللحظة حتى تقوم بصفعه مليون مرة لأنه قام بإخبار رضا بكل ما جرى فهو لم يتغير ولا يزال يحب أن يزرع الفتنة بين المحيطين به مثلما كانت تفعل والدته الراحلة في الماضي.
تقدم رضا نحوها يقبض على ذراعيها يصيح پعنف فهو لا يصدق أن زوجته أقبلت على الفعل الوضيع من أجل إنقاذ ابنهما
انطقي يا أماني وقولي ليه عملت كده إزاي أصلا خطړ في عقلك أن هبة هتوافق أنها تتنازل وتنسى كل اللي جرالها من تحت رأس أحمد قصاد شوية فلوس عمرها ما هتعوضها عن أمها اللي ماټت!
همست بخفوت وهي تزيح يده القابضة على ساعديها ثم أخذت تبكي بشدة بعدما جلست على الأريكة
عملت كده عشان خاطر أحمد لأني مش عايزة أخسره زي ما خسړت زياد أنا لحد دلوقتي مش عارفة إزاي هو قدر يعمل كده في هبة اللي كان بيحبها بس مش هقدر أشوفه بيتسجن وأقف أتفرج عليه ومحاولش أساعده أو أنقذه.
زفر رضا بسأم فهو من جهة لا يريد أن يتأذى أحمد بأي شكل من الأشكال ومن ناحية أخرى لا
يستطيع أن يتجاهل حقيقة أن ابنه قد تجرد من إنسانيته وقام بڤضح فتاة والتشهير بسمعتها وكل ذلك لأنها أرادت أن تتركه.
جلس رضا بجوار زوجته وردد بحزن نابع من أعماق قلبه الذي يبكي بحسرة على الحال المؤسف الذي وصل إليه ابنه البكر
إحنا السبب يا أماني في كل اللي جرا ولازم نتحمل المسؤولية لأننا سيبنا ابننا يضيع ويدخل في سكة الإدمان اللي وصلته لكل ده.
تمتمت أماني بحشرجة وهي تحيط وجهها بكفيها فهي تشعر بنيران تنهش في قلبها بلا رحمة وهي تقف عاجزة عن إنقاذ ابنها
والله العظيم أنا عملت كده يا رضا عشان عايزة أحمد يرجع تاني لحضني ومكانش قصدي أني أهين هبة بس أنا في الأخر أم وبحب ابني حتى لو كان فيه كل العبر اللي موجودة في الدنيا كلها هفضل أحبه وهعمل المستحيل عشان أنقذه.
منحها رضا نظرات مشفقة على حالها وحاله فهذا هو أقصى ما يمكنه أن يقدمه لها فهو لا يستطيع أن يواسي نفسه حتى يخفف عنها ألمها فكما يقال فاقد الشيء لا يعطيه.
أخذ عمرو يضحك بشدة هاتفا وهو يشاهد البرنامج الكوميدي الذي يتم عرضه على إحدى القنوات التليفزيونية
يا نهار أبيض البرنامج ده مسخرة الصراحة وهيخليني أفطس من كتر الضحك.
دلفت مروة إلى الشقة وشاهدت زوجها وهو يقهقه بهذه الطريقة الهيستيرية فسألته بدهشة وهي تجلس أمامه بوجه عابس
خير يا حبيبي إيه اللي بيضحكك أوي كده!
أجاب عمرو من بين ضحكاته وهو ينظر إلى وجهها
البرنامج ده يا ستي بيجيبوا واحد وبيتفقوا معاه يقول لأمه أنه عايز يخطب وهي بتروح معاه وهناك العروسة وأبوها بيحاولوا يعصبوها بأي طريقة وبالنسبة للحلقة اللي أنا بتفرج عليها دلوقتي ففيها العروسة عاملة نفسها حامل من الشاب اللي جايب أمه والأم بكل هدوء بتقول أنها موافقة أنه يتجوزها ويصلح غلطته وهتعتبرها زي بنتها وهتستر عليها حتى بعد ما أبو العروسة قالها أنه مش أول مرة يرجع من السفر ويلاقي بنته حامل من واحد اتعرفت عليه في غيابه.
توقف عمرو عن الضحك قبل أن يضرب كفيه ويتابع
بصراحة الست دي عندها برود أعصاب غير طبيعي أبدا نفسي بجد أشوف مين أبو دماغ لاسعة اللي كتب فكرة البرنامج الفظيع
ده.
ضړبت مروة ساقيها وهي تردد بغيظ ناظرة إلى عمرو بنظرات حانقة فهي تشعر أنه يوجد بركان ثائر على وشك الانفجار بداخلها على عكس زوجها الذي يجلس مرتاح البال ولا يعلم أي شيء عن المؤامرات الخبيثة التي يتم تدبيرها ضده من قبل أرملة أخيه
الست دي فعلا أعصابها باردة بس أنا بقى أعصابي شايطة على أخرها وكل ده بسبب الحرباية اللي أنت اتجوزتها عليا.
اعتدل عمرو في جلسته وأغلق التلفاز بعدما رأى الڠضب المرتسم على ملامح زوجته والذي يؤكد له أن آية قد فعلت شيء تخطى جميع الخطوط الحمراء.
انتقل عمرو من مقعده وجلس بجوار زوجته وهو يسألها باهتمام شديد بعدما فشل في تخمين سبب ڠضبها من آية
اهدي يا حبيبتي وفهميني كده براحة إيه اللي جرى لأن أنت المفروض كنت طالعة فوق عشان تحطي شوية حاجات في المخزن فإيه بقى اللي حصل وضايقك وخلاك تتعصبي أوي كده!
أخبرته مروة بكل ما رأته في المخزن فاتسعت عيني عمرو بدهشة واستنكار شديد وسأل زوجته بشك
↚
أنت متأكدة يا مروة أنها كانت بترمي سحر على الأرض! يعني مثلا ممكن تكون كانت بترش مية عادية.
نفت مروة استنتاجه مؤكدة حديثها بقولها
لا يا عمرو آية كانت بترش سحر مش مية واللي خلاني أتأكد هو أني شوفتها وهي بتخرج وكانت حريصة جدا أنها متخطيش برجليها فوق المية اللي هي رشيتها.
استطردت مروة بجمود يتعارض مع حالة الثورة التي كانت عليها قبل لحظات
واضح أن آية تقصدني أنا تحديدا من السحر اللي هي عملته وده لأن محدش غيري بيطلع فوق في المخزن.
سحب عمرو نفسا عميقا يحاول به أن يتمالك نفسه فهو يعرف زوجته حق المعرفة ويدرك تماما أنها لن تتجنى على آية وتتهمها زورا بمثل هذا الأمر الخطېر حتى لو كانت تكرهها ولا تريد رؤيتها.
خلاص يا مروة متضايقيش نفسك وسيبيلي أنا الموضوع ده وأوعدك أني هجيبلك حقك.
قالها عمرو بوجوم وهو ينهض ويغادر الشقة فابتسمت مروة بسعادة بعدما أخبرها حدسها أنها سوف ترى قريبا شيء يثير بهجتها.
لم يعد أمام هبة مفر من الحقيقة التي انتبه لها الجميع فهي يجب عليها أن تذهب إلى طبيب نفسي في أسرع وقت ممكن قبل أن تسوء حالتها.
على الرغم من قسۏة تلك الحقيقة إلا أنه لا يمكن إنكارها بأي شكل من الأشكال خاصة بعدما اڼهارت أمام الناس داخل المطعم بعدما سمعت عرض أماني الذي أثار استفزازها.
تذكرت كلمات مالك الذي شجعها وأيدها في هذا القرار بعدما صارحته بهذا الأمر
عين العقل يا هبة وأنا شايف أن دي هتكون خطوة كويسة جدا عشان نفسيتك تتحسن.
رمقته بنظرات ممتنة ثم ابتسمت بعدما سمعت كلماته الداعمة لموقفها وقالت
شكرا ليك يا مالك أنا
مش عارفة كنت هعمل إيه من غيرك.
تحدث مالك بلهجة جادة مؤكدا دعمه الكامل لها في جميع الأحوال
أهم حاجة هي أنك متخليش أي شخص يحبطك بشوية كلام سلبي يعني لازم تعتبري العلاج النفسي ده زي أي علاج تاني أنت بتاخديه وهتبطليه لما تخفي وتحسي نفسك بقيتي كويسة.
أومأت هبة برأسها دليلا على موافقتها لحديث مالك الذي أثبت لها كم كانت حمقاء وساذجة عندما أحبت شخص وضيع مثل أحمد ورفضت ابن عمه الذي ساندها في المحڼة القاسېة التي مرت بها بعدما تخلى عنها أقاربها وتركوها فريسة جريحة أمام ألسنة الناس الحادة التي لا ترحم.
مر أسبوع على معرفة عمرو بأمر السحر الذي قامت به آية ورغم ذلك لم يصدر منه أي تصرف مثلما وعد زوجته وهذا الأمر أجج نيران الڠضب في قلب مروة التي كانت تتوقع أن يثور ويجلب لها حقها.
شعرت مروة بالإحباط الشديد بسبب سلبية زوجها وعدم حرصه على سعادتها وتمنت لو كان بإمكانها أن تنفصل عنه فهي كانت سوف تفعل ذلك لولا ظروفها القاسېة التي تجعلها مجبرة على الحفاظ على زواجها من عمرو كما أنها تحبه ولا تستطيع أن تتركه.
أنا خارج كمان شوية يا مروة عايزاني أجيبلك معايا حاجة وأنا راجع
قالها عمرو وهو يرتدي حذائه فنظرت له مروة بوجوم قائلة بتهكم
لا شكرا يا حبيبي ربنا ميحرمنيش منك.
فهم عمرو من لهجتها أنها غاضبة منه للغاية ولكنه يعلم جيدا أن موقفها سوف يتبدل بعدما تشاهد ما سوف يقوم به فهو
لن يمرر لآية هذا الفعل القذر الذي قامت به.
في هذه اللحظة دلفت آية إلى شقة حماتها وأخبرتها أنها ستذهب إلى السوق وسوف تتأخر قليلا فابتسمت فادية مؤكدة أنها ليست معترضة على هذا الأمر.
ابتسمت آية وقبلت رأس فادية قبل أن تغادر تحت نظرات مروة التي كانت تريد أن تجرها من شعرها وتشبعها ضړبا.
غادر عمرو هو الأخر منزل العائلة واستقل سيارة أجرة بدلا من سيارته حتى لا تلاحظ آية أنه يقوم بمراقبتها.
وصلت آية إلى منزل الدجال ودلفت إليه وهي غاضبة للغاية فقد مر أسبوع ولم يحدث أي شيء وهذا الأمر يحيرها للغاية.
استقبلها الدجال وسألها عن سبب حضورها فنظرت له وهي تجيب بضيق
جاية أقولك أن العمل بتاعك مش جايب نتيجة ومفيش أي حاجة حصلت.
شعر الدجال
↚
بالارتباك ولكنه قرر أن يتماسك رغم شعوره بالاستغراب الشديد فهو لا يصدق أن ما قام به لم يجد نفعا مع مروة
كلامك ده معناه أن مروة ملتزمة ومحافظة على الصلاة وقراءة القرآن والأذكار وده مخلي الجن اللي أنا سلطه عليها مش قادر يمسها بأي سوء.
صاحت آية بنفاذ صبر من هذا الحديث الذي أصابها بإحباط شديد
طيب وبعدين هعمل إيه دلوقتي
رمقها الدجال قائلا بنبرة ماكرة
متقلقيش أنا هعرف إزاي أتصرف معاها ولو الجني اللي أنا سلطه مقدرش عليها هسلط عليها جني تاني أقوى منه اديني بس يومين وكل حاجة هتبقى مظبوطة زي ما أنت عايزة.
انصرفت آية بعدما شعرت بالطمأنينة وتأكدت أنها سوف تنال مرادها هذه المرة ولم تكن تعلم أن عمرو كان يقف بالقرب من منزل الدجال واتصل بالشرطة حتى تأتي وتلقي القبض عليه.
اتصال مفاجئ جاء إلى هبة التي استغربت كثيرا عندما أجابت وسمعت صوت يحيى وهو أحد أصدقاء أحمد المقربين.
همست هبة بتأفف فهي لا تريد أن تتحدث مع أي شخص لديه صلة مع أحمد حتى لا يتكرر ما حدث معها قبل أسبوع في المطعم عندما ذهبت لتلتقي بأماني
خير يا يحيى عايز مني إيه وليه بتتصل بيا
جاءها الجواب الذي أثار دهشتها وجعلها غير مصدقة لما تسمعه
أنا معايا صور ليك أحمد كان بعتهالي عشان أعدل عليها بس أنا رفضت وقتها وحاولت أهديه وأعقله وفكرت أنه اقتنع بكلامي بس لما رجعت من السفر عرفت بكل اللي حصل.
أغمضت عينيها بقوة تمنع الدموع الغزيرة التي تريد أن تخرج من مقلتيها فهي لم تجد شخصا واحدا إلا وأكد لها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أنها أخطأت في حق نفسها عندما وثقت في أحمد.
انتشل هبة من شرودها صوت يحيى الذي قال بجدية
أنا واقف دلوقتي تحت بيتك ومعايا الفلاشة اللي عليها صورك فياريت تنزلي تاخديها مني عشان أنا مستعجل.
وضعت هبة الحجاب على رأسها قائلة باقتضاب قبل أن تفتح باب الشقة
حاضر دقيقة وهكون عندك.
هبطت هبة الدرج بسرعة ووقفت أمام يحيى الذي مد لها يده بالفلاشة وردد بأسف
صدقيني أنا فكرته صرف نظر عن موضوع الفبركة ده بس للأسف اكتشفت أني غلطان وأن أحمد يبقى واحد واطي وحقېر وأني فضلت مخدوع فيه فترة طويلة.
انصرف يحيى تاركا خلفه هبة التي چثت أرضا تبكي بحسرة على قلبها الذي ټحطم بقسۏة مرددة بحشرجة
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا أحمد ده أنا محبيتش أي شخص في حياتي زي ما حبيتك.
قلبها يكتوي بنيران مستعرة وروحها تتعذب وتصرخ فكيف يمكن أن يكون مالك الذي ظنته في الماضي شخصا سيئا حينما حاول
أن يحذرها مما هي مقبلة عليه شخص جيد وأحمد الذي ظنته منقذا اتضح أنه هو نفسه الحقېر الذي أفسد حياتها حتى يجعلها ملكه حتى لو كان ذلك رغما عنها.
عاد عمرو إلى المنزل بعدما تأكد من أن الشرطة قد ألقت القبض على الدجال وأنه سوف ينال العقاپ الذي يستحقه وحان الآن دور آية حتى تنال جزاءها.
أخذ عمرو ينادي على آية بصوت جهوري جعل فادية تشعر بالړعب خاصة بعدما رأت وجهه الغاضب وعلمت أن هناك شيئا سيئا على وشك أن يحدث أمام عينيها.
سمعت مروة صوت زوجها وهو
نفض عمرو كف فادية ثم أمسك بآية من شعرها يجرها منه وألقاها أسفل قدمي والدته قائلا باشمئزاز
الهانم اللي أنت خليتيني أتجوزها عشان أهتم بيها وبابنها راحت لدجال عشان تعمل سحر أسود لمراتي.
تملكت الصدمة من آية واتسعت عينيها بعدما سمعت كلمات عمرو وأسرعت تنفي هذا الاتهام عن نفسها بقولها
الكلام ده كله كدب أنا معملتش أي حاجة لحد.
شهقت فادية وضړبت صدرها واتخذت صف آية مرددة باستنكار
إيه الكلام الفارغ ده يا عمرو! آية مستحيل تعمل كده.
نهضت آية ولكنها سقطت مرة أخرى بعدما صفعها عمرو للمرة الثانية قائلا بقسۏة بعدما منحها نظرة محتقرة وكأنها كائن أجرب لا يجوز أن يقترب منه أي شخص حتى لا تتسخ ملابسه.
وكمان ليك عين تكدبي يا بجحة!! أنا شايفك بنفسي وأنت رايحة للدجال عشان يعملك عمل تاني بعد ما العمل الأولاني فشل وأحب أطمنك أن الشرطة قبضت على الحيوان ده.
انعقد لسان آية من هول المفاجأة فهي لم تتوقع أبدا أن يعلم عمرو بهذا الأمر الذي لم تخبر به أي أحد.
هطلت دموع آية أمام عيني فادية التي لم تصدق هذا الأمر وشعرت أن مروة لها دخل في كل ما جرى وأنها فعلت هذا الأمر حتى يقع الطلاق بين عمرو وآية.
همست آية بضعف مزيف وهي تنظر إلى فادية ترجوها بعينيها أن تغيثها من هذه المصېبة التي حلت على رأسها
يا ماما أنا روحت للشيخ عشان يديني رقية شرعية أحطها في الأكل بتاعي لأني بقالي فترة تعبانة وحاسة أني مش مظبوطة.
أشارت فادية بسبابتها نحو مروة هامسة بغيظ فقد انطلت عليها خدعة آية وصدقتها بسهولة
↚
أكيد مروة هي اللي عاملة الحركة دي عشان تخليك تسيب آية وتبعد عنها مش كفاية عليها أن أنت هتاخدها معاك الغردقة وكمان عايزاك تطلق آية!!
احتقنت ملامح عمرو وشعر بالنفور من آية التي كان يعتبرها في الماضي بمنزلة شقيقته فهو لم يكن يتوقع أن تكون بمثل هذه الحقارة.
أطلق عمرو تنهيدة بصوت مسموع قبل أن ينطق بالجملة التي جعلت مروة تبتسم بسعادة لأنها نالت أخيرا ما تريده دون أن تبذل أي مجهود أو تتخلى عن مبادئها في سبيل تحقيق مرادها
جوازي منك كان أكبر غلطة عملتها في حياتي وأنا هصلحها دلوقتي أنت طالق يا آية.
أمسك عمرو بكف مروة وصعد بها إلى شقتهما تاركا فادية تصرخ باستهجان لما قام به أما بالنسبة لآية فقد كانت تشعر پصدمة شديدة فهي لم تتوقع أن ينقلب كل شيء ويصبح ضدها في لحظة خاطفة.
نهاية الفصل
الفصل السابع
أخذت آية تبكي بحړقة لأنه قد فشل كل شيء قامت بالتخطيط له وذلك لأنها استهانت بمروة واعتقدت أنها خصم ضعيف يمكن التغلب عليه بسهولة.
ظنت فادية أن آية تبكي بسبب الظلم الذي تعرضت له على يد عمرو ولم تكن تعلم أن سبب بكاء أرملة ابنها التي تظنها فتاة مسكينة هو الحزن على فشل المخططات التي كانت على وشك الظفر بتحقيقها.
احتضنت فادية آية مربتة على ظهرها بحنان أمومي وأخذت تواسيها بقولها
اهدي يا حبيبتي ومتزعليش نفسك خالص عمرو دلوقتي متعصب بسبب الكلام اللي الحية مراته قالته ليه ولما يهدى أنا هتكلم معاه بنفسي وهخليه يردك على طول وهشوف صرفة مع مروة اللي شغالة زي الشيطانة توقع بينك وبين عمرو.
اكتفت آية بهز رأسها وتوقفت عن البكاء فقد أشعرها حديث فادية ببعض الطمأنينة لأنها تعلم جيدا أن عمرو يستمع إلى كلام والدته ولا يمكن أن يقوم بعصيانها.
أمسكت آية بكف حماتها وتحدثت باستعطاف حاولت من خلاله أن تصم أذني فادية عن الكلام الذي سوف تسمعه ضدها
أنا لما روحت للشيخ مكانش غرضي أذية أي شخص زي ما مروة فهمت عمرو وأنت يا ماما أكيد عارفة أني مستحيل أعمل حاجة فظيعة زي دي.
أومأت فادية برأسها دلالة على تصديقها لهذا الحديث وسارعت تؤكد ذلك بقولها
أنا عارفة يا آية أنك مستحيل تعملي كده وأن مروة هي اللي لعبت في دماغ عمرو عشان يطلقك بس أنا مش هسيبه وهفضل وراه لحد ما يردك لعصمته.
وهذا ما كانت تريده آية وهو أن تدعمها فادية الساذجة لأن هذا الدعم سيجعلها تحقق
كل ما تتمناه.
نظرت هبة إلى الصور التي تجمعها بأحمد في حفل خطبتهما وهي تبكي فقد كان
في هذا اليوم يعدها أنه سيقف بجوارها وسوف يحرص على إسعادها ولكنه خذلها.
وضعت هبة الحاسوب جانبا ثم أمسكت مفكرتها ودونت بها عبارة تدل على مدى القهر الذي تشعر به
قلبي ېنزف وروحي تتألم لأنني كنت مغفلة عندما أحببتك يا أحمد ليت كان بإمكاني أن أتخلص من هذا الشعور الذي سيدفعني يوما إلى الجنون لم أكن أتمنى المۏت في حياتي مثلما تمنيته الآن فهو حتما سيكون أهون من عڈاب قلبي المجروح بڼار حبك فعشقك عڈاب وقربك ۏجع لا أعرف لماذا قلبي لا يزال يحبك رغم كل ما فعلته بي ولكني واثقة من شيء واحد وهو أنني لن أنساك مهما حدث يا من كنت أظنه توأم روحي ورفيق دربي
اتصلت هبة بمالك وهي تبكي وعندما أجاب وسمع صوت بكائها هتف بقلق
مالك يا هبة إيه اللي حصل معاك!
أجابته هبة من وسط بكائها الذي لم يتوقف
أنا أسفة يا مالك لأني مش سمعت كلامك زمان لما حذرتني من أحمد أنت كان عندك حق في كل كلمة قولتها وأنا كنت غلطانة لأني مش صدقتك وفكرتك غيران من أحمد.
تذكر مالك الإهانة التي تعرض لها بعدما مر فترة على خطبة هبة وأحمد فهو قد تواصل معها وحاول أن يحذرها من ابن عمه وأقسم لها أنه لم يتغير ولا يزال يتعاطى المخډرات ولم يتوقف على عكس ما يظن الجميع ولكنها لم تسمع منه وصدقت كلام أماني التي أخبرتها أن مالك يشعر بالغيرة من أحمد ويحسده دائما على كل شيء يمتلكه.
هتف مالك بتفهم فهو يعلم جيدا أن قلب هبة كان أعمى ومن الصعب أن تصدق كلامه في حق الرجل الذي كانت تحبه كثيرا
انسي كل اللي فات يا هبة إحنا أولاد النهاردة وأنا لو مكانك كان ممكن أعمل اللي أنت عملتيه وأكتر من كده كمان.
ظهرت ابتسامة خفيفة على وجه هبة وهي تقول
شكرا ليك يا مالك بجد مش عارفة أقولك إيه بس أنت طلعت فعلا واحد جدع عكس ابن عمك اللي فضلت مخدوعة فيه لفترة طويلة.
أنهت هبة الاتصال وتركت مالك يتذكر أحد المواقف التي جمعته بأحمد الذي كان يشعر بالڠضب حينها بسبب رغبة هبة في الانفصال عنه
أنا مش هسكت يا مالك وهعمل المستحيل عشان أخلي هبة ترجعلي مرة تانية.
نطق أحمد هذه العبارة وهو يلقى بالمزهرية أرضا لتتحطم أسفل قدمي مالك الذي أسرع بالتوجه نحوه وحاول تهدئته بقوله
امسك أعصابك شوية يا أحمد وفكر بهدوء وشوف هتعمل إيه لأن العصبية مش هتفيدك بحاجة بل على العكس أنت مش هتعرف توصل لأي حل طول ما أنت متعصب.
جلس أحمد على طرف السرير وغطى وجه بكفيه وهو يردف بحسرة فقد خسر حبيبته في لمح البصر
المصېبة يا مالك أني مش فاهم حاجة من كلام هبة وحاسس أن كل حاجة متلغبطة ومش مظبوطة وأنا واثق أن أمها هي اللي أقنعتها تفركش الخطوبة لأنها من الأول مكانتش طايقاني وكانت بتقول عليا أني مش مناسب ليها وأنها مستحيل تسيبني أتجوزها طول ما هي عايشة.
جلس مالك بجوار أحمد قائلا بمواساة في محاولة منه لتهدئة أعصاب ابن عمه الثائر
كل
↚
مشكلة وليها حل بس أهم حاجة هي أنك تهدي نفسك وتحاول تتكلم مع والدة هبة وتحل معاها الموضوع ده بمنتهى الهدوء.
رد عليه أحمد بنبرة حازمة يظهر بها الكثير من الوعيد الذي يؤكد أنه ينوي على فعل شيء سيء سوف يصيب الجميع پصدمة كبيرة
أنا عارف كويس إيه اللي لازم أعمله عشان أخليها ترجعلي الموضوع مش هياخد مني غير شوية وقت وكل حاجة هتمشي بعدها زي ما أنا عايز.
عقد العزم وتم الأمر الذي لم يكن فيه أي مجال للتردد أو التراجع.
خرج عمرو من شقته وكاد يغادر منزله ولكن استوقفته فادية بصوتها الصارم
رايح فين يا عمرو دلوقتي
الټفت لها وسألها بتأهب فهو يعلم جيدا أنها لن تتركه وشأنه قبل أن يقوم برد آية إلى عصمته
بتسألي ليه يا ماما وعايزة مني إيه
حدثته فادية بلهجة حازمة غير قابلة للجدال
عايزاك تتصل بالمأذون عشان ترد آية قبل ما تخرج من البيت.
صاح عمرو نافيا نيته القيام بهذا الأمر الذي تأمره به فهي تتعامل معه وكأنه طفل ليس لديه شخصية وسوف ينساق وراء رغبتها فورا دون
أن يناقشها فيما تقوله
انسي الموضوع ده خالص يا ماما أنا مستحيل أرد آية مهما حصل وياريت متجيبيش سيرة الحوار ده مرة تانية.
انتفضت فادية من مكانها صائحة بعصبية شديدة بسبب اللهجة القاسېة التي يتحدث بها ابنها فهي ليست معتادة أن يحدثها بهذا الأسلوب الحاد
أنت اټجننت يا عمرو! إزاي تكلمني بالشكل ده وتعارض كلمتي!
سمعت صوته الحازم وهو يتحدث بجدية تامة تؤكد عدم تراجعه عن قراره حتى لو انقلب العالم كله رأسا على عقب
أنا كنت شبه مچنون لما سمعت كلامك واتجوزت آية وهبقى اټجننت رسمي وأستاهل أروح
العباسية أو الخانكة لو رديتها تاني بعد المصېبة اللي هي عملتها.
عقدت فادية ساعديها هاتفة بتهكم
ما شاء الله عليك يا حبيبي يا سيد الرجالة أنت بقيت زي الخاتم في صابع مراتك وبتمشي حسب كلمتها يعني لو هي قالتلك يمين بتروح يمين ولو قالتلك شمال بتروح شمال وكل ده من غير ما تفكر في أي حاجة.
رفع عمرو سبابته في وجه فادية كعلامة تحذير منه لها بألا تستهزأ به أو تقلل من شأنه
قسما بالله العلي العظيم لو قولتي الكلام ده مرة تانية أو فتحت معايا موضوع آية بعد كده ساعتها هيحصل حاجة مش هتعجبك فياريت بلاش تعصبيني أكتر منه كده.
سألته فادية بنبرة مستهزئة
هتعمل إيه يعني يا ابن بطني أكتر من عدم سماعك لكلمتي
منحها الجواب الذي كانت تخشى سماعه
ساعتها هاخد مراتي وهسيب البيت خالص وابقي خلي بقى الست آية تنفعك.
خرج عمرو من المنزل وترك فادية تحدق أمامها پصدمة وكأنها لم تستوعب بعد حقيقة أن ابنها أعطاها إنذار بأنه يمكنه أن يتركها ويرحل بعيدا عنها.
استمعت مروة إلى كم لا يستهان به من توبيخ فادية التي اتهمتها بأنها حرضت عمرو ضدها وأنها كذبت عليه بشأن آية لأنها لا ترغب بوجودها في حياته.
شعرت مروة بالسأم من كل تلك الاټهامات الموجهة ضدها وصړخت بصوت جهوري جعل عيني فادية تتسعان بشدة
بس بقى يا شيخة حرام عليك هو أنت مش بتزهقي من كتر الكلام! من ساعة ما اتجوزت عمرو وأنت قارفاني في عيشتي لدرجة أنك قولتي عليا وش نحس لأن ياسين ماټ بعد شهر من فرحي ومع ذلك سكتلك وفضلت ساكتة حتى بعد ما قولتي أن سبب جوازي من عمرو هو مستواه المادي الكويس مش عشان بحبه.
صعدت مروة إلى شقتها بعدما ألقت تلك الكلمات في وجه فادية وجلست داخل غرفة نومها تتذكر النصيحة التي قالتها والدتها قبل أسبوعين من زفافها فقد أخبرتها بأنه لا يجب عليها أن تظهر حبها الشديد لزوجها لأن هذا الأمر سيجعله يضمن وجودها في حياته مهما ضايقها وبالتالي سوف يقسو عليها.
استغربت مروة من كلام والدتها وسألتها بتعجب
أنا مش فاهمة حاجة كلامك ده معناه إيه يا ماما
ربتت والدتها على شعرها وهي تجيبها
معناه يا حبيبتي أنك تحبي جوزك وتكوني جنبه بس متخليهوش يحس أنك مدلوقة عليه لأنه ساعتها هيشوفك ضعيفة وأنك هتسامحيه بسهولة لو غلط فيك أو مد إيده عليك.
وبالفعل حرصت مروة على تطبيق تلك النصيحة فهي تحب عمرو كثيرا ويمكنها أن تفعل أي شيء من أجل الحفاظ على زواجهما ولكنها لا تظهر له هذا الحب إلا في قليل من الأوقات وقد أوهمته أنه لولا أفعال زوج والدتها لتركته وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعله يستغل الخطأ الفادح الذي ارتكبته آية حتى يطلقها لأنه يعتقد أن مروة سوف تنفصل عنه إذا استمرت تلك الزيجة المشؤومة لفترة طويلة.
دلف مالك إلى البناية التي تقع بها شقته ودخل إلى المصعد الذي توقف به بعد دقيقة أمام شقته ولكنه توقف بعدما خرج من المصعد لأنه رأى أماني تقف أمامه وتنظر له بنفور وتقزز.
زفر مالك بضيق لأنه كان يريد أن يدخل إلى شقته حتى ينام ويرتاح ولكن يبدو أن تلك الراحة سوف تكون شيئا بعيد المنال بالنسبة له لأنه يدرك جيدا أن زوجة عمه لن تدعه وشأنه.
↚
تقدمت أماني نحوه قائلة بنبرة حاقدة
أظن أنت مرتاح دلوقتي بعد ما ابني دخل في غيبوبة وخطيبته بعدت عنه وواضح كده أنها بقت بتحبك أنت بعد ما كانت متقدرش تعيش يوم واحد من غير ما تشوف أحمد وتطمن عليه.
كز مالك على أسنانه ثم صاح
بسأم لأنه ضاق ذرعا منها ومن لومها له كلما رأته أمامها
وبعدين معاك بقى هو أنت هتفضلي تقرفيني في عيشتي كتير ولا إيه يا مرات عمي!
سكت قليلا ثم تابع حديثه بلهجة قاسېة قاصدا بها أن يجعلها تتألم وتعاني لأنها من وجهة نظره تستحق كل ما جرى معها
إذا كان ابنك وصل للحالة الصعبة اللي هو عليها دلوقتي فده بسببك أنت يا مدام أماني أنت اللي وصلتي أحمد إلى أنه يكون كده ولازم تلومي نفسك قبل ما تفكر ترمي اللوم على أي حد تاني وخصوصا أنا لأني مضربش ابنك على إيده وقولتله يروح يتعاطى مخډرات ويبقى مدمن.
دلف مالك إلى شقته وصفع الباب في وجه أماني التي أخذت تبكي بحسرة بسبب قسۏة الكلمات التي سمعتها والتي لا يمكنها أن تنسى أنها حقيقة بالفعل ولا يمكن أن تنكرها.
مر ثلاثة أشهر ولم تتحقق أمنية آية فعمرو لم يقم بردها إلى عصمته مثلما كانت تتوقع وهذا الأمر جعلها تعيد حساباتها مرة أخرى وتفكر في وضع خطة بديلة تتلاءم مع الوضع الحالي.
أما بالنسبة لمروة فقد تحسنت علاقتها بعمرو خاصة بعد الإجازة التي قضتها برفقته في الغردقة فقد حرص على إرضائها بعدما علم أن والدته قامت بإھانتها في اليوم الذي أخبرها به أنه
سيتركها ويرحل.
صارت حالة هبة النفسية أفضل من السابق وذلك بسبب التزامها بجلسات العلاج النفسي وأيضا بسبب دعم مالك ووقوفه بجوارها وهذا الأمر جعل مشاعر هبة تتحرك نحوه وقد أسعد هذا التطور مالك بعدما انتبه له وقرر أن يصارح هبة بمشاعره نحوها في أقرب فرصة.
سيطر على مروة إعياء شديد ولم تجد الراحة نفعا معها فقد لازمها هذا التعب لعدة أيام ولم يعد بإمكانها أن تتغاضى عنه فقررت أن تذهب إلى الطبيبة برفقة والدتها وكانت المفاجأة في انتظارها بعدما علمت أنها حامل.
شعرت مروة بالسعادة وعادت إلى المنزل بسرعة حتى تخبر زوجها بهذا الخبر السار الذي لطالما انتظر سماعه منها.
انتظرت مروة عودة عمرو من عمله ثم أبلغته بأمر حملها وكما توقعت فقد كاد يطير فرحا بعدما زفت له تلك البشرى في هذا الوقت بالتحديد لأن هذا الجنين سوف يجعل فادية تتوقف عن تصرفاتها التي تضايق مروة وتفقدها أعصابها.
على الرغم من عدم حب فادية لمروة إلا أنها فرحت بشدة بعدما علمت بأمر الحمل وأوصتها بالراحة التامة على عكس آية فقد شعرت بالكثير من الڠضب لأن هذا الجنين جعل خطتها البديلة تفشل حتى قبل أن تشرع في تنفيذها.
حملت آية طفلها وصعدت إلى شقتها وهي تتمتم پحقد
أنا لازم أتصرف بسرعة لأن الوضع كده بقى بايظ خالص وكل حاجة هتضيع مني لو فضلت ساكتة أكتر من كده.
نظرت هبة إلى صورة والدتها وهي تشعر بالحزن لأن هذا هو أول عيد ميلاد لها دون أن تكون أسماء بجوارها.
انتشل هبة من دوامة حزنها صوت طرقات الباب وابتسمت بعدما فتحته ووجدت مالك أمامها قائلا
جهزي نفسك بسرعة يلا يا هبة عشان عازمك النهاردة برة على الغدا.
استغربت هبة من هذا الأمر وسألته بتعجب
غريبة أوي يا مالك إيه سبب العزومة المفاجأة دي
ابتسم وهو يجيبها
تقدري تقولي كده أني عاملك مفاجأة وهتعرفي كل حاجة لما نخرج ونوصل المكان اللي هعزمك فيه أنا هنزل تحت أستناك في العربية لحد ما تجهزي نفسك.
دلفت هبة إلى غرفتها وارتدت فستان أنيق باللون الزهري ثم خرجت من الشقة بسرعة حتى لا تتأخر على مالك.
وصل مالك إلى المطعم الذي انبهرت به هبة فهي لم تتوقع أن يكون هذا هو المكان الذي سوف يدعوها إليه مالك.
تناولت هبة الغداء وهي تفكر في تلك المفاجأة التي سوف تراها بعد لحظات مثلما أخبرها مالك وازدادت دهشتها بعدما شاهدت قالب الكيك الذي أحضره النادل من أجلها.
الټفت مالك ونظر لها قائلا وهو يظهر على وجهه بسمة بشوشة
إيه رأيك في المفاجأة دي يا هبة
هتفت بانبهار وهي تطالع قالب الكيك بفرحة كبيرة فهي لم تكن تعلم أن هناك شخص سيهتم بها ويحرص على سعادتها بعدما رحلت والدتها
جميلة جدا يا مالك بس أنت عرفت إزاي أن النهاردة يبقى عيد ميلادي!
وكانت إجابته كنغمة موسيقية ساحرة أخذتها إلى عالم أخر مزين بالأزهار التي ټخطف الأنفاس
أنا عارف عنك كل حاجة
يا هبة لأني بحبك أوي وهكون أسعد واحد في الدنيا لو وافقتي أنك تتجوزيني.
أومأت هبة برأسها عدة مرات قائلة بحماس
أكيد يا مالك موافقة لأني لو لفيت الدنيا دي كلها مش هلاقي فيها واحد زيك يحبني ويهتم بكل تفاصيل حياتي.
ابتسم مالك بعدما حصل على الجواب الذي انتظره لوقت طويل شاكرا الظروف التي ساهمت في تقريب المسافات بينه وبين الفتاة التي أسرت قلبه واستحوذت عليه من أول نظرة.
الفصل الثامن
خرجت أماني من سيارة الأجرة وأعطت المال للسائق ثم توجهت نحو إحدى البنايات الشاهقة.
استقلت المصعد وانتظرت حتى وصلت إلى الطابق المنشود ثم سارت نحو إحدى الشقق والتي كان بابها مفتوح ومعلق بجواره لافتة مكتوب عليها مكتب المستشار القانوني صلاح حسين
استقبلتها فتاة عشرينية وأشارت لها أن تجلس على أحد المقاعد وهي تقول
اتفضلي يا مدام أماني ثواني وهبلغ الأستاذ صلاح وهقوله أن حضرتك وصلت.
أومأت أماني موافقة وانتظرت حتى ذهبت الفتاة إلى الداخل ثم عادت إليها بعد بضع ثوان وهي تهتف
الأستاذ صلاح مستني حضرتك
↚
جوة في المكتب.
دلفت أماني إلى غرفة المكتب ورحب بها صلاح وطلب منها أن تجلس قبل أن يسألها
تحبي تشربي إيه يا مدام أماني
ردت عليه أماني باقتضاب
شكرا جدا لحضرتك مفيش داعي أنا جاية أستشير حضرتك في موضوع مهم ومش هاخد كتير من وقتك.
طلب صلاح من سكرتيرته أن تقوم بإحضار كوبين من العصير ثم جلس أمام أماني قائلا
اتفضلي يا أستاذة أماني قوليلي إيه الموضوع اللي حضرتك عايزة تاخدي استشارتي فيه وإن شاء الله أقدر أفيدك وأساعدك.
أخذت أماني تخبره بجميع التفاصيل المتعلقة بقضية أحمد وقصته مع هبة وما قام به عندما أرادت أن تتركه وتتزوج بغيره.
استمع صلاح إلى حديث أماني بتركيز شديد للغاية حتى يحلل جميع التفاصيل التي تقصها عليه ويتمكن من إعطائها تقرير موجز عن موقف ابنها القانوني والعقۏبة التي تنتظره عند استيقاظه من غيبوبته.
انتهت أماني من سرد تفاصيل قضية ابنها وانتظرت رأي صلاح الذي تحدث بعدما ارتشف قليل من
العصيرفيها من القضية دي خالص هو أننا نثبت أنه ملهوش أي علاقة بنشر صور هبة وبالنسبة لموضوع أنه ابتزها وهددها فأنا على حسب ما فهمت من كلامك أنها مش معاها أي شيء يثبت أنه هددها من الأساس.
تحدثت أماني بصوت مبحوح بعدما ابتلعت غصة مريرة لا تقل في قسۏتها عن القهر الذي تشعر به
الكل مصدق أن أحمد هو اللي نشر الصور المتفبركة لهبة بس أنا متأكدة أنه مستحيل يعمل حاجة زي دي حتى لو كان هددها في لحظة ڠضب بأنه هيعمل كده لو هي سابته وواثقة مليون في المية أن فيه شخص تاني استغل كل اللي حصل عشان يخلص من ابني.
رفع صلاح أحد حاجبيه وهو يسألها بدهشة
أنت عندك شك في حد معين وشايفة أنه هو اللي استغل تهديدات أحمد لهبة عشان يوقعه في الفخ ده!
احتدت نظراتها وسيطر الجمود على ملامحها قبل أن تردف بصوت يحمل الكثير من الڠضب والحقد الذي يستوطن قلبها
أيوة طبعا فيه شخص أنا شاكة فيه وواثقة أن هو اللي عملها ومفيش حد غيره له يد في كل اللي حصل مع هبة وأحمد.
وقبل أن يسألها صلاح عن هوية هذا الشخص الذي تشك به أخذت تتحدث وتخبره بكل شيء يخص ابنها وطفولته ووضحت له
الأسباب التي تجعلها واثقة بكل كلمة تقولها.
ألف مبروك يا مروة ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتي أنت متعرفيش أنا فرحت ليك قد إيه لما أنت قولتي أنك حامل.
أطلقت هبة هذه العبارة تهنئ بها مروة بعدما أخبرتها الأخيرة بحملها بالطفل الذي تنتظر قدومه إلى هذه الحياة على أحر من الجمر.
ظهرت ابتسامة واسعة على شفتي مروة وهي تردد بفرحة
الله يبارك فيك يا حبيبتي وعقبالك أنت مش متخيلة أنا مبسوطة إزاي النهاردة وفرحتي زادت لما أنت جيتي تزوريني هنا في شقتي.
منحتها هبة بسمة بشوشة وهي تقول
أنا جيتلك النهاردة عشان أقولك على حاجة هتفرحك أوي.
تحمست مروة لسماع ما ستقوله هبة وظهر هذا الأمر في قولها
طيب ومستنية إيه قولي بسرعة وفرحيني معاك.
ابتسمت هبة ورفعت كفها الأيمن في وجه مروة قاصدة أن تريها الخاتم الذي أحضره مالك كهدية بمناسبة عيد ميلادها
أنا ومالك هنتخطب يوم الخميس الجاي وأنت أول واحدة تعرفي بالموضوع ده.
وعلى عكس ما توقعت هبة فقد اختفت الابتسامة من وجه مروة التي رددت باستنكار شديد يشوبه الكثير من الحدة
إيه الكلام اللي بتقوليه ده يا هبة! مالك مين اللي أنت هتتخطبيله يوم الخميس الجاي!
أجابت هبة وهي تشعر باستغراب شديد من تبدل حال صديقتها
يعني هيكون مالك مين اللي هقصده بكلامي يا مروة هو إحنا نعرف كذا واحد اسمه مالك!
تأملت هبة ملامح مروة التي احتقنت قبل أن تضيف
أنا فكرت أنك هتفرحي لما تعرفي أني نسيت أحمد وهقدر أكمل حياتي مع شخص بيحبني مكنتش متصورة أنك هتضايقي بالشكل ده!!
هبت مروة واقفة وهي تصيح باستهجان شديد فما سمعته على لسان رفيقتها يعد وجه من أوجه الجنون الشديد
حب إيه ونيلة إيه بس اللي بتتكلمي عنه هو أنت مستوعبة أصلا وفاهمة معنى الكلام اللي بتقوليه ومدركة أنك عايزة تتخطبي لمالك أخو الحية آية اللي لجأت للسحر عشان تفرق بيني وبين جوزي!!
شعرت هبة بالضيق بسبب الحكم المتسرع الذي أصدرته مروة في حق مالك وحاولت أن تدافع عن القرار الذي اتخذته بقولها
أنا مقدرة شعورك يا مروة وعارفة كويس أن آية غلطت في حقك بس مينفعش أحكم على شخصية مالك وأنكر كل حاجة حلوة شوفتها منه لمجرد أنه يبقى أخو آية.
ارتفع صوت مروة وصاحت بنبرة حازمة
كون أن مالك يبقى أخو آية فده سبب كافي يخليك تفكري مليون مرة قبل ما ترتبطي بيه.
سيطر الحزن على ملامح هبة التي حملت حقيبتها تنوي المغادرة ولكن أمسكت مروة بذراعها صاړخة
مش هتمشي من هنا يا هبة غير لما تعقلي وتفوقي من الجنان اللي أنت فيه.
سحبت هبة ذراعها من كف مروة وابتلعت غصة داخل حلقها قائلة بهدوء مزيف
واضح أن أعصابك تعبانة شوية يا مروة ومزاجك مقلوب
بسبب الحمل يستحسن أنك ترتاحي دلوقتي وأنا هبقى أتكلم معاك في وقت تاني على ما تكوني عقلتي.
غادرت هبة تاركة خلفها مروة التي صعقټ بسبب الكلام الذي سمعته وهتفت بلهجة مريرة وهي ټضرب كفيها ببعضهما
خسارة يا هبة دي المرة التانية اللي بتتجاهلي فيها نصيحتي وبتنسي أني صاحبتك اللي بتحبك وخاېفة عليك.
مرت الأيام وجاء يوم الخميس الذي أقيمت به حفل خطبة كل من مالك وهبة.
حضرت مروة الحفل برفقة زوجها وحماتها وهي تشعر بالحزن الشديد بسبب تجاهل هبة لنصيحتها أما آية فلم يكن يهمها كل ما يحدث حولها فهي لا يشغل بالها سوى شيء واحد وهو التخلص من مروة وجنينها في أقرب فرصة ممكنة حتى تتمكن من تنفيذ الخطة التي وضعتها في رأسها وعقدت العزم على القيام بها.
تمت الخطبة وسط تصفيق جميع الحضور وسعادة مالك لأنه ارتبط بالفتاة التي يحبها وسوف يتزوج بها في وقت قريب.
كانت الابتسامة ظاهرة بوضوح على وجه هبة ولكن اختفت تلك البسمة بعدما أحضرت إحدى الفتيات دب محشو وأهدته لهبة وهي تقوم بتهنئتها وتتمنى لها السعادة.
لم تشعر هبة بالسعادة عندما تلقت تلك الهدية لأنها ذكرتها بالدب المحشو الذي أحضره لها أحمد في وقت سابق بعدما خرج من المصحة وتعافى من الإدمان مثلما كان يزعم.
عادت هبة بذاكرتها إلى الوراء عندما أتى أحمد إلى منزلها وهو يحمل صندوق كبير وضع بداخله دب محشو وأهداه لها.
عقدت أسماء يديها بعدما فتحت الباب ووجدته أمامها ثم هتفت بتبرم
↚
خير يا أستاذ
أحمد إيه اللي جابك عندنا هو أنت هبة وأصرت على أن تتم الخطبة قائلة أنه إذا لم يحدث ذلك فسوف ټؤذي نفسها.
خرجت هبة على الفور من غرفتها عندما علمت بوجود خطيبها وجلست أمامه في غرفة الصالون أمام عيني أسماء التي ساقت نفسها مجبرة نحو المطبخ حتى تعد فنجان شاي لأحمد.
لم يمض سوى بضع دقائق قبل أن تعود أسماء إلى غرفة الصالون وهي تحمل فنجان الشاي وكأس من الماء تعمدت أن تسكبه على أحمد أثناء تقدميها له بطريقة جعلتها تبدو لا تقصد القيام بذلك.
معلش يا أحمد مكنتش أقصد أوقع الكوباية عليك.
شعرت هبة بالإحراج من تصرفات والداتها التي تظن أنه لا يفهمها أحد ونظرت إلى أحمد باعتذار ولكنها تفاجأت به يبتسم بمكر ويقول
ولا يهمك يا حماتي ده تصرف طبيعي من أي واحدة كبرت في السن وبقى عندها رعشة في إيديها.
ازداد شعور أسماء بالغيظ لدرجة جعلها تتمنى لو أنها قامت بسكب فنجان الشاي بدلا من كأس المياه.
استغلت هبة ابتعاد والدتها وعودتها إلى المطبخ حتى توبخ أحمد الذي هتف بسرعة مدافعا عن نفسه
قبل ما تقولي أي حاجة يا هبة أظن أنت شوفتي كويس أن هي اللي بدأت ورمت عليا المية وأنا عملت نفسي أهبل ومش فاهم حاجة عشان خاطرك وكده يبقى عداني العيب وقزح.
صوت مالك وهو يخبرها بمدى سعادته بهذه الخطبة كان كفيل بجعل ذهنها يعود إلى الحاضر مرة أخرى.
هتفت هبة بسعادة مصطنعة
وأنا كمان يا مالك مبسوطة أوي أننا اتخطبنا لبعض.
ابتسم مالك وتأمل وجه هبة للحظات قبل أن يقول
أنا بوعدك دلوقتي أني هحاول على قد ما أقدر أني أسعدك وأخليك مبسوطة.
داخل حجرة صغيرة في منزل بسيط ومتواضع يدل على توسط حال ساكنيه من حيث الإمكانيات المادية كان يسير شاب في الثلاثين من عمره ذهابا وإيابا وهو يمسك بهاتفه قبل أن يلقي به على السرير وهو يتمتم بعصبية
أنا بقالي يومين بحاول أتصل بيها وهي مش بترد مع أني منبه عليها مليون مرة أنها تخلي الموبايل جنبها وترد عليا أول ما أكلمها.
زفر بسأم بعدما سمع صوت والدته التي كانت تصيح بصوت عال
تعال يلا يا شادي افطر معانا قبل ما تروح تصلي الجمعة عشان أول ما تيجي من الصلاة تروح تبيض شكارة الأرز بدل ما أنت قاعد طول النهار في أوضتك وماسك الموبايل ومفيش وراك لا شغلة ولا مشغلة.
كظم شادي غيظه هاتفا هي على إيديها نقش الحنة.
نظرت والدته للأعلى وهي تردد بحسرة
عوض عليا عوض الصابرين يا
رب الواحدة بتبقى نفسها تجيب ولد عشان تتسند عليه لما تكبر وفي الأخر بيجي المحروس وبيكون قاعد طول النهار في البيت زي النسوان وعايز أخته هي اللي تشيل كل حاجة فوق دماغها.
لم يكترث شادي كثيرا لحديث والدته التي كانت توبخه بشكل ضمني لأن باله كان مشغولا بالسبب الذي جعل حبيبته لا تجيب على اتصالاته.
الحسړة وخيبة الأمل هذا ما شعر به رضا بعدما علم بخطبة ابن أخيه الذي لم يكلف نفسه ويقوم بدعوته وكأنه شخص غريب عنه ولا يعد بمنزلة والده.
استغربت أماني التي كانت تجلس أمام زوجها على مائدة الإفطار من وجوم ملامحه وعدم تحدثه بأي كلمة منذ خروجه من غرفته وهذا الأمر أصابها بحيرة شديدة جعلتها تسأله
مالك يا أبو أحمد فيك إيه!
رفع بصره نحوها وتأمل وجهها
لبرهة قبل أن يلقي أمامها الخبر الذي أصابه پصدمة بعدما علم به
مالك وهبة اتخطبوا لبعض إمبارح.
لم تتفاجأ أماني مثلما تصور رضا فهي كانت تتوقع أن شيئا كهذا سوف يحدث في وقت قريب وذلك بعدما لاحظت تقرب مالك من هبة وحرصه على تواجده بقربها.
نظرت أماني إلى زوجها وهي تهتف بمكر فقد جاءت أمامها الفرصة التي لطالما انتظرتها ويجب عليها أن تحسن استغلالها
بس غريبة أوي يا رضا أنت ليه جاي تقولي على الخطوبة بعد ما تمت مش المفروض كنت تعرفني إمبارح عشان نروح ونبارك ليهم ولا أنت شايفني واحدة حقودة ومش بتمنى الخير لابن أخوك.
اندفع رضا قائلا بعصبية
أنا معرفتش أي حاجة عن الموضوع بتفهم في الأصول ولا تعرف حاجة
↚
خالص عن الواجب والذوق وهو ما شاء الله طلع ليها في كل حاجة.
ظهر الحزن في عيني رضا وهو يقول
أنا مش فاهم هو ليه عمل كده! صحيح هبة كانت خطيبة ابني بس أنا أكيد مش هزعل منه ولا هتمنى ليه السوء لأنه خطبها وده لأني فاهم كويس أن الحاجات دي كلها في الأول وفي الأخر تبقى قسمة ونصيب.
نظرت أماني في عيني رضا مباشرة وهي تتحدث بجدية تامة أرادت من خلالها أن تجعل زوجها يرى جميع الأمور التي غفل عنها في السابق
مالك عمره ما كان بيحب أحمد وأنا دايما كنت بشوف نظرات الحقد في عينيه وخاصة بعد ما أحمد قدر يجيب في الثانوية مجموع يدخله كلية الهندسة وهو جاب أربعة وسبعين في المية ودخل في الأخر كلية التجارة.
لمع بريق النصر في عيني أماني بعدما لاحظت أن حديثها قد نال درجة عالية من اقتناع زوجها وقررت أن تضيف القليل من البنزين على الڼار حتى تشتعل أكثر وتنال من الوغد الذي ألحق الأڈى بابنها
في حاجة كمان أنا عايزة أقولك عليها يا رضا وهي أن أحمد مستحيل يكون هو اللي فبرك صور هبة ونشرها على الإنترنت وأنا شاكة أن مالك هو اللي عمل الحركة دي عشان يفرق بينهم لأنه كان حاطط عينه على هبة من أول يوم شافها فيه.
وهنا ظهر لهيب الڠضب في عيني رضا بعدما فكر في احتمالية صحة حديث زوجته فهو لن يرحم مالك إذا تبين أمامه أنه كان المتسبب في كل ما جرى مع ابنه.
نهاية الفصل
الفصل التاسع
أخذ مالك يتصفح صور خطبته بهبة وهو يبتسم بسعادة كبيرة تجعل كل من يراه على هذه الحالة يحسده عليها ويتمنى أن يصبح مثله ويحقق الهدف الذي يسعى خلفه.
من الصعب وصف شعور فرحة الانتصار الذي استحوذ في هذه اللحظة على كيان مالك الذي حصل أخيرا على الفتاة التي يحبها بعدما ظن أنها لن تكون من نصيبه لأن قلبها كان متعلق بابن عمه.
لمعت عيني مالك بهيام وهو یتأمل ابتسامة هبة وهي تقف بجواره فقد كانت تبدو كحورية بحر حسناء تقف أسفل قمر انعكس نوره على وجهها ليزيدها حسنا فوق حسنها.
قطع لحظات مالك السعيدة ورود اتصال من والده تجاهله عدة مرات ولكنه استسلم في النهاية بعدما تأكد من إصرار أبيه على التحدث معه
أيوة يا بابا إزيك عامل إيه
كان الڠضب ظاهرا للغاية في نبرة والد مالك الذي صاح بصوت جهوري
أنا برن عليك بقالي كتير يا حيوان مش بترد ليه من أول مرة!
أجابه مالك بنزق بعدما زفر أنفاسه بضيق فهو لم يكن يريد أن يتحدث مع والده حتى لا يتعكر مزاجه
عادي مكانش ليا مزاج أرد عليك بس غريبة أوي يعني يا بابا بقالك أكتر من شهرين مش بتتصل بيا ودلوقتي افتكرتني فجأة بعد المدة دي كلها!!
ردد والده بتعجب واستنكار
إيه الهبل ده إزاي بقالي فترة كبيرة مش بتصل بيك!
ارتفع صوت والده وهو يزمجر بحدة متجاهلا عن عمد تلك الكلمات التي أثارت استغرابه
أنا كان لازم أتصل بيك بعد ما عرفت أن سيادتك
روحت خطبت من غير ما تعرفني أو حتى تجيب سيرة لعمك وكأنك لقيط ومقطوع من شجرة
وملكش أهل ترجع ليهم وتاخد رأيهم في موضوع مهم جدا زي ده!!
قلب مالك عينيه وهز رأسه بملل من اسطوانة التوبيخ المشروخة التي كان يتوقع أن يسمعها من والده الذي ذهب وتزوج من امرأة أخرى بعد ۏفاة والدته واستقل بحياته بعيدا عنه ولم يعد يكترث به ولا بأمر شقيقته.
همس مالك پاختناق وهو يتذكر حسرة والدته الراحلة على عمرها الذي ضاع برفقة والده المستهتر الذي لم يكن يهمه أي شيء يتعلق بها
أنت قولتلي زمان بعد ما روحت اتجوزت وخلفت أني مش صغير والمفروض أشوف حياتي وأدبر أموري بنفسي من غير ما أعتمد على أي شخص وأنا كل اللي عملته هو أني طبقت نصيحتك يا أستاذ عماد يا اللي جاي دلوقتي تعمل فيها مهتم بيا وخاېف على مصلحتي بعد ما اتجاهلت دعوتي ليك على الخطوبة وعشان تداري إهمالك جاي تعمل نفسك مكنتش تعرف حاجة عن خطوبتي.
سكت مالك قليلا قبل أن يضيف بلهجة متهكمة
قولي صحيح يا بابا إيه أخبار مراتك وابنك سمعت أنك ناوي تدخل أخويا الصغير مدرسة دولية بتحتاج كل سنة مصاريف مش بتقل عن تسعين ألف جنيه واضح أن أحوالك المادية متيسرة على الأخر.
تحدث عماد بهدوء مغيرا فحوى الموضوع بعدما رمش بعينيه عدة مرات مش شدة الذهول الذي سيطر عليه في تلك اللحظة
أنا كنت بكلمك عشان أباركلك يا حبيبي على الخطوبة ربنا يهنيك ويسعدك معلش أنا مضطر أقفل دلوقتي عشان أجهز نفسي وألحق صلاة الجمعة.
وبالفعل أنهى عماد المكالمة فابتسم مالك بسخرية شديدة من والده الذي فر كالفأر الجبان بعدما واجهه بأمور ظن أنه لا يعلم عنها أي شيء ثم عاد مرة أخرى لتصفح الصور التي تجمعه بهبة.
وقف عمرو أمام الحوض وفتح الصنبور ليبدأ الماء يتدفق بين یدیه ثم أخذ يتوضأ حتى يصل إلى المسجد مبكرا فهو يحب أن يحضر خطبة الجمعة من أولها ويشعر بالضيق إذا فاته أي جزء منها.
خرج عمرو من الحمام وارتدى ملابسه بسرعة ثم غادر المنزل واستقل سيارته قاصدا المسجد الذي يصلي به.
↚
انتهى عمرو من أداء الصلاة بعد نصف ساعة ثم استقل سيارته مرة أخرى ولكنه لم يعد إلى المنزل بل توجه إلى المقاپر حتى يزور قبر شقيقه الراحل.
قرأ عمرو الفاتحة على روح ياسين وأخذ يدعو له بالرحمة والمغفرة ثم تحدث وهو يشعر بحزن عميق في قلبه
نفسي أعرف ليه بحس على طول أنك مش مرتاح في قپرك مع أنك كنت كويس في حياتك! ليه كل الكلام اللي بتقوله في الأحلام اللي بتزورني فيها بيبين أنك عايز توصلني لحاجة بس أنا مش قادر أفهمها!
كاد عمرو يغادر المقپرة ولكن أوقفه التربي الذي سأله عن أحواله ثم سكت قليلا شاعرا بالتردد الشديد فهو لا يعرف إذا كان يجب عليه أن يخبره بالأمر الذي حدث الأسبوع الماضي أم يلتزم الصمت ولا يتفوه بشيء.
رأى عمرو أمارات التردد التي كانت واضحة على وجه حارس المقپرة فسأله باستغراب شديد وهو يعقد ما بين حاجبيه
هو فيه حاجة عايز تقولها ليا يا عم مجاهد قبل ما أمشي!
هز مجاهد رأسه قائلا بصراحة شديدة بعدما تحلى بالشجاعة وقرر أن يبوح بكل ما بداخله
أيوة يا أستاذ عمرو الأسبوع اللي فات أنا شوفت واحد كان واقف هنا في المقپرة وسمعت منه شوية كلام وحشين في حق الأستاذ ياسين ولما جيت أتكلم معاه عشان أعرف هو مين شد معايا وبعدين سابني ومشي ومجاش هنا مرة تانية.
استنكر عمرو هذا الأمر مرددا پصدمة فهو يعلم جيدا أن أخيه كان شخصا محبوبا من الجميع ولم يكن هناك من يبغضه ويتمنى له الأڈى
ممكن تقولي إيه الكلام اللي أنت سمعته بالظبط من الراجل ده وإيه اللي حصل بعد كده
شعر مجاهد بالارتباك ولكنه قرر أن يتحدث وهو يعلم أن الكلام الذي سينقله قاسې إلى حد لن يتمكن عمرو من تمالك نفسه عند سماعه
أنا سمعت الراجل ده وهو بيقول لما كان واقف قدام قبر المرحوم أخوك منك لله يا ياسين أنت مش هتقدر تستوعب أنا مرتاح قد إيه عشان أنت أخيرا مت وريحتني من وجودك وعلى فكرة أنت تستاهل أنك ټموت لأنك اتجرأت وسرقتها مني وأنا يا أستاذ عمرو أول
ما سمعته بيقول كده شديت معاه بس ابن الذين كانت إيده تقيلة وفلت مني في ثانية.
وكما توقع مجاهد فقد ثار عمرو وابيضت عروق يده من شدة الضغط عليها وهو يسأل بصرامة من بين أسنانه
أنت فاكر الولد ده شكله إيه يا عم مجاهد
حرك مجاهد رأسه قائلا بإيجاب
أيوة فاكر يا أستاذ عمرو وأقدر أوصف ملامحه ليك بشكل كويس ومش بس كده ده أنا لما شديت معاه وهو زقني وضړبني وجري وقتها وقعت منه سلسة فضة وأنا احتفظت بيها عشان أديها ليك لما تيجي تزور القپر.
ذهب مجاهد
وأحضر السلسال الفضي وأعطاها لعمرو الذي نظر لها مليا قبل أن يقرأ الاسم الذي تشكل من بضعة أحرف باللغة الإنجليزية مرصوصة بشكل عمودي
شادي صاحب السلسلة دي أكيد يبقى اسمه شادي وأنا هعمل المستحيل عشان أجيبه وأعرف إيه حكايته مع ياسين حتى لو كان مستخبي تحت سابع أرض!!
صعدت آية إلى شقتها بعدما انتهت من مساعدة فادية في التنظيف الذي استمر لساعات طويلة.
تنهدت آية بإرهاق وهي تستلقي فوق سريرها وتضع الغطاء فوقها فقد تعبت كثيرا وكل ما كانت تفكر فيه في هذه اللحظة هو نيل قدر من الراحة
وأخيرا خلصت دي بقت عيشة تقرف يعني هو حبك النهاردة يعني يا حماتي أنك تروقي شقتك كلها وتظبطي الكراكيب اللي فيها!!
أغمضت آية عينيها واستعدت لتنعم بقسط من النوم ولكن منعها من ذلك رنين هاتفها وعندما نظرت إلى الشاشة اتسعت عينيها بذهول بعد ما رأت أن هناك ثلاثة وعشرون اتصالا لم يتم الرد عليهم وجميع هذه الاتصالات كانت من شادي.
أجابت آية على الاتصال بسرعة
زاغت نظرات شادي وكز على أسنانه صائحا پحقد
أنا مش عارف إمتى هيجي اليوم اللي نخلص فيه من كل القرف ده! إحنا بقالنا كذا سنة بنستنى الوقت اللي هنقدر نتجوز فيه ونعيش مع بعض!
شعرت آية بالحزن الشديد لأنه كلما اقتربت من تحقيق هدفها حتى يكون من السهل عليها الزواج بالرجل الذي تحبه تتعقد الأمور وكل ذلك بسبب مروة التي تقف بينها وبين أحلامها.
كل حاجة هتتحقق قريب يا قلبي أنا مش هستسلم وهعمل كل اللي في إيدي عشان نحقق حلمنا ونتجوز ونعيش مع بعض تحت سقف واحد.
قالتها آية ودموعها تنهمر نتيجة لتألم قلبها لأنه ابتعد عن رفيق روحه وكل ذلك بسبب الظروف اللعېنة التي أجبرتهما على الفراق.
تذكرت آية عندما التحقت بالجامعة فقد تعرفت حينها على شادي الذي كان يكبرها بعام واحد ونشأت بينهما قصة حب قوية وتعلق كل منهما بالأخر وصارت لديهما رغبة قوية في الزواج وتكملة حياتهما سويا وهما بجوار بعضهما.
طلب شادي من والدته أن تذهب برفقته إلى منزل عماد حتى يطلب يد آية للزواج ولكن أصابته صدمة كبيرة بعدما رفض عماد طلبه.
اعترضت آية على قرار والدها وحاولت أن تثنيه عن رأيه ولكنه أصر على موقفه ووضح سبب رفضه لشادي قائلا بأنه ليس مناسبا لها.
سألت آية والدها بصوت متحشرج وهي تذرف دموع القهر من مقلتيها
طيب قولي أنت ليه شايف شادي مش مناسب ليا! اديني سبب واحد مقنع يخليك تقول الكلام ده!
أجابها عماد بجدية متجاهلا دموعها وانكسار
↚
قلبها فقد ظن أن هذا الحب مجرد أوهام مراهقة وسوف يزول مع مرور الأيام
ده واحد كحيان وكمان من الأرياف وأنت مش هتقدري تتأقلمي على العيشة في الريف بعد ما فضلت عايشة أكتر من عشرين سنة هنا في المدينة ده غير أنه مش هيقدر يلبي ليك كل طلباتك ولو اتجوزتيه هتعيشي حياة صعبة أوي معاه.
لم تتمكن آية من إقناع والدها بالعدول عن رأيه وازدادت مأساتها عندما تقدم ياسين وطلب يدها للزواج ورحب
به عماد بشدة وأعطاه موافقته.
صړخت آية واعترضت ولكنها لم تتمكن من إيقاف تلك الزيجة التي تمت وانتهى الأمر وصارت زوجة لياسين أمام الجميع رغم رفضها لهذا الأمر.
كان ياسين يحب آية بشدة ويعاملها بلطف ولكن قلبها كان معلقا بشادي الذي لم تتمكن من نسيانه حتى بعدما تزوجت وأنجبت طفلها وصار هدفها الآن هو الاستحواذ على جميع ممتلكات عائلة الرجل الذي وقف حائلا بينها وبين حبها الحقيقي حتى تتمكن من الزواج بشادي الذي لا تسمح له إمكانياته المادية بشراء منزل وبناء عش زوجية يليق بها.
وها قد عاد الحزن لملامح هبة بعدما فتحت باب منزلها ووجدت أماني أمامها نظرت لها الأخيرة وهي تشعر بخيبة أمل قائلة ببرود
أنا عارفة كويس أن زيارتي هتضايقك بس أنا جيت عشان أباركلك وأديك هدية صغيرة.
رددت هبة باستهزاء وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها
هدية ومنك أنت!! ده أنا أصدق أن الشمس طلعت من الغرب ولا أصدق أن واحدة زيك جاية تباركلي وتهاديني بعد ما اتخطبت لابن سلفتها اللي كانت بتكرهها.
أضافت هبة بضيق بعدما أطلقت تنهيدة طويلة
وبعدين تطلع إيه بقى الهدية دي اللي خليتك تتعبي نفسك وتجيلي مخصوص لحد باب بيتي عشان تديهالي!
فتحت أماني حقيبتها وأخرجت علبة صغيرة ثم أزاحت الغطاء أمام عيني هبة التي
رأت خاتما ذهبيا يمتاز بمظهر أنيق للغاية.
هتفت أماني وهي تمسك بالخاتم وتتأمله بحزن
دي كانت الهدية اللي أحمد فضل يحوش في تمنها من شغله طول السنة اللي فاتت عشان يقدر يجيبهالك ويفرحك في عيد ميلادك.
تطلعت هبة إلى الخاتم بقلب مشتت وعقل يحذرها من الاستماع إلى أماني وقد أخذ يقنعها أن هذه خدعة منها حتى تفسد عليها فرحتها بخطبتها.
هزت هبة رأسها عدة مرات وهي تنهر قلبها الذي رق لبضع ثوان فهي لن تضعف وسوف تتصدى لكل من يحاول التحايل عليها لصالح أحمد الذي دمر حياتها.
صاحت هبة بصرامة وهي تشير بسبابتها نحو باب شقتها
اتفضلي لو سمحت يا مدام أماني اطلعي برة بيتي وخدي هديتك المقرفة دي معاك وإلا هصوت وهلم عليك الجيران وياريت متخلينيش أشوف وشك مرة تانية.
أرادت أماني أن تتحدث ولكن منعها صړاخ هبة التي أصرت على طردها دون أن تستمع إلى كلامها.
بصقت هبة على الأرض بعدما غادرت أماني ثم أغلقت باب شقتها وجلست على الأريكة تفكر في كل كلمة سمعتها قبل قليل وفي هذه اللحظة تذكرت أحمد الذي أخبرها أنه يستعد ويبذل قصارى جهده حتى يجهز لها مفاجأة تليق بعيد ميلادها.
أمسكت هبة بالمزهرية وألقتها أرضا وهي تصرخ بقوة وكأنها تعاقب قلبها الذي يدق كلما تذكرت أحمد أو جلب أحدهم سيرته أمامها ولو عن طريق الخطأ
حرام عليك بقى يا أخي اطلع من دماغي أنا خلاص زهقت منك ومش عارفة أعيش مرتاحة أنا مش عارفة أعمل إيه في ذكرياتك اللي بتلاحقني حتى وأنت في غيبوبة.
ومضات وذكريات كثيرة أخذت تتدافع في عقل أحمد مرة واحدة لدرجة أصابت رأسه بالألم الشديد وجعلته يهزه يمينا ويسارا حتى يتخلص من هذا الۏجع الذي شعر أنه سوف يفتك به.
أخذ يرى أمامه ذكرى اللحظة التي التقى بها بهبة وأخرى عندما أخبرها أنه يحبها وسوف يضحي بكل شيء من أجل إسعادها.
تذكر تلك اللحظة التي أخذ يخبرها بها كم أن بسمتها قد أنارت عتمة روحه وبددت ظلمته ولكن اختفى هذا النور بعدما هجرته وتركت فؤاده يبكي رحيلها.
تذكر عندما أخذ يلومها على تركها له بعد كل ما فعله من أجلها واستنكر موقفها بقوله كيف تظنين أنني خدعتك وأنا من كنت أسيرا لعينيك ورهن إشارتك ولم أكن أريد سوى أن أرى ابتسامتك التي تريح قلبي وتجعلني أسعد لأنني أرى نفسي سندك في هذه الحياة!
لقد أصابه الجنون عندما أخبرته أنها سوف تصبح لغيره وفقد صوابه وأخذ يتوعد لها بكلمات وېهدد بأمور وهو يعلم جيدا أنه لن ينفذها ولكنه فعل ذلك حتى لا تتركه.
ازدادت حدة الألم الذي يجتاح رأسه وسط هذه العتمة التي تحيط به وشعر أنها نهايته ولكن فجأة انقشع هذا الظلام واستطاع أن يفتح جفنيه مناديا بهمس خاڤت باسم هبة.
أخذ أحمد ينظر حوله وهو يشعر ببعض الدوار واستنتج من مظهر تلك الغرفة التي ينام بها أنه متواجد داخل مستشفى
ولكنه لا يفهم ما الذي أتى به إلى هذا المكان!
مرت بضع دقائق قبل أن يتذكر أحمد الحاډث الفظيع الذي جرى معه وأدرك أن هذا هو سبب جلبه إلى هذه المستشفى.
دلف الطبيب إلى الغرفة حتى يقوم بإجراء الفحص الروتيني ولكنه تفاجأ عندما وجد أحمد يفتح عينيه وينظر إليه.
هتف الطبيب بحدة فهو يعلم جيدا بالشيء الغير أخلاقي الذي قام به أحمد مع هبة
حمد الله على السلامة يا أستاذ أحمد وأخيرا صحيت من غيبوبتك اللي استمرت كذا شهر.
سيطر الذهول على أحمد بعدما علم أنه ظل راقدا على هذا السرير لفترة طويلة وتملكت منه الصدمة بعدما دخل الضابط إلى الغرفة وسمعه يهتف بصرامة
بما أنك فوقت فمفيش أي حاجة هتحميك دلوقتي من السچن اللي تستحقه أنت وأمثالك.
الفصل العاشر
سقط الهاتف من يد أماني من هول المفاجأة التي سمعتها فقد استجاب الله لدعواتها واستيقظ ابنها أخيرا من الغيبوبة.
شاهد رضا تبدل حال زوجته بعدما أتاها هذا الاتصال وسألها عما أخبرها به المتصل ولكنه لم يتلق منها أي جواب فأمسك بالهاتف وتحدث مع
↚
المتصل وعلم بالخبر الذي أصاب زوجته بالذهول الذي جعل جسدها يتخشب لبضع ثوان.
سالت دموع الفرح من عيني أماني وهي تردد بابتسامة عريضة لم تظهر مثلها على وجهها منذ فترة طويلة
ألف حمد وشكر ليك يا رب أحمد فاق يا رضا ربنا جبر بخاطرنا ورجع ابننا تاني لحضننا.
يلا يا أماني جهزي نفسك عشان نروح نشوفه لأن زمانه دلوقتي بيسأل علينا وإحنا لازم نكون جنبه عشان نشرحله كل حاجة حصلت الفترة اللي فاتت قبل ما يعرف التفاصيل من أي حد تاني.
قالها رضا يحث زوجته على التحرك وتجاوز حالة الذهول التي تمكنت منها ونجح في ذلك بالفعل فقد سمع صوتها وهي ترد بسرعة
حاضر يا رضا اديني كام دقيقة وهكون جاهزة عشان نروح لأحمد ونشوفه لأنه وحشني أوي.
استغرقت أماني عشر دقائق فقط في تبديل ملابسها وقد أنهى رضا أيضا تجهيز نفسه ثم خرجا سويا من
المنزل واستقلا السيارة متوجهين إلى المستشفى.
سمح لهما الضابط برؤية أحمد الذي تم نقله إلى غرفة أخرى بعدما تم التأكد من تجاوزه لمرحلة الخطړ.
ابتسم أحمد بعدما رأى والديه أمام عينيه وخاصة أماني التي أسرعت نحوه تضمه إليها بلهفة أم اشتاقت لصغيرها الذي غاب عنها لفترة طويلة.
ضم أحمد والدته مرددا بحيرة لازمته بعدما رأى الضابط وسمع كلامه المريب
إيه اللي حصل بالظبط يا ماما وليه فيه عساكر واقفين قدام أوضتي وعايزين يقبضوا عليا أول ما أخرج من هنا!
التفتت أماني نحو رضا تستنجد به من خلال نظراتها أن يتطوع ويجيب على هذا السؤال بدلا منها.
استجاب رضا لرغبة زوجته وأجاب على سؤال ابنه بقوله
في حاجات كتيرة حصلت لما أنت عملت الحاډثة ودخلت في الغيبوبة ومن ضمن الأمور دي أن هبة بلغت البوليس عنك بعد ما اتنشر ليها صور متفبركة في أوضاع مش كويسة واتهمتك أنت بكل اللي حصلها لأنك هددتها أنك هتعمل معاها كده لو هي صممت على موقفها ورفضت ترجعلك.
رد أحمد باستنكار شديد يشوبه الذهول مما يسمعه
صور إيه اللي أنت بتتكلم عليها يا بابا! أنا لا فبركت حاجة ولا نشرت حاجة ولا أعرف أي حاجة في أي حاجة.
تغضنت ملامح رضا وأخذ يفكر قليلا قبل أن يردف بتساؤل متذكرا حديث زوجته عندما حاولت إقناعه بفكرة استحالة قيام أحمد بإيذاء هبة بهذا الشكل البشع
هو أنت يا أحمد مش هددت هبة وقولتلها أنك هتفبرك صورها وهتنشرها على الإنترنت لو هي مقالتش لأمها أنها صرفت نظر عن موضوع العريس اللي اتقدم ليها بعد ما فشكلت خطوبتها بيك!
أطرق أحمد رأسه بخزي من هذا الفعل المشين الذي ارتكبه في لحظة أصيب فيها بالحماقة وأجاب بخفوت
أيوة أنا قولت كده لما هي عصبتني وقالت أن اتقدم لها عريس ووافقت عليه بس أنا والله العظيم يا بابا ما عملت أي حاجة وكل اللي أنا فاكره هو أن بعد كده حصلت معايا الحاډثة وصحيت لقيت نفسي هنا في المستشفى.
نظرت أماني إلى رضا وهي تتنهد بارتياح هاتفة بتصميم بعدما تأكدت من صدق حدسها
شوفت بقى يا رضا مش أنا قولتلك أن ابنك مستحيل يعمل كده أظن أنت دلوقتي صدقت كلامي لما قولت
أن في حد استغل كلام أحمد لهبة عشان يوقعه ويخلص منه.
لمعت عينيها پغضب وهي تضيف بقلب أم تألمت كثيرا بسبب ما جرى لابنها
ومفيش حد غير ابن أخوك هو اللي ممكن يعمل حركة قڈرة زي دي يا رضا وأنت اللي كنت زعلان عشان البيه مش عزمك على خطوبته بهبة.
سيطرت حالة من الصدمة على أحمد بعدما سمع الكلام الذي تفوهت به والدته أثناء زلة لسانها.
شعر أحمد وتلتهم روحه فتلك الخطبة تعد بالنسبة له طعڼة قاسېة في قلبه من أقرب الأشخاص إليه.
تحشرج صوت أحمد وهو يسأل والدته
إزاي مالك وهبة اتخطبوا! أنا عايز أعرف دلوقتي كل اللي حصل لما كنت في الغيبوبة!
انتبهت أماني إلى الخطأ الفادح الذي قامت به بعدما رأت وجه ابنها الذي أصيب فجأة بالشحوب فربتت على كتفه بحنان قائلة
اهدى يا حبيبي وأنا هفهمك كل حاجة وهعرفك على حقيقة ابن عمك اللي كنت بتحبه أكتر من محمد ابن خالتك.
وبالفعل أخبرته أماني بكل ما جرى بشكل موجز ليزداد بداخله شعور القهر فقد خسر هبة وفاز بها رجل أخر وهذا الغريم ليس سوى ابن عمه الذي كان يراه في الماضي أخا له.
تحدث أحمد بنبرة مريرة لا يمكن مقارنتها بالألم الذي يشعر به في قلبه المجروح
لو سمحتم سيبوني لوحدي شوية لأني مش قادر أسمع حاجة وعايز أرتاح.
استجاب كل من رضا وأماني لرغبة ابنهما وخرجا من الغرفة سامحين له بالحصول على بعض الراحة فقد صار في أمس الحاجة لها بعد علمه بكل تلك الأمور التي جرت طوال الأشهر الماضية.
خرجت آية من شقتها بعدما هندمت ملابسها التي انتقتها بعناية
↚
شديدة وحرصت على أن تكون بمظهر أنيق لأنها سوف تذهب وتلتقي بشادي.
مرت آية قبل مغادرتها للمنزل على شقة فادية وأخبرتها أنها سوف تذهب لتلتقي بصديقة قديمة لها من أيام الجامعة وأنها ربما تتأخر بالخارج.
سمحت لها فادية بالذهاب وأخذت حفيدها حتى تعتني به وهي تشعر بالرضا لأن أرملة ابنها تعاملها كوالدتها وتأخذ منها الإذن قبل أن تقوم بأي شيء.
ذهبت آية إلى مطعم يقع في مكان بعيد جدا عن منزلها وانتظرت مجيء شادي الذي أتى بعد بضع دقائق وبحث عنها بعينيه داخل المطعم ثم ابتسم بعدما وجدها وتوجه نحوها وجلس أمامها قائلا بلطف
وحشتيني أوي يا حبيبتي.
منحته آية نظرة حب تكشف عن مدى عشقها له فهو يعد بالنسبة لها النفس الذي تتنفسه
وأنت كمان وحشتني أوي يا حبيبي أنا بستنى اليوم اللي بنتقابل فيه بفارغ الصبر عشان أشوفك وأملي عيني منك.
منه لله أبوك هو السبب في كل اللي إحنا فيه دلوقتي خلينا نتجوز بقى يا آية ونحقق حلمنا ياسين خلاص ماټ وأبوك اتجوز
ومبقاش بيسأل فيك ودلوقتي مفيش أي شخص هيقدر يقف في طريقنا.
ابتلعت آية غصة مريرة في حلقها وهي تردف بحزن
للأسف يا شادي كلامك مش صح إمكانياتك مش هتساعدك تشتري شقة ده غير أن فادية مش هتسمحلي أتجوز وأعيش حياتي وهتاخذ ابني مني وأنا مقدرش أعيش من غيره وعشان كده لازم نستنى شوية لحد ما أقدر أخد كل حاجة من فادية وعمرو وساعتها مفيش ولا مخلوق على وش الأرض هيقدر يفرقنا تاني.
سألها بحنق فقد ضاق ذرعا من هذا الانتظار الذي طالت مدته
وهتعملي كده إزاي وسلفتك حامل
ظهرت ابتسامة ماكرة على ثغرها وهي تجيب
اللي يشوفك بتتكلم كده يا شادي يقول أنك عمرك ما سمعت عن ستات كتير كانوا حوامل وسقطوا.
وقبل أن تشرح آية لشادي المخطط الذي يدور في رأسها تفاجأت بوالدها يقف أمامها وېصرخ بها بلهجة حادة
أنا مش مصدق اللي شايفه قدامي دلوقتي!! أنت لسة بتتواصلي مع الولد الجربوع ده حتى بعد اتجوزت وبقى عندك ابن!
أعطاه شادي نظرة محتقرة هاتفا بغل فهو يكره عماد لدرجة تجعله يرغب في قټله
الجربوع ده يبقى أنت يا اللي رميت عيالك وروحت اتجوزت واحدة أصغر منك ب 15 سنة ممشياك على العجين متلغبطوش.
لوت زوجة عماد ثغرها وهتفت بسخط صريح وهي تربت على كتف زوجها
واضح أن بنتك المحترمة مسمعة لعشيقها المقرر كله من أوله لأخره يا حبيبي.
ألقت آية على زوجة والدها نظرة مغتاظة قائلة بازدراء
ملكيش دعوة بالموضوع ده يا أحلام خليك في نفسك وبلاش تحشري مناخيرك
الجربانة دي في الأمور اللي متخصكيش بدل ما أجيبك من شعرك وأفرج عليك كل اللي قاعدين في المطعم.
تصنعت أحلام البكاء وهي تتحدث مع زوجها بنبرة منكسرة تجعل من يسمعها يظنها امرأة مسكينة لا يمكنها أن تدافع عن نفسها وتمنع أي شخص من إلحاق الأڈى بها
شايف يا عماد بنتك وقلة أدبها!
أجابت آية بالنيابة عن والدها وهي تعقد ذراعيها وتضع عينيها في عيني أحلام التي كانت تستشيط من شدة الغيظ
أه يا حبيبتي جوزك شايف وسامع كويس أوي كل اللي بيحصل بس مش هيعمل حاجة لأن مبقاش ليه حق يتدخل في حياتي بعد ما جوزني زمان لياسين ڠصب عني وكمان راح اتجوزك ورماني أنا وأخويا برة حياته عشان يرضيك.
أضافت آية بلهجة ساخرة بعدما حولت بصرها نحو والدها
أنا مش هبعد عن شادي ولو مش عجبك روح افضحني وقول لحماتي.
حملت آية حقيبتها وخرجت من المطعم وتبعها شادي الذي كان يريد أن يلقن عماد درسا قاسېا ولكنه أدرك أن هذه ليست الفرصة المناسبة.
انتظر أحمد خروج والديه من الغرفة قبل أن يترك العنان لدموعه التي لا يذرفها إلا عندما يشعر أنه تعرض للخداع والخېانة.
تمنى لو أن ما يجري حوله كان مجرد كابوس سيستيقظ منه ويعود إلى الواقع حيث توجد هبة بجواره مثلما كان يحدث في السابق.
لا يمكنه أن يلوم هبة على كرهها له فهو يقدر تماما ما تشعر به بعد كل المصائب التي انهالت عليها ولكنه لا يمكنه أن يسامح مالك الذي قام بخيانته ووضع عينيه على الفتاة الوحيدة التي أحبها.
اقتحم رأس أحمد كثير من الذكريات التي تعود إلى فترة قصيرة قبل تعرضه للحاډث.
مالك يا هبة فيك إيه
قالها أحمد بنبرة قلقة بعدما اتصلت به هبة وأخبرته أنها تريد أن تراه بعد قليل في الكافيتريا التي يتقابلان بها دائما.
ذهب أحمد إليها وصدم عندما أعطته هبة شبكته وأخبرته أنها لا تريد رؤيته مرة أخرى وعندما ألح عليها حتى يعرف سبب هذا القرار المفاجئ علم أنها تظنه عاد للإدمان مرة أخرى.
حاول أن يتحدث معها عدة مرات حتى يقنعها أن كل ما تفكر فيه غير صحيح ولكنها لم تستجب لمحاولاته وهذا الأمر أثار غضبه وأطلق العنان لشيطان نفسه حتى يتصرف بالنيابة عنه في هذا الموضوع المعقد خاصة بعدما أجابت على واحد من اتصالاته ووبخته بقولها
أنا كنت غبية لما حبيتك لكن خلاص الغباء ده انتهى ولو أنت أخر واحد في الدنيا فأنا مستحيل أتجوزك فياريت تخلي عندك شوية كرامة وتبطل تتصل بيا.
أراد أن يتكلم ويدافع عن نفسه ولكنها قاطعته بلهجة قاسېة
لو عندك ډم وشايف نفسك راجل فانساني خالص ومتحاولش تكلمني تاني.
↚
لم يكن هذا الأمر هينا على أحمد خاصة بعدما عرف منها أنها وافقت على العريس الذي تقدم لخطبتها وفي لحظة طيش منه قرر أن يستمع إلى نصيحة مالك وصديقه اللذان أخبراه أنه لا يوجد أمامه سوى وسيلة واحدة حتى يحافظ بها على وجود هبة بجواره وهي الټهديد والابتزاز.
في البداية رفض أحمد هذا الاقتراح ونظر إلى مالك وهو يصيح به مستنكرا فكرته
أنت اټجننت يا مالك ولا جرى حاجة لعقلك أنا مستحيل أفبرك صور لبنت وأنشرها على النت أو أعمل أي حاجة فيها شبه من الأمور المقرفة دي إزاي أصلا فكرت يا ابن عمي أن أنا ممكن أوافق على الموضوع ده!
ضړب مالك جبهته وهتف بهدوء موضحا وجهة نظره
التي فهمها ابن عمه بشكل خاطئ
مين قالك يا ابني أن أنت هتفبرك صورها ولا هتعمل أي حاجة من الكلام ده! كل الموضوع أنك هتهددها بس مش أكتر وهي هتخاف وساعتها هتفركش كل حاجة مع العريس الجديد ده وهترجعلك.
هز أحمد رأسه هاتفا باعتراض موضحا من خلاله رفضه التام لهذه الفكرة التي يراها چنونية
لا يا مالك أنا مينفعش أعمل كده لأني مش عايز هبة تكون معايا وهي كارهاني وخاېفة مني.
مط مالك شفتيه وهز كتفيه قائلا بعدم اكتراث
خلاص براحتك بس ما تبقاش تزعل بقى لما تشوفها قاعدة في الكوشة جنب عريس الغفلة اللي اتقدملها ووافقت عليه.
ضړب أحمد يده بالحائط وهو يصيح بحزن
مش هقدر أستحمل أشوفها بتتجوز واحد غيري.
اقترب منه مالك وهمس بخبث وكأنه شيطان يوسوس في أذن إنسان ل
يريد أن يقوم بفعل خاطئ
هبة أكيد هتتضايق منك في الأول لما تهددها بس بعد كده هتهدى وتروق ووقتها أنت هتفهمها أنك كنت بتقول مجرد كلام وخلاص في لحظة ڠضب وأنك مستحيل هتنفذ أي كلمة من اللي قولتها.
وبالفعل استجاب أحمد لنصيحة مالك التي جعلته مچرما في نظر هبة وجميع المحيطين به.
دعت فادية الجميع لتناول الغداء في شقتها وبالفعل استجابت آية لطلب حماتها وكذلك لبى عمرو وزوجته الدعوة.
وضعت كل من آية ومروة الطعام على المائدة وهما تنظران إلى وتبعتها مروة التي انزلقت قدميها فجأة وسقطت أرضا بمجرد دخولها إلى المطبخ.
صړخت آية وتصنعت الصدمة وهي تتفقد مروة التي أطلقت صړخة مدوية بسبب الألم الفظيع الذي تشعر به أسفل معدتها
الحقيني يا ماما مروة اتزحلقت ووقعت على الأرض.
حضر كل من عمرو وفادية التي شهقت بعدما رأت الډماء التي لطخت ثياب مروة.
لم ينتظر عمرو سماع أي كلمة فقد قام بحمل زوجته والخروج بها من المنزل وهو يدعو الله أن يساعده في إنقاذ الجنين قبل فوات الأوان.
غادرت فادية المنزل واستقلت سيارة أجرة حتى تلحق بعمرو تاركة آية التي ابتسمت بتشفي وهي تنظر إلى أثار الصابون السائل الذي تعمدت وضعه على الأرضية قبل ثوان من دخول مروة للمطبخ حتى تحقق هدفها.
أحضرت آية قماشة قطنية ونظفت الأرضية بعناية شديدة حتى لا يشك بها عمرو بعدما يستفيق من صدمة خسارته للطفل الذي كان ينتظر قدومه بفارغ الصبر.
غسلت آية القماشة من أثر الصابون ثم سارت نحو الصالة وجلست أمام التلفاز وقامت بتشغيله على إحدى القنوات المشهورة بعرض الأفلام الأجنبية وابتسمت باستمتاع وهي تشاهد الفيلم الذي يتم عرضه على هذه القناة.
دلف عمرو إلى عيادة المستشفى وهو يحمل مروة التي تبكي بشدة واستقبلته الطبيبة التي تتابع معها الحمل برفقة بعض الممرضات فقد اتصل بها عمرو أثناء قيادته للسيارة وأخبرها بكل ما جرى.
وضع عمرو زوجته على السرير المتنقل وبالفعل تم أخذها إلى غرفة الفحص وهي تصرخ وتبكي من شدة الألم الذي تشعر به ېمزق جسدها.
مر وقت قصير قبل أن تصل فادية إلى المستشفى وتسأل عمرو عن وضع زوجته وكانت الصدمة بالنسبة لها عندما وجدته يبكي فهي ليست معتادة على رؤيته في هذه الحالة.
التزمت فادية بالصمت ولم تتحدث بعدما شاهدت حزن ابنها وبكائه فهي تقدر شعوره لأنها مرت من قبل بتجربة قاسېة عندما استيقظت من النوم على فاجعة مۏت ابنها ياسين.
خرجت الطبيبة بعد عشر دقائق من غرفة الفحص وأزالت قناعها الطبي وهي تهتف بأسف شديد
حاولنا كتير يا أستاذ عمرو بس مقدرناش ننقذ الجنين ربنا يصبركم ويعوض عليكم قريب إن شاء الله.
نهاية الفصل
عريس لقطة ... عنده 30 سنة وكان متجوز ومراته ماټت من سنتين ومعاه ولد صغير وحالته المادية كويسة وعيشته مرتاحه .
ترددت آمال في حديثها وهي تقول
ايوه بس يعني ابنه الي معاه ده مسؤلية وكمان بنتي أول جوازه لها تتجوز واحد سبق واتجوز ومعاه عيل .
رفعت شقيقتها والتي تدعى منال حاجبها الأيسر وهي تردد باستنكار
بقلك أيه يا آمال ياختي فكري في الموضوع وشوفي وضع بنتك .. متزعليش مني بس بنتك قطر الجواز عداها دي قفلت ال سنه مين بقى هيتقدملها ويكون أول جواز له ! أنا قلبي عليك وعلى بنتك الي لو قعدت تستنى العريس الي على هواها مش هتتجوز خالص وهتقعد جنبك بقية العمر .. التشرط ده كان بدري شوية من 4 سنين ولا حاجة لكن دلوقت خلاص بنتك بتلعب في الوقت الضايع ولو ملحقتش نفسها لما تتم ال مش هيبقى قدمها غير واحد طالع على المعاش ..
تغيرت معالم وجه آمال وکسى الحزن وجهها وهي تستمع لحديث شقيقتها الغير مراعي لشعورها ولكن شئ ما بداخلها يقر بصدق حديثها فكل ما قالته
↚
صحيح بشكل ما من سيتقدم
للزواج من إبنتها التي قاربت على الثلاثين ! عانس لقب أطلق عليها منذ أن تخطت الخامسة والعشرين لقب تستمع له من أحاديث الناس وتدرك جيدا ما يقولونه عن إبنتها التي فاتها قطار الزواج كما يقولون .. إبنتها التي أضاعت عمرها في الدراسة ولم تكن تهتم بأمر الزواج رافضة كل من كان يتقدم لها أثناء دراستها وما إن انتهت حتى أصبح من يتقدمون لها بعيدون كل البعد عن المواصفات التي تريدها .. فإما مطلق إما أرمل وربما معه طفل أو أكثر .. والشخص الوحيد الذي تقدم لها منذ عام وكانت أول زواجه له وبشكل عام لم يكن لديها اعتراض عليه لكنه أراد أخذها معه في هجرته لأحد الدول الأجنبية غير مهتما بمكانتها التي وصلت لها بعد سنوات من الدراسة والاجتهاد فأصبحت المديرة التنفيذية لأحد شركات الأدوية بعد تخرجها من كلية الصيدلة وحصولها على درجة الماجستير ومع جهودها ومهاراتها التي أظهرتها في عملها منذ بداية التحاقها للعمل بالشركة استطاعت في سنوات قليلة الوصول لمكانتها هذة .. لذا رفضته بالطبع متمسكة بما وصلت إليه من مكانة ..
خلاص يا منال هعرض عليها الوضع وأشوف ..
أنهت بها آمال حديثها مع شقيقتها التي رمقتها بنظرة أخيرة غير راضية بتفكير شقيقتها أستعطي ابنتها حق في الإختيار مرة أخرى !
وعلى باب الغرفة كانت تقف تستمع لحديثهما منذ البداية .. دلفت لغرفتها بعد أن عادت من عملها للتو .. أغلقت الباب وقذفت حقيبتها على الفراش وبدأت في خلع بذلتها النسائية بملامح واجمة لا توشي بشئ .. ولكن الحقيقة أن خلفها كل شئ .. خلفها حزن وحسرة و ألم .. وجميع هذة المشاعر لم تنتبها سوى من أحاديث الناس .. وكأن هم الدنيا ليس كافيا ليزيدونه بحديثهم الذي لا يرحم ..
ياسر ..
فتحت باب الغرفة لتجده واقفا أمام خزانة الملابس ينتقي منها بعض الثياب التف على صوت فتح الباب ليدهش من وجودها بينما اتجهت له سريعا وهي تردد بملامح قلقة
ياسر أنت كويس
ترك ما في يده وهو يلتفت لها مجيبا بهدوء
آه يا حبيبتي كويس أنت رجعت ليه
زفرت أنفاسها براحة وهي تهتف
عرفت أنك مش جاي الشركة قلقت عليك أنت عمرك ما خدت أجازة وكمان مقولتليش إنك مش هتروح رنيت عليك لقيت تليفونك مغلق قلقت أكتر فجيت .
معلش يا حبيبتي قلقتك أنا فعلا مكنتش ناوي أغيب بس عندي مشوار مهم لازم اعمله وافتكرته الصبح وتليفوني هتلاقيه فصل شحن مشحنتوش من امبارح بس مكنش في داعي ترجعي المشوار ده كله تاني .
طالعته بنظرات عاتبة وهي تردد
يعني قلقي عليك ميستحقش
إني أرجع أشوفك وأنا مش عارفة أوصلك وبعدين أنا معايا عربيتي هو أنا راجعة مشي .. لو مكنتش عارفة إن طنط هتسمعني كلمتين لو اتصلت وسألتها عليك كنت كلمتها .
في
شركته بفضل مجهودها وكل ما تحصل عليه تستحقه وبجدارة ...
هتف بهدوء
أنت عارفة ماما شايفة إن شغلك ملوش داعي وخصوصا إنك مصره تفضلي في وظيفتك القديمة وده بيضطرك تنزلي
قبلي بساعتين وأحيانا بترجعي بعدي .. متعرفيش هو مبهور بيك ازاي .
ابتسمت مرددة بصدق
أنا بجد بعتبره أخويا الصغير وبفرح أوي لما بييجي يحكيلي عن حاجه أو ياخد رأيي في حاجه محياره .
أردف بالأخيرة بتحذير لتضحك هي عاليا ثم رددت من بين ضحكاتها
إن كان هو 25 فأنا بلا فخر فاضلي كام شهر وأكمل ال ..يبقى أخويا الصغير ولا لأ! .. وبعدين غيرتك دي متبقاش منه ده أنت بتعتبره ابنك !.
ولو .. لحد مراتي واستوب ..بعدين يلا بقى عشان كدة هتأخريني ..هترجعي الشغل
نفت برأسها وهي تبتعد عنه لتسمح له بتبديل ثيابه وهي تجيبه
لأ معنديش حاجه مهمة النهاردة ومادام جيت بقى مش هرجع تاني ..
ايه رأيك بعد ماخلص مشواري أجي أخدك ونتعشى بره وكمان تعملي شوبينج بقالك فترة ما اشترتيش حاجه .
نفت برأسها بهدوء
مش محتاجة اعمل شوبينج .. أنت عارف إني مش مهووسه بالشړا ومادام مش محتاجه حاجه خلاص .. وبعدين ماأنت كل ما تشوف حاجه تعجبك تجيبهالي .
معنديش أغلى منك أجيبله يا زهرة .
التمعت عيناها بحب حقيقي وهي تنهي هندمة قميصه مرددة
أنا بحبك اوي يا ياسر وبحمد ربنا إنك كنت نصيبي الحلو الي متشالي .
أمسك كفيها ضاغطا عليهما برفق وهو يردد
وأنا بحبك أكتر .. ومعلش أنا عارف إن ماما بتضايقك كتير بس عشان خاطري متزعليش منها .
ابتسمت له بهدوء ظاهري قائلة
ولا يهمك يا حبيبي أنا مبزعلش منها ..
يعلم أنها كاذبة فكيف لها ألا تغضب من حديث والدته السام وإحراجها لها معظم الوقت ورغم أنه تحدث مع والدته كثيرا بخصوص هذا الأمر لكن لا يجدي الحديث معها نفعا ..
تنهد بضيق خفي وقال مبتسما
طيب يا حبيبتي اسبقيني على تحت عشان نتغدى مع ماما و سمية بما إننا اجازة النهاردة
.. واعملي حسابك لما ارجع من مشواري هنروح نتعشى بره .
أومأت باستسلام وهي تردد
حاضر ياحبيبي وأنا هكون جاهزة ..
وها هي والدتها تجلس معها بعد ذهاب خالتها لتحاول إقناعها بالعريس الجديد! وهي رغم علمها السابق لكنها تعاملت وكأنه لم تعرف شئ عن الأمر ..
متجوز وعنده ولد ! ده العريس الي جايبهولي يا ماما
أرمل مش متجوز في فرق ..
وبعدين يا حبيبتي ايه العيب في كونه كان متجوز قبل كده أو إن عنده
لمعت عيناها بلمعة حزينة يائسة وهي تردد بنبرة توارى الحزن بين طياتها
لا ياماما .. أنا مش معترضه عشان كده .. أنت مش ملاحظة إن معظم العرسان الي بقيت تكلميني عنهم يا أرمل يا مطلق ! وده طبعا عشان أنا عنست ومحدش هيبصلي لو أول مرة يتجوز إلا لو كان سنه كبير مش كده
نفت برأسها وهي تهتف بتلعثم طفيف
لأ ... مين قال كدة ! أنت مكبرة الحكاية و...
↚
قاطعتها وهي تقف متجهة للنافذة الموجودة بغرفتها لتنظر منها تراقب سير الناقلات بالخارج وسير البشر كلا سابحا في ملكوته تعلقت عيناها بهرة تمشي ببطئ يبدو أن قدمها مصاپة حتى أنها جلست بعد عدة خطوات متسطحة فوق الأرضية تطالع ما حولها بعجز وكأنها تنادي بالخفاء لينقذها أحد خاصة مع تعلق عيناها بصندوق القمامة البعيد فيبدو أنه وجهتها المعنية .. تمتمت بحزن شارد
مش ده الي خالتي قالتهولك .. قالتلك بنتك كبرت ولو فضلت مستنية عريس على مزاجها يبقى هتقعد جنبك بقيت العمر وإن محدش هيتقدم لواحدة في سني إلا لو كان عنده عله ..
رددت الأخيرة بنبرة خاڤتة أثارت ضحكة ساخرة ظهرت على
ثغر الأخيرة
دون أن تلتفت .. فيبدو أن والدتها العزيزة لم يطاوعها لسانها لقول جملتها الكاذبة الأخيرة !!..
أنا هتشل بقى ابني يتجوز واحدة داخله على الثلاثين ! لا وفرحان بيها أوي أنا نفسي أعرف هي سحراله !
عادي يعني يا ماما ما هو برضو عنده 32 يعني أكبر منها ..
ثارت والدتها من حديث إبنتها التي دوما ما تتخذ صف زوجة أخيها فهتفت بحنق
هو راجل يا حبيبتي إنشاالله يكون 40 بعدين ما طبيعي يكون أكبر منها ولا كنت عاوزاها تكون أكبر منه كمان ! بعدين بقالهم سنة اهو ومحملتش تقدري تقوليلي هتحمل امتى وهي أصلا فرصها في الحمل قليلة ! .
زفرت أنفاسها بضيق وهي تقول
و ياسر
عارف كده وراضي هو حر يا ماما تحمل ما تحملش دي حياتهم هما ..
بت أنت قومي من وشي كلامك بيعفرتني ..
هتفت بها بضيق وهي تشيح بنظرها عن إبنتها التي لا يجدي الحديث معها نفعا ..
عاد صوت والدة زوجها يصدح وهي تقول
مش كفاية أنه مأمنلها على الشغل وقال ايه مش موافقة على تريقتها وعاوزه تفضل في وظيفتها القديمة ..عارفه كل ده لعب منها بكرة تتدحلب لحد ما تاخد مكان أخوك وتبقى رئيسة مجلس الإدارة والعبيط التاني بقوله كده من كام يوم عشان
أنوره يقوم يقولي ياريت عالأقل تشيل الهم من على كتافي أنا أصلا حابب أكون موظف عادي بعيد عن المسؤليات وهمها .. شوفتي أخواتك ! .. واحد أهطل ومش فارق معاه حاجه والتاني بيحبها وواكله بعقله حلاوة .. بكرة تكون هي الكل في الكل وهم ولا لهم بالغ
ياسر .. خلاص عشان خاطري بلاش مشاكل أنت آخر مرة كلمتها اټخانقتوا وفضلت تقول إنك بتزعقلها عشاني .
جملة واحده خرجت من بين شفتيه ...بنبرة جامدة حادة جعلتها تتراجع في وقوفها أمامه حين قال
أوعي يا زهرة ..
ابتعدت مرغمة لأنها تعلم حالته هذة جيدا .. فياسر رغم كل خصاله الجيدة إلا أنه في غضبه لا يراعي أحد .. وهذا أكثر ما تخشاه حاليا ...!
أتمنى تكوني خلصت كلام في سيرتي أنا و مراتي .
ايه الډخله دي يا ياسر ! وسيرتك ايه أنت ومراتك الي بجيب فيها
رفع حاجبه باستهجان وهو يشير لها بيده مرددا بسخرية
والله إجابة سؤالك عندك مش عندي .. أنا سمعت كلامك ومستني أعرف امتى هتقتنعي إن حياتي دي تخصني أنا ومسمحش لحد يدخل فيها حتى لو كان أنت يا ماما .
وقفت متحفزة بجسدها حين رأت دلوف زهرة للغرفة فاستشاطت وهي ترى إبنها يتحدث معها ويحاسبها أمام تلك الغريبة الغير مرغوب في تواجدها بالمرة فهتفت بضيق
بتتدخلي في حياتي
!!.
هتفت سمية بضيق من حديث والدتها التي لا تراعي وجود زوجة شقيقها
خلاص يا ماما مفيش داعي للكلام ده !.
الټفت لها باهتياج وهي تردد
ليه يا عنيا خاېفه على أحاسيسها ماهي عارفة إني مش موافقة من الأول على الجوازه دي ولا عشان أول مرة أقولها في وشها ...
الټفت ل زهرة وهي تسألها بسخرية
ولا ايه يا ..يامرات ابني مش أنت برضو عارفة إني مجبرة اتقبلك عشان ابني .
أجلت حنجرتها من غصة البكاء التي تتملكها وهتفت بدموع محتجزة في
عيناها
هدأت نبرتها وهي تجيبها بضيق
عشان من أول ما قالي عليك وعلى وضعك وأنا قلتله لأ من البداية قلتله شوفلك حد تاني يكون مناسب أكتر .. واحدة من مستوانا ومن طبقتنا .. واحدة تكون صغيرة متكسفش أعرف عليها معارفي .. أنت عارفة كام واحده من معارفي قالولي ليه ابنك أتجوز واحده كبيره كده مش كان أولى يتجوز شابة صغيرة ..
ماما !..
أنت عاوزه مني ايه ليه مش عاوزه تسبيني في حالي وتخليني أعيش حياتي الي اخترتها بسلام .. الناس الي بتقولي بيتكلموا عليها دول ميعرفوش سنها أصلا عشان يتكلموا ومعتقدش أنها باين عليها الكبر للدرجادي ...بس أنت الي ماشية تقولي أنها كبيرة وعانس ومكنتش لاقيه الي يتجوزها مش صح
توترت ملامحها وهي تستمع لسؤاله ولم تجيبه ليكمل بنبرة مټألمة
حتى لو مش حباها ورافضة وجودها المفروض كنت تتقبليها عشاني عشان سعادة إبنك عشان
↚
متنكديش علي عيشتي زي ما بتعملي من وقت ما خطبتها لكن ازاي أنت متقدريش تتنازلي عن كرهك ليها مقابل حبك ليا ..
في ايه
رددها عادل الذي دلف للتو مستغربا من صوت أخيه العالي لم يجيبه ياسر وهو يكمل
مش عاوزاها في البيت يا ماما مش كده
وصمتها كان إيجابة واضحه له فتنهد بقوة قبل أن يقول
حاضر يا ماما أنا همشيهالك من البيت خالص يمكن ترتاحي .
أنهى حديثه خارجا من الشقة تاركا تلك التي ابتهج وجهها واتسعت ابتسامتها وهي تستمع لحديث ولدها الذي يعلن بقرب زوال تلك المصېبة التي وقعت فوق رأسهم انتبهت لنظرات أولادها لها فهتفت بضيق
في ايه بتبصولي كده ليه
هتف عادل بعتاب
ليه كده يا ماما ليه مصممة تبوظي حياتنا ليه مش عاوزه تسبيه يعيش مع مراته الي بيحبها في هدوء ليه
كل الي بتعمليه ده هتستفيدي ايه .
أنا معملتش حاجه .
ابتسم ساخرا وهو يكمل
أنت فاكره إن ياسر هيطلع يمشي زهرة لوحدها
تجمدت ملامحها وهي تردد بقلق
قصدك ايه
هز رأسه بيأس وهو يجيبها
نفت برأسها پذعر وهي تردد
لأ لأ ياسر مش هيمشي ويسبني عشانها .
ارتفع صوت عادل قليلا بضيق وهو يهتف
ياماما افهمي بقى ياسر مش هيخرب حياته عشانك خصوصا ومراته معملتش حاجه مش هيمشيها ويبعد عنها وهي مأذنبتش .
جلست على الأريكة خلفها پصدمة وهي تهز رأسها بنفي ترفض فكرة أن يبتعد ولدها عنها من أجل زوجته !..
أنت ساكته ليه يا زينب
ابتسمت بتوتر طفيف وهي تهتف
أبدا ..بسمعك .
أومئ موافقا وهو يكمل
ايه رأيك في كلامي
يعني معنديش تعقيب عليه ... بس حابه أعرف ايه المطلوب مني
مش مطلوب منك حاجه غير إنك تهتمي بإبني وتعامليه كأنه ابنك وتاخدي بالك مني ومن البيت .. اعتقد ده الطبيعي يعني .
أومأت برأسها متفهمه وهي تقول
فاهمة طبعا بس يعني بالنسبى لشغلي ا...
قاطعها وهو يردد
لا مش هينفع شغلك .. ثم إنك مش هتحتاجيه يعني أنا حالتي المادية كويسه جدا وكمان هيبقى صعب تشتغلي وتهتمي بالبيت وبإبني خصوصا أنه لسه بيبي يدوب سنتين ومحتاج رعاية .
اقتضبت ملامحها وهي تردد
بس أنا مش هسيب شغلي أنا مديره تنفيذيه فاهم يعني ايه يعني مكانه عمري ما هعرف أوصلها تاني أنا سنين عمري الي فاتت كلها كانت فالدراسة والماجستير .. الي بسببهم أنا بقيت في وظيفتي دي في عمري ده عاوزني بالسهولة دي أسيب شغلي !.
هتف بتوضيح
لو فضلت في شغلك مش هتعرفي تاخدي بالك من ابني ولا من البيت طفل عنده سنتين هتسبيه لمين
تسائلت باستغراب
وأنت بتسيبه لمين دلوقتي
لخالته لحد ما بخلص شغل
واروح اخده بس لما
اتجوز مش هيجيلي عين أطلب منها تاخده وهي عارفه إن سبب من أسباب جوازي هو إني اجيب أم لإبني .
تنهدت بهدوء وهي تقول
حقك تطلب واحده متفرغة لإبنك بس أنا كمان حقي أبدي رغبتي في تمسكي بشغلي .
ومع إصرارها على موقفها وإصراره المماثل وعدم استطاعتهما التوصل لحل وسط كان ينتهي اللقاء بكلمات مجاملة مقتضبة ..
ها يا حبيبتي ايه الي حصل
أردفت بها آمال بلهفة ما إن ذهب الأخير لتجيبها زينب بهدوء بالغ
محصلش نصيب يا ماما .
أنهت حديثها تاركه والدتها التي أحبطت ملامحها وقد خاب أملها بإكتمال الزيجة هذة المرة أيضا دلفت لغرفتها وألقت ذاتها على الفراش بإرهاق وعقلها يدور بتفكير لم لا يتوافق طموحها مع مستقبلها لم لا يمكنها التوفيق بين الزواج والإستمرار في عملها الذي
أخذ الكثير من الجهد للوصول له .
كتمت شهقاتها حين شعرت بفتح باب الشقة ومسحت دموعها سريعا لا تريده أن يرى تأثير حديث والدته عليها حديثها الذي أصاب قلبها ببراعة مفشيا فيه الكثير من الألم وقفت تنظر له بهدوء حين أصبح أمامها ولم يخفي عنه إحمرار أنفها وعيناها لكنه تجاهلها متجها لغرفتهما لتتبعه بعد ثوان باستغراب دلفت لتجده واقفا أمام خزانته يخرج ثيابه
يضعها في الحقيبة الكبيرة الموضوع فوق الفراش اقتربت منه باستغراب قلق وهي تسأله
ياسر بتعمل ايه
ياسر رد علي بتلم هدومك ليه
رد بنبرة جامدة
هنمشي من هنا .. هنروح شقتنا .
اتسعت عيناها پصدمة فقد حدث ما خشته وسيبتعد عن أهله بسببها فتحت فمها تنوي الحديث لتجده يزيحها من أمامه وهو يردد بحدة
مش عاوز أسمع كلمة منك .
هتفت بتردد
اسمعني بس ا...
قاطعها بحدة وهو يلقي قميصه في الحقيبة
أنا قولت مش عاوز أسمع صوتك يا زهرة كفاية إنك أنت السبب في الي احنا فيه .. أنت الي أصريتي نيجي نعيش هنا ونسيب شقتنا قولتيلي بلاش تبعد عنهم في أول جوازك عشان والدتك متفكرش إن ده رغبتي وإني السبب في بعدك عنهم وعشانك أنت وافقت وجيت هنا ومن يوم جوازنا واحنا مرتحناش مشاكل وخلافات وقرف مرتحتش يوم من ساعة ما تجوزنا ... بس خلاص مش ناوي أضيع باقي حياتنا في القرف ده كفاية السنة الي عدت .
أنهى حديثه مستكملا ما يفعله فحاولت إقناعة بالعزوف عن قراره
ياحبيبي مامتك أكيد هييجي يوم وتعرف إن الي بتعمله ده غلط وملوش داعي وهتبقى كويسة معانا .
حدجها بنظرة ساخرة دون رد فهو أكثر من يعرف والدته ويعرف جيدا
أنها لن تتراجع عن رأيها في زوجته ..
هتفت باقتراح ما إن رأته لا يهتم لحديثها
ايه رأيك أروح اقعد عند ماما كام يوم لحد ما مامتك تهدى و..
اطلعي بره .
هتف بها بعصبية واضحة وهو يضرب الخزانة بيده فانتفضت على صراخه بها تنظر له بعدم استيعاب لثوان ثم قالت بتردد
ياسر أنا مش همشي من هنا مادام مش هروح لماما مش هروح في حتة .
الټفت لها بأعين كادت تخرج من مقلتيه وصړخ بها بنبرة أعنف
اطلعي برة يا زهرة عشان مزعلكيش .
انتبهت لخروجه بعد دقائق يسحب حقيبة الملابس الكبيرة خلفه لتقف بتوتر تطالعه بترقب أوقف الحقيبة ووقف بملامح مبهمة ثم هتف
لآخر مرة هسألك يا زهرة هتيجي معايا ولا امشي أنا
طالعته بتيه وهي تسأله
↚
أنت ممكن تمشي من غيري
امتعضت ملامحه وهو يجيبها
مش هغصبك تيجي معايا لو مش حابه بس أنا تعبت من المشاكل ومش مستعد اتحمل أكتر أنت حابه تفضلي براحتك ..
اتسعت عيناها پصدمة لحديثه لم تتوقع أنه مستعد للإبتعاد دونها يخيرها إن كانت ستذهب معه أم لا وكأن ذهابها من عدمه لن يفرق معه فقد اتخذ قراره وانتهى الأمر !!..
مش هغصبك تيجي معايا لو مش حابه بس أنا تعبت من المشاكل ومش مستعد اتحمل أكتر أنت حابه تفضلي براحتك ..
اتسعت عيناها پصدمة لحديثه لم تتوقع أنه مستعد للإبتعاد دونها يخيرها إن كانت ستذهب معه أم لا وكأن ذهابها من عدمه لن يفرق معه فقد اتخذ قراره وانتهى الأمر !!..
اذدردت ريقها ببطئ وهي تطالعه بصمت لثوان ثم قالت
هاجي معاك .. هجهز شنطتي .
أنت كنت مجهزها
أومئ بانشغال وهو يغلق أنوار الشقة
يشير لها بالخروج بعد أن
أخرج الحقائب
قولت أشوف عندك آخره ايه .
خرجت بملامح مندهشة من تفكيره ووقفت على مقدمة الدرج تنتظره حتى أغلق باب الشقة وهو يقول
هنجيب باقي الحاجة بعدين .
حمل الحقيبتان وترجل الدرج تتبعه هي بعدم رضى داخلي لكن استسلمت لإصراره على الرحيل .. بهتت ملامحها وهي ترى والدة زوجها تخرج من شقتها تقف أمام ولدها بملامح مصډومة وهي تسأله پذعر
اي الشنط دي يا ياسر
أجابها بهدوء تام
شنطنا ... مش قولتلك هطلع امشيها .. لتكوني فكرتي إني همشيها واقعد !
تلجلجت في حديثها وهي تقول
يابني أنا مقولتلكش تمشيها .. أنت الي قولت..يعني الي بينا عادي وبيحصل في كل بيت متكبرش الموضوع.
نفى برأسه وهو يهتف بجدية
لا ياماما .. الي بيحصل ده مش عادي وأنت عمرك ما هتتقبليها أنا عارفك كويس وتعبت من المشاكل ووقوعي بينكوا في كل مشكلة مش عارف اراضي مين وأجي على مين اريح لنا كلنا البعد وكده كده هجيلك وهكون معاك وقت ما تحتاجيني بس إني أعيش بمراتي بره ده أفضل لينا كلنا .
تمسكت بذراعه وهي تهتف بنفي وقد بدأت في البكاء
لأ لأ يا ياسر مش هتمشي..هتسيب أمك عشان مراتك هتبعد عني عشانها وهتسمحلها تاخدك مني !..
هز رأسه بيأس وهو يقول
شوفت بقى إن طول الوقت هتكوني حطاها في دماغك ومعتبراها ند ليك هتاخد منك ابنك وهتقسيني عليك .. عرفت إن وجودكوا مع بعض في بيت واحد مينفعش.. ماما لو سمحت سبيني ابعد على فكره أنا من الأول كنت هقعد في شقتي لولا إن هي الي أصرت نيجي نقعد مع حضرتك عشان متزعليش وتفكري إنها السبب في بعدي عنك ومع ذلك شايفاها وحشة .. وعمرك ما هتشوفيها غير بالصورة الي أنت رسماها ليها مهما عملت .
ممكن ادخل
هتف بها مسعد وهو يقف على باب
غرفة ابنته الشاردة أمام النافذه فالټفت على صوت أبيها لتهتف بإبتسامة واسعة
اتفضل يابابا .
دلف للداخل وجلس فوق الفراش لتتبعه سريعا تجلس جواره فبدأ حديثه يقول
جيت من الشغل لقيت أمك بتقولي إن العريس معجبكيش .. قولتلها أحسن برضو أنا مكنتش موافق أصلا بس حابب أعرف السبب منك .
تنهدت تسرد عليه مقابلتها لذلك الرجل وما إن انتهت حتى أكملت
ليه مينفعش أتمسك بشغلي واتجوز ! ليه مش زي باقي البنات الي بتتجوز وهي بتشتغل عادي ! .
أجابها مسعد بتوضيح
عشان أنت مش موظفة عادية أنت مديرة وكل الي بيتقدمولك أقل منك وبيقلقوا إنك بعدين تتنطتي عليهم بوظيفتك معظم الرجاله يابنتي ميحبوش إن مراتهم
تبقى في وظيفه أعلى منهم .. وللأسف كل الي اتقدمولك من المعظم دول ..
نظرت لوالدها بحيرة وهي تردد بوهن
وأنا المطلوب مني ايه اعمله أتنازل عن وظيفتي عشان اتجوز !
نفى برأسه وهو يربط بكفه على ذراعها
زي ما أمك قالت احنا مش عايشين العمركله وهييجي يوم وتلاقي نفسك لوحدك
..
التف ل آمال يكمل حديثه بجدية
وساعتها يا أم زينب جوزها نفسه مش هيسندها ولا مضمون ولو في يوم جه عليها وحبت تبعد هتلاقي نفسها مش عارفه تسند حالها ولا لاقية اللقمة تاكلها ويمكن ده يخليها تطاطي لجوزها وتكمل معاه .. الي هيسندها بجد شغلها ومكانتها والبيت ده هم الي هيحموها من غدر البشر .. أنت ضامنه جوزها ده يبقى ايه ولا خصاله ايه !
أعاد وجهه ل زينب مكملا
اثبتي على موقفك يابنتي وأعرفي إن الجواز نصيب زيه زي كل حاجه في حياتنا ولو نصيبك متتجوزيش يبقى ساعتها تقدري تسندي نفسك وترضي بنصيبك .
ابتسمت لأبيها بإمتنان وهي تومئ له موافقة على حديثه ليبادلها الإبتسامة قبل أن ينسحب للخارج هو ووالدتها وما إن خرج حتى هتف بحدة
آمال الي قولتيه جوه مسمعوش تاني .
حاولت التبرير وهي تقول
أنا بس ..
قاطعها بنبرة
حادة
سمعتي أنا قولت ايه ...
أومأت برأسها
موافقة وهي تتجه للمطبخ لتكمل إعداد الطعام ..
محتاجه حملة نضافة للصبح دي .
بقالها سنة مقفولة طبيعي يعني .
ردد
↚
جملته وهو يضع هاتفه فوق الطاولة وتبعها فتحه لأحد الحقائب وإخراجه لثياب له ثم أردف بمرح
تعالي بقى طلعيلك حاجه لزوم الشغل .
أنت هتغير مش هتنزل الشغل
تسائلت بها وهي تتجه لحقيبتها ليجيبها بهدوء
لأ عندنا تنضيف مش فاضي .
وقفت تطالعه بإندهاش وهي تردد
أنت هتنضف معايا بجد
اعتدل بعد أن التقطت ثيابه وهو يجيبها بتأكيد
طبعا .. اومال هسيبك في الشقة دي كلها تنضفيها لوحدك ! معنديش ډم للدرجادي !.
ايوه يا حبيبي بس الشقة مبهدلة وهتتبهدل تراب غير إنها محتاجه مجهود .
أردف بسخرية
ويعني أنت مش هتتبهدلي تراب وهتبذلي مجهود ! ايه الفرق بقى ! يلا هروح أغير وأنت غيري عشان نبدأ .
ا .
أكدت على حديثه وهي تردد
طبعا مش هنحتاج أنا جهازي كله هنا والفرش الي اشتريناه سوا قبل الجواز برضو هنا ... بصراحه كان عندك حق لما فرشت الشقتين .
عشان تعرفي .. كنت معارضاني أنت وعماله تقوليلي مصاريف على الفاضي .
كنت فاكره إننا مش هنحتاج للشقه هنا .
هز رأسه وهو يجيب بسخرية مبطنه
أنا بقى كنت واثق إننا هنحتاجها .. بقلك ايه هقوم اطلب دليفري وبعدها ادخل استحمى واغير هدومي وبكره نكمل بعد الشغل ومش ضروري تيجي أنت عشان متبقيش تعبانه لما نييجي ننضف .
أومأت وهي تنهض معه مرددة
ماشي وأنا هروح أطلعلك هدوم وبكره هبقى اتسلى كده في التنضيف لحد ما تيجي .
متفكريش في حاجه يا زهرة .. احنا خلاص ارتاحنا وحياتنا إن شاء الله هتبقى هادية ومستقرة .
أتاه صوتها الحزين وهي تسأله
ليه مفضلناش هناك وقدرنا نتفاهم مع مامتك ونبقى عيلة واحدة أنا مكنتش اتمنى إنك تسيب أهلك يا ياسر .
تنهيدة قوية صدرت منه قبل أن يقول
ولا أنا يا زهرة كنت اتمنى بس مش كل الي بنتمناه بيحصل هي دي الدنيا .. ومين عالم يمكن في يوم أمي تعرف إنك مش وحشة زي ماهي شايفة وتفهم إنك أحسن اختيار اختارته في حياتي
وأنت أعظم اختيار يا ياسر وهفضل أقول إنك عوضي الحلو .
كانت أحسن صدفة في عمري يوم ما اشتغلتي في شركتي وشوفتك .
التاسعة صباحا ..
كيف لها أن تتأخر على عملها لهذا الحد ساعة بأكملها تأخير منذ متى وأنت تتأخرين عن عملك يا زينب هذا ما كانت تحادث به ذاتها وهي تركض في أرجاء الغرفة حتى انتهت من ارتداء ثيابها والتقطت حقيبتها تسرع للخارج وقبل أن تصل لباب الشقة استمعت لصوت والدتها يصدح من خلفها
استني يا زينب افطري .
رددت باستعجال
معلش يا ماما متأخره افطروا أنتوا .
وصلت للشركة التي تعمل بها أخيرا لتلتقط أنفاسها بصعوبة فقد وصلت في
تمام التاسعة وخمسون دقيقة جلست في غرفة مكتبها تتابع الأعمال لتدلف لها السكرتيرة الخاصة بعد ساعة تطلب منها الذهاب لمدير الشركة
لأنه طلبها في أمر هام ..
قطبت حاجبيها باستغراب فلم تتعامل من قبل معه رأته مرة تقريبا أثناء اجتماع لجميع المسؤلين في الشركة ولم تراه من حينها فجميع تعاملاتها مع نائب رئيس مجلس
بلونها الجذاب وشعرها الأسود الذي جمعته على
هيئة كعكة فوق رأسها مع القليل جدا من مستحضرات التجميل وحددت عيناها البنية بكحل أسود رسم بإتقان رغم بساطة ملامحها إلا أنها جميلة وجذابة بشكل ما خاصة مع بشرتها المائلة للخمرية تنحنح بهدوء حين لاحظ إطالة تحديقه بها وأخفض عيناه الخضراء التي تشبه غابات الزيتون وهو يردد بهدوء
اتفضلي يا ...
صمت وهو يحاول تذكر اسمها لتجلس وهي تردد بنبرتها الهادئة
زينب سعد .
رفع نظره لها وردد بابتسامة
اتشرفت يا دكتورة .. طبعا ده أول لقاء لينا وأكيد مستغربة إني طلبتك .. أولا أحب أعرفك بنفسي .
أكمل حديثه مشيرا على اللافتة الصغير الموضوعة على المكتب أمامه
أنا دكتور ياسر الدميري مدير الشركة ..!
أنا ياسر الدميري مدير الشركة ..
أومأت بابتسامة مرددة
غني عن التعريف يافندم .
بادلها ابتسامة طفيفة وهو يقول
كنت طلبت من عادل أخويا يدورلي على موظف من الي عندنا يكون عامل دراسات عليا في المواد الفعالة فيه في دماغي فكرة لتصنيع دوا جديدة وهحتاج أعرف أدق التفاصيل عن المواد الفعالة في التركيب الجديد وعادل شرحك ليا وقالي إنك عاملة ماجستير في المجال ده .
أومأت بتأكيد وهي تقول
ايوه وحضرتك تقدر تسألني عن اي حاجه وأنا هجاوبك وممكن برضو تعرضلي التركيب الي في دماغ حضرتك وأقولك رأيي فيه .
وبعد نصف ساعة كاملة من الحديث كانت ابتسامة راضية ترتسم على ثغر ياسر وهو يردد
ترشيح موفق جدا من عادل بجد مبهور بكمية المعلومات الي عندك .
ابتسمت تردد
أنا قعدت 4 سنين مبعملش حاجه غير إني بتعمق في دراسة المواد دي وغالبا قرأت معظم الرسايل والأبحاث الي اتعملت عنهم .
ردد بإعجاب
هايل هتفديني كتير الفترة الجاية .. ايه رأيك تشتركي معايا في التركيبه الجديدة
اتسعت عيناها بذهول وهي تسأله
بجد !
ايوه متفاجئه ليه
ذمت شفتيها قليلا بحيرة وأردفت
اعذرني بس .. يعني دايما أصحاب الشركات بيفضلوا يعملوا التركيبة لوحدهم عشان تبقى بإسمه هو بس وده بيضيف لإنجازاته المهنية وبيرفع من شركته فإن حضرتك تعرض عليا أشاركك فيه حاجه غريبة .
ضحك بخفوت وهو يردف
لأ أنا مش أناني .. ومعنديش أي مشكله إن اسمك يتكتب مع اسمي وفي النهاية الدواء بيخرج بإسم الشركة وبالنسبة لسي في الإنجازات فأنا الموضوع ده مبيشغلنيش أهم حاجه عندي المصلحة العامة .. إلا بقى لو أنت حابه يكون اسمك لوحدك .
أردف الأخيره بمرح
لتجيبه مبتسمة بمرح مماثل
لأ أنا مش أنانية ..
أسبوع كامل مر دون جديد ..
زهرة وياسر استقرت حياتهما بشكل كبير بعد ابتعادهما عن والدته وللآن حياتهما خالية من المشاكل منذ ابتعدا عن بيت العائلة ..
سارت في طرقات الشركة وهي تحمل الأوراق بين يديها تتابعهما بتمعن حتى شهقت بخضة حين اصطدمت بشخص ما .. رفعت عيناها تقابل من اصطدمت به لتجده شاب يبدو في أوائل العشرينات هذا ما رجحته وسيم إلي حد ما بشعره الأسود وعيناه البنية وبشرته القمحية المناسبة تماما لملامحه رددت بحرج
أنا آسفة مكنش قصدي.
تعلقت عيناه بها لا يدري ما الذي يجذب بها تحديدا لكنه شعر وكأنه يود النظر لها لوقت طويل دون ملل تنحنح بارتباك حين لاحظ نظراتها
↚
المستغربة لصمته وقال بابتسامة صغيرة
أبدا ولا يهمك بس كان ممكن تقعي لو مكنتش خدت بالي على آخر لحظه .
رفعت حاجبها باستهجان مرددة
ده إن دل على شئ يدل على إنك مكنتش مركز برضو يعني مش غلطي لوحدي .
ضحك بخفوت مرددا بمرح
أنا وقعت بلساني ولا إيه ! عموما أنا كمان آسف .
ابتسمت بهدوء مرددة
حصل خير يا دكتور .
بالمناسبة أنا دكتور عادل الدميري .
تصلبت ملامحها بدهشة لثواني قبل أن تردف بتفاجئ
رئيس مجلس الإدارة !.
أومئ بتأكيد وهو يقول
شكلك أول مرة تشوفيني
ايوه فعلا أصل أنا دايما تعاملي مع نائب حضرتك أو مدراء الأقسام .. أنا زينب سعد المديرة التنفيذية .
هتف بإدراك
آه .. أنت الي رشحتك لدكتور ياسر .
أومأت بتأكيد وهي تهتف
بالضبط .
مش متخيله ياسر شكرني ازاي على اختياري ليك واضح إنك عجبتيه جدا .
طالعته بصمت ليكمل هاتفا بتوضيح
طبعا اقصد شغلك
.
أومأت برأسها متفهمة
أكيد طبعا فاهمة .. عموما أنا كمان محتاجه أشكر حضرتك على الفرصة دي .. بعد اذنك .
اتفضلي .
رددها بهدوء وهو يتابع ذهابها بأعين مهتمة لا يعلم لم شعر بنفسه قد أنجذب لتلك الفتاة من مجرد حديث معها !!.
بس أنا شايفه لو قللنا النسبة شوية من مادة هيبقى أفضل عشان متسببش آثار
جانبية كبيرة .
هتفت بها زينب وهي تجلس أمام ياسر المستمع لها بإهتمام في الأيام السابقة يقضون أكثر من ساعتان يوميا في البحث والتجربة لتحضير التركيبة الجديدة التي يريدونها ... ولعل ما يقلقها ما بدأت تشعر به تجاهه في الأيام التي اختلطت به فيهم .. بدأ يشغل تفكيرها بشكل كبير وهذا بداية غير مبشرة بالمرة ..
دكتورة زينب
انتبهت على هتافه فنظرت له بانتباه ليكمل
روحت فين
نفت برأسها مرددة
لا أبدا معاك ..
وقد كانت معه بالفعل بعقلها وأذنها وقلبها الذي بدأ يغزوه مشاعر جديدة
عليها لم تشعر بها من قبل ولكنها تشعر
بأن ما تفعله خطأ فادح ولا تعرف سبب شعورها بهذا .
منذ الصباح وهي تشعر ببعض التعب الذي يزعجها بحق .. بعض التقلبات بمعدتها مصاحبه بدوار طفيف يجعلها غير قادرة على حفظ توازنها بالكامل .. زفرت بضيق حين استمعت لرنين جرس المنزل فهي ليست قادرة على النهوض من الأساس لكنها نهضت بصعوبة لتفتح الباب .. صدمت ملامحها حين رأت والدة زوجها أمامها .. دلفت الأخيرة دون استئذان خطوتان قبل أن تسقط أرضا بضعف وقبل أن تغيب عن الوعي سمعت صوت والدة زوجها تهتف بإسمها بفزع وتحاول تحريكها ..
فتحت عيناها بعد مدة لا تعلم عددها لتسمع صوت لم تتبين هوية صاحبه ولكن بعد ثانيتان فقط استطاعت إدراك هوية المتحدث فقد كانت زوجة والدها تتحدث في الهاتف مع أحد لا تعلم هويته
بقولك اقفلي دلوقتي هكلمك بعدين .
كانت تستمع لحديثها بقلب يغلي بنيران الكره التي تولدت في هذة اللحظة تحديدا تجاه هذة المرأه تريد أن تحرمها من طفلها الذي انتظرته كثيرا والذي من الممكن أن يكون فرصتها الأخيرة ولا تعرف كيف أو متى نفرت عروقها واندفع الډم بأوردتها بتحفز وهي تشعر أنها لا تريد شئ
سوى الإنقضاض على هذة الشمطاء دون حسبان لأي شئ .
اقتربت منها تهتف بابتسامة سمجة
حمد الله على السلامة يامرات ابني .. كدة تخضيني عليك .
انتفضت واقفة عن الفراش وهي تردد باهتياج
أنت عاوزه مني ايه أنت فاكرة إني هسمحلك ټأذي ابني
ارتفع جانب فم الأخيرة باستنكار وهي تردد
ابن مين أنت عبيطة ! أنا مش فاهمة حاجة .
هتفت پغضب بالغ
أنت سمعتي قلت ايه ويلا بره .
شهقت پعنف وهي تشيح بيدها بحركات سوقية منفعلة
بره ! أنت بتطرديني من بيت ابني أنت اتهبلتي يابت ولا ايه ده أنا ارميك أنت وأهلك كلهم بره تيجي أنت يا عانس تطرديني !.
حسنا لهنا ويكفي هذا ما رددته بداخلها قبل أن تمد يدها تمسك بذراع الأخيرة وهي تجذبها للخارج حتى وصلا للردهة وهي تحاول التملص منها وبالأخير نجحت لتدفع زهرة پعنف وهي تصرخ بها
مش هسيبك ټموتي ابني مش هسمحلك تأذيه ..
صړخت الأخيرة بقوة وهي تحاول التملص منها تشعر بأن نفسها يتناقص بسبب جثوم الأخيرة فوق صدرها
ابعدي ..ابعدي هتموتيني يا مچنونة أنت .
فتح باب الشقة سريعا حين وصله الصړاخ من الخارج ليصعق حين وجد والدته أرضا وزهرة تجثم فوقها بشكل أفزعه .. صړخ بقوة هادرا بإسمها وهو يركض لهما
زهرة ! .
ركض لهما حتى أصبح جوارهما ليحاول جذب زهرة من فوق والدته وبصعوبة استطاع رفعها عن والدته لكنها لم تكف محاولاتها عن الوصول لوالدته مرة أخرى
كان هذا
↚
أول سؤال هدرت به بعدما استفاقت من صډمتها ووقفت تواجه الثائر الذي أمامها والذي هتف
آه لو فكرت ترفعيها على ماما تاني أنت اټجننتي يازهرة بتضربيها ! .
أشاحت بيدها بعصبية خلفه
ابنك ايه يا مچنونة أنت فين ابنك ده
اقتربت خطوتان حتى أصبحت أمام ياسر لتسرد ما حدث بدموع متساقطة
أنا كنت تعبانه وبعدين لقيت الجرس بيرن وكانت هي ومجرد ما فتحتلها وقعت ومحستش بنفسي غير وأنا سمعاها بتتكلم في
التليفون مع حد وبتقوله إنها هتسقطني ومش هتسمح إن يبقى عندي طفل منك يربطني بيك .
ثارت والدته وهي تردد بأعين متسعة
كدابه .. كدابه أنا جبتلها دكتور لما وقعت وقالي إنها نازلة برد هي مش حامل أصلا... والله العظيم يابني ده الي حصل .
نقل أنظاره بينهما لا يعرف من منهما الصادق ومن منهما الكاذب ليصمت ثواني بتفكير قطعه صوت والدته يهتف
مش مصدقني ! روح خدها لأي دكتور لو قالك إنها حامل يبقى هي صحوقد استحسن اقتراح والدته ليخرج من هذا المأزق وبالفعل ها هم يتواجدون في أحد العيادات الخاصة التي اختارها
هو لينهي الطبيب الجدل وهو يقول
ده مجرد برد في
المعدة وشوية اضطرابات بسبب تقلبات الجو .
بهتت ملامحها وهي تستمع لحديث الطبيب ما معنى هذا هل ثبت كذبها وصدق زوجة والدها للتو !! نقلت بصرها ل ياسر الذي رماها بنظرة لم تستطع تفسيرها أهي عتاب
أم استنكار أم خذلان ! وربما ڠضب ! لا تعلم لكنها نظرة ليست بجيدة إطلاقا ... نظرت لوالدة زوجها لتجد ملامحها ثابتة .. يبدو أنها كانت واثقة من تشخيص الطبيب !..
أنت وقفت هنا ليه !!
رددتها زهرة بارتجاف بعدما توقف ياسر بسيارته أسفل منزل والديها بعد أن أوصل والدته وقد أغدقها بالكثير من الإعتذارات مؤكدا لها أنه سيتخذ الإجراء المناسب مع زوجته .. وهل هذا هو الإجراء المعني
أعتقد إنك محتاجه تريحي أعصابك شوية ... وده أفضل ليا أنا كمان عشان مش ضامن رد فعلي لو رجعت معايا .
هتف بها ياسر مشيحا برأسه للجهه الآخرى لا يقدر على النظر لها حتى ألهذا الحد هو غاضب منها ! ..
ياسر والله ده الي سمعته منها و..
الټفت لها ليهتف بملامح جامدة
تساقطت دموعها كالشلالات بصمت وهي تستمع لحديثه الآن فقط أدركت أنها أخطأت .. لم يكن عليها التسرع والفتك بالمرأه حتى وإن كانت مخطئه فبالأخير هي والدة زوجها ومهما فعلت لا يجب التطاول عليها هذا ما أدركته بعد حديث ياسر هو محق فماذا سيفعل وهو يرى زوجته تطاول على والدته هي تستحق ذلك الكف الذي أخذته منه .. هذا ما رددته بداخلها قبل أن تنسحب بصمت من جواره لم تجد ما تقوله له وهي بالفعل تشعر أنها تحتاج لأن تريح أعصابها مثلما اقترح هو..
زفر أنفاسه عدة مرات بقوة قبل أن يصدم يده بالمقود ضاربا عليه بضيق وعقله يتسائل متى ستكتب له الراحة متى سيحظى بالحياة الهادئة التي يتمناها !.
ثلاثة أيام مروا دون جديد ..
هو دكتور ياسر لسه مجاش
تسائلت بها زينب للمرة التي لا تعلم عددها لتجيبها السكرتيرة بالنفي وهي تطالعها بتعجب مالها تتسائل كثيرا عن مديرهم الشاب .
اذدردت ريقها بتوتر ما إن رأت نظرة الأخيرة المتعجبة والمتشككة في الوقت ذاته أومأت لها بتوتر وهي تبتعد وتنوي بداخلها ألا تسأل عليه مرة أخرى يكفي آثارة الشكوك أكثر ..
جلست فوق مكتبها تفكر في حالتها هذة لم تنجذب له لهذة الطريقة وبهذة السرعة لم قلقت لغيباه يومان متتاليان ولم يشغل عقلها معظم الوقت وبدت تشعر بمشاعر غريبة تجاهه أسئلة كثيرة تقاذفت في عقلها حوله ولم تجد لها إجابة ولكنها وجدته هو أمامها نهضت عن مكتبها تبتسم دون شعور منها .
ازيك يا دكتور زينب
قالها بإبتسامة هادئة ولكنها لا تعلم لم شعرت بشئ غامض في نظراته ! ..
الحمد لله يا دكتور .. أنا سألت على حضرتك عشان أعرض عليك التركيبة الأخيرة قالوا إن حضرتك مش موجود .
أومئ برأسه مجيبا
كنت تعبان شوية وفضلت ارتاح تعالي يلا وريلي التركيبة .
أومأت بإبتسامة لينغمسا بالعمل لساعه كاملة لتتفاجئ به يسألها من بين عمله
واضح إنك مجتهده أوي في مجالك وأكيد ده أثر على حياتك الشخصية صح بشوف إن صعب توازني بين الإتنين .
أومأت متنهدة وهي تجيب
فعلا .. يعني مثلا أنا سنجل لدلوقتي ..
أنهت جملتها بضحكة خاڤتة ليبادلها ضحكة مماثلة لكنها مذهولة وهو يردد
توقعت .. بس متخيلتش إن ممكن واحده بجمالك تفضل لدلوقتي من غير جواز .
مرت سحابه حزينة على عيناها وهي توضح
الحقيقة إن الدراسة خدت كل وقتي لحد من سنتين بس .. وكل الي قابلتهم لحد الآن مش مناسبين .
أحسن ..
رددها
سريعا
لتقطب حاجبيها باستغراب فابتسم بتوتر وهو يكمل
أقصد ده جواز مش لعبة ولازم تختاري صح .
أومأت بتفهم وهي تطالع نظرته وابتسامته المتوتره بشك تتمنى لو صدق !..
تخبط ... هذا تحديدا ما ينتابه تجاهه يشعر بمشاعر ما مجهولة الهويه أو ربما معلنه لكنه ينكرها .. بدأت تشغل تفكيره منذ أول يوم رآها به جذبته بهدوءها وذكائها وملامحها الجذابة رغم بساطتها وحينما تعامل معها جذب أكثر لها ووجد ذاته يغوس فيها بشكل أبهره .. منذ متى و ياسر الدميري ينجذب لفتاه بهذا الشكل ! .. لكنها تستحق ..بالطبع تستحق .. والسؤال هنا ما نهاية كل هذا
وأربعة أيام أخرى مرت دون أن يحادثها أو يأتي لها .. ولا تعلم أمن المفترض أن تأتي هذة الخطوة منه أم منها ولكنها على
أي حال كانت تنتظره ..
تعلم أنها المخطأه ومكوثها عند والديها أثبت لها
هذا ولكن لا تعلم لم تمنت أن يأتي هو ليعيدها ويخبرها أن المنزل مظلم بدونها وكأنها مصدر الكهرباء!..
زفرت بضيق وهي تقطع الغرفه ذهابا وإيابا تفكر حتى رفعت هاتفها تطلب رقمه .. مره .. اثنان .. ثلاثه وما من مجيب وهذا ماجعلها تلقي هاتفها پغضب وهي تتخيل أنه يتمنع عن محادثتها ...
اليوم سيأخذ خطوه تجاه الأمر..
قرار فكر فيه اثنان والفوز بالأسبقية !..
وقف عادل يستعد للذهاب لأخيه واعلان رغبته في التقدم للزواج من زينب المديره التنفيذية ..الأمر سهل للغاية ياسر أنا عاوز أتقدم لزينب .. جملة واضحة مختصره
زفر أنفاسه بعمق وهو يراها أمامه بعد أن دقت الباب ودلفت ..
ابتسم بتوتر لم يعش مثله يوما وهو يرحب بها .. جلست أمامه وبدأ ببعض الحديث عن العمل قبل أن يهتف
بصي يا دكتورة .. بصراحة أنا عاوز أتكلم معاك في موضوع مهم .. هو المفروض مش ده المكان المناسب أبدا للموضوع الي عاوز أكلمك فيه .. بس أنا عارف إن مفيش فرصة نتقابل بره وإنك أكيد مش هتقبلي لو عرضت عليك نخرج وممكن تفهميني غلط فملقتش حل غير إني أكلمك هنا .
كلمات متسارعة مضطربة معظمها ليس لها أهمية ولكن لا بأس فالأمر يبدو هكذا حاجبيها بتعجب ورددت
وللمرة الثانية لم يأخذ منها رد وهذا ما دفعه للتوضيح
دكتورة زينب أنا إنسان مبحبش اللف والدوران ولقيت نفسي منجذب ليك وحاسس بمشاعر ما ناحيتك وده الي خلاني بعد تفكير طبعا أقرر أتقدم ليك فحابب أعرف رأيك .. أو بمعنى أدق هل في موافقة مبدأيه
وأخيرا خرجت عن صمتها وهي تردد بذهول وملامحه ظهر الإندهاش عليها بوضوح
حضرتك عاوز تتجوزني أنا !!
↚
ايوه اتجوزك أنت ..
رددها بابتسامة على ذهولها الواضح يبدو أنها لم تتوقع أبدا أن يعرض عليها الزواج ربما لم تفكر يوما أن علاقتهما يمكن أن تتخذ منحنى آخر غير مدير وموظفته ..
وعنها لم يكن إندهاشها سوى عدم تصديق .. هل قدر لها أن تحصل على ما تمنت دوما ما كانت أمنياتها أضغاث أحلام وكانت تهيئ ذاتها أن تودع إعجابها وتعلقها به
أنا عارف إني فاجئتك ومش طالب منك رد دلوقتي أنا بس عاوز أعرف هل في أمل في الموضوع ولا لأ
وهل تخبره أنها موافقة بلا تردد بالطبع لا فلتحفظ ماء الوجه أولا وتأخذ وقت بالتفكير ثانيا فالأمر كان مجرد إعجاب ومشاعر بسيطة تجاهه أما الآن فقد أصبح في مرحلة الجدية وما يقرر لا رجعة فيه ..
يعني أنا محتاجه وقت أفكر .. مقدرش أديك رأي دلوقت .
تنهد بصبر رغم فضوله الشديد وتلهفه لمعرفة رأيها لكنه ابتسم وهو يردد
تمام .. خدي وقتك ..بس نقول 3 أيام كويس
أومأت برأسها بتوتر بالغ قاطعه صوت هاتفه فأجاب سريعا حين وجدها والدته ..
أنا جاي حالا ..
هتف بها منتفضا من مكانه يلتقط سترته ويجمع أشيائه في حين يردد
معلش يا دكتورة لازم امشي نكمل كلامنا بعدين .
تسائلت بقلق
خير هو في حاجه
أجابها وهو يخرج من المكتب
عادل عمل حاډثه وهو جاي ..
ناهد خالد
والثلاثة أيام المهلة أصبحوا سبعة .. والسبب معلوم لقد انشغل بأمر أخيه ومرضه ولم يكن متفرغا للقدوم للعمل حتى واليوم أخبرتها السكرتيرة أنه ينتظرها بمكتبه ..
بخطى مضطربه كانت تدلف له وابتسامة متوترة ترتسم على محياها تعلم جيدا أنه سيسألها
عن قرارها النهائي ..
وبالفعل جلست أمام مكتبه ليبتسم لها بهدوء
ازيك يا دكتورة
الحمد لله .
أجابته بخفوت ثم أكملت متسائلة
دكتور عادل عامل ايه
تنهيدة عميقة خرجت منه قبل أن يردف
الحمد لله بقى بخير .. الأسبوع
الأمر بالنسبه لها فإن وافقت فلا سبيل للعودة وسيتقدم
لها ويسير كل شئ بشكل معلن .. وإن رفضت لن يكون لها معه فرصه أخرى .. وبأخذ رأي القلب والعقل توصلت لقرار ألا وهو الموافقة .. فأين أسباب الرفض .. شاب وسيم وذو مكانة راقية من تعاملها معه يبدو أنه ذو أخلاق جيدة ويعمل بنفس مجالها بالإضافة إلى انجذابها له .. جميع الأسباب في صالحه .. لذا حسمت قرارها .
اذدردت ريقها بصعوبة تشعر أنها ستنصهر بين ثانية والآخرى أخذت نفسا عميقا قبل أن تردد وهي خافضة رأسها تتحاشى النظر إليه وتأخذ أصابعها دورها في الشد على نهاية سترتها تخرج فيها توترها
تقدر تكلم بابا .
ارتخت ملامحه وهو يستمع لحديثها ليتنهد براحة وقد شعر بأن حمل موافقتها قد زيح
لأ النهاردة ايه يعني كام يوم كده و...
هاتي رقمه ..
قاطعها بجملته لتنظر له بدهشة فأكمل
هاتي رقمه وأنا هتفاهم معاه ونتفق احنا على الميعاد .
وبالفعل أعطته رقم والدها ليطلبه على الفور وينهض متجها لركن بعيد نسبيا في المكتب حتى انتهى من محادثة والدها فعاد وعلى وجهه ابتسامة واسعة عرفت سببها حين ردد بنبرة انتصار
والدك مستنيني النهارده الساعة 8 ... يعني بعد 10 ساعات .
فغر فاهها پصدمة وهي تسأله
ازاي حدد معاد معاك بالسرعة دي ! بابا في العموم بيحدد ميعاد بعد يومين على الأقل لحد ما يتكلم معايا ومع ماما ويعرفنا .
لمعت عيناه بزهو وهو يردد
مانا مش أي حد برضو يا ... يا دكتورة .. لحد ما أخد موافقة والدك .
وقفت تبتسم بارتباك وهي تهتف
طيب عن اذنك .
تقدري تروحي بدري النهاردة ... على الأقل تتكلمي مع والدتك وتعرفيها .
الټفت تجيبه موضحه
ماما عارفه من وقت ما كلمتني .. بس محبتش أقول لبابا غير لما أنت تكلمه الأول وتحدد معاه ميعاد .
أومئ متفهما وقال بإصرار
تمام .. بس برضو
تقدري تاخدي باقي اليوم اجازة .
أومأت موافقة فبالطبع ستحتاج لها والدتها للتحضير من أجل استقبال هذه الزيارة المفاجئة .
انا جاي النهاردة يا عمي عشان اتقدم لبنت حضرتك..
رددها بهدوء ظاهري رغم ارتباكه الداخلي من الموقف برمته..
استمع له مسعد بهدوء قبل أن يتسائل مستغربا
ايوه يابني بس فين أهلك.. متآخذنيش بس
مش غريبة تيجي تتقدم لوحدك!
أجابه بتوضيح
كل الحكاية إني حبيت اجي الأول واخد الموافقة بعدين اجيب أهلي عشان لو محصلش نصيب مبقاش أحرجتهم..
اومئ سعد برأسه متفهما وقال
ماشي.. على خير إن شاء الله.. بس أنا حابب أعرف
↚
عنك أكتر..
آه طبعا ياعمي.. أنا اسمي ياسر الدميري.. صاحب شركة الدميري للصناعات الدوائية.. خريج كلية صيدلة و عندي امي واخويا واختي وبابا اتوفى من ٣ سنين ربنا يرحمه..
غمغم سعد
ربنا يرحمه يابني.
بس وطبعا الشركه ليا انا وماما واخواتي.. بس انا ليا النصيب الاكبر من حيث الإداره بس.. وعندي شقة وعربية وحالتي المادية الحمد لله كويسه جدا... ده الي اقدر اقوله لحضرتك ولو عندك أي استفسار تاني اتفضل..
نفى برأسه وهو يقول
لأ معنديش استفسارات تانيه.. وفي النهايه الأهم هو إنك تكون شخص كويس ونحس ده من تعاملنا معاك ومع عيلتك.. ده الي هيخليني مطمن على بنتي مش أنت عندك ايه.
تنحنح بتوتر طفيف وهو يسأله
طيب ياعمي يعني حابب أعرف رأيكم المبدأي ايه
تحدث مسعد بجدية
بصي يابني أنا مش هكدب عليك بنتي بلغتني إنك عرضت عليها الجواز من أسبوع وسيبتلها مهله تفكر قبل ما تيجي وتتقدم .. وأنا أقدر أتفهم إنك حبيت تاخد منها الموافقة قبل ما تيجي هنا عشان متتحرجش ويكون الرفض منها هي .. خصوصا إنكم زمايل شغل أو بمعنى أصح هي في الآخر موظفة عندك ومش حلوه في وشك إنك كمديرها تتقدملها وتترفض .. عشان كده حبيت تاخد الموضوع من بره الأول وأنا فاهم ده عشان كده مش هلومك إنك كلمتها هي الأول.. بس الي أقدر أقولهولك إنها مادام جابتك هنا يبقى هي موافقة .. وأنا برضو سألتها وحسيت إنها ميالة للموضوع وهسألها تاني قدامك .. بس أي اتفاق
مش هيتم غير بحضور أهلك .. وكل الي هيتم في القعدة دي إنك هتاخد الموافقة ونقرأ الفاتحة كدة عشان تبقى فاتحة خير وهنحدد ميعاد تيجي فيه مع أهلك ولما أشوف موافقتهم والدنيا تبقى تمام.. نتكلم بقى في أمور الشبكه وغيره من الإتفاقات عشان نبقى على نور .
هز ياسر رأسه بموافقة مرددا
عداك العيب يا عمي .
دكتور ياسر عرفني عن نفسه وأنا مبدأيا معنديش
اعتراض عليه وحاليا احنا مستنيين موافقتك
الأخيرة عشان أحدد ميعاد معاه ييجي فيه هو وأهله .. قولتي ايه يا زهرة
أجابته بصوت منخفض من كثرة خجلها فهذة المرة الأولى التي تجلس فيها لتعلن عن موافقتها على العريس المتقدم
الي تشوفه حضرتك .
ابتسم سعد بهدوء قائلا
يبقى زي ما قولتلك يا دكتور هي موافقة إن شاء الله تقدر تيجي امتى مع أهلك
نظر له ياسر ليرد بلهفة
أي وقت لو تحب بكره مفيش مانع .
نفى سعد برأسه وهو يضحك بخفوت
لا بلاش بكره خلينا بعد بكره أفضل الساعه 8 مناسب
أومئ إيجابا مرددا
مناسب حضرتك .
ماشي لحد ما تيجوا إن شاء الله ملكش كلام معاها خالص في الشغل .
أردف بها سعد بجدية ليومئ له ياسر متفهما
متقلقش حضرتك مش هيكون في أي تواصل ما بينا خارج حدود الشغل .
ربط سعد على كتفه بشكر خفي ووجه حديثه لإبنته قائلا
ايه يا زهرة مش هتقدمي القهوة للدكتور
أومأت له سريعا لتنهض حاملة كوب القهوة مقدمة إياه له ثم أعطت الآخر لوالدها ..
اعذروني في السؤال بس هي مين زهرة
ضحك سعد بخفوت مجيبا
زينب .. زينب هي زهرة ..!!
وأيه جاب زينب لزهرة يعني أنا أعرف إن اسمها في الورق زينب ! .
ابتسم سعد وهو ينظر لزوجته مرددا
دي حكاية قديمة أوي من قبل ولادة زهرة .. أمي الله يرحمها كانت عاوزه تسمي بنتي زهرة وكلنا كنا موافقين لحد قبل الولادة بشهر شافت أم زينب رؤية إنها هتسمي بنتها زينب وطبعا غيرت رأيها وقالت أنا هسميها زينب زي ما شوفت في الرؤية حصلت مشكله بينها وبين أمي لأن أمي مصدقتهاش وفكرت أنها بتقول كده عشان تغير الإسم وخلاص وعشان أنهى المشكلة دي قلت لأمي ناديها بزهرة وأنا كمان هناديها بزهرة بس هنسميها زينب في الورق .. ومن وقتها الكل بيناديها بزينب ماعدا أنا وأمي الله يرحمها .
نظر ياسر ل زينب ليسألها بإبتسامة
وياترى أنت بتحبي أنهي أكتر
ابتسمت بحنين وهي تجيبه
بحب زهرة أكتر .. لأني كنت بحب تيتة الله يرحمها أوي وبعتز بالإسم الي سمتهولي وبصراحة هو أحب عندي من زينب .
أردفت الأخيرة وهي تنظر لوالدتها التي ضحكت وهي تقول
بتبصيلي ليه مانا عارفة إنك بتحبي زهرة أكتر .
ارتفع
صوت ياسر وهو يقول
وأنا مادام لسه جديد في العيلة إن شاء الله فأنا كمان هناديك بزهرة لو مش هيضايقك
نفت برأسها مبتسمة بخجل تعلم أنه اختار إسم زهرة خصيصا بعد معرفته بمدى حبها للإسم ..
وقد كانت حكاية زهرة وياسر أو زينب وياسر كما تحبون أن تنادوها .. تقدم ياسر لخطبتها مع أهله ورغم رفض والدته الشديد إلا أنها اضطرت أن تخضع لرغبة ولدها .. وعن عادل أدرك أن الأسبقية
كانت لأخيه ففاز بها وللحقيقة لم يعنيه الأمر كثيرا بالأساس لا يعلم كيف فكر بها أنها تكبره بخمسة أعوام وهو مازال في الثالثة والعشرين أي زواج يبحث عنه الآن ! فصرف نظره عن الأمر ونسى أنه قد أعجب يوما بها فهي أصبحت زوجة أخيه .. ومر عام كامل بين منازعات بين زهرة وزوجة والدها حتى انفصلا عن المنزل .. وحين شعرت أن الحياة ستستقر أتت مشكلتها الأخيرة مع والدة زوجها لتقلب الموازين مرة أخرى .
يا زينب لازم تكلميه يابنتي أنت الي غلطانه ..
هتفت بها آمال وهي تحاول إقناع إبنتها بالتحدث لزوجها والإعتذار منه عن فعلتها زفرت زينب أنفاسها بضيق وهي تردد
↚
ياماما بقولك حاولت ومبيردش أعمل ايه !!
تروحيله .. روحي شقتك وأكيد يعني هو مش هيطردك منها ! .
ايه الي بتقوليه ده يا آمال
رددها سعد وهو يدلف لغرفة المعيشة وأكمل
لأ طبعا افرضي راحت وهو لسه متعصب وشدوا مع بعض هناك ميكنش حد منا موجود ! .
ايوه يعني تفضل قاعدة كده بقالها اسبوع ونص بعيده عن
بيتها ..
رددتها آمال بنزق وعدم رضا على حديث زوجها ليطالعها بنظرة فهمتها معناها أن تلتزم الصمت ووجه حديثه لإبنته قائلا
زهرة يابنتي كلنا معترفين إنك غلطي .. مهما كانت أمه دي ايه مش مسموحلك أبدا تمدي ايدك عليها وجوزك حقه يزعل وياخد موقف عشان كده هكلمه ييجي هنا وحاولي تصلحي الوضع معاه ومتعرفيهوش إنك حكيتلنا حاجه .
أومأت برأسها موافقة ليخرج هاتفه ويدق ل ياسر مرة واحدة وكان يجيب ليطلب منه الحضور مساء فوافق الأخير مخبرا إياه بقدومه .
اهو هيجي بليل شوفي هتصلحي الوضع ازاي .
أومأت برأسها بتنهيدة عميقة .. لم يكن سهلا أن تبقى كل هذة المدة بعيدة عنه وعن بيتها ..
.
كان ينتظر هذة المكالمة منذ أول يوم لها ببيت أبيها .. كاذب هو إن قال أنه لم يشتاق لها كان يتركها بمنزل والديها وهو يتمنى لو تعود له باليوم التالي بأي مبرر مهما كان سخيف وهو كان سيصدقها فقط لتعود له .. ولكن لا يمكنه إظهار رغبته في عودتها فقد أخطأت مهما كان السبب لكن يبقى الخطأ جثيم لا يمكنه إمراره دون عقاپ .. وهو يعلم جيدا أن البعد عقاپ مناسب تماما لها لكنه وقع في العقاپ هو
أيضا والآن يعقاب ببعدها دون ذنب .. لو قال أن أيامه التي مرت كانت ثقيله كالجبال بدونها لن يكن يبالغ أبدا .. كانت الأيام تفتقد مذاقها سواء كان حلوا أو مرا يستيقظ ليذهب للعمل ويعود ليتناول غدائه بالكاد ويجلس باقي اليوم يتابع أعماله حتى ينال منه الإرهاق فيذهب للنوم الذي يجافيه ولا يأتيه إلا بعد ساعات ... وهكذا كل أيامه أصبحت متشابهه كحاله تماما قبل معرفتها .. وأخيرا جاءت مكالمة والدها لتنقذه على الأقل سيكون هناك سبب لذهابه إليها ..
هتكسري ضافرك .
رددها بنزق بعدما سأم من توقفها عما تفعله .. رفعت نظرها له وقد توقفت بالفعل وأول سؤال نطقت به
مكنتش بترد عليا ليه
رد بنبرة جامدة
محستش إني كنت لسه هديت .
سألته بعتاب واضح
10 أيام مش كفاية عشان تهدى يا ياسر
أجابها بنبرة محتدة
لأ مش كفاية .. تخيلي إنهم فعلا مش كفاية وماما كل يوم تكلمني مستنية تعرف أنا عملت ايه معاك عشان أخدلها حقها منك .
هزت رأسها برفض وهي تردد
ياسر أنا والله ما بكدب مامتك فعلا عملت كده و..
قاطعها بإصرار على موقفه
هرجع تاني أقولك موضوعي مش مين الصادق ومين الكداب .. موضوعي ازاي أصلا تفكري ترفعي ايدك عليها !.
طأطأت رأسها بخزي وهي تقول
معاك حق أنا غلط ومهما هي عملت مكنش ينفع أبدا أضربها بس أنا والله مكنتش حاسه بنفسي أنا أعصابي كانت تعبانة لدرجة إني بعدين مستوعبتش أنا ازاي عملت كده .
هز رأسه بتفهم وقال
تمام طيب ايه الحل دلوقتي للوضع الي احنا فيه
رفعت رأسها له وهي تردد رغم ضيقها الداخلي لكنها معترفة بخطأها
لو عاوزني أروح اعتذر لمامتك معنديش مانع .
طالعه بصمت لثانيتان تقريبا قبل أن يزفر أنفاسه بضيق وقال
ماشي يلا عشان نمشي وهنروح لماما قبل مانروح .
أخذت نفسا عميقا تدعو الله أن يلهمها القوة والصبر للتعامل مع تلك المرأه مجددا .
أنا
راس .
أومأت زينب موافقة فهي بالأساس لا تريد أكثر من هذا نهض ياسر ليجيب
على هاتفه فأكملت والدته
بصي مفيش غيري أنا وأنت اهو وحياة عيالي أنا مقولت ولا حرف من الي قولتيه عليا وجبتلك دكتور وقالي إنك عندك برد حوار العيل الي عاوزه أنزله ده والله يمين يحسابني عليه ربنا ما قلته ولا حصل واعتقد
إنك اتأكدتي لما عرفت إنك مش حامل فعلا .
تشوش عقلها وهي تستمع لحديث والدة زوجها إذا أين الحقيقة هل يعقل أن كل ما
استمعت إليه مجرد هلاوس من المړض ! عاد ياسر ليأخذها ويذهبان لمنزلهما ..
أنا مسامحك من أول يوم أصلا عشان متأكد إنك مكنتيش تقصدي الي حصل أنت الي طول الوقت بتحاولي تكسبي ود أمي مش أنت الي هتتعمدي تضربيها .
ربنا يحفظك ليا يا حبيبي .
رددتها بعشق جارف لهذا الرجل الذي يفهمها أكثر من ذاتها ليبتسم لها بعبث ونظرة ماكرة لم تستطع تفسيرها إلا حينما وجدت ذاتها بين ذراعيه وهو يهمس لها بكل الكلمات التي ذكرت في
قاموس العاشقين .
وسارت الحياة ب زهرة وياسر كما
تسير حياة الجميع وبين تقلبات واستقرار بقى حبهم الشئ الوحيد الثابت .
زينب عانت من حديث المجتمع عن كبر سنها وتأخرها بالزواج حتى بعد زواجها مقتت جملة قطر الزواج عدى التي تكررت علي مسامعها مرارا ولن تنكر أنها كانت تجيد الخسف بحالتها النفسية وجعلها تنطوي على نفسها أكثر مقتنعة أحيانا أنها بالفعل قد فقدت فرصتها في بناء حياة أسرية مستقرة .
فقط إذا توقف الناس عن الحديث لم شعرت زهرة بما شعرت به يوما .. نحن من نأذي أنفسنا وليست الظروف وأكثر ما يؤذينا هو حديث البشر كلمة
↚
عابرة تقولها أنت تستقر في نفسي مستقرا طويلا من تأخر عن شئ ليس من شأنك أن تذكره بأنه قد تأخر عنه فهو يعلم هذا جيدا ولا ينتظرك لتنبه من فقد شئ ليس بحاجه لك لتذكره بأهمية ما فقده .. من الأساس لا أحد يحتاج لحديث أحد خاصة إن كان ساما مؤذيا .. فرفقا بمشاعر الآخرين .
ربما انتهت تلك الجملة التي تصف الزواج بأنه قطر وعدى من حياة زينب ولكنها
دكتورة زينب أنا مبسوطة أوي أني قابلت حضرتك .
ابتسمت زينب بحبور وهي تردد
وأنا أكتر .
أنا بس كان عندي سؤالين عن الرواية .
اتفضلي .
هو ليه حضرتك مذكرتيش حبك للكتابة في أحداث الرواية
ابتسمت زينب وهي تردد
عشان أثناء أحداثها مكنتش حبيت الكتابة لسه ولا دخلت العالم ده أحداث الرواية توقفت لحد بعد جوازي بسنه أنا بقالي 7 سنين متجوزه دلوقتي وبكتب من 5 سنين .
تمام وعندي فضول أعرف حماة حضرتك بقت كويسه معاك والتزمت بكلامها الي ذكرتيه في الرواية
ابتسامة ساخرة زينت محياها وهي تقول بلباقة
لو كنت حابه أوضح كنت وضحت في الرواية لكن الأحداث متوقفة عند وقت معين وفيما بعد الوقت ده متروك لخيال القارئ بعد اذنك .
أجابتها الأخيرة بلكنتها العربية الغير سليمة
يس مادام .. من شوية صغيرين وأكلوا قبلها .
تلفتت حولها وهي تسألها ثانية
ياسر لسه مجاش
نفت برأسها وهي تقول
نو مدام لسه أنت تحبي احضر غدا
نفت برأسها وهي تكمل طريقها للداخل
لأ شكرا
يا جيسي هستنى ياسر .
دلفت لغرفتها لتضع حقيبتها وتلتقط هاتفها تضعه على الشاحن سريعا لا تعلم كيف نسيت وضعه على الشاحن صباحا فأنهى شحنه منها بمنتصف اليوم وهذا ما قطع
هتف بها وهو يدلف حاملا صندوق كبير مغطى بقماشه حمراء وجهت نظرها بفضول للصندوق حتى وضعه أمامها على الفراش وهتف
أنت مش رفضت إني أجيب قطه وقلت مبحبهمش !
هز رأسه يأسا وقال
ومازال بس قعدت أفكر أجيبلك هدية ايه بمناسبة حفل توقيعك لكتابك الجديد
ملقتش حاجه ممكن .
ضحكت بدلال وهي تقول
نفسي افهم بتكرهم كده ليه
رفع منكبيه بلامبالة
عادي مبحبهمش ..
سحبها من يدها ليجلسا فوق الأريكة مرددا باستفسار
الحفلة كانت عاملة ايه
لحقيقة كانت تبقى زي الي أتذكر في الرواية .
شردت بذاكرتها في ذلك اليوم الذي غيرت أحداثه ..
خضعت لرغبة زوجها وذهبت لوالدته لمصالحتها ..
أنا آسفه ياطنط متزعليش مني أنا بجد أعصابي كانت تعبانه وده الي خلاني اتصرف بطريقة غريبة لكن أنا عمري ما قصدت الي عملته أنا حقيقي آسفه أتمنى تعتبريني زي سمية .
وبملامح غير مقروءه ردت الأخيرة
حصل خير .
نهض ياسر بعد أن دق هاتفه ليستأذن منهما ويخرج تاركا إياهما بمفردهما وما إن خرج حتى استمعت لصوتها ېعنفها
اوعي تقارني نفسك ببنتي تاني سمية متربية يا حبيبتي مش زيك قليلة الأدب بنتي لو في يوم مدت ايدها عليا أكسرهلها .
وبجدية كانت تسألها
أنا حابه اعرف الي سمعته كان صح مش كده انا مخرفتش ولا كدبت .
مشطت بعيناها المكان لتتأكد من
عدم وجود أحد ثم هتفت
آه الي سمعتيه صح .. لما وقعت فكرتك حامل بجد بس لما جبت الدكتور لقيتك عندك
هتفت بها بصوت مبحوح من تلك الغصه التي
احتلت حلقها ..
يلا يا زهرة .
التفا الإثنان على صوت ياسر الحاد الذي يعبر عن استماعه لحديث والدته التي شحب وجهها وهي تراه أمامها وأكمل
مش ندمان إني جبتها تعتذرلك لأنك في الآخر أمي بس تنسي إني متجوز أصلا ومراتي ملكيش دعوه بيها .
زهرة
استفاقت على ندائه لها لتنظر له فوجدته يسألها
سرحت في ايه
نفت برأسها وهي تردد
ولا حاجه .. بص
يا ياسر زي ما قولتلك قبل كده مكنش ينفع أبدا أطلع والدتك بصوره وحشه خصوصا والقصه حقيقيه وكلهم عارفين إنها قصتي وده الي خلاني أغير الحقايق وكمان لأن القراء هيحبوا إن حماتي تعترف بغلطها والأمور تهدى ما بنا .
قطع حديثهما دقات فوق الباب تبعها صوت جيسي يقول
دكتور ياسر والدة أنت بره .
وضعت زينب يدها فوق جبهتها بضيق ثم وقفت وهي تهتف
اطلع يا ياسر لتقول إني مش عاوزاك تقابلها .
يق وهو يردد
ياريتها مش موجودة بجد عالأقل كنت جيت أنا ربيتلك ولادك .
نهض پغضب وهي يهتف
ياماما لو سمحت كفايه بقى أنا زهقت بجد ارحميني ياريت تبطلي كلام عليها وريحيني وريحي نفسك !
خلاص خلاص هسكت ..
لوت فمها وهي تقول بامتعاض
↚
قال يعني هتكلم على السفيرة .
رمضان جانا وفرحنا به
بعد غيابه وبقاله زمان
غنوا وقولوا شهر بطوله
غنوا وقولوا
اهلا رمضان .. رمضان جانا
اهلا رمضان .. قولوا معانا
اهلا رمضان جانا
بتغيب علينا وتهجرنا وقلوبنا معاك
وفى السنة مرة تزورنا وبنستناك
من امتى واحنا بنحسبلك ونوضبلك ونرتبلك
اهلا رمضان جانا قولوا معانا
اهلا رمضان جانا
دندنت بها وهي تخرج من المطبخ حامله أطباق الفول والبيض وخلفها الصغار
زهرة و يوسف يرددون ما تقوله ببهجه ..
خرج ياسر على صوتهم ليهتف بابتسامة فرحه
مولد كل سنه .
هتفت زهرة وهي تضع الطعام على الطاولة
بزمتك تحس برمضان من غير الجو بتاعنا ده
لا طبعا .. ولا حاجه في حياتي ليها طعم من غيركوا .. ربنا يحفظكم ليا .
ابتسمت له بحب وهي تردد
ويحفظك لينا يابابا .
يلا الفجر هيأذن .
هتف بها يوسف الذي أسرع بتناول البيض ليضحكوا جميعا عليه وهتفت زهرة بضحك
تمت بحمد الله
الفصل السادس عشر
أخذت آية تقوم بترتيب شقتها وتنظيفها بإتقان شديد فهي على الرغم من سواد قلبها الذي يملأه الحقد إلا أنها تحب النظافة ولا تتهاون في أي أمر يتعلق بمسألة مظهر المكان الذي تجلس فيه.
أثناء قيامها بعملية التنظيف سقط أمامها ألبوم يحتوي على مجموعة من الصور التي تجمعها بزوجها الراحل.
نظرت آية إلى الصور وهي تشعر تأثير كبير على قرارات عمرو.
عندما علمت آية بحمل مروة
منين يعني يا أذكى أخواتك جيبته من تليفون المحروس ابني اللي حاله واقف لحد دلوقتي بسببك يا وش المصاېب.
كادت آية ترفع صوتها ولكنها تحكمت في أعصابها بعدما انتبهت إلى أنها تجلس في هذه اللحظة داخل شقة حماتها وإذا تحدثت بصوت جهوري سوف تجذب انتباه فادية وسوف يؤدي هذا الأمر إلى زرع بذور الشك في عقلها.
تمتمت آية بهدوء محاولة قدر المستطاع أن تنهي تلك المكالمة بسرعة قبل أن تلاحظ حماتها مسألة تأخرها داخل المطبخ
طيب يا طنط رشا شوفي أنت هتيجي القاهرة إمتى وأنا هقابلك.
هتفت رشا بحدة شديدة فهي لا يمكنها السيطرة على أعصابها بعدما اكتشفت حقيقة تواصل شادي مع آية
أنا هاجي بكرة عشان أزور أختي وبعدها هقابلك في الكافيه اللي سيادتك بتقابلي فيه شادي بس حسك عينك تجيبي سيرة
تريد أن تثير غيظ رشا التي يبدو من أسلوبها في الحديث أنها لا تنوي خيرا من وراء هذه المقابلة
لا طبعا يا طنط ده أنت الخير والبركة.
أخبرتها رشا أنها علمت بأمر تواصل شادي معها بعدما فحصت هاتفه ورأت الرسائل المتبادلة بينه وبينها.
كانت لهجة رشا حازمة وصارمة للغاية فقد صرحت بشكل واضح أنها ترفض هذه العلاقة وأمرت آية أن تنهي كل شيء من جانبها وتبتعد عن شادي لأنها لا تريد له أن يتزوج بامرأة سبق لها الزواج كما أنها لم تنس الإهانة التي تعرض لها ابنها قبل عدة سنوات على يد عماد.
رفضت آية تلك الفكرة فحذرتها رشا وأخبرتها أنها إذا لم تمتثل لأوامرها فستذهب إلى منزل فادية وتخبرها بكل ما يحدث من وراء ظهرها وسوف تجعلها تعلم أن الفتاة التي يراها الجميع امرأة مخلصة لذكرى زوجها هي في الحقيقة حية ماكرة تريد أن تستحوذ على كمية كبيرة من الثروة حتى تعيش حياة مليئة بالرفاهية مع عشيقها.
لم تستغرب آية من معرفة
وهو الكلمتين دول مكانش ينفع يتقالوا بسرعة بدل ما تخليني أجي معاك هنا لمحل عصير القصب!
ابتسمت آية قائلة بود مزيف يخفي أسفله الكثير من البغض والحقد
يا طنط أنت سافرت النهاردة وقطعت مسافة طويلة عشان خاطر تشوفيني وأنا مينفعش أخليك تروحي من غير ما أعزمك على حاجة بسيطة وأعمل معاك واجب يخليك فاكراني على طول لأن دي هتبقى اسمها قلة ذوق.
غادرت رشا وعادت إلى قريتها في المساء وهي تشعر ببعض الإعياء فقررت أن تنام وترتاح ولكن ظل التعب ملازما لها في اليوم التالي فقررت أن تذهب إلى المستشفى حتى يتم فحصها ومعرفة سبب مرضها المفاجئ ولكنها سقطت في الشارع
ولفظت أنفاسها الأخيرة أمام أعين الجميع.
رأت مروة بعدما عادت من الحمام برفقة شيماء أمارات الضيق مرتسمة على وجه هبة فسألتها مستغربة تبدل حالتها المزاجية
مالك يا هبة وشك مقلوب كده ليه يا حبيبتي!
مفيش يا مروة أنا حاسة أني تعبانة وعايزة أنام شوية لأني سهرت إمبارح لوقت متأخر ودماغي مصدعة جامد.
لم تفصح لها هبة عن السبب الذي جعلها تتضايق حتى لا تجعل صديقتها تغضب فهي تعلم أن مروة صارت تكره أي شخص تربطه صلة قرابة بآية.
عادت هبة إلى المنزل وهي تشعر بالضيق الذي نتج عن حالة التشتت التي أصابتها بعدما رأت أحمد أمامها وجها لوجه فهي لم تكن تتصور أن تسقط أسيرة لكل هذا الكم من الضياع
من مجرد مقابلة واحدة جرت بينها وبين خطيبها السابق الذي من المفترض أنها صارت تكرهه ولا تطيقه.
أخذت هبة تفكر في كلام أحمد ولكنها لم تقتنع به معللة ذلك بأنه خدعها من قبل ولا يجب عليها أن تسمح له بخداعها مرة أخرى.
حضر إلى ذهنها في هذه اللحظة كلمات توفيق فقررت أن تتحدث مع مالك وتستشيره قبل أن ترد على فكرته بالموافقة أو الرفض.
اتصلت هبة بمالك وطلبت منه أن تلتقي به في المساء وأخبرته أنها تريد أن تتحدث معه في أمر يصيبها بالحيرة وأنها بحاجة إلى رأيه حتى تتخلص من هذا الشعور الذي يضايقها.
تمتمت بتضرع بعدما صدع صوت آذان العصر من أحد المساجد القريبة من منزلها
اللهم ارحمني برحمتك الواسعة واهدني إلى الحق ودبر لي أمري فإني لا أحسن التدبير.
شعر مالك بالسعادة لأن هبة طلبت رؤيته وأخبرته أنها تحتاج إلى نصيحته وهذا يعني أنه صار يتمتع بمقدار كبير من الحب في قلبها ولا يمكن التقليل من شأن تلك المكانة.
أخرج محمد هاتفه من جيب سرواله وفتحه ونظر إلى الشاشة ثم جلس بجوار عمرو وقال
بص يا سيدي بالنسبة للجدع اللي اسمه شادي فهو شاب عنده تقريبا تلاتين سنة ومقيم في قرية بعيدة شوية يعني هو مش من المدينة بس بيجي هنا كل كام يوم عشان يقابل واحدة واضح كدا أنه مصاحبها وعاطل عن العمل ووالدته ماټت من فترة قريبة.
أخذ عمرو الهاتف من يد صديقه حتى يقرأ بنفسه جميع التفاصيل المتعلقة بالمدعو شادي.
شادي وحسب ما ورد في المعلومات حاصل على بكالوريوس تجارة بتقدير مقبول ولهذا السبب لم يتمكن من الحصول على وظيفة مرموقة وحالته الاجتماعية
↚
أعزب.
كاد عمرو يغلق الهاتف ويعطيه لصديقه ولكنه تراجع وأخذ يراجع صور الأوراق الرسمية التي تمكن محمد من الحصول عليها ومن بينها صورة من شهادة تخرج شادي والتي كانت سببا في اتساع عيني عمرو من شدة الدهشة.
قرأ عمرو البيانات المدونة في شهادة شادي قراءة جيدة وعلم أنه تخرج من الكلية نفسها التي كانت تدرس بها آية وهو أيضا من نفس دفعتها على الرغم من أنه يكبرها في العمر وهذا يعني أنه رسب أثناء دراسته في المرحلة الجامعية.
لعب الشك في رأس عمرو بعدما رأى الروابط التي تجمع بين شادي وآية ونظر إلى محمد وسأله
أنت قولت يا محمد أن شادي مصاحب واحدة وبيجي القاهرة كل كام يوم عشان يقابلها معاك أي صورة ليهم مع بعض
هز محمد رأسه نافيا قائلا بأسف
لا مش معايا لأن الراجل اللي أنا كلفته بمراقبة شادي مكانش عامل حسابه يصوره وهو بيقابل البنت دي.
وضع عمرو هاتفه أمام محمد بعدما فتح المجلد الذي يحتوي على صور زفاف شقيقه الراحل وعرض عليه صور آية متسائلا
هي دي البنت اللي شادي بيقابلها
أخبره محمد أنه لا يعرف أي معلومة بشأن تلك الفتاة فزفر عمرو بضيق هاتفا برجاء
طيب معلش يا محمد أنا هتعبك معايا خلي الراجل بتاعك يفضل مراقب شادي ويعمل حسابه يصوره مع البنت إياها لما يتقابلوا وبالنسبة للفلوس فأنا مش عايزه يحمل أي هم وخليه يفهم أن المبلغ اللي هيطلبه هياخده.
أشار محمد نحو عينيه وابتسم قائلا
حاضر أنا مش عايزك تقلق خالص بخصوص البنت دي وأوعدك هجيبلك قرارها بس الموضوع هيتأخر شوية لحد ما شادي يتجاوز موضوع مۏت أمه اللي جه فجأة وسببله صدمة ولما يجي هنا في القاهرة ويقابل صاحبته ساعتها هقدر أعرف هي مين وهبلغك على طول.
كان من الممكن أن يعطي عمرو صورة آية إلى محمد حتى يرسلها إلى الرجل الذي وكله بمراقبة شادي حتى يعلم إذا كانت هي بالفعل صديقة شادي أم لا ولكنه تذكر مدى دهاء ومكر أرملة أخيه ويعلم أنه إذا أخبره الرجل أن هذه هي الفتاة نفسها التي يلتقي بها شادي فسوف تتهمه آية بأنه يحاول تشويه سمعتها ويريد أن يحرمها من ابنها حتى يرضي زوجته.
أدرك عمرو أنه يجب عليه أن يقطع الشك باليقين وهذا الأمر لن يتحقق إلا بالتقاط صور واضحة لآية وهي برفقة شادي.
غادر عمرو منزل محمد بعدما شكره على وقوفه بجواره على الرغم من عدم تفرغه ثم صعد إلى سيارته وأدار المحرك
قاصدا التوجه إلى منزله وأخذ
يتذكر أثناء القيادة كل ما حدث بعدما أخبره مجاهد بأمر شادي.
لقد ثار وقرر أن يعثر على شادي مهما كلفه هذا الأمر ولهذا السبب دفع المال إلى أصحاب المحلات والمكاتب التي تقع في مناطق تطل على الشارع المؤدي إلى المقاپر حتى يوافقوا على منحه نسخة من سجلات كاميرات المراقبة الموجودة في محلاتهم.
حصل عمرو على تسجيلات اليوم الذي حضر فيه شادي وأخذ يشاهد هذه التسجيلات أمام مجاهد الذي أشار له على صورة شادي بعدما ظهر في أحد التسجيلات
هو ده الجدع اللي قولتلك عليه يا أستاذ عمرو.
احتدت نظرات عمرو وهو يشاهد شادي على الشاشة أثناء عرض تسجيلات الكاميرات وهمس بتوعد
أنا هوريك يا حقېر بس اصبر عليا بس واستنى أما أعرف أنت مين وإيه أصلك وفصلك وساعتها هدفعك تمن إهانتك لأخويا وهو في تربته.
البحث عن شادي كان مهمة صعبة بالنسبة لعمرو ولهذا السبب قرر أن يستعين بصديقه محمد الذي كان يعمل ضابطا في الشرطة ولكنه تقاعد بعدما أصيب في إحدى المهمات إصابة خطېرة كادت تنهي حياته لولا عناية الله به.
وعد محمد صديقه بأنه سيبذل قصارى جهده حتى يعثر على شادي وبالفعل استطاع محمد عن طريق معارفه وأصدقائه القدامى في الشرطة أن يجمعوا معلومات عن شادي بعدما استخدموا صورته التي ظهرت في تسجيلات كاميرات المراقبة.
الأمر لم يكن سهلا ورحلة البحث استغرقت وقتا طويلا وعلى الرغم من ذلك لم يشعر عمرو باليأس لأنه يدرك صعوبة المهمة التي طلبها من صديقه كما أنه كان واثقا أنه سوف يتم العثور على شادي عاجلا أو آجلا.
بعدما تمكن محمد من جمع معلومات كثيرة عن شادي وعائلته كلف أحد الرجال بمراقبته ثم تواصل مع عمرو وأخبره بهذه البشرى السارة التي كان ينتظر سماعها على أحر من الجمر.
الآن لم يعد يفصل بين عمرو والحقيقة التي يبحث عنها سوى مسافة قليلة سوف يجتازها في لمح البصر بعدما يتخطى شادي صدمة رحيل والدته فهو يثق أنه سوف يكشف حينها الستار عن جميع الحقائق المخبأة.
وصل عمرو إلى المنزل والتقي بآية في المدخل وقد ألقت الأخيرة عليه التحية ولكنه تجاهلها ونظر لها بضيق وهو يتوعد لها بداخله أنه سوف يريها الويل إذا تأكد بالفعل من أنها الفتاة نفسها التي يأتي شادي إلى القاهرة من أجل رؤيتها.
نهاية الفصل
الفصل السابع عشر
ارتدى مالك حلة أنيقة وصفف شعره بعناية ثم حمل هاتفه الذي وضعه في وقت سابق على الشاحن حتى لا يضطر لشحنه وهو بالخارج وغادر المنزل وهو يدندن بسعادة لأنه ذاهب إلى مقابلة هبة وهذه المرة بناء على رغبتها وليس اقتراحا منه مثلما كان يحدث في المرات السابقة.
وصل مالك إلى المطعم وجلس ينتظر قدوم هبة التي حضرت بعد مرور نصف ساعة وجلست أمامه فابتسم لها مرحبا بها ثم استدعى النادل وطلب
↚
منه إحضار كأسين من عصير المانجو الطبيعي لأنه يعلم جيدا أن هبة تفضله أكثر من أي مشروب أخر.
انتظر مالك حضور النادل بالكأسين وانصرافه قبل أن يبادر بالحديث وهو ينظر إلى هبة بنظرات حانية
خير بقى يا ستي إيه الموضوع المهم اللي مخليك حاسة بحيرة وعايزة تاخدي رأيي فيه
حمحمت هبة قليلا ورفعت رأسها تنظر في عينيه وهي تجيبه بجدية وحديث أحمد يدور في عقلها
الموضوع اللي عايزة أتكلم معاك فيه يبقى بخصوص الكلام اللي أستاذ توفيق النمر اقترحه علينا لما كنا موجودين في مكتبه.
تنهدت هبة وهي تسترسل في الحديث مضيفة بحيرة شاعرة بكثير من التخبط خاصة بعد مقابلتها لأحمد
أنا بصراحة محتارة أوي يا مالك ومش عارفة أعمل إيه لأن عمري ما اتصورت أني أضطر أكدب وأستخدم أساليب فيها غش وخداع عشان أخد حقي من شخص أذاني.
لن يسمح مالك لتلك الحيرة التي تسيطر على هبة أن تمنعها من ټدمير أحمد والقضاء عليه وسوف يستغل هذه المقابلة حتى يقنعها بالشيء الذي يريد أن يجعلها تقوم به.
وجهت هبة أنظارها نحو مالك تنتظر منه أن يقدم لها المشورة التي تنتظرها منه على الرغم من أنها قد حسمت قرارها في وقت سابق إلا أنها قد قررت أن أحمد حاول يستغلني في أعمال منافية للآداب!
هز مالك رأسه بإيجاب وهتف مؤكدا الحديث بوجهة نظره التي حاول أن يقنع بها هبة حتى يتخلص من غريمه أحمد إلى
الأبد
أيوة طبعا لأنك لما تعملي كده ساعتها هتضمني أن أحمد هياخد العقاپ اللي يستاهله على كل اللي عمله فيك ومش بس كده ده كمان والدتك هترتاح في قپرها وهتكون فخورة بيك لأنك انتقمتي من الشخص اللي كان سبب في مۏتها.
أومأت هبة متظاهرة بالاقتناع ولكنها في حقيقة الأمر كانت تشعر بالاشمئزاز لأن مالك أراد تحريضها على مخالفة مبادئها وحاول إقناعها وأخبرها أن والدتها سوف تكون فخورة بها ولكنها في الحقيقة سوف تغضب منها لأنها علمتها في طفولتها أن صاحب الحق لا ينبغي أن يضيع حقه بالغش والكذب وإذا لم يحالفه الحظ في نيل حقه في الدنيا فينبغي له أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله تعالى ويؤمن بأن ما لم يحصل عليه في الدنيا سوف يناله في الآخرة.
جواب مالك الذي لم يكن متوقعا بالنسبة لهبة زرع الشك في قلبها وجعلها تقتنع بنسبة قليلة بحديث أحمد وفي هذه اللحظة طرح عقلها سؤال لم تتمكن من الإجابة عليه وهو هل يمكن أن يكون مالك هو المسؤول عما جرى معها وأنه يشعر بالغيرة من أحمد أم أن جواب مالك وصراحته في تمنيه حصول ابن عمه على أقصى عقۏبة نابعة من رغبته في أن يكون أحمد عبرة لكل من هم مثله من الأوغاد!
صحيح هي لا يمكنها أن تجيب على هذا الأمر إلا أنها صارت واثقة من شيء واحد وهو أنه يوجد شيء مريب متعلق بمالك وعليها أن تسعى لمعرفته في أسرع وقت.
شرود أحمد منذ عودته إلى المنزل جعل أماني تشعر بالاستغراب لأنها كانت تتوقع أن يحصل ابنها على طرف خيط من خلال مقابلته لخطيبته السابقة يمكنه من الوصول إلى حقيقة تلك الأدلة التي توجد بحوزة هبة لعل هذا الأمر يجعله يعلم كيف تم نشر تلك الصور المفبركة من هاتفه!
فرقعت أماني بإصبعيها حتى ينتبه لها ابنها الذي كان شاردا بذهنه في عالم أخر وبالفعل نظر لها أحمد قائلا
اتفضلي اقعدي يا ماما واضح أنك عايزة تقولي حاجة.
جلست أماني بجواره هاتفة بتساؤل وتمنت أن يمنحها ابنها جواب يريح قلبها
عملت إيه النهاردة مع هبة عرفت توصل لحاجة ولا مجهودنا كان على الفاضي
هز رأسه مؤكدا وصوله إلى شيء سوف يفيدهما لتبادر أماني بسؤاله بنبرة متلهفة
طيب ما تقول بسرعة أنت عملت إيه
بدأ أحمد يسرد عليها تفاصيل كل ما جرى واختتم حديثه بإخباره لها عن اكتشافه لخېانة يحيى التي لم يكن يتوقعها.
اتسعت عيني أماني هاتفة باستنكار
أنت قابلتها لوحدك من غير ما يكون فيه حد تاني قاعد معاكم!
أومأ أحمد وربت على كتفها مبررا موقفه بقوله
أيوة أنا كلمت طنط شيماء واتفقت معاها على كده عشان أضمن أن علاقتها هي ومروة بهبة متتأثرش بشكل سلبي لما تكتشف أنهم ساعدوني أقابلها.
هتفت أماني بضيق من عناده وعدم اتباعه لنصيحتها
طيب افرض دلوقتي يا ناصح هي راحت القسم واتبلت عليك وقالت أنك حاولت تهددها هتبقى تعمل إيه ساعتها يا أبو دماغ ناشفة
ظهرت ابتسامة واسعة على وجه أحمد وهو يمسك هاتفه قائلا
وأنت فكرك يا ماما أن حاجة زي دي هتفوتني مثلا أنا عارف كويس أن هبة مش هتعمل كده بس طبعا أنا عملت حسابي وسجلت كل كلمة اتقالت عشان أكون ضامن أن المقابلة دي ميحصلش بسببها کاړثة.
شغل أحمد التسجيل فاستمعت له أماني وقامت بمدح ذكاء ابنها ولكن تغضنت ملامحها بعدما جلبت هبة سيرة يحيى وأنه أكد لها أن أحمد هو من قام بفبركة الصور.
ضړبت أماني فخديها قائلة بغيظ شديد فهي تتذكر الكثير من المواقف الصعبة التي
مر بها يحيى ولم يجد أحد يقف بجواره ويدعمه سوى أحمد
إخص عليه الواطي الحقېر معقول بعد كل اللي أنت كنت بتعمله عشانه يروح يبيعك بالسهولة دي من غير
↚
ما يفكر ولو لمرة واحدة في العيش والملح اللي كان بينكم!!
ظهر الحزن على ملامح أحمد الذي تحدث بنبرة مقهورة
أنا نفسي اټصدمت أول ما هبة قالت أنه أداها تسجيلات تثبت عليا أني فعلا فضحتها عشان أنتقم منها.
حكت أماني مقدمة رأسها وضغطت بكفها الأيسر على مسند الأريكة قائلة بضيق
طبعا لازم تتصدم لأن بعد كل اللي عملته عشانه راح خانك واتعاون مع مالك ضدك عشان يخلصوا منك بس أنا مش شايفة أن ده تصرف غريب منه لأنه اتغير خالص بعد ما اتصاحب على الشلة إياها واللي كانوا سبب في انحراف أفكاره وحياته كلها.
تنهدت أماني واستكملت حديثها بجدية
المفروض دلوقتي تكلم محمد ابن خالتك عشان يشوف صرفة تقدر من خلالها توصل ليحيى لأنه اختفى من فترة ومحدش عارف عنه أي حاجة.
اتصل أحمد بابن خالته وأخبره بكل ما جرى في حديثه مع هبة وأنه اكتشف حقيقة أن يحيى كان متواطئا مع مالك في تلك اللعبة القڈرة التي تم تدبيرها للإطاحة به من حياة هبة.
استمع محمد إلى حديث أحمد بإنصات وتركيز شديد ثم أردف بتفهم بعدما حلل الموقف ورأى مدى أهمية إيجاد يحيى والإمساك
به
تمام يا أحمد سيبني أنا أتصرف وأحاول أشوف يحيى ده راح فين داهية وأوعدك أن على بكرة هكون وصلتله ومش هسيبه غير لما أخليه يعترف بكل حاجة في محضر رسمي لأن اعترافه ده هيكون أصلا دليل على براءتك.
هتف أحمد بامتنان يشكر به شهامة ابن خالته الذي قرر أن يدعمه على الرغم من انشغاله بعلاج ظهره وساقيه فهو لا يزال حتى الآن يعاني من تبعات الإصابة التي تعرض لها بسبب شظايا القنبلة التي اڼفجرت وهو في إحدى المهمات وقد أجبرته تلك الإصابات التي تلقاها على الابتعاد عن مجال الشرطة إلى الأبد
متشكر جدا يا محمد الواحد مش عارف هو كان هيعمل إيه من غيرك.
أنهى أحمد المكالمة وذهب إلى غرفته حتى ينال قسطا من الراحة وهو على يقين أنه عندما يستيقظ في الغد سوف يتلقى اتصال من محمد وسوف يخبره أنه قد وصل ليحيى.
مالك يا عمرو سرحان في إيه
قالتها مروة مستغربة شرود زوجها منذ عودته من الخارج حيث يبدو من ملامحه أنه قد حدث شيء مهم جعل تفكيره منشغل إلى هذه الدرجة.
هتف عمرو بهدوء نافيا وجود أي خطب به فهو لا يريد أن يجعلها تتوتر وتشغل رأسها بشيء ليس متأكد منه لأنه لا يوجد بحوزته حتى هذه اللحظة دليل يثبت أنه توجد علاقة تربط بين آية وشادي
مفيش أي حاجة يا مروة اطمني ومټخافيش وأهم حاجة اوعي تنسي أن عندك ميعاد بكرة عند الدكتورة.
ابتسمت مروة بسبب اهتمام زوجها وحرصه عليها قائلة
أنا فاكرة كويس أوي موضوع الميعاد وعارفة أنك هتيجي معايا.
تلاشت ابتسامتها بشكل تدريجي وهي تتحسس بطنها وسألته باهتمام
قولي يا عمرو إحنا هنفضل نخبي لحد إمتى موضوع الحمل الوقت بيمر وبطني بدأت تكبر وأنا بقيت بداريها بالعبايات الواسعة أوي بس بعد ما يمر شهر كمان ساعتها الكل هيعرف أني حامل لأني هكون ساعتها دخلت في الرابع.
تأمل عمرو ملامحها وابتسم قائلا بهدوء
متقلقيش يا حبيبتي لو اللي في بالي طلع صح ساعتها هنكون خلصنا من آية وارتحنا منها.
وجهت نظراتها المتعجبة نحوه وضيقت عينيها هامسة بضيق
أه منك يا عمرو لو بس تفهمني أنت بتفكر في إيه بدل ما أنت عمال تتكلم بالألغاز ساعتها هرتاح وهبطل أشغل دماغي كل شوية بحكاية حملي اللي مخبياه عن كل الناس حتى عن أمي.
ابتسم عمرو وتحدث بنبرة مشاغبة بعدما طبع قبلة على جبينها
متشغليش بالك اعتبري أن اللي في دماغي دي مفاجأة أنا بجهزها عشان أفرحك بس مستني لما أظبطها الأول.
نهضت مروة هاتفة بحنق وهي تتوجه نحو المطبخ
أنا لو فضلت أتحايل عليك من هنا لحد بكرة عشان تقولي مش هتقول حاجة وهتفضل تاكل بعقلي حلاوة وعشان كده يستحسن أن أنا أقوم أروح أعمل حاجة مفيدة وأخلص اللي ورايا بدل قعدتي جنبك اللي مفيش منها أي فايدة.
رفع عمرو حاجبيه وأشار
نحو نفسه هاتفا باستنكار وهو يبتسم
بقى أنا قعدتي معاك ملهاش لازمة!! ده أنت طلعت فعلا نكدية ومش وش نعمة و...
لم يتمكن من إكمال جملته بسبب الوسادة التي ألقتها مروة على وجهه ونظرات التحذير التي صوبها نحوه كانت كفيلة بجعله يلتزم الصمت ولا يتفوه بأي حرف.
دقت الساعة التاسعة صباحا في اللحظة التي قررت بها هبة أن تتصل بآية وتخبرها أنها لن تجعل توفيق يترافع عن قضيتها وسوف تقوم بتوكيل محامي أخر حتى يتولى القضية.
أنهت هبة المكالمة وتوجهت نحو المطبخ حتى تعد الفطور ثم جلست تتناول الطعام في هدوء وهي تستمع إلى آيات الذكر الحكيم التي يتم ترتيلها بصوت الشيخ محمد صديق المنشاوي على إذاعة القرآن الكريم.
انتهت هبة من تناول الطعام وقبل أن تحمل الأطباق جاءها اتصال من مالك الذي علم بقرارها من شقيقته وعبر عن ضيقه بقوله
إيه اللي أنت عملتيه ده يا هبة! مفيش محامي هيقدر يقف في وش صلاح حسين غير توفيق النمر وعشان كده لازم تخليه يمسك قضيتك.
احتدت نظرات هبة من تصرف مالك الذي أجج شكوكها قائلة بحزم
أنا قررت خلاص يا مالك ومش هرجع في قراري توفيق مش هينفع يمسك القضية لأنه واحد معندوش ضمير ولا مبادئ وأنا مش بحب أتعامل مع الناس اللي زيه.
حاول مالك أن يجعلها تتراجع عن هذا القرار الذي أطاح بكل ما كان يفكر به فهو قد ظن أنه استطاع إقناعها بالأمس ولكن يبدو أن حواره معها قد أتى بنتائج عكسية
طيب حاولي تفكري تاني في الموضوع وبلاش تتسرعي.
هتفت هبة بحدة تنهي بها الجدال الذي تراه بلا فائدة
أنا أخدت القرار ده بعد ما صليت صلاة استخارة وحسيت بالراحة وأكيد مفيش أي حد هيدبر ليا أموري أحسن من ربنا ولا أنت إيه رأيك يا مالك في الكلام ده
↚
هتفه مالك بضيق لم يتمكن من إخفائه
براحتك يا هبة اعملي كل اللي أنت عايزاه.
أنهى مالك المكالمة وهو يلعن هذا الحظ الذي لم يحالفه وأخذ يفكر في طريقة أخرى تمكنه من التخلص من أحمد بعدما فشل
في فعل هذا الأمر مرتين الأولى عندما دبر لأحمد الحاډث الذي كاد يقضي على حياته والثانية عندما حاول أن يقنع هبة بقبول فكرة توفيق.
رائحة نتنة انتشرت في الأجواء وأزعجت الناس الذين يسكنون في البنايات المجاورة للبناية التي تصدر منها تلك الرائحة.
هتفت إحدى السيدات وهي تشعر بالتأفف
إيه القرف ده يا ستار يا رب واضح كده أن فيه قطة أو كلب ماټ وعفن جوة البيت ده.
وافقتها سيدة أخرى في الرأي قائلة
عندك حق يا أم لمياء الريحة فظيعة أوي ولا تطاق ولازم الشباب يدخلوا البيت ويشوفوا فيه إيه بالظبط طالما صاحب البيت مش بيرد على اتصالاتهم.
تمتمت أم لمياء بضيق وهي تمرر كفها الأيمن على حجابها
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم أنا مش عارفة بجد إيه الناس دي يعني هو يروح يسافر ويسيب لينا القرف ده وكمان مطنش التليفونات ومش بيرد المفروض فعلا الشباب يدخلوا البيت ويشوفوا إيه سبب الريحة دي ولما البيه يرجع من سفره ميبقاش يزعل بقى ويتخانق معانا.
وبالفعل توجه الشباب نحو المنزل حتى يفتشوا عن مصدر تلك الرائحة الكريهة ولكن أوقفهم رجل مسن قائلا بنبرة جادة
استنوا عندكم يا شباب كلنا عارفين أن الزفت صاحب البيت لما يرجع ويعرف أننا دخلنا بيته من غير إذنه هيعمل مشكلة كبيرة وإحنا مش
ظلت مشاعر الڠضب مسيطرة على مالك بسبب قرار هبة الذي أصابه بإحباط كبير وجعله يتساءل بينه وبين نفسه إذا كانت هبة قد حسمت أمرها وقررت أنها لن تجعل توفيق يهتم بقضيتها فلماذا طلبت منه في الأمس أن يلتقي بها حتى تأخذ مشورته!
هل يعقل أن يكون قد سقط مثل الأبلة في فخ نصبته هبة باحترافية شديدة جعلته لا ينتبه لتلك الحيلة إلا بعد فوات الأوان!
قبل أن يفكر عقله في إجابة لهذا السؤال أتاه اتصال من شخص يدعى خميس فزفر بضيق وأجاب على هذه المكالمة بصوت جهوري أظهر شدة غضبه
جرى إيه يا زفت هو أنت كل شوية تتصل بيا عايز مني إيه الساعة دي
احتدت نبرة خميس بسبب الأسلوب السيء الذي يتحدث به مالك معه وكأنه عبد اشتراه بمال والده
اتعدل كده وأنت بتتكلم معايا بدل ما هوريك الوش التاني ومش معني أني ساكتلك يبقى تسوء فيها يا جدع أنت.
صاح مالك بنفاذ صبر بعدما زفر بحنق فهو يشعر بغيظ شديد بسبب تصرف هبة ولا ينقصه في هذه اللحظة سماع صوت خميس
اخلص يا خميس وقول عايز إيه بدل ما أقفل السكة في وشك.
سمع صوت خميس الغاضب وهو يقول
عايز فلوسي اللي لحد دلوقتي مش أخدتها منك وإلا هخرب بيتك وهدمرك.
رفع مالك حاجبيه هاتفا بتهكم ناتج عن ثقته التامة بعدم قدرة خميس على إيذائه
فلوس إيه اللي عايزها أنا قولتلك تموته بس هو لسة عايش لحد دلوقتي وده معناه أنك ملكش عندي جنيه واحد.
ضحك مالك مسترسلا باستهزاء شديد من ټهديد خميس الذي سيكون مصيره السچن إذا تفوه بأي كلمة تتعلق بحاډث أحمد أمام أحد
اعمل كل اللي نفسك فيه وأعلى ما في خيلك اركبه يا شاطر فهمني كده أنت هتعمل إيه مثلا هتروح تقول أنك أنت اللي خبطت أحمد باللوري بتاعتك وكنت عايز تموته عشان أنا طلبت منك تعمل كده مقابل شوية فلوس مش هتنفعك لما تترمي في السچن!
هتف خميس بغيظ وهو يكور يده ضاغطا بشدة على الهاتف
يعني ده يبقى أخر كلام عندك
وكانت إجابة مالك هي أنه أغلق الخط في وجهه دون أن يكترث لتهديده لأنه لا يوجد
شخص عاقل منقولا إلى منطقتهم من مدة قصيرة ولا يعرف أي شيء عن أحوالهم
حيلك علينا يا حضرة الظابط واعرف الحكاية الأول وبعدين عاتبنا الأستاذ يحيى كان على طول بيعمل مشاكل مع أهل المنطقة لأنه كان نسوانجي وبيعاكس البنات هنا في الحارة والخلافات بينه وبين الناس كانت أحيانا بتوصل للقسم بس الأمور كانت بتتحل بعد ما كان الأهالي بيعملوا قعدة رجالة عشان سمعة المنطقة.
هتف الضابط بهدوء بعدما تفهم الوضع وأدرك سبب عدم اهتمامهم بجارهم الشاب وقلة سؤالهم عنه بشكل دوري مثلما يفعلون مع بعضهم البعض
أومأت أم لمياء مسترسلة في الحديث شارحة بعض التفاصيل المتعلقة بحياة يحيى حتى تتضح الصورة بشكل كامل أمام الضابط
أيوة يا باشا ومش بس كده ده من بجاحته راح جاب واحدة من إياهم على البيت هنا وقال أنا حر ومحدش له دعوة بيا بس الناس وقفتله ووقتها هو اضطر يمشي البنت دي وعشان كده
↚
هو بيسافر كتير وبيروح الأماكن المشپوهة عشان ياخد راحته ومحدش يحاسبه.
أخذ الضابط يستغفر الله فهذا الموقف قد جعل بدنه يرتجف
أخذت هبة تتأمل محبس خطبتها من مالك وهي تفكر في كل ما جرى الفترة الماضية وتأكدت أنها قد ظلمت نفسها عندما تسرعت بالموافقة التي لم يكن لها سوى سبب واحد وهو أنها أرادت أن تنسى أحمد وتخرجه من قلبها ولكن هذا الأمر لم يحدث.
لم يخرج أحمد من قلبها كما أنها صارت غير مطمئنة من ناحية مالك ولكن يجب عليها أن تهدأ ولا تتخذ أي قرار متسرع في الفترة المقبلة قبل أن تتأكد من شكوكها.
يجب عليها أولا أن تتأكد إذا كان أحمد هو من قام بالفعل بنشر تلك الصور المفبركة أم أنه صادق في قوله بأن هناك شخص أخر هو من فعل ذلك حتى يوقع بينهما
إذا كانت تريد أن تتأكد من حقيقة نشر الصور فيجب عليها أولا أن تعرف إذا كان أحمد قد عاد بالفعل إلى الإدمان مثلما شاهدت في مقطع الفيديو الذي تسبب في انفصالها عنه أم أن هذا الأمر كان هو الأخر مجرد خدعة سقطت في فخها بمنتهى السهولة
ارتدت هبة ملابس مناسبة للخروج ثم حملت هاتفها ووضعته في الحقيبة وغادرت المنزل قاصدة المستشفى التي كان أحمد يتعالج بها بعد تعرضه للحاډث.
وصلت هبة إلى المستشفى وسألت موظفة الاستقبال عن الطبيب يوسف الذي كان مشرفا على حالة أحمد طيلة مدة بقائه في الغيبوبة.
شكرت هبة موظفة الاستقبال بعدما أخبرتها بمكان المكتب ثم توجهت نحوه ولكن توقفت بعدما رأت يوسف وهو خارج من إحدى الغرف الأخرى.
وقعت عيني يوسف عليها فرحب بها ودعاها إلى مكتبه قائلا بابتسامة
أتمنى أني أقدر أساعدك وأن تكون زيارتك للمستشفى مفيدة.
ابتسمت هبة قائلة بهدوء
شكرا لحضرتك يا دكتور أنا بس كنت عايزة أتأكد من حاجة ومفيش أي شخص غيرك يقدر يساعدني.
اتفضلي يا هبة أنا تحت أمرك.
قالها يوسف بلطف جعل هبة تطمأن وتثق أنه سوف يساعدها
أحمد لما جه هنا المستشفى أكيد اتعمله تحاليل ډم عشان تعرفه فصيلته مش كده برضه
أومأ لها يوسف لتتابع بتساؤل
طيب هي التحاليل
دي ظهر فيها أنه بيتعاطى حاجة أو لقيت مثلا فيه نسبة مخډرات في دمه
فتح يوسف حاسوبه وأخذ يبحث في سجلات التحاليل الخاصة بالمرضى التي يحتفظ بها تحسبا لأي حالة طارئة.
استمر يوسف في البحث لبضع دقائق إلى أن وجد ملف التحليل الخاص بأحمد فأخذ يقرأه بعناية ثم نظر إلى هبة وأجاب
أنا عارف أنه كان مدمن قبل كده وواضح أن فيه أثار خفيفة نتجت عن أعراض الانسحاب أثناء عملية علاجه من الإدمان والتحليل اللي قدامي ده بيأكد أن مفيش في دمه أي مخډرات جديدة يعني باختصار شديد هو مرجعش تاني للإدمان من ساعة ما اتعالج.
وكان هذا الكلام بمنزلة صڤعة على وجه هبة فقد تأكدت الآن أنه تم
التلاعب بها حتى تنهي خطبتها بأحمد والآن صار من الواجب عليها أن تتأكد إذا كان أحمد بالفعل هو من قام بفبركة تلك الصور مثلما أخبرها يحيى الصديق المقرب لأحمد أم أنه كڈب عليها.
انتهى أحمد من تأدية صلاة الظهر فقد أصبح يواظب على الصلوات في أوقاتها بعدما استيقظ من الغيبوبة وأدرك أن المۏت قد يأتيه في أي لحظة ويجب عليه أن يصحح الكثير من الأشياء الخاطئة التي كان يقوم بها في الماضي وأول هذه الأمور هو أنه لم يكن يلتزم بالصلاة.
خرج أحمد من غرفته وجلس أمام التلفاز قبل أن يصدع هاتفه بتلك النغمة التي خصصها لرقم محمد.
ابتسم أحمد وهو يجيب على الاتصال قائلا بعدما فتح مكبر الصوت
طالما اتصلت فده معناه أنك قدرت توصل لحاجة وأكيد أنت عرفت يحيى الحقېر كان غطسان فين طول الفترة اللي فاتت.
تنهد محمد قائلا بحزن لأن وجود يحيى كان سوف يساعدهم في الوصول للحقيقة أما الآن فقد انقطع الخيط ولم يعد هناك أي دليل يثبت أن مالك سماعة الهاتف وهو ينادي على ابنها وعلمت من رضا أن يحيى قد تم العثور على جثته داخل منزله.
أمسكت أماني الهاتف وتحدثت مع محمد وهي تبكي بشدة ثم أنهت المكالمة وجلست بجوار ابنها تربت على كتفه وتواسيه فهي لا تملك أي شيء يمكن تقديمه لأحمد في هذه اللحظة سوى مواساته والتخفيف عنه.
انقبض قلب وهاجي أقولك.
قبل أن يعترض الرجل على حديثها أغلقت أحلام الباب في وجهه وسارت نحو غرفة نومها بسرعة وهي ترتجف وعندما وقع بصرها على زوجها الذي سألها عن هوية الطارق صاحت بړعب
الحقني يا عماد الله يسترك فيه واحد واقف برة الشقة شكله عامل زي هولاكو وبيسأل عليك وواضح أنه مش مظبوط وشكله كده بلطجي حد مسلطه علينا.
تعجب عماد من خوف زوجته الذي لا يوجد له أي سبب منطقي ثم أزاحها بلطف من طريقه وتوجه نحو الباب وفتحه ووجد الرجل لا يزال واقفا ولم يتزحزح من مكانه قيد إنملة.
استغرب عماد بعدما وقعت عيناه على الرجل لأنه لا يعرفه ولم يسبق له رؤيته من قبل وسأله بهدوء
خير يا أستاذ ممكن أعرف أنت مين وبتسأل عليا ليه وتعرفني منين
ربت الرجل على صدره بقوة هاتفا بتفاخر وكأنه شخص ذات شأن كبير يحسب له الجميع ألف حساب
محسوبك خميس وجاي هنا لحد باب بيتك لأن في حوار بيني وبين مالك ابنك وهو مش راضي يخلصه معايا بالذوق وعشان كده قولت أتكلم معاك وأشوف أنت هتحل الموضوع ولا أتصرف مع ابنك بطريقتي.
تملك الخۏف من عماد وشعر أن ابنه قد ارتكب مصېبة والدليل على ذلك هو معرفته بهذا البلطجي.
أشار عماد لخميس بالدخول والسير خلفه إلى أن وصلا إلى غرفة الصالون وقد جلس خميس دون أن يستأذن أو ينتظر دعوة من صاحب المنزل.
حمحم خميس قائلا بخشونة وهو يعقد حاجبيه بحدة بسبب غدر مالك وعدم التزامه بكلمته
بص بقى يا أستاذ عماد المحروس ابنك كلفني بمهمة وأنا نفذتها على أكمل وجه والمفروض كان يديني باقي فلوسي بس هو فضل يماطل معايا وجه النهاردة اعترف أنه مش هيديني حاجة وقالي أعلى ما في خيلك اركبه.
↚
نظر له عماد باستغراب وهتف باستفسار يريد أن يعرف لماذا استعان مالك بهذا البلطجي وما نوع العمل الذي جعله ينجزه
وإيه هي المصلحة اللي
أنت عملتها لابني وبعدها أكل
عليك فلوسها! لو أنت عايزني أجيبلك حقك فلازم تكون صريح معايا وتقولي كل حاجة.
أجابه خميس بصراحة ودون أن يفكر في تأثير حديثه على عماد الذي اتسعت عيناه وهو يستمع إلى كل كلمة
مالك طلب مني من فترة طويلة أني أخبط واحد بالعربية اللوري بتاعتي وهو في المقابل هيديني فلوس بس ڼصب عليا وقال أنا كنت عايزه ېموت وأنت مش قټلته.
شعر عماد بقبضة تعتصر قلبه وبدأ الشك يلعب في رأسه وحتى يتأكد مما يدور في عقله نهض دون أن يتحدث بكلمة واحدة.
توجه عماد إلى غرفته وأمسك بهاتفه ثم خرج مرة أخرى تحت نظرات زوجته التي ينهش الخۏف قلبها بسبب رؤيتها لخميس صاحب النظرات الإجرامية.
دلف عماد إلى غرفة الصالون ثم فتح هاتفه وعرض أمام عيني خميس صورة تجمعه بأحمد وهو يسأل
هو ده الشاب اللي مالك قالك تخبطه وكان عايزك تموته بالعربية اللوري بتاعتك
أومأ خميس بإيجاب قائلا بغلظة فهو يشعر پغضب كبير لأنه لم يتمكن من القضاء على أحمد في يوم الحاډث
عليك نور يا أستاذ عماد هو ده غريب أنا أبقى مجرد عبد المأمور وابنك هو اللي قالي أعمل كده وأنا مليش دعوة بمشاكلكم العائلية.
أضاف بخشونة وهو يرمق عماد بنظرات جاحظة
هتجيب الفلوس اللي ابنك لهفها ولا أتصرف معاه بطريقتي وأعمل فيه اللي كان عايزني أعمله في أحمد
تمنى عماد لو كان بإمكانه أن يضرب خميس ويطرده ولكنه إذا فعل ذلك سوف يفتضح أمر ابنه أمام الجميع وسيكون مصيره السچن أما بالنسبة له فسوف يؤثر هذا الأمر على علاقته بأخيه رضا بشكل سلبي.
أعطى عماد لخميس الأموال التي يريدها وتركه ينصرف بعدما هدده بأنه سوف يقضي عليه إذا فكر في طلب المال مرة أخرى سواء منه أو من مالك.
همس عماد بغيظ وهو يضرب كفيه ببعضهما متوعدا لابنه الذي لم يعد يفكر قبل أن يقبل على أي تصرف أهوج
أنت كده زودتها أوي يا مالك وجه الوقت اللي لازم أوقفك فيه عند حدك لأن محاولة قټلك لأحمد دي معناها أنك أكيد الشخص المسؤول عن الصور المتفبركة اللي اتنشرت لهبة.
لم ينتبه عماد إلى أحلام التي سمعت كل شيء وشعرت بالړعب والخۏف على نفسها وعلى طفلها الصغير وتأكدت أنه إذا جرى أي شيء سيء لعماد فسوف يصبحان فريسة لمالك الذي لن يظهر لهما أي مقدار من الرحمة.
نهاية الفصل
الفصل التاسع عشر
دلف عماد إلى غرفته حتى يبدل ملابسه ويذهب إلى ابنه حتى يضع له حد لأفعاله ولكنه توقف بعدما لحقت به أحلام وهي تصيح بعصبية
أنت لازم تقعد وتفهمني كل حاجة لأن
نظرت أحلام في عينيه وهي تسأله بصرامة تحذره بنظراتها من محاولة الكذب عليها
ليه كدبت على رضا وقولتله أن مالك عزمك على الخطوبة وقالك تعرفهم لأنه اتكسف يقولهم بنفسه بسبب أن هبة كانت خطيبة أحمد بس أنت اللي نسيت تقولهم!
أجاب عماد وهو يشعر بمرارة حادة في حلقه بعدما ذكرته زوجته بحقيقة أنه ادعى الخرف حتى يخفي شيئا يتعلق بابنه عن أعين الجميع
كان لازم أعمل كده يا أحلام عشان أحافظ عليه لأن مكانش ينفع أطلعه كداب بعد ما هو أصر على كلامه قدام رضا وقال أنه
قالي أعزمهم.
كلام عماد جعل وتيرة الحيرة تتصاعد داخل أحلام التي هتفت بعصبية فهي لا تكره في حياتها أكثر من الغموض الذي يتعارض مع طبعها كامرأة فضولية تحب معرفة كل شيء
أنت عايز تجنني يا عماد ولا إيه بالظبط! يعني أنت مش عايز تخلي مالك يبان أنه كداب تقوم تبين نفسك مچنون قدام أخوك!
صاح عماد بصوت مقهور والدموع تنحدر من عينيه
أمال عايزاني أعمل إيه يا أحلام أروح أقول قدام الناس كلها أن ابني الكبير هو اللي مچنون!!
اتسعت حدقتي أحلام من هول الصدمة وأخذت تردد بعدم استيعاب
مچنون!! هو مين ده اللي مچنون يا عماد! إيه الكلام الفارغ ده!
هز
عماد رأسه مؤكدا حديثه وهو يشعر پألم حاد في قلبه الذي انفطر من شدة الحزن على حال ابنه
ده مش كلام فارغ يا أحلام دي الحقيقة اللي كنت بحاول أداريها.
تسطح عماد على السرير وهو ينطق بالحقيقة التي تجعل فؤاده ېتمزق
أنا لاحظت تصرفات مالك المضطربة من زمان أوي أثناء طفولته والموضوع زاد معاه بعد ۏفاة والدته اللي كانت بتعمل نفسها مسكينة قدامه وفهمته أني بخونها وهو بقى مقتنع أن
↚
الكلام ده صحيح بعد جوازي منك.
أخذ عماد يسترجع بذاكرته بعض المواقف التي تؤكد أن نسرين هي المسؤولة عن الحالة التي صار عليها مالك في الوقت الحالي.
مالك إوعى تاكل أي حاجة وإحنا موجودين عند عمك فهمت
قالتها نسرين بصرامة جعلت مالك الذي كان حينها طفلا صغيرا يهتف بطاعة خوفا من ڠضبها
حاضر يا ماما أنا مش هاكل أي حاجة عند طنط أماني.
سمع عماد هذا الحديث وقام بتوبيخ زوجته ولكنها لم تكترث فهي صاحبة شخصية نرجسية ولا تقبل أن يملي أحد أوامره عليها.
ذهب عماد برفقة زوجته وطفليه إلى شقة شقيقه الذي قام بدعوتهم لتناول الغداء عنده ورحبت بهم أماني ثم بدأت في وضع الأطباق على المائدة.
بدأ الجميع في تناول الطعام باستثناء آية ومالك فكل منهما قرر تنفيذ أوامر نسرين بعدم تناول أي شيء في شقة عمهما.
استغربت أماني من عدم تناول الصغيرين لأي شيء ونظرت إلى رضا الذي وجه حديثه إلى مالك وآية
يلا يا حبايبي امسكوا المعلقة وكلوا طنط أماني عملت ليكم الأكل اللي بتحبوه.
ردت آية بفظاظة مؤكدة بشكل غير مباشر أمام الجميع أنها ورثت طباع والدتها وصارت نسخة مصغرة منها
أنا مش باكل أي حاجة غير من إيد ماما حبيبتي لأن أكلها أحسن بكتير من أكل طنط أماني.
تمالك رضا أعصابه ونظر إلى مالك قائلا
وأنت يا مالك مش عايز تاكل ليه المكرونة البشاميل اللي أنت بتحبها!
أراد مالك بالفعل أن يتناول طبق المكرونة ولكن نظرات والدته جعلته لا يفكر في مد يده نحو الصحن قائلا
شكرا يا عمو أنا مش جعان.
قاومت نسرين الابتسامة المتشفية التي كادت تظهر على وجهها وهي ترى الوجوم الذي ظهر على ملامح رضا وزوجته وتظاهرت بالضيق وهي تردف
إيه يا حبايبي الكلام ده طنط أماني بتعمل أكل جميل وأحسن كمان من أكلي يلا امسكوا المعالق وكلوا.
أصرت آية على موقفها لأنها تفهم جيدا أن والدتها لا تريدها أن تتناول من طعام أماني وإنما تفعل ذلك حتى لا يكتشف أحد أنها من قامت بتحريض الصغيرين وتحذيرهما من عدم تناول أي شيء أما مالك فقد كان يريد أن يأكل وفي الوقت نفسه يشعر بالتوتر فهو لا يستطيع أن يفهم إذا كانت والدته تريده أن يأكل أم لا تريد منه أن يفعل ذلك!!
تصنعت نسرين الحرج من تصرفات طفليها قائلة باعتذار ظاهري
معلش يا جماعة أصل عيالي مش بيحبوا ياكلوا غير من طبخي ومهما اتحايلت عليهم عشان ياكلوا في العزومات مش بيسمعوا الكلام.
أراد عماد أن ېهشم رأس زوجته التي جعلت طفليه يكسران بخاطر أخيه وزوجته.
نظر عماد إلى مالك قائلا بحدة متحديا بها زوجته المتغطرسة
قوم تعالي اقعد جنبي وامسك طبق المكرونة وخلص اللي فيه.
أطاع مالك والده وجلس بجواره وتناول المكرونة تحت نظرات والدته التي كانت تستشيط ڠضبا وتتوعد له.
حدثت مشاجرة كبيرة بين عماد وزوجته بعد عودتهما إلى المنزل فقد حاولت ضړب مالك لأنه خالف أوامرها واتهمت نسرين زوجها بأنه يحب أماني ويشعر بالحزن لأنها تزوجت من شقيقه.
أخذ كل من عماد ونسرين يتراشقان بالألفاظ أمام عيني مالك الذي كان يشعر بالخۏف
والحزن فهو لا يعرف كيف ينال رضا والدته مثلما فعلت آية التي تتبع دائما تعليماتها.
كانت نسرين تتهم عماد دائما أنه ېخونها وكان مالك يتعاطف معها عندما يراها تبكي أمامه وفي كل مرة يزداد حقده على والده.
عندما وصل مالك لعمر الخامسة عشر لم يحضر له والده هدية باهظة الثمن مثلما فعل مع أحمد في عيد ميلاده الذي سبقه ببضعة أشهر وكان ذلك بسبب مروره بأزمة مادية حرجة ولكن نسرين أخذت تبكي أمام مالك وصارت تقنعه بفكرة أن والده يكرهه ولا يحب سوى أحمد لأنه ابن أماني واستغلت عدم إحضار زوجها لهدية باهظة حتى تؤجج تلك الفكرة في رأسه.
عندما ماټت نسرين بسبب السړطان لم يحزن عليها أحد سوى مالك الذي شعر بالقهر وأصيب بأزمة نفسية حادة ظن عماد أنه سيتخطاها مع مرور الوقت ولكن هذا الأمر لم يحدث.
استمعت أحلام إلى كلام زوجها بإنصات وانتظرت انتهاء حديثه ثم بدأت في لومه بقولها
وأنت إزاي كنت ساكت على الكلام ده كله يا عماد
هتف عماد مدافعا عن نفسه
أنا كنت مفكر أن الاضطراب ده بسبب نسرين اللي كانت بتطلب منه يعمل الحاجة وعكسها في نفس الوقت وأنه اتمكن منه بسبب صډمته في مۏت أمه لأنه كان متعلق بيها أوي على عكس آية اللي طول عمرها مش بتفكر غير في نفسها.
كادت أحلام تتحدث
ولكنه قاطعها مستكملا حديثه
كنت فاهم أن الحالة دي هتروح مع مرور الوقت بعد ما مالك يتخطى مۏت نسرين بس للأسف كانت حالته بتسوء أكتر من الأول لدرجة أنه بقى بيتوهم حاجات عمرها ما حصلت ومنها أنه مفكر أنه عزمني أنا وعمه على خطوبته وكمان مفكر أني كنت بخون أمه معاك وأني اتخليت عنه ومش بتصل بيه غير كل شهر أو شهرين مع أني أصلا بكلمه كل يوم الصبح عشان أطمن عليه بس هو بينسى وعقله بينكر ده كله بعدين.
استمرت أحلام في بدهشة فهي لم تتخيل أبدا أن ترى زوجها في مثل هذه الحالة في يوم من الأيام
مفيش أي واحدة هترضى تتجوز من شاب قضى فترة من حياته في مصحة نفسية وهيكون صعب على مالك أنه يلاقي شغل أو يقدر يعيش وسط الناس بعد ما يخرج من المصحة.
حاول عماد أن ينهض ولكنه شعر بدوار حاد فتسطح مرة أخرى وهو يتابع بمرارة
حاولت أساعده كذا مرة بطريقة غير مباشرة ومن غير ما أخليه يحس بحاجة وبقيت بقرب منه وباخد رأيه في حاجات كتير عشان يحس أن وجوده مهم في حياتي وأن الأوهام اللي أمه زرعتها في رأسه كلها غلط بس كل حاجة عملتها فشلت وجابت نتيجة عكسية.
ربتت أحلام على كتفي زوجها وحاولت إيقافه عن الحديث ولكنه أبى وأصر أن يخرج كل ما في جعبته
↚
تصوري يا أحلام أنه نسي أني كلمته عشان أخد رأيه في موضوع المدرسة الخاصة اللي هدخل فيها أخوه واتهمني لما كلمته وعاتبته على خطوبته من ورانا أني بقالي فترة طويلة مش بكلمه وأنه سمع من برة أني هدخل ابني الصغير مدرسة مصاريفها هتكلف أكتر من تسعين ألف جنيه في السنة!!
شهقت أحلام وسيطرت الصدمة على ملامحها وهي تهتف بذهول
مش معقول الكلام ده!! مالك كان موجود عندنا قبل يومين من خطوبته وكان قاعد معاك في أوضة الصالون وأنا سمعته بيقولك أنه هيشوف إذا كان أخوه هيستوفى الشروط اللي المدرسة نشرتها ولا لا.
حاول عماد أن ينهض مرة أخرى ولكن منعته أحلام التي هتفت بإشفاق على حاله فهو أب لم يستطع أن يتقبل حقيقة جنون ابنه
نام يا عماد دلوقتي لأنك تعبان وواضح أن ضغطك وطي ولازم ترتاح.
خرجت أحلام من الغرفة هنقدر نخليه يعترف بالحقيقة كلها بعد ما نضغط عليه.
صاحت بها أماني بغيظ شديد فهي لم تكن تتصور أن يكون مالك وضيعا إلى تلك الدرجة التي تجعله يقدم على إزهاق روح إنسان.
هز رضا رأسه معبرا عن وجهة نظره التي تتعارض مع رأي زوجته
إزاي مالك هيعمل كدة يا أماني وهو أصلا ميعرفش أن هبة قالت لأحمد على موضوع يحيى وأننا كنا بندور على يحيى بعد ما ابنك راحله البيت من كام
من الاقتناع بوجهة نظر كل من زوجها وابنها التي تتماشى مع التحاليل المنطقية لكل ما جرى.
مر بضع ساعات قبل أن يعاود
سيطر الغيظ على
لا يمكن أن ينتقم في النهاية أن يخلد للنوم وقبل أن يذهب بعقله في سبات عميق تمتم بحيرة
يا ترى مين اللي ليه مصلحة في موتك يا يحيى!
الفصل العشرون
ظلت هبة جالسة في غرفتها بعدما عادت من المستشفى ولم تتواصل مع أحد بل فضلت الجلوس في هدوء وسکينة حتى تفكر وتربط الأحداث ببعضها.
كل شيء بدأ عندما شاهدت مقطع فيديو لأحمد وهو تحت تأثير المخډرات وكان بجواره البعض منها وهذا الأمر جعلها تعتقد أنه عاد للتعاطي مرة أخرى وبناء على ذلك قطعت علاقتها به وها هي الآن قد اكتشفت أن ما رأته في هذا الفيديو لم يكن حقيقا وهذا يعني أن هناك حلقة مفقودة في هذه المسألة.
الشخص الذي أرسل لها هذا الفيديو ربما يكون هو المسؤول عن الصور المخلة التي تم نشرها على الإنترنت بعدما استطاع بإحدى الطرق الخبيثة أن يحصل على هاتف أحمد.
تذكرت هبة إحدى المرات التي تشاجر فيها أحمد مع أسماء التي اتهمته أنه يحاول استغلال ابنتها ورد عليها حينها مؤكدا أن الفتاة التي ملكت فؤاده اسمها هبة وهي اسم على مسمى فقد أدرك بعدما دخلت حياته أن وجودها بالقرب منه هبة من المولى عز وجل.
فتحت هبة حسابها على الفيس بعدما قررت أن تريح عقلها من التفكير ولكنها بمجرد أن بدأت في تصفح الأخبار اتسعت مقلتيها لأنها رأت الكثير من المنشورات التي تتحدث عن اكتشاف الجميع مۏت يحيى ووجود شبهة جنائية
في الأمر.
كان هناك الكثير من المنشورات التي تتحدث عن مۏت يحيى وأخذت هبة تقرأ التعليقات واكتشفت حقيقة شخصيته فقد كتب أغلبية الأشخاص المتفاعلين أنه كان مشهور بين الجميع بسوء أخلاقه وأنه يجب على كل شاب يسير على هذا المنهج أن يعود إلى رشده وأن يكون مۏت يحيى بتلك الطريقة البشعة عبرة وعظة وتذكير بحقيقة أن المۏت ليس بعيدا عن أحد.
تمتمت هبة باشمئزاز بعدما أغلقت الهاتف ووضعته على الكومود
يا نهار أزرق إيه القرف ده كله أنا مش فاهمة إزاي أحمد ومالك كانوا مصاحبين واحد قذر بالشكل ده!
التعليقات التي قرأتها هبة جعلتها تتأكد أن يحيى شخص لا يمكن الوثوق به وهذا يعني أن حديثه لها عن أحمد بالتأكيد كان كڈبا ولكن يوجد أمر غريب لا يمكنها أن تفهمه.
لماذا قام أحمد بفبركة تلك الصور من الأساس إذا لم يكن ينوي نشرها!
ربما لا يكون أحمد هو من قام بفبركة صورها من الأساس وكلامه لها لم يكن سوى ټهديد استغله شخص أخر حتى يوقع بينهما وهذا الشخص إما أن يكون هو نفسه يحيى أو يكون مالك لأن كلاهما حاولا تشويه صورة أحمد بشكل مبالغ فيه بعد انتشار الصور.
أخذت توجه سؤال مرير لنفسها وهو هل يعقل أن تكون هي نفسها تلك الفتاة المغفلة التي صدقت أن الشخص الوحيد الذي عشقته هو من خدعها وظنت أن جلادها هو منقذها ولكنها اكتشفت
في النهاية أنه كان منقذا زائفا!
اهتدى عقلها إلى وسيلة تجعلها تتأكد مما يدور في عقلها وهي مقابلة مالك وڼصب حديث مفخخ مرة أخرى مثلما فعلت المرة الماضية حتى ترى إذا كان كلامه سوف يؤجج شكوكها
↚
ضده أم سيقضي عليها.
أخذ رجال الشرطة يبحثون داخل شقة يحيى عن أي شيء يوصلهم إلى هوية القاټل فقد صار واضحا أمام الضابط المسؤول عن التحقيق أن مۏت يحيى ليس طبيعيا وبه شبهة جنائية وسوف يتأكد من هذا الشيء بعد صدور تقرير الطب الشرعي.
تمتم الضابط عبارات الاستغفار بصيغ مختلفة بعدما وجد الكثير من الكتب التي تتحدث عن الإلحاد وألبوم صور يجمع يحيى ببعض رواد هذا الفكر القذر في حفلات توقيعات كتبهم التي كانت سببا في إلحاد بعض الشباب ووصول البعض منهم إلى الاڼتحار.
أخذ الضابط يسب ويلعن تلك العجوز التي ماټت في الوقت الذي شارفت فيه على إتمام التسعين من عمرها فقد كانت موجودة في إحدى الصور وهي تضحك برفقة بعض الشباب ومن بينهم يحيى فتلك المرأة الحقېرة هي الرائدة التي ساهمت في نشر هذا الفكر داخل المجتمعات العربية من خلال كتبها وبعض المقابلات التليفزيونية التي كانت تتجرأ فيها على الذات الإلهية وتظهر تعاطفها مع إبليس.
وضع الضابط الصور جانبا وأخذ شهيقا وزفيرا عدة مرات قاصدا تهدئة أعصابه التي ثارت بسبب رؤيته لصورة تلك المرأة الخبيثة التي لم يكن يعلم أي شيء عن أفكارها إلا بعدما ماټت وأخذ بعض الناس الذين يجهلون حقيقتها يترحمون عليها فقام البعض ممن كانوا يتصدون لأفكارها بنشر بعض من مقاطع الفيديو الخاصة بها حتى يتعرف الجميع على شخصيتها ولا ينخدع أحد بأحاديث أتباعها الذين حاولوا أن يجعلوها تظهر على أنها بطلة قومية وقد أثار هذا الأمر جدلا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي ولكن حسم هذا الجدل ابن شقيقها بعدما نشر منشورا عبر صفحته على الفيس بوك ووضح به أنه لا يمكنه الترحم على عمته المتوفاة وأكد للجميع أنها ماټت على الإلحاد بعدما أفنت حياتها في نشر هذا الفكر الوضيع.
ليه عملت كده في نفسك يا يحيى! طيب دلوقتي لما الطب الشرعي يخلص تشريح جثتك ويطلعلك تصريح ډفن الناس هتدفنك على أساس أنهي ملة!!
تمتم بها الضابط وهو يشعر بالضيق ثم خرج من الغرفة وغادر المنطقة التي يقع بها منزل يحيى برفقة زملائه بعدما أخذ نسخة من تسجيلات جميع كاميرات المراقبة التي تقع في العقارات والمحلات المجاورة والمقابلة للمنزل فهي بالتأكيد سجلت الكثير من الأشياء التي سوف تساعد في حل ألغاز تلك القضية المعقدة.
أخذ عمرو يقرأ تلك الرسائل الغرامية التي وصلت إلى هاتف مروة وحاول أن يتحكم في أعصابه بعدما وقعت عينيه على تلك الكلمات التي تحمل معاني خادشة للغاية.
أخذت مروة تبكي وهي تريه الرسائل الأخرى التي صارت تصلها في الآونة الأخيرة على التيليجرام من أرقام مخفية ثم هتفت موضحة الطرق التي اتبعتها حتى تتخلص من تلك المشكلة
أنا كنت كل شوية بعمل حظر بس بلاقي بعدها رسائل فيها كلام قذر بتيجي من حسابات تانية أرقامها مخفية.
أخذ عمرو يدقق في طريقة كتابة الكلمات في جميع الرسائل وتأكد أنه لا يوجد شخص وراء هذا العمل الوضيع سوى آية.
زفر عمرو بغيظ هامسا پغضب
بنت ستين في سبعين قصدها تعمل الحركة دي عشان تجرك معاها في كلام مش كويس وبعدها تبعتلي اسكرين بالمحادثات عشان أشك فيك وأطلقك.
شهقت مروة قائلة باستنكار شديد فهي لم يخطر في عقلها
أن يكون لآية دخل في هذا الأمر المشين
مش معقول يكون قصدك على آية!!
أومأ عمرو هاتفا بتأكيد وكأنه رأى بعينيه آية وهي تكتب تلك الرسائل وترسلها لزوجته
أنا واثق أن مفيش حد غيرها مسؤول عن الحركة دي.
أشار عمرو إلى الرسائل وتابع حديثه يوضح سبب تلك الثقة التي يشعر بها
آية طول عمرها عندها مشكلة في قواعد الإملاء وده شيء أنا لاحظته من زمان لما ياسين أخويا عمل حاډثة أيام خطوبتهم ودراعه اليمين اتجبس وهو كان بيطلب مني وقتها أني أرد على الرسائل اللي آية بتبعتهاله.
رفعت مروة حاجبيها متسائلة باستغراب
وهو ياسين ليه مكانش بيرد بتسجيل صوتي ويريح دماغه بدل ما يخليك ترد أنت وتشوف المحادثات اللي بينه وبين
آية!
أخذ عمرو يضحك ثم دمعت عيناه بعدما تذكر بعض الأفكار التي كان يؤمن بها شقيقه
ياسين كان موسوس شوية من ناحية تطبيقات التواصل الاجتماعي وكان بيشوف أنها بتستخدم بيانات المستخدمين من غير معرفتهم وعشان كده كان مانع التطبيقات دي من تشغيل الميكروفون أو الدخول إلى استيديو الصور وكان بيكتفي في الرسائل أنه يرد بالكتابة وكمان هو كان متحفظ ومكانش فيه أي حاجة محرجة في الرسائل اللي كان بيبعتها لآية لأن طريقة كلامه معاها سواء في المكالمات أو على الإنترنت أصلا كانت شبيهة بكلامه مع أصحابه.
تمام أنا كده فهمت هو ليه مكانش عنده مشكلة أنك تشوف الرسائل بس مش فاهمة بقى أنت إزاي متأكد أن آية هي اللي كتبت الرسائل اللي بتجيلي!
قالتها مروة تحث بها زوجها على إجابة سؤالها بدون الحديث عن أي تفاصيل أخرى لا يهمها معرفتها.
ابتسم عمرو قائلا وهو يشير إلى إحدى الرسائل
شوفي كده معايا الهانم في معظم الكلمات اللي فيها مد بالألف بتكتبها من غير المد زي كلمة عايزة كتبتها عيزة وفيه كلمات تانية مكتوبة بشكل غلط ودي نفس الأخطاء الإملائية اللي كنت بلاحظها في الرسائل اللي كانت بتبعتها لياسين الله يرحمه.
ضحكت مروة بشدة فهذه هي المرة الأولى التي ترى بها في حياتها شخص يقع بسهولة في شړ أعماله بسبب أخطائه الإملائية في الكتابة.
أعاد عمرو الهاتف لزوجته وهو يتوعد لآية التي سوف يكون حسابها عسيرا لأن أخطائها قد ازدادت عن الحد الذي يسمح له بمسامحتها.
لم يعد هناك مجال للشك أمام هبة فقد صار لديها يقين بحقيقة أن مالك هو المسؤول عن كل المصائب التي حلت فوق رأسها طوال الفترة الماضية.
حديثه معها بعدما طلبت منه أن يلتقي بها في الصباح وزلة لسانه ومعرفته بأمر لا يعلم به أحد سواها هي وأحمد جعلها تتأكد من الشك الذي أصابها بالأرق طوال الليلة الماضية.
تأكدت الآن أن الإنسان الذي مد لها يد العون وساعدها في محنتها ليس ملاكا مثلما كانت تظن بل هو شيطان خبيث دمر حياتها ثم ظهر أمامها وهو يتظاهر بأنه المنقذ الذي سوف يخلصها من مصائبها.
↚
صحيح أن صديقتها أخطأت في الماضي عندما حكمت على أحمد بالسوء ولكنها كانت محقة بشأن مالك فهو في النهاية شقيق للأفعى آية التي تبذل قصارى جهدها حتى تفرق بين مروة وزوجها.
لقد كانت تفكر في الاڼتقام من أحمد في الفترة التي كانت تظن بها أنه من تسبب في مۏت والدتها والآن هي سوف تثأر من مالك بالطريقة نفسها التي كانت ستؤذي بها أحمد.
نظرت هبة باشمئزاز إلى المحبس الذي يزين بنصر يدها اليمنى ثم قامت بخلعه وألقته پعنف على الأرض بعدما أقسمت أن تجعل مالك يندم بشدة على كل ما فعله بها.
دلفت راوية خالة شادي إلى غرفة ابن شقيقتها الراحلة وسحبت كرسي خشبي من وسط الغرفة وجلست أمام شادي الذي كان متسطحا على السرير مغمض العينين وهو يمسك بصورة والدته.
ملست راوية على شعره قائلة بحنو جعله يتذكر والدته
هتفضل حابس نفسك كده يا شادي لحد إمتى قعدتك لوحدك كده في الأوضة مش هترجع رشا لأنها خلاص راحت عند اللي خلقها وهو هيكون أحن عليها مني ومنك ومن الناس كلها.
فتح شادي عينيه ووجه بصره نحو خالته قائلا بمرارة
أنا عمري ما كنت أتخيل أنها تسيبني فجأة كده تعرفي يا خالتي أني لما عرفت أنها وقعت في الشارع كنت مفكر أن رجليها اتلوت أو أن الموضوع كله مجرد حاجة بسيطة عمري ما كنت أتصور أني لما أوصل عندها هلاقيها مېتة وكل الناس اللي محاوطينها بيعزوني.
لم تتمالك رواية نفسها وأخذت تبكي وهي تتذكر شقيقتها التي ماټت في غمضة عين دون أن تعاني من أي شيء يجعل لۏفاتها سببا منطقيا.
استرسل شادي حديثه بنبرة متحشرجة فهو على الرغم من خلافاته مع والدته إلا أنه كان متعلقا بها للغاية
ماما قبل ۏفاتها بكام يوم عرفت أني لسة بكلم آية ووقتها حصلت بيننا خناقة كبيرة وهي حلفت عليا أقطع علاقتي بآية بس أنا صممت على موقفي وقولت أني مستحيل أعمل كده مهما حصل مكنتش أعرف أن زعلها مني هيوصلها لدرجة أنها ټموت من الحزن
والقهر.
أمسكت راوية بكفي شادي
وربتت عليهما وتحدثت بنبرة ظهر بها مدى الحزن الذي يحمله قلبها المټألم على فراق شقيقتها
والدتك كانت عايزة مصلحتك وعشان كده كانت رافضة موضوعك أنت واللي ما تتسمى اللي اسمها آية.
تنهدت راوية وقررت أن تخبره بالأمر الذي تظن أنه على علم به ولم تكن تدري أنه لا يعرف أي شيء عن هذا الموضوع بسبب حرص رشا على إخفائه
رشا لما جيت زارتني في القاهرة قبل يوم واحد من ۏفاتها وراحت بعدها قابلت آية قدرت تقنعها بأنها تسيبك وهي عملت كده لأنها شافت أنك مصمم على موقفك ورافض تسمع كلمتها وهي كان عندها يقين أن آية مش هيجي من وراها غير المصاېب وعشان كده هي كانت عايزة تبعدها عنك بأي شكل من الأشكال.
عقد شادي حاجبيه واقترب برأسه من خالته وهو يسألها پصدمة شديدة جعلته يستفيق من حالة الحسړة التي تملكت منه بعد مۏت والدته
أنت قصدك تقولي أن ماما قابلت آية قبل مۏتها بيوم!
أومأت راوية برأسها إيجابا وهي تشعر بالذهول لأنها لم تكن تعلم أن شادي يجهل أمر مقابلة رشا لآية.
أخذت راوية تفرك أصابعها بتوتر بعدما شعرت أنها قد أفشت سر من أسرار شقيقتها دون أن تقصد القيام بذلك
أنا كنت مفكرة أنك عارف الموضوع ده على العموم أنا عايزة أقولك أنك المفروض تريح والدتك في تربتها وتشوف هي كانت عايزاك تعمل إيه قبل ما هي ټموت عشان تنفذه لو أنت فعلا بتحبها.
خرجت رواية من الغرفة حتى لا تسترسل في مزيد من الأحاديث وتكشف الكثير من الأمور التي لا يعلمها ابن شقيقتها.
أما شادي فكان يشعر بشيء مريب بعدما سمع حديث خالته وعقد موازنة بينه وبين الكلام الذي قالته آية عندما اتصلت به قبل بضعة أيام وقامت بتعزيته.
عاد بذاكرته إلى الوراء وتذكر الحديث الذي دار بينهما أثناء تلك المكالمة القصيرة التي تمت قبل بضعة أيام.
إزيك يا شادي مالك يا حبيبي بقالك يومين مش بترد عليا ليه!
أجابها شادي بحزن وهو يكفكف دموعه
أمي ماټت يا آية راحت وهي زعلانة مني عشان أنا رفضت أسيبك.
أخذ شادي يبكي بحړقة ووصل صوت بكائه إلى آية التي أخذت تواسيه بقولها
ربنا يرحمها ويصبرك يا قلبي هي كانت بتحبك ومستحيل تكون مېتة زعلانة منك.
أبعدت الهاتف عنها وزفرت بسأم لأنها مضطرة لاصطناع الحزن على مۏت رشا ثم قربت الهاتف منها مرة أخرى
↚
قائلة
أنا كان نفسي أقابلها عشان أحل سوء التفاهم اللي حصل بيني وبيها من ساعة لما بابا رفضك بعد ما اتقدمتلي بس للأسف مكانش لينا نصيب نتقابل ونتكلم.
ظلت هذه الجملة تدق في عقل شادي كناقوس يحاول أن يوقظه من غفوته ويجعله ينتبه إلى أمر لم يكن سيخطر في عقله لولا معرفته من خالته عن اللقاء الذي دار بين آية ووالدته قبل يوم واحد من ۏفاتها.
قلبه يكتوي بنيران القهر بعدما صار واضحا بالنسبة له أن الفتاة التي عشقها وظل ينتظرها طوال سنوات هي نفسها من غدرت به وقټلت والدته.
أجل بالتأكيد هي لها
الفصل الواحد والعشرون
لم تكن معرفة حقيقة مالك بالنسبة إلى هبة أمرا سهلا بل كان شيئا في غاية الصعوبة استلزم منها الكثير من التفكير كما أن الدهاء كان عنصرا مطلوبا من أجل تحقيق غرضها.
تذكرت هبة عندما اتصلت بمالك وطلبت منه أن تلتقي به وقد وافق بالفعل وذهب لمقابلتها في أحد الأماكن المطلة على نهر النيل.
أخذت هبة تنظر إلى مياه النيل التي كان لها مظهرا ساحرا في هذا الوقت من الصباح وابتسمت قائلة بهدوء
المنظر هنا جميل أوي وأنا بحب أجي كل فترة المكان ده عشان بحس فيه براحة نفسية عجيبة جدا مش بحسها غير فيه.
شاركها مالك الابتسامة ولكنها متصنعة فهو ليس راضيا عن قدومهما إلى هذا المكان لأنه يعلم جيدا أنها كانت تلتقي فيه بأحمد وتلتقط الصور برفقته.
لم يتمكن مالك من خداع هبة بابتسامته المزيفة فقد استطاعت أن ترى أمارات الضيق مرتسمة بشكل واضح على ملامحه وفهمت أنه على علم بمسألة تفضيل أحمد لهذا المكان.
يجب عليها الآن أن تجعله يقع بلسانه ويعترف دون أن يقصد بشيء
يجعلها تتأكد أنه بالفعل المسؤول عما حدث معها فهي لا تريد أن تظلمه وتبني أحكام بناء على مجموعة شكوك قد تكون غير صحيحة.
أشارت هبة إلى النادل وطلبت منه أن يجلب كأسين من عصير الفراولة وقد تعمدت أن تطلب هذا النوع من العصير لأن أحمد يفضله وهي تعلم أن مالك يعرف هذا الأمر وسوف يتضايق بسبب تصرفها وهذا بالفعل ما تريده أن يحدث.
يجب عليها أن تتفنن في مضايقة مالك حتى تشتت تركيزه لأن هذه هي الحالة الوحيدة التي ستجعلها تنال غرضها بمنتهى السهولة ودون أن تبذل مجهود كبير في الوصول إلى هدفها.
وضع النادل الكأسين أمامها ثم انصرف فأمسكت هبة بكأسها وأخذت تشربه وهي تراقب باستمتاع تعبيرات وجه مالك المتغضنة.
تركت هبة الكأس وابتسمت قائلة بلؤم
فيه إيه يا مالك أنت مش حابب النوع ده من العصير ولا إيه
هز مالك رأسه بنفي وبدأ يشرب العصير أمامها وهو يحاول أن يتمالك أعصابه حتى تمر تلك المقابلة على خير.
قطعت هبة الصمت الذي خيم على الجلسة لدقيقة متحدثة بجدية
أنت مقولتليش يا مالك إيه رأيك في المكان
وضع مالك الكأس جانبا وهو يجيب بتلجج
جميل جدا يا هبة ذوقك حلو في اختيار الأماكن اللي بتحبيها وعندك حق لما قولتي أن المكان هنا بيخلي الواحد يحس براحة نفسية.
ابتسمت هبة ووجهت بصرها نحو مياه النيل قائلة
أنا من ساعة حاډثة الصور اللي حصلت معايا وأنا مجيتش المكان ده بس النهاردة فكرت أجي هنا معاك.
تحشرج صوت هبة وهي تستكمل حديثها
أنت يا مالك أكتر واحد شهد على معاناتي بما أنك وقفت جنبي في المحڼة دي وعارف كويس مدى قسۏة التجربة اللي أنا مريت بيها.
ابتسمت هبة بتصنع قائلة بامتنان يخفي في باطنه الكثير من التوعد
شكرا ليك يا مالك على كل حاجة حلوة أنت عملتها عشاني.
اختفى ضيق مالك وحل محله سعادة لا يمكن وصفها بعدما أثنت عليه هبة ولم يكن يعلم أن هذا الإطراء ما هو إلا طعم ألقته أمامه حتى تصطاد منه الحقيقة التي تريد التأكد منها.
نالت هبة مرادها عندما تحدث مالك عن الصور المفبركة قاصدا تحريضها على ابن عمه وأثناء حديثه نصحها بارتداء نظارة كبيرة تخفي بها ملامحها عندما تفكر في التقاط الصور مع الآخرين على هواتفهم الشخصية لأن هذه الطريقة سوف تحميها من الفبركة لأنه يشترط في عملية تعديل الصور أن تكون جودة الصورة عالية للغاية كما يتوجب أن تكون ملامح الشخص الذي سيتم تعديل صورته واضحة ويجب ألا يخفي وجهه بأي شيء مثل النظارات الشمسية.
استرسل مالك في حديثه ولم ينتبه إلى الخطأ الفادح الذي اقترفه عندما أخبرها أن أحمد لم يتمكن من استخدام الصورة التي التقطتها معه قبل عام في هذا المكان عندما كانت ترتدي فستان أزرق في عملية الفبركة لأنها كانت ترتدي حينها نظارة شمسية.
لقد سقط مالك وأقر بالحقيقة دون أن يدري لأن اللقاء الذي جرى بينها وبين أحمد في ذلك اليوم الذي يتحدث عنه مالك لا يعلم أحد عنه أي شيء سوى هبة وأحمد فهما قد خرجا سويا بعد انتهاء وقت محاضراتها والتقطا تلك الصور التي يوجد
منها نسخة على هاتف أحمد في ملف خاص يحمل الكثير من صورهما المشتركة ولا أحد يعرف هذا الأمر.
لا يمكن أن يعلم مالك بأمر هذه الصور إلا إذا فتش في هاتف أحمد وتفقد جميع الصور الخاصة التي يحتفظ بها.
مسألة تفتيش مالك في هاتف ابن عمه تؤكد أنه المسؤول عن فبركة ونشر تلك الصور من حسابات أحمد ولكن السؤال الذي جعل هبة تشعر بالحيرة هو كيف استطاع مالك أن يستخدم هاتف أحمد ويقوم بكل هذه الأمور دون أن ينتبه الأخير لهذا الأمر!
شعرت هبة بأنها على وشك الاختناق فوجودها بالقرب من شخص كاذب ومخادع مثل مالك صار يجعلها تشعر بالاشمئزاز وعدم التنفس بأريحية.
طالت مدة شرود هبة فلوح مالك أمام وجهها حتى يحصل على انتباهها وقد نجح في ذلك بالفعل عندما نظرت له وحملت حقيبتها قائلة
أنا همشي دلوقتي يا مالك عشان ورايا مشوار مهم ومش عايزة أتأخر سلام.
استقلت هبة سيارة أجرة وكلمات أحمد في أوقات زيارتها له أثناء فترة علاجه في المصحة تتردد في رأسها
أنت النجمة التي أنارت عتمة ليلي المظلم فقد أنقذني حبك بعدما كنت تائها في أودية الضياع أمسك بيدي لأني سأغرق من دونك
أخبرته حينها أنها ستدعمه وتقف دائما بجانبه ولكنها خذلته وتركت عقلها يصدق تلك الأكاذيب الملفقة وتجاهلت نداء قلبها الذي كان واثقا من براءة معشوقه.
أخذت تبكي بشدة فهي لم تكن مخلصة للوعود التي قطعتها أمامه مثلما أخلص هو لحبهما ابتعدت عنه ورفضت تصديقه وفي المقابل ظل هو يعشقها.
توقف سائق السيارة أمام المقاپر بناء على طلب هبة التي قررت أن تزور قبر والدتها الراحلة وتقرأ لها الفاتحة.
انتهت هبة من قراءة الفاتحة والدعاء لوالدتها ووعدتها أنها سوف تجلب حقها مؤكدة هذا الأمر بعدما أقسمت يمينا معظما
↚
أنها لن تستسلم
معلش يا محمد معرفتش أرد عليك أول مرة لأني كنت موجود في الحمام.
هتف محمد بتفهم وهو يقرأ بعينيه كلمات التقرير
ولا يهمك يا أحمد ركز معايا دلوقتي في اللي هقوله لأن الكلام ده على قد ما إحنا كنا متوقعينه على قد ما هو هيخليك تتفاجأ.
فهم أحمد من حديث ابن خالته أنه حصل على نسخة من تقرير الطبيب الشرعي فابتسم وقال
قول اللي عندك بسرعة لأني حاسس أن فيه حاجة هتغير خط سير القضية.
هتف محمد وعقلك فوت.
لم تتمكن مروة من التحكم في أعصابها بعدما سمعت تلك الإهانة فاندفعت وأمسكت آية من شعرها صائحة بصوت جهوري وصل إلى أذني فادية التي خرجت على الفور من شقتها حتى ترى ما يجري بالخارج
وكمان وصلت بيك البجاحة تقولي على عقلي مفوت يا تعبانة بعد ما بعتي ليا رسائل على تليفوني من أرقام مخفية عشان تخلي جوزي يشك فيا ويطلقني!!
صړخت آية وحاولت تحرير شعرها من قبضتي مروة التي تابعت حديثها بنبرة متوعدة
أنا مش هسيبك النهاردة غير لما أكسر كل عضمه في جسمك عشان تتعلمي الأدب وتعرفي أن الله حق.
ارتفع صوت صړاخ آية بعدما فشلت في تخليص نفسها من قبضة مروة فتدخلت فادية على الفور وأبعدت مروة عن آية وهي تصيح پغضب
جرى إيه يا بنت أنت هو أنت مش لاقية حد يلمك ولا إيه! هو مش كفاية أنك قاعدة طول النهار أكل ومرعى وقلة صنعة وكمان بطلتي تنزلي عندي في الشقة غير لما عمرو بيجي وجاية بعد ده كله ټضربي آية قدامي!!
شرحت مروة سبب قيامها بهذا الأمر فهتفت فادية باستنكار
فيه ناس كتير يا أختي بيغلطوا في قواعد الإملاء وهما بيكتبوا على الموبايل وبعدين هو إيه اللي يضمن أن أنت فعلا مش پتخوني ابني وعايزة تلبسي بلوتك لآية
في هذه اللحظة تدخل عمرو في الحديث فهو قد سمع صوت الشجار بين زوجته وأرملة أخيه أثناء وجوده في شقته ونزل بسرعة حتى يبعدهما عن بعضهما ليس لأنه ضد مسألة ضړب آية وإنما لأنه ېخاف أن تتعرض مروة لأي أذى قد يؤثر عليها أو على وضع الجنين بشكل سلبي
ماما لو سمحت بلاش الكلام ده لأني واثق في مراتي وعارف كويس طريقة كتابة آية واللي طلعت متطابقة مع الرسائل اللي جيت على موبايل مروة.
أخذت آية تبكي في محاولة منها لكسب تعاطف فادية وقد نجحت في ذلك بالفعل بعدما تشاجرت حماتها مع عمرو من أجلها.
سأم عمرو من دفاع والدته عن آية بهذا الشكل المستميت فقرر أن ينهي هذا النقاش العقيم ساحبا مروة معه متجها بها إلى شقتهما.
قرر شادي ألا يؤجل مواجهته لآية حتى يتأكد إذا كانت بالفعل هي
المسؤولة عن مۏت والدته أم أن ما يشعر به مجرد الفكرة تستحوذ عليه بسبب الهاجس الذي يخبره أن آية هي من قټلت ياسين.
سؤال واحد فقط سوف يحسم نتيجة تلك المعركة التي تدور بين عقله الذي يؤكد له أنها الجانية وقلبه الذي يتمنى أن تكون بريئة وجميع الأفكار التي اقټحمت رأسه مجرد سوء ظن بها.
انتهى شادي من ارتداء ملابسه وغادر المنزل تحت نظرات شقيقته التي تفاجأت بخروجه من عزلته.
أخرج شادي الهاتف من جيب سرواله وكاد يتصل بآية ولكنه تراجع وأعاد الهاتف إلى جيبه مقررا عدم الاتصال إلا بعد وصوله إلى القاهرة.
أيوة جاي دقيقة واحدة هي الدنيا طارت!!
فتح مالك باب الشقة الذي .
كز عماد على أسنانه صارخا بغيظ
يا سلام طيب وبالنسبة لخميس والفلوس اللي أنت أكلتها عليه دول كمان كلام فارغ!
ضيق مالك عينيه وظهر عدم الفهم على ملامحه وهو يقول
خميس مين بس يا بابا! أنا مش فاهم أي حاجة من كلامك.
دفعه عماد وأسقطه أرضا ثم انهال عليه بالضړب
وهو يردد پقهر فقلبه لم يعد يحتمل تصرفات ابنه المتناقضة
كفاية بقى يا أخي حرام عليك أنا تعبت منك أنت كل شوية تقول كلام وتتصرف تصرفات عكس
↚
اللي كنت بتعملها من دقايق فوق بقى وارجع لعقلك وكفاية بقى الجنان الرسمي اللي مش عايز يسيبك من ساعة مۏت أمك.
استطاع مالك أن يتفادى بعض من ضربات والده وهتف باعتراض على اتهام عماد وتشكيكه في سلامة قواه العقلية
أنا كويس جدا يا بابا ومش مچنون ولا حاجة أنت ليه بتقول عني كده وليه بتدخل ماما الله يرحمها في الموضوع! مش كفاية أنك كنت پتخونها واتجوزت أحلام بعد مۏتها على طول ونسيت أن عندك عيال بعد ما خلفت منها وبقالك شهور مش بتسأل فيا وجاي كمان بعد ده كله تتهمني بالجنون!!
انحدرت دموع عماد وهو يهتف بأسف على حالة ابنه التي لا يمكن التعامل معها إلا بإرساله إلى مصحة نفسية
لا مچنون وستين مچنون كمان كل شوية بتقول نفس الأسطوانة بتاعة الخېانة يا بني آدم افهم بقى أنا مكنتش بخون أمك صحيح كنت بكرهها بس مخنتهاش.
بهتت ملامح مالك وشعر بالتيه قائلا بتعجب
أسطوانة إيه اللي بعيدها! أنا عمري ما قولتلك الكلام ده غير دلوقتي عشان أخليك تشوف الظلم اللي بترتكبه في حقي عشان خاطر أحلام وابنك.
ارتفع صوت بكاء عماد مرددا من بين دموعه
أول مرة إيه بس يا مالك! أنت عمرك ما بطلت تقولي كده وياريتها جيت على دي وخلاص أنت على طول بتتهمني بالتقصير والإهمال ناحيتك مع أنك لو مسكت تليفونك دلوقتي وشوفت سجل المكالمات عندك هتلاقي أن كان فيه مكالمة بيني وبينك أول إمبارح الصبح.
لم يقتنع مالك بحديث والده ولكنه قرر أن يفحص سجلات المكالمات لديه حتى يؤكد لوالده أن كلامه ليس جنونا وأنه بالفعل قد أهمله بعد فترة قصيرة من إنجاب شقيقه الأصغر.
شعر مالك أن كل شيء حوله عبارة عن دوامة من أحداث متناقضة بعدما رأى بالفعل في السجل الكثير من المكالمات التي دارت بينه وبين والده وأخرها كانت أول أمس في الصباح الباكر.
لم يتمكن مالك من معرفة أي من تلك الأفكار هي الحقيقة وأي منها هو الوهم وظل رأسه يدور من كثرة الضغط الذي يتعرض له إلى أن استسلم في النهاية لتلك الظلمة التي اكتسحت كل شيء يحيط به وسقط أرضا أمام عيني والده الذي صړخ باسمه.
الفصل الثاني والعشرون
دخل عمرو إلى الشقة برفقة مروة وهو يعاتبها على تصرفها الأهوج الذي جعله يتشاجر مع والدته.
زفرت مروة قائلة بحنق بعدما جلست على الأريكة
خلاص يا عمرو كفاية بقى أنت من ساعة ما طلعنا وأنت عمال تهزقني.
نظر لها عمرو قائلا بعتاب وهو يربت على كتفيها محاولا جعلها تتفهم السبب الفعلي وراء توبيخه لها وأنه يفعل ذلك بدافع الخۏف عليها
أنا مش بهزقك يا مروة كل الحكاية أني خاېف عليك وبلومك على تسرعك وإهمالك اللي خلاك تتخانقي مع آية وتضربيها وأنتم واقفين على السلم.
أخذ عمرو شهيقا وزفيرا متابعا بضيق وهو يجلس بجوار مروة التي نكست رأسها أرضا حتى لا تواجه نظراته المعاتبة
أنا لحد دلوقتي مش مستوعب أن مجاش في بالك أنها كان ممكن تزقك وأنتم موجودين
على السلم ولو حصلك حاجة فمحدش هيقدر يوجه ليها نص كلمة لأن أنت اللي بدأت في ضربها وهي هتظهر في هيئة الست المسكينة اللي كانت بتدافع عن نفسها.
رفعت مروة وجهها وأخذت تبرر تصرفها الطائش وهي تبكي بشدة فهي لم تفرح بزواجها من عمرو ولا بحملها بسبب أفعال آية
أنت عندك حق يا عمرو وأنا فعلا غلطانة بس ياريت تحط نفسك مكاني أنا واحدة جوزها اتجوز عليها أرملة أخوه وهي لسة عروسة جديدة.
حاول عمرو مقاطعتها ولكنها لم تسمح له بذلك واستكملت حديثها الذي كشف مدى القهر الذي تشعر به
كنت عايزني أعمل إيه وأنا شايفة قدامي الشيطانة اللي كانت عايزة تسرق جوزي مني ولما فشلت حاولت تعملي سحر وبعد كده حطت صابون على الأرض ولولا ستر ربنا كان زمان بنتي ماټت وبعد كل ده كانت عايزاك تشك فيا وتفكر أني بخونك.
رفعت مروة صوتها الذي تحشرج بسبب شدة بكائها تشكو إليه الألم الذي يسكن قلبها ولا يشعر به أحد سواها
أنا
تعبت أوي يا عمرو أنا واحدة من ساعة ما اتجوزت وأنا عايشة في چحيم ومعاناة ومش عارفة أفرح وكله من تحت رأس الشيطانة اللي أمك شايفاها ملاك بجناحين.
احتضن عمرو زوجته وملس على رأسها هاتفا بحزم فهو قد سأم من آية التي أفسدت فرحته بحياته مع زوجته أكثر من مرة
كل حاجة هتخلص قريب يا مروة صدقيني أنا واثق أن آية هتختفي من حياتنا قريب أوي ومش هتقدر تزعجنا تاني.
قطع عمرو هذا الوعد بناء على الاتصال الذي جاءه من محمد قبل سماعه لصوت المشاجرة التي دارت بين آية ومروة فقد علم في هذه المكالمة أن شادي في طريقه الآن إلى القاهرة وإذا كان شكه صحيح فسوف يلتقي بالفتاة التي يحبها والتي يثق عمرو بنسبة مليون في المئة أنها تكون آية.
وجه عماد نظرات حزينة نحو مالك الذي استيقظ بعد فترة من إغمائه ووجد والده يجلس أمامه.
اعتدل مالك في جلسته وأخذ يفرك جبهته قائلا بحيرة
هو إيه اللي حصل يا بابا وأنت جيت هنا إمتى ودخلت إزاي وأنا قافل الباب من جوة بالترباس!
أجاب عماد بصوت مبحوح وهو يمرر يده على شعر ابنه شاعرا بقلبه سيتوقف في أي لحظة من شدة الحسړة على ما أصاب مالك الذي كان يتمنى دائما أن يراه في أفضل حال
أنا جيت هنا من شوية يا مالك وأنت بنفسك اللي فتحتلي الباب.
استغرب مالك من كلام والده وضيق ما بين حاجبيه وقبل أن يتحدث ربت عماد على كفه الأيمن قائلا
عملت إيه في موضوع مدرسة اللغات اللي اتفقت معاك أننا نقدم ورق أخوك فيها بعد ما المدرسة الأولى رفضته
أجاب مالك بهدوء وهو لا يزال غير قادرا على استيعاب حقيقة أنه فتح الباب لوالده قبل قليل كما أنه لا يفهم لماذا كان نائما على الأريكة في الصالة بدلا من سرير غرفة نومه
↚
أنا كلمت المدير بتاع المدرسة وهو قال أن لما التقديم يفتح هيبلغني على طول عشان نروح نقدم الورق والكلام ده أنا بلغتك بيه الأسبوع اللي فات.
أغلق عماد عينيه متسائلا بتنهيدة بعدما قرر أن يجعل مالك يدرك حقيقة تصرفاته المتناقضة
هو أنت فاكر يا مالك أنت إزاي عرفت أني عايز أقدم لأخوك في المدرسة دي
أومأ مالك بإيجاب وهو يشعر بالتعجب من أسئلة والده المريبة
أيوة طبعا يا بابا أنت اللي اتكلمت معايا وفتحت الموضوع ده عشان تاخد رأيي فيه وأنا شجعتك على الفكرة وقولتلك هتواصل مع الإدارة وهشوف الإجراءات.
وضع عماد هاتفه أمام مالك وقام بتشغيل مقطع صوتي لتلك المكالمة التي أخبر بها مالك والده أنه علم بأمر المدرسة عن طريق المصادفة من بعض الناس.
ظهرت أمارات الذهول على وجه مالك بعدما سمع كلامه في هذا التسجيل الذي انتظر عماد انتهاءه قبل أن يتحدث
أنا موبايلي بيسجل المكالمات يا مالك ومعظم مكالماتك ليا وأنت بتلومني وبتقول أني اتخليت عنك متسجلة زي المكالمة دي كده وده إثبات عشان تتأكد وتقتنع من جواك أنك محتاج فعلا تروح مصحة نفسية في أسرع وقت ممكن.
هب مالك واقفا وصړخ باستنكار رافضا هذا الاتهام الموجه ضده فهو لن يسمح أن ينعته أحد من أفراد عائلته بالجنون مثلما كان يحدث في الماضي مع والدته الراحلة
إيه الكلام الفارغ ده أنا كويس ومفيش فيا حاجة هو أنا عملت إيه يا بابا عشان تفكرني مچنون! وبعدين أنا مش فاهم أنا كلمتك وقولتلك الكلام ده إمتى!
دلف عماد إلى إحدى الغرف وغاب بداخلها بضع ثوان ثم خرج منها وهو يحمل في يده الهاتف الخاص بابنه فقد وضعه عماد بداخل هذه الغرفة مباشرة بعد تعرض مالك للإغماء.
مد عماد يده بالهاتف لمالك وطلب منه أن يفتحه وبالفعل قام مالك بكتابة الرقم السري ثم أعاده لوالده مرة أخرى وهو يشعر بالفضول منتظرا معرفة سبب رغبة عماد في تصفح الهاتف.
قام عماد بفتح الأذونات المطلوبة من أجل تشغيل تطبيق المشاركة ثم
قام بإرسال
استنى يا بابا خليني أفهم إيه الحكاية بالظبط وبلاش تسيبني تايه كده وحاسس أني مش فاهم حاجة.
انسحب عماد بعدما أزاح ابنه من طريقه وغادر الشقة وترك مالك بمفرده حتى يستمع إلى التسجيلات ويدرك حقيقة أفعاله.
كلما انتهى مالك من سماع تسجيل تزداد صډمته مما يقوله لوالده وكانت الطامة الكبرى بالنسبة له عندما سمع تسجيل المكالمة التي دارت بينه وبين خميس قبل حاډث من إيده بالعافية ووديه المصحة.
زمجر عماد بعصبية فهو قد أصابه التعب من كثرة التفكير في حل لمشكلة ابنه ولا ينقصه تقريع زوجته وعدم تقديرها لموقفه
حرام عليك بقى يا أحلام كفاية عليا اللي أنا فيه أنت يعني شايفة أني في وضع يخليني أستحمل كلامك اللي زي السم.
أطلق عماد تنهيدة حارة وأكمل حديثه بعدما جلس وخلع سترته
مكانش قدامي أي حل بعد ما فضل ينكر حالته وصمم أنه كويس غير أني أسيبه لوحده يسمع التسجيلات عشان أخليه يقتنع بمرضه وأستنى لما هو يجي لحد عندي ويقول بكامل إرادته أنه محتاج يدخل مصحة.
شعرت أحلام بالسوء من نفسها لأنها قست على زوجها وقامت بلومه على أمر ليس له دخل به فهو ليس المسؤول الرئيسي عن الحالة التي وصل إليها مالك وإنما المسؤول عن هذا الأمر هي نسرين التي كانت تشتته دائما منذ مرحلة طفولته وتطلب منه القيام بالشيء وعكسه في الوقت نفسه.
لقد كانت نسرين تغرس في رأس مالك فكرة أن الجميع يكرهه وأولهم والده وعلى الجانب الأخر كان أفراد العائلة يعاملونه بشكل جيد وهذا الأمر تسبب بظهور بوادر انفصام في الشخصية تفاقمت عنده بعد ۏفاتها ورؤيته لحقيقة أنها مكروهة من جميع المحيطين بها بسبب أفعالها الخبيثة وليس لأنهم يغارون منها مثلما كانت تزرع داخل عقله.
أخذت فادية تمرر قطع الثلج على كدمات آية وهي تدعو على مروة التي جعلت ابنها يتشاجر معها من أجلها
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مروة يا بنت شيماء روحي يا شيخة إلهي أشوف فيك يوم يا بعيدة.
تحدثت آية من بين بكائها وهي تتأوه بسبب ألم كتفها
شوفتي يا ماما أنا بقى بيجرالي إيه هنا في البيت وأنت موجودة كل اللي بيحصل ده يبقى ولا حاجة قدام اللي بيحصلي لما أنت بتبقي بايتة برة البيت عن واحدة من أخواتك.
ضړبت فادية كفيها هاتفة بغيظ ارتفعت وتيرته بعدما تذكرت مواقف ابنها الذي يقف لها دائما بالمرصاد كلما فكرت في تقريع مروة على تصرفاتها السيئة
العيب مش عليها يا بنتي العيب على ابني اللي سايبها تتفرعن علينا لأن أنا معرفتش أربيه.
أخذت فادية تبكي بشدة وهي تردد بحسرة
↚
ناظرة أمامها إلى صورة ياسين وهو يقبل رأسها
أنا خلاص مبقاش عندي أي أولاد بعد ما ياسين ابني راح وقهر قلبي على مۏته وهو في عز شبابه هو اللي كان حنين عليا وعمره ما زعلني مش زي عمرو اللي ماشي زي الدلدول ورا مراته الجاحدة اللي مقسية قلبه عليا.
لوت آية ثغرها وتفاقم الغيظ بداخلها بعدما جلبت فادية أمامها سيرة ياسين الذي كان لا يفعل أي شيء إلا بعدما يأخذ استشارة والدته حتى في الأمور الشخصية المتعلقة بحياتهما الخاصة.
ربتت فادية على ذراع آية قائلة بهدوء بعدما كفكفت دموعها
سيبيني لوحدي دلوقتي وقومي يا بنتي روحي ارتاحي في شقتك بما أنك تعبانة وبلاش تعملي أي حاجة النهاردة.
امتثلت آية لأمر فادية وتمتمت بتهكم أثناء صعودها إلى شقتها
ده إيه المرار الطافح ده يا ناس أنا مشوفتش في حياتي واحدة طبيعية نفسها يبقى ابنها واحد أهطل وغبي وملهوش شخصية زي
المنصوف ياسين اللي كان بيخلي أمه تختار ليه الهدوم اللي يلبسها وهو خارج.
ضحكت هبة بشدة وهي تمسك بالهاتف وتستمع إلى حديث مروة التي أخبرتها أنها أمسكت بآية وأبرحتها ضړبا
من يوم يومك يا مروة وأنت مش بتسكتي ولا بترتاحي غير لما بتجيبي حقك تالت ومتلت.
أكدت مروة هذا الكلام بقولها
عندك حق يا هبة أنا عمري ما
سكت ولا هسكت لأي حد يفكر يدوس عليا فما بالك بقى بواحدة حاولت تجهضني.
كلامك مظبوط يا مروة أنت لازم تفضلي قوية ومينفعش تستسلمي مهما حصل لأي حاجة ممكن تكسرك.
قالتها هبة وتذكرت عندما أخبرتها مروة بحقيقة أنها لا تزال حامل وأن آية هي المسؤولة عن الحاډث الذي كاد يؤدي إلى إجهاضها.
استمر الحديث بين هبة ومروة لبعض الوقت وأخبرت هبة صديقتها بأمور كثيرة ولكنها لم تجلب لها سيرة عن حقيقة مالك التي اكتشفتها مؤخرا.
أنهت هبة المكالمة ثم دخلت إلى المطبخ حتى تعد الطعام وأخرجت عدة بصلات وارتدت المريول وشرعت في إعداد الطعام.
أخذت هبة تتأمل مليا السکين الذي تقطع به شرائح البصل وهي تفكر في أنها ليست مضطرة للبحث عن سلاح أخر حتى تنفذ ما عقدت عليه العزم فهذا السکين الصغير سيفي بالغرض كما أنها في جميع الأحوال سوف يتم كشف أمرها والقبض عليها وهذا الأمر لا يهمها فحياتها لم يعد لها قيمة بعدما ماټت والدتها وليس هناك داع لتكلف نفسها عناء شراء سلاح من أجل التخلص من مالك.
يكفي أنها كانت سوف تضحي بقطعة الأرض التي ورثتها والدتها من عائلتها في سبيل دفع أتعاب توفيق الذي كان يريدها أن تدمر حياة أحمد وهو في الحقيقة برئ ولا يستحق أن يقضي حياته خلف جدران السچن.
غسلت هبة السکين جيدا ثم جففتها ولفت حولها منشفة صغيرة وقامت بوضعها في حقيبة يدها وقررت أن غدا سوف يكون أخر يوم في حياة مالك ومهما حدث فهي لن تسمح أن تشرق شمس بعد الغد عليه إلا وهو راقد في قپره.
انتهت هبة من تحضير الغداء ولكنها لم تتناوله بل تركته وغادرت الشقة بعدما قررت أن تقوم بشيء يتوجب عليها القيام به قبل أن تتخلص من حياة مالك.
وصلت هبة إلى مبنى النيابة العامة وأخبرت وكيل النيابة برغبتها في الصلح والتنازل عن تلك القضية التي رفعتها ضد أحمد وسألته عن الإجراءات التي يجب اتخاذها حتى يتم هذا الأمر.
وبالفعل أمرت النيابة بحفظ أوراق القضية فخرجت هبة وهي تشعر بالسعادة لأنها خلصت أحمد من هذه الورطة وصارت متفرغة لمالك تلك ولماذا تبدلت تعبيرات وجهه إلى الدهشة بعدما استقبل تلك المكالمة.
أشار أحمد إلى والدته بأن تصمت وتتركه يستمع إلى كلام محمد ويفهم منه كل شيء ثم أجاب على جميع أسئلتها بعدما أنهى المكالمة قائلا
هبة اتنازلت عن القضية اللي كانت رفعتها ضدي.
وكما
توقع أحمد فقد انتقل تعجبه إلى والديه اللذين حاولا إيجاد سبب منطقي يدفع هبة للقيام فجأة بهذا الأمر بعدما كانت تتوعد بالاڼتقام وټدمير حياة أحمد.
لا يوجد سوى إجابة منطقية لهذا السؤال وهي أن هبة قد توصلت إلى الحقيقة وعلمت أن أحمد ليس المسؤول عما جرى معها ولكن يبقى هناك سؤالا غامضا وهو كيف اكتشفت هبة الحقيقة ولماذا لم تواجه أحمد بعد معرفتها بكل شيء!
الفصل الثالث والعشرون
كانت التسجيلات بالنسبة لمالك مثل القشة التي قسمت ظهر البعير فقد تذكر مع كل تسجيل سمعه جميع الأمور الفظيعة التي قام بها حتى يتمكن من الحصول على هبة.
عاد بذاكرته إلى اليوم الذي اشترى به عقار هلوسه وقام بدسه في كأس الشاي الخاص بأحمد الذي بدأ يفقد تركيزه وصار شبه مغيب عن الوعي.
أمسك مالك بهاتفه وبدأ يصور مقطع فيديو لأحمد وهو في تلك الحالة ثم أرسله ليحيى وطلب منه أن يرسل هذا الفيديو لهبة من حساب وهمي لا يمكن تعقبه.
حدث ما توقعه مالك بالفعل وأنهت هبة ارتباطها بأحمد بعدما ظنته
عاد إلى الإدمان مرة أخرى وهذا الأمر جعل أحمد يشعر بالحيرة والڠضب مقررا استعادتها مهما كلفه هذا الأمر.
قرر مالك أن يستغل إصرار أحمد على استعادة هبة في فعل شيء يجعل الأخيرة تكره سماع اسم أحمد ويتبدل حبها له إلى كره لا حدود له.
أشار مالك إلى يحيى في إحدى سهراتهما مع أحمد الذي كان يجلس مهموما أن يبدأ في تنفيذ الخطة التي اتفقا عليها في وقت سابق.
ربت يحيى على كتف أحمد قائلا بمواساة مصطنعة
متزعلش نفسك يا أبو حميد سيبك منها وصدقني هي اللي خسرانة مش أنت وبعدين اللي ترفضك لازم ترميها وراك ومتفكرش فيها ولو عايز تنساها تعالى معايا أسبوع على شرم الشيخ وأنا أوعدك أنك هتنسى هبة واللي جابوها.
↚
أزاح أحمد يد يحيى هاتفا بضيق فهو لم يعد يحب الجلوس معه بعدما تغيرت أفكاره بسبب الكتب التي صار مدمنا على قراءتها ولولا إلحاح مالك لما أتى وجلس معه على طاولة واحدة
والنبي يا يحيى نقطني بسكوتك أنا مش ناقصك أنت واقتراحاتك المقرفة أنا مش قادر أفهم أنت إزاي طايق نفسك وأنت على الوضع ده!
تدخل مالك في الحديث قائلا بجدية بعدما زجر يحيى بنظرات حادة لأنه كان على وشك إفساد خطتهما دون أن يقصد
خلاص يا أحمد اهدى شوية يحيى قاصد بكلامه أنه يخرجك من حالة الاكتئاب اللي أنت فيها بسبب هبة.
حمحم يحيى مؤكدا هذا الأمر بقوله
كلام مالك صح أنا غرضي هو أني أساعدك يا أحمد وفي عندي فكرة هتخلي هبة تجيلك راكعة وهتعتذر منك لأنها فكرت في يوم من الأيام أنها تسيبك وتبعد عنك.
أنصت أحمد إلى حديث يحيى الذي أخبره أنه قد حدثت مشاكل كبيرة بين أحد أقربائه وزوجته وأنها قد طلبت الانفصال وصممت على قرارها وهذا الأمر كان سيكلف زوجها خسائر فادحة بسبب عدم امتلاكه الأموال الكافية التي سوف يحتاجها لتسديد ثمن المؤخر والشبكة التي قام ببيعها بعد الزواج بوقت قصير حتى يسدد ديونه.
استرسل يحيى في كلامه وأخبره أن قريبه قد لجأ إلى حيلة تجعل زوجته تتراجع عن فكرة الطلاق وهي أنه قام بتصوريها في أوضاع مخلة وهددها بنشر الصور إذا طلبت الانفصال عنه مرة أخرى.
اقترح يحيى على أحمد أن يقوم بالأمر نفسه مع هبة التي سوف تخاف على سمعتها وتعود إلى أحمد حتى لا يقوم بڤضحها.
شعر أحمد بالتقزز بعدما سمع تلك الفكرة الوضيعة وسدد نحو وجه يحيى لكمة قوية ثم انصرف وهو يشعر بالڠضب الشديد.
لم يستسلم مالك وقرر أن يحاول مرة أخرى ولكن بأسلوب مختلف فذهب إلى هبة وتحدث معها وأخبرها أنه يعلم أنها لا تزال تحب أحمد وأنها فكرت في الانفصال عنه تأديبا له بسبب عودته إلى الإدمان وأنها إذا كانت تريد أن تلقنه درسا فعليها أن تكذب عليه وتخبره أنها وافقت على الخطيب الذي تقدم لها.
نفذت هبه بالفعل نصيحة مالك وتظاهرت بالموافقة على العريس الذي تقدم لخطبتها وهذا الأمر جعل أحمد يفقد صوابه ويستشيط ڠضبا وكل ذلك تحت نظرات مالك الذي اقترح فكرة فبركة الصور مرة أخرى ولكن الأخير رفض بشدة وأصر على موقفه.
يا أحمد
فكر كده معايا أنت لو فضلت قاعد كده ومحاولتش تعمل حاجة ساعتها هبة هتتجوز واحد تاني وتضيع منك أنت مش هتفبرك ولا هتعمل حاجة كل الموضوع أنك هتخوفها عشان تسيب خطيبها وترجعلك.
اعترض أحمد على هذا الاقتراح هامسا بحزن
يا مالك افهمني أرجوك أنا لو عملت كده هبة هتفضل معايا بس وهي كارهاني ومش طايقة تبص في وشي.
تحدث مالك بلطف مزيف كالأفعى السامة التي تحاول استمالة فريستها للاقتراب منها وعندما تنجح في مبتغاها تكشر عن أنيابها وتهجم عليها
ما هو أنت هتحاول تراضيها وبعد فترة هتفهمها أنك كنت بتهدد وخلاص عشان بتحبها ومش قادر تبعد عنها.
وقع أحمد في الفخ وقام بټهديد هبة التي أصيبت پصدمة كبيرة وفي هذه الأثناء قرر مالك أن ينهي اللعبة لصالحه مستخدما عقارا مخدرا دسه في فنجان القهوة حتى يتمكن من تخدير أحمد ثم فتح هاتفه باستخدام بصمة إصبعه وأرسل جميع الصور الخاصة بهبة إلى يحيى الذي كان يتقن استخدام برامج تعديل وفبركة الصور باحترافية شديدة تجعل من الصعب التفريق بينها وبين النسخ الأصلية منها.
استغرقت عملية فبركة الصور أكثر من ساعتين وعندما أنهى يحيى مهمته قام بإرسالها إلى هاتف أحمد فابتسم مالك بعدما شاهد الصور المفبركة ثم بدأ في نشرها باستخدام حساب أحمد على جوجل على جميع المواقع المشپوهة.
قام مالك بمحو الرسائل المتبادلة بين يحيى وهاتف أحمد وقرر أن يتخلص نهائيا من ابن عمه واتفق مع خميس على قټله وهذا بالفعل ما حدث في صباح اليوم التالي تزامنا مع رؤية وتداول الجميع للصور المفبركة التي تم نشرها.
أحاط مالك وجهه بكفيه شاعرا بالخزي فهو لا يصدق أنه قد فعل هذا الأمر الفظيع وكل ذلك من أجل غيرة عمياء من ابن عمه زرعتها نسرين بداخله
منذ طفولته حتى تجعله ناقما على جميع أفراد عائلة والده الذين لا يحبونها.
حمل مالك الهاتف وغادر الشقة دون أن يهتم بهندمة مظهره فكل ما يشغل عقله هو الرغبة في معرفة السبب الذي يجعل عقله مغيبا لتلك الدرجة التي تجعله يقوم بهذه الأمور التي ينساها في وقت لاحق وكأنه لم يمر بها.
وصل شادي إلى القاهرة وأخذ يتصل بآية ولكنها لم تجب على الهاتف ولكنه لم يستسلم وظل يحاول عدة مرات إلى أن أجابت أخيرا قائلة باعتذار
معلش يا شادي أنا كنت تحت عند فادية ولسة طالعة دلوقتي وأول ما دخلت الشقة وسمعت صوت الموبايل جيت جري على الأوضة ورديت عليك.
زفر شادي بنفاذ صبر قائلا بتبرم ناظرا إلى برج القاهرة الذي يقع بالقرب من المطعم الذي يجلس بداخله
يا سلام
↚
عليكم اللي يشوفكم يقول أنكم أم وبنتها مش مرات ابن وحماتها.
لوت آية ثغرها قائلة بنزق وهي تجلس واضعة ساق فوق ساق
والنبي اسكت يا شادي أنا زهقت منها وحاسة أني هطق بس مضطرة أستحملها عشان أحقق اللي في دماغي لأنها الوحيدة اللي بتحبني وبتدافع عني في البيت ده.
استكملت آية حديثها متسائلة باهتمام رغبة منها في معرفة أخبار حبيبها الذي ټحطم قلبه بعد رحيل والدته
سيبك مني دلوقتي وقولي أنت عامل إيه يا حبيبي
تحكم شادي بصعوبة في مشاعره ودموعه التي كادت تهطل من عينيه بعدما تذكر والدته الحبيبة التي رحلت في غمضة عين ورد بهدوء شديد يخفي خلفه نيران اڼتقام مستعرة سوف ټحرق الأخضر واليابس إذا ثبت صدق حدسه
الحمد لله أنا كويس يا آية وكمان جيت القاهرة وكنت بتصل بيك من شوية عشان تيجي تقابليني.
هبت آية واقفة قائلة بفرحة عارمة فهي كانت تتمنى أن يخرج شادي من عزلته ويأتي لرؤيتها وها قد تحققت أمنيتها وأتى حبيبها بعدما قطع مسافة طويلة من أجلها
أنت هنا بجد!! طيب ابعتلي مكانك بسرعة وأنا هكون عندك في أسرع وقت.
أنهى شادي المكالمة وأرسل لها موقع المطعم الذي يجلس به وبالفعل فتحت آية خزانة ملابسها وارتدت ملابس براقة واهتمت بتزيين إطلالتها ببعض الإكسسوارات اللامعة.
راقبت آية الوضع جيدا حتى تتأكد بأنه لا يراها أحد من أفراد العائلة وهي تغادر المنزل بهذا المظهر الذي سوف يجعل أي شخص حين يراها يشك بأمرها.
ابتسم عمرو وهو يرى آية من خلف نافذة شقته وهي تصعد إلى سيارة الأجرة واضعة الكثير من مستحضرات التجميل على وجهها
وكأنها ذاهبة إلى حفل زفاف وفي هذه اللحظة قرر أن يلحق بها وألا يترك الأمر كله على عاتق الرجل الذي كلفه محمد بمراقبة شادي.
خرج عمرو على الفور من شقته تحت نظرات مروة التي استغربت خروجه بهذه السرعة وعدم التفاته لندائها وكأنه لم يسمعها أو سمعها ولكنه يريد أن يلحق بشيء يرى أنه لن يتمكن من الحصول عليه إذا تأخر ولو لدقيقة واحدة.
وصلت آية إلى المطعم وتوجهت نحو الطاولة التي يجلس عليها شادي الذي تجهمت ملامحه بعدما رآها أمامه بهذا المظهر متجاهلة ۏفاة والدته التي لا يزال حزينا على فراقها.
اختفت ابتسامة آية بعدما رأت نظرات الحدة في عيني شادي وسألته بقلق
مالك يا حبيبي بتبصلي كده ليه هو أنا عملت حاجة!
زفر شادي ومط شفتيه قائلا بتهكم
لا أبدا يا حبيبتي أنت بس مظبطة نفسك زيادة عن اللزوم وحاطة أحمر وأخضر على وشك ومش عاملة اعتبار لأمي اللي لسة مېتة قريب.
ارتبكت آية وحاولت أن تجد مبررا مناسبا لتصرفها الأهوج فهي قد بالغت في التزين ظنا منها أن هذا الأمر سوف ينال إعجابه ولكنها نسيت تماما أنه لا يزال مصډوما لرحيل والدته.
حمحمت آية ونطقت بأول حجة خطرت في بالها وتمنت أن يقتنع بكذبتها بسهولة مثلما اقتنع من قبل بكثير من الأكاذيب التي كانت تقولها له
أنا أسفة جدا يا حبيبي بس أعمل إيه مع فادية اللي واقفالي زي اللقمة في الزور لدرجة أنها بتعد عليا أنفاسي وكل شوية تسألني رايحة فين وجاية منين وأنا عشان أخرج قدامها من غير ما تفتحلي تحقيق كدبت عليها وقولتها أني رايحة أحضر كتب كتاب واحدة صاحبتي وكان لازم أظبط شكلي عشان تصدق كلامي بسهولة.
أومأ شادي متظاهرا بالاقتناع ثم أمسك بكفي آية قائلا بنبرة ظهرت بها المرارة التي يشعر بها في قلبه
أنا حبيتك أوي يا آية وحاولت أعمل كل حاجة عشان نكون لبعض لدرجة أني فضلت جنبك بعد ما أنت اتجوزت من ياسين.
ربتت آية على يديه قائلة بلطف
أنا عارفة كويس الكلام ده يا حبيبي من غير ما أنت تقوله ومعنديش أي شك في حبك ليا.
انهمرت دموع شادي أمام آية وهو يردد
كان نفسي ماما الله يرحمها تفهم وتستوعب أنا قد إيه بحبك وأني مستحيل أحب واحدة غيرك حتى لو انطبقت السماء على الأرض بس للأسف هي ماټت قبل ما نحقق حلمنا ونكون سوا.
ارتبكت آية بعدما جلب شادي سيرة والدته ولاحظ الأخير هذا الأمر فقرر أن يمضي
في خطته حتى يتأكد مما يدور في عقله.
ألقى شادي نظرة على كأس العصير الموضوع أمامه قائلا
أمي كانت بتحبني أوي يا آية وأنا كان نفسي تحبك أنت كمان بس هي للأسف أخدت عنك فكرة وحشة بسبب أبوك لما طردني زمان ورفض جوازنا.
وضع شادي كفه ومرره على وجنة آية مرددا بأسى
كان نفسي أنت وماما تتقابلوا تاني وتعرفوا بعض أكتر عشان فكرتها تتغير عنك بس للأسف هي ماټت قبل ما تشوفك وتعرفك على حقيقتك.
تظاهرت آية بأنها تأثرت بحديثه وهتفت بعطف محاولة إغلاق هذا الموضوع الذي يجعلها تشعر بالقلق
وأنا كمان كان نفسي أقابل مامتك وأتكلم معاها بس للأسف مش كل حاجة بنتمناها بتتحقق.
وها قد تأكد شادي مما كان يخشى الاعتراف به بعدما أنكرت آية رؤيتها لوالدته قبل يوم واحد من ۏفاتها وإذا كان هذا الأمر يدل على شيء فهو يؤكد أن آية لا تريد أن يعلم أي شخص عن هذه المقابلة حتى لا يتم اكتشاف جريمتها.
شعرت هبة بالراحة بعدما عادت للمنزل فقد خلصت أحمد من الورطة التي وقع بها بسبب مالك وأفعاله الدنيئة.
وقعت عيني هبة على صورة والدتها فجلست تتأملها وتذكرت موقف طريف مر بينهما في ذكرى عيد الأم الأخير في حياة أسماء.
↚
انطلقت صړخة قوية من فم أسماء بعدما دلفت إلى غرفتها وأضاءت الأنوار فقد وجدت هبة ترتدي ملابس دب محشو وتمسك في يدها صندوق كبير يحتوي على هدية.
أخذت أسماء تركض خلف هبة وهي تصيح بتوبيخ
ېخرب بيت سنينك كنت ھموت من الخضة يا شيخة!!
هتفت هبة من بين ضحكاتها وهي لا تزال تركض فقد كانت حريصة على ألا تمسك بها والدتها
فيه إيه يا ماما ده أنا بهزر معاك يا حبيبتي كل
سنه وأنت طيبة يا قلبي ده أنا بمۏت فيك حتى شوفي الهدية الحلوة اللي أنا جايباها عشان خاطرك.
نجحت أسماء في الإمساك بهبة وأخذت تضربها بخفة على ظهرها قائلة بضيق
وهي الهدية ما تنفعش تتقدم يا بنت بطني غير بالخضة وبعدين إيه العبط اللي أنت حطاه على وشك ده! أنا مش فاهمة أنت عاملة فيها دبدوب ولابسة حاجه مطخناك يجي 100 كيلو زيادة فوق وزنك ليه!
أزالت هبة الدب الذي كانت تضعه فوق وجهها وضحكت بشدة قائلة
بصراحة يا ماما أحمد هو اللي قالي على الفكرة الحلوة دي وأنا أعجبت بيها وقررت أنقذها ايه رأيك بقى فيا وفي أفكار أحمد الجهنمية
كزت أسماء على أسنانها مرددة بغيظ
بقى كده طيب والله لهوريه وهخلي سنينه سودة بس أما أشوفه قدامي ابن أماني اللي مش هيبطل حركاته دي هي وصلت كمان أنه يحرضك ضدي!!
ضحكت هبة واحتضنت والدتها قائلة بحب
لا عاش ولا كان اللي يحرضني ضدك يا سوسو يا قمر أنا بس كنت بناغشك يا قلبي المهم يلا امسك الهدية وشوفيها وقوليلي رأيك فيها.
فتحت أسماء الصندوق وانبهرت بعدما وجدت أمامها علبة خلاط كهربائي متطور كانت قد رأت عنه إعلان على الإنترنت وحاولت شرائه ولكنها لم تفلح في إيجاد القطعة الأصلية منه وليست تلك المقلدة التي كانت معروضة في الإعلان.
احتضنت أسماء الصندوق هاتفة بسعادة
ربنا ما يحرمنيش منك يا حبيبتي طول عمرك بتعرفي إزاي ترضيني وتسعديني.
جلست هبة على الأريكة وأراحت ظهرها قائلة بهدوء
تسلمي يا حبيبتي بس أحب أعرفك أن الفكرة دي كانت من دماغ أحمد لأن هو اللي اقترح عليا موضوع الخلاط لما أنا عرفته وقولتله أنك بتدوري عليه.
تمتمت أسماء بضيق مصطنع
صحيح أن أحمد غلس ورخم ودمه يلطش ونفسي أضربه بس طلع ذكي وكله مفهومية.
استفاقت هبة من ذكرى ذلك اليوم الذي بدأت فيه أسماء تتقبل أحمد وتعامله مثل ابنها.
وضعت هبة الصورة جانبا ثم دلفت إلى المطبخ وقامت بسكب الطعام في طبقين وجلست تتناوله في هدوء وهي تتذكر لحظاتها مع والدتها التي كانت تهتم كثيرا لأمرها.
انتهت هبة من تناول الغداء وجلست تتأمل السکين الذي قررت أن تستخدمه في تنفيذ ما يدور في رأسها وجملة واحدة تتردد في عقلها
لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد
تلك المقولة جعلتها تقوم بعمل تعديل بسيط في خطتها وهي أنها سوف تنفذ خطتها اليوم بدلا من الغد.
اقتنعت هبة بفكرة أنه يجب أن تنال حقها في أسرع وقت وعليها أن تأخذ ثأرها وألا تترك مالك يتمتع بحياته ويحظى بوقت أطول بعدما دمرها وتسبب في مۏت والدتها.
ارتدت هبة ملابسها وخرجت من المنزل بعدما وضعت السکين داخل حقيبتها عاقدة العزم على عدم العودة إلى هذا البيت إلا بعد تحقيق هدفها.
نهاية الفصل
الفصل الرابع والعشرون
طيب وأنت يا دكتور مصطفى إيه تحليلك للوضع بعد ما أنا حكيتلك كل حاجة يعني هل أنت عند حضرتك تفسير منطقي لكل اللي بيحصل لمالك
قالتها أحلام وهي تنظر إلى قريبها مصطفى الذي يعمل طبيبا نفسيا فقد جعلت عماد يتصل به ويطلب منه أن يحضر إلى منزلهما.
أخبرت أحلام قريبها بكل شيء عن حالة مالك منتظرة منه أن يمنحها تفسيرا منطقيا لكل ما يجري معه.
تنهد مصطفى
ليحدث عماد وزوجته بجدية مطلقة بصفته طبيب وليس بصفته قريب لهما
بص يا أستاذ عماد أنا مقدرش أحكم على حالة ابنك غير لما أقعد معاه وأشوفه وأشخصه بنفسي ولكن كل اللي أقدر أقولهولك أن الكلام اللي أنت حكيته ليا دلوقتي ده بيدل على شيء واحد بس وهو أن ابنك عنده نوع من أنواع الانفصام في الشخصية.
نظر عماد إلى زوجته وكاد يتحدث ولكن قاطعه مصطفى بقوله
أنا ما ينفعش أجزم بأن مالك مريض نفسي لأن فيه جرائم كتيرة بتحصل دلوقتي وكل مچرم بيحاول يخلص نفسه بادعاء المړض النفسي اللي عمره ما كان مبرر ومش كل مچرم هيتقال عليه مريض نفسي وعشان كده أنا لازم أشوف ابنك وأقعد معاه وأقيم حالته بنفسي.
اعتلى الحزن ملامح عماد الذي طلب من مصطفى أن يشرح له بشكل مبسط عن انفصام الشخصية حتى يعلم إذا كان مالك يعاني بالفعل من الانفصام أم أنه يتظاهر أمامه بالجنون حتى يجعله يهتم به أكثر من اللازم
بدأ مصطفى حديثه
عن انفصام الشخصية بأنه مرض نفسي يؤدي إلى اختلالات شديدة في طريقة نظر الشخص إلى من حوله ويتسبب هذا الاختلال في تغيرات تطرأ على سلوك الفرد وتجعل لديه أوهام راسخة نحو أمر ما رغم وجود جميع الإثباتات التي تؤكد عكس اعتقاده كما أن المړيض بالانفصام يقوم بتصرفات غريبة على عكس عادته وتلك التصرفات ينساها في وقت لاحق ويصاب بهياج عصبي شديد إذا نعته أحد بالجنون أو حاول التحدث عن مرضه أمامه وسبب هذا
↚
المړض يكون في الغالب ناتج لمرحلة طفولة غير متزنة مر بها الشخص المړيض.
تمنى عماد لو كانت نسرين لا تزال على قيد الحياة حتى يجعلها ترى نتائج أفعالها فهي قد زرعت الحقد في قلب ابنها رغما عنه تجاه عائلة رضا وأجبرته على كرههم وها هو الآن يحصد ثمار تلك النبتة الخبيثة التي وضعت بذورها بالقوة داخل عقله.
لم يعد هناك أي مجال للشك بالنسبة لعمرو فقد تكشفت أمامه جميع الحقائق وصار واثقا بنسبة مليون في المئة بوجود علاقة غرامية تجمع بين كل من شادي وآية وذلك بعدما رأى بعينيه ذهابهما إلى نفس المطعم في توقيت واحد وجلوسهما معا على طاولة واحدة.
ضغط عمرو على أصابعه بحدة متمتما بغيظ بعدما كز على أسنانه
قسما بالله لهخليك تدفعي التمن غالي أوي يا آية لأن واضح أوي من لبسك ومنظرك وأنت رايحة تقابلي شادي أن علاقتك بيه قديمة ومن قبل مۏت ياسين الله يرحمه.
صدع هاتف عمرو بصوت رنين فأجاب على الفور دون أن يركز بصره على الشاشة حتى يرى اسم المتصل.
هتف محمد بجدية بعدما سمع صوت عمرو وهو يلقي السلام
شادي قابل البنت اللي بيحبها والراجل بتاعي صورهم مع بعض والصور معايا دلوقتي وأنا بعتهالك على الواتس ياريت تفتح الإنترنت عندك وتشوف إذا كانت البنت دي هي نفسها أرملة أخوك ولا لا لأني بصراحة نسيت شكل البنت اللي أنت وريتني صورتها.
ألقى عمرو نظرة على الطاولة التي يجلس عليها شادي برفقة آية وقال
شكرا ليك يا محمد بس خلاص مفيش داعي أني أفتح الإنترنت وأشوف الصور لأني موجود في المطعم وشايفهم بنفسي وهما قاعدين قدامي.
هتف محمد بتساؤل وقد شعر بالقلق من ردة فعل صديقه لأنه يدرك أنه شخص عصبي ومن الممكن أن يرتكب أي تصرف أهوج يسبب له الكثير من المشاكل
هي البنت اللي قاعدة قدامك دي هي نفسها أرملة أخوك الله يرحمه
أومأ عمرو قائلا بإيجاب وهو يوجه نحو آية نظرات توعد تدل على قسۏة العقاپ الذي يفكر في إلحاقه بها
أيوة هي نفسها وأنا مش هسيبها غير لما أشرب من ډمها وأجيب حق أخويا اللي هي كانت مستغفلاه.
تحدث محمد بنبرة أظهرت مدى تفهمه لما يمر به صديقه فقد مر مسبقا بتجربة قاسېة كانت بطلتها زوجته السابقة التي تخلت عنه بسبب ما حدث له
امسك أعصابك يا عمرو واهدى شوية ومتعملش أي حاجة لأن البني آدمة دي متستاهلش أنك تودي نفسك في داهية عشان خاطرها.
تابع محمد حديثه بعدما أخذ شهيقا وزفيرا محاولا إقناع عمرو بعدم ارتكاب أي حماقة من أجل امرأة لا تستحق أن يلوث أحد يده بضربها
قبل ما تعمل أي حاجة لازم تفكر في أمك ومراتك اللي مفيش ليهم حد غيرك في الدنيا آية أكيد هتدفع تمن خيانتها لياسين بس من غير ما أنت تودي نفسك في داهية.
أخذ عمرو يستغفر ريه ويفكر بجدية في كلام محمد وبالفعل رأى أنه يتوجب عليه أن يتريث ويفكر بشكل عقلاني لأن والدته وزوجته الحامل لا يوجد لهما أحد غيره وسوف يواجهان الكثير من المتاعب في حالة عدم وجوده معهما.
تنهد محمد بارتياح بعدما تراجع عمرو عن تنفيذ ما كان يفكر به ثم أنهى المكالمة بعدما وعده بأنه سيساعده في إيجاد طريقة ينتقم بها من آية دون أن يجلب لنفسه المصائب.
تذكر محمد في هذه اللحظة ما حدث له بعد
الحاډث البشع الذي تعرض له أثناء خدمته في الشرطة فقد اڼفجرت قنبلة زرعها أحد المجرمين في مكان عام وأصيب جسده بشظاياها بسبب قربه من موقع الانفجار وكاد ېموت ولكن مثلما يقال على الألسنة في اللهجات الدارجة كتب الله له عمر جديد حتى يرى وجه زوجته الحقيقي.
تلك
الإصابة البالغة كانت سببا في تركه للشرطة ومكوثه في البيت لفترة زمنية طويلة بسبب العلاج الذي كان يتلقاه كما أنه كان يعاني من وجود الكثير من التشوهات في جسده وصعوبة في المشي بسبب الشظية التي دخلت في قدمة وتركت بها إصابة بالغة جعلته يحتاج إلى مساعدة زوجته في الحركة.
سأمت زوجة محمد هانيا منه ولم تعد تتعامل معه بشكل جيد بل صارت ترمقه بازدراء وتتأفف بضيق كلما رأته وهو جالس على الكرسي المتحرك الذي استعان به بسبب الألم القاسې الذي كان يشعر به كلما وقف على قدميه وحاول السير بهما.
هانيا ابنة الحسب والنسب رأت أن امرأة مثلها تستحق رجل أفضل بكثير من محمد الذي صار مريضا ويحتاج إلى من تقوم بخدمته فهي ابنة اللواء صبري علام وشقيقة المقدم وسام صبري كما أن نسب عائلتها مرموق لدرجة تدفع جميع العائلات إلى السعي لمصاهرتهم.
طلبت هانيا الطلاق بعد وقت قصير من إصابة زوجها وحصلت على مرادها بالفعل تاركة خلفها محمد الذي صار ناقما وكارها لجميع النساء باستثناء زوجة والده وشقيقته وخالته التي دعمته في محنته وها هو يرد لها الجميل بوقوفه بجوار أحمد ومساندته في أزمته مع هبة.
تحسن محمد كثيرا وصار بإمكانه التحرك على قدميه دون الشعور بأي ألم كما أنه تخلص من التشوهات التي نتجت عن الانفجار أما هانيا فقد ندمت على فعلتها وحاولت التواصل معه وطلبت منه أن يسامحها ويقبل بعودتهما سويا ولكنه رفضها.
ما يشعر به محمد في قلبه تجاه هانيا هو كره كبير ولا يوجد شعور أسوأ من الكره الخالص بعد العشق الغير محدود.
أخذ الضابط المسؤول عن قضية يحيى يتابع تسجيلات كاميرات المراقبة بكل دقة حتى يتمكن من إيجاد طرف خيط يجعله يصل إلى القاټل.
دلف الساعي إلى الغرفة وهو يحمل فنجان قهوة ووضعه على المكتب وهو يردد باحترام
اتفضل يا عبد الرحمن بيه دي القهوة بتاعتك.
أمسك عبد الرحمن القهوة وشكر الساعي ثم ارتشفها على مهل وهو ينظر بدقة إلى شاشة الحاسوب.
دخل ضابط أخر إلى الغرفة هامسا بتساؤل
عملت إيه يا عبد ومع ذلك لسة فاكرها لحد دلوقتي ومش قادر أنساها.
رفع عبد الرحمن أحد حاجبيه قائلا بمكر
قصدك مش قادر تنسى صاحبة القضية يا أبو عين زايغة.
جلس وائل وأخذ يتابع التسجيلات برفقة عبد الرحمن حتى يساعده في حل لغز تلك القضية التي أخذت وقتا أكثر من اللازم وصار من الواجب العمل عليها بجد حتى تتكشف جميع الحقائق المخبئة.
أشار وائل بسبابته نحو الشاشة هاتفا بجدية وقد اتسعت عينيه بعدما لاحظ شيء غفل عنه صديقه
وقف التسجيل وبص معايا كده يا عبد الرحمن.
استجاب عبد الرحمن لطلب وائل وانتظر منه أن يخبره بسبب طلبه ولكن الأخير أخذ يعيد المقطع ثم قام بتشغيل فيديو أخر وأشار في النهاية نحو الشخص الذي دخل إلى منزل يحيى وخرج منه بعد مدة زمنية ليست طويلة ولا قصيرة وقد ظهر هذا الأمر بشكل أوضح في المقطع الثاني الذي قام وائل بتشغيله.
أخذ عبد الرحمن يشاهد الفيديوهات المرتبطة بخط سير هذا الشخص ووصل في النهاية إلى المقطع الذي اتضحت به معالم وجه الشخص الذي صار المشتبه به الوحيد في تلك القضية.
هز وائل كتفيه قائلا بفخر
↚
أنا مش عارف أنت يا عبد الرحمن كنت هتعمل إيه من غير وجودي في حياتك فاكر لما اتقبض عليك من رجالة عاطف وأنا أنقذتك
احتدت نظرات عبد
أنا عمري ما كنت أتصور أن يجرالي كل ده طول حياتي كنت عايشة في حالي وعمري ما أذيت أي حد عشان يكون جزائي في الأخر أن ابن عمك يفضحني وسط الناس ويخلي أهلي يقاطعوني ويتبروا مني.
كانت صدمة أحمد لا تقل عن صدمة هبة فهو لم يكن يصدق حتى هذه اللحظة أن يكون مالك هو المتسبب في فبركة ونشر الصور المخلة وكان يظن فقط أنه قد استغل ما حدث
جلس أحمد أمام هبة وحاول تهدئتها هامسا بحنو
مټخافيش يا هبة أنا هخلي مالك يدفع تمن كل اللي عمله غالي أوي بس من غير ما نكون مضطرين نوسخ إيدينا بدمه لأنه ميستاهلش أنك تقضي حياتك في السچن عشان ټنتقمي منه.
في هذه اللحظة صعدت أماني ومن خلفها رضا بعدما سمعا صوت صړاخ كل من أحمد وهبة ولم يكن رضا بحاجة للسؤال عما يجري
تمر بحالة اڼهيار وبجوارها أحمد يحاول تهدئتها والتخفيف عنها.
غادرت آية المطعم تحت نظرات عمرو الذي ظل يتابع من مسافة بعيدة ومن خلف نظارته السوداء شادي الذي يجلس على طاولته بهدوء وكأنه ينتظر حدوث شيء أو قدوم شخص معين.
نهض شادي ولكنه لم يغادر مثلما توقع عمرو بل تقدم نحوه وجلس أمامه على الطاولة قائلا ببرود
قولت لنفسي بما أنك هتفضل تراقبني من بعيد ومش هتيجي تكلمني فلازم أنا اللي أبدأ في الكلام معاك يا أستاذ عمرو.
خلع عمرو نظارته السوداء ورمق شادي بنظرات حادة متحدثا بخشونة بعدما زم شفتيه
شكلك بيقول أنك واحد غبي بس الظاهر كده أن أنا طلعت غلطان لأني مفكرتش في أن يكون عندك نسبة ذكاء صغيرة تخليك تاخد بالك من أنك متراقب وتلاحظ وجودي رغم أني بعيد عنك وكمان متنكر.
ابتسم شادي مقررا الدخول في الموضوع مباشرة قائلا بجدية
أنت مش مهم عندك إذا أنا كنت غبي ولا ذكي أنت كل اللي يهمك أنك تخلص من آية والدليل على كده هو مراقبتك ليها وليا عشان تمسك
عليها حاجة وأنا بقى معايا المفتاح اللي يخليك ترتاح من وجودها في حياتك.
رفع عمرو حاجبه الأيمن متسائلا
وإيه بقى اللي هيساعدني أرتاح من آية وليه أنت عايز تساعدني أخلص منها وأنت المفروض أنك بتحبها!
ظهرت الحسړة في صوت شادي وصارت واضحة أثناء قوله
أنا عايز أنتقم من آية لأنها قټلت أمي زي ما قټلت ياسين أخوك.
الفصل الخامس والعشرون
متعمليش في نفسك كده يا حبيبتي اللي حصل خلاص منقدرش نغيره وقټلك لمالك مش هيرجع أمك مرة تانية ولا هيخلي الناس تنسى الصور اللي شافتها.
تدخل رضا في الحوار هاتفا بجدية أراد من خلالها أن يقنع هبة بصحة وجهة نظر زوجته حتى لا تتهور وتحاول القيام بفعل أحمق يدمر حياتها
أماني عندها حق يا هبة أنت لو عملت اللي في دماغك هتقضي حياتك كلها في السچن ومش هتستفيدي أي حاجة بل على العكس عمرك كله هيضيع في زنزانة مفيش أي بني يقدر يستحمل يقعد جواها أكتر من ربع ساعة.
تركت هبة كأس العصير قبل إنهائه وأخذت تبكي بمرارة هاتفة بۏجع سكن قلبها منذ مۏت والدتها
معنى كلامكم ده أني أفضل قاعدة وحاطة إيدي على خدي
وأسيب اللي دمرني يعيش حياته كده عادي من غير ما يتحاسب وكل ده عشان حياتي مش تتدمر!!
هزت هبة رأسها معبرة عن رفضها الشديد لهذا الاقتراح الذي يجعلها تتخاذل وتتهاون في الاڼتقام لسمعتها التي تلطخت ووصمت بالعاړ
أنا مش عندي حاجة أخاف أني أخسرها ومالك لازم يدفع
↚
تمن كل حاجة وحشة عملها معايا مهما كانت العواقب.
حاولت أماني أن تتحدث وتوضح قصدها من الكلام الذي قالته ولكن بسطت هبة كفها في وجه الجميع قائلة بصرامة
أنت يا طنط أماني لو كان عندك بنت ومالك عمل فيها زي ما عمل معايا فأنا واثقة أن أنت اللي كنت هتمسكيه من رقبته وتقطعيه بأسنانك ومكونتيش هتتهاوني في حق بنتك.
استنكر أحمد طريقة هبة في التفكير وظنها السيء الذي جعلها تعتقد أن والديه يقفان ضد فكرة معاقبة مالك على الجرم البشع الذي اقترفه في حقها
أنت فهمت قصد ماما وبابا غلط يا هبة هما عايزين يقولوا أن فيه طرق تانية نعاقب بيها مالك بس لازم نستبعد القټل عشان متضيعيش نفسك.
في هذه اللحظة استمع الجميع إلى صوت طرقات قوي قادم من الدور العلوي فخرج رضا وتبعته أماني ومن خلفها كل من أحمد وهبة ووجدوا بعد صعودهم عماد يطرق بقوة على باب شقة ابنه بعدما اتصل به عده مرات ولم يجب الأخير على الاتصالات.
حاولت أحلام تهدئة زوجها الذي دب القلق في أوصاله بعدما فشل في التواصل مع ابنه بينما هتفت أماني باستغراب
أنت ليه بتخبط بالطريقة دي على الباب يا عماد ابنك خرج وأكيد هيرجع بعد شوية الموضوع مش مستاهل أنك تقلق بالشكل ده!
تحدثت أحلام بالنيابة عن زوجها الذي كان يجثو أرضا ويقوم بالاتصال برقم مالك للمرة العاشرة على أمل أن يرحمه الأخير ويرد على الاتصال
عماد من حقه يقلق يا أماني على مالك لأنه دلوقتي عرف حقيقة مرضه وممكن يتهور ويعمل حاجة في نفسه.
تعجب أحمد بعدما سمع كلمة مرض هاتفا باستغراب وهو ينظر إلى أحلام
مرض إيه اللي أنت بتتكلمي عنه يا مرات عمي!
رفع عماد بصره ناظرا للجميع بحسرة ولم يتمكن من الإجابة على سؤال ابن أخيه فاضطر مصطفى إلى الحديث قائلا بجدية
مدام أحلام قصدها على مرض مالك اللي فيه احتمال بنسبة كبيرة يكون عنده انفصام في الشخصية.
حك رضا ذقنه وتمتم بتساؤل لم يسمعه أحد
غريبة أوي الموضوع ده يعني مالك مش موجود هنا في الشقة وعماد مش عارف مكانه وكمان
بيقولوا عليه أنه مچنون يا ترى هيكون الولد ده راح فين دلوقتي!
شعرت مروة بالقلق على زوجها الذي لا يجيب على أي من اتصالاتها وهمست بتوعد بعدما جلست على الأريكة وأخذت تدب الأرض بقدميها
ماشي يا عمرو استنى عليا بس أما ترجع البيت وشوف اللي هعمله فيك لأن مينفعش تخليني أقلق عليك بالشكل ده.
صدع هاتف مروة بصوت رنين فأجابت على الاتصال بنبرة متلهفة ظنا منها أن زوجها هو المتصل ولكنها سمعت صوت والدتها التي اتصلت حتى تطمئن عليها.
تحدثت مروة بصوت حاولت جعله يبدو طبيعيا حتى لا تثير قلق والدتها التي لا ينقصها أن تشغل رأسها بمشاكل غيرها.
هتفت شيماء بلطف بعدما قررت أن تخبر ابنتها بالحلم الذي شاهدته في منامها
هو مفيش حاجة جاية في السكة ولا إيه يا مروة أصل أنا بصراحة شوفتك امبارح وأنا نايمة جاية عندي وشايلة في إيدك بنت جميلة زي القمر وعينها لونها عسلي وفيها شبه كبير من ملامح حماتك بس واخدة منك شعرك الحرير وعشان كده بسألك لو أنت حملتي مرة تانية
ابتسمت مروة بعدما سمعت هذا الكلام الذي يعد بشارة طيبة بأن القادم سوف يكون أفضل بإذن الله.
أخذت مروة تمرر يدها على بطنها هاتفة برجاء وقد تولد بداخلها شعور بأن الفتاة التي تحملها في أحشائها سوف ترث ملامح جدتها ولكنها لن ترث منها شخصيتها الفظة
ادعيلي والنبي يا ماما أن ربنا ييسر أموري أنا وجوزي وأوعدك أنك هتسمعي قريب إن شاء الله خبر حلو هيفرحك.
ظهرت الابتسامة على وجه شيماء وبسطت كفيها مرددة بدعاء
بدعيلك دايما يا حبيبتي أن ربنا يوفقك ويصلح حالك ويهدي حماتك ويخليها تشوف حقيقة العقربة اللي اسمها آية.
أنهت مروة المكالمة مع والدتها بعد مرور وقت قصير وجلست تفكر في أمر زوجها الذي لا يرد على اتصالاتها على عكس عادته واستمرت في التفكير إلى أن غلبها النعاس وذهبت في سبات عميق دون أن تشعر.
عادت آية إلى شقتها وبدلت ملابسها وجلست تشاهد التلفاز في هدوء وهي تداعب شعر ابنها الذي نام على حجرها أثناء مشاهدته للفيلم.
استقبل هاتف آية مكالمة من عماد الذي سألها عن مالك وكانت إجابتها أنها لم تتحدث معه ولا تعرف عنه أي شيء.
زفرت آية بضيق بعدما أنهت هذه المكالمة وجلست تفكر في حقيقة الأمور التي تمر بها فوالدها لا يكترث كثيرا لأمرها ومالك أيضا لا يتحدث معها إلا عندما يحتاج منها أن تساعده وهذا الأمر لا يشغل بالها ولا يفرق
معها ولكن ما يزعجها حقا هي تصرفات شادي الذي تغير كثيرا بعدما ماټت والدته.
أغلقت آية التلفاز وحملت ابنها ووضعته في سريره ثم توجهت نحو غرفتها وهي تتمتم بحنق
أنا خلصت عليها لأنها كانت عايزة تفرقني عن شادي بس الظاهر كده أن مۏتها هيخلي شادي يبعد عني الفترة دي لأنه محتاج وقت يتخطى فيه الصدمة وأنا لازم أستغل المدة دي عشان أحقق هدفي وبعدها مش هيكون فيه أي حاجة تمنع جوازي من الراجل الوحيد اللي حبيته من كل قلبي.
ذهب عماد إلى المكان الذي شعر أنه سيجد به مالك وبالفعل صدق حدسه ووجد ابنه يفترش الأرض أمام قبر والدته ويغط في سبات عميق.
ضړب رضا كفيه قائلا بحزن وهو ينظر نحو ابن أخيه بشفقة
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم طلع فعلا عندك حق يا عماد وابنك جه هنا عشان يواجه أمه اللي كانت السبب الرئيسي في كل اللي حصل معاه.
↚
اقترب أحمد من مالك وحاول إيقاظه ولكنه لم ينجح في هذا الأمر فشعر عماد بالقلق وملس على وجه ابنه وصعق بعدما وجد أن درجة حرارته مرتفعة للغاية.
ساعد رضا كل من عماد وأحمد في حمل مالك وقاموا بوضعه داخل السيارة ثم توجهوا به إلى أقرب مستشفى حتى يتم عمل الإسعافات اللازمة من أجل تقليل درجة حرارته المرتفعة.
أجاب عماد على اتصال زوجته وأخبرها أنه نجح في إيجاد مالك وأنهى المكالمة دون أن يخبرها أنه ذهب به إلى المستشفى.
جلس رضا بجوار عماد هاتفا بعتاب فهو لطالما كان يتشارك معه في كل شيء وكان يتمنى أن يخبره شقيقه عن وضع مالك حتى يبحث معه عن حل مناسب لتلك الأزمة
ليه يا عماد فضلت ساكت
وكاتم جواك الموضوع ده لدرجة أنك ادعيت الخرف والنسيان وقولت أن جالك زهايمر وكل ده عشان متخلنيش أشك أن مالك فيه حاجة!
نظر له عماد وأجاب بحسرة أب ابتلاه الله في ابنه وجعله مريض نفسي تعقدت حالته وصار يشكل خطۏرة على كل من حوله
كنت عايزني أقولك إيه بس يا رضا خليني أسألك سؤال بسيط وهو لو أنت كان عندك بنت وجالها عريس وقالك أنه بيحبها أوي بس أنت عرفت بعدين أنه كان بيتعالج قبل كده في مصحة نفسية هل أنت هتقبل بيه وهترضى تجوزه بنتك وأنت مطمن ومش حاسس جواك بأي خوف عليها
التزم رضا بالصمت فهو لا يمكنه أن ېكذب على أخيه ويقول أنه في حال كانت لديه ابنة سيقبل أن يزوجها لشاب سبق وتم إلحاقه بمصحة للأمراض النفسية والعقلية.
جلست هبة داخل غرفة أحمد تفكر في الكلام الذي قالته أحلام أمام الجميع عن وضع مالك وأنه يوجد احتمال كبير يؤكد إصابته بانفصام في الشخصية.
لن تصمت عن حقها مهما حدث لقد تعاملت مع مالك ولم تلاحظ عليه أي أعراض تدل على إصابته بالانفصام.
دب الخۏف في أوصالها بعدما خطړ في بالها فكرة أن يكون مالك مصاپا حقا بانفصام الشخصية وبحاجة إلى العلاج النفسي حتى يتعافى ويعود إلى طبيعته وسألت نفسها ماذا ستفعل إن اتضح صحة ادعاء عماد بمرض ابنه
هل ستتراجع عن فكرة الٹأر من مالك وتتركه وشأنه أم أنها ستظل متشبثة بفكرة الاڼتقام الذي لن تتمكن من الحصول عليه إذا اتضح بالفعل أنه مصاپ بانفصام الشخصية
أين العدل الذي ستحصل عليه لقد دمر مالك حياتها وتسبب في مۏت والدتها وجهل سمعتها موصومة بالذل والعاړ وبدلا من أن يتم الزج به داخل السچن يتم إيداعه في مصحة للأمراض النفسية!!
انتهى وائل من جمع المعلومات المتعلقة بالشخص المشتبه به ثم ذهب إلى مكتب عبد الرحمن الذي طلب تصريح من النيابة حتى يتم ضبط وإحضار المتهم الوحيد في قضية مقټل يحيى.
انطلق عبد الرحمن بصحبة وائل وبعض من عناصر الشرطة إلى محل إقامة المتهم وبعد مرور نصف ساعة وصلوا إلى وجهتهم وفي أثناء هذه الفترة اتصل عبد الرحمن بمحمد وأخبره بجميع الأمور المستجدة في القضية.
دلف عبد الرحمن ومن خلفه قوات الشرطة إلى البناية وطرقوا باب الشقة ففتحت لهم فادية التي هتفت بقلق
خير يا فندم أنتم جايين هنا ليه وعايزين إيه
أجابها عبد الرحمن وهو يصوب بصره نحو آية التي كانت تقف خلفها
معانا أمر بضبط وإحضار المدعوة آية عماد عبد الحليم رزق.
التفتت فادية نحو آية التي صړخت بفزع وضړبت صدرها مرددة باستنكار
ليه إن شاء الله أنا عملت إيه عشان يتقبض عليا!
سمعت إجابة سؤالها من فم عمرو الذي هبط من شقته برفقة زوجته حتى يشاهد آية وهي مکبلة بالأصفاد ويتم جرها إلى سيارة الشرطة
هيتقبض عليك عشان حاجات كتيرة منهم أنك قټلت ياسين أخويا والحاجة رشا أم شادي عشيقك.
شهقت فادية هاتفة پصدمة وهي تمرر نظرها على كل من عمرو وآية
إيه الكلام اللي بتقوله ده يا عمرو!
أحاط عمرو والدته وربت على كتفها قائلا بمواساة
ياسين ماټ مقتول وآية اللي بتعتبريها بنتك هي اللي قټلته وأنا قدمت بلاغ ضدها من
يومين وطلبت أن يتم
استيقظت فادية بعدما علقت لها الممرضة التي أحضرها عمرو إلى المنزل المحلول المغذي في ذراعها ونظرت إلى ابنها الذي جلس على طرف السرير هاتفا بقلق تملك منه بعدما رأى والدته تسقط أرضا بسبب الصدمة التي تعرضت لها
طمنيني عليك يا ماما أنت حاسة
أنك كويسة دلوقتي
أومأت فادية هامسة بصوت خاڤت بسبب حالة الوهن التي سيطرت عليها بعدما أخبرها عمرو بحقيقة مقټل ياسين على يد آية التي كانت تظنها فتاة بريئة تحب الخير للجميع
أنا مش مصدقة أن البني آدمة اللي كنت بعتبرها زي بنتي طلعت هي اللي قټلت ابني الكبير وحړقت قلبي عليه!!
حمحمت مروة وتحدثت بهدوء وهي تخفض رأسها أرضا فهي لا تريد أن تتلاقى نظراتها بنظرات فادية التي من الممكن أن تعتقد أنها تشمت بها بسبب سوء تعاملها معها في الماضي
حمد الله على السلامة يا ماما ربنا ميحرمناش منك أبدا.
تدخلت الممرضة في الحديث ونظرت إلى عمرو قائلة بشفقة على وضع فادية التي كانت تظن أنها
↚
فقدت ابنها البكر بسبب تعرضه لنوبة قلبية مفاجأة ولكنها اكتشفت أنه ماټ مقتولا على يد زوجته التي كان يعشقها
المفروض يا أستاذ عمرو أنك تكون حريص الفترة الجاية على أن مدام فادية متتعرضش لأي ضغط عشان وضعها الصحي يتحسن.
شكر عمرو الممرضة التي حضرت على الفور بعدما اتصلت بها زوجته وأخبرتها بحاجتهم الماسة لوجودها من أجل الاعتناء بفادية.
رافقت مروة الممرضة إلى الخارج ولم يتبق في الغرفة سوى عمرو ووالدته التي همست بصوت مقهور وهي تشعر پألم شديد في قلبها الذي كان يحمل مشاعر الحب تجاه قاټلة ياسين
أنا نفسي أعرف هي ليه عملت فينا كده! ياسين أخوك كان بيحبها أوي وعلى طول كان بيحاول يرضيها بأي شكل من الأشكال وأنا كمان اعتبرتها بنتي وحبيتها جدا.
أمسك عمرو بكفي والدته وطبع قبلة على كل منهما قائلا بأسى فهو لم يكن يريد أن يراها أبدا بمثل هذه الحالة
آية تبقى نموذج بشړي للحية اللي مهما عطفتي عليها وساعدتيها وقدمت ليها حاجات حلوة فهي برضه هتنكر الجميل وهتلدغك في النهاية لأن ده طبعها وأسلوبها اللي عايشة عليه.
طلبت فادية من ابنها أن يخرج من الغرفة ويتركها بمفردها فاعترض عمرو على هذا الأمر ولكنه امتثل في النهاية لرغبتها بسبب إصرارها على البقاء وحدها في هذه اللحظة.
انتظرت فادية خروج عمرو من الغرفة ثم أمسكت بصورة ياسين وأخذت تبكي بحړقة لأنها كانت تتعامل مع قاتلته بمنتهى الود والمحبة ظنا منها أن هذا الأمر سوف يسعده ويجعل روحه ترتاح ولم تكن تعلم أن نظرات اللوم التي كانت تراها على وجهه كلما زارها في أحلامها كانت بسبب حبها الشديد للمرأة التي غدرت به وأزهقت روحه بدم بارد.
جلس وائل أمام آية وعقد ذراعيه قائلا بخشونة
بصي يا آية
عماد أنا لو كنت مكانه كان زماني عملت حاجة في نفسي الأستاذ عماد بصراحة راجل محترم وزي ما كلنا عارفين المؤمن دايما مبتلي وهو ربنا ابتلاه في ولاده الكبار البنت طلعت مچرمة وقتالة قټلة والشاب طلع مچنون وجنانه خلاه يعمل مصايب ملهاش أول من أخر.
تملكت الدهشة من هبة بعدما سمعت كلمة مچرمة وهتفت بتساؤل تستفسر عن هذا الأمر
هو إيه اللي حصل بالظبط يا مروة وليه بتقولي عن آية أنها مچرمة!
أصيبت هبة پصدمة قوية وكأنها صعقټ بالكهرباء بعدما أخبرتها مروة بكل ما جرى وأن آية متهمة بإزهاق روح ثلاثة أشخاص وتم إلقاء القبض عليها.
أدخل
في مجال الصيدلة والمواد الكيميائية وعندما فكرت في هذا الأمر اهتدى عقلها إلى حل ممتاز وهو الاستعانة بيحيى صديق شقيقها الذي بإمكانه أن يرشدها إلى الأماكن التي تباع فيها هذه المادة باعتبار أنه كان في الماضي طالبا في كلية العلوم قبل أن يتم فصله من إدارة الجامعة بسبب نشره لبعض الأفكار التي تتعارض مع
إذا لم تأت إلى منزله مثلما طلب منها عدة مرات.
أطاعت آية يحيى وذهبت إلى منزله حتى تتفاهم معه مثلما كان يعتقد ولكنه لم يكن يعلم أنها سوف تجعل نهايته مماثلة تماما لنهاية كل من ياسين ورشا.
جلست آية في الصالة وانتظرت خروج يحيى من المطبخ وهو يحمل كأسين من العصير ثم وضع الصينية على الطاولة ومد يده لآية بالكأس الخاص بها.
ارتشفت آية رشفة صغيرة من كأس العصير ثم وضعته جانبا لأنها تعلم جيدا أنه شخص ماكر للغاية ومن الممكن أن يكون قد وضع لها مخدر في هذا المشروب حتى يتمكن من السيطرة عليها.
أخذت تسعل
انتهى يحيى من شرب العصير فنهضت آية حتى تغادر ولكنه أمسك بها وحاول أن يتقرب منها قابضا عليها بكفيه الغليظين قائلا بوقاحة
رايحة فين يا قلبي هو أنت شايفة دخول الحمام زي خروجه ولا كنت مفكرة أني خليتك تيجي هنا لحد بيتي عشان نقعد مع بعض نصلي ونسبح!
اتسعت عيني آية وصړخت به وهي تحاول إبعاده عنها وأقسمت أنها لن تدعه ينال غرضه حتى لو كان الثمن هو حياتها
إيه اللي بتعمله ده يا يحيى! أنت اټجننت في عقلك! ابعد عني حالا أحسنلك وإلا هصوت وهلم عليك الناس.
ابتسم يحيى هاتفا باستخفاف وهو يقربها منه أكثر من ذي قبل وكأنه بهذا التصرف الوقح يتحداها أن تنفذ ټهديدها
وماله يا حلوة أعلى ما في خيلك اركبيه صوتي ولمي عليا الناس وساعتها شوفي إيه اللي هيجرالك من الناس وكل
اللي يسوى واللي ميسواش هيقولوا عليك واحدة رخيصة لأن مفيش ست محترمة هتروح لوحدها لشقة شاب أعزب عايش فيها لوحده.
تمكنت آية من دفعه وركضت حتى تخرج من الشقة ولكنه لحق بها وأراد أن يعتدي عليها ويحقق الغرض الذي لطالما أراد تحقيقه منذ وقت طويل.
مدت آية يدها وقبضت بها على المزهرية ثم هشمتها على رأس يحيى فسقط مغشيا عليه أمام عينيها التي كانت ترميه بنظرات مشمئزة وكارهة.
بصقت آية على يحيى وخرجت من المنزل بسرعة قبل أن يستيقظ وكانت تشعر بالخۏف الشديد بسبب ما كان سيفعله بها يحيى ولكن اختفى هذا الشعور بعدما
مر أسبوع وفادية لا تزال رافضة التحدث مع أحد وكل ما تقوم به هو الجلوس داخل غرفتها والبكاء على ابنها الذي قټل غدرا دون سبب منطقي.
دلف عمرو إلى غرفة والدته التي كانت تجلس على طرف سريرها ومن خلفه مروة ووقفا أمام فادية التي أشاحت ببصرها وهتفت برجاء
لو سمحتم سيبوني لوحدي لأني بجد مش قادرة أتكلم مع حد.
نظر عمرو إلى زوجته ثم أمسك بيدها وهتف بابتسامة يمهد من خلالها للبشرى التي يريد أن يخبر بها والدته
↚
إحنا عايزين نقولك على خبر حلو هيفرحك أوي.
نظرت له فادية هاتفة بدون اكتراث وكأن حياتها قد توقفت بعدما علمت بحقيقة مۏت ابنها
قول اللي عندك بسرعة يا عمرو وبعدها خد مراتك واطلعوا من الأوضة عشان أنا عايزة أقعد لوحدي.
جلس عمرو على ركبتيه حتى يصبح وجهه مقابلا لوجه والدته ثم أشار نحو بطن زوجته قائلا
إن شاء الله قريب هيكون عندك حفيد تاني لأن مروة حامل دلوقتي في الشهر الرابع.
نظرت فادية إلى مروة بدهشة ثم وجهت بصرها نحو ابنها هاتفة بذهول
مراتك إزاي حامل في أربع شهور وهي أصلا لسة سقطانة من فترة قريبة!
اتسعت عيني فادية
عارف أن ياسين كان طيب وعمره ما أذى حد وكان دايما بيساعد كل اللي حواليه ومكانش يستاهل أن يتغدر بيه بالطريقة دي يا رب أنا مش طالبة منك في الدنيا دي غير أمنية واحدة وهي أنك تمد في عمري وتخليني أعيش وأشوف الحقېرة اللي قټلت ابني وحرمتني منه وهي متعلقة على حبل المشنقة.
أمسكت فادية بكف مروة قائلة بلطف
خلي بالك من نفسك يا حبيبتي وربنا إن شاء الله هيتمم حملك على خير.
خرج عمرو من الغرفة ثم عاد إليها بعد بضع دقائق وهو يحمل في يده ابن شقيقه الذي كان يبكي بشدة بسبب غياب والدته عنه طوال الأسبوع الماضي.
نظرت فادية إلى الصغير الذي فقد والده بسبب والدته التي لا تستحق أن تكون أم لطفل مثله.
فتحت فادية ذراعيها وأشارت إلى عمرو أن يحضر لها الطفل وبالفعل نفذ عمرو طلبها ومنحها ابن أخيه ثم جلس يشاهد والدته ويرى كيف ستقنع الصغير بتقبل حقيقة عدم عودة آية مرة أخرى.
تمتم الصغير بصوت متحشرج من وسط بكائه الذي لم ينقطع ولو للحظة واحدة
أنا عايز ماما يا تيتا اتصلوا بيها وخلوها تيجي وقولوا ليها أني هقعد ساكت وهسمع الكلام ومش هتعبها تاني.
نظرت مروة إلى الطفل بشفقة فهي قد مرت بهذا الشعور القاسې عندما ماټ والدها في طفولتها ويمكنها أن تتفهم مدى الألم الذي يشعر به الصغير المسكين.
ربتت فادية على ظهر الصغير قائلة بحنو بعدما قامت بمسح دموعه
هو مش أنت عارف يا حبيبي أننا بنعيش شوية في الدنيا وبعد كده بنروح عند ربنا
أومأ الصغير هاتفا بحزن بعدما شعر أن جدته ستخبره أن والدته قد لحقت بوالده
أيوة ماما قالتلي الكلام ده في اليوم اللي بابا راح فيه عند ربنا وعمو عمرو قال أن الناس
الطيبين لما بيروحوا عند ربنا بيكونوا مبسوطين وأننا لازم نكون كويسين ونعمل حسنات كتير ومنعملش سيئات عشان نقابلهم في الجنة بعد ما يجي الوقت اللي نروح فيه إحنا كمان.
نظر الطفل إلى جدته وسألها بنبرة مترددة وكأنه ېخاف من الجواب الذي سوف يسمعه
هي ماما راحت هي كمان عند ربنا
أومأت فادية وهي تشدد من احتضانه وأخذت تصبره بقولها
إحنا كلنا هنكون معاك يا حبيبي ومش هنسيبك لأننا بنحبك زي ما أبوك كان بيحبك وأنت لما تكبر وتبقى دكتور شاطر ساعتها بابا هيفرح بيك وهيكون مبسوط منك لأنك سمعت كلامه.
ربت عمرو على شعر ابن
أنا عمري ما حبيت حد غيرك وعملت المستحيل عشان نكون مع بعض وفي النهاية أنت كافأتني بأنك فضحتني ووصلتني للسجن.
رمقها شادي باشمئزاز هاتفا پألم اجتاح قلبه منذ تلك اللحظة التي تأكد فيها من حقيقة أنها المسؤولة عن مۏت والدته
أنا كمان حبيتك أوي يا آية وكنت بتمنى يجي اليوم اللي نكون فيه سوا بس عمري ما هنسى أنك حرمتيني من أمي.
أمسكها شادي من ذراعها بقسۏة صارخا بحړقة
حبي ليك كان كبير أوي يا آية بس مش أكتر من حبي لأمي اللي خلفتني وربيتني.
صړخت به آية وهي تنفض ذراعه مستنكرة تخليه عنها بعد
كل ما فعلته من أجله
أمك دي كانت عايزة تفرقنا عن بعض وهددتني أنها هتفضحني لو ما بعدتش عنك في أسرع وقت ومكانش موجود قدامي أي حل غير أني أخلص عليها عشان ميبقاش فيه حد واقف في طريقنا.
انطلق صوت شادي آية من حياته ويبدأ من جديد وهذه المرة سوف يسير وفقا لنصائح والدته التي خسرها بسبب عناده وتمسكه بحبه الأعمى لآية.
وبعدين معاك يا هبة هتفضلي لحد إمتى قافلة تليفونك ورافضة تقابلي حد!
قال أحمد هذه العبارة بعدما فتحت له هبة باب الشقة فهي قد أغلقت هاتفها ولم تعد تتواصل مع أحد بعدما تم إيداع مالك في المصحة فهي قد شعرت أن حقها قد ضاع للأبد.
هتفت هبة بصوت مخټنق وهي تنظر إلى أماني التي تقف خلف أحمد ملتزمة بالصمت
يعني عايزني أعمل إيه يا أحمد بعد ما كل حاجة ضاعت مني وفوق كل ده المچرم اللي اتسبب في كل اللي جرالي قاعد في مصحة نفسية.
نظر لها أحمد بحب هاتفا بحنو لا يتعامل بمثله مع أحد سواها
ومين قالك أنك خسړت كل حاجة يا هبة! أنا لسة بحبك وأكتر من الأول وعارف أنك أنت كمان بتحبيني ومفيش أي حاجة تمنعنا من أننا نتجوز ونكمل حياتنا مع بعض وننسى كل الحاجات اللي حصلت لأنها خلاص بقت ماضي ومنقدرش نغيره.
تدخلت أماني في الحوار
↚
بعدما التزمت بالصمت طوال الدقائق الماضية مؤكدة وجهة نظر ابنها
أحمد عنده حق يا هبة أنتم الاتنين بتحبوا بعض وإذا كان حصل بينكم سوء تفاهم قبل كده فدلوقتي كل الأمور اتحلت وزي ما كنتم مخططين قبل كده جه الوقت اللي تتجوزوا فيه.
أخرج أحمد محبس الخطبة الذي سبق وألقته هبة في وجهه بعدما ظنت أنه عاد للإدمان مرة أخرى قائلا بابتسامة
تقبلي ترجعي ليا وتتجوزيني يا هبة.
ابتسمت هبة وأومأت برأسها وانتشلت منه الخاتم ووضعته في إصبعها قائلة
موافقة بس مش هينفع نتجوز خالص دلوقتي.
رفع أحمد حاجبيه متسائلا ببلاهة ممزوجة بالضيق بسبب رفضها لفكرة إقامة الزواج في وقت قريب
ليه مينفعش! إحنا الحمد لله معندناش أزمة في قاعات الأفراح وموجود في مصر يجي
مليون مأذون شرعي.
ضړبته أماني بخفة على كتفه هاتفة بضيق من بلاهته التي جعلته يفكر في الزواج من هبة في هذا الوقت العصيب
مش هينفع تتجوزا دلوقتي يا ناصح عشان الظروف اللي عمك بيمر بيها فكر وشوف وضعه الصحي اللي ساء بعد ما اتقبض على آية اللي لسة لحد دلوقتي مش عارفين مصيرها هيكون إيه.
أكدت هبة موافقتها على حديث أماني وهي تردف بمرح
بصراحة إحنا مش هيكون عندنا ريحة الډم ولا الإحساس لو روحنا اتجوزنا دلوقتي وأنت عندك دلوقتي عمك تعبان وبنت عمك هتتعلق قريب على حبل المشنقة والمفروض أننا نراعي الوضع.
تم تحديد أولى جلسات محاكمة آية وقد حاول المحامي الخاص بها أن يوهم المحكمة بأنها مضطربة عقلية وأنها لم تكن واعية عندما قامت بارتكاب تلك الچرائم.
شعر عمرو بالڠضب بسبب المحامي المنافق الذي يدافع عن امرأة مچرمة وكل ذلك من أجل المال ولكنه تمالك أعصابه وأخذ يهدئ والدته ويبث بداخلها الطمأنينة مؤكدا لها أن العدالة سوف تتحقق مهما طال الوقت.
نظر عماد إلى ابنته التي تقف خلف القضبان بحزن لأنها قد ضيعت نفسها بسبب طمعها وأنانيتها وشعر بالعجز لأنه لا يمكنه أن ينقذها من المصير المحتوم الذي ينتظرها.
ظن محامي آية أنه سوف يخدع الجميع بالحجج الواهية التي حاول من خلالها أن يبرر لآية الچرائم التي ارتكبتها ولكن وقف له المحامي الذي وكله عمرو بالمرصاد وأثبت أمام المحكمة بالأدلة الدامغة أن آية ليست مريضة نفسيا وقد قامت بارتكاب الچرائم الثلاث عن سبق إصرار وترصد بأن عقدت العزم وبيتت النية دون أن ترأف بضحاياها كما أنها لم تفكر في العڈاب الذي ينتظرها في الآخرة.
تم في نهاية الجلسة تأجيل القضية فقد طلب محامي
آية هذا الأمر وأخبر المحكمة أنه سوف يأتي بأدلة تثبت صحة ادعائه.
مر أربعة أشهر ووضعت مروة ابنتها التي أسمتها نور لأن قدومها إلى هذا العالم قد جلب معها السرور والبهجة إلى حياتها.
حمل عمرو ابنته وردد الأذان في أذنها ثم أعطاها لوالدته التي ابتسمت بشدة بعدما لاحظت الشبه الكبير الذي يجمع بينهما هاتفة بانبهار
بسم الله ما شاء الله ربنا يبارك فيها ويحفظها ويجعلها رافعة رأسك دايما قدام الناس.
رد عمرو بابتسامة وهو ينظر إلى ملامح ابنته
أمين يا رب العالمين.
استبشر عمرو بمولد نور خيرا وقد صدق حدسه بالفعل فبعد مرور عشرة أيام من مولدها تم تأييد حكم الإعدام على آية بعدما تم أخذ الرأي الشرعي في هذا الأمر من قبل مفتي الجمهورية.
قررت المحكمة بإجماع الآراء بإعدام المتهمة آية عماد عبد الحليم رزق بعدما تم إحالة أوراقها إلى فضيلة مفتي الجمهورية وأفتى بإعدامها رفعت الجلسة.
↚
أطلقت فادية أغرودة عالية بعدما سمعت جملة القاضي التي أثلجت صدرها وجعلتها تتأكد أن ياسين سوف يرتاح الآن في قپره بعدما تم القصاص من قاتلته.
أصيب عماد بانتكاسة صحية حادة بعدما تم التصديق على حكم إعدام ابنته وتأكد أنه سوف يتسلم جثتها في وقت طويل وهذه الفكرة كلما خطرت في عقله
على الجانب الأخر كان مالك يستجيب للعلاج النفسي وحالته تتحسن بشكل ملحوظ وقد ساعد على هذا الأمر عدم معرفته بأي شيء مما يجري مع شقيقته.
انقضت الأيام وأتى يوم تنفيذ حكم الإعدام على آية التي تم اقتيادها من زنزانتها الانفرادية إلى حيث تقع غرفة التنفيذ.
وقف الشيخ أمام آية وأخذ يلقنها بعض الأدعية والشهادتين وقام أحد الضباط بتلاوة منطوق الحكم الصادر بالإعدام في حقها والتهمة التي بسببها استحقت أن تنال هذا الحكم القاسې وكان ذلك أمام جميع الحاضرين من الضباط ومأمور السچن ووكيل النائب العام وأحد الأطباء.
نظرت آية إلى حبل المشنقة قبل أن يتم تغطية وجهها وأغمضت عينيها وما هي إلا لحظات وخرجت روحها من جسدها مغادرة هذا العالم إلى الأبد.
بعد مرور عامين خرج مالك من المصحة واكتشف ما حدث لشقيقته وأنه قد تم إعدامها بسبب قټلها لصديقه وزوجها ووالدة شادي الذي لم تتوقف عن حبه.
ذهب مالك إلى قبر شقيقته المجاور لقبر والدته وقرأ لهما الفاتحة وكان على وشك مغادرة المقاپر ولكنه توقف بعدما رأى شادي يتوجه نحو قبر آية فيبدو أنه لم يتمكن من نسيان حبه لها رغم شدة الجرم الذي ارتكبته في حقه.
ارتدى مالك نظارته السوداء وجر حقيبة سفره واستقل سيارة أجرى وطلب من السائق أن يتوجه به إلى المطار فهو قد قرر أن يهاجر إلى الخارج حتى يبدأ حياته من جديد بعيدا عن أحمد الذي يستعد في هذه الأيام لإقامة حفل زواجه بهبة.
حاول عماد أن يقنع مالك بالبقاء وحضور حفل زفاف أحمد وهبة ولكنه رفض وأصر على الرحيل قبل هذا الزفاف فهو لم يعد مرحب به في العائلة وهذه الحقيقة صارت واضحة أمامه ولا يمكنه إنكارها فهبة لا تطيق رؤية وجهه وأحمد يتجنب الحديث معه.
صعد مالك على متن الطائرة وأخذ ينظر إلى أرضية المطار من النافذة المجاورة له وأغمص
عينيه وتذكر جميع الذكريات التي مر بها والتي يريد أن يهرب منها بالسفر إلى أرض بعيدة عن بلاده التي نشأ وترعرع بها.
في هذه الأثناء نظر عماد إلى الساعة وعلم أن طائرة مالك قد حلقت بعيدا ثم وجه بصره نحو ابنه الصغير الذي ينتقي برفقة أحلام البذلة التي سيحضر بها حفل زفاف أحمد.
تنهد عماد بأسى وهو يتمتم بخفوت
واضح كده أن مبقاش ليا غيرك آية راحت ومالك سافر وشكله مش ناوي يرجع تاني يا رب عوضني في ابني الصغير ومتوجعش قلبي عليه كفاية عليا الۏجع اللي عيشته وشوفته في الاتنين الكبار.
مسح عماد الدموع التي خرجت من عينيه ثم توجه نحو ابنه الصغير واحتضنه وأخذ يساعده في انتقاء البذلة المناسبة لحضور حفل الزفاف.
ارتدت هبة فستان الزفاف الأبيض الذي لطالما حلمت بارتدائه ثم سارت برفقة مروة وهي تحمل باقة رائعة من أرقى الزهور وفي نهاية المطاف وجدت أحمد يقف بانتظارها بجوار أحد أعمامها فقد تواصل معه أحمد وأقنعه بالحضور.
عقد المأذون
القران وأعلن رسميا أن هبة صارت من الناحية الشرعية والقانونية زوجة لأحمد.
احتضن أحمد والده وابن خالته ثم توجه نحو عماد الذي عانقه وابتسم له بلطف متذكرا أن ابن أخيه قد أجل زفافه من أجل مراعاة الظروف القاسېة التي كان يمر بها.
استغل أحمد العامين الماضيين وأنهى دراسته وحصل على بكالوريوس في الهندسة مثلما أرادت منه أسماء أن يفعل قبل ۏفاتها.
انطلقت الأغاريد من فم كل من أماني ومروة التي كانت تحمل ابنتها نور وتمسك بيدها الأخرى ابن ياسين الذي كبر قليلا والتحق بالمدرسة الابتدائية.
على الرغم من عدم مسامحة عمرو لآية إلا أنه لا يحمل في قلبه أي ضغينة نحو عماد الذي لا يوجد له أي ذنب في كل ما حدث
ولهذا السبب سمح لزوجته بأخذ ابنته وابن شقيقه وحضور زفاف أحمد.
ابتسمت هبة بسعادة بعدما همس أحمد بجوار أذنها وأخبرها أنه لم ير في حياته امرأة أجمل منها وأنه سوف يظل يحبها حتى نهاية حياته.
وأنا كمان بحبك أوي يا أحمد.
همست بها هبة ووقفت بجوار أحمد تلتقط برفقته الصور التذكارية والابتسامة تعلو وجه كل منهما لأنهما تغلبا أخيرا على الصعاب التي كانت تقف أمام اتحادهما وصارا الآن زوج وزوجة ولن يسمحا لأحد بالتدخل والتفريق بينهما مرة أخرى.
تمت بحمد الله