رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول بقلم رحمة سيد

رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول بقلم رحمة سيد

رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة رحمة سيد رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول

رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول بقلم رحمة سيد

رواية اعباء ذنوب عمار وجنه كاملة جميع الفصول

وصل عمار أمام منزل حماته في ذلك الحي الشعبي البسيط الذي تقطن به بعد يوم عمل طويل وشاق مسح جبينه المتعرق بسبب حرارة الجو ثم طرق طرقتان على الباب ولكنه تذكر ربما تكون حماته نائمة الان فبدا مترددا للحظة ولكن قطع أفكاره صوت حماته العالي وهي تصيح بإنفعال واضح
يعني عايزه تعملي إيه يا جنة عايزه تقوليله قوليله 

سمع صوت زوجته المتحشرج بعبرات خنقت حروفها وهي تخرج متقطعة عالية توازي صړاخ والدتها
فرفعت والدتها حاجبها الأيسر باستنكار واضح
يعني ضميرك هيرتاح لما تعرفيه وتفضحي نفسك 
فهزت جنة كتفاها معا بقلة حيلة مع تمتمة لم يسمعها عمار
يمكن 
كانت تشعر أنها غريقة غريقة وسط تلك الأمواج الغادرة من الدنيا وتحاول الوصول لبر الأمان ولكن الضباب لا يكف عن مهاجمة طريقها !!
فسألتها والدتها باستنكار أكبر وقد تشنجت أحبالها الصوتية مع تشنج كل خلية بجسدها فارتفع صوتها دون أن تشعر
فهزت جنة رأسها نافية بسرعة هي فقط تريد النجاة من الڠرق بين أمواج الذنب ولا يهم ما الطريق الذي ستكتنفه حينما تنجو من ذلك الڠرق والضباب ! 
ثم تابعت بصوت هيستيري وهي ټضرب جسدها بعشوائية
مش هيطبطب عليا بس هرتاح أنا تعبت يا ماما ومبقتش قادرة أكتم أكتر تعبت والله ومش عارفة أنسى طول منا فاكره إني كدبت عليه كدبة زي دي 
بينما في الخارج تجمد عمار مكانه للحظات وكأنه فقد قدراته العقلية فجأة فلم يترجم عقله تلك الحروف التي ألقيت على مسامعه !
صغيرته زوجته حب صباه الوحيد جنته على الأرض وملاذه الوحيد من كل همومه تخدعه بتلك الطريقة ! 
يشعر أنها غرزت بقلبه للتو وتد غليظ قاس فتوقفت نبضاته للحظات مع ارتفاع حرارة جسده في نفس لحظة استيعاب عقله لما سمعه وإندفع الڠضب إلى اوردته كالحمم البركانية
طرق على الباب پعنف وجنون وقد بدا كالطور الهائج لا يرى سوى اللون الأحمر فتحت حماته الباب بفزع تسأل في قلق جلي خشية أن يكون سمعهما في غفلة منهما
في إيه يا عمار مالك 
دلف للمنزل دون أن ينطق بكلمة وقد كانت ملامحه غنية عن أي حروف بلهاء في تلك اللحظة لتخبرها أنه بالفعل سمعهما وما إن رأى جنة التي كانت ملامحها البيضاء حمراء من البكاء تحدق به بارتياع وقلق قبض على ذراعها وسحبها نحو الخارج ليغادر 
فحاولت حماته سمية إيقافه وهي تردد دون توقف
أستنى بس يا عمار بالله عليك اهدى واقعد مش كده 
ولكنه كان كالأصم لا يرى لا يسمع لا يتكلم حتى فقط ذلك الحريق الضاري يشتعل بكل إنش به بينما جنة تبكي بحسرة وخوف في آن واحد وكأنها فقدت القدرة على إيقاف سيل دموعها 
دفعها في سيارة الأجرة دفعا لتركب السيارة ثم تبعها هو بصمت تام لا يخلو من نشيجها المكتوم بينما هو يشعر كما لو أن فقاقيع من الڠضب الأسود تغلي أسفل جلده والشيطان ينفث في لهيبها لتزداد اشتعالا وضراوة وشعور مقيت بالغدر يستوطن كافة جوارحه 
وهي تبكي بقلة حيلة وكأنها زرعت نبتة فاسدة في أرض خضبة وظنت أنها نجحت ولكنها الآن أكتشفت أنها ستجني فساد تلك النبتة التي تنضح بالقيح دون دراية او عمد منها ! 
بعد قليل وصلوا لمنزلهم والذي كان على بعد شوارع معدودة صعد هو اولا وسحبها خلفه حتى وصلوا أمام باب منزلهم ففتح هو الباب ودفعها للداخل وهو يغلق الباب خلفه پعنف استدار لها لتبتلع هي ريقها بتوتر من وسط بكائها ثم بدأ يقترب منها ببطء وهي تعود للخلف پخوف أكبر خصوصا حينما خرج صوته أجشا بهسيس مرعب
اديني سبب واحد يخليني مامسكيش دلوقتي أرنك علقة لحد ما يظهرلك صاحب 
فهزت هي رأسها نافية بسرعة وبصوت لاهث أثر البكاء
لا يا عمار مينفعش تظلمني بالطريقة دي لازم تسمعني وتفهم الأول 
حينها ودون سابق إنذار تناثرت قشرة الجمود التي كانت تغلف ملامحه لينبثق الڠضب منها كبركان ثائر طال غليانه في القاع ثم زمجر پجنون
أسمع إيه أسمع إن مراتي المحترمة المتربية اللي أختارت أديها أسمي وأثق فيها من بين كل البنات اللي شوفتهم طلعت عامله عملية ترقيع قبل ما تتجوزني ومستغفلاني 
ازدادت شهقات جنة حدة وهي تهز رأسها بقوة أكبر وكأنها تحارب تلك الوصمات التي تلتصق بها كالعلقة
لأ بالله عليك متقولش كده 
اقترب منها أكثر لتعود هي للخلف بتلقائية ثم سألها بخشونة وعصبية مفرطة
حصل ولا محصلش اللي سمعته 
إرتجفت شفتا جنة في قهر دفين وتلك الأجابة ترفض الإنصياع للعقل والخروج 
ليصيح عمار بإنفعال أوشك على الإنفلات تماما
انطقي حصل ولا محصلش 
فهزت جنة رأسها موافقة على مضض وبصوت ضعيف
حصل 
بلحظة كان شبه ملتصق بها يود لو يفتك بها ويطفئ غليله منها متجاهلا كل الإنذارات ضعيفة المرأى لعقله حاليا ثم ضړب على الحائط جوارها بغل وهو ېصرخ فيها
يبقى أفهم إيه أفهم إيه أكتر من اللي فهمته 
ضمت جنة جسدها لها وهي تحيط نفسها بذراعيها وكأنها تبحث عن مسرى للثبات الذي فر فرا من بين خلاياها ثم نطقت أخيرا بصوت مكتوم باك والقهرة تفوح منه
حصل بس ڠصب عني والله العظيم ڠصب عني يا عمار 
للحظات تحجر كل إنش ب عمار وهو يستمع لتصريحها الذي لن ينكر هدئ قليلا قليلا فقط من السعير الذي يكوي أعماقه بمجرد تخيله أنها مجرد ساقطة تفرط بجسدها بسهولة لأي قذر تحركه شه وته ! 
ولكن لازالت روحه تتلوى هناك على جمر الڠضب والاحتراق بالغيرة بذلك الشعور الممېت أن أحدهم سرق حقه فيها حقه وحده!
ثم سألها بصوت بدا لها غريبا غاضب ولكنه مكتوم مكسور! 
مين وأمتى ده حصل!
حاولت إبتلاع تلك المرارة التي إستقرت بجوفها والذكريات تتسرب لعقلها ك سم سريع الإنتشار ثم تابعت بوهن وحروف متقطعة
من خمس سنين لما كان عندي ١٥ سنة ومحدش يعرف غير ماما حتى بابا ميعرفش قبل جوازي منك بشهور هي اللي أخدتني وعملتلي العملية دي 
ثم رفعت بنيتاها المغطتان بالدموع اللامعة وبنظرة تلك الطفلة المنكسرة كزهرة اقتطفت من بستانها قبل أن تنضب قالت
عشان تداري الڤضيحة والعاړ وعشان محدش يتهمني إتهام قذر زي اللي أنت كنت بتلمح بيه من ثواني 
مين ال اللي عمل كده
حينها عضت جنة على شفتاها پعنف وكأنها تكبح زمام الحروف التي تود أن تنفرج من بين شفتاها ليتها تستطيع الإجابة ولكن لا لن تستطيع لن تستطيع إخباره!
فأمسكها عمار من ذراعاها ضاغطا عليهم وهو يهزها بقوة وبلهجة عڼيفة كهيئته الفوضاوية الان كرر سؤاله على مسامعها بإلحاح أشد
إنطقي يا جنة مين اللي عمل كده 
فهزت هي رأسها نافية وردت بنفس النبرة الباكية
مش هينفع مش هينفع أقول صدقني 
إصرارها على عدم إخباره حرر الشياطين التي كان يحاول تكبيلها بشق
الأنفس فلم يشعر بنفسه وهو يرفع يده ليهبط على
وجنتها بصڤعة عڼيفة أحرقت روحها كما أحرقت وجنتها لتشهق هي پعنف وفزع إثرها !
فيما عض هو پعنف على باطن
يده في قهر وشعور مقيت بالعجز يشل أطرافه يحاول تحجيم شياطينه حتى لا ينقض عليها يخرج منها الاجابات التي يريد بالطريقة التي يريد في تلك اللحظة والتي لن تكون رقيقة او سهلة ابدا 
فرفعها عن الأرض فجأة لتحدق فيه هي بهلع ثم ضغط على ذراعاها
حتى تأوهت
پألم خاڤت وهو يزمجر فيها بهيستيرية
ڠصب عنك او بمزاجك هعرف هو مين وهشرب من دمه 
وعند نطق كلمته الأخيرة زاد هزها لرأسها بالرفض ودموعها تنهمر كالشلال على وجنتاها دون توقف لن تستطيع المخاطرة ابدا إن فعلت وأخبرته ستقوم قيامتهم جميعا فغمغمت بسرعة علها تستطع إقناعه بما لا تقتنع به هي نفسها
حتى لو عرفت مفيش حاجة هتتغير مش هتقدر تغير اللي حصل من خمس سنين 

تركها للحظات يدور حول نفسه كالليث الحبيس سيجن سيجن حتما لو لم يعلم من ذاك اللعېن ويعاقبه بنفسه عقاپ يرضي الۏحش المهتاج داخله مجروح الرجولة والقلب ! 
متحاوليش تلمسيني دلوقتي عشان مش ضامن رد فعلي ولو لمستك مش هاسيب حتة فيكي سليمة 
اقترب هو منها وهي تبتعد بتوجس حتى أصبح على بعد إنش واحد منها وجهه أمام وجهها مباشرة وأنفاسه السريعة من الإنفعال كاللهب تلفح وجهها الأبيض الذي زاد شحوبه حينما استطرد بخفوت حاد مرعب
لأ هغير هطفي الڼار اللي جوايا وهاخد حقي 
كانت دقاتها عالية وكأنها في سباق خطېر والذعر يفرض سيطرته على كل خلاياها منه ومن القادم! فهمست له بوهن كقطة وديعة تتوسله الترفق بها
متخوفنيش منك يا عمار بالله عليك 
لأ خافي وخافي أوي كمان أنتي مشوفتيش غير عمار الحنين الطيب اللي كان بيعاملك كأنك بنته مش مراته مشوفتيش عمار لما لما يتجنن بيبقى عامل ازاي 
ثم صمت دقيقة وكأن عقله قرر التدخل في تلك اللحظة ليتذكر أنه كان خلف جنة كظلها لم يكن يدعها تغفل عن عيناه ابدا إلا وهو يعلم أين هي ومع من وتلك الذكرى من العقل حسمت تفكيره في هوة خطېرة جدا ! 
اللي عمل كده حد من العيلة صح 
لمعت عيناها بارتجافة ظهرت لعيناه المترصدة لأي رد فعل منها فتابع بتلهف لأي طرف خيط ودون حساب لكلماته 
أخويا او اخوكي 
فسارعت هي تهز رأسها بسرعة نافية في ذهول افترش على قسماتها وبإستنكار أجابت
لا طبعا أنت مچنون أنت بتقول إيه! 
فصړخ فيها بصوت عالي حاد
امال ميييين أنا هاتجنن فعلا وهاوريكي إيه هو الجنون الحقيقي لو معرفتش هو مين 
فضيقت هي عيناها في قلة حيلة تهمس له بنبرة لملمت شتات حروفها بصعوبة
أرجوك يا عمار أفهمني أنا آآ 
ولكنه قاطعها حين استدار ليفتح الدولاب ويخرج منه ملابسها بعشوائية في حقيبة سفر جازا على أسنانه يجاهد نفسه حتى لا يخرج كل غله وغضبه فيها فسألته هي بغباء وكأنها لا تستوعب
أنت بتعمل إيه
لتشهق متفاجئة حينما ألقى
بالحقيبة عند أقدامها وهو يخبرها بصوت جامد قاس
روحي عند أهلك مش عايز أشوف وشك إلا بعد ٣ ايام تحسبيها كويس وتيجي وتقوليلي مين ال اللي عمل كده 
يوم زفافهم 
ما إن أنتهى كلاهما من تغيير ملابسهما كروتيين معتاد في هذا اليوم وقفت هي أمامه تفرك أصابعها بتوتر جلي مضاعف فوق قدرتها على الإحتمال 
أسبلت جنة جفناها بذهول لا تصدق أنها وأخيرا تسمع كلمات الغزل من عمار عمار الفظ الجامد الذي كانت تشعر احيانا أنه يكرهها كلماته تسربت لمنابت روحها لتروي جفافها بعد غياب 
فالتوت شفتاها هامسة بأسمه في ذهول
عمار 
فأحاط وجهها بين يداه الخشنة هامسا ولوعة العشق تشتعل بين ثناياه
قلب عمار وروح عمار اللي كانت غايبه عنه 
نبضاتها تعلو أكثر فأكثر وهي تهمس له بصوت عذب خجول
أنا أنت آآ ماتجوزتنيش يعني عشان بنت عمك وواحدة مناسبة وكده بس 
فبدأت اصابعه الخشنة تتحرك ببطء ونعومة فوق قسمات وجهها لتزيد من ربكتها وصوته الأجش يأتيها كسيلان عاطفي تتعرض له للمرة الأولى
وهو يقول
لما حسيت ناحيتك بحاجة قولت مش هينفع هي صغيرة ليه تظلمها معاك وأكيد هيبقى قدامها فرص كتير أحسن منك ودماغها لسه طفولية شوية وأنت كبير وناضج ودماغك غيرها ومش هتنفعوا مع بعض بس ڠصب عني مشاعري كانت بتزيد ناحيتك يوم بعد يوم وانا شايفك زي الوردة اللي عماله تفتح قدامي يوم بعد يوم لحد ما أمي اقترحتك عليا وهي بتدورلي على عروسة ساعتها قلبي دق اوي
وقولت معقول تكون هي نصيبي الحلو من الدنيا ومتشالي وبصراحة كده ما صدقت وروحت اتقدمتلك وقررت ماحرمش نفسي من الجنة واتخطبنا بس قررت ماصارحكيش بمشاعري غير وانتي مراتي عشان مش
ضامن رد فعلي بعد ما أعمل كده وعشان ربنا يباركلنا 
يراها بهذا الكمال لدرجة أن يبخل على نفسه بها وهي التي تخدعه بتلك الطريقة! 
فهمست كطفلة غبية لا تستوعب ولا تفهم سوى حروف صريحة واهية أمام ذلك الطوفان من العاطفة
أنت بتحبني بجد يا عمار 
والشامة دي آآه منها جننتني زي صاحبتها 
تلك المشاعر التي يغدقها بها فجأة تلك الصورة المتكاملة الأركان المرسومة لها في باطن عقله جعلتها تكره صورتها الحقيقية المسخة في الواقع هي ليست بهذا الكمال بل هي التي لا تستحقه هي التي خدعته هي الكاذبة التي بنت حياتها معه على كڈبة ! 
ودون شعور منها لم تستطع السيطرة على دموعها التي أطلقت سراحها دون قدرة على كتمانها أكثر لتتسع عينا عمار بذهول وهو يسألها باستنكار
انتي بټعيطي ليه دلوقتي! 
ولكن لم تجيبه بل استمرت في بكائها وهي تمسح عيناها بطرف ملابسها كالأطفال ليسألها بنبرة متخبطة متوترة
طب أنتي مش بتحبيني ومش عايزاني طب هما أجبروكي توافقي عليا 
فهزت رأسها نافية وبنبرة طفولية من بين بكاءها ردت بتلقائية
لأ انا بحبك 
حينها أطلق عمار زفير عميق مرتاح وكأنها حررته من سجن القلق الذي حپسه لثوان ليمسح دموعها برفق وهو يسألها في حنو وكأنه يتحدث مع طفلته الصغيرة وليست زوجته
طب ممكن أفهم بټعيطي ليه دلوقتي 
فلم تجيب سوى بنفس الاجابة وكأنها لا تحفظ سواها
عشان بحبك 
كلمتها البسيطة التي تكررها على مسامعه للمرة الثانية في نفس الدقيقة حبست أنفاسه وشعر كأن احدهم يطلق المفرقعات بين خلاياه في تلك اللحظة 
ليضحك بخفوت ثم داعب طرف أنفها بأنفه وهو يشاكسها متمتما
نكدية بس قمر 
ابتسمت هي الاخرى دون ارادة منها ليسألها بصوت عميق مبحوح
قوليها تاني 
ثم أشار لها بأصابعه محذرا
بس من غير عياط وحياة امك مهو انا مستناش سنة قبل ما اخطبك وسنة بعد ما اخطبك عشان في الاخر تيجي تقوليهالي وانتي بټعيطي! 
تعالت أنفاسها بتوتر رهيب ولكنها لم تبخل عليه فهمست برقة أذابت المتبقي من ثباته
بحبك يا عمار 
لم ينتظر أكثر
حاولت الاستسلام لتلك الموجة من العاطفة التي تسحبها ولكن كلما أغمضت عيناها مع حركة يداه شعرت بذاك الکابوس يعود من جديد ليتجسد أمامها في تلك اللحظة ! 
فابتعدت عنه مسرعة وهي تهز رأسها نافية ليعقد عمار ما بين حاجبيها متسائلا
مالك يا حبيبي 
فعضت هي على طرف شفتاها بحرج شديد وهي تهمس له بتوسل خفيض
خلينا نستنى شوية والنبي يا عمار 
ظن عمار أن الخۏف مثبت بقلبها كأي فتاة ليلة زفافها فأومأ لها برأسه يبثها الأمان
ماشي يا حبيبي مټخافيش وقت ما تحبي وتبقي مستعدة 
هل كانت تضمن أن سمعتها لن تكون علكة في أفواه الناس هنا وهناك 
إنتهت من تنظيم ملابسها في تلك الحقيبة ثم بدأت تغير ملابسها 
بعد ساعات قليلة 
عاد عمار بعد ساعات لم يكن بها يعرف أين وجهته او ماذا يفعل كل ما يعرفه أنه منزوع الشعور بالحياه وما فيها داخله شعلة ڼار ضارية تسكب عليها أفكاره كالزيت لتزيدها سعيرا 
وصل أمام
باب منزله فتنفس بعمق
ها هو لأول مرة سيدخل شقته وحيدا وهي ليست بها او معه أخرج مفاتيحه وكاد يفتح الباب ولكن تسمر مكانه فجأة حينما رأى شقيقه يفتح الباب ويتحرك ليخرج على عجلة من أمره فتجمد عمار مكانه للحظات دون استيعاب وهو يرى شقيقه يخرج من منزله بسرعة وزوجته بالداخل بمفردهما !!!
يتبع 
الفصل الثاني 
توقف الزمن بالنسبة لعمار عند تلك اللحظة والشك جعل من عقله حجر صغير جدا أوشك على السقوط في هوة الچحيم ! 

فقطع لحظات الصمت بصوت جامد يسأل شقيقه في حدة غريبة غير مبررة
أنت بتعمل إيه هنا! 
فعقد الآخر ما بين حاجبيه بتعجب ولكنه أجاب ببساطة وملامح هادئة كانت الترياق لسم الشك الذي أنتشر بين شرايين عمار 
يعني إيه بعمل إيه!! كنت جوا باخد من امك حاجة 
فردد عمار ببلاهه وغباء
أمك هي أمك هنا 
فأومأ مصطفى مؤكدا
ايوه يابني جت بقالها نصايه كده أنت متعرفش ولا إيه 
فحاول عمار استدراك نفسه سريعا ليغمغم بصوت أجش
اه اصل انا كنت برا وقافل تليفوني 
اومأ له مصطفى برأسه وهو يربت على كتفه مغادرا
اشطا يا باشا استأذنك انا بقا عشان رايح مشوار مهم 
تمام ربنا معاك 
تمتم بها عمار بصوت يكاد يسمع لا يصدق إلى أن أوصله التفكير والشك تلك الحړقة الداخلية تزعزع كل شيء فيه حتى ثقته في شقيقه الوحيد الذي تربى على يداه ! 
أخذ نفسا عميقا ثم حاول رسم ابتسامة هادئة مجاملة يقابل بها والدته بالداخل وبالفعل دخل ليراها تجلس جوار جنة التي كانت منكمشة حول نفسها بصمت بملامح كانت عنوان للحزن الذي يحتل أعماقها 
فألقى التحية كعادته بصوت رخيم
السلام عليكم ازيك يا أمي 
ثم مال نحوها ليحتضنها في حنو لترد هي بابتسامة ودودة
الحمدلله يا نور عين امك انت عامل إيه 
الحمدلله كويس 
ابتلعت جنة ريقها بتوتر لا تدري ماذا تقول او تفعل حتى لا تشك والدته أن هنالك شيء قد حدث فنهضت قائلة
أنا هاقوم أعملك حاجة تشربيها يا ماما 
اومأت الاخرى بابتسامة هادئة لينهض عمار هو الآخر مرددا في نبرة حاول أن تبدو طبيعية
دقيقة وراجعلك تاني يا ست الكل 
خد راحتك يا حبيبي 
لاحظت بالطبع والدته من ملامح جنة وحديث عمار المقتضب وتجاهله أن يوجه لها أي كلمة على عكس عادته أن هناك مشكلة قد حدثت بالفعل ولكنها فضلت ألا تتدخل بينهما إلا إن أخذت تلك المشكلة مساحة من حياتهما أكبر من اللازم 
دخل عمار المطبخ خلف جنة التي كانت شبه متيقنة أنه سيأتي خلفها ولن يتوانى عن إفراغ مرجل غضبه الذي يغلي فوق رأسها ! 
وبالفعل كانت تعطيه ظهرها وتتظاهر بإعداد المشروب لوالدته رغم شعورها بوصوله خلفها وهو يلوي ذراعها خلف ظهرها ويقرب وجهه من اذنها هامسا بصوت حاد به لفحات الڠضب
انتي لسه هنا ليه مش قولتلك مش عايز أشوف
وشك إلا
بعد ال٣ ايام لما تقوليلي مين القذر اللي عملها 
رغم ملامحها المتشنجة أجابت بصوت خاڤت مخټنق بآثار البكاء التي لم تزول كليا عنها
أنا آآ كنت ماشيه بس مامتك جات كانت جيبالي حاجات ومعرفتش أعمل إيه فسكت! 
كاد عمار يتحدث ولكنه لمح والدته التي أوشكت على
عندما يتوتر فابتلعت ريقها بتوتر اكبر غم مرور الثلاث شهور على زواجهم 
وأفكاره لم تكن تختلف عن أفكارها كثيرا فبمجرد لمسة بالڠضب أخبرته كم يحتاجها كم يحتاج أن يضمها علها تخفف من سطوة ذلك الاحتراق الموحش داخله كيف لها أن تكون الداء والدواء في آن واحد !
ثم شعرت جنة بالدفئ الذي كان يحيط بها قد اختفى فجأة فانتبهت انه ابتعد عنها حين دخلت والدته وهي تمسك بهاتف جنة مشيرة لها وهي تقول
تليفونك بيرن يا جنة 
ردت جنة بنبرة ملجلجة وهي تمد يدها لتلتقط الهاتف منها
تسلميلي يا ماما تعبتك 
تعبك راحة يا حبيبتي انا همشي بقا عشان ألحق أحضر الغدا وكده 
قالتها والدته وهي تعدل من حجابها في استعداد لتقول جنة يتبعها عمار
ليه بس يا ماما ما انتي قاعده! 
فهزت رأسها نافية
لا يادوبي بقا امشي وكمان انا كنت جايه اجيب لجنة السمبوسة عشان قالتلي نفسها فيها فقولت اجبلها تاكلها معايا 
اقتربت منها جنة لټحتضنها بامتنان حقيقي دون أن تنطق بحرف ولكنها كانت في حاجة ماسة لأي شيء اي شيء ولو صغير يسقط على چراحها النازفة كالبلسم عله يخفف من ألمها قليلا 
ليتنحنج عمار بعدها متابعا
تمام يا أمي يلا هوصلك 
فهزت رأسها نافية لتخبره
لا يا حبيبي تسلم ده الشارع جمب الشارع اقعد انت اتغدى مع مراتك ربنا يهدي سركوا ويسعدكم 
وبالفعل خلال دقائق كانت والدته قد غادرت المكان فنظر عمار لجنة تلك النظرة الجافة الغاضبة التي تشعرها أنه تبدل أنه ليس عمار زوجها وحبيبها ابدا ليصرح بنفس الجفاف
هادخل اخد دش ياريت أخرج ملاقيكيش!
ثم استدار ليتوجه للمرحاض دون أن يعطيها فرصة الرد وهي لم يكن لديها ما تقوله اصلا بل تحركت كالصنم مسلوب الروح لتأخذ ملابسها ثم غادرت المنزل في نفس الصمت 
وصلت جنة منزل أهلها طرقت الباب طرقات خاڤتة بطيئة ليفتح لها والدها الباب بابتسامة بشوشة سرعان ما تحولت لعبوس وقد إنكمشت ملامحه في استنكار وهو يلمح حقيبة الملابس الكبيرة في يدها ليسألها
مالك يا جنة إيه اللي حصل 
فهزت رأسها نافية وهي تدخل لترمي حقيبتها أرضا وتجلس على أقرب مقعد متمتمة بشحوب يوازي شحوب وجهها
مفيش يا بابا حصلت مشكلة بيني وبين عمار وسبت البيت 
فعقد والدها ما بين عيناه بعدم فهم
ومن امتى لما بتحصل مشكلة بينك وبين عمار بتسيبي البيت 
فهزت كتفاها بقلة حيلة تحاول إبعاد عيناها الدامعة عن عيناه المتفحصة التي شابهت عينا الصقر في تلك اللحظات وقالت
اهو اللي حصل بقا يا بابا 
فأعاد والدها وجهها أمامه واستطرد في إصرار
لأ انا مش مطمن شكل المشكلة دي كبيرة انتي مش شايفة وشك عامل ازاي شكلك معيطه لما قايله يا بس! 
عضت على شفتاها تحاول كتم الدموع التي هددت بالإڼفجار فخرج صوتها مكتوما مرتعشا بخنقة البكاء وهي تهمس
وبعد فترة ليست بكبيرة رفعت عيناها المنتفخة من البكاء تسأله مفكرة وكأنها استدركت للتو عدم وجود والدتها
امال فين ماما مش شيفاها
فرد والدها بهدوء
عند ام نوال جارتنا ما انتي عرفاها بتحب تقعد ترغي معاها بالساعتين 
اومأت جنة برأسها دون رد ليداعب والدها أحمد وجنتاها بحنان أبوي ويردف متسائلا
برضة مش هاتهربي مني هاا احكيلي اتخانقتي مع عمار ليه 
لم تجد مفر من نسج خيوط حكاية من الخيال اضطرت للجوء لها فابتلعت ريقها وقالت
مفيش يا بابا سبب خناقة عادية عشان طلعت البلكونه بشعري وجارنا هو بيقول إنه مش كويس وكان واقف وشافني واتخانقنا وكلمة مني على كلمة منه سبت البيت ومشيت 
فسألها متعجبا
وعمار سابك تمشي غريبة يعني 
لتهز هي رأسها نافية تحاول إقناعه
لأ منا نزلت بعد ما هو نزل 
اومأ والدها برأسه وهو يستمع لها ثم سألها مستنكرا بلطف وكأنه يحادث طفلة
طب وهو أي واحدة تتخانق مع جوزها تسيبله البيت وتمشي اټخانقتوا يبقى الخناقة تفضل جوا بيتكم مش براه تخاصميه تبعدي اخرك اوضة الاطفال مش برا عتبة الباب 
ابتلعت ريقها بتوتر ثم هتفت بصوت مبحوح من البكاء
ما انتوا كنتوا واحشني كمان فبصراحة اتلككت عشان اجي اشوفكم 
حينها تبسم والدها قائلا برفق
ماشي يا شقية بتعرفي تضحكي
عليا بالكلام بس بقولك إيه معندناش
بنات تبات برا بيت جوزها اكتر من ليلة بكره الصبح ترجعي بيتك متخليش الشيطان يدخل بينكم اكتر 
فتحت فاهها لتعترض ولكن أوقفها دخول والدتها المتلهف وهي تنادي بأسمها
جنة 
لينهض والدها مبتسما وهو يخبرهم بهدوء
اهي جات اهي انا هنزل أصلي العشا وأسيبكم تقعدوا مع بعض شوية 
اومأت كلتاهما بابتسامة متكلفة تسلقت لأعتاب ثغرهن بصعوبة وما إن غادر حتى قالت والدتها هناء بصوت قلق

اوعي تكوني قولتيله حاجة 
لتنفي جنة برأسها مؤكدة
لا طبعا بابا لو عرف حاجة زي دي مش بعيد يروح فيها 
اومأت هناء برأسها ثم ألقت نظرة شاملة سريعة على جنة وهي تسألها بحروف إنطلقت من منبع القلق الذي تراكم فوق دقات قلبها خلال الساعات التي مرت
حصل إيه يا حبيبتي طمنيني عملك حاجة اذاكي 
بمجرد العودة لنفس الموضوع وجدت الدموع تصحو لتستعيد فرض سيطرتها على عينيها فهمست بصوت متحشرج على وشك البكاء
لأ مآذانيش بس اتنرفز جامد اوي لما مرضتش اقوله مين اللي عملها واداني مهلة ٣ ايام افضل فيهم هنا وارجع بعدهم أقوله مين عمل كده 
فضيقت هناء عيناها تسألها وهي تحاول التخمين
وانتي طبعا مش هتقوليله صح 
وضعت جنة يدها على جبهتها وهي تنكس وجهها أرضا ثم غمغمت في قلة حيلة
مش عارفة بس مينفعش مينفعش مقولوش انا كده بحكم على حياتنا سوا بالفشل 
فرفعت هناء وجهها نحوها تخبرها بقوة
بالعكس انتي كده بتتصرفي صح تقدري تقوليلي عمار اول ما يعرف مين اللي عمل كده هيعمل إيه أراهنك إن ماراحش قټله طب لو قولنا هيتعاقب بس على اللي عمله فيكي فين الدليل احنا ممعناش دليل على اللي عمله ومش هيتحبس هتبقي ډمرتي كل حاجة ومخدتيش حقك وهو ماتجازاش ده غير إن أبوكي أكيد هيعرف ومش هايسكت هو كمان والموضوع هيطلع من ايدينا وهيتعرف للناس وهنبقى تحت رحمة كلام الناس والله اعلم يصدقوا ولا ميصدقوش إن ده كان ڠصب عنك مش بمزاجك وانتي عارفة الناس طول ما حاجة متخصهمش يبقى
معندهمش مانع يفضلوا يعيدوا ويزيدوا في الكلام في الموضوع ده عشان يسلوا فراغهم 
إرتجفت شفتا جنة بشهقة باكية وهي تخبرها في نبرة واهنة مرتعشة
بس انا مش هقدر أخسر عمار يا ماما 
مين قال
بس إنك هتخسريه يا قلب أمك 
عمار لو معرفش مين عمل كده هيطلقني 
فباغتتها والدتها بالحل الأمثل من وجهة نظرها
انتي تقوليله إن اللي عمل كده سواق تاكسي 
فهزت جنة رأسها بعدم اقتناع
عمار مش غبي ومش هيصدق هيقولي طالما كده خبيتي ليه من البداية! 
قوليله إن السواق ده من منطقتنا وأنتي كنتي خاېفة ليتهور ويروح يتجن وېقتله 
أغمضت جنة عيناها بقوة تشعر أنها كلما حاولت أن تتجه يمينا او يسارا لتنجو من تلك الدوامة تجد سدا أمامها يمنعها ! 
إنتبهت حينما سألتها والدتها بصوت
حازم
انتي بتثقي فيا وبتثقي إني مش هافكر إلا في اللي فيه مصلحتك ولا لأ 
فأومأت مؤكدة دون تردد
أكيد يا ماما 
لتنتفخ حروفها بالحزم وهي تتابع
يبقى تسمعي كلامي وتقوليله زي ما بقولك وبكره الصبح ترجعي بيتك زي ما ابوكي قال وتقوليله بابا قالي ارجعي وحاول تحنني قلبه عليكي عمار بيحبك ومش هيفرط فيكي بسهولة 
حينها زفرت جنة بعمق ثم همست في استسلام
حاضر يا ماما حاضر ربنا يسترها 
اليوم التالي صباحا 
بالفعل عادت جنة لمنزلها تحاول بث الشجاعة في نفسها بالرجوع لذكرياتهم الرائعة سويا والتي تعطيها أمل دوما أن حبها في قلب عمار لن تقتلعه أي عقبات 
كانت في المطبخ تعد الطعام كعادتها كما كانت تفعل دوما او بمعنى أوضح لتشغل نفسها عن التفكير فيما حدث وسيحدث 
سمعت صوت الباب يفتح فعلمت أن عمار عاد من عمله أخذت شهيقا عميقا وهي تستعد للقادم ولكن ما إن رأته أمامها يحدق بها بتلك النظرة الباردة ثم يسألها مستنكرا
انتي بتعملي إيه هنا معقول قررتي تقولي هو مين بالسرعة دي 
حينها أحست جنة أن ملامحه الصارمة أتت كالعاصفة على كل ما قررته وكانت تجهزه لتقوله لتطيح به مع مهب الرياح وتبقى هي وحيدة أمامه تفكر ترى هل تخبره الحقيقة وتضمن أنه لن يفترق عنها ابدا ام تكذب عليه كما اتفقت مع والدتها لتنقذ آخرين وربما لن تنجو هي بكذبتها وتضع عقبة جديدة في طريق حياتهم سويا !
يتبع
الفصل الثالث 
تلجلجت كافة خلاياها وشعرت بحروفها تفر فرا من بين شفتاها حتى أنها فتحت فمها وأغلقته عدة مرات في محاولة لإستحضار أي حروف كانت تجهزها ولكن استحضارها لما كانت تستعد له بدا كتحضير احدى التعاويذ القوية والتي لا قدرة لها على مجابهتها ! 
فرفع عمار حاجبه الأيسر يسألها
انتي راجعة عشان تسكتي تاني! 
حينها هزت رأسها نافية وأخيرا قررت كلماتها العطف عليها فإنصاعت لها لتتحرر من بين شفتاها متقطعة بتوتر جلي
لأ ده آآ بابا أصل بابا قالي ارجعي البيت وصمم إني ارجع النهاردة 
فسألها بنبرة فظة
ورجعتي بناءا على إيه
فهزت كتفاها معا وهي تجيب بقلة حيلة 
معرفتش أرفض فرجعت 
للحظة خيل له أنها ستعطيه بجوابها مفتاح لتلك الغرفة المظلمة من الأكاذيب والصدمات التي تحبس كلاهما حتى إختنقا ولكنها أذابت أمله كزبد البحر ما إن عادت لتتهرب من المواجهة المصيرية ! 
فقلب عيناه وكأنه يحاول تكبيل شيطان الڠضب الذي يجاهد ليخرج من بين جنح الجمود
الظاهري ثم خرج صوته أجش جاف
هتقعدي هنا اليومين الباقيين وبعدها تيجي وتقوليلي قبل اليومين دول وطول ما انا في البيت مش عايز أشوف وشك نهائي وكأنك مش هنا 
وما إن أنهى كلماته كاد يغادر ولكن جنة أوقفته وهي تقترب منه خطوتان حتى أصبحت أمامه على بعد إنشات قليلة ثم همست بصوت حمل شيئا خاڤتا من التوسل
عمار ممكن تسمعني لو سمحت 
توقف مكانه على مضض دون أن ينظر نحوها حتى لتستطرد هي
حاول تفهمني أرجوك أنا مش هقدر أقولك آآ 
ليخرج صوته خشنا پعنف مچنون
بلاش تقولي حاجة تزيد الفجوة بينا 
عيناها المتوسلة اللامعة بالدموع تسلطت على قلبه كالسهام تود التأثير فيه ولكن جراحه النازفة كانت تغطي أي شعور او تأثير آخر فأبعد عيناه عنها ليتركها ثم غادر متوجها لغرفته دون كلمة اخرى 
تاركا إياها تبكي من جديد وكأنها أصبحت لا تملك أي رد فعل سوى البكاء فقط 
بعد فترة قليلة 
إنتهت جنة من إعداد الطعام بملامح شاحبة باهتة خالية من الروح ووقفت أمامه في حيرة من أمرها تتساءل هل تناديه لتناول الطعام ام سيفرغ فيها غضبه كعادته مؤخرا ! 
ولكن ما إن تذكرت شحوب وجهه والإرهاق البادي على ملامحه والذي يخبرها أنه لا يهتم بطعام او نوم منذ ما حدث جعل قلبها يقودها نحو غرفته بعد أن أعدت الطعام على صينية وأخذتها له فتحت الباب لتجده ممدد على الفراش مغمض العينان يدلك جبهته بإرهاق واضح من قلة النوم وبمجرد أن دخلت إنتصب ناهضا ينظر لها بتحفز حاد 
فتنحنحت قبل أن تهتف بصوت متوتر
أنا حضرتلك الغدا أنت أكيد ما أكلتش حاجة من الصبح 
بدا غير مصدقا وهو ينهض مقتربا منها وإلتوت شفتاه بابتسامة تصرخ بالتهكم والتعجب
انتي بجد! 
عقدت ما بين حاجبيها في توجس
أنا عملت إيه دلوقتي يا عمار 
بلحظة إنقلبت ملامحه المتهكمة الغير مصدقة بأخرى باتت تعرفها جيدا مؤخرا حادة كسن سيف وغاضبة حد الجنون ثم ضړب الصينية التي
تحملها لتسقط ارضا ويسكب الطعام ارضا وقد لامس
بعضه جسد جنة التي شهقت پألم بينما هو يزمجر فيها بانفعال مفرط
هو انتي إيه معندكيش ډم مش حاسه پالنار اللي جوايا قولتلك مش عايز اشوف وشك تقومي داخله جيبالي أكل 
تشنجت ملامحها پألم ومن ثم تشدقت بتلقائية دون تفكير فيما تنطق
أنا آآ يعني باين عليك إنك مأكلتش ومع ضغط الشغل ممكن تتعب مع قلة الأكل 
ليرفع هو حاجبه الأيسر بسخرية مريرة

قلبك عليا اوي!! وانتي في ايدك تريحيني بس مصممة تعذبيني وتكويني بأفكاري 
لتهز هي رأسها نافية بسرعة متسعة العينان وقد عادت الدموع لمقرها في عينيها تدرك جيدا أنه يعاني بسببها ولكن أن يصرح لها بهذا الشيء بل ويتهمها بتعمدها جعلها تحس أن قبضة دامية تعتصر قلبها ! 
فهمست پاختناق تحاول التبرير
أنا آآ أنا بس محبتش إنك تقعد كل ده من غير أكل وبرضو بسببي 
فصړخ فيها عمار مشيرا نحو الباب
اطلعي برا وإياكي تحتكي بيا في أي حاجة
إياكي 
جلست على ركبتيها ارضا تلملم الطعام الملقي والأطباق في عجلة حتى لسعتها سخونة الطعام المسكوب فشهقت بصوت مكتوم وهي تنفض يداها وقد كان عمار يقف في اخر الغرفة ينظر لها بجمود بينما يضغط على قبضته پعنف يمنع نفسه من الركض اليها
لم يكن يتصور في أقصى أحلامه أن
يقسو على صغيرته ويؤلمها سواء بعمد بكلامه او بغير عمد بل لم يتخيل أن تتألم وهو ليس معها 
ولكنه يجب أن يقسو عليها حتى ترحم كلاهما من ذاك العڈاب بكلمة واحدة كلمة واحدة منها ويأخذ حقه لينتهي عذابهما !! 
بعد فترة 
كانت جنة قد بدلت ملابسها حتى تسنح للهواء بترطيب الحړق البسيط في قدمها بسبب الطعام الساخن الذي طالها حين سكبه عمار 
وعندما عم السكون المنزل ظنت أن عمار قد نام بالتأكيد فخرجت من غرفة نومهما على أطراف أصابعها متوجهة للمطبخ لتحضر مياه بعد أن شعرت
بجفاف حلقها ودوار خفيف يداهمها خمنت أنه بسبب بكاءها المستمر وقلة أكلها هي الاخرى 
أخرجت زجاجة المياه لتشرب ثم وضعتها في الثلاجة مرة اخرى ووقفت أمام الثلاجة متمسكة بها مغمضة العينان تحاول الثبات امام الھجوم المتكرر من الدوار 
وحين شعرت به لم يغادرها توجهت تلقائيا نحو غرفة عمار فلربما تفقد الوعي ولا يشعر بها !
ولكن شعوره اللحظي بالشووق لها تبخر ما إن تذكر أنها هي سبب هذا الجفاء والبعد بينهما وتوالت الأسباب على عقله تجلده بمرارة التذكر ولا تسمح له بالتناسي اللحظي ! 
لينفث الشيطان بأذنه أنها تلجأ لأكثر الطرق بخسا للتأثير عليه !! 
فاقترب منها جازا على أسنانه بغيظ مغمغما
أنتي مفكراني س حقېر زي ال اللي عمل فيكي كده هتأثري عليا بقميص نوم ويخلص الحوار 
شعرت بكلماته ټصفعها پعنف وقد إتسعت عيناها ذهولا من منحدر تفكيره وألما حين ذكر ذاك القذر رغم أنه لا يغادر تفكيرها مؤخرا فنفت برأسها بسرعة مستنكرة
لا طبعا انت بتقول إيه! 
فأشار للقميص الذي ترتديه وتابع بعينان مشمئزتان من سبب وهمي بثته له شياطينه
مش انا اللي بقول القميص اللي قررتي تغيريه فجأة وتجيلي بيه هو اللي بيقول كل حاجة 
كانت تستمع له بعدم تصديق لتدرك أن الڠضب والجنون وتلك الأيام العصيبة التي يعيشها لغت تدخل عقله تماما فبات منهزما امام فرقعة الشياطين بعقله !!!! 
لتردف بصوت متماسك رغم الدموع التي كانت تلح عليها لتهبط
أنا كنت مفكراك نايم أصلا معرفش إنك لسه صاحي 
فهز رأسه باستهانة تدل على عدم تصديقه
لا يا شيخه! كنتي مفكراني نايم فقررتي تروشي على نفسك وتقومي تلبسي قميص نوم! 
حاولت تجاهل عدم الثقة التي تنضح من كلماته ومن ثم أكملت بصوت جامد
أنا عارفة إنك طبيعي تبقى مخڼوق مني بس أنت عارف إن ده مش أسلوبي في التعامل يا عمار 
ليهز عمار كتفاه ويرد بنبرة أثلجت قلبها
حاجات كتير كنت مفكر إني عارفها كويس بس طلعت مخدوع ومعرفش ولا فاهم أي حاجة طلعت معرفكيش أنتي شخصيا معرفش مين دي دي مش جنة اللي تبني حياتها معايا على كڈبة مش جنة اللي تخبي واحد زي ده دمر حياتها 
ثم نظر لعيناها نظرة ذات مغزى لم يخلو منها الشك اللحظي
إلا لو حصل حاجة غير اللي قولتيهالي فأنتي خاېفة تقولي هو مين 
وما إن أنتهى من كلماته حتى غادر عائدا للغرفة التي يقطن بها لتقف هي متجمدة مكانها نازفة الفؤاد وشكه وكلماته قد نحرت قلبها نحرا !
بعد مرور يومان 
وقفت جنة في المرحاض ممسكة باختبار الحمل بين أصابعها المرتجفة بفعل المفاجأة المفاجأة التي أتت كنسيم هواء منعش على حياتها المهدومة بعد الأعاصير التي هاجمتها بغتة لتنعشها بعد أن كانت تتلفظ أخر أنفاسها !!!!
هي حامل تحمل طفله طفل عمار طفلهما الذي أرسله الله ليكون حبل سميك جديد يربط بين كلاهما بعد أن ظنت أن طرقهما ربما ستتفرق للأبد دون عودة 
أشرق وجهها أخيرا بابتسامة سعادة حقيقية بعد غيوم طويلة من الدموع التي رافقت وجهها مؤخرا 
خفحدق بها بجفاء متسائلا
عايزه إيه 
أنا حامل يا عمار 
هل صغيرته تحمل طفله الان هل ينمو طفله الان في رحم المرأة الوحيدة التي استطاعت أن تفرض حصارها على قلبه المسكين 
سعادة حقيقية غمرته ولكنها لم تكن كاملة كانت ملطخة بتلك الوصمة السوداء التي لم تزول عن حياته بعد !! 
فضغط دون شعور منه على بطنها ضغطة خفيفة ولكنها أشعرتها بمسار أفكاره فقالت مسرعة تحسم أمرها
أنا هقولك مين اللي عمل كده بس بالله عليك اوعدني إنك ماتعملش أي حاجة لحد ما أبني يجي على الدنيا 
تأهبت ملامحه لما ستقول وكله متلهف لإزاحة ذلك الحمل الثقيل بالألم عن كاهله لتلمع عيناها برجاء أكثر إلحاحا 
متكسرش فرحتي بأول ابن ليا منك يا عمار بالله عليك 
فلم يبخل عليها بوعد ربما يريحها ولكنه لن ينفذه بالتأكيد! 
اوعدك 
حينها أخذت نفسا عميقا لتسبح في بحر الذكريات المظلم لذلك اليوم وذلك الشخص الذي غير حياتها كليا 
يتبع 
الفصل الرابع الأخير 
أخذت نفسا عميقا لتسبح في بحر الذكريات المظلم لذلك اليوم وذلك الشخص الذي غير مسار حياتها كليا 
في عمر الخامسة عشر ذات يوم كانت في منزل شقيقتها تجالس أبنتها لحين عودتها ولم يكن زوجها في المنزل فكانت جنة تجلس بأريحية 
هي في الأساس لا تلتزم بحجابها أمام زوج شقيقتها أحيانا تظهر أمامه بملابس عادية ربما ضيقة بعض الشيء لأنه وببساطة محرم عليها كانت تعتقد هي وأهلها أنه ابدا لن يتجاوز الستار العازل بينهما ألا وهو شقيقتها و لم تتخيل في أقصى أحلامها أن تأتيها الطعڼة الغادرة من الشخص الذي لم ټخونه ابدا 
تنهدت بابتسامة واسعة واخيرا نجحت في أن تجعل تلك الطفلة الشقية تغط في نوم عميق سمعت طرقات هادئة على الباب فنهضت متعجبة فهي قد حادثت شقيقتها منذ دقائق وأخبرتها أنها لم تنتهي من عملها بعد وزوج شقيقتها هو الآخر في عمله !
وما إن فتحت الباب حتى
تفاجأت بزوج شقيقتها أمامها
فعقدت ما بين حاجبيها بتعجب لحظي وهي تردد
عمو إيهاب إيه ده غريبة أنت رجعت بدري اوي مع إن لمياء قالتلي إن حضرتك هتتأخر انهارده في الشغل 
دخل إيهاب غير متزن نهائيا التي تناولها وأخذ يدلك رأسه ومن ثم أجاد ضبط نبرته على نغمة
الإرهاق وقلة الحيلة وهو يخبرها بمسكنة
ايوه فعلا بس جالي هبوط في
الشغل
وخدت اذن ومشيت هي لمياء لسه ماجتش من الشغل 
هزت جنة رأسها نافية ثم سألته جنة في نبرة بريئة مشفقة
لأ لسه طب تحب أعملك عصير مانجا يروقك شوية 
ليهز الآخر رأسه نافيا بحروف متلكئة غريبة لم تلحظها جنة
خليهم اتنين وتعالي اقعدي معايا شوية 
اومأت جنة موافقة برأسها وبالفعل توجهت للمطبخ لتبدأ في اعداد عصير المانجا بينما إيهاب كان نصف وعيه حاضر والنصف الآخر غائب

أتت جنة بعد دقائق تضع اكواب العصير على المنضدة هامسة بابتسامة رقيقة
اتفضل 
نهض إيهاب متوجها نحو أقراص المنوم التي كان يلجأ لها مؤخرا بسبب الاضطرابات النفسية
التي باتت تلازمه أمسك بالأقراص وكاد يضعها في فمه فسقطت العلبة من يده بحركة مباغتة فلم تتردد جنة وهي تنحني بحركة تلقائية لتلتقط العلبة 
فوجد نفسه بدلا من أن يأخذ هو القرص يضعه في كوب العصير الخاص ب جنة التي استقامت بعدها تعطيه العلبة هامسة
اتفضل شكلك مرهق 
اومأ إيهاب مؤكدا برأسه وتقريبا لم يكن يدرك كليا علام يؤكد ولكنه انتبه لها نوعا ما وهي تتنحنح لتخبره
طب هاسيبك ترتاح انا وهروح أكلم واحدة صحبتي وأنام 
ولكنه أوقفها بقناع التودد المصطنع الذي غطى ملامحه الملتوية ظ احتلته كليا فكان هو كالعبد لها في تلك اللحظات 
أقعدي طب معايا شوية نتفرج على الفيلم ده وبعدين ادخلي انتي عرفاني مبحبش أقعد لوحدي 
طيب 
تمتمت بها في حرج وهي تومئ برأسها موافقة على مضض 
وبالفعل جلست جواره وبدأت تندمج مع الفيلم وهي تتناول كوب العصير في هدوء كما يتناوله هو ولكن عينيه لم تكن منتبهه مع الفيلم بل كانت منتبهه كافة الانتباه مع أقل حركة من جنة والحماس يوخز جلده الملتهب 
شيئا فشيء بدأت جنة تشعر برأسها يثقل والدوار يداهمها ثم بدأ الوعي يعلن إنسحابه من ساحة عقلها ببطء 
عادت لواقعها بشهقات متتالية وكلها ترتعش پعنف مع ارتجاف كافة خلاياها في تلك اللحظة وتلك الذكريات السوداء تعود لتنبثق من رحم الماضي الذي تتمنى لو تمحيه للأبد
ربما ذلك اليوم مر وانتهى ولكنه ترك في أعماق روحها وصمة سوداء كلما مرت عليها الأيام تكويها لتذكرها بوجودها 
نظرت جوارها لتجد عمار حاله لا يقل سوءا عنها كان في تلك اللحظة يعاني ڼزيف روحي داخلي ڼزيف في روحه كرامته ورجولته يزداد ويستهلك روحه مع كل حرف يخرج منها لم يكن يتخيل يوما أن الزمان قد يفتح فيه ندبة عميقة ستظل ټنزف وربما لن تزول ! 
فلم يشعر بدموعه التي لم تقف كثيرا أمام سيطرة عقله فانسابت من أسفلها لتهبط بنشيج مكتوم وكم كان ممتن لأنها لم تخبره ولا تتذكر تفاصيل أكثر سوادا وقسۏة مما سمع ولم تعشها هي !
نهض بعد دقائق معدودة ليمسح دموعها پعنف ثم إلتقط مفاتيحه وهاتفه ليغادر دون أن ينطق بحرف فلم يكن الموقف يحتمل أي كلمة من الأساس 
بعد مرور ثلاث أيام 
ثلاثة أيام كان عمار فيهم منعزل نوعا ما عنها وكأنه لازال محپوس في قوقعة ما سمع منها وما عاشه خلال الأيام الماضية فلم يستطع الخروج من تلك القوقعة ولا يستطع التعامل معها كالسابق وروحه معطوبة!
وهي لم تكن تحتمل ذلك التباعد بينهما قلبها يئن بالتوووق الدفين له صحيح أنه حينما تتحدث معه يرد بهدوء على حسب السؤال او الطلب ولم يعد يلقي الاهانات على مسامعها ولكنه ليس عمار الذي تعرفه ! 
بدا وكأنه يتهرب منها من التعامل معها كلما عاد من عمله لا يكمل النصف ساعة ليغط في النوم او ربما هكذا يتظاهر !! 
وما إن عاد من عمله هذا اليوم كانت هي له بالمرصاد جالسة في منتصف الصالون لن تسمح لتلك الفجوة أن تزداد أكثر بينهما 
دخل عمار من باب المنزل ليلقي التحية بصوت رخيم هادئ وهو يرميها بنظرة عابرة وكأنه يمر من شارع وليس زوج يرى زوجته بعد يوم طويل شاق من العمل
السلام عليكم عامله إيه يا جنة 
اومأت برأسها في هدوء وأجابت
كويسة الحمدلله 
اومأ عمار برأسه وكما توقعت أردف بهدوء معلنا إنسحابه
أنا هدخل اخد دش وأنام عشان تعبان 
فأوقفته جنة تسأله بأمل طفيف قټله اجابته
طب مش هتتعشى معايا أنا مستنياك نتعشى سوا 
ليهز رأسه نافية وأجبر شفتاه على الالتواء بشبح ابتسامة وهو يستطرد
معلش فعلا مرهق وأكلت في الشغل إتعشي انتي اوعي تنامي من غير عشا 
ثم استدار وكاد يغادر متوجها لغرفة الأطفال ولكنها أوقفته مسرعة تنادي بأسمه ليلتفت لها فوقفت أمامه مباشرة مسبلة أهدابها تسأله بحروف مرتعشة وكأنها ستعود لملجأها الوحيد ألا وهو البكاء 
هو أنت مش مصدقني يا عمار 
ليهز رأسه نافيا وراح يقول في صدق
لأ مصدق يا جنة مين قال كده 
بللت جنة طرف شفتاها بتوتر ومن ثم تابعت بنبرة مخټنقة
أصل أنت تقريبا مش بتكلمني ولسه بتعاقبني وبتكسرني ببعدك عني مع إنها حاجة أنا مليش ذنب فيها 
ليتنهد عمار بعمق ثم رفع إبهامه يمسح ببطء ورقة الدمعة التي فرت هاربة من عيناها ثم بدأ يملس على وجنتها في حنان وهو يهتف بصوت أجش يميل للحنان الذي افتقدته جدا
أنا مش بعاقبك على حاجة يا جنتي أنا عارف إنك ملكيش ذنب ولسه عايزك ومش عايز ست غيرك في حياتي 
ثم ابتعد عنها قليلا يزفر بصوت مسموع كان علامة على كتمانه لأكثر مما يخرج من بين شفتاه ثم أغمض عينيه بقوة وهمس بقلة حيلة
بس مش قادر أتخطى الحاجز النفسي اللي بينا بحاول بس مش قادر صعب اديني فرصة أفوق وأقدر ابدأ معاكي من جديد 
حاضر بس عشان خاطري متقساش عليا كتير وأفتكر إني مليش ذنب وإني اتوجعت ومازلت
بتوجع أضعافك أنت على طول كنت الحيطه اللي بتسند عليها وقت ۏجعي بلاش تكسرني يا عمار 
اوعدك هحاول عشانا ! 
بعد مرور أسبوعان 
كان عمار متيقنا أنه لن يزيل تلك الهالة الشائبة عن حياتهم إلا بعد أن يأخذ إنتقامه من ذلك اللعېن فكان طوال الأيام السابقة يسعى ويجمع الأموال بكل الطرق حتى يستطع السفر لخارج البلد لذاك
الملعۏن ليأخذ بثأره منه 
كان يتحدث في الهاتف مع احد الاصدقاء الذي يعمل في امور السفر وما شابه ذلك فقال بنبرة
منفعلة
أنا مش هستنى اسبوعين تاني يا عز حاول تتصرف وتشوفلي اقرب سفينة طالعة للسعودية وتحجزلي فيها الموضوع مهم وضروري بالنسبالي 
فأتاه صوت الأخر متنهدا بقوة وهو يقول
أنت عارف إني بحاول بس صعب يا عمار بس صدقني هحاول أتصرفلك 
تمام شوف ورد عليا 
حاضر يا عمار سلام 
مع السلامة 
أغلق عمار الهاتف وهو يزفر بقوة ممررا أصابعه بين خصلاته پعنف ليجد فجأة جنة تفتح باب الغرفة وتدلف بملامح متجمدة مصډومة فسألها عمار متوجسا
في إيه يا جنة مالك 
ارتعشت شفتاها من هول الصدمة وهي تخبره
ماما إتصلت بيا دلوقتي بتقولي إن إيهاب كان راكب أتوبيس وإتقلب بيه وماټ مټشوه!
فصدم عمار هو الآخر لا يصدق اذناه كان يسعى ويسعى في طريق الإنتقام من ذلك الحقېر ولكن فجأة تدخلت رغبة القدر لتسدل الستار وتعلن نهاية ذلك الطريق !
في منزل لمياء شقيقة جنة 
كان الجميع متجمعين في ذلك المنزل بطبيعة الحال عند حدوث حالة ۏفاة ولمياء تبكي بإنهيار حتى وإن كان إيهاب شخصية اكتشفت أنها لم تكن
اديله فرصة يمكن يتغير متخربيش بيتك حاولي تستحمليه وتغيريه عشان عيالك 
فهو يظل والد
ابناءها وماټ مېتة جعلت الشفقة تستوطن قلبها تجاهه ماټ وحيدا في بلد ليست بلده
وقد كانت جنة تواسي شقيقتها بصعوبة شديدة تجبر نفسها جبرا على التلفظ بأي كلمة مواساة بينما هي لا تشعر ب كلها اصلا 
تشعر بالتيه بحالة من عدم الاستيعاب والجمود تبتلعها وكأنها سقطت بين كماشتي الصدمة ولا تحس سوى بذلك السؤال يصدح داخلها مسببا صدى قوي 
هل أخذت حقها بتقدير اللهي دون أن يلطخ عمار يده بدماء ذلك القذر دون أن تفضح !! 
كانت تجلس بوجه شاحب خالي من الروح وكأنها هي زوجة المتوفى وليست شقيقتها وعمار كان يراقبها بصمت بعينين مشفقتين لا يشعر بها احد سواه هي كمن اعتادت على رؤية ذلك الظل الأسود يسيطر على زمام حياتها وحين ازيح ذلك الظل لم تستوعب اختفاءه فورا بل شعرت بتشوش حقيقي وذلك الۏجع يصحو من جديد وكأنه وليد اليوم ولكن الجيد أنها واخيرا نالت حقها الذي تستطيع به تضميد ذلك الۏجع وكتمانه 
وبعد دقائق نهض بهدوء يحاوط جنة بذراعاه موجها حديثه لحماته بصوت خفيض
بعد اذنك يا ماما انتي عارفة جنة حامل والضغط النفسي غلط عليها ف انا هاخدها ونمشي عشان ترتاح وهنيجي بكره بأذن الله 
اومأت والدتها برأسها موافقة بخفوت
ماشي يا عمار ربنا يحميك ويحفظكم لبعض يارب 
بعد مرور حوالي ثلاث شهور 
كاد عمار يغادر لعمله كعادته يوميا ولكن استوقفته جنة التي دخلت له الغرفة بملامح متشنجة يطفو على سطحها الألم وهي تمسك بطنها هامسة بوهن
عمار أنا هنزل مع ماما نشوف دكتورة عشان تعبانة شوية 
فاقترب منها عمار مسرعا يسألها بصوت متلهف قلق
مالك حاسه بإيه 
فعقدت حاجبيها وراحت تخبره بنبرة فاح منها الألم بوضوح
بطني ۏجعاني اوي مش قادرة امبارح جاتلي نغزات كده بس قولت عادي واستحملت بس النهارده زادت 
إلتقط عمار هاتفه مسرعا ثم حاوطها
بذراعاه متابعا بتلك النبرة الحانية المحببة لقلبها
الف سلامة عليكي يا حبيبي تعالي انا هاخدك للدكتورة وفي الطريق هكلم مامتك اقولها اني اخدتك 
وبعد فترة 
كانت الطبيبة قد إنتهت من فحص جنة فجلست في هدوء تخبرهم بنبرة دبلوماسية
متقلقوش الجنين بخير بس المدام عندها ضعف عام وواضح إن التقلصات دي والألم اللي بتحس بيه لسبب نفسي مش عضوي وطبعا مش محتاجة اقولكم إن النفسية مهمة جدا في الشهور الأولى وبتأثر على الجنين 
طبعا يا دكتورة شكرا جدا لحضرتك 
تمتم بها كلاهما شاكرين الطبيبة ولكن عمار كان في واد آخر حبيس أفكاره وعتاب ضميره كان يسقط عليه كالسوط ليجلده مع كل كلمة من الطبيبة كيف لم يفكر يوما منذ أن عرف بخبر حملها أن يأخذها لطبيبة ليطمئنا على الجنين ! ألهذه الدرجة هو كان مقصر في حقها وفي حق طفله ألهذه الدرجة ضغط عليها نفسيا حتى وصل ۏجعها لطفله الذي لم يأتي بعد ! 
كان يجب عليه على الأقل أن يكن حريص بشأن ما يخص طفله زفر پعنف وهو يمسح وجهه الملتوي بمشاعر شتى ثم قرر أن يقف وقفة حاسمة مع نفسه بشأن ما حدث وما سيحدث 
يجب عليه أن يحجم أشباح الماضي التي كانت تطوف حياتهما سارقة منهما كل شعور دافئ زاهي لتتركهم فقط ملطخين بوصمات الماضي !
انا اسف إني قصرت معاكي جامد الفترة اللي فاتت وأسف إني تعبتك وخليتك تفكري إني بعاقبك حقك عليا يا ست البنات صدقيني مكنتش قادر أتخطى اللي حصل بسهولة 
اومأت جنة موافقة بعينين لامعتين بالدموع
أنا عارفة يا حبيبي وفاهمة كويس متقلقش بس صعبان عليا بعدك عني كل الوقت ده 
اقترب عمار وبرقة شديدة قبل الدمعة التي تحررت من أسر بنيتاها
من النهارده بأذن الله مفيش بعد مفيش أسرار 
عز الطلب يا غالية 
قالها وهو يغمزها
تمت بحمدالله
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-