رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول بقلم نهال مصطفي

رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول بقلم نهال مصطفي

رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة نهال مصطفي رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول
رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول بقلم نهال مصطفي

رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول

شكلها حرب ياسليم ياهواري واتكتبت علينا نخسرها احنا الانتين

ابتعدت عن شرفتها النائيه عن الانظار قليلا للخلف واوشكت علي قفل بابها الخشبي فجاه اعتلت صوت شهقتها بمجرد ارتطام الحجر الصغير المقذوف نحوها .. زفرت بضيق ثم استجمعت شتات قواها متوعده فنظرت من النافذه تبحث عنه بعيون متلهفه كمن يبحث عن النور في عتمة الظلام.

قطبت حاجبيها قليلا باندهاش
- وه راح فين المجنون ده ؟!

استدارت راسها يسارا علي مصدر الصفير الهادي فوجدته امامها ناظرا اليها بعيون لامعه قائلا بثقة
- خابر زين انا عتقدريش تنامي قبل ماعيونك تشوف ضي عيني .

اخفت ابتسامتها وارتسمت ملامح الجديه
- وبعدين فيك ياولد ( الهواري ) .. راسك تخينه ليه ومش ناوي تجيبها لبر ..!

- اصل ولد الهواري واخد عهد علي نفسه مايوصلش البر غير علي يدك يابت (العتامنه) .

اجابته معانده بصوت بدأ منفعلا ثم انخفض فجأه
- قولت لاه ... ولاه يعني لاه ولو اخر راجل في الدنيا ياولد الهواري مش هتجوزك .. وعند بعند ...

زمجرت رياح غضبه محاولا خفض نبرة صوته وهو يلتفت يمينا ويسارا
- ليييه اكده ناقص يد ولا رجل انا !.. قدامك سبع الرجال بنات البلد كلهم يتمنوا نظرة من عيني .. وانا منفضلهم عشانك ياواخده قلب وعقل سليم لحسابك .

ابتسمت معانده كإنها اقسمت ان تُحارب جيوش مشاعرهما
- وانا قولتلك لاه ياسليم .. واللي مابينا بقي دم وماعينضفيش غير بالدم .

اجابها بنبره حب
- وانا دمي كله فداكي ياقلب سليم من جوه .

- لاااه دم عيلتكم كله مش هيكفي اللي عمله عمك وهرب .. دا قتل ابوي ياسليم عارف يعني ايه ؟!

لاح اليها بكف غاضبًا
- وهو عشان غلط ارتكبه عمي عاوزه تقتلني انا يا ( وجد)!

- اللي عندى قولته ياولد ( الهواري) .. ويلا امشي من اهنه بدال مااصوت والم عليك الخلق وياريت تبطل حركات العيال دي هتفضحنا .. واللي بينا كان ماضي وخلاص خُلص .

ارتسمت علي ثغره ماكرة
- لما تبطلي تستنيني كل ليله اهنه .. هابقي ابطل اجي يابت ( العتامنه ) .

دقت طبول قلبها لكلماته التي ارتوت بها روحها واحيت نضفة فؤادها، وبعد برهه عاود ندائه اليها بحزم
- وجد .. اول واخر مرة اجي اهنه وتبُخي السم دا من خشمك فااهمه؟ .. قاطعش انا الطريق دا كله وداخل بيتكم كيفي كيف الحراميه وفالاخر تسمي بدني اكده .. !

تنهدت بوجع وهي تلقي بانظارها بعيدا تستكشف المكان خشية من كشف امرهم .. فقالت بصوت منخفض
- يعني انت عاوز ايه دلوق ؟!

لمعت عينيه بحب قائلا
- عحبك ..
علي الفور تلقي قلبها كلمته الساحره فارتسمت علي ثغرها ابتسامه خلابه وسطع نور عينيها ..

اكمل ( سليم ) حديثه بغمز
- هامشي انا عاد .. خلاص خدت اللي جيت عشانه .. ضحكتك اللي عتشق النور علي قلبي كيف ما الشمس ما عتشق نورها عالارض كله .. تحرمنيش منيها عاد يابومه .. فوتك بعافيه .

اخذت نفسًا عميقًا وهي تترقبه بعيونها وهو مغادرٌ قصرهم من تلك المخبيء الذي اكتشفاه سويا منذ ١٠ سنوات خلف شجرة التوت باب خشبي صغير في حائط السور طوله متر يتسلل منه ( سليم ) كل ليله ليري النور من عيون وجدانه ومنبع العشق بداخله .

بعد ما اطمئن قلبها برحيله سالما قفلت نافذتها تلك الجميله ذات العينين السوادتين اللاتي يحاصرهما الكحل الغزير، والشعر الداكن الطويل والبشرة الخمريه، متوسطه الطول ذات جسد ممشوق كمثري قليلا مما يعطيها جمالا عربيا اصيلا انها الدكتوره
" وجد سالم عتمان " صاحبة الخامسة والعشرون عاما .

جلست في منتصف مخدعها حائره ما بين قلبها والعادات والتقاليد .. كالحائر ما بين الشوك والعلقم كلاهما اذي ولم يوجد لديها خيار ثالث .. قربه حدائق شوك يُنغص عليهما ايامهم وبعدهما علقمًا يمرر سُكر الحياه في قلوبهما

" اعمل ايه انا بس ياربي يعني حب ١٠ سنين يدفن اكده وانسي عشان حاجه ولا انا ولا هو لينا ذنب فيها !"

قطع حبال افكارها صوت رنين هاتفها .. نظرت في شاشته وجدته ( سليم )
اجابته بمضضٍ:" عاوز ايه تاني ياولد الهواري ! "

يقود سيارته ويستمع لصوت فيروز " بعدك علي بالي "
- اصلي اتوحشتك قوي وقولت اسمعك فيروز معاي .

ارتسمت ابتسامه خفيفه علي ثغرها وهي تنظر في المرآه ثم عادت لترتسم الجديه قائلة بنبرة تحذيريه
- عقولك ايه متتصلش بيّ تاني فاهم ولا لا ؟!

فرمل سيارته فجأه بضيق
- اتجننتي انتِ ياك كيف تمنعي عاشق يسمع صوت حبيبته .. اللي بيجري في عروقك دا دم ولا تلج .

ساد الصمت قليلا بينهم لتقول بخفوت وهي تلقي بجسدها فوق وسادتها
" طب واخرتها اي ياسليم .. انا تعبت قوي قوي .. كل مااحاول اعاندك القانى بعاند نفسي "

عاد ليكمل طريقه قائلا بحب
- سلامتك ياقلب سليم .. اخرتها فهد وفارس ياهانم ولادنا .

قطبت حاجبيها بحده
- بس انا عاوزه اسمي (سالم) علي ابوي .

ضحك بصوت
- مااحنا هنجيبوا كتير متنبريش فيها انتِ بس .
- وصلت النجع ولا لسه ؟

اجابها وهو يلف مقود سيارته
- اهو خلاص دخلت بوابه الهواري .. منمتيش ليه ؟!
حضنت وسادتها بحب
- عفكر في حاجه اكده .. اي في مانع ؟

اجابها معارضا
- طبعا في ونص ... مش عندك شغل بكرة ولا ايه .. لازمن تكوني مصحصحه اكده وانت عتشكفي ع الخلق مش عاوز غلطه .. مفهوم !

اومأت راسها ايجابا
" حاضر ياسليم هريح ساعتين قبل ماانزل "

وصل بسيارته لباب قصرهم العملاق ذو الطراز الحديث .. الذي صممه اكبر واشهر مهندسي بريطانيا طبقا لاوامر" راجح الهواري" كبير عائله الهوارية .
دلف ( سليم ) من سيارته
- طب يلا اول ماتصحي رنيلي اطمن عليك .

- حاضر ياسليم .

انهي سليم مكالمته معها علي اعتاب باب قصرهم فوجئ امامه ( بماجده ) ابنة عمه التى ركضت نحوه باندفاع، ركل الباب بقدمه:
" صاحيه ليه لدلوق ياماجده "

اقتربت منه بشغف وحب
- قلبي مطاوعنيش انام وانت غايب عن البيت ياسليم .

رمقها بنظره ساخرة وهو يخطو اول خطوات السلم المتربع وسط ساحة القصر قائلا
- لا روحي نامي وخفي احلام يقظه .. وانا مش عيل صغير عشان تخافي عليّ .

شعرت بالضيق من مرارة كلماته ثم اقتربت منه بعجلٍ محاوله خلق اي حديثٌ معه
-اجيبلك تاكل ! جعان ؟

اجابها بتجاهل
- لا

فركت كفيها بتوتر
- طب جدي راجح كان عاوزكم الساعه ٨ الصبح في اوضة الاجتماعات الكبيره انت واخواتك " عماد ومجدى ومحمد "

استدار اليها باهتمام:" حوصل حاجه اياك !"

هزت كتفيها بعدم فهم
- معرفاش .. هو قال اكده قبل ماينام وانا استنيتك عشان اقولك احسن تكون حاجه مهمه .. وهما اتصلوا بيك علي المحمول مردتش .

اكمل طريقه لاعلي متجاهلا وجودها
- طاب متشكرين .

اوقفه سؤالها الذي اندفع من فمها بتلقائيه
- انت حتنام يا سليم ؟!

غمض عينه لبرهه متنهدا بنفاذ صبرٍ
" اي ! عاوزاني منمش اياك .. خبر اي اومال جري ايه لراسك ياماجده ع المسا اكده "

التوت شفتيها جنبا بضيق
- معاوزاش .. تصبح علي خير .
اكمل طريقه دون اي جواب منه وهي مازالت تراقبه بعيون عاشقة الا ان وصل غرفته وقفل بابها بقوه .. حضنت هاتفها بتنهيده قويه
- اااه لو تعرف عحبك قد اييه ياسليم .

" قصر هوارة "

اسدلت الشمس نورها وشرع اهل القريه في بدء مهامهم بهمةٍ ونشاط .. حركة مريبه كالمعتاد في قصر الهواري الذي يمتلأ باربع صبيان ابناء العم الاكبر
( عادل الهواري ) ..

واربعة بنات في مُقتبل العمر لهم جمال وسحر خاص اباهم (ناصر الهواري) الذي تسبب في مقتل ( سالم عتمان )
ومن هنا نبتت شجرة الثأر والغضب بين العيلتين

واقفه (عفاف) زوجه المحروم (عادل) علي راس الخدم في المطبخ
" شهلي يابت منك ليها يلا .. الساعة جات ٧ وانتوا لسه مخلصتوش الوكل "

- الله ! يعني احنا اسرع من النار ياام عماد .

- بدل حديتك الماسخ دا شهلي اكده ... يلا يابنات يلا في جيش برا مستني الوكل ..

وقفت ( صفوة ) علي اعتاب المطبخ قائلا
- صباح الخير يامراة عمي .

دارت عفاف نحوها بدهشه
- انتِ لابسة اكدة ورايحه فين ياحزينه !

وقفت ( صفوة ) تأكل من طبق الخيار المقطع دوائر
- عندي مؤتمر مهم قوي في الجامعه ولازم انزل .

ضربت ( عفاف ) بكفها فوق صدرها تعبيرا ما يوحى بالدهشه
- نهارك مش فايت .. انتِ مسمعتيش جدك قال ايه .. ممنوع واحده فيكم تزور الشارع لحد ما الامور تهدا .

صفوة بلا اهتمام:
" منا مش هتحبس في البيت يعني وبعدين ريحي دماغك العتامنه مش عياخدوا تارهم من حريم .. يلا فوتك بعافيه "

- يابت خدي اهنه يخرب عقلك .

لكن ندائها كان بدون فائده فاختفت من امامها راكضه نحو سيارتها .. ضربت عفاف كف علي الاخر
- هات العواقب سليمه يارب .

جالسه ( ماجده ) مع اختها الصغري ( يسر ) في غرفتهم يتبادلون الحديث بينهما
- يعني هو منفضلك خالص !

قالت ( يسر ) جملتها وهي تنتهي من ربط شعرها علي هيئة ذيل حصان وتوجه سؤالها لاختها ناظرة اليها في المرآه .

ارتسمت معالم الحزن فوق ملامحها فاجابتها ( ماجده ) بلهجه قهراويه
- حاسه اني تقيله عليه اوي مش طايق لى كلمه .. يابتي دا بيكلمني وهو واقف بضهره مابيبصش في عنينا حتى !

استدارت ( يسر ) نحوها مشفقة علي حال اختها التي تكبرها بثلاث سنوات .
- انتِ بتحبيه قوي كده ياماجده ؟!

لمعت عيون ماجده ودقت طبول قلبها فرحًا
- بحبه ! دانا بموت فيه يايسر .. اه لو يعرف انا بحبه قد ايه كان فرشلي الارض ورد ولا كنش فكر يقسي عليا كده .

نظرت اليها اختها بحزن وشفقة
- ربنا يريح قلبك ياماجده يارب .. بس تفتكري جدي جامعنا كلنا ليه النهارده .

طافت عيني ماجده بحيره ثم مطت شفتيها لاسفل
- مش عارفه ! البيت له سنة مش متظبط من ساعه اللي عمله ابونا وهرب .. خايفه علي سليم قوي احسن ياخدو تارهم منه .

تربعت ( يسر) في منتصف مخدعها بضيق
- العتامنه اسمع عنهم ان لحمهم مُر والراس اللي تطير منهم بيكون قبالها عشرة وربنا يسترها بجد عشان انا كمان خايفة قوي علي( محمد ).

- ربنا يسترها بقي .. سلسال الدم عندهم ملهوش آخر وشكلها هتبقي حرب بين العيلتين .

مسكت ( يسر) كف اختها برفق وسحبتها خلفها
" تعالي نشوف امى ونورا بيقولوا ايه تحت "


(ثريا) سيدة ذات وقار وقوه زوجة (ناصر) وام الاربعة بنات
منذ ان تجوزت (ناصر ) وهي تكره (عفاف) وزوجها واولادها كره الفئران للقطط .. وجودهم في مكان واحد ماهو الا تجمع بنزين مع كبريت .

استيقظ البيت كله الا ( سليم ) مازال خالدا في نومه العميق .. مازالت ماجده تبحث عنه بعيون تائهه ثم ركضت نحو المطبخ بعفويه
- صباح الخير يامراة عمي .

- خير عليكي ياماجده .. خير بابتي ؟!
فركت ( ماجده ) كفيها بحيره مفكرة في سؤال تبدا به حديثها
- تحبي اساعدك في حاجه ؟!

عفاف وهي تضع اللبن في ابريقه
- شالله تعيشي يابتي .. خلاص البنات خلصوا كل حاجه .. يلا عشان تفطري .

تشبثت بلهفه في معصمها والكلمات تتلعثم بحلقها
- هو سليم صحي ؟!

عفاف بلا اهتمام
- مخابراش والله يابتي .. روحي شوفيه صحي ولا لا .
قالت عفاف جملتها علي عجل قبل مغادرتها للمطبخ ..

كلماتها قفزت السعاده بداخل ( ماجده )
- ايه دا اروح اصحيه عادي كده ؟! وفيها اي يعني يلا يلا ياماجده فرصتك وجات لحد عندك.

ركضت ماجده بعجل نحو غرفة سليم بخطوات تكاد ان تخترق الارض .. وصلت الي باب غرفته ثم طرقته بهدوء لم تجد اي جوابٌ ..
عاودت الطرق مجددا بدون فائده .. استجمعت شتات شملها ووضعت كفها علي مقبض الغرفة بتردد وفتحت باب الغرفه بهدوء تام ثم استدارت بجسدها واغلقت الباب ببطء وتقدمت بخطوات سلحفية نحو مخدعه ليعلو صوت شهقتها واتساع حدقة عينيها بمجرد ان راته نائمًا علي مخدعه عاري الصدر مرتدي بنطالًا واسعا خالدا في لذة سُباته .

ارتجف جسدها وتجمدت مكانها وجف حلقها وبعد مرور برهه من الوقت وجدت عيونها تتأمل معالم جسده الرياضي الاقرب للضخامه وقفت لوقتٍ طويل لم تتدرك ما فاتها من الزمن الا انها ظلت تملا قلبها وعينيها منه .. احتفظت بصمتها لدقائق وكإن الصمت ضروريا لعلاج شيء ما بداخلها يسمى الاشتياق .. رآته مستغرقاً في نومه فرأت فيه الهيبة والعظمه في أسمى معانيها .. تنهدت بصوت عال كإن فؤادها ينتشي لرؤياه.. اعتدل سليم في وضعية نومه فوجئ بتسمرها امامه .. اتسعت حدقة عينيه بدهشه فنهض مرتبكًا
- انتِ عتعملي ايه اهنه ؟

ثارت جيوش الخوف والرهبة بداخلها وشرعت ان تتراجع خطوات للخلف وهي تنظر له بعيون اوشكت علي البكاء
- جيت اقولك ان .. ان ال الاكل جهز تحت .

قفز ( سليم ) من مخدعه بتوعد واقترب منها وهو يرسل اليها نظرات ناريه
- ودا يديكي الحق انك تتدخلي اوضتي يابت ناصر ؟!

انسكبت دمعه حاره علي وجنتها وحركة صوابع قدميها المتكوره وضربات قلبها المُتسارعه
" منا خبطت كتير وانت مردتش "

زمجرت رياح صوته بقوه
- عااال ! تقومي تدخلي اكده عليّ انا ونايم .

تبادلا الانظار سويا لبرهه ثم تحركت متأهبه للذهاب ولكنه اوقفها بقبضته المفاجئه علي معصمها حتي غُرزت اصابعه في لحمها قائلا بنبره تحذيريه
- اول واخر مره تعتبي ناحية اهنه .. فاهمه ياماجده ؟!

اندفعت شلالات الدمع من عينيها بحراره وتركته وغادرت غرفته وهي تغلق الباب خلفها بقوة زلزلت جدران القصر

اخذ ( سليم ) نفسا عميقا قبل ان يلقي بجسده ارضا شارعا في تمرين الضغط الذي يؤديه ببراعه .
" سليم عادل الهواري " شاب في اوائل الثلاثينيات خريج كلية زراعه ذو الجسد الرياضي المتناسق والمتناغم معالمه .. لديه لحيه خفيفه تحتل وجهه المضلع ذو البشرة الخمريه والعيون السوداء التي تشبه عيون الصقر في حدتهم .. من صغره لم تقع عيناه علي فتاه سواه ( وجد ) .. صاحب الشخصية القوية يحتل الترتيب الثاني في اخوته بعد اخيه ( عماد ) الذي كان وكيلا للنائب العام قبل تقديم استقالته لظروف عائلته التي تعتبر من اغني اغنياء الصعيد .. عائله ذات نفوذ وسلطة .

تجمعت العائله حول مائده الطعام يتناولون فطارهم .. جلس جدهم الاكبر الذي تخطاه المشيب وهلك بدنه ولكنه مازال يتمتع بالقوه والصرامه علي مقدمه الطاوله محدقا النظر اليهم
- اومال صفوة وسليم وماجده فين ؟!

غصة علقت في حلق الجميع وساد الصمت لبرهه بين جوله العيون المتبادله فيما بينهم .. ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه بقوة
- اتكتمتوا لييه ! ماتنطقوا .

اخترق مجلسهم فجاه فأردف قائلا
- سليم اهو قدامك ياجدي .. صباح الخير ياهواري ياكبير .

اقترب منه وقبل رأس جده بحنو ثم جلس علي مقعده يرتشف كوب اللبن الذي اعطته له امه .

كرر الجد مجددا سؤاله
- وصفوة وماجدة فين ؟!
( ثريا ): ماجده فوق راحت تجيب حاجه واهي نازله .

=وصفوة ؟!
تلعثمت الكلمات لتخرج من بين شفتي عفاف بصعوبة
- راحت الجامعه بتقول عندها شغل مهم والله حذرتها ق

لم تكمل عفاف كلماتها وثب الجد قائما بضجر
- انتوا ازاي تسيبوها تخرج اكده … هو انا مش منبه محدش يخطي عتبة البيت منيهم انتوا ماعتسمعوش الكلام لييييه .

وقفوا جميعهم يتبادلون النظرات
ثم قالت ثريا: كلها ساعتين ياعمي وهترجع بتي وانا خابره راسها زين .. مش هتنفذ غير اللي في دماغها .

رمقها ( راجح ) بنظرة حادة تحمل بين طياتها اللوم والعتاب
- الغلطه بفوره اهنه .. وكلاب العتامنه ماعيرحمووش ياثريا .. - ثم نادي ع الغفير - انت يااااااااولد

- ايوه ايوه جنابك
قال الغفير جملته وهو يركض نحوه متعجلًا
- تروح قصاد الجامعه انت والرجاله .. وتجيب بت ناصر وتيجوا طوالى .. فاهمنى .
- فاهم جنابك

نظر اليه سليم في مضضٍ وهو يرتشف المياه ويستمع لكلمات جده بضيق فاكمل الجد كلامه بصيغه آمره
- ( محمد ومجدى وسليم وعماد ) خلصوا وكل وحصلوني علي جوه

قال الجد كلماته الاخيره وهو علي وشك المغادرة ويلحف عبائته علي كتفه بعدما تركهم في معركه افكارهم وقلقهم .

عفاف مناجيه ربها:" ياتري ناوي علي ايه يا عمي !"

يسر بتلقائيه:" قلبي بيقولي ان جدي مخطط لحاجه كبيره اوي وانا متأكده انها هتكون مفاجئة للكل "

محمد وهو يضع اللقمة بفمه
" مش عارف بس ياتري اي هي ؟! "

اردفت ( ماجده ) في منتصف حديثهم ثم رمقت سليم المنغمس في تناول طعامه بنظرة متحشرجه التي لم يبال لها اي اهميه .. ثم جلست علي المقعد المُقابل له لتشترك في رياح النظرات الطائفة بينهم وكلاهما منتظر القنبله التي سيفجرها الجد الاكبر .

 

" مملكة العتامنه "

قصر فاخر لم يقل عن قصر الهواري بل يفوقه في الفخامة والطراز متجمعة العائله حول مائده الطعام التي تحمل بين طياتها اشهي المأكولات .. تلك العائلة التي توفوا اعمامهم جميعا لم يتبق منهم الا نسلهم وهما احفادها و عمهم ( حيدر عتمان ) الذي يجلس وبداخله براكين من الغضب علي وشك الانفجار .

جالسا وعلي يمينه صفًا من بنات اخوانه وزوجاتهم وعلي المقابل اقصي يساره صفًا من الاولاد والصبيان .

ارتشف كأس الشاي التقيل وهو مستند علي عكازه .
نظرت له ( وجد ) بحنو
- اللي واخدك منينا ياعمى !؟

رفع عينه اليها بنظرة حاده
- عمك عيفكر كيف يرجعلكم حقكم يا وجد .

فهمت (وجد) المغزي من كلمات عمها وسرعان ما اردفت اختها الصغري ( ورد ) قائله
- قصدك الهوارة ياعمى .. صوح ؟!

اومأ حيدر راسه ايجابا .. انخلع قلب ( وجد ) من مكانه فاردف ابن عمها ( فايز ):
" ناوي علي ايه ياعمى .. اظن اننا عطناهم وقتهم وزياده وناصر مرجعش يبقي ايه !"

استجمع العم شتات افكاره قائلا بهدوء
- يبقي جيه الوقت اللي راجح الهواري يدفع فيه التمن .

وقعت السكينه من يد ( وجد ) التي احتل الهلع كيانها
- هتعمل ايه ياعمى ؟! .

اكمل العم كلماته بقوة وهو ينظر الي احفاده
- هنحرق قلب راجح واحده واحده .. ضربتنا الاولي لازمن تكون في مقتل وهي اغلي حفيد علي قلب راجح .

رفع ( ادهم ) نظره الي عمه لبرهه ثم حدق النظر الي وجد قائلا:
- سليم .. ؟

فزع قلب ( وجد ) وتلعثمت الكلمات بحلقها ونزف قلبها قبل عينيها .
ادهم بخبث
- مالك ياوجد .. اتخلعتي كيف اكده .

وثبت ( وجد ) قائمه
- انا نازله المستشفي ياعمى .. سلام .

وعلي الفور غادرت وتركت مجلسهم ليحلق بها ادهم سريعا وهو يركض خلفها
- اضرعتي ليه اكده ياضكتورة ؟!

لاحت بكفها بلا اهميه
- اطلع من دماغي يا ادهم مش ناقصاك .

ابتسم ساخرا
- كل دا عشان حبيب القلب ! هاا احب اطمنك هجيبلك راسه في شوال قريب .

جمدت الدماء في قدمها لدرجه تعوقها من السير والوقوف عليهم وهي تحاول استجماع شتات قواها بصعوبه بالغه .

دفعته من امامه بقوة وصعدت سيارتها بالمقعد الخلفي .. استند ادهم علي باب السيارة قائلا
- علي فكرة طلبت يدك من عمى وهو موافق .. وطلب مهرك راس سليم ولد الهواري ودي حاجه مافيش اسهل منيها ياعروسه.

تجاهلت ( وجد ) قذيفة كلماته ووجهت كلماتها للسائق
- اتاخرنا ياعم (سيد) يلا مش فاضيه للحديت الماسخ دا .

ابتعد ( ادهم ) قليلا
- قولت اخبرك بس عشان تعملي حسابك اصل الموضوع مش هيطول .. كلها ايام ..

تحركت سيارتها وخلفها سيارة حرس اخري وبداخلها مراجل تُقاد .. حاولت الاتصال ( بسليم ) مرارا وتكرارا دون جدوي .. القت هاتفها جنباً وهو تطلق زفيرا قويا
- اووووف ودا وقته ياسليم !

 

" قرار حُسم امره"

اجتمع الاربع اخوه في غرفة الاجتماعات الخاصه بالعائله وبعد مرور قليلا من الوقت كان الصمت سائدا .

عماد وثب قائلا:
" خير ياجدي .. بتفكر في ايه "

وقف الجد مستندا علي عكازه وهو يطوف حولهم بخطوات متباطئة
" كانش ليا نصيب اخلف غير ولدين .. وواحد منهم بين يد رحمن رحيم والتاني ياعالم فين اراضيه .. بس ربنا كرمني باربع رجاله يسدوا عين الشمس .. انتوا سندي وكبار عيله الهواري كلها .. الحمل تقيل عليكم قوي ياولاد عادل "

يستمعون اليه بصمت وانتباه .. ربت الجد علي كتف ( مجدى ) اخاهم الذي يحتل الترتيب الثالث بيهم

" ربيتكم وكنت حريص اني اجعلكم في اعلي المراتب .. عماد كان منصبه عالي في القضاه وسليم دراعي اليمين في الارض والثروه دي كلها .. مجدى السبع بتاعي المهندس اللي شايل هم شركاتي في مصر كلها علي كتافه ووصلها للمستوي اللي هي فيه دلوق .. محمد صغير العيله ودكتورها بس مقامه عالي قوي اللي برغم سنه الصغير قدر يوقف المستشفي علي رجلها هو وصحابه الجدعان "

فرك محمد كفيه بحماس
- خير ياجدي ماتخش في الموضوع طوالي .. ليه المقدمات دي !

- خد نايبك صبر يامحمد بلاش العجله دي .. انا عقولكم اكده عشان اعرفكم اني من غيركم ولا حاجه .. وانتوا من غيري كنتوش هتحققوا حاجه .. انا جمعتكم النهارده عشان قرار كنت مقرره من فترة بس كنت مستني الوقت المناسب ومكنتش حابب اظلم حد فيكم .

اعتدل الجميع في جلستهم باانتباه .. عاد الجد ليجلس علي مكتبه بهيبة ووقار متنحنحا بقوة
- عماد .. سليم .. مجدى .. محمد .
تنهدوا جميعا منتظرين قرار الجد الحازم
تمهل راجح في كلماته قائلا
- اللي عمله عمكم ناصر قوم الحرب بينا وبين العتامنه عارف انكم ملكمش ذنب بس مافيش غير القرار دا اللي هيخليني اطمن عليكم واضمن انكم هتفضلوا معقودين في عقده حبل واحد محدش يقدر يفرقكم .. ومن غير القرار دا ما يتنفذ اي حاجه بعده هتكون زي حته قماش دايبه كل ما نرقع فيها من ناحيه هتتقطع من التانيه

عماد بنفاذ صبر:
" خير ياجدي قلقتنا اكتر "

- سيني اكمل ياعماد ووسع خلقك عاد ..
نظر اليهم جميعا يري حماسهم وقلقهم لمعرفة قراره
- قراري هيبسط ناس فيكم وهيزعل ناس فيكم .. بصوا انا قررت ألم شمل العيله دي .

" كيف يعني ؟!"
اخيرا نطق سليم بسؤال بعد هدوئه التام التي لحقت به عاصفة قرار عاتية

- عماد هيتجوز نورا
ماجده لسليم..
وصفوة لمجدي
يسر لمحمد .
ودا قرار مش هقبل فيه اي جدل .. تقدروا تشوفوا شغلكم ودخلتكم الخميس الجاي .

صاعقة حلت علي قلب عماد وسليم
امطرت فرحا علي قلب مجدى ومحمد

" ينصر دينك ياهواري ياكبير "
نطق محمد كلماته مهللا وهو يريد احتضان العالم بين ذراعيه اخيرا سيتجمع شمله علي معشوقته الصغيره

احتضن محمد اخاه مجدى بفرحه وهو يقفز بين ذراعيه
وعلي المقابل
صاعق كهربي اصاب قلب عماد وسليم تلعثمت الكلمات بحلقهم ونظرا كل منهما الي الاخر بصدمه وذهول .

دايما بيقولوا
" يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار " ..
بس دايما بشوف العكس
" يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار "
بقيت معادله صعبه اوي اللي هو نسمع من الاكبر مننا وناخد برأيه وتجربته .. ولا نخبط في الدنيا ونصنع تجاربنا بنفسنا ! .. علي اي حال متحاولش ان اي حد يمشيلك حياتك حتى ولو كان مين .. محدش هيشوف حياتك بعيونك ! ولو فشلت مش هتلوم غير نفسك ودا شعور اهون بكتير من انك تلوم غيرك
كان قلبي يحترق.. بطريقة روتينية، ضمن حلقة يومية، يحترق ثم يحترق مجددًا، لكن الفيزياء هذه المرة لم تنفذ قوانينها، ظهرت القاعدة الشاذة، فالحرارة إما تُصهر المادة، أو تحولها لبخار، أو تُشكل رمادًا تحمله الرياح، أما أنا.. فمن فرط الحرارة.. تحوّل قلبي لكتلة جليد .

كل منهما غائصا في بحر افكاره .. ( سليم ) يجول بسيارته بدون مقصد وهو ينفث دخان سيجارته حتي غرق في سُحبها التى تحرق كيانه من الخارج والداخل .. تأكل النيران في احشائه بدون توقف .

تجوب ( وجد ) بين المرضي بآسي وضيق منشغل عقلها به .. يكاد ان ينخلع قلبها من شده قلقها ورهبتها .. فحب العمر ينهار امامها وهى مكبلة اليدين كشخص فقد كل قوته للمقاومه، تحتبس دمع عينيها بداخلها فظل يغلي فوق مراجل قلبها كما تغلي المياه في قدحه .

( عماد ) غارقاً في بحر احزانه وذكرياته، فقد اخذ ميثاق علي نفسه يعيش اسير للماضي وتحت سطواه وسلاحه فالعيش بعيدا عن زنزانته موت .. موت ينتشله من قلب الحياه .. ذكريات زوجته ومهجة فؤاده ( نيره ) التي توفت بسبب المرض اللعين ( فيروس السرطان ) التي احتلَ كيانها كمحتل خال من الرحمه حتي انتهش جسدها ولم يبق منه سوى روحا سكنت داخله مازال يرتوي بها طيلة الثلاث سنوات الماضية .

 

" بجد يامحمد جدي قال كده "
قالت ( يسر ) جملتها الاخيره والفرحه تغمر بدنها .
استند ( محمد ) بظهره علي الحائط وهو يعقد ساعديه متنهدا بضيق .
نظرت اليه ( يسر ) باستفهام
- انت في حاجه مزعلاك يامحمد .

- مش عارف يايسر .. بس شكل اللي جاي مش خير ابدا .

ربتت علي كتفه بحنو
- ولو .. اهم حاجه هنكون مع بعض يامحمد وقوتنا هتبقي واحده وهنغلب كل حاجه سوا .

- مش قصدي احنا يايسر .. لو عليّ انا فالود ودي اطير من الفرحه .. اقلها مش هيبقي في بوسه خطافي اكده تحت السلم من غير ما حد يشوفنا.

ضربته برفق علي معصمه:" الله ! ماتتلم "
- وانا كدبت يعني ؟!
- دماغك كده مابتفكرش غير في قلة الادب وبس .

غمز لها بطرف عينه قائلا بحب
- طيب وهو في احلي من كده .

نفذ صبرها من استفزازه المستمر تحركت متأهبة للذهاب
- لاا انت حالتك بقيت صعبة قوي وشكلي انا اللي هرفض الجوازه دي .

وقف عائقا لطريقها فقال ممازحا
- كان نفسي اتحداكى واقولك وريني ازاي .. بس احب ابشرك ان جدك مسابش قدامنا مجال للاعتراض حتى .

طافت عينيها قليلا
- طيب انت ايه اللي مزعلك ؟!
هز ( محمد ) كتفيه بكلل
- اخواتي يايسر .. وامك .. واختك (صفوة) دي هتقلب البيت حريقة لو عرفت .

ضربت ( يسر ) جبهتها برفق
- اووف .. انا ازاي مفكرتش في كل دا .. بص هو اللي اعرفه ان (ماجده) بتعشق سليم .
مط ( محمد ) شفته لاسفل
- بس سليم مابيحبهاش !

رفعت ( يسر ) حاجبها قائله بتفكير
- ومجدى بيحب صفوة !
عقد ( محمد ) ذراعيه امام صدره ساخرا
- بس صفوة مابتحبوش ولا بتحب صنف الرجاله اصلا .. دى واحده معقدة نفسيًا .

ثم غمغمت قائله
- مممم وطبعا ابيه عماد ونورا اختي .. زي ماانت شايف .

ابتعدَ ( محمد ) عنها قليلًا ليجلس علي اقرب مقعد في الركن الخاص بهم بجنينة القصر بحيره
- وهو دا اللي شاغل بالي ..

 

وصل ( سليم الهواري ) الي مستشفي (العتامنه) التي تقع في احدي قري محافظة [ قنا ] .. ارسل رساله نصيه ل ( وجد ) علي هاتفها
" انا تحت المستشفي انزليلي حالًا "

سرعان ما التهمت اصابعها الهاتف لتقرأ رسالته بذهول وعيون متسعه وقلب يدق بقوة .. ركضت نحو النافذه لتراه يصف بسيارته امام باب المستشفي .
- يامري ياسليم .. جاي تعمل ايه اهنه ! جاي للموت برجلك .. استرها يارب

عاودت الاتصال به

- سليم ارجوك امشي من اهنه .. انت مش فاهم حاجه .

نهرها بصوته الاجش وبعصبيه
- مافيش زفت .. قدامك ٥ دقايق لو مكنتش قدامي عظيم يمين تلاته هطربقها عليكي وعلي عيلتك كلها ياوجد .

وقبل ان تجيبه كان انهي مكالمتها بدون اي بوادر ..

تجمدت الدماء بداخلها وشُل تفكيرها ولم يبق امامها الا ان تستسلم للريح .. نزعت سترتها البيضاء - البالطو - بعجلٍ ولملمت شتات شملها وارسلت له رساله
" استناني علي الباب الوراني للمستشفي طاب واوعي حد من الرجاله يشوفوك "

بعد مرور عدة دقائق دلفت الي سيارته والخوف بداخلها بلغ ذروته ..

"تقدر تفهمني انت عاوز مني ايييه .. وليه الجنان بتاعك دا ياولد الهواري .. انت مستعجل علي اجلك ياك ! "
قالت وجد جملتها وهي تغلق باب سيارته خلفها بقوة

شرع في التحرك بسيارته دون اي رد فعل منه لتيارات الغضب المنبثقه من بين شفتيها .. ضربت _ تابلوه _ السيارة بكفها بغضب
- سليم انا بكلمك ! وبعدين احنا رايحين فين عندى شغل ؟

ارتفعت نبرة صوته
- وجد .. انا روحي في مناخيري .. ينفع تكتمي .

- مش هكتم ياسليم وانا مش مجبرة اركب معاك اهنه ولا تعاملني كإني جاريه من جواريكم .. ويلا نزلني عقولك .

زادت سرعه سيارته فجاه متجاهلا سُم كلماتها التي اخترقت قلبه قبل اذانه .. بعد مرور عاصفة الثرثرة التي عصفتها وجد بحانبها ومازال متلزمًا صمته ادركت ان مابداخله بركان علي وشك الانفجار .. تراجعت بظهرها قليلا والتزمت هي الاخري الصمت .

وصلا سويا الي مكانهم المفضل علي احدي ضفف نهر النيل .. هبط ( سليم ) من سيارته .. تابعته ( وجد ) بعينيها قبل ماتلحق به .

وقف يرمي احجار صغيره متتاليه في النيل .. بمجرد ان رأته يفعل ذلك تيقنت ان ثمة الامر اضخم من ان يقصها سليم الهواري بلسانه .. اردفت خلفه بخطوات متباطئة ثم احتوت ذراعه بحنان .

- مالك ياضي عين وجد ؟
نظر في عينيها الغزلاني ليبوح عما يحمله قلبه من مراره وضيق ثم اخد نفسا عميقا .
- تعبان قوي ياوجد .

- من موضوعنا ! مش انت قولت مسيرها هتتعدل جيت وتعبت من بداية الطريق ليه ؟!

- دي بتتعقد ياوجد .. وبدال ماكان بينا سد بقيوا الف .

قطبت حاجبيها باندهاش واستدارت بجسدها امامه
- قصدك اي ياسليم ؟

حدق النظر في عينيها كمن يتأمل جزيره مستديره مليئه بالريحان في منتصف عينيها تحاصرها شطي جفنيها .. وتضلل عليها بسحب رموشها .

ساد الصمت لدقائق بينهم حتي ارتمي ( سليم ) بين ذراعيها كالطفل التائه الذي عثر علي حضن امه للتو .. احتوته بين ذراعيها وربتت علي ظهره لتشعره بالامان والدفء ..تنهد في حضنها بوجعٍ كإنه يود ان يتحرر من آلامه المُبرحه بقربها ..

همست في اذانه بحنو
- حوصل ايه ياسليم ؟ متوجعش قلبي عليك .

اغمض عينيه علي جدران قلبها يستمع للحن قلبها حتي هدأ تماما .. ابتعد عنها ثم ابتسم ابتسامه خفيفه
- كنت محتاج لحضنك قوي ياوجد .

اشتعلت النيران بداخلها من بروده اللامتناهي
- وحياة امك ! يعني انتَ مجرجرني علي ملا وشي عشان تقولي كنت محتاج لحضنك ياوجد !

رفع حاجبه ليكمل ثورة استفزازه
- وهو الحب اي غير اني القي كل اللي احتاجه قبل ما اطلبه ..!

وثبت قائمه بانفعال
- انت اتجننت رسمي .. وانا اللي قولت حُصلت مصيبه لكل دا ...

- هو فعلا حصلت مصيبه بس اول مااترميت في حضنك نسيت اصلا حُصل ايه .. وجبل الجليد اللي جوايا انصهر .. انت ساحرة لي ولا ايه ؟!

عقدت ساعديها امام صدرها وهى تحرك احدي ساقيها بنفاذ صبر
- اووف بطل حديت فاضي .. وقولي حصل ايه عااد .. ؟!

وقف امامها قائلا ببرود
- اصل راجح الهواري قرر اني اتجوز ماجده بت عمي ناصر .

- لا والله وانت جايبني اهنه عشان تعزمني علي الفرح اياااك !

- وجد .. عتكلم جد انا، جدي امر انا واخواتي نتجوزوا بنات عمنا ودخلتنا الخميس الجاي .. وانا مش عارف اعمل ايه ...

ابتلعت غصة احزانها ولكنها حافظت علي اتزانها
- اه وجاي لوجد تقولك تعمل ايه ! اقولك روح اتجوزها وحل عن راسي ...

نظر اليها بعيون ضيقة قائلا بخبث
- قال لو حلِت عن راسك هغيب عن قلبك ؟!

هزت كتفيها مصطنعه المشاعر الثلجيه
- طول عمري مقتنه بمقوله الغايب ملهوش نايب ياسليم .. واللي شمسه تغيب عن عينى مايستهلش ذرة حُب ف قلبي .

اجابها متحديا
- الغايب في القلب دايب ياوجد .. واللي عيغيب له كل الوقت والعقل ونسيم الفؤاد ونور العين وغذا الروح .. كيف عتقولي اكده ! هتخترعي حب علي مزاجك اياك ؟!

يضرب قلبها في جدران صدرها بقوة وبدلًا ما تستشعر دقاته تستمع الي ضجيجه تلعثمت الكلمات بداخلها محاوله اخفاء حُزنها
- يعني انت عاوز اي دلوق ؟!

- جيت اخبرك اني هتجوز عشان متسمعيش من الغريب .

- ولما اسمعها منك اكده هغفرلك ؟!

- تنشفيش راسك عاد وافهمي .. هتعقلي ميته انتِ؟
- وانا من يوم ماحبيتك بقي فيِ عقل !

نظر اليها بحب ولهفة عاشق
- يبقي تعقلي اكده وتبطلي جنان العتامنه اللي عينهش في راسك دا ..

- هي حصلت عتشتم في العتامنه قدامي ياولد الهواري !

- ملعون ابو العتامنه علي الهواريه اللي مانعني من النومه في حضنك ياوجد .

انسكبت دمعه من عينيها بمراره مردفة
- سليم عاوزه اروح .

مسح دمعتها بابهامه بحنو
- انتِ عتبكي ليه دلوق ؟

- والله ! افرح يعني ؟!

- طيب اي رايك قولي اه واحنا نهرب من البلد كلها ولا حد يعرفلنا طريق .

- واجيب العار للعتامنه ياسليم اتهوست انت ياك !

- خلي العتامنه ينفعوكي .. يلا انجري قدامي خليني اوصلك ..

شرعت بالتحرك امامه ولكنها وقفت فجاة
- سليم استني ...

نظر اليها بعيون ضيقه ثم اردف قائلا بمزاح
- ايه فكرتي ورجعتي في كلامك بالسرعه دي !

- ياباي منك .. اسمعني بس، ( ادهم ) ولد عمي ناوي يخلص عليك ياسليم ورحمة ابوك وغلاوة وجد عندك تخلي بالك علي نفسك .

اجابها ببرود
- والله صوح هو مخطط العتامنه دلوق يبداوا بيِ طب يلا وانا جاهز .

ضربت قبضة يديها علي كتفه بقوه
- بس ياغبي انت عتقول ايه !.. سليم ماعهزرش عمى ناوي يخلص منك ويحرق قلب جدك عليك .

رفع حاجبه بثقه
- وهيحرق قلب بت اخوه عليّ هيبقي موت تلاته مش واحد .. ودا مش عدل قولي للعتامنه يراجعوا قوانينهم زين عاد .

- ياسليم افهمني وبطل مِقلده عاد .. ادهم ناوي يجيب راسك لجدي في -شكاره- ويتجوزني ...

قهقهه بقوة وهو يحتضن كفها الصغير بكفه ويسحبها خلفه نحو السياره
- اركبي اركبي بلا حديت عيال .. طب اي رايك لهجيبهولك راكب علي حماره وبالمقلوب كمان .. قال يتجوزك قال جاته جنازه مايلاقي حد يمشي فيها .. اركبي اركبي ياوجد ومرقي يومك .

 

الحياة والعمل مثل لعبة الشطرنج تماماً , يجب أن تنظر فيهم إلى المستقبل دائماً وتتوقع ماذا سيحدث لخطوات عديدة قادمة , وللأسف قليلون من يفعلون ذلك ! هم يفكرون في خطواتهم الحالية ولذلك كثيراً ما ينهزمون.

" علي جثتي الكلام دا يحصل "
قالت ( ثريا ) جملتها الاخيره باصرار وحزم

ماجده غمرت الفرحه كيانها تريد ان يكون لها جناحين وتطير في الهواء
" يسر يسر قوليلي تاني اكده .. يعني جدك قال لمحمد بالظبط كده ماجده لسليم "

نهرتها امها بقوة
- ماتهمدي يابت .. مستحيل تتجوزوا عيال ( عفاف ) لو هتعنسوا جنبي لا يعني لا .

قطبت ( ماجده ) حاجبيها بضيق
- لييه اكده ياما وانا هلقي احسن من سليم فين .. دا زين الرجال وبطل كل افلامي ورواياتي ياما .

عقدت ثريا حاجبيها وهي تضرب بكفها علي الكف الاخر
- وتقدري تقوليلي سي سليم بتاعك دا عيشتغل ايه منا مربتكيش ودخلتك كليه الهندسة عشان تتجوزي فلاح ياماجده .

جلست ماجده بجوارها
- وماله سليم ياما يعني جاهل ماهو واخد كليه وكمان دراع جدي اليمين وكفايه ان بت العتامنه عتحفي وراه .. انا مش عارفه اي اللي مش عاجبك في سليم .

- انه ولد عفاف ياماجده .. وكمان بت العتامنه دي بايره لقياش حد يتجوزها فراميه بلاها علي سليم .

رفعت يسر عينيها عن شاشة هاتفها
- زي ماهي عتحب سليم .. سليم عيعشقها ياما .

ماجده بحنق:
" والنبي مالكيش صالح انتِ .. انا هنسي سليم العالم كله بس نتجوزوا "

ثريا بحده:
" وانا قولت لاا .. بناتي مش هجوزهم "

ماجده اوشكت علي البكاء
- هتكسري كلمة جدي يعني ياما !

نورا واقفه امامه النافدة تستمع لحديثهم ولكن ذهنها في عالم اخر ايعقل بعد مرور سنوات اكثر من ١٥ سنه تتمني فيهما عماد حبيبها الاول والاخير وبرغم زواجها وطلاقها .. وزواجه وموت زوجته .. ايكون لعب القدر اخيرا لعبة لصالحها

قطعتهم ( يسر ) بكلماتها التي نهت جدالهم
- تقلقوش دا قرار نهائي ومافهوش رجعه مهما حصل .
قفزت ماجده من مكانها مهلله:
" يسلم فُمك ياسوسو "

اقتربت منهم ( نورا ) وهي عاقده ساعديها امام صدرها
- انتوا نسيتوا حاجه مهمه .

نظروا اليها جميعا باهتمام ثم اردفت قائله
- صفوة .. دي هتولعها حريقة لو عرفت .

اتسعت حدقة عيون الجميع بذهول
ماجده بنفاذ صبر:" اوووف يعني الجوازه هتبوظ! "

 

وصل ( ادهم ) المستشفي عند ( وجد) باحثا عنها بعيون ناريه .. يسأل عليها جميع الدكاتره من يخبره بإنها فالاستقبال واخر يخبرها بانها في غرفة العمليات وكثير من الاجوبة التي لم تدله علي طريقها ..

وصل ( سليم ) ( وجد) امام الباب الخلفي للمستشفي .. قالت له بتوسل
- سليم وغلاوة وجد عندك متجيش تاني ولا تقابلني .

- بلاش تحلفنيني بغلاوتك ياوجد .. المفروض انك عارفه غلاوتك زين فكيف عاوزه تمنعيني اشوفك .

- فترة مؤقتة ياضي عين وجد .. مش احسن ما اتحرم منك العمر كله .

قبلها في راحه كفها بحب
- ان شاء الله العمر كله واحنا سوا ..

ابتسمت بحب ثم دلفت من سيارته وركضت نحو الباب وهي تدندن بفرحه وصلت لغرفة مكتبها وفتحت الباب ومازالت غائبة عن الوعي فوجئت ( بادهم) امامها .. شهقت بصوت عالي واضعه كفها فوق قلبها بتلقائيه
- انت اي اللي جابك هنا .

قام ووقف امامها بثبات
- والله انا اللي المفروض اسال جايه منين ووشك عيغني اكده !

دلفت الي الداخل وامسكت بثوبها الابيض لترتديه
- انا عندي شغل ومش فاضيه للهبل بتاعك دا .. وسع .

قبض قبضته الحديديه علي معصمها ودار جسدها نحوه مهددا
- بت انتِ اتعدلي .

دفعته بقوة
- بت ! شكلك نسيت نفسك يابن ساميه ونسيت عتتحدت مع مين .. احترم نفسك معاي عشان محطكش في دماغي وتبقي انت اللي جنيت علي حالك .

دنا منها بنظرات مقززه ففهمت مغزاهم
- وانا عاوزك تحطيني في قلبك مش في دماغك ياوجد .

ابتسمت ساخرة
- هو انت معرفتش! .. مش الحب مابيطلبش .

اجابها بحده وقوة
- بس بيحتل .. وانا محتل مابرحمش واوعدك في ساحة حربي هكون انا المحارب والقتيل .. محارب لعنادك وقتيل في بحر حبك ياوجد .

- وقلب وجد محصن ياابن العتامنه ومفتاحه مع شخص واحد وبس .

ابتسم ماكرا وهو يفتح الباب
- مانا هروح اجيب المفتاح ورقبة صاحب المفتاح تحت رجليكي يابت العتامنه .

ثم رد الباب خلفه بقوة زلزلت بدنها .

 

يجوب ( مجدى ) غرفته ذهابا وايابا بقلق وتوتر
- ماتقعد ياخي خيالتني .
نطق محمد بكلماته بنفاذ صبر

جلس مجدى بجواره
- قلقان يامحمد من صفوة و رد فعلها .. عمري ما كنت اتخيل اني اتجوزها بالطريقة دي .. دانا لسه كنت بجهز نفسي ودخلاتى عشان اوقعها في شباكى

محمد بتلقائيه:
" ياعالم يمكن مكنش قدامك طريقة تتجوزها بيها غير دي "

- طب تفتكر هي ممكن تعمل ايه ؟!
رفع محمد حاجبه مستنكرا
- مين! .. صفوة بنت عمك ؟!
زفر بضيق:
" متركز معايا كده وسيبك من الزفت اللي في ايديك دا .. ايوه هي .. وفي غيرها يعني ؟"

قفل محمد هاتفه ووجهه حديثه اليه
- والله علي حد علمي انها ممكن تجيب قنبله ولا اختراع من اختراعاتها وتفجرنا كلنا وتبقي ريحت العتامنه مننا ووفرت عليهم كتير .

- اوووف للدرجه دي !
قال مجدى جملته الاخيره بيأس .

- دانا بقولك اقل اوبشن .. وسايبلك عنصر الساسبنس تشوفه بنفسك .. اتقل بس .. هتتفاجئ وكلنا هنتفاجئ .

- طيب متقولي علي حل ؟
فكر محمد قليلا
- انسب حل انك تختفي من البيت لانها مش هتقدر تقف قدام جدك .. فمش هيكون قدامها غيرك تتفش فيه .

حك ( مجدى ) ذقنه بتوتر وقلق
- انا هتجوز الشحات مبروك ولا اييه .. وبعدين ياعم انت بدل ماتطمني بتخوفني .

- مش احسن ماتتفاجئ .. لازم اديك خلفيه عن عيوب ومميزات المنتج .. وبعدين صفوة دي عشره ٦ سنين كليه .. دانا حافظها صم دى كانت سبب في تعقيد دفعه كامله .

- بس انت من الصبح بتقول عيوب ماسمعتش مميزات ولا حاجه !

فكر محمد قليلا
- مممممم مالاقيش فيها ميزه يخربيتها ..

رد عليه باستسلام
- يعني انا خلاص لبست ؟! صلاة النبي احسن .

 

وصلت ( صفوة ) القصر بعد يوم طويل وملل في الجامعه مع غفر الهواري .. صعدت الي غرفتها بهدوء ثم ارتمت بجسدها في منتصف مخدعها وهي تنزع نظارتها الكبيره التي تأكل نصف وجنتيها ..

دخلت اختها ماجده عليها الغرفة فوجئت بها مغمضه عينيها وتلتقط انفاسها باسترخاء .. سألتها اختها بصوت منخفض
- هو انتي لحقتي تنامي ؟!

لم يتحرك ساكن بها .. فاردفت قائله
- ماجده عاوزه انام اقفلي الباب واطلعى .

ترددت ماجده قليلا ثم استجمعت شتات قوتها
- صافى .. عندي ليكي خبر حلو .

- مش عاوزه اسمع حاجه ياماجي الله يخليكي .

فركت ( ماجده ) كفيها بحيره
- مانا لازم اقولك لاني لو مقولتلكيش هتبقي المصيبة اتنين .

اعتدلت صفوة في جلستها وارتدت نظارتها الطبيه .. ركلت ماجده الباب سريعا وركضت نحوها متلهفة لتجلس امامها
- شوفتي مش جدك امر ان انا وسليم هنتجوز .

التوت شفتها بلا مبالاة
- واي اللي يفرح في كده !
ابتلعت ماجي ريقها
- وكمان نورا وعماد هيتجوزوا .
ابتسمت صفوة بسخريه
- كمان ! تاني مصيبه ...

نظرت لها ماجي بتساؤل
- مصيبة ليه بس ؟

- جواز ! وهو في مصيبة اكبر من كده !

اومأت راسها ايجاباً
- آه فيه .. انتِ ومجدي فرحكم الخميس الجاي .

بلا مبالاة
- والله ! ابقوا اعزموني علي الفرح بقي متنسوش يلا قومي عاوزه انام مافيش دماغك لزنك .

- ياصفوة بتكلم جد .. جدك امر ولاد عمك عادل يتجوزوا بنات ناصر والقرار مافهووش رجعه .

رفعت صفوة حاجبيها وقطمت شفتيها بتوعد
- بقي كده ! دا الموضوع بجد بقي يعنى جدك هو اللي قرر ؟!

هزت ماجي راسها بالموافقة منتظرة ردة فعلها

وثبت صفوة قائمة مندفعه نحو الباب بخطوات متعجلة .. ركضت اختها خلفها بسرعة ..
" خدي يامجنونه انتِ .. رايحه فين "

تراقصت ساقين صفوة بعصبيه وزمجرت رياح غضبها وثوران نفسها

- هروح اكلم جدي واوقف المهزله دي قبل ماتحصل .

تشبثت اختها في معصمها
- استني بس اقفي هنا .. جدك مش قاعد .

رفعت حاجبها مستنكرة
- والله ! تمام .. بس سي مجدى اكيد قاعد .

اتسعت حدقة عيني اختها
- انتِ ناوية علي اييييييه ! وماله مجدي بس

دفعتها صفوة من امامها ودلفت الي غرفتها اخذت شيء ما وتوجهت صوب غرفة مجدى وهي بداخلها براكين الشر التي اوشكت علي الانفجار متوعدة له محدثه نفسها بكلمات لم تفهم مغزاها ولكن مابدي عليها من انفعال ان نيرانها ستحرق مدينة باكملها ...
في الفيزياء مفهوم -إجهاد المعادن- هو التشوّه البنيوي الذي يحدث للمعدن مع الأحمال المتكررة، ممّا يؤدي في النهاية إلى انهيار مفاجئ للمعدن تحت ضغط خفيف نسبيًا..
لم أستطع إيجاد مفهوم فيزيائي يشرح انهيارنا المفاجئ أمام خيبات بسيطة أفضل من هذا المفهوم !

وصلت ( صفوة ) الي غرفة ( مجدى ) التي دفعت بابها بقوة .. فوجئا كلٌ من محمد ومجدى لنظراتها التي ينبعث منها الدخان .. عقدت ساعديها متوعدة

" محمد ممكن تسيبنا لوحدنا شويه "
رمقه مجدى بنظرة حائرة .. استسلم محمد لاوامرها علي الفور قائلا ..
" طيب يامجدى هسيبكم انا تتكلموا سوا .. عرسان بقي وانا مش من حقي ادخل "

عض ( مجدى ) شفتيه بغُل من تصرف اخيه المتداني، خرج محمد ثم ركلت صفوة الباب بقدمها بقوة وهي تقترب منه بخطوات متباطئة

- انا سمعت خير اللهم اجعله خير كده .. ان هيكون عندنا فرح قريب ..

رفع مجدى حاجبه وهو يرتسم ابتسامه خافته
- اه شوفتي .. ماشاء الله مصادرك قويه جدا .

-" كله ممكن اعديه .. لكن كوني انا عروسة دا مستحيل اعديه ..تتصرف و تنهى المهزلة دي فاهمنى "
قالت صفوة جملتها وهي تجز علي اسنانها بحزم

ادرك سريعا زمام الامر فقرر استخدام سلاح البرود في قلب نيران ثورتها العاتية قائلا باستفزاز
- ليه بس صافي ماانت قمر ١٤ واحلي عروسة كمان ..

زمت شفتيه ونظرت اليه بعيون ضيقة
- ممممم افهم من كده ان الموضوع جاي علي هواك ! ااه منا كنت ملاحظه تصرفاتك معايا قبل كده بس كنت برمى ورا ضهري دا طلع بجد بقي ؟!

ضحك بصوت عالي
- الا جاي علي هواي .. دا جاي في الجون .. وانا هلقي زيك فين .. عروسة ادب واخلاق وجمال وعيلة وغير دا كله بت عمي واحنا ماعنطلعوش بناتنا برا من الاخر ..

- طالما جبت من الاخر بقي تعجبني .. هوريك الاخر بتاعي شايف اي دا !؟

اتسعت حدقة عيني مجدى بدهشه ليري امامه حقنه بداخلها محلول ابيض .. اكملت صفوة كلماتها
- دي حقنة، اه حقنه .. بس مش اي حقنه عبارة عن حبة كوكايين مع هروين مع شويه حبوب مخدرة مطحونين .. مممم شوية ادويه ملاهش لازمه حطتيهم مع شويه ميه لحد مابقى المحلول اللي انت شايفه دا جوا السرنجه .. كنت جايباه اكمل عليه بحثي .. بس شكلي كده هستخدمه عملي .. بالك بقي لو ضربتها في وريد سياتك هيحصل ايه ؟

مازال يستمع لكلماتها بحيرة ودهشة بالرغم من قضاءه اغلب ايامه في القاهره لم يتعرف علي طباعها بارض الواقع ما يصل اليه عنها قصص عابره .. وجد في حديثها لذة خارقة .. اكملت صفوة عملها الاجرامي الذي تكنه

- انا هقولك هتعمل اييه .. هتخش بقلب جامده كده علي جهازك العصبي تدمره .. ايييوه تدمره وبعدها بكام دقيقة كده تتكل .. تديك تذكرة لفوق فوق اوي هااا .. لسه بردو موافق علي حوار الجواز دا ؟! يابنى فكر العمر مش بعزقه ...

عقد ساعديه وارتسم ابتسامه ساحره علي شفتيه قائلا بخبث
- تؤؤ .. مش موافق .

تنهدت بارتياح:" طيب كويس طلعت عاقل وانسحبت من اول جولة .. اصل انا مش اشكال هتأمن لها وتعيش معاها ف بيت واحد "

دنا منها للحد غير المباح مخترقا قانون المسافات هامسا في اذانها الا انها شعرت بحرارة انفاسه تلامس عنقها
- هو انا الاول مكنش عندي اعتراض علي الجوازه بس حاليا بقيت مصمم جدا جدا جدا جدا .. وشكلنا هنلعب لعب حلو .. لعب مكيفنى وجاي علي هوايا ...

ابتعدت عنه بعيون ضيقة تَكن خلفهم ملحمة ماكرة
- الواضح اننا فعلا ولاد عم ومنعرفش حاجه عن بعض .. بس عجباني شجاعتك دي كلها وانك بتتحدي بنت الهواري .. لا بجد لافته حلوة منك .

وقف بثبات امامها اشبه بالغرور مشيرا اليها بسبابته
- هذا الشبل من ذاك الاسد .

رفعت حاجبها متعجبة وفي نفس التو ساخرة
- هنشوف اذا كان اسد ولا هيتحول لقطه يابن الهواري .

كانت تلك اخر كلماتها التي كانت اشبه بقذيفة ناريه القتها من بين شفتيها وهي تعد في جيوشها واسلحة انظارها بنشوب الحرب التي ستُقام بين ادم وحواء .. تركته وغادرت وهي بداخلها الف سؤال .

وجدتهم جميعا امام غرفة مجدى ينتظرون نتيجة ثورانها وضجيجها التي التهب كيانها وكان علي وشك التهام اهل البيت جميعا .. نظرت اليهم بدهشة

- انتوا واقفين كده ليه ؟!
اختلس محمد نظرة الي داخل الغرفة باحثا عن اخيه
- هو مجدى لسه عايش ؟!

استدارت برأسها للخلف ساخره علي مصدر صوته
- هي دي صفوة اللي رعبتوني منها ! ماهي طلعت حلوة اهي وبتنخ من غمزه .

كتموا اصوات ضحكهم بسخريه فقالت يسر
- يعني خلاص الفرح فى معاده ؟!

رمقت مجدى بنظرة ماكرة قبل ان تغادر
- هو المسئول عن نتيجة اختياره .. انا حذرته .

تركت الجميع في بحور اندهاشهم وذهبت نحو غرفتها فركلت الباب بقدميها متأففه وهي تحدث نفسها بالمرآه
- هو اكيد مجنون عشان يتحداني انا ويفكر يكلمني بالطريقه دي .. هو مايعرفش انا مين ولا ايه .. طبعا وهو هيعرف منين ما البيه عايش حياته كلها فالقاهرة .. طيب ياسي ( مجدى) اما عرفتك مين هي ( صفوة الهواري ) لتقول حقي برقبتي .

" " سلامًا علي عواصف الغضب المصطنعه التي تختبيء خلفها فوضي المشاعر المبعثره " "

‏"أشعُر أنه من الممتع جدًا أن تكون بهذا العمق أحيانًا، أن تغرق في تفاصيل أشياء صغيرة قد لا يراها الآخرون، أن تعبر من خلالك الأشياء لتخرج أشياء أخرى مختلفة تمامًا، أن تكون لديك هذه المقدرة الهائلة في الغوص عميقًا دون أدنى جهدٍ يُذكر."

دلف ( سليم ) الي بهو القصر بخطوات متثاقلة، فوجئ بوجود ( ماجده ) تعيق طريقه بسذاجه
- ازيك ياسليم .

تجاهل ( سليم ) حديثها ونظر في شاشة هاتفه كإنه يجري اتصالا ما، نظرت اليه نظرة استكشافية
- هو انت زعلان من حاجه يابن عمي .

زفر بقوة ولنفاذ صبر:
" في حاجه ياماجده ؟! "

هزت كتفيه بتلقائيه واجابته بتوتر
- لا مافيش كده بسلم عليك بس وكمان عاوزه اقولك انا اسفه علي اللي حُصل مني الصبح .

اغمض عينه لبرهه بنفاذ صبر وتركها بخطوات متعجلة صوب باب القصر .. توقف علي نداء امه المفاجئ
- عاوزاك ياسليم .

تراجعت قدميه قبل ان تلمس اعتاب درجات السُلم وهو يقول لها بضيق
- عاوزه ايه ياما ؟

- عاوزه اعرف اخرتك ياسليم مع بنت العتامنه ؟!

صمت قليلا ثم دني منها
- يخصك في اي الموضوع دا ياما .. كمان هتأمري علي قلب سليم يحب مين ويكره مين !

مسكت كفه في حنو
- ومن ميته عفاف اتأمرت عليك ياولدي ! طول عمري صاحبتك قبل مااكون امك .

طافت عينيه في ارجاء المكان بغضب
- فرحه قلب سليم مع بت العتامنه ياعفاف .. غير كده بتدفنوا سليم بالحييا ...

انسكبت دمعه حاره علي وجنتها
- بس انت خابر زين انه ماينفعش ياسليم ..

ارتفعت نبرة صوته الاجش الذي التفت اليه الجميع
- يعني ايه ماينفعش الكلام دا .. ماهي مش زارير هندوس عليها ياما .. وانا عقولها بأعلي صوت فيّ ايوه قلب وعقل وروح سليم مع بت العتامنه، وانا مش هدفع من عمري تمن ذنب انا ماليش دخل فيه .. اللي غلط يتحاسب مش هلملم من ورا حد انا ... ...

-تسمرت ( ماجده ) في مكانها وانخرطت عينيها بالبكاء .. لاحظتها اختها الصغري التي سرعان ما ركضت نحوها، وعلي الفور استدار البقية الي صوت ( ثريا ) التي صاحت بكل قوتها
- وبتي مش بايره ياسليم ولا هتموت عليك .. والجوازه دي انا مش عاوزاها .

ارتبكت ( عفاف ) واتسعت حدقة عينيها
- جري لعقلك اي يا ( ثريا ) هتكسري اوامر عمي اياك !

وقف ( ثريا ) امامه بتحدي
- ماعنديش اغلي من بناتي في الدنيا .. وكرامتهم قبل اي حاجه ومادام معرفتيش تربي ولدك علي الاصول وازاي يحترم كرامة بنات عمه يبقي مايلزمناش ياعفاف .

نهرتها ( عفاف ) بقوة
- بس ولدي متربي احسن تربيه وانتِ خابره اكده زين .. ولا شكل عيشتك في مصر نستك مين هما ولاد عادل الهواري !

اجابتها بسرعه مطلقه وهي تصوب نظرها الي ( سليم )
- والتربية دي مخلياه يحفي ورا بت العتامنه اللي عاوزين يشربوا من دمه بدل ماياخد بنات عمه تحت جناحه ويضلل عليهم .

حاول ( سليم ) ان يكتم تيارات غضبه المتتاليه ولكن كلماتها كانت كفيله ان تخرج نيران منه تحرق مدينه باكملها
- والله انا مش مسئول عن جريمة ارتكبها جوزك وهرب .. واول مايجي جدي بلغوه اني مش موافق على الجوازه دي .

خفق قلب ( ماجده ) وندبت ( عفاف) علي وجنتيها ونظرت له ( ثريا ) بغضب واتت عاصفه اخري لتخمد النيران المشتعله ما بينهم لتبدلها بنيران اقوي

- وايييه كمان ياسليم ؟!
زمجر الجد بكلماته التي هُزت لها الجدران

عقد سليم ذراعيه:
" زي ماسمعتني ياجدي .. انا مش موافق علي جوازى من ماجده .. ولو كان علي حمايتهم فهما في عيني .. اظن ان عداني العيب اكده "

انكمشت ملامح الجد وارتفع صوته اكثر
- اللي عتقوله ده العيب بعينه .. عقلي ولدك ياعفاف ..

وقف امام جده متحديا
- بس انا مش هتجوز غير بت العتامنه ياجدي ..
اكمل الجد معاندا
- وريني هتكسر كلام جدك كيف ياسليم .!

ثم وجه كلامه للجميع بقوة وحزم
- كتب كتاب ودخلة العرسان يوم الخميس كله يجهز نفسه ..
ثم ارسل نظرة ناريه صوب سليم قبل مغادرته
- وياريت تعقل وتبطل شغل الحراميه اللي عتخش بيه كل لليله بيت العتامنه لو مسكوك اتاكد مش هتلاقي اللي هيرحمك .. وانا مش مستعد استلمك جثه .

تركهم الجد في شبكة افكارهم وحيرتهم .. هناك قلوب تحترق بالحب واخري بالفراق وغيرها بنيران الغضب ولكن جميعهم علي متن سفينة واحده اتت رياحها بما لا تشتهي انفسهم وما باليد حيله سوى الاستسلام .

 

ترك ( سليم ) المنزل عقب كلمات جده التي مرت علي جروحه بسلك شائك وظل يجوب بسيارته في مختلف ارجاء بلدتهم .

انهارت ( ماجده ) اثر كلمات سليم التي تدركها جيدا ولكن مازال بداخلها صوت يكذب لها حتي اتت عباراته قطعت حبال الشك باليقين - لم يوجد مُحتل بداخل قلبه سواها - مما جعلته يتحدي الجميع لاجلها .. وما هي الا اسم بالبطاقه يثبت نسبهم فقط .

فتح ( عماد ) باب غرفة مكتبه وخرج منها حتي فوجئ بوجود ( نورا ) امامه .. رمق كلاهما الاخر بنظره خاطفة ثم اكمل عماد طريقه بتجاهل تام، وضعت ( نورا ) كفها لتهدأ من ثوران قلبها الذي يدق صدرها بقوة كان اثره انسكاب دمعه حاره علي وديان وجنتها متنهده بمرارة وضيق .

اجري ( سليم ) مكالمه تليفونيه وهو داخل سيارته مرات متكرره دون جدوي من صاحب الهاتف .. زفر بقوة والقي هاتفه جنبا وهو يضرب المقود بيده
- طايب ياوجد !
وسرعان ما اضُيت شاشة هاتفه التف نحوها متلهفًا
- عترديش ليه علي طول انتِ ؟

اجابته بنفاذ صبر
- وانت عتتكلمش غير لما تزعق ليه ؟ عاوز ايه تانى ؟

- انا اتكلم كيف منا عاوز وانتِ تستحمليني وتحبيني علي اكده من غير اي تعليق ..

جلست علي مكتبها الصغير بتحدي
- مش انا اللي تتأمر عليها ياولد الهواري فوق لنفسك .

ارتسمت بسمة خفيفه علي شفتيه
- اتأمر عليكي وعلي اللي خلفوكي كمان .

كتمت صوت ضحكتها
- هقفل ومش هرد عليك واصل … انا حذرتك اهو .
رد متحديا
- طب انا عاوزك تعمليها ياوجد وشوفي هعمل ايه ؟
زفرت بنفاذ صبر
- انت عاوز اي دلوق خلصني، عندي شغل كتير ..

- شغلك اهم مني ياك ؟!
- ما اتخلق ولا كان اللي يبقي اهم منك ياسليم .

لمعت عينيه بحب
- اومال كان اي لازمته الوش الخشب اللي فالاول ؟!
وضعت وجنتها علي قبضة يديها
- يوه مش هنخلصوا .. سليم عندي نبطشية ومش هينفع نتسايروا إكده ...

وقف بسيارته تحت مبنى المستشفي التى تعتبر من اكبر مستشفيات البلد التي تدخل في حيز ممتلكات العتامنه
- وجد .. قلبى واجعنى قوي .

انتفضت من مكانها بلهفه
- انت عتتكلم صوح ولا قاصد تخلع قلبي عليك ؟!

دلف من سيارته وركل بابها خلفه بخطوات متزنه وثابتة اتجه نحو بهو المستشفى اجابها بدلال
- لا بجد سليم قلبه واجعه قووي .

ترجمت نبرة صوته المدللة قائله
- وبعدين فيك عاد .

- وبعدين فيكِ انتِ .

- وانا كنت عملتلك ايه يعني ؟!
- خدتى قلبي وفضلت عايش طول الوقت من غيره .

- ماانت كمان سرقت روحي وانا مالومتكش ؟

ارتسمت بسمه جذابه علي ثغره وهو يقترب من باب غرفة مكتبها
- طب اعمل ايه يادكتوره .. يلا اتصرفي وعالجيني فضى مكان قلبي بيموتني كل ثانيه وهو بعيد عني .

اتكأت فوق مقعدها شارده معه في اعذوبة كلماته
- انت هتسرح بيا ولا ايه ! ماتتمسي .

قبل ان تغلق شفتيها منتهيه من كلماتها فوجئت باقتحامه مكتبها الخاص قائلا بفظاظه
- هو انا لما اقولك عيان ماعتصدقيش ليه انتى !

ارتجف جسدها وهلع قلبها من موضعه ثم ركضت نحوه في عجل
- انت جري لمخك ايه ياسليم هي حصلت تيجي لحد اهنه .

تجاهل انفعالها واتجه نحو - الشازلونج - وارتمي عليه بكللٍ متخذا نفسا عميقا
- تعالي اكشفي عليّ يلا .

اغرورقت عينيها بدموع تخفي خلفهم قلة حيلتها وخوفها الشديد عليه .. اندفعت نحوه راجيه
- سليم قوم امشي عشان خاطري وجودك اهنه في ارض العتامنه هيقلبها مجزره .

شمر كُمه وبسط ذراعه بهدوء
- هاا يادكتوره يلا عاد شوفي شغلك .. انا مش دافع تمن كشف وجاي اهنه مخصوص عشان تقوليلي امشي .

قطمت علي شفتها السفليه بحنقه ونفاذ صبر ثم استسلمت لاوامره .. جلست علي مقعدها بجواره وشرعت في لف زمام جهاز قياس الضغط حول معصمه وهي تتجول في عينيه اللاتي تتفتنها بهيام ..

تركت الجهاز متأففه قائلة بضيق
" يووووه ياسليم هتودي نفسك وتوديني معاك في داهيه "

اعتدل في وضعيته مستندا على معصمه امامها قائلا
- داهيه ! مش مهم .. المهم نروحها سوا ونخليها جنه .. يلا عاد الجهاز ده هيفضل متعلق اكده كتير .

مسكت كفه ممتعضة وهي تحكم الرباط حول معصمه
- افرد ضهرك طيب .. لما نشوف اخرتها معاك ياولد الهواري .. مالي انا بالحب وسنينه ويوم مااحب احب واحد مجنون !

ضحك بصوت عال وبلهجة مفخمة بالحب
- مافيش عاشق عاقل ياوجد .

نظرت اليه بطرف عينيها وهي تخفي ضحكتها قائله بخبث
- الضغط تمام اوي علي فكرة .. عشان تعرف انك عتدلع ..

اجابها مندفعا
- انا متاكد انه مش تمام .. هتعرفي اكتر مني انتِ يعني !

قطبت حاجبيه معترضه
- وطالما مش واثق فيّ اكده جاي تكشف عندي ليه .

دنا منها حد الغير مباح وهو يلتهم انفاسها بشهيقه المرتفع وزفيره الذي يلامس وجنتيها
- عشان انتِ الوحيده اللي معاكي الدوا .

اغمضت عينيها لسحر كلماته وهي تبتسم بحب
دنا منها شيئا فشيئا فلم يستطع ان يمنع القوة التي تجذبه نحو ملامسة شفتيها، شعرت بانفاس تحرق وجهها بلت حلقها الجاف .. رفعت جفن عينيها ببطء شديد .. بدون مقدمات استدارت بجسدها ابعدت عنه بكيان مرتجف وهي تعبث بالاشياء الموضوعه فوق مكتبها لتمنع عينيها من الالتقاء بعينيه فتنهار امامه مجددا

" سليم ... ماينفعش كده يلا روح امشي "

نهض من مكان وهو يدنو نحوها بخطوات متثاقلة
- وجد .. للمره الاخيره بقولهالك تعالي نهربوا من اهنه .

احتشدت العبرات بداخلها قائلة
" ومش وجد اللي هتعيش معاك في الضلمة ياسليم "

انفجر بها قائلا
- انا ولا عارف اعيش معاكي فالنور ولا في الضلمه.

انخرطت عينيها بالبكاء
- يبقي قدرنا اكده واحنا لازم نرضي بالمقسوم .

قبض علي معصمها بقوة ليدير جسدها نحوه لتقف امامه مهزوزه مغمومة علي حالهما .. هربت الكلمات من بين شفيته بدون رقابه ممزوجه بنبرة صوته الاجش التي اهتزت لها الجدران قائلا
- بس المقسوم دا عيقسمنا احنا ياوجد .. انا مش خابر كيف يجيلهم قلب يفرقوا بين قلوبنا .. كيف جالك قلب انتى تمنعي سليم عنك .

انهارت عبراتها علي وديان وجنتيها بغزاره
- وجد بتموت من بعدك ياسليم .. ببان قويه ومش عاوزك لكن من جوايا مش عاوزه غيرك .. متعشمه في معجزه تنهي كل الوجع والفراق دا .. لاني انا اللي تعبت .. تعبت بالقوي ياسليم ومعدتش قادرة .

ضمها الي قلبه بقوة ليشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه .. ربت علي ظهرها بحنو حتي هدأت تماما فطبع قبلة خفيفه علي جبهتها ثم همس قائلا
- اهدي ياوجد .. بلاش تقولي اكده كلامك عصر قلب سليم .. ( ثم قال ممازحا ) وبعدين ماانت عتبقي حلوة اهو لما تعترفي بحبك .. اتاريكي دايبه فيّ ومكابره ...!

حاولت فك قبضته الحديدية التي تحاصر جسدها
- طب سيبني اكده وابعد عني ومتكلمنيش تاني .. ولا عاوزه اشوفك تاني بعد عنى عاد ...

احكم قبضته عليها اكثر
- بذمتك عاوزاني ابعد !

تلعثمت الكلمات داخل فمها وبتلقائيه عانقته بحب وهي تتشبث بعنقه كالغريق الذي يتعلق بقشه النجاة .. رفعت قدميها التي تلامس الارض حتي لامست الهواء وطارت في سحب عشقها قائله
- ماتسبش وجد ياسليم ورحمة ابوك .

استنشق رائحتها حتي امتلأت رئتيه من عبيرها
- عمري ماهسيبك ولا هبطل احبك يانبض القلب .

ظلت عالقه بين ذراعيه للحظات لم تُحتسب من الزمن بل كانت كعمر جديد لهما وفجأه اقتحم الغرفة ذلك اللعين الذي عكر صفواهم وتجمدت الدماء بعروقه واشتعلت نيران الحقد والكره وبداخله وسرعان ما غرز كفه في جيبه يخرج سلاحه
" والله وجيت لقضاك برجليك ياولد الهواري " ..
جالسه ( ثريا) فى غرفتها مع بنتها تضرب كف فوق الاخر ونيران الغل مُشتعله بداخلها فاقتربت يسر منها ثم ربتت علي كتفها
- وبعدين يااما فيكى .. متعصبيه ليه محصلش حاجه يعنى .

نظرت اليها بعيون ضيقه بتوهج منها الغضب
" محصلش حااجه ! كل دا ومحصلش حاجه .. انا قولتها كلمه ومش هتنيها تانى الجوازة دى مش هتم "

انخرطت الدموع فوق وجنتي ماجده بحراره فوثبت امها قائمه نحوها بعيون متسعه وجسد عباره عن كتله نار ملتهبه وامسكت بها من شعرها
- بت انت تتعدلى اكده .. محن وقلة ادب بنات انا مش عاوزه .. دا واحد مش عاوزك ولا هو طايقك .. ايييه ماافيش دم خالص .. على الله اشوف دموعك دي تانى فهمانى يابت ثريا !

ثم دفعتها بكل قوتها فوق مخدعها متأوهه ركضت اختها نحوها واحتوها بين ذراعيها لتربت عليها برفق مردفه بضيق
- خلاص يامه عاد .. حرام عليكى دي هتموت في يدك .
شهقت اختها شهقات متتاليه وارتفع صوت بكاؤها اكثر فأكثر .. وانتفضت بين ذراعي اختها
- خلاص ياماجده وحدي الله .. اهدى .

قالت يسر جملتها بحنو بالغ وهي تربت علي كتفها .

- بيحبها قوى يايسر .. سليم بيحب بت العتامنه .
قالت جملتها بشهيق مرتفع ورجفة قلب رجت جسدها قبل ما تنهال عليها امها بعنف بصفعاتها المتتاليه التى فجرت صوت صراخها
- قسما بالله انتى مااتربيتى ولا شوفتى يوم تربيه وانا اللي هربيكى يابت ناصر ..

حاولت يسر ان تتلقي صفعات امها عن اختها ولكن بدون جدوي الى ان تتدخلت عفاف علي صوتهم المرتفع وهى تزيح ثريا بعيدا
- انتى اتهوستى ياثريا .. اوعى اكده بعدي عن البت هتموت في يدك ياحزينه .

- "وانتى مالك انتى .. تتدخلي ليه بينى انا وبناتى اوعى اكده من طريقي سبينى اربي بتى ."
قالت ثُريا جملتها بصوت خشن وجاف وهي تتدفع عفاف بعيدا عنها ثم امسكت الاخيره بمعصمها بقوة مهدده
- ورب العزه يدك لو اتمدت علي مراة ولدى هقطعهالك ياثريا ...

توقفت ثريا في مكانها متحديه
- وانا مش هناولهالك ياعفاف .. وسيبهالك انت وولادك مخدرة .

عفاف بسخريه
- لو تقدري تعمليها يلا ..

اتسعت حدقتا عينيها قائله
- هتشوفي ياعفاف هتشوفي .

ربتت عفاف علي كتفها بقوة
- بلاش تقفي قدام النار وتتوهمى انك هتعدى منيها .. اعقلى واعرفى انني كلنا مجبورين علي الوضع دا ياثريا .. لو كان بمزاجنا مكناش وصلنا للى احنا فيه دلوق .

ثم استدارت ومسكت ماجده من كفها
- قومى يابتى معاي قومى .. شكل امك ادبت وماهياش واعيه لروحها .

 

لقاء التيران وقطه مابينهم .. واقفه امام سليم لتحمى صدره متوسله لابن عمها ( ادهم )
- احب علي يدك ياادهم سيبوا يخرج من اهنه .. وبعدين تار العتامنه مش بياخدوه من ضيوفهم .. هتودى نفسك في داهيه .

نيران الغضب والكره احتلت كيانه .. ممسكا بسلاحه نحوه وقطرات العرق تتصبب من جبهته
- لسه حسابك مجاش انتى .. تقلقيش هتتدفنى جمبه اللي زيك تستاهلش تعيش لدقيقه مسلمه نفسها لكلب ولا يسوا ..

اندفع سليم بصوته الاجش
- ماتتلم وتخلص وتقتلنى لو راجل وتقدر تعملها ولا انت اخرك كلام وبس،، وانا شايف انك تعملها وتخلص عشان لو طلعت علي رجلى من اهنه اتاكد مش هسيبك عايش فيها ساعه ياابن ساميه .. عارف ساميه ولا افكرك !

ندبت وجد علي خديها بمراره ثم استدارت نحوه بصراخ
- اسكت ياسليم اسكت متولعهاااش .
قبل ما تنهى جُملتها مسكها ادهم من شعرها بقوة والقي بها بعيدا حتى ارتطم جسدها ارضا .. ثم وجه سلاحه نحو سليم

-كنت مخططلك لموته اوسخ من اكده .. بس يلا هرحمك بدري بدري ..

وفي لمح البصر ركله سليم بقوة في بطنه .. وبكفه رفع ذراع ادهم لاعلي ولف جسده هامسًا في اذانه بشماته
- مش ابن الهواري اللي يتقتل علي يد ابن رقاصه .

احمرت عينى ادهم متأوها من قبضه سليم الحديديه علي عنقه .. ضغط بكل قوته علي مشط رجله ثم ضربه برأسه في انفه مما جعلته يتراجع للخلف ويسيل الدم من انفه ..

شهقت وجد بصوت عالٍ: خلاص ياادهم عااد .
تجاهلها تماما ثم ركضت نحو مكتبها لتحضر شيء ما .. وعلى حدا انهال ادهم بضربات متتاليه علي سليم اخلت اتزانه .. لازالت وجد تترقبهم بعيون متراقصه علي اوتار الخوف وجسدا مرتعشا وهي تعد في حقنتها المخدرة .

استجمع سليم شتات قواه وحاصر خصر ادهم بذراعيه ودفعه بقوة للخلف مما تسبب في سقوط ستائر ركن الفحص .. تبادلت الادوار من مدافع لمهاجم يسدد ضرباته بحرفيه قتاليه حتى اسقط جسده ارضًا ..
" شوفت بقي قيمتك ضربتين رقدوك في الارض زي الخروف .. اجمد اكده وخلى امك تغذيك شويه ياحيلتها "

قال سليم جملته بشماته وهو يميل ليقترب من سلاحه الملقى ارضا .. فاجئه ادهم بساقه اللاتى التفتا حول خصر بقبضه حديديه جعلته يرتطم بالارض ثم مسك ادهم سلاحه ونكث فوق بطنه وهو يلتقط انفاسه بصعوبه يلكمه بلكمات قويه ومتتاليه حتي شد اجزاء سلاحه
" اتشاهد علي روحك ياسليم "

وقبل ان يهم بتنفيذ مخططه غرزت وجد حقتنها المخدرة في عنقه شلت حركته فى التو واسقطته ارضًا فجلست علي ركبتيها متلهفه
- سليم سليم .. فيك حاجه ؟!

لازال ممددا بجسده ارضًا
-بيضرب ضرب غبي قوى ابن عمك دا .. شكل الغباوة عندكم وراثه ..

نفذ صبرها من مزاحه فقالت
- طب قوم يلا امشي عشان رجالته تحت متنطورين ..
- فكرك خايف منه انا اياك .. سباع الهواري لحمهم علقم .

- طب سيبك من الهري بتاعك دا .. ويلا قوم اطلع من الباب الورانى يلا قبل مايفوق .

ساعدته في النهوض .. تحرك نحو الباب ليخرج ثم توقف فجاة و قفله مجددا كإنه تذكر شيئا ما
وجد بقلق: في اي تانى ؟!

جز علي شفته السفليه
- الواد دا كان جاي يعمل ايه اهنه ياوجد ؟!
نفذ صبرها
- انت مصمم تنقطى ليه !.. وانا اش عرفنى يعنى .

اقترب منها اكثر
- كيف اش عرفك .. وبأي حق يفتح الباب اكده من غير مايستأذن ؟

- يامري انا يامه .. وهو فتح عليا باب اوضتي اياك .. دى مستشفي ياسليم لو كنت نسيت .

قطع حديثهم صوت رنين هاتفه المحمول .. التفت سليم خلفه وجده علي مكتبها
- دا محموله صح ؟!

ضربت وجد جبهتها برفق
- يبقي اكيد دا اللي رجعه .. شكله نساه لما كان اهنه .

احمرت عينى سليم ومسك معصمها بقوة
- كان اهنه كيف ؟! انت مالك النهارده مش واعيه لكلامك ليه .. ولد المحروق دا كان يعمل اهنه ايييييه ؟!

تأوهت من قبضته قليلا
- ودا وقته ياسليم يعنى! .. امشي دلوق وبعدين نتكلموا يلا عشان خاطر وجد عندك .

اغمض عينيه قليلا متخذا نفسا عميقا
- طيب ياوجد .. طيب لكن عظيم يامين تلاته هااااا سمعانى لو سمعت ان الكلب دا بس حاول يتكلم معاكى لاطُخك واطخه فهمانى قولت ايه ؟!

ارتمست ابتسامه خفيفه
- وتهون عليك وجد حبيبتك بردك ياسليم !

نظر اليها بعيون ضيقه قائلا بغمز
- ماهى ماتهونش لا .. بس خليها عاقله وتسمع الكلام اكده عشان اعشقها اكتر .

اتسعت ابتسامتها اكثر وكإن كلماته مخدر من نوعٍ فريد تنتشي بهم حواسها لتغيبها عن الوعى .. فاقت من اعذوبه كلماته سريعا
- يلا امشي عااد احسن حد يجي يلا .

قال ممازحا
- اتنيلى انتى بمكتبك اللي ف اخر دور دا لو اتقتلتى فوق مافى حد هيحس بيكى .

ضحكت بصوت مسموع: طب يلا بره يلا ورايا شغل

اقترب من الباب فتحه ثم قفله سريعا كإنه تذكر شيئا اخر
وجد بملل: ف اي تانى ؟

سليم عضه علي شفته بغل: هتقعدى مع الكائن دا لوحدك اياك .. يلا يلا قدامى .. بلا مياعه وقله ادب !

- ياخى انت بتفكر في حاجات غريبه .. ماهو راقد اهو هيعملى اي يعنى!

مسك معصمها وسحبها خلفه وهو يفتح الباب
- من غير مُناهده يلا قدامى .. ولما يفوق ابقي يتقلع علي اي مصيبه إلهى مايوعى يفوق .

" يعني اي يااغبي دا يحصل !"

نطق مجدى جملته منفعلا ومضجر
محمد مستفهما: خير يامجدى في اي ؟!
اشار له بكفه اشارة توحى بسكوته ثم اكمل كلامه قائلا
- بص معاك ٢٤ ساعه وتعرفلي مين ورا المصيبه دي .. وإلا ما حد هيشيلها غيرك يايُسري

ثم قفل هاتفه وألقاه جنبًا متأففًا
محمد: حصل ايه يابنى ماتنطق .
- اووف كنت مظبط كل حاجه .. معرفش ايه اللي حصل .
- ايوة بقي هو ايه اللي حصل ماتنطق .

جلس مجدى امامه وهو يزفر بقووة
" ورق الشحنه الجديده اتسرق .. والمصيبه ان الشحنه دي كنت داخل فيها براس مال الشركه كله يامحمد "

- طيب واللي سرقه ممكن يستفاد اي من حركه زي دي؟

= ازاى يعنى ! اكيد الشركات المنافسه هتعرف سر جودة وصلابه الحديد عندنا وهتقلدنا وبكده مكانة الشركه هتتهز .

فكر محمد قليلا: ممم ورطه فعلا .. طيب وهتعمل ايه .

اجابه بثقه: متقلقش كنت عامل حسابي لحركه زي دى .. بس لازم اسافر حالا .

- تسافر ايه بس والفرح اللي بعد بكرة !
= تقلقش مش هتاخر ..

قطعهم دخول السليم الذي اصابهم بالدهشه
محمد بذهول: يخربيتك مين مشلفطك اكده ؟!

بعده سليم عن طريقه محاولا الجلوس علي اقرب مقعد
" اسكت مش حمل كلمه الله يخليك "

تبادلت الانظار فيما بينهم .. ثم اقترب محمد من اخيه ليتفحص كدماته ممازحا
- من خلال خدمتى في طب ٧ سنين حاسس اللي بصم علي وشك اكده كائن عتمانى غبى ...

ازاح سليم يد اخيه قائلا: قصر طاب ورحمه ابوك .
ضحك مجدى ومحمد سويا
" ايدهم تقيله قوى الناس دول .. بس انت تستاهل كان ايه وداك عندهم "

- وبعدين فيكم انتوا الجوز .. مهملكم وماشي ارتاحوا.
قال سليم جملته بتعب وهو قائم متأهبًا للذهاب فوجئ بأمه بصحبة ماجده خارجين من المطبخ .
- وادى ياستى سليم رجع .
قالت عفاف جملته ممازحه بدون ما تلتفت لجروحه .

" مالك ياسليم جري لوشك ايه "
قالت ماجده جملتها وهى تندفع نحوه بلهفه تابعتها عفاف
- مالك ياولدى حوصل اي ؟
جز علي سنانه غاضبا قائلا بصوت منخفضٍ
- باينلو نهار اسود .. - ثم رفع صوته - حادثه عربيه ياعفاف اطمنى بسيطه

دنت منه ابنة عمه ويكاد قلبها ان ينشطر خوفا عليه
" بس وشك تعبان قوي .. ماتتصرف يامحمد "

تجاهل سليم وجودها وكلماتها نهائيا وتركها غير مبالى لاهتمامها
- فوتكم بعافيه .. هانم مش عاوز حد يصحينى .
- ياولدى طمنى عليك بس

- قولت زين ياعفاف خلصنا .
قال جملته وهو علي اعتاب السلم وتركهم ذاهبا لغرفته .

 

بعد مرور ساعتين فاق ادهم من سطو نومه متألما غير متزن محاولا استجماع واسترجاع الذاكره .. فتح باب المكتب يبحث عنها فسأل احدى الممرضات

"الدكتوره روحت تشوف الست الكبيره بيقولوا تعبت فجاة ."

واضعا كفه علي عنقه كالسكران الذي للتو فاق من سُكره مغادرا المستشفي لم يجد احد من رجاله .

صعد سيارته وقادها بسرعه جنونيه الي ان وصل البيت .. وجد احد رجاله فطبق علي عنقه بقسوه
- كنتوا فين يامتخلفين ؟!
- الست وجد قالتلنا اوامرك اننا نروح معاها ..
ركله ادهم بقوه
- عشان شويه اغبيه ومتخلفين ..
ثم اوشكت رياح وعواصف صوته علي الزمجره والنداء عليها
' ياااااااوجد '

فزعت لنداءه وثرثره صوته
جدتها بوهن: ماله الواد دا !
ارتبكت (وجد): طب ريحي انتِ ياست الكل وانا هشوفه .

كرر ندائه مرارا وتكرارا وفي كل مرة كانت تهتز لرياح صوته الجدران .. زاد قلق وارتباك وجد
" استرها يارب .. ارتاحى انت وانا هشوفه وهرجعلك "

انهت كلماتها فوجئت به مخترقا باب الغرفه وممسك بها من شعرها بقسوه وعنف ويسوقها خلفه كما تُساق البعير .. ارتفع نواحها الذي جمع اهل البيت كلهم
وصل بها لبهو قصرهم العملاق والقاها ارضا قائلا بقوة وحزم
" اسمعوا كلكم عشان مش هكرر كلامى .. اللي يغلط في البيت دا لازمن يتربي "

اخوها زين الصغير: مالك بأختى وعتمد يدك عليها ليه

قهقهه بسخريه: اييييه واحد عيربى مرته قليله التربيه .. فيها حاجه دي .

انفعل الصغير الذي لم يتجاوز عمره العشر سنوات
" اختى متربيه غصب عنك .. ولو قولت اكده تانى عليها هقتلك "

انفجر ادهم في قهقهته
- طب وسع اكده بس عشان لسه مكملتش حسابى معاها

انحنى ومسكها واوقفها امامه ودار خلفها بهدوء يسمى بهدوء ما قبل العاصفه وبدون مقدمات صفعها بكل قوته علي وجنتها جعلتها ترقص رقصة طير ذبيح في اخر انفاسه .

انهال عليه اخيها واختها وباقي الخدم يراقبون الموقف بذهول ودهشه
" قولت بعد يدك عن اختى "

زاحهم جميعا بقوته للخلف وانحنى ليقفها مجددا امامه صارخا بوجهها
" عاجبك اللي عيحصل دا .. اقسم بالله ياوجد لاربيكى .. راميه نفسك في حضن راجل غريب ومين اللي قتلو ابوكى! "

ابتلعت غصة احزانها بالم شديد
" اخرس .. اخرس ياحيوان .. اللي بينى وبين سليم واحد جاحد زيك مش هيعرفه ولا يقدره .. "

ثم تنهدت بقوة واقتربت منه اكتر متحديه ومحذره
- واقولك علي حاجه كمان ! مش هتجوز غير سليم ياادهم .. ولو عاوز تقتله يبقي هتستلم جثتى قبله .. انت فاااهمنى

كلماتها كانت كعود كبريت مشتغل اُلقي في حقل بترول تحول ف ثوانٍ لثوران ملتهب .. بدون وعي اطبق عليها بقوته وجبروته جعلها تتقاذف كالبندول بين كفيه .. اصبح عدوانه يلتهمها بدون رحمه .. عاجزة علي الفرار منه ..
فوجئ باختها ( ورد) مصوبه البُندقيه نحوه
" اقسم بالله لو مابعدت عنها لاقتلك .. قولت بعد "

وقف ساخرا من فعلها ثم قرب منها بخطواتٍ متباطئه
" هاا يلا يلا اضربي .. هتقدري تضربي وانت جسمك عيترعش اكده .. "

غرز فوهة البندقيه في صدره
" دووسي ياورد يلا عشان يقولوا قتلت ولد عمها اللي كان بيعيد تربيتهم "

التفوا جميعا لصوت رنين هاتف ( وجد) المُلقي بجانبها
انحنى ومسكه فوجد اسم " نور العين "
نظر اليها ساخرا ثم اشار اليها محذرا بالصمت وفتح الاسبيكر اتاه صوت سليم بحنو قائلا
- نبض قلب سليم عامله ايه ؟!
صمت لبرهه ثم اكمل سليم قائلا
- وجدد ! الوووو
اغرورقت عيناها بالدموع وارتعش جسدها اكثر
نطق ادهم ساخرا
" متقلقش قلب سليم هنخلعوه من مكانه عشان يبطل ينبض تانى لناس مش من حقها "

فزع سليم من مكانه كالملدوغ
_ اقسم بالله لو لمست شعرة منها ياادهم ماهيكفينى فيك دم عيلتكم كلها .

قهقهه ساخرا
- هتوصينى ع مراتى اياك !

ثم انهى المكالمه فجاة مما جعله يجن جنونه قام مرتديا لثوبه ووضع سلاحه في جيبه مغادرا غرفته متوعدا له .
" مبقاش سليم الهواري لو سبتك عايش فيها ليله كمان يابن الرقاصه "

دخل ( حيدر ) عمهم الاكبر ليفض نزاعهم
" في اي اهنه .. مالكم "

ركض نحوه الصغير
" الحقنا ياعمى .. ادهم استغل غياب اهل البيت واستفرد بااختى عيضربها .. طخووه وريحنا منه "

زمجر ( حيدر ) بغضب
- مالك ببنات عمك ياادهم .
اجابه في حزم: واحد عيربى مراته .. فيها حاجه دى ؟

اقترب منه عمه: اكتب عليها وبعدين احكم زي ماانت عاوز .. غير اكده هقطعلك يدك لو اتمدت .. مفهوووم .

قرب منه متحديا: وهو انا لما اخش عليها والاقيها في حضن ولد الهواري .. المفروض اعمل ايه .

ارتفع شهيق الجميع واتسعت حِداق عيونهم .. اقترب منها عمها
- الكلام دا حصل يابت سالم !
تراجعت بجسدها للخلف مستجمعه قواها
- لا .. دا كداب ياعمى .

ادهم: انتى اللي كدابه ياوجد .. ولو فاكرة حهتربي بعملتك دى تبقي غلطانه .

- الحب مش غلط ياادهم .
بمجرد مانهت جملتها لطمها عمها بقوه علي وجنتها
- قطع لسانك .. حب اي اللي عتتحدتى عنه .

سالت دموع عينيها بمرارة وحزن
ثم مسك سلاحه ووضعه صوب جبهتها
" بعد اللي سمعته المفروض الخزنه دي تتفجر في نفوخك .. بس انت عارفه غلاوتك عندى ياوجد عشان كده هفوتهالك بس رجلك تانى ما هتخطى عتبة الشارع .. ومافيش شغل مفهوم .. وكتب كتابك علي ادهم اخر الشهر .. يلا اتقلعي من قدامى ".
مجرم الحب هو شخص عاشق مع سبق الاصرارِ والترصد ولابد من نيل عقابه بحكم مؤبد خلف اسوار قلب من يحب... وذلك ما حدث لها نالت عقابها وحُكم عليها بسجنٍ لكن خلف اسوار جافه صلبه لم تعبرها اشعة الرحمه.

جالسة تتحسس جدران سجنها مع غروب الشمس بحزنٍ بالغ وقلبٍ ضامر ممزوجًا بنكهة الفراق والقهر .. اصبح الفرح عدوًا لها كلما حاولت عقد معاهده سلام معه تظاهر بالمسامحه ولكنه عدو خبيثٌ خداع سرعان ما يصطاد فرائسه بالحيل ثم ينقض عليهم بالاسر ..

ورد بأسف:
" هتفضلي ساكته كده علي طول ياوجد ! "

لم تخفض عينيها اللاتى تتأملا السقف بيأس فاجابتها بلا مبالاة
" يعنى هتكلم هقول ايه .. ما خلاص كل حاجه خلصت "

_ لا طبعا ماخلصتش .. واي الياس اللي انتى عتتكلمى بيه دا ! من ميته كنتى ضعيفة اكده انتِ .

= وانا هعمل ايه بس ياورد .. مفيش في يدى حاجه اعملها .

- بس سليم هيعمل كتير ...

اجابتها وجد ساخرة
" سليم هيتجوز ماجده خلاص .. "

ورد بدهشه: انت بتقولي ايه مستحيل طبعا سليم يعمل اكده !

- يلا عادى مش هتفرق .. التيار اقوي من الكل .. وماعيرحمش

ورد بفضول: قوليلي طيب ليه هيتجوزها .. هو جد جديد يعني ؟

وجد بحزن: راجح الهواري عاوز يقوى عود عيلته وقرر انه يجوز بنات ناصر لولاد عادل .

= يادى النيله ... وسليم رضى ؟!

- وهو هيعمل اي يعنى .. غصب عنه .. ماانت عارفه غلاوة جده عنده ...

= طالما انتِ عارفه انه خلاص مصممه ليه تعلقى نفسك بيه ياوجد .. ؟!

خدشت وجنتها دمعه حادة محاولة استعادة ذكرياتها معه
" كل مااقول خلاص وهبعد عنه بلاقينى رجعت له اقوي من الاول .. سليم حاجه مش قابله للنسيان والبعد ياورد .. انتِ عارفه كل مااشوفه بنسي نفسي بنسي الدنيا كلها مابكونش فاكرة غير انى من حقي احضنه وبس .. _ تنهدت بمرارة وحزن _ ربنا مايكتب علي حد عشق ولا يوصلوش "

دمعه انخرطت من طرف عينيها هاربه من بحور الحزن بداخلها كالسجين الذي تحرر للتو .. مسحتها بطرف كُمها ثم اردفت قائله

- انا مش عارفه اشوف ولادى غير منه، هو الوحيد اللي ينفع يكون اب ليا وليهم ...

ربتت علي كتف اختها بحنو
- تقلقيش اكيد ربنا محطش كل الحب دا في قلبك عشان يفرقكم فالاخر ياوجد ...

قبل ان تُجيبها التفتوا جميعا لهتاف سليم الذي هز جدارن غرفتهما

" انا جيتلك برجلي اهو ياحيدر .. اطلع وخد تارك يلا "

ركضت نحو النافذة بلهفه
- يخربيتك ياسليم .. !

خرج ادهم من الباب الخلفى للقصر بقوه وثبات وخلفه اربعة رجال اقوياء البُنيه
- دانت قلبك بقي ميت عاد! وجاي اهنه برجليك ..

تقدم نحوه بفظاظٍه وقوة
- كلامى مش معاك .. كلامى مع اللي ممشيك ..

اوشك ان يطبق علي عنقه ولكنه توقف لنداء عمه الاجش
" ادهم ...اسكت، عاوز ايه ياولد هوارة "

قرب سليم منه بقوة
- جاي اخيرك دلوق ..

لازالت ( وجد ) تترقبه بجسدٍ مرتجف وشلالات من الدمع تنخرط فوق وجنتيها

رد حيدر في ثبات
" ومن ميته حيدر عيتفق مع صغار ... "

انكمشت ملامح سليم غاضبا ثم اكمل كلامه بقوة
- قدامك حل من الاتنين عشان توقف بحور الدم اللي ماهتخلصش دي ... انا قدامك اهو برجلي اقتلنى وخد تار اخوك والدم يقف لحد اهنه .. ياتجوزنى وجد بت اخوك ونتصافوا ونبقوا نسايب .. قولت اييييييه ؟!

نزل حيدر درجتين من فوق سلم قصره قائلا
- العتامنه ماعيقتلوش حد علي ارضهم ياولد الهواري .. ولا دمهم عيبقي ميه واصل ..

اغمض سليم عينيه لبره متأففا
" يعنى ايه .. افهم انك رفضت الصلح ورفضت تاخد تارك "

اجابه بهدوء
- تارنا هناخدوه مش هنسبوه ياسليم .. وياريت تعقل اكده وتسال علي العروسة قبل ماتتقدم .. جاي تخطب واحده مخطوبه !

رفع عينيه لاعلي وجدها تترقبه بعيون يائسه وقلب مُنخلع من خوفها عليه ثم سحب نفسا عميقا فاردف قائلا

- طب زين زين !.. انا جيتلك برجلى لحد اهنه .. بس انت اللي مصمم علي الحرب .. ونصيحه منى المحارب الذكى اللي يقدر قوة عدوه ومايستهونش بيها .. وانت شكلك مستهون وبالقوى كماااان ... خاااااف .

شد اجزاء اسلحه الغفر نحوه اخترقت الاذآن .. شهقت وجد واختها بصوتٍ مرتفعٍ .

اقترب ادهم منه هامسا
- تقلقش هخليك تحب علي رجلي عشان تموت ومش هناولهالك بردو .. شرفت الشويتين دول .

تبادلوا الانظار فيما بينهم ورفع كل منهما رايه التحدي لاندلاع الحرب ..
اكمل ادهم قائلا
- تقلقش هنعزموك علي الفرح ..

ابتسم سليم ساخرا
- عارف ياادهم مشكلتك ايه من زمان .. اه زمان قوى اكده ايام الابتدائيه والاعداديه .. انك دايما عتكون حاطط عينك علي كل وكلة حلوه في يدى .. عارف ليه عشان حماااار بتحب المُستعمل .

ثم تركه لنيران حقده وغله تاكل في احشائه .. وتقرضه علي عجلٍ ..

شرع ان يصعد سيارته ثم توقف للحظة هاتفًا بصوتٍ قوى
- ووعد منى يابت العتامنه مافيش جنس دكر خلقه ربنا غيري اسمك هيتكتب علي اسمه ..

ترك سليم قصر بعدما القي في قلوبها قذيفة كلماته
ادهم مغلولا: انت مفجرتش راسه ليه ياعمى ..

حيدر وكإنه يخطط لشيء ما
" اصبر .. اصبر عمرك ماسمعت عن الحرب البارده "

ادهم بانفعال: حرب بارده ايه .. نفسي افهم انت عتفكر في ايه ؟
- طول ماانت سايق ف الدنيا بلا وعي عمرك ماهتعرف عفكر في اي .. روح شوف مصالحك رووح ..

 

" شوفتيه ياورد وهو واقف قصادهم كلهم وبيقول محدش هيتجوزنى غيره .. شوفتى !"
قالت وجد جملتها وهي ترقص من الفرحه .. كإن كل احزانها تلاشت بمجرد رؤياه

ابتسمت اختها: مش قولتلك سليم مش هيعديها ولا هيسكت ..

سرعان ما بهتت فرحتها مرة اخري
- بس انا خايفه عليه قوى .. ياتري بكرة مخبى ايه !

ربتت اختها بحنو علي كتفها
- متقلقيش .. ربنا هيعوضك ياوجد صدقينى .
= طب عقولك ايه ماتروحى تجيبلي تليفونك اكلم سليم منه .. ادهم المتخلف خد تليفونى اللهى ربنا يااخده ..

- بس اكده من عيونى .. هروح اجيبهولك .

عاد منزله في منتصف الليل منهمكًا بعدما تجول بسيارته القرية بأكملها .. فوجد مجدى امام الباب متأهبًا للذهاب
- علي فين العزم ياولد ابوي ؟

مجدي وهو يرتب ملابسه باستعجال:
- مصلحه اكده في مصر هخلصها وهعاود اخر النهار .

ربت سليم علي كتفه: خلي بالك علي روحك .

- تقلقش .. المهم خلي بالك بس عشان الهواري سهران ومستنيك مخصوص جوه .

- ياليله غَبره ! هو يوم مش عاوز يعدى .. يلا هروح اشوفه عاوز ايه

دلف سيلم الي الداخل مبتسما محاولًا تلطيف الجو
- بقي راجح الهواري بجلالة قدره سهران مخصوص عشانى ..

جده بوقار: شكلك ناوى تجيب اجل راجح الهواري قريب ياسليم.

جلس بجواره متنهدا بكلل
" ليه اكده بس وانا عملت حاجه تزعلك .. ! "
- انت ماعتعملش غير اللي يزعلنى ياسليم .

رد بعفويه: وانت مصمم تعيش سليم زعلان العمر كله ياهواري .

- انا عاوز مصلحتك .
التفت اليه سليم بحماس
=وانا مصلحتى مع البت اللي عحبها ياجدى ..

- الحديت فالموضوع دا خُلص .. عارف ياسليم من غير يامين لو عرفت انك عتبت عتبة العتامنه تانى .. هكسرلك رجليك الاتنين واخليك ترقد اكده جار الولايه.

- ليييه ليه ياجدى مصمم تظلمنى وتجوزنى واحده قلبي مش رايدها .. دانا طول عمري تحت رجليك ودراعك اليمين وعمري ماعصيتك ... مستقوي ليه علي قلبي المرة دى !

ربت جده علي كتفه بحنو
- عاوز مصلحتك ومصلحه اخواتك .. عاوز اروح للي خلقنى وانا مش شايل همكم .. بنات عمكم متربيين زين .. انما بت العتامنه مش هتنفعك ياسليم ... اسمع منى ...

شعر كإنما عضله قلبه تعتصر
- وجد عملت ايه يعنى ؟! غلطت عشان حبتنى ! جدى انت خابر زين لولا اللي عمله ولدك كان زمانى متجوزها دلوق .. ليه مصمم تشلنى ذنب ماليش يد فيه ليييه !

اقترب منه جده بعودٍ منحنى بعض الشيء
- عمري ماكنت هجوزهالك ... اما يجى اليوم اللي تعرف فيه قيمة كلامى ياسليم .. ابقي اترحم عليّ وادعيلي ياولدى .. بلاش تكابر في الغلط عيون الحب دايما عميه وكدابة .. اعقل اكده وفكر زين وبلاش طيش صغار .. انت تربيتى ياسليم وولد قلبى وانا مش هظلمك ... عاوز اجوزك للى تصونك وتصون مالك طول العمر .

قام متأهبا بالمغادره او بمعنى الاصح محاولا الهروب من قذيفه الاوامر التى تصوب فقط علي قلبه مردقا بضيق
- تصبح علي خير ياجدى

وثب جده قائما محذرا
- سليم معنديش اغلي منك ياولدى مش عاوز اخسرك .. جدك عارف هو عيعمل اي زين .. مش دايما الريح هتيجي علي مجاز ( مزاج ) سفننا ياولدى

اؤما رأسه ايجابا: هروح انام

- ربنا يهديك ياسَليم ...

وصل غرفته وألقي بجسده في منتصف مخدعه بكللٍ
ثم قام بتكاسل عندما سمع صوت هاتفه

- ايوة ! مين ؟

" ماهو انت لو قاصد تجننى مش هتعمل اكده .. ٤ ساعات ياسليم عحاول اكلمك وانت مش عترد .. دانا كنت نازله ادور عليك زي المجنونه "

جلس في منتصف مخدعه مبتسما
- احلى مجنونه ف الدنيا كلها .. بس رقم مين دا ؟

= رقم ورد اصل ادهم خد تليفونى .

تبدلت ملامح وجهه لغضبٍ
" بأي حق ياخد تليفونك ولد المحروق ده "

- اهو اللي حصل ياسليم .. ادينا عنتكلم من اهنه مش فارقه عاد .

- ماشي ياوجد .. كويسه انت ؟

= مش كويسه في بعدك ياسليم .. بس يامجنون انت ايه اللي عملته ده .. اتهوست ولا جري ايه لمخك؟!

- والله افتكرت ناسك ولاد اصول بس طلعوا ولاد ستين في سبعين .. قولت مابدهاش .. وهما اللي بداوا الحرب .

= عمى امر بجوازى من ادهم اخر الشهر وحابسنى فالبيت وانا مش عارفه اعمل ايه .. حتى امى واقفه في صفهم ..

اجابها بحيره وضيق في آنٍ واحد
- ولا انا بقيت عارف والله ياوجد غير انى ممكن اولع في ناسك ونجعكم كله لو فكروا يجوزوكى غيري .

= عملت اي في جوازك من ماجده
- ولا اي حاجه .. هتجوزها يوم الخميس .. مافيش مفر

انعقد حاجبيها واقطبها برود كلماته متفوهه بذهول فنظرت في شاشه الهاتف بعدم تصديق ثم عاودت الحديث مجددا
- سليم .. انت واعى لكلامك !

= انت هتغيري ولا اي ! ولا خايفه تاخدنى منك ؟ . . تقلقيش هتكوني التانيه والاخيره .
- مش وجد اللي تخش علي ضرة ياروح خالتك .

اجابها ممازحا
- معنديش خالات والله.

= انت عتهزر كمان !

- مش كفايه انتى عتتكلمى جد .. المهم قوليلي هايتجى الفرح ؟

= واجى اعمل ايه ؟

- تشوفينى وانا وعريس ..
= دانا ممكن اطلع روحك في يدى ..

- يابوى .. انا مش عارف روحى مضايقه بيت العتامنه كلهم ليه .. عيتخانقوا علي مين يطلعها .. هي تهمكم قوى اِكده !

= انا غلطانه انى كلمتك روح اشبع بعروستك وانا كمان عروسه وهتجوز كمان كام يوم .. خالصين .

- اااه هتتجوزى .. هتتجوزى مين بقي ؟!

= هتجوز ادهم ولد عمى .. اهو قيمه وسيما ويسد عين الشمس .

جز علي اسنانه بغيظ
- اه بقي ادهم يسد عين الشمس وبقي دنجوان عصره دلوق !

اكملت مسيرة كيدها العظيم
- اصلا انا فكرت ولقيت البت ملهاش غير ولد عمها .

سليم محاولا اخفاء غضبه

- ودا هيحصل امتى بعون الله اكده ..!

وجد ببرود: مش عارفه عمى قال اول الشهر اكده .. انت اي رايك ؟

- رايي ! تروحى تنامى ياوجد نامت عليكى حيطه انت وسي ادهم بتاعك اللهي تسمعي خبره قريب.

= هو انت غيران منه ياسليم ؟!

فرد ظهره واسند راسه علي معصمه
" اغير ! لا سليم ماعيغيرش عشان لو غار هيحرق قنا بحالها .. ورحمه ابويا ياوجد ماهيجى اول الشهر الا وانت مراتى وابقي يوريني سي ادهم بتاعك ده هياخدك منى كيف "

بمجرد ما انهى كلماته قفل هاتفه متأففا ودخان الغضب يتوهج من عينيه واذانه
" قال تتجوزيه قال .. البت اتخوتت في راسها "

قطعت حبال غضبه رسالتها المُرسله في التو قائله
" ووجد مش هتكون غير مراة سليم الهواري .. تصبح علي خير يامجنون "

كانت رسالتها كالماء النقي علي حقل متوهج بالنيران فاخمدته، قرأها عدة مرات في كل مرة تتسع ابتسامته، فكر قليلا ان يرسل لها اخري ولكنه توقف لبرهه قائلا لنفسه بعند

- طب مش باعت حاجه .. لحد ماتتربي الاول .

 

صباح يوم جديد الموافق الاربعاء من ايام الاسبوع، استيقظ اغلب اهل القصر الفاخر في تمام السادسه صباحًا، اعدت احدى الخادمات صنيه الشاي واللبن وصعدت بها لأعلي _غرفه (ثُريا) تحديدا التى اجتمعت مع بناتها في الصباح الباكر بعد محاولات ايقاظهم بصعوبة بالغه

- حطيهم عندك اهنه يابت واجفلي الباب وراكى .

قالت ( ثريا) جملتها بنبرة آمرة وهي تجلس فوق طرف مخدعها .. ارتبكت الخادمه ارتباكا ملحوظا ثم اومأت بالموافقه
- تؤمرينى بحاجه تانى ياستى ؟

اجابتها بحده
- قولت اطلعى برا واجفلي الباب وراكى .

ماجده باستغراب: خبر اي ياامه ! مابراحه علي البت .

خرجت الخدامه علي عجلٍ واغلقت الباب خلفها ثم اردفت الي اسفل وهي تُحدث نفسها بحيره
- ياتري ست ثريا ناويه علي ايه ؟! شكلها مايطمنش واصل .

حيرتها جذبت انتباه عفاف الجالسه قبالة السُلم
- بتكلمى نفسك يابت ؟!

تلعثمت الكلمات في فمهما ثم اقتربت منها بقلقٍ
- ست ثريا ياام عماد ...

عفاف تركت قطعت القُماش التى بيدها
- مالها ثريا ! ماتتطقي يااابت .

التفت الخدامه خلفها بخوفٍ ثم دنت منها قائله
- مش مرتاحالها وشكلها ناويه للبهوات الكبار علي مصيبه .

نظرت لها عفاف باهتمام
- قصدك ايه يامزغوده ؟
اجابتها بصوت منخفض
- هقولك ...

في الغرفه بالطابق العلوى، اخذت يسر كوب الحليب وارتشفت منه قليلا
- ماتحكى ياامه .. هتفضلى ساكته اكده !

وضعت ثريا كوب الشاي الثقيل بجوارها فوق _الكمدينو_ واتخذت نفسًا مسموعًا ثم اردفت قائله

- انا جمعتكم اهنه عشان تسمعوا كلامى بالحرف .. والبت اللي هتعصانى هدفنها مُطرحها .

عقدت صفوة ساقيها باهتمام
- انا معاكى في اي حاجه تخلصنى من الجوازه دى .. والا هترتكب جنايه فالبيت كله .

يسر بتلقائيه: اي الجنان دا .. لا طبعا .

- اكتمى يااابت ...
قالت ثريا جملتها بنبره تحذيريه قوية جعلت ابنتها تلوى شفتها جنبًا بخوف وتبتلع باقى كلماته بضجر

اكملت ثريا كلماتها وهي تتحرك بينهما بثبات
- انا خابرة راس راجح زين .. ومادام قال كلمه ماهيرجعش فيها ...

صفوة مقاطعه: معناه ايه الكلام دا يامه .

رمقتها بنظرة حادة فهمت مغزاه ثم صمتت لبرهه فاردفت قائله
- تاري مع عفاف مراة عمكم من زمان قوي من حوالي ٤٠ سنه .. وانا مش هسمحلها تنتصر عليّ واصل ...

نورا بهدوء: انا مش فاهمه حاجه يامه .

ثريا بحده: مش لازمن ( لازم) تفهمى حاجه .. تنفذي وانتى وساكته يابت بطنى ..

يسر بقلق: ازاي !

جلست بجوار صفوه بعدما ربتت علي كتفها بحنو
- عاوزه اقهرها في ولادها زي ما قهرتنى زمان ..

اتسعت اعينهم وساد الصمت لدقائق كل منها محاولا استعياب مغزي كلماتها، عقدت ماجده حاجبيها ثم اردفت قائله

- انتى عاوزانا نقتل ولاد عمنا يامه .
هبت رياح صوتها مُزمجره بقوة
- بطلى غباوة .. انا عاوزاكم تموتوهم بالحيا وتكسروا قلب امهم عليهم وتقهروا قلب راجح الهواري عشان يعرف نتيجه قراره ..

فرغت افواهمم مما يدل علي دهشتهم وذهولهم

صفوة بتلقائيه وعدم استيعاب: يعنى انتى خلاص موافقه نتجوزوهم ! بس انا مش ...

ثريا مُقاطعه: اكتمى يابت .. مش عاوزه حديت مالهوش لازمه .. هفهمكم كل حاجه بس في وقتها .. المهم دلوق جوازكم علي ولاد عادل هيكون علي ورق وبس ...

اعتلت الدهشه ملامحهم مُكذبين اذانهم لما استمعوا اليه ..
وقفت يسر مفزوعه محاوله الدفاع عن حبيب قلبها
- كيف اكده يااما .. ماتتكلمى دغري !

وثبت ثريا قائمه بقوة
- يعنى جوازتكم علي ولاد عادل مصلحه وبس .. حمايتكم لحد ماتاخدوا ثروة راجح الهواري كلها وبعدها هنهرب من البلد وقرفها .. ولحد ما دا يحصل عظيم يامين تلاته لو عرفت ان واحد منهم لمس واحده منكم لادفنها مطرحهاا .. وانتوا وشطارتكم يابنات بطنى ! ...

ثم رددت في سرها قائله
- هكسرك في ولادك ياعفاف .. اللي معرفتش اعمله زمان هيحصل دلوق الضعف ...

تبادلوا الانظار جميعا ... منهما من اعتلت ثغره ابتسامه توعد وانتصار ومنهم من اصابه الياس والحزن في مقتل، رمقتهم ثريا بنظرات متحديه متوعده
" ولسه هتشوفوا وتعرفوا انا ناويه علي ايه ..
تجوب غرفتها ذهابا وايابا بقلقٍ يتراقص علي اوتار قلبها، اصبحت معلقه بخطاطيف امل باهت مشوش .. اصبحت تعيش تحت رحمة امر مهددا بالزوال وربما زال ولكنها مُصرة ان تتوهم بوجوده لانه شُعاع النور الوحيد في حياة احتلتها عتمة الفراق .. هو النبض الذي يُثبت تواجد قلبها بداخلها .

تتردد في اذانها اخر كلمه قالها عمها
"دخلتك علي بت عمك زي مااتفقنا اخر الشهر .. ومهرها هو راس سليم الهواري .. وإلا معنديش بنات للجواز "

في ذلك الصباح ارتدت وجد ملابسها متأهبة للذهاب للمشفي لاداء عملها ولكنها صُدمت بوجود جلادها علي اعتاب قصرهم
" مااحنا لو نسمع الكلام هنبقوا حلوين قوووي "
اصدر ادهم جملته من خلفها مما جعلها ترتجف قليلا ثم استجمت قواها معانده لتجيبه متأففه
" مااحنا لو كل واحد فينا يخليه في حاله هنبقي احلى والله "

قهقهه بصوتٍ مرتفع ثم اقترب منها هامسا
- صباح الحُب يابت عمى ..

زفرت بضيق مردفه
- صباح الزفت عليك .. !

تحرك ببطء حتى توقف امامها قائلا بهدوء
- مقبوله منك .. المهم حابب نفطر سوا انا وانتى كأي عريس وخطيبته فالجنينه،، هاااا قولتى اييه ؟!

زفرت بقوة وخطت متاهبه بالمغادرة
- قولت اللهم طولك يااروح بدل ماارتكب جنايه علي وش الصبح اكده .

قبض علي معصمها بقوة مما جعلها تتأوهه بصوت مسموعٍ
" لما اكلمك تقفى تكلمينى عدل .. مفهوووم ياوجد "

صرخت في وجهه بحده
- انت اتجننت كيف ماسكنى اكده .. حوش يدك عقولك ...

اعتصر ذراعها اكثر وهو يقربها منه رغم عنها قائلا بنبرة استفزازيه
- ايييه هتعملى فيها خضرة شريفه ! اش حال شايفك بعنى وااا ...

لطمته وجد بكل قوتها علي وجنته قائله بنبره تهديديه
- اخرررررررس .. انا اشرف منك ومن عشرة زيككك وكلمه كمان مش هقولك ممكن اعمل فيك ايه،، بس هسيبك لخيالك ... وبلاش سكتك دي معااي !

غلت الدماء في عروقه والتهبت عينيه بالغضب، شعرت وكإنما روحها خضعت لمصرعها امام يديه ولكنها التزمت ثباتها وقوتها .. جز ادهم علي اسنانه محاولا تمالك اعصاب ولكن طبعه الصعيدي اسبق بأن يقاوم جيوش غضبه بل انقض عليها بقوته ممسكًا بخيوط شعرها المنسدله خلفها مزمجرا
" هي حصلت عتضربينى عشانه "

تأوهت بين يديه فاردفت قائله بصراخ
" ااااه .. واقتل اي حد يغلط فيّ ويجي علي سمعتى ... بقولك سيبببب شعري ... اااااه يااعمى الحقنى "

دفعها بكل قوته لداخل القصر
- محدش هينجيكى منى .. ورحمة ابويا وابوكى لاخليكى تتمنى الموت ..

وضعت كفيها علي شعرها متألمه محاوله استفزازه اكثر
- ااااااه .. انا مش عارفه انت هتفضل واهم نفسك لحد ميته !... فوق من وهمك فووووووق عمرى ماهبقي مرتك يااااادهم عمررري ... ...

ضغط علي شعرها اكثر وألقي بها ارضًا ورفع كفه لأعلي كي يصفعها بكل قوته ولكن اتاه صوتًا جعل حركه كفه تُصاب بشللٍ .

- يددددك ياولد فؤاااااااااااااد ..

ابتعدت وجد عنه زحفًا محاوله تفادى شره وهي تلتقط انفاسها بصعووبه .. اقترب عمه منه ممسكه بياقته
" انت هتعقل ميته وتبقي راجل ... فهمنى؟ "

اجابه بصوت اجش
- واحد وعيربي مرته .. مالكم انتوا ..

حيدر دفعه لبعيد بقوه
" وهى الرجول بقيت بمد اليد .. والله عااااال ! ومن ميته عنضربوا حريم احنا .. شكلك نسيت قوانين العتامنه "

- لما تكون حريمهم ناقصه ربايه ندفنوهم مش نضربوهم وبس ياااعمى ..

صرخت من خلف عمها بقوه
- انا متربية غصبن ( غصب) عن عينك .. وطالما انا وحشه قوى اكده ماسك فيا ليهه ... ماتسيبنى في حالى .. جااي تتشطر علي ولية ياادهم ..!

ركضت امها ( كوثر ) صوبها بلهفه
- حسكم عالي ليه .. مالك يابت جري ايه ؟!

تجاهلت وجود امها وعمها تماما ثم اقتربت منه بعيون متسعه وبنبره تحذيريه فاردفت قائله
- لو هتضرب فيا كل ساعه بردو مش هنساه ياادهم .. بالعكس كل يوم بقرف منك اكتر .. وبعدين روح اتشطر علي اللي عتقف قدامه جبان كيفك كيف الفريسه لما تقف قدام صيادها ...

فوجئت بأمها تجذبها بقوه من شعرها
- تصدقي انك بت عديمه الربايه صووح والقتل حلال فيكى ...

ارتفع صوت صراخها متألمه
- انا اتقتلت من يوم ماابويا مات يامه .. مش هتفرق عاااد ...

اجتمع حشد القصر يترقبون الموقف بذهول وهم يتهامسون بينهم بأبشع اتهامات الهتك والقذف .. ارتفع صوت عمها بقوه ليقول
- نزلى يدددك من عليها ..

لازالت كوثر تضربها بقوه
" سيبنى اربيها ... ابوها جلعها ( دلعها ) قوي وانا اللي عدفع التمن دلوق "

حيدر بصوت اقوى: قولت بعدي يدك يامره...

دفعتها امها وكلاهما يتلقطان انفاسهما بصعوبه .. اقترب حيدر منها بهدوء
" تعالي معاي يا وجد ... يلااااااا امشي قدامى "

هتف ادهم قائلا بنبره توعديه
" ورحمه ابويا وابوكى ما هسيبه يتهنى بيكى يوم واحد ياوجد ... هقتللللله وهتشووووفى "

اصاب جسدها الوهن وسال كُحلها الذي انخرط ممزوجًا بسيول دمعها فوق وجنتيها وهى تتجه نحو غرفه المكتب .. وقفت امام عمها بخوفٍ وقلقٍ ملحوظ .. ربت علي كتفها ثم اردف قائلا

- انت عاوزه سليم الهواري ؟!

وقع السؤال علي صدرها كالصاعقه .. لم تستوعب صدمة السؤال التزمت الصمت وكإنه الطوق الوحيد لنجاتها .. دار عمها وجلس فوق مقعد مكتبه بهيبه ووقار وفجاة رفع نبرة صوته وضرب الارض بعكازه
- انا لما اسأل تنطقي !

ارتجف جسدها اكثر وبللت حلقها الذي جف
- مم .. ااااه ... اصصص ... اااناااا ...

رفع حاجبه مستفهما
- انطقىىىىىى .

انخرطت دمعه من عينيها رغم عنها بجسد مرتعش ثم حركت راسها بالنفى تأمل حيدر ملامح وجهها بعنايه قائلا
- اااااااااااه ردى !

اجابته بصوت مرتجف
- ل .. ااا ... لالا ياعم ..

اعتلى ثغرة ابتسامه ماكرة ثم وثب قائما
- اومال اي الحديت اللي عتقوليه لولد عمك دا !

ابتلعت ريقها مجددا ثم قالت بتردد
- عارفه انه عيكره ولد الهواري قوى .. وانا وانا عحاااول انتقم منه واخد حقي من ادهم بمجرد سيرته .. وبس اكده ...

التوت شفتيه بعدم تصديق ثم اقترب منها وقبل جبهتها بابتسامه مكر
- كنت متوكد من تربيه اخوى زين ...

شعر قلبها بالارتياح قليلا فحاولت ان تغير مجري الحديث
- عمى انا كنت عاوزه انزل الشغل وادهم مانعنى ... لو تسمحلى يعنى ..

رد مقاطعا: دي حاجه في يد جوزك .. انا ماليش ادخل فيها وهو مش راضي ...

اجابته بحنقه وضيق
- لا ... مش جوزى ولا عمره هيكوووون ..

اغمض عينيه بحده واعتلت جمهرة صوته
- خولص ( خلص) الكلام ياوجد ... تقعدى في اوضتك لحد مانوصلوكي لبيت جوزك وبكده مهمتنا انتهت ...

شرعت ان تُجادل في طلب حريتها ولكنه قطع جميع حبال الجدل .. فوجئت به ممسكا بكفها وسحبها خلفه في ساحه القصر الشاسعه مناديا بصوت جمهوري قوى

- ياااااادهم . . ياااااادددهم ..

ات الجميع مرة اخري لمتابعه مستجديات الحديث وكان من بينهم ادهم متأففا
- خير ياعمى .. على الله تكون كسرت دماغها .

رمى حيدر نظرة ساخرة علي وجد ثم اردف قائلا
- دخلتك علي بت عمك زي مااتفقنا اخر الشهر .. ومهرها هو راس سليم الهواري .. وإلا معنديش بنات للجواز ... قولت اييييه يااادهم !

شهقت وجد واختها التى استيقظت من نومها للتو .. شهقة عاليه في آنٍ واحد وعلي حدا ارتسمت ابتسامه واسعه فوق ثغر ادهم وامها وكإنما بينهما اتفاق سابق علي شيء ما لا يدركه سوواهم ..

وضع ادهم كفه فوق صدره بشماته
- اعتبره حصل ...

فكت وجد قبضه كف عمها الحديديه ثم اندفعت نحو غرفتها ساحبه معها سيول ضعفها وعذابها، ثم لحقت بها اختها الصغري علي عجلٍ

في الوقت الحالي
" اهدى اهدى ياوجد "
رددت اختها جملتها بوهنٍ بَين مُشفقه علي حال اختها .

ابتعدت عنها مسرعه
- انا لازم اكلم سليم دلوق ...

لحقت بها اختها مُجلجلة
- ياوجد استنى بس .. هتكلميه تقوليلو ايه ..

اعتلت شهقتها فجاة وارتمت بجسدها بين ذراعى اُختها بجسدٍ مرتجف وصوت نحيبها مكتوم .. ربتت عليها اختها بشفقه تتسائل ما الذنب الذى ارتكبه شقيقتها في حياتها إلا انها احبت، هل اصبح الحب السلطه الوحيده التي يمكن ان تنقلب عليها الراعيه في هذا الزمان ! ..

ثوب فرحتها اصبح فضفاضًا يسع العالم كله .. متغنجه امام مراتها بعودٍ منتصبٍ تضيق جنب جلبابها علي خصرها بفرحه زاهيه .

- اي رايك كده يانورا .. عباية الحنه عاوزه تضيق شويه .. بصي بصي هخلي الخياطه تاخدها قيراطين من اهنه ...

ثم التفت حولها باستغراب
- نووورا ... انتِ مش معايا خاالص !

بللت اختها شفتيها بطرف لسانها بتوتر
- هااا .. ! في حاجه ياماجده ؟!

عقدت اختها حاجبيها بضيق وهي تقترب منها لتجلس بجوارها
- لااا دانتى دماغك في حته تانيه خالص .. اي اللى واخد عقلك ؟!

ابتلعت غصه احزانها محاوله الهروب من سؤال اختها
- لا عااادى .. معاكى، كنتي عتقولى ايه ؟!

نظرت اليها بعيون ضيقه
- اوعى تكونى عتفكري في كلام امك اللي قالته !

غمغمت نورا بكلامٍ غير مفهوم مما ادى الي اتساع حدقة عيني ماجده باهتمام
- انتى عتكلمى نفسك يانورا ؟!

وقفت اختها متأهبه للذهااب
- نازله انا .. يلا شوفي كنتى عتعملى اييييه ؟!

ثم تركتها وغادرت دون ان تنتظر منها ردًا .. وفتحت الباب صُدمت بوجود عماد امامها، تراجعت خطوة للخلف وعلقت عينيها بعيونه الحزينه، كانت كل نظرة من عينيه مُغريه لمعرفة اجابات لاسئله كثيره بين طياتهما .. رمقها هو بنظره حاده كإنه رأي جنية علي صورة بشر ..

- ازيك ياعماد ؟!
خرج السؤال من بين شفتيها بدون تفكير مما جعلها تضع اناملها فوقهما نادمه .

تنحنح بخفوت بعدما دار وجهه للامام متأهبا للمغادرة مُتجاهلًا تماما سؤالها البريء الذي هرب من ثغرها رغم عنها وتركها وغادر حاملا بداخله نيران تحترق فهو رجل بدون حبيبته كإناء فارغ لا يملأه سوى تواجدها بجواره .

تصرفه جعل قلبها ينخلع من موضعه فانهمرت دموعها بغزاره وكف مرتعش فاستدارت بجسدها وعادت الي غرفة اختها تحتبس اصوات بكاؤها بداخلها وتقفل عليه الف باب، حتى باب الغرفه اغلقته ووقفت خلفه تسند قلبها الذي لم يَكف عن الضرب بجدار صدرها .. ركضت نحوها اختها بلهفه
- نوورا ! مااالك ؟ حصل اييييييه !

لم تكف صوت قهقهته التى انفجرت من فمه محاولا تصديق ما سمعه منها

محمد محاولا التوقف عن الضحك
" يعنى امك بنفسها قالت اكده ! والله امك دي لسعت "

نظرت له يسر باستغراب
- انت عتضحك ؟! محمد مش عهزار والله .

انفجر مجددا في ضحكاته العاليه
- بس امك هزارها حلو قوى .. كيفنى الصراحه .

التوت شفتها جنبا وهي تستند بظهرها علي جذع الشجره الكبيره ثم اردفت قائله
- محمااااااااد ... انت مش مقدر حجم المصيبه اللي احنا فيها .. انا مابقتش عارفه اعمل اي واتصرف ازاي ..

دنى منها ببطء ثم ازاح خصيلة شعرها الهاربه من تحت قطعة القماش المُلقاه فوقه خلف اذنها ولمس وجنتها بحب:
- مصيبه اي بس ؟! ولا مصيبه ولا حاجه وهو انتى لما تكونى مرتى امك هتقدر تنطق اصلا! بطلى هبل ورحى اجهزى اكده .. حنتنا الليله ..

ثم اتسعت ابتسامته مما ادى الي ضحكتها بصوتٍ منخفض بين بكاؤها
- ايوه اكده اضحكى ابو امك علي ابو النجع كله .. امك دى ادبت باين ...

في ساحه قصر الهواري الواسعه الذي امتلأ بعمال الانارة والفرش للاستعداد لاجواء الفرح ..

بعض الرجال واقفين علي السلالام الخشبيه ترفع حبال الانارة الملونه حول القصر ... واخرين يفرشون الارضيه بنشارة الخشب الملون .. وغيرهم من يقوم بوضع الستائر الملونه حول القصر .. ضجه علي غير المعتاد تملاه بفرحه وزهوٍ مميزٍ .

تحرك راجح الهواري مستندا علي كعازه بينهما
" يلااا يلااا شهلوا يارجاله "

- الف مبرروك ياراجح بيه .

- الله يبارك فيك ياولد عقبالك وعقبال اخواتك .

ثم استدار برأسه فاردف قائلا للغفير بصيغه امره
- الدبايح جاهزه ياولد ؟!

الغفير: كله تمام .. زي ما امرت اسبوع كامل الناس كلها مش هتاكل غير لحمه جنابك ..

اومأ راسه بفرحه
- زين زين .. فين الوّلِد مش شايف حد منيهم .

- سليم باشا لسه مصحاش .. وعماد بيه في القصر جوه .. والضكتور محمد راح المشتشفي ..

كمل راجح وخلفه ثلاثه من الغفر كى يشرف علي باقي العمال ..

وصل مجدى مكتبه الفخم لشركات الحديد والصلب متأففا وهو يجلس علي مقعده ثم اردف قائلا للسكرتيره بلهجة قاهرويه

- كل اللي صورته الكاميرات يكون علي مكتبي دلووقتى .

ارتبكت سهي السكرتيره
- حضرتك احنا شوفناهم اكتر من مرة .. ومحدش دخل مكتب حضرتك ... اكيد الورق دا متسرقش من الشركه .

رمقها بنظر ارعبتها
- لما اقول كلمه تتفذ .. مش هتعلمينى شغلي !

ارتجف جسدها رجفه ملحوظه مما زاد الشك فيها
- حاضر حاضر .. اللي تأمر بيه حضرتك ..

تركته سُهى السكرتيره بأرجل متثاقله ونبره صوت مرتعشه وهي تناجى ربها في سرها
- استرها يارب ...

ضغط مجدي علي زر الاتصال بالغرفة الخاصه بالامن
- المسئول عن امن الشركه يطلعلي حاالا ...

ثم اتكأ علي مقعده متوعدا
- مش هرحمك لو عرفت انك انتى اللي ورا المصيبه دى ..

في قصر العتامنه
شد حيدر اخر نفس من شيشته قبل ما يرد علي اتصاله التليفونى
- ايوة ياولد ... فينكم دلوق ... مممممم ... عال عال انا جايلكم اهوو خليكم عندكم ..

ادهم جلس بجواره
- خير ياعمى !

مسك عمه طرف جلبابه ثم وقف
- يلا قوووم تعالي معااي .

رفع ادهم حاجبه متسائلا
- هما الرجاله وصلوا ..

تقدم عمه امامه بهيبه ووقار
- ااه .. يلااااه مافيش وقت ...

تحرك كلاهما صوب سيارتهم المصفوفه امام بهو قصرهم .. كانت وجد واختها تترقبهم باهتمام وحزن بالغ.
اردفت ورد قائله
- هما رايحين فين ؟!

وجد بخوف: ليكون رايحين يؤذوا سليم ياورد ..

ضغطت علي كف اختها المستند فوق السور
- اهدى .. هما صبروا سنه كامله مخدوش بالتار .. مش هيجوا ياخدوه دلوق ..

انخرطت دمعه من عينيها بمرارة
- لا ياورد صبرهم دا قالقنى .. اكيد بيخططوا لحاجه اكبر .. هيقتلوه ياورد ... هيقتلووه ..

تشبثت ورد بمعصمها
- خدى هنا رايحه فين ؟!

زاحت كف اختها بقلق يرعد جسدها: هلحقه ياورد قبل مايعملوا فيه حااجه ...

- ربنا يريح قلبك ياختى ...

استيقظ سليم من سبات نومه العميق وهو يتقلب ببطء في فراشه
- كل دا نوم ياسليم .. اومال لو كان بالك خالى كنت هتنام كد ايييه ؟!

نهض من فوق فراشه بكللٍ القى نظرة علي هاتفه
- اوووف حتى انت فصلت ! هي جاات عليك يعنى !

لفح منشفته فوق كتفه متجها نحو المرحاض

جالسه عفاف بين الخدم وهم يعدون اشهي المخبوزات للافرح .. ثم اردفت عفاف قائله
- يلا يابت منك ليها سمعونا زغرووده اكده ... وانتي ياابت علىّ صوت المسجل دا شويه خلينا نفرحوا ..

- عيونى ياام عماد .. الفرحه عندنا اربعه النهارده .. قومى يابت ارقصي منك ليها ...

راقبتهم ثريا بنظرات تحمل نيران الغل والاغتياظ
احدى الخادمات
" مالك ياست ثريا ماتيجي ياختى تخبزي حلو بنات بيدك .. دي فرحتهم الكبيره وليله العمر "

ضربت فخذها بكفها بغل ثم اردفت قائله بتأفف
- مش لما اكون راضيه عليها الجوازه دي !

خفضت الخادمه صوت ضجيج الاغانى سريعا .. للاستمتاع بالنيران التى اوشكت علي الاندلاع، رفعت عفاف عينيها بفظاظه
- وانتى كنتى تحلمى بجوازه زي دي لبناتك ! جري ايه ياثريا ولا علي رأي المثل الانصاص قامت والقوالب نامت"

وثبت ثريا قائمه بقوة
- لا ياعفاف اقفي معوج واتكلمى عدل واعرفي عتتكلمى ع مين الاول .. بنات ناصر الهواري الف مين يتمناهم .. معاهم شهادات من مصر ومتربين وزينة بنات قنا كلها .. فياريت كل واحد يعرف مقامه زين وتعرفي انتى مناسبه مين !"

رمقتها بنظرة ساخرة
- مش هرد عليكى .. عارفه ليه ! لانه جيه اليوم اللي ربنا يظهر فيه الحق وينصرنى عليكى .. وانا واحده فرحانه بوالدها ومش هتسمح لوحده زيك تعكنن عليها .. عليّ ياابت عليّ الاغانى خلينا نفرحووووا "

كانت كلمات عفاف جيشا هجيما مسلحًا بالغضب مما جعل الدماء تغلى بداخلها لانها مدركه تماما لمغزي حديثها عن الماضي الذي دفنوه سويا ..
عادت عفاف لتصفيق والتهليل بفرحه صُبيانها والفرحه الاكبره بالنصره علي عدوتها اللدودة ..

دخل المسئول عن امن شركات 《الهواري جروب》 مكتب ( مجدى الهواري) مطأطأ الراس

- تحت امرك يابيشمهندس ..

نصب ظهره واتكأ بساعديه علي سطح المكتب ثم اسار اليه
- تعالي اتفضل يا عم جمال ..

- يكرم اصلك يابيه .. والله الواحد ماعارف يودى وشه من حض...

قطعه مجدى بحده
- ما علينا بالكلام ده .. المهم سيديهات الكاميرات السريه موجوده معاك .

رفع رأسه بحماس
- طبعا ياباشا وزي ماامرتنى مفتحمهش غير لما تيجى ..

ثم قدم له حوذة سوداء بداخلها اسطوانات كمبيوتر ( CD ) ووضعها فوق المكتب
- اتفضل اتفضل .. شوف بنفسك ..

- تمام اتفضل انت ياعم جمال ...

فتح مجدي السله وافرغ محتواها بحماس ثم دار بمقعده ووضعها بداخل جهاز الحاسوب باهتمام بالغ .. وبعد برهه من الوقت ظهرت امامه صور متحركه لمكتبه من الداخل .. قدم شريط التشغيل فلفت انتباه شيئا ما .. سرعان ما رجع الفيديو للخلف فوجد صورة سكرتيرته الخاصه تتسلل مكتبه فى الخفاء لارتكاب جريمتها .. راقب مجدى تصرفاتها بغضب شديد، قفل جهازه الحاسوب متوعدا

- يابت ال*** ...!

وصل ادهم بصحبة عمه الي مخزنهم السري بحرصٍ شديد .. وجد مجموعه من الرجال في انتظارهم .. القى عليهم ادهم التحيه

- كيفكم ياااارجاله ..

صوت جمهوري قوى
- نورت ياادهم باشا

وقف عمه حيدر بالقرب منهم
- كله تمام ؟!

احدهم اردفت قائلا
- عااااين بنفسك ...

- شووف يااادهم شغلك ...

نكث ادهم علي احد ركبتيه ممسكًا بكيسٍ ابيض، ليتذوقه بانتشاء بَين، وضع اصبعه المنغمس بالمخدر داخل فمه وبعد قليل من الوقت رفع حاجبه مع التواء شفته جنبا تبدو عليه معالم الفرحه والسرور .

اقترب من عمه كالمنتصر فالمعركه هامسا في اذانه
- كله تمام ...

اتسع ثغر عمه مسرورا
- عال عال .. هاتلهم فلوسهم ...

انكمشت ملامح ادهم سريعا
- مش لو (وجد) بت اخوك تطاوعنا وتشتغل معانا الشغلانه دى هناكل الشهد .. ويبقي زيتنا في دقيقنا وقرشنا مايطلعش برا ...

تنحنح عمه بخفوت
- تقلقش هيحصل .. بس كله بآوانه ..
- مش قلقان بس مقهور علي دراستها ٧ سنين وفالاخر مش مستفدين حاجه . ..

- بلاه حديتك العفش ده .. روح هات حق الرجاله يلا ..

ضاقت عينيه متوعدا
- اللي مستنيكى تقيل قوى يااوجد ...

في قصر العتامنه
" سليم ماعيردش ياوورد ومحموله مقفول "
لازالت تجوب غرفتها ذهابا وايابا بحيره وتوتر .

- اهدى بس اكيد فصل شحن ..

تنهدت بضيق
- لالا قلبي مش مستريح واصل .. انا لازم اقابله .

اتسعت حدقه عيني اختها بدهشه
- اقصري الشر ياوجد .. وخافي علي سليم عاد

- هي خلاص خلصت !

- كيف ؟! قصدك ايه ...!

- انا وسليم هنهربوا الليله ..
"خدعوك فقالوا ان الناس سواسيه كأسنان المشطٍ في مُجتمعٍ اصلع المبادئ .. "

في سياره _الجيب شيروكى_ الخاصه ( بأدهم ) الذي يقودها بنفسه ويجلس بجواره عمه ( حيدر ) في ثوبه الصعيدي يتفقد الطريق بذهنٍ منغمس في بئر مخططاته الدنيئة .. دار ( ادهم ) مقود سيارته بعنايه وخلفه سيارة آخري من الحرس فتنحنح بخفوت قائلا:

- ماهو انت ياعمى لو تفهمنى ناوي علي ايه .. هرتاح ؟

ألقى عليه نظرة خبيثه
- اسمعنى .. هتروح تراضي بت عمك وتنزلها شغلها .. وبطل بخ سم من خشمك ... عاوزين نكسبها النسوان مابتجيش بالعند والقسوة ...

فرمل سيارته فجاة ثم اردف قائلا بعصبيه
- شغل في عينها ياعمى ... علي جثتى تنزل شغلها تانى ...

- اسمعنى واااهدى اكده وبطل حنبله زياده .. وجد تنزل شغلها ويدك مااتتمدش عليها تانى سامعنى ؟

عاود في التحرك بسيارته وخلفه سيارة الحرس الذي اصيب كل من بداخلها بالاستغراب لوقوفه المُفاجئ

- طب فهمنى ليه ؟!

اردف عمه قائلا بهدوء
- انا خابر زين علاقتها بولد الهواري .. مش مغفل ولا مختوم علي قفااي .. بس احنا محتاجين لها قوى اليومين اللي جاايين ونقطة ضعفها الوحيده هي سليم .. اول ماناخدوا مرادنا هنخلصوا عليهم كلهم وانت ابقي اتصرف مع مرتك عاد ..

اعتلت ثغرهم ابتسامه ماكرة لما يخططوا له
- تعجبنى ياعمى .. وانا بردو مكنتش مرتاح لسكوتك دهون .. كده اللعب هيحلو ...

اجابه بثقه
- كبير العتامنه ماعيسكتش علي الحال المايل .. المهم عاوزك تجهزلى زياره حلوة اكده نروحوا بيها للهوارة نباركلهم ..

اتسعت حدقة عين ادهم بدهشه
- كييييييف اكدددده !

" حبيبة قلب ابوها مين واخد عقلها اكده "
طبع قُبله خفيفه فوق جبهة ابنته الجالسه في الجنينه وبين يديها كتاب يبدو عليه انه سلب عقلها حتى تناست تواجد الخلق حولها .. قفلت كتابها مبتسمه

- كنت بقرأ كتاب طوق الحمامه في الاُلفه والالاف .. الكتاب دا فظيع يابابا ...

دار بجسده حتى جلس بجوارها مبتسما متذكرا شيء ما
- اااااااااه ابن الحزم .. والادب الاندلسي واجمل مااختتم به الكتاب " قبح المعصية، وفضل التعفف؛ ليكون قد أحاط بالحب من كل جوانبه"

اتسعت ابتسامتها ثم اردفت قائله بغمز
- الله الله .. سالم بيه متابع وشكله عايش حب قديم من ورايا ..

اجابها بهدوء
- الانسان مايقدرش يعيش من غير حُب ياوجد ...

نهضت مسرعه لتجلس بقربه بفضول وشغف
- طب احكيلي احكيلي ...

اجابها ممازحا
- اسكتى يابت انتى عاوزه كوثر امك تيجى تغتالنا دلوق ...

ضاقت حدقه عينها
- بقي جناب سالم بيه عتمان .. مدير اكبر مدرسه في قنا خايف؟! ...

ارتفعت ضحكته قائلا بصوت منخفض
- اشششش بنقصر الشر بس .. المهم سيبنا منك وقوليلي عامله ايه ياقلب ابوكى ؟

- انا تمام ياابوي .. وبقرا كل الكتب اللي عتجيبهالي وحفظتهم صم .. وكمان مش مقصره في حق كليتى وهتبقي ابو الدكتوره ياابو زين ..

احتضنها بحب وطبع قُبله اخري علي جبهتها
- طيب وسليم اخباره اييه ..
توردت وجنتها بخجل وابتعدت عنه بارتباك
- هااا سليمممم ! ماله ؟ والله ياابوي مابكلمه وكل مايحاول يكلمنى بديله فوق دماغه . . وببعده عن طريقى ..

وضع ابهامهه فوق شفتيها
- اهدددددى وبلاش عرق العتامنه المتمرد ده .. سيبك من كل الكلام ده .. وعاوزه اعرف قلب وجد فيه مين ...

مسكت كتابها بارتباك وتوتر شديد ووثبت قائمه قائله بعجلٍ
- ممممم هاااا ... طيب انا همشي دلوق اشوف امى لو محتاجه حاجه ...

قهقهه والدها بصوت عالٍ علي حركاتها الطفوليه المتمرده ثم اردف قائلا بصوت عالي بعض الشيء
- طيب خلاص انا عرفت هرد عليه اقوله اي لانه كان ناوي يتقدم رسمى وانا قولت اخد رايك الاول .. شكله اكده مافيش نصيب ...

وقف منتصبه في مكانها لم تصدق ما قاله والدها كالمومياء التى لم تخرج عن صمتها بعد .. احمرت وجنتها اكثر وسرعان ماركضت امامه تلك الصغيره التى هاجمها الحُب بدون رحمه .. ركضت محاوله الاختباء والانفراد بقلبها كي تدويه من ضجيجه المربك .. وجدت نفسها عاريه الافكار والقلب امام والدها قيصر الحب والرومانسيه ...

تنهد والدها بصوت مسموع
- ربنا يفرحك يابتى ويبعد عنك شر العتامنه ...

في الوقت الحالى ¤¤¤¤¤

فاقت من شرودها وهي تتحسس كتاب " طوق الحمامه بين الالفع والالاف " ودموعها تنهمر فوق وجنتها .. حضنته بحزن
- ابويا مشي بس انت اللي باقيلى ... وحشتى قوى ياابوي ووحشنى حضنك ووحشنى كلامى معاك .. ااااه لو كنت موجود دلوق معاي مكنش كل دا حصلي .. اهوو حصل اللي كنت خايف منه، العتامنه استقووا عَلِيّ ياابوى .. طب هو ينفع ترجع اعترفلك بحبي لسليم اللي كنت اداريه منك مع انك عارفو وتمشي تانى ... انت اللي علمتنى كيف احب ومشيت قبل ماتشوفنى نجحت فالامتحان ولا لا .. فهمتنى ان الحب حق مكتسب بس مقولتليش ان مافيش حب من غير تمن .. .. طلع تمنه غالي قوي ياابو وبتك رصيدها من القوه نفذ خلااص ...

دلفت ( سهى ) مكتب مجدى عادل الهواري بأرجل متثاقله وعيون ترتعش خوفا، بصعوبه استجمعت قوة عضله لسانها بعدما بللت حلقها لتقول
- في حاجه حضرتك ..

ابتسم ماكرًا
- تعالي ..
ازداد خوفها فأقدمت نحوه برعب
- هو حضرتك وصلت لحاجه بخصوص الورق؟!

اومأ رأسه ايجابا
- آآه .. كان في كاميرات سريه في المكتب عرفت من ورا سرقه الملفات ...

اراد مجدى اللعب علي اوتار خوفها اكثر كان الخوف والقلق ان يشق قلبها
- م .. مش فاا فاااهمه حضرتك ..

تنهد مجدى تنهيده ارتيااح وثقه ثم اردف قائلا
- يسري .. المستشار القانونى .. عارفااه .. اخر حاجه كنت اتوقعها ان يسري يخون .. _ثم نظر لها بغمز_ والله البنى ادم دا غريب تمدله يدك عشان تساعده ينهشها ...

داعبت شفتيها الذهول حتى اردفت بتلقائيه
- لااا .. از ازااي .. م مش معقول ... !

نظر لها بعيون ضيقة
- هو اي اللي مش معقول .. ؟!
ارتبكت اكثر
- انه يسرق وكده يعنى .. اصلو من زمان في الشركه وووو

وثبت مجدي قائما بهيئته المنتصبه ونظراته الثأريه
- وانت مستغربه ليييه .. روحى ابعتيله وتعالي ..

هزت رأسها بتوتر وجسد مرتجف بعدما تنهدت تنهيدة ارتياااح دارت بجسدها مسرعه للخارج ..

التوت شفتيه ببسمه خفيفه كإنه يستشعر فرحه انتصار عجيب .. ثم رفع حاجبه بثقه كإنه التقط مخه فكرة مااا، جلس فوق مكتبه ثم ارسل رساله نصيه لاخيه محمد
" ابعتلي رقم صفوة "

القي هاتفه فوق سطح مكتبه متكئًا بظهره للخلف متنهدا
- ياااصفوووة .. ! صبرك عليااا ...

اعتلى ثغره بسمه ماكرة متسائلا 《《 كيف لرجل ان يتحرر من قيود امرأة استعبدته عشقا !》》

أصوات موسيقي صاخبه تخترق الجدران وحركه اهل المنزل من خدم وغفر لمعاونة اصحابه .. دلف سليم الي مطبخ القصر وجد امه فاردف قائلا
" في حاجه تتاكل ؟! "
قاال جملته وهو يفتح باب الثلاجه باحثا عن شيء يأكله .. غسلت والدته كفها قائلة
- طب استنى شويه يكون الطباخ خلص الوكل واتغدي بالمرة ..

تناول ثمرة تفاح يأكلها بغل وكإنه يتنقم من احزانه فربتت امه علي كتفه مردفة
- مالك ياحبة عينى ؟!
جلس فوق معقد الطاوله التى تتوسط ساحه المطبخ
- عاجبك انتى الوضع دا يامه ؟!
اردفت قائله بحنو
- مااجده بتحبك ياولدى ...
اجابه بتلقائيه وتأفف
- وانا مابحبهااش يامه .. عشوفها كإنى شوفت عفريت قدامى عتجنن اكده ..

- يا ولدى البت غلبانه والله .. ادى قلبك فرصه وهتحبها ..
احمرت وجنته بدماء الغضب قائلا
- وانا مابحبهااش ومش من حق اي حد يقولى اعمل ايه .. محدش له الحق يرسملى طريقى .. مش مسموح لحد يشوف حياتى بعينيه .. مش مسمووح ياامه تقولولي احب مين واعيش مع مين .. دى حياتى مش حياتكم .. ذنبى ايه انا الملم ورا ناصر الهواري واشيل شيلته ... قوووليلى؟!

انخرطت دمعتين واحده من عين امه والاخري خدشت وجنة ماجده ابنة عمه فاكمل سليم قائلا وهو متأهبا للمغادرة
- انا هعمل اللي طلبتووه منى .. بس النتايج استحملوها انتوا .. مش عاوز حد يلومنى ...

خرج من المطبخ فوجدها امامه تنهمر دموعها بغزاره رمقها بنظرة ساخطه وتقدمه خطوتين للامام ثم توقف فجاة وعاد واقترب منها
- اظن انك سمعتى قولت ايييه .. عشان متتفاجئيش

القي عليها قذيفه كلماته الناريه التى فجرت عبراتها من عيونها وتركها تسبح في بحور احزانها بدون ما يتحرك له جفن الرحمه، اصبح صوت شهيفها يعلو، اصبح يؤلمها من الداخل، اصبح حزنها يضاجع حبها فينجيب عشقًا لايُداوى، كلما قررت ان تستقوى علي نفسها وتموت حزنا بداخلها ياتيها تؤامه راكضًا .. جلست فوق عتبه المطبخ بعد ما ارهقت ارجلها لم تقدر علي حمل جسدها المُثقل بالهموم .. وقفت عفاف عاجزه فهى الاخري وضعت في نيران لم ترحم .. نيران تحرق فلذه كبدها ونيران اخري تأكل قلبها فإنها تري امام عينها قلب يحترق ويتبخر كما تبخر قلبها في ماضٍ كلما قررت دفنه حاصراتها اشباحه مجددا وطوقت علي عنقها حبل مشنقة النسيان ...

" العروسة جهزت ولا لسه كسلانه "

وصلت تلك الرساله النصيه علي هاتف صفوة المنغمسه في مركباتها الكميائيه .. فالتفت لصوت رنين الهاتف وهي ترفع نظارتها الطبيه وجدت رقمًا مجهولا .. رفعت حاجبها متعجبة
- مجدى ! معقوله ؟!

قررت تجاهل الرساله بعد محاولات عديده .. فعقل المراة حينما ينتابه الفضول يجعلها طفل سذاج لم يصمت الا عندما ترضيه ...

بعد عدة دقائق عاود الاتصال بها .. فانه يجد اثناء حديثه معها انتشاء عجيب لجميع حواسه .. لم يقل فضولها عن الاول وبعد تفكير وحيره قررت الرد بتأفف
- افنددددم !

اعتدل في جلسته محاولا مزج الحب مع العتب واللوم
- انتى ازاي تردى علي رقم متعرفهوش ياااااهاننننم ..

اتسعت حدقة عينيها بدهشه بالرغم من اعتقادها بهوية المتصل ولكنها لم تجد تفسيرا واضحا لدربكتها
- انت جبت رقمى منين ... وبأي حق اصلا تكلمنى ..

اتسعت ابتسامته ثم وثب قائما يبعد ببطء عن مقعده ثم اردف قائلا باللهجه القهراويه
- اولا لما تتكلمى توطى صوتك .. ثانيا تجاوبي علي اد السؤال عشان اللماضه انا مابحبهااش .. ثالثا ودا الاهم الجميل اخباره ايييه ... ؟!

زفرت بعصبيه علي برود اعصابه وبدون اي مقدمات انهت المكالمه باغتياظ
- طلعلى منين دا بس ياربي وانا كنت ناقصاها ماطول عمره عايش فالقاهرة ومش بنشوف وشه .. شكلك هتتعبنى اوي ياسي مجدى .. طيب انت اللي اخترت ..

لم يعاود مجدى اتصاله لانه بل اكتفي بغيبوبه الضحك التى اصابته، شعر بانتصار عجيب ملأه .. اثناء قهقهته دلف السكرتيره بصحبة المستشار القانونى للشركه .. تبدلت ملامحه للضيق ثم عاود ليجلس علي مكتبه بثبات
- إلا قولى ياسيادة المستشار عقوبه سرقة اوراق رسمية فالشركه ايه !

قضب مجدى حاجبيه ثم اردف قائلا وهو يجلس امامه
- دى جريمتين ياباشا خيانة امانه وسرقه .. والعقوبه التحويل لمجلس تأديب اقل حاجه وبتنتهي بالفصل ...

رمق سهى سكرتيرته بنظرة حاده اربكتها اكثر
- اممم طب عاال اوي .. وانت اي رايك في سرقه اوراق اكبر مناقصة من الشركه ..

تنحنح يسري بخفوت
- اللي تشوفه حضرتك ...

رفع مجدي عينه نحو سهى
- طب نشوف راي الاستاذة سهى ..

تراجعت خطوتين للخلف بجسد مرتجف قائله بتوتر
- وانا مالي ياامجدى بيه ... اصللل

دار بمقعده مقاطعا وهو يفتح شاشه حاسوبه
- اصل انك حراميه ... شوفي كده ...

انتفض جسدها وانهمرت دموعها
- والله هقول كل حاجه .. بس ماتقطعش عيشي ..

ابتسم بخبث
- هاا سامعك .. مين وراكى ؟! ...
فركت كفيها بارتباك ثم اردفت قائله
- اا .. اددهم باااشاا .. والله ضحك عليااا وفهمنى اننا هنتجوز وووو ..

وقف بذهول
- ادهم فؤاد ؟! العتامنه !

اومات راسها الملطخه بالدموع ..
- والله انا غلطانه .. انا اسفه حضرتك .. انا معرفش عملت كده ازاي ...

تنهد مجدي بهدوء
- يسري عاوزك تتصرف .. تاخد حسابها وبزياده كمان وماشوفش وشها هنا تانى ...
ثم رمقها بنظرة معاتبه
- اظن كده عدانى العيب .. يلا اتفضلوا ...

اخذت سهى تجري خيبات الالم والندم معها
- يسري استنى ...
قالها مجدى بثبات
- اوامرك ياباشا ...
انتظر مجدى خروج سهي ثم اردف قائلا
- ورق الشحنه الجديده يطلع والعماال يبداوا يشوفوا شغلهم .. اللى كنت قلقان منه حصل خلاص .. نفوق لشغلنا بقي ...

ابتسم يسري ابتسامه انتصار
- حاضر يابيشمهندس ..

خرج يسري ثم لملمَ مجدى شمله متجها لقنا باستعجال
- راجعلك ياست صفووة ...

 

لازال سليم يجوب بسيارته بين الغيطان محتارا سائما في قدره المنتظر .. لازالت ماجده تنزف خيباتها ووجع قلبها علي هيئة دموع تأكل في وجنتها .. ولازالت النيران تنهش في قلب وجد بقلق وتوتر .. غيابه بالنسبة لها اصبح مريبا ..

انتهى النهار واعتلت صوت دقات الطبول واغانى السيدات الصعيديه والتصفيق والتهليل ... وخروج صوانى الطعام الممتلئه بأشهى المأكولات صفا منتظما فوق اكتاف الغفر ... غمر قلب راجح الهواري لفرحه احفاده فاليوم تخطى اول مرحلة من تحقيق مراده ...

" في مملكة العتامنه "

دلفت وجد سلم قصرهم بعد ما بلغ خوفها لذروته .. فوجئت بحركه غريبه في قصرهم .. اسرعت الخطى نحو اخيه

- زين الحاجات دى راحه فين ؟!

اخيها الصغير مرتديا ثوبه الابيض الصعيدى اردف قائلا
- فرح الهوارة اليوم .. وعمك صمم يروح يباركلهم ...

امتلأت عينيها بالدموع قائله بدهشة
- جري له ايه ... كيف مابينهم دم وتار ودا رايح يباررررك ...

لم ببال اخاها لحديثها بل اردف قائلا
- اي رايك فيّ انفع عريس ؟!

رفعت كفها من فوق كتفه وهي في حاله صدمه
- عشان اكده ياسليم تليفونك مقفول ومش عتكلمنى .. طب كنت طمنى عليك بس ! ...

ارتفع نداء الصغير
- يا وجد روحتى فييين ؟! مش عتردى على ليييه ؟!

ابتلعت ريقها ثم نكث علي ركبتيها بالقرب من اذانه
- زين قولى معاك التابلت بتاعك اللي عتلعب عليه صح ؟!

اونئ راسه بالموافقه
- ماانتى عارفه ماعقدرش اتحرك من غيره ...

خفضت صوتها قائله
- طب بص اسمعنى .. عاوزاك تصورلي كل حاجه هتحصل فالفرح .. ماشي يازين ؟ ...

اجابها بفخر
- ساهله قوى دي ... بس ليييه ..؟

- اسمع الكلام بس .. واوعي ادهم ياخد باله ...
- خلاص اتفقنا ...

انتصب عودها مجددا قائله بحزن
- هتتجوز خلاص ياسليم ! ياتري ناوي علي ايييه ياعمى ؟! استرها يارررب...
ليلة مشتعله بالسواد بداخلى خدوشا وتصدعات تجعل جسدى يرتعد .. في جميع محاولات هجري فأنا الموشكة علي الرحيل .. إلا تلك المرة غادرت وهجرت روحى التى كانت دائما تتسابق معك لنسعد سويا، اشعر وكإنك ممررت علي قلبى بسلك شائكٍ يمزقه اشلاء حتى اصبح ينزف بمرارة اشتياقك .. اصبح قلبي عضله ضامرة ماعليها الا توزيع الدم بداخلى لتجبرنى علي الحياة .. حياة ! حتى تلك سلبتها...

- هتتجوز خلاص ياسليم ! انا مش قادرة اصدق ؟! طب ازاي هتقدر تتبسط وتقعد جمبها فالكوشة .. هانت عليك وجد .. وكمان مكنتش بترد عليّ .. !

وقعت عينيها علي صورته التى تتحسسها باناملها وتبللها بدمع عينها ثم ابتسمت وسط ظُلمة بكاؤها متذكرة موقفًا ما

- اسمع منى بس صورتك من غير الدقن احلي ..
قالت وجد جملتها وهي تقارن بين صورته والاصل امامها .

رفع حاجبه ممازحًا
- غريبه دي! .. اول مرة اشوف بنت ماعتحبش الدقن .. مع انهم بيقولوا عتزلزل قلب الستات ..

احمرت وجنتها خجلت وهي تبعد عينيها من عينيه اللاتى يُحاصرونها ..
- ومين قالك انى عاوزاك تزلزل قلب ست غيرى !..وبعدين انت مالك مبسوط وانت عتقولها اكده .. عااارررف ياااسليم لو شمِت بس ريحة ست عدت من جمبك بالصدفه .. هقتلك ! ..

قهقهه بصوتٍ عالٍ وهو يقترب منها
- عتغيري !
رمقته بنظرة طفولية
- اااه .. ولما عغير عقتل .. اتقى شري عااد ...

ازاح خصيلة شعرها الهاربه من تحت حجابها الملقى علي رأسها وهو يتكأ علي كفه وركبته المثنية المستند عليها بعمعصمه الاخر
- تخافيش اي ست عتقرب منى شبح حبك اللي محاصرنى عيكهربها ...

اتسعت ابتسامتها ثم ادارت رأسها ناحيه النيل تتأمله .. تنحنح سليم مجددا ثم اردف قائلا بغمز
" نرجع لموضوعنا عاد .. انتى ازاي دكتوره وتطلبى منى احلق دقنى ؟! دا المفروض انتى اللي تصممى علي حاجه زي دى "

قضبت حاجبيها باستغراب
- مش فاهمه .. قصدك ايه ؟!

اجابها بغمز
- قصدى يعنى الدقن لها كذا فائده وانتِ المستفيده من الموضوع دا يكون في علمك ..

زفرت بضيق
- انت كلامك غريب ليه اكده ! وبعدين متحاولش تقنعني ولا انت عاوز البنات تعجب بيك وخلاص !

اجابها بفخر
- انا البنات عتموت عليّ حتى لو لبست فروة خروف .. مش الدقن يعنى اللي هتشدهم .. انا والحمد لله امكانياتى عتتكلم عنى ... والمفروض انتى اللي تكونى عارفه اكده .. ولا اييييه ..

ضربته بقبضة كفها علي كتفه
- بطل طريقتك دى .. هزعلك !
ثم قامت مسرعه محاولة الهرب من اسهم الحب التى لم تصوب إلا علي قلبها .. وقف هو الاخر سريعا ثم ركض خلفها قابضا علي معصمها
- استنى اهنه .. كيف تمشي انتى من غير مااسمحلك ؟!

شيعته بنظرة حب كافيه ان تشتطر قلبه وذهنه الف شطر، اغمض عينيه لبرهه محاولا استجماع فُتات روحه ثم همس قائلا
- كل نظرة من عيونك مغريه للموت فيهم يابت العتامنه ...

غاصت في محيط حبه اكثر وازداد بريق كلماتها .. غريب ذلك الحُب بكلمه منه تجعلنا نشع نورًا وبمجرد غيابه ننطفئ ... ننطفئ وكإننا لم نُنير بعد .
- بتحبنى !

ضاقت عيونه لسذاجه سؤالها
- هو انا ليه لازم اقولها كل شويه .. مع ان كل تصرفاتى عتأكدلك انى مش عاشق غيرك .. ليه كل مرة تقابلينى فيها عتسألينى هي تصرفاتى مش كفايه تثبتلك ؟!

وضعت اناملها فوق شفته لتتضع حدا لزمجرته
- انا عحب اسمعها في كل وقت .. عطمن ( بطمئن ) بيها ياسليم .. بيها عحس انك عمرك ماهتبعد عنى ... كلمة عحبك منك وجبة غذائيه متكامله عتغذى قلبي وروحى بفيتامينات وبروتينات حبك .. بيها انا عايشه .. ..

وضع كفه علي وجنتها بحنو
- وطول ماانا عايش مش هتسمعى غيرها ياوجد ...

ثم اكمل ممازحا
- افهم من كده انك خلاص غفرتى وسمحتيلى اسيب دقنى ...

ضربته باغتياظ
- اتلمم ... قولت لا يعنى لا، تتحلق من بكرة ...

غمز لها بطرف عينه غمزه فهمت مغزاها
- عشان حمارة .. علي العموم انتى اللي خسرانه وهتخسري كتير ...
تنهدت بصوت عالي شاعره بمراجل تقاد بداخلها
" عملنا حساب كل حاجه إلا انك تمشي .. مشيت وسبتلى ذكريات زي الوشم مش عارفه اتخلص منها "

 

" في قصر الهواري "

استعد محمد لحنته مرتديا جلبابه الابيض الفضفاض، ولاول مرة يشعر بفرحه عارمه تحتل كيانه، شعر بأن ثوب الحب يكسوه ويأخذه من يده لحدفه بين ذراعي من احب .. ألقي علي نفسه اخر نظرات في المرآه وهو يحسس علي شعره بفخر ليقول بحماس
- حلاوتك وانت وعريس ياابو حميد ...

علي عكس الحال بالنسبه لعماد .. الذي لم يتحرك من فوق مقعده الهزاز سابحا في بحر افكاره وذكرياته يحدق النظر في ملامح زوجته التى اشتاق اليها كثيرا، اشتاق لكل تفاصيلها، اشتاق لارتشاف صوتها وحركات عينيها الطفوليه امامه، اصبحت ذكرياته معها عباره عن فيديو سينمائى يمر امامه بدون توقف، يصارعه حبها وشوقه له، لم يتقبل بعد فكرة ان تبيت غيرها في احضانه، تحمل غيرها اسمه .. اتكأ بمراره وألم للخلف

- سامحينى يانيرة .. بس مجبر .

اردف مجدى داخل المنزل بعجلٍ.. متنهدا لما قطعه من مسافة كبيره اثناء سفره، تحرك بحماس نحو غرفته للاستعداد لفرحه، يود ان تنطوى خطاوى الارض ليلتقي بها، يركض وكإنه في سباق مع دقات قلبه، فاليوم الذي تمناه منذ ٧ سنوات اقترب، يدور في ذهنه لقطات خاطفه منذ ذاك اليوم الذي ترك طفله صاحبه الشعر المنكوش، والان تلك الطفلة الرشيده صاحبة نفس الشعر، لم يتغير بها شيء إلا ان اصبحت عينيها تربكه بمجرد ان يراها .. وصل غرفته اخيرا ليستعد لفرحته بحماس وهمه والابتسامه تشق ثغره وقلبه معًا .

توقف سليم بسيارته امام بهو القصر، حتى ظهرت امامه عينى حبيبته وهي تنظر له بعيونها الغزلانى التى لا تشع الا حبًا يملأه، عيناها اللاتى كلما نظر بهما يصبح كالطفل الصغير الذي نسي ان يكبر من فرط حنانها وحبها، شق شفته ابتسامه خافته .. ثم اعتدل في جلسته متأهبا بالنزول من سيارته كإنه تذكر شيئا اخر اسرع لتنفيذه، ردد بصوت منخفض
- سامحينى ياوجد .. بس ورحمة ابويا لاعوضك عن كل دمعه وجع هتنزل علي خدك ...

" انا لبست وجهزت اهو .. ايييه رايكم، انفع عروسه ؟"
قالت يسر جملتها باللهجه القاهروايه وهى تطير فوق اجنحه الحب من سعادتها التى تغمرها ..

رمقتها صفوه التى تتفحص هاتفها
- اتنيلى ! انا مش عارفه انتى فرحانه علي ايه ياختى ..

ابتسمت يسر بحب ثم اردفت قائله بنبره قهراويه
- هكون مع حبيبي لاخر العمر ياصفوة .. هو في احلي من كده ؟!

رفعت اختها حاجبها ساخرة
- الجواز بيقصف العمر وانتى الصادقه، انتوا ليه مش متخيلين ان الجواز دا حاجه مرعبه، الجواز عامل زي الحكم المؤبد بس للاسف مدته مابتقصرش لحسن السلوك . ارتقوا بقي وماتتجوزوش الجواز اكبر غلطه في حياة البنى ادم ..

التفت اليها نورا باهتمام
- الجواز سُنة الحياة ياصفوة .. لولاه مكنتيش انتى موجوده حاليا ..

- هااا ! اللي بيتجوزوا دول مجانين .. مافيش عاقل بيتجوز .. انا مش عارفه انتوا امتى هتغيروا رايكم وفكركم وتنضجوا كده .. ياااجماعه افهمونى بالعقل كده انتوا اييه اللي يجبركم انكم تعيشوا عبيد عند مخلوق، الجواز كده خلي عندك ايمان وثقة بحريتك الرجاله دول صفر علي الشمال مش بيجى من وراهم غير الهم ...

رد يسر مقاطعه
- بس اسكتى .. تعرفي ! انتى جايه تطلعى عقدك علينا ليييه .. مش عاوزه تتجوزى اخرسي ...

- دا جزاتى انى عاوزه افوقكم ؟!

يسر: لا احنا عاوزين نبقوا نايمين وسكرانين فالحب كده مالكيش دعوة ياستى ..

سالتها نورا ممازحه
- طيب هتعملي اي ؟ انزلي قولى لجدك لا وحاربي يا اندبيدنت وومن ...

وضعت صفوة رجل فوق الاخري بثقه
- لا مش هعمل كده .. بعد كلام امى ارتحت وبصراحه حاسه انى لقيت حد هجرب فيه اختراعتى ومش هيعترض وانا شايفه سي مجدى دا فارد دراعته اوى وعاوز يتحدانى وانا عاوزه افهمه غلطه بس .. دا كل الحوار ..

تبادلا الاختان النظرات بخبث
- اااااه عناد يعنى ! طب انا قاعدة وانت قاعده لو ما الحب خلاكى تتقلبى ع جدور رقبتك ابقي قولى يسر اختى قالت ..

رفعت صفوة حاجبها بعدم تصديق ثم اكملت نورا بغمز
- وبصراحه اسمع ان مجدى شخصيه وجدع وشاطر .. وغير كده الواد امور وحليوة يعنى مش هتاخدى ف ايده غلوة ..

زفرت صفوة باغتياظ
- طب نقطونا بسكاتكم ياختى انت وهي .. اانسوا دانا هوريه النجوم في عز الضهر ...

لازالت ماجده تراقبهم بصمت وحزن شديد كمن نثر افراحه فوق قمم الجبل ثم نداها ولكنها لم تعد اليه حتى الان .. اخلص لها الحزن في بقاؤه بداخلها كإنه اقسم الا يفارقها الا مصطحبا بروحها ...

دخلت عفاف غرفتهم فجااة
- جرى ليكم ايه يابنات يلا شهلوا، الخلق كلهم تحت يللااااه عشان تتحنوا كفاياكم مناقره عاااااااااد ...

قرعت الطبول ورقص الخيل واحتشدوا اهل القريه حول موائد الطعام ليكتسحوا ما عليها فارحين فاليوم هو عيدٌ لهما .. دلفوا الاخوه الي حديقه البيت شاسعه الاتساع مرتدين ثيابهم البيضاء، منهم من احتل قلبه الفرح ومنهم من اجبر علي امرٍ لا مفر منه ..

وذلك الحال بالنسبه للفتيات، جلسن بجوار بعضهم البعض وكل منهما بداخله خبايا ونوايا تختلف عن كل منهما الاخر

يسر لنفسها بفرحه: اخيرا يامحمد،، وعد عليا هخليك اسعد واحد فالدنيا ..

صفوة بضجر وعيون خبيثه: هسود عيشتك .. هخليك تلعن اليوم اللي كنا فيه ولاد عم .. عشان مش صفوة الهواري اللي تتجبر علي حاجه ...

نورا بحزن وتوسل: يارب قوينى وصبر قلبي .. يارب قدرنى اعوضه علي اللي فات واثبتله حبي اللي خبيته ١٥ سنه ..

ماجده تنهدت بكلل وياس ثم رددت لنفسها قائله
" لازم تحبنى ياسليم .. هنسيك الدنيا كلها .. اكيد اخرة العذاب دا حب .. وحب كبير كمان .. قلبي بيقولى كده "

صوت زغاريد النساء وتصفيقهم ورقصهم الصعيدى .. ووجود الفتيات يتهامسن
- زينة شباب النجع خلاص هيتجوزوا

همست الاخري قائلة
- ياما كنت اتمنى اتجوز واحد منيهم .. بس يلا الفقر عارف صحابه والحظ بايت في حضن ناسه

لكزتها رفيقتها
- وطى حسك عااد وقومى نرقصوا ..

قاما الفتيات يرقصن، تقدمت احدمهما ومسكت بكف يسر لتتراقص امامها ..

قامت يسر مرحبه ومهلله وجميع ملامحها تتراقص معها، تشرق عينيها بنور الحب ويتمايل جسدها فوق اوتاره .. لمحها محمد عن بعد مبتسمًا اتكأ جنبًا يتأملها
دارت يسر بجسدها امامه كالفراشه التى تتنقل فوق ورود قلبه تمتص بضحكتها مرارة صبر سنوات من البعد .. استدارت حتى اصبحت مواجهه له، وقعت عينيها عليه فاتسعت ابتسامته .. غمز لها بطرف عينه مرسلا لها قبله في الهواء احمرت وجنتها خجلا ..

كانت ثريا تترقبهم عن بعد، جحظت عينيها بغل ثم اسرعت نحو ابنتها وضغط علي ساعدها بقوة وسحبتها خلفها لتجلستها علي مقعدها
- كنى ( اهدى) اكده واقعدى علي حيلك وخفى مرقعة وقلة ادب ..

كتمت يسر صوت ضحكاتها
- خبر اي يااما ماالك عاااد .. مفرحش يعنى يوم فرحى ؟!

رفعت كفها اوشكت ع صفعها
- تكتمى .. دا مش فرح ولا دى فرحتك،، فرحتك انا اللي احددهالك .. انتى لساتك صغيره فهمااش حاجه ..

ظل محمد يراقبهما بفضول ثم اردف قائلا بهمس
- شكلك ياثريا مش ناويه تمرقي يوومك .. صبرك عليا بس اما جبتلك ضغط وسكر وكلاوى .. ولية ادبت ( اتجننت ) في راسها !

ثم غاادر المكان متوعدا لها والضحكه مرسومه علي وجهه ...فهمست نورا لاختها
- عدى الليله واصبري لحد مايكتبوا كتابك ياختى ..

صفوة بغل وضيق
- اهدى كده .. مالك خفيفه ليه اومال لو جوازه عدله كنتى عملتى ايه !

رمقتها يسر بنظرة ساخرة
- خليكى ف حالك يامعقدة ..

وصل صفُ طويل من سيارات العتامنه امام قصر الهوارة .. شن حرس الهواري الاسلحة صوبهم وعلي المقابل رفع رجالة العتامنه اسلحتهم

زمجر ريح صوت حيدر قائلا
- خبر ايه اوومال ؟! مش اليوم فرح واحنا جااايين نباركوا ...

احد حرس الهوارة
- ناخدوا امر راجح بيه الاول قبل ماندخلوكم ...

زفر ادهم بضيق
- كلمة كمان وهدوسهم كلهم ياعمى ..

ضغط عمه علي كفه
- اصبر ... _ثم رفع نبرة صوته_ يلا بلغ اللي عاوز تبلغه .. مستنين ...
اردف زين قائلا
- هما مش عاوزين يدخلونا ليه ياعمى ؟!

نصب حيدر رقبته قائلا بشموخ
- ندخلوا دلوق متقلقش ... الصبر .

بعد برهه اسرع احدى غفر الهواري نحو سيارتهم
- اتفضلوا .. بس راجح الهواري امر اننا ناخدوا الاسلحه من الرجاله ..

انعقدت ملامح ادهم غاضبا ثم اردف حيدر ساخرا
- هو دا كرم الضيافه عندكم ياهوارة ...
ثم اخرج راسه من نافذه السياره قائلا بصوت قوى
- سلموا اسلحتكم ياارجاله .. عشان راجح يتأكد اننا جايين نادوا واجبنا ..

اقترب راجح من احفاده المجتمعين سويا
" انت ياولد منك له .. اسمعونى زين "

دار الاربع رجال نحوه بااهتمام
سليم ساخرا: خير ياجدى .. غم قلبي وقولى المأذون وصل ..

صفق محمد فارحا: يااحلى خبر في حياتى .. انا اول واحد هااا ...

مجدى ممازحا: ومكونش ليه انا هااا ؟ ... مالك ياجدى متغير ليه، في حاجه حصلت ؟!

عماد بهدوء وثبات: حصل اي ياجدى ...

زفر جدهم بضجر: لما تكتموا الاول .. بصوا رجاله العتامنه عالبوابه ..

اتسعت حِدق اعنينهم مندهشين: اييييييه
سليم بتعجب: كيف ؟! من ميته اللي بينهم تار عيعرفوا فالواجب ؟!

اردف الجد قائلا
-انا خابر راس حيدر زين .. المهم عاوزكم تفرحوا وتتبسطوا اكده مش عاوز لمه النساوين دى ...

محمد ممازحا: هات فرعك وهوريك الرقص ع اصوله ياهواري ..

غُما قلبا سليم وعماد لاوامر جده، داروا جميعا نحو صف سيارات العتامنه الذي ملأ بهو قصرهم ..

دلف حيدر من سيارته مرتديا زيه الصعيدي وخلفه ادهم وفايز وزين اولاد اخوته .. تقدم راجح وخلفه احفاده قائلا بصوت جمهوري
- نورت ياكبير العتامنه ..

اشتعلت عينى ادهم بالغل والغضب بمجرد سماعه تلك الجمله، انه لم يعرف بكبير للعتامنه غيره، لازال يخطط لشيء ما ليمتلك هو جاه وسلطان عائلته، تبادلت النظرات فيما بينهما ... ارتفع صوت حيدر قائلا
- مبروك ياعرسان ...

ثم قال بمكر
- لعبتها صووح ياراجح ..

فهم الجد مغزى كلماته ثم اردف قائلا
- عقبال عندك ... ولا نقول عقبالك الاول ياحيدر ! ..
اردف ادهم قائلا
- قريب ياهواري باشا .. قريب وانتوا اول المعازيم .. فرحى علي وجد بت سالم اخر الشهر ...

اشتعلت النيران في قلب سليم كان يود ان ينقض عليه النمر كما ينقض علي فرائسه .. ابتسم ادهم بخبث ثم قال
- طبعا كلكم معزومين ياهواره ..

رمقهم الجد بنظرات ناريه ثم عاد ليرتسم الابتسامه .. -ارفع ياولد صوت الاغانى دى خلينا نفرحوا، ياغفير تعالي اهنه ... احسن سفرة لرجالة العتامنه تتمد ..

تفكك شمل الحاضرين حتى لم يبق الا سليم وادهم يلتهمان بعضهما بنظرات ناريه تحرق مجرة ..
سليم بفظاظه: اخر حاجه كنت اتوقعها انك تيجى ..

ادهم بخبث: اعتبره جَميل .. وفي رقبتك ولازم ترده .. هابقي ابعتلك كارت دعوة .. اومال ايه هو انا والدكتورة وجد شويه ... اصلى ناوي اخليها ليله من الف ليله وليله ...

ضحك سليم بصوت ساخر: وهمك قاتلك ...

قرب ادهم منه متوعدا: هتشوف ...
رمقه سليم بنظره ساخرة: وانت كمان هتشوف .. بس هتشوفها في حضنى .. عشان سليم الهواري مابيسبش حاجه تخصه لحد ..

احمرت اعين ادهم وسرعان ماادخل كفه في سترته ممسكا بسلاحه صوبه نحو سليم بغضب .. رجع سليم خطوة للخلف رافعا حاجبيه وكفيه بسخريه
- اايه كلامى جيه عالجرح .. معلش، عقبال مانفتحوه الجرح دا عشان ننضفوه قريب ...

طافت اعين ادهم فوجد نفسه محاصرا بين فوهات بنادق غفر الهواري .. اتسعت ابتسامه سليم فخرا .. تمالك ادهم اعصابه بصعوبه فرفع سلاحه لاعلي ليفرغ طلقات سلاحه كإنه يفرغ طلقات غضبه من داخله .. التفت الجميع حولهم .. وايضا النساء يراقبونهم من اعلي وخلف النوافذ ..

انخلع قلب ماجده من مكانه علي حبيبها ...
دار سليم بجسده ممسكا بأحدى عصا الغفر ورفعها لاعلي شارعا في رقصه الصعيدى .. اشتعلت النيران بداخل ادهم اكثر .. ارتفعت صوت الاغانى مجددا ثم اقترب مجدى من اخيه يتبادلون الرقصات الصعيديه بالعصيان ... اقتحم مرقصهم محمد وهو صاعدا فوق حصانه يتراقص به علي دقات الطبول والمزمار البلدى ...

رفع عماد عينيه لاعلي فعلقت بعينى نورا المفعمه بالوحده والارق، ابعد عينيه عنها محاولا تجاهلها الذي اصابها في منتصف قلبها بندبه اسقطت دمعة من عينيها ..

لازالوا الاخوات بتراقصون بمرح وضحك وكل منهما فوق حصانه الذي احضره الغفر ومابين عيون مصوبه اسمههما نحوهم تود ان تصيبهم في مقتل ..

كان زين يلتقط جميع لحظات الفرح منذ ان دخل الى ان تركه فاردف قائلا بفرحه عارمة
- اكيد وجد هتفرح قوي لما تشوف الفرح الجبار دا ...
تعوّد أن تخيط جروحك من الداخل .. بنفسك .. لا أحد يعرف حقيقة وجعك .. وشدّته .. كما تعرفها أنت .. أي يدٍ أُخرى تلمس جروحك .. ستوجعها أكثر .( راكان العنزى )
مقطع سينمائى عابر كان كافيًا ان يمزق قلبها اشلاء .. شلو تلو الاخر، فقد زُرع الوجع في جميع ضواحيها،،،

" ماشوفتيش ياوجد العراك بين سليم وادهم .. بس ولد الهواري ده جوى قوي .. خلي عنين ادهم تبخ دخان "
اردف زين الصغير كلماته بسذاجه طفوليه .. ثم اكمل قائلا
- عارفه ياوجد .. انا فاهم كل حاجه زين، وعارف انهم جتلوا ابوى .. وانا لما اكبر هاخد تارنا من حبابي عنيهم ...

حركت شفتيها كي تتحدث ولكن انعقد لسانها بمجرد دخول ادهم
- عااش يابطل .. والله وكبرت يا زين وبقيت راجل ...
اعتدلت وجد في جلستها متأففه
- انت مين عطاك الحق تدخل اوضتى اكده من غير ما تستئذن ..

تنحتح بخفوت مصطنع
- لا ف دي عداكى العيب وازح يابت سالم .. بس محلوله كلها كام يوم وهدخل قلبك كمان من غير استاذان ..

نصبت عودها بشموخ
- سقف طموحاتك عليّ قوى ياولد عمى، طب حاسب بدال مايطربق فوق راسك ..

جلس ادهم فوق مخدعها وهو يحتضن اخوها بعفويه
- اي يازين انت ماورتش اختك ولد الهواري وهو عيرقص وطاير من الفرحه بعروسته الجديده !

عقدت ساعديها امام صدرها باغتياظ
- لا ودى تيجى .. ورانى وحكالي كمان .. وقال لى كيف كنت زي الفار قدام ولد الهواري ..

انتفض من مكانه بتوتر واضح ثم اقترب منها متوعدا
- وانا سبق وقولتلك قتله علي يدى .. ونشوف عاد مين فينا الفار ومين السبع اللي هيدبح القطة .

زفرت بضيق وحنقه
- اووووووووف .. اطلع برا ..

اصطنع ادهم معالم البراءه
- وانا اللي كنت جاي اقولك خبر حلو !
- مش عاوزه منك حاجه ..
- تؤؤ ! ميهنش عليا تنامى زعلانه .. _ثم همس في اذنها_ كفايه اللي عملوا ولد الهواري وعطاكى علي قفاكى !

نظرت له بعيونها المتسعه تود ان تفتك به
- مايخصكش ..

- احم احم .. ماعلينا المهم ياست الضكتوره تقدري تنزلى شغلك من بكرة .. وتعيشي حياتك طبيعى منا بردو مش هتبسط لما يقولوا عليّ حابس مرته !

نظرت له باشمئزاز وبضيق .. ابتسم ادهم ثم اردف قائلا
- طب يلا يازين نسيبوا اختك تريحلها شويه .. اشوفك الصبحيه ياوجدانة قلبى ..

مازالت محتفظه بصلابتها امامه، بمجرد ما تركها وغادر شعرت بقوة خارقه تشق قلبها، ورحها تتلاعب بداخلها تارة تنسحب واخري تعود .. انفاسها اصبح متقطعه، وضعت كفها علي قلبها بوجع
- ليه كده ياسليم لييييييه .. وجد تستاهل منك كل دا ..

دلفت اختها ( ورد ) بعفويه
- مالك ياوجد .. انتى عتبكى ياك ؟!

- شوفتى سليم عمل ايه .. البيه شغال يرقص وفرحان ولا علي باله .. دا كمان مردش علي من الصبح ياورد.

قفلت اختها الباب برفق
- طيب اهدى بس .. المفروض انك عارفه سليم زين ياختى واكيد عمل اكده عشان يكيد ادهم ..

وثبت وجد قائمه
- لا ياورد .. لا .. عقولك ايه امك نامت ؟!

ورد باستغراب
- البيت كله نام ماعدا ادهم وزين كنت سامعه حسهم تحت ...

فكرت لبرهه ثم اردفت قائله
- بصي تروحي تتابعيهم واول مايناموا تقوليلى .. يلا ..
ورد قائله بقلق
- ناويه علي ايه يابت ابوى !
- اسمعى الكلام بس ويلا ...
استسلمت ورد لاوامر اختها ثم تسللك بهدوء تترقب خطاوى ادهم في الاسفل ...

 

"في قصر الهواري "

" اقولكم ايه انتوا ضاربين اي علي المسا !"
اردف سليم جملته وهو يضع ساق فوق الاخر لاخوته المجتمعين في جنينه القصر يتسامرون بعد ما انتهت الليله ما قبل الزفاف .

اتكئ محمد بفخر مردفا:
- سيبك انت بس مين يصدق اننا بكره هنبقي عرسان ! صبرت ونولت ياد يامحمد والله .

تنهد مجدي بحيره
- طب انت وماشيه معاك زي الحلاوة في السكين ياعم .. انما انا بقي اعمل ايه في قدري المستعجل اللي مستنينى بكره .

قهقهه محمد بصوت عالٍ يعكس صدى صوت طبول قلبه من الداخل ليقول بثقه
- مش هتعمل اي حاجه متقلقش .. اصل مراة عمك منبهه علي بناتها انكم تقضوها اخوات في بعضيكم والا هتقطع خبرهم .

غيبوبة ضحك انتابت الجميع بعد تصديق , حتى عماد الشارد بعيدا عن محور حديثهم شاركهم الضحك باستغراب مردفا بضحك مكتوم وهو ياخذه انفاسه بتقطع
- ثريا قايله لهم كده ! طب والله طلعت بتفهم وهتوفر عليا كتير .
فزع محمد قائلا بثقه
- ابو ثريا علي اللي جابوها .. هى هتقفلنا زي اللقمة في الزور اكده تقول اللي هي عاوزاه اما انا هعمل اللي عاوزو و حدش يقدر يفتح خشمه معاى .

مجدي بحسره
- حقك ياعم تتكلم بالثقه دي ! اومال انا اعمل اييه !
- خف قر ورحمة ابوك الليله مش ناقصه نبر .
تنحنح سليم بصوت قوي
- طب يارجاله فوتكم بعافيه هركب فوق انا انام عشان جبت اخري .
محمد ممازحا
- ياعم حقك عريس بقي واكده الله يقويك يااهواري كلنا لها .
رمقه بنظره ساخره وهو متأهب للمغادره مردفا
- مالكش دعوة بي سيبنى في حالى وركز في حالك انت .. اكمنى ماعقلقش غير من اللي عيتكلموا كتير دول ربنا يسترها عليك ياهواري ياصغير .

- اشباح الهواري تفوت في الحديد ياولد امى وابوي .

تركهم سليم وهو يجر في قدميه ذيول الحزن والضيق يشعر وكأن جبلين انطبقوا علي قلبه فتنهد بصوت عال وهو يتجه نحو غرفته مرددا
- يا وجع القلب يارب ..!
وصل سليم غرفته ليتجولها بتثاقل ويرفع ستائر الغرفه المنسدله فوق نوافذها فالتفت الي هاتفه المُلقي جنبًا ليلتقطه بلهفه مردده
- تلاقي وجد ناصبه صوان اكبر من صوان ابوها ..
وضع هاتفه في وصلة الشاحن الكهربي وتركته ذاهبا للمرحاض ليزيل فتات الهم من فوق جسده تاركا للمياه مهمة اذابتها ..

" في قصر العتامنه "
تجوب (وجد) غرفتها ذهابا وايابا بقلق بلغ ذروته مما جعل حبال الضيق تلتف حول عنقها اوشكت علي الاختناق .. تتارجح فوق رمال الهم حتى اوشك علي ابتلاعها في اغواره .. دخلت (ورد) متسلله ببطئ وهى تغلق الباب خلفها بحرص شديد مردفه
- وجد.. ادهم والبيت كله نام .. ها ناويه علي ايه .

بدون تفكير انحت وجد لتلتقط شالها مردفة بنبره امره لاختها
- حطى حاجه علي راسك وتعالى معاي يلا .
رمقتها اختها بعيون تتراقص علي اوتار الذهول والصدمه
- ليلتك السوده ياوجد .. هتروحى علي فين في نص الليل اكده !
زفر وجد بضيق وهى توشك علي المغارده
- بقولك اي هتيجي مسمعش صوتك ياما تقعدي مطرحك احسن .
تنهدت اختها باستسلام وهى تركض خلفها بحرص هامسه لها
- يااااوجد .. فهميني طيب .
دارت وجد راسها نحو اختها بعيون متسعه لتضع سبابتها فوق شفتيها المزمومتين
- اشششششششششششش .. اكتمى .

استسلمت ورد لاوامر اختها مجهول المغزى واكتفت باتباعها .. وصلا الاثنين الي المطبخ ففتحت وجد الباب الخاص بالخدم بحرص مما زاد من رعب وقلق اختها التى تقفد بجسد مرتجف مهزوز تستدير يمينا ويسارا بفزع وتراقب اختها باندهاش .. فتحت وجد الباب وتراجعت لتمسك بكف اختها وتسحبها خلفها بهدوء مردده
- اجمدي اكده .. تعالي معاي علي الجنينه الغربيه .

وصلا الاثنين الي سور الحديقه الذي كان يتسلل سليم من خلالها .. جثت وجد علي احد ركبتيها لتفتح الباب الصغير المختفي خلف (القش) وازاحته بعيدا ثم استدارت الي اختها لتشير لها
- تعالي ياورد يلااااه ..
سلمت ورد امرها الي الله متبعه خطى اختها مردفه
- يلا هى موته ولا اكتر !
خرجا الاختان خارج اسوار العتامنه فالتفت وجد يمينا ويسارا مردده
- هو فين راح !
ورد بخوف: هو مين !
فزعت وجد عندما رأت اشعة النور التى تقترب منها وبعد برهه تنهدت بارتياح عندما صفت السياره امامها فاردفت بنتهدة قويه
- حرام عليك ياعم سيد وقعت قلبي .
اردف السائق بحرص
- طب يلا يابتى اركبي قبل ما حد يشوفنى ..
دخلت ورد وتابتعها اختها بسرعه ثم قفلت الباب خلفها مردده
- عند قصر الهواره ياعم سيد .
نظر سيد بالمراه مرددا بخوف
- اوامرك ياست الستات .

 

" في قصر الهواري "

- دي كانت ليله ولا الف ليله وليله .. انا حاسه قلبي بيرفرف كده ليه ياجدعان ! انا مش مصدقه اخر ليله دى هنامها لوحدي وبعد كده كل اللي جاى من عمري في حضن محمد وبس .
قالت يسر جملتها وهى تجوب غرفتها كمن فقد عقله من نشوة الحب .. ظلت تتنقل هنا وهناك كالفراشه التى تنعم بكل قيود الحريه لتقف امام المراه وتنظر لاخواتها بعيون متراقصه لتقول
- انتوا شايلين ليه طاجن ستكم كده فوق دماغكم !
ماجده بحزن
- كفايه انت ياختى مبسوطه بمحمد ومحمد مبسوطه بيكى !
رمقتها بعيون ضيقه لتردف بصوت ضاحك
- احنا هنقر علي بعض من اولها .. تؤتؤتؤ اكسكوزمي كل واحده تخليها في جوزها .. دا حب العمر وكل العمر ويلا كل واحده فيكم علي اوضتها كده وسبونى مع احلامى.

رفعت صفوة عينيها بعيدا عن شاشه هاتفها لترمقها باستنكار
- انت هتاخدى حتة خازوق انما ايه .. اصبري بس وعلي فكره هقول لامك علي كل دا واتخيلي بقي لوعرفت انك مش هتسمعى كلامها شوفى هتعمل فيكى ايه .
تبدلت ملامحها سريعا وهى تقترب منها ببطء وعيون اوشك علي البكاء
- صافى انت بتهزري صح ! اكيد مش هتعملى كده ؟
- اوووف بقي انت حره .. اشربي من البحر .. سلام .
تركتهم صفوة مغادرة وهى تتوعد لمجدى على ان تجعل نهاره اشواك وليله زجاج يسير عليمها حافيا .. تسير بثبات نحو غرفتها لتتوقف فجاه علي صوت مجدى الاتى من اسفل مردفا باستفزاز بلهجة صعيديه
- ننام بدري ياعروسه عندنا ليله طويله بكرة عاد .
وقفت لبرهه محاولة تهدئه اعصابها ثم التفت اليه بثغر متبسم بخبث
- الغباء ان الواحد يستنى بفرحه مجية جلاده يابيشمهندس .
عقد مجدي ساعديه امام صدره ونظر إليه لاعلي بعيون لامعه ثم اردف قائلا
- الغباء الحقيقي انى مستناش جلاد بالحلاوة والطعامه دى كلها .. ابقي وش فقر .
ثم غمز لها بطرف عينه بخبث
- happy dreams my angel .
زفرت بنفاذ صبر وهى تتحرك صوب غرفتها ونيران الاغتياظ تشتعل بداخلها .. دلفت صفوة غرفتها ثم دفعت الباب بكل قوتها لتتجه صوب المراه وهى تتحدث بجنون
- اي البرود اللي هو في دا اتعامل معاه ازاي يااربى .. انا كان لازم اخش بيطري عشان اعرف اتعامل مع الاشكال دى .. اااااااووووف اهدي اهدي ياصفوة انت ادها وسي مجدي دا هيعد النجوم في عز الضهر وهيشووف .
ثم مدت بصرها لمكتبها الملئ بالمواد الكميائيه والحقنه المنثوره فوق سطحه قائله بتوعد
- هو اللي اختار انا حذرته .. يشرب بقي .

"انتِ اتهوستي ياوجد ! طاب طاب خليكى مُطرحك وانا جاي اجفلي يلا "
قال سليم جملته وهو يخرج دخان غضب من جسده .. اسرع لارتداء ثيابه ليري ما الامر الذي اجبرها ان يسوقها الي هنا .

"بصى يايسر انتى اتجننتى خالص وانا مافيش عقل ولا دماغ لجنانك دا .. انا مرعوبه ومش عارفه هعمل ايه بكرة لما يتقفل علينا باب واحد "
قالت ماجده جملته بنبره مهزوزه خائفه فرددت عليها اختها بشغف
- ولا اي حاجه ياروحى تقومى توريني عرض كتفاك دا وتاخدى اختك في ايدك وتسبونى اجهز نفسي لجوزى حبيبي وقرة عيني بكره ..
وثبت نورا قائمه وهى تضحك ابتسامه ساخرة
- انا مشيت اهو ياختى .. ليلتك فل سلام .
التفت ماجده الي اختها باهتمام مردفه بصوت منخفض
- يسر قوليلي انت هتجهزى هتعملى اي يعني عشان اروح اعمل زيك .

رمقتها يسر طويلا باندهاش ثم اردفت قائله بسخريه وعدم تصديق
- انتِ بتهزري صح !
ارتبك جسد ماجده ثم غمغمت قائلا
- منا عاوزه افهم بردو .
تأرجحت عيون يسر بحيره ثم اردفت باستعجال
- حاجات البنات دي ياماجى افهمى بقي .. ولا اقولك هاتى ودنك اقولك .
بعد برهه شهقت ماجده بصوت عال وهى تضع اناملها فوق فمها بصدمه وترمقها بعيون متسعه .. تفتنتها عيون يسر بفضول واستنكار
- ايه مالك تنحتى ليه هو انا قولت حاجه غلط .. دا كل اللي قولته مسك ومية ورد !
زفر ماجده بضيق قائله
- لا ياعم يفتح الله .. روحى شوفى هتعملى اي وانا اروح انام احسن ..

ضرب يسر كف فوق الاخر باعجاب
- هى البت دي اتجننت !
فتحت ماجده باب الغرفه وفجاة سقطت عينيها علي طيف سليم الذي قفل باب القصر خلفه بهدوء .. لا تعلم لماذا انتابها الفضول ان تتبع خطاه لاول مره كأن قلب المحب عندما يستشعر بوجود من يخطف حبيبه فيرسل سيال من الفضول يُخيم على كيان المراه , تسللت خلفه بحذر شديد .. استمرت بالسير خلفه في بهو القصر الطويل لتختبئ خلف الاشجار خشيه من ان يري طيفها .. اتجه سليم يسارا نحو اسطبل الاحصنه ليخرج من بابه الخلف دون ان احد يراه .. استمرت ماجده في متابعته بدون ما يستحس وجودها .

خرج سليم خارج القصر ليسير اقصي جانب القصر فوجدها تقف امام مؤخرة سيارتها الجيب وهى تعقد ساعديها تنتظره علي باركين قلبها التى تتوق بداخلها .. رمقته بنظره حاده مردفه
- اهلا اهلا ياعريس .
اقترب سليم منها بسخريه
- اهلا بيكِ .. اقدر اعرف سبب تشريفك في نص الليل اكده .
رفعت حاجبها ساخره وهى تقترب نحوه خطوة قائلا
- جايه اباركلك ياا ياعريس ..
مط سليم شفته لاسفل وهو يرمقها باسهم الغضب مردفا بنفس النبره الساخره
- الله يبارك فيكِ يابت الاُصول .. اصيل من يومك ياوجد .
طافت عينيها يمينا ويسارا محاولة اخفاء دموع عينيها فخطف نفسا سريعا ثم اردفت
- شكلك كان حلو قوى وانت وعترقص .. شكلك كنت فرحان .
دنى منها سليم اكثر محاولا تمالك غضبه
- خصلتى الكلام اللي جايبك في نصاص الليل دا ياوجد .
بللت ريقها بصعوبه فهربت دمعه حاره من عينيها عنوه عنها لتقول
- كمان مكنتش عاوز تشوفنى !

ارسل سليم نظره خاطفه علي اختها الجالسه خلف الزجاج التى استدارت كليا لتتبع حديثهم , فقبض سليم علي معصم وجد وسحبها بعيدا عن السياره مردفه بحده
- انت اتهوستى ياوجد ! دريانه بروحك انت !
ازاحت ذراعها بعيدا وهى تنفجر عينيها باكيه مردفه
- بعد يدك عنى ياسليم .. عملت فيّ اكده لييييه .. طالما ناوى تبيع بسهولة كنت جيت وظهرت في حياتى ليه .. طالما فرحان وعترقص وعايش دور العريس قوى اكده كنت جيت بكيت ليه في حضنى الصبح ! كل دا كدب حبك لوجد كان كدب .

قبض علي كفها بكل قوته بانفعال
- اسكتى انت واعيه عتقولى ايه ؟
انفجرت به صارخه
- وانت واعى عملت ايه !
اجابه سريعا
- عملت ايه !
القت علي اذانه ضحكه ساخره
- عديت علي رقبتى بسكينة تلمه من غير ما جفن الرحمه يغمضلك .

جذبها بقربه بكل قوته مردفا بصوت عال
- وانت واقفه بتدبحينى بنفس السكينة ياوجد .. انت عارفه زين ان كل دا غصب عننا .. وانا كنت هعرف منين عمى هيقتل ابوكى ويهرب وتقوم حريقه بين العيلتين .. اعرف مين جدي هيأمر بكل دا وانى اتجبر علي جوازى من واحده ماعطيقهاش .. ردى علي وقوليلى اعرف منين !
بتلقائيه سحب كفه لتضعه فوق قلبها قائلا
- حس اكده .. حاسس المجزره والخراب اللي جوه .. انا بموت ياسليم كل ماافتكر ان بكره هيتقفل عليك باب واحد مع واحده غيري وهى اللي هتبقي حلالك وانا لا .. عارف احساس طلوع الروح انا عايشاه .. حرام عليك ياسليم انت ولا عارف ولا حااسس بوجعى لييه .

اجابها سريعا بدون تردد
- انا مش عارف غير اخر وعد قولته لابوكى انك مش هتكونى لحد غيري ياوجد فاهمه .
اجابته صارخه بوجهه وشلالات الدمع تنفجر بداخلها
- يبقي تعالى نهربوا دلوق يلا .. نهمل البلد باللي فيها ياسليم .. لو عتحب وجد متعذبنيش اكتر من اكده انا ممكن اموت فيها .
قرب راسها من صدره ليضع قبله خفيفه فوق بحنان قائلا
- هتتعدل .. هتتعدل ياوجد .
حاوطته وجد بذراعيها الاثنين لتفرغ به كل شحنات الوجع بداخلها وتنفجر باكيه .. ربت سليم على ظهرها برفق قائلا بمزاح
- كبري مخك عاد يامجنونه .. طب والله كنتى وحشانى قوى قوى قوى .. لما عتبينى حبك عتبقي حلوة قوى .
ضربته بقبضه يديها علي ظهره وهى تحضنه اكثر كأن اذانها تشتاق لصوت قرقعة عظامها بين حصار ذراعيه اصبح صدره حجره جسده صغيره لا تسيع سواها .. اغمض سليم عينيه لبره وكاد ان يحرك شفتيه ليتحدث ولكنه فوجئ بماجده تقف امامه بعيون اذبلها البكاء .

احست وجد بارتخاء قبضه يدي سليم عليه وبروده حضنه مما اصابها بالدهشه .. ابتعد عنها ببطء وهو يرمق ماجده بنظرات ساخطه مردفا بحده
- انتِ عتعملى اي هنا ؟!
بلعت ماجده غصة احزانها بمراره مردفه
- انا اللي المفروض انا هى بتعمل ايه هنا مع الشخص اللي هيبقي بكرة جوزى !
استدارت نحوها وجد لتتفتها بغيره نسائيه .. استتطاعت ان تتعرف علي هوايتها من غيرتها واسلوبها في التحدث مع سليم .. تراجعت وجد للخلف تاركه المساحه لسليم كى يتصرف معها .. اقترب منها بخطوات سلحفيه ليقول لها بنبره قويه
- هى حصلت بتراقبينى ياماجده !
سخرت من بروده سؤاله قائله
- وهى حصلت تجيلك في نصاص الليالى ياسليم وتحضنك عيني عينك كده !
نحنح سليم بخفوت مردفا بحزم
- وجد روحى امشي انت ..
ارتفع صوت ماجده مردفه
- تمشي فين دانا هلم عليها امة لا اله الا الله دلوقتي ..
جز سليم علي اسنانه مردفا
- اقصري الشر ياماجده ..

ازاحته ماجده من امامها لتقترب من وجد التى تتفتنها بحقد
- انت بقي بت العتامنه ! انا اسمع انهم واعرين فاجرين لكن حوار انهم مسيبين بناتهم زي كلاب السكك كده عشان يشمشموا ورا جوزى دي جديده ..
شرعت وجد ان تتحدث ولكن قطعها هتاف سليم الاجش القوى الذي تسبب في نزول ورد من السياره راكضة نحوهم مردفا
- مااااااااااااااااااااااااااااااااجده .
صرخت ماجده بقوة
- وليك عين تتكلم وتدافع عنها !
ركضت ورد صوب اختها وهى تشيع ماجده بنظرات غريبه مردفة
- وجد يلا بينا .. يلا .
مسك ماجده كف وجد بقوى مردفة بهدوء
- مخلصتش كلامى ...

شعرت وجد لوهله بالضعف امامها فالتزمت صمتها محاوله استيعاب سُم كلماتها فاردفت وجد بسخريه
- انت بت اللي قتل ابوى !

قبض سليم علي ذراع ماجده بقوة لينهى الحرب الذي اوشكت علي الاندلاع قائلا
- امشي قدامى ..
تجاهلت قبضته الحديديه محاولة اخفاء تأوهاتها لتقول بقهره وهى تلتقط انفاسها بصعوبه
- عاوزاكى تسمعيني زين وهكلمك بلغه الفلاحين عشان تفهمى عارفه ان فهمك علي قده .. ايوه انا بت الل قتل ابوكى ومعنديش مانع اقتلك انتِ لو فكرتى تقربي من جوزى مااحنا قتالين قُتله بقي !.. سليم بكرة قدام ربنا العالم كله هيبقي جوزى يعنى هيقضي الليله كلها في حضنى _ذراعها ظل يقاوم قبضة سليم القويه فاكملت_ يعني لو مشيت وراه بلاد حقى مش زيك .. انا حبيت ويمكن انت حبيتى بس انا اللي انتصرت وهنتصر في الاخر ياوجد وكون ان سليم يكون ليك اعرفى انى وقتها هكون ميته .. عشان انا حبى انانى يا يكون ليا يامكونش من غيره .. اما انت ياحرام روحى شوفى حد يلمك من حضن جوزى .

ذرفت دمعه من طرف عينى وجد بمراره فجذب سليم ماجده بكل قوته ليصفعها علي وجنتها قائلا
- انت اتهوستى شكلك !
صرخت ماجده بصوت عال قائلا
- عشان عاوزاك ليا وبس اتهوست ..!
لاحظ سليم ركض غفر قصرهم نحوهم بسرعه ثم اردف قائلا بخوف
- ورد خدى اختك وامشي يلاااا الغفر جاااييييييييين وشكلها ليله طين
غمر الرذاذ اطراف قلبها انتعاشا يقال انه اقتحمه قاف اقتحمت كل حروفه فلم يبق منه الا " ع ش " عش احتواها فاقامت اخره ليبقي عشقًا اسرها مع صدى صوت كلماته التى حرقتها من الداخل.

صرخت ماجده بصوت عال قائلة
- عشان عاوزاك ليا وبس اتهوست ..!
لاحظ سليم ركض غفر قصرهم نحوهم بسرعه ثم اردف قائلا بخوف
- ورد خدى اختك وامشي يلاااا الغفر جاااييييييييين وشكلها ليله طين .
التفت ورد نحو اختها راجيه
- يلا ياوجد .. يلا ..

كلمات ماجده نجحت ان تعتصر قلبها ثم تمزقه اشلاء متناثره، عجز لسانها عن النطق ففي محكمه الحب النصره للاقوى والاجدار وهى تقف علي ارض طينيه بجسد متراقص فوق اوتار حب اوشك علي الانتهاء، فسارت وجد مع اختها باستسلام وهى ترمق سليم بنظرات يائسه كأنها اردت ان تودعه للمرة الاخيره، تشحن روحها بالنظر إليه كى يكون لديها مخزون كافى للعيش، دلفت داخل سيارتها وخلفها اختها قائله بخوف
- اطلع بسرعه يا عم سيد يلاا

التفت سليم صوب الحرس اللذين اقتربوا منه فردد احدهما
- حوصل حاجه ياسَليم بيه !
زفر سليم بضيق قائلا
- لا مافيش .. هاخد بت عمى وداخلين .. فتحوا عنيكم زين !

قبض سليم علي كف ماجده وسحبها خلفه بقسوه وخطواته الواسعه التى تلاحقها بالركض متأوهه من قبضته عليها .. راقبهم احدى الغفر حتى ابتعدوا عن انظارهم فالتفت الي رفيقه قائلا
- العربيه اللي عدتت دى تبع العتامنه .. تفتكر ايه اللي جايبهم اهنه وسَليم بيه ماله مش علي بعضه !

اردف الاخر قائلا وهو يعلق سلاحه بكتفه
- ماخابرش ! بس لازمًا راجح بيه يعرف اللى حُصل ..

 

" اقسم بالله ياماجده لو مابطلتيش لعب عيال وعقلتى اكده لهتصرف معاكى بطريقه متعجبكيش "
اردف سليم جملته بصوت مخنفض بنبرة تهديديه وهو يدفعها داخل غرفتها بقوة حتى ارتطم جسدها بالارض تلهث من كثرة بكاؤها مردفه بحزن يقرضها
- وانت من ميتة اتصرفت معاى تصرف عجبنى .. !

التقط سليم انفاسه بصعوبه بالغه محاولا تهدئه روعه ولكن كلماتها كانت لهيبًا مشتعلا يلتهمه بدون رحمه، اكملت ماجده قائله بتحدٍ وهى تقف امامه مستجمعه كل قواها
- عارف ياسليم الواحده لما تحب بتضلل علي حبيبها برموش عيونها .. ولما واحده غيرها تفكر تاخده منها مش بعيد تخزق عيونها وتقتله جواهم، انا عارفه انت بتفكر في اي دلوقت تلاقيك بتقول دى لو عندها ذرة كرامه كانت بعدت ووقفت قدام الكل عشان متجوزهاش .. انا عندى كرامه بس عندى جبال حب وحبى انانى قوى مش عارف يكون غير ليك .. بس لا اللي بتفكر فيه دا مش هيحصل ابدا .. اللي هعمله عمرك ما هتتخيله ياسليم بس ورحمة ابوك ماهتتجوز ولا تحب غيري،، اسمحلى بقي احارب بجيوش حبى ضد جيوش حبك لوجد وشوف مين فينا هينتصر يا ابن عمى ..

ظل سليم يتأملها طويلا بحيره وسخط فاردف قائلا بفظاظه
- يمكن جيوش حبك مسلحه زين بس واقفه فوق سطح الميه من غير مركب تحميها .. وعارفه المركب دى ايه ! هى الحب المتبادل بين طرفين .. بلاش ياماجدة تصطادى في الميه العكرة وتقولى ملقتش سمك .. خلى الايام دى تعدى علي خير لحد ما كلنا نرسي علي شط الامان .. تصبحى علي خير يابت عمى .

ثم تركها في قاع نيرانها تحترق تعض علي اناملها بغل وهى تنتوى ان قلبه لن يخضع الا لها في النهايه، دلف سليم غرفته التى تقع اخر الطابق متأففا بداخله افكار تلتهمه بقوه، القى جسده في منتصف مخدعه محاولا الاتصال ب ( وجد ) مرارا وتكرارا ولكن بدون جدوى حتى فقد زمام سيطرته علي جيوش غضبه فألقي هاتفه بعيدا مرتطما بجدار الغرفه ليهبط علي الارض اجزاء مُبعثره ..

تجلس وجد في السيارة ودموع القهر تسيل على وجنتيها حتى حفرت وديانا تجري من خلالها، ندبت حظها لانها احبت شخصا لم يكن لها في نهاية المطاف، فابشع ما يواجه المراة حبٌ يموت قبل ان يحتضر صاحبه ليروي الروح ولو لليله ! ..

احتضنت ورد اختها بحنان مردفه
- خلاص عاد ياوجد .. بصراحه انتِ اللي غلطتى عشان روحتى لعنده .. كنتى سبتيه يتصرف كده زودتى الطين بله .
جففت وجد دموعها بطرف كمها وهى تلتقط انفاس متقطعه مردفه
- خلاص خلصت ياورد .. كده عرفت نهايتى مع سليم، انا بس كنت حابه اشكره قبل ما مشي على كل لحظه حب قضيتها معاه لانها مش هتتكرر مع حد تانى غيره .

قضبت ورد حاجبيها باستغراب
- انتى شكلك اتهوستى ! مين عطاكى الحق تحكمى على علاقه لسه مااكملتش ..

ضحكت وجد ساخرة وهى تجفف بحر الدموع الذي انسكب من عينيها مرة اخري
- لا كملت وكل واحد عرف مصيره خلاص، سليم لماجده .. ووجد لادهم واخر كلام عندى قولته ..

ثم اعتلت باحثه عن شيء ما حتى امسكت بهاتف اختها
- وخدى كمان محمولك انا مش هكلم حد تانى .. ولو سليم اتصل ردى قوليلوا الكلمات دول .

رمقتها اختها بعيون حزينه فربتت علي كتفها برفق
- طب خلاص اهدى .. اهدى لحد ماربك يحلها من عنده .

 

" في قصر الهواري "

تقف ماجده امام المراة وهى تصفف شعرها المنسدل خلف ظهرها بعشوائيه كمن فقد عقله للتو، تلتقط انفاس توعديه وهى تراقب تغير ملامحها وتمسح دموعها المنهمره بدون وعى فاردفت متوعده
- ماشي ياسليم هتشوف مين فينا هيغلب ..

يجوب عماد غرفته ذهابا وايابا بحيره وحزن يقلب في ذكريات زوجته التى اشتاق اليها كثيرا حتى الباب اشتاق لدخولها منه لتحضنه بدفء، اشتاق للضحك واللعب معها، للناقش ورأيها الصائب دوما الذي لم يتبعه اطلاقا، كان يود ان يتوقف الزمان لساعه واحده ويعود به اليها ليستشيرها في مصيبته التى لا مفر منها، فهو يقف عاجزا في المنتصف المميت بين ان يكون معها او يكون مع غيرها .. قفل عماد دفتر ذكرياته قائلا بحزن
- ااااه لو الزمان يعود عشان املى روحى منك بطاقه تخلينى اقدر اكمل الطريق دا لوحدى .. فينك يا نيره !

 

" في قصر العتامنه "

نجحت وجد واختها ان يعودوا الي البيت بدون ما يكشف احد امرهم،الي ان تسللوا ببطء فوق درجات السلم المؤدى لغرفهم في ظلام يعتم الرؤيه امامهم، هتفت ورد هامسه وهى تنير كشاف هاتفها
- خلى بالك ياوجد !
وفجاة انارت جميع انوار الطابق العلوي مما جعلهم يشهقون بصوت مرتفع وجسد مرتجف، بللت ورد حلقها الجاف وهى تمسك بكف اختها
- روحنا في داهية ياوجد ..

التقطت وجد نفسا طويلا محاوله اخفاء خوفها منتظرة مصيرها وعلى الفور اردف ادهم بفظاظه وهو يتجه نحوهم
- والله عال .. نورتوا ياهوانم ! ما بدري !
تارجحت عيون وجد واختها يمينا ويسارا والعرق يتصبب من مسامهم هلعا فكيف الفرار من هذا المأزق، اكمل ادهم بسخريه
- اقدر اعرف بنات عمى المحترمين ولاد الحسب والنسب راجعين منين الساعه ٣ الفجر .
رفعت وجد عينيها بتحدٍ مردفه
- وانت مالك !
ضغطت ورد علي كفها متوسله
- احب على يدك مرقي الليلة دى ياوجد .
هبط ادهم درجه واحد من فوق السلم قائلا
- مالى كيف ! دا حتى ربنا عرفوه بالعقل .. واعيه انت لحديتك .
صعدت وجد درجة سلم واحده بعناد

- عاوز تعرف اي يا أدهم !
- من حقى اعرف بت عمى كانت فين في نص الليل اكده !
استجمعت وجد شتات قواها مردفه
- ابقى اتصل بعم سيد شوفه وصلنى فين وهو هيقولك، وبعد ما يقولك ابقي حود علي المستشفي واتاكد انى كنت في اوضة العلميات من ١٢ ونص لساعه ٢ وخدت ورد معاي عشان ماعودش لوحدى .. عرفت كنت فين ياولد عمى ؟!

رمقها بنظرات عدم تصديق مردفا
- وماقولتيش ليه كنت جيت معاكِ !
عقدت ساعديها امام صدرها قائله بهدوء وبنيرة ساخره
- المرة الجايه هابقي اسيب العيان يموت في اوضة العلميات واجى استئذنك .
التو ثغر ادهم ساخرا
- ماشي يا ست الضكتوره .. عطلناكى ربنا يخليكى لعيانينك ..

رمقته من اعلي لاسفل عدة مرات متتاليه ثم استدارت راسها صوب اختها قائله
- يلا ياورد روحى نامى عندك دروس كتير بكرة كفاياكى ضياع وقت امتحاناتك قربت ..
ركضت ورد نحوها بجسد مرتجف وهى ترمق ادهم بنظرات متأرجحه مردفه بتردد
- تصبح على خير ياولد عمى .
- وانت من اهله يابت الغالى .
اردف ادهم جملته وهو ينحدر يسارا مستندا علي سور السلم الحديدي ويراقبهم بنظرات توعديه، تحركت وجد بصحبة اختها نحو غرفهم متنهدين بارتياح كمن نجا من مصرعه للتو .

" صباح اليوم التالى "

《تائهه انا ابحث عنك بقلب امٍ فقدت صغيرها منذ اعوام ولم تجد للوصول اليه سبيلا .. 》

استيقظت وجد من نومها المتقطع اخيرا وهى تجوب بانظارها في ارجاء الغرفه باحثه عن ضالتها بقلبٍ منهلع اوشك علي الانخلاع، ذكريات امس كوشم قُبع في ذاكرتها حاولت بقدر الاماكن ان تُذيبهما بملوحه دموعها ولكن دون جدوى .. استجمعت شتاتها بصعوبة بالغه وهى تنهض من مرقدها مردده بحسرة وندم
- كنت كل يوم انام احلم باليوم اللي هصحي فيه الاقيك قدامى، حبيتك وحبيتنى بس الدنيا محبتناش سوا يا ولد الهواري ..

اقتربت من مكتبها لتبحث عن شيء بين طيات دفاترها فالتقطت ورقه متوسطه الحجم مثنيه ووضعت الدفتر فوق المكتب وفتحت الورقه لتقرأها بتمهل وهى تقترب من شرفتها المُطله علي الاراضي الزراعيه التى تحاوط قصرهم .. فذرفت منها دمعه حاره رغم عنها بمجرد قراءتها اول سطر

" باسم ولد الهواري العاشق لاحلى بنت العتامنه مطلعة حبابي عينيه،، النهارده مشيت وراكى من اول ماخرجتى من باب بيتكم لحد ماوصلتى الجامعه، كنت حاسس بخوفك وانت لسه رايحه للعالم اللي متعرفيش فيه حد غير نضارتك اللي واكله نص وشك وكتبك، كان نفسي وقتها اجى احضنك واطمنك وامسكك من يدك واخدك وسط الجامعه كلها وانادى بأعلى حس واعرف الخلق كلهم انك من حقى وبس .. كنت مكتفى اراقبك من بعيد لبعيد عشان اشحن عينى وقلبى منك لاجل اقدر اعيش واكمل باقى اليوم، لبسك كان حلو قوى خطفتى بيه قلبي مشكلتك عارفه ايه اللي عيعجب سليم وعتلبسيه، ولاول مرة تسمعى الكلام وتلمى شعرك من عيون الخلق، انا عكتبلك كل دا وانا واقف مستنيكى قصاد باب الجامعه لاجل ماتخلصي محاضراتك قولت اتونس بطيفك هبابه، وحشتينى قوى ياوجد .. كل ماعينك تقع علي عتتكهربني فبتأكد ان ماس حبى لدغك في قلبك، انا بكرة هستناكى تانى .. وهستنى ورقه منك في نفس المكان اللى اتعودى تاخدى منه كل رسايلى .. ااه نسيت اقولك ان سليم الهواري مش عاوز حاجه من الدنيا غيرك .. بحبك ياوجدانة روحى "

اعتصرت الورقه بين اصابع بدموع متساقطه من عينيها قائله
- ووجد بتحبك قوى ياسليم ... يااارب حوش حبه من قلبي لو ماليش نصيب فيه يارب .

ثم اتجهت نحو خزانه ملابسها ودخلت المرحاض الخاص بغرفتها وهى تمسك بملابسها بتكاسل كى تترك للماء مهمة محو اثار جروحها الداخليه الداميه ...

 

" في قصر الهواري "

- كام جوز حمام دول يابت !
اردفت عفاف جملتها بحماس وهى تتفقد الاناءات المتسعه التى بداخلها الطيور المذبوحه .. اردفت احدى الخادمات
- دول مية جوز حمام ياام عماد .. ولسه هيجيبوا خمسيين كمان ..
قضبت عفاف حاجبيها بتفكير مردده
- لا قليلين يجيبوا ميه تانى .. دا يادوب ايه الناس هتبص يعنى .. وكمان روحى شوفي عشر تجواز رومى .. عشرين قليلين ..

- وه وه وه ياست عفاف .. انت ناويه توكلى اهل البلد كلها اياك .

- اسمعى الكلام من غير مناهده يامزغونه .. يلا شهلى .. وشوفى الطباخين وصلو ولا لا ..

رمقتها الخادمه بنظرات تعجب مردده في سرها
- والنعمه احنا سبب الازمه الاقتصادية في ام البلدى !

استيقظت ثريا وبناتها الاتى شرعن في تجهيزات الفرح الا صفوة التى تجلس علي مكتبها تستكمل مسيرة ابحاثها .. خرجت عفاف من المطبخ فوجدت ثريا امامها ثم اردفت بضيق
- ماتقومى تشوفى عشا بناتك وتقفي على راس الطباخين واقضى مصلحه اكده بلا قعدتك اللي لا تقدم ولا تاخر ..

اتكأت ثريا بفظاظه مردفه
- وانا علي اخر الزمن هاخد اوامرى منك اياك ياثريا !
زفرت ثريا بحقنه قائله
- هو انتى ماتعرفيش تقصري الشر واصل !
وثبت ثريا قائمه بهيئتها الموقره مردده
- بصي ياعفاف عشان نكون علي نور يابت عمى من اولها .. الجوازه دى انا مش راضيه عنها يعنى مش هقدر ارضي طموحك واعمل فيها ام العروسه ! فرحانه بعيالك قوى اكده اطبخى وزغردى وارقصي كمان .. لكن انا مالكيش دعوة بي .. واوعدك ان حقى اللي مخدتهوش منك بناتى بنات ناصر الهواري هيطلعوه علي عيالك لحد ما اشوفك متحسره عليهم واحد واحد ..

رمقتها عفاف بسخريه مردفه بابتسامه خفيفه
- وهى الواحده عاوزه اي غير راجل يضلل عليها ! وولاد عادل الهواري سباع ويأكلوها نيه، فتفتكري بناتك لما يحسوا بالحب والامان هيغدروا ! هما اه هيغدروا بس بيك انتِ .. اعقلى واقصري الشر بناتك عارفين مصلحتهم زين ..._ثم ابتعدت عنها وهى تهلل بالزغاريد وتقترب من محمد ابنها_ لولولولولىىىىىىىىىى يامحمد ياضكتور ايه الحلاوة دى ياقلب امك !
فرد محمد كتفيه بثقه وهو يدلف من اسفل
- ياصباح الورد علي احلى ام في الكوكب الحزين ده ..
اقتربت منه عفاف لتحتضنه كى تشعل نيران الحقد بقلب ثريا اكثر
- حلاوتك وانت عريس ياضكتور احلى عريس لاحلى عروسه والله ..
رمق محمد ثريا بنظرة معانده مردفا
- ادعيلنا ياما ادعى كاتيير حق في ناس كتير عاوزه تحشر مناخيرها في الجوازه دى .. مع انى رايد بت عمى وبت عمى ريدانى مش عارف مالهم عاد ..
ربتت عفاف علي كتفه بحنان قائله
- ياولدى الليله هتبقي مرتك واللي مش عاجبك يشرب من الترعه .. ولا ايه رايك ياثريا !
تأفف ثريا في ذعر وهى ترمقهم بنظرات مشتعله بنيران الغل فابتسم محمد قائلا بعناد
- صباح الخير عليكِ ياحماتى ..
زفرت بضيق ثم تركتهم وغادرت دون اي جواب، التفت محمد الي امه قائلا باستغراب
- حاجتين هموت وافهمهم عشان ارتاح سر مثلث برمودا وسر ثريا مراة عمى ..
ضحكت عفاف بصوت عالي قائله
- سيبك منها هى كده هتفضل تاكل في روحها لاجل ما تبقي رماد .. افرح انت واتبسط عاد الليله ليلتك .
قبل محمد رأسها بحب
- طب يمين تلاته انت اجدع ام في الدنيا .

 

نهض سيلم من مخدعه متكاسلا يشعر بصداع يرج قلبه حتى اوشك على انخلاعه، القي نظرة علي هاتفته المُلقى ارضا ثم تجاهله متجها نحو المرحاض ليذيب جبال الهم من فوق صدره .. اغلق بابه بقوة وهو ينزع المتبقي من ثيابه بعنوة شديده فاقترب من الصنبور ليبدا في تنفيذ مهمته وفجاة طيف ذكراها اقتحم ذهنه فاغمض عينه مستسلما له .

#فلاش باك ..

" انتِ مين ياشاطرة !"
اردف سليم جملته وهو غائصا في بحور عشقها ثم استدارت اليه الطفله صاحبة الخامسة عشر عاما مردفه بسخريه .
- انت جاي بيتنا عشان تسالنى انا مين ؟! انت حمار يابنى ؟
التوت شفته جنبا بسخريه قائلا
- اي اللماضه دى يابت وانتِ زي القمر كده .. انا سليم وانت مين !
رمقته بعيون ضائقه استشعر كأنها تسحبه بداخلها بسلاسه وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها مردده بمكر
- قولتلى بقي الحلو اسمه ايه !
دنى سليم منها بهيام قائلا بصوت منخفض
- اسمى سليم .. وسمسم وسوولم وشوف الجميل لو يحب ينادينى بأي حاجه تانيه انا مش همانع .
ابتسمت بخبث قائله
- ااه .. انت كنت بتاخد درس عند مستر سالم جوه .

- احم مستر سالم ! وانت تعرفيه دانا بقيت بحب مستر سالم وحصة مستر سالم واي حاجه فيها مستر سالم .. والحلو بقي مين ؟!

اتسعت ابتسامتها الخبيثه مرده
- انا بنت مستر سالم ..
تبدلت ملامحه بالقلق ويبدو عليه معالم الارتباك
-هاا احم احم !.. هو انا مش بقول اي حاجه فيها مستر سالم تتحب .. طب عنئذنك انا يادوب الحق اخوكى اصلو ثانويه عامة ومطحون ..

هم سليم بالتحرك من امامها هاربا من مصيره المنتظر ولكن اوقفته كلمات وجد الصارمه بشماته
- اااه وانا هقول لمستر سالم مايدخلش الاشكال دى تانى القصر عندنا، اتلم الاول وبطل معاكسات وبعدين قول انك ثانويه عامه .

توقف سليم لبره مستجمعا كل قواه مردفا بمزاح
- طيب ما انت اللي حلوة جوي عتجبري الواحد انه يعاكسك ..

زفرت بنفاذ صبر مستيره خلفها لتنادي علي والدها
- يا باااااابااا ... ياباباااااا ..

وفي لمح البصر كان سليم اختفى من امامها هاربا من ثرثرتها المزعجه، الى ان استدارت فلم تجده فزفرت بضيق هاتفه
- اووووف هرب الجبان !

اتاها صوت والدها من الخلف
- مالك ياوجد حوصل اي ياحبيبتى ..
شعرت ابنته بقليل من الارتباك قائله
- لا يا بابا مافيش كنت عاوزه اقولك انى حفظت كل الكتب اللي انت عطتهانى وعاوزه كتب غيرهم ..

خرج سليم من خلف الشجرة الكبيره التى اختتبئ بجدارها قائلا باعجاب
- هى البت دى مالها ! وقعت في حبك ولا ايه ياض يا سَليم ! طب والله ما انا سايبك بلماضتك وحلاوتك دى!

#باااااك

هز سليم رأسه تحت الماء كثيرا ليفيق من سطوها المسلح علي قلبه وذاكرته فتنهد بمرارة وهو يضرب الحائط بجواره مردفا بتوعد
- وحق اللي حط حبك في قلبى ما هتكونى لحد غيري !

 

" ودونى علي بيت حبيبي نعيش مع بعض فيها دا بقا لنا مده طوبه طوبه بالحب بنبنيه "
تراقص (يسر ) على اوتار فرحتها حاضنه فستانها الابيض بدلال وانسيابيه كمن ملك مفاتيح ابواب الفرح للتو، رمقتها صفوة التى رفعت عينيها عن الاوراق المبعثرة امامها مردفه بسخريه
- اصبري بس لو ما جيتى تصوتى بكرة وتلعنى في الجواز ابقي قولى صفوة قالت !
رمقتها بنظرة اشمئزاز ثم قالت بلا اهتمام
- مش هاجى اشكيلك هابقي اروح اشكى لاي حد غيرك خليكى ف حالك بس ..

القت صفوة القلم من كفها ثم عقدت ذراعيه مستنده علي سطح المكتب قائله
- تعرفي انا للتو اتوصلت لسبب سذاجتك دى ! انك مش لابسه نضارة ماهو انتى لو لابسه نضارة هتشوفى حقيقة الدنيا باربع عيون ..

- ياستى انا موافقه ابقي عميه .. وطالما معارضة الجواز كده متتجوزيش .. قولى لا وبناقص عروسة يعنى .

ابتسمت صفوة بمكر ثم قالت بهمس
- لا هتجوز عشان اعرف كل واحد غلطه ويفكر الف مرة قبل ما يقف قصاد صفوة الهواري !

- انت بتكلمى نفسك ياصفوة !

فاقت صفوة من شرودها سريعا
- هااا لا معاكى .. حلو الفستان بتاعك يا رورو ياحبيبتى ..

 

" يا ولاد بلدنا يوم الخميس .. هكتب كتابى وابقي عريس "
ظل مجدى يردد جملته بفرحه عارمه وهو يصفف شعره المرفوع عن جبهته بحرفيه ويتراقص امامه مرآته، قفل عماد الكتاب الذي بين راحته نازعا نظارته الطبيه قائلا
- ياخى انت غريب قوى ! مالك ملهوف على الجواز كده اومال لو كنت بتحبها !
وجه ( مجدى ) انظاره نحوه في المرآه بعيون ضيقة وحاجبين منعقدين قائلا
- ومين قال انى ما بحبهاش !
مط عماد شفته لاسفل قائلا بحكمه
- انت طول عمرك عايش مع خالك بين القاهره واسكندريه وصفوه واخواتها طول الوقت عايشين فى القاهرة وملهمش علاقه بحد .. مافيش غير سليم اللى كان يسافر لهم دايما عشان يدى عمك فلوس ارضهم .. وطبيعى محمد بيحب يسر عشان قعد عندهم طول فترة الدراسه، انت بقي طاير من الفرح ليه ! ماتقولش بتحبها ..

اتسعت ابتسامة مجدى وهو يستدير ليقترب منه قائلا بهدوء
- شوف ياخى ممكن كل كلامك يكون صح، بس انا كبرت على كلمة جدك مجدى لصفوة، برغم انى ما بشوفش صفوة دى غير فالمناسبات بس اتعلقت بيها،، وبصراحه اكتر هى من النوع اللي مكيفنى ويملى الدماغ ويسلى الوقت .. دخلتلى من حته التحدى والعند وانا بموت في تحديات البنات اللي ملهاش وجود من الاصل .. فمبسوط انى هبدا معاها حياة كلها مغامرات وساسبنس كده .

رفع عماد حاجبه مرددا بسخريه
- مجنون !

- وخدنا ايه من العقل ! قولى بقي انت ناوى علي ايه؟!

فكر عماد لبرهه ثم اردف قائلا بثبات وثقه
- هتفق معاها ان دا وضع مؤقت لحد ما كل واحد فينا يروح لحاله .. انا مسئول عن حمايتها وهى مسئوله انها ملهاش دعوة بيا خالص وبس .. اظن ان كده احسن .

ابتسم مجدى ابتسامه ماكرة مرددا في ذهنه
- لو ما جابتك علي جدور رقبتك ابقي قول مجدى اخويا ما يفهمش حاجه ! قال حمايه وملهاش دعوة بيا قال عيل صغير انا عياكل بعقله حلاوة !؟ .

 

تقف امام المرآه لترتدى ملابسها التى احضرتها عفاف لها بالامس المكونه من ملابس داخليه خاصه بالنوم وغيرها من مستلزمات العرائس .. نصبت عودها امام المراه وتنغجت بدلال وهى مرتديه القميص القصير وتقف علي اطراف قدميها بميوعه ..

- هو بس سليم يشوفنى لابسه واحد من دول وهيجى لحد رجليا راكع .. يخربيت حلاوتك يابت يا ماجى !

ثم ركضت سريعا نحو مخدعها لتمسك بقميص اخر قصير ذو اللون الاحمر وتتأمله بانبهار
- اش اش اش ! اي الحلاوة دى !

ثم تنهدت بكلل قائله هو تحتضن ما بيدها
- يارب ياسليم تحس بقلبى وماتغلبنيش ..

قطعت شرودها دخول نورا المفاجئ قائله جملتها قبل ماتعلو شهقتها
- ماجدة كلمى امى تحت ... يخربيتك انت ايه اللي لابساه دا ! انت نسيتى كلام امك ؟!

زفرت ماجده بضيق قائله بهمس
- اقفلى الباب الاول وتعالى بس ..

استدارت نورا لتقفل الباب وتقترب منها بشفتين مزمومتين وعيون متسعه فركضت ماجده نحوها بفرحه لتقول مهلله وهى تدور بجسدها وشعرها يتحرك معاها
- اي رايك بقي ! هعجب سليم ؟!
رمقتها نورا باستغراب
- ماجده لازم تفهمى ان اللي بتعمليه دا غلط ! سليم مش بيحبك للفرحه دى !

تبدلت ملامح ماجده قائله بنبره تمثيليه
- ومين قالك انه مش بيحبنى ! انت عارفه دا جيه بالليل لحد عندى واعتذرلى وقالى حقك علي يابت عمى وانا في الاول والاخر ستر وغطى عليك.. يبقي كيف مش بيحبنى !

رمقتها اختها بعدم تصديق قائله
- بقي سليم قال كده !
اكملت ماجده مسرحيتها بحرافيه
- اومال هكدب عليكى ليه ! وانا من ساعتها حاسه قلبي هيتخلع من مطرحه، المهم اسمعى انت كلامى ولازم توصلى حبك لقلب عماد .. انا حاسه بيكى وعارفه انت بتحبيه .. فادلعى واتبسطى ونسيه مراته وهو هيبقي بين ايديكى يقولك شباك لُبيك .

ابتلعت نورا غصة احزانها قائله
- مالكيش دعوة بيا .. كل واحد يخليه في حاله ويلا غيري هدومك دى عشان امك عاوزاكى تحت ..

 

" في المساء "

" عاوزكم تتاكدوا كلكم انى ماظلمتش حد فيكم .. واللي شايف نفسه ضحية يراجع حساباته، انا من حقى الم شمل العيلة دى قبل ما اموت، عاوز اكون مرتاح في تُربتى، واكيد مش هابقي مرتاح لو انتوا هنا في وادى ومراة عمكم خدت بناتها بقيوا في وادى تانى وتعيشوا وتموتوا وماتسمعوش حاجه عن بعض "

جلس الجد فوق مقعده بفظاظه بعدما اردف كلماته على احفاده الصبيان اللذين يقفون بجوار بعضهما فمن يراهم يظن انهم بُنيان مرصوص ليستمعون له بخضوع واستسلام .. فاردف سليم معارضا
- كان في كذا طريقه ياهواري غير الجواز تجمعنا بيها ..
ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه قائلا
- زي ايه ياسليم .. ترموا بنات عمكم في حضن الغريب وتسبوه يتمرمغ في خيركم !

تافف سليم بضيق قائلا
- عارف ان الكلام مافيش منه فايده دلوق، بس محدش يلوم سليم على اللي هيحصل بعد اكده .

لكزه مجدى في ذراعه قائلا بهمس
- اسكت عاد متولعهااش .. خليها تعدى .
رمقه الجد بنظرات ساخطه
- طول ما انا عايش كلمتى هى اللي هتمشي ولما اموت ابقي اعمل اللى عاوزو ياسليم !

سااد الصمت لبرهه فاكمل الهواري كلامه قائلا
- المأذون زمانه وصل، بعد كتب الكتاب كل واحد ياخد مرته ويروح بيها اظن انكم فرحتوا بما فيه الكفايه امبارح ..

التزم كلا من عماد وسليم صمتهم فادرف محمد بجماس قائلا
- طبعا ياهواري هنعيش في العماره اللي ورا القصر !

نصب الجد عوده قائلا بنبره آمرة
- كل واحد شقته متجهزة من كله علي بال ما تتأقلموا اكده وكل واحد ياخد مرته ويشوف هيعيش بيها فين ..

اعتلى صوت زغاريد النساء بالخارج حتى اخترقت الاذان فقال الهواري بشموخ
- يلا ياعرسان المأذون وصل ...

 

" في قصر العتامنه "

تقلب صفحات الكتاب الذي بين يديها بتأفف وضيق حتى نفذ صبرها فقفلته ووضعته بجوارها متكئه علي مقعدها للخلف تتأمل الطيور وهى تختبئ في اغصان الشجر، وفجأه شعرت بغصه تقف في حلقها مع ضيق صدرها ... حاولت ان تلتقط انفاسها بصعوبه وهى تسعل بقوة حتى ذرفت الدموع من عينيها،، مدت يديها فوق الطاوله لترتشف كوب الماء حتى عادت انفاسها تخرج بصورة طبيعيه ثم اردفت بخوف

- ياتري فيك اي ياسليم !
التقطت كتابها ثم قامت متأهبه لمغادرة الجنينه صاعده لغرفتها كى تختبئ من همومها خلف ستار النوم، وصلت (وجد) الى ساحه القصر الواسعه ولكنها التفتت لحركه علي غير المعتاد بالخارج، تحركت صوب اسهم فضولها لتكتشف الامر واقفه خلف النافذه، اذن بعدد كبير من الرجال المسلحين يحتشدون امام باب القصر، اصابها الخوف في مقتل على حبيبها ..

لاحظت خروج ادهم حاملا سلاحه من غرفة مكتبه وخلفه عمه حيدر، فركضت نحوهم بجسد مرتجف قائله بتوتر
- خير يادهم الناس اللى بره دول عيعملوا ايه اهنه ؟!
وضع ادهم سلاحه بداخل جلبابه ثم استدار لينظر لعمه نظرة غريبه ثم قال بثبات
- عمك طلع امر بأن تارنا هيتاخد الليله .. وفرح الهواره هيتقلب ميتم ..
ارتجف قلبها من مكانه وهى تمسك كفه بعيون متوسله ان يقف امامها قائله بخوف
- تارنا كيف يعنى ؟! هو في ايه يا عمى .
اقترب عمها بخطوات ضيقه مستندا على عكازه
- يابتى التار نار قايده ما عتنطفيش غير بالدم، وانا معلق جوازك علي التار ومهرك هو راس اللي قتلوا ابوكى ياوجد ..

تصاعدت انفاسها بخوف كمن يركض في حر الصحراء الوحله وعيون متراقصه محمره قائله
- ليه ليه عاوزين تفتحوا مجزرة دم ملهاش اخر ! ياعمى فهمنى وبعد ما ادهم ياخد بالتار الحكومه هتسيبه ولا ولاد الهواري هيسيبوه .. انت اكده بضيعنا واحد ورا التانى ؟!

- وحق ابوكى نسبوه الناس تاكل وشنا ونعيش طول عمرنا تحت الحيط خايفين .. التار شرف ياوجد ولازمن ولا بد منه يتاخد يابتى .

ركضت نحوه بجسد مرتجف قائله بتوتر
- ياعمى ربنا قال " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ " حق ابوى من اللي قتله اللى هو مختفى وملهوش اثر، انما اي ذنب عيال عادل، وايه ذنب ادهم يده تكون متلطخه بالدم ! ياعمى التار خراب عمره ما كان شرف ..

رمقها عمها بنظرات ناريه ثم التفت نحو ادهم الذي خرج سلاحه من جلبابه وشد اجزائه قائلا بشر
- خولص الكلام يا وجد .. الليله راس سليم الهواري هتترمى تحت رجليكى
كل الصُدف القدرية تنصُرك على اسهم قرارتي .. للمرة الالف اخوض حربًا بكُل قواى وجيوش جوارحي للقضاء عليك بداخلي، فانهزم وبجدارة .. وسرعان ماارفع راية الاستسلام وفتح بوابات حُصن قلبي لتملكه .. لتستكين وتأمن بداخله محاربه بكل جيوشى عنك لتبقي انت لى في نهاية المطاف.

كصاعق كهربي صوب نحو قلبها بمجرد ما انهى أدهم جملته الشائكه وهو يتأهب لتنفيذ ما اُمر به، شعرت بجدار البيت تنهار فوق جدار قلبها اولا وتسارع دقات قلبها يريد الركض اليه ليحميه ويتلقى رصاصات العدو بدلا منه، استدارت وجد برأسها لخلف لتجد عمها انصرف من امامها، فلم يبقي لديها اي خيار سوى المحاولة مع ادهم، فركضت نحوه سريعا قائله.

- عاوزه اتكلم معاك لوحدينا يا ادهم .
رمقها بنظرات شهوانيه وهو يعض على شفته السفليه بابتسامه خبيثه قائلا
- هنتكلموا كتير يا وجد بس مش دلوق وراى مصالح لازمن اجيب رقبيها ..

زفرت بنفاذ صبر قائله بحده
- ٥ دقايق يا ادهم مش هتفرق ..
فكر لبرهه وهو يتفتنها بعيونه الناريه ثم انحنى قليلا فأمسك كفها وسحبها خلفه صوب غرفة مكتبه، وبعد ان وصلا سويا اغلق الباب خلفه، القت وجد نظرة مشمئزه على كفه الموضوعه حول كفها وسرعان ما جذبتها عنوة عنه وعقدت ذراعيها امام صدرها قائله
- هو انا ممكن اعرف هتستفاد ايه من قتلك لسَليم الهواري !
نظر لها بطرف عينه قائلا بخبث
- هستفاد كتير يابت عمى، انت فكرك تاري مع سليم عشان قتل ابوكى وبس ! غلطانه دا تار بايت من زمان قوى !

ظلت ترمقه بنظرات ساخطه ثم اردفت قائله
- ااه فأنت وعمك بقي لما فكرتوا وخططوا فقررتوا انكم هتبدأوا بسليم ! حقيقي انا فخورة بيكم ياكبار العتامنه، بقي التار والشرف اللي عتحكوا عنه بقي انتقام وحقوق بايته وواخدين تار ابوي الستارة اللي تخفوا بيها مصايبكم ! شوف يا ادهم من غير يمين لو لمست شعرة واحده من سليم ماهتردد دقيقه واحده في قتلك ياولد عمى .

دنى منها ادهم مخترقا قوانين المسافات، فظلت تتراجع للخلف وهى ترمقه بعيون متأرجحه يمينا ويسارا وجسد مرتجف كأن عاصفه تهب من تحت قدميها حتى ارتطم ظهرها بالحائط فاعتلت علي ثغر ادهم ابتسامة انتصار عجيب، مستندا بكفه المنبسط على جدار الحائط ليحاصرها من كل الاتجاهات وهو يعبث بشعرها المنسدل بانامل كفه الاخر قائلا بمكر
- طيب ماتيجى نتفقوا اتفاق .. وانا اوعدك ما هلمس شعره من سليم ولا حد من العتامنه كلهم هيقدر يهوب ناحيته !

رمقته بنظرات مُتسائله منتظرة الوصول لمغزي كلماته فاكمل ادهم قائلا بهدوء وهو يقرب شفتيه من اذانها هامسا
- تشتغلى معاى وتوافقي على كل طلباتى بالحرف بشرط انك تبعدى عن سليم خالص ولو عرفت انك كلمتيه ولا حتى قابلتيه صدفه اكده في الشارع ما هتردد في قتله وقتلك لدقيقه يا وجد .

دفعته بعيدا عنها بكل قوتها فهى لم تتحمل دخان كلماته الحارق قائله بسخريه
- اشتغل معاك في البودرة ! انت اكيد عتحلم !
تحرك ليصف امامها بعوده المنتصب قائلا بثقه عارمه
- هخرج دلوق ونروح بيت الهواره وهتفق مع الرجاله يضربوا رصاص في الهوا من غير ما يصيبوا الهدف،، وهرجع اقول لعمك اننا فشلنا وهسكته بكام كلمه، وتكونى انت فكرتى على مهل مهلك كمان .. كل اللى هعوزه منك ساعتين كل يوم خميس تصنعيلنا كام صنف اكده نضربوا بيهم السوق، قولتى ايه ! شوفى بقي حياة حبيب القلب عند متساواش انك تضحى ؟!

ثم ازاح ادهم خصيلة من شعرها خلف اذانها قائلا بمكر
- هستنى ردك بكرة يابت الغالى ..

انصرف ادهم بعد ما القى قذيفة كلماته على قلبها، ظلت تراقبه بنظرات كارهه ساخطه الى ان اختفى من امامها، فهى عالقه في منتصف الطريق الذي محسومه نهايته انها لم تكن له للابد، فماذا تختار وجوده في حضن غيرها مقابل ان تبيع مبادئها، ام انها تحارب لاجل مبادئها حتى ولو كان هو الثمن !

 

" داخل مبنى العرسان الجدد "

لقى عماد مفتاح شقته بفوهة الباب .. فالقي نظرة على نورا زوجته الواقفه خلفه برأس مطأطأه ثم التفت ليضع كفه على مقبض الباب ويفتحه متأففا .. دلف عماد الى الداخل بدون النظر لمن خلفه متجاهلا تواجدها نهائيا، فجلس فوق اقرب اريكه متنهدا بمرارة وحزن، انتظرت نورا طويلا ان يسمح لها بالدخول ولكن دون جدوي فعزمت امرها ان تدلف بصمت تام وهى تغلق الباب خلفها، اقتربت منه بهدوء قائله
- محتاجه اى حاجه ؟!

رفع نظره إليها بتثاقل قائلا
- تعالى اقعدى عاوز احكى معاكى شويه ..

برزت عروق عنقها من كثرة التوتر ثم اردفت قائله بخفوت
- عارفه كل كلمه هتقولها مالهوش لازمه التكرار .. ومتقلقش هكون ضيفه خفيفه .. انا هنام في الاوضة الصغيره وحضرتك تقدر تنام في المكان اللي يعجبك .. اى اوامر تانيه !

اتصدم عماد من ردها الغير متوقع محاولا استيعاب كلماتها الذي ظل يعد فيهما اياما، فهى قطعت له مسافه رحله تفكير استغرقت منه اياما .. تنحنح بخفوت قائلا
- تمام .. اتفضلى نامى في اوضك وانا هحاول على اد مااقدر مش هسببلك اي ازعاج .

بادلته بابتسامه زائفه عكس مراجل النيران التى تقاد بداخلها ثم انصرفت من امامه بهدوء ملتزمه صمتها وسكونها، تنهد عماد بارتياح اخيرا فكلماتها كانت سببا في اذابة جبال الجليد من فوق صدره ..

دلفت نورا لغرفتها بعدما ابدلت ملابسها واتاكدت من غلق الباب، فألقت جسدها في منتصف مخدعها كى تنتصر على جيوش اهوال قلبها التى لا تقودها إلا اليه ..

اما عن عماد فاكتفى ان يبسط جسده فوق الاريكه التى جلس فوقها غائصا في سُبات عميقٍ .

" وبحب الاتنين سوا يا هنايا في حبهم .. الميه والهوا ومحمد قبلهم "
كانت يسر تغنى بفرحه تغمر جدار شقتهم الصغيرة بقلوب عشاق الارض، تصف امام باب المرحاض الذي بداخله محمد لتردف غنائها بدلال، فرفع محمد صوته قائلا
- يابت عدى يومك ..
استندت علي مقبض الباب بدلال
- في عريس كده اول ما يدخل شقته يستحمى .
جز محمد علي فكى اسنانه قائلا بنفاذ صبر
- وفى عروسه بت ناس كده تتدلق كوبايه العصير على جوزها ؟!
كتمت ضحكتها ثم قالت
- الله ! ما انت اللي اطاولت وكنت بتفكر في حاجات شمال كده قولت اما افوقك ..
قفل محمد صنبور المياه وهو يتوعد لها
- طب وحياة ثريا يا يسر لاوريكى ..
ضحكت بصوت عالى ثم قالت بتحد
- مش هتقدر على فكرة ..

وضع محمد يده علي مقبض الباب ليفتح ولكنه فوجىء به مقفول من الخارج .. اردف بغل
- يسر انت قافله الباب .. !
اطلقت ضحكه انتصار قائله
- ااه مزاجى قالى انك تبات الليله دى في الحمام عشان تتربي ..
جز محمد على اسنانه اكثر قائلا
- اقصري الشر يا يسر وافتحى احسن اطلع افتح راسك ..
اصطنعت البراءه وهى تلعب في خصيلات شعرها بمزاح
- اصل يامحمد امى محرجه علينا وانا لازم اسمع كلامها ..

- هى امك قالتلك اقفلى على باب الحمام ؟!

- لا طبعا، دى قالتلى اخبطك بأى حاجه على راسك لو حاولت تقرب منى .

ظل محمد يتسامر معها وبداخله براكين تتوق ثم قال بهدوء
- وانت معملتيش كده ليه .

- تؤ بقي يامحمد متهونش عليا .. اخترت القضى الالطف، بص انت نام عندك كده والصبح يحلها حلال ..

- قولى لى يايسر هى امك بتعمل معانا كده ليه ؟! كرهانى ليه !

عقدت ذراعيها امامه صدرها مستنده بضهرها علي الباب قائله بهدوء
- اصل كان نفسها اتجوز واد حيلوة كده ياخد العقل والقلب شبه بتوع التلفيزيونات .. فأنت مكنتش جاى على هواها خالص، عشان كده عاوزه تبوظ الجوازه ...

ثم صمتت لبرهه منتظرة رده فاردفت بفضول
- محمد انت نمت جوه !
- ...
فتحت الباب سريعا كى تراه ولكنه فوجئت به امامها خارجا من باب المطبخ، شهقت بصوت عالٍ قائله
- انت خرجت ازاي ...!
جز محمد على اسنان بنفاذ صبر
- بقي محمد الهواري علي اخر الزمن ينط من بادروم عشان يدخل شقته ..

تأرجحت عيونها بخوف وهى تتراجع للخلف
- مالك يامحمد والله كنت بهزر مالك وووو ... انت بتبصلى كده ليه ! بص لو قربت منى هجيب امى ..

لم يستطع محمد ان يكتب صوت ضحكتها اكثر فوقف مكانه ضاحكا علي تلقائيتها .. ظلت يسر تراقبه باستغراب وخوف فشاور محمد اليها
- تعالى يا يسر تعالى بس كده اقفى قدامى وفهمينى ..

اقتربت منه بجسد مرتجف وعيون متراقصه على اوتار الخوف قائله
- انت مش زعلان !
جذبها من كفها بكل قوتها فشهقت بصوت مرتفع لتقف بين ذراعيه فتعمد ان يعبث بخصيلات شعرها قائلا بخبث
- انت حبيبي بردو .. وهو في حد يزعل من حبيبه ..
هزت رأسها بالنفى ثم اكمل محمد قائلا
- طيب انا راضي ذمتك فى واحده يوم فرحها مع حبيبها تقوله امى ومعرفش ايه .. !

- يا محمد اصلك ما تعرفش هى قالت ايه وانا بصراحه اخاف اعصي كلامها ..
ضغط محمد علي شفته السفليه بنفاذ صبر قائلا
- تعصي كلامها لا .. جوزك حبيبك بتفلق اااه ..
- امى واعرة قوى يامحمد ..
لم يتحمل محمد كلمة اخري فكلماتها كانت كافيه ان تشعل نيران الغل بداخله .. فانحنى بدون مقدمات ليحملها علي كتفه فجاة مما جعلها تشهق بقوة كشهقة الولادة مرددا بحزم
- ابو امك علي عيلتك كلها .. اتهوستى انت اياك !

 

" طيب والله يا لولا اتصلتى بوقتك مش عارف من غيرك كنت هقضي الليله مع مين !"
تعمد مجدى ان يصل صوته لاذان صفوه التى اغلقت باب الغرفه علي نفسها وهى تشتاظ غضبا من برودة كلماته .. فاكمل مجدى حديثه بسخريه
- عريس ايه بس يا لولا ! وانا اقدر بردو استغنى عنك ؟! المهم قوليلى نازله مصر ميته ؟!

فضولها قادها للوقف خلف الباب تستمع لحديثه باهتمام وهى تقول بتوعد
- كنت متاكده انك بتاع بنات وفلاتى طيب ودينى لاخليك تعدهم في عز الضهر بابن الهواري ..
اتجه مجدى نحو المطبخ يبحث عن شيء يأكله ومازال مكملا في مسرحيته .. فضحك بصوتٍ عال اخترق باب غرفتها قائلا
- احبك وانت فهمانى .. واموت ف اللبنانى الاصلى مش المصري المضروب اللي عندنا ..

شهقت صفوة بصوت مرتفع
- هو مجوزاه عشان يكيدنى ! طب وربنا لاوريك ..

فتحت باب الغرفه ثم اقتحمت عليه المطبخ فوقفت ترمقه بنظرات متارجحه معاتبه نفسها علي الخروج من غرفتها فلاحظ مجدى تواجدها فقال
- طيب اقفلى يا لولا ربعايه وجايلك ..

- تؤؤ وانا اتاخر عليك ياقمر انت .. !

ارتسمت صفوة معالم البرود ولكن بداخل مراجل تقاد، فبللت حلقها محاوله الانشغال بأى شيء امامها، التفت اليها مجدى متبسما
- اي هتحنى عليا وتحضريلى اكل .. اي الرضا دا !
لم ترفع عينيها لتجيبه فاكتفت بالرد المُثلج
- وانت اتشليت ! ما تحضر لنفسك ؟!
اقترب منها قليلا ليردف بمزاح
- ياختى فال الله ولا فالك ربنا يدينى الصحه ولا احتاجلك اصلا ..
تجاهلت كلماته فتحركت من جانبه لتحضر طبقا تضع فيه بعض المأكولات التى اعدتها عفاف لهم، بتلقائيه التف مجدى نحوها ليراقبها ثم قال بخبث
- انت خرجتى عشان سمعتينى بتكلم مع لولا صح ؟!

انشغلت صفوة في تحضير طبقها الخاص قائله بسخريه
- البنى ادم دا غريب ياخى بيوهم نفسه بحاجات وبيصدقها في الاخر ..

عقد مجدى ذراعيه قائلا بثقه
- زيك كده بالظبط !
رمقته بنظرة خبيثه مردفه بقوة
- بص تكلم لولا تكلم الجن الازرق ماليش فيه هنا كل واحد يعمل اللي يريحه عشان نكون متففين .. وزي ما جنابك عندك لولا وغيرها انا عندى اكتر .

اسهم نيران كلماتها صوبت نحو جبال جليديه فاذابته ليحال لكره ملتهبه وعيون يتوهج منها البخار
- انتِ قولتى ايه ياروح امك !
رفعت صفوة رأسها بشموخ
- اتكلم عن امى كويس يا جدع انت .

- جدع انت ! لا تعالي خدينى قلمين احسن !
هزت كتفيها بلا مبالاه
- وفين المشكله، اللي مش متربي ياخد قلمين وعشره كمان لحد ما يتربي .

نجحت في ثوران جيوش غضبه فجعلته يشتاظ غضبا يود ان ينهال عليها ليضفى نيرانه التى اشعتلتها ولكنه سرعان ما ادرك زمام الامر وفرمل ضدت جيوشه الثائره بابتسامه واسعه قائلا
- ضرب الحبيب زي اكل الزبيب يا صافى ..

كانت تنظر منه رد فعل معاكس غير الذي ابداه، ولكنه قضي على حبال توقعاتها فتأكدت انها امام عدو لست بهين .. زفرت بقوة مردفه بهدوء حاملا نبرة تحذيريه
- هدخل انام ومش عاوزه صداع .. وهتكلم لولا ولا بولا تكلمها بعيد عن الاوضة .. مفهوم .. !

اكتفى مجدى بارسال ابتسامه خفيفه لها تشير بنشوب الحرب البارده بينهما .. قائلا بفخر
- ينصر دينك ياض يامجدى ما يجيب النسوان الا نسوان آخريات.

 

" ما قولتليش تحب تاكل هنا ولا في اوضتنا "
اردفت ماجده جملتها وهى تتدلل امام انظار سليم قاصدة جذب عيونه نحوها ولكن محاولاتها كلها انتهت بالفشل .. اشعل سليم سيجارته ليزفر دخان احتراقه من الداخل قائلا بحده
- ماجده حلى عن راسي وروحى شوفى هتعملى ايه ..
جلست بجواره مردفه بهدوء مصطنع
- انت لسه زعلان منى عشان اللى حصل امبارح !

ثم مررت كفها فوق كتفه بحنو قائله بنبره قهراويه تحمل بين طياتها دلالا مغريا
- وبعدين يا سليم انا بغير عليك اوى، انت ليه مش عاوز تفهم ..

بعد سليم كفها بعيد فكان بثقل جبل فوق كتفه قائلا بحده
- عاوزه اي دلوق. !
نظرت له بميوعه قائله بنبره منخفضة
- عاوزاك تسيبلى نفسك خالص لحد ما انسيك الدنيا كلها .. قولت اي !

تنهد سليم بقوة متخذا نفسا طويلا من سيجارته قائلا بتأفف
- قولت اخذى الشطان ومرقي ليلتك ياماجده وخشي نامى .
وضعت ساق فوق الاخري لتظهر جمال ساقيها امام عينيه
- منا مش هينفع انام غير لما تيجى تنام جمبي .. اصل طول عمري بخاف انام لوحدى .. هو انا ماقولتلكش الموضوع دا قبل كده ..

اغمض سليم عينيه لبرهه مرددا بنفاذ صبر
- اللهم طولك ياروح .
تبسمت ماجده لانها رات بوادر نجاح مخططها ثم وضعت اناملها فوق راسه برفقه قائله
- تحب تاكل ايه اقوم اجيبهولك ..

نهض سليم من جوارها كالملدوغ قائلا بقوة
- مش عاوز زفت ..

ثم اتجه نحو الباب هاربا من حصار انفاسها كمن يهرب من جلاده للتو .. زفرت ماجده بضيق قائله بحرقه
- اقطع دراعى ما كانت بت العتامنه سحراله ...

وصل سليم الى سيارته متأفف ثم فتح بابها ليتناول العلبه الصغيره الموجوده فوق _ تابلوه _ السياره، ففتحها ليخرج منها هاتفه الجديد الذي اشتراه ضهر اليوم ويخرج شريحه هاتفه ويضعها بداخله، انتظر قليلا لينير شاشته واول رقم ركض عليه هو رقم وجدانته ولكن الياس اصابه فى مقتل عندما وجده لازال مغلقا، فطلب رقم ورد اختها لمس الامل قلبه وسرعان ما تلاشي بمجرد ما لم يجد ردا .. زفر سليم باختناق فاستدار ليدلف من سيارته وفى لمح البصر اقتنصته رصاصه الغدر في كتفه، تفوهه سليم صارخا مع صوت صراخ ماجده التى كانت تترقبه من اعلى ..

- سليييييييييييييم !

تريد ان تنطوى خطاوى الارض لتلقي بِها بين ذراعيه، تجمدت في مكانها محاوله استيعاب ما رأت، في اليوم الذي جمعهما القدر غدر بها للتو .. احتشد الغفر مع صوت طلقات النيران المندفعه صوب مصدر الصوت .. مسك سليم ذراعه متألمه وهو يلقى بجسده داخل سيارته ..

 

" في قصر العتامنه "

" يامري ! انت ايه اللي عملته دا .. هو دا كلامك ليا "
اردفت وجد بنيره مرتجفه التى كانت تنظر قدوم ادهم علي جمرات من نار .. فادرف ادهم قائلا بفخر
- حبيت بس اعلم عليه عشان تعرف ان رصاصتى ليه بطوعى وبامري ياوجد، ولو موافقتش يمين عظيم تلاته الرصاصة الجايه في قلبه ..

انخلع قلبها من موضعه متلهفه لتقول
- بس دا مكنش اتفاقنا يا ولد عمى !

رفع رأسه بشموخ قائلا
- والله رصاصتى جاله مزاج تحود من مافيش لدراعه .. اعملها اي يعنى ! كله في ايدك ... هروح ابلغ عمى ان المهمه فشلت وهنكررها قريب ..

رمقته وجد بنظرات ساخطه تشع الكره والحقد قائله
- منك لله يا ادهم اشوف فيك يوم قادر ياكريم ..

 

" في قصر الهواري "

انتهى محمد من ضماضة جرح سليم قائلا بتأفف
- كده خلصنا .. مكنتش مستاهله يعنى وكويس الرصاصه جرحته بس .. يلا قوم انت هتعملنا فيها عيان كفايه انك ضربتلى الليله ..

القى سليم نظرة علي ذراعه الملفوف ذو الكُم المنشق نصفين قائلا
- متأكد ولا عتجرب في ..

قضب محمد حاجبيه بضيق قائلا
- انا اصلا مش طايقك فاسكت وبعدين مش واثق فى عندك صفوة بت عمك فوق ناديلها ..

مجدى: صفوة مين ! دى في سابع نومه فوق ..
محمد بثقه: يبقي مش قدامك غير تثق فيّ ياولد ابوي ..

تدخلت ماجده تحتضن ذراع سليم بحب وخوف
- يامحمد انت متاكد انه مش محتاج مستشفى ولا جرحه ممكن يمدد

- انتوا جرالكم ايه انتوا شايفينى برش كنافه هنا !

راجح بهدوء: ياولاد قصدنا نطمنوا بس ..
عماد ربت علي كتف جده: ان شاء الله خير ياهواري ..
اتسعت عيون الجد قائلا
- خير كيف ! والعتامنه مش ناويه يجيبوها لبر ! انا فاهم راس حيدر زين دا قاصد يخوفنى .. ويدينى اشاره انه سهل يوصل لاى حد من احفادى بسهوله ..

سليم بتحد: مش هنعديها ياهواري .. ولازمن نرد الطلقه بعشرة .

ندبت عفاف وماجده لجملة سليم فادرفت عفاف بتوسل
- كيف اكده ياولدى انت عاوز تقهرنى عليك ..
ربتت ماجده على ظهره برفق
- بطل جنان ياسليم دا انا ممكن اموت فيها لو جرالك حاجه ..

قطع حديثهم صوت رنين هاتف سليم الموضوع يجواره، فسقطت كل الاعين عليه منتظرين رده، فوجئ برقم غريب فرد قائلا
- ايوة ... !

- كيفك ياضي عينى، سَليم انت بخير يا حبيبي !
اردفت وجد جملتها بلهفه زلزلت قلبه من مكانه مما جعلته يتناسى كل همومه واحزانه، كأن صوتها المنتظر مخدر احتل قلبه وعقله حتى تناسي تواجد الجالسين حذاه، ابتعد سليم عنهم قائلا
- وحشانى يا وجد قوى، اكده هان عليك سليم مترديش عليه وطنشيه .

- على عينى والله ياسليم .. صوح انت زين دلوق ادهم ناويلك على نية سوده قوى ..

- ادهم ده قتله علي يدى .. كل يوم عستعجل بأجله ..

- سليم وقف بحور الدم دى .. انا عاوزاك لى .. قلبي مش قادر علي بعدك ..

- ولا قلب سليم قادر علي بعدك ..

- المهم انك زين دلوق !
- جات سليمه الحمد لله .. بس قولى للعتامنه عندك الهوارة هيقلبوها مجزرة ومش هيسكتوا ..

- لا هتسكت وتعديها ياسليم .. عشان الحرب دى تقف وعشانى ..

- طلعى نفسك انت من الهري دا ..

- سليم الهري دا لو موقفتهوش انت هوقفه انا بطريقتى وماتجيش تلومنى ...

- وجد ما تعصبنيش واتكلمى عدل !

- سليم عاوزاك تتاكد انى عحبك قوى واي حاجه هعملها عشانك فمتزعلش منى .. خلى بالك علي روحك يلا سلام ..

هتف بصوت عال
- وجد .. الووو ...

التفت وجد بهدوء لتضع رقم سليم في قائمه الحظر وبحرص شديد تسللت كى تضع تابلت اخيها النائم بجواره ...

زفر سليم بضيق محاولا الاتصال بها مرارا وتكرارا دون جدوى
- وربنا ماحد عاوز رصاصه في راسه التخينة دى غيرك ياوجد ..

فالتفت حول صوت ماجده الصادر بحزن
- وهى كمان ليها عين تكلمك بعد اللي عملوه فيك ناسها..!
هتف سليم بنفاذ صبر
- حلى عن راسي يا ماجده ..

اومات باستسلام قائله
- طيب ياسليم هيجى اليوم اللى مش هيبقالك فيه غير ماجده .. يلا على شقتنا يا ابن عمى ..

 

وصل محمد لشقته متأففا حاملا بداخله جبال من الغضب، فتسلل نحو غرفته بهدوء ففوجئ بيسر نائمه فوق مخدعها، قطب حاجبيه متحسرا ثم دنى منها برفق
- سووو انا بعتك تجيبى مكركروم نمتى .. !
اردفت بصوت كله نوم
- عاوزه انام يامحمد اششش .
- اشششش! يابت دانا عريس والنهارده فرحنا !
- بكرة يامحمد .. نام نام ..
محمد متحسرا وهو يضع وجنته فوق كفه قائلا
- حسبي الله ونعم الوكيل في الهوارة علي العتامنه علي ثريا اللي بصت لنا في ام الليله دى ..

 

" افرد ضهرك ياسليم .. استنى اجيبلك مخدة تسند عليها دراعك "
اردفت ماجده جملتها باهتمام بالغ وهى تتولى مهمه اسعافه فامسكت ذراعه برفق لتضعه فوق الوساده الصغيرة قائله
- اجيبلك حاجه تاكلها ؟! .
اغمض سليم عينه قائلا
- طفى النور ونامى يا ماجده ..
- ما انت لازم تاكل عشان جرحك يلم ..
بسط سليم ظهره بعفوية قائلا
- مش عاوز لت كتير .. عاوز انام ..

رمقته ماجده بنظرات متتاليه ثم التفت لتدلف من فوق مخدعه واغلقت الانوار والباب خلفها، فتح سليم عينه بتنهيده عاليه قائلا
- والله الود ودى اروح ابوس راس العتامنه نفر نفر علي الواجب الل عملوه معاى .. اول مرة تعمل حاجه صح يا ادهم الكلب ..

" في صباح اليوم التالى "
رفعت وجد جفونها بتثاقل كأن جبال الارض رست فوقهم، تستمع لضجيج قلبها القوى بداخلها، التقطت نفسا طويلا محاوله رسم صورته علي جفونها لتتبسم قائلا
- ربنا يقرب اليوم اللى اصحى فيه القاك جمبي ياسليم ..

ثم استقوت لتنهض من فراشها وتعد عدتها متأهية للذهاب للمشفى، فدلفت الي اسفل وجدت اختها
- صباح الخير ياورد ..
قفلت ورد الكتاب الذي بيدها قائله
- سليم رن على إمبارح وماردتش عليه ..
استدارت وجد مصطنعه القوة
- غيرى خطك يستحسن ..
فوجئت بادهم يقترب منها ليلف ذراعه حلو كتفها قاصدا ازعاجها
- ست الضكتوره تسمحلى اوصلها المستشقى بعربيتى المتواضعه !
زاحت ذراعه بعيدا بقوة قائله بنبرة تهديديه
- يدك لو اتحطت على تانى هكسرهالك ..
قضب ادهم حاجبيه قائلا بطصنع
- طيب وليه الوش الخشب داهون .. دانا لسه عامل فيكى جميلة إمبارح .. هو دا جزاة المعروف !

- عاوز ايه يا ادهم ؟!
غمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- فكرتى !
التفت وجد نحو اختها التى تراقب حديثهم، فاتجهت للخارج بخطوات ثابته ثم تابعها ادهم وعلى ثغره ابتسامه خفيفه قائلا
- ها ادينا طلعنا من جار ورد .. ردك ايه .. ؟!

عقدت ذراعيها بتحدٍ قائله
- وانا اي اللي يضمنلى كلامك وانك مش هتغدر بسليم بعد ما اعملك اللى عاوزه ؟!

اعتلت شفتيه ابتسامة انتصار قائلا
- وربنا انت اجدع بت عم في الدنيا

رفعت وجد صوتها بنبره صارمه
- قولت ايه الضمان ؟!

- شوفى الضمان اللى عاوزاه وانا عينى ليكى .. بس الاول قوليها انك موافقه ..

ترددت وجد لبرهه ثم قالت بنبره متحشرجه
- موافقه يا ادهم .. بس بشرط !

نظر اليها بعيون ضيقه قائلا
- وانا كمان عندى شرط ...
معك فقط لا احب النهايات فبعد ذروة حبى لك افكر بقربي الدائم منك وبمجرد ان احظى بقسطٍ كافٍ من احضانك انتقل لمرحلة السكون بداخلك التحرك تحت جلدك كى ابحث عن ثُقبٍ يؤدى لقلبك مباشره كى اقيم بلا نهايه بلا ملل بلا خوف من شبح البعد، ولكن دائما الحياة تمنحنا عكس ما ارادنا ..

توهبنا عكس ما تمنينا فألقت بى في حتفٍ لا مفر منه سوى البعد، اكتفيت بك بعيدا .. سليما .. امنًا .. يكفينى من الحياة ان تكون بخيرٍ دائما حتى ولو مزق البعد قلبى، فوجودك فالوجود يمنحه الوجود، ويمنحنى نصيبى من الامان كاملًا.

ترددت وجد لبرهه ثم قالت بنبره متحشرجه
- موافقه يا ادهم .. بس بشرط !

نظر اليها بعيون ضيقه قائلا
- وانا كمان عندى شرط .
بللت ريقها الجاف قائله
- تنسوا حكاية التار دى البلد مش ناقصه خراب .. وتشيل سليم من راسك يا ادهم .. انت فاهمنى ؟!

ابتسم بخبث قائلا
- نشيل سليم وقنا كلها لو تحبى ..
عقدت ذراعيها متأففه
- اي شرطك ..
رد ادهم بدون تفكير قائلا
- ترمادول !
عقدت وجد حاجبيها متعجبه
- نعم ! قصدك ايه ..
اتسعت ابتسامة ادهم الماكرة
- هتخلطى مع الهروين ترمادول !
اتسعت حدقة عينيها بذهول قائله
- انت اتجننت ! جرى لمخك حاجه صح ! انت عارف معنى كلامك ايه اصلا ؟
اجابها مقاطعا وبنبرة صارمه
- عارف ياوجد .. وعارف كمان انها هتكون نقله لينا لفوق السحاب وكمان هنساعد الغلابه اللى بيتمرمطوا علي شريط الترمادول هنفيدهم منها هيعملوا دماغ عليوى وكمان هنعالج مشاكلهم الصحيه .. وكله في خدمه ولاد بلدنا !

نظرت له باشمئزاز واستنكار
- انت مش طبيعى ! عشان تعلى وتوصل تموت الناس في شهور .. انا مستحيل اعمل اكده .. وروح اعمل اللي تعمله يا ادهم .. انا مش هابقي انانيه واموت خلق الله عشان احافظ علي حبيبي العمر واحد والرب واحد يا ولد عمى ..

قبض على ذراعها بقوة وبنبره مهدده قائلا
- بلاش تمشي معاى في العوج ياوجد .
ازاحت ذراعه بعيدا قائلا بنبرة تهديديه
- واعرف الاول ان بت سالم ما عتخافش .. واقسم بالله لو فتحت معاى السيرة دى هبلغ عنك ..

القت وجد قذيفة كلماتها عليه ثم تركته وغادرت برأس مرفوعه معانده، وجدت امها امامها تراقبها بفضول فاردفت
- مزعلة ولد عمك ليه ياوجد ..
رمقتها بنظرات ساخره ثم التفت للخلف لتنظر له باشمئزاز
- ميشرفنيش انه يكون ولد عمى اصلا ياما ! عقلي واد ساميه وقوليلوا يتقى ربنا ..

قطعت حديثهم ساميه المدلفه من اسفل مرتديه ثوبا طويلا من خامة -الجل- مجسدا لمفاتنها بوضوح مردده بصوت نسائى فاجر
- ومالها ساميه يادلعادى !
رمقتها وجد بنظرة استنكار قائله
- جيتى فضحتى العتامنه كلهم وخلينى سيرتهم علي كل لسان .. وسبتيلهم ديل نجس ..

اقتربت منها ساميه قائله بميوعه
- ما تربي بتك يا كوثر ولا يجى جوزها يعيد تربيتها من اول وجديد .. !

وجد باغتياظ: وعلى ايه نقصروا الشر احسن ونسيب التربيه لصحابها .. فوتك بعافيه ياما .. _ثم رفعت نبرة صوتها مناديه على اختها_ كبري مخك منيهم ياورد وركزي في كتبك ياحبيبتى لحد ماهنضفوا البيت قريب من الاشكال العكره دى .

غادرت وجد وتركتهم يحترقون من الداخل وكل منهما ينظر للاخر بتساؤل فاقترب ادهم منهما قائلا بضجر
- بتك مش ناويه تجيبها لبر يا كوثر !

- وهى بردو لسه مصممه متقفش في ضهرك وضهر عمك وتوسع خيركم !
- اووووف راسها تخينه واجيلها يمين تجيلى شمال .. وحلفت لو فتحت معاها الموضوع دا تانى هتبلغ عننا ..

كوثر بصدمه: وه وه وه ! دى اتهوست !

فكرت ساميه لبرهه ثم اردفت بخبث قائله
- طب ورحمة ابوك لاجيبهالك راكعه يا ادهم .. وابقي قول امى قالت ...

كوثر بقلق: هتعملى ايه في بتى ياساميه .. كله الا بناتى .
لاحت لها ساميه بكفها بسخريه قائله
- ياختى بلا نيله وانا هعمل اي يعنى ! انا بس هقرص عليها بطريقتى لحد ماتوافق تقف في ضهر عمها وولد عمها ... كنت متاكده انها هتتجوع كده وعملت حسابي

وصلت وجد لباب البوابه منتظرة السائق فوجدت فايز ابن عمها الاخر خارجا من سيارته قائلا
- طب جناب الضكتوره ينفع تتكرم وتيجى اوصلها بنفسي.

ابتسمت بخفوت قائله
- مش عاوزه اتعبك يافايز ..
- تعبك راحه يابت الغالى .. تعالي وهتصل بعم سيد اقوله يجيلك على هناك ..

استسلمت وجد لطلبه وصعدت معه السيارة بامتنان وشرع فايز في فتح عدة مواضيع مختلفه ..

 

"في مبنى العرسان "

وضعت نورا اخر طبق من مستلزمات الفطار علي الطاوله بهدوء وهى تنظر لعماد النائم على الاريكه بنظرات اعجاب والم، كان يبدو في هيئته ملاكا مسالما يلتقط انفاسه بهدوء مما يدل على سلامه الداخلى، تبسمت شفتيها بحب ثم خطت بخطوات سحلفيه كى تعود لحجرها مرة اخري، ولكنها توقفت على ندائه المفاجئه قائلت بصوت مختلطا بالنوم
- كنتِ محتاجه حاجه ..

ضغطت على شفتيها السفليه بارتباك مع هزه خفيفه في كتفيها قائلة
- لا ابدا انا جهزتلك الفطار بس ..
اعتدل عماد في جلسته ليرتسم معالم الجديه
- مكنش له لزوم على فكره ..
طافت عينيها يمينا ويسارا قائله
- هو ايه دا ؟!
نصب عماد عوده بعفويه وهو يتجه نحو المرحاض قائلا
- انك تحسي بعبيء عليك او انى ملزوم منك .. عيشي حياتك عادى ..
كغصه علقت في حلقها فاجبرت ثغرها علي اطلاق ابتسامه زائفه
- انا بتصرف بالصح والأصول وبس .. بعد اذنك ..
ثم فرت هاربه من اسهم كلماته الثاقبة لتغلق باب غرفتها وتنفجر باكيه ..

" ما هو ما فيش حد طبيعى يقعد فى الحمام ساعه وربع .. كده كتير .. طب طمنينى عليكى وقوليلى انك عايشه طااب "

اردف مجدى جملته ممازحا وهو يقف امام باب الحمام منتظر خروج صفوه، ففتحت باب الحمام مزمجره بضيق
- اي الازعاج اللي علي الصبح دا !
تجاهل مجدى سؤالها وهو بتأملها بصدمه
- انت ليكِ اكتر من ساعه جوه وعاوزه تقنعينى ان مافيش نقطه ميه حتى علي وشك !؟ كنتى تعملى اي جوه ..

- كنت قاعده مع نفسي شويه .. فيها مانع دى !
- وانت سبتى براح الشقه كله عشان تقعدى في الحمام لوحدك .. انت ملبوسه ياما ؟!
ابتسمت ابتسامه ساخره وهى تقول
- ااه اصل كنت لامه الشياطين جوه وعاملين حفله .

تبسم مجدى ابتسامه واسعه
- وازاى ماتعزمنيش !

زفرت بوجهه بقوة ثم تأهبت للمغادرة ولكن اوقفتها جملة مجدى التى استفزتها اكتر
- صافى والنبي الفطار علي السريع بس عشان واقع من الجوع ..

رمقته بنظرة تفتنته بها من اعلى لاسفل قائله
- واي العشم دا ..!

مجدى بثقه
- كأي عريس بيطلب من عروسته مش غريبه يعنى !

- لا منا مش خلفتك ونسيتك عشان افتح عينى علي المطبخ واجهز لمعاليك فطار .. مش نايمه احلم بيك لسمح الله ..

اجابها بغمز ليثير استفزازها اكثر
- مش جوزك وقرة عينك ولا ايه !

خشيت ان ينكشف امرها وتفضحها ضحكتها المكتومه امامه، فقضبت ملامحها بصعوبه وهى ترمقه باستخفاف وتدير ظهرها لتنصرف من امامه، فردد مجدى منتصرا
- كنتى هتموتنى وتضحكى انا شوفتك ...

تجاهلت حديثه نهائيا حتى وصلت الي غرفتها واغلقت بالباب بكل قوتها امامه بملامح متجمده لتسير نحو حقيبة ابحاثها لتستعيد نشاطها اليومى متجاهله تواجده معها تماما

" ممكن اعرف كنتى فين "
اردف محمد جملته بنرفزه لزوجته التى تدخل من باب شقتهم، فاستدارت لتقفل الباب قائله بهدوء
- والله ابدا امى كانت عاوزانى تحت ووووو ..
رمقها باهتمام وهو يقترب منها قائلا
- واييييييه !
تحمحمت بحرج لتردف بهروب من حصار عينيه
- هجهزلك الفطار ..
قبض محمد علي ذراعها فجاة ليمنع حركتها قائلا
- امك كانت عاوزه ايه يايسر ..
بلعت ريقها قائله بارتباك

- يا محمد لازم تفهم ان امى مش نايمه علي ودانها عارفه اننا بنحب بعض، وعشان كده خبطت عليا من صباحية ربنا عشان تشوفنى عملت ايه .. _ثم ذرفت دمعه من طرف عينيها بحزن وهى تشهق_ انا حقيقي تعبت اوي من الطريقه والاسلوب اللي بتكلمنى بيه، انا مابقتش عارفه اعمل ايه ..
استمع محمد لها باهتمام حتى انهت كلماتها، فدنى منها اكثر ليحتويها بذراعيه ويربت على ظهرها بحنان مردفا
- عشان كده عملتى نفسك نايمه امبارح .. كنت عارف علي فكرة !
تبسمت وسط بكاؤها وهى تدفث رأسها في صدره قائله
- انا اسفه يامحمد ..

ابتعد عنها سريعا ليسحبها من كفها فاتبعته وهى تمسح دموعها المنهمره حتى وصلا الى المطبخ قائلا
- سو عاوز فطار ملوكى حاااااالا .. وانا هقعد كده اتفرج عليكِ ..
رمقته بنظرة مستفهمه فاردف محمد بتلقائيه
- هى امك كمان منبهه عليكى متحضريليش وكل ! اي الافتري دا !
ضحكت بصوت مسموع فابتعدت عنه قائله
- ١٠ دقايق بس واحلى فطار لاحلى محمد في الدنيا ..
رمقها محمد بعيون ضيقه وهو يحك ذقنه متوعدا
- ايامك معايا سوده ياثريا ...

 

تُمرر ورده حمراء على وجنته بدلال قائلة بصوت منخفض
- سليم كفايه نوم .. يلا قوم بقي كُل ونام تانى ..
فتح سليم جفونه بتثاقل قائلا باستفهام
- هو في ايه !
تبسمت ماجده بحب قائله
- جبتلك الفطار لحد السرير .. يلا قوم عشان تفطر ..

اعتدل سليم متأففا ويدلك عينيه بتكاسل فسقطت عنيه على ثوب ماجده القصير جدا .. اتسع بؤبؤ عينيه مذهولا ولكنه قرر التجاهل حتى يفشل عليها كل مخطاطاتها ... سحبت ماجده طاوله الطعام بجانيه قائله بدلال
- هوكلك بيدى .. ممكن !
انعقدت ملامح سليم قائلا بسخريه
- لا يدى التانيه سليمه هعرف اكل بيها، كتر خيرك ..
كلماته اعتصرت قلبها ولكنها تجاهلت الالمها بابتسامه مزيفه قائلا
- طيب يلا خلص كل الوكل دا .. وانا هجيبلك عصير ..

اكمل سليم في مسرحيته وتصنعه بالالم وثقل ذراعه، متجاهلا تحركت ماجده التى تتراقص علي اوتار غرائزه الفطريه قاصده ابراز ما خفى من جسدها بميوعه .. بلل سليم حلقه الذي جف بكوب مياه اخر قائلا بحسره
- دى شكلها ايام سودة منقطه بسواد وحطت فوق راسك ياسليم

 

وصلت وجد بصحبة فايز ابن عمها امام مبنى المشفى لتقول بصوتٍ ممزوجا مع فرملة سيارته
- انا تعبت منهم قوى يافايز وحقيقي مش عارفه اعمل ايه ..
اتكأ فايز بظهره للخلف قائلا
- ياوجد عمك وادهم ناويين يكحلوها خالص، ولو كبير العتامنه دري باللى عيعملوه مش بعيد يقتلهم ..

- دول عاوزينى اشتغل معاهم يافايز انت متخيل ..
- اااه عرفت وكمان ماسكينك من يدك اللي توجعك .. حاطين حياة سليم قصاد شغلكم معاهم ... انا من فترة عاوز اقولك بس كنت مستنى اتاكد الاول .. واهو ادينى اتاكدت .. هنعملوا ايه يابت عمى .

بللت وجد حلقها الجاف بتفكير قائله
- نروح لكبير العتامنه ؟!
هز فايز راسه نفيا قائلا
- حيدر وادهم تعابين وهيعرفوا يخرجوا منيها زين، واحنا معناش دليل قوى عشان نروح نبلغ عنهم وبكده هنفتح في وشنا بيبان ماهتخلصش ..

فكرت وجد لبرهه مردفه بحماس
- يبقي لازم تساعدنى يافايز انا مش بثق غير فيككك ..
التفت فايز نحوها باهتمام قائلا
- رقبتى يابت عمى ..

- طب اسمعنى هقولك ايه وتنفذه بالحرف ...
- سامعك يابت عمى

 

ارتشف محمد كوب المياه بانتشاء ثم تنهد بحماس قائلا
- تسلم يدك يا سوو ..
تبسمت يسر بفرحه قائله
- هنا وشفي ياحبيبي ..

شرع محمد في جمع الاطباق ليردف بهمه
- ترتاحى انتِ وانا هلم الدنيا دى !
وثبت يسر قائمه وهى تقترب منه بتلقائيه قائله بحب
- لا ياحبيبي عنك انت .. روح بس شوف هتعمل ايه وانا هتصرف مع نفسي بقي ..
رمقها محمد بنظرات شوق ماكره كالثعلب عندما ينتوى لصيد فرائسه ليقترب منها اكثر ممررا انامله فوق ظهره برفق قائلا بهمس
- لا منا خلاص عرفت هعمل ايه ..
فزعت يسر بعيدا عنه بعد ما القت ما بيدها من اطباق قائله بذعر
- محمد هتعمل ايه ؟!
تبسم محمد بخبث قائلا
- هعمل اللي معملتهوش امبارح ...

تارجحت عيونها بخوف لتقول
- ما انت كنت حلو من شويه اى اللى غيرك كده ..
وضع محمد يده في خصره قائلا بغمز
- لا منا كنت بصطاد السمكه الاول ..
ثم دنى منها فجاة ليحاوط خصرها بذراعه القوى فتلتصق بجسده قائلا
- وحشتينى يابت الايه ؟!
حاولت التقاط انفاسها بصعوبه بالغه مستجمعه شتات الكلمات في حلقها وهى ترمقه بنظرات الخوف والحب، القرب والبعد، التمرد والخضوع، فشرعت لتحريك ثغرها لتردف عليه بوادر كلماتها ولكن سرعان ما ابتلعهم محمد بقبلاته المفاجئه وهو يقربها اكثر فأكثر إليه، ثار عنادها لوهله ولكن سرعان ما حطم جيوشه بمشاعره المتدفقة له ليرتفع علي قلبها راية المزيد من الحب .. القرب .. الشوق .. فقدت زمام السيطرة على كل شيء حتى تناست نفسها بين ذراعيه محلقه فى سماء حبٍ تنتشي له القلوب والابدان ..

 

" ماهو بص ياهواري لو انت هتعديها انا مش هعديها ولو على رقبتى "
اردف سليم مزمجرا وهو يقتحم ساحه القصر الواسعه بعدما نجح في الهروب من حصار ابنة عمه التى اقتنصت هدفا لتتراقص فوقه بمهارة ليكون لها في نهايه المطاف، جلس سليم بجوار جده الذي قال بشموخ .
- هتروح تعمل ايه ياسليم .. هطخه زي ما طخك ؟!
اجابه متحديا
- لا يا هواري بس اللي يتاخد بالدراع مابيرجعش غير بالعقل .. والقلم هيترد وزياده ..

اردف راجح الهواري بحسره
- بحور الدم دى لازمًا تُخلص ياولدى .. التار نار قايده عتحرق ماعتنطفيش واصل ..

- ومين شعلل النار دى غير ولدك ياجدى !
ضرب الارض بمؤخره عكازه ليضح حدا لاتهامات سليم الجارحه ليقول
- عمك ماقتلش .. ولا عمره يعملها طول حياته هو وسالم صحاب ياولدى .. ولو العالم كله قال ولدى قاتل انا مش هصدق .

جز سليم علي فكيه بنفاذ صبر
- اومال لو مش هو هرب ليه ! ولو مهربش فينه له اكتر من سنه مختفى، بلاش تبرر له حاجه يا جد .. ولدك دمرنا كلنا بعملته دى ...

ثم وثب سليم قائلا بنبره تهديده
- وانا مش هسكت مش ولد الهواري اللى يسيب رصاصه تلمس دراعه وميردهاش بمدفع ..

زمجر جده بقوة مردفا
- بت سالم كانت قبل امبارح في نص الليل هنا عتعمل ايه ياسَليم ؟!
تسمر ف مكانه محاولا استيعاب القنبله التى فجرها جده للتو، فادرف بتردد قائلا
- عرفت كل دا ومقدرتش تعرف جات ليه ..

اقترب منه جده مستندا على عكازه قائلا بضيق
- رد زين على جدك ياسليم ..
تأففةسليم بضيق قائلا
- كانت جايه تباركلى .. زي بالظبط ما ناسها جم يباركوا ..

رمقه جده بنظرات ساخره
- قصدك جم يعاينوا وهى جات تتأكد من مهمتهم نجحت ولا لا ..

عقد سليم حاجبيه قائلا
- قصدك ايه .. مش فاهم .. ؟!

اكمل الجد قائلا
- اصلهم جم لحد اهنه وهما ناويين يشيلوا خمسه كيلو بودرة ولولا انى كنت عارف بملعوبهم وصيت الرجاله عيونهم ماتنزلش عن كلب فيهم .. وفعلا اللى خفت منه حصل ورجالتى كتموا علي الموضوع ورموا البضاعه فالترعه، ولما راجح عرف اتقهر وقال يكمل ملعوبه ويبعت بت اخوه تعمل اللي معملهوش هو .. بدل مايحمد ربنا انى طلعتوه على رجليه هو وعياله ..

اتسعت حدقة عينى سليم محاولا استيعاب الكلمات قائلا
- مش معقوله ! لا انت فاهم غلط ياهواري ..

لكمه جده في كتفه بقوه قائلا بصوت مرتفع
- عتلعب بيك ووخداك كوبري عشان تضيعنا كلنا وانت مغفل .. سايب اللى عتحبك وماشي ورا بت اهلها اكبر تجار بودرة وهروين ياسليم ..

رفع سليم عيته بتحدٍ قائلا
- خلينا متفقين ان العتامنه ديلهم وسخ وان حيدر وادهم يعملوا اكتر من اكده .. وجد ذنبها ايه تحكم عليها ليه من غير ما تعرفها !

نهرهه جده بقوه قائلا
- انت اللي شكلك متعرفهاش .. وجد هى اللي عتطبخلهم الليله كلها .. كلهم عايشين من خيرها يا ولدى .. والا قال لى اكده واحد من صلبهم ..

اردف سليم متحديا
- لو العالم كله قال عليها طباخة ممنوعات مستحيل اصدق .. بت سالم ماتعملش اكده واصل ومهما حصل ياجدى متحاولش تكرهنى فيها لانى مش هكرهها حتى ولو عملت كده !

رمقه الجد بحسره قائلا
- فايز ولد عمها هو اللي قال اكده بعضمة لسانه وزمانه راح ليبلغ عنهم كلهم...

 

تجوب ثريا عرفتها ذهابا وايابا هى تفكر في حال بناتها واخر جمله قالتها يسر قبل ما تتركها وتغادر
- بس ياما انا بحب محمد ..
ضربت ثريا كف على الاخر
- ااااه ياناري .. هتعملى ايه فالنصيبه دى ياثريا ! لا ما بدهااااش لازمن البنات يعرفوا كل حاجه النهارده ... احسن ينبلوا الدنيا .. منا بردو مكنش ينفع اوافق علي الجوازه دى كان في كذا حل غير الجواز ...
ثم اتجهت نحو الباب مسرعه وهى تقول
- انا لازم اطب عليهم دلوق .. قلبي قايلى ان في نصيبه بتحصل .. منا مش هكون مطمنه وهما مع عيال الحربايه اللي ما تتسمى دى ...

" ست عفاف ست عفاف .. الحقى "
اردفت الخادمه جملتها على اذان عفاف الجالسه بغرفتها تخيط قطعه قماش بيدها قائله
- مالك يامزغوده ...
- الحقى .. ست ثريا رايحه ناحيه العمارة بتاعت العرسان وشكلها ميطمنش واصل ..
ضحكه ساخرة شقت شفتي عفاف قائله
- سبيها نارها تحرقها .. عاوزه تخرب علي بناتها عشان غبيه ومتعلقه بحبال الماضى !

اقتربت منها الخدامه بفضول
- اي ياستى .. عتقولى ايه !

قضبت عفاف حاجبيها
- وانت مالك يابت يلا غوري اقضيلك مصلحه وخليكى في حالك يلاااااه ..

- انا غلطانه انى بوعيكى ...

- لا ياختى واعيه ودريانه زين .. بس مكبره مخى لحد ما النار تاكل صحابها ...
ثم تنهدت بارتياح
- ربنا يصلح حالك يابت عمى .
يجلس مجدى امام شاشة حاسوبه الخاص يتابع شغله بعنايه، محاولا الانشغال عنها والسيطره على قلبه المنجذب لها دوما وهى كالجبال لا تلين ولا تميل حسب ما يهوى هواه، رفع حاجبه بتوعد وهو يقفل شاشة _اللاب توب _ قائلا لنفسه
- اي الخمول دا ! الواحد يروح يشوفله خناقه ولا حاجه ..

ثم اقترب من غرفة صفوة ليطرق الباب بجمود لاكثر من مرة فى كل واحده كانت تتجاهله الا ان ارتفع صوت عناده المزعج على الباب، رفعت رأسها من قلب الاوراق المبعثرة امامها قائله بصوت عالٍ اخترق الباب
- افنندددممم ..
اعتدل مجدى ليرتب ملابسه قائلا بمزاج
- دا انا ...
رفعت حاجبها متأففه
- منا عارفه انه انت .. عاوز ايه ..

- عاوز اكل ..
نهضت صفوه من فوق مكتبها بعصبيه، ثم اقتربت من الباب لتفتحه فجأه قائله
- وسبق وقولت انى مش قافله على الاكل والله ..
اتسعت حدقه عيون مجدى وهو يبتلع ريقه عدة مرات وهو يتفتنها بإعجاب ليري شعرها المنسدل الذي تحرر من _ضفيرته_ للتو تبدو كحُريات الجنة امامه ليفيق على صوتها القوة وهى تلملم شعرها بتلقائيه
- انت بتجر شكل والسلام !
شرد مجدى مردد بهيام
- اي العسل ده ؟!

عقدت صفوة ذراعيها امام صدرها قائله بحدة
- نعممممممم !
فاق مجدى من شروده سريعا ليقول بصوت عال
- يووووه قصدى اي اللي بيحصل ده !
عقدت حاجبيها مستنكرة
- لا والنبي !
- احم .. طب والله عسل ..
شرعت ان تغلق الباب فجاة ولكنه افشل مخططها سريعا باقتحامه لاعتاب غرفتها قائلا بنبره اشبه بالجديه
- ماهو دا مش اسلوب ياهانم ... انا مش متجوزك عشان تقفلى اوضتك وانا اقعد بره زى قرد قطع لوحدى وكل واحد مننا في وادى واسمنا في بيت واحد، ماهو مش جواز دا .. !

رمقته بنظرات ساخرة لتقول بهدوء
- امال اي الجواز اللي حضرتك مستنيه !
التفت اليها متبسمًا ليقول بشرود
- فين الافعال اللي يرفضها العرف والمجتمع !
شهقت بصوت عال ثم لحق مجدي نفسه مرددا بسرعه
- اكل يتحرق ودخان طالع من المطبخ وابقي ضحية ست سجلها المطبخى كله هباب في هباب .. فين الاكشن دا ؟!
اقترب صفوه من المكتب الموجود اقصي جانب الغرفه وهى تشير على بعض المواد الكيميائيه الموجوده فوقه
- انا مفهمش اي حاجه غير في دول،، فأحسنلك بلاش معايا السكه دى مش هتاكل معايا خاف على عمرك انت ..

- ياباشا احنا ناكل الزلط طالما من ايدك ..
تعمدت صفوة ان تتجاهل حديثه لتكمل دراستها ببروده، ظل مجدى يرمقها بنفاذ صبر ليقول لنفسه
- صبرنى يارب عليها عشان مقتلهاش ..

اقترب مجدى من خزانه الملابس ليفتحها فوجد بها كثيرا من الملابس الحريمى الخاصه بالعرسان ظل يتفقدهم بعنايه قائلا
- والله ياما الواحد ما عارف يودى جمايلك فين، بس هو الجميل يحن بس ..

اغلق مجدى باب الخزانه بعنف محاولا اثارة غضبها ولكنها كانت تبدو كجبل من الجليد لا يُذيبها اشعة غضبه، فطرق فوق سطح المكتب قائلا بهدوء
- تحبى اساعدك في حاجه !
رفعت طرف عينيها بشموخ وهى تشير بكفها
- اتفضل اطلع بره ..
ثارت جيوش غضب مجدى قائلا بانفعال
- ايييييه ياما التناكه اللى انت فيها دى،، دانا لولا انى متربي وابن ناس كان زمانك في مكان تانى دلوقتى فووووقي وبصي لنفسك في المرايا الاول ..

اغنضت عينيها بجمود ثم فتحتهم ببطء قائله
- مكان تانى ! فين بقي ؟!
اتسعت ابتسامة مجدى قائلا بتلقائيه
- في حضنى ...
وثب قائمه كالطوفان في وجهه قائله بصراخ
- انت قليل ادب ومتربتش .. واتفضل اطلع برره ..

اقترب منها مجدى بخطوات سلحفيه مما جعلها تراقب ملامحه الجديه بعيون متأرجحه وهى تتراجع للخلف واضعه اناملها فوق شفتيها بتلقائيه معاتبه، زاد مجدى في اقترابه نحوها حتى جلست فوق مقعدها بتوتر وخوف واضح .. انحنى بنصفه العلوى ليضعها بين حصار ذراعيه ويدير مقعدها نحوه قائلا
- ولاد عم علي عينى وعلى راسي، متجوزانى غصب عنك وقولت ماشي نصيبنا كده وهفضل طول الوقت حاميكى حتى من نفسي وهعديها، انما انك تتمردى وتتفرعنى وتنسي انى جوزك حتى ولو علي ورق واحترامى واجب عليك .. دا اللي مش هسمح بيه يابت عمى .. تمام يادكتورة .

تبادلوا النظرات لبرهه من الوقت حتى تنهدت صفوة تنهيده ارتياح بمجرد سماعها صوت جرس الباب وابتعاد مجدى ببطء عنها وهو يرسل لها اخر نظرات التحدى .

مستنده براسها فوق صدر حبيبها الاول الاخير تحتضن ذراعه الذي يحتويها بطيف الحب والامان لتقول بهدوء
- محمد ..
لازال محمد مغمض كلتا عينيه كانه غائصا في نهر الحب لايريد ان يُعكر بالحديث، فاكتفتى بأصدار صوت خافت
- ممممممممممم ..

- انت ساكت ليه ؟!
ابتسم محمد علي سذاجه سؤالها فاكتفي باحتضانها اكثر ليقول
- بروى روحى منك ..
بسطت يسر ذراعها الصغير فوق خصره لتقول
- ازاي يعنى !
اكمل محمد حديثه بهدوء
- لما افتح عينيا بشوف الوان كتير حوليا ممكن تشغلنى عن احساسي بحُبك اللى ساكنى دلوق، اما لما بغمضهم مش بشوف غير سواد وعتمه بتنوريهم عشان انت النور الوحيد في حياتى اللي مش عاوز اشوف ولا احس غيره .

طبعت قُبله خفيفة فوق جسده قائله
- وانت اجمل حاجه حصلتلى في حياتى كلها يا محمد .. اقولك انت اصلا حياتى كلها ..

اكتفى محمد بالاعتدال لينام علي جانبه الاخر ويدفثها داخل احضانه بعد ما طبع قُبلة الحب على ثغرها، صمت تام لاكثر من دقيقه قطعته يسر بسؤالها الساذج
- محمد .. هو انت ممكن تقول لامى على اللي حصل ؟!
نظر لها محمد بعين واحده والاخري لازلت منغلقه محتفظه ببقايا الاحساس بالحب الذي بعثره سؤالها قائلا
- نعم ياختى !
ارتبكت في احضانه قائله بخوف
- يا محمد بلاش الاسلوب دا .. اوعدنى بس انك مش هتقولها حاجه عشان خاطري ..
اعتدل محمد ليستند علي كوعه قائلا باستنكار
- حاجه زي ايه مش فاهم قصدك !

- اووف يوووه يامحمد .. قصدى ماتقولهاش علي اللى حصل مابينا وكده يعنى ..

غمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- وهو ايه اللي حصل ما بينا ؟!

لاحت بكفها بنفاذ صبر
- يووه يامحمد .. انت بتستهبل !
رجع خصيله من شعرها خلف اذانها قائلا بخبث
- لا فهمينى عشان اوعدك اذا كنت هقول ولا لا ..
رفعت صوتها بخجل مردفه
- محمممممممد ..
رد سريعا
- قلب محمد من جوه ..
ابتسمت ابتسامه طفوليه
- مش هتقول لماما على اللي حصل ..
عقد محمد حاجبيه مستنكرا
- وهو اي اللي حصل !

عضت علي شفتها السفليه بتلقائيه ولطخت وجنتيها بالحمره نتيجه اسهم نظراته التى لا تصوب الا نحو قلبها .. ليقول ممازحا وهو يدنو منها اكثر
- طب بصي احنا نكرر اللي حصل بينا من الاول خالص، ولما اوصل للحصل اللي مش عاوزانى اقوله لمراة عمى تقوليلى هو دا .. بيس ياوومن !
اطلقت ضحكه مرتفعه على اسلوبه معها حتى اوشك ان تمتزج انفاسهما سويا ولكن صوت طرق على الباب ارتفع اكثر فأكثر .. نهض محمد متأفف ليقول باغتياظ
- الجوازه دى منظورة وانا عارف مين بصلى فيها وهطلع عينه ..

يسر بخوف: استنى يامحمد لتكون امى ..
محمد معاندا: طب يارب تكون هى عشان ناوي اجلطها قريب ...

 

اتجه سليم نحو سيارته مسرعا يأكل خطاوى الارض غضبا .. ففتح بابها وصعد بداخلها ليبدأ في التحرك، رجع بظهر سيارته للخلف قليلا مما اصدرت صوت مزعجا ثم تقدم بسرعه فائقه للامام وهو يضرب مقود السيارة بقوة متجهًا نحو مشفى العتامنه ...

جالسه ثريا التى لم تنم منذ ليلة امس بسبب قلقها وذعرها خشية على بناتها التى تتوهم انها القت بهم في فم الاسد مجتمعه بهم جميعا في غرفتها لتقول بحده
- كل واحده فيكم تقول حصل ايه بالظبط معاها ...
اندفعت صفوة قائله بفخر
- انا عن نفسي بنفذ كل كلمه قولتيها بالظبط وزمان سي مجدى دلوقتي بيصوت زي النسوان فوق .
التفتوا إليها جميعا بذهول لتردف يسر قائله
- يخربيتك ! هببتي اى في الواد ..

صفوة بفرحه عارمه
- هو اللي هبب في نفسه .. مش انا ..
ثريا بفخر: جدعه يابت ..
ثم التفت نحو باقى بناتها قائله بجمود
- وانتوا ياهوانم !
شعرت يسر بالارتباك والقلق محاوله السيطرة علي جيوش الذعر التى انقضت عليها .. اما عن نورا اردفت
- عماد بيحب مراته ياما .. اتاكدى انى زي ما دخلت زي ما هطلع ..
ثريا بفرحه
- اصلا جوزك كلمنى وقالى عاوز يردك وانا وافقت ..

انتفضت نورا من مجلسها بقلق
- اييييييه ! مستحيل ارجعله اصلا .. اي الجنان دا ..
- اكتمى يابت .. خُلص الحديت في الموضوع دا ..
ثم التفت نحو ماجده قائله
- وانتِ يااخرة صبري .. نيلتى ايه !
انعقدت ملامح ماجده قائله
- وانا هعمل ايه يعنى وهو طول الليل راقد في السرير .. والنبي ياما سبينى في حالى ..
زفرت ثريا بنفاذ صبر ثم وجهت نظرها نحو يسر التى تجمدت من الخوف قائله
- هاا واخرة العنقود اللي مطلعه حسي !

انتفضت من مرقدها كالملدوغه لتقول بنبره مرتجفه
- انا ! كل اللي قولتى عليه يااما اتنفذ بالحرف .. مأنت عارفه مستحيل اعصي كلامك ابدا .. ولا ايه ...

نظرت لها ثريا بعدم تصديق ثم نهضت لتطوف حولهم بشموخ وهي مُرتديه جلبابها الاسود الفضفاض ويسبح في بحر عينيها حيتان من الشر وكإنها تنتوي لاغراق مدينه باكملها فاردفت يسر بقلق
- خبر ايه اومال ياما، ماالك مجمعنا كده ليه ؟

حدقت النظر في بناتها الاربعه الجالسين في اماكن مُختلفه من الغرفة ثم اردفت بتوعد
-عاوزاكم تسمعوني زين .. ورب العزه لو واحده ماسمعت الكلام لادفنها بالحيا .
قطعتها صفوة بفضول
- هو انا عاوزه اعرف ايه سبب الكراهيه بينك وبين عفاف مراة عمى !

"هجاوبكم بس مش عاوزه مقاطعه فاهمينى "
قالت ثريا جملتها وهي تقترب من النافذه التى يتسلل منها نسمات الهواء البارده الممزوجه برائحه الخُضره وتنظر لهما بكلتا عينيتها الواستعتين قائله
-" طول العمر وانا وعفاف مراة عمكم صحاب وولاد عم ولقمتنا واحده وسرنا واحد .. كانت عتحب منصور اخوي قوي من صُغرها وعتحاول تقرب منه بكل الطرق بس هو كان قلبه مع غيرها .. بقيت تخترع اي حوار عشان تكلمه .. وفي يوم لقيتها واقفه معاه بتحدتوه بصوت واطى مكنتش سامعه اي حاجه بس كنت شايفه ملامح وش اخوي اللي عتتحول ولون وشه اللي عيحمر وعيونه اللي الشرار عيطق منها .. عقلي فضل يودي ويجيب ياتري اي اللي عتقولهوله البت دي ! بعدها بدقايق اتفاجئ باخوي داخل عليّ الاوضه وجايبنى من شعري لحد ما مسح بيّ بلاط الدار كله وانا اصرخ ومش فاهمه حاجه .. اتاريها راحت قالتله علي سري اللى مافيش واحده غيرها تعرفه وانى عحب واحد وريداه وانه لازم يتصرفوا لانهم كانوا فُقرا قوي وقتها وازاي بيت الهواري يتجوزوا من ناس مش لاقيه تاكل ..

كلامها كان صح بس كشفت سري وكانت سبب في بعدي عن الشخص اللي عحبه وكانت فاكرة بكده انها هتكبر في نظر اخوي يقوم يتجوزها .. ووقتها كان جدك راجح عاوزنا لعياله الاتنين جيه طلبنا من اخوه (راضي) ووافقوا واخوي هددنى وقتها لو رفضت هيقتلنى ويقتل معاي الواد اللي عحبه واضطريت اوافق اتجوز ابوكم بالغصب .. وعشت طول عمري مدفونه بالحييا .. لاعرفت احب ابوكم ولا انسي التانى "

ابتلعت غصه احزانها وهي تعقد ساعديها امام صدرها بنتهديه قويه
صفوة بفضول: كملى .. سكتتى ليه .
ماجده مقاطعه: استنى بس .. قصدك ان عمتى عفاف كشفت سرك كحجه عشان تكلم خالى منصور !
اومت ثريا ايجابا ساخره
- وبعدها كانت عاوزه تقوله انها عتحبه واكده .. بالمختصر عشان لسه الحكايه طويله قوى .. عفاف سبب كل المصايب اللي في حياتى وعشان اكده طقطقولى ودانكم.

ماجده مُقاطعه بعدم تصديق بلهجة صعيديه: بس عمتى عفاف مستحيل تعمل اكده ياما لا انا مش مصدقه .

انهالت عليها فجاة بغل وهي تضربها بقوة بعشوائيه
"انت كمان هتكدبينى يابت انت ياقليله الربايه "

نجحت صفوة في ابعاد امها عن اختها بصعوبه بالغه
_اهدي يااما خلاص .. قوليلنا ناويه علي اي واحنا هنسمع كلامك للاخر

ابتعدت عن ماجده بعدما رمقتها بنظره سخط
"فتحولي ودانكم .."

اتسعت حدقه اعينهم جميعا في ذهول .. اقترب ماجدة منها
- قصدك اي ياما !

صمتت لدقيقه ثم اردفت قائله
- كل واحده منكم عريسها مستنيها وشاري، وانا محدش رجعنى هنا غير الورث وحقنا اللي لازم ناخدوه من حبابي عنين التخين، سمعت ان راجح هيوزع تركته قريب، ويدي كل واحد حقه .. والمطلوب منكم تبصموا عيال عفاف علي بياض، عشان يبقي كده تنازل رسمى منهم عن كل ممتلكاتهم، واول ما تنجح خطتنا المشتري جاهز وهناخدوا فلوسنا ونهربوا ونسيبهم للمشتري يولعوا في بعض ... فهمتوا ...

افواه مفتوحه محاوله استيعاب القذائف الناريه الخارجه من فم امهم، يتبادلون الانظار فيما بينهم بذهول وعدم تصديق حتى اكملت ثريا كلماتها بحده .
- والبت اللي متسمعش كلامى انا مش عاوزه اعرفها تانى ... دا حقنا وحق ابوكم اللي صرف علي الاراضي دى دم قلبه لازم نرجعه ..

انحنت ثريا لتناول المصحف الموضوع فوق الطاوله وتقترب من بناتها
- كل واحده تقسملى علي المصحف دا انها هتنفذ ومش هتعصانى وألا هتصرف معاكم تصرف مش هيعجبكم ...

 

وصل سليم لمبنى المشفى ثم دلف من سيارته سريعا دافعا بابها بقوة قوته مقتحم مبنى المستشفى من بابها الرئيسي .. لمحه احد رجال ادهم فسرعان مالتفت احدهم ليجري هاتفا تليفونيا يخبره بوجود سليم الهواري ..

وصل سليم امام باب الاسانسير ليضغط عليه عدة مرات متتاليه دون جدوى .. فاستدار بجسده ليصعد درجات السلم مشمرا طرف جلبابه الفضفاض حتى وصل الي مكتبها ففتح الباب بقوة ولكنه اصيب بخيبة امل جديده عندما لم يجدها .. زفر بضيق فظل يجوب طوابق المشفي كالتائه الذي يبحث عن طريق الهدايه متوعدا لها في سره ,,

وبعد مرور بعض الوقت وجدها خارجه من غرفة العمليات مرتديه زيها الرسمى وتزيل الكمامه من فوق انفها متنهده وسرعان ما التفت قلبها نحوه بعيون متسعه قائله بصوت هامس
- سليم !

قبض سليم علي ذراعها ودفعها في الغرفه التى توجد خلفها ولحسن حظهم كانت فارغه تماما .. انخلع قلبها من مكانه محاولة استجماع قوتها قائله
- انت ايه اللي جايبك هنا يا عريس !

قفل سليم باب الغرفه عليهما ثم استدار نحوها قائلا
- جايلك ...
رفعت حاجبها ساخره رافعه اسلحة الكبرياء
- والله ! انت لحقت تزهق من العروسه كده بسرعه ! ياحرام ؟
اغمض عينيه لبرهه قائلا
- وجد ... اتعدلى .
ارتفعت نبره صوتها مزمجره بحده وهى تلوح له بكفها
- انت جاي لحد مكان شغلى وقافل علينا باب واحد وتقولى اتعدلى ! انت قاصد تجننى !

انقض عليها بكل قوته ممسكا بخصرها ليرتطم ظهرها بالحائط رافعا كفها لاعلي وهو يتأمل ارجحة عيونها التى لا تنادى الا عليه .. وحركه انفاسها المتصاعده التى ترج عظام صدرها مما اوشكت علي الارتطام باسواره .. حرك سليم ساقه اليمنى قليلا ليضعها فوق مشط قدمها ليشل حركتها ويضمن عدم فرارها من تحت حصاره قائلا بحب:
- وحشتينى ...
تحطمت كل جيوش قوتها امام كلمته ففرت من عينها دمعه خدشت وجنتيها سرعان ما تلقاها سليم بابهامه قائلا بابتسامه واسعه
- ما هو انت لو تبطلى عناد العتامنه ده هتبقي حلوة والله ..
بللت حلقها الجاف من حرارة نظراته وهى تشعر بالهزل والضعف امامه قائله بصوت مهزوز
- سليم روح امشي ..
دنى راسه منها قليلا ليصدر صوتا نافيا
- تؤؤ .. اما اخلص حقى منك ..

دارت براسها بعيدا كى تهرب من حصاره ولكن دون جدوى افسد مخططها عندما سند ذراعه علي الحائط ليسد طريقها قائلا بنبره قويه
- بقي وجد سالم البت اللي متربيه علي القيم والاخلاق تصنع بودره ! هو دا اليمين اللي انت اقسمتيه يا وجد !

لوهله شعرت بيد تسلل داخل قلبها لتعتصره الامًا محاوله استيعاب كلماته
- ايييييييييييييه ! انت بتقول ايه !
ازاح خصيله من شعرها قائلا
- اي كلامى وجعك عشان صح .. معلش هى الحقيقه دايما بتوجع الكدب طعمه احلى !
دفعته بكل قوتها بعيدا عنها لتقول بصوت مرتفع
- اطلع بره ياسليييم .
اجابها بحده
- مش طالع غير لما تقوليلي عملتى كده ليييييييييييييييييييه !

- انت جري لعقلك حاجه ! اي الهبل دا .
- هبل ! واللي انت بتعمليه عادي كل يوم بتموتى آلاف من الزفت دا وانت كده مبسوطه ياوجد !

ذرفت دمعه من عينيها لاتهاماته السخيفه ثم رفعت راسها بشموخ متذكره تهديد ادهم الاخير لها لتقول بتحد
- اااه ياسليم بصنع بودره وانا السبب في غنى العتامنه المفاجئ دا .. واقولك كمان مافيش شحنه طلعت من قنا الا من تحت يدي .. مش بيقولوا الفلوس هى اللي بترفع وتعلى من قيمة الواحد .. اهو كبرنا بالفلوس الحرام .. عاوز ايه تانى .. اتصدمت ! كرهتني ! طب حلو عشان تعرف تنام في حضن مراتك وانت ضميرك مستريح ان وجد ماتستاهلش حبك ... خلصت كلامى يلا اطلع بره ...

اقترب منها سليم واثقا وبثغر متبسم ليقف بالقرب منها مردفا
- وشك حمر .. ورجلك مابطلتش حركه من واول ما بداتى تتكلمى .. وايدك مابطلتش لعب في شعرك .. ونبره صوتك مهزوزه .. وعيونك بتتمرج كانها في سيرك .. مش دى لو صنفناها حسب لغه الجسد تبقي من علامات الكذب يادكتوره !

بللت حلقها بتوتر لتقول بارتباك محاوله تصنع القوه
- وانك جيت وسألت ده لو صنفناه حسب علم النفس يبقي انت مصدق ياهندسة ..
ازاح خصيله من شعرها خلف اذانها قائلا
- والله لو بقيتى زعيمة عصابه ما هحب غيرك بردو ..
ثم مسك كفها وانحنى قليلا ليقبله كأنه يدرك جيدا فن التعامل مع المرأه راقصا علي اوتار قلبها فالكف حينما يقبل يُنحنى اليه لا يعلو للثغره .. اتنفض قلبها حبا قائله:

- انسانى ياسليم !
تبسم بثقه قائلا بخبث
- كأنك بتقولى روح موت ياسليم !
وضعت اناملها فوق ثغره متلهفه
- اتلم .. لو قولت كده تانى هقتلك .
ضحك بصوت عال ناظرا لذراعه
- مش كفايه اللي عمله ادهم الكلب امبارح !
شمرت كمه بلهفه قائله
- ورينى طيب اطمن علي حرجك
وضع كفه فوق ظهرها وهو يدنو منها قائلا بحب
- هو كان واجعني بس لما شافك راق وبقي حلو قوي قوي .
نسيت كل همومه للحظه رافعه ابتسامه خافته ثم شهقت بصوت عال
- سليم روح امشي يالهوووووي انت في المستشفي وزمان رجاله ادهم شافوك تحت .

نظر لها بعيون ضيقه قائلا
- طيب قبل ما امشي مافيش حاجه كده ولا كده !
رفعت حاجبها متبسمه كأنها فهمت مغزي كلماته
- زي اي بقي !
نظر في ساعته الفضيه بيده قائلا
- ليكِ 38 ساعه بالظبط مدخلتيش حضن سليم ودا ف حد ذاته واجع قلبه قوى لحد ما خلاه يسيب عروسته الحلوه ويجيلك علي ملا وشه اكده .. يرضيكي اروح مكسور الخاطر .

احمرت عينيها غضبا لتقول
- كسر رقبتك ياسليم من جدورها ويلا كدا اطلع يابابا روحلها ومتورنيش وشك تانى .
قهقهه بصوت مرتفع وهو يحضنها عنوه عنها قائلا بهدوء وهو يتنهد بين ذراعيها
- فعلا مش هوريكى وشي غير لما اجيبلك راس ادهم بدل ماهو واقف لنا زي اللقمه في الزور اكده .

دفعته لبعيد وهى تقول بغضب
- تقتل ولد عمى وعاوزنى اعيش معاك !
- ما طول ماولد المحروق ده عايش مش هعرف اعيش انا معاكِ ..
- لو قربت منه مش هيحصل خير ! انا بقولك اهو
ثم قال سليم متحديا
- وانا بقولهالك اهو حقى منه هاخده ياوجد وحتى حبي ليك ما هيوقفنى .. يلا سلام
زفرت بضيق مردفه بعناد
- كل حاجه عندك بالدراع والبلطجه يلا مش عاوزه اشوفك تانى اصلا ..
تجاهل كلماتها ثم غادر متبسما وهو يردد
- ما هو بردو ما كانش ينفع احب واحده برج الجوزاء !

 

" انا مستحيل اعمل كده "
اردفت يسر جملتها بخوف وقلق عندما اقتربت منها امها حامله بين ذراعيها المصحف كى تقسم عليه .. فاحمرت عيون امها غضبا قائله
- وتسيبى تعب وشقي ابوكي لولاد عادل ! عاوزه تفرطى في حقنا ليييه عشان الحب ! حبيبك مستنيكى في مصر يايسر اطلعى بقي من جو البلد والفقر دا وعيشي عيشه عليوى تليق بيك يابتى .

انتفضت ماجده من مكانها قائله
- انتوا عاجبكم الكلام دا ! عاوزين تنصبوا علي ولاد عمكم وزواجكم !
صفوه بشموخ
- انا مع امى جدا .. كل الخير دا من حق ابويا لان القسمه مش هتكون عادله اصلا .. واحنا اي ذنبنا ناخد التلت بس من ثروة جدك بحكم ان ابونا في حكم الميت ! وبالاضافه انهم هيشاركونا فيه كمان يعنى احنا اللي هنطلع ايد ورا ومش هنلاقي ناكل .. وكمان اللي عملته مراة عمك مش سهل قوى واحنا لازم نرجع حقنا وحق امنا ..
اكملت ثريا مسرحيتها بمكر
- شايفين الكلام ! وانت ياست ماجده راضيه بالذل دا وسليم مش بيحبك ياهبله .. كوشي وخدى حقك واقهريه .. هيجيلك راكع عشان يرجع فلوسه وابقي قولى امى قالت ..
اقتربت منها ماجده بتردد
- يعني انا لو عملت كده سليم هيرجعلى !
ثريا بخبث: طبعا ويتمنالك الرضا ترضى .. العبي عليه بالبيضه والحجر زي بت العتامنه .
تناولت ماجده المصحف من والدتها لتقسم عليه قائلا
- وكتاب الله ياما هنفذ كل حرف قولتيه . بس سليم يرجعلى
اعتلى ثغر امها ابتسامه خبيثه ثم التفت نحو نورا ويسر قائله
_ وانتوا ياخرة صبري ..

انتفضت نورا من مجلسها لتقول بصوت باكى
- انا مش عاوزه اي حاجه .. بعد اذنكم ..
نهرتها امها بعنف
- خدى هنا يابت غايره فين ..
انفجرت نورا باكيه
- سبينى في حالى ياما الله يرضي عنك انا مش عاوزه حاجه ,,
ركضت نورا سريعا خارج الغرفه بعيونها الدامعه التى افتقدتها الرؤيه امامها مما جعلها ترتطم بمحمد امام الغرفه قائله بسرعه
- اسفه يامحمد ..
ثم انصرفت من امامه سريعا هاربه من شر امها نحو جنتها الممتلئه بطيف ريحته الذي يكفيها لتكمل الباقي من عمرها متغذيه عليه .. عقد محمد حاجبيه باستغراب قائلا
- مالها دى !

التفت ثريا نحو ابنتها يسر لتقول
- وانت ياغندووره !
التفتوا جميعا نحوه صوت محمد الواقف امام باب الغرفه قائلا
- العندوره هتروح معايا حالا عشان جوزها محتاجلها جدا ..
طوق النجاه بالنسبة ليسر خيم عليها لتتنهد اخيرا بارتياح وهى ترسل له ابتسامه فرحه ,, اردفت ثريا بكره
- عاوز اي من بتى ياولد عفاف ..
اتسعت ابتسامه محمد واثقا
- مرتى يا حماتى .. اما انت عليك اسئله غريبه قوى .!
رمقت ثريا ابنتها بعيون صقريه حاده مما جعلها تنتفض من مكانها .. فاقتحم محمد الغرفه ليقف امامها ويحاوطها بذراعه قائلا
- مالك ياسو في حد زعلك .. قوليلي بس مين هو وانا مستعد اوديه ورا الشمس حتى ولو كانت امك نفسها .

ضغطت يسر علي كفه راجيه ان يلتزم صمته فاردف محمد سريعا بمزاح
- سوري ياحماتى يعنى .. بس اصل يسر غاليه عندى قوى ولما حد يزعلها بنسي ان ارتبيت اصلا ..
نيران اشتعلت في جوف ثريا وهي تري انهيار خطتها امام عينيها .. انحنى محمد قليلا ليحمل زوجته بين ذراعيه قاصدا اثارة غضب ثريا وهو يقول
- هستئذنك بقي ياحماتى .. عريس بقي وكده وهيموت علي مراته وبصراحه يعني مش وقتك خالص .. فوتك بعافيه يامراة عمي ..

حاولت يسر ان تكتم ضحكها هى ومحمد قدر المستطاع الا انهم وصلا الي مقدمه سلم الطابق فانفجرا ضاكحين علي نظرات امها ووقوفها عاجزه امامه وهى تتوعد لابنتها ..

ندبت ثريا حظها حسرة وندما وهى تقول
- البت دي هتنيل الدنيا .. اااااه يااانى علي بختك المنيل ياااااثريا وعلى بناتك اللي ناويين يكسروا ضهركك ..

علي الطريق يقود سليم سيارته سريعا ففوجئي بسياره اخري تعيق خطاه .. حاول تفادى السياره الاخري قدرة المستطاع علي الطريق الزراعى فزاد من سرعة السياره وعلي المقابل زادت السياره الاخري من سرعتها حتى وقفت امام سيارة سيلم مما جعله يفرمل فجاه مدلفا من سيارته بغضب وعلي المقابل دلف ادهم من سيارته قائلا
- هو انا يابنى مش معلم عليك امبارح عشان ترتاح في بيتكم وتكِن بدل ما انت داير اكده علي بنات الناس !

ابتسم سليم ساخرا
- ماهو لامؤاخذه مش رصاصه من عيل بيلعب بالسلاح هترقد سليم الهواري ياعتمانى ..
استند ادهم علي مؤخره سيارته عاقدا ذراعيه
- عاوز ايه يا سليم .
صف سليم امامه مستندا هو الاخر علي سيارته
- اللي بيعوز هو اللي سايب وانا مش سايب حاجه عند حد .. شوف انت عاد عتشمشم وراي ليه ! معقول لحد دلوق مش قادر تنساها !

احمر وجه ادهم غضبا لانه فهم مغزى حديث سليم فاردف قائلا
- ليه وهو كل اللي عيحبوا عيموتوا كده زيك !

اومئ سليم راسه ايجابا مردفا
- اللي عيحب عيموت في حبيبه .. لكن عمر الحب ما بيطلع الشيطان اللعين اللي جوانا !

- ااااه وشيطانك انت كان فين بقي ! كان بيلف علي البت الوحيده اللي حبيتها ؟
ابتسم سليم ساخرا
- ورحمة ابوك ماتوهم نفسك وتربي عداوة من مافيش .. عشان ولد الهواري محبش غير واحده بس وهى بت عمك اللي كلها كام يوم ومش هتنام غير في حضنى .. انما مخدتش بنات من حد البت صحبتك بتاعت الجامعه هي اللي زهقت منك طيب اتعلم كيف تتعامل مع الجنس اللطيف الاول وبعدين ابقي تعالى ارمى بلاك ..

ضغط ادهم علي كفه بغضب واسهم الشر تنبعث من عينيه ليهجم علي ياقة سليم بقوة قائلا
- بتحلمممممممم !
ضحك سليم بصوت عال
- وانت كمان بتحلم لو مفكر تاخدها منى وفاكر بكده انك بتنتقم .. حماااار
رفع ادهم قبضة يده ليهجم علي سليم بلكمه قويه ولكن اوقفه صوت رنين هاتفه .. فابتعد عن سليم متأففا ليخرج هاتفه .. رتب سليم ملابسه وهو يقول بثقه
- ابقي قابلنى في مزاد بكرة ياادهم باشا ..
تنهد ادهم بضجر وهو يرد علي هاتفه فاتحا الميكرفون
- الوووووووو

اتكأت وجد فوق مقعدها وهى ممسكه بالهاتف الارضي لتقول بتأفف
- ايوه ياادهم ... انا موافقه علي طلبك بتاع الصبح ..

تبدل الحال من الجليد للبركان .. تجمدت مشاعر ادهم فرحا وثارت جيوش سليم غضبا لجملتها الاخيره .. فتبادلوا الانظار فيما بينهم وكل منهما يرفع اسلحة حربه ...
اتكأت وجد فوق مقعدها وهى ممسكه بالهاتف الارضي لتقول بتأفف
- ايوه ياادهم ... انا موافقه علي طلبك بتاع الصبح ..

تبدل الحال من الجليد للبركان .. تجمدت مشاعر ادهم فرحا وثارت جيوش سليم غضبا لجملتها الاخيره .. فتبادلوا الانظار فيما بينهم وكل منهما يرفع اسلحة حربه .. اعتلت ابتسامه انتصار فوق ثغر ادهم قائلا
- طب والله احلى خبر سمعته يا غاليه ...

تأرجحت عيون سليم مذهولا فاردف بغضب
- موافقه علي ايه ياروح امك !
فزعت وجد من مقعدها قائله بنبرة منتفضة
- سلييييييييييم !
اغلق ادهم الخط سريعا قائلا بخبث
- هو مش عيب اما تدخل بين انتين عرسان اكده ! عموما الفرح هنحددوه النهارده .. هابقي اعزمك ..

استدار ادهم موشكًا علي المغادرة ولكن توقف بسبب انقضاض سليم المفاجىء علي ياقته قائلا بصوت جمهوري
- في ايه بينك وبينها ياولد ساميه ..
ضحك ادهم بصوت عال مردفا بسخريه
- في حب ووله وعيل صغيره جاى في السكه .. اوعى كده يا سليم خلينى اروح اشوف عروستى ماتبقااش عزول بقي ياسليم هو انت مش اتجوزت !

زفر بضيق محاولا تمالك اعصابه قائلا
- اقتلها ولا ان اسمها يتكتب علي اسمك ياادهم ..
ثم ابتعد عن طريقه قائلا
- يلا اتفضل عطلناك .. سلامى للعروسه ..وياريت توصلها اااااا ولا اقولك انا لما اقابلها هوصلهولها بنفسي ..

نظرات ناريه تجوب بين حِدق اعينهم لدقائق مسروقه، حتى دار كلا منها متجها نحو سيارته ليغادر .. صعد سليم سيارته وهو ينتوى لوجد عما قالته .. اما عن ادهم فغمرته الفرحه التى جعلته يحلق من فوق الارض بسيارته مرددا بانتصار
- كده اللعب هيحلو يا وجد !

اما عن وجد فجن جنونها، وتيره من الاسئله تهجمت علي ذهنها ففقدتها اتزانها فشعرت انها تدور في مدار فلكى حول الشمس، متنهده بالم وهى تلقي جسدها فوق المقعد الجلدى الاسود
- ياتري دول كانوا مع بعض بيعملوا .. حبكت ياوجد تتصل دلوق ! اوووف اعمل ايه .. انا احسن حل اروح لان سليم مش بعيد يطب عليا تانى ويخلى يومى اسود ...

وصلت نورا الى شقتها بجسد هالك مُتعب فاغلقت الباب خلفها بهدوء لتجلس على اقرب اريكه مستنده براسها للخلف ومغمضه عينيها متخذه انفاسها بتثاقل كى تستريح من جيوش امها التى كانت تتسابق معها، نزع عماد نظارته الطبيه واغلق الكتاب الذي بيده يترقبها بصمت تام لعدة دقائق حتى اعتدلت في جلستها وجدته امامها فلطخ وجهها بالحمرة مرددة بارتباك.

- انا اسفه محستش بنفسي والله ..
تنحنح عماد بخفوت
- لا عادى خدى راحتك واستحملينى الفترة دى .. يارب اكون ضيف خفيف عليك .

تأملته باعجاب وصمت تام وهى تستمع لصوت دقات قلبها التى يُحيها صوته، فارسلت له بسمه انبهار
- اجيبلك ميه لو تعبانه اوى كده ؟!
هزت راسها نفيا لتقول بامتنان
- لا مالهوش لزوم .. اصلا هدخل اوضتى .. وبعدين سوري يعنى قطعت تركيزك ..
حرك عماد الكتاب بتلقائيه
- لا ابدا اصلا للمرة التالته بقرأه .. يعنى حافظ كل كلمه فيه .
قضبت نورا حاجبيها مندهشه لتقول
- واووو the shadow of the wind ! شكلك بتحب القراءة اوي طالما بتقرا كتاب عملاق زي دا بيتكلم عن الكتب والمكتبات ..
التفت اليها بانتباه ليقول بتعجب
- انت ليك في القراءه ولا ايه ..

اومات راسها ايجابا مردده بابتسامه واسعه
- ااه جدا .. وبكتب حاجات علي خفيف كده .. بحسها الحاجه الوحيده اللي بتهون عليا كل الوجع دا ..
رفع حاجبه باعجاب مع ابتسامه خفيفه
- معقوله ولاد عم كل دا ومعرفش ان في حد مجنون قراءه كده زيي وكمان بيكتب ! طيب ياستى ناولينا شرف اننا نقرألك حاجه ..
بللت حلقها بذهول فهى لم تصدق نفسها، للتو عثرت علي مفتاح صندوق قلبه لتمتلكه دون ادنى مجهود منها،، عجيب ذلك القدر يمنحنا مفاتيح لقلوب اناسى لا تفتح إلا بفتاحها الخاص فلعبة القدر ان تجمع من بالشرق بمن بالغربه ليكتملا ..

تبسمت بامتنان قائله
- لا مش للدرجادى يعنى مجرد خواطر مش اكتر ..
تحمحم بخفوت قائلا
- هستنى اقراهم واقولك رأيي فيهم .. انت قريتى " ظل الريح " .

اومات ايجابا
- لا .. قرات نصه بس مكملتوش بسبب الظروف والدربكه اللي حصلت .
تبسم عماد وهو يعطى لها النسخه بسخاء
- واهى النسخه معاكى ياستى .. خلصيها براحتك ..
تناولت منه الكتاب بفرحه وهى تشعر بان قلبها يتراقص علي اوتار السعاده مرددا
- شكرا خالص .. هدخل اقرا فيه دلوقتى ..
ثم تراجعت فجاه قائله
- تطلب ايه حاجه .. غدى او شاى وكده ..
اجابها بصيغه رسميه
- متشكر .. هنزل اشرب الشاى مع عفاف تحت ... خدى راحت ..

نصب عوده صاحب الملامح الجديه التى يخفى خلفهم وسامته الجذابه والبشره القمحاويه ووجهه المستطيل بعض الشيء والجسد الرياضي المفتول امامها فأجبر عينيها ان تنجذب إليه كليا تلهفت عدسة عينيها لتلتقط صورة فوتوغرافية له بجوفها عن هذا الحد القريب جدا ..

وصل سليم الى قصرهم الفخم مردفا من سيارته بغضبٍ شديد كافى ان يشعل النيران في كافة ضواحى قنا .. فامتدت عينيه نحو جده الجالس في جنبا يرتشف كوب الشاي بهيئته الوقاره .. رأه جده مقبلا عليه فوضوع كوبه علي نهايه الطاوله امامه قائلا بصوت جمهوري
- بردك روحتلها !

تأفف سليم باختناق وهو يدنو منه قائلا
- راجح الهواري عيراقبنا ولا اييه !

اتكأ جده للخلف قائلا بهدوء اشبه بالثقه
- دانت تربيتى ياسليم وحافظك اكتر من نفسك ..

جلس سليم امامه باختناق قائلا
- طول عمرنا صحاب ياهواري وفي كل مرة بتاخد رأيي في الصغيره قبل الكبيره .. اشمعنا دى اللي جاي تغصبنى فيها !

ابتسم جده بوقار قائلا
- وانت كل مرة سايق في الدنيا من غير وعى وعتعمل اللي يقولك عليه قلبك .. اشمعنا الموضوع دا بالذات اللى جاي تشاورنى فيه ؟!

- عشان مش عاوز اعصيك .. ولا اعمل حاجه تزعلك .. مش عاوز ابقي ناكر للجميل وتربيتك ياهواري عاوز حياة تكون راضي عنها ..

- متحاولش ياسليم عمري ما هرضي ..
سليم باختناق
- هو انا مش عملت اللي قولت عليه ونفذته بالحرف ... يبقى زعلان ليه اعمل اللي هيفرحنى ..!

- علي جثتى ياجثتك بت العتامنه تخش بيتى ودمها يتخلط بدمنا ياسليم ..
جز سليم علي فكفيه بامتعاض عندما رأي ماجده تتقدم نحوهم بابتسامه مدلله .. فزفر بضيق قائلا
- ماهى كانت ناقصاكى ..
اقتربت منهم ماجده بسعاده
- عامل ايه ياجدى ..

- طول مانتوا فرحانين ومبسوطين انا احسن واحد في الدنيا ..

جلست ماجده بجوار سليم لتشبك كفها بكفه قائلا بفرحه
- تقلقش ياجدى سليم في قلبي وعيونى لاخر العمر .. وكفايه وجوده في حياتى .. اطمن انت بس ..

رمق راجح سليم التى اوشكت براكينه علي الانفجار قائلا
- ربنا يبعد عنكم كل عفش يابتى .. يلا خدى جوزك واطلعى ..
نظرت له بعيون لامعه
- يلا ياسليم !

بعد سليم كفه ثم نهض فجأه يجر ذيول وجعه متجها نحو غرفته بالقصر .. فتابعته ماجده الى ان وصل لهناك فقلت الباب خلفه بهدوء
- سليم انت ليه مروحتش بيتنا ..
لاح إليها بكفه بدون اهتمام
- مابرتحش غير ف اوضتى ..
ابتسمت بخفوت قائله
- مش مهم وانا راحتى في المكان اللى انت فيه ..

قبض سليم علي كفه بغضب فبلالين تحمله اوشكت علي الانفجار، الكلام يخرج من ثغرها اسهم مدببه تؤلمه،، انحنى قليلا لينزع جلبابه فركضت نحوه سريعا لتساعده، زال سليم جلبابه فوجدها امام عيونه وكفها الصغير يمر بنعومه فوق صدره قائله
- عمري ما حلمت غير اننا يتقفل علينا باب واحد ..
ثم تبسمت بحب قائله
- طمنى علي جرحك !
تأفف سليم وهو يبتعد عنها متجها نحو المرحاض قائلا بغضب
- نقح واتفتح ...

عقدت حاجبيها محاوله استيعاب كلماته ففاقت علي صوت قفل الباب، فتبسمت بحب
- ماله ده .. شكلك هتغلبنى معاك ياسليم !
نزعت عبائتها الفضفاضه سريعا مرتديه خلفها -بيجامه- مكونه من شورت وتي شيرت يبرز كل معالم جمالها .. وتقدمت نحو المرآه كى تسيب شعرها بتغنج قائله
- يانا يا انت يابن الهواري !

بينما سليم كان يردد في ذهنه معشوقته بعد ما هرب من سطو ماجده قائلا بتوعد
- ايامك سوده معاي ياوجد ... التقيل منى مستنيكى ! بقي تكونى في حضنى الصبح ووتصلى بالكلب التانى تقوليلو موافقه دا علي جثتى .. ورحمة ابوي وابوكى ماهناولهالك !

" يخربيت اليوم اللي عرفتك فيه ياشيخهه ... اهبب ايييه دلوق ! انت ساكته لييه انطقى "

اردف مجدى جملته بنفاذ صبر وصوت اقرب من التهجم وهو يحك جسده بعفويه ويتقلب في مكانه كأن مهب الريح من تحت قدميه، اصبح جسده محمرا من كثرة ما تعرض له من المواد الكيميائيه، فاردفت صفوة بعتاب ساخر
- انا مش عارفه اي اللى كبرها في دماغك تنام علي سريري .. ادى اخرة الديل النجس اخس ..
احمرت عينى مجدى التي التهبت غضبا
- في حد عاقل يحط كيماوي ع السرير ... انت مجنونه ..

رمقته بعيون ساخره لتردف بثقه
- لا اقولك ايه احترمنى احسنلك عشان الترياق اللي ممكن يخففك دلوقتي مافيش ولا دكتور ولا حد هيعرف يخففه غيرى ..
ركض مجدى نحو المرحاض نازعا من تبقي من ملابسه تاركا بابه مفتوح ليلقي بجسده في حوض المياه متوعدا لها بغل
- شكلك عاوزانى ارتكب جنايه فيكى ..
اتكأت علي باب المرحاض بثقه لتردف بفخر
- قرصة ودن خفيفه كده ياهندسه، عشان لو خيالك المريض صورلك اي حاجه تانيه كده ولا كده اعرف ان العله والدوا معايا انا وبس .. ويلا هكسب فيك ثواب وكفايه عليك كده ...

لازال مجدى يتقلب في حوض المياه متأوها ومتوعدا لها في سره
- والله لاربيكى ..

انصرفت صفوة لتعد حقنه الترياق الخاصه باختراعتها الاخيره بانتشاء رهيب وشعور بالنصر يغمرها لتردفف بفرحه
- رجاله مش عاوزه غير العين الحمره !

اتجهت نحوه لتقف بعيدا قائله

-البسلك حاجه وتعالي .. عشان تعرف انا حنينه وبت ناس ومهونتش عليا ازاي ! يلا شالله يطمر والناس تكون اتعلمت واتربت !
اردف مجدى بضيق
- مش لابس زفتتت وانجزى احسن اتجنن عليكِ .
هزت صفوة كتفيها بلا مبالاة
- حط في بالك انك انت الموجوع واللي محتاجنى هاااااا
نهض مجدى سريعا من مرقده مما تسبب في صراخها المفاجىء مستديره وجهها بعيدا عنه لتقول بغضب
- انت غبى !
انحنى مجدى ليرتدي ما قابله بوجهه قائلا
- انجزى ومتعمليش فيها ست المكسوفه ...
استدارت ببطء لتقول
- بس عضل ! خد اضربها لنفسك بقي ...

- انت مصممه تخرجينى عن شعوري ليه ... وانا هضربها لنفسي ازاي .. ياما انجززززى ..
رمقته بعيون متأرجحه ثم قالت
- طب لف اما اشوف اخرتها ...

بعد محاولات كثيره استجمعت صفوة قوتها كى تعطيه الحقنه لم تعلم لماذا كان جسدها بنتفض لهذا الحد وقربه كان اشبه بماس كهربي يصيبها من قدمها ليصل لصميم قلبها تحديدا ... انهت عملها قائله بصوت مهزوز
- ١٠ د وهتكون كويس .. تقدر تاخد شاور بارد عشان جسمك الاحمر دا يخف شويه ..
رمقها مجدى بعيون ماكره ليقول
- عقبال مانخدمك في التقيله !

 

اقتحمت ماجده المرحاض علي سليم مما جعله يلتفت بجسده للجهه الاخري قائلا بضيق
- انت ازاي تدخلى كده! اي مافيش خصوصه ولا ايه ؟!
تلعثمت الكلمات في حلقها لتردد بخفوف
- اسفه بس كنت حابه هساعدك وكده ..

-لا متشكر متعود اسبح لوحدى .. اخرجي ياماجده ..
طافت عينيها يمينا ويسارا قائله
- ليه ! هو انا مش مراتك ؟!
جز سليم علي فكيه باختناق
- ماجده ... اخذي الشيطان ياااماجده اطلعى .
تجاهلت ماجده اوامره فاتخذت خطوة جريئه لتدنو منه اكثر تمرر كفها علي كتفه بحنان
- سليم هو في ايه .. ليه قاصد تبعد عنى ؟!
ارتعد جسد سليم كأن ماس كهربي انقض عليه فابتعد عنها خطوة قائلا من خلف فكيه
- ماجده .. قوووولت اطلعى والا مش هيحصل طيب ..
تبسمت بخفوت ثم اومات ايجابا متراجعه للخلف
- هستناك بره ..
تنهيده ارتياح خرجت من شفتي سليم بمجرد سماعه صوت غلق الباب قائلا بنفاذ صبر
- الصبر من عندك يااااكررررييييم ..

 

" زي ماسمعت يا ادهم .. موافقه "
اردفت وجد جملتها بثبات وهى تلتفت لتجيب علي سؤال ادهم .. الذي اردف مهللا
- طب والله اكده تبقي بت عمى صُح .. يسلم فومك يا وجدانه قلبي ..
بلعت غصة احزانها بخفوت
- تمام .. خد هات الطلبات دى !
صفق ادهم بفرح
- حلاوتك يادود !
رمقته بنظرات ساخطه لتقول
- هو سليم كان معاك بيعمل ايه ..
ضحكة ساخره شقت ثغره قائلا
- ابدا ! كنت بعزمه علي فرحنا .. يهمك في حاجه ..
تنهدت باختناق
- فرحنا ! طيب .. المهم لسه عند وعدك ليا !
- انه وعد ياودود ؟!
- سليم ياادهم .. متستهبلش .. هتشيله من دماغك ..

-واشيل قلعة ابوه كمان دا حتى قالب راسي بالكدب .. المهم رضاكى ياست الستات ..

رمقته بضيق ثم انصرفت من الجهه الاخري متجهه نحو الجنينه .. وعلي حدا فايز يصف امام ساميه بهمس ليردد
- كل حاجه تمام يامراة عمى .. وجد فاكرة انها شغاله مع الحكومه وكله زي الفل ..

تنهدت ساميه بارتياح لتردد
- كويس ما نشفتش راسها تروح هى للحكومه بنفسها .. كده ماشيين حلو ..

اتكا فايز على سور السلم بشموخ ليقول
- لا ماهى كانت هتعمل اكده .. بس انا اقنعتها ان ادهم مراقبها واكده هنكشف نفسنا وشويه كلام من عندى ...

- عفارم عليك ياد يافايز .. تعجبنى دماغك لما تشتغل ..

رفع فايز كفها نحو ثغره ليقبله
- احنا تحت الطلب يا ام ادهم ياغاليه ..

ضحكت بميوعه لتضربه برفق علي كتفه
- يخيبك يافايز .. روح ياواد شوف مصالحك واوعى وجد تحس بحاجه ..

- تقلقيش دانا فايز عتماااان ..

خرج سليم من المرحاض مرتديا منامته وينشف في شعره بتلقائيه فوجئ بماجده ممده جسدها فوق مخدعه بميوعه ودلال وتتصفح هاتفها .. حاول تجاهلها بقدر الامكان .. فاتجه نحو خزانته ليخرج ملابسه .. فالتفت اذانه لصوت عمرو دياب المنبعث من هاتفها

" ولا ليك عليا حلفان .. دانا روح فيك من زمان "
وبعدها بيد ماجده التى تتنقل فوق جسده بحنان قائله
- تحب اساعدك في حاجه !
تنحنح بخفوت قائلا
- ماجده ... !
وقفت امامه سريعا لتقول
- سليم ... انا بحبك ... اعذرنى ..
اغمض عينيه لبرهه متخذا نفسا عميقا
- وانا مابحبكيش ... اعذرينى ..
وضعت اناملها فوق شفتيه لتقول
- طول ما انت بتقولها عمرك ماهتحبنى .. بطل تقولها وسيب نفسك ليا ...
ابتعد عنها قليلا
- ومين قالك انى عاوز احبك .. قلب سليم مليان ياماجده ..
- وانا موافقه بركن صغير ورا قلبك حطنى فيه .. والله هرضي .. مش بقولك اكرهها بس علي الاقل ادينى فرصه اقرب منك واروي حب سنين ياسليم ..

شرع سليم ان يحرك ثغره ولكنه سرعان من وضعت سبابتها وهى تسند ذراعها الاخر علي كتفه
- طب والله بحبك .. وانت عارف وجع الحب وان الواحد بيكون فاقد عقله ومابيفهمش اي حاجه تانيه غير انى عاوزه اوصل- مشيره علي قلبه - للحته اللي جوه دي .. عارف من ميته! .. من زمان قوى من وانا بنت ١٣ سنة .. كنت تيجى عندنا البيت تدينا ايجار الارض وتمشي كنت تاخد قلبى معاك .. سليم كفايه عذاب وبعد قلبي مش مستحمل ...

ثم دنت منه اكثر فاكثر وهى تتحسسه باناملها برفق
- اوعدنى ياسليم .. مش هقولك حبنى بس اتقبلنى والله ماعاوزه غير قبول ..

كانت مفاتن ماجده مثيره جدا كي يلتهمها بدون رحمه .. كلماتها لمساتها هدوئها دلالها تغنجها امامه .. كلها اساليب كافيه ان تغيب عقله وقلبه رافعا علم نصر غرائزه الاداميه .. نجحت ماجده ان تحرك ساكن ما بداجل جسده وهى تدنو منه اكثر فاكثر وسرعان ما ظهرت امام عينيى سليم صورة وجد وهى تقول له

- قلب وعقل وكل سليم مش هيكون غير لوجد وبس .. انت فاهمنى يابن الهواري ... قتلك علي يدى لو بقيت لغيري !

ابتعد سليم عن ماجده كالملدوغ ليرتدي ملابسه سريعا .. هاربا من حصارها الذي يقوده الي تصرفات لعينه تجعله يعض علي انامله ندما طول عمره .. زفر ماجده بنفاذ صبر وهى تزيح شعرها بقوه عن وجهها
- اوووووووووووف .. ماله دا !

مر باقى اليوم بسلام .. كان ملخص احداثه

كره ملتهبه من الغضب قذفت على قلب مجدى وهو يجوب ارجاء شقته ذهابا وايابا متوعدا لها .. وعلى عكسه صفوة فكانت في كامل هدوئها وتريثها تقلب بين الاوراق وتتابع وتيرة ابحاثها الغير متناهيه ..

ظلت نورا بغرفها طول اليوم سابحه في بحور كتاب عماد ساجنه نفسها بين صفحاته تقرأه بعنايه وتركيز شديده بالاضافه لفرحه عارمه سلبت روحها منها لتحلق بها في بروج السماء بين كل فترة والاخري تحتويه بين ذراعيها وتستنشق رائحته بلهفه .. اما عن عماد اكتفى بقضاء اليوم بجوار زوجته الراقده في عالمها الاخر يقص عليها ما مر خلال ايامه الماضيه .. يتوسل لها ان تعود كي تطيب كل ألامه المبرحة

اما عن ريميو وجوليت فكان الباقي من يومهم كله لعب ومزح وحب ودلال .. كل منهما يرتوي من حبيبه بطريقته الخاصه، فصبر اعوام حان ريه بمياه القرب والاتصال الروحى، كل منهما تناسي اوجاعه الامه لم يسيطر علي قلبه الا عناقيد ورد تحاصرهم وتقيدهم سويا لتفيح رائحه حبهم باذكى انواع السعاده .. فانتهى ليلهم بالاتفاق للسفر علي شرم الشيخ منذ الصباح الباكر ...

يجلس امام البحر يراقب شروق الشمس بفرحه زاهيه كانها تشرق حامله بين اشعتها طاقات متجدده من الحب والحياة .. لمست قدميه رمال الشط والمياه تتغلل من بين اصابعه كأنها تروى جذوره من اي ذيول لخيبات الحياه .. دار براسه نحو غرفة الشاليه الرقده به وجدانته .. فسار اليها بقلب ينبعث منه كل اسهم الحب حتى وصل الى بابه الخلفى .. فتسلل بخفوت حتى وصل ل مخدعها .. فوجدها غائصه في سبات عميق .. تأملها بحب متفتنا كل معالم جمالها التى تخلع قلبه من مكانه .. فدنى من مرقدها بهدوء وهو يمرر انامله بين خصيلات شعرها المنسدل قائلا بتنهيده قويه

- واخيرررررررررا يا وجد بقيتى ليا ! يااااااه تعبنا قوى عشان نوصلوا لبعضنا في الاخر ..

شقت ابتسامه من ثغرها كانت اشبه بشروق الشمس لتقول بحب وصوت كله نوم
- والحلم اتحقق ياولد الهواري ...

قهقهه بصوت عال لبسط جسده بجوارها ويدفثها بداخل احضانه
- اااااه ياوجد لو تعرفي انا حلمت باليوم دا قد اييييييه !

تنغجت في حضنه بدلال
- ها قولى كنت بتحلم بأيه ..

فكرة لبرهه ثم ارتسم ابتسامه خفيفه
- كنت بحلم بيكى وانت في حضنى كده !

ضربته بمزاح قائله
- انت دماغك دايما قليلة ادب كده !
رفع جزءه العلوي كى يحادثها بمزاح وهو يعبث بشعرها قائلا
- الله ! هكدب عليك يعنى ..
نظرت له بعيون ضيقه لتقوم بعدم تصديق
- يااااسلام !
رفع سليم حاجبه قائلا بغمز
- بس شهاده لله .. طلعتى احلى من خيالى بكتيرررررررر !
ضحكت بصوت مسموع زلزل كل ساكن بجسده لتقول
- ازاي بقي .. احكيلى
قُضبت ملامحه بمزاح وهو يلقى نظره سريعه على جسدها من اعلى لاسفل ليقوول بتنهيده
- يعنىىى الحاجات والامكانيات طلعت عاليه قوى ومتكلفه !
ابتعدت عن بدلال
- والله ما شوفت ربع ساعه تربيه .. اوعى كده !

احكم حصاره عليها ليقول باصرار
- هتستهبلى .. دانا ماصدقت لقيتك ... عاوزه تروحى منى فين ..

تنحنحت بخفوت وثغر متبسم
- احمم كنت هدوخك شويه .. بس خلاص ثبتنى ..
اردف بنبره معاتبه
- حرااام مكفاكيش كل الدوخه دى ! دانا اتسحلت عشان اوصل للحظه دى !

- طيب قولى كده وسمعنى حاسس بأيه مع وجد ياسليم ..

فكر لبرهه وهو يمرر انامله علي كتفها العاري ليقول بخفوت
- انا مش حاسس .. انا طاير فوق قوى قوى قوى

وفجاة وبدون مقدمات سقط سقف الغرفه عليهما ورؤيه اتربه كثيره منتشره في الجو .. فحاول بقدر الامكان ان يحميها من الهلاك الذي لحق بهم فجأه ... فزع سليم من حلمه كالملدوغ متخذا انفاسه بصعوبه بالغه مرددا اسمها كثيرا كالمجنون .. فزعت ماجده النائمه بجواره لتربت علي كتفه بحنان وتمنحه كوب المياه بلهفه
- سلامتك ياحبيبي مالك بس .. خد اشرب .

ارتشف سليم كوب المياه بكف مرتجف وقلب منخلع متنهدا بصعوبه .. ظلت ماجده تربت علي كتفه بحنان لتطمئنه وتداعبه بلطف حتى هدأ تماما .. فاقتربت منه اكثر فاكثر وهى تلقي بجسدها بين ذراعيه هائمه به عشقا منتظرة رد فعله .. ولكن ما حدث حطم كل توقعاتها .. تحول حال سليم من النفور والكره لشخص مغيب تماما ملكها بذراعيه لتصبح تحت حصاره مستجيبا لافعالها العاشقه له ..
جالسه فوق مخدعها تراقب تحركاته العشوائيه التى يخطوها بدون وعى، يقفل باب الخزانه اكثر من مرة ثم يعود ليفتحها مجددا، يدلف الي حمام غرفته ويخرج مرة اخري بدون قضاء اي شيء، تجاهل وجودها نهائيا حنى اردفت ماجده قائله بحزن
- للدرجه دى انا تقيله عليك ياسليم ؟!

اغمض عينيه لبرهه متخذا نفسا عميقا متجاهلا سؤالها حتى ارتدى جلبابه الفضفاض ووضع محفظته الجلديه بداخل سترته، وثبت امامه لتكرر سؤالها
- ليه اول ما جيت تقرب منى اتكهربت وبعدت بالطريقه بالمهينه دى .. ليه ياسليم !

- عشان ما ينفعش ياماجده .. ولو سمحتى الموضوع دا مايتفتحش تانى ... ومن هنا ورايح مش عاوز اشوفك في مكان انا فيه ..

ذرفت دمعه من عينيه بحرقه لتقول
- للدرجه دى !
تأهب سليم للمغادرة ولكنها اوقفته سريعا لتقول
- كلمنى زي ما بكلمك ..
ضغط سليم علي فكيه محاولا تهدئه اعصابه لبره ثم اردف بهدوء متصنع
- اتاكدى لو اللي في دماغك دا حصل ولا انا ولا انت هتكونى مبسوطه ... كده بظلمك معايا وانا مش عاوز اسببلك اي الم او جرح تعيشي ندمانه عليه طول عمرك...

- انا هعيش ندمانه طول عمري لو سبتك !
مسكها من معصمها برفق وجذبها لتجلس بجواره ليقول لها بحكمه
- ماجده افهمى .. انت الف مين يتمناكى .. انتِ من حقك تتحبي زي ماتحبي، مافيش حاجه اسمها انك تدى طول الوقت .. انت اغلى من انك تفرضي وجودك علي حد .. عارف ان كلامى قاسي عليكِ .. بس والله هو دا الصح وهتيجى ف يوم تشكرينى...

ردت مقاطعه
- بس ياسلييييم ..
اردف سليم سريعا
- اسمعينى وافهمينى للاخر الله يرضي عنك ... ماجدة انا فاهم وعارف انك بتحبينى ودى حاجه خارجه عن ارادتك وانا كمان بحبك بس زي اختى ... ومستحيل اكون غير كده معاك .. وواجبى انى احميكى اكتر من نفسي واللي يتعرضلك هاكله بسنانى .. بس القلوب ملهاش سلطان هى الآمرة والناهيه جوانا واحنا عبد المأمور...

اجابته باكيه
- كده بتظلمنى معاك ياسليم ...
هز راسه نافيا ليقول
- لا ... احنا اللي بنظلم نفسنا لما نحاول نقرب ونستنى ناس عمرهم ما هيكونوا لينا في يوم من الايام .. ناس مليانه من جواها بغيرنا ياماجده...

ثم التقط نفسا عميقا ليقول بابتسامه باهته
- مش عاوزك تزعلى منى .. تيجى نتفقوا اتفاق !

رفعت مقلتيها الباكيتين بانتباه فربت سليم علي كفها بحنو
- خلينا متفقين انك احلى واجمل بنت في الدنيا كلها .. وبُعدي عنك مايقللش في دا ... اتاكدى ان وجودنا مع بعض فترة مؤقته وانا مش حابب اشحن الفترة دى بذكريات سودة نندم عليها عمرنا كله ... يعنى ياستى مختصر كلامى هنعيش تحت سقف واحد اخوات وصحاب بس لكل مننا خصوصيته، لحد ما يجى الوقت المناسب اللي اسلمك فيه للقلبك وعقلك يختاره ويكون بيقدرك ويصونك ... قولتى ايه !

كان قلبها يرتعد من قسوة كلماته الناريه، وتفر دموع عينيها هاربه من خراب جوفها المفجع، فنتهدت بتثاقل لتقول
- انا اسفه علي كل اللي حصل منى واوعدك انى مش هكررها .. واتمنى تكون مقدر كده .. وبعدين اللي عاوز هيحصل، حاجه تانيه !

تبسم سليم بخفوت ليقول ممازحا
- عاوزك تبقي مبسوطه وبس يابت عمى، وانا وعد عليا هحاول مزعلكيش مهما حصل .. يلا عاد امسحى دموعك دى وانزلى اقعدى مع عفاف الصبح شق اصلا ...

اردفت بصوت منخفض حزين يائس
- حاضر شويه وهنزلها وانت روح شوف هتعمل ايه !

نهض سليم من جوارها منتهدا بارتياح فاخيرا اذاب جبال الهم من فوق صدره ليضع حدا بعلاقته معها، ثم اردف قائلا
- فوتك بعافيه عاد ... خلى بالك علي روحك .

تركها سليم في بحور اوجاعها ترتطم بها امواج القلب يمينا ويسارا وقلبها يعلو ويهبض متأوها علي فقدانه كل اشعه الامل التى كانت تنير دربها للوصول إليه ..

 

" انت يابنى ادم يالى برررررره الحقنىىىىى "
اردفت صفوة جملتها بصراخ وهى تقف فوق سطح المكتب بصوت مرتجف خائف تترقب حركه الفئران اللذين حولوا غرفتها لسريك .. جالسا بالخارج فلم يرف له جفن الشفقه علي صوت عويلها المتصاعد حتى اردفت مرارا وتكرارا
- اااااااه مجددددى الحق في فارين في الاوضه ... اااا يااااماما...

ظلت تتنقل فوق مرتفعات غرفتها بصراخ وخوف لاهث يرعد قلبها، اوشكت ساقيها علي لمس الارض فسريعا ما وجدت فار يمر من تحته فتراجعت سريعا بجسد منتفض وهى تنادى عليه بتوسل وهلع .. اخيرا رق قلب مجدى ليقترب من غرفتها بجمود واقفا امام الباب قائلا
- في حاجه ياااصافي ..

اجابته باكيه مرتعده
- ااااااه ... في فار ... لا في فيران كتير الحقنى ..
كتم صوت ضحكه الساخر ليقول
- عادى ياصافي مش هيعملولك حاجه ... اجمدى .
صرخت بصوت عال وهى تركض بعيدا عندما اقترب منها الفأر لتقول
- انت بتستهبل بقولك دول كتيررر وانا مش عارفه اخرج من هنا ...

وضع مجدى يده علي مقبض الباب ليجده مغقلا
- انت قافله الباب ... اعملك ايه ..

- اتصرررررف واكسره .. اعمل ايه حاجه !
انفجر ضاحكا علي صوت عويلها وهو يضرب كف علي الاخر قائلا ببرود
- لا خسارة الباب .. وبعدين لو كسرته هيكون ف خطر عليكِ منى ..

صرخت به منتفضه
- الله يخربيتككك ... انت بتهزر !

- والله بتكلم جدا ... اجمدى كده يادكتورة وافتحى الباب اومال دكتورة ازاي وعامله فيها سبع رجاله في بعض .. مش كام فار اللي يعملوا فيكى كده ..

حاولت صفوة التسلل بخفه وجسدها الملتصق بالحائط لتقترب من الباب ولكنها سرعان ما ركضت خائفة بعيدا عندما وجدت احداهم يقترب منها فاردفت وهى تضرب الارض بساقيها
- اااااااااه .. هما بيتحركوا كتير ليييه ..
اردف مجدى في سره قائلا بشماته
- اصلى موصيهم عليك ..
ارتفع نداء صفوة لتقول بذعر
- انت رووحتتتت فين !
مجدى بصوت عال كاتما ضحكه
- ماهو ياتفتحى الباب وتسبينى اتصرف معاهم .. لتتصرفي معاهم انتِ .. علي فكرة ياصافى سندريلا كانت مصاحبه الفيران عادى متتكسفيش منهم ..

بمجرد ما انهى مجدى حديثه وجدها فتحت الباب سريعا وهى تركض نحوه قائله بذعر
- اتفصل اتصرف مع الارف اللي جوه دا !
تفتنها مجدى باعجاب شديد وهو يراها في زيها البيتى المكون من بنطلون يصل للركبه وفوقه توب يبرز كل مفاتن جمالها فادرف قائلا بهيام
- هو انا ماينفعش اتصرف مع اللي بره وافكنى من اللي جوه !

زفرت في وجهه باختناق فاستدارت نحو باب الحمام لتدفعه بكل قوتها فقال مجدى متنهدا
- الصبر من عندك يااارب .. هى البت دى بتحلو ازاي كده !
ثم فزع من موضعه عندما وجد فار صغير مر فوق قدمه فقال بمزاح
- لا انا جايبكم تطلعوا عينها هى مش انا ...

فاقترب من باب غرفتها ليقفل بابها وتحرك نحو الصاله ليحضر مصيده الفئران التى احضرهم بها قائلا بتوعد
- لكل فعل رد فعل يابت الهواري ...

عادت حركه البيت مرة اخري بمجرد بزوغ شمس نهار جديد .. كل منهما يتسارع مع الزمن لاتمام عمله .. فنهضت ورد لتقوم باجراء المهام المعتاده صباحا وبعد ما انتهت من صلاة الصبح اتجهت نحو هاتفها الذي لم يتوقف عن الرنين اتسعت عينيها عندما وجدته سليم .. انتفض جسدها بارتباك
- اعمل ايه انا بس !
ثم استجمعت شتات قوتها لتضع ابهامها علي العلامه الزرقاء مردفه بتوتر وعيون متارجحه
- الو ..
تنهد سليم الذي يقود سيارته بهدوء قائلا
- ورد !
اصدرت صوت ايماء منفخض ثم اكمل سليم قائلا
- وجد عندك .. ؟!
ارتبكت ورد اكثر فاكثر لتقول
- لا .. ااااه ..
دار سليم مقود السيارة بغضب مكبوت ليقول
- ااااه ولا لا ... حددى ..

- اصل اصل الصراحه ياسليم انا مش مرتاحه لتصرفات اختى اليومين دول ..

عقد سليم حاجبيه قائلا
- في ايه يا ورد !
تحركت بعشوائيه في ساحة غرفتها لتقول بعد تردد بالغ
- بص انا هقولك واللي يحصل يحصل .. بقيت تتكلم مع ادهم كتير وخناقات علي طول مع امى ومراة عمى، وهى وفايز بردو بقيوا يتكلموا كتير ووجد عمرها ما كانت اكده يا سليم .. انا قلقانه عليها قوى ...

ضرب مقود السياره باغتياظ ليقول بتوعد
- طيب يا وجد اما طربقتها عليكِ مابقاش سليم الهواري ..
ثم استكمل حديثه مع ورد قائلا
- وهى فينها دلوق ..؟

- انا شوفتها ركبت العربيه مع ادهم .. بس معرفش راحوا فين ...

جز علي اسنانه بنفاذ صبر وشرار الغضب يتوهج من عينيه قائلا
- طب بصي ياورد عاوزك تجبيلى كل تحركات اختك والزفت دا عشان شكلها ناويه علي خراب قريب ... وكمان اي حاجه تعرفيها تقوليلى علي طول .. فهماتى ياورد .. في اي وقت اتكلمى وخلى بالك مش عاوز وجد تحس بحاجه ..

شعرت بالقلق يقرضها علي مهل حتى اردفت قائله
- ماشي .. اللي عاوزو هعمله ..

- تقفلى دلوقتي وتروحى تشوفي راحت فين مع الزفت اللي مايتسمى ده ..

وصلت وجد للاعتاب مكان شبهه مهجور .. فهو منعزل تماما عن اهل القريه .. ثم اردفت من سيارة ادهم بجسد قلق وخائف قائله

- انتوا بتصنعوا الزفت بتاعكم دا هنا !

هبط ادهم خلفها وهو يغلق باب السياره بعفويه قائلا
- احنا عمرنا ما صنعنا .. طول عمرنا بناخدو جاهز ونوصلوه لرجالتنا ..
التفت اليه برأسها لتقول
- واشمعنا المرة دى عاوزين تصنعوه !

عقد سليم ساعده امام صدره قائلا
-عشان العمليه مش جايبه همها .. من ايد لايد الحاجه بتتنظر .. وكمان عاوزين يكون لنا بصمتنا في السوق ومنوزعش حاجه كل الناس بتوزعها .. وماقدميش غيرك ياوجد انت اللي هتقدري تعملى كده !

رفعت عينيها بسخط لتقول
- بس دا مش شغلى .. دا شغل صيادله يا ادهم بيه ..

- يلا كلكم معجونين بعجينه واحده فرق مكتب تنسيق مش اكتر ...

نظرت له بعيون ضيقه
- مش فاهمه !
اقترب منها ادهم متبسما ليقول
- واحنا مش جايين هنا نتسايروا ياوجد يلا شوفى شغلك ...
خفق قلبها ألما لتقول متسائله
- انت واثق فيّ ليه ؟! اش ضمنك انى ممكن ابلغك عنك ..

مط شفته لاسفل قائلا
- ما هو انتِ لو ناويه تعمليها مش هتقولى لى اكده .. هتروحى تبلغى علي طول .. اما انت اعقل بكتير انا خابر زين .. مش هيهونوا عليك العتامنه تخسفى بيهم الارض بعد اللي وصلوله ...

رمقته بنظرات ساخره فتأهبت للتقدم نحو البيت المهجور حتى وقفها صوته المزعج قائلا
- وجد .. الشغل مافهوش هزار .. واتاكدى انك محتاجانى زي مانا محتاجلك ...

وقفت لبرهه تستوعب قذيفه كلماته ثم رفعت رأسها للسماء راجيه ربها ان يزيح عنها ما ابتليت به ...

 

" مرسي اوى .. اتفضل كتابك اهو "
اردفت نورا جملتها وهى تقف امام عماد بجسد مرتجف بدقات قلب الحب .. رفع حاجبه متعجبا
- انت لحقتى تخلصيه بسرعه كده ..
ابتسمت بفرحه قائله بهدوء
- انا مش عاوزه اقولك انى منمتش اصلا طول الليل سهرانة عليه لحد ما خلصته .. بجد شكرا مرة تانيه لانك كنت سبب في ليلى الطويل يعدى بسرعه كده .

مط شفته لاسفل ليقول
- للدرجه دى بتحبي القراءه !
هزت كتفيها بتلقائيه لتردف بثغر متبسم
- بدور علي نفسي بين السطور والكلمات .. بسكر من الشعر .. ورحى بتتخطف من الروايات والحكايات اللي مابقتش للاسفل موجوده في زماننا .. الشخص اللي مابيقرأش بيخسر كتير ..

ظل يتابع حديثها بإعجاب وتعجب علي الحاله التى كان بها اثناء استماعه إليه فوجد في حديثها لذه خاصه يكاد ان فقدها منذ زمن .. فهتف قائلا
- ياستى في مكتبه كبيره في القصر كلها بتاعتى تقدري تروحى تاخدى منها اللي يعجبك ...
اتسعت حدقة عينيها فرحه لتقول بامتنان
- بجد انا مبسوطه اووى .. ومش عارفه اشكرك ازاي ..
ابتسم بامتنان ليقول
- مافيش مابينا شكر .. اي وقت حابه تروحى تجيبى كتب قوليلى يمكن افيدك بحاجه ..
رمقته طويلا بقلبٍ يتراقص من لذه حديثها معه لتقول
- طيب هو انا ممكن اقول حاجه واعتبرها شكر مقدم عن كل اللي قولته ..

استدار ليجلس علي الاريكه بوقار ليقول
- قولى ياستى ..

فرك كفيها بارتباك لتقول
- ممكن ادخل احضر فطار ونفطر سوا ...
صمت لبرهه حتى بدت معالم الياس علي ملامحها وبعد قليل نظر إليها باسما ليقول
- مع انى مابفطرش .. بس ماشي مافيش مانع نفطر وهنزل معاكى نجيب الكتب اللي محتاجاها ...

لم تستطيع تصديق ما قاله كان قلبها ان يقفز من مكانه ليرتمى به شوقا .. ظلت تنظر له باندهاش وتساؤل فما القوة الساحرة التى تمتلكها الكتب لتطغو على قلبه قبولا لها،، اما عن حالته فكان يتسائل متعجبا ومستغربا فكيف يسمح لنفسه ان يتناقش بصدر رحب مع انسانه اغتصبت عالمه الخاص بدون ادنى مجهود منها، فما الهدوء الذي يكسوه بمجرد حديثه معها علي عكس ما كان يراها من قبل !

" طيب ياعفاف اشوف وشك بخير عاد "
اردف محمد جملته وهو يقبل جبهة امه بحب ... فربتت امه علي كتفه بحنان
- تخلى بالك يامحمد .. ومتنزلش البحر ياولدى وكلى زين ورُم عضمك انت عريس ومحتاج تتغذي ..
ضحك بصوت مسموع ليقول
- متخافيش انت بس .. ادعيلنا كده ننبسط وربنا يبعد عننا عيون ثريا ... _ثم التفت ليسر_ سوري يعنى ياسو بس امك شووم جوى ..
رمقته بحده لتقول
- اتلم .. ملكش دعوة باماما ..
قهقهه محمد ليقول
- ربنا يجعل كلامنا خفيف عليها ... هااا هحلق امشي قبل ماتنزل وتفتحلنت تحقيق ..

يسر بضيق
- اي يامحمد انا لازم اسلم علي امى الاول ..
- حبكت يعنى يايسر مانتى عايشه معاها ٢١ سنة مزهقتيش!

هتفت ثريا من اعلى لتقول
- والله عال وكمان بتقسي بتى عليّ ياولد عفاف ..

تنحنح محمد بجزع
- جالك الموت ياتارك الصلاه ..
ثم التفت الي يسر قائلا بسخريه
- نبرتى فيها ياختى ! اشربي بقي ..
رفعت يسر عينيها لاعلى قائله
- صباح الخير ياماما .. شوفتى كنت جايه اسلم عليك عشااااان ..

هبطت ثريا درجات السلم ببطء لتقول
- عشان ايه ياقلب امك !

ابتسم محمد قاصدا اثارة غضبها
- شهر عسل ياحماتى .. عاوزين نعسل زي خلق الله ..

نظرت لابنتها بعيون واسعه يحاصرها الكحل الغزير لتقول بحده
- نفسك حلوة قوى ! بس انا بتى ماتبعدش عن حضنى ... ولا ايه يايسر !

ارتبكت يسر بخوف من نظرات امها مما جعلها تتراجع خطوتين للخلف
- هاااا ! طبعا اللي تشوفيه .. ولا ايه يامحمد ..

زمجرا رياح صوت محمد غضبا ولكن سرعان ما التهمته عفاف لتقول
- جري لراسك ايه ياثريا .. ولدى واخد عروسته يفرحولهم يومين اش حشرك مابينهم انت ...

- بناتى يبعدوش عنى ياعفاف ... وطول عمري قافله عليهم ومعوداهم رجلى علي رجلهم في اي مطرح ..

محمد بتأفف
- صلاة النبي ! دانت عاوز تيجى معانا ياااك ! ما هى ناقصه !

قربت يسر منه لتمسك كفه متوسله
- محمد والنبي متجادلش معاها ..
نظر لها معاتبا حتى التفتوا سويا الي صوت عفاف التى هتفتت قائله
- هاااااا ! وهى الواحده لما تتجوز تحكم عليها امها لييييييه!

- والنبي اطلعى منها انت ياعفاف وهى تعمر ..

قطع محمد حديثهم قائلا
- طيب انا هاخد مراتى واخلع وانتوا خلصوا خناق علي مهلكم .. يلا فوتكم بعافيه ..

تأهب محمد كى يحمل حقائبه .. فاوقفه نداء جده قائلا
- محممدددد رايح فين ..
القى محمد مابيده جازعا ليقول بهمس
- دا مابقاش شهر عسل دة بقي شهر اسود علي دماغى .
ثم التفت اليه قائلا
- واخد مرتى بتفسحوا كام يوم ياهواري قبل ماانزل الشغل ...

اقترب جده قائلا بحزم
- مافيش سفر النهارده !
صوبت عيون متسعه نحو قرار الجد ليقول
- عاوزكم بعد الضهر كلكم .. وبعدين سافروا براحتكم واتبسطوا ..

محمد بفضول
- في حاجه يا هواري ؟!

- المحامى جاي الضهر .. وتركتى هتتوذع عليكم بما يرضي الله .. روح ريحلك ساعتين وبالليل سافر ..
اومئ محمد مستسلما
- اللى تشوفه ياجدى ..
قائلا من وراء اسنان المنطبقين
- نبرتى فيها ياثرياا !

" خلاص ياستى اهم ٣ فيران بالتمام والكمال جوه المصيده .. مافيش فيران تانى جوه "
اردف مجدى جملته بثقه وهو يزاولها بالمصيده، قرمقته صفوه بعناد مردفه
- وانت بقي اش عرفك انهم تلاته .. وان مافيش تانى !
اتسعت ابتسامه مجدى ليردف سريعا بدون تفكير
- منا جايبهم تلاته والله ..
شهقت بصوت عال لتقول
- طب والله كنت حاسه انك ورا الحركه العبيطه دى ..
ضرب مجدى جبهته سريعا
- انت فهمتى ايه بس .. قصدى انى دورت في الاوضة ملقتش تانى ...

ندت منه صفوة بنظرات تهديديه
- شوف يامجدى هتشتغل لي في الازرق .. هشتغلك في قوس قزح كده رايح جاي لحد مايبانلك صحاب ..
ابتسم مجدى ثم غمر لها بطرف عينيه
- طيب ولو قولتلك انى مش عاوز من قوس قزح كله غير اللون الاصفر اللي كنتِ لابساه ..

ضغطت على مشط قدمه بقوة مما جعلته يتأوه فجاة لتقول
- لاحظ انك بقيت تتطاول معايا ودا مش لمصلحتك .. خاف منى ..

رفع مجدى المصيده التى بيده أمامها ليقول
- اتنيلى اخرك بؤ والسلام تلات فيران لبسوكى في حيط .

تراجعت للخلف صارخه
- طبيعى كل البنات بتخاف من اي حاجه ليها رجلين وبتتحرك ..

- اومال مش خايفه منى ليه بقي ..!
ابتسمت بمكر لتقول
- والله انا خايفه عليك احسن احطك في دماغى ومعرفش اخرجك غير عالتُرب ..

- عنيفه اوى .. تُرب أي بس ياشيخه وهو الواحد لحق يخش الدنيا لما توديه علي الترب !

- مجدى .. سوري يابيشمهندس مجدى اطلع من دماغى وبلاش الحركات النص كوم دى .. مش معنى انى خرجت من اوضتي ٥د دخلت فيهم الحمام تحطلى فيران في الاوضه ! اي الهبل دا !

- وطالما هو هبل خوفتى وصوتى ليييه هااا .. دانا كنت خايف احسن الواد محمد يسمعك تحت ويفضل يقر عليا ويقول ماشيه معايا حلاوة ف السكينه وانا مظلوم ولا دوقت حلاوة ولا مسكت سكينه !
زفر بنفس صبر وغل في وجهه ثم دار بجسدها قائله
- انت التعامل معاك لا يطاق ... ربنا يهون علي الايام دى واخلص بقي ..

مجدى متوعدا وهو ينظر للفئران
- ورحمة ابويا مسيرك تخشي مصيدة مجدى الهواري وساعتها ماهرحكمك ..

ثم سمع صوت علي الباب فتحرك نحوه ليردد بهمس
- تلاقيه محمد طالع يكمل نبر ..

فتح الباب فوجد محمد بالفعل امامه قائلا
- العريس اللي محدش شايف وشه ماكفاية ياعم بلبطه في العسل دانا تعبتلك ..

- ياشيخ اتنيل دا لو عايش مع الشحات مبروك ما هتسحل السحلة دى ..

- المهم هات مراتك وانزل تحت بعد الضهر .. جدك عاوزنا ..

مجدى باستغراب
- هو هيجوزنا تانى ولا ايه !

- ياشيخ انتيل وانت اتجوزت اولانى احنا هنصيع علي بعض ياولد ابوي !

- ياعم خلاص بلاش تقطيم سبنالك انت العسل .. اطرق يلا مش بلغت رسالتك !
محمد بفضول وهو يتكأ علي جانب الباب
- الا قولى يا مجدى انت طلبت من عم عبده يجيبلك فيران ليه !

مجدى بحسره
- هو لحق يقولك !

- هههه دا لو مكنش قال لقنا كلها ..
شرع مجدى في غلق الباب بوجه اخيه
- امشي يامحمد طاااب خلينى الحق المصيبه دى ..
منع محمد قفل الباب بكفه ليقول ممازحا
- لو على صفوة فعاوزه ديناصورات وحياتك مش فيران .. ربنا يعينك يابطل ...
قفل مجدى الباب بوجهه متحسرا ومتوعدا
- اخرة اللي يأمن لبوابين ! طيب ياعم عبده !

 

" اكلى عجبك "

اردفت نورا سؤالها بهدوء .. بعدما ظلت تراقب عماد اثناء تناوله للفطار باعجاب وتركيز شديد .. فرفع عينيه قائلا برضا
- اااه تسليم ايدك والله .. تعرفى ان دى اول مرة افطر فيها من بعد وفاة نيره ..

تنحنحت بخفوت تبتلع به غصة احزانها
- الله يرحمها .. هى اتوفت ازاي .
فكر لبرهه حتى تبدلت ملامحه حزنا .. شعرت نورا بالتسرع في سؤالها فردد سريعا
-انا اسفه مش قصدى والله .. اعتبرنى ماقولتش حاجه .

ابتسمه زائفه شقت ثغره ليقول باسف
- السرطان خدها منى .
تنهدت بألم يخترقها من الداخل لتقول
- ربنا يصبر قلبك ... هى اكيد دلوقتي في الجنه وفي مكان احسن من هنا بكتير ..

- فعلا .. ويمكن دى الحاجه اللي بتهون عليا فراقها انها في مكان احسن من هنا ..

القت سؤالها بتردد
- واضح انك بتحبها اوى ..

تنهد عماد بصوت مسموع
- ويمكن المشكله انى حبيتها اكتر من اللازم عشان كده ضاعت منى ..
- متقولش كده .. انت لو بتحبها فعلا مكنتش هتتمنى تشوفها موجوعه طول الوقت وانت مش في ايدك تساعدها .

- موتها رحمها هى .. بس سابتلى سرطان الفراق ياكلنى انا ..

كلمته اعتصرت قلبها لتقول باسف
- اسفه انى فكرتك ..
ابتسم ابتسامه خفيفه
- متعتذريش .. لانى مش بنسي عشان حد يفكرنى ..

فركت كفيها بارتباك
- طيب تعالى نقرالها الفاتحه سوا ..
لمعت عيونه لطلبها الغير متوقع فظل يرمقها من كل لحظه والاخري وهى ترتل سورة الفاتحه بصوت منخفض جدا، لكنه لم يعلم من اين انبعث شعاع نور اخر بداخله فجاة ملئه بأمل رؤية الحياة مرة اخري بعيون اخري .. ربما مصدره عينيها الذي ينبعث منهما حب غير متناهى ..

 

" في الظهيره "

اجتمع آل الهوارة كلهم في غرفة الاجتماعات وبينهم المحامى واثنين من كبار العائلة فثارت صفوة قائله بصوتها العالى

- بس دا ظلم وربنا مايرضاش بالقسمة دى !

وقف راجح امامها بهيئته الموقره قائلا
- طلعتى جدك ظالم على اخر ايامه ياصفوة !

- وحضرتك لما توزع التركه علي اربعه ونصيب كل واحده فينا مع جوزها دا تسميه ايه ... هو دا الحق ؟!

تدخل مجدى لتهدئة الامر
- صفوة اهدى وبعدين نتكلم ..
ثارت بانفعال
- لا مش ههدا .. تقدر تقولى حضرتك لما ابويا يرجع ميلاقيش حاجه من ورثه ! ولا نقوله استنى لما استئذن جوزر عشان اجيبلك منه فلوس وورث .

اكملت ثريا منفعلة
- جاى تظلم بناتى ياعمى .. طيب ليه هو دا ذنبهم انهم ولايه !

- انا مظلمتش حد ياثريا .. ولما جوزتهم لولاد عمهم كنت عامل حساب لاكده .. ولو اتكلمنا بالشرع والقانون .. ان بناتك ليهم تلتين النص عشان ولاد عمهم هيشاركوهم في النص بتاعهم .. وبحسبتى كل واحده منهم واخده حقها بزياده كفايه معاها راجل يصونها لاخر العمر ..

ثريا باغتياظ
- ولما واحده فيهم تتطلق يبقي حقها علي اكده بححح خلاص طلعت من المولد بلا حمص .. اعمل حاجه لاخرتك ياراجح بيه ..

- اولا احنا معندناش بنات عيطلقوهم ولاد عمهم .. ثانيا كويس انك فاكرة انه في اخرة ياثريا ..

سليم بهدوء
- ياجدى انا شايف انك توذع نصيب كل واحد بالدين ونبقوا خالصين ..

- لا ياسليم مش هيحصل غير اللى قولته وبنات عمكم هيقضلو طوق قي رقابيكم بعد ما اموت وكده اضمن انكم مش هتفترقوا واصل ياولدى ...

- دا جنان رسمى
هرب اللفظ من بين شفتى صفوة بدون رقابة مما اثار انفعال الجد اكثر قائلا
- ما هو لو كلامى متنفذش هكتب تنازل عن كل ممتلكاتى للجمعيات الخيريه ... خولص كلامى ... شوف شغلك يامتررررر ..

تبادلت العيون فيما بينها بذهول وعدم استيعاب بين معظمهم والبعض الاخر صامت لا يُبال منتظر ما يتم الانتهاء عليه ..

" عاااااش ياوجد .. تسلم ايدك يابت عمى والله هو دا الشغل ولا بلاش "

اردف ادهم جملته باعجاب بعد ما تذوق التجربه التى اعدتها وجد ... ثم اردفت قائله
- هو دا اللى انت عاوزه ؟!

- وطلعتيه احلى يابت اللذينه والله لو ترضي بس لبوس دماغك الجوهرة دى ..

زفرت باختناق
- انا همشي ...

- استنى بس لسه متفقناش .. هتبدئى الشغل ميته ؟!

- اووووف الوقت اللي عاوزو ياادهم .. بس يكون في علمك شحنة واحده بس اللي هعملها ... وبعد كده يفتح الله .

رمقها بمكر
- نحضروا احنا بس اول عمليه وبعدين نشوووووف بعدين ..

- عاوزه اروح ...
دنى منها للحد الغير مباح
- ياباشا دانا اشيلك علي يدى واروحك ..
ابتعدت عنه بنفور ثم تركته وغادرت
- اوووف اوعى كده ...

رمقها بخبث ثم رفع نظره نحو الكاميرا المخفيه من اعلى
- عتحلمى يابت سالم .. هو دخول الحمام زي خروجه

سارت وجد نحو السيارة تزيل دموع عينيها بحزن وندم تشعر بأن جبلين ينطبقين عليها هتعتصر هى بالمنتصف قائله
- يارب انا اسفه .. سامحنى انت عارف انى مجبورة علي كل دا ...
ثم تنهدت بحرقه لتقول
-يارب ابعد سليم عن طريق ادهم واحميييه ياااارب ..

" ورد ماتفتحى الباب كنت عاوزك في موضوع اكده "
اردف فايز جملته وهو يقف امام غرفة ورد التى ترتجف من الداخل قائله
- امى ومراة عمى راحوا فين ..

اتسعت ابتسامة فايز قائلا
- تقدري تقولى ان البيت كله مافهوش غيرنا .. افتحى عاد وبطلى حديت ماسخ ..

ارتعد بغرفتها وهى تنظر للاعلى
- فينك بس ياوجد ! استرها يارب ..

ثم رفعت صوتها قائلة
- وراي مذاكره ومش فايقه لرغيك روح اتكل على الله ..

وضع فايز كفه داخل سترته بخبث
- طيب لو فتحتى هقولك وجد فينها وعتعمل ايه دلوق

ركضت نحو الباب سريعا لتقول
- اكيد في المستشفي .. انت جاى تشتغلنى !

اردف بثقة
- وهى وجد من ميته عتروح المستشفي مع ادهم !
ارتعد قلبها اكثثر لتقول
- قصدك اييه .!

- افتحى وانا هقولك..
التقطت نفسا طويلا ثم وضعت يدها علي مقبض الباب تفتحه بتردد وكف مرتجف متجهه نحو حبال فضولها كى تصل لخبر ما تنقله لسليم .. صوت قفل الباب يتحرك ببطء شديد .. وعلى حدا يتراقص قلب فايز فارحا متسعدا للانفراد بحبيبته ...

" زي ما عقولك راجح طربقها علي دماغ الكل .. وانت عتقولى اهدى !"
باسطة جسدها في وسط فراش مجهول مرتدية قميصا باللون الازراق وتتمايل بغضب وضيق ونيران الشر تتوهج من كل اجزاء جسدها ... وعلي حدا يقف الاخر امام المرآة ليصب كأسا من الخمره ويرتشفه مرة واحده
- منا قولتلك نقتله ونستريح مسمعتيش كلامى ...
طبقت ساقها فوق الاخري لتقول بندم
- ياحيدر انا كل يوم بلوم نفسي انى مسمعتش كلامك .. بناتى وخسرتهم والورث كمان بح ... وبصراحه بناتى اجبن من انهم يعملوا اللي طلبتو منهم .

دنى من مخدعها ليجلس بجوارها مرتديا شُرطٍ قصير ويشعل سيجارته
- بالعكس ياثريا .. بعد اللي عمله الهواري هتبقي عود كبريت زين تولعى بيه النار في قلوب بناتك .. وكده هينفذوا كل كلامك بالحرف .. وانت وشطارتك ..

نصبت عودها لتجلس بالقرب منه وتحرك ذراعيها فيصدر ذهبها صوتا مزعجا
- انت شايف اكده ؟!
شد نفسا عميقا من سيجارته وهو يتفتنها بنظرات شهوانيه
- انا مش شايف غير اكده ! واقفلى النور اللي جمبك ده متبوظيش علينا الليله .. انت متعرفيش انا بستنى اليوم دا في الاسبوع قد ايييه !

اطلقت ضحكه عاليه بميوعه قائله
- يخربيتك واحنا في ايه ولا في ايه بس!
استدار ليطفىء سيجارته بالمطفأه ثم يدنو منها اكثر قائلا
- احنا في كل حاجه تظبط مزاجنا ياثرية قلبي ...
اردف بثقة
- وهى وجد من ميته عتروح المستشفي مع ادهم !
ارتعد قلبها اكثثر لتقول
- قصدك اييه .!

- افتحى وانا هقولك..
التقطت نفسا طويلا ثم وضعت يدها علي مقبض الباب تفتحه بتردد وكف مرتجف متجهه نحو حبال فضولها كى تصل لخبر ما تنقله لسليم .. صوت قفل الباب يتحرك ببطء شديد .. وعلى حدا يتراقص قلب فايز فارحا متسعدا للانفراد .. فوقفت محتميه خلف الباب الموارب لتقول
- قول اللي عندك !

تفتنها باعجاب شديد ليردف
- عماله تحلوى يابت الايه !
تأهبت لتغلق الباب ولكنه افسد مخططها بوضع قدمه قائلا
- عقولك ايه .. بما ان وجد خلاص وقعت في المصيده وهتتجوز ادهم قريب، ماتيجى نتجوزوا احنا كمان ويبقي زيتنا في دقيقنا والفرحة تتضاعف ! وفكك من العلام ووجع الراس

شهقت بصوت مرتفع وهى تتكأ علي الباب بكل جسدها لتقول
- انت اي الكلام الفارغ اللى عتقوله ده ! مستحيل وجد تتجوز ادهم ومستحيل كمان انا اتجوز واحد زيك !

ابتسم ساخرا ليردف بثقه
- احنا بناتنا مش عنرموهم في حضن الغريب ياوردتى !

- انت لو ممشتش دلوقت انا هصوت والم الغفر عليك ...

قهقهه بانتصار ليقول
- يلا وخلى فضيحتك بجلال وفي الاخر مافيش غيرى هيتستر عليكِ .

اندفعت من وراء الباب بدون تفكير في عواقب تحركها قائله بغضب
- انت اصلا حيوان !

دفع فايز بابها بفرحه عارمه ويعلو ثغره ابتسامه انتصار ليقول
- طب والله خسارة الجمال دا يكون لحد غريب ..

ارتعد جسدها اكثر فاسرعت نحو مكتبها تحتمى _بالاباجوره_
- لو قربت منى هقتلكككك ..
خطى فايز نحوها بخطوات سلحفيه قائلا
- انتِ مش عاوزانى ليه .. تعالى نتحدتوا بالعقل ..

شرعت ورد ان تفتح ثغرها المرتجف ولكنها سرعان ما غيرت هتافها بمجرد سماعها صوت اختها بالاسفل لتقول بارتياح
- ووووجددد !

ثم اسرعت الخطى راكضة نحوها كالغريق الذي عثر علي طوق نجاته، اردف فايز متحسرا
- اااه ماهى طربقت ! اووووف حبكت تيجى دلوق يعنى يا وجد !

ركضت ورد نحو اختها سريعا حتى وصلت إليها قائله
- الحقينى ياوجدد !

اقتربت من اختها بلهفه
- مالك وشك مخطوف ليه .. حصل ايييييه !
دارت براسها لاعلى لتجد فايز خارجا من غرفة اختها لتتسع عينيها قائله
- حصل ايه ياورد انطقى !
بللت ورد حلقها وهى تقول بصوت مرتعد
- دخل علىّ اوضتى ياوجد وفضل يقول كلام غريب وانك هتتجوزى ادهم وهو عاوز يتجوزنى ..

رمقته وجد بغضب لتقول بصوت عال
- الكلام دا حُصل ياولد عمى !

اصطنع البراءه قائلا وهو يدلف من اعلى
- وحلال ربنا يضايقك في ايه يابت عمى !
التفت نحو اختها لتقول لها
-امشي ياورد !
تارجحت عيونهم بتساؤل حتى اشارت وجد اليها بالانصراف، فتحركت ورد سريعا نحو غرفتها وهى تلتفت خلفها بارتباك .. حتى وصلت لغرفته واغلقت بابها فاطمئن قلب وجد لتتحدث بحريتها .. ولكن ما فعلته ورد عكس ذلك اكتفت بجعل باب غرفتها مواربا لتستمع لحديث اختها التى انخفض ..

- تقدر تقولى انت عملت اكده ليه ومالك باختى !

- رايدها ياوجد ! ومستنيها من زمان ايه هتمانعى ..

تنحنحت وجد بخفوت لتقول
- سيبنا من موضوع ورد بعدين نشوفوه... وهات اسم الظابط البي بلغته عشان عاوزه اتفق معاه !

قهقهه فايز ساخرا ليردف بصوت عال
- انت جري لراسك حاجه ياوجد ! انا مش عارف انت وثقتى فيّ كيف ؟! انت فكرك انى هروح ابلغ عن العتامنه عشان انت تستفردى بحب القلب ..

جيوش متهجمه انقضت علي جسدها لتغرز سيوفها بداخله بدون شفقه لتقول بقلق واضح
- قصدك ايييه !

- هفهمك ياوجد ... اللي عملته كان حتة حلوة منى عشان اجر رجلك للشغل معانا وتبقي سرنا وغطانا يابت عمى .. ومكنش قدامى غير اكده .. وفعلا حصل واحب اطمنك الشغل هيعجبك معانا قوووى ... الزهر شكله هيلعب معانا ياوجد ..

تقف فوق ارض رخوة يرتعد جسدها بدون رحمه تستمع لكلماته بقلب يُعتصر ويبعثر فتاته اكثر من بعثرته لتقول له بصدمه
- حتى انت معاهم ياشيخ يلى ما بتفوتش فرض في الجامع ..!

قهقهه بسخريه ليقول
- ومال الصلاه بالشغل بس ! كله سعى وركض في الدنيا ياوجد والشاطر اللي يكوش اكتر ..

زفرت باختناق اوشك على انفحار بحور دمعها
- حسبي الله ونعم الوكيل فيكك .. اشوف فيك يووم .

دلف ادهم من باب القصر قائلا بفرحه
- متجمعين يعنى ! خيررررر .
التفت وجد نحوه لتقول
- لا برافو ياادهم باشا خطتك نجحت بجد عجبتنى رسمتوها صح وانا اللي مغفله وصدقتكم ! عموما متفرحوش كتير وعلى رقبتى اشترك معاكم في الهباب دا ..

ابتسم ادهم ساخرا وهو يقترب منها
- وجد .. خشي نامى والنهار له عنين يابت عمى ..

- ااخر كلامى قولته والا ماهيطلع عليكم نهار غير وانتوا في الحبس !

كرر حديثه بنيرة اقوى
- قولت النهار له عنين روحى نامى ياااوجد !

" انت عاجباك اووووى المهزله دى .. بس انا مش هسكت وهرفع قضيه ومش هسيب حقى ولا حق ابوويا"
كانت صفوة تجوب امام عينيه كالمجنونه لساعات طويله وبداخلها مراجل القهر تقدح .. ظل مجدى يُراقبها بهدوء تام وهو يضرب الارض بمشط قدمه بثبات وهدوء حتى اردف متزنا
- انتِ عاوزه ايه ؟!
التفت إليه وشظايا القهر تتوهج من عينيها لتقول
- ايوة منا ولا علي بالك .. مكوش علي ربع الثروة وحاطط في بطنك بطيخه صيفي ... اصلا تلاقيكم طابخينها سوا ...

نصب عوده فجاة محاولا تمالك اعصابه ليردف بغضب مكبوت
- طابخينها سوا ! هى حصلت يابت عمى ..

عقدت ساعديها بغل
- اااااه امال تسميه اييه .. كده كده عارف ان عمري ماهحبك فقولت تطبخها انت وجدك واهو اسمكم عقدتوا حبل الجاموسه في مربطها .. بس انتوا غلطانين .. انا مش هسيب حقى وحق اخواتى يابيشمهندس، ومن بكرة الصبح هرفع قضيه حجر ...

رفع حاجبه بسخريه محاولا استيعاب سُم كلماتها ليقول
- جدك عداه العيب وبالذات معاكى .. وسابلك المستشفي انت ومحمد بالنص .. وبعدين هو انت فاكرة لما تيجى تقوليلي عاوزه نصيبي انا همنعك ولا هاكله عليكِ ! مش تربية عفاف اللي تاكل مال حرام يابت عمى ..

اجابته سريعا بدون وعى والغضب يتدفق من جوفها
- منا مش خايفه غير من تربيه عفاف ...

لطمه قوية من كف مجدى صُفع بها صفوه كانت كافيه ان يلتف جسدها كله اثرها .. ثم اردف مجدى بنبره شبه نادمه
- عمري مافكرت اعملها حتى لو عملتى معايا اكتر من كده .. لكن امى يابت عمى خط احمر .. ومن هنا ورايح مافيش خروج من البيت .. واذا كانت ثريا ماعرفتش تربى فأنا اللي هعيد تربيتك ... انا عديت وسكت كل الكلام اللي قولتيه تحت وقولت حقك .. لكن عند هنا ومش هقدر اسكت مش من حقك تجيبي سيرة امى اصلا علي لسانك

ثم تحرك صوب الباب ليتركها في براكين غضبها التى اوشكت علي الانفجار .. ظلتت تترقب خُطاه بصمت وعدم استيعاب ثم اردفت بحده وصوت متألم
- طلقنى !

توقف علي اعتاب الباب لوهله دون النظر اليها ثم اكمل طريقه ليفتح الباب ويغلقه خلفه ليصل اذانها صوت اغلاق القفل ثم وقف متنهدا نادما ليقول
- انت إللى اجبرتينى لحاجة زي كده يابت عمى ..

" انت مضايق ليه ياسليم .. من ساعه ما جدى قسم وانت مش على بعضك "
اردفت ماجده جملتها بصوت حائر متردد وهى تجلس امامه .. فزفر سليم قائلا
- انا مش عارف جدي عمل اكده ليه !

ابتسمت بخفوت
- ياسيدى متحطش في بالك .. اصلا انا مش عاوزه حاجه .. ولما ممممم يعنى قصدى لما نطلق اعتبرنى مسامحه !
رفع عينه نحوها ليقول بتافف
- وحقك ! حقك امانه في رقبتى ياماجده واليوم اللى هتقولى عليه هيوصلك وزياده يابت عمى ..

بلعت غصة احزانها محاوله رسم ابتسامه زائفه
- طب خلاص انت مضايق ليه .. ماهى اتحلت !

- ربنا ما يجيب عقد .. هقوم انام انا عشان عندى مزاد الصبح ولازمن يرسي علىّ .

اومات بخفوت لتقول بحزن
- تمام .. وانا هنام في الأوضة التانيه مش هزعجك ..
التفت سليم الي هاتفه الذي رن اثناء تأهبه للذهاب فاجابه بلهفه ليقول
- ايوةة ياورد .. طمنينى ..

سرق الاسم اذان ماجده لاهتمام محاولة ربط الاسم باحداث سابقه متذكره
( خدى اختك وامشي ياورد دى شكلها ليله طين ... )
فاقت ماجده من شرودها علي دمعه اخري منسكبه بمرارة لتقول بتوعد
- هى العيلة دى مش سيباه في حاله ليه ... طيب ياسليم هسيبك تلف تلف ومش هتلاقي غير حضن ماجده ف الاخر ...

اقترب سليم من النافذة ليكممل حديثه مع ورد صاحبه الصوت المنتفض لتقول برجاء
- الحقنا ياسليمممم ... الحق .. ادهم وفايز وقعوا وجد وجبروها تتشتغل معاهم وكمان ادهم بيهددها .. وفايز قالى انهم هيتجوزوا ... ووجد مموته نفسها من البكا .. وانا مش عارفه اعمل ايه ...

سليم باختناق
- ودى التلفيووون لاختك ياورد ...
اخفضت صوتها بحذر لتقول برجاء
- لالا ياسليم دى محرجه عليا ارد عليك اصلا وقالتلى اغير خطى .. هى خايفه عليك منهم قوى .. وفي نفس الوقت هما غرقوها معاهم غصب عنها ... اختى بتضيع مننا ياسليم .. احب على يدك اتصرف ..

كور قبضه يده ليضرب الحائط بعصبيه قائلا
- طيب ياادهم الكلب ! طيب .

- انت مش هتتخلى عنها ياسليم صح !

- اكيد ياورد ... طب بصي متخافيش واجمدى كده واسمعى كلامى بالحرف .. وانا هقولك تعملى اييييه .

" انا مبسوطة اوى يامحمد .. كده خلاص اتكلبشنا ومافيش حد هيقدر يفرقنا ابدا "
قالت يسر جملتها بفرحه وهى تقفز امامه بحركات طفوليه ..
تناول محمد ثمرة فاكهه من فوق الطاوله ليقول
- انتِ ياما كلبشتينى من اول نظرة ... هتستعبطى ..

اخدت منه ثمرة التفاح بمزاح وتخفيها وراء ظهرها
- ايوة كده اعترف .. عشان لو فكرت بس عينك تروح كده ولا كده هقتلك ..
خطف قُبله صغيره من وجنتها بصورة مفاجئة ليقول
- طيب وهو في حد يكون معاه العسل دا ويدور علي غيرو بره .. دا حتى يبقي افتري ياشيخه .. !

نظرت له بعيون ضيقه وهى تتراجه للخلف لتقول
- انت بتبصلى كده ليهه ! مش مطمنالك !
دنى منها خطوة للامام قائلا
- بما انه سفريه شرم الشيخ اضربت ... وكمان هنزل الشغل من بكرة .. ايييه انت بقي .. !
ضحكت بصوت عال زلزل كل مشاعره مما جعله يتقدم نحوها اكثر ليلتهمها حُبا .. واوشك ان يظفر محمد بمراده ولكنها سرعان ما فاجئته بوضع الفاكهه بفمه قائله
- خد تفاحتك ياعم .. انت هتتلكك ..

جز محمد علي اسنانه باغتياظ
- روحى ياشيخه الهى اشوف فيكى يوم ! فصلة دى بذمتك !
وقفت على طراطيف أصابعها لتقبله سريعا قائله
- كُلها هعمل حاجه واجيلك .. متتحركش من مكانك .. انا بحذرك اهو. ...

 

" مضايقه عشان اللى عمله جدى اكيد !"
اردف عماد جملته الاخيرة بعدما وضع ريموت التلفاز بجوار موجها كلامه الى نورا التى نظرت له متبسمه
- لا والله .. الورث والكلام الفاضي دا مايفرقش معايا !

- اومال ايه اللى يفرق معاكى ؟!
ابتسمت بخفوت
- اهم حاجه الصحة وراحة البال .. والله كده رضا ..

- غريبه ! بس دا حقك ؟
التفت نحوه باهتمام لتقول
- مش حقى .. انا متعبتش فيه عشان اطلب به واقول حقى .. الاراضي دى كلها من حق عمو عادل الله يرحمه، ومن حق سليم بعده لان هو دراع جدى اليمين واللي شايل كل حاجه على كتافه ... اللى عاوز اوصله ان دى هديه من جدى ولو مكنش عطانا معاكم اصلا والله عمري ما كنت هتعرض ولا هتكلم .. دا كرمنا اخر كرم والله ..

في كل مرة حديثه معها يجعلها تعلو درجه من جبال شموخه ؛ الا تلك المرة كان حديثها كافيا ان يخطفها لقمة جباله لتتربع عليه قائلا باعجاب
- انت غريبه اوى ..

- هو اللى يقول الحق يبقي غريب يا سيادة المستشار !

- يااااااه ليا سنة مسمعتش الاسم دا ..

- سبت شغلك ليه ؟!

- مكنش ينفع اكمل فيه وظروف العيله زى ما انت شايفه ..

اغرورقت عينيها بالدموع لتقول
- هو فعلا ابويا ورا كل المصايب دى .
صمت عماد لبرهه ثم قال
- تربيه جدى واللى اعرفه عن عمى اللي شكلك واخده كل صفاته مابتقولش كده .. بس كل الناس والشهود قالوا كده .. ولسه التحريات شغاله ..

ذرفت دمعه اخري لتقول
- والله انا مش مصدقة انه يعمل حاجة زي كده .. بابا احن راجل في الدنيا كلها ..

تنحنح عماد بخفوت محاولا تلطيف الجو
- سيبك انتِ بتتكلمى قهراوي حلو اوووى ..

تبسمت رغم حزنها لتقول
- جدك ومراة عمك ياسيدى محرجين علينا منتكلمش معاهم ومع اهل البيت غير صعيدي .. وانا شكلى نسيت نفسي وخدنى الكلام والطبع يغلب التطبع بقي ..

لاول مرة منذ اعوام تشق شفته ابتسامه نابعه من قلبه ليقول
- ياستى خدى راحتك .. اتكلمى بالطريقه واللكنه اللى تعجبك ..

اومات راسها ايجابا بفرح ثم اكمل كلامه قائلا
- جبتلك الكتاب دا من تحت .. اقريه لحد ماتنزلى وتختاري بقي .

رفعت حاجبها فارحه
- me before you !
- قراتيه ؟!
هزت راسها نفيا
- لا بس اتفرجت على الفيلم . ..
- الرواية هتعجبك اكتر واسلوبها حلو .. هسيبك انا بقي تعيشي معاها وهدخل انام .. تصبحى علي خير ..

 

" هو مش لسه بدري ياثريا! "
اردف راجح بنبرة صوته الاجشه سؤاله من منتصف الصاله الواسعه وعلى حدا كانت ثريا تخطو اول خطواتها فوق السلم .. فتوقفت بجسد منهلع من الداخل لتقول
- تقدر تسال السواق كنت فين؟!

وقف راجح مستندا علي عكازه ليردف قائلا
- اه منا خابر زين انك كنتي في المستشفى وعملتى فحص واشعه وتحليل شامل ... بس دا يخليكى راجعه ١٢ بالليل وانت خارجه من العصر ..
- عاوز توصل لايه ياعمى ؟!
اقترب منها قائلا
- ولا حاجه يابت اخوى .. تُصبحى علي خير ..
استدارت ثريا لتهرب من اسهم شكوكه ولكنه اوقفها مناديا بقوة
- ثريا .. بعدى عن بناتك وسبيهم يعيشوا حياتهم .. خلى البنات تفك من حصارك عليهم ..
استمعت لاوامر وبدون اي اشاره او صوت صعدت لغرفتها تلقي بجسدها في وسط الفراش متنهده بارتياح لتردف
- مش مرتحالك ياهواري ... ياتري عتفكر في ايييييه .

" اي رايك .. مهنش عليا انام قبل ماوريك الشغل "
اردف ادهم جملته بفرحه وهو يرفع ساقه قوق مقعد المكتب مستندا عليه بكوعه منتظر رد عمه .

تذوق حيدر ما اعده وجد باعجاب شديد قائلا
- ااااه ياوجد ... كنتى فين من زمان !

- كنت واثق انه هيعجبك .. المهم دلوق ان لعبتنا اتكشفت وفايز كشف نفسه .. ووجد لازمها راجل يلمها ياعمى ..

- عاوز ايه

- فرحى عليها يكون النهارده قبل بكرة وانا جاهز من زمان قوى .. بس انت ترضي ..
حيدر بتساؤل
- مش بدري علي الخطوة دى يا ادهم !

- لا مش بدري .. لازم نربط وجد قبل ما تغرقنا كلنا .. وكله في صالحنا دلوق انا ماليش حكم عليها .. ولا انت ليك حكم عليها .. وجد لازم تتحكم وتبعد عن نسل هوارة عاد ..

هز حيدر راسه باقتناع
- تمام اجهز ياعريس ومن بكرة هنبداوا في مراسيم الفرح .. وعلي اخر الاسبوع هتكون في بيتك ...

ابتسامه انتصار ارتسمت على ثغر ادهم قائلا
- هو دا الكلام ! الله ينور عليك ..

قفلت المصحف الذي بيدها ورفعت رأسها لاعلى تناجى ربها مردده
- عارفه انى غلطت ومكنش ينفع أامن لواحد زي دا .. خليك معايا وارحمنى من شرهم ... يارب نجينى زي مانجيت يونس من بطن الحوت يارب انا صابره صبر جبال .. ارزقنى وعوضنى عن صبري خير ... واحفظ سليم وارعاه وانصره يارب حتى ولو ماليش نصيب اكون معاه في حلالك ليله واحده يارب احميه من كل شر .. واحفظ اخواتى واهدى امى عنهم يارب انا ماليش غيرك متسبنيش لوحدى .. انت الوحيد اللي سامعنى وحاسس بي فرح قلبي يارب ...

"في اليوم التالى "

- طبعا مش عاوزه اقولكم تعملوا ايه ... واظن مافيش واحده فيكم هتقدر تفتح خشمها بعد اللي حصل ..
اردفت ثريا جملتها بحقد علي بناتها ثم هتفت نورا قائله
- انا خرجينى من حساباتك خالص ياريت ... مش عاوزه حاجه ..

- اكتمى يابت وانت اش فهمك وعرفك عاوزة تسيبى حقك ليييييه .. فوقى يابت الخايبه ..
لاحت نورا بكفها بنفاذ صبر
- يوووووووه بقي .. دى عيشه تقرف .. انا ماشيه

- خدى يابت هنا خدددى ..
ولكن ابنتها تجاهلتها تاما وتركتها وغادرت .. استدارت ثريا نحو يسر وماجده
- صفوة مجاتش ليه !
يسر بتلقائيه: خبطت عليها كتير مفتحتش .. قولت اكيد نايمه ..
ثريا باهتمام قبضت علي ذراع ابنتها
- بت انتى حُصل حاجه بينك وبين اللي مايتسمى .

- اااه ياما سيبى دراعى ..
هزتها بعنف اكثر
- انطقي يابت !
هزت يسر راسها نفيا ويبدو الكذب عليها قائله
- لا محصلش .. اصل قايله انه ماينفعش دلوقت وبس ...
ثريا بعدم تصديق
- اومال قاصدك في الروحه والجايه ليه .. وشهر عسل ايه الل كنتى هتهببيه .. انطقى
- طول مانت بتعاندى مع محمد هو بيعاندك اكتر وعارف انك هتتغاظى من تصرفاته فبيعمل كده ..

- طيب يايسر .. اقسم بالله لو كنت عتكدبي على لادفنك مطرحك ..

ارتعد جسد يسر بخوف
- حاااضر .. انا ماشيه ..

- استنى هنا هتمضي جوزك ميته !

- اييييه ! امضيه علي اييه ؟!
اتسعت حدقة عين امها بتهديد وهى تقترب منها
- هتستهبلى يابت !
يسر بسرعه وخوف
- خلاص خلاص اللي عاوزاه هعمله ..

ارتاح قلب ثريا قليلا متنهدة ثم التفت صوب ماجده
- وانت !
ذرفت دمعه من عينيها قائله
- حاضر .. الظاهر مافيش قدامى غير كده ...

" الا قوليلى ياما اي سبب العداوة بينك وبين مراة عمى !"
اردف عماد جملته بهدوء بعد ما وضع فنجان قهوته فوق الطاوله .. اردفت عفاف قائله
- دا حوار من زمان قوى يا ولدى ..

- احكى انا سامعك ..

ابتسم عفاف قائله
- مراة عمك كانت تحب واد شمام من العتامنه، وكانت عاوزه تتجوزه وانا حذرتها بدل المرة الف .. لانهم مكانوش ينفعونا ياولدى .. اخر مرة قالتلى انها هتهرب معاه وانا معرفتش اعمل ايه غير امى رحت اقول لاخوها منصور هو اللي هيقدر يلحق المصيبه دى .. ومن ساعتها وهى كرهانى ومفكرانى بعدت عنها حبيبها ... وادى الحكايه والله ياولدى .. انا فعلا غلطت عشان طلعت سرها بس كانت عاوزة احميها من الكلب ده ومن شر الهواره لو عرفوا هيقتلوها .. قضي كان اخف من قضي ..

مط عماد شفتيه بإيماء قائلا
- عشان كده ! ربنا يصلح الحال ... الا قوليلى ياام عماد اي رايك في نورا قصدى يعنى زي امها ولا غير !

عفاف بخبث
- هى الصنارة غمزت ولا ايييييه !

- اي ياعفاف محدش يعرف يتكلم معاكى خالص .. مجرد سؤال والله بما اننا بندردشوا ...
رفعت حاجبها بعدم تصديق لتقول
- البت يا ولدى مشوفتش منها العيبه ودايما في حالها .. وبعدين دى ف بيتك وتحت عينك تقدر تعرفها زين وتحدد ..

وثب قائما بسرعة
- طيب يااما .. هقوم انا اشوف مصالحى ... صح ماقولتليش مين اللي كانت تحبه ثريا مراة عمى !

- حيدر .. حيدر عتمان راس الافعى ...

 

" ألا اونا .. الا دو الا... "
صوت جمهوري قوى من سليم الهواري الذي اقتحم المزاد بصف من الحرس قائلا
- ٥ مليوووووون ..

التفت جميع الحاضرين نحو صاحب الرقم الذي انخرط علي اذانهم .. فاردف رجل المزاد
- ٥ مليون عند سليم بيه الهواري ! ٥ مليون عند سليم بيه الهوارى ... مين يزود ..
نهض ادهم بغل ليقول
- ٥مليون ومية الف ..

اقترب سليم بخطوات قليله
- ٦ مليون ...

اردف رجل المزاد مصانع آل خليل القديمه ب ٦ مليون مين يزود !

سليم جلس بشموخ ليقول
- ٨ مليون ..

تنهد ادهم قائلا بحقد
- ١٠ مليون ...
انطلق سليم بكلمته التى اخرست الافواه
- ١٥ مليون ..
ظل ادهم يراقب سليم بنظرات شرانيه حتى ترك المزاد مغادرا بصحة رجاله .. اما عن المزاد فرسي اخيرا علي سليم الهواري الذي تراقص قلبه فرحا وانتصارا ...

دلف مجدى من سيارته التى ظل يجول بها ف انحاء القريه طول الليل مقتحما القصر بخطوات واسعه فوجد امه جالسة فالقي عليها التحيه قائلا
- عامله ايييه !

عقدت عفاف حاجبيها
- انا زينه ! انت عاد خدت عربيتك من بالليل وراجع الصبح ليه دانا قولت عليك نزلت مصر .. وصعب عليا منك تنزل من غير ما تسلم على ..

ابتسم مجدى رغم عنه قائلا
- والله ياعفاف المفروض انزل مصر النهارده قبل بكرة الشغل متعطل قوى ..

- عامل ايه مع صفوة يامجدى !

تنهد بياس قائلا
- ولا حاجه كل شويه خناق واليوم بيعدى ..

- ياولدى بالراحه وبالمسايسه الدنيا هتنور ... طب والله البت دى مافي اغلب منها .. هى بس متفرعنه بالكدب ... قرب منها واعرف مالها ياولدى في فحكم اليتيمه وحتى امها دى متعتبرش ام اصلا كل هما الفلوس وبس ..

- ربك يعدلها ياما ... رايح شقتى انا يلا فوتك بعافيه ..

" هو في ايه هنا وليه الدربكه والدوشه دى "
اردفت وجد سؤالها متعجبه عندما وجدت حركه البيت علي غير المعتاد فاجابتها ساميه من الخلف
- ترتيبات فرحك ياعروسه .. عمك امر ان جوازك علي ادهم بعدين يومين واهو كلنا بنتشتغلوا بايدينا وسناننا عشان نعملوا حاجه تليق بيكى انت وولدى البكري

عقدت وجد ملامحه بعدم تصديق
- انت بتقولى اي ! مين قال اكده !
- من زمان ياوجد من يوم ما اتولدتى واسمك مكتوب علي اسم ادهم .. صبرتى ونولتى والله .. سيد الرجاله كلهم ..

- ياما .. ممكن تفهمينى مراة عمى عتقول ايه .. وفرح مين دا اللى بعد يومين !

- فرحك ياضي عينى .. والله ياوجد الود ودى كنت اجوزك انت واختك في ليله واحده .. بس يلا مافيش نصيب كده كده عريسها قاعد ..

- انتوا اكيد اتجننتوا ..انا مش موافقه علي الجوازه دى ..

ساميه بمكر
- بس عمك وافق ياوجد !

- يبقي يروح يتجوز هو بدل ماهو متجوزش لحد دلوق ... دا الغلب دا بس ياربي

تأهبت للذهاب ولكن اوقفها هتاف ساميه قائله
- جوزك محرج علينا رجلك متخطيش الشارع غير علي بيتكم ..

شعرت بحبل يلتف حولين قلبها ليخلعه فتوقفت بقوة
- مش جوزى ولا عمره هيبقي .. وانا محدش بتأمر علىّ اللي كان له الحق يأمر برغم انه عمره ماعملها ابوي واهو مات ... ومتخلقش اللي يجوزنى غصب عنى ..

ضحكت ساميه بسخريه
- وده عشان ولد الهواري اللي مرمي طول الليل في حضن مرته .. ياخيبه ذليه واكسريه وخدى اللي احسن منه .. اتعلمى منى بلاش تتعلقي بحبال الحب الدايب ماعتوكلش عيش !

ابتسمت وجد ساخرة لتردف
- لكن الرقص عيوكل كباب وكتفه ... اطلعى انت ولدك عن راسي ..

كوثر بحده
- ما تتلمى يابت وكلمى حماتك عدل ..
شرعت وجد ان تنطق ولكن قطعها زمجرة صوت ادهم القويه قائلا
- نتكلموا لحالنا ياعرووسه !
ضحكت ساخرة
- هااا واهو شرف عريس الغفله .. ماليش كلام مع تجار حرام ..

قبض علي معصمها بقوة
- وجد .. اقصري الشر وتعالى ..
انحنت كوثر علي اذان ساميه
- تعالي ياام ادهم نكملو تجهزات الفرح ونشوف اي اللي نااقص ونسيوا العرسان لحالهم ..

ساميه قاصده اثاره غضب وجد
- علي قولتك .. يلا ياكوثر ...

جذبها ادهم عنوة عنها من معصمها ودخل معها غرفة مكتبه .. بينما ورد كانت تترقبهم بخفاء من اعلي .. فاسرعت النزول متجهه خلفهم بحرص شديد وهى تتلفت حولها يمينا ويسارا .. وصلت وجد لغرفه المكتب التى اغلقها ادهم خلفه فابتعدت عنه بكره قائله
- ادهم انت لو اخر راجل في الدنيا انا مش هتجوزك ..
ابتسم ماكرا
- وانت ولو في منك مليون مش هتجوز غيرك بردو .

- تبقي بتحلم .. عندى اقتل نفسي ولا اسلمها ليك ..

- وانا عندى اقتلك ولا انك تكونى لغيري ...

ثم اقترب من جهاز اللاب توب بضحك ساخر لينير شاشته قائلا
- بصي بصي ياوجد طالعه في الشاشه حلوه كييف ... !
شهقت شهقه عاليه تكاد سحبت اوكسجين الغرفه وتبلل حلقها عدة مرات محاولة استيعاب جريمته الدنيئه
- انت حيوان ... انت صورتى ياادهم وانا بصنع الزفت دا ..
قفل ادهم الشاشه قائلا بانتصار
- شوفي هما أمرين ملهمش تالت .. شالله مايأمر عليك عدو يارب .. بس انا هكون جوزك طبعا فيتنفذوا ... الاول فرحنا يوم الخميس .. والامر تانى تحرقي صفحة ولد الهواري من حياتك ياوجد وألا الفيديو دا هسلمه للنقابه والمركز واللي مايشتري يجي يتفرج علي الدضكتورة اللي رافعه راسنا .. ومتفكريش كتير عشان مقدامكيش اختيارات للاسف لانى سبق وقولتلك ياتكونى مع غيري يامتكونيش ياوجد ..

رمقته بنظرات ساخطه متأرجحه
- بكرهك ومش هكره حد قدك ..

عقدت ساعديه بهدوء قائلا
- مش مهم المهم عندى انى احرق قلبه واردله القلم عشرة ..

التفت إليه باهتمام
- هو مين دا ؟!
اقترب منها بخبث ليحاصرها بذراعيه
- وجد .. بلاش معانده وخلى حلوة احسنلك ..

دفعته بعيدا مردده
- يعنى متجوزتكش او حاولت اتحامى بسليم هضيع مستقبلى وتخلينى طول العمر عايشه في السجن صح ..

- والله علي عينى يابت عمى .. بس انا مجبر على كل دا ..

تنهدت باختناق
- تمام .. تمام يا ادهم بيه .. منا مش هضيع حلمى وحلم ابويا عشانك دانا روحى في يدك .. وانا موافقه على الجوازه دى .. بس ورحمة ابويا لاوصلك لمرحلة تتمنى فيها الموت ولا تلاقيه تفضل تدور عليه بالفلوس .. وافتكر انك انت اللي جبته لنفسك .. افرح ياعريس ..

شهقت ورد من الخارج بصوت عال وسرعان ما اندفعت نحو غرفتها متسلله علي اطراف قدميها بحذر لتلتقط هاتفها سريعا كاتبه رساله نصيه لسليم
" الحق ياسليم .. ادهم مصور وجد وبيهددها هيبلغ عنها لو موافقتش علي جوازهم .. ووجد وافقت "

كان سليم يقود سيارته علي الطريق الزراعى عائدا منتصرا بعدما صفع ادهم للمرة الالف .. فالتفت نحو شاشة هاتفه المضيئه ليقرا رساله ورد عدة مرات .. ففرمل سيارته فجاة متكأ للخلف وهو يضغط علي اسنانه ..
- يابن ال... ياادهم
ثم عاد الاتصال بورد قائلا بسرعه
- فهمينى ياورد ...
تلتقط انفاسها بصعوبه والدموع تسبح فوق وجهها
- الحق ياسليم هيودى وجد في داهيه .. دا شرانى ويعمل اكتر من كده ..

سليم كاظما لغيظه قائلا
- اهدى اكده واحكى ... وليه وجد مكلمتنيش ..

- بيهددها بيك ياسليم، ادهم اول مايسمع سيرتك عيتعفرت وهى عاوزه تبعدك عن طريقه بأى شكل المهم هحكيلك الل حصل امبارح ...

قصت ورد ماحدث ليلة امس وحاولت ربط الاحداث ببعضها مع سليم وبعد حديثهم الذي استمر عدة دقائق اردف سليم بارتياح
- فهمتى ... تتصرفي وتطلعى تقابلينى بعد العصر ياورد ...

- انت ناوي علي ايه ؟!

- ناوي اولع في عيلتكم نفر نفر ... يلا اقفلى .
- " طيب والله كويس انك محضرة شنطك وحاجاتك وفرتى الوقت "
اردف مجدى جملته وهو يدلف من باب شقته ليجد امامه حقيبه صغيرة وأخرى حقيبه يد وصفوة تجلس في منتصف -الصاله- عاقدة ذراعيها واسهم الشر والغضب تنبثق من عينيها .. اقترب منها مجدى بهدوء ليجلس امامها قائلا:

- هاخد شاور علي بال ماتلمى هدومى عشان هننزل مصر دلوقت .
رفعت حاجبها بسخريه قائله
- ودا مين اللي قرر كده !
ارتسم مجدى معالم الجديه قائلا
- انا اللي قررت .. ويلا اتفضلى عشان مش عاوزين نتاخر .. بكرة الصبح لازم اكون في الشغل ..
وقفت امامه معانده
- طبعا مش هيحصل ولا هسافر معاك ولا عاوزه اشوف وشك بعد النهارده .. ولو سمحت طلقنى وكل واحد فينا يروح لحاله !

رمقها مجدى بنظرات معاتبه ثم تأهب للذهاب من خلفها بصمت اشعل بدنها غضبا .. فسارت خلفه قائلا
- وبعدين انت مين عطاك الحق تقفل عليا اصلا ! انا غلطانه انى وافقت علي الهبل والجوازه دى من الاول اكبر غلطه انا عملتها في حياتى ... بص مختصر الكلام كده لو مطلقتنيش هخلعك !

توقف فجاة مستديرا إليها بجسده وثغره متبسم قائلا
- هاتيلى غيار من جوه محتاج اخد (شاور) ضروري !
لاحت إليه بكفها بعشوائيه بوجه مكتظٍ قائله
- انا بتكلم في ايه وانت بتتكلم في ايه ! هو انا الجاريه اللى جابهالك جدك ! سفر مش مسافره! هطلقنى دلوقتى يامجدى بيه ..

شرع مجدى في نزع ثيابه امامها بمكر محاولا الاقتراب منها قائلا
- وانا معنديش اي مانع اطلقك .. بس لما اتجوزك الاول ! قولتى ايه ؟! موافقة !

تراجعت للخلف كالملدوغه محاولة استيعاب جريمته التى ينتوى لارتكابها قائله
- انت مجنون ! لا طبعا مستحيل ولو فكرت تقرب هقتلك ..

قهقهه مجدى ساخرا علي ارجحه عيونها وتصاعد وهبوط انفاسها قائلا بغمز
- وانا مستحيل اطلق .. ويلا من غير مناهده كتير لان كلامى انا اللي هيمشي ياصفوه فاقصري الشر احسنلك !

تحك قدميها ببعضها بغل وغضب مطلقه زفيرا قويا في وجهه لتتركه وتغادر الشقه نهائيا هاربه من اسهم انظاره .. تنهد مجدى بتحدٍ
- طيب ياصفوه شكلك حابه تشوفى الوش تانى !

 

" المكان عجبك ! "

اردف عماد جملته وهو يجلس فوق مكتبه بشموخ لنورا الغائصه في بحور مكتبته المليئه بكثير من الكتب قائله بانبهار
- اي الجمال .. بجد انا نفسي افضل هنا مخرجش ابدا، انت قاريء كل الكتب دى !

ابتسامه خفيفه اعتلت ثغره قائلا بنبره خافته
- تقدري تقولى انى قاريهم كلهم ..

التفت نحوه بتعجب وعيون متسعه قائله
- ووواااووو بجد يابختككككك ..

تراجع للخلف متقلبا في مقعده بانسيابيه كانه يخفى شيء ما بداخله قائلا
- نيرة الله يرحمها كانت مجنونة كتب وقراءه، كان الشوبينج عندها تنزل تجيب كتب وبس ؛ طول الوقت ماشيه بالكتاب في ايديها واليوم اللي كنت ارجع فيه متاريف من ضغط الشغل كانت تاخدنى من ايديا كده ونقعد انا وهى مع اكتر كتاب قراته وعجبها .. كنت وقتها انسي كل هموم الدنيا .. بحب كل الكتب اللي كانوا سبب في ابتسامتها وضحكتها طول الوقت ..

تركت نورا مابيدها بهدوء ثم اقتربت منه قائله بثغر متبسم وقلب يحترق من نيران الغيره لتجلس امامه ومتكئه علي سطح مكتبه لتردف
- كلامك بيخلينى اندم انى متعرفش علي شخصية زى دى بحياتى !

تبسم بحزن ليقول
- زرعت فيا كل ورود روحها وسابتنى ومشيت !
رفعت نورا عينيها بخجل لتقول
- ودى حاجه مفرحانى جدا .. حاسة انك تشبهها اوى !
تنحنح عماد وهو يتقدم بظهر للامام قائلا
-بيقولوا .. انت مقولتليش انفصلتى ليه عن جوزك ..

شوكة علقت بحلقها محاولة محو ذكريات الماضي قائله بحزن
- لسه كنت بتقول ان نيره زرعت فيك كل الورود وسابتك ... هو كمان زرع فيا بس زرع شوك وصبار ومكنش قدامى حل غير انى اختار حريتى بمقابل كل حاجه املكها !

رفع عماد حاجبيه بفضول قائلا
- مش فاهم !

- هو انا لازم احكى .. ؟

هز كتفيه باستسلام قائلا
- لو دا هيوجعك بلاش منه، مع انى حابب جدا اعرف مين الغبي اللي يسيب شخصيه زيك !

تبسمت ابتسامه زائفه لتقول بعد تنهيده طويله
- كان مدير الصيدليه بتاعتى .. حاول يقرب منى كتير لكن انا مكنتش متقبلاه .. دخل لماما من حتة اننا صيادلة بقي وهنقدر نعمل مشاريع ومصانع يعنى ماديات وكده .. ماما اقتنعت واقنعت بابا واتجبرت انى اوافق .. بعد فترة اكتشفت انه بقي شخص تحكمى عصبي انانى خنيق .. مكنتش استحمل نفسه في البيت ويوم ما طلبت الطلاق ساومنى بين حريتى والصيدليه اللي تعتبر الهديه الوحيده من بابا ... وادى حكايتى ...

رمقها بعيون مشفقه قائلا
- واتجبرتى انك تتجوزينى كمان ! الدنيا جايه عليك اوي مش مديالك مساحه تختاري حياتك !

بلعت غصة كلماته قائله
- بس انا راضيه باختياراتها مهما كان ..

ابتسم عماد قائلا
- انت تستاهلى كل خير فعلا ..

شعرت بالحرج امامه ومن اسهم نظراته التى ترعدها حبًا لتقول بجسد مهزوز
- هقوم بقى اعيش مع الكتب دى !

اومئ عماد ايجابا بينما دار بمقعده ليجري اتصالا هاتفيا قائلا
- ااه ياسمير معاك .. اكتب كده الاسم ورايا .. ( حيدر نصر الله عتمان ) .. _ثم صمت لبرهه تابعتها ايماءه خفيفه_ مممممم وهو كذالك ياباشا .. هستنى تليفونك في اقرب وقت .

 

" سعت الباشا حمزه بيه معتز ... ليك وحشه والله "
اردف سليم جملته وهو يدلف باب مكتب سياده النقيب( حمزه معتز ) بمركز ابو تشت .. وقف حمزه مرحبا به بامتنان
- سليم بيه الهواري بجلالة قدره في مكتبى المتواضع !

احتضن الرفاق بعضهما بود فاردف حمزه قائلا
- اتفضل اتفضل .. اي ريح طيبة اتت بك الي هنا ياولد الهواري ..

تنهد سليم بكلل وهو يجلس امامه قائلا
- الهوي غلاب ياصاحبي والله ..
ابتسم حمزه قائلا
- لا دا شكل الموضوع كبير .. تشرب ايييه ؟!
- اي حاجه ياحمزه مش هتفرق ..

ضغط حمزه علي الجرس فدخل العسكري ضاربا التحيه العسكريه قائلا
- اوامرك يافندم ..

اجابه حمزه بثغر متبسم
- اتنين لمون يابنى شكل ولد الهواري اعصابه تعبانه ..

انصرف العسكري فتبسم سليم وهو ينظر إلي حمزه قائلا
- طالب مساعدتك ياباشا ..

- انت تأمر امر ياسيدى ..

تحدث سليم اليه باهتمام وحرص، كان حمزه يستمع إليه بتركيز شديد، وبعده عدة دقائق قطعهم دخول العسكري ثم استئنف سليم حديثه الذي اختتمه بجملة
- هااا ياباشا .. معايا ولااا!

اتكىء النقيب حمزه بظهره للخلف قائلا
- معاك .. بس الموضوع في قلق عليك انت ..

- متقلقش عليّ بس .. ربك هيسترها .. انا حبيت اجيلك بنفسي عشان الموضوع مش هينفع في التليفون .. ومافيش غيرك هيساعدنى .

تنحنح حمزه بخوف ليقول
- اتفقنا ياسليم .. اول ما تظبط اللي اتفقنا عليه .. رن وسيب الباقي عليا ...

وقف سليم برسميه وهو يصافح حمزه قائلا بامتنان
- سلامى لحمزه باشا الخياط ..

وقف حمزه ممتنا له قائلا
- حمزه الخياط مابيقبلش سلامات كده .. دا عاوز زياره وتروح تسلم عليه بنفسك انت وحرم سليم الهواري الجديده بقا ...

ضحك سليم راجيا
- ياخى من بؤك لباب السماا .. هستاذن انا بقي ..

" جدى انا عاوزه اطلق .. ومعنديش رجعه في قرارى "

اردفت صفوة جملتها بعاند امام راجح الهواري الذي تلقى طلبها ساخرا ليقول لها
- ليه ياصفوة !

زفرت بضيق
- البيه بيضربنى وانا مستحيل اكون علي ذمته ساعه واحده ..
عقد جدها حاجبيه قائلا
- ضربك ! قولتى ايه يوصل مجدى لحاجه زى دى !

تارجحت عينيها وبدى عليها بوادر الكذب
- ماقولتش هو اللي همجى وانا مستحيل اعيش معاه ولو سمحت ياجدى لو مطلقتنيش هيكون مابينا المحاكم ..

لطخ وجه الجد بدماء الغضب قائلا
- اخذي الشيطان يا صفوة .. واطلعى لجوزك ..

قطعهم مجدى قائلا
- لا جوزها اللي نزلها ياجدى عشان يادوب نطير علي مصر دلوقت الشغل متراكم فوق راسي اد كده ...

- يلا ياصفوة مع جوزك متهملهوش يابتى ..

اوشكت عيونها علي البكاء قائله
- انا مش هطلع من هنا ولا هروح معاه في اي مكان .. والقاهره دى انا مش هعتبها مهما حصل واخر كلام عندى قولته ...

مجدى بهدوء مسك كفها وسحبها خلفه قائلا
- عن اذنك ياهواري بس مش عاوز اوجع راسك هتكلم معاها لحالنا .

اخذها بعيدا عن الانظار ليقفها امامه قائلا
- يعنى قلم امبارح مربكيش !

- لا ياافندى قلم امبارح فوقنى وكشف نوايا سعتك ..

كوره قبض يده محاولا تمالك اعصابه ليردف
- صفوة .. لمى نفسك وقدامى علي العربيه يلا ..

زفرت بضيق
- علي جثتى انزل القاهرة .. انا مش عاوزه اروح الله ! هو بالعافيه !

رفع صوته بحده
- صفووووووة ... معاكى دقيقتين وتكونى قاعده جمبي في العربيه والا مش هيحصل طيب ..

ثم تركها وغادر ليعد شنطه داخل السياره .. ضربت صفوة الارض بساقيها بقلة حيله .. وفجاة التفت لصوت مسدج علي هاتفها من رقم تحفظه جيدا
( صفوة .. انا اسف وسامحينى ارجعيلى ياصفوة انا مش قادر اعيش من غيرك .. فات ٥ سنين علي غيابك وانا مش قادر انساكِ )

زفرت باختناق واوشكت عيناها علي ذرف دموع قلة الحيلة قائله
- اووووف ماهى كانت ناقصاك انت كمان !

فاقت علي صوت احد الخادمات قائله
- ست صفوة مجدى بيه بيستعجلك وبيقولك يلا ..

وقفت حائره كأنها علي شط بحيره مليئة بالتماسيح والبر غدار مليىء بذئاب بشريه تود ان تقضى عليها .. فماذا ستختار !

 

" شوفتى يا وجدان ! شوفتى عيعملوا ايه في حفيدتك ! هيجوزونى ادهم يإما حلم ابويا ومستقبلى هيضيعوا، وانا مش عارفه اعمل ايه .. قوليلى اعمل ايه حاسه كل حته في جسمى عتحرق فيا وانا معتدش مستحمله والله "

اردفت وجد جملتها لجدتها الراقده بدموع منهمرة فوق وجهها تراقبها تلك العجوز بيعينها الاتى اوشكا علي الانفجار حسرة منذ مفارقة ابناؤها الحياه فلم يتبق لها الا حيدر .. حركت اصابع كفها ببطء وهى تراقب حفيدتها بحزن بالغ، اكملت وجد حديثها
- طيب اتصل بسليم واقوله الحقنى ! كده برميه في النار بيدى من ناحية عيلتى وعيلته ... حاسه حبل طويل بيتلف علي قلبى وبيخنقه ... ادهم لعبها صح هو وفايز ..

سعلت العجوز بوهن شديد وهى تعتصر عينيها علي حال حفيدها الغاليه علي قلبها ... مدت (وجد) انامله لتزيل دموع جدتها قائله بابتسامه خارجه من وسط خزان حزنها
- طيب هونى عليا انا وانت هنبكى كده ؟! ماينفعش .. طب خلاص متبكيش وانا مش هبكى .. ابويا سبق وقالى لابد بقليلٍ من التضحيه كى تستكين القلوب .. وانا سكون قلبي في حياة سليم سالم ومبسوط هعوز ايه تانى ! حتى ولو كان بعيد يكفى انه تحت جلدى ساكن ..

وصلت ورد لاعتاب قصرهم بعدما عقدت اتفاقها مع سليم .. فأصبحت تلتفت حولها حاضنه بين ذراعيها سلة سوداء تحملها بجسد مرتعد حتى ارتطمت بأدهم ففزعت كالملدوغه في بهو القصر قائلة
- ااا .. ااااادد ... اددددهمممم !

رمقها بخبث
- مالك مش علي بعضك ليههه ؟!
بللت حلقها بارتباك وهى تلتقط انفاسها بصعوبه
- هاا ابدا .. اصل ..

- اصل وفصل ايه ؟! وبعدين اي الكيس الاسود اللي معاكى دا ؟!

حضنت السله بين ذراعيها اكثر لتردف قائله وهى تتراجع للخلف
- مالكش دعوة وبكتبي ولا ليك دعوه بيا اصلا .. ووسع اكده من طريقي وشوف وراك ايه !

ركضت ورد من امامه بسرعه دون ان تلتفت نحوه مردده في سرها
- يارب عديها علي خير يارب ..

وصلت ورد لساحه القصر متنهده بارتياح وهى تضع كفها فوق قلبها وتجوب بعينيها يمينا ويسارا بقلق حتى التفتت اذانها لجملة ساميه التى تلقيها على اذان امها
- ادى حس لوجد يا كوثر عشان تااجى ( تيجى) معاي ..

تركت كوثر مابيدها قائله
- تيجى معاكى فين ؟! .. وبعدين ولدك محرج علي طلوعها بره عتبة البيت ..

نتغجت سامية في زيها الضيق لتقول
- دى هتطلع معاى .. ومش ههملها لحالها واصل .

كوثر بفضول
- راسك فيها ايه ياساميه ..

رفعت ساميه الحجاب ( الشفون ) فوق شعرها قائله بتلقائيه
- ياختى وانا هعملها ايه بتك ! هاخدها واوصل بيها لحد المركز اللي بيخلى العرايس بتبرق ده كده خليها تجهز لفرح ولدى والليله الكبيره وكمان اشتريلها كام هدمه عرايسي اكده لاجل ولدى مايتبسط !

اختبئت ورد خلف السلم متجسسه علي محور حديثهم منتظرة نهايته .. اردفت كوثر
- وليه ياختى كل دا .. هى ام سيد بيتجى بتاخد المية جنيه وتظبط البت وتخليها علي سنجة عشره ..

عقدت ساميه حاجبيها
- فشررررررر .. بقي مراة ولدى تظبطها ست ب مية جنيه .. دى لو مكانتش كيفيها كيف نجوم السيما متلزمناش .. ولدى لافف وعارف زين ولازم بتك تملا عينه ياكوثر ..

- اللي تشوفيه ياختى .. هو فينه المركز دا طاب ؟!

- في ضواحى قنا السواق هيودينا وساعتين وهجيبنا تكونى انت فرشتى شقة العرسان ..

ارتفع صوت نداء كوثر علي ابنتها قائله
- يلا ياوجد عشان تروحى مع مراة عمك !

قفلت باب غرفة جدتها بهدوء قائله
- وعلى فين العزم !

كادت ثريا ان نتطق ولكن رمقتها ساميه باشاره كى تلتزم صمتها قائله
- انتِ من هنا ورايح هتبقي مراة ولدى يعنى بتى وكنت عاوزه اشتري كام عبايه اكده لزوم الفرح .. قولتى ايه ..

ابتسمت بسخريه لتقول
- ااه ان شاء الله ..

كوثر: يلا ياوجد روحى مع مراة عمك متزعلهاش عااااد !

ورد من الخلف في سرها
- اااه ياولاد ال**** ... هتعملى ايه ياورد !

 

" ياحيدر زي ما عقولك .. شكل عمى شاكك فيّ ولو عرف هيطربقها علي راس الكل "
قالت ثريا جملتها بخوف وقلق وهى تجوب غرفتها ..

- تقلى قلبك عاد ياثريا .. وهو هيعرف منين مش انت مظبطه السواق زين، خلاص عادى .

- بردو قلبى مش مطمن ياحيدر ..

- بطلى هوس وقوليلى لسه بناتك معملوش حاجه .

تنهدت بمرارة
- لسه ياخوى .. واحده لسه حابه علي يدها عشان تسافر مع اللي مايتسمى مجدى يمكن تقدر تمضيه علي حاجه، والبنات بحاول معاهم هنا ..

- طب ركزي ياثريا مقدمناش وقت .. لعبتنا لو اتكشفت هنروح كلنا في داهيه ..

- اهو هعمل اللي هقدر عليه وربك يسترها ..

 

" ايوة ياسليم .. انا وصلت البيت وعملت اللي قولتلى عليه بالظبط "
اردفت ورد جملتها وهى تتاكد من قفل باب الغرفه متحدثة في الهاتف مع سليم الذي اردف بهدوء
- تمام يا ورد .. خلى بالك .. عاوزك تقلبي لى البيت علي الفلاشه اللي ماسكها الزفت دا على وجد .

- متقلقش علىّ .. ان شاء الله اللى اتفقنا عليه هيحصل ..

- وجد فينها وبتعمل ايه ؟!

- اااه فكرتنى كنت هنسي من الخوف والربكه اللي فيها، وجد خرجت من شويه مع سامية مراة عمى ..

اتكأ سليم علي باب سيارته وهو يراقب شغل العمال قائلا
- خرجت !.. ليه طب مع بت المحروق دى !

- بص انا هحكيلك اللي سمعته ...

قصت ورد كل ما سمعته بالاسفل علي اذان سليم الذي انشغل مع حديثها بكل كيانه قائلا بتركيز
- يعنى وجد دلوق في قنا ؟!

- اه راحت عند المركز بتاع العرايس دا ..

سليم باهتمام وهو يصعد سيارته كأنه اقترب من مراده
- اسمه اي المركز دا ياورد !

فكرت لبرهه ثم اردفت بشك
- بص هو انا كنت باخد كورس انجليزي السنه اللى فاتت في مكان (...) واسمع ان كان علي اول الشارع مركز متخصص في الحاجات دى .. اكيد يبقي هو ...

سليم بحماس
- طب اقفلي ياورد دلوق .. واي جديد بلغينى ...

 

" طيب والله متصوريش وحشتينى اد ايه .. لدرجه انى فكرت استقيل من الشغل "

اردف محمد جملته وهو يحتضن زوجته من الخلف التى تقف في المطبخ لتعد له الطعام .. استدارت بجسدها بين ذراعيه لتعانقه قائله
- وانا من اول ما خرجت كل شويه ابص في الساعه واقول امتى يخلص .. ويرجع لحضنى .

نظر لها بعيون ضيقه قائلا بخبث
- يسر .. هو انا لما كنت بكلمك من الشغل واقولك بتعملى كنتى بتدلعى كده وتقولى لى بعمل حاجات كده وكده وملكش دعوة بيها .. فبتكهربينى مش بتخلينى على بعضي ... طيب ماتقولى انك بتحرقي الاكل بدل اللعب بالاعصاب دا !

انفجرت ضاحكة بين يديه وهو تمرر اصبعها علي وجنته بدلال لتقول
- الله ! منا كان لازم اقول كده عشان تشهل وتيجى .. اومال هقولك مكركبه الشقه وبمسح وبطبخ وريحتى كلها بصل عشان تتقفل منى وتشيل الهم ومتجيش ! تؤ لازم افرشلك الارض ورد وفرشات عشان تيجى علي ملا وشك كده ملهوف زي ما جيت ..

عض محمد علي شفته السفليه بتوعد ونظرات شرانيه يود ان يفترسها حبا للتو .. فاردف قائلا
- اااه يعنى بترمي الطعم للسمكه عشان تصطاديها ..

غمزت بطرف عينيها بميوعه مردفه
- طيب ما انت دماغك حلوة اهو وبتلقطها وهى طايره !

جذبها بكل قوته لتلتصق به قائلا بتوعد
- طيب خليكى فاكرة انك انتِ اللي جبتيه لنفسكك ..

وقفت علي طراطيف اصابعها كى تصل لثغره طابعه قبله خفيفه عليه لتقول بمزاح
- طب خلى بالك من الاكل منا ما اغير لبسي دا ..

ابتعدت عنه سريعا دون ان تنظر رد .. رمقها محمد بنظرات شوق قائلا
- طيب ياست يسر .. صبرك عليا

ثم اقترب من الموقد ليكشف اناءات الطعام، فاستدار ليتناول معلقه يتذوق بها بحماس قائلا
- شكل ليلتنا فل ... !
تذوق اول صنف فرفع حاجبه منبهرا
- ممممم لا طلع اكلنا حلو ياسو وملبستش في خازوق ولا حاجه ..

ردت عليها بصوت عالٍ
- عشان تعرف بس ان ربنا رزقك بجوهره وميزك عن باقيه خلق الله .. اشكره عليا بقي ..

ضحك محمد وشرع في تذوق الصنف الاخر قائلا بخفوت
- دا ناقص ملح .. اما اظبطه بقي واحسبه عليها جِميله ..

التفت كى يبحث عن الملح بين العُلب الصغيره بحيره ثم فتح علبه اخرى باستغراب ليخرج ما فيها .. فوجئ بشريط حبوب منع حمل، نيزك سقط على قلبه من الصدمه محاولا تصديق ما رآه، فاق من شروده علي صوتها المدلل
- محمااا انا جهزت اي رايك ب...

استدار محمد بجسده قائلا بغضب
- حبوب منع حمل بتعمل ايه في البيت يايسر ؟!

 

وصلت ساميه بصحبة وجد الي المركز التجميلى .. رمقتها وجد بتساؤل
- احنا منزلناش السوق ليه ! ايه اللي جايبنا هنا ؟!

دلفت ساميه صاحبة العود المنتصب والجسد الرشيق المملوء قليلا وهى تقول
- وبعدين ياعروسه .. كل الناس بتيجى هنا عشان ترتاح وتستجم .. اش حال انت عروسه بقي .. تعالى جربي وهتدعيلى وهتقوليلى نيجوا كل اسبوع ..

لازالت وجد في سيارتها تتلقي كلماتها باختناق كجمرات من نار تتقاذ فوقها .. رفعت ساميه نبرة صوتها
- يلا ياوجد عاوزين نعاودوا قبل العشا ..

وجد بحده: انا مش هدخل المكان دا !

تأففت ساميه لتقول
- ليه يادلعادى ! مش بت زي البنات ولا ايييييه .. !

- انا قولت مش نازله يعنى مش نازله .. ولو كنت اعرف كده مكنتش اتحركت من البيت .. امشي ياعم سيد روحنى .

ضربت ساميه علي باب العربيه
- بطلى تنشيف راس وانزلى ياوجد ! دى نضافة ليك ياخايبه هتلاقي حاجات حلوة قوى جوووة اسمعى منى .. ومفيده لجسمك هو انا اللي هقولك ولا ايه ياست الضكتورة ..

برغم من رفض وجد القاطع الا انها كانت تشعر بقوة داخليه تحركها بدون تفكير، اصبحت مُسخره لست امامها اي اختيار سوى التحرك مغيبه، لم تمتلك القوة الكافيه كى تعترض، ترفض، تتمرد اصبحت تتحرك مع الريح كى يلقي بها مكان ما يتوقف .. دلفت رغم عنها متوجهه نحو الصالون التجميلى وشرعت في اجراءات اللازمه التى تقوم بها اي عروس ..

 

" يارب نفرد بوزنا دا متحسسنيش انى غاصبك علي حاجه يا صافى !"
اردف مجدى جملته وهو يخفض صوت الكاست بداخل سياراه المنطلقة علي الطريق الصحراوي متجهه نحو القاهرة .. تأفف صفوة بنفاذ صبر
- ممكن ملكش دعوة بيا خالص .. واقفل الزفت دا صدعنى من الصبح .

حاول مجدى تلطيف الجو قدر الامكان قائلا
- وانا مابعرفش اقعد مع ناس مكشرة وهى زي القمر كده !

- اووووووووف .. ارميلك نفسي من العربية دلوقت واجيبلك مصيبه !

ضحك مجدى ساخرا وهو يقول
- مانت مش هتعيشي عاصيه جوزك وتموتى كافره كمان ! طب اعملى حاجه تنفعك في اخرتك وبعدين انتحري ياستى ..

اتكأت علي الباب بضيق واختناق
- عاوزة انام .. مسمعش صوتك وتسوق انت وساكت ..

- موعدكيش ! اصل( لولا ) كانت ترغى معايا طول الطريق وعودتنى على الكلام فعشان كده مش هتلاقينى اد كده في الصمت ..

- طييب ياخويا اديك رايحلها ست لولا بتاعتك .. سيبنى اتخمد بقي ...
قالت صفوة جملتها وهو تضع قناع النوم علي عينيها وتعقد ساعديها متخذه وضعية النوم .. القي مجدى عليها بسمة خفيفه ثم عاد ليقود سيارته قائلا بخفوت
- ربنا يهديكى يابت عمى ..

 

بعد مرور اكثر من ساعه وصل سليم امام صالون التجميل فوجد سيارة ( العتامنه ) تصف امام الصالون فتأكد من وجود ( وجدانته) بالداخل .. فركن سيارته بعيدا ثم فتح الصندوق الجانبي للسياره واخرج سلاحه فدلف منها متجهاً نحو المركز بحرص، بعد عدة دقائق نجح سليم في التسلل مم باب البوابه ووصل لباب الصالون فوجد سيده تنفجر صارخه بوجهه

- انت يابنى ادم .. ازاى دخلت هنا .. انت متعرفش اش الصالون كله ستات !

مسكها سليم من كفها وسحبها بعيدا
- اششششش .. عاوز ادخل لمرتى جوه !

ارتفع صوت السيده
- ماينفعش ياحضرة .. انت مجنون .. !

- انت مين عشان تتكلمى معاي كده من اصله

- انا شغاله هنا .. انت ازاي اصلا دخلت لهنا ومين سمحلك ..

تأفف سليم بنفاذ صبر
- منا هدخل جوه بنفسك الطريقه اللي دخلت بيها بره ..

صرحت السيده بوجهه
- يااامن يااامن ...
كتم سليم انفاسها بكفه وبالكف الاخر اخرج _رزمه_ من الفلوس ووضعها امام عيني السيده .. قائلا بحرص
- هتاخدى دول وقدهم لما اخرج بمرتى من جوه من غير شوشره ... قولتى ايييه ..

تلوت السيده تحت يده محاوله التحدث وهى تراقب الاموال امام عينيها .. فرفع سليم كفه قائلا
- هااا قصري قولتى اييييييه !

ابتعدت عنه السيده لتقول بفرحه وهر تمسك الفلوس منه بلهفه
- مرتك اسمها ايه ..
زفر سليم بضيق
- اسمها وجد سالم .. هى جوه انا متاكد .. وتحاولى تبعديها عن الانظار ... وشوفيلى باب تانى اخش منه .

بللت حلقها بشعور مختلط من الفرح والخوف لتقول
- طب استنى هنا ..

اخرج سليم سلاحه وشد اجزاءه امام عينيها وقال متوعدا
- عظيم يمين تلاته لو شيطانك وزك لحاجه كده ولا كده انت الجانيه علي اللي هيجراك منى ..

مسكت كفه وسحبته خلفها الي جهه اخري من الصالون لتقول بحرص
- متقلقش استنانى هنا بس .. ولو عرفت اتصرف هخرجلك من الباب ده ..

رمقها سليم بآخر نظرات تهديديه وهو يتكا علي جدار الشجرة خلفه .. اتجهت السيده للصالون فنظرت بالكشف المخصص بالاسماء وبالفعل وجدت اسم وجد .. فاتجهت نحو الغرفة التى بها مرتديا منامه باللون الابيض وشعرها منسدل خلفها واحدي العاملات يقومون بوضع ماسكات مختلفه علي ساقيها .. اقتربت منها السيده لتقول للاخري

- خلاص امشي انت وانا هكمل ..

اردفت الاخري بفرح
- والله يا ست امال جيتى في وقتك .. خطيبى من الصبح بيرن وانا مش عارفه ارد عليه ..

- طيب قومى انت وانا هكمل ..

اتجهت نحو وجد قائله بهدوء
- تعالى معايا الاوضة التانيه ..

تأففت وجد الجالسه رغم عنها تعصر علي قلبها شجرة ليمون لتحمل الوضع فاردفت قائله
- اقولك ايه فكك منى وابعدى عنى انا مش عاوزه حاجه .

ابتسمت آمال وهى تمسكها من معصمها
- معلش يابتى هانت انت اصلا خلصتى باقي اخر التاتشات ودى بتكون في الاوضة التانيه تعالى معايا ..

زفرت وجد بقوة واستدارت بجسدها لتلمس اقدامها الارض ملتفه بمنامه قطنيه وشعرها الطويل منسدل خلف ظهرها مع بروز ساقيها الممتلئه قليلا الملطخه باللون الوردي من اسفل تبدو كأميرات العصر العثمان .. انحنت امال علي الاريكه لتقول لها
- هدومك دول !

- ااااه .. يارب نخلص ..

تناولتهم آمال وسارت امامها حتى وصلت للغرفه التى اغلقت بابها جيدا لتقول لها
- نامى هنا .. وهجيب الحاجات اجيلك

قبل ان تنظر منها ردا تركتها وغادرت من الباب الخلفي الموجود بجانب غرفتها .. لملمت شعرها جنبا ثم بسطت وجد جسدها بكلل مردده
- صبرنى يارب على الغُلب دا ..

 

عربيات من الشرطه صفت امام بيت العتامنه ليهتف النقيب حمزه بصوته القوى
- فتشلى بابنى البيت دا ..

خرج حيدر وادهم واغلب اهل البيت بتعجب .. فهتف حيدر بتساؤل
- في ايه ياحضرة الظابط ..

وضع حمزه كفه علي خصره وهو يتفقد المكان بعيونه الصقريه التى ورثهما عن خاله .. ثم اخرج اذن النيابه قائلا
- معانا اذن بتفتيش البيت ياحيدر بيه .

حيدر باستغراب
- بتهمة ايه ياباشا ..
رفع حمزه عينيه بثقه
- مخدرات .. _ثم رفع صوته وهو يصفق للعساكر_ فتش يابنى يلا خلينا ننجزز ..
زفرت وجد بقوة واستدارت بجسدها لتلمس اقدامها الارض ملتفه بمنامه قطنيه وشعرها الطويل مُنسدل خلف ظهرها مع بروز ساقيها الممتلئه قليلا الملطخه باللون الوردي من اسفل تبدو كأميرات العصر العثمان .. انحنت امال علي الاريكه لتقول لها
- هدومك دول !

- ااااه .. يارب نخلص ..

تناولتهم آمال وسارت امامها حتى وصلت للغرفه التى اغلقت بابها جيدا لتقول لها
- نامى هنا .. وهجيب الحاجات اجيلك

قبل ان تنتظر منها ردا تركتها وغادرت من الباب الخلفي الموجود بجانب غرفتها .. لملمت شعرها جنبا ثم بسطت وجد جسدها بكلل مردده
- صبرنى يارب على الغُلب دا ..

هتف علي خاطر قلبها طيف سليم فاغمضت عينيها متنهده بأمل لتردد
- يارب انا محتاجه معجزه منك عشان تجمعنا سوا .. طول عمرك شاهد انى محبتش ولا عاوزه غيره يارب .. كل مااقول هانت بنبعد اكتر حقيقي كان نفسي في يوم زي دا وانا بجهزله عشان اكون ملكه وحلاله،، ااااه ياسليم ياوجع قلبي علي الحب اللي انتهى قبل مايبتدى ..

هربت دمعه من عينيها المنغلقتين فخدشت وجنتها متنهدة بألم
- يارب ماتكتب علي مخلوق حرقة ووجع قلبي دلوقتى ...

وصلت آمال عند سليم بحذر لتقول له
- مرتك جوه .. بس ماقولتليش انت هتعمل ايه .

فكر سليم لبرهه ثم اردف سريعا
- هاخدها ونمشي .. بس قوليلى ازاي اطلع من هنا من غير ما الامن يشوفونى !

طافت عينى امال بحيرة لتقول
- زي مادخلوك هنا وخالفوا الاوامر .. اكيد هيخرجوك ويقولوا انك مدخلتش اصلا .. كله بالفلوس ياباشا ..

تنحنح سليم بحماس ثم قال لها بنبرة امره
- تروحى ترجعى الكاميرات وتمسحى لحظة دخول مراتى واللي معاها اصلا .. وكمان امسحى اسمها من الكشف ..

فكرة امال قليلا لتقول
- تمام سهله دى انا ممكن افرمدت اليوم كله وافصل السلك وبكده محدش هيعرف حاجه ...

تأهب سليم للذهاب فاوقفته منادية
- باقى حقي ياباشا ..

ادخل سليم يده في جيبه ليخرج بعض النقود قائلا
- حلال عليك.. يلا نفذي ..
اومأت رأسها ايجابا بفرح وهى تعد مااعطاها اياه قائلة
- انا قافله عليها الاوضة عشان متخرجش ولا حد يخش عليها ..

- زين ما عملتى ...

انصرفت امال كى تكمل مهمتها .. وعلي حدا غادر سليم متجها نحو الباب الخلفى الموارب للغرفة التى تخفي بين ثناياها نبض قلبه تحرك بخطاوى سريعه محلقة في سماء الحب حتى وصل اليه .. زاح الباب برفق ثم استدار ليغلقه بحرص شديدٍ متقدما بخطوات متباطئه حتى وصل الي مجلسها ولوهلة تجمد في موضعه يبلل حلقه فجف لعُابه بمجرد ما رأها نائمة امام عينيه وشعرها المنسدل جنبا ومظاهر جمال جسدها التى تتلألأ امامه كالجواهر المكنونه .. استند علي الجدار جنبا عاقدا ساعديه كى يتأملها بحب وشوق ..

بينما هى كانت غائصة في بحر حبه مستعيدة ذكريات رسمته معه وله منذ ان اتولد حبه داخل رحم قلبها، تغنجت بخفه فوق _الشازلونج_ ولوهلة اخرى شعرت بشبح وجوده خيم فوق قلبها ليفيح بعطر ياسمين جعل كل حواسها تنتشي من شدة الشوق فارتسمت بسمة خفيفه علي ثغرها قائله
- انت هتتجننى ياوجد .. وسليم ايه هيجيبه هنا .. طريقنا بقي مسدود ..

تقدم سليم نحو الحوريه المتمددة فوق _الشازلونج_ بهدوء ليمرر ابهامه علي وجنتيها قائلا بتوعد مصطنع
- يومك معايا مطين .. اضحكى زين !

فزعت من مكانها وهى تشهق بصوت عال كشهقة الولاده تكاد ان تكون سحبت اوكسجين الغرفة كله لتقول بصدمة
- يخربيتك ... سلييييم !
تفتنها بنظرات تحمل بين طياتها جيوش مسلحة بالشوق ليقول بهيام
- يخربيت ابوكى انت .. اي الحلاوة دى .. !

شهقة اخري انفجرت من بين شفتيها وهى تتراجع للخلف عندما وجدت نفسها امامه شبه مجردة من ملابسها محاوله تغطية اي شيء منها لتقول بصدمه
- انت دخلت هنا ازاى !

عض سليم علي شفته السفليه بتوعد
- ابدا زي ما هاخدك واخرج دلوقت !

- انت اتجننت ! تاخدنى فيييييين ؟!

-مش عامله فيها عروسه ياروح امك .. واهو عريسك وصل ..

التفت حولها بارتباك لتردف
- سللليم امشى والنبي .. مراة عمى بره وهتحصل مصيبه ..

معالم وجه سليم تحولت فجاة لريأكشن ( حمدى الوزير ) قائلا
- هو فعلا هتحصل مصيبه لو مشهلتيش .. وخرجتى معاي ..

- انت اتجننت لاطبعا .. سليم لو بتحبنى اخرج وامشي والنبي احنا خلاص ماننفعش لبعض ..
كور يده بنفاذ صبر ليقول
- والله ياوجد لو ماغيرتى لبسك ومشيتى معايا بالذوق .. متلوميش غير نفسك على اللي هيحصل ..

تناولت المفرش الابيض الذي فوق الفراش والتفت به لتقول له برجاء
- وغلاوتى عندك ياسليم امشي .. يانهار اسود انت عرفت مكانى منين بس !

دنى منها اكثر ليقول متأففا
- اقسم بالله ياوجد انا ماعندى ياما ارحمينى بملايتك دى هلفحك على كتفى وامشي .. ولا هيهمنى حد ..

بللت حلقها قائله
- طب هنروح فين طيييب!

- هنطلع من هنا علي اسكندريه يلا ..

اتسعت عيونها بصدمه لتردف بخوف
- ياسليم انت متعرفش حاجه .. انا لو جيت معاك الدنيا هتطربق علينا وادهم مش هيرحمنا ..

هقهقه بسخريه
- اتنيلى هو عاوز اللي يلحقه دلوق .. يلا ياوجد مافيش وقت .
ثم دنى منها اكثر حتى ارتطم ظهرها بالحائط وضربات قلبها تتصاعد وتهبط امامها بقلق لترمقه بشوق يقرضها من الداخل، عبث في خصيلات شعرها بحب وهو يتفتنها باسهم نظراته التى تخترق روحها فتجذبها اليه اكثر ليردد بهدوء
- طول ما سليم الهواري في ضهرك اتسندى واتكى براحتك واتاكدى انك مسنودة علي صخرة مش هتميل مهما زاد الحمل عليها ..

تشبثت في كفه برجاء وهى ترمقه بعيون متوسله فابتسم لها ليدنو منها اكثر واضعا مشطا قدميه فوق قدميها كحركته المعتاده كى يضمن عدم فرارها من حصاره مستغلا اكبر قدر ممكن للاقتراب منها قائلا بحب
- العمر مابقاش في بقيه يا وجد .. هاخدك ونمشوا ومش هترجعى البلد دى غير وانت مراة سليم الهواري وفي حمايته ..

للحظه فقدت زمام السيطرة علي جيوش عاطفتها بداخلها فارتمت في احضانه لتعانقه بدفء فقدته طويلا .. وهو الاخر نسي بين ذراعيها الزمان والمكان فكان تأثير وجودها اقوى من ان يتذكر اسمه حتى التهمها بداخله بكل قوته .. للحظات مسروقه بقيا الاثنين جسم واحد بروحٍ واحده بنفس واحد بدقة قلب واحده، كل واحد منهما يروى روحه من تربة الثانى، فاحت منهما رائحة ياسمين القرب التى نبتت من الفراغات التى نسيا ان يملؤها بجسدهم، اخدا الاثنين نفسًا طووووويلًا في انٍ واحد مردده بضعف
- لو تعرف كنت متلهفه لحضنك دا اد ايه !

كان يلمس ظهرها بكفه بطريقه كافيه ان تزرع مشاتل ورد في روحها، كان صامتا صامدا يتنفس رائحتها فكانت تستشعر نفسه الخارج من جوفه الذي يرتطم بجدار عنقها كانه يهمس لها بحرارته ( تعبت في بعدى عنك )، ونفس اخر غيره قبل ان يدخل جوفه يرتطم بجدار عنقها مرة ثانية كى يختلط بعبق رائحتها قبل مايسكن صدره، كأنه يعلم بوجوده المؤقت بجوفه فأراد ان يطبع اثرها علي رئته فتظل انفاسه مليئه بها ومنها .

جذبها من خصرها بذراعه الذي يحاصرها ليقول لها بحماس
- يلا البسي بسرعه خلينا نمشيى ..

- يعنى خلاص !

- لو هتقدري تعيشى دقيقه تانيه في بعدى .. ارجعى قصركم ..

تبسمت بحب لتقول
- مابقتش عاوزه حاجه غيرك اصلا .._ثم شعرت بالحرج فجاة لتنهره _ سليم اطلع بره ..

- والله مايحصل .. قاعد علي قلبك لحد ماتخرجى رجلى علي رجلك .. انت مش مضمونه

ضربت الارض بقدميها
- ياسليم هغير ماينفعش والله ..
غمز لها بطرف عينه قائلا
- الليله كله دا هيبقي بتاعى وملكى بس، متتكسفيش يلا انجزى ..

- والله ماينفع .. بقولك اطلع من مكان ماجيت..
- انت هتستهبلى ياوجد !

- انت اللي بتستهبل ياسليم .. واطلع بقي ..

رمقها سريعا ثم قال ممازحا
- بالملايه اللف دى شبه الممسوكين ف شقة .. هستناكى بره متتاخريش ..

دقت طبول قلبها بفرح ثم استدارت لتبدل ثيابها سريعا حتى تناست العالم بأكمله لم تتذكر الا وجودها معه وبقربه مغرده في سماء العشق، فاستدارت لتبدل ملابسه وبعد عدة دقائق اخترق اذانها صوت طرق علي الباب الاخر .. ففزعت من موضعها ململه باخر شتاتها بعجلٍ، فركضت نحو وجوده واقفا بظهره امام الغربه لتقول بجسد مرتجف
- والنبي ياسليم امشي .. احب علي يدك وسيبنى مراة عمى هاااا ...

وقبل ماتكمل جملتها انحنى سليم فجاة لينقض علي ساقيها ويحملها على كتفه بنفاذ صبر .. حاولت فك حصاره عليها ولكن قبضة شوقه لها كانت اقوى من اي محاولة، اتجه بها جانب السور مختبئا خلف الاشجار كى يقترب من البوابة الكبيره ولم يخل من ثرثرته المزعجه وحركه ساقيها الطفوليه التى تضرب في بطنه ولكنه تجاهل تماما فضجيج قلبه طغى على بدنه .. اردفت وجد صارخه
- ياسليم نزلنى والله ماينفع كده ! يخربيك ..
- اكتمى ياوجد ..

وصل سليم بالقرب من باب البوابه فانزلها برفق قائلا لها بنبره توعديه وهو يلتقط انفاسه بسرعة
- استنى هنا ولو اتحركتى هخلى ايامك سوده ..

نظرة له باستنكار
- اصلا مش عاوزه اجى معاك .. هو بالعافيه .

عض علي شفته السفليه وعيون متسعة ليقول لها
- انا عاوزك يبقي تكتمى ومسمعش نفسك ..

استندت وجد على السور باستسلام تراقب سليم الذي تقدم نحو الامن ليتهامس معهم بعيدا عن الانظار لعدة دقائق اتجه شخص من رجال الامن الى السيارة التى تصف امام البوابه قائلا
- والنبي عجلة لقدام بس عشان الزباين ياسطا ..

بوادر نجاح المهمه ظهرت فاخرج سليم بعض النقود من سترته وهو يسلم علي الرجال بامتنان
- متشكرين يارجااااله ..

ثم استدار ليشير لها كى تأتى، وبمجرد ما اقتربت منه انقض علي كفها ليحسبها خلفه بحذر راكضا نحو سيارته ..

 

" ياباشا لقينا الفرش دا في الاوضة اللي فوق دى !"
اردف العسكري جملته وهو يقف امام النقيب حمزه ليعطيه ما وجده في غرفة ادهم .. فاتجه حمزه بفظاظه قائلا

- صاحب الاوضة يتفضل معانا بسكات ..
.اتسعت عيون الجميع بذهول وصدمه بينما ورد ارتسم علي ثغرها ابتسامة انتصار عجيب .. بينما ادهم وحيدر تبادلوا الانظار لبعضهم بعدم استيعاب فاردف ادهم قائلا بشك
- انا ماعرفش حاجه عن اللى في ايدك دا ياباشا !

رفع حمزه حاجبه مستنكرا
- هنشووف الموضوع دا في القسم .. هاتوه يابنى ...

اقترب منه حيدر بخبث ليسحبه من معصمه
- قسم ايه يابيه بس .. وبعدين العمليه مش مستاهله .. شكلك منقول جديد هنا .. هو حضرتك اسمك ايه الاول !

سحب حمزه ذراعه بفظاظه من يد حيدر قائلا
- حمزه معتز .. لو مكنتش سمعت عن مأمورياتى في سينا ووجه بحري .. يبقي اكيد سمعت عن خالى وحمايا حمزه باشا الخياط ..

رمقه حيدر بعيون مضيقه مليئه بالذهول ليقول
- وه وه وه وانا اقول العظمه دى قابلتها فين قبل اكده ... داحنا طلعنا قرايب خالك حمزه خيره علي الكل ..

نصب النقيب حمزه عوده يشموخ قائلا
- وده ايه علاقته بكلامنا .. يافندم انا جايه اقبض علي متهم في حوذته ممنوعات ..

- اباااى عليك عاد .. دا لزوم المزاج واكده هى الحكومه مانعه الواحد يعمل مزاج .. !

- افهم ايه من كلامك يافندم ..

- بقولك ايه ياحضرة الظابط خد عساكرك وفرش الحشيش دهون واتكل علي الله ولا من شاف ولا من دري واعتبره عربون محبه مابينا هيفتح في وشك طاقة القدر .. قولت ايه !

احمرت عينى حمزه بغضب محاولا تمالك اعصابه وفجاة اخرج سلاحه من وراء ظهره ليشد اجزاءه بحده قائلا
- وكمان رشوة لموظف عام اثناء تأديه مهامه .. تعالي يابنى خدهمممم .. شكلنا لقينا حاجه نتسلى عليها النهارده ..

التفت حمزه خلفه ليجد غفر حيدر مصوبين اسلحتهم نحوه بثبات .. فتبسم حيدر قائلا
- نزلوا سلاحكم يارجاله البيه ضيف عندنا بردك !

انصرف حمزه نحو باقى رجاله وهو ياخذ الكلبشات من يد العسكري بتوعد ويقيد بها كفى ادهم الذي جهر قائلا
- ماتتصرف يااعمى ..

اتكئ حيدر علي عكازه وهو يرتب عباءته التى فوق اكتافه قائلا
- شكل الباشا حابب اللعب مع الكبار .. روح ياادهم وانا هحصلك ..

رمقه حمزه بنظرات شرانيه وهو يتحرك بصحبة ادهم نحو البوكس مشيرا للعساكر
- ركبه من ورا ...

جميعهم يراقبون الموقف بذهول وصمت .. فندبت كوثر على وجنتيه بحرقة
- يامري .. جوز بتى يبقي رد سجون ؟!
بينما ورد التى تحركت لتراقبهم من اعلى غرفتها بفرحه عارمه ثم ارسلت رساله نصيه لسليم
- ( كله تمام ياباشا ) ...

 

" يابت ماتخشي تستعجلى مراة ولدى جوه "
اردفت ساميه التى طال انتظارها بالخارج جملتها لاحدى العاملات بالصالون .. فاجابتها السيده
- مافيش جوه غير عروستين ...مراة ولدك مين فيهم ؟!

ساميه بسرعه: وجد ... اللي جات معاى من شويه ..

ذهبت السيده لكي تفحص المكان منادية علي وجد لكن دون جدوى .. فذهبت لتبحث عنها في الغرف وجميع اماكن الصالون ولم تجدها .. بعد عدة دقائق عادت السيده لساميه قائله باسف
- مافيش حد جوه بالاسم دا ياهانم .

اتسعت عيون ساميه بغضب فزمجرت رياح صوتها بقوة
- اي الكلام ده .. مراة ولدى ليها تلات ساعات جووه كيف يعنى مش موجودة .. دانا هدويكم في داااهيه كلكمممم ...

- ياهانم اهدى بس الصالون قدامك وتقدري تدوري بنفسك .. جوه مافيش حد بالاسم دا ..

دفعتها ساميه عن طريقها بكل قوة لتجوب غرف المركز بحركات عشوائيه وجنون ودخان الغضب يتصاعد من عينيها ..

ابتسامه واسعه ارتسمت علي ثغر سليم عندما قرأ رسالة ورد ..فاردفت وجد الجالسه بجواره بضيق
- لا والنبي .. طالما مش قادر تستغنى عن السنيورة بتاعتك جيت لعندى ليييه ..

- عشان السنيوره بتاعتى اهى جمبي ومافيش اغلى ولا احلى منها ..

زفرت باختناق
- بس ياسليم والله ما رايقالك .. قلبي وجعنى قوى وحاسه ان جبل فوقه ..

فرمل بسيارته فجاة مما جعل جسدها يندفع للامام
- تفردى بوز امك دا عشان انا اصلا عاوز افجر خزنه السلاح دا في راسك .. راحه تتجوزى ياختى لا ومين ! يازين مااختري .. ادهم ياوجد ..

اتكئت للخلف لتقول بفرحه
- مانت لحقتنى اهو وعملت زي نجوم السنيما وخطط بقي وخدتنى من قلب قنا ..

- واخدك من خشم الاسد ولا هيهمنى ..
- هو انا ازاي طاوعتك وجيت معاك .. !
استدار نحوها بجسده قائلا
- اصل القلب بيحتل العقل فوجود حبيبه .. فمتستغربش حتى ولو كنت طلبت منك حاجات تانيه وقتها مكنتش هتقدري تتكلمى .. سليم بس ولد ناس ومتربي ..

عقدت حاجبيها باستغراب
- قصدك ايه ياولد هواره ! مش مرتاحه لكلامك ؟! ..

شرع سليم ليقود سيارته مرة اخري ليقول متبسما
- هو انت مقولتليش ليه انك حلوة قوى اكده قبل كده ! كنت استعجلت بالموضوع .

- مش فاهمة ! عاوز توصل لايه ؟!

- مخك تخين وهتتعبينى .. اسكتى .
اشارت اليه وجد بسبابتها
- اقولك اي انت من اولها هتتامر عليا ؟!

- واتأمر علي عيلتك كلها واكمتى لحد مانوصلوا ..

بللت حلقها وتراجعت للخلف لتقول
- احنا خلاص يعنوا هنتجوزوا ؟!

غمز لها بطرف عينه قائلا
- هو انت مش جهزتى خلاص .. شايلة هم ايه .. عاوزه تروحى صالونات تانى ولا ايه ؟!
ضربته بقوة علي كتفه بغل
- انت قليل ادب على فكره ..
- انا عديم الادب معاك اصلا .. امحى كلمة ادب دى من سجلنا طول مااحنا سوا ..

رمقته بنظرات حب فالتفت سليم نحوها قائلا
- افتحى الصندوق دا هتلاقي خط فيه .. كلمى منه عمك حيدر وقوليلوا انهم عاوزين دكاترة كتير في القاهره عشان ضحايا الثورة حاليا وانك طلعتى مع استف من المستشفي ومكنش ف وقت تقوليله واقفلى ... بس الاول ظبطيها مع حد من صحابك في المستشفي بقى ..

نظرت له بإعجاب وانبهار
- انت مش معقول ..

ارسل لها قبله في الهواء
- لاجل عيون الحلو نعمل اي حاجه

" محمد .. انت هتفضل مكشر كده كتير "
اردفت يسر جملتها بصوت مهزوز وهى تجلس بالقرب منه بندم .. ابتعد محمد عنها غاضبا
- مش عاوز اسمع صوتك .

انخرطت الدموع من عينيها بحزن
- لا احنا عمرنا ماكنا كده .. من امتى بتمنعنى اتكلم حتى واحنا زعلانين من بعض !

- سبب واحد مقنع يبرر جريمتك دى ... مش عاوزه تخلفى منى ليه يايسر !

وقفت امامه تتمسك بكفوفه برجاء
- محمد افهمنى ...

ابتعد عنها غاضبا
- هتقوليلى خايفه من امك تعرف .. هو انا شاقطك من بيت الطلبه ! انتى مراتى قدام ربنا والدنيا كلها ..

فاض البكاء من عيونها لتقول
- انت مش فاهم حاجه يامحمد .. عشان خاطري اعذرنى ..

- وطالما عاوزه حاجه زي دى مخدتيش رايي ليه ... مين عطاكى الحق انك تحرمينى من الفرحه دى .. دانا بعد الايام اللي هتقوليلى فيها انك حامل .. حقيقي مش قادر اغفرلك عملتك المهببه دى ...

- انت اول مرة تقسي عليا كده ليه ؟!

- وانت اول مرة تكونى انانيه ومتفكريش غير في نفسك ليه ؟!

- محمد محصلش حاجه لكل دا .!

صرخ محمد بوجهها بنفاذ صبر
- انتِ مش عارفه اضرار الزفت دا ايه .. بتموتى نفسك بالحبوب دى لييييه، اعرفي الاول اضرارها وفوايدها وبعدين خديها .. كان في الف طريقه غير الهبل دا ..

- انا روحت الصيدليه وهما عاطونى دا .. وانا معرفش والله انها مضرة ..

- خلاص بقي يايسر مش طايق اسمع كلمه .. وابعدى عن وشي الساعه دى ..

انفجرت في البكاء امامه واصبح صوتها ممزوجا بنبره القهر
- انا اسف يا محمد .. متزعلش منى..

- اسفه علي ايه بقي .. خلى امك تنفعك ..
اردف محمد جملته الاخيرة وهو يفتح باب شقته ليتركها في بحور ندمها ..

" الحقنى يا حيدر وجد اختفت من المركز كله وووو "
اردفت ساميه جملتها وهى تخرج من باب الصالون بانفعال .. فنهرها حيدر قائلا
- بت اخوى نزلت مصر كييف من غير ماتقولك ..

ضربت صدرها بكفها لتقول بصدمه
- يالهوى ! مين قالك اكده .. يادى الفضيحه ام جلاجل ..

تنهد حيدر بغضب
- سيبك من وجد دلوق .. انا اتاكدت انها سافرت ف شغل يومين ومعاوده .. المصيبه في ولدك ادهم الحكومه خدته .

شهقت بصوت مرتفع وهو تدلف داخل السيارة
- ولدددى ... ياليله غبرة .. اتصرف ياحيدر ادهم مستحيل يبات ليله واحده في الحبس ..

حيدر: ادينى عفكر بس مافيش حاجه بيدى دلوق .. النهار له عينين .. تعالى نشوف هنحل الورطه دى كيف ..

قفلت ساميه الخط معه مردده بصوت منخفض
- طيب ياوجد اما سودت ايامك مابقاش انا ساميه ...

 

" نزلوا يابنى في الحبس منا مانشوف حواره ايه الصبح "

اردف حمزه جملته بعد ما وصل القسم بصحبة ادهم الذي غلت الدماء بعروقه قائلا
- انت بلى بتعمله دا تحايل على القانون ..

اقترب منه حمزة
- وانت جاى تعلمنى شغلى !

- مايمنعش طالما مش عارف تأديه ..
مط حمزة شفته ساخرا
- شكلك ناوى نشرفنا هنا كتير .. ياريت تحافظ علي لسانك ومتعكش نفسك اكتر مانت غاطس في الوحل ..

ثم اشار للعسكري برأسه عندما سمع رنين هاتفه
- خده تحت ياعكسري ...

ثم اتجه نحو مكتبه بخطوات ثابته قائلا
- طبعا لو حلفتلك انى مطحون شغل مش هتصدقينى ؟!

عشق بعدم تصديق
- شغل بردو ! مش مرتحالك ..

فتح له العسكري باب مكتبه فدلف حمزه الغرفه قائلا
- يابت خفى شك بقي ..

- ياحبيبي طول ما الرجل بعيد عن مراته فهو دايما محل شك واتهام ..

ضحك حمزه بصوت عال وهو يجلس فوق مكتبه بشموخ
- طيب والله انا مظلوم وليا ٤ شهور طالع عينى ..

- بجد ! خلاص سيب الشغل وتعالى اقعد جمبي وانت مش هتندم والله ..

- انتِ ست مشجعه علي الفشل جددا .. وبعدين مكفاكيش الحكم اللي حكمه عليا حمزه الخياط ولا ايه ! سبينى اشم نفسي شويه بقي ..

- بقي كده ! عموما اللي مابيجبهوش الشوق بيجيبه الندم ياحلو .

- والله انت اللى حلو وسكر وواخد العقل والقلب ..

اطلقت ضحكه عاليه لتقول بدلال
- حمزه تعالى بقي بجد عشان والله حاسه نفسي هولد ..

قطب حمزه حاجبيه بشك
- هنستهبل ! ولادة اي دى من الشهر السادس ..

- انت مش مصدقنى ولا اييه ! بس بس اصلا انا غلطانه هكلم حمزه باشا الخياط يحكم عليك بحكم مؤبد جمبى بقي .. مش زي المرة اللي فاتت كان حكم معلق بشرط ..

ضحك حمزه بصوت مرتفع فاردفت ممازحا
- اي العيلة المفترية دى .. انت ابوكى حكم عليا متحركش من القصر غير لما يتاكد ان احفاده جايين في السكه لولا انه فك اسري ..

- مالكش دعوة بابويا .. الله .! .. بابى يقول اللي يعجبه ..

- ممممم طيب ياستى .. المهم خلى بالك علي نفسك وانا جاى قريب ..

- ياريت والله ياميزو عشان انت متتصورش وحشتني اد ايه .. وبعدين حوار خميس وجمعه دا معصبنى دانا لو شقة مفروشه هتقعد فيها اكتر من كده ..
- ماشي يالمضه .. هانت وهجيبك هنا معايا ..اظبط اموري بس ..

" صباح يوم جديد "
( في الفيلا الخاصة بمجدى عادل الهواري )
بعدما انهى مجدى حمامه وارتدى ملابسه الرسميه الخاصه بالشغل عبارة عن بدلة سوداء كامله .. فوضع اخر نفحات عطره المميز خارجا من غرفته .. وفي نفس اللحظه خرجت صفوة حامله مجموعه من الكتب فوق ذراعها ومتأهبة للذهاب اوقفها قائلا
- على فين العزم .. انت لحفتى ترتاحى من السفر

قفلت باب غرفتها بتأفف
- رايحه الجامعه اقدم على رساله الماستر وكمان عاوزه اشتري حاجات ..

اجابها بفظاظه
- تمام تعالى اوصلك ..
هزت رأسها نفيا بعناد
- هطلب اوبر .. ملكش دعوة بيا ..
تحرك بثبات امامها قائلا بحزم
- هستناكى في العربيه .. وبعد كده تعملى حسابك طالما خارجه يبقي تصحى بدري شويه تجهزيلى القهوة والفطار بتاعى .. ومش عاوز جدال ..

رمقته بسخريه وعدم اهتمام
- هاتلك فلبينيه ولا ست لولا بتاعت وطلعنى من دماغك والنبي ..

دلف مجدى علي درجات السلم وبيده هاتفه ومفاتيحه بشموخ
- مواعيدى هنا بالدقيقه لازم تتقبلى كده .. يلا مش عاوز عطلة ..

- قولت هطلب اوبر ... ومتنازله عن خدماتك.

- صفوة ... هوصلك والضهر هبعتلك السواق ياخدك يلا .
تاففت باختناق مردده
- مصمم يحشر منخيره في حياتى ..

" علي شط اسكندريه "

صفت سيارة سليم امام الشاطئ .. فهبط منها ليقف فوق صخوره متنفسا بارتباح .. تبعته وجد بفرحه وهى تقف بجانبه
- بتفكر في ايه ..

- فيكِ .. مين غيرك شغال بالى وقلبي ..
وضعت الطرحه على كتفيها وعقدت ذراعيها امام صدرها
- سليم .. احنا صح ؟!

- حتى ولو غلط المهم اننا سوا .. واظن مافيش ابهج من كده ..
ذرفت دمعه من عينيها
- كام نفسي ابويا يكون عايش ويسلمنى ليك قدام الناس كلها ..

- ربنا يرحمه يا وجد .. انا معاك وجمبك ومش هسيبك ابدا ..

حضنته من الخلف بحب قائله له
- ربنا مايحرمنى منك ياسليم ..

رفع كفها لثغره ليقبله بدفء
- خالك كامل جاى دلوقتي عشان نروح نكتب كتابنا ياعروسه ..

استدارت بجسدها امامه قائله
- نعم ! خالى كامل ؟! انت بتكلمه !

" طنط هو محمد خرج "
اردف يسر جملتها وهى تجوب بانظارها في انحاء القصر باحثه عنه .. فاردفت عفاف قائله
- انتوا اتخانقتوا ولا ايه ..

انعقدت ملامح يسر لتقول
- حاجه زي كده ياعمتى .. هو بات ف اوضته صح .

- ااه صح .. بس خد في وشه وخرج ع طول .
فركت كفيها بحيره لتقول
- امى صحيت !

- ااه وقاعده مع ماجدة اختك فوق ..

" في الغرفه "
- يعنى هو من امبارح مجاش ! ياختى مصلحه وزعلانه ليه انت ..

- خايفه يكون جراله حاجه ياما. .

ثريا بتمنى
- ياختى يارب .. اهو نستريح من واحد عقبال الباقي يارب ..

ماجده بتلقائيه: انا هروح اسال جدي .. اكيد عارف مطرحه ..

نهرتها ثريا بقوة: ما تهمدى يابت .. قلقانه عليه قوى يااختى !

 

" اكتب يابنى .. امرنا نحن النقيب (...) حبس المتهم ادهم فؤاد عتمان لمده اربعه ايام على ذمة القضيه حين يحال الى النيابه العامه "

اردف حمزة جملته بشموخ وعناد في وجه ادهم الذي خرج من مكتبه يشتعل بنيران الغضب .. فوجد عمه بالخارج قائلا له
- شوفلى محامى .. اتصرف ..
حيدر همس في اذانه
- تقلقش هطلعك منها الليله .. لقينا حد يشيلها لحد مانشوف مين ورا الملعوب دا .

- اتصرف ياعمى بسرعه .. في كلاب سايبه عاوزه تتربي .

- اطمن عمك في ضهرك ..

شد ادهم ذراعه من يد العسكري قائلا
- ماتستني ياعم .. _ثم وجه حديثه لعمه_ وجد عينك متنزلش من عليها ..

- وجد في مصر يا ادهم .. سافرت شغل ..

زمجر غاضبا
- كيييف يعنى ومين سمحلها ... دانا هطربقها فوق راسها ..

جذبه العسكري رغم عنه نحو زنزانه القسم ومازال يجمهر بصوت مرتفع يحمل براكين متوهجه من جوفه ..

 

" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم في خير "
اخر جملة اردفها المأذون بعدها رفع المنديل الابيض فارحا حينما انتهى من مراسم الزواج .. فقبض كامل علي كف سليم الممسك بها قائلا
- الف مبرووووك ياهواري ..
قام سليم ليحتضنه فارحا وهو يترقب زوجته بعنايه ولم يتحرك بؤبؤ عينيه عنها مرددا
- يباركلنا فيك ياازينه ..

ربت كامله علي ظهره ثم ابتعد عنه ليحتضن بنت اخته قائلا
- لولا ان سالم كان موصينى عليك مستحيل كنت اوافق علي حاجه زي دى ..

احتضنت خاله بامتنان قائله
- حبيبي والله ياخالى .. كده غبت وقولت عدولى ..

تنهد بكلل
- وجودى مابقاش نافع وسط العتامنه ..

تدخل سليم ممازحا
- اي ياعم انت ! انت مالك ارتحت قوى كده في حضنها دى مرتى علي فكرة ...

ضحكوا جميعا حتى ابتعد كامل عنها ولكنه مازال ممسكا بكفها ليقربه من سليم
- احنا اسفين ياعم اهى حقك وحلالك معاك ..

احمرت وجنتيها بخجل وهى تنظر له بعيون متأرجحه حتى اقترب منها سليم وطبع قبله خفيفه على جبهتها ومن بعدها حضنها بين ذراعيه متنهدا بارتياح ليهمس في اذانها
- غلبتينى يابت الايييه ! واخيرا ..

لم تجد مفر امامها سوى احتضانه ودفث وجهها بصدره قائله
- واخيرا ياولد الهواري حب سنين اتلون بماذون وبيت صغير هيتقفل علينا ...
ضغط علي خصرها بقوة ليرفع اقدامها من فوق الارض ويحلق بها في سماء عشقه بحب .. اطلقت صرخه منتشيه وهو يدور بها فارحا فاردف قائلا
- اجوزت اللي بحبها يااجدعااااااااان ..

 

" بعد الظهر "
انتهت صفوة من اعمالها سريعا .. فخرجت من بوابة الجامعه بخطوات بطيئه وهى تعبث في هاتفها كى تطلب _اوبر_ واذن بشخصٍ طويل القامه لديه لحيه خفيفه وسيما بقدرٍ عال يمسك كفها ليوقفها قائلا
- مصدقتش ودانى لما سمعت انك في المكتبه ..

بعدت كفها عنه بعصبيه مردفه
- ياسر ! انت اتجننت ازاي تمسك ايدى كده ..

- صفوة .. مش عاوز مناهده كتير وتعالى نتكلم في مكان احسن من هنا ..
- ومين قالك انى طايقاك ولا عاوزه اتكلم معاك اصلا !
القت صفوة كلماتها على اذان ياسر ثم تحركت متاهبة للمغادرة فلحق بها سريعا واقفا امامها كى يعيق طريقها قائلا
- خمس سنين رافضة تسمعينى .. المرة دى مش هسيبك ..

جزت على اسنانها بنفاذ صبر قائله بغضب مكتوم
- ابعد عن وشي يادكتور ...

قبض ياسر على معصمها بقوة حتى غرزت اصابعه بذراعها ليقفها امامه
- مش هبعد غير لما تسمعينى .. انا بحبك ياصفوة ..
بمجرد ما انهى جملته لطمته صفوة على وجنته بكل قوتها قائله بنبره تهديديه
- القلم دا عشان تفكر وتمسك حاجه مش من ملكك ..

احتشد جمهور من الناس والامن على فعل صفوة الذي لفت الانظار .. فالمعيد ياسر فتح الله يُصفع في منتصف البوابه من احدى طلباته .. زمجرت رياح غضب ياسر لتتسع عينيه ككورتين ملتهبتين وبدون تفكير رافعا كفه كى يرد لها ما فعلته ولكنه فوجئ بقبضة حديديه قيدت كفه من الخلف وصوت جمهوري قوى اجش مرددا
- انت متعرفش ان اللي يفكر يمد يده على مراة مجدى عادل الهواري يدفن مكانه في الحال !
- خمس سنين رافضة تسمعينى .. المرة دى مش هسيبك ..

جزت على اسنانها بنفاذ صبر قائله بغضب مكتوم
- ابعد عن وشي يادكتور ...

قبض ياسر على معصمها بقوة حتى غرزت اصابعه بذراعها ليقفها امامه
- مش هبعد غير لما تسمعينى .. انا بحبك ياصفوة ..
بمجرد ما انهى جملته لطمته صفوة على وجنته بكل قوتها قائله بنبره تهديديه
- القلم دا عشان تفكر وتمسك حاجه مش ملكك ..

احتشد جمهور من الناس والامن على فعل صفوة الذي لفت الانظار .. فالمعيد ياسر فتح الله يُصفع في منتصف البوابه من احدى طلباته .. زمجرت رياح غضب ياسر لتتسع عينيه ككورتين ملتهبتين وبدون تفكير رافعا كفه كى يرد لها ما فعلته ولكنه فوجئ بقبضة حديديه قيدت كفه من الخلف وصوت جمهوري قوى اجش مرددا
- انت متعرفش ان اللي يفكر يمد يده على مراة مجدى عادل الهواري يدفن مكانه في الحال !

ازداد عدد المارة اكثر واكثر كالحلقه المنعقدة حولهم، تراجعت صفوة خطوتين للخلف منتظرة الملحمة التى ستنشب بينهما، التفت ياسر ومازال كف عالقه بقبضة مجدى الحديديه ليقول
- انت مين عشان تتجرأ وتمسكنى بالطريقة دى ..

القى مجدى ذراعه بقوة ليقترب من صفوة ويقف امامها قائلا بشموخ
- وانت مين عشان تفكر ترفع ايدك دى عليها !
انتفضت كل معالم وجه ياسر غضبا وشعره بضعفه امام مجدى فاستدار سريعا نحو الامن الواقف وسط العامه ليقول لهم
- انتوا يابهايم واقفين تتفرجوا ! خدووهم جوه على مكتب رئيس الجامعه ..

تقدمت صفوة بعدم تفكير وهى تتأهب لتردف من بين شفتيها شيئا ولكن ذراع مجدى نُصب امامه كالسد .. فرمقها بنظرة تحذيريه جعل دماء جسدها تتجمد .. فاردف مجدى قائلا بثقه
- ومن امتى رئيس الجامعه بيكون مسئول عن الخناقات اللى بره الجامعه .. عموما لو عاوز تشتكى وتاخد حقك اللي خايف انه يضيع في قسم تقدر تعمل فيه محضر .. مش رئيس جامعه !

ثم تقدم منه خطوتين بثبات وهو يربت على صدره قائلا
- اللي واقفه ورا دى مراتى وحط تحتها مليون خط، وفكرة انك حاولت بس تضايقها هتدفع تمنها غالى اوى ..

احترقت دماء الغل بداخل ياسر ليتراجع للخلف مردفا بسذاجه
- اااه هى اتجوزتك ! انت بقى الحمار اللى حامل اسفار مايعرفش عن ماضيها حاجه .. عموما مراتك دى محبتش في حياتها كلها ادى ..
لم يكاد يكمل جملته فلكمه مجدى بكل قوته حتى فقد ياسر اتزانه وهو يتراجع للخلف متألما .. ركضت صفوة نحو مجدى لتتشبث بكفه راجيه
- تعالى نمشي كفايه فضايح ..
احتشد رجال الامن حول ياسر الذي ثار مفزوعا يود الانتقام من الذي بعثر هيبته اشلاء وهو يهتف بكلام غير مفهوم، قرب مجدى منه مراوغا ليقول بتهديد
- المرة الجايه هتكون في قلبك وتديك تذكرة لفوووق اوى ..

سحبته صفوة بصعوبه من مكانه مفرقة صفوف المتحشدين قائله بنفاذ صبر
- خلاص بقي كفااااايه .. عاجبك الفضايح دى

سار مجدى خلفها وهو ينظر للخلف متوعدا لياسر، فاستمرت صفوة في التشبث بكفه حتى وصلت لسيارته المصفوفه قائله بعتاب
- انت كان ايه اللى جابك هنا .. مش قولت هتبعت السواق ..

ضرب مجدى على مقدمه سيارته بقبضة يده القوية قائلا
- انتِ تخرسي خالص .. مش عاوز اسمع كلمه منك ..

- انت عاوز ايه منى ! فضحتنى وضيعت مستقبلى ياخى ابوه عميد الكليه وهو المشرف على الرساله بتاعتى ..

نظر اليها بعيون متسعه تكاد ان تحرقها ليقول
- انت معندكيش دم ! هو دا كل اللى هامك بس ولا خايفه على كرامه حبيب القلب ..

بللت حلقها بارتباك حتى تراجعت للخلف بضعف لتقول باستسلام
- انا مش هرد عليك ولا محتاحه ابررلك حاجه .. وقول زي ماتقول بقي مايهمنيش اصلا ..

حاول مجدى تمالك غضبه بصعوبه بالغه حتى زفر بقوة وهو يقبض على معصمها ويدخلها سيارته بقسوه اوجاعتها حتى دفع الباب بكل قوته واخد نيران غضبه معه ليركب بجوارها ويشرع في قياده سيارته متوعدا

" في فندق بالاسكندرية "

تقف ( وجد ك امام شرفة الغرفة التى حجزها سليم لها تُراقب امواج البحر المُتراطمه وسيول شعرها يداعبها هواء الاسكندريه كأنه يقدم لها اعتذاراته عن وحشية عالم ملييء بشياطين الانس قبل الجن، فتحت بيبان صدرها متخذة نفسا عميقا متبسمة بأمل لتردف
- ربنا يستر من اللى جاى يا سليم .

تفتنت ارجاء الغرفه بنظرات استكشافيه، ثم توقفت لوهلة امام المرآه تصفف شعرها برفق لتلملمه على كتفها الايمن بدلال وهى تتبسم لنفسها بصورتها المنعكسه التى تعكس ملامح شوقها له .. فاطلقت ضحكة انتصار لتقول لنفسها
- والله مجنون ياسليم .. بس بعينك اللى في بالك دا هيحصل ..

تحركت نحو المرحاض كى تتحرر من اثرا قيود البعد اخيرا تاركه للمياه مهمه محوه من اجزاء جسدها، دلفت كى تفتح مياه الصنبور تملأ حوض السباحه وواضعه بعض السوائل المخصصه للاستحمام بالمياه لتطفو فقاقيعه حامله بفحواها روائح عطره ..

تقدمت كى تغلق الباب وتهم في نزع ملابسها وهو ترتل بعض اغان الحب ببهجه ودلال ..

اما عن سليم فعاد اخيرا بعد جولته التى استغرقت اكثر من ساعتين في اسواق اسكندريه ليشري لها ابهج انواع الملابسه لهما، فدلف بجلبابه الفضفاض ساحه الفندق المتسعة الذي يتميز بالفخامه مقتربا من موظف الاستقبال قائلا
- هات مفاتيح الاوضه يابنى ؟!

ابتسم موظف الاستقبال بترحيب ليردد
- اتفضل يافندم مفاتيح اوضة حضرتك اهى جمب الانسة زى ما طلبت ..

انعقدت ملامح سليم باستغراب
- لا استنى كده وحياة ابوك .. انا لو كنت طاوعتها في الهبل اللى هى قالته قدامك فلازم البعيد يكون عنده بعد نظر ..

هز الموظف رأسه بعدم فهم ولازالت بسمته تعلو ثغره قائلا
- لا مش فاهم حضرتك يافندم !

زفر سليم بضيق قائلا
- انا لما جيت احجز غرفه عندكم الانسه اللي كانت معايا مش اعترضت وقالت لا غرفتين .. فروحت انا غمزتلك بعينى وقولتلك اللي تأمر بيه الاستاذة يحصل ..

اومئ الموظف رأسه ايجابا
- حصل سعتك ..

- حلو قوى وبعد ما مشت مش طلعتلك القسيمه اللى المأذون عطهالنا عشان تتاكد انها مرتى وتشوفلنا اوضه عرايسي كده تليق بينا ..

- ااه يافندم ماهى اللي الانسه موجوده فيها فوق ..
ارتفعت نبرة صوت سليم قليلا ليقول
- عليك نور .. هات بقى مفتاح الاوضة اللي فيها الانسه ..

تراجع الموظف للخلف متسائلا
- ليه يافندم !

اجابه سليم بنفاذ صبر قائلا بغل
- عشان عاوز اشطب كلمة انسة دى من البطاقه بتاعتها .. يااعم ماتنجز وتجيب المفتاح ..

- ماينفعش يافندم صدقنى دا سيستم الاوتيل وماينفعش اديك مفتاح اى اوضة !

- اللهم طولك ياروح .. يابنى متضربش الليله سايق عليك النبى ..

" بس باجدى انا قلقانه قوى على سليم .. وهو قافل محموله ومش بيرد "
اردف ماجده جملتها بخوف وعلى وهى تجلس بجوار جدها بحديقة القصر، فهتف الجد قائلا
- والله يابتى انا كمان هتجنن عليه .. في مصالح كتير متوقفه على وجوده ..

- طيب والعمل .. انا خايفه يكون حصله حاااجه !
- بعتت الرجاله يدوروا عليه وربك يجيب العواقب سليمه .. تقلقيش هو سليم عشوائى هبابه يختفى فجاة ويظهر فجاة ..

- يعنى اطمن ياجدى .. !

- ربك يحلها ياماجده من عنده ..

" بس حرارتك ارتفعت فجاة ولازم تكشف "
اردفت نورا جملتها وهى ترفع كفها من فوق جبهة عماد التى اشتعلت بالحرارة فجعلته رااقدا في فراشه يرتعش من شدة البروده ..

اردف عماد بصوت مهزوز
- متقلقيش هبيقي كويس كمان شويه ..

- طيب قوم اشرب comtrex، هتخخف معاك البرد .. ماهو برد مكنش ينفع تستحمى وتخرج كده على طول ..

نهض عماد بتثاقل كى يتناول العلاج ثم عاد ليبسط جسده مره اخري قائلا
- اقفلى النور بس ومتقلقيش ..

رمقته بعيون يتلألأ بها دمع الهلع والخوف .. فمرضه المفاجئ كان كافيا ليعتصر قلبها الما تمنت ان ينتقل بها كل وجع ولم يبقي له سقم يمسه .. خرجت من غرفته بهدوء لتجلس في صالة شقتها محاولة الانشغال بالكتب الذي اتت بها من مكتبته

نزلت صفوة من سيارته بخطوات سريعه كى تختبئ من اسهم اتهاماته التى تحرقها .. فلحق بها مزمجرا
- لسه متكلمناش عشان تهربي ..

وقفت متأففه
- انا مابهربش .. انا معنديش كلام اقوله ..

- انت ملكيش عين تتكلمى اصلا. ..

اردفت بوجهه بقوة
- ما عاش ولا كان اللى يكسر عينى يابيشمهندس .. وطالما خدت عنى صورة انى وحشه وبنت مش ولابد يبقي تبروزها بقا وتشبع بيها وملكش دعوه بيا خالص انا حرة ..

- شكلك مصممه تخلينى اندم تانى وامد ايدى عليك ياهانم ..

- انت مالك طالع فيها اوى كده ! انت جايبنى مش شقة مفروشه للمعامله بتاعتك دى ..

جز على اسنانه بنفاذ صبر وهو يركل باب فيلاته بقدمه
- لا وكمان بتبجحى .. !

- يوووه انت عاوز تتخانق وخلاص !

عقد مجدى ذراعيه متوعدا
- في ايه بينك وبين الزفت دا يخليه يقولى جملة زي دى .. منا مش مغفل وهتختم على ففايا ياهانم ..
شرعت صفوة للرحيل
- وانت مصمم تحملنى ذنب حاجه انا ماليش فيها ..

اقترب منها بحده وهو يقبض على معصمها ليديرها بجسدها كله امامها
- قولت فى ايه بينك وبين الزفت دا !

تأوهت امامه من شده الوجع ودموع عينيها تنخرط على وجنتيها لتقول
- بيننا كل حاجه بتدور في بالك دلوقتى .. شوف يعنى انا منفعكش بالمرة .. وسيبنى في حالى بقى يابنى ادم وارحمنى .. طلقنى يامجدى انا منفعكش ...

تجمدت الدماء بعروقه محاولا استيعاب جليد كلماتها ليرمقها بعيون متسعه ثابتة، كل جيوش كبريائه تقودها للفتك بها في الحال مُدافعا عن عرضه الذي دنسه سُمها وايضا بداخله جيش ثانى مسلحا بالحب يقاوم الاخر كى يفتك بها ايضا ولكنه فتك مُستلذ يُقام على ساحة صدره ..

 

" في الفندق "

تقف امام المراة بارتياح وهى تجفف شعرها المبلل بفرحه وتتأمل جمالها المُشع من المراة .. بصدر مبهج متسع محب للحياة .. فاغمضت عينيها متنهدة بشوق وثغر متبسم وهى تقول لنفسها متعجبه
- هو الواد غطس مقبش ليييه .. !

فخرج سليم من وراء الستار ليدنو منها بخفه ويلف ذراعيه حول خصرها ليجذبها إليه .. فشهقت مفزوعه وهى تفتح عينيها لتقول بجسد مرتعش من شدة الرجفه
- انت دخلت هنا ازاي !

استند بذقنه علي كتفها وهو يستنشق عبيرها باشتياق .. فحاولت الهروب من قبضته ولكنه سريعا ما قيد كفيها بذراعه وهو يجذبها إليه اكثر قائلا بهيام
- وحشتينى قوووى ياوجد ..

بللت حلقها الجاف لتردف بنبرة منتفضه
- سليم .. امشي احنا اتفقنا على ايه !
لازال يمرر انفاسه علي عنقها بوله فاردف قائلا بخفوت
- اتفقنا انى عمري ما هسيبك ابدا مهما حصل ..

ابتل الجزء العلوى لجلبابه من شعرها الغزير الذي ينسدل فوق ظهرها خافيا معالم جمالها .. تراجع سليم بصدره قليلا ليزيحه جنبا ويفرغ لنفسه المساحه الكامله كى ينفرد بها .. تنغجت بين ذراعيه بدلال مردفه
- سليم ..

طبع قُبلة العشق على عنقها مردفا
- قلب سليم وعقل سليم وكيان سليم كله بين ايدكِ .. اؤمري بس وسليم ينفذ .

تحركت بدلال وانسيابيه لتوسع حلقة قبضته عليها مما يعطيها المساحه الكافيه لتدور بجسدها واقفة امامه واضعه كفيها فوق صدره قائله برجاء
- ربنا وحده عالم انا حلمت واتمنيت اليوم دا قد ايه، انا مش عارفه طاوعتك ازاي ومتاكده انى مش هقدر اقاومك اكتر من كده .. فبلاش نستعجل حاجه نندم عليها بعدين ..

داعب انفها بحب وهو يحكم قبضته عليها اكثر مردفا
- الندم الحقيقي انى اسيبك بعد ما لقيتك ..

نظرات الحب المتوهجه من عينيهم مع كل نظرة مغريه ان يلتهمها عشقا .. فلم يتحمل سليم بعدها عنه اكثر من ذلك .. فغلت فى عروقه دماء القرب والتلذذ حتى اطلقت عينيها المضيئه اشعه الحياه وخفق قلبها بامتزاج انفسهم معا حتى استشعر رجفة جسدها بين ذراعيه ليحتوي همس شوق شفتيها في لهفة شفتيه، ليذوب فى سحرها وسحر حبها اكثر، فلم تجد ملجئا للهرب منه إلا اليه .. فقدت زمام السيطرة على براكين العشق المدفونه طويلا فمجرد ما دنى من سطحها انفجرت من حممها البركانيه ابخرة عطرة متتابعة بنيران لهفة لابد من انطفاؤها بمصدر ارتوائها الوحيد، لم يبق امامها سوى ان تعانقه سابحه معه في عالمهم الذي اقام فوق سُحب العشق، فغرقت به وبحبه اصبحت تتشبث به اكثر فاكثر تخشي فكرة البعد بعدما تذوقت شهد القرب، ظل يلتهمها بكُل ما اوتي من وله يريد ان يفتك بحواجز صدره لتتسرب إليه ويستكين بها، قُرعت طبول قلبهم سويا وتراقصت اشواق العشق فوق اوتارها وسُكرا سويا بلذة التملك المرغوب الذي وضعتهم تحت تأثيرها .. فانحنى ليحملها بين ذراعيه، خُدرت من ملاذ شهده حتى عانقته اكثر وهى هائمه حالمه بكل كيانها حتى ذابت في حضنه الدافى، فضمها الى صدره بقوة ليعوضها عما اصابها من سنين البعد، فمهما طال ليل البعد لابد من شروق الشمس لتدفء قلوب العشاق باشعة القرب .. أخذها معه واليه في عالمه ليفرغ كل شحنات الاشتياق بها فتغيب عقلها وترك الساحة فارغه مخيمه بوله القلب الذي لا يقبل بارضه إلا الغزو الفاتن ليخترق حواجر روحه ليشحنه بروح الحياه ..

اوشك سليم ان يظفر بقربها الابدى ولكن صوت جرس باب غرفتهم حول كل لحظاتهم التى مررت عليهما رمادا متناثرا .. ففاقت وجد من غيبوبة عشقه مرتجفه قائله
- الحق الباب ياسليم ...

ابتعد عنها مزمجرا بغضب محاولا اتخاذ انفاسه بتثاقل وقطرات العرق تتصبب من جبهته رغم بروده الغرفة لينظر لها معاتبا
- نبرتى فيها !

" محمد انت اتاخرت ليه "
ركضت يسر نحو محمد الذي دلف من باب القصر متهالك ويبدو عليه الارهاق والتعب، فاكملت يسر جملتها باستغراب
- انت مابتردش عليا ليه ..

تعمد محمد ان يبتعد عنها وهو ينادى علي امه قائلا
- الغدا ياما عشان واقع من الجوع ..

ركضت نحوه يسر متعجبه لتمسك بذراعه بصدمه
- محمد .. انت مابتردش ليه ومتجاهلنى ليه ..

تأفف بضيق قائلا
- يسر .. انا مش طايق نفسي ولا قادر اتكلم اطلعى من دماغى ..

- لا يامحمد مش هسكت انت من امتى كنت كده معايا ..

زفر بضيق مختنق ليقول بصوت عال
- يسررر .. حلى عن سمايا مش طايقك ..

خرجت ثريا على زمجرة صوت محمد قائله
- اااه اظهر على حقيقتك ياولد عفاف واشخط وانطري في بتى براحتك ..

ثم وجهت كلامها ليسر معاتبه
- شايفه المحروس بتاعك ياختى ! فيييين جدهم يتفرج على عيال ولده عيعملوا ايه .

رمقها محمد بحده قائلا
- انت بالذات تسكى خالص ولولا بتك وغلاوتها عندى كان هيبقالى معاكى تصرف تانى !

دلف مختاله من فوق درجات السلم قائله
- ايييه كمان على صوتك وقول ...

تشبثت يسر بكفه راجيه لتهمس له
- محمد اهدى والنبي ..

تجاهل محمد حديثها لينهر ثريا بقوة قائلا
- المهم بتك عندك اهى اشبعى بيها يمكن ترتاحى ..

يسر بصدمه: محمد انت بتقول اييه ..

لم يلتفت اليه فهو يخشي ان تهزمه عيناها قائلا بحده مصطنعه
- اللى عندى قولته .. خلى امك تنفعك ياهانمممم

عفاف تتدخلت سريعا
- جري اي ياولدى ماتخذي الشيطااان ...
محمد بحده
- كل اللي غلط لازم يدفع تمن غلطه ياما .. انا طالع اوضتى وهاتيلى الوكل فوق ..

رمقت يسر امها بعتاب ثم انصرفت راكضه صوب شقتها لتنفجر في بكاؤها بقهر،، اما عن ثريا فاشتعلت نيران الحقد بجوفها متيقنه ان ابنتها ستحال الي ماتريده وتتمناه ..

 

( امام بوابة القسم )
" لازم اعرف مين ورا العمله المهببه دى ياعمى "
اردف ادهم جملته بعدما قضي ليله كامله خلف اسوار السجن بنبره توعديه فتوقف حيدر قائلا بثقه
- زين اننا لقينا حد من رجالتنا يشيلها قبل القضية ماتتحول علي النيابه ..

زفر ادهم مزمجرا بقوة
- شوف انا عقول ايه وانت عتقول ايه .. انا متأكد ان اللعبه دى بفعل فاعل .. انا عمري ما دخلت الصنف دا البيت ..

رمقه حيدر بعدم تصديق
- وماله .. متشغلش راسك المهم انك خرجت منها ..

- انت مش مصدقنى اياك ..

تحرك حيدر بشموخ وخلفه المحامى الذي استدار نحوه ليشمر بامتنان
- متشكرين يامتررر .. تعبناك معانا ..

- احنا تحت امرك ياحيدر باشا في اي وقت ..

بينما ادهم صمت قليلا برغم من مراجل الغضب التى تقاد بداخله مردفا باهتمام وهو يصعد السيارة بجوار عمه
- طيب ما تيجى نربط الخيوط ببعضها .. كبسه الحكومه المفاجئه دى وعرفوا منين ان في حشيش واشمعنا مالقيوش غير في اوضتى ! يعنى انا المقصود .. طيب اشمعنا دا حصل النهارده اول ما اتذاع في البلد انى هتجوز وجد بت عمى .. مش عارف ليه شامم ريحة ولد الهواري في الموضوع ..

شرع السائق بالتحرك بينما حيدر اتكىء للحلف متحمحما
- خف اوهام ياادهم وركز عندنا شغل كتير ..

زفر ادهم بنفاذ صبر محاولة التزام الصمت لفتره ولكن السنة فضوله لم تصمت فاردف قائلا
- انت سمحت لوجد تسافر كيف وفرحنا بعد بكرة

- مسمحتش ياادهم .. دى خرجت مع امك فجالها تليفون من المستشفى انهم عاوزينها ضروري فاضطرت تمشي من غير ما تقول لحد واصل ..

- نعممم وهى من ميته لما تسافر مش عتقول ..
- ادهم انا اتاكدت بنفسي خصوصا ان مصر مقلوبه ياولدى ثروات ومظاهرات ربنا يلطف بينا ..

سكت ادهم لبرهه محاولا استيعاب كلماته فاردف مغموض قائلا
- هما في المستشفى وصولوا لوجد كيف وهى معهاش محمول !

قضب عمه حاجبيه باستغراب قائلا
- قصدك اييه ..

- محمول وجد معاي ياعمى .. يبقي كيف عرفت انهم عاوزينها !
" هنا بقي ياستى هتاكلى احلى سمك في مصر كلها "

اردف سليم الجالس امام شط اسكندريه مع حبيبته يتناولان الغداء، فقضبت وجد عاجبيها مستنكره
- ياسلاااام وانت جيت هنا مع مين يااستاذ !

ارتشف سليم كأس العصير متنحنحا
- احممم اي وجد هو من اولها شك ولا ايه ..

القت مابيدها بهدوء لتقول
- سليييييم .. اعترف .

نهض سليم من مقعده المقابل لها ليجلس بجوارها بثغر متبسم ممسكًا بكفها ليقبله عدة مرات متتاليه
- ليا عشرة سنين متكلبش بيكِ وجايه تشُكى دلوقت ..

ابتهجت ملامحها ولمعت عينيها لتقول بانتصار وثقه
- منا عارفه طبعا وواثقه في نفسى جدا مش فيك عشان كلكم صنف واطى اصلا .. مممم وبعدين وهو في حد يكون معاه العسل دا كله ويبص برا تبقي فراغة عين ..

تراجع سليم للخلف قليلا يراقبها باعجاب ثم تنحنح ليغمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- يالهووى علي التواضع ياخلق ! وبعدين بلاش الفشخرة الزياده دى انا لسه مدوقتش العسل عشان اعرف اذا كان اسود ولا ابيض !

ضربته بقبضة كفها بغل
- بس عشان انا مبقوقه منك اصلا ..

مرر انامله فوق وجنتيها ليداعب ملامحها قائلا بحب
- اخس عليكِ يادودو وانا عملت ايه !

نظرت له بعيون ضيقه باستنكار لتردف
- لا والنبي اسبقوهم بالصوت ! انت ازاي تدخل اوضتى اصلا هو دا اتفاقنا ياسليم !

ارتفعت ضحكته قائلا بفظاظه
- انت متعرفش انا عملت ايه عشان يدونى المفتاح ولا البصمه .. لولا انى اقنعتهم انى عاملك مفاجئه واسكندريه كلها شافت القسيمه .. شوفتى بتعب ازاي عشانك ياجميل !

- ياخير ماعملت ياخويا !
زاح خصيلة من شعرها المتطاير التى تخفى جزء من وجهها ووضعها خلف اذانها مردفا
- سيبك انتِ .. حلاوتك فاللبس الابيض، اومال لما تلبسي حاجه من اللي جبتهملك فوق هتعملى ايه في قلبى يابت العتامنه !

وقع اسم ( العتامنه ) على اذانها كجمرة من نار مما جعلها تلتفت بجسدها ناظرة للبحر محاوله اخفاء ملامحها المنخطفه التى شحبت بمجرد سماعها الاسم متنهدة باختناق، لاحظ سليم تغيرها المفاجئ فوضع كفه على ظهرها ليمرره بخفه طمئنتها وهو يهمس لها
- قولتلك طول ما انا جمبك متخافيش !

التفتت اليه قائله بتساؤل
- سليم .. احنا استعجلنا ... ؟

هز رأسه نفيا ليقول لها باندفاع
- احنا اتاخرنا .. واتاخرنا قوى ياوجد ..

مسكت كفه بامتنان لتنظر له بعيون لامعه
- خايفه احسن الدنيا متحبناش سوا ..
نظر لها بعيون ضيقه يجيب ممازحا
- وانا برضو حسيت كده .. دا حتى بتاع الفندق حبكت يعنى يجيب الغدا وانا غارق في حبك !

احمرت وجنتها خجلا لتلتف نحو الطاوله مصطنعه الانشغال بتناول الطعام لتقول بارتباك خافت
- كنت هتودينى ف داهيه .. جيه ف وقته والله .

رفع حاجبه قائلا بتعجب
- بتقولى اي يا وجد !

تنحنحت سريعا
- الاكل هيبرد ياسليم ..
تجاهل كذبتها ليلتفت بحماس بادئا في تناول الطعام قائلا بمرح
- دانا هاكل سمك وجمبري للصبح .. عريس بقي ومحتاج كميه فسفور لازم يتغذي وانا ف عرض اي حاجه تزق معانا في الليله دى ...

وصل ادهم بصحبة عمه الى القصر وبداخله نيران مشتعله مردفا بصوت عشوائى جمهوري ليقول

- اللي حصل دا انا واثق ومتاكد انه بفعل فاااااعل،، وكمان انا مش هسكت ومش هعديها وهعرف مين ورا العَمله المهببه دى ومش هرررررحمه ..

ركضت امه عليه لتحتضنه بلهفه
- ولدى ... حمد لله على سلامتك ياقلب امك .. نورت بيتك .

ركضت كوثر نحوه متلهفه
- نورت ياجوز بتى ياغالى .. ربنا يحميك ياحبيبى

ابعدها ادهم عن طريقه بقوة قائلا
- بتك فين ياكوثر ..
تراجعت كوثر للخلف قائله بارتباك
- ما هى قالت لعمها انها في شغل مستعجل ..

قهقهه ادهم ساخررا وهو يصفق
- لا عال .. وانتوا اغبيه وصدقتوا ! وجد كيف تمشي وهى معاك ياما؟!

ساميه بفزع: والله ياولدى غفلتنا كلنا ومكنتش اعرف ..

زمجرَ بقوة قائلا بغضب
- بتك هربت ياكوثر هانم ومحدش فينا يعرفلها طريق !

ندبت كوثر علي وجنتيها بذهول وهى تقترب من حيدر مطأطأ الراس لتسائله بقلق
- وجد مش في شغل ياحيدر ! انطق بتى فين .

اكمل ادهم زمجرته بعنف
- احنا لسه راجعين من المستشفى وكل الكلام اللى قالته وجد كدب .. الست هانم بتستغفلنا كلنا وخلت راسنا في الطين ..

تدخل ( زين ) اخيها الصغير ليقول بتمرد
- اتكلم عدل عن اختى ياادهم انا عقولك اهو ..
اطلق ضحكة ساخره
- هاهاها .. اختك كسرتنا كلنا يازين باشا وقتلها على يدى ..

رمقته ورد من اعلى بقلب متراقص فوق اوتار الخوف الى ان رفع ادهم انظاره لها قائلا
- سامعانى ياورد ... اختك لو مظهرتش الليله قتلها على يدى ..

تحرك ادهم متأهبًا للذهاب فاوقفه نداء امه المتلهف
- رايح فين ياولدى ...

- رايح الحق المصيبه ياما قبل ما راسنا تتحط في الطين .. هقلب عليها الدنيا ومش هرجع غير بيها ..

بللت حلقها عدة مرات وهى تراقبه بعيون سابحه في بحور الفزع والقلق .. فتراجعت للخلف لتحتمى باسوار غرفتها مردده بهمس من خلف اصابعها المرتعشه الموضوعه فوق ثغرها
- هتعملى ايه ياورد في المصيبه دى !

" يامحمد انا جبتلك الاكل بنفسي افتح "
اردفت يسر جملتها وهى تقف على اعتاب غرفة محمد الذي احكم غلقها جيدا متجاهلا تواجدها بالخلف حتى رق له قلبه ولم يتحمل عصيانه اكثر من ذلك .. فقام متأففا ليفتحه قائلا
- هو انا مش قولتلك مش عاوز اشوفك !

ذرفت دمعه من عينيها متوسله
- محمد انا عارفه طبعك وعارفه انك لما بتتعصب بتقفل على نفسك وتبعد عن الكل .. بس انا مش هقدر استحمل بعدك لحد ما تهدى ..
التقط عدة انفاس متتاليه وهو يرمقها بحده
- يسر .. انا متجنبك لانى مش عاوز ازعلك منى اكتر .. فلوسمحتى ابعدى عنى الفترة دى ..

- يعنى انت مش هتسامحنى .. محمد بلاش قسوتك دى والنبي ..

اغمض عينيه لبرهه مطلقا زفيرا قويا ليقول
- اللى عملتيه مايتغفرش ولا ينفع اسامحك عليه .. انت وجعتينى .. عارفه بتصرفك دا معناه ايه انك مش واثقه فيا ولا مأمنه على نفسك معايا ودايما خايفه ومرعوبه، والحب اللي يسكنه خوف والقلق بلاش منه احسن ..

وضعت مابيدها من طعام فوق المنضدة الموضوع بجوار غرفته لتدنو منه بحنيه ممرره كفها على وجنته
- تعالى نروح بيتنا ونتكلم .. انت وحشتنى اوى وانا مش مستحمله اشوفك كده ..

بلع محمد غصة احزانه وهو يراقبها بقلب يخفق حنينًا لها، فأكملت يسر جملته متوسله
- والله ما هعمل حاجه تزعلك تانى .. يلا بقي .. طب اقولك بلاش نروح بيتنا تعالى نتكلم جوه وتسمعى يمكن تعذرنى ..

تنهد محمد باشفاق و رق وشرعت شفتيه ان تتحرك لينطق بحنين لها ولكن قطع حديثهم قدوم ثريا قائله بغضب
- انت يابت معندكيش كرامه ليه ! مش قالك خليكى عند امك راميه نفسك عليه ليه .. سبيه لوحده حقَ الراجل عامل زي القرش البرانى يلفف يلفف ويرجع لمكانه ..

التهبت عيون محمد بنيران الغضب مما جعله يتراجع للخلف بصمت مكبوت فجره في صوت الباب الذي دفعه بكل قوته مما جعل زوجته ترتعد من مكانها .

انخرطت عينى يسر بالبكاء وهى ترمق امها بنظرات معاتبه، فاعتلى ثغر ثريا ضحكة انتصار جعلتها تختال في مشيتها امام ابنتها مردفه
- بلا هَم وغم .. فكك منه يابت واسمعى كلام امك ..

استدارت يسر نحو باب غرفته لتطرق برجاء وهى تضرب الارض بساقيها قائله
- محمددددد .. افتح بقى .

يسير بصحبتها وهو يحاوطها بذراعه لتلتصق به اكتر على شاطئ اسكندريه يتأملان غروب الشمس سانده رأسها على صدره سارحه في كلمات الاغنيه التى يستمعان لها بسماعه لاسلكيه واحده .. لتذوبهم في بعضهم اكثر واكثر .. بعدها عنه قليلا ليزيل السماعه من اذانها قائلا بحماس وهو يجذبها من كفها

- تعالى نطلع فوق الصخور ..
ركض بها فوق صخور شط اسكندريه وهما يمرحان سويا، فكانت مرتديه فستانًا ابيضًا طويلًا الى قدميها وفوقه جاكت جينز ازرق قصير ويحاوط رقبتها شال بأبهج الالون، بينما عن سليم فكان مرتديا قميصا باللون الابيض ايضا وتحته (شورت) جينز يصل لركبتيه .. فركضا سويا فوق مشاتل الحب ليصلا الى مكانٍ خاليٍ من عيون الخلق مكتفيين باحتواء البحر لمهما ولحن امواجه .. يتدللان فوق صخور البعد كأنهم يريدان ان يحطموها بعطر قرب الممزوج ..

وصل بها فوق صخرة عالية وهو يتمسك بكفها جيدا حتى وصلت اليه فارحه مرتميه بين ذراعيه، اكتفى سليم باحتضانها متنهدا بارتياح تابعته صرخه عاليه وهو يقول
- ما الحب اهو طعمه حلووو قووى ياجدعان .. اومال بيبعدونا عنه ليه !

لفت ذراعيها حول خصره لتتأمل معه امواج البحر المتراطمه بالصخور كأنها تلقي عليهم قطرات ندى مشبعه بعشاق اسكندريه باكملها .. فاردفت بين احضانه قائله بهمس وهى تتمايل على لحن دقات قلبه

= انت عرفت ازاى انك بتحبنى ؟! ممم قصدى يعنى اكتشفت حبك ليا في قلبك ازاي وكيف وأمته !
مرر كفها فوق خصرها مداعبا ليردف بتنهيده قويه
- كنت بحلم بيكِ من زمان .. طيفك كان محاوطنى حتى من قبل ما اشوفك .. واول ما قابلتك بشعرك المنكوش وعشوائيتك قولت بسس ياض ياسليم اخيرا ايدك لمسك حلم السنين .. اخيرا بعد سنين متعلق بوهم وصلت للواقع .

تعبث باناملها في ازارار قميصه مداعبه لتقول
= الحب مافهوش وصول ولا محطه اخيره .. الحب ذهاب دائم من غير عودة يا سليم باشا ..

ادلف انظاره إليه بامتعاضٍ
- يعنى ايه ياست وجد !

ابتعدت عنه قليلا وهى تقول له بحب
- يعنى سليم الهواري ممكن يسمحلى ارقص معاه في الجو الجميل دا !

- ياسيدى سليم الهواري من ايدك دى لايدك دى .. ممكن يعلق جناحات ويطير ويرفرف بيهم ويعدى على كل بيت يحكيلهم هو عشقك وحُبك عمله فيه ايييه ..

عضت على شفتها السفليه وخفق قلبها لكلماته .. فانحنت قليلا لتتسلل كفها بداخل جيب بنطاله بتلقائيه كمن ينزع شيئا من جيبه، فاول مرة تستشعر معه بمذاق الحريه والتملك، جسدان يعيشان بروح واحده وكلما اشتاق نص للاخر جذبه من ياقة قميصه ليرتوى منه، اخرجت هاتفه بوجه وُذع كل ورود الحب عليه فاحتفظ بلونه الوردى الفائح بياسمين العشق .. فتصفحته بخفه مردفه باستغراب ممزوجا مع صوت هواء البحر
- انت مطير فونك ليه ..

مد كفه ليلملم شعرها الذي يداعبه الهواء وكأنه يغير عليه من مروره فوق خيوطه الحريريه قائلا بمزاح
- اللى خلى صاحب الفون طاير .. مجتش عليه يعنى !

اتسعت شفتيها بابتسامه حب لحقها صوت ( عمرو دياب ) المنبعث من هاتفه قائلا
" وماله لو ليلة توهنا بعيد، وسيبنا كل الناس!'

انحنت لتضع الهاتف ارضا ثم اقتربت منه منتظرة انبساط كفوف لها،، تقدم سليم بانسيابيه محطما كل خيالاتها ليجذبها اليه من خصرها بقوة مما جعلها تشهق بصوت تابعته ضحكة شوق .. وضعت كفوفها على كتفيه مستنده براسها علي جدار صدره تاركه نفسها لامواج الحب بدون اي مقاومه .. ظلا يتمايلان سويا على كلمات عمرو وهو يكمل غناؤه لهما

" أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني دا الاحساس
وانا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي احلى الناس "

اغمضت عينيها غارقه في اعماق عشقها له .. فاحتصنها سليم اكثر هامسا في اذانها مع تكرار نفس الكوبليه السابق بنبره اكثر اشتياق خارجه من اعماق قلب عمرو:
- هو انا اذا كنت عايش في بعدك .. ! ياحلاوة دقة قلبي في حضنك ياوجد !

لم تكاد ان تحرك ثغرها لتجيبه فصرخ (عمرو دياب) مناديا بقوة مما جعل سليم يرفع جسدها محلقا بها في سماء العشق متشبثه به بقوة
" حبيبى ليله تعالى ننسى فيها اللى راح .. تعالى جوا حضنى وارتاح
دى ليلة تسوى كل الحياه .. ومالى غيرك .. ولولا حبك هعيش لمين .. حبيبى جاية اجمل سنين .. وكل مادا تحلى الحياه "

صرخت في حضنه مستلذه بعطر قربه ثم حررت ذراعيها فاتحه صدرها لعشقٍ ليس له نهايه ولازال يديرها ويتأملها وهى تحلق في سماء حبه ويلحق بهم شعرها الذي يعاند الريح ويجوب حولهما ناسجا خيوط حب تكبلهم للابد .. انزلها سليم برفق مبتعدا عنها قليلا ليمسك كفها عندما انتهت الموسيقي ليكمل عمرو وصف مشاعرهم قائلا
" حبيبي المس ايديا عشان اصدق اللى أنا فيه .. ياما كان نفسى اقابلك بقالى زمان، خلاص وهحلم ليه "

كانوا يتحركان كفرشات الحب فبعدها سليم عنها بعنف ثم عاد ليلتصق بها بالقدر نفسه من العنف وشعرها المنسدل يرتمى على كتفه، فقبل ان يبتعد عنها من جديد لا احد منهما يفلت يد الاخر ف لحظه من اللحظات ولا اعينهم تنحدر للحظه عن بعضهم كأن للعشق كلبشات قيدت حركه اجسادهم ببعضهما .. اقترب منها مجددا ليكمل في رقصة سلو وهو يحاوطها بذراع واحد ويلوح لها حبا بالاخر:
" مانا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي احلى الناس
حبيبى ليله .. تعالى ننسى فيها اللى راح .. تعالى جوا حضنى وارتاح .. دى ليلة تسوى كل الحياه .. ومالى غيرك .. ولولا حبك هعيش لمين .. حبيبى جاية اجمل سنين .. وكل مادا تحلى الحياه "

انتهى عمرو من غناؤه ولكنه كان شرارة حب في اعماقهم اشعلت براكين مدفونة طويلا .. لازالت عالقه به، لازال متشيث به كطفل عثر على امه بعد سنوات من التوهان استكملا تمايلهما في احضان بعضهما علي صوت دقات طبول امواج البحر هائمان ببعضهم كمن ارتشف من كأس الحب حتى فقد عقله ..

"إنك ذلك النوع النادر من الأشخاص، الذي يشارك الدرب، فيتربع علي عرش القلبك فينمو ويتورق، يخضر فيّ ويكبر. يتسلق بسلاسة وهدوء، ويوجه روحى نحو الشمس، رغم انطفاءاته .. الشخص الصديق، الأذن المصغية، والكتف
الصلب إلى الأبد، رغم التعب دائما يبدو في اعظم قواه "

تنهدت نورا بتنهيدة شوق بعد ما انتهت من كتابه ما يتشاجر بقلبها فلم يهدأ إلا بعدما تخلصت منه فى صورة حبر منثور على الاوراق، استدارات براسها وجدت عماد مُقبل نحوها في ممر الشقه الموصل بين الصاله والغرفة، فتركت ما بيدها مردفه بلهفه
- قومت لييييه ! انت لسه تعبان ..

قرب منها ليجلس على اقرب مقعد قائلا بتثاقل
- ياستى شويه برد ومجرد ما ادفيت وخدت البرشامه راحوا لحالهم ..

تنحنحت بخفوت لتردف
- بس جسمك عرق ماكنش ينفع تخرج في المكيف .. هقفله عشان البرد مايردش عليك ..
استند برأسه للخلف قائلا بعتب
- مالهوش لزوم انا كويس ..

نهضت سريعا وبدون تفكير وهى تمسك ريموت التكيف قائله بنبرة عتاب
- انت بتعاند نفسك ولا بتعاند التعب ! انا اول مرة اشوف كده ..

ابتسم رغم عنه قائلا
- كلنا بنعاند في بعض حتى الحياة بتعاندنا ومصممه اننا نكون فيها لحد دلوقت .. كأنها مستحليه وجعنا ..

التفت إليه بملامح غاضبه لتقول
- ايه الياس دا ! حصل ايه لده كله يعنى !

تنهد بوجع قائلا بتثاقل وحواجر صدره ترتفع امامه
- يأس ! بالعكس الدنيا كانت عقاب لآدم وحواء لانهم عصوا ربنا .. انك تشوفها على حقيقتها دا أمل انك مسيرك في يوم هتتحررى .

جلست بجواره بخفه مردفه بثغر متبسم
- وانت اي اللى مضايقك ! دى سنة الحياة ومهما طال العمر مسيرنا هنتحرر .

ابتسم بحزن قائلا
- اللى مضايقنى ان ربنا لما عقاب ادم وحواء نزلهم على الارض سوا .. فحتى ولو كانت الحياة جحيم المهم انهم مع بعض هيخلوها جنة ..

- للدرجه دى بعدها واجعك .. !

- اااااه واكتر ما تتخيلى .. حاجه اشبه بطلوع الروح .

مُضغ قلبها بين حدة كلماته، فهو شخصٌ محصصنٌ جيدا بطيف الحب الذي لم يترك ثغرة واحده كى يتسرب منها حبها إليه .. فركت كفيها محاوله اخفاء حزنها لتقول
- هعملك كوباية لمون ..

قبل ان يحرك عماد ثغره ليتحدث التفتوا جميعا لصوت قوى جمهوري يهتف من الخلف جعلهم ينتفضون من مكانهم ..

نورا بقلق: خير يارب .. فى ايه ..

" ياسلييييسيم ياهواري اطلعلى .. لو راجل واجهنى يلاااا انا مستنيك اهو .. مرتى فينها يااسليم .. "
اردف ادهم الذي اقتحم قصر الهوارة بمجرد ما فتحوا الغفر ابوابها، فجهر بصوته الاجش مكررا كلماته كثيرا، يركضون الغفر من بعيد كى يصلوا إليه، اما عن اهل البيت فجميعهم احتشدوا من مختلف الانحاء على مصدر الصوت، خرج راجح الهواري مستندا على عكازه قائلا بهيبه
- عاوز ايه ياولد العتامنه ..

اقترب ادهم منه بجراءه
- عاوز مرتى اللى حفيدك خطفها ... مرتى فين ياهوارة احسن اقلبهالكم مجزره ..

تقدم محمد خلف جده بقوة ليقف امامه ويدفعه للخلف قائلا
- ماتحترم نفسك .. انت ازاي متهجم علي بيوتنا في وقت زي دا ..

دفعه ادهم بعيدا عنه بقوة
- اخوك خد وجد مرتى وراح على فين !

اردف عماد الذي جمع كل شتات قوته مستندا علي عكازه تمرده
- وطى صوتك ياجدع انت .. وبعدين روح دور على مرتك بعيد عن اهنه ..

توسط ادهم ساحة بهو قصرهم مزمجرا
- اقسم بالله لو كان له علاقه بغيبة مرتى هجيبلك راسه تحت رجليك ياراجح ياهواري ..

حاوطوا الغفر ادهم من كل الجهات مصوبين اسلحتهم نحوه، رمقهم ادهم بحده قائلا
- فكركم انى هخاف تبقوا غلطانين، احنا اللي لينا التار ومسيرنا هناخده بدل الراس اربعه ..

اتسعت عيون الناس بينما هلع قلب ماجده بجوفها عندما ظنت ان اختفاء سليم يرتبط باختفاء وجد .. فتراجعت للخلف منتفضة، اما عن راجح الهواري تناول سلاح من احد الغفر بقوة ليصوبه نحو قلب ادهم قائلا بتهديد
- انت جاي تتهجم على بيتى وكمان جاى تتبلى علينا بغيبة حريمكم .. رجالة الهواري ماعيخطفوش حريم، وانت دلوق واقف قدامى يعنى لو قتلتك مش هاخد فيك يوم .. امشي روح مطرح ما جيت ياولد العتامنه واقصر شرنا ..

ارتفعت صوت انفاس ادهم بغضب ليقترب منه ببطء قائلا
- وعلى ايه ! وعهد الله راس حفيدك ماحد هيطيرها غيري ياهوارة ..

انقض عليه محمد كما ينقض الاسد على فرائسه مما جعل يسر تنتفض من مكانها صراخه باسمه، زمجرت رياح غضب محمد من ثغره قائلا
- انت جاى بيتنا تهددنا ! ماتتكلم علي قدك دانا ادفنك مطرحك ..

تدخل عماد بحكمه ليبعد محمد الممسك بياقه ادهم قائلا
- ابعد يامحمد .. الظاهر في سوء تفاهم ..

ثم التفت نحو ادهم قائلا بحده
- وانت اتفضل امشي من هنا ولو فكرت تعتب هنا تانى هيكونلى معاك تصرف تانى ..

القى ادهم عليهم اخر نظراته التوعديه التى تحمل بين ثناياها حقد ونيران تلتهم قنا بأكملها متجها نحو سيارته تاركهم في حيرتهم ..

اقتربا الاخوات من الجد بتأفف فاردف محمد
- مالك ياجدى ساكت ليه !

اردف الجد باختناق: سليم مظهرش من الصبح وبت العتامنه مش لاقينها .. ياخوفى ليكون عملها ..

تبادلوا الانظار للحظات ثم اردف عماد قائلا
- سليم مايعملهاش ياهواري !

تدخلت ماجده في حديثهم بعيون متورمة من كثره البكاء
- لا سليم يعملها .. تقدر تفسر غيابه من امبارح دا معناه ايييه ؟!

يقف سليم امام المصعد فتعمد ان يلف ذراعه حول خصرها كى يضغط على ( الزر) مما جعلها ترتمى على ذراعه بخفه فنصبت عودها سريعا لتضربه على كتفه بعتاب

- بطل حركاتك دى .
ضغط سليم على شفتيه متوعدا
- فكرك انى بتلكك يعنى .. تؤ غلطانه ياروحى انا لو عاوز اعمل اي حاجه هعملها ولا هيهمنى حد ..

نظرت إليه بعيون ضيقة ساخره تحمل بين ثناياها تحدى
- اتكلم على قدك .. ومين قالك انى هسمحلك تعمل كده اصلا ..

اقترب منها وهو يرمقها بعيون كصقر فتراجعت للخلف لتضع حدا له بكفوفها
- خلاص ياسليم .. بهزر والله .

ابتسم ابتسامه ثقه
- مش قد الكلام متقولهوش بنظرة واحده بترجعى لورا ..

بمجرد ما انتهى سليم من قول جملته فُتح باب المصعد على مصرعيه، فدفعها برفق للداخل قائلا
- ادخلى ياختى .. لما اشوف اخرتك اييييه !

ضحكت بصوت عال وثغر متبسم ووجهه يشع ضياء حب كافيا ان ينير مدينه مظلمه باكملها، ترقب سليم قفل باب المصعد بفارغ الصبر لينقض عليها كالجائع الذي عثر على طعامه للتو ملتهما همس شفتيها فلم يعطى لها مجالا للاعتراض للمقاومه للعناد، شعرت انها بين جبلين انطبقا على جسدها فارتطم ظهرها بقوة بجدار المصعد عاجزه فلم تجد ملجأ من المقاومه والعناد ولابد من الاستسلام لرياحهما لعل تكون هى الملجا، ضجيج قلب سليم كان اقوى من ان ينتيه لمكان وزمان تواجده حتى ارتطم حواجر صدره بجسدها الضعيف ليقضي على جيوش تمردها فتناست معه دُنياها رافعا القلب راية الخضوع .. ظل يرتشف من شهد شفتيها حتى وصل المصعد الى الطابق المقصود، بعدته عنها بكل قوتها مرتبه ملابسها التى بعثرهما ناتج لمساته العشوائيه التى دبت في روحها الحياه ملتقطه انفاسها بصعوبه، تنهد سليم ببسمة رضا وهو يفترسها بعيناه مما جعلها تخفض انظارها خجلا بعيدا عنه، مسك كفها وسحبها خلفه خارجا من باب المصعد وهى تسير خلفه ومازالت تحت تأثيره تختلس بين كل لحظه والاخري الالف من النظرات اليه .. وصلا الاثنين امام غرفتها .. فالتفت سليم اليها
- هاتى البصمه بتاعة الباب ..

لم تفيق وجد من سحر قربه مردفه بتنهيده
- هااا

لاح امام عينيها قائلا
- وجد انت معايا .. !

هزت رأسها نفيا لتقوم بهيام
- المشكله انى مش غير معاك ..
استند بكفه على الحائط يراقب ملامحها المرتجفه قائلا
- طب هاتي يلا مش هننام قدام الباب يعنى ..

ابتعدت عنه سريعا مقاومه ضجيج قلبها
- سليم روح اوضتك ..

نظر لها بعيون ضيقه تحمل بين طياتها استغراب
- بت ! بطلى دلع ..

- بطل انت قلة ادب وروح اوضتك .. سليم انت وعدتنى حرام عليك اللى بتعمله فيا !

اردف بحنان
- غصب عنى .. حبى ليك اقوى من اي وعود .. عاوز تبعيدنى عنك بعد مابقيتى ملكى ..

نظرت له بعيون متوسله وهى تمسك كفه بحنان
- لا ياسليم ..

نظر على كفها العالق بكفه
- لا ايه ياوجد !

- عاوزاك تبقي جوزى قدام العالم كله .. ربنا وحده يعلم انا بحاربنى كيف .. بس لا عشان خاطري ياسليم .. عاوزه البس الابيض وافرح زيي زي كل البنات .

وضع كفه على وجنتها بحب واطمئنان قائلا
- مع انك بتدبحينى بسكينة بارده .. لكن دا حقك ومسير الدنيا تضحكلنا ياوجد ..

وقفت علي طراطيف اصابعها وحضنته بحب ودموع عينيها تنخرط على وجنتيها قائله
- وجد مش هتكون غير ليك ياسليم ..

ربت على ظهرها بحنان
- وسليم مش هيكون غير ليها ..

تشبثت اصابعها بظهر قميصه بقوة مما جعل سليم يردف ممازحا
- طب هتفضلى متشعلقه كده كتير هغير رايي ومحدش هيهمنى ..

ضربته بقوة وهى لازالت عالقه بسماء حبه هامسه في اذانه
- بس سيبنى اشبع من حضنك وبطل كلام ..

تحرك بها نحو غرفته قائلا بمزاح
- والله طاوعينى انتِ بس وانا اخليكِ تغرقي بره وجوه في بحور حب سليم ..

ابتعدت عنه سريعا مقاومه جاذبية قلبها له لتقول
- انا غلطانه يلا امشي كده روح اوضتك !

غمز لها بطرف عينه وهو يستدير بجسده يراقب الفتاه الاجنبيه التى مرت بجانبه تبرز معالم جسدها الخلاب ببراعه قائلا
- ترضيهالى ! ادخل واسيب القمر دا لوحده ..

زمجرت رياح غضبها قائله
- سليممممم خش يلا قدامى ..

اطلق سليم صفيرا قويا وهو لازال يتأمل الفتاه قائلا
- انت ولا ترحمى ولا تخلى رحمة ربنا تنزل .. يعنى ولا معاكى ولا مع غيرك اي الافتري دا ...

- سليممممم اتللللمممممم ! وامشي يلا من قدامى قولت ..
دفعته وجد نحو غرفته بقوة ونيران الغيره تشتعل بجوفها فنجح سليم في اثاره غيرتها وسرعان ما نظر لها قائلا
- مايملاش عينى وقلبي غيرك ياعسل انت !

- ايوة اضحك عليا .. سليم خش نام يلا ومتخرجش غير لما اخبط عليك فااهم .. مش هعرف احكم ولا ايييه !

- ياباشا انت حكمت ونفذ حكم المؤبد خلاص ..

تجلس في حديقه فيلاته تتصفح هاتفها بصمت تام، فمر مجدى من امامها دون ان يلتفت متجاهلا تواجدها تماما .. فدخل الي منزله ليقوم باعداد قهوته ..

الفضول اصاب صفوة في مقتل فسارت خلفه مقتحمه باب الفيلا محاوله لفت نظره، فهى دائما من تتمرد، تعاند تتجاهل فلم يخلق بعد من يراها شفافا ليس له وجود ..

دخلت المطبخ وجدت مجدى يعد لنفسه كوبا من القهوة فتعمدت ان تصنع لنفسها كوب من العصير وكل منهما ملتزم صمته تماما ..

لم يلتفت مجدى إليها نهائيا واكمل ما كان يصنعه وهو يردد بعض الاغانى غير المفهومه ويبدو عليه انه بمزاجٍ جيدٍ للغايه مما اشعل النيران اكثر في جسدها فزفرت بضيق متعمد افلات كأس العصير من بين كفها ليتناثر فتاته فوق سطح الأرض فظنت بذلك انها تلفت انظاره ولكنه أيضا لم يلتفت ولم يرق له جفن الفضول، انتهى من كوب قهوته فاخذه بهدوء منسحبا امام عينيها كأنها غير موجوده امامه ..

نيران التمرد والكرامة اندلعت بداخلها لتضرب الارض بساقيها وهى تنظر للكوب المفتت ارضا لتقول
- اووف ومين هيلم الازاز دا ! طيب ياسي مجدى انا وانت والزمن طوويل ...

" اوووف ياسليم قافل محمولك ليه بس .. اتصرف ازاي انا ياربى ! "
اردف ورد جملتها بخوف يقرضها من الداخل فتهديدات ادهم ارعبتها .. اقتحمت امها الغرفه عليها قائله بحدة
- انت عارفه اختك فين يابت ؟!

اخفت ورد هاتفه بحرص تحت الوساده لتردف بارتباك
- ماهى قالتلكم في مصر راحت عشان شغل !

قفلت امها الباب بقوة وهى تقترب منها بنظرات ارعبتها قائله
- انت مسمعتيش ادهم قال ايه ... اختك معهاش محمول اصلا .. يعنى هربت وحطت راسنا في الطين ..

فزعت ورد من مجلسها قائلا بجسد يرتعد من الداخل
- ادهم دا كداب عاوز يتبلى على اختى .. واثبتلك كدبه ان وجد كانت واخده محمولى من اليوم اللى ادهم خد فيه تليفونها .. يعنى ادهم بيه عاوز يخلق مشاكل والسلام ..

رمقتها امها بعين ضيقه محاوله استيعاب كلامها لتقول لها
- بت كلامك ده صُح !

- انا لسه مكلمه وجد من محمول زين اخوى وهى ماعرفتش تكلمنى عشان عندها شغل كتير وقالتلى الصبح هكلمك تكون خلصت النبطشيه .

كوثر بفرح
- صح يابت ! يعنى اختك ماهربتش !

- وهى هتهرب ليه ياما .. لو كانت عاوزه كانت عملتها من زمان ..

تنهدت كوثر بارتياح لتغادر غرفة ابنتها سريعا بينما ورد وضعت كفها لتمسك قلبها الذي اوشك على الانخلاع ...

 

تجوب غرفتها ذهابا وايابا بنيران شوق تأكلها، ارتشفت كوب المياه للمرة الالف لتبلل حلقها الجاف من كثرة الشوق، قلبها يؤلمها من الداخل .. اقتربت من فراشها واضعه الوساده فوق اذانها كى لا تصل لها اصوات قلبها المزعجه التى لا تنادى الا عليه ولكن بدون فائده، تقلبت في فراشها كثيرا حتى نهضت مزفرة بقوة وعيون اوشكت على البكاء قائله
- مالك بس ياوجد ! الحب بيعاقبنى ولا ايه ! صبرنى يارب

فنهضت لتقف في (بلكونه) الغرفه متخذه عدة انفاس متتاليه وهى تنظر للسماء مقاومه جيوش الحب التى تقودها صوبه متعجبه على حاله الحب فهو لا يطرق ابواب القلوب بل يخلعها .. ظنت انها واقعة فيه .. ولكن الحقيقه ان المُحب ليس واقعًا .. المُحب دائمًا غارق في اعماق حبيبه .

التفت سريعا بخطى يتسابق مع ضربات قلبها تاركه غرفتها لتذهب بكل جيوش حبها وحنينها إليه واقفه امام باب غرفته لتطرق باب الحب بقبضه الاشتياق .. فتح سليم الباب وهو عاري الصدر متعجبا ليردف بلهفه
- وجددد! في حاجه ؟!

نظرت له كثيرا محاولة استجماع ما ستقوله كى توصل له كيف تشتاق اليه .. ظل سليم يتأملها بعنايه فاستطاعت آيضاً بنظره له من عيناها ان تحي الف عرق ممتد الى قلبه وتجعله ينبض لها وتنير قلباً قد ذبل من زمان ..!

بللت حلقها قائله بارتباك ورجفة قلب
-مشيت ورا قلبي لقيتنى واقفه علي بابك .. انا مش قادرة انام من غيرك، سليم عاوزه انام الليله في حضنك ...
التفتت سريعا بخطى يتسابق مع ضربات قلبها تاركه غرفتها لتذهب بكل جيوش حبها وحنينها إليه واقفه امام باب غرفته لتطرق باب الحب بقبضه الاشتياق .. فتح سليم الباب وهو عاري الصدر متعجبا ليردف بلهفه
- وجددد! في حاجه ؟!

نظرت له كثيرا محاولة استجماع ما ستقوله كى توصل له كيف تشتاق اليه .. ظل سليم يتأملها بعنايه فاستطاعت آيضاً بنظره له من عيناها ان تحي الف عرق ممتد الى قلبه وتجعله ينبض لها وتنير قلباً قد ذبل من زمان ..!

بللت حلقها قائله بارتباك ورجفة قلب
-مشيت ورا قلبي لقيتنى واقفه علي بابك .. انا مش قادرة انام من غيرك، سليم عاوزه انام الليله في حضنك .

خليط من نظرات الحب والاشتياق واللهفه والعقل والمنطق تناثر بين حدق عينيهم يتراسل بينهم طويلا .. ظلت وجد ترمقه بعيون متأرجحه متنظرة رد فعله .. على عكس سليم فكانت حِدق عينيه ثابته لَم تبتعد عن ضياء عينيها .. تنهدت وجد بصوت مرتفع حتى يأست من رده، شعرت بقبضه قويه معاتبه اعتصرت قلبها مما جعلها تستدير جنبًا كى تبتعد عن انظاره، ولكن نيران شوق سليم التهمتها من خصرها بشدة ليجذبها إليه والى اسره المحبب، التصق جسدها به كمن استوطن في مكانه للتو، قفل سليم باب غرفته لتسند وجد عليه بظهرها وهى تبلل حلقها كثيرا وتراقبه بعيون مشتاقه لاقترابه .. مرر سليم انظاره على جسدها ثم استند بكفه على ظهر الباب ليضعها بين حصاره قائلا بمزاح

- جري ايه يا اندبيندت .. رجعتى في كلامك ليه .. !

احمرت وجنتيها بدماء الخجل فاستدارت كى تهرب من حصاره الذي يتوج بعناقيد الورد فوق قلبها لتقول
- اوعى كده .. دى كانت ساعة شيطان وراحت لحالها .. سيبنى امشي ..

احكم سليم غلق اسواره عليها اكثر ليقول بعناد
- مافيش مشي من هنا خالص .. انسي .
اتسع صدرها لتتخذ نفسا طويلا قائله برجاء
- سليييمممم !

اجابها سريعا ليقول
- هتفضلى تعاندى قلبي وقلبك لميته !

- ما انا قولتلك لحد مايجى اليوم اللى نتخطى فيه كل صعب وتبقي ليا قدام الخلق كلهم ...

- وكونك ملكى قدام ربنا دا مش كفاية !

اجابته بنبره خافته خارجه من خلف عضلة قلبها المنتفضة
- عاوزة افرح ياسليم .. افرح بوجودك فالكوشة جمبي ..

داعب وجنتها بحب ليقول
- هتفرحى وانا كمان هفرح وندرا عليا اكبر فرح في مصر كلها هيتعملك ياقلب سليم ..

اتسعت ابتسامتها ولمعت عيناها ببريق الحب قائلة بدلال
- طيب اوعى بقى امشي وانسي كل حاجه انا قولتها .

غمز لها بطرف عينه وهو يمرر كفه برفق علي خصرها قائلا بتحدٍ
- انتِ بتنسي بسرعة ليه .. هو انا مش قولت مافيش مشي ..!

رجفة شوق اصابت جسدها مردفه بحنية
- الله ! انا مش عارفه عقلى كان فين وانا باجى هنا، وسع كده ..

جذبها بقوة ليدلف بها ساحه غرفته قائلا
- عقلك اتهزم قصاد قلبك .. مش انت لسه قايله مشيتِ ورا قلبك لقيتك واقفه علي بابى ! ايه بقي !

ثم دنى منها ببطء مما جعلها تتراجع للخلف ولكن عيناها لازالتا تنادى عليه، ارتطم ظهرها بحائط الغرفه وبداخلها تتصارع مع دقات قلبها وطعنات عقلها التى تقودها للرحيل .. التصق سليم بها مما جعل رايات عناد العقل تندلى، مطبقًا على شفتيها كى يلتهم همسهما ورجفة اشتياقهما، وبمجرد ما ظفر بشهدهما تحطمت جيوش العقل باكتساح، لف سليم ذراعه حول خصرها ليتلذذ من قربها اكثر واكثر مما ادى الى اذابتها في هيام قربه فاحتضنته كثيرا، غارقه في بحور قربه للحظات معدوده، ابتعد عنها سليم هامسا في اذنها وهو يلتقط انفاسه بصعوبه قائلا
- سليم الهواري هو اللي عاوز ينام في حضنك الليله ياوجد ... قولتى ايه .. !

كان صوت دقات قلبها يخترق جدران صدرها فاردفت بتنهيده قويه
- سليم ... اصلل...

اجابها مقاطعا ليقول
- وجد انا وعدتك انى عمرى ما هجبرك على اي حاجه، بس انا عاوز ادفى بقربك مش اكتر ... ممكن ..

تحركت بخفه وبدون تفكير لتجلس فوق مخدعه عاقدة ساقيها لتشير اليه بعينيها قائله
- سليم .. انا واثقه فيك من غير ماتقول ..

ابتسم بحب ليقول
- افهم من كده انك وافقتى ..

عقدت حاجبيها باستنكار
- وافقت على اييه .. انت هتستهبل، انت قولت هتنام جمبي وبس .. مش عاوزه قلة ادب ..

ضحك بصوت عال فاقترب منها بهدوء ليبسط جسده متنهدا بارتياح ويستند برأسه فوق فخذها قائلا بمزاح
- هموت واعرف جايبه الثقه دى فيا منين .. اذا كنت انا نفسي مش واثق فينى !

داعبت خصلات شعره بدلال مردفه
- طول ما انا واثقه في حبك، متأكده انك عمرك ما هتجرحنى ولا تزعلنى ...

قَبل كفها قُبله طويلة وهو يقول
- دايما بتغلبينى بكلام يابت العتامنه ..
نظرت له بعيون ضيقه
- وابن الهواري بيغلبنى بالفعل ..

رفع انظاره لها بسرعه ليقول
- احنا فيها .. تحبى تشوفى !

ضربته على كتفه باغتياظ
- دماغك دى مافيهاش غير الشمال وبس ..
وثب قائما بسرعه وهو يقول لها بغمز ويتفتنها بانظاره
- دماغى دى بوصلة هتلاقي فيها كل الاتجاهات .. فوق تلاقى .. شمال هتلاقي .. يمين هتلاقى .. تحت بردو تلاقينى جدًا ... بصي من الاخر انا بتاع كله معاكِ .

استدارت بجسدها حتى اوشكت قدميها ان تلمس الارض قائله
- والله ما لك امان فعلا ..

قبل ان تنهى جملتها جذبها إليه من خصرها ليلقى بها في احضانه قائلا بحزم
- قولت الليله مش هسيبك .. بلاش حركات العيال دى وتهربي كل شويه الواحد مافهوش حيل والله يشيل ...
اجابته ساخرة
- الله الله ! دانا اتخميت واضحك عليا بقي !

- بلاش ياوجد تتدخلى من حته التحدى والتريقه دى عشان هتخسري .. الواحد لامم نفسه بالعافيه فمش ناقصاكى هى !

 

" تلم الرجاله يامحمد تغطس وتقب سليم يكون معاك "
اردف الجد جملته بنبرة حازمة وهو يدلف من باب القصر وخلفه الحاضرين من اهل البيت .. فهتف محمد متعجبا
- وانا اجيبه منين ياجدى ! همسك مكرفون واقول سليم الهواري تايه !

- من غير مِقلدة ياضكتور ! اللى اقوله يتنفذ يلا ..

اردف يسر سريعا
- ياجدى ماينفعش محمد يطلع في الوقت دا !

ماجده بعيون باكيه: اومال هنفضل كده منعرفش جوزى فين .. اتصرف ياجدى قبل ما العتامنه يوصلوله ...

تنهد عماد بكلل مرددا
- ياجماعه اهدوا سليم مش صغير ..

عفاف بقلق
- اخوك راح فين ياعماد .. اه ياخوفى ليكون دا ملعوب من العتامنه وهما اللي حابسين ولدى ..

ارتعد جسد ماجده قائله
- والنبي يامحمد انزل دور علي سليم .. قلبي واجعنى قوى عليه ..

ضربت ثريا كف فوق الاخر بشماته
- يلا ويبقي خلصنا من واحد .. يلا يابت منك ليها خشوا ناموا واللي يعرف سكة البيت يجى ..

التفت الجميع إليها بنظرات استغراب وذهول فاردف الجد قائلا بحزم
- حسابك تقل قوى يا ثريا ...

ضحكت بسخريه وهو تهتف بصوت منخفض
- ما انت خليت الحساب على الحديده ياعمى .. وانت سبت حاجه وراي ولا قدامى !

رمقتها عفاف بحده لتقول برجاء
- ماتقصري الشر عااااد ياثريا ...

تنهد الجد بتعب ليقول
- كل واحد حسابه معاى جاي ! بس الصبر حلو ... يلا يامحمد روح نفذ اللى امرتك بيه .. وانت ياعماد اعمل اتصالاتك واسال في كل الاقسام والمستشفيات ... سليم عمره ما غاب اكده !

" صباح يوم جديد "

- ست صفوة اتفضلى اركبي العربيه .. مجدى بيه منبه علينا متمشيش خطوة غير واحنا معاكى .
اردف السائق الخاص بصفوة جملته الاخيرة بهدوء، فامتدت انظار صفوة بعيدا كى تتأمل رجال الحراسه الذين ينتشرون امام بوابة منزلها .. فالتفت مرة اخري نحو السائق مردفه
- مين دوول .!

- دول الرجاله اللى عينهم مجدى بيه في حراستك .. انا محروس السواق وتحت امرك في كل حاجه ..

ضربت الارض بمشط قدمها باغتياظ مردده
- بقي كده ! طيب يابيشمهندس مجدى !

ثم تحركت سريعا نحو السيارة، فاردفت وهى تصعد بداخلها
- ودينى الجامعه ياعم محروس اما نشوف اخرتها..

ركض السائق سريعا وخلفه سيارة اخرى _جيب_ من الحرس حتى غادروا جميعا من المنزل .. اخرجت صفوة هاتفها وقررت ان تكتب رسالة نصيه لمجدى بدون تفكير
( على فكرة انا اقدر احمى نفسي كويس .. مكنش له لازمه الفشخرة الكدابه دى .. )

ثم ضغطت على _زر_ ارسال وقفلت هاتفها متوعده منتظرة جوابه على رسالتها ..

وصلت الرساله لمجدى اثناء انغشاله باجتماعه عن الشحنات الجديدة، فالتفت نحو هاتفه ليقرا الرساله بدون اي تغير على ملامحه سواء بالرضا او بالانزعاج ثم عاد مرة اخري ليكمل حديثه متجاهلا رسالتها تماما ...

 

يستوطن بين ذراعيها كمن بسط يده عن اتساع الارض مستكفيا بضيق حضنها، فتحت وجد عينيها ببتثاقل لتجده متشبثا بها كالطفل الصغير الخائف من فقدان امه، ظلت تتامله طويلا بقلب يتراقص فوق اوتار الفرحه، طبعت فوق جبهته قُبله خفيفه وعادت كى تتامله مرة اخري فاتسعت ابتسامتها اكثر عندما تذكرت جملة قرأتها من قبل لغادة السمان

《عذراء كل إمراة لم تعرفك، عزباء من لن تعقد قرانك عليها، عاقر كل أم لم تنجبك، يتيمة من لن تكون أباها 》
ثم تنهدت برتياح مردده بخفوت
- جائعه من لَم تتذوق الحب معك ..

ثم اتاها صوت سليم ممزوجا بالنوم قائلا
- والله طول الليل بحاول ندوقه سوا انتِ اللي قطعتى برزقك ..

اعتدلت في جلستها لتنظر له بعيون ضيقه
- والله ! انت صاحى من امتى بقي ..

مسك كفها بعفويه ولفه حول عنقه قائلا بحب
- من اول ما شفايفك لمستى دبت فيا الروح .. فصحيت ارتوى منك اكتر ..

- احم احمممم .. يارب نتلم ونقوم يلا عشان انا عاوزة ارجع .. زمان البلد مقلوبه ..

قضب حاجبيه قائلا باستنكار
- بتقولى ايه ياختى ! ترووووحى !

- اااه ياسليم لازم اروح .. لو سألوا في المستشفي وعرفوا الدنيا هتخرب والله، وكمان الجو هنا ريحته دم اوى، الثورة خربت البلد ياسليم ..

تنهد سليم بمراره مردفا
- الفتنه اللى خربت البلد مش الثورة ياوجد ... الشعب مطالبه بسيطه وكان راضي بتحقيق نصها، الدور والباقي على اللي استغل الفرصة وفتن بين الشعب لحد مابيقت مجزرة ..

- والله ياسليم مابقيت عارفه مين الصح ومين الكدب، كل اللى اعرفه اننا داخلين على ايام صعبة اوي، ويااعالم اللى هيمسك البلد بعد كده هيعمل فينا ايييه ..

اعتدل سليم في جلسته متكئا علي كفه ليقول
- ياستى سيبى الملك للمالك .. وخليكِ انت معايا ...

- منا معاك اهو ياسليم ..

أزاح خصله من شعرها خلف اذانها مردفا
-المهم ارتحتى في حضنى الليلة دى !
احمرت وجنتيها بدماء الخجل قائله بخفوت
- انا مرتحتش طول حياتى غير الليله دى ..

ضحك بصوت جمهوري عال قائلا بغمز
- اومال عاوزه تروحى ليه طيب .. مااحنا حلوين اهوو ..!

- احم .. وانت كمان كنت حلو وسمعت الكلام والتزمت بوعدك ليا ... شكرا بجد ياسليم انك مطاوعتنيش في جنانى ..فعلا الفرحه في وقتها احلى ..

جذبها إليه برفق ليبسط جسده ويأخدها بجوار قلبه قائلا بهدوء
- وجد انا معملتش كده واتجوزتك من ورا الكل إلا عشان احميكى، واضمن انك اتعقدتى في روحى للابد ... علاقتى بيكِ لو علاقة جسد وحتة ورقه هى اللي هتحللها ابقي مستاهلكيش ولا استاهل انى اقول بحب حتى، انتِ بالنسبة لى حاجه زي نفخ الروح فى روحى .. سمك في بحوره حر يموت لو خرج منه ... انا لسه محاربتش عشان اتكافئ بطعم قربك ياوجد .. وحتى انتِ لو مطلبتيش كده انا كنت هعمل كده .. سليم مستنى يفرح اكتر منك ... مستنى يلون حلم ١٢ سنة ..

احتويت ذراعه بقوة لتقول بمزاح
- يعنى اطمن بقي !

ضحك بصوت قائلا
- طول مااسمى ورا اسمك على طول اطمنى، بس متطمنيش قوى يعنى عشان لو مشاعري غدرت هتبقى انت الجانيه ...

- الله ! انت هتحرينى ليه !
عض علي شفته السفليه ليقول بمكر
- يعنى في حضنى بت زي القمر، وكمان لابسه لبس يحل حبل المشنقه وريحة قربها مخليه قلبي يتنفض وكل حاجه مغريه للاستفراد بيكِ وش .. وجايه تحتاري ! انت هبله يابت ؟!

- خلاص ياعم .. عديها المرة دى ..
ثم اردفت بخبث وهى تقول
-وعموما يلا ما انت عندك مراتك ماجده وشكلك مكتفى مش فارق معاك ..

انعقد حاجبيه بغضب قائلا
- واى الثقه دى !

- ابدا ياسليم .. بس بقولك اللى حساه من كلامك .. شكلك مبسوط معاها قوى ..

ابتعد عنها غاضبا
- وجد .. انت جري لعقلك ايه ! ماتتكلمى عدل ؟
حاولت قدر الامكان ان تخفى ضحكها مكمله تمثليتها
- بدردش معاك ياسليم ... واسفة انى ادخلت في علاقتك مع مراتك ...

احمر وجهه بمعالم الغضب قائلا
- وجد مافيش اي حاجه من اللى في دماغك حصلت بينى وبين ماجده ..

ضحكت بسخريه
- حاضر هصدق ... عموما براحتك انت معملتش حاجه حرام يعنى انك تخبيها ...

زفر بضيق قائلا
- انت ازاي عتحكى اكده ياوجد ..

- الله! انت عاودت تحكى صعيدي تانى يبقي اتعصبت .. خلاص ياسليم اعتبرنى ماقولتش حاجه .. بس حبيت افتح سكة للموضوع دا لتكون خايف تواجهنى وكده .. متخيلتش انك تنكر ...

لاحظ سليم حركه عيناها المتارجحه ففهم مغزي كلماتها قائلا بمكر
- يعنى افهم ان الموضوع مش مضايقك ولا فارق معاكِ

- احم .. دى مرتك يابنى انت هتخالف شرع ربنا يعنى ؟!

- طيب كويس ريحتى قلبي عشان مكنتش حابب اعمل حاجه من وراكى .. وبعدين سليم عاوز عيال كتير ..

اتسعت عيونعا غاضبه لتقول
- نعم ! وحياة امك اقتلك ياسليم ..
استدار نحوها مقتربا اكثر منها وهو يداعب شعرها وجسدها بلا مبالاة قائلا
- مانتى لسه قايله شرع ربنا .. هترجعى في كلامك ليه !

داعبت وجنته بانتصار قائله
- غادة السمان قالت ( سانجب منك قبيله ) وانا هنجب منك قبائل ياولد الهواري وبلاش تصيع عليا لانى حفظاك اكتر من نفسك وكمان متخلقتش اللى تكون ام ولادك غيري ..

خطف قبل سريعه من ثغرها قائلا بخبث
- كلامك حلو وجميل ومافيش مفر منه .. بس دا مايمنعش انى اتبسط مع مراتى .. انت عاوزنى مدلعش ياوجد !

ضحكت بانتصار وهى تتغنج بملامحها امامه
- وماله ياروحى ... خد راحتك خالص، بس وجد متاكده وواثقه انك بؤ ومعملتش اي حاجه ..

ثم استدارت كى تبعد عنه فجذبها سريعا ليقول بفضول
- استنى هنا ! انت بتتكلمى بثقه كده ليه .. ما يمكن خايف على زعلك ومحبتش اقولك .. وفكرك يعنى ماجده ممكن تعدى الموضوع ده .. احم عيدى حساباتك يابت العتامنه وبلاش الذكاوة دى على سليم حبيبك ...

ضحكت بصوت عال زلزله قائلة
- وبلاش غباوة على وجد ياسليم ..

- يعنى لو قولتلك انه حصل هتسبينى !

- انا عارفه انه محصلش عشان كده عمري ما هسيبك ..

رفع حاجبه مستنكرا
- وعرفتى منين ؟!

- لا لما تكبر هابقي اقولك ... يلا قوم عشان تفسحنى قبل مانمشي .

دفعها بكل قوته على مخدعه ليبسط جسده فوقها قائلا بفضول
- هو انا لما بسال السؤال مابترديش لييه دغري ..

اطلقت نفسيا قويا ارتطم بعنقه قائله
- منا قولتلك لما تكبر هابقي اقولك ..

عض على شفتيه وهو يتأمل معالم جمالها التى تتلألأ امام عينيه كالجواهر التى سقط عليها اشعة شمس الاشتياق قائلا
- مانا كبرت والله .. تحبي اثبتلك !

وضعت سبابتها فوق ثغره لتعيق حديثه وهى تتأمل عيناه قائله
- طيب هكسب فيك ثواب واقولك عرفت ازاي .. بس بعدها تسيبنى بقي ..

- اااه هسيبك يلا قولى ..

- بالمختصر ياباشا مافيش حد هيدوق حتة شكولاته وعجبته والا هيكون عاوز يجربها تانى وتالت وعاشر خاصة ولو مع حد بيحبه .. مش زي واحد مايعرفش اي طعمها فأكيد مش هيفضل متلهف على حاجه مجربهااش ...

عض سليم على شفته السفليه مغتاظًا ولهيب الانتقام يشتعل من حدق عينيه قائلا باعجاب
- دانت طلعتى مش ساهله .. ! غلبتينى ياست الدكتوره ..

تغنجت امامه بدلال وفخر مردفه
- احم لا احنا نعجبوك اوى ياباشا ...
اغمض سليم عينيه لبرهه قائلا
- طب قومى اخفى من قدامى احسن ماتغابى عليكِ ...

- لا وعلى ايه الطيب احسن ...

 

" الرسالة بتاعتك مرفوض يادكتورة "
اردف الدكتور( فتح الله ) المشرف على رسالة الماستر المتعلقة بصفوة جملته بحده وقعت على قلبها خدشته ... فاردفت مغمغمه
- بس موضوع الرساله من الاول حضرتك كنت مؤيده جدا وشايف ان مجال الطب في حاجه للافكار الجديده دى ..

اردف الدكتور مزمجرا بحده
- من غير نقاش ولا جدال كتير ... اللى حصل يادكتورة ان مستواكى العلمى في النازل وحاجه متشرفش اننا نديكى شهاده معتمدة من جامعه كبيره زي جامعتنا ..

رفعت حاجبه مستنكرة
- حضرتك احنا تلاميذكم يعنى مرايه معكوسه لمنارات العلم اللى استمدنها من حضراتكم .. فاظن مش حاجه لطيفة انك تقول كده خصوصا مع الاولى على دفعتها الست سنين !

- دا كمان مش مستواكى العلمى اللي بقي في النازل والخُلقى كمان يادكتورة ... ياريت تفوقى لنفسك وتعرفى انك بتتكلمى قصاد عميد الكليه .. وبدل ماانتى بتبجحى وتجادلى كده روحى اشتغلى على نفسك ..

- بس دا عمره ما كان رايك فيا يادكتور ..طول عمرك بتقول لى انى زي بنتك وانك فخور بيا ..

- فخور بيك لما شغلك يتم على اكمل وجه، مش بالوساطه والمحسوبيه !

لازال حاجبها مرفوعا باندهاش قائله
- اااه وساطة ومحسوبيه ! يعنى الموضوع ملهوش علاقه بمشاكل شخصيه تتعلق بالدكتور ياسر مثلا ؟!
احمرت عينيه غاضبا فاردف بصيغه امرة
- وقتك خلص يادكتوره .. واحسنلك تشوفيلك جامعه تانى تحت السلم تاخدى منها شهاده ماستر تشغلك ...

ابتسمت صفوة بعناد وهو تنصب عودها متحديه
- اااه جامعه تانيه ... يبقي فعلا الموضوع متعلق بالدكتور ياسر ... عموما بما انى هشوفلى جامعه تانى بلغ الدكتور ياسر رسالتى وقوله مش صفوة الهواري اللي رسالة ماستر تهدها .. بعد اذنك يادكتوررر ...

 

" والله ياهواري قلبت البلد عليه، ملهوش اثر "

اردف محمد جملته بعد ما عاد صباحا من رحله بحثه طوال الليل على اخيه، فزفر الجد باختناق قائلا
- وعماد قالك ايه ؟!

هز راسه بياس
- ملهوش اثر ياجدى .. انا بدات اقلق عليه ..

ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه بضيق قائلا
- ربنا يجيب العواقب سليمه ياولدى ... روح شوف مرتك منامتش من امبارح من خوفها عليك ..

التوى ثغر محمد بضيق
- كتر خيرها والله

- انت زعلان من مرتك يامحمد !

- لا ياجدى وهزعل ليييه .. بس يادوب الحق اروح المستشفى في حالات كتير هناك .. فوتك بعافيه ..

غادر محمد سريعا من امام جده، كى يهرب من مواجهة زوجته يخشي ان ينهزم امامها كما كان سيفعل من قبل، اراد ان يُعاقبها بحرمانها منه لفترة معينة كى تتذوق علقم الفراق كما اذاقته سُم الخرمان ...

 

دلف عماد شقته بجسد متهالك، فلفت انظاره نورا الغارقة في سباتها فوق الاريكه، تعمد ان يغلق الباب بحرص شديد كى لا يقلق نومها، تحرك بخفه من امامه ورغم عنه انجذب قلبه للنظر إليه، تفتن بعيناه جمال شعرها الذي ينسدل على وجهها، وبريق ساقيها الاتى لم يطئ ثوبها ان يسترهما، والخصر المنحوت ببراعه مما يصل بين جواهرها العلويه والسفليه المكنونه، اتسع صدره كأن بابه تنهد لاستقبال حبا جديدا، صُلب مكانه يقاوم انظاره من الابتعاد عنها فكل شيء بها يجذبه إليها .. إليها فقط معاندا كل خطاوى البعاد، تغنجت امام عينيه بانسيابيه باسطة جسدها فوق الاريكه بارتياح، خفق قلبه بقوة فوجد ساقيه تقوده للوقوف امامه منحنيا كى يحملها بين ذراعيه ولكنه تراجع سريعا معاتبا لنفسه .. شعرت نورا بريح انفاس تطوف حولها .. فنهضت سريعا قائلة
- عماد ! سليم حصله حاجه ؟!

تراجع عماد للخلف خطوة ويبدو عليه معالم الارتباك قائلا
- لا مافيش اخبار عنه، بس هو انت أي اللى منومك هنا !

اعتدلت نورا في جلستها بمجرد ان راته فاردفت قائله
- كنت مستنياك وقلقانه على سليم .. فنمت والله ..

- طيب قومى كملى نومك جوه .. وانا كمان محتاج اريح شويه ...

وثبت قائمه بوجهه مبتسم
- مش هتفطر الاول !

وجد نفسه يرد بدون تفكير
- لو هتفطري معايا .. مافيش مانع نفطر سوا ..

ارتعد قلبه لجملته المفاجئه مما جعلها تنظر له بعدم تصديق ثم قالت
- بسرعه والفطار يكون جااهززز ...

 

وصلت ماجده الي مستشفى ( العتامنه ) بعدما اقنعت جدها بانها ذاهبه لسحب ملفها الدراسي من الجامعه، فوقت امام الاستقبال تسأل الموظفه قائله بقلق
- بقولك ايه ... لو عاوزة اوصل لادهم عتمان .. اوصله ازاي .

الموظفه: مين حضرتك !

بللت حلقها الجاف من شدة الخوف
- انا واحده عاوزاه في شغل ... ممكن تقولى لى اوصله ازاي ؟!

- مممم ممكن تروحى البيت ؟!

- لا والنبي فكري في حاجه غير البيت دى ...

تأفف الموظفه قائله
- ياهانم انا مش فاضية ورايا شغل كتير وو

ماجده مقاطعه
- هديكى اللى عاوزاه بس قوليلى طريقه اوصله بها غير البيت دا ...

- طيب بصي كل الغفر اللي محاوطين المستشفى تبعه، ورجالته تقدري تاخدى رقمه من اى واحد فيهم ... ومتنسيش حلاوتى بقي ...

 

" ما هو لولا البلطجه بتاعتك مكانش كل دا حصل "
اقتحمت صفوة مقر شركه مجدى اثناء انشغاله بالاجتماع مع موظفينه الذين استداروا جميعا نحوها بذهول .. تنحنح مجدى بثبات ثم اردف قائلا
- طيب يا رجاله الاجتماع خلص واى جديد بلغونى .. يلا اتفضلوا على مكاتبكم ..

نهض الجميع وهم يترقبون صفوة بنظرات فضوليه وبداخلهم الف سؤال، كل منهما يسير بجوار ليلقي عليها نظرات استكشافيه مستنكره ويمر حتى غادروا جميعا فاردفت مديرة مكتبه الجديده لتقول
- مجدى بيه تحب اطلب الامن ...

وثب مجدى قائما بهيئته الوقارة ليقول
- اخرجى انت دلوقت ولو لزم الامر انى اطلب الامن هبلغك ..

رمقت كل منهما الاخري بنظرات ساخطه حتى خرجت _السكرتريه_ واغلقت الباب خلفها ... سار مجدى نحو مكتبه ليجلس فوقه بفظاظه وهو يشمر اكمامه قائلا
- انت متعلمتيش في المدرسة انك تخبطى قبل ما تدخلى اي مكان ..

القت حقيبتها ارضا ودنت منه بكل براكين نيرانها
- ماهو سعتك ولا على بالك ... مستقبلى ضاع بسببك وانت داخل تدينى محاضرة ...

- احم صوتك ميعلاش وانت بتكلمينى ..
اجاابته باااانفعال
- لما تكون سبب في اللى انا فيه يبقي من حقى اعلى ونص ...

- حصل ايه ..

بعثرت شعرها بطريقه عشوائيه لتردف باغتياظ
- انت اى البرود اللى بتتكلم بيه دا ! بقولك مستقبلى ضاع ..

انشغل مجدى بالاوراق المبعثره امامه مجيبا بدون اهتمام
- وانا اى علاقتى !

- ماانت لو مكنتش كبرت الموضوع واتخانقت مع الزفت دا قدام الجامعه ... مكتش ابوه هيرفض رسالتى ... منك لله ياخى ..

رفع حاجبه مستنكر بسخريه على اسلوب حديثها قائلا
- والمطلوب منى !

تعالت انفاس الاغتياظ بجوفها وهى تقول بغضب
- ولا اي حاجه ... حبت اعرفك بس انك سبب كل مصيبه في حياتى ... شكرا ليك بجد ..
اجابها ببرود شديد
- العفو .

ضربت الارض بساقيها واوشكت عيناها على البكاء
- طلقنى حالا ...

نهض مجدى من مقعده ليتحرك نحوها بثبات، مما جعل جسدها يرتجف فتراجعت للخلف قائله بنبرة مهزوزه
- انت هتعمل ايه ...

ظل مجدى يقترب منها اكثر ليقول
- انت عاوزه ايه !

استجمعت شتات قوتها لتقول بتحدى مصطنع
- بقولك طلقنى ...

غمز لها بطرق عينه قائلا
- تؤ مش قصدى .. ليكى كذا يوم بتحومى حوليا .. ما لو نفسك في حاجه قولى بدل الهمجيه دى واقلها مش هتعملى حاجه حرام زي ما كنت مدوراها قبل كده .. منا بردو بيقولوا جوزك ...

صفعت مجدى بكل قوتها وهى ترمقه بنظرات ساخطه مردده
- اخرس ..انت قليل الادب .. وكلكم زي بعض اصلا ...

ثم تركته وغادرت تحمل اوجاع الماضي والحاضر بجوفها، ظل مجدى يستوعب جمرات ما القته على قلبه ووجهه طويلا مزفرا بضيق ليردد بعتاب
- غبى غبى مكنش ينفع تقولها كده !

ثم تراجع لياخد _الكاجت_ ويغادر مكتبه خلفها سريعا قائلا للسكرتريه
- الغى كل المواعيد النهارده ...

 

" في قسم الشرطه "

- حمزه باشا .. الحق ...

نهض حمزه من فوق مقعده قائلا
- في ايييه ..!

العسكري: في خناقه كبيره في ضاحيه البلد والدم فيها للركب !

وضع حمزه سلاحه خلف ظهره بدون تفكير ليقول
- جهزلى قووة بسرررعه ...

العسكري بأسف
- كل العساكر اتوذعوا على المدينه عشان في ثورة، والقسم مافهوش غير عدد قليل جدا من العساكر ...

حمزه بدهشه
- يعنى ااايه !

- يابيه انا مديونلك برقبتى اقدر اجى معاك .. المهم نلحق الناس اللى عتقتل بعضها دى ...

حمزه بصيغه امرة
- اتصلى بالادارة تبعتلى قوة ضروري على هناك يلا ...

اردف حمزه جملته سريعا بعدما غادر قسم الشرطه فاعتلى على ثغر العسكري ابتسامه خبث ليخرج هاتفه سريعا متصلا برقم ما
- كله تمام ياباشا والفار دخل المصيده...
" صفوة افتحى !"
وصل مجدى الى منزله وهو يركض حتى صف امام غرفتها وهو يطرق الباب بقوة قائلا جملته الاخيره .. اما عن صفوة فكانت تعد اغراضها كالمجنونه، دون اي رد منها علي حديثه، عاد مجدى مرارا وتكرارا محاولا اقناعها قائلا بتهديد
- صفوة لو مفتحتيش هكسر الباب ..

زفرت بقوة حتى اقتربت من الباب وفتحه رغم عنها متأفف لتقول بنبرة ممزوجه بالبكاء ووجهه اغتسلته الدموع
- ااه نسيت تقول حاجه تانى جايه تقولها دلوقت ! كمل اهانه وتجريح ياابن عمى ..
طأطأ راسه بخزي ثم رفع انظاره نحوها مرة اخري
- اسسف .. مكنش قصدى ..

ضحكت ساخره لتقول
- ااه معلش المفروض انى اقولك حصل خير وخلاص مسامحه وكل دا ... تؤ انسي مش صفوة الهواري اللي تتهان وتسكت ...
اجابه باتزان يحمل نبره حاده
- صفوة .. مش عاوز قلة ادب .. انت اللي وصلتينا للوضع دا .

دلفت غرفتها بخطوات مهزوزه
- ااااه وانتوا كده بردو تعكوا الدنيا وتيجوا تعلقوا شماعة بلاويكم على كتافنا .. وانتوا ياحرام مابتغلطوش لا ..

دلف مجدى خلفها قائلا باستغراب
- احنااا مين ! انت كلامك بالجمع ليييه ؟!

اجابته بنبره متحشرجة بالبكاء
- انتوا ... انتوا كلكم كرجاله، اتخلقتوا بس عشان تكونوا سبب كل قهر وذل وكسرة احنا فيها، انتوا وجودكم مدمرنا ..

تنحنح مجدى بخفوت قائلا
- احم .. ممم تمام شكلك تعبانه هسيبك لحد ماتسترجعى حساباتك تانى وبعدين نتكلم ..
اجابته بسرعه
- مافيش بعدين هى خلصت اصلا .. وانا نازله البلد حالا ...

- مافيش نزول البلد ياصفوة غير لما افهم ..

عقدت ساعديها بتحدٍ
- حاجه ماتخصكش اصلا ... كل اللى مابينا ورقه وخلصت لحد كده ..

دنى منها بهدوء محاولا اخفاء شرارة غضبه قائلا
- شهادة وفاتى ولا الورقة اللى انت بتتكلمى عنها دى ..

صرخت بوجهه بقوة وهى تلوح له بكفها
- انت مصمم تهينى وتهين نفسك ليييه ! انا مش عاوزاك في حياتى ياخى !

- بس انا عاوزك .. واللى عاوز حاجه مابيسبهاش بيحاول بكل الطرق يحافظ عليها .. على الاقل سيبنى احاول عشان مندمش واقول انى محاولتش ...

ثم اخذ نفسا طويلا ودار خلفه نصف دورة
- انا نازل تحت وهسيبك تستريحى، ولما تهدى وحابه تتكلمى مافيش غيري هيسمعك .. وخليكِ متأكده ان محدش هيحميكى زيي .. احم سلام يااااا بت عمى ...

ظلت ترمقه بنظرات متأرجحه وشفاه مرتجفه وساق لم تتوقف للحظه عن اهتزازها حتى غادر مجدى واغلق باب غرفتها بهدوء ذاهبا نحو غرفته كى يلقى بجسده متنهدا في منتصف مخدعه ليردد
- تعبتينى وغلبتينى قوى يابت الهواري !

على الطريق الزراعى يسير حمزة بسرعه فائقة بين الطرقات المعوجة كى يلحق مجزرة الدماء الناشبه في احدى ضواحيها، اخرج هاتفه ليجري اتصالا تليفونيا بسليم الهواري ولكنه وجده مغلقا، ثم عاد كى يستكمل طريقه مرة اخرى .. فجاة علقت احدى عجلات سيارة الشرطه في الفخ المنصوب لها حتى انفجرت مما ادى الى انحدار السياره بداخل الارض الزراعيه، زفر حمزه بضيق وهو يضرب مقود السيارة هاتفا
- وهو دا وقته ..

فالتفت كى يهبط من السيارة ناظرا الى قدميه التى لُطخت بالطين فامتدَت انظاره ليجد نفسه في طريق فارغ تماما، وضع قدمه على الطريق العمومى وهو يعبث بهاتفه باحثا عن رقمٍ ما .. ففوجئى باربعة رجال مُلثمين يحاصرونه كلهم مسلحين باسلحه باديه مكونه من ( عصاه ضخمه، جنزير حديدي، كرباج، واخر سكينه كبيره ) فجهر احداهما
- انت متعرفش دى ارض مين ! واللى يهوب ناحيتها يبقى جزاته اايه ..

استدار حمزة إليهم بعيون طائفه ليقول بقوة
- بتاعت مين يعنى !

- ارض الديابه اللى يقرب منها يتصفى .. وانت قربت يبقي لازمن تاخد جزاتك !

وضع حمزه هاتفه بجيبه مردفا بسخريه
- اهاا ! انتوا متعرفوش بتتكلموا مع مين ؟!

القى احداهم نظرة على سيارة الشرطة قائلا
- ااه باين على البيه حكوومه، فكرك احنا هنخاف !

هَمَ حمزه بتشمير اكمامه باتزان وهو يقول يستعد لبدء الحرب فألتفت الى صاحب الجمله فجاة ولكمه بقوته قائلا بقوة
- لازم تخاف ياروووح امك ..

تراجع الرجال للخلف يستعدون لنشوب المعركه، فهجم الاخر على ذراعي حمزه بقوة كى يقيد، وعلى حدر اقترب الاخر منه كى يطعنه، ولكن بمهارة قتاليه استند حمزة بظهره على صدر من يكبله ليرفع ساقيه بانسيابيه ويطعن الاخر في بطنه بقوة،، مما جعله يتراجع للخلف متأوها، فانحنى حمزة ليدير الاخر من فوق ظهره ويبسط جسده ارضا وهو يركله بقدمه بقوة ..

اقترب الشخص الذي يحمله عصاه ضخمة، فراقبه حمزة بعنايه وظل يتراجع للخلف بينما الاخر يلوح بين انظاره بفرعه الصخم،، وفجاة قبض حمزه على عصاته ودنى منه محاولا اسقاطها من يده، تعلق الاثنين بالعصاه كل منهما يعتمد على قوته، فركض رجلا اخرا كى يساعد رفيقه مما جعل حمزه تشتعل بجوف شرارة الحماس دافعا الرجل بكل قوته نحوه الاخر كى يسقطا الاثنين ارضا، فامسك بالعصاه منهالا عليهم بضربات قوية جعلتهم يجهرون بالالم ..

اما عن الشخص الاخر الذي يحمل جنزيرا معدنيا .. عقد المعدت حول كفه فاردا ظهره بثقه متجها نحو حمزة بنظرات شرانيه، فشرع ان يضربه بما في يده ولكن حمزه تفادى ضربته ببراعه عسكريه حتى قبض على الجنزير جاذبا الرجل إليه بقوة وهو ينطحه برأسه فاصابه بدوار مفاجئ .. ركض حمزه نحو سيارته كى يخرج سلاحه سريعا ضاربه عدة طلقات بالهواء ولكن اذن برجل خامس يأتى من الخلف ليضربه فوق رأسه ليسقطه ارضا فاقدا لوعيه في الحال .

فركض الشخص نحو رفاقه كى يعاونهم على النهوض، ليركبوا جميعا السيارة التى احضرها هاربين في التو ..

" في قصر حمزه الخياط"

يقف امام شرفه غرفته يسير على العجلة الرياضيه بخفة وقوة ويستمع الى ام كلثوم وهى تغنى ( سيرة الحب ) فاقتحمت وعد غرفته حامله بيده كوب من عصير البرتقال لتقول بمزاح وهى تخفض صوت الاغانى

- ياسيدى ياسيدى على الروقان .. انت عايش ومبسوط هنا وانا قاعده تحت احل في خناقات ابنك ومراته ..
اوقف حمزه عجلته الرياضيه وهو يمسح وجهه بالمنشفة مردفا
- اكبر غلط بتعمليه انك تتدخلى ما بينهم .. انت مابتسمعيش الكلام ليه يا وعد ..

وضعت كوب العصير جنبا لتقترب منه وهى ترمقه بنظرات مستنكرة
- ابنى ياحمزه ! وكمان بنت اختك مفتريه قوى على الواد ...

نزل حمزه من فوق عجلته ليقترب منها ويضع ذراعه على كتفيها ويقبل كفها بحب ليقول
- شوفى انا بقولك اي وانت بتقولى ايه .. ياوعد ماينفعش والله ..لازم يتعلموا هما الاتنين ازاى يواجهوا مشاكلهم لوحدهم .. والا طول الوقت هيخافوا ولازم يدوروا على طرف تالت يحبها..

زفرت وعد باختناق وهى تقف امامه مردده بتساؤل
- ياحمزه .. عاصم صعبان عليا مش عارف يفرح، الهام طول الوقت حاطه مناخره بمناخيرها مش مقتنعة ان ليها واجبات لازم تقوم بيها .. هو لو نجح في شغله .. هى كمان عاوزه تبقي زيه ..

- طيب وانت اي مزعلك !

ضربت الارض بساقيها بنفاذ صبر
- ياحمزه .. عشق بنتنا حامل وعلى ولاده .. وشوف عاصم والهام طول الوقت خناق .. وهى طول النهار في المستشفي وهو طول الليل في المستشفي .. تقريبا مش بيشوفوا بعض .. انا تعبت .. نفسي افرح بولاد ابننا وهما عيال طايشين ومش مستوعبين المسئوليه اللى هما فيها ...

قهقهه حمزة بصوت منخفض .. فمسك ذقنها ليرفع عيناها إليه قائلا بحب
- كلامك كله صح يا ام عاصم .. بس هرجع واقولك الولاد لسه صغيرين .. سيبي الدنيا تعلمهم ..

- انت هتفضل طول عمرك كده ولا تحل ولا تربط .. !

ثم التفت كى تحضر له كأس العصير، فاردف حمزه قائلا
- كل واحد زيته يقليه ياوعد ... مااحنا مش هنروح نقولهم يلا حبوا في بعض عشان احنا عاوزين عيل نفرح بيه، هما لو خلفوا في ظروفهم دى ابنهم اللي هيتعب ..

اعطته وعد كأس العصير قائله
- الهام مش عاوزه تفهم ان تربيه عاصم وفكره غيرها خااالص وعاصم مش عاوز يفهم ان إلهام لسه صغيره ومش حمل مسئوليه ...

قضب حمزه حاجبيه مردفا
- وانت مش عاوزه تفهمى ليه انك وحشتينى اكتر من اي حاجه قي الدنيا وليك اسبوع مشغوله بالولاد ومشاكلهم عنى ..

تبدلت ملامحها المقتطبه لوجهه مبتهج لتقول بدلال
- يوووه .. انت رايق اوى .. ياعم هناخد زماننا وزمن غيرنا ..

حاوط خصرها وجذابها بحنان ليجلسها على فخذه قائلا
- طول مااحنا سوا يبقي الزمن زمننا وبس .. ولو سمحتى بقى ياست وعد عاوز اشبع من مراتى حبيبتى شويه من غير عكننه .. ينفع ؟!

داعبت صدره باناملها مردفه بدلال
- ينفع ياباشا .. وعلى فكرة انت كمان وحشتنى اوى ..

ضحك بصوت عالى وهو يحضنها بحب .. فعانقته هى بحرارة لتهمس في اذانه قائله
- عارف ياحمزه كل حاجه فينا كبرت إلا حبنا زي مايكون اتولد لسه امبارح ..

- ويمكن دى الحاجه الوحيده اللى مخليه روحنا لسه شباب لحد دلوقتى ...

استندت بذقنها على كتفه لتهمس قائله بحنو
- حمزه ... وعد مفتقداك اوى .. معاك حق انى كنت مشغوله عنك اوى الفترة اللي فاتت .. بس انت بيتى وسريري ووطنى اللى بيحتوينى مهما غبت عنه ..

مرر كفه على ظهرها هامسا بحب
- وطول عمري هبقالك كده لاخر يوم في عمري ..

ابتعدت عنه قليلا لتنظر في عينيه قائله
- متقولش كده .. ربنا يجعل يومى قبل يومك ...

- هنرجع نتخانق تانى ونقضيها كلام في كلام لحد ماهوب نلاقي البت عشق طبت علينا .. ننجز والنبي ياوعد عشان مش كل مرة افصل فصلة الغساله اما الكهربا تقطع عنها ...

اطلقت ضحكة قويه وهى تتراجع براسها للخلف وسرعان ما التهم شفتيها بحب وهو يقربها منه اكثر فاكثر ليرتوى منها ويذيبها بين ذراعيه، انسجم الاثنين في اغوار بعضهما للثوانى تناسوا بها العالم .

فجاة اقتحمت عشق غرفتهم بدون استئذان قائله
- يابابا الحقنى ... بتصل بحمزه من الصبح مش بيرد عليا ..

ابعدت الاثنين سريعا عن بعضهما حتى وثبت وعد قائما لتقول - خير ياعشق .. حصل اييه ..

شرعت عشق ان تتحدث ولكن قطعها حمزه الخياط والدها مردفا
- يابت انت مش هتتعلمى امتى تخبطى علي الباب .. ولا انت جوزك علمك هجمه المباحث دى ..

تبسمت عشق رغم عنها مردفة بنبرة طفوليه
- شوف بنتك من كام سنه ولسه جاي تستغرب دلوقتى يعني ! منا طول عمري بدخل عليك من غير مااخبط.. وبعدين حضرتك اللى علمتنا الحب وقولتلنا منكسفش منه ولا نخبيه مهما كان .. جاى ترجع في كلامك دلوقت يعنى !

- شوف البت بتغلبنى في الكلام ازاي !

وعد باهتمام: المهم ياعشق .. حمزه جوزك ماله !

التفت الي امها سريعا
- ياماما كلمته ف المكتب مش بيرد وكمان تليفونه مش بيرد وانا هتجنن عليه ...

وعد بخوف: الحق ياحمزه اتصرف ..

قطب حمزه ملامحه قائلا
- انتوا بتخترعوا اوهام والمفروض حمزه يلحق وبتصرف ... بت انت روحى كده امشي وجوزك كلها ساعه ويكلمك متقلقيناش على الفاضي ..

اوشكت عينيها على البكاء قائله
- لا يابابا والله قلبى واجعنى اوى وحاسه ان حمزه حصله حاااجه ..

وعد بقلق: لو في ايدك حاجه اعملها ياحمزه متسبناااش قلقانين كده ...

 

" الو حضرتك الاستاذ ادهم "
تقف ماجده تحت شجرة ماا لتهمس جملته الاخيرة في الهاتف، فاردف ادهم الذي يقود سيارته بسرعه فائقه
- ايوة مييين !

تنحنحت ماجده بخفوت لتقول
- كنت عاوزه حضرتك في مصلحه ..

اجاب ادهم متأفف
- هتنطقى انت مين ولا هقفل في وشك ؟!

- انا ماجده مراة سليم الهواري ... واظن ان مصلحتنا واحده ..!

فرمل ادهم سيارته فاصدرت صوتا عاليا
- مييييييين ؟!

- من غير اسئله كتيرة .. هنتقابل فين ؟!

ادهم باهتمام: انت فين ..
- انا في ( __ ) ومش قدامى غير ساعه لو هتقدر تيجى تمام لكن لو اتاخرت سورى مش هتلاقينى ...

ادهم بحماس
- لالا خليكى مطرحككك وانا جااااى ..

- انت قولتيلى انك بتكتبي .. بس ماقولتليش انك بتكتبي حلو اوى كده ؟!
اردف عماد جملته على اذان نورا التى وضعت ابريق الشاي فوق الطاوله .. فالتفت إليه برجفة جسد قائله
- انت قريت حاجه ؟!

وقف عماد امامها قائلا
- لقيت النوت بتاعتك مفتوحه كلام خطفنى انى اقراه، انا اسف يعنى انى اتعديت خصوصيتك .. بس الغلط على كلام اللى يخطف خطف ..

بدى عليها الارتباك اكثر فاردفت قائله
- لا محصلش حاجه .. مبسوطه انه عجبك ..

تنهد عماد باعجاب مرددا
- حقيقي يابخته الا بتكتبى له ... فاز بجوهره ..

نورا بتلقائيه: هو مين دا ؟!

- الشخص اللى بيألمك حضوره الباهت وغيابه الزاهى ...

طافت عينيها بارتباك محاوله الهروب من اسهم عينيه
- لا عادى انا بكتب اللى بيخطر على بالى مش اكتر .. مش لازم يكون لحد ..

عقد ذراعيه امام صدره قائلا
- اكبر كذبه ممكن يكذبها اي كاتب انه بيكتب لنفسه، مع ان الكلام ييكون زي الرصاصه بتغرز في القلب .. واظن ان مش اي كلام يوصل غير اللى طالع من قلب الوجع ..

التفت نورا هاربه من اتهامته التى تمزق قلبها
- الشاي هيبرد ..

مسك عماد كفه بدون تفكير ليسائلها بفضول
- في حد في حياتك ... من غير كذب .

تأرجحت عينيها التى لمعت بدموع الحب لتومئ رأسها ايجابا وهى تبلل حلقها مردده بخفوت
- اااه .. فى .

ابتعد عنها عماد سريعا محاولا الانشغال بالشاي ليقول بلا اهتمام يمزقه من الداخل ولكنه لم يعلم السبب الحقيقي لكل هذا الالم
- ربنا يسعده ويجمعكم ببعض قريب ..

ظلت تراقب تصرفاته العشوائيه بعيونها الواسعه فرددت بخفوت
- اللهم آمين يارب ...
جملتها كانت اشبه بخنجر طُعن بقلبه .. قرمقها بنظرة خاطفة ففر هاربا من جيوش قلبه التى تركض خلفه كى تزيح الستار عن قلبه ...

" وجد ملهاش اثر ياحيدر .. سوقت عليك النبي طمنى على بتى "
اردفت كوثر جملتها بخوف، ففزع حيدر من مجلسه قائلا
- بتك مش هترتاح غير لما تجيب العار للعتامنه ياكوثر ..

- لالا .. وجد عمرها ما تعمل اكده ياحيدر .. دى تربية سالم ... واهى ورد بنفسها قالت انها في المشتشفى ف مصر ..

- يعنى مصر هى اللي امان قوووى .. البلد خربانه ياكوثر .. وباينلها ايام غبره ...

- والعمل ! تتصرف وتبعت الرجاله يجيبوا بتى .. والا هروح اجيبها انا ..
تحرك امام عينيها بوقار
- تقلقيش انا هعمل أكده لو بتك مارجعتش الليله ...

" قولت ايييييه معايا ولا لا "
اردف ماجده بنظرات شرانيه على اذان ادهم الذي استلذ لحديثها فالتفت قائلا
- طبعا موافق .. وفى النهايه انتِ لسليم .. وانا هاخد وجد ليا وبس ...

اومأت رأسها ايجابا مردفه
- تمام رقمى معاك .. واى جديد بلغنى وانا بردو هعمل كده !

ابتسم ادهم بخبث وهو يتفتنها بنظرات مقززة
- وانت عتعمل كل دا عشان سليم ! مع انك تستاهلى سيد سيده والله .. انت خسارة فيه ..

تراجعت براسها للخلف قائلة بارتباك مخفى
- ياريت كل واحد يلزم حدوده ...
ابتسم ادهم اكثر قائلا
- احنا بقينا في مركب واحده يعنى عاااادى ... ولا ايه

التفت سريعا كى تدلف من سيارته
- لا دا مايمنعش اننا نلزم حدودنا كويس اوى .. بعد اذنك

مسك ادهم كفها بسرعه ليوقف حركتها قائلا
- استنى ... مشربتيش حاجه ... انت عاوزه تقولى علينا بخله ولا اييه ..

القت نظرة على كفها المحاوط بكفه فازداد ارتباكها
- لو سمحت .. متبحبش الاسلوب دا

اردفت اخر كلماتها مغادرة السيارة بخطى يتسارع مع ضربات قلبها المرتعدة بجوفها، مردده بنبرة عتاب
- يخربيتك يااماجده انت ايه اللي بتهببيه دااا ؟!

" مش عارفه اتلم عليك في البيت .. لقيت نفسي بقول للسواق يجيبنى عندك "

فتحت يسر باب المكتب لدى محمد الجالس المنغمس في الاطلاع على الاوراق امامه .. فكانت جملتها الاخيره بنبره متلهفه .. ترك محمد مابيده نازعا نظارته الطبيه قائلا بحده
- انت ازاى تيجى لحد هنا !

استدارت لتقفل الباب خلفها ثم تحركت بالقرب منه
- ومش همشي من هنا غير لما نتكلم يامحمد ..

تافف محمد بضيق قائلا
- روحى امشي انا مش فاضي ..

قربت منه وعانقته بدلال
- تؤؤؤ فاضي .. انت مش بتعمل اي حاجه غير انك بتقلب في الاوراق ...

انزل محمد ذراعيها بضيق محاولا الهروب منها
- يايسر قولتلك ماينفعش ..

اجابته معانده
- لا ينفع ... هو اللي ماينفعش بجد المعامله دى ... محمد انت وحشتنى ..

- طيب متشكر ... حاجه تانى ..

عقدت حاجبيها بحركه طفوليه
- ياباي منك .. دمك سم ... بص قدامك حل من الاتنين ياما تصالحنى دلوقت حالا .. ياما قاعده هنا ومش هتحرك لحد ماتصلحنى بردو ...

انتقل محمد الى غرفة الفحص فلحقته بعناد طفله وهى تقول
- بطل تعاندنى يادكتور .. انا بقولك اهو ..

زفر محمد بضيق ثم استدار كى يجذبها من ذراعها ويعود بعا الي غرفة مكتبه .. فاتبعت خطاه الواسع ركضا قائله بدلال
- الله ... ما براحه عليا ...

اغلق محمد باب الغرفه ثم نهرها بصوت مختنق
- يسر عدى يووومك وامشي ..

هزت رأسها نفيا وهى تدنو منه اكثر وشرعت العبث بزيه قائله بميوعه
- سامحنى انا امشي ..

محمد معاندا
- قولت لا ... ومش عاوز كلام تانى ..

تنحنحت بخفوت ثم وقفت على طراطيف اصابعها وهى تلتصق به لتطبع قبله خفيفه على شفتيه كانت كافيه ان تفجر كل مشاعر الحب بداخله .. فابتعدت عنه سريعا مردفه باستغراب
- انت من امتى كنت بالقسوة دى ..

تنحنح محمد كي يفيق من سكر شفتيها قائلا بحده مصطنعه
- من اليوم اللى قررتى تقسي فيه عليا يايسر ..

- يووووه منا قولتلك اسفه وانت مش راضي تسمعنى ..

- وانا للمرة الالف اقولك الاعتذار اللي مش هيقدم ولا يأخر بلاش منه ..

ضربت الارض بساقيه مردفه بنفاذ صبر
- طيب انت لما كنت تزعل منى كنت بتعاقبنى بطريقتك بس عمرك مابعدت عنى اشمعنا المرة دى بتموتنى بغيابك !

- عشان المرة دى ...
وضعت اناملها على شفتيه قائله
- عرفت انى غلطت .. بس بنتك وغلطت تستاهل منك القسوة دى ... مش عاوزه ارجع الجامعه وانت زعلان منى ..

تأفف بضيق
- يسرررررر ..

تبسمت بتلقائيه
- قلب يسر وجعها في بعدك ... ماتحن بقي ياااابااااااى برج تور تور يعنى ...

محمد بحده: روحى يلا ...
- تؤ لما تقول لى انك سامحت ...
- خلاص امشي ...
- سامحت !
شرع ان يجيبها ولكن اقتحمت الممرضه مكتبه فجاة
" دكتور محمد الحق ... لقيوا واحد مضروب على الطريق
الزراعى وحالته خطره قوووى "
أؤمن بالإشارات التي تأتي بلا سبب، حدسك الذي يجبرك على المُغادرة، احساسك بأنك لست في المكان المُلائم، ثِقل كاهلك وصعوبة شرحك، كل تِلك أنا أؤمن بها .. فعليك ان تتحرر من قيودك امامى انا الشخص الوحيد الذي خلق لأدويك من سقام الحياة .. انا بجانبك فلا تخف ياعزيزي سأتقبلك على اي حال فقط لاننى احببتك بصدق وقلب المُحب مدينة سلام.

" في المساء "

صفت سيارة سليم علي مدخل احدى مراكز محافظة قنا، فارتفع صوت وجد فجاة مردفه
- سلييييم .. بس اقف هنا ..

ركن سليم سيارته جنبا ثم التفت إليها قائلا
- في اي ياوجد .. !

فركت كفيها بارتباك مردفه
- في اننا ماينفعش نواجه ياسليم دلوقت .. احنا ضعاف اوى ..

هز رأسه بعدم تصديق قائلا
- ااايه .. مش فاهم عاوزه توصلى لأيه ياوجد ..

بللت حلقها الجاف ثم مسكت كفه بحنان قائله
- سليم .. لازم نفكر بالعقل كده .

تأفف سليم قائلا
- واى عقل اللي يمنعى عنك .. وجد انتِ قلبك ما التهبش من عذاب البعد ...
تنهدت بمرارة وهى تحتضن كفه اكثر مردفه
- فات الكتيير مابقاش غير القليل ياسليم .. اسمعنى للاخر بس ... احنا حاليا ملناش غير بعض ومش عاوزين غير بعض بس الدنيا كلها مش عاوزانا سوا ... ومنهم عيلتك اللي هتقف ضدك لو عرفوا اللي عملنااه .. الحل اننا نفكر ازاي نهد الحواجز اللي مانعانا عن بعض ..
رمقها بنظرة اهتمام ثم اكملت وجد حديثه مردده.

- يعنى .. ادهم وعمى واقفلنا زى اللقمه في الزور .. يبقي لازم نحط ايدينا في ايدين بعض عشان نسلمهم للعداله ياسليم .. ودى حاجه مش سهله عليا بس بلدنا اهم طبعا عشان هى اللي هتبقي واحنا اللي ماشيين ... وعن ماجدة ياسيدى بكرة تلاقي اللي يحبها، ويعوضها خير وانت واثقه انها طيبه .. واهلك لما يعرفوا انى عملت المستحيل عشان اظهر الحق فأكيد مش هيقفوا في طريقنا .. وساعتها هنعيش مرتاحين ..

اتكىء سليم على مقعده واضعا كفه على مقود السيارة قائلا بضيق
- انتى ليه مش عاوزه تسيبى الملك للمالك .. كل واحد هيتحاسب في محكمه السما، له عاوزه تعدليها انت ياوجد !

- عشان لما اتكافئ تبقى انت جايزتى ياسليم، انام في حضنك وانا حاسه انك كل انتصاراتى اللي كانت تستاهل احارب عشانها، من حق ولادنا يطلعوا في عالم كله أمان وحب .. نتعب دلوقت عشان نرتاح كلنا بعدين ...

- افهم من كلامك هتكملى في شغلك مع ادهم ..

- مضطرة ياسليم ... غصب عنى لازم اكشفهم واعرف اخرتهم ايه، مقداميش حل غير كده .. وانت طبعا هتكون جمبي وحمايتى مش كده ..

اجابها بنبرة غاضبه منفعله
- منا مش هروح ارميكى في النار يااوجد ! بصي انسي .. هاخدك من يدك قصاد البلد كلها واقولهم انك مرتى واللي يقرب منك هسيح دمه ..

- يااااسلااام ! انت دماغك دى مافهاش غير البلطجه ! ماتعرفش ترجها دقيقه واحده بس قبل ماتتكلم ! كنت انت بتخسر وبتخسرنا حبنا ياسليم، هبقي قدام الناس عينى مكسورة هيقولوا هى دى اللي هربت مع عشيقها وجابت العار لناسها .. الناس مابتقدرش الحب والعشق ياسليم، قدرنا نكون في زمان ناكر لوجود القلب ..

- بطلى نشفان راس ياوجد ... انا مش هطاوعك في الهبل دا ؟! وبعدين هتقولى اي لربنا ؟!

- لازم نضحى وربنا اكيد شاهد وعارفه اننا مش قدامنا حل تانى، انت مش قولتلى تعرف ظابط في القسم روحله واتكلم معاه وخليه يكون معانا خطوة بخطوة، وانا لو حسيت بذرة خطر هاجى اترمى في حضنك لانى ماليش غيره ... فكها بقا وسيبها على ربنا ..

فكر سليم لوهلة ثم اردف قائلا
- تمام ياوجد .. انا هكلم النقيب حمزه، واشوف رايه الاول، وانت كمان افتحى صندوق التابلوه هتلاقي محمول بخط خديع عشان تكونى على اتصال معايا دقيقه بدقيقه.

ابتسمت بحب ثم رفعت كفها نحو ثغرها لتطبع عليه قبله حارة هاتفه
- مش بحبك من قليل على فكرة ..

لف ذراعه حول عنقها كى يجذبها إلى صدره طابعا قبله خفيفه على رأسها، قائلا
- ربنا مايحرمنى منك ابدا ياوجد ..

- ولا منك ياروح وجد ..

ثم ابتعدت عنه بحماس قائله
- انا لازم انزل دلوقت عشان اروح المستشفى اظبط الدنيا وبعدها هروح على البيت وربنا يسترها ويعديها سليمه ..

- طب استنى اوصلك ..

نظرت له بعيون ضيقه مردفه
- ماشافهومش وهما بيهربوا ياولد الهواري !

ضحك سليم بخفوت ثم اردف
- هشوفك امتى !

قفلت وجد باب السيارة مره اخرى ثم استدارت نحوه قائله بنيرة تحذيرية
- سليم ياهواري مش عاوزه طيش عيال ! اتقل كده لحد مانرسي كلنا على بره ..

- بتهزري ياوجد ...! هتمنعى راجل من مرته ... اي الجبروت دا !

- سليمممممممم .. اتلم فاهم .

اردف سليم بثقه
- موعدكيش، في الحرام كنت خاربها عاوزانى في الحلال اتلم ! عقلك راح فين ياضكتوررررة !

- قلبى معاك ياباشا .. ويلا بقي امشي وانا هنزل اخد تاكس وعلى اتصال ..
- طيب همشي وراكى لحد ماطنن انك وصلتى ..

زفرت بضيق
- سليم ! متخرجنيش عن اعصابى ؟

- اومال انت تخرجينى واسكت ! يلا انزلى ومتحاوليش منا مش هسيبك دلوق لوحدك ..

- العشا يادوب مأذنه متقلقش ..
- تؤ الحلو دا حتى ولو مشي في عز الضهر هقلق عليه بردو ..

ابتسمت بحب ثم استدارت لتهبط من السيارة ولكنها اراجعت فجاة مردده
- عارف ياسليم لو الشيطان غاواك وفكرت تسلم بس على ماجده .. ممكن اعمل فيك ايه !

تنحنح سليم بثقه وهو ينصب عوده بفخر قائلا
- وايه يعنى ... عدل ربنا ياوجد ولا نسيتى !

رفعت حاجبها باستنكار
- هقتلك ياسليم ..
غمز لها بطرف عينه قائلا
- هتقتلنى قبل مااقتلك حب ! اي الافتري دا ؟!

- لا ياخويا قتلنى انا غيييير، انا حذرتك ..

ابتسم بمكر ثم قبل كفها بعفويه قائلا بثقه
- هو مش ست الضكتوره طلعت ناصحه وحرمتنى منها ! ومش قالت بردو ماينفعش اتلهف لحاجه مدوقتهاش ! وانت رفضتى تدينى حتى حتة شكولاته .. خايفه من ايه عاااد ! ماانت صايعه وامنتى حبك بذكاء !

ارتعد جسدها خجلا من مغزي كلماته فاستدارات بجسدها سريعا هاربه منه مردده
- والله ماشوفت ٥ دقايق على بعضهم تربيه !

ثم جذبها سريعا مرة اخري قائلا
- متخليش دمك حامى .. اصبري بس ..وانت لسه شوفتى حاجه !

- سيبنى ياسليم .. الله ..
ادخل سليم كفه بداخله سترته ثم هتف قائلا وهو يعطيها ورقه مطبقه
- قسيمتك ياوجد ..

بللت حلقها بفرحه لتردف
- انت لحقت تجيبها !

- دانا ماكد على المأذون مايشتغلش غير عليها وجابها الصبح لادارة الفندق ..

ثم اخذتها من يده قائله
- عقبال ما العالم كله يشهد عليها ياحبيبي

 

" انت لسه هنا ؟! "
اردفت صفوة جملتها وهى تهبط من فوق درجات السلم مردته بنطلون جينز ابيض وفوقه بلوزه قصيره باللون الرمادى، فرفع مجدى انظاره باعجاب نحوها مردفا بلا اهتمام مصطنع
- في كلام تانى نسيتى تقوليه ؟!

تنحنحت بخفوت ثم اكملت السير نحوه مردده
- هتطلقنى امتى !

ترك ما بيده من اوراق رافعا انظاره لها
- قولت انسي الهبل دا ..

جلست بجواره قائله بنفاذ صبر
- انت ليه مش متخيل انى بكره صنف الرجاله ! وانى مش طايقه نفسك معايا في بيت واحد !

- وانا اي علاقتى بكل دا !

شرعت ان تحدف قذائف سُمها ولكنها تراجعت في اخر لحظه مغيره مجري حديثها مع ابتسامه مزيفه
- يعنى انت شايف انك ملكش اي علاقه بالكلام اللى قولته ؟!

- انا جوزك يامدام لو كنتى نسيتى !

- وانا فعلا ناسيه ومش عاوزه افتكر ... مجدى حافظ على ذرة الاحترام والقرابه مابينا وننهى العلاقة دى .. انا مش طيقاك ياخى ..

التزم مجدى صمته معاودا النظر باوراق شغله مما اشعل النيرام بجوفها اكثر مع دمعه منسكبه من طرف عينيها قائله بعد عدة دقائق
- مجددددددى !

اصدر صوت ايماءة خافته
- مممممممم !

فركت كفيها اكثر مردده بخفوت
- انا اسفه ..

اتسعت عيني مجدى مندهشا رافعا احد حاجبيه محاولا استيعاب جملتها الاخيره مكذبا اذانها، الي انها كررت جملتها مبرره
- ااه انا اسفه على كل كلمة قولتها، وكمان على اللي حصل منى الصبح انا كنت متعصبه وانت كمان زودتهم بكلامك اللى زي السم، محستش بنفسي .. وحقيقي ندمانه على كل كلمة قولتها !

صمت مجدى لبرهه بعدما استمع لحديثها باهتمام وباستعجاب رهيب، فاعتدل اكثر في جلسته قائلا
- صفوة هو انتِ ممكن تفتحيلى قلبك، مش عاوزك تفهمى غلط، من باب اننا ولاد عم ومنعرفش اي حاجه عن بعض ...

ظلت ترمقه بعيون متأرجحه طويلا، حتى يأس من الحصول على جواب منها، ثم قامت فجاة من امامه قائله بحزم
- انا هروح انااام .. تصبح على خير ..

فهم ارتباكها وهروبها من سؤاله الذي يبدو عليه حاملا جيوش من الالم يطاردها في كل مكان، فاومئ اليها ايجابا مردفا
- وقت ماتحبى تتكلمى انا موجود وهسمعك ...

" في مستشفى الهواري "
- والنبي يادكتور طمنى ... طمنى حمزه حمزه جوووزى عامل اييييه جوه ..

اردفت (عشق) جملتها وهى تركض بسرعه نحو محمد الخارج من غرفة الكشف، فابتسم محمد بامتنان
- متقلقيش حضرتك .. حضرة الظابط بخير وشويه كده وهيفوق ..

بللت ( عشق) حلقها قائله ببكاء
- لا قلبي مش مطمن، انا عاوزه اشووفه دلوقتى .. ماليش فيه ..

تدخلت وعد مردفة بهدوء
- ياحبيبتى الدكتور طمنك اهو انه بخير اهدى بقي ..

تبسم محمد ابتسامه خفيفه قائلا
- تقدروا تدخلوا تتطمنوا عليه .. مجرد جرح في دماغه بسيط وهيروح ..

حمزه الخياط اردف بشموخ
- هو حصله ايه ياضكتور ؟!

- احم والله اجابه السؤال دا عند سيادة النقيب لما يصحى هنعرف منه ... هستأذن انا وانتوا تقدروا تتدخلوا تطمنوا عليه ..

حمزه ربت علي كتفه
- ربنا يخليك ياولدى ...

وقفت عشق امام محمد لتعيق طريقه
- يعنى هو اكيد كويس ولا حضرتك بتقول كده عشان تطمننا وبس ..

كتم محمد ضحكته وهو ينظر لوالدها قائلا
- باين انها بتحبه اوى .. والله سيادة النقيب صحته زى الفل .. وهتشوفى دا بنفسك ... بعد اذنكم

تراجعت عشق خطوة للخلف لتقف بجوار امها فاردف حمزه
- اتفضل ياولدى ...

" والله لسه بدى ياسليم باشا "

اردف راجح الهواري جملته معاتبا وهو يستند على عكازه ليقف امام سليم الذي تراجع خطوة للخلف مردفا باحترام
- معلش ياهواري .. الظروف حكمت بااكده ...

- ظروف ايه ياسليم اللى تخليك غايب عن البيت تلات ليالى ! كنت فين !

ركضت ماجده بسرعه نحوها لترتمى بين حضنه مهلله
- سلييييم .. كنت هموت من القلق والخوف عليك .. كنت فين ..

شعر بحضنه اصبح مثلجا بقربها، لوح ثلج لم يذوب لم يدفء لم يستشعر بقلبها نبضة حب، فقط جفاف اصاب حلقه، فتنحنح بخفوت وابعدها عن طريقه بهدوء مما لفت انتباه راجح .. فردد سليم قائلا
- انا قدامكم اهو .. وخلص الكلام مش تحقيق هو ..

- كنت في اسكندريه عتعمل ايييه ياسليم !
اردف الجد جملته بحزم شديد مما جعل سليم ينظر له بعيون متسعه قائلا
- اسكندريه !

اقترب راجح منه بثبات قائلا
- ماانت لما تضيق عليك ياما عتروح علي مصر يااسكندريه، طلتك منورة كيف طله البحر يبقي اكيد كنت هناك !

تنحنح سلسم بخفوت كى يخفى معالم الارتباك التى ارتسمت على وجهه
- ااه ياجدى كنت فى اسكندريه عغير جووو ..

ماجده بصدمه: اسكندريه !

اردف راجح
- طيب الاصول عتقول كنت خدت مرتك معاك .. مش اكده ياولد الهواري ..

- احم ... مانت عارف سليم لما يحب يغير جو بيبعد عن الكل ..

صمت تام ساد لبرهه ثم اردف راجح قائلا بمكر
- خدى جوزك واطلعى ياماجده، تلاقيه تعبان من السفر .. وخلى بالك عليه يابتى العقارب عتحوم وراه ..

تبادلوا الانظار لبرهه ثم اقتحمت عفاف مجلسهم لتحتضن ابنها بلهفه
- قلب امك ياولدى .. كده ياسليم تضرع قلبي عليك ياحبيبي ..

ربت على ظهرها بحنان قائلا
- مانا زي القرد قدامك اهو ياعفاف، انت اللي قلبك خفيف ..

- كنت فين ياسليم ! وكيف تختفى اكده من غير حس ولا خبر ..

اردف راجح بحده قائلا
- خبر ايه اومال ياعفاف هو ولدك عيل صغير .. يلا ياماجده خدى جوووزك يابتى تلاقيه متوحش حضن مرته ..

التفت بعيون متسعه نحو جدها قائله بارتباك
- حاضر يا جدى .. اللي تامر بيه ... مش يلا ياسليم !

قبل سليم جبهة امه بحنان قائلا بضيق مكبوت
- تصبحى علي خير ياعفاف ...

ركضت ماجده نحوه كى تتشبث بذراعه قائله بدلال
- اول مرة اعرف اني بحبك اوي كده .. سليم انت وحشتنى بجد ..

سحب سليم ذراعه بخفه دون ان يجيبها واسرع خُطاه كى يهرب من حصارها اللعين فتركها واقفه مكانها ترمق ظهره بنظرات تلتهمه شرا مردفه بتوعد
- مسيرك مش هتكون غير ليا ياسليييييم ..

ثم ابتعدت عن مكانها لتختبئ في مكانٍ بعيدا عن الانظار مهاتفه ادهم الذي رد على اتصالها مهللا
- بت حلال .. لسه كنت هكلمك .

ارتعشت شفتيها وهى تنطق
- سليم رجع ..

قهقهه ادهم بخبث مردفا
- شووف الصدف يارب ووجد كمان رجعت وحاليا في المستشفى ..

شهقت ماجده بصدمه مردده بثقه
- يبقي اكيد كانوا سووا ..

ضحك ادهم بسخريه
- اغبيه ... وهو دا نفسه اللى اتاكدت منه ..

- طيب وانت ناوى تعمل ايه !

- هو مش الجميل عاوز يبعد وجد عن طريق جوزها ! اعتبره حصل ..

- ازاي بقي .. انت وعدتنى انك مش هتمس سليم ..

- طبعااا ! ووعد الحر دين عليه ياست المهندسه .. احنا مصلحتنا واحده ..

- طيب تمام .. الحمد لله انك طمنتى .. انا هقفل واى جديد هبلغك ..

تنحنح ادهم بمكر مردفا
- مع انى ماعحبش شغل التلفونات دا .. بحب الخبر يوصلنى طازه من صاحبه وهو واقف قصادى .. بس معلش همرقها انا عارف الظروف ..

زفرت ماجده باختناق ثم قفلت هاتتفها دون ان تجيبه مردده لنفسها
- ماله دا !

بينما ادهم اكتفى بنفس طويل من سيجارته ضاحكه وهو يقول
- والله القطه جات المصيده برجليها ولازمًا تتدبح على يدك ياولد العتامنه والا تبقي عيبه في حقك تضيع فرسه زى دى منك ..

" ها يابطل صحتك اخبارها اي دلوقت !"
اردف محمد جملته على اذان حمزه النائم فوق الفراش ويحتضن عشق الجالسه بجواره من خصرها قائلا
- عال عال يادكتور .. الحمد لله ..

اقترب منه محمد قائلا
- انا بلغتهم في الاسم وهيجى ظابط ياخد اقوالك ..

حمزه بلا اهتمام: مجرد حادث بس على الطريق الزراعى يادكتور مش مستاهله يعنى ..

- حادثه ازاي ياسيادة النقيب، انت مضروب يادماغك ..

شهقت وعد وابنتها بخوف لجملة محمد مما جعل حمزه يشير له بعينيه قائلا
- خبر اي يادكتور ! ماقولنا حااااادثه ..
ابتسم محمد لانه فهم مغزى حديثه قائلا
- المهم انك بخير وتقدر تخرج النهارده بس على الاقل ترتاح يومين في البيت ..

رفع حمزه الخياط راسه قائلا
- متشكرين يادكتور تعبناااك ..

- احنا تحت امرك .. وحمد لله على سلامة الباشا مرة تانيه ..

تحرك محمد ثم لحقه حمزه الخياط كى يتحدث معه، فنادى عليه بعدما خرج من الغرفه
- فهمنى ياولدى حصل ايه ..

استدار محمد نحوه
- الظاهر ان الباشا له اعداء كتير، وهو مش عاوز يقلقكم ..

زفر حمزه الخياط بضيق قائلا
- مظنش انه حمزه له مندفع للدرجه انه يكون له عداوة مع حد طول عمره شغله بالقانون ..

ابتسم محمد قائلا
- يمكن سيادة النقيب عنده رد تانى !

صفعه قوية سقط على وجنة وجد من امها التى انهالت عليها بالسب والقذف
- عاوزه تفضحينا وتخلي سيرتنا على كل لسان يابت سالم ! تسافري فجاة لحالك وانت فرحك باقى عليه ساعات .. عاوزة تجيبي لنا العار !

انخرطت دموعها بغزارة مردده
- منا قولتلك انى روحت شغل، وغصب عنى يرضيكى اضيع مستقبلى عشان جوازه مجبورة عليها !

تدخلت ورد في الحوار سريعا لتقترب من اختها بشكل ملاسقه متصنعه انها تربت على ظهرها ثم قالت
- مالكيش حق ياااما والله .. اومال لو مكنتش قايلالك الحقيقه

تنهدت كوثر بصعوبه لتجذب الحقيبه الصغيرة العالق بيد وجد قائلا
- ورينىى ! والله لو كنتوا طابخينها سوا يابنات سالم لادفنكم بالحيا ..

ارتجف جسد وجد خشيت ان تجد امها قسيمة زواجها من سليم اثناء تفتيشها بجنون بداخل حقيبتها، ربتت ورد على كتفها بحنان .. فاردفت كوثر بصوت لاهث
- ورينى .. فين محمول اختك !

قبل ان تنهى جملتها كانت ممسكه بهاتف ورد من جوف حقيبتها .. اتسعت عيون وجد بتلقائيه وضعت كفها في جيبها تتحسس هاتف سليم بداخله، فرمقت ورد بنظرة تساؤل مما ادى الي تدخلها في مجري الحديث سريعا
- اهووو اتاكدتى بنفسك ياما ... عشان قولتلك انك ظالمه وجد .

نظرت وجد لأختها بعدم فهم .. فضغطت على كفها وهى تهمس في اذانها
- فوق هفهمكك ...

خرج يستنشق هواء نقي لشرفه غرفته ففوجئ بوجودها بشرفه غرفتها ايضا، رمقها بنظرة خاطفه ثم مد انظاره للامام دون ان يردف اي كلمه، بعد عدة دقائق ارسل نظرة اخرى نحوها فلم يجدها ولكن وجد صوتا اخر يجذب اذانه ويستدير له جسده من خلفه فردده باستغراب
- صفوة !

هزت كتفيها بلا مبالاة
- انا مش عاوزاك تفهمنى غلط ..

- انت مش عاطياتى فرصة افهمك اصلا !

بللت حلقها وعقدت ذراعيها امام صدرها وهى تقترب من سور الشرفه قائله

《 من ٩ سنين كنت داخله الجامعه جديد وكنت وقتها من اوائل الجمهوريه، فكان ليا شو بقي وشهرة وكل الناس حابه تتعرف عليا، وانا اصلا شخصية انطوائيه ماليش في اى حاجه دايما بحب بعدى عن الناس ماليش علاقات مع حد، دايما مصدرة الوش الخشب زي مابيقوله بقيب منبوذة من اغلب الناس .. في سنة تانيه اتعرفت على المعيد بتاعى، غصب عنى لقيتنى بتشد له، لحد مابقي محور حياتى، كنت ساذجه اوى في علااقتى معاه اول ماقلبي دق له روحت زي الهبله واعترفت، عشت معاه اجمل سنتين في عمره كله، وعدنى انى بعد ما رابعه هنتخطب ونتجوز في ساته، كانت وجوده مهم اوي في حياتى، اي وقت فراغ ليا كنت بقضيه معاه، عرف يملكنى زي مابيقولوا، بعد ما خلصت رابعه اكتشفت انه على علاقه بالبنت الوحيده اللى كانت صحبتى من ايام ثانوى، هى مكانتش معانا في الكليه بس كانت. تسيب كليتها وتيجى تقعد معايا ومكنتش اعرف انها بتيجى عشان تشوفه، لحد ما العلاقه اتطورت مابينهم وعرفت انها حامل، وبعدها باسبوعين سمعت انهم كتبوا كتابهم واتجوزوا، هههه وبعدها بشهر واحد اطلقوا .. ومن وقتها وهو بيطاردنى، كان سبب في انى اكره كل الرجاله، تجيلى عقدة من الزواج .. بسببه شلت قلبى وحطيت مكانه كره وغل ووجع 》

اقترب مجدى منها بحنان مردفا
- انت شايفه انه يتساهل انك تعيشي في حصارة وجعه لحد دلوقتى !

- انا مش شايفه غير وجعه، ودا الشعور اللي بيجبرنى انتقم من اى جنس بنى ادم قدامى ..

مسك مجدى كفها بحنو قائلا
- انت شايفه ان صوابع ايدك زي بعض عشان تحكمى ان الرجاله كلهم واحد !

- كلكم غدارين .. كلكم بتدورا على مصلحتكم واللى يبسطكم وبس ..

- صفوة ... هو انا لو طلبت منك فرصة واحده مستعدة تديهانى ..!

رددت بتساؤل وبصوت خافت
- فرصة !

- ااه حياتنا كلها فرص، ولازم ندي على الاقل فرصة لغيرنا نفهمهم وبعدين نقرر اذا كنا هنكمل ولا لا !

- انت شايف كده ؟!

تنحنح مجدى بثغر متبسم محاولا تلطيف الجو
- بس انت اي الجراءه دى ! جايه اوضة عازب برجليكى ومش خايفه ؟!

التفت بجسدها سريعا كى تغادر غرفته بوجه عابث ولكنه وقف امامها عائقا لطريقها
- طالما وافقتى تدينى فرصة يبقي تستحملينى بهزارى وبتريقتى بكل عيوبى .. على الاقل كصحااب ياستى .. هاا !

تارجحت عيونها بتردد ثم اومأت بخفوت مردده
- فرصة ... !

ابتسم مجدى منتصرا ليردف بتلقائيه
- ااه فررررصة ... !

- سليم جيه تحت على فكرة ..
اردفت نورا جملتها وهى تجلس بجوار عماد المنغنس في قراءة الجريده، فردد دون ان ينظر لها
- طيب تمام ...

صمتت لبرهه
- انا زعلتك ؟!

- لا عادى .. محصلش حاجه ..

- بس من الصبح بتحاول تتجنبنى وردك على اد السؤال .. لو كنت قولت حاجه ضايقتك ممكن تقول لى ..

زفر عماد باختناق
- انت ليه مش عاوزه تفهمى ان علاقتنا مؤقته، واننا اتجبرنا على الوضع دا ! وكلها كام يوم وكل واحد فينا يروح لحاله !

نظرت له بعيون موشكه على البكاء
- انا مش فاهمه حاجه !

القي ما بيده من اوراق ووثب قائما متأهبا للذهاب
- انا ماشي .. دى بقيت عيشة تقررررف !

- محمد انت مش هتنام في بيتنا !
القت جملتها على اذانه وهو يصعد لغرفته بتثاقل .. فاردف قائلا
- حسابك تقل يايسر .. اخفى من قدامى ..

فركت كفيها بتوتر
- يوووه انت بتتحول ليه محمد بلاش المعامله دى !

اكمل السير نحو غرفته بلا اهتمام لنداءها فركضت خلفه بسرعه متشبثه بكتفه
- على فكرة مافيش حد في القصر غيرنا .. ومامتك زمانها نامت ..
ابعد كتفه عنها قائلا
- يسر انسي انى اسامحك .

- بس مش هنسى انك بتحبنى .. واللى بيحب بيسامح يامحمد ...

كور قبضته بنفاذ صبر قائلا
- لما انسي اللى هببتيه هسامح .. انا كل مااشوفك بفتكر عملتك المهببه بتجنن ..

- والله ما هكررها تانى .. يلا نروح بيتنا بقي ...

طبع قبل خفيفه على جبهتها متأففا
- يسر انا في حاله ربنا وحده اللي يعلم بيها، وممكن ازعلك منى باكتر من طريقه غصب عنى، عشان كده اتجنبينى الفترة دى ..

- راضيه منك باى عقاب .. بس اكون جمبك.

- وانا مش عاوزك جمبي غير لما اصفى من ناحيتك .. روحى اوضتك يايسر ..

نظرت لها بعيون باكيه
- يعنى بردو هتكسر بخاطري !
- قولتلك انى بحميكى من غضبى ..
اومأت راسها ايجابا ثم قالت
- تمام اللى تشوفه .. تصبح على خيرر

فاقت من غيبوبة حبها التى كانت غارقه فيها بين ذراعيه متنهده بدلال
- اااه ياحيدر لو تعرف انا عحبك كييف ولا اقدر استغنى عنك واصل ..

زفر دخان سيجارته الذي انعقد حول راسها كالسحابه فاردف قائلا
- انت الحب الاول والاخير ياثريا .. والدليل انى متجوزتش لحد دلوق ..

استندت براسها على صدره قائله بحب
- اااااه وانا وعدتك هعوضك .. وهعوض كل ليله نمتها بعيد عنك ..

قهقهه بمكر
- ماهو انت شكلك مش ناويه توفي بوعدك ياثريا .. وشكل بناتك غرقوا في العسل مع جوازاتهم ..

اعتدلت في جلستها بقلق لتقول
- والله خايفه ياحيدر .. البنات غلابه ويغرقوا في شبر ميه ..

اتكئ حيدر بظهره للخلف وهو يجذبها لحضنه قائلا
- اتكلمى على بناتك ياثريا ... اما بت حيدر عتمان هى اللي هتجيب راس الهوارة الارض، لانها مخلوطه بدمى وانا دمى دم تعابين ...

احتضنته بميوعه مردفه
- والله انا بقول ماخلفت غير بت واحده وهى بتك .. عتعرف كيف تاخد حقها من خشم الاسد ... اما التلاته التانين مدهولين ومفرطين في حقهم ومش عارفين مصلحتهم ماهما عيال ناصر يعنى مش هيجيبوه من بره

- بت حيدر عتمان مش اي حد يضحك عليها وهتشوووفى ..
مايزيدني طمأنينة أن الله يعلم وأنا لا أعلم، يعلم بأن فوضى أيامي ليست فوضى بل مرتبة بشكل دقيق لا أدركه.. يرى الرؤية الغير واضحة لي بشكل واضح جدًا... ان الأمور كلها أمام الله تتجلى بشكلها الحقيقي دون أن يخفى عليه شيء.. أليس الله بقادرٍ عليها!

صباح يوم جديد

خرجت وجد من غرفتها لتري فوضي عجيبه في ساحه قصرهم والهواء يداعب ستائر النوافذ بقوه، فدلفت الى اسفل باحثه بعينيها عن شخص ما، تسير بخطى متثاقل، تتارجح عيناها يمينا ويسارا الى ان صُدمت في طريقها بفايز .. شهقت مفزوعه متراجعه للخلف قائله:

- مش تفتح .. !
عقد حاجبيه قائلا
- تؤ .. صباحو يابت عمى والله البيت من غيرك ملهوش حس، جدى الله يرحمه كان يقول عليكِ نوارة البيت وانت نوراه فعلا .

نظرت له باشمئزاز
- والنبي حل عن طريقي مش فاضيالك ...

وقف امامها كى يعيق طريقها قائلا
- اصبري بس .. انا عاوز اراضيكى واجبر بخاطرك، مانت عارفه ياوجد مش بيدنا، وانا والله ماكنتش عاوز اخدعك، كل اللي في الموضوع كنت عاوز اجر رجلك عشان لما تدوقى حلاوة الشغلانه معانا فعمرك ماهتسبيها ..

زفرت باختناق محاوله رسم بسمه مزيفه
- اللى فات مات ياولد عمى .. قول لى هو ادهم فينه مش باين ليييه !

وضع كفه بداخل سترته ليمررها على صدره بعيون لامعه
- ممممم .. ادهم ! ادهم موجود بره عيفطر مع عمك فُطرة ملوكى .. العروسه مستعجلة على كتب الكتاب يااك !

لاحت له بكفها باشمئزاز لتتركه وتغادر فاردف فايز بصوت جمهوري قوي
- يلا شدوا حيلكم عشان ناوين نعملوها انا وورد قريب ..

رددت من خلف صفى اسنانها المنطبقين بنبرة ساخرة
- عشم ابليس في الجنه ...

وصلت الى حديقه منزلهم الواسعه التى يحاصرها الاشجار العاليه من كل الاتجاهات، فتنهدت بثبات ثم اقتربت من الطاولة التى يجلس عليها ادهم وحيدر مردفه بابتسامه زائفه
- صباح الخير عليكم ..

ادهم رمقها بسخريه
- اهلا .. اهلا بالعروسة اللي طفشت يوم فرحها ..

هزت رأسها نفيا قائله
- مش وقته الكلام دا .. واظن ان مدير المستشفي بنفسه كلم عمك وقاله ان الامر كان بره ايدينا ودى اروح ناس ..

تنحنح حيدر بخفوت ليردف
- خلص الكلام ياادهم .. بت عمك ادرى بمصلحتها ..

وثب ادهم عوده امامها قائلا
- المهم .. هنتجوزوا ميته ياست الحسن والجمال ..؟
تأرجحت عينها وخفق قلبها بجوفها لتردد
- مش وقته .. عاوزك لحالنا ..

ارتشف حيدر من كوب الشاي بيده قائلا
- روح شوف مرتك يا ادهم عاوزه اييه .. من اولها اكده اسرار مابينكم !

حاول ادهم ان يمسك كفها ولكنها ابتعدت عنه سريعا وسبقته في الخطى، فتبع خطاها متوعدا
- صبرك علىّ يابت ساالم ... !

وصلا الاثنين الى مكانٍ بعيدا عن الانظار فاردفت وجد قائله بنبرة ممزوجه مع صوت الهواء القوى
- هنبدا الشغل امتى ؟!

عقد ادهم حاحبيه باستغراب
- شغل ايييه يابت عمى ؟!

- الشغل يااادهم .. متستهبلش ..

ضرب جبهته بكفه مطصنع التذكار
- ااه قصدك البودرة ! اسكتى ياوجد مش انا توبت وبطلت خلاص، وقررت انضف عشان ابدا معاكِ حياة جديدة .. مش انت كنتِ عاوزه اكده ..

عقدت ذراعيها امام صدرها مردفه بسخريه
- والنبي ياادهم متعملهمش علىّ !

هز رأسه نفيا ثم دنى منها اكثر فتراجعت هى للخلف بجسد مرتعد فاردف قائلا وهو يحاول ان يلمس خصيلات شعرها
- وجد .. انا ماعدش ليا في السكة دى ! وكمان لازمن ابقي شخص يليق بيك وامشي عدل عشان استاهلك، واذا كنت غلطت زمان فانا بتغير عشانك اهو ياوجدانتى، بس انت ارضي عنى !

ابتسمت بسخريه وعدم تصديق لتردف عليه جملتها الاخيرة قبل ان تنصرف من امامه
- طيب على العموم فكر ودورها في دماغك .. وافتكر انى موافقه اشتغل معاكم منا من حقى أأمن مستقبل اخواتى بردك .. خد وقتك يا ادهم ... سلام ياولد عمى .

قهقهه ادهم ساخرا
- كان على عينى ياعروسه .. بس خلاص بطلنا والحمد لله ...

 

- قول اللي جواك ياسعت النقيب .. مرتك مع امها بره .
اردف حمزه الخياط جملته بوقار وهو يزيح ستار النافذة .. فاعتدل النقيب حمزه من مرقده مردفا بكلل
- والله ياحمايا بتفهمنى من غير مااتكلم .

جلس حمزه بجواره قائلا بثقه
- دانا اللي مربيك .. مين عمل فيك اكده ياباشا ..

تنحنح النقيب حمزه قائلا
- بص انا شاكك ان حركه زي دى ماتطلعش غير من العتامنه ..

التفت اليه الخياط بصدمه مردفا
- العتامنه ! وانت مالك بيهم ياحمزه دول عيلة واعرة وكلها لبش .
اندفع حمزه منفعلا مرددا
- واعرين على روحهم ياخياط .. دول وقعوا في طريق اللي مايرحمش ..

- طب وطى حسك احسن مرتك تسمعك وتخلينى اتصرف وانقلك من قنا دلوق ..

قهقهه حمزه بصوت مسموع
- انت بتقول فيها .. دي بتك وانت اللي عارفها اكتر منى .. المهم اللي حصل دا انا مش هعيديه بسهولة .

الخياط بشموخ: اهدي بس وفهمنى اي سر العداوه بينك وبينهم !
تنحنح حمزه باحراج مردفا
- انا عارف انك هتغلطنى .. بس افهم الموضوع الاول وبعدين احكم .
- خيررر ياولد اختى ... قوووول .

"سليم هو مش كفايه نوم !"
اردفت ماجده جملتها وهى تتمايل بجسدها فوقه لتوقظه من النوم .. فاعتدل سليم مرددا
- خير ياماجده في ايه !

فرك كفيها بارتباك
- كفاياك نوم وقوم اقعد معايا شويه .. ليك كتير غايب ياسليم .

رمقها بنظرات ساخره مردفا
- ماجده هو احنا مش اتفقنا !

هزت راسها بالنفي لتقول بعناد طفولى
- لا متفقناش وانا رجعت في كلامى ياسليم وانا مرتك قدام ربنا وبحبك ورايداك ياولد عمى ولو سبتك هابقي غبيه ..

زاح الغطى متاففا هاتفا بصوت مختنق
- لا دا كان حديت عيال اياااك ! ماهو مش بكيفك ياماجده .

اتبعت خُطاه وهو تردد
- ماهو مش بكيفى ياسليم دا امر قلبي ..
جز علي اسنانه بنفاذ صبر ثم وقف كى يستدير لها بجسده قائلا بغضب مكبوت
- وقلبك هيكون راضي انه يفرض نفسه عليا ياماجده !

- قلبي راضي باى حاجه الا انك تبعد عنه ,, سليم عاوزه منك فرصه واوعدك لو مقدرتش هسيبك بعدها .. ومش هتشوف وشي تانى ..

 

استعدت لبدء يومها الدراسي الجديده مرتديه زيها العادى، ثم وقفت امام المرآه كى ترفع شعرها على هيئة ذيل حصان مردده بيأس
- هتفضل زعلان منى كتير كده يامحمد ! ياربي انا تعبت !

ثم استدارت بجسدها كى تتناول حقيبتها، ثم تذكرت انها لم ترتدى حذائها بعد فعادت سريعا لترتديه ناظرة في الساعه وجدتها السابعه والنصف
- ياربي انا اتاخرت خاالص ..

ركضت سريعا لتخرج من غرفتها ولكنها هدأت من خطاها امام باب غرفة محمد، فالقت نظرة خاطفه على ساعه الهاتف قائله لنفسها
- يلا مش هيحصل حاجه لو اتاخرت ٥ دقايق كمان ..

دقت باب الغرفه برفق لكن دون جدوى لم تلق ردًا، فعزمت امرها ان تفتح الباب، وضعت كفها فوق مقبض الغرفة لتدلف ببطء ثم استدارت كى تغلقه بهدوء حتى لا تزعج منامه .

وقفت مكانها تتفتن معالم جسده الرياضى الذى اخفق الغطاء ان يسترتها فتبسمت بشوق قائله
- وحشتنى يا ابن الايه..

ثم تنحنحت بخفوت قائله بصوت رقيق
- محمد .. انت نايم !

فتح جفونه بتثاقل وهو يتفتنها بطشاش قائلا بصوت كله نوم
- يسر ! حصل حاجه ؟!
تشبثت في حيبتها اكثر فرددت قائله
- انا نازله الجامعه، محبتش انزل غير لما استئذنك الاول ..

اعتدل محمد في نومته ثم اردف قائلا
- عاوزه فلوس ؟!

هزت راسها نفيا قائله
- لا مش محتاجه .. اصلا معايا ..

زفر محمد بضيق فمد كفه نحو حافظه نقوده ثم اعطاها اليها قائلا بحده
- خدى اللي يكفيكى وزياده يايسر وبلاش مناهده ..

- والله يامحمد معايا ...

- ليه نزلتى تشتغلى من ورايا .. !
تارجحت عينى يسر بحيرة حتى جلست بجواره بتلقائيه وهى تفتح حافظة نقوده قائله
- يووه اهو هاخد .. بس متتعصبش .

فاق محمد من سطو نومه ليتأملها بذهن يقظ، وقلب يتراقص على روائح قربها، شعر وكأن مراجل الشوق تتوق بجوفه ليظفر بها، تنحنح بخفوت محاولا خلق حديثا معها
- خدتى فلوس !

هزت رأسها ايجابا
- اااه حتى شوف ...

كُورت اصابع قدميه من لهيب شوقه لها فاردف قائلا
- تحبي اجى اوصلك !

هزت راسها نفيا
- لا السواق تحت .. انا همشي بقي عشان عندى محاضرة ٨ونص ويادوب الحقها ..

فوجئت بكفه تقبض على ساعديها ويسحبها بقوة اليه مما جعلها ترتطم باسوار صدره العاري شاهقه بفزع
- محمد ... في ايه ؟!

ازاح شعرها جنبا لينهال على عنقها بقبلات تلتهمها باشتياق حتى تناست نفسها بين ذراعيه .. فهمس محمد في اذانها قائلا
- وحشتينى اوى على فكرة ..
تعمدت ان تبتعد عنه مردفه
- انا زعلانه منك اصلا .. وبعدين مش فاضيالك عندى جامعه ومحاضرات كتير ... وانت خليك مقموص كده .

جذبها من خصرها كى يبسط جسدها في منتصف مخدعه ثم انحنى بجزئه العلوي فوقها قائلا
- انت هتستهبلى ! كليه تجارة دى بينجحوا فيها بالحب متعمليش فيها انك مشغوله قوى يعنى ..

كتمت صوت ضحتها مطصنعه الزعل
- انسي .. انا اصلا جيت اخد اذنك عشان انا زوجة مطيعه، ومش معناه اننا نتصالح .. كمل في عنادك وزعلك بقي براحتك اصلا انا اتعودت ..

طبع قبله خفيفه على انفها قائلا بحب
- منا خلاص قررت اصالحك دلوقت ..

- والمحاضرة !

- احم جوزك اهم ولا ايه !
تغنجت بين ذراعيه متعمده ان تعبث باناملها فوق صدره لتقول بدلال
- ما جوزى سايبنى كل دا لوحدى ..

- عشان حمار ياباشا .. اللي يسيب العسل دا لوحده ..

ظلت تتمايل بجسدها امامه عينيه قائله
- يعنى خلاص سامحتنى !

- هتكرريها تانى ؟!

هزت رأسها نفيا لتقول بدلال وهى تقطم شفتها السفليه
- تؤؤ .. عمري ..

- ويبقي انا عمري ما هبعد عنك تانى ..

- بس انت قسيت عليا اوى يامحمد .. يسر حبيبتك تستاهل منك كل القسوة دى ؟!

ظل يعبث بانامله في ازرار ( الشميز ) قائلا بلهفه
- مانا هعتذرلك حالا عن كل القسوة دى !

طوقته بذراعيها وهى تناديه بضياء عينيها قائله
- انسي .. مش بمزاجك على فكرة ليا شروط عشان نتصالح ..

رفع رأسه بعيدا عنها قائلا بسخريه
- والله انت اللي بتتشرطى دلوقت ! امبارح كنتِ تتمنيلى الرضا بس ..

رفعت حاجبها الايمن بثقه قائله
- دا امبارح لما كنت عامل فيها زعلان .. فطبعا مكنش يهون عليا زعلك .. اما دلوقتى كرامتى نقحت عليا فسيبنى اعيش الدور بقي ..

دنى قليلا منها كى تمتزج انفاسه بانفاسها قائلا
- وحرم محمد الهواري تأمر بأيه ؟!

تارجحت عينيها ثم اردفت بدلال
- طيب بوسنى الاول عشان اقولك !

رفع حاجبه مستنكرا، فتبسم ولمعت عيناه قائلا
- ما بلاش ! لو عملت اللى بتقوليه دا مش هديكى فرصه تنطقى ..

- احممم .. خلاص ياعم، اي رايك نروح نقضي شهر العسل المنظور دا ؟!

- ياباشا انت اي مكان جمبك مَنحل اصلا كله عسل ..

هزت رأسها بتحدٍ
- قولت لا .. نسافر شرم الشيخ او السخنه سوا وإلا مش هصالحك وهقوم اروح جامعتى وانت بقي كمل زعلك ..

- الله ! دانتى بتساومينى بقي ؟!

- بصراحه ! ااااااااااه .
طبع محمد قبله آخري على وجنتها بحنو ثم اردف بثقه
- طيب ولو قولت لا مش موافق ! ومافيش سفر .. هتقدري تقومى وتهربي من حصاري دلوقت !

اكلت شفتيها من كثرة الارتباك محاوله ان تبعد عيناها عن اسهم انظاره التى تُفتت قلبها عشقا، الى ان انتصر شوقها بداخلها حتى حدقت النظر بعينه قائلة بخفوت
- احم .. انت وحشتنى بجد على فكرة يعنى ..

ضحك محمد بصوت عال مرددا بانتصار وهو يلتهم شفتيها
- مانا بقول كده من الصبح انت اللى مصممه تضيعى وقت ...

" انا حضرت الفطار علي فكره .. تحب تفطر هنا ولا في الصاله "
يجلس عماد في تراس شقته يتنسم نفحات الصباح العطره .. فدخلت نورا عليه بهدوء والهواء يطاير شعرها وملابسها فاردفت جملتها الاخيره .. نظر لها عماد بضيق
- ماليش نفس !

تنحنحت بخفوت ثم اردفت بحنان
- انت اضايقت لما عرفت ان في حد في حياتى !

فوجئي من رصاصة سؤالها الغير متوقع فصمت لبرهه مردفا
- دى حياتى انت حره فيها .. كل واحد مننا جوه شخص مستحيل ينساه .

اكلت شفتيها من كثرة الارتباك مما كان اثر حركتها كافيا ان يشعل النيران بجوفه فنهض سريعا كى يهرب من جيوشه التى تجذبه اليها بقوة
- انا نازل .

- بس احنا لسه متكلمناش !

- مش لازم .. الكلام مافيش فايده منه .
حاولت خلق حديث معه فقالت
- رايح فين طيب .
- رايح ازور قبر نيره وحشتنى .
خرجت جملته الاخيره من بين شفتيه بدون رقابه او وعى كانه قاصد ان يخبرها لازالت ذكرى زوجته تحاصره .

طُعن خنجر اخر بجوفها مما ادى الي تراجعها للخلف مردفه
- تمام .. اتفضل .
تبادلا الانظار لعدة دقائق حتى انتصرت اقدام عماد على جيوش قلبه التى تقنعه بالبقاء بجوارها اكثر .. فتحرك من امامها بتثاقل فظلت تراقبه بعيون دامعه وقلب تجثو عليه بكفها كى يتزن فهى تخشي ان ينكشف عنها ستار الحب فتنفضح امامه .. وكأن الحب اصبح همها الوحيد الذي تخشاه دوما .

 

"علي فكرة انت حقيقي اجدع اخت في الدنيا كلها "
قالت وجد جملتها وهى توقظ اختها من سُباتها التى قامت لترتمى بحضنها هامسه في اذانها
- وصية ابويا انك انت وسليم تفضلوا مع بعض طول العمر .. وانا بحاول اساعدكم على قد مااقدر ..
ربتت وجد علي ظهرها بحنان
- بسببك انا وسليم اتجوزنا اهو ياورد .. وحقيقي انا مديونه ليكى بعمرى كله ..
اتسعت ابتسامه اختها متنهده
- وده احلى خبر قولتهولى امبارح قبل ما انام .. ربنا يسعدك ياوجد ..

نهضت وجد سريعا لتمسك كفها
- طب يلا بقى انت طالبه 3ث ومش عاوزين دلع وانا قررت اقعد معاكى طول الفترة دى عشان تعدى امتحاناتك على خير .. وتقفى في ضهري فالمستشفي .. يلايلا ياست الدكتورة بطلى كسل .. زي ماابويا كانت امنيته اتجوز سليم .. فكانت امنيته بردو انه يشوفنا كلنا اكبر دكاتره في الدنيا وانا مش هسيبك غير لما نحقق حلمه سوا .

- مش جدعنه دي ياوجد على فكره .. انا لسه موجبه معاكى وانت تقوليلي ذاكري بدل ماتدينى اسبوع اجازه !
سكبت وجد فوق راسها كوب المياه قائله بمزاح
- اجازه في عينك ! قووومى يلا يااابت والا انت عااارفه

بعثرت المياه من فوق راسه وهى غائصه بضحكها العالى
- خلااص والله هقوم اهو وامري لله .. لقد وقعنا في الفخ ...

طرقت باب غرفته بخفوت ثم اردفت قائله
- مجدى انت صحيت !
كان يربط في رابطه عنقه ثم تحرك ليفتح باب الغرفه مردفا
- في حاجه يادكتورة ..
ابتسمت بخفوت ثم هتفت
- انا جهزت الفطار تحت .. ممكن نفطر سوا !
رفع حاجبه بعدم تصديق قائلا
- انت متأكده انك مش سخنه !
- الله ! خلاص هرجع في كلامى !
- لالا وعلى اي احنا ماصدقنا الشمس تنور شويه .
ابتسمت بهدوء مردده
- طيب هستناك تحت !
ظل يتأملها طويلا محاولا استيعاب تغيرها المفاجئ .. فقربت منه فجاه مما زادت دهشته قائله
- تحب اربطلك الكرافت !
- كمااااان !
- بعرف والله اربطها .. متقلقش .. حتى استنى وشوف بنفسك .
رددت كجدي قائلا باستغراب
- سبحان من مغير الاحوال !

شرعت صفوة في عقد رابطه عنقه وهى تقف امامه لم يفصل بينهما مسافه تُذكر .. لم يزيح عيناه عنها مطلقا .. لاول مره يتأمل ملامحها بهذا القرب لاول مره يتفتنها خلف حائط النظاره الطبيه التى تخفى جمالها .. رفعت انظارها له متسائله
- بتبصلى كده ليه ..

تنحنح بخفوت ثم قال
- ما انت حلوة اهو اومال سمعتك وحشه ليه ..؟!
رفعت حاجبها وهى تبتعد عنه للخلف مردفه
- يا سلام !
هز مجدى راسه بتلقائيه محاولا اصلا ما ارتكبه قائلا
- مش قصدى .. يعنى بيقولوا انك صعبة وشديده وو وكده يعنى
- امممممم .. وانت شايفنى ايه دلوقتى !
تنهد بحب مردفا
- قمممرر .. قمر الله يخربيتك .

احمرت وجنتها خجلا ثم استدارت بجسدها مردده
- هستناك تحت متتاخرش .
شعر مجدي بالكره الارضيه انحدرت عن مسارها لتدور خلفه فاصابته بغيبوبه سحرها قائلا بتنهيده
- يخربيت كده يااجدعان .. ما البت حلوة اهى وطلعت رومانسيه كمان اومال قالقينى منها ليييه !

- انت اكيد اتجننت يااحمزه .. بتستغل نفوذك وسلطتك عشان تخدم صحابك ! هو دا اللي انا ربيتك عليه .. !

زمجرت رياح غضب حمزه الخياط ناهرا ابن اخته بجملته الاخيره، فاعتدل النقيب حمزه من فراشه ليجلس موازيا له
- ياخياط .. سليم بيحبها وانا كنت عاوز اساعده .. وعموما المحضر اتقفل خلاص وحتى الراجل بتاعهم طلع ..

- ااه وطبعا مش هتعدى عليهم حاجه زي دى والعتامنه لازم ينتقموا ..

- انت بنفسك علمتنا نحارب عشان حبنا ونساعد اللي عاوز يوصل .. متعصب ليه دلوق !

- شووف ياحمزه ياولدى انا معاك ويمكن لو كنت مطرحك وفي سنك دلوق كنت هعمل زي ماانت عملت، بس حمزه الخياط عيتكلم من باب العقل ..

- انا فاهم والله ياخالى، بس مكنش قدامى حل تانى، العتامنه دلوق فتحوا باب الشر معنا كمان !

حمزه الخياط باستغراب
- نعم ؟! ناوى على ايه ياحضرة النقيب !

- هرجع حقى ياخياط دول طلعوا عليا بلطجيه، وكنت هروح فيها ..

- اعقل ياحمزه ياولدى البلد مش نااقصه وانت اللى عارف كده مش انا اللي هقولك ..

- طب والعمل ياخالى ؟!

- لازم ازور راجح الهواري في اقرب وقت ..

بمجرد ما انتهى حمزه الخياط من جملته دلفت وعد وابنتها فالتفتا الاثنين اليهم، فاردف الخياط لزوجته
- عشق عامله ايه ياوعد ..

ربتت وعد على كتف ابنتها
- عادى ياحمزه مشاكل الحمل العاديه يعنى ..

تحركت عشق نحو زوجها لتجلس بجواره قائله
- يلا عشان ننزل سوهاج .. انا مش هسيبك هنا لوحدك ..

تنحنح الخياط مردفا
- هننزلوا ياحبيبتى، بس في مشوار اكده لازمن نروحه الاول ...

تسير ساميه بدلال مرتديه حذاء بكعب عاالى وفوقه عباءة مجسده لمعالم جسدها ثم جلست بجوار حيدر قائله

- كبير العتامنه .. صباحك فل ..

زفر حيدر دخان سيجارته قائلا
- خير ياساميه .!

رفعت ساميه حاجبها مستنكرة وهى هتز برأسها
- خير خير ياخوى .. الا قولى صووح كنت راجع البيت في نص الليل امبارح يعنى .. هو حصل حاجه ياخوي ؟!

ارتعشت كف حيدر فسعل بقوه مرددا
- وانت مالك ياساميه .. لساتك عتقوليلى كبير العتامنه، يعني يتصرف كيف ماهو حاابب !

- ااه يتصرف براحته، بس لو عرفنا انه علي علاقة باعدائنا يبقي لينا قول تانى ؟!

نظر إليه بقلق بالغ قائلا بتردد
- قصدك ايييه ؟!

- اي اللي بينك وبين ثريا ياحيدر يخليكم مع بعض لنص الليب امبارح ..

وقف حيدر متمهلا ليردف بصدمه
- ايييييييييييه ! انت عتخرفي ياامره ؟!

قهقهت بصوت انثوى مرتفع لتقول
- متخفش سرك في بير .. بس كل اللى شاغل راسي دلوق يعنى كيف الهواره سايبين حريمهم دايره على حل شعرهم كده لنص الليل طب والله عيبه فى حقهم ! إلا قول لى عرفي ولا تسالى ..

جهر حيدر بصوته العال قائلا
- انت مرة قليلة الحيااا ..

وضعت ساق فوق الاخري لتتكلم بشموخ
- لا عييب اقعد كده نتفااهموا ونوصلوا لحد مرضي، عشان النفوس تتراضي .

ظل يرمقها بعيونه الصقريه لبرهه ثم جلس متأففا
- عاوزة ايه ؟!

- تعجبنى ...
- انجزززى ..
التوى ثغرها متبسما بمكر مردفه
- وجد وادهم جوازتهم تتم بكرة ..

- قولى لولدك يتلحلح بدل ما البت عتسوقه كيفه كيف البهيمه ...

- فشششر ياخويا .. هو عيحبها مش اكتر والقلب ومايريد عاد ياحيدر باشا وانت ادري ...

تقلب في جلسته فوق جمرات القلق مردفا
- اللى بعده ...

شرعت ان تتحدث ساميه لتكمل اوامرها فقطعهم قدوم رجل من رجاله قائلا
- حيدر بيه ..عاوزك .
- في اي يازفت انت كمان ...

ضحكت ساميه مردده
- قول قول مافيش حد غريب، مصالحنا واحده ..

حيدر باختناق: رد ياغفير الغبره في ايه .. ؟!

- الرجاله اللى امرتهم يخلصوا على الظابط .. خدوا الفلوس وهربوا والظابط لسه عايش ف المستشفى ..

ابتسمت ساميه بانتصار مردفه
- حتى الحكومه مش راحمها ياحيدر ! طب العب على قدك ؟

ضرب الغفير بعكاز القوى قائلا
- غور من وشي جالك الفقر ...

نهضت ساميه من مقعدها لتجلس بجواره مردفه
- ماتجي نحط ايدنا في ايدين بعض .. انا اخطط وانت نفذ .. بدل خطط العيال دى ! قولت ايييه !

" طيب مش حضن جوزك حبيبك احسن من الجامعه بلى فيها "
اردف محمد جملته وهو يقربها منه لتستند برأسها فوق صدره فهتفت قائله
- انت هتقول فيها انا اصلا مكنتش طايقه البيت ولا ايه حاجه طول ما انت زعلان منى ...

تنهد محمد باسي
- جرحتينى اوي يايسر .. مكنتش متخيل انها تيجى منك ..
- والله يامحمد كنت مفكرة انها فترة مؤقته على بال ماتهدى الامور وبس .. مكنتش متخيله انك هتزعل اوى يعنى ..

عقد حاجبيه مستنكرا ليقول
- لما اشوف مراتى بتاخد حبوب منع حمل من ورايا عاوزانى اسكت !

- اووف يامحمد خلاص بقي متفكرنيش .. واقفل على الموضوع ..

- يايسر الموضوع كده كده لازم يتقفل بس لازم بتقفل على نضافه، كل واحد مننا يعرف هو غلط في ايه عشان الغلط مايتكررش ونعرف نكمل .. انا مش بتكلم على حبوب منع الحمل وبس، انا بتكلم فيما بعد ماينفعش تعملى حاجه من ورايا ماينفعش تخافى منى اصلا ماينفعش تخافى وانا معاكى، اقتلى القتيل وتعالى قوليلى ندفنه سوا، لكن لوخبيتى عليا انا ممكن ادفنك معاها ومش بهزر ..

احتنضنت خصره بذراعها برفق مردده
- انت قلبت ليه .. ماحنا كنا كويسين من شويه !
جذبها اليه اكثر كى يسد الفراغات بينهما قائلا
- حبك غلبنى اعمل ايه ! ماهونتيش عليا اعاقبك اكتر من كده .

- وانا وعدتك انى مش هزعلك تانى !

- مش فكرة زعل .. لسه هنشوف كتير ف الدنيا،، فكرة انك تخبي منى هى دى الكارثه محدش بيخبي غير الخايف، وطول ماانتِ حاسه بالخوف معايا مظنش انى استاهل حبك .. ولا ايييه .

- صح .. كلامك كله صح، وخلاص والله عيلة وغلطت بقي وحرمت خلاص مش هخبي تانى والله ..

- منا واثق في بنتى انها شاطرة وبتسمع الكلام ... صح انت مش عاوزه تنزلى الجامعه !

ضحكت بلا مبالاة لتقول ساخره
- قال الجامعه مستنيانى، اقول عليك ايه بس ضربتلى اليوم وعقابا ليك مافيش شغل النهارده وهتقعد جمبي ومعايا ويلا بينا على شقتنا عشان انا مش مرتاحه هنا ..

- اي الاوامر دى .. يابت انتِ اللى مزعلانى .!
- اااه منا بقولك كده عشان هصالحك بطريقتى بقي .. متتلككش وكلامى يتنفذ .. وهنسافر بكرة انا قررت خلاص ..

- دانتِ بتتحدينى بقي !
- يسسسسس .
نهض محمد من فراشه سريعا وهو يرتدى ملابسه قائلا
- مممم لا نشوف الموضوع دا في بيتنا بقا عشان هنا عارفك هتلمى علينا الناس وهتبقي فضيحتنا بجلاجل ...

- زي ما عقولك كده ياادهم .. خليك ماشي ورا امك وانا هخليك كبير العتامنه !

اردفت ساميه جملتها بنبرة هامسه وهى تقف ملاصقه بابنها الذي يستمع لها باذانٍ صاغيه، فهتف
- كييف ياما ! عتفكري في ايه ؟!

- اششش متفضحناااش .. المهم بكرة تجيب المأذون وتكتب على وجد وبكده ضمنت املاكك واملاك عمك سالم في جيبك .. وباقي الروس هنفكروا ازاي نخلصوا منيهم واحد واحده ..

- انا مش فاهم ايه حاجه ؟!
سحبته من كفه لتدلف معه داخل غرفه وتحكم غلق بابها هامسه
- فتح مخك معايا .. حط وجد قدام الامر الواقع ولم الرجاله، وهات الماذون واكتب عليها .. بس اهم حاجه من غير ماحد ياخد خبر، وانا مظبطه كل حاجه مع عمك ..

- سهله دى ياساميه .. وغيره !

- لا غيره دا سيبه عليا انا ...

كان سليم يجوب الطرقات بسيارته متأففا حتى وصل الي مقصد قلبه، فالتفت نحو رنين هاتفه قائلا
- روح وقلب وعقل سليم كيفها !

اقتربت وجد من الشرفة مردفه
- زي الزفت ياسليم .. كل تخطيطنا بااظ .

هبط سليم من سيارته وظلَ يخطو بحرص
- خير ياوجد ..

استدارت بجسدها مستنده على الحائط
- اتكلمت مع ادهم من شويه .. وقولتله انى موافقه، عمل فيها سيدنا الشيخ وقال توبت ومعرفش ايه وكلام اهبل ..

خطى سليم بين الشجر ثم اردف بلا اهتمام
- ايوة وفين المشكله ؟!

- ياااسلييييم .. انت مش مركز معاي ليه ! عقولك خطتنا باظت ..

صمت لبرهه وكأنه انشغل بفعل شيء ما قائلا
- وايه يعنى ياوجد .. عليتك كل مشيها عوج فمش هنغلب يعنى !

تجاهلت حديثه مردده
- سليمممم ... انت هتعمل اييه ومالك مش مركز معاى ليه ..

- طب استنى كده خليكى معاي دقيقه ..

- والله ما مرتحالك ...

بعدما انتهى سليم مما يفعله فاردف في هاتفه قائلا
- ايوة ياوجد معاك ...
- كنت بتعمل ايه بقي ..
تنحنح بثقه وهو يستند بظهره على جدار قديم
- بصي انا حاليا في الاسطبل بتاعكم اللى على الزرع، تعرفيش انا عملت المستحيل عشان ادخل، يلا تعالى عشان وحشتنينى ...

اتسعت حدقة عينيها وضرب صدرها بقوة مردفه
- نهارك مش فايت ... الله يخربيتك .. لا يخربيتى وبيت اليوم اللى عرفتك فيه، سليم امشي من عندك حالا ادهم وعمى في القصر ورجالتهم متنتوره ... متوديناش في داهيه ..

- انجزى ياوجد يلا مش همشي غير لما اشووووفك ..

《 يمكن دى المرة الوحيده اللى جايلك فيها بعقلى مش بقلبي زى كل مرة، لانى حاسس ان حد شاركنى فيك غصب عنى والله يانيرة مش بارادتى ؛ هى معملتش اي حاجه ولا اي مجهود ويمكن دا اللي وصلها لقلبك، كنت قافل عليه بمفتاح ومتأكد انى استكفيت بيكى وبذكريات .. بس شكلى ضيعت المفتاخ وهى اللي لقيته، انا جايلك حزين ومهموم، مش عارف اعمل ايه بس اى اللي قدرت من بعدك تلفت انتباه قلبي وللاسف طلع قلبها مليان بغيري،ومش بحاول اسأل اشمعنا هى اللى قدرت تعمل كده بالذات لان ‏مقتنع تماما ان الحبّ الذي يضعه الله في القلب لشخص ما .. لا ينْزعه من القلب إلّا هو .. عشان كده (لا تسأل مجرّبًا و لا طبيبًا )
مش عاوز اقلقك عليا بس انت اكيد حاسه بوجعى، كانت اخر وصيه ليك انى موقفش حياتى من بعدك وانا مسمعتش الكلام، بس حباتى غصب عنى مشيت وقلبي خدعنى ودور على حب جديد يرويه، انا مش عارف اعمل ايه .. اطلقها ولا استنى اديها فرصه يمكن ترتاح لى بس كده بظلمها وبظلم اللى حبته معاها، وهى اتظلمت قبل كده مش هبقي انا والدنيا عليها،،، طيب بصي انا طول الطريق بفكر اخد القرار بخصوصها هقولك ويمكن انت اللى تقوليلى اعمل ايه، انا هطلقها واسيبها وهكتفي بذكرياتك ووجودك، هفضل اقضي الباقي من عمري وسط كتبك ومكتبتك لحد مااجى انام هنا جمبك، عشان قلبى تعب من حيرته، كنت رافض الحب والله بس هجم على قلبي من غير رحمه وادى النتيجه ... بس لازم اغلبه واهزمه، لازم ذكرياتك تنتصرررر ... نيرة انا هطلق نورا ودا قرار نهائى ... 》

 

تسللت وجد بخفيه كى تصل الى اسطبل قصرهم قابضه على قلبها بكفها الذي يرتعد وجسدها المرتجف خشية ان ينكشف امرها .. تسير بخطى سريع واخري متباطئ خلف الاشجار وهى تنتوى لسليم ..
- طيب ياسليم .. اما خليت ايامك سوودة !
وصلت الي الاسطبل باحثه عنه بعيون متارجحه وقلبٍ خافق حتى فوجئت به يحضنها فجاة من خصرها وهو يغلق باب الاسطبل عليهما بحرص .. شهقت مفزوعه بين حصار ذراعه قائله
- انت جاى قصر العتامنه في عز الضهر .. اتجننت ياسليممم !

تنهد بشوق وهو يتفتنها بعيون لامعه ويلتصق بها اكثر
- وحشتينى اعمل ايه يعنى ... مقدرتش امنع نفسي !

- شكلك هتودينا كلنا في داهيه ...
- مش مهم طالما هنروحها سوا .
كانت اخر جمله اردفها سليم ومن بعدها التهم همس شفتيها عشقا وهو يحضنها إليه اكثر واكثر .. تعمدت ان تبتعد عنه بصعوبه مردده ياسليم
- والله ماهينفع .. امشي حد يشوفنا ..

دفعها بجسده كى يلصق ظهرها بالحائط مرددا بعتب
- اللى مش هينفع بجد اللى انت بتعمليه .. ليه مش عاوزه تفهمى انك وحشتينى ..

- وانت ليه مش عاوز تفهم انى خايفه عليك يانور عينى ..
- طيب اشبع منك وهمشي والله ..
شرع ان يقرب شفتيه منها مرة اخري وهو يلتهم انفاسها باشتياق ولكنها وضعت أناملها فوق شفتيه متوسلة
- سلييييييم ..

اضطر ان يقيد ذراعيها بكفه كى يدمر اي عائق يمنعه من الفوز بها والغوص في اعماق عشقها كى يطفىء نيران بعدها، شرع بالتلذذ منها بقدر المستطاع حتى اصبحت كل اعمده تمردها وخوفها رخوه بين يديه متراقصه على امواج عشقه التى تلتهمها بدون شفقه، غارقة في اعماق عشقه حتى تناست نفسها امامها ..

فقدا الاثنين وعيهما في حصار بعضها حتى ارتفعت اصوات انفاسها واتسعت حركت اجسادهما حتى سقط (البرميل) المعدنى فوق سطح صلب مصدرا صوتا عاليا مزعجا لفت الاذان ..

ابتعد عنه وجه متنهده بصعوبه قائله بذهول
- يالهوووى ياسليممم .. لازم تروح دلوق ...

اتاهم صوت طرق جمهوري على الباب من احد الغفر قائلا
- ميييييييين جوه !

ندبت وجد على وجنتيها قائلا بذعر
- يامرررررررري روحنا في داهيه .. ...
كان كلما عاد لغرفته بعد يومه الطويل والمجهد، ووجدها كحوريات الجنة تتوسط مخدعه ويشع منها ضياء الحب واللهفه، فيغلق بإحكام خلفه الباب، كمن يخشى أن يتسرب إليه شيءٌ من ضجيج العالم .. لانه يريد ان ينعم بالسلام معها دون عائق يستوقفه، فكانت بالنسبة له ملجأ أمن من عالم مليئ بالحروب.

- والله ماهينفع .. امشي احسن حد يشوفنا ..

دفعها بجسده كى يلصق ظهرها بالحائط مرددا بعتب
- اللى مش هينفع بجد اللى انت بتعمليه .. ليه مش عاوزه تفهمى انك وحشتينى ..

- وانت ليه مش عاوز تفهم انى خايفه عليك يانور عينى ..
- طيب اشبع منك وهمشي والله ..
شرع ان يقرب شفتيه منها مرة اخري وهو يلتهم انفاسها باشتياق ولكنها وضعت أناملها فوق شفتيه متوسلة
- سلييييييم ..

اضطر ان يقيد ذراعيها بكفه كى يدمر اي عائق يمنعه من الفوز بها والغوص في اعماق عشقها كى يطفىء نيران بعدها، شرع بالتلذذ منها بقدر المستطاع حتى اصبحت كل اعمده تمردها وخوفها رخوه بين يديه متراقصه على امواج عشقه التى تلتهمها بدون شفقه، غارقة في اعماق قربه حتى تناست نفسها بين ذراعيه ..

فقدا الاثنين وعيهما في حصار بعضهما فارتفعت اصوات انفاسها واتسعت حركت اجسادهما حتى سقط (البرميل) المعدنى فوق سطح صلب مصدرا صوتا عاليا مزعجا لفت الاذان ..

ابتعد عنه وجه متنهده بصعوبه قائله بذهول
- يالهوووى ياسليممم .. لازم تروح دلوق ...

اتاهم صوت طرق جمهوري على الباب من احد الغفر قائلا
- ميييييييين جوه !

ندبت وجد على وجنتيها قائلا بذعر
- يامرررررررري روحنا في داهيه ..
وقف سليم حائرا ممسكا برأسه التى توقفت عن التفكير .. استمرت وجد في الندب على وجنتيى خيبتها هاتفه بصوت هامس مرتعد
- هيقتلوك ياسليم .. يالهوى انا اييه اللى بيخلينى اسمع كلامك بس .. هنعمل ايه دلوق ..

نهرها سليم بصوت هامس هاتفا
- وجد ... اسكتى خلينى افكر ..

- تفكر ايه .. بقولك روحنا في داهيييه ..

زفر سليم بقوة ثم ابتعد عنها بخطى سريعا جاثيا على ركبتيه كى يفك رباط احد الاحصنه سريعا ... فظلت تراقبه بخوف وجسد مرتجف، فتكرر صوت الطرق مرة اخري قائلا
- مين قافل الباب من جوووه !

تلعثمت الكلمات بحلقها وبتلقائيه ضربت بكفيها فوق فخذيها بارتباك
- يادى النيله !

انتهى سليم من فك الحصان فأمسك بحبله قائلا بحذر
- اهدى اهدى كده وروحى افتحى الباب .. وقوليلو ان الحصان تعبان وانك كنت بتكشفي عليه يلا ..

- ياااسلام وهو غبي قوى عشان يصدق .. دكتورة بنى ادمين بقيت تكشف علي بهايم ..

ضرب سليم فوق رأسه بنفاذ صبر
- وفكرك اللى بره بالذكاوة دى .. انجزى ياوجد مقدمناش حل تانى يلا ...

- طيب وانت هتعمل ايه ..
شرع سليم ان يجيبها ولكنه توقف عندما سمع صوت قوى من احد الغفر بالخارج يتحدثون
- ياعم تعالى نكسر الباب .. انا متأكد ان في حد جووه ..

حاول سليم بقدر الامكان ان يحافظ على اتزانه قائلا بسرعه
- يلاا ياوجد اعملى زي ماقولتلك وانا هستخبي هناك .. وحاولى تزوحيهم بعيد عشان اعرف اخرج ..

شرعت وجد بالتحرك لتنفيذ ما امرها به مردده بندم
- يعمل المصيبه ويدبسنا فيها ! عقله بيكون فين انا مش عارفه ..

تحرك احد الغفر بحدف جسده بكل قوته على الباب ولكن سرعان ما فتحته وجد التى استجمعت شتات قواها وهى تسحب الحصان خلفها هاتفه بحده مهزوزه
- انتوا ازاي يابهايم سايبين الحصنه اكده من غير وكل ولا شرب !

- ست وجد ! حُصل ايه .. انا لسه موكلهم ..

تارجحت عينيها بارتباك فاردفت بجسد مرتعد من الداخل
- اجري شوف حكيم من العياده البطريه الحصان تعبان وانتوا ولا على بالكم ..

- ماله الحصان ماهو زي الفل !
- انت هتعرف اكتر منى ! اتحرك يلا ..

- العفو ياست هانم .. اللى تأمري بيه ..
القى الغفير جملته الاخيره ثم ركض من امامها كى ينفذ اوامرها امل عنها فاستدارت نحو الاخر هاتفه
- وانت واقف تتفرج عليا ! روح شوفلك مصلحه ..
- احسن تحتاجى اي حاجه ياست ..
- لا مش عاوزه حاجه .. يلا امشي .

بعد برهه القت انظارها كى تتأكد من خلو المكان، فاستدارت نحو سليم سريعا مردفه
- يلا ياسليم تعالى مشيتهم ..

اقترب منها ليقول ممازحا
- شاطرة .. يلا بقي نكمل اللى كنا نعمله ..

جزت على اسنانها بغل واغتياظ .. فاشارت له بكفها بحركات عشوائيه
- اموتلك نفسي عشان ترتاح ! سليم متعليش الضغط عليا ..

ضحك بصوت خافت فانحنى قليلا ليطبع قبله خاطفه بالقرب من ثغرها قائلا
- المكان هنا حلو ... هابقي اجى تانى .. يلا سلام .
زفرت باختتاق قائله
- جالك في سنانك يابعيد هتودينا في داهيه .. يلا اطلع من جناين القصب عشان محدش ياخد باله منك ..

- تقلقيش عليا .. دانا حافظ بيتكم حته حته .. دا عشرة سنين كتيره

في سيارة عماد التى تصف امام المقابر .. فاتاه اتصالا هاتفيا فبعد ما كان متأهبا للذهاب توقف كى يرد على المتصل قائلا

- ايوة ياسمير .. اخبارك .

- سعت المستشار كلنا بخير طالما انت بخير .

- يباركلى فيك .. ها في اى اخبار .

- بالنسبه لحيدر عتمان اللى طلبت منى اجيبلك معلومات عنه ..

- ااه ياسيدى .. قدرت توصل لحاجه ؟!

- بص اللى عرفته ان من ٣٠ سنه كان شغال صبى عند اكبر تاجر مخدرات فالقاهرة .. بس الشخص دا اتقبض عليه ومنهم حيدر اتحبس سنه بس طلع منها ورجع بلدهم .. اللى عرفته ان عيلتهم كانت فقيره جدا لدرجه انهم كانوا يشتغلوا خدم ومزراعين في اراضي الناس ومنها اراضيكم .. بعد 7 سنين بالظبط ظهر اسم العتامنه وبقيوا يملوكوا حوالى تمن الاراضي اللى في البلد وكمان ليهم نجع خاص بيهم ووصلوا لمرحله من الغنى الفاحش في فترة قياسيه، المرجح انهم اشتغلوا في الممنوعات بس الحكومه لحد دلوقت مقدرتش تمسك عليه خيط واحد .. بالاضافه الى علاقته النسائيه الكتيره اللى تقريبا بينزل مصر مخصوص عشان يتبسط .. الواضح ان شخصيه مش سهله ومن رايي ان الحكومه تسلط الضوء عليه الفترة دى .. البلد مش ناقصة مجرمين ..

دور عماد سيارته متأهبا للذهاب وهو يستمع له بكل جوارحه باهتمام مردفا
- تمام اوووى يا باشا، بص سيب الموضوع دا عليا وان شاء الله محدش هيكشوفوا غيري ومسير المجرم يتسلم لمحكمه الارض قبل محكمه السما ..

- عندنا ثقه في معاليك ياباشا .. واي جديد هبلغك .

- تسلم ياباشا .. منحرمش من خدمات معاليك ...

بعدما انهى اتصاله مع رفيقه فتنهدا قائلا
- مممم وراك وراك ياحيدر لحد مااعرف مين القاتل الحقيقي لسالم عتمان واتهم فيها عمى ... اكيد في بعد تالت للموضوع .

 

" كده كل الشنط جهزت .. صح هتاخدى حاجه تانى "
انتهى محمد بصحبة يسر من اعداد الشنط للسفر .. فاردف جملته الاخيره بتنهيده طويله بعدما القى نظرة ساخره علي كمية الأشياء التي ستأخذها معها فقالت
- لا انا خلصت .. بس انت مطلعتش لبسك !

- هو شرط وتيشيرت ومش عاوز حاجه تانى كده رضا، بس احنا نلاقي لهم مكان في الدولاب اللى انت وخداه دا !

ضحكت بصوت عال
- الله ! ما كله عشانك .. اصل انا قررت كل ساعه هلبسلك طقم .. هعملك عرض ازياء كده، بص هخليك تقضي احلي اسبوع في شرم ...

- نسيب شغلنا ونروح شرم ! طيب ياستى يلا عشان نلحق نوصل ..

قفزت امامه عده مرات بحركات طفوليه مهلله
- انا مبسوطة اوى يامحمد .. اول مرة هنسافر لوحدينا كده ومحدش هيقدر يقولنا تلت التلاته كام .. يسسسسس .

- البت الهبله اللى انا اتجوزتها دى .. طيب يلا قبل مااغير رايي .

نظرت له بعيون ضيقه لتسائله بفضول
- هو احنا لما كنت تحت مش انت كنت رافض موضوع السفر وكده يعنى .. اي اللى غير رايك ..

فكر لبرهه فاردف ممازحا وهو يعبث بخصيلات شعرها المبعثره امامه
- الاول مكنتش رضيت عنك اوى .. اما انت صالحتينى خلاص ومسحتى كل حاجه وحشه بطريقتك وانا طالما صفيت مقدرش ازعلك ياعسل انت ..

وقف على طراطيف صوابعها لتعانقه وترتمى بين ذراعيه قائله بفرحه
- حبيبي يااانااااااس .. والله انت اللى عسل وسكر وكل حاجه حلوة في الدنيا دى كلها .
فاردف ممازحا:
- طب اي انا بقول نلغى السفر ونشوف موضوع العسل دا سوا !

" يابت اسمعى منى .. راجح الهواري لو جرت له حاجه احنا كلنا هنترمى في الشارع "
اردفت ثريا الجالسه بشقه نورا جملتها بنبرة تحذيريه سقطت على اذان نورا وعماد الواقف امام باب شقته مما جعلته يتوقف لوهله يستمع لنهايه حديثهم .. ازاحت نورا دمعتها قائله بحزن
- انت عارفه انى مش كده ولا عمري هابقي كده .. انا مستحيل اوافقك علي طلبك انسي ..

- يابتى انا امك وخايفه على مصلحتك ومصلحتنا، انت الكبيره لو عملتِ كده اخواتك هيهاودوكى ويعملوا هما كمان، انا خايفه عليكم مش عاوزاكم تترموا في الشارع .

- ماما انت متخيله بتطلبي منى ايييه ! انت عاوزانى اغدر بجوزى وامضيه على املاكه ! اي الطمع والانانيه دى كلها ..

- بطلى نشفان راس وخليك ناصحه عاد .. عيال عفاف ملهمش امان دول مية من تحت تبن زي امهم ..

- متحاوليش .. كلامى خلص ...

- طيب بصي اهدى اكده ومضيه وخلى الورقه معاكِ .. ولو غدر مع انى واثقه انهم يعملوها تبقي ضمنتى حقك .. لا مغدرش خلاص ولا من شاف ولا من دري ..

- لو سمحتِ انا لحد دلوقت عامله حساب انك امى، ممكن بقي تتفضلى ومتفتحيش معايا الموضوع دا تانى .. ولما عماد يرمينى في الشارع وباكل حقي اتاكدى انى مش هاجى اشكيلك واصوت في دماغك .. انا عاوزه اروح احضر غدا لجوزى زمانه علي وصول .. اتفضلى ..

- انت هتصيعى عليا يابت .. دانا خبزاكى وعجناكى .. فوق ياختى من وهمك وخيالك وشوفى الدنيا على حقيقتها .. ولو مستنيه سي عماد دا يحبك تبقي غلطانه ومختومه على قفاكى ... دول ياكلوا مال اليتامى ! وبكره هتجينى وتبكى بدل الدموع دم يانورا ..

اجابتها بلا مبالاه
- المهم ماخدش حاجه مش من حقى ..

لاحظ عماد ان صوت ثريا وخطاها يقترب من الباب .. فركض سريعا كى يصعد للدور العلوى خشية ان تراه .. بعد لحظات فتحت ثريا الباب وهى ترتل:
- عينى عليكِ وعلى بختك المنيل في عيالك ياثريا ...

ظل عماد غائصا في بحور حيرته وبداخله جيوش متهجمه من الاسئله التى لم يلق جواب عليها .. اغلقت نورا الباب خلفها امها تقبض علي قلبها وجعا مناجيه ربها
- عشت ١٥ سنه متعذبه بنار حبه وبعده وميأستش، ومستعده استنى سنين غيرهم، بس عمري ماهفكر حتى اجرحه، يارب ادينى القوة اللى اقدر بيها اكمل ...

التفت نحو صوت المفتاح الذي الذي يخترق فوهة الباب مع رجفة قلبها .. فجففت دموعها سريعا كى لاينكشف امرها امامه .. فدلف عماد بهيئته الموقره لينظر إليها بعيون متسائله لوقتٍ طويل .. فحاولت ان تقطع حبال الصمت بابتسامه مزيفه
- حمد لله على السلامه ... يارب تكون ارتحت شويه لما زورت نيره ..

هز راسه ايجابا ليقول بتثاقل
- ااه .. الحمد لله ..

ثم التفت بجسده ليغلق الباب .. فاردفت نورا قائله بارتباك
- تحب تتغدى ..

تحرك من جوارها قائلا بلا اهتمام
- لا يادوب هنام شويه .. كلى انت، انا ماليش نفس ...

ظلت ترمق ظهره بنظرات استكشافيه مردده بخوف
- مصيبه ليكون سمع كلام امى !

 

" انت يابن الحلال مصمم تنقطنى ! بتعمل فينا كده ليييه "

اردف وجد جملتها بنبره معاتبه وهى تجلس فوق مخدعها بنفاذ صبر متحدثه معه على الهاتف .. فقهقهه سليم قائلا
- والحب ايه غير شويه مغامرات .. تقلى قلبك عاد، المرة الجايه هتلاقينى داخل عليكِ باب اوضتك ..

- سليم ... انت بتهزر !
- والله عتكلم جد، انا دلوق اعمل اللي عاوزو .. واللى ينطق هحط القسيمه في حبابي عينيه .

- اقسم بالله انت ما ناوى تجيبها لبره .

- واوصل ليييه للبر وانا غارق في بحورك !... سبينى احارب واطبش لحد ماادوب فيكِ كيف ما الملح بيدوب في الميه ..

اجابته ساخره
- ياسلااام .. مش واخده منك غير كلام ..

دلف سليم من سيارته متجها نحو شقته وهو لازال يحدثها قائلا باهتمام
- الا قوليلي يادكتوره صحيح ... هو الملح اللي بيدوب في الميه، ولا الميه هى اللي بتدوب الملح !

لم تستطيع كتم ضحكها اكثر فاردفت بصوت متقطع
- سليم .. انت بتهرز ...

- ومهزرش ليه .. مش انا شوفتك يبقي خالص خدت جرعته الكافيه من اليوم اللى هتخلينى اكمل .. بس فكرينى كده لما ترضي عنى نشوف موضوع الملح دا لانه شاغل بالى قوى ..

- سلييييييييم بطل قلة ادب ... بس احنا امتى هنعيش في النور في بيت واحد كده، قصدى يعنى هيحصل ايه لو احنا بنتكلم دلوقتى ولقيتك داخل عليا شقتنا وفي ايدك كل طلبات البيت، امتى هحس انى من حقى احضنك في اى زمان ومكان ..

- والله لو على دى ساهله .. تحبي اجى اعملها !

- بطل جنان ... اكيد مهما طال ليل البعد فشمس القرب مسيرها تشرق ..

- لا ورحمة ابوكى بالراحه عليا .. انا اصلا مفرهد من عندك ممكن اتجنن واجيلك تانى وفي ايديا الشمس اللي متأخرة علينا دى .

- يوووه .. سليم اعقل والنبي .. هانت خلاص ياحبيبي ..

وصل سليم في خُطاه للدور الثانى مردفا
- قوليلي صح عملوا ايه في الحصان اللى عيتيه دا ..

ضحكت بصوت عال قائله بثقه
- لا منا اتصرف بردو ..

- هاا عملتى اي بقاااا .. اشجينى .

- اكلت الحصان رده بحيث يجيله خلال في اتزان المعادن وكمان مغص بقا واسهال وكده ... وبس خلعت من الليله بس صعب عليا والله .. بس جيه الدكتور كشف عليه والموضوع عده ههه .

- ياااجامد انت ! طب والله العظيم دماغك دى لما تشغليها بتبقي احسن من ظابط في امن دوله ..

- احنا محدش يتوقعانا ... نعمل المصيبه ونطلع منها زي الشعره من العجينه ...

قهقهه سليم بصوت عال اخترق اذان ماجده الجالسه بالداخل ثم اردف قائلا
- تربية سليم الهواري منا عارف .. هتعملى اي دلوق !

- هروح اذاكر لورد امتحاناتها قربت ..

- ربنا يقويها .. يلا بوسيهالى عندك ..

- اتلمممممم .. ايه اللى بتقوله دا .
- منا هاجى ابوسك انتى وبعدين وصليها ياوجد فتحى مخك عاد ...
- بتتلكك !

- انت لسه شوفتى تلكيك .. دانت ايامك معايا سودة اتقلى بس ...

دلف سليم الى شقته ولازال يضحك مع زوجته بصوت عال متجاهلا وجود ماجده تماما .. مما ادى الي اشعال نيران الغل بجوفها .. فمدت كفها سريعا لتجري اتصالا مع ادهم ولكن وجدته مغلقا .. فالقت الهاتف بعيدا متأففه باختنااااق
- اووووووف .. طيب ياسليم !

 

" اتاخرت عليكى !"
اردف مجدى جملته وهو يقترب من صفوة الجالسه في بهو فيلاته تقرا بالكتب الطبيه التى امامها .. فقلت الكتاب سريعا مرسله له ابتسامه خلابه قائله
- حمد لله على السلامه ..

جلس مجدى بجوارها متنهدا
- الله يسلمك ... نزلتى ؟!

- هزت رأسها بالنفى
- كان عندى مذاكرة كتير، وكمان جهزتلك العشا قولت اكيد هترجع جعان ...

- يالهوى علي الرضا ... طيب بصي هطلع اغير هدومى وانزل ..

وثبت سريعا لتتشبث بكفه قائله
- لاا الاكل هيبرد .. اتعشي الاول بلبسك بحاجاتك كده وبعدين اعمل اللى عاوزو عشان انا كمان اروح اكمل مذاكرة

- طيب ياستى اوامرك ..

تابع مجدى خطاها ولازال تحت سطو استغرابه ودهشته بحالتها المفاجئة التى تبدلت كما يتباظل الليل مع النهار ..

ركضت صفوة امامه بجسدها الرشيق الذي لم يخل من معالم الانوثه التى زلزلته لتقول بعشوائيه
- عاوزاك تدوق اكلى بقي ومتتريقش .. انا بقولك اهوو ..

جلس مجدى علي مقعد البار قائلا بمزاح
- ياستى الجعان هياكل الزلط ... اي حاجه من ايديكى حلوه ..
تبسمت بفرحه ثم اردفت قائله وهى تعد في الاطباق
- لا لا هتنبهر ...

استند مجدى بذراعيه على سطح البار قائلا
- ليكِ عندى خبر حلو !

التفت إليه باهتمام
- بجدددد ! خيرر .

اجابها معاندا
- تؤؤ بعد العشاا افرضي معجبنيش يعنى فالحق ارجع في كلامى ..

نظرت له بعيون ضيقه
- رخم على فكرةة ..
- بطلى تلكيك ورغى وانجزى ياهانم ..
- طيب ياعم متزوقش ...

 

" انا مش هسكتلها هى والافندى اللي معاها "
اردف ياسر جملته وهو يجلس علي المقعد المجاور لمكتب والده بنبرة توعديه .. فاعتدل والده مردفا
- متقلقش رسالتها مش هتتقبل في اي مكان في مصر ..

- بردو مش كفايه .. لازم اكسرها .. ولازم افكر في مصيبه للى الافندى اللي هى متجوزاه ...

- انت لسه بتحبها يا ياسر ! رد على ابوك ..

تراجع للخلف بارتباك قائلا
- لا طبعا .. صفحة صفوة دى انا طويتها من زمان .. كل اللى مدايقنى بس اللى عملته معايا قدام الجامعه من غير ماتحترمنى ..

- ااااه .. تمام افتكر انك لسه بتفكر فيها .. عموما ابوك جابلك حقك بزياده .. اهدى بقي ..

ضرب بقبضة يده فوق سطح المكتب قائلا بشرٍ في سره
- بردو لازم اكسرك ياصفوة واجيبك ليا راكعه وجوزك دا اللى فرحانه بيه هعرفه مين هو الدكتور ياسر فتح الله ...

 

- اي رايك في اكلى بقي !
رفع مجدى حاجبه باعجاب مجيبا على سؤالها
-لا بصراحه ادهشتينى .. مكنتش متوقع كده ..

- اي خدمه .. مش هتقول لى المفاجئه بقي ؟!

- انتِ مابتنسيش خالص ! اللى هو انا لسه معشياك اطلع بالفلوس يلا ؟!

ضحكت بصوت مسموع مردفه
- الله ! انت اللى جبته لنفسك وبعدين انا مابحبش المفاجئات ...

فتح مجدى هاتفه المحمول ثم اعطاه إليه قائلا
- بصي !

حدقت النظر بالشاشه كى تقرا ما بها مردفه
- يانهااااار ابيض ! انت عملت كده عشان ..

اجابها سريعا بثقه
- النهارده قدمتلك على في جامعة كامبردج عشان تقدري تروحى تكملى الماستر بتاعك والدكتوراه كمان وكل المصاريف ياستى عليا ... بس انت اتجدعنى بس واتفوقي عشان يدوكى منحه هناك وتخففي من عنى شويه .. ايه رايك ..

لازالت تحت تأثير صدمتها نتظر في شاشة هاتفه تارة .. وتارة اخرى إليه بعيون متسعه وثغر مفتوح .. ضحك مجدى على هيئتها قائلا
- اااي ! والله مابضحك عليكِ .. واعتبريه ياستى اعتذار رسمى منى عشان متقوليش انى ضيعتلك مستقبلك والكلام الفارغ دا ..

ركضت نحوه سريعا كى تعانقه بامتنان متنغجه بين ذراعيه بفرحه وهى تقول
- بجد انا مش مصدقة نفسي ! معقوووله حلم سنين اتحقق .. دا كان حلمى من زمان .. بجد شكرا اوى اوى اووى يامجدى ..

حالة الذهول التى كانت تعتريها نقلت إلى مجدى اضعاف، وقف مكانه مصدومه محاولا استيعاب رد فعلها الغير متوقع، وعفويتها في حضنه التى زلزلته، حركه ذراعيه بتثاقل كى يحاوط خصرها لاول مرة، ظل يحلم طويلا بهذا اليوم ولكنه لم يتخيل مدى لذته، فقربها كان اجمل مما كان يتنظر، شعره بلذة عجيبه نبضت بقلبه كأنها تعتذر له عن كل ايام انتظاره ..

لم يستطع ان يقاوم اشتياقه لها فزاد من قبضة ذراعيه عليها كأنه يريد ان يدخلها باعماقه اكثر فاكثر، تنهد بمرارة انتظار ظفر بسكر قربها للتو مما جعلها تفك قبضتها على عنقه ببطء محاوله الابتعاد عنه .. احس مجدى ببرودة حضنها لوهله عندما رخت قبضتها عليه .. فاجبرته انه يفك حصاره من حولها

تراجعت صفوة بخجل مردفه بوجه ملطخ بدماء الخجل
- سوري !

- على ايييه ؟!

شبكت كفيها بارتباك قائله
- الفرحه بس اخدتنى ومحستش انا بعمل ايييه ...

وضع انامله فوق شفتيها قائلا بحنو
- صفوة .. انا بحبك ومن زمان اووووى .. ياريت تحاولى تتدى قلبك فرصه يستقبل حب جديد ...

- انا فاهمه كل دا بس معلش ادينى وقتى .. هى مسأله وقت مش اكتر .. ممكن !

قبل مجدى كفها الصغير بحنان قائله بمزاح
- ياباشا خد وقتك زي ما انت عاوز .. المهم هترجعى هتلاقينى مستنيكِ بردو

ابتسمت له بامتنان قائله
- طيب تصبح على خير بقي يادوب الحق انام .. وانت كمان ترتاح شويه ..

- مع انى حابب اقعد معاكى شويه .. بس تمام اللى تشوفيه

 

" ياعفاف ... بكرة عاوزك تجهزى وكل ملوكى، جايلنا ضيوف من سوهاج .. ولازمن نقدملهم عزومه تليق بيهم "
اردف راجح جملته الاخيره بحماس .. فاجابته عفاف سريعا
- اوامرك ياعمى ... اللى تأمر بيه كله هيحصل ...

- ايوة ياعفاف عاوزك ترفعى راسي، اصرفي وهاتى ميهمكيش، دا حمزه بيه الخياط ابو الكرم والضيافه ..

- حاضر ياعمى حط في بطنك بطيخة صيفى بس ..

" في ظهر اليوم التالى "

تجلس ماجده امام شاشة التلفاز ضرب كف علل الاخر .. فاتاها صوت رنين هاتفها فخفق قلبها عندما قرأت الاسم .. فتسللت ببطء كى تتاكد ان سليم لا زال غائصا في نومه .. فتنهدت بارتياح وهى تقول بصوت هامس
- الوووو ..

- طيب والله صوتك بقي عيوحشنى ... كيفك ..

بللت ماجده حلقها مردفه بضيق
- اتصلت بيك امبارح .. مردتش ليه ..

- حصل ياست ... بس معلش بقي عريس وبيجهز لفرحه ..

ردت ماجده ساخره
- ااه عريس ! وياتري تعرف عروستك كانت عتحكى مع نين لوش الفجر ..

- وجد ! وجد مش معاها محمول اصلا .

- اتاكد من مصادرك ياباشا ... ضحكهم كان واصل لاخر النجع طول الليل ..

زفر ادهم باختناق قائلا
- تقلقيش، الليله وجد هتبقي مرتى قصاد العالم كله ...

- دا بجد !

- افرحى .. وسعتلك طريق لجوزك عشان تستفردى بيه، وكمان لو عاوزه تعرفي ازاي سليم يسلملك .. ممكن نتقابل وافهمك ..

- نعم ! نتقابل .

- اه نتقابل في اي كافى شوب ونتحدتوا .. انا بردك عاوز مصلحتك ..

زمجرة صوت سليم اخترقت اذانها فارتعد جسدها قائله
- طب اقفل اقفل دلوق .. سليم صح ..

ادهم وهو يزفر دخان سيجارته
- وقطه جديده دخلت المصيده ! اما ذليتكم ياهوارة مابقاش انا من صُلب العتامنه ...

ركضت ماجده نحو غرفة سليم لتخترقها بدون استئذان لتبسط جسدها بجواره وتبدا في مداعبه شعره بدلال
- الضهر اذن ياسليم .. وانت لسه نايم !

عقد سليم حاجبيه، فرغم عنه سقطت عينياه على معالم جسدها البارز فتنهد باختناق وهو ينهض ليبتعد عنها
- جري اي اومال ! انت هتعدى عليّ النوم كمان ؟!
فاجابته بدلال
- اللي بيحب لازم يهتم ...

سعل سليم بنفاذ صبر وهو يخرج ملابسه من الخزانه
- اللي هنقولوه هنعدوه ولا ايييه ! وبعدين فيكى يابت الحلال ...

ركضت لتقف خلفه قائله بصوت منخفض
- بس انا بحبك .. انت ليه مش عاوز تحس بي !
= عشان قلب سليم عُمره ما استضافك جواه لدقيقه يااماجده .

كلماته اعتصرت قلبها واشعلت ما بداخلها من نيران، تلك المراة التى تشبه الرصاصه التى لاتُريد الا قتيلاً واحدًا، حاولت استجماع شتات قواها، هذه العنيده التي اقسمت علي تملك قلب من صخر، دنت منه قليلًا وهي تبلل حلقها الذي جف من نحرها

- بس انا مرتك ياسليم .. تكونش نسيت .

زفر بقوة واستدار متأهبًا للذهاب، الا ان اوقفته قبضة كفها الذي تشبث بكفه برجاء

- مش كُل مرة هتسيبنى اكده وتمشي .. مرة واحده اشبع من كلامي معاك ؛ مستكترها عليّ ياواد عمى !

انغلقت عينيه لبرهه متأففًا يُريد ان يضع علي فمها شريطًا لاصقًا كي تلتزم الصمت والتوقف عن كلماتها البارده التى لم تُحرك بداخله ساكن، كإنه اراد ان يمنح نفسه برهه من الوقت مفكرا ليقنعها كيف لقلبه التخلص من امراة غيرها استعبده عشقها استدار اليها بنفاذ صبر
- ما هوو انتِ ب
الى ان اتسعت عينيه ورُجت الكلمات بداخل فمه وتفوه بذهول عندما وجدها امامه نزعت ثوبها الفضفاض القصير .. فمسح بأنامله قطرات العرق المتصببه من جبهته بعدما راقبها بتلك العينتين اللاتي يشطاظان غضبًا .. ليرد بنبره حادة وهو علي وشك الذهاب
-بأه بباااااه .. اييه قلة الحيا دي! .. استري نفسك يابت .. جري لعقلك اييييه !

وقفت امامه كي تعيق طريقه رافضة الهزيمه امامه
- مافيش مشي ياسليم .. وانا مرتك يعني شرع ربنا وحلالك .. هتعصيييه ياسليم !

بعد انظاره عنها مُتعمدًا
- واللي عاوزاه دا مش هيحصل ياماجده كده بظلمك وبظلم نفسي معاكي .

= انت ظلمتني ودوست علي قلبي بمية جزمه قديمه من ساعه ما رفضت حبى ياولد الهواري ..

ابتعد عنها اكثر لاخر الغُرفه
- ولد الهواري عشان راجل مش هيطاوعك ف جنانك دا .. البسي خلجاتك واول واخر مرة نتحدتوا في الموضوع دا .. فهمااانى يابت الهواري !

انحنت لترتدي ملابسها بأعين سال منها الدمع حتي حفر وديان علي وجنتيها .. كيف تتخلص من حبه الذي اذابها عشقًا لتردد متوعده بثرثرةٍ
- مش خلاص ياسليم .. هوريك بت الهواري هتعمل ايييه .. بس اللي مايندمش ..

اشعل سيجارته بحنقه وضيق كإنه يُريد ان يُبخر حزنه الغير قابل للذوبان وهو يترقبها بأعين متنمره، تركت ماجده غرفتهم بعد ما القت عليه نظرة معاتبه ومتوعدة في آنٍ واحدٍ ..

ضرب سليم كف علي الاخر بضيق مفكرًا فٍ حبيبته تلك المرأة الغير قابله للنسيان ثم تنهد بقوةٍ
- عديها ع خيررر ياااارب .

دلفت ماجده الي اسفل بخطواتٍ واسعة،حتى وقفت في منتصف بهو القصر تطوف بعينيها في جميع انحاءه استدارت علي صوت افزعها
- واقفه اكده ليه ياماجده ؟
تنهدت بخوف وتوتر وتعالت دقات قلبها
- جددي! كُنت عاوزه اتكلم معاك لحالنا .

قضب حاجبيه مُتسائلًا
- خير يابتى .. مال عيني مورمين ليه .؟ سليم مد يده عليكي ياك !؟

هزت رأسها نفيًا ثم مسكت كفه بحنوٍ
- تعالي نتكلم ف مكتبك .. عشان محدش يسمعنا .

" هااا ياماجده .. قلقتيني يابتي خير ؟ حوصل ايه مخليكي تقفلي الباب علينا اكده عشان نتحدتوا "

فركت كفيها بقلقٍ
- سليم ياجدي ...
= ماله سليم ؟ الواد دا زعلك يااك ؟!
ابتلعت غصه احزانها
- اصلووو ...
= اصل وفصل اييه .. انجزي ياماجده تخلعيش قلبي عليكى يابتي ..
انتابها الصمت لدقائق محاوله استجماع قواها حتي انخرطت دمعه من عينيها سرعان ما جففتها بطرف كُمها .

ضرب جدها الارض بمؤخرة عكازه قائلًا بضجر
- ماتنطجي يابت ماالك بتترعشي اكده ليه !
انتفض جسدها بهلعٍ
- جدي .. انا وسليم متجوزين لينا كد اييه ؟!
= اي الهبل ولعب العيال ديه .. ماتتحدتى دُغري يابت انتِ .

- لينا كتير ياجدي .. صح!

= يامثبت العقل والدين يارب .. وبعدين ياماجده دي وعارفينها .. الل بعده ..!

وقفت مستعده لإلقاء قُنبلتها
- انا وسليم عايشين سوا كيفنا كيف الاخوات ..

اتصدم جدها من كلماتها ليرد عليها مُتلجلجًا
- اخوات كيف يعني .. ولد عمك وجوزك واكيد لازم يحطك جوه حبابى عينيه !

عقدت ساعديها متوعده
- لا ياااجدي .. انت فاهم قصدي ايه زين .. سليم مخدش شرع ربنا من مرته .. وداير ورا بت العتامنه لحد ما هتسلم رقبته لعمها يقتله بيده ...

كلماتها كعود كبريت اشعلت النيران بجسده جعلته ينهض من مكانه والصدمه مُحتلة كيانه
- انت اتهوستي يااااااك ! سليييييييييييييمممم ياااااسلييييييييييم ...

( فالمراة حينما تُحب تفقد القُدرة ع كُل شي) ...
لا شيء يوحى بأنّك ستأتى، ولكنى رغم عن انف المنطق والعقل انتظر، انتظر لاننى رأيت بالانتظار حياة ملونه بأحلامى بعيدا عن ابيض واسود الواقع، انتظر لانك الوحيد الذي مدَّ لى كفه الخشن كى يُقشر الحزن المطلى بجدار روحى، سمعت بضحكك صرخات ألم مكبوت حينها لعنت الهاتف والمسافات التى تقف عائقًا بينا لاحتضانك واخبرك بهمسٍ " اهدأ .. فقلبك عاد لملجئه الان .."، كنا كالقدس والقبه، كمكة والكعبه، كاتدرائية القديس وروما لا للمكان مكان بدونهم، ولا للشيء قيمه الا بمكانه، كنا هكذا .. اذن لماذا افترقنا ! حتى حول الفراق غرفة القلب المزهرة لحجرة مليئ بعفش الذكريات يحترق جوفها حتى اصبح كفرن طينيه ( المجرم غاب من غير مايودعنى !) ... ومع ذلك اقف فوق سلم الانتظار متأمله باللقاء مع انه يؤدى بي بعيدا عن مقصدك .. انا وقلبي نشتاق لك، انا ___ لك .

- يامثبت العقل والدين يارب .. وبعدين ياماجده دي وعارفينها .. اللى بعده ..!

وقفت مستعده لإلقاء قُنبلتها
- انا وسليم عايشين سوا كيفنا كيف الاخوات ..

اتصدم جدها من كلماتها ليرد عليها مُتلجلجًا
- اخوات كيف يعني .. ولد عمك وجوزك واكيد لازم يحطك جوه حبابى عينيه !

عقدت ساعديها متوعده
- لا ياااجدي .. انت فاهم قصدي ايه زين .. سليم مخدش شرع ربنا من مرته .. وداير ورا بت العتامنه لحد ما هتسلم رقبته لعمها يقتله بيده ...

كلماتها كعود كبريت اشعلت النيران بجسده جعلته ينهض من مكانه والصدمه مُحتلة كيانه
- انت اتهوستي يااااااك ! سليييييييييييييمممم ياااااسلييييييييييم ...

تراجعت للخلف على زمجرة صوته القوى وهى ترمقه بعيون مرتجفه .. ولكن قطع صوت نداءه قدوم الغفير ركضا هاتفا
- يااراجح بيه، حمزه باشا الخياط وعيلته وصلوا على البوابه ...
ابتلع الجد غصة غضبه متراجعا للخلف بخطوات متثاقله مردفا
- طب روح انت وانا جاى وراك ..

ثم رفع انظاره نحو ماجده قائلا
- كلامك اللى عتقوليه دا يطير رقاب، يمشوا الضيوف وانا لى حساب تانى مع سليم .. ..

- جدى انا خايفه دا لو عرف انى قولتلك ممكن يسود عيشتى ..

- " عيشة اهله هو اللى هتتغبر الليله، دا عاوز يحط راسنا في الوحل .. وعيتصرف كيفه كيف الصغار .. اطلعى دلوق قوليلو ينزل والليله هنشوف حل للمصيبه دى .. "

كانت تلك اخر كلمات القاها الجد على اذانها قبل ان يُغادر لاستقبال ضيوفه ..

-" انا شوفتك من فوق بتذاكري .. قولت اعمله قهوة تشربِها .. اتفضلى ياستى بس يارب تعجبك "
اردف مجدى جملته وهو يحمل في يديه (مجين) من القهوة ويقترب نحو صفوة الجالسه في حديقة منزله فوق الارجوحه، فعندما استمعت لجملته رفعت عيناها إليه وهى تعتدل في جلستها قائله بتلقائيه
- والله دى تالت كوباية نيسكافيه اشربها من اول ما صحيت، وفعلا مافيش اي حاجه جايبه نتيجه .. عندى خمول رهيب عاوزه انام وخلاص ..

مد لها كوب القهوة ثم جلس بجوارها مردفا بغزل:
- ياباشا انت القهوة اللى تلمس شفايفك بتدخل في غيبوبة اصلا .. اعذريها بقي ..

ضحكت بصوت مسموع وهى تحتسي مشروبها قائله
- يااسلام .. طيب ياسيدى مرسيه على المُجامله الفظيعه دى ..

رفع حاجبه ممازحا
- مممممم .. مجامله ! انت يابت معندكوش مرايات في بيتكم ولا ايييه !

- اااه .. بأمارة فوقى لنفسك ياما انتوا معندكمش مرايات في بيتكم ولا ايييه !

ضحك مجدى كثير ثم اردف بصوت يغمره السعاده
- ضميرك اسود اوي ! انت لسه فاكرة ؟! طب والله كان قصدى اعاكس وقتها بس طلعت في موقف مش لطيف فأنتِ اخدتها تريقه ..

اردفت بثقه
- ماشي ماشي .. هعديها يابيشمهندس ..

ضحك الاثنين معا، فعادت صفوة لتستكمل دراستها وهى ترتشف قهوته بانتشاء عجيب، بينما عنه كان يختلس نظرات خاطفه منها ومن وجودها وتفاصيلها وملامحها التى تجذبها مجموعه اوراق،، فبعد عدة دقائق من صمتهم استدار نحوها مجدى بجسده قائلا
- صفوة ..
رفعت حاجبها بايماء
- مممممممممم ..

- حاسه بايه معايا !

تنحنحت بخفوت وهى تبلل حلقها عدة مرات ثم اردفت بعد طويلا من الوقت قائله
- مطمنة ...

- طيب حلو علي الاقل سلكت طريق واحد لقلبك .. عقبال الباقى ..

القت عليه نظرة ثم طأطأة انظارها بدفترها وتارة اخري عادت لتنظر إليه في نفس اللحظه قائله
- انت لسه مأمن ان في حب !

- طول ما الحياة مستمرة الحب موجود ...

- اشمعنا انا يامجدى ..

اخذ نفسا عميقا وهو يمد انامله ليلمس خيوط شعرها المنسدله قائلا بحب
- عيونك السبب، عيونك مجرمين اول مابصيتِ لى وقعت على جدور رقبتى يابت الهواري ...

نظرت لانامله التى تداعب ذيول شعرها، فرُج قلبها من مكانه حتى انها اقنعت نفسها بأن هناك هزة ارضيه لا اكثر متجاهله تهجمات قلبها من الداخل ... عمدت ان تبتعد عنه هاربه من سطوه ولكن اوقفها سؤاله الغير متوقع قائلا
- صفوة ... هو في أمل صح ؟!

توقف مكانها لبرهه فالتفت برأسها دون جسدها قائله بثقه
- طول ما الحياة مستمرة الامل موجود .. .. المقوله كده اصدق ! متحاولش تأمن بالحب اؤمن بالامل عشان هو اقرب ووجوده اصدق ..

ثم تركته وغادرت هاربه من جيوشه التى تلاحقها حتى باب غرفتها، فاغلقت الباب خلفها كى تحتمى منه ومن قربه المزلزل لبدنها ..

 

" طب والله احنا زرانا النبي، نورت قنا بحالها ياحمزه بيه "
اردف راجح جملته مهللا وهو يرحب بحمزه الخياط واسرته .. فاردف حمزه بهيئته الوقاره
- قنا منورة بناسها ياهواري باشا ..

اردفت عفاف الواقفه خلف راجح قائله
- والله نورتونا .. انت ست وعد ! بصراحه كانوا يقولوا عليكِ احلى ست دخلت الصعيد، بس طلعوا كدابين انت احلى ست شافتها عني ..

ابتسمت وعد بامتنان
- ربنا يسعدك .. كلك ذوق ..

اشارت عفاف على عشق وإلهام متسائله
- بناتك دوول ..

هزت وعد راسها نفيا فأمسك بكف عشق مردفه
- لا .. دى عشق بنتى .. وتوامها عاصم الواقف جمب حمزه .

ثم اشارت نحو إلهام قائله بحب
- ودى إلهام مراته .. وتقديري تقولى انها اغلى من عشق ..

عشق ممازحه: بقي كده ياست ماما ! طيب خليكِ فاكراها بس ..

ضحكوا جميعا ثم اردفت عفاف بحب
- اتفضلوا اتفضلوا .. هنقضيها حديت على الباب، شكل الكلام مابينا مش هيخلص النهارده ...

عند موقف الرجال اردف الهواري قائلا
- بقي نسيب حمزه الخياط بيخدم في قنا وانا معرفش !

النقيب حمزه بعرفان: ماليش كتير يادوب جيت من شهر، بس انا وسليم دايما على اتصال ..

راجح: سليم ماعينساش صحابه ولا معارفه واصل ..

- من ساعة ما اتعرفنا على بعض في اسكندريه واحنا صحاب .. الا هو فينه مش باين ..

راجح: انا بعتله ودلوق يجى ..

ثم التف نحو عاصم الذي يشعر بقليل من الخجل بينهم قائلا
- عامل ايه يادكتور .. ماشاء الله وراث شكلك وطلتك ياحمزه بيه ..

عاصم بامتنان
- ربنا يبارك في حضرتك ياعمى ..

راجح: طيب يلا يلا اتفضلو جوه .. نورتونا والله ..

 

" في شرم الشيخ "
- سوو تفضلى هنا متتحركيش هروح اجيب حاجه نشربها وراجع ..
اردف محمد جملته بنبرة تحذيريه وهو يقف امام (بسين) القريه بشرم الشيخ .. فاومأت يسر رأسها ايجابا مردفه
- حاضر يامحمد هقعد هنا مش هتحرك خااالص متقلقش ...

- لا مش قلقان ..انا مرعوب منك .

- والله ظالمنى .. يلا روح بس ومطولش .. وانا هقعد شويه على النت .

- اشهد عليها يارب عشان مرتكبش فيها جنايه ..

ضحكوا سويا ثم غادر محمد وجلست هى فوق ( الشازلونج ) تتصفح هاتفها وبعد مرور عدة دقائق جذب اذانها صوت ضجه عاليه .. طافت عينيها باحثه عن مصدر الصوت ثم اردفت بذهول
- wow ... dancing !

فنهضت سريعا من فوق مجلسها متناسيه وعدها لمحمد قائله بحماس
- هقوم اصورهم وانزلهم استوري للعيال عندى ..

اقتربت من حلقة اجتماع كثير من الاجانب والمصريين والعرب رافعه كاميرا هاتفها لتلتقط الصور بمرح شديد، كان كل شخص يجذب محبوبته ليتراقص معها في ساحه الغناء على الحان الموسيقي الصاخبه، ظلت تصورهم كثيرا بفرح حتى شعرت بذراع يلتف حول خصرها قائلا بلكنه لبنانيه
- ما بدك ترقصي ؟!

شرعت ان تستوعب قذيفه سؤاله فلم ينتظرها ذلك الشخص فجذبها من خصرها بدون مقدمات الى ساحه الرقص وهو يحتضنها قائلا
- يلا يلا ارقصين ... شو فيكِ .

ابتعدت عنه بجسد مرتعد وعيون متأرجحه تبحث عن زوجها، فاقترب منها مرة اخري وهو يتراقص امامها قاصدا ان يلمسها قائلا
- مو حابه ترقصي .. !

صفعته بقوة قائله بصراخه
- ابعد عنى حيوان ..

انخفضت صوت الاغانى تدريجيا .. فانجذبت الاذان نحو ثرثرتها مردفه
- انت مجنون ..

وقف الرجل مصدوما
- عم تضربينى وِلييييييه ! نسيتى نفسك يابنت ؟

التفت يسر بجسدها موشكه على الذهاب كى تتقي شره ولكنه جذبها من ذراعها
- استنى هون .. ما خلصت كلامى معك ..

اتاه صوتا جمهوريا من الخلف وبلهجه صعيديه قائلا
- كلامك معايا انا يارووووح امكككك ..

طبقت يسر كفيها على فمها بذهول
- محمدددددد ...

اكمل محمد قائلا
- عاوز ايه منها !

- هاد بنت مو متربيه .. وهلا بتعتذر منى قدام كِل الخلق ..

رمقها محمد متوعدا ثم اردف بهدوء مصطنع
- اتقى الشر ياحبيبي وحل عن سمايا احسن افرمك مكانك ..

- انت مين ولك! حقى باخده منها هى لانها صفعتنى قدام العالم ..

- هو اللي حاول يمسكنى والله يامحمد ..

جملتها اشعلت النيران بجسدها فاستدار نحوه بغل ليلكمه بقبضة يده الحديده قائلا بغل
- ودى عشان تفكر تمد ايدك تانى على حاجه متخصكش ..

ثم استدار لقبض على ذراعها الذي غرزت انامله بها قائلا بحده
- يللاااااااا .. امشي ...

- نتكلم شويه ! ممكن .
اردفت نورا جملتها وهى تقتحم غرفه الصالون التى يجلس بها عماد، فاغلق الكتاب بيده قائلا بضيق
- اتفضلى ... سامعك .

فركت كفيها بارتباك وهى تقترب بخطوات سلحفيه لتجلس بجواره
- انت متغير معايا ليه .. انا عملت حاجه تزعلك !

اعتدل عماد في جلسته ليردف برسمية
- نورا انا فكرت كويس اوى .. ولقيت الحل اننا نطلق !

خجر طُعن بصميم قلبها فاردفت سريعا
- كل دا عشان قولتلك في حد في حياتى !

- مايخصنيش ! انت حرة ؟!

- يعنى موضوع انفصالنا هو اللي هيريحك ؟!

- انا شايف انه هيريحنا كلنا ..

- بس انت خدت قرارك لوحدك من غير ما تاخد رايي ..

- رايك باين، وتعالى نرفع ستار الخجل ونتكلم بوضوح .. انت اتجبرتى على حياتك معايا وفي قلبك حد تانى، وانا واحد لسه عايش على ذكريات مراته، يبقي انسب حل كل واحد يتفرد بذكرياته ويكمل معاها ..

ذرفت دمعه من عينيها بحزن ثم اردفت وهى متأهبه للذهاب
- تمام .. اللى تشوفه صح اعمله ..

غصة علقت بقلبه فلم يتحمل ان يراها بتلك الهيئه فاردف بسرعه
- انت رفضتى ليه تنفذي طلب امك .. واهو تضمنى حقك اللي كانت عاوزه تأمنه !

تجمدت نورا بمكانها محاوله استيعاب ثلج كلمه الذي جمد الدماء بجسدها وشل تفكيرها، فنهض عماد بغضب مكبوت ليقف امامها قائلا بحده
- بقي هى دى خطة امك، اتجوزوا ولاد عفاف ومضوهم وكوشوا على كل حاجه .. لا بجد تفكيرها عجبنى .. متكيف !

وضعت اناملها على ثغره لتضع حدا لسُم كلماته
- انا عمري ما كنت هعمل كده !

- يعنى لما عرفتى انى هطلقك مندمتيش وقولتى ياريتنى سمعت كلام امى .. وامنت مستقبلى

انفجرت بوجهه قائله بصراخ
- بس بقاا اسكت وكفايه ظن سوء لحد هنا بسسسسس ...

- تنكري ان والدتك كانت بتوذك على حاجه زي كده ..

كلماته اعتصرت قلبها فاردفت ببكاء
- انت بتكلمنى ازاى كده .. كأنى متهمه عندك .. انت لو سمعت الكلام كويس زي مابتقول كنت هتعرف انى رفضت عشان مش انا اللى افكر التفكير دا ..

هز رجله بارتباك فاردف قائلا
- ليييه ! مش خايفه احسن تطلعى من المولد بلا حمص !

ابتسمت بيأس مردفه بنبرة ساخرة
- انا طول عمري بداخل المولد ومش بطلع بأى حاجه، عماد ... طالما خدت قرار طلاقنا فلازم تعرف الكلام اللى خبيته في قلبى ١٥ سنة، يمكن جيه وقته مش لسه قايل تعالى نزيح الستاره ونتكلم .. اسمعنى بقا للاخر ..

تحركت من امامه مستديره بجسدها باعده عيناها عن مرمى عينيه لتردف
- انا واحده متعلقه بيك ومن هى عندها ١٥ سنه يعنى عيلة كنت في اعدادى، كنت اول ما اشوفك قلبى يتخطف واحس انه بيضرب بسرعه ودقاته مش بتهدى واتخض واحس انى فرحانه بس خايفه عاوزه ابص عليك بس في نفس الوقت عاوزة استخبى منك، لما كنت ارجع القاهرة كنت احس انى مخنوقه، عاوزه اعيط عاوزه اشوفك تانى، كنت ساذجه معرفش اي حاجه عن ما يسمى ( حب ) كل اللى كنت اعرفه انى ببقى ملخبطه وقلبي بيوجعنى بس الغريب انى كنت بحب وجعه، فضلت اراقبك كتير واستناك، مستنيه يقيموا عليا الحد " البنت لابن عمها " ... بس اللى حصل غير كده بعد ما ترجمت مشاعرى وفهمت انى كنت بحبك وانا معرفش دا سمعت انك خطبت .. حسيت قلبى اتفرم على قضبان سكة حديد، وقتها دخلت اوضتى وفضلت اعيط واكتب واصرخ حبر على ورق، فضلت متعذبه بيك ٣ سنين، لحد ما ارتكبت غلطة اكبر قررت امحيك بوجود حد تانى، اتراينى بحكم على نفسي بالاعدام مرتين، عارف يعنى اييه تكون عايش مع حد مش طاايق نفسه ... !

اقترب منه عماد نادما محاولا ان يربت على كتفها برفق ولكن سرعان ماابتعد عنها كالملدوغه لتردف بهدوء خلفه جيوش مسلحه بالحزن
- عماد انت سالتنى في حد في حياتك قولتلك ااه .. كنت مستنية منك تقول لى مين ! بس انت اخدت في نفسك والغرق الصعيدى طق في دماغك برغم انى مش في بالك ولا قلبك بس كرامتك مسمحتش انى افكر في حد غيرك ..

بللت حلقها وهى تجفف دموعها وترمقه بنظرات متأرجحه
- عماد .. انا بحبك !
صمت تام ساد بينهما تاركين زمام الحديث لاعينهم .. دنى منها عماد ليمسك كفها ويبسطه ويفركه بكفه الاخر كى يشعرها بالامان ثم اردف بهدوء
- ممكن تهدى طيب ..

كان كفها يرتعش بكفها، كانت روحها تنسحب منها ببطء لتحل مكانها روح جديده مليئه بعطر القرب، طبع قبلة في باطن كفها اشعلت كفها بحرارة انفاسه ثم اردف بتوسل
- اسف ...

بللت حلقها عدة مرات محاولة الافاقه من مخدر قربه فاردفت بحزن
- على ايه !

- على كل وجع سببته ليك من غير ما احس .. كنت حمار اعمى مش حاسس بكل دا .. انا ازاي كنت بالغباء دا !
ثم طبع قبلة اخرى كانت بالنسبة لها شيء اقرب بنفخ الروح ليدنو منها اكثر قائلا بهمس
- ألا قوليلى ياست الدكتوره .. هى الست لو وصلت لتفكير الراجل ٢٤ ساعه حتى وهو نايم ..دا نسميه ايه ..

رغم عنها تناست كل حزنها الذي تلاشي من جوفها لتردف بثقه
- اظن انها وصلت جواه لمنطقة الامان ..

دبت في جوفه فوضي قوية جعلته يتبسم اليها بحب وهو يحتضنها من رأسها ليطبع قبلة خفيفه فوق جبهتها مردفا
- تقريبا انت وصلت للمنطقه دى ... نورا اسف بجد .. سامحينى .. ممكن

‏كانت مذاق قربه لطيفة للحد الذي جعلها تتنهد بارتياح، كانت تمرر اناملها فوق قلبه لتأخذ فِتاته المبعثر عندما تغادر ضلوعه اردت ان تظفر بعبير قربه فاحتضنته بذراعيها كأنها تقايض رئتيه برائحتها فكان فعلها صفقة ناجحه استطاعت بها ان لا ترك قلبه خاوياً من رائحتها ..

همس في اذانها برفق
- احنا الاتنين محتاجين فرصه .. مش كده ..

ابتعدت عنه لتنظر في عيناه قائله بتردده
- متأكد !

- انا مكنتش متاكد الحقيقه، بس بعد ما حسيت بدقة قلبك في قلبى كأنه بيلومنى على سنين البعد .. بقيت مؤيد جدا ..

لبست رداء العوض والمكافئه التى ظلت تنتظرها طويلا، تنهدت امام عينيه بانتشاء عجيب ادهشه كمن بلغ قمة جبال افرست في الحال ... مسح دموعها المنهرة من فوق وجنتيها قائلا بمزاح وبلكنة صعيديه
-خبر ايه اومال كفياكى بُكى عاااااد ...

انفجرت ضاحكه وهى تجفف وجنتها باطراف كمها
- على فكرة كل حاجه كتبتها كانت ليك، انا متعلمتش اكتب غير من اليوم اللى فقدت فيه الامل في رجوعك ..

- هنقراهم سوا بعد كده .. مش هنسيب جمله غير لما نعطر بنفس قربنا .. وهنودعهم ونبدلهم بذكريات اجمل ... يلا تقدري تطلبي طلب حالا يغفرلى المصيبه اللى انا برتكبها ليا ١٥ سنة لحد قبل ١٠ دقايق ..

- اتمنيت انك تحبنى للابد .. وبس .. هتحاول ؟

- هحاول .. بس هحاول ادور جوايا على مخزون حب يكفينى احبك ولحد ما يخلص الابد كمان ...
شرعت ان تحرك شفتيها كى تنطق ولكن قطع همس بوحهم دق الباب .. اردف عماد مزمجرا
- دا مين الرخم دا ! احنا محدش بيخبط علينا خالص من اول ما اتجوزنا .. حبكت يعنى دلوقت !

 

" محمد افتح الباب طيب .. منا مش ههاتى مع نفسي كده كتير !"
اردفت يسر جملتها وهى تقف امام باب المرحاض الذي دلف محمد بداخله كى يطفىء نيران غضبه .. فكررت الطرق عدة مرات هاتفه
_يووووه ! طيب افتح نتكلم ... بلاش اسلوبك دا !
ترك ميه الصنبور مفتوحه فاتجه بكل دخان احتراقه ليفتح الباب قائلا

_نعم! عاوزه تقولى اي تانيه .. انت اصلا بأي عين بتتكلمى !
_جري ايه يامحمد بتقول كلام عجيب ياخى هتكلم بعينى ازاي .. بتكلم ببؤي عادى والله ..
كور قبض يده باغتياظ وهو ينظر لها بعيون تشع لهيب الغضب
_كمان بتهزري ! انت معندكيش دم ..

ابتعدت عنه قليلا لتمسك بمنامته وتتأهب لتلبسه اياها قائلة بمزاح
_البس بس احسن ما تستهوه وبعدين نتخانق ..

_سؤال يايسر ملهوش تانى .. اتحركتي من مكانك ليه ؟!
_كنت عاوزه اصور حفله الدنص والله .. قولت عادي يعني وانت هتتبسط لما تشوفها ..
جز علي اسنانه بنفاذ صبر
_انا قبل ما اتنيل وامشي نبهت عليكِ وقولت ايه .. ؟
حاولت تلطيف الجو وهى تربت على كتفه
_بعد الشر عنك متقولش اتنيلت دى .. بخاف عليك ..

زفر باختناق فاستدار كى يختفى من امامها ململما ببشظايا غضب .. فركضت سريعا لتعيق طريقه
_ خلاص خلاص .. متزعلش ..
_ اوعى من قدامى مش طايقك يايسر ...
_ يووووووووه انت بتزعقلى ليه دلوقت .. ماتروح تتخانق معاه هو اللي حاول يمد ايده عليا ..
_ واحده بتحب المسخرة ورايحه لمكان كله رقص عاوزاه يعمل معاكى ايه ! يقولك تعالي نصلى ركعتين !
كتمت اصوات ضحكها بصعوبه فاردفت بكبر
_ انت غيران ولا اييه !
جز على اسنانه محاولا تمالك اعصابه قائلا
_ انا على الكلام اللي مابيتسمعش ..
عقدت ذراعيها امام صدرها لتردف بثقه
_ على فكرة يعنى انا كان ممكن افضل قاعده مكانى وهو يجي يعاكسنى عادي جدا .. ودا ليييه عشان مراتك قمر وكل العيون عليها ... يامحمد يابنى انت بين ايدك كنز حافظ عليه ..

كُورت اصابع قدمه ويده بنفاذ صبر فدفعها بقوة من امامه قائلا بغضب
_ اوعى من قدامى احسن ارتكب فيكى جنايه ..

_ ارتطم كتفها بالحائط فصرخت متأوهه
_ اااااه يامحمد ..

رغم عنه نسي كل مصائبها فاقترب منها قائلا بلهفه
_ ماااالك !
رمقته بنظرات ماكره ثم ارتفع صياحها فجاة مصطنعه الالم وهى تضغط على كتفها بكفها الاخر
_ كتفى بيوجعنى اوووي ...مش قادره ..
ارتعد جسده خوفا عليها قائلا بحرص
_ اوعى ايدك طيب ورينى ..

ارتفع صوت صياح تمثليتها
_ لاااا مش قادرة .. اوعى كده ملكش دعوة بيا ..
زفر باختناق
_ يسر .. ورينى دراعك متخضنيش عليكِ
_ لا اوعى كده .. غبي وماتعرفش تتعامل مع بنى ادمين .. وسع من طريقى يامحمد ..
اغمض عينه لبرهه كأنه يعاتب نفسه، فتحركت يسر بملامح ماكره فقفز في ذهنها فكرة اخري، علقت قدمها بمفرش الغرفة عمدا مصدرة صوت استغاثه مرتفع حتى اوشك جسدها على السقوط، سرعان ما التهمها محمد يين ذراعيه بلهفه فانحنى بجسده ليحملها رغم عنها قائلا بحده
_ شاايفه اخرة عنادك ..

قضبت ملامحها بتصنع
_ عاوزه ارجع البلد دلوقت ..
دنى بها محمد نحو فراشهم قائلا بحنو
_ طب وشهر العسل ..
تغنجت فوق ذراعيه مردفه
_ ماليش فيه .. انا مستحيل اقعد معاك ساعه واحده .. يلا كده نزلنى ..
ابتسم محمد بخبث وهو يبسطها فى منتصف الفراش قائلا
_ منا هنزلك اهو ...
حاولت بقدر المستطاع ان تخفى ضحكها كى لا تفشل تمثليتها قائله بدلال
_ ابعد عنى كده .. مش هكلمك تانى اصلا ..
اصدر صوتا نافيا بثغره قائلا
_ تؤ .. اطمن على كتفك الاول ..
تدللت بين ذراعيه قائله بصوت طفولى
_ مالكش دعوة بكتفى .. وابعد ..

ازاح كفها رغم عنها بعيدا ليري اصابة كتفها، فضغط عليه برفق فاصدرت صوت متألم مصطنع يحمل بين ثناياه ضحك، فرفع محمد حاجبه قائلا بخبث
_ بتستهبلى يايسر !
زمت شفتيها وعقدت ذراعيها فوق بطنها قائله بصوت طفولى
_ وانا هونت عليك تزقنى كده !
_ ما انت عارفه لما بتعصب بتجنن .. ومش بشوف قدامى .
_ وانا مش عاوزاك تتمادى في عصبيتك يامحمد .. كل حاجه بالعقل .. اهدا وفكر واسمع الموضوع وبعدين اتعصب ..

_ يعني كنتِ تشتغلينى !
ابتسمت بخبث وعيون لامعه
_ بصراحه ... اه، عشان كنت عاوز تضرب علينا اليوم .. فانا لما فكرت ملقتش غير كده ..
استند على كتفه الايمن وجزئه العلوي موازيا لها قائلا
_ بس دا مايمنعش انك غلطتى، وماسمعتيش الكلام .. فلازم تتعاقبي ..
نظرت له بعيون ضيقه مردفه بدلال
_ بقولك اي انا سايبه جامعتى ومستقبلى وكل ما املك عشانك وعشان ننبسط .. مش عشان تعاقبنى ..
قضب حاجبيه بامتعاض مصطنع وهو يداعب خصيلات شعرها برفق قائلا
_ ايوة اعملى علينا ست المشغوله .. عموما ماتخافيش هتتعاقبي عقاب حلو هيبسطك ...
حدقت النظر بعيونه وهى تعبث في منامته قائله
_ قول لى الاول انك مش هتتعصب بالطريقه الهمجيه دي تانى ..
_ لما تبطلى متسمعيش الكلام .. مش هتعصب ..
فضحكت بميوعه مردفه
_ ممممم مش هوعدك
رفع حاجبه قائلا
_ يااسلام مش خايفه يعني !

_ منا الاول هشوف العقاب .. لو عجبنى بقي هغلط كل يوم وكل ساعه .. احم وكل دقيقه كمان ...

كانت تلك اخر جملة اردفها يسر قبل ان ينقض على حركت شفتيها بشوق ليطفئ نار غضبه من عذب مياؤها الوحيد القادر على اخماده ...

" فهمت يا فايز هتعمل ايه "
اردف حيدر جملته بحرص شديد بعدما انتهى من قذيفة اوامره على اذان فايز لوضع خطه يقتحم بها منزل الهواري ..

اردف فايز سريعا
- بعون الله .. دفنة سليم الهواري الليله ..

ادهم بشماته
- خليك حريص، وفتح عينك وامن نفسك زي مااتفقنا، مش عاوز حاجه تعطلنا عن كتب الكتاب ..

تنحنح فايز بثقه
- عيب ياابو عمو .. دانا فايز عتمان بردك .. تار عمنا هيتاخد الليله واخيرا راسنا هتترفع وسط الخلق ..

- ربنا معاك ياولد اخوي .. يلا شهل عشان الرجاله .. وانت يا ادهم المأذون هيجي ميته

- ساعه كده وتلاقيه وصل .. المهم وجد متعرفش حاجه لازم نحطها قدام الامر الواقع ..

 

دقت باب مكتبه بهدوء حتى اذن لها بالدخول فاردفت بدلال

- بستئذان اههوو ..

دار بمقعده الجلدى الاسود قائلا
- ياباشا انت دخلت قلبي من غير استئذان .. فحقك تدخل اي مكان بعد كده ..

اقتربت منه وشعرها المرفوع علي هيئة ذيل حصان يمايل معاها قائله
- السواق جابلك الاوراق دى ..

رفع حاجبه وتبدو عليه معالم الاهتمام
- ااه دا ورق مهم قولت للسكرتيره تمضيه ..

- طيب يلا امضيه عشان السواق قاعد بره .. هو الورق دا مهم اوى كده ..

تناول مجدى منها الاوراق كى يتفحصهم .. ولكنها فجائته بالجلوس امامه فوق سطح المكتب قائله
- يلا امضي ..

زاوية عيناه انحدارت لتتفتنها بانبهار من اسفل لاعلى قائلا بتنهيده
- صلاة النبي احسن !

كتمت صوت ضحكتها مردفه بدلال
- انا بقول تمضي بقي بسرعه عشان شكلك عندك مهمه تانى دلوقتى ..

تنحنح بخفوت ليفق من سُكر قربها وهو يمضى بالاوراق سريعا
- والله ما قاري، هو الحلو رضا عننا ..

وضعت ساق فوق الاخري لتقول
- طيب انجز وبطل عطله الراجل مستني بره وبعدين نشوف موضوع الرضا دا ...

انتهى مجدى من امضة اوراقه بسرعه فائقه وانظاره التى تنخطف إليها حتى انتهى منهم .. فسرعان ما جذبتهم متلهفه
- شاطر .. شوفت بقي وجودى في حياتك مهم ازاي خليتك تخلص شغل في اقل من دقيقه ..

نهض مجدى ململما بالاوراق ليقول
- هديهم للسواق وارجعلك بسرعه ..
خطفت الاوراق من يده بسرعه
- انا اللي جبتهم يبقي انا اللي اوديهم لو سمحت كل واحد يلزم شغله ...

رفع حاجبه متعجبا
- اي عقل العيال دا !

- اسمع الكلام يابشمهندس .. دقيقه وراجعه ..

ركضت من امامه سريعا وهى تحتضن الاوراق فاردفت متعجبا
- بت المجنونه دي !

ابعتد صفوة عن غرفته وهى تطوف بعينيها بقلق بالغ متصفحه في الاوراق التى معها كانها تبحث عن شيء ما، الى ان ارتسم على ثغرها ضحكة انتصار عجيب عندما ظفرت بمرادها واستطاعت ان تصل الى امضاء مجدى على ورقه التنازل لكل املاكه لها، فاستندت على الجدار خلفها مردده بسخريه
- فاكر نفسه هيضحك عليا بمنحه ومعرفش ايه، لا وحاسبها عليا جميلة كمان والواد متطوع انه هيصرف عليا ... طيب يابيشمهندس ياما ورقة طلاقى توصلنى ياما تمشي تشحت في الشارع ...

 

" تسلم ايدك والله يام عماد .. اكلك حلوة اوي "
اردف وعد جملتها وهى تجلس بجوار حمزه زوجها في المجلس العائلى .. فرددت عفاف بشكر
- انتوا بس اعملوها وتعالوا كل يوم وان مشالتكمش الارض اشيلكم فوق عينيا والله ...

اردف سليم قائلا
- سعت النقيب حمزه اللى حصلك دا مش هيعدى على خير ..

التفتوا جميع نحو قذيفه كلمات سليم التى اخرجها بتلقائيه .. فرمقه النقيب حمزه بحذر، وعلى الفور انطلقت عشق قائله
- هو اي اللى حصل ياحمزه، سليم بيه قصده ايه ..

ارتبك حمزه قليلا فربت على كتفها برفق
- عشق .. مافيش حاجه دا موضووع وخلص .. ولا اييه ياسليم باشا

احس سليم انه ارتكب جريمه فحاول ان يصلح الموقف قائلا
- زي ما حمزه باشا بيقولك بالظبط ..

رمقت وعد زوجها حمزه الخياط باستغراب فتعمد ان يضغط على كفها برفق مشيرا لها بكلتا عينيه مما اشعل نيران الارتباك تندلع بجوفها .. رمق راجح سليم باغتياظ قائلا
- غير الموضوع ياسليم ..

- هى يعنى الحفلة على سليم دلوق !

عشق بارتباك وجهت حديثها لوالدها
- بابا .. انتوا مخبين عنى حاجه !

ضحكوا جميعا خوفها الذي يتقاذف من عيونها فاردفت عفاف
- يايتنى ماهو جوزك جمبك اهو، شكلك بتحبيه جوى .. ربنا يحمهولك ..

اردفت الهام بمزاح
- اصل حمزه اخويا وعشق متربين على حب بعض من زمان فتلاقيهم كده روح واحده ..

عاصم زوجها بضيق: قصدك اي ياست الهام .. يعنى لو كنت مكان حمزه مكنتيش هتخافى عليا .!

ضحكوا جميعا فاردفت الهام بسرعه
- انت هتوقعنى ليه في الغلط قدام الناس !

ربتت على ظهرها نورا الجالسه بجوارها بحنان
- يابتنى انت اللى جايبه لنفسك الكلام .. _ثم نظرت لعماد بخجل_اصلا الحب دا احلى حاجه في الدنيا ربنا يسعدهم ..

التفت عماد الى حمزه الخياط
- كنت حابب اتعرف على حضرتك من زمان .. وليا الشرف انى قاعد مع جنابك ..
حمزه بامتنان
- يكرم اصلك ياسعت المستشار ..

التفت ماجده صوب عشق مردفه
- انتِ بجد بتحبي النقيب حمزه من صغركم ولا دى مبالغه من الدكتوره الهام !

تشبثت عشق بكف زوجها بحب مردفه
- الهام اول مرة تقول حاجه صح، انا متعلقه في روح حمزه كاننا روح واحده .. والبركه في ست الكل وعد هانم والخياط باشا علمونا نحب زيهم ..

وعد بمزاح
- انت مالك بوعد هانم ياست عشق ! انا محدش بيحب زيي ولا ايه ياخياط باشا !

امتزج صوت الضحكات جميعا فاردف حمزه قائلا بعتاب
- اهو جبتى لنفسك الكلام ياعشق ..

فاردفت ماجده بتدخل في الحوار
- انا كمان بحب سليم من زمان اوى .. ومن انا طفله، وحبه بيزيد جوايا بطريقه انا عاجزه عن وصفها ..
اقتطبت ملامح سليم فجاة فلاحظ ذلك كل من الخياط بخبرته في عرف العشق والهوى، والاخر لانه اعلم بسر صاحبه ... فتدخل حمزه الخياط قائلا
- يبقى الحب مجرد كلمة حتى الشخص اللي يديها معنى ..

تبسم عماد باعجاب ثم القى نظرة على نورا قائلا
- عند حق ياباشا ..

وثب حمزه واقفا يرتب جلبابه قائلا
- طيب نستأذن احنا .. عشان لسه عندنا مشوار طويل

تدخل راجح: لا انتوا تباتوا عندنا الليله والنهار له عنين ..

حمزه بامتنان
- والله ياراجح بيه انا نفسي اقعد خصوصا لما اتعرفت على العيلة الجميله بتاعتكم .. بس ان شاء الله تتعوض وهنستانكم احنا في سوهاج ولازمًا نتعرف على البيشمهندس والدكتور وباقى العيله ..

- دا شرف لينا ياباشا ..

تحرك الجميع نحو بهو القصر للخروج من بابه الخشبي الضخم، وهما يتبادلون السلامات والترحاب والاحضان بين السيدات الى ان وصلوا الى مجمع سياراتهم .. توقف حمزه الخياط مردفا
- سليممم .. عاوز اتكلم معاك لحالنا .. شوف الوقت اللى فاضي فيه وتعالى تنورنا ..

وقف سليم امامه ممتنًا
- الوقت اللى معاليك فاضي فيه هتلاقينى عندك ..

راجح بفضول
- خير ياباشا ..

ربت حمزه على كتفه قائلا
- خير ياهواري ماتقلقش ..

همست نورا في اذان ماجده قائله
- اومال امك فين مش باينه !
- قفلت النور وقالت محدش يصحينى ...
- يااختى ! هتستلقى وعدها من جدك النهارده ..

لكزتهم عفاف بمزاح لتقول
- سلموا على البنات يلا ...

استكملوا العائلتين حديثهم الذي استمر لبضعه دقائق في ممر البيت، كلا منهما يشارك في الحديث بطريقته المختلفه مابين هزار ورسميه وحكمه وغيرها .. ضم صف النساء مع صف الرجال ليعقدوا نصف دائره .. مابين اصوات ضحكهم والجمهوري اتفتلت اذان راجح الى صوت شد اجزاء سلاح خافت، فرفع عينيه ليجد شعاع من الليزر مصوب علي صدر سليم المنغمس في حديثه المثير مع الرجال .. اطلق صوتا قويا في انٍ واحد ممزوجا بصرخات راجح الهواري وهو يقف امام سليم مناديا باسمه مع صوت رصاصة فايز التى اصابت راجح الهواري في مقتل ... وبمهاره قتاليه في جزء اقل من الثانيه اخرج النقيب حمزه سلاحه لتصيب رصاصته رأس فايز العالق فوق سور القصر وهو متاهب للفرار .. فسقط صريعا في الحال ..

ركض النقيب حمزه ومجموعه من رجال الهواري والخياط خلف الغزو الذي خيم عليهم ليلتهم، بينما اعتلت نواح النساء وهما يراقبون راجح طريحا في الارض يين ذراعي سليم الذي انفجر في البكاء قائلا بتوسل
- قومى ياهواري ... لسه في حاجات كتير اتفقنا عليها معملنهااااش قووووم ..

جث عاصم والهام على ركبتيهم للتعامل مع اصابته ينهاره طبيه ... فزعت ثريا من سباتها على الضجه المربكه بالاسف ففركضت نحو النافذه لتري ما الامر ...

 

- " الحقى ياوجد .. الحقىىىىىى مصيبه "
اردف ورد جملتها وهى تقتحم غرفة اختها بانفاس مرتفعه وجسد يرتعد .. دنت منها وجد متسائله
- حصل ايه .. اهدى ..

اخذت ورد انفاسها بتثاقل وهى تقول
- المأذون تحت، بيكتب كتابك على ادهم .. مصيبه ياوجد ..
وضعت كفها على فمها بذهول محاول استيعاب نيزك كلمات اختها .. فركضت سريعا كى تهافت سليم لتستغيث به .. ولكن دون جدوى رنين بدون جواب ... القت هاتفها جنبا والدموع تنخرط من عيناها
- يبقي لازم اواجه لوحدى !

ركضت ورد صوت اختها متوسله
- لا والنبي .. هيقتلوكى ياوجد .. فكرة بعقلك .. كلمى سليم يتصرف ... اقولك امشي امشي من القصر دلوق روحى لسليم ..

قطعت ساميه حديثهم بشماته مردفه
- يلا ياعروسه المأذون بيسأل عليكى تحت ..

صاعق كهربي اصاب الاثنين في مقتل، فظلا يتبادلون الانظار المتارجحه فوق نيران الخوف 
انا اشتاق، انا اريد، انا اتمناك ان تكون نصفى الاخر المُكمل لى، ولكن يبدو للزمن راي اخر، اصبح اشتياقنا تمرد على قوانين عالم متغطرس سلب مننا الارادة واعتقل امانينا حتى اصبحنا كعُلبة صفيح آكلها صدأ القسوة والظلم .. اصبح لقانا حدثًا منافيًا لقواعد الطبيعة كتلاقي خطى سكة حديد اذا اجتمعا كثرت ضحاياهم ! فإلى أين المفر ؟! - نهال مصطفى.

امامك انا امرح، اغرد بترانيم حبٍ غير متناهى&#