رواية فتاة ذوبتني عشقا كاملة جميع الفصول بقلم امينة محمد

رواية فتاة ذوبتني عشقا كاملة جميع الفصول بقلم امينة محمد

رواية فتاة ذوبتني عشقا كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة امنية محمد رواية فتاة ذوبتني عشقا كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية فتاة ذوبتني عشقا كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية فتاة ذوبتني عشقا كاملة جميع الفصول

رواية فتاة ذوبتني عشقا بقلم امينة محمد

رواية فتاة ذوبتني عشقا كاملة جميع الفصول

لم اكن اطيل النظر أليك عبثا في كل مره انظر فيها أليك كنت أشعر ان جزءا داخلي يترمم !
** تقلبت في فراشها وهي تشعر بفراغ بجانبها .. فتحت عينيها بتكاسل ولم تجده بجانبها .. فأعتدلت في الفراش ورفعت شعرها الذي كان يغطي نصف وجها .. ليظهر فمها الصغير وعينيها الكبيره ذات اللون العسلي .. رفعت بصرها للأعلى لتنظر للساعة فوجدت الوقت متأخر جداً .. قامت من الفراش بهدوء .. اتجهت لحمام الغرفه وفتحته ولم تجده هناك أيضاً .. تنهدت بقوه ونزلت من الغرفه للاسفل وقفت بمنتصف السُلم ورأته يجلس مديراً ظهره لها امام المدفئة وينظر للنار التي تنعكس لونها في عينيه البنية ... فأقتربت منه ووضعت يديها علي كتفه فرفع رأسه اليها وابتسم بهدوء وشدها لتجلس متكوره بين احضانه وكأنها تحتمي به .. كأنها تستمد منه القوه والدفئ ... كانا كالوحه ابدع بها من رسمها .. كانت كطفل بين احضان امه .. مسد علي شعرها وقال (فرح .. ايه الي صحاكي دلوقتي ؟!)... اغمضت عينيها وهي تتشبث برقبته وتريح رأسها علي صدره قائله  (ملقتكش جنبي وقمت ايه الي صحاك ؟ ) .. ابتسم بهدوء وقبل رأسها وشدها اكثر اليه ( زي كل ليله يافرح .. مش قادر انسي الي حصل معانا .. زي مايكون كابوس بس طَول اووي .. او دا اختبار من ربنا عشان يشوف مدي صبرنا .. بس اختبار طويل اوي مش راضي يخلص !! ) فرت دمعة من عينيها وكأنها رأت الماضي امامها لتو .. صمتا قليلاً ..كل منهما شرد بالماضي وكيف كان .. !! شرد بماضيه منذ ان كان طفلاً وكَبُر ودخلت فرحته لحياته ونشرت الفرح في كيانه .. بل قلبت كيانه رأساً علي عقب .. مشاكل عديده وعديده واجهتهم وهم يصدوها وتحملوها كثيرا .. وهم يقولون " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " آمنوا بقدرهم وما كُتب لهم في حياتهم رغم انه كان مؤلماً !! كان الصمت هو سيد المكان حتي قاطعته هي بصوتها الملئ بالألم والأختناق ( احنا امتي هنرجع مصر .. سليم رجعني مصر ارجوك !! ) خبأت رأسها بحضنه وبكت .. فنظر لها بهدوء ولم تتدم نظراته للحظات ورفع رأسه للاعلي سانداً اياه علي الكرسي واغمض عينيه بتنهيده بينما هي تبكي بصمت بأحضانه .. ليشرد مره اخري بالماضي !!
(Flash back )
** كانت تركض بسرعة شديدة ، حتي بدأت أنفاسها تنقطع من شدة وسرعة الركض ، ولكن ليس الآن فهي في وضع خطير حرِج ، ترتدي ذاك الفستان المُترب وبدأ يفقد لونه من وساخته وكمية التراب التي تغطيه ، ولكن لم يمنع ذلك من ظهور لونه النبيـتي ، وترتدي فوقه الكاب الذي يغطي كامل الفستان من الخلف ويغطي شعرها ونصف وجهها من الامام ((( الي معرفوش زي الي ف التصميم يابنات ))) ظلت تركض حتي وصلت للطريق العام وقفت تنظر أمامها وهي تلهث بتعب ومرة أخري أمسكت فُستانها وركضت للمكان المقصود " الصيدليـة " دلفتها سريعا فتوقف الصيدلي بسرعة من هيئتها ومعه المساعدة ، لتنظر لهم بخفوت وقالت بسرعة وبصوت لاهث ( عايزة دوا السُكر والنبي بسرعة ) مط الصيدلي شفتيه باستنكار وذهبت مساعدته واتت بعدها بدقيقة بالدواء وهي تمليها علي سعره ..
نظرت لها وهي تتمسك اكثر بثيابها كـ شئ تستمد منه القوة قائلة ( بس انا معييش فلوس خالص ) خرج صوت الصيدلي بصياح ( انتي جايه تهرجي يا ست انتي ، امال جاية تشتري ازاي ) ألتفتت له وهي تضم يديها بترجي ( والنبي يا دكتور تديني الدوا وانا هجبلك الفلوس بكرا ، بس والنبي تديهولي ، امي تعبانة اوي ) هز رأسه بغضب قائلاً ( اطلعي يابت انتي برا ) كانت دموعها تسير علي خديها وصوتها مرتعش خائف ، ولكن يكفي خوف ، والدتها مُتعبة كثيرًا وتحتاج للدواء الآن .. وجهت اخر نظرة للصيدلي ثم للمساعدة اللذان لم يستطعا رؤية وجهها إطلاقاً بسبب  ذلك الوشاح الذي يغطيها ، لم يروا كم ان الزمن قسي علي تلك الفتاة وجعلها علي ما بها الآن ، لم يروا ملامح وجهها المتعبة ، الشاحبة ، المزرقة ، الحزينة ، لم يروا دموعها التي تنهار علي خديها بلا توقف ، اكثر ما تخشاه في حياتها هو خسارة والدتها واعز ما تملك والوحيدة التي تملك ..
خرجت من الصيدلية ووجهت نظرها للارض لتري حجر ، لم تجد سوي تلك الفكرة لتأخذ الدواء لوالدتها ، لملمت القليل في ثوبها ودلفت مرة اخري وهي تمسك اكبرهم قائلة بنبرة غاضبة ولكن لم يخلو منها الخوف ( هتديني الدوا ولا افتح راسك وابوظلك الصيدلية ) نظر لها بصدمة ثم تبدلت للغضب قائلاً ( اخرجي يابت انتي من هنا وإلا والله هجبلك البوليس ، قسم الشرطة جنبنا والله هناديهم ) لم تبالي لا بشرطة ولا بغيرها ورمت حجر من معها علي الزجاج امامها لينكسر الي اشلاء مكملة ( والله العظيم هكسرلك الصيدلية هاااات دواا بقولك ) نظر لمساعدته لتهز رأسها فـ خرجت تركض لقسم الشرطة المجاور لهم ونظرت للشرطي قائلة (يا باشا في بنت هبله اقتحمت الصيدلية بتاعتنا وماسكة طوب وعايزة تاخد دوا عافية وهي ممعهاش فلوس ) ، كان يقف خلفها وهو يستمع لكلماتها قائلاً بنبرة هادئة ( فين الصيدلية دي ) التفتت سريعاً له قائلة بنبرة خائفة ( جنبكو هنا يباشا تعاليٰ معايا ) نظر لمُساعده وتوجه معها لتلك الصيدلية بينما لحقه المساعد وبعض رجال الشرطة .. دلفت الصيدلية وهي تشير للمجهولة تلك قائلة ببغض ( هي دي ياباشا بُص معاها طوب قد اي ) توجه لها بهيئته الضخمة ، بينما هي ارتعش جسدها ووقع من يديها الحجر كله ، إذن اتت الشرطة ولن يرحمها أحداً الآن لتذهب لوالدتها ، وقبل ان يتقدم ليراها كانت تمسك بفستانها وتستعد للركوض من باب الصيدلية الآخر ، ولكنه كان أسرع منها وامسكها بقـوة مزمجراً ( علي فيننن ؟) ظلت تحاول النفور منه ولكنه كان الاقوي علي قبضته ليستمعا لصوت الصيدلي ( انا برفع دعوة علي البنت دي لانها اتهجمت علي صيدليتي وكسرت حاجات فيها ) جال ببصره في المكان وهو يري ما فعلته تلك القطة التي يمسكها بقوة وهي تحاول الهروب منه .. نظر للصيدلي قائلاً بصوت حاد ( تعاليٰ القسم ارفع الدعوة هناك ) نظر لرجاله واكمل ( هاتوه هو كمان ) امسكها بقوة مكملاً بضيق ( اهمدي بقاا ) وجذبها عنوة وهي تصرخ ( سيبني يا باشاا والنبي ياباااشا سيبني ) لم يستمع اليها بل كانت كلماتها كمعزوفة تطرق أذنيه ، وصل بها لقسم الشرطة ومعه رجاله وذلك الرجل الذي رفع عليها دعوة بالتهجم علي أملاكه ..
بينما هو سحبها لداخل القفص الموجود في القسم ورماها به ، لتتأوه بألم من شدته معها ( اااه ) رفعت بصرها تنظر له وهي تعتدل في جلستها قائلة بترجي ( والنبي ياباشا تسيبني امي هتموت مني وهو مكنش راضي يديني الدوا بتاع السكر دا ) اقترب منها وامسكها من كتفها يوقفها بعنف لتتأوه للمرة الألف للآن ( اسمك اي يابت انتي ) نطقها بصوت حاد مُرتفع ، لينتفض جسدها بخوف قائلة بصوت باكي ( اسمي فرح ياباشااا ) كان يحاول ان ينظر لوجهها او اي شئ منها فزفر بضيق قائلاً ( شيلي البتاع دا ) ومد يديه يدفعه للخف ليسقط علي ظهرها ... فيظهر وجهها الدائري ذو اللون القمحي ، وعينيها العسليتين المدورتين برموشهم الكثيفة ، وحاجبيها الكثيفيين غير المرتبين ، وانفها الصغير نسبياً يليه شفتيها المكتنزتين الشاحبتان المتقشرتان بسبب فقر الماء الذي لم تشربه منذ الصباح ، وشعرها المبعثر المُترب من شدة وساخته ، وغرتها التي حجبت جزء من عينيها لتعيدها للخلف بقلق وخوف من تفحصه لوجهها الجميل ذاك .. كان داخلها يرتجف فتراجعت خطوة للخلف .... بللت شفتيها وابتلعت ريقها قائلة ( سيبني ياباشا ، والله العظيم امي هتموت مني ، وانا مكنش معايا فلوس وكان لازم اخدلها دوا للسُكر ) هز رأسه يخرج ذلك الجمال ليكمل ( تقومي تتهجمي علي الراجل في صيدليته .. انتي مجنونة يعني ولا اي .. وبعدين انتي مشرفانا هنا مفيش طلوع ، هما دايمًا بتوع الشوارع عاملين مصايب كدا ) حُفرت اخر جملة قالها داخلها ، وداخل قلبها لتخفض بصرها ارضاً وهي تشبك يديها ببعضهما البعض مرتجفة .. ألقي نظرة أخيرة عليها ولعن نفسه علي ما تفوه به الآن ، خرج من الزنزانة المحبوسة بها واغلق الباب عليها وسار الي مكتبه وهو يفكر بتلك الحسناء التي بعثرت الفضول داخله ليشعر أنه يريد ان يعرف عنها الكثير ، تقول ان امها ستموت منها ، يا تُري هل تكذب ام تقول الحقيقة ، اللعنة الآن علي حظك ايها الرائد جلس وقرأ الدعوة التي رُفعت عليها ثم القي نظرة عليها ليجدها احتلت ركن من الزنزانة تتكور به بخوف ، تشهق وتبكي بألم .. ثم نظر للصيدلي الواقف أمامه قائلا ( تفتكر لما ترفع دعوة عليها هتدفعلك فلوس عشان تصلح الصيدلية ؟) هز الصيدلي رأسه نافياً ( لا بس الي زيها لازم يتحط في السجن عشان ميكررش فعلته ) اراح ظهره علي كرسيه قائلا ( تفتكر لو كنت زيها كنت هتقبل تفضل في السجن كدا ) ضيق الصيدلي عينيه قائلاً ( انت تقصد اي يا باشا ) هز كتفه بلا مبالاة قائلاً ( مقصدش حاجة بس دعوتك ملهاش اي لازمة ، فأحسنلك اسحبها ، دي بنت شوارع محدش عارف عنها حاجة هتفضل يومين تلاته وهتطلع ) مط ذاك الصيدلي شفتيه قائلاً ( بس لو لقيتها قدام الصيدلية بتاعتي تاني انا هقتلها ) قام من مكانه مكملا ( اقتلها وخد إعدام انت حُر ) وقام بتمزيق الدعوة وذهب لها مرة اخري يفرج عنها قائلا ( انتي هتطلعي بس قسماّ عظماً لو عملتي مصايب تاني لتكوني مسجونة باقي حياتك فاهمة يابت انتي ) هزت رأسها بخوف وغطت وجهها مرة اخري وهي تخرج ( حاضر يباشا انا مش هعمل حاجة تاني ) ثم ركضت للخارج بينما هو خرج قائلاً لصديقه ( عندي شغل هخلصه وراجع ) خرج ليجدها تجري في الطريق كـ من يهرب من شئ مخيف يلاحقه ، او كـ شخص متلهف علي شئ
، صعد لسيارته ولحقها دون ان تشعر ، ليجدها تسلك احدي السكك الحديدية ، ترجل من سيارته وسار خلفها فوجدها تذهب لقطار مر عليه الزمن ، فأصبح قديماً لا عمل ولا منفعه له ، اختبئ سريعاً بين الاشجار الموجودة حول سكة الحديد عندما رأها تلتفت تنظر خلفها وحولها ، ثم اكملت لذلك القطار وركبته ، فتعجب لحال تلك الفتاة التي زاد فضولاً ناحيتها ..
اما هي فرحت كثيراً عندما اطلقوا سراحها ولم تجد لحظه للانتظار وهرولت سريعاً لوالدتها غير مدركة بمن يلحقها ، فقط خائفة ان يصيب والدتها شيئاً فتخسرها كما خسرت كل شئ منذ حوالي عشرة سنين ، دلفت للقطار وجلست بجانب امرأة في عقدها السادس تجلس وتحتضن ابنتها ذات العشر سنوات وبجانبها ابنها ذو الخمسة عشر عاماً وعندما رأها قفز من مكانه يقول ( جبتي الدوا لماما يافرح ) هزت فرح رأسها بيأس ونظرت لوالدتها بخوف ( معرفتش اجيبه انا وقعت في مصيبة كبيرة ومش عارفة اعمل اي ) كانت دموعها تنهار علي خديها ونظرت لوالدتها ( امي .. انتي كويسة ، حاسة بإيه ) نظرت لها والدتها بتعب ثم اغمضت عينيها .. ليقول كريم بسرعه ( فرح احنا لازم ناخدها المستشفى دلوقتي .. ماما تعبانه اوي ) كانت فرح عاجزة تماماً عما تفعله ، فقط تنظر لوالدتها بخوف ، خائفة ان تخسرها مثلما خسرت كل شي بحياتها ، هزها كريم بقوة ( فرحح مامااا يا فرحح ) استيقظت سريعًا من شرودها وهزت رأسها قائلة ( يلا هناخدها المستوصف الي قريب من هنا ، بس يارب ينجدوها بسرعه ) ساند كريم وفرح والدتهم بينما حور الصغري امسكت بوشاح اختها وهي تمشي معهم .
كان يشاهد كل شئ وهو مصدوم ، عائلة مثل هذه متشردة بالشارع ، ابتلع غصته وهو يراهم يتجهون لخارج هذه الخرابة ، ذهب سريعًا امامهم وهو ضائع غير مدرك بما يفعله ولكن في باله هو يريد المساعدة ، رفعت فرح بصرها تنظر للامام لتراه ، شهقت بعنف والخوف احتلها ، نظر كريم له ثم لها وهو يتعجب تصرفها ليقول ( نعم يا اخ في حاجة ) لتقول فرح بسرعه وبصوت متقطع ( بس ياكريم .. دا دا من البوليس ، في حاجة ياباشا .. انا معملتش حاجة تاني والله ) منعه غروره ان يقول انه قادم للمساعده ليقول ( كنت بتأكد انك مش هتعملي حاجة ) ليقول كريم سريعًا ( هو في اي يافرح ) لتجيبه ( مافيش يا كريم يا حبيبي ) ونظرت لوالدتها التي علي وشك الاغماء لتبتلع ريقها وهي تسير بها ، ليقف امامهم مره أخري قائلا ( انا معايا عربيتي هتبقي اسرع عشان تاخدوها المستشفى ، وهي اصلا هتدوخ منكو ) نظر كل من كريم وفرح لبعضهم البعض لبرهه ثم قالت فرح ( كتر خيرك يباشا هتبقي عملت معانا معروف ) هز رأسه وساندهم للسيارة وركبوا جميعهم .. بينما هو قاد باتجاه مستشفى قريب من المكان الذي هم فيه .
بعدما ادخلوا والدتهم الي الطبيب وقفت فرح أمامه قائلة ( شكرا اوي يا سعادة الباشا ) هز رأسه بابتسامة هادئة ( العفو ، ومتقلقيش من المصاريف بتاعت المستشفى انا دفعت كل حاجة ) أنزلت رأسها خجلا منه ( مكنش في داعي يا باشا مصاريف المستشفى دي غالية اوي واحنا كنا هناخدها المستوصف ) نظر لاخاها واختها المتكورة حول نفسها في الارض ثم نظر لها مره اخري قائلا ( مكنش حد هينجدها في المستوصف يا فرح ) ... نطق اسمها وكأنما ينطق اعزوفة اعجبته ليقاطع نظراتهم قدوم اختها الصغيرة " حـور " وهي تحتضن فرح من خصرها قائلة بعبوس( انا جعانه اوي يافرح .. انا هموت من الجوع كمان ) ابتلع غصته وهو يري تلك الفتاة الصغيرة وهي تعافر لتتطلب الطعام .. ألمه قلبه علي حالها وحالهم جميعهم فأخوها ذو الخمسة عشر سنة أيضاً يسند رأسه علي الكرسي ويلف يديه حول بطنه وكأنه يمنعها من اصدار اصوات الجوع .. نظر مرة اخري لفرح ( انا شوية وجاي ) تركهم وغادر بينما فرح جلست علي كرسي بجوارها وهي تحتضن اختها وتلمس علي شعرها بخفوت تنتظر ان تتعافي والدتها قليلا ليذهبوا من مكان ما أتوا .
2
** ( انت مجنوننن ... انت عايز نتجوز عُرفي يا ادهم ) صرخت به وهي غير مصدقة ما عرض عليها الآن .. بينما هو نظر لها بتهكم قائلاً ( يعني انتي فكرك اخوكي هيوافق يجوزنا لبعض مثلا .. قولتلك تعالي نتجوز عُرفي ونحطهم في الأمر الواقع هما وقتها بقا هيبقوا مضطرين انهم يجوزونا قدام الكل ) نظرت له بغضب وهي غير مصدقة لما وصل له ... نعم اخاها لن يوافق علي ادهم لاسبابه الخاصة ولكنها تحبه .. ولكن اولا واخراً هي لن تخدع عائلتها .... لتقول بغضب ( لا يا ادهم انا مش هكذب علي عيلتي واعمل الي انت بتقوله دا .. انت مجنون دا سليم لو عرف يدبحني ويدبحك ) امتعض وجهه قائلاً ( قمر ... انا قولتلك الي عندي لو عايزانا نكمل نتجوز عُرفي لحد ما اهلك يوافقوا .. انا مبقتش قادر اصبر اكتر من كدا .... انا بحبك وعايز نبقي سوا بقا كفاية كدا !!!) بعد ان كان بالها مشغول بما ستفعله عائلتها بها .. اصبح الآن مشغول بأن ادهم سيتركها ان لم تتزوجه !!
ابتعد نظرها للا شئ وهي تفكر وتشرد فيما سيحدث لاحقاً ، إن تزوجته فـمن الممكن أن يقتلها اخاها سليم .. فـهو حذرها من ادهم مئة مره عندما رأها معه .. ولكنها دوماً كانت تخبره انه مجرد صديق .... لا اكثر ولا اقل .. ولكن كان هو الحبيب والصديق وكل شئ لها ... فقد عماها الحب به .. رغم ان بعض تصرفاته غير لائقة وهي لم تحبها قط ولكن يبقي الحب اعمي !! افاقت من شرودها علي لمسته ليديها قائلا بحنية زائفة ( يا حبيبتي .. انتي عارفة قد إيه انا بحبك .. وعايز نكون سوا .. بس عشان خاطري وافقي واوعدك مش هتندمي .. هنتجوز ووقت ما نتقابل نقعد في شقتي بدل ما احنا بنتقابل سرقة في اماكن مافيهاش حد ... ويبقي حطينا سليم ومامتك في امر واقع فيوافقوا عليا ) نظر لعينيها الواسعه ذات اللون البني وهو في محاولة اقنعاها بتلك الزيجة المزيفة .. فقد لتحقيق ما يرغب به .. كانت تنظر في عينيه وهي
تقتنع بكلامه ....
** وصل سليم ومعه طعام لهم وجلس بجوار كريم بينما فرح كانت تنظر له وللطعام الذي بيديه وقالت سريعًا بإرتباك ( مكنش في داعي ياباشا لكل دا .. كفاية انك دفعت مصاريف المستشفى وجبتنا لـهنا وساعدتنا في كل دا ) نظر اليها ثم نظر لكريم ( بلاش كلام فاضي يافرح .. خد يا بطل ) اعطاها الطعام ثم نظر لـحور مبتسما لتبتسم له ببراءة ... واعطاها طعامها وبالنهاية اعطي فرح هي الأخري قائلاً ( كلي يا فرح عشان اخواتك ياكلوا هم جعانين ) هزت رأسها وهي تنظر لكريم الذي ينظر لها ولـحور ايضا التي تبادلها نفس نظرات كريم التي تحمل تساؤلات ( هل نأكل ؟!!) امسكت الطعام المغلف بيد حور وفتحته لها موجه كلامها لكريم ( كُل يا كريم انت كمان يلا ) هز رأسه مجيباً عليها وشرع في فتح طعامه ثم تناوله وفعلت حور المثل .. بينما فرح نظرت لسليم بنظرات امتئنان قائلة ( شكرا ياباشا علي كل الي عملته معانا ) اجاب بابتسامه صغيرة ( مافيش شكر علي واجب يا فرح .... ) كان ينطق اسمها بتلذذ فقد اعجبه ذكر الفرح الخالي من حياته .. قام من مكانه قائلاً ( انا هروح اشوف الدكتور هيقول اي عن حالة والدتك واجي ) هزت رأسها وقامت معه ( طب هاجي معاك .. عشان عايزة اسمعه برضو ) أومأ براسه وذهبت معه وهي تمسك بفستانها بتلبك حتي وصلا الي الطبيب ليستفسرا عن حالة أمها القابعة في فراشها بلا حول او قوة ....
** كانت تضع ملابسها بعنف في حقيبة سفرها ليدلف اليها رجل كبير بالعمر ولكن صحته جيدة .. فهو لا يبدو عليه الكبر قائلا لها بغضب وصوت مرتفعة ( انتي رايحة فيين ؟؟ ) لتنظر له بعينيها الخضراء التي لطالما كانوا يشبهونها بعيني القطة الشرسة لتقول بغضب هي الأخري ( ناازلة مصرر انا مش هقعد هنا اكتر من كداا ) غضب ذلك الرجل المدعو والدها قائلاً ( هو انتو الي مش هيعجبوكي هنا علي طول هتنزلوا علي مصر سواء انتي ولا اخوكي الي مرمي في مصر منعرفش عنه لا اصل ولا فصل ) اكملت وضع ملابسها بغضب قائلة ( انا عارفة عن اخويا كل حاجه وهنزل اقعد معاه او هقعد مع ولاد خاليي سليم وقمر ) هتف والدها بصوت عالي قائلاً ( ماشااء الله عايزة تنزلي وتفضحينا قدام الناس عاايزاهم يقولوا عننا ايي ) نظرت له بغضب قائلة ( عايزاهم يقولوا انك اب معندكش رحمة .. عايز يجوز بنته لواحد قده في العمر .. ليه عشان الفلووس ) رفع يده وصفعها بيديه الثقيلة لتصدر منها شهقة اثر الوجع وهي تنظر له بغضب وكره .. ليكمل والدها ( انا عايز مصلحتك .. وانتي هتتجوزيه يعني هتتجوزيه فاهمه ) لن يعيقها الآن شي في اصبحت في اعلي درجات غضبها قائلة بصوت مرتفع غاضب ( دا علي جثتي يا والدي .. والله العظيم لو اتجوزته لانتحر ) اغلقت حقيبتها وعينيها حمراء كالجمر من الغضب .. وجلست علي طرف الفراش ويديها ترتعش من غضبها وهي تنظر في اللا شئ ... بينما والدها نظر له بغضب وغادر غرفتها وهو يتخطي والدتها التي تقف وتنظر لابنتها بحزن غير قادرة علي فعل شئ لتخلصها من تلك الزيجة الكارثية التي ستقع بها ابنتها .. ذلك الرجل الثري رأها في احدي حفلات والدها وعرض علي والدها الزواج منها فطمع الاب بما يملكه ذلك الرجل من النقود لتجمعه ابنته لها بعد موت ذلك المدعو زوجها لتتحول نقوده جميعها لها ولوالدها الطماع !!
7
** كان يقود سيارته وكل حين واخر ينظر لها في المرآه يتفحص حركاتها .... وقعت تلك المتشردة اليوم في طريقه ليقرر فجأة ودون سابق إنذار ان يساعدها ويساعد والدتها مريضة السكري .... وقد اقنعهم بأن يمكثوا في شقته بدلاً من المكوث في الشارع .. وعرض ذلك دون مقابل .. أيضاً لا يعرف لماذا فعل ذلك .. ولكن سيعرف قريباً لما ساعدهم .. فهم عائلة كبيرة .. ينقصهم فقط الوالد ياتري اين هو ؟؟ ظلت تدور في رأسه عدة أسئلة يريد إجابة عليها عاجلاً ام أجلا .. واخيرا وصل امام بناية تتكون من خمس طوابق في مكان جميل .. نزل من سيارته وساعد فرح في مساندة والدتها الي الشقة التي سيمكثون بها .. وصلوا لها بعد عدة دقائق  وذلك لسيرهم ببطء بسبب والدتها .. فتح باب الشقة ودلفوا جميعهم وهم ينظرون للشقة وما بها .. كانت جميعها مطلية باللون الابيض وبها الاثاث ولونه الرصاصي .. كانت الشقة مفروشة من كل شئ .. جلست امهم علي اقرب كرسي وهي تريح جسدها وجلس كريم أيضاً وبجانبه تلتصق حـور لتنظر فرح لسليم قائلة ( كتر خيرك بجد ياباشا علي كل الي عملته لينا .. والله كتر خيرك ) هز رأسه بتنهيدة وهو ينظر لوالدتها ( الدكتور كتبلها علي الدوا دا وقال انها تاخده كل يوم قبل الفطار .. انا كل يوم هبقي اجي اشوفكوا واطمن عليكوا اذا كنتو محتاجين حاجة ... وكمان انا هكلم البواب كل يوم يطلعلكو الفطار والغدا والعشا .. والبيت بيتكم خدوا راحتكم ) قالت والدتها " سارة " في خفوت وصوت متعب ( كتر خيرك يابني علي كل دا انا بجد مش عارفة اتشكرك ازاي علي كل الي بتعمله دا انا مكنتش اعرف ان لسه فيه ولاد حلال زيك كدا ) تنحنح واقترب جلس بجوارها قائلاً ( حمدلله علي سلامتك متقلقيش انتي عشان كدا دا واجبي برضو ) ابتسمت بحنو ونظرت لفرح ثم وجهت نظرها لسليم قائلة بترجي ( .. والنبي يابني تجيب شغلانه لبنتي فرح .. واي حاجه لكريم .. في ورشه ولا اي مكان يشتغل فيه اهو نجيب بيه اكل كل يوم احنا مش هنكتر عليك يعني ) ابتسم إبتسامة صغيرة واكمل ( حاضر بس هسيبكوا الليلة دي ترتاحوا وان شاء الله بكرا هبقي اجي نتكلم ) وتحرك من مكانه مبتسماً لفرح وقال ( يلا تصبحوا علي خير ) لتهز فرح رأسها مبتسمة ابتسامة صغيرة ( وانت من اهل الخير ياسليم باشا ) خرج من الشقة بعدما اعطاها مفتاحها ووقف أمام باب الشقة قليلاً يفكر .. ثم ارتسم علي فمه إبتسامة نصر وتحرك للاسفل ..
** خرجت من غرفتها بحقيبتها وهي تنظر لوالدتها بأسي عما يحدث معهم فـها هي تتركهم وستغادر لندن ذاهبة لمصر .. بسبب والدها الذي يريد تزويجها من رجل الأعمال المشهور .. ذلك الرجل الي يكبر والدها او قد يكون في عمره .. يريد والدها ان يلقي بها في لعنة هي ليست حِملها .. تريد ان تعيش مثل الفتيات في عمرها .. بـقـصة حـب .. تريد ان تُحِب وتُحَب .. تريد شريك هي من تختاره بنفسها .. حتي تكمل معه بقية حياتها سعيدة .. لا تريد ان تتزوج من عجوز اخرق .. فتتمني الموت في كل ثانية من زواجهما .. تنهدت بحرارة وهي تعانق والدتها مودعة إياها .. لتربت والدتها علي ظهرها ببكاء مرير علي فراق ابنتها بعدما فراقها ولدها الكبير "فـارس" قالت والدتها بألم ( حـنيـن .. لما توصلي مصر طمنيني عليكي ياحبيبتي وعلي اخوكي لما تشوفيه خليه يكلمني يطمني عليكوا ياحبيبتي .. سامحيني اني مقدرتش اعمل حاجة .. سواء ليكي ولا لاخوكي ) كانت تبكي وهي ممسكة بيد ابنتها غير متحمله فراقها لها ولكـن الآن لن تستطيع فعل شئ فهي تعلم زوجها جيداً .. لن يتراجع في كلامه حتي ولو غادرت ابنته المنزل وغادرت البلد كلها عائدة الي بلدها الأم "مـصر" .. كانت دموعها تنزل علي خديها علي حالة امها وقالت بألم يقطع جميع اجزاء قلبها ( انتي ملكيش دعوة يا أمي .. هو السبب في كل الي بيحصلنا انتي ملكيش دعوة ياحبيبتي .. هتوحشيني اوي ) ثم عادت تعانق والدتها وهي تنظر خلفها لاخاها الصغير .. الذي يبلغ من العمر ستة عشرة عاماً ... كان ينظر بعيداً وهو يستمع لهم بحزن .. يفرك يديه ببعضهما بتوتر .. اقترب بطريقة غير متزنة من موضع اخته وامه .. بينما اخته تراقبه جيداً وابتعدت عن والدتها وهي تنظر له قائلة ( مُراد .. هتوحشني ) هز رأسه اكثر من مره وهو يقول ( و..واانتي كمااان ..هتت هتوحشيني اووي .. هاتي فارس .. وتعالووا .. تااني ماشي ) هزت رأسها واقتربت تعانقه فهو المدلل خاصتها وهو كل ما تعشق في هذه العائلة .. إن اخاها مريض التوحد منذ ان كان صغير السن .. ابعدها قليلاً وهو يتنحنح بأبتسامة ( انتي عارفة .. مقدرش اااا احضن حد .. مش.. ععايز احضضن حد ) هزت رأسها بتفهم بينما هو لم ينظر لعينيها ولا مرة وانما ينظر بعيداً .. وضعت يديها بشعره الناعم المسترسل .. ثم قالت بهدوء ( خد بالك من نفسك ومن ماما يا مراد ماشي ) منذ ان وقف امامها وهو يهتز في وقفته ويفرك بيديه ببعضهما بتوتر ثم أردف .. وكلامه مثل النغمة الموسيقية التي طالما احبتها حنين ( م.ممتخافيش انا هاخد بالي منها ... اااناا هاخد بالي من مااماا ) هزت رأسها بابتسامة عريضة ثم قالت ( ماشي ياحبيبي ) ومالت تحمل حقيبتها ونظرت لوالدتها واخاها الحبيب ثم غادرت المنزل .. متجه للمطار ومتجه الي مصير مكتوب في مصر ....
...........................
......................
** كانت تجلس في مكتبها .. شاردة تارة .. وتارة تعمل .. وتارة تفكر فيما يحدث في حياتها .. اخرجت تنهيد من اعماقها وهي تكمل عملها .. انها سكرتيرة السيد " تيم الشرقاوي " رجل الاعمال الشهير .. ذلك الرجل الغامض .. الرجل الذي لم ولن تعرف مثله .. في بروده وفي معاملته وفي عصبيته .. فهو رجل بارد وعصبي في نفس الوقت .. لديه مزيج غريب من التصرفات .. أحياناً هادئ واحيانا عصبي .. احيانا بارد واحيانا حنون .. واحيانا اخري لا تعرف بماذا تصفه .. افاقت من شرودها ذلك علي صوت باب غرفة مكتبه وهو يغلق خلفه .. لتقوم سريعًا ترتب ملابسها التي كانت عبارة عن بنطال جينز وكنزة من اللون الابيض الناصع بأكمام شفافه وكانت ترفع شعرها ديل حصان .. كانت قصيرة القامة بجسد نحيف .. دلفت الي مكتبه وهي تلقي عليه التحية ( صباح الخير يامستر تيم ... انا جهزت جدول النهاردة .. حضرتك ) لم تكمل كلامها حيث قاطعها وهو يريح ظهره للخلف ناظرا لعينيها بهدوء حاد ( الغي كل حاجة النهاردة يا طيف انا مسافر النهاردة لندن .. وانتي هتيجي معايا ) تلبكت وابتلعت غصتها ثم اقتربت خطوتين من مكتبه وهي تقول بصوت متقطع ( هاجي مع .. حضرتك .. يعني قصدي يا مستر تيم انا ليه هاجي مع حضرتك ) كان يستمتع بتلبكها ذلك وخوفها من السفر معه .. ليكمل وهو يقف من مكانه مقتربا منها قائلا بطريقة تجعلها تُسلب منها روحها .. بتسلية وبصوت لعوب ( عندنا شغل ياطيف هتيجي معايا ليه يعني .. هفسحك مثلا لا يا قلبي عندنا شغل ) تراجعت خطوة للوراء وهي ترفع رأسها تنظر اليه لشدة الفرق بينهم في الطول ثم اخفضت بصرها لتقول بهدوء عكس ما تشعر به من خوف ( حاضر يا مستر تيم ... هنمشي امتي ) التفت واعطاها ظهره وهو يغمض عينيه بحدة ( بعد ساعتين وهنفضل هناك يومين روحي جهزي حاجتك بسرعة وهتقابليني قدام الشركة الساعه خمسة بالظبط فاهمه ) اومئت بإيجاب قائلة ( حح.حاضر يامستر تيم .. عن اذنك ) مطت شفتيها بحزن وذهبت من مكتبه متوجه لمنزلها بسيارتها اخر موديل .. لمنزلها الذي اشترته مؤخرا بعدما كانت تسكن في شقة إيجار في احدي البنايات الشعبية .. اصبح لها بيتا متوسط الحجم وسيارة اخر موديل .. وصلت منزلها ووضعت ملابس لها .. تلك الملابس الجديدة ايضا اشترتها مؤخراً .. بعدما كانت لا تملك أية ملابس بل كان لديها عدة اطقم تلبسهم باستمرار .. افاقت من كل ما تفكر به عندما انتهت من وضع ملابس تكفيها ليومين سفر للندن مع مديرها الحبيب تيم ................
** رن الجرس المنزل ليقف كريم خلفه مجيباً ( مين ؟) ليرد من الجهه الاخري صوته الهادئ ( انا سليم افتح ) فتح كريم باب المنزل وابتسم لسليم وهو يمد يديه يحييه ( اهلا يا باشا ) صافحه سليم ودلف للمنزل ليجد حور نائمة امامه علي الكنبة ... وعندما رأته اعتدلت في جلستها مبتسمة .. لاحظ ان ملابسهم اصبحت نظيفة فـعلم انهم غسلوها .. التفت علي صوتها خارج من احدي الغرف وهي تقول باستغراب ( مين الي كان بيرن الجرس يا كر..) لم تكمل كلامها عندما رأته لتبتسم سريعًا قائلة ( اهلا يا سليم باشا ) نظر مطولا لعينيها البنية اللامعه .. ثم اطال النظر لوجهها المدور الابيض .. ولانفها الصغير وشفتيها المكتنزتين ... ونظر لملابسها التي غسلتها واصبحت نظيفة وظهر لون الفستان الذي ترتديه كان باللون النبيتي الرائع .. ثم رفع نظره لشعرها الطويل الحريري باللون الاسود ثم افاق من لحظات تأملها متنحنحا مكملا ( اهلا يا فرح .. عاملين اي ووالدتك اخبارها اي ) ابتسمت بخفوت وتقدمت تقف امامه ( بخير الحمدلله يا سليم بيه كتر خيرك والله ) ذهب لاحدي الكراسي وجلس مبتسماً ( طيب يافرح الحمدلله انكو بخير ... انا جبت معايا اكل عشان تتغدوا وجيت اقولك علي حاجه ) وجه نظره للاكل الذي وضعه علي الكرسي لتنظر للاكل ثم له مقوصه حاجبيها باستغراب ( في اي ياسليم بيه ) ليبتسم مطمئننا اياها ( لقيتلك شغل .. بس كريم لسه بدورله علي شغل ) ابتسمت بسعادة لتظهر اسنانها مع ابتسامتها المشرقة لتقول ( بجدد .. شغل اي ياباشا ) اعتدل في جلسته من تلك التي سلبت عقله ليقل بهدوء ( والدتي كبيرة في السن وبصراحه كانت عايزة حد يساعدها في البيت وكدا فقولت انتي اولى وتاخدي اجرك ) نظرت له قليلا ثم اتي صوت والدتها خارجه من الغرفة وهي تقول بابتسامه ( ومالو يابني ما تروح تساعدها وتشتغل في البيت .. نورتنا يابيه ) ابتسم لها ووقف يساندها لتجلس باحترام وهو يقول ( عاملة اي انتي دلوقتي ؟؟) ابتسمت وهي تربت علي يديه الممسكة بها قائلة بابتسامة حنونه ( انا بخير يابني الحمدلله احسن بكتير ) عاد ليجلس مكانه مكملا وهو ينظر لفرح ( قولتي اي يافرح؟؟!) نظرت له قائلة وهي تهز رأسها باستجابة ( قولت خير ياباشا وانا موافقة ) ليبتسم هو إبتسامة جانبية لتظهر احدي غمازتيه والاخري مازالت مختفية ليقول ( تمام ... يبقي تبدأي تشتغلي من بكرا هسيبك تريحي النهاردة ) وقف مكانه وهو ينظر لهم ( يلا عن اذنكم ) لتقف معه فرح ومعها كريم يودعونه ثم ذهب ...........................
5
** وصل سليم الي قسم الشرطة ودلف الي مكتبه منادياً ( علييي ) ليدلف مساعده علي وهو يومئ له ( نعم ياسليم بيه ) اراح سليم ظهره علي الكرسي قائلا له بهدوء ( هاتلي الملف بتاع البت الي اتكلمنا عنها ) هز علي رأسه قائلاً ( حاضر ياباشا ) ذهب وبعد دقائق عاد ومعه الملف وجلس امامه قائلا وهو يقول ( الناس الي اشتكوا ضدها قالوا مشوفناش وشها كل الي يعرفوه انها بت متشردة في الشوارع وبتستلم منهم المخدرات وبيدوها فلوس .. بيقولو بتبقي مغطيه وشها بشال ... وكذا حد يحاول يتصنت عليهم تهرب بسرعه .. وناس تانية قالوا انها بتستخبي في القطارات الي بتبقي قدام المساكن القديمة ... واكتر من مره يشوفوها لمؤاخذه يعني ياباشا مع شباب في القطر وبينزلو يطردوهم بس هي بتبقي مخبيه وشها ) عند هذا الحد اكتفي وهو ينظر لـ علي بغضب وحده ( ويعني اي معرفتوش تمسكوهم مينن البت دي يعنيي ) كان ينفي من رأسه انها فرح التي يعرفها .. هو يشك بها لذلك يساعدها ولكن هو كل دقيقة بتفكير مختلف .. فاحيانا يقول هي واحيانا يقول انها فتاة مسكينة طيبة ولا يمكن ان تكون هي .. ولكن بتلك المواصفات التي يحكيها له علي .. فهو يزداد شكه ناحيتها ... بأنها فرح .. ولكن إن كانت تأخذ النقود لما لا تصرف علي عائلتها المسكينة .. او والدتها المريضة ؟؟! ... قطع حبل تفكيره صوت علي مكملا ( يباشا احنا مش عارفين نمسكها لسه ولا نمسك عليها حاجه احنا مستنين الوقت الصح عشان نمسكها بس وصلنا انها مختفية من امبارح مظهرتش ) صعقت ملامح سليم وابتلع غصته وهو ينظر لـ علي بصدمه قائلاً ( يعني اي الكلامم دا ؟؟) ليأخذ علي نفسه مكملا بملامح هادئة ( ياباشا احنا كلمنا الناس الي بتشوفها وقولنالهم كل يوم يقولولنا اخر الاخبار عن البت دي .. وكل يوم بيوصلنا اخبار .. النهاردة الصبح وصلنا انها مظهرتش من امبارح ودا غريب لانها كل ليلة بتبقي موجود مع واحد يعني في القطر وكدا ) تنحنح بحرج لما يصفه لرئيسه بالعمل وابتلع ريقه وهو ينظر لملامح سليم المصعوقة ليحاول سليم التمسك والجمود .. فظهرت علي ملامحه الجمود والغضب ( البت دي لازم تظهر وتمسكوها متلبسه سواء مع رجاله او وهي بتاخد منها مخدرات مفهوم ) هز علي رأسه باستجابة مستغربا ملامحه المصدومة لا يستطيع تفسير ما يفكر به سليم ولا أحد يستطيع تفسير ما يفكر به هذا الرائد الغامض .. فهو يسكت ويسكت وفي النهاية يخرج بحل عبقري .. والان يعلم علي انه يخطط ويدبر لتلك الفتاة ..............................
** كانت تجلس بجواره مترددة فيما ستفعله الآن .. فهي ستتزوجه الآن من وراء أهلها .. ستتزوجه عُرفي تعلم جيدا انها تخطو خطوة سيئة جداً ولكنها الخطوة الوحيدة التي ستجعل اهلها يوافقون علي ادهم لتتزوجه زواجا رسمياً .. نظرت امامها للورق ولتوقعيه ثم نظرت اليه وهو يبادلها النظرات ثم قال وهو يضع يديه علي يديها ( وقعي يا قمر يلا مستنيه اي ) نظرت له للحظات ثم تنهدت وامسكت القلم ووقعت علي العقد ليبتسم ادهم بخبث واخذ الورقة من امامها وقال وهو يطويها ويضعها في جيبه ( الف مبروك عليكي يا عروسة ) نظرت له وابتلعت غصتها قائلة وهي تقوم من مكانها ( مبروك ليك .. انت ككمان يا ادهم .. بس احنا هنفضل متجوزين علي الورق دا لحد ما هما يجوزونا ) قوص ادهم حاجبيه وهو يقول بازدراء ( لا ياعروسة .. دا ميصحش اومال احنا متجوزين ليه عشان نصبر نفسنا لحد ما يجوزونا شرعي .. مادام انتي هتعملي فيها الشريفة كدا مكنتيش توقعي ياختي ) نظرت له بصدمة تعلم ان لسانه يفلت منه في بعض الأحيان ولكنه الآن يجرحها بكلامته تلك لتنظر له بغضب مزدوج بحزن ( انا شريفة غصب عنك يا ادهم .. احنا عملنا كدا عشان يجوزونا شرعي مش عشان الي انت بتتكلم فيه دا ) امسكها من كتفها وهو يجذبها له قائلاً ( طبعا ياقلبي شريفة .. بس يعني انا متأجرتش الشقة دي عشان نكتب فيها العقد لا .. عشان نقضي فيها وقت سوا انتي مراتي وحقي برضو ) لم يدع لها فرصة للكلام وانقض عليها يقبلها بشراهه ... بينما هي بالبداية حاولت ابعاده ولكنه كان الاسرع في جعلها تهدأ .. ظل يقبلها علي وجها لتشعر هي بما فعل لتدفعه بقوة قائلة بصوت لاهث وانفس عالية ( مش.. ااالللنهاردة .. انا مش جاهزه النهاردة ) لينظر لها بغضب مخيف وبصوت شرس قال ( طيب ياقمرر انا هسيبك النهاردة بس .. بس وعهد الله مافيش غير النهاردة فاهمة ) هزت رأسها باستجابة وقالت ( اا..انا همشي عشان انا قولت لماما اني رايحه لصاحبتي شوية ) جلس وهو يخرج من جيبه السيكارة ويشعلها قائلا ( ماشي روحي .. طريقك اخضر يامراتي ) ثم نظر اليها مبتسما بسخرية يذكرها بما فعلت الآن .. لتبتلع غصتها وعينيها مدمعتين بألم .. لتذهب سريعًا من امامه لبيتها وهي تبكي بصمت وحزن عما فعلته .. وتفكر كيف ستواجه عائلتها الآن ...............................
1
** جلس بجوارها وهو يسكب لها العصير قائلاً ( ها ياست حنين هتحكي ولا اي ؟ ولا قوليلي الاول مراد وماما عاملين اي؟) امسكت حنين الكأس وهي ترتشف منه القليل ونظرت له قائلة ( كويسين يا فارس ) ابتسم فارس وهو يريح ظهره للخلف قائلا ( طيب ياستي احكيلي بقا ) نظرت له ثم ابعدت نظرها لتقول بتلبك ( اصل بابا .. بابا يافارس ) اعتدل فارس في جلسته باستغراب وقلق وقوص حاجبيه وهو يقول ( ماله بابا يا حنين ؟؟) اخفضت بصرها ثم نظرت له مرة اخري وقد بدأ عليها الغضب ( بابا عايز يجوزني لشريكه معتصم .. الراجل الكبير ) تغيرت ملامحه للغضب وهو ينظر لها وفي نفس الوقت مصدوم لما تقوله !! هل هناك اب مثل هذا ؟! قام من مكانه وهو يقول بصوت مرتفع غاضب ( لاا هو بيستهبل ولا اي .. طب انا وقولنا ماشي ومشيت عشان مش عايز اتنيل اشتغل في شركته .. بس انتي هو اتجنن عايز يجوزك لواحد اكبر منه هوو ) قامت من مكانها هي الاخري ووقفت بجواره قائلة ( اهدا يا فارس انا مشيت من البيت وقولتله اني هاجي اقعد معاك هنا .. هو حتي مسلمش عليا ولا ودعني ومحاولش انه يخليني امشي .. اهدا عشان خاطري لحد ما نلاقي حل للاي احنا فيه ) امسك خصلات شعره واعادها للخلف بغضب وهو يقول ( احسن انك مشيتي ... وانا بطريقتي هجيب مراد وماما هنا معانا .. دا محدش يتأمن عليه دا الكبر اثر علي دماغه باين ) تنهدت حنين وجلست مرة اخري وهي تنظر لاخاها الغاضب ثم وجهت نظرها للارض شاردة في تلك الحياة التي تقسو عليهم ... سواءً هي او اخاها فارس او والدتها او حتي مراد مريض التوحد .. فهو يريد تزويجها من رجل يكبره بالعمر .. ولم يكن يريد ان يدرس فارس الطب ليجعله يعمل معه في شركته .. ولكن فارس أبي ذلك ودرس الطب وأصبح دكتور عيون .. اما والدتها فهو يعاملها بقسوة وجفاء .. ولكنها تتحمل من اجل اولادها وبالاخص مراد ............................
1
** وصلوا لبيته في مدينة " لندن " ودلفوا سويا بينما هي كانت تتفحص المنزل بعينيها واضعه حقيبتها الصغيرة بجوارها .. البيت جميل بحق فـ " تيم " زوقه رائع من ناحية كل شئ .. تقدمت خطوتين وهي تري كل جزء من هذا المنزل .. بينما هو ذهب وجلس علي الكرسي ينظر اليها مطالعا كل انش في جسدها .. ينظر اليها بشهوه .. اخفضت بصرها تنظر اليه لتقابله نظرته المتملكة .. تلك النظرة تعلمها جيداً فخلفها الكثير .. ابتلعت غصتها وهي تتقدم قليلا امامه ( هو انا هنام ..فين يعني ..في اي اوضه ) وضع قدما فوق الأخري وهو ينظر بعينيه لاحدي الغرف قائلاً ( الاوضة الي هناك دي يا طيف .. ادخلي خدي شاور وارتاحي ) هزت رأسها والتفتت تحمل حقيبتها قائلة ( عن اذنك يامستر تيم ) ودلفت بحقيبتها للغرفة واغلقت الباب خلفها .. فهي لا تضمنه .. اخذت بيجاما لها متكونه من بنطال قُطني وكنزة بنص كم .. ودلفت للمرحاض تنعش جسدها وروحها .. فهي اصبحت يتيمة الروح .. بل يتيمة الاب والام .. وحيدة في هذا العالم .. من بيتها لعملها لـ تيم .. تيم هو نفسه من اعطاها تلك النقود لتعالج والدها .. تيم هو نفسه من اشتري لها تلك الملابس والسيارة والبيت .... خرجت من اسفل الماء مرتديه البرنص .. يبدو انه له عالقة به رائحته التي تعرفها جيدا .. خرجت من المرحاض وهي تنشف شعرها ومازالت تعدد مافعله تيم لها وكان مقابله هي وجسدها .. وقفت مكانها مصدومه وهي تراه جالس علي سريرها ... منتظرها .. لتبتلع غصتها وتضم البرنص اكثر اليها قائلة بصوت متلبك ( في حاجة يا مستر تيم ) وقف مكانه وامسك تلك المنشفة التي كانت تنشف بها شعرها وجذبها من حبل البرنص يفكه قائلاً ( طبعا في يا طيف وفي كتير كمان ) وانقض علي شفتيها يقبلها كاتما همستها بشوق محموم .. ويسلب منها ما لم يكن له الحق فيه ... ولكنها صامدة منذ ذلك الوقت التي كان تترجاه ليعطيها المال من اجل والدها الذي نائم في المستشفى مريض .. فكانت ردة فعله انه سيعطيها المال مقابلها هي .. مقابل عذريتها وجسدها .. بحثت عن كل الطرق لتأخذ المال ولكن بالنهاية عادت مذلولة له موافقة عما يريده .. منذ ذلك اليوم وهي تحت تهديده تفعل ما يريد وكيفما يريد .. قاسي في تعامله معها .. لا يرحم أبداً ...................................
4
** كان يقود شارد الذهن يفكر بتلك الي خطفت انفاسه اليوم بشكلها البرئ وعينيها الساحرة .. أحقاً هي تفعل مثلما قال له "عـلي" .. كلما يتذكر ما قاله عنها يغضب وتفور أعصابه .. ولكنه قريبا سيكشفها وسيكشف كل مخططها .. ان كانت هي وتمثل تلك البراءة فهي حقا بارعة في التمثيل .. وان لم تكن هي فـ بالتأكيد ستعاقب من تفعل ذلك .. ظلت تدور الافكار في رأسه عن تلك الفرح التي اقتحمت حياته .. حتي وجد نفسه امام المنزل التي تسكن فيه هي واهلها فأخذ نفساً عميقًا وكاد ان ينزل من السيارة ليجد فتاة خلف سيارته .. تُخبئ وجهها في شال وتتحدث مع أحدهم .............
تنازل الجمال عن الجمال لجمالك فزاد جمالك على الجمال جمالاً .
** حتي وجد نفسه امام المنزل التي تسكن فيه هي واهلها فأخذ نفساً عميقًا وكاد ان ينزل من السيارة ليجد فتاة خلف سيارته .. تُخبئ وجهها في شال وتتحدث مع أحدهم ، انتفض في مكانه وهبط سريعًا من السيارة واسرع في خطاه لتلك الفتاة وامسك يديها بقوة يلفها له ليجدها احدي الفتيات التي لا يعرفهم تغطي وجهها بالحجاب فنظرت له بغضب وفزع من جذبه لها ( اي يا اخ فيي ايي ) نظر له الذي كان معها ليقول وهو يبعدها عن سليم ( مالك ياباشا في حاجة ولا اي داخل علينا الدخلة دي ليه كدا ) هز رأسه بأسف قائلا ( انا اسف فكرت حد اعرفه ) ليقاطع حديثهم صوت فتاة صغيرة تختبئ في ملابسهم ( ما يلا بقا يا بابا ) نظر لها سليم ونظر للوالد قائلا بأسف ( انا اسف عن اذنكم ) والتفت وغادر لسيارته وقادها متجها لمنزله .. رأسه تدور بالاسئلة ... ألـ تلك الدرجة هي سارقة افكاره وعقله ، ألـ تلك الدرجة لا يستطيع التفكير بسواها ، لو فعلت له سحراً لما كان سيفكر بها هكذا .... وصل امام منزله وترجل من سيارته للداخل .. ليجد والدته الحبيبة جالسة تشاهد التلفاز ... ابتسم بهدوء فتلك هي من تهون عليه كل المصاعب والأزمات في حياته .. تقدم منها ومال عليها يقبل رأسها ثم جلس بجوارها لتبتسم هي بحنو ( اي ياحبيبي .. عامل اي !) ابتسم لها وهز رأسه ( كويس يا أمي .. انا واقع جوع عاملين اكل النهاردة ولا اي ؟؟) قهقهت والدته عليه قائلة ( اه ياحبيبي قوم غير هدومك وتعال هتلاقي الاكل محطوط ) أومأ لها بابتسامة هادئة ثم توجه لغرفته .. اخذ ملابسه ودلف لحمامه ينعش جسده .. يحاول ان ينسى ما حدث اليوم .. فالذي حدث هو كبير وكبير جدا .. اتهام فرح انها تلك المُشردة التي تبيع المخدرات .. يُفكر هل هي ام غيرها .. تلك الفرح تمتلك براءة تجعلك لا تصدق انها قتلت نملة .. ما باله بالذي هي مُتهمة به .. يحاول ان يجمع شتات نفسه ليفكر جيداً حتي يكشف السر وراء ذلك .. وبالفعل كانت خطته جيدة عندما اخبرها ان تأتي لبيتهم حتى تكون تحت انظاره .. سيفعل المستحيل ليكشفها .. او يكشف من الذي يفعل ذلك .................................
** وأتى الصباح وافترشت الشمس قلب السـماء وأدلت بجدائلها الذهبية خيوط أمل تثنت على زجاج النوافذ بغـرور تغـمز للأحلام بطرفها وتنقش حـروفاً يتلألأ نورها هـنا وهناك .. استيقظ سليم مع عائلته الصغيرة المتكونه من والدته واخته الصغري قمر .. كانوا يجلسون حول مائدة واحدة يتناولون وجبة الإفطار دون حديث .. بينما سليم ينظر لوجه كل منهن ليري الشرود علي وجه اخته .. تنحنح ثم اردف وهو يضع اللقمه في فمه ( قمر .. مالك ياقلبي ) لم تجيبه وظلت شاردة في طبق الطعام امامها ليستغرب وقال مرة اخري بصوت مرتفع ( قمررر ) نظرت له بفزعة سريعًا قائلة بخفوت ( نعم ؟) .. قوص حاجبيه باستغراب ( مالك سرحانه في اي كدا .. بكلمك من الصبح ) تنحنحت والقت نظرة لوالدتها ثم له ( مافيش .. بس شوية مشاكل في الشغل عادي يعني ) كانت تتحدث بتوتر بينما هو لم يصدقها ولكنه فضّل ان يسايرها قائلا ( ماشي ) وقف مكانه واخذ جاكيته محدثا والدته ( انا ماشي .. اه صحيح انا جبتلك واحده تساعدك يا امي .. في البيت وكدا هي شوية وهتجيلك ماشي ) لتهز رأسها قائلة ( ماشي ياحبيبي كتر خيرك يابني ) ابتسم ومال عليها يقبل رأسها ثم ذهب .. قاد سيارته باتجاه المنزل التي تمكث فيه فرح وذهب للشقة .. فتحت له حـور وهي تبتسم ( ازيك يا عمو سليم ) ابتسم لها ومال يقبل وجنتيها قائلاً ( الحمدلله يا حور انتي عاملة اي ) اجابته بابتسامة دافئة ( الحمدلله ) دلف للشقة ليجد كريم وفرح خارجين من احدي الغرف ويبدو انها غرفة والدتهم .. نظر لها من اعلاها لاسفلها ... يتفحص كل انش في وجهها .. يراقب ما راه مسبقا ويستكشف الجديد به .. هبط نظره لشفتيه ليجدها تنفرج بابتسامة عريضة قائلة ( اهلا ياباشا .. اتفضل اتفضل ) شاورت لاحدي الكراسي لينتبه هو لنفسه وتوجه للكرسي وجلس عليه مبتسماً ( ازيكو يا فرح ) ذهبت وجلست امامه وبجوارها كريم بينما حور وقفت امامها تستند عليها لتقول فرح بابتسامة ( بخير ياباشا الحمدلله رضا ) هز رأسه بتفهم وشبك يديه ببعضهم قائلا ( دايما بخير .. انا جيت عشان اخدك لبيتي عشان تتعرفي علي والدتي زي ما اتفقنا يعني ) قامت من مكانها وهي تعدل ذلك الفستان الممزق به اجزاء صغيرة الحجم وهي تقول ( ماشي يابيه ثواني بس ماما بتصلي وهتيجي وبعدين نمشي ) انهت كلامها لتجد والدتها تخرج من الغرفة التي خرجا منها منذ قليل هي وكريم .. نظر لها سليم ليجدها ترتدي حجابا علي عباءتها التي كانت ترتديها منذ اتى بهم من الشارع .. ولكنها نظيفة هذه المرة .. ابتسم وهو يقف مكانه قائلا ( تقبل الله ) اقتربت منه وربتت علي كتفه بحنو ( منا ومنكم ياحبيبي .... عامل اي يابني ) ابتسم ابتسامة صغيرة وهو يهز رأسه ( بخير الحمدلله .. طمنيني انتي عليكي وعلي صحتك ) ابتسمت وهي تهز رأسها ( بألف عافية يابني الحمدلله ..نعمة من ربنا ) نظر لفرح ثم لوالدتها مرة اخري مكملا وهو مبتسماً ( الحمدلله .. انا جاي اخد فرح عشان تبدأ شغل النهاردة ) اقتربت منهم فرح قائلة بأبتسامه ( هتعوزي مني حاجة يا ماما ) لتردف الأم مبتسمة ( لا ياحبيبتي مع ألف سلامة وخدي بالك من نفسك ) ابتسما هي وسليم وودعو الجميع وذهبوا ..............................................................................................................................................
** كانت تسير بخطى سريعة متجهه لمكتبه في المنزل وتحمل الملفات التي انتهت منها لتو .. اعطاها الكثير من الملفات لتعمل بها .. واعطاها وقت معين تنتهي به .. غير عابئ ان كانت ستنام ام لا .. ان كانت سترتاح ام لا .. فقط تنتهي من تلك الملفات في الوقت المحدد .. طرقت باب غرفة المكتب طرقة صغيرة قائلة ( مستر تيم .. ممكن ادخل ) اتتها موافقته لتدلف له لتجد يجلس بدون قميص او حتي تي شيرت .. احمرت وجنتيها خجلا واحراجاً من ذلك الوقح التي يتعمد احيانا إحراجها .. إن اتينا للحق فهو يتعمد دائماً .. تنحنحت وهي تتقدم من المكتب وتقف بجواره وتضع الملفات علي مكتبه قائلة ( خلصت الملفات دي ووو ) لم تكمل حديثها وهي تستشعر يديه تسير صعودا وهبوطا علي قدميها المكشوفتين بوقاحة لتبتلع غصتها وهي تنظر له قائلة بصوت متقطع ( م.مستر تيي..م ) نظر لها ببراءة وكأنه لم يفعل شيئا قائلا ( كملي كلامك يا طيف .. واي كمان ) هزت رأسها لتكمل حديثها قائلة ( و وراجعتها كويس وملقتش فيها ولا غلطة .. بب بس كدا ) كان صوتها مهزوزا من لمساته الوقحة لها ولكن ما باليد حيلة ماذا ستفعل غير انها ستظل صامتة .. ابتلعت تلك الإهانة في جوفها .. ونظرت له مرة اخري بنظرة مكسورة .. حزينة ... غير قادرة علي فعل شئ .. استشعر نظرتها ليغضب داخلياً من تلك النظرة فظهر في عينيه الغضب ليجذبها من شعرها نحوه ( في ايي يابت انتي بتبصيلي كدا ليه .. متعمليش شريفة ومش عاجبك الي بنعمله .. انتي ياروح امك بتاخدي علي كل الي بتعمليه دا حقه .. هدومك وعربيتك وبيتك دول بفلوسي ... متبصييش كدا تاني ) تأوهت بألم من جذبه لشعرها ودمعت عينيها بحرقة .. توجد غصة في قلبها تحترق كلما قال تلك الكلمات ... كم يشعرها انها رخيصة وعاهرة لديه .. وهي لولا الظروف لما كانت هكذا .. هزت رأسها بألم وهي تقول بصوت مختنق ( حح ححاضر يا مممستر تيم ) وقف من علي كرسيه وجذبها من شعرها وهي تصرخ ألما مستنجدة بأي حَاسة من حواسه لعله يشفع عن شعرها المسكين الذي تقطع في يديه وبالكاد يُقتلع من رأسها .. ولكن لا حياة لمن ينادي .. هو الرياح وهي السفينة وتسير حيثما يريد .... القاها علي الاريكة الموجودة في مكتبه وهو يميل عليها ليسرق ما لم يكن له حق به .. وهي لا تفعل شئ سوى انها تبكي بحرقة عما يحدث بها .. إنها مجرد فتاة لم تعش طفولتها او مراهقتها كما فعل الآخرون وهي في سنهم .. حتي عندما كبرت وتحملت مسئولية كانت تلك هي النتيجة ............................
..............................................................................................................
4
** وها هي مرة اخري تدلف لذلك البيت بقدميها .. توقع نفسها بنفس الموقف الذي هربت منه المرة الماضية بأعجوبة .. ها هي تدخل عشهم .. عش زواجهم الغير مكتمل .. ويا ليتها تستطيع هذه المرة أيضاً .. نظرت حولها في المنزل تبحث عنه بعينيها ليلفحها هواء ساخن علي رقبتها .. التفت سريعًا بفزع لتجده يقف امامها مبتسماً بخبث ( ازيك يا ست الحسن والجمال ) تقدم منها وهو يطرقع اصابعه لتتلبك هي في وقفتها وتعود للخلف ( الحمدلله.. يا ادهم .. مالك كدا في اي ) وقف مكانه وهو يرفع حاجبه قائلا ( مالي .. ماليش واحد ومراته عايزين يتمموا زواجهم اي في اي ) ابتلعت غصتها في جوفها وهي تقول ( ادهم .. احنا قولنا اننا مش هيحصل بينا حاجة زي كدا غير لما نتجوز رسمي قدام الكل ) حاولت تصنع القوة في حديثها ولكنها فشلت .. ليتطلع لها بسخرية ثم بغضب جاذبا اياها من شعرها ( وحياةة امكك يابت .. احنا اتجوزنا علشان كدا ياروح امك .. عشان نعمل كدا .. منتي مكنتيش عايزاني المسك واحنا مع بعض قولنا نتجوز برضو مش عايزة انتي حكايتك اي بقا .. متعمليش فيها الشريفة اخت الظابط ) شهقت بخوف وهي تبكي من شدته لشعرها قائلة ( انت استحالةة .. انا بجد اتخدعت فيكك .. يارتني سمعت كلام اخويا يارتني .. انا عايزة اطلق مش عاييزة اعرفك والا ..) جذبها من شعرها بقوة يلصقها به قائلا ( والا اي ياروح امك انطقي .. هتروحي ترفعي خُلع مثلا .. واخوكي يعرف .. واخوكي لما يعرف ممكن يدبحك فيها تعرفي كدا ) صرخت بعنف وهي تدفعه ( سيبنييي بقاا سيبني ارجوكك ) جذبها من شعرها للغرفة ودفعها فوق الفراش لتتطلع إليه بصدمة وهي تعود للخلف ( ل.لا يا ادهم .. لا ..ارر.جوك ) كان يفك ازرار قميصه وهو يتقدم من الفراش قائلا ( لا وحياة امك ..بلا لا دانا هوريكي ايام سودا لون شعر راسك كدا ) ...................................................................................................................................................
" عودة للحاضر " Back "
هبطت الطائرة ارض " مصر الحبيبة " وصلا الي المنزل وهي ممسكة بيديه بقوة .. تتذكر كل انش في هذا المنزل .. فقبل ان تصبح سيدته وزوجة سليم كانت تعمل لديهم .. لتصرف علي والدتها الحبيبة واخوتها .. ولكن شاء الله ان يتركا هذا المنزل ليتجهوا خارج البلاد .. تاركين كل شئ خلفهم .. تاركين تلك المصائب التي حدثت فأطفئت حياتهم .. غادورا ..ولكنهم لم يستطيعا الصمود طويلاً خارج البلاد .. ها هما يعودان مرة أخري علي طلبها ان يعودوا لمصر ... تعلم انها تعود لماضيها المؤلم ولكن ستحاول جاهدة .. ستحاول باقصي ما لديها لتتعايش .. نظرت للذي جوارها ويبدو انه يسترجع أيضاً ذلك الماضي المؤلم .. تنهدت بحرارة ووقفت امامه بعينين دامعتين وصوت مختنق قائلة ( ممكن ننسي كل حاجة ونبدأ من جديد ..ارجوك ) جذبها من يديها يعانقها لصدره يعانق .. لأمانها الوحيد في تلك الحياة .. للذي يستطيع التخفيف عن ألمها كيفما كانت .. اجشت في البكاء وهي تعانقه بقوة .. بينما هو يربت علي ظهرها مغمضاً عينيه بألم لما حدث في حياتهم .. وها هما سيواجهان ذلك الماضي الذي وقف امامهم كـ عقبة .... وبعد برهه من الوقت توقفت عن البكاء وهي تسند رأسها علي صدره تتطلع في انحاءه تتذكر اول مرة اتت اليه !!
* فلاش باك *
** وصل بها الي منزله ... عرفها علي والدته واحبا بعضهم .. كانوا يجلسون يتحدثون ووالدته تخبرها عن أحوال المنزل وعما يجي فعله وما لا يجب فعله .. بينما هو جالس يتطلع إليها .. لتعابير وجهها وحركاتها البريئة .. لتلك الرموش التي ترمش فتختفي لون البُن في عينيها .. لون يستحق المشاهدة فتشعر وكأنك اصبحت بمزاج رائع كشراب كوب من القهوة .. انزل عينيه لتلك الشفتين المكتنزتين باللون الكرزي .. تعضهم كل دقيقتين تقريباً .. يبدو انها عادة لديها ... شعرها الطويل المنسدل علي ظهرها اسفل ذلك الوشاح الذي ترتديه فوق الفستان .. تنسدل علي عينيها غرة سارحة .. تنزل علي عينيها بمشاكسة فترفعها هي خلف اذنها .. افاق من ذلك علي صوت والدته وهي تناديه .. هز رأسه بتأنيب ضمير عما يفعله وهو ينظر لوالدته ( نعم يا ماما ) قوصت والدته حاجبيها وهي تنظر اليه باستغراب ( اي يابني .. روحت فين بقولك اي رأيك في المواعيد الي فرح هتيجي فيها .. يعني من الضهر كدا لحد ما انت تيجي تبقي تاخدها توصلها البيت قولت اي ) تنحنح وهو يعتدل في جلسته قائلا ( طبعا طبعا .. انا موافق ) هزت فرح رأسها بابتسامة قائلة ( ماشي يباشا ... شكرا اوي علي كل حاجة عملتها معانا ) هز رأسه بابتسامة ثم وقف مكانه وهو يقول ( مافيش شكر علي واحد يا فرح .. يلا بقا انا همشي دلوقتي عشان عندي شغل .. اشوفكم اخر النهار ) تطلع لفرح للمرة الأخيرة ثم رحل .. بينما هي ووالدته اكملا الحديث بعدها قامت فرح بالواجب الخاص بها في المنزل من عمل وخدمة .. وتتعلم من والدة سليم كيفية اعداد بعض وجبات الطعام ....
** ( بقولك اي .. إيه رأيك نروح نزور بيت خالو .. واهو تسلمي عليهم وتغيري جو ) قالها فارس وهو يجلس بجوار اخته حنين علي الأريكة .. بينما هي كانت مشغولة بمشاهدة التلفاز فنظرت إليه قاطعه احدي لحظاتها من الاندماج ثم عادت تتطلع للتلفاز مرة اخري ( نسلم عليهم ولا انت تشوف قمر ) همهم فهو يعلم انها اكثر شخص علي وجه الارض يعرفها جيدا ليستند بظهره علي الأريكة وهو ينظر للتلفاز قائلا ( رايح اشوف قمر فعلاً ) غمزته بمشاكسة لتقول ( ايوه ياعم دانت واقع وحدش سمى عليك ) قهقه ثم طرق مؤخرة رأسها وهو يقول ( طب ياختي .. هنروح اخر النهار حتي يكون الحج سليم خلص شغله يعني ) هزت رأسها موافقة وهي تنظر للتلفاز غير عابئة لأي وقت سيذهبون فقط تريد مشاهدة مسلسلها المفضل ولكن قاطعها صوته مرة اخري ( ها هتروحي تشتغلي انتي في مشتل الورد يابنتي ولا اي ؟) تنهدت وحولت نظرها للارض تفكر ثم نظرت له مرة اخري وهي تهز رأسها باستجابة ( اه هروح يا فارس ) هز رأسه بابتسامة وهو يمسك هاتفه قائلا ( تمام ياختي .. انا هكلمهم اقولهم ان اختي جاية وهيبقي معاكي بنت تساعدك ) اكتفت بالايماء وهي تعاود المشاهدة مرة اخري ........................................................................................................................................................
** وصل الي المنزل وهو يموت شوقا لرؤيتها .. لرؤية الفرحة التي دخلت حياته .... تلك الفتاة التي تجعل مشاعره التي لم تتحرك سابقآ ها هي تتحرك من اجلها ومن اجل رؤيتها .. لم يهتم بما يتهموها .. ولكن ما يهتم به الآن هي ووجودها معه ...دلف المنزل وهو يبحث عنها بعينيه لتقع عينيه علي " فارس وحنين " اولاد عمته .. قوص حاجبيه استغرابا لوجود حنين وتقدم منهم وهو يمد يديه يصافح فارس ثم صافح حنين قائلا ( حنين .. اي دا انتو جيتو مصر ولا اي ) نظرت لفارس ثم له وهي تهز رأسها ( لا انا بس الي جيت حكاية طويلة شوية يعني .. نبقي نحكي فيها بعدين) همهم بتفهم ثم نظر لفارس مداعبا اياه ( وانت يادكتور .. اي مبتجيش خالص غير في الاعياد يالاا ) قهقه فارس قائلا ( ياعم والله بقوم الصبح اشوف مشتل الورد وبعدين اروح المستشفى وبرجع يادوب اكل وانام مهدود ) ابتسم سليم قائلا ( ماشي يادكتور ربنا يوفقك ) ثم نظر لوالدته قائلا ( اومال فين قمر ؟) لتجيب وهي مستغربة ( معرفش يابني جت من برا العصر كدا مضايقة وطلعت اوضتها ومن ساعتها وهي فيها ومش راضية تكلم حد ) مد شفتيه مستغربا ليقول ( خير يعني ) ثم نظر لحنين ووقف مكانه ( ابقي شوفي ياختي قريبتك دي مالها ؟) لف نظره في المكان ثم نظر لوالدته وهو يرفع حاجبه ( اومال فين فرح ) سمع صوتها من الخلف وهي تقول بصوت منخفض هادئ ( انا هنا ياباشا ) التفت لها ينظر لوجهها البشوش ذلك ليبتسم تلقائياً من رؤية ذلك الوجه الجميل .. الذي اُبدع في خلقه .. فسبحان من اعطاها تلك الملامح وذلك الوجه الجميل .... اقترب وقف امامها يتحدث بحنو غير مقصود منه ( خلصتي شغلك ولا لسه ؟) هزت رأسها بابتسامة لتقول (اه خلصت ويادوب بقا امشي عشان متأخرش اكتر من كدا ) اومئ لها والتفت لوالدته ( انا هوصل فرح واجيلكو ..فارس البيت بيتك متمشيش غير لما اجيلك ماشي ) نظر مرة اخري لها وهو يشير لها لتمشي ليوصلها ....................................................................................................................................
** صعدت حنين لـ قمر .. بر اسرارها وصديقتها الصدوقة .. طرقت الباب وهي تقول بترقب ( قمريي .. انا حنين افتحي ) لم تلبث ثواني حتي فتحت قمر الباب مصدومه وهي تنظر لحنين لتقهقه حنين علي مظهرها ولكن لم تلبث لحظات قهقه حتي عبست لوجه قمر الباكي وعينيها الحمراوتين .. لاحظت قمر شردوها بوجهها لتمسح دموعها سريعا واقتربت تعانقها فبادلتها حنين العناق وهي تمسد علي شعرها لتقول ( وحشتيني اوي ياقمر .. عاملة اي ياقلبي ) ابتعدت قمر وهي تبتسم بخفة ( كويسة الحمدلله .. تعالي ) دلفا سويا للغرفة وجلسا لتبادر حنين تلك المرة قائلة ( مالك يا قمر فيكي حاجة ؟؟ احكيلي ) سكتت قمر وهي تراجع احداث اليوم في رأسها لتتذكر
( فلاش باك )
كانت قمر تتراجع للخلف وهي تبكي خوفاً منه ومن جنونه قائلة برجفة ( ا..ادهم ارجوك ابعد عني .. سيبني ..مافيش حاجه هتم بالاجبار يا ادهم) لم يعيرها اي اهتمام بل انقض عليها يقبلها بشهوه وهي تبكي وتحاول التملص منه .. ولكن لا حياة لمن تنادي .... نظرت حولها لتجد فازة موجوده فوق رأسها امسكتها و طرقتها في رأسه .. ليقوم عنها وهو ممسك رأسه بألم ويصرخ بينما هي وقفت وجرت للخارج
( عودة للواقع )
شهقت قمر بعدما تذكرت ما حدث لتقول ( انا خبطته ... وو وهو هيموتت )
منذ أن جمعتني الأيام بك وأنا أدرك تماماً كيف يستطيع الإنسان أن يكون دواءً للروح.
** شهقت حنين بصدمة قائلة ( خبطتي مين يا قمر .. مين دا الي هيموتتت انطقي ) لتقل قمر بصوت خائف يرتجف ( ج.جوزي ) لم تتحمل حنين تلك الكلمات ووقفت امام قمر بصدمة .. هاهي تتلقي صدمة وراء الأخري من بائسة المنظر قمر امامها .. نظرت لها قمر بنظرات مؤلمة .. خائفة .. تائهه .. بينما حنين تبادلها بنظرات مُصدمة .. مُتسألة .. وأيضاً خائفة علي حال صديقتها .. ابعدت قمر نظرها لباب الغرفة واتجهت إليه تغلقه وجلست تنظر لحنين التي جلست امامها قائلة بصوت مختنق نادم ( فاكرة ادهم .. انا قولتلكو اني سيبتو ومعنتش هكلمه .. بس انا انا رجعت كلمته .. وهو قالي نتجوز عرفي ) ابعدت نظرها عن حنين التي خرجت منها شهقة مصدومة لتكمل قمر بصوت خافت ( وانا بصراحة شوفت انها طريقة مناسبة عشان سليم وماما يوافقوا اني اتجوزه ) ارتجف جسدها بخوف واغمضت عينيها بألم قائلة ( بس ... بس هو طلع شهواني .. كان .... كان من البداية عايز انه يقرب مني وبس .. وكان عايز يقرب مني بس انا كنت رافضة لحد ما نتجوز قدام الكل علني والنهاردة كان عايز بالغصب فأنا عشان ادافع عن نفسي ضربته في راسه ) اجهشت بالبكاء وهي تكمل بصوت متلبك ( انا خايفة اوي يا حنين .. انا واقعه في مصيبة كبيرة ) لم يكن هنا اي ردة فعل من حنين سوى انها تتلقي صعقة وراء الأخري وتحاول تحمل وموازنة ما تقوله قمر .. كانت عينيها مفتوحتين بصدمة ، وفمها مفتوح قليلاً هو الاخر .. بينما ملامح وجهها ثابتة .. لا يظهر عليها اي انفعال سوى ملامح هادئة من الصدمة .. تحاول إخراج الكلام لمواساة صديقتها او حتي لتجد حلاً لتلك المصيبة التي وقعت بها قمر .. ولكن عقلها وقف عن التفكير .. حتي انه وقف عن الاستيعاب !!!
..........................................................................................................................................................................................
** كان يقود الي المنزل الذي تسكن به .. وهو يفكر في اختراع اي حديث بينهم حتي قال قاطعا ذلك الصمت بينهم ( انا عايز اعرف قصتك كلها يافرح واي الي حصل معاكم ) نظرت له بملامح هادئة ثم خرجت منها تنهيدة قائلة ( دي قصة طويلة اوي يابيه .. بس حاضر في الوقت الي تحبه هحكيلك عليها ) وضع يديه علي ذقنه بتفكير بذلك الوقت المناسب ليقول أخيراً ( تمام بكرا يافرح تحكيلي ) هزت رأسها موافقة علي كلامه ( حاضر حاضر ياباشا ) اكمل قيادته دون كلمة اخري ووصل بها الي البناية التي تسكن بها .. ترجل من سيارته معها واخرج حقيبة سفر ووضعها بجانب فرح ( فرح .. دي شوية هدوم لحد ما تقبضي وتقدري تجيبي هدوم ليكي ولعيلتك ) ابتسم بحنو في آخر كلامه لتهز رأسها نافية ( لا يابيه مقدرش اقبلها دا كتير اوي .. وانت عملت معانا كتير كفاية انك مقعدنا في شقتك ) اقترب منها بملامح ثابتة وامسك يديها ووضعها علي مقبض الحقيبة قائلا ( خدي الهدوم واطلعي يا فرح يلا .. ) كان يوجد في كلامه نبرة الأمر لتهز رأسها في حرج مخفضة بصرها للأرض ممسكة الحقيبة لتقول بصوت خافت ( حاضر يابيه .. كتر خيرك ) حملت الحقيبة واتجهت الي المنزل بينما هو ظل يراقبها حتي شعر انها وصلت الشقة ليذهب هو أيضاً لمنزله .. يزيل ذلك الهم من رأسه ويرتاح قليلا
** كانت تربت بحنان علي شعر قمر النائمة .. ورأسها علي قدميها .. تشهق قمر كل ثانتين من الوجع والخوف .... بينما حنين تفكر فيما سيحدث وكيف سيحلان تلك المصيبة .. شاردة .. مازالت غير مستوعبة .. اخاها المسكين الذي يهوى تلك الفتاة .. بل يعشق التراب الذي تمشي عليه .. ويتمني ان تكون له في يوم من الايام .. هي لم تكن تحبه يوماً .... تنهدت بحزن وامسكت هاتفها تُراسل اخاها ( انا هبات النهاردة مع قمر ) انتظرته حتي يجيب وبعد لحظات اجاب بالفعل ( ليه هي قمر فيها حاجة ؟ هي كويسة صح ) اغمضت حنين عينيها متألمة علي لهفته تلك .. ثم فتحتهما وارسلت له ( اه ياحبيبي كويسة بس هي وحشاني وكدا ف هفضل معاها الليلة دي .. وبكرا نتقابل الصبح توديني المشتل ) اغلقت هاتفها ووضعته جانباً لتأتيها رسالة اخري رأتها من الخارج من فارس ( ماشي ياقلبي ) رأت الرسالة ثم وجهت نظرها لقمر لتقول بعد تنهيدة ( قمر .. ممكن تصحي عشان نكلم شوية ) اجابتها الأخري بصوت مختنق باكي ( مش قادرة اكلم .... عشان خاطري سيبيني دلوقتي ) ولم يكن من حنين سوى الموافقة متألمة لحال صديقتها !!
......................................................................................................................................................................
** اشرقت الشمس .. ونشرت اشعتها في كل مكان .. أشعة علي البعض بأمل مشرق وعلي البعض الاخر بوجع مؤلم ....
كانا يجلسان سويا في حديقة منزله .. بينما هي تفرك يديها ببعضهما بتوتر ونظرها في الارض مُتحدثة ( انا واهلي بقالنا اربع سنين في الشارع .. انا اهل امي ناس صعايدة وكانوا عايشين بعادات وتقاليد كدا خاصة بيهم .. امي في يوم سافرت مع قريبتها القاهرة عشان يشتروا هدوم وهناك ابويا شافها واتعرف عليها .. وراح بيتها عشان يتقدملها بس اهل امي موافقوش عشان هو من المدينة وان اهل المدينة دول يعني يباشا لموأخذة هما مش كويسين وكدا .. دي كان اعتقادهم .. بس انا امي كانت موافقة انها تتجوز ابويا وسابت البيت ومشيت مع ابويا واتجوزوا فعلا .. وانا بابا الله يرحمه كان عايش مع عيلة متكونه من امه وابوه واخته وكان عنده اخين .. كان هو اكبرهم ...وهما كانوا ناس معروفة في البلد يعني وكدا فأهل ابويا موافقوش علي امي عشان بالنسبالهم دي واحده خاينة لاهلها وغدرت بيهم عشان تتجوز واحد غني ومعاه فلوس وبس .. فضلت امي عايشة معاهم في ذل واهانه .. لحد ما حملت فيا فقرر ابويا انهم يعيشوا في بيت لوحدهم .. وبالفعل حصل كدا وكانو مبسوطين وجيت انا وكريم وحور .. بعد ما حور اتولدت بست سنين والدي اتوفي في حادثة .. ومات في ساعتها ... اخواته لما عرفوا انه كاتب لامي حاجات كتير اتهبله وجم البيت هددوها عشان توقع علي الحاجات الي كاتبها ليهم وفعلا امي وقعت خوف علينا ... ولما رفعت عليهم قضية وخسرتها طردونا من البيت .. مكناش عارفين نعمل اي وامي مكنش معاها فلوس تكفينا طول العمر ولا حتي تشتري بيت يسترنا .. ومقدرتش ترجع بينا لاهلها .. ومن ساعتها واحنا بنترمي في الشوارع لحد ما انت ظهرتلنا ياباشا ) كان ينظر لها مُتأثرا مما عاشوه هي واهلها .. تنهد بحزن ثم نظر لها ( ربنا بيعوضكم يافرح ) هزت رأسها بابتسامة راضية ( الحمدلله يا باشا الحمدلله ) اكمل مسايرا اياها في الحديث ( طب وانتو يا فرح يعني مشفتوش حوليكوا الي بيتاجر في المخدرات ولا بيسرق وكدا محاولتوش تعملوا حاجة زي كدا ؟) نظرت له ببعض القلق وهي تهز رأسها ( لا والله ياباشا ما حصل .. انا يعني لو عشان يوم ما اتهجمت عالصيدلي كان عشان ا...) لم تكمل كلامها لانه قاطعها قائلا ( انا عارف .. بس انتي مالك قلقتي كدا ليه ؟) هزت رأسها بنفي وتنظر في عينيه قائلة ( مش قلقت ولا حاجة ياباشا والله بس بقولك يعني ) نظر إليها قليلا يتطلع ملامحها البريئة التي تنفي انها ليست بتلك الطريقة ابدا .. هز رأسه يبعد تلك الافكار عنها وهو يقف مكانه قائلا ( ماشي ياست فرح .. قومي شوفي بقا شغلك وانا ماشي علي شغلي .. ياكش يارب الي في بالي يطلع غلط ) رفعت رأسها تتطلع عليه ببعض الاستغراب وبعض الخوف قائلة ( اي الي في بالك يابيه ؟) وضع نظارته الشمسية وابتسم ابتسامة هادئة ( متاخديش في بالك ) ثم اعطاها ظهره وغادر ....................................................................................................................................................................
** كانت حنين ترتدي حذائها وهي تلقي نظره علي قمر النائمة بتعب لا حول لها ولا قوة .. اخبرتها انها ستيستيقظ مبكرًا للذهاب لعملها وعندما تنتهي ستأتي لها ليجدا حلا لتلك المصيبة التي وقعت فوق روؤسهم .. هبطت الدرج والقت الصباح علي والدة قمر وسليم ثم غادرت سريعا متجه للمشتل فهي لا تود ان تتأخر من اول يوم .. واخيرا بعد مُعاناة في مواصلات الطريق وصلت الي مشتل اخاها فارس وقفت امامه وهي تبتسم .. كان عبارة عن مبني يتكون من طابق واحد جميعه زجاجي ... يوجد ازهار حوله .. بدأت تتقدم لداخل المشتل لتجد الزهور بانواعها والاشجار بانواعها وحتي النخل الصغير .. كل نوع موجود بمكانه المعين الذي يستحقه .. الرائحة الجميلة تفوح في كل مكان .. رائحة الزهور الجميلة .. اعجبها ذلك فهي من صغرها تحب الزهور هي واخاها فارس وها هو يحقق ما يتمناه .. مكان ملئ بالزهور ينعش الروح ويشرح الصدر ... وقفت عندما نادتها فتاة من خلفها ( تحبي اساعدك في حاجة ) التفتت لتلك الفتاة مبتسمة وهي تمد يديها لتصافحها ( انا حنين اخت فارس .. اكيد قالك عني ) صافحتها تلك الجميلة بابتسامة مشرقة ( اه قالي ياهانم اكيد .. انا مي وانا كمان الي هساعدك هنا واعرفك علي الزباين المميزين للمشتل ) لفت حنين بعينيها في المكان مرة اخري وهي تقول ( ماشاء الله المشتل كبير وهيحتاج مجهود برضو .. انتي بتشتغلي لوحدك فيه ) ضمت مي يديها لبعضهما وهي تبتسم قائلة ( حاليا لوحدي كان معايا بنت بس مشيت .. ودكتور فارس لما بيكون في يوم زرع بيجي يساعدنا هو ومستر ليث ) قوصت حنين حاجبيها وهي تقول بنبرة مستغربة ( مستر ليث ؟) هزت مي رأسها بتأكيد لكلامها قائلة ( ايوه مستر ليث .. صديق دكتور فارس المقرب وكمان هو من الزباين الـ special للمشتل ) همهمت حنين بتفهم وهي تهز رأسها قائلة ( اممم .. ماشي ياستي لما يبقي يجي مستر ليث نبقي نتعرف عليه يلا بقا وريني المكان كدا وعرفيني عليه ركن ركن ) هزت مي رأسها بضحكة صغيرة قائلة ( حاضر اتفضلي ) ودلفا سويا لاخر المشتل حيث يوجد اخره مكتب صغير وثلاث كراسي .. ويوجد حولهم زهور ..وفي منتصف المشتل يوجد طاولة وحولها كراسي ومن حولهم الزهور وبقية المشتل زهور بانواع مختلفة ..........................................................................................................................................................................
1
** وأخيراً عادوا الي مصر .. هي الآن عائدة حزينة اكثر ما كانت حزينة وهي مُسافرة .. ما ستفعل ما باليد حيلة .. هذه هي حياتها وهذا نصيبها .. وهي لن تعترض ابدا عن نصيبها .. أخيراً انتهت من تصفيف شعرها .. شعرت ببعض الالم في قلبها فوضعت يديها علي قلبها بألم .. تلك ليست المرة الاولي التي تشعر بها بألم في قلبها ولكنها المرة الاولي ان يكون هذا الالم بتلك الحدة .. جلست علي طرف الفراش وهي تحاول تنظيم نفسها الذي اصبح عاليا فجأة .. شعرت ببعض الدوار .. الالم يزداد .. لم تشعر بنفسها سوى بأنها ممدة علي الفراش لا تشعر بمن حولها .... حتي انها غير واعية عما سيحدث عن تأخيرها ذلك للذهاب للشركة ... سيأكلها تيم ولكن هي ليست الآن بوضع يسمح للذهاب لاهانات تيم وتسلطه عليها .. هي الآن بوضع تعتقد انها ستفارق الحياة وحدها في هذا المنزل الكبير .. علي ذلك الفراش البارد
مرت بعض الساعات .. لا تعلم عددهم ولكنها تعلم انها ذهبت في غفوة اعتقدت انها لن تعود منها .. ولكن ها هي تعود مرة أخري لتحارب تلك الحياة بصعوباتها وحدها .. ها هي تعود الجارية المفضلة لدي السيد تيم ..وعلي ذكر اسمه لماذا تشم رائحته بالقرب منها .. هل هي تتوهم ... بالطبع تتوهم فهي ليلاً نهارا تشم رائحته فـ لابد ان انفها حفظ كيف تكون .. فتحت عينيها بتكاسل لتجده امامها ..فُزعت بصرخة وعادت للوراء وهي تنظر إليه بصدمة واضعه يديها علي قلبها الذي كاد ان يقف من تلك الفزعة .. انه هنا حقا .. تيم بجلالة قدره .. هل كان يجلس ويتأملها ... ابتلعت غصتها وهي تتحدث بصوت مرتعش ( مستر ..تتيم ) !!!!
...............................................................................................................................................................
** ( ياباشا بيقولوا ان البت مختفية بقالها فترة ومحدش شافها خالص .. يعني هي اختفت من اليوم انا قولت لحضرتك فيه انها اختفت .. مظهرتش من بعدها .. كأنها فص ملح وداب ) كان يتحدث "علي" لسليم .. مازال مصدوم من كل مرة يتحدث علي عن تلك الفتاة ليتشابه كل شئ بتلك الادلة بـ فرح .. يحاول ان يثق بها فتأتي ادله تفسد ماحاول بناءه .. كان ينظر لـ علي بهدوء عكس تلك العاصفة داخله ليتحدث هو الآخر بصوت جدي هادئ ( ماشي يا علي ... خليكو برضو مراقبين الاماكن الي بتروحها .. يمكن فعلا ترجع في يوم من الايام ) هز علي رأسه بطاعة قائلا ( امرك ياسليم بيه .. عن اذنك ) ثم خرج من المكتب متوجه خارج القسم يراقب رجال الشرطة الموجودين في الاماكن التي تأتي تلك الفتاة الغامضة ..
اخيرا انتهي وعاد بسيارته لـ تلك الحارة التي يعيش بها .. حارة بسيطة كان يملؤها البلطجية وعندما دخلها سليم نظفها جيداً واخذ علي يساعده في القسم بعد ان تعين في النيابه مساعد سليم في كل الأعمال والقضايا .. ها هو يصف سيارته بجانب منزله القديم التي اتي عليه الزمن وما تبقي من اهله المتوفيين .. وقبل ان يفتح باب السيارة ليترجل منها وجد سطل ماء ينزل علي سيارته يغسلها .. اغمض عينيه ووضع رأسه علي المقود بقلة حيلة وهو يصرخ داخلياً من تلك المرأة التي تفعلها معه دائماً .. ترجل من سيارته ووقف بعيداً ينظر اليها ( اي ياستت الكل .. حمتيلي العربية ) شهقت وكأنها مصدومة مما فعلته بتلك الطريقة الدرامية قائلة ( يووه مخدتش بالي يا علي ياحبيبي .. حقك عليا ) زفر بضيق وهو يطرق يد بالاخري ( اسطوانة كل مرة .. طيب طيب ) قاطعته تلك المرأة بنبرة مستهزءة ( طب اطلع يخويا عشان تاكل ) ابتسم بحنو ناسيا ما فعله فـ تلك المرأة تسانده في كل شئ في الحياة تعوضه عن حنان الام .. تحبه ويحبها كثيرا .. يقف معها في المشاكل وهي أيضاً تقف معه في مشاكله .. تهتم به وكأنه ابنها من لحمها ودمها .. صعد درجات السلم وصولا الي شقة تلك السيدة وقبل ان يرن الجرس وجد الباب يفتح وجميلته تقف امامه بابتسامة مشرقة تخفف عنه تعب اليوم ... ابتسم ابتسامة عاشق ولهان قائلا ( ازيك يا نوري ) احمرت وجنتيها البيضاء لتصبح باللون الزهري .. وذلك لوضع ياء الملكية لاسمها .. ليشير انها نوره فقط .. ردت بخجل قائلة ( كويسة .. انت عامل اي؟ ) ليرد هو الاخر بنفس تلك النبرة المحببه قائلا ( كويس طالما انتي كويسة و كمان ...) لم يستطع انهاء كلامه ليجد صوت والدتها من الداخل( انتو هتدخلو ولا اجي الم عليكوو العمارة كلهاا ) تلبكت نور ودلفت ركضا للداخل بينما هو دلف واغلق الباب خلفه بوجه عابس وهو يخبط يد بالاخري قائلا ( الواحد لا بيتهني ولا بيتهني ) وجد الوالدة التي طالما كانت الاحب لقلبه وهي تقول واضعه يديها في خصرها ( مالك ياعنيا .. اي مالك انت وهي عمالينلي روميو وجاليت ) رفع حاجبه باستغراب مرددا ما قالته لتو ( چاليتت ؟) هزت يديها تلوح في الهواء وكأنها غير مدركة وتخرج تلك ( التشم ) من فمها قائلة ( وانا اي عرفني اسمها اي دي كمان چاليت چولوت معرفش يخويا ) ظل حاجبه مرفوعا باستغراب لتلك المرأة العجيبة وفمه مفتوح من تصرفاتها ليهز رأسه قائلا ( الي انتي شيفاه ياست الكل ياكبيرتنا ) عاد لطبيعته ولتلك الابتسامة الولهانه قائلا ( يام نوري ) خلعت تلك السيدة ام نور ( الشبشب ) من قدميها وناولته لعلي ليأتي في قدمه ليتألم بألم مزيف بينما يستمع لها تقول ( اتلم احسنلك عشان ملمكش ها .. وقوم غسل خلينا ناكل يلا ) هز رأسه وقام متجها للمرحاض وهو مازال يتأوه متصنعا الالم ...................................................................................................................................................................
** غلفت باقة الورد جيداً بتلك الاحترافية الذي يمتلكها زوقها .. كانت تعمل مع ابتسامة مشرقة تملئ المكان بهجةً فوق البهجة التي يصنعها الورد .. انتهت من تلك الباقة التي بيديها واعطتها للذي يريد شراءها .. وذهب هو يحاسب " مي " بينما حنين اكملت السير بين الزهور تتطلع اليهم .. وقفت فجأة وهي تري حذاء رجالي امامها .. رفعت بصرها باستغراب مقوصة حاجبيها وهي تنظر له ( افندم ؟) ابتسم تلك الابتسامة اللعوبه المعتاد عليها ( هو اي الي افندم .. انا شوفت وردة ماشية بين ورد قولت اجي اشوفها ) لم يعجبها ابدا ما قاله لتو .. فحنين رغم انها تربت وعاشت في بلد اجنبي إلا انها مازالت متحفظة بقواعدها .. واولهم الا تسمح لاحدهم بالتتطاول معها .. ربعت يديها وهي تنظر له رافعه حاجبيها بضيق قائلة ( تحترم نفسك ولا انا اعلمك ازاي تحترم نفسك ) وضع يديه في جيبه قائلا بتحدي رافعا رأسه بشموخ ( دانتي قطة وطلعتي بتخرمشي ) ابتسمت باستفزاز قائلة ( ولو طولت احتمال اخرمشك واخليك تجيب دم ) ضحك باستهزاء لكلامها وقبل ان يتحدث وجد " مي " تقول ( مستر ليث .. اهلا يابيه اتفضل ) رفعت حنين حاجبيها وهي تهمس باستهزاء ( مستر ليث ؟؟؟ ... دا طلع مستر مهزء ) ابتسم ليث لـ مي ثم عاود النظر لحنين قائلا وهو يميل عليها ( بتقولي حاجة لا سمح الله ) وقبل ان تنطق هي الاخري بعند وجدت مي تعرفها عليه قائلة ( مستر ليث .. دي الانسة حنين اخت الدكتور فارس .. وهي من النهاردة هتمسك المشتل ) اخرج من فمه " واو " ولكن دون صوت وهو ينظر لحنين صاحبة العينين الخضراوتين .. والتي يمتلكهما ايضا صديقه المقرب " فارس " هز رأسه لـ مي ثم عاود النظر لحنين بابتسامة لعوبة ( دا علي كدا هيبقي بينا مقابلات كتير .. متعرفيش انا الانتيم بتاع فارس ) نظرت له بقرف واضح لتقول ( اول مرة فارس يختار حاجة زيك كدا ) ثم اولته ظهرها وذهبت للجهه الاخري من المشتل تري الزهور ولكن بوجه عابس بعد ان افسد مزاجها .. وفجأة سمعت صوته المرتفع من مكانه قائلا ( اضحكي يا قطة .. اصل الورد لما بيشوف حد مكشر قدامه بيزعل ويموت ) ثم غمزها بابتسامة خبيثة بينما هي كانت تستشاط غضبا من حقارته .........................................................................................................................................................
** وصل الي المنزل .. وهو يبحث عنها بعينيه ووفي لحظات وقعت عينيه عليها يراها تضع الاطباق علي الطاولة بنظام وتضع بكل طبق منهم الطعام وايضا بطريقة منظمة تجعل شهية من يأكل تُفتح .. هو الآن نسيٰ كل ما كان يفكر به من قبل عنها .. وانها البريئة والملاك الوحيد الذي عرفه في حياته .. تقدم منها لتلمحه هي مبتسمة ( سليم بيه ؟ نورت يابيه ) لم يبادلها تلك الابتسامة البريئة بل هدمها بذلك الوجه العابس والحاد قائلا ( اي مخلصتيش شغلك دا كله ؟), شعرت بالاحراج من تلك الحماسة التي اخذتها عندما اتت .. هزت رأسها بالنفي قائلة ( لا لسه ياباشا .. بس خلاص يعني قربت اخلص )   لم يظهر عليه أي تعابير وانما كان هادئ بشكل مخيف .. تركها ودلف للمطبخ بينما هي وقفت تشاهد اختفاءه باستغراب وخوف من ذلك المتحول ..
دلف لوالدته والقي التحيه عليها مقبلا يديها ورأسها ( ماما معلش ممكن تحطي اكل في علب وتغلفيه لفرح وعيلتها ) هزت والدته رأسها ( طبعا يابني ... ربنا يارب يديك علي قد ما بتعطي ) ابتسم لها بحنو يشاهدها تأتي بالعلب وتضع بها الطعام .. وأخيراً انتهت ووضع الطعام معها في شنطة كبيرة واخذه للسيارة تحت انظار فرح المستغربة التي مازالت ترتب في طاولة الطعام .. وعندما دلف مرة اخري تطلعت الي الاطباق امامها تتحاشى النظر له حتي لا تقع في مصيبة .. وعندما وجدت قدمه تقترب منها رفعت نظرها بحذر تنظر له لتجده يقول ( يلا يافرح عشان اوصلك ) كادت ان تمانعه ليقول بحدة ارعبتها ( يلااا يااافرحح ) وضعت الاطباق سريعا علي الطاولة وهي تهز رأسها ( ح حاضر ) ذهبت سريعا للمطبخ تستأذن من والدته وخرجت معه بأتجاه السيارة ..
قاد السيارة والصمت سيد المكان .. بينما هي تتطلع اليه بين الفترة والاخري بطرف عينيها من تغيره المفاجئ .. تود أن تسأله عما به ولكن هي لن تستطيع .. هي خائفة من ردة فعله .. وفكرت انها ليس لها الحق ان تسأله .. ولماذا ليس لها الحق ؟ الم يعرف عنها اليوم كل شئ ...
نظرت اليه وازدردت ريقها وقالت ( باشا هو انت كويس ؟) نظر اليها نظرة حادة بتلك العينين المُفزعة مع تقويص حاجبيها .. ودت لو تنشق الارض وتبلعها في تلك اللحظة ولكنها ابعدت نظرها سريعا عنه تنظر من النافذة ...
وصلا سويا للمنزل وترجلت سريعا من السيارة ولكن صوته كان أسرع منها حين ناداها ( فرررح ) وقفت مكانه ثابته متصنمة تتطلع اليه بعينين خائفتين .. ولكنه حطم آمالها بأن يفعل لها شئ .. بل وضع بجانبها حقيبة الطعام قائلا ( بكرا الساعه سبعة الصبح الاقيكي واقفة هنا .. عندنا مشوار سوا عايز نخلصه تمام ) ودون تفكير هزت رأسها واخذت تلك الحقيبة وهرولت من امامه للاعلي
** كانت تعد العشاء في المطبخ .. عشاء مميز .. ليس به اي خطأ .. فمن سيتعشى معها الليلة ليس أي شخص وانما هو تيم بجلالة قدره .. انتهت وأخيراً بعد محاولات منها للصمود علي قدميها بسبب تعبها .. ورتبت الطاولة والصحون عليها .. بينما هو عينيه عليها .. يشاهد حركاتها .. تفاصيلها .. ملامحها التي حفظها عن ظهر قلب .. شعرها الغجري ذاك .. وياللهول من شعرها .. رغم انها صغيرة القامه بريئة الملامح وليست كصنف النساء اللواتي عرفهم .. ولكنه يحبها هكذا .. يدمن وجودها بجانبه .. رغم اهانته لها وما يفعله بها .. ولكنه يخاف بُعدها عنه .....
قام من مكانه يتقدم للطاولة وجلس علي الكرسي الرئيسي ورفع رأسه لها قائلا بهدوء ( مش هتقوليلي مجتيش النهاردة الشركة ليه ؟؟؟!) تنحنحت ووضعت العصير امامه وجلست علي الكرسي المجاور له وهي تقول بنبرة مرهقة ( تعبت شوية يا مستر تيم والله ...عشان كدا مقدرتش اجي ) همهم ( اممم ) وهو يمدغ الطعام وكأنه يستطعمه .. بينما هي تراقبه بخوف وترقب .. فأي خطأ معه يتحول لحوش ثائر لا يمكن التحكم به ولا باعصابه .. ابعدت عينيها عنه وهي تمسك كوب الماء وتشربه كله .. وضعته امامها وامسكت شفشق الماء الكبير ووضعت بالكوب امامها تحت انظاره .. ومدت يديها لتأخذه فكان هو الاسرع بسحبه من امامها ووضع مكانه صحن الطعام قائلا ( كفاية شرب مايه وكلي ) تنحنحت وبدأت في الاكل وبين الحين والآخر تراقبه بصمت .................. .................................................................... ............................................................... .............................................
** بدأ يوم جديد .. كان يوم بارد كبعض القلوب .. عاصف كالبعض الاخر .. السماء ملبدة بالغيوم والشمس مسجونة خلفها ...
كانت فرح تقف امام المنزل منتظرة قدومه مثلما اخبرها .. كان قلبها يدب بالخوف .. فـ ماذا يريدها سليم في هذا الوقت .. ولماذا يريدها من الاساس .. ستعرف حتما بعد القليل من الوقت .. قطع شرودها صوت السيارة تقترب منها فنظرت لها ولصاحبها .. انه سليم بشكله العابس .. مثلما تركته بالامس تماماً .. تنهدت بعمق كبير مستعدة لما سيحدث معها الآن .. اتجهت للسيارة وركبت جواره وهي تلقي الصباح بابتسامة صغيرة ( صباح الخير ) اكتفي هو بايماء رأسه دون الرد علي الصباح حتي ............
وصلا سويا لاحدي الاماكن المشتبه بها .. والتي كانت تأتي اليها تلك الفتاة المشتبه بها بأنها تتاجر في المخدرات وتفعل غيرها من الافعال الشنيعة .. ترجل من السيارة وهي معه .. وقفت بجانبه تتطلع المكان .. كان عبارة عن سكة حديدية قديمة وامامها سور قديم اتي عليه الزمن وكان ذاك السور من اللون الاسود بسبب الحرائق التي نشأت جواره .. يوجد مساكن قديمة ايضا ويبدو ان الزمن اتي عليها الا ان اصحابها مازالوا بها .. ويوجد قطارين او ثلاث بالعدد متعطلين .....
نظرت له فرح باستغراب وقوصت حاجبيها قائلة ( باشا انت جبتني هنا ليه ؟) لم ينظر إليها وانما ظل ينظر امامه قائلا بهدوء سابق للعاصفة ( مش بيفكرك بحاجة المكان دا ؟) اخفضت بصرها بغزى وهي تقول بنبرة حزينة ( طبعا يا بيه .. بيفكرني اني كنت قاعدة هنا قبل ما حضرتك تاخدني البيت بتاعك وتشغلني عند والدتك .. ) اغمض عينيه متألما فليس ذلك ما كان يود سماعه ليس ذلك .. هو لم يكن يود ان يذكرها بما عاشته ابدا .. ازال نظارته الشمسيه ونظر إليها بهدوء ( انا مش قصدي كدا يافرح ... قصدي متاجرة المخدرات الي كانت بتحصل هنا ) فتحت عينيها بصدمة وفمها لحق عينيها في تلك الصدمة مفتوحاً .. كانت تنظر له مصعوقة .. بالمعني الحرفي مصعوقة بينما هو تهجم وجهه من ردة فعلها .. وكأنه يتأكد انها شعرت انه كشفها .........
** كانت تقف في المطبخ تعد الفطار لاخاها .. يديها تعمل ولكن عقلها في مكان اخر .. عقلها الآن مع قمر .. صديقة روحها وبر اسرارها ايضا ابنة خالها .. تفكر كيف ستساعدها في حل تلك المصيبة التي وقعت فوق رأسها .. هل ترفع عليه دعوة في المحكمه .. لا بالتأكيد ستصل المصائب تلك الي الجميع وقمر خائفة من المواجهه ! .. ولكن عاجلاً ام اجلا يجب ان يعلم الجميع بما حدث وبما سيحدث .. سليم اولهم لانه الوحيد الذي سيسرع في حل تلك المصيبة .. واخاها المسكين - فارس - ذلك العاشق الولهان .. الواقع في عشق تلك الفتاة التي وللاسف تحب غيره بل تزوجته عُرفيا .... وعلي سيرة العاشق ذلك سمعت صوته وهو يلقي الصباح بصدر رحب ( صباح الخير يا روحي ) افاقت من حبل شرودها علي صوته وهي تقول بابتسامة بسيطة ( صباح النور ياعيوني .. يلا اقعد عشان تفطر قبل ما تنزل ) جلس وهو يبتسم ( دلعيني دلعيني اصل انا وحياتك محتاج الي يدلعني ويهشتكني اليومين دول ) قهقهت بخفة وهي تضع الطعام امامه ( طب كُل ياعنيا كُل وانا بدلعك اهو يخويا ) شرع في الطعام معها وهو يقول ( ماشي .. بس بقولك انا في واحد صاحبي هيجي النهاردة معايا بعد الشغل يتغدى معانا .. اممم اجيبه ولا هتضايقي .. اصل بصراحة هو بيجي دايما وكدا وانا بروحله ) للحظات صمتت واتي ببالها ليث .. ذلك الوقح الذي غازلها بالامس في المشتل .. فضيقت عينيها بغل ونَسيت تماما انها تتحدث مع اخاها ليرفع هو حاجبيه باستغراب قائلا ( حنين .. مالك ياقلبي وانتي شكلك عايزة تاكلي حد كدا بايدك وسنانك ) افاقت علي كلامه وهي تتنحنح ( احم .. لا طبعا اعزمه طبعا ) هز رأسه بابتسامة ( ماشي ياستي .. بالمناسبة قمر عاملة اي اكيد بتتكلمو وكدا ) عبست وهي تتطلع لاخاها وقالت بتنهيدة ( كويسة الحمدلله ياحبيبي ) نظر اليها مستغربا ووضع الطعام امامه ( في حاجة ولا اي ) امسكت كوب ماء تجدد ريقها وهي تقول بنفي ( لا لا .. مافيش هي كويسة ) همهم بتفهم ثم بدأ يأكل مرة اخري قائلا بهدوء وشرود ( مش عارف ياحنين .. بفكر اقربلها اكتر .. يعني وافهمها اني بحبها هي البعيدة مبتفهمش وكل حاجة والكل عرف حتي سليم اخوها بس هي لسه .. مش عارف اعمل معاها اي تاني )
كانت حنين تنظر اليه بحزن ثم قامت من مكانها وذهبت للمطبخ غاضبة علي حال اخاها وحبه هكذا لابنة خالهم .. بينما هو استغرب اكثر وذهب إليها ممسكا يديها ( في اي يا حنين .. هي قمر كويسة صح ؟) ظهر القلق في صوته وايضا في ملامح وجهه لتزفر حنين بغضب ( يووه بقا يا فارس قمر قمر .. مافيهاش حاجة ياخي قمر لو مصدقتنيش روح شوفها بنفسك النهاردة وبعدين ابعد بقا عني دلوقتي عشان عندي شغل وانا داخله البس ) تركته وذهبت لغرفتها سريعا تبتعد عن اسألته واستغراباته .. بينما هو ظل واقفا مكانه يفكر .. قلبه لا يطمئنه عنها .. يشعر ان هناك شئ .......................................... ....................................................................................
** ( مخدرات اي يا باشا دي ؟) كانت تتحدث بنبرة مهزوزة خائفة وهي تنظر إليه .. بينما هو نظر إليها باستغراب متصنع ( طب اهدي .. مالك خوفتي كدا ليه انا بقولك ان المكان فيه متاجرة مخدرات ..حسستيني انك خدتي الكلام علي نفسك وانك انتي الي بتاجري ) شهقت بخوف وهي تهز رأسها بنفي ( لا ياباشاا والله ماحصل ... انا انا مستحيل اعمل حاجة زي دي والله ياباشا ) تقدم منها خطوة وعلي فمه ابتسامة سخرية منتصرة ( هو بصراحة الموضوع مفيهوش غير الي علي راسه بطحه يحسس عليها وانتي حسستي زيادة عن اللزوم صراحة .. وهتخليني اقبض عليكي دلوقتي ) فتحت عينيها علي مصرعيهما وفمها .. مصدومة من كلامه ومن اتهامه لها بافعال شنيعة يقول انها تفعلها وخائفة من ذهابها للسجن .. لتقول مسرعة وبصوت باكي ( والنبي يا باشا سجن لا انا معملتش حاجة والمصحف يابيه والله ماعملت حاجة ) تساقطت دموعها وهي تنظر إليه بخوف .. بينما هو علي فمه إبتسامة جانبية هادئة ثم تحولت تلك الابتسامة لبرود وملامح مخيفة ليقول بنبرة تحذيرية ( ماشي يافرح بس ايااك يا فرح اعرف انك عملتي حاجة زي دي حتي لو زمان .. دانا هخليكي وقتها تشوفي النجوم في عز الضهر فاهمة يا فرح ) .. كان التهديد كافيا لاخافتها .. كانت تلك خطته منذ البداية حتي يعلم ان كانت هي ام لا .. خطة محكمه ليكشفها علي حقيقتها ان كانت بريئة ام مُتهمة .. ولكن لم تكتمل بعد ها هو ينجح في أول خطواتها .. بينما هي ظلت تهز رأسها مؤيدة كلامه وهي تنتحب بكاءا ..
هز رأسه مشيراً الي انه اتفاق بينهم ( ماشي .. يلا اركبي عشان نروح السجل اطلع شهادات الميلاد بتاعتكم عشان اقدم لكريم وحور في المدرسة ) مسحت دموعها وفعلت مثلما أمر دون حرف زائد .. كان لتهديده اثر كبير عليها .. لدرجة انها شكت بنفسها انها الفاعلة .. بينما هو قاد بأتجاه السجل ...
** ارتدت ملابسها وخرجت من منزلها متجه للعمل .. ولكن لفت نظرها وجود ظرف في علبه البريد في حديقتها .. فذهبت واخذت الظرف ثم ركبت سيارتها .. فتحته بمهل لتجد به " ازيك يا قطة تيم .. بصي مش هنطول في الحوار بس انا عايز ملف بتاع شركة المقاولات .. دي رسالة من غير تهديد عشان انا مبهددش انا بعمل علي طول ... ' مجهول يعلم بعلاقتك مع تيم ' " شهقت بخوف وهي تقرأ تلك الرسالة .. من الذي يعلم بعلاقتها مع تيم ؟؟؟ من ذلك ؟؟؟ تلك مصيبة كبيرة .. وها هو ايضا يطلب منها ان تسرق مديرها ورب عملها .. هه يطلب منها ان تسرق ' تيييم ' وعند تلك النقطة وصلت لاعلي ذروتها من الخوف .. لتقول بنبرة خائفة ( ياربي اعمل اي دلوقتي .. دا تيم ممكن يقتلني .. انا انا لازم اقوله بس كدا وهو يتصرف بقا ) ....
دلفت مكتبه وهي تضع امامها البرنامج قائلة بنبرة مهتزة ( صباح الخير يا مستر تيم .. دا جدول النهاردة ) هز رأسه وامسكه يقرأه بينما ينظر إليها من حين لاخر فيرى علامات الخوف مرسومه علي وجها والارتباك .. هز رأسه قائلا ( تمام الاوراق دي تحفظيها كويس .. دي بتاعت شركة المقاولات وفيها حاجات خطر يا طيف .. حطيها في عينك فاهمه ) هزت رأسها سريعا بارتباك ( حاضر حاضر ) اخذت الاوراق وهي تنظر لها وتتذكر تلك الرسالة لتعبس ملامح وجهها ويظهر عليهما الخوف .. فلمح ذلك علي وجهها واعاد ظهره للخوف قائلا ( ها في اي احكي علطول ) تطلعت اليه وابتلعت ريقها وهي تقول بنبرة خائفة ( يعني .. لا لا مافيش ) هز رأسه باستنكار وهو يتطلع اليها ببرود ( في حاجة يا طيف .. احكي خلصي ) دمعت عينيها بخوف ( مافيش بس تعبانة شوية .. مبقتش قادرة استحمل ينفع اروح البيت) ألمه قلبه عليها .. قام من مكانه وقف امامه وقال بقلق ( مالك ياطيف .. انتي من امبارح مش كويسة كدا .. نروح للدكتور ) مسحت دمعتها قبل ان تنزل وهي تهز رأسها بنفي ( لا لا مافيش داعي لدكتور .. انا بس تعبانة شوية ) قربها منه يعانقها بحنان لم تشعر به من قبل جواره .. وانما دوما كانت تشعر بالقسوة .. فشرعت بالبكاء الشديد وهي تتمسك به بقوة وانتحبت بقوة في البكاء بينما هو يمسد علي شعرها بحنو بالغ .. ويهمهم لما بكلامات تهدئها.................................................... ...................................................................................................................................
** كانت تجلس تضم ركبتيها إليها .. خائفة مما حولها .. مما صنعته بيديها فهي السبب بكل ما حدث لها .. وها هي تعاني وحدها لأنها خائفة من المواجهة .. دائما كان سليم يقف جوارها ولا يتركها ابدا ولكن هي تشعر بالغزى مما فعلته .. قطع حبل شردوها وصول رسالة لهاتفها ففُزعت بقلق وهي تنظر للهاتف ثم امسكته لتجد رسالة من ادهم " وحياة امي يا *** ما هسيبك خليكي عارفة دا كويس والبطحه الي في دماغي دي انا هبطحك بدالها مليون دانا هخليكي تعيشي في جهنم بس اصبري عليا اصطادك وتكوني معايا وقدامي عشان والله ما هرحمك ) شهقت بخوف وازداد بكاءها وفُزعت اكثر عندما وجدت والدتها تدلف للغرفة لتقول بفزع ( مامااا ) كانت والدتها تنظر إليها بصدمة واقتربت منها قائلة بقلق ( مالك ياقمر في اي ياحبيبتي .. في ايي انطقي عاملة في نفسك كدا ليه ) ارتعش جسد قمر بخوف وهي تشهق ( م.مااففي..ش يا ..ماما ) قاطعتها والدتها بنفي وهي تمسكها من كتفها ( هو اي الي مافيش .. دا في وفيي كتيير .. ريحي قلب امك يابنتي في اي ) ارتمت باحضانها وهي تبكي وتشهق بينما والدتها تمسد علي شعرها ودموعها لحقت دموع ابنتها وهي تقول بنبرة باكية ( مالك يا قمر .. مالك ياحبيبتي ؟؟) لتقول قمر ببكاء مرير وخوف ( انا .. انا عملت غلطة كبيرة يا ماما .. انا اتجوزت ادهم عرفي يا ماما ) بكت بصوت يؤلم السامع .. بينما تلك الصدمة نزلت علي والدتها كالصاعقة فظلت مكانها لا ترد او تصد .. تنظر للا شئ وابنتها بأحضانها تبكي بصوت مرتفع وتشهق بين الحين والآخر ............................................................. ....................................................................
** انتهت من عملها في المشتل وذهبت للمنزل تعد طعام الغداء .. تنتظر الضيف الذي سيأتي به اخاها فارس وهي تتمني من داخلها الا يكون ذلك " المُهزأ ليث " مطت شفتيها باستنكار وهي تهز رأسها قائلة ( واحد مُهزأ صحيح ) انتهت من جملتها وسمعت صوت الباب يُفتح وصوتين قادمين تعرفت علي الاول فكان صوت فارس بينما الاخر .. شعرت انها سمعته من قبل ولكن كذبت شعورها وخرجت من المطبخ تتأكد فرأت ليث مع فارس وهما يتحدثان ويقهقهان .. ظهرت علي ملامح علامات الصدمة ممزوجة بالغضب ... بينما هو لاحظ وجودها هو وفارس ليبتسم بنصر بينما فارس تطلع إليها وهو يبتسم ( حنين .. دا ليث صاحبي وهو صاحبي المقرب .. ليث دي حنين اختي ) ابتسم ليث باستفزاز قائلا ( اتعرفنا قبل كدا ياصاحبي في المشتل بتاعك ) ابعد نظره عنها ناظرا لفارس بابتسامة هادئة ( امبارح وانا هناك شوفتها واتعرفنا .. كان تعارف جميل بصراحة ) اعاد نظره اليها ليجد ان عينيها تخرج شرارا .. لو كان ذلك الشرار يخرج لكان حرقه امامها .. تنحنح ونظر لفارس ( انا هدخل الصالون ياصاحبي ) ثم نظر اليها وذهب للصالون .. بينما فارس كان مستغرب نظرات حنين الغاضبة ووجهها الاحمر ليقول باستغراب ( حنين مالك ياحبيبتي ؟) نظرت اليه هو الاخر بغضب وقالت قبل الالتفاف والذهاب للمطبخ مرة اخري ( ماافييش مافييش ) نظر فارس لها وهي ذاهبه باستغراب وهو يرفع حاجبيه .. ثم هز كتفه باستغراب وذهب للصالون مع ليث !! .............................................. ...............................................................................
كانوا يتناولون الطعام بينما هي وهو لم يكفا عن تبادل النظرات .. هو يحمل نظرات الثقة والاستفزاز ومن دون علمها بعض نظرات الاعجاب بينما هي كل نظراتها كانت غاضبة تشعر وكأنها تود ان تمسك سكينا وتطعنه بقلبه .... ابتسم ليث باستفزاز وهو ينظر لحنين ( انتي الي عملتي الاكل .. ولا شارياه من برا ) ليقول فارس بابتسامة ( هي طبعا ياعم .. دي شاطرة اوي فالمطبخ ) ابتسمت حنين ابتسامة صفراء لـ ليث لتقول من بين شفتيها ( سم الهاري ) بينما هو فهم ما قالته ليسعل ووقف الطعام في حلقه .. ناوله فارس بعض الماء قائلا ( اي ياصاحبي هو الاكل معجبكش ) شرب بعض الماء ليقول بنبرة مختنقة بسبب الطعام ( لا طبعا معجبنيش ازاي !؟؟ دا تحفة .. تسلم ايديها ) ابتسمت إبتسامة مستفزة وشربت عصير وهي تشيح نظرها عنه ..............................
................................................................................
انتهت أخيراً من غسيل الاطباق وهي تمتم ببعض الكلمات الغاضبة عن ليث ( مهزأ .. حيوان .. وبجح كمان .. جتك القرف ياشيخ ) نشفت يديها جيداً وخرجت من المطبخ للصالون لتجده جالس وحده يعبث في هاتفه .. نظرت له باستغراب عن اختفاء فارس وتطلعت حولها لتجد فارس يقف بالشرفة ويتحدث بالهاتف .. بينما ليث عندما شعر بوجودها ارتسمت ابتسامة علي فمه ولكنه ظل ينظر لهاتفه .. بينما هي جلست امامه وهي تنظر له قائلة بنبرة ساخرة ( منوور ) قهقه وهو يسند ظهره قائلا ( بتطرديني ولا انا فعلا منور ؟) نظر لها مع انتهاء سؤاله .. لتقول له باستنكار ( زي ما دماغك تفهم بقا يا اووستااذ ليث ) مال بساعديه علي قدمه قائلا ( ماشي عموما .. انا اصلا ماشي عشان عندي شغل ياقطتي ) وقف مكانه وهي تنظر له بتحدي بينما دلف فارس وهو يقف جواره قائلا ( علي فين يابني ؟) ابتسم ليث له ( انت عارف مش هقدر اطول اكتر من كدا .. لازم امشي ) همهم فارس وهو يهز رأسه ( ماشي ياصاحبي ) ثم ودعه وغادر ليث ................ .................................................................................................
** ( انا هنزل بكرا اقدم في الشركة الي قولتلكم عليها ) نظر إليها علي وهو يتساءل ( هي فين الشركة دي يا نور ؟) جلست امامه وبجانب والدتها وقالت ( قريبة من هنا ) ووصفت له العنوان واسم تلك الشركة .. بينما والدتها ابتسمت وهي تربت علي ظهرها قائلة ( ماشي يابنتي ربنا يوفقك يارب ) ابتسمت ونظرت لـ علي مرة اخري فكان يتضح عليه الشرود لتتنحنح قائلة ( مالك يا علي ؟) نظر اليها وهز رأسه بنفي قائلا ( مافيش بس ضغط شغل وكدا .. ربنا يوفقك ياقلبي ) وابتسم بحنو مكملا ( بكرا ان شاء الله هبقي اوصلك) هزت رأسها موافقة وهي تبتسم بحب .. بينما قطع تلك اللحظات صوت هاتفه يرن .. وقف مكانه مجيبا وبعد كلام المتصل قال علي سريعا ( ماشي انا جاي حالاً ) واغلق الاتصال ونظر لهم ( انا عندي شغل دلوقتي وهروح .. اشوفكم بكرا بإذن الله ) وذهب سريعاً مع تنهيدة تلك العاشقة وهي تدعو له بالسلامه ..
** كان يقود سيارته وهو يتصل بـ سليم وعندما اجابه قال سريعاً ( ياباشا بيقولو البنت لسه ظاهره دلوقتي حالا في مكان من المشتبه بيهم ) واخبره ذلك المكان بينما سليم كان في حالة صدمة وذهول .. واغلق مع علي ووقف بجانب الطريق بسيارته فهو لم يصل حتي للمنزل .. كان يوصلها لمنزلها وعائدا لمنزله .. سبها بأبشع الالفاظ وادار المقود ذاهبا لذلك الموقع .. وفي عقله ألف التساؤلات .. لقد هددها اليوم وها هي تفعل ذلك الان .. حاول ابعاد الشُبه عنها حتي يرتاح قلبه .. ولكن عقله يرفض .. وعندما وصل المكان نظر لـ علي الواقف امام سيارة الشرطة ذات الصندوق الخلفي المغلق .. ابتلع غصته وفتح ذلك الصندوق علي مضض ..............................................
** فتح صندوق السيارة علي مضض واغمض عينيه للحظة وفتحهما مع فتح الباب وهو ينظر لتلك الفتاة .. فتاة ذات بشرة سمراء بملامح مليئة بالتراب .. وملامح شرسة .. شفتين منتفختين متشتقتين .. وجه ملئ بالتراب .. احس براحة في قلبه ونظر إليها بغضب ( انتي الي عاملة دا كله ياحتة بتاعه ) لم تتحدث وهي تنظر اليه بطرف عينيها .. فرفع عينيه اليها وهو يقوص حاجبيه .. ثم اغلق باب الصندوق قائلا ( خدوها يا علي ) هز علي رأسه بطاعة قائلا ( حاضر ياسليم باشا ) ثم التفت سليم مبتسماً بثقة ونصر .. والتجه لسيارته يقودها للمنزل........................ .................................................................................................................................
** في صباح اليوم الجديد .. صباح ملئ بالمغامرات التي لا تنتهي .. والقصص الطويلة .. واهمهم المشاكل
كان يجلس مع والدتها واخاها واختها الصغري .. يتناول معهم وجبة الافطار بينما هي منذ تلك اللحظة التي اتهمها بمتاجرة المخدرات وهي متوترة وخائفة كانت تنظر اليه بين الحين والآخر بينما هو يراقب كل تحركاتها ونظارتها له ..
شرب بعض الماء ونظر إليها قائلا ( فرح .. فاكرة لما قولتلك في حد بيتاجر مخدرات في منطقة قريبة من هنا ) نظرت اليه بترقب وهي تهز رأسها ( اتقبض عليها امبارح ) فتحت عينيها بصدمة .. ثم ارتسمت إبتسامة علي فمها قائلة ( بجد .. طب يعني دي حاجة كويسة ) نظرت اليهم الوالدة قائلة ( الحمدلله يابني انها اتقبض عليها عقبال امثالها ) نظرت اليها فرح وهي تبتسم ابتسامة صغيرة وتهز رأسها ( يارب ) بينما هو كان يلاحظ نظرات فرح بين الحين والاخر بين المبتسمة ... والمترددة .. والهادئة .. وبين الخائفة في بعض الاحيان ..
بعدما انتهوا من تناول الفطور اخذها ليوصلها للمنزل .. بينما هي كانت شاردة في الخارج .. وتنهدت بعمق وهي تنظر اليه مبتسمة بينما هو ايضا بادلها الإبتسامة مضطراً من مراقبتها ..
وصلا للمنزل ونظر إليها قائلا ( انا مش هقدر اجي اروحك النهاردة عشان هتأخر في الشغل فحاولي تتطلعي بدري شوية ) اجابته بالموافقة وهي تهز رأسها قائلة ( ماشي ياسليم بيه ) ثم ترجلت من السيارة للمنزل بينما هو علي فمه إبتسامة هادئة ..... ...............................................................................................................................................
** ( يلاااا يا نوووور ) قالها علي بصوت مرتفع يستعجل نور علي النزول لكي يوصلها لعملها .. ما هي الا لحظات حتي وجدها تهبط مرتديه فستان واسع من الخصر للقدم .. فستان مورد باللون الزهري والابيض .. هبطت كالملاك واسرت قلبه اكثر
ابتسم باعجاب لذلك الملاك الهابط بشعرها المتطاير ليقول بنبرة خافته شاردة ( ماشاء الله ) كانت تقف امامه بينما هو يراقب ذلك الجمال لتسمعه يقول " ماشاء الله " فتوردت خدودها خجلا من ذلك الذي يحرجها دائما .. ابتلعت ريقها وهي تتنحنح ( امم احم .. يلا نمشي ولا اي ) ابتسم وهز رأسه مجيبا اياها ( يلا ياللي هتجنيني في يوم يلا ولا هو انتي لسه هتجنيني .. منتي خلاص عملتيها ) قهقهت بخفة وهي تضربه برفق علي كتفه قائلة ( بس بقا الله .. امشي يلا ) سار بجانبها قائلا ( يلا امري لله ) ركبا السيارة بينما هي تقهقه علي ما يفعله وهو مبتسم برقة لجمالها وخفتها وعفويتها .......................
.................................................................................................................................................................................
** كانت تنظر إليه برعب وهي تتفقد ملامح وجهه لتبتلع غصتها قائلة ( ممم.مممستر تيم .. انا والله العظيم ما رديت عليه يعني انا قطعت الرسالة الي وصلتني دي .. وانا اكيد مش هعمل حاجة زي دي ) صرخ في وجهها غير عابئ برعبها منه قائلا ( انتيي هبلة .. فكرك يعني هما هيسكتو لما انتي قطعتي الرسالة .. بس انا مش هسمح لامثالهم يسرقوا تعبي .. انا هوريهم .. ولو حصل منك غلط واحد يا طيف .. صدقيني اقتلك فيها فاهمه ) هزت رأسها كثيرا بدون وهي موافقة علي كلامه وهي تقول بنبرة باكية ( حا.ضر حاضر ) كانت عينيها مدمعتين خائفتين .. بينما هو نفخ بضيق من ذلك الخوف الذي يحتليها .. اقترب منها يعانقها بحنو ثم مال عليها يحملها بدون تعب وسار بها للغرفة .......................................... ...............................................................................................................................................................................
** وصلت الي المشتل لتجد سيارة مألوفه بالنسبة إليها امام المشتل .. قوصت حاجبيها وهي تدعو داخلياً الا يكون ذلك الليث الغبي .. دلفت للمشتل ولم تجد أحداً سوى فتاة صغيرة تضع للزهور ماء وتسقيها وهي مبتسمة بتلك البراءة المعهودة لدي الأطفال .. اقتربت منها وهي تبتسم ( احم .. هاي ) التفتت إليها تلك الفتاة الصغيرة بابتسامة بشوشة ( هاي .. جاية تشتري ورد ) نظرت حنين حولها لعلها تجد رزان ولكن لم تجد أحداً لتهز رأسها بنفي قائلة ( لا انا صاحبة المشتل .. انتي مين بقا ؟) نظرت إليها باستغراب وهي تفتح فمها نتيجة لاستغرابها قائلة ( لا .. الورد دا بتاع عمو فارس ) قهقهت حنين وهي تمسد علي شعرها بحنان قائلة ( مهو انا اخت عمو فارس .. وانا بشتغل هنا بداله ) همهمت تلك الفتاة وبرزت شفتيها بتفكير .. ثم هزت رأسها قائلة ( انا اسمي ماريا .. وانتي ) اجابتها حنين وهي تضع حقيبتها جانباً قائلة ( وانا حنين .. اسمك حلو خالص يا ماريا ) ابتسمت اليها ماريا قائلة ( وانتي كمان ) ثم نظرت خلف حنين قائلة ( بابي .. شوفت حنين اخت عمو فارس ؟ ) ابتسمت حنين لتلك البريئة التي تعرفها علي والدها ثم التفت لتنظر للمدعو والدها ولكن هبط دلو ماء بارد علي رأسها عندما رأته .. فتحت عينيها بصدمة وهي تنظر إليه بينما هو ابتسم ابتسامة صغيرة يعلم ما تمر به الآن فهي مصعوقة بالتأكيد ثم قال وهو ينظر لماريا قائلا بحنو ( شوفتها ياروحي ) ثم وجه نظره لحنين وابتسم بخفة ( ازيك ) ابتسمت ابتسامة صغيرة باردة من داخلها قائلة ببرود ( كويسة ) ثم نظرت إليه بقرف .. نظرة يعلمها جيداً ... معني لا يود ان يشرحه لنفسه حتي لا يتألم ولكن هو يعلم تلك النظرة .. والتي تعني " هل تتغزل بـ بنات الناس وتخون زوجتك " ابعد نظره عنها بهدوء وهو ينظر لماريا قائلاً ( حبيبي .. يلا عشان نمشي بقا انتي قولتيلي هنيجي شوية المشتل وبعدين نروح ) نفخت الصغيرة بضيق ونظرت لحنين ( باي ياحنين ) ابتسمت اليها حنين بحنان واقتربت تقبلها علي خدها برقة قائلة ( باي ياقمري .. ابقي تعالي تاني ماشي )
رفعت نظرها تنظر مرة اخري له بينما هو ابتسم لها إبتسامة صغيرة يبادلها تلك الابتسامة الباردة ثم امسك يد ماريا مودعا حنين ( سلام يا حنين ) نطق اسمها بكثير من المشاعر والمعاني التي يحملها داخله .. ولكن كل ما تحمله هي الآن الغضب .. والبغض له ...............................................................................................................................................................................................................................................
** مازالت تبكي وستبكي وستظل تبكي حتي تنتهي مما هي به الآن .. ولكن ماذا تفعل .. تلك الضعيفة التي تستند دائما علي اخاها ها هي بدونه خائفة منه .. مسحت دموعها وأخيراً خرجت من مخبأها ... تلك الغرفة التي تحملت كل حزنها وغضبها وفرحها وكل شئ ... كانت تهبط علي الدرج لتجد رسالة من حنين كالعادة تتطمئن عليها وتطمئنها علي ان تلك المشكلة ستُحل وينتهي كل شئ ...
ردت علي تلك الرسالة وهي تسير لتجد شي ضخم امامها تطرق به وهي تمشي .. فرفعت رأسها تنظر إليه لتجده فارس يقف امامها ينظر لملامحها بترقب .. ثم رأت حاجبه يرتفع ويتقوص مع الآخر .. وشفتيه تفرقا عن بعضهما قائلا بنبرة مستغربة قلقة ( قمر .. هو انتي معيطة ) ضمت شفتيها لبعضهما تمنع ذلك البكاء الذي اقسم ان ينزل امامه ضعفا .. ولكن لا لن تسمح له فمسحت عينيها جيداً قائلة بنبرة ثابتة ( لا معيطش .. انا كويسة اهو ) اخرج من جيبه منديلا وناوله اياها قائلا ( لا واضح ... اي رأيك نطلع نتمشي شوية عالبحر وتحكيلي ) اخذت منه المنديل وهي تتنحنح وتهز رأسها نفيا ( لا مش عايزة اطلع ) هز كتفه قائلا ( اطلعي البسي لحد ما اسلم علي عمتو واجي ... انا مش بطلب منك اصلا .. انا بأمرك اننا نطلع نتمشي ) ثم اولاها ظهره مغادرا لغرفة والدتها ليلقي عليها التحية .. فتلك هي حجته حتي يأخذ قمر في جولة معه ..
لم تجد قمر في يديها شيئا لتفعله فذهبت لغرفتها ترتدي فستانا مريحاً مستعدة للذهاب معه .....
واخيرا وصلا للبحر يتمشيان سويا ثم نظر اليها ونظر مرة اخري امامه قائلا ( اي مضايقك ياقمر ) نظرت اليه وأخرجت نفسا عميقا قائلة بكذب ( مافيش عادي تعبانة شوية بسبب الشغل بس ) همهم وكأنه يصدقها قائلا ( مالها الصيدلية ياستي .. في مشاكل ولا ضرايب ولا اي حاجة ) هزت رأسها بنفي متلبك قائلة ( لا لا .. عادي يعني زهقانه منها وكدا ) نظر إليها مطولا بينما هي لاحظت نظراته فابعدت نظرها للبحر مبعدة عينيها عنه .. ليقول وهو يقف امامها ( في اي ياقمر؟) نظرت اليه وبدأت عينيها تتجمع بها الدموع بحزن ثم لفت انتبهاها شخص خلفه لتنظر لذلك الشخص وهي تفتح عينيها بصدمة وخرجت منها شهقه مرعوبة قائلة بخوف( ادد..هممم) ................... ........................................................................................................................
** ( ايوه .. تمام انا جاي خليك محاصر المكان ومحدش يقرب منها .. انا خمس دقايق وهكون عندك ) اغلق الهاتف وقام من مكانه متجهها لذلك المكان المجهول وهو يفكر .. ويبتسم بخبث لما سيفعله الآن .. وصل المكان وهبط من سيارته ينظر لمساعده - علي - ليشاور علي للمكان الذي هي به فذهب لـ هناك بترقب وحذر .. وهدوء شديد حتي لا تشعر به وصل خلفها بينما امامها احدي الشباب الذي يعطيها شريط من الادوية واشار سليم بيديه لعلي وفي لحظات كان علي وسليم حولهم موجهين عليهم المسدس .. ابتلعت غصتها والتفت لتجده امامها ولكنه لم يري وجهها بعد بسبب تغطيتها لوجهها بذلك الشال .. اقترب منها يُنزل ذلك الشال ليجدها فرح ... ما لم يكن يريده إطلاقا .. ان تكون هي فرح .....
" فلاش باك "
( بص يا علي .. انا حاسس انها هي .. تصرفاتها وحركتها وكل حاجة بتشير للبنت دي .. واحنا لو وصلنالها هنوصل للراس الكبيرة .. فركز معايا عشان اقولك هنعمل اي ) هز علي رأسه قائلا ( ماشي ياسليم باشا .. بس افرض مكنتش هي هنعمل اي ) نظر اليه سليم بشرود ( وقتها هيبقي في خطة بديلة ) ثم بدأ بشرح خطته الرئيسية لـ علي قائلا ( انا هتعامل معاها عادي .. وهاخدها للمكان واحد من الي كانت بتروحهم .. هوريها المكان واعرفها اني عارفو .. وقتها لو هي فعلا هتيجي المكان دا تعمل فيه الي هي عايزاه بس قبلها انا هعلن ان انا قبضت عالبنت دي .. علي اساس يوصلها ان انا قبضت عليها .. فهي هتقول ان الاضواء خلاص راحت عنها وهتبدأ تاني تشتغل ) ...
" عودة للواقع "
جذبها من يديها بعنف قائلا ( كنتتت عارف انكك انتي الي بتعملي كدا .. كنت عارف .. دانا هوريكي ايام سودا يافرح) قالت بخوف وهي ترتجف بين يديه قائلة ( انا .. يابيه والله العظيم دا دوا لماما .. سليم بيه اسمعني ارجوك ) جذبها بقوة ونظر لعلي قائلا ( خده ) ثم سار بها للسيارة ( وانتي تعالي وانا هوريكي ) دفعها لداخل السيارة وسار بها تحت انظارها الخائفة .. ودموعها المتناثرة علي خديها .. بينما هو كان الدم يفور في انحاء جسده ولو زاد الوضع سيخرج مسدسا يفرغه في رأسها الآن من نحيبها المستمر ..
وبعد وقت طويل من القيادة وصل بها الي منزل واسع وفي منطقة خاليه من البشر والبيوت الاخري .. دب الرعب في قلبها اكثر عندما جذبها من يديها لداخل ذلك المكان وهي تقول بترجي ( عشان خاطري يابيه تسيبني .. يابيه والنبي يابيه انا ماعملت حاجة ) كانت دموعها تنساب علي خديها بغزارة وخوف بينما هو دفعها لداخل ذلك المنزل وهو ينظر إليها بغضب جامح .. واقترب يجذبها من شعرها ( بتستغفلينيي ياروووح امكك ) هزت رأسها تنفي ما قاله ببكاء وهي تضع يديها فوق يده التي علي شعرها قائلا بألم وبكاء ( والله العظيم لا والله العظيم لا يا بيه .. بالله عليك انا كنت بجيب دوا لامي والله .. ) قال بسخرية ويضغط اكثر علي جذبه لشعرها قائلا ( لااا والله .. روحتي تجيبي دوا لامك .. دوووا اي داا ... دانا اقسم بالله ما هرحمك .. هوريكي يومين هيكونوو اسود يومين في حياتك وبعدها هرميكي تعفنيي في السجن ) ظلت تهز رأسها وتصرخ ببكاء وهي تقول ( اسمعني بس يابيه والنبي تسمعني ) لم يرد عليها بل جذبها من اخري لاحدي الغرف المغلقة والمظلمة .. ودفعها داخل تلك الغرفة واغلق عليها يحاول تهدئة نفسه .. بينما هي تموت رعبا داخل تلك الغرفة المظلمة وتنادي عليه بين الحين والاخر ليفتح لها ..............................................................................................................................................................................................
** مر يومان بحالهما .. وفرح بتلك الغرفة المظلمة التي يأتي النهار فينيرها لها .. غرفة بحمام .. بينما بالنسبة للاكل والشرب كان يضع لها الطعام والشراب ويغلق عليها الباب مرة اخري حتي تعترف بفعلتها ولكن هي لم تعترف ولم تخبره بأي شئ .. كان موقفها منه هو الصمت والبكاء ..
كانت تجلس تضم ركبتيها اليها ونظرت لزجاجة الماء جانبها فوجدتها فارغة فابتلعت غصتها ثم بللت شفتيها وهي تخرج نفسا عميقا من داخلها .. ثم التفتت للباب الذي يُفتح وقامت سريعاً وهي تنظر له وهو يدلف بنظرات باردة وحارقة لها .. ابتلعت غصتها سريعاً وبللت شفتيها للمرة الثانية بينما هو اقترب منها يناولها زجاجة ماء فأخذتها بيد مرتجفة وشربت نصفها ثم نظرت اليه مرة اخري قائلة ( هـ.هفضل ههـ.هنا لامتي ) لم يرد عليها بل التفت للخارج ودلف مرة اخري بكرسي وهو يجلس وينظر إليها ببرود ثم قال بنبرة باردة ( ها نويتي تعترفي ولا لا ) هزت رأسها يمينا ويسارا قائلة ( والله العظيم ما بتاجر في حاجة .. والله ووالله انا ماليش دعوة .. سيبني والنبي يابيه امي هتقلق عليا ) ابتسم بسخرية ( مش كنتي بتقولي جايبة دوا لامك .. عادي اعتبري انك لسه بتجبيلها ) نزلت دموعها علي خديها تنساب بغزارة وهي تقول ( ياسليم باشا ابوس ايدكك ياسليييم باشا ) وضعت يديها علي فمها تمنع صوت بكاءها .. الصوت الذي قطع قلبه وألمه بقوة .. بينما هو كان ينظر اليها ببرود عكس ذلك الالم الذي بقلبه تجاهها .. فقال اخيرا ( هسيبك لحد بليل لو معترفتيش هيبقي في تصرف تاني تمام ) وقام من مكانه خارجا للخارج بينما هي استندت مرة اخري علي الحائط وهي تندب حظها وتبكي بألم ............... ..........................................................................................................................................
** كانت تعد له القهوة وخرجت بها وضعتها امامه .. طلب منها ان تظل هذه الليلة معه في منزله ففعلت مثلما اراد .. تستغرب تصرفه اليوم فكان يبدو وكأنه حزينا مرة ومرة اخري سعيدا ومرة اخري غاضبا .. ومرات لم تستطع ان توصف شعوره .. وضعت له القهوة واوشكت علي الجلوس جانبه ولكنه منعها قائلا ( اقعدي قدامي في الارض ) نظرت اليه مستغربة .. ثم ابتلعت غصتها تبتلع تلك الإهانة ثم جلست امامه وهي تنظر له ثم اولت نظرها للارض بينما هو اشعل سيكارة بيده وهو ينظر اليها بهدوء سابق للعاصفة قائلا ( قوليلي يا طيف .. مين الي دفعلك عشان ابوكي يعمل العملية ومين الي دفعلك تشتري هدومك والحاجات الي معاكي دلوقتي بسبب مين ؟) نظرت إليه بحزن .. فهي لا تتمني ان يذكرها بماضيها المؤلم .. وكأنه يذكرها بمدي حقارتها .. فهي سلمته جسدها مقابل النقود من أجل والدها .. فقالت بنبرة مختنقة ( انت يامستر ..تيم ) همهم قليلا وهو يتذوق القهوة ثم مال عليها يجذبها من شعرها بقوة صارخا بها ( منا عملت بأصلي معاكي اهو ياروح امك .. مشفتش اصلك معايا ليه .. بتخونينيييي ياطيفف .. روحتي ادتيهم نسخه من الملف عشان اخسرر ) شهقت برعب وألم من جذبه لشعرها قائلة ( حراام عليك سيبنيي .. انا معملتش حاجةة والله العظيم ولا اديت حد حاجة .. سيبني بالله عليك ) لم يرد عليها بل قام من مكانها وضربها بقدمه في بطنها لترتمي نائمة امامه تصرخ بألم وهي تبكي من هذا الوحش الثائر ليقول بغضب ( انتي كداببة .. كدااابة يا طيف .. وبتنتقمي من الي انا بعمله فيكي فروحتي بعتيني .. وربنا ما هرحمك ياطيف مش هرحمكك ) ثم مال عليها يمسكها من شعرها جاذبا اياها خلفه للغرفة وهي تبكي وتستنجد منه واليه ..........................................................
....................................................................................................................
** كانت تجلس جواره ودموعها تنساب علي خديها بألم ووجعة قلب .. فمنذ لقاء فارس بـ ادهم منذ يومين وفارس محطم .. لم يراها سوى الآن .. علم بحقيقتها وبما فعلته .. لقد ذهبت وتزوجت وكسرت قلبه ..
احس بصوت بكاءها فرفع نظره ينظر إليها ثم نظر مرة اخري للبحر وهو يغلق عينيه بقوة ويلعن قلبه الذي احب تلك الفتاة المتزوجة الآن .. ومن دون علم اهلها .. تعلم جيداً انه سيخلصها من ذلك العقاب الذي وضعت نفسها به ولكن هو لا يرد ولا يصد
فصدر منها صوتا خفيفا مختنقا قائلة ( هتطلقني منه يافارس ؟) نظر اليها وجدها تمسح دموعها كالطفلة فابتلع غصته يؤلمه قلبه لرؤيتها هكذا .. صمت دام لعشر دقائق ثم قال مرة اخري ( هطلقك يا قمر .. بس هتطلقي وهتتجوزيني ) فتحت عينيها بصدمة وهي تنظر داخل عينيه المليئة بمشاعر لا تعلم ما هي ... ...... ...............................................................
- قمر وفارس -
** ( اتجوزك ؟) قالتها قمر بصدمة بينما هز فارس رأسه ووقف امامها قائلا ببرود ( اه يا قمر هتتجوزيني .. هطلقك منه وتتجوزيني ) ابتلعت غصتها ونظرت إليه بشرود وهي تبتلع غصتها .. واخفضت بصرها للأرض تعلم جيداً انها نتيجة افعالها .. ولكن لماذا يريد فارس ان يتزوجها ؟ لماذا فكر بذلك ؟ فنظرت إليه مرة أخري ثم قالت بنبرة متسائلة ( انت .. عاايز تتجوزني ليه ؟ ) نظر إليها قليلاً .. يود ان يصارحها بحبه الآن ويجذبها لاحضانه يطمئنها انه لن يتركها هكذا .. ولكن لا .. لن يفعل ذلك فقال بنبرة باردة واولها ظهره ( عشان اربيكي ياقمر ) فتحت عينيها علي وسعهما وهي تنظر لظهره ... مااااااذاااا ؟؟؟ ....... ......................................................................................................................................................................................................
- سليم وفرح -
2
** دلف إليها مرة اخري يتمني داخله ان تعترف .. وها هو مرة اخري سيتعامل معها ببرود .. جلس امامها وهي تنظر إليه بترقب .. فقال ببرود ( قررتي اي ؟) بللت شفتيها وهزت رأسها بنفي ( ياباشا والله العظيم انا خلصت الشغل .. وروحت عشان اجيب الدوا لماما انا متعودة اجيبه في اليوم دا .. والله العظيم ما زي ما بتفكر والله ) حاول مجارتها في ذلك قائلا ( اشمعنا المكان دا بالذات يعني ؟؟ انتي فاكرة المكان دا ؟) صمتت تسترجع ذلك المكان ثم قالت ( ااه .. والله دي صدفة يعني ان المكان دا يكون نفسه هو الي انت ورتهولي .. صدقني ياسليم باشا) وعند انتهاء كلامها اقتربت منه تمسك يديه بترجي وتنظر داخل عينيه لعلها تجد النجاة .. ولكن لا حياة لمن ينادي .. دفع يديها بعنف وقام ( كدا تمام اوي يا فرح .. يبقي نكمل كلامنا في القسم قووووومي ) جذبها من يديها بعنف وهي تصرخ من شدته ومشت معه ببكاء مرير .. لماذا يرفعها لسابع سماء ثم يرميها لسابع ارض .. لماذا يفعل بها هذا .. لقد حطمها الآن !!
دفعها داخل السيارة بعنف واغلق الباب والتفت ليركب سيارته فأتاه اتصالا من علي .. رفع الهاتف علي اذنه يستمع لكلام علي بصدمة .. وقف مكانه يسترجع نفسه واعاد شعره للوراء بغضب ثم أخذ نفسا عميقا وعاد مرة اخري للناحية التي تركب بها فرح .. وفتح باب السيارة وانزلها بالقوة من السيارة مع صرختها وهي تقول ( في ايي هتاخدني فين تااني ؟) ادخلها مرة اخري تلك الغرفة دون قول كلمة منه واغلق عليها .. بينما هو وقف امام البيت يفكر فيما سيفعله بتلك المسكينة بعد اتصال علي له ...
تذكر الاتصال عندما اخبره علي ( باشا في مكان من المشتبه به .. مسكوا البنت بالمواصفات الي كان متبلغ عنها .. احنا خدناها القسم وبيتحقق معاها .. مش عارف اذا كان دا تمويه عشان نسيب فرح .. ولا هي فرح فعلا مظلومة ؟) استرجع ذلك الكلام في رأسه ثم رفع رأسه للسماء واغمض عينيه وهو ينفخ بضيق ...............................................
** حل صباح يوم جديد .. يوم عاصف يعصف علي المشاعر .. يقسو عليها .. ويوم ممطر يغسل بعض القلوب .. ويطهرها ..
- تيم وطيف -
كانت تضع الملفات في حقيبة العمل بيد مرتجفة .. وتمسح بكف يديها دموعها التي تنساب علي خديها دون توقف .. وجهها به بعض الجروح بسبب تلك الليلة التي لم تمر عليها مر الكرام .. شعرت بقدومه للغرفة فرفعت رأسها سريعاً تنظر له بخوف .. ثم ابتلعت غصتها وهي تقول بصوت مختنق متقطع ( انا جمـ...مـعت الملفاتت كـ كلها .. وو والأوراق ) بينما هو جلس علي الأريكة ووضع قدم فوق الأخري وهو يشعل سيكارته التي اعتاد علي النفس منها .. وكأنها الأكسجين له .. ظل يتطلع إليها للحظات يرمقها بنظرات تجعلها تحقر نفسها .. اخفضت بصرها وهي تشعر بوغز شديد الوجع في قلبها .. أخذت نفسًا عميقًا وسمعته يقول ببرود حاد ( بُصيلي )
رفعت نظرها تطلع إليه بعينين لامعتين من البكاء .. مال قليلًا على الطاولة يُطفئ تلك السيكارة التي لم يكملها ويبدو انه سيكمل علي طيف بدلاً منها .. قام متوجهًا ناحيتها يرفع وجهها له ومرر يديه علي الورم الذي بجوار شفتيها من ضربه لها ليلة أمس على فعلتها الشنيعة .. فضمت شفتيها علي بعضهما بخوف وهي تنظر لعينيه .. تحاول ان تتوقع ما الذي سيفعله بها ولكن هو غامض لا يُظهر القادم .. ارادت ان تنجو من عذابه القادم فقالت بنبرة مُتألمة وهي تسند رأسها علي صدره ..
( انا قلبي بيوجعني اوي .. عشان خاطري كفاية .. حاسة اني روحي بتتسحب ببطء )
اجهشت في البكاء وهي تُخبئ رأسها بصدره بينما هو ضمها إليه اكثر يمسد علي شعرها قائلا بنبرة هادئة باردة ( متخافيش .. مش هتموتي دلوقتي لسه شوية ياطيف ) ثم اكمل تمسيد علي شعرها بهدوء للغاية ............................................................... ...........................................................................................................................................................................................
- حنين وليث -
كانت تسقي الازهار في المشتل بينما هو دلف للمشتل ووقف عند بابه يتطلع إليها .. هو اُعجب بها من اول مرة رآها .. إعجاب ليس كأي اعجاب لأي فتاة يراها .. بل هي مختلفة .. فكل يوم ينمو مشاعر جديدة مختلفة في قلبه ناحيتها .. هي قطته اللذيذة .. يحب دائما مشاكستها .. تذكر للحظة صديقه المقرب - فارس - الذي وقف جانبه في كل ازماته .. يخاف ان يخسر صداقتهم بسببها .. ولكن ما يطمئنه ان فارس يعرفه جيداً .. ويعلم بما يفكر وكيف هو ..
كانت تلتفت فرأته يقف ينظر لها بشرود .. اشتعلت غضبا واقتربت من مكانه قائلا بانفعال ( انت جاي هنا عايزز اي ؟) قوص حاجبيه وهو يتقدم امامها قائلا بهدوء ( مالك يا اسمك اي انتي .. هو انا واقف ولا قاعد فوق راسك ) التفتت حولها تود ان تضربه بشيئا فرأت كأس الماء جوارها فأمسكت ذلك الكوب ورشته بوجه ليث بلا اهتمام .. بينما هو اغمض عينيه يتلقي فعلتها المجنونه ورفع يديه يبعد الماء فرأها تنظر له بانفعال ورفعت اصبعها في وجهه قائلة ( اسمعع كويس الي هقوله وخليه حلقة في ودنك .. متجيش تاني عالمشتل عشان انا الي هبقي موجودة فيه .. عايز تشوف فارس صاحبك روح شوفه برا انا مبقتش عايزة اشوف وشك تاني انت فاهم .. اهتم بمراتك وبنتك بدل ما انت عمّال تجري ورا بنات الناس كدا .. واحد خاينن ) التفتت لتغادر فأمسكها من يديها يديرها له بعنف قائلا ( مش عشان سكتلك تعمليلي الشوية دوول ... انا مش خايين ومش بتاع بنات .. متبقيش تتكلمي وانتي متعرفيش حاجة .. وان كان مش عايزة تشوفي وشي ) دفعها دفعة صغيرة قائلا بحدة ( انا برضو مش عايز اشوفف وشكك ) رمقها بنظرة حادة غاضبة ثم اولاها ظهره وغادر بينما هي تنظر لفراغه بغضب وبعض شعور الذنب لما قالته .....
........................................................................ ...........................................................................................................................................................................................
2
**
- سليم وفرح -
فتح لها باب تلك الغرفة المحبوسة بها فرح .. يود ان يفرج عنها وأخيراً ولكن يخاف ان ترفض محادثته مرة اخري .. وقف وهو ينظر اليها ليجدها نائمة بجوار الحائط علي الارض القاسية .. وتغطي نفسها بذلك الوشاح الذي يرافقها دوماً .. اخذ نفسا عميقا واقترب منها يحدثها بوجه متهكم ( فررحح ) ( هاا ) قالتها وهي تعتدل سريعا وتنظر اليه بعيون ناعسة وجسد متخدر اثر النوم .. وضعت يديها حول كتفها وتأوهت بألم اثر نومها علي الارض ثم رفعت نظرها مرة أخري له بنظرة هادئة .. خائفة .. مكشرة ...
وضع يديه في جيبه قائلا ( قومي عشان ترجعي البيت ) رفعت حاجبيها وقامت من مكانها تستند علي الحائط وهي تقول باستغراب ( البيت ؟؟ ازاي هروح البيت هو حصل اي ؟) قال بملامح باردة ( مسكنا المتهمة الحقيقية .. وانتي كدا الشبهه راحت عنك !) نظرت إليه بنظرة معاتبة وكأنها تعاتبه علي عدم تصديقه لها .. نظرتها حزينة .. بينما هو لاحظ تلك النظرات فزفر بضيق قائلا ( اخلصي عشان نمشي ولا عجبتكك القعدة يعني ) هزت رأسها بنفي وهي تعدل من وضعية الشال عليها قائلة ( لـ لا يـ باشا يلا نمشي ) سار امامها بنفس ضائقة وبغضب .. يعلم انه سيخسرها بعد تلك التهمة .. ولكنه لن يستسلم فليس الرائد سليم من يستسلم .......................................
............................................................................................................................................................................
1
** ( يابنتي ماتنطقي كنتي فين اليومين دول ؟) قالتها والدتها وهي تحاول معها لتعلم أين كانت ؟ ولكن فرح كانت ساكتة ساكنة .. تتذكر الايام التي مرت بها مع سليم في ذلك البيت .. بل الايام التي قضتها وحدها في تلك الغرفة لا تعرف ما هو مصيرها .. ان كان السجن او الافراج .. ولكن ها هي الان اخذت الافراج .. ولكن ليس كأي افراج .. فهي خرجت منه ناقصة الثقة بـ سليم والخوف منه .. فنظرت لوالدتها التي تحاول ان تفهم من ملامحها اي شئ يطمئنها .. فأقتربت منها تحضنها وبكت في احضانها بقوة .. جعلت من قلب والدتها ينقبض خوفا علي صغيرتها .. هرولت تمسد علي شعرها قائلة ( مالك يابنتي .. مالك ياضنااايا في اي .. متخوفنيش كدا يا فرح قوليلي اي حصل؟) اجهشت فرح في البكاء وهي تقول بصوت باكي ( انا تعبت يا ماما .. تعبت اوي خلاص مبقتش قادرة استحمل العذاب والإهانة الي إحنا عايشين فيهم دول .. مبقتش مستحملة اي حاجة خالص .. انا تعبت اوي اوي يا ماما ) بكت والدتها مع كل كلمة قالتها ابنتها بنحيب مؤلم وهي تقول ببكاء هي الاخري ( حقك عليا ياضنايا حقك عليا .. دا كله بسببي انا اسفة ) ظلت فرح تبكي في احضان والدتها .. بينما بدأت والدتها تتلو عليها من آيات الله حتي تهدأ من روع وخوف ابنتها .. تود لو تحميها بين اضلاعها بعيد عن عذاب الدنيا .. تعلم جيداً ان فرح اكثر اولادها معاناه بتلك المصيبة التي وقعوا بها .. بدأت فرح تهدأ في أحضان والدتها وبين الحين والاخر تشهق بألم يخرج من قلبها ...
وبعد فترة من الوقت قالت والدتها بهدوء ( طمنيني يابنتي اي حصل معاكي اليومين الي فاتو ؟) ( كانو متهميني بمتاجرة مخدرات ياماما وكنت محجوزة !) شهقت والدتها بعنف وهي تنظر اليها بخوف قائلة ( ياضناايا .. وعملتي اي ؟ مكلمتيش سليم بيه يساعدك ) اغمضت فرح عينيها وهي تقول بصوت مختنق ( كتر خيره سليم بيه هو الي ساعدني وطلعني يا ماما ) مسدت والدتها علي شعرها بحنو قائلة بتنهيدة ( كتر خيره يابنتي كتر خيره ) بينما فرح ظلت مغمضة عينيها .. تتذكر ما فعله بها منذ اول لقاء وما فعله بها في اخر لقاء .. رفعها للسماء ثم رماها في الارض .. يكسر المتبقي بها .. لتصبح هشه جسد بلا روح ........
............................................................................................................................................................................................
** وصل سليم للمنزل بمزاج متعكر ..ووجه عابس وملامح مكشرة .. جلس علي الأريكة التي وجدها أمامه وبدأ يفرك برأسه .. يحاول ان يهدأ ذلك العقل الذي لم يكف تفكيرًا بـ فرح وما تفعله فـرح .. مُشردة عقله .. قام من مكانه بعد بعض الهدوء الذي اخذه الآن .. وتوجه لخزانة الملابس يخرج علبة السجائر التي توقف عنها لفترة .. وها هو يعود مرة أخري يدخن وينهش بصدره ونفسه بالدخان .. بدأ ينفث الدخان بشراهه وكأنه يخرج غضبه بها .. انتهي من سيجارتين ورمي العلبة علي الطاولة ودلف ينعش جسده ببعض الماء البارد .. ينعش روحه وعقله وقلبه .. ولكن ليس الماء الذي سينعش قلبه .. بل فرح التي ستنعشه .. زفر بضيق وهو يقول بإختناق ( فرح فرح فيي ايي بقاا .. مكنتش حتة بت كنا شاكك انها بتاجر في المخدرات .. فوق بقاا ياسلييم ) ثم وضع رأسه مرة اخري تحت الماء البارد ......
انتهي من الاستحمام وارتداء ملابسه وخرج من غرفته للاسفل يلقي التحية علي والدته .. وعندما سأل علي أخته لم يسمع سوى امه المترددة تقول ( في اوضـتها ياحبيبي .. نايمة تعبانة شوي فطلعت تنام ) قوص حاجبيه هو يعلم انهم يخبئون عنه شيئا ولكنه سيعرفه عاجلا او آجلا ..
صعد لغرفتها وطرق بهدوء علي الباب ولم يجد ردا الا بعد دقائق منها وهي تفتح الباب بوجه مُصفر .. وعينين متورمتين من البكاء .. نهش القلق قلبه وهو يقول بحيرة ( مالك ياقمر ؟ معيطة ليه ؟) تنحنحت بتردد وهي تهز رأسها تنفي كلامه قائلة ( لا لا مش معيطة .. بس عشان عايزة انام ) دفعها لداخل الغرفة وهو يقول ( لا في .. في حاجة كبيرة كمان ومن كام يوم .. انا مش عيل بريااله عشان تفضلوا مخبيين عني كل دا في اييي ؟) قالها اخر كلماته بحدة وهو ينظر بعيني قمر .. فتلبكت بخوف واخفضت بصرها وبدأت دموعها تنساب علي خديها وأجهشت بالبكاء بقوة .. رفعت يديها علي فمها تمنع صوت بكاءها .. بينما سليم بدأ خوفه عليها يزداد وهو يري حالتها هكذا .. فأقترب منها يعانقها بحنو ( مالك ياقلبي ؟ هتقلقيني عليكي ليه ) احتضنته بقوة وهي تبكي وتقول بصوت متقطع باكي ( انا ..اا سسـفة .. انا عمـلتت حاجة كبيــرة اوي ) ثم بدأت تبكي مرة اخري وبصوت مرتفع بينما هو قوص حاجبيه بإستغراب واحتضنها بقوة اكثر ويمسد علي شعرها بحنو حتي تهدأ ويستطيع التحدث معها .. ومر بعض الوقت علي مكوثها داخل احضانه حتي تهدأ .. وعندما هدأت جلسا سويا .. بينما هو قال بهدوء ( قوليلي يا قمر في اي ؟) نظرت داخل عينيه بخوف وخزى ( انا .. انا اتـتتـ اتجوزتـ ااا ادهـم عـ عرفي ) رأت ملامحه بدأت في التوسع .. عينيه وفمه .. وبدأ الغضب يحتل ملامحه قائلاً بصوت عالي غاضب ( اتجوزتيييه داا ازاي ) انكمشت ملامحها بخوف وهي تقول بنبرة مهتزة ( اتـ.جوزنا من كام يووم وانا ..و انا كنت خايفة اوي .. هو.. قالي تعالي نتجوز عرفي عشان يرضوا يجوزونا .. عشان انت مبطقهوش ) امسكها من مؤخرة رأسها يجذب شعرها في يديه وهو يصرخ في وجهها ( تقومي تروحي تتجوزيه يا قمرر اتجننتي في دماغك .. اي مبقاش في عقل خلاص بتخدعينا ياقمر ) ظلت تهز رأسها بنفي وهي تبكي بصوت مرتفع وتقول ( لا والله العظيم لا ياسليم انا مبخدعش حد منكو انا كنت بحبو .. بس والله انا اكتـشفته علي اي عشان خاطري سيب شعرييي) اتت علي صوت صراخ قمر وعندما رأت سليم بتلك الحالة .. ركضت اليه تبعده عن قمر وهي تقول بصوت مرتفع ( في اي ياسليم .. انت اتجننت !!) هز رأسه بعنف وهو يقول بصراخ ( محدش اتجنن غير بنتك .. راحت تتجوز عرفي من وراانا ... اي احنا قراطيس هنا ) ظلت قمر تبكي وهي تهز رأسها بنفي لكلامه بينما والدته سكنت قليلا قبل ان تقول بعنف ( برضو ميصحش تعمل معاها كدا دي اختك .. وانا مش هسمح انك تمد ايدك عليها وان كان علي الواد الكلب الي اتجوزته هنطلقها منه ) ليقول سليم بسخرية ( نطلقها .. ليه نطلقها مهي اتجوزته خليها ترجع لجوزها بقا ونجوزهم جواز شرعي ) شهقت قمر بعنف وهزت رأسها بنفي وهي تقترب منه تمسك يديه قائلة ( لا لا لا انا مش عايزة ارجعله لا ارجوك .. طلقني منه بالله عليك ياسليم طلقني منه ) ابعد يديه عنها قائلا ( لا ياقمر هترجعو لبعض عشان تتعلمي بعد كدا ان الله حق ) ثم التفت وغادر الغرفة بينما قمر ارتمت باحضان والدتها قائلة ( يا ماما انا مش عايزة ارجعله بالله عليكي طلقوني منه يا ماما ) مسدت والدتها علي شعرها بحنو قائلة ( متقلقيش ياقلبي ... هتتطلقي 
اتي صباح يوم جديد .. يوم مفعم بالنشاط لدي البعض و مفعم بالكسل لدي البعض الآخر ... وكل شخص لديه ما يتحمله قلبه .. فيخرج ما بقلبه بيومه ان كان يحمل الحُزن او السعادة .. او الألم ...
كانت تعد طعام الإفطار حتي تفطر هي واخاها قبل ذهابهم للعمل .. تعد بعقل شارد بـ ذلك الليث الذي اقتحم شرودها منذ الامس ....
تفكر به وبـ كلامها له ولماذا يركض وراءها وهو متزوج ولديه ابنة ؟ بالطبع فهو مثل شباب هذه الأيام لا تملئ زوجته عينه فيخرج للاخريات .. هذا اخر ما خطر ببالها عندما قطع فارس افكارها وهو يقول بابتسامة بسيطة( صباح الخير يا روحي ) ثم جلس علي كرسي طاولة الطعام في المطبخ و ابتسمت هي بابتسامة خافتة وهي تضع الاطباق امامه ( صباح الورد ياقلبي ) ثم وضعت له الخبز وجلست ( هتخلص شغل النهاردة امتي ؟) بدأ بتناول الطعام وهو يقول بحيرة ( والله معرفش .. علي حسب بقا اما الكشوفات تخلص .. ) همهمت بتفهم وهي تتطلع لملامحه ثم قالت باستغراب مزدوج ببعض القلق ( اُمال صحيح انت مالك كدا من امبارح مش حساك علي بعض ؟) نظر إليها قليلا وهو يمدغ لقمته ببطء ثم شرب بعض الماء وهو يقول بنفي ( ماليش ياحنين ) ابتسمت بسخرية ورفعت يديها تلوح في الهواء قائلة ( لا والنبي .. اه روح قول كدا لغيري دانا حفظاك صم ) اخرج تنهيدة عميقة من داخله وهو يقول ببرود ( كنتي تعرفي ان قمر متجوزة صح ؟) ( هاا !) خرجت منها وهي تنظر إليه بصدمة علي ما عرفه .. ظلت تتطلع عليه وهي تفتح فمها وعينيها بصدمة ثم قالت بارتباك ( فارس انا .. ) لم تكمل كلامها بسبب مقاطعته لها بهدوء ( خلاص انا عرفت بقا .. وهي هتطلق منه قريب ) ابتسمت حنين بسعادة قائلة ( بجدد ) اكتفي بهز رأسه بابتسامة صفراء ثم قال ( اه كلمتها واتفاهمنا انها هتتطلق منه ) كان يود اخبارها بأنه سيتزوجها ايضا ولكنه صمت وعزم ان تكون مفاجأة للجميع فغير محور الموضوع قائلا ( بقولك .. عايز منك طلب ) ضيقت عينيها قائلة باستغراب ( طلب اي ؟) نظر لها ثم ارتشف بعض العصير وقال ( صاحبي الي اتغدا معانا من كام يوم .. ليث ) قلبت عينيها ثم قالت ببرود ( اممم اه ماله دا ؟) قوص فارس حاجبيه ثم قال ( مالك قلبتي وشك كدا ليه لما سمعتي اسمه .. هو عملك حاجة ؟) هزت رأسها بنفي وقالت بسخرية ( هو يقدر ..معملش بس من يومين كان في المشتل هو وبنته ماريا ) همهم فارس بتفهم وهو ينظر في اللاشيء ثم عاود النظر لها قائلا ( مهو الموضوع علي ماريا .. هو عنده شغل لوقت متأخر وانا اقترحت عليه يجيبها تقعد معاكي لحد ما يخلص ، ممكن ؟ ) انفعلت للحظة قائلة ( وامها فيين يعني ؟) استغرب فارس انفعالها ولكنه قال بهدوء ( ميتة !)
لحظات من الصمت مرت علي حنين عالصاعقة !! هي اخبرت ليث انه خائن ويركض خلف البنات وزوجته متوفاه ابتلعت ريقها تشعر بالذنب ثم نظرت لفارس قائلة بنبرة حزينة ( يعني مراته ميتة ؟) ( مرااته .. مراتت مين ؟) قوص فارس حاجبيه ورفع طرف شفتيه باستغراب فقالت هي بحيرة ( مرات ليث صاحبك انت مش بتقول امها ميتة ) هز رأسه عدة مرات بنفي ثم قال ( حنين فوقي معايا الله يكرمك .. ماريا دي بنت اخو ليث .. وامها وابوها ماتو في حادثة من ست سنين كانت ماريا عندها سنتين والي رباها ليث ) ابتلعت غصتها وهي تقول بحزن ( ياحبيبة قلبي .. ربنا يرحمهم يارب ) تنهد فارس ثم قال ( يارب .. المهم اخليه يجبهالك عالمشتل النهاردة ولا اي ؟) صمتت قليلا تفكر كيف ستواجه ليث بعدما علمت الحقيقة من أخاها الآن .. ولكن لحظة حتي ولو ذلك ليس له الحق في ان يتغزل بها ! قالتها حنين في سرها وهي تهز رأسها مؤكدة علي ماقالته في بالها وعلي كلام فارس ... فأبتسم فارس قائلا ( تمام .. يلا انا ماشي ) ودعته وانتهت من تبديل ملابسها وذهبت هي الأخري للمشتل تنتظر قدومهم .........................
كان مشحونا بالغضب والضيق بسبب ما عرفه عن  اخته بالأمس ... قرر من غضبه ان يعيدها لزوجها ولكنها ترفض ان تعود .. هل اكتشفت حقيقته متأخرة ؟ ولماذا لم تسمع كلام أخاها في البداية ؟؟ ها هي الان تُعاقب علي خطأها بعدم الاقتناع ان ادهم ليس شابا جيداً ...
خرج من غرفته متوجها للاسفل وقد شرد عقله بفرح... هل سيذهب إليها اليوم ؟ ولكن بأي حق سيذهب تمتم بصوت منخفض وهو يكز علي اسنانه ( دا شغلي هو انا يعني كنت اتهمتها بدون سبب ) زفر بضيق ورأي والدته تجلس علي الأريكة وهي شاردة .. تنهد بعمق واقترب يقبل مقدمة رأسها قائلا ( صباح الخير ياحبيبتي ) نظرت اليه بابتسامة دافئة ( صباح النور ) ثم قالت وهي تجلسه جوارها ( اقعد عايزة اتكلم معاك شوية ) زفر بحنق يعلم جيداً انها ستتحدث معه حول موضوع اخته فقال ( ماما انا مش عايز اتكلم في موضوع قمر تاني الي عندي قولته ) فقالت والدته بصوت غاضب ( انا بنتي مش هترجع غصب عنها لواحد زي الحيوان دا ؟) رفع حاجبيه باستنكار ممزوج بسخرية ( وهي كانت اتجوزته غصب عنه .. مهي اتجوزته عرفي من ورانا كلنا ) زفرت والدته قائلة ( يابني دي اختك وهي غلطت وكلنا بنغلط وهي دلوقتي ندمت علي الي عملته عشان كدا هي عايزانا نساعدها عشان خاطري روح خليه يطلقها ) نظر امامه في اللاشيء قائلا ( ربنا يسهل .. انا رايح الشغل وفرح مش هتيجي النهاردة كمان ) قالت والدته بتساؤل ( هي مجتش بقالها تلت ايام ليه .. في حاجة يابني ولا هي تعبانة ) تنحنح بهدوء وهز رأسه قائلا ( لا لا .. والدتها تعبانة شوية بس هتبقي كويسة وهي هترجع ) همهمت بتفهم وهي تهز رأسها ( ماشي يابني لو احتاجت اي حاجة قولنا .. فرح بنت كويسة وتستاهل كل خير ) تنهد ثم قام من مكانه قائلا ( ماشي انا همشي عشان عندي شغل ) ثم اولاها ظهره مغادرا وهي صعدت لغرفة قمر تجلس معها ....................................... .......................................................................................................................................................................................................................................
- علي ونور -
( اخبارك شغلك اي؟) ابتسم علي وهو يقف علي باب المطبخ يستند علي الحائط ويتابعها وهي تعد الطعام .. ابتسمت وهي تهز رأسه لاعل واسفل ( حلو خالص ) همهم وهز رأسه قائلا ( اممم ماشي كويس ربنا يوفقك ) ثم لف رأسه ينظر لوالدتها وهي تجلس خلفهم تنقي الأرز قائلا ( يامم نوور .. عايز افتح معاكي موضوع مهم ؟) نظرت إليه وهي تعدل من وضعية النظارات علي عينيها ثم نظرت مرة أخرى للارز وهي تضيق عينيها لتري الحصى من الارز وتخرجه قائلة ( اي يابني قول ) نظر لـ نور ثم لها وهو يقول ( بصراحة بقا انا عايز اطلب ايد نور بنتك ونخلي الموضوع رسمي .. انتي عارفة اننا بنحب لبعض ومن زمان وانتي عارفة اننا لبعض وانا كل حاجة جاهزة ليه نستني ؟) نظرت والدتها له مرة اخري وهي تبتسم بحنو ثم نظرت لابنتها حمراء الوجه من الخجل قائلة ( هو انا هلاقي احسن منك لنور بنتي يا علي ) ابتسم علي ابتسامة واسعة ثم نظر لمعشوقته قائلا ( وانتي اي رأيك يا نور ؟) تنحنحت بخجل قائلة ( الي ماما تقوله !) ثم اولته ظهرها وظهر علي وجهها الإبتسامة الواسعة الخجل فقال وهو يصفق بسعادة ( يبقا علي بركةة الله زغرطيلنا زغروطة يام نوور ) فزغرطت تلك السيدة بصدر منشرح بينما العشاق يبتسمون بسعادة غير مدركين ماهو المصير القادم ............................................. ..............................................................................................................................................................................................................................................................................................
3
وأخيراً رأت تلك السيارة التي تنتظرها منذ وصولها للمشتل  .. ورأته ينزل بـ هيبته وهو يتجه للباب الثاني من السيارة ويفتحه ويحمل فتاته الصغيرة " ماريا " وقبل خدها بحنو ..
وجدت قدميها تتقدم باتجاههم وسمعت ليث يقول ( اسمعي كلام حنين وخليكي كويسة وانا هخلص بسرعة واجيلك اوكييي ) هزت رأسها ببراءة قائلة ( اوك .. وهاتلي معاك شوكلا وشيبسي وبسكوته ) قبل مقدمة رأسها قائلا بابتسامة ( ماشي ياروحي ) ثم شعر بمن تراقبهم من الخلف فقام من مكانه وظهره لها ... اغمض عينيه بهدوء ثم التفت لها قائلا بابتسامة صغيرة ( متشكر اوي انك قبلتي تخلي ماريا معاكي النهاردة .. وهي مش هتتعبك هي هادية جدا ) تنحنحت حنين ثم هزت رأسها لاعلي واسفل وامسكت بيد ماريا قائلة ( ماشي وانا هاخد بالي منها متقلقش عليها ) نظر لماريا ثم لحنين مرة اخري ( انا ممكن اقلق عليها في ايد اي حد غيرك !) رفعت عينيها تنظر إليه وهي تعيد غرتها للخلف ثم ضمت شفتيها بخجل .. وبعد صمت لحظات قالت ( مممم انا اسفـ .... ) لم تكمل كلامها بسبب مقاطعته لها قائلا بهدوء ( انا لازم امشي عشان اتأخرت ) قالت ماريا بسرعة وهي تلوح له قائلة ( بااي يا بابي ) ابتسم لها قائلا ( باي ياقلبي ) ثم نظر نظرة اخيرة لحنين وادار ظهره مغادرا المكان تحت مراقبة بنظرات يائسة ..
نظرت حنين لماريا بابتسامة حنونة ( تعالي ياشوكولاتة انتي يلا عشان نشوف الورد ) هللت ماريا بيديها وهي تركض امامها للمشتل ( انا هسقي الورد ) ثم وقفت بجانب وردتها المفضلة ووضعت لها بعض الماء وهي تبتسم بينما حنين تراقبها بابتسامة واسعة ......................................................................................................................................................................................................................................
** خرجت من المستشفى بعد ان اجرت الفحوصات التي طلبها منها الطبيب .. كانت خائفة من النتائج .. ماذا سيكون لديها ؟ هل لديها مرض خطير ! ام انها ستموت قريبا ؟ حتي ولو .. فهي سترتاح مما تفعله بها هذه الدُنيا .. وسترتاح من تيم ومما يفعله بها .. افاقت من شرودها علي صوت رنين هاتفها .. لا يرن عليها سواه .. ومن غيره السيد تيم .... ركبت سيارتها وردت عليه ( الو ) ظلت صامتة تستمع لما سيقوله ثم قالت بهدوء ( حاضر هجيبهم واجي ) سمعت صوت اغلاق المكالمة دون حتي ان تودعه فتنهدت بعمق وقادت بسيارتها باتجاه منزلها واخذت الملفات التي يريدها وذهبت لمنزله ...
دلفت لغرفة المكتب خاصته وجدته يجلس يدخن ويقرأ بعض الملفات فقالت له ( مستر تيم ) ثم اقتربت من موضعه ووقفت جانبه واضعة امامه الملفات ( اتفضل .. دول الملفات الي حضرتك طلبتهم بعد التعديل ) رفعت نظرها تنظر ثم وجدت يديه تمسك تلك الملفات قائلا ( وصفقة الي روحتي بعتيها للاعدائي خلصتي تعديل فيها !) اخفضت بصرها تتذكر اعترافها له وهو يبرحها ضربا
- فلاش باك -
مد يديه يضربها بالكف علي وجهها تاركا علامات اصابعه قائلا بغضب وبصوت مرتفع( انطقي ، روحتي ادتيله الملفات ليه ؟) صرخت بألم ودموعها تنساب علي خديها وقالت صارخة ( كفاية بقا كفاية .. انا عملت كدا عشان احسسك بالقهر الي انت حسستهولي كل السنين دي .. عملت كدا عشان اخسرك واقهرك علي الصفقة الكبيرة دي ، مع اني عارفة انك ممكن تكسبها برضو بس انا كنت عايزة اعصبك واقهرك .. حرام عليك بقا انا مش جارية عندك .. انا بني آدمة عندي طاقة وطاقتي خلصت .. ياخي اقتلني وريحيني بقا اقتلني ) جذبها من مؤخرة شعرها بقوة وهو يقول بغل ( هتموتي ياطيفف هتموتي بس مش دلوقتي .. وانا هوريكي ازاي تروحي تديي شغلي لغيري ياطيف ) ثم دفعها بقوة للفراش ويكمل عليها ما بدأه من عذاب وهي تصرخ وتستنجد بالمتبقي من قلبه لعلها تجد قطعة غير متحجرة ..
- عودة للواقع -
تنهدت بعمق بعد تلك الذكرى التي لم تخرج من عقلها أبداً قائلة ( اه خلاص هعمل عليه مراجعة بسيطة بس ) همهم بهدوء ثم اشعل سيجارته قائلا ببرود ( كنتي فين قبل ماتيجي هنا ؟) صمتت قليلا تود ان تخترع عليه مكانا ولكن للحظة تراجعت خوفاً ان يكون قد راقبها لتقول بهدوء ( كنت في المستشفى بعمل تحاليل ) ابتسم بسخرية لصدقها فهو حقا وضع من يراقبها ثم التفت بالكرسي لها وامسك يديها ( تحاليل لايه ؟) تنحنحت وهي تخفض بصرها قائلة بصوت منخفض ( حاسة بتعب شوية وروحت للدكتور وقالي اعمل فحوصات بس كدا ) ( امممم ماشي لما تطلع ابقي قوليلي قالك اي بقا ) قالها وهو يقف ويقترب منها أكثر فرفعت بصرها تنظر  بعينيه برجاء .. استشعر تلك النظرة في عينيها ليغير مجرى ماكان سيفعله قائلا ( هنطلع نتغدى برا .. يلا اجهزي ) ثم تركها وتخاطاه مغادرا لغرفته تحت حيرتها من ذلك الوحش الذي اقتحم حياتها بل وقلبها رأسا علي عقب .. ذلك الذي أسر قلبها وجعلهل تقع في غرامه .. في عشقه .. في خشونته واسلوبه .. في كل شئ .. وفي بعض الاحيان يجعلها تكره وجوده .. وتكره ذلك اليوم الذي دخلت فيه لحياته .. تعلم جيداً انها ليس لها غيره .. وانها ضعيفة الشخصية امامه .. ولكن ليس باليد حيلها بسبب ظروفها !
.............................
6
** وصل للكافية ووجدها تجلس بمفردها علي احدي الطاولات .. تضع يديها اسفل خديها وتتطلع امامها بشرود .. ذهب وجلس امامها وهو يقول بنبرة هادئة ( قاعدة هنا من زمان ؟)هزت راسها بنفي و أجابت بصوت مرهق ( لا ) تأملها فارس بتمعن شديد تأمل كم هي مرهقة و حزينة .. تمنى لو يستطيع أن يمحو ماحدث كي لا تمر بهذه المشاعر السيئة ..  ولكنه لا يستطيع .. يحبها ويعشقها ويدمنها رغم ما فعلته .. ليس بيده حيلة سوى ان يعشقها فهي حب طفولته وحب مراهقته .. لم يأتي من - لندن - لـ - مصر - سوى لأجلها ... تنهد خلال تفكيره و ابعد نظره ثم نظر إليها مرة أخرى قائلا ( قوليلي ايه الي حصل عشان نتقابل بسرعة ؟ ) تنحنحت قليلا و جلست باعتدال ثم اخذت نفساً عميقاً قائلة (سليم عرف... وقال.. قال انه مش هيطلقني منو و هيجوزني منه شرعي عشان اتعلم من غلطي ) انهت جملتها بشهقة صغيرة و مسحت دموعها التي خانتها بالنزول علي خديها بـ لسعة حارة من سخونتها انصدم فارس من كلامها كيف لـ سليم ان يقول ذلك ايريد  ان يرمي اخته للهلاك مع - ادهم - وهو يعلم جيداً انه لا يستحق قمر .. حتي ولو قمر كانت مخطئة ..  هز رأسه بنفي عدة مرات وانفعل " لا طبعا " هذا ما قاله قلبه خوفاً علي صغيرته ..  ثم زفر بضيق و نظر لها و قال ببرود  (الكلام دا مش هيحصل اطمني ... هتتطلقي من الي اسمه أدهم دا و هتتجوزيني و تخلص الحكاية )
نظرت قمر لعينيه قليلاً .. لعلها تجد إجابة سؤالها الذي يرفض الإجابة عنه دوماً ولكنها لم تجد سوى البرود ابتلعت غصتها و سألته مرة اخرى (انت ليه عايز تتجوزني؟) نظر إليها قليلا يتفحص ملامحها ثم اجابها فارس ببرود و خشونة (ما قولتلك قبل كدا عشان اربيكي ..  يا قمري ) .. نظرت له و تعابيرها تدل على الف شعور وألف سؤال يريد
6
أن يربيها ثم يقول لها قمري .. لقد ضاعت الان تماما لا تعلم ماذا تقول ولا ماذا تفعل سوى انها ستثق به فكل ما تريده الان هو أن تتخلص من ذلك المدعو أدهم ...كان يراقب ملامحها ثم تنهد قائلا (يلا عشان اوصلك البيت انا عندي شغل عايز اخلصه )
ردت قمر عليه سريعا وقامت معه قائلة بهدوء وامتئنان (يلا عشان نروح .. وانا اسف لو كنت عطلتك ) مال بيديه ليديها يمسكها وهو يتطلع لها بهدوء و ذهبا سويا ...................................................... ...........................................................................................................................................................................
** كان يقود باتجاه بيتها لا يستطيع ان يمر يوم دون ان يراها .. وصل للبيت وفتحت له حور ( عمو سليم .. ازيكك ) قالتها حور بابتسامة واسعة فأبتسم لها هو الاخر بحنو ( عاملة اي يا حور ؟) ( انا كويسة الحمدلله ) دلف معها المنزل وهما يتحدثان سويا عن احوال المدرسة فوجد والدتها تخرج من الغرفة وعندما رأته ابتسمت إبتسامة واسعة ترحب به ( اهلا اهلا ياسليم يابني .. عامل اي يابني ) تنحنح وهو يهز رأسه ( انا كويس انتي عاملة اي طمنيني عن صحتك ؟) رفعت يديها للاعلي بدعاء وهي تقول بهدوء ( الف حمد وشكر يابني .. تعالى اقعد اقعد ) وجلسا سويا بينما هو اعطى كريم الاكياس التي معه وادخلها كريم للمطبخ ومن ثم ذهب لغرفة فرح قائلا بصوت منخفض ( الباشا سليم برا مش هتطلعي ) كانت شبه نائمة ففتحت عينيها بسرعة عند سماع اسم سليم وابتلعت غصتها وهي تنظر لاخاها الذي يراقب تغير ملامحها فقال باستغراب ( مالك يافرح .. في حاجة ولا اي ؟) هزت رأسها بنفي وقامت من مكانها تعتدل من هيئة نفسها وتضع الشال علي شعرها قائلة ( ممافيش مافيش انا طالعه اهو ) فهز كريم كتفه بحيرة وخرج امامها وهي اتبعته ووقفت بجانب كرسي والدتها وهي تخفض بصرها ثم رفعته ورأته ينظر إليها بهدوء .. برود .. عكس تلك العاصفة التي داخله والتي يكبح عليها فجميع كيانه يود الإعتذار منها عما فعله .. ولكن ليس الآن وليس هكذا ..
ابعد نظره عنها وهي أيضاً اخفضت بصرها قائلة ( هعمل شاي واجي ) اوشكت علي المغادرة قبل ان تسمع صوته باعتراض ( لا انا عايز نتكلم الاول وبعدين نبقي نشرب الشاي ) التفتت إليه تنظر له بتوتر واستغراب ليقول هو بهدوء ( انا جاي اطلب ايد فرح !)
- سليم وفرح -
صدمة تلو الأخري تسقط فوق رأسها عند قوله ( انا عارف ان كان المفروض والدتي تيجي معايا بس انا قولت يعني اجي افاتحكم في الموضوع والمرة الجاية والدتي تيجي ) ماذا ماذا ماذا ؟؟ أيطلب يديها حقا .. هو يريد ان يتزوجها ؟ كيف ومتي ؟ ولماذا يريد ؟ لم يكن في الحسبان يوماً ان يأتي سليم ويطلب يديها .. بل لم يكن بالحسبان ان تتزوج هي ؟! كانت تريد ان تعيش مع والدتها واخوتها خوفا عليهم من صدمات تلك الدنيا .. صدمات الدنيا التي تعيشها فرح الآن .. شعرت بدوار يقتحم رأسها بألم قوي .. خرج منها صوت أنين وهي تستمع لصوت والدتها المتلبك ( يابني هو انا هلاقي زيك لفرح بنتي .. بس يعني مش عارفة والله اقولك اي ؟) لم تشعر بعدها سوى بارتطام رأسها بالأرض وذهبت بعدها في سبات عميق ..
فُزع المتواجدين وجرى سليم لها يجلس جوارها وهو يطرق علي خدها ( فررح .. فرحح ) اتت والدتها هي الأخري بسرعة البرق وجلست جوارها والقلق ينهش بقلبها فقالت بصوت قلق ( يافرح يابنتي اصحي ) اتى كريم بكأس ماء فأخذه منه سليم وبدأ يرش علي وجهها بعض قطرات الماء .. ولكنها لم تفق فقالت والدتها بخوف وقلق شديد ( يابني هي مش راضية تصحى ليه ؟) اخرج هاتفه من جيبه وهو يقول بقلق ( هتصل عالدكتور دلوقتي ) ثم تحدث مع فارس وارسل اليه العنوان وانحني لفرح مرة اخرى يحملها للغرفة ثم وضعها علي الفراش وهو ينظر لها بنظرات قلقة .. وجهها الشاحب وعينيها الدابلتين .. كل ذلك بسببه .. بسبب ما فعله بها .. زفر بضيق ونظر لوالدتها التي تجلس جوارها وتمسك يديها بقلق .. ولاختها واخاها القلقيين علي اختهم الكبرى .. تتابع خطوات " حـور " له وهي تنظر لفرح بقلق ثم نظرت له قائلة ببراءة ممزوجة بقلق ( انكـل سليم .. هي فرح هتبقي كويسة صح ؟) ابتسم بحنو ثم انحني يجذبها لجانبه يلف يديه حول كتفها قائلا ( اه ياحبيبتي هي كويسة .. هي بس تعبانة شوية والدكتور هيجي دلوقتي يقولنا مالها .. متخافيش ماشي ) تطلعت له قليلاً ثم لفرح وتنهدت بهدوء ..
وما هي إلا دقائق اخرى حتى وصل فارس وبدأ بفحص فرح ... وعندما انتهى نظر لـ سليم ثم لوالدتها ( هتعوز يتعلقلها محلول يفوقها .. وهي ممكن يكون حصلها كدا عشان مكلتش كويس وباين حالتها النفسية مش كويسة فعشان كدا ضغطها نزل !) ابتلع سليم غصته بشعور الذنب قائلا ( طب يعني هتبقى كويسة بعد كدا ) هز فارس رأسه قائلا ( اه يابني هتبقى كويسة .. بس تاكل كويس وهكتبلها دوا تاخده ) ثم خرج من سليم خارج الغرفة وكتب له الدواء وقال بهدوء ( نبقى نتكلم بعدين يا سليم .. في مواضيع كتير عايز نتكلم فيها ماشي ؟!) هز رأسه قائلا ( ماشي هبقي اتصل بيك ونتقابل ) ثم ودعه واخذ فارس اغراضه وغادر المكان .........
بينما سليم دلف مرة اخرى ونظر لفرح قليلاً .. نظرات تحمل شعور الذنب .. نظرات حزينة .. ومحببة لقلبه .. تلك القابعة في الفراش .. يود ان يخبئها بعيداً عن انظار كل هؤلاء اللذين يجرحونها .. وبالذات هو .. يريد ان يخبئها من نفسه .. اخذ نفسا عميقا ونظر لوالدتها ( انا هنزل اشتري الدوا بتاعها .. وهو المحلول هيفضل زي ساعة ونص كدا هفضل لحد ما يخلص وتفوق وهبقى امشي ) قامت والدتها وقفت امامه وهي تربت علي كتفه قائلة ( تسلم يابني .. والله ماعارفة من غيرك كان حصلنا اي .. ربنا يحفظك يارب ويحرسك ) ابتسم لها بامتئنان لدعاويها له قائلا ( كله في ايد ربنا .. مش هتأخر عليكم ) ثم اولاها ظهره وغادر لجلب الدواء لتلك المسكينة النائمة في الفراش بلا حول او قوة .. لا تعرف ماهو المصير القادم ولا تعرف ماذا سيحل بهم هي تاركة كل الأمر الآن علي ربها ............................................................. .....................................................................................
ليث وحنين
** ( ايوه يا ليث .. انا راجع عالبيت اهو حصلني انت وماريا مع حنين في البيت اصلا ) اتاه صوت ليث من الهاتف قائلا ( ماشي خلال ربع ساعة بإذن الله وهكون قدام بيتك .. يلا سلام ) اغلقا الخط بينما عاد فارس للمنزل ليرى اخته جالسة علي الأريكة وتتحدث مع احدهم في الهاتف وعندما رأته قامت باتجاهه قائلة ( ايوه يا ماما فارس لسه واصل اهو .. ماشي خديه معاكي ) ثم ناولته الهاتف ليبتسم هو بحنو ( السلام عليكم .. ازيك ياست الكل ) ثم خرج للشرفة بينما حنين تتبعته بابتسامة خافتة وذهبت لغرفتها تجلس علي الفراش بجانب " ماريا النائمة " ابتسمت بحنو وهي تمسد يديها علي شعر ماريا تتذكر يومها معها وطفولتها المفرطة ولهوها .. حزنت كثيرا علي حال تلك الصغيرة فاقدة الام والاب .. وللحظه اتى في بالها ليث .. الشاب الوسيم .. "المهزأ" اخفضت وجهها مبتسمة عند ذلك اللقب الذي تلقبه اياه .. ثم تطلعت مرة اخرى لماريا وكأنها تستنتج حب ليث لابنة اخيه وعنايته بها .. وكأنها ابنته تماما .. حتي انها تناديه بـ " بابا " استيقظت من شرودها علي صوت جرس المنزل .. فقامت من مكانها متوجه للباب تفتحه .. لتجده امامها بوجه متعب مرهق .. وعينين دابلتين وكأنه كان يجاهد اليوم في عمله .. وضع يديه حول رقبته بتعب قائلا بصوت هادئ ( مساء الخير !) تنحنحت وهي تبتعد له ليدلف وهي ترد بصوت منخفض هادئ ( مساء النور ) نظر حوله في المنزل ثم نظر بقلق لـ حنين قائلا ( ماريا فين ؟؟) استشعرت قلقه لعدم تواجد ماريا في المكان فقالت وهي ترفع يديها له تهدأ من روعه ( اهدأ اهدأ .. هي نايمة من كتر اللعب تعبت ونامت ) اخذ نفسا عميقا وهز رأسه بامتئنان وشكر ( متشكر اوي يا انسة حنين علي الي عملتيه معايا النهاردة بجد ) قوصت حاجبيها وضيقت عينيها باستنكار " ماذااا ؟" هل يقول لي انسة حنين ويتحدث باحترام .. فأبتسمت بعد ذلك ابتسامة واسعة صفراء قائلة ( مافيش شكر علي واجب ... ) لم تكمل كلامها بسبب قدوم اخاها من الشرفة عند رؤية ليث مبتسماً ( شكلك تعبان اوي يصاحبي ) اغمض ليث عينيه بتعب ثم فتحهما وهو يقول ( اوي اوي يعني انا من الصبح واقف علي رجلي والله ) تأوه فارس قائلا ( اوتش .. ياعيني ياحبيبي) ثم قهقه بينما ليث تتطلع إليه بسخرية وهو يلوي فمه .. اتت عينيه علي حنين وهو ينظر إليها من طرف عينيه من أعلي لاسفل وهي تلاحظ مايفعله لتضيق عينيها كفعلتها الدائمة قائلة ببالها " قال مؤدب قال بقى مهزأ في ثانية " بادلته تلك النظرة ببرود قبل ان يقول ( ماريا نايمة فين عشان اخدها ومنتأخرش !) نظرا كلا من فارس وليث لحنين منتظرين الجواب فقالت بهدوء ( في اوضتي ) فذهب فارس ولحق به ليث المشاكس وهو ينظر لها غامزا اياها .. بينما هي دبت قدميها في الارض ذاهبة خلفهم لتلك الغرفة ..
جلس ليث بجانب ماريا مبتسماً بحنو واقترب يقبل مقدمة رأسها .. انحنى ليحملها فاستيقظت الصغيرة وهي تنظر إليه بنعاس قائلة ( بابـي ) حملها بين احضانه قائلا بنبرة منخفضة ( عيون بابي ) لفت الصغيرة يديها حول رقبته واكملت نومها بينما اقترب فارس منها يقبل رأسها بحنان .. وحنين تتابعهم بنظرات حنونة مثلها .. نظرات عاطفية لذلك المشهد .. ابتسمت إبتسامة امتئنان لليث ومايفعله مع تلك الصغيرة ... تخطاها ليث بعد ان ابتسم بها بحب وكانت ابتسامة صغيرة وخافتة .... وذهب معه فارس يودعه ........................................................... ......................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** عدا مساءاً لبيته .. بينما هي دلفت لغرفتهم تبدل ملابسها لملابس مريحة وغادرت تلك الغرفة تعلم مجرى قدميها لغرفة مكتبه .. عزمت ان تتحدث معه اليوم قبل ان تخرج نتائج فحوصها .. دلفت لغرفة المكتب وجلست علي الكرسي امامه .. اغمضت عينيها ثم فتحتهما بقوة وعزيمة ( انا عايز نتكلم في موضوع مهم جداً ) نظر ليديها التي تسندها علي المكتب وتفرك بهما فيما يدل علي قلقها .. فرفع رأسه عن حاسوبه ينظر اليها بخشونة ثم مد يديه يخرج سيكارا من جيبه ويشعله وبعد ان اخذ نفسه الاول منه قال بهدوء ( اتكلمي يا طـيف ) ضغط علي اسمها ليلعب علي وتيرة اعصابها وذلك ما يحبه .... فتنحنحت هي وظلت علي تلك الملامح القوية والتي تمثل بأنها قوية بعد ان كادت فقدان تلك الملامح لتتحول للخوف .. ولكن ها هي قوية ولديها عزيمة فقالت بصوت ملئ بالثقة ولكن لم يخلو منه التوتر ( خلينا نشوف اخرة الهباب إلي إحنا فيه دا ايه .. عشان انا تعبت .. يا كل واحد يشوف طريقه يا نشوف حل للاي احنا فيه ونعيش صح وزي الناس .. يعني نتجوز ونعيش زي اي اتنين متجوزين !) كان ينظر إليها وهو يدخن ويخرج ذلك الدخان بتسلاية لكلامها الذي لم يهز منه شعره سوى انها تتأمر عليه وهذا كل ما يكره تيم .. حاول التحكم بنفسه قائلا ( انتي شكلك جرالك حاجة في عقلك و لا إيه .. اكيد منمتيش كويس قومي نامي .. ولا تقومي تيجي في حضني احسن ) شهقت بعنف لوقاحته معها فقامت من مكانها سريعاً وهي تبتلع غصتها .. ففي كل مرة تنقلب الطاولة عليها .. وها هي مرة اخرى تُقلب عليها بلا شك .. بينما هو أطفأ السيجارة وقام متوجها لها بهدوء الاسد الذي لتو سينقض علي فريسته .. بينما هي كـ رد فعل طبيعي للفريسة تود الهرب ولكنها فشلت بسبب انقضاضه عليها وامساكه لها جاذبا اياها له .. فطرقت رأسها في صدره وتأوهت بألم .. ثم رفعت رأسها تنظر له بخوف وهي تبتلع غصتها قائلة ( فـ..في ايـ يه ) رفع كلتا حاجبيه باستنكار وبراءة قائلا ( مالك مش انتي عايزانا نتجوز ونعيش زي الناس .. احنا متجوزين بس الفرق ان دا متكتبش علي ورق .. عايزة ورقتين نشخبط عليهم بتوقعينا اننا اتجوزنا .. ياشيخة قولي انك عايزة توقعي هجيب ورقتين توقعي فيهم زي مانتي عايزة ) رفعت عينيها تنظر له بألم لسخريته بها وبحديثها فتحولت ملامحه من سخرية لملامح حادة غاضبة .. مخيفة تماماً .. واقترب بوجهه منها قائلا بصوت كـ فحيح الافعي ( شغل التأمر الي مش عارف جبتي جراءة منين عشان تعمليه عليا .. ميتعملش تاني يابت فاهمة ولا مش فاهمة !) هزت رأسها سريعاً موافقة علي كلامه فربت علي خديها كطفل بينما اليد الاخرى تعتصر خصرها بقوة من حدته .. ليقول بعدها بابتسامة حنونة مزيفة ( شطورة يا طيفـي ) ثم تركها بدفعة صغيرة فوضعت يديها علي قلبها بألم وعينيها تذرف الدموع ثم استندت علي الكرسي خلفها بينما هو ينظر إليها بغضب ممزوج ببعض السخرية وهو يلعن تحت انفاسه .. كانت تكتم صوت بكاءها أمامه .. وعندما التفتت لتغادر كان الدوار هو الأسرع فبدلا من الذهاب ارتمت أرضا بلا حول او قوة وهو يتابعها بصدمة مهرولا إليها يحاول افاقتها مناديا باسمها علها تستجيب ( طييييف !؟) ....................................................
سليم وفرح -
**عاد مرة اخرى لمنزلها .. وظل جالساً جوارها حتى لمح ملامحها بدأت تنكمش .. فعلم انها تفيق الآن فأقترب منها يمسك يديها التي بها السيروم حتي لا تحركها .. ثم نظر لوجهها مرة اخرى يتأمل تغير ملامح وجهها .. يتأمل كيف ستفيق .. داخله يبتسم وعينيه تلمع ولكن شفتيه لا شعور ولا وصف لها .. فقط في حالهما الطبيعي .. فتحت عينيها فكان مصيرها لقاء عينيه اول شئ .. جفلت عدة مرات تستوعب وجوده .. تستوعب ماذا حدث ولماذا هي نائمة هكذا وهو يجلس جوارها وممسك بيديها .. ظهر علي وجهها ملامح التساؤل فقال هو بنبرة هادئة ( اغمى عليكي وانا بتقدملك .. يعني مش عارف اقولك اي .. بس هايل جدا يافرح ) ضيقت حاجبيها عابسة لا تعلم ماذا يقول فقال بنبرة ساخرة ( مدمرة اللذات ) ثم انحنى يهمس بنبرة خبيثة ( بس لينا معاد تاني نتقابل ونتكلم ) ابتعد عنها قائلا بنبرة عالية متقصدا اخجالها ( يا ام فرح .. فرح صحيت وبتنادي عليكي ) ثم ترك يديها وقام من جوارها بينما هي تتابعه بنظرات نارية لو خرجت من عينيها لاشعلته مكانه .. دلفت والدتها إليها مهرولة وجلست جوارها قائلة بلهفة ( حبيبة قلب امك .. وقعتي ولا حدش سمى عليكي يابنتي .. انتي كويسة !) ابتسمت فرح لحنان والدتها وامسكت يديها قائلة بحنو ( كويسة ياماما ، ربنا ما يحرمني منك ابدا ) ابتسم لهما سليم قائلا بنحنحة ( طيب ادي المحلول خلص والست فرح صحيت .. يادوب انا امشي بقا ) اقترب من يديها يمسكها وهو يخرج من يديها الإبرة ناظراً باتجاه عينيها بنظرات مشاكسة لتقول والدتها ( كتر خيرك يابني والله تعبناك معانا النهاردة !) هز رأسه بنفي واقترب يقبل رأس والدة فرح " سارة " ثم قال ( انتو عيلتي التانية يا أم فرح .. وزي ما قولتلكم برا .. وانا هستنى منكم رد ومنتظر علي احر من الجمر !) نظر بطرف عينيه لفرح ثم ودع السيدة سارة والقى تحية بسيطة على فرح وخرج وتودعه السيدة سارة .. بينما فرح عندما رأته يخرج من الغرفة اخرجت لسانها له وهي تزفر بضيق .......
5
- تيم -
** جلس امام الطبيب ينظر له بقلق .. القلق الذي ينهش قلبه عليها .. منذ تلك اللحظة التي وقعت امامه دون حركة ودون حول او قوة ... اخرج الطبيب الاشاعات الخاصة بها والفحوصات قائلا ( استاذ تيم .. المدام بتعاني من ذبحة صدرية .. وغالباً ما بتكون وراثية او بسبب عوامل تانية اتأثرت بيها في الحياة ) كانت ملامح تتحول بحزن و أسى علي حال تلك المسكينة التي عانت وها هي تعاني بسببه .. لم تعش يوماً براحة في حياتها بطولها وعرضها .. اكمل الطبيب موضحاً لتيم ( مستر تيم اتمنى ميكنش في زعل كبير يأثر عليها عشان مندخلش في حاجات احنا مش قدها .. تاكل كويس وتشرب مايه كتير .. ياريت نفسيتها تبقى كويسة جدا جدا .. مثلا لو هي بتدخن ياريت تبطل وتقلل من النشاط الجسدي والتوتر .. وكمان حاجة ودي مهمة جدا المشروبات الكحولية .. تبعد عنها خالص والاكل السمن ) ثم بدأ بوصف الذبحة التي تعاني منها طيف .. وانها مستقرة مازالت في بدايتها .. يمكن ان تخمد بالراحة وعندما التأثير القوي علي النفسية .. ابعد تيم بصره عن الطبيب يفكر ويفكر فكل ماحدث الآن له نسبة 80٪ بسببه .. نظر مرة اخرى للطبيب وقال بنبرة لعله يجد امل ( مافيش علاج ؟) اومىء الطبيب برأسه وكتب اللازم لها في ورقة واعطاها لتيم وعند تلك النقطة دلف ممرض معه تقارير فأمسكها الطبيب منه قائلا ( دي تكملة الإشاعات والفحوصات الباقية بتاعت المدام ) فتحها الطبيب وبدأ بقراءتها قائلا ( بعيداً عن الأخبار السيئة الي انا كلمتك فيها .. في خبر كويس اوي هيفرحكم .. المدام حامل ...) توقف قلبه عن النبض .. توقفت انفاسه عن الخروج .. تحول وجه للون الاصفر .. شفتيه منفرجتين مصدومين وعينيه مفتوحين علي وسعهما لما سمعه الآن .. للحظات ظل علي تلك الحالة وافاق عند قول الدكتور ( انا دلوقتي هضطر اشيل بعض الادوية الي كتبتها فيها خطورة عالحمل .. ونكتب غيرهم .. ولازم لازم تاخدها لدكتور نسا وتوليد عشان يوصفلكم اكتر ويعرفكم اكتر عن وضع الجنين عندها .. وانا احب اطمنك يامستر تيم .. مافيش اي خطورة علي المدام الا لو التزمت بالقوانين الي هكتبها ) ثم بدأ بكتابة ما يطلبه من تيم لأجل طيـفه .. بينما تيم شارد في عالم اخر غير واعي .. نعم لقد اخبرها ان تلتزم بدواء منع الحمل .. كي لا تحمل منه ولكن شاء القدر ان تحمل الآن في احشائها طفله .. منه ومنها .. اخذ من الطبيب الأوراق والتقارير متوجهها للغرفة التي تقبع بها .. دلف وجلس جوارها وهو يتأمل وجهها النائم .. ملامح الحزن عليه دائمة .. ملامح الكسرة والضياع ... تلك الأحاسيس التي تشعر بها وهو يعلمها جيداً ولكن يتخطاها .. قرب يديه من يديها يمسكها بـ حنان ثم انحنى لموضع يديها يقبلها برقة ................
- فارس وقمر -
** كان يقف امام شرفة غرفته وهو يستمع لصوت الجرس في الهاتف .. منتظراً رد فتاته الحبيبة .. قمره الذي ينير سماءه ليلا .. ولكن ليس كأي قمر وانما قمر يحدث له الخسوف دائما فيعتم ويخيفه .. يصبح اشبه بالظلام الداكن .. ظلام مخيف .. يجرح القلوب وينشر اليأس ويميت الروح .. وأخيراً اتاه صوتها الهادئ الراسي ( الو !) صمت قليلا يسمتع لذلك الصوت الذي لطالما احبه وكان رفيق احلامه .. فعاودت التحدث بنبرة متسائلة ( الو ؟) انتبه لنفسه ثم اجابها بنبرة باردة ( معاكي يا قمر ) تنحنحت وقالت بنبرة بنبرة خافتة يغلفها الحياء ( اخبارك اي ؟) أجابها بنبرة مختصرة سريعة ( انا كويس ) صمت قليلا ثم قال ( انا كلمت سليم النهاردة وهقابله بكرا عشان احكيله علي كل حاجة !) للحظات صمت ثم قال بنبرة تملؤها التأوّد والاشتـياق لكونها ستكون لـه ( عشان تخلصي من الزفت الي انتي متجوزاه دا .. ونتجـوز ) شدد علي اخر كلماته ليعلمها بمصير حياتها بعد طلاقها من " أدهم " ظلت صامتة تستمع له ثم قالت بصوت شجي مغلف بالحزن مطلقاً لما عنان البكاء والتنهدات ( تمام يافارس ) اغمض عينيه يستمع لذلك الصوت يعلم جيداً انها تكتم بكاءها الآن ليقول بنبرة يملؤها كل معاني الأمر ( متعيطيش ياقمر .. مافيش حد يستاهل دموعك ) ضمت شفتيها تكتم ذلك صوت نحيبها مع هبوط حديثها لتقول بنبرة متألمة مختنقة ( حاضر مش هعيط ) ابتسم إبتسامة جانبية ثم قال لها بنبرة لعوبة ( بطلي عياط بقا عشان اديكي شاندونش مربى باللوز !) صمتت قليلاً ثم انفجرت في الضحك .. قهقه بهدوء معها فقالت هي من بين ضحكاتها وترشف ما تبقي من دموعها ( انا كدا مش هبطل عياط طيب ) اخفض رأسه ثم قال بنبرة حنونة ( لا بطلي عياط وسيبيني بقا خليني انام عندي شغل بكرا بدري ) مط في اخر حديثه لتقهقه هي قائلة ( هو انا مسكتك ياعم .. روح نام) صمت قليلا ثم قال بقرف ( لا يابت انا الي جاي اتلزق فيكي .. عيلة مقرفة جتكوا الغم .. سلااام ) ثم اغلق في وجهها الخط وهو يبتسم ابتسامة عريضة بينما هي نظرت للهاتف وهي تقهقه علي حديثه ................... ..............................................................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
كانت تلك اول خيوط الشمس ... اول الخيوط ظهورًا لتنير السماء بأشعاتها الساطعة .. وأيضاً اول الخيوط علي قلب تلك القابعة في الفراش .. لتستيقظ برغبة في الموت والتخلص من ألم تلك الحياة .. تقوص فمها يأخذ وضعية الحُزن ثم فتحت عينيها وهي تنظر حولها .. لتستغرب المكان الذي هي به .. انه مستشفى .. واين أين تيم .. وعند ذكر اسمه انتبه بصرها له جالسا جوارها علي كرسي يريح ظهره ورأسه مغمضا عينيه .. للحظات تستوعب ما حل بها وكيف حل .. واخر ما تذكرته شجارهم واغماءها .. وأيضاً ها هي تستنتج وحدها انه اتى بها للمستشفى .. ضمت شفتيها ثم قالت بنبرة خافتة ( تـ..تيم ) فتح عينيه بكل برود علي صوتها .. لا تنكر ان القلق خرج من عينيه عندما فتحهما .. ولكن كان القليل .. قلق في المنتصف يغلفه البرود .. قال بصوت رخيم ( حاسة بـ إيه دلوقتي ؟ ) شبكت يديها ببعضهما بتوتر وقالت بنبرة هادئة مختصرة ( انا كويسة ) هز رأسه مؤيد كلامها ثم قام من مكانه وهو ينحني عليها يحملها فخرجت منها شهقة لفعلته قائلة بقلق ( علي فين ؟) اكمل سيره مقوصاً حاجبيه قائلا ( علي البيت .. هنروح فين يعني ) خرج من المستشفى بأنف مرتفع فهو رجل الاعمال الشهير - تيـم - وضعها في السيارة متوجها للمنزل دون إضافة حرف منه او منها ... وبعد القليل من الوقت وصلا للمنزل فحملها مرة اخرى بين احضانه لغرفته ووضعها علي الفراش بحنية مبالغ فيها بالنسبة لها .. ولكن هذه حنية طبيعية لدى البشر وبالنسبة لها فهي حنية مبالغ فيها ..
جلس أمامها وظل يتطلع لملامحها يتأملهم وكأنه لأول مرة يتأمل تلك الملامح .. لتقول هي بصوت ضعيف ( امم هـ هو في حاجة ولا أي ؟) هز رأسه بإيجابية .. ثم قال بصوت دافئ ( اه في هنتكلم دلوقتي عشان الموضوع مش عايز تأجيل .. الدكتور قال ان الي بيحصلك دا بسبب انك عندك الذبحة الصدرية ) نظرت له وهي تفتح عينيها بصدمة لصدق ما توقعته .. وما هي إلا دقائق حتي تحولت ملامحها لسخرية .. فقوص حاجبيه قائلا بإستنكار ( في إيه ؟) هزت رأسها يميناً ويسارا وهي تقول بهدوء ( مافيش بس انا اتوقعت ان انا هيكون عندي حاجة خطيرة ) همهم بتفكير ثم مال عليها يمسك يديها بين يديه الكبيرتين الباردتين قائلا ( لا مش حاجة خطيرة لو التزمنا باللي الدكتور قال عليه يا طيف .. عشان مش حياتك بس الي في خطر ) نظرت له للحظات تستوعب ما قاله فقالت بنبرة متسائلة ( افندم ؟) صمت قليلاً يتطلع لملامحها وقال بنبرة مستكينة ( انتي حامل !) شهقت بعنف وهي تضع يديها علي فمها ... ثم سحبت اليد الاخرى من بين يديه وهي ترتجف خوفاً .. ها هي الآن الكارثة الكبرى .. حملها .. سيغضب ويضربها الآن وقد يكون مصيرها هو الموت في تلك اللحظة .. تعلم جيداً ان قبل العاصفة هذا الهدوء الذي يحتل تيم .. تيم وما ادراك ما تيم وما يفعله .. هي تحفظه جيداً وتعلم ما سيفعله بها .. تراجعت بجسدها للخلف وهي تنظر داخل عينيه وقالت بنبرة مرتجفة وملامح خائفة ( بُص انا هاخد البيبي الي في بطني وامشي ومش هتعرف عننا اي حاجة عـ عشان انا عارفة انك مش عايزو .. سيبني امشي وانا مش هخليك تحس بينا ولا بأي مسئولية ) رفع حاجبيه ثم قال مجنحة تملئ المكان ( انتـي هبلـة .. انا مش هسيب ابني حتي لو كنت في الاول مش عايز حمل ولا عيال بس دلوقتي انتي حامل .. وانا معنديش حاجة اسمها العيل ينزل ولا يتربى بعيد عني انتي فاهمة ) ابتلعت غصتها بكلامه وهي تنظر لعينيه بخوف ثم قالت بنبرة مرتجفة غير واعية بما تقوله ( لا كتر خيرك .. اهو حسنة تعملها في حياتك تدخلك الجنة ..) لحظات صمت مرت عليهم وهو يتطلع إليها بهدوء بارد وهي بصدمة لما قالته .. يعلم وتعلم انها يخرج منها الكلام دون قصد .. فما بقلبها علي لسانها تمتم داخلياً قبل ان ينفجر في الضحك "غبـية" ! ظلت تطلع لانفراج شفتيه في الضحك وملامح وجهه الضاحكة وغمزتيه ... ياويلاه لتلك الغمزتين التي استوعبت انه لديه غمازة في خده .. عينيه المغمضتين بسبب ضحكه الشديد .. ابتسمت ببلاهه قائلة ( روح ياشيخ اللهي يعمر بيتك ) نظر لعينيها واختفت تلك الابتسامة فأختفت ابتسامتها تلقائيا معه قائلة ( اي مش عايزو يتعمر ؟!) انحنى عليها هامساً بخبث ( ومالو يتعمر .. ميتعمرش ليه بس اثبتي انتي وخليكي قد التعمير ) ثم قبلها قبلة رقيقة يطبع ملكيته عليها .. بينما هي كان جسدها يرتجف بين يديه تطلب العنان لانفاسها التي سرقها منها .. ابتعد وهمس متسائلا ( تتجوزيني ياطيف ؟!) ..........
.............................................................................................................................................................................................................................
16
- علي ونور -
اردت ملابسها وتجهزت للذهاب للشركة .. اليوم خطبتها من حبيب عمرها وطفولتها - علي - الشاب الذي لطالما تمنت ان يكون لها ومن نصيبها .. ذلك الشاب الذي احبها واحبته من قلبها ... اليوم سيجمعهم القدر ويخطبا .. سمعت جرس المنزل يرن فعلمت انه هو .. اتى ليوصلها للشركة ولعملها .. خرجت سريعاً وفتحت له الباب وعلي وجهها إبتسامة مشرقة تنير ذلك الوجه الملاكي .. وعندما رأها ابتسم ابتسامة جانبية يملؤها الحب قائلا ( صباح الورد الاخضر علي ابو عيون خضرا ) قهقهت بخجل وهي تخفض بصرها قائلة ( صباح الورد .. هجيب شنطتي عشان نمشي ) هز رأسه موافقا ثم قال بتساؤل ( اومال مامتك فين ؟) دلفت للداخل واتت بحقيبتها وهي تقول بصوت مرتفع نسبيا حتي يسمع ( نزلت السوق تشتري شوية حاجات ) همهم وهو يخرج هاتفه ينظر للساعة ثم ابتعد قليلا حتي تغلق باب الشقة وخرجا سوياً للسيارة وبدأ في القيادة قائلا ( اخبار الشغل اي ؟) ابتسمت قائلة ( كله فل الفل والشغل تمام ) تنهد ونظر إليها ثم امامه ( لو تسمعي كلامي وتقعدي من الشغل واهو كله ماشي ياستي ) هزت رأسها بنفي وقالت بشرود ( لا يا علي مينفعش .. انت عارف الديون الي على البيت وطلباتنا وكل دا لازم اشتغل عشانه ) هز رأسه بقلة حيلة ( انتي راسك بألف حديد مافيش فايدة فيكي ) قهقهت بخفة فأبتسم قائلا ( متتأخريش عشان خطوبتنا .. ويااادبلة الخطوووبة ) وقهقه في اخر حديثه بينما هي الاخرى ضحكت بخجل وتوردت وجنتيها قائلة ( حاضر مش هتأخر ) ابتسم لخجلها واوصلها وغادر لمقر عمله ..................
......................................................................................................................................................
- سليم وفرح -
** جلسا سوياً في احدى المقاهي .. بدأ الحديث متسائلا ( تشربي اي ؟) تنحنحت وهزت رأسها بنفي قائلة بنبرة خافت ( مش عايزة حاجة ، خلينا نتكلم احسن ) هز رأسه موافقاً قائلا بنبرة دافئة ( ماشي صلي عالنبي ) قاطعته قائلة بخفوت ( عليه افضل الصلاة والسلام ) اكمل بتلك الإبتسامة الدافئة ( انا عايز اتجوزك وقولت كدا قدامكم امبارح بس ماشاء الله انتي اغمي عليكي ) قالت بتساؤل ( عاوز تتجوزني ليه ؟ يعني انا لا قدك و لا مـ من مستواك !) مد يديه يمسك يديها قائلا بخفوت ( انتي مكنش بمزاجك تكوني كدا .. انا معجب بيكي يافرح وشاريكي ) تنهدت ونظرت ليديه التي تحتوي يديها ثم رفعت بصرها له فتحول نظرها منه لوراءه تتطلع بصدمة للشخص الذي خلفه وهي تهمس بصدمة ( احــمد ) .......................................................
- سليم وفرح -
** تنهدت ونظرت ليديه التي تحتوي يديها ثم رفعت بصرها له فتحول نظرها منه لوراءه تتطلع بصدمة للشخص الذي خلفه وهي تهمس بصدمة ( احـ ـمد ) ... قوص سليم حاجبيه وهو ينظر إليها ببلاهه من ذاك أحمد التي تهمس بإسمه .. التفت برأسه حيثما تنظر فوجد بعض الشباب الجالسين علي الطاولة التي خلفهم والمقابلين لفرح شابين يجلسان بجانب بعضهما .. خطر بباله " تُرى من منهما أحمد ؟" عاود النظر لها مرة اخرى وهو يهز يديها ليفيقها من تلك الصدمة التي وقعت بها .. نظرت له بفزع وهي ترمش عدة مرات بعينيها .. فـ إزداد استغرابه لتصرفها ثم قال بنبرة متسائلة ( مين أحمد دا ؟ ) صمت ثم عاود التساؤل بنبرة قلقة ( مالك وشك قلب اصفر كدا ليه ؟ انتي كويسة يافرح ) هزت رأسها بنفي ثم قالت بنبرة متعجلة ( لازم نمشي حالا من المكان دا .. أرجوك قوم خلينا نمشي ) امسك يديها كتثبيت مكانها حتي لا تتحرك ( مافيش روحة .. انتي هبلة يابنتي انتي قاعدة مع ظابط ) ثم اكمل بنبرة خشنة حادة ( فررح .. انتي مخبية عني اي ؟!) حاولت ان تبعد نظرها عن ذلك المدعو أحمد الذي لم ينتبه لوجودها بعض وهذا اكثر ما يريحها .. ثم قالت بنبرة خافتة لسليم وصوت منخفض متلبك ( انا مش عاوزاه يشوفني هتبقى مصيبة كبيرة ) صمت قليلاً وهو ينظر لها ببعض من التصديق ثم قام من مكانه ممسكا يديها مغادرين المكان وهي التفتت لتنظر اخر نظرة قبل الذهاب لاحمد لتجده ينظر لها بهدوء فأبعدت عينيها سريعاً لامامها بخـوف
وصلا لسيارته واجلسها بها وركب هو الآخر ثم نظر لها  قائلا بحدة ( ممكن افهم في اي ؟) تنحنحت بخجل قائلة بصوت منخفض ( الي كان جوا دا يبقى ابن عمي .. ابن عمي الي رماني انا واهلي في الشارع .. اشترك في الجريمة دي هو واهله !) ظل يتطلع إليها بحدة ممزوجة بهدوء .... اخذ نفسا ثم قال بتساؤل خشن ( وانتي خايفة تقابليه ليه ؟) نظرت امامها بشرود ثم له قائلة بنفي ( مافيش .. ملوش داعي انا بكرههم كلهم ) ضيق عينيه قائلا بنبرة تحذيرية ( بس كدا ولا في حاجة تانية يا فرح ؟) اكتفت بهز رأسها بنفي وابعدت نظرها عنه للجهه الاخرى وهي شاردة في تلك الذكريات التي تعتبرها سجن بالنسبة لها وهي مسجونة بها .. وتنتظر الإفراج علي احر من الجمر ولكنه لا يأتي .... بينما هو ظل ينظر إليها دون تحدث وكأنه يحاول ان يقرأ ملامحها فيعرف بماذا تفكر ولكنه فشل .. مد يديه يمسك يديها بين يده الدافئة قائلا ( فرح .. انا عايزك تنسي الماضي دا كله .. وابدأي حياة جديدة يافرح معايا .. خلينا نبدأ حياة جديدة !) لمعت عينيها بحزن وهي تنظر له ثم قالت بنبرة مختنقة ( انا مقدرش ابدأ معاك حياة جديدة وانا عندي ماضي المفروض تعرفه كله عشان لو حصل حاجة قدام متتصدمش !) أجابها بدفئ ( احكيلي يا فرح وانا هسمعك وهكون جنبك صدقيني ) ظلا يتبادلا النظرات للحظات بينما هي ابعدت نظرها عنه تنظر للخارج بصمت وشرود
تيم وطيف -
** رفعت بصرها تنظر له بصدمة .. أيطلب زواجها الآن .. للحظات ابتعدت بجسدها عنه وهي تنظر له بتساؤل .. كان تطلب منه الزواج ورفض ! والان ها هو يطلب .... من اجل من ؟ ابنه ؟ بينما هو قوص حاجبيه يحاول ان يقرأ تلك الصدمة البادية علي وجهها ليقول بخفوت ( في إيه ياطيف ؟) ظلت كما هي صامتة لتقول بعد نفس عميق بصوت حاد ( انا مش عايزة اتجوزك !) ضيق عينيه بإستغراب ثم بدا علي وجهه علامات الحدة ( يعني اي مش عايزة تتجوزيني .... مش انتي كنتي عايزة كدا من الاول ولا اي ؟) قامت من جواره وهي تقول بكل برود ( كُنت .. دلوقتي مش عايزة .. وان كان تغيرك تجاهي عشان ابنك الي في بطني .. فـ ألبس بقا انا هعمل الي انا عايزاه برضو عشان ابني ) نظر لها بصدمة وهو يقوم من مكانه متوجها ناحيتها .. هل هي تتمرد وتهدده بطفله ؟ هل هي الآن اصبحت القطة المتوحشة ؟ بدت علي ملامحه علامات الغضب ثم قال بحدة وصراخ ( فوقي كدا وركزي كويس انتي بتكلمي مين .. مش انا اللي يتقالي كدا يا روح امك فاهمة ؟) ابتلعت غصتها وها هي من تعلن الحرب وهو من سيفوز ولكنها تغلبت علي ذلك الخوف قائلة بحدة ( لا انا عارفة كويس انا بقول اي .. ولوو .. لو سمحت متقربش كدا ) اقترب اكثر وهو يقول بسخرية ( مقربش ليه ، الله مانتي علطول بتبقي متمردغة في حضني اشمعنا دلوقتي ؟) ابتلعت ريقها بازدراء وخوف ( مهو .. مهو كانن غصبب عنيي ) ارتفعت نبرة صوتها في اخر حديثها ليقترب اكثر محاصرا اياها علي الحائط قائلا بنبرة تحذيرية ( لحد هنا وكفاية يا طيف .. انا قولتلك كل الي عندي هنتجوز وان شاء الله عنك ما وافقتي .. انا بس هادي عشان مش عايزك تتعصبي عشانك قبل ما يكون عشان البيبي ) نظرت له قليلا ثم قالت بانفعال ( بنقول تور بيقولوا احلبوه ) امسكها من كتفها بحدة قائلا ( هو مين الي تور يا طـيـف ؟) رفرفت برموشها قليلا وهي تنظر داخل عينيه وكأنها تخبره بطريقة غير مباشرة انه هو الثور .. ولكن الآن الحرب ستنتهي وهي من ستخسرها .. رغم انها بدأتها بروح عالية .. اقترب منها اكثر بشكله المخيف ووضع يده خلف شعرها ممسكا اياه ولكن دون شده قائلا بحدة مخيفة ( خلينا ماشيين سوا كويس يا طيف .. هنتجوز وهعملك كل الي انتي عايزاه انتي تعبانة دلوقتي وتحت ضغط وانا هتخطى الي قولتيه لحد ما تبقي في وعيك كدا .. ماشي ) جذب شعرها برفق محذرا اياها فهزت رأسها بضعف وعينيها مدمعتين قائلة ( حـ.حاضر ) تركها وخرج من الغرفة يينما هي جلست قليلا تستوعب ما يحدث معها منذ الأمس .. فهي كانت بالامس تعرض عليه الزواج والآن هو .. من اجل ابنه .. ذهب تفكيرها انها عندما تلده سيرميها في الشوارع وسيأخذ منها ابنها وكل ما اعطاها .. فرت دمعة من عينيها بعد هذا التفكير الذي يقتُلها من الداخل ...
.................................................................................................................................................................................
3
** كانت في شركتها تؤدي عملها .. والإبتسامة تعلو وجهها بنفس راضية وسعيدة .. فهي اليوم ستُخطب لحب حياتها .. اتتها سكرتيرة المدير قائلة بهدوء ( نـور المدير عايزك بالتصاميم الجديدة بسرعة ) جمعت التصاميم وقالت بنبرة سريعة ( حاضر انا رايحة اهو ) أمسكت التصميم جيداً ووضعتهم في الملف وضمته لصدرها ثم ذهبت لمكتبه ودلفت وعلي وجهها إبتسامة خافتة وقالت ( مساء الخير ) رفع بصره ينظر إليها واراح ظهره قليلا علي الكرسي قائلا بابتسامة هادئة ( مساء النور ، تعالي يا نور اقعدي ) جلست علي الكرسي ومدت له التصاميم فأخذها وهو يتفحصها .. استغلت تلك اللحظة لتبدأ لتبادر بالحديث قائلة ( مسـتر تامر .. هو انا ممكن امشي النهاردة بدري شوية ) رفع بصره ونظر لها ثم وجه نظره للملف مرة اخرى قائلا ( اي العذر ؟) ابتسمت بحماس ثم قالت ( اصل النهاردة خطوبتي !) رفع بصره وملامح وجهه تحولت لصدمة نوعا ما ... او لنقول انها تحولت للاندهاش .. فقال بتساؤل هادئ ( هتتخطبي ؟) هزت رأسها اه والإبتسامة لا تفارق وجهها ثم قالت ( هتخطب من حب حياتي .. يعني هنعمل حاجة صغيرة كدا والفرح بإذن الله هيبقى كبير وهعزم حضرتك ) تكلمت بعفوية بينما هو يتابع ملامح وجهها وطريقتها بالتحدث ليقول بخفوت ( الف مبروك يا نـور .... اتبستطلك ) فجاوبته هي بخفة ( الله يبارك فيك وعقبال حضرتك ...) مد لها الملفات واكتفى بالايماء لها .. بينما هي اخذت الملف وقامت ( عن اذن حضرتك ) قال لها وهو يريح ظهره مرة اخرى ببرود ( ابقي امشي علي الساعة تلاته كدا ) اومئت قائلة ( متشكرة اوي ) ثم غادرت المكتب بينما هو ظل يتتبعها بعينيه وهي مغادرة حتي اختفت تماماً من امامه .. ها هي ستخطب .. تلك التي سرقت نظره وقلبه وروحه منذ اول نظرة رأها بها بالمكتب ... ولكن هي تقول انها ستتزوج من حب حياتها ... إذن هي تحبه منذ زمن ...... زفر بضيق ثم نادى سكرتيرته قائلا بحدة ( هاتيلي الcv بتاع الموظفة نور ) ( حاضر يابيه ) ثم خرجت من المكتب وبعدها بقليل اتت بما طلبه فأشار لها بالخروج من المكان واخذ الملف يقرأ اكثر عنها .. ثم اخذ التفت للاب توب خاصته وكتب اسمها في " الفيسبوك " وجد صورتها فدلف لصفحتها .. قلب بها ووقف عند صورة لها ولشاب .. ويوجد فوق الصورة قلب احمر .. يبدو انه حب حياتها .. وجد حسابه هو الاخر واخذ به لفه .. ثم تمتم بهدوء ( الظابط عـلي !) اغلق الاب توب وقرأ عنوانها من الملف ثم اراح ظهره وهو يفكر ...............................................................................................................................................................................................
- سليم وفرح -
** اوصلها امام البناية التي تسكن بها واخذ من الكرسي الخلفي للسيارة هاتف محمول جديد وفوقه خط .. ثم اعطاها اياها قائلا ( انتي اكيد محتاجة موبايل عشان لو حصل معاكي اي حاجة ، خليه معاكي .. وانا هستني ردك علي كلامنا بكرا .. مش هضغط عليكي خالص .. ورقمي متسجل عالفون ) نظرت للهاتف ثم له وقالت بنفي ( لا انا مقدرش اخد منك حاجة زي دي .. دا اكيد غالي وكلفك .. بجد مقدرش .. انا اسفة مش هقدر ) اجابها بنبرة سريعة ( بقيتي بتتكلمي كتير يافرح ... خدي الفون وانتي ساكتة ) ترددت قليلا ثم اخذت منه الهاتف وهي تقول بخفوت ( ماشي شكراً اوي يا سليم بيه ... انا هطلع بقا .. عن اذنك ) ثم ترجلت من السيارة تحت نظراته الهادئة ودلفت للبناية
.........................................................................................................
** وصل سليم للمنزل ووجد فارس وقمر ووالدته يجلسون .. ابتسم بخفوت لفارس و سلم عليه ثم نظر نظرة خاطفة حادة لقمر دون مخاطبتها وسلم أيضاً علي والدته جلس بجانب والدته ونظر لفارس بابتسامته الخافتة فبادر فارس بالحديث قائلا ( سليم انا عرفت الي حصل مع قمر .. وانا قابلت الواد الي هي متجوزاه دا امبارح .. هو واد بجح وو ... ) لم يكمل بسبب مقاطعة سليم له بخشونة ( وبتاع مخدرات ومشيه مش مظبوط ووسخ كمان .. وانا قولت كدا للست قمر بس هي مسمعتش كلامي رغم انها عارفة اني مش هكذب عليها او ابعدها عن الي بتحبه ) كان فارس يسمعه بهدوء ثم نظر لقمر فأخفضت بصرها ونظرت مرة اخرى لسليم وعلي وجهها علامات الشعور بالذنب قائلة بصوت منخفض ( كلنا بنغلط يا سليم .. يعني احنا مش ملايكة ) اجابها بحدة وصوت مرتفع نسبيا ( ولا انتي مجنونة او هبلة في دماغك عشان تصدقيه ومتصدقيش اخوكي ) قالت والدته محاولة تهدئته ( اهدا يا سليم .. احنا بنتكلم بهدوء يابني .. في الاول والاخر انت اكيد مش هتسمح ان اختك تعيش وتكمل مع واحد زي دا .. يابني طلقها منه وريحنا من الهم دا بقا واهي هي اتعلمت من غلطها ) ( النااس هتقول علينا اي .. بنتهم راحت اتجوزت من وراهم ... هي متعلمتش هي راجعة بتستخبى من غلطها ) قالها سليم بصوت مرتفع غاضب .. ثم قامت قمر من جوار فارس لجوار سليم وهي تمسك يديها قائلة بترجي ( سليم .. انت اكتر حد بيفهمني يا سليم .. وانا عندي استعداد اعمل الي انت عاوزه بس طلقني منه .. هعمل اي حاجة تطلبها عشان خاطري ياسليم ) كانت تبكي في حديثها وتشهق بين الكلمة والاخرى .. لم تجد منه ردا بل ابعد نظره عنها .. فقالت بنبرة مختنقة اكثر ( يعني برضو عايزاني ارجعله ؟) قام من جوارها ناظراً لفارس ( هي عرفت هتعمل اي يا فارس .. لا انا ولا انت هندخل في الموضوع دا دا غلطها وهي هتتحمل نتيجته هي مش صغيرة ) فقام فارس في مواجهته قائلا بحدة هو الاخر ( بس دي بنت .. دي اختك .. الي بتستند بيك وانت هتسيبها كدا .. انت مجنون ياسليم حصلك اي ياخي .. دي اختك دي لو راحتله ممكن يقتلها ولا يعمل فيها حاجة هتبقى مرتاح .. فتح عقلك والنبي ياصاحبي ) ظل ينظر له سليم ببرود وابعد نظره بعيداً ليقول فارس ببرود هو الآخر ( انا هتجوزها ياسليم بعد ما تطلق .. انا بحب قمر وعايزها وشاريها ) نظر سليم له بهدوء بينما والدتهم السيدة " نورهان " نظرت لفارس بصدمة ( انت بتقول اي يافارس ؟) نظر فارس لها قائلا بخفوت ( انا عارف ان دا مش وقته يا طنط بس انا لازم اقول كدا من دلوقتي .. وسليم لو مساعدنيش اني اطلقها انا هروح اعمل اللازم واطلقها !) اقتربت قمر منهم وهي تقول بإختناق ( انا هرجعله ياسليم زي ما انت عاوز واتحمل غلطي ... بس انا عمري ما تخيلت انك تعمل معايا كدا .. عمري ما تخيلت اني لما اقع في حفرة انت مش هتمدلي ايدك وتطلعني منها .. عمري ما تخيلت انك تتخلى عني بالسهولة دي عشان غلطة ارتكبتها في حياتي واديني بتحاسب عليها .. ) نظرت لفارس بقهر الذي يبادلها نظراته بحدة ليقول ( مش هترجعيلو يا قمرر .. مافيش رجعة ) كادت ان تتحدث فسمعت صوت صراخه خارج المنزل .. تشنج جسدها بخوف ودون إرادة منها أمسكت بذراع سليم وهي تقول بخوف ( متخليهوش ياخدني ياسليم بالله عليك ) ابتلع سليم غصته ورأي ادهم يدلف للمنزل وخلفه البواب وهو يقول ( يباشا الشب دا دخل غصب عننا ومش راضي يقول حاجة ) هز سليم رأسه للبواب فخرج ثم نظر لادهم بحدة ( خيير ؟) فقال ادهم بصوت مرتفع ( جاي ارجع الهانم .. اختك الي بطحتني في راسي وهربت ) وقفت قمر خلف سليم ممسكة بملابسه بخوف .. فقال سليم بحدة ( حقك ترجع تاخدها .. مهي مراتك ) صُدم الجميع من كلام سليم بينما ادهم ابتسم بخبث وسخرية .. عاود سليم التحدث بغضب ( بس مش من اللحظة دي .. لانك هتطلقها حالا ) اقترب ادهم بغضب وهو يقول ( انا مش مطلق حد انا عايز مراتي والا هروح ارفع عليكو قضية اقول انكو واخدين مني مراتي غصب .. ) ربع سليم يديه امام صدره قائلا بسخرية ( هتبقى فتحت علي نفسك باب الجحيم .. بأنك تتطلقها و تتحبس بتهمة متاجرة المخدرات ) نظر له ادهم بصدمة فقال سليم بغضب ممزوج بالقرف تجاه ادهم ( فكرك اني نايم علي وداني ياروح اهلك ومش عارف انت بتعمل اي يالاا .. دانا دارسك ومستني اللحظة الي هاجي اخدك فيها من قفاك للسجن ) عم الصمت المكان .. قمر فرحة بسبب قرار اخيها .. وفارس ينظر لادهم بغضب والسيدة نورهان فرحت ايضا بقرار ابنها ممزوج شعورها بالقرف تجاه ادهم .. وما هي الا لحظات حتي قال ادهم ( وان مطلقتهاش ؟) فقال سليم بحدة واصرار ( هتطلقها ) نظر ادهم لقمر خلف اخاها ليقول بسخرية وتهديد ( استخبي حلو ورا اخوكي وعيلتك ياقمر .. انا هوريكي ) اقترب منه فارس بحدة وامسكه من ياقة ملابسه قائلا ( اتكل علي الله احسنلك يلاا ) ودفعه بقوة فنظر له ادهم بغضب وغادر المكان .. تحت نظرات الجميع الغاضبة .. ونظرات قمر الخائفة .. التفت سليم لها ينظر لها بهدوء ثم نظر لفارس واولاهم ظهره صاعدا لغرفته
.................................................................................................................................................................................
ليث وحنين
** كانت حنين في المشتل .. تعتني بالورد وقاطع ابتسامتها وشرودها مع جمال الورد حين سمعت هاتفها يرن .. من رقم مجهول للمرة آلاف ربما وقالت بضيق قبل ان تجيب ( انت زودتها اوي اوف ) نفخت بعبوس ثم ردت وهي تزفر (الو مين معايا؟) اتاها صوته الرجولي (عمال ارن من الصبح مابترديش ليه ياقطتي ؟) عبست حنين حين سمعت صوته شعرت انه مألوف بل كانت متأكدة أيضا انه صوت ليث وتأكدت اكثر حينما لقبها بذلك اللقب الذي يليق علي عينيها ، زفرت مرة أخرى ثم أجابت وهي تتصنع الغباء (مين معايا ؟ ) تصنع ليث الدهشة بصوته ثم قال(انت معرفتنيش؟ اخص عليكي يلا مش مشكلة هقولك ياقطتي ... انا ليث ) عبست حنين بقرف ولكن تحولت ملامحها في ثوانٍ إلي تساؤل (انت عايز ايه ؟ لحظة انت جبت رقمي منين ؟ ) أجاب ليث ضاحكا بضحكته اللعوبة(طب واحدة واحدة ياحلوة اهدي كدا مالك؟ الله ! ) ظلت حنين صامتة و وجها عابس فقال مجدداً بخبث (روحتي فين؟ القط اكل لسانك؟... طب على فكرة اللون الأزرق حلو عليكي اوي البسيه دايماً )
شهقت حنين و نظرت لملابسها ثم حولها قائلة بتساؤل (انت ايه عرفك اصلا اني لابسة ازرق ) ثم قالت بكذب ( ... انا مش لابسة ازرق ... و قولي جبت رقمي ازاي انطق و بلاش كلام مالوش لازمة معايا) ضحك ليث ليزيد غضبها و تابع كلامه بسخرية (لا لابسة ازرق ) ثم قال بنبرة لعوبة خشنه ( و بطلي تبصي يمين و شمال الناس هتشك فيكي ويقولو عليكي هبلة وانا مرضاش لمؤاخذة يعني ) ثم اردف بجدية (... اسمعي بس انا مش بهزر انا بتكلم جد انت حلوة و كل يوم بتزيدي حلاوة ) كتم ضحكته بين شفتيه ينتظر ردة فعلها .. وكأنها بركان كادت ان تنفجر قائلة بغضب (ما تتلم بقا احسن ما اقول لفارس وبعدين انت شايفني ازاي ) واكملت بسخرية (انت بتراقبني مثلا ولا حاطت كاميرات .... و رقمي جبتو ازاي انطقق بقا مش هفضل أسألك السؤال دا كتير  ) فأجابها بهدوء (طب بس اهدي كدا ) ثم اكمل بنبرة تستفزها ( وخليكي كيوت بلاش تخرمشي ) فـ أجابته حنين بنبرة غاضبة (انت بجد لا تُطاق انت واحد مهزأ ) لم تسمع رداً فـ زفرت للمرة الألف واغلقت الخط بوجهه واستدارت لتغادر فرأت شخص خلفها و كادت ان تصطدم به ولكنها توقفت سريعاً .. رفعت بصرها تنظر له فلم يكن سواه ليث .....  فشهقت برعب .. كيف كان الآن معها على الهاتف وها هو الان امامها عادت خطوتين للخلف ليشير لها بيديه " هاي " وكان علي وجه ابتسامة مستفزة واكمل مجيبا (اخدته من موبايل فارس يا حلوة) نظرت له بعصبية بالغة و بدت حقا بالقطة المفترسة ... ولكن قاطع خرشمتها قوله بجدية ( في موضوع مهم عاوز نتكلم فيه بدون الهبل الي بتعمليه دا ...)
..................................
علي ونور
2
** اتى المساء وتجهز علي ورفقته سليم .. وتجهزت نور أيضاً وجوارها والدتها الحبيبة .. خرجت نور من الغرفة ترتدي فستانها الازرق السماوي .. الذي يزينها زينة فوق زينتها الربانية .. نظر لها علي بعشق .. ذلك الشاب الذي وقع في غرامها .. يحبها منذ صغره وصغرها .. مُتيم بها لابعد حد .. لا يفكر بذلك اليوم الذي سيخسرها فيه ابدا ..يتمني ان يجعل الله يومه قبل يومها .. اقترب منها وهو يمسك يديها برقة قائلا بحب ( اللهم صلي عالنبي .. دا اي الحلاوة دي ياعروستي ) تنحنحت بخجل ثم اخفضت نظرها قائلة بصوت دافئ ( دا حلا عيونك ياحبيبي ) قهقه بحب فتقدم سليم منهم قائلا بابتسامة ( الف مبروك وعقبال الليلة الكبيرة .. طبعا انا مش هقولك واوصيكي على علي .. عشان انتي عرفاه كويس وادرى بيه ) ابتسمت بخفوت قائلة ( متشكرة اوي يا سليم باشا .. وعقبال حضرتك ) ابتسم لها بخفوت واخرجت والدة نور الخواتم واخذها علي بنفس سعيدة .. وكأنه يطير في السماء من فرحته .. كان بعض الجيران يحضرون تلك الخطبة البسيطة .. واثناء تلبيس علي الخاتم لها اتى صوت خشن رجولي من ناحية الجيران قائلا ( نــور )
** عاد سليم الي منزله بعد حضوره لخطبة صديقه العزيز - علي - دلف للمنزل وهو يتذكر احداث تلك الخطبة فأبتسم بسخرية وهز رأسه يميناً ويسارا .. قطع حبل تفكيره عندما رأي اخته " قمر " جالسة علي الاريكة .. تضم ركبتيها لها وتستند علي الوسائد .. تبدو مرهقة ومتعبة .. تبدو وكأنها تحمل ثُقل الدنيا فوق رأسها .. ياللاسف عليك يا سليم .. تترك اختك هكذا دون مساعدة .. تنهد داخلياً وهو يتجه لها ويجلس جوارها ( قمر .. حبيبتي انتي كويسة ؟) رفعت بصرها سريعاً تنظر له .. ثم اعتدلت في جلستها وهي تطلع إليه بـ لهفة قائلة ( سليم انت جيت ... انا كنت مستنياك من بدري عشان عاوزة اتكلم معاك ) أغمض عينيه بتنهيدة ثم فتحهما مرة اخرى وهو يعتدل في جلسته قائلا ( اتفضلي انا سامعك ) ابتسمت إبتسامة صغيرة للغاية قائلة بنبرة دافئة ( انا اسفة اوي ياسليم .. انا غلطت كتير اوي انا بجد بتمنى اني للحظة كنت فكرت قبل ما اخطو الخطوة دي .. انا بس عماني ادهم بحبي له وكلامه ليا .. كل دول مكنتش اعرف انه طمعان فيا وانه مش كويس كدا .. ) صمتت قليلاً وبدأت عينيها تلمع كاللؤلؤ قائلة بنبرة شبه باكية ( حبيبي انا اسفة ان علاقتنا بتتدهور بسببي .. ارجوك سامحني انت شايف اني بتعاقب اهو .. انا بتعاقب اكتر عقاب اني اتجوزته واني صدقته في كلامه .. انا بتعاقب اني مسمعتش منك واديني بخسرك ) هبطت دموعها بألم قائلة ( ارجوك متبعدنيش عنك ورجعنا زي زمان صحاب قبل مانكون اخوات .. تجيلي وقت شدتك واجيلك وقت شدتي .. عشان خاطري ) رفعت يديها تمسح دموعها .. بينما يخرج من فمها شهقات متتالية متألمة .. كان ينظر لها بحزن لحال اخته .. تلك عصفورته الصغيرة التي يخاف عليها من الهواء .. قمره الذي ينير حياته هي ووالدته .. هما اهم اثنين في حياته .. مد يديه لكتفها يجذبها لاحضانه .. يطبطب عليها ويهدئها ... ثم قال بنبرة خافتة ( كفاية عياط ياقمري .. وبإذن الله كل حاجة هتتحل ياحبيبتي .. انا عمري ماهسيبك انا الوقت دا كنت متعصب بس .. انتي عارفة انتي عندي اي يا قمر انتي اغلي حاجة عندي انتي وماما ) ظلت متمسكة باحضانه وهي تبكي بقوة قائلة من بين شهقاتها ( انا اسفة .. سامحني ارجوك سامحني ) هز رأسه بإيجابية وهو يمسد علي شعرها بحنية ( انا مسامحك .. خلاص كفاية عياط ) ثم ابعدها عنه وهو يمسح دموعها واقترب يقبل مقدمة رأسها قائلا بخفوت ( حصل خير .. ربنا يجيب الي فيه الخير يارب .. بس عايز أسألك سؤال ) مسحت بقية دموعها وهي تقول بتلك النبرة الباكية ( تسألني علي اى ؟) همهم قليلا ثم قال بعد ان اخذ نفسا عميقا ( فارس ؟؟ انتي بتحبيه وعاوزاه ؟؟؟؟) نظرت له قليلا بشرود ثم قالت ( فارس .. شخص كويس وانا بحترمه وانت عارف اننا متربين مع بعض .. وهو زي ما قال بيحبني وبيقدرني .. ليه ارفض ؟) مد سليم يديه يمسك يديها بحنية قائلاً ( عشان ياحبيبتي انتي مبتحبيهوش .. انتي هتعرفي تعيشي مع واحد مبتحبيهوش .. كنتي بتعتبريه زي اخوكي .. هتتجوزيه ازاي ؟) نظرت له قليلا تستوعب ما قاله ثم ابعدت نظرها تنظر في اللاشيء بشرود وهي تقول ( مش عارفة .. بس يمكن او جايز احبه ) وجهت نظرها لسليم الذي يتابع ملامحها بهدوء .. ثم قالت ( خلينا نسيب الموضوع دا لوقته .. يعني لسه إجراءات طلاق وعدة لسه بدري اوي ) ( امم معاكي حق .. خلينا نسيبه لوقته بس لو مالوش حاجة بلاش تعلقي فارس بيكي .. عشان يبقى احسن يشوف حياته ويحب ويتحب ويتجوز ) قال وهو ينظر لها بحنية مع نبرته الحنونة .. فهزت هي رأسها بتفاهم
...................................................................................................................................................................................
- نور وعلي -
** ( يعني اي مديرك يجي وانتي مش عزماه .. وبعدين شركة اي دي ان شاء الله الي مديرها يجيلك لحد عندك في البيت عشان يباركلك .. احنا هنستعبط يا نــور ) قال علي بصراخ مفرط .. انه يغار عليها ومن حقه .. كيف لمديرها ان يأتي للبيت هكذا دون معاد او حتى عزومة منها .. ردت عليه هي الاخرى بنبرة غاضبة ( معرفش وبعدين انت بتزعق ليه دلوقتي ... انا معرفش اي الي جابه انا اتفاجئت زي زيك كدا .. هو جه يبارك عشان انا قولتله وبعدين الراجل معملش حاجة جاب هدايا وجه يبارك ومشي ) قام علي من مكانه وهو يقول بغضب وصوت مرتفع ( لا لا كتر خيره انا بقا كدا اروح ابوسه علي راسه .. انا في حياتي مشفتش مدير شركة كبيرة بيجي لموظفة عنده بالشكل دا وبدون معاااد ) وقفت هي الاخرى امامه قائلة بهدوء وبنبرة خافتة تملؤها الحيرة ( انت مبتثقش فيا يا علي !؟) ثم بدا الغضب عليها لتقول بعصبية ( وبعدين بقا مش حقك انك تتكلم معايا بالاسلوب دا .. والراجل جه سلم وبارك ومشي ) كاد ان يتحدث لتقول والدتها بصوت عالي ( خلاص بقا صلوا عالنبي .. في اي هتلموا علينا الجيران .. انتو الاتنين غلطانين محدش فيكو ملاك والتاني شيطان .. المواضيع دي بتتحل بالهداوة .. ومظنش هتقدرو دلوقتي تحلوها ) نظر لها علي بتأييد رأي وهو ينظر لنور وهو يتوعد قائلا ( معاكي حق .. بس ماشي يانور نتكلم لما نهدا .. انا مااشي ) ثم اولاهم ظهره وغادر المكان بغضبه وجحيمه وغيرته عليها .. بينما نور ارتمت على الأريكة بأرهاق وهي تزفر بضيق .. ثم نظرت جوارها للهدية المغلفة وداخلها الشوكولاته .. وباقة الورد الحمراء .. تلك كانت هدية " تامر " كـ مباركة للخطبة .. وتلك كانت طريقة فعالة لتشعل غيرة علي
- تيم وطيف -
** في صباح يوم جديد ..  ذلك اليوم من تلك الأيام الثقيلة، التي تفكر في نهايتها منذ ساعات الصباح الأولى ..
كانت طيف تقف في المطبخ تعد الشطائر المفضلة لها .. والتي ستكون مفضلة لطفلها .. وضعت يديها علي بطنها وهي تتذكر عندما اخبرها تيم انها حامل ، عندما اخبرها انها تحمل طفله في احشائها ... الطفل الذي لا تعلم مصيره عندما يأتي .. لا يعلم كيف اتى .. فهو اتى بعلاقة غير شرعية .. ذلك سيؤثر عليه بالتأكيد فيما بعد .. مشاعره وحياته .. تنهدت بعمق واخذت نفسا عميقا تخرج به ما بداخلها .. عندما شمت رائحته تقترب منها جلست علي الكرسي الموجود في المطبخ ووضعت امامها الشطائر علي الطاولة وامسكت شطيرة تأكل بها بلا اهتمام .. رفعت بصرها تنظر له فوجدته يقف وينظر لها بتهكم فأتسعت ابتسامتها الصفراء بملئ فمها بالطعام .. فرفع حاجبيه ثم اخذ نفسا عميقا قائلا ( صباح الخير !) ردت باختصار ( صباح النور ) ثم اضافت بطريقة غير مهتمة ( انا معنتش هروح الشغل .. هفضل قاعدة هنا ارتاح عشان الدكتور كاتبلي ان انا متحركش ) رفع حاجبيه بثقة وهو يقترب منها ثم قال بخفوت خبيث ( طب منا عارف .. ولا انتي بتحبي تضيفي الـ touch بتاعك .. ولا ) ثم مال علي اذنيها يقول مداعبا اياها بانفاسه ( تحبي اقعد معاكي انا كمان !؟) ابتعدت قليلا للوراء وهي تتنحنح قائلة بتلبك ( ل.لا مقصدش كدا ولو سمحت ..يعني بطل قلة ادب شوية !) عاد بوجهه امام وجهها وهو ينظر اليها باندهاش ساخر .. نظرت لعينيه المفتوحتين وفمه المبتسم ابتسامة جانبية لعوبة .. لتقول بتهكم عابس ( اه لو سمحت .. وو وابعد كدا شوية عشان الهوا .. انت واقف في وش الهوا ) ابعدت نظرها عنه بتلبك ثم رفعت يديها امام فمها وهي تقضم في اصابعها بتلبك .. فأبتسم هو بخفوت ثم مال يقبلها علي خدها برقة قائلا ( اتظبطي معايا عشان مندمكيش علي اللحظات الي بتعمليها دي يا طيـفي .. ) ثم اعتدل في وقفته قائلا بجدية ( انا ماشي عالشغل .. الساعه سبعة تكوني جاهزة عشان هنطلع نتعشى سوا برا ماشي ؟) هزت رأسها موافقة علي حديثه بتردد فهز رأسه بهدوء ثم قال ( يلا سلام ) ثم غادر المكان تحت انظارها المترقبه .. وعندما خرج من المنزل اخذت نفساً عميقا مُرتاحا وكٱنه كان يسجنها .. بل انه واقع هو بالفعل يسجنها .. سجن يمكنها الخروج منه في اي وقت والهروب .. ولكن شئ ما يقيدها جواره
..........................................................................................................................................................................................
3
** كانت تجلس وتعبث في هاتفها الجديد .. ذلك الهاتف الذي قدمه لها سليم بالأمس منتظراً منها ردا علي زواجهم .. تركت الهاتف جانباً ثم قامت من مكانها لجوار والدتها قائلة ( ماما .. عايزة اكلمك في حاجة مهمة ؟) نظرت لها سارة باهتمام لتقول بنبرة تشبه ملامحها المهتمة ( اي يابنتي في اي ؟) اخذت فرح نفسا عميقا ثم قالت بشرود ( سليم .. سليم منتظر مني رد النهاردة علي موضوع جوازنا .. وانا خايفة اوي يا ماما .. مش عايزة اسيبكم وفي نفس الوقت خايفة حاجة تحصل ومكنش معاكم فيها .. وسليم .. سليم شخص كويس اوي يا أمي وانا بحترمه جدا ومش هلاقي حد زيه كدا لو لفيت الدنيا كلها ) تنهدت والدتها ثم رفعت يديها تمسد علي شعر ابنتها بحنان قائلة ( انا عارفة يابنتي انك مش هتلاقي زي سليم .. وانا يافرح مش عايزة احرمك من انك تعيشي زي اي بنت اتعلمت واتجوزت وفتحت بيت وجابت عيال .. انتي تستحقي تكوني كدا يابنتي .. وسليم بيفكرني بابوكي الله يرحمه في طيبته وجدعته .. مش هتلاقي زيه وهو باين عليه معجب بيكي ) هزت فرح رأسها مؤيدة كلام والدتها بتنهيدة عميقة ثم اكملت ( دا كفاية انه دخل كمان كريم وحور المدرسة .. عمل الي معملوش اهلنا و ..) صمتت قليلا وهي تنظر لوالدتها بترقب ثم احتل الخوف ملامحها قائلة بنبرة خافتة ( ماما .. انا .. انا شوفت احمد امبارح وانا مع سليم .. مظنش انه شافني بس انا شوفته وش لوش ) فتحت سارة عينيها بصدمة ثم وضعت يديها علي فمها بخوف وهي تقول ( هو بيعمل اي هنا طيب داحنا ما صدقنا هربنا منهم دول مكنوش سايبينا في حالنا واحنا في القاهرة ... جه ورانا اسكندرية ) هزت فرح رأسها بحيرة وهي تقول ( باين جاي شغل .. بس يارب منشوفوش تاني ولا ياخد باله مننا !) ظلت جالسة بجانب والدتها تفكر كل منهما في ما سيحدث بحياتهم .. تلك العائلة الصغيرة التي تشردت في الشوارع بدون رجل .. قطع حبل تفكيرهم قدوم كريم وحور من المدرسة ..
جلس كريم امام سارة وهو يقول بحماس ( ماما انا لقيت شغل في ورشة نجارة هنا قريبة .. اي رأيك انزل اشتغل فيها ) نظرت له فرح باستغراب ( شغل؟ بس انت ايام مدرسة ياحبيبي استنى للاجازة !) هز كريم رأسه بنفي ( انا مش صغير عشان استنى للاجازة انا في تالتة اعدادي .. هشتغل بعد المدرسة وهبقى ارجع بليل اذاكر ) عبست فرح وهي تقول ( لا يا كريم انت شهادة .. انت لسه قايلها بنفسك انا في تالتة اعدادي لازم تذاكر واهو ربنا ساترها معانا ) قاطعتهم سارة وهي تتحدث بهدوء ( يابني اختك كلامها صح خلي بالك من مذاكرتك !) أصر كريم علي رأيه وهو يهز رأسه بنفي ( لا انا عايز اشتغل وهذاكر برضو .. ) قال فرح بتساؤل ( طب هي فين الورشة دي ؟) اجابها كريم ( جنب المدرسة وقريبة من البيت ) همهمت فرح بتفكير ثم نظرت لحور العابسة .. مدت يديها تجذبها لاحضانها قائلة ( مالك يا حوريتي زعلانة كدا ليه ؟) احتضنتها حور وهي تقول بحزن طفولي ( كل صحابي في المدرسة بيتريقوا علي هدومي يا فرح .. عشان انا هدومي شكلها وحش وبصي كل هدومي مقطوعة ) هبطت دموع حور بقهر علي مظهرها امام زملائها .. نظرت فرح لوالدتها بحزن ثم مسدت علي شعر حور بحنان ( متزعليش يا روحي .. اوعدك هشتريلك هدوم جميلة قريب جدا ) مسحت فرح دموع حور وقبلتها علي رأسها بحنان ثم قالت والدتها سارة ( خلاص ياحور يا حبيبتي كفاية عياط ) هزت حور رأسها وهي تمسح دموعها بكف يديها الصغير .. حور ذات العشر سنوات .. تلك المظلومة منذ والدتها بسبب ظروف اهلها .. ظلت فرح تهدأها ثم امسكت الهاتف وهي ترسل لسليم رسالة واحدة تحتوي علي " عايزة نتقابل النهاردة عشان احكيلك علي حاجات كتير لو عايزنا نبدأ صح " وصلتها رسالة منه بعد عدة دقائق قائلا بها " هخلص شغل واكلمك تجهزي وهاجيلك " قرأت الرسالة وجلست تفكر ...........................................................................................................................................................................................
- ليث وحنين -
** وأخيراً بعد تحايلات منه لموافقتها ليجلسا في كافية .. نظر له بتهكم ( منك لله ياشيخة بقى انا ليث اتحايل علي بنت من امبارح للنهاردة عشان نتقابل دي محصلتش في تاريخ البشرية ) نظرت له بتهديد وكادت ان تقوم من مكانها قائلة ( بقولك اي والله همشي ) امسك يديها سريعاً قائلا بتلبك متصنع وبعض القرف علي وجهه .. وأيضا يضيق عينيه بعبوس ( خلاص انا اسف اقعدي بقا ) رفعت رأسها بتفاخر وهي تقول ( انا مش اي حد برضو .. المهم انجز عايز تقولي اي ؟) نظر لها قليلا بازدراء وهو يضيق عينيه ( وانا الي بقول عليكي راقية وكانت عايشة في بلاد خواجات .. طلعتي اكتر شرشوحة شوفتها ) كادت ان تتحدث ولكنه قاطعة بنبرة لعوبة ( بس ميضرش يعجبني القطط الي زيك !) ابتلعت ريقها وابعدت نظرها عنه تتحاشى النظر له حتي لا يرى خجلها ..فأبتسم هو بحب لصغيرته المشاكسة تلك .. ثم قال بجدية ( حنين انا بجد عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم .. قولت أبدأ معاكي قبل ما اخطو الخطوة دي مع فارس واهلك !) نظرت له باستغراب وهي تقوص حاجبيها .. ليبدأ هو بالحديث ( بصي يا حنين انا يتيم الاب والام وعشت مع اخويا الكبير وهو الي اسس الشركة الي انا ماسكها دلوقتي .. هو الي رباني وكبرني وعلمني .. كان ابويا التاني في الحياة .. اتجوز وخلف ومراته كانت اكتر من اخت ليا .. كانت معايا في مشاكلي وبتساعدني اكتر من اخويا كمان .. لحد ما جه اليوم الي ربنا خدهم مني زي ماخد ابويا وامي .. خده هو ومراته في حادثة .. وفضلتلي ماريا ) اخفض بصره يتحاشى النظر لها حتي لا ترى الدموع في عينيه فمدت يديها تضعها فوق يده وهي تضغط عليه وكأنها تصبره وتمد له الطاقة فأبتسم بخفوت ثم قال ( ماريا كبرت معايا وهي عارفة امها وابوها الحقيقين مين .. بس هي بتناديلي بابا وانا عمري ما منعتها تناديني كدا .. عشان هي بنتي بجد وانا الي مربيها .. وعمري ما فكرت في جواز طول ما هي معايا عشان انا كنت خايف عليها قبلي .. كنت خايف الي اتجوزها متعاملهاش كويس وتظلمها وانا اظلمها .. انا مش عايز كدا يا حنين ) كان ينظر لها وبعينيه نظرة حزن ثم قال بتردد ( اول ما شوفتك كل كياني اتغير .. حسيت انك انتي الإنسانة الي انا عاوزاها رغم الي بيحصل بينا وشغل توم وجيري دا .. بس انا بجد محتاج وجودك في حياتي ... واتأكدت من دا في اليوم الي سبت فيه ماريا عندك وصحيت تاني يوم مكنش على لسانها غيرك .. وقد اي كنتي كويسة معاها وحنونة اوي معاها ... وقتها انا قررت اني اتجرأ واطلب منك الطلب دا .. انا عايز اتجوزك ياحنين .. تتجوزيني ؟) قلب وجها الوان الطيف جميعاً .. هو يطلب يديها .. توترت وبدأ قلبها بالنبض بقوة .. كاد ان يخرج من قفصها الصدري .. ابتلعت غصتها بتوتر ظلت تجول في المكان بعينيها ... تنظر هنا وهناك ولكنها لم تنظر في عينيه إطلاقا .. بينما هو ظل ينظر لها ويحاول أن يقرأ ماذا تقول ملامحها .. ظلا علي هذا الحال قرابة الدقيقتين حتي قال ليث بهدوء ( انا هسيبك تفكري يومين تلاته اسبوع .. فكري زي ماتفكري بس عاوز جواب بـ اه او لا .. ارجوكِ فكري كويس يا حنينـي ) نظر لعينيه للحظة .. يناديها حنيني ! .. ابتلعت غصتها بخفوت ثم قالت بنبرة شبه مسموعة ( مـ.مـاشي .. سيبني افكر !) هز رأسه بتأييد وظل ينظر لها بحب .. وهو يتمني ان توافق ...
.............................................................................................................................................................................
- علي ونور -
** ذهبت الي الشركة في تاكسي .. ولم تتحدث معه اليوم .. كانت تضع عليه كل الحق .. ترى انها مديرها " تامر " لم يقترف خطأً بالأمس .. بل اتى ليبارك .. بينما "علي" غضب وتشاجر معها بسبب تلك الفجعة بالنسبة له .. دلفت مكتبها وبدأت بالعمل .. رن هاتفها بإسم علي فنظرت للهاتف بضيق ووضعته صامت .. منذ الصباح وهو يرن وهي لا ترد وبلا جدوى .. وصل لهاتفها رسالة منه ففتحتها لتجد محتواها ' ماشي يا نور مترديش عليا كويس بس خليكي عارفة انك انتي الي بدأتي .. انا رنيت عليكي ولا ٥٠ مرة .. ودا كل الي عندي ' زفرت بضيق وهي ترمي الهاتف امامها على المكتب ... تكره غضبه وعصبيته ... هل غيرته هذه عدم ثقة ؟ ذلك ما فكرت به وهي شاردة .. حتي قطع حبل تفكيرها طرق خفيف على باب مكتبها فرفعت رأسها لتجد بعدها تامر يدلف للمكتب مع إبتسامته الساحرة تلك .. ابتسمت هي الاخرى تلقائيا ثم وقفت مكانها وهي تقول بخفوت ( مستر تامر .. اهلا وسهلا اتفضل اتفضل ) جلس تامر علي الكرسي امامها فجلست هي الأخرى ليقول هو بدفئ ( اولا صباح الخير .. ثانيا انا جيت اعتذر عن الي حصل امبارح .. امبارح جيتي في بالي وافتكرت انه خطوبتك قولت اجي اباركلك وامشي بسرعة .. بس يعني انا حسيت ان خطيبك زعل واضايق ) هزت رأسها بنفي وهي تقول بابتسامة ( ابدا ابدا دا اتبسط ان حضرتك شرفتنا امبارح ... واتصدمنا كلنا انك وسليم بيه صحاب ) هز رأسه بإيجابية وهو يقول بضحكة صغيرة ( اه احنا صحاب .. كان حصل كذا مشكلة في بداية شغلي وهو الي وقف جنبي !) همهمت بتفهم ثم قالت ( كويس .. مافيش داعي تعتذر تاني يا مستر تامر انا اساسا اتبسطت اوي لما حضرتك جيت ) ثم اكملت بتساؤل ( بس هو حضرتك عرفت عنوان بيتي منين ؟) اجابها باختصار ( من الcv بتاعك ) ثم اكمل بابتسامة ( خلصي شغلك ولما يجي معاد الغدا ابقي تعالي لمكتبي قبل ما تنزلي البوفية ) تنحنحت بهدوء ثم هزت رأسها بإيجاب قائلة ( حاضر ) ابتسم ابتسامة هادئة ثم غادر مكتبها تحت مراقبتها له ولطفه معها ....
.............................................................................................................................................................................
- فارس وقمر -
** كانت تتحدث معه بالهاتف وهي ترتدي حذاءها قائلة ( انا طالعة اهو يا فارس وجاية ) اجابها فارس ( ماشي هستناكي في الكافية .. متتأخريش ) ( حاضر حاضر مش هتأخر ) ثم ودعت والدتها وغادرت المكان .. خرجت في تاكسي وجدته سريعاً امام بيتهم وقالت له عنوان الكافية .. ثم ظلت تعبث في هاتفها لقليل من الوقت .. رفعت بصرها تنظر للطريق فوجدت انهم في طريق غير طريق الكافية فنظرت للسائق قائلة بتساؤل ( اومال احنا فين .. دا مش طريق الكافية !) اجابها السائق بنبرة مهدئة ( اهدي يا انسة اصل الطريق التاني زحمة .. فدخلت من دا مختصر يعني ) همهمت بتفاهم ولكن داخلها قلق ففتحت تسجيل صوتي في المحادثة بينها وبين فارس دون الارسال فقط تسجل حتى تصل له .. وما هي الا لحظات حتي وجدت السائق يقف في مكان خالي من البشر فقالت بخوف ( انت وقفت ليه !) لم تجد سوى ادهم يفتح باب السيارة لتصرخ بخوف ( ادهم ؟؟؟؟؟؟) ثم ارسلت الرسالة لفارس واغلقت الهاتف سريعاً وهي تنظر لادهم بخوف فجذبها من شعرها ورمى كل اغراضها في الأرض ( جحيمك الاسود ... انزلي ياروح امك ) صرخت بعنف وهي تصرخ ( حدد يساعدني .. ابعد عني يا ادهم ابعد عني ) لم تجد سوى صفعة تسقط علي وجها بقوة .. بعد ذلك بدأت ترى ضباب أمامها حتي وقعت مغشية عليها .............
.............................................................................................................................................................................
- سليم وفرح -
** وصل لمنزلها وجلسا سويا في شرفة المنزل .. ليبدأ هو بالحديث قائلا ( قوليلي يا فرح في اي !) تنحنحت فرح ثم بدأت بالحديث بتلبك ( بص ياسليم في حاجات كتير حصلت في حياتي لازم تكون بعلم بيها .. يعني حكاية احمد في حياتي اي .. اظن حكتلك قبل كدا هما عملوا كدا ليه .. عشان الورث وانا مكنتش عايزة ابدأ اي حياة جديدة غير لما ارجع حقي وحق اخواتي .. بس اكيد انا مش هينفع لوحدي .. سليم انت الوحيد الي عملي حاجة حلوة في حياتي من بعد والدي الله يرحمه .. أرجوك متخذلنيش ) مد يديه يمسك يديها بحنان قائلا ( انا مش هخذلك يا فرح .. وهساعدك .. هنكون ايد واحدة نرجع بيها حقك وحق والدتك واخواتك .. انتي بس ....) لم يكمل كلامه عندما سمع صوت هاتفه يرن بإسم فارس .. فقوص حاجبيه وهو يهمس ( فارس .. بيتصل ليه دلوقتي ؟) نظر لفرح ( معلش هرد عليه ونرجع لموضوعنا ) هزت رأسها فرفع الهاتف علي اذنه ليستمع لصوت فارس اللاهث والعالي .. فتح سليم عينيه بصدمة وهو ينظر لفرح قائلا بغضب ( انتتتت بتقوول اييي ؟؟!)
** مد يديه يمسك يديها بحنان قائلا ( انا مش هخذلك يا فرح .. وهساعدك .. هنكون ايد واحدة نرجع بيها حقك وحق والدتك واخواتك .. انتي بس ....) لم يكمل كلامه عندما سمع صوت هاتفه يرن بإسم فارس .. فقوص حاجبيه وهو يهمس ( فارس .. بيتصل ليه دلوقتي ؟) نظر لفرح ( معلش هرد عليه ونرجع لموضوعنا ) هزت رأسها فرفع الهاتف علي اذنه ليستمع لصوت فارس اللاهث والعالي .. فتح سليم عينيه بصدمة وهو ينظر لفرح قائلا بغضب ( انتتتت بتقوول اييي ؟؟!) قام من مكانه بفزع شديد وغضب .. قائلا بنبرة سريعة عالية ( انا جايي حالا ) ثم اغلق الخط بينما فرح تتابعه وقفت جواره تقول بفزع ( في اي يا سليم ... اي الي حصل ؟) لم ينظر لها بل جمع اغراضه سريعاً قائلا ( في مصيييبة .. انا لازم امشي حالا ) ثم اتجه مهرولا مغادرا البيت .. اتت سارة لفرح وهي تقول بقلق ( في اي يابنتي حصل حاجة ؟) نظرت لها فرح بحيرة وهي تبرز شفتيها قائلة ( معرفش يا ماما .. في واحد اسمه فارس اتصل بيه ودا باين قريبهم .. وهو من وقتها وهو متعصب كدا .. ) قابت والدتها بتمني ( اتمني كل حاجة تتحل ربنا يكون في عونه ) هزت فرح رأسها بأسى علي حالها وحظها .........
....................................................................................................................................................................................................
** لا يعرف كيف قاد السيارة بتلك السرعة ولم يفتعل حادث .. يتصل به فارس يخبره ان ادهم اختطف اخته .. اختطف قمره .. تفادى اكثر من حادث بسبب سرعته المفرطة كي يصل لقسم الشرطة ويرى فارس ويستفهم منه كل شئ .. وأخيراً وصل للقسم وترجل من سيارته بخطوات سريعة للداخل بوجه غاضب .. وصل لمكتبه ووجد علي وفارس امامه فهب كالرياح في فارس قائلا بصوت مرتفع ( اختي فين يا فارس ؟) لم يكن حال فارس اقل حالا من سليم ولكنه كان يتفادى غضبه .. يكفي غضب سليم الذي يملئ المكان .. اعطاه فارس الهاتف كي يسمع تلك الرسالة التي سجلتها قمر قبل ان ترى ادهم القذر .. استمع لها سليم بغضب ثم اتجه لكرسيه وجلس قائلا ( اي الي حصل من البداية بالظبط يا فارس .. وانجز في الكلام !) جلس فارس امامه مكملا هو الاخرى بملامح غاضبة ولكن صوته كان هادئ ( كنا المفروض هنتقابل في كافية بنتقابل فيه علي طول ... وهي طالعة من البيت كلمتني وقالتلي انها طالعة وقفلنا علي كدا .. والكافية قريب من البيت اصلا ولما كنت لسه هتصل عليها وصلتني الرسالة دي منها .. وبعد ما سمعتها فضلت اتصل كان فونها مغلق ) كان سليم يستمع له بتركيز وعندما انتهى مسح وجهه بضيق ثم وجه نظره لـ علي قائلا بجمود ( الواد دا يطلع .. ان شالله يكون تحت الارض تدورو عليه ويطلع مفهووم ؟) هز علي رأسه بإيجاب قائلا ( مفهوم ياسليم باشا ) ثم غادر المكتب يفعل ما أمره به سليم بينما قام سليم من مكانه قائلا بنبرة سريعة ( انا لازم اروح اشوف كاميرات البيت ) وغادر المكتب وفارس يلحقه ..
كلا منهما عقله شارد بنفس الشخص وهي قمر .. سليم عقله شارد بأخته خوفا عليها وعلى ما سيفعله ادهم بها .. خصوصاً بعد اخر لقاء بينهم في المنزل
بينما فارس عقله شارد بصغيرته وقلبه يؤلمه عليها .. كيف حالها الآن .. ماذا سيفعل بها ادهم كل تلك الأسئلة تدور برأسه خوفا وقهرا عليها وعلى ما عانته .. قطع حبل تفكيره طرقة سليم علي مقود السيارة وهو يتمتم بالفاظ بشعة في حق ادهم ... ( وحياة امي ما هسيبه ابن ال .. ) اخذ فارس نفسا غاضبا .. وصلا للمنزل فقابلتهم والدة سليم وقمر ' نورهان '
كانت تنظر لهم بإستغراب ممزوج بالقلق قائلة ( مالكو يعيال وشكو مخطوف كدا ليه ؟) ثم نظرت لفارس بقلق ( مش قمر كانت طالعة تقابلك يابني .. اومال هي فين ؟) تلعثم فارس في الحديث ثم نظر لسليم الذي ينظر لوالدته بهدوء عكس تلك العاصفة التي تجتاحه بسبب اختطاف اخته .. ولكن هو الآن يحاول ان يخبئ ذلك الخوف والغضب داخله حتى لا تمرض والدته فقال سريعاً ( راحت مع صحبتها يشتروا حاجات ياماما ) ثم نظر لفارس ولوالدته مرة اخرى ( انا داخل اوضتي انا وفارس في حاجة ضروري عايزين نعملها عن اذنك ) ثم اقترب يقبل مقدمة رأسها التفت لفارس مشيرا له للغرفة .. ثم اتجهوا سويا لها واخرج سليم الحاسوب الخاص به وفتح تسجيلات الكاميرا الموجودة علي بوابة منزله .. ظل يتابع هو وفارس ويقدمان بالشريط ويأخران حتي خروج قمر من المنزل وركوبها سيارة الأجرة ..
قال سليم وهو يتابع الفيديو بتركيز ( اكتب رقم التاكسي دا يا فارس بسرعة ) اخرج فارس هاتفه ونقل الرقم بـ هاتفه بينما ظل يتابع سليم الذي يكبر ويصغر بالصورة ليرى صاحب سيارة الاجرة ولكنه فشل في المحاولة .. أعاد ظهره للخلف وهو شارد بتفكير .. ظل فارس يتابعه يعلم جيداً انه يفكر ولكن هو الآخر سأم بسبب طول الإنتظار فقال مقاطعا حبل تفكير سليم ( سليم انت بتفكر في اي ؟) نظر له سليم ثم وقف مكانه قائلا ( روح انت البيت يافارس وانا هطلع عالقسم .. ولما اوصل لحاجة هكلمك .. ابعتلي بس رقم التاكسي في رسالة ) رفع فارس حاجبيه في انكار ( لا طبعاً انا مش همشي غير لما قمر ترجع .. ولو سمحت متتناقش في الموضوع دا عشان دا اخر الي عندي ) اخرج سليم تنهيدة قوية من داخله ثم قال ( طب يلا ياعم ) ثم غادرا المنزل مرة اخرى باتجاه القسم ...
....................................................................................................................................................................................................
- نور وتامر -
** اتى موعد الغداء .. ذهب جميع الموظفين لبوفية الشركة من أجل تناول وجبة الغداء .. بينما نور فعلت مثلما طلب منها تامر وذهبت له المكتب .. طرقت الباب طرقة خفيفة بينما هو كان يجلس وعندما استمع لتلك الطرقة اعتلت شفتيه إبتسامة منتصرة .. ثم أعاد ظهره للكرسي قائلا ( اتفضل !) دلفت للمكتب وهي الأخري علي وجهها إبتسامة واسعة .. اشار لها بيده بالجلوس فجلست ثم قالت بتساؤل ( حضرتك كنت عاوز تقولي علي حاجة ؟) كان يتابع حركات وجهها وطريقة حركة فمها في التحدث .. وكأنه يحاول ان يحفظ ذلك الوجه في مخيلته .. قام من مكانه وهو يلف حول المكتب متجهها لها قائلا ( اه انا فعلا كنت عاوز حاجة ) وقف خلفها ومد يديه يضعها فوق ظهر الكرسي التي تجلس عليه ثم مال جوار اذنها قائلا ( كنت عاوز اعرض عليكي اننا نتغدى النهاردة سوا ، اي رأيك يانور  ؟) ابتلعت ريقها محاولة انزال كلماته التي قالها .. وللاسف اتجهت تلك الكلمات نحو القلب .. فأبتسمت إبتسامة صغيرة قائلة بتلعثم ( اها طبعا .. طبعا .. يعني ليه لا .. بس اي المناسبة ؟) همهم بتفكير وهو يتحرك من خلفها متوجها للكرسي الآخر المقابل لكرسيها ثم وقف خلفه واستند علي ظهر الكرسي مثلما فعل خلفها ولكن تلك المرة عينيه في عينيها ينظر لها بعينين لامعتين وابتسامة تعلو جانب شفتيه قائلا ( نعتبرها بداية علاقة كويسة ما بينا ) نظرت له بحيرة وتساؤل فأعتدل هو في جلسته قائلا بابتسامة ساذجة ( صداقة .. نبقى اصحاب !) ابتعدت ملامح الحيرة والتساؤل وحل محلها ملامح التفكير  .. دارت بعينيها في ارجاء المكان .. ثم نظرت له مرة أخرى قائلة بإبتسامة واسعة تُظهر أسنانها البيضاء وتظهر عفويتها الزائدة ( ماشي انا موافقة .. بما ان احنا هنبقى اصحاب فـ مافيش مشكلة ) ابتسم بسعادة لموافقتها .. ولقد خابت تلك الابتسامة عندما قالت بإبتسامتها الواسعة ( بس ثواني هتصل بـ علي اقوله ) اخذت هاتفها بينما هو يتابعها بضيق .. قلب عينيه بيأس .. يحاول ولو دقيقة ان يبعد علي عن تفكيرها ويحتل هو تفكيرها ولكن لا يوجد نفع .. سيحاول مرة أخرى خاصةً وان والمرأة تعشق الدلال والاهتمام .. ابتسم بسخرية عند تلك النقطة .. عاد من تفكيره لأرض الواقع عندما قالت بحيرة ( علي تليفونه مقفول .. ممكن يكون في شغل ضروري) اعتدل تامر في وقفته ثم اتجه نحوها وهو يمد يديه لها قائلا ( خلاص انتي مش هتروحيله شغله عشان تستأذني يعني هو تلاقيه عاوز يريح دماغه شوية ..... او فعلا زي ماقولتي بيشتغل !) كانت تنظر له وهو يتحدث بتفكير ثم نظرت ليديه ووضعت يديها في يده .. ووقفت مكانها وهي تقول بشرود ( ممكن فعلا ... ) ابتسم تامر ابتسامة ساخرة ثم قال ( يلا بقى احنا نمشي ) ابتسمت بخفوت وهزت رأسها له موافقة وغادرا سويا للمطعم المجاور للشركة ... طلبا الطعام بينما هو لم يبعد نظره عنها طوال الوقت .. حتى انها لاحظت واصبحت تخجل بسبب ما يفعله .. لأكثر من مرة يظهر احمرار وجهها خجلاً .. وماكان منها سوى انها تخفض بصرها أرضا خجلة مع شتائم محبين - علي - لها لانها تتصرمح مع تامر وتوزع عليه ابتساماتها الخجلة والمحببه ... وكما قال المثل القديم " اللي اختشوا ماتوا "
....................................................................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** ارتدت ذلك الفستان الذي يغيظه ويكيده حتي تكيده من الداخل .. فُستاناً من اللون الابيض يبرز مفاتنها .. علي الرغم من انها تشبه عود القصب .. ولكن ذلك لم يمنع من ظهور بعض المفاتن .. مثل فتحة الظهر الطويلة .. رفعت شعرها في وضعية - الكعكة - مع سقوط مع الخصل علي عنقها .. ابتسمت برضا لنفسها وهي تنظر في المرآة .. كادت ان تلتف لتأخذ حقيبتها ولكن منعها الالتفاف وجوده علي باب الغرفة يقف ناظراً اليها بنظرات تحمل العديد من التفسيرات .. نظرات محببه .. غاضبة .. حارقة ويود يود حقا ان يحرقها الآن امامه حتي تعلم جيداً ما مصير اللعب مع النار .. اقترب قليلاً من مكانها فعادت هي للخلف خطوتين من ذلك الوحش الذي سينقض عليها الآن .. رفع يديه يمررها علي ذقنه بفمه مع عضه لشفتيه السفلية بقوة .. ازدردت خوفاً وضمت يديها لها قائلة بتلعثم ( دا دا دا .. ااا دا دا انا .. اااا ) لم تكن تعلم ماذا تقول .. جذبها من يديها له لتصبح بمقابلة صدره بينما هو يقول بـ نبرة خافتة رجولية ( اااا اي مسكك سلك عريان ) ابتلعت ريقها الذي لم يعد موجود من الأساس .. فلقد جف حلقها تماماً من الخوف .. لم تستطع ان تتفوه بكلمة ... ليقول بسخرية وابتسامة لعوبة وهو يلف يديه حول خصرها (عارفة ياطيف .. يعجبني فيكي القوة والحماسة الي بتبقى فيكي قبل ما تشوفيني .. واول ما تشوفيني كل دا بيطير .. هو انا مخيف يا طيف ولا حاجة ؟) هزت رأسها لاعلي واسفل ثم قالت بنبرة شبه هامسة وهي تنظر في عينيه ( اه .. انت بعبع !) ظل ينظر إليها وهو يرمش بعينيه عدة مرات ثم وللمرة الثانية انفجر في الضحك امامها .. بينما هي ابتسمت ببلاهه وهي تتأمله عينيه المغمضتين بسبب ضحكه المفرط .. ضحكته الرجولية التي تملئ المكان .. وكانت لحظات من الاحلام الوردية لدى طيف .. ان تراه يضحك .. ها هو يحقق لها تلك الأمنية ولكن في لحظات وينتهي الحُلم .. وعاد لوجه العابس فقالت في داخلها " دا باين عليه بيتحول ولا اي " اخفضت وجهها أرضا ثم رفعت عينيها فقط تنظر له باستطعاف .. فرفع حاجبيه بسخرية وتنقل بعينيه في ارجاء المكان بينما هي استغلت تلك الفرصة وضعت يديها علي بطنها وهي تقول بتأوه ( ااه .. بطني بتوجعني اوي باينله كدا بيرفس !) ابعد يديه عنها ثم ابتعد مقدار خطوة عنها بينما هي تتابعه بعين وتعود للتمثيل مرة اخرى ..وقف واضعا يديه في جيبه وملامح القرف والسخرية تحتل وجهه مع ارتفاع احدى حاجبيه وطرف شفتيه قائلا ( مفقوسة اوي يا طيف هانم .. وبعدين عيل اي الي بيرفس فالشهر الاول ) كانت تحنو ظهرها ممسكة ببطنها وعندما استمعت لتلك الكلمات رفعت بصرها تنظر له ثم اعتدلت في وقفتها ورفعت اصبعها تضعه في فمها بأرتباك قائلة ( مافيش طفل بيرفس فالاولاني صح ) ابتسم بمجاملة لها ثم عاد لجموده ( وحتة القماشة الي انتي لابساها دي تلبسيها وانتي معايا ياعنيا .. روحي غيري والبسي حاجة مظبوطة .. انا داخل اغير هدومي ) ثم ابتعد من امامها باتجاه غرفة الملابس وهي عندما رأته يختفي من امامها قالت بسخرية ( البسه قدامه قال .. دا علي اساس اني مراته ) صمتت قليلا ثم قالت ببلاهه ( لا ماشاء الله عليكي ياطيف وحامل في ابنه ... يارب امسك عامود نور يكهربني خليني اموت وارتاح ... !) طل رأسه من تلك الغرفة قائلا لها بسخرية وصوت مرتفع نسبيا ( عواميد النور مش بتكهرب غير في المطر .. عندك فيش النور كتير يا طيف علي واحدة منهم ودبي صوابعك فيها هتهزك هز جامد !) التفت تنظر له وهي تضيق عينيها قائلة ( علي فكرة دا مش احترام عيب كدا ) اخرجت تلك الكلمات من فمها ثم اسرعت في حركة قدميها متجهه لخارح غرفته لغرفتها تُبدل فُستانها ...
....................................................................................................................................................................................................
- حنين وليث -
** جلست علي الاريكة تُفكر فيما عرضه عليها ليث .. تعلم جيداً انه قرار مصيري يجب ان تختار الصحيح .. تذكرت لماذا اتت من لندن فأخرجت تنهيدة من داخلها توضح ما تشعر به حنين من كره تجاه الزواج بسبب والدها .. ذلك الاب الذي لم يرحمها منذ ان تخرجت من جامعتها وهو يريد تزويجها .. وفي آخر مرة اراد تزويجها لرجل في سن والدها .. اللعنه هو لا يريد تزويجها بس يريد بيعها بلا مقابل .. ولكن الآن ان الوضع مختلف كليا مع ليث .. فهو شخص جيد وعمله جيد ولديه مستقبل وكل الفتيات تتمناه .. عند تلك النقطة توقفت قليلاً تسأل نفسها " هل هذا المهزء عرض على غيرها الزواج من قبل ؟" هزت رأسها بنفي وكأنها تجيب علي نفسها لتقول بخفوت ( قالك انه كان بيدور اتهدي بقا بتفكيرك دا !) ثم اكملت تفكير فيه وبجماله ووسامته ورفعت حاجبيه باستمتاع وهي تضيق عينيه بابتسامة خبيثة ( قشطة يولاه ) ثم حركت شفتيها للجانب الآخر بلا مبالاة وهي تضع يد فوق الأخري قائلة ( أحلى من الشرف مفيش فعلا ) .. اعادت رأسها للخلف تسندها علي الأريكة وهي تفكر وتشرد بتفكيرها بعيداً في حياتها مستقبليا مع ليث وماريا .. تلك الصغيرة التي احبتها من قلبها .. ابتسمت بدفئ وقطع حبل تفكيرها صوت هاتفها .. اعتدلت في جلستها ممسكة الهاتف فوجدت رقم مجهول .. انه رقم ليث .. لم تسجله بعد ولكنها حفظته بسبب كثرة الاتصالات خاصته .. ترددت في البداية من ان تجيب ثم اجابت قائلة بخفوت ( الو ؟) اتاها صوته متحمسا ( ها وافقتي انا سبتك تفكري كتير اهو ) قوصت حاجبيها ببلاهه ( كتير اي يابني دانت لسه موصلني البيت من نص ساعة ) اجابها بتساؤل مزيف ( وهي نص ساعة قليل !) قلبت حاجبيها وهي تنفخ قائلة ( انت قولت مش هتكلمني لحد ما افكر كويس يبقى متتصلش تاني ) اتاها صوته الذي يبين عبوسه قائلا ( طاه ياختي .. فكري كويس ها .. خلصي حساباتك وبعدين كلميني .. ولو احتجتي اي مساعدة في الحسابات كلميني انا مهندس شاطر !) كان تقلده بفمها بسخرية ثم قالت ( طاه طاه يلا يلا سلام ) ابعدت الهاتف عن اذنها واغلقت الخط في وجهه وهي تبتسم ابتسامة خجلة .. سعيدة .. مُرتاحة .. وداخلها يود ان يوافق بنسبة خمسة وتسعين في المئة ... ولكنها ستنتظر لتُفكر جيداً وتصلي صلاة الاستخارة حتى توافق عن اقتناع .. اتى في بالها قمر ففتحت هاتفها تود ان تحادثها ولكنها وجدت رسالة من رقم مجهول في البداية اعتقدت انه ليث ولكن لا هذا الرقم غير رقم ليث .. إذن لمن وما محتوى رسالته .. فتحت الرسالة وكان محتواها فيديو ... فتحت الفيديو والفضول يأكلها .. بدأت عينيها تتوسع بصدمة ونفسها يعلى شيئاً فـ شيء .. كان الفيديو يحتوي علي قمر وهي مربطة اليدين والقدمين تجلس علي ارض مليئة بالتراب .. جوار فمها جرح كبير ينزف دماً .. ثُم وصل فيديو اخر لهاتفها فرأته وهي تسمع صوت رجولي لا تعرفه ولكن من شكها علمت انه ادهم .. ( ها اي رأيك في قريبتك ياقطة .. وري الفيديوهات دي لاخوكي الشبح والظابط سليم ) قهقه ادهم بطريقة مقززة وتسللت يديه لذراع قمر وهو يتلمسه بينما هي تنفر منه ببكاء مرير وانتهى الفيديو عند تلك الثانية بينما حنين كانت دموعها تهبط علي خديها بأسى علي قريبتها وصديقة عمرها وطفولتها .. اخذت ترن علي فارس بجسد مرتعش وقلب مرتجف .. لم يجيب فـ رنت مرة اخرى فلم يجيب .. ثم رنت علي سليم ليرد هو بنبرة سريعة ( حنين انا في شغل ومش هعرف اكلمك دلوقتي ) ردت بسرعة وبنبرة باكية ( قمر يا سليم .. قمر مخطوفة ) اتاها الصمت لبعض من الوقت ثم أجاب سليم بنبرة متسائلة ( انتي اي عرفك ياحنين ) فردت هي الأخرى وهي تمسح دموعها ( هقولك عرفت ازاي بس انا لازم اشوفك دلوقتي حالا ) اجابها ( طيب خليكي في البيت انا جاي انا وفارس ) ثم اغلقا الخط بينما حنين جلست تضم ركبتيها إليها وهي تفكر بـ قمر ببكاء وما يحدث لها الآن ...
..............................................................................................................................................................................
** ظل سليم يشاهد الفيديوهات اكثر من مرة يحاول ان يستنتج منها شئ بينما فارس .. غاضب .. هائج يود ان يفتك ذلك المدعو ادهم .. نظر لسليم قائلا ( وبعدين بقا احنا هنلاقي صرفة ازاي .. الواد دا محدش عارف يوصله يعني ولا عارف مكانه ) نظر له سليم ثم لحنين قائلا بحيرة ( هنلاقيه لو تحت الارض .. بس انا عاوز اعرف إيه غايته انه يبعت الفيديو لحنين مش يبعته ليا ولا ليك !) هز فارس كتفه بلا مبالاة ( وانا اي عرفني يعني مكنتش قاعد في راسه ولا عارف هو بيفكر ازاي .. المهم هو عايز يكيدنا وبس ) نظر له سليم بهدوء ثم نظر امامه بشرود وهو يفكر ويحاول ان يصل لحل او طريقة ما .. ثم نظر لحنين وفارس ( انا اهم حاجة عندي ان امي متعرفش اي حاجة دلوقتي تمام ) هزت حنين رأسها بإيجاب بينما فارس اكتفى بالصمت ..
ظل سليم جالسا معهم لبعض الوقت حتى اتته رسالة من علي .. واكتفى بمعرفة محتوى تلك الرسالة دون إخبار فارس .. ثم قام من مكانه قائلا ( انا همشي عشان مسبش والدتي كل الوقت دا لوحدها وهقولها ان قمر بايتة مع حنين الليلة دي عشان كانت مخنوقة شوية ) نظر له فارس قائلا بهدوء ( لو عرفت حاجة اتصل بيا انا مش هنام ) .. هز سليم رأسه ثم غادر المكان وركب سيارته متوجها نحو المكان الذي اخبره به علي في رسالة .. وفي طريقه رن هاتفه بإسم فرح .. تذكر كيف تركها وغادر علي ملى وجهه دون اخبارها بشئ .. يبدو انها قلقت كثيرا عليه .. امسك هاتفه واجابها ( الو ) ردت بنبرة متلهفة ( اي ياسليم في اي .. انا عمالة احاول اتصل عليك بيديني مغلق .. هو في حاجة وحشة حصلت معاك !) اخذ نفسا عميقا ثم قال ( محصلش حاجة يافرح .. بس في كذا حاجة في الشغل لازم اخلصها .. نبقى نتكلم بعدين واحكيلك كل حاجة مش هينفع في التليفون ..) همهمت ثم قالت ( ماشي .. خد بالك من نفسك ) ابتسم إبتسامة صغيرة ثم قال ( حاضر .. يلا سلام ) ( سلام ) كانت تلك اخر كلمات سمعها منها عندما اغلق المكالمة .. وصل لمستودع ملئ بالسيارات الخردة .. وبعض سيارات الأجرة .. التفت حوله فوجد علي يترجل من سيارته بأتجاهه قائلا ( التاكسي الي ظهر في الكاميرا هنا ) وضع سليم يديه علي المسدس الذي يعلقه في بنطاله ثم قال ( تمام اوي ) ثم دلف للمستودع وبرفقته علي ووجد بعض الرجال يجلسون حول مائدة يلعبون القمار والبعض الآخر يعد رُزمة من النقود .. والبعض الآخر يغير ارقام السيارات .. اتى رجل وبفمه سيجاره ( خير يابشاوات ) نظر سليم له من اعلاه لأسفله ثم اشار لـ علي الذي فهم ما يريده فأمسك هاتفه يعبث به .. فقال ذلك الرجل ببعض الرهبة ( في اي يا اخينا انت وهو ؟) اقترب سليم في مقابلته قائلا بهدوء وتساؤل ( في تاكسي خرج الصبح من هنا بالنمرة دي ) ثم اخرج هاتفه يريه التاكسي برقمه فقال الرجل وهو يشوح بيده ( اه .. طب هو يخصك في حاجة لمؤاخذة !!) نظر سليم لـ علي ( انت بتتصل بالبوليس ليه ياعلي هما هيجاوبونا ) تريث الرجل في خوف ثم قال ( بوليس اي بهاوات هو في اييي ؟) فقال علي بتهديد ( جاوب عالباشا !) نظر لهم ذلك الرجل ببعض الخوف ثم اشار لاحدى رجاله ان يأتي .. فأتي واحداً منهم ليسأله ذلك الرجل وهو ينظر لسليم بخوف ( التاكسي الي الي خرج الصبح نمرته اي ؟) أخبره ذلك الشاب بنمرة سيارة الأجرة فسألهم سليم بإستغراب ( وفين الواد الي كان سايقه الصبح ؟) فرد الشاب ( منعرفوش هو انتو الكاميرا الخفية ولا اي ؟) ابتسم سليم بسخرية ( لا قدرك الأسود ) ثم نظر للرجل ( انطققق فين الواد الي كان سايق التاكسي الصبح ؟) فرد ذلك الرجل بخوف ( دا واحد منعرفوش جه طلب التاكسي وادانا فلوس كتير قال هيعمل بيه مشوار وهيرجعه ) همهم سليم فسأل ذلك الرجل مرة اخرى ( بس انتو تطلعو مين يابشاوات ؟) فرد سليم بابتسامة صفراء ( ماقولتلك قدرك الأسود .. الرائد سليم ياروح امك !) وما هي الا عدة ثواني حتي حاصرت الشرطة المكان ليقف الكل رافعا يده لاعلي بينما سليم نظر لهم ببعض من القرف قائلا ( نكمل كلامنا مع كوباية شاي في القسم ياخويا !) ثم استدار مغادرا المكان تاركا عناصر الشرطة تقبض علي الرجال الموجودين في المكان .............
..................................................................................................................................................................
1
** بدأ يشقشق النهار باشعة بسيطة للشمس .. فكانت السماء عبارة عن زراق ممزوج بـ لون اشعة الشمس قادما من الافق البعيد مشيراً ان الشمس ستشرق كاملة بعد قليل من الوقت .... بينما علي في القسم رفقة سليم .. لم يتركه دقيقة واحدة حتي يحل معه تلك المصيبة التي وقعت علي عاتقهم .. كان جالساً يشرب بعض الشاي وفتح هاتفه .. فوجد رسالة منها محتواها ' مجتش النهاردة ليه ؟' اخذ نفسا عميقا ثم رد برسالة مختصرة ' انا اصلا مروحتش البيت .. انا في الشغل يا نور ' اغلق هاتفه مرة اخرى يفكر فيما يحدث معهم .. تلك المشاكل التي هبت فجأة عليهم منذ ذهابها للشركة وعملها بها .. منذ يوم خطبتهم وهي تزيد .. يكره المشاكل بينهم يود ان يظلا مثل العسل بينهم الحب والعشق فقط .. ولكن كما نقول تلك هي سُنة الحياة .. المشاكل والحزن والهم ...
انتهى من كوب الشاي ودلف لسليم في مكتبه فوجده يشاهد بعض الفيديوهات وهو شارد ... تنحنح علي مشيراً لوجوده فنظر له سليم لبعض الوقت وهو شارد .. ثم قام من مكانه وهو يأخذ مسدسه قائلا ( انا عرفت مكانهم فين !) وضع علي كأس الشاي ولحق سليم الذي استعجل في الذهاب .....
** ** وصل سليم وعلي لاحدي الأماكن القديمة .. التي جر عليها الزمن فأصبحت مبانيها متهريه .. تلك الأماكن التي كان لها شنة و رنة في بدايتها .. تفقد رونقها وجمالها بسبب قدوم الزمن عليها .. ترجل سليم من سيارته ينظر للبناية التي امامه بشرود .. بينما علي يقف جواره غير قادر علي استوعاب ما يريده سليم .. كانت الساعة تقريبا السادسة صباحاً .. لا يوجد مخلوق في الشارع .. فقال علي بتساؤل ( باشا هو احنا بنعمل اي هنا !؟) تقدم سليم بخطواته للبناية وعلي يتبعه ليقول سليم بخفوت ( دا بيت امه واخواته ) صعد سليم للشقة المطلوبة ثم طرق الباب بقوة عدة مرات .. يديه كانت تتجول من الباب للجرس .. حتى فتحت له سيدة كبيرة في السن تنظر له بتساؤل ( في اي في حد بيضرب الجرس كدا عالصبح !) فقال سليم بجمود ( البوليس يا هانم ) وقفت متشنجة مكانها وهي تخبط يديها علي صدرها تولول ( يلهووي .. في اي ياباشااا احنا معملناش حاجة !) رفع سليم يديها لها وهو يهدئها ( اهدي يا ست انتي اهدي .. انا جاي اتكلم معاكي بهدوء وماشي تاني ... انا عارف انكو معملتوش حاجة ) تطلعت له ببعض القلق وهي تهز رأسها ( اتفضلو يابني طيب اتفضلو ) ثم ابتعدت عن طريق الباب ليدلف علي وسليم سويا وجلسا بينما هي جلست امامهم تنظر لهم بقلق وتفرك بيديها بقلق كبير قائلة ( اؤمرنا يابيه ؟) نظر لها سليم بجمود ( الأمر لله وحده .. انا جاي اسألك علي كذا حاجة وياريت تجاوبيني بصراحة ... ادهم ابنك فين ؟) ظلت تنظر له قليلاً بخوف .. فقال سليم سريعاً ( ابنك عامل مصايب كتير ولو انتي خبيتي عن مكانه هيبقى انتي كمان متورطة معاه واكيد انتي مش عايزة كدا ) هبطت دموعها بقهر وهي تقول ( بالله عليك يابيه تسيبه في حاله ... هو معتوه وغبي بس والله لما يجيلي انا هربيه واقوله يبعد عن سكتكم ) ارتفع صوته بنفاذ صبر ( ابنك خاطف اختي ... ادهمم فين ؟) شهقت بعنف وهي تطلع به بصدمة قائلة ( يامصيبتي !!!) ... مال علي في جلسته وهو ينظر لها قائلا ( ياحجة ابنك مش بس خاطف اخت سليم بيه دا كمان متورط في قصص مخدرات وحاجات كتير !) هزت رأسها ببكاء وهي تقول ( والله يابني انا مبعرفلوش طريق هو كان هنا من يومين .. ومردش علينا تاني يابيه والله .. الله يخربيتك يا ادهم يابني الله يخربيتك ادعي عليك اقول اي بس يابني ) ارتفع صوت نحيبها فنظر لها سليم بحزن ثم اكمل بهدوء ( اهدي ياحجة .. طب تقدري تقوليلي اي حاجة تتدلني عليه ) هزت رأسها بإيجاب ( العمارة الي في وشنا دي فيها واحد صاحبه روح بالروح .. ممكن يكون عارف مكانه ) فقال سليم بتساؤل ( طب ودا في انهي شقة ولا هنعرفه ازاي ؟) فقالت من بين بكاءها ( العمارة بتاعتهم وهما الوحيدين الي ساكنين فيها ) وقف سليم مكانه ومعه علي أيضاً قائلا ( ماشي .. عن اذنك !) ثم اتجه ناحية الباب مغادرا وعندما خرجا اتت ابنة تلك السيدة وهي تبكي وتقول ( قولتيله ليه يما علي مكان صاحبه كدا ادهم هيروح في داهيه !) جلست تلك السيدة وهي تبكي بقهر ( اخوكي المصيبة خطف اخت الظابط .. خاطفها ياحزني خطفها !) .....
وقف سليم وجواره علي بجانب السيارة فقال علي بتساؤل ( مش هنطلعله ؟) هز سليم رأسه بنفي وقال ( اركب يا علي ) ثم ركبا السيارة ليقول سليم ( هنستناه هنا لحد ما يشرف ) همهم علي تفهم ثم اراح علي ظهره للخلف وهو ينظر حوله ويرى المكان ..
مرت ساعتان علي جلوسهم في تلك السيارة منتظرين ذلك الشاب صديق ادهم حتي يعرفون منه مكان " قمر " .... انتبه سليم لشاب خرج من تلك العمارة فقال لـ علي ( بص شكله هو دا !) نظر علي للشاب بتركيز فترجل سليم السيارة ويتبعه علي أيضاً .. بينما ذلك الشاب كان يمشي وهو يشعل سيجارته وعندما رفع رأسه ورأي امامه سليم وعلي .. وقف مكانه ناظراً لسليم بتركيز ثم رمى السيجارة من يديه وبدى علي وجهه علامات الصدمة والخوف قائلا ( يانهار اسود ) ثم التفت يركض عنهم فتبعه سليم وعلي يركضان خلفه .. ذلك يدخل هنا ويخرج من هنا بينما سليم يتبعه وعلي أيضا .. وصل الحال بهم ممسكين به واقعا أرضا بينما سليم يعلوه واضعا ركبتيه علي ظهره جاذبا يديه لخلف ظهره قائلا بصوت لاهث اثر الجري ( يعني انت عارف اننا هنمسك كان لازم الجري دا .. بس يلا ميضرش ) ثم جذبه يوقفه بينما ذلك يحاول الركوض منهم قائلا ( سيبني ياباشا انا معملتش حاجة والمصحف ) فقال سليم بابتسامة ساذجة ( انا عارف انك معملتش حاجة بس امشي يلا انا عازمك علي كوباية شاي ) ثم جذبه هو وعلي عنوة لقسم الشرطة ..........
كان سليم يجلس علي كرسي مكتبه وامامه ذلك الشاب الذي امسكه فقال سليم بحدة ( ادهم فين ؟) هز ذلك الشاب رأسه بتوتر قائلا ( معرفش انا مشفتوش بقالي .. كام يوم هو عمل حاجة سعادتك ؟) ابتسم سليم بسخرية ( لا اصله واحشني وبدور عليه من امبارح !) ثم قال بصوت مرتفع غاضب ( انطق ياروح امك هو فين ؟) تلعثم في جوابه فقال ( و.والله مـ معرفش يابيه) نظر سليم لـ علي يشير له ليُدخل صاحب المستودع وبالفعل ماهي إلا دقائق حتى دخل علي وصاحب المستودع وهي يحيي سليم ( هطلعني يابيه ؟) نظر سليم لصديق ادهم ثم لذلك الرجل قائلا ( تعرفه ؟) فهز صديق ادهم رأسه بنفي وتلعثم بينما قال ذلك الرجل بانفعال ( هو دا يابيه الي خد مني التاكسي امبارح الصبح وادانا فلوس كتير ايوه هو انا عرفته !) ابتسم سليم بخبث ثم نظر لصديق ادهم فكان يبدو عليه القلق والخوف وهو يخفض بصره .. فقام سليم واتى امامه ممسكا مسدسه بهدوء ( ها ادهم فين ؟) فقام صديق ادهم من مكانه بخوف كبير قائلا بنبرة متلعثمة ( انا هقولك يابيه انا هقولك !) فأبتسم سليم بنصر قائلا ( انت مش هتقولي انت هتوريني ) ثم جذبه للخارج بينما لحقه علي ومع بعض عناصر الشرطة ذاهبين للمكان الموجود به ادهم ...
............................................................................................................................................................................
1
** كانت مغمضة العينين بتعب وارهاق .. لا تشعر بما حولها .. هي مخدرة تماما من ضربه لها .. تعتقد انها ستكون اخر أيامها هُنا ومعه في هذا المستودع الكبير .. يزرع الانسان ويحصد ما يفعله وها هي تحصد ما تفعله .. كانت تعتقد انه روميو خاصتها وهي جوليت ولكنها لم تكن تعلم ان حب روميو لجوليت كان انقى بكثير من حب ادهم لها .. لم تعلم ان روميو وجوليت ماتا حتى يكونا سويا في مكان آخر كما اعتقدا .. احبته بـ قلب برئ .. ولم تكن تعلم انه احبها بـ قلب شهواني .. يفعل كما يفعل المغتصبون تماماً .. لا يوجد فرق بينه وبين المغتصب فهو حاول اغتصابها قبل الآن .. حاول اغتصابها حتى وهي زوجته ..
شعرت بـ خطى قدم تخطو نحوها فتأوهت بألم ها هي ستنعم بطعم الجحيم مرة اخرى .. لم تشعر سوى بشعرها يُشد بيديه بقوة يجلسها ولكن جسدها لا يتحمل الجلوس من شدة التعب الذي حل به .. همس ادهم جوار اذنها ( قمر انا حبيتك يا قمر .. انتي حلوة اوي وانا حبيت حلاوتك دي انا مكسرتش قلبك لا انتي فهمتي حبي غلط .. تعالي نتجوز ونرجع سوا ياقمر انا اسف !) نظرت له بقرف ثم بزقت في ووجهه قائلة ( متتكلمش عن الحب .. انت متعرفش يعني اي تحب .. الحب الي انت بتتكلم عنه دا ميعرفش امثالك .. انا مش هرجعلك ولو علي جثتي !) ثم أكملت بسخرية ( انا فضلت اسامحك كتير عشان انا حبيتك بجد بس خلاص .. كل الحب دا اتحول لكره عمى قلبي زي ما حبك كان عامي قلبي .. انت احقر حد شوفته في حياتي يا ادهم .. انا مش هبكي عليك عشان البكاء عليك هيكون اكبر خسارة ليا .. انا همحيك من ذاكرتي .. وانت وقتها هتكون بتعفن في السجن بسبب اعمالك القذرة ..... سليييم مش هيرحمك ) كانت تقول اخر كلماتها وهي تضغط علي اسنانها وكأنها تنبهه بمصيره وما سيفعله به سليم ... كان ادهم ينظر له والغضب يتطاير من انفاسه وعينيه .. فشد على شعرها بقوة قائلا ( انتي مبجيش معاكي غير الضرب والتهزيق .. ) نظرت له بغل وملامح القرف تعلو وجهها .. فـ عندما ينكسر في النفس شئ لا يجبره ألف إعتذار ... هبط علي وجهها كف من يديه القوية لتصرخ بألم ولكن عينيها جامدة لا تذرف منها دمعة .. عينيها تظهر صورة قاسية .. تعكس تلك الصورة عن قلبها الذي جمدته الأحزان التي مرت عليه .. ضربها كف وراء الآخر حتي وقعت ارضا بلا هوادة وبلا حول او قوة ...
فزفر ادهم بغضب وهو ينظر ولها بانزعاج ثم غادر تلك الغرفة الاي يحبسها بها ....
..........................................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** استيقظت باكراً ثم ذهبت للمطبخ تعد لنفسها بعض الشطائر .. تبدو مثل المفجوع هذه الأيام تأكل كثيرا بلا رحمة .. يبدو ان طفلها جائعا دوماً فيأكل كل ما تأكله هي .. تذكرته عندما اخبرها بالأمس انه يشك انها يوماً ما ستأكله .. فأبتسمت بسخرية وهي تأكل الشطائر بنهم .. انتهت من الطعام ثم اتجهت لغرفته فرأته نائما .. اقتربت منه وهي تقف جواره وتنظر له بهدوء .. ذلك الملاك النائم امامها .. اخذت نفساً عميقاً وهي تتطلع له بسخرية قائلة في بالها " شوف نايم ازاي زي الملاك .. ولما بيصحى اعوذ بالله من غضب الله " جلست جواره تمسد علي شعره بحنان وهي تركز في ملامحه الجامدة القاسية .. ولكن لم تخلو ملامحه من بعض البراءة التي احتفظ بها من قسوة الزمن .. تذكرت معاملته لها قبل وجود ذلك الطفل في احشائها وبعده .. تتذكر كيف كان يقسو عليها ويجرحها .. و الآن يعاملها بحنو وهدوء .. هل يخاف علي ابنه ام يخاف عليها بسبب تعب قلبها ..
ألا يعلم كم يجرح احساسها عندما تبكي امامه فلا يمد يديه ليهدء من روعها بل يكمل قسوته عليها .. ألا يعلم كم يكون ذلك الشعور مؤلم عندما يبكي المرء امام من يحب معتقدا انه سيمد يده ليمسد الدموع .. هبطت دمعه من عينيها متألمة علي حالها .. كم يكون صعباً عندما تحب شخصاً رغم ما سببه لك من جروح تدمو القلب ..
كان ينظر إليها وهي شاردة والدموع تهبط من عينيها .. يعلم جيداً بـ ماذا تفكر .. ويعلم جيداً انه السبب الآن بهبوط تلك الدموع .. اعتدل من موضعه جالساً وهو يمد يديها يمسد دموعها مبتسماً إبتسامة صغيرة .. فأنفضت من لمسته قائلة بتلعثم ( انا .. صحيت .. من شوية وفطرت .. وجيت عشان اصحيك عشان تروح الشغل .. وو انا ) قاطعها هامسا بدفئ ( ششش اهدي طيب وخدي نفسك ) نظرت له بحزن والدموع تتساقط من عينيها فقربها منه يعانقها بحنان قائلا ( اهدي يا طيف كفاية عياط ... طب قوليلي بتعيطي ليه ؟) ابعدت وجهها عنه تنظر لعينيه بعيونها الدامعة الحمراء ( ا..اااصل انا جعانه اوي !) فتح فمه بصدمة ... ثم قال ( انتي مش بتقولي لسه فاطرة !) هزت رأسها بإيجاب ثم قالت ( ما ابنك كل الاكل كله الي في بطني وانا جعت تاني .. ولا انت مستخسر فيا الاكل يعني !) ثم تعالى صوت بكاءها وهي تضع يديها فوق فمها .. بينما هو ضم شفتيه يكتم غيظه مرفرفاً برموشه ثم قال محاولاً الهدوء ( لا طبعا مش مستخسر فيكي .. تعالي اعملي دور فطور تاني يلا ) دفعت يديه بعيداً عنها ثم قامت متوجه للخارج وتحديداً للمطبخ ...
بينما هو زفر بضيق قائلا ( صبرني يارب عشان مرتكبش فيها جريمة قتل !) ثم توجه لحمام غرفته ينعم براحة صباحية حتى يكمل يومه في العمل بتركيز كبير ..
........................................................................................................................................................................
** ترجل سليم من سيارته وهو يجذب صديق ادهم من ملابسه متوجهين ناحية المستودع الذي وصلوا له .. دلفوا جميعهم للمستودع فلاحظ سليم انه نفس المكان الموجود في الفيديوهات التي ارسلها لهم ادهم .. دفع سليم صديق ادهم لينادي عليه فقال بصوت مرتفع متلعثم ( يا ..ادهم !) فأتى صوت ادهم من الداخل قائلا ( اي يسطا !) ثم خرج من المكان مصدوما بـ سليم وعناصر الشرطة .. دفع سليم صديقه ليمسكه علي بينما هو توجه ناحية ادهم الذي عاد خطوتين للخلف ثم ركض لاحدى الغرفة فركض خلفه سليم ليجده يقف في تلك الغرفة موجه المسدس ناحية قمر القابعة بالارض دون حركة .. فصُدم وهو يرفع يديه ليهدأ ادهم قائلا ( متتهورش اي عايز تاخد إعدام؟) ابتسم ادهم بسخرية ( يعني علي اساس لو مسكتوني دلوقتي هتعملو فيا اي ما انتو هتدوني مؤبد .. ) نظر سليم لقمر ثم لادهم مرة اخرى وهو يتقدم منه ( ادهم اهدى كدا متتهبلش !) هز ادهم رأسه بنفي وسخرية .. بينما قمر شعرت بصوت أخاها يطرق في اذنها وذهنها .. ففتحت عينيها بتكاسل وهي تهمس ( س.سـليم !) رفعت عينيها تنظر له فأرتسمت إبتسامة سعيدة علي فمها بتعب وهي تقول ( سـليم ...) حاولت ان تعتدل في جلستها بينما سليم تقدم خطوتين يريد مساعدتها فصرخ ادهم ( اقف مكانك وإلا والله هفشفش دماغها بالمسدس دا ) وقف سليم مكانه بينما عناصر الشرطة تجمعت في الغرفة فشاور لهم سليم بالتوقف والهدوء ليقول ادهم بخبث ( براڤو .. عموما عاوز اقولك علي مفاجأة في التجمع الحلو دا !!) ثم لف بنظره في المكان ليقول بسخرية ( بس التجمع كان ناقصه الواد الحمش قريبكو دا .. بس مش مشكلة .. انا واختك متجوزناش .. انا مضتها علي ورق مضروب وهي صدقت !) هبطت تلك الصاعقة علي سليم وقمر في نفس الوقت .. ولكنها هبطت علي قمر صاعقتين وليست واحدة .. كان يكذب عليها بشأن زواجهمها .. نظرت له بإحتقار وهي تقول ( انت اكتر واحد وسخ شوفته في حياتي يا ادهم .. انت اكتر واحد قذر انا بكرهك بكرهك ) هبطت دموعها بغذارة وهي تبكي بألم .. فجز سليم علي اسنانه وهو يقترب بغضب من ادهم الذي فُزع نتيجة ذلك الإقتراب وقبل ان يضع سليم يديه علي أدهم كان رصاصة المسدس التي بيد ادهم الأسرع في اختراق جسد قمر ... صدمة وقعت على الجميع .. شهقة خرجت من فمها قبل ان تسقط أرضا بلا هوادة .. بينما سليم انقض علي ادهم عالاسد الذي ينقض علي فريسته دون ان يرحمها .. ظل يضربه بقبضته في وجهه مرة وراء الأخرى وهو يصرخ به ويسبه بألفاظ سيئة للغاية .. ركض له علي يبعده عن ادهم قائلا بتحذير وصوت مرتفع ( هتودي نفسك في داهية عشان واحد زي دا سيبه ياسليم باشا !) ابتعد سليم من فوق أدهم الذي لا يتحرك ثم ضربه مرة اخرى بقدمه في بطن ادهم .. والتفت ينظر لأخته الغارقة في دمها .. ثم ركض إليها يحملها دون التحدث لأحد وذهب راكضا بها لسيارته متوجها للمستشفى ..
وأخيراً بعد طريق طويل للمستشفى كان يخاف ان يخسرها بذلك الطريق ومن حين لآخر ينظر لها بقلق ها هو الآن يصل للمستشفى .. حملها وهو يصرخ ليساعده احدهم فأتت الممرضات والممرضين يأخذونها لغرفة العمليات سريعاً .. بينما وقف سليم خارج الغرفة مصدوما .. بل مصعوقا وهو يتذكر كيف قوصها ادهم .. ينظر للدماء التي تغطي قميصه .. دمائها .. لا يعلم ان كانت ستكون بخير ام لا .. ولكن ما يعلمه انها لن تتركه .. افاق من شروده علي صوت هاتفه وهو يرن .. امسك الهاتف فوجد المتصل " فارس " رفع الهاتف علي اذنيه وهو يقول بجمود ( انا في المستشفى الي انت بتشتغل فيها .. قمر في العمليات !) لم يسمع صوتا لفارس بل سمع صوت اغلاق الهاتف .. جلس علي الكرسي الذي امامه منتظراً خروج الطبيب حتي يطمئنه عليها .. ظل جالساً .. قلبه ينبض بقوة خوفاً علي صغيرته .. رن الهاتف مرة اخرى ولكن تلك المرة بأسم فرح .. اتت في وقتها المناسب فهو كان يريد التحدث معها .. رفع الهاتف علي اذنيه قائلا بصوت مختنق ( فرح !؟) ردت من الجهه الاخرى بصوت حائر قلق ( سليم .. في اى انا بتصل عليك من امبارح مبتردش عليا .. مالك صوتك متغير ليه ؟) ظل قليلاً صامتاً ثم قال بتلك النبرة المختنقة ( هبقى احكيلك بعدين .. بس عايزك تيجيلي المستشفى !) ثم اخبرها اسم تلك المستشفى فقالت بقلق ( انت بتعمل اي هناك يا سليم قلقتني كدا في اي ؟) فقال بخفوت ( قمر في المستشفى .. لما تيجي هفهمك كل حاجة ) فأجابته سريعاً ( حاضر هلبس واجي !) ثم اغلقت الخط وذهبت تخبر والدتها بأنها ستغادر ثم تجهزت ووصلت المستشفى .. وجدته جالساً واضعا رأسه بين يديه وجواره حنين .. وامامهم يقف فارس .. عرفتهم سريعاً بسبب رؤيتها لهم من قبل في منزل سليم .. اخذت نفساً عميقاً ثم تقدمت منهم ( السلام عليكم ) ابتسمت لها حنين بخفوت ( وعليكم السلام ) بينما سليم رفع رأسه ينظر لها بملامح حزينة .. فأقتربت منه تجلس جواره من الناحية الاخرى وتضع يديها فوق كتفه ( هتبقى كويسة .. هي حالتها خطيرة ولا في اي ياسليم ؟) نظر لها ثم ابعد وجهه ينظر امامه بجمود ( اه .. اضربت بالنار ) فتحت فرح عينيه بصدمة وهي تبتلع غصتها .. ثم ضغطت على كتف سليم وهي تقول بقلق ( ه.هتبقى كويسة ان شاء الله !) امسك يديها بين يديه ثم اعاد رأسه للخلف يستند علي الحائط بينما هي كانت تنظر له بحـزن بالغ علي حالته تلك ... نظرت مرة اخرى لفارس فكان يقف بجوار باب غرفة العمليات وهو يضم يديه لصدره .. نظره بالأرض وعندما رفع نظره كانت عينيه مدمعتين .. وجهه مختنق حالته لا تقل شيئا عن حالة سليم .. ابعدت نظرها عنه تنظر لحنين هي الاخرى شاردة .. ملامحها حزينة وخائفة .. ودموعها تهبط علي خديها بقلق .. فقالت بخفوت ( ربنا يقومها بالسلامة يارب !) ... ابتسمت لها حنين بدفئ ثم نظرت لهاتفها الذي يرن باستمرار بأسم ليث .. نظرت لهم ثم قامت من مكانها مبتعدة عنهم قليلا وهي تجيب بصوت باكي ( الو !) رد ليث بقلق يغمر صوته ( انتي بتعيطي ولا اي .. في اي يا حنين ؟) فقالت حنين بنبرة باكية وهي تقول ( قمر بنت خالي في المستشفى .. جوزها ضربها بالنار !) شهق ليث بصدمة قائلا ( جوزها ؟؟ لا حول ولا قوة الا بالله .. طب هي عاملة اي دلوقتي ؟) فقالت وهي تمسح دموعها ( هي في اوضة العمليات لسه مخرجتش !) همهم ليث ثم قال بتساؤل ( طب اجي ؟) فقالت برفض سريعاً ( لا لا .. متجيش غير لو فارس كلمك .. عشان انا لسه مقولتلوش حاجة !) فأخرج تنهيدة قوية قائلا ( ماشي يا حنين .. خدي بالك من نفسك وانا كل شوية هكلمك !) فردت بهدوء ( ماشي .. سلام !) اغلقت معه فرأت والدة قمر ترن عليها .. اتجهت سريعا لسليم وهي تقول بقلق ( سليم .. مامتك بترن .. اقولها اي ؟) نظر لها سليم لبرهة ثم قال بهدوء ( مش عارف .. كنسلي عليها وانا هروحلها !) وقف مكانه فوقفت معه فرح قائلة ( انا هاجي معاك عشان اكيد لما تعرف حالتها مش هتكون كويسة !) هز رأسه موافقاً ثم نظر لفارس فقال فارس بصوت منخفض مختنق ( متقلقش لو حصل حاجة هكلمك علطول !) ابتسم يليم بخفوت كـ علامة شكر ثم ذهب هو وفرح متجهين للمنزل !!
........................................................................................................................................................................
1
- تيم وطيف -
قال بصراخ ( تليفوني فين يا طيف مش وقت هزار عشان مزعلكيش انا عندي شغل !) هزت كتفها بلا مبالاة وهي تقول ( وانا اي عرفني هكون سرقته مثلا ) ضيق عينيه بضيق ثم اقترب منها يبحث عن الهاتف معها فقالت بسخرية ( فتشني فتش !) لم يجد الهاتف فزفر قائلا بصراخ ( خلصي بقا يا طيف مش ناقص هبلك علي الصبح انا عايز امشي عالشغل !) وضعت كوب العصير امامها وهي تقول ( احسن خليك في البيت متروحش الشغل ... ارحم نفسك دانا من يوم ما عرفتك وانت كل يوم في الشغل حتى يوم الاجازة بتشتغل !) رد بضيق ( الله اكبر في عينك ياشيخة ) ثم صمت قليلاً وهو ينظر إليها مضيقا عينيه بتفكير .. ليقول بترقب ( تمام انا اساسا مش عايز التليفون .. مش مشكلة .. انا ماشي عالشركة ) نظرت له بطرف عينيها وهي تقول بتساؤل ( يعني برضو هتروح الشركة ؟ .. هتروح ازاي من غير الفون ؟!!!) ابرز شفتيه بلا اهتمام مع هزة كتفه قائلا ( ولا يهمني مش مشكلة .. باي ياطـيفي !) ثم التفت ليغادر فقالت سريعاً ( استنى ) ثم قامت من مكانها واخذت الهاتف الذي تخبئه من خلف التلفزيون ووضعته بيد تيم بغضب ( خد ياخويا تليفونك اهو ...) ثم جلست علي الاريكة وهي تضم يديها لصدرها بغضب .. فأبتسم بخبث ووضع الهاتف بجيبه متقدما نحوها .. ثم مال عليها محاصرا اياها علي الأريكة قائلا بهمس خبيث( عايزاني اقعد معاكي ياست طيف مش كدا ؟) نظرت له بتلعثم فعادت بظهرها للخلف تلتزق بالاريكة قائلة ( لا عادي روح .. شغلك .. وانا هقعد براحتي هنا ) همهم قليلا ثم اقترب بوجهه منها اكثر ( بصراحة بقا انا مش عايز اروح وعاوز اقعد معاكي !) ثم جذبها من مكانها وجلس واجلسها فوق قدمه قائلا ( واهو نقعد براحتنا ونتسلى سوا ) ابتسمت بتلعثم وهي تهز رأسها ( اها مـ ..مـاشي ) ..ثم ابعدت نظرها بخجل لا تعلم ان مصيرها اليوم سيكون معه .. كانت تعتقد ان ذلك المصير سيكون به بعض الاحترام ولكن تيم لا يعرف عن الاحترام شيئ بتاتاً ....
........................................................................................................................................................................
- علي ونور -
** عاد علي من العمل بعد ان اخذ ادهم وصديقه للحجز في القسم .. وصل لشقته بتعب مفرط فهو من الأمس لم ينام .. فتح هاتفه يرن عليها ليطمئن ... حتي ولو كان بينهم بعض المشاكل فهي ستظل ما له من الدنيا بعد ان اصبح وحيداً بها .. لم تجب من الاتصال الاول فأكل القلق قلبه ثم اتصل مرة اخرى فردت ( الو ؟) اخذ نفسا مرتاحا قائلا ( ازيك يا نور ؟) كان ردها مختصرا ( كويسة الحمدلله .. انا في الشغل ) صمت قليلاً ثم قال بخفوت ( اتصلت اطمن عليكي .. متكلمناش طول اليوم امبارح ولا شوفتك !) ردت بتلك النبرة اللا مبالاية ( اها .. مانت مشغول في شغلك وانا مشغولة في شغلي .. ) همهم قليلاً ثم قال ( ربنا يوفقك .. هشوفك بليل ماشي !) اجابت ( تمام يا علي يلا سلام بقا عندي شغل كتير ) فأجابها بهدوء ( سلام ) ثم اغلق الخط وهو يفكر ويزفر بضيق ... هل لتلك الدرجة هي حزينة منه ؟؟
هل لتلك الدرجة هي مزعوجة منه ؟
هل غيرته عليها اصبحت شيئاً مزعجاً ؟
ام انها تعتقد انه يشك بها ؟
هو فقط يحبها حباً كبيراً مغلفاً بالغيرة البسيطة .. زتلك هي غريزة بجميع الرجال .. فكر قليلا في الفرق بين الحب والغيرة وما أكبر الفرق بين الحب والغيرة، فالحب الكبير يولد الغيرة، والغيرة الشديدة تقتل الحب .. وهو لن يسمح بتلك الغيرة الشديدة تلك التي تأخذ مسمى الشك ان تحدث بينهم .. لانه يثق بها ثقة عمياء .. !!
تنهد بعمق ثم توجه لغرفته لينعم بقسط من الراحة بعد تعب شديد ....
........................................................................................................................................................................
- نور وتامر -
** وضعت الهاتف جوارها وهي تفكر .. هل الآن تذكر ان يحادثها ويطمئن عليها .. كل ذلك لماذا ؟ لانه غضب تلك الليلة عندما اتى تامر ليبارك لها .. هل هو يشك بها ؟؟ ام ان غيرته اصبحت مفرطة لا تُحتمل .. ضيقت عينيها بإنزعاج ثم زفرت بضيق وهي تكمل عملها .. كان ذلك موعد الغداء فقامت من مكانها متوجه للخارج فرأت تامر امامها مبتسماً بدفئ ( نتغدى سوا !؟) همهمت بابتسامة خافتة هي الاخرى قائلة ( ماشي يلا ) مد يديه لها لتسير فسارت امامه بينما هو كان تبعها وهو مبتسم بسعادة !!
........................................................................................................................................................................
3
** ( قمر يا ..ماما قمر هتكون كويسة هي بس ..) كان سليم يتحدث بتلعثم خوفاً على صحة والدته ثم نظر لفرح التي ابتلعت غصتها ليكمل وهو يقول لوالدته القلقة ( ادهم ضربها بالنار وهي في المستشفى !) فتحت والدته عينيها بصدمة ثم شهقت وعينيها تلألأت بها الدموع لتقول بصوت متألم ( بنتي كويسة ياسليم ؟ اختك حصلها اي ياسلييم ،؟) ساندتها فرح من جهه بينما سليم من الجهه الأخرى لتقول فرح بخفوت تطمئنها ( متخافيش ياطنط هتبقى كويسة ادعيلها بس .. ربنا هيقومها بالسلامة بإذن الله ) جلست نورهان علي الأريكة وجوارها سليم وفرح لتقول بصوت مرتفع وهي تصرخ وتبكي ( بنتي حصلها اي ياسليم .. آآه ياقمر يابنتي .. انا عايزة اشوف بنتي ياسليم ) ابتلع سليم غصته قائلا بخفوت ( حاضر ياحبيبتي هاخدك تشوفيها بس متعمليش في نفسك كدا !!) هزت رأسها يميناً و يسارا وهي تبكي (بقالها فترة وهي بتتعذب كدا .. مبتشوفش يوم سعادة في حياتها .. قمر هتبقى كويسة يا سليم صح !!) هز رأسه بإيجاب ثم قام ( اه ياحبيبتي هتبقى كويسة اصبري هجبلك كوباية ماية عشان نمشي !) ثم توجه للمطبخ يصب الماء بالكأس ليسمع صراخ فرح ( سلييييم .. يا طنط فتحي عينك ياطنط ياسليييم ،!!!)
** ترك كل ما بيديه وهرول للخارج علي صوت فرح الصارخ بأسمه واسم والدته .. وقف امام والدته الغير واعية والفاقدة للوعي تماماً وهي يصرخ بصوت قلق ( ماما .. ماما فتحي عيونك الله يرضى عليكي !) ابتعدت فرح من جوارها سريعاً ثم اتت بكوب ماء واخذت تمسد بالماء علي وجه نورهان ولكن لا حياة لمن تنادي .. نظرت لـ سليم القلق قائلة بنبرة خافتة يغلفها القلق ( احنا لازم ناخدها المستشفى دي باينلها ضغطها وطي ) مال علي والدته يحملها بين ذراعيه متوجهاً للخارج بينما فرح تلحقه للسيارة متوجهين للمستشفى ...
كان الجميع قلق .. سليم .. فرح جواره .. فارس .. حنين .. جميعهم .. القلق ينهش قلوبهم علي كل من قمر والوالدة نورهان .. وبعد طول انتظار خرج الطبيب من غرفة العمليات التي بها قمر ووقف جوار فارس وسليم قائلا بهدوء وخفوت ( احنا عملنا الي قدرنا عليه .. دعواتكم للمريضة !) ابتلع فارس غصته قائلا ( يعني اي يادكتور ؟ .. هي اكيد هتبقى كويسة حالتها دلوقتي افضل صح ؟) اخذ الطبيب نفساً عميقاً قائلاً ( المريضة باين اتعرضت لعنف جسدي مع الرصاصة الي جت في مكان غلط كُليا ممكن تأثر بعد كدا .. انا مش هقدر اقول اكتر من كدا إلا لما المريضة تفوق ونبدأ نعملها فحوصات نطمن علي كل حاجة .. ) نظر له سليم بقلق قائلا ( دكتور انا ممكن اجيب دكاترة من برا تشوف حالتها المهم أختي تبقى كويسة !!) هز الطبيب رأسه بنفي ثم قال ( مافيش داعي لدكاترة من برا ) ثم ابتسم ابتسامة بسيطة ( ان شاء الله بدعواتكم لربنا هتبقى كويسة !) ثم غادر من امامهم بينما استند فارس علي الحائط رافعاً رأسه لاعلي قائلا بخفوت ( يارب ... يارب اشفيها يارب !) اقتربت منه حنين واضعة يديها علي كتفه قائلة بنبرة شبه باكية ( هتبقى كويسة ياحبيبي بإذن الله ربنا يقومها بالسلامة !) نظر لهم سليم ثم وجه نظره لفرح التي تنظر له بقلق ثم ابتسمت بخفوت قائلة بنبرة دافئة ( هتبقى كويسة ان شاء الله .. ربنا هيقومها بالسلامة !) هز رأسه بخفوت ثم توجه للغرفة التي تقبع بها والدته .. نظر إليها بحُزن ها هو الآن بأختبار صعب من الله .. في حالة اخته .. ووالدته الحزينة على ابنتها .. اختبار في اقرب اثنين لقلبه ... في الحياة نفسها .. اخذ نفساً عميقاً ثم التفت عندما شعر بيديها على كتفه تواسيه بإبتسامتها الدافئة .. بادلها هو الآخر بابتسامة بسيطة فقالت ( تعالى نقعد شوية برا واهو تشم هوا !) اخفضت يديها من علي كتفه لـ كفه ممسكة به .. ثم خرج معها للخارج وجلسا جوار بعضهم على كرسي كبير امام المستشفى ينظران للفراغ .. للظلام الذي حل السماء يعلن قدوم الليل بقمره ونجومه .. نظر للسماء بشرود قائلاً ( حاسس بـ الذنب في اللي حصل لـ قمر ..) نظرت له فرح بأهتمام وقبل ان تتحدث اكمل ( انا علطول بكون جنبها يافرح .. انا عمري ماسبتها في حياتي في لحظة ضعف .. او لحظة حُزن .. حتي في السعادة بنتشاركها سوا .. كنا بنتشارك كل حاجة عشان كنا عايشين في الحياة و فاهمين الي بيحصلنا .. كنت دايما انا الحامي بتاعها بعد ربنا .. ) اكمل بضحكة حزينة ( حتي حاميها من الصراصير الي كانت بترعبها وبالذات في نص الليل .. كانت بتيجي صريخ من اوضتها لاوضتي عشان تصحيني اموتلها الصرصار ) ابتسم بحنية مكملا ( قمر كانت في حياتي مش بس اختي .. كانت صحبتي كمان .. كانت بنتي .. ) نظر لفرح ثم قال بنبرته الحنونة ( انا بحب اوي اقعد افتكر ذكرياتنا .. بحب افضل افتكر كام مرة كنت بخليها تعملي اكل .. كام مرة كنت اقومها في عز الشتا والبرد عشان تقليلي بطاطس او تعملي شاي .. كام مرة هي قومتني في عز البرد والشتا عشان انزل اجبلها ايس كريم من الي بتحبه .. كام مرة مرة سهرنا سوا نسمع مسرحية ونفضل فطسانين عليها من الضحك .. او فيلم رعب وتفضل يومين تلاته خايفة من خيالها !) ابعد نظره بنبرة مختنقة مكملا ( كنت دايما جنبها .. ولما جه الكلب الي دخل حياتها هي بدأت تبعد عني عشان معرفش .. عشان هي عارفة اني مش هوافق علي ادهم عشان الي بيعمله !) اخذ نفساً مكملا ( هي حبته اوي .. وهو مكنش همه غير شهوته تجاهها وانه يجي في الآخر منتقم مني عشان انا شايل ضده حاجات كتير عشان يتحبس .... انا حذرتها منه كتير اوي بس هي كانت مفكرة اني مش عايزها تكون مع الي بتحبه وبيحبها .. حاولت اقنعها انه مش بيحبها بس هي مكنتش بتقتنع بكلامي .. انا غلطت لما يأست وقولت بكرا تفهم لوحدها .. اهو جه بكرا وهي بين ايد ربنا دلوقتي مش عارفين حالتها هتبقى اي .. ياريتني منعتها غصب عنه عشان متوصلش للحالة دي ) هبطت دمعة فارة من عينيه فمسحها سريعاً .. بينما فرح كانت تسمعه بحُزن .. تعلم جيداً ماهي الأخوة .. فهي لديها اخ واخت تخاف عليهم من نسمات الهواء المارة .. تعلم الآن بماذا يشعر .. وضعت يديها علي كتفه بحنية قائلة ( هتبقى كويسة ياسليم .. هي جت فترة عليها وضعفت وغلطت .. واحنا كلنا بنغلط عشان احنا مش ملايكة .. بس احمد ربنا انها عرفته علي حقيقته احسن ماكانت تتخدع فيه اكتر من كدا ... والحب اعمى زي ما بيقولوا ) ابعدت نظرها قائلة للحظات بنبرة شاردة ( الحب اعمى ياسليم .. وزي ما بيقولوا الي بيحب مبيعرفش يفرق بين صح وغلط .. بيشوف كل الي بيعمله صح .. ومبيشوفش قد اي كان غبي وهو بيعمل الخطأ دا .. !) نظر لها سليم ببعض الاستغراب الممزوج بالحيرة فنظرت له سريعاً مبتسمة ابتسامة هادئة مكملة ( متظلمهاش لمجرد انها حبت وهي كانت صاينة للحب دا .. انما هو باع !!) كان يتابع ملامحها بهدوء ثم قال بعد تنهيدة ( مبظلمهاش يافرح .. مبظلمهاش ! ) اغمضت عينيها للحظات مع تنهيدة قوية اخرجتها من داخلها .. ثم فتحت عينيها قائلة ( ولا انت ليك ذنب في الي حصل ... متفضلش محمل نفسك الذنب دا !) اخذ نفسا عميقا مكملا بخفوت ( بحاول !) ثم امسك يديها بين يديه ينعم بتلك الراحة التي يجدها جوارها .. جوار فرحته !!
- علي ونور -
** دلف لمنزلها والقى التحية علي والدتها .. ثم عليها بحب محملا بـ شوق يقتله داخلياً .. ذلك الشوق الذي يجعله يراها في وجوه الآخرين عندما تكون بعيدة عنه .. بداخله عقل لا يجيد التفكير إلا بها .. وقلب لا يتقن سوى اشتياقها .. كان علي جالساً معها في شرفة المنزل .. ينظر لتلك العينين الشاردتين بإنزعاج .. فهي لم ترحب به كما توقع .. اطفأت داخله ذلك الحماس الذي أتى به .. ومنذ أن أتى وهي صامتة .. وكأنها تفعل ذلك عمداً وتتجاهله عمداً ... ذلك الإهمال الذي يأتي بعد الإهتمام هو قتل نفس بريئة بغير حق .. قال في على في خفوت ( انتي مالك بتتجاهليني كدا ليه من ساعة ما جيت !) ردت بإختصار دون النظر إليه ( شايفاه الحل الامثل في المشكلة الي احنا فيها !) نظر إليها بإندهاش قائلا بسخرية ( مشكلة ؟؟ .. مشكلة اي دي ان شاء الله الي احنا فيها !! بقا انتي مسميه الي حصل بينا مشكلة وحله التجاهل وهو دا الحل الامثل يانور ... !) نظرت له ببعض الغضب ثم قال بانفعال مع الاحتفاظ بصوتها الهادئ ( اه مشكلة يا علي .. ومشكلة كبيرة لما تحرجني قدام مديري يوم خطوبتنا وهو جاي يباركلي .. هو انت مبتوثقش فيا يعني ولا اي !) اكمل بغضب هو الآخر ( رأيك لما يجيلك مديرك من غير عزومة دا عاادي .... دا حتى سأل على عنوانك وجه مخصوص ... اي الإهتمام دا كله ... مكنتيش مجرد موظفة في شركته !!!) قالت بنبرة جافة ( على الاقل هو اهتم وجه .. وكمان اعتذرلي في الشركة انه جه من غير معاد وانه ممكن يكون سبب مشكلة بينا .... بس لما جه وضحلي انك مبتوثقش فيا اصلا .. وجوده وضحلي حاجات كتير .. !!) جذبها من ذراعيها لداخل المنزل حتي لا يصل صوتهم للمارة في الشارع .. كانت تحاول جذب ذراعيها من يديه بإنزعاج ( سيبني ياعلي .. ابعد ايدك عني !) ولكنه كان الاقوى بالضغط علي يديها ممسكا بها بغضب .. اغلق باب الشرفة ثم التفت لها قائلا بغضب يعمي عينيه ( لا بصي بقا يانور .. احنا نتكلم دلوقتي علي بياض كدا .. معنى اي الكلام الي انتي قولتيه دا بقا .. يعني اي وضحلك حاجات كتير .. ومعنى اي وجوده في دي ... كان مين هو عشان يبقى له وجود في حياتك ؟؟؟) كانت ملامحها مصدومة من ردة فعله الغاضبة .. فغضبت هي الاخرى قائلة ( انت باين عليك اتجننت ولا اي .. ايوه اثبتلي انك اساسا مبتهتمش بيا وانك كل همك شغلك وبس .. انت اي ياخي ... واذا كان عن وجوده الي انت مضايق منه فهو له وجود انه كشف اهمالك ليا قبل مانخطو خطوة تانية !) لحظات صمت وكأن دلو ماء بارد وقع فوق رأسه .. ينظر لها بصدمة .. هل هذه نور التي يعرفها وتربى معها واحبها من قلبه .. اتت والدتها علي صوتهم قائلة بتساؤل وحيرة ( مالكم ياولاد .. صوتكم عالي ليه في اي ؟ ) كان علي ينظر لـ نور فقط .. ينظر إليها بصدمة يعتريها الإختناق .. اختناق يشعر انه سيحطم قلبه من الداخل .. هل تُعلي من شأن رجل اخر غيره وامامه !!! اعتراه الغضب مرة آخرى قائلا ( واللهِ .. لا والله شابوه لمديرك انه خلاكي تشوفيني علي حقيقتي .. بقا انا مش بهتم بيكي يانور ... انا الي بقيت مش بهتم بيكي .. انا الي كنت ببقى جاي مفحوت من الشغل ومرضاش انام الا لما اجي اشوفك واطمن عليكي .. انا الي عمال اكافح واعمل واعمل عشان تبقى حلالي في اقرب وقت ونبقى سوا .. هو جه في يومين غيرلك المنطق دا كله .. اي سحرلك دماغك ولا عشان هو بتاع شركات بقا ومستواه اعلى مني واهتم بيكي بتاع مرتين تلاته ميجوش في العمر الي عشناه سوا !!) كانت تستمتع إليه بعيون باكية .. عينيها تنظر بعيداً .. لا تقوى علي النظر في عينيه او له حتى .. قالت والدته محاولة ان تُلطف الجو ( اهدا ياعلي يابني اكيد نور متقصدش حاجة .. اقعدوا واتفاهموا طيب انتو الشيطان دخل ما بينكم يابني استغفروا ربنا واقعدوا يا حبيبي يلا !) هز رأسه بنفي وهو ينظر لـ نور بنظرة منكسرة ( فكري كويس في كلامي وقوليلي انتي ناوية علي اي ؟؟) شهقت والدتها وهي تضع يديها علي صدرها ( متقولش كدا يابني هتكون ناوية على اي يعني اكيد ناوية تصلح الي بينكم .. استعيذوا بالله ياحبايبي واهدوا كدا !) لم ترد نور بحرف بل التفتت مُغادرة لغرفتها بخطى سريعة .. بينما علي يتابع تحركها من امامه بعينين منكسرتين .. ابعد بصره من الفراغ الذي احتل موضعها الذي كانت تقف به منذ قليل لوالدتها .. نظر إليها بهدوء ثم اقترب يقبل رأسها قائلا بهدوء ( انا ماشي يام نور .. خدي بالك من نفسك !) ثم اولاها ظهره هو الآخر وهي تدعو له قائلة ( ربنا يحل مابينكم يابني يارب ويهديكم .. الف سلامة ياحبيبي !) تنهدت بعمق بينما هو غادر المكان بـ قلب عالق ما بين الحياة والموت .....
........................................................................................................................................................................
5
- فرح -
** وها هو يبتسم النهار بإشراقته المنعشة فتبدأ معه الحياة ... وتعانق خيوطه كل أرجاء السماء فلننهض ونشـرق كما تشرق شمــس سمانا التي تملأ الأرض نـورًا ودفئـًا ... استيقظت بنشاط وايقظت اخاها واختها ليذهبوا لمدرستهم .. ذلك هو يوم روتينها .. الاستيقاظ مبكرا لمساعدة اخواتها في الملبس .. ثم الجلوس في الشرفة بشرود .. تعطلت عن عملها بسبب المشاكل التي تحدث مع عائلة سليم .. والآن اقترب الوقت لتعاود العمل بسبب انتهاء النقود التي اكتسبتها في العمل .. اخذت نفساً عميقاً ثم وقفت مكانها تنظر للمارة في الشارع بشرود هنا وهناك .. حتي وقفت سيارة سوداء من الطراز الحديث ... هبط منها ما لم تكن تتوقع وجوده .. ما لم تكن تتوقع معرفته لمكانها .. توسعت عينيها بصدمة وهي تنظر لـ أحمد الذي ينظر اليها بهدوء .. بملامح مليئة بالأسئلة .. بينما هي ارتجفت داخلياً وهي تنظر له بـخوف .. وحيرة ماذا تفعل هل تدخل للمنزل او تهبط له وتتحدث معه ام ماذا ... لم تكن تود رؤيته اطلاقا .. فهو يذكرها بماضي لا تريد ان تتذكره ... ذلك ابن عمها الاكبر ... ذلك الذي كان والده السبب بتشردهم .. ابعدت نظرها بعيداً عند تلك النقطة وكأنها غير مهتمة انها تراه الآن ... عكس ملامحها التي تفضحها الآن بالعديد من المشاعر .. ووجهها المقتضب بغضب .. ركب أحمد سيارته وغادر دون اي شئ يفعله .. اتى ليراها وغادر .. اخذت نفساً عميقاً ثم دلفت للمنزل بتوتر وهي تفكر وشاردة بذلك المستقبل الغامض الذي ستعيشه ..
......................................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** كانت جالسة في حديقة المنزل تضم قدميها إليها وشاردة بعيداً .. شعرت بيديه علي كتفها فأغمضت عينيها بهدوء ثم فتحتهما مرة اخرى فكان هو يجلس امامها وينظر لعينيها بملامح متسائلة لسبب عبوسها .. أبعدت يديه عنها وهي تقول ( انا هرجع بيتي .. معنتش عايزة اقعد معاك هنا ) قوص حاجبيه بإستغراب وهو يقول بحدة ( انتي حصلك حاجة في عقلك ولا اي !! مش هترجعي البيت انتي هتفضلي هنا عشان انتي ممكن تتعبي في اي وقت !) هزت رأسها بنفي وإصرار لما تقوله ( انا قولت الي عندي .. انا عايزة امشي !) تحولت ملامحه لغضب .. وعينيه احتدت عن قبل بينما هي كانت تنظر لعينيه ببرود قاتل .. لم يراه يوماً في عينيها .. امسك يديها بين يديه ضاغطا عليهم بضيق قائلا ( حاضر يا طيف .. قومي اجهزي عشان نروح !) هزت رأسها بضيق ثم صعدت لغرفتها وعينيها مليئة بالدموع التي لا تنتهي .. وقلبها يؤلمها بشدة .. تريد الذهاب وفي ذات الوقت لا تريد .. تريد ان تعلم قيمتها له .. هل قيمتها تعززت بتلك الطريقة بسبب ابنهم ...
انتهت من ارتداء ملابسها وخرجت من الغرفة مع اغراضها .. رأته يجلس علي الاريكة يدخن بشراسة .. عينيه تشع الشرار بغضب .. فأخذت نفساً عميقاً واقتربت من موضعه قائلة ( يلا ) رفع بصره ينظر إليها بحدة ثم قام من مكانه قائلا بتهكم ( يلا يا ..طيف ) ضغط علي اسمها بضيق فإبتلعت غصتها وغادرت امامه باتجاه السيارة ..
كان يقود بصمت وبرود عكس ذلك الغضب الذي يجتاحه من جميع مكان ... بينما هي تنظر للطريق بشرود .. تفكر فيما تفعله .. ولكن أكان هيناً عليه ان يتركها بهذه السرعة .. اللعنه علي تقلبات مزاجك طيف .. انتِ بكل دقيقة بمزاج معين ..
انتبهت للطريق فكان غير طريق منزلها فنظرت له باستغراب ( احنا رايحين فين .. دا مش طريق البيت !!) لم يجاوبها .. بل ظل مستمرا علي حالة البرود تلك .. فزفرت هي بضيق لحاله تعلم الآن انه يخطط لشئ اخر .. ولكن بماذا يخطط ذلك المدبر الذي بجوارها ...
.................................................................................................................................................................
** وصلت نور الي الشركة وهي شاردة الذهن .. كل ما في بالها الآن هو - علي - وحديثه لها بالأمس .. فجأة شعرت انه لا يثق بها .. منذ ذهابها إلى الشركة وهو يسألها عن كل شئ يحدث معها .. هل ذلك شك اهتمام .. ؟ ولم يكن الاهتمام الزائد الا اختناقاً ... هي تختنق من اهتماماته الزائدة ! .. لا تعلم انها نابعة من القلب ... فتحت هاتفها على اسمه تفكر في الحوار الذي حدث بينهم بالأمس .. رفعت بصرها فرأت تامر امامها يتحدث مع احد الموظفين ..
تامر .. دخل لحياتها بدون اي مقدمات .. قلب حياتها رأساً على عقب .. جعلها تغير قليلاً في تفكيرها .. في حياتها .. وحياتها المستقبلية .. بل تحديداً حياتها الزوجية مع علي .. رأت بـ تامر اشياء اكثر ليست موجودة بـ علي .. ذلك العلي الذي تربيت معه وتعلمه ظهرا عن قلب .. إلا انها لم ترى غيره ولم تتعامل سوى مع غيره في حياتها لتعلم ذلك كيف يفكر وذلك كيف يتصرف وذلك وذاك وهذا ... ولكنها عندما رأت تامر وتفتح عقلها علي التفكير الزائد .. يتحدث معها تامر يومياً عن الاحلام والمعيشة والحياة .. تريد ان يتفتح عقلها هكذا .. ان تخرج من تلك الحارة التي اصبحت تكره الوجود فيها .. ان تترقى وتترك تلك الشقة المتهرية .. لا عيبٌ في الفقر ولكن العيبٌ ان نقف مكتوفين الأيادي دون التخطي للإمام ..
وضعت يديها علي رأسها تمنع نفسها من التفكير فسمعت صوته الحنون وهو يقول ( نور .. انتي كويسة ؟) رفعت بصرها تنظر له بابتسامة صغيرة وكأنها تخرج غصبا قائلة ( ايوه كويسة .. ) جلس امامها وهو يقوص حاجبيه باستغراب ( بس مش باين .. ) ثم قال بابتسامة مع نبرة متسائلة تحمل داخلها بعض الحنين الذي يسرق قلبها ( اي رأيك نطلع نتغدى ونتكلم شوية .. انتي شكلك مرهق وعايزة راحة قومي يلا !) نظرت له بتفكير ثم ابعدت نظرها ليستقر علي الخاتم الذي بيديها .. لتتحول قسمات وجهها الى تهكم .. فانتبه تامر لذلك فأخذ نفسا عميقا ثم وضع يديه فوق يديها وكأنه ينبهها ( قولتي اي !؟) رفعت عينيها تنظر له ثم قالت بخفوت ( تمام يلا !) فإزدادت ابتسامته توسعاً ثم وقف مكانه بينما هي الاخرى وقفت معه وغادرت ..
.................................................................................................................................................................
16
** كان يجلس بجوار والدته الصامتة عن الكلام .. وعن الاكل والشرب.. فقط عينيها تذرف الدموع علي ابنتها .. تنهد بعمق وهو يقول بنبرة تتطمئها ( ماما .. ياحبيبتي والله الدكتور قالك هي كويسة .. بس لسه محتاجة وقت عشان تفوق ) لم تستجيب له فقال مرة أخرى وهو يلف يديه حول كتفها قائلا ( ياقلبي عشان خاطري هجبلك اكل عشان تاكلي كدا غلط عليكي وعلي صحتك انتي كمان .... يلا عشان لما قمر تفوق تشوفيها وتبقي كويسة ) انتهى من كلامه مع دخول فارس للغرفة التي هما بها وهو يقول بنبرة متسائلة قلقة ( الدكتور قالكم اي يا سليم !؟) جاوبه سليم بخفوت ( قال انها كويسة وتعدت مرحلة الخطر .. بس عايزين يعملولها اشاعات وصور في مكان الرصاصة .. بس هي هتبقى كويسة يعني !) اخذ فارس انفاسه بتنهيدة عميقة من الداخل .. وها هي بخير وستكون بخير .. سيفعل أي شئ لاسعادها الآن .. يعلم جيداً ومتيقن انها في حالة سيئة ولكن كل ذلك سيمر ... سيمر مع وجودها معه ووجوده معها .. سيمر وسيكونان اسعد اثنين في هذه الحياة .. فهو يحبها من داخل قلبه ومن اعمق نقطة ... وسيجعلها تحبه مثلما احبها .. ولكن فلتستيقظ ومن ثم سيفعل اي شئ لها .. خرج من الغرفة التي يوجد بها والدة سليم وقمر ذاهبا للطبيب ليتحدث معه عن حالة قمر ..
..............................................................................................................................................................
- حنين وليث -
** ( خلاص يا حنين هتبقى كويسة ان شاء الله انتي ليه عاملة في نفسك كدا !؟) هزت رأسها بإيجاب وهي تقول بخفوت ( ان شاء الله .. انا بس زعلانة عليها هي متستاهلش كل الي بيحصلها دا !) وضع يديه فوق يديها بحنية وهو يقول ( دا قدرها ياحنين .. وهي ياستي هتبقى كويسة ) رفعت بصرها تنظر لعينيه بامتئنان ( شكرا اوي انك واقف جنبي في الوقت دا .. انا مش هنسى انك كنت جنبي في وقت صعب زي دا ) ابتسم بحنية ثم تحولت ابتسامته لابتسامة لعوبة ( منا برضو لازم اقف مع مراتي المستقبلية في مشاكلها وكدا ولا انتي اي رأيك ) احمرت وجنتيها خجلا من كلامه و ضربته برفق على يديه وهي تقول ( اسكت بقا الله .. المهزأ الي فيك بدأ يطلع !) قهقه لكلامها وهو يقول بغمزة ( الله هو انتي مش وافقتي اننا نتجوز !) قوصت حاجبيها باستنكار ( لا ياعنيا موافقتش مين قالك اني وافقت بقا ؟) قال بنبرة تحمل الاستنكار والقرف ( عنيااا ؟!) ثم اكمل وملامحه بدأت تحمل الاندهاش ( انا بدأت مصدقش فعلا انك كنتِ عايشة في بلد اجنبي يابنتي .. اي ياعنيا دي .. الناس بتقول ياعيوني !) رفعت حاجبيها بطريقة امرأة ستبدأ بالردح وهي تقول ( عيونيي .. امال مش عيوني .. لا ياحبيبي انا بقول ياعنيا ماشي ياعنيا ولا مش ماشي !؟) ابرز شفتيه وهو يهز كتفه ( لا انا ممكن اكون عاوز اراجع حساباتي انا الاول !) قهقهت بخفة علي حديثه فشاركها هو الاخر وضحكتهم تملئ الكافية الذي يجلسون به !! تنتشر السعادة في قلبها وكيف لا تنتشر وهي تجلس مع من يسبب لها السعادة !
..............................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** ها هي تدلف منزله مرة اخرى منكسة الرأس .. لم تتوقع أنها ستعود بتلك السرعة وكيف تعود ؟؟ زوجته !! اخذها وتزوجها بالمحكمة حتي لا تذهب لمنزلها .. صعدت لغرفتها وجلست علي فراشها وهي شاردة الذهن والعقل .. تنظر في اللاشيء .. مازال مثلما هو .. بارد قاسي ومتملك .. حتي انه يتملك مشاعرها ويتملك موافقتها علي الزواج منه .. دمعت عينيها بقهر وجرت الدموع علي خديها كما تجري الماء في ارض زراعية .. وضعت يديها علي فمها تمنع شهقاتها وأنتها المتألمة .. دلف إليها ووقف ينظر لها بحزن .. يعلم جيداً بماذا تشعر وذلك الشئ الوحيد الذي لم يكن يريد ان يجبرها عليه .. وهو الزواج
ولكنها تريد الذهاب وتركه .. وهو لن يسمح بحالتها تلك .. فهي في اي وقت قد يحدث اي خلل لقلبها .. وطفله الذي في احشائها .. يخاف عليه حد الجنون من ان يحدث له شئ .. ولها معه فسيكون خسر ما تبقى له في هذه الدنيا ... اقترب من موضعها وجلس جوارها وحاوطها بيديه وهو يقول بحنية ( طيف .. كفاية عياط وقهر في نفسك انتي كدا هتأذي نفسك بايدك !) ابعدت يديه بقوة وهي تقول بقهر وصراخ ( متلمسنيش حرام عليك بقا سيبني في حالي .. حرام عليك انا تعبت .. انا كل يوم بموت الف مرة بسببك .
انت اي معندكش قلب .. حرام عليك بقا ارحمني وارحم ضعفي ارجوك ... انا مبقاش عندي حد في الدنيا امي ماتت وابويا سابني كمان وراحلها .. معنديش حد يحتويني في الدنيا غيرك .. احتويني صح احسن ما اروح انا كمان ليهم .. ارجوك ارحمني ) كانت تشهق بين كل كلمة وأخرى .. بينما هو يستمع إليها بعينين دامعتين .. يعلم مدى القهر والألم بقلبها وكم تتحمل .. لا يعلم ماذا يفعل او كيف يواسي او يحب .. لا يعلم كل هذا وهي لا تقدر ماعاشه وكيف ستقدر وهي لا تعلم ذلك .. مسح وجه بعنف وهو يمد يديه لها ليحتويها ولكنها أبت ان يقترب منها بصراخ هيستري ( ابعد ايدك عني متلمسنيش ابعد عني بقا !) ابتلع غصته وهو يحاول ان يهدئها قائلا بقلق ونبرة حنونة ( طيف .. اهدي مينفعش كدا اهدي عشان خاطري انا مش هلمسك ولا هقرب منك حاضر .. اهدي ) وضعت يديها علي وجها وهي تصرخ وتبكي بقوة .. وبأشد ما لديها ومن داخل داخلها تخرج تلك الصرخة .. صرخة تُخرج ما بقلبها .. ما بداخلها من ألم وحزن وقهر .. بينما هو لم يكن يعلم ماذا يفعل .. يجب ان تهدأ وبأي طريقة فأقترب منها يحتضنها بحنان بالغ وهو يمسد علي شعرها .. ويهمس بإذنها ببعض الكلام المعسول ليهدأ من روعها فما كان مهدئاً بل زاد الوضع طيناً حتى اغمى عليها بين يديه .. فُزع اكثر عندما وجد بعض الدماء ببنطالها الابيض ... لم يشعر بنفسه سوى وهو يحملها ويركض بها للمستشفى ..
..............................................................................................................................................................
3
** وصلت فرح للمستشفى وذهبت للجهه التي بها سليم ووالدته .. قابلته امام غرفة التي توجد بها والدته فأبتسم عند رؤيتها بحب ( قولتلك بلاش تيجي النهاردة الوضع كويس الحمدلله !) ابتسمت بخفوت قائلة ( مافيش مشكلة يا سليم .. المهم طنط عاملة اي وقمر ؟) هز رأسه بابتسامة خافتة ( قمر الحمدلله بس مفاقتش لسه .. وماما تعبانة بسببها .. بس اهي لسه كانت بتاكل بعد ما كانت قاطعة الاكل !) ( طيب انا هدخل اشوفها ) قالتها وهي تتوجه ناحية غرفة والدته فأمسكها سليم من كتفها قائلا ( عايز نتكلم شوية .. في موضوعنا انا عايز استعجل لاني بجد محتاجك جنبي ... يعني لما قمر تطلع من المستشفى نكتب الكتاب ) نظرت داخل عينيه للحظات بهدوء ثم قالت وهي تهز رأسها بإيجاب ( لما قمر تتطلع ونتكلم الاول ياسليم .. عشان كل حاجة تبقى علي بياض .. واطمن ان اهلي هيبقوا كويسين !) رفع حاجبيه بإستغراب ثم قال ( واي الي هيخليهم مش كويسين يافرح ماهما كويسين اهو واخواتك بيروحوا المدرسة !) صمتت لبعض الوقت ثم قالت ( نتكلم بعدين ياسليم عشان خاطري .. انا داخله اشوف طنط !) ابعدت يديها من بين يديه ودلفت لغرفة والدته بينما هو وقف يفكر بشرود !!
..............................................................................................................................................................
- علي ونور -
** وصلت لمنزلها فوجدته جالساً مع والدتها تعقم له جروح وجهه .. قوصت حاجبيها بحيرة وهي تقترب من موضعهم ثم بدى القلق واضحاً على قسمات وجهها وهي تهرول إليهم ( علييي !) رفع بصره ينظر إليها بهدوء ثم ابعد بصره صامتاً وملامحه بدأ عليها التهكم .. جلست جواره ثم لفت وجهه لها قائلة ( اي حصلك .. مين عامل فيك كدا ؟) ابعد وجهه فقالت والدتها بخفوت ( متخافيش ياقلبي هو كان في الشغل وانتي عارفة شغل علي .. !) ابتلعت غصتها وبدأت تفرك بيديها بتوتر ثم همهمت قائلة ( وانت عامل اي ياعلي ؟!) رد بإختصار ( كويس يانور .. كويس !) ابتسمت بخفوت ( دايما يارب !) قالت والدتها ممازحة ( اي يولاد انتو بتتكلموا كأنكو اغراب كدا ليه متخلوش مشكلة امبارح تأثر عليكم كدا .. استغفروا ربنا !) قال علي بهمس ( استغفر الله العظيم !) ثم رفع نبرة صوته ليسمعوه ( انا هقوم امشي .. ) نظرت والدة نور لها واشارت لها لتتحدث فتلبكت قائلة ( علي .. لازم نتكلم ؟!) رفع بصره ينظر إليها ثم التفت بجسده كاملاً ( نعم !) ضمت شفتيها بتلعثم بالغ وهي تلف خاتم خطوبتهم بيديها قائلة ( امم علي .. انا بصراحة فكرت في كلامنا بتاع امبارح .. ودلوقتي كلامي دا نابع من تفكيري الكتير في الموضوع .. بصراحة انا ...) كان يتابعها وكأنه ينتظر تكملة حديثها فكانت الصاعقة التي هبطت علي قلبه تحطمه لاشلاء ( احنا مينفعش نكمل مع بعض ياعلي ........ !)
** تلقى كلامها وكأنه سَمُاً يتلف قلبه .. كانت ملامحه جامدة لا يظهر عليها شيئاً سوى الصدمة .. لم يكن يعلم ماذا يفعل او كيف يتصرف .. بماذا يرد عليها .. الآن هي تريد ان تنهي علاقتهم .. والحب الذي كان بينهم .. حب السنين .. حب الطفولة وحب المراهقة وحب النضوج .. أم انه هو من احبها ؟ .. وهي لم تحبه !! كيف وهو يرى في عينيها نظرات الحب يومياً .... استيقظ من شروده علي شهقة والدتها التي دوت في ارجاء الصمت الذي يعم المكان ... نظر لوالدتها التي تقول بصدمة وانفعال ( انتي بتقولي اي يا نور ؟؟) نظرت لها نور بـ حُزن ثم ابعدت نظرها لـ علي وملامح وجهها تحمل الحيرة لـ صمته والحزن لـ صدمته ..
قهقه علي بخفوت ثم نظر إليها ( انتي بتقولي اي يانور .. مينفعش نكمل دا اي ؟) ابتلع غصته وهو يقول بحب ( انا اسف ياستي علي الي حصل ما بينا .. انا بحبك يانور !) هزت رأسها بنفي ثم قامت من مكانها واولته ظهرها وهي تفرك بيديها .. ثم قالت بهدوء ( لا .. انا محبناش بعض يا علي .. احنا بس كنا متعودين علي بعض وشايفين ان التـعود دا حب .. لكن هو مكنش حـب .. !) وقف خلفها قائلا بتساؤل هادئ ( اُمال كان اي يعني .. بلا مكنش حب .. احنا حبنا دا عُمر يا نور !) التفتت له وهي تقول بصوت مرتفع نسبياً ( فوق يا علي دا مش حُب قولتلك دا تعود وانت مع الايام هتفهم دا كويس .. انا فهمته قبلك .. انا بس ..) تلعثمت في حديثها واخفضت بصرها أرضا قائلة ( انا عرفت دا لما خرجت روحت اشتغلت ودماغي اتفتحت اكتر عالدنيا وعالناس ... ) قاطعها بسخرية ( قصدك علـى تامر !!) نظرت بعينيه للحظات بـ تلبك بالغ .. لم تكن تعلم ماذا تقول .. نظرت لوالدتها المصدومة وهي تتابع حديثهم .. ثم نظرت مرة اخرى لـ علي .. هل تخبره انه بالفعل تامر من غير تفكيرها !! ام تكذب عليه وتستمر بكذبتها في ان ما بينهم مجرد تَعود .. حسمت امرها ثم قالت ببرود  ( اه تامر .. تامر غيرلي تفكيري في حاجات كتير علمني حاجات كتير .. تامر غير ١٨٠ درجة يا علي .. تامر علمني ازاي العيشة في الدُنيا .. انت مكنتش بتعلمني غير ازاي احبك .. تامر فهمني ووقف جنبي .. كان بينصحني كتير .. انت معملتش كدا .. دا احنا مكنش بيحصل بينا مشكلة وكنت مستغربة .. بس دلوقتي عرفت ليه .. عشان انا وانت مكناش بنحب بعض .. احنا بس اتربينا سوا كبرنا على نفس التفكير .. مكنش قدامي غيرك حبيتك وانت حبتني عشان مكنش قدامك غيري .. !) صمتت تتابع قسمات وجهه التي بدأت تتحول لغضب جامح .. سيتحول لشخص ثائر لن يستطيع احد إيقافه ... ولكنه خذلها بإبتسامته الساخرة قائلاً ( بصراحة ... انا معرفكيش دلوقتي .. وانتي دلوقتي قدامي مش نور الي انا عرفتها طول عمري .. انتي حد تاني اتخذلت فيه !) امسك يديها تحت تلبكها منه .. ثم سحب خاتم خطبتها من يديها قائلا بحدة ( انا محبتش غيرك ومش عشان انتي الوحيدة الي كنتي قدامي .. لا حبيتك عشان انتي نور .. انا فعلا حبيتك .. بس انا دلوقتي اتمنى في اسرع لحظة ان انا احس انه كان تعود زي ما حسيتي عشان بصراحة ... انا قلبي مش مستحمل انه يوجعني عشانك .. ومش هيوجعني عشان واحدة باعتني عشان شافت الاحسن مني ... بس فعلا يا نور انتي محبتنيش والا كانت عينك هتشوفني احسن من اي حد حتى لو في احسن مني .. كنتي هتشوفيني انا الاحسن !) ابعد نظره بضحكة ساخرة وهو ينظر للخاتم بين يديه قائلا ( بكرا تفهمي كلامي دا كويس وتفهمي كل حاجة بس وقتها مش هكون زي الاول .. ربنا يوفقك مع ... تامر !) نظر لها بعينين منكسرتين يعافرهم القوة .. تلك النظرة التي لن تنساها ابداً في حياتها .. تلك النظرة التي حُفرت في قلبها ولن تخرج منه .. ابعد نظره عنها ناظراً لوالدتها ... اخذ نفساً عميقا ثم جثى على ركبتيه قائلا بنبرة مبحوحة ( كل شئ قسمة ونصيب يام نور .. عشان خاطري متزعليش وخليكي فاكرة ان انا كدا مبسوط وهي مبسوطة .. ) مال علي رأسها يقبلها قائلا بحنان ( هبقى اجي اشوفك علطول عشان انا دلوقتي معنديش غيرك في الدنيا دي كلها .. خدي بالك من نفسك ومن صحتك ) كانت دموعها تهبط علي خديها بغذارة ثم جذبته بين احضانها وهي تقول من بين شهقاتها ( سامحني يابني .. سامحني ياحبيبي وبكرا ربنا هيعوضك خير ياحبيبي .. !) ابتسم بحنان يغلفه الحزن الواضح علي قسماته .. ممزوجاً بإختناق .. لم يسمح لتلك الدمعة ان تفر الآن .. للدموع جميعها وقتها ومكانها المناسب .. وذلك ليس المكان المناسب قط .. رد على والدة نور بنبرة تشبه الاختناق الذي يغلف قلبه ( الغلط مش منك ياحبيبتي .. الغلـط مننا من الأول .. احنا كان المفروض نفكـر .. كل شئ قسمة ونصيب !) ثم ابتعد عن احضانها وابتسم بخفوت ( انا همشي دلوقتي .. عن اذنكم .. !) لم ينظر لـ نور اطلاقا بل غادر المكان وهو يستمع لـ همسات والدة نور بالدعاء له .. وعينين نور التي تراقب مغادرته ...
** ( يا مستر تيم انا قولت لحضرتك المدام متتعرضش لأي ضغط نفسي وبالذات في حالتها دي .. دي شايلة روح في بطنها وهي نفسها تعبانة !) هز رأسه بهدوء جامح ( طب هي دلوقتي عاملة اي ... والبيبي عامل اي !) هز الطبيب رأسه يطمئن تيم قائلا ( متقلقش .. وكويس انك جبتها وجيت بسرعة .. هي كويسة والبيبي كويس .. اتمنى يبقى الوضع اهدا من كدا بعدين عشان المرة الجاية هتبقى بخساير كتير !! ) ... وقف مكانه فسبقه الطبيب قائلا ( المدام هتفضل هنا لحد العصر كدا مانطمن علي حالتها كويس اكتر من كدا !) هز رأسه بإيجاب قائلا ( تمام يادكتور ...) ثم غادر مكتب الطبيب متوجها للغرفة التي تنام بها .. ولثانِ مرة يواجه ذلك الإختبار .. الاول عند معرفته بحملها .. والثاني عند معرفته بأنه كان على وشك خسارة إبنه .. وخسارتها ... دلف لها وجلس بجوارها وهو ينظر لملامحها النائمة .. ملامحها المُتعبة .. تذكر حديثها المؤلم وهي تعترف له انها وحيدة .. يتيمة .. لا تَملكُ في الحياةِ سواه .. تعترف له كم عانت في الحياةِ وهو مازال يجبرها بإستمرار على المعاناة اكثر معه .. إلا تعلم كم يكره صنف النساء وهي الوحيدة التي يتقرب منها هكذا !! ألا تشعر بالتمييز !!
اخرج تنهيدة قوية من داخل اعماقه ومال عليها يقبلها اعلى جبهتها .... فلم يظهر اي تغييرات في ملامحها .. سوى ذلك التعب الذي يطغى على ملامحها فقط .... !
......................................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** حل صباح يوم جديد .. شمس ساطعة تُزعج قلوب البعض .. فـ ماكانت القلوب تريد إلا الظلام لتبكي به حرقة والماً على تلك المأساة التي يعيشها البعض ..
استيقظت طيف بأرهاق بالغ على ملامحها .. تأوهت بألم بسبب ذلك السيروم الذي بيديها ويعطيها الغذاء .. دارت بعينيها في ارجاء المكان وهي في حيرة من أمرها .. وبعد لحظات استوعبت انها تمكث الآن في المستشفى .. بحثت عنه في ارجاء المكان فلم تجده .. واين سيكون بالتأكيد سيخرج من أي مكان الآن .. لا تخاف يوماً من فكرة فقدانه لأنه دائما يُظهر لها انه بحاجة لها وانه لن يتخلى عنها يوماً الا يوم موتها .. وها هو اتى على من الخارج على سيرته .. كان ينظر في بعض الاول التي بيديه ثم رفع بصره ينظر إليها وعندما وجدها مُستيقظة ترك الاوراق التي بيديه سريعاً ثم هرول إليها جالساً جوارها .. وظهر صوته القلق ( طيف .. انتي كويسة ؟) نظرت له لبرهة من الوقت دون النطق بأي كلمة .. فقط تتابع قسمات وجهه المتغيرة ما بين تساؤل وحيرة وخوف وقلق .. تاركة اياه عالقاً في جواب لم تُجيبه ... أهي بخير ؟؟
لاحظ صمتها الطويل فـ كفها من فمه يلثمه بحنان قائلا ( انا آسف .. انتي حتى مدتنيش فرصة اشرحلك .. انا عملت دا عشان مصلحتنا .. عشان مخسركيش ..) قاطعته في حزم قائلة ( ابني كويس ؟!) ابتلع غصته ثم هز رأسه بإيجاب ( اه الحمدلله انتي وهو كويسين .. وهتفضلوا كويسين طول العمر يا طـيف !) ابعدت كفها عن كفه واغمضت عينيها ببرود قاتل يقتل كل خلية داخله .. هي حزينة .. ويبدو ذلك علي ملامحها .. ولكن هكذا هي تقتله .. ؟؟؟!...
ظلت على ذلك الصمت حتى انتهى من اوراق خروجها من المستشفى متوجهين للمنزل لحياة اخرى لا يعلمون إن كانت سعيدة ام حزينة .. تاركين ذلك للقدر ليحدد مصيرهم المكتوب عند الله ...
......................................................................................................................................................................
- فرح وسليم -
** كانت جالسة مع والدتها بعد ان ذهابا إخوتها للمدرسة .. كانت فرح شاردة الذهن .. تفكر تارة بـ سليم .. وتارة بـ أحمد .. تارة بذكريات الماضي .. وتارة بعيشتهم ... تارة بأهلها وماذا سيحدث لهم بعد زواجها من سليم ! .. وتارة اخرى بمستقبل غامض لا يعلمه سوى الله .. اخرجت تنهيدة قوية من داخلها وهي تعتدل في جلستها .. فكانت رافعة قدميها تضمها لصدرها بحزن بالغ .. وعينيها شاردتان في الأفق البعيد .. استيقظت من شردوها على رنة هاتفها مُعلنا قدوم رسالة من سليم .. امسكت الهاتف بهدوء وهي ترى محتوى الرسالة ( قمر صِحيت من شوية .. هطمن عليها ونتقابل في الكافية الي بنتقابل فيه علي طول عشان نتكلم ) قرأت الرسالة ثم اغلقت الهاتف ووضعته جانبها مرة أخرى ثم رفعت بصرها لوالدتها بتنهيدة ( ماما .. سليم عايز يقابلني ونتكلم .. انا هحكيله على كل حاجة ..) كانت سارة تنظر إليها بهدوء ثم شبكت يديها ببعضهم ( ربنا يجبر بخاطرك يابنتي يارب .. ) ابتسمت فرح بخفوت ثم توجهت لغرفتها وارتدت ملابسها وغادرت المنزل بعد ان ودعت والدتها العزيزة ..
سارت في الطريق و تنظر هنا وهناك بشرود .. تُفكر بـ أحمد الذي اتى لحياتها دون مقدمات .. دون حساب الحساب ... يزعج تفكيرها صوت زمور سيارة خلفها .. زفرت بضيق ثم التفتت بوجهها تنظر من ذلك الذي يزمر خلفها والطريق أمامه مفتوح .. فرغت شفاهها بصدمة لرؤيتها لـ أحمد خلفها بسيارته وهو ينظر إليها ببرود قاتل .. اصبح في وجهتها وهو يقول بهدوء ( اركبي يا فرح !) ابتلعت غصتها وتراجعت خطوة للوراء وهي تهز رأسها بنفي .. بينما ملامح وجهها لا يعتريها سوى الصدمة .. كز احمد على اسنانه بضيق قائلا بتهديد ( اركبي يافرح عاوز نتكلم شوية !) نظرت له للحظات ثم هزت رأسها بنفي مرة اخرى والتفتت لتغادر فشعرت بيديه تقبض علي يديها بعنف قائلا ( هنتكلم وامشي .. !) جذبت يديها بعنف من يديه وهي تقول ( ملكش حق انك تلمسني كدا .. عايز اي يا احمد ؟) اخذ نفساً عميقاً ثم قال وهو يشير لسيارته ( اركبي العربية مينفعش نتكلم واحنا واقفين كدا .. انا مش هخطفك !) رن هاتفها فنظرت لأحمد ثم للهاتف فوجدت اسم سليم .. ابتلعت غصتها عنوةً فهي الآن في موقف لا يُحسد عليه .. امامها أحمد ويرن سليم .. نظرت لأحمد قائلة بتلعثم ( انا لازم امشي .. مش عايزة اتكلم معاك !) ثم التفتت لتغادر فعاود إمساك يديها بقوة قائلا ( عليا الطلاق منتي ماشية غير لما نتكلم يا فرح .. ردي علي المحروس وقوليله اي حاجة بس هنتكلم الاول !) توسعت عينيها بصدمة لحديثه .. ازدردت بخوف ثم قالت ( انت مجنون .. انت بتقول اي يا احمد !؟) جذبها من يديها لسيارته قائلا ( زي ما قولتلك كدا ..) ركبت السيارة بخوف بينما ركب هو الآخر وقاد بصمت يتابع حركات يديها في الهاتف وهي تُرسل لـ سليم رسالة ..
انتهت فرح من ارسال الرسالة التي كانت محتواها " سليم انا هتأخر نص ساعة كدا .." رفعت بصرها من الهاتف لأحمد قائلة بتلعثم تتصنع به القوة ( ممكن افهم انت عاوز اي ؟!) .. نظر إليها بهدوء ثم عاود النظر امامه حتى توقف بالسيارة في احدى الاماكن الهادئة .. ثم قال بعد صمت طويل ( فرح .. انتي عارفة كويس ان الي حصل كان غصب عني وعنك .. وانا مكنش في ايدي حاجة ...) قاطعته بحزم ( انت اكيد مطلبتش نتكلم عشان تفكرني بالحوار دا .. او عشان تبررلي .. لو سمحت قول بسرعة انت عايز اي !) نظر إليها بحزن قائلا ( انتي عارفة ان انا لسه بحبك يافرح .. ومكنتش اتمنى يحصلكم كدا ومتعرفيش كام مرة انا طلعت دورت عليكو ..) نظرت له والدموع تتلألأ بعينيها بقهر قائلة ( متجبش سيرة الحب دا علي لسانك تاني انت فاهم !) صم ثالت بحدة وهي تكز علي اسنانها ( انت وعيلتك متعرفوش يعني اي حب .. وانا ولا مرة اتمنيت ارجع اشوفكم تاني .. وحقي وحق اهلي هيرجعوا .. انا مش عايزة منك ولا من حبك دا حاجة .. ابعد عني يا أحمد عشان سليم مش هيرحمك .. سليم بيحبني وهنتجوز ..! ) قاطعها بصراخ وغضب ( سليم مين دا الي ميجيش في العشرة الي بينا حاجة .. دا مكنش تعارف كام يوم ولا كام اسبوع لا حتى شهر .!) ابتسمت بسخرية ممزوجة ببرود ( سليم الي انت بتقول عليه دا احتواني انا واهلي من الشارع .. وطلعني من مصيبة كنت مُتلبسة فيها .. سليم دا ضافره برقبتكم كلكم ..!)  فتحت باب السيارة وهي تقول بغل ( متطلعش في وشي تاني يا استاذ احمد !) ثم ترجلت من السيارة واغلقت بابها بقوة كاد ان يكسر الباب ثم غادرت بـ غل يجتاح قلبها وهي تدعو الله ان تتخلص من ذلك الماضي الذي سيظل يرافقها دوماً ...
.................................................................................................................................................................
- فارس وقمر -
** كانت تجلس صامتة تسند رأسها في احضان والدتها العزيزة .. بينما يجلس امامها فارس وجواره حنين .. وكان الصمت يعم المكان ... هدوء بالغ يقاطعه احيانا تأوهات قمر المتألمة .. تنقلت نظرات قمر من حنين لفارس ثم قالت بنبرة خافتة يملؤها التعب ( انتو كويسين ؟) هزت حنين رأسها بإيجاب والإبتسامة تعلو شفتيها قائلة ( اه ياحبيبتي كلنا كويسين .. !) ابتسمت قمر بدفئ ثم نظرت لفارس مرة أخرى قائلة ( شكرا لانك .. كُـ ـنت معايا الفترة الي فاتت دي !) ابتسم فارس بحنو قائلا ( مش هتكون اخر مرة .. هكون دايما جنبك يا قمر !) ابتسمت قمر بدفئ ممزوج بخجل وعم الصمت المكان مرة اخرى .. فقاطعه فارس قائلا ( احنا هنتجوز زي ما اتفقنا صح ؟!) تنحنحت قمر بتعب ثم اخفضت بصرها ( فارس .. انت لازم تعرف حاجة مهمة !) قوص حاجبيه بإستغراب قائلا ( حاجة اي !؟) تحولت نظرات قمر منه لحنين ثم رفعتها لوالدتها .. عاودت النظر مرة اخرى لفارس قائلة ( انا وادهم متجوزناش !) ابتلعت غصتها ثم قالت ( كان ممضيني على ورق مُزور على اساس اننا اتجوزنا !) شهقت حنين بصدمة قائلة ( ياربي دا واحد قذر اوي !) بينما فارس كان ينظر لـ قمر بهدوء وعقله شارد يُفكر في مئة شئ في باله .. ولكن لم يمنع ذلك ظهور شبح إبتسامة على فمه قائلا ( يعني مافيش داعي نستنى ان يكون في عدة وتخلص صح !) .. قالت والدة قمر بخفوت وهي تبتسم ( اه يابني مافيش عدة .. بس لما قمر تقوم بالسلامة وامك وابوك ينزلوا !) هز رأسه بابتسامة ( طبعا .. ) قاطع حديثهم صوت هاتف حنين الذي بدأ يرن وعندما رأت اسم " ليث " تلعثمت وهي تنظر لفارس قائلة ( انا .. هطلع ارد واجي ..!) ثم خرجت من الغرفة بينما فارس ينظر لـ قمر بحب وابعد نظره مرة اخرى وهو يفكر ..
أما بالخارج كانت حنين تتحدث مع ليث بخفوت ( طيب يا ليث اهدا .. هي مالها طيب !) اتاها صوته القلق ( معرفش يا حنين معرفش .. هي سُخنت فجأة كدا ومن الصبح وهي تعبانة ونايمة .... ) اخذت حنين نفسا عميقا ثم مسحت وجهها قائلة ( ابعتلي عنوان بيتك يا ليث !) .. صمت قليلاً ثم قال ( تمام هبعتهولك في مسج !) ( تمام سلام !) .. اغلقت معه الاتصال وهي تفكر في حال الصغيرة المريضة .. ثم فكرت في ذهابها لمنزله الآن ووحدها .. ولكن ليس هناك وقت للتفكير الآن .. دلفت مرة اخرى للغرفة التي بها قمر قائلة لفارس بتلعثم ( فارس انا عندي مشوار ضروري وهمشي دلوقتي !) ضيق عينيه بإستغراب وكاد ان يتحدث فقالت بسرعة ( مش هتأخر .. سلام !!) اخذت حقيبتها ونظرت لقمر بدفئ ( سلامتك ياقمري ..!) ثم غادرت الغرفة سريعاً بإتجاه منزل ليث ...
..............................................................................................................................................................
- نور وتامر -
** طرق خفيف على باب مكتبه .. رفع رأسه للباب قائلا ( ادخل !) ثم اخفضها مرة اخرى للملف الذي بيديه فدلفت نور وهي تفرك بيديها بتوتر .. اقتربت من مكتبه وهي تقول بتلعثم ( احم .. مستر تامر ..!) رفع بصره مرة أخرى ينظر إليها بابتسامة ( اهلا ... اقعدي يا نور !) ابتسمت بشكر ثم جلست وهي تفرك بيديها .. ثم رفعت يديها تمسح انفها بتلعثم .. لاحظ توترها المفرط فوقف من مكانه باتجاهها يجلس علي الكرسي امامها ممسكا بيديها .. ثم نظر بعينيها قائلا بدفئ ( مالك يا نور !) ابتلعت غصتها ثم قالت بهمس ( انا وعلي .. سبنا بعض !) نظر لها بإندهاش ممزوج بسعادة غير مُصدق .. اخفض بصره ليديها فلم يجد خاتم خطوبتها الذي كانت ترتديه .. ابتسم إبتسامة جانبية ولكنه تماسك فضم شفتيه ببعضهما يمنع خروج ابتسامته قائلا ( طيب .. يعني !) تنحنح ثم قال ( كل شئ قسمة ونصيب وانتي نصيبك لسه هيجيلك .. متزعليش .. مادام دا الصح في نظرك ونظره خلاص !) عضت علي شفتيها واخفضت بصرها قائلة ( علي مش موافق على الي حصل .. بس انا قولتله اني محبتهوش .. وان احنا مينفعش نكون لبعض .. وانا مش مجبورة اعيش معاه !) طبطب بيديه فوق يديها قائلا بدفئ ( خلاص يا نوار انتي عملتي الصح عشان متجيش تندمي في وقت غلط !) هزت رأسها بخفوت مع تنهيدة عميقة من داخلها .. وللحظة نظرت له بإستغراب ( نوار ؟!) هز رأسه بابتسامة عاشقة ( اه نوار .. انا عايز اناديكي نوار .. عشان انتي كنتي نواره في حياتي ..!) اخفضت بصرها بخجل ... ثم قالت بتلعثم ( طيب .. انا هقوم اكمل شغلي !) هز رأسه بابتسامة جانبية يعلم ما وراء تلعثمها .. فهي فتاة خجلة للغاية .. بينما هي توجهت لمكتبها للعودة للعمل مرة اخرى ...
..............................................................................................................................................................
- سليم وفرح -
5
** كانت تجلس أمامه وعينيها تنظر بعيداً بشرود .. خرجت من شرودها من لمسة يديه ليديها ... نظرت له بابتسامة خافتة فبادلها تلك الابتسامة بدفئ قائلا ( ممكن نبدأ الكلام الي انتي عايزة نتكلم فيه .. ومأجله جوازنا بسببه .؟) اخذت نفسا عميقا وهي تبعد بصرها عنه ثم نظرت له مرة أخرى قائلة ( سليم انا اكيد حكتلك ازاي انا واهلي اتشردنا في الشوارع وقولتلك ان انا عايزة اخد حقي منهم .. بس انا مش عارفة هاخده ازاي ولا هرجع مالي ومال ابويا منهم .. ) اكملت بنبرة حزينة ( سليم انا لحد اللحظة دي مقهورة بسببهم .. هما خسروني كل حاجة كانت في حياتي .. سعادتي وسعادة اهلي .. خسروني احلامي وضيعوها .. خسروني بيتي والأمان الي كنت بحسه فيه .. ) كان يستمع إليها بحزن بالغ فهي ماعاشته صعب جداً .. اكملت بخفوت ( انا درست فنون جميلة .. بس مشتغلتش خدت شهادتي وكنت لسه بدور على شغل .. احمد .. !) ابتلعت غصتها وهي تنظر بعينيه بترقب ( انا و احمد كنا بنحب بعض يا سليم .. انا مكنتش عايزة اخبي عنك الموضوع دا بالذات عشان لو احمد ظهر في اي وقت في حياتنا ... تـتتـ ـبقى علي علم بكدا .. او بمعنى اصح احمد ظهر في حياتنا اصلا ..) صمتت قليلاً تتذكر لقاءها باحمد قبل ان ترى سليم .. قاطعها سليم قائلا بنبرة هادئة ( انتي لسه بتحبيه ؟) هزت رأسها بنفي سريعاً .. ثم قالت بخفوت ( دا كان فترة في حياتي وخلصت خلاص ... ) صمتت ثم قالت بصدق ( سليم انت شخص كويس واي حد يتمناك ..وانا مش هقولك اني مش مُعجبة بيك مثلا او كدا .. لا انا معجبة بيك .. بشخصيتك .. بهدوئك .. وانت شخص تستاهل كل التقدير والاحترام .... ) قطع حديثها قائلا بنبرة متسائلة ( فـرح .. انتي عايزة تتجوزيني وهتقدري تعيشي معايا ولا لا ؟) صمتت لفترة من الوقت وهي تجول بعينيها في المكان تُفكر بينما هو يتابع تحركها بصمت .. حتى قطع حبل تفكيرهم رنين هاتفه .. ترك يديها و تنهد بعمق .. ثم امسك هاتفه يجيب ( الو .؟) فتح عينيه بصدمة ووقف مكانه وهو يقول ( حصل ازاي دا ..... انا جاي دلوقتي تمام !!) نظرت له فرح بقلة حيلة وهي تهز رأسها يميناً ويسارا .. نظر لها باعتذار قائلا ( في مصيبة في الشغل ولازم امشي .. وهستنى ردك عليا .. سلام ..!) ترك النقود على الطاولة من اجل محاسبة الكافية ثم غادر سريعاً .. بينما هي غادرت بعده وهي شاردة ..
..............................................................................................................................................................
1
- ليث وحنين -
** دلفت معه للغرفة التي تنام بها الصغيرة " ماريا " وهرولت جانبها وهي تتحسس وجنتيها قائلة ( دا جسمها مولع يا ليث ..!) كان التوتر ينهش به وبنبرة صوته وهو يقول ( طب اعمل اي .. بصي انا هاخدها واروح المستشفى ..!) هزت حنين رأسها بنفي قائلة ( بص هاتلي طبق فيه ماية باردة وحاجة نضيفة ولا لو في لازقات خفض الحرارة هاتهالي ..) ثم مالت علي ماريا تساعدها في الجلوس .. ولكن الصغيرة لم تكن تقوى علي الجلوس فسندت على حنين وهي تقول بتعب ( حنين .. بطني بتوجعني وعايزة .. عايزة ادخل الحمام ..!) حملتها حنين للمرحاض سريعاً تساعدها في إفراغ ما بجوفها .. بينما ذهب ليث سريعاً لجلب ما طلبته حنين .. وعندما عاد وجد حنين تُبدل لماريا ملابسها فأقترب منهم وجلس جوار حنين قائلا ( جبت اللازقات .. اجيب اي تاني ؟) ردت عليه حنين وهي تساعد ماريا في النوم على الفراش قائلة ( ولا حاجة هات بس اللازق دا ..) ثم اخذته ووضعتها علي رأس ماريا وهي تمسد علي شعرها بحنان ( سلامتك ياروحي !) اغمضت ماريا عينيها بتعب وهي تضغط علي يد حنين ممسكة به .. نظر لهم ليث بابتسامة دافئة ثم قال بخفوت ( هتبقى كويسة صح ؟) هزت حنين رأسها قائلة بحنان ( متقلقش انا هتصل على فارس اخليه يقولي علي أدوية ليها .. دا دور برد بيجيلي على طول وكان بيجي لمراد اخويا ) همهم ليث بتفهم ثم تنفس الصعداء قائلا ( شكرا اوي يا حنين ) ابتسمت بدفئ ثم عاودت النظر لـ ماريا مرة أخرى وهي تبتسم بحنان .. بينما ليث ينظر لها ولتحركاتها وملامحها بعشـق ممزوج بـ هيام .. ينظر لداخل الطبيعة المتربعة بعينيها الخضراء .. بينما هي رفعت بصرها لتنظر له فأستشعرت تلك النظرة بعينيه فتوردت وجنتيها خجلاً ثم التفتت تأخذ هاتفها تراسل فارس طالبة منه ان يخبرها بأدوية تساعد ماريا للتعافي .. تركت الهاتف مرة اخرى جوارها وهي تنظر له من طرف عينيها فوجدته مازال ينظر إليها .. وعندما لاحظ نظرتها قهقه بخفة ثم ابتسم ابتسامة لعوبة ( هو انتي بتتكسفي ولا اي دانتي كنتي بتردحيلي امبارح !!) عبست بخجل ممزوج بعصبية ( ليث .. عيب كداا الله !) رفع يديه في وجهها قائلا بضحكة ( خلاص خلاص انا آسف .. ) ثم ابتسم بخفوت ( قررتي ولا لسه ؟!) همهمت بخفوت قائلة ( هكلم فارس الاول يا ليث وبعدين ارد عليك .. يعني الموضوع لازم فارس يعرفه واهلي وكدا !) قال بابتسامة دافئة ( انتي وافقي ياحنين الاول وبعدين انا هاجي اتكلم مع فارس واهلك المهم موافقتك !) هزت رأسها بابتسامة صغيرة .. ثم قالت بنبرة لعوبة ( وبعدين لازم اسأل عليك الاول .. الله عايزني اتغش فيك مثلا !) ضيق عينيه ثم التفت حوله يبحث عن شئ فقهقهت وهي تقول بحذر ( خلاص خلاص هتتجنن ولا اي !) قهقه مع ضحكتها بحب .. وقطع تلك اللحظة السعيدة وصول رسالة لهاتف حنين بأسماء الادوية فقالت لـ ليث ( الدوا الي هتجيبه اهو يا ليث .. واديهولها بالمواعيد زي ما مكتوب كدا !) اعطته الهاتف ليقرأ رسائل فارس التي كانت محتواها اسماء الادوية ومواعيدها .. ارسل تلك الرسائل لهاتفه .. فأتى اتصال علي هاتف حنين من فارس .. فقال لها وهو يمد الهاتف ( فارس بيتصل !) اخذت الهاتف من يديه وهي تجيب  ( ايوه يا فارس !) ... بعض الصمت ثم ظهر على ملامحها الصدمة والاندهاش ( إيه ؟؟ .. طب انا جاية دلوقتي سلام !) وقفت مكانها فوقف امامها ليث قائلا ( في اي يا حنين ؟) لملمت اغراضها وهي تقول بنبرة سريعة ( ماما وبابا واخويا جم من لندن .. انا ماشية !) ابتسمت ابتسامة سريعة له ثم غادرت بينما هو هز كتفه بقلة حيلة وظل جالسا بجوار ماريا ...
..............................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** منذ ان عادت للمنزل وهي تجلس في غرفتها لا تخرج منها ولا تتحدث معه .. كانت مُتسطحة علي فراشها وشاردة في سقف الغرفة .. تضع يديها فوق بطنها .. للحظة كادت ان تخسر ابنها بسبب لحظة عصبية وحزن منها .. هي لا تفهم تيم ولا تستطيع فهمه إطلاقا .. تعبت من كثرة التفكير به وما حاله واحواله وبماذا يُفكر .. لن تتوصل ابدا لإجابة طالما هي تفكر بـ تيم .. فـ ذلك هو كائن الغموض المتحرك .. لا يفهمه أحداً او يعلم بماذا يفكر .. خرجت من تفكيرها علي صوت دقات علي باب غرفتها فأخذت نفساً عميقاً قائلة ( اتفضل !) دلف لها تيم بهدوء بالغ .. وجلس جوارها ممسكا بيديها بين يديه .. ثم قال بخفوت ( انتي كويسة دلوقتي ؟) هزت رأسها بإيجاب دون قول كلمة واحدة .. فأخرج تنهيدة من اعماقه ثم مد يديه داخل جيبه مُخرجاً عُلبة خواتم .. فتح العلبة الجميلة واخرج منها الخاتم الذهبي ثم وضعه في يديه اليُمنى قائلا ( دا خاتم جوازنا ) نظرت للخاتم ثم له وقالت ببرود ( الجواز الي كنت مجبرة عليه ؟) زفر بضيق وحاول تمالك نفسه قائلا ( طيف .. في حاجات كتير لازم تعرفيها لو عايزانا نبدأ حياة صح !) رفعت بصرها تنظر داخل عينيه باهتمام عكس ذلك البرود الذي كان يطغى عينيها ..
مر أسبوعا كاملاً لم يكن مروره كـ مرور الكرام .. ولكن كما تمر الدقائق تمر الساعات فتليها الايام ثم الأسابيع .. وها هو الآن يمر الأسبوع ..
- فرح وسليم -
** كانت فرح جالسة في شرفة منزلها .. تتذكر اخر لقاء لها مع سليم في ذلك الكافية .. عندما اتاه اتصالا شقلب حاله واحواله .. لم تتحدث معه ولم تراه .. وهو لم يحادثها .. تفكر في حاله وأحيانا تعتقد انه يترك لها الفرصة الآن لتفكر في مصيرهم معاً .. امسكت هاتفها من جوارها تعبث به بشرود حتي قطع حبل تفكيرها صوت رسالة منه .. فتحت الرسالة لتجد محتواها " محتاج نتكلم شوية عشان نقرر اخرة اللي احنا فيه دا اي !" .. اخذت فرح نفسا عميقا ثم أرسلت له رسالة اخرى بها " ماشي " ثم اغلقت هاتفها ودلفت من الشرفة للمنزل فوجدت اخاها يدلف لغرفته بتوجس خوفاً ان يراه أحد .. فتبعته بإستغراب الى الغرفة ووقفت عن الباب فوجدته يخبئ كيس لونه اسود اسفل الفراش .. فتحت عينيها بصدمة ودلفت إليه سريعاً فنظر لها بخوف قائلا ( فـ..ـرح .. في اي ؟) هرولت اليه تمسك ما بيديه قائلة بنبرة عالية ( انت بتخبي اي ياكريم !!؟) تلعثم في الحديث ودار بعينيه في ارجاء المكان ثم نظر لها قائلا ( مبخبيش حاجة يعني .. وبعدين مالك بتعلي صوتك كدا ليه ؟) قوصت فرح حاجبيها وهي تقول بشك ( لا واللهِ .. كريم وريني انت كنت بتخبي اي ؟) ثم اخذت ذلك الكيس عنوة عنه وفتحته .. وجدت به اكياس بودرة بيضاء .. ففتحت عينيها بصدمة وهي تنظر لكريم الذي كان يقف متوتراً خائفا .. فقالت بصراخ ( تااني ياكريم تااني ؟؟؟!) ثم اكملت بصوت خائف ( انت عارف ان سليم لو عرف هيعمل فينا اي .. انت موعدتنيش مش هتجيب الزفت دا تاني .. سليم ظابط وبيجي بيتنا علطول لو شاف دا هيرمينا في السجن كلنا .. انت مجنوننن !) هز كريم رأسه بنفي ثم اخذ منها الكيس بقوة ( سليم هيعرف منين .. الا اذا انتي قولتيلو .. وبعدين احنا محتاجين فلوس عشان حور تجيب هدوم جديدة وصحابها ميتريقوش عليها وعايزين نجيب حاجات لينا .. احنا مش هنفضل كدا مش عارفين ناكل ونشرب الي احنا عايزينه !) ردت فرح بانفعال ممزوج ببعض الحزن والقهر علي حالهم ( هنجيب كل حاجة يا حبيبي بس مش كدا .. انت كدا بضيع مستقبلك وعايز تعيشنا في حرام .. كريم ياحبيبي معنتش تجيب الحاجات دي عشان خاطري ياحبيبي عشان خاطري وانا والله هجبلكو كل الي انتو عايزينه ومش هحرمكو من حاجة !) تطلع إليها كريم للحظات وكأنه يفكر في حديثها فقالت بنبرة لينةً اكثر من قبل لتستعطف قلبه قائلة ( انت كدا مش هتبقى مهندس ولا هتحقق كل احلامك .. مش هتساعد ماما ولا حور ولا حتى انا .. انت كدا هضيع مستقبلك وهتخسرنا عشان الشغل دا اخرته سجن والله .. انا عايزة مصلحتك ياكريم !) هز كريم رأسه بتنهيدة ( حاضر يافرح .. حاضر ..!) هزت رأسها بابتسامة خافتة ( حضرلك الخير ياحبيبي !) ثم قامت من امامه واخذت ذلك الكيس ( انا هرميه .. اهتم بدراستك ياكريم انت في شهادة !) هز رأسه بتلعثم ثم اخذت ذلك الكيس وغادرت لغرفتها .. جلست علي فراشها واخذت تتطلع للكيس بشرود وهي تتذكر ذلك الماضي ..
ذلك الماضي الذي جبرها ان تتاجر بتلك الاشياء الخطرة لتكسب النقود من اجل والدتها المريضة واخوتها الصغار .. ذلك الماضي المليئ بالمصائب والتي تخاف دوماً ان تخبر سليم به فيكرهها .. ذلك الماضي الذي طالما خافت منه ان يظهر لها في المستقبل .. فـ به ستخسر كل شئ .. حياتها .. رؤية عائلتها وحتى سليم ..
سليم الذي دخل حياتها فغيرها رأساً علي عقب .. اخذها من الشارع وسترهم في منزله .. وأدخل اخوتها المدرسة .. وها هم بحال افضل بسببه .. وهو يطلب يديها .. لا تريد الموافقة حتى لو تلوث سمعته بما فعلته في الماضي .. تتوقع قدوم ذلك اليوم الذي ستنكشف به .. اخذت نفسا عميقا تتذكر ذلك اليوم عندما كشفها وتركها في ذلك المنزل وتلك الغرفة المعزولة يومين كاملين .. لم تكن هي بالفعل لأنها توقفت عن ذلك العمل قبل ان يدخل حياتها .. ولكنها للحظة شكت انه علِم بما فعلته مسبقاً ..
استفاقت من شرودها علي صوت رسالة في هاتفها منه محتواها " نتقابل في الكافية كمان ساعة " .. تنهدت بعمق ثم قامت تساعد والدتها قليلا حتى تغادر لتراه ..
- حنين -
** كانت تجلس في المنزل عابسة الوجه .. بدون روح وكأنها سُحبت من حياتها منذ قدوم اهلها من أسبوع كاملاً .. يريد والدها تزويجها لذلك الرجل الكبير الذي يكبره عمراً .. يريد التخلص منها وكأنها ليست ابنته .. فقط ليكسب النقود من وراء تلك الصفقة .. وجود فارس جوارها هذه اليوم هو الذي يقويها الآن .. فهو من يدافع عنها ويقف في وجه والده لاجلها ولاجل مستقبلها .. نظرت لهاتفها الذي يهتز بجوارها بإسم ليث .. ذلك الهاتف الذي يرن منذ اسبوع بإسمه وهي لا تجيب .. لم تتحدث معه منذ اسبوع .. لا تعلم ماذا تخبره او كيف تخبره بما يريد والدها فعله .. وضعت الهاتف على وضعه الصامت مثلما تفعل دوماً .. وها هو يخرج والدها من غرفته عن ذكراه .. نظر إليها بحدة قائلا ( الراجل هيجي النهاردة بليل يتقدملك .. اتعاملي كويس انتي فاهمة !) تطلعت إليه بقهر ممزوج بضيق من داخل قلبها قائلة ( في المشمش .. انا مش هشوف حد انا مش هتجوز واحد اكبر منك .. ) تقدم منها ممسكا اياها من شعرها قائلا بصوت حاد مرتفع ( احترمي نفسك ياحنين احسنلك .. الي انا بقوله يتنفذ ورجلك فوق رقبتك انتي فاهمى يابت ) .. خرجت والدتها على ذلك الصوت وابعدت والدها عنها قائلة ( خلاص خلاص اهدا .. اهدا عشان خاطري .. ) ابتعدت حنين وهي تبكي بقهر ثم توجهت لغرفتها واغلقت الباب خلفها ....
............................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** كانت تعد الفطار وهي مبتسمة ابتسامتها المتسعة .. ابتسامة مُشرقة جميلة .. دلف تيم إليها ووقف خلفها يحتضنها بحنان بالغ قائلا ( الحلو عاملنا فطور اي النهاردة ؟!) ابتسمت برقة وهي تقول بخفوت ( بيض مقلي وبطاطس ومربى وجبنة !) همهم بخفوت ثم ابتعد عنها واخذ الأطباق يضعها علي الطاولة قائلا ( عملتي شاي ؟) هزت رأسها بإيجاب وجلست على الطاولة ( اه عملت !) ثم صبت الشاي في كأسه ووضعته امامه .. فأبتسم بحب قائلا ( تسلمي ) ابتسمت بحب ( الف هنا !) شرعا هما الإثنين بتناول الطعام بينما هي نظرت إليه ولتغيره بعدما فتح لها قلبه ..
- فلاش باك -
جلس جوارها وهو يقول بهدوء ( طيف انا تربيتي هي السبب في الي انا فيه دلوقتي .. انا عشت طفولة قاسية .. ومراهقة قاسية و نضوج قاسي .. انا عشت مع ام واب مش كويسين .. عشت مع ام واب اهم ماعندهم هو انهم يكونوا مبسوطين في حياتهم وانا في داهيه .. كنت الابن الوحيد الي جه نكد عليهم حياتهم وقطع عليهم خيانتهم لبعض .. انا النحس الي عشت معاهم وكنت حمل علي قلبهم .. هما الاتنين اتجوزوا لمصالح .. هو اتجوزها عشان نفوذ عيلتها عشان يكبر ويبقى معاه فلوس وهي اتجوزته عشان هو كان شب حلو اهو تقضي معاه يومين .. ومتوقعتش انها ممكن تحمل وتجيبني !) اخذ نفسا عميقا قائلا بنبرة مختنقة ( يا طيف انا بعمل كدا من القسوة الي شوفتها وانا صغير والضرب الي اتضربته .. ربتني نانا كانت تعتبر هي امي اللي وقت همي بجري اشتكيلها .. وقت ما يضربوني امي ولا ابويا اجري علي حضنها هي .. ) ثم داخل عينيها بترجي ( غيريني وخليني بتاعك انتي .. خليني ابعد عن العصبية والي انا بعمله ... وقت عصبيتي هديني واحتويني !) كانت تنظر له وعينيها مليئة بالدموع .. تلك الدموع الحزينة علي حاله وعلي طفولته .. اكمل وهو يبعد نظره عنها حتى لا ترى التماع عينيه بالدموع قائلا ( انا كبرت نفسي اشتغلت .. وخدت شركته بعد ما مات وكبرت الشغل والشركة .. اه خدت اسمه بس انا مش عايز اخد طبعه ) ضمت شفتيها بحزن بالغ واقتربت منه تحتضنه بحنانها البالغ قائلة ( انا هعمل كدا يا تيم .. بس انت كمان ساعدني مبقاش انا بحتويك وبهديك وانا بتهين فيا .. انت عارف ومتأكد اني مليش غيرك .. وبكل الي انت عملته فيا انا هحاول انساه واتخطاه وانت بمعاملتك ليا هتخليني انسى كل دا .. بالصفحة الجديدة الي هنفتحها ياتيم .. نفتح صفحة جديدة ونمحي الكتاب القديم عشان ميفضلش فيا أثر وحش بسببك وبإيدك انت عملته !) .. هز رأسه سريعاً وكأنه طفل رضيع يستمع لكلام امه الحنونه قائلا ( هعمل كدا وعد .. متسبنيش عشان انتي ادتيني حياة وانا معاكي !) اشتدت في احتضانه وكأنها ترد علي حديثه بحنان بالغ منها ...
- عودة للواقع -
استفاقت على كلامه ( طيفف انتي فين ؟!) نظرت له بإنتباه ( ها !؟) هز رأسه بقلة حيلة ( دانتي مش معايا خالص .. بقولك انا ماشي انتي عايزة حاجة ؟) ابتسمت بخفوت قائلة ( لا ياقلبي .. خد بالك من نفسك !) هز رأسه وقام من مكانه ومال عليها يقبّل رأسها بحنان ( ماشي !) ثم غادر تحت نظراتها له ..
............................................................................................................................................................
3
- تامر ونور -
** ( انا بطلب ايد بنتك نور ياست الكل !) قالها تامر بابتسامة واسعة جذابة .. نظرت والدة نور لها فرأتها تبتسم بخجل ثم نظرت له قائلة ( والله يابني يشرفني .. بس مش المفروض اهلك يجو معاك !) تنحنح تامر بخجل قائلا ( انا اهلي مش موجودين في البلد هنا .. بس اكيد هينزلوا علي فرحي بإذن الله .. واختي موجودة هنا وان شاء الله واحنا بنلبس الدبل هتكون معانا !) همهمت والدة نور بتفكير قائلة ( والله انا مش عارفة .. يعني انت شب كويس وابن حلال يابني .. علي حسب ما نور بنتي قالتلي عنك .. !) ابتسمت تامر بشكر قائلا ( تسلمي .. انا كمان ليا شرف اني اناسبكم .. وانا معجب بـ نور وحابب نكبر الإعجاب دا ويبقى حب في بيتنا ان شاء الله !) نظرت لها والدتها فكانت نور تخفض بصرها بخجل فقالت والدتها بهدوء ( على بركة الله يابني !) .. قال تامر بنبرة فرحة ( يبقى علي بركة الله نقرأ الفاتحة !) هزت نور ووالدتها رأسهم ورفعوا ايديهم يقرأون الفاتحة غير مدركين بـ مكسـور القلـب الذي يقف خارجاً يستمع لكل كلمة تُقال .. اتى ليزورهم ويطمئن على من احبها قلبه دوماً فعلم انها الآن ستكون لغيره .. هدوء تام سيطر عليه .. وكأنما شيئا ثقيلا وقع على قلبه فحطمه كاملاً .. حطمت الباقي منه .. اخفض علي بصره عندما انتهوا من قراءة الفاتحة وذهب من جوار الباب محطم القلب ومدمر الروح ...
............................................................................................................................................................

- فرح وسليم -
** ارتشفت بعض العصير ثم رفعت بصرها تنظر له بتلعثم قائلة ( انت اي اخبارك ؟!) تنهد بعمق قائلا ( كويس .. كان في ضغط في الشغل بعد ما ادهم انتحر في الحبس !) شهقت بخوف قائلة ( انتحرر ؟؟!) هز رأسه بخفوت ( اه انتحر .. المهم فكك من الحوار دا عشان صدعني اوي .. خلينا في موضوعنا !) هزت بهدوء ثم قوصت حاجبيه لنظرته المستمرة لها بإعجاب وكأنه لتو لاحظ شيئا فقالت بتوجس ( مالك ؟!) ابتسم بإعجاب قائلا ( ماشاء الله ... انا لسه ملاحظ انك لبستي الحجاب كامل !) ضمت شفتيها بخجل ثم اخفضت بصرها ورفعته مرة أخرى قائلة ( انا كنت بخبي شعري بالشال كدا لحد ما اشتري طرح .. فأشتريتهم وكدا !) ابتسم بحب قائلا ( ربنا يثبتك عليه ... ) ابتسمت بخفوت ووجها يشع الخجل فأكثرهم خدودها المشعة بالحمرة .. فوضع يديه فوق يديها قائلا ( ها تتجوزيني ؟!) رفعت بصرها تنظر داخل عينيه ثم هزت رأسها بإيجاب ( اه سليم .. انا موافقة بس عايزة اقولك علي حاجة الاول !) هز رأسه بإيجاب قائلا ( قوليلي يا فرح ؟) قالت في خفوت ( مهما عرفت عني تعالىٰ وصارحني الاول ونتفاهم متتصرفش غير لما نتفاهم موافق ؟) ابتسمت بحب قائلا ( وهو يعني الجواز اي غير اننا نتفاهم ونشارك بعض كل حاجة يافرح .. وانا اخترتك انتي عشان انا عارف انك انتي الي هتستحملي معايا كل حاجة وهتقفي جنبي وتديني قوة !) اخرجت تنهيدة عميقة من داخلها ثم قالت بابتسامة خافتة ( بإذن الله !) .. ثم شردت داخلها لا تعلم ما المصير القادم وماذا سيحمل لهم القدر ...
............................................................................................................................................................
- قمر وفارس -
** كانت تتحدث معه بالهاتف تحاول تهدئة اعصابه قائلة ( اهدا يافارس انا عارفة ان الي بيعمله غلط .. بس اتفاهم معاه براحة في الاول والاخر دا ابوك !) فرد بانفعال ( ابويا اي دا يا قمر ابويا اي الي عايز يجوز بنته لراجل اكبر منه هو .. ابويا اي الي بايع بنته بدون مقابل .. ولا عشان شوية فلوس هياخدها من ورا جوازها منه .. انا مش عارف دا اب ازاي ولا بيفكر ازاي !) اخذت نفسا عميقا ثم قالت ( عشان خاطري اعصابك .. اهدا عشان تقدر تحل المشكلة دي متتحلش كدا يابني .. برواقة مش بعصبية !) زفر بضيق ثم قال ( اما نشوف .. انتي عاملة اي دلوقتي !) ابتسمت بخفوت ( انا كويسة .. متقلقش عليا بقيت بمشي كويس وبتحرك .. المهم انت تبقى كويس !) اجابها ( دايما يارب .. انا هكون كويس لما كل دا يتحل يا قمر .. !) تنهدت بحزن ( هيتحل يافارس كل حاجة بتتحل !) اجابها ( ماشي ياقمري .. يلا مش هطول عليكي .. سلام !) ابتسمت بدفئ ( سلام !) .. وضعت الهاتف جوارها ومازالت تفكر في الخبر الذي سمعته من اخاها منذ اسبوع .. انتحار ادهم في السجن .. تاركا رسالة لها '''' انا حبيت قمر .. بس طمعي كان اكبر من حبي .. ودليل اني حبيتها اني مقربتش منها ومأذيتهاش لما خطفتها .. انا حبيتها وانا دلوقتي مبقاش ليا حياة دلوقتي .. قررت اني اودع الدنيا احسن ما اعيش في السجن ''''
تنهدت بخفوت وهي تتذكر تلك الرسالة وتتذكره .. سيظل تاركا ذكرى داخلها سواء كانت جيدة او بشعة ...
............................................................................................................................................................
2
- حنين -
** حل المساء واتى صديق والدها الذي سيتزوجها .. ذلك الرجل الكبير في العمر .. بينما والدها استقبله افضل استقبال وبأفضل ترحيب .. بينما هي بالغرفة تبكي ولا تعلم ماذا تفعل نظرت للهاتف فرأت ليث يهاتفها .. امسكت هاتفها وردت عليه قائلة بنبرة باكية ( ليث ؟) لم لم تستمع لاجابته الا بعد عدة لحظات بصوته القلق ( بتعيطي ليه ياحنين ... في اي ومبترديش عليا بقالك اسبوع ليه !) قالت ببكاء ( لو جتلك دلوقتي هتستقبلني !) تطلع للساعة فكانت تشير للتاسعة مساءاً فقال بحيرة ( انا استقبلك في اي وقت .. بس في اي ؟!) قامت من مكانها وبحثت عن مفاتيح سيارة اخاها وأخذته قائلة ( هقولك لما اجي سلام !) لم تعطه فرصة ليتحدث واغلقت معه خارجة من الغرفة ثم من المنزل غير عابئة بـ نداء والدتها لها .. اسرعت والدتها للداخل تخبرهم انها ذهبت فخرج فارس سريعاً خلفها ولكنه وللأسف لم يلحق بها ووجدها تأخذ سيارته وتغادر ....
كانت تقود سيارتها بسرعة كبيرة وهي تتذكر حديث عائلتها لها .. تتذكر كل ما يخططون لأجله .. لم تكن تعي شيئاً او تفكر بشئ سوى حديثهم معها .. يرن الهاتف بإستمرار بـ رقمي اقرب إثنين لقلبها ولكن ليس الوقت للإجابة .. سطع في عينيها نور ساطع من سيارة نقل كبيرة .. دموعها تحجب الرؤية وتوترها يجعلها غير مدركة ماذا تفعل .. أدارت مقود السيارة بسرعة لتجنب تلك السيارة القادمة تجاهها ولم تكن إدارتها سوى انها جعلتها تقف بسيارتها بالعرض .. بينما سيارة النقل مازالت علي تلك السرعة والتي كانت تقترب من سيارتها كثيراً .. توقف عقلها عن التفكير وقلبها عن النبض لخوفها المفرط .. فوضعت يديها فوق رأسها واطلقت صرخة قوية وماكان بعدها سوى ارتطام سيارتها بالطريق وانقلابها عدة مرات ................
** صوت صفارة الاسعاف يرن في ارجاء المكان وصولا الى المستشفى ... ترجل الجميع بسرعة البرق يأخذونها من السيارة لغرفة العمليات سريعاً .. بينما فارس يركض خلفهم .. يتبعه والده .. ثم والدته .. من ثم سليم .. وقمر .. وفي النهاية وصل ليث مهرولاً بملامح صفراء شاحبة ... مازال الجميع مصدوم .. والدتها الي تولُل على حال ابنتها خوفاً ان تفقدها .. بينما قمر تحتضنها وهي تهدء من روعتها وخوفها وتتطمئنها ببعض الكلمات المهدئة .. بينما فارس يقف وللمرة الثانية مكتوف اليدين عاجز عن فعل شئ لاخته كما عجز تماماً عن فعل شئ لحبيبة قلبه .. كانت الصدمة كبيرة عليه .. بل تلقى عدة صدمات كبيرة هذه الفترة ولكن اكبرها دخول اخته للعمليات وخطورة حالتها ..
ليث .. كان يقف بعيداً عن الجميع يخفض بصره للأرض .. ينظر امامه بشرود مصدوما مما حدث .. لا يعلم كيف ولكن يشاء الله في دقائق ان يغير الأحوال .. فهي كانت تحدثه يعلم انها لم تكن بخير ولكنها كانت جيدة الصحة .. يكفي ان يستمع لصوتها مهما كانت حالته فهو كان سيغير ذلك .. ولكن الآن الحال تغير .. هي بين يدي ربها .. لا يستمع الى صوتها .. لا يحادثها .. لا يتشاجر معها ويجادلها .. لا يغازلها فيجعلها حمراء اللون .. يخاف ان يفقدها كما فقد الغير وما كان الفقد إلا مراراً يلذع القلب ويترك الذكرى السيئة .. يدعو الله ألا تتركه مثلما تركه الجميع .. وان تكون جواره .. شريكة لحياته .. زوجة صالحة .. تُسانده في شدته .. تفرح لفرحه .. تحزن لحزنه .. لم تكن احلامه سوى هكذا .. ويعلم جيداً ان حنين هي فقط من ستقف جواره وهي من ستتفهمه .. رفع رأسه لـ أعلي يسنده علي الحائط خلفه داعياً من داخله لها ..
مرت الساعات وكُلهم صامتين .. الصمت يعم المكان وسيده .. خرج الطبيب من غرفة العمليات ونظر للجميع ثم توجه نظره لفارس قائلا ( دكتور فارس .. أولاً الف سلامة علي اخت حضرتك !) هز فارس رأسه مستجيباً قائلا بقلق ( متشكر .. هي اخبارها اي يا دكتور !؟) تنهد الطبيب بأسـف ( حالتها نوعا ما مُستقرة نرجو الدعاء لها .. حصل إصابات جامدة في الدماغ .. ممكن تكون الإصابات دي تسببت بأي حاجة عندها .. احنا منقدرش نحدد غير لما المريضة تفوق ونبدأ نعملها إشاعات علي الدماغ ونشوف هي هتشتكي من اي ؟) ابتلع فارس غصته .. بينما والدتها جلست تبكي اكثر وقمر تهدئها داعية لحنين .. بينما سليم وضع يديه فوق كتف فارس بتنهيدة قائلا ( ربنا يقومها بالسلامة !) .. بينما ليث يتابع حديث الطبيب بفقدان لكل شعور حوله .. لا يعلم بماذا يشعر .. أيشعر بالغضب ام الحزن ام الصدمة ام جميعهم .. اكمل الطبيب قائلا ( ربنا يقومها بالسلامة ليكم .. عن اذنكم !) ثم غادر من امامهم بينما الجميع وقف بهمه يسانده الحائط ... اتت ممرضة إليهم قائلة بخفوت ( ربنا يقوم الانسة علي خير .. بس زي ما حضرتكم عارفين مينفعش العدد دا يبقى في المستشفى عشان لو حصل اي ظرف طارئ علي الأقل يكون موجود تلاته بس !) هز سليم رأسه بإيجاب لها قائلا ( ماشي متشكرين !) ثم نظر لقمر قائلا ( خدي عمو وعمتو عندنا البيت ياقمر عشان يرتاحوا وانا هفضل هنا مع فارس !) هزت والدة حنين رأسها بنفي قائلة ببكاء مرير ( لا لا .. انا مش هسيب بنتي وامشي .. انا مش هسيبها وامشي !) استمع فارس لكلامتها بأسى ثم اقترب من جلستها وجلس علي ركبتيه امامها قائلا ( ماما ياحبيبتي .. روحي مع قمر البيت وحنين اول ماتبقى كويسة هطمنك .. ارتاحي ياحبيبتي عشان تبقي مع بنتك لما تفوق !) اكمل سليم علي حديثه ( يلا يا عمتو انا هوصلكم البيت قومي بقا !) هزت رأسها علي مضض وقامت معهم بينما قمر التفتت لفارس وابتسمت إبتسامة اطمئنان فبادلها الإبتسامة قائلا ( خدي بالك من ماما  !) ( حاضر !) اجابته بخفوت ثم ذهبا مع سليم ووالدهم لما ينطق بكلمة واحدة ..
انتبه فارس لـ ليث الذي يجلس علي الكرسي بعيداً واضعا رأسه بين يديه بحزن بالغ .. اقترب منه فارس وجلس جواره قائلا بإستغراب ( ليث ؟؟ انت اي الي جابك يابني !) رفع ليث بصره لفارس بعينيه الحمراء بالغة الحُزن قائلا ( وانت ازاي عايزني اسيبها في الوضع دا و مكُنش جنبها !) ضيق فارس عينيها بإستغراب اكثر قائلا بحيرة ( افهم اي ؟) فقال ليث بهدوء ( انا عارف انه مش وقته الكلام دا .. بس انا بحبها .. وطالب ايدها للجواز .. ) فتح فارس عينيه بصدمة قائلا ببلاهه ( نعمم ؟!) لم يجيبه ليث بل اعاد خصلاته للخلف فكرر فارس حديثه قائلا ( انت ياعم انطق .. انت بتقول اي .. !) فقال ليث بقلة حيلة ونبرة خافتة ( اقول اي في الموضوع اكتر من اني بحبها وعايز اتجوزها .. بس استنينا تخرجوا من المشاكل عشان هي تقولك وبعدها ترد عليا اذا كانت موافقة ولا لا ؟) رفع فارس حاجبيه باستنكار قائلا ( يعني هي مقالتلكش انها موافقة ؟)
اكتفى ليث بهز رأسه بنفي فقال فارس بتفاخر ( اخت اخوها .. ربنا يقومك بالسلامة ياحنين يارب !) ابتسم ليث بخفوت قائلا ( يارب ..!) .. عاد الصمت للمكان عندما رأوا الممرضين يخرجونها من غرفو العمليات لغرفة العناية المشددة تحت انظارهم المكسورة .. نظرة اخ .. ونظرة عاشق .. وبعد قليل من الوقت عاد سليم اليهم مُتعرفا علي ليث ومشاركا اياهم تلك الليلة القاسية ..
..........................................................................................................................................................
2
** حل الصباح يوم جديد .. كان يوم متقلب فبدايته قاسي البرودة وتقلب فأصبح دافئ والسماء مليئة بالغيوم .. صباح متقلب كـ مزاج صديقنا العزيز السيد ' تَيم ' .. استيقظ على لعبها بشعرها في وجهه كي توقظه قائلة بنبرات دلع ( تمتم .. !) تغيرت ملامحه للاستغراب ثم قوص حاجبيه وهو ينطق الإسم بتوجس وكأنه يستطعمه ( تمتم ؟؟؟؟) فتح عينيه ينظر لها فوجد تلك النظرة المشاكسه علي وجهها وهي تقول بنغنجة ( اي ياتمتم يا حبيبي مش عايز تصحى ؟) نطق سريعاً وبصوت مرتفع ( ستوووب ) اعتدل في جلسته فأعتدلت هي الاخرى كاتمة صوت ضحكتها قائلة بخفوت ( ستوب اي هو احنا بدأنا لسه ؟!) كان ينظر اليها بتوجس وكأنه يحاول قراءة افكارها قائلا ( تمتم مين دا ياطيف !) قالها وهو يكز علي اسنانه من الغيظ ثم اكمل ( ونبدأ اي ياست طيف .. قوليلي انا عارف تفكيرك الوسخ دا !) شهقت بعنف للفظ الذي قاله الآن أمامه وهي تقول بخجل وترفرف برموشها ببراءة ( عيب كدا ياتمتم يا حبيبي .. متقولش كدا قدامي .. وبعدين افرض ابنك سمعك وانت بتقول كدا .. يطلع يقول زيك !) لو كان باستطاعته ان يشهق شهقة السيدة التي تردح لزميلتها في المشاجرات لفعلها .. ولكن ذلك البرستيچ يمنعه من فعل ذلك ... فمد يديه يمسكها من ياقة سترتها قائلا ( بت انتي .. دي هرمونات حمل ولا انتي اتخبطي في دماغك حصل فيها حاجة !) مالت عليه بدلع وهي تقول ( إييهيي .. لا طبعا !) نظر إليها بسخرية رافعاً حاجبيه لـ اعلى واضعا يد فوق الاخرى بقله حيلة قائلا بنبرتها ( إييهييي اومال اييي ؟) ضمت شفتيها تمنع تلك الضحكة التي ستفضحها الآن امام مسرحيتها والتي عهدت على نفسها عهداً انها ستجعله يومياً يشدُ في شعر رأسه بسببها .. قالت بحيرة ( انا عارفة بقا يخويا !) دفعها برفق من التصاقها به قائلا بإشمئزاز .. ( طب يلا ياشاطرة عشان انا القولون بدأ يلعب عليا وشوية وهيلعب عليكي ويصبحك فعلا !) ضمت شفتيها كـ وضع البوز وهي ترفع عينيها لاعلي بطريقة ساخرة وبصوت ساخر ( يصبشح عليا ازاشي بقا !؟) ابعد الغطاء من عليه ليقف فكانت هي الأسرع بالنهوض والخروج من الغرفة هاربة من امامه بينما هو ظل يتابعها حتى خرجت ...
فأبتسم بخفوت لحالها .. لحال صغيرته المشاكسة الذي كان يعلم ويعلم الآن وسيعلم مُستقبلاً .. انها تمتلك شخصية طفولية تتغلب على شخصيتها الناضجة قليلاً .. يعلم ان عفويتها تسبقها دائماً وتتضعها في المشاكل .. ولكن ليس الآن وليس معه .. فهو سيعوضها عما فعله بها مُسبقاً .. يعلم انها تخطط وتخطط حتى تنتقم من افعاله ولكن بطريقتها الخاصة ولكن ذلك يعجبه .. فهي لديها كامل الحق ان تعاقبه ولكن لا تبتعد عنه ..
يرتاح داخلياً لانه اخبرها بجزء من ماضيه المؤلم الذي مازال يرافقه .. ذلك الماضي الذي علم من بعده ان لا ثقة لأحد .. وكما في نظره جميع النساء خائنات ان لم يحكمها رجل قوي .. وفي رأيه ان قوته مع طيفه منذ البدايـة جعلها تَهابُ خيانته .. وكيف لا يخاف واقرب الاقربون لقلبـه يَخُونُه الآن .. وتمت خيانته منهم من قبل عندما تلك لهم حرية التصرف ..
..........................................................................................................................................................
** كانوا جميعهم يقفون بالخارج منتظرين خروج الطبيب وفارس من غرفة حنين .. رن هاتف سليم فإبتعد قليلا يجيب ( الو !) اتاه صوتها الدافئ وهي تقول ( ازيك يا سليم .. حنين عاملة اي دلوقتي !؟) اجابها بخفوت ( على حالتها يافرح .. ادعيلها !) همهمت فرح بخفوت قائلة ( ربنا يقومها بالسلامة .. انت عامل اي ؟) ابتسم بدفئ ( انا كويس يا فرح .. اخبارك انتي اي وطنط واخواتك ؟) اجابته ( كويسين الحمدلله .. انا هبقى اتصل عليك كل شوية اطمن عليك وعلى حنين ... يلا سلام !) أجابها بخفوت ( سلام !) ثم اغلق الهاتف والتفت مرة اخرى يقف جوار ليث وجوار غرفة حنين .. وماهي إلا ثوانِ حتى خرج فارس والطبيب ليقول ليث بـ لهفة ( حنين عاملة اي يافارس ؟) اجابه الطبيب بدلاً من فارس ( وضعها الآن مُستقر .. بس هي لسه مفاقتش .. غالباً ممكن يوم او اتنين بالكتير وتفوق .. ادعولها !) هز ليث رأسه بتنهيدة فذهب الطبيب بينما اكمل ليث قائلا ( فارس طمني اول بأول باللي هيحصل معاها انا همشي عشان ماريا لوحدها !) هز فارس رأسه بخفوت فودعهم ليث وغادر بينما اجرى سليم عدة إتصالات يطمئن من بالمنزل على حال حنين ...
.........................................................................................................................................................
** يومان والحياة متوقفة بالنسبة لهم .. يمر يومان وهما علي حالهم .. ينتظرون جميعهم ان تفيق حنين .. سليم وفرح يتحدثان قليلاً لتسانده في محنته .. قمر لا تترك فارس إطلاقا بل هي جواره وتسانده .. ليث الحياة متوقفة بالنسبة له حتى يسمع صوتها فـ ستُرد .. والدة حنين بحالها .. والدها لا يتحدث مع أحد .. خوفاً من مواجهة الحقيقة وانه السبب بما حدث .. جميعهم عائلة يساندون بعضهم البعض .. فليس للمرء سوى عائلته ...
اتى الطبيب سريعاً لفارس قائلا بابتسامة ( الانسة حنين فاقت .. !) هرول الجميع وراء الطبيب بينما سليم ارسل رسالة لقمر يخبرها بذلك الخبر السار فما كانت الا نصف ساعة حتى اتت هي والجميع للمستشفى .. كانوا ينتظرون خروج الطبيب من غرفة حنين ليدخلوا جميعهم لـ لُقياها ..
وبالفعل دلف الجميع بينما الطبيب يفحص حنين .. جلس فارس جوارها ووالدتها بالجانب الآخر قائلة ( حمدلله عالسلامة ياحبيبتي .. كدا تُخضينا عليكي !) كانت حنين تنظر للسقف فأكمل فارس على كلام والدته ( حمدلله عالسلامة يانور عيني .. !) ابتسمت حنين لهم بخفوت وهي تقول بنبرة متعبة ( الله .. يـسلمكم .. بس انـ.ـتو طافيين النور ليه ؟ !) نظروا جميعهم لبعضهم بصدمة .. صاعقة حطت علي الجميع فأقترب الطبيب قائلا ( آنسة حنين .. انتي حاسة بايه ؟) اجابته بتساؤل ( راسي بتوجعني اوي .. وانا مش شايفة حاجة ماتفتحوا النور بقا !) اقترب ليث جوار فارس قائلا ( حنين !) اعتلت الإبتسامة المشرقة شفتيها قائلة ( ليث ... انت موجود !) فرت دمعة من عينيه قائلا ( اه انا معاكي اهو ) نظر الطبيب لهم جميعاً بأسى ثم نظر لفارس قائلا ( ممكن الكل دلوقتي يتفضل برا عشان نبدأ نعمل فحوصات للمريضة !) ضغطت حنين علي يد والدتها الباكية قائلة بقلق ( ماما .. هو في اي ؟) كتمت والدتها صوت شهقاتها وهي تقول ( والله منا عارفة يابنتي .. اااه ياحبيبتي يا حنين .. ) اعتلت ملامح الخوف وجه حنين وهي تقول ( هو انتو طافيين النور ليه !! فارس .. ليث !! ردوا عليا !) اقترب منها فارس يقبل يديها ( اهدي ياحبيبتي كل حاجة هتبقى كويسة .. !) هزت رأسها بنفي وهي تصرخ ( انا مش شايفة حاجة .. انا مش شايفة حد يا فارس .. انا اتعميت يافارس .. مبقتش بشوف .. ) لم يجيبها احد بل ابعدهم الطبيب واخذ ابرة مهدء واضعا اياها في محلولها حتى تهدأ ثم اكمل ( لو سمحت اتفضلوا برا المريضة دلوقتي في حالة مش كويسة !) خرج سليم ووالدته وقمر بينما حنين تصرخ ببكاء قاهر ( مبقتش بشوف يا ماما .. مبقتش بشوف !) ظلت تبكي بصوت مرتفع حتى شعرت بالتخدير في جسدها وتسمع صوت والدتها واخاها يهدئن من روعها حتى استسلمت للنوم .. فألقى عليها ليث نظرة قاهرة قبل ان يخرج من الغرفة بسرعة بل من المستشفى بأكملها .. بينما خرج فارس وهو يساند والدته الباكية علي حال ابنتها ... والجميع يقف يأس من حالة حنين ...
.........................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** خرجا سويا من عند طبيبها بعد ان اطمئنوا علي حال طفلهما .. كانت ممسكة بذراعيه مبتسمة بخفوت وهي تتذكر ماذا فعلت به اليومين السابقين .. فهي جعلته مجنوناً معها .. تلعب بتيارات غضبه وتوتره ..
رفعت بصرها تنظر إليه قائلة ( تيم .. ماتيجي نروح ناكل ايس كريم والنبي والنبي !) قوص حاجبيه قائلا ( في البرد دا ؟) هزت رأسها بإيجاب ( اه انا بتوحم .. يلا بقا عشان خاطري !) هز رأسه بقلة حيلة وهو يقول ( حاضر ياستي يلا !) ابتسمت بسعادة ثم ذهبا لمحل المثلجات واشترى لها ما تريد .. ثم عادا سوياً للمنزل ..
وأخيراً جلسا بعد ان بدلا ملابسهم وهي تأكل المثلجات قائلة ( بص لو البيبي ولد انا هسميه اياد .. لو البيبي بنت انا هسميها وعد !) هز رأسه بنفي قائلا ( لا لا لا لو ولد هنسميه زين اما اسم البنت ماشي حلو وعد ) عبست ملامحها قائلة ( لا انا عايزة اسمي اياد مش عايزة زين دا !) رد بسخرية ( طيب طيب بس لما تولدي بالسلامة وانا هبقى اروح اسميه ) ثم اكمل ( زيــن ) ضربته بخفة علي كتفه قائلة ( لا اياد !) اشاح لها بيده بقلة اهتمام وهو يقلب بهاتفه فزفرت بضيق وهي تكمل اكل المُثلجات ..
حنى قاطعهم رن جرس المنزل فنظرت له بإستغراب ( مين دا ؟) هز كتفيه بحيرة ثم ذهب يفتح الباب بملامح متسائلة للطارق وعند رؤية الطارق تبدلت ملامحه للصدمة ............
.........................................................................................................................................................
- علي ونور وتامر -
** كان يجلس مع والدة نور بعد أن هاتفته طالبة منه ان يأتي لرؤيتها فهي اشتاقت له .. كانا يتحدثان حتى قطع حديثهم ولوج نور وتامر من الخارج بعد ان انتهيا من العمل في الشركة ...
نظر إليهم علي بقسوة وفي نفس الوقت تحمل عينيه تعابير القهر .. فأبعد نظره سريعاً قائلا ( انا همشي دلوقتي يام نور عشان عندي شغل هبقى اجي اشوفك في وقت تاني !)
بينما نور كانت تنظر له بخجل وهدوء وأخيراً نطقت قائلة ( انت .. عامل اي يا علي ؟) لم ينظر إليها بل اخذ اغراضه مجيبا ( انا كويس الحمدلله .. !) ثم رفع بصره لتامر ولها قائلا ( اه صحيح .. الف مبروك وربنا يتمم علي خير !) ابتسم تامر بثقة قائلا ( الله يبارك فيك .. عقبالك !) فكز علي علي اسنانه قائلا بغيظ ( قريب ان شاء الله فعلا !) نظرت له نور بطرف عينيها وهي تتنحنح ( احم .. ب.جد .. الف مبروك مقدماً .) ابتسم نصف إبتسامة باردة قائلا ( الله يبارك فيكي !) ثم ألقى التحية عليهم مرة اخرى وخرج وهو يتمتم بإلفاظ بشعة من غيظه ...
.........................................................................................................................................................
- سليم وفرح -
** وأخيراً بعد يومين كاملين دون لقاء .. اتى لمنزلها ليراها ويرى عائلتها .. جلس معهم يتناولون وجبة الغداء .. وكأنهم عائلة حقاً قبل ان يحدث بينهم شيئا رسميا .. فهي عائلتها تحبه وتحترمه وهو يبادلهم ذلك الشعور .. انتهوا من تناول الغداء وجلسوا سويا فبادرت فرح بالحديث قائلة ( سليم عايزة اقولك علي حاجة !؟) هز رأسه بإيجاب وهو ينظر لها باهتمام قائلا ( اي قوليلي ؟) ابتسمت بخفوت قائلة ( انا فكرت بما ان انا معايا فنون جميلة .. افتح محل كدا وارسم وابيع فيه رسوماتي .. وانا كنت قسم نحت هنحت وابيع برضو .. اي رأيك ؟) قوص حاجبيه باستغراب وهو يقول ( طب ليه دا كله .. ما تقدمي ورقك في شركة كويسة اهو يتنفعوا من مواهبك طالما انتي عايزة تشتغلي فعلا .. واحسن من المحل لانه لسه متشهرش وهيعوز وقت طويل !) صمتت قليلاً وهي تفكر في حديثه قائلة بحيرة ( دا رأيك ؟) هز رأسه بإيجاب ( بصراحة اه ..وانتي حرة برضو يعني تعملي الي انتي عاوزاه انا هدعمك فيه !) ابتسمت والدتها له قائلة ( كتر خيرك يابني والله ربنا مايحرمنا منك !) ابتسم بحنو قائلا ( ربنا يخليكي يارب !) ثم وجه نظره لفرح التي تضم شفتيها كـ بوز وهي تفكر واضعة اصبعها علي خدها تطرق عليه .. فأبتسم بمشاكسة قائلا ( اي ياست المستشارة فكرتي في الامر !) ضيقت عينيها ونظرت له قائلة ( بس بس اسكت دا أمر مصيري اوي !) ضم شفتيه هو الآخر باندهاش قائلا ( ياساتر يارب لا فكري كويس !) هزت رأسها مؤيدة حديثه بجدية فقهقه بخفوت ..
رن جرس المنزل فقام كريم يفتح الباب ثم اتى صوته المصدوم ( ا..احمد ؟؟؟) ...
.........................................................................................................................................................
- فارس وقمر -
وضعت يديه فوق كتفه وهي تقول ( هتبقى كويسة يافارس .. الدكتور قالك ان دا لفترة وهينتهي .. يعني مع الأدوية والعمليه هترجع تشوف تاني بإذن الله .. ادعيلها !) وضع يديه فوق يديها التي على كتفه قائلا ( يارب تبقى بخير يا قمر يارب !) ابتسمت بدفئ ( ان شاء الله هتبقى بخير .. وقتها هنعمل فرحنا وكلنا نبقى كويسين ومبسوطين !) رفع بصره ينظر اليها بابتسامة عاشقة ( الفرح اللي انا مستنيه من زمان .. وكنت كل يوم بحلم بيه !) ابتسمت بخجل فقال هو ممازحا ( بس بقولك اي .. احنا نحس .. يعني كل ما نقول ياهادي تظهر مصيبة انا خايف المرة الجاية ممكن يحصل اي .. انا الي نحس ولا انتي ؟) ضيقت عينيها وهي تقول بتوجس ( لا طبعا انت !) ثم اكملت بسخرية ( يخويا دا حتى انا جيت اصلي استخارة بعد ما خلصتها اتخبطت في صباعي الصغير !) قهقه بخفوت قائلا ( لا وانتي الصادقة اللي حصل دا كله مش كفيل يعرفنا قد اي احنا نحس .. بس وحياة امي يا عسلية انتي لاتجوزك !) ابتسمت ابتسامة واسعة بخجل شديد وأبعدت بصرها عنه فقطع لحظتهم انقضاض ليث عليهم قائلا بسخرية ( عم الروميو ... انا عايز اشوف اختك قوم !) كان فارس ينظر لخجل قمر وعندما استمع لصوت ليث أقلب عينيه قائلا بسخرية ( شايفة شايفة اهو دا كفيل ان احنا ملناش حظ .. !) قهقهت بقوة وابعدت بصرها فضرب فارس كف علي كف ثم وقف مع ليث قائلا ( يلا يخويا عشان تشوفها يلا .. العوض علي الله انا عارف اني مش هفرح دلوقتي خالص انا عارف والله !) ذهبا سوياً لغرفة حنين .. فأخذ ليث كرسي وجلس جوار فراشها وهو ينظر إليها .. فكانت تستند برأسها في حُضن والدتها وملامحها باهتة ساكنة منطفئة .. اخرج تنهيدة عميقة وهو يقول ( حنين !) اغمضت عينيها بقهر وتقوصت شفتيها بحُزن بالغ ولم تجيبه فكرر كلامه قائلا ( ردي عليا يا حنين .. متسكتيش كدا طلعي الي فيكي فيا .. عيطيلي وزعقيلي وطلعي كل العصبية الي جواكي فيا انا .. اشكيلي همك بس متحبسيش جواكِ كدا !) هبطت دموعها فمسدت والدتها علي ذراعيها بحنان ( سيبها يابني دلوقتي هي تعبانة ولما تروق ابقوا اتكلموا !) نظر لوالدتها التي اكملت قائلة ( فارس قالي انك طالب ايدها .. بس استحملها الفترة دي !) كان ينظر لوالدتها بحزن مكملا بنبرة مختنقة ( انا مش هسيبها لوحدها في الظروف دي .. انا عايز اكون جنبها حتى لو غصب عنها .. ) ثم وجه نظره لحنين الباكية .. سيدة قلبه المتربعة عليه قائلا ( يا أم عيون القطط انتي .. !) اعتلت شفتيها ضحكة صغيرة لكلامه فأبتسم قائلا ( عجبك اللقب اوي كدا ياختي !) فقالت بخفوت ( بس يا مهزأ !) ابتسم بحب بالغ لها ولكن قال بنبرة ساخرة ( اهو رجعنا .. والنبي ياطنط قوليلي هي البت دي صحيح متربية في لندن .. دي نفسها الي معلمة الناس تردح ازاي !!) رفعت حنين حاجبيها بانكار ( لكونش مش عجباك ولا حاجة !) قال بسرعة( اهو بصي بتقولك لكونشش .. انا مش عارف بصراحة يعني اي لكونش دي .. !) ثم اكمل بنبرة دافئة عاشقة ( بس لا عجباني ياقطة .. ها هتجوزيني ولا اخطفك من هنا !) احمرت وجنتيها خجلا ولم تجيبه فأقترب فارس وجلس جوارها جاذبا اياها واضعا يديه حول كتفها قائلا بابتسامة لعوبة ( انتي فعلا عايزة تتجوزي الواد الاهبل دا !) ضربته حنين علي صدره بخفة قائلة ( متقولش عليه اهبل !) صفق ليث قائلا بضحكة ( اللهم صلي عالنبي .. دانا اعمل فرحين مش فرح !), فردت عليه بخفوت ( بس يا عم اسكت .. وبعدين هو انا مش قولتلك سيبني افكر !) اشاح لها ليث بيديه وقلب عينيه قائلا ( انتي بقالك شهر بتفكري ياحجة أنتي !) قهقه فارس ومعه حنين ووالدته قائلة ( يابني والله انت باين عليك شب كويس وابن حلال .. وشاريها وبتحبها !) ابتسم ليث بخفوت لها ( تسلمي ياطنط ... قولي لبنتك والنبي !) فقالت والدتها بدفئ ( طالما بتعمل معاك كدا يبقى هي موافقة .. بس اصبر نستشير ابوه...!) وقبل ان تكمل قالت حنين بنبرة سريعة جادة ( انا موافقة يا ليث .. وماما وفارس موافقين عليك .. بس هنستنى لما لما ..) قاطعها فارس بحنو قائلا ( كل حاجة هتبقى كويسة ياحبيبتي وهتعملي العملية وترجعي تشوفي زي الاول واحسن بس الموضوع ممكن يطول شوية !) فقال ليث سريعاً ( خلاص يبقى نتجوز وتعمل العملية واحنا متجوزين ولا انتو اي رأيكو !) صمتت حنين قليلاً وهي تلعن حظها الف مرة .. فهي كانت كثيرا تتمنى ان تجهز بنفسها لعرسها وان تراه جيداً وتصور ذلك اليوم الذي لن يتكرر أبداً سوى مرة في العمر .. فلاحظ ليث شرودها قائلا بنبرة دافئة ( هنكتب الكتاب ولما تعمل العملية وتبقى كويسة نعمل الفرح !) اعتلت الإبتسامة شفتي حنين قائلة ( م.ماشي !) قاطع حديثهم اللذيذ دخول والدها للغرفة وهو ينظر اليها بأسى .. اقترب من فراشها فـ تنحنح ليث قائلا ( طب انا هقعد برا دلوقتي ) ثم نظر لحنين وفارس وخرج من الغرفة .. عندما شعرت حنين بوجود والدها في الغرفة قال بخفوت ( انا عايزة انام يا ماما !) جلس والدها جوارها ممسكا يديها قائلا بقهر ( سامحيني يابنتي انا السبب فاللي حصلك دا .. سامحيني ينور عيني ياريت كنت انا مكانك .. انا اكتشفت غلطي متأخر يابنتي ... انا لو اطول هديكي عيني دلوقتي عشان ترجعي تشوفي وتبقي احسن من الاول !!) هبطت الدموع علي خديها بغزارة واعتلى صوت شهقاتها مع صوت بكاء والدها .. تنهد فارس بحزن وضم حنين اكثر إليه بينما والدتهم تبكي على حال أسرتها ...
..........................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** عاد لجبروته وغضبه .. عاد لعصبيته وجنانه .. عاد لما لم تكن تتمنى أن يعود إليه .. عاد تيم الثائر الشرس .. كانت تقف جواره في حديقة المنزل وامامهم فتاة بملامح شرسة .. تلك فتاة صاحبة العينين الحادتين ... والانف الصغير المرفوع .. والشفاه الصغيرة الواسعة .. عينيها تملك احتداد بدرجة واسعة .. تنظر لتيم بتلك الحدة .. وتيم ينظر إليها بحدة أكبر قائلاً ببرود قاتل ونبرة حادة ( اي الي جابك .. يا ليلى ..!) وضعت الاخرى يديها على خصرها قائلة بحدة ( اكيد مش جاية عشان سواد عيونك يا تيم بيه .. انا جاية عشان الشغل الي بينا دلوقتي .. !) جذبها تيم من شعرها بقوة قائلا بنبرة غاضبة وهو يكز على اسنانه ( وليكي عين يابجحة يابنت الكلب انتي !) شهقت طيف بفزع وهي تمسك يديه قائلة بخوف ( تـيـم سيبها ياتيم !) نظرت ليلى له بسخرية وهي تقول ( طبعاً طول عمرك ايدك سبقاك .. عمرك ما عرفت تتعامل غير بيها .. لانك شخص مريض !) دفعها تيم بقوة والغضب وحده من يسيطر عليه قائلاً ( اه صحيح .. مانا معرفتكيش حجمك عشان كدا بتتنططي .. بس لو عايزة تعرفي اعرفك انتي مين ؟!) كانت طيف تنظر إليهم بتساؤل وخوف لتلك الحدة التي تسيطر عليهم .. خائفة من اي يحدث اي كارثة الآن .. فكانت ممسكة بيد تيم ويديها ترتجف خوفاً .. ابعد تيم نظره عن ليلى المتكلمة بغضب ( انت متقدرش تعمل كدا .. منا بقولك مريض ومبتتعاملش غير بالقسوة .. !) كان نظره موجه لطيف التي ملامحها تارة خائفة وتارة غاضبة من حديث ليلى .. وماكانت الصدمة منها إلا وهي تصفع ليلى على وجهها بقوة قائلة ( انا مسمحلكيش تتعاملي مع جوزي كدا .. انتي فاهمة ؟) ثم أكملت بتساؤل حاد ( ثم انتي مين من ماضي تيم عشان تكلميه كدا .. زي ما قولتلك ماضي .. ملكيش حق فاهمة !!!) نظراته تحمل الثقة لـ قطته الشرسة .. ونظرات ليلى تحمل الغضب والغل لـ طيف .. وكادت ان تهبش عليها مثل الصائد إلا أن تيم امسكها سريعاً دافعا اياها للخلف ( خدي بعضك وامشي يا ليلى .. ولينا كلام في الشركة عن الشغل الي بتتكلمي عليه دا .. عشان ننهيه !!) فهزت ليلى رأسها بغل ( ماشي ياتيم ماشي !) ثم التفتت وغادرت بينما طيف ارتمت بأحضانه وهي متمسكة به .. فبادلها عناقها بترحيب وهو يمسد علي شعرها بحنان قائلا ( اهدي ياحبيبتي .. تعالي ندخل يلا !) ثم ساندها للمنزل ..
اعطاها كأس ماء وجلس جوارها .. بينما هي انتهت من الشرب ونظرت له بإستغراب ( مين دي يا تيم ؟) نظر إليها تيم لبعض الوقت ثم ابعد نظره امامه قائلا ( دي شخص من الماضي مش اكتر يا طيف .. شغل .. كان بينا شغل وحصل مشاكل !) نظرت إليه بعدم تصديق ولكنها عزمت علي عدم تكرار سؤالها مرة اخرى حتى يأتي هو ويخبرها ..
بينما هو ينظر امامه بشرود .. للحظة تذكر ذلك الماضي القاسي على قلبه .. ذلك الماضي الذي لم يخبر به احدا .. ذلك الماضي السئ .. والذي يترك داخله ذكرى اسوء ... واثراً لم يمحوه المستقبل ..
.......................................................................................................................................................
1
** كان يجلس امامهم وهو ينظر باستفزاز لسليم الذي كاد يشتعل لوجوده في منزلها .. بينما الجميع يجلس متوتراً بسبب تلك الشحنات المختلفة التي تحوم في المكان .. قال سليم بحدة ( وانت اي الي جابك بقا يا بشمهندس أحمد ؟) قال احمد باستغراب متصنع ( ابن عم فرح .. المفروض انا الي أسألك السؤال دا بمناسبة انك راجل غريب عليهم !) فقال سليم بسخرية ( ما غريب إلا الشيطان ... فرح خطيبتي وقريبا هتبقى مراتي !) ثم اكمل بنفس تلك النبرة الساخرة ( وعلى ما اظن يعني وجودك ملوش تلاتين لازمة بعد الي عملتوه معاهم في الماضي .. انت داخل حياتهم تهين نفسك مش اكتر !) فـ قهقه احمد بسخرية هو الآخر ثم قال بحدة ممزوجة بتحدي ( إطلاقا لانهم عارفين ان انا مكنش ليا ذنب في اللي حصل .. ثم إنهم زي ما تقول فرقوا حب قديم كان كبير !) ثم وجه نظره لفرح التي اخفضت بصرها سريعاً للأرض .. فوقف سليم مكانه وقال بغيظ ( لحد هنا وكفاية انت ابن عمهم علي عيني وعلي راسي بس دلوقتي انت راجل غريب بالنسبالي .. يبقى تفضل ومشوفش وشك هنا غير لما انا اكون موجود انت فاهم !!) وقف احمد مكانه وهو يقول بنبرة خافتة ( تؤ تؤ دانا بتهان هنا بقا .. !) وقفت والدة فرح " سارة " امام أحمد قائلة ( كلامي من نفس كلام سليم يا احمد .. انت عارف ان كل الماضي انتهى .. وانت كنت من الماضي .. يعني برضو انتهيت !) اجابها احمد بغضب وهو ينظر لسليم ( بتطرديني عشانه ؟؟ ودا يطلع مين عشان تطرديني انا عشانه دانتي الي مربياني .. وانتي اول حد شهد علي حبي انا وفرح .. وانتي عارفة ان انا مكنش في ايدي حاجة اعملها عشان اساعدكم ولما حاولت ملقتش ليكم أثر .. يبقى دا ذنبي الكبير !!!) ردت فرح بحدة قائلة ( قولتلك الف مرة متقارنش نفسك بسليم .. سليم عمل اللي انتو مش عملتوه .. وانا قولتلك معنتش عايزة اشوف وشك والا هخلي سليم يتصرف معاك صح ولا مصحش ؟) نظر لـ سارة التي اكملت ( يابني شوف حياتك .. وانسى فرح وكل دا .. انت عارف ان دا كله ماضي وانتهى واحنا اكيد مش قاصدين نطردك من البيت .. بس احنا مجبورين لانك مش داخل تلطف .. بالعكس انت داخل تعمل مشاكل .. وانا للمشاكل هقف واقول كفاية .. فـ كفاية اللي احنا شوفناه !!) ظل أحمد ينظر إليهم بقهر لما يقولونه له ..فـ ماكانت مطاردته لهم إلا لإعادة حبه القديم .. ولكن ذلك الحب واللمعان الذي كان يراهم في عينيها ... لم يعودا موجودين الآن .. حل محلهم البغض والكراهية .. اخذ اشيائه وغادر دون إلقاء كلمة اخرى .. غادر من هنا ثم قال سليم ( انا ان شاء الله بكرا هجيب والدتي واختي ونيجي نقرأ الفاتحة ونلبس الدبل !) ...........
** في صباح يوم جديد .. بأشعة شمس ذهبية تطل على القلوب .. خرجت حنين من المستشفى للمنزل وجلست على فراشها تفكر .. في حال والدها .. الذي كان يريد تزويجها للرجل المُسن والآن هو لا يريد بسبب فعلته بها .. فـ أولاً وأخراً السبب في عماها هو والدها .. السبب في فقدان بصرها هو والدها .. تفكر بـ ليث الذي يريد ان يتزوجها .. واتفق مع والدها على ان يتزوجها .. فوافق والدها وأيضاً فارس الذي شجعه علي الموافقة .. تنهدت بعمق بعد تفكيرها العميق .. بينما داخلها ممتلئ بالحزن بسبب ما حدث معها .. لمتى ستظل هكذا بدون رؤية .. بدون رؤية إخوتها .. و ووالدتها .. وحتى ليث .. وماريا العزيزة .. خرجت من تفكيرها على صوت اخاها الصغير الذي يبلغ السادسة عشر عاماً .. ( ح.ح.حنــين آآآ أنتِ بـبـجد ممـبتشـووفـيش ) كان كلامه متلعثم ... تخرج الحروف حرفاً حرفاً .. عينيه موجهه بعيداً عن موضع حنين .. ينظر للفراغ .. ويشبك يديه ببعضهما .. وسيم كـ فارس بعينين خضراوتين هو الآخر .. ولكنه مريض بالتوحد .. منذ طفولته وهو يُفضل الوحدة .. لا يحب الاصدقاء او قرب الأشخاص .. حتى عائلته .. اجابته حنين بخفوت ( اه يامراد .. مبقتش بشوف ..!) سألها مرة اخرى بخفوت ( يـيعني انتي مـش مش شايفاني ... !) فهزت رأسها بنفي قائلة بحزن ( لا ياحبيبي مش شيفاك ..انت وحشتني يامراد وكان نفسي اشوفك !) همهم مراد بتساؤل ثم اجابها بابتسامة واسعة ( وانتي كمان وحشـتيني اوي !) ثم اقترب خطوة وعادها للخلف مرة اخرى وهو يهتز بوقفته وينظر إليها ببلاهه .. دلف لهم فارس ونظر له وابتسم بخفوت ( اي يابطل بتعمل اي هنا ؟) اجابه بابتسامة واسعة بريئة ( كــننت بـبطمـن ععـلى حـننيـن !) همهم فارس واقترب يجلس جوار حنين ويلف يديه حول كتفها بحنان قائلا ( وانتِ عاملة اي ياقلبي ؟) استندت برأسها على كتفه قائلة بنبرة هادئة ( كويسة ياحبيبي .. !) قبلها بحنان علي رأسها هامسا ببعض الكلمات المهدئة ( كل حاجة هتبقى كويسة ياقلبي وهترجعي تشوفي تاني !) هزت رأسها بإيجاب تأكيداً على حديثه بينما مُراد يتابعهم من بعيد وهو يقول بحزن متبسم ( كان ننـفسي احضـن حنين زي ففـاارس بس انـا ممـبعرفش .. احضـن .. ممينفـفعش !) تنهد فارس وهو ينظر إليه بحنية ( انت وجودك جنبنا اهم حاجة ياحبيبي .. ) ابتسم مراد وهو يهز رأسه بإستمرار كتأييد لحديث فارس ..
1
" عودة للحاضر ''
** بعد عودتهم لمصر .. بدأت الكوابيس تعود .. والذكريات أيضاً تعود .. عودة قاسية مؤلمة على قلوبهم التي تحملت اشد الصعوبات وواجهتها .. كانت فرح تعد طاولة العشاء منتظرة سليم ليعود من عمله .. ترتدي فستانا طويلاً من لونه المفضل ' الاحمر ' انتبهت لصوت باب المنزل فـ التفتت تنظر له وهو عائد من عمله مرهق الوجه .. ابتسمت بحنو واقترب منه تقف امامه قائلة بحب ( حمدلله عالسلامه ياحبيبي !) ابتسم بحب وانحنى عليها يقبل رأسها بحنو قائلا ( الله يسلمك .. اُمال اي الحلاوة دي ؟) قهقهت بخجل واضعة يديها علي فمها قائلة ( دي عيونك الحلوة ياقلبي .. وبعدين هو انت ناسي النهاردة كان في اي ؟) دار بعينيه في المكان وهو يفك الكراڤيت من حول رقبته وملامحه مستغربة فتبدلت ملامحها للعبوس قائلة ( سليييم .. هو انت نسييت ؟) قهقه بخفة واقترب يقبلها برقة علي خدها قائلا ( لا ياحبيبتي منستش .. النهاردة الذكرى السادسة على كتب كتابنا !) ثم رفع يديها يقبلها عليها بحنان بالغ قائلا ( كل السنين واحنا سوا يانور عيني .. انا بحبك اوي !) عانقته بحب وهي مبتسمة ( وانا كمان بحبك اوي ياسليم .. !) اخذت نفساً عميقاً مكملة ( بحبك جدا .. انت اللي مهما حصل مش هقدر اوفي حق اللي عملته معايا كل السنين الي فاتت .. انت اهم حاجة في حياتي يا سليم .. انت اللي استحملت معايا كل الفترات الصعبة وعديناها سوا !) ابتسم بدفئ قائلا ( وهنكون سوا دايما ياحبيبتي .. ربنا يجيب الحلو ان شاء الله .. !) هزت رأسها بإيجاب ( ان شاء الله !) ثم ابتعدت عنه ممسكة يديه متوجهين نحو طاولة الطعام المجهزة بالشموع و ألذ الاطعمة التي يحبها سليم .....
' فلاش باك مرة اخرى '
كان منزل فرح يملؤه الفرح من جميع ارجاؤه .. سليم .. فرح .. والدة فرح .. والدة سليم .. قمر .. كريم .. حور .. جميعهم جالسين ينتظرون قدوم المأذون ليكتبوا الكتاب سريعاً كما طلب سليم ووافقت فرح دون معارضة منها .. تعرفت الوالدتين علي بعضهما البعض .. واحبا بعضاً .. بينما قمر تجلس جوار سليم ويقهقهون سويا وتشاركهم فرح أيضاً ....
وأخيراً بعد طول انتظار أعلن المأذون زواجهم والبسها سليم خاتم الزواج وهي أيضا ..
جلسا سويا في شرفة المنزل وهو يقول بحب ( الوضع يتحسن شوية وهنعمل فرح كبير يا ست فرح ) تنحنحت بخجل ثم اخفضت بصرها قائلة ( إن شاء الله ياسليم .. اممم انا هفضل هنا لحد ما الفرح يتعمل !) عبس بملامحه وهو يضيق عينيه قائلا ( ليه طيب ؟) هزت كتفها بقلة حيلة ( عشان لو الناس شافوني عندكم وبعدين مافيش فرح وجينا عملنا فرح هيقولوا اي ؟) همهم بضيق وهو يقول ( بس احنا ملناش دعوة بالناس يافرح .. احنا هنعيش في شقتنا حتى انا اشتريت شقة عشان نقعد فيها بعيد عن اهلك واهلي !) ضمت شفتيها ونظرت لداخل المنزل لعائلتها الصغيرة وتنهدت بعمق ( مم ماشي .. هما هيكونوا كويسين صح ؟) هز رأسه بإيجاب قائلا ( اه يافرح .. هيكونوا كويسين ياقلبي !) اخفضت بصرها بخجل لمنادته لها بـ قلبه فأبتسم هو بخفوت لخجلها ذلك .. فهو قلبه منذ اللقاء الاولى يحب رؤيتها .. رؤية خجلها .. ملامحها الرقيقة .. جمالها كان لا يوصف في عينيه .. رقتها ونعومتها وتصرفاتها العفوية .. كل ذلك يخطف قلبه دون استئذان ..
..............................
- تيم وطيف -
** كانوا يتناولون وجبة الإفطار سوياً بينما هو هادئ .. لا يتحدث كثيراً منذ لقاء تلك المدعوة ليلى .. بينما هي هادئة حتى لا تثير الجدل .. نظرت له بطرف عينيها فلاحظ ذلك .. ثم قال بهدوء ( مالك ؟) فردت سريعاً (ها .. ماليش عادي يعني ..!) هز رأسه بهدوء فوضعت يديها فوق يده قائلة ( انت كويس ياتيم ؟) قوص حاجبيه ونظر لها بتساؤل ( اي السؤال دا .. اه كويس شيفاني اي قدامك يعني !) نظرت له قليلاً دون التحدث ثم ابعدت يديها من فوق يديه قائلة ( براحتك ياتيم .. وقت ما تحب تحكي ابقى احكيلي ..!) ثم وقفت مكانها وهي تأخذ طبق طعامها وتوجهت للمطبخ فزفر هو بضيق وتوجه خلفها ( طيف .. انا مشوش شوية اليومين دول بسبب الشغل متزعليش من طريقة كلامي !) لم تنظر له بل اكملت غسل طبقها قائلة ببرود ( بسبب الشغل ولا ليلى ..!؟) قوص حاجبيه قائلا بحدة ( ليلى مين دي .. ليلى دي متهمنيش اصلا !) همهمت بطريقة وكأنها تصدقه بكذب ولكنها قالت وهي تهز كتفها ( انت حر ياتيم .. مش هغصبك على حاجة ياحبيبي !) ثم نظرت له نظرة خاطفة سريعة وابتعدت لتخرج من المطبخ ولكنه أمسك يديها بقوة قائلا ( طيف .. متعمليش كدا !) جذبت يديها من يديه قائلة بقهر ( متعملش انت كدا ياتيم .. مترجعناش من البداية تاني .. متخلنيش احس اني وحيدة تاني وترجع كل الذكريات الوحشة تاني في بالي .. ارجوك !) وقف امامها ووضع يديه علي خدها قائلا بخفوت ( طيف .. انا مش قصدي كدا بس انا متوتر اليومين دول وتعبان شوية .. استحمليني عشان خاطري !) تنهدت بعمق وهي تقول ( انا معاك .. احكيلي عشان تفك عن نفسك .. احكيلي عشان ترتاح قربنا من بعض متبعدناش !) هز رأسه بإيجاب قائلا ( حاضر .. هحكيلك بس لما احس ان الوقت مناسب عشان اقدر احكيلك !) اقتربت منه تقبله بحنان علي خده قائلة ( ماشي ياحبيبي هستناك !) فأبتسم هو بحنو ثم ودعها وذهب للعمل بينما هي جلست تفكر .. تفكير عميق ينهش من قلبها واعماقها خوفاً من الابتعاد مرة اخرى ...
.......................
- نور وتامر -
انتهيا من عمل الشركة وخرجا سويا بسيارته متوجهين نحو مطعم لتناول وجبة الغداء .. قال تامر وهو مشغول بقيادته ( هتفضلي تشتغلي بعد الجواز يانور ؟) هزت رأسها بإيجاب قائلة بخفوت ( اه ياحبيبي وابطل شغل ليه ؟) ابرز شفتيه وحرك رأسه يميناً ويسارا قائلا ( لا ابدا بسألك بس .. اصله ملوش لزوم يعني كل الي هتحتاجيه هتلاقيه عندك !) اعتدلت في جلستها ليصبح وجهها له .. وظهرها للباب خلفها قائلة ( انا مش بشتغل عشان كدا .. انا بشتغل عشان انا بحب شغلي وعشان انا عايزة اثبت نفسي مبقاش درست وتعبت وفي الاخر اقعد في البيت !) قوص حاجبيه قائلا بحدة ( طب مالك انتفختي علينا كدا ليه .. انا بقولك اللي عندي عشان لو عايزة تسيبي الشغل !) اعتدلت في جلستها الصحيحة وهي تبعد بصرها لنافذة السيارة قائلة بهدوء ( لا مش عايزة اسيبه .. عايزة افضل اشتغل !) هز رأسه بهدوء ثم اكمل ( هنحدد امتى معاد الفرح !) برزت شفتيها بحيرة وهي تقول ( معرفش .. انت مقولتش والدتك هتيجي اخر الاسبوع .. لما تبقى تيجي نحدد كل حاجة !) همهم بخفوت ثم اوقف سيارته امام مطعم قائلا ( ماشي يانوارتي .. يلا !) تنهدت بعمق وترجلت من السيارة معه لداخل المطعم ... جلسا سويا علي المائدة وطلب هو الطعام لهم ..
نظر لها بعمق ثم وضع يديه فوق يديها قائلا بدفئ ( انا آسف على طريقتي في العربية معاكي .. بس انتي كلامك استفزني !) نظرت له بهدوء ( محصلش حاجة خلاص !) قوص حاجبيه بحدة قائلا ( والله .. انا بعتذر وانتي بتقولي محصلش حاجة خلاص !) نظرت له قليلا ثم اخرجت تنهيدة عميقة من داخلها قائلة ( خلاص يا تامر .. بجد محصلش حاجة وانا كمان كلامي كان مستفز انا آسفة !) ابعد يديه عن يديها واكتفى بالايماء برأسه دون اضافة حرف آخر .. ظلت هي الاخرى صامتة ثم وضعت يديها فوق يده قائلة ( خلاص متزعلش .. انا بـبحبك !) نظر لعينيها بخفوت وقال بدفئ ( وانا كمان بحبك .. !) ابتسمت بخجل ممزوج بالحب فأكمل ( لما نخلص اكل هنروح البيت الي بيتشطب بتاعنا عشان تشوفيه وتختاري الألوان وكل حاجة تمام !) للحظات ترددت ولكنها اؤمت له بإيجاب مؤيدة كلامه قائلة ( ماشي تمام !) .. اتى الطعام واكلا سويا ثم ذهبا الى ذلك المنزل
..............................
- ليث وحنين -
** كانا يجلسان في شرفة المنزل وهي نظرها في الفراغ بينما هو ينظر لها بـ هيام .. يبدو كالعاشق الولهان امام عيونها الخضراء .. بينما والدتها وماريا ومراد وفارس يجلسون في الداخل .. ابتسم ليث بحب قائلا بنبرة دافئة ( اي ياجدع الحلاوة دي بس .. انتِ بتحلوي اكتر من الصاروخ ذات نفسه !) شهقت وهي ترفع يديها تضعها على فمها قائلة بخجل ( لــيث عيب كدا .. انت جبت الالفاظ دي منين ؟!) ضرب كف على الآخر وملامح وجهه تنظر لها بضيق قائلا ( انتِ مينفعش معاكي رومانسية لا .. لا طبيعية ولا حتى رومانسية شوارعية .. انا تعبت معاكي لا لا !) قهقهت بقوة وهي تقول ( مالك يا ليث الله .. انت برضو بتقول كلام مش ولا بُد كدا !) هز رأسه بإيجاب ( اه صح انا الي بقول صح !) ابتسمت بدفئ قائلة ( حاسة بحاجة نقصاني واحنا قاعدين مع بعض كدا .. الحاجة دي هي ان انا مش شيفاك دلوقتي !) كان ينظر إليها بعشق وكاد ان يتحدث فقاطعهم فارس قائلا بسخرية ( نفس الخلقة العكره ياقلبي .. بعدين اي المُحن الي انتو قاعدين فيه دا !) نظر له ليث وهو يضيق عينيه يريد ان ينهش وجهه الجميل قائلا بغل ( ياخي الواحد ما صدق انها تتلحلح وتتكلم تقول كلام رومانسي تيجي انت تقطعه .. حسبي الله في حظي ده !!) بينما هي لا تفعل شيئا سوى انها تضحك عليهم فقال ليث وهو يضع يديه علي خديه بحزن ( شايف ضحكت علينا الأجانب اهو !) ثم ابعد يديه ناظراً لها بحب قائلا بنبر هائمة ( بس اي اجانب قمر !) قاطعه فارس قائلا بابتسامة صفراء ( بيقولوا اني اخوها وانا واقف معاكم يعني بعد إذن المشاعير الي جواك دي تحترمني !) لوح له ليث بيديه بعدم اهتمام بينما هي قهقهت قائلة بثقة ( طبعا ... قمرين كمان ان كان عاجب !) كان ينظر إليها فاتحا فمه بقرف قائلا ( انا بقول يادوب .. فين ماريا ياعم اصل انا والمصحف عندي قولون واحد ومرارة واحدة .. !) لوح له فارس بسخرية ( ياعم اقعد انا هروح اخد ماريا انا اقعد معاها .. قايم ماشي على أساس عندك كرامة اوي !) القى به ليث لُعبة صغيرة كانت موضوعة علي الطاولة قائلا ( زيك بالظبط ) تأوه فارس بضحكة بينما هي الاخرة قهقهت .... غادر فارس من جوارهم وهو يتضل بقمره بينما ليث مد يديه يمسك يديها بحنان قائلا ( اي رأيك نعمل الخطوبة اخر الاسبوع ونكتب معاها كتب الكتاب !) تنحنحت بخجل قائلة ( احنا هنكتب الكتاب بسرعة كدا ؟) هز رأسه بإيجاب قائلا ( اه ياحنين .. ونتأخر ليه طالما احنا عاوزين بعض وعاوزين نبقى جنب بعض !) همهمت بخفوت ثم قالت ( ماشي .. هبقى اكلمهم اشوف هيقولوا اي !) هز رأسه بإيجاب قائلا ( ماشي ياروحي !) فأبتسمت بخفوت واكملا حديثاً معسولا على قلبهما ...
....................................
- قمر وفارس -
1
** ( يابنتي اقسم بالله احنا لو متجوزناش خلال السنة دي لأكون خاطفك وهما حُريين بقا ..!) كانت تضحك بقوة علي كلماته المحببه وهي تقول ( للدرجادي يافارس ؟) فقال بثقة ( طبعا ياروح وقلب فارس .. يااه اكتر حد بيقول اسم فارس بحنية كدا !) ضمت شفتيها بخجل ثم قالت ( طب خلاص الله .. روح اقفل يلا شوف شغلك !!) فقال بنبرة لعوبة ( مواريش شغل .. فاضيلك يامسكر انت يا سُكررة !) فقالت بنبرة خجلة خافتة ( يوه بقا يافارس خلاص .. بتكسف !!) فأجابها بسخرية ( لا ياختي متتكسفيش معايا .. ولا اقولك تعالي نتجوز وانا اعلمك ازاي متتسكفيش ياقمري انت !) قهقهت بقوة لكلماته قائلة ( مافيش فايدة فيك ... طب قولي حنين عاملة اي ؟) اخذ نفساً عميقا ثم قال بجدية ( حنين بتبين انها كويسة بس هي شايلة الحُزن كله في قلبها ..!) همهمت قمر بتفهم قائلة بهدوء ( انا النهاردة هعدي عليها اشوفها .. ربنا يشفيها يارب وترجع احسن من الاول ..!) ثم اكملت ( صاحبك خانك واتجوز وانت لسه قاعد !) فقال فارس بسخرية ( مهو قالي الواطي .. يعني هو انا لسه قاعد بمزاج امي ماتتلحلحي انتي ياعنيا !) فضحكت بخفوت ثم قالت بدفئ ( لما حنين تبقى كويسة يافارس .. !) اجابها بخفوت ( ماشي ان شاء الله !) ثم اكمل بابتسامة لعوبة ( بس القمر هيزورنا النهاردة .. هيدخل بيتنا قمر !) ردت عليه بخجل ( اه .. في اي مانع !) فقال بحماس ( ابدا ابدا never ever دانا هفرشلك ورد احمر لحد ما تيجي ياست القمرياات انتي !) ابتسمت ابتسامة واسعة ثم قالت ( شالله يخليك يخويا !) لحظات من الصمت لم يجيب فقالت بنبرة شبه قلقة ( فارس ؟) فأجابها بانفعال ( اخوياا مين دا يما .. دي تقوليها لسليم انما انا تقوليلي يا حبيبي ياروحي .. يا حياتي ياعمري .. كدا يعني ياقمر شالله يسترك !) كانت الضحكة لا تخلو منها أثناء تلك المكالمة المعسولة .. فأجابته بخجل ممزوج بحنو ( ماشي .. بعدين هبقى اقولك كدا ها .. ؟)  فقال بيأس ( ماشي ياختي هنستنى ) ظلا يتحدثان قليلاً ثم انتهيا من تلك المكالمة بينما هي خرجت من غرفتها لوالدتها لتجلس معها ..واثناء حديثهم ومتابعتهم التلفاز .. رن جرس المنزل فتوجهت قمر لتفتح الباب .. ثم ماكانت إلا صدمة لها عندما قال الطارق ( قمر حبيبتي ... )
.......................
- سليم وفرح -
** وصلا سليم وفرح الى منزلهم .. الى عشهم الذي سيشهد على حياتهم .. سعادتهم .. حزنهم .. مشاكلهم .. حبهم ..كان المنزل متوسط الحجم .. اثاثه جيد .. اعجب فرح كثيراً .. كانت تلف في ارجاء المنزل تشاهده ومعها سليم فقالت له بخفوت ( البيت حلو اوي يا سليم .. بس برضه انا عندي سؤال ؟) نظر اليها باستغراب ثم قال ( سؤال ايه بقى ) همهمت بخفوت ثم استدارت له قائلة ( انت ليه اخترت البيت ده مع ان بيتكم كبير وما فيهوش غير مامتك وقمر !) فابتسم سليم ثم امسك يديها قائلا بحنية ( علشان انا عايز نبدأ من البدايه خالص .. نبدأ حياتنا لوحدنا نأسسها صح ..  وماحدش يتدخل في اللي بيننا مهما كان ... مشاكلنا جوا البيت ده ماتخرجش بره علشان هي دي هتكون الحياه الصح ... بالنسبه ليا ... فأنا عايزك تعملي كده علشان نفضل مبسوطين يافرح .. ساعديني نأسس حياتنا صح عشان ميحصلش اضطراب قدام .. نفهم بعض كويس !) ابتسمت بدفئ فحديثه صحيح .. فدائما كانت تقول لها والدتها البيت الذي يعيش هو البيت الذي لا تخرج اسراره .. حافظي على اسرارك  .. ثم قالت ( معاك حق في كل حاجه قولتها وانا اكيد هعمل كده !) فرفع يديها يقبلها عليها بحنو .. واقترب بخطواته نحوها ولكن الهاتف منع ماكان سيحدث برنينه المزعج .. اخرج هاتفه ثم زفر بضيق واجاب قائلا ( ايوه يا قمر في ايه ؟) فأتاه صوتها المرتجف قائلة ( سليم في حد هنا انت لازم تيجي ..!) ضيق عينيه بحيرة وهو يقول ( مالك يا قمر بتتكلمي كده ليه حد مين ده اللي مخليكي خايفه كده ..؟) لم يكمل حديثه حينما استمع لصوت ما لم يتوقع الهاتف قائلا ( سليم بيه ؟؟) .. توسعت حدقتي سليم بصدمة وهو ينظر لفرح التي كانت تنظر له بإستغراب .. لم تكن المرة الاولى التي تأتي مصائبه عندما يكون معها .. ولكن هذه المرة تشعر انها اكبر المصائب التي اتت له ...
....................
1
** وبعد القليل من الدقائق وصل سليم وفرح الى منزل عائلته .... كان غاضباً لا تعلم فرح كيف وصلاه الى المنزل وهو بتلك الحاله فهي لم تراه من قبل بذلك الغضب .. حتى ذلك اليوم الذي اخذها به الى ذلك المنزل المشؤوم عندما شك انها تتاجر في المخدرات .. دلفا إلى المنزل بينما وجدت رجل كبير في العمر ... توقعت من يكون بسبب ذلك الانتساخ الذي اخذه سليم عن ذلك الرجل الكبير في السن .. كبيراً في السن ولكن صحته تعكس ذلك تماماً .. فهو يقف بشموخ ينظر لسليم وسليم يبادله النظرات بحدة قائلا ( ممكن افهم انت بتعمل ايه هنا ؟)ثم اكمل بحدة اكثر وعينيه تشتاط غضباً ( انت مبقاش ليك اي حق انك تيجي هنا من ساعة ما سبتنا لوحدنا ومشيت يااا .. بابا !) وجه سليم نظره لوالدته التي تجلس بحيرة .. تسند رأسها على خدها .. وجوارها قمر تقف وتربع يديها بهدوء والحزن طاغي علي ملامحها .. ثم اعاد بصره لوالده الذي قال ( ده ميمنعش ان ليا حق ان انا اطمن عليكم .. سواء  انت او قمر ؟) فقهقه سليم بسخرية حادة قائلا ( بعد 7 سنه جاي تقولي تطمن علينا تصدق ضحكتني !) فأبتسم والده بخبث قائلا ( مهما حاولت هتفضل شبهي ياسليم .. ) فقال سليم بغضب ممزوج بكراهية .. وبعض النفور من والده قائلا ( انا مش شبهك وعمري ما هاكون شبهك .. انا سليم وانت توفيق انا رائد وانت لا مؤاخذه يعني مينفعش اقول !!) فقال والده بهدوء ممزوج بالتساؤل ( انت لسه شاكك في فيا يا سليم .. لسه مش عايز تصدقني !) فقال سليم بنبرة تحمل النفور من والده ( انا مش شاكك انا متأكد وهافضل متأكد .... ) ثم اكمل بقهر ( انت سبتنا علشان تشوف شغلك من اليوم اللي عرفت فيه ان انا اتعينت في الشرطه وانت تغيرت واليوم اللي اترقيت فيه .. بدل ما نفرح كلنا انت روحت طلقت امي !!) ثم اكمل بسخرية ( علشان طبعا تكمل شغلك في المخدرات و متاجره الاطفال ) ثم قال بنفور وتهكم ( انا بقيت بتكسف انا اسمي على اسمك بقيت بكره اسمي لانه على اسمك ... !) شهقت كلا من قمر وفرح من حديث سليم علي والده .. بينما والده يبادله نظرات التحدي والغموض .. فأقتربت قمر لجوار اخاها قائلة بصدمة ( اانت بـتتقول اي ياسليم ؟؟) ثم التفت لوالدتها فلم تجد منها اي ملامح صدمة وكأنها تعلم مسبقاً .. ثم نظرت لوالدها بقهر قائلة بصوت باكي ( يعني انت سبتنا علشان شغلك ... علشان شغل قذر زي ده  !) ثم قالت بنبرة غير مستوعبة ( يعني احنا طول السنين اللي فاتت كنا بناكل ونشرب من فلوس حرام .. وعايشين مع واحد بيتاجر في المخدرات .. والأطفال !!) فأكمل سليم لها ببغض قائلا ( ومازال .. وياريته ندم ..هه لا دا لسه .. بس انا مستني بس اوصل لدلائل اكتر عشان ادخله السجن بعمايله السوده دي .. عشان لما يحاكموه ميلقوش ولا دليل في صالحه !!) اتاهم صوت والدتهم الحاد قائلة ( كفاية كدا ياسلييم .. برغم كلامك دا .. في الأول والآخر دا والدك .. وانت من لحمه ودمه .. مينفعش الي انت بتقوله مهما كان هو عمل .. دا ابوك !) نظر إليها سليم بقهر وعينيه تحمل جميع معالم الأسى على حال والدته التي كانت تعشق ذلك الرجل .. وهو بكل بساطة ذهب وطلقها .. دون حتى ان يعبئ بمشاعرها وحزنها على فراقه لها .. ثم اكملت وهي تنظر لتوفيق قائلة ( انت اي الي جابك بعد السنين دي كلها يا توفيق ؟؟) فنظر لها ثم لسليم قائلا بحزن ممزوج بالاسى لتلك التُهم التي تأتي ضده ( جاي اصلح تفكير سليم ناحيتي واقوله اني معملتش ولا اي حاجة من اللي هو بقوله .. راجع ندمان!) فقالت نورهان بثبات ( اللي اتكسر مبيتصلحش ياتوفيق بيه .. وتفكير سليم وكل اللي قاله .. دا يرجعله انت مش هتعاقبه علي تفكيره .. ارجوك اتمنى ميكونش دخلتك علينا دي بمصايب .. احنا اتخطينا اللي فات بجهد كبير ونفسية وصحة كبيرة .. كفاية كدا خلي ولادي يشوفوا حياتهم ومستقبلهم .. !) فنظر والدهم لهم بحنو قائلا ( حاضر .. ربنا يوفقكم ياحبايبي يارب .. انا آسف على جيتي دي !) نظر لمح فرح التي تقف خلف سليم بملامحها المصدومة من كل الذي سمعته الآن وعندما نظر إليها ابعدت هي بصرها سريعاً فقال توفيق بتساؤل ( دي مراتك يا سليم ؟) لم يجيب سليم فقالت والدته بهدوء ( اه فرح مراته .. !) هز توفيق رأسه بدفئ ثم نظر لقمر قائلا بحنو ( وانتي ياحبيبتي !) كانت قمر تبكي غير قادرة على تحمل ما يقال .. ولا قادرة علي التحدث فقالت والدتها ( فارس هيتقدملها قريب وهيتجوزوا !) هز توفيق رأسه مرة آخرى قائلا ( ربنا يوفقكم يارب !!!) ثم غادر المنزل .. وسليم متحول لوحش ثائر .. اقترب فرح تضع يديها علي كتفه لعلها تبطء من تنفسه العالي وكزه على اسنانه ولكنها لم تفلح بل سمعت صراخه المُفزع وهو يقول ( وله عين يجي .. الراجل دا لو جه هنا تاني انا هحبسه ... انا ابويا مات من سبع سنين .. !) ثم نظر لفرح قائلا بحدة ( خليكي هنا انا عندي مشوار وهرجع اخدك نرجع بيتنا !!) ثم غادر دون حرف منها فتنهدت هي بعمق واقتربت من موضع قمر تهدأها ....
...............
- تيم وطيف -
** عاد من عمله فوجدها تجلس على الاريكة وترسم بشرود وواضعة يديها الثانية على بطنها .. فأبتسم بحنان ثم تقدم منها ومال عليها يقبل رأسها قائلا بدفئ ( مساء الخير يا حبيبتي !) فأبتسمت هي الاخرى بدفئ قائلة ( مساء النور ياقلبي .. امم اي اخبار الشغل ؟) جلس جوارها قائلا بتنهيدة ( اليومين دول في شغل كتير والواحد بيرجع مفرهد ) فقالت هي بخفوت داعية له ( ربنا يعينك !) واثناء حديثها وضعت يديها فوق قدمه تطب عليه بحنان .. فـ لف هو بجسده ناحيتها وحاوطها بذراعيه .. و قدميه حولها قائلا ( بس ايه الحلاوه دي ؟) فقهقهت بخجل قائلة بنبرة لعوبة ( والله وبقينا نقول كلام حلو كدا !) ثم قالت بعبس ( قابلتها ؟) فرفع حاجبيه بإستغراب قائلا ( هي مين ؟) فقالت وهي تضيق عينيها ( ليلى يا تيم ؟) فكرر اسم ليلى وهو يماطل به ( لــٰيلى ) ثم قال بتهكم ( لا مقابلتهاش وبعدين انتِ بتعكري المزاج ليه دلوقتي .. عايزانا نتخانق زي الصبح بسببها مثلا !) فهزت طيف رأسها بنفي قائلة بغيظ ( انا مش هرتاح .. غير لما اعرف قصتها .. ) فزفر بضيق وابتعد عنها قائلا ( لا انتِ شكلك فعلا عايزه تنكدي !) عبست بتهكم قائلة ( لا يا تيم انا مش عايزه انكد بالعكس انا عايزه اعرف علشان ارتاح عشان انا مش عايزه اخسرك تاني ) ثم اكملت بقهر ( .. مش عايزه ارجع احس ان انا وحيده عايزه افضل معك زي ما احنا كده وانت تفضل محتويني ... مش عايزه ده يأثر على ابننا .... عايزاه يعيش حياه مرتاحه .. مش كلها مشاكل زي اللي انا وانت عشناها !) ثم دمعت عينيها قائلة ( تيم عارف اي اكتر حاجة مخوفاني .. انك تبعد عني وفي الوقت ده يجي يومي واموت لوحدي..  انا مش عايزه اموت لوحدي انا في الوقت ده عايزاك تبقى جنبي  ... انا خايفه اوي ان انا اموت لوحدي.... اموت في بيت فاضي ومحدش يحس بيا انا مش عايزه كده .. علشان انا ما استاهلش كده ياتيم .. خليك جنبي ارجوك ..) كان ينظر إليها بأسى وحزن بالغ ثم اقترب منها يحتضنها بحنان قائلا ( متقوليش كدا .. انتي لسه قدامك العمر كله ياطيف .. نعيشه سوا انا وانتي وابننا !!) اخذ نفساً عميقا قائلا ( اهدي طيب .. عشان احكيلك قصة ليلى كلها !) شهقت بحزن من بين بكاءها ثم مسحت دموعها بكف يديها ورفعت بصرها تنظر له منتظرة حديثه واعترافاته ...
......
- علي ونور وتامر -
** نظر لهاتفه الرنان .. ثم قوص حاجبيه عندما وجد اسمها يضيئ الشاشة .. لماذا ترن به الآن .. هل لتعزمه على عرسها .. محطمة قلبه تلك التي يحاول نسيانها بشتى الطرق ولكن لا ينفع .. يأبى قلبه على النسيان .. فمهما كان .. هي حب طفولته .. ومازالت حبه ولكنها تخلت عن الحب واحبت غيره .. بل ستتزوجه عما قريب .. خرج من شروده علي رنين الهاتف المستمر للمرة الثانية فأخذه واجاب ببرود ( الو !) اتاه صوتها اللاهث والقلق ( الحقني ياعلي !!) ....
1
يتبع ..
** ** كان يجلس أمامها وهو ينظر داخل عينيها مستعداً لبدء الحديث قائلا في اوله ( اللي هقوله لازم تستوعبيه وياريت كلامي ميأثرش عليكي ..... او يضايقك لان ده كان في الماضي ....  والماضي فات وانتي دلوقتي الحاضر والمستقبل ) هزت رأسها بإيجاب وهي تُضيق عينيها بفضول قائلة ( تمام قولي طيب يلا ... !) هز رأسه ثم اخذ نفساً عميقاً قائلا ( ليلى تعرف عني كل حاجه سواء كانت طفولتي او شبابي وهي اللي وقفت معايا في فترات صعبه وانا بدين لها بذلك وبصراحه مكنش بيننا بس صداقه لا .... كان بينا حب .... انا حبيتها وهي زي ما قالتلي..  انها حبتني وكنت متعلق بيها جامد لدرجه ان انا كنت معرفها كل حاجه عني ... كل اسراري وكل شغلي  .. كمان كانت الست الوحيده اللي تيم كان بيحبها .. الكل كان عارف كده بس جت في يوم اكتشفت انها بتخوني مع اعز صديق ليا ... كان صديق مقرب مني ..  جدا كنت بعزه ..  ومعرفه كل الاسرار يطلع يخوني مع حبيبتي ) ضحك بسخرية مؤلمة ثم اكمل ( وقتها انا اتصرفت و اخدت حقي منها ومنه.. على كسرة القلب وعلى الوجع اللي انا عشته بسببهم .. وقتها فعلا انا اتغيرت بقيت بكره كل النسوان وانتي ظلمتك معايا بس مكنش قصدي . علشان انا عشت حاجات كتير سيئه بسبب اهلي و اللي انا حبتها بس انا دلوقتي اتغيرت تاني علشانك وعلشان ابننا علشان انا اتاكدت ان انتي غيرهم كلهم .. طيف انا بحبك ومش عايز كلامي يأثر عليكي او يزعلك ) كانت تنظر داخل عينيه المكسورة بحزن بالغ هي الاخرى ..( واضح الكراهية تجاهها .. بس انت مش كل صوابعك زي بعض .. في الوحش وفي الحلو ياحبيبي .. فأنا عاوزاك تنسى كل دا وتركز على حياتنا احنا .. وسيبك منها ومن الي خلفوها كمان .. ماشي ؟) هز رأسه بإيجاب مبتسماً بدفئ قائلا ( شكرا لأنك اتفهمتيني .. اوعدك مافيش اي حاجة تانية هخبيها عليكي .. وكل حاجة هتبقى عالمكشوف سواء عندي او عندك او بينا !) اقترب منه تعانقه بحب قائلة ( ماشي ياحبيبي !!) ...
..................................
+
** كان علي يقف جوارها في المستشفى .. بينما هي جالسة وتبكي بقوة على حال والدتها المريضة المتعبة .. نظر إليها بتنهيدة ثم قال ( هتبقى كويسة يا نور ادعيلها انتي ؟) هزت رأسها بإيجاب قائلة ( اه هي هتبقى كويسه ... هي مش هتسيبني خالص علشان انا ماليش غيرها انا اساسا معرفش ايه اللي حصل .. ) ثم اكملت ببكاء ( انا كنت بره ورجعت لقيتها مصدعه دخلت عشان اجبلها حباية للصداع خرجت لقيتها مغمى عليها !!) تنهد بخفوت قائلا ( ممكن يكون ضغطها نزل ولا حاجة .. الدكتور هيطمنا دلوقتي!) ما هي الا لحظات من انتهاء حديثه وجد تامر يهرول ناحيتهم وهو ينظر لنور بقلق جالساً امامها ( في اي يانور ؟؟ مامتك مالها ) قصت له ماحدث مثلما قصته لـ علي .. فقال لها تامر بدفئ ( طيب ياحبيبتي اهدي هتبقى كويسة ان شاءالله .. الدكتور لسه مخرجش من عندها ؟) هزت رأسها بنفي بينما رفع بصره لـ علي الذي كان يشاهد مايحدث بطرف عينيه .. ونظرة القهر والحزن تحتل عينيه .. وملامحه يائسة حزينة .. فقال تامر بخفوت ( عامل اي ؟) هز علي رأسه بابتسامة خافتة ( كويس .. كويس !!) همهم تامر بخفوت ثم جلس جوار نور وهو يهدء من روعها .. وماهي إلا دقائق ومرت حتى خرج الطبيب يطمئنهم على حالة الوالدة وان ضغطها انخفض فقط .. ذهبوا جميعهم للغرفة التي تقبع بها والدة نور فجلس علي جوارها وامسك يديها يقبلها برقة ( الف سلامة عليكي يا ست الكُل !) ابتسمت له بحنو قائلة ( الله يسلمك ياعلي .. متحرمش منك ياحبيبي !) جلست نور جوارها من الجهه الاخرى وهي تقبل رأسها قائلة ( قلقتيني عليكي يا ماما الف سلامة !) مدت والدتها يديها تمسح دموع ابنتها قائلة بدفئ ( انا كويسة .. متخافوش عليا ياحبايبي !) فأجابها تامر بخفوت ( لما احنا منخفش عليكي مين يخاف يعني يا حماتي .. الف سلامة !) فأجابته بضحكة خافتة ( الله يسلمك يا تامر !) ثم نظرت لعلي وهي ترى ملامحه وعينيه الموجهه للأرض بحزن .. هو عند سماع كلمة حماه من تامر شعر بقسوة على قلبه .. فدائما كان يريد ان يخبرها هو بذلك وليس غيره .. فقامت والدة نور بالتمسد على يديه قائلة بحنان ( اي اخبار شغلك انت ياحبيبي ؟) فأنتبه لها علي وهو ينظر لنور ثم نظر لها مرة آخرى قائلا ( كويس يام نور .. !) هزت رأسها بحنان قائلة ( ربنا يديم عليك النعمة يابني ويرزقك الي تتمناه يارب !) فأبتسم لها إبتسامة واسعة وهو يقبل يديها قائلا ( متحرمش منك ولا من دعواتك ليا يارب !) اخرجت نور نحنحة بتلعثم قائلة ( شكرا لوقفتك معانا في وقت زي دا يا علي !) نظر إليها مبتسماً بامتئنان ( مافيش داعي للشكر .. انتي عارفة معزتكم عندي وفي اي وقت هكون جنبكم بإذن الله ..!) هزت نور رأسها تأييدا على كلامه ثم ابعدت بصرها وهي تعض على شفتيها لتلك النظرة المنكسرة التي تراها في عينيه ... بينما لاحظ تامر ذلك فشعر ببعض الغيـرة تجاه ذلك الموقف فزفر بضيق دون ان يشعر به احداً ..
ومرت بعض الساعات حتى اخرجوا والدتها من المستشفى للمنزل فاطمئن عليها علي وغادر لمنزله بكسرته وخيبته
.......................
** في صباح يوم جديد .. تبعث الشمس اشاعتها في قلوب الاشخاص .. فتنيرها وتزهرها برضا الله .. كانت فرح مستلقية جواره وهي شاردة في كم المصائب التي اتت فوق رؤوسهم جميعهم .. قدوم والد سليم .. خائفة على عائلتها .. وكريم ... ذلك الشاب الذي بدأ ينضج فيتوسع تفكيره .. وكلما نضج كلما رأى ان كل ما يفعله صحيح حتى إن كان خطأ .. يريد رجلاً جواره ليحكمه .. بالتأكيد سيحزن ويعاند كريم ان أدخلت سليم بالوسط .. وبنسبة كبيرة سيغضب سليم فوراً .. والمصيبة الأكبر ان مصيبة كريم ليست كأي مصيبة ستحكيها لسليم .. شعرت بيديه تحاوط خصرها جاذبا إياها لاحضانه .. ثم همس في اذنها بنبرة ولهان ( صباح الخير !) ثم عاود التحدث بنفس النبرة قائلا ( صباحيه مباركه يا عروستي !) فقهقهت فرح بخجل وهي تقول بنبرة خافتة ( صباحيه مباركه !) ابتسم بحب ثم اعتدل في جلسته فأعتدلت هي الاخرى معه فأبتسم قائلا بنبرة لعوبة ( انا واخذ اجازه من الشغل 15 يوم ... قاعدلك فيهم بقا وكدا ياعروستي ) ثم غمز لها بحب فاخفضت بصرها خجلا وتنحنحت بحرج قائلة بنبرة منخفضة ( اممم .. اكيد العيلة كلها هتيجي النهاردة مش كدا ؟) هز رأسه بإيجاب وهو يقف من مكانه متوجها للكرسي ثم اخذ من عليه المنشفة قائلا ( انا داخل استحمى بقا هما شوية وهتلاقيهم طابين علينا !) فوقفت هي الاخرى مكانها بتنهيدة قائلة ( ماشي .. هطلعلك هدومك ) هز رأسه متوجها للمرحاض ولكنه توقف ورفع يديه يفرك بدقنه بابتسامة خبيثة .. ثم التفت إليها قائلا ( فروح ايه رأيك تيجي معايا ؟) ثم اقترب منها فكان ظهرها له وعندما استمعت لتلك الكلمات توسعت حدقتي عينيها بصدمة فشعرت بوجوده خلفها فالتفتت سريعاً بضحكة خجلة وهي تتراجع للخلف منادية اسمه بالحاح حتى يتوقف ( سلييييم !) فقهقه بخبث ( روح سليم وعقل سلييم ياشيخة !) ثم لف المنشفة حول رقبتها جاذباً إياها نحوه قائلا ( ها ما يلاا بقا !) فأخرجت شهقة اثر جفولها من جذبته .. نظرت لعينيه ويديها على صدره .. ثم ضحكت مرة اخرى وهي تطرق قدميها بالأرض .. وجهها احمر كالورد .. ثم قالت بالحاح مرة اخرى ( خلاص بقاا ياسليم .. !) هز رأسه موافقاً اياها قائلا بتوعد ( ماشيي ياشقليطة سليم .. بس صدقيني انا مش هسكت عن حقي إطلاقا .. ) ثم قبلها قبلة سريعة وغادر للمرحاض ... بينما هي اخرجت له ملابسه بخجلها المُسيطر عليها بسببه .. وبسبب مشاكسته لها .. ذلك الوقح ..
.................................
** كان يرتدي ملابسه ليذهب لعمله .. لذلك العمل الذي لم ولن يمل او يكل منه يوماً فهو الملجأ له من كل شئ .. ابتسم بخفوت عندما تذكر انه اخبر طيف بكل شئ تلك الفتاة المختلفة عن سابقهم .. حتى عن ليلى التي كان يرفعها للسماء .. فرمته هي أرضاً .. بينما طيف تختلف عنهم جميعهم .. رغم مافعله بها إلا انها متمسكة به .. وتحبه من قلبها .. تحب وجوده جانبها .. وتستمد منه الأمان .. كان بدايةً يحطمها .. ولكن الآن هو سيعوضها عن كل شئ .. بها الآن يشعر ان الله حقاً لم ينساه .. في نصيبه من الحظ والسعادة .. الآن عَلِم جيداً كيف اتى نصيبه .. ليس بالنقود فهو لديه الملايين ولكن عوضه بـ طيف .. استيقظ من شروده على دخولها الغرفة وهي تحمل فنجان القهوة الخاص به .. امسكه منها بابتسامة قائلا بخفوت ( تسلم ايدك يا روح قلبي ) فأبتسمت بدفئ قائلة ( متتأخرش عشان عندنا النهاردة معاد مع الدكتور ماشي ؟) هز رأسه بإيجاب قائلا بعدما احتسى رشفة من الفنجان ( بقيتي في الشهر الكام ؟) قهقهت بخفوت وجلست على الفراش واضعة يديها على بطنها ( التاني .. لسه بدري اوي !) همهم بتفكير ثم قال ( ماشي ادينا مُنتظرين خليه او خليها تستوي على مهلها في بطنك .. عشان عايز حاجة شبهك كدا !) فضحكت بخجل ثم قالت بدفئ ( وليه مش شبهك مانت قمر برضه !) غمز لها من المرآة ثم قال ( بتتحرمشي بيا يا طيف .. !) فقالت بغرور ( اهييي .. طبعا دا حقي اتحرمش بيك !) فقهقه على خفتها وعفويتها معه ثم التفت ومال عليها وهي جالسة فأبتسمت له بعشق فأقترب اكثر بوجهه يقبلها بنهم وحب .. ابتعد مبتسماً ( اهو دا التحرمش بنفسه بقا اللي يفتح النفس عالصبح !) اخفضت بصرها خجلا ثم رفعته مرة اخرى له قائلة بخجل ونبرة متلعثمة ( عيب كدا !!) فقوص حاجبيه بتهكم قائلا ( عيب اي دانا محترم نفسي عشان انتي حامل بس .. !) ضمت شفتيها ببعضهما بخجل ثم فكت قيدهما وهي تعض على السفلى بنحنحة .. فقهقه على شكلها ثم عاد مرة اخرى امام المرآة يرتدي جاكيت البدلة ثم بعدها ارتشف ما تبقى من فنجانه .. والتفت برأسه لـ طيف قائلا بنبرة لعوبة ( انا مااشي يا طيـفي .. فوقي كدا من كسوفك دا هاا ؟) فنظرت له وهي ترمش بعينيها ثم ما إن استوعبت كلامه فضيقت عينيها بغيظ قائلة ( هاا .. تيييم !) نادته بصوت مرتفع بسبب مغادرته السريعة وهو يقهقه .. فأخذت نفساً عميقا مبتسمة بسعادة .. تتمنى من الله ان تظل أيامهم هكذا بسعادة وهنا وسرور .. تتمنى من الله ان يعوضها خيراً بـ تيم وما باحشائها .. وضعت يديها على بطنها مبتسمة بدفئ .....
....................
** وصل إلى الشركة بعادته الباردة المُهيبة ثم دلف الى مكتبه وعلق جاكيته في موضعه وكاد ان يجلس علي كرسيه فوجد ليلى تقتحم بغضب مكتبه فقال بنبرة عالية غاضبة ( انتي ازاي تتدخلي مكتبي بالشكل الهمجي دا ... انتي مجنونة ؟؟) ربعت يديها امام صدرها وهي تقول بغيظ ( مين دي اللي في بيتك يا تيم .. اللي بتقول انها مراتك .. مراتك اي دا ان شاء الله اذا كان انت مكنتش عاوز تتجوزني الا بعد فترة طويلة من علاقتنا .. روحت اتجوزت حتة الـ .. !!) لم تكمل حديثها بسبب مقاطعته لها بغضب قائلا ( مسمحش انك تجيبي سيرة مراتي بالوحش .. احترمي نفسك وحقك في الشغل قولتلك هيرجعلك .. غير كدا انتي معندكيش عندي حاجة .. !) ثم اشار للباب ( ياريت تتفضلي احسن ما انا اطردك بنفسي ..!) كان رافعاً حاجبيه مضيقاً عينيه بطريقة مخيفة .. فقالت ليلى بنبرة مستفزة ( تتطردني .. ماعاش ولا اللي هيعيش اللي يطردني من مكان انا فيه .. الا بمزاجي .. زي ما عملت قبل كدا بمزاجي .. !)  فكز علي اسنانه بضيق قائلا ( اللي انتي عملتيه دا وساخة .. انتي واحدة خاينة محدش يئتمن عليكي .. والخاينين مكانهم مش معانا .. مكانهم تحت رجلينا !) فضحكت باستهزاء قائلة ( مش اوي كدا مانا قدامك اهو عادي وخنتك مع صاحبك ... )ثم اقتربت منه بدلال ووقفت امامه تظبط من الكرافيت الموضوعه حول رقبته قائلة ( مكنتش بتملى عيني زيه .. كنت لسه ضعيف ومتأثر بالماضي بتاعك اللي دوشتنا بيه .. هو بقا كان راجل وملى عيني !) جذبها من شعرها بقوة قائلا بنبرة تشبه فحيح الافعى ( انتي عارفة اني راجل وغصب عنك وعنه !) ثم اخرج سُباباً بشع مكملا ( انتي بس الي بتحبي السرمحة .. عشان انتي مش نضيفة واي راجل معاه شوية فلوس بترمي نفسك في حضنه !) ثم سبها بأبشع السُباب مرة اخرى ضاغطاً على شعرها بعنف مكملا ( عرفتي ليه بقا انتي خاينة .. انتي مش بس خاينة في عيني .. لا انا بقيت بشمئز منك .. بقيتي شبه بتوع الكباريهات اللي بيجروا ورا الفلوس اهم من سمعتهم .. انتي مُقرفة لدرجة ان انا قرفان اني لمستك في يوم او حتى حبيتك .. ولسه وهفضل طول عمري قرفان كل ما هتيجي في بالي) فتأوهت بألم من جذبه لها وهي تغلق عينيها بقوة متألمة وتقول بترجي ( سيبني ارجوك !) دفعها بعيداً عنه وملامح وجهه لا تحمل سوى الاشمئزاز والقرف تجاهها .. فنظرت له بغل قائلة ( انا هوريك هعمل اي ياتيم على كل كلمة نطقتها عليا !) فأبتسم بسخرية حادة قائلا ( وريني هتعملي اي ....  يا خاينة ؟؟) ثم قال بنبرة عالية ( يا أمن !) دلف الامن لمكتبه في خلال ثوانِ .. فأشار لهم ان يأخذوها قائلا بصرامة ( تترمي برا الشركة ومتتدخلهاش تاني فاهمين ؟) هز رجال الأمن رؤوسهم ممسكين بها فجذبت نفسها منهم قائلة بغضب ( انا هطلع لوحدي ؛) ثم القت نظرة توعد لتيم وخرجت بغل وغضب يعمي القلب والعين ....
بينما هو جلس علي كرسيه بتنهيدة عميقة وهو يفرك بوجهه بقوة .. نظر للساعة ثم اخذ جاكيته وخرج من مكتبه قائلاً للسكرتيرة الخاصة به ( ألغي كل حاجة النهاردة .. وابعتي صور للملفات الجديدة عالايميل بتاعي  !) فهزت له رأسها بإيجاب قائلة ( حاضر يابيه !) بينما هو غادر الشركة متوجهها للمنزل مرة اخرى .. لملجأه .. ليجلس جوارها فتخفف عنه الألم الذي يسكن قلبه .. وتهدأ من غضبه المسيطر على عقله في افتعال جريمة كبيرة بـ ليلى .. كـ قتلها مثلاً .......
..................................
** كانوا جميعهم يجلسون في منزل سليم وفرح .. ويقهقهون .. فقالت سارة والدة فرح بـ حنان ( والله احنا ربنا عوضنا بـسليم .. ربنا يخليكم لبعض ياحبيايبي !) فأبتسمت فرح بدفئ لوالدتها وهي تقول ( ويخليكي لينا ياحبيبتي ..!) فقال سليم بخفوت ( تسلميلي ياحماتي .. وبعدين فرح هتكون في عيني متخفوش عليها .. مش كدا يا فروحتي ؟) لف يديه حول كتفها بعبث فنظرت له بخجل وهي تهمس ( عيب كدا .. بس يا سليم مينفعش !) فهمس لها بخبث ( في اي دول امك وامي .. وانتي مراتي الله !) فعضت على شفتيها بخجل وهي تنظر لعينيه فقال بتحذير خبيث ( متعضيش كدا احسن ابوسك قدامهم دلوقتي !) شهقت بخجل فقهقه الجميع عليهم ثم وقفوا قائلين ( طب ياعرسان نسيبكم بقا !!) فهمست فرح ( هتسيبوني مع الوقح دا !) نظر إليها وهو يضيق عينيه ( بتقولي حاجة ياحبيبتي ؟) هزت رأسها بنفي وابتسمت بـ مجاملة ثم وقفت معه تودع اهلها واهله .. ودلفت لغرفتهم وهي تزيح الروب الذي كانت ترتديه فوق بيجامتها ...دلف خلفها وجلس علي طرف الفراش قائلا ( اي رأيك نطلع نتغدى برا ؟) همهمت بتفكير وهزت كتفيها ( ماشي يلا .. بس خليك عارف اني بقيت بعرف اطبخ !) فقهقه بخفوت ووقف مكانه ثم بدأ بالاقتراب منها غامزاً بخبث قائلا ( منا عارف ياجميل انك بتعرف تطبخ .. بقا حد بالحلاوة دي وميعرفش اخص !) ضربته برفق على صدره قائلة ( كان عندك حق لما قولتلي بعد الجواز هبقى حد تاني ... بقيت Bad boy ووقح ياسليييم !) جذبها من خصرها له قائلا ( انا ؟؟ انتي ظلماني كدهو .. دانا بدلعك شوية عشان بكرا لما الشغل ياخدك مني متشتكيش !) همهمت بخجل ثم لفت يديها حول عنقه قائلة ( خلاص ماشي دلعني .. انت احسن حاجة حصلتلي الفترة دي ياسليم !) ابتسم بحب وقبلها برقة على خديها قائلا ( وهكون احسن حاجة حصلتلك كل العمر الي جاي !) هزت رأسها بإيجاب تأييداً على كلامه ثم شرعا اثنتيهم في ارتداء ملابس الخروج ...
........................................
** خرجت قمر من عند اخاها لمنزل فارس لترى حنين وتراه .. جلسا ثلاثتهم في الشرفة وقمر وحنين يتحدثان سوياً .. ابتسمت قمر لفارس ثم نظرت لحنين قائلة ( ان شاء الله ياقلبي هترجعي تشوفي تاني وعمليتك هتنجح ..خليكي واثقة في ربنا !) ابتسمت حنين برضا ثم اكملت ( انا بس اللي شايلة همه هو ليث .. انا مش عايزة اظلمه انا مش عارفة هشوف تاني امتى ولا انا مش هشوف .. هو يبقى اتظلم معايا !) هزت قمر رأسها بنفي قائلة ( لا ياحبيبتي يتظلم معاكي ليه .. هو شايف وضعك وبرضو شاريكي .. وانتي ياقلبي هتبقي كويسة متخافيش انتي بس خلي عندك ثقة بربنا !) تنهدت حنين مكملة ( هو كلمني الصبح وقالي انه هيجي النهاردة نقرأ الفاتحة ونلبس دبل .. واسبوعين ونكتب الكتاب .. !) همهمت قمر بتفهم وتفكير فقالت حنين مقاطعة تفكيرها بإيجابة على تفكير قمر ( هو عايز يبقى جنبي في الفترة دي وانا مراته ولما اعمل العملية يعني نبقى نعمل الفرح !) ضربتها قمر برفق على كتفها قائلة ( وعايزة تسبيه .. دا بيحبك اوي ياحنين متظلمهوش ولا تظلمي نفسك عشان انتي شكلك كمان واقعة وقعة سودا وحدش سمى عليكي !) قهقهت حنين بخجل فقالت قمر ( نقول مبروك ؟) اجابتها حنين بحماس ( نقول مبروك !) تنحنح فارس ومد يديه يمسك يد قمر غامزا لها بينما هي نظرت له بتنبيه وهي تحاول جذب يديها فشدها اكثر بين يديه فعضت على شفتيها وهي تشير له بهمس ان يترك يديها فهز رأسه بنفي ثم ارسل لها قبلة في الهواء من ثم غمز مرة اخرى .. فضمت شفتيها بخجل لتقول حنين بعبث ( عيب كدا يا فارس احترم وجودي .. وسيب ايد البت يااض !) نظرا اليها بصدمة فقال فارس بانزعاج ( دي عماله تقولك ياحبيبتي وقلبي ومقالتليش حتى يا عسل .. ) قهقهت حنين بينما قمر ابعدت بصرها بخجل وهي تكتم ضحكتها فأكمل ( وبعدين مش اتكلمتي نقطينا بـ سُكاتك بقا ياختي ولا قومي على اوضتك اما نشوف هنتجوز امتى .. ) فتحدث حنين بنبرة حزينة مزيفة ( ياعييني ... اول حد حب وشكلك اخر حد هتتجوز .. ) ثم قهقهت بينما هو قال بنبرة مُتأثرة ( عيني عليك يافارس !) ... فقالت قمر وهي ترفع كتفيها لاعلى ( انا قولتلك متجيش تتقدم ياخويا ماتيجي الله !) فنظر إليها بصدمة منشكحاً بابتسامة واسعة قائلا ( قولي والله .. يعني الغي معاد الواد ليث بليل واجيلك انا بليل !) فقالت حنين بشهقة ( حيلك حيلك ياحبيبي منا برضو عايزة اتجوز اهه !) ضحكت قمر بقوة وهي تنظر لهم ثم قالت ( تعالى بكرا هطفش عريس البت !) فقلب عينيه بسخرية ( اه صحيح .. عموما ماشي نيجي بكرا ياقمريي !) رفرت بعيونها بخجل فقالت حنين بسخرية ( اتمحنوا اتمحنوا انا قايمة اكلم ليث .. قوم يخويا وديني الاوضة !) فقهقهت قمر قائلة ( سلميلي عليه ها ؟) فأشارت لها حنين بيديها بلا اهتمام ( اتوكسي وخليكي في اخويا ملكيش دعوة بجوزي !) ساندها فارس قائلا بنبرة ضاحكة ( بقا جوزك خلاص .. دانا عيني عليه من اللي هيشوفه منك .. ) قالت حنين بعبس مازح ( بس يالاا ... دا يابخته !) قهقه بخفة واوصلها لغرفتها بينما هو عاد لقمر التي ابتسمت بخجل عند رؤيته فأبتسم هو ابتسامة لعوبة قائلا ( كنا بنقول اي يا شقليطة؟) قهقهت بخجل ثم قالت بخفوت ( بس بقا يا فارس عيب كدا .. اتكلم في موضوع مهم !) هز كتفيه بجدية قائلا ( تتجوزيني ؟) سعلت بصدمة وهي تنظر له فقال ( اي مهو دا جدي اهو .. اتجوزيني اكمني يعني غلبان ومليش قريب ولا حبيب تعذبيني كدا !) قهقهت ثم ضربته برفق على كتفيه قائلة بجدية ( طب بجد بقا .. هنتجوز بس انت شايف الوقت مش سامح وانا عايزة الكل يفرح بفرحنا دا !) عبس مجددا ثم قال ( طيب .. انتي حرة بقا انا اتحايلت كتير !) تنهدت بخفوت ثم وضعت يديها فوق يديه قائلة ( فارس .. صدقني انا بس مش عايزة دلوقتي عشان الظروف اللي حولينا !) فأجابها بنبرة تحمل بعض الغضب ( احنا هنعمل اي للظروف يعني ياقمر .. مهي ظروف وهتعدي مانتجوز بقا وخلاص ... ولا انتي عماله تتحججي بمواضيع عشان نأجل وخلاص !) تطلعت إليه بهدوء لحديثه اللاذع ثم قالت ببرود ممزوج بحزن ( لا انا مبتحججش .. انا لو فعلا عايزة اعمل كدا كنت قولتلك مافيش حاجة هتمنعني .. ) ثم وقفت وهي تقول ببرود ( انا ماشية .. سلام !) والتفتت لتغادر فأسرع بأمساك يديها ووقف امامها بتنهيدة قائلا ( خلاص انا اسف بجد .. مكنش قصدي بس انا عايزك تكوني معايا كفاية كدا .. انا بتعذب من زمان ياقمر !) نظرت له بحزن قائلة ( ماشي يافارس خلاص ... تعالى ونحدد كل حاجة مع ماما وسليم .. !) ابتسم بدفئ ثم هز رأسه بإيجاب ( ماشي ياقلبي !) فبادلته تلك الابتسامة الدافئة المحببه ....
.........................
** كان يقف في الكمين على الطريق الصحراوي .. يفتش السيارات للتأمين الزائد .. ينظر هنا وهناك بوجه هادئ وملامح متعبة .. كثرة التفكير ستقتله يوماً ما .. على فراق حبيبته والتي لم يكن يتوقع يوماً ان تفارقه .. هي اخر من يتوقع ان تفارقه .. وكانت اول من فارقته .. مرر السيارة التي امامه بعدما رأى اللازم من السائق .. ثم التفت يتحدث مع احدى الأمور بينما سيارة آتيه من بعيد بسرعة فائقة .. يركب بها بعض الشباب الطائشة .. صرخ الظابط لينبه علي ( حاسب يا عليي باشا !) كاد ان يتلفت ليرى ما يحدث فكانت سرعة السيارة اكبر في اصتدامه بالحديد خلفه فما كان غير جثة هامدة مرمية بالأرض .. حاصر رجال الشرطة تلك السيارة معتقلين الشباب بينما الجميع يصرخ بقدوم الاسعاف بينما علي ينام أرضا دون حركة واستسلم سريعاً للنوم في راحة تامة ........
.........................................
11
** كانا يجلسان سويا في جلسة عائلية مع عائلته .. بينما هي ووالدتها يتشاركان تلك الجلسة .. وهي لم تسلم من نظرات والدته الغير سالمة لها .. فتنحنحت نور بتوتر من تلك النظرات وهي تنظر لتامر الذي ابتسم لها بحب يطمئنها فابتسمت له بدفئ .. فقالت والدته وهي تنظر لها من اعلاها لاسفلها وهي تقول بسخرية ( انتي حلوة يانور .. بس المشكلة في المستوى المادي يعني انتي عارفة اهم حاجة المستويات دي عشان العلاقة تنجح !) احمر وجه نور بأحراج فقال تامر بغضب ( ماما انتي بتقولي اي مينفعش كدا !) هزت والدته كتفها بلا اهتمام ( اي يابني هو انا قولت حاجة غلط يعني ... المستويات دي مهي معروفة .. هما ..) قاطعتها والدة نور بغضب قائلة ( والله ابنك هو اللي جه يتقدم مش احنا الي جرينا وراه .. وان مكنش عاجب احنا في اول الامر نفركش !) هز تامر رأسه بنفي سريعا قائلا ( لا لا طبعا ياحماتي بتقولي اي .. دانا عايز اقدم كتب الكتاب ونعمل الفرح !) نظرت له والدته بصدمة ( بالسرعة دي !! دا معداش عن خطوبتكم شهر !!) تنحنح تامر قائلا ( هو مين دلوقتي بقا بيطول الخطوبة وانا ونور بنحب بعض ومتفاهمين ... !) تنهدت نور بعبس فنظرت لوالدتها الغاضبة وهي تقول ( اي رأيك ياماما ؟) هزت والدتها كتفها بهدوء وهي تقول ( لما نشوف هنرسى على اي نبقى نحدد كتب والكتاب والفرح احسن ما يتكتب عليكي مُطلقة من المافيش !!) تنحنح تامر بحرج من حديث والدته قائلا ( متقوليش كدا يا حماتي .. بعد الشر احنا حياتنا هتكون فل ان شاء الله !) مطت والدة نور شفتيها ( هو انا اكره .. اتمني يكون كدا فعلا ... بس ياريت الكل يتمنى مش انت وانا وهي بس !) فزفرت والدة تامر بلا اهتمام قائلة ( اهو بكرا يعرف الغلط الي عمله دا ويندم !) وقفت والدة نور بغضب جامح قائلة بصوت مرتفع ( مسمحش الكلام دا يتقال في حق بنتي .. ولو استمر دا الجوازة دي مش هتكمل انا مش هرمي بنتي وحيدتي في بيت بتتهان فيه .. قومي يانور !) وقفت نور معها وهي تبتلع غصتها وتنظر لتامر بتأنيب فزفر بضيق بينما خرجت والدة نور امامها فلحقتها نور بخطى سريعة .. التفت تامر لوالدته قائلا ( اي الكلام اللي انتي بتقوليه دا يا ماما ... مينفعش تقولي كدا انا بحب نور وهتجوزها سواء    بقا موافقين او رافضيين .. انا هتجوزها .. !!) نظرت له والدته بغضب وتوسعت حدقتي عينيها قائلة ( عيب كدا يا ولد .. انت عارف بتكلم مين .. انا عايزة مصلحتك والبنت دي مش مصلحتك .. دول فقرا لا تفكيرهم زينا ولا حتى مستواهم !) زفر تامر قائلا بحنق ( اه وانا حابب ان تفكيرها مش زي تفكيرنا .. كل همهم الموضة والفلوس .. انا حبيت نور عشان بساطتها وهدوءها واهم من دا كله انها بنت محترمة ومؤدبة .. ومستواهم اعلى مننا كمان حتى لو مش بالفلوس بالقيم والاخلاق .. !) ثم اخذ مفاتيحه قائلا بحنق ( دا اللي والدي علمهولي قبل ما يتوفي الله يرحمه .. اما انتي بقا انا كنت جايبك عشان تفرحي بابنك بس شكلك لا فرحانه ولا بتاع .. انا هكمل الجوازة دي والبيت بيتك .. ولو عايزاني احجزلك من بكرا ترجعي لجوزك وعيالك ارجعي !) ثم التفتت مغادرا المكان تحت غضبها منه ...
..........................................
** تجهزت كالأميرات في يومها .. بينما هو اتى في موعده وجلس مع والدها واخاها فارس .. كانوا يتحدثون فدلفت بطلتها الجميلة فخطفت قلبه اكثر ما كانت تخطفه قبلاً .. يود الآن أن يأخذها ويخبئها عن أنظار الجميع .. يبعدها عنهم كلهم فتكون له وحده ليظل ينظر إليها فيشبع منها بل هو لن يشبع ابداً ... جلست بمساعدة والدتها والإبتسامة تنير وجهها .. فتنحنح ليث وهو يعتدل في جلسته بتوتر يُظبط من وضعية الكراڤيت قائلا ( طيب ياعمي انا .. بطلب ايد بنت حضرتك الآنسة حنين .. على سُنة الله ورسوله !)اخفضت بصرها للأرض خجلاً فنظر إليها بابتسامة ونظرات عاشق ولهان .. توسعت ابتسامتها اكثر بكثير .. وهي تفرك يديها بخجل وتوتر .. فقال والدها بدفئ ( دا يشرفني طبعا يابني .. وباين ان حنين موافقة كمان .. على بركة الله !) اخرجت والدتها زغروطة فرحاً لابنتها الحبيبة .. بينما فارس ضمها له بحب قائلا ( مبروك ياقلبي .. !) ثم نظر لـ ليث غامزا له بضحكة ( والله وهتتجوز ياعم .. الف مبروك !) ثم اكمل وهو يضيق عينيه ( عارف لو زعلتها هعمل فيك اي .. هاكلك بسناني ياض انت فاهم !) ازاح له ليث بيديه وهو ينظر لمعشوقته قائلا بخفوت ( مبروك !) ثم مال عليها يقول بهمس عاشق ( يام عيون القطط !) زاد خجلها .. فوصلت للحد الاقصى من الاحمرار خجلا .. فأخذ ليث نفسا عميقا خوفا ان يفعل ماهو محرم وعيبُ امام اهلها .. سيتحكم الآن بنفسه حتى تصبح زوجته وله .. اتفقا جميعهم وبدأو بقراءة الفاتحة من ثم البسها ليث خاتم خطوبتهم وهي ايضا البسته .. رفع رأسه ينظر إليها فكانت دمعتها تتساقط من عينيها .. فُزع من رؤيتها هكذا ثم قال سريعا وبلهفة ( مالك يا حنين .. بتعيطي ليه ياحبيبتي !) فزع الجميع واتى فارس جوارها ووالدتها فقالت والدتها بحنو ( مالك يانور عيني ؟) رفعت يديها بأرتجاف وهي تقول بقهر ( كان نفسي .. اكون شايفة اليوم دا قدامي .. وقد اي هو يوم حلو .. انا حاسة بيه بس مش شيفاه !! ) احتضنتها والدتها بحنو وهي تخفف عنها بينما ليث ممسك يديها يطمئنها بحزن بالغ فأخذت تبكي قليلاً بقهر حتى هدأت باحضان والدتها واخاها .. وكلمات ليث المهدئة لها بحنان وعشق ... واكتملت الليلة بالصور التذكارية والضحكات العالية ..
.............................................
** ( فقر ؟؟ فقر اي ياقمر احنا اكبر من كدا انا اخوكي دا مش عارفة اتلم عليه ساعتين ورا بعض !) قهقهت قمر بقوة على كلمات فرح وهي تقول بصوت متقطع من بين كلماتها ( لا بجد من اللي حكتيه دانتو طلعتو نحس اكتر مني انا وفارس .. مش قادرة ابطل ضحك انا اسفة ) ثم زادت في ضحكها بقوة فقالت فرح بنبرة مقهورة ( كنا قاعدين بنتغدى في امان الله وانتي عارفة انا مبطمنش لخروجتنا دي والله .. رن تليفونه قولت كدا خلصت القعدة وفعلا جهزت شنطتي عشان نمشي لقيته بيقولي زميلي في الشغل عمل حادثة وفي المستشفى ولازم امشي !) ثم قالت بنبرة باكية دون دموع ( حرام عليهم دا اجازة جوازه .. !) زادت قمر في ضحكاتها وهي تقول ( عيني عليكي ياحبيبتي .. معنتوش تخرجوا احسن يافرح !) كانت تقولها وهي تكتم ضحكتها ثم انفجرت في الضحك وفرح تتابعها بانزعاج ( لا كتر خيره جايبك تباتي معايا عشان مباتش لوحدي !) ثم برزت شفتيها وهي تقول ( دا حتى هيبات برا .. انا عايزة اعيط !) وقعت قمر ارضاً من الضحك وهي تضع يديها حول خصرها وهي تقول ( حرام عليكي .. بطني مش قادرة .. يلا يانحس !) امسكت فرح الوسادة بغل ورمتها بها قائلة ( بس بقا انا متكادة وانتي بتضحكي ) وضعت يديها علي خدها وهي تقول بحزن (  .. يحبيبي ياسليم !) وقفت قمر من مكانها وجلست جوارها وهي تمسد علي كتفها وتكتم شهقات ضحكتها قائلة ( معلش ياحبيبتي .. معلش بكرا يرجع وتكملوا نص شهر العسل بتاعكم !) انتهت من كلماها وهي تضحك بقوة فصرخت بها فرح قائلة ( اتجري يابت قومي نامي قومي .. انا بشكيلك وانتي بتضحكي !) هزت قمر كتفيها بقلة حيلة وهي تقول من بين ضحكتها ( منتي ياحبيبتي بتحكيلي حاجات تضحك ... !) قامت فرح من مكانها ( تصدقي بقا انا مش هـ اعشيكِ .. نامي خفيفة بقا !) هزت قمر رأسها بنفي وهي تقول بضحكات بسيطة ( ولا وحياة امك ياشيخة تأكليني اصل انا واقعة جوع !) اخذت فرح نفساً عميقا وهي تقول بحزن مرة اخرى ( ياترى سليم دلوقتي اتعشى ولا لا .. ياحبيبي ياسليم !) دفعتها قمر برفق ( مخلاص ياختي اومال لو مش لسه متجوزين امبارح .. اتقلي ياماما اتقلي !) اشارت لها فرح بيديها بلا اهتمام ( اسكتي انتي .. ياقلبي ياسليم !) ضربت قمر كف بـ كف وهي تضحك ( دانتي واقعة ولا حدش سمى عليكي !) فقالت فرح بسخرية ( نانانا .. اوعي كدا خليني اعمل عشا ) ثم ذهبت امامها للمطبخ وقمر تبعتها لتساعدها ولم يكفا عن الضحك اثناء إعداد العشاء وأثناء تناوله ..
.................................
** دق على الباب .. جعل جميع من بالبيت ينتابهم شعور الخوف نوعا ما .. وقف كريم خلف الباب وخلفه والدته قائلة ( مين ؟) اتاهم صوته المنكسر قائلا ( انا احمد يا طنط !) فتح له كريم وعلامات وجهه تحمل الاستغراب لقدوم احمد في ذلك الوقت .. نظر اليهم قائلا بهدوء وتساؤل ( ممكن ادخل ؟) هزت سارة رأسها بخفوت فدلف وجلس على الاريكة بينما كريم ووالدته جلسا على الأريكة التي امامه .. بادرت سارة بالحديث قائلة بتساؤل ( خير يا احمد يابني .. جاي ليه في الوقت دا ؟) كان ينظر ارضاً ويفرك بيديه بتوتر ثم رفع بصره بعينيه الدامعتين اللامعتين ( اتجوزت صح ؟) ابتلعت سارة ريقها قائلة ( اه يابني .. اتجوزت .. عقبالك ..) وقف احمد واقترب من مكانها جالساً امام سارة على الأرض واضعاً رأسه على قدمها فشهقت سارة باستغراب ( بتعمل اي يا احمد .. مالك ؟؟) قاطعها بنبرة خانقة قائلا ( انا كنت بحبها اوي يا طنط .. انا كنت مستعد اني اعملها كل حاجة هي عايزاها .. وانا والله غصب عني اللي حصلكم .. اعذروني بالله عليكم .. انا مش عايز اقطعكم ابدا عشان انتو ليكو فضل كبير عليا .. سواء حضرتك او حتى فرح .. انا مش هظهر تاني لفرح في حياتها عشان جوزها .. وربنا يسعدها يارب .. بس انا عايز لما احتاج اني احكي اجيلك انتي .. اعتبريني زي كريم ممكن !) رفع بصره لها فكانت دموعه تهبط على خديه بقهر بينما سارة تسمعه بحزن بالغ وعينيه لامعة بالدموع وهي تقول بتلعثم ( اه ياحبيبي ينفع اوي ... انت تشرفنا في اي وقت يا احمد .. !) ثم اكملت بتنهيدة ( يابني انت لازم تنسى فرح وتعيش حياتك وتدور على بنت الحلال اللي تحبك وانت تحبها .. انت كدا هتتعب يا احمد !) هز رأسه بنفي قائلا ( نسيانها صعب .. انا كنت ولسه بحبها وبعشقها .. بس النصيب والقدر !) قاطعته سارة بحنو ( والنصيب والقدر برضو هيجمعك باللي احسن منها .. صدقني انت بس دور ومتيأسش وخلي عندك ثقة كبيرة بربنا !) رفع كفه يمسح دموعه كالطفل الصغير قائلا ( حاضر .. انا هعمل زي ماحضرتك بتقولي واول ما الاقيها .. هجيبها عندك انتي اول حد تشوفيه !) فابتسمت له ثم تنهدت بهدوء قائلة ( بإذن الله !)
.............................................
** خرج الطييب من غرفة العمليات فركض له سليم بقلق بالغ ( اي يا دكتور علي اخباره اي؟) وضع الطبيب يديه على كتف سليم بحزن قائلا ....
يتبع 😂😟💖
** كانت تتحدث معه بالهاتف بضيق .. بينما هو يحاول ان يصالحها ببعض الاعذار والمبررات قائلا بحزن ( نوار ياحبيبتي .. انا اسف والله العظيم واوعدك الموضوع دا مش هيتكرر تاني انا لو اعرف انها هتعمل كدا مكنش له داعي اننا اجيبها وتشهد على جوازنا .. خلاص بقا متزعليش .. وانا ياستي هاجي بكرا اعتذر واصالح طنط كمان ماشي ؟) اخذت نور نفساً عميقا فـ هما للان يتحدثان منذ نصف ساعة يحاول ان يراضيها ويخفف عنها .. فقالت بهدوء ( ماشي !) ثم تنهدت مكملة ( ربنا ييسر يا تامر ونشوف هيحصل اي !) فرد بحنو ( هيحصل كل خير .. نور انا بحبك اوي !) همهمت دون إجابة فقال بتساؤل ( لسه زعلانة برضو !) فردت بنبرة دافئة ( لا خلاص .. وانا كمان بحبك !) فأجابها بعشـق ( نور انا بجد ماليش حد غيرك فمتزعليش مني ولا تسيبيني .. انا لما صدقت لقيت بنت هتحبني زيك وتكون معايا في كل وقت ) تنهدت بأسى على حاله فهو بالفعل وحيد .. والده توفى منذ سنوات ووالدته ذهبت وتزوجت وانجبت غيره ... لم يهتم به احد بل هو من اهتم بنفسه .. ونضج وحده وعمل وحده .. ثم قالت بحنان تتطمئنه ( حاضر يا تامر متخفش .. انا هكون معاك !) ابتسم بحب ثم قال ( ان شاء الله .. !) ثم بدأ يحكي معها وهي تبادله الحديث حتى غفيا في نوم عميق ...
....................................................................
1
- سليم وفرح -
** شقشقت الشمس بأشعاتها في ارجاء المكان .. بينما سليم مازال يجلس في المستشفى بـ حُزن على حال صديقه - علي - تنهد بأسى فهو يعلم ان علي وحيد ليس له عائلة .. يتيم الاهل .. ويعرف جيداً انه ليس لديه سوى خطيبته السابقة وامها .. تردد بالأمس في الإتصال بهم ولكن عزم ان يحادثهم في بداية النهار ليعلموا ما حدث له .. اخبره الطبيب بالامس ان علي حالته ليست مستقرة وسيظل تحت المراقبة وفي العناية لفترة حتى يطمئنوا عن حالته .. سمع رنين هاتفه يرن فوجدها فرح .. رد سريعاً فهو بالفعل يحتاج التحدث معها .. ( الو ؟) اتاه صوتها القلق ( اي ياسليم .. عامل اي .. وصاحبك دلوقتي حالته اي ؟) تنهد بأسى قائلا ( انا كويس ياحبيبتي .. وهو في العناية ادعيله يافرح هو ملوش حد غيري !) اجابته بهدوء ( لا حول ولا قوة الا بالله ... ربنا يقومه بالسلامة ياسليم .. !) اجابها بتساؤل ( بس انتي اي اللي مصحيكي دلوقتي الساعة لسه 5 ونص !) همهمت بخفة ثم قالت ( يعني صحيت اطمن عليك .. كنت قلقانة عليك !) ابتسم بحب قائلا ( وحشتيني !) تنحنحت بخجل قائلة ( وانت كمان .. !) فتوسعت ابتسامته ثم قال ( قمر اكيد نايمة صح ؟) فأجابته بإيجابية ( اه .. ضحكنا امبارح كتير اوي !)فقال بتساؤل مبتسم ( على اي ؟) فردت هي بغيظ ( على اننا مش هنخرج نتغدى برا تاني ياسليم .. احنا عمرنا ماخرجنا الا وكان في مصيبة كدا !) فقهقه بخفة قائلا ( طب انا اعمل اي .. !) فردت بتنهيدة ( نحس والله !) فقهقه مرة أخرى قائلا بحنان واسف ( حقك عليا ياستي .. المرة الجاية لما نطل ..) لم يكمل كلامه بسبب مقاطعتها له قائلة بسرعة ( نخرج ... ليه هو احنا ملناش بيت ناكل فيه احنا هناكل في البيت خلاص مافيش مطاعم تاني !) قهقه بقوة على حديثها قائلا ( يا مجنونة ...) فقهقهت معه قائلة بحنو مرة اخرى ( قوم اشتريلك حاجة افطر بيها ومتتأخرش عشان نتغدى سوا ماشي ؟) تنهد بعمق قائلا ( حاضر .. يلا سلام !) ودعته هي الاخرى واغلقا بينما هو جلس يُفكر فيها .. فيما يحدث معهم وكبف يحدث وكيف تسير الحياة .. ان تلك الحياة صعبة عليه وعليها معه .. تظلمهم دائما .. ولكن مع الصبر فإن والفرج قريب وفرج الله سيكون واسع من جميع الانحاء ..
....................................................................
- تيم وطيف -
** كان يتجهز من اجل الذهاب للعمل بينما هي تُعد له الفطار .. انتهى من ارتداء ملابسه وهو يتذكر امس بابتسامة عاشقة .....
'' فلاش باك '' 
** بعد ان حكى لها ماحدث بينه وبين ليلى في الشركة اخبرها انه سيصعد لينام لأنه مُتعب وبالفعل صعد ونام سريعاً .. بينما هي صعدت للغرفة التي بها ملابسها واختارت فستاناً رائعا باللون الأبيض .. ثم وضعته عن الفراش ووضعت اغراضها الاخرى معه .. ثم هبطت مرة اخرى للمطبخ وهي تعد عشاءاً مميزاً والإبتسامة لا تفارق وجهها .. بعد ان انتهت من إعداد الطعام وجهزت الطاولة بالشموع واضواء الزينة والورود الموجودة بالحديقة .. نظرت للطاولة وهي تضم يديها لصدرها بضحكة سعيدة عما فعلته .. نظرت للساعة فرأت انها مرت ساعة على نومه فصعدت للاعلى سريعا ثم بدأت بتجهيز نفسها وارتدت فستانها الابيض الجميل .. وعندما انتهت نظرت لنفسها في المرآه برضا ثم ذهبت لغرفته برائحتها المنتشرة في كل مكان وجلست جواره ( تيم .. مش كفاية نوم بقا .. اصحى اقعد معايا شوية !) لف ظهره عنها وهو يقول ( ماشي انزلي وانا نازل وراكي !) ابتسمت بخفوت قائلة ( ماشي ياحبيبي متتأخرش !) ثم هبطت للاسفل وجلست على الطاولة تنتظره فما كانت الا نصف ساعة حتى هبط وهو يفرك بعينيه بنعاس .. شم رائحتها في المكان .. تلك الرائحة المميزة التي كانت تضعها وهي في الشركة فكانت تسرقه وتجعله يعجز عن العمل من روعتها .. رفع بصرها ينظر إليها .. فوجد المكان مُزين بطريقة جميلة للغاية وبسيطة .. وهي تقف جوار الطاولة مرتدية ذلك الفستان الذي يجعلها كملاك يقف على الارض .. ابتلع غصته لذلك الجمال الذي يراه الآن امامه إن كان جمال المكان او جمالها .. مدت يديها له قائلة ( حبيت اعمل الاحتفال دا بمناسبة جوازنا اولاً .. وثانياً عشان انا عارفة انك مضايق فقولت دا ممكن يُفك عنك شوية !) ثم مالت برأسها ببراءة ونظرة عشق في عينيها الواسعة .. اقترب منها يمسك يديها وهو يبتسم بسعادة غامرة بالعشق قائلا ( دي احلى مفاجأة .. وانتي احلى حاجة حصلتلي يا طيف .. !) ثم رفع يديها يقبلها عليها واقترب منها محاوطا وجهها بعشق مقبلاً اياها بنهم وحب .. ثم ابتعد معانقاً اياها قائلا ( انا بحبك اوي اوي !) ابتسمت بدفئ قائلة ( وانا كمان بحبك اوي اوي !) ثم ابتعدت قليلاً وهي تقول ( يلا اقعد ودوق اكلي !) فقهقه بحب قائلا ( اكيد حلو .. دانا كنت باجي مخصوص ليكي عشان اكل من ايدك !) فإبتسمت بخجل بينما هو امسك يديها يقبلها مرة اخرى عليها بحب وقضيا تلك الليلة بتلك السعادة الغامرة .. بينما هو لا يتخيل او يستوعب مدى السعادة التي كان يشعرها مع عائلته الصغيرة طيف .. لا يستطيع وصف فرحته بما فعلته او بعفويتها وحنانها وحبـها ..
" عودة للواقع "
استيقظ من شروده على صوتها من الاسفل ( يااتيييييم !) ابتسم بحب ثم هبط للاسفل قائلا ( نعم ياروح تيم !) كانت جالسة على طاولة الطعام واضعة يديها على خدها منتظرة ان ينزل من الاعلى .. وعندما سمعته يتغزل بها ابتسمت بخجل قائلة ( يلا عشان نفطر !) هز رأسه بإيجابية ثم جلس قائلا بدفئ ( تسلم ايدك ..!) فإبتسمت له بحب وبدأ في تناول الطعام بينما هي قالت ( انا كلمت الدكتور امبارح وقولتله ان احنا هنيجي النهاردة فـ متتأخرش ها !) هز رأسه مجيباً ( حاضر مش هتأخر .. وانا طالع من الشركة هتصل عليكي تجهزي واجي اخدك ونمشي ماشي !) فهزت رأسها بإيجاب ..
انتهى من تناول الطعام من ثم غادر للعمل .. ولم تمر عليه ساعتان في العمل حتى اتصل به بواب المنزل فأستغرب تيم ولكن القلق ينهش قلبه فأجاب ( الو .. في اي ؟) فأجابه البواب سريعاً قائلا ( تيم باشا .. الست ليلى جت البيت دلوقتي ودخلت غصب والهانم قالتلي اسيبها تدخل !) زفر بضيق ثم اخذ اشياءه وغادر
بينما طيف تقف امام ليلى ببرود قائلة ( خير بقا انتي عايزة اي ؟) رفعت ليلى حاجبيها باستفزاز ( حلو .. دا شكله قالك بقا كل حاجة !) هزت طيف رأسها ببرود ( اه قالي .. تيم مبيخبيش عني حاجة .. ثانياً انتي برضو مجاوبتيش انتي جاية عايزة مني اي !) نظرت لها ليلى من اعلاها لاسفلها قائلة ( تقوليلو ان انا مش همشي من حياته غير لما اخد فلوسي اللي كان خدها زمان !) فقالت طيف باستهزاء ( فلوسك اي .. دي كانت فلوسه وهو بس مديكي الحق تصرفي منها مكنش يعرف انك و*سخة كدا .. ولما عرف منع عنك كل حاجة عشان انتي تستحقي كدا ...) الغضب ينهش بها قائلة بتهديد ( انا مسمحلكيش تقولي عليا كدا .. انتي فاهمة يابت انتي ولا لا .. مش اشكال زيك اللي هتيجي تقيمني !) هزت طيف كتفيها بلا مبالاه قائلة بنبرة تحمل القرف والاشمئزاز ( فعلا .. عارفة ليه ؟ عشان انا انضف منك فـ مش هنزل مستويا ليكي !) ثم قالت بجدية ( ياريت تمشي من بيتي من غير مطرود !) ثم التفتت بضيق وصعدت الدرج تحت نظرات ليلى الغاضبة .. فسمعت صوت ليلى قائلة ( انا هعلمكم الادب انتي وهو .. على اخر الزمن انتو الي تقيمونا !) وقفت طيف على اول درجة قائلة ببرود ( روحي علمي نفسك انتي الاول الادب عشان محدش ناقصه دروس في الادب غيرك !) اشتعلت نيران الغضب فيها فصعدت لها كـ وحش ثائر بينما طيف جفلت لثانية لصعودها هكذا ولكنها تصنعت البرود والقوة .. وقفت ليلى امامها ثم وضعت يديها على كتف طيف ممسكة به بقوة قائلة ( انتي تعديتي حدودك معايا !) رفعت طيف يديها لتبعد يد ليلى قائلة ( وانا المفروض طردك من بيتي فـ .. ) لم تكمل كلامها بسبب دفعة ليلى لها فكان لُقاها هو الدرج تسقط عليه وهنا دلف تيم على وقعوها ارضاً بلا هوادة والدماء تسيل من رأسها واسفلها .. الصدمة تحتل ملامحه ثم رفع بصره ينظر لـ ليلى التي تغيرت ملامح وجهها للصدمة هي الاخرى عندما وجدت الدماء تسيل هكذا من طيف ..
..........................................
3
** مر يومان على الجميع دون ظهور اي احداث جديدة ..
- حنين وليث - كان معها اليوم بيومه يشاكسها ويسعدها .. ويذهب معها للطبيب حتى يحدد لهم موعد العملية .. ولكن لا جديد سوى أن تستمر على على علاجها اولاً ..
كانا يجلسان سوياً في الحديقة .. تجلس جواره وماريا معهم تلعب مع الأطفال وفي الالعاب ... بينما حنين تنظر للاشيء امامها بشرود ... تنهدت بعمق قائلة ( انا فرحانه ان ماريا بتحبني اوي وانها مقالتش حاجة لما عرفت اني هبقى مراتك !) ابتسم بحب قائلا ( طبعا هي بتحبك اوي اصلا ياحبيبتي .. !) ابتسمت بحب مكملة بنبرة دافئة ( وانا بحبها اوي !) ثم تنحنحت وهي تقول ( احمم .. انا جُعتت احنا مش هناكل ولا اي ؟) قهقه بخفة على عفويتها قائلا ( لا هناكل ياقلبي ... يلا قومي !) ثم ساندها وهو ينادي ماريا ليذهبا .. وبالفعل وصلا لمطعم ثلاثتهم وطلبا الطعام .. بينما ليث يجلس جوارها ويساعدها في الأكل وهي تمزح مع ماريا وهما يأكلان .. وانتهوا من تناول طعامهم فقالت ماريا بحماس ( بابي انا عايزة ايسكريم !) فقالت حنين سريعاً بحماس ( وانا كمان عايزة ايسكريم مع ماريا !) نظرت إليهم وضحك بخفة ( حاضر يا اطفال .. !) ثم طلب لثلاثتهم وبدأو بالاكل وهم يضحكون ولم تخلى تلك الجلسة من مغازلات ليث لـ حنين ..
** - فارس وقمر - في خلال هذان اليومان طلب فارس يد قمر من سليم ووالدتهم .. فكان ردهم هو الموافقة ..وقتها كان فارس مثل طائر محلق يحلق في السماء بسعادته الكبيرة بذلك الموقف .. ها هي ستكون له اليوم وسيعقدا خطوبة .. كانت تتجهز وجوارها فرح تساعدها .. ارتدت فستانا رائعا من اللون الذهبي وصففت شعرها .. وقفت امام المرآة وهي تقول بتساؤل ( ها هو انا حلوة ولا اي ؟) هزت فرح رأسها بقلة حيلة ( يابنتي .. يابنتي قولتلك مليون مرة اه .. كتلة تشاؤم متحركة ..!) ضيقت قمر عينيها قائلة ( اسكتي يانحس انتي .. اوفف بقا هو انا لازم اتخطب وكدا ) ابتسمت لها فرح ابتسامة صفراء ( لا مش لازم غيري هدومك ونامي .. انا اصلا رايحة لسليم حبيبي وقرة عيني !) تحركت وهي تنظر لقمر ثم توقفت سريعاً عندما اصتدمت به ليقول بخبث ( حبيبك قرة عينك جالك لحد عندك !) ابتسمت بتلعثم ثم قالت ( ااا .. دانا بساعد قمر اه بساعدها !) فغمز لها واقترب منها واضعا يديه على كتفها مشبكاً اياهم خلف رقبتها قائلا ( اممم .. طب ماتيجي تساعديني انا في لبسي وسيبك من قمر !) قهقهت قمر ثم وقفت ترتدي اكسسواراتها فنظرت لها فرح بخجل والحمرة تغطي وجهها .. ثم اقترب داخله أحضانه تخبئ وجهها بضحكة خجلة فقهقه بقوة قائلا ( بتت انتي اتكسفتي !) ضربته برفق على صدره ومازالت تخبئ وجهها في صدره فعانقها بحب وهو يضحك على حالها .. فالتفت ينظر لقمر غامزا لها لتخرج فضيقت عيونها وزفرت قائلة ( هي مين العروسة بقااا !!) دبت قدميها بالارض ثم خرجت بينما هو ابعد فرح عن احضانه والتفت يغلق الباب خلف قمر ثم عاد مرة اخرى يقف امام فرح بحب واقترب يقبلها على خدها بعشق قائلا ( بحبك وانتي مكسوفة كدا وشبه الطماطم .. ) ثم قهقه بخفة فعضت على شفتيها قائلة ( سلييم بقا الله !) فأقترب يبتلع كلماتها ويفك قيد شفتيها بينما هي عانقته بقوة .. ابتعد عنها وهو مبتسم بعشق بينما هي خبأت وجهها مرة اخرى في احضانه .. فأبعدها ضاحكا ( طب اعدليلي الكرافيت طيب !) ضمت شفتيها بخجل وابتعدت تُعدل الكرافيت خاصته فـ لف هو يديه حول خصرها قائلا بتساؤل ( انتي زعلانة ؟) قوصت حاجبيها بإستغراب ثم نظرت داخل عينيه قائلة ( زعلانة ؟؟ وازعل ليه ياسليم !) فهمهم قليلاً ثم قال ( عشان معملناش حفلة زي دي لخطوبتنا ولا عملنا فرح !) فهزت رأسها بنفي مبتسمة بحب ( لا مزعلتش .. انا عارفة انه مكنش وقته !) فأبتسم بحب ( وانا عارف ان حلم كل بنت يبقى ليها اليوم دا كـ ذكرى واوعدك هنعمله قريب عشان .... ) ثم اقترب يهمس في اذنيها ( انا عايز بيبي حلو كدا شبهك !) توردت خدودها بخجل ثم اخفضت بصرها قائلة ( ان شاء ..الله ياحبيبي ..!) فأبتسم بحب وامسك يديها وهبطا للحفلة ..
وما هي الا ساعات حتى اتى الجميع لحفلة الخطوبة البسيطة الخاصة بـ قمر ومجنونها فارس .. كانا يقفان جوار بعضهم والجميع حولهم في كل مكان يشاركونهم الفرحة ... حنين جوار ليث وماريا ووالدتها .. فرح مع سليم ووالدتها واخوتها .. وبين كل حين يذهب ويقف جوار اخته ويمزح معهم قليلاً .. بدأت الخطبة بارتداءهم الخواتم ثم اتت فقرات الاغاني والرقص فيما بعد فكانت السعادة تغمر الجميع ..
- علي -
** كان يجلس على فراشه في المستشفى ينظر للفراغ امامه بشرود وحزن بالغ .. بل كادت ملامحه تتحول للبرود لتلك القسوة التي عاشها وتلك الصدمة التي تلقاها عندما افاق من غيبوبته ولم يشعر بقدميه فأخبره الطبيب انه شُل في قدميه .. تلك الصدمة الكبيرة التي احتلت قلبه والتي تضاعف صدمته بـ نور .. تلك الصدمة التي كسرته اكثر .. تلك الصدمة التي جعلته لم يعد فارقاً معه ان عاش او مات .. يتذكر قدوم نور ووالدتها وتامر صباحاً له في المستشفى .. لم تتلاقى عينيهما وشعر بسعادة لا يعرف مصدرها .. ولكن ارتاح قلبه طالما لم يحدث اي تشابك .. وظل هو وقتها يتحدث ويشكي لوالدة نور بعد ان طلب منها ان يجلسا وحدهم دون نور وتامر .. جلست معه ساعتان ثم غادرت فعاد وحيداً في المستشفى .. ينتظر قدوم تلك الطبيبة المُعالجة لحالته والتي ستشرف على حالته كما اخبره الطبيب .. رفع رأسه لاعلى بأسى ثم تنهد بعمق واخذ يدعو الله في هدوء بالغ ..وماهي إلا دقائق حتى دلفت له فتاة رقيقة الملامح جميلة المظهر .. ترتدي معطف الطبيبة .. تبدو صغيرة في السن وعلى وجهها إبتسامة بشوشة تجعل من امامها يبتسم تلقائياً .. اتت جواره مبتسمة ببشاشة قائلة ( مساء الخير يا علي باشا انا دكتورة ورد واللي هتشرف على حضرتك وهنمشي مع بعض بعلاج وان شاء الله يجيب فايدة وترجع تاني زي الأول واحسن !) ابتسم بخفوت قائلا ( متشكر اوي .. وبلاش باشا علي بس .. اتشرفت يا دكتورة ورد !) جلست جواره على كرسي ثم قالت بابتسامة ( في مكانين ممكن نبدأ علاج حضرتك فيهم .. اول مكان بيت حضرتك .. وتاني مكان المستشفى اللي انا بشتغل فيها ... يعني المستشفى دي بتقدم اماكن لناس عايزة تتعالج وهناك يعيشوا فترة علاجهم كلها .. حضرتك قولت اي ؟) ظل ينظر إلى تفاصيلها بهدوء وهو يفكر ثم ابعد بصره عندما لاحظ خجلها مبتسما بخفوت .. تلك المستشفى بالتأكيد ستحتاج نقود كثيرة .. فقال بخفوت ( البيت احسن !) هزت ورد رأسها بإيجاب ( تمام يبقى البيت احسن ..!) فهز رأسه بإيجابية على حديثها .. ثم تنهد بعمق قائلا بتساؤل ( هو انا هرجع امشي تاني صح ... يعني في أمل ؟) هزت رأسها بإيجاب بإبتسامة تتمطئنه قائلة ( في امل بنسبة ٩٩٪ بس انت خليك متفائل عشان جسمك يتقبل العلاج .. !) هز رأسه متفهماً ثم قال ( ماشي شكرا اوي !) فقالت بإبتسامة دافئة ( العفو .. ان شاء الله تبقى كويس ..!) ثم وقفت من جواره قائلة ( هخلص اوراقك عشان نخرج النهاردة ..!) اكتفى بالايماء مرة أخرى فهو ليس له نفس للحديث الآن إطلاقا ..
4
** - تيم وطيف - كان يجلس على فراشه بتعب شديد بسبب ماحدث معهم في اليومين السابقين .. خسر ابنه وخسر قربه من طيف عندما ابتعدت عنه طالبة الهدوء وحدها في منزلها حتى ترتاح نفسيتها ... وبالطبع لم يسكت على حقه من ليلى بل اخذه اضعافاً مضعفة فهي سرقت منه سعادته وابنه وسعادة زوجته .. بل اصابتها بالاكتئاب ... تنهد بعمق وهو يفكر وشارداً عازما ان يذهب إليها ...
يومان مرا مرور سنتين علي قلبه .. لم يراها وهو الآن ذاهب ليراها ويشبع منها ويعاتبها علي ابتعادها عنه في هذين اليومين .. طرق باب المنزل عدة مرات لم يسمع اجابة .. تساءل في داخله بقلق هل حدث لها شئ ؟ اخرج المفاتيح من جيبه ودلف المنزل .. وقف قليلا وهو يشم رائحة غريبة .. وكأنها رائحة قمامة .. ليست قمامة وكأنما رائحة اموات ... عند تلك النقطة توسعت حدقتي عينيه بصدمة قائلا بصوت مرتفع ( طييييف ) لم يسمع اجابة فهرول في ارجاء المنزل يبحث عنها ... توقف قليلا عندما لاحظ ان تلك الرائحة تزداد قوة عندما يقترب من تلك الغرفة .. دلف ببطء وقلبه ينبض بقوة وكأنه سيخرج من مكانه .. فتح باب تلك الغرفة ليجدها مستلقية في الارض امامه مغمضة العينين تحضن صورته ... وجهها شاحب كالاموات بل هي بالفعل من الاموات .. هبطت دموعه وهو متصنم امامها .. يعجز عن التحرك وعن الكلام وعن كل شئ يود لو يعود به الزمن ليومين ولم يكن ليتركها بمفردها .. تذكر قولها له قبل عدة اسابيع " عارف انا اي اكتر حاجة مخوفاني يا تيم .. اني اموت لوحدي ومحدش يحس بيا ولا يعرف " وها هي بالفعل تموت وحدها .. وضع يديه الاثنتين علي وجهه وهو يبكي بقهر .. يتمنى ليت كل شئ يعود كما كان .. قال بصوت مرتفع متألم وهو يجثو عم ركبتيه ببكاء مرير ( يااارب .. يارب انا مكنش ليا غيرها .. ليه كدا ياطيف .. قومي ياطيف الله يخليكي ومتسبنيش عشان انا ماليش غيرك ... انا بحبك اوي والله ومش بكرهك .. محدش بيفهمني في الدنيا دي غيرك ... انتي ليه بتعاقبيني كدا .. قومي وعاقبيني بطريقة تانية عشان خاطري ) وضع رأسه بين يديه وهو يبكي بقوة ..............
استيقظ سريعاً من ذلك الحُلم وهو يتعرق فقد غفى وهو يفكر بها .. ابتلع غصته ان يكون حدث لها شئ بالفعل فأرتدى ملابسه وذهب سريعاً لمنزلها ودلف دون ان يطرق .. فوجد المنزل هادئاً فبدأ قلبه ينبض بقوة صارخا باسمها ( طيييف !) خرجت من احدى الغرف بفزع على صوته وعندما رأها ركض نحوها وهو يحتضنها بقوة باكياً داخل احضانها قائلا ( متبعديش عني تاني ارجوكي .. انا اسف خدي حقك مني انا متبعديش .. ارجوكِ ياطيف !) رفعت يديها ببكاء على نبرته وحزنه ووضعتها على ظهره تحتضنه هي الأخرى بحب .. ظل يحتضنها بقوة قليلا ثم ابتعد عنها قائلا ( هنجيب ولاد تاني ياحبيبتي متزعليش .. عشان خاطري متعمليش في نفسك كدا ربنا هيعوضنا خير صدقيني !) فهزت رأسها بإيجاب وهي تمسح دموعها بكف يديها قائلة ( انا محتجالك اوي يا تيم .. متسبنيش تاني !) فقال بحزن ( انا اللي محتاجلك .. ووعد مش هسيبك خالص والله .. ) عادت تعانقه مرة اخرى بحزن بالغ وكأنها تستمد منه القوة لا تعلم أنه أيضاً يحتضنها ليستمد منها القوة ليساندها في تلك الأزمة التي يمرا بها ..
** - نور -
كانت عائدة للحارة بشرود بالغ تفكر فيما حدث مع علي وعلاقتها بـ تامر .. تذكرت عندما حدد موعد الزواج مع والدتها ففرحت كثيراً وهو أيضاً .. تنهدت بأسى وهي تدعو لـ علي ان يصبح جيداً .. خرجت من تفكيرها عم صوت مشاجرة تحدث في الحارة كالعادة ولكن تلك المرة تعجلت في مشيها بسبب وجود الأسلحة من الناس .. كانت تسير سريعة حتى توقفت شاهقة .....
** صوت سيارة الاسعاف يرن في ارجاء المكان ناقلاً نور بعدما استقبلت رصاصة في بطنها بسبب تلك المشاجرة التي كانت في حارتها .. يقف تامر مصدوماً .. خائفا بل مرعوباً عليها .. خوفا ان يفقدها فهي من عوضته عن الجميع .. يتذكر رؤيتها بدمائها دون حول او قوة .. تنام مستسلمة بلا هوادة .. انتبه لنحيب والدتها فجلس جوارها قائلا بحزن ( هتكون كويسة يام نور .. هي محتاجة دعواتنا ) فقالت والدتها بنحيب ( اه يابنتي .. بنتي بتروح مني .. يارب اشفيها يارب !) اغمض عينيه بقهر عند تلك النقطة خوفاً ان تذهب نور بالفعل ولكن هو واثق بأنها لن تتخلى عنه إطلاقاً ستكون جواره .. فهي وعدته بذلك وهو يدعو الله ان يجعلها توفي بوعدها له وان تكون جواره .. استند برأسه على الحائط منتظراً خروج الطبيب ليطمئهم عن حالتها ... مرت ساعة واثنتان والطبيب تأخر لديها .. هل حالتها خطيرة لتلك الدرجة .. بدأ يتعرق كثيراً خوفاً .. لا يدري كيف يهدأ والدتها ويطمئها وهو غير مطمئن في الأساس ... مرت ساعة اخرى وخرج الطبيب وملامح الأسى على وجهه قائلا ( حالتها كانت خطيرة جدا ومازالت خطيرة .. انا لازم اعرف صلة حضرتكم بيها عشان في موضوع مهم لازم نتكلم فيه .. ) قامت والدتها ببكاء مرير قائلة ( انا امها يادكتور طمني بنتي مالها ؟) وقال تامر بخوف ( انا خطيبها .. في اي يادكتور ؟) هز الدكتور رأسه بأسف قائلا ( الرصاصة جت في الرحم و للاسف اتأذى .. لازم نعملها استئصال رحم فوراً .. !) شهقت والدتها بخوف بينما تغيرت ملامح تامر للصدمة وهي ينظر للطبيب وتراجع خطوة للخلف وكأنه يتراجع عن مصير كامل .. بينما قالت والدتها بعد لحظات ساكنة وكأنها تفكر ( شيله يادكتور شيله بس بنتي تبقى كويسة الله يرضى عليك ياربب .. يارب بنتي يارب !) ساندها الطبيب واجلسها قائلا ( حاضر ياست الكل .. ادعيلها !) ثم نظر بطرف عينيه لتامر المصدوم الذي كان بعالم غير هذا العالم ويفكر فيما سيحدث .. ثم دلف الطبيب مرة اخرى لغرفة العمليات تاركا اياهم .. والدة نور تدعو لها بالشفاء وتنظر بين حين وآخر لتامـر بهدوء تـام تنتظر أي ردة فعل منه .. سواء بتكملة مصيرهم او انهاؤه ..
1
- علي و ورد -
** اتى صباح يوم جديد .. استيقظ علي على صوت ناعم جواره أذنه .. ( علي .. اصحى ياعلي !) فتح عينيه بخفوت ونعاس ينظر لمن ينادي عليه فوجدها ورد .. نظر اليها بفزع واستند على ذراعيه فقالت له بدفئ ( اهدى مالك انا ورد .. انا الدكتور ورد !) هز رأسه بإيجاب ثم قال ( اه صحيح .. بس انتي دخلتي البيت ازاي ؟) نظرت له بإستغراب ( انت نسيت ولا اي .. انا خدت منك نسخة امبارح عشان لما اجيلك كل يوم !) هز رأسه سريعاً قائلا بنبرة مرهقة ( اه صح صح .. انا نسيت باين !) ابتسمت بدفئ ( مافيش مشكلة .. دلوقتي في معايا ممرض هيساعدنا عشان نحطك عالكرسي بتاعك عشان يسهل حركتك ماشي !) همهم بتفهم قائلا ( هيفضل معانا طول اليوم دا ؟) هزت رأسها بنفي ( لا مش طول اليوم اوي في اوقات زي دي يعني لأنه اكتر حد أمان ممكن يساعدنا يعني بدل ماندخل حد غريب وامم انا بنت معاك وكدا !) هز فـ اومئ برأسه قائلا ( تمام .. ناديه يعدلني ويقعدني يلا عشان عاوز اقوم اغسل !) وقفت مكانها ونادت الممرض ثم دلف وهو يُلقي تحية الصباح باحترام قائلا ( صباح الخير !) ابتسم له علي ابتسامة صغيرة راضية ( صباح النور ) ساعده الممرض في الجلوس على كرسيه المتحرك .. ابتسم له علي ثم بدأ ينظر لذلك الكرسي بشرود .. سبحان من غير احواله بين يوم وليله كان يقف على قدميه اصبح عاجز بكرسي متحرك يخدمه الناس .. كان دائما يفكر بالايجاب لحالته تلك ولكن هو لم يشعر بأي ايجاب الى الان بل فقط يشعر بالاختناق ... خرج الممرض برفقة ورد ثم عادت ورد مرة أخرى قائلة ( بقولك في ناس جيرانك وانا طالعة عايزين يجو يشوفوك قولتلهم بعد العصر ماشي ؟) زفر بضيق وهو يمشي بالكرسي المتحرك الي المرحاض ( هو انا ناقص حد هيطلعو يقولو ويعيدو ) تنحنحت ورد بخفوت ( اممم .. !) فهز رأسه لها وقال ( متهتميش ) ثم دلف للمرحاض ومد يديه يفتح الصنبور وغسل وجهه ويديه وتنفس بتعب بينما هي طرقت بخفة على الباب ( ينفع ادخل ) قال وهو مغمض العينين ( تعالي ) دلفت إليه وابتسمت بتنهيدة ثم فتحت الماء وبدأت تساعده في تغسيل يديه ووجهه وشعره ... خرجا من المرحاض للخارج ثم قالت ( عندك مين قريب منك يساعدك في اللبس وكدا ؟) هز رأسه بلا اهتمام ( معنديش حد .. انا وحيد كدا !) ثم نظر من شرفة النافذة وهو ساكن وهادئ بينما هي تنظر له بحزن لحاله .. ثم ابتلعت غصتها وقالت ( هحضرلك الفطور وبعدين نبقى نتكلم !) لم يجيب بل ظل ساكنا ساكتاً عن الحديث .. ينظر للخارج بشرود بالغ ..
....................................
- فرح وسليم -
** كانت تجلس جواره تنظر لقدميه التي تهتز بعنف لحال اعصابه المتوترة الغاضبة .. نظره موجه كالصقر لوالده .. وضعت يديها فوق يديه تهدأ اعصابه فلم يهدأ بل ظل على حاله .. نظرت لوالد سليم فكان ينظر إليه بنظرات هادئة .. نظرات غير مفهومة ولكن وحده سليم يفهمها .. يعلم جيداً تلك النظرات وما وراءها من مكايد وامور تغيظ سليم .. قال بنبرة خافتة ( مش يادوب بقا ولا اي .. جيت باركت لـ قمر وخلصنا ) قام والده من مكانه قائلا ببرود ( يادوب انا فعلا كنت ماشي .. بس عايز اقولك كلمتين على انفراد كدا !) ثم نظر لـ فرح فأرتبكت مكانها وابعدت نظرها عنه سريعاً .. بينما سليم يراقب الموقف ثم خرج هو ووالده للخارج قائلا ( خير ؟) اشعل والده سيجارته وهو يقول ( مراتك ؟) رفع سليم حاجبيه قائلا ( مالها ؟) فقال ذلك بنبرة ساخرة يغيظ بها سليم قائلا ( كانت بتاجر في المخدرات هي واخوها ) صمت للحظات وهو ينظر لملامح والده ثم قال ( وانت اي عرفك .. مش انت بتقول انك بعيد عن السكة دي ) فقال والده بتمثيل صادق ( طبعا يابني .. انا بعيد عن الموضوع دا من زمان بس عرفت يعني وقولت .... ) لم يكمل كلامه بسبب مقاطعة سليم له قائلا ( انا عارف .. وعارف كل حاجة ... ياريت انت متدخلش ) ثم التفت ودلف للمنزل ونظراته مسلطة على فرح لا غيرها .. بحدة .. برود .. من ثم تحولت الي هدوء تام وهو يقول ( قومي يلا عشان نروح البيت ) تنحنحت ببعض التوتر قائلة ( ح.حاضر يلا ...) وقفت والدته جواره وهي تقول بحنان ( متعصبش نفسك يابني اهو مشي وخلصنا !) هز سليم رأسه بإيجاب وودع والدته وقمر ساحبا معه فرح بقوة ضاغطاً على يديها ......
..........................................................
تيم وطيف -
** كانت تجلس بأحضانه وكأنها تستمد منه بعض القوى .. بوجه حزين ومُتعب .. بينما هو يمسد على شعرها بحنان وعطف .. ليجعل لها أماناً أكثر يحتوي قلبها .. قالت بصوت خافت مختنق ( انت كويس ؟) هز رأسه بإيجاب ثم اجاب ( كويس .. بقيتي احسن دلوقتي ؟) تنهدت بعمـق كبير ثـم قالت ( اه .. خليك جنبي وانا هبقى كويسة !) اخذ يمسد على شعرها اكثر وهو يقول ( اي رأيك نسافر يومين نغير جـو ؟) رفعت عينيها تنظر له ثم هزت رأسها بإيجاب ( ماشي .. يلا نسافر !) ابتسم بحب ثم قبلها على رأسها وتنهد بعمق مرة اخرى على حالهم وهو يقول بعد مُدة من الصمت ( ليلى اتعاقبت على اللي عملته .. وربنا اكيد عنده حكمة انك تنزلي البيبي دا .. انتِ كنتي شايفة حالتك عاملة ازاي وانتي حامل فيه وكنتي تعبانة جدا .. فأكيد ربنا هيعوضنا بالاحسن منه قريب ) مع كل كلمة يقولها عن حال ابنهم الذي ذهب قبل ان يأتي للحياة كانت دموعها تنهار على خديها بقهر من ثم وضعت يديها على قلبها وهي تشهق بألم فنظر اليها سريعاً ( تاني يا طيف !) ثم بدأ يمسد على شعرها وهو بقول بنبرة قلقة ( اهدي .. عشان خاطري اهدي انتي كدا بتموتي نفسك بايدك !!) رفعت رأسها لاعلى وهي تبكي قائلة بقهر ( قلبي بيوجعني اوي .. ) ابتلع غصته واعتدل فب جلسته وهو يعدلها قائلا ( قومي نروح للدكتور ) شعرت بدوار شديد اخره صوت تيم البعيد صارخاً بأسمها ( طييف ... فوقي يا طيف ..) ثم ذهبت في سبات عميق غير مدركة بما حولها .....
...........................................................................................................................................................................
- ليث وحنين -
كانوا يجلسون سويا في منزلها وماريا تستند على على حنين في جلستها .. بينما حنين تلف يديها حول ماريا قائلة لها ( يعني النهاردة كان اخر يوم في الامتحانات وخلصتي خلاص ؟) هزت ماريا رأسها بحماس قائلة ( ايوه خلاص خلصنا كدا ومبقاش في امتحانات .. وبابي مبقاش هيقولي ذاكري ياماريا !) قهقه ليث وحنين معه بدفئ فقال ليث بخفوت ( منا بقولك ذاكري عشان تنجحي .. عشان تبقي دكتورة حلوة كدا !) همهمت ماريا بتفاهم قائلة ( تمام اوك .. ولما حنين تيجي بيتنا هي هتذاكرلي صح .. ولا هي مبقتش هتشوف زي الاول ؟) اختفت إبتسامة حنين بحزن بالغ بينما ليث توتر قليلا قائلا بخفوت ( لا طبعا ياحبيبتي مين قال كدا .. هي هتشوف تاني وتذاكرلك وكل حاجة ) هزت ماريا رأسها بينما حنين ابتسمت ابتسامة صغيرة هادئة ثم اختفت ابتسامتها بحزن مرة اخرى شاردة .. سمعوا صوت فارس بعدما اتى من الخارج قائلا ( اهلاا عندنا الاميرة ماريا بحالها ) قهقهت ماريا بحب وركضت له تحتضنه قائلة ( ازيك يا آنكل فارس .. انا خلصتت النهاردة امتحانات ) اطلق فارس صفارة كبيرة قائلا ( اي الحلاوة دي يعني خدتي اجازة خلاص بقا ونروح نوادي ونتفسح وكدا ) هزت ماريا رأسها بحماس ( اه هنروح ) وضحكت بسعادة مع فارس بينما يتابعهم ليث من بعيد بابتسامة دافئة .. ثم التفت بابتسامته لها فرأها شاردة ساكنه .. وضع يديه فوق يديها قائلا ( عشان خاطري متفكريش في الموضوع دا لوقته .. ماشي ) دلف إليهم فارس وهو يتحدث فقال ( موضوع اي .. في اي ؟) فتنهد ليث بحزن قائلا ( بتفكر في موضوع عمليتها ) همهم فارس بخفوت ثم جلس جوار حنين وهو يحتضنها ( حبيبتي انتي هتكوني كويسة والله العظيم .. وياستي الدكتور كلمني وقالي ان حالتك ماشية كويس والعملية بإذن الله هتنجح وهترجعي تشوفي تاني .. ) قبل مقدمة رأسها قائلا بنبرة تتطمئنها ( خلاص بقا متزعليش كدا !) هزت راسها بخفوت وهي تمسح دموعها الهاربه من عينيها دون وعي منها .. فقال ليث بنبرة لعوبة ( بقا انا بقالي ساعة بكلمك واقولك الكلام دا واخوكي جه قالوا مرة واحدة ورضيتي .. اه ياكلبة ) عبست بملامحها قائلة ( متقوليش ياكلبة .. الله ..) ثم قالت بنبرة محببه ( لا انت حبيبي ورضيتني برضو متزعلش ) ثم تحسست بيديها لتمسك يديه فساعدها بامساك يديها قائلا بحب ( اشي ياقطتي انتي ) فقال فارس بنبرة ساخرة ( كمل انت وهي انا مش قاعد لا ..) فضحكوا جميعهم ليقول ليث ( ماتقوم يخويا حد قالك تفضل قاعد ... ) فوقف فارس قائلا ( انا عايز اكل اصلا وجعان .. كملو مُحن انتو ) ثم دلف للمنزل بينما مال ليث على حنين هامساً ( اي يابسكويتة مش هنكتب الكتاب بقا ولا اي ؟) احمرت وجنتيها خجلاً قائلة بنيرة مبحوحة من الخجل ( ان شاء الله ...)
..........................................................................................................................................
- سليم وفرح -
وصلا للمنزل بينما هي تنظر إليه بترقب وظلت طوال الطريق تنظر به بتلك النظرات المترقبة .. دلفت لغرفتهم واشاحت حجابها أولاً ثم رأته يدخل للغرفة بـ ملامح غير مطمئنة ابدا .. ارادت أن تسبق التيار هي فتسأله ما به ولكنه سبقها بقوله البارد ( بتخدعيني يا فرح ؟) شهقت بعنف عندما سمعته يقول هكذا وقالت بنبرة مهزوزة ( بخدعك ... بـ.خدعك في اي ياسليم ؟) اقترب كوحش ثائر قائلا بغضب وصوت مرتفع ( خدعتيني انتي واخوكي يافرح .. كنتو بتاجروا في المخدرات يافرررح ) تراجعت خطوة للخلف بخوف غير قادرة على التحدث .. فقط دموعها تنهمر على خديها غير قادرة على مواجهته او ان تكذبه فيما قال .. مد يديها يمسكها بعنف من شعرها .. فألمه سكوتها تأكيدا على حديثه .. واغضبه اكثر ما تفعله الان .. شهقت بعنف لجذبته وهي تصرخ بألم ( سيبني ياسليم ..) جذبها بقوة له قائلا ( مقولتيششش ليه خبيتي عليا ليه يافرح .. انتي ليه قاصدة تضايقيني منك ؟) هزت رأسها بـ نفي وعنف قائلة ببكاء ( اقسم بالله ما قصدي .. احنا بطلنا من زمان ياسليم .. كنا بنعمل كدا عشان ناكل ونشرب .. وو.. وكريم بطل من زمان اقسم بالله .. واللهِ بطلنا ياسليم واللهِ ) دفعها بقوة من جذبته فأمسكت شعرها بألم وبكاء وهي تنظر له بعينين باكيتين لامعتين .. فنظر إليها بغضب وكأنما شيئاً ما تحطم داخله تجاهها .. تخبئ عليه شيئاً لم يكن هنا اي داعي لتخبئه وان اخبرته به بالطبع كان ليساعدهم .. لانه احبها وسيحبها و لأن ذلك من الماضي .. ما أغضبه واحرق دمه انه علم ذلك من والده وليس منها ....
..........................................................................................................................................................................................
- عودة للحاضر -
** خرجت فرح من غرفتهم والإبتسامة تعلو شفتيها بفرحة لا تسعها .. ظلت تبحث عنه بعينيها وهي تنادي ( سلييم .. يا سلييم ..) خرج من غرفة مكتبه بسرعة خوفاً انه قد أصابها شئ ما .. اتى جوارها وقال وهو يلهث ( مالك يافرح في اي ؟) امسكت يديه بابتسامة سعيدة ثم اقتربت واحتضنته فأستغرب تصرفها .. ولكنه بادلها عناقها بحرارة وهو يمسد على شعرها بحنان قائلا بخفوت ( اي ياحبيبتي .. فيكي حاجة ) هزت رأسها بنفي وهي تبتسم ثم ابتعدت عن احضانه وهي تقول بنبرة سعيدة ( انا حامل يا سليم !!) توسعت حدقتي عينيه بصدمة وهو ينظر داخل عينيها وهو يقول بصدمة ( ايييه ؟) قهقهت بسعادة وهي تقول ممسكة بيديه بسعادة ( اه يا سليم انا حامل .. هيبقى عندنا بيبي ياحبيبي ) دمعت عينيها لشدة سعادتها ولتذكرها ماضيهم وهي تقول بنبرة متألمة ( سليم .. لو بنت هنسميها وعد .. ) ابتلع غصته وهو ينظر لها واقترب منها يقبل مقدمة رأسها ( مبروك علينا ياحبيبتي .. ربنا بيعوضنا يافرح ) هزت رأسها بإيجاب وهي تمسح دموعها قبل التساقط قائلة ( الحمدلله ياسليم الحمدلله ) ثم اقترب وعانقته مرة اخرى بينما هو اتى بصره على صورة خلفه تجمع عائلته الصغيرة المفقود جزء منها الآن .. ذلك الجزء البرئ بالمنتصف بينه وبين فرح بضحكتها الواسعة البريئة ..
..............................................................................................................................................................................................
- فلاش باك -
مر شهراً كاملاً وسليم لا يتحدث مع فرح الا بالضرورة القسوة .. في بعض الأحيان يرى والده .. وكانت النظرات بينهم تشبه السيف .. من كان بالمنتصف سيُقطع لاشلاء وللاسف كانت فرح ..
بينما هي تشعر بألم كبير في قلبها .. كلما تحدثت معه رفضها ونفر منها كأنها شئ مُقرف .. لم تكن تشعر بوجودها في المنزل معه .. حتى انه لا يأكل من طعامها ولا ينام جوارها ولا ينظر إليها .. عزمت ان تذهب لبيت اُمها بضعة ايام حتى يرتاح الوضع بينهم ولكن شئ كبير اوقفها .. وهو اكتشافها بحملها في اوقات ليست جيدة بينها وبين سليم .. جعلت منها تفكر باشياء مُخيفة قد يفعلها سليم لها .. كانت تجلس على فراشها تضم قدميها لها بشرود .. سمعت صوت اغلاق باب المنزل ثم خطواته للغرفة .. دلف للغرفة ثم ألقى عليها نظرة باردة وأكمل سيراً للخزانة يخرج ملابسه .. فتلحلحت في جلستها ووقفت مكانها ثم اقتربت منه قائلة ( سليم .. عايزة اكلمك في حاجة مهمة ؟) لم ينظر إليها او يعيرها إهتمام قائلا ( مش عايز اتكلم في حاجة !) ثم التفت ليذهب فأوقفته متصمناً قائلة ( انا حامل ....) التفت سريعاً ينظر إليها بصدمة وهو يقول بتلعثم ( انتي اي ؟؟) ابتلعت غصتها وتراجعت خطوة للخلف قائلة ببعض الخوف ( انا حـ.امل ) اقترب منها خطوتين وهو يقول ببعض الصدمة التي احتلت ملامحه وبعض التساؤل ( عرفتي منين ؟) فقالت سريعا بتلعثم ( جبت .. اختبار من الصيدلية وجربته .. مرتين وكان إيجابي .. ) دمعت عينيها وهي تقول بإحباط ( هو انت مش مبسوط ؟) هز رأسه بنفي وهو يرمي ملابسه من يديه فـ فُزعت ولكنها هدأت عندما امسك يديها مبتسماً بضحكة ( انتي حامل بجد يافرح ؟) هزت رأسها بإيجاب وهي تنظر إليه بترقب .. فأشرقت الضحكة على وجهه قائلاً ( انا مبسوط جداً يافرح .. انا اصلا مش مصدق .. بصي البسي نروح لدكتور تكشفي احسن ) هزت رأسها بإيجاب ومشت أمامه تذهب لترتدي ملابسها ...
.........................................................................................................................................................................................
- فارس وقمر -
** كانت تجلس تبكي جواره بينما هو يمسد على شعرها وظهرها بـ حنان قائلا ( خلاص يا قمر ابوس على ايدك كفاية عياط .. انتي بقالك شهر عالحال دا .. اقولك تعالي نكتب الكتاب ونروح مثلا نفك جو في حته تانية تقوليلي لا .. ) مسحت دموعها بكف يديها قائلة بـ شهقات متتالية بين حديثها الباكي ( متاخدش ..فـي ببــالك يا فارس .. انا كويسة .. ) ضيق عينيه قائلا ( ايوه انا عارفهم بتوع برج السرطان دول .. ) ضربته برفق على قدميه قائلة ( بس يافارس الله !) فأبتسم بضحكة خافتة قائلا ( خلاص بقا ياقلب فارس .. متعيطيش بقا الموضوع هيتحل قريب ) هزت رأسها بنفي قائلة ( يافارس عارف يعني اي نعرف ان ابويا بيتاجر في الاعضاء والمخدرات .. وسليم اخويا بيحاول يلاقي حاجة عشان يقبض عليه .. يافارس انت شايف الموقف عامل ازاي ) ثم بدأت تبكي مرة أخرى وهو يتنهد بحزن بالغ قائلا ( طيب ياحبيبتي مهو خالو هو اللي اختار يعمل كدا .. وسليم بيشوف شغله هنعمل اي .. انتي مزعله نفسك وانتي مش في ايدك حاجة تعمليها .. لو في ايدك حاجة تعمليها اعمليها بس متفضليش زعلانة كدا وتوقفي حياتك عشان حاجة انتي مش عرفالها اول وآخر ) ثم اخذ نفساً عميقاً قائلا مرة اخرى ( ابوكي كان بيعمل كدا قبل ما يرجع زي ما قال عشانكم .. بس هو اكيد راجع عشان حاجة .. وعشان سبب معين لسه مفقود ومحدش عارفوا .. ) نظرت له بـ قهر قائلة ( طب اعمل اي .. ما أنت شايف حالة ماما كمان خايفة على سليم وانا خايفة عليه .. هو ممكن يعمله حاجة يافارس !) هنا تغيرت ملامحها لخوف شديد فقال فارس بـ حزن وهو يحاول ان يطمئنها ( لا لا ان شاء الله سليم اخوكي هيبقى كويس وزي الفل .. هو بيشوف شغله ياحبيبتي واكيد يعني ابوكي مش هيعمله حاجة زي ما بتفكره وفي الأول والآخر دا ابنه !) حاولت ان تطمئن قلبها مثلما يحاول فارس ان يفعل .. كانت تنظر له ثم أبعدت نظرها شاردة فابتسم بحب قائلا ( خلاص بقا ياقمري ، متزعليش دانتي بقيتي شبه الطماطماية اللي معصورة ) عبست بضحكة ( فااارس الله ... ) قهقه بحب قائلا ( اي ياقلــب فـارس ) فأبتسمت بخجل ثم نظرت له قائلة ( يلا نكتب الكتاب اخر الأسبوع ) ازدادت ابتسامته بحب بينما هي تشاركه تلك الإبتسامة الجميلة ....
............................................................................................................................................................................................
- ليث وحنين -
** ( براحة .. انزلي سلمتين ايوه ايوه ... بس خلاص ) ابتسمت وهي تمسك بيديه قائلة ( هي العربية فين ؟) فتح لها باب السيارة بعدما اصبحوا أمامها قائلة ( خلاص اهو يلا اركبي ..) ثم ساعدها في الركوب بينما هو يلف ليركب سمعت صوت همهمات لبعض البنات وهما يتغزلا به قائلين ( شوفتي يابت الواد الشقليطة دا !) وقهقهوا وهم ينظرون إليه فعبست حنين لهمساتهم قائلة ( بنات قليلة حيا .. اي داا !) ركب سيارته وهو يشغلها ليقود قائلا ( بتقولي اي ؟) فقالت بسخرية ( ولا حاجة يا شقليطة !) قوص حاجبيه باستغراب فهو لم يسمع صوت البنات وقاد السيارة قائلا ( الدكتور قال العملية هتكون اخر الاسبوع .. اي رأيك نبدأ نجهز للفرح بعد العملية مثلا بأسبوع ) تنهدت بهدوء وهي تفرك بيديها قائلة ( ماشي ياليث .. نبدأ التجهيزات الاسبوع الجاي .. ) صمت قليلاً ثم قال بخفوت ( هو انتي مش مواقفة دلوقتي ولا اي ؟) هزت رأسها بإستغراب ( وموافقش ليه ما احنا كتبنا الكتاب .. نعمل الفرح بعد العملية ) نظر إليها ثم عاود النظر للطريق قائلا بتساؤل ( اومال مالك ؟) همهمت بخفوت ثم قالت بحزن ( خايفة مرجعش اشوف !) مد يديه يمسك يديها بحنية قائلا ( متقوليش كدا ... انتي هترجعي تشوفي وتبقي كويسة ) قالت بنبرة يشوبها بعض القلق ( هتسيبني لو مشفتش !) نظر إليها ثم قال بسخرية ( هو انا ندل للدرجادي ياحنين .. انا لو عايز اسيبك مكنتش كتبت كتابي عليكي وخليتك تبقي مراتي وانتي لسه معملتيش العملية !) ابتسمت برضا ثم قالت بدفئ ( انا بحبك ... ) .
.................................................................................................
- علي و ورد -
** كان ينظر إليها بشرود وهي ترتب ملابسه .. بينما هادئة بعدما حدث معهم بالأمس .. فلم يكن هيناً ابداً .. لا عليه ولا عليها .. عندما طلبا المساعدة من احدى الجيران لينقلوه من كرسيه المتحرك لفراشه بسبب اعتذار الممرض ..
- فلاش باك -
** كان ذلك الرجل غريب التصرفات يساعدهم بالأمس .. نظراته على ورد وجسدها وحركتها ومفاتنها .. لو تخترق النظرات الأجساد لاخترقت جسدها .. اجلس الرجل علي على الفراش ثم بدأ يفرك بذقنه وهي تجلس جوار علي تُعدل يده وفراشه .. كان علي يراقب نظرات ذلك الرجل ثم قال بحدة ( طيب .. متشكر اوي عالمساعدة كتر خيرك .. ) هز الرجل رأسه بإيجاب واقفا مكانه مقترباً من وجهه ورد قائلا بنبرة متخدرة بجمال ورد ( لا كتر خيري على اي .. دا لو كتر خيري على الجمال دا فأنا موافق ) ابتلعت ورد غصتها بخوف وسمعت صراخ علي قائلا ( انا بقولك غور احسنلك انت عارف ممكن اعملك اي ) لوح له بيديه وهو يجذب ورد الصارخة قائلا ( ياعم اقعد انت مشلول ) صرخت ورد باقوى ما لديها وهي تحاول ان تدفعه بعيداً عنها او تطرقه بشئ ولكن لم ينجح الامر معها بسبب ضخامة الرجل امام ضئالة جسدها الصغير .. ومحاوطته لها في الحائط بينما هي تصرخ بأسم علي وتبكي قهراً ... حاول علي المساعدة ولكنه فشل .. مرارا وتكرارا وكره نفسه وسبب ما حدث معه لأجلها ولاجل ما يحدث معها .. يصرخ بلا جدوى وكأن صوته غير مسموع .. يهدد بلا معنى وكأنه غير موجود .. هربت ورد من بين يد الرجل بمرارة ومحاولات للتهرب ولكنه امسكها جاذباً اياها بالأرض يعتليها وهي تبكي وتصرخ .. للحظة سمع علي صوت سليم وهو ينادي ( علييي ) دلف سليم راكضاً للغرفة معتلياً هو الرجل ويسدد له لكمات في وجهه وجسده صارخا ( انت مجنون يابن الكلب .. دانا هوديك في ستين داهية يالاا ) هرولت ورد من أمامهم للمرحاض وهي تحاول ان تستر نفسها باكية .. بينما علي يسند رأسه للخلف مغمضاً عينيه تاركا سليم يتصرف من ذلك المعتوه الذي اقسم علي انه لو كان يستطيع لقتله الان .....
- عودة للواقع -
سألها بنبرة حزينة ( لو جالك فرصة تمشي هتمشي .. بعد اللي حصل امبارح ؟) رفعت بصرها تنظر إليه بـ حزن طاغي على ملامحها .. لم تجيبه بل نظرت إليه بذلك الحزن فقط .. فأبتلع غصته قائلا ( لو عايزة تمشي امشي .. انا مش عايز اغصبك على حاجة .. وبالذات ان انا .. مكنتش قادر اساعدك .. ) شعرت بغصة في قلبها بسبب مايقوله .. هي خائفة ولكنها لا تود الرحيل .. هي تشعر بالأمان جواره .. وتحب مرافقته .. بل اصبحت تنجذب إليه وتعجب به .. ولكن للحظة كانت تراجع نفسها و تُفكر في ردة فعل اهلها اذا عرفوا ان من تحبه مشلول ... بالتأكيد ستكون كارثة .. فهي تود ان تكون جواره حتى يُشفى ويكون بصحة جيدة .. تعلم جيداً ان لديه عزيمة وسيُشفى في يوم من الأيام ..
كان ينظر إليها بـ قهر وحزن .. يلعن نفسه لانه لم يستطع ان يساعدها .. وهو لو عليه يود ان يخبئ وردته في اعماق قلبه .. علم الآن ان حديث  ' نور ' كان صحيحاً عندما اخبرته انهم لم يكن لهم سوى بعضهم .. لذلك هو احبها وهي أحبته .. ولكنه لو من البداية رأى ورد لكان احبها .. لجميع ما تملك من صفات تجذبه .. وجمالا تمتلكه .. يود ان يصارحها .. فهي غيرت تفكيره خلال هذا الشهر .. ولكنه يخاف ان ترفضه لعذره بالشلل ... يخاف ألا يُشفى فيكون وحيداً وتتركه .. مكسور القلب والخاطر ... اخذ نفسا عميقا وهو يدعو الله داخله ان يجعلها من نصيبه .. مع دعوات والدة نور له ولابنتها .. علم ما حدث معها في الفترة الأخيرة .. يسأل الله لها الشفاء .. ولكن في خطأ ارتكبا سويا حتى يعاقبهم الله هكذا .. واحداً بالشلل والثانية بعدم إنجاب اطفال طيلة حياتها .. ليس لديه علم بل يفكر وشارد الذهن ...
1
- فرح وسليم -
** عادوا إلى المنزل بعدما تأكدوا من حملها .. وفرحة سليم بفرحته بعدما علم بحملها وانه سُيرزق بطفل قريب .. دلفت سريعاً إلى غرفتها وابعدت الحجاب عن شعرها وهي تفرد شعرها ثم اغمضت عينيها محاولةً تهدئة نفسها مما سيحدث الآن .. فتحت عينيها بشعورها بيده على ذراعيها قائلا ( ممكن نتكلم ؟) نظرت له من المرآة بغضب وابعدت ذراعيها سريعاً قائلة ( لا مش ممكن ... انا مكنتش متخيلاك كدا ) ثم التفتت له قائلة بنبرة مهزوزة مقتربة لانفعال ( انت اول ماعرفت اني حامل جاي تصلح اللي حصل .. جاي تقولي انك راميني بقالك شهر مبتسألش فيا .. جاي تقولي اي .. انا الغلط كان عليا من الاول صح .. اه ياسليم الغلط كان من عليا .. بس مكنتش قادرة احكيلك كل مرة كنت عايزة احكيلك فيها كنت برجع خطوة واقول الماضي خلص وهيدفن .. بس لا انت اول ما عرفت ولا كأنك كنت بتشوفني .. مهما اعملك عشان اصالحك انت كنت تصدني وتبعدني عنك وكأني حاجة وحشة انت قرفان منها .. انت لو كنا فضلنا اسبوعين ومحملتش انا كنت متوقعة تتطلقني وترميني انا واهلي في السجن .. ) كانت دموعها تتساقط بانهيار ونبرتها منفعلة بقهر مكملة بسخرية ( ازاي تبقى مرات سليم باشا كانت بتتاجر في المخدرات ... ولا ازاي كانت مرمية في الشوارع وهو جابها ) كان ينظر إليها بهدوء .. عكس الصدمة الي داخله من كلامها .. فقط كلام يؤثر به ولكنها جربته شعور .. هنا تحرك عندما قالت ( انت لو ندمان قولي .. قول انك ندمان وطلقني !!) جذبها من ذراعيها قائلا بحدة ( اطلقك دا اي .. دا على جثتك وجثتي .. يا ابقى قاتل يا تبقي ارملة .. انا مش هطلقك يا فرح ... واه يافرح الحق كان عليكي دانتي حكتيلي كل حاجة الا دا ... مع اني قولتلك بدل المرة الف عشان لو في حاجة اساعدك فيها بدل ما شوية شوية اشوفك وانتي بتترمي في السجون مثلا ولا اخوكي كريم .. وعملت كدا فيكي الشهر دا كـ عقاب .. لاني لو كنت قربت منك واتكلمنا كنت هنفعل واقول كلام مينفعش يتقال ) فُزعت ببداية حديثه ولكن ملامحها تغيرت للسخرية قائلة ( لا قول الكلام .. مهو اللي بيتقال وقت عصبية هو الحقيقة .. !! كنت عايز تقول عني متشردة و ... ) صرخ في وجهها قائلا بغضب ( خلاص بقااا خلاص .. انا جاي اصلح غلطي وانتي مُصرة تتضايقيني بكلامك انا عمري ما فكرت فيكي كدا ولا عمري هفكر فيكي كدا .. انا بحبك .. واخترتك انتي عشان انتي اللي هتفهميني في كل وقت ومحدش غيرك هيستحملني .. ) ابعدت يديها عنه وهي تبكي بقهر وغادرت من امامه دون النطق بكلمة لخزانة الملابس تخرج ملابس بيتية لترتاح .. فقال بحدة ( مبترديش ليه ؟) قالت وهي تغادر ( مليش نفس !!) كان حديثها بارد لاذع .. ولكنه عزم ان يراضيها ويخفف عنها .. جلس على الفراش يفرك برأسه متنهداً بعمق بسبب ما يحدث معه هذه الايام سواء في المنزل او بالعمل .. تذكر اخر مقابلة له مع والده عندما صرح امامه سليم انه السبب بكل خراب يحدث الآن في حياته او حياة اي شخص دخل والده حياته .. تذكر القضية الجديدة التي يحقق بها .. قضية خطف الاطفال وبيع أعضاءهم .. يبحث من وراء ذلك .. ويبحث وراء والده بالاخص ...... اخذ هو الآخر ملابس للمنزل وقام بتبديل ملابسه وجلس يرتاح قليلاً حتى سمع صوتها وصوت حركتها في المطبخ .. اتجه إلى المطبخ فوجدها بدأت بإعداد طعام الغداء كما تفعل كل يوم دون ملل او كلل حتى وهو لا يأكل .. اقترب منها واحتضنها من الخلف مقبلا اياها على خدها قائلا بهمسات عاشق ( انا آسف .. والله آسف .. انا بحبك !) مد يديه على بطنها مبتسماً بسعادة .. بينما هي اغمضت عينيها بهدوء ... تشتاق له ولعناقه ولكن ليس الآن .. فهي ستأخذ موقف كبير تجاهه .. ابعدت يديه وابعدته بتنهيدة عميقة قائلة ( نص ساعة والاكل هيجهز ... ) ثم اشعلت النار وبدأت تطبخ وهو يقف يتابعها بصمت وحب .. يتابع ملامحها كل ثانية وهي تتغير .. هدوءها وتفاصيلها ....
..................................................................................................................................................................................................................
- تامر ونور -
** تنام على فراشها بشرود .. تفكر في حالها الآن بعدما علمت بالمصيبة الكبرى .. وهي انها لن تنجب أطفالا طوال حياتها .. لم يؤلمها ذلك بقدر ما ألمها تردد تامر في الاستمرار بتلك العلاقة حتى الى الآن .. وكأنه يتهرب منها في بعض الأحيان .. لا بل دوماً .. لا يجيب على اتصالاتها متحججاً بأنه مشغول .. يراها مرة بالاسبوع رغم تعبها واحتياجها له .. ولكنها لا تلومه فهي الآن ليست كاملة كأي امرأة يريد الرجل ان يتزوجها لتنجب له الأطفال في وجهة نظره .. امسكت هاتفها مُرسلة له رسالة ' ممكن تيجي بليل نتكلم .. في حاجات كتير لازم نتكلم فيها ' اغلقت الهاتف مرة اخرى ووضعته جوارها ثم اغمضت عينيها ذاهبة في سبات عميق لم تشعر بنفسها سوى بمناداة والدتها قائلة ( يا نور .. قومي يانور تامر برا .. هو والمأذون ) استيقظت سريعاً بفزع قائلة ( هو ومين يا ماما ؟) ابتسمت والدتها قائلة ( هو والمأذون انتي مقولتيش ليه يابنتي .. انتي لسه مجهزتيش ولا عملتي حاجة وتامر جه والناس شوية وهيجوا !) ....
تقلبات عديدة في الفراش كتى استيقظت من حلمها الوردي بقدوم تامر والمأذون .. استيقظت على صوت المؤذن بالمسجد فأخذت نفساً عميقا ثم جهزت نفسها ووقفت تصلي فرض ربها .. انتهت على صوت جرس المنزل فخرجت من غرفتها سريعاً مع دخول تامر للمنزل وهو يحيي والدتها بإبتسامة .. كانت تنظر إليه بشرود حتى رفع بصره ناظرا إليها بهدوء ثم ابتسم إبتسامة صغيرة ( ازيك يانور ؟) هزت رأسها متحركة من مكانها وجلست ثم جلس هو الآخر لتقول ( كويسة الحمدلله ..) صمت عم المكان فقالت أخيراً بعد هدوء ( تامر لو عايزانا نسيب بعض انا مش هلومك على كدا ابدا .. انت من حقك تسيبني عشان انا مبخلفش ... فـ بدل العذاب دا .. والبُعد والتجاهل .. ننهي كل حاجة احسن .. عشان انا تعبت .. معنتش قادرة استحمل و احس ان انا مبقاش ليا عيشة ) كان يستمع إليها بشرود ثم نظر لوالدتها التي تتابع حديث ابنتها .. نظر إليها مرة اخرى قائلا ( كنت محتاج وقت افكر واقرر انا عايز اي .. انا مش بلومك على اللي حصل بس لا كان ذنبك ولا ذنبي .. ربنا كان مقدر كدا .. فأنا قررت في وقت زيك ) نظرت له بقهـر بعينين لامعتين وهي تلعب بـ خاتمها بيديها وكانت الآن تُزيله من يديها لولا قوله ( بس انا مش هسيبك عشان انا بحبك .. واللي ربنا هيبعته احلى اكيد .. دا قدر ربنا واحنا منقدرش نعترض عليه يا نــور ..!) نظرت له بشبح إبتسامة غير مُصدقة قائلة ( بجد ياتامر ؟) هز رأسه بإيجاب وهو ينظر لوالدتها قائلا ( المأذون هيجي بكرا ونكتب الكتاب والفرح اخر الاسبوع .....) ثم مد يديه يمسك يديها قائلا ( انا بحبك اوي !) .......
.........................
- تيم وطيف -
** يجلس جوارها في غرفة المستشفى .. بعد ان اجرت عملية خطيرة في المستشفى .. تمر ايام منذ يوم عمليتها وهي نائمة لا تستيقظ .. ملاكه الجميل الحنون .. كان يجلس جوارها دون ملل منتظراً منها الاستيقاظ يتذكر تفاصيل حياتهم سويا .. منذ لقاءه بها حتى يومهم هذا .. كيف جعلته يحبها بعفويتها وحنانها .. منذ اليوم الاول وهو اسير لها ... ولكن دائماً ماكان الماضي يقف في وجهه فيظلمها أكثر .. يهينها يسرق ما لم يكن له الحق به .. بينما هي لم تكن تستطيع ان تنطق بشئ امامه ..
هي الاخرى رغم ما كان يفعل بها لم يكن لديها سواه ليحميها من جشع الدنيا .. ولكن لو كان لديها فرصة للعيش في أمان بعيداً عن ظلمه كانت لتذهب .. ولكن في بعض الأوقات كان يمنعها شعوراً غير معروف .. رغم تملكه وساديته معها وإهانته لها إلا ان ذلك الشعور كان اقوى .. كانت اقوى بأنها تعلم ان داخله طفل صغير مسجون .. يود ان يخرج ولكن لا يجد يداً تمسك به لتخرجه ..
كان تيم جالساً على كرسي جوار فراشها .. ممسك بيديها بين يديه ومنحني على الفراش بتعب مغمضاً عينيه .. بينما هي وبعد ايام في غيبوبة تشعر الآن انها عادت للحياة .. عادت لرؤية النور .. بعد ان واجهت صدمة بـ عمل عمليتها في قلبها .. فكانت في البداية ترفض خوفاً من الموت في العملية .. ولكن تيم اجبرها على إجراؤها .. لأن نسبة موتها دون إجراؤها كان أكبر .. وهو كل ما يخشاه الآن هو ان يفقدها .. اخذت تنظر لسقف الغرفة قليلاً بشرود  وكأنها تستوعب انها الآن في الحياة وتستوعب بماذا تشعر الآن .. ومع استوعابها شعرت برأسه على يديها .. انتقلت بنظرها له فوجدتها بجلسته الغير مريحة .. نادته بصوت هامس ( تـ.يم ) همهم بتعب غير مستوعب هو الآخر ولكن عندما استوعب صوتها اعتدل سريعاً في جلسته وهو يقول بـ لهفة ( طيف .. انتي صحيتي ) ثم شقت الإبتسامة الواسعة طريقها وهو يقول ( حاسة بأيه .. انا هنادي الدكتور حالا ..) هزت رأسها بنفي قائلة ( اهدا طيب .. انا ..كويسة .. ) ثم مدت يديها تمسك بيديه بحب قائلة بهمس ( قرب ) جلس على طرف الفراش واقترب منها فحاوطته بيديها تحتضنه بينما هو يحتضنها دون ان يضع ثقله عليها قائلا بخفوت حزين ( وحشتيني .. ) غرزت يديها في شعره مغمضة عينيها بإبتسامة مُرتاحة ( وانت وحشتني اوي .. ) ظلا هكذا لدقائق وكأنهما يعوضا ما فات من فراق وخـوف ...
........................................................
- فرح وسليم -
** دلفت إليه في غرفة نومهما ورأته جالساً يعبث في هاتفه بشرود .. فقالت بثبات حاد ( انا عايزة اروح اشوف ماما واخواتي ..) نظر لها بخفوت وقبل ان يجيب قالت ( لوحدي .. وصلني وابقى تعالى خدني ) قوص حاجبيه بأمتعاض ولكنه لم يعترض قائلا ( هاجي اخدك امتى ..؟) هزت كتفها بلا معرفة قائلة ( وقت مانت عايز .. عالعشا كدا يعني ) ثم تقدمت للخزانة وهي تُخرج ملابس لها .. نظر للملابس ولها فوجدها تخرج ما تحب ارتداءه دوماً وما رأها به اول مرة .. ذلك الشال ذو غطاء رأس ويخبئ نصف وجهها .. اخذت ملابسها دون ان تنظر له مرة اخرى للمرحاض وارتدت تنورة فضفاضة باللون البني و كنزة من اللون الابيض .. ثم خرجت أمامه وهو ينظر لها ويتابع جميع تحركاتها الهادئة .. ثم تناول في يديه ذلك الشال ذو اللون الاسود ووقف خلفها يساعدها في ارتداؤه .. نظرت له من المرآه وهي ترتدي حجابها ثم وضعت غطاء الشال فوق رأسها هو الآخر .. كانت تريد الالتفاف له ولكنه امسكها من ذراعيها امام بطنها وهو يعانقها من الخلف قائلا ( لسه زعلانة مني ؟) استند برأسه على كتفه بسبب فرق الطول بينهم .. فقالت بنبرة غير مهتمة ( وازعل ليه هو انت غلطت لا سمح الله !؟) ابتسم بعبث وهو يقبلها على خدها ثم قال ( اه ياستي غلطت وبعتذر منك وانتِ مش راضية تتصالحي .. ممكن بقا خلاص كدا ونرجع كويسين زي الاول ) قوصت حاجبيها بتهكم ثم ابعدته قائلة ( يلا ياسليم ) شددت على اسمه بغيظ ليقول بعشق غامزا ( يلا ياعيون سليم !) لم تستطع ان تمنع خديها من الاحمرار خجلاً ولكن ملامحها العابسة ايقنت له انها غير راضية أيضاً .. امسك بكفها بين كفيه وهبطا سويا للسيارة ليوصلها لمنزل اهلها .. وكان طوال الطريق يتغزل بها وبجمالها محاولةً ارضاؤها .
فارس وقمر -
** كانت ذاهبة بتوتر لتناول الغداء مع والدها في احدى المطاعم كما طلب منها للمحاولة في كسبها .. ولا تعلم لماذا يريد ولكن هو يعلم جيداً .. يريد ان يجعل سليم وحيداً يستعطف اخته .. يحاول افتعال مشاكل بينه وبين زوجته .. يُمرض والدته بسبب افعاله فيجعلها تقع دون وقوف مرة اخرى .. وصلت للمطعم وجلست امامه مع ابتسامتها المتوترة قائلة ( انا .. فرحت لما عزمتني النهاردة على الغدا .. ) ابتسم والدها واضعا يديه فوق يديها بحنان مزيف قائلا ( وانا كمان ياحبيبتي اتبسطت لما قبلتي !) اكتفت بالايماء له وهي تتطلع على المكان .. طلبا الطعام وبدأ في تناوله وهو يسألها عن عملها .. وعن احوال صيدليتها .. وغيره وغيره من الأمور مما جعلها مرة فـ مرة تتناقش وتسرد له بأريحية .. فهي في نظرها لم تعش الماضي مثل سليم لانها كانت صغيرة السن .. فقط تعلم من الحكايات .. وبنظرها هذا والدها الذي لم تعش معه قدراً كافيا .. فقط سنواتها الاولى .. فهو الآن امامها وتريد ان تجرب شعور ان يكون والدها جوارها .. انتهيا من الحديث على صوت رنين هاتفها بإسم فارس فإبتسمت لوالدها باحراج قائلة ( ثواني هرد واجي .. !) ثم وقفت من مكانها ذاهبة لمكان فارغ من الاشخاص واجابت عليه ( الو يافارس ؟) رد بتساؤل قلق ( روحتي ولا لسه معاه ؟) أجابت بخفوت ( لسه معاه .. متخفش كل حاجة تمام وانا مبسوطة !) همهم بقلق غير مطمئن قائلا ( ماشي .. خلي بالك من نفسك ولو حصل حاجة كلميني فوراً .. ولو عايزاني اجي اخدك اوصلك البيت اتصلي بيا وانا هاجي على طول ماشي !) شقت الإبتسامة الواسعة فمها قائلة ( طيب ماشي .. يلا سلام ياقلبي ..!) ثم أغلقت الخط وعادت مرة اخرى تجلس مع والدها الذي اقترح دون اي مقدمات قائلاً ( أي رأيك ياقمر يابنتي تيجي معايا تشوفي بيتي .. هو برضو بيتك يابنتي ولا اي !) هزت رأسها بإيجاب قائلة مبتسمة ( اه اكيد اجي .. !) ابتسم بدفئ ثم ماهي الا دقائق حتى كانا خارج المطعم في سيارته متجهين نحو منزله .. بعض القلق بدأ ينتابها دون معرفة بالسبب ... ولكن ماذا قد يحدث .. فذلك والدها وبالتأكيد لن يضُرها .. وصلا لمنزله ودلفا وهي لم تجد اي شئ يشير للقلق .. وقفت ترى المنزل بإبتسامة خافتة ليجلس والدها فجلست هي الاخرى على الأريكة جواره بعد ان ألقت نظرة سريعة للمنزل البسيط ليقول ( قمر .. عايز اقترح عليكي حاجة واتمنى توافقي ؟) قوصت حاجبيه بإستغراب ممزوجا ببعض الرهبه قائلة ( حاجة اي يا ..بابا ..؟) ابتسم بدفئ قائلا ( بصي يابنتي انا العيشة في مصر مبقتش نافعة اديكي شايفة اخوكي بيعمل فيا اي .. فأنا كنت عايز احجز واسافر اعيش في اي بلد برا .. هبيع البيت والعربية والعفش وكل دا .. فـ كنت بقول تيجي تعيشي معايا يابنتي .. هفتحلك هناك صيدلية وتعيشي معايا انا محتاجك معايا يا قمر .. انا ليا حقوق عليكي وواجبات معملتهاش .. ؟) فرغت شفتيها بصدمة لحديثه .. ثم تنحنحت بخفوت قائلة بصوت اقرب للهمس ( بس مينفعش .. انا وفارس هنتجوز قريب !) هز كتفيه بلا إهتمام قائلا ( فارس اي وبتاع اي .. سيبي فارس اكيد هتلاقي احسن منه !!) وقفت من مكانها سريعاً وهي تهز رأسها بنفي قائلة ( اكيد لا .. انا معملش كدا ومقدرش اسيب ماما وسليم وفارس وحياتي هنا .. انا اسفة لحضرتك بس مقدرش اعمل اللي بتطلبه !) نظر إليها للحظات دون رد ثم قال بنبرة منكسرة حزينة ( ماشي يابنتي .. اللي تشوفيه .. ) ابتسمت بتوتر ثم ظلت معه لبعض الوقت وغادرت للمنزل وهي تفكر بشـرود تام ..
....................................................
- علي و ورد -
** وضعت امامه الطعام بهدوء بالغ يمتلكها منذ تلك الحادثة .. امسك يديها ونظر لعينيها مباشرة بدفئ ( ممكن نتكلم شوية ؟) نظرت هي الاخرى داخل عينيه بحزن طاغي على عينيها ثم جلست جواره قائلة ( فـي اي يا علي ..؟) تنهد بعمق محركاً الخوف من مواجهتها بعيداً قائلا سريعاً وبدون مقدمات ليُصدمها ( تتجوزيني ؟؟) شهقت بعنف عندما استمعت عليه وهي تنظر داخل عينيه بـ غير تصديق وعينيها تلمع بسبب تراكم الدموع بها فـ همس قائلا ( ورد .. متخليش العاطفة تتحكم فيكي كدا اصل هتخليني اعيط معاكي ..!) عبست مضيقة عينيها فـ قهقه بخفة ثم اكمل ( طيب بصي قبل ما توافقي او تردي عليا .. وانا هسبلك وقت تفكري .. عشان انتي شايفة حالتي عاملة ازاي .. بس قبلها عايز اقولك حاجة مهمة لازم تعرفيها ؟) قوصت حاجبيها ثم للحظة تذكرت شئ قائلة ( نور ... صح ؟) صمت قليلاً وهو ينظر لها ثم ابعد نظره عنها للحظات ثم اعاده لها قائلا ( انا نسيتها .. بس كان لازم تعرفي اني كنت خاطبها .. وكانت حبي الوحيد وقتها.. بس احنا سبنا بعض .. وانا معنتش بفكر فيها وتخطيت الموقف .. انتي دلوقتي الي مليتي حياتي .. بس انا مش هجبرك توافقي عشان حالتي او عشان انا .... مـ..مـشلول .. ) كانت تود ان تتحدث ولكنه قاطعها قائلا بحزم ( مُتفائل .. بس محدش عارف ربنا كاتب إيه .. وانتي مش مجبورة برضو ... فكري كويس يا ورد ..) ظلت تنظر له دون رد .. تُفكر في حياتها إذا وافقت .. وفي حياتهم سوياً .. تعلم ان حالته ستتحسن لأنه يستجيب للعلاج .. وتعلم انه سيكون بخير .. وان حالته جيدة .. ولكن الآن أهلها لن يقتنعوا بذلك .. تنهدت بعمق ثم قالت ( ماشي .. هفكر وارد عليك يا ..علي !) ابتسم لها بينما هي نظرت ليديها التي مازالت بين يديه ثم سحبتها بهدوء بينما هو بدأ تناول الطعام ... تحت انظارها الشاردة به وبتفكيرها في قراره .. وبحالتهم الان ومستقبلاً .. وبـ كل شئ .. تفكر بـ كل شئ بشرود تام ...
....................................................
- سليم وفرح -
** دخل معها منزل والدتها بإبتسامة سمجة .. بينما هي لم تمنعه بل حاولت الا تهتم بالأمر كثيراً ... كانوا جالسين جميعهم بينما هو يجلس جوارها واضعا يديه خلف على ظهر الاريكة .. والدتها تبارك لها كثيراً على حملها .. ابتسم بخبث قائلا لوالدتها ( بس مقولكيش يا حماتي زعلها وحش اوي !) نظرت له بطرف عينيها بينما هو الاخر بادلها النظرة وهو يكتم ضحكته حتى لا تخرج .. قهقهت والدتها بخفوت قائلة ( اه يابني دي صعبة اوي في زعلها .. ) نظرت لوالدتها بهدوء ( وهو اللي بيزعل مش عليه الحق برضو ..) فقال هو سريعاً ( بس انا بصالحك وانتي لسه مقموصة ) نظرت لهم والدتها قائلة بضحكة خافته ( انا برضو قولت انكم متخانقين من شكلكم دا .. ) هزت فرح كتفها بلا مبالاة ( عادي بقا .. ) عبس هو يزفر وهذه الطريقة ايضا لم تنجح في ارضاؤها .. تابع بعينيه حور الصغيرة وهي تتحرك لتقف امام فرح قائلة بهدوء ( هو انا ممكن اجي انام معاكي النهاردة .. عشان انتي وحشتيني اوي وعايزة انام في حضنك ) نظرت لها فرح بـ حزن واشتياق وهي تجذبها لها وتحتضنها ( وانتي كمان وحشتيني اوي يانور عيني ) ثم قبلتها على رأسها بحنية فنظرت حور لـ سليم وهي تلعب باصابعها بتوتر ( ممكن يا عمو سليم تاخدني معاكم ؟) قالت والدتها قبل ان يجيب سليم ( حـور .. انا قولتلك مينفعش وقولتلك متفتحيش السيرة دي تاني صح ؟) نظرت لها حور بـ عبس طفولي ثم تركت يد فرح بـ كسرة نفس وهي تلتفت لتغادر لجلستها مرة أخرى ولكن سليم امسك يديها قائلا ( استني بس .. انا موافق تيجي تباتي معانا بس ناخد إذن ماما واخدك معانا النهاردة ) ثم قبلها على خدها برقة فشقت الابتسامة وجهها سريعاً وقالت بالحاح لوالدتها ( عمو سليم وافق يا ماما .. هروح معاهم عشان خاطري !) ابتسمت فرح بحنو قائلة ( خلاص يا ماما سيبيها تيجي معانا ... ) تنهدت والدتها بهدوء قائلة ( طيب خلاص .. ) هللت حور بيديها ثم اقتربت تحتضن سليم قائلة ( شكراً اوي ) فقهقه بحب وهو يبادلها عناقها .. بينما فرح ذهبت لغرفتهم واخذت بعض من ملابس حور التي اشترتها مؤخراً وكانت قليلة .. فقد تقاسما الأموال في شراء بعض الملابس لحور وكريم .. تنهدت بعمق ووضعت منهم في حقيبتها ثم غادرا بعد ان وصت فرح اخاها كريم على والدتهم ... وهو يلح عليها انه لا يحتاج للتوصية فهو ينتبه إليها جيداً .. غادروا سويا للمنزل وبدلت فرح ملابسها واعدت الطعام لهم جميعاً .. وعندما خرجت من المطبخ رأت حور تتحدث سليم وتقهقه معه ببراءتها بينما هو يمازحها هو الآخر ويتحدث معها دون اي ملل .. تنحنحت فرح وهي تقول بحدة مزيفة ( هات الصينية من جوا عشان تقيلة ومش هينفع اشيلها .. ) هز رأسه مبتسما قائلا لحور ( طيب ياقشطة نكمل كلامنا بعد الاكل ) ثم وقف ناظرا لفرح بإبتسامة هادئة ودلف يحمل صينية الاكل واضعاً اياها على الارض وجلسوا حولها لتناول الطعام .. بينما فرح تساعد حور قليلاً في الاكل وتأكل هي الاخرى .. دون ان تنظر له او تعطيه اي اهتمام فـ شعر بالغيرة قليلا والضيق .. فهي لا تهتم به مثلما كانت تفعل .. تنهد بعمق فـ عقابه لم يكن هيناً عليها .. لم يكمل طعامه واستعد للقيام فأمسكت يثيابه قائلة بخفوت ( كمل اكلك !) نظر إليها بهدوء وهز رأسه ( انا شبعت .. تسلم ايدك !) ثم عزم على القيام مرة اخرى ولكنها تجمدت به قائلة مرة اخرى بدفئ ( عشان خاطري ... كمل اكلك ..) نظر للحظات داخل عينيها المتوسلة له لإكمال طعامه فتنهد جالساً مرة اخرى يكمل طعامه دون إضافة اي رد وانتهوا من تناول الطعام بينما جلست حور معه يشاهدون التلفاز وهي تعد الشاي له بالمطبخ .. انتهت وخرجت اعطته كأسه وجلست جوار حور مبتسمة ( مبسوطة ياقلبي ؟) هزت حور رأسها بإيجاب مبتسمة ( اوي .. انا عايزة اقعد معاكي علطول بس ماما بتقولي مينفعش ... ) تنهدت فرح وهي تضمها لاحضانها قائلة ( منا علطول معاكي يا حوريتي .. ) هزت حور كتفيها بهدوء ثم تابعت مرة اخرى التلفاز بينما فرح نظرت لـ سليم فوجدته يسند ذراعيه وينظر إليها بعشق شارد بتفاصيلها والنعس يسيطر على عينيه .. ونظرته بها بعض الندم عما فعله والحزن .. نظرت له قليلاً بهدوء .. عكس الاشتياق الذي داخلها ثم ابعدت بصرها لـ حور قائلة ( يلا ياحبيبتي عشان ننام .. !) اومأت لها حور وذهبا سويا لغرفة الاطفال .. بينما هو ظن انها ستنام معها الليلة فأراح ظهره على الاريكة واغمض عينيه بتنهيـدة عميقـة .. ماهي الا دقائق حتى شعر بيديها تتسلل لشعره .. فأبتسم بحب ثم فتح عينيه فوجدها تقف جواره لتقول بخفوت ( قوم الاوضة .. الكنبة هتوجعلك ضهرك ..) اعتدل في جلسته قائلا ( اه فعلا .. ) ثم وقف ودلف للغرفة معها .. اغلقت الباب خلفهم وذهبت لتنام جواره فإستقبلها داخل احضانه وهو يحاوط بطنها بيديه .. ورأسه داخل عنقها يتمتع برائحتها .. بينما هي استسلمت له واضعة يديها فوق يديه وذهبت سريعاً في نوم عميق وهو لحقها في النوم ...
...........................................................
- عودة للحاضر -
** كانت تنام داخل احضانه ويديه حول بطنها .. رأسهه جوار رأسها ومستيقظان شاردان في الماضي .. هي تتذكر حملها الاول .. وهو يتذكر مأساة حياتهم .. تنهدت بعمق وبدأ بعض ملامح الماضي المؤلم تدلف لعقلها .. لتلمع عينيها بالدموع ثم بدأت تتساقط الدموع على خديها وهي تتذكر كم عانوا في تلك الفترة .. حتى خرجت هي بنفسها منها .. وهو يحاول ان يخرجها معتقداً انه سيخسرها .. شهقت من بين بكاءها فشعر بها ثم اعتدل في جلسته سريعاً وهو ينظر لها بقلق ( فرح .. مالك ؟) اعتدلت هي الاخرى لتجلس بـ تعب قائلة من بين شهقاتها ( ماما .. و وعد وحشوني اوي يا سلييم ) تنهد بعمق واقترب يحتضنها قائلا بحزن ( ادعيلهم يا فرح ادعيلهم ياقلبي .. ) اغمض عينيه ورنين صوت ابنته وعد في اذنيه وهي تقول للمرة الاولى ( بـ..بـابـي ) شعر بغصة كبيرة في قلبه بسبب ابنته .. وزوجته بين احضانه تشهق بلا حول او قوة لخسارة ابنتها .. شهقات وراء شهقات وهو يواسيها قائلا ( بس يافرح عشان خاطري كفاية .. انتي كدا هتتعبي انتي واللي في بطنك .. عشان خاطري كفاية بقا .. ارحمي نفسك من العياط والزعل دا .. ) بدأت تقول بصوت شبه مسموع باكي ( مش قادرة ياسليم ...مش قادرة .. بنتي ..ياسليم ) يعلم جيداً انه الآن اذا بدأ في مواساتها ستدخل في حالتها السابقة فأبعدها عن احضانه قائلا بصراخ ( وعد ماتت يا فرح .. وعد ماتت .. كفاية بقا ارحمي نفسك .. انتي كدا بتموتي نفسك وبتموتيني معاكي وهتموتي اللي في بطنك باللي انتي بتعمليه في نفسك .. ادعي لوعد يا فرح وكفاية عياط .. ) نظرت له ببكاء وهي تكتم شهقاتها فقال مرة اخرى بنبرة هادئة عن سابقها وبحزن طاغي ( انا كمان زعلان عليها .. بس انا خدت حقهم .. واللي كانوا السبب ماتوا .. واحنا دلوقتي مش في ايدينا ان احنا نرجعها .. ) هزت رأسها بإيجاب لحديثه ثم اقتربت منه تحتضنه بقوة مرة اخرى فبادلها عناقها بحنان وهو يمسد على شعرها بحـب .. بينما هي تهدأ قليلاً فـ قليلاً حتى بدأت تهدأ وتذهب في النوم ..
....................................................
- فلاش باك -
- احمد و سلمى -
** رنين الجرس يرن .. تُرى من الطارق الآن .. فتح كريم الباب بإستغراب فوجده احمد ومعه فتاة بشوشة .. تنحنح كريم قائلا ( اتفضلوا ) ثم ابتعد عن الباب ودلف احمد معه سلمى قائلا بإبتسامة ( ازيك يا كريم .. اومال طنط فين ؟) خرجت سارة من الغرفة وهي تقول بتساؤل ( مين اللي جه يا كريم ...) صمتت عندما وجدت احمد امامها فإبتسمت بدفئ ( احمد ؟ اهلا يابني اقعد ياحبيبي .. ) اقترب منها وامسك يديها يقبلها قائلا بدفئ ( عاملة اي .. وحشتيني اوي !) ابتسمت له بحنو وهي تربت على كتفه قائلة ( انا كويسة الحمدلله ياحبيبي .. اقعد وطمني عن اخبارك انت .. ؟) اومأ لها وامسك يد سلمى يجلسها جواره وهو يقول ( طنط دي سلمى .. مراتي ..سلمى دي طنط سارة اللي حكتلك عنها !) نظرت لها سارة بابتسامة خافته .. قائلة ( مبروك يابني الف الف مبروك .. ربنا يسعدكم يارب .. ) ابتسمت لها سلمى بملامحها الهادئة الصغيرة .. فهي من اصحاب الملامح الهادئة للغاية مهما كانت تغيرات وجههم سواء الى الحزن او الغضب او السعادة فملامحهم هادئة لا يفرق بها إلا الإبتسامة وبالنسبة لـ سلمى فابتسامتها لم تغادر وجهها وهي تقول بخفوت خَجل ( تسلميلي ياطنط .. احمد حكالي عنك كتير وقد اي هو بيعزك كـ ام ) ابتسمت سارة بحنو قائلة ( ربنا يسعده يابنتي يارب ويوفقكم سوا ) ثم نظرت لـ احمد قائلة بضحكة صغيرة محببة ( مراتك زي القمر يابني .. حافظ عليها ومتزعلهاش عشان مزعلش منك ماشي ؟) ثم نظرت مرة اخرى لـ سلمى قائلة ( وانتي يابنتي متزعليهوش احمد.مافيش اطيب منه !) ابتسم احمد بحب قائلا ( دي في عنيا ياطنط متوصنيش عليها .. ) فأبتسمت سارة لهم داعية مرة اخرى ( ربنا يسعدك ياحبيبي .. بصو الغدا جاهز يلا هحط ونتغدا انهاردة سوا .. ) قالت سلمى سريعاً بخفوت ( مافيش داعي متتعبيش نفسك ياطنط ) هزت سارة رأسها بنفي قائلة ( تعبكم راحة ياحبيبتي .. حالا هيكون الغدا محطوط عشان ناكل سوا !) ثم قامت للمطبخ بينما استأذنتها سلمى ودلفت معها تساعدها وهو ابتسم وجلس يحادث كريم قليلاً حتى شرد في كيف تعرف الى سلمى وكيف سارت به الحياة ليصبح أسيراً لها واقعاً في حبها ومتزوجاً اياها ..
- فلاش باك لـ شهر مضى -
بعد ايام من فراقه لحبه الطفولي فرح .. كان يجلس في منزله المعزول عن العائلة وبيديه كوب .. وفي عصبيته المفرطة دفع الكوب بزجاج الطاولة فتهشمت معهم يديه وهي تنزف الدماء .. نفض يديه بألم وهو مغمض عينيه خارجا من المنزل متوجها لسيارته وسار بها .. لا يعلم اين يذهب ؟؟ ايذهب لفرح و يشكي لها .. بالطبع لا فـ هكذا سيجلب لها المشاكل .. لم يجد سوى مكانا وحيداً يذهب إليه وهو المستشفى لمداوة يديه المجروحة والتي تنزف الكثير من الدماء .. وصل إلى المستشفى وهو ينزف دماءاً غير الدماء التي نزفت منه اثناء طريقه .. دلف للمستشفى و استقبلته سلمى بفزع وهي تنظر ليديه قائلة ( ايدك بتنزف كتير .. تعالى معايا ) ثم هرولت امامه وهو يسير خلفها لاحدى غرف المستشفى وجلس على الفراش وهي جواره قائلة ( المفروض كنت جيت من زمان .. شكلك نزفت كتير ) اكتفى بالايماء قول اي كلمة اخرى وهو ينظر لـ سلمى .. بها تفاصيل من فرح ام انه يتوهم ؟ بلى فهي تشبه فرح في بعض حركاتها .. الا أن فرح تخاف الدماء وهذه تغوص في الدماء الآن .. كان نظره مثبت عليها في ذلك الوقت .. ثم قال بنبرة خافتة ( اسمك اي ؟) رفعت بصرها للحظات تنظر له ثم اكملت تنضيف يديه من الزجاج قائلة ( اسمي سلمى .. ممرضة في المستشفى هنا ) اومأ لها ثم ابعد نظره عندما شعر انه تمادى كثيرا بالنظر .. وبعد ساعة تقريبا انتهت سلمى من تعقيم يديه ثم امسكت ورقة من جيبها وقلم يرافقاها قائلة ( بص انا هكتبلك على مُسكن تاخده عشان اكيد اكيد ايدك هتوجعك جامد ) عن اي ألم ووجع تتحدث عنه وهو لا يحرقه سوى الم قلبه وحرقته .. عن اي ألم تتحدث .. وروحه تحترق وجعاً .. ولكنه اكتفى بالايماء والتعب بادياً على وجهه وفي عينيه .. بينما هي لاحظت ذلك فقالت بخفوت ( تحب تفضل هنا النهاردة وتبقى تمشي الصبح .. ) صمتت قليلاً ثم اكملت ( انت شكلك دايخ خالص وجاي لوحدك مش هتعرف ترجع بيتك في وقت زي دا .. او اتصل بحد يجي ياخدك !) هز رأسه بنفي ووقف متحاملاً على أعصابه قائلا ( شكرا .. انا همشي ) ثم خرج تحت نظراتها وحاسب في قسم المحاسبة وخرج يجر قدميه بألم لسيارته .. بينما هي تقف جوار نافذة وتنظر له وهو خارج حتى ذهب بسيارته ... ومنذ ذلك اللقاء .. حتى رآها في اليوم الثاني في الماركت .. واللقاء التالي و الموالي له .. عدة لقاءات مرت بينهم فجذبته .. وجذبها .. تعرفا على بعضهم بدأ يحكي لها .. فكانت تخفف عنه ببعض الكلمات البسيطة التي تترك اثراً إيجابيا داخله .. وكما سماها فهي روحه الإيجابية التي تجعله على قيد الحياة الآن .......
......................................................................
- عودة للواقع -
- ليث وحنين -
** كانوا جالسين في منزلها .. بينما هي تستند برأسها على كتفيه وهي صامتة هادئة شاردة الملامح ... الظلام يحتل رؤيتها منذ فترة فيضيقها ويجعلها تُصاب بالاكتئاب يوماً بعد يوم .. بينما هو ممسك يديها بين يديه وينظر بعيداً مستمتعاً بجلوسها جواره هكذا وهي حلاله وزوجته وحبيبة قلبه .. بينما صوت ماريا الطفولي يسيطر على المكان في لهوها مع والدة حنين .. احبتها ماريا للغاية وكانت تناديها بـ جدتها .. نظر ليث لوالد حنين الجالس على الاريكة ويتابع التلفاز .. فتنهد بخفوت شاكراً ربه على تلك العائلة التي سيتزوج منها ابنتهم .. يشكر ربه على انه الهمه كل تلك السعادة معهم وقبلوه بأبنة اخيه ماريا .. كان عازماً الا يتزوج ويكتفي بـ تربية ماريا والتي تركت من رائحة اخاه وزوجته رحمهم الله ... شعر بها تبتعد عن كتفيه وهي تحاول الوقوف فوقف جانبها يلف يديه حول خصرها مساعداً اياها قائلا بخفوت ( رايحة فين ياحبيبتي ؟) شعرت بـ قشعريرة تسري في انحاء جسدها وخصوصاً بسبب قربه المبالغ منها .. قالت بهدوء عكس الكآبة التي تسيطر عليها مؤخراً ( عايزة ادخل اوضتي وانام ) ابتلع تلك الإهانة من جوفها وهي تطرده بطريقة غير مباشرة .. فهو يعلم حالها الان ولا يريد ان يضغط عليها ليقول بهدوء ( طيب تعالي اوصلك اوضتك !) ابعدت يديه بعيداً عنها قائلة ( انت مش مجبور .. وانا مش مشلولة .. انا عارفة طريق اوضتي كويس ) وقفت امها جوارهم وهي تنظر لـ ليث باعتذار نيابة عن ابنتها فهز رأسه لها يطمئنها .. قالت والدتها بحنان ( تعالي انا اوصلك ياحبيبتي .. ) هزت حنين رأسها بنفي وبصوت مرتفع نسبياً ( قولتلكم انا مش عايزة حد يوصلني .. انا بعرف امشي واتحرك .. كفاية بقا كل ما احب اروح في مكان تمشوني وكأني لعبة انا زهقت .. ) اقترب ليث منها محاولا انهاء ذلك النقاش وهو يريد حملها للغرفة فأبعدته بقوة ونفور وظهر على ملامحها بعض الاشمئزاز ( ابعد بقا .. دانت لزقة !!) توسعت حدقتي عينيه بصدمة .. والصدمة احتلت ملامح والدتها .. بينما والدها يشاهد التلفاز وكأنه ليس معهم في ذلك العالم .. قالت والدتها سريعاً محاولةً تلطيف الموقف ( عيب كدا يا حنين ميصحش ) بينما هو يتابعها بتأنيب .. يعلم ان حالتها النفسية ليست جيدة هذه الأيام خصوصاً ان الوضع ازداد عليها .. ولكن ما قالته الآن جرح رجولته وكسر نفسه تجاهها .. فقال بنبرة جافة ( يلا يا ماريا عشان نمشي .. ) وقفت ماريا جواره وامسكت يديه بـ هدوء .. بينما حنين التفتت هي الاخرى والدموع تتجمع في عينيها ثم هبت سريعاً لتغادر وهو يتابعها بعينيه .. كانت تسير بسرعة دون ان تعبئ بأي شئ او حتى انها لا ترى سوى الظلام .. شعور مخيف ممزوج بالصدمة وهي تشعر بنفسها تهوى اثر اصتدمها بوسادة جعلتها تترنح في مشيتها فـ هرول إليها سريعا ليث صارخا ( حاسبي ) ولكن كانت الاسرع في الوقوع ارضا على رأسها ..نظر إليها ليث بصدمة وهو يهرول اليها ليراها جثة هامدة في الأرض .. صرخ مناديا باسمها لعلها تستيقظ ولكن لا حياة لمن ينادي .. فحملها سريعاً دون ان يعيي بمن حوله وبمن يتحدث واخذها سريعا المستشفى ...
.......................................................................
** وصلت قمر لمنزلهم بأنفاس لاهثة ثم صعدت لغرفتها سريعاً دون ان تتحدث او تلقي التحية على والدتها .. جلست في غرفتها وهي شاردة في حديث والدها .. وشجارها مع فارس اثناء قدومها للمنزل .. تعتقد انه جن عندما بدأ يصرخ بها قائلا انها تأخرت بالخارج ويجب ان تعود للمنزل .. علمت منه ان حنين ستخضع للعملية الآن دون ان تعرف السبب فهي اغلقت في وجهه الخط ... تفكر ملياً في علاقتها به .. فهي اصبحت متوترة قليلاً هذه الايام وخصوصا انه يريد منها ان تصبح زوجته سريعاً .. وهي تريد ان تعيش فترة خطوبة طبيعية كأي فتاة حتى تحبه اكثر من اللازم .. ولكن هو يبعدها عنه قليلاً .. تباً له من هنا للسنة القادمة .. حل في عقلها طلب والدها بالسفر معه ولكن لا .. لن تفعل وتترك اخاها حتى إن كانت تريد ان تترك فارس اللعين .. لماذا تسبه اليوم كثيراً ؟؟ هي غاضبة منه .. تنظر لهاتفها بسخط نتيجة تصرفه معها اليوم .. ولكن ان اتينا للحق فـ فارس يحبها أكثر من نفسه .. اغمضت عينيه بضيق ثم بدأت بتبديل ملابسها لملابس اخرى اقل اريحية تليق بالمستشفى واخبرت والدتها بحال حنين ثم ذهبا سويا المستشفى ...
الجميع يقف خائف متوتر لحال حنين المجهول بغرفة العمليات .. يقف ليث مصدوماً .. كان يعلم جيداً ان ذلك اليوم لن يمر بسلام بغضبها ذلك .. خاف عليها كثيرا عندما اخبره الطبيب انها ستخضع الآن للعملية و فـ ليدعو لها بأن تنجح .. يحبها من اعماق قلبه ويتمنى لها كل ماهو جيد ...ولكنها شرسه بحق في كل الأحوال ...
نظرت قمر لفارس المتوتر بانزعاج وهي لا تعلم ماذا تفعل .. يجب ان تقف جواره وتهدئة ولكنها تقف جوار امها كالبلهاء .. رفع بصره ينظر إليها بحزن دفين يغطي عينيه واعماقه .. فتنهدت بفتور واقتربت تقف جواره قائلة ( ربنا يقومها بالسلامة ) أومأ لها بإيجاب قائلا ( يارب .. ) ظلت واقفة هكذا جواره حتى خرج الطبيب واقفاً بينهم قائلا ( الحمدلله العملية نجحت .. وهنستنى المدام تصحى ونشوف النتيجة .. ربنا يقومهالكم بالسلامة ) ابتسم ليث بتنهيدة عميقة ليطمئن داخلياً على حالها ... وهو يشكر ربه مراراً وتكراراً .. بينما فارس اطمئن داخلياً وهدأ من روعة والدته .. ووالدة قمر تقف جوارها وهي تهمس بدفئ ( الحمدلله ربنا يقومها بالسلامة يارب ) ابتسم فارس لها وهو يهز رأسه ( يارب ياطنط .. ) ثم التفت ينظر لـ قمر التي سارعت قائلة ( حمدلله على سلامتها ياطنط .. ) ثم نظرت لـ ليث قائلة ( حمدلله على سلامتها يا ليث ) ابتسم لها ليث محتضنا ماريا له وهو يقول بخفوت ( الله يسلمك تسلمي ) ... ظل ناظراً لها بتأنيب فتنحنحت بحرج وابعدت بصرها .. فاقترب منها ممسكا يديها قائلا ( تعالي معايا .. محتاج نتكلم شوية ) استسلمت له بهدوء ثم ذهبت معه لخارج المستشفى ...
ربعت يديها أمام صدرها وهي تنظر له ليقول بنبرة رجولية قاتمة ( مالك اليومين دول .. ؟) قوصت حاجبيها باستنكار قائلة ( مالي انا ولا مالك انت .. ) اجابها بنفاذ صبر وهو يضع يديه بجيبه ليقول ( مالي انا ياقمر .. ) ظلت على نفس حالها تقوص حاجبيها ولكن هذه المرة بغضب ثم تحولت ملامحها للوجوم قائلة ( دا اي البرود دا .. انت مش واخد بالك ان خطوبتنا معداش عليها شهر ونص وانت عايزانا نتجوز علطول .. ) هز كتفيه بفتور قائلا ( طب واي يعني .. طالما احنا بنحب بعض مانتجوز ليه نطول الخطوبة عالفاضي ؟) هزت رأسها بنفي قائلة ( لا .. انا عايزة فترة خطوبة اراجع فيها اموري و .... ) للحظة شعرت بما تفوهت الآن وعضت على لسانها بخفة بينما هو يتابعها بكسرة نفس .. ليتابع بنفس بروده ( انا هسيبك الاسبوع دا تفكري ان كنتي عايزة نكمل ولا لا .. انا تعبت في اني افهمك قد اي انا بحبك من زمان وهي كل مرة بتكسريني .. انا مش هضغط عليكي ياقمر .. واللي عايزاه انا هكون تحت امرك .. ) ثم غادر من امامها للداخل بينما تحولت ملامحها للعبوس تجاهه .. ظلت واقفة تشم بعض الهواء النقي وهي شاردة الذهن .. لا تعلم لماذا تفتح عقلها اكثر في التفكير عندما عرض عليها والدها السفر معها .. للحظات تود الموافقة .. فهي أولاً وأخيراً ستكون مع والدها ليس غيره .. ولكن للحظة تتذكر فارس وكيف يرق قلبها وينبض بعنف عند تلك اللحظة وهي ان تتركه .. ينبض رافضاً تلك الفكرة بكل قوته .. وضميرها يؤنبها من الآن لذلك التفكير وسيظل يؤنبها طوال حياتها ولن يرحمها ...
- قمر وفارس -
** كانت تجلس جواره واضعة يديها فوق كتفه .. تحاول مرضاته فهي تعلم انها جرحته الفترة السابقة كثيراً .. وهو كان يتحملها وعندما فاض به الأمر اخبرها ان كانت تود ان تُكمل معه فلتكمل ولكن لا تعلقه وتجرحه هكذا .. عندما تأخرت بالرد حجز تذكرته الى لندن ليغادر ذلك الألم الذي يعيشه .. ذلك الألم الذي لم يعد يُحتمل .. ذلك التجاهل الكاسر للقلب والروح .. ذلك الحزن الطاغي على حياته جوارها .. وبألحاحها عليه ظل ليتحدثا أولا .. وهاهي تجلس جواره ليتحدثا .. بينما هو نظره موجه بعيداً عنها منتظراً منها ان تتحدث ... وهي تجلس جواره تحاول التحدث ولكن يعجز الحديث عن الخروج .. وكأنه يستقصد في ذلك الموقف السئ .. زفر قائلا ( اي ياقمر .. عايزة تتكلمي في اي ؟) اخذت نفساً عميقاً ثم بدأت بالتحدث قائلة بخفوت ونبرة مليئة بالندم ( انا اسفة اوي على اللي حصل مني الفترة اللي فاتت .. انا مش عايزة علاقتنا تنتهي ) نظر لها بسخرية قائلا بنبرة مماثلة لملامح وجهه الساخرة ( ياشيخة .. اسفة بعد اي انا بقالي اكتر من شهر عمّال اقولك يا قمر انا مزعلك في حاجة طب ياقمر ممكن نتكلم طب يا قمر واعمل كل اللي انتي عايزاه ... وانتي يا دوب يا بتكلميني يا بتشوفيني دقيقتين .. ) ابعد بصره عنها بينما هي تستمع له بحزن قائلة ( انا اسفة والله العظيم .. عشان خاطري ننسى اللي فات وكل اللي حصل مني دا ونبدأ صفحة جديدة ) وضعت يديها فوق يده قائلة بدفئ ( انا محتجاك في حياتي .. انا بحبك يافارس ومش عايزاك تسيبني .. انا عارفة انك استحملتني كتير بس خلاص وعد مش هعمل اي حاجة تضايقك !!) زفر بضيق قائلا ( انا مقولتش متعمليش حاجة تضايقني .. انتي عارفة اني مبضايقش منك بس الفترة اللي فاتت انتي كنتي بتبعديني بس بطريقة غير مباشرة .. كنتي بتقوليلي لو عندك دم فركش وامشي .. وانا فعلا دلوقتي بعمل كدا عشان اريحك .. هو باين حبي ليكي كان سخيف .. ) هزت رأسها بنفي ثم قالت سريعاً بحزن ملهوف ( لا لا والله .. انت حبك ليا دا هو السبب اني اخرج من الفترة الصعبة اللي انا كنت فيها .. وانت عارف اني بحبك بس الفترة اللي فاتت كانت صعبة شوية عليا والله .. لخبطة عشان ابويا وسليم .. ) نظر إليها بهـدوء حزيـن لبعض الثواني ثم ابعد نظره مرة اخرى ....
......................
خمس سنين .. خمسة سنين مروا مرور الكرام عليهم .. على حالهم .. على اولادهم .. يكبر حبهم لبعضهم مرة بعد الأخرى .. وبالطبع لم يخلوا من المشاكل ولكن يفوق تلك المشاكل الحب والحنان والمودة .. واهمهم الاحترام ..
** ( بابـي !) قهقه سليم بحب ومشاكسه لصغيرته وعد قائلا ( عيون بابي وقلب بابي .. دي احلى بابي اسمعها في حياتي ) دلفت اليهم فرح وتحمل بيديها طبق به طعام لصغيرتها وهي تقول ( اه اتمحنوا انتو الاتنين .. موراكوش حاجة !) ثم جلست جوار وعد وهي تمد لها الطعام قائلة ( كلي ياختي .!) ابتسم سليم بمشاكسة ثم اقترب من فرح وهو يهمس قائلا ( اي يا قلبي هو انت غيران ولا اي ؟) قهقهت بسخرية ثم قالت ( غيرانة .. لا هغار ليه ..اشبعوا من بعض ) فقهقه بحب وقبلها على خدها برقة قائلا ( طيب يافرحتي انتي .. ) قهقهت وعد بصوت طفولي وهي تزقف بيديها قائلة ( بابا بووس ماما هييييه ) ضحكت فرح بقوة وهي تضع في فمها الطعام قائلة ( كلي ياشيخة ) قهقه معها سليم قائلا ( صغننونة بابي دي ) وقفت وعد من مكانها واتجهت لتجلس في أحضان سليم ثم نظرت لفرح وفتحت لها فمها كي تطعمها لتهمس فرح بغيظ ( شوف شوف هتسرق مني الراجل ) كان يضحك بقوة عليهم وهو يحتضن وعد داخل احضانه وقبل فرح على خدها برقة .. اسماها وعد لأنها الوعد الذي أتى بعد وعود كثيرة بينه وبين فرح .. اسماها وعد لتكون وعدهم في هذة الحياة ..
- حنين وليث -
كانت تجلس تتاعب الصغير بمرح وهي تقهقه معه .. في الفترة الاخيرة كانت تغار في بعض الأحيان من اهتمام ليث بـ صغيره المولود .. ولكن رغم تلك الغيرة فإن حنين تهتم بها إهتماما كبيراً حتى بعد ان ولدت الصغير .. ورغم ذلك أيضاً فهي تحب الصغير ولم تكرهه أبداً .. خرجت من تفكيرها على صوت خطوات حنين وهي تدخل للغرفة وتجلس جوارهم بابتسامة واسعة قائلة ( شوفي الواد مبسوط وبيضحك ازاي مع اخته ومبيضحكش معايا ) قهقهت ماريا بخفة قائلة ( انا اخته برضه الله .. لازم يضحك معايا دا روح قلبي ..) كان الصغير يخرج اصواتا بريئة بـ لهوه ولعبه .. فهو مازال يبلغ من العمر ستة اشهر فقط ... ابتسمت حنين قائلة ( يلا عشان بابي هياخدنا انهاردة نشتري هدوم لماريا .. قوم يا مازن ياكتكوت انت عشان البسك ..) تسائلت ماريا بخفوت ( هو بابا هيجي امتى ؟) حملت حنين رضيعها في حضنها وهي تجاوبها قائلة ( هو انا لسه مكلماه وقالي نص ساعة وهيجي) همهمت ماريا بتفهم ثم وقفت مكانها وذهبت لغرفتها لتتجهز .. وحنين بدأت بتجهيز طفلها وهي تداعبه ..
انتهت من تجهيزه ثم اجلسته في حضنها وهي تتذكر حياتها معه .. تلك الحياة التي تغيرت معه .. حولها من قطة شرسة لـ اسيرة في حبه .. ابتسمت لوهله عندما تذكرت مشاجرتها معه وكيف كانت تخدشه في كبرياؤه وكيف كانت تصده عنها .. قهقهت بسخرية على حالها فهي الآن زوجته ولديها طفل منه .. طفلهم الصغير الذي يدل على ثمرة حبهم ..
تذكرت يوم خروجها من عمليتها وكان جوارها لم يتركها ثانية رغم انها كانت غبية كثيراً معه وبتصرفاتها ..
- فلاش باك -
** كانت تجلس في غرفة المستشفى والجميع يجلس حولها وهو يمسك يديها بين يديه بحنان قائلا ( حنين .. عاملة دلوقتي !) قالت سريعا بنبرة خائفة ( انا مش شايفة يا ليث .. هي العملية فشلت هو انا معنتش هشوف !) هز رأسه سريعاً وهو يقول بدفئ ( لا ياحبيبتي مفشلتش .. انتي كويسة بس هو الدكتور قال شوية وهيجي يشيل الشاش .. اهدي ارجوكِ .. ) فُتح باب الغرفة واتى صوت فارس مع الطبيب .. جلس فارس جوار حنين سريعاً قائلا ( اي يا حبيبتي انتي كويسة ..!) هزت رأسها لأعلى واسفل بإيجاب ثم قالت ( هو انتو امتى هتشيلو الشاش ؟) اردف الطبيب بخفوت ( دلوقتي يا مدام حنين .. ) ثم وقف جوارها وبدأ بفك الشاش بخفوت .. انتهى من فكه وازال القطن ثم بدأت حنين تفتح عينيها وهي تقاوم ذلك النور الذي اجتاح عينيها ..
اغلقت عينيها ثم فتحتها مرة اخرى فرأته يجلس امامها ينظر إليها بإبتسامة دافئة تطمئن الروح من الداخل .. فدمعت عينيها بحزن وكادت ان تتحدث فسمعت صوت والدتها الملهوف وهي تقول ( حنين .. انتي كويسة ياحبيبتي ؟؟ ) هزت حنين رأسها بخفوت ثم احتضنت والدتها قائلة ( اه انا كويسة وشايفة ... انا مبسوطة اوي يا ماما ) مسدت والدتها على رأسها قائلة ( ربنا يفرحك اكتر واكتر ياقلبي .. ) ... ثم ابعدت حنين نظرها لـ ليث ومدت يديها كـ طفلة صغيرة تريد الحنان وصوتها باكي وهي تقول ( انا اسفة .. والله العظيم اسفة ) ضم يديها له وجذبها داخل احضانه وهو يهمس بأذنها ببعض الكلمات الخافتة لتهدأ وتسكن بين احضانه ..
مر بعض الوقت وهي كانت بالغرفة ترتاح .. بينما الجميع خرج ليرى اشغاله ماعدا والدتها وليث .. كانت والدتها تجلس نعها بالغرفة وليث بالخارج يشتري بعض المستلزمات لهم حتى يخرجوا مساءاً ..
وصلتها باقة ورد من احدا فاستغربت وتساءلت من المرسل ؟؟ رأت بطاقة موجودة بين الزهر الاحمر الجوري ذو الرائحة الجميلة .. فتحت البطاقة ثم اتسعت ابتسامتها عندما قرأت محتواها ..
" وتسألني اتعشقني .. تخيل انها تسأل !
بربك كيف اسمعها .. الا من نفسها تخجل ؟
الم تقرأ باشعاري بأني قتيلها الاول .. ؟
واني دون عينيها ضياع ضائع اعزل ؟ ..
تخيل انها تسأل ..
الا تعلم بأني اسيرها الاول ؟
ضمت حنين البطاقة لصدرها بإبتسامة عاشقة فهي حقاً تعشقه ... وتعشق كل وقت وكل تفصيله تجمعهم ...
- عودة للواقع -
دلف إليها وهي تُعدل من هيئتها بعد ان تجهزت ليأخذهم كما وعدهم لـلـمول .. ابتسم بخفوت واقترب منها يعانقها من الخلف بحب دافناً رأسه في عنقها يتنفس رائحتها وعطرها هامسا ( اي الحلاوة دي !) كانت تغمض عينيها مستسلمة له تماماً مبتسمة بعشق .. ثم توردت خدودها خجلاً عندما تغزل بها بـ صدق ثم همست هي الأخرى قائلة ( دا حلا عيونك ياقلبي .. ) قبلها على عنقها بنهم ثم ابتعد ولم يكن الابتعاد سوى عكس رغبته في الاقتراب منها والتشبع منها .. ابتسمت هي بدفئ ثم قالت ( هات مازن وانا هشوف ماريا ونلحقك عالعربية ) التفت وهو يخرج اصواتا يلاعب فيها صغيره الذي توسعت ابتسامته وبدأ يحرك يديه وقدميه بضحك عندما رأي والده .. حمله ليث بين احضانه فأمسك مازن بذقنه يداعبها وهو يضحك ببراءة طفولية ..
خرجوا للمول ليشتروا الملابس المطلوبة لماريا والتي احبتها .. وحنين تساعدها وتهتم بها كأنها ابنتها تماماً .. وماريا لم تبغض ذلك بل كانت مرحبة تماماً باهتمام حنين بها .. فهي بحق تفتقد ذلك الحنان .. حنان الأم الذي لن يعوض أبداً .. واهتمام الام الذي لن يعوضه أحدا مهما كان ..........
..............................................................................................................................................................................
- نور تامر -
- علي ورد -
** كان يسير معها في السوبر ماركت وهي منتفخة البطن تحمل في احشائها ابنه .. بينما هو يسير جوارها ويضع في عربة المشتريات ما يريدون .. تحدث علي بنبرة خافتة ( ها ياست ورد اجيب اي تاني ؟) كانت تمسك علبة لشئ ما وهي تقرأ ما عليه قائلة ( انا مش عارفة انت مستعجل كدا ليه !) وضعت العلبة في العربة التي يقودها هو قائلة ( خد يخويا حط دي كمان واحنا لسه ملفناش ها ) رأي علي ماوضعته وهز رأسه بقلة صبر ثم رفع رأسه ينظر امامه فوجدها تقف بطولها جوار شريكها .. تقرأ ما مكتوب على العُلبة في يديها وتامر يتحدث في الهاتف .. لم يراها منذ وفاة والدتها الغالية منذ سنتين سنوات .. فهو من دفنها وهو من اقام العزاء لها وأيضاً تامر .. تنهد بعمـق على تلك الذكريات التي تأتي على باله الآن .. عزم الا يتذكر كل ذلك ولكن الماضي دائماً ما يرافق الانسان حتى ولو تفاصيل صغيرة لثوانِ فقط .. نظر مرة اخرى لورد وابتسم بحنان .. فتلك الورد لم تتركه إطلاقاً في فترة شلله بل وافقت عليه وتزوجته .. وكانت جواره دوماً وها هما منتظرين قدوم طفلهم الأول .. ساندها لتأخذ شيئا فأبتسمت له بحب .. كانت حركتهم تحت أنظار نور التي رأتهم منذ ثواني .. نظرت لبطن ورد المنتفخة والتي تدل انها في أشهرها الاخيرة .. نظرت لتامر مرة أخرى ثم اقتربت منه لتتحدث فسمعته يقول ( تمام تمام .. خلاص يباشا انا ان شاء الله بكرا الصبح هكون عند حضرتك .. مع السلامة !) ثم اغلق الخط ونظر لها مبتسماً ( خلصتي ياقلبي ولا اي ؟) ابتسمت بحب له ثم امسكت يديه قائلة ( لسه .. بس ..) ثم وجهت نظرها لـ علي الذي اصبح اهتمامه مع زوجته الآن فنظر تامر إلى ما تنظر ثم لها وهي بادلته النظرات قائلة ( تعالى نسلم عليهم عشان خاطري .. علي مسبناش في فترة وفاة ماما .. ) ظل ينظر بعينيها للحظات ثم قال بهدوء ( حاضـر .. تعالي يلا ..) ثم اتجهوا نحوهم فنظر إليهم علي الذي بدأ بالترحيب قائلا ( اهلا .. ) مد له تامر يديه ليصافحه فصافحه علي مبتسماً ( اي الاخبار ؟؟) اجابته نور مبتسمة ( الحمدلله بخير .. انتو اي اخباركم ؟) اجابها مبتسماً بخفوت ( الحمدلله برضه .. ) بينما ورد كانت تمسك يديه وهي تنظر لهم بابتسامة بشوشة خافتة .. قطع تامر ذلك الصمت قائلا ( شوفناكم وقولنا نيجي نسلم عليكم .. مبسوط انكم بخير ) ابتسم علي بدفئ قائلا ( تسلم يارب .. ربنا يسعدكم انتو كمان ) ابتسم له تامر فأستأذن منهم علي واخذ ورد واغراضه واكملا تسويق وهي هادئة ساكنة .. كان ينظر إليها بين الحين والآخر فبدأ هو الحديث مستفهما ( مالك ؟) هزت رأسها بنفي لليمين واليسار قائلة ( ماليش هيكون مالي .. بس استغربت كونهم جم سلموا علينا يعني ) ابرز علي شفتيه بإستغراب ( مش عارف .. عادي يعني انا واهلها كان بينا عشرة .. ) همهمت ورد بخفوت ثم وضعت ما بيديها بالعربة قائلة ( طب انا خلصت .. يلا نمشي ) هز رأسه لها بإيجاب ثم تحرك معها مغادرين المكان بعدما اشتروا ما يريدون ..
بينما تامر ونور اكملوا تسويق وغادروا أيضاً تحت شردوها في الماضي .. ........................................................................................................................................................................................................
- نور وتامر -
** بعدما وصلوا للمنزل ذهبت هي لغرفتها وابدلت ملابسها ثم نامت على فراشها وهي تضم نفسها .. نائمة كوضع الحنين في احشاء امه .. اغمضت عينيها لقليل من الوقت فشعرت به يحضتنها من الخلف بقوة هامسا في اذنها ببعض الكلمات الخافتة المهدئة .. فلم يكن ذلك يهدأها بل زادها بكاءاً داخل أحضانه .. تحول لبكاء كبير مصحوب بشهقات متتالية .. ثم بدأت تقول ببعض الكلمات الغير مفهومة وبعضها مفهموم ( اناا .. اسفة اني مش قادرة اجبلك بيبي .. انا اسفة اوي يا تامر !) تنهد بعمق فما كان يزعجها منذ خمس سنوات سوى انها لا تستطيع إنجاب أطفال .. بدأ يمسد على شعرها قائلا ( خلاص يا نوار الله يكرمك .. كفاية كلام في الموضوع دا انا قولتلك الف مرة انا مش زعلان وراضي .. كفاية انتي عندي ..) هزت رأسها بنفي ثم ابتعدت عن احضانه وهي تعتدل جالسة ( بص .. ) مسحت دموعها بكف يديها ثم اكملت ببعض الجدية المملوءة بالقهر ( اسمع كلام طنط .. واتجوز .. اتجوز عليا وهات البيبي ) نظر إليها بصدمة ثم جلس مكانه سريعاً قائلا ( انتي مجنونة .. انتي جرالك اي في عقلك .. انا لا هتجوز عليكي ولا عايز عيل من غيرك .. ) بدأت دموعها تتساقط على خديها بغزارة كما يسقط المطر في اجواء الشتاء الكئيبة لتقل بنبرات متقطعة ( انا علطول بشوف في عينكو نظرة الشفقة عليا ونظرة اني مقدرش اخلف .. انا تعبت .. انا تعبت اوي ) ثم اعتلى صوت بكاءها وهو ينظر إليها بصدمة لما وصلت إليه .. فـ نعم هي لم تُرحم من حديث والدته وإخوته لها بأنها لا تُنجب .. ولكنه يعوض ذلك بحديثه معها وان يطمئنها ..ولكن هي لديها وسواس بأن يتركها في احدى الايام بسبب تلك المشكلة .. ظلت تردد ببكاء ( متسبنيش متسبنيش عشان خاطري ياتامر .. متسبنيش زي ما بيقولولي ياتامر .. ) اقترب منها يعانقها بحنان بالغ هامسا لها ( ياقلبي انا اقسم بالله ما هسيبك .. انا بحبك يانوارتي .. انت نور حياتي .. ونوار دنيتي كلها ... انا راضي وبحمد ربنا على اللي حصل .. ليه بتقولي كدا ) ظلت تبكي قليلا وتشهق وهي تحتضنه وتتمسك بملابسه بقوة .. بينما هو يعانقها بحنان بالغ ويمسد على شعرها .. وبعد قليل من الوقت ابتعدت عنه قائلة ( انا بجد اللي بقولك .. روح اتجوز انا عايزة بيبي في حياتنا .. ) نظر إليها لـبضع ثواني ثم ابعد نظره قائلا ( نور الموضوع دا لو متقفلش عليه هيبقى اخره زعل كفاية رغي فيه عشان انا بضايق مفهوم !) هزت رأسها بنفي وعند قائلة ( لاا ياتامر مش مفهوم انت من حقك .. ) صمتت على يديه التي سقطت على خدها بصفعة قوية قائلا بعصبية وصراخ ( كفاية بقا كفاية .. ارحميني .. انتي مش عايزة تفوقي من كلام الناس والوهم دا .. خلاص دماغك اتجننت لدرجة انك عايزاني اتجوز عليكي .. دماغك فيها اي هاا ... جواز ومش عايز اتجوز .. وهقولك على حاجة يمكن تهدي عايزاني اتجوز هطلقك انا مش هيبقى على ذمتي اتنين تمام !) كانت تضع يديها على خدها بصدمة .. نعم هي كانت تود ذلك لتفيق مما هي به .. وها هي تتلقى نصيبها لتفيق .. ولكن النصيب كان كبير عليها .. صفعة وحديث مؤلم كالسم .. لم تشعر سوى بأنها تدور وتدور حتى سقط رأسها لاحقا به جسدها تحت نظراته المصدومة وصراخه لاسمها ( نووور ) ....
................................................................................................................................................................
6
- فارس وقمر -
كانت تنظر له وهي تضيق بعينيها بغضب .. بينما هو يقف مع تلك الاجنبية ويغازلها غزل إنجليزي فتقهقه هي بسعادة عارمة وكأنها لم تستمع يوماً لغزل .. اصابتها الغيرة الشديدة الآن .. فجذبته من يديه بقوة تجاهه وهي تنظر لتلك الفتاة التي فُزعت من عنف قمر لتنظر لها قمر نظر نارية بعينيها .. ترفع احدى حاجبية وترفع طرف شفتيها قائلة بطريقة غجرية ( في اي انت وهي .. دانت ناقص تديها رقمك وتاخدها تتجوزها عليا !) كان يكتم ضحكاته وهو يستمتع ويستلذ بكل ما يفعله بها الآن فهي وحدها من ستصيبه بشلل يوماً .. كما هي قمر لم تتغير ابداً سوى ان حبها له يزيد يوماً بعد يـوم .. تنحنح بهدوء وهو يخفي رغبته في الضحك قائلا ( تصدقي نسيت اديها رقمي .. بصي رقمي .. ) لم يكمل كلامه بسبب تلك التي نظرت له بصدمة حارقة وغضب حارق اكثر .. نظر إليها ثم انفجر في الضحك الشديد .. زمت شفتيها بغضب وهي تتحدث بتوعد ( ماشي يا فارس غور في داهيه ياشيخ .. ) ثم اولته ظهره وغادرت الى حيث ما لا تعلم فهما في الجـيزة يزورون الأهرامات وما الى اخره .. اخذها في هذه الجولة السياحية ليخفف عن حزنها قليلاً وليستفرد بها اكثر .. ركض خلفها وهو يمسك يديها سريعاً قائلا ( والله بهزر معاكي يا مجنونة .. اي يعني بقا انا هسيب الجمال دا كله واقعد اتغزل في البت دي ..) جذبت يديها منه وادارت وجهها دون إجابة فأمسك يديها مرة اخرى ورفعها تجاه فمه يلثمها بحب .. ثم اردف وهو يغمزها بمشاكسة قائلا ( طب اي رأيك نروح نركب الجمل ..؟؟) نظرت له لقليل من الوقت وهي تقول بتهديد ( إياك اشوفك بتكلم بنت تاني انت فاهم ؟) هز رأسه بإيجاب كاتما ضحكاته ثم قال ( عنيا .. يلا بقا متنكديش ..) ثم همس وهو يمسك يديها ويسيرا ( وليه نكد صحيح ؟) ضيقت عينيها ونظرت له وهي تقول بترقب ( بتقول حاجة ؟) هز رأسه بنفي قائلا ( بقول اي القمر اللي ماشي معايا دا صحيح !) همهمت ( همممم ) ثم ابتسمت بحـب وهي تنظر شاردة بالمكان وبجماله .. بدأت الاحداث تتوالى عليها .. كيف حدث مشاكل بينهم كثيرة ولكن تخطوها بالحـب والمودة والتفهم .. للان لم يحدث اي عوارض حمـل وتأخر حملها .. ولكن ومع ذلك فهو يخفف عنها ويهدأ اعصابها في زيادة التفكير بتلك الامور .. فـ متى أراد الله ستحمل .. ابتسمت بدفئ عاشق عندما تذكرت  وقتما عرض عليها فكرة الجولة السياحية تلك .. كم كانت فكرة رائعة ليخرجها من حياتها الكئيبة تلك .. ليخفف عنها ..
......................................................................................................................................................................................................
- تيم وطيف -
** دلف هو وصغيرته ببطء شديد لها وهي بالمطبخ مستمعين لصوتها الشبه باكي وهي تلحن ( انا نفسي كل الي سامعني .. يحس بضهري الي واجعني ) تحدثت بطريقة درامية اكثر ( اه ياضهرك ياطيف .. اه ياشبابك يابنتي .. اه ..) سمعت صوت ضحكاتهم عند باب المطبخ فالتفتت سريعاً تنظر لهم ببغض وهي تضيق عينيها قائلة ( بتضحكو على اي ها .. متضحكوش ) اقترب منها ابنتها ذات الثلاث سنوات وهي تكتم ضحكتها بطفولية ( مامي هو انتي بقيتي عجوزة ؟) شهقت طيف وهي تمسكها من تلابيب ملابسها ( مين قالك كدا يابت انتي ؟) رفرفرت الصغيرة ' صبا ' برموشها قائلة بهمس ( بابي ) شهق تيم وهو يهز رأسه بنفي سريع وهو ينظر إليها .. نظرت له طيف وهي تضيق عينيها وكأنها ستنقض عليه ولكنها جلست ارضا وتربعت وبدأت في دراما البكاء بصوت عالي كالاطفال .. جلست صبا امامها متربعة وهي تسند خدها بيديها تنظر لوالدتها بيأس .. اتى تيم وجلس جوارهم وفعل مثل صغيرته وهو يقول ( عوض عليا عوض الصابرين ) فتحت عين وهي تغلق الاخرى ونظرت له ثم بدأت تكز على اسنانها فعاد انش للخلف فانقضت عليه وهي تقول ( انا عجوزة ياتيم .. انا عجوزة ..) قهقه وهو يمسكها من يديها يحاول ان يسيطر عليها فهي بالفعل قطة شرسة ليقول ( اهدي يامجنونة يخربيتك .. ) وقفت صبا من مكانها وهي تزقف بيديها وتنط مكانها بسعادة لرؤية والدها ووالدتها بذلك الشكل .. وكأنها ترى مسرحية تعجبها .. هدأت طيف بعيدا عنه وهي تأخد نفسا عميقا قائلة ( خلاص ريلاكس ريلاكس ) ثم بدأت تأخذ شهيق وزفير وتيم ينظر اليها وهو يكتم ضحكته .. ثم فلتت منه الضحكة فقهقه وهو يقول ( اهربي ياصبا ) ركضت صبا للخارج وهي تصرخ بضحكة وهو لحقها بضحكاته بينما طيف ظلت جالسة عابسة حتى همست ( يا عيلة مجنونة ) ..
جلس مع ابنته في الحديقة يضحكان حتى بدأو بالهدوء والتهت صبا بالعابها وهو يُلاعبها وينظر لها بدفئ بين الحين والآخر .. يتذكر الماضي وكيف اتت الصبا لحياتهم .. ففي قدومها كان مخير بينها وبين طيف ..
- فلاش باك -
** ( يا استاذ تيم هي مكنش ينفع تحمل من دلوقتي .. المدام لسه طالعة من عملية قلب وفي اخطار كتير في حملها دلوقتي .. ) كان ينظر إليه بهدوء عكس الخوف الذي يجتاح قلبه .. ابتلع غصة كبيرة داخل اعماقه ليس لها اخر بسبب مايحدث .. اكمل الطبيب ( عموما ياريت هي متعرفش بكل دا عشان التوتر والخوف غلط عليها جدا انا طلبت نكون لوحدنا عشان احكيلك براحتي حالتها فيها اي .. !) هز تيم رأسه ثم قال ( طيب ومافيش ادوية تساعدها ؟) هز الطبيب رأسه إيجابيا وهو يكتب في ورقة امامه الادوية .. اخذها تيم وغادر بـ قلب شبه مكسور مرة اخرى .. خوفا ان يخسرها الآن .. كل مرة يُعرضه الله لذلك الشعور .. لا يتحمل خسارتها إطلاقا ولكن هذه المرة يبدو أن الأمر خطير للغاية ..
بعد شهور كثيرة وفي داخل غرفة العمليات كان يقف جوارها ممسك يديها بينما هي تبتسم ابتسامة هادئة قائلة بتعب واضح ( حبيبي .. ) نظر سريعاً وهو يجيب ( نعم ياقلبي ) فأبتسمت بدفئ ثم ادرفت ( متخفش انا هبقى كويسة وان مكنتش فاكيد بنتنا هتبقى كويسة وانت هتاخد بالك منها وتربيها صح ؟) هز رأسه بإيجاب واقترب يقبلها برقة على خدها هامسا في اذنها بحنان ( ان شاء الله هتبقي كويسة وانا وانتي نربيها سوا ..) اغمضت عينيها تستشعر وجوده جوارها وكأنه تستشعره لآخر مرة .. ثم اتجهوا بها إلى غرفة العمليات .. ظل ينتظر على جمر من نار خوفاً عليها .. قلبه ينبض بعنف وضغط دمه يرتفع ... بدأ يهز قدميه بارهاق ملحوظ فما يعيشه الآن من اكبر المخاوف التي سيواجهها تيم بجلالة قدره .. تيم الذي لم يكن خائفا من خسارة شئ حتى ولو غالي وها هو يجلس كـ طفل صغير تائه من والدته ومنتظر عودتها له لتأخذه مرة اخرى ..
خرجت الممرضة تتطمئنه على حالة صغيرته ولكنه بادر بالسؤال سريعاً ( مراتي عاملة اي ؟) فأجابته بهدوء ( الدكاترة بيعملو معاها اللازم يا استاذ ..!) ثم ذهبت من امامه دون ان تخبره انها بخير .. إذن هي ليست بخير الآن .. ظل يجول بالمكان هنا وهناك حتى خرج الطبيب وطمئن قلبه عن حالتها والتي كانت بخطر شديد ..
- عودة للواقع -
وضعت قالب الكيك جوارهم وجلست قائلة ( الكيكة اهي .. ياكش يطمر ) قهقه تيم بخفوت قائلا غامزا لها ( تسلم ايدك ياجميل انت .. !) قطعت الكيك لهم وبدأو في اكله وهو يلهو قليلاً مع صغيرته وقليلا يغازل من امتلكت قلبه وحدها فقط ...
.................................................................................................................................................................
1
** كان عائداً من عمله بارهاق فقابلته صغيرته صارخة ( بابي وصل .. بابي وصل ) ابتسم بدفئ ثم مال يحملها داخل احضانه قائلا بخفوت ( حبيبة قلب بابي .. ) قبلها على خدها بينما هي توزع قبلاتها على جميع وجهه قائلة ( انا بحبك ) ازدادت ابتسامته قائلا ( وانا بعشق امك والله ) عبست الصغيرة تزم شفتيها ( وانا لا ؟) خرجت فرح من الداخل وهي تقهقه قائلة ( لا ياقلبي هو قصده انه بيعشقك كتير قد البحر ) نظرت لها وعد بعدم رضا فضمها سليم لصدره ضاحكا ( ايون زي ما مامي قالتلك انا بعشقك كتير اوي قد البحر ) همهمت بخفة ثم قالت ببراءة ( يلا نروح البحر !) ابعدها عن أحضانه لـ فرح قائلا ( طب خدي بنتك بدأت تتمنى ) قهقهت فرح وهي تجذب وعد لاحضانها قائلة ( بحر اي دلوقتي ياست وعد ) دبدبت بقدميها في الأرض قائلة ( انا عايزة اروح البحر ) هز سليم رأسه بإيجاب لها قائلا ( حاضر هنروح بس مش دلوقتي عشان انا عندي شغل ) وبعد عدة محاولات من ارضاء الاخت الصغيرة وعد دلف غرفته بتعب فرن هاتفه بوصول رسالة امسك الهاتف وفتحها فوجد ( قول يارحمن يارحيم يا على روح مراتك يا السنيورة الصغيرة بنتك ..)
- سليم وفرح -
** يمر اليوم بـ توتر .. توتر شديد يفوق قدراته بسبب تلك الرسالة التي وصلته منذ قليل .. يحاول الإتصال بالرقم ولكنه مُغلق .. إذن من يحاول فعل ذلك .. من يحاول تدمير عائلته .. ؟
اتاه اتصالا فأجاب سريعاً ( الو ..) اجابه الطرف الآخر بينما سليم يستمع إليه وفي اثناء استماعه توسعت ابتسامته بنصر ثم قال بنبرة واثقة (كنت عارف ان دا هيحصل ... متسبهوش ثانية واحدة وخليك وراه لحد ما نشوف هنعمل اي !) استمع لحديث الطرف الآخر ثم قال ( هنمسكه .. ومتلبس كمان احنا بقالنا خمس سنين بنحاول نكشف عنه اي حاجة فعليه مافيش .. بس انا حاسس ان احنا خلاص قربنا .. !) أنهى المكالمة وهو مبتسم بثقة .. ها هو يحقق هدفه منذ أكثر من خمس سنوات .. حل قضايا كثيرة ولكن تلك لم يحلها إلى الآن ..وكأن الرأسين غير موفقين في هذا الأمر .. او كأنهما يشبهان بعضهما إحداهما تجاه الخير والاخر تجاه الشر .. يجري بعروق سليم دم الاخر .. إذن التفكير نفسه واحد لذلك يعجز سليم على حله .. ذلك الشخص هو والده ... ذلك الرجل الذي اختفى من حياتهم بعدما اخذ ما اراد .. وهو موت والدتهم منذ ثلاث سنوات .... ذلك الرجل الذي يحتقر ان يقول عليه والده .. اقسم وقتها انه لن يرحم إلا وهو ينهي حياته في السجن ليتعفن .. منذ وقتها وهو يعافر ويعلم جيداً أن والده ايضا يعافر حتى لا يكشفه سليم .. خرج من شروده على دخولها الغرفة وهي تتنهد قائلة ( اخيرا نامت .. ) ابتسم بخفة ووقف مكانه متجها لها واضعاً يديه حول خصرها هامساً ( وانا عايز انام ) خرجت منها ضحكة خجلة وهي تخفض بصرها وتقترب منه تحتضنه .. فمال على كتفها يقبلها بحنان هامساً ( كل سنة وانتي كل دنيتي ) تقوصت ملامحها لمعايدته المفاجأة ولكن سرعان ما تذكرت انه عيد زواجهما .. فإبتسمت بحب وهي تقول بنبرة هامسة ( كل سنة وانت بطلي وكل حاجة عندي يا سليم .. ) ابتعد قليلاً ثم مال على خدها يقبلها بنهم ثم بدأ يقبل كل مكان في وجهها حتى استقر على ما يبغاه منذ البداية فأخذ يقبلها بعمـق وهي تبادله جنونه تحت مسمى انه عيد زواجهم ...
** في صباح يوم جديد ... كان يوم ممطر والسماء مليئة بالسحاب الداكن الذي يجعل السماء مظلمة .. كان يجلس جوار ابنة اخيه الغالية وفي احضانه ابنه الغالي .. وامامه تجلس زوجته العزيزة .. كان يدلل ابنه الذي يقهقه بطفولية وماريا تتابعهم بهدوء تام .. وكأن نار الغيرة تشتعل داخلها فهذا مكانها وليس مكان الصغير .. عبست قليلاً ثم وقفت مكانها متجهه لغرفتها واتت باحدى دفاتر الدرس والكتب وجلست جوار ليث قائلة ( بابي .. ذاكرلي !) هز رأسه بإيجاب ( حاضر ياحبيبتي !) فأستمر مازن بجذبه ليلاغيه .. فبدأ ليث مرة اخرى ان يداعبه ويلاعبه بينما مازن يضحك بطفولية .. فعبست ماريا بضيق وهي تنظر لهم ثم اخذت اغراضها وصعدت لغرفتها بضيق سريعاً .. تطلع إليها ليث بإستغراب ثم نظر لـ حنين التي لمحتها وهي ذاهبة لأعلى .. قامت حنين من مكانها قائلة ( انا هطلعلها ) سبقها بالوقوف وهو يقول بخفوت ( لا خليكي .. انا هشوف مالها .. ) ثم اعطاها مازن وصعد خلفها ليعلم ما سر غضبها ذلك وصعودها سريعاً للأعلى .. رغم انه لم يحدث ما يُحزن ولكن سيعلم الآن منها .. جلس جوارها فرأها تزُم شفتيها بحزن وتخطو بقلمها بالشخابيط في دفترها .. همهم بهدوء مستفسراً ( زعلتي ليه ؟) هزت رأسها بنفي وهي تقول بخفوت ( مزعلتش !) احاط كتفها بذراعه قائلا ( بجد ؟) همهم مكملا ( همممم يعني مزعلتيش كدا وقومتي خدتي كتبك وطلعتي ) هزت رأسها مجاوبة بنبرة خافتة بريئة ( لا انت مشغول مع مازن فطلعت اذاكر لوحدي ) اعاد كلماتها قائلا بنبرة ممطوطة ( مشــغــول مـع مــازنن ) هزت رأسها بإيجاب فقهقه بدفئ محاولا مراضاتها ( طب اعمل اي اخوكي دا فشته مايعه وبيحب الضحك !) تطلع لابتسامتها التي شقت فميها فأبتسم بنصر فهو تقصد انساب الاخوة لها وتقصد أيضاً مداعبتها بالمرح .. فهو يعلم جيداً قلبها الطيب وحنانها البالغ .. اكمل في مصالحتها قائلا ( وبعدين ياستي احنا النهاردة إجازة وانتي جاية تذاكري النهاردة .. قومي هنقول لحنين تعملنا كيكة بالفراولة من اللي بتحبيها ونلعب سوا ) هزت رأسها بإيجاب وهي تقول ( اشطا وانا هساعدها عشان انا بحب الكيكة ) ابعدت الكُتب من جوارها فحملها ليث على اكتافه وهي تقهقه بصوت مرتفع يملوء المنزل .. فإبتسمت حنين على نزولهم قائلة ( ماتضحكونا معاكم .!) انزلها ليث امام حنين قائلا بإبتسامة واسعة ( اعملولنا كيكة ها ) .. همهمت حنين بخفوت ثم قالت ( حاضر هقوم اعملكم ) امسكت ماريا بيديها وهي تقول بنبرة متحمسة ( وانا هساعدك ) ثم دلفت معها تساعدها بينما هو يبتسم بخفوت على حالهم .. ها هو الحال ينقلب الآن فـ ماريا بدأت تغار مع الصغير مازن وهذا الحال سيطول .. وهو يجب ان يتصرف سريعاً حتى لا ينقلب عليهم
    .... ..............
نور و تامر -
** دخل إليها حاملا الطعام و جلس أمامها متنهداً لحالهم منذ الأمس .. فهي تعبت منه وظلت بقية اليوم حزينة صامتة .. ( يلا يا حبيبتي عشان تاكلي .. انا جبتلك الاكل الي بتحبيه ) اشاحت بوجهها بعيدا عنه دون أن ترد عليه و دمعة سريعة منها فرت من عينيها ... تنهد تامر  بعمق و ابعد الطعام و امسك يدها مقبلا اياها بحنو قائلا بنبرة نادمة ( انا اسف يا نور بس انت خرجتيني عن شعوري انت عارفة كويس اني مستحيل أمد ايدي عليكي بس انت كل يوم جايبة سيرة اني اتجوز عليكي و اخلف عيل من غيرك ... ) وضع يده على خدها و جعلها تنظر اليه وهو يبتسم إبتسامة صغيرة قائلا بنبرة دافئة (انا بحبك يانور و مش عايز ولاد انا كدا مرتاح انت مراتي و بنتي و اختي و امي وكل حاجة مش عايز غيرك فحياتي ف لازم سيرة الجواز دي تشيليها من دماغك و خلاص )
نظرت نور لعينيه وهي تبكي قائلة بنبرة حزينة ( بس.. اي حد يتمنى انه يكون عنده عيل يربيه و يشوفه بيكبر قدام عينيه وانت اكيد عايز انو .... ) اسكتها تامر بقبلة سريعة يلتهم شفتيها بنـهم وحب و ابتعد بنبرة هامسة محببه ( ما خلاص بقا قولنا مش عايز ...صدقيني مش عايز .. و ياريت الموضوع دا يتقفل خالص .. ويلا عشان تاكلي وتشربي الدوا ياقلبي ) ثم أعاد الطعام لامامها و قام باطعامها محاولةً منه مرضاتها بعدما فعله بالأمس بها .. يريد ان يعيد شغف حبهم كما كان وان تكون تلك الطفلة المدلله التي يعشقها وتلك الزوجة المخلصة التي يهواها وتلك الصديقة الوفية التي يحترمها وتلك الأخت الحنونة والمجنونة في ذات الوقت التي يحبها ... 
3
.......................................................
- تيم وطيف -
** كان يجلس جوارها ملتصق بها .. فطقس اليوم غير جيد فلم تسمح له بالذهاب لعمله وجعلته يجلس بالمنزل ... ولكن جلوسه لم يكن بالهداوة وانما يعبث معها مرة ويخجلها مرة وها هو يمد يديه على طول ذراعها وهي خدودها تشتعل حمرة من الخجل قائلة ( يابني بقا يابني .. بنتك قاعدة ) غمز لها بعينيه قائلا ( طب اي رأيك ننيمها ونشوف شغلنا صح !) وقفت من جواره قائلة ( خلي بالك من بنتك .. انا داخلة اعمل الغدا .. ) اشار له بيديها ان تذهب وهو يقلب عينيه فـ كتمت ضحكتها سريعاً ولكن سرعان ما اخذت تتنحنح بجدية ودلفت للمطبخ .. ماهي الا دقائق حتى شعرت به يحتويها من الخلف داخل احضانه ..ويلف يديه حولها واضعا رأسه في عنقها .. فهمست بخفوت ( تييـم ) همهم بنبرة خافتة هامسة ( هممم ) فأبتسمت بحب وبدأت تلين بين يديه وهو يحاصرها على رخام المطبخ ... قطع لحظتهم السعيدة وانفاسهم اللاهثة شهقة ابنتهم صبا التي دلفت عليهم بترقب وامسكتهم متلبسين .. اقتربت منهم الصغيرة وهي تقول ( بتعملو اي يا بابي !) ابتعد تيم عنها وعينيه مفتوحتين على وسعهما وهي تنظر له وتتنفس سريعاً .. نظر تيم لـ صبا قائلا بتلعثم ( نعم ياروح بابي ... ) وضع يديه على رأسه بتذكر قائلا ( ياااه نسيت كان عندي شغل فالمكتب فوق ... اسألي مامي ) ثم ابتسم لطيف باستفزاز وصعد لغرفة مكتبه هارباً بعد ان مسكته ابنته بوضع لا يصح مع زوجته .. نظرت صبا لطيف فأمسكت لها طيف الملعقة الكبيرة قائلة بتهديد ( بقولك اي اخفي عن وشي السعادي .. ) ضحكت صبا بصراخ وخرجت تركض لمقر العابها مرة أخرى ..
.............................
- سليم وفرح -
- ورد و علي -
** كانوا جالسين حول مائدة الطعام .. فلقد عزمهم سليم اليوم لاحتفاله بيوم عيد زواجهم .. يقهقهون بسعادة ويتحدثون كثيراً حول مواضيع متعددة .. ابتسمت فرح قائلة من بين قهقهتها ( اومال انتي هتنفجري امتى ؟) هزت ورد رأسها بضحكة خافته ( انا عارفة تحسيه لابد ومش عايز ينزل كدا ) ابتسم سليم بخفوت قائلا ( ربنا يقومك بالسلامة ويتربى في عزكم ) اجابه علي بنفس تلك الإبتسامة الخافتة ( تسلم ياكبير .. ) انتهوا من تناول الاكل وجلس كل من علي وسليم يتحدثون بأمور الشغل وحول قضية والده .. ابشره علي بأنهم في طريقهم لإيجاد الدلائل جميعها .. سُر سليم داخلياً لذلك الخبر واعتلت شفتيه ابتسامة منتصرة .. اكمل علي كلامه قائلا ( الرسالة اللي وصلتك امبارح انا بعتها لواحد يشوف قرارها واتبعتت من فين .. ) اومأ سليم راسه بإيجاب قائلا ( ماشي .. ربنا يسهل ونشوف .. )  بعد قليل من الحديث والضحك ذهب ورد وعلي لبيتهم ...
..........................
** في صباح يوم جديد .. يوم ملئ بالاقدار والاسباب التي وضعها الله .. فـ هناك من ستذهب روحه لله اليوم وهناك من ستأتي روحه للدنيا اليوم .. اخذت فرح وعد وذهبت بها لمنزل والدتها .. وتركتها معها حتى تذهب للسوق لتشتري بعض الاغراض اللازمة .. بينما هي تسير في اتجاه الطريق وتتحدث مع سليم على الهاتف قائلة ( اه انا لسه خارجة من عند ماما ورايحة اهو للسوق .. و ) لم تنهي كلامها بسبب صدمتها بتلك السيارة التي كادت ان تنهي حياتها فشهقت ثم صرخت بأعلى صوتها فصرخ سليم قائلا ( فرح .. فرح في اي !!) جلست فرح اعلى الرصيف بعدما فرت السيارة هاربة دون ان تفعل شئ سوى انها كادت تصدمها وهربت .. ظلت جالسة بلا حول او قوة خائفة مرعوبة .. جسدها بأكمله يرتجف لم تشعر بمناداة سليم لها ولم تشعر بالوقت الذي مر فرأت سليم امامها يهرول تجاهه قائلا بأنفاس لاهثة ( فرح انتي كويسة ؟) رفعت بصرها ببطء تنظر له ووجهها تحول للون الاصفر قائلة بتعلثم خائف ( انا خوفت اوي ... كان هيخبطني وبعدين جري ) اقترب منها يساندها برفق قائلا ( خلاص اهدي حصل خير .. انت كويسة اهو .. تعالي نطلع شقة ماما ترتاحي شوية وبعدين هبقى اوصلك للسوق لو لسه عايزة ..) هزت رأسها بإيجاب ثم ذهبت معه للسيارة وغادر بها لمنزل والدتها .. ساندها مرة اخرى وصعدوا للمنزل فرأوا باب المنزل مفتوح فقوص سليم حاجبيه قائلا ( مش اخواتك فالمدرسة .. الباب دا مفتوح ليه !) هزت كتفيها دون معرفة ودلفا سويا للشقة ...
منظر يُصعق البدن .. وكأن البرق يهبط من السماء على الجسد فيحرقها ... حدقتي عينيهم توسعت اعلى ما بوسعهم .. وفرح تنظر بما لا يقل عن الصعقة بشئ .. بدأت تخرج همهماتها ثم صراخاتها شيئا فشيئا وهي ترى والدتها مرمية أرضا بلا حول لها او قوة .. في قلبها رصاصة وقدميها تنزف الدماء اثر سكين .. بينما صغيرتهم وحورية حياتهم .. جوارها وعنقها ينزف الدماء ... كان ينظر لطفلته بصدمة كبيرة لا يعلم ماذا يفعل .. رأى الكثير من قبل ولم يرى هكذا يوماً ... انها صغيرته هذه المرة .. انها ابنة قلبه ومن لحمه ودمه .. ها هي منتهية امامه وهو لا يستطيع فعل شئ فروحها بين يدي الله .. بدأ يفيق على صوت صراخ فرح المؤلم .. وهي تقول بصراخ كبير ( وعدد ... ماما .. وعد ياسليم وعد ) ضمها لصدره اكثر وهو يغمض عينيه بقوة متألما وعينيه لم تذرف اي دمعة حتى الآن ...
4
.............................
** مرت بضع ايام والجميع حالهم لا يُوصف .. إن كان في تهدئه فرح التي تستيقظ وتصرخ بإسم والدتها وابنتها وتعود للنوم ثانية بالمخدر .. او ان كان على حاله .. حالة من البرود والتجمد يتمسكه .. يتذكر عندما عانق صغيرته بين احضانه يتشبع منها لاخر مرة .. وهو يهمس لها بأنه سيأخذ حقها عاجلاً ام آجلا ولو كان سيكلفه حياته .. تذكر عندما وضعها في مقبرتها جوار جدتها .. تلك الأم التي كانت اكثر حنانا عليه من امه .. ها هي تُدفن ايضا .. وضع عليهم التراب وقلبه مُعلق معهم بالاسفل ... عاد من عندهم لزوجته المسكينة التي لم تتحمل تلك الصدمة فـ اُصيبت بانهيار عصبي .. وها هي تقبع بالمستشفى بلا هوادة .. يجلس حولها الجميع بما فيهم اخاها الهادئ المتألم .. المصدوم .. واختها التي لم تكف عن البكاء عن والدتها وابنة اختها .. وحال الجميع ألماً على تلك الأسرة التي تملكها الحزن سريعاً ..
........
كان يجلس جوارها ممسك بيديها .. لونها شاحب ولونه شاحب يبدوان كالاموات على قيد الحياة .. ينظر إليها بحزن بالغ فما رأته الايام السابقة لم يكن هيناً .. كان يتمنى الا ترى كيف ماتوا وان تعلم فقط .. ولكن ما رأته يزيد حالتها سوءاً .. كانوا يجلسون بمفردهم بغرفو المستشفى والجميع بالخارج .. لا يود ان يرى احد .. مال برأسه على عنقها وبدأ يشهج بالبكاء كالطفل الصغير .. يشد على اعصابه والدموع تُذرف دماً .. والقلب غير موجود .. القلب تركه عالقا في المقابر .. لن يعود إلا بعودة حقهم جميعهم .. لن يُرمش له جفن إلا بعودة الحق .. رفعت يديها بضعف ووضعتها في شعره وهي تهمس ( ماتوا ياسليم .. وعد بنتي ماتت .. وماما ياسليم ) اجهشت في البكاء هي الاخرى فذلك ما كانت تفعله عندما تستيقظ ولكنه هذه المرة الاولى التي يبكي بها عليهم .. فقط فاض به الامر .. وهوى كما تشتهي الرياح وليس السُفن .. فقد غرقت السفن في المحيط بفعـل عاصفة .. اكلتها المياة كما اكل القهر على ابنته قلبه .. ابتعد قليلاً عن عنقها وهو ينظر داخل عينيها بعينيه الحمراوتين كالدم .. ودماء جسده تفور فصعدت لوجهه فأصبح بلون احمر غاضب .. بل حزين .. وأيضاً مقهور .. بل يجمع كل تلك الصفات الآن داخله بـ رمية واحدة .. كانت تنظر إليه للحظات لحاله فأغمضت عينيه وبدأت تصرخ مرة اخرى دون وعي ( انا عايزة بنتي ياسليم .. انت السبب .. انت السبب في موت بنتي ياسليم .. بنتي فين .. رجعووولي بنتي .. بنتي ياسليم بنتي .. ياوعد ....) كان ينظر إليها بصدمة لحالها الذي اصبح غير موزون .. حاول السيطرة عليها ولكن لم ينجح .. لم يشعر سوى بالطبيب والممرضات يدلفون لها واضعين لها إبرة مهدأ لتنام .. بينما هو يخفض بصره ناظرا إليها .. انها تتهمه في موت ابنته .. يعلم جيداً انها ليست بوعييها ولكن الوسواس يسيطر عليه بأنه هو السبب بالفعل .. فبـعمله كان السبب في موتها وخسارتها .. يجلد بذاته ويتهم نفسه .. لم يشعر بنفسه إلا وبالطبيب يسانده فأغمض عينيه بارهاق مستسلماً لذلك السواد الذي احتله !!
- عودة للحاضر -
استيقظت من نومها بصراخ بأسم ابنتها " وعد " استيقظ جوارها سليم بفزع قائلا ( اي يافرح .. انتي كويسة ياحبيبتي !) هزت رأسها بنفي وهي تحتضنه باكية ( كنت بحلم باليوم اللي حصل من سنتين يا سليم .. اليوم اللي خسرت فيه بنتي وامي .. ) ظل يمسد على شعرها برفق وهو يتلو عليها بعض الآيات القرآنية لعلها تهدأ ويهدأ قلبها .. وبالفعل بدأت فالهدوء وعادت للنوم ثانية كـ طفلة صغيرة تنتظر مواساة ابيها لها لتنام بأحضانه بلا هوادة .. ابتعد قليلاً من جوارها وذهب للمطبخ ليرتوي ببعض الماء .. شاردا بذلك الماضي الذي لم يفارقهم لثانية رغم مرور عليه سنتين إلى الآن .. تُيقظهم الكوابيس بلا انتهاء .. وتؤلمهم نفسهم بلا توقف .. وضع الماء مكانه بعدما شرب وخرج للشرفة ينظر للخارج بشرود .. كـ كل ليلة تمر عليه لا يستطيع النوم خوفاً من مواجهة تلك الكوابيس .. استقل من عمله كـ شرطي بعدما اخذ ما يريد ... اخذ حق ابنته ووالدته ووالدة زوجته .. وبعدها اخذ فرح وسافر خارج مصر .. حتى يبعدوا عن كوابيسهم في مصر وما حدث بها .. ولكن ها هم الآن عادوا مرة اخرى لمصر ليكملوا حياتهم .. عائدين وهي في احشائها ينمو جنينهم الثاني .. يدعو الله ان تظل الامور على خير دوماً ....
...............................................................
- كريم -
كان يجلس واضعاً امامه الاب توب الخاصة به .. بعدما انتهى من دراسته من عليه اغلق موضوع الدراسة فخرجت امامه صورة لوالدته .. صورة لمن لم ينسى كيف ماتت او بالأصح قُتلت .. اغمض عينيه بقوة يحاول ان ينسى ذلك الماضي العالق في ذاكرته رغم مرور السنين عليه .. ها هو ذو 22 عاماً ولم ينسى لما حدث .. خرج صوته مرتفع قليلاً منادياً عليها ( حوور ) خرجت من غرفتها بعد قليل من منادته لها .. تشبه اختها فرح في نضوجها .. وتشبه والدتها بالاكثر .. سألها كريم بخفوت ( بتعملي اي ؟) وضعت يديها في خصرها وهي تنفخ بضجر ( بذاكر ياكريم في اي انجز ؟) قوص حاجبيه ثم قال بتهكم ( اعمليلي كوباية شاي ياختي هعوز منك اي يعني !) زفرت ثم اتجهت للمطبخ لتعد له كوب الشاي .. وبعد عدة دقائق انتهت من الشاي وذهبت ووضعته امامه قائلة ( اتفضل يخويا ) ثم اتجهت لغرفتها مرة اخرى لتدرس .. فهي هذه السنة في ثانوية عامة ..وتريد ان تلتحق بـ كلية احلامها وان تحصد مجموع كبيراً يدل على ما زرعته طوال العالم .. حالها لم يكن اقل حزنا عن كريم وفرح .. ولكنها تحاول باقصى جهدها ان لا تدع الماضي يؤثر عليها هذه الفترة .. لان في المرة الاخيرة وصل بها الحال بالاغماء ومكوثها في المستشفى ...
................................
- قمر وفارس -
** في منتصف الليل هذا يجلسون سوياً ويودن البكاء قهرا على حالهم فهم لا ينعمون بقسط من الراحة بسبب ذلك الكائن الصغير الذي يجلس بينهم ويخرج اصواتاً طفولية تدل على لعبه ومرحه وسعادته بجلوس ابويه هكذا جواره .. ها هو يتثاوب للمرة الالف ولكن هذه المرة وقف مكانه ليدلف للغرفة لينام ولكن لا .. فالصغير لن يسمح له ليصرخ قائلا ( ب.ببباب.ا ) اغمض فارس عينيه بتعب فنظرت له قمر بـ قرف وكأنها تخبره أن يجلس والا يحاول .. جلس مجددا قائلا ( ماتنام بقا ياض يابن الكلب انت انا عايز انام ...!) ظل الصغير يخرج كلمات غير مفهومة حتى بدأت رأسه تثقل وتتساقط قليلاً فـ قليلاً بينما همست قمر قائلة ( صلاة النبي اياد بينام يا فارس ) فأبتسم فارس بأمل لعل الصغير ينام ولكنه حطم توقعاتهم فقد فتح عينيه مرة اخرى بعدما سمع همسات قمر وبدأ يلهو مرة اخرى وهما ينظران اليه بصدمة وعين ترمش من شدة التعب
......................
- علي و ورد -
** يجلسان سويا امام التلفاز وينام ابنهم في احضان ورد ..بعد تعب يوم كامل وروتين مُعتاد من حيث الاستيقاظ باكراً وإعداد وجبة الإفطار ثم الجلوس مع الصغير " يزيد " بعد ذهاب علي لعمله .. فهو أيضاً استقل من عمله مع سليم وبدأ يعمل في مكان آخر براتب جيد .. وعند اقتراب علي من العودة تُعد وجبة الغداء ليجلسوا سويا لتناولها في مشجنات عائلية مرات سعيدة ومرات حزينة ومرات اخرى بـ مشاكل لا لزوم لها .. ولكن ليست الحياة دون مشاكل .. مال علي برأسه يستند على كتفها وهو ينظر لابنه الذي يشبهه كثيراً حتى في نومه .. يتذكر يوم قدومه وماذا فعلت به ورد ..
- فلاش باك -
** كانوا في وقت متأخر عندما استيقظ على همهمات لـ ورد المتعرقة جواره .. اعتدل قليلاً في نومته وهو يستند على ذراعيه قائلا ( مالك ياختي ؟) عاد للخلف بفزع اثر صرختها العالية المتألمة قائلة ( انا بولددد ) تحدث بتلعثم وخوف لما هو به الآن ( بتولدي ازاي .. طب اعمل اي .. قوليلي اعمل اي .. اشقط الواد ) صرخت بصوت مرتفع اكثر بوجهه ثم قالت بصراخ ( وديني المستشفى ياااا عليي ..) وقف سريعاً مكانه واخذ يجول الغرفة ذهابا وايابا وهو يقول ( اوديها المستشفى صح .. طب انا ملبستش .. طب اعمل اي .. طب بصي قومي نروح ) صرخت مرة اخرى ببكاء وهي تقول ( شيلني ياعلييي .. شيلني للمستشفى هتشلني وانا بولد ) ظلت تضغط على اسنانها بتعب شديد بينما هو اقترب يحملها وهو يهمس ( يلهوي تقيلة جدا ) صرخت بوجهه فـ فُزع وتحرك سريعاً بأتجاه السيارة واضعاً اياها بها ثم عاد للمنزل يأخذ كل مستلزماته وعاد مرة اخرى للسيارة ليذهب للمستشفى بها ...
وصلوا المستشفى وهو يستمع لصراخاتها ثم قال بتهكم ( يخربيتك افصلي دماغي صدعت ) صرخت به بقوة قائلة ( تعالى اولد مكانيي يخوياا ) كانت تكز على اسنانه في حديثها له فجعلت الممرضات يقهقهون بخفوت عليهم .. بينما اخذوها من امامه لغرفة الولادة .. وهو يقف خارجاً يدعو الله ان تكون بخير وصغيره بخير ..ظل على حالة التوتر حتى خرجت الممرضه تبشره بقدوم صبي له .. وان حالة زوجته جيداً همس بخفوت ( عال العال .. )
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
** كان يسير بخطى سريعة تشبه الركض ليصل للمكان المبتغى .. ليرى ما يحلم به طوال هذه الفترة الصعبة التي يمر بها .. فترة موت ابنته .. ها هو يذهب للمكان الذي امسك به والده متلبساً بمتاجرة اعضاء الاطفال .. وصل للمكان اخيرا مرتديا ملابس عمله التي اقسم انه سيرتديه لآخر مرة ... دلف للغرفة التي بها والده ووقف عند الباب ينظر إليه .. بكره .. بغضب .. بـ نفور .. بكل ما يتخيله القلب من كره بالمعنى الحرفي .. فهو لا يطيق حتى النظر إليه .. يشمئز كونه والده ... يكره وجود الدم الذي يسير في شريانه من ذلك الرجل .. تذكر عندما اتت رسالة لهاتفه تحتوي على ''''''' البقاء لله في موت بنتك وحماتك .. كان نفسي اخد السنيورة معاهم بس بصراحة انت صعبت عليا .. عموما انا فاعل خير اوي وانت تعرفني اوي '''''''' استشاط غضباً من تلك الرسالة وعندما علم من مُرسلها غضب اكثر .. لم يكن سوى أباه الحقير .. لم يكن سواه قاتل امه وابنته وام زوجته .. قتلهم بدم بارد ليحرق قلبه .. قتلهم بدم بارد ليتاجر في موته مع عصابة اخرى .. ولأنه خطر عليهم وعلى عملهم اراد موته .. اراد موت ابنه .. لحظات من السخرية احتلت قلبه لذلك التعاطف .. اقترب بخطى هادئة وقدميه تطرق الارض بعنف .. وقف امام والده ونظر ليديه المكبلة ولعناصر الشرطة التي تحاصر المكان .. نظرات باردة للحظات ثم ضربه في منتصف وجهه تشفي غليل قلبه .. ترنح العجوز للخلف قليلاً متأوهاً ... بينما وقف علي سريعاً أمام سليم قائلا ( مينفعش ... عشان خاطري امسك اعصابك هيترمي في السجن .. ) بصق سليم على والده صارخاً ( اقسم بالله ما هسيبك الا وانت واخد إعدام .. عشان اشفي غليل قلبي واخد حق بنتي ... انت احقر شخص شوفته في حياتي وانت متستاهلش في حياتك غير المرض والموت .. وربنا مش هيسيبك غير بموته زي الإعدام كدا هي الي تستحقها .. ) نظر إليه والده بسخرية ثم اخذوه رجال الشرطة بينما سليم يتابعهم بغضب شديد .. اخرج سلاحه ورفعه تجاه والده ولكن امسكه علي سريعاً صارخاً ( لا ياسلييم .. لا عشان خاطر ربنا ومراتك .. هتودي نفسك في داهية بسبب واحد اخرته اعدام .. ) نظر إليه سليم بغضب ثم تخطى خطوتين للإمام وهو يتابعهم وهم يضعوه في سيارة الشرطة ويركب جواره شخصين بأسلحة وشخص يقود .. لم تتحرك السيارة سوى خطوتين ثم انفجرت مكانها .. عاد سليم مرمياً للخلف بسبب الانفجار الكبير ... نظر الجميع للسيارة المفتته بحريق بصدمة .. بينما سليم مرمياً أرضاً رأسه ناحية السيارة ينظر لها بصدمة كبيرة .. ها هي نهايته .. مات متفجراً محروقاً منتحراً ... اخذ معه ارواحاً لا ذنب لها .. واخذ من قبل ارواحاً لا ذنب لها ...
...
استيقظ سليم من شروده على ذلك اليوم منذ سنتين .. استيقظ على شعوره بيديها على كتفه وهي تبتسم بهدوء .. تلك الإبتسامة الصفراء التي تشق طريق خديها منذ وفاة ابنتها .. على حالها للان .. تنهد بعمق قائلا ( اخبار البيبي اي ؟) ثم وضع يديه على بطنها فهزت رأسها بخفوت ( كويس ... كل حاجة كويسة ياحبيبي .. ) اقترب منها معانقاً إياها بحنان واضعاً رأسه في ثنايا عنقها .. مغمضاً عينيه تعود به الذكري ليوم جلوسه امام مقبرة ابنته ..
يجلس امام المقبرة يرتدي سروال وقميص اسود وشعره مبعثر .. عينيه دامعتين حزينتين .. قال بنبرة مقهورة ( انا اسف ياروح قلبي .. اسف اني مقدرتش احميكي .. كل الي حصلك كان بسببي فعلا .. انتي سبتينا ومشيتي بسببي .. كان نفسي اخدك للبحر زي ما كنتي عايزة .. وكان نفسي اجبلك العابك المفضلة الي طلبتيها مني ياوعد .. فراقك صعب عليا يابنتي .. متعزيش على الي خلقك ياحبيبتي يارب .. ) رفع رأسه للسماء يناجي ربه بأن يلهمه الصبر في فراق ابنته .. ظل يردد ( يارب .. يارب الصبر يارب .. ) ثم اخفض بصره ينظر للقبر مرة اخرى وهو يمسح دموعه قائلا ( حقك رجع ياوعد .. حقك وحق تيته سارة وتيته نورهان .. حقكم كلكو رجع .. هو هيتعاقب عند ربه دلوقتي اشد عقاب .. اشوفك في الجنه ياحبيبتي يارب .. ) ظل جالسا يقرأ بعض آيات القرآن ويدعو الله ويدعو لهم .. ثم قام من مكانه عندما بدأ الظلام يحل وغادر لقلب زوجته المكسور .. غادر بقلبه المكسور ليضعه جوار قلبها فيكملا تلك الحياة المؤلمة ..
. .......................
- نور وتامر -
** كانوا يجلسون حول مائدة واحدة يتناولون وجبة الغداء .. هو .. وهي .. ووالدته .. وإخوته .. بينهم هدوء تام بينما الجميع يتحدث ويقهقه ... بينما هما ينظران لبعضهم بين الحين والآخر بصمت .. انتبه لصوت زوج اخته قائلا ( عقبالك يامعلم .. مش ناوي تفرحنا ياعم وتجيب حتة عيل ..) تحدثت والدته بسخرية ( مراته مبتخلفش يابني ..) كز تامر على اسنانه ناظراً لوالدته بينما نور تحول وجهها لألوان متعددة .. ابتلعت غصتها وتلك الإهانة داخل جوفها .. فقال زوج اخته بخفوت ( طب مبتخدهاش تتعالج ليه و ... ) رد عليه تامر بنبرة عنيفة ( وانت مــالك .. انا حر في مراتي ... واحنا مرتاحين كدا .. ابقوا والنبي ربو عيالكو وبعدين تعالو اتكلمو على الخلفة .. ولا معندوش تجيبو إلا لما تربوا الاول .. ) نظرت لهم نور من طرف عينيها ثم اخفضت بصرها بهدوء ... بينما الجميع ينظر بأحتقار لها .. وينظرون لتامر بغضب لحديثه .. ردت اخته قائلة ( مالك ياخويا محموق كدا ليه وبعدين ... ) قاطعها بعنف مرة اخرى ( محدش قالك تتكلمي .. هو جوزك مبيعرفش يرد ... انا غلطت اني قبلت عزيمة زي دي اصلا .. ) ثم قام مكانه قائلا بحدة ( قومي يانور .. ) وقفت معه وهي تأخذ اغراضها ثم نظرت لوالدته نظرة اخيرة خافتة حزينة .. بينما هو نظر لوالدته أيضاً نظرة حادة .. ثم امسك يد نور وغادرا المكان .. كان الجو هادئ بينهم في السيارة حتى وصلا للمنزل .. دلفت لتصعد من امامه ولكنه امسك يديها وجذبها تجاهه .. نظرت داخل عينيه بعينيها المتلألأتين .. فنظر لعينيها بدفئ واقترب يعانقها بحب بالغ هامساً ( انا اسف .. اسف على كل الي قالوه دا .. احنا معدناش هنشوفهم تاني .. ) عانقته وهي تخبئ رأسها داخل صدره تبكي بصمت ودموعها تتساقط على ملابسه فتحمل آثار ذلك الحزن المغطي على قلبها .. صامتة لا تتحدث .. فقط تستمع إليه دون إجابة .. تنـهد بعمق وشدد على عناقـه لها .. ثم اغمض عينيه وهو يدعو الله ان يوفق حالهم وان يلهمهم الصبر على ما بهم ...
....................................
- ليث وحنين -
- فارس وقمر -
3
** كانت تجلس وجوارها ابنها الصغير الشقي .. يضع كل ما حوله في فمه فزفرت بضيق قائلة ( يا اياد بقا ارحمني ياخي .. ) قهقه ليث بخفة قائلا ( الواد دا شقي زي ابوه .. ورخم ) لوح له فارس بيديه بمعنى ' ياعم روح ' ثم نظر لاياد بيأس قائلا بتثاوب ( دا جاي يربينا والمصحف .. احنا متربناش اصلا .. ) اتى مازن الصغير ووقف امامهم ينظر لاياد الصغير ثم نظر لفارس ومن ثم لـ قمر .. ثم مرة اخرى لـ إياد ومد يديه ويحب لعبته وجرى لأحضان ليث سريعاً يختبئ فشهق فارس قائلا ( اللئيم وانا الي بقول جاي يلعب مع الواد ) قهقهت حنين قائلة ( لعبته يخويا .. ) عبس إياد مادداً شفتيه بحزن ثم بدأ في بكاء لا ينتهي .. حملته قمر قائلة ( يلهوي مش هنفصل بقا اهو .. ) نظر ليث لـ مازن قائلا ( مازن .. مينفعش كدا روح اديله اللعبة دا لسه نونه ) هز مازن رأسه برفض وإصرار فقال ليث بخفوت ( خلاص بابي هيزعل منك عشان انت خليت النونه تعيط ) رفع مازن عينيه ينظر لـ ليث ثم التفت مرة اخرى لاياد ووضع له اللعبة وذهب لأحضان ماريا .. همست حنين بنبرة ساخرة ( زعل منك .. ) حملته ماريا لاحضانها قائلة ( تعالى نروح نلعب بالعابنا التانية متزعلش ) هز رأسه بإيجاب متحمس قائلا ( يلا ) ثم امسك يديها فأبتسمت ووقفت معه وغادرا لغرفة الألعاب .. نظر ليث لـ قمر متسائلاً بهدوء ( سليم ومراته عاملين اي دلوقتي ..) تنهدت بخفوت قائلة ( كويسين .. لسه راجعين مصر من اسبوعين كدا ... ) اضاف فارس خافتاً ( كنا بنزورهم اول امبارح .. بس شكلهم ناويين يسافروا تاني ) هزت قمر رأسها بنفي قائلة ( لا فرح رافضة وعايزة تفضل في مصر !) تنهدت حنين قائلة ( ربنا يهدي بالهم يارب ويريحهم .. فرح من يوم ما حصل الي حصل وهي بقت واحدة تانية خالص وتعبانة فعلا .. ) ردت قمر بخفوت قائلة ( ربنا يريحهم يارب .... )
.........................
تيم وطيف -
** ( اهدا يا تيم بالله عليك متتعصبش كدا ) ها هي من جديد تعاني معه في عصبيته المفرطة .... كانت قد صدقت أنها لن تعاني معه من جديد في هذه المشكلة ولكنه خيب آمالها فهو مُـنذ فترة لديه ضغط في العمل هز رأسه بنفي وهو يقول بصراخ ( اهدا اي يا طيف .. انا شغلي بيقع يا طيف .... بس مش انا الي يتعمل معايا كدا والله لوريهم ولاد الكلب دول ..) اقتربت منه تحتوي كفه بين كفيها.. ( كفاية بقا تحرق في أعصابك عشان خاطري.. صدقني كل حاجة هتتحل بس بالهدوء ..  مافيش حاجة هتتحل بالعصبية دي) ثم اقتربت منه وعانقته وهي تربت على ظهره وتمتم ببعض الكلمات المهدئة.. حاوط خصرها بيديه هامساً ( متخافيش.. انا هكون كويس ومش هرجع زي الأول أبداً..) تنهدت بعمق وراحة ثم ابتعدت عنه قليلا قائلة ( انا عايزاك تكون زي الفل دايماً ياحبيبي.. متخليش مشكلة شغل تأثر فيك كدا.. انت عارف ان مافيش حد قدك اصلا) ابتسم بدفئ ثم مال بوجهه عليها يقبل مقدمة رأسها قائلا ( هو حد يبقى معاه طيف وصبا ويبقى قد حد)  استندت بكفيها على صدره ثم قالت بغنج ( طبعا ياحبيبي هو احنا اي حد ولا اي دانا مرات تيم وصبا بنت تيم) اقترب منها وطبع قبلة حانية على شفتيها قائلا ( انتو روح قلب تيم والله..)....
اتى صوت غجري من الخارج صارخا ( يا باباااااا) هزت طيف رأسها بقلة حيلة قائلة ( استلم بقا..) نظر للباب فوجد ابنته الحيلة تقف واضعة يديها في خصرها قائلة بغجرية ( انتو مبتنزلوش عشان ناكل ليه.. انا جعت اوي..) عبست واقتربت منهم وهي تدب قدميها بالأرض قائلة ( لو منزلتوش انا هاكل من غيركم) شهق تيم بتمثيل قائلا ( تاكلي من غيرنا دا ازاي دي انتي اللي بتفتحي نفسنا عشان ناكل!) بدى على ملامحها علامات الغرور قائلة ( طب اتفضلو احنا مش هنفضل مستنين) ثم التفتت وغادرت فقالت طيف ( مغرورة اوي مش عارفة طالعه مين) قهقه وحاوط كتفها بذراعيه وهما يسيران نحو الاسفل ليقول ( ولا انا عارف بصراحة.. ممكن ليا..) نظرت له قائلة بتأكيد ( دا اكيد ياروحي)....
..................
2
- سليم وفرح -
** كانا يقفان سويا امام مقبرة ابنتهم المرحومة.. ينظر هو بعين شاردة لذلك القبر الذي يحتوي عظام ابنته.. تلك العظام التي كان يكسيها اللحم وفيها الروح وهو يداعبها ويلاعبها.. تلك الروح التي ذهبت الى الله دون ان تودع امها وابيها.. لن يعترض فتلك حكمة الله ولكن البلاء طال على قلبه وقلب زوجته.. ادمى القلب بجروح كبيرة لم يجدوا لها علاج.. اغمض عينيه فسقطت دمعه على خده فهمس ( لا إله إلا الله..) نظرت له فرح ثم عاودت النظر للقبر وهي تحاوط بطنها بيديها وكأنها تحتوي الروح التي بأحشائها ثم اخذت نفساً عميقاً وهي تدعو لابنتها وامها بالرحمة.. ثم قالت بصوت مختنق ( يلا عشان نمشي.. انا تعبت!!) هز رأسه بإيجاب ثم أمسك يديها بين كفيه لينعم بحنانهم.. ثم التفتا عن المقبرة وغادرا المكان بينما هي صامتة صامدة جامدة.. بينما هو شارد وهادئ.. نظر إليها ثم عاود النظر امامه وهو يقود قائلا ( نروح نقعد مع قمر وفارس شوية؟) هزت رأسها بنفي ثم قالت ( بلاش النهاردة انا تعبانة..) هز رأسه لها ثم قال بدفئ ( ماشي ياحبيبتي..) وصل للمنزل وهو يسندها ليدلفا للمنزل فما كانت الا وقيعة بين يديه مغمى عليها.. امسكها بين احضانه صارخاً بفزغ ( فرررح ).......
...........................
** ( انت اجازة ياسيادة الرائد لحد ما ترجع لوعيك.. انا عارف انك بتمر بظروف صعبة بس دا مش معناه انك تتصرف من دماغك تاني مفهوم) قالها رئيس عمله بنبرة حادة بينما سليم يقف امامه ببرود.. لا يعلمون ان ما يفعله هو الصحيح وهو الذي يجب فعله.. يريد القبض على والده ولكن ليس لديه اي ادلة حقيقية ليلقي القبض عليه.. هز رأسه باستجابة قائلا ( تمام يافندم) ثم القى التحية العسكرية وغادر المكان للمنزل.. صعد لغرفتهم فوجدها جالسة هادئة تنظر للشرود.. تنهد بعمق واقترب جالساً جوارها قائلا ( انتي كويسة؟) هزت رأسها بنفي فقربها من احضانه هامساً ( ربنا يرحمها يارب).. اجهشت بكاءاً وهو يغوص برأسه في عنقها..
يحاول مراراً وتكراراً ان يهدئها ولكن لا فائدة.. وكيف له ان يهدئها وهو يحتاج الي من يسانده ويعاونه في ذلك الحزن الكبير.. الحزن الطاغي علي ملامحهم ولا حياتهم وروحهم.. يسيرون اجساداً بلا ارواح..
في اليوم الثاني تحدث بصوت خافت في الهاتف قائلاً ( انا سبت الشغل.. وعارف انا هاخد حقي ازاي وانا مسلم مسدسي وشاراتي للحكومة.. اعمل الي بقولك عليه بس..) ثم املاه ما يريده.. كيف سيكون اخذ الحق معه.. تلك الرأس التي يفكر بها مما اُخترعت لتأتي بكل ذلك التفكير الناتج والصحيح ..
عودة للواقع -
كان يمشي سريعا مع عربة النقل في المستشفى ومستلقية عليها فرح في حالك اغماء.. سألته الممرضة سريعا ( هي عندها اي امراض مزمنة؟) هز رأسه بنفي قائلا ( هي حامل....) هزت الممرضة رأسها ثم ادخلوها غرفة الفحص وهو ينتظر بالخارج.. نظر للباب قليلا ثم مسح وجهه بعنف وهو يفكر فيما يحدث مع زوجته.. كبف سيخرجها من تلك الحالة التي لا تنتهي.. كم ان فُراق ابنتها يؤثر عليها وعلى حياتها بشكل خطر وهذا ما يخافه..
خرج من تفكيره علي تذكره لخطته السابقة مع والده.. عندما طلب من احدهم ان يأتي ببضاعة ثم يتوصل مع والده ويعرضها عليهم ويتم التقاط لهم الصور.. فكرة جهنمية ان تتوصل لعدو والدك اللدود لتتخلص منه.. فكانت سهولتها لا تقل شيئاً عن صعوبتها.. صعبة في اقناع العدو وفي اقناع العدو لوالده.. وسهله في التنفيذ فأتت الصور سريعاً وامسكوا متلبسين .. ولم تكن سوى ان والده انتحر محروقاً.. ذلك. جزاءه.. ذلك الرجل الذي لا يعرف قلبه طريقاً للرحمة.. حمد سليم ربه ان ما حدث معهم لم يؤثر عليه ليصبح مثل والده.. ففراق والده في البداية كان صعباً وقاسياً علي حياتهم.. ولكن لم يكن صعباً طالما كان بذلك الشرف..
خرج من شروده علي صوت الممرضة وهي تخبره عن حالة فرح بخفوت ( وهي دلوقتي كويسة هي والبيبي بس بلاش حركة وضغط.. ربنا يقومها بالسلامة) ابتسم بخفوت قائلاً ( تمام متشكر يا دكتورة..) ثم دلف سريعا لفرح وجلس جوارها ينظر لملامحها..
تلك المرأة التي خطفت انفاسه منذ الوهله الأولى.. والابشع من ذلك انه كان يحاسبها علي متاجرة المخدرات التي كانت تفعلها.. خاف من بعدها ألا يكون معها ولكن شاء القدر ان يصبحا سوياً.. نعم هو لا يُظهر حبه لها دوماً ولكن حبه لها يفوق الحدود ويفوق اعلي درجات الحب.. فهو يعشقها ويعشق وجودها.. لا يعرف كيف يكون اذا اختفت لدقائق.. وجودها يعطيه الراحة والحنان.. ويعطيها الإلهام في كل شئ.... اعطته ذلك الإلهام في عمله الجديد وتفوق به.. دعى داخله ان يُهدأ الله من تفكير عقلها وألم قلبها وان يحفظ جنينهم في بطنها حتى يأتي على هذه الدنيا...
- تيم وطيف -
كانوا يجلسون سويا امام التلفاز وتجلس بينهم ابنتهم وحيدتهم ' صبا ' تلك المشاكسة التي اتت على هذه الدنيا ثم لم يأتي بعدها .. بسبب تدهور صحة طيف .. كانوا يشاهدون الكرتون ومجبرين علي مشاهدته من اجل صبا الصغيرة.. اصبحوا يمشون علي مزاجها ورغاباتها.. زفرت طيف قائلة ( وبعدين بقا في ام الكرتون الي مبيخلصش دا ياست صبا.. عايزين نتفرج علي فيلم) هزت صبا رأسها بنفي قائلة ( مليش دعوة انا عايزة اشوف كرتون روحوا اتفرجو عالتليفزيون الي في اوضتكم) قال تيم بتهديد وهو ينظر لصبا ( يعني تفضلي هنا لوحدك ونطلع احنا) صمتت لقليل من الوقت ثم قالت ( لا طبعا لما انام بقا) امسكتها طيف من ملابسها وهي تهزها قائلة ( انتي رهيبة انتي) ابعدت صبا يديها عنها قائلة ( بس بقا فلهدتيني 'فرهدتيني') قهقه تيم بخيبة امل قائلاً ( خلاص ياستي سيبيها بقا الله) فتركتها طيف بعبوس وهي تكمل مشاهدة الكرتون حتى غفت بينهم فحملها تيم لغرفتها.. ثم توجه لغرفته فوجدها مستلقية في انتظاره فأبتسم بخفة والتصق بها هامسا ( اي الكلام الليلة) قهقهت بغنج قائلة ( اممم مش عارفة) اقترب من اذنها مقبلا اياها ثم همس ( انا اقولك.. الكلام علي اني بحبك جدا لا انا بموت فيكي وبعشق الايام الي جمعتنا سوا.. ومش هنفكر فالماضي عشان بيوجعنا بس هنقول ان مستقبلنا هيكون حلو جدا بوجودك ووجود صبا بنتنا.. طيف انا عمري ما بينت لحد ضعفي وتعبي غير ليكي وكدا ومحدش صان قلبي غيرك فانتي متربعة كدا عليه.. وانا مقدرش اعيش بدونك خالص ياطيف.. عايز افضل جنبك ومعاكي.. انتي لما بتسيبيني يوم ببقى تايه زي العيل الصغير.. انتي حناني واماني.. وانا بشكر ربنا عليكي وعلى طيف وبقول كدا رضا الحمدلله) كانت عينيها مدمعة وهي تستمع لكل كلمة يقولها ثم عانقته بقوة قائلة ( انا كمان بحبك اوي ومقدرش اعيش من غيرك لا انا ولا صبا.. انت كل حاجة لينا في الدنيا دي) بادلها العناق وهو يقبل خدها نزولا لعنقها.. لينعم برحيقها.. تلك هي الجنة التي ينعم بها على الأرض والحنان الذي يناله منها.. يغوص معها في اشواق وعشـق لا ينتهي طالما انفاسهم تخرج وتعود.. مكملين بعضهم دون القدرة على العيش وحدهم.. دون القدرة على العيش بدون الآخر..
..........................................................................................................................................................
- نور وتامر -
** في صباح يوم جديد مليئ بالاشراق.. سماء بسحاب يُظهر إبداع الله في خلقه.. ف سبحانه هو من زين السماء.. كانت ترتدي ملابسها والإبتسامة الواسعة علي شفتيها.. دلف إليها تامر مبتسماً هو الآخر قائلاً بدفئ ( ها جهزتي؟) هزت رأسها بإيجابية قائلة بحماس ( اه خلصت.. يلا بقا عشان انا مستعجلة) امسك يديها واوقفها امامه واضعاً يديه حول كتفيها قائلاً بحنان ( نور انا بعمل كدا علشانك.. عشان انا عارف اني لما اعمل كدا هشوف الفرحة دي تاني في عينيكِ.. اه انا متشوق جداً للحظة دي بس مش اكتر منا فرحان اني بفرحك.. عشان انتي اهم حاجة عندي وكل حاجة عندي) عانقته بقوة بعدما انتهى من كلامه وهي تقول بحب ( وانت كل حاجة عندي يا تامر انا بحبك اوي اوي.. ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك ابدا) ابتسم بدفئ وهو يبادلها عناقها وهو يدعو الله داخله ان يهدي بالها وباله وان يعطيهم الصبر.. ابتعد قليلا عنها ثم امسك يديها قائلا ( طب يلا عشان نمشي عشان منتأخرش بقا) هزت رأسها سريعاً ثم غادرت معه للملجأ.. تحدث مع مديرة الملجأ ثم استلموا طفلة صغيرة بملامح بريئة لا تكُف عن البكاء.. بعمر السنتين تدعى ' ملك ' حملتها نور بين يديها قائلة بحنان بالغ ( اي يانور عيني بتعيطي ليه.. تعالي ليا متعيطيش) نظرت اليها ملك تتعمق بملامحها ثم استندت برأسها علي كتفها وهي تتمسك بها بقوة.. دق قلب نور بعنف لتلك البريئة التي بين يديها وعناقتها لتو بتلك البراءة والحنان نظرت لتامر بحب ثم ابتعدت ببصرها مرة اخري لمديرة الملجأ قائلة ( شكرا اوي ليكي بجد شكراً..) القيا التحية علي بعضهما ثم غادرا للسيارة وملك تجلس في احضان نور وتنظر لتامر بهدوء.. قالت نور بدفئ قاطعة ذلك الصمت ( بصي ياقلبي دا بابي وانا مامي اوك؟) نظرت لها ملك بهدوء ثم ابعدت نظرها للنافذة تنظر للخارج وللناس وللطريق.. قال تامر بخفوت لنور ( لسه شوية لما تستوعب واحدة واحدة عليها) ابتسمت قائلة ( اكيد..) اوصلهم للمنزل وهو توجه للعمل بينما اخذت نور ملك للغرفة التي جهزتها لها عندما علمت من تامر انه سيتبنى لهم طفلة.. كانت الغرفة مزينة كـ احلام اي فتاة.. اخذتها نور واعطتتها حماما دافئا والبستها ملابس جميلة بينما ملك تمشي خطوة خطوة صغيرة ترى الغرفة التي سرقت انظارها بلونها الزهري وعلى الحائط رسومات الاطفال... ثم رأت صندوقاً كبيراً فتوجهت له ونظرت لنور لتساعدها بفتحة.. وقفت نور وفتحته ف كان به العاباً كثيرة جديدة.. صفقت الصغيرة بيديها بحماس وهي تدب قدميها بالارض صارخة ( هييييييه لعبة) ابتسمت نور لعفويتها ثم بدأت تخرج لها الالعاب من الصندوق وتلعب معها.. كانت نور في غاية السعادة لذلك الشعور التي تشعر به وهي مع ابنتها ملك.. لا تشعر بأي ألم الآن بل تشكر ربها وتحمده على كل شئ فهو لديه الحكمة دائماً..
.........................................................................................................................................................
8
- فرح وسليم -
اخرجها من المستشفى للمنزل وهو يعتني بها اشد اعتناء.. يحاول ان يهدأ نفسيتها في اكثر من طريقة ولكن لا فائدة فما ببالها يُحزنها كثيراً.. وضع امامها صينية الإفطار قائلاً بخفوت ( يلا عشان نفطر يا فرح) نظرت داخل عينيه ثم ابعدت نظرها سريعا من نظرة اللوم التي يحملها لها لما تفعله بحالها.. أخذت منه صينية الطعام ووضعتها جانباً ثم نظرت داخل عينيه قائلة ( انا الي بيحصلي مش قد طاقتي والله يا سليم انا...) اصمتها بـ هشهشته قائلاً ( ششش بس يا فرح انا معنتش عايز اتكلم في الموضوع.. انا هكلمك في نقطة واحدة عشان نخلص من الي احنا فيه) كانت تنظر له بخفوت وعينيها تحمل الكثير من الحزن الطاغي عليهم.. تنتظر منه الحديث فأخذ نفسا عميقاً ثم تحدث قائلاً ( وعد راحت عند الي خلقها... متعزش على الي خلقها يافرح..) هنا اخفضت فرح بصرها بوجه باكي فأكمل وهو يضغط على يديها ( يا فرح.. انتي دلوقتي في بطنك روح عايزاه لما يجي يبقى اي ولا ازاي بحالتك دي.. ربنا بيعوضنا يا فرح صدقيني وعوض ربنا كبييير اوي ياحبيبتي.. الحمدلله هيرزقنا بطفل يعوضنا وشغلي كويس وبقبض كويس والحال كويس.. وانتي ماشية بتسعي في حلمك في المعرض الي انا فتحتهولك للرسم.. ابنك ولا بنتك لو جه وشاف الحال بتاعنا كدا احنا هنكون بنظلمه اوي يا فرح.. بنظلمه اوي اوي اوي يعني .... وقتها مينفعش نلوم. ... لازم نرجع نشوف حياتنا وطريقنا) هزت رأسها بإيجاب فمال عليه يضمها لصدره يستقبل دموعها بترحاب فهو يعلم انها تحتاج لتلك الضمة الآن اكثر من كل شئ.. تحتاج لمن يواسيها ويخفف عنها وان كان عليه فهو لا يتركها إطلاقاً بل يخفف عنها.. بعد قليل من الوقت ابتعدت وهي تمسح دموعها بكفيها قائلة ( اوعدك اني هرجع زي الاول ونرجع لحياتنا الطبيعية.. الحزن مبيرجعش حد فعلا ياسليم..) قاطعها قائلا بدفئ ( بس ربك بيعوض) ثم وضع يديه علي بطنها فوضعت يديه فوق يديها قائلة ( الحمدلله ياسليم..) ابتسم بحب واقترب يقبل مقدمة رأسها ثم اخذ صينية الطعام وضعها بينهم ومد يديه بـ لقمة طعام يطعمها هو......
نظر إليها اثناء تناولاهم الطعام قائلا ( اي رأيك اكلمهم يرجعو يفتحو المعرض تاني ويعملوا اعلانات) هزت رأسها بإيجاب قائلة بإبتسامة خافتة ( ماشي ليه لا.. نبدأ من تاني) فأبتسم داخلياً وخارجياً لذلك الشعور الذي يتملكه الآن فهو سعيد برجوع الروح لها.. سعيد بأنها بدأت تستوعب ذلك الكلام.. يعلم انه ليس من بداية الأمر ولكن في كل مرة سيحاول معها قدر المستطاع دون الضغط على نفسيتها حتى يعيدها كما كانت.. فرح السابقة..
.............................................................................................................................................................
حنين وليث -
كانت تقف في المطبخ تُعد الشطائر لهم.. دلف مازن وهو يبكي بأنزعاج فزفرت بضيق ( مالك النهاردة يا مازن؟) غسلت يديها ثم حملته لها وهي تمسد على شعره بحنان.. فوضع هو رأسه بأحضانها وهو مستمر بالبكاء فخرجت به من المطبخ وجلست على الاريكة وهي تفتح فمه لترى أسنانه فهو في عُمر النضج.. تكبر اسنانه فيتعكر مزاجه فـ يبكي تنهدت حنين بخفوت وهي تحتضنه ( خلاص يا ميزو بقا متعيطش..) سمعت صوت اغلاق باب المنزل بعدما انتهت من حديثها فوجدت ليث وماريا عائدين من الخارج.. نظر ليث لـ مازن باستغراب قائلا ( ماله ياحنين بيعيط ليه؟) تحدث بخفوت ( حمدلله عالسلامة.. بتطلعه سنه وبتوجعه) جلست ماريا جوارهم وهي تمسد علي شعر مازن بحنان قائلة ( الف سلامة يا ميزو!) أبتسمت حنين لها بحنان قائلة ( الله يسلمك ياقلبي) جلس ليث هو الآخر قائلا بدفئ ( طب مافيش مسكن ياخده عشان يروق) وضعت مازن في احضان والده وذهبت لتجلب الدواء من الغرفة... اعطته الدواء بعد معاناة منه ليأخذه ثم بدأ ليث يهدأه حتى يكُف عن البكاء ...  بينما هي انتهت من اعداد الشطائر وخرجت من المطبخ تجلس بينهم بينما مازن مازال يجلس في أحضان والده.. وليث يمسد علي شعره بحنان ومبتسم بخفوت لحال عائلته الصغيرة تلك.. يحمد الله على وجودهم  حوله.. يحبهم حد الجنون ويخاف عليهم كثيراً.. يعاملهم جميعاً كأطفاله من اكبرهم لاصغرهم.. حتى تلك المرأة التي سرقت قلبه منذ اول لقاء.. يحبها كـ طفلته و زوجته و كل ما يملك.. جعلته يتأكد انه عندما اختار شريكة لحياته اختار جيداً.. فهو كان يخاف فكرة الزواج من اجل عدة أمور في حياته ولكنها تفهمت كل تلك الامور بصدر رحب.. تفهمت كل شيء يمر به .. ووقفت معه.... قضيا يوماً هادئا مع انزعجات مازن الصغير التي لا تهدأ.. ناما الصغيرين وهي دلفت لغرفتهم وجلست جواره مبتسمة ( اخبار شغلك اي؟) جذبها لاحضانها وهو يسند رأسه على كتفها قائلاً ( زي الفل الحمدلله ..) أبتسمت بحب وهي تمسك يديه بين يديها قائلة ( الحمدلله ياحبيبي ربنا يرزقك يارب) رفع يديهم وقبل يديها بحنان فتنحنحت هي بخفوت قائلة ( طب عايزة اقولك علي حاجة؟) قوص حاجبيه بأستغراب ورفع رأسه ينظر لها قائلاً ( قولي؟) ابتسمت بخفوت وصمتت قليلاً ثم قالت ( انا حامل) نظر لها بصدمة واعتدل بجلسته هامسا ( ها؟) توسعت إبتسامتها قائلة ( انا حامل..) رُسمت البسمة على فمه فبدأت تزداد وهو يقول بحماس ( لا بالله.. اي الحلاوة دي) قهقه بخفوت واقترب يحتضنها قائلاً بدفئ ( الف مبروك ياقلبي ..) ابتسمت بدفئ وهي تمسد على ظهره قائلة ( الف مبروك ليك انت كمان) قبلته على خده برقة فابتعد قليلاً ووضع يديه علي بطنها هامساً ( ربنا هيرزقنا بـ تاني طفل لينا.. ربنا يجيبه بالسلامة ويملى علينا حياتنا مع اخواته) إبتسمت بحنان قائلة ( يارب يا حبيبي .. ربنا يخليكو ليا انتو الاكل) عانقته مرة أخرى بينما هو بادلها هامساً بعشق ( بحبك .. انتِ نعمة من ربنا ليا.. أحلى نعمة كانت ليا وبفضل أشكر ربنا عليكِ وعلى وجودك في حياتي..) كانت تغمض عينيها تستمع لحديثه العاشق بينما هي تبتسم بحب ثم همست بـ هيام قائلة ( وأنا بعشقك .......... )
.....................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
ورد وعلي -
** كان يحمل ابنه ' يزيد' وهو يغني ويلعب معه بألعابه ( مين حبيب بابا؟) خرجت من المطبخ وهي تردد معه ( يزيد) اكمل بضحكة ( ومين روح بابا؟) اجابته وهي تجلس على الكرسي جوارهم وتقطع الخضروات بنبرة ساخرة ( ورررد) كان يزيد يصفق بيديه وعندما سمعها تقول 'ورد' عبس بطفولية وهو ينظر لها قائلاً بصوت طفولي متقطع ( لا.. انــاا) قهقه علي وهو يحمله في احضانه قائلا ( طبعا ياحبيبي اومال!!) مال يزيد برأسه لـ ورد واخرج لسانه لها يعاندها فنظرت له وهي تضيق عينيها وكأنها تشير لشيئا شريرا في نظره فخبأ نفسه جيداً داخل احضان والده.. قهقهت بقوة على طفولته وبراءته.. قهقه علي هو الآخر بخفوت قائلاً ( اجمد كدا ياض اي الدلع دا... متخافش) لوت ورد شفتيها وهي تقول ( دا صغير ياحبيبي نونو نونو) ثم وقفت من مكانها وتوجهت نحو المطبخ مرة أخرى تُعد وجبة العشاء لهم.. بينما تستمع لهمهمات ابنها وزوجها العزيز.. تتذكر كيف كان صعباً في البداية لإقناع أهلها بالزواج منه.. وهو كان مشلـولاً.. ولكن مع المحاولات والإنجازات العظيمة في نظرهم من ناحية علي وافقوا.. وبعدما اقتنعوا أيضاً انه سيكون بحال جيد مع العلاج... انتهت أخيراً من إعداد الطعام ووضعه على الطاولة ثم بدأو جميعاً في تناوله وهي تساعد الصغير يزيد على الأكل... حالهم كـ حال أي أسرة في هذا المجتمع يكون بها الحب ويكون بها المشاكل والمشاجرات.. ولكن في كل ركن من أركان هذا المنزل الصغير الكثير من الحـب والعـطـف والحنـان.. انقطعت ورد عن عملها لمراعاة أسرتها وطفلها.. وذلك كان قرارها وليس قراره.. فجعلته يتقن انه بالفعل اختار صحيح وعندما صبر الهمه الله نتيجة صبره.. وأيقن ان نور لم تكن خسارة.. بل كانت مكسباً للفوز بحبيبة قلبه ورد.. تلك الوردة التي دخلت حياته بعدما فقد الشغف بها والروح.. وجعلت حياته مليئة بالورود حوله.. تفوح الرائحة الجميلة جوارها.. فيسكن ويهدأ قلبه ويرتاح.. انتهوا من الطعام وهي انتهت من أعمالها المنزلية لا تنتهي كل يوم بنفس الروتين.. وجلست بينهم وهي تحتضن ابنها الحبيب لصدرها وتستند برأسها علي كتف علي تشاهد معه التلفاز بدفئ يسكن قلبها .. تلك هي اللحظة المحببة لقلبها.. اللحظة التي لا تتمنى ان تنتهي يوماً بل ان يكونوا هكذا دوماً مع طفلهم.. او اطفالهم في المستقبل القريب.. همست بإبتسامة عاشقة ( انا بحبك اوي) مال برأسه على رأسها وقبل جبهتها هامساً ( انا بعشقك اوي ياوردتي...!!)...
....................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
2
فارس وقمر -
** عاد من عمله وعلامات التعب واضحة على وجهه.. علامات الحزن طاغية اكثر.. خرجت قمر من المطبخ على صوت اغلاق الباب وهي تقول بخفوت ( انت جيت يا فارس؟) هز رأسه وجلس على الاريكة واضعاً رأسه بين يديه فظهرت علي ملامحها علامات الاستغراب وهي تقول ( مالك يافارس ياحبيبي..؟) ثم جلست جواره ووضعت يديها فوق كتفه.. ظل صامتاً لدقيقة ثم اثنتان.. ثم بادر ( مخنوق شوية من الشغل!) ردت بنبرة مستغربة ( اي حصل يعني يخنقك كدا؟) فرك وجهه بيديه قائلا ( توفى مريض في العمليات النهاردة) شهقت قمر شهقة صغيرة ثم وضعت يديها علي فمها ونظرت له بحزن بالغ لما عاشه اليوم في عمله.. فلقد مات امامه أحدهم اليوم وخسرته عائلته.. شئ صعب على مشاعر الإنسان ويؤلم بحق.. شئ ثقيل علي القلب.. اقتربت منه اكثر وهي تحتضنه وتضمه لها كالأطفال قائلة ( ربنا يرحمه ياحبيبي قدر الله وماشاء فعل.. دا نصيبه!) قال بنبرة مختنقة ( صعب اوي صعب اوي لما شوفت امه عماله تعيط عليه َولا مراته.. وولاده كلهم كانوا بيعيطوا المشهد أصعب من انه مات قدامي.. مشهدهم أصعب على قلبي .. بيفكرني بوفاة بنت سليم وشكلهم .. قد اي الفُراق صعب يا قمر!) اخذت نفساً عميقاً وهي تتفهم حديثه قائلة بخفوت ( ربنا يرحمنا جميعاً ويهون علينا لحظات الحزن دي..!) ظلت تمسد على شعره وهو بأحضانها كالأطفال تماماً.. حتي ظهر الطفل الحقيقي وهو يضع في فمه لعبة ويلهو بها.. أتى راكضاً لينعم معهم بذلك الحضن قائلاً بصراخ ( بااابي.. مامييي) ثم تسلق كالقرد تماماً علي قدم قمر وهو يعانقها ببراءته فقهقهت بخفوت قائلة( اهو جه حبيب قلبك ياعم!) ابتسم فارس بدفئ وهو يقبله من خده قائلا ( اهلا يخويا اهلا ياقرد).. اقترب منه إياد يقبله هو الآخر ويضحك بطفولية ويضع في فمه لعبته مجدداً.. ابعدتها قمر قائلة ( كدا يع بطنك هتوجعك..)  قام من على قدميها وذهب بعيداً ليضع اللعبة في فمه دون اي إعتراض من اي حد.. ضرب فارس كف على الاخر قائلا ( بيلاقي طريقة يريح دماغه بسرعة.. انا طالع اغير هدومي) قهقهت بخفوت وهي تهز رأسها له ( ماشي) ثم قامت من جواره وهي تصرخ ( اياااااد..). فركض الصغير من امامها حتى لا تأخذ منه اللعبة وهي تركض خلفه لتأخذها كـ توم وجيري وهما يتشاجران من اجل اي قطعة جبن .... فأبتسم فارس بخفوت وتنهيدة.. ثم صعد للأعلى وهو يفكر بعائلته الصغيرة تلك وما الطرق لإسعادها.. فهو ليس لديه غيرهم.. زوجته التي تخفف عنه الألم والحزن والنكبات.. وابنه الحنون الذي يقابله بالعناق عندما يعود من عمله.. او يساعده في بعض الأمور التي يستطيع ان يساعد بها..
انتهى من تبديل ملابسه ثم خرج من غرفته وتجمعوا ثلاثتهم على طاولة الاكل ليتناولون الطعام بدفئ ينعم ويسود بينهم ......
...........................................................................................................................................................................................................................
سليم وفرح -
مرت الشهور والصراخ يدوي في المنزل وهي تتألم من بطنها ( الحقنييي يا سليم.. بطني ياسليم الحقني) خرج من غرفته سريعاً وراكضاً اليها قائلاً بخوف وصراخ ( مالك يافرح؟؟ فيكيي اي؟؟) صرخت بوجهه وهي تمسك بملابسه بقوة قائلة ( بولددد ياسليم بووولد) شهق بعنف وهو ينظر لها ولبطنها المنتخفة ثم لها مجددًا قائلا بإبتسامة شاذة ( بجدد؟) صرخت بقوة في وجهه فحملها بفزع راكضاً للمستشفى .. وأخيراً وصلوا بعد صراخها المستمر والمستمر .. ادخلوها غرفة العمليات لتأتِ بحياة جديدة لتلك الدنيا .. حياة لهم ولروحهم .. حياة ستعم عليهم السعادة والدفئ .....
وصل كريم ومعه حور ينتظرون معه حتى خروجها .. او خروج طفلهم .. ماهي الا دقائق حتي سمعت اذنيه صوت الحياة.. صوت صراخ صغيرته الثانية ... اغمض عينيه براحة وابتسامة كبيرة تشق شفتيه هامساً (شكرا يارب) ثم وجد الممرضة تخرج بصغيرته فـ همس (وحياة جديدة هتبتدي بقصة جديدة ملهاش نهاية...)
تمـت بحمد الله

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-