رواية انا لها شمس الفصل السادس عشر 16 بقلم روز امين
رواية انا لها شمس الفصل السادس عشر 16 هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة روز امين رواية انا لها شمس الفصل السادس عشر 16 صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية انا لها شمس الفصل السادس عشر 16 حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية انا لها شمس الفصل السادس عشر 16
رواية انا لها شمس الفصل السادس عشر 16
عادت من موعدها بقلبٍ يهيمً عِشقًا وعقلاً يُجنب كل مخاوفهُ لينقاد مستسلمًا لحكم الهوى ورغبة الفؤادِ،تاركًا زمام أمورهُ لذاك القلب الذي فلت لجامعه وانطلق لعنان السماء ليسبح ويمرح متغاضيًا عن كل ما قد يؤرق عليه حياته ويفسد سعادته،ولجت لداخل الحمام بعد أن قررت الحصول على قسطًا من الإستجمام،اتجهت نحو حوض الإستحمام حيث ملئته بالماء الدافىء وسكبت بداخلهُ بعضًا من سائل الصابون وبعض أوراق الزهور ومزيجًا من بعض الزيوت العطرية لتغمر جسدها وتغمض عينيها لتدخل بحالة لذيذة من الإسترخاء،كانت تتنفسُ بهدوء وبسمة حالمة لم تفارق شفتيها وهي تسترجع مقابلتها معه بالكامل، نظراته الساحرة التي جعلت منها أسيرةً، ناهيك عن كلماتهِ الفاتنة التي استحوذ من خلالها على جميع حواسها وسحبها معه لعالمه المُبهر،ظلت على وضعها لفترة طويلة حتى شعرت بالإسترخاء التام لتخرج مرتدية ثياب الحمام وتتجه نحو خزانة الملابس لتنتقي ثوبًا هادئًا وترتدية، تحركت للمطبخ لتتأكد من أن عزة قامت بتجهيز الاصناف التي طلبتها منها لارا لحضور العشاء معهم
بعد قليل كانت تقوم بوضع الصحون الفارغة فوق الطاولة لتجهيزها لحين وصول تلك الجميلة
صدح رنين جرس الباب ليهرول الصغير إستعدادًا لفتحه قبل أن تتبعه عزة التي استبقت خطواته لتنظر من فتحة الباب السحرية قبل أن تبتسم وتُشرع بفتح الباب بعد ان إطمأنت،ابتسمت لارا ليصرخ الصغير باسمها وهو يهرول ليرتمي بداخل أحضـ.ـانها مرددًا إسمها بسعادة قابلتها هي بكثيرًا من الحبور وهي تحمله وتلج به للداخل:
-وحشتني يا چو
-إنتِ كمان وحشتيني كتير يا لارا... نطقها ببرائة لتنظر للسائق الذي يحمل الكثير من حقائب الهدايا وهي تقول:
-إدي الشُنط لعزة واستناني في العربية يا عم عيد،
لتستطرد بعد تفكير:
-ولا اقول لك، روح بيتك اتعشى مع أولادك ولما أخلص هتصل بيك
-حاضر يا هانم... نطقها الرجل بطاعة ليناول ما بيده إلى عزة التي وضعتهم فوق طاولة جانبية وانسحبت خلفه لكي تغلق الباب
خرجت إيثار للترحيب الحار بضيفتها الجميلة ليدخلا لغرفة الطعام مباشرةً لتتطلع لارا للاطعمة المتواجدة فوق الطاولة وهي تقول بصوتٍ حماسي:
-كل الاكل الحلو ده علشاني؟
-وإحنا في ده اليوم اللي ست البنات تيجي تتعشى عندنا...كلمات ترحيبية نطقتها عزة بسعادة لتكمل إيثار على حديثها:
-عملنا لك كل الأكل اللي بتحبيه، يارب بس يعجبك
نطقت وهي تسحب المقعد لتجلس إستعدادًا للبدأ بالطعام:
-أكيد يا قلبي هيعجبني، ده كفاية إنه من صُنع إديكي إنتِ وعزة
التف الجميع حول الطاولة وشرعوا بتناول الطعام لتهز لارا رأسها وتقول باستمتاع وهي مغمضة العينين ويبدوا على وجهها التلذذ بمذاق الطعام:
-يا جمال وطعامة ولذاذة الرُقاق
هتفت عزة بإيضاح:
-ده عمايل إيثار، دوقي بقى الفتة السوري وقولي لي رأيك فيها علشان أنا اللي عملاها
ابتسمت الفتاة لتجيبها بحديثٍ لين لقلبٍ رقيقًا هين:
-أكيد روعة، كل حاجة بتعمليها تجنن يا عزة
-ربنا يكرمك يا بنت الأصول... هتفت لارا بحماس وهي تنظر للصغير:
-أنا جبت لك هدايا تجنن، هنلعب بيها مع بعض بعد العشا يا چو
اشتدت سعادة الصغير لتسترسل الفتاة وهي تنظر إلى عزة:
-وجبت لك إنتِ كمان هدية يا عزة، يارب تعجبك
مغلبة نفسك ليه بس يا بنتي...قالتها بعينين شاكرتين لتسترسل بامتنان وهي تتطلع إلى إيثار:
-دي إيثار الله يكرمها مش مخلياني محتاجة لحاجة
مطت شفتاها للأمام مدعية الحزن لتنطق بكلماتٍ لائمة:
-طب هو أنا مش زي إيثار ولا إيه يا ست عزة، ولا هتخليني أزعل منك.
ابتسمت لها وأجابتها بصدقٍ:
-ربنا يعلم معزتك في قلبي
تابعوا تناول طعامهم وسط أحاديثًا شيقة دارت بين الجميع، بعد قليل انتقلوا إلى البهو جلست إيثار فوق الاريكة بينما تجلس الفتاة أرضًا بجانب الصغير وهما يحاولان تركيب قطع القطار اللُعبة ليصفقا معاً بعدما نجحا بمهمتهما واشتغل القطار لتنتقل هي بجانب إيثار تاركة الصغير الذي تابع اللهو بالقطار
وضعت كف يدها تحتوي به خاصتها لتتحدث بامتنان:
-مش عارفة أشكرك إزاي يا لارا على اهتمامك بيوسف، الولد بيحبك جدًا وبيفرح قوي لما بيشوفك
-أنا كمان ماتتصوريش سعادتي لما بقعد والعب معاه... واسترسلت بضحكاتٍ ساخرة من حالها:
-أنا بحس إني رجعت بنت صغيرة لما بكون معاه
ابتسمت إيثار لتتحمحم الفتاة قائلة بعيونٍ زائغة:
-عاوزة أحكي لك على حاجة حصلت
-قولي يا قلبي...تنهدت الفتاة لتقول بعينين حائرة وارتيابٍ ظهر فوق ملامحها البريئة:
-وليد رجع يكلمني تاني وعاوزنا نرجع لبعض،تخيلي يا إيثار، بيقولي إنه مش قادر ينساني حتى بعد الكلام الصعب اللي قولته له اخر مرة
تنهدت براحة لتجيبها بنبرة عاقلة:
-وده يثبت كلامي عنه ونظرتي فيه، وليد بيحبك بجد يا لارا، اتحملك واتحمل عصبيتك وحالتك النفسية بعض موت بسام
صمتت لتسترسل بأسى:
-ده أنتِ اتهمتيه بإنه السبب في مـ.ـوت بسام؟
بشعورًا مؤلم تحدثت الفتاة بما يؤرق نفسها:
-أنا محتارة يا إيثار ومش عارفة اعمل إيه،مكذبش عليكي،من ساعة ما كلمني وأنا فرحانة قوي وسعيدة إنه لسة مستنيني ومرتبطش لحد الوقت، بس في نفس الوقت خايفة، شعور إن وجوده في حياتي وحبي ليه هو اللي جنن بسام وخلاه يتصرف بالطريقة دي مش بيفارقني، خايفة ارجع له وبعدين أفشل ومقدرش أتخلص من الاحساس بالذنب المشترك بينا بقتـ.ـل بسام،خايفة من الفشل يا إيثار
زفرت إيثار لتجيبها بنبرة حاسمة:
-هرجع وأقول لك إنك لازم تروحي للدكتور النفسي وتتابعي معاه علشان تتخلصي من عقدة الذنب اللي ملازماكي طول الوقت، واللي ملهاش اساس من الصحة أصلاً
استدارت لتمسك كفيها وهي تقول بنبرة حنون:
-إنسي اللي حصل وحاولي تعيشي حياتك مع الإنسان اللي بيحبك وشاريكِ
أخذت نفسًا عميقًا لتقول بعد حسم قرارها:
-خلاص يا أيثار،أنا هخلي أحمد ياخد لي ميعاد مع الدكتور اللي عنده في المستشفى
باغتتها الاخرى بإصرار:
-وتكلمي وليد وتقولي له إنك موافقة ترجعي له ،بس بشرط يتقدم لك رسمي زي ما طلب منك قبل الحادثة
ابتسمت بخجل ليهتف الصغير بسعادة:
- يلا يا لارا علشان نلعب
ضحكت لارا لتهبط سريعًا تنضم لذاك البرئ لتشاركه اللعب
********
باليوم التالي، في تمام الساعة الثانية ظهرًا،كانت مندمجة بالعمل على جهاز الحاسوب تنظر بتمعن شديد على شاشتهُ من خلال نظارتها الطبية بينما تتحرك أناملها فوق لوحة الكتابة بسلاسة وطلاقة،قطع إندماجها صوت رنين هاتفها الجوال لتتوقف وتنظر عليه وبلحظة اعتلت إبتسامتها ثغرها ليُضيء وجهها تلقائيًا حين وجدت نقش حروف اسمه التي زينت الشاشة لتحول من قلبها الهادئ لمتراقص،خلعت عنها النظارة ثم أمسكت الهاتف لترد بصوتٍ بذلت قصارى جهدها ليبدوا هادئ:
-ألو
-هتصدقيني لو قولت لك إن دي أرق ألو سمعتها في كل حياتي...نطقها بصوتٍ يفيضُ رجولة لتبتسم قائلة بعدما أرادت مشاكستهُ:
-وبعدين معاك يا سيادة المستشار،بالراحة عليا أنا مش قدك
بصوتٍ صادق أجابها:
-ده سيادة المستشار هو اللي طلع غلبان ومش قدك
ليسترسل مخبرًا إياها بملاطفة:
-بقى أنا افضل طول الليل سهران علشان طيف عيون سيادتك ملازمني ومش سايبني في حالي، ولما بصعوبة أنام الساعة تلاتة الفجر ألاقيكِ جاية لي كمان في أحلامي
ابتسمت بسعادة ليتابع باستنكار مصطنع:
-لا واللي أفظع من كده إني ولأول مرة في حياتي من ساعة ما اتعينت في النيابة أعمل مكالمة شخصية من مكتبي،علشان تتأكدي إنك قدرتي تسيطري على كل جوارح فؤاد علام وتخليه يكسر ويخالف ثوابت حياته،مش عارف هتوصليني معاكِ لحد فين؟
تنهد وبدأ بلف مقعدهِ يمينًا ويسارًا باسترخاء ليتابع مستطردًا بنبرة رجل يذوبُ عشقًا:
-غيرتيني قوي يا إيثار، غيرتيني لدرجة تخوف
-بقي إيثار المسكينة عملت كل ده في فؤاد علام؟!... نطقتها بدلال جعل من قلبهِ هائجًا متوهجًا ليرد عليها بمراوغة:
-والله ماحد طلع مسكين غير فؤاد علام
ابتسمت وتحمحمت قبل أن تقول باستئذان متهربة من كلماته التي تسحبها لعالم مليء بالحالمية وليس هذا بالمكان المناسب لتلك المحادثات:
-لو قولت لك إني مضطرة أقفل تزعل مني؟
-مقدرش أزعل منك...قالها بصوتٍ حنون ليتابع مفسرًا موقفه:
-أنا أسف بجد، أنا كنت مكلمك علشان أشتكي لك من طيف عيونك اللي عذبني معاه طول الليل، وكنت مقرر أقفل بسرعة علشان معطلكيش عن شغلك
واستطرد بصوتٍ متأثر:
-بس كعادتي معاكِ،الكلام مبيخلصش وجملة بتجر جملة وموضوع بيجيب موضع وبنسى الوقت وياكِ.
-إيثار...نطقها حين طال صمتها كي يطمئن عليها ولكن،إين هي إيثار، لقد ذابت الفتاة كقطعة شيكولاتة وقعت بكوبٍ من الحليب الساخن لتنصهر وتذوب في الحال،انتبهت فور نطقهِ لاسمها لتقول ببحة مؤثرة بصوتها:
-نعم
-عنيكِ حلوة قوي...قالها قاصدًا وهو يبتسم بخبث بعدما تيقن من إنصهار مشاعرها من أثر كلماته الساحرة ليتابع مسترسلاً بعدما قرر أن يرأف بحالتها:
-انا هقفل علشان تشوفي شغلك، وهكلمك على الساعة عشرة بالليل
وافقته فأنهى المكالمة لتتنفس بعمقٍ وباتت تتفقد حرارة وجنتيها التي توهجت جراء كلماته التي نقلتها لعنان السماء
بينما وقف هو ليتحرك حتى وصل لنافذة مكتبه الزجاجية ووقف يتطلع للبعيد بعينين لامعتين بوميض الهوى،انتشى داخلهُ وبلحظة تعجب وبات يلوم حاله،كيف سمح لعقله الواعي بالإنجراف كالمغيب خلف مشاعرهُ الهوجاء،مازالت مخاوفه من تكرار الماضي تلاحقه برغم محاولاته بالمضي قدمًا،بالنهاية قد وقع صريعًا لعيناها لكنه سيوازن اموره بالتأكيد ولن يسمح لأخطاء الماضي بأن تتكرر.
********
داخل الحديثة الخاصة بمنزل نصر البنهاوي
تتجاورتان سمية وياسمين الجلوس لتنطق الاولى بنبرة بائسة وقد اكتسى وجهها بالحزن واليأس:
-أنا تعبت يا ياسمين ومبقتش عارفة أعمل إيه،كل يوم بيعدي وبيقربنا من الإنتخابات بحس إن روحي بتتسحب مني، مصيري بقى متعلق بالإنتخابات ونهاية حياتي مع عمرو بتقرب
وعلى حين غرة التفتت إليها لتهتف بنبرة حاقدة:
-ده أصلاً مش طايقني لا أنا ولا البنت لوحده، تخيلي بقى لما اللي إسمها إيثار دي ترجع هيعمل فينا إيه، ده الواد لما بييجي بينسيه الدنيا وما فيها، أمال لما هي بنفسها تيجي هيعمل معاها إيه؟
تنهدت لتجيبها بما يطمئن قلبها:
-إوعي تكوني فاكرة إنها لما هترجع البيت هتتعامل زي قبل الطلاق، إيثار قيامتها هتقوم بمجرد رجوعها للبيت ده تاني، وحب عمرو وجنونه بيها مش هيشفع لها عند ستهم اللي خلاص حطيتها في دماغها وناوية تطلع القديم والجديد كله على جتتها
لتسترسل بشفقة ظهرت فوق ملامحها:
-طب تصدقي باللي خلقك،رغم إن إبن إيثار بينغص عليا حياتي كل ما ييجي هنا،إلا إنها صعبانة عليا قوي،دي هتشوف أيام أسود من قرن الخروب وبكرة تقولي ياسمين قالت
رفعت كفيها وهي تنظر للسماء وتنطق بكلماتٍ تقطر حقدًا وغلًا:
-إلهي ما تشوف غير الهم والحزن في حياتها إيثار بنت منيرة،ربنا ينتقم منها بحق الظلم اللي شفته من جوزي أنا وبنتي بسببها
انتفضت كلتاهما على صوت مروة التي باغتتهما وهي تهتف من خلفهما:
-يخربيتك ولية بجحة عديمة الحيا،إنتَ مصدقة نفسك وعاملة فيها مظلومة يا عقربة، بقى إيثار هي اللي ظلمتك يا عِرة النسـ.ـوان؟!
واسترسلت بنظراتٍ مذهولة:
-أمال لو مكناش قافشينـ.ـك مع جوزها وفي قلب فرشتها،صحيح اللي اختشوا ماتوا
قالت كلماتها الأخيرة وهي ترمقها بازدراء لتهب الأخرى من مكانها هاتفة وهي تلوح بأصبع كفها بنظراتٍ كارهة:
-تعرفي إيه أكتر حاجة حارقة دمي يا مروة، إني مش قادرة أمد إيدي عليكِ علشان ستهم مش هتسكت،لولا كده كنت جبتك من شعرك وحطيتك تحت رجليا وعرفتك مقامك صح
-لو بنت رجالة بصحيح إعمليها،ومش هقول لك ستهم هتعمل فيكِ إيه، لا...نطقت كلماتها باستفزاز لتسترسل بكبرياء بعدما رفعت قامتها لأعلى:
-أهلي هما اللي هيمحوكِ إنتِ والعرة أبوكِ اللي عرف بفضـ.ـيحة بنته واتكتم علشان فلوس ونفوذ نصر البنهاوي، ولا إنتِ نسيتي أنا بنت مين، وإن عيلتي تاني أكبر عيلة في البلد بعد البنهاوية
ارتسمت ابتسامة ساخرة فوق ثغرها لتسترسل بإهانة:
-ولا أنتِ فاكرة الناس كلها واقعة وملهاش أصل زيك
وصل داخلها لحد الاشتعال لتهرول مسرعة للداخل لعدم وجود كلماتٍ تجابه بها تلك التي انطلقت بوجهها كمدفعية ألقت بقذائفها القوية بوجهها، أطلقت ياسمين ضحكة عالية لتنطق باستحسان وهي تنظر لتلك الواقفة تتطلع على تلك البغيضة وهي تهرب للداخل بابتسامة نصر:
-جدعة يا بت يا مروة، نسفتي جبهتها وجبتيها الارض
التفت لها لترمقها بنظراتٍ قوية وهي تهتف بغضب:
-ولما أنتِ شمتانة فيها كده قاعدة تسمعي لها وتشجعيها على كلامها الفارغ ده ليه؟!
تحركت لتجلس بجوارها لتتحدث الأخرى وهي ترفع كتفيها بلامبالاة:
-يعني هقولها إيه، إديها بترغي وانا بسمع، وبعدين انا لا بطيقها ولا بطيق اللي اسمها إيثار، كفاية عليا إبنها اللي كل زيارة يقلب جوزي وحماتي عليا،وكأنه بمجيته بيفكرهم إني مخلفتش الولد
-وهي إيثار وابنها ذنبهم إيه علشان تحاسبيهم بجهل دماغ جوزك وحماتك... قالت كلماتها الصادقة لتسترسل بسخطٍ:
-وبعدين سيبك من إيثار، إنتِ إزاي أصلاً تقعدي مع واحدة خاطية زي دي،دي واحدة خانت اعز صاحبة ليها يعني ملهاش أمان، والله بستغربك قوي يا ياسمين
لاحت الاخرى بكفها بلامبالاة وهي تقول:
-سيبك من الكلام ده، شكل الدنيا هتولع في البيت بعد الانتخابات ومحدش عارف إيه اللي هيحصل
ربنا يسترها يا ياسمين،بس شكل اللي جاي مفهوش خير لحد أبدًا ...نطقت كلماتها بتأثر خوفًا على تلك الـ إيثار
********
ذهبت إلى مدرسة صغيرها كي تجلبه بعدما اخبرتها المشرفة بأن السيارة الخاصة بنقل الاطفال ذهبت إلى الصيانة فاضطرت للاستئذان مبكرًا من عملها والذهاب إلى المدرسة وما أن ترجلت فوجئت بوجود ذاك الـ عمرو الذي اتفق مسبقًا مع المشرفة لتقول هكذا لـ إيثار بعد أن أعطاها مبلغًا كبيرًا من المال لم تستطع رفضه،زفرت بضيق وتحركت باتجاه بوابة المدرسة ليقترب منها قائلاً بعد أن قطع طريقها:
-إستني يا إيثار،أنا عاوز اتكلم معاكِ في موضوع مهم
رمقته بنظراتٍ حارقة لتهتف بنبرة حازمة:
-إنتَ شكلك مفهمتش كلامي كويس المرة اللي فاتت، وبتصرفاتك الغبية دي هتضطرني أبلغ البوليس
-إسمعيني لأخر مرة وبعد كدة إبقي إعملي اللي إنتِ عوزاه...نطقها بعينين مترجيتين ليسترسل بذات مغزى:
-مش يمكن كلامي يعجبك
أخذت تقلب عينيها بضجرٍ وسخط تلعن بسريرتها غباء ذاك الحقير ليباغتها قبل ان ترفض:
-عندي عرض ليكِ، إسمعيه وقولي لي رأيك
-إتفضل، غني وسمعني... قالتها بسخرية ليبتلع غصته من جفاء معاملتها ويقول متجاهلاً إهانتها:
-أنا اشتريت فيلا في كمبوند هيعجبك قوي وهكتبها بإسمك،وهنقل ليوسف في مدرسة إنترناشيونال هناك واخليه يعيش ولا الملوك،بس إنتِ وافقي وخلينا نرجع ونعيش مع بعض، ووعد مني مش هنزلك البلد أبدًا، هعيش معاكِ هنا حتى لو ابويا هيقاطعني فيها، بس مش هسمح لحد يمسك بكلمة تأذيكِ
تنفست لتجيبه بعدما فقدت القدرة على المجابهة:
-طب بص بقى يا عمرو علشان تريح نفسك وتريحني معاك، لو أنتَ أخر راجل في الدنيا وحياتي واقفة عليك، ولو بقائي في الدنيا مرتبط بيك إنتَ بالذات أنا متنازلة عن حياتي ومش عوزاها،فيه اكتر من كده؟
وكأنه في عالم موازي ولم يستمع لحديثها الكاره:
-يا إيثار أرجوكِ حاولي تفهميني، أنا مش قادر أكمل حياتي من غيرك،من يوم ما سبتيني وأنا حاسس إني ميت،مبقتش بحس بأي حاجة ومبقاش فيه حاجة تفرحني،إنتِ الست الوحيدة اللي انا حبيتها في عمري كله
-وعلشان كده خنـ.ـتني مع زبالة البلد كلها...نطقتها بتهكم لتتابع بسخطٍ:
-الزبالة اللي إنتَ متجوزها مكنتش أول واحدة تخـ.ـني معاها
هز رأسهُ بنفيٍ كي لا يفقد إحترامها اكثر من هذا ليقول بتضليل:
-لا يا حبيبتي صدقيني، ده كانت أول وأخر غلطة في حياتي
صاحت وهي ترمقهُ باشمئزاز:
-كذاب، الحقيرة اللي إنتَ خنـ.ـتني معاها بعتت لي رسايل زبالة بينك وبين الاشكال الشمال اللي كنت ماشي معاهم، في الوقت اللي كنت بتستغفلني فيه وتقول لي إني حب حياتك،... واسترسلت بنبرة تحمل الكثير من الإشمئزاز:
-إنتَ أول واحد إدي له الأمان واسلمه روحي،بس طلعت خايـ.ـن وطعنتي وغدرت بيا،جاي تلعب عليا وفاكرني مغفلة وهصدقك،قولتها قبل كده للحقيرة مراتك لما كلمتني تحذرني من إني أحاول أقرب منك،وهقولها لك إنتَ كمان ويارب تفهم
واستطردت وهي تشملهُ باحتقار:
-محدش بيرمي نفسه في الوحل تاني بعد ما ربنا رضي عنه وخرج منه سالم
-سمية كلمتك إمتى...سؤالاً وجههُ لها بعينين تطلق حممًا جحيمية لتجيبه باشمئزاز:
-روح إسألها بنفسك، وبالمرة خليها تبعد عني، وإنسوني بقى وخرجوني من دماغكم إنتم الاتنين
لتسترسل بنبرة تهديدية:
-وقسمًا برب العزة يا عمرو، ما هعمل حساب لإبني اكتر من كده، ولو ظهرت قدامي تاني حتى لو صدفة، لأبلغ عنك واللي يحصل يحصل
قالت كلماتها لتنصرف للداخل وتركته غارقًا في أفكاره وما فعلته تلك الحقيرة
*********
ليلاً بمسكن عزيز ونسرين الخاص
كان يتمدد فوق فراشه الخاص بغرفة نومه،ساندًا برأسهِ على ظهر التخت يتطلع أمامه بشرودٍ تام وملامح وجه مكفهرة ليلتفت لتلك التي ولجت وبيدها صينية تحمل فوقها كوبين من الشاي الساخن لتضعها فوق الكومود وتعتدل تجاور زوجها الجلوس فوق الفراش،ناولت زوجها كوب الشاي لتسألهُ بعدما لاحظت امتعاض ملامحه:
-مالك يا عزيز؟
إعتدل جالسًا ليتناول منها كوب الشاي وهو يزفر بقوة أظهرت كم الغضب الكامن بداخله ليهتف بنبرة حادة:
-الحالة كل مادا بتضيق، ونصر مش راضي يرجعني انا ووجدي مع رجالته إلا لما أرجع له الهانم للبيه إبنه
واستطرد بأعصابٍ مشتعلة:
-وابويا حط لنا العقدة في المنشار،قفلت زي الدومنا ومش لاقي لها حل خلاص
لوت فاهها واستدارت بجسدها تتناول كوب الشاي لترتشف منه بعض القطرات ثم تنهدت بصوتٍ عالي لتقول:
-عم غانم ده راجل غلبان واختك عاملة زي الحية،بتسحب اللي قدامها بكلمتين ناعمين منها
-منها لله،ضيعيتنا في الأول وشكلها مش هتسكت غير لما تخربها علينا خالص...نطقها بحقدٍ دفين ليسترسل بجشع بعدما التف بجسده نحو زوجته:
-إنتِ اصلك متعرفيش الفلوس اللي عمرو بقى عايم فيها بعد ما اشتغل من ورا ابوه، الواد بقى بيلعب بالملايين لعب يا نسرين،وقالها لي صريحة،لو إيثار رجعت لي هعيشكم في عز عمركم ما حلمتوا بيه
-ربنا يهديها وتراجع نفسها علشان خاطركم...قالتها بفاهٍ ملتوي لتسترسل بنبرة خبيثة كي تستدعي سخط ذاك الحانق على شقيقته اكثر وأكثر:
-بصراحة أنا أول مرة أشوف واحدة كارهة الخير لإخواتها كده
قرب كوب المشروب من فمه وارتشف بصوتٍ عالي ثم تحدث وهو يضيق بين حاجبيه:
-كنت ناوي أخد وجدي ونروح نجيبها نص الليل ولا من شاف ولا من دري، بس ابويا الله يسامحه قفلها في وشي.
-هو انتَ هتغلب يا عزيز،دور في جرابك على خطة تخليها ترجع وأكيد هتلاقي...قالتها بتحريض ليهز رأسهُ بموائمة.
*********
عاد عمرو من القاهرة بعد منتصف الليل ليصعد سريعًا لمسكنه الخاص بتلك الحرباية،ولج لداخل حجرة النوم ليجدها تغط بسبات عميق ليهرول عليها جاذبًا إياها من شعرها لتفتح عينيها بفزع وتصرخ حين باغتها بصفعة قوية وهو يجز على أسنانه بحقدٍ دفين:
-بقى أنا تلعبي عليا يا بنت الكـ.....، بتروحي تتفقي من ورايا مع الأشكال الزبالة اللي زيك وتشتري منهم الرسايل وتبعتيها لـ إيثار؟
-كذابة، والله العظيم كذابة، دي بتقول لك كده علشان تكرهك فيا...قالت كلماتها الإفترائية وهي تقسم بالله كذبًا للخلاص من بين براثن ذاك الغاضب ليباغتها بصفعة اخرى وهو يتابع قائلاً:
-إخرسي، إوعي تجيبي سيرتها على لسانك، دي ستك وتاج راسك وراس أهلك، وبكرة ارجعها واخدك تترمي تحت رجليها زي أقل خدامة في بيتها
حاولت فك وثاقه وهي تصرخ بدموع من شدة الألم:
-حرام عليك يا عمرو سيب شعري
ضغط على فكها بقبضته ليقول بتهديدًا صريح:
-قسمًا بالله لو فكرتي مرة تانية تتصلي بـ إيثار،لاكون قاتـ.ـلك ودافـ.ـنك في مزرعة المواشي،المكان اللي يليق بواحدة زيك
نطق كلماته بحقدٍ ليدفعها تسقط فوق الفراش ليرمقها بازدراء وتحرك للخارج بعدما بصق باتجاهها تعبيرًا عن مدى احتقاره لها لتنظر بغلٍ على الباب وهي تتوعد له ولتلك الحقيرة
*********
بعد مرور مضي بضعة أيام مرت على العاشقان ومازالت حالة الوله وجمال البدايات تسيطران على جوارحهما حتى صار كلًا منهما لا يستطيع النوم براحة إلا بعد سماع صوت الأخر والتشبع ببعض كلمات الغزل التي تغزو قلبيهما وتنعشاه،كانت تحادثه من غرفتها الخاصة لتذوب من سؤالهُ المشاكس لها حيث قال بصوتٍ منتشي:
-هو أنا قولت لك قبل كده إنك حلوة قوي
صوتٍ ناعم لضحكة رقيقة وصل إليه لينعش قلبهُ ويزدادُ إنتشاءًا حين استمع لصوتها المداعب:
-آه، وكتير كمان
رفع حاجبهُ الأيسر ليسألها لمشاكستها:
-قصدك تقولي إني بقيت ممل وكلامي مكرر وسخيف؟
فغرت فاهها بدهشة لتجيبه سريعًا بنفي قاطع خشيةً حُزنه منها:
-لا طبعاً،إنتَ بتقول إيه
لتسترسل بنبرة خجلة غُلفت بالإنبهار:
-إنتَ كل حاجة منك مميزة وغير،كلامك نظراتك حتى إبتسامتك غير
أسمي ده إعجاب؟...قالها بخباثة ليستطرد بأكثر جرأة:
-ولا حب وانبهار
خجلت من كلماته الصريحة ليزيدها عليها بعدما عقد النية عن معرفة مشاعرها تجاههُ ليسألها بنبرة حنون جعلت من قلبها ينتفض ثائرًا:
-أنا أيه بالنسبة لك يا إيثار؟
اشتعلت وجنتيها تأثرًا لا تعلم ماذا يحدث لها معه،وكأن مشاعرها أصبحت بكرًا ولم تخوض اية تجارب عاطفية من قبل، لكن حقًا هو غير بكل شيء، باغتها بسؤالهُ ليضغط عليها قائلاً:
-أنا عاوز إجابة ومش هتنازل
أخذت نفسًا عميقًا كي تستطيع مجابهة ذاك الماكر لتقول بصوتٍ هادئ:
-إنتَ نسمة هوا باردة جاية بعد يوم مشمس حار، هو ده شعوري بيك يا فؤاد
نزلت كلماتها الصادقة على قلبه لتدخلهُ في حالة من السكينة والانتشاء لينطق بصوتٍ هائم:
-تعرفي إني حبيت إسمي قوي منك،لما بتنطقيه بحس إني أول مرة أستطعمه،بيخرج من بين شفايفك كأنه سيمفونية مش مجرد حروف بتتقال وخلاص
أقول لك انا بقى على حاجة...قالتها بصوتٍ منطلق ليجيبها مهمهمًا بطريقة ناعمة اذابت قلبها:
-إمممم
ابتسمت لتتابع بانبهار:
-وانا بسمعك بحس إنك مش بتتكلم زي البشر،كلامك مترتب قوي وبحس إنه شعر مش مجرد كلام من اللي بيتقال طول الوقت.
-طب مسألتيش قلبك عن المسمى الحقيقي للمشاعر دي...قالها بهدوء لتجيبه بخجل:
-سألته طبعاً
-وقال لك إيه؟
ابتسمت بلؤم لتجيبهُ بعدما انتوت مداعبته على طريقتها:
-اللي بيني وبين قلبي أسرار وأنا متعودتش أفتن
ابتسم وصمت قليلاً بعدما عقد النية للدخول داخل عالمها أكثر وبالاخص بعدما أجرى بعض التحريات عنها لكنه أراد ان يختبر صدقها من عدمه من خلال إجابتها وأيضًا هو لم يحصل على جميع تساؤلاته بشأن قصة طلاقها التي يشوبها الكثير من الغموض،ليباغتها متسائلاً:
-إيثار،هو أنا ممكن أعرف سبب طلاقك؟
انزعجت كثيراً من طرحه لذاك السؤال لكنها أعطته الأحقية لاستفساره لتجيبهُ بصوتٍ جاهدت ليخرج مطمئنًا لكنها فشلت ليخرج متألمًا ممزوجًا ببعض الحدة:
-الخيـ.ـانة
نطقتها باقتضاب ليقطب جبينه ويطرح عليها استفسارًا جديدًا:
-أي نوع من الخيانة تقصدي؟!
لما يصرُ على فتح هذا الباب مجددًا،لقد أغلقته وتوارت خلف أحزانه وأقسمت بألا تقترب منه لكي لا تحزن، يبدوا أن عليها فتحه الأن والضغط من جديد على جُرحها العميق، تنهدت لتجيبه باقتضاب:
-هقول لك على اللي تقدر منه تتوقع اللي حصل بس من غير الدخول في تفاصيل مش هتفيدك، الخيـ.ـانة كانت مزدوجة والضربة كانت موجعة،والنتيجة إن اللي كان جوزي وابو إبني،
توقفت لتأخذ نفسًا عميقًا عبر عن مدى صعوبة الحديث بالنسبة لها كامرأة ذُبحت كرامتها:
-متجوز حاليًا اقرب صديقة ليا،ومخلف منها بنت
-الحقير...كلمة غاضبة خرجت من فم فؤاد بلهجة مستاءة ليتابع بسخطٍ واستنكار:
-معقولة خانك مع صاحبتك؟!
واستطرد بذهول:
-طب وهي،إزاي قبلت بكده!، إزاي وافقته على حقارته دي، حتى لو قدر يشغلها ويخليها تحبه غصب عنها، إزاي قدرت تطعنك في ظهرك
ابتسامة ساخرة خرجت منها لتجيبهُ بانهزام:
-طب إيه رأيك إن صاحبتي الوفية هي اللي حاربت وقاتلت لحد ماعرفت توقعه في شباكها، عمرو كان بيحبني جدًا
برغم تمزق قلبهُ عليها إلا أن حزنهُ عليها تحول لغضبٍ عارم قد يحرق الاخضر واليابس حينما استمع لنطق شفايفها لحروف اسم رجلاً غيره ليقول بنبرة هادئة لا تنم عن مدى النيران المستعرة الكامنة بداخله:
-ياريت دي تكون أخر مرة اسمعك تنطقي إسم راجل غيري، والبني ادم ده بالذات
-على الأقل إحترامًا للعلاقة اللي ما بينا حاليًا...نطق كلماته الاخيرة بحدة اربكتها لتنطق بصوتٍ خرج مرتبك:
-خلاص متزعلش،انا مقصدتش إني اضايقك بكلامي
-أنا بس كنت بشرح لك الـ...لم تكمل جملتها لمقاطعته بصوتهِ الحازم:
-خلاص لو سمحتي،وياريت تقفلي الموضوع ده خالص
صمتٍ دام لأكثر من نصف دقيقة مرت على كلاهما بصعوبة، هي وقد شعرت بالإهانة من حدة حديثهُ وهو قد شعر بنارًا استعارت بجسدهِ بالكامل لمجرد تخيلهُ انها كانت تخص رجلاً غيره بيومٍ من الأيام،تحمحمت لتقول باستئذان بعدما علمت بانتهاء الحديث:
-أنا مضطرة أقفل
إيثار...قالها بصوتٍ يبدوا غاضبًا ليتابع بنبرة لصوت رجلاً يحترق غيرة على محبوبته:
-أنا بحبك،وأظن من حقي أغير على الست اللي بحبها
كان هذا اول إعترافٍ صريح منه بكلمة أحبك، انتابها شعورًا مختلط،ما بين حبًا وألمًا وندمًا يخالطهم شعورًا بالذنب،ضاعت فرحة الإعتراف وسط تزاحم تلك المشاعر المتضاربة ليكمل هو بصوتٍ نادم بعدما وصلهُ مدى تألمها حتى وإن لم تتحدث:
-أنا أسف،اتنرفزت غصب عني لما اتخيلت إنك في يوم كنتي لغيري
-طب ما انتَ كمان كنت مع غيري يا فؤاد،بس الفرق بيني وبينك إني احترمت كلامك وخصوصيتك لما بلغتني إنك كنت متجوز وانفصلت...قالت كلماتها بصوتٍ متألم لتتابع بلومٍ:
-ومسألتكش عن اي تفاصيل علشان ما اضايقكش
اغمض عينيه بألم ولم يعد يدري أيحزن لأجل ألمها الذي تسبب هو به أم ينقم عليها لذكرها لتجربته المريرة مع تلك الحقيرة ليهتف بصوتٍ خرج جاد لأبعد حد:
-موضوعي مفيهوش أي تفاصيل مهمة علشان أقولها لك، انا اتجوزت ومرتحتش
واسترسل بزيف:
-بعد الجواز اكتشفت إننا مختلفين عن بعض في كل حاجة، فانفصلت عنها.
تنهدت ومازال الألم يسيطر على كل كيانها ليقول بقلبٍ يتمزق لأجلها:
-أنا اسف
ليتابع بصوتٍ هامس متأثر يفيضُ صدقًا وهيامًا:
-أنا بحبك.
سحبها إعترافهُ لعالمًا أكثر حالمية، عالمًا خاليًا من الاحزان والألام، لم تدري بحالها إلا والإبتسامة تشق طريقها ليسعد قلبها الذي انتفض من مكانه يتراقصُ على انغام إعترافه الصريح بعشقها الذي احتل قصورهُ العالية ليكمل مسترسلاً بما جعلها تذوبُ وتنصهر من كلماته:
-بحبك ومش عاوز غيرك من كل الدنيا، وعاوزك تنسي كل اللي فات وكأنه محصلش،عاوز انسى معاكِ وبيكِ مرارة الأيام
واستطرد هامسًا بما دغدغ مشاعرها وانهى على صمودها الواهي:
-عاوز أعيشك جوة جنة فؤاد علام واخليكي تتنعمي وتدوقي فيها ومعايا متاع الدنيا بعيد عن أي حسابات
-كلامك بيسحرني وبيسحبني لعالم عمري ما دخلته غير معاك...كلماتٍ حالمة نطقتها لتتابع بريبة استطاعت خرق قلبها رغم ما تشعر بهِ من متعة لا يضاهيها شيئًا:
-بس في نفس الوقت غامض،ومش بقدر أفسره،
ضيقت بين عينيها لتسألهُ بحيرة:
-زي مثلاً جملة بعيد عن اي حسابات، تقصد بيها إيه؟!
بصوتٍ قويٍ ثابت اجابها:
-أكيد هييجي الوقت اللي هتفهمي فيه معنى كل كلامي،خلي كل حاجة لوقتها وعيشي اللحظة اللي إحنا فيها، بلاش تفكيرك في المستقبل يضيع عليكِ حلاوة اللحظة،عيشي الحاضر بجماله ورونقه وسيبي نفسك للمشاعر تحركك
برغم حديثه الذي يحتمل أكثر من معنى إلا أنها تشعر معه بأمانًا لا تدري مصدره،تنهدت واكملا حديثهما الذي لا ينتهي منذ ان تعارفا واتفقا على المحادثات لإعطاء حاليهما فرصة للتقرب والتعرف كلٍ على صفات الأخر
********
بعد مرور شهران على تقربهما، اتصل بها بعد تفكيرًا عميق وبعدما حسم أمرهُ بشأن علاقتهما لتجيبهُ بهدوء:
-أهلاً يا فؤاد
أخبارك إيه...قالها بهدوء لتجيبه بابتسامة سعيدة لاهتمامه:
-الحمدلله
باغتها بطلبه المرفوض بالنسبة لها:
-إيثار، أنا عازمك بكرة على العشا وممنوع ترفضي
نطقها بإصرار لتنطق برفضٍ قاطع:
-أرجوك يا فؤاد بلاش تضغط عليا،إنتَ عارف إنه مينفعش وده كان طلبي الوحيد لما طلبت مني نتكلم علشان نقرب ونتعرف على بعض، قولت لك إني مش هقدر أخرج معاك لأسباب كتير إنتَ عارفها
-وأنا قدرت ظروفك ومحاولتش اطلب منك أبدًا إننا نخرج، وصدقيني لو مكنش الامر ضروري مكنتش هطلب...قالها بتوضيح ليسترسل بذات مغزى:
-الكلام اللي عاوز اقوله لك مينفعش يتقال في التليفون، لازم ابص في عيونك وانا بقوله وأستمتع بتأثيره عليكِ
انتفض جسدها بالكامل وبتلقائية غزت السعادة قلبها لتيقنها مغزى حديثه ليباغتها بكلماته الواثقة:
-ثقي فيا وتأكدي إني عمري ما هعمل حاجة تأذيكِ
أومأت لتجيبهُ بصوتٍ كان ينطق فرحًا رغم محاولاتها التحكم به:
-أنا واثقة فيك لأبعد حد، ولولا ثقتي في أخلاقك عمري ما كنت هوافق إننا نتكلم فون
ابتسم لثقتها اللامحدودة به لينطق بصوتٍ حماسي:
-متنسيش تلبسي فستان رقيق وياريت يكون لونه نبيتي
عدة مشاعر ثائرة هزت كيانها بالكامل،مابين سعادة هائلة وارتيابٍ من المجهول وشعور مريرًا يستقر فى أعماقها خوفًا من تكرار الماضي اللعين، لكنها نفضت كل المشاعر السلبية لتجعل الإيجابية منها تستحوذ عليها لكي لا تُفسد شعورها العميق بالبهجة،اغلقت الهاتف بعدما اتفقا على ساعة الموعد والمكان والزمان، قضت ليلتها في اختيار ثوبها الأنيق وحجابها ونوع العطر التي ستنثرهُ عليها لينعش رائحتها،وأخيرًا جاء الموعد واستقلت سيارتها بعدما حاصرتها عزة بأسألتها اللحوحة حتى أُضطرت بإخبارها ليسعد قلبها ويطير فرحًا لأجل تلك الجميلة التي اتخذتها كـ إبنة لها، وصلت للفندق الشهير الذي بعث لها بعنوانه على هاتفها الجوال،وجدت موظف المكان بانتظارها بالخارج ليوصلها للقاعة بالداخل،ولجت للداخل بقلبٍ مرتبك وجسدٍ لم تستطع التحكم به ليرتعش تأثرًا بحالتها،انبهرت عينيها بجمال وروعة وفخامة المكان ليباغتها ذاك الذي وقف سريعًا من جلوسه حول إحدى الطاولات ليتقدم منها،لقد كان وسيمًا للغاية،يرتدي بذلة سوداء ذات ماركة عالمية مصففًا شعره بعناية فائقة وذقنه مهندمًا بطريقة جعلتها تنظر عليها وتغمض عينيها للحظات وهي تتخيل حالها تتلمسها بأناملها الرقيقة،إقترب عليها ليُمسك بكفها ويقربهُ من فمه قبل ان تلامس شفتيه جلدها الناعم لتغمض على أثر لمساتهِ عينيها ويذوبُ جـ.ـسدها من مجرد لمسة،لكنها سرعان ما فاقت لتسحب كفها من بين يده بهدوء ليبتسم لها بسحرٍ ثم تنهد ليشير لها لتتقدمه بالتحرك إلى ان وصلا للطاولة ليسحب لها المقعد وتجلس فيستدير ويقابلها الجلوس،تحمحم ليسألها بصوتٍ رجولي وهو يناولها قائمة الطعام:
-إختاري العشا علشان يلحقوا يجهزوه
واستطرد وهو ينظر لداخل عينيها بنظراتٍ جريئة:
-أنا النهاردة سايب لك نفسي،هاكل على ذوقك
ابتسمت لتتناول منه القائمة بيدٍ مرتبكة وتختار من بينها لتقول:
-إيه رأيك ناخد بيكاتا بالمشروم ورز أبيض مع سلطة خضرا؟
-قولت لك إني سايب لك نفسي...قالها بابتسامة رائعة لينصرف النادل بعد أن مال لهما باحترام،تنهد وهو يتطلع عليها ليقول بانبهار لمظهرها الرائع:
-شكلك زي القمر
بابتسامة خجلة اجابتهُ:
-ميرسي
لتسترسل كي تحسهُ على الدخول في الموضوع مباشرةً:
-فؤاد، ياريت تدخل في الموضوع اللي عاوزني فيه علشان ما أتأخرش على يوسف
-طب خلينا نتعشى الأول وبعدين نتكلم...نطقها بعينين متأملتين لتستجيب له كي لا يحزن، بعد مرور حوالي النصف ساعة كانا يتناولان طعامهما تحت كلمات الغزل الذي ينثرها عليها طيلة الوقت لينتهيا من العشاء ويرفع العاملون الصحون وينزلا بالتحلية ونوعًا من افخم عصائر التفاح،تحمحم ليخرج من بين طيات ملابسه عُلبة صغيرة ليفتحها ويضعها أمام عينيها لتنظر على ذاك الخاتم الماسي المميز بهدوء تعجب لهُ، رفعت عينيها تتطلع عليه لتسألهُ باستغراب:
-إيه ده يا فؤاد؟!
ابتسم وأجابها بهدوءٍ يحسد عليه:
-زي ما أنتِ شايفة،خاتم
قطبت جبينها لتجيبهِ بكثيرًا من الاستغراب:
-وليه بتقدمه لي وإنتَ عارف رأيي في موضوع الهدايا؟!
-بس ده مش هدية...نطقها بغموض لتنظر إليه قائلة بصوت مضطرب حاولت أن تتحكم فيه قدر الإمكان كي لا ينعكس توترها الهائل به:
-أمال ده إيه يا فؤاد؟
أخذ يتطلع اليها عدة لحظات طويله بصمتٍ متفحصا وجهها بعيني تلتمع بالشغف الممتزجُ بالوله لينطق بما فاجأها:
-إيثار،تقبلي تتجوزيني؟
أنير وجهها وكأن عالمها قد تغير بالكامل ليصبح أكثر إشراقًا وانتعاشًا وسعادة،وكل ما عاشتهُ من ألامٍ سينتهي مع ذاك القوي الحنون الذي حتمًا سيكون لها درع الحماية وسيحمي صغيرها ويجعلها تحتفظ به داخل احضانها ولن يسمح بانتزاعه من بين احضانها أبداً،أخرجتها من شرودها كلماته التي تابع بها حديثهُ قائلاً:
-قولتي إيه؟
هزت رأسها بعدة مراتٍ متتالية دلالة على التأكيد ليبتسم بسعادة ظهرت بعينيه سرعان ما اندثرت وهو يتابع مسترسلاً بريبة:
-بس......
وللحديث بقية سنعلم من خلاله ما إذا كانت الإبتسامة ستظل مرتسمة على وجه تلك الحالمة، ام أنها ستكون بداية الصدمات والهبوط من عنان السماء للإصتدام بأرض الواقع المرير.