رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة كاملة جميع الفصول بقلم دهب عطية

رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة كاملة جميع الفصول بقلم دهب عطية

رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة دهب عطية رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة كاملة جميع الفصول
رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة بقلم دهب عطية

رواية ملاذي وقسوتي سالم وحياة كاملة جميع الفصول

الشخصيات
سالم شاهين قاضي( نجع العرب)
ذكي حكيم لم يكن يوماً هين مع جنس حواء….
قاسي في بعد الاوقات…له هيبه وهيمنه طاغية
على كل شيءٍ من حوله…..ولكن برغم من طباع شخصيته هو حنون القلب يهتم بعائلته ومسؤول عنهم..العمر٣٤عام….درس الطب ولكن لم
يعمل بشهادته…..يمتلك مصنع لصناعة المواد الغذئية
داخل نجع العرب….
حياة….الشخصية مرحه مجنونة بعد الاوقات
سريعةٍ في ردة فعلها عنيدة…ولكن داخلها قلب
انثى يشتاق لدفء وحنان رجل يحمل لها أفضل
المشاعر التي تعوضها عن حرمان طفولتها ومراهقتها
معاً … العمر٢٤عام….تعيش في نجع العرب
من يوم ان اصبح حسن زوجها ليموت حسن
وتصبح تحت سطوة سالم شاهين بالاجبار بسبب
ابنتها ورد….
فارس صديق سالم …هيظهر في الاحداث القادمة…
شخصية مرحه يمتلك صفات الصديق الحقيقي
وهو الاقرب لسالم….العمر ٣٣سنه….
ريم ابنة عم سالم….شخصية مرحه طيبة القلب
هي صديقة حياة ولاقرب لها دوماً صديقه يعتمد
عليها في كل شيء العمر ٢٢عام……
ريهام شقيقة ريم ولكن من ناحية الاب وابنة عم سالم ايضاً…. شخصية خبيث حاقدة تكره حياة
ومهوسه بسالم من صغرها يعتبر حلمها المستحيل
منذ الصغر وهي تسعى اليه…العمر ٢٧عام ..تزوجت
ثلاث مرات ولم توفق في حياتها الزوجية قط…
وهذا بسبب اهداف ما..
وليد ابن عم سالم وشقيق ريم وريهام ولكنه شقيق ريهام من نفس الام ! …شخصية خبيث مزواج بكثرة يبدل النساء كاملابسه …..حاقد يكره سالم
بشدة بسبب مكانته في نجع العرب ولذي وصل
لها في وقت قياسي…..العمر ٣٥عام
~~~~~~~~~~~~~~~
نهض من على مقعده قائلاً بغضب والعروقه برزة
في جبهته بتشنج واضح بعد حديث والده معه….
“تتجوز؟… مين ده اللي يجرأ يتجوز مرات حسن شاهين ..”
رد والده بغيظًا شديدًا منه…
قعد يا سالم انت مضايق ليه؟ ده حقها انها تعيش حياتها فات على موت اخوك تلات سنين وهي عايشه معانا ولا فتحت ده عن ده ..وانت اللي بتتحكم فيها لا وكمان منعها تخرج من باب البيت وهي صابره عشان خاطر بنتها الصغيره….. لكن كفايه لحد كده ياسالم طالما رافض انك تجوزها وتربي بنت اخوك سبها لابن عمك وهو أولى بيها و وليد برضه من ريحة المرحوم ..”
شعر بدماء تغلي في عروقه من حديث والده عن زواجها من شخص اخر …انفعل بشدة وصرخ
بحده كالمغيب…
“انت بتقول إيه يابوي حياة مش هتجوز غيري “
اتسعت عينا رافت بعد تصريح ابنه العصبي
ثم ابتسم بعدها بمكر وهو يسأله بخبث…..
“يعني ابلغ وليد ان حياة بقت مخطوبه لسالم دلوقتي..”
اخذ مفاتيح سيارته ونهض من جلسته مُجيب
عليه بتهكم….
“اعمل اللي تعمله انا لازم امشي دلوقتي
عشان المصنع …. “
خرج من مكتب والده وجدها تقف على اول سلالم
الدرج تنزل دموعها بلا توقف ويبدو انها سمعت حديثه هو ووالده العالِ …كانت ترتدي عبائة
فضفاضة محتشمة تخفي بها انوثتها وقوامها الممشوق وعلى راسها تلف جحاب ناعم رقيق
يزيد جمال وجهها الجميل وعينيها ذات البني
الداكن التي تتألق بالكحل الاسود العربي
عليها….
اقترب منها ببطء وعيناه تحاصر عينيها ..
توترت من قربه فهي تخشاه بشدة و تكرهه ايضاً بقوة…… هيئته وقوته وقسوته وجفاء معاملته معها تجعلها صامته مسالمه امام اوامره الحارقة لروحها …
وصل امامها قائلا بحدة
“اسمعيني ياحضريه انتِ ..انا بدِويِ وااه بتكلم زي بلاد البندر ومتعلم فيها لكن انا عرباوي ومطبع بطبع العرب وعيشين في صحراء زي مانتِ شايفه مفيهاش حد غريب اهلنا وناسنا وانا وانتِ عمرنا
ماتفقنا ولا قبلنا بعض بس للأسف جه اليوم اللي اتجوز فيه حضريه لا وكمان من اسكندريه ..”
قال الاسم الأخير بسخرية لإذاعة وتابع حديثه
بـ…
“اوعي تفكري ان جوازك مني هيغير حاجه من معاملتي ليكِ لا انتِ زي مانتِ في نظري بنت
البندر اللي لا ليها اصل ولا فصل ايش كان يجول حسن انك ااه كنتي في ملجأ….. ممم ولا مو مصدق ان أنتِ بقيتي من عيلة شاهين لا ونبغي نتزوجك كمان….. وهتنولي الشرف مرتين مره مرات حسن اخوي ومره مراتي مم …”
ارتعشت شفتيها قائلة بضعف وحزن…
“بس انا يا دكتور سالم مش عايزه اتجوز انا عايزه اعيش على بنتي بلاش جواز و اوعدك مش هطلع من البيت ده غير على قبري زي ماحضرتك قولت قبل كده ….”
نظر لها قال ببرود وهو يشير على نفسه بتعالِ…
“مش بمزاجك ياحضريه دا بمزاج حضرتي ولم حضرتي ياامر الحريم تنفذ …ولا إيه يابنت الاصول ..”انهأ الجمله بلهجة ساخره…..
انزلت مقلتاها بانكسار واصبحت تلعنه في سرها
بافظع الكلمات فاقت على صوته الصارم بحدة…
“هتفضلي وقفه كده كتير ياحضريه على فوق …”
نظرت الى عيناه السوداء الغاضبة ..وصعدت بعد ان القت عليه نظرة مُشتعلة بالغيظ والكره …
نظر لها ببرود بعد ان صعدت وتمتم قائلاً بتوعد
“هدفعك تمن النظره دي بس لم ارجع ….”
—————————————————
وصل سالم الى قاعة كبيرة يستخدمها لإدارة
شئون (نجع العرب)كاقاضي وحاكم ينهي به
جلس على مقعده الكبير وسط هذه الغرفة
الشاسعه…واشار الى رجل عملاق من رجاله
قال بخشونة
“جابر دخل ……الناس اللي وقفه بره …”
رد جابر بإحترام
“اوامرك ياكبير ….”
دخل رجل في عمر الثلاثين ويبدو عليه الشقاء ولعناء وطيبة ايضاً..ودخل ورآه رجل…. رجل اخر اكبر سنٍ بشوش الوجه وعلى جبهته علامة صلاه …
نظر سالم لهم بتفحص قال بشموخ وهو يرحب
بهم…..
“شااخباركم نورتو…….اتفضله….. ويش فيه بينكم
انت واخوك محمد……”
رد الرجل الاصغر سنٍ قال بقلة حيلة…
“الحكاية عنده هو ياكبير النجع …اخوي الكبير يريد يحرمني انا وأخواتي البنات من ورث ابوي… يرضيك كده ياكبير نجع العرب …عايز يخالف
شرع ربنا …. “
نظر سالم الى منعم منتظر رده على إتهام شقيقة
الأصغر محمد ..
“ايش رايك في الكلام ده يامنعم….. انت تريد
تحرم اخواتك البنات من ورثهم وكمان هتحرم اخوك معاهم ..”
رد منعم بحدةٍ وسخريةٍ….
” دي عادتنا ياقاضي نجع العرب ..الحريم مالهمش
ورث عندنا …..”
شعر سالم ان حديثه بادي بتقليل من شأنه
وشعر ايضاً انه لا يخجل من فعلته ….
حاول سالم الامساك بصبر ولو للاحظة فالا أحد
يقدر على تحدث معه بهذهِ الطريقة التي يتحدث
بها المدعو منعم ….
“معاك حق من عوايدنا اننا نخالف شرع ربنا …. بس نبغي نفهم منك انت رافض تعطي اخوك ورثه ليه متصنف من الحريم إياك ….”
رد منعم بسرعة ونفي….
“لا بس انا عرضت عليه نقسم ورث ابوي علينا
احنا الاتنين بس هو رفض وصمم قبل ماياخد
جرش واحد اعطي لاخواتي البنات حقهم ..وانا قولتله اني هعطيهم مبلغ بسيط كده من الورث ا …”
قاطعه سالم قال بسخط…
“هتعطيهم صدقه يعني ، ولا وفيك الخير ياولاد
العم ، كمل يامنعم ساكت ليه ..ولا اكمل انا
عنك فى قررت تشيل لحالك… وتمن الفلوس
الى هتورثها من ابوك ، طب لم تقابل ربنا هتقوله
إيه …والغريبه ان علامة الصلاة على جبهتك
يعني عارف ربنا…… واكيد جه وقت عليك وقرأت
القران ووقفت عند سوره معينه بتقول
(بسم الله الرحمن الرحيم …
يوصيكم الله في اولـٰدكم للذكرِ مِثل حظِ الأنثيـين )
صدق الله العظيم ….في نفس الاية ربك قال
…بسم الله الرحمن الرحيم
(تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنـٰتٍ تجرىِ من تحتها الأنهـٰر خـٰلدِين فيها…)صدق
الله العظيم ….وطبعاً اللي هيخالف حدود الله
هينول عكس اللي ربنا ذكره….ها اي رايك ياحج
منعم ….”
زمجر الرجل قليلاً وهو يتطلع الى شقيقة محمد الاصغر الذي يحدق به لعله يتراجع عن قراره
هتف منعم بعض برهة بتشتت واضح…
“بس دي عادتنا ومش لازم نغَيرهَا …”
رد عليه سالم قائلا بثبات….
“عادات غلط لا الشرع حلالها ولا ربنا ورسول
وصى بيها بالعكس ربنا اكد ان الست ليها حق
تورث مع الراجل وراجل ربنا كرمه لم اعطاه مثل حظ
الاثنين ….وبعدين بلاش مماطلة في الحديث انت عارف انك لو منعت اخواتك البنات واخوك من الورث هتكون بتشيل ذنب إنت مش قده وراح يضله متعلق في رقبتك لحد يوم الدين ….وانا مش بغصبك ياحج منعم انت اكبر مني وفاهم دينك إيه ….”
هذا هو سالم يرمي نصيحته في وجه احدهم وياتي بادله واثبات تجعل المعارض حائراً وبعد ان يكتشف حيرته يتركه قال افعل ماشئت …
لم تكن كل المشاكل المطروح دوماً من هذا النوع ولكن اكثرها تكن من اجل ورث وطمع وعادات مزال متمسك بها البعض حتى بعد علمهم انها تخالف شرع الله وكتابه الكريم …..
قال منعم بعد صمت متلعثم بحرج …
“انا محتاج اعيد كلامك في دماغي ياكبير وان شاء الله هعمل الى ربنا يقدرني عليه….”
ابتسم محمد بامل وقال….
“الله يرضى عليك ياخوي صلي استخاره وتقرب من ربنا واكيد هيلهمك بي اللي يرضى لينا وليك …”
اومأ الرجل قال بحرج….
“الله المستعان ، بعد اذنك ياسالم بيه ….”
اوما سالم له براسه وغادر الأخوة مع بعضهم
مال جابر هذا الضخم الذي يعتبر ذراع سالم اليمين
يسأل سالم بتعجب…
“ليه كلمته بالحسنى ياكبير كان بامكانك تجبره
انه يتنزل لاخواته عن ورثهم …”
رد عليه سالم قائلا بخشونة متريثاً…..
“في حاجات لا تسير بالقوة ياجابر لازم تيجي عن إقتناع….. ومنعم راجل كبير وعارف دينه كويس لكن ساعات العادات اللي تربينه عليها بتجبارنا نعملها بدون ما نفكر حرام ولا حلال وكله عشان اللي حواليك مايحكي عنك شين…”
اومأ جابر بتفهم وابتسم قائلا بإعجاب من حديث
سالم الذي دوماً يفاجئه بتفكيره وحكمته وذكاؤه
مع اهالي هذا النجع …
“بصراحه ياسالم بيه انت قليل اوي على انك تكون
قاضي بس في نجع العرب …”
“إيه حكاوي الحريم ديه ياجابر …”
دوى من خلفهم صوت بغيض خرج من لسان
وليد ابن عم سالم الذي دلف
الى القاعة بعدها….جالساً على مقعداً ما بجانب
سالم قال بغلاظة…
“اي ياسالم ياابن عمي مش تنقي رجالتك
اللي مش فالحين غير في تطبيل ليك…”
هتف سالم بغضب
“ولــــــيــــد…….هتقعد هنا تقعد بأدبك انا مش بحب الطريقه الرخيصه دي في الحديث …”
نظر وليد الى جابر الذي ابتسم نحوه بتشفي
ثم التفت الى سالم مخفف من بغضه الواضح إليه…
“حقك عليه ياابن عمي ..اصلي مزاجي مش رايق اليومين دول …..”
نظر له قال بستهزاء سائلاً بسخط…
“ليه ان شاء الله … بدور على عروسه مكان اللي طلقتها …”
ابتسم وليد بمكر حاول اخفاءه متابع بحزن
“بصراحه انا طلقت الحريم كلها اللي كانت على ذمتي وناوي اختم حياتي مع واحده بس ….هو عمي رافت مش حكيلك ولا إيه اني نبغي مرات المرحوم
زوجه ليا…. “
نهض سالم بغضب بعد ان سمع باقي حديثه…
“وليد .”..اشار بيداه الى آلرجال الذين يقفون في
قاعة المجلس …برحيل فهم الجميع اشارته فوراً
وتركوهم وحدهم….مسك وليد فجأه من لياقة
جلبابه الأبيض بقوة وهو يهدر من بين اسنانه بحده….
“عيب تكلم عن حريم بيت رافت شاهين في
قاعة مجلس مليانه رجاله في كل حته ….
وكمان اللي بتكلم عليها ديه هتكون مراتي….
ومن هنا لوقتها ما نريد تخطي برجلك عتبت
البيت تاني…..”
ترك لياقة جلبابه الأبيض قال باستفزاز وهو
يربت على كتفه ببرود..
“وااه نسيت أخبرك….طلبك مرفوض وبلغت الحج رافت يبلغك بيه بس شكله نسي …فى انا ببلغك
بنفسي ….”
نظر له وليد بغل وحقد ثم ترك القاعة وذهب وهو يلعنه ويلعن هذا الحظ الذي دوماً يرافق هذا السالم وحده.. ..
___________________________________
تقف في المطبخ ذو المساحة الكبيرة
تبأشر الطعام مع خدم البيت الكبير …..
قالت بسعادة
“انا هحضر حاجه حلوه لورد يامريم وكملي إنتِ
وام خالد بقيت الاكل ….”
اومأت مريم بإجابية مع ابتسامة رقيقةٍ
ابتسمت ام خالد السيدة الكبيرة قائله بود …
“متقلقيش ياحياه يابنتي كل حاجه هتبقى جاهزه
في معادها ….اعملي انتي الحلا لورد وفرحيها .”
ابتسمت حياة قائلة بسعادة ..
“انا هعمل كريم كراميل للبيت كله وهعمل حسابكم
كمان …..”
بدات تفتح الادراج تبحث عن المكونات بحماس وابتسامة تزين ثغرها …..
دخلت ورد ذات الأربعة سنوات على حياة في المطبخ فتاة جميلة رقيقة عنيده ..تشبه امها في
كل شيء في ملامحها وفي بعض الطباع …
“ماما …… بتعملي إيه …”
تركت حياة ما بيداها وهبطت لمستوى الصغيرة
وابتسمت بامومة وهي تمرر أصبعها على انف الصغيرة قائلة بحنان …
“بعمل كريم كراميل لاحلى ورد في البيت …… “
ابتسمت ورد ببراءة وقالت..
“طب هساعدك ….”
نظرت حياة يمين ويسار وللاعلى وللاسفل كا
علامةٍ على التفكير بطريقة طفولية مضحكه ..
“بصي هو انا طبعاً نفسي تساعديني وكل حاجه
بس تيته راضيه فوق قعده لواحدها تفتكري
هتزعل لو سبناها احنا الاتنين وقعدنا هنا نعمل
الكريم كراميل وهي لوحدها فوق ….”
ردت الصغيرة بعد تفكير طفولي وقالت
“لا ياماما مينفعش خلاص انا هروح قعد معاها على ماتخلصي …..”قبلت والدتها وركضت للاعلى حيث غرفة الجدة راضية …
ابتسمت حياة بعد خروج ابنتها لتعود الى
ماكانت تنوي البدأ به ….
بعد نصف ساعه خرجت حياة الى غرفتها بعد ان وضعت الحلوه في المبرد ….
دخلت اخذت حمام بارد فاليوم من ايام الصيف
الحار بشدةٍ وبذات في المناطق الصحراوية مثل
هذا النجع …..ارتدت منامة قصيرة قطنية …
وجلست تمشط شعرها لياتي في ذهنها موقف مر عليه اكتر من شهر مع هذا السالم …
كانت تخلع حجابها بضيق فى اليوم اتت أمرأه من نساء نجع العرب لتطلبها لأبنها ..في قلب بيت
رافت شاهين كانت غافلة عن بوابل الاسئله المتناثرة
على مسامعها ، اشتدّ غيظها أكثر عندما ظلت تلك المراة السمينة تتفحص جسدها بيداها وخلعت أيضاً
حجابها بحجة رأيت شعرها الأسود الناعم وكانت المرأه في منتهى قلة الذوق معها وهي تفتفش فيها وكانها بضاعة اتت الى باب منزلها وقد دفعت بها
مالاً باهظاً ويجب التاكد من الجودة بها ! …….
احتقن وجه حياة وقتها وهتفت باستنكار وهي تنهض بغضب…..
” انتي بتعملي اي ياست انتِ …… “
مسمست المرأة السمينة شفتيها بعدم رضا
قائلة ببرود…
“ست مين ياحبيبتي….دا انا هبقى حماتك قريب اوي …..يامرات ابني…. “
لم تنسى حياة الصدمة الجالية على وجهها التي تحولت في لحظة لعتاب للجدة راضية
التي كانت تجلس معهم وشعرت بالحرج لعدم معرفة حياة بالموضوع مسبقاً ولكن كان هذا العريس رجلاً من عائلة شاهين فكانت ترى راضية انهُ المناسب بعد ان علمت ان سالم دوماً يعنف حياة وينبذها بالحديث ويظهر دوماً كرهه وغطرسته عليها ….
فى كان الأنسب رجل اخر يتزوج حياة
ويكون من عائلة شاهين …
نزلت دموعها بعد ان جلست على الفراش تنظر لحالها في المرأه بكره وعتاب فالحياة دوماً تقسى عليها حتى بعدما اصبحت زوجه وام ضربتها في عرض الحائط وجعلتها لا شيء كما كانت في بداية
حياتها….وحيده بلا سند….بلا هوايه…..
تفاجات به يدخل غرفتها فجأه كالثور الهائج نهضت هي بفزع وشعرت ان هناك كارثه فعلتها ليدخل
سالم عليها بهذا الشكل …اقترب منها صاح
بحدة بعد ان اغلق الباب بقوة عليهم….
“انتِ إيه اللي نزلك تحت ياحضريه بدون إذني… إيه كان عاجبك المهزله اللي بتحصل تحت ديه …”
بلعت ريقها قائلة بتوتر….
“انا مكنتش اعرف انها جايه عشان تطلبني لابنها
انا كنت برحب بيها كا ضيفه مش اكتر …”
رجعت للخلف ببطء وارتباك….وبدأ هو بتقدم منها
بحدةٍ وكاثور الهائج لم يهدأ بل وكان حديثها
يزيد من اشتعاله ولهيبه…. انتفض في قلبه بقوة
لا يعرف من اين خُلقت …..وقعت على الفراش بسبب توترها وقلة تركيزها بسبب عصبيته
الواضحة امام عيناها …
مالى هو عليها قال بجمود حاد…
“اسمعيني كويس انتِ هنا بس عشان خاطر بنتك لكن لو حبه تجوزي وتعيشي حياتك يبقى برا النجع
ده …وكمان لوحدك تنسي ورد نهائي.. لكن لو عايزه تفضلي هنا عشان خاطر بنتك يبقى تنسي الجواز
ومش هتطلعي من البيت ده غير على قبرك ..فهمتي ياحضريه ….”
نزلت دموعها وحاوط شعرها وجهها الشاحب بعد حديثه المتملك …هزت راسها بنعم …
شعر في لحظةٍ بالفضول نحوها يريد ان يلامس
هذا الشلال الأسود الذي يحاوط وجهها الشاحب
وآآه ان تخلى فقط عن هيبته وكبرياء رجولته معها
والقى المنطق بعرض الحائط ولمسه هذهِ الشفاه
التي ترتجف ببطء امام عينيه المظلمة ….
كل مافيها يجذبه ويحرك رجولته …..
يكرهها ويكره نفسه في كل لحظة يريد ان يقترب ويلامس ما ليس من حقه…..انها زوجة أخيك…
هل نسيت….
ظلت النظرات المتبادلة بينهم هي المحور الاساسي عين كاصقر تراقب بتفحص ..وعين حزينه مرتبكه
من هذا الوضع ….
قال بغطرسة وهو يلامس شعرها ببطء حاني…
“ويترى كنتِ نزله للست دي بشعرك كده ….”
هتفت بنفي سريع
“لاء وللهِ ياسالم انا كنت نزله بالحجاب انا لسه خلعه دلوقتي ….”
شعر بنبض عالٍ فجأه داخل ضلوعه ..مع همسها باسمه مجرداً…. نفض هذا الأحساس الذي يفترس اعماقه ولا يعرف مصدر له….
اشتدت ملامحه سريعاً وهو يقول بضيق بعد ان ترك خصلات شعرها بنفور….
“بلاش تنطقي اسمي كده تاني ياحضريه …
بلاش تنسي نفسك ولا ناسيه اخويا متجوزك منين ….”
تركها وخرج سريعاً من الغرفة ….
ولا احد يعرف انه خرج فقط حتى لا يفعل
شيء يندم عليه مع هذهِ الساحرة الصغيرة..
فاقت من هذهِ الذكرى على دمعه حزينة تنزل ببطء على وجنتيها تحدثت لنفسها بضيق
“كفايه عياط ياحياة..إنتِ هتوفقي على جوازك منه بس عشان خاطر بنتك ورد ..بس لازم تكوني اقوى من كده ..ولازم يتعلم يحترمك ويناديكي باسمك بدل اللقب رخم ده اللي كل شويه يناديكي بيه .”
قلدت صوته بستهزاء…..
“حضريه حضريه هاتي ده تعالي من هنا اسمعي ده ياحضريه …… اووووف بنادم غبي …”
صدح صوت سالم في صالة البيت الكبير…..
“سلام عليكم يااهل الدار ….”
بلعت ريقها بخوف بعد ان سمعت صوته بالاسفل
اغمضت عيناها بتوتر وللحظة خشت ان يكون
سمع سبها إليه……
نظرت لنفسها بصدمة عبر المرآة ….
“اي شغل العيال ده ياحياة مش قولنا هتبقي
جامده وهتربيه….. ايو هو كده ….”
فتحت خزانة الملابس لتخرج عباءة محتشمة… للنزول بها فقد اتى وقت طعام الغداء وحضر سالم بعض يوماً كباقي الأيام في عمله مابين المصنع
وقاعة المفاوضات …
بعد طعام الغداء في صالون البيت
يجلس الجميع سوياً ..سالم و ورد ابنة حياة
ولجدة راضية …. ورافت والد سالم …
فقدت هذه العائلة اهم شخصين بها..
الام ولاخ الاصغر (حسن) منذ سنوات …
ولكن وجود (حياة)و ( ورد) بهذا المنزل يشرقان الحيآة عليهم……
اجلس سالم ورد في احضانه قائلا بحنان
“ورد الجوري بتاعتنا…… عامله ايه انهارده …”
عانقته الصغيرة بحب وقالت ببراءة
“الحمدلله زين ……زين ياعمي ….”
ضحك الجميع عليها وعلى شقاوة هذه الورد..
اتت حياة وهي تحمل صنية عليها بعد اطباق الحلوى التي اعدتها بيدها اقتربت منهم قائلة بمحبة ولطف…
“يلا ياجماعه دوقه الكريم كراميل ده وقالولي رايكم
فيه ….”
اخذت راضيه الطبق المقدم إليها من يد حياة
قائله بطيبه …
“تسلم ايدك ياحياة يابنتي اكيد زين عشان من ايدك …..”
اخذ رافت ايضاً من يدها وهو يقول بمجاملة…
“تسلم ايدك ياحياه يابنتي وبعدين من قبل ما
دوقه انا عارف انه لا يقاوم مش اول مره ادوق من ايدك ..”
ابتسمت هي إليه بإحترام …اتت امام سالم ومدت يداها بطبق الحلوى وقالت بخفوت ..
“اتفضل يادكتور سالم ….”
رفع مقلتاه وجد خصلة كبيرة من شعرها الأسود
تخرج بوضوح من حجابها الوردي …اشتعلت عيناه
وهو ينظر الى والده والجدة راضية الذين راوها هكذا ..
نهض مره واحده قال بزمجرة …
“هاتيه على اوضتي فوق ..واعملي حسابك جوازنا
هيكون كمان اسبوع دا بعد اذنكم….”
نظر رافت له قال بصدمه…
“اسبوع مش كفايه ياسالم دا فرح ولازم النجع كله
يعرف انك اتجوزت ولا انت هتجوز سُكيتي كده
ماتقولي حاجه ياامي ..”
ردت راضية بتأكيد على حديث رافت مُضيفه باعتراض…
“صح كلامك يارافت لازم نعمل فرح وناس كلها تعرف ..”
نظر إليهم قال بنفي…
“انا مش عايز فرح ولو على الاشهار وناس تعرف فى دي حاجه بسيطه ….” ثم حول نظرة الى حياة
قال بغطرسه….
“لكن لو الحضرية نفسها يتعملها فرح زي سابق …
فى ده بقه هتكون فيها ترتيب تاني ….”
جلست على الاريكة واخذت ابنتها في احضانها وكانها تحتمي بها….و هي ترد عليه بضيق وجمود
“لا مش عايزه فرح ….ولو عليا مش عايزه جواز من الأساس بس هنعمل إيه حكم القوي …..”
نظر لها بقسوةٍ قال بهدوء مهيب
“حياه ، ياريت كمان نص ساعه تبقي في اوضتي ..”ومال قليلاً عليها تحت إنظار الجميع
قال بسخرية وتوعد
“عشان عايز ادوق عمايل أيدك …”
غادر الى الاعلى حيثُ غرفته …بلعت ريقها بارتبك
وغمغمت بتردد…
.”اطلع اوضته ازاي يعني انا عمري مادخلتها…انا مش هعمل اللي هو عايزه انا مش خدامه عنده ..”
بعد مرور نصف ساعة …
اطرقت على باب غرفته بعد ان اقنعت نفسها بعد تفكير ان تصعد لغرفة سالم وتتحدث معه في رفضها لزواج منه ورفض هذه الفكرة وانها على كامل استعداد للعيش معهم من اجل تربية ابنتها فقط تحت رعايتهم…..تمتمت قائلة بإقتناع…
“ان شاء الله لو كلمته براحه ممكن يقتنع ماهو مش معقول اكون مرات حد تاني غير حسن …”
فتح لها الباب وهو يرتدي بنطال قطني مريح
عاري الصدر يضع المنشفة حول عنقه ويبدو
انه مزال خارج من حمام غرفته الخاص ..
شهقت واغمضت عيناها وهي ممسكه صنية
عليها طبق الحلوى.. قائله بحرج وعفوية
“استغفر الله العظيم …”
فلتت منه ابتسامة بسيطة على مظهرها
المضحك ..ثم استعاد هيبته قال بصوت
أجش بارد …..
“مكسوفه من إيه ياحضريه دا انا حتى هكون جوزك عن قريب وهنعيش مع بعض في نفس الأوضة وعلى نفس السرير …..”
شهقت بعد حديثه قائلة بحدةٍ وعناد
“مستحيل طبعاً دا بعينك …”
اخذ منها الصنية التي تحملها بهدوء ووضعها
على طاولة صغيرة في قلب غرفته …ثم
في لحظة عاد إليها وسحبها في ثواني معدودة
الى داخل غرفته أغلق الباب في لحظة وحاصر
جسدها الصغير خلف ظهر الباب المُغلق
وهو يقول بحدة وهو متجهم الملامح…
“بعيني ازاي يعني ياحضريه مش فاهم هتعصي كلامي مثلاً..”
تشجعت وردت عليه قائلة بكبرياء انثى…..
“ولي لا انا من حقي اقول لا..ومن حقي اقول
اني مش بحبك ..واني بحب حسن اخوك ، وانا مش حضريه انا مرات اخوك حسن الله يرحمه ولو
مش بتحب تناديني باسمي يبقى تقولي ياام ورد
لكن بلاش اللقب المستفز ده بيحاسسني اني جايا من كوكب تاني ….”
نظر الى عنادها امامه ثم رد عليها بغرور وتسلط…
“مش سالم اللي حرمه تعطيه اوامر يعمل إيه
ويتكلم ازاي …..عارفه لو كنتِ رفضتي الجواز
مني بإحترام اكيد كنت هوافق واحترم وجهت نظرك ..لكن طالما طلبتيه بقلة احترام وبلوي دراع وعناد يبقى اعملي حسابك جوازنا هيكون كمان اسبوع ….”
كادت ان تنطق ولكن قاطعها قال بغضب
“ولو اكلمتي كلمه زياده مجتش على هوايا ..هكتب عليكي دلوقتِ …..”
كادت ان تعترض ولكن طرق على باب غرفته الذي
تستند عليه اوقفها بل افزعها ايضاً لتضع يدها
بتلقائيه على صدره العاري وتشهق شهقتٍ مكتومه
نظر الى عيناها ووجهها القريب منه ، ولمسة يدها
على صدره العاري التي كانت كالصاعقة لمشاعره الرجولية المدفونة تحت رماد حياته العملية …
نظرت له بتوتر قائلة بتلعثم…
“الباب بيخبط لو حد شافني معاك وإنت بشكل ده
هيقول عليا إيه …..”
ابتعد عنها حتى يسيطر على هذه الشهوة التي تنميها تلك الحضرية بلمستها وانفاسها الساخنة المضطربه والقريبه منه وحتى حديثها الخائف كل شيءٍ بها يثيره بشدة….رد ببرود بعد صمت طال…
“مين ؟…..”
ردت مريم الخادمة قائله …
“انا ياسالم بيه …الحج رافت مستنيك
فالمكتب “
رد عليها بخشونة…
“خلاص …..روحي أنتِ يامريم ….”
ذهبت من امام باب غرفته المغلق ….
ارتدى جلبابه الابيض قائلا بصوتٍ رخيم وهو
ينظر لها…
“الكلام اللي بينا لسه مخلصش ياحضريه ..”
فتح الباب وكادَ ان يخرج ولكن التفت لها قال بتملك وصلابة….
“ياريت بعد كده تعدلي الطرحه على راسك وتخفي
شعرك ده اصلك مش قعده لوحدك انتِ
معاكِ ناس في نفس البيت…..وعتبري ده تحذير ..”
خرج وتركها تقف في وسط الغرفة
تنظر بذهول الى إثره…….
يتبع..
جلست حياة بشرفة مع الجدة راضية
عينيها تتابع بشرود حزين منظر الأشجار والورود الذي يطل على شرفة المنزل …
سالتها راضية بنبرةٍ حانية
“مالك ياحياة يابنتي ….”
نظرت لها حياة وقالت بطريقة صريحه فهي تعتبر
راضيه بمثابة امها….
“يعني مش عارفه مالي ياماما راضيه ..هتجوز ابن ابنك كمان يومين ….”ترقرقت الدموع في عيناها
عنوة عنها وهي تهتف بعبارتها…
ابتسمت راضية بود قائلة …
” حياة انتِ عارفه انا بحبك قد إيه وبعتبرك زي حفيدتي وبنتي الصغيره كمان ، زائد بقه ان سالم طيب وابن حلال …ادي انتِ بس نفسك فرصه وقربي منه وان شاء الله هتعرفي ان كلامي عنه مش مجامله عشان هو حفيدي ….”
نظرت لها حياة بحزن وقالت بحنين ….
“بس انا لسه بحب حسن ابو بنتي، ازاي انسى واكمل مع اخوه الكبير كده عادي لا وكمان ادي نفسي فرصه أقرب من سالم طب ازاي بس …”زفرت بإختناق ناظرة امامها بحنق..
ضيقت راضيه عينيها وهي تسألها بطريقة مبهمه…
” عايزه اسألك سؤال ياحياة واعتبري مش اللي مات ده حفيدي ….”
نظرت لها حياة واجابتها بخفوت
“اتفضلي ياماما راضيه أسألي ….”
تابعت راضية بجدية….
“لو بعد الشر يعني ..كنتِ انتِ اللي موتي مكان حسن وسبتي ليه ورد صغيره مش كان هيتجوز
عشان يعوضها عن أم تانيه تربيها ويمكن كان
حبها مع الوقت ومن التعود زي اي إتنين متجوزين..”
بلعت ريقها بصعوبة وردت عليها
بإقتضاب “اكيد !….”
نظرت العجوزه في عمق عيناها بثبات…
“طب ليه الرفض ياحياة انتِ عارفه انك كده بتحرمي نفسك من متع الدنيا وانتِ لسه صغيره ولسا مشفتيش الفرح وكل اللي عشتيه مع حسن
سنتين او اقل وحتى لو قولنا انك صح في عميلك
دي ياترى حسن شايف كمان انك صح في انك تحرمي نفسك من الجواز وتحرمي بنتك من أب حنين زي سالم حفيدي ….”
نظرت للناحية الأخر بشرود… باغتتها راضيه
بجملتها التي اصابتها في صميم …
“ولا إنتِ خايفه تحبي سالم وتتعودي على وجوده في حياتك وبعدين متلقيش منه غير الفرض !…”
____________________________________
يجلس في مكتبه في المصنع الكبير
(مصنع لتصدير الفواكه ولعصائر الطازجه )
دلف اليه صديقة فارس ….قائلا بمرح
“كالعاده هاري نفسك شغل ….”
نهض سالم بإبتسامة تعلو ثغره..
“فارس …..يخرب عقلك جيت امته ….”
ابتسم فارس مجيب بسعادة وهو يسلم عليه
“لسا واصل دلوقتي بعد مالحج رافت كلمني من يومين واكد عليا معاد فرحك مجتش منك
ياصاحبي …”
فتح سالم المبرد الصغير واخرج له علبه من
العصير قائلا بود …
“اتفضل ياسيدي …”جلس امامه
ورد سالم على عتابه بهدوء بعد تنهيدة عميقة..
“انا عارف اني مأثر معاك بس الشغل قد كده على دماغي دا غير موضوع قاضي النجع ده ..الصبح
في المجلس واخر النهار في المصنع وبليل على النوم قليل اوي لم تلاقيني بقعد اتغدى مع اهلي …”
رد عليه فارس بسخرية ….
“ربنا يعينك مانا عارفك متجوز الشغل الله يكون في عون مراتك ….”
“مراتي ؟!….”
تذوق الكلمة على لسانه بإقتضاب…
ابتسم فارس وهو يسأله بتشكيك….
“ااه مراتك ..نبرتك مش عجباني إنت مغصوب ولا
اي ياشبح …”
نهض ليقف امام نافذة مكتبه التي تطل على ارض صحراويه مكان هادى لا يوجد به غير مصنعه
الكبير ….رد على سؤال رفيقه بحيره واضحه….
“مش عارف إذا كنت مغصوب فعلاً او بغصبها هي عليه ….”
نظر له فارس ومزال يجلس وراء ظهره …
“ليه بتقول كده ….انت مش عارفها كويس …”
استدار سالم له وهو يقول بحيرة أكبر….
“المشكله الحقيقي اني عارفها كويس اوي يافارس !؟..”
ساله فارس بعدم فهم ..
” مش فاهم كلامك اتكلم على طول ياسالم في
إيه…. “
“العروسه هي حياة مرات حسن الله يرحمه ..”
حدق فارس به في داهشةٍ ثم قال بعد ان استوعب
حديثه …”طب لو إنت مش مستعد تجوزها ولا حتى حبتها ليه تعمل كده من الأساس؟…”
نظر مره اخرى الى الصحراء الخالية مثل قلبه ..”مش عارف … بس بحس انها مسئوله مني
ولازم تفضل قدام عنيه دايماً عشان كده طلبت اتجوزها …لكن موضوع احبها وهل انا فعلاً مستعد اكون ليها زوج وتكون ليه زوجه دا اللي مش قادر
احدده.. لاني مش قادر اشوفها غير مرات حسن
اخوي الصغير ، وبصراحه مش قادر اديها اكتر من
كده في حياتي …”
بس إنت كده بتظلمها هي محتاجه تعيش
معاك من جديد وتنسوا اللي فات وتبدأ إنت وهي من اول السطر ….ومتزعلش مني بس حسن مات وإنت وهي لسه عايشين وللي انتَ بتفكر فيه ده غلط لازم تدي لنفسك فرصه معاها ..”ثم اردف بمزاح ليغير
هذا الجو المشحون بتوتر …
“وبعدين انا مش قادر اصدق واحد عنده اربع وتلاتين سنه و دافن نفسه في الشغل لأ عمرى حب ولا فكر في واحده مش شايف انك معقد وصعب اوي وهتتعبها معاك (ياصخره لاتهتز… ) “
ضحك سالم على هذا اللقب الذي ميقن انه يشبه
قلبه وشخصيته ..ثم رد عليه ساخراً…
“سبنالك انت السرمحا …..”
ضحك فارس معقباً…..
“ايوا كده طالما نقرتني يبقى انت زي الفل ..يلا بقه عشان انا جعان واكل البدو ده واحشني بس كترو الشحم زي مابتقوله ( اللحم )…”
ضحك سالم ونظر الى ساعة معصمه واجابه
بمزاح…
“عمرك ماهتتغير ..بس كده تمام اوي لان ده معاد غدا….. حماتك اللي مدعي عليها بتحبك …”
“هي حماتي بس ….دا بنتها وأخده دعوات
” الشعب كله عشان هتقع في دبديبي ….”
ضحك سالم وهو يخرج معلق بسخرية
“سبحان الله كل وأحد عارف قيمة نفسه ….”
____________________________________
كانت حياة تقف في المطبخ تحضر الطعام مع
الخدم …و علمت ان سالم سيأتي الى المنزل
ومعه ضيف من القاهره ….
اتت مريم قائلة بارهاق …
“الحمدلله نضفت اوضة الضيوف وخلتها مش نقصها حاجه …”
ابتسمت حياة وهي تقلب الطعام…
“برافو عليكي يامريم …”
اتت مريم عليها قائلة بود….
“قعدي انتِ ياست حياه وانا هكمل انا وام خالد
الأكل عنك …”
ردت عليها حياة وهي تطهي بصمت …
“لا يامريم خليكي استريحي شويه شكلك تعبانه “
كادت ان تعترض ولكن اشارة لها حياة بصرامه وأمر بالجلوس قليلاً بجانبهم في المطبخ على
مقعد ما ….
“سلام عليكم يااهل الدار ….”دلف سالم الى المنزل برفقة فارس …
لج الى صالون البيت الكبير برفقة صديقه ..كانت تجلس راضيه ورافت هناك ….
رافت بإبتسامة وترحيب…
“اخيراً جيت يافارس وحشتنى ياراجل …”
سلم فارس عليه وهتف بمزاح كعادته..
“انتوا اكتر بس كلامكم ده هيخليني اتشجع وقعد هنا سنه بحالها ….”
ضحكة راضيه وهي تسلم عليه بحبور…
“لا طبعاً سنه قليله خليها عشره…. العمر كله انت تنور يصاحب الغالي ..”
قبل يدها قال بمحبه ….
“وحشتيني ياحلى تيته في الدنيا بس اي الجمال
ده….. اي الحلاوه ديه بتكبري ولا بتصغري….”
ضاحكة راضية على حديثها….
“ياواد يابكاش …طول عمرك دمك خفيف يافارس ..”
” ايوا اضحكي كده محدش واخد منها حاجه
وطبعاً دمي خفيف امال هطلع زي ابن ابنك المكشر ده دايماا ..” اشارا على سالم …نظر له سالم بزمجره وتحذير ابتسم فارس وتحدث معهم في مواضيع
اخره …….
“عمووووو فارس …..”ركضت ورد لي احضان فارس بسعادة وحماس….
احتضنها فارس بحنان قائلا بمشاكسة …
“عروستي الحلوه ، عامله إيه …”
ردت بطفوليه حاده …
“الحمدلله بس زعلانه منك ليه غبت ده كله بقلي تلات شهور مشفتكش خالص…. …..”
وضع يده على وجنته قال بطريقة مسرحية…
“لا اخص عليه واطي واطي يعني..بس خلاص من هنا ورايح هاجي اشوفك كل اسبوع او اسبوعين كده يعني اي رايك …..”
غمزة له قائله بمزاح …
“هو ده الكلام تعالى بقه افرجك على الشجره بتاعتي اللي زرعتها من تلات شهور انا وماما في حوش البيت هنا …” حاولت سحبه لينهض معها…
نظر سالم الى ورد قائلاً باللطف
” ورد ….خلي موضوع الشجره ده بعدين دلوقتي لازم نتغدا وعمو فارس جعان، يلا ادخلي اعطيهم خبر اننا جينا ومستنيّن الأكل ….”
اومات له بإحترام وقالت…
“حاضر ياعمي .. هقول لماما ….”
ركضت الصغيره بحماس حيثُ المطبخ ….
ابتسم فارس قال بإعجاب….
“حلو انها بتسمع الكلام ومش عنيده ..ربنا يحفظها ويبارك لحياه فيها ….”
ردد الجميع الدعاء …إلا هو يقف شارد الذهن في هذه الزيجة التي ستبدأ بعد يومين كيف سيتعامل معها اى يضع لها حدود ام يعيش معها حياة طبيعية ولكن كيف ؟…..ظل عقله شاراً بين دومات افكاره المشتت ولأول مره يقف عند حل مشكلةٍ ما ولمخجل في الامر انه قاضي يحل امور الجميع ويخرج الحل من اعماق الظلام… وها هو ياتي عند حياته وبالأخص ان كانت حياة عائلية يقف مكتوف الأيدي غير ممسك بزمام الأمور …..
سمع صوت الخادمة تنادي عليهم ان الطعام اصبح
جاهزٍ على سفرة…..
قبل ذاك الوقت بعد ان علمت حياة بقدوم سالم
صعدت الى غرفتها واخذت حمام بارد حتى تختفي رائحة الطهي ولأرهاق في هذا الجو الحار بحمام منعش لروحها وافكارها المزدحمة بعد حديث الجده راضية …ارتدت عباءة من اللون الابيض تتناثر عليها بعض الورود الرقيقه من اللون الازرق وارتدت حجاب يليق بها حاولت ان تظبط لفت حجابها حتى لا يتحدث معها سالم مره اخرى….
هندمت نفسها امام المرآة ولم تضع اي شئ على وجهها …فقط وضعت على جسدها كريم مرطب
برائحة الورد له رائحة خفيفه على الأنف فقط
من يجلس بجانبها هو من يستنشقها بوضوح ..
نظرت لنفسها برضا ونزلت لتسلم على فارس
وتحضر معهم طعام الغداء …
______________________________________
دلفت الى غرفة الطعام كان الجميع منشغل
في طعامه وحديثه مع فارس رمت السلام
عليهم قائله بصوتٍ عذب ….
“سلام عليكم ….ازيك يادكتور فارس …”
رفع فارس عيناه عليها مردداً بإحترام
“اهل ياام ورد عامله إيه ، اخبارك …”
“الحمدلله “ردت بخفوت
كان سالم ياكل طعامه بدون ان يلتفت لها وكانها لم تاتي من الأساس ….
ابتسمت راضية لها قائلة…
” قعدي ياحياة يابنتي وقفه ليه ….”
اومات لها وكادت ان تجلس في اخر مقعد في السفرة ..قالت راضيه بسرعه
“بلاش تقعدي بعيد كده ياحياه ..روحي قعدي جمب سالم …”
فتحت شفتيها بصدمه كالبلهاء
“هااا….”
رفع سالم عيناه الى جدته بعدم رضا ….
أضاف رافت بهدوء وهو ياكل …
“يلا ياحياة يابنتي قعدي جمب جوزك عشان تاكلي هتفضلي واقفه كده كتير ….”
احمرت وجنتيها غضباً منهم جميعاً ، جلست بجانبه بإقتضاب ….
ارتبكات قليلاً وهي تاكل الطعام بالقرب منه
كان فارس مُنشغل مع ورد ويطعمها ايضاً بيده والصغيرة منسجمه جدا معه….وراضيه ورافت يتحدثون مرةٍ مع فارس ومره اخره
مع بعضهم …..
بدأ هو ياكل بصمت واختلس بعض النظرات لها متفحصها بدون ان تلاحظ، أنتبه انها تعبث في طعامها بحرج علق بسخرية محافظ على نبرة
صوته الخافته نحوها..
“مالك بتلعبي في طبق كده ليه زي العيال…”
نظرت له بحده ولم ترد ولكن غمغمت بصوتٍ خافض…
“عيال …دا انت بارد اوي ماتخليك في حالك …”
مال قليلاً عليها بعد ان سمع حديثها قال بشك وتحذير …”مين ده اللي بارد ….”
مسكت كوب الماء بتوتر ورتشفت منه قليلاً
قائله بتردد
“الـ… المايه بارده هيكون مين يعني …”
ابتسم على طريقتها الطفوليه ثم قال بستهزاء
“اكتر حاجه تميزك عن الباقي شجاعتك
ياحضريه “
نظرت له بتبرم واقتضاب وهي تهمس بداخلها …
“شجاعتي …الله يرحمها …”
تابع اكل طعامه بصمت لياتي في انفه رائحة
معطره خفيفه على الأنف ولكنها تغمر أنفه
بوضوح….. جز على اسنانه وهو ينظر لها
وجدها منشغلة في طعامها ….
نهض فجأه قائلا بخشونة..
“الحمدلله ……”
ثم التفت الى حياة سريعاً وقال ..
“ام ورد ممكن لو سمحتي تطلعي اوضتي تجبيلي ألتلفون بتاعي من فوق اصلي محتاج اعمل مكالمه مهمه ….”
رد رافت عليه بتعجب …
“طب خلي مريم تجبهولك ياسالم ..لسه حياه بتتغدا…”
نهضت حياة قائلة بحرج…
“لا انا الحمدلله شبعت ….”
ثم نظرت الى سالم وقالت…
“ان هطلع اجيب التلفون وانزل على طول …”
اومأ لها بهدوء مريب ..ثم صعدت الى الأعلى…
وعين كصقر الثاقب تتابعها ….
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بدات تبحث عن الهاتف في كل ركن من غرفته
ولم تجده ….تفاجئت به يدخل الغرفة عليها
ويغلق الباب بالمفتاح ..إتسعت عينا حياة
وقالت برتباك…
“اي ده انت بتقفل الباب ليه ..”
اقترب منها ومسك ذراعها بقوة وهدر بغضب
“اي الزفت اللي انتِ حطاه ده…”
لم تفهم مايعنيه سألته بحماقة….
“زفت إيه انا مش فاهمه حاجه ..وبعدين إنت بتكلمني كده ليه… سيب ايدي لو سمحت ….”
قربها منه اكثر وإصطدمت بصدره …
“انتِ هتستهبلي …اللي رشى منه على جسمك
قبل ماتطلعي من اوضتك …”
نظرت له بغضب قائلة بتبرير
“انا مش رشه حاجه ده كريم مرطب بريحة الورد و…. “
نظر لها بستهزء معقباً …
“تصدقي كده انا ظلمتك ….”
نظرت له بسخرية بعد ان شعرت بسخريته
نحوها قالت بستفزاز…
“عشان تعرف بس انك ظالم …”
عالى صوته بحده
“إنتِ بتهزري …”
توترت هي قليلاً وصمتت برهبه من فرط عصبيته عليها….
قربها منه اكثر واصبحت انفاسه تحرق وجهها
الأبيض وقال بصرامة…
“بصي ياحياة لو عايزاني اكون كويس معاكي
يبقى لازم تحاولي مطلعيش عفريتي عليكِ لانك
مش هتتحملي قلبتي المره الجايا….ورد فعلي مش هيعجبك لو اللي عملتيه ده اتكرر تاني……”
نظرت الى عيناه وقسمات وجهه الرجولي ولحيته
النابتة بجاذبية، حتى في أوقات غضبه يجذب عينيها ويرهق روحها ويقلق قلبها من القادم بقربه …اغمضت عيناها بخوف حين شعرت به يقترب اكتر من وجهها …
للحظه فقد صوابه امام نظراتها المتفحصة له للحظه فقد افكاره وترتيبه في تعامل معها، افعالها وتفحصها البريء نحوه حرك الرغبة داخله حتى أقتراب وجهها من وجهه يزيده اشتعالاً ، كاد ان يقطف هذه الشفاه الحمراء التي ترتجف بدون توقف تغري رجولته أكثر …ولكن رجع الماضي امامه صورت اخيه الأصغر و وصيته عليهم قبل موته عشق حسن لها وخوفه عليها حتى وهو على فراش الموت ..ارجع له عقله الذي توقف لثواني امام عيناها الخلابة…..
ابتعد عنها فجأه قال ببرود
“تقدري تخرجي دلوقتِ…”
فتحت عيناها بحرج وصدمه من مافعلته امامه
كانت ستسلم الرايا البيضا له بدون ان يبذل اي
مجهود يُذكر ….خرجت بسرعه وهي تعنف نفسها بافظع الكلمات وعقلها لأ يتوقف عن جملةٍ واحده
(لم تخدرتي امام عيناه وامام لمسته لكِ اى كنتِ تنتظرين المزيد منه ؟.)
___________________________________
بعد ان ذهب الجميع الى النوم في غرفهم
ظلت هي مستيقظه في احضان ابنتها ورد
تفكر وتفكر ولعقل مزال مشوش ضائع بين
حديث سالم وحديث راضيه وماحدث بينهم في الغرفة او ما كان سيحدث ..وكل موقف
ولو صغير حدث بينهم لا يعني غير قسوته
وغطرسته عليها دوماً…..نهضت من على الفراش ووقفت في شرفة غرفتها بثوب صيفي انيقه وشعر يتطاير مع الهواء العابر .. وعقلها لايمل من اعادة هذا الأستسلام الذي شعرت به بقربه…
نهض من على الفراش وتحدث في الهاتف بعصبيه
“يعني إيه لغبطه في حسابات المصنع ..المحاسب فين طب اقفل وصبح انا جاي اشوف الموضوع ده …. “
اغلق الهاتف بضيق واتجه نحو شرفة غرفته
وهو ينفث سجارته بضيق ومزال عقله يفكر
في هذه الحياة التي ميقن انها اذا اصبحت
زوجته ستقلب حياته.. لكن هل ستنقلب للأفضل
ام للأسواء ؟…..
لمحها تجلس على مقعد ما في شرفة غرفتها
نظر حوله بغضب ليجد المكان خالي من البشر فالساعة متاخرة الآن ……
دخل الى غرفته مره اخره وبعث في هاتفه بغضب
مكتوم ….
مسكت هاتفها بين يداها ونظرت له وجدت رسالة
من سالم فتحت محتواها بتردد….
(ادخلي نامي ياهانم وكفايه مسخره لحد كده ..)
اكفهر وجهها منه ودخلت مغلقة باب الشرفة
خلفها توسدت الفراش بظهرها وهي تتمتم
بضجر….
“ربنا يصبرني عليك وعلى تحكماتك…بنادم بارد.. “
______________________________________
في صباح اليوم الثاني …..
كان يجلس الجميع على مادة الإفطار ….بصمت
وكانت تجلس حياة بجانب سالم ….
ظل يتابع اكلها بجواره للحظات قبل ان يقول بخفوت هاكماً….
“كُلي… مش كل ما تيجي تقعدي جمبي تفضلي تلعبي في الاكل كده ، وبدخلي اللقمه في بوقك بالعافيه ….مكسوفه من إيه ماتكلي عدل ….”
نظرت له بضيق ولوت شفتيها هامسه له بإقتضاب
“انا مش مكسوفه انا باكل عادي ..وشكراً على اهتمامك وطريقة كلامك اللي لا تقاوم بجد …”
نظر لها بعدم فهم قائلا…
“مالها طريقة كلامي …..بتتريقي …”
لم ترد عليه نظرت له بتكبر واشاحت بوجهها
ناظرة للناحية الأخرى….نظر لها بضيق ثم حرك قدمه
قليلاً تحت الطاولة ليريح اياها على قدمها الصغير
متكأ عليها قليلاً لتشعر به…
شهقت حياة بصدمه وهي تنظر له….
“هاااااا …”
نظر الجميع لها بإنتباه ….قالت راضيه بقلق
“مالك ياحياة في حاجه وجعكي …”
أحمرت وجنتها بخجل وحرج ومزال سالم يريح
قدمه عليها…بل ويأكل بهدوء وكانه لم يفعل شيء….
ردت عليها بتوتر …
“لا دا…. دي….انا بس زورت …” تنحنحت
قبل ان ترتشف القليل من الماء بحرج عاد الجميع لطعامه بفتور نظرت الى سالم بحنق هامسه بضيق
” شيل رجلك لو سمحت عيب كده …”
اتكأ اكثر على قدمها وهو يقول ببرود وسخط…
“هي دي رجلك دا انا افتكرتها رجل السفرة…..”
توسلت اياه بحرج وحنق منه…
“اديك عرفت انها رجلي…. شيل رجلك بقه عشان ميصحش كده…..”
نظر لها بحزم …
“عندك حق ميصحش…بس يصح انتي اكلمك تبصيلي بقرف ومترديش كمان عليا…. اسميه
إيه ده بقه ….”
صمتت ولم ترد عليه….قال بمكر
“ممكن تعتذري وانا هقبل اعتذارك عادي….”
نظرت له بتكبر قائلة بمهس
“مستحيل انتَ بتحلم !…”
رد عليها بمكر…
“طول عمري بحب الصعب …”
اتكأ اكثر على قدمها فتأوهت بصوتٍ مكتوم…. وهي تنظر له وجدته ينظر لها ببرود لا يخلو من الاصرار
المريض منها على عنادها وتحديها له…
عضت على شفتيها وهي تنظر لكوب الماء بجوارها
فما كان أمامها إلا ان توقع إياه على سطح الطاولة ثم تناثرت قطرات الماء على ملابسها وانتبه لها الجميع وهو اولهم وقد ارتخت قدمه عليها مما جعلها تنهض وهي تعتذر للجميع بخبث …..
“انا اسفه مخدتش بالي هجيب حاجه عشان امسحها…….”القت عليه نظره غاضبة متوعده
إليه….
اخترقت شفتاه اليابسة إبتسامة إعجاب لها..ثم لم يلبث كثيراً إلا وهو ينهض متنحنح بخشونة وهو يقول لوالده وجدته….
“انا عندي شغل مهم في المصنع هخلص وهرجع
على البيت على طول يالا يافارس هتيجي معايا
ولا قاعد “
نهض فارس بسرعة وهو يبتلع ما بي فمه…
“لا معاك طبعاً هقعد اعمل إيه يلا بينا وبالمره اتفرج على النجع ….”
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بعد مرور ساعتين …
كانت تجلس حياة مع الجده راضيه في صالون البيت امام التلفاز ..وتطعم ورد بحب مع بعض المشاكسة الجميله من ورد لوالدتها……
دخلت في هذا الوقت ريهام شقيقة وليد وابنة عم
سالم ….”سلام عليكم …”
ابتسمت راضيه لها قائلة بسعادة وترحيب
“ريهام كيفك يابنتي …. جيتِ امته من المنصوره ..”
جلست بعد ان سلمت على جدتها ولم تعير حياة
اي اهتمام ..قائله بطيبه مزيفه
“امبارح وصلت شاخبارك ياحني
(تقصد جدتها)..وصحتك زينه…. “
اومات لها قائلة بشكر…
“الحمدلله بخير يابنتي …”
التفت ريهام الى حياة قائلة بخبث
“ازيك يامرات حسن ان شاء الله تكوني مرتاحه
معانا.. “
اومأت لها حياة بإقتضاب قائلة…
“مرتاحه ولم شوفتك ارتحت اكتر ياريهام ..”
ثم تابعت حياة بستفزاز ودلع….ض
“ايووووه نسيت نعزمو عليكِ بحاجه… تشربي إيه
ياريهام…”
نظرت ريهام لها بغل قائلة …
“لم احب اشرب حاجه هقوم اعملها بنفسي انا مش غريبه …”ثم بحثت بعينيها بفضول في أرجأ المنزل وهي تسأل راضيه بلهفة..
” هو سالم فين ياحنيي لسه نايم ..”
ردت عليها راضية وهي تعبث في سبحتها بهدوء
“لاء يابنتي دا في شغله لو كنتِ بدارتي ساعتين
بس كُنتِ لحقتيه ….”
تنهدت بحزن ثم قالت بوقاحة..
“مش مهم استنى..اصله وحشني اوي ..تعرفي ياحنيي لو فضلت اللف الدنيا دي كلها على كعب
رجلي مش هلاقي نسخه تانيه زي سالم ابن عمي ..”
ردت حياة بتبرم داخلها..
“ااه إنتِ هتقوليلي ماهو واضح …”
سألتها راضية بقلق بعد حديثها هذا عن سالم
“إنتِ جايه مع جوزك ولأ لوحدك ياريهام ..”
لوت شفتيها قال بحسره زائفة…
“جوزي هو انتِ متعرفيش اني اطلقت قبل مارجع النجع بكام يوم …”
خبطت راضيه على صدرها بصدمه
“ليه كده ياريهام دي تالت جوازه ليكِ يابنتي
وتنتهي بطلاق ..انتِ مش ناويه تعاقلي يابنتي ..”
نظرت الناحية الأخره قائة بضيق وقح..
“ما كله من حفيدك مش قادره اشوف راجل غيره ولا قدره احب غيره ….”
نظرت راضية الى حياة التي حدقت في ريهام بصدمه بعد حديثها الوقح …
وجهت راضية حديثها الى ريهام بحرج..
“مالوش لازمه الكلام ده يا ريهام اللي فات فات
وبعدين سالم هيتجوز كمان يومين …”
اتسعت مقلتيها قائلة بصدمه وحقد…
“يتجوز؟ يتجوز مين ..ومين دي اللي قدرت تغير تفكير سالم عن الحريم…. لا وكمان هيتجوزها بسرعه دي….”
نظرت حياة لها بخبث لانها تعلم جيداً انها حاقده ولا تحبها بل ودوماً تتعامل معها بتكبر وقلة تقدير
لذالك شعرت أنها فرصه لقهر تلك الشيطانه
أمامها….
ردت عليها حياة بمكر ..
“بصراحه مش عايزه اصدمك اكتر من كده بس العروسه تبقى انااا..”
يتبع..
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
“بس النجع هنا مليان بيوت وناس..
وبرغم كده المكان هادي وكل واحد قافل على
نفسه بيته ……”تحدث فارس وهو يتجول بعيناه في اركان هذهِ الغرفة الكبيرة ماتسمى بمجلس قاضي نجع العرب …

ابتسم سالم وهو ينفث سجارته مُجيباً بهدوء..
“فعلاً هي دي حيات البدو و الأماكن الصحراويه
مش زي المدينه خالص …”

أومأ له فارس بتاكيد ..

” ادخل ياحرامي ادخل ….”قال جابر جملته وهو يمسك مؤخرة عنق جلباب صبي في سن
الخامسة عشر عاماً ، دخل به الى سالم وفارس
الجالسين في قاعة المجلس الشاسع …

ساله سالم وهو يتفحص الصبي باعين ثاقبة…
“في إيه ياجابر ……ومالك مسكه كده ليه ..”

رد جابر بإحترام….وضيق من هذا الصبي…
“الواد ده بيسرق ياكبير التين من لأراضي
وبيبع اللي سرقة في سوق كل اسبوع بعد مايجمع ليه يجي تلات اقفصه من التين ….”

ظل يبكي الصبي بخوف ويتطلع على سالم بهلع
ثم بعد ان إنتهى جابر من حديثه ، جثى الصبي
على ركبته امام سالم وقبلى يده قائلاً
بدموع ورجاء…
“عشان خاطر سيدنا محمد بلاش تحبسني ابوس ايدك يابيه ، مش عشاني وللهِ بس عشان خاطر اخواتي الصغيرين..” نزلت دموع الصبي بكثرة وهو يقبل يد سالم الذي نزع يده فوراً عنه ونظر له بعتاب وهو يسأله…
” اسمك إيه ؟..”

“اسمي عمرو ….اناا عارف اني غلط لم سرقت بس محدش راضي يشغلني عنده بعد اللي عمي عمله
في ابويه بعد ماسرق ورثه… وطلع ابويه حرامي ، وانا ولله ماسرقت غير من ارض عمي عشان اأكل اخواتي اللي اصغر مني انا عارف ان السرقه حرام
بس كمان اخواتي جعانين وابوي لازم اجبله العلاج
اللي بياخده….حقك عليا ياقاضي نجع العرب بس انا كبير اخواتي وكان لازم اتصرف حتى لو هسرق ..”
مع كل حرف كانت تنزل منه دموع قلة الحيله وندم ولإنكسار ولخوف من قرار سالم وحكمه الوشيك عليه كان ينظر له بترجي، يترجاه ان يتركه فقط لإطعام أشِقّاءُ هذهِ كانت اقصى احلامه ان يطعم من هم اصغر منه مطوقين في عنقه ومسؤول عنهم …

نظر سالم له ثم قال بلهجة لا تنم على أي تعاطف
او تأثر معه…..

“احكيلي حكايتك ياعمرو عشان اعرف حكايتك قبل
ماحكم عليك بنفسي ؟!..”

ارتبك عمرو قليلاً بعد ان علم ان ليس هناك مفر
من عقاب سالم …..
“اناا كبير اخواتي وكنت في مدرسه وكان
ابويا وامي عايشين ومن كام سنه وانا عندي ١١سنه مات جدي وساب لينا عشرين فدان زراعي وبيت جدي الكبير …..وقتها كانت امي مريضه ومحتاجه عمليه ….راح ابويا عشان ياخد ورث جدي من عمي بس عمي استغل احتياج
ابويا وخد الورث بربع التمن ،وقتها ابويا باع بيتنا
الكبير عشان يكمل على فلوس العمليه ومصريف
المستشفى …. لكن امي ماتت بعد العمليه بأسبوع ورجعنا النجع وطلبنا من عمي يساعدنا رفض وأتهم ابويا بسرقه ومن ساعتها النجع كله بيتكلم علينا ان احنا بيت الحرامي وبناكل حرام
ومكنش قدامي حل غير اني اسرق من ارض عمي اللي هي ارض ابويه وعمي نصب علينا فيها وخدها منناا بأرخص تمن…. “

سأله سالم باستغراب…
“وابوك ليه مش شغال….. ليه سابك تسرق ..”

ابتلع عمرو مافي حلقه قال بحرج…
“ابويا بعد موت امي تعب جامد بعدها… وللاسف مبقاش قادر يمشي من الضغط اللي حصله بعد فراق امي ونصب عمي عليه…. طلعت انا عشان اســ…”

نظر له سالم بعتاب واكمل عنه بخزي….
“طلعت تأكل اخواتك حرام وتعالج ابوك من الحرام مش كده ياعمرو ..”

نظر له بندم وايضاً بقلة حيلة …
فالحياة تختبره وهو مزال صغير على فهم اختبارتها له ماذا يفعل ان فقد الشخص الأمان والحنان معاً واصبح مسؤول عن صغار يحتاجون اليه ويتمنون
ان لأ يخزلهم….
رد بصدق عليه ..
“انا عارف اني غلط بس انا كنت عايز اساعدهم بقي طريقه..”

تنهد سالم ببطء ثم اخرج مبلغ كبير من جيب سترته واعطاه الى عمرو قائلاً بهدوء..
“خد ياعمرو دول عشان تجيب الاكل لاخواتك وعلاج ابوك كمان …”

ابعد عمرو يد سالم الممتدة له وقال بضيق
“انا مش عايز شفقه منك …”

نظر سالم لفعلته بصدمه وعصبيته المفرطة معه
في لحديث وايضاً فارس اندهش وهو يسمع الحديث من بدايته ولكن لم يتحدث ظل يستمع ويرى في صمت …..

توجه جابر نحو الصبي صاح بعصبية…
“انت اتجننت ياحرامي إنت ….حد يزق ايد الكبير
كده… “

رد عمرو بجدية وهو ينظر الى سالم مره اخره تعمّد إلا ينظر او يتحدث الى هذا الجابر الذي لا يتفاهم معه أبداً ..
“انا مش عايز فلوس انا بس عايز اشتغل وصرف على اخواتي ورجعهم المدرسه من تاني ، انا عارف
انك في المصنع بتاعك مش بتعين شباب سنهم صغير بس انا ممكن اشتغل بنص تمن المرتب
الشهري بس الله يخليك شغلني وسامحني على
سرقتي لعمي …”

رد عليه سالم بخشونة …
“مالفلوس دي يااستاذ عمرو بتاعت مرتب الشهر لانك هتشتغل في المصنع من انهارده وكمان هخلي جابر يقدملك في المدرسة من تاني بس منازل يعني هتشتغل في المصنع وتدرس في لبيت واخر السنه هتنجح عشان متزعلنيش منك ،وكمان جابر بكره هينقلك انت واخوتك وابوك لبيت تاني ودي
مش شفقه ده لمصلحتي انا عشان عيني تبقى
دايماً عليك وكمان لان المصنع قريب من البيت ولمدرسه ، فاضل بقه موضوع اسامحك ممكن
اسامحك بس بشرط تنجح في كل حاجه ذكرتها
شغلك….درستك ….إخوتك…. مسئولية
ابوك وراعيتك ليه متقلش ….واكيد لو ثبّت نفسك في كل ده هسامحك ياعمرو …ها قولت إيه..”

ابتسم عمرو بسعادة وقال….
“اوعدك هعمل كل اللي طلبته مني كتر خيرك ..”

اشار سالم بيده الى رجل من رجاله الواقفين بجانبه اتى عليه احدهم
“سيد خد عمرو على المصنع وخلي المهندس علي يعلمه على مكنة الـ*** ..”

اومأ له الرجل وغادر هو وعمرو الى حيثُ المصنع

قال جابر بضيق ….
“ازاي تعمل كده بس معاه ياكبير دى عيل حرامي واكيد بيكدب …”

ضيق سالم عينيه ناظراً له بصمت قبل ان يسأله باختصار……
“بيكدب ازاي يعني الأرض اللي كان بيسرق منها
مش ارض عمه ..”

قال جابر بحرج
“ايوا ارض عمه…. “

“طب يعني مش بيكدب لم إعترف ان سرق من ارض عمه ..”

رد عليه جابر بضيق…
“بس ياكبير احنا هنصدقه في حتة الورث ديه اكيد بيكدب عشان يفلت من العقاب ..”

نظر له سالم قال بشك …
“موضوع الورث ده انا هعرفه من الطرف التاني “

ساله جابر بتوتر…
“اللي هو مين ؟ .”

رد عليه سالم ببساطة وهو يرمقه بشتكيك…
“عمه ! إيه مالك نبرة صوتك مش مريحاني ..”

رد عليه جابر بحرج ….
“عمه يبقى غريب الصعيدي ….وانا من رأيي
بلاش ندخل سكت غريب الصعيدي بلاش
دا راجل شراني ومش بيسيب حقه دا غير انه من
عرق صعيدي ومش بيتفاهم دايما رصاصه هو اللي
بيرد …..بلاش ياكبير ……”

ابتسم سالم بسخرية ورد عليه بسخط…
“اول مره اعرف ان دراعي اليمين دراع حرمة مش
راجل بشنبات ..”

اسلب عينيه جابر بحرج وهتف باعتذر……
“مش قصدي ياكبير انا مش خايف على نفسي
انا خايف عليك غريب الصعيدي غدار ولو وقفنا
على سكته هـ”

رفع سالم كفه للأمام كعلامةٍ تدل على أخرس
جابر عن المتابعة وبالفعل حينما سكت جابر هتف
سالم بصلابة وحزم……..
“خلّص الحديث لحد هنا غريب الصعيدي لو فعلاً واكل حق عمرو وأخواته يبقى انا اللي هجيبه ..
بس انا هأجل الموضوع لبعد بكره وساعتها هتصل بيك واقولك تجبلي غريب ازاي وعلى فين …”

غادر القاعة الكبيرة وبرفقته فارس يسير معه
وهو يتحدث إليه عن كل ماحدث داخل قاعة المجلس….

رد سالم بجدية….
“كان لازم اعمل كده يافارس إنت نسيت اني عشت
جزء بسيط من حكاية عمرو ، بس انا كان عندي أبويا وجدتي راضيه في ضهري وكمان حسن الله يرحمه كان معايا في كل خطوه فحياتي ..”
تنهد سالم بتعب لعله يقدر على اخراج ماضيه
الأسود مع عمه( بكر) وابنه( وليد )….

فلاش بااااك

“امضي يارافت بقه متتعبناش معاك ..”تحدث بكر شقيق رافت ووالد وليد بإقتضاب …

نظر رافت الى سالم ذو الخامسة عشر بقلة حيله ،
ثم وجه نظره الى شقيقه قائلا بترجي
“مش شايف يابكر ياخويه ان الفلوس قليله اوي
على الارض اللي ببعها ليك …ماانت عارف انها كل
ما أملك في ورث ابونا ..”

رد بكر بجمود ….
“مش عايز بلاش ….وخلي مراتك مرميه في المستشفى مستنيه عفو ربنا وحنية جوزها اللي بيبص على كام مليم زيادة ….مع اني شايف اني بديك اكتر من حقك لانك لأ اشتغلت في اراضي ولأ تعبت مع ابوك في حياتك زيي دايماً عايش في البندر وتعلمت هناك وجوزت وعشت كمان هناك وبعد موت ابوك جاي تطلب ورثك …… عجايب ..”انهى بكر كلامه وهو يمط شفتيه بسخط وسخرية للعينه….

ابتسم وليد قائلا بستهزاء…..
“امضي ياعمي بقه ورأنا مصالح تانيه مش نقصين
فقرة الشحاته اللي على الصبح…..”

تقدم سالم بغضب وكادَ ان يلكم وليد ولكن منع تقدُمه والده وهو يهتف له بترجي ….
“خلاص ياسالم خلاص يابني …… عفى الله عم
سلف ..”

صمت سالم ، و وقف بجوار والده بإحترام وظل يرسل الى وليد نظرات قاتله حارقة استقبلها وليد ببرود ساخر وشماته لإذاعة ..

مضى رافت على العقد واخذ نقود عملية زوجته
وخرج من الغرفة الى خارج البيت بأكمله…

كادَ ان يخرج سالم ويتبع والده ولكنه توقف
للحظات واستدار لهم قائلا بصرامه صادقة لا
تناسب عمره…..
“يمكن رافت شاهين هيخرج من نجع العرب وهو لايملك شئ فيه ….لكن سالم رافت شاهين هيرجع نجع العرب وهو اكبر واغنى واحد فيه …واعتبره ده وعد مني ليكم…..”

إنتهى الفلاش باااك

ابتسم سالم وهو يقود سيارته فقد تخلى عن حلمه فإن يكون طبيب مشهوراً في مجاله كي يصل لحلم وهدف أكبر في هذا النجع الكبير وقد حقق ماتمنى في فترة قصيرة وأصبح كما هو عليه الآن !! ….

قال فارس بصدق وإعجاب بصديق طفولته ..
“قدرت توفي بوعدك وبقيت اغنى واكبر واهم واحد في نجع العرب ، بجد تستحق اللي وصلت ليه
ياصاحبي ربنا ياقويك ..”

اومأ له بامتنان …وللحظة اتى في ذاكرته (حياة )وعبثه وعناده معها على مادة الإفطار
ابتسم وهو شارد ابتسامة لاول مره تشق ثغره نعم
فكانت ابتسامة من نوع خاص ! …

قال فارس بخبث بعد ان لمح شروده وابتسامته اليابسة……
“ركز ياشبح في سكه لحسان نعمل حادثه
وبعدين كفايه سرحان كلها ربع ساعه ونبقى قدام البيت ونشوف تيته راضيه مش كنت بتفكر برضو في تيته راضيه …” انتهى فارس من جملته بغمزة مراوغة…

نظر سالم الى الطريق ولم يرد عليه وتلاشت ابتسامته سريعاً…..
______________________________________
كانت تجلس حياة تقلب في شاشة هاتفها ببعضًا من الملل وهي تطلع بين الحين ولاخر على هذهِ الوقحة ريهام التي تجلس تشاهد التلفاز وتضع قدم على الأخره وكانها في بيتها …

قالت ريهام بخبث…
“إنتِ قاعده مستنيه إيه ياحياة ماتدخلي تنامي دا حتى الوقت اتاخر وكل اللي في البيت نامو دا حتى الضيف ده اللي اسمه فارس جه العصر اتغدى معانا ودخل اوضته مطلعش منها…”

ردت عليها ببرود ساخر…
“عنده دم بصراحه ، مش زي ناس قعده هنا من الصبح ودم عندها اتحول لمايه سقعه .. “

ابتسمت ريهام بضيق على تلميح حياة وقالت بالامبالاة…
“انا من رأييّ تدخلي تنامي وتاخدي بنتك اللي
نايمه على الكنبه جمبك ديه على فوق ..”

زفرت حياة بضيق ثم ابتسمت بمكر قائلة…
“لا انا هستنى سالم عشان احضرله العشا
اصله محضرش معانا الغدى ومن ساعت ماطلع الصبح مرجعش وانا قلقانه عليه اوي …عندك اعتراض ياريهام استنى خطيبي ..”

ضحكة ريهام بسخرية قائلة…
“ده إيه البجاحة دي خطيبك قوام كده نسيتي حسن ابن عمي الله يرحمه ابو بنتك ..حكم هنتظر إيه من واحده لا ليها اصل ولا فصل …”

كادت ان ترد وتعنفها ولكن هناك صوت جهوري
صاح بحدةٍ باسم هذهِ الوقحة
“ريــــــهــــــام ..”

نهضت ريهام ووضعت الحجاب بطريقة عشوائية على راسها واتجهت إليه قائله بابتسامة مهزوزة… وصوت ارغمته على ان يكون ناعمًا الى ابعد حد
“حمدال على سلامتك ياابن عمي ..”

اول ما اصبحت امامه مسك ذراعها بقوة
قائلاً بغضب صارم….
“انا مش مية مره قولتلك بلاش تلغبطي
في كلام مع حد من أهلي ..واي حد يخصني… “

فغرت حياة شفتيها من الكلمة برغم من تشفيها
في ريهام إلا ان كلمة (تخصه )لم تروقها ابداً بل اغضبتها لانها لأ تخصه ولأ يملكها رجل بعد زوجها الراحل !…

نظرت ريهام له بإرتباك ثم قالت باعتذار… ..
“حقك عليه ياابن عمي ، بس انا عصبيه شويه ماانت عارف و…”

“انتِ مش غلطانه فيا انا ، أنتِ غلطِ فى مراتي ولازم تعتذري ليها …”
قاطعها بهذه الجملة التى اثارتها غضباً
داخلها ولكن حاولت الظهور امامه بوجه يملأه الندم وطيبة ثم قالت وهي تلتفت الى حياة…
“حقك عليه يامرات سالم مكنتش اقصد ازعلك .”

شعرت حياة بغصة حاده لأ تقدر على بلعها ليس
من تأسف ريهام ، فهي تعلم انه زائف مثل كلماتها
ولكن كلمة (مرات سالم )نعم ستكون زوجته عاجلاً ام اجلاً ستكون غداً ستكون ملكاً له !..

نظر الى ساعته وهو يقول لها بضيق….
“أنتِ مروحتيش ليه ياريهام لحد دلوقتي…. .”

انحرجت من سؤاله ثم قالت بتلعثم..
“اصل الوقت خدني وانا قعده اتكلم مع حياة فى محستش بالوقت ..”

رفعت حياة حاجبيها من هذه الكاذبة المخادعه
أمامها ….

قال سالم بزفرت حنق…..
“طب اطلعي نامي في اوضتك اللي كنتِ دايماً بتيجي تباتي فيها ..”

نظرت له بإبتسامة رقيقه وهمست برقه ناعمة
“تسلم ياابن عمي …..تصبح على خير ..”

صعدت الى فوق بهدوء وتمايلت في خطوتها ظنٍ منها ان سالم يتطلع عليها ولكن كانت عيناه تطلع فعلاً ولكن على هذهِ الحياة التي حملت ابنتها على يداها متوجها بها الى الأعلى حيثُ غرفتها هي وابنتها ..

اوقفها سالم قائلاً بخشونة
“على فين ؟…”

وقفت ونظرت له باستغراب مجيبه…
“هيكون على فين…. على اوضتي هنام انا وبنتي
في حاجه ..”

نظر لها قال ببرود
“ااه فيه انا جعان “

ارتبكات قليلاً ثم قالت بهدوء
“طب الخدم كلهم ناموا و…”

“مين قال اني عايز الخدم… حطيلي إنتِ الأكل ولا صعب ..”رد باقتضاب واقترب منها وحمل ورد
على ذراعه بخفه عكسها تماماً قال بضيق منها …
“بلاش ورد تنام بره اوضتها تاني وتبقي مضطره تشليها على دراعك البنت كبرت واكيد تقيله على أيدك.. .”

نظرت له بعدم فهم …

صعد على السلالم وهتف بأمر بارد…
“حضريلي الأكل وهاتيه على اوضتي “

اغمضت عيناها بضيق وهي تتمتم بضجر…
“اوضته تاني …استغفر الله العظيم يارب …هو بيتلكك ده ولا اي……”

وضع الصغيرة في غرفة والدتها ودثرها جيداً بالغطاء ثم أخفض الأنوار حتى لا تخشى من الظلام
الكاحل….

توجه فوراً الى غرفته لياخذ حمام بارد يمحي
به اثر تعب اليوم مابين المجلس للمصنع ومناطق
اخره من المفاوضات بين عائلات كبيرة في لنجع
أدى كل هذا الى تأخره خارج المنزل الى نصف الليل ….

ارتدى ملابسه بأكملها ثم مشط شعره امام المرآة وهو يتنهد بتعب قبل ان يستلقي على الفراش بإرهاق منتظر الطعام حتى ياكل وياخذ قسط من الراحه فاليوم كان يدور هنا وهناك بدون ان يأكل او حتى يستريح قليلاً…..

طرق خفيف على الباب رد عليه تعب وارهاق
قائلاً “ادخل …”

دخلت حياة بحرج الى غرفته وجدت سالم مستلقي على الفراش بتعب وارهاق واضح عليه وضعت صنية الطعام على طاولة الصغيرة وقالت بهدوء
“الأكل يادكتور سالم …”

نهض وجلس على الفراش قائلاً بتعب واضح
“حياة مفيش معاكِ برشام صداع ، دماغي وجعاني اوي …”

“عندي بس كل الاول عشان تاخد البرشام وتنام على طول …”قالت جملتها وهي تضع الصنية امامه …..

رد بهدوء وارهاق وطريقة حديثه الهادئة صدمتها
ولكن اقنعت نفسها انه بسبب وجع راسه ليس إلا

“مش عايز اكل معلشي روحي هاتي البرشامه الأول عشان مش هعرف اكل وانا تعبان كده ..”قال بلهجة
هادئه..

ابتسمت وهي تغمغم بداخلها بدعاء..
“يارب تفضل هادي كده دايماً .، يلا هساعدك عشان خاطر بس زعيقك ونصرك ليه قدام الصفرا بنت عمك ..”

حملت صنية الطعام مره اخره بعيداً عنه
ثم قالت بفتور وهي تضع الوسادة على فخذيها
قائلة بحرج …
“ممكن اعملك مساج لراسك وان شاء الله الوجع يروح وتعرف تأكل ولو رجع الصداع تاني خد
برشامه ونام بس انا وثقه ان بعد المساج ده هيروح …”

ظل يتطلع عليها قليلاً اهيَ جاده يضع رأسه في
في أحضانها لم يفعل هذا مع اي امرأه إلا والدته منذ زمن هي من كانت حين يشتكي من راسه يضع راسه في احضانها وتبدأ باصابعها الحنونة تخفي الالم من رأسه بسحرها الخالص …

نظر لها بشك وتعب متسائلاً….
“بتعرفي …”

اومأت له بحرج وابتسامة بسيطة
وضع راسه على الوسادة التي تضعها على فخذيها
حتى لا تزيد الحرج عليها اكثر ….
بدأت تدلك ببطء كل أنشأ ولو صغيره في راسه باللطف وحنان ينبع من اسفل يداها الناعمة….

شعر وقتها براحه وكان الآلم يمحى بعد لمست اصابعها لكل انشأ في راسه ابتسم براحه وارتخت ملامح وجهه الذي كان يعتريها الإرهاق منذ دقائق فقط …

بعد اكثر من ربع ساعة كان يشعر ان كل الاوجاع أختفت بعد لمساتها الحانية وكاد أيضاً ان يغفى
بين يداها الناعمة ولكن همست له برقةٍ لا تخلو من التوتر……
“بلاش تنام يادكتور سالم كُل الأول وبعدين نام ..”

فتح عيناه محدق الى بنييتان عينيها الامعة ولأول مره يرى هذه الملامح عن قرب جميله ومن ينكر هذا الجمال البسيط المجذب لي اي عين تراها بهذا القرب وبرغم من انها تلف حجابها بأتقان حول راسها الى ان بعد الخصلات تنزل منه حتى تكمل صورت حياة بحق الحياة امام عيناه الشاردة…

ارتبكت من تفحصه الجريء هذا إليها نهضت فجآه قائله بحرج وهي تضع امامه الطعام
“اتفضل كل انا لازم امشي ..”

كادت ان تذهب اوقفها صوته سائلا…
“راحه فين ..”

نظرت له بدهشة وقالت…
“اكيد على اوضتي …”

نظر لها بشك وتسائل..
“إنتِ اتعشيتي؟ ..”

“لا، اصلي مش باكل بليل ….شكراً..”

مسك معصمها واجلسها رغمًا عنها قائلا بتحكم
“مينفعش معايا الكلام ده …تعالي كُل معايا… “

نظرت له بضيق وهتفت بعناد
“بس انا مش جعانه ،وياريت متغصبش عليا في حاجه انا مش عيزاها…..”

نظر لها بحدةٍ من هذا العناد الذي يظهر دوماً امامه ، قال ببرود عكس مابدخله ..
“يعني إيه ياحضريه بتعصي أومري مثلاً ؟”

كادت ان ترد ولكن لمحة طيف الغضب يحتل
وجهه وعيناه السوداء تذيد سواد قاتم محذر إياها بتحذير مهيب….

ردت بعد الأستغفار قائلة ببعضٍ الهدوء…
“انا مش بعصي اوامرك انا بس عايزه اقول اني ..”

وضع المعلقه في الارز وقربها منها قال بتحكم
“ومتقوليش حاجه كُلي وكفاية كلام ..”

فتحت فمها بصدمه لي تتلقى اول معلقة منه
عنوة عنها حدقت به بغرابه قائله ..
“إنت هتاكلني ..”

وضع المعلقة في فمه هو ايضاً
ورد عليها قال ببرود …
“للاسف مفيش غير معلقة واحده وهناكل منها احنا الأتنين وبما ان حضرتك معترضه انك تاكلي بليل
فأنا من رأيي اكلك بنفسي ….افتحي بوقك. .”
قال اخر جملته وهو يضع في فمها اللحم ..

انحرجت من افعاله وتمتمت قائلة بخجل حتى
تهرب من هذا المأزق ..
“طب انا هروح اجيب معلقه تانيه يعني
مينفعش ناكل من نفس المعلقه …”نهضت وهي تتحدث أمسك معصمها واجلسها مره اخره على الفراش امامه قائلاً ببرود…
“مفيهاش حاجه لو كلناا من نفس المعلقه ..بلاش تحاولي تشتغليني عشان عيب ..”نظر لها بتحذير

ظلت تاكل تارةٍ من يده وياكل هو وعيناه لاتفارق وجهها الخجول ، هو يعلم ان مافعله تحدي وعناد
لها ليس إلا ولكن كان الطعام معها وبمفردهم
لأول مره له احساس من نوع اخر …

قال باستفزاز وهو ينظر لها ببرود
” الحمدلله ……شكراً ياحضريه على الأكل ..”

نظرت له بإمتعاض واومات له بإبتسامة صفراء
حملت الصنية وكادت ان تخرج نداها قائلاً بأمر ..
“ودي الصنية وعمليلي كوبية شاي تقيله ، بس بسرعه قبل ما انام …”

اومات له ببرود ….
وخرجت وهي تلعن نفسها وليوم الذي تزوجت به حسن لتقابل هذا المتعجرف عديم الأحساس ..
ولكن بعد ان دلفت الى المطبخ اتى في بالها
فكرة شيطانيه فأبتسمت بخبث وتوعد له….
…………………………………………………………
وقفت ريهام في شرفة الغرفة تتحدث في
الهاتف بحدةٍ قائله لاخيها..
“يعني إيه ياوليد امشي اليوم كده عادي من
غير حتى ماحاول اوقف الجوازه إنت عايز
تقهرني…..”

رد وليد عليها من الناحية الاخره قال بصرامة
“ماتعاقلي بقه ياريهام اصبري لحد مايتجوزها وساعتها هنوقع مابينهم …وبعدين بلاش تنسي مصلحتنا احنا الاتنين أنتِ عايزه سالم وانا عايز حياة فا نصبر شويه وبعد جوازهم انا أخطط وأنتِ تنفذي ، وحاولي على قد ماتقدري تطولي في القعده عند سالم عشان التنفيذ يبقى اسهل …”

سالته بشك
“طب وابوك هيوفق على قعدتي هنا في بيت
رافت شاهين ..”

ضحك وليد وقال بسخرية…
“ابوكي نفسه تفضلي في بيت رافت شاهين على طول عشان يرجع حبل الود مابينهم ومصالحة تمشي تاني معاهم….يعني لو اتجوزتي سالم ابوكي اول واحد هيستنفع من النسب ده فاركزي إنتِ بس معايا وسيبي حوار ابوكي ده على جنب ..”

****

صعدت الى غرفته وهي تبتسم بمكر وتحمل
بين يداها كوب الشاي الذي طلبه منها….

طرقة على باب غرفته اذن لها بدخول ، دلفت ووضعت كوب الشاي امامه وقالت بهدوء غريب
عليها ..”تأمر بحاجه تانيه يادكتور سالم ..”

نظر لها بشك ثم رد عليها قال بالامبالاة …
“لا شكراً ، روحي نامي بقه عشان الوقت اتأخر
وإنتِ بتصحي بدري ..”

تمتمت بتبرم وهي تخرج من الغرفة…
“ياسلام على الشهامة لسا فاكر ان الوقت اتأخر واني بصحى بدري….حلال فيك اللي هيحصلك بعد الشاي….”

ارتشف الشاي بإستمتاع وبعد ان انهى كوب الشاي
ووضع راسه على الوسادة ليأخذ قسط من الراحة
قليلاً وكاد ان يغرق في نوم إلا انه استيقظ فجأه
وهو يدلف الى المرحاض ممسك معدته التي
تتلوى من داخل بقوة وضطراب مسببه له وجع
غريب لن يرتاح منه إلا بدخوله إلا الحمام….

خرج من المرحاض بعدها بدقائق ممسك معدته
بتعب والارهاق زاد وتضاعف على وجهه…شرد
بعينيه للباب المغلق خلفها وهو يلفظ بتوعد …
“اقسم بالله ماهفوت المقلب السخيف ده ياحضريه

يتبع…
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
“بارك الله لكم وبارك عليكم وجمع بينكما في
خير… “انتشلتها تلك الجمله من تراكم أفكارها..

كان يجلس مع بعض الأقارب من عائلة شاهين يباركون لسالم بسعادةٍ وفرح حقيقي ، هناك دوماً حاقد لك ولكن اعلم ان هناك ايضاً محب لك ! ..

” مبروك ياحياة….” باركت لها ريم ابنة عم سالم الوحيد (بكر شاهين )ريم التي تختلف عنهم كثيراً فهي حنونه طيبة القلب الأقرب الى حياة دوماً وحافظة اسراره ….

تبرم وجه حياة قائله بضيق
” مبروك على إيه ياريم ، على خبتي اني اتجوزت
ابن عمك …”

نظرت ريم لها بتوبيخ ومن ثم عادت بنظرها الى سالم قائله بإعجاب صادق ..
“أنتِ عميه يابت ياريت ياختي كل الجواز يبقى بالخيبه ديه اتجوز وقتي ..”

قالت حياة بزمجره حادة ….
“اتفضليه ياختي مش عايزاه ..”

ضحكة ريم معقبة…..
“ياريت ينفع …قلبي شيفه اخ ..” اشارت الى قلبها بطريقه مسرحية..

ابتسمت حياة باللطف لها..
“عقبالك ياروما ..”

قالت ريم باقتضاب…..
“بعد الشر اتجوز من آلعرب وهنا من قلب نجع العرب عشان بعد الجواز بسنه يدخل عليا بضرتين معايا في البيت الله الغني من دي دعوه …”

ضحكت حياة بخفوت وقالت بإقناع لها…
“يابت يام لسانين كفايه مقوحه يمكن تلاقي فيهم واحد اخلاقه وطباعه بعيد عن التقاليد الغريبه دي ..”

طقطقت بشفتيها بعدم اقتناع وهي تقول بنفي…
“استحاله… كلهم واحد ، كل اللي فالحين فيه الشرع محلل اربعه ..فهمين الدين غلط ، وابويا على ذمته
إتنين غير امي ولاتنين داخلين على امي واحده فيهم فلسعت وماتت وتانيه شرانيه وعيالها طالعين زيها…. دا غير بقه الجوازات اللي قبلهم وتيجي تشوفي امي تلاقيها اكبر من سنها اللي مكتوب في البطاقه …ولا اخويه اللي عمال يبدل في ستات زي الفراخ البلدي ….بصراحه بعد الى شوفته لو موتوني مش هتجوز منهم ابداً ، بصراحه شيلت الموضوع ده من دماغي ….اوباااه مين الفسدق ده ..”انهت اخر جمله لها وهي تتطلع على فارس الذي يهنأ سالم ويتحدث مع عمها رافت بمزاح وارتياح وكانه شخصاً من العائلة ..

ضحكت حياة وغمزة لها بخبث …
” دا صاحب سالم الدكتور فارس ….عايش في القاهره … “

ضحكت ريم قائله بمزاح…
“لاء دا انا امي دعيالي في ليلة القدر دا نفس المواصفات بس مستورد…”

ضحكت حياة عنوة عنها بقوة وهي تقول

“يابنتي ارحميني هموت وللهِ منك….”

تابع كل تصرفاتها بغضب وضيق ضحكها بصوت عالٍ حركتها داخل هذه العباءة التي برغم من حشمتها
إلا انها تزيدها جمالاً يجذب العين !…

“عينك هتوجعك ياصاحبي ..”همس له فارس بهذه الجملة بمكر…

نظر له سالم بضجر وكاد ان يرد لكن قطع الحوار
وليد الذي هنأ سالم بطيبه زائفة…
“مبروك ياابن عمي وللهِ فرحتلك ..”

نظر سالم له بأشمئزاز ووليد ياعانقه بمباركة خبيثه
همس إليه وليد اثناء تهنيائه بمكر…
“خد بالك من حياة اصلي خايف عليها اوي منك ..”

ابتسم سالم بخبث وحاوط بيداه ظهر وليد متكا على عضلت ظهره بشدة قائلاً بنبرة مهيبة…
“أوعى تخاف يا ابن عمي دي مرات سالم شاهين اوعى تنسى دي…… حرم سـالم شاهين …”اتكأ باسنانة على آخر كلمة لعل الغبي يفهم مكانتها
الآن أمامه..

تركه بحدة خفيه …نظر له وليد بإبتسامة مستفزه وابتعد عنه …

بعد مغادرة الجميع بساعتين ..

قال فارس بحماس وهو يخرج مفتاح من جيب بنطاله ..”خد ياصاحبي هدية جوازك ..”

كانت تجلس حياة بجانب راضية وتابعت الحديث بإنتباه وقلق….

سأله سالم باستفهام
“اي ده يافارس مش فاهم ..”

رد فارس بأيجاز…
” ده ياسيدي مفتاح الشليه اللي في اسكندريه بتاعي قدام البحر مانتَ عرفه ، خد مراتك وقضي كام يوم هناك …. واهوه جدعانه قبل ماسافر دبي بكره وريحك من غتتي… .”

عقب سالم بـ…..
“انت مسافر بكره …”

“ااه رايح اشوف اهلي وقضي معاهم اجازة الصيف
المهم سيبك مني قولت إيه هتروح الشليه ولأ إيه “

وقبل ان يرد ويعترض على الذهب الى اي مكان بسبب عمله ..

ردت حياة قائلة بحدة خفيه ولكن شعر بها بوضوح
سالم من لهجة اعترضها ..
“اكيد مش هنروح عشان شغل الدكتور سالم وعشان ورد بنتي ، شكراً يادكتور فارس بــ..”

نظر سالم لها نظره اخرستها حادة الى ابعد حد و
رد بصرامه قائلاً بعناد فقط ينولد امام رفض رغبتها
لشيء “اكيد هاجي وهقعد في اسكندريه شهر بحاله شهر عسل.. ..” نظر لها بتوعد قاتم….

بلعت ريقها بخوف قائلة بتوتر ..
“طب و…..و ورد هنسبها لوحدها مينفعش و..”

” ورد هتيجي معانا متقلقيش ياام ورد ..”
نبرته كانت مُخيفه ومحذره لها بضراوةً يصحبها التحذير عن اي اعتراض قادم الان منها امام
الجميع…..

لفظ بأمر…..
“اطلعي حضري الشنط احنا لازم نمشي دلوقتي ،
شهر العسل بدأ ياعروسه ..”رمقها بسخريه لإذاعة…

ربتت راضية على يدها هامسه بإقناع لها..
“اسمعي كلام جوزك ياحياة صدقيني سالم طيب بس عايز اللي يفهمه ….ويغيره وده في ايدك…”

ظلت تنظر لها باستهجان من كل ما يحدث حولها….

استعجلها سالم مرة اخرى بنبرته الشامخة…
” يلا ياام ورد قدامنا سفر طويل بالعربية على مانوصل اسكندريه ..”

نهضت قائله بتوتر ورهبه داخلها …
“اقسم بالله ما مرتحالك شكلك ناويلي على نيه
شبه قلبك …”

وقفت عند ركن ما في البيت بعيداً عن الأنظار رفعت سماعة الهاتف على أذنيها قائلة بحده ..
“بقولك وليد سالم والزفته حياة مسافرين اسكندريه ويمكن يقعدُه هناك شهر بحاله …”

رد عليها وليد من الناحية الاخرى بفرحة مريضة..
“حلو اوي البعد ده …حاولي تعرفي ليا هيقعدُه فين بظبط في اسكندريه عشان نبدأ نتكتك ، وساعتها التنفيذ يبقى اسهل !؟”

………….٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠……………..
صعدت بجواره داخل سيارته وفي احضانها ورد
الصغيرة التي غفت بعد ان انتلقت السيارة بربع ساعه فقط ….

نظر سالم نحوها بهدوء
“نامت ..”

مررت يداها على شعر ورد قائله بخفوت
“ااه شكلها بدوخ من العربيات فى نامت على طول….”

اومأ لها بهدوء ثم اوقف السيارة وفتح مقعد سيارته من الخلف كسرير صغير ..حمل الصغيرة ووضعها
في المقعد الخلفي ودثرها بالغطاء جيداً ثم نظر الى حياة بفتور “لو حبى تنامي ارجعلك الكرسي لورا وتريحي شوي عشان المشوار لسه طويل ..

هزت راسها بنفي وحرج قائلة…
” لا شكراً…….مش عايزه انام ..”

انطلق بسيارته مرة أخرى بدون ان يعلق…
ظلت تتطلع من نافذة السيارة بشرود من تقلب الحياة معها من يوم ان كانت فتاة بضفاير في ملجأ للفتيات تعرضت لمواقف عديدة إهانات وجع تعب وايضاً تحرش من أشخاص من المفترض انهم في سن جدها كانت تحيا حياة قاسية لا تعلم عن حياتها شيء غير اسمها (حياة)اصبحت حياتها جافة
يحملها الغموض بعد زواجها من هذا السالم
تعلم إنها ليست ضعيفه او سهلة المنال بعد ما رأته في هذا الملجأ المشؤوم والحياة به ، ولكن ايضاً سالم ليس هين برغم من كرهها لتسلطه واومره
عليها و زواجها منه بنهاية … وانها برغم كل شئ كانت تريد العيش لأجل ابنتها وذكريتها مع زوجها حسن إلا انها لا تنكر ان سالم مصدر إعجاب لها كلما نظرت الى قسوته وحدّته معها حتى امتلاكه وغيرته على كل من يخصه يكن بداخلها الإعجاب ويزيد بشكلٍ مُخيف ، هذا الإعجاب تخشاه اوقات
واوقات تقنع نفسها ان الجميع يأتي عليه فترة زمنيه يشعر بها بالإعجاب بأشخاص عابرين من حياته ،(ولكن هل سالم شخص عابر بعد هذا العقد الأبدي ياحياة بينكم ؟ .)…سالها عقلها باستنكار …..
تنهدت بصوت مسموع وخوف من تطور هذا الإعجاب لشيء اكبر بعد هذا العقد بينهم والذي تبرهن انه مدى الحياة حتى ان لم يتفاهمون يوماً ….

نظر لها بعد ان زفرت بارهاق واضح من كثرت التفكير
ذهب عقله الى جملة اخيه حسن له قبل موته وهو
ميقن ان اذا كان الله أطال في عمر حسن دقيقةٍ واحده كان اوصى عليه بان يتزوج حياة ويرعاها
هي وابنته الصغيرة ….

منذ ثلاث سنوات

كان حسن يستلقي على فراش المشفى بعد حادث
لعين لم يعثر على مدبره حتى الان ….قال حسن بتعب “سالم ..”

اقترب منه سالم بحزن وقلق عليه وهو يتفقد
شقيقه الصغير وصديق عمره وابنه ايضاً بهذا
الشكل المتعب لروحه ..
“ايو ياحسن…. بلاش تكلم الدكتور قال ان الكلام غلط عليك ….”

رد عليه باصرار وتعب…
“اسمعني ياسالم مفيش وقت ..انا عايزك تاخد بالك من حياه و ورد بنتي …سالم عايلتي الصغيره امانه في رقبتك وانت سندهم ولازم تحميهم ..”

رد سالم عليه بتفهم وهدوء ….
“متخفش ورد في عنيه وان شاء الله تقوم بسلامه وتربيها بنفسك بس كفايه كلام …”

قال حسن بجدية…..
“عشان خاطري ياسالم خد بالك من ورد وحياة احميهم وحافظ عليهم وبذات حياة اوعى تبعدها
عنك لحظه انا عارف انك الوحيد اللي ممكن تفهمها
وتفهمك ويمكن تقدرو تكملو بعض و… “سعل بقوة
وهو يحاول التقاط أنفاسه وقد بدات الأجهزة الموصله بها تعطي جرس إنذار ..هلع سالم
للخارج ينادي الطبيب
لياتي بعد الفحص الطويل الخبر الصاعق له.. وتظل الوصيه التي لم تكتمل تدوي في باذنيه دوماً
باصرار غريب…

نفض الأفكار من عقله بضيق فإن صدق ما يملي
عليه ضميره سيجعله يتهاون مع هذهِ الفتاة التي لا تستحق غير هذهِ المعاملة منه …(القسوة ) لم
تكون هي او اي أمرأه غيرها (ملاذه )يوماً بل مستحيل ان يحدث هذا مستحيل ان يضع قلبه المتحجر في يد اي امراه… لم يكن له تجارب مع هذا الجنس الناعم ولم يكن معقد يوماً منهم ! ولكن اخذها قاعده بحياته ان هناك زواج واطفال نعم وهناك عشرة وتاقلم حتماً لكن لم يكن في قواعد الزواج( حب )لم يكن ولن يكون عنده هذا الشيء ابداً وهو غير معترف بهذا الضعف المزين امام الجميع على هيئة حب ومشاعر متبادلة !….
(نضع القواعد بأنفسنا ولكن يختار القدر قواعده الخاصه لنا… وبدون اختيار منك تجد نفسك تحيا بقواعد تختلف عليك كلياً….. ؟!)

اوقف السيارة قليلاً واستدار لها قائلاً قبل ان يخرج
” هجيب سجاير وجاي ، تحبي اجبلك حاجه معايا “

هزت راسها بنفي ، زفر بضيق وهو يغادر يعلم انها حتى إذا كانت تريد شيءٍ فلن تخبره …

دخل( السوبر ماركت) واشترى سجائر وبعض
الأشياء السريع لاكلها …دلف للسيارة مره اخرى وجلس قليلاً وضع الاكياس امامها ..نظرت له بعدم فهم وسائلة “انا قولتلك يادكتور سالم اني مش عايزه حاجـ…”
قاطعها ببرود وهو ينفث سجارته على مضض…
“ده مش ليكِ ….. ده لورد لم تصحى من النوم “

سعلت بشدة وبدات تحرك كف يدها في الهواء امام وجهها بضيق من هذهِ الرائحة التي تفوح من سجارته …

حدق بها قليلاً ونظر الى ورد الذي تنام في المقعد الخلفي فتح سيارته مرة اخرى وأغلق الباب عليهم
وظل ينفث في سجارته خارج السيارة اي بجانبها.

نظرت له وهو يوليها ظهره ونظرت الى الأكياس بجانبها بدأت معدتها تصدر أصوات مزعجة ….
تنهدت بتافف وهي تختلس النظر إليه ثم قالت بتبرم …..
“انا جعانه اوي ماكلتش من الصبح ، وهو قليل الذوق مش هاين عليه يغصب عليا اكل… ”
بدات تقلد صوته
بضيق “ده مش ليكِ ده لورد لم تصحى من النوم….غتت اوي ..” فتحت بعضاً من الاشياء الموضوعة امامها وبدأت باكلها بجوع بعضا من الشوكلاته وبعضا من الكيك والبسكوت وشبيسي ومياة غازيه لأ تعرف كم مر من الوقت وهي تاكل بهذا الجوع ولكن هي كانت تتضهور جوعاً فمن الصباح لم تاكل واصبحت الساعة الخامسة مساءٍ ….

انهى سجارته واستدار لها لكِ يصعد سيارته ويكمل رحلتهم لكنه وجدها تاكل بسرعه وبجوع شديد وايضاً بأن عليها التزمر ….

ابتسم على حركتها الطفولية يشعر دوماً ان ورد ابنتها تفوقها ذكاءٍ وحسن تصرف …

انتظرها قليلاً حتى انتهت وصعد السيارة بعد مدة وجيزة نظر لها سائلاً بمكر …..
“اي ده هي الأكياس خست في ايدك كده ليه انا كنت جايب تلات كياس دلوقتِ بقه اتنين… التاني راح فين …”

نظرت الى الناحية الاخرة قائلة بحرج …
“معرفش شوف بقه انت ودتهم فين …”

كبح ضحكته ثم اسطرد بجدية خبيثه…
“عندك حق ..انا نازل اشوف الراجل بتاع السوبر ماركت ده يمكن نستهم جوا….”

مسكت يداه قائلة بترجي وارتباك …
“انا من رأي عفا الله عما سلف و…..و يلا بينا عشان اتاخرنا …”

رد عليها بخبث….
“ازي يعني انا لازم ادخل اشوف الاكياس راحت فين…. .”

احمر وجهها بحرج اكتر من الازم وبدأت تموت خجلاً أمامه، شعرت بندم من اكلها بهذهِ الطريقه عنفت نفسها بشدة وغضب…

ابتسم سالم على صمتها وتشنج ملامحها الواضح عليها ….أكتفى بهذا القدر الأن فمزال أمامه
الكثير ليفعله بها بعد مقلبها السخيف معه….

اقترب من وجهها ببطء ونظرت هي له بتوتر
قائله بخجل….
“دكتور سالم في إيه انتـ “

“هششش …”اكتفى بهذا الصوت لتصمت وانفاسه تداعب وجهها الأحمر وقربه يخدر حركتها ويشتت عقلها بدات تتنفس ببطء وتوتر وصدرها يصعد ويهبط امامه من شدة قربه منها…
مد يده وبدأ بمسح شفتيها السفلى وما حولهم ببطء وهو يحدق في عينيها بقوة…. أغلقت عيناها بخجل من لمست أصابعه الخشنة على خطوط شفتيها وكانتى عيناه تطوف على ملامحها المشدودة الحمراء بجرأه لم يعرفها إلا مع تلك المرأه…..

بعد ان انتهى ابتعد عنها قليلاً قائلاً بسخرية لاذعة…
“حاولي لم تيجي تاكلي بلاش تأكلي وشك معاه!؟”

اتسعت مقلتاها بصدمة وغضب وحرج منه
انطلقت السيارة بعدها بصمت مريب …..
وبها شَخص مُنتصر واخر يموت حقدٍ من
انتصاره عليه …..

———————————————————
بعد مرور ساعتين ..
دلف سالم وحياة الى داخل هذهِ الفيلا الصغيرة
ذات الديكور وتصميم مبهج وانيق يريح النظر إليه….ومايميزها انها تطل مباشرةً على البحر …

نظر سالم لها قال بارهاق …
“اطلعي على فوق هتلاقي على ايدك اليمين اوضتين جمب بعض ، نايمي ورد في واحده منهم …”

صعدت الى فوق وملامح الأستغراب تكسو وجهها
وسؤال يتردد في عقلها ….
من اين علم بدقة تلك التفاصيل ؟ مؤكد أنه اتى الى هنا عدة مرات مع صديقه فارس شهقت فجأه قبل ان تكمل الصعود بعد ان اتى في عقلها التحليل المنطقي لهذا الأمر .نظرت له بصدمة

كان يحدق بها بعد ان سمع شهقتها العالية
وحدقت هي به بحنق ……سالها بعدم فهم ..
“مالك وفقه كده ليه …..”

سألته بخفوت ….
“هو انت كنت بتيجي هنا مع صاحبك فارس كتير”

رد عليها بجديةٍ صادقه

“ااه كتير بتسألي ليه …”

مزالت تحمل ورد النائمة بين احضانها
و قالت بسرعة وعفوية….
“يالهوي يعني انتوا كنتُ بتجيبو ستات
هنا …”

فغر شفتيه بصدمه من هذا الظن المشين له ثم لم
يلبث إلا قليلاً حتى رد عليها بابتسامة خبيثة..
مجيب بمروغه …..
“يااااه ياحياة فكرتيني ليه ماكُنت نسيت
الحاجات دي… برضو الذكريات إللي من النوع ده بتحرك المشاعر ولاحاسيس وانا بنادم من لحم ودم …..استغفر الله العظيم …”

احمرت وجنتيها بخجل وحرج وضيق ليس غيرة بل
قلة إحترام لها وحتى ان حدث هذا الشيء واخبرها بمنتعى الصدق كما يفعل الآن، لماذا يتحدث بكل
هذا الفخر عن نزواته وتجاربه عن هذا المكان القذر الذي إتى بها اليه….تمتمت بضيق وصوت خافض…
“البجاحه مش بتطلع غير من الرجاله وبذات وهما بيتكلموا عن نزواتهم مع ستات مشفتش نص ساعه
تربيه ..”

سمع حديثها بوضوح…
نفث سجارته التي اشعلها واجابها بلهجة تحذير…….

“مم انتِ صح ..بس لسانك الطويل ده هيوديكِ معايا لطريق مسدود…. لانها مش بجاحا دي صراحه ياحضريه صراحه بس انتوا للأسف مش بتتقبلوها !..”

نظرت له باستفزاز وقالت بخبث لترد له اهانته
لكبرياء انوثتها….
“فعلاً الصراحه متزعلش حد….. تعرف انا كمان بصراحه يعني جيت على البحر هنا كتيير اوي وعلى الشاطي برضه وكتير اكلت لب وترمس وفريسكا وايس كريم وهحح…… ايام ياسولي…. ايام ..”

ضيق عيناه واقترب منها سائلا بخفوت مريب…
“لوحدك طبعاً…….”

القت القنبلة بكذب وفخر انثوي أحمق…..
“لوحدي هو في واحده قمر كده زيي تروح البحر لوحدها ليه قلقاسه انا ولا اي ..”

لم تكمل الجملة ….فقد صعدت بسرعه للأعلى
وهي تبتسم بنصر على اشعال غضبه لم تشعر بالغيرة قط…. لكن كبريائها كانثى يحتم عليها ان تكون امامه الأولى والأخيره وحتى ان لم يكن بينهم حب يكفي عقد يثبت رابط قوي بينهم وقواعد هي
(احترام لي الذات ، و احترام مشاعر بعضهما لبعض….. ) …

———————————————————
اخذت حمام بارد يرطب جسدها من ارهاق السفر ويغيب عقلها ولو للحظات عن التفكير بسالم
زواجها الذي تم اليوم منه…..
خرجت من المرحاض ونظرت الى ورد التي تنام منذ اكثر من اربع ساعات قبلتها بحنان في وجنتيها… وارتدت قميص اسود اللون قصير ذات حمالات رفيعه يظهر قوامها الفاتن للعيون ويعكس بشرتها البيضاء بطريقةٍ مُغريه ..وكانت تطلق شعرها الأسود الناعم بحرية على ظهرها ….

اوسدت الباب جيداً عليها بالمفتاح ودلفت الى الفراش بجانب ابنتها لتاخذ قسط من… الراحه …اغمضت عيناها بارهاق وتجاهلت الخروج الى سالم مرةٍ اخره…..فهو لم يراه منذ ان صعدت بابنتها للأعلى…..

جلس في غرفته ينفث سجارته بضيق وشراسة وهو يفكر في حديثها الوقح معه قال بضيق
ساخر..
“كنت منتظر اي يعني ياسالم من واحده حضريه عاشت لوحدها سنين بعد ما طلعت من الملجأ وحسن ..”زفر بحدةٍ متابع بمقت…
“حسن هو اللي وقعنا فيها الله يرحمك ويسامحك ياحسن على اختيارك اللي هفضل ادفع تمنه لحد
مموت …”نظر الى ساعته بضيق مرت اكثر من ساعتين وهي داخل هذه الغرفة تختبئ بها ..

نهض بضيق بعد ان اطفى سجارته …
واتجه نحو الغرفة الماكثه بها كاد ان يطرق على الباب ولكن علم ان ورد تنام بداخل معها …مسك مقبض الباب وحاول فتحه ولكن ارتفع حاجبه فوراً بإستنكار بعد ان علم انها اوسدت الباب عليها….
قال بتوعد غاضب ….
” بتزودي على نفسك اكتر ياحياه ، زودي اكتر وماله……”

دلف الى غرفته من جديد ثم احضر نسخة اخره للغرفة ووضع المفتاح بمزلاج الباب فتح ودلف بهدوء وجد الغرفة هادئة يكسوها ظلام الكاحل ….

اقترب من الفراش ببطء وتطلع إليها وجدها نائما
بجانب ابنتها وتكاد لأ تشعر بنفسها من شدة الأرهاق حاول ايقظها فظلام… فالغرفة مظلمة وفقط مايضيء الغرفة انوار خافته منبعثة من الباب المفتوح عليهم ….

“حياة…. حياة قومي عايزك ..”

تمايلت بضيق ولم تتحدث فقط حركتها تدل على عدم الرضا عن إيقاظه لها …

مسح على وجهه بضيق متمتماً بإصرار…
“ماهو كل اللي عملتيه من امبارح لنهارده مش هيعدي بنومك جمب بنتك…. وقفلك للباب …”
حملها على ذراعه بخفه وهدوء لخارج الغرفة

خرج بها من الغرفة ونظر لها بحدة لكنه تفاجأ بهذا الشكل التي تنام به ذاك القميص القصير الذي يكشف اكثر مما يخفي والذي عكس واظهر جسدها التي كانت تخفيه عن عيونه بملابس محتشمة واسعه
الى ابعد حد…. وشعرها الأسود الذي ينساب وراء ذراعه الموضع عليه مؤخرة رقبتها …اطلع بعيناه
على ملامحها البريئة والهادئه التي تخفي خلفها (العناد )و (تحدي )تمنى ان تصبح هكذا لا عناد ولا تحدي ولا خلاف بينهم يبرهن انها ستكون افضل
من ما هي عليه ….

بلع مافي حلقة برغبةٍ اشتعلت داخله فجأه..
وحتى ان كان رجلاً صلباً لم يتأثر يوماً بالجنس الناعم ..إلا ان تلك المرأة تحرك رجولته وشهوته المدفونة تحت رماد حياته العملية …

اغمض عيناه وهو يدلف بها الى غرفته وضعها على الفراش بأهمال وقوة استيقظت سريعاً بعدها….

فتحت عيناها بعد ان شعرت بارتطام جسدها بشيئاً
ما نظرت حولها بهلع لتجد سالم ينظر لها بدون
تعبير مقروء…..

“اي ده انا جيت هنا امتى ….انت بتعمل إيه ..”
قالت اخر جمله لها وهي تحدق به بصدمة…

فقد كان سالم يخلع ملابسه امامها ليقف امامها بقطعه واحده فقط داخليه يرتديها في لاسفل ..
رد عليها بمكر مستفز …
“على مااعتقد انهارده ليلة دخلتنا ومينفعش خالص تنامي وتسيبي عريسك نايم في اوضة تانيه لوحده مش اصول خالص …”رفع حاجبه باستنكار مستفز
وهو ينظر لها بمكر ..

وقفت امامه قائلة بحدة وكد تناست ما ترتديه تماماً وبدات تحرك جسدها بعفوية اكثر من
الازم لتبرز مفاتنها أكثر وهي تهدر بضجر ..
“إياك تكون بتفكر في حاجه كدا ولا كده…انا مش هعمل معاك حآجه برضا أبداً…لكن لو عايز تغصبني
دا شيء تاني….”

نظر لها بشهوة وهي تتحرك امامه بطريقة مثيرة
جداً ولكن حاول اخفاء الرغبه داخله واكمال
مسرحيته لاغاظتها أكثر وقال …
“مش سالم شاهين اللي يلمس واحده غصب عنها ..بالعكس أنتِ اللي هترضي بده وكمان هتتجوبي معايا من غير اي ضغط عليكِ ..”

اقترب منها بعبث ابتعدت هي بتلقائية لأخر الفراش
وهي تقول بتوتر….
“على فكره احنا جوزنا على الورق انت متجوزني عشان خاطر ورد بنتي ولا نسيت… .”

“اكيد ده سبب من الأسباب …”رد عليها ببرود وهو يميل عليها اكثر اغمضت عيناها بخوف واشاحت براسها بعيداً عنه ..

مال هو على اذنيها وهتف بخبث…
“ماتيجي نتكلم شوي وانا وإنتِ بالوضع ده يمكن
ألاقي اجابه صدقه منك على عمايلك السودا معايا..”

فتحت عينيها قائله بخوف وارتباك
” عمايل إيه انا معملتش حاجه انـ”

قاطعها وهو يفول بجدية
“والملين اللطيف اللي كان في شاي …”

بلعت ريقها وهتفت بتوتر وسرعة…
“دا …..دي غلطه بس مش مقصوده…”

“كدابه …”

نظرت له وهي تكاد تبكي من هذا القرب اللعين
هي نائمه على الفراش وهو فوقها ويضع كلتا يداه
الأثنين على الفراش ليحاوط إياها بهم ويحاصر افكارها ويشتت عقلها بهذهِ الانفاس الساخنة المحملة رائحة عطره ، حتى عيناه السوداء الامعة بشهوة ورغبة جامحة بها تربكها أكثر …..طلته عليها من قرب تبعثر مشاعرها وردها عليه ..

“انت عايز إيه ” سألته بخجل من هذا الوضع بعد صمت طال بينهم…

اكمل حديثه بحنق مذكره بما فعلته منذ ساعات …
“لا وكمان بتكلمي بكل بجاحه من ساعتين وبتقولي البحر وشاطئ والبرسيم …”

ردت عليه بحنق
“انا مقولتش برسيم …”

نظر لها بضيق وهو يحدق الى شفتاها بجوع
ثم نفض الأفكار وتابع بتبرم …
“ده اللي انتِ فالحه فيه تصلحي كلامك لكن
توازني الكلام اللي بيطلع ليا لا ….. صح …”

احتدت عيناها وردت بعناد….
“انا مش غلطانه في حاجه ، وبعدين انا حُرة..”

وضع كف يداه الاثنين على يداها ليقيد حركتها اكثر
على الفراش ..وقال بضراوة قاسية وهو يقترب
من شفتيها الذي اصابته بتخدير منذ ان راها تحركهم بتبرم وعناد …
“فعلاً انا حـر فيكِ لكن إنتِي مش حرة ابداً في نفسك …”

هبط على شفتاها معتصر إياها بشراسة وتلذذ
بين شفتاه الغليظة ، بقسوة نعم اتت القسوة فقط ليعاقبها على هذا السحر الذي تخلقه امام عيناه ، قسوته تظهر أمام طيف عنادها وتحديها اللعين
إليه…..

كانت تقاوم عنفه بقوة ولكن هو الأقوى وجسده يفوقها قوة وصلابة في حرب صعب المقارنة بها
مهما حاولت التملص والبعد من بين يده ..رفعها إليه اكثر واجلسها على قدميه في احضانه ومزال يلتهم شفتيها بشهوه وبدون هوادة…..مسك راسها اكثر ليقربها إليه بشدة متعمق في هذهِ القبُلة التي تعبث في عقلة
من يوم ان اثارته بعنادها وقوتها امامه وضع يده
على جسدها ببطء ومرر يده بحرية على مفاتنها ..
بدات تعنفه اكثر وتبعده عنها بغضب شعرت ان روحها تكاد تفارق الحياة من قلة الهواء ومن مدت طول قبلته العنيفه ….

كان يلتهم بدون حساب لشيء لم يهمه تلويها بين ذراعه ورفضها له…. كل مايهم الان الاستمتاع بقربها الذي بات للعنة تحاصر أفكاره بشدة…

تركها فقط حين تذوق طعم الملح في فمها ..ايقن
انهُ تذوق دماء شفتيها من عنف قبلته …ابتعد عنها
ومزالت تجلس على في احضانه وتلهث بشدة وهو ايضاً يلهث بكثرة وينظر الى عيناها التي رفعتهم بحدة اليه…
نزلت بغضب من بين احضانه وهدرت بتوبيخ حاد نحوه ..
“انت فكرني اي واحده من اللي كنت بتجبهم
هنا تتسلى بيها انت وصاحبك ..” وضعت اصابعها
على شفتاها قائلة بضيق وهي تتحسس شفتيها
المنتفخة باصابعها …ولحمراء أيضاً بنقاط
الدماء التي تحكي اثأر عنف قبلته معها ..
“انت ازاي تعمل كده ازاي تاخد حاجه انا رافضاها
انت نسيت اني مرات اخوك ..”

كان يرتدي ملابسه وهي تتحدث اليه انتهى من ارتدى ملابسه…وقال وهو يكاد يخرج من الغرفة ..
“لا مش ناسي انك كنتِي مرات اخوي حسن الله يرحمه …بس كمان بلاش تنسي اني بقيت جوزك ..”

ردت عليه ببكاء وكره ….
“وانا رفضه لمستك حتى لو بقيت جوزي شعوري من ناحيتك متغيرش يادكتور سالم …”

لم ينكر ان جملتها إثرت عليه …والحقيقة هو يرغب بها ولكن ليس حب فقط شهوة ورغبه تحركه بشدة نحوها…..
نفض افكاره واستعاد صلابته…
وهو يرد عليها بغطرسة…..
“مخك ميروحش لبعيد ياحضريه ..انا مش عايز
حاجه فيكِ غير جسمك وبس…. ومش لازم اوصل لقلبك عشان اوصل لحقوقي الشرعيه منك
ممكن اخدها من غير ما ابص للتفاهات دي … “

وقفت امامه قائلة بتحدي وجراة وكره لنفسها بعد حديثه وغايته بها …خلعت هذا القميص القصير و وقفت امامه بملابسها الداخليه لترد عليه بكره وغضب اعمى …..
“تقدر تاخد حقوقك الشرعيه مني زي ماانت عايز ..بس ياريت تقبل فكرت جسم بس معاك لا
روح ولا قلب لانهم ادفنو مع اخوك في تربته

يتبع…
كانت تجلس امام البحر شاردة الذهن ….تطلع على سالم و ورد وهم يسبحون بمهارة داخل البقعة الزرقاء مـر ثلاثة ايام على وجودهم في تلك الفيلة
الصغيرة التي تطل على البحر مباشرةً …كانت الحياة بينها وبين سالم هادئة منفصلة بالبعد عن بعضهم آخر مره تحدث لها كان منذ يومين حين نزعت ملابسها امامه واخبرته بمنتهى الجمود
انه له حق امتلاك جسده لكنه ليس له اية حق بامتلاك روحها وقلبها لأنهم ملكاً لأخيه…. لن تنسى نظرت عتابه وغضبه منها ولم تنسى جملته التي
القت على مسامعها قبل ان يخرج من الغرفة ويتركها…..
(غطي جسمك ياحضريه عشان لا مستاهل قربي منه ولا لمستي عليه …)
تعلم انها متسرعة في ردة فعلها ، ودوماً تفقد رشدها امامه ولكن لن تستسلم وتحيا معه كأي زوجين ….هو يعلم جيداً ضغطه عليها للموافقة على تلك الزيجة منه من اجل ابنتها ورد …استسلمت له ولي أوامره ولكن لن تستسلم لمشاعرها الخائنه ، من الممكن ان تنجذب إليه ان اقترب كلاً منهم للآخر فهي بنهاية من لحم ودم وطبيعي تضعف كأي أنثى أمامه ، ولكن اذا وضعت بينهم مسافات لن تجازف في علاقتهم اكثر من هذا يكفي عقد بينهم يكفي…….

فاقت من شرودها على صوت ضحكات ورد
التي تتعلم السباحة على يد سالم في قلب البحر
تابعته بتبرم واستنكار وهي تقول بسخط ….
“بلبط ياخوي بلبط ولا كانك عملت حاجه…. “

وقفت على الشاطئ أمرأه شقراء فاتنة ويبدو
انها تتجول على الشاطئ وتلتقط أيضاً لنفسها
بعض الصور ….

خرج سالم يحمل ورد الى بر البحر وضعها على الرمال الصفراء لتركض الصغيرة على حياة التي تقدمت منها بتلقائية بالمنشفة لتجفف جسدها…

كاد سالم ان يغادر المكان ولكن اوقفه صوت الأنثى الشقراء قائلة برقةٍ وتهذيب وهي تمد يدها
بالكاميرا الصغيرة….
“المعذرة ممكن ان تلتقط لي بعض الصور من فضلك ..”

رفع سالم عيناه على حياة التي كانت تجفف جسد ورد وتساعدها في ارتدى ملابسها ولم تتوقف عن اختلس النظر له و لهذهِ الشقراء بمنتهى الازدراء…

ابتسم باللطف لها وهو يهز رأسه لها ببساطة…

وقفت الفتاة على الرمال الصفراء و خلفها البحر التقط لها سالم عدة صور ولم يتوقف عن متابعة
الابتسامات والمغازلات لتلك الشقراء الفاتنة فقط ليزيد وتيرة الغيرة التي تشتبك بقلب زوجته أكثر…

“قعدي هنا ياورد…. شويه وجيالك …”وضعت ابنتها على المقعد …وذهبت اليه بوجهاً محتقن وقفت امامه قائلة بإبتسامة صفراء
“اي يا سولي ياحبيبي لس بدري على المرقعه ..
اقصد مش ناوي تعلمني العوم …..”

نظر لها بتعجب ثم ابتسم قائلاً بخبث …
“لاء انا بفكر أعلم تيا….”

“وحيات امك …”قالتها بصوتٍ عالٍ

نظر لها بحدة ارعبتها…..

تراجعت للخلف قليلاً وهي تقول بتبرير كالأطفال
“على فكره دي مش شتيمه ..اكيد وانت صغير كنت حيات امك ودنيتها …فى عشان كده بفكرك بس بالغاليه مش اكتر …”

عض على شفتيه بغيظ من اسلوبها وطريقتها معه التي تحتاج لضبط وتهذيب !!…

نظر الى تيا قائلاً بخبث…
“تيا ما رايك ان نسبح قليلاً..”

ابتسمت بسعادة ثم قائلة ..
“حقاً اتمنى ولكني لأ اجيد السباحه ..”

“ساعلمكِ هيا بنا ….”

عضت حياة على شفتيها قائلة بتوعد
“ماشي ياابن زهيره انت اللي بدأت …”

اقتربت حياة من تيا قبل ان تذهب ووقفت امامها .
وهمست لها في اذنيها ببعض
الكلمات ……
اتسعت عينا تيا وعبس وجهها ، ثم نظرت لسالم باحتقار وذهبت سريعاً من امامه …

ابتسمت حياة بشماته له ..

ضيق سالم عيناه وهو ينظر لحياة بشك….
“إنتِ قولتلها إيه خلاها تجري كده زي المجنونه ..”

ردت عليه ببرود…
“معرفش روح اسألها ..” كادت ان تذهب
امسك معصمها وهتف بحدة افزعتها ..
“حياه بلاش تستفزيني اكتر من كده… قولتلها إيه… “

كادت ان تزيد لهيبه ولكنها اجابته بخوفٍ من غضبه الجالي على وجهه ….. ردت بتلعثم وخوف

“ابداً يعني آلموضوع مش محتاج كل العصبيه دي
آنا بس قولتها انك متحرش تحت الماء ..”

اتسعت عينا سالم بدهشة تمتذج بالغضب من
ما قالته هتف من تحت أسنانه بغل ….
“يعني أنتِ قولتِ عليا اني متحرش ..”

كبحت ضحكتها وردت عليه ببرود مستفز …
“نسيت تقول تحت الماء …”

رفعها فجأه من على الأرض الى ذراعيه بغضب ..

شهقت بصدمه وهتفت بارتباك…
“بتعمل ايه يادكتور سالم ….”

رد عليها بسخط وهو يدخل بها الى البحر ..
“انتِ خليتي فيها دكتور ياستي خلي البساط احمدي وبعدين خايفه من أي انا نازل اتحرش تحت الماء …”

“وواخدني معاك ليه انا مالي….”

رد عليها باستفزاز…
“اكيد مش هتحرش بسمك يعني ….افهمي أنتِ وجودك مهم ….. “

قالت بترجي كالاطفال ..
” لا انا منفعش سبني ابوس ايدك ..”

وضعها امامه في قلب الماء وهو يقول بخبث ووقاحة …
“بلاش استعجال كدا كده هنبوس …”

نظرت له بترجي وتردد….
“اا انا اسفه أوعدك الموضوع ده مش هيتكرر تاتي …..”

نظر لها بخبث قائلا بمكر شيطاني ….
“وصرفها فين بقه اسفه دي …”

عضت على شفتيها قائلة بارتباك
“انت عايز اي بظبط …”

نظر الى عيناها البنية الامعة والى وجهها الشاحب بخجل والمرتاب بشدةٍ منه وحتى هذا السؤال الذي طرحته عليه هو عاجز بقوة عن أجابه مناسبه له

رد بمصدقية وحيرة يعجز القلم عن وصفها …
” انا ذات نفسي مش عارف انا عايز ايه منك … بس انا محتاج إنك انتي إللي تفهمي انا عايز إيه منك…”

رمقته بعدم فهم فشعرت بيداه تعتصر
خصرها اكثر من الازم ..
“سالم انت بتوجعني …”هتفت بحرج من
قربه لها وهذا الجسد القوي العريض الذي تشعر بحرارته برغم من وجودهم في قلب الماء البارد ..
وضعت يداها بتلقأئية على صدره العاري العريض
بسبب القفز فوق الأمواج العابرة …
اغمضت عيناها من انفاسه الساخنة التي تغمر
رقبتها وتسري القشعريرة بكامل جسدها …

ابتسم على هذا الأستسلام فقد اقتربت فرصة اهانتها منه هذا ما خطط له حين اعتصر خصرها بقوة وحين مالى عليها ببطء …لكن لا يعرف ماذا حدث فقد انقلب السحر على الساحر فجأه ..وبدأ يلثم عنقها ببطء وحرارة …

اغمضت عيناها باستسلام لم تكابر هذهِ المره فقد
كانت كالمخدرة امام لمساته الحانية وامام تلك المشاعر التي و للعجب كان لها مذاق اخر على جسدها واصدق بالمشاعر المجهولة عليه وعليها ..

بدأ يقبل وجهها ببطء وتروي وهي مغمضة العين ضاعت بين يديه بضعف وصرخات ضميرها تزيد بداخلها بدون هوادة عليها.. والمخجل في لأمر ايضا
ان أسم زوجها حسن يتردد في اذنيها بضراوة وهي لا تلتفت ولا تتوقف كالمغيبة تاركه نفسها لتلك العاصفة الجامحة…

ارتفعت حرارة جسده ورغبته بها تشتعل لا يعرف اهي رغبة بها ، ام انهُ أدمن قربها الذي يجذبه نحوها كالمغناطيس ……

توقف عن تقبيل وجهها ونظر الى شفتيها باشتياق
وكاد ان يقطف هذه الشفاه في قبلة يطوق
لتجربتها مره اخرى بعد ان تلامسها اول مره منذ يومين ، ولكن فاق من هذهِ النشوة والمشاعر المغيبة عن العقل ….. حين همست حياة برجاء
وهي تبعد راسها عنه ….

“سالم لو سمحت ……..كفايه !!!”

اغمض عيناه بضيق منها ومن تهوره معها ومن ذلك الضعف الذي يظهر امامها بوضوح… نعم كل ما يحدث امامها منه ليس إلا ضعف ومراهقه متأخرة لديه….

ابتعد عنها وحملها على ذراعيه الى بر البحر
وضعها على رمال الشاطئ قائلاً بضيق مكتوم من
نفسه وهو يغرز اصابعه في شعره….
“حياة انا مش عارف دا حصل ازاي بس انـ”

قاطعته قائلة بجدية….
“سالم احنا لازم نتكلم مع بعض شويه ..”

” تمام غيري هدومك وتعالي نتكلم ..”

“لا خلينا اخر اليوم اكون اكلت ورد ونايمتها لان الكلام اللي لازم نقوله مش لازم ورد تسمع بيه او اي حد يعرف عنه حاجه …”ذهبت الى الداخل وهي تحمل ابنتها الصغيرة في احضانها …

حك ذقنه بفضول من حديثها الجاد معه ولاول
مره تكون جدية هكذا …كور كف يده بغضب
بعد ان خمن عقله حديثها الغامض… قال بضيق
“استحاله اطلقها حتى لو دي رغبتها ….”

………………………………………………
وضعت ابنتها على الفراش وغطاتها جيداً
وقبلتها واخفضت الأضواء عليها …..

دلفت الى شرفة غرفتها تحاول التفكير وترتيب ما ستوليه على مسامع سالم ، تشعر بدومات داخلها
وتشويش مزمن داخل عقلها …لا تزال غير مهيئة
لبدأ الحديث معه ؟…

صدح هاتفها التي تحتفظ به بين يديها بعدم اهتمام نظرت الى اسم المتصل ، تنهدت بتوتر بعد ان رأت اسم سالم يضيء الهاتف
“الوو…”

“ورد نامت ولا لسه ..”

عضت على شفتيها بإرتباك… نعم متأكده انه ينتظرها مثلما قالت له منذ ساعات …
(اكيد لن يتجاهل حديثك كفاكِ حماقةٍ ياحياة)
رد عقلها عليها مُستنكر سؤالها…

طال صمتها على ان تجيب عليه…. علم انها تتردد في هذا الحديث الذي يبرهن انه شئ لن يروقه ابداً..

“حياة انا قاعد على البحر هستناكِ ياريت
متتاخريش عليا ..”اكتفى بجملةٍ هادئه
بها امراً يقطع التردد بداخلها….

اغلق الخط وزفر بما يعتريه ..سأله عقله بتردد
(ماذا تفعل اذا طلبت الطلاق ..”

رد بحدة وتسارع
“هدفنها مكنها …”

رد عقله باستنكار
“هل اعجبت بها ام ان العلاقة من لمسه واحده قد تطورات داخلك ياسالم ، تأثرت بجنس حواء
واصبحت تتحدث كالمجنون… اذا كانت تريد
البعد وافق…. وانتقم منها بحرمانها من ابنتها
ورد …”

“دا اللي هيحصل …”رد بدون تفكير ..
فقط كل مايشعر به معها انجذاب إليها شهوة
داخله تريدها ، هو على يقين أنه اذا اكتملت العلاقة
بينهم كاي زوجين سياتي يوماً ويمل منها ويبتعد عنها لن تكون حياة( ملاذه) الى لأجل شهوة ورغبة
بها رغبة تحركه فقط لأجلها هذا ماقنع
نفسه به…

لكن لهذا القلب الخام في قربها رأي اخر ولكن
منذ متى وسالم ينظر الى مشاعره وقلبه وتلك التراهات كما دوماً يعتقد ؟!..

ارتدت فستان طويل محتشم ازرق يزينة بعض الورود الصغيرة مع حجاب رقيق اللون وحذاء رياضي يسهل السير على رمال الشاطئ …

خرجت إليه ورفعت عيناها وهي تسير للامام وجدته يجلس شارداً ويغرز اصابعه في رمال الصفراء وكان المكان هادئ والبحر في اجمل اوقاته الساهرة (الليل) والقمر يداعب الاموج العالية بطلته المعاكسة عليها وهذهِ الرياح العابرة تبرد نيران مخادعه اشعلتها قلوب ؟ لم يفهم اصحابها اوجاعها المتناثرة !…

جلست امامه وتنهدت بهدوء ولم تحاول ان تلتفت
بوجهها له..فعل هو نفس الشيء لم يرفع عينيه عليها بل ظل ينظر امام البحر بشرود …. وهكذا حياة فعلت شردت في ارتطام الأمواج العالية برمال الصفراء… وكأن الهواء العابر يرفرف حجابها
بجمالاً….

“ساقعانه ؟ …”سالها وهو مزال ينظر امامه ببرود

“لا ابداً الجو جميل ..”عضت على شفتيها بتوتر اكثر وعقلها يصرخ بها ان تكف عن الحماقة
وتتحدث معه …

“قولي ياحياه انا سمعك …”تحدث مره اخره بهدوء مريب كما يقال السكون الذي يسبق العاصفة ….

بلعت ريقها بتوتر مما يدور بداخلها الان..
هل ترتب الحديث ام تتحدث بتلقائية وهي تعلم
ان تلقائيتها في الحديث تدمر كل شئ …
ردت عليه بخفوت ورتباك وهي تنظر له
“احنا لازم نتكلم في علاقتنا انا وانت مش معقول
هنسيب كل حاجه ماشيه كده ..”

نظر لها بحدة وهتف باستهزاء
“مالها يعني علاقتنا ببعض….. زوجين زي اي زوجين ….. “

“لا احنا مش زي اي زوجين ولا جوزنا كان طبيعي ولا كان في بينا اي استلطاف او حتى إحترام …”نظرت له بتفحص لترى أثار حديثها عليه وتغير ملامحه بغضب قبض على كف يده ونظر لها بحدةٍ قائلا بصرامة قاسية ..

“إنتِ عايز اي بظبط ، لو بتقولي الكلمتين دول دلوقتي عشان تطلبي الطلاق….”صمت لبرهة ثم
تابع بضيق….
” خليكي عارفه ان لو ده حصل مش هتشوفي ضُفر وأحد من بنتك لو طلقتك ومش بس كده أنتِ مش هيكون ليكِ قعده معانا في البيت ولا في النجع فى اوزني كلامك كويس عشان هتخسري كتير ياحضريه…”

(حين يغضب يناديها بالحضريه كا علامةٍ على سخريته منها…. وحين يكون هادئاً يناديها باسمها
لديه شخصية تصيبها باحتقار نفسها من هذا المأزق الذي وضعت نفسها به بأن تكون زوجت هذا السالم…)

نظرت له بهدوء تخفي اثار حديثه وقسوته معها
وقالت…

“احنا ممكن نتفق مع بعض على حاجه
بس ياريت تخليني اكمل كلامي للاخر…..
يادكتور سالم ..”

نظر لها بانزعاج واغاظه اللقب المصاحب لاسمه
فقال بضيق…..
“اتفضلي سمعيني….يادكتوره حياة ..”

“انت هتتريق بعد اذنك ..”ردت عليه بحنق وكادت ان تنهض من جانبه …مسك معصم يدها قائلاً
بلهجة حاول ان تكون أقل حادة..
” قعدي هنا…….. انا سامعك …”

زفرت بضيق ثم تابعت وهي تنظر امامها
“الكلام دي هيكون بيني وبينك يعني محدش هيعرف بيها….”

رد عليها بتأكيد….
“دا شئ طبيعي ان اللي بينا احنا الاتنين مش هيخرج برا ..”…

تابعت الحديث وقالت…..
“احنا اتجوزنا عشان سبب واحد وهو (ورد )بنتي
انا اتجوزتك عشان افضل جمب بنتي وانت اتجوزتني عشان تحافظ على بنت اخوك حسن اللي هو جوزي …..”

رد بتهكم عليها …
” استغفرالله العظيم….. قصدك اللي كان جوزك “

تابعت بتردد …
“ااه…… المهم ان كل اللي عايزه اوصله ليك
اني مش مستعده لي لــ …”صمتت بحرج من المتابعه فالكلام في هذا الموضوع حساس خصوصا بينهم فهم لا يزالون اغراب عن بعضهم…..

نظر لها ليرى خجلها وارتبكها في المتابعة
رد هو بالامبالاة ….
” قصدك ان مينفعش المسك دلوقتي صح ..”

توردت وجنتيها بالخجل والحنق وهي تكمل…
“انا مش مستعده لحاجه زي دي ، احنا لازم ندي
لبعض فرصه …فرصه نحترم بيها بعض ونقرب بيها من بعض كصحاب مش كزوجين ولو ارتحنا في
حياتنا بعدها اكيد هيكون كل واحد شايل لتاني
مشاعر وغلاوه…. وذكره حلوه نقدر نعدي بيها المرحلة دي…واهوه نخفف على بعض الضغط.. “

اعجب بحديثها جداً هي محقه علاقتهم تحتاج الى فرصة وقرب بدون اي ضغوطات ….
اذا تعاملت معه حياة كازوج دوماً سترى (حسن )امامها
وسالم ايضاً سيراها زوجة شقيقة الصغير عنوة عنه… لكن اذا سمح له ولها ببعض التفاهم والتقرب الودي ممكن ان تنجح الزيجة مع بعض الاحترام والتفاهم……ويتاقلم كلاً منهم على طباع الآخر مع الوقت……

اكملت حياة حديثها بتريث …
” ولو مقدرناش نكمل…وجوزنا منجحش …يبقى لازم أخد منك حريتي وطلقني ومش بس كده كمان ورد هتفضل في حضني طول مانا عايشه …”

نظر لها قائلا بهدوء بارد كالثلج..
“موافق بس انا كمان ليا شرط …”

نظرت له قائلة بتوجس
“شرط إيه؟ ..”

تنهد وهو ينظر الى سواد البحر آثار الليل الكاحل عليها…
“اولاً هتباتي معايا في نفس الاوضه دا بعد طبعاً
ما تطمني على بنتك وتنام في حضنك زي كل
يوم ، تاني حاجه انا موافق على كلامك وهنفذ اللي انتي عيزاه…..ومعاملتي من النهاردة هتتغير معاكي
ومش هتلاقي مني غير كل آدب واحترام ليكي وبنتك هتفضل في عنيا ودي مش محتاج اطمنك عليها عشان ورد غلاوتها من غلاوة الغالي الله يرحمه…..بس اعرفي ان هعمل كل ده عشان خاطر ورد متبعدش لا عنك ولا عننا….وكمان عشان دي وصية اخويه قبل مايموت اللي وصاني عليكي
وعلى بنتك قبل ما يموت بدقايق……”

عقدت حياة حاجبيه وهي تهتف بعدم فهم…
“مش فاهمه…ازاي وصاك علينا…..”

تنهد سالم بعمق وهو يحكي لها حديث أخيه عنهما وهو على فراش الموت…..

تابع سالم حديثه قال ببرود…
“دي كل الحكايه….يعني جوازي منك من الأول مكنش بارادتي…انا بنفذ وصية اخويه وبحافظ على مراته وبنته زي ماكان عايز…. “

تحجرت الدموع بعينان حياة وهي تنظر للبحر بحزن
وحنين لزوجها الراحل ولا تعرف لم احتل فمها
مرارة كالعلقم القاسي وهي تعيد جملة سالم التي اصابتها في مقتلها….
(يعني جوازي منك من الأول….مكنش بارادتي)

تابع سالم حديثه وهو يتأمل حزنها بهدوء……
“بصي ياحياه انا عارف ان طبعيّ صعب عليكِ ويمكن اكون غير حسن ومختلفين في حاجات كتير بس لازم تعرفي اني مكمل عشان وصية اخويه مش اكتر ولازم انتِ كمان تكملي معايا عشان كده وعشان بنتك واذا كان على حقوقي الشرعيه منك فى انا عمري ماهطلبك بيها غير لم احسى ان احنا بقينا فعلاً زي اي اتنين متجوزين… “

نظرت له سائلة…
“وانت شايف ان ده هيحصل ازاي واحنا مش..”

“هيحصل مع العشرة والتعود …انا مش محتاج حاجه منك غير كده و وجودك معايا كازوجه إحترامك ليا ولاهلي وانك تفهمي مع الوقت
طباعي وارتاح معاكي دا عندي كفايه أوي…..”

سألته بتردد وحرج…
“يعني معندكش مشكله لو مقدرتش احبك او
انت مقدرتش تحبني …”

رد عليها ببرود …
“لا متقلقيش انا مش من النوع اللي بيجري ورا الحب والتفاهات دي ،انا اهم حاجه عندي في الجواز
واحده تفهمني وتريحني وتقضيلي طلباتي…وتكون
ام ولادي بعض كده….غير كده مبدورش لا على حب ولا غيره…..”

شعرت بصدمه من كلامه ولكنها ايقنت ان هذا وسالم وسالم والحب صعب يتقابلان……لم تعرف لمَ
طرحت هذا السؤال بمنتهى الجرأه…..
“طب افرض حبيت في يوم من الأيام …”

نظر لها لبرهة قبل ان يجيب بين اصوت الأمواج المتراطمة بحدة وكأنه عزف قاسي يدوي على مشاعرهم الباردة معاً…نظر لها نظرة خاليه من
التعبير ومجردة من المشاعر …
“الحب لو قابلني ياحياة هيتعب جامد معايا
واستحاله يقبلني زي مانا واستحال اقبله
زي ماهوا ..”

بعد مرور ساعتين ..

خرجت من المرحاض بعد ان ارتدت بجامه
انيقه من اللون الأصفر وتركت شعرها ينساب على ظهرها بحرية …دلفت الى الفراش بتنهيدة تحمل الكثير والكثير من الحيرة وتوتر ولأرتياح ايضاً بعد حديثها مع (سالم ) نعم ارتاح قلبها قليلاً بعد ان علمت ان زواجها منه رغبة من حسن من
البداية ! ، وفيض الراحة تزايد اكثر حينما اعطى
لها سالم بعض الحرية في طلب حقوقة الشرعية
منها التي ستتأجل حتى تكن هي على استعداد لها
وهي لن تكون على استعداد حتى ان انتظر العمر
كله…….
شرد عقلها عنوة عنه في حديث سالم عن الحب ورايته الغريبة عن الزواج… مجرد واجبات يقوم
بها الزوجين بدون مشاعر او عاطفة بينهم كيف
هذا هل هناك من يعيش في تلك الكوابيس
غيرها…….

اغمضت عينيها وهي تذكر نفسها انها اول واحده
ستعيش تلك الحياة الجافة معه….لكن لا بأس
هذا افضل فهي ليست خاوية المشاعر والقلب لتفكر بارتباط عاطفي مع سالم بعد موت زوجها يكفي حب واحد اغلق عليه القلب واكتفى…….

اغمضت عيناها بعد كل تلك الأفكار المزدحمه
داخلها منها السلبية ومنها الإيجابية ولكن الحيرة
مزالت تنهش عقلها بكثير من الاسئلة …

دخل الى الغرفة وجدها ساكنة هادئه يعتريها الظلام أشعل نور الأبجورة الخافضة ..ونظر لها وجدها مغمضت العين ولكن انفاسها الغير منتظمة ورموشها الذي تهتز بقوة دليلاً على توترها ..جعله متيقن انها تتصنع النوم حتى تتجنب وجوده معها في نفس الغرفة…

دلف الى المرحاض بعد ان اخذ ملابس مريحة ليبدلها قبل ان يدلف الى النوم …

تنفست بإرتياح بعد ان اغلق الباب عليه وهتفت برتباك …..
“وبعدين ياحياة هتنامي معاه ازاي لوحدك في نفس الأوضه .. دا مسافة ما دخل الأوضة حسيت
اني هموت من الرعب ، ياربي دي اول مره ننام سوا في اوضه واحدة ….”

وضعت الوسادة الطويلة في نصف الفراش واستلقت بجسدها على الفراش وهي ترى ان تلك الوسادة ذرع حامي لها منه….

فتح سالم باب الحمام أغمضت عيناها بسرعة وتصنعت النوم ..ولكن لمح سالم هذا
المشهد فابتسم باستياء من ان تتغير حياة
وتنضج قليلاً في تصرفاتها …

جفف وجهه وشعره الكثيف جيداً ثم خلع التيشرت
القطني الذي يرتديه وكما يفضل دوماً
النوم عاري الصدر في هذا الجو الحار….نظر بسخط الى الوسادة التي تُضع في منتصف الفراش …
ضيق عيناه بتراقب ثم قال بنفاذ صبر…
“ماشاء الله مساحة السرير كبيرة لدرجة إنك
تحطى مخده في نص…. “

لم ترد عليه وتصنعت النوم بحرج …..

“انا عارف انك صاحيه ياحياة.. فى ردي عليه عشان عيب اوي اكون بكلمك وطنشي…”

فتحت عيناها ونظرت له بتردد قائلة بغباء وتبرير..
“على فكره انا لسه صاحيه ….والمخده دي عـ عشان بحب احضن وانا نايمه …”

ابتسم بخبث قائلاً بمزاح ساخر….
“لأ بقه طالما بتحبي تحضني وانتِ نايمه يبقى انتِ جيتي للخبره كلها …”

رفعت حاجباها لترد بشك واستنكار..
“انت بتتريق صح …”

تشدق بجزع….
“اكيد بتزفت اتريق…. شيلي المخده دي ياحياة وستهدي بالله ونامي وخليكِ واثقه اني لو عايز اعمل حاجه المخده اللي أنتِ حطاها بينا دي مش هتمنعني عنك…. “

عضت على شفتيها بحرج ثم كادت ان تحمل “الوسادة الكبيرة ….حملها عنها قال بهدوء
“خليكي انا هشلها …”

بعد ان القاها بعيداً دلف الى السرير بهدوء
شهقت حياة قائله بصدمة…
“انت هتنام ازي كده ، انت مش مراعي اني معاك في نفس الأوضه …”

ابتسم وهو يقول بمزاح ساخر وهو يستلقي
على الفراش بجوارها….
“لأ مراعي بس انا بحب انام كده في الجوا ده… وبعدين انتي مش غريبه انتي مراتي ولا إيه “

احمرت وجنتيها خجلاً ثم دلفت هي ايضاً
واولته ظهرها وهي تحاول اخفاء جسدها بأكمله
بالغطاء….حتى سالم اولها ظهره أيضاً واغمض عينيه
بعد تنهيده عميقه تحمل ابتسامة غربية شقت شفتيه
للحظات قبل ان يستسلم للنوم…..

يتبع…
“افتحي بوقك ياورد يلا …”تاففت حياة بإرهاق من تصرفات ابنتها وعنادها …

ردت عليها الصغيرة برفض…
“مش عايزه ياماما ، انتِ عارفه إني مش بحب شوربة الخضار دي “

حاولت إقناعها قائله بهدوء ..
“الخضار ده مفيد عشان تكبري بسرعة وتبقي قويه كده وسط صحابك …”

فتحت فمها الصغيرة بإمتعاض قائله
“ماشي بس معلقتين بس ….”

“واتنين كمان عشان خاطر ماما …”ردت حياة عليها وهي تطعمها بحنان ..

ابتسمت الصغيرة وبدات بإلتهام الطعام بعد ان شعرت ان مذاقها ليس سيىء…..

دلف الى بهو الفيلا ورأى حياة تجلس بها وتطعم ورد بحنان أمومي بالغ …

ظهر أمامهم ثم جلس على مقعد قريب منهم وظل يراقبهم بصمت حاولت ان تبتعد عينيها عنه
فبعد مرور يومين آخرين على حديثهم معاً لم
يكن بينهم كلام إلا إذا طلب منها شيء وكذلك
هيَ ..

قاطع الصمت هتاف ورد الطفولي قائلة …
” عمو سالم هو انت نسيت اتفقنا إمبارح ؟..”

ابتسم لها ودقق في ملامحها الذي تشبه امها كثيراً
ثم رد عليها بهدوء ….
“لا اكيد مش ناسي بس لازم تجهزي عشان كمان ساعتين هنروح الــ………”

هتفت حياة باستنكار وهي تنظر لهم….
“إتفاق إيه انا مش فهمه حاجه ….”

ابتسم سالم عليها وهو يقول بصوت عذب حرك
شيءٍ بداخلها…
“هنروح الملاهي تيجي معانا ….. “

بلعت ريقها بتوتر وهي وهي تقول بخفوت…
“أكيد….عشان ورد….”

نظر لها والى عينيها البنيه لبرهة قبل ينهض مع على مقعده قائلاً بغطرسته المعهودة معها…..
“اعمليلي قهوة ياحياة….وطلعيهالي على اوضتي…”

تاملته للحظات بهيئته ووقفته وكل شيء به يربكها بشدة ويعلي نبضات قلبها بصوره ملحوظه….

دققت به اكثر واكثر بتأمل…. هو فارع الطول جذاب يمتلك صدر عريض ممشوق ، ذراع مفتولة بالعضلات تظهر منكبيه عريضين مقارنة بخصره النحيف….كان يرتدي ملابس (كاجول)بنطال كحلي وقميص مهندم يدخل به عدة ألوان داكنه أنيقه….كل شيء يليق عليه امّا جلباب او ملابس (كاجول)…..

بعد مدة من تأملها له بكل هذا التدقيق المدروس من عينيها الضالة قد خانتها مشاعرها ككل مره معه
وهي تتمنى بداخلها ان تختبر مدى دفئ احضانه ، وشعورها بعد ان تتوسد راسها صدرها العريض والدفئ والامان التي ستحصل عليه بعد ان يحيط بذراعه القوية جسدها……هل ستكون احضانه
دافئ بعد كل هذا ام باردة وقاسية ككل شيءٍ به؟..
اتسعت مقلتيها مما يراودها نحوه من أفكار وقحة
لا تنتمي لهما معاً…..

وبخت نفسها بشدة على إنحدار افكارها الجائعه بالمشاعر إليه…كلما مر وقت على تلك الزيجه يزيد الخطر اكثر من نفسها وقلبها الذي يخفق حتى الآن بكل تلك القوة…..
___________________________________
وقفت امام غرفته وكانت تمسك بين يداها صنية عليها فنجان من القهوة ….اطرقت على الباب ليسمح لها بالدخول وهو يتنفس بصوتٍ عالٍ وكانه يركض داخل الغرفة ….

دخلت وجدته عاري الصدر يرتدي بنطال قطني مريح من لون الرمادي …وينام على بطنه
ويسند كلتا يداه الأثنين على الأرض ويثبت
اطرف اصابع قدميه الإثنين في لأرض…
اكتشفت بعد هذا المشهد انه يلعب رياضة
(الضغط )
همهمت بحرج قائلة…
” القهوة يادكتور سالم ..”قالتها بحرج وهي تحاول ان تبعد عينيها عنه …

هتف بعدم اكتراث….
“حطيها عندك ! …”

كادت ان تذهب لكنه نادها وهو مزال يمارس رياضته بعنف ولم ينظر لها ولو للحظة ..
“البسي ولبسي ورد عشان كمان ساعه هنروح الملاهي …”

سالته بتردد
“الملاهي بس ؟…”

رد بنفس البرود الذي يمثل شخصيته ، وهو يفرغ شحناته المتأججه بداخله …
“إيه عندك مشكلة ؟..” تافف بغضب ملحوظ.

لم تعرف لما كل هذا الغضب في الحديث معها اى صدر منها شيئاً في خلال تلك الأيام أزعجه بعد
حديثهم معاً على الشاطئ ؟ ….

“مافيش مشكلة فى كده بس كان لأزم تبلغني الصبح على الأقل انا لسه عارفه من شويه تحت..”

رد عليها بجفاء برد كاثلج…
“مش فاهم اي المشكله واي السبب يعني… قررت قبلها وبلغتك بعدها عادي يعني ..”

حاولت استيعاب حديثه وتقلبه المفاجئ عليها
منذ الصباح ….
“سالم ، هو في حاجه حصلت مني عشان معاملتك تبقى بشكل ده معايا ….”

“دكتور سالم ، بلاش تنسي نفسك ياحضرية ..”
رد وعيناه تنهال منها بالقسوة ولتحذير حين
نظر لها هذه المرة رمقها بنظره مخيفة قاسية جعلتها
تتمنى أن تبتلعها الأرض من امامه الآن …

خرجت هي من غرفته بعدها بدون اضافة كلمة واحده…..نهض هو بعدها فقد ارهق جسده بتلك التمارين التي كلما شعر بشيء صعب تحمله عليه
إنهال من جسده في تمارين رياضية عنيفة مُفرغ
شحنات غضبه في ممارسات أقوى من الأزم ….

وقف تحت صنبور المياة البارد ليطفئ نار جسده وكبرياء رجولته مُتذكر حديثها عبر الهاتف منذ
ساعة ونصف حين دلفت الى المطبخ لتحضر
له فنجان من القهوة حسب طلبه منها ..مر بصدفة
امام المطبخ بعد إجراء مكالمة مهمه عن العمل
سمع حديثها الذي شل تفكيره وجسده عبر الهاتف
“اكيد مش هسمح بتجاوزات بينا ! …”
صمتت قليلاً لتسمح للمتحدث بالحديث
ثم ردت بعدها بحدةٍ قائلة…
“ريم الموضوع خلصان بنسبالي… حتى لو اتكلمنا وتفقنا مع بعض على كل حاجه….إلا الحاجه دي
مش هقدر اعملها معاه……”
ثلعثمت قليلاً وهي تقول ..
“وحتى اذا وفقت وحصل بينا حاجه….
مش هستحمل اكون ام ولاده مش هستحمل
يكون في بينا ولاد واحنا في بينا كل الخلفات دي مش هقدر ياريم صعب…. وصعب تفهميني لانك
مش مكاني …”

كور كف يده بغضب من ثرثرتها مع ابنة عمه عن حياتهم الخاصه وحديثهم معاً وصل لها ..اقسم داخله
انها ستندم على كل ما تحدثت به واقسم انه سياتي اليوم التي ستتمنى قربه منها وهو الذي سيرفضها بجفاء قاسي !…

خرج من الحمام وهو يلف حول خصره المنحوت منشفه طويلة قطنية …بدا في تجفيف وجهه وشعره بمنشفة اخره صغيرة امام المراة ..

دخلت حياة عليه بدون استئذان وهي تبحث بضيق عن شيئاً ما …
نظر لها قائلاً ببرود وهو يتطلع على نفسه عبر المرآة….
“بتلفي حولين نفسك كده ليه ..”

بدات تبحث على الفراش وتحت الوسادة الكبيرة ولم تنظر له فقط ردت وهي تبحث بعينيها بإهتمام
“اصل فردت الحلق وقعت مني الصبح ولسه
واخده بالي منها ….”

فتح درج التسريحة وأخرج القُرْط منه رافعه بين يده أمامها بفتور…”هي دي …”

“لقتها فين …”قطعت المسافة بينهم واقفه امامه ثم مدت يدها لتاخذها منه ولكن رفع يده للأعلى
قائلا بخبث….
“بلاش تتعبي نفسك قربي عشان البسهالك… “

توترت وارتعد جسدها قليلاً مع إرتفاع سرعة نبضات قلبها…
هتفت بتلعثم بعد ان اكتشفت انه عاري امامها ولا يرتدي غير هذه المنشفة الكبيرة حول خصره المنحوت وشعره المبلل تنحدر بعد قطرات الماء على صدره العريض و ذراعه …
“انا من رأيي كمل انت لبس لان انا قربت
اخلص و….”

“هششش ، اثبتي …”مال عليها بهدوء ومسك شحمت اذنيها بين اصابعه ليداعبهم بيده بمكر

ابتلعت ريقها بتوتر وضعف من جرأة لمسته
بدا بوضع القُرْطُ لها ببطء وانفاسه الساخنة
تداعب عنقها باصرار ، شعرت بتخدير عقلها قبل…
جسدها وهذا الضعيف ينبض بداخل ضلوعها
بكثرة شديدة …

بعد ان انتهى باغتها بقبله حانية على جانب عنقها
ولم يكتفي بهذا بل حاصر خصرها وزاد قشعريرة جسدها بضراوة حينما امتلكها بكلتا يداه القوية، كانت تريد ان تهمس بإعتراض ولكن صوتها اصبح ضعيف من آثار ما يفعله بها وتلك الحركات
الخبيرة بفقدانها هوايتها امام أفعاله المدروسة….

“اللعنه ” صاح عقلها بها بعد ان أدركت انها اصبحت في لحظةٍ من الضعف تريح جسدها على الفراش
و المخجل في الأمر انه تركها سريعاً مُبتعد عنها بمنتهى البرود
“ياريت تقومي تكملي لبسك لأن مافيش
وقت قدمنا “

اتسعت مقلتاها بصدمة وهي تراه يدلف مره اخرة الى الحمام بعد ان احضر ملابسه ..

علق ملابسه ونظر الى نفسه عبر المرآة امامه
بقسوة وجفاء
“أنتِ اللي بدأتي ياحياة أنتِ اللي بتجبريني اوريكي وشي التاني… اقسم بالله كنت ناوي اعملك بما يرضي الله بس بعد مكالمتك دي وكلامك عني انا اللي هقربك بطرقتي وهبعدك برضو وقت ما حب…. ”
……………………………………………………
دلفت داخل السيارة بجوار سالم بعد ان وضعت
ورد في مقعد السيارة من الخلف ….

“اربطي حزام الأمان …”تحدث وهو ينظر امامه ببرود …..

مسكت حزام الأمان وحاولت وضعه ولكنها لأ تعرف اين كان عقلها وهي تحاول وضعه …
لتجده يميل عليها في لحظة شرود منها ، رفعت عينيها عليه بصدمه لتحدج بوجهه الرجولي عن قرب احتلى وجهها حمرة الخجل…. ازدرات
مابحلقها بتردد” انت بتعمل إيه يــ ..”

هتف بها بصرامه حادة …..
“مش هستناكي كتير ياحضريه ، متأخرين ..”

“انت بتكلم معايا كده ليه انـ…”

“ماما !….”هتفت ورد بخفوت ونظرت ببراءةٍ يصحبها الريبه نحو والدتها …

التفت سالم الى ورد ونظر لها بحنان بالغ تغيرت ملامحه في لحظةٍ لها هي فقط !..
“متخفيش ياورد احنا بنتكلم مع بعض…
ولا اي ياحبيبتي …” نظر الى حياة بتحذير
وابتسامة صفراء ….

اومأت الى ورد قائلة بإقتضاب
“ااه بنتكلم ! مافيش حاجه ياورد ..”

نظر سالم عبر مرآة سيارة أمامه وهو يقول بحبور ناظراً الى الصغيرة بمحبة ..
“يلا ياورد الجوري عشان قدمنا فصحه جامده
في الملاهي هااا مستعده يأميرتي ..”

ابتسمت الصغيرة بسعادة وحماس وكد تناست خوفها من صوت حياة العالٍ منذ قليل ، لترد عليه بسعادة طفوليه “مستعدى ياعمو …”

“لو تقوليلي بابا هيبقى احلى… اي رايك ليقه عليه
بابا ولا عمو …”قالها وهو يبتسم اليها بحنو…

ابتسمت ورد قائلة بسعادة …..
“اكيد بابا…… انا بحبك اوي يابابا..”

رد عليها بحنان وهو يحرك مقود السيارة

“وانا بحبك اوي ياروح بابا ..”

نظرت حياة لهم بحزن ، نعم سالم يعطي ورد الكثير والكثير من الحنان ولإهتمام وكآن والدها لا يزال حيا بينهم……من قبل حتى الزواج وهو و ورد ابنتها
في علاقة جيدة مع بعضهم علاقة الأب وابنته التي كلما راتهم (حياة)هكذا تحمد الله على وجود سالم بجانب ابنتها وهذا من أهم الأسباب التي تجعلها تصبر على معاملته لها في الماضي والاتي ان تطلب الأمر فهي تريد لابنتها الأفضل ولا تريد ان تعيش الشقاء التي عاشته في الصغر وحدها !….

وصلوا سوياً الى مدينة الألعاب هناك بعض الألعاب المبهجة للأطفال وايضاً للكبار هي سعادةٍ من نوع خاص مرح ليس له مثيل …

هتفت ورد بحماس…
“واوووو انا عايزه اركب العربية دي يابابا تعاله معايا …”

“وكمان دي رحلوه اوي…”
هتفت حياة باعجاب لارجوحة على شكل قطار يسير بسرعه على منحدرات مرتفعة…..

سألها سالم بإستنكار بعد ان رمق الارجوحة العالية…
“قلبك جامد …”

نظرت له بتحدي قائلة بصلف ….
“اكيد قلبي جامد تحب تشوف بنفسك ..”

اقترب منها ببرود مؤكد تحديها …
“ااه بصراحه احب اشوف ..”

نظرت له بتردد وخوف فهي لم تذهب يوماً لي مدينة الألعاب او حتى تجرب تلك الأرجوحة المخيفه في نظرها ..ولكن هي تعشق العناد امام عيناه الباردة والمجردة دوماً من اي مشاعر …هتفت حياة بتبرير
“طب انا معنديش مشكله ، بس بلاش المرادي
عشان ورد متخافش ..”

نظر لها بهدوء مريب ليقترح بخبث….
“ولا يهمك ورد هتروح تركب مُرجيحه تانيه وهخلي حد معاها ياخد باله منها يلا إحنا عشان عايز اشوف شجعتك ياحضريه …”
اجابته بشجاعه مصطنعه تتطلع على الأرجوحة الدوارة ….
“هااا ، ااه طبعاً يلا بينا بس انت هتيجي معايا ليه
مش مستهله يعني دي مرجيحه…”

وضع سالم ورد على سيارة صغيرة للأطفال
يقودوها الصغار بسعادة في حلبة مخصص لها ..
وضع احدهم بالمال لمراقبة الصغيرة
خلال تلك الربع ساعة …

وقف امام حياة قائلاً ببرود….
“مش يلا بينا ياام ورد …”

“أأ هقولك بس اصلـ..”سحبها معه لصعود بها وهو الى جانبها ….

صعدت بإقتضاب وخوف من تسرعها في شجاعتها
المزيفة امام سالم …

جلس بجانبها ببرود ثم قال بخبث
“مستعد ياوحش ..”
قالتها بكبرياء يخفي أثار خوفها ودقات قلبها سريعة……
“اااه ، امال دا انا هبهرك …”

بدات الأرجوحة بتحرك الأول ببطء فى شعرت
حياه بلإرتياح… ابتسم سالم بخبث لناحيه الأخرى
لتبدأ الأرجوحة بالدوارن بسرعه شديدة صرخ
الجميع بحماس جنوني …وبدأت هي الصراخ
بخوف قائلة بخفوت وظنت انه لم يسمعها ….
“يارب استرها …..انا مكنتش عايزه أركب هو اللي صمم … استرها يارب… “

كبح سالم ضحكته بصعوبة وهو يقول بهدوء..
“متخافيش ياحياة مش هتقعي أنتِ مربوطه كويس في الكرسي …”

بدات الأرجوحة تاخذ وضع الانقلأب في السير السريع لتبدأ حياة بصراخ قائلة وحجابها ينساب
في الهواء بسبب انقلأب جلستها …
“الحجاب هيقع…… هموت بشعري ..”بدأت بقرات المعوذتين بصوتٍ عالٍ….

انفجر سالم ضاحكاً لاول مره من قلبه وهو يحاول ان يهدأ من روعها….
“يابنتي اسكتِ اي الفضايح ديه …”

صرخت بجنون وخوف…..
“ممكن تسكت انتَ ، انت السبب يارتني ماركبت
يارتني …”اغمضت عينيها بقوة ورعب حقيقي…

“انتي خايفه كدا ليه مش انتي وشورتي عليها
وكنتي عايزه تركبيه…”

هتفت بغيظ…
“انا عيله بتسمع كلامي ليه ياكبير ياعاقل بتسمع
كلامي ليه انا عيله …. شكلنا هنموت… “هتفت آخر
جمله برهبه حقيقة بعد ان تضاعفت سرعة الارجوحة…..

حاول التحكم في ضحكاته بصعوبة وهو يقول بخفوت….
“اقسم بالله لاسعه…. ممكن تهدي كده شوي
وهننزل.. “

قاطعته بانفعال …
“اهدى ازاي بقولك شكلنا هنموت ….”

مد يده لها بحنان…
“حياة هاتي ايدك …”

نظرت له قائلة بتوبيخ وغباء….
“عايز ايدي ليه ..لو بتفكر في قلة ادب يبقى انسى
انا هموت على وضوئي …”

حاول التماسك بالصبر أكثر امام حماقتها….
“مش بحب اقول الكلمه مرتين هاتي ايدك ..”

مدت يدها له بضيق من تملكه الحاد حتى في هذا المكان وفي تلك اللحظة ، اختفى كف يدها داخل
كفه الكبير الخشن …هتف لها بحنان
“سيبي نفسك وغمضي عينك وانتي مش هتخافي من حآجه …”

نظرت له بتردد اومأ هو لها بحنان وابتسامة هادئه
تعبث الأطمانينة لقلبها ..”متخفيش انا معاكي…”

تنهدت وامتثلت لأوامره فشعرت بعدها ببعضاً
من الراحه وهي بين يداه..بل والقت خوفها جانباً
لتشعر بعدها انها كالطائر الحر الذي يداعبه الهواء بشدة ليجعله حراً طليق بين السماء الصافيه يمرح ويلهو بدون اي قيود !! هي كانت تشعر بهذه الحرية ولأمان بين يداه التي تتشبث بها بضراوة…..
______________________________________
“المكان حلو هنا اوي يابابا…..هنيجي هنا تاني صح……”هتفت ورد بسعادةٍ وهي تلتهم شطيرة البرجر خاصتها …

ابتسم سالم بحنان لها…
“اكيد ياروح بابا هحاول اعمل اجازه كل فتره كده ونقضي اليوم هنا …”

نظرت له ورد بسعادة و قالت بحماس
“بجد ؟….”
قالت حياة بعفوية في الحديث وبسعادة
لسعادة ابنتها الظاهره امامها ..
“اكيد بجد بابا هيكدب عليكي ليه ..”

رفعت عيناها ونظرت له وجدته يبادلها النظرة ببرود قاسي …يتغير كل دقيقه عن الأخرى إنفصام في شخصيته تقسم انه إنفصام ليس إلا ولكن هذا الإنفصام معها هي دوماً ؟…

نهض سالم قال بهدوء….
“انا هطلع برأ المطعم شويه …”

“رايح فين ..”سالته حياة بتردد

رد بنبرة محتدة….
“هشرب سجاير عندك مانع …”

صمتت بإقتضاب من معاملته لها واكملت طعامها مع ابنتها على مضض…

وقف امام محل صغير يبيع الألعاب مختلفة الاشكال للأطفال ..

مسك دمية صغيرة على شكل عروسة
انيق للحق الغريب انها تشبه حياة بهذا الشعر الأسود ولوجه الأبيض النحيف وعيونها البنية
وشفتيها المكتنزة بها بعض الأشياء من حياة ..
ابتسم بسخرية على نفسه يمكن ان تكون
الدمية لأ تشبه حياة مطلقاً إلا بهذا الشعر الأسود
، ولكن عينيه تراها شبيها لها ..
(اللعنه هل بدات تفقد صواب مشاعرك إتجاه هذه المرأه !؟.)تساءل عقله باستنكار
لم يجاوبه فهو ليس عنده اجأبه على سوأل
صعب التفكير به ..

ابتسمت له البائعه التي كانت تنظر له بعملية
وقالت بجدية…
“تحب تشوف حاجه غيرها لو مش عجبه حضرتك …”

“لا…. هخدها و ياريت تجبيلي عروسه زيها او
قريبه منها …”

اومأت له بإبتسامة رقيقه …

دلف لهم بعد ربع ساعة وجدهم يجلسون بانتظاره جلس على المقعد امامهم قال بحرج ….
“خدي دي ياورد ..”

اخذت منه الصغيرة العلبة لتجدها دمية جميلة للغاية
هتفت ورد بسعادة طفوليه….
“الله حلو العروسه دي اوي يابابا ….”

وضع امام حياة علبه متوسطة الحجم ولم يتحدث
نظرت له بعدم فهم وبدات تحدق به بإستفهام ..

تنحنح بصوته محرج خفي حاول ان يكون بارداً

” انا هحاسب على الكشير خلينا نمشي ..”

ذهب سريعاً من امامها ..نظرت في العلبه المغلفة
لتجد دمية ملفتةٍ للنظر بهذا الشعر الأسود الداكن
وهذه العيون البنية ولوجه النحيف وفستانها
الوردي الفاتح كانت جميلةٍ بطريقة اسعدت قلبها وكانها طفلة في الخامسة من عمرها
ابتسمت بحزن فهي لم تحظى ابداً بتلك الحظة البسيطة من صغرها لم يجلب لها احد بدميه او
ألعاب مثل التي كانت تاتي للاطفال في سنها …

سألتها ورد بتردد وقلق..
“ماما أنتِ بتعيطي …”

مسكت العلبة بين يداها وردت بابتسامة حزينة
“لا ياحبيبتي دى التراب دخل في عيني ..”
مسحت عينيها بطرف اصابعها قبل ان يأتي
سالم عليهم ….وقف امامهم قال بهدوء
“مش يلا بينا قبل ماليل يدخل علينا واحنا
لسه هنا “

ضمت الدمية وهي مزالت في علبتها بين احضانها قائله بنبرة تحمل حزنها ودموعها المتحجرة
“آآه… يلا بينا كفايه كده …”

تطلع سالم عليها وتفقدها للحظات قبل ان يقول بقلق……”مالك ياحياة… انتِ كويسه…”

“ااه كويسه ، مش يلا بينا ..”مسكت ورد بين يدها
وبدات بسير للخارج محاولة ان تلوذ بالفرار من نظراته المتفحصة لها …
___________________________________
التفتت حياة الى ورد في مقعد السيارة خلفها فوجدتها نائمة في سباتٍ عميق ..

ابتسمت بإرتياح وسعادة فقط لأجل سعادة ابنتها بوجود رجل حنون مثل سالم معاهم…

رمقته بنظرة عاديه وجدته ينظر امامه بتركيز ..

تنهدت بإرهاق وهي تنظر الى نافذة السيارة بشرود واتكات على اللعبة الذي بين يديها بإمتلاك…

لم تمتلك هدية من هذا النوع يوماً، دوماً كانت هدايا
(حسن)برغم من أناقة واشكالها الباهظه ثمنا إلا أنها
لم تلمسها وتأثر بها هدية كتلك التي بين يداها

شعور غريب ان يقرأ احتياجها وحرمان الطفولة
رجلاً كسالم شعور غريب وصادم بنسبه لها….

بعد صمت طال لدقائق همست بينهما وبعد
تنهيدة مُتعبه وعميقه منها هتفت اليه وعيناها
متعلقه بنافذة الطريق المجاورة لها…..

“شكراً…… يادكتور سالم …”

لم ينظر لها ولكن إكتفى بهمهمات بسيطة..

ظلت على وضعها هذا بل واراحت راسها على نافذة السيارة السوداء اكثر… وعيناها تسافر مع
الطريق الفارغ مثل قلبها …
“تعرف دي اول مره حد يجبلي هديه تلمسني
بشكل ده……”

رمقها بنظرةٍ عادية لم يرد ولم يجرأ على ان
يرد فهو لا يعرف سبب اختياره لتلك الدمية واعطاها ايضاً إياها لا يعرف وجد نفسه يفعل هذا بدون تفكير وكأنه لمس شيءٍ لم تفحص هي عنه يوماً !…

تابعت وكانها تتحدث مع نفسها بحزن ..
“زمان لم كنت في الملجأ مع البنات اللي في سني كانت دايماً بتجلنا هدايا من المتبرعين الاغنيَا او
اللي حياتهم المادية مرتاحه يعني ، كُنت دايماً لم اعرف اليوم اللي هيجي فيه المتبراعين يوزعه عليا انا وأخواتي اللي في الملجأ الهداية استخبى في اي حته عشان محدش يشوفني لحد مالهدايه تخلص ويمشو وارجع اظهر تاني العب مع اخواتي وتفرج على الالعاب بتاعتهم الجديدة وألعب معاهم واخر اليوم افضل اعيط لحد مانام ، عارف كُنت برفضهم ليه وكنت اخر اليوم بعيط ليه …”

نظر لها بإهتمام تابعت حديثها قائله بلهجةٍ مزالت حزينه يكسوها الحرمان ..
“اكتر حاجه بكرهه من صغري إن الناس تتعامل معايا من باب الشفقه لأني يتيمه !…ولم كنت
بعيط كنت بتمنى الاقي حد يديني لعبه من
اللي زي اخواتي ، بس يدهاني عشاني عشان انا حياة……. مش عشان بنت يتيمه في ملجا…..”

سالها باستنكار واهتمام غريب….
“لدرجادي الهدية فرقت معاكِ وإثرت فيكِ ..”

ابتسمت وهي تنظر له بدموع متحجرةٍ في عيناها
البنية ..”تعرف ان النهارده كان يوم حلو اوي…عشان
حسيت اني رجعت عيلة تاني وعملت كل الحاجات اللي كان نفسي اعملها وانا صغيره…. شكراً… “

اغمض عيناه بقوة وفتحهم مره اخرى باستياء
حديثها أثر به نظرته عنها بدأت بالوضوح
كان يكره كونها فتاة ملجأ… ولكن ما ذنبها في
هذا الابتلاء ان تحيا فتاة ملجأ وتواجه مجتمع
مريض ينظر الى فتاة الملجأ وكانها عاهرةٍ
لا تليق بهم ولا تليق ان تكون منهم يوماً !…
_____________________________________
يستلقون الأثنين على الفراش وعيناهم مثبته على
سقف الغرفة وهناك ضوء خافت ينبعث من تحت
باب الغرفة المغلقة …

كل شخص يبحث داخله عن سبب معين لتصرفاته اليوم …
حياة تبحث عن سبب تصرفها بالحديث الى سالم عن شيء يخص ماضيها وما كانت تشعر به من حرمان والامًا منذ الصغر …

وسالم يبحث داخله بتساءل عن هديته لها ولم هذه الدمية بالتحديد هل كان يشعر بكل شيء يعتريها
وتخفيه بضراوة عن عيون جميع من حولها ؟…

زوبعات من الأسئلة التي تنهش عقولهم بدون توقف
بعد صمت طال اكثر من الازم وكلاً منهم على هذا الوضع….

تحدثت حياة فجأه بهدوء قائلة بتساءل
“هو فعلاً بنات الملجأ بيبقو ولاد حرام …”

نظر لها باستفهام من خلال هذا الضباب المنير ليرى حزنها بوضوح على قسمات وجهها الشاحب قليلاً
من تفكيرها الذي زاد عن حده من بئر الماضي …

رد عليها بجدية ….
“محدش اختار يكون مين لم يكبر انا مخترتش اكون نفسي…… ولا إنتِ اختارتي تكوني
يتيمه….”

عض على شفتيه بتوبيخ لنفسه يجب ان يواسيها
وينسيها كل تلك التراهات اللعينة لكنه للأسف يذكرها أكثر بماضيها الغير مُشرف ..

“عندك حق بس انا دايماً بشوفها في عينك على
طول… بشوف نظراتك ليه عشان عشت في ملجأ ومليش اهل …”

هتف بها بقلة صبر لا يريد ان يرى اوجاعها امام عيناه
مره اخره فضميره لم يصمت للحظة بعد حديثها هذا او حديثها قبل وصولهم ! ….
“حياة بطلي الكلام الاهبل ده انتِ خلاص بقيتي
مراتي وام بنتي وانسي الكلام ده خالص ..”

هتفت له بحدة ، لعلها تقدر على التخلص من ضعفها أمامه فهي تكره تلك الشفقة المنبعثه منه…
“بنتك؟ ، اوعى تكون بتعمل كده عشان شفقه عليا
انا وبنتي إنت عارف اننا مش منتظرين شفقه
منك ..او من غيرك….”

سحبها في لحظة الى احضانه وعلى صدره كانت تريح راسها همس لها بضيق وإمتلاك…
“ولا كلمه ، وااه ورد بنتي ، وإنتِ مراتي لحد اخر يوم في عمري وعقابك عندي ياحضريه انك هتنامي في حضني الليله دي ولو اعتراضتي يبقى جبتيه لنفسك يابنت إسكندريه ، فهمتي ولا اعيد تاني الكلام …..”

لم تنطق بحرف اخر وشعرت انه اصيبت بشلل في كامل جسدها… والغريب ان احضانه التي كانت تظنها باردةٍ مثل معاملته كانت دافئه جعلت قلبها يخونها متمني بقوة ان يعيش ويموت بداخل دفء احضانه ولانغماس أكثر بشعور الأمان الذي يراودها دوماً بقربه …

تناست تلك الجروح التي كانت تخرج ببطء من
صندوق الماضي اللعين بعدما استمعت لاصوات دقات قلبه المنتظمة تحت راسها …لم تشعر بشيء بعدها إلا النوم ….النوم فقط ذهبت له بإرهاق فاليوم كان مرهق بنسبه لها من جميع الاتجاهات….

زفر سالم ما برائتيه بتعب من حديثها وصوتها الذي
ألم قلبه وضع راسه على شعرها وهمس لها بثقه
وهي غافيه ….
“هعوضك ياحياة…..بس لازم اقبل ماعوضك
عن اللي فات ، احسبك على كل اللي قولتي
عني من واريا ……

يتبع…
تجلس على مقعد امام البحر مباشرةً وبجوارها تجلس ابنتها على الرمال الصفراء وكانت (ورد)
تصنع قصر صغير من الرمال …

خرج سالم من البحر بطلته المُغرية لعينيها
بينما هالة من الرجولية تحيط به ..
بهذأ الصدر العريض وعضلات ذراعه وقامة طوله وهيئته التي دوماً تحرك قلبها الضعيف الهش امام
( سالم شاهين) وشخصيتة الطاغية ….

“هاتي الفوطه ياحياة …”هتف سالم بخفوت وهو يتطلع عليها بمكر وفهو على يقين ان تلك النظرات
الضائعة تفكر بشيء يخصه…

كانت شاردةٍ به وعقلها وعيناها ترسم جسده رجولي بجراةٍ لم تعهدها عليها مطلقاً …

نظر لها بخبث وقال….
“سرحانه في إيه يأم ورد …”

“هاا…… ولا حاجه…. اتفضل “مدت يدها له بالمنشفة

نظرت ورد الى سالم ببراءة قائلة….
“اي رايك يابابا في القصر ده حلو مش كده..”

جلس بجانبها على رمال الشاطئ قال بتأكيد ممازح اياها ..”اكيد حلو بس محتاج اعادة ترميم .”

“يعني إيه…”هتفت الصغيرة بعبوس

بدا في صنع قصر اخر من رمال وهو يقول
بحنان…..
“يعني هنعمل واحد انا وانتِ جديد وهيبقى اجمل من كده ها اي رايك ….”

امأت له الصغير بايجابية وحماس…

بعد نصف ساعة من مرح سالم مع ورد الصغيرة ومشاكسته لها طول تلك الفترة …

وضعت حياة يدها على بطنها بدأ آلام معدتها يتضاعف وبدأ وجهها بشحوب من عنف الآلام …

اقترب منها سالم بقلق ….
“مالك ياحياة انتِ تعبانه في حاجه وجعاكي.”

هزت رأسها بنفي والحرج يتأكلها …

هتف بنببرة محتدة قليلاً….
“لا…. إيه انتِ مش شايفه وشك اصفر إزاي
مالك ياحياة …”

نهضت قائلة بحرج وخجلا من سؤاله
“مافيش حاجه يادكتور سالم انا هدخل ارتاح جوه شويه يلا ياورد …”

لم تقدر على السير او انها شعرت ان اعصاب قدميها يؤالمها بشدةٍ فكادت ان تسقط ….

ذهب لها وحملها سريعاً قبل ان تستقبلها الأرض
وهدر بضيق من عنادها…
“عجبك كده اهوه كنتِ هتوقعي ياهانم ..”

“سالم لو سمحت …”

“ولا كلمه لحد ماندخل جوا …”قاطعها بصرامة
وهتف بهدوء نحو الصغيره …
“يلا ياورد عشان تدخلي تغيري هدومك ..”

“حاضر يابابا …”

حملها على ذراعه ليدلف بها الى داخل الفيلا الصغيرة الى حيثُ الغرفة ….وضعها على الفراش قال ببرود….
“هكلم دكتوره تيجي تشوفك …”

ارتفعت حرارة وجهها احمرار من اصرار معرفته ماذا يحدث لها همست له بحرج ..
“سالم لو سمحت الموضوع مش محتاج دكتوره دا ..”

اخفضت مقلتاها في لارض تتفحصها بإهتمام

“دا ، إيه مش فاهم حاجه …”مرر يده على شعره بغضب من صمتها الذي يزيد قلقه عليها ..

هتف بها مره اخره ولكن بحدةٍ…..
“أنتِ هتفضلي ساكته كده كتير ماتنطقي ياحياه
انا معنديش صبر …”

عضت على شفتيها قائلة بحرج…
“ده معادها كل شهر وانا بتعب كده لمدة كام يوم وبخف تـ …” لم تقدر على الإكمال ثبتت عيناها على يداها التي تقبض عليهم في ملابسها وكانها طفلة صغيرة فعلت شيء مخجل ولا تقدر ان تتحدث
عنه امام احد …

مرر يده على شعره ببطء وحرج بعد ان فهم
حديثها ثم علق على حديثها باستفزاز وعبث
نحوها….
“اي ده هي بيتجيلك معقول …”

رفعت عينيها بحدة إليه وتحولت في لحظةٍ
للشراسة مهاتفة بصدمة….
“نعم ، قصدك اي بـ ببتجيلك دي إنت مش شايف
اني ست ولا إيه …”

رد ببرود….
“بجد اول مره اخد بالي العتب على آلنظر …”

نظرت له بعيون تشتعل غضباً من فظاظة حديثه

” تصدق انك انسان بارد ومستفز …”

مالى عليها في سهوةٍ وهمس لها بتحذير…
” كده ازعل منك…وانا زعلي وحش…. اعاقلي ولمي لسانك ولو فهمتي تقولي ، امين ..”

نظرت له بعدم فهم ، ومزالت راسه قريبه جداً منها
“هاااا…. “فتحت فمها بعدم فهم…

“قولي امين ياحضريه علشان مخك ينور كده ونفهم بعض ونعرف نلمس سوا …”

“نلمس …”اتسعت مقلتاها وهي تنظر له بزهول

“ااه بس بعد ما لاخت دي تروح لحالها …”رد ببرود خبيث فهو ماهر في اللعب على اوتأر قلبها الضعيف …

ظلت اعينهم معلّقة ببعضهم وانفاسهم الساخنة تداعب وجه الأخر بشدة ، ظلت هي تطلع عليه
وعلى تلك العيون السوداء المشتعلة دوماً بالبرود (كيف تشتعل ؟وكيف بالبرود؟ هذا هو
سالم شاهين ، وما يميزه عن غيره !؟)
و لحيته السوداء المرسومة على وجهه الرجولي بأتقان لتذيد الجذابية إضعاف من ما تكن عليه ورائحة عطره ، ورائحة رجوليته الممذوجة معها يالله !….

ام هو فظلت عيناه مثبته عليها بتفحص وتراقب ملاحظ وكانه يرسم ملامح وجهها بعيناه ،
بيضاء ووجهها فاتن … وجنتيها ملطختان بحمرة الخجل الطبيعي شفتيها مرسومة بابداع يفتن القديس بهم……هل كانت دوماً مُغرية بتلك
الدرجةأمامه وهو كالاعمى لم يرى فاتنة
منزله ! رفع يده ليخلع عنها هذا الحجاب حتى تكتمل رؤية وجهها بشلال شعرها الأسود الذي أحاط وجهها سريعاً مما آثار بلبلة بداخله وزادت وتيرة تاملها اكثر …

تسرعت انفاسها بشدة واشتداة عضلات جسدها ارتعاد وريبة من آثار عبث لمساته الحانية عليها..

همست باعتراض…
“سالم إنت بتعمل إيه …”

“هشش… كده احلى …”قال حديثه وهو يمرر انامله في شعرها لينساب شعرها بين اصابعه أكثر ثم
همس باعجاب أثناء تأمله لها بكل تلك الدقة…

“أنتِ حلوه كده ازاي ….”

توسعت مقلتيها من تصريحه الصادم لها..

بدأ يمرر إبهامه على خطوط شفتيها ببطء وتروي فقد السيطرة هذه المرة على رغبته في تقبيلها
فهو اشتاق لتجربة مذاق شفتيها مرة آخرى..

شعرت وكان الهواء قد تجمد بينهم فترة..
واختفت اصوات الامواج الآتية من الشرفة ..
بينما الرجفة داخلها تجعل اطرافها تهتز بقوة
وتهديد لثباتها امام انفاسه الرجوليه التي تغمر
انفها بشدةٍ وتهدم كيان الأنثى داخلها …

همست بحرج..
“سالم ابعد شوي عشان …”

همس لها بشفتيه الشهوانية…
“عشان اي ياحضريه ، إنتِ اللي بتوصليني لكده “

قالت بعدم فهم ….
“بوصلك لي إيه انا مش فهمه حاجه ….”

اقترب اكثر من وجهها واصبح لا يفصل بينهم إنشأء واحد… رد عليها بجدية لا تناسب جملته الساخرة بعبثٍ “يعني مش عارفه انك بتفسدي اخلاقي ياحياة… “

“هااا…… ازاي يعني ….”

باغتها بانقضاضه على شفتيها يقبلها برغبة جامحه
متاججة داخله مانعًا اياها من التفوه بالمزيد من الأسئلة الساذجه الذي لم تجدي نفعاً مع رغبته في تقبيلها…. اخذ شفتيها في قبلة عاصفة من المشاعر والرّغبة المتأججة بها….انحبست انفاسها من عمق قبلته القوية ولحثية تلك ….تذوق مع قبلتها تلك طعم يختلف عن اول مره قبلها بعنف و همجية …
كانت هذه القبله حانية ناعمة تحمل حنين لها
حنين غريب ولذيذ في ذات الوقت .. شعر
بسعادة تغمره حين وجدها تستسلم الى شغف قربه
بل وبادلته الجنون بخجلا وعقدت يداها الأثنين
حول عنقه بتردد جالي على جسدها الذي ينتفض
بستجابة له …. تعمق وتعمق بين قبلة ذابت
مشاعر رجل وامراه فقدُ الحب والشعور به…

ابتعدت عنه مطالبه ببعضًا من الهواء واستجاب لطلبها على مضض…

لهثت بحرجٍ ممزوج بالصدمة ايعقل ان تكون اقدمت على ذلك بملء إردتها ….

نظر لها والى وجهها الذي يكسوه الأحمرار ثم الى
ارتجاف شفتيها المغريتين كانها تحمسه لنيل عدد
لأ نهائي من القبلات ، قاوم غريزته الجامحة بها
وهتف باعتذار….. “حياه انااا “

“قالت بترجي والخجل ينهش بها فهي استسلمت
له بطريقه مخزيه ….
“ممكن بلاش تكلم في اي حاجه تخص اللي حصل
دلوقت….. لو سمحت….

في هذه الأثناء دلفت ورد اليهم هاتفة بتذمر
“إنتو هنا وانا قعده لوحدي….ينفع كده يابابا… “

ابتعد سالم عن حياة ثم نظر الى ورد قال بحنان وهو يحملها وكانه لم يفعل شيء منذ دقيقه واحده “صحيح إزاي ننسى ورد الجوري بتاعنا برا ..”ثم نظر الى حياة بابتسامة جذابه قائلاً…
“تعالي نخرج برا ياميرة بابا ونسيب ماما ترتاح ، شويه وكمان انا عايزك تساعديني نعملها حاجه
دافيه تشربها…. “

حاولت التحدث بطبيعتها امامه حتى يختفي خجلها الجلي عليها …هتفت بحرج واعتراض..
“متتعبش نفسك انا مش حبه اشرب حاجه… انا
بس محتاج انام شويه…. “

“اكيد هتنامي وترتاحي ، بس مش قبل متشربي حاجه دافيه ، هعملك نعناع… ”
ثم نظر الى ورد قائلا بمزاح تحت أنظار حياة ….
“تعالي ياورد معايا عشان انا فاشل في الحاجات
دي اوي واكيد إنتِ شاطره زي مامي مش كده “

ردت الصغيرة بفخر ….
“ايوه انا شاطره… ..”

خرجوا الأثنين من الغرفة وسط ضحكات سالم المشاكس دوماً لصغيرته …..

ابتسمت حياة بحرج من افعال سالم منذ قليل
وافعاله الفكاهية مع ابنتها ، مررت اناملها على شفتيها بحرج وخجلا من استسلامها امام جرأة
قبلته …..

__________________________________
دلف الى الغرفة بعد عشر دقائق وجدها تجلس على الفراش شاردة بخجل… ابتسم حين اتى في ذهنه تقبيله لها منذ لحظات…. ثم تلاشى ابتسامته وهمس لها بخشونة…. “اشرب ده ياحياة وان شآء هتبقي كويسه……. “

نظرت له بحرج ثم همست بخفوت

“تسلم ايدك… “

ابتسم بسماجة قال…
“طب دوقي الأول ..”

ارتشفت من الكوب بحرج وهي تتلاشى النظر إليه…

هتف هو بهدوء…
“حولي تشربيها وهي دافيه…وإن شاء آلله هتخفي بسرعة…”

ازدارت ريقها ببطء وهي تقول…
“شكراً…”

“على إيه انتي ناسيه انك مراتي….وصحتك تهمني..”
قالها باعين ثاقبة عليها تكاد تجردها بشدة…..

نظرت للكوب وهي تومأ له بصمت فهو يوترها أكثر بهذا الحديث وبالأخص حينما يُذكرها بزوجهم…
…………………………………….
بعد مرور ثلاث ساعات

كان يقف امام المرآة يهندم ملابسه بهدوء

خرجت من الحمام بعد ان اخذت شور بارد بعد ساعتين متوصلين من النوم والتعب الشديد
خرجت اليه وكانت ترتدي بِجامة خضراء
صيفيّ أنيقة..

غمرت أنفه رائحة الياسمين الخالص اغمض عيناه يهدأ من بعثرت مشاعره امام هذه الحياة ، تلك التي تُثيره من أقل حركة تصدر منها كل مابها يحرك رجولةً دُفنت تحت رماد حياته العملية لتنعشها
حياة بدون مجهود يُذكر ! ؟..

“سالم سرحان في إيه… “

نظر لها قائلاً بفتور….
“في الدنيا…. بقيتي كويسه دلوقتي “

اشاحت بعينيها بعيداً عنه وقالت بحرج
“ااه…. الحمدلله “

وقفت مكانه امام المرآة وبدأت تمشط شعرها بتمهل وبطئ….تطلع عليها محدق في تفصيل وجهها الرقيق وشفتيها المكتنزة الحمراء الذي طال التحديق بها للحظات ….. تدارك نفسه وهتف بتوبيخ داخله..
“ماتعاقل كده ياسالم اي اول مره تشوفها “

“آآه “تأوهات فجأة نظر لها بقلق واقترب منها
“مالك ياحياة فيكي إيه…. “

نظرت له وقد تناست وجوده معها في الغرفة قالت
بتمهل “مافيش دي تعوريه بسيطه في ايدي فى لمستها بس بالغلط…. “

اقترب منها ومسك يدها وسط دهشته
حدق في يدها وسالها “اتعورتي فين… “

ردت بعدم اكتراث…
“بصراحه مش فكره… مش مهم… “

زفر بجزع وهو ينهض من مكانه متجه للحمام
عاد إليها بعدها بعلبة الإسعافات ..
قال بهدوء وهو يجلس على الفراش وهي بجانبه
“هاتي ايدك “

“هتعمل أي ياسالم دا خدش بسيط في
مش مستاهل يعني كل ده…. “

رد عليها بعدم اكتراث….
“عارف هلزقلك عليه لزق طبي عشان يلم بسرعه.. “

نظرت له والى هذا الحنان المشع من عيناه
القاتمة الجذابه….

نهض هو بعد ان انتهى من وضع الملصق الطبي
على اصبعها … قال بشموخ وهو يعدل لياقة قميصه…..
“انا هنزل مطعم قريب من المكان هنا
هجيب اكل لينا وهاجي على كول وهاخد ورد كمان معايا عشان ترتاحي شويه ….. “

نظرت له ولم تعقب….

………………………………………….
نظر وليد آلى سالم الذي يخرج من الفيلا الصغيرة ممسك بيد ورد ، يصعد السيارة والصغيرة بجواره
ثم انتلقت السيارة تحت أنظار وليد….

زفر وليد بغضب ….
“اخيرا سبتها لوحدها دا انا كنت قربت افقد الأمل يراجل …..”

مسك هاتفه قائلاً بعبث ساخر….
“ابشري ياريهام سالم أخيراً ساب العروسه
ساعه… “

ردت ريهام قائلة بشر شيطاني سريع …
“طب كويس اي رايك لو نخلص خلاص من الموضوع ده… “

ابتسم بسماجة بعد ان فهم مغزى جملتها …..
“ااه يعني اموتها وأنتِ حلال عليكِ سالم وفلوسه……ووليد يبقى طلع من المولد بلا
حمص….. “

سائلة بإمتعاض …
“يعني انت قعد عندك بقالك اسبوع ومراقب
الشليه طول الوقت دا كله ليه… اي الخطه يعني
اللي هتخليني اخلص من حياة وتبعد عن طريق سالم خالص… “

رد عليها بغرور …
“متقلقيش حياة هتبعد عن سالم وبمزاجها كمان وعلى ايدي…. “

همست له بعدم فهم
“ازاي يعني…. “

رد عليها بنفاذ صبر…
“الفتره اللي راقبتهم فيها دي عرفت ان سالم مش مديها ريق حلو…. يعني التعامل مابينهم معدوم .. “

إتسعت ابتسامة ريهام بسعادة وهي تهتف
بتشفي …
“بجد ياوليد يعني سالم مش طيقها… “

“ده اللي ظاهر قدامي ويارب يكون صح.. “

ثم تابع بملل…
“هكلمك تاني لم اخلص اللي هعمله … ”
أغلق الخط في وجهها قبل ان يسمع الرد

كانت تجلس على الفراش تعبث في هاتفها بملل
صدح الهاتف بين يداها برقم غير مسجل فتحت الخط قائلة بتردد
“الو ….”

“حياة ممكن تنزلي دلوقت مستنيكي على البحر
قدام الشليه….”

همست بتوجس وكان الصوت مألوف لها …
“مين معايا… “

“لم تنزلي هتعرفي….. بسرعه ياأم ورد… “

إتسعت عيناها بريبه من هذا المجهول الذي امرها واغلق الخط سريعًا وكانه متيقن أنها ستذهب اليه
ترددت في الهبوط للاسفل لرأيت هذا المجهول
ولكن بعد دقائق حاسمة الأمر بآن تنزل له وتعرف ما هويته ومن اين علمى بأسمها واسم ابنتها…

ارتدت عباءة محتشمة وحجاب ملفوف حول راسها بأحكام وكان الهاتف بين يداها فاذا شعرت
بشيء مُريب ستجري اتصال بسالم….

وقفت امام البحر وتطلعت الى هذا الشخص الذي يقف ويوليها ظهره يرتدي بنطال جينز وسترة
جلدية سوداء و(كاب) يوضع على رأسه يخفي به جزء كبير من وجهه …

همست بتردد….
“حضرتك مين وعايز إيه .. “

استدار لها وابتسم بمكر وهو يبعد (الكاب)
عن وجهه قليلاً بدون ان ينزعه …

شهقت بداخلها بتوتر ثم قالت بثبات …
“وليد أنت بتعمل اي هنا ….اقصد سالم مش
موجود و”

قاطع حديثها وهو يقترب منها ، ويقف امامها بخبث….
“انا مش جاي عشان سالم انا جاي عشانك أنتِ ياحياه…. “

ابتعدت عنه قليلاً بحذر وقالت بشك..

“جاي عشاني ازاي يعني…وليه “

قطع المسافة مره أخرى بينهم ووضع يده الأثنين على ذراعيها بوقاحة وقال بصوت شهواني
“انا بحبك اوي ياحياة وعايز اتجوزك ، انا عارف انك مش بتحبي سالم وهو كمان مش بيحبك ومش عارف قيمتك لكن انا عارف قيمة الجمال ده كله واعرف اقدره كويس اوي …. “

مالى عليها ليقبلها من شفتيها ، ابتعدت عنه سريعاً
وصفعته على وجهه بقوة وهي تهتف بنفور ….
“انت اتجننت أنت ازاي تكلمني كده ازاي تلمسني اصلاً بشكل ده لو سالم عرف اقسم بالله ماهيخليك تشوف الشمس تاني…. “

وضع يده على وجنته ناظراً لها بشر ثم همس بمكر

“صحيح ماهو القتل مش جديد عليه ماهو قتل اخوه قبل كده هستبعد انه يقتلني يقتل ابن
عمه يعني…. “

نظرت له بتوجس وجسدها اهتز من برودة
حديثه…. “أنت بتقول إيه انت اتجننت.. “

“اي ده هو أنتِ متعرفيش ان سالم هو اللي موت اخوه في حادثة العربيه إياها… متعرفيش ان موته بس عشان يورث مكانه وتبقي مراته زي حسن وبنتك تبقى بنته هي دي خطته من زمان عشان كان بيغير من حسن اوي ولغيره نهشت فيه اكتر لم ظهرتي إنتِ في حيات حسن عشان كده مقدرش يشوف حسن مبسوط في حضنك فى قرار يقتله… “

قاطعتة بصراخ حاد….
“كداااااب….اي الهبل اللي بتقوله ده….. سالم عمره مايقتل….. “

اقترب منها قائلاً بشظايا ماكرة….
“سالم قتال قتله افتحي عينك وأنتِ هتعرفي ان قاتل…. وقتل اخوه ويتم بنتك وخلاكي ارماله بعد
سنتين بس من جوازك من حسن … “

ظلت عيناها مسلطه على الفراغ من حولها
وجملته تثبت في روحها الهشه كالوشم
ثم همست قائلة بثبات عكس
عواصف الخذلان الذي تفيض داخلها بألم…
“عندك اثبات على كلامك ده “

ابتسم بخبث بعد ان راء عينيها التي بدأت تعرف الدموع طريقها …..
“للأسف معنديش دليل اصل سالم ذكي اوي وعمل كل حاجه على مايه بيضه…. “

نظرت له و قالت بغضب ونفور من وجهه البغض
“أنت كداب ياوليد سالم مستحيل يعمل كده
واوعى تكون فاكر اني مش واثقه في سالم انا بثق فيه ثقى عاميه… وسالم وحسن كانو اكتر من أخوات وكانوا بيحب بعض وعمر ما كان في بينهم مشكلة حتى لو صغيره….. انا عارفه ان في جاني هو اللي دبر حادثة العربيه اللي عملها حسن زمان قبل ما يموت ، ونيابه اكدت ان الحادثه بفعل فاعل بس الفاعل ده مش سالم دا واحد ميعرفش ربنا
ومعدوم الضمير و الرحمه بس مصيره يبان الكدب ملوش رجلين والحقيقه هيجلها يوم وتظهر….امأ
بقه كلامك وكدبك ده كله ملوش معنى غير حاجه واحده انك بتغير من سالم وعايز تبعدنا عن بعض وبعدين تجوزني عشان تحس انك فوزت في حرب واحدة قدام سالم شاهين…. مش ده أقصى طموحك لجوازك مني…. “

نظر لها بغضب ظن إنها صدقت الحديث وستطلب الطلاق من سالم او ممكن ان تنتقم منه وتقتله كما
فعل هو مع حسن مسبقاً !ولكن الرد والثقة التي تحملها لسالم ولأحترام الذي يشع من عينيها
أحبط مخطط شيطانه… نظر لها قائلاً ببرود….
“إنتِ ظلماني ياحياة بكره تعرفي انك متجوزه قاتل ومش اي قاتل ده قاتل جوزك…… حسن …. “

غادر وتركها تعاني من وشم كلماته التي اخترقت روحها !….
——————————————————–
تجلس على سفرة الطعام تقلب في طبق امامها بشهي فقدتها بعد حديث هذا الشيطان لها والأسوء
انها لم تتحدث الى سالم في الموضوع فهي تخشى عليه بشدة من تهوره في تعامل مع هذا الشيطان الذي يالقب بابن العم…. هناك شعور بمرارة حديث هذا الوغد لها هي على يقين ان سالم لم يفعل هذا ومستحيل ان يفعلها ولكن يالله لكل منا شيطان يزرع داخلك الشك و الوسواس اللعين يطاردك بشكل يرهق ثقتك الكبير في نفسك وفي من حولك..

“مالك ياحياة مش بتاكلي ليه… “

نظرت له وابتسمت ابتسامة لم تصل الى عيناها
وقالت بهدوء….
“لا أبداً مافيش انا بس شبعانه ومليش نفس.. “

ترك الطعام هو أيضاً وأضاف بهدوء..
“انا كمان شبعت شيلي الأكل وطلعي اطمني على ورد فوق لحسان تكون قامت من النوم…. “

عضت على شفتيها بتوبيخ لنفسها فهو ترك الطعام
بسبب رفضها للأكل معه ….سالت نفسها باستنكار
(ماذا يعني هذا ؟) ابتسمت بسخرية على سؤال الذي يدور داخلها فهي مهم بحثت عن تصرفات سالم معها ستجد نفسها في مغارةٍ من المشاعر المختلفة عليها هو كهف بارد غامض مظلم وهي بدون إضاءةٍ لن تسلك إليه أبداً ؟!..

وضعت امامه القهوة في شرفة غرفتهم التي تطل
على البحر مباشرةٍ…. كان يضع على الطاولة الصغيرة التي امامه حاسوبه ويعبث به
بإهتمام… رفع عيناه لها وقال بصوت أجش
” تسلم إيدك ياحياة….تعالي قعدي معايا شويه… “

نظرت له بتوتر ثم قالت بتبرير حتى تهرب من
تلك الجلسة …
“لأ اصلي داخله اخلص شوية حاجات في
لمطبخ و…. “

كان يبعث في الجهاز بأصابعه قاطعها قائلا
ببساطة…..
“مش مهم اي حاجه تتأجل عشاني…. ولا انتِ
شايفه اي…. “

نظرت له ثم جلست على المقعد المقابل له ابصرت بعينيها المنظر الخلاب المطل من الشرفة حيثُ البحر
الأزرق ولأمواج المتمردة عليه…..

نظر لها وهو يرتشف فنجان قهوته ثم سألها بعدها بشك….
“متأكده ان مافيش حاجه مخبياها عليه ..”

اومات له بـ (نعم )

“انتِ خرجتي النهارده لم نزلنا انا و ورد للمطعم ”
كانت عيناه ثاقبة عليها تراقب عينيها البُنية الداكن التي زاغت بتردد وجسدها تشنج قليلاً من سؤاله المبهم …

“لأ مخرجتش….. بتسأل ليه… “

تطلع على الجهاز قائلاً بخشونة …
“يعني إيه مخرجتيش مابين في كامرات المراقبه
انك كنتِ واقفه على البحر بعد ما خرجنا بساعة.. “

وقع قلبها في قدميها مرددة جمله واحده خرجت
من أعماق خوفها
” كاميرات مراقبه…….

يتبع…
تطلع على الجهاز قائلاً بخشونة …
“يعني إيه مخرجتيش مابين في كامرات المراقبه
انك كُنتِ واقفه على البحر بعد ماخرجنا بساعة.. “

وقع قلبها في قدميها مرددة جمله واحده خرجت
من أعماق خوفها
” كامرات مراقبه…….”

نظر لها والى توترها الجالي عليها ثم سألها
باستفهام….
“مالك ياحياة قلقانه كده ليه هو في حد ضايقك وانتِ وقفه على الشاطى…. “

ماذا تقول هل يظهر امامه مقابلتها لهذا الشيطان
من خلال كامرات المراقبة تلك او هو يختبرها
ليرى ردة فعلها القادمة ليعرف ماذا ستختار معه الكذب ام الحقيقه….
تسلل الشحوب اكثر لوجهها مما جعل سالم يرتاب منها اكثر……
“حياه إنتِ كويسه …”

تنفست بصوتٍ عالٍ قائلة بأيماءة بسيطة..
“ااه كويسه بس محتاجه انام شويه….
بعد إذنك…. “

ذهبت سريعاً من امامه للداخل بتوتر ماذا تفعل هناك غموض في تلك الكامرات اما ان تكون سجلت ماحدث بمقابلة ابن عمه لها ..او لم تسجل شيء من هذا وحتى ان كان (وليد) يظهر في شاشة امامه
لم سالم تحدث معها بكل هذا الاستفسار الهادئ …

وضعت رأسها على الوسادة بعد ازدحام الأفكار بها
وليتها قادرة على فك شفرة ما يحدث حولها…

صدح هاتفها بوصول رسالة من رقم غريب
جلست مره أخرة على الفراش تتطلع على شرفة الغرفة المفتوحه والتي يجلس بها سالم ويعبث
في شاشة الحاسوب بإنشغال وتركيز…

فتحت الرسالة وهي تضع يدها على قلبها فرقم
المرسل من خلاله الرساله غير مسجل لديها
قرأت محتوى الرسالة برتعاد…
(عشان تعرفي اني بحبك وخايف عليكِ انا اللي غيرت اتجأه كامرات المراقبة ساعة مقابلتي ليكِ
ورجعت ظبطهم تاني زي الأول… اوعي تقولي حاجه كده ولا كدا لسالم عشان محدش هيتأذي من سالم شاهين غيرك !…)

أنتهت من قرأت الرسالة و شهقت عنوة عنها بصوتٍ خافت دلف سالم للغرفة في هذا الوقت ليرى هذا المشهد بارتياب من تصرفاتها الغريبه اليوم….

كانت عينيها متسعة بدهشة والهاتف مضيء
بين يداها وعيناها مثبته عليه….
اتى عليها وسالها بشك…
“مالك ياحياة في اي… ومالك ماسكه التلفون
كده ليه… “

نظرت له بعد ان فاقت من حالة الصدمة التي تعتريها
هتفت بعد برهة من الصمت…

“لا……أبداً…. مافيش حاجه… “

“امال مالك مصدومه كده ليه حد كلمك من عندنا
في حد في البيت تعبان ….”نظر اليها أكثر بتراقب يريد اجابةٍ يقتنع بها لكل هذه الصدمة والخوف الجالي عليها ..

“لا… مافيش حاجه دي أصلاً رساله من شركة
الخط… “

رفع حاجبه مُعلق بسخط…..
“رساله من على خطك….. تخليكِ بشكل ده “

صمتت ماذا تجاوبه تريد كذبه مقنعةٍ له…
“اصلهم بعتين اني….. مشتركه في كول تون و…
وا وسحبو مني الرصيد اللى على الخط كله كده يعني……..”

نظر له بغرابة ثم تنهد بهدوء…
” طب هاتي اشوف الرساله دي واعملك إلغاء
للخدمة دي…. “

إتسعت عيناها وهي تتأكد من جملته…
“إيه تشوف إيه… “

نظر لها بحاجب مرفوع وقال باستغراب

“هشوف رساله مالك…في حاجه ولا إيه… “

“لا… هيكون في إيه… دي شركة وكول تون
زي ماقولتلك يعني….. “

مال عليها لياخذ الهاتف منها بهدوء ليبدأ بلعبث به
في ملف رسائل الهاتف….

بلعت ما بحلقها بتوترٍ والخوف من القادم…
نظرت لسالم بتوجس فهو كان منشغل في الهاتف الخاص بها قالت بداخلها بخوف…

“يترا هيحصل اي دلوقتي استرها يارب…. “

*****************************
ضحكت ريهام قائلة بمكر
“يعني رجعت زي ماروحت ماتأثرتش بكلام اللي قولته ليها على سالم .. “

ارتشف من الشاي بقهر ونظر لها ….
“شكلي هتعب مع البت دي كتير “ثم تابع
بشهوة وجشع “بس ومالو البت حلوه وتستاهل التعب…. “

امتعاض وجه ريهام وقالت بقرف ….
“حلوه جتكم القرف رجاله بتموت في الرمرمَه.. وبتحبو اوي النوع الرخيص… “

ابتسم على غضب وحقد شقيقته نحو (حياة)….
“انا بقه بحب الرخيص فى هاخد انا الرخيص وسيب لسالم الغالي اللي هو أنتِ ياختي…. “

برمت شفتيها وهي تقول بحنق…
“ماشي ياخوي أشبع بيها يارب تملى عينك بس….وديني قعده مستنيه أخرت كلامك
وخططك هتوصلنا لإيه ”
وضعت قطعة من التفاح في فمها بغضب
ودعستها بغل تحت اسنانها قائلة داخلها بحقد….
“خليني صبره لحد ماشوف أخرتها لكن لو لقيت موالك طويل في الموضوع ده هتصرف انا بنفسي وكيد النسا هو اللى هيخلصني من بنت الحرام
دي… “

وضعت ريم يدها على فمها بعد ان استمعت الى حديث وليد وريهام سوياً وعن مقابلته لحياة
بدون علم سالم وهذا الهراء الذي يريد اثباته في
عقل حياة….. مسكت الهاتف وهي تدلف الى
غرفتها قائلة بتوتر…
“يارب تكون صاحيه انا مش هعرف انام
غير لم اطمن عليها….. بدأ الهاتف برن بإنتظار مجيبٍ ….
______________________________________
صدح الهاتف في يد سالم وقبل ان يضغط لفتح الرسائل الواردة….
نظر الى حياة بعد ان علم هواية المتصل مد يده
لها بالهاتف قائلاً بحنق….
“دي ريم ردي عليها… وبعدين نبقى نشوف مواضوع الخدمة ده… “

مسكت الهاتف بيد ترتجف وأعصاب تنتفض بخوف
منن ما كان سيحدث لولا اتصال ريم…

فتحت الخط ، وخرج سالم من الغرفة بأكملها لاعطاء مساحةٍ خاصة لها ….

“ريم يامنقذه لو تعرفي مكالمتك انقذتني من اي مش هتصدقي….”أنهت حياة جملتها بزفير ممزوج بالرعب ….

ردت ريم بغضب…
“أنتِ بتقولي اي ياحياه.. انا بتصل أسألك على مقابلة وليد ليكِ والكلام الأهبل اللي قاله .. “

نظرت حياة امامها بتراقب قائلة …
“عرفتي منين الكلام ده ياريم… “

“سمعت وليد وريهام وهما بيتكلموا وشكلهم كده نوين يفرقو بينك انتِ وسالم عشان ريهام تجوز
سالم وأنتِ بعد ماسالم يطلقك هيتجوزك وليد وكل ده غيره من سالم مش أكتر… وطبعاً إنتِ عارفه ريهام ووليد وشرها… والاتنين عاملين زي مرات ابوي
العقربه امهم خيريه اكيد عرفاها … “

هتفت بعد حديث ريم قائلة بتركيز…
“يعني هي دي الخطه وعشان كده أتهم سالم بظلم
في موت حسن ….”

ردت الأخرى بتاكيد…
“اكيد يابنتي”صمتت قليلاً وهي تكمل بقلق عليها
” بصي ياحياه خدي بالك من نفسك ومن سالم ابن عمي سالم ، اوعي سالم ينكسر على أيدك بسبب كلامهم العبيط ده اللي عايزين يزرعوه فى مخك .. “

ردت حياة بسخرية….
“ينكسر وانا اللي هكسره انا مش قد سالم ولا غير سالم متقلقيش…. “

اكدت ريم بتوضيح ….
“الكسره ياحياة مش لازم تكون كسرت ضهر وهيبه…اصعب كسره على الراجل لم يحس ان الست اللي بيحبها مش وثقه فيه لا ومخوناه في حاجات عمره ما فكر يعملها…. “

اجابتها بعدم اكتراث…
“اهوه أنتِ قولتي الست اللي بيحبها لكن انا وسالم مافيش مبينا حب واستحاله يكون فيه انسي الكلام ده عشان مش لايق عليا ولا عليه …المهم تفتكري
هعمل اي مع العقارب اللي للاسف اخواتك….. “

تنهدت ريم من الناحية الاخرى قائلة بتفكير …
“بلاش تقولي لسالم عن كلام وليد ومقابلته عشان نجع العرب ميولعش بسبب مشاكلهم هم الاتنين
وان شاء آلله لم ترجعي من عندك هنفكر انا وانتي
في حاجه تبعدهم عنكم خالص…. “

زفرت حياة بخوف قائلة بامل يصحبه الرهبة
من القادم…
“ياريت لاحسان انا مش مطمنه للجاي بعد اللي عرفته منك… ”
____________________________________

في صباح ….

دلف سالم الى الغرفة قائلاً وهو يتطلع عليها
باهتمام.. “خلصتي ياحياه… “

بدأت تحاول اغلاق حقيبة الملابس الخاصه بها واجابته “ااه خلاص ولبست ورد وانا بس هلف الطرحه وخلاص كده.. “

اقترب منها وقال بفتور…
“طب روحي انتِ كملي لبسك وانا هقفل الشُنط”

نظرت له بحرج ثم اومات برأسها ولم تعقب …

بدأ بإغلاق الحقيبة الخاصة بها ليجد ورقة تعيق
اغلاق سحابة الحقيبة… تناولها بين يده
ناظراً لها بعدم اهتمام…. ولكن سُرعان ما تغيرت ملامحهُ للغضب والغيرةَ التي لاول مره يشعر بها داخله كانت الورقه عبارة عن صوره لأخيه (حسن)
قلب الصورة ناحية الظهر ليجد جملةً عليه بخط
يد أخيه الذي كان خطه مميز جداً ويميزه سالم
من بين الجميع….كانت الجملة عباره عن
(بحبك اوي ياحياة….)

اغمض عينيه بغضب مزالت تحتفظ بأغراض حسن
الغاليه عليها ومزالت تحتفظ بتذكار الحب هذا..

“متوقع اي يعني يا سالم دي اقل حاجه تطلع من حضريه لا عرفت الأصول ولا حد علمها ليها… “

كور الورقه بين يده بغضب ثم وضعها في جيب
بنطاله بأنزعاج من ما تسببه هذه الحياة له…

دلفت حياة إليه وهي تقول بهدوء….
“سالم …..انا خلصت… “

نظر لها بغضب عيناه كانت مشتعلةٍ بنيران القسوة والغضب الهائل منها ومن أخيه حسن (حسن) وما ذنب حسن في ما تفعله حياة لأ تنسى ياسالم انك ثاني رجل في حياتها والمزحة الثقيلة هنا إنها بنسبه لك اول امرأة تدخل حياتك الجافة والممله….
تحدث عقله له بإستنكار من هذا الغضب
المسيطر عليه …..

نظرت له بخوف ورهبة من ملامحه التي قست سريعاً متحولة تحول لا يبشر بالخير سالته بارتياب ….
“مالك ياسالم في حاجه…. “

نهض وخطى عدة خطوات باتجاهه ببطء وعينيه مزالت تشتعل بنيران الغيرة ولغضب وقد اختفى البرود وحل محله نيران وجسارة سالم شاهين…. وقف امامها ثم اخرج من جيب بنطاله الصورة
قائلاً بازدراء….
“مكنتش اعرف ان بيوحشك لدرجادي… حتى بعد مابقيتي على ذمة راجل تاني ، وحتى لو مافيش بينا اي حاجه وجوزنا كان ليه اسباب…دا ميدكيش الحق
انك تختفظي بالحاجات دي وانتي على ذمتي…ولا انتي شايفه إيه….”

رفعت راسها له قائلة بتحدي وهي تأخذ
الصورة منه بقوة ….
“مش من حقك تمنعني احتفظ بحاجه تخص جوزي اللي هو اخوك وبلاش تنسى كلامنا في الأول…”

“كلامنا احنا…. ولا إتفاقك مع ريم…. بنت عمي…” تحدث وهو يكور كف يده لعله يقدر على كتمان غضبه بعيداً عنها ولو قليل….

نظرت له وقالت بجسارة متمردة….
“طب بما انك عرفت كل حاجه يبقى اكيد
وفرت عليا كتير….ولم ابعد عنك مـ”

ضحك سالم بسخرية وقطع حديثها الاحمق
معقباً بقسوة وإهانة لها…
“تبعدي عني ، أنتِ مش بتبعدي عني بمزاجك ده بمزاجي انا لو عايزك هاخدك وبمزاجك كمان
مش غصب عنك وانا قادر اعملها وأنتِ جربتي كذا مره ..اول مابلمسك بتعملي إيه… انتِ بتتجوبي معايا اوي وبتبقي عايزه اكتر من اللي انا بعمله.. يعني انا اللي بتسلى مش أنتِ وانا اللي بقرار بعدي وقربي منك مش انتِ خالص أنتِ اقل من انك توقفيني
عن حاجه انا عايزها….. “

ابتلعت مهانة كلماته بذل… ليرى سالم لمعة الدموع في عيناها البنيه… للحظة شعر إنهُ يرضي كبرياء رجولته امامها ولكن سرعانَ ما شعر بطيف الحزن يدلف الى قلبه الخالي… بعد ان أنهارت امامه ثم ذهبت سريعاً للمرحاض لتخفي ضعفها امام قسوة كلماته……

غرز انامله في شعره بقوة وغضب من ما فعله بها..

تريث برهةٍ ثم قال بتعب نفسي
“انا تعبت منك ياحياة… وتعبت من حياتنا دي اللي كل مادى بتتعقد أكتر من لأول….. “

وضعت يدها على وجهها وبدأت تبكي بلا توقف هتفت لنفسها بقهر…
“كان لازم يقولك اكتر من كده أنتِ اللي تستهلي كل مابيقرب ليكِ بـــ…..”صمتت ولم تجرأ على اكمال
حديثه الوقح….. مسحت دموعها قائلة بغضب
“كفايه دموع أنا مش ضعيفه عشان اعيط كده
وستخبى منه…. لازم تتجاهليه وتتعاملي معاه ببرود لازم يندم على كل كلمه قالها ليكي……. بكرهك ياسالم…… بكرهك….” شعرت بإنتفاض قلبها حينما لفظة إسمه مجرداً غمرها شعور قد ظنت انهُ دُفن مع جسمان زوجها تحت التراب !!….

بعد حوالي أربع ساعات على هذهِ الأحداث دلف
سالم من باب البيت مع حياة و ورد الصغيرة…

“تيته…. تيته….. “قالت ورد جملتها وهي تختبئ في احضان الجده راضية عانقتها راضية بحب قائلة
بحنان…
“وحشتيني ياورد الجوري وحشتيني قوي.. “

عانقة حياة الجده راضية بحبور وهي تقول بمزاح.. “وحشتيني اوي ياماما راضيه عامله إيه من غيرنا اكيد مرتاحه من دوشتنا…. “

ضحكة راضية قائلة بمشاكسه…
“ااه كنت مرتاحه… بس كمان كان البيت كئيب اوي من غير دوشتكم اللي بعشقها….. “

سلم سالم على الجده راضية قال …
“عامله اي ياحني (يقصد جدته) “

“بخير ياسالم ياولدي انتَ عامل إيه يارب تكون السفارية كانت سفارية الهنا عليكم…. “

رفع عينيه نحو حياة التي فضلت النظر
بعيداً عنه اجابها سالم بإقتضاب
“ااه الحمد لله….. “

نزلت ريهام من على السلالم قائلة بمكر بعد
رد سالم الواضح….
“شكلك مش مبسوط ياابن عمي هي ام ورد منكده عليك ولا ايه….. “

وقفت امامهم ونظرت لهم على محياها ابتسامة صفراء…

نظر لها سالم قائلاً ببرود ..
“أنتِ لسه هنا ياريهام هو في حاجه عندكم في البيت ولا اي…. “

نظرت له بتلاعب وقالت بإغواء
“لا…. بتسأل ليه يابن عمي…. “

نظر لها بإزدراء على رخصها امام عيناه كلما
جمعهم حديث فاتر….
رد عليها بسخط
“اصلك بقالك شهر هنا ومش عادتك يعني .. “

جلست على مقعد في صالون ورسمت الحزن على وجهها ببراعه وهي تقول برجاء ….
“انا قعده معاكم فتره عشان زعلانه مع ابوي شويه
وكمان في شوية مشاكل كده بيني وبين ريم
وامها ومش هقدر ادخل البيت الفتره دي بسببهم… لو وجودي مضايقك ياابن عمي انا ممكن اروح قعد عند اي حد من قريبنا في نجع…. بس أنت عارف
انك الأقرب ليا عنهم كلهم…. “

زفر بضيق ثم قال ببرود..
“براحتك ياريهام هنا بيتك وهنا بيتك..”ثم نظر الى الجده راضية قائلاً بهدوء …
“انا طالع ارتاح فوق شويه ياحني تريدي شي.. “

قالت راضية بتذكر..
“لا ياولادي بس متنساش… تكبيرات العيد هتبدأ من اول بكره…. كل سنه وانت طيب ياحبيبي انوي النيه في صيام العاشرة الاوئل….”

اومأ لها بإبتسامه لم تصل لعيناه…
“وانتِ طيبه يا حني….اكيد فاكر بس نريدك تذكريني زي كل سنه …” انهى حديثه وصعد اللاعلى حيثُ غرفتهم…..

ابتسمت حياة عنوة عنها فاللهجة العرب البسيطة
منه تزيد شخصيته جاذبية وجمال….

نظرت ريهام الى حياة قائلة ببرود
“وانتِ عامله اي يامُ ورد ان شاء الله تكون السفارية زينه عليكم…. “

نهضت حياة بضجر قائلة للجدة راضية بتهذيب..
“عن أذنك ياماما راضيه هطلع استريح شويه فوق المشور كان مهلك اوي…. “

اومأت راضية براسها بهدوء… تناولت حياة كف ورد بين يدها ثم مالت على ريهام في سهوة قائلة
بكيد النساء..
“شهر العسل كان جميل اوي ياريهام انا وسالم
مش مبطلين بلبطه في البحر…. تصوري مش
بيسبني لحظه….. يلا عقبالك بس يخساره مش
هتلاقي نسخه تاني زي سالم حبيبي…. “

تركتها تشتعل خلفها وصعدت بتمايل امامها على الدرج تمايل يعبر عن السعادة التي تعيشها مع سالم كانَ هذا الهدف لتزيد نيران ريهام اضعاف مضاعفة نحوها…..
_____________________________________
كان يستلقي على الفراش مغمض العين ولكن عقله مشوش بهذه (الحياة) التي تقلب شخصيته الف مره في اليوم ….شظايا هي قسوته الذي تتجمع بكثرةٍ
امام عنادها وكبريائها الذي يحطم كبرياء رجولته وقسوته امامها….

دلفت للغرفة وصاحت بغضب له….
“انت غيرت السرير بتاعي انا و ورد ليه…. وليه
جايب السرير الجديد صغير كده انتَ مش عارف
اني بنام جمبها… “

رد مغمض العين و وجهه كان خالياً من اي تعبير
عن صياحها العالي….
“ااه واخد بالي انه صغير وده المقصود.. وعارف انك كنتِ بتنامي في اوضة ورد وده واضح ..
لكن اللي مش واخده بالك منه إننا اتجوزنا ولوضع أختلف ياحضريه …ومينفعش تعلي صوتك عليا
لان الأحترام بيقول ان ده عيب….. “

اشعلها ببرودة وحديثه معها وهو مغمض العينان

ذهبت لتقف بجوار السرير قائلة بحدة أنثى…
“احترام اي وزفت اي وبعدين الإحترام برضو انك تكلمني وانت مغمض عينك ولا الأحترام بنسبه ليك
كوسه يادكتور…. “انهت جملتها بستهزء…

تفاجئت به يرفعها من على الأرض بقوة وبدون مقدمات لتجد نفسها على الفراش وسالم فوقها يطل عليها بهيئته الرجولية الطاغية…تطلع عليها بغضب بارد… وهي نظرت له باندهاش من جرأته معها….
همس لها ببرود…
“عارفه ياحياة اي اكتر حاجه نفسي اعملها
فيكِ.. “

بلعت مابحلقها بتوتر ولم تجرأ على سؤاله

اكمل هُوَ بلهجةٍ تتمزج بالرعب ولتهديد …
“لسانك…. عايز اقصه وعلقه على باب اوضتي عشان كل ماتفكري تطوليه عليه تلاقي نفسك خرسه… “

إتسعت عيناها برعب ثم قالت برهبه….
“طب ابعد كده و انا مش هتكلم تاني بس ده مش معنى اني موفقه على تحكماتك فيا واني نسيت كلامك الي قبل كده ….”

رد عليها ببرود…
“وانا مش عايزك تنسي كلامي ليكِ زي ما نا مش قادر انسى مش بس كلامك ولا افعالك لا
وكمان مش قادر انسى كلامك لريم قد إيه انا غبي
اني صدقت واحده زيك…. “

نظرت له بعناد قائلة …
“يبقى احنا كده خالصين وجوزنا من بعض مش نافع من الأول.. واحسن حاجه تطلقني وكل واحد فينا يروح لحاله….. وانا هاخد بنتي ونطلع من النجع ده واوعدك مش هتشوف وشي تاني….. “

رد عليها ومزال على نفس الوضع هو فوقها يسند كلتا يديه الإثنين على الفراش حولها محاصرها وهي ممدده امامه ، واعينهما في حوار حاد معاً…

“لو عايزه تطلعي من هنا يبقى اكيد بعد موتي
ياحياة…..”نزل عليها ليقبلها بنهم قبلها في كل
انشأ في وجهها نزل بقبلاته الحارة على عنقها
باسنانه ووضع علاماته الخاصة عليها …

كل ما تشعر به من لمساته الحارة هو اقل من كلمة
(ضعف) لو هناك اقصى منها كلمة لاضافة بين النص..كانت مسالمه معه للمرة الرابعة او الخامسة هي لأ تذكر كم مره لعب على اوتار الأنثى داخلها (سالم) خبير في إخراج اجتياح رغباتها بها ، هو قادر على اختراق أي حاجز وضعته بينهم بضراوة أفعاله معها ..

فالحقيقة ان معظم الحواجز الذي تخلقها بينهم لم تكن صلبة كما تظن بل أنها كانت من ورق سهل اختراقه للوصول لاهدافه… جدرها من ملابسها بسهوله وسط مغارة ضعفها امام لمساته….

هتفت له بإعتراض يمتزج معه الضعف
“سالم بلاش انا…. “

مال عليها قائلا بهمس اوصل القشعريرة لجسدها
“عايزك ياحياة…. انا مش قادر ابعد عنك.. “

بدأ يوزع قبلاته عليها قائلاً بهمس أجش..
“قوليها ياحياه قولي انك عايزني معاكِ زي مانا عايزك قوليها ياحياه…… “

اغمضت عيناها بجنون من مايفعله بها لم يتوقف للحظة عن ما يفعل غاب عقلها وكل ماحدث لها منه القى في عرض الحائط حين همس سالم لها مره اخرى برجاء….
“قوليها ياحياه……. قوليها عشان خاطري… “

رفعت الرأيا البيضاء هامسه له بضعف …
“بلاش تبعد عني ياسالم…. خليك في حضني “

لا تعرف لم اضافة اكتر مما طلب منها ولكن كانت اجابة مشاعرها عليه اقوى واصدق من كلمة امرها
بها أثناء علاقتهم الحميمية….

وضع راسه على راسها وانفاسه الساخنة تداعب وجهها الساخن بحرارة مما يحدث معها
همس لها بحنو …
“وانا عايز اموت فحضنك ياحياة … “

أغمضُ اعينهما سوياً بضعف وعشق ظهر بين ثنايا روحهم الممزقه ولكل شخص جرح يختلف عن الأخر ولكن لكل شخص منهم فرصة للحب فهل ستبدأ القصة تاخذ طريق اخر ام للقدر وقلوبهم العنيدة
رأي اخر…….
______________________________________
بعد مرور خمسة ايام على تلك الأحداث

تدلف ريم من باب بيت (رافت شاهين )بعد ان فتحت لها الخادمة كانت تجلس حياة مع الجده راضية في صالة البيت…..

رفعت حياة عيناها لتجد ريم امامها ويبدو على وجهها العبوس….

نهضت سريعاً قائلة بتوتر للجده راضية…
“بعد إذنك ياماما راضيه هاخد ريم ونطلع فوق نقعد شويه قبل ما سالم يرجع من الشغل…. “

نظرت الجده راضية لها قائلة وهي تسبح بيدها
“روحي يابتي …..”ثم نظرت الى ريم قائلة
” عامله ايه ياريم يابتي ….”

ابتسمت ريم ابتسامة مهزوزه وقالت
“بخير ياحني “

مسكت حياة يدها قائلة بسرعة
“تعالي ياريم عايزاكِ ….”

صعد الإثنين سوياً للأعلى……

خلعت حياة حجابها وقالت بتوتر
“جبتي ياريم الحبوب… “

مدت ريم يدها بشريط اقراص لها..
“خدي ياحياة… جبتلك حبوب منع الحمل اللي طلبتيها خدتها من واحده صاحبتي دكتورة نسا “

مسكتها حياة بين يدها بقلب يرتجف من ما تنوي فعله قررت أن تاخذ اقراص منع الحمل حتى لا يكون بينها وبين سالم رابط قوي يجعلها تتحمل قسوته ونفوره وتقبله الغريب معها …

هتفت ريم بإستنكار وخوف…
“لي عايزه تعملي كده ياحياة افرضي سالم عرف بحاجه زي دي ….انا خايفه اوي ليتهور ويأذيكِ
سالم عصبي وموضوع انك مش عايزه منه عيال
مش سهل يتقبله اي راجل مش سالم بس …. “

تنهدت بتعب بعد حديث ريم ثم قالت بحزن
“مش قدره ياريم…مش قدره افهم سالم ولا انا مستعده يكون في بينا عيال دلوقتي… “

سألتها ريم بحرج …
“هو سالم قربلك تاني بعد اليوم إياه …”

قالت بخجل …
“لا ياريم مقربش مني بس لم طلع علينا
الصبح قام من جمبي وهو واحد تاني تصوري مقالش اي حاجه قبل مايقوم من جمبي ..حسيت انه واحد تاني…. غير اللي كان معايا بليل… الصبح بقه فعلاً سالم شاهين اللي اعرفه ولي كل الناس عرفاه وبتعمله الف حساب ، لكن بليل وإحنا مع بعض كان
واحد تاني خالص…. حنين حتى في لمسته ليا كان بقول كلام حلو اوي ياريم حسسني اني ست
بجد …لدرجة اني حسيت ان بيحبني من كلامه ده بس طبعاً دي تخريف مني انا… مفيش حاجه من دي….”توقفت عن الحديث بحزن وحرج كذلك
من المتابعة….

هتفت ريم بعتاب….
“يعني بعد كل ده ياحياة مش عايزه يكون في بينكم ولاد… يعني يمكن الصبح كان مستعجل عشان شُغله وسابك وخرج على طول….. “

إجابتها ببوح من ما تشعر به وما تنوي فعله في
الأيام القادمة…..
“بلاش تبرري ليه ياريم سالم عامل زي المغاره
الضلمه البارده اللي مش قادره ادخلها طول ما انا خايفه منه… ولازم احول اتشجع وقربه مني وحاول اقرب منه والمرادي هدي لنفسي فرصه وليه هو
كمان….. لكن حبوب منع الحمل دي هتفضل معايا هاخد منها لحد متاكد اني قادره افهم سالم وتاقلم على طبعه… مش شرط احبه ويحبني !! بس على الاقل ارتاح معاه وحس بالامان…. وحاول اتعود
على طباعه وطريقته دي …..

يتبع…

ًوقف سالم امام المخزن الخاص به وهتف بخشونة …
“ها ياجابر ، غريب الصعيدي جوه….. “

رد جابر بإحترام ….
“ااه جوا ياكبير….. اتفضل “

لج سالم بتأهب لمخزن شاسع المساحة الكبيرة كان يحتوي على بعض المعدات الحديدة القديمة …

تنهد سالم بملل وهو يقف امام غريب الذي كان
مربوط في مقعد خشبي وسط المخزن
وبجانبه بعض آلرجال اضخام البنية مفتولين العضلات وقسمات وجوههم قاتمة وشرسة الى
أبعد حد !!…

رفع سالم عينيه على الرجل الجالس أمامه ..
“شاخبارك ياغريب انشاء الله تكون عجبتك
الضيفه عندنا…”

رد غريب بحدةَ…
“انا مش فاهم حاجه انا هنا بقالي يومين ليه “

رد عليه سالم بتأني…
“اسمع ياولد العم انت نصبت على اخوك إيهاب ابو عمرو وخدت ورثه منه بربع التمن ده بعد ما استغليت رقدت مراته التعبانه في المستشفى…
ولم مراته ربنا افتكرها واخوك تعب بعدها ابنهم اتبهدل ومد ايده على الحرام عشان يأكل اخواته الجعانين ويجيب لابوه علاجها….. ومع العلم انك وصلك كل ده ومحاولتش تمد ايدك اللي تتقطع ديه ليهم ولو من باب الشفقه مش من باب الحق اللي ليهم عندك فيه كتير قوي ياغريب ياصعيدي …… “

نظر له غريب وهتف ببرود….
“انا ماكلتش حق حد و ورث إيهاب وصله على داير مليم …وبعدين ملكش صالح بيني انا وخوي
وولاده……. اموتهم اسرقهم ملكش صالح أنت
أنت قاضي… ااه لكن قاضي على اهلك على العرب اللي انتَ منيهم لكن انا غريب الصعيدي ومحدش يقدر يغصب غريب على حاجه مش على كيفه… “

ضحك سالم باستخفاف من تحدي غريب له …
اقترب منه فجأه ومسك لياقة قميصه قائلاً
بشراسه مريبه…
“المحامي جاي كمان نص ساعه وهياخد تنزلك عن
كل حاجه تملكها بنص ، ونص ده هيتسجل بأسم إيهاب اخوك واعتبر المبلغ اللي دفعته زمان يوم عملية مراته مساعدة اخ لي اخوه …. ”
ثم صمت لبرهة ونظر له بغضب مُستديم وأكمل..
“وانا ااه قاضي نجع العرب لكن حكمي بيمشي على اي واحد عايش في النجع هنا….. وانتَ اولهم
ياغريب يا…… ياصعيدي ..”

سأله غريب بسخرية وتقليل منه….
“وان رفضت حديتك ده…. إيه العمل عاد … “

رد سالم بابتسامة شيطانية…..
“ليك حق ترفض ياغريب وانت كده راجل من ضهر راجل لكن هتبقى راجل بالاسم يعني مش هيبقى في دليل لكده…. “

نظر له غريب بعدم فهم

ابتسم سالم وصدح صوته في اركان المخزن في لحظه بقوة……
“إسماعيل …….إسماعيل….. “

اتى إسماعيل سريعاً رجل في سن الخمسين عام
يرتدي معطف ابيض ويمسك حقيبةٍ صغيرة بين يداه…….

قال الرجل بإحترام
“اوامرك ياكبير…. “

نظر له سالم قال بخشونة …
“حضرت حاجاتك عشان غريب مستعجل على خروجه من هنا .. “

أومأ له الرجل بتأكيد….
“كل جاهز ياكبير اشاره واحده منك ولعمليه مش هتاخد ساعه…. “

نظر له سالم ببرود ….
“اوعى تكون جبت بَنج ….”ثم نظر الى غريب
و قال بسخط”اصل غريب الصعيدي راجل من ضهر راجل وهيقدر يستحمل القطع من غير مايتخدر..
مش كده ياغريب….. “

نظر له غريب برهبة وهتف بصدمة وعدم فهم ما
يحدث حوله….

“انا مش فاهم حاجه….. “

رد سالم ببرود…
“لا أنت فاهم بس عايز شرح على السريع وطبعاً ده حقك ياولد العم….. أول شي ياغريب انا جبتك هنا عشان اديك فرصه تكفر بيها عن ذنبك في حق
اخوك وعياله وتعطيهم حقهم في ورث جدهم
لكن أنتَ مش رايد ترجع الحق لصحابه لا وكمان بتقلل مني على ارضي وسط رجالتي…اني مليش
اني اتكلم معاك في حق الايتام…….وتعالى بقه لو شاهدنا حد بينا هيقول عليك تشبه الحرمه الصعرانه.. وانا شايفك بصراحه حرمه خصيصه واكَلت حقوق الغلابه كمان….. وعشان أنت في نظري حرمه يبقى محتاج عمليه بسيطه تاكد كلامي ده ، والحج اسماعيل هيعملها ليك.. متقلقش هو دكتور بهايم وبيعرف يتعامل زين مع البهايم اللي زيك ياغريب
ولا بلاش غريب بقه خليها غريبه….”ابتسم سالم بستهزء…..وتابع هازئاً….
“واللهِ ليقه عليك ياراجل….. اقصد ياحرمه معلشي دقنك ملغبطه معايا…”ثم نظر نحو اسماعيل قائلاً بلهجة تشبه الثلج المسنن…..
“ابقى أحلق ليه دقنه بالمره يااسماعيل وياريت بعد متخلص تديني خبر …. “

استدار وخطى عدة خطوات للخارج لكنه عرقل
عن السير حين هتف غريب اليه بارتعاد…
“استنى عنديك انا موفق أتنازل عن ورث إيهاب كله وبالحق ، بس ابعد الراجل ده عني…. “

استدار سالم له ونظر بخبث معقبا بانتصار…
“زين ياولد العم كده أتفقنا …. “

نظر له غريب بشر وتمتم داخله بتوعد…
“هتندم ياسالم اقسم بالله بعد خروجي من اهنه هتبدأ عدوتنا انا وأنتَ ومفيش قوه على الأرض هتمنعني اخد حقي منيك وحقي مش هيبقى غير
روحك ياولد رافت شاهين….. “

دلف المحامي ليمر اكثر من نصف ساعة ويتم نقل نصف مايملك غريب بأسم ايهاب الصعيدي شقيقة

تنهد سالم بإرتياح فقد رجع حق الأيتام ووالدهم المريض…. اجمل ماقال عن الحق هو إعطاء الحق
لمن يملك الحق !! وهذا اجمل شعور ان تكون سبب في عودة الحق لأصحابه !!……
___________________________________
“هو فاضل قد إيه على اذان المغرب يامريم.. “

نظرت مريم الى ساعة الحائط وهي تقطع الجزر
لترد على حياة قائلة “ساعتين يام ورد…. “

بدأت حياة بتقليب الحساء الاخضر وهي تضع الثوم المحمر عليه …

وضعت الغطاء على الإناء وقالت بإرهاق
“طب انا هطلع اصلي العصر لحسان اتاخرت على الصلاة وهريح فوق شويه لحسان الصيام عمل عمايله معايا…. “

قالت الخادمة ام خالد لها بعتاب…
“عشان بتصومي من غير سحور وده غلط ياحياة يابنتي عشان جسمك وصحتك ….”

ردت حياة باستخفاف للأمر….
“متكبريش الحكايه ياام خالد دول شوية ارهاق وبعدين دول عشر تيام صيام فات منهم خمسه
يعني مش مستهلين كلامك ده…”

مطت السيدة شفتيها قائلة بجزع…
“انتِ حرة مانا عارفاكِ راسك ناشفه…”
____________________________________
دلفت لاخذ حمام بارد من شوب الجو الحار…
وخرجت بعدها ترتدي ثياب مريحه انيقة تبرز قوامها الممشوق…. بعد ان انتهت من تجفيف شعرها وتمشيط إياه انهت فرض صلاة العصر… ووضعت بعد الكريمات لترطيب جسدها ذات الرائحة الناعمة
على الأنف……

دلفت للفراش بإرهاق توسدت بظهرها الفراش وتمايلت لناحية الآخر بارتياح لتجد وسادة بجوار رأسها جذبتها بفتور وحاولت دفن راسها بها
ليتها لم تفعل فرائحة سالم وعطره الممزوج بها
غمر انفها بأكمله….تنهدت براحه وهي تعانق
الوسادة بشوق…..نهضت وجلست على الفراش
لتعيد الكره تلك المرة باستمتاع أكثر استنشقت الوسادة باشتياق لا تعرف من اين نمى هذا
الاحساس بكل تلك السرعه داخلها فقد اشتاقت له بشدة ويغمرها دوماً هذا الشعور نحوه ، بعد كل تلك الزوبعات والمسافات بينهم من يوم ان تزوج بها….

اغمضت عينيها لثواني وهي تستنشق رائحته المعطره مُتذكره لحظاتهم الحميمية والجامحه
معه…..كم كانت تلك اللحظات معه تختلف داخلها
وبشدة وكأنها لأول مرة تشعر بانوثتها بين يد
رجل…

تمنت ان تظل الرائحة في انفها حتى الدهر لكي
يموت الشوق لهذا السالم…

دلف سالم الغرفة في هذا الوقت ليجدها
تعانق وسادته بطريقه غريبة …

ابعدت حياة الوسادة بسرعة عنها
قائلة بتوتر وخجل.. “سالم….. “

رفع حاجبيه وانزلهم سريعاً بشك..
“انتي بتعملي إيه ياحياة ….”

ابعدت الوسادة عنها سريعاً وهي تقول بحرج …
“ولا حاجه بفكر اغير ملاية السرير فا.. فكنت
بشوف كسوت المخدات نضيفه ولا لاء… “

“اااه… تمام طب قومي غيريها عشان عايز اريح شويه قبل المغرب…. “كان اثناء حديثه يجلب ملابسه من الدولاب.. ودلف بعدها للحمام….

نهضت بتوجس وهي تضع يدها على صدرها
“الحمدلله مخدش باله…. اوف ياحياة..
نفسي ابطل حركاتي دي….. “

بدأت في تغير شرشفت الفراش بأخره نظيفة

خرج سالم بعد نصف ساعة يرتدي جلباب مريح رمادي اللون وقف امام المرآة يمشط شعره للخلف
نظر عبر المرآة لصورتها المعاكسة خلفه تماماً
ليجد مفاتن جسدها تظهر بوضوح من خلال تلك الملابس المحدد قوامها الفاتن…. حياة تمتلك جسد نحيف جدًا ولكن لن ينكر انها تمتلك منحنيات تغَيب عقله فقط من النظرة الأول…..

غمغم بغضب وصوتٍ عالٍ…..
“استغفر الله العظيم…… اللهم إني صايم… “

نظرت له حياة بعدم فهم قائلة
“في حاجه ياسالم…. “

اغمض عينيه بقوة وهو امام المرآة وتمتم داخله
“سالم كمان دا أنتِ لو متفقه مع الشيطان مش هتعملي كده فيه….. “

اقتربت منه بعد ان رأته مغمض العيون بقوة ويتنفس بصوتٍ عالٍ متشنج….. وضعت يدها على
كتفه قائلة بقلق….
“سالم انت كويس…. ”
فتح عيناه واستدار لها ليقف امامها قائلاً
ببرود…..
“بلاش تلمسيني كده انتِ ناسيه اننا صايمين
ولا إيه… “

ردت ببراءة…
“انا مش قصدي حاجه…. “

رفع حاجبيه بصدمة مردداً بغلاظة ….
“ازاي مش قصدك وأنتِ لبسه كده قدامي انتِ عيزاني افطر ولا إيه…. ياحضريه ….”

نظرت الى ملابسها بحرج ثم عضت على شفتها السفلى وقالت بخجل بريء…
“عندك حق بس انا مخدتش بالي ولبست كده عشان كنت فكراك هتيجي على الفطار على طول زي كل يوم …”

بلع ما بحلقه وهو يرها تتكا على
شفتيها باسنانها بخجل صارخ ليزداد احمرار شفتيها المكتنزة أكثر…

مال عليها بعض تزاحم الرغبات في تقبيلها …
“بلاش تزودي على نفسك في الكلام وبلاش تعضي شفايفك كده…… وانا بكلمك عشان الموضوع ده بيعصبني اوي….وااه لينا حساب بعد الفطار على عميلك دي كلها…. “نظر لها بغضب يشوبه الشوق
لها….

دلف الى الفراش ومدد جسده عليه بارهاق
هتف بهدوء عكس عواصف الرغبات المتأججة بداخله…..
“طفي النور ياحياة… وياريت تروحي تشوفي ورد عشان قعده لوحدها تحت…. “

امتثلت لاومره على مضض…

زفر نيران الرغبة بها وبعد الاستغفار الكثير قال بستياء “وبعدين معاكِ ياحياه كل ماحاول ابعد عنك مبعرفش……. ومش عارف إيه السبب… ااااه ياحياة خايف من اللي بحسى بيه معاكِ ليطلع… “صمت بضيق ونفض الفكرة بسخرية فمستحيل ان يحدث هذا ومستحيل ان يكون لسالم شاهين مشاعر اخرى اتجاه (حياة) غير العشرة وتاقلم على الحياة بينهم.. اغمض عيناه بغضب فصراع دوماً مستمر داخل عقله المشتت في علاقتهم واهمية وجودها بحياته الجافه ….
_________________________________
كان يتحدث في الهاتف امام باب المنزل….

وكانت حياة تحضر سفرة الإفطار قبل أذان ألمغرب بدأ الاذان بتكبير اتت عليها الجده راضية وهي تمسك علبة التمر وقالت راضية بخفوت….
“خدي ياحياة التمر ده افطري عليه وفطري سالم عليه لحسان شكله ناسي نفسه في مكالمات التلفون دي…. لا ولسه وقف بيتكلم ولاذان قرب يخلص
وهو مفطرش….. “

اومات لها حياة وهي تأخذ منها علبة التمر

قالت ريهام بطيبة مُزيفه….
“خليكِ إنتِ يام ورد وحضري السفره وانا هفطر سالم ابن عمي منها….. “

نظرت لها حياة شذراً وقالت بصوتٍ ناعم مُستفز
لريهام …
“لا طبعاً….. عيب اتعبك معايا حضري انتِ
السفره وانا هفطر جوزي بايدي.. “صمتت لبرهة ثم هتفت ببرود وهي تذهب باتجاه سالم للخارج
“صوماً مقبولاً…….. ياريهام…. “

جزت ريهام على أسنانها بقهر وحقد وهتفت
بصوت خافض….
“طفح الكيل منك يابنت الحرام ولنهارده
هتنامي في المستشفى “تقوست شفتيها بمكر
بعد ان اتى في ذهنها فكرة شيطانية لتخلص
منها….

وقفت امامه وجدته يوليها ظهره ومزال يتحدث فالهاتف ببعض الأشياء التي تخص العمل هذا ما فهمته من الحديث وجدته بعدها ينهي المكالمة ذهبت اليه سريعاً ووقفت خلفه… ووضعت كف
يدها على كتفه العريض قائلة بخفوت ناعم
“سالم…. “

اغمض عيناه بضعف من خروج إسمه مجرداً من
بين شفتيها المُغرية…. رد عليها وهو مغمض
العين…
“نعم…… ياحياة…. “

عضت على شفتيها بتوتر ثم قالت بهدوء
“سالم أنتَ مفطرتش ولأذان قرب يخلص… “

فتح عيناه ببطء ثم استدار إليها قائلاً بخشونة
واهتمام..
“طب وانتِ بقه فطرتي على كده…. “

ردت بهدوء يشوبه الحرج من تعلق عيناه على ملامحها بطريقةٍ مخجله لها …
“لاء لسه بس ماما راضية قالت انك بتفطر على التمر فاجبتلك منه و….. وانا اكيد هفطر بعدك… “

فتح علبة التمر وأخذ واحدة منها وقال وهو يقسمها نصفين وضع نصف امام فمها قائلاً ببحة خاصة…
“افتحي بوقك ياحياة…. “

نظرت له بارتباك ..
“سالم انا مش بحب اوي طعم البلح انا هفطر
على المايه وخلاص “

همس باللطف خدرها…
“طب جربي مش يمكن من ايدي تحبيه… “

عضت على شفتيها بتردد امام عيناه الجائعةٍ لهذهِ الشفاه المكتنزة…. اغمض عيناه بتوبيخ لتفكيره المراهق دوماً أمام هذهِ الحياة المهلكه.. نعم مهلكة ومن ينكر أنها تُهلك رجولته بجمالها وعفويتها من ينكر أنها تُهلك قلبه المشتاق لتجربة الحب وعذابه معها …..

فتحت فمها واكلت نصف قطعة التمر….
اخذ هو باقي النصف بعد تردد دعاء الإفطار
ثم نظر لها بتراقب وجدها تمضغ التمره على
مضض نظر حوله وجد شجرة ذات ظل كبير من يجلس تحت ظلها لا يظهر منها شيء…سحبها
قائلاً بمكر……
“حياة تعالي عايزك…. “

“سالم وخدني على فين…. “

اوقفها تحت الشجرة وحدج في عمق بُنيتاها
الداكنة الجذابه دوما إليه….

توترت من عينيه التي تشع بالرغبة الجامحة
نحوها…هتفت بخفوت وحرج…
“سالم انت جايبني هنا ليه…. “

نظر لها بشهوة قائلاً بعبث…
“جعان وعايز افطر…. “

مزالت تمضغ نصف التمر بتردد في بلعها وكانها طفله تجبر على اكل الطعام غير مستحب لها..
ردت عليه بتوجس
“الفطار جاهز جوا… انا حضرته بنفسي و… “

توقفت عن الحديث حين وجدته يلصق جبهته في خاصتها هاتفاً بمكر …
“بس انا طمعان في نص البلحه اللي ادتهالك…. “

“هااا… “فتحة فمها بصدمه بعد ان ابتلعت
مابفمها بخوف…. ومن ثم همست بخجل ….
“بس انا بلعتها على فكرة…. “

رفع حاجبه بمكر وقال بعبث…
“بجد يبقى ……لازم اتاكد بنفسي….. “

وقبل ان تتفوه بشيء اخر كان يضع شفتيه على خاصتها بوقاحة وتعمق وكانه يستكشف فمها وشفتيها لاول مره لم تكن مجرد قبُله عادية كأنا يملأها عدة مشاعر غريبه داخل كلاهما..
لم تتوقف يداه عن العبث في كل مكان تصل
اليه في جسدها الين .. كان أول مره يشعر باشتياقه لها وبكل تلك القوة في الحصول على لمسه بسيطة منها ..

بدات شفتيها تألمها من هجومه الذكوري عليها وعنفه في قبلته…. لم تشعر بشيء غير المسالمة للمساته ولكن جسدها كان يرقص على اوتار جنون وشغف
من رغبت ( سالم )بها… دوماً يعزز كبريائها الانثوي داخلها… فقط حين تشعر انها مرغوبة من زوجها
بحد الجنون حين تشعر انها الأولى ولاخيره في عينيه…. افعاله معها تُشعرها انها تملك العالم وتزيد الثقة بها اكثر…مشاعره نحوها تظهر عن طريق أفعاله
وتلك الأفعال تحكي ما يصعب على اللسان قوله !…

قطع عواصف الرغبات والشوق صوت الخادمة وهي تنادي “ياام ورد الأكل جاهز…. “كانت تنادي من امام باب عتبت المنزل وتكاد لا ترى شيء بسبب
ظلام المكان…. دخلت الخادمة سريعًا للبحث
عنهم في داخل…

ابتعدت حياة عن سالم بصعوبة او سنقول هو من سمح لنفسه بالابتعاد عنها الأن …..نظرت له
بخجل ثم قالت بغضب مصطنع…
“اي اللي أنت عملته ده افرض حد شفنا… “

“واي يعني…. “كان هذا الرد المعتاد منه

جزت على أسنانها بضيق
“ساااااالم….. “

تحسس خطوط شفتيها بسبابته وهو يقول بعبث …
“انا حاسس اني لسه جعان ياحياة اي رايك نقولهم اننا هنفطر فوق في اوضتنا …… “

شهقت بخجل ومن ثم هرولت من امامه بحرج
قاتل ولم تقدر على التفوه بكلمة واحده….

همس وسط تنهيده عميقه بعد مغادرتها..
“ربنا يستر من الجاي على أيدك ياحضريه….”
ابتسم ابتسامة لاول مره تشق ثغره الرجولي …

على سفرة الطعام تجلس حياة بجانب سالم وتاكل بصمت وحرج من ما حدث منذ قليل بينهم ولا يتوقف عقلها عن إعادة الذكرى عليها ….

ام سالم فكان يأكل بهدوء ولا يتوقف عن اختلس النظر اليها بين الحين والآخر …

كان يجلس رافت والد سالم على راس الطاولة وبجانبه والدته الجدة راضية وبجوارها ريهام التي بمقابلة حياة …. وكانت تبعث لهم النظرات النارية الحقوده…..

اما (ورد) الصغيرة فكانت تتابع التلفاز في صالون بعد ان اكلت من ساعة تقريباً !!….

قطعت الصمت الجدة راضية قائلة لحياة
بحنان وبعد العتاب…
“كلي ياحياه كويس أنتِ بتصومي من غير
سحور “ثم نظرت الى سالم قائلة باستياء
“بجد مش عارفه اي ده …ماوفق إلا ام جمع
بينكم سالم كمان بيصوم من غير سحور من وهو صغير وشكله عداكي وبقيتي بتصومي على معده
فاضيه زيه… “

رفع سالم عينيه على حياة باستنكار ثم سألها
امامهم ببعضا من الهدوء…..
“هو أنتِ بتصومي من غير سحور ياحياة…”

عضت على شفتيها بحرج من تفقد الجميع لها
بسعادة من اهتمام سالم نحوها باستثناء ريهام
التي كانت تحترق امام هذا السؤال…

ردت حياة على سالم بخفوت ….
“اصل يعني مش بيكون ليا نفس و….”

“اول واخر مره تصومي من غير سحور وبلاش تبصي عليا انا متعود على كده وفي نهايه انا راجل.. لكن أنتِ ياهانم لو وقعتي بنهار من قلة اهتمامك باكلك هعمل اي انا ساعتها بقه فيكِ…. ”
كان يتحدث بحنق من إهمالها وعدم المراعاة
لنفسها مثلما تراعي الجميع وتهتم بهم….

ردت حياة بتبرير له وبحرج من الجميع…
“سالم الموضوع مش مستاهل كل ده… انا اقدر
اصوم من غير سحور….يعني انا مش صغيره.. “

جز على اسنانه من عدم اكتراثها الواضح للأمر
والظاهر بين ثنايا كلماتها قال بحزم لينهي النقاش بينهم…
“كلمه واحده ياحياة مفيش صيام من غير سحور.. وكمان عشان اتاكد بنفسي كل يوم هقعد معاكم على سحور ولو حسيت بإهمالك يبقى بلاش تكملي الكام يوم اللي فضلين وصومي وقفة عرفات وخلاص…”

نظرت بحرج من تسلط عيون الجميع عليهم
ثم همست بخجل….
“لا… خلاص اكيد هصوم وهتسحر بعد كده.. “

ابتسم رافت والجدة راضية بسعادة فالأول مره يشاهدون سالم يبث كل هذا الاهتمام لأحدهم.. نظرت راضية الى رافت أبنها قائلة بهمس
“سالم حب أخيراً يارافت….. “

رد رافت بسعادة وحمد …
“الحمدلله ياامي ربنا يصلح ليهم الحال…. “

كانت تسمع الحديث ريهام التي للحظة اوشكت على قتل حياة بشوكة التي بيدها ولكن حاولت الإمساك بصبر قليلاً…. على الأقل لحين تنفذ مخطط اليوم…
____________________________________
بعد مرور ساعتين كانت تجلس حياة امام التلفاز تشاهد فيلم قديم …ولا تتوقف عن البكاء بصمت

دلف سالم وهو يرى هذا المشهد تبكي وهي تصب اهتمامها امام التلفاز وتجفف وجنتيها بمنديل ورقي…. مسح وجهه بيداه بجزع من هذا
المشهد الجبار…

جلس بجانبها وهو ينظر اليها ويكاد يكبح ضحكته
بصعوبة عليها… سالها بتوجس…
“بتتفرجي على إيه ياحياة….. “

انفجرت في البكاء قائلة بتأثر مضحك …..
“رشدي اباظه طلع متجوز على شاديه ومش بس كده مش راضي يطلقها…..تصور جشع الرجاله… “

كبح ضحكته ومن ثم رد عليها ساخراً ….
“الموضوع مش مستاهل كل دا ياحياة دي شاديه معملتش نص اللي بتعمليه ده…… “

ردت بتبرم وهي تجفف دموعها….
“ده اسمه تأثير ياسالم…حاجه كده بالفطره جوانا”

أغلق التلفاز من زر القفل ومن ثم استلقى على الاريكة التي تجلس عليها وتوسد برأسه فخذيها
فكانت تجلس جلسة القرفصاء….
هتف بخشونة …..
“كفايه هبل ياحياة وياريت تبطلي عياط
وااه….. دلكيلي راسي لحسان مصدع اوي…. “

نظرت الى فعلته بحرج ثم بدأت تضع اصابعها على راسه لتدلكها ببطء له… همس لها سالم بتردد بعد برهة من الوقت ولا يزال مغمض العين…
“حياه انتِ بتحبي الدهب اكتر ولا الالماظ….. “

“بتسال ليه….. “مزالت تدلك راسه وهي تنظر الى ملامحه الرجولية باشتياق.. وسيم سالم ومن ينكر
وسامته وشموخه وهيبته وطلته..وحتى نبرة صوته
بها لحن يصيب قلب اي انثى ويجعلها هائمة به … حتى حنانه واهتمامه له سحر آخر عليها….

يالهي الى اين سأذهب مع هذا الرجل بعد كل
هذا ؟….
رد عليها بالامبالاة
“مجرد سؤال جه في بالي…”

اجابته بهدوء….
“الدهب و الالماظ عادي يعني مش بيفرقه معايا.. انا ببص على الحاجة بجمال شكلها مش هي اتصنعت
من إيه مثلاق…….يعني انا في اكتر الاوقات بحب الاكسسوارات العادية عشان شكلها بيبقى احلى
من الدهب والالماظ كمان…. “

أعجب بتلك البساطة في حديثها فاي امرأه تعشق
المجوهرات الباهظة بجميع اشكالها وبذات ثمينة الثمن وكبيرة الحجم…. رد عليها ومزال مغمض العين….
“حلوه القناعة دي…. بقت حاجه نادره اليومين
دول… “

لم ترد عليه اكتفت بهمهمات بسيطة مؤكده فقط حديثه نعم هي فتاة بسيطة ترضا بالقليل
منذ ان حرمت من اهم حق يملكه اي طفل ، حين
اتت لتلك الدنيا تتمنى فقط لقب أب… لطالما تمنت ان تحظى بهذا اللقب ولكن الحياة كآن ردها قاسياً حين علمت ان الرد إنها لا تنتمي لعائلة ولا تملك أب او أم او اخوه… لِمَ تنظر الان الى الذهب والالماس وهي حرمت من نعمة ان تمتلك إسمٍ وعائلة تنتمي لها…. اصبح كل شيء من بعدها بل قيمة وكل
شيء فقد بداخلها مذاقه الحلو مع الوقت ….

الحرمان يولد بداخلك الاقتناع بابسط الأشياء…
نعم في حين تفقد أهم شيء في حياتك يبقى
معظم الأشياء لديك بل قيمةٍ معك ….

فاقت من ذكريات الماضي على يد سالم الذي شبك يده في يدها وقرب كف يدها من فمه ليقبِّلها
بحرارة و تأني طال في قبُلته لها ثم همس
بعد ان ترك يدها بهدوء حاني…..
“تسلم ايدك ياحياة تعبتك معايا… “

شعور مدغدغ للأعصاب إنتباها وهي تتذكر لحظة
خلوتهم تحت الشجرة وعبثه معها.. حاولت الفرار
منه قبل ان يسمع خفقات قلبها العالي…

“انا اتأخرت على ماما راضية ولازم تاخد العلاج دلوقتي…. ” نهضت بحرج من جواره….

صعدت على السلالم بسرعة وارتباك….

ابتسمت ريهام التي كانت تختفي عن الأعين خلف ركناً ما وبدأت تشاهد العرض الجبار ، حياة تصعد بسرعة على السلالم لتصل الى أول درجات السلم من فوق وتكاد تتخطاها لكنها وجدت نفسها تنزلق بقوة للأسفل على ظهرها لتصرخ قبل ان تقع صرخه هزت اركان المنزل بل هزت قلب سالم الذي مزال يجلس في صالون البيت….

يتبع…
تدحرجت بقوة من اعلى الدرج للأسفل في لحظةٍ
خاطفه بعد صرختها المجلجله في اركان المنزل….
ركض سالم سريعاً ولكنه وقف مكانه مثل لوحة الثلج حين وجد حياة طاحه امام الدرج في للأسفل ويسيل الدماء من راسها ببطء على الأرض الصلبه البيضاء لتصبح حمراء من كثرة الدماء……..
انتفض جسده بخوف ولأول مره يشعر
بالخوف من فقدانها… فمر امامه كاشريط أسود
يبعث في مخليتها أبشع الذكريات اذا فقدها

ركض وجلس بجانبها و وضع رأسها على ذراعه
قائلا بهلع لم يعرف من اين خلق داخله ….
“حياة ..ردي …….عليا ……حياة ….”
اغمض عيناه ولم يحتاج التفكير اكثر حملها على يداه للخارج وفي هذا الوقت اتى رافت والجده راضية قائلين….
“في إيه ياسالم ومالها حياة…. ”
اقتربت راضية بهلع وتجمع خدم البيت بذهول وخوف من مظهر حياة المفجع لهم ……
“إيه اللي حصل ياسالم فيها إيه حياة… “

بلع ريقة بصعوبة وحاول إخراج صوته الذي أختفى وسط طيات خوفه عليها…..
“معرفش بس شكلها وقعت من على السلم….. انا رايح بيها المستشفى …..”
رافت بقلق ….
“المستشفى على متوصل ليها هيكون البنت اتصفى دمها استنى اما نجيب حاجه نوقف بيها النزيف
ده… ”
وضع سالم حياة بهدوء على مقعداً امامه وخلع الوشاح الذي كان يرتديه حول عنقه وربطه حول راسها ليوقف الدماء قليلاً هتف بقلق وهو يحملها بسرعة
“مش هقدر استنى اكتر من كده…. تعالي معايا يامريم وهاتي عباية وطرحه عشان تلبسيهم لحياة في العربيه ” اومات مريم سريعاً لتحضر ما طلبه منها وتركض سريعاً خلفهم نحو سيارته..
وضعها في سيارة من الخلف ومريم بجوارها… قاد سيارته بأقصى سرعة حتى لا يسوء الأمر
اكثر من ذلك معها ….

تطلع عليها عبر المرآة بقلق وشعور الفقدان الخوف
يراوده بضراوة….والهلع على ملاذ الحياة بنسبة له هل سيفقد حياةً أهلكت قلبه وارغمته على
السير خلف تيار جنونها فأصبحت تشكل له حياةً
لم يكن يعلم عنها شيء….. لن يتنازل عن وجودها بحياته فهو يشعر الآن بأهمية وجودها بجواره….
على الناحية الأخرى
كان يجلس رافت وراضية و(ورد) التي لا تتوقف عن البكاء أبداً من بعد ان رأت والدتها بهذا الشكل قبل
ان يحملها سالم ويذهب…….
اصبح المكان هادئ… خرجت من غرفتها من الأعلى وتناولت بين يداها قماشة نظيفة وبدات بمسح هذا السائل اللزج الذي وضعته على اول درج السلم هو سائل صابون يستخدم لغسيل الأواني …
كان مخطط شيطاني مضمون نجاحه….
أنتهت من مسح آثار السائل من على الدرج
في الخفئ وتاكدت من إزالة كل شيء …..
نزلت بعدها ببطء على الدرج تطصنع النوم
وهتفت بدهشه ولؤم…

“مالكم ياجماعه قعدين كده ليه حصل حاجه
ولا إيه مالكم؟….. ”
لم يرد رافت فكان منشغل بالاتصال على سالم
ردت الجده راضية عليها بدموع وقلق واضح
على وجهها المجعد…..
“أنتِ كنتِ فين ياريهام مش سامعه صوت حياة وصرختها وهي بتقع من على السلم….. “لم تقدر على اكمال الحديث فبدات تبكي بصمت خوفٍ فهي تخشى أضرار تلك الوقعة على زوجة حفيدها التي بمثابة الابنة لها …
حاولت ريهام ان تكون اكثر براعه في طصنع الدهشة المصاحبة للحزن والشفقة…
“معقول امته ده حصل معلشي ياحني اصلي كنت نايمه ومش حسى بنفسي ولا باي حاجة حواليه… طب هي عامله ايه ام ورد دلوقتي…. ان شاء الله تكون بخير… ”
ردت راضية بخوف…
“لسه مش عارفين ربنا معاهم….. ”
هتفت ورد الصغيرة ببكاء…
“انا عايزه ماما ياتيته انا عايزه اروح لماما…”
انفطر قلب الصغيرة مره آخره بالبكاء…
قالت راضية بحنان وهي تمسد على شعرها بحنو..
“ماما بخير ياورد أدعلها ياحبيبتي ترجع
بسلامة… ”
اكفهرّ وجه ريهام وهي تهتف بداخلها بغل..
“ربنا ياخدها ونرتاح من خلقتها…. يارب الوقعة
تجيب اجلها ونخلص منها بقه….. ”
___________________________________
ركض بها لداخل المشفى يصرخ بصوت جهوري بجميع من يجلس ببرود وهم يرونه يحمل زوجته على ذراعيه ويسيل الدماء ببطء من راسها…..
“انتم بتتفرجو على اي يابهايم ايه مستنين لم يتصفى دماها وتموت عشان تتحركو من
مكانكم ….. ”
نهض بعض الممرضين سريعاً واتى ممرض عليه ليحمل منه حياة لوضعها على السرير ال

متحرك….
زمجر سالم به برفض خشن …
“ابعد ايدك عنها شوف إنت عايز تحطها فين وانا هحطها لكن ايدك متلمسهاش….. ”
استغرب الرجل من طريقته ورفضه لمباشرة عمله اشار له سريعاً على السرير المتحرك ليضع سالم
حياة عليه بهدوء وحذر…
ثم تحرك الطاقم باسعافها لج سالم الى غرفة
الطوارئ…
وهتف به الطبيب الذي سيعالج زوجته بحزم..
“أنتَ ايه اللي دخلك هنا يااستاذ اتفضل اخرج
برا واحنا هنقوم بالازم…. ”
هتف سالم بإعتراض …

“اعمل الازم بتاعك…. وانا واقف هنا في المكان
اللي فيه مراتي….و قدام عنيه …. ”
هتف الطبيب بغضب واعتراض …
“مينفعش كده يااستاذ اخرج برا واحنا هنعمل اللي انت عايزه….. الموضوع مش مستاهل القلق ده
كله…. ”
“انا مش استاذ ان دكتور زيّ زيك وانا مش هخرج من هنا غير لم اطمن عليها وياريت تكشف عليها وكفايه رغي…… “هتف بعصبية واشتعال يتزايد داخله من ثرثرت هذا الرجل عديم الإحساس…
كادَ الأخر ان ينهال عليه بافظع الكلمات ولكن تماسك قليلاً وشعر ان عليه انقاذ هذه المريضه التي لا تزال تسيل منها الدماء…….
بدأ يتفحصها الطبيب بدقة…… ليبدأ في حل الوشاح الذي يغطي مكان الجرح وبدأ في تنظيفه ومعالجته ….
سأله سالم بقلق …
“مالها يادكتور الوقعه دي أثرت على حاجه
فيها…. ”
رد الطبيب بعملية وهو يخيط الجرح لحياة قائلا
الوقعه اتسببت في جرح عميق شويه في راسها محتاج خياطه وهو ده اللي خلاها تنزف ده كله
هخيط الجرح وبعدها نعملها إشاعه على جسمها كله عشان لو في اي كسور نجبسها …. ”
بعد مرور ساعة ونصف
فتحت عينيها لتجد نفسها في غرفة بيضاء اللون غير مألوفه لها… التفت حولها ومزالت تشعر بوجع في راسها وقدميها اليمنى….. التفتت ببطء لتجد سالم
يقف في نافذة المشفى ينفث سجارته بوجه شاحب وعينان مشتعلتين اشتعال قاسي ياكل الأخضر واليابس داخله….. همست بخفوت
“سالم……….”
نظر لها وقذف بسجارته من خارج النافذة لياتي عليها قائلا بلهفة وسط قتامة عينيه….
“حياة…… أنتِ بقيت كويسه دلوقتِ…. لسه حسى بتعب….. “

نظرت له بألم وقالت بصوت مبحوح…
“راسي ورجلي اليمين وجعني اوي… ”
مسد على شعرها بحنان قائلاً بخفوت يبث الطمأنينة لقلبها…..
“معلشي ياحبيبتي هو بس عشان الجرح اللي في راسك مكان الوقعه كان جامد شوي فاتخيط..
ورجلك اليمين مربوطه برباط ضغط عشان فيها كدمات بسيطه معلشي ان شاء الله هتخفي وترجعي احسن من الأول…..” صمت لبرهة وتنهد بشكر..
“الحمدلله أنها جت على قد كده…… ”
طال نظرها له وتفقدت خوفه الظاهر عليها
بين ثنايا كلماته حتى هيئته وملامحه تغيرت
بغرابه، فكان باهت الوجه قليلاً وكانه فاقد روحه ومذاق الحياة…….
لماذا كل هذا التحول هل بسبب ما حدث لها…
هل يخشى ان يفقدها….أأتعني له الكثير؟…
شعرت بوجع رأسها من كثرة التفكير…
فلت من شفتيها تاوه بسيط…
“حياة مالك راسك لسه بتوجعك… “اقترب منها وانحنى عليها بتلقائية واهتمام….اغمضت عينيها
بعدما احتلت انفها رائحته الرجولية بدون سابق إنذار شعرت ان مشاعر الشوق ولدت داخلها لتكون له
هو فقط…..فتحت عينيها وهي ترمي هذا الشعور
قائلة بثبات…
“انا كويسه بس عايزه اروح البيت…. ”
“كمان ساعتين هنمشي نطمن على الإشعه اللي عملناها على المخ سليمه ولا لا عشان انا مش هرتاح غير لم اطمن عليكِ …..وبعدين قوليلي ازاي تطلعي على السلم بشكل ده…. اي مكنتيش شايفه …. ”
اغمضت حياة عينيها بتعب من زيادة ألمّ راسها وقدميها وقالت بخفوت …
“مش عارفه ياسالم لقيت نفسي بقف على اول درج السلم وبعدين في لحظه كده لقيت نفسي بتزحلق من عليها وبنزل مره واحده وبعدها صرخت ودنيا اسودت قدامي….. ”
مسد على شعرها بحنان وهو يزفر بضيق…
“الحمدلله آنها جت على قد كده نامي شوي ياحياة
وهروح انا أشوف الدكتور ده طلع الإشعه ولا
لسه….. ”
اغمضت عينيها بتعب… خرج هو من الغرفة بعد ان تنهيدة ارتياح… فاليوم بنسبه له اصعب الايام تعب وارهاق وليس التعب والإرهاق جسدي بل نفسي وهذا الصعب بذاته …….
رفع عينيه على مريم التي غفت على المقعد الجالسة عليه في ردهة المشفى…. قال سالم لها بصوت هامس…
“مريم…… مريم …….قومي قعدي مع حياه جوا
لحد مارجع…… ”
امأت له بالأيجاب ودلفت للغرفة التي تمكث بها حياة….
___________________________________
“بجد الحمدلله ياسالم وجايين امته كمان ساعة

توصلو بسلامه ياحبيبي… الحمدلله….. “اغلقت الخط راضية بوجه متهلل بسعادة ولسانها لا ينطق إلا
(بالشكر)
نظرت لها ريهام قائلة بفضول
“اي ياحني حياة بقت زينه…. ”
“الحمدلله ياريهام جت سليمه شوية كدمات في رجليها وجرح اللي في دماغها اتخيط كام غرزه كده
واهيه الحمدلله بقت أحسن من الأول انا كده ارتحت هقوم اصلي ركعتين شكر لربنا… ”
نظرت ريهام لها باقتضاب وهي ترحل من أمامها..
“هتصلي ركعتين شكر……طيب… الجايات اكتر
وانا مش هسيبك تتهني بيه يابنت الحرام وموتك
هيبقى على ايدي….. ”
صدح هاتفها تناولته بين يدها وفتحت الخط
قائلة بضيق…
“نعم ياقوال….. عايز إيه…. ”
رد وليد من الناحية الآخره …
“اي قوال دي يابت ماتحترمي نفسك…. في اي عندكم ياريهام حاسس بحاجه غريبه بتحصل في بيت سالم…. ”
حركت شفتيها في زواية واحده قائلة بلؤم..
“مافيش حاجه كل الحكايه ان حبيبة القلب وقعت من على السلم وسالم خدها وراح المستشفى يطمن عليها ولسه عارفين انها بقت بخير…. “ضحكة بتهكم وغل….
من الناحية الأخرة نظر وليد لبقعة معينه وهو
يسألها بشك..

“وقعت من على السلم كده لوحدها…. ”
“ااه تصور…. “عبثت في خصلات شعرها باصابعها وهي ترد عليه بمكر……
“ريهام أنتِ اللي مدبره الموضوع ده…. صح…. ”
قالت بدهشه لئيمه….
“انااااا اخص عليك ياوليد دا انا حتى قلبي رهيف ولم بشوف حد متعور تعويره بسيطه جسمي بيقشعر….”
مط وليد شفتيه بتقزاز …
“ريهام بلاش الحركات دي عليا دا انا اخوكي وفهمك اكتر من امك اللي خلفتك…. ”
تثابت بتصنع قائلة ببرود…
“ممم طيب تصبح على خير بقه عشان من كتر قلقي على حياة معرفتش انام كويس هكلمك لم اصحى…..سلام ياخويا…..”
اغلقت الخط وزفرت بضيق وغضب….
والحقد يتربع وسط طيات روحها لن تتنازل عن حقها في اخذ سالم لها للأبد عاجلاً ام اجلاً ستتخلص من (حياة )ولكن ستحاول ان توقف الحرب الخفية فترة زمنية حتى لا تثير الشبهات نحوها…
___________________________________
حملها على ذراعيه خارج المشفى.. كانت تتطلع عليه بهيام تكاد تموت من مايحدث لها بعد حمله لها..
“سالم…. نزلني…..” هتفت بحرج وهي تعض
على شفتيها..
نظر لها بطرف عيناه… ثم ابتسم بشفتيه من زاوية واحده حين لمح خجلها الجالي عليها..
قال وهو يقرب راسه اكثر منها قائلا ببحة خاصة اوصلت الرجفة داخل اعماقها..
“مالك ياحياة في حاجه وجعاكِ… ”
ضلت الطريق في عمق عينيه السوداء المشتعلة دوماً بشعاعٍ غريب صعب ان تفسره …… خفق قلبها بهيام من أنفاسه التي تغمر قسمات وجهها ببطء ..
همست له ببلاها “مش عارفه مالي…… ”
نظر لها بعدم فهم لكنه ابتسم امام عينيها بجاذبية أذأبت قلبها الهش أكثر وهو يسطرد حديثه بعبث..
“لا شكل الموضوع كبير نكمل كلمنا في بيتنا…. ”
وضعها في مقعد السيارة بجواره….. وصعدت مريم معهم في المقعد الخلفي……
نظر لها باهتمام قائلاً بخشونة…
“انا عارف انك لسه تعبانه وجرح دماغك لسه بيشد عليكِ فريحي شويه جسمك لحد مانوصل البيت….”
في اثناء حديثه كان يرجع المقعد الذي تجلس عليه للخلف كسرير …لتريح جسدها عليه اكتر ….
هتفت بإعتراض وحرج من أفعاله وبالاخص امام مريم التي تطلع عليهم بابتسامة وحرج من
وجودها بينهم ….
“سالم انا مش عايزه انام… انا كويسه مش لازمـ ”
“حياة اسمعي الكلام لو مره واحده من غير ما
تردي عليه……. “تحدث بنفاذ صبر وهو يقود السيارة بإرهاق جالي على وجهه… فساعة اصبحت السابعة صباحاً وهو لم يتذوق طعم النوم من البارحة ليلاً ….تنهدت وهي تغمض عينيها بدون كلمه اخرى عقلها يدور بل توقف وقلبها يفيض بمشاعر اشتياق غريبة لهذا الرجل الذي استحوذ على عقلها وقلبها لا يخفق بقوة وشوق إلا بوجوده ……فاقت من شرودها وهي مغمضت العين على صوت سالم في الهاتف وهو يهاتف الجدة( راضية)….
“ايوا ياحنيي ااه جايين… عايزك توصي حد من الخدم يعمل أكل لحياه ويكون جاهز على ما

جي ”
صمت لبرهة وهو يطلع على حياة المستلقية بجانبه
على المقعد ومغمضت العين…زفر بتعب
“لازم تتغذى كويس عشان الدم الى نزل منها
….تمام في حفظ الله….. ”
قفل الخط بهدوء….. صدح الهاتف مره آخرى بين يديه فتح الخط قائلاً بصوت اخشن قليلاً
“ايوا ياعماد….. اجتماع إيه وزفت إيه بس بقولك إيه بلاش توجع دماغي يستنو ياعماد خليه عالاسبوع الجاي…… واي يعني ياعماد… كل حاجه تستنى انا مش هكلم حد……. اعتذر بنيابه عني… ”
قفل الخط بضجر …..ثم تطلع عليها مره اخره ليرى هذا الشاش الطبي الأبيض الذي يحاوط جبهتها اغمض عيناه بقوة وفتحهم مرة اخرى بضيق وشك يستحوذ على تفكيره…..
“يترى فعلاً وقعتي غصب عنك ولا حد كان قصد يعمل فيكِ كده…….. “صمت لبرهة وشك يزيد داخله اكثر فصورت ريهام لا تختفي من ذهنه بعد تلك الحادثة…… نفض الافكار من راسه قائلاً بنفي…
“مستحيل ريهام….طب هتعمل كده ليه… لا اكيد
أكيد مش هي…… ”
______________________________________
وضعها على الفراش ببطء…. ابتسمت راضية قائلة بحمد…
“حمدل على سلامتك يابتي.. يارب اللي كرهينك”
ابتسمت لها حياة بحرج وعيناها تختلس النظر الى سالم الذي يقف خلف الجده راضية وعيناه لا تفارقها ….. عادت بعينيها الى راضية قائلة بخفوت
“الله يسلمك ياماما….. ”
“ماما…..ماما….. “هتفت ورد وهي تركض الى الغرفة وترمي نفسها بقوة وعفوية داخل احضان حياة انتفض على أثرها سالم في وقفته قليلاً…
“براحه ياورد …..ماما لسه تعبانه….. ”
نظرت له راضية بابتسامة حانية…. بدأ قلب حياة بالانتفاض من اثار جملته…..
“حــ حاضر يابابا انا اسفه ياماما …. “ردت الصغيرة وهي تمرر يدها على وجه امها بحنان احتضنتها حياة بقوة مُستنشقه منها الراحه في احضانها …..
ابتسم سالم وهتف بحنان …
“ولا يهمك ياروح بابا…. فداكِ حياة كلها “قال اخر جمله مشاكساً بُنيتان أهلكان قلب

ه من الخوف
عليهم اليوم ….
ابتسمت هي بخجل ولم تعقب.. بلا ظلت في
احضان ابنتها بصمت…….
قالت الجدة راضية لسالم …
“روح أنت ياسالم ارتاح في اوضه تانيه شكلك تعبان….و انا هقضي اليوم مع حياة عشان متبقش لوحدها يمكن تحتاج حآجه… ”
“ومين قال انها هتبقى لوحدها انا معها وهعملها إللي هي عيزاه….. وبعدين انا كويس مش تعبان ولا في حاجه…. ”
قالت راضيه…
“يابني بطل مقوحه انت شكل جسمك تعبك من
قلة النوم من امبارح …… ”
“انا كويس ياحني روحي أنتِ بس وارتاحي ومتقلقيش على حياة….. ”
هتفت هذه المرة حياة باعتراض قائلة …
“سالم روح ارتاح انا كويسه متقلقش عليا انتَ وماما راضية انا هعمل كل حاجه بنفسي و…”
لم يسمح لها بالمزيد من متابعة حديثها الابله
قال بضيق واصرار
“يعني اي هتعملي كل حاجه بنفسك أنتِ مش شايفه شكلك ياهانم ولا عايزه توقعي تاني وانا مش موجود جمبك عشان الحقك…. ”
هتفت باعتراض
“يا سالم انا ….. ”
“بلا سالم بلا زفت هي كلمة واحده انا اللي هقعد معاكِ الايام الجايا لحد مأحس انك بقيتِ
كويسه ”
تسائلة راضية باستغراب من افعال حفيدها
“طب ومصنعك وشغلك يابني….. ”
رد عليها بتلقائية..
“كل يتاجل اليومين دول…. وبعدين كلها كام يوم وهدي العمال اجازة العيد…… ”
اومأت له راضية بابتسامة تشع بسعادة من بداية
تغير حفيدها مع زوجته للأفضل وايقنت ان بريق عيناه الذي يزيد اشتعال ليس إلا لمعة حب متقدُ !!………
نظرت حياة الى ورد في احضانها وجدتها قد غفت ابتسمت وهي تضمها أكثر إليها بحنان …
نظرت راضية نحو حياة قائلة …
“الحمدلله انها نامت بليل معرفتش تنام غير ساعتين من قلقها عليكِ …… طلعه حنينه اوي زي
سالم وحســـ ….”اختفت الكلمة بعد ان ادركت ماتتفوه به… صمتت وغيرت مجرى الحديث بعد ان لمحة شرود حياة الحزين وغضب سالم الواضح وهو ينظر الى شرود زوجته في أخيه المتوفي…..
“هاتي ياحياة ورد احطها في اوضتها عشان تعرفي ترتاحي.. “اخذت الصغيرة وخرجت واغلقت الباب خلفها..
نفض سالم غيرته وغضبه جانباً … فا لا داعي لكل هذهِ الأشياء الان يجب الاطمئنان ع

ليها وترك الماضي وذكرياته خلف ظهره الان……
تنهدت حياة وبدات بفك حجابها باختناق من حرارة الجو.. اقترب سالم منها وجلس مقابل لها
مسك يدها التي تحل الحجاب…. ببطء ثم قبل
ان تسأله عن مايفعله وجدته يقول بحنان…
“متعمليش حاجه ياحياه عشان متتعبيش..
على الأقل النهارده……. ”
بدأ بفك حجابها من حول راسها انساب شعرها
ببطء على ظهرها… نظر لها بتريث ثم حول انظاره سريعاً على صدرها الذي يصعد ويهبط من فرط توترها…..
بدأ بفك أزرار العباءة التي ترتديها من الإمام…..
همست باعتراض
“سالم أنت بتعمل إيه ….”
“لازم تقلعي هدومك وتاخدي دش عشان تفوقي وبعدها تاكلي وتاخدي العلاج وتنامي ومحدش هيعملك كل ده غيري….. ”
“إنتَ؟……”
رد بنزق
“تصوري مافيش غيري هيعمل كده….”
“سالم انا مش بهزر بطل قلة ادب وبلاش تستغل الفرص….. “هتفت بحرج وتوتر من قربه المبعثر
لمشاعر الأنثى داخلها ….ولكن جملتها تعني الغباء لا محال !..
زفر بضيق من حديثها السمج ثم رد بفظاظة…
“انا مش بستغل الفرص ياحضريه.. لو عايز اعمل حاجه هعملها محدش هيقدر يمنعني.. و انتِ عارفه كده كويس…… ”
“تاني حضريه انت إيه مش بتفهم عربي مش بحب الكلمه المستفزه ديه …..”
رد عليها بسماجه ..
“طول مالسانك اللي عايز قطعه ده بيطول عليا
مش هبطل أقولها…… ”
رفعت حاجبها بغيظ ولم ترد عليه
بدأ بفتح أزرار عبائتها ببرود
“انت برضه مصمم تعمل قلة ادب….. ”
زفر بقلة صبر وهو يقول بملل…
“يابنتي اتلمي أنتِ بعد كل اللي حصلك ده
فيكِ حيل تنهدي معايا…… وبعدين متقلقيش انا مفييش حيل اعمل اي قلة ادب من اي نوع ارتحتي…… ”
مطت شفتيها بشك..
“يكون احسن برضه….. ”
ابتسم باستياء من تصرفها…

“طب أسكتِ شويه ربنا يهديكِ ..خليني اقلعك العباية… ”
كان الخجل ياكلها ببطء حين وضعت نفسها
داخل الماء البارد بملابسها الداخليه التي أصرت الا تنزعها امامه وستاخذ حمامها البارد وهي ترتديها
لم يعترض يكفي هذا… فقد تحملت بصعوبة ان ينزع ملابسها بنفسه وان يحملها الى الحمام وهو معها بهذا الشكل…
تركها في المغطس بعد ان استلقت بجسدها داخله اغمضت عينيها بارهاق ووجع راسها يزيد بضراوة عليها……. وجدت يداه الدافئة تتجول
على ذراعها العاري ببطء… فتحت عينيها بتوتر وهتفت بخفوت وخجل
“سالم…..ا ”
كانت انفاسه قريبة جداً من عنقها المبلل
همس سالم لها بحنان غير مدرك ما يفعله بها….
“حياة كفايه كده ويلا عشان تاخدي حبوب المسكن زمان الجرح بدأ يشد عليكِ ”
بالتأكيد ستفقد المتبقي من ثباتها أمام هذا الإهتمام والحنان منه…..
وضعها على الفراش بعد ان ارتدت ملابسها او بالأصح هو من فعل !!….
طرق بسيط على الباب جعله يستدير لفتحه ليجد مريم تمسك بين يداها صنية الطعام….اخذها منها وابتسم لها بشكر ثم اغلق الباب بعد مغادرتها…….
رفع عينيه على حياة قائلاً بأمر خشن …
“الأكل جه ولازم يتاكل كله لازم تعوضي الدم اللي نزل منك…… ”
وضع صنية الطعام امامها ….نظرت حياة له
قائلة بتعب
“مليش نفس ياسالم انا محتاجه انام هاخد العلاج بس ونام ….. ”
“أسكتِ ياشاطره وكلي وأنتِ ساكته…… وبطلي
دلع… ”
ردت عليه بزمجرة …
“ده مش دلع على فكره انا مليش نفس بجد… ”
قرب المعلقة امام فمها قال بفتور …
“انا هفتح نفسك… متقلقيش اغلبيت الاكل هخلصلك على نصه ونص التاني عليكي انتي
طبعاً ……”
فتحت شفتيها بحرج فوضع الطعام في فمها
بصمت…. لم تكن اول مره يطعمها ولكن بطبع
هذه المرة تختلف عن السابقة فهي زوجته الآن
فكان التمتع بنظر الى ملامحها وتذمرها الخفي
على اصراره عليها كأن شيءً آخر…
بعد مدة كانت تستلقي على الفراش وهو بجوارها
ينظر كلاً منهم الى سقف الغرفة بشرود
وظلام القاتم يحتل المكان…. تنهدت حياة بصوت مسموع ظنًا منها ان سالم قد غفى….
لكنها سمعت صوته يسألها بخفوت…
“انتِ كويسه ياحياة في حاجه وجعاكي… ”
لاحت شفتيها بابتسامة ناعمة لترد عليه بهدوء…
“لا…. انا كويسه الحمد لله… لم اخدت العلاج
ارتحت شويه…… ”
“ان شاء الله الصبح هتبقي احسن وكلها يومين ولكدمه البسيط اللي في رجلك تخف.. الجرح بس اللي هياخد وقت على مايلم…. ”
“الحمدلله…… “ثم صمتت لبرهة قبل ان
تهتف بامتنان…
“شكراً ياسالم….. “

كان يضع راسه على ذراعيه التفت
نحوها في ظلام وهو يسألها بستفهام …
“شكراً؟…. شكراً على إيه بظبط….. ”
“على تعبك معايا وعلى كل حاجه عملتها عشاني
لحد دلوقت …..”
تنهد بجزع من طريقتها الرسمية معه ….
“انا مش بعمل حاجه تستاهل الشكر عليها.. انا عملت كل ده عشان انا جوزك وانتي مراتي ولا نسيتِ…. ”
تنهدت بحزن وهي تجيب عليه…
“دي الحاجه الواحيده اللي محدش يقدر
ينساها…… ”
ابتسم بضيق واغلق عيناه بتعب فاليوم كان

صعب عليه نفسياً وجسدياً …….

يتبع…
نهضت من على الفراش بجسد ثقيل …..حكت في مقلتيها بارهاق وحركة عينيها ناظرة على الفراش الفارغ بجوارها قلبت انظارها مره أخرى في اركان الغرفة وجدت سالم يصلي في ركن أمامها ويوليها ظهره…كان جسده خاشعاً بطريقة توصل الرجفت لجسد من يرآه كان يتلو القرآن بخشوع ويرتله بصوت حاني ظلت تحدج به بإعجاب …..
انتهى من صلاته ورفع سجادة الصلاة جانباً …رفع
عيناه وجدها شاردة وعينيها تتفحص الركن الذي كان يُصلي به…….. جلس بجانبها و وضع يده على
كتفها مهاتفاً بهمس…
“حياة…..مالك ياحياة سرحانه في إيه ….”

رفعت عينيها إليه وهزت رأسها وهي
تقول بهدوء…
“ولا حآجه…… صباح الخير يا سالم ……”
ابتسم لها قائلاً بحنان وهو يمسد على شعرها..
“صباح النور على اجمل عيون.. حسى بإيه دلوقتي “

خجلت قليلاً من جملته ولكن ردت بخفوت
” الحمد لله … ”
جثى سالم على الأرض بجوار قدميها رفع شرشفة الفراش قليلاً ليرى رباط الضغط الطبي الذي يلتف حول قدميها حل هذا الرباط من على عليها بفتور….
احمرت وجنتيها وهي تهمس بحرج
“سالم انت بتعمل إيه…… ”
غاب لثواني عن مرمى ابصارها لداخل مرحاض الغرفة عاد لها وهو يحمل( كريم طبي لكدمات العظام) مسك إياه وبدأ بوضعه على قدمها المصابة بصمت حبست أنفاسها عن الاعتراض عن ما يفعل…. زحفت حمرة الخجل بكثرة الى وجهها الأبيض
تكاد تموت خجلاً من ملامست يده الدافئة على قدميها وحرج من جلوسه عند اقدمها هكذا …. همست بمعجزة وسط بوادر الحرج….
“سالم كفايه كده لو سمحت انا…. ”
رفع عيناه السوداء المشتعلة ببريق دوماً لا تعرف سبب شعاعه المخيف……. قال ببرود كالتلج…
“بلاش كل حاجه بعملها تعترضي عليها… وبعدين
مش كل ما قرب منك دماغك تروح بعيد ووشك يجيب ألوان الطيف كده …” صمت لبرهة قبل ان يحدثها ببعضاً من الهدوء…
“يلا ياحياة نامي على بطنك ورفعي هدومك
لفوق….. ”
فغرت شفتيها بصدمة مُعلقه..

“انام على بطني؟….. هي وصلت لكده ….. ”
تحدث سالم بتهكم واستنكرٍ…
“هي إيه اللي وصلت لكده ….. إنتِ مش حسى بوجع في ضهرك… ”
زمت شفتيها بنفي حاد…
“لا مش حسى بوجع…. أنت حاسس بوجع ضهري اكتر مني…. ”
مسح وجهه بكف يده بضيق وهو يقول بقلة صبر
“حياه ضهرك في كدمه صغرية كده…. ولازم يدهن ليها مرهم عشان يخف…… ”
عقدة حاجبها باستنكار…
” بس انا ضهري مش وجعني …..”
رفع حاجباه وقال بصوت خافض…
“استغفر الله العظيم صبرني يارب ……”
ثم عالى صوته قليلاً
“نامي ياحياة على بطنك وستهدي بالله…. ”
رفعت سبابتها في وجهه قائلة بتبرم…
“شوفت بقه…. عشان تعرف انك بتستغل الفرص عشان تعمل قلة ادب…… ”
انزل سبابتها من امام وجهه وهتف بخشونة…
“بس ياماما اركني على جنب…… وسمعي الكلام يأما احلف عليكِ تنامي على بطنك من غير هـدومـ.. ”
هتفت به بحدة مضحكه..
“هااااا…. لأيمكن ده يحصل أبداً….. انا مش بحب قلة الأدب….. ”
ِِ شقت شفتيه ابتسامة تهكم وهو يقول….
“طب بطلي عناد وكلام كتير…. دا لو فعلاً عايزه الموضوع يعدي من غير قلة ادب….. ”
مطت شفتيها واستلقت على بطنها بتوجس وحرج
رفع ثيابها العلوية التي ترتديها… إتسعت اعين حياة وشعرت بإشتعال في وجنتيها

وبدأت بسعال قائلة وسط سعالها الزائف ….
“هي الكدمه دي فين بظبط….. ”
” اسالي نفسك…. “رد عليها وهو يتطلع على هذه الدائرة الصغيرة الزرقاء التي في وسط ظهرها
قالت بتبرم لتكذب فعلته …
” انا مش حسى بحاجه على فكره……. آآآى….. ما براحه ….”
مرر أصابعه عليها ببطء قائلاً ببرود
“كده اتاكدتي اني مش بكدب صح….. ”
زمت شفتيها اثناء حديثه… دهن لها سالم
كريم العظام لترد بحرج…
“مكنتش حسى بيها…… بس انت عرفت ازاي ان في كدمه في ضهري…… ”
بعد ان انتهى سالم من ما يفعله رد عليها بمنتهى الهدوء وهو يبتعد عنها….
“لم قلعتك هدومك شفتها امبارح ….اي اسئله
تانيه… ”
نظرت له بخجل قائلة وهي تحاول النهوض
“لا…..شكراً….. ”
“خليكِ… راحه فين بلاش تقومي دلوقت اصبري شوي لحد مالمرهم ينشف من على ضهرك….. انا هروح اغسل ايدي وخليهم يحضرو الفطار عشان تاخدي العلاج …… ”
اختفى من امامها لتزفر بقهر من مايحدث معها على يد هذا السالم……. تمتمت بحنق..
“انا مش هقدر استحمل اكتر من كده يارب اخف بسرعه….. قربه بقه بيكهربني …… “

______________________________________
مدت له يدها بكاس صغير محتواه خمر
قالت بنعومة
“خد ياوليد الكاس ده من ايدي…….. ”
اخذ منها الكوب الصغير ورفعه على فمه مره واحدة بضيق…….
“مالك ياحبيبي مين اللي مزعلك اوي كده… ”
” هيكون مين يعني ياخوخه….. غيره سالم
الزفت.. ”
حركة شفتيها ذات الطلاء الأحمر القاتٍ في زواية
واحدة بضجر….
“انا مش عارفه هتفضل مشيل نفسك فوق طاقتك ليه ما تقتله زي ماعملت مع اخوه هو صغير على الموت ولا صغير….”
“مش قبل ماخد كل حاجه منه ياخوخه على حيات عينه مش قبل ما حرق دمه على اغلى ماعنده وقبل ماخد فلوسه هاخد منه مراته.. وبنت اخوه…”
ردت خوخة بغيرة..
“ااه قول كده بقه أنت عينك من مراته… وشكلك قتلت حسن زمان عشان تاخد مراته مش كده… ”
ضحك وليد باعياء من آثار الخمر مردداً ببرود
“هموت حسن عشان حياة…. ولله احلى نكته
سمعتها… هي حياة دي مافيش غيرها في دنيا ولا إيه…… “

ردت خوخة بتبرم وحقد.
” قول لنفسك الكلام ده… شكلك هتموت
عليها…. ”
رد عليها بسخرية…
“لا… حياة دي اخر حاجه افكر فيها… انا عملت كل ده
في الاول عشان أنتقم من سالم عن طريقها… زي ما موت حسن أخوه زمان عشان أكسر ضهره ولم حسيت أن ضهره اتكسر كنت عايز اكمل عليه بحرق الأرض بتاعته في نجع العرب بس للأسف ابن الـ***لحقها.. لحقها قبل ماحرق دمه عليها ولم لقيته بيكبر اكتر فالنجع وفي خلال تلات سنين بقه ليه قيمه واسم في نجع….. النار فيه زادت ورحت اتقدمت لحياة.. بس هو سبقني وتجوزها في
خلال اسبوع …..”
زفر بحقد..
“بس متعوضه يعني هيروحو مني فين….. ”
نظر الى خوخة وهتف بمكر…
“بس مستغرب نفسي ان في الفتره القصيره دي
اللي بقينا فيها مع بعض بقيت بحكيلك على كل اسراري من غير مقلق منك…… ”
نهضت بميوعة ناظرة الى جسدها المثير والفاتن لعيون الرجال من خلال مرآة متوسطة الحجم وقالت بخبث..
“هتقلق مني انا….حد برضو يقلق من رقصه… ”
ثم اتجهت له ومالت عليه بإغراء وعيون ماكرة
“حد يقلق من مراته ياليدي…..حد يقلق من خوخه
زعلتني منك اوي ياليدي… ”
وضع يده حول خصرها بقوة وهو يبتلع مابحلقه
“حقك عليا ياخوخه …تعالي عشان عايزك في موضوع مهم….. ”
ابتعدت عنه بضيق زائف قائلة
“وبعدين معاك ياوليد احنا أتفقنا اننا لم نشهر جوازنا ونكتب رسمي تعمل اللي أنت عايزه….. ”
نهض ليقف امامها وقال بمروغة وهو
يقبلها…..
“هعملك اللي أنتِ عايزاه بس بعدين…
بعدين ياخوخه… ”
ابتعدت عنه بصعوبة قائلة بحدة …
“لا نكتب رسمي الأول وبقى حلالك “

اقترب منها قائلاً بعبث..
“أوعدك أني بعد ماخلص من سالم وكوش على فلوسه هتجوزك ونعيش انا وانتِ في اكبر بيت في نجع العرب….. ”
” بجد ياوليد… “قالتها وهي تطلع عليه بأمل
“بجد ياقلب وليد تعالي ندخل جوه…. “دلف بها الى غرفة النوم ككل ليلة تسلم له نفسها بوعد كاذب
منه وهو يبرر فعلته بورقة رخيصة بين كلاهما لتصبح علاقتهم مثل الهواء العابر لا يعرف متى ستنتهي رحلة عواصفه مع الحياة المتقلبة !…….
______________________________________
في المساء…
كانت تهبط على الدرج بتأني تستند على كتف سالم الذي يرافقها في سيرها …كانت مزالت تعرج على قدمها اليمنى… همس لها موبخ إياها…
“كان فيها إيه ياعني لو سبتيني اشيلك عجبك كده
اديكِ مش قادره تمشي على رجلك … ”
عضت على شفتيها بحرج قائلة بانزعاج
“محدش قالك امسكني على فكره وبطل بقه طريقتك دي كفايه انفصام تعبت….”
سألها بعدم فهم…
“انفصام؟…..انفصام إيه انا مش فاهم حاجه… ”
ردت عليه ببرود مثلما فعل هو صباحاً معها
“اسأل نفسك…… “

نظرت لهم ريهام بحقد وهم مقبلين عليها ممسكين
بايد بعضهم بحنان و( حياة) وتستند على كتفه
بقوة وتملك…..هتفت بمكر وهي تتوجه نحوهم…
“حمد الله على سلامتك يامرات سالم…. “وقفت
امامهم قائلة بخبث
“ابعد ياسالم أنت عنها وانا هوصلها لحد السفرة استريح أنتَ ياسالم…..”
مسكت حياة في سالم بقوة وقالت بهمس ناعم لاغاظت ريهام أكثر وزياده نيران حقدها ….
“لا بلاش تسبني ياسولي لحسان اقع ياحبي…
شكراً ياريهام مش عايزه اتعبك معايا.. ”
رفع سالم حاجبيه بصدمه وفغر شفتاه قال
بهمس داخله..
“حُبي…. وسولي ….البت دي بتتحول ولا إيه.. ”
افاق من شروده على تحسس كف حياة على
وجنته بحنان قائلة بنعومة… لتشعل ريهام اكثر
“مالك ياحبي سرحت في إيه…. ”
عض على شفتاه السفلى بعد ان علم ماتفعله
بابنة عمه….. مالى عليها وقال بتحذير خافت…
“اتلمي ياحبي أنتِ عشان كدا عيب…. ”
ردت عليه بنفس الهمس قائلة بصرامة
“صعبانه عليك اوي…. اشبع بيها……. ”
ابتعدت عنه وهي تعرج ببطء لمقعد على السفرة الطعام…… راقبها وهي تداعب ابنتها وتطعمها بحنان أبتسم على ملاذ الحياة خاصته عنيده…. شرسة… حنون…. قوية…. ضعيفه…..ناعمة….. قاسية…
هي تحمل كل شيء وعكسه وهذا يجذبه اكثر لها
لمَ ينجذب لها كجسد فقط بل انجذب لها كروح غائبه… وجد بها ملاذه (ملاذ الحياة )…. تنهد تنهيدة طويله وهو يرمقها باعين عاشق لأول مرة ينظر لها بهيام عاشق يتفحص حبيبته بتراقب لكل حركة ولو بسيطه تصدر منها يسجلها في ذكريات قلبه كصورةٍ مطبوعة تظل في ذكريات عشقهم مدى الحياة…..
نظرت له ريهام بتبرم وهو يتفقد زوجته بكل هذا الاهتمام والهيام .. الاهتمام والهيام الذي لم ترآه
على وجهه يوماً لها او لي اي امرأة أخرى من جنس حواء… وحدها هذهِ الفتاة التي قلبت الموازين وتغير( سالم شاهين) على يداها… يتبدل حاله كل يوم للأفضل نحو تلك المرأة…..
همست ريهام بمكر داخلها …
“طب يابنت الحرام اصبري عليه… ”
حاولت المرور من امامه… لتلفت انتباهه ومن ثم قالت بإعياء وهي تمسك رأسها….

“اااه راسي……. الحقني يابن عمي….. ”
مسكها سالم ببرود قائلاً بضيق…
“مالك ياريهام ايه جرالك مأنتِ كنتِ زينه….”
سندت جسدها عليه بوقاحة وإجابته بخبث..
“معرفش ياابن عمي شكلي عندي هبوط… معلشي هتعبك معايا وصلني لحد اوضتي…. ”
“ماشي تعالي…… “تحدث بهدوء وهو يتطلع على حياة التي كانت ترمقهم بغضب وعينان تكاد تخرج شرارةٍ حارقةٍ لكلاهما ……
أبتسم بسعادة وهو يرى نيران الغيرة في بُنيتاها همس باستفزاز يشعل نيران الغيرة…
“انا هوصل ريهام لحد اوضتها لحسان شكلها تعبانه….. اتغدا أنتوا على ماوصلها….. ”
عضت على لسانها قائلة بمكر…
“اااه ومالو أتفضل على اقل من مهلك…..”
نظر لها بشك ومن هذا الصمت المريب….
أختفي سالم عن مرمى ابصارها لينادي على
مريم الخادمة بخشونة….
“مريم…… يامريم…… ”
اتت مريم سريعاً عليه قائلة بإحترام
“ايوا ياسالم بيه…. ”
“اسندي ريهام و وصليها لحد اوضتها لحسان دايخه
وديها اي حاجه للهبوط اللي جالها ….. ”
“من عنيه حاضر… “قالتها مريم وهي تمسك يد ريهام مكان سالم…..
اكفهر وجه ريهام من فعلته ولكن رفضها الآن لن يكون في صالحها فتحلت بالصمت…..
وهتفت داخلها بشظايا شيطانية….
“معلشي متعوضه ياسالم هتروح مني فين… هوصلك يعني هوصلك وقبل ده كله هبعد بنت الحرام دي عنك……. مبقاش ريهام اما ورتها سمي عامل ازاي عشان تفكر الف مره قبل ماتفكر توقف تتحديني …”
_________________________________
“أنتِ بتعملي إيه ياماما….. “هتفت الصغيرة بفضول وهي تنظر الى والدتها…
افرغت حياة محتوى الكيس الأحمر في طبق الحساء وقالت بالامبالاة
“أبداً ياروح ماما…. بحضر طبق الشربه لبابا “

مطت الصغيرة شفتيها قائلة بعبوس…
“طب حطي في طبقي زي مابتعملي لبابا…. ”
توترت حياة وهي ترد على ابنتها….
“هااا لا طبعًا ازاي يعني….. دي شطه أنتِ بتاكلي الشطه…. ”
هتفت الصغيرة بطفوله ورفض…
“لا يععععع …. دي حرقه مش بحبها…..”
جلست بجانبها وقبلتها قائلة بحنان…
“طب خليها في سرك بقه لحسان انا عملها مفاجاه لبابا سالم…… اصلو بيموت في شطه…. ”
لم ترد الصغيرة او بالأصح لم تفهم ماتقوله امها…
جلس الجميع بعد دقائق على سفرة الطعام باستثناء ريهام التي من المفترض أنها مريضه الان !…
بدأ الجميع باكل الطعام…. وبدأ سالم بالأكل بشموخه المعتاد… وضع المعلقة في الحساء الذي استغرب لونه الأحمر الغريب …..تناول القليل منها ليسعل بعدها بشدة ومره واحدة…….
نهضت حياة قائلة بقلق زائف…
“بسم الله رحمن الرحيم….. اتشهد ياسالم لحسان تروح فيها…. “مدت يدها له بكوب من الماء ..
وسط سعاله الحاد قال…
“مين……. اللي …..مين اللي عمل الشربه ديه…. ”
قالت راضية بخفوت …
“هيكون مين يابني ام خالد ومريم اللي عملين الاكل …”
ارتشف من الماء بكثرة ومزال يشعر بنار في جوفه
نظر له رافت بتسأل…
“مالو الأكل ياسالم…. هو عشان شرقت وسط الأكل يبقى في حاجه في لاكل …. عادي يابني بتحصل”
هتف سالم بتهكم لهم…
“بتحصل ازاي الشربه فيها…..شطه…. ”
قالت ورد الصغيرة ببراءة …
“ايوه يابابا ماما حاطه شطه ليك في شربه عشان أنت بتحب الشطه اوي…. ”
“بحبها اوي … “قال جملته وهو ينظر الى حياة بغضب …
ضحكة حياة بتوتر وحمحمت وهي تقول بقلق
من تهورها …
“ده….دا.. آآه دا كان مجرد تخميم….. ”
ضحكة راضية ورافت على مقلب حياة لسالم الذي سيلقي بها في تهلكة حتماً معه…..
همس سالم وهو متكأ بعصبية على أسنانه…
“اي الهبل اللي انتِ عملتيه ده…. “

لوت شفتيها قائلة بعتاب وغيرة حانقة…
“اي رايك في اوضة ريهام حلوه صح…. ”
حاول اغاظتها وهو يقول بخبث…
“حلوه اوي تصدقي فتحت نفسي على الجواز
مره تانيه… ”
نظرت له بقهر من حديثه عن الزواج مرة اخرى
اكمل هو طعامه بشموخ وكانه لم يرمي قنبله داخلها منذ ثواني !…
______________________________________
دلف الجميع الى غُرفهم للنوم…… دخلت هي الى غرفتها لتاخذ حمام بارد لعله يطفئ نار الغيرة بداخلها ويطفئ أيضاً خوفها من عقاب سالم لها
على ما فعلته …..
خرجت من المرحاض وارتدت منامة قصيرة قطنيه
مريحة للنوم بها…… وقفت امام المرآة لتجفف شعرها المبلل من الماء…… إثناء دخول سالم الى الغرفة ..نظر لها بطرف عيناه ومن ثم اتجه جالساً على حافة الفراش….
اغمضت عيناها بتوتر قائلة برجاء…
“يارب يكون نسي…….. ”
“انتِ نامتِ ولا إيه ياحضريه….. “قال حديثه وهو ينهض ليقف امامها نظرت حياة لصورته المعاكسة في المرآة……
“لا… بس انا خلصت ودخله انام….. “قالت حديثها وهي تنهض باتجاه الفراش……
مسك معصمها وسحبها باتجاهه بقوةٍ ادت الى اصطدم جسدها داخل احضانه اي على صدره العريض وبين ذراعيه القويتان….. همس لها بمكر
بعد ان شهقت بدهشة من فعلته المفاجأة
“حسبي مش عارفه توقعي ولا إيه….. ”
اغمضت عيناها بضعف من همسه الخشن ايقونةٍ صوته لها لحن خاص رائحته الرجولية تبعثر الانثى داخلها هو كتلة من النيران التي تذيب اي ثلج حول قلبها الهش !….
وضع كلتا يداه على خصرها بإمتلاك واقترب منها ليضع جبهته على جبهتها وهمس لها بعبث
“اول مره أحس اني فارق معاكِ اوي كده وانك….. وانك بتغيري !……”
حاولت الابتعاد عنه بضعف وردت بعناد…
“مين قالك اني بغير بالعكس انا مش بغير..
ااااه …سالم …..” تاوهت هي بألم من شدة قسوة يداه العريضة على خصرها الين …..
همس لها ببرود ….
“بلاش تكدبي وكلميني بصراحه….. ليه حطيتي في شوربه شطه…. واي لأزمة شغل العيال ده معايا شيفاني صغير على مقالبك دي….. ”
كان يشتد اكثر على خصرها … صرخت
قائلة بترجي …
“خلاص اسفه مش هعمل كده تاني سبني بقه ياسالم سبني بجد بتوجعني… آآه.. حرم عليك ياسالم…. ”
“مش قبل ماعرف … “مرر يده على خصرها اللين ببطء وحاصر عينيها بخاصته بإمتلاك ثم همس بصوتٍ أعمق اثار الرجفة لسائر جسدها…
“كُنتِ غيرانه اني طالع مع ريهام على اوضتها صح
كنتِ غيرانه اني سندها وماسك اديها … ”
نظرت له واغمضت عينيها بضعف واصبحت تستنشق أنفاسه التي تغمر صفحة وجهها بدون هوادة عليها … قالت باعتراف وهي متخدره من
قوة اللحظة بينهم…
“ايوا.. كنت غيرانه… كنت غيرانه قوي .. ”
مرر شفتاه الغليظة على شفتيها قائلاً بهمس
يقتلها…
“طب ليه؟….. ”
حركت شفتيها بضعف وسط لمساته الجريئة لها لترد بحيره ..
“مش عارفه ياسالم……مش عارفه غيرانه ليه…..”
خارت قوته أكثر أمام ضعفها له وهمسها الحاني
كالوتر على اذنيه خدره أكثر خطف شفتيها بقوة وبجموح بين شفتيه…
وجدت نفسها في الفراش في أحضانه يطل عليها بهيئته الرجوليه أسبلت عينيها بخجل وهي تهمس بحرج….. “سالم…. طفي النور …”
أستغرب طلبها ولكن ظن أنها لا تزال تخجل منه ولم تعتاد بعد على علاقتهم الحميمية في ضوء ! ..
اغلق الإضاءة ليحل الظلام الدامس عليهم ويخفي وجههم واجسادهم ولكن لم يخفي اللحظات الحميمية ولمسات بينهم….. مدت حياة يداها تحت الوسادة التي تضع راسها عليها لتجد أقراص منع الحمل الذي وضعتها بنفسها هنا اخذت واحده منهم في ظلام … بدون ان يشعر سالم الذي كان ضائع في جسدها الفاتن…. وضعتها في فمها فشعرت بعدها بانفاسه تداعب عنقها ومن ثم شفتيها لتجد هذا القرص يختفي في جوفها أثناء تقبيله لها .. وتناست فعلتها ورمت كل شيء لتبقى معه في عالم كُتبَ بحروف اسمه وأصبحت اللحظة باحضانه لها مذاق آخر لم تتذوقه يوماً حتى بين يد حسن أخيه !!……
____________________________________
بعد مرور خمسة ايام الحياة اصبحت اهدأ اكثر
بين سالم وحياة يقتربون من بعضهم اكثر عن ذي قبل اعتاد سالم على وجودها اكثر واعتادت هي على قربه منها وجوده بجوارها…لكن مازالت تكذب
(حياة) مشاعرها اتجاه سالم مثلما يفعل هو تمام كبرياء قلوبهم يرهق عشقهم الذي لا يزال ينمو في أعمق الظلمات …….
اليوم هو اول يوم عيد الاضحى…… بدأت التكبيرات أيام الأعياد هي المميزة لجميع المسلمين !…وبذات هذه الاضحية التي تكن سعادة الفقراء والمحتاجين اكثر من فرحة المقتدر بهذا الثواب وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضاً فهي تكن فرحةٍ لجميع الفئات مهم كانت مقدرتهم !…
نزلت حياة على الدرج ببطء تحسنت قليلاً من كدمت قدميها وكذالك الجرح الذي في مقدمة رأسها..
“برده خرجتي ياحياة من اوضتك…. “قالت الجدة راضية حديثها وهي تقف امام حياة التي
قالت بتبرير كالأطفال…
“خليها في سرك بقه ياماما راضيه ياعسل أنتِ انا
واللهِ بقيت كويسه ومش تعبانه خالص…. ”
نظرت لها راضية بقلة صبر قائلة بتحذير…

“ياحياه سالم منبه عليكِ ومأكد عليا انك متخرجيش من اوضتك لحد ما موضوع الاضحية ده يعدي…. ”
“بس ياماما انا مينفعش محضرش عزومة كل سنه
انا بحب اوي ياماما اعمل الغدا بايدي لاهل النجع الغلابه…. عشان خاطري ياماما بلاش تحرميني من ثواب ده….. ”
هتفت راضية باصرار ….
“حياة الموضوع منتهي …سالم مش هيتعب حد هو اللي هيدبح زي كل سنه العجلين.. والطباخين اللي جيبهم هيطبخو وهيفرقو الباقي على المحتاجين في النجع …..والخدم بس هيبقى شُغلنتهم الضيافة على الناس الشاي ولقهوة…. يعني مش مستهله وقفتك وتعبك ياحياة يابنتي…… ”
خبطت على الارض ببطء خفيّ عن اعين راضية وهتفت بإعتراض
“بس ياماما راضية…..”
“ولا نص كلمه ياحياة انا مش عايزاكِ تزعلي سالم
بسبب نشفيت دماغك ….سالم قال حياة متنزلش
ولا تتعب نفسها…. يبقى تسمعي الكلام من غير
عناد وطلعي يلا على اوضتك وخدي ورد معاكِ لحسان سالم زمانه جاي من صلاة العيد.. وكمان هيدبح الاضحية الصغيرة في حوش البيت… وبعد مايخلص هيروح يدبح العجلين قدام المصنع بتاعه واخر اليوم هيبدأ موال كل سنه والبيت هيبقى مقلوب ناس فسمعي الكلام وبلاش تعارضي سالم ياحياة…….. كله لمصلحتك يابنتي…. ”
ربتت على كتفها وذهبت من امامها….
زمت حياة شفتيها بعبوس قائلة بضيق
“اي تحكمات دي بس…. دي بقت حاجه تخنق….. ”
صدح هاتفها بين يدها لترفع الهاتف بعد ان
علمت بهوية المتصل..
“الو…. ايوا…. ياريم مجتيش ليه…. كمان ساعتين …..طب هتيجي لوحدك.. إيه ابوكي واخوكي معاكِ …… دول عمرهم ماعملوها وبعدين مانتِ عارفه المعاملة سالم لابوكي عامله ازاي ….. ولا كأن في بينهم طار ……طب خلاص ربنا يسترها ويعدي الليلة دي على خير…….. ايوا هستناكِ طبعاً اصلي محبوسه في لاوضه النهارده لا لم تيجي هحكيلك……. سلام…….. ”
_________________________________
احنا هنطلع على المصنع ياسالم بيه….”هتف عمرو لسالم بعد ان صلى صلاة العيد بجوار سالم منذ دقائق ….. اصبح سالم بمثابة اخ كبير لعمرو بعدما
أعاد سالم ورث جده من عمه(غريب الصعيدي) ومساعدت سالم له دوماً ….
قال سالم وهو يسير على الرمال الصفراء وبرغم من وجود الحياة في هذا النجع لا تزال الأرض
تتمتع بالطبيعة الطاغية عليها (الصحراء) وبرغم من نبض الحياة بها مزال يتمرد المكان على ان يفرض طبيعته الخلابة على كل من يحيا بها ليصبح في نظرهم (صحراء) !….
“احنا هنروح عندي البيت….. وهتدبح معايا الاضحيه الصغيرة وبعدين نطلع على المصنع…. ”
فغر عمرو شفتاه قائلاً بذهول…
“انا اللي هدبح معاك…..”
“وهتشفيها معايا وتقطعها كمان عندك اعتراض.. ”
كان سالم يتحدث وهو يبتسم له مشاكساً إياه
بغمزه صغيره…

رد عمرو عليه بحرج مُبتسماً..
“لا معنديش اعتراض بس انا مش بعرف واكيد هغلبك معايا خد عمي جابر معاك و…… ”
رد سالم بصوتٍ خشن ينهي النقاش…
“مافيش رجاله غريبه هتدخل البيت وأنت اللي هتساعدني فيها وبطل رغي بقه عشان محدش فين
نزل عارف كل حاجه……. هعلمك وهطول بالي عليك لاني عارف انك شاطر وهتستوعب بسرعه…… ”
ابتسم عمرو وامأ له بإيجاب
_____________________________________
“خليك هنا ياعمرو شويه وجاي….. ”
وقف عمرو تحت باب البيت بانتظار سالم …..
ليجد طفلة جميله بوجه ملائكي خلاب يملأها
البراءة اقترب منها وجدها تبكي بصمت….
سالها بود…..
“أنتِ بتعيطي ليه ياشاطره….. ”
رفعت مقلتيها بعبوس وقالت بتوبيخ وهي ترحل لداخل..
“اي شاطره دي…..ما تخليك في حالك …. ”
ركضت سريعاً من امامه ….حك عمرو في شعره
وضحك بسخرية قائلاً بغرابه…
“اي البت الرخمه دي…….”
وكان أول لقاء بيننا به ذكرةٍ لن تنسى !! …..
____________________________________
دلف الى الغرفة وجدها مستلقية على بطنها تحت السرير …..ابتسم بمكر ومن ثم توجه ببطء لناحية الآخرى من الفراش…. وضع راسه تحت السرير مثلها مقابل لها….
ليهتف بقوة أثناء طلته عليها تحت السرير الخشبي
“بتعملي إيه عندك ياحياة .. ”
شهقت بخوف من فعلته وبعد ثواني أدركت الموقف وهمست بإقتضاب ….
“اي الخضه دي ياسالم…..بدور على فردت الحلق بتاعتي….. ”
” آآه قولتيلي ….”تجولت عيناه تحت أرجأ السرير الخشبي سريعاً وهو يهمس لها بمراوغه…
” تعرفي النوم تحت السرير احلى من فوق

السرير….. ”
سالته وهي مزالت مستلقية على الارض الصلبة…
“ويترى دا بقه….. وجهت نظر…….ولا قلة ادب… ”
عض على شفتيه وهتف بحنق مصطنع …
“قلة ادب؟……. اقسم بالله لسانك عايز يتقص
فعلاً… ”
نهضت من تحت الفراش بسرعة… ليكون هو الأسرع في الامساك بها……
تعالت ضحكتها وقالت وهي تحاول الفرار منه

سالم هفهمك دي مجرد اختيارات….. مش تقليل
منك خالص صدقني …… ”
هتف بهدوء وهو يرى شقاوة حديثها…
“اختيارات اي ياهانم احنا كبرنا على الامتحانات
خلاص …..”
وضعها على الفراش وهو فوقها همست له بتسأل
“تقصد اي بكلامك ده ….. ”
قرب وجهه من وجهها المشع احمرارٍ و قال بعبث
“عايزين نعرف النتيجة……..
يتبع…
تطلعت على نفسها عبر المرآة تتفحص هذه العقد الذهبي باعجاب قد وضعه سالم حول عنقها
منذ دقائق فقط …
خرجت من المرحاض وهي تلف حول جسدها منشفةٍ كبيرة تصل إلى نصف ساقيها….. اشتعلت وجنتيها وهي توبخ نفسها على هذا النسيان الذي أصابها فقد غفلت على أخذ ملابسها معها قبل ان تدخل لدورة المياة……. وها هي تخرج امامه بهذا الشكل المخجل تخفي جسدها بمنشفةٍ قصيرة تكشف نصف ساقيها وشعرها المبلل يتساقط منه قطرات الماء على كتفيها العاري اثارته صورتها تلك واشعلت
عيناه أكثر وهو يستلقي على الفراش عاري الصدر
يراقبها وهو يضع سجارته في فمه…

تلك المرأءة الوحيدة القادرة على أن
يلين حجر سالم شاهين وقسوتة وشخصيته
الجافة امام بُنيتاها الدافئه ….
كانت تقف امام خزانة ملابسها تبحث عن شيءٍ ترتديه مدت يدها لتاخذ ثيابها لكنها وجدت يداه
تطبق على يدها بحنو….شعرت بحرارة جسده
خلف جسدها مباشرةً….. بلعت ريقها وهمست بخفوت….
“سالم…….. في حاجه…..عايزني اعملك حاجه ”
تحسس ظهرها بيداه وقربه أكثر من صدره

همساً بمراوغه…
“بتعملي إيه ياحياة….. ”
تسرعت خفقات قلبها وبدأت تشعر بحرارة جسدها ترتفع والأكثر حرارة هو وجهها لا تعرف خجل ام
توتر من وفقتها أمامه بهذا الشكل…
لمست يده عليها دوماً تثير الرجفة في قلبها ويقلب كيانها كله بهمسه واحده منه… ردت بصعوبة
“هكون بعمل إيه….بجيب هدوم عشان البسها… ”
انحنى قليلاً على اذنيها قائلاً بمكر
“تحبي اساعدك…… “

“لا.. شكراً.. “ابتعدت عنه بقلب يخفق بشدة لتجد يده تمسك ذراعها تمنعها من التعثر ..
“حاسبي يامجنونه هتوقعي…… ”
نظرت له بخجل ثم هتفت بحدة..
“سالم لو سمحت سبني ادخل البس جوا عشان… ”
“عشان اي …انتِ مش ملاحظه انك محمله الموضوع فوق طاقتك ودايما وشك بيجيب ألوان لو بس ايدي جت على جسمك…. دا غير حكاية طفي النور دي كل ما اجي أقرب منك… أنتِ مش واخده بالك اني جوزك ولمفروض ميكنش في بينا كل المسافات
دي…. ”
“سالم انا بحاول….. بس الموضوع محتاج وقت
وصبر.. ”
زفر بتعب من معذبة قلبه وحارقة روحه بكلماتها

حاول التحلي بالهدوء وتفهم وهو يقول…
“عارف ان كل حاجه محتاجه صبر…. وانا عمري ماعرفت الصبر غير معاكِ انتِ ياحياة…… ”
تعلقت أعينهما ببعضها للحظات.. تنظر له بذهول من جملته التي لا تحمل غير الصدق والاستياء منها…
اما هو لم تتوقف عيناه عن السفر فوق ملامح وجهها الفاتن ومنحنيات جسدها البارزة من خلال تلك المنشفة البيضاء…
حاولت الفرار من امامه محاولة السيطرة على تلك القشعريره التي تهددها بالاستمرار امام لمساته
عليها قالت بصعوبة..
“سالم….. انا لازم ادخل اكمل لبسي عشان احنا اتاخرنا وانت اتاخرت عليهم تحت….. ”
نظر لها بهدوء ومن ثم شبك يده بخاصتها
ليسير بها نحو الفراش …جلس سالم على حافة الفراش وجذبها هو على قدميه لتجلس في احضانه كطفلة الصغيرة انصدمت من فعلته وكادت ان تعترض لتعتريها الدهشةَ من عناقه الدفء لها
دفن راسه في جوف عنقها المرمري…توترت أكثر
وهي تسمعه يقول بحنان
“حضنك حلو اوي ياحياة….. ”
اغمضت عينيها وهي تعاني من حلاوة كلماته المخدرة لعقلها القادرة على نسي هوايتها امام غزله الصريح !..
همس سالم مره أخره بصوتٍ عذب..
“ساكته ليه ياحياة…… ”
اغمضت عينيها وهو في احضانها انفاسه الساخنة تداعب عنقها بدون هوادة… ماذا تقول وهي بين
لمسته تحلق في سماء ضائعة ! ولا تجد ضالتها

الى بجواره !…..
ردت بصوتٍ خرج من اعماق مشاعرها..
“مش عارفه اقول إيه….. ”
همس لها بنفس الهمس…
“بتحسي معايا بإيه ياحياة… ”
اغمضت عينيها مره أخره ماذا تقول ماهي الإجابة المناسبة له… هي تشعر بكل شيء واي شيء بجانبه الشوق…… الضعف….. الغيرة……الخوف…. وتعشق شخصيته وامتلاكه….. تعشق سواد عيناه المشتعلة بشعاع غريباً يصعب ترجمتها هو يثير
أجمل المشاعر داخلها ويهدم كيانها بالمسةٍ واحدة… ماذا تقول الإجابات كثيرة ولكن هي لا تحمل الصراحة والجرأة الكافية لأخباره واحده منهم !..
شعر بنغزةٍ في قلبه من صمتها الذي طال وهو مزال ينتظر إجابةٍ تريح قلبه …..لم يكن من النوع العاطفي الذي يسعى خلف اثنى لسماع كلمة عاطفية ترضي رجولته منها ! …وبخ نفسه على ما يفعل …اصبح
يشبه المراهقين بأفعاله معها…أبتعد عنها ببطء
ولكنها مزالت تجلس في احضانه… مسك هذه
العلبة الحمراء….وقدمها لها وقال بحنان
“كل سنه وأنتِ طيبه…… “

اخذت منه العلبة بحرج وهي تسأله بهدوء
“دي بمناسبة اي ياسالم….. ”
“من غير مناسبة عجبتني فجبتها ليكِ …
اي رايك حلوه….. عجبتك”
فتحت العلبة لتطلع عليها….. بإعجاب يصرخ من عينيها…. كان عقد ذهبي خالص به فصوص رقيقة تشبه الالماس او بالاصح هي صنعت من الالماس الخالص…. انتبهت لهذا القلب الصغير الذي يتوسطها كان عبارة عن نفصين بداخلهم تُضع صورتين …..
كان فارغاً بطبع كان يحفر على القلب من فوق
(ملاذ الحياة) انكمشت ملامحها باستغراب من هذا الإسم…. الذي دوماً كان يهمس به سالم لها أثناء ابحارهم في عالمهم الخاص… كان الاسم ناعم راقي يحمل الكثير ولان معنى الإسم الملجأ وسكون وراحةَ ….. اصبحت متيقنه ان هذا القب يعني
الكثير اي انها اصبحت تعني لها الأكثر … ولكن العقد الذهبي يحمل أيضاً الأكثر من اهتمام سالم لها… وعمل شيء خاص كهذا لها يذيب الجليد المحاصر عقلها قبل قلبها……
” عجبتك….. “همس لها وهو يراقب تغيُرات وجهها وهي تطلع على العقد الذهبي بُبنيتان مترقرقان بدموع….
اومأت بايجاب وهي تقول بحرج…
“حلو اوي…..بس مكنش لي لزوم تكلف نفسك
شكله غالي اوي … ”
اخذ منها العقد بهدوء وانحنى عليها قليلاً مُلبسها
إياه حول عنقها بحنان همس لها بحنان..

“هو فعلاً بقه غالي…..بس لم لبستيه…… ”
انحنى اكثر عليها ليضع قبله حثيه على عنقها
“مبروك عليكِ……ياملاذي….. ”
اغمضت عينيها وهي تعاني من خفقات قلبها المتسرعه… مع طيف ذكرى لم يمر عليها إلا ساعة واحدة….. هذا هو سالم خبير في ارهاق قلبها دوماً……
“قلبي ودقاته بتعملي طقوس جديده من ورايا.. ”
هتفت ريم وهي تدلف الى غرفة حياة التي وجدتها مغمضت العينان وشاردة بنعومةٍ غريبة….
فتحت حياة عيناها وهتفت وهي تنهض بسعادة
“أنتِ جيتي ياريم اتاخرتي ليه….. ”
نظرت لها ريم بشك قائلة بمكر …
“بت مالك وشك احمر وعنيكِ بتلمع كده ليه …”
اقتربت ريم منها اكثر قائلة بصياح
“لا وبشرتك بتلمع كمان… دا نوع كريم جديد..

ولا هرمونات السعاده اشتغلت عندك وابن عمي
لي يد في اللي بيحصلك ده….. ”
ابتعدت عنها بخجل وهتفت بتوبيخ …
“ماتحترمي نفسك ياريم…. سالم ماله ومال
وشي.. ”
حركة ريم شفتيها في زوايةٍ واحده قائلة بمكر..
“طب اللهي ماشوف صاحب سالم الفسدق ده تاني
ان ما كان اللى في وشك ده هرمونات حب وسعادة….”
“يابت اتلمي…. وخلينا في المهم ابوكي جه معاكِ فعلاً…. ”
ردت ريم عليها بتبرم …
“لا جيين كمان ساعتين… المهم متوهيش وقوليلي
بقه اسم الكريم إيه….. ”
ضحكة حياة بخفوت وهي تقول بخبث…
“اسم الكريم صعب تلاقيه ياريم….. اصبري يمكن الفسدق بتاعك يرجع ويديكِ هو التركيبة بنفسه .. ”
ركضت ريم خلفها في زوايه الغرفة وصاحت بغضب زائف….
“أنتِ بتتريقي عشان انا لسا سنجل بائس ياحياة بتتريقي….. ”
ركضت حياة قائلة وسط ضحكَتها
“عيب عليكِ…… ياريم دا انا بحسدك….. ”
انزعجت ريم من جملتها وصاحت بسخط ..

“على إي….. على النحس والبأس… بتحسدوني على ايه بس.. ”
_____________________________________
وقفت في شرفة غرفتها ترتدي عباءةٍ فضفاضة وتلف حجابها بأتقان كانت جميلةٍ في عيناه الذي
تفترس ملامحها في الخفئ بتأني وتفحص شديد …..
كان مسترخي مُستنداً على جذع شجرةٍ قديمة.. في حوش المنزل…… وكان يراقب تطلعها وشرودها
في ساحة الخضراء التي تحيط بالبيت الكبير
تتامل الجو ببنيتان غامتان بطريقه مبهمه…
لم تحيد عينان سالم عنها ظل يفترس جمالها
وحلاوة طلتها عليه…..
حركت هي عيناها بلا اهداف لتتلاقى سريعاً بعيناه أزداد بريق عينيه وابتسامة شقت شفتاه القويتان والعابثتان بالفطرة… بينما تزايد تسارع انفاسه…
وقفت حياة مرتبكة محمرة الوجه تقبض بيداها
على حاجز الشرفة الصلب بتوتر ازاء نظراته القوية المتفجرة عليها ….والتي تفترسها بدون حياء منه…
مسك الهاتف وعبث به وهو يختلس النظر لها
نظرت حياة خلفها حيثُ الغرفة لتجد اهتزاز هاتفها على المنضدة الصغيرة اخذت الهاتف وفتحت الخط بصوتٍ يخرج بصعوبة من حلقها الذي جف من تقابل عينيها بمهدد كيانها “الو……. ”
رد عليها بكل سهولة ومزال في حوش البيت
مُستند على جذع الشجرة…….
“حياة….. اقفي في البلكونه عايزك….. ”
توترت قليلاً ثم خرجت تسأله بحرج
“في حاجه ياسالم……. ”
نظر اليها مره أخرى وهي تمسك الهاتف وتتحدث
معه بحرج جالي على وجهها الفاتن… رد بفتور غريب لا يناسب كلماته….
“كنت عايز املي عيني منك….قبل مانشغل عنك انهارده.. ”
فغرت شفتيها بصدمة من كلماته البسيطة لا.. ليست بسيطه…..هل ينوي قول شيء اقوى من هذا…….هو يشتاق لها…. هل هذا الحديث نطق على لسان سالم شاهين؟؟…….
ظل ناظراً لها بإهتمام وهو يرى قسمات وجهها المشدودة بذهول…..همس بهدوء
“حياة……مالك سرحتي في إيه…….. ”
نظرت له بحرج وساد الصمت بينهم…ثم همست
لها بعد برهة من آلصمت الثقيل جمعت ماتبقى
من ثبات داخلها وقالت متسائله
“سالم…..انت…متاكد ان غيابي عن عينك بيفرق معاك…… ”
“اكيد بيفرق…. مش مراتي…… “رد عليها بنفس الفتور المعتاد ولكن كلماته كاسهام تهدم انوثتها
الى شظايا صغيرة…..
مزالت تنظر الى عينيه بحرج وهو ينهال من ملامحها بوقاحةٍ اعتادت عليها منه……
ردت بصدق..
“أنت صعب ياسالم…. صعب اوي…… “كانت تتمنى ان تهمس بها داخلها ولكن خرج صوتها اليه عبر الهاتف..
رد وهو ومزال يحدق بها بفتور لا يناسب النيران المشتعلة داخله فقط من لهجة صوتها الحائر …..
“وأنتِ اصعب بذاته ياملاذي…..”تنهد بتعب واغلق الهاتف سريعاً……ورحل من الحوش الكبير الى
سيارته حيثُ المصنع….
أسرع إليه عمرو وصعد بجواره انطلقت سيارته
بعد إرتفاع صوت وقودها عالياً… اختفى عن مرمى ابصارها…. تنهدت بتعب حقيقي لتهمس بصدق ضائعة
“ناوي تعمل معايا إيه اكتر من كده ياسالم ”
دلفت الى داخل الغرفة متوجه للاسفل حيث
الجدة راضية وريم وورد ابنتها الغالية …..
وللاسف سترى الحاقدة ثقيلة الدم عديمة الإحساس ( ريهام بكر شاهين) والتي لا تختلف عن شقيقها (وليد) الدنيء …و والدها ذو الاقنعة الكثيرة
(بكر شاهين) فهم على الأغلب يشبهون بعضهم
كثيراً في المصالح المشتركة !…..
___________________________________
“انت لسه مصمم على روحتك عند بيت رافت
شاهين وسالم ابنه….. “هتف وليد بإمتعاض وهو يرتشف الشاي مع والده ..
رد بكر بخشونة…
“المصالح فوق كل شيء ياوليد ومش هنعيدو الموضوع ده تاني….. لازم ارجع الود مابين سالم من تاني….. اذا كان على رافت اخويه فا انا عارف ان مش شايل مني مهما عملت… لكن سالم هو اللي
رضاه مهم… ”
قال وليد باستحقار …
“بتقول رضاه…. ومن امته وإحنا بيفرق معانا رضا
ابن زهيره……. ”
هتف لابنه بجشع….

“من يوم مابقى قاضي نجع العرب…. من يوم مابقى اغنى واحد في النجع واكتر واحد لي هيبه والعائلات الكبيرة اللي حولينا لم بيعرفو اسم عيلتنا بيتهز ليهم اكبر شنب….. بس عشان سالم ابن عمك وهيبته في نجع ……واحنا لازم نمشي مع تيار الهوا ياوليد تحت ضَل الكبير نستخبى… ونلبس الف وش عشان نوصل لاسمه وهيبته واملاكه……. لازم سالم يثق فيا وفيك ياوليد …..رجع الود واخفي السواد اللي جواك من ناحيته لحد ماتخلص مصالحنا……. ”
اتت خيرية عليهم التي سمعت معظم حديث زوجها وضعت المخبوذات الساخنة بالقرب منهم قائلة بتاكيد …
“اسمع كلام ابوك ياوليد….. مصالح ابوك هتمشي
اكتر لم الناس تعرف ان سالم زين معاكم…. وكمان محصول ارض الفاكهة بتاع ابوك بيخسر بسبب
البيع بالخسارة لكن لم الود يرجع مع ابن زهيره… ابوك هيعمل صفقه مع سالم ان يموله محصول الارض كلها عنده على مصنعه… وشغل مابينهم
يمشي ويمكن بعد كده ابوك يضغط عليه ويشاركه في المصنع الجديد اللي لسه هيعمله … ”
راقب وليد حديث والدته قائلاً بتوجس
“مصنع إيه اللى هيعمله ابن زهيره تاني….. ”
رد والده هذه المره مُجيباً إياه …….
“مصنع كبير ناوي يبدأ بنى فيه على الارض اللي اشتراها جنب مصنعه …….وهتكون مواد غذائيه يعني هيوسع مجاله اكتر وأرضه لوحدها مش هتكون كفايه للخضار والفاكهة اللى هيحتاجهم للإنتاج… عشان كده بقولك نرجع الود بين سالم….. لان بيكبر وهيكبر ولو مش هنبقى جمبه دلوقت هيبقى صعب نبقى جمبه بعدين…….. ”
نظر وليد أمامه بشرود…. وعيناه غامت بحقد شيطاني…… تسأل بالامبالاة…
“ومين بقه هيتكلف بي دراسة مشروع المصنع ومقولته……. ”
رد بكر عليه قال بغل من مايصل له سالم قبله هو وابنه حتى في تفكير….
“مش هتصدق مين اللي هيتكلف بمقولته… اكبر شركه بيدرها اكبر عيلة في مصر كلها…عيلة
الألفيّ….. ”
ابتسم وليد بسخرية قائلاً بصوتٍ خافضٍ …
“واضح ان مش بيضيع وقت… وعايز يشتغل على نضيف………… ”
____________________________________
اصبح البيت الكبير مزدحم جداً ببعض نساء البدو
أما في حوش البيت الكبير الازدحام اكبر……فهناك بعضاً من البسطاء يجلسون في ساحة الخضراء يتناولون أشهى الطعام الذي أساسه يحتوي على
لحم اضحية العيد الذي يتكلف بها (سالم شاهين) كل سنه في هذا اليوم…… يطعم من يحتاج ويعطي أيضاً من الاضحية الكبيرة بعد هذه الوليمة ……فهناك من يفعل هذا كنوع من المظاهر امام الجميع… وهناك من يفعل هذا تجارةٍ رابحةَ مع الله !…..
“شايف سالم بيعمل ايه عشان اموره تمشي… ”
قال بكر حديثه وهو يقلب عيناه بين أعداد البشر المتواجدة في حديقة المنزل…..
رد وليد بحقد…
“شايف….. واضح ان بيحب الهيصه حوليه وبيضحك على الغلابه بكيلو لحمه وعشاء جاهز… ”
رد بكر بتاكيد ….
“امال هو بقه قاضي النجع ازاي ماهو من عميله دي نفسي تفكر زي ما بيفكر ولو مره واحدة ….. اكيد مش هيبقى ده حالنا …. ”
رد وليد بتهكم وغل….
“ماخلاص بقه يابااا مش كل مره تقطمني بكلام.. ما انت عارف ابن زهيره مسوس وعامل زي التعبان
بيغير جلده على حسب المكان…. هو انا اللى

هقولك هو إيه.. ”
نظر له بكر شذرا وقال بتبرم..
“مش حجه دي ياوليد…. انا عايزك تشغل مخك وتبقى احسن منه مليون مره….. ”
تطلع وليد امامه قائلاً بملل..
“ان شاء الله….. يلا بينا لحسان ابن زهيره واقف بيخدم على الناس هناك……”
كان يقف سالم امام مادة كبير مُستطيلة تحتوي على أشهى الطعام واشهى الإصناف تُقدم بطريقةٍ منمقه
ياكل الجميع بعيون تدعي وتتمنى لسالم الخير….
وضع سالم امام رجلاً في الخمسينيّات من عمره
بعد اللحم الطازج شهي الرائحة … قال بود
“كل ياعم عرابي انت مش بتاكل ليه.. كل ياراجل ياطيب البيت بيتك انت مش ضيف انتَ صاحب مكان…. ”
رد الرجل ذات التجعيد الواضحة على وجهه الذي يظهر عليه شقاء آلزمن…..
“كتر خيرك ياسالم ياولدي ربنا يقويك ويزيدك على فعل الخير….. وربنا يرزقك بالذرية الصالحة باذن الله وميطولش عليك بيها يارب….. ”
نظر له سالم بحزن…. ومن ثم ابتسم بأمل وهو يتمنى وجود طفل من صلبه يحمل أسمه يكون صديقه وأخوه يعوضه عن فراق( حسن) شقيقه الذي فراقه كسر ظهره وما يصبره على فراقه هي ابنته (ورد) !…وحين اصبحت حياة زوجته تمنى بصدق ان تحمل له قطعةٍ منه ومنها …نطق بامل وهو
ينظر نحو الرجل بحبور..
“يارب يارجل ياطيب دعواتك…… ”
لمح وهو يرفع عينيه فوجد بكر عمه ووليد ابنه
في حوش البيت اي بالقرب منه….. ذهب لهم وهو يتمتم بحنق…
“سلام عليكم كيف حالك ياعمي….نورت المكان
ياوليد….”هتف سالم وهو يقف امامهم كان سالم يرتدي جلباب رمادي ناصع…..ويصفف شعره الغزير للخلف بجاذبية…..
رد بكر بطيبه زائفة….
“أهلاً ياسالم يابن اخويه شااخبارك وكيف حال اخويه مش شايفه يعني…… ”
نظر له سالم زقال بهدوء…
“الحج رافت شاهين جو في شادر مع بقيت كبار عائلات النجع ……”
اشار له سالم على هذه الخيمة الكبيرة…
قائلاً بجفاء….
“وصل ابوك ياولد عمي….. ”
نظر وليد الى بكر بحنق….. تنحنح بكر بحرج قال بثبات “خليك أنت ياوليد مع سالم ابن عمك.. وانا
هدخل لعمك رافت…. انا مش غريب يعني…. ”
دلف بكر الى الخيمة الكبيرة……
نظر سالم الى وليد وقال بسرعة وعجله من أمره..
“معلش يابن عمي اسيبك انا عشان اشوف ضيوفي وخدم عليهم……”
ابتعد عنه بهدوء…. نظر وليد الى سالم ظناً منه ان من يتحدث عنهم سالم هم كبار عائلات النجع.. ولكن إصابته الدهشة حين راه يخدم على البسطاء الذين يجلسون على مادة الطعام الكبيرة… الذهول أصابه وهو يرى سالم يتعامل معهم وكان هناك مصالح كبيرة بينهم لم تمر إلا بعد هذه أضيافةَ كم تسمى في البدو …..
____________________________________
بعد ساعة…..
تجلس في غرفتها بملل الجميع في لأسفل يخدم ويساعد حتى تنتهي هذه العزومة الكبيرة…
إلا هي انجبرت على الجلوس هنا بأومر منه…منه
هو فقط خوفٍ عليها من ان تصاب او يحدث لها شيء بسبب إجهاد اليوم…… تنهدت بتعب لتجد هاتفها يصدح تناولته من على الفراش بين يديها… وفتحت الخط وهي تبتسم بخجل من النظر الى اسمه المضيء
“الو….. ”
رد عليها بمراوغه وهو يقف تحت ركناً ما في
ساحة الخضراء
“بتعمل إيه ياحياة من غيري….. ”
ابتسمت و ردت بملل
“زهقانه اوي……. سالم هو ينفع انزل اساعد ريم وبقيت الخدم بدل مانا قعده زهقانه كدا…. ”
حك في لحيته وقال بمكر…
“ينفع طبعاً …..”
اتسعت ابتسامتها وهاتفة بذهول..
“بجد ينفع….. ”
“ااه بجد……بس لم تخفي…… وبعدين انا عايز افهم حاجه انتِ بتحبي تتعبي نفسك دايما كده… ”
ردت بعفوية..
“ايوا انا بحب اتعب نفسي….. سابني بقه”
قلب عينيه بجزع منها..
“اسمعي الكلام ياحياة…. وبلاش ترغي الكتير في الموضوع ده ….”
“عشان خاطري ياسالم سبني انزل انا اتخنقت من الحبسه وبلاش تخاف عليا انا ا…”
رد عليها ببرود ليعود سالم شاهين المعروف
امام عينيها….
“ومين قالك اني بعمل كده خوف عليكِ … لا
طبعاً …..كل الموضوع اني مش بحب حورات المستشفى دي ومش بحب ادخلها أصلاً…. فياريت تعقلي كده وتفضلي قعده مكانك….. وااه انا كنت
متصل بيكِ عشان اقولك طلعيلي غيار عشان
طالع دلوقتي اغير هدومي ونازل تاني……سلام ”
نظرت الى الهاتف بحزن من سرعة الانفصام الذي يعاني منه والذي يجعلها تفقد القدرة على اكمال حياتها بهذا الشكل معه… مزالت متيقنه ان هذه الاقراص تناولها افضل من التوقف عنها فسالم يفقدها الأمان بهذا التغير المبهم….. اوقات تشعر انها تلامس النجوم بيداها مع حنانه واهتمامه نحوها …وبعض الاوقات الكثيرةَ قساوة أفعاله تجعلها تصطدم في ارض صلبه جافة قاسيةٍ ببرود عليها…ليموت سريعاً تأنيب الضمير داخلها ويبقى الإصرار على إلا يكون بينهم رابط قوي يجمعهم اكثر ببعضهم … يجب ان تشعر بالأمان أولاً قبل التفكير في رابط قوي يجمعها به !…..
فتح الباب سريعاً وأغلق بهدوء رفعت بُنيتاها
ظناً منها آنه سالم….. لتجد ما لم تتوقعه امامها في غرفة نومها (وليد) ابن عم سالم
نهضت وهي ترتدي عبإتها المعلقة على شكل معطف مفتوح ارتدتها سريعا وهي تتناول حجابها بطريقة
عشوائيه وضعته عليها… وهي تهدر به بحادة
“انتَ ايه اللي دخلك هنا اخرج برا يزباله….
وصلت بيك انك تدخل اوضة نومي انت
لدرجادي مش همك… ”
ابتسم بعبث ماكر وقال ببشاعه..
“معلشي يام ورد اصل الموضوع اللي انا جايلك فيه مش هيتم غير في اوضة النوم…. ”
مع كل حرف كان يقترب منها وهي ترتعد

للخلف بخوف من نظراته الشهونية على
جسدها…
“ابعد عني…. هصوت ولم عليك الناس .. ”
نظر لها بشهوة أكبر وهو يقول بمكر
“صوتي ……هكدبك وقول انك انتِ اللي مغفله جوزك وجيباني على اوضتك بمزاجك… ها اي
رايك… فضحتك هتبقى بجلاجل وبذات قدام
سالم جوزك ياحياة……. يابنت….”
صمت برهة ثم همس بمهانة لها…
“هو صحيح ياحياة أبوكِ اسمه إيه…. ”
بان الآلام في عينيها بسرعه وحرج كذالك
من إهانته لها وتلميح هذا الدنيء عن من تكون !…….
“ااه نسيت انك لقيطه ملكيش أهل يعني …عشان كده هيبقى سهل الناس تصدق حكايتي وتكدبك. ”
كاد ان يقترب اكثر منها ….نظرت حياة بجوارها
لتجد زهريةٍ صغيرة الحجم على سطح المنضدة جانبها … مسكتها سريعاً وبدون تفكير نزلت على وليد بها على راسه…. في هذا الوقت انفتح الباب عليهم و… و ….
يتبع…
كاد ان يقترب اكثر منها ….نظرت حياة بجوارها
لتجد زهريةٍ صغيرة الحجم على سطح المنضدة جانبها … مسكتها سريعاً وبدون تفكير نزلت على وليد بها على راسه…. في هذا الوقت انفتح الباب عليهم…لكن قبل ان ترفع حياة عينيها
بزعر على باب غرفتها وجدت نفسها تقع في
بئر مظلم ….
وضع وليد سريعاً على فمها قماشةٍ بها مخدر …
اغلقت ريهام الباب سريعاً خلفها بتوتر قائلة بخوف
“هنعمل اي دلوقتي ياوليد…. ”
غرز وليد يده في جيب بنطاله ليخرج منديل ورقي

ويمسح به هذا الجرح العميق التي تسببت به حياة …
تطلعت عليه ريهام وهتفت بضجر …
“هي اللي عورتك كده…. ”
مسح الجرح من الدماء الغزير…. ثم هتف بها بضيق…
“ااه هي بنت الحرام….. عايزه تعمل فيها شريفه ”
ابتسمت ريهام بسخرية…
“أخيراً لقيت حد معايا على الخط… عرفت بقه انها زباله وبنت حرام…. ”
نظر الى حياة الملقيه ارضاً باهمال تحت اقدمهم ويظهر من خلال عبائتها السوداء نصف ساقيها العاريين امام عيناه بشهونية…همس بمكر ….
“ااه خدت بالي بس ده ميمنعش انها جامده اوي وعايز تتاكل أكل…. ”
نظرت له ريهام بضجر ثم مسمست بشفتيها بحنق
“طب بالهنا والشفى المهم هتعمل إيه مع سالم لم يعرف انها مش موجوده….. ”
“ولا اي حاجه زي ماتفقنا هكلم من خط مش متسجل وهبتزه لو عايزها يدفع تمنها وتمنها مش هيبقى اقل من نص املاكه ويمكن كلها لو مليت
ايدي منه… ”
رفعت ريهام حاجبيها قائلة بغضب…
“نعم…. وانا هكسب ايه لم أنتَ تاخد الفلوس وترجع الزفته دي تاني ليه…. وليد دا مكنش اتفاقنا إحنا أتفقنا انك هتخفي البت دي معاك خالص…. مش هترجعها ليه من تاني… ”
نظر لها وهو يعبث في هاتفه بضيق…

“اعقلي ياريهام….. سالم عمره ماهيدفع مليم مصدي في حياة خديها مني كلمة…. مش بعيد بعد مايعرف انها اتخطفت يتجوز مره تاني ويمكن تكوني أنتِ العروسة…..”أنها حديثه بغمزةٍ ماكرة
اتسعت ابتسامتها بطريقة بشعة..وقالت بحقد
“ااه.. ياوليد لو ده حصل هبقى ست البيت ده كله
هبقى مرات سالم شاهين اللي كل البنات في النجع
نفسهم يخدمه بس في بيته….. ”
ربت على كتف شقيقته قائلاً بثقه…
“هيحصل هيحصل ياختي بس زي ماتفقنا…. لو حد فينا وقع….. إيه؟….. ”
نظرت له قائلة بجمود…
“مش هنجيب سيرة بعض…. ”
“برفو عليكِ…. تعالي بقه ساعديني اطلع من الباب الوراني…. من غير ماحد ياخد باله…. معاكِ
المفتاح… “تحدث وهو يحمل حياة على ذراعه
ردت عليه بخفوت….
“ااه سرقت بتاع حنيي راضيه…وطلعت نسخة عليه ورجعته مكانه تاني….. متقلقش امان…. ”
فتح باب الغرفة قائلاً بلؤم…
“برافو عليكِ يابت تربيت أخوكِ… المهم وصليني للباب الوراني ورجعي انتِ قعدي تحت عشان محدش يشك فيكِ….تمام ولا اعيد تاني”
“لا تمام…. ده اللي كنت هعمله….”
_____________________________________
قبل ذاك الوقت…… كادَ ان يصعد سالم على درج المؤدي الى غرفته عرقل صعوده صوت ريم بتردد
“سالم …..ينفع نتكلم شويه مش هاخد من وقتك كتير ربع ساعة بس……”
تفقد ملامحها المرتعده بشك نظر لها بريبه قبل
ان يقول بخشونة حانية قليلاً …
“تمام يابنت عمي… تعالي نتكلم في المكتب….. ”
جلس على مقعده وارجع ظهره للخلف وهو يرمقها باهتمام….
“اتكلمي ياريم انا سمعك….عايزه تقولي إيه…. ”
فرقت في يداها بتوتر وبدأت تدعو الله في سرها لتبدأ حديثها قائلة بخفوت…
“انا هقولك اللي المفروض تعرفه عشان مكنش قدام ربنا مذنبه مع اخويه….. ”
انحنى بجسده قليلاً للأمام سائلاً إياها وهو يلتقط الإجابة من على شفتيها…
“اخوكي وليد ماله؟….. اتكلمي على طول ياريم
بلاش تنقطيني بكلام….. ”
انتفضت من حدت صوته هتفت بحرج …

“وليد سمعته من ساعة بيدبر مع واحد…… يخطف حياة بعد ما يخدرها وياخدها معاه…. وبعدها يبتذك بالاراضي والمصنع لو كنت عايزها….. ”
اتسعت عينا سالم وبرقت بهما نيران اندلعت
فجأة مهددة باحرق المكان من حوله ……
نهض فجأه ليقطع المسافة بينهم ويسحب ذراعها بقوة بين كفه العريض…. هدر بها بغضب
“أنتِ اتجننتي… يخطف حياة….. يخطف مراتي
انتِ بتقولي إيه ….. ”
هتفت ريم ببكاء وتوسل..
“انا آسفه ياسالم انا وحياة غلطنا لم خبينا عليك زيارة وليد ليها في شليه إسكندريه انا خفت عليها… وكمان خفت على وليد منك….. انا اللي اقنعتها متقولش حاجه عن الموضوع….. و وليد استغل سكوتها لصلحه ويمكن يكون بيضغط عليها دلوقتِ…. ارجوك ياسالم بلاش تعمل حاجه في حياة هي ملهاش ذنب انا اللي اقنعتها متعرفكش حاجة عن الموضوع ده …. ”
نفض ذراعها بغضب وصعد الى غرفتها وهو يشعر ان صدره يشتعل بالنيران …..
_____________________________________
ركب سيارته وانطلق بها وهو يتطلع على حياة الغايبة عن الوعي…. ابتسم بمكر شيطاني
“بجد مبروك عليا كل لليله جمبك يامرات سالم…
ياااااااه دا مكسبك انتي لي طعم تاني وبذات بعد
ما جوزك يعرف…. “ثم صمت لبرهة قائلاً بعبث…
“بس المكسب هيحلو اكتر لم ابعت لسالم فيديو
وأحنا في حضن بعض على سرير واحد… هتبقى حفله من نوع تاني …اوعدك هتنبسطي أوي
معايا.. “ابتسم بسماجه…
_________________________________
فتح الباب بقوة…. لتشتد عيناه وهي تبحث بقوة
عليها لم يجدها وكانت الغرفه في شكلاً مريب
زهريةٍ محطمة الى شذرات صغيرة ويبدو ان كان هناك شجار حاد هنا أيضاً… ولكن ما جعل عينيه قطعتين من الجمر الملتهب هذهِ الدماء التي
تحتل ارض غرفتهم…..
بدات أنفاسه بالاسراع والتشنج اكثر وبرزة اوتار عنقه بشدة وهو يرى شكل الغرفة وما حل بها… فكل شيءٍ هنا لا يبشر بالخير مطلقاً معها ….. صرخ في اركان الغرفة بغضب شيطاني يكاد ان يحرق
الأخضر واليابس أمامه …
“ولـــــــــيــــــــد هـــــقـــتــلــــك هـــــقـــتــلــــك
يــــا ابــن الــكـلــــبــــ…….”
دخلت ريم وريهام ولجده راضية على صوته العالي

قالت الجدة راضية متسائلة بهلع…
“مالك ياسالم بتزعق كده ليه……. ”
نظر نحوها بعيون حمراء وجسد متشنج من شدة
ما يعتريه ثم نظر نحو ريهام وريم وهدر كالثور
الهائج ولجائع غضباً…
“أقره الفاتحة على اخوكم عشان هدفنه النهارده
حي….. ”
خبطت راضية على صدرها بفزع …..
وشهقت ريم بزعر حين لمحت الدماء الملطخة
أرض الغرفة…….
أما ريهام فنظرت لهم بتوتر وهي تدعو ان لا ينكشف امرها امام سالم….. فهو لن يرحمها ان علم بمخطط كهذا ولأسوء انها خططت لكل شيء ووليد كان
فقط ينفذ ما املته عليه………
خرج سالم سريعاً بعد ان رمى قنبلة غضبه في وجوههم جميعاً……. دخل رافت وبكر شقيقة….
قائلين بتسأءل…
“في ايه ماله سالم……. بيزعق كدا ليه….. ”
هتفت راضية ببكاء وتوسل لأولادها ..
“ُالحقوه ولادكم هيموتو بعض…. سالم هيموت وليد وشكل وليد عمل حاجه في حياة البت مش موجوده ولاوضه مليانه دم وازاز مكسور…. الحقوه عيالكم…. ”
لم تقوي على الصمود في ظل هذهِ الأحداث وقعت مغشين عليها بضعف كادَ ان يوقف قلوب جميع
من يقف في منتصف الغرفة…..
_____________________________________
يقود السيارة بسرعة تفوق الوصف…. أنفاسه تتسارع بغضب يكاد صدره المنتفض غضباً يُمزق أزرار جلبابه … بينما عيناه حمم بركانية…. و وجهه قاتم بشياطين الانتقام …يُقسم ان يرى أسوء مابه
على جسد هذا الوغد…..
كان الطريق مُظلم يخيمه قواتم الليل
كان مصباح سيارته يوفي بالغرض لرؤية الطريق امامه… تسمرت عيناه على سيارةٍ امامه….
تراقب السيارة الغريب اكثر ليعرف هويتها على الفور… ليزيد شعاع الإنتقام الأسود اكثر في
عيناه…..
شد سرعة السيارة اكثر وتخطى سيارة وليد
باحتراف ووقف امامه في لمح البصر مُصدر سريناً

عالٍ على اذن وليد….
انتفض وليد برتعاد فكان يتحدث عبر الهاتف ولم يلاحظ وجود سيارة سالم خلفه….
خرج سالم بغضب من السيارة وفتح الباب
بجوار (وليد) مُخرجه منها بعنف ووقوة كان لا
يزال وليد تحت تأثير الصدمة….. فقد انكشفت خططه سريعاً …. اسرع من توقيت تفكيره وتنفيذه فيه بمراحل ….
لكمه سالم بغضب واحتقار عدة مرات بقوة
وهدر بصوتٍ يشتعل غضباً…..
“هــمـــوتــــكـــ………هــمـــوتــــكـــ يابن الــ****…..يابن الكــلـــبــــ……داخل تخطف مراتي من قلب اوضة نومها اااه يازباله يــ*******……………وسخ وهتفضل طول
عمرك وسخ….. ”
مع كل كلمه كان ينهال عليه بلكمات العنيفة
انسابت الدماء بغزارة من وجه وليد …..ليقع على الارض بعيون لم يقدر على فتحهم بسبب الورم
الذي اصابهم بعد تلك الضربات القوية الذي تلقاها من (سالم) والذي تعمد ان يكون اكثرها تحت عيناه
وفي عضوه حتى يضاعف عذابه….طاح وليد على الرصيف الصلب البارد تحت قدميه مباشرةً..
حاول (وليد) النهوض ودفاع عن نفسه او قتل سالم في هذا الوقت ولكن غضب سالم الأعمى واصراره على موته بين يداه انتقاماً منه على تجرأه على حرمة بيته وايذاء إسمه وعرضه بتلك الاساليب الرخيصة الذي استعملها …..
كان كالمغيب يلكم ويثور على جسد وليد الذي شعر انه قد سكن بين يده……
سمع صوت سيارة تقف امامه….خرج منها والده وعمه بكر الذي صاح بهلع على ابنه الذي اصبح جثه هامده وتسيل الدماء منه في كل مكان بجسده ومع ذلك لم يكتفي (سالم) او يتوقف أيضاً عن ضربه في وجهه الذي اختفت معالمة ولم يصبح وجه رجل مطلقاً بعد هذا الإيذاء الجسدي الذي تعرض له…..
نهض سالم ليرى صخرةٍ متوسطة الحجم حملها وهو كالمغيب لا يفكر غير بتنفيذ ما يملي عليه شيطانه…
كادَ ان ينزل بها على راس وليد سريعاً…..
صرخ بها والده رافت فجأه بترجي …بعد ان ايقن
ان ابنه اصبح كالغيب يستمع الى شيطانه فقط وهذا على الارجح سيفقده الكثير بعد ان يعود لرشده ….
“سالم كفايه يابني …..بلاش توسخ ايدك بدم ياسالم انت متربتش على كده….اوعى تنسى ربنا والمصحف
اللي مسكته بين ايدك
(مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً )…..
” بلاش يابني بلاش عشان خاطر مراتك وبنت اخوك
اللي ملهمش في دنيا غيرك بلاش تضيع نفسك يابني بلاش عشان خاطري….. بلاش ياسالم …….”
نظر لوالده الذي يتوسل له بعينيه الباكيه ثم وزع انظاره على وليد وعمه بغضب…
بعد برهةرمى الحجر جانباً وهو ينظر نحو والده بوجه وعيون قاتمة مثل لون الظلام من حولهم…..
هز راسه رافت برجاء له….زفر بغضب وهو يرمي نظرتٍ آخرى على وليد الطاح أرضاً والذي يبكي
(بكر) بجواره خوفاً من فقدان سنده في الحياة ..
(واذا كانت نواياك سيئه ..تذكر انك انسان ولكلاً منا نقطة ضعف تعني لك الكثير !!…)
جثى رافت على ركبته بجانب شقيقه بكر ووضع يده على عنق وليد بهدوء …ثم نظر لأخيه يبث له الطمأنينة بشفقه ….
“متقلقش يابكر ان شاء الله وليد هيبقى كويس لسه في نبض …..”
هدر به بكر بغضب وغل لاذاع….
“اقسم بالله لو ابني جراله حاجه روحك وروح ابنك قصاد روح ابني يارافت …..”
نظر له سالم بازدراء وغضب محتقر وجودهم
الشنيع في حياته هو ووالده
(العم وابنه)يالله اكتر الكارهين لك هم من المفترض ان يكون عائلتك وسندك في الحياة
حقاً للقدر قصةٍ أخرى !!……
صمت رافت ولم يرد على شقيقه حتى لايفقد ثوابه فسكوت افضل الآن من الجدال في عملت أبن
اخيه مع زوجة ابنه (حياة)……..
فتح باب السيارة ونظر لها كانت كالمغيبة عن العالم ومن فيه…… بدأ يضرب على خديها بحنان بالغ
قائلاً…
“حياة…… حياة….. ردي عليا ياحـبــبـتـ …..”
صمت وهو ياخذ بعض الماء من قنينةٍ كانت في سيارة…وضع القليل على وجهها حتى تستعيد وعيها…..
فتحت عينيها بتعب وبطئ شديد…. كانت الصوره
مشوشة قليلاً في البداية ولكن قد بدأت الصوره توضح اكثر أمامها وجدت سالم يقف امامها يراقبها بقلق همس لها بحنان وهو يمرر أصابعه على
وجهها الشاحب المبلل من اثار قطرات الماء…..
“أنتِ كويس ياحياة….. ”
بدأت تحدق حولها محاوله تذكر ما حدث معها قبل ان تفقد الوعي… كانت تجلس في سيارةٍ غريبة عليها لم تكن سيارة سالم… اين هي؟…..
اتسعت عيناها بزعر حين تذكرت وليد وهجومه عليها وضربها له بزهرية وبعدها الباب فتح وفقدت القدرة على رؤية اي شيء بعدها…… هتفت ببكاء وزعر هستيري…..
“سالم….. وليد….. وليد….. كان في اوضتي…. سالم وليد …و…….. “

“هشششش اهدي ياحياة انا جمبك متقلقيش….
تعالي……”حملها على ذراعيه بحنان..
خرجت من السيارة ارتطم جسدها سريعاً بالهواء البارد اثار المكان المتواجدين به…. تطلعت حولها بقلب ينتفض وهي مزالت على ذراع زوجها
وقعت عينيها على عم زوجها (بكر) يجلس على الارض ويرمقها بحدة وكره مُستديم …اما رافت فنظر لها باعتذار وحنان كانت هذه هي نظرته
وحنانه المعروف دوماً لها منذ اول يوم رأته به….. وقعت بُنيتاها أيضاً على الطاح بجوارهم أرضاً تسيل الدماء من وجهه بكثرة لم تتعرف عليه في البداية بسبب ملامحه الغارقه بالدماء ولكدمات..لكنها علمت بهويته فوراً شهقت بصدمه وهي تنظر نحو سالم بصدمه تسأله بعينيها عن ما فعله به…
قد فهم بُنيتاها المزعورتان ليرد عليها بغضب…
“للأسف كان نفسي نهايته تكون على ايدي لكن لسه فيه نفس…… بس العيب مش عليه لوحده ومش هو بس اللي غلطان ويستاهل اللي حصله… “صمت قليلاً ثم قال بفحيح كالافعى…
“أنتٍ كمان غلطي ولسه دورك جاي ياحضريه…. ”
ألقى بها بقوة داخل السيارة…. ابتلعت ريقها بصدمة وخوف… صدمه من انفصامه الذي من المفترض انها اعتادت عليه منه …
لكنها تخشى من ضراوة توعده لها…
انطلق بسيارة بصمت مريب…. اختنقت انفاسها هي خوفاً أكثر من القادم معه…
__________________________________
“حمد الله على سلامتك ياحياة يابنتي… “قالت راضية حديثها وهي تمسد على شعر حياة بحنو..
جلست بجوارها ريم على حافة الفراش قائلة بحزن
“حقك عليا ياحياة…. كان لازم ابلغ سالم اول ماسمعت مكلمة وليد وهو بيدبر لخطفك….. ”
رفعت حياة عينيها بذهول فلم تفهم كلمات صديقتها المبهمة تلك…
ردت راضية بحرج…
“مش وقت الكلام ده ياريم سيبي حياة ترتاح… ”
إتجاهت حياة بعينيها على سالم الذي يقف في نفس الغرفة وينظر لها بعتاب وغضب.. عيناه تلمع بقسوةٍ مخيفه اصبح وجهه قاتم لا يعرف للنور طريق… من شدة شعوره بالخوف عليها والغضب أيضاً منها……..
هتف سالم بخشونة قبل ان يخرج من الغرفة
“ياريت نسيب ام ورد ترتاح……. “ثم نظر الى
ريم قائلا بهدوء….
“نامي معها انهارده ياريم….. وانا هروح انام في اوضه تانيه…… تصبحو على خير……. ”
خرج وتركها تنظر الى فراغه بضيق… نعم كانت
تود لو ظل بجانبها اليوم فهي تحتاج إليه بعد كل ما مر عليها ، كان قاسي مثل قساوة حياتها عليها …. اغمضت بُنيتاها بيأس فعلى الأغلب
تركها اليوم حتى يهدأ من بشاعة ما حدث معهم
حتى لا يدخل معها بشجار ينتهي بالضرب كما
تظن..
“حياة مش هتنامي….. “هتفت ريم لها بصوتٍ عذب نظرت حولها وجدت الغرفة فارغة من اي شخص باستثناء ريم الواقفه امامها وابنتها النائمة في أحضانها…..
كم استغرق التفكير به كل هذا الوقت وهي لا تشعر بشيءً من حولها ………
نظرت الى ريم ثم همست بحزن …
“ادخلي أنتِ نامي جمب ورد وانا شوي وجيه.. ”
نظرت ريم لها باستغراب وسألتها..
“راحه فين ياحياة دلوقتي…. ”
نهضت ببطء وهي تفتح باب الغرفة قائلة بنفاذ صبر …
“مش وقت اسئله ياريم …. بعدين….. ”
خرجت من الغرفة وهي ترتدي منامةً رقيقة

وشعرها كان منساب على ظهرها…
لا يزال وجهها شاحب وبنيتاها تغرقان
بالحزن والخوف والذين اتخذه مكانٍ للسكن
بهم……
كانت ملامحها تشفق عليها الاعين…… وبرغم كل شيء تشعر به مزال (سالم) يشغل تفكيرها، تريد
ان ترآه فقط تريد ان تفهم منه لم قال لها ان وليد
( لم يكن هو المذنب الوحيد وهي أيضاً مذنبه معه)
هل يشك بها …)توجس عقلها بريبه من هذا الحديث الذي تسمع صدئ صوته في اذنيها ….ممكن ان يكون وليد كذب في الحديث عنها واخفى حقيقة فعلته الدنيئة معها مما جعل (سالم) يثور هكذا في الحديث
وهل فعلاً صدق وليد؟.
زوبعات من الأسئلة المتركمة فوق عقلها……وهي امام ازدحام الأفكار تضعف وتخشى اكثر من ردة فعل سالم عليها بعد ان يراها امامه الان في هذا الوقت…. ولكن لن ترتاح ان لم تعرف ماذا قال له وليد…….
__________________________________
كان يستلقي على الفراش وهو يرتدي ثياب بيتي مريحة كان يعبث في الحاسوب امامه بلا أهداف
مزال عقله معها بعد كل شيء يشغل تفكيره
بها…. وكان النوم أصبح صعب ترويضه حتى
يأتي إليه كي يريح عقله لعدة ساعات فقط……
أغلق الحاسوب بتنهيدة محارب أرهقته حرباً هو محاربها الوحيد في ساحةٍ لا يعلم بها من عدوه
ومن رفيقه !….
سمع طرق على باب غرفته…… ابتسم ساخراً على تدقيق اذنيه في هواية الطارق…..
حياة…
مميزة في كل شيء حتى طرقات الباب من على يديها لها لحن خاص على مسامعه يميزها سريعاً…..
“ادخل…… “همس بها وهو يستلقي على الفراش ويضع يديه تحت راسه….. وعيناه مسلطه على الباب بانتظار دخولها بملامح خاليه من اي تعبير…….
دخلت بخطوات بطيئة ومن ثم اغلقت الباب بهدوء… ورفعت عينيها عليه بحرج…..وجدته مستلقي على الفراش بهدوء وينظر لها بعدم اهتمام…. همست بحرج…..
“سالم…… انت كنت نايم…… ”
رمقها بجفاء ورد ببرود…
“حاجه زي كده…..كُنتِ عايزه إيه…… ”
عضت على شفتيها بحرج ثم تتردد قليلاً في الحديث الذي اتت لاجله…. فوجدت ان الهروب اسهل الآن
من امام عينيه المتفجرة بها بدون هوادة عليها….
“خلاص بقه….. مش لازم الصبح نبقى نتكلم… بعد
إذنك…… ”
خطت خطوتين في داخل الغرفة حيثُ خارجها…
نهض سالم من على الفراش وقطع المسافة بينهم سريعاً وهو يمسك ذراعها موقفها أمامه
ببرود وهتف بتوبيخ لها….
“انتِ هتفضلي جبانه كده لحد امته….. جايه هنا عشان توجهيني…يبقى لازم تبقي قد الموجهه مش
تهربي من قبل حتى ماتتكلمي…. ”
احتدت بُنيتاها وهي تهتف بحدة…
“انا مش جبانه ياسالم…..مسمحلكش…..”
مسك ذراعها بقوة وقرب راسه منها قائلاً
بغضب……
“ومن امته وأنتِ بتسمحيلي اقرب من حاجه تخصني….. من أمته وأنتِ مراعيه وجودي في
حياتك من امتى ياحياة…. من امته…… ”
صرخ بها بتشنج ملحوظ…
ترك يدها بنفور… ومد يده على المنضدة مشعل سجارته بغضب نفث منها دخان رمادي قاتم
وهو يوليها ظهره مُتحدث بجزع …
“أنتِ عمرك مارعيتي وجودي في حياتك…عمرك ماقدرتي انك اول ست في حياتي اول واحده
المسها واول واحده انام جمبها على سرير واحد..
عمرك مارعتي فكرة ان كل مابلمسك مابين ايدي ببقى عارف ومتاكد ان حسن عملها قبلي..”
اغمض عينيه بالم وهو يعود فتحهم بتعب
نفث دخانه الرمادي بقوة….
“ذكريات حسن لسه محتفظه بيها…. كل ما كنت بقرب منك بشوف في عينك حبك لاخويه وندمك على جوزنا وقربي منك….. ”
نزلت دموعها وقالت بتبرير…
“سالم بلاش تظلمني انت لازم تقدر اني كُنت في يوم من الأيام مرات حسن اخوك وانا وانتَ مش هنقدر ننسى حاجه زي دي لازم تقدر ده….. ”
وضع سجارته فالمنفضة….. ليرد عليها بدون ان يرفع عينيه نحوها…. وكانت بينهم مسافةٍ ليست كبيرة…
“اقدر…… طب وأنتِ ليه مش قادره تقدري اني راجل…. ”
ارتعشت شفتيها واتسعت عينيها من التصريح الغريب على لسانه.. ” سالم انت بتقول إيه انـ…… ”
قطع المسافة التي بينهم في لحظة ممسك ذراعها بقوةٍ بين كف يده وهدر بها بانفعال….
“بقول الحقيقي اللي بشوفها في عنيكي دايما…
اني مش راجل في نظرك…. اني مش من حقي اكون جوزك مش من حقي امحي حبك لاخويا وعيش معاكي زي مأنا عايز .. اني مش من حقي اكون
مصدر ثقه زي حسن زمان…. واني كمان مش من حقي اعرف بزيارة وليد ليكِ في شليه اسكندريه….اني مش من حقي مش من حقي اي حاجه فيكِ …. دايماً بشوفها
في عينك…. حتى مش من حقي اكون اب لورد
بنتك مش دي كمان نظرتك ليه اني مش من حقي اي حاجه تخصك ياحياة”اصبحت انفاسه متشنجة
بشدة متسرعةٍ بقوة… انهارت حصونه أمامها وهو يقول بوجع امام عينيها المصدومة من حديثه وما يعتريه ويخفيه عنها…
“تعرفي ساعات بحس اني كمان مش من حقي ارتاح في حياتي وبذات معاكِ…… ”
نزلت دموعها بلا توقف على وجنتيها الشاحبة من انهيار كلماته امام نظراته المستاءة منها ….شعرت بنغزة حادة إصابة قلبها المدمر من اجله….
هي سبب أوجاع قلبه…هي من وصلت به وبها الى هنا على ماذا تلوم وهي الملامة هنا…..
اوصلت له كل شيء يألم ويجرح كرامة اي رجل واذا كان رجلاً مثله وبشخصيته حتماً تتضاعف الامه أكثر …
قد أخطأت وكانت كالحمقاء تظن أنها الضحية في تلك العلاقة السامة بقساوة كلاهما على بعض..
همست بعد برهة من الصمت بترجي وعجز
حقيقي…
“انا آسفه….. ”
أبتسم بسخرية لا بل تحولت البسمة لصدى ضحكه متهكمة من جملتها…حدج بها بعد ان اختفت ضحكته
الباردة من على محياه….
” اسفه؟…..خليكِ واثقه ان مش اي أسف ينسي الوجع…… يا حياة ….”رفع حاجباه وانزلهم سريعاً
وهو ينظر له باستهجان….
عضت على شفتيها بحرج… واسبلت بُنيتاها أرضاً بتردد… فماذا ستفعل بعد تلك النظرات والحديث
البادي برفض اي مصطلح جديد تريد خوضه معه..
هو في نهايه على حق… وهي على حافة الباطل تترنح …ماهي الكلمة المناسبة له وهل هناك كلمة؟ تصلح موقفها امامه؟….
فاقت على صوت سالم وهو يقول بتعب..

“روحي نامي ياحياة… الوقت اتأخر روحي نامي
عشان انا كمان محتاج انام ورتاح…… ”
” سالم…… أنا ”
رفع كف يده أمامها وهو يقاطعها بنبرة مبهمه ..
“كل حاجه وليها وقتها….. وانا محتاج وقت اراجع فيه اللي كان بينا من تاني……. ”
نظرت له بصدمة…. ثم حاولت اخرج صوتها الذي أختفى في اعماق الذهول بعد تصريحه الواضح
(عن الفراق يتحدث) أملى عليها عقلها بصعوبة
ما استوعبه….
تحدث سالم بتوضيح اكثر بعد ان رأى تشنج قسمات وجهها الشاحب….. تنهد وهو يقول بستياء..
“احنا اتسرعنا في جوزنا…. انتِ مش هتقبلي وجود راجل تاني في حياتك غير أخويه وحياتك القديمه معاه …وانا مش هقبل اكون مش راجل في نظر مراتي ولا هقدر استحمل وجود حسن وسطنا
” وانا شايف ان الأحسن لينا احنا الإتنين إن
كل واحد فينا يروح لحاله وكفايه وجع لحد
كده ….عشان بجد تعبت ……
يتبع…
“حياة يــا حياة….. يلا اصحي كل ده نوم….. ”
فتحت حياة عينيها بتعب وارهاق…. نظرت حولها ببنيتان مرهقتان تساءلت سريعاً وبلهفه…
“ريم……. هو سالم فين خرج ولا لسه في البيت…. ”
ابتسمت ريم وهي تهز راسها بأستياء …
“وللهِ هبله وبتموتي فيه….سالم ياستي خرج من الساعة سابعه الصبح….. وحالياً يايويو الساعة انتشر الضهر ….”
نظرت لها بستفهام وحيرة..
“خرج ازاي لشغل …..دا النهارده تاني يوم
العيد… ”
رفعت ريم حاجبيها باستغراب لتتذكر شيئًا ما فقالت…

“ااه افتكرت …..لم كُنت قعده مع حني كان خارج
وقال قدمنا ان عنده أجتماع مع واحد من شركة مقولة دا بقه اللي هيتفق معاه على مقولة المصنع الجديد…..هو سالم مش حكيلك على موضوع الأرض اللي هيبني عليها مصنعه الجديد… ”
نظرت لها بحزن….ثم تنهدت بتعب قائلة بمرارة..
“من امته وسالم بيحكيلي على حاجه تخصه ياريم … انتِ ناسيه يعني جوزنا كان إزاي..”
مطت شفتيها بشجن واكملت..

“و خلاص سالم قرار ينهي كل حاجه بينا …. ”
نظرت لها ريم بعدم استيعاب … ثم جلست
بجوارها على حافة الفراش وتساءلت بقلق…
” معنى إيه الكلام ده ياحياة …انا مش فهمه
حاجه… ”
نزلت دموعها وهي تتذكر حديث سالم مساءاً …
وبلعت غصة في حلقها بمرارة وهي تعيد كل كلمة نطقها أمامها بغضب وانفعال….
لماذا تبكي الان بكل هذا الندم الجالي عليهآ
الم تتشوق لهذا الطلاق من بداية ان عرض
عليها الزواج منه….
قد مر شهرين على هذا الرابط الذي جمعهم تحت سقف غرفةً واحده لن تنكر انه خُلق داخلها عدة أحاسيس عديدة مختلفة لم تتذوقها إلا بجواره..
حتى هناك ذكريات تحتوي على مشاعر دافئه ناعمة بداخلها تحثى بشوق دوماً له كلما تذكرت….اهتمامه وحنانه المبالغ فيه…قسوته… وبرودة ردود أفعاله معها….العناد والتحدي من كلاهما….
لمساتهم ومشاعرهم الحميمية في عدة دقائق تساوي العالم بأكمله لهم…… لكلاً منهم ذكرةٍ واحساس مختلف عن الآخر ، هل بعد كل تلك الاحاسيس التي تكن بها داخلها مزالت مهزوزة في إدراك حقيقة
فراقهم الذي سيتسبب بفوضة داخلها ولم تمر تلك المرحله مرور الكرام كما يظن كلاهما………
“ردي على ياحياة وكفايه سرحان ….انتِ قولتي ايه لسالم ولا هو قالك اي…… “هزت ريم كتفها بخفه لتفيق من شرودها وهي ترمقها ببنيتان يذرفان الدموع بعدم شعور منها…….
مسحت ريم دموع حياة بيدها قائلة بقلق…
” مالك بس ياحياة… هو الموضوع كبير ولا إيه…. “

رمت نفسها في احضان ريم وهتفت بانهيار
“سالم هيطلقني ياريم …….هيطلقني……..”
احتضنتها ريم بقلق وذهول…
“إيه اللي وصل الموضوع بينكم لكده….. اوعي
يكون عرف موضوع حبوب منع الحمل …..”
تحدثت وهي في احضانها بنفي…
“لا .. هو مضايق اني خبيت عليه موضوع زيارة وليد ليه في شليه إسكندريه… ”
ابتعدت حياة عنها وهي تمسح وجهها بحزن …
نظرت لها ريم قائلة بخزي من نفسها…
“انا آسفه ياحياة….. واضح ان انا كنت سبب المشكله اللي هتكبر بسببي ….. ”
رفعت حياة عينيها عليها بصدمة.. ثم هتفت
بخوف من ان تخسر صديقتها الآن بعد هذا الحديث
المبهم عليها…..
نظرت لها حياة بارتياب واردات توضيح أكثر منها … اخبرتها ريم كل ماحدث……
تنهدت حياة بعد انتهى ريم من الحديث قائلة بامتنان
“الحمدلله….. ”
نظرت لها ريم باستغراب…
“أنتِ بتقولي الحمدلله على إيه مش فاهمه… ”
قالت حياة وهي تضع يدها على صدرها…
“كنت فكره….. انك متفقه مع وليد او ريهام…. مش عارفه الشيطان صورلي اني ممكن اخسرك وتصدم فيكِ…… ”
فغرت ريم شفتيها وإتسعت عيناها قائلة بصدمة
“انا ياحياة….. طيب مش هعتب عليكِ دلوقتي
لكن احكيلي ايه اللي وصل الموضوع مابينك أنتِ وسالم لفكرة الطلاق بسرعة ديه……. “

غامت عيون حياة مرة اخرة بحزنٍ أعمق… ثم
قالت بخفوت”هحكيلك…… ”
____________________________________
يجلس في مكتبه شارد الذهن….. لا يصدق انه قرر الفراق بينه وبينها….. هل هو قادر…. ام مجرد حديث في لحظة انفعال فقط…….. لن يتركها ولن يجرأ ولكن يهددها حتى تغير هذا العناد حتى تبدي بتمسك واصلاح زواجهم الذي أصبح على حافة الهاوية يهدد بسقوط ان تم إهماله أكثر من ذلك… هو على يقين ان المرأة اذا إرادة العيش مع رجلاً تحت اي ظرف بينهم ستفعل المستحيل لتصلح العلاقة وتحارب لدوام استمرارها….. وهذا ما يألم رجولته ان
(حياة) لا تحارب بلا لا تحاول بتاتاً
فعل اي شيء لأجل استمرار زواجهم وكان الأمر
برمته لا يعني لها !..
تنهد وهو يقنع نفسه انه يجب الإنتظار قليلاً ليرى
آثار كلماته عليها ان كانت تريده ستفعل مثل اي امرأة
تحافظ على زوجها وبيتها من الهدم أمام عينيها وان كانت لا تريده حتماً سترحب بقرار الطلاق !…
قد ترك لها زمام الأمور في هذا الشيء وعليها ان تخبره عن اختيارها الذي لن يظهر إلا بالافعال فقط…..
أنتبه لفنجان القهوة يوضع امام عينيه الشاردة ..
رفع عيناه على هذا الرجل الكبير المتقدم في العمر يعمل في المصنع ساعي خاص بمكتب لإدارة باكمله …
ابتسم له سالم وقال بامتنان…
“تعبتك معايا ياراجل ياطيب… ونزلتك انهارده من بيتك في ايام عيد واجازه….. ”
ابتسم العجوز قائلاً بحب واحترام لرب عمله..
“ولله العظيم يابيه مازعلان… مانت عارفني مش بحب قعدت البيت خالص…… وبعدين دا انت جمايلك مغرقاني انا عمري ماهنسى وقفتك جمبي انا وعيالي ومساعدتك لينا و…. ”
قاطعه سالم بعتاب…
“عم حسين احنا قولنا إيه… عيالك اخواتي الصغيرين وبعدين بلاش كلامك ده…. انت راجل طيب وربنا بيحبك وكان شيلك الأحسن وانا كنت مجرد سبب ”
“ربنا يكرمك يابيه……. ويطول في عمرك… ويكرمك بذرية الصالحة قادر ياكريم يارب…… ”
شاردا سالم وهو يبتسم بحزن …..وعيناه تأكد دعاء الرجل بأمل جديد….. يتمنى طفل يهون عليه فراق شقيقه الصغير (حسن) يتمنى طفل يحسن علاقته بملاذه العنيد…… ولكن ليس كل مايتمنه المرء
يدركه !…..فالكل قصة بداية باختيار القدر

ونهاية باختيار البشر !…
صدح الهاتف الارضي الموضوع على سطح المكتب
رفع السماعة…… ثم استمع الى الطرف الأخر
تحدث بعدها بعملية…
“تمام دخليه… وهاتلي الملف الـ(..) معاك…. ”
رفع عينيه وتأهب لهذا الاجتماع الحاسم والخاص ببناء مصنعه الجديد….
____________________________________
“معقول ياحياة… بعد كل الكلام ده وطلعتي من لاوضه وسبتيه كده عادي….. ”
اومات لها ببلاها….ثم قالت بانفعالاً حاد..
“امال اعمل إيه يعني….. ابوس ايده عشان ميطلقنيش……. ”
زفرت ريم بضيق …قائلة بتوبيخ لها…
“حياة أنتِ بجد هتشليني….. أنتِ اللي يسمع كلامك كده يقول إنك مش عايزاه ….ولي يشوف عياطك وزعلك من نص ساعة يقول بتموت في اللي خلفته…….اركزي كده وفهميني أنتِ عايزه سالم يطلقك ولا لا ……واهم من دا كله انتِ بتحبيه زي ماواضح قدامي ولا لاء… ”
حاولت حياة الفرار منها لتغير مجر الحديث بحرج…
“اي لازمة الاسئله دي كلها ياريم عندك حل يعني …….ولا فضول وخلاص….”
نظرت لها ريم بخبث قائلة …
“الحل اللي عندي واقف على الاجابه الى عند حضرِتك …..”
نظرت حياة لها بحرج ….لعدة دقائق ثم هتفت بنفاذ صبر بعد نظرات الأخرى المنتظرة أجابه حاسمة
منها….
“ايوه مش عايزاه يطلقني …..وااه اكتشفت امبارح
لم حسيت ان ممكن نبعد عن بعض واني مش هبقى مراته تاني اكتشفت اني ….اني ….”
نظرت لها ريم بسعادة واتسعت عينيها بفرح وقالت

بهيام ..”ها قوليها ونبي ….”
نظرت لها حياة بريبه…
“مالك يابنتي انتي اتجننتي ولا إيه …..”
مسكت ريم يدها وتنهدة بهيام أعمق مضحك ….
“اصل وانتِ بتكلمي عن الحب والفراق…. افتكرت قصة حبي بالفسدق فقولت اعيش شويه احلام اليقظه بتاعتي…. ”
إبتسمت حياة بسخرية عليها وعلى حالها أيضا….
“واضح كده اننا فقر…”
مطت ريم شفتيها بسأم…
“دي واضحه من زمان….. هو في حد بيعيش في نجع العرب وحاله بيتعدل يعني….”
“عندك حق…..طب وبعدين هنعمل إيه…
عادت ريم لحماسها وهي ترمق حياة بخبث
ثم قالت بمراوغه…
“كل حاجه في ايدك….. بقولك اي احنا بعد ايام العيد هننزل نشتري شوية هدوم من المول اللي لسه فاتح جديد… في قمصان نار هتعجبك اوي “غمزة لها ريم بعبث….
نظرت لها حياة وقالت بحرج….
“اي الإنحراف ده ياريم….مالها قمصان النوم بسالم.”
“يهبله ماهو ده اللي هيخلي سالم ينسى فكرة الطلاق نهائي…. شوية تغيير في شكلك ولبسك الجديد…. ابن عمي مش بس هينسى فكرة الطلاق
لا دا احتمال يحبسك في لاوضه ومتطلعيش منها تاني …. “ذهبت ريم من امامها بعد هذا الاقتراح الوقح….
صاحت حياة بحدة وخجل ….
“اااه يامنحرفه….. وانا اللي فكراكي بتكسفي من خيالك … ”
_____________________________________
دلف سالم من باب المنزل الكبير ليجد الجميع يجلس في صالون البيت ….الجدة راضية…. وحياة وابنتها وريم وريهام أيضاً……
تنحنح بخشونةٍ ….
“سلام عليكم…… ”
ردد الجميع السلام…… إلا حياة كانت تتطلع عليه بحزن تحاصر عيناه السوداء بجرأة واهتمام لم تعهدهم من قبل… اما سالم فرفع عينيه عليها

لثواني واسبلهم بصعوبةٍ عنها….. ملاذه مهلكة وكالمغناطيس تجذبه إليها … وهو لا يريد الانجذاب
ولشعور بالضعف مره آخره معها..
يجب التعامل معها بطريقة جديدة ليرى ردة فعلها على هذا…. وهل الفراق هو هدفها ام ستحاول إصلاح
ما دمر بينهم …
ابتسمت راضية قائلة بحنان….
“حمدل على السلامتك ياولدي….. دقايق و
البنات يجهزوه الغدا….. ”
نظر الى حياة التي مزالت عينيها عليه….
قال بنبرة ذات معنى لها ….
“لا انا مليش نفس… اتغدم أنتم.. “ثم صمت
برهة وتساءل بعدها…
“امال فين الحاج رافت….. ”
ردت الجدة بحرج عليه ….
“عند وليد في المستشفى……. ”
اشتعلت عينا سالم بغضب من تذكر اسم هذا الوغد
ابن عمه أومأ لها باقتضاب وهو يصعد بعدها
لغرفته…….
لكزة ريم حياة قائلة بضيق
“حياة اطلعي لسالم….. ”
نظرت لها حياة بتسائل
“ليه يعني…… ”
زفرت ريم بقلة صبر ثم قالت بهمس….
“بدأت اتشل…. يابنتي الراجل لسه جاي من الشغل قرفان وتعبان…. وعشان حضرتِك مزعلاه مش

عايز ياكل يبقى لازم تصرفي وتقنعيه ينزل
ياكل…. ”
مطت حياة شفتيها قائلة بتبرم …
“ربنا يستر من نصايحك المهببه….. خدي بالك من ورد لحد مانزل ……”
اكتفت ريم بايماءة بسيطة لها….. لتصعد حياة الدرج وهي تمسك قلبها بين يداها……
أطرقت على باب الغرفة التي استلقى بها سالم البارحة بعيداً عنها…… فتح باب غرفته وهو عاري
الصدر يرتدي بنطال قطني ويضع حول رقبته
منشفة……وتتساقط قطرات الماء من شعره الأسود الغزير……نظر لها ببرود قائلاً..
“في حاجه ياحياة….. عايزه حاجه…… ”
عضت على شفتيها …ثم صمتت قليلاً تجمع افكارها المشتته من اثار معاملته الجافة معها…
بلعت ما بحلقها وهي تقول بحرج
“انت مش هتاكل ياسالم….. ”
دلف الى الغرفة مره اخرى وتركها تقف على عتبت الباب ورد بفظاظة..
“واضح انك مخدتيش بالك اني قولت تحت اني مش عايز اكل……. ”
دلفت الى الغرفة واغلقت ألباب…. ثم سألته بصوتٍ ناعم…”طب ليه مش عايز تاكل… انت خرجت النهارده الصبح من غير اكل و”
“اي سر اهتمامك ده….”هتف لها ببرود وهو يمشط شعره امام المرآة ومزال يقف امامها عاري الصدر…
اقتربت منه وزمجرت بصوتٍ متذمر ….
“هو لازم يكون في سر وار أهتمامي بجوزي…. ”
ابتسم ساخراً وهو يميل براسه نحوها قليلاً..
“جوزك؟.. اي ده هي لسه وصله عندك اني جوزك… ”
اقتربت منه اكثر لتقف امامه قائلة بضيق
من سخريته..
“سالم انت بتعمل كده ليه معايا….. ”
نظر لها ببرود او بالأصح القناع الذي يحاول التخفي به من رغبته التي تحرقه الان من قربها ونظرت عينيها الحزينة…وايقونة صوتها الناعم..
تنهد بضيق يخفي نيران شوقه لها والذي إذآ
بدات ستبدأ بعناق وتنتهي بأشياء آخرى
صعب تخيلها إلا معها…
أبعد عينيه عنها بضيق
“إنتِ عايزه ايه بظبط …… “…
اقتربت منه اكثر ثم وضعت يداها حول عنقه
و مالت عليه قليلاً قائلة برقه…..
“وحشتني ياسالم….. ”
فغر شفتاه باندهاش وتطلع عليها بصدمة …ثم سرعان ما ابتسم بخبث ورد عليها بــــ
“شكراً…… ”
نظرت له بصدمة وضيق قائلة بدهشة..

“نعم….. هو المفروض ان ده رد.. ”
ابتسم بمكر وهو يميل عليها بهمس دغدغ انوثتها…
“بنسبه ليكِ ياملاذي هو ده الرد المناسب …”
اغمضت عينيها بضعف من قربه و أنفاسه الساخنة
التي تداعب عنقها بعبث حركته تلعب على اوتار آلأنثى داخلها..
مرر أصابعه على كامله عمودها الفقري الذي سارت به القشعريرة تحت لمساته….مالي على عنقها وتحسس نعومة ملمسه بشفتيه بدون ان يقبلها…
بدأت تشعر بالضعف والنشوة من عبثه هذا بها
مرت عدة ثواني معدودة قبل ان يبتعد عنها ببرود
تارك اياها بحالة صدمة ومهانة لانوثتها أمامه…وكأنها
في حلم وردي اللون فاقت منه على كابوس ذا
قواتم مريعه…
وقف عند الفراش وارتدى (تيشرت) الخاص به بهدواء مُميت لروحها المنكسرة من فعلته……
أسبلت بُنيتيها على الأرض بحرجٍ من برودة
معاملته وطريقة اذلاله لها
وكانه مصمم على قرار طلاقهم
هكذا ظنت ولم تحسبه عقاب لها حتى يعود لها
حين تُعيد التفكير في علاقتهم المتعثرة في
ذكريات الماضي….اما تنسى وتبدأ معه هو
او تنساه وتستمر في ماضيها وحياتها بدونه….
رفع عيناه عليها ببرود وكانه لم يفعل شيءٍ
منذ قليل معها…
“ياريت تقولي ليهم يحضرو الغدا لحسان جعان….”
خرج من غرفته وتركها تنظر له بذهول وحزن..
مرر يده على شعره بقوة وهو يتمتم داخله
بضيق……
“هنرجع ياحياة والله العظيم ماهطلقك وهنرجع …بس قبل مانرجع لازم اكون في نظرك جوزك……….جوزك ياحياة….. مش اخوه….”
_____________________________________
بعد مرور عدة أيام…
اوقف السيارة امام مبنى راقي الشكل عبارة عن عدة اقسام (مول) به كل شيء واي شيء تريده مكان مزدحم قليلاً وراقي أيضاً يحتوي على معظم الأشياء كثيرة الاستخدام…. ملابس…. اكسسورات بجميع انوعها…. مستحضرات تجميل…. عطور….. مواد غذائية وغيرها من الأشياء ذات الاحتياجات
المطلوبة لدى البعض …..
نظر سالم في مرآة سيارته لهم وهو يقول بهدوء

“مش يلا بينا ولا اي …..”
ابتسمت ريم بسعادة وحماس …
“ايوه يلا بينا نبدأ البذخ ياجدعان… ”
أبتسم سالم وهو يهز راسه بجزع من ثرثرت ابنة عمه…. ثم حول انظاره نحو حياة عبر المرآة قائلاً بمراوغه لها…
“وأنت هتبدأ البذخ امته ياعم الصمت…. ”
رفعت بُنيتيها الداكنة عليه بهدوء ثم ردت
بعدم اكترث بارد…
“متقلقش مش هصرف كتير…. انا قنوعه اوي…. ”
“هبله……”قالها داخله فهو يعلم إنها تتعامل معه بتحفز اكثر …من يوم ان أبتعد عنها بجفاء وسط اشتياقها له و رده البارد عليها حين تماسكت
بشجاعة وقالت له (وحشتني) كم كان يريد ان يرد عليها بالاكثر ولكن تماسك بثبات قليلاً فعلاقتهم في
نظره تحتاج لأشياء اقوى واكثر من كلمات غزل وحب…..
فاق من شروده على صوت ورد الصغيرة وهي
تهمس الى ريم ببراءة..
“خالتو ريم هو انا هنا هلاقي فساتين على
قدي…. ”
قبلتها ريم بحماس وهي تُجيبها بطفولة…
“ايو ياقلب خالتو دا انا هبهرك بكمية الفساتين اللي جوا المول وكلها على قدك طبعاً… ”
دلف الجميع الى المول…..
وقفت ريم ومسكت كف ورد بين يدها ومالت على حياة قائلة بمهس …
“حياه الدور اللي فوق ده على ايدك اليمين هتلاقيه
فيه الهدوم المشخلعه كلها…. ”
احتدت عينا حياة قائلة بشك…
“أنتِ بتوصفيلي المكان لي ياريم أنتِ مش هتيجي معايا ولا إيه…… ”
لم ترد عليها ريم بل هتفت بصوت عالٍ
قليلاً و أداء متقن …
“طب ياحياة استنيني أنتِ في الدور اللي فوق ده لحد ماشوف محل الأطفال ده عنده فساتين على قد ورد ولا لاء…. ”
حياة مسكت يدها بقوة وقالت من تحت أسنانها
“هاجي معاكِ…..عشان اشوف الفساتين على
ورد ”
ردت ريم بصوت عالٍ….
“لا طبعاً ياحياة اطلعي أنتِ اشتري طلباتك اللي محتجاها وسالم معاكِ …..وبلاش تشغلي بالك
بورد دي في عنيا دي بنت اختي برضه….. ”
اشتعلت عيون حياة وجزت على أسنانها بحدة
“ريم……. ”
قاطعها سالم بعدم اهتمام…
“خلاص ياحياة متقلقيش ريم معها التلفون وانا مسجل رقمها وبعدين هي هتشوف محل واحد

ولمول مليان محلات اكيد هتشتريلها تاني يعني
دا لو ريم جابت حاجه من المحل اللي عايزه تدخله
يلا أنتِ عشان تشوفي أنتِ عايز إيه….. “ثم نظر
الى ريم بأمر….
“بلاش تتاخري ياريم المول زحمه ….واول متطلعي من المحل رني عليا ….”
اومات ريم له بابتسامة بسيطة….
مسك كف حياة بين يده الرجولية الكبيرة
وقال بخشونة “يلا بينا ياحياة…. ”
رفعت عينيها عليه بتردد واشتعلت وجنتيها فجأه
من لمست يده المطبقة على كف يدها…..
مالت ريم عليها في هذا الوقت وقالت بخبث ..
“اي خدمه يايويو عَدي آلجمايل… وبلاش تنسي الانجري كتري فيهم وبذات الالون هاتيها كده مـ… ”
“أمشي من وشي ياريم الساعادي.. “هتفت بها حياة من تحت اسنانها بقهر من هذا الموقف الذي لا تحسد عليه ……اختفت ريم في رواق ما بعيد عن مرمى ابصارهم ……
نظر لها سالم وهو يتكأ على كف يدها اكثر بامتلاك
“مش يلا بينا…. ”
نظرت له بحرج لتمرر يدها الآخره بتوتر حول حجابها لتشغل عينيها بشيء وهمي ثم قالت بابتسامة يملأها الحرج…
“اااه طبعاً يلا بينا……. ربنا يستر.. ”
نظر لها باستغراب….. اتسعت هي ابتسامتها
ببلاها قائلة….
“انا من راي كفايه تسبيل…… ”
هز راسه وابتسم بيأس من تغير تقلباتها المزاجية
التي باتت واضحة لديه……..
“ها ياحياة هتشتري إيه….. “قال سالم حديثه وهو يتطلع عليها بتراقب…… ليجد عينيها الخجولة
تختلس النظر نحو مكاناً ما …..رفع عيناه على ماتنظر له ليجد محل خاص بملابس النساء …
نظرت له حياة بحرج وقالت بتردد….
“شكل الحاجه اللي انا عايزاها مش موجوده هنا.. ”
ابتسم لها بعبث وهو يسحبها من يدها قائلاً بمراوغه
“لا موجوده بس شكلك مش شايفه كويس…. ”
“سالم أنت واخدني على فين….. “قالتها وهي تحاول سباق خطواته السريعة ولو قليلاً…..
دلف بها الى المحل…….
ووقف معها امام بعض الملابس المكشوفة للمبيعات كعرض ….. قال بعبث ناظراً على شيءٍ معين..
“حلو اوي الاحمر دا ياحياة هيبقي حكايه عليكي
إيه… ”
شهقت بصدمة وهي تنظر له قائلة بضيق
“سالم……. انت بتقول إيه… ”
نظر لها وتصنع البراءة قائلاً…
“دا اقتراح بريء على فكره…… ”
قالت بحرج وتلعثم وهي تمرر يدها على
حجابها بحرج….
“سالم هو ينفع تستنى برا لحد ماخلص… ”
ابتسم على حرجها كان يود لو يظل اكثر معها يلعب على اوتار هذا الخجل الذيذ….. ولكنه فضل الان
الذهاب وترك لها مساحة خاصة فامزالت علاقتهم تحتاج بعض الوقت وهو سيعمل على هذا معها !….
وضع الفيزا كارت في كف يدها…..
ومال عليها قليلاً قبل ذهابه قائلاً بهمس وقح
“أختاري الاحمر ده عشان عايز اشوفه عليكِ… ”
وضع قبله حانية على وجنتها وخرج سريعاً…… اختفى عن مرمى ابصارها….
لاحت إبتسامة ناعمه ثغرها بخجل وهي تهز رأسها
بحرج…
“الانفصام وعميله….. بس شكلي حبيتك ياسالم….”
مسكت القميص الاحمر بين يديها وقالت بخجل لنفسها…..
“حلو اوي …….. هشتريه……. ”
بعد مدة خرجت من المكان لتجده ينتظرها يبدو عليه بعض الملل…. اقتربت منه وقالت بحرج..
” مش يلا بينا بقه لحسان اتاخرنا على ريم و
ورد اوي ….. ”
اوما له بصوتٍ رخيم…
“هم مستنين في الكفتريا تحت…. ”
اومات له وهي تسير بجواره…
قال بمزاح خفي…
“اشتريتي كل طلباتك….. ”
اكتفت بايماءة بسيطة له…..
نظر لها بمكر وقال بعبث….
“اي رايك في ذوقي….. حلو….. ”
ابتسمت بتردد ولم ترد عليه وابعدت راسها لناحية الآخرى….. ولكن ماثار الدهشة داخلها قليلاً انه ايقن انها اخذت ما اختاره لها….
___________________________________
بعد مرور اسبوعين في المشفى
“حمدال على سلامتك ياوليد اللهي تنقطع ايده المفتري ده……. “هتفت خوخه بضيق وحزن
زائف..
تأوه وليد بتعب وحقد…
“بقالي اسبوعين ياخوخه اسبوعين مش بعرف انزل من على السرير…. ابن الـ…… فشفش عضمي بس اقسم بالله ما سيبه لازم اقتله بايدي وشرب
من دمه ….”
ربتت على كتفه بحنان وهي تقول..

“ان شاء الله ياوليد المهم انت تقوملي بسلامه انا محتجاك جمبي اوي ياوليد….. ”
نظر لها وليد بغرابة متسائلا بشك….
“مالك ياخوخه في حاجه حصلت في النجع….
ابويه في حاجه…… ”
نظرت له خوخة وقالت بسرعه ونفي …
“لا ابوك بخير ولنجع زي ماهو كل واحد في حاله
انا بتكلم عليا انا ياوليد انا وانتَ و….. ” وضعت
يدها على بطنها بتردد ثم رفعت عينيها عليه لتجد عيناه اشتدت بغضب واشتعالة بعد ان فهم مقصدها بدون ان تكمل جملتها …..صاح بها بعصبية
“امته حصل ده …..”
ردت عليه بخوفٍ من ملامحه التي لا تبشر بالخير..
“انا لسه عارفه انهارده ..اني حامل بقلي شهر ”
صمت بضيق ثم قال ببرود عكس ملامحه
الرجولية المشتدة بغضب “ولمطلوب …..”
فغرت شفتيها من تصريحه الجليدي عليها ….
كانت تعلم هذا لن يعترف بطفل ابداً …..
“انتَ بتسالني انا انت عارف ان اللي في بطني
ده منك و …..”
قاطعها وهو يبتسم أمام وجهها بسماجه…
“كفايه دراما ياخوخه وسمعيني كويس ….اللي في بطنك ده ينزل وتنسي خالص الدراما المصريه دي عشان اتحرقت في كام فيلم هابط قبل كده ….انا مش هعترف ان ده ابني لان زي ماسلمتي جسمك ليا اكيد سلمتيه لغيري ….فا اعقلي كده ورجعي خوخه اللي اعرفها… لانك لو مسمعتيش كلامي هتزعلي جامد مني….. ومش بس كده دا انتي هتفتحي على نفسك ابوب جهنم لو فكرتي تعصي كلامي ….”
نظرت له بغضب قائلة بعناد وحدة…
“ابني مش هيموت ياوليد ….ولو في حد
المفروض يموت يبقى انتَ …..”
اخرجت السكينة التي كانت تخفيها في حقيبتها
من كثرة تعرضها لتحرش في مكان عملها كراقصة
في الموالد المزدحمة بالبشر ومنهم ووجوه اجرامية
تتعامل معها وتراها كل يوم ….رفعت السلاح امام وجه وليد الذي ابتسم بسماجه
قائلاً بلؤم…
“نزلي السكينة ياشاطره لحسان تتعوري ….”
بدأت ترتجف يدها الممسك بسكين وهتفت بشجاعة عكس ملامحها المتعرقة خوفٍ …
“هقتلك ياوليد …..”
نظر لها بتحدي…
“للاسف انتِ ضعف من انك تعمليها ياخوخه ….”
“ولي مقدرش اعملها…..وانت عاجز قدامي وجسمك كله مكسر ومش قادر تحركه……”
رد عليها بمنتهى السماجة …
“يمكن عشان عارف ان اهلك محتاجين للقرشين اللي بتاخديهم مني ……”
غرز هو سكينةٍ حادةٍ داخلها…. سلاح وهمي وضعه
بقلبها ولكنه أشد الم وقسوة عليها
قد تدرك بعد شراستك في الحياة انك اضعف
من ان تترك من هم يتعلقون بعنقك وينتظرون
منك الاكثر من العطاء …..هتفت بصدمة…
“عرفت طريق اهلي منين ….انا عمري ماجبت سيرتهم قدامك ……”
رد بسماجةٍ وغرور ….
“مفيش حاجه بعيد عليا …..ياريت تعقلي كده
وتسمعي الكلام من سكات ….وبعدين أنتِ
خسرانه اي انا انبسط معاكِي وأنتِ تاكلي اهلك بفلوسي…. المصالح مابينا مشتركه ياخوخه اعقلي كده ومضيعش كل حآجه عشان حتة عيل محدش عارف أبوه يبقى مين…”أنهى حديثه بنظرة مُهينة
لها……..
يتبع…
“حياة يــا حياة….. يلا اصحي كل ده نوم….. “

فتحت حياة عينيها بتعب وارهاق…. نظرت حولها ببنيتان مرهقتان تساءلت سريعاً وبلهفه…
“ريم……. هو سالم فين خرج ولا لسه في البيت…. “

ابتسمت ريم وهي تهز راسها بأستياء …
“وللهِ هبله وبتموتي فيه….سالم ياستي خرج من الساعة سابعه الصبح….. وحالياً يايويو الساعة انتشر الضهر ….”

نظرت لها بستفهام وحيرة..
“خرج ازاي لشغل …..دا النهارده تاني يومالعيد… “

رفعت ريم حاجبيها باستغراب لتتذكر شيئًا ما فقالت…
“ااه افتكرت …..لم كُنت قعده مع حني كان خارج
وقال قدمنا ان عنده أجتماع مع واحد من شركة مقولة دا بقه اللي هيتفق معاه على مقولة المصنع الجديد…..هو سالم مش حكيلك على موضوع الأرض اللي هيبني عليها مصنعه الجديد… “

نظرت لها بحزن….ثم تنهدت بتعب قائلة بمرارة..
“من امته وسالم بيحكيلي على حاجه تخصه ياريم … انتِ ناسيه يعني جوزنا كان إزاي..”
مطت شفتيها بشجن واكملت..
“و خلاص سالم قرار ينهي كل حاجه بينا …. “

نظرت لها ريم بعدم استيعاب … ثم جلست
بجوارها على حافة الفراش وتساءلت بقلق…
” معنى إيه الكلام ده ياحياة …انا مش فهمه
حاجه… “

نزلت دموعها وهي تتذكر حديث سالم مساءاً …
وبلعت غصة في حلقها بمرارة وهي تعيد كل كلمة نطقها أمامها بغضب وانفعال….

لماذا تبكي الان بكل هذا الندم الجالي عليهآ
الم تتشوق لهذا الطلاق من بداية ان عرض
عليها الزواج منه….
قد مر شهرين على هذا الرابط الذي جمعهم تحت سقف غرفةً واحده لن تنكر انه خُلق داخلها عدة أحاسيس عديدة مختلفة لم تتذوقها إلا بجواره..

حتى هناك ذكريات تحتوي على مشاعر دافئه ناعمة بداخلها تحثى بشوق دوماً له كلما تذكرت….اهتمامه وحنانه المبالغ فيه…قسوته… وبرودة ردود أفعاله معها….العناد والتحدي من كلاهما….
لمساتهم ومشاعرهم الحميمية في عدة دقائق تساوي العالم بأكمله لهم…… لكلاً منهم ذكرةٍ واحساس مختلف عن الآخر ، هل بعد كل تلك الاحاسيس التي تكن بها داخلها مزالت مهزوزة في إدراك حقيقة
فراقهم الذي سيتسبب بفوضة داخلها ولم تمر تلك المرحله مرور الكرام كما يظن كلاهما………

“ردي على ياحياة وكفايه سرحان ….انتِ قولتي ايه لسالم ولا هو قالك اي…… “هزت ريم كتفها بخفه لتفيق من شرودها وهي ترمقها ببنيتان يذرفان الدموع بعدم شعور منها…….

مسحت ريم دموع حياة بيدها قائلة بقلق…
” مالك بس ياحياة… هو الموضوع كبير ولا إيه…. “

رمت نفسها في احضان ريم وهتفت بانهيار
“سالم هيطلقني ياريم …….هيطلقني……..”

احتضنتها ريم بقلق وذهول…
“إيه اللي وصل الموضوع بينكم لكده….. اوعي
يكون عرف موضوع حبوب منع الحمل …..”

تحدثت وهي في احضانها بنفي…
“لا .. هو مضايق اني خبيت عليه موضوع زيارة وليد ليه في شليه إسكندريه… “

ابتعدت حياة عنها وهي تمسح وجهها بحزن …

نظرت لها ريم قائلة بخزي من نفسها…
“انا آسفه ياحياة….. واضح ان انا كنت سبب المشكله اللي هتكبر بسببي ….. “

رفعت حياة عينيها عليها بصدمة.. ثم هتفت
بخوف من ان تخسر صديقتها الآن بعد هذا الحديث
المبهم عليها…..

نظرت لها حياة بارتياب واردات توضيح أكثر منها … اخبرتها ريم كل ماحدث……

تنهدت حياة بعد انتهى ريم من الحديث قائلة بامتنان
“الحمدلله….. “

نظرت لها ريم باستغراب…
“أنتِ بتقولي الحمدلله على إيه مش فاهمه… “

قالت حياة وهي تضع يدها على صدرها…
“كنت فكره….. انك متفقه مع وليد او ريهام…. مش عارفه الشيطان صورلي اني ممكن اخسرك وتصدم فيكِ…… “

فغرت ريم شفتيها وإتسعت عيناها قائلة بصدمة
“انا ياحياة….. طيب مش هعتب عليكِ دلوقتي
لكن احكيلي ايه اللي وصل الموضوع مابينك أنتِ وسالم لفكرة الطلاق بسرعة ديه……. “

غامت عيون حياة مرة اخرة بحزنٍ أعمق… ثم
قالت بخفوت”هحكيلك…… ”
____________________________________
يجلس في مكتبه شارد الذهن….. لا يصدق انه قرر الفراق بينه وبينها….. هل هو قادر…. ام مجرد حديث في لحظة انفعال فقط…….. لن يتركها ولن يجرأ ولكن يهددها حتى تغير هذا العناد حتى تبدي بتمسك واصلاح زواجهم الذي أصبح على حافة الهاوية يهدد بسقوط ان تم إهماله أكثر من ذلك… هو على يقين ان المرأة اذا إرادة العيش مع رجلاً تحت اي ظرف بينهم ستفعل المستحيل لتصلح العلاقة وتحارب لدوام استمرارها….. وهذا ما يألم رجولته ان
(حياة) لا تحارب بلا لا تحاول بتاتاً
فعل اي شيء لأجل استمرار زواجهم وكان الأمر
برمته لا يعني لها !..

تنهد وهو يقنع نفسه انه يجب الإنتظار قليلاً ليرى
آثار كلماته عليها ان كانت تريده ستفعل مثل اي امرأة
تحافظ على زوجها وبيتها من الهدم أمام عينيها وان كانت لا تريده حتماً سترحب بقرار الطلاق !…

قد ترك لها زمام الأمور في هذا الشيء وعليها ان تخبره عن اختيارها الذي لن يظهر إلا بالافعال فقط…..

أنتبه لفنجان القهوة يوضع امام عينيه الشاردة ..
رفع عيناه على هذا الرجل الكبير المتقدم في العمر يعمل في المصنع ساعي خاص بمكتب لإدارة باكمله …

ابتسم له سالم وقال بامتنان…
“تعبتك معايا ياراجل ياطيب… ونزلتك انهارده من بيتك في ايام عيد واجازه….. “

ابتسم العجوز قائلاً بحب واحترام لرب عمله..
“ولله العظيم يابيه مازعلان… مانت عارفني مش بحب قعدت البيت خالص…… وبعدين دا انت جمايلك مغرقاني انا عمري ماهنسى وقفتك جمبي انا وعيالي ومساعدتك لينا و…. “

قاطعه سالم بعتاب…
“عم حسين احنا قولنا إيه… عيالك اخواتي الصغيرين وبعدين بلاش كلامك ده…. انت راجل طيب وربنا بيحبك وكان شيلك الأحسن وانا كنت مجرد سبب “

“ربنا يكرمك يابيه……. ويطول في عمرك… ويكرمك بذرية الصالحة قادر ياكريم يارب…… “

شاردا سالم وهو يبتسم بحزن …..وعيناه تأكد دعاء الرجل بأمل جديد….. يتمنى طفل يهون عليه فراق شقيقه الصغير (حسن) يتمنى طفل يحسن علاقته بملاذه العنيد…… ولكن ليس كل مايتمنه المرء
يدركه !…..فالكل قصة بداية باختيار القدر
ونهاية باختيار البشر !…

صدح الهاتف الارضي الموضوع على سطح المكتب
رفع السماعة…… ثم استمع الى الطرف الأخر
تحدث بعدها بعملية…
“تمام دخليه… وهاتلي الملف الـ(..) معاك…. “

رفع عينيه وتأهب لهذا الاجتماع الحاسم والخاص ببناء مصنعه الجديد….
____________________________________
“معقول ياحياة… بعد كل الكلام ده وطلعتي من لاوضه وسبتيه كده عادي….. “

اومات لها ببلاها….ثم قالت بانفعالاً حاد..
“امال اعمل إيه يعني….. ابوس ايده عشان ميطلقنيش……. “

زفرت ريم بضيق …قائلة بتوبيخ لها…
“حياة أنتِ بجد هتشليني….. أنتِ اللي يسمع كلامك كده يقول إنك مش عايزاه ….ولي يشوف عياطك وزعلك من نص ساعة يقول بتموت في اللي خلفته…….اركزي كده وفهميني أنتِ عايزه سالم يطلقك ولا لا ……واهم من دا كله انتِ بتحبيه زي ماواضح قدامي ولا لاء… “

حاولت حياة الفرار منها لتغير مجر الحديث بحرج…
“اي لازمة الاسئله دي كلها ياريم عندك حل يعني …….ولا فضول وخلاص….”

نظرت لها ريم بخبث قائلة …
“الحل اللي عندي واقف على الاجابه الى عند حضرِتك …..”

نظرت حياة لها بحرج ….لعدة دقائق ثم هتفت بنفاذ صبر بعد نظرات الأخرى المنتظرة أجابه حاسمة
منها….

“ايوه مش عايزاه يطلقني …..وااه اكتشفت امبارح
لم حسيت ان ممكن نبعد عن بعض واني مش هبقى مراته تاني اكتشفت اني ….اني ….”

نظرت لها ريم بسعادة واتسعت عينيها بفرح وقالت
بهيام ..”ها قوليها ونبي ….”

نظرت لها حياة بريبه…
“مالك يابنتي انتي اتجننتي ولا إيه …..”

مسكت ريم يدها وتنهدة بهيام أعمق مضحك ….
“اصل وانتِ بتكلمي عن الحب والفراق…. افتكرت قصة حبي بالفسدق فقولت اعيش شويه احلام اليقظه بتاعتي…. “

إبتسمت حياة بسخرية عليها وعلى حالها أيضا….
“واضح كده اننا فقر…”

مطت ريم شفتيها بسأم…
“دي واضحه من زمان….. هو في حد بيعيش في نجع العرب وحاله بيتعدل يعني….”

“عندك حق…..طب وبعدين هنعمل إيه…

عادت ريم لحماسها وهي ترمق حياة بخبث
ثم قالت بمراوغه…
“كل حاجه في ايدك….. بقولك اي احنا بعد ايام العيد هننزل نشتري شوية هدوم من المول اللي لسه فاتح جديد… في قمصان نار هتعجبك اوي “غمزة لها ريم بعبث….

نظرت لها حياة وقالت بحرج….
“اي الإنحراف ده ياريم….مالها قمصان النوم بسالم.”

“يهبله ماهو ده اللي هيخلي سالم ينسى فكرة الطلاق نهائي…. شوية تغيير في شكلك ولبسك الجديد…. ابن عمي مش بس هينسى فكرة الطلاق
لا دا احتمال يحبسك في لاوضه ومتطلعيش منها تاني …. “ذهبت ريم من امامها بعد هذا الاقتراح الوقح….

صاحت حياة بحدة وخجل ….
“اااه يامنحرفه….. وانا اللي فكراكي بتكسفي من خيالك … ”
_____________________________________
دلف سالم من باب المنزل الكبير ليجد الجميع يجلس في صالون البيت ….الجدة راضية…. وحياة وابنتها وريم وريهام أيضاً……

تنحنح بخشونةٍ ….
“سلام عليكم…… “

ردد الجميع السلام…… إلا حياة كانت تتطلع عليه بحزن تحاصر عيناه السوداء بجرأة واهتمام لم تعهدهم من قبل… اما سالم فرفع عينيه عليها
لثواني واسبلهم بصعوبةٍ عنها….. ملاذه مهلكة وكالمغناطيس تجذبه إليها … وهو لا يريد الانجذاب
ولشعور بالضعف مره آخره معها..

يجب التعامل معها بطريقة جديدة ليرى ردة فعلها على هذا…. وهل الفراق هو هدفها ام ستحاول إصلاح
ما دمر بينهم …

ابتسمت راضية قائلة بحنان….
“حمدل على السلامتك ياولدي….. دقايق و
البنات يجهزوه الغدا….. “

نظر الى حياة التي مزالت عينيها عليه….

قال بنبرة ذات معنى لها ….
“لا انا مليش نفس… اتغدم أنتم.. “ثم صمت
برهة وتساءل بعدها…
“امال فين الحاج رافت….. “

ردت الجدة بحرج عليه ….
“عند وليد في المستشفى……. “

اشتعلت عينا سالم بغضب من تذكر اسم هذا الوغد
ابن عمه أومأ لها باقتضاب وهو يصعد بعدها
لغرفته…….

لكزة ريم حياة قائلة بضيق
“حياة اطلعي لسالم….. “

نظرت لها حياة بتسائل
“ليه يعني…… “

زفرت ريم بقلة صبر ثم قالت بهمس….
“بدأت اتشل…. يابنتي الراجل لسه جاي من الشغل قرفان وتعبان…. وعشان حضرتِك مزعلاه مش
عايز ياكل يبقى لازم تصرفي وتقنعيه ينزل
ياكل…. “

مطت حياة شفتيها قائلة بتبرم …
“ربنا يستر من نصايحك المهببه….. خدي بالك من ورد لحد مانزل ……”

اكتفت ريم بايماءة بسيطة لها….. لتصعد حياة الدرج وهي تمسك قلبها بين يداها……

أطرقت على باب الغرفة التي استلقى بها سالم البارحة بعيداً عنها…… فتح باب غرفته وهو عاري
الصدر يرتدي بنطال قطني ويضع حول رقبته
منشفة……وتتساقط قطرات الماء من شعره الأسود الغزير……نظر لها ببرود قائلاً..
“في حاجه ياحياة….. عايزه حاجه…… “

عضت على شفتيها …ثم صمتت قليلاً تجمع افكارها المشتته من اثار معاملته الجافة معها…
بلعت ما بحلقها وهي تقول بحرج
“انت مش هتاكل ياسالم….. “

دلف الى الغرفة مره اخرى وتركها تقف على عتبت الباب ورد بفظاظة..
“واضح انك مخدتيش بالك اني قولت تحت اني مش عايز اكل……. “

دلفت الى الغرفة واغلقت ألباب…. ثم سألته بصوتٍ ناعم…”طب ليه مش عايز تاكل… انت خرجت النهارده الصبح من غير اكل و”

“اي سر اهتمامك ده….”هتف لها ببرود وهو يمشط شعره امام المرآة ومزال يقف امامها عاري الصدر…

اقتربت منه وزمجرت بصوتٍ متذمر ….
“هو لازم يكون في سر وار أهتمامي بجوزي…. “

ابتسم ساخراً وهو يميل براسه نحوها قليلاً..
“جوزك؟.. اي ده هي لسه وصله عندك اني جوزك… “

اقتربت منه اكثر لتقف امامه قائلة بضيق
من سخريته..
“سالم انت بتعمل كده ليه معايا….. “

نظر لها ببرود او بالأصح القناع الذي يحاول التخفي به من رغبته التي تحرقه الان من قربها ونظرت عينيها الحزينة…وايقونة صوتها الناعم..
تنهد بضيق يخفي نيران شوقه لها والذي إذآ
بدات ستبدأ بعناق وتنتهي بأشياء آخرى
صعب تخيلها إلا معها…

أبعد عينيه عنها بضيق
“إنتِ عايزه ايه بظبط …… “…

اقتربت منه اكثر ثم وضعت يداها حول عنقه
و مالت عليه قليلاً قائلة برقه…..

“وحشتني ياسالم….. “

فغر شفتاه باندهاش وتطلع عليها بصدمة …ثم سرعان ما ابتسم بخبث ورد عليها بــــ
“شكراً…… “

نظرت له بصدمة وضيق قائلة بدهشة..
“نعم….. هو المفروض ان ده رد.. “

ابتسم بمكر وهو يميل عليها بهمس دغدغ انوثتها…
“بنسبه ليكِ ياملاذي هو ده الرد المناسب …”

اغمضت عينيها بضعف من قربه و أنفاسه الساخنة
التي تداعب عنقها بعبث حركته تلعب على اوتار آلأنثى داخلها..

مرر أصابعه على كامله عمودها الفقري الذي سارت به القشعريرة تحت لمساته….مالي على عنقها وتحسس نعومة ملمسه بشفتيه بدون ان يقبلها…

بدأت تشعر بالضعف والنشوة من عبثه هذا بها

مرت عدة ثواني معدودة قبل ان يبتعد عنها ببرود
تارك اياها بحالة صدمة ومهانة لانوثتها أمامه…وكأنها
في حلم وردي اللون فاقت منه على كابوس ذا
قواتم مريعه…

وقف عند الفراش وارتدى (تيشرت) الخاص به بهدواء مُميت لروحها المنكسرة من فعلته……

أسبلت بُنيتيها على الأرض بحرجٍ من برودة
معاملته وطريقة اذلاله لها

وكانه مصمم على قرار طلاقهم

هكذا ظنت ولم تحسبه عقاب لها حتى يعود لها
حين تُعيد التفكير في علاقتهم المتعثرة في
ذكريات الماضي….اما تنسى وتبدأ معه هو
او تنساه وتستمر في ماضيها وحياتها بدونه….

رفع عيناه عليها ببرود وكانه لم يفعل شيءٍ
منذ قليل معها…
“ياريت تقولي ليهم يحضرو الغدا لحسان جعان….”

خرج من غرفته وتركها تنظر له بذهول وحزن..

مرر يده على شعره بقوة وهو يتمتم داخله
بضيق……
“هنرجع ياحياة والله العظيم ماهطلقك وهنرجع …بس قبل مانرجع لازم اكون في نظرك جوزك……….جوزك ياحياة….. مش اخوه….”
_____________________________________
بعد مرور عدة أيام…

اوقف السيارة امام مبنى راقي الشكل عبارة عن عدة اقسام (مول) به كل شيء واي شيء تريده مكان مزدحم قليلاً وراقي أيضاً يحتوي على معظم الأشياء كثيرة الاستخدام…. ملابس…. اكسسورات بجميع انوعها…. مستحضرات تجميل…. عطور….. مواد غذائية وغيرها من الأشياء ذات الاحتياجات
المطلوبة لدى البعض …..

نظر سالم في مرآة سيارته لهم وهو يقول بهدوء
“مش يلا بينا ولا اي …..”

ابتسمت ريم بسعادة وحماس …
“ايوه يلا بينا نبدأ البذخ ياجدعان… “

أبتسم سالم وهو يهز راسه بجزع من ثرثرت ابنة عمه…. ثم حول انظاره نحو حياة عبر المرآة قائلاً بمراوغه لها…
“وأنت هتبدأ البذخ امته ياعم الصمت…. “

رفعت بُنيتيها الداكنة عليه بهدوء ثم ردت
بعدم اكترث بارد…
“متقلقش مش هصرف كتير…. انا قنوعه اوي…. “

“هبله……”قالها داخله فهو يعلم إنها تتعامل معه بتحفز اكثر …من يوم ان أبتعد عنها بجفاء وسط اشتياقها له و رده البارد عليها حين تماسكت
بشجاعة وقالت له (وحشتني) كم كان يريد ان يرد عليها بالاكثر ولكن تماسك بثبات قليلاً فعلاقتهم في
نظره تحتاج لأشياء اقوى واكثر من كلمات غزل وحب…..

فاق من شروده على صوت ورد الصغيرة وهي
تهمس الى ريم ببراءة..
“خالتو ريم هو انا هنا هلاقي فساتين على
قدي…. “

قبلتها ريم بحماس وهي تُجيبها بطفولة…
“ايو ياقلب خالتو دا انا هبهرك بكمية الفساتين اللي جوا المول وكلها على قدك طبعاً… “

دلف الجميع الى المول…..

وقفت ريم ومسكت كف ورد بين يدها ومالت على حياة قائلة بمهس …
“حياه الدور اللي فوق ده على ايدك اليمين هتلاقيه
فيه الهدوم المشخلعه كلها…. “

احتدت عينا حياة قائلة بشك…
“أنتِ بتوصفيلي المكان لي ياريم أنتِ مش هتيجي معايا ولا إيه…… “

لم ترد عليها ريم بل هتفت بصوت عالٍ
قليلاً و أداء متقن …
“طب ياحياة استنيني أنتِ في الدور اللي فوق ده لحد ماشوف محل الأطفال ده عنده فساتين على قد ورد ولا لاء…. “

حياة مسكت يدها بقوة وقالت من تحت أسنانها
“هاجي معاكِ…..عشان اشوف الفساتين على
ورد “

ردت ريم بصوت عالٍ….
“لا طبعاً ياحياة اطلعي أنتِ اشتري طلباتك اللي محتجاها وسالم معاكِ …..وبلاش تشغلي بالك
بورد دي في عنيا دي بنت اختي برضه….. “

اشتعلت عيون حياة وجزت على أسنانها بحدة
“ريم……. “

قاطعها سالم بعدم اهتمام…
“خلاص ياحياة متقلقيش ريم معها التلفون وانا مسجل رقمها وبعدين هي هتشوف محل واحد
ولمول مليان محلات اكيد هتشتريلها تاني يعني
دا لو ريم جابت حاجه من المحل اللي عايزه تدخله
يلا أنتِ عشان تشوفي أنتِ عايز إيه….. “ثم نظر
الى ريم بأمر….
“بلاش تتاخري ياريم المول زحمه ….واول متطلعي من المحل رني عليا ….”

اومات ريم له بابتسامة بسيطة….

مسك كف حياة بين يده الرجولية الكبيرة
وقال بخشونة “يلا بينا ياحياة…. “

رفعت عينيها عليه بتردد واشتعلت وجنتيها فجأه
من لمست يده المطبقة على كف يدها…..

مالت ريم عليها في هذا الوقت وقالت بخبث ..
“اي خدمه يايويو عَدي آلجمايل… وبلاش تنسي الانجري كتري فيهم وبذات الالون هاتيها كده مـ… “

“أمشي من وشي ياريم الساعادي.. “هتفت بها حياة من تحت اسنانها بقهر من هذا الموقف الذي لا تحسد عليه ……اختفت ريم في رواق ما بعيد عن مرمى ابصارهم ……

نظر لها سالم وهو يتكأ على كف يدها اكثر بامتلاك
“مش يلا بينا…. ”
نظرت له بحرج لتمرر يدها الآخره بتوتر حول حجابها لتشغل عينيها بشيء وهمي ثم قالت بابتسامة يملأها الحرج…
“اااه طبعاً يلا بينا……. ربنا يستر.. “

نظر لها باستغراب….. اتسعت هي ابتسامتها
ببلاها قائلة….
“انا من راي كفايه تسبيل…… “

هز راسه وابتسم بيأس من تغير تقلباتها المزاجية
التي باتت واضحة لديه……..

“ها ياحياة هتشتري إيه….. “قال سالم حديثه وهو يتطلع عليها بتراقب…… ليجد عينيها الخجولة
تختلس النظر نحو مكاناً ما …..رفع عيناه على ماتنظر له ليجد محل خاص بملابس النساء …

نظرت له حياة بحرج وقالت بتردد….
“شكل الحاجه اللي انا عايزاها مش موجوده هنا.. “

ابتسم لها بعبث وهو يسحبها من يدها قائلاً بمراوغه
“لا موجوده بس شكلك مش شايفه كويس…. “

“سالم أنت واخدني على فين….. “قالتها وهي تحاول سباق خطواته السريعة ولو قليلاً…..

دلف بها الى المحل…….
ووقف معها امام بعض الملابس المكشوفة للمبيعات كعرض ….. قال بعبث ناظراً على شيءٍ معين..
“حلو اوي الاحمر دا ياحياة هيبقي حكايه عليكي
إيه… “

شهقت بصدمة وهي تنظر له قائلة بضيق
“سالم……. انت بتقول إيه… “

نظر لها وتصنع البراءة قائلاً…
“دا اقتراح بريء على فكره…… “

قالت بحرج وتلعثم وهي تمرر يدها على
حجابها بحرج….
“سالم هو ينفع تستنى برا لحد ماخلص… “

ابتسم على حرجها كان يود لو يظل اكثر معها يلعب على اوتار هذا الخجل الذيذ….. ولكنه فضل الان
الذهاب وترك لها مساحة خاصة فامزالت علاقتهم تحتاج بعض الوقت وهو سيعمل على هذا معها !….

وضع الفيزا كارت في كف يدها…..
ومال عليها قليلاً قبل ذهابه قائلاً بهمس وقح
“أختاري الاحمر ده عشان عايز اشوفه عليكِ… “

وضع قبله حانية على وجنتها وخرج سريعاً…… اختفى عن مرمى ابصارها….

لاحت إبتسامة ناعمه ثغرها بخجل وهي تهز رأسها
بحرج…
“الانفصام وعميله….. بس شكلي حبيتك ياسالم….”

مسكت القميص الاحمر بين يديها وقالت بخجل لنفسها…..
“حلو اوي …….. هشتريه……. “

بعد مدة خرجت من المكان لتجده ينتظرها يبدو عليه بعض الملل…. اقتربت منه وقالت بحرج..
” مش يلا بينا بقه لحسان اتاخرنا على ريم و
ورد اوي ….. “

اوما له بصوتٍ رخيم…
“هم مستنين في الكفتريا تحت…. “

اومات له وهي تسير بجواره…

قال بمزاح خفي…
“اشتريتي كل طلباتك….. “

اكتفت بايماءة بسيطة له…..

نظر لها بمكر وقال بعبث….
“اي رايك في ذوقي….. حلو….. “

ابتسمت بتردد ولم ترد عليه وابعدت راسها لناحية الآخرى….. ولكن ماثار الدهشة داخلها قليلاً انه ايقن انها اخذت ما اختاره لها….
___________________________________
بعد مرور اسبوعين في المشفى

“حمدال على سلامتك ياوليد اللهي تنقطع ايده المفتري ده……. “هتفت خوخه بضيق وحزن
زائف..

تأوه وليد بتعب وحقد…
“بقالي اسبوعين ياخوخه اسبوعين مش بعرف انزل من على السرير…. ابن الـ…… فشفش عضمي بس اقسم بالله ما سيبه لازم اقتله بايدي وشرب
من دمه ….”

ربتت على كتفه بحنان وهي تقول..
“ان شاء الله ياوليد المهم انت تقوملي بسلامه انا محتجاك جمبي اوي ياوليد….. “

نظر لها وليد بغرابة متسائلا بشك….
“مالك ياخوخه في حاجه حصلت في النجع….
ابويه في حاجه…… “

نظرت له خوخة وقالت بسرعه ونفي …
“لا ابوك بخير ولنجع زي ماهو كل واحد في حاله
انا بتكلم عليا انا ياوليد انا وانتَ و….. ” وضعت
يدها على بطنها بتردد ثم رفعت عينيها عليه لتجد عيناه اشتدت بغضب واشتعالة بعد ان فهم مقصدها بدون ان تكمل جملتها …..صاح بها بعصبية
“امته حصل ده …..”

ردت عليه بخوفٍ من ملامحه التي لا تبشر بالخير..
“انا لسه عارفه انهارده ..اني حامل بقلي شهر “

صمت بضيق ثم قال ببرود عكس ملامحه
الرجولية المشتدة بغضب “ولمطلوب …..”

فغرت شفتيها من تصريحه الجليدي عليها ….

كانت تعلم هذا لن يعترف بطفل ابداً …..
“انتَ بتسالني انا انت عارف ان اللي في بطني
ده منك و …..”

قاطعها وهو يبتسم أمام وجهها بسماجه…
“كفايه دراما ياخوخه وسمعيني كويس ….اللي في بطنك ده ينزل وتنسي خالص الدراما المصريه دي عشان اتحرقت في كام فيلم هابط قبل كده ….انا مش هعترف ان ده ابني لان زي ماسلمتي جسمك ليا اكيد سلمتيه لغيري ….فا اعقلي كده ورجعي خوخه اللي اعرفها… لانك لو مسمعتيش كلامي هتزعلي جامد مني….. ومش بس كده دا انتي هتفتحي على نفسك ابوب جهنم لو فكرتي تعصي كلامي ….”

نظرت له بغضب قائلة بعناد وحدة…
“ابني مش هيموت ياوليد ….ولو في حد
المفروض يموت يبقى انتَ …..”

اخرجت السكينة التي كانت تخفيها في حقيبتها
من كثرة تعرضها لتحرش في مكان عملها كراقصة
في الموالد المزدحمة بالبشر ومنهم ووجوه اجرامية
تتعامل معها وتراها كل يوم ….رفعت السلاح امام وجه وليد الذي ابتسم بسماجه
قائلاً بلؤم…
“نزلي السكينة ياشاطره لحسان تتعوري ….”

بدأت ترتجف يدها الممسك بسكين وهتفت بشجاعة عكس ملامحها المتعرقة خوفٍ …
“هقتلك ياوليد …..”

نظر لها بتحدي…
“للاسف انتِ ضعف من انك تعمليها ياخوخه ….”

“ولي مقدرش اعملها…..وانت عاجز قدامي وجسمك كله مكسر ومش قادر تحركه……”

رد عليها بمنتهى السماجة …
“يمكن عشان عارف ان اهلك محتاجين للقرشين اللي بتاخديهم مني ……”

غرز هو سكينةٍ حادةٍ داخلها…. سلاح وهمي وضعه
بقلبها ولكنه أشد الم وقسوة عليها

قد تدرك بعد شراستك في الحياة انك اضعف
من ان تترك من هم يتعلقون بعنقك وينتظرون
منك الاكثر من العطاء …..هتفت بصدمة…
“عرفت طريق اهلي منين ….انا عمري ماجبت سيرتهم قدامك ……”

رد بسماجةٍ وغرور ….
“مفيش حاجه بعيد عليا …..ياريت تعقلي كده
وتسمعي الكلام من سكات ….وبعدين أنتِ
خسرانه اي انا انبسط معاكِي وأنتِ تاكلي اهلك بفلوسي…. المصالح مابينا مشتركه ياخوخه اعقلي كده ومضيعش كل حآجه عشان حتة عيل محدش عارف أبوه يبقى مين…”أنهى حديثه بنظرة مُهينة
لها……..
يتبع…
كانت تجلس على الفراش بهدوء وبُنيتاها شاردة به
تبتسم تارة وتخجل تارةٍ أخره، وكانت يداها
لا تفارق هذهِ العقد الذهبي الذي أهداه سالم لها
مررت أصابعها على الاسم المحفور عليها
(ملاذ الحياة)للتتذكر حديث سالم صباحاً قبل
ذاهبه للعمل…….
دخلت بهدوء وفي يدها صنية عليها أطعمة الإفطار
رفعت عينيها عليه لتجده يقف امام المرآة يمشط شعره الغزير وعيناه شارده في مكان اخر…….
وضعت صنية الطعام على طاولة الصغيرة في الغرفة…
سارت على أطراف أصابعها بخبث وهي تقترب منه
بمشاكسة ،كادت ان تقترب منه لكنها وجدت الأرض تنسحب فجأه من تحت قدميها وجسدها بأكمله مرفوع قليلاً للأعلى بيد سالم القويتان !..
هتف سالم بمراوغه ……
“كده ياوحش عايز تخضني ينفع برضه… ”
ضحكت حياة بخفوت وهي تقول بإحباط…

 

 

“وحش إيه بقه هو انا لحقت ….شكلك مكنتش سرحان ولا حاجه وبتشتغلني…… ”
نظر لها بمكر وهو يسألها بعبث…….
“وانت كنت ناوي تعمل إيه ياوحش……. ”
كادت ان تعلق وسط ضحكتها على هذا الإسم الغريب والذي اول مره يناديها به…. ولكنها
ردت ببراءة..
“كنت ناويه اخضك بس…… ”
“بس؟….. تخضيني انا راحت الهيبه…. “هتف وهو مزال يرفعها على يداه و رأسها للأعلى يسند على رأسه يحملها وكانها طفله في العاشرة….. قالت بخجل وهي تبتسم على تعليقه….
“طب نزلني بقه ياسالم……. ”
نظر لها بلؤم..
“ولمقابل…….. ”
“هاااا مقابل إيه مش فهمه….. “تطلعت عليه بعدم فهم….
“لا… ازعل بجد ركز معايا ياوحش شوية دلوقتي انا هنزلك على الأرض مافيش حاجه بالمقابل وانتي متشعلقه فوق كده….. ”
حدقت به باستفهام ثم هتفت بجرأة باتت بها فقط
معه “بوسه ولا حضن…. ”
رفع حاجبه الأيمن بصدمة سرعان ما انفجر ضاحكاً
ابتسمت هي بحرج وهي تعض على شفتها السفلى
من وقاحة لسانها الذي يتجرأ فقط امام سالم شاهين بدون تردد…
رد عليها بعد ان انتهى من ضحكاته الرجولية…
“انتِ تفضلي إيه ياملاذي….. ”
لم ترد عليه لكن رفعت بُنيتيها الداكنة نحوه فترجم سريعاً احتياجها….
أنزلها على الأرض واقترب منها وضمها إليه كان عناقه دافئ حاني….. كانت تشعر انها في ساحتها
الخاصة…كم تعشق أحضانه من يوم ان تذوقتها
في اول شهر جواز لهم …..لن تنكر احساسها
بين احضانه ولأمان الذي يغمرها معه..
كانت تنكر في البداية تلك الاحاسيس حتى لنفسها ولكنها لم تنسى يوماً دفء ذراعه واشتياقها لتجربة عناقه في كل مرة يقف بها امامها…..
“ازاي عرفت…… “هتفت وهي تضع يدها حول خصره الرجولي المنحوت…
قبل كتفها الأيسر قائلاً بحنان
“إحساس مش أكتر…. ”
“تعرف أني بحب حضنك اوي… “قالت عبارتها له بتردد…..
ضمها برجولية وحنان طغى عليها…
“وانا بعشق قربك ياملاذي…. عايز افضل في حضنك لحد اخر نفس فى عمري…..”
“بعد شر عليك ياحبيبي ربنا يخليك ليا…”
“ويخليكي ليا…..بحبك…”قالها وهو يقبل قمة رأسها مُستنشق عبير شعرها بادمان…
“وانا بموت فيك….”
طرق على الباب قطع خلوتهم ببعضهم ابتعد
عن أحضانها بصعوبة وعلى مضض.. ذهبت حياة لتفتح باب الغرفة….. دخلت ورد بتزمر وعبس وجلست على حافة الفراش سريعاً بحنق …
راقبها سالم بأستفهام….
جلست بجانبها حياة متسائلة بقلق ….
“مالك ياحبيبتي زعلانه كده ليه…… ”
مطت الصغيرة شفتيها قائلة بعبوس….
“ماما انا زهقت من القعدة لوحدي…. انا عايزه اجيب سلمى صاحبتي هنا البيت تقعد معايا انا مش بشوف صحابي غير في الحضانه بس وزهقت من القاعده دي ….”
مررت حياة يدها على شعر ابنتها قائلة بحنان أم
“خلاص ياقلب ماما….خلي صحابك يجه
يقعده معاكِ ساعتين كل يوم عشان تلحقه تلعبو سوا… ”
هتفت ورد ببراءة طفله تتحدث بمنتهى الصراحة…
“مش بيوفقه ياماما …. اصل هم عندهم أخوات وبيلعبو معاهم ….ماما هو انا ليه معنديش اخوات
زي سلمى وميار صاحبي…. ”
رفعت حياة عينيها بتوتر على سالم الذي كان يتابع الحديث باهتمام وحين وصل الحديث الى تلك النقطة صب انظاره على حياة باهتمام بانتظار
ردها على سؤال ابنتها الصغيرة……..

 

 

 

تعلقت بُنيتاها في قواتم عينيه المتأهبه للقادم منها عادت بعينيها نحو ابنتها قائلة بتوتر……
“قريب… ان شاء الله هيبقى عندك أخوات تلعبي معهم… ”
فاقت من شرودها على دمعه حزينة على وجنتيها
لا تعرف ماسببها ولمَ انحدرت على وجهها بكل هذا الوهن…… هي ستفعل هذا لأجله لأجل الحب الذي
تحمله لسالم هو يستحق ان يكون أب يستحق ان
يحمل إبن هي من تكون والدته…. ستفعل هذا عن اقتناع يكفي اكثر من ثلاثة شهور تحرمه من كونه أب بهذه الأقراص ! هي من تمانع وتعلم ان هذا ذنب له سؤال عند ألله….. تعلم بالخطأ الذي فعلته ولكن مثل اي أنثى تمر بظروفها ستفعل اكثر من ذلك… ولكن انتهى الخوف وبدأت العلاقة بينهم
تاخذ طريق آخر أكثر أماناً وتفاهم ولن تنسى
الحب الذي ينبع داخل قلوب كلاهما ! ، أشياء
كثيرة تغيرت وهي تعترف بذلك…
لن تكمل ما بداته منذ عدة أشهر يجب ان تغير كل شيء لأجل حياتهم الجديدة معاً !..
سالم وعشقها له يستحقون ان تفعل لأجلهم
الكثير..
وضعت يدها تحت الوسادة الكبيرة واخرجت علبة أقراص منع الحمل رمقتها بعينيها قليلاً قبل ان تحسم أمرها وتفتح درج المنضدة التي بجوار
الفراش و وضعت العلبة اسفل علبةٍ زرقاء اللون
لا تعرف محتواها ولم تفتحها وضعت الأقراص اسفلها بإهمال وأغلقت الدرج سريعاً لم يأتي في عقلها ان من الافضل التخلص منها للأبد!
لكنها لم تضع حسبان لتلك النقطة فقد كانت تظن ان القاها في مكاناً آخر ينهي الأمر برمته..
فتحت القلب الفارغ الذي يحتل منتصف العقد الذهبي ذو فصوص الماس انيقة الشكل….
إبتسمت بعد ان اتى بخاطرها ملئ محتوى القلب من الجانبين بصورةٍ ما……قفزت متوجهه
للاسفل حيثُ وجهتٍ معينه…..
…………………………………………………..
جلست خيرية والدت ريهام على الاريكة بجانب ابنتها وهتفت بتوبيخ…..
“رجعتي ليه ياريهام من بيت سالم شاهين مش قولنا تفضلي هناك لحد مابنت البندر ديه تغور في
داهيه….. ”
عضت ريهام في أصابع يديها بغضب… وهتفت بعصبية مفرطة….
“كنت جايه اخد كام هدمه ليه ورجعه تاني ”
سألتها خيرية بشك…..
“مالك يابت فيكِ إيه…. هو سالم عملك حاجه…”
لوت شفتيها يمين ويسار وردت بسخط…
“سالم؟ هو فين سالم ده هو انا بشوف وشه من أصله…..دا طول الوقت في حضن بنت الـ*** ”
مسمست خيرية بشفتيها باستهجان..
“خليكِ كده خيبه وميله… يعني بنت البندر تربية الملاجئ خدتوه منك جتك ستين خيبه…. ده بدل
مترميها أنتِ في شارع وتبقي ست البيت وام
عياله…… بكره تملى البيت عليه عيال وأنتِ
قعده كده معايا زي البيت الوقف…… ”
ردت عليها ريهام باستنكار ….
“اجيب لمين عيال ….ما كل على يدك ياماا انا
ارض بور……. ”
وضعت خيرية يدها على فم ريهام وقالت بغضب
“وطي صوتك ياميله… انتِ عايزه فوزيه وبنتها يشمتو فيه…. ما مية مره قولتلك بلاش السيرة دي تيجي على لسانك محدش يعرف بآلموضوع ده غير انا وانتِ.. دا حتى ابوكي واخوكي ميعرفوش راحه أنتِ تسيحي لنفسك
” وبعدين ياختي اصبري لم تتجوزي ابن زهيره وساعتها هنتصرف في عيل ترميه ليه……
كل حاجه بتتحل بالفلوس ولعيال على قفى من يشيل…. اتجدعني أنتِ و وقعي ابن زهيره فيكِ لحد ميتجوزك ونخلص بقه… ”
غامت عينيها بإحباط وحقد من ناحية حياة التي
خطفت منها حلم طفولة ولمراهقة وشباب… حلم
ترآه صعب المنال (قلب سالم شاهين) ترآ هل سهل
الحصول عليه ؟……..
“راحتي فين ياريهام ركزي معايا…. انتِ مش بتقولي ان سالم بيرجع من شغل بليل في ساعة
متأخره …. ”
نظرت الى امها قائلة بتوجس…
“مش في كل الأوقات….. ”
“خدي ياريهام…..”مدت والدتها لها علبة أقراص
غريبة الشكل…
“اي ده يامااا … “نظرت نحو الاقراص بريبه..
قالت امها بخبث….
“البرشامه دي ياريهام …هتحل كل حاجة…. “

 

 

نظرت لها ريهام بتوجس اكبر…
“هتحل ازاي بتعمل إيه البرشامه دي…..”
ردت عليها امها بخفوت….
“البرشامه دي هتخلي سالم زي العجينه في ايدك….هترخي اعصابه لمده عشر دقايق…..يعني
عمله شبه المخدرات كده…..”
توسعت اعين ريهام وهي تقول بتردد…..
“زي المخدرات…..طب في العشر دقايق دول انا هعمل إيه…..”
تنهدت امها بحنق…
“اسمعي يأخرت صبري….هتحطي في العصير و…”
همست لها ببعض الكلمات بخفوت وسردت أيضاً مخططها اللعين وعلى ابنتها تنفيذه بالحرف……..
اتسعت عينا ريهام بصدمة وهي تهتف بغباء
“ولم أحطها ليه في العصير…. والبس قدامه هدوم مكشوفه بشكل ده…… افرضي حصل حاجه بسبب الحبايه دي…..انتي لسه قايله انها عمله شبه المخدارت….يعني ممكن يطاول عليا وهو مش
داري بحاجة…. ”
مطت خيرية شفتيها بتهكم ومكر…..
“هو ده المطلوب يقرب منك…. تقومي أنتِ مقطعه هدومك وتسبيه يقرب اكتر منك وفي ساعتها تصرخي وتلمي البيت عليكِ…… ساعتها بقه راضية
هتعمل إيه لم تلاقي حفيدتها معمول فيها كده
من سالم حفيدها و كبير العيله.. “نظرت لابنتها بلؤم….
هتفت ريهام بذهول من هذا المخطط الذهبي…
“هتغصب على سالم يتجوزني طبعاً …… ”
شهقت بصوت مكتوم من كانت تسمع حديثهم بصدفة….
أبتعدت ريم عن المكان الذي كانت تقف به…..
وهي متسعت الأعين…. لا تصدق ما سمعته
من المفترض أنها أم ماذا تنصح ابنتها
ماذا أعطت لها (أقراص *** )……
“انا لازم اكلم حياة……”
“ريم….. ياريم الاكل ياريم هيتحرق انتِ فين” “وضعت الهاتف في جيب بنطالها الجينز مرة
آخرى وهي ترد على امها بزفير حانق….
“جايا ياماما…. جايه….. “نظرت الى ساعة معصمها وهي تهتف بتوتر…..
“لسه بدري…… ساعتين ساعتين بظبط وهكلمها
يارب ألحق … ”
……………………………………….
دخلت حياة صالون المنزل بتلك العباءة
الملتصقة قليلاً على جسدها النحيف بألوان ناعمة على الابصار…. كان شعرها الاسود الناعم يتمايل بحرية على ظهرها الممشوق…….
“ماما راضية السكر بتاعنا.. بيعمل إيه من غيري.. ”
هتفت حياة وهي تقبل وجنتها بحب….
ربتت راضية بحنان على يداها قائلة بخفوت…
“أهوه ياحياة قعده بسمع قناة دينيه……… قعدي ياحياه هتستفيدي اوي منها…. ”
“ربنا يزيدك ايمان ياماما….. “جلست على الاريكة بجانبها وظلت تعبس قليلاً في ذراع المقعد قبل ان تهمس بتردد…
“ماما راضية هو أنتِ مش معاكِ صور لـ.. لسالم
اصلي مش لقيه ليه صور هنا و دورت
وملاقتش… ”
نظرت لها راضية بطرف عينيها بخبث وقالت بلؤم..
“وعايزه صوره لسالم ليه ياحياة مش كفايه عليكِ الأصل…… ”
احمرت وجنتيها بشدة …وقالت بتبرير
“هو يعني كُنت عايزه اتفرج على صور ليه
مش اكتر يعني ا…… ”
بترت حديثها الخجول وهي ترد عليها ببساطه…
“ألبوم الصور هتلاقيه في اوضتي في درج التسريحه… حاولي تقصي الصوره حلو عشان تملى قلب السلسلة…… ”
ضحكة راضية بخفوت بعد ان فغرت حياة شفتيها بدهشة……. قالت حياة بصدمة
“يالهوي ياماما راضية أنتِ دايماً قفشني كده مينفعش اعمل حاجه من وراكي… ”
ردت عليها وهي تبتسم بخبث…
“اي رايك عجوزه بس اروبه….. ”
نهضت حياة وعانقتها بحب وبسمة السعادة
تعلو ثغرها الوردي…..
“بحبك اوي اوي…. ياماما راضية…… ”
ربتت عليها راضية بحنان على منكبيها…
“وانا كمان بحبك اوي ياحياة…. إنتِ وسالم وورد حته من قلبي ربنا يسعدكم ويديني العمر عشان اشيل عيالكم على ايدي…. ويعوض عليكم بذرية الصالحة…”
ترقرقت الدموع في عيون حياة بمشاعر تنولد كل دقيقة في حب سالم وعائلته التي هميعائلتها من
يوم ان دخلت هذا البيت……..
وضعت صورة (سالم) في جزء من القلب وجزء آخر
يحتل صورة صغيرتها…
ظلت تطلع عليهم بحنان وشرود..لتجد نفسها تقبل صورة سالم بشوق …..
صدح هاتفها في تلك الاثناء معلن عن أتصال من زوجها……
فتحت الخط سريعاً وهي تبتسم بسعادة..
قالت بعفوية..
“سالم…. كنت بفكر فيك على فكره……. “

 

 

“عارف عشان كده اتصلت…..واكل عقلك انا صح.”
رد عليها بغطرسة فحياة دوماً تثير غريزته الرجوليه بهذا الاهتمام الصريح … فاكثر مايتمناه العاشق معشوقه تظل تصب حنانها واهتمامها وعشقها الخالص عليه ليرى نفسه الرجل المرغوب دوماً في عينيها…
وكم هذا الشعور كحلاوة الدنيا بنسبة لجنس ادم ….
هتفت حياة بتزمر على غروره…
“انت مغرور اوي على فكره..” تريثت برهة قبل
ان تسأله بمكر….” طب انت بقه رانن ليه… ”
“عادي وحشتيني ووحشني صوتك… “تحدث بمنتهى الفتور ..الفتور الذي لا يناسب هذا الحديث
العاطفي ..
بدأ قلبها الهائم به يخفق بسعادة واشتياق إليه….
سألها بصوت رخيم ساحر عبر الهاتف….
“حياة…. هو انا وحشتك ”
مسكت خصلة من شعرها وعبثت بها بين اطراف أصابعها قائلة بمشاكسة…..
“لا طبعاً مش بتوحشني….. ”
“خالص….. ”
“ايوه خالص خالص… لسه مش وحشني … ”
رد سالم بخبث ….
“ممم طب انا هتاخر شويه في شغل بقه لحد مبقا
اوحشك…….يا وحش …… ”
نهضت من على الفراش بسرعة وقالت بعفوية مفرطه
“لا…. ياسالم بالله عليك بلاش تأخير انت وحشتني اوي على فكره…… ”
“لا……. تقيل ياوحش…. “انفجر ضاحكاً من عفويته وجنون سرعتها في الحديث….
عضت على شفتيها السفلى بحرج من جنون
تلك الصراحه التي أوقات تتحول الى وقاحة بمعنى الكلمة…
تمتمت داخلها بتوجس على أفعالها الجديده والغريبة….
“ربنا يستر انا عمري ماكنت كده ”
تعترف انها كانت دوماً مع حسن الخجولة الهادئه التي لا تصارح عن مايدور في خلدها الى ببعض الكلمات البسيطة ولكن مع سالم…
مجنونة …مشاكسة …مشاغبة…قوية…عنيده وقحة…..جريئة في ردة فعلها …..
في ثلاث شهور كانت تكتشف شخصية اخرى داخلها غير التي اعتادت عليها ولا تخرج هذه الشخصية الى امامه ومعه……
سألها عبر الهاتف بعذوبة صوته…
“ساكته ليه ياملاذي …..”
ابتسمت حياة لترمي دومات الافكار وترد عليه
بمزاح….
“دوختني معاك شويه ملاذي وشوي ياوحش الاتنين مش راكبين على بعض على فكره ……”
حك في لحيته قال بخشونة جذابه …
“على فكره أنتِ كدابه ولو انتِ قدامي دلوقتي كان زماني معلم عليكي بعضه جديده ……..”
ضحكت وهي لا تفهم معنى حديثه ولكن حين تتذكر قضمة اسنانه على عنقها تموت خجلاً وحباً ولا تعرف ما السبب….
“انا كدابه طب ليه ….”
“عشان وحش او ملاذي ليقين عليكِ…
عارفه ليه…”
“ليه…..”
رد عليها بتكبر…..
“عشان من سالم شاهين …ويبخت اللي سالم شاهين يدلعها ……”
انفجرت ضاحكة لتقول وسط ضحكتها…
“في دي بقه عندك حق ….بجد بموت في
تواضعك… ”
“دي أقل حآجه عندنا ها مفيش بقه حاجه
تحت الحساب…..”
“لا طبعاً فيه بس احسن حآجه لم تيجي يعني هتبقى أحلى…..”
“ممم وجهت نظر برضه …..احكيلي ياحياة
ورد رجعت من الحضانه …ولحج رافت
رجع من عند عيلة حسان ….”
ردت عليه بهدوء قائلة…..
ورد كمان نص ساعة وجايه…….وباب رأفت..
………………………………………………….
“ها نويتي تعملي إيه ياخوخة….. “قالتها بسنت
وهي تراقب خوخة التي اغلقت الباب على والدتها المريضة…
هتفت خوخة بضيق…
“هو ده وقت يابسنت امي تسمعك …..”
مسكت بسنت يداها قائلة بهمس…
“طب تعالي نقف في البلكونه نتكلم… ”
وقفت في شرفة غرفتها تطلع على الحارة الشعبية
وعج الطريق بالمرؤون بها…
هذا المكان الذي تقطن بها في بعض الأوقات مع والدتها وشقائقها الصغار….
ردت عليها بعد برهة من الصمت….
“انا هأجل آلموضوع ده شويه لحد مأطمن على امي وساعتها هروح اسلم التسجيل لسالم شاهين واخد الفلوس منه زي متفقنا… ”
“طب ماتيجي نروح بكره….ونستغل فرصة إن وليد ده في لمستشفى ومش داري بحاجه……. ”
“لا لم أمي تخف الأول …وبعدين مين وليد ده اللي هخاف منه كان قدر يعمل دكر على اللي فشفش عضمه ونايمه على سرير أسبوعين وشهر قدام كمان……قال وليد قال”
كانت غافلة عن العيون التي تراقبها في الخفئ يراقبها من أسفل بنية شقتها الصغيرة…..
رفع سماعة الهاتف بتوجس…
“الو …..ايوه ياوليد بيه انا وصلت تحت بيتها
متقلقش عيني عليها مش هغفل عنها لحظه ….
تمام لو حسيت بي اي حركه غريبه هتصل بيك
تمام يابيه ….” اغلق الخط وجلس امام مقهي حارتها الشعبية وعيناه لا تحيد عن شرفة شقتها المتهالكه..
…………………………………………………..
صعدت على الدرج بخفة…. وعقلها شارد في
تاخير سيد قلبها…
وجدت من يجذبها لغرفتها ويغلق الباب عليهم سريعاً……فتحت بُنيتاها بزعر…..
لكن سرعانَ ما إبتسمت براحة وهي تهتف
باسمه بصعوبة…
“سالم …..خضتني …في حد يعمل كده ”
تفقد ملامحها بشوق وهو يسألها بحب….
“كنتِ فين ياملاذي…وحشتيني”بدأ بفك
الوشاح الملفوف حول رأسها…..
ابتلعت مابحلقها بتوتر من جنون لمسته…
“كنت مع ماما راضية و ورد…. هو انت جيت أمته
محدش شافك يعني وأنت طالع…… ”
“بعد ان حل هذا الوشاح ألقاه جانباً…
ومرر يداه على شعرها …وهو يهتف بوقاحه
“بقولك إيه اقلعي العبايه دي عايز اشوفك اكتر.. ”
“سالم انت بتقول إيه ركز معايا انت طلعت هنا ازاي وانا مخدتش بالي منك ولا شوفتك….. ”
“بذمتك ده سؤال يتسال في ظل الأوضاع
ديه.. “فك ازرار عبائتها من الإمام وهو يعانى مع
ملاذه العنيد فهي لم تفهم بعد رغبته بها الان واشتياقة الجامح لها ……

 

 

ضحكت بمروغة…..
“بصراحه لا…..بس برضه دا مش هيمانع انك طلعت فوق عشان مصالحتك …”
حملها بخفة وقال بعبث تشتبك بها غمزةٍ شقية
” عليكي نور………بظبط كده…”
وضعها على الفراش وهو فوقها همست بدلال
“سالم هو انا وحشتك بجد …….”
اكتفى بهمهمات طفيفة وهو يقبلها من عنقها بحرارة
سالته مره اخرى بضعف….
“بجد وحشتك اوي…”
اجابها بحب..
“وحشتيني اوي ياملاذي …انا بقه وحشتك ”
“لا خالص …آآآى….وحشتني وحشتني بطل عض بقه…..” انفجرت ضاحكة… برغم من أن قضمة اسنانه تألم قليلاً ولكنها تشعرها بسعادة ليس لها مثيل…..
مزالت غير مدركه سر تلك السعادة
لكنها تعلم انها تتقبل منه اي شيء في محيط عالمهم الخاص.. الحب و المزاح الخاص به….
ويبدو ان تلك الحركة الخاصه به هو فقط تروقها وتعد في إطار الحب ولمشاكسه بينهم ……..
غرق في برقة عينيها وهو يقول بمراوغه…
“شكلك بتحبي العض عشان كده بتكدبي كتير …”
نظرت له بضيق مصطنع…..
“على فكره انا عندي سنان زيك وخاف على عضلاتك مني ……”
الصق جبهته بخاصتها وهو يقول بنبرةٍ ذات معنى…
“خافي أنتِ على نفسك مني ياملاذي…..”
لمس شفتاه بشفتيها بطريقة حميمية
همست له بضعف …
“سالم……….”
رد عليها بجملة واحده قبل ان يجذبها لمكانهم الخاص “بحبك ……”
انتِ خلقتي داخلي قلب جعلكِ ملاذ حياتي
وخلقتي شيطان بجواري يتأهب دوماً للقسوة
عليكِ ،اصبحتِ تشكلي داخلي لقب يصعب
كتابته بين السطور (ملاذي وقسوتي )
…………………………………………………..
بعد ثلاث ساعات……
صدح هاتف حياة تناولته بين يداها ليضيء الهاتف باسم ريم …..جلست على حافة الفراش قائلة بابتسامة صادقة….
“ريم الوحشه مش بتسالي عني ليه يارخمه مسمعتش صوتك من آلصبح….. ”
هتفت ريم لها بصوتٍ خافض….
“حياة اسمعيني كويس …..”
خفق قلب حياة بخوفٍ …..
“في إيه ياريم مالك قلقتيني…… ”
“هقولك ركزي بس معايا وبلاش تقطعيني ….”
أخبرت ريم حياة بكل ما سمعته من ريهام و
زوجة أبيها شهقت حياة بصدمة….
“ايه القرف ده…. ازاي تفكيرهم يوصلهم لكده.. معقول في كده هي دي نصيحة الأم لبنتها…… ”
نزلت دموع ريم بحرج….
“انا معاكِ في كل اللي قولتيه…. وهي فعلاً خطه مقرفه وكمان ممكن تفشل بس كمان ممكن تنجح بالاعيب ريهام وشوية افترى منها على سالم وبعدها تيته راضية وعمو رافت هيتعطف معاها أكيد
وقتها…. ”
عضت حياة على شفتيها بغضب…
“بجد مش قادره اصدق…… ريم اقفلي لازم انزل اشوف سالم لحسان بقله ساعتين في مكتبه ”
نزلت دموع ريم قائلة بحزن…
“انا اسفه ياحياة… محدش فين بيختار أهله… وانا مختارتش ريهام ووليد….”صمتت برهة وهتفت بانكسار…..
“كان نفسي تكوني اختي ياحياة…… ”
ترقرقت الدموع بعين حياة بوهن ورتجف جسدها بحزن وشفقة على حالة ريم….. نعم (حياة) لقيطه
ولن تنكر تلك النقطة السوداء بحياتها ولكن كانت تعلم انها يتيمة بلا عائلة ولن يالمها شعور اليتم
طالما لم تعرف من هم عائلتها الحقيقه ولم تنعم بقربهم ….
لكنها تعلم ان هناك اصعب من إحساس (اليتم)
هناك المنبوذ الذي يحيا داخل عائلة ويكن امامهم منبوذ في كل شيء..اهتمام..حنان..حب..دفء الاسرة….. منبوذ من ان يجرب شعور واحد منهم…
وتلك هي حياة ريم منبوذة من عائلتها وليس هناك مساواة بينها وبين اشقاءها الذين لا يملئ قلوبهم
إلا الحقد والكره لها لمجرد أنها شقيقه من الاب فقط ومن هنا تبدأ العداوة بينهم ! ..كم كانت عائلتها مجرد لقب يشعرها بالخزي منهم ومن نفسها…
إذا تذوقت الحرمان يوماً فأعلم
انك على حافة (اليتم) تترنح ولن تنكر ذلك !……
“مين قال ان الاخوات بالاسم او بدم الاخوت بافعلهم وحبهم لبعض وأنتِ اختي ياريم وانا اختك الكبيرة وهدعي ربنا كل يوم عشان يجي اليوم اللي اشوفك فيه عروسة ولبسك بنفسي فستان فرحك……. ”
“ربنا يخليكِ ليا ياحياة انتي غاليه عندي اوي……”انفجرة ريم في البكاء…….
نزلت دموع حياة وهي تقول بضيق مصطنع…
“عارفه لو مبطلتيش عياط ياريم هعمل فيكِ ايه

 

 

لم أشوفك …..
” بطلي عياط ياهبله وروحي اغسلي وشك وانا هنزل اشوف سالم وام سحلول ديه ..”
سالتها ريم بصوت شاجن …
“حياة أنتِ واخده الموضوع ببساطه اوي كده ليه أنتِ مش غيرانه على سالم ……”
ردت بتشنج…
“اكيد متزفته بس انا لازم اوقعها في شر
اعملها…..”
وقفت ريهام تحضر كوب العصير بالبرتقال بالمطبخ كانت ترتدي عباءة سوداء الون ذات ازرار في المنتصف تبدأ من اول صدرها لاخر قدميها
تسهل عليها خلع إياها بعد تنفيذ اول خطوة
إبتسمت بمكر وهي تذوب القرص في كوب العصير……
دخلت مريم عليها….
” ست ريهام…….. تلفونك بيرن فوق ….”
نظرت لها ريهام بضجر…
“ومجبتوش معاكِ ليه يازفته انتِ……وسعي من وشي… واوعي تدخلي المطبخ لحسان توقعي العصير…..جتكم القرف شغالين اخر زمن ”
صعدت وهي تسب فيهم وكانها سيدة المنزل..
كانت تختفي حياة تحت الدرج في ركناً بعيداً عن الأنظار……
ظهرت حياة امام مريم وهي تضع يدها على قلبها ..
“حاولي تعطليها يامريم شويه على التلفون وانا مش هتاخر……”
سالتها مريم بفضول ….
“من عنيه ….بس ليه ده كله……”
نظرت لها حياة نظرة اخرستها لا تحب الفضول من اشخاص من المفترض ان الأمر لا يعني لهم
ولو حتى من بعيد ……
ابتعدت مريم عن المكان تُنفذ اوامر حياة بدون
نطق كلمة اخرى……
دلفت حياة للمطبخ لتسكب هذا العصير في …
وتغسل الكوب جيداً لتبدأ في سكب نفس نوع العصير في نفس الكوب بعد غسله جيداً…… ابتسمت حياة بسخرية تتشابك معها التشفي
على ريهام….
“للاسف تفكيرك المُقرف ده هو اللي هيخليكِي
تُقفي قدام سالم وقفه صعب اتخيلها….بس
لازم يشوفك على حقيقتك ..كده افضل ليه
وليا ويمكن ليكِي …….
يتبع…
كان يجلس على مقعده خلف مكتبه مُنشغل في
بعض ملفات العمل…
دلفت إليه ريهام ولاحت من شفتيها الملطخة بالاحمر إبتسامة خبيثه…
تنحنحت وهي تضع كوب العصير امامه على سطح المكتب ثم لم تلبث الا وهي تقول برقة…
“اتفضل يابن عمي صبيتو ليك بنفسي… ”
ترك سالم الأوراق ناظراً لها باستغراب ثم رفع حاجبه للأعلى بتراقب من تلك الخطوة الغريبة منها…..

رد عليها ببرود…
“في حاجه ياريهام ….صاحيه ليه لحد دلوقتي ”
حمحمت بحرج من طريقته الفظه معها … حاولت الخروج من هذا المأزق واقناعه بارتشاف هذا الكوب قبل ان تفشل تلك الخطة الشيطانية المتوقفة على كذبها ولافتراء عليه بالباطل هي تعلم جيداً ان (سالم) لن يقع بسهولة في فخ الاغواء هذا تحتاج الى بعض الحيل اللعينة وهي متفوقة في ذلك…..
جلست على المقعد مقابل مقعده لا يفصلهم إلا المكتب الخشبي الكبير…….
قالت ببراءة وحزن خبيث…
“انت مش ملاحظ يابن عمي انك بتعملني بطريقه
وحشه اوي… ومن غير سبب بتكرهني…. ”
ارجع ظهره للخلف براحة مُستند أكثر على مقعده

قال بازدراء واضح….
“ده مش الرد على سؤالي يابنت عمي…. انا بسالك ليه صاحيه لحد دلوقتي….. ”
قالت بخفوت مطصنعه الحرج….
“كنت جاي اتكلم معاك ….وسالك ليه بتعملني بطريقه دي وانت عارف اني بحبك…… ”
“ريــــــهــــــام…..”صاح بصوته في اركان المكتب بتحذير……
ارتعدت داخلها قليلاً بعد تصريح غير مقبول أبداً
له ، حاولت التحلي بثبات اكثر من ذلك….
خاطبت إياه مصححه خطأها بمكر…
“انت اللي قطعتني يابن عمي… انا كنت هقولك اني بحبك وبعزك زي اخويا واكتر كمان……. ”
تمتم داخلها بنفور…..
“زي اخوكي اقسم بالله أنا لا طايقك ولا طايق اخوكي اقسم بربي لولا وجود الست الكبيره اللي تبقى أم ابوكم…. انا كنت قطعة صلة الرحم دي من زمان بس إكراماً ليها ولي صلة الدم اللي
جمعتنا صابر لحد دلوقتي عليكم.. ”
“ساكت ليه ياسالم…… انت ليه دايماً بتتجهلني وبتعملني وحش هو انا مستهلش منك كلمه حلوه
نحسن بيها علاقتنا سوا…… ‘”
نظر لها وفغر شفتاه وقال ببرود من حديثها الغريبة
“بعملك وحش إزاي يعني …… وكلمه حلوه اي اللي اقولها ليكي….. وعلاقة اي ياريهام….. أنتِ لي محسساني اننا كنا بعد شر يعني متجوزين…… “تحدث اخر جملة بفظاظة واستهزء……
احمر وجهها حرج وغضب من محاولاتٍ باتت تفشل في كل مره تجذب الحديث من على لسانه الثقيل دوماً معها…

تزعجها دوماً حقيقة مشاعره الباردة نحوها…
“طب تعاله نشرب العصير انا وانت ونقعد الخمس دقايق مع بعض زي اي اخوات واعتبرني اختك الصغيرة…….. ”
مسك كوب العصير وارتشف منه بدون كلمة آخرى وكانه يقول لها بكل وقاحة….
(سافعل هذا حتى ترحلي من امام وجهي…..)
نظر لها قال بتراقب وهو يرتشف العصير…..
“أنتِ مش قولتي ان احنا هنشرب العصير سوا. ”
ابتسمت بسعادة ظنت ان مفعول القرص اصبح له
سحر اخر في نبرة صوته الهادئ…..

“ايوه….. ”
إرجع انظاره على الصنية الفارغه على سطح مكتبه ومن ثم عليها وقال بصوتٍ هادئ…..
“امال ليه مش جيبه لنفسك عصير…… ”
“ااه تصدق شكلي نسيته على رخامة المطبخ ثواني وجايه…… “نهضت بسعادة وخطت عدت خطوات بداخل غرفة المكتب….
وقفت تبتسم بلؤم ثم وقفت فجاة لتشد انظار
سالم لها وبعد ان لمحة بطرف عينيها عيناه
عليها بتراقب…… رفعت قدميها فجأة وكأنها تعثرت في شيء
“ااااه يا سالم الحقني…… ااه يارجلي”
نهض سالم بعد ان وضع الكوب فارغٍ منه نسبة بسيطة……. اتجه لها وأمسك يداها بتلقائية سائلا إياها بفتور بارد مزق قلبها الحاقد …
ومزق قلب عاشقة تستمع الى
حديثهم خلف باب المكتب….. تألمت من سؤاله
لريهام “مالك ياريهام في حاجه وجعاكي ”
صوته وصل لها عبر هذا الباب الذي يفصلها عنهم
كان صوتٍ عادياً مجرداً من اية مشاعر او إهتمام
لكن غيرتها وحبها رسم لها صورة وهمية عن اهتمام وخوفه على أمرأه غيرها!…
“رجلي..رجلي وجعاني اوي اسندني يابن عمي قعد مش قادره اقف عليها….. ”
مسك يدها بقوة فقد كانت تضع كل ثقلها عليه باعياء كاذب مستمتعة بقرب جسده الرجولي منها.. كم تمنيت هذه الحظة التي تكن بها بين احضانه ولو حتى بالخطأ…..
عضت حياة على شفتيها بغضب وهي تشعر بسالم
يمسك بهذه الحية وهي تستغل هذا لتشبث به
لم تحتاج لرأيت المشهد هي تخيلته بقلب ينزف الحسرة….
“اجمدي ياحياة مش لازم تدخلي دلوقتي
لازم سالم يكتشف كدبها دلوقتي لازم تصبري اكتر”

مسكت بطرف عبائتها بقوة بين قبضة يداها الصغيرة …
وضعها على الاريكة…قال بخفوت خشن لا يمس
التعاطف بصلةٍ …
“استني هنادي حد من الخدم يطلعك على اوضتك.. لحد ما نشوف مالها رجلك.. ”
مسكت كف يده وقالت بصوتٍ ناعم لا يناسب تاوهات آلامها الزائفة منذ دقيقة واحدة……
“خليك ياسالم رايح فين الخدم نايمين… ولمكان
كله مفهوش حد صاحي غيرنا…… ”
نظر لها باستفهام خشن شعر ان هناك شيء مخطط من هذه الحية الملونة تتغير بمنتهى الخبث امام الجميع وللأسف هو على يقين على انها من سلالة ثعابين الأنس !……
سألها سالم بخشونة وشك…..
“في اي بظبط ياريهام أنتِ بتخططي لي إيه المرادي…. ”
نهضت من على الاريكة بخفة….. وخلعت هذه
العباءة المفتوحة وقذفتها جانباً ووقفت امامه بهذا
القميص القصير جداً ولمفتوح بدرجة إنحراف
عالي لم يترك للمخيلة شيء من شدة عُريه على جسدها المكشوف امام اعين سالم كالبضاعة الرخيصة المعروضة امامه بسخاء ! …..
نظر لها من أول رأسها لاسفل قدميها بستهانة قائلاً بازدراء…
“معقول دمك شبه وليد اخوكي رخيص اوي كده…
مش حلو الرخص ده يابنت عمي مش من مقام عيلة شاهين انك تعرضي جسمك لراجل غريب
عنك حتى لو كان جسمك وشرفك رخيص بشكل
ده عندك….”
كان يتحدث وهو يجلس بثبات على الاريكة

ولم تهتز شعره داخله باتجاه أفعالها المخجله تلك…
انتهى من جملته وهو ينظر الى مكان بعيد عنها.. فعل هذا من اجل حياة واهم من حياة….(الله) خوفاً من الله امام نظرة نحو تلك الحية التي اتفقت مع
الشيطان في مسرحية مثيرةٍ للاشمئزاز……
جلست تحت قدميه بوقحة ظنت انه ابعد وجهه عنها في مكان اخر ضعف من ان يخطأ معها ! ، وانها الآن على حافة خطوه آخره لتعلن هزيمة سالم امام جسدها ورغبته بها…. فهي تظن ان رغبة كل الرجال لا تفرق بين جسد من يلامس لا يفرق مع من سيبدأ بافراغ شهوته ، فقط رغبة جامحة مع اي جسد ايان كان ، لكنها لم تحسب ذلك جيداً فهناك رجال تعرف كلمة(حدود الله )ورجال تعرف معنى
(الوفاء في الحب)ورجال تعرف الإثنين بدون منازع (وسالم شاهين) واحداً منهم !..
كان سالم مما يحتل قلبه الاثنين الله وحدوده….. والوفاء لمن سلم لها قلبه وعاهد نفسه الحفاظ على قلبها وكرامتها كأنثى !…..
وضعت يداها على قدميها وقالت باغواء انوثي
“سالم انا بحبك… وكل اللي بعمله ده مش رخص
سميه حب….. حب وجنون بيك انت عارف انك..
اااااه… ”
مسك شعرها بين قبضة يده القويتان وعيناه كانت حمراء مشتعلة ببركتان من اللهيب من كثرة
وقاحتها وتماديها معه..
هدر بها بغضب……
“انا عارف كويس انك رخيصه وزباله وللاسف نفسي اقولك اكتر من كده بس مش عارف أبدا منين ومش عارف اسمعك الكلام اللي بيدور في دماغي دلوقتي عن وسختك…..ورخصك ولا لا ”
نظرت له بغضب وهو يمسك بشعرها بقوة بين يده يكاد يقتلعه كانتى أعينهما مقابلة لبعضها تحمل
ادنئ وابشع المشاعر لكلاهما..
قالت بغل وحقد….
“انا مش رخيصه انا بعمل زي ماعملت بنت الحرام معاك مش هي عملت كده برضه عشان تخليك تجوزها مش عرضت جسمها قبلي عليك….. ”
لم يسمح لها بالمزيد صاح بها بغضب ….
“اخــــــــــــرســــــي ….حياة اشرف منك مليون
مره……”
وضعت حياة يدها على شفتيها تمنع شهقتها العالية من الخروج ….يجب الدخول الان عليهم يكفي كل ما
اكتشفه سالم عن تلك الشيطانة…ولكن قدميها
كانت كالثلج متجمدة اسفلها لم تقدر على رفعهم بخطوة واحدة..
سمعت صوت ريهام يصيح بحقد وكره نحوها…
“لا مش هخرس …..انت كنت رافض الجواز وكنت بترفض اي واحده تقرب منك سوى في نجع او بلاد البندر اللي جاي منها ….
” بس من ساعة ما حسن اخوك مات وانت اتغيرت
وفضلت هي تحلو وتدلع قدام عينك لحد ماعرضت نفسها عليك وانت وفقت وتجوزتها …مكانتش ليه رخيصه في نظرك ليه بنت الحرام تربية الملاجئ…
أحسن مني في إيه…..”
فشل في سيطرة على نفسه فهي تجرح روحه

وتهين زوجته أمامه بمنتهى الوقاحة والحقد..
كان يود السيطرة اكثر حتى لا يمد يداه عليها وهو
لم يرفع يده يوماً على أمرأه ولكن تلك الشيطانة اوصلته لذروة غضبه فقد وصل بعصبيتة المفرطة
لطريق مغلق….
نهض بقوة وعصبية ومسك ذراعها ليرفعها على الارض بقوة…….قال بصوت زئير كالاسد الغاضب بالقرب من وجهها وحدج بها بنظرة مميته
جعلت جسدها يرتعد بخوف من التوعد الواضح
في عينيه….
“لم اتجوزت حياة تربية الملاجئ زي مابتقولي
اتجوزتها عشان بحبها عشان عايزها تكون مراتي
وام عيالي عشان مينفعش حياتي تكون من غيرها
ويمكن تكون حياة اتحرمت من انها تملك عيله عشان كده سمتيها أنتِ واللي زيك بنت حرام ….لكن نسيتي حاجه مهم هي بنت سالم شاهين مكتوبه في قلبي امي وحبيبتي وبنتي ….ركزي معايا اوي يابنت عمي حياة مش بنت حرام …حياة بنتي وانا ابوها قبل ماكون جوزها….وااه حياة اتربت من غير اب وام لكن موقفتش قدامي في يوم قبل جوزنا او حتى قبل ما افكر اتجوزها من غير حجاب على شعرها مش عريانه كده زيك وبتعرض جسمها
عليا …..”
بعد ان انتهى من حديثه الهادئ ..باغتها
بصفعة شديدة القوة تنزل على وجهها بقسوة
وبدون هوادة منه او شفقة على تاوهها المعدوم من وسط صفعاته القوية ولم يهتز لو للحظة عن وجهها الذي اصبح أحمر بين صفعاته القوية ودماء سالت في كل انشاء بوجهها ….
مسك شعرها بعد ان افرغ شحنة الغضب على وجهها
وكانه يصارع عشرة رجال بمفرده ….لم تقدر على الحديث فقد كانت تلتقط انفاسها بصعوبة وسط شهقات بكاءها…..
سالها بغضب وانفعالاً قوي وهو يلهس بصوت عالٍ…..
“انطقي يارخيصه كنتِ حطى إيه في العصير
خلاكي تتشجعي اوي كده وتقلعي قدامي وتوقفي بالبس اللي لبستيه مخصوص تحت العبايه عشان عرضك الرخيصة ده…..”
كانت تتاوه وهي تحاول التقاط أنفاسها ردت
بنفي وخوف….
“مكنتش حطه حاجه…. ”
ضحك بسخرية… وهتف بصراخ ….
“انطقي يابنت خيرية…. عشان لعبتك كلها مهروش

من ساعة ما دخلتي عندي ….انتِ فكراني صدقت
البوقين بتوع اخوات وعلاقتنا تتحسن ….انا وفقت اشرب العصير عشان اتفرج على اخر مسرحيه هتقدميها هنا مش من فترة برضه عملتي مسرحيه خبيثه من بتوعك ووقعتي حياة من على السلم وكنتِ ناويه تموتيها….”كان يتحدث بثقة وثبات جعلها ترد عليه بذهول وغباء…..
“عرفت ازاي….. “ثم توقفت عن التحدث بصدمة وهي لا تصدق سهولة اعترافها له……ويبدو انه كان يختبرها لان عيناه احتدت فجأه باللهيب مهدد
بالنزول على جسدها الرخيص…بعد اعترفها الغبي له….
شد خصلات شعرها بقوة وصرخ بغضب…
” يعني أنتِ اللي عملتيها أنتِ اللي حاولتي تاذيها
وكانت ممكن تموت فيها بسببك….انتِ إيه شيطانه
ليه عملتي كده………لـــيـــه…..”
لم تبالي باوجاعها المبرحة الذي سببها لها ..
ردت عليه بجنون وحقد….
“لـيـه …. عشان خدتك مني عشان انت مش من حقها انت من حقي انا….. بتاعي انا اللي استحقك مش هي ….”
نظر لها باحتقار وهتف بنفور
“انتِ مريضه ……”
قالت بجنون..
“مريضه بحبك …..”
رد عليها بنفور ولكن بلهجة اكثر ازدراء…
“بالعكس انتِ مريضه بحقدك وغلك ….ولي زيك عمر قلبه ما هيعرف طريق الحب … دا انتِ حتى مقدرتيش تحبي نفسك وتحترميها ….”
قذفها على الاريكة بشمئزاز كقماشةٍ متدنسة
الرائحة……
اشعل سجارته بغضب وهو يقول ببرود
“كنتِ حطى اي في العصير …سؤالي مش هيتكرر
كتير ……”
لم ترد ولم تحاول حتى التفكير في النطق فهي قررت ان لن يعرف ماذا وضعت… يكفي خطة فاشلة جعلتها تخسر( سالم شاهين) للابد…..
“ماتـنــطــقـي يابـــتـــــ……”
انتفض جسد ريهام على صوته خوفٍ من بطش كف يده الثقيل مره اخرى عليها فهي مزالت تعاني
من جروح وكدمات وجهها ……
ولكن سرعان ما التفتت لمصدر الصوت الذي اتى بعد ان فُتح باب المكتب واغلق…..
“العصير كان فيه حبوب ***…..”
بهت وجه سالم ونظر بصدمة نحو حياة والى ردها عليه الذي جعله يجفل للحظةٍ عن وجودها في هذا الوقت وردها الذي يعني انها كانت تسمع الحديث منذ البدايه خلف هذا الباب الخشبي …..
ردد جملة حياة بصدمة
“إيه الـ****؟؟؟؟ …….”
____________________________________
تسرعت أنفاسه بشدة وهو يحدق في حياة بنظرات حارقة … ماذا فعلت…
من اين علمت بهذهِ التفاصيل التي غافلاً هو عنها…
وجودها في هذهِ اللحظة يجعله متيقن انها كانت
خلف الباب منذ فترة او منذ بدأ المسرحية
او ممكن من قبل بدأ اي شيء كانت تعلم؟!…..
الأفكار تتزاحم داخله وزوبعات منها تدمر عقله…
لكن كانت ملامحه جامدة ….جامدة الى ابعد حد كان ماهر في أخفى توهج أفكاره ومشاعره واخفاءها خلف قناع الجمود وثبات……..
انزل عينيه من على وجه زوجته ونظر نحو ريهام
بغضب ولم يعقب على شيء…
فقد نسج الاحداث ببعضها وظهر امام عيناه اجابة كان يشك من وجودها ويكذب عقله الذي أولاه الاجابة بدون مجهود يُذكر في تفكير….ولكن حياة أكدت استنتج عقله…… ظل يبعث لريهام نظرات حانقة غاضبة لا بل يمتذج معها الاشمئزاز
ولاحتقار الذي يثير الغثيان الان منها…..

قال لها بسخرية….
“تعرفي اني عايز ارجع من كمية القرف اللي عرفتها عنك……. ”
نظرت له ريهام بريبه وخوف……ولم تعقب على حديثه او تقاطعه فقد أصبح جسدها هش امام همجية سالم عليها وعلى وجهها الذي لا تشعر به…..
نظرت لها حياة بشفقة…. ولكن الخوف تربع داخلها
مما فعله سالم في وجه ريهام ….
لا تعرف انه بهذه الوحشية حين يفقد صوابه لم
تدرك هذا قط !..
ازدرات مابحلقها بخوف ونظرت نحو سالم الذي
اكمل حديثه وهو ينفث سجارته ناظراً لريهام بسخط….
“انا بصراحه مش حابب اوسخ ايدي اكتر من كده… كفايه عليك اللي خدتيه مني مع ان مش كفاية خالص على عمايلك السواده معايا ومع مراتي وغيرتك وحقدك علينا اللي خلوكي شبه الحيه عايشه وسطينا ولا حسين بيها … ”
ثم تريث برهة وهو ينظر لها باحتقار وينفث سجارته بثبات بارد لا يناسب الجو الملتهب بنيران من حولهم…
ولن نستبعد هذا هو سالم وشخصيته اللا مبالاة وبرودة الأعصاب واقناعة آخرى يجد صنعها بمهارة……
هتف بحدة ومزال صوته هادئ بارد لا ابعد حد…..
“قومي البسي عبايتك عشان تروحي على بيت ابوكي دلوقتي اللي زيك مينفعش الواحد يغمضلو عين وانتِ بتشركينا نفس الهوا….. ”
هتفت حياة باعتراض وهي تنظر الى الساعة
المشيره لمنتصف الليل….
“بس ياسالم الوقت متأخر خليها الصــــــ…”
“اخــــــرســــــي مش عايز اسمع صـــوتـــــك”
هدر سالم بها بحدة صارمة مزقتها …
كانت مزالت تجلس ريهام تطلع على حياة بتشفي
ولكن عقلها بين دومات افكاره كيف علمت حياة بخططها وافسدتها بهذهِ السرعة… لم تتحدث امام
احد ولم يكن في غرفة المعيشة غيرها هي وامها….
“ريم”هتفت داخلها بشك…. ولكن نفضت الفكرة سريعاً لانها كانت تراقب ريم طوال الوقت كانت
تطهي فالمطبخ مع والدتها ولم تجلس للحظة فكان
هذا اليوم مزدحم ببعض رجال العائلات الكبيرة

وكأنو بعض الضيوف في غرفة الضيافة مع والدها وكانت ريم وولدتها يقومون بضيافتهم
فمن يترا الذي افسد المخطط واخبر حياة…… كانت تعصر عقلها لعلها تجد إجابة على سؤالها ولكن اصبحت مشوشة فالاحداث مزالت تنسج امامها كشريط فيديو…..
والبطل ولمعذب فيها هو حلم الطفولة الميؤس منها والذي بات الان من المستحيل الحصول عليه……
“أنتِ لــســه قـعــده عندك مــتــفزي غــوري من قدامي ….” صرخ بها سالم بعصبية ..
ارتجف جسدها وهي تنهض بخوف من بطش سالم لها مرة اخره برغم من الألم المبرح الذي يعتريها الى انها حاولت التماسك قليلاً ارتدت عبائتها ببطء وتعب امامهم فهي اصبحت مجردة من الكرامة بينهم ولاهم امام نفسها….. تزايد الحقد ولغل إتجاه (حياة) اكثر اشتعلت داخلها نيران للانتقام نحو كلاهما
وبلاخص هذا السالم الذي جعل منها حطام انثى بعد إهانته وهمجيته الغير متحضرة معها….
قد مزق كرامتها الى شذرات حادة متفرقة وحدتها حتماً ستجعلهم يعانون بعد ان وقفوا عليها
باقدامهم غير منتبهين بما فعلوه بايديهم ….
وجدت سالم يغلق الهاتف وهو ينظر لها قائلاً
ببرود…..
“جابر هيجي يوصلك لحد البيت…. ومتفكريش ده اكرامن ليكِ…. لا ده عشان شكلي قدام النجع والناس …..”
خرجت من غرفة المكتب وهي تسحب قدميها بقوة
لمهاجرة هذا المنزل ولكن ستعود يوماً عن قريب للانتقام من كلاهما وكلاً منهم له نصيب مختلف
عن الآخر……….
ذهب سالم واغلق الباب بالمفتاح…..
تطلعت عليه حياة بخوف من وجهه الاحمر غضباً
وعيناه المظلمة بطريقة مخيفة….وعضلاته التي تشعر بتشنجهم بعصبية مفرطة….. وصل امامها ومسك معصمها بقوة زقال ببطء وتوعد …..
“عرفتي منين ان لعصير كان فيه الحبوب دي… وازي ظهرتي كده قدامي فجاه وكانك كنتِ سامعه الكلام من أوله أنتِ كنتِ عارفه بمسرحيتها وسكته كنتِ عارفه… ولا كنتم متفقين سوا…. ردي عليا ساكته
ليه ”
ارتفع صوته بغضب وانفعالاً لم يقدر
السيطرة على نفسه امام صمتها اللعين وبُنيتيها
التي تحدق به بصدمة من ظنه المشين بها…..
ردت حياة بصدمة …
“انت بتقول إيه متفقه معاها ازاي…. وليه هعمل
كده.. ”
مسك كتفها بين يداه وبدأ يهزها بعنف…
“امال عرفتي منين… وازي ظهرتي فجأه كده
وتكلمتي بكل الهدوء ده وكانك كنتِ سمعه الحوار من أوله… ”
بلعت مابحلقها بمرارة من حديثه وغضبه عليها
ردت عليه بهدوء عكس خوفها منه….

“انا اتفاجئت بالموضوع زيك…. لم عرفت من
ريم… ”
“ريم…… “هتف بعدم فهم….
“اااه ريم كلمتني وحكتلي ان….. ”
أخبرته بمكالمة ريم لها ……..وبعد ان إنتهت من حديثها نظرت له بتردد قد ظنت ان بعد هذا الحديث سيشعر بندم من ظنه بها وممكن ان يعانقها ويطلب ان تسامحه على انفعاله عليها وظنه المشين بها….. ولكن صُدمت من ردة فعلة التالية….
نظر له سالم وابتسم بسخط..
“بجد شابو يامدام حياة……. بجد شابوه ليكِي تصدقي عجبني اوي تفكيرك…… ”
تطلعت عليه بعدم فهم من هذه السخرية والاستهانة الإذاعة على حديثها …
“انت بتكلم كده ليه…… ماله يعني تفكيري…. ”
“عقيم…. “هتف بالكلمة وهو يجلس امامها بهدوء على مقعد كبير يناسب جسده وهالة رجولته…..
“عقيم…… تفكيري عقيم ازاي يعني…. “حروفها كانت ضائعة وهي تسأله بدهشه……
نظر لها بتمعن ثم قال ببرود….
“اكيد لو مش تفكيرك عقيم…. مش هتعملي الفيلم الهندي دا كله….. كان ممكن اوي ياهانم تحكيلي
عن مكالمة ريم…… من غير ما نوصل انا وانتِ لهنا
ومن غير حتى ما شوف بنت عمي بشكل ده…
” وحضرتك وقفه ورا الباب بتسمعي جوزك هيتصرف ازاي مع واحده بتعرض جسمها عليه ببلاش…… ”
انفعلت من تلميح حديثه ولكن ردت عليه بصدق
“انا عملت كده عشان تعرفها على حقيقتها عشان
خفت احكيلك مكلمة ريم تكدبني….. ”
طأطأ رأسه للأسفل وتبث عينيه على الأرض
الصلبة ورد عليها قائلاً ببرود……
“مش بقولك تفكيرك عقيم…… طب وبنسبه لوجودها معايا في المكتب وعرضها الجبار ليه …تفتكري رفضت عرضها بقلة ذوق ولا بشياكه….. ”
ارتجفت شفتيها واحمرت عينيها من دموع تحرقها بدون هبوط وكانها تعذب مقلتيها مثلما يعذب سالم
قلبها بحديثه اللعين….. همست باسمه ليتوقف
“سالم……. ”
نهض وقد حضر الانفعال في كل خلايا به
وهدر بحدة مزقتها……
“سالم إيه ….. لا سبيني اكمل سبيني اقول ان
مراتي مش فارق معاها وجود واحده في مكتبي بتعرض جسمها عليا ببلاش….مع العلم ان مراتي على خبر بكل حاجه من قبلها…..لا ولا موضوع الثقه اللي مش قادره تستوعب اني بثق فيها وبصدقها
لسه فاكره اني ممكن اكدبها عشان ريهام او غيرها
” طب ليه هكدبك لو فعلاً مش بثق فيكِ زي مانتِ شايفه كده…. اتجوزتك ليه هعترفلك باللي بحسه ناحيتك بسرعه ديه ليه ……لو فعلاً مش بثق فيكِ وهكدبك……ليه خليتك في حياتي وتمنيتك ام ولادي ……دا انتِ في مكان مفيش واحده قدرت توصله…. “ضحك بسخرية….
“وفي لاخر بتقوليلي خايفه تكدبني….و زعلانه من اني بقول على تفكيرك عقيم بالعكس دا انا اختارت أقل كلمه من كلام كتير لو قولته ممكن يوجعك بجد ….”
حمل معطفه الأسود وارتداه وهو ينظر لها ثم هتف بخشونة وأمر……
“اطلعي نامي …..وبلاش أرجع اشوفك فى وشي
عشان معملش فيكي حاجه أندم عليها بعد كده”
تريث برهة قبل ان يرمقها بحدة ليخرج بعدها سريعاً وتركها بعد ان ألقى توعده المخيف عليها ..
وقفت صامته كالجسد بلا روح….. و روحها غادرت
مع من تركها بعصبية ورحل…
…………………………………………
” ادخلي يابت …..ينهار اسود مين اللي عمل في وشك كده ياريهام…..”هتفت خيرية بعبارتها وهي
تجلس بجانب ابنتها على حافة الفراش…..
“اوعي يكون سالم اللي عمل فيكِ كده….”
اومات لها بسخرية ….بمعنى (ومن غيره)
خبطت خيرية على صدرها بغضب…
“وليه يعمل فيكِ كده ابن زهيرة”
اخبرتها ريهام ماحدث….
صاحت خيرية بقهر….
“ااه يابن الـ****طب ويمين بالله ماانا ساكته لعمليه دي لازم ابـ…..”
بترت ريهام حديثها بحنق…
“وطي صوتك يامااا لو ابوي صحي وشافني كده هيبقى فيها سين وجيم ومش هخلص وساعتها
مش هعرف اقوله إيه وقتها…..”
مسمست خيرية بشفتيها بامتعاض ومزالت تحتفظ
بغضبها من سالم من ما فعله بوجه ابنتها….
“لازم ابوكي يعرف لازم يعرف عمايل ابن اخوه فيكِ ..”
“ولم يروح يسأل سالم ليه عملت كده في بنتي
ساعتها سالم هيقوله على كل حاجه ….”
هتفت خيرية بيقين خبيث …
“سالم مش هيفضحك انتي بنت عمه….”
هتفت ببرود لها…..
“بس هيفضحني قدام ابويه ووليد عشان هما اهلي واهله وانا مش عايزه حد يعرف اللى حصل ده …”
خبطت خيرية على فخذيها بغضب قائلة…
“ااه ياناري ….هموت واعرف مين بس اللي قال لي بنت الملاجئ دي على الموضوع دا احنا لسه كلامنا فيه مبردش….كلمتك بنهار وكنتِ بتنفذي بالليل مين بس اللي لحق يقولها بسرعه دي …..”
اغمضت ريهام عيناها بتعب وهي تتحدث لإنهاء النقاش فجسدها اصبح ثقيل ولا تشعر بنفسها
بعد هذه الليلة اللعينة……هتفت بحقد وتوعد
“مش عارفه ياماا…ومش عارفه افكر دلوقتي بس مين مايكون مش هرحمه ….اما بقه سالم وبنت الحرام اللي متجوزها دي فدول هاخد طاري منهم
قريب اوي بس الصبر جميل……”

…………………………………………………..
بعد مرور عدة ساعات في ركوب الخيل في
الصحراء الخالية مع هذا الجو البارد ليلاً ……
دخل من بوابة القصر بجسد ثقيل متعب …
ولكن رغماً عنه يفكر في هذه العنيدة الغبية ….
غبية وستفقده يوماً بسبب هذا الغباء الذي تحيا به …..ولكن بعد تفكير علم أنه أيضاً تمادى معها ،( حياة) فعلت هذا لأجله حتى ان كان بطريقةً خطأه… لكنها فعلت هذا لابعاد( ريهام) عنه وحتى يكتشف حقيقة ابنة عمه الغير مرئيه عليه ، لكنها لا تعلم ان تلك الحقيقة كان يغفل عنها عمداً
حتى لا يزعج والده وجدته بنفوره الزائد الأبناء عمه…
حياة أخطأت ولكن على حسب تفكيرها تصرفت..
ابتسم ببطء حين تذكر صدمتها بعد ان قال عنها
عقيمة التفكير….. يعلم انها كانت تود عناق حنون
وكلمات شغوفة مواساة حنونه منه بعد ان علمت
بحقد ريهام لها وتدبير حادثة الدرج لها… كان يود ان يعانقها ويبث الطمأنينة لها أنه دوماً بجوارها وقادر على حمايتها من جميع من يحاول تفريقهم عن بعض…
لكنه على اي حال فضل القسوة عليها حتى تمحي
من عقلها الصلب فكرة (قلة الثقة) التي دوماً تتظاهر أنه لا يمتلكها بينهم لكن في الحقيقة هي التي لا تثق به ولا بنفسها ولا حتى بحبهم لبعض…
كانت تجلس على الفراش تبكي بدون توقف ..
تلوم نفسها وعلى تفكيرها العقيم… سالم محق كان من الممكن إصلاح كل شيء بدون ان تترك ريهام تقترب من سالم وتعرض نفسها عليه ولكن..
اللعنة سرعة تفكيرها توصلها لكلمة سالم الجارحة
(تفكير عقيم) ليس فقط عقلها عقيم عن إيجاد حلاً افضل من هذا لا حتى قلبها كان عقيم في ايقافها
من اجل الحب، والغيرة التي احرقتها وهي تقف خلف باب مكتبه..
“غبيه ياحياه…….. غبيه….. ”
“هو انتِ فعلاً ساعات بتبقي غبيه… بس للأسف
اجمل غبيه…… “كان هذا صوت سالم وهو يجلس
بجوارها على حافة الفراش…. لم تشعر بوجوده حين دلف الى الغرفة أأ الى هذا الحد كانت شاردة…
“سالم انا….. ”
وضع أطراف أصابعه على فمها بتر إكمال حديثها بحنان…
“بس ياحياة مش عايز اسمع حاجه….. ”
مرر أصابعه تحت عيناها …. وقال بحنو…
“ليه كل العياط ده….عينك أحمرت ..انتِ عايزه تحرميني اني اشوف لونهم ولا إيه…. ”
“انا آسفه…..”قالتها حياة وهي تنفجر في البكاء….
“طب تعالي ياملاذي ….. ”
سحبها الى أحضانه بحنان وهمس لها
بحب ….
“ممكن ننسى الموضوع الرخم ده…
وننسى اي حاجه حصلت النهارده ونفكر في الجايا
ينفع تثقي فيه شويه وتحطي دايما في دماغك
اني بحبك وبصدقك …..وبثق فيكِ اكتر من نفسي ….. ”
ردت عليه وهي تريح وجهها على صدره كطفلة
صغيرة تخبر والدها بهموم قلبها…
“ولله ياسالم انا بحبك اوي وبغير عليك اوي… بس
خوفت متصدقنيش عشان كده عملت كده بس انت
عندك حق انا….. غبيه….. ”
انتزعها من أحضانه ببطء لمواجهة عيناها الحمراء موبخها بلطف….
“ممكن تبطلي تقولي على نفسك كده… أنتِ مش غبيه ياحياة انتِ متسرعه… متسرعه في تفكيرك
وفي رد فعلك عشان كده ساعات بتبقي … ”
“غبيه قولها ماخلاص انا معترفه…. “قاطعته بتزمر طفولي مضحك لا يناسب احمرار وجهها من أثر
الحزن والبكاء…..
ضحك وهو يمرر اصابعه مره اخره تحت عينيها بحنان ابوي …نعم وما الغرابة في كتابتها في النص فالحبيب الحنون والعاشق الصادق في عشقه هو لحبيبته الاب…والاخ ….والصديق …..والحبيب…
واخر شيء الزوج الحنون ……
قال سالم بحنان…
“أنتِ فعلاً غبيه بس غبيه بطعم الكريز…. ”
فغرت شفتيها ونسيت حزنها …متسائله بستفهام
“يعني إيه….. ”
حملها فجاة….وهو يقول بامر خشن مسكر على مسامعها….
“تعالي اغسلك وشك الاول….. وبعدين افهمك أنتِ
ازاي غبية بطعم الكريز….. ”
ابتسمت وسط طيات حزنها…. لتقسم داخلها ان الحياة بدون سالم ….مثل الحياة بدون هواء
بنسبة لها !…
………………………………………………….
بعد مرور شهر…..
كانت تقف بسنت وخوخة في شرفة غرفة خوخه
“ها نويتي على إيه….. “سالتها بسنت
اجابتها خوخة بخفوت….

“هكلمه بكره الصبح وهروح تاني يوم يكون حضر
الفلوس اللي هطلبها منه….. ”
تطلعت بسنت على هذا الرجل من خلال وقفتهم
في شرفة الغرفة الصغيرة…. التوت شفتيها بريبه
وبدون ان تظهر اي تعبير على وجهها قالت
لبسنت بهمس….
“بقولك إيه ياخوخة الواد ده يختي على طول قعد على القهوة اللي تحت بيتك وشكله كده مركز معاكِ اوي هو يعرفك ولا حاجه…. اصل شكله مش
مطمني…..”
نظرت خوخة بطرف عينيها مثلما فعلت بسنت حتى لا تثير شك الرجل أنهم يتحدثون عنه…
هتفت بتوتر بعد ان اختلست النظر له….
“شكله فعلاً جديد على الحته …” ثم هتفت بعدم اهتمام بعد ان استنتجت من تفكيرها انها ليس لديها اعداء لمراقبتها وفعل شيئاً ما لها
استبعدت الفكرة وهي تقول بسخرية….
“فكك يابسنت يمكن واحد من المقطيع اللي مش فالحين غير في لقعده على القهاوي ومرقبة الرايح والجاي تعالي جوا يابسنت نتكلم عشان عايز
اشيلك امانه.. ”
جلست بسنت على الفراش وهي تطلع عليها..
“في إيه ياخوخة امانة ايه اللي بتكلمي عليها… ”
فتحت خوخة خزانة ملابسها واخرجت منها شريحة
هارد خارجي…..
“خدي يابسنت الهارد ده عليه تسجيل وليد صوت
وصوره وهو بيعترف انه هو اللي قتل حسن اخو سالم خليها معاكِ…… ”
مسكتها بسنت بعدم فهم متسائله بريبه….
“اخليها معايا ليه انتِ مش رايحه لسالم دا
كمان يومين وهتكلميه بكره…… ”
“ايوه….. بس…. “صمتت خوخة لبرهة
وقالت بخوف يراودها منذ اكتر من اسبوع ولا
تعرف سببه…
“انا خايفه شويه وحسى ان ممكن يجرالي حاجه
عشان كده بامانك امانه لو حصلي حاجه قبل ما
وصل لبيت سالم شاهين….. ابعتي أنتِ ليه شريحة الهارد دي وخدي الفلوس اقسمي منها عليكِ وعلى امي وخواتي …..”
تسلل الخوف الى قلب بسنت وساد الصمت بينهم
للاحظات …. ولكن حاولت ان تتحدث بسنت معها بمزاح ملطف الجو المرعب من حديث صديقتها
عن الموت….
“بطلي نكد ياخوخه…. دا أنتِ هتعيشي اكتر مني ياهبله وأنتِ بنفسك اللي هتصرفي الفلوس ديه وتنغنغي اخواتك وامك بيها….دول نص مليون
جنيه….. “ابتسمت بسنت لها مشاكسه إياها..
ابتسمت خوخة بحزن…. وهي تضع الشريحة في
راحتي يد صديقتها واغلقتها عليها وهو تقول
بنبرة مبهمه….
“محدش ضامن عمره…
خليها معاكِي
إحتياطي ….
يتبع…
نزل وليد من على الدرج يرتدي جلباب كحلي اللون
مصفف شعره للوراء ….ينفث سجارته بضيق وعيناه مُسلطه على باب الخروج……
“رايح فين ياوليد…..مش هتتغدى معانا “سألته خيرية والدته وهي تضع طعام الغداء على المادة الكبيرة …..
نظر لها وليد ثم الى ريهام التي تجلس على مقعد
أمام الطاول المستطيلة….
“لا مش عايز كلو أنتوا انا ورايا مشوار مهم….. ”
تحدث وهو يقترب من ريهام

مال عليها يسألها نفس ذات السؤال الذي لا يمل
من تكرره عليها من يوم ان خرج من المشفى…..
“برضه مش ناويه تحكيلي سبتي بيت سالم ليه
وإيه السبب……. ”
لم تتوتر ولم تهتز لحظة واحدة أمامه في كل مرة يسألها نفس السؤال… اجابة بثبات وجمود تتميز
به دوماً…
“مفيش أسباب… اتخنقت من القعده في بيت عمك فرجعت بيت أبويه إيه غريبه دي…. وبطل كل شويه تسأل نفس السؤال ….”
زفر بضيق…. فهو يعلم أنها لم تريح عقله بحديث صادق…..
تكذب عليه ويعلم ذلك… ولكن ماهو الشيء
الذي يجعل ريهام تدعي الكذب ؟….سأله عقله بتوجس….. نفض الأفكار بضجر وهو يخرج من
البيت فهو لديه الان موعد أهم من التفكير في
سبب مغادرة ريهام منزل( رأفت شاهين)….
اوقف سيارته في مكان شبه خالي من البشر تعتريه
رمال الصحراء والجو الصحرواي الطاغي من حولهم …..
وقف امامه هذا الرجل الذي كلفه وليد بمراقبة خوخة في تلك الحارة الشعبية الماكثه بها …..
“ها عملت إيه يا ايمن ……”
نظر له ايمن وقال بصوتٍ خشن مُطيع….
“انا براقب اللي أسمها خوخه دي يجي من شهر زي ماحضرتك أمرت… وكمان راقبت رقم تلفونها وسجلت كل المكالمات اللي عليه بعد ما رشيت صاحبي إللي حكتلك عنه ماهو ده يابيه شغال في شركة إتصالات وكمان هو اللي بيوصلي كل يوم مكلمات البت ديه عن طريق النت… ”
زفر وليد بقلة صبر وقال بضجر ….
“ما تخلص ياخويه انت هتحكيلي قصة كفاحك اللي بتاخد عليها فلوس مني قد كده…. انا جيت اقابلك عشان أنت قولتلي في تلفون ان فيه حاجه مهمه حصلت إيه هو المهم اللي منزلني من البيت
عشانه… أنجز بقه… ”
اخرج ايمن هاتفه ومد يده قال وهو يتطلع على وليد..
“اتفضل يابيه اسمع المكالمه ديه لسه صاحبي
بعتها ليا ظازه ……. ”
مسك وليد الهاتف بتافف وفتح هذا المسجل لسماع محتواه…….
خوخة…
ايوه يابسنت وصلتي البيت…….
بسنت…..
ااه وصلت…. بقولك ياخوخه ..أنتِ خلاص قررتي تكلمي سالم بكره وتحكيله عن التسجيل ده.. ”
خوخة….
“ااه طبعاً…. أنتَ نسيتي الفلوس ولا إيه…. ”
بسنت….
“لا طبعاً مش ناسيه… بس اوعي وأنتِ بتكلميها على تلفون يطلب منك تشغلي التسجيل ساعتها ممكن يعرف صوت الزفت اللي أسمه وليد وتروح علينا الفلوس….. ”
خوخة…
لا متقلقيش انا عارفه هعمل إيه كويس اوي وبعدين سالم أول مايعرف اني معايا التسجيل اللي هيعرفه مين هو إللي قتل اخوه وليه عمل كده هيوافق على طول يسلمني الفلوس وبعدين دول ****مش هيجو حاجه يعني من اللي عنده….. سبيها أنتِ بس على ربنا….”
بسنت…
“يارب…..ياخوخه…. الدنيا تضحك بقه في وشنا ولو مره واحده….
خوخة…
ان شاء الله يابسنت….. طب هقفل معاكِ انا بقه عشان نزله شغل في فرح كده قريب ويمكن أتأخر لنص اليل ….”
بسنت
“طب تمام هكلمك بليل…. ”
انتهت المكالمة بنغمة اخترقت أذنيه بقوة ألمته لا

لم يكن صوت نغمة تنبيه انتهاء المكالمة بل الحديث الذي أستمع له…. ماذا( سالم) سيعرف حقيقة قاتل شقيقه ومن سيخبره (خوخة)..
وعن طريق تسجيل سجل له بدون ان يلاحظ
خائنة… والخائنة عقابها الموت !…. وهي من حكمة
على نفسها بذلك وهو أسهل شيء عليه ازهق الروح
عن جسدها…… يدور الحديث داخله بلا هوادة وشيطان يولي له الحل الأمثل
(وما أسهل من ذلك على قلوب اتت لتفسد في لارض قبل رحيلها المكتوب !… )
أبتسم وليد بتهكم ثم نظر نحو أيمن قائلاً بنزق..
“انت عارف اللي اسمها خوخه دي فين دلوقت. ”
رد ايمن وهو ينظر في ساعة يده….
” المكالمة من حوالي تلات ساعات يعني زمنها دلوقتي في الفرح اللي قالت عليه…… ”
تسأل وليد وهو يصعد السيارة في محل القيادة…. وأشار الى ايمن بصعود بجانبه…..
“معاك عنوان المكان اللي فيه زفت ده…. ”
صعد أيمن بجواره إجابة بعملية…..
“ااه اعرفه واحد من رجالتي مستنيها هناك… بيرقبها مكاني يعني لحد ماراجع….. ”
نظر له وليد مُبتسم باعجاب من ذكاء وتفكير
هذا الايمن الذي يسهل عليه خططه الحاسمة….
“برافو عليك يا ايمن …هي دي الدماغ اللي تستحق
تشتغل مع وليد بكر شاهين….. “هتف اسمه بغرور
ولكن شعر آن الاسم ليس بهيبة هذا السالم… هتف بخفوت ساخرا….
“حتى الإسم متنمرد عليا…..”
نظر له ايمن باستغراب
“بتقول حاجه ياباشا…..”
اشار له وليد بي (لا)واكمل قيادة السيارة
لمسار معين……..
……………………………………………….
يجلسون على سفرة الطعام ….ويجلس رافت على راس مادة الطعام و راضية بالجانب الايسار على اول مقعد…. وسالم بالجانب الايمن مقابل لها… وحياة بجواره وبجانبها ورد ابنتها التي تاكل تارةٍ بيدها وتارة تاكل من يد حياة …..
كان سالم ياكل بهدوء وهو يختلس النظر نحو زوجته التي لم تضع في فمها الا معلقتين من الارز
من وقت ان جلسوا على مادة الغداء…..
ترك الملعقة التي ياكل بها …ثم امسك بملعقة التقديم وبدأ يضع بعض الارز ولحم في طبق حياة
تحت انظار رافت والجدة راضية الذين ينظرون لبعضهم بابتسامة ذات معنى …..
لم يبالي سالم بوجود احد معه على نفس المادة..
قال لزوجته بأمر …
“ممكن تاكلي وتسيبي ورد تاكل براحتها …البنت اتخنقت من تحكماتك في الاكل….”
نظرت له حياة ومطت شفتيها بعدم رضا قائلة..
“دي مش تحكمات ياسالم ده خوف عليها..انت مش شايف ورد عمله ازاي دي رفيعه اوي ياسالم ولازم
تتغذى……”
مال عليها و قال بوقاحة وعبث….

“يعني هي طالعه رفيعه لمين ما ليكِ …انتِ
عارفه انتِ لو تزيدي شويه هتلاقي ورد هي كمان زادت…”
نظرت له بشك وهي ترفع حاجبيها..
“ياسلام …..طب هو اللي واضح من كلامك كده انك مش عجبك عودي الفرنساويه….”
مال اكثر على أذنيها قال بمراوغه…
“بصراحه عودك ياوحش لا يقاوم بس انا كل اللي عايزه منك انك تاكلي وتهتمي بنفسك… وزي ماانتِ خايفه على ورد من قلة اكلها… انا كمان خايف عليكِ من انعدام اكلك ياملاذي….فهمتي…. ”
ابتسمت بسعادة تشرق وجهها الذي أصبح
ناصع واكثر حياة من أسمها بذاته….. العشق يفعل المعجزات العشق يولد حياة جديدة على يد سالم… سالم الذي بحنانه….و اهتمامه ….وعشقه لها جعلها تتذوق نعيم الدنيا الحقيقي في قربه وفي أحضانه الدافئة….
بدأت تضع الطعام في فمها وتمضغه…
نظر هو لها بتراقب وحب… ولكن وجدها متذمره وهي تمضغ الطعام للحظة كاد ان يسألها ولكن كانت هي الأسرع حين اشارة الى مريم وقالت بهدوء…
“معلشي يامريم هعذبك معايا ينفع تجبيلي
حتة جبنه قديمه من جوه …عشان نفسي فيها من صبح وبصراحه نفسي مش جايه للأكل ده… ”
أبعدت الطبق من امامها على مضض وهي لا
تقدر حتى على النظر الى محتواه…….
نظرت لها الجدة راضية وهي تسألها باستغراب
“من امته وانتِ بتاكلي الحوادق ياحياه…. ”
وضعت مريم الطبق امامها وبعد الخبز الساخن…
نظرت حياة الى الجبنة الحادقة ذات اللون الأصفر يوازن لونها رمال الصحراء او اغمق قليلاً….
بدأت تاكل منه بشهية مفتوحة تحت أنظار سالم المراقب افعالها باهتمام….. إجابة حياة عليها
قائلة بحيرة….
“ولله ما عرفه ياماما راضية انا عن نفسي مستغربه بس نفسي رايحه ليها اوي وريحتها مش مفرقاني
من الصبح….. ”
ابتسمت الجدة راضية وهي تنظر الى سالم
وحياة بسعادة……
“ماشاء الله معقول…. ممكن تكوني حامل ياحياة…”
اتسعت بُنيتيها بعدم تصديق وهتفت بجملة
سريعة متهورة….. أشعلت قلب سالم الذي كان
قد نبع داخله فرحة عارمة اثار حديث( راضية) منذ قليل…..
“حامل…. مستحيل طبعاً…. لا مافيش الكلام ده انا اوقات كده نفسي بتروح على حاجات غريبه انا
مش ببقا بكلها أصلا …..”
أكملت راضية طعامها بإحباط وهي تنظر الى أبنها

رافت الذي بدوره حول انظاره الى أبنه الشارد
وكأنه كور نفسه في عالم اخر عنهم……
كان سالم شارد في حديث حياة الغريب والذي وللأسف آلام قلبه من هذه الجملة الأولة التي
نطقة بسرعة وعفوية….(حامل مستحيل طبعاً)
لم تكن العفوية شيئاً سيىء الى انها صُنفت في
بعض الأوقات بطباع السيئه فقط لأنها عفوية حديث صادق لم يتزين قبل الخروج للبشر لذلك جملة( حياة) العفوية لم تكن إلا الصدق بأنها لا
ترجح فكرة الانجاب منه…..
هل بعد كل شيءً بينهم مزالت لا تشعر بالأمان بتجاهه مثلما قالت لريم عبر الهاتف في اول
زواجهم
كانت تتحدث بكل هذه العفوية والإصرار عن رفض فكرة الإنجاب منه…. لكن السؤال الأهم هنا….
هل تاخذ شيئاً ما يجعلها تتحدث بكل هذه الثقة والحسم الذي من الواضح أنها تفرضه عليه وتحرمه منه بكل انانية…..
كور يده بغضب من وسوسة شيطانه له بكل هذا المكر في الأحاديث ولتفكير والشك بها ولكنه….
داخله كان يقسم بصدق…..
ان كانت فعلاً تتناول شيئاً ما لحرمانه من اقل حق
له منها كم يقال (طفل من صلبه)….. ان كانت تفعل فهي وضعت نفسها امام قسوة من لم يغفر
لها يوماً فعلتها تلك معه !……
وضعت يدها على يده وابتسمت له بحب متأملة
وجهه الرجولي الشارد….
“مالك ياسالم…. في حاجه مضايقك….. ”
هز راسه لها بـ(لا) ثم أكمل طعامه بصمت لا يريد
لهذا الشيطان التحكم به لا يريد ان يدمر ملاذه
بشك مشين وأفكار حمقاء فطفل سياتي يوماً ما
وسيستحوذ عليها في معظم الاوقات…. سياتي
يوماً ما لحياتهم لما العجلة والشك إذاً !…..
يعلم انه يفر من الحقيقة او يكذبها ولا يريد البحث خلفها فاذا بحث واكتشف ما يخشى تصديقه متاكد بعدها بل يثق انه سيدمر كل شيء وهي اول الأشياء التي ستنال الدمار حتماً !…..
…………………………………………………..
بعد ثلاث ساعات…
وقف وليد في مكان ما بعيد عن ضوضاء هذا الفرح الشعبي….. اتى عليه أيمن وقال بجدية..
“تحب نعمل إيه ياوليد بيه نخطفها ونجبهالك هنا متكتفه….. ”
اشعل وليد سجارته وقال بأمر خشن..
“لا مش لدرجادي….. انا هحل الموضوع ده بنفسي أنت تاخد رجالتك وتمشي دلوقت… وتستنى مني اتصال كمان ساعتين عشان عايزك في شغل مهم لازم يخلص قبل مالنهار يطلع علينا……وكمان الصبح لازم تدور على البت اللي كانت بتكلمها في تلفون تعرفلي عنوان بيتها فين …..”
هز ايمن رأسه بإيجابية….
“اللي تامر بيه ياباشا….. بعد اذنك…. ”
ذهب ايمن من امامه…… دلف وليد الى سيارته
وعيناه متربصة على المكان الذي ستخرج منه خوخة الآن…
بعد دقائق…. كانت تسير خوخة على رصيف الطريق الذي كان فارغاً من البشر وسيارات تسير فيه بسرعة كان يسير بسيارته خلفها ببطء وتراقب وعقله ينسج له الف سيناريو بشع لتخلص منها …..
نظرت خوخة خلفها بتوتر وارتجف قلبها وهي ترى
مراقبة هذه السيارة منها ببطء وتتابع سيرها
بإصرار…… وقبل ان تلتفت لترى من بها…. وجدت
السيارة تُسرع لتقف امامها مُصدرة سرينة عالية
جعلتها تغمض عينيها بخوف…..
خرج وليد من سيارته ناظراً إليها ببرود …
مُستمتع بملامحها الطاغي عليها الخوف وجسدها
الذي كان يرتجف بزعر واضح …. همس لها ببرود
“مافيش حمدال على سلامتك ياوليد….. ”
فتحت عينيها ببطء وهي لا تصدق أن السيارة المراقبة لها منذ قليل بتسلط ليست إلا سيارة وليد ولكن لم فعل ذلك ولم هو هنا الان…
“ايه بتبصي عليا كده ليه هو انا كنت بايت في حضنك ولا حاجه دا احنا بقلنا اكتر من شهر ونص منعرفش حاجه عن بعض …اي ده دا انا نسيت
ان احنا حتى مشفناش بعض من وقت اخر زياره
في المستشفى…. هو أنتِ زعلتي مني ولا إيه
ياخوختي…… ”
بلعت ريقها بخوف لا تعرف لما كل هذا الارتباك ولكن حين تنظر الى عينيه الشيطانية الماكرة …تتذكر معاد مقابلتها لسالم شاهين ولاموال التي ستحصل عليها.. تتوتر وخشيت ان يعلم وليد بغدرها له من خلال عينيها الزئغة خوفاً….
تأهبت للحديث وهي تقول بتبرير…
“انا كنت الفتره دي مشغوله وامي كانت تعبانه فا معرفتش ازورك و…… ”
لم يسمح لها بالمزيد….. قال بنبرة هادئه…
“صدقه ياخوختي….. بس انا من رايي نكمل كلمنا في حته تانيه…. تعالي اركبي…… ”
صعد السيارة وشغل وقود سيارته مُنتظر صعودها
كانت تسير للوصول الى سيارته ببطء وكأن احساسها بتذوق الموت كان الأصدق وسط كل تلك المشاعر المتفجرة داخلها…..
دلفت الى السيارة وانطلق هو سريعًا بها….

وقف في مكان شبه خالي من الحياة حتى السيارات معدومةٍ من المرور في هذا الطريق نظرت له خوخة بخوف وسائلة بخفوت ….
“هو احنا هنا ليه ياوليد….. ”
خرج وليد من السيارة واغلق الباب ليقف بمسافة بعيدة قليلاً عن سيارته يوليها ظهره وكان ضوء مصباح السيارة بتجاه ظهره مباشرةً ….
خرجت باقدام ثقيلة ترفعهم من على الارض
بصعوبة…….نظرت الى ظهره الذي يوليه إياها
سائلة مره اخرة بتردد….
“انت مش بترد عليا ليه ياوليد احنا هنا ليه في المكان المقطوع ده….. ”
التفت لها في لحظة وهو يرفع يده امامها لتنظر بصدمة الى هذا السلاح الذي يشهر به أمام وجهها…
قال وليد ببرود …
“أنتِ كده أكيد عرفتي احنا هنا ليه صح…. ”
ارتجف جسدها بخوف وهي متسعت الأعين بصدمة….
“أنت بتقول إيه انا مش فاهمه حاجه…. انت هتقتلني ….هتقتلني بجد.. طب ليه؟….. ”
ضحك بقوة وسخرية….وعيناه تنبع شرارةٍ من الشر الشيطاني نحوها و الذي جعلها تيقن ان الحياة انتهت بنسبه لها في تلك الدقائق المعدودة…..
اجابها وليد بسخط….
“انتِ بتسالي ليه….. طب اسمعي كده…. ”
شغل المسجل الذي بينها وبين بسنت…. لتسمع
حديث كلتاهما عن المسجل ولاموال الذي ستاخذه من سالم مقابل تلك الحقيقة التي حتماً ستجعل حبل المشنقة يلتف حول عنق وليد………
بعد ان انتهى المسجل قالت بخوف وهي ترجع
للخلف بخوف….
“ااانا…… انا…….. ياوليد كُنت…… ”
التوت شفتاه بامتعاض وهو ينظر لخوفها بتسليه
وتشفي…. استند بظهره على سيارته وقال ببرود
“كملي ياخوخه انا سمعك… التسجيل ده متفبرك صح وأنتِ فعلاً مش مسجله ليه حاجه…… صح

كلام ده…. ”
تصلبت قدميها فالارض ولم ترد عليه وبدات تفرك في يداها بتوتر وجسدها لم يتوقف للحظة عن الانتفاضة خوفٍ من القادم…..
هدر بها بصوت عالٍ…
“متردي يابت التسجيل ده متفبرك….. ”
اقتربت منه ومالت عليه وهي تقبل يداه ودموع تغرق وجنتيها وقالت بتوسل …
“ابوس ايدك ياوليد ارحمني بلاش تموتني انا اهلي يضيعه من غيري……”
مسك شعرها بقوة ليرفعها من على كف يده
لتواجه عيناه الحمراء غضباً ذات للهيب الشياطين
رد عليها بشر جنوني….
“متقلقيش ياخوختي على اخواتك وامك هم هيزروك في نفس الليله….”
سألته بتوتر
“تقصد إيه…… ”
قلب عيناه بملل وهو يرد عليها بفتور غريب
“يعني أنتِ خونتيني وسجلتي ليه اعترافي بقتل
حسن وأنا اكتشفت خيانتك يبقى طبيعي هحاول اتخلص منك ومن دليل اللي معاكِ ومن اي حاجه تخصك فمهتي يا……….خوختي….. ”
انهارت خوخة وهي تتوسل له ببكاء وخوف..
“لا بلاش ابوس ايدك بلاش امي وخواتي الصغيرين هم ملهمش ذنب موتني انا انا اللي خونتك هم ملهمش ذنب ابوس ايدك..ابوس ايدك بلاش امي واخواتي… ”
نفضها بعيداً عنه بنفور وقال باستعلاء وهو يهندم ملابسه…
“اي يابنتي الافوره ديه…… كرمشتي الهدوم… ”
نظرت له بذهول وكره كره نابع داخلها بفيضٍَ….
شهر سلاحه امام وجهها الشاحب وهو يقول ببرود…
“بصراحه أنتِ خدتي اكتر من وقتك وانا مش فاضي خالص للهبل ده ….. ”
نظرت له بصدمة ولكن في لحظة تحركت قدميها لتركض من امامه بسرعة حتى لا تصاب من هذا
السلاح المصوب نحوها…. ولكن بعد اربع خطوات
كانت تستقبلها الارض القاسية تستقبل جسد
بلا روح فقد هربت روحها سرعانَ ما اخترقت
رصاصة سلاحه جبهتها من الوراء…..
اقترب منها بعد ان سكن جسدها في مكانه…
ليقلب في ملابسها ليخرج كل متعلقات تثبت
هويتها حتى هاتفها المحمول اخفاه في جيب
بنطاله …..
صعد سيارته وهو يشغل إذاعة السيارة ويدندن باستمتاع وكان الموت وازهاق الارواح بات الاسهل لديه ولافضل في بعض الأحيان……
…………………………………………………..
خرجت حياة من المرحاض وهي تجفف شعرها
بعد ان اخذت حمام بارد…… وقفت أمام المرآة
لتكمل تجفيف وتمشيط شعرها الأسود…و تطلعت
الى صورتها عبر المرآة وصورة سالم الذي يجلس خلفها نسبياً على حافة الفراش يريح ظهره
للوراء مُمسك هاتفه بين يداه يعبث به باهتمام…. ظلت تتأمله بحب وهيام من هذهِ الوسامة الرجولية
الذي يتميز بها حبيبها عن غيره ….
لكن شد بُنيتاها وتركيزها عليه انه يجاهد لإخفاء شيئاً ما عنها ، يبدو عليه الضيق والانزعاج الذي يخفيه خلف قناع الهدوء ولانشغال في هذا الهاتف……
انتهت من تمشيط شعرها لتجعله ينساب على ظهرها بحرية…..تقدمت من سالم لتجلس بجانبه ولاحت منها بسمة رقيقه على ثغرها الوردي
وضعت يدها على يداه الممسكه بالهاتف برقه
وهي تقول بحب…
“هتفضل ماسك التلفون ده كتير مش ناوي تقعد
معايا شويه…..”
نظر لها ومن ثم وضع الهاتف جانباً وهو ينظر لها منتظر المزيد من حديث هي المبادرة به….
نظرت له والى صمته بشك ….ثم سالته بأهتمام
” مالك ياسالم في إيه …وساكت كده ليه مش عادتك يعني نبقى مع بعض وتفضل ساكت كده….وبعدين اي البصه دي…”
تريث برهة قبل ان يسألها بتردد لاول مره….
“حياه أنتِ متاكده انك بتحبيني ……”
نظرت له بعد فهم لا بل كانت تشعر بصاعقة صدمتها بقوة في كامل انحاء جسدها…..
“انت بتقول إيه ياسالم…. اي السؤال الغريب ده وايه اللي حصل مني عشان تسالني وتشك في حبي
ليك… ”
نهض من جلسته وهو يزمجر بسخرية يصحبها الحزن……
“حبك…. هو فين حبك ده ياحياة اللي مش شايفه

من الأساس…… انا بوهم نفسي دايماً انه موجود……بس هو في الحقيقه مش موجود من أصلا ….”
وقفت امامه بانفعال وهتفت بصوتٍ عالٍ …
“هو إيه بس اللي حصل مني عشان تقول ان حبي ليك مش موجود ومش شايفه…. إيه اللى انا عملته عشان تقول الكلام ده ياسالم …… ”
ابتسم بسخرية وهو يزمجر بها بصوتٍ عالٍ …
“بجد مش عارفه انتِ عملتي إيه وبتعملي إيه ..”
نظرت له وقالت بحيرة صادقه…
“لا مش عارفه فاهمني انا عملت إيه يخليك تكلم بشكل ده…….. ”
مرر يده على وجهه بغضب وانفاسة عالية متحشرجة من الغضب الذي يحتل جسده…
بعد عدة دقائق كانت النظرات كل واحد مصوبه
على الآخر تسأل سؤال لا يتجاوز كلمتين
(لماذا) تعني الكثير بنسبة لهم ولكل منهم سؤال
يختلف عن الاخر ولكن (لماذا) الكلمة الشائكة
بين لغة أعينهما ….
سألها سالم وهو يحدج بعينيها بقوة …
“هسالك سؤال وتجوبي عليه بصراحه…. أنتِ بتاخدي حاجه تمنع موضوع الخلفه….. ”
فغرت شفتيها بصدمة وهي ترمقه بعدم استيعاب
ما الإجابة المناسبة الآن؟ …..
“ليه بتقول كده…… ”
رد سالم عليها بضيق وصوت خشن…
“كلامك على الغدى هو اللي بيوضح كده.. لم حنيي قالتلك ممكن تكوني حامل أنتِ رديتي عليها بسرعه
وقولتي مستحيل….. ”
“ايوه قولت مستحيل….. ”
ردت نفس الرد الذي اشعل نار رجولته ليقول بحدة صارمة……
“ليه مستحيل…. مش متجوزه راجل مثلاً….”
هتفت بقلة صبر….
“سالم انا مبحبش الطريقه دي في الكلام… ”
اقترب منها بعصبية أكثر…
“بجد تصدقي المفروض اتكلم احسن من كده… أنتِ قولتي مستحيل وانا ابصم بالعشره ان مستحيل تخلفي مني لاني مش متصنف دكر في نظرك….. الطريقه دي احلى ياحياه صح…. ”
زفرت بغضب وكادت ان تتركه وتذهب… مسك ذراعها بقوة ممانع هروبها من أمامه…. هتف بصرامة
“تعالي هنا رايحه فين لم اكون بكلمك توقفي تكلميني مش تهربي زي العيال…… ”
انهارت وهي تتحدث لإنهاء هذا الشجار المشتعل
بينهم والذي سينتهي حتماً بجرح احدهم… وفي الحقيقة هي دوماً المجروحة من صرامته وقسوته في الحديث معها…….
“مية مره قولتلك اني مش عيله ….وكمان انا لم قولت مستحيل كان قصدي ان اكيد مافيش حمل
دلوقتي….. ااه كان رد غبي ومينفعش بس هو طلع
كده معايا….. وعلى فكره انا مش باخد حاجه تمنع الحمل…. وسيب دراعي بقه لو سمحت لانك
بتوجعني… ”
كان يتكأ على ذراعها بقوة ليغرز أصابعه بها من شدة قسوته وغضبه الذي كان سيخرج عليها منذ ثواني
فقط…… تركها وهو ينظر لها نظرة اخيرة قبل
ان يخرج من الغرفة ويغلق الباب خلفه بقوة قاسية
افزعتها في وقفتها……
جلست على الفراش وهي تبكي بقوة.. لا تصدق
حديثه وسخريته وتلك القسوة التي لن تنتهي
أبداً بينهم ظنت ان الحب سيغير بعض الطباع السيئة به ولكن الحقيقة التي اكتشفتها ان هناك طباع تتميز بصاحبها لا هو الذي يتميز بها… والقسوة تتمير بسالم لا هو الذي يتميز بها لذلك صعب ان تتغير…..لانه هو الطاغي عليها بشخصيته وليس آلعكس !…….
بعد اربع ساعات……
استلقى على الفراش بعد ان بدل ملابسه بأخرى مريحة نظر لها وجدها تستلقي نائمة على الفراش من الناحية الآخرة توليه ظهرها وجسدها ساكن……لم يتحدث إليها ولم يحاول حتى كل مايفكر بها الان النوم لتتوقف الشياطين عن ملاحقة أفكاره وتهدأ داخله زوبعات الاسئلة والشك بها…..
حتى بعد اعترافها يشعر ان هناك حلقة مفقودة بينهم… يستنشق رائحة الكذب في حديثها وهذا شيء طبيعي فهو حين اصبح( قاضي نجع العرب)
تميز بعدها بكشف الكذب ولخداع في داخل جلسات المفاوضة بين أهالي النجع ….
لم الآن هو عاجز عن تصديق حديثها هل هي تخفي شيء لا يعلمه…….
(كفاية )همس داخله بترجي لعلا عقله
ينسى ويصمت الان……
سمع صوتها المكتوم وهي تستلقي بجواره على الفراش وتوليه ظهرها جسدها بدأ ينتفض بخفة آثار البكاء الصامت والشهقات المكتومه داخلها…
اغمض عيناه بقوة وبرغم كل شيء حياة هي الحياة بنسبه لها حتى القسوة معها لها مدة وتختفي ولكن دوماً القسوة داخل سالم تعرف طريق خروجها امام حياة فقط امامها تكون قسوة تتغذى
على الجفاء والجمود حين فقط تكن هي الملامه أمامه…
حتى ان كانت تخفي شيء ام لا ….. دموعها تقتله وتجعل ضميره يشتعل بصوت مانب غير راضي عن بكاء (ملاذ حياته)….
مد ذراعه ليحاوط خصرها بامتلاك ويقربها منه كان ظهرها ملتصق بصدره العريض …توقفت عن البكاء فور لمسته لها ….وسكنت بين ذراعيه المشتبكة بها بإمتلاك…….
“بُصيلي ياحياة …… بلاش تخبي عينك عني …”
مسحت دموعها وهي مزالت على وضعها لم
تتحرك ولم تحاول حتى …….
همس لها بصوتٍ رجولي عذب….

“مين فين اللي المفروض يزعل من التاني ياحياه ….”
“انتَ …….. بس انت قاسي اوي في عتابك ياسالم…”همست بصوتٍ مبحوح من اثار
البكاء ….
اغمض عيناه وهو يميل على عنقها طابع قبله حانية عليه قبل ان يقول بحنان..
“اسف على عصبيتي وقسوتي معاكِ في الكلام…بس غصب عني……انتِ عارفه اني بحبك ياحياة…
ومش عايز أبعد عنك بسبب سوء تفاهم بينه… انا دايما بحس إنك مخبيه عليا حاجه.. مش فتحه قلبك ليه زي مأنا ما بعمل معاكي….. دايما بتحطي حاجز مابينا ومش عارف ليه… ”
نزلت دموعها وهي تقول بحزن…
“إحساسك غلط ياسالم…انا من ساعات ما حبيتك وأنا بحاول أبعد أي حاجز ممكن يبعدنا عن بعض..
ودايما بحاول أقرب منك أكتر.. وفهمك أكتر ساعات بفشل لما بلقيك بتتعصب وبتقلب عليا وبعدها بديك ألف وعذر وحمل نفسي الغلط كله ….”صمتت وهي تبتسم بسأم” حتى بعد كل ده انتَ شايف اني مش بحبك ..”اعادة جملتها التي المتها بشدة ولا تزال تتردد داخلها…
صمت بعد حديثها قليلاً لكنه مالى عليها وهو يتنهد بتعب من خلافاتهم الدائمه…قبلى كتفها وهو يقول بعتاب لها…
“قلبك أسود ياملاذي….هتعتبيني على كلمتين قولتهم
في ساعة غضب…”صمت قبل ان يقول…
“انا آسف مكنش ينفع اقول كده…” تريث برهة ثم قال بحب
“هتفضلي حرماني كتير كده من عينك.. ”
التفتت اليه واستلقت في احضانه وهي تبكي
بصمت هتفت وسط بكاءها…
“انا كمان اسفه …كان رد غبي مني بس انت عارف ان غصب عني ….صدقني ياسالم انا عايزه طفل منك زي مانت عايز ويمكن اكتر كمان …ولازم تصدق اني بحبك…ونفسي افضل معاك لأخر نفس في عمري…”
جذبها أكثر لاحضانه مُعتصر جسدها اللين بين ذراعيه كانت انفاسهم المتسرعة تسابق عشقهم ….برغم من الخصام ….برغم من شياطين الفراق التي تهدد حياتهم دوماً إلا ان الحب بينهم معجزة خلقت في قلوبهم ليصبح كلاً منهم متشبث بيد الآخر بقوة…
لم تكن قصة حب عادية بل هي حالة ، حالة اكبر
من الحب الذي يعترفون به أمام بعضهم..
هما جسد واحد وكل روح تعلقت بالاخر بقوة
هما النعيم
الملجأ والسكينة ياتي فقط بقربهم لبعضهم
وكلاً منهم يمنح الحياة للآخر بدون مقابل وبدون حتى ان يشعر احد منهم انهُ يعطي للاخر رحيق الحياة…..
ملاذي وقسوتي …كتبت لتحكي قصة
عن القسوة ولحب معاً وتلك من اصعب
المشاعر تقبلاً……
…………………………………………………..
في اليوم الثاني..
دخلت بسنت الحارة التي تمكث بها خوخة
و تفاجئت بهذا الازدحام تحت منزل صديقتها…..
“اي ده في إيه…. يام جلال…. “سألت بسنت امراة سمينة الجسد قصيرة البنيه….. وهي جارة والدت خوخة منذ زمن….
نزلت دموع المرأة بحزن وهي ترد عليها بصوت مبحوح……
“معرفش يابسنت يابنتي صحيت الصبح وشميت ريحة دخان جامد جاي من برا بفتح الباب وطلعت على سلالم الدور اللي فيه شقة ام خوخة عشان اسألها عن ريحة الدخان ديه لقيت الدخان ده
جاي من عندها….. الشقة كانت النار مسكه فيها بطريقه وحشه وعلى ماتصالنا بالأسعاف والمطافي
كانت الشقه ولي فيها كوم تراب….. ربنا يرحمها ويرحم عيالها…. ”
بكت المراة بحزن لتمسك بها ابنتها وتبعدها عن هذا المكان حتى لا يزيد حزنها على صديقتها وصغارها… اللذين خرجو من هذا الحادث اجساد مفحمة…
وضعت بسنت يدها على صدرها بخوف وحزن وقهر على صديقتها وعائلتها معاً….. وسؤال يدور داخلها بشك وخوف …
“مين اللي عمل كده….. معقول يكون سالم شاهين عرف بتسجيل وحاول يقتلها عشانه…. او او وليد
اكيد هو اللى عملها مش معقول النار هتمسك في الشقه كده مش معقول…… ”
ركضت على عامل من الإطفاء ….
“ممكن تقولي الله يخليك اي سبب الحريق …يعني دي انبوبه ولا ماس كهربى اللي مسك في
شقه….. ”
رد عليها الرجل بهمس….
“لا هو مش انبوبه ولا ماس عشان الحريق كان خارج من اوضه واحده والجثث الى خرجت كانو مربوطين بحبال… واضح انها بفعل فاعل…. أنتِ تقربلهم….. ”
ابتعدت بخوف وعيناها متحجرة بها الدموع…. وهمست داخلها بانهيار…
“قتلوكِ ياخوخة وقتل امك واخوتك أنتِ كنتِ حسى بكده كنتِ حسى انك هتموتي ……. ”
انهارت في البكاء كما ينهار قلبها وجسدها من الداخل …..
…………………………………………………..
“انا خايفه شويه وحسى ان ممكن يجرالي حاجه
عشان كده بامانك امانه لو حصلي حاجه قبل ماوصل لى بيت سالم شاهين….. ابعتي أنتِ ليه
شريحة الهارد ده وخدي الفلوس اقسمي منها عليكِ وعلى امي وخواتي …..
بطلي نكد ياخوخه…. دا أنتِ هتعيشي اكتر مني ياهبله وانتِ بنفسك اللي هتصرفي الفلوس ديه وتنغنغي اخواتك وامك بيها….. ”
ابتسمت خوخة بحزن…. وهي تضع الهارد في يد
صديقتها وتغلق عليه..
“محدش ضامن عمره….. خليه معاكِ
إحتياطي ……”
فاقت من شرودها على منديل ممدود لها من شخصاً ما نظرت له ولكن إتسعت عيناها بصدمة وارتجفت شفتيها بخوف…..
…………………………………………………..
تطلعت بسنت على هذا الرجل من خلال وقوفها
في هذهِ الشرفة الصغيرة…. التوت شفتيها بشك
وبدون ان تظهر اي تعبير على وجهها قالت بسنت
بهمس وشك….
“بقولك إيه ياخوخة الواد ده يختي على طول قعد على القهوة اللي تحت بيتكم وشكله كده مركز معاكِ اوي هو يعرفك ولا حاجه…. اصل شكله مش
مطمني…..”
نظرت خوخة بطرف عينيها مثلما فعلت بسنت حتى لا تثير شك الرجل انهم يتحدثون عنه…
“شكله فعلاً جديد في الحته …”
…………………………………………………

ابتسم ايمن ابتسامة بشعة وهو يقول لها
“امسحي دموعك….. يا انسه بسنت..”
رجعت للخلف بخوف علمت من هو نعم هو نفس الشخص الذي كان يراقب صديقتها عبر جلوسه
تحت بنيتها…… صرخت به بجنون
“عايز مني اي هتقتلني………. زي ماقتلتهم….. ”
ابتسم ايمن وهو يقترب منها ببطء ولم يبالي باحد فالمكان مزدحم حولهم ولأصوات حولهم كانت اكثر
صخبٍ من صراخها…..
“طالما عارفه كل حاجه يبقى اكيد فهمتي انا
هنا ليه…. ”
ارتجف جسدها مع قلبها ..ولم تشعر بنفسها إلا وهي تلوذ بالفرار منه ركضت بخوف من امامه ولحق
بها( أيمن) سريعاً وسط الزحام……
يتبع…
كانت تقف (حياة) في المطبخ تطهي الطعام
مع مريم الخادمة……
قالت حياة لمريم وهي تقلب في أناء الحساء
“طب اعملي الرز أنتِ يامريم وانا هحمر الفراخ لحسان وقت الغدا قرب….. ”
قالت مريم وهي تبدأ في طهي الأرز ..
“طب خليكِ انتِ ياست حياة وانا هكمل بقيت
الغدا دا انتِ وقفه من الصبح …..”
“لا انا هكمله….”قالت حياة جملتها وهي تبدأ في تحمير الدجاج……
بدأت مريم تطهي الارز وحياة منشغلة هي الاخر
بطهي… بدأت تشعر اثناء وقوفها ان الارض تهتز من اسفلها قد فقدت توازن جسدها سريعاً وكاد ان يغشى عليها و…
“فين ماما ياورد …..”سأل سالم الصغيرة وهو يدلف من باب البيت بعد ان انتهى من روتين عمل اليوم..
كانت الصغيرة تلعب بدميتها في صالة البيت
إشارة نحو المطبخ وهي تقول ببراءة….

“بتعمل الأكل يابابا…..جبتلي الشوكلاته بتاعتي ولا نسيت…..”
ابتسم سالم لها وعلى صوتها الرقيق العذب حملها من على الارض بحب مشاكساً إياها بلطف…
“بصراحه نسيت …..”
عبس وجه الطفله بضيق…. وقالت
“ازاي نسيت انا قولتلك الصبح اني عايزه شوكلاته بيضه……. وكمان قولتلك على سر خطير ….”
ارتفع حاجباه مدعي النسيان ….وقال بعبث..
“سر؟……. سر إيه ده مش فاكر……”
مطت الصغيرة شفتيها باستياء…وقالت
“يابابا انت نسيت اني قولتلك ان ماما بتحب نوع الشوكلاته اللي بتجبها ليا وبنقسمها
سووا ……”
” اي ده بجد ممم انا نسيت السر ده…. على العموم اتفضلي ياورد الجوري…..”اخرج سالم قطعةٍ عريضة مغلفة من الشوكلاتة البيضاء ناعمة المذاق اعطاها لها…. وقال بمزاح..
“يلا انا عايز شكلاته بتاعتي انا كمان…. ”
قبلته ورد من وجنته بحب…
“بحبك اوي يابابا…. وبحب الشوكلاته اللي بتجبها… “

ضحك بقوة وهو يقول بمزاح….
“الجينات بتثبت انك بنت حسن اخويه كان استغلالي كده برضه وبكاش….”
لم تستمع ورد الى باقي حديثه فقد
هربت سريعاً الى خارج البيت حيثُ الحديقة الصغيرة……
غير اتجاهه نحو المطبخ الذي لم يدلف له يوماً ولكن مع (ملاذه) يرى آلمستحيل في شخصيته يتغير لغير المعتاد عليه…
وصل امام عتبة باب المطبخ وراها تقف تطهي
بثبات ولكن التعب ظاهر على وجهها…. وجهها شاحب وعيناها مهزوزة وكانها تحارب لفتحهم وقدميها ترتجف لا بل أنها ستفقد توازنها الان
واين امام القِدر المليء بزيت الساخن……..
فقدت حياة توازنها في لحظة ولم تسيطر على ثبات قدميها لتجد نفسها تغمض عينيها باعياء…..
“حياة…… “فتحت بُنيتاها ببطء وتعب لتجد سالم يلتقطها قبل سقوطها على الأرض الصلبة….
“سالم…….. انا كويسه متقلقش….. ”
انعقد حاجباه بشدة وهو يمسك خصرها تلقائياً
هامساً بقلباً خافق….. وهو يزفر بضيق
“واضح انك كويسه ياحياة…….. واضح اوي….. ”
حملها وهو يصعد بها الى غرفتهم بدون ان
يلاحظ احد شيء باستثناء مريم التي كانت تراقب
الموقف بخوف من انفعال سالم عليها في الحديث
ولكنه لم يفعل بل كل اهتمامه كان مصوب على تلك العنيدة التي لا تهتم بنفسها ودوماً تبحث عن العناء ولارهاق لها……..
اكملت مريم الطعام وهي تلوي شفتيها بتحسر
على حالها…
“اوعدنا يارب بحد نفس المقدير دي…. ”
…………………………………………………..
ابتسم ايمن وهو يقترب منها ببطء ولم يبالي باحد فالمكان مزدحم حولهم ولأصوات حولهم كانت اكثر
صخبٍ من صراخها…..
“طالما عارفه كل حاجه يبقى اكيد فهمتي انا
هنا ليه… ”
ارتجف جسدها مع قلبها ..ولم تشعر بنفسها إلا وهي تلوذ بالفرار منه ركضت بخوف من امامه ولحق
بها( أيمن) سريعاً وسط الزحام……
تركض… وتركض..ركضاً بدون حتى ألتفاته بسيطه منها للخلف ولكن كانت تشعر إنه خلفها مباشرةٍ او
بينهم مسافة ليست قصيرة……
تطلعت للخلف بتردد لتجده يسير خلفها بسرعة يكاد يركض ولكن يحافظ على سرعته في السير حتى لا يلفت الأنظار إليه فهو أصبح خارج الحارة آي في مكان اقل ازدحام……..
وقفت بسنت وهي تتنفس بصعوبة وتنظر خلفها مره آخره وجدت المسافة بينهم بعيده ولكن أيمن عيناه عليها ويسير بسرعة للأمساك بها…..
رفعت( بسنت) عينيها وهي تلهث بشدة من ركضها السريع ….وجدت امامها بعد المحلات المفتوحة للبيع ومخبز صغير بجانبهم مزدحم بكثرة…… نظرت بسرعة نحو أيمن الذي اقترب منها ولا يفصلهم إلا عدة خطوات……
ركضت بسنت الى المخبز المزدحم ودلفت وسط الازدحام بجسد يرتجف رعباً……
زفر ايمن بضيق وهو ينظر عليها وسط ازدحام هذا المخبز الذي اختفت داخله…….
“مالك ياحبيبتي بترتعشي كده ليه….”
سألت (بسنت) بريبه أمرأه سمينة الجسد قصيرة البنية…
ارتجف جسد بسنت بزعر وهي تقول…
“في واحد هنا ماشي ورايا من ساعة مانزلت من البيت وطول السكه وهو بيحاول يضيقني بكلام
مش كويس وكمان حط ايده عليا في شارع ولم جريت منه ودخلت هنا استخبى لحد مايمشي

وقف مستنيني برا لحد ماخرج انا خايفه اوي لحسان يعمل فيا حاجه وحشه…شكله إنسان زباله
وصايع وممكن يأذيني… ”
ترتجل ؟ وماذا تفعل إذاً فهي على وشك الموت
حتماً !…
كان جسدها لا يزال ينتفض بخوف ان لم يساعدها أحد سيبقى الفرار من براثن هذا المجرم صعب..
هتفت المراة بغضب وعينيها تتوهج بالغضب المستديم..
“ازاي يعني يعمل فيكِ كده….وفي عز نهار كده
يتحرش ببنات الناس…اما عيل صايع وعايز
يتربى صحيح… ”
قالت امرأه اخرى بصياح بعد ان سمعت الحديث من بدايته…
“انتِ هتسكتي ياأم وحيد ده لازم يتعلم الأدب عشان يبطلو هو والكلاب اللي شبهه يتعدى على بنات الناس أنتِ مش شايفه شكل البت ولا إيه…. ”
هدرت ام وحيد بدون تردد….
“طبعاً مش هسكت ياام حماده يلا يانسوان منك ليها نربي الكلب ده عشان بعد كده يحسب الف حساب قبل ماينزل من بيته يتحرش بابناتنا…”
قالت ام حمادة لنساء من حولها بصوتٍ عالٍ مماثل لها بضراوة …..
“يلا ياوليه منك ليها اعتبري الغلبانه دي بنتك وواحد بيتحرش بيها بكلام وسخ وكمان ايدي بتتمد على جسمها هتعملي في إيه ساعتها ….. ”
هتف الكل بغضب ولكل يتحدث بجملة مختلفة..
هناكله بسنانا……. هقعد عليه افطس امه… هبعته لمتولي جوزي يشفيه مع الخرفان اللي بيشفيهم….
ثانة ام حمادة وام وحيد ذراع عبائتهم وهم يهتفون بغضب…..
“طب وروني شاطرتكم……”ثم وجهت كلامها الى بسنت وهي تربت على ذرعها…
“شاوري عليه ياضنايا وسيبي الباقي علينا.. ”
إشارة بسنت على (أيمن) بخوف….. لتجد بعدها
اعداد هائلة من النساء يخرجون باتجاه أيمن….
“بقه انت وقف هنا مستني البنيه ولا همك حد يابجحتك….. “قالت ام حمادة عبارتها بغضب في وجه أيمن الذي احتل وجهه علامات عدم إستيعاب
حديثها..
“انا مش فاهم حاجه….. ”
قالت ام وحيد بغضب…
“احنا هنفهمك ياعرة الرجاله….. يلا ياوليه منك ليها عايزه اشوفه حتة قماشة مبقعه….. ”
صاح أيمن بغضب من حديث المرأة ….
“ماتحترمي نفسك ياوليه…. انتو مجانين ولا ايه”
صاحت ام وحيد بجنون للنساء….
“نسوان……………. انا بتشتم …….”
رفعت بسنت مقلتاها بخوف لتجد ايمن أختفى وسط دائرة النساء التي كان يقف داخلها……
ركضت بخوف بعيداً عن المكان لتوقف سيارة اجرة وتصعد بها وهي تهتف بخوف
“اطلع الله يخليك ياسطا محطة مصر…. لازم ألحق القطر اللي هيعدي على نجع العرب….. ”
أخرجت شريحة الهارد من حقيبتها وهي تطبق عليها بين قبضة يدها وههمست بخوف….
“يمكن الهارد كان هيوصل ليك ياسالم والتمن فلوس تعيشني انا وخوخه واهلها مرتحين لكن دلوقتي خوخه ماتت واهلها كمان ماته وانا متهدده
بالقتل في اي للحظه….. يبقى خلاص تمن السر اللي هسلمه ليك يضمنلي الأمان من وليد ابن
عمك ….”اغمضت عيناها بتعب وارتعاد من القادم…
…………………………………………………..
وضعها على الفراش وهو ينظر لها بعتاب
وهي تنظر له بتردد من غضبه القادم….
” أنتِ فطرتي انهارده ياحياة…”سألها وعيناه مشتعلة بغضب منها ومن اهمالها….
اسلبت بُنيتاها في الارض وهي تقول
“ااه فطرت…….”
‘”ممم ده بجد…… “رمقها بشك
نظرت له وهي تفرك في يداها بتوتر كالأطفال
“ااه ………بجد….. ”
أغمض سالم عينيه فوق ملامح شديدة التهكم..
ناظراً لها وهو يقول….
“لي بتكدبي عليا………انتِ مافطرتيش صح… ”
قالت حياة بحرج…
“انا مش بكدب انا فعلاً فطرت بس كلت ربع رغيف كده على الفطار لان مليش نفس …..”
مرر يداه على وجهه بنفاذ صبر….
“طب انا هحاول اتكلم براحه…. انتِ مش واكله الصبح كويس ليه وقفتي في المطبخ مع الخدم وليه بتتعبي نفسك…. ليه ياحياة مش بتسمعي الكلام هتبقي مبسوطه يعني لم يجرالك حاجه ..والحمدلله اني كنت قريب منك في الوقت ده كان ممكن الزيت اللي على النار يقع عليكِ…. ”
“الموضوع مش مستاهل دا كله دا ….. ”
قاطعها بحزم…
“دا؟ هي لسه فيها دا… اسكتي ياحياه اسكتي ربنا يهديكِ… “تحدث وهو ينهض بضيق من امامها ليغير ملابسه بمسافة قريبة منها….
حاولت النهوض وهي تتحدث بضيق
“بطل تعاملني زي العياله الصغيره…. ”
أشار لها بكف يده بضيق وصوت خشن…
“طب خليكي مكانك ياعاقله لحسان توقعي تاني… “

جلست مكانها مثلما أمر وعقدت يداها بتزمر امام صدرها وهي تقول معاتبه إياه …..
“بطل طريقتك دي….. ”
نظر لها وهو عاري الصدر…
“مالها طرقتي دي….. ”
“رخمه…. رخمه اوي ومستفزه….. “نظرت له وهي ترى تأثير حديثها عليه ليقترب سالم منها ببطء وهو يقول يجدية….
“يعني انا رخم ومستفز….. ”
هزت راسها بتردد….
“مش انت طبعاً دي طريقتك…. ”
اصبح امامها مباشرةً وعيناه لا تحيد عنها مالى
عليها اكثر وقال بمراوغه……
“يعني أنا طرقتي رخمه ومستفزه… طب وبنسبه ليا
انا شبه طرقتي برضه…. “نظر لها بشك..
بعثر أنفاسه الرجولية على صفحة وجهها الحمراء خجلاً… أغمضت عيناها بضعف وهي تستنشق رائحته
الرجولية بادمان….
“سكته ليه ما تردي عليا انا كمان مستفز ورخم.. ”
“بالعكس دا انتَ قمر…” قالتها وهي مغمضة العين
حاول كبح ضحكته وهو يهز رأسه بانتشاء لصراحتها…
“بجد ……. واي كمان…. ”
“و.. يعني كل حاجه فيك حلو وتجنن و… آآآى سالم…… “افلت تأوه خافت من وسط حديثها فتحت بُنيتاها بحرج ليقابلها بقواتم عينيه الئيمة…
“العضه دي عشان كدبك عليا من شويه …. وبنسبه لإعجابك بيه فأحب اقولك انك مش اول واحده تصارح باعجابها ده “انتهى حديثه بغمزة خبيثة…
مررت يدها على عنقها بضيق بعد ان أشعل نار الغيرة بداخلها من هذا الحديث البغيض…
نهضت بغضب لتقف امامه وقالت بتبرم….
“ومين بقه اللي ضحك عليك وفاهمك إنك حلو…. ”
رفع حاجبه الايمن…. وهو يسالها بصدمة
“ضحك عليا….. إيه ده انت اتعميت ياوحش
ولا إيه ….”
هدرت بغيرة وغضب….
“لا مش عاميه ….انت مش حلو اصلاً ”
إنكماشت ملامحه بتمثيل بارع ثم لم يلبث الا قليلاً ليقول بعدها بمزاح…
“أنتِ بتغيري مني ياحياة اعترفي اعترفي وانا
هصدقك…… بس بلاش تكتمي جواكِ لحسان
تنفجري……. ”
انفجرت ضاحكة على حديثه لتنسى غيرتها وضيقها من فظاظة حديثه دوماً معها …..
حاوط خصرها وهي مزالت في دومات كلماته
تكركر بقوة….. همس لها بحب….
“يخربيت ضحكتك…..”قبلها من وجنتيها بحب…
ابتسمت بخجل وهي تنظر له بهيام…
“أفضل انتَ ثبتني كده بكلامك….وانا زي الهبله بصدقك… ”
قبل عنقها وهو يقول بحب…
“أنا مبعرفش أثبت انا بقول اللي جوايا وبس …”
ابتعد عنها وهو يحدج بعينيها بحنو…
” انا هدخل اخد دوش كده وأنتِ خليكِ مكانك على سرير هنتغدى في اوضتنا انهارده… و هخلي مريم تطلع ورد عندك عشان انا متاكد انك مش هترتحي غير لم تاكليه بايدك…. زي مانا هعمل معاكِ كده بظبط…. “ثم ابتسم وقبل ان يغلق باب
المرحاض قائلاً بمراوغه ….
“حضر نفسك ياوحش هزغتك زي البط…. ”
غمز لها بعبث وهو يغلق الباب…..
إبتسمت حياة بسعادة وهي تقف امام المرآة
ناظرة الى حمرة عنقها اوثار أسنانه عليها…
هزت رأسها باستياء…
“ياربي دا انا متعلم عليا بطريقه غير طبيعيه …”
إبتسمت بعدها بخجل.. وهي تتذكر شيئاً ما…
“بس انا شكلي بستهبل انا بتعمد اكدب عشان اوصل لنتيجه ديه…….”تنهدت بهيام..
” بجد انا ضعت في حبك ياسالم.. ”
جلست ورد بجانب حياة وسالم على المقعد بجانبهم بالقرب من حياة وصنية الطعام في
اوسطهم على طاولة الصغيرة……
“يلا كُلي ياورد…. افتحي بوقك يلا ….”
فتحت الصغيرة فمها بجزع من اهتمام والدتها المبالغ فيه…..
أبتسم سالم عليهم…. ليضع المعلقة في الأرز ويرفعها إتجاه فم حياة رفعت عينيها عليه وقطبت حاجبيها
باستفهام…
رفع حاجبيه قائلاً بأمر …
“افتحي بوقك عشان أأكلك….. ”
ضحكت ورد بخفوت ناظرة الى حياة وهي تضع كفها الصغير تكبح ضحكتها الخافته …..
ابتسمت حياة وهي تنظر الى ابنتها بتسأل
ممازح إياها..
“أنتِ بتضحكي على إيه أنتِ كمان…. ”
ردت الصغيرة بفتور.. وهي مزالت تضحك…
“مش عارفه….. ”
هزت حياة رأسها وصوبت بُنيتاها الداكنة
على سالم قائلة بهدوء…..
“طب كُل انت ياسالم وانا هبقى أكل ا….. ”
توقفت عن الحديث بعد ان وضع سالم محتوى المعلقة في فمها وهي تتحدث بتلك العبارة
احتقن وجهها وهي ترمقه بضيق بدلها النظرة
قائلاً ببرود..
“برفو عليك ياوحش بتسمع الكلام… يلا ابلع
بقه عشان الأكل ميوقفش في زورك…. “

مضغت الطعام على مضض وهي تنظر له بتزمر…
هتفت ورد بطفولتها المعتادة متسائله..
“بابا هو مين الوحش اللي انت بتقول عليا ده… ”
نظر سالم نحو حياة بعبث ثم غمز لها بخبث
وإجابة الصغيرة بـ…
“دا موضوع كبار بس ممكن اقولك ان الوحش ده
حاجه كده مش بتكرر كتير …اصل وجود وحش في
حياتك برضه يعني تحسيه كده دمار شامل… ”
كان يتحدث وهو ينظر الى حياة وكان الحديث
لها هي وحدها….
سألته ورد ببراءة..
“دمار شامل…. ليه يابابا هو دمر إيه….”
نظر سالم الى حياة بعبث وقال بمراوغه. ..
“دمر سالم شاهين….. وقلب سالم شاهين…..”
عضت على شفتيها بخجل من تلميحة الصريح عنها…
زمت الصغيرة شفتيها قائلة….
“انا مش فاهمه حاجه ….”
كانت عيناه مصوبة على حياة ولكن ابعد انظاره
عنها بعد ان سمع حديث ورد ليرد عليها بحنان …ُ “قولتلك كلام كبار ….كلي ياروح بابا… وتعالي
نتكلم عن الحضانه والمذكره ….”
بعد ان انتهى الجميع من طعامه ….خرجت ورد من الغرفة للهو خارج البيت حيثُ الحديقة …..
خرج سالم من المرحاض بعد ان غسل يداه و كان يقف يجفف يده بالمنشفة….ناظراً الى حياة التي
تضع يدها على معدتها بتزمر……
“اول مره اشوف واحده زعلانه انها قامت شبعانه
من على الأكل….. “قال عبارته وهو يشعل صديقته
الودوة ( السجائر) جلس امامها على المقعد وهو يخرج الهواء الرمادي الناعم في الهواء……
“امته هتبطل العاده ديه….. “قالتها وهي ترمقه بسخط….
اخرج الدخان الرمادي من فمه مرة آخره قائلاً
بحب…
“ممكن احاول عشان خاطرك…..”
ابتسمت ببساطه وهي تنظر له بعشق صارخ
ولكن انتصارا عليها لسانها برغم المشاعر لتقول
“تعرف انك اجمل بكاش شافته عنيه….. ”
ابتسم وهو ينظر لها وعض على شفتيه قائلاً بغرور
“يعني بذمتك سالم شاهين بكاش…. ”
“سالم شاهين ده اكبر بكاش خطفني… “ردت بجرأة عليه وكان صراحة مشاعرها أمامه أصبحت الأسهل عليها…….
غمز لها وهو مزال يجلس في مكانه…..
“عشان تعرفي اني خطير ومدلعك….. ويابخت اللي سالم شاهين يدلعها…… ”
“ااه ونعم التواضع…… “قفزت بخفة عن جلستها
وهي تقول بخفوت
“انا راحه قعد مع ماما راضية شويه.. ”
لم يرد عليها بل اشار لها بإصبعه ان تأتي بتلك الحركة المتغطرسة …….
“تعالي…. عايزك…..”
ارجعت خصلات من شعرها خلف اذنيها وهي تنظر له بابتسامة ناعمة وبنيتيها تحدج به بفضول…
وقفت امامه وهو جالساً على المقعد مكانه… سحبها من يدها لتجلس على قدميه آي في احضانه مباشرةٍ همهمت وهي تسأله بوقاحة ومزاح…
“شكلك عايز قلة آدب…. ”
ضحك بقوة من حديثها العفوي معه لم يسمى بوقاحة في قاموس( سالم شاهين) العاشق لها بل
يسمى من وجهت نظره عفوية لذيذة المذاق…
رد عليها بوقاحةٍ وعبث …
“قلة آدب؟..حرام عليكي انتِ بتظلمي قلة الأدب معانا…. إحنا عدينا الكلمة دي من زمان.. ”
ضاحكة بخفوت وهي تعلم جيداً انه يسيرها في الحديث الذي من هذا النوع ولكن لن ينول منها
حرف اخر…..
“على فكره بقه انت معطلني وانا عايزه انزل اشوف ورد وماما راضية….. ”
“طب استني” مد يداه في جيب بنطاله واخرج قطعة من الشوكلاته نفس النوع الذي أعطاه لي
ورد منذ ساعات…..
سائلة حياة بشك….
” اي ده…… دي لورد….. ”
مرر يداه على شعرها وهو يقول بحب
“لا ياملاذي دي ليكِ… مش انتِ بتحبي النوع اللي
بشتريه لورد…. بعد كده هجبلك انتِ و ورد مع بعض … ”
شعرت أنه يتحدث لي طفله وليس الى امرأه
برتبة زوجته……
“أنت ليه بتعملني كاني طفله… لا… وساعات بحس انك بتعملني وكاني بنتك….. ”
دفن وجهه في عنقها بحب وهو يقول ببحة خاصة..
“ماهو انا بابا ياملاذي وانتِ بنوتي اللي تستأهل
تاخد عنيا بعد ماخطفت قلبي… ولازم تعرفي اني ابوكي واخوكي وجوزك وحبيبك واي حاجه وكل حاجه تبقى انا…. فهمتيني….. ”
كان يدغدغ عنقها بشفتيه الشهوانية..اغمضت عينيها بضعف وهي تتلذذ بحديثه الحاني المحمل بالمشاعر
العاطفية الجامحة منه…
أبتعد عنها وهي ينظر لعينيها المغمضة..ابتسم بحب وهو يطبع قبله سطحية على شفتيها المفتوحة قليلاً فهي تطالب بالمزيد منه…
سالم دوماً يشعل الرغبة بها لمجرد لمسة حميمية منه او كلام معسول يحمل الكثير من المعاني داخلها ..
بتر لذة المشاعر داخلها جملته الخبيثة..
“حياه… مش ناويه تفتحي الشوكلاته ودوقيني
معاكِ…..”هتف سالم بمكر وهو يكبح ضحكته ويخفي اثار شوقه لها بمهارة كبيرة….
عفواً هل تبخر الإحساس الآن…. نعم تبخر الواضح

ان المشتاق هنا هو انا… انا وليس هو
يريد قطعة من الحلوة وامامه الحلوة بأكملها….
هتفت بخفوت وسأم….
“لا بجد الفصلان ليه ناسُه …. ”
ابتسم بعيداً عن عينيها وهو يرى انكماش ملامحها
باحباط…… تحدث إليها وهو ينظر لها بتسلية
“بتقولي حاجه ياحياة……. ”
كادت ان تكدب ولكن لمحة نظرة تحذير وعيناه تترك عينيها وترسم دائرة صغيرة اخرة على عنقها المرمري…. للصمت غايتين إذا
(اصمتي ياحياة ماذا ستقولي له لم لا تقبلني …
أصبحتي منحرفة يافتاة !…..)
زمجرت داخلها بجزع من وضعها الذي يتبدل امام سالم وعيناه واهات من تلك العيون القاتمة ….
(كفى) صرخت داخلها ليتوقف هذا العاشق عن غزله بسالم شاهين…….. يكفي خفقاتك المتسرعة دوماً عند قربه او عند سماع أسمه يكفي فانت اغرقت( حياة) في بحر عشق سالم وانتهى الآمر بها مثيرة للشفقة فهي غارقة بإرادتها ! ….
فتحت غلاف الحلوة وهي تضعها امام فمه بهدوء
قائلة باقتضاب ….
“اتفضل…… ”
اخذ قطعة صغيرة ومرر إصبعه على خطوط شفتيها ببطء تحت انظارها التي تصرخ ببلاها عم ينوي فعله الآن ….
وضع سالم قطعة من الشوكلاته الصغيرة بين شفتيها قائلاً بصوت جائع…..
“الشوكلاته مش ببتاكل كده ياحياة…. دي بتتاكل
كده ……”
خطف شفتيها بين شفتيه الرجولية ذأبت ذوبًا بين شفتيها آثار حرارة قبلتهم الجامحة لبعضهم
لينال الاثنين طعمها ونعومة ملمسها…
انغمس كلاً منهم في عالمهم الخاص كانت
يداه تعبث بحرارة في شعرها مثبت راسها بقوة
وبرغم انها مسالمة مع إعصار قُبلته الا انه يخشى
ان تبتعد وتقطع اجمل اللحظات بينهم….. حملها وهو مزال ينهال من شفتيها بعدد قُبلات لا نهائيه…
وأجمل أيقونات العشق الناعم وصاخب أيضاً معه
رقة لمسة يده وحنانه المبالغ معها يماثل اهتمامه وعشقه لها ، وشرارة عنفه من اثار جنون قُبلاته
اللَّوَاتِي يعبر من خلالهم ان رحيق شفتيها هي
(ملاذ الحياة) الخالص له …..
أوقف اللحظات المسروقة من عمرهم بإرادتهم طرق على الباب….. ابتعد سالم عنها ببطء وهو ينظر لها بشوق جائعاً عاشق حد الجنون…..
لم ينطق بحرفٍ عيناه صارحة انها تحتاجها الآن…….
“سالم الباب رد يمكن ماما راضيه او عمي رافت عايزينك في حاجه ….”همست له حياة بخفوت….
زفر بضيق وهو ينهض مُبتعد عنها قائلاً بهمس وقح
“ماشي هشوف مين بس انا لسه ماخدتش حصتي
من الشوكلاته…. “غمز لها بعبث ابتسمت حياة وهي تبتعد بعينيها عنه……
فتح الباب ليجد مريم امامه سألها بفتور
“ايوه يامريم في حاجه…. ”
هتفت الخادمة ببوح…
“في واحده تحت عايزه حضرتك… وشكلها غريبه عن النجع وعماله تعيط وتتلفت حوليها وكانها وراها مصيبه…… ”
ارتفع حاجباه باستفهام ….
“واحده ومش من النجع….. وكمان بتعيط.. “صمت قليلاً ثم قال بهدوء
“طب ثواني وهنزل دخليها عندي في المكتب… ”
ردت مريم عليه بتهذيب….
“حاضر…. بس هي قعده في صالون مع الحاجه راضية والحاج رأفت….”
أغلق الباب بعد ان غادرت الخادمة…
دخل للغرفة مرة آخره وهو يتجه نحو المرحاض فتح صنبور المياة لغسل وجهه وعقله منشغل بتلك الضيفه الغريبه …….وقفت حياة امام
عتابة باب المرحاض تساله بضيق وغيرة تشتعل في بُنيتيها الداكنة….
“مين دي ياسالم…. وعايزه إيه منك…..”
جفف سالم ووجهه بالمنشفة قائلا بحيرة..
“اكيد لو عارف ياحياة هقولك انا لسه نازل اشوف مين ديه ……”كان يتحدث وهو يفتح باب الغرفة
خرج وتركها تعاني من للهيب الغيرة …بعد دقيقة واحده كانت تفتح خزانة ملابسها وتخرج عبائتها
منه وهي تقول بتبرم وغيرة جامحة..
“ومالو اشوف معاك مين الاخت وعايزه منك إيه …”
…………………………………………………..
وقف سالم أمام بسنت في صالون البيت تحت أنظار رأفت ولجدة راضية…. كان يتفحصها من اعلى راسها حتى أسفل قدميها اللتين يهتزان خوفاً وارتباك….
“انتِ مين……… وعايزه إيه….. ”
تطلعت بسنت حولها بخوف وهي تراقب الجالسين
أمامهم…… بللت شفتيها وهي تهمس بصوتٍ
متحشرج..
“ممكن نتكلم لوحدنا….. ”
“وليه تتكلمو لوحدكم في بينك وبينه سر مثلاً….”
هتفت حياة بعبارتها بحدة وهي تدلف الى صالون أمامها ..
ابتسم سالم بجزع وهو ينظر الى توهج عينيها بشرارة الغيرة نحو تلك الفتاة…
ٍهتف حتى تهدأ وتتحلى بصبر قليلاً……
“اسنتي ياحياة نفهم في إيه….. ”
هتفت بسنت بصدمة…
“انتِ حياة ارملة حسن شاهين ….. يبقى اكيد الموضوع اللي هقوله لسالم بيه يخصك أنتِ
كمان.. ”
نظر لها سالم بعدم فهم تبادلا الإثنين النظرات لبرهة
بحيرة مبهمه…
أخرجت بسنت شريحة الهارد الصغيرة وهي تقول بصوت مهزوز….

“الهارد ده عليه حقيقة قاتل اخوك وهو بيعترف
صوت وصوره
” الهارد ده تمنه كان موت صاحبتي وامها واخواتها الصغيرين بعد ما قتلهم اللي قتل اخوك لم عرف
انها معاها الدليل اللي هيلف حوالين رقبته حبل المشنقه … كمان انا كُنت هموت زيها واحصلها هي وأهلها لولا اني هربت من الراجل اللي كان ناوي يقتلني ولو كان حصلي حاجه…. مكنتش هعرف اوصل ليكم بتسجيل ده… ”
نظر لها بصدمة لا هو غير مدرك ما تقوله هذهِ الفتاة…. قاتل حسن وقاتل صديقتها وعائلتها
من اجل مسجل به الحقيقة الذي بحث عنه هو ورجال الشرطة منذ اكثر اربع سنوات وكان القاتل
اكثر ذكاءً ومكراً ولم يترك خلفه اي خيط رفيع ،
ولأن وبعد اربع سنوات تقع تحت يداه الحقيقة باعتراف القاتل صوت وصورة ومن يكون هذا القاتل؟؟
غريب عنه؟ ام احد يعرفه جيداً؟ او يعرف حسن؟ ولكن السؤال هنا الأهم ماذا فعل حسن لهذا المجرم حتى يقرر ان يتخلص منه بكل تلك القساوة الشيطانية….
حرمه من ابنته الوحيدة وأيضاً من زوجته ومن عائلته ومن كل شيء كان ينتمي له (حسن شاهين)
يوماً….
اخرج صوته من أعماق ظلماته وهو يقول لزوجته
“ادخلي هاتي الاب توب من جوا ياحياة.. ”
ذهبت وهي تكاد لا تقوى على السير…وعينيها غامت بحزن مما خلف هذا التسجيل…
كانت راضية تقف هي ورافت وجوههم يكسوها الذهول وصدمة فتح الماضي دوماً يجلب لك
الآلام واي آلاما هذا الذي سيخرج شخصاً اخر
غير (سالم شاهين) الذين يعلمونه جيداً….
من المؤكد ان سالم سياخذ ثأر أخيه بعد ان يعلم
من القاتل وهم أيضاً يسألون داخلهم ذاك السؤال
الغريب…
من هو القاتل…
فتح سالم الجهاز وظهرت شريحة الهارد به وكان الجميع يصوب أنظاره على الشاشة باهتمام و اولهم سالم الذي اسود وجهه من آثار آلتفكير ولغضب بطريقة الذي سياخذ بها ثأر اخيه…….
فتح سالم الفيديو وظهر الفيديو أمامه وكان (وليد)يعترف بكل شيء دبره لحادثة السيارة التي أنقلبت وحسن بداخلها…
شهق الجميع بصدمة……. لتتوهج عينان سالم بنيران تكاد تحرق الأخضر واليابس أمامه…. وهو يهتف كلمة خرجت من الأعماق على شفتيه المنفجرة بصدمة وذهول…
“ولــيـــد ……”
يتبع…
“رايح فين ياسالم ….”هتفت حياة عبارتها وهي تقف امام عتبة باب الخروج …..
هدر بها سالم بحدة وانفعال…
“ابعدي عن طريقي ياحياة الساعادي….”
لم تبالي بحدته في الحديث ولم تهتز وهي تهتف مره اخرى ولكن بعناد….
“لا.. مش هبعد عن طريقك ….انت رايح تعمل إيه يسالم ….. هتقتله ….”
“ايوه هقتله ….وهشرب من دمه كمان…..
ابعدي عني بقه “صرخ بحدة ووجهه كان يتوهج بحمرة الغضب والعصبية المفرطه بعد رأيته لهذا المسجل ومعرفة الحقيقة من خلاله…
نزلت دموعها خوفاً من فقدانه بعد هذا التصريح العنيف ذو النبرة الحاسمة …
“لا… ياسالم عشان خاطري بلاش تضيع نفسك احنا هنسلم الفيديو دا للبوليس وهما يتصرفوه معاه و.. ”
التوت شفتيها بسخرية وهو يرد يقاطعها بسخط..
“البوليس…..ليه شايفه اني مش راجل مثلاً عشان

كده مش عارف اخد حق اخويه من اللي قتله… ”
مسحت دموعها بظهر يداها وهي ترد عليه لإقناعه
بما تفكر به….
“ومين قال ان اللي بيلجأ للحكومه بيبقى ضعيف
او مش راجل ياسالم…. مفيش حد متعلم زيك يقول الكلام ده ياسالم….سيب الكلام ده للجهله وخلينا نمشي بالقانون….. ”
رد عليها بصوت عالٍ غاضب من جدالها معه أمام الجميع …و وقوفه هكذا أمامها ينتظر ويستمع لها
لا ويجادل أيضاً معها في شيء لن يحدث أبداً..
“االقانون اللي عايزاني ألجأ ليه أيد القضية من اربع سنين ضدد مجهول مقدرش يجيب قاتل اخويه ودلوقتي وقع تحت ايدي الدليل اللي عرفت فيه مين هو اللي حرمني من أخويه وحرم بنته منه… لازم اجيب حق اخويه …وبنته.. “ثم نظر لها بحزن قائلاً بصعوبة عنوة عنه…
“وحقك أنتِ كمان ياحياة…… ”
مر بجانبها بعنف ليهتز جسدها في لحظة من آثار
همجيته وعصبيته في السير من جوارها …..

استدارت نحو الجدة راضية ورافت ودموعها تنزل بلا توقف هتفت بانهيار لهم…
“انتو هتسبوه يضيع نفسه…. هتسبيه ياماما راضيه سكتين ليه رد عليا هتسبوه يضيع نفسه… ”
اسلب (رافت)عينيه بانكسار فهو يعلم انه يصعب
على أحداً منهم تغير رأي سالم في شيءٍ مهماً
كآن !، وإذا كان هذا الشيء ثأر أخيه (حسن) الذي
كان بمثابة أبن وصديق قبل ان يكون أخاه
الصغير….
مستحيل ان يستجيب لنداء احد منهم مهما كانت مكانته عند سالم…. نيران الثأر صعب ان تخمد بعدة كلمات …..
اقتربت منها راضية لتعانقها بشفقه وحزن
وهي تقول بحزن…
“ربنا كبير يابنتي ان شاء الله خير….. خير…. ”
نزلت دموع حياة في احضان راضية وهي تقول بخوف عليه…..
“سالم هيضيع ياماما راضيه انا مش هقدر استحمل خساره تانيه ولو كانت الخساره دي سالم يبقى الموت اهون عليا…..انا حبيته او ياماما حبيته وخايفه عليه…… خايفه عليه اوي ”
انهارت في أحضان راضية أكثر واكثر….. نعم هي صادقة المشاعر… حزينه وترتعد داخلها من تلك الحقيقة المزريه مما كان خلف مقتل (حسن)… ولن تنكر انها مزالت تحت تأثير الصدمة ولكن هي تعلم جيداً ان الخوف انقصم داخلها لنصفين والنصف الاقوى عليها هو تهور( سالم) وجنون انتقامه من وليد… ولقتل هو الشيء الوحيد الذي سيأتي في
عقل سالم في لحظة شيطانية متهورة سينفذ ما يملي عليه شيطانه…..
………………………………………………….
“القهوة دي مطلعها لمين ياهنيه…. “قالت خيرية
عبارتها للخادمة……
نظرت الخادمة لي ما تحمله بين يداها وهي ترد عليها بتهذيب…
“دي قهوة لي سي وليد …..”
رفعت خيرية عينيها على التلفاز تتابع محتواه
باهتمام وهي تضع السودني المقرمش في فمها وتقول بفتور…
“طب روحي طلعيها بسرعه قبل ماتبرد وانجزي عشان معاد الغدا…. ”
اومات الخادمة وهي تصعد الى غرفة وليد….
اتت ريهام وجلست بجانب والدتها لتزفر بغضب
وهي تمد يداها في هذهِ المكسرات وتاكل منها بتزمر حاد…..
رفعت خيرية عينيها على ابنتها وهي تقول بإمتعاض
“هتفضلي قعده في وشي كده كتير إيه فرحانه بقعدتك في البيت كده…… وكلام نسوان النجع عليكِ… ”
زمجرت ريهام بحدة قائلة…..
“هو في إيه يامااا هو كل ماقعد جمبك تلقحي

عليا بكلام….. ”
مسمست خيرية بشفتيها بضجر وهي ترد عليها
مُبرره حديثها…..
“ألقح إيه ياقليلة الربايه…. انا كل اللي عايزاه منك ترجعي لطليقك اللي من ساعة ماطلقك وهو حافي ورآكِ ومش قادر على بعدك….. ”
تحدثت ريهام باشمئزاز وتكبر…
“افتكريلنا حاجه عدله…. قال طليقي قال…. ارجع لمين وسيب سالم لبنت الحرام ديه تستفرد بيه لوحدها…. ”
ضاحكة خيرية بتشفي وهي ترد عليها…
“بنت الحرام استفردت بيه من زمان…. شيلي الغمام اللي على عينك ياريهام ….. وعقلي ورجعي
لطليقك وكفايه كلام نسوان النجع علينا…… ”
نهضت ريهام بحدة وهي تتحدث بغضب…
“قطع لسان اي حد يتكلم عليا نص كلمه… هما إيه مش لاقيين غيري يتسلى عليه …قوليلي انهي واحده لسانها جاب سيرتي بالباطل وانا اقص لسانها بايدي … ”
رمقتها خيرية بلؤم وهي تمضغ المكسرات بتبرم
“وفري شرك على اللي خدت منك حبيب القلب وبتتمتع دلوقتي بخيره… واسمها لم بيتقال في قعدت نسوان الكل بيعملها الف حساب من غير حتى مايشوفوها……وكل ده عشان إيه…. عشان مرات سالم شاهين …ماهو اللي عملها هيبه بينهم غير انها مراته….حكم “فور انتهى خيرية من جملتها
مسمست بشفتيها بتبرم…..
عضت ريهام على شفتيها بحقد وغل من حياة ونيران الشر تشتعل وتود لو تحرق النجع بأكمله وحياة اولهم…….
“اااه يناري لو بس كانت الخطه مشيت زي مانا عايزه كان زماني مراته دلوقتي ونايمه في حضنه وحرق دمها ودم نسوان النجع كلهم… بس خيرها في غيرها مانا مش هسيبه ليها بساهل كده…. ”
دلف بكر والد ريهام الى صالون وهو يجلس
بارهاق على مقعده……
اقتربت منه زوجته خيرية وهي تقول بقلق

“مالك يابكر فيك إيه…… ”
رد عليها بنفي….
“مافيش دماغي مصدعه شوية…. اعمليلي شوية شاي تقيل….يمكن الصداع يروح… “فرك برأسه
بتعب…
ردت عليه خيرية وهي تذهب باتجاه المطبخ
“عيني ياخويه…..هدخل اعملهالك حالاً ”
صدح رنين جرس الباب بقوة وإصرار ولم يلبث الطارق ثواني واطرق بكل قوة وعنف على الباب
ذات الرفوع الحديدية والزجاج الذي يكسوها…
“شوفي مين ياريهام بيخبط كده … “دلفت خيرية الى المطبخ بعد ان امرت ريهام بتلك
الجملة….. وضعت ريهام الحجاب على شعرها
بإهمال….
فتحت الباب الكبير ليطل منه سالم بوجه يرعب الأعين.. وعيناه تشتعل بنار شديدة اللهيب هالة مُخيفة لا تبشر بالخير….
ابتسمت ريهام بسعادة وهي تهتف بأسمه بوقاحه
“سالم معقول انت هنا……”
عض على شفتيه بغضب وهو يسالها سؤال محدد
“اخوكي هنا ……”
ابتسمت بسعادة مُبتعده عن الباب وهي تجيبه
بنعومة…
“ااه هنا أدخل ياسالم…هو بس في اوضته استنى اناديلك عليه …..”
لج لداخل سريعاً لكنه وقف في بهو البيت ورفع عينيه المُشتعلة على عمه بكر بسخط….
وهو يرد على ريهام بتهكم ساخراً…….
“لا خليكي مرتاحه جمب ابوكي ….انا هطلع اشوفه بنفسي …”
نظر له بكر بستفهام وهو يساله بــ
“هو في إيه ياسالم انت عايز وليد ليه في شغل
بينكم …..”
ابتسم سالم بتهكم مره اخره..
وهو يضع هاتفه على الطاولة ويشغل هذا المسجل الذي صخب صوته في أرجاء البهو….وهو يقول بسخرية……
“التسجيل ده هيعرفك انا عايز ابنك في إيه
بظبط…….”
صعد على السلالم بسرعة وشياطين تلاحق به…
خرجت خيرية وهي تمسك في يداها صنية عليه كوب الشاي لتسمع اعتراف وليد من هذا المسجل يقول
(لا قتل حسن كان سهل أوي لعبت في فرامل العريبة بتاعته وهو بقه سقها وكمل الباقي… “صدحت ضحكته وهو يكمل “… ومش بس كده لا دا انا لعبت الحكومه على الشناكل لحد ما ملف القضيه اتايد
ضد مجهول…….)
وقعت الصنية من يدلها وهي تهتف باسم ابنها بخوف……
“وليد………. ابني…… ”
كانت تقف ريهام مصدومة ومشحوبة الوجه وكل ما تفكر بها الان ان فرصة زواجها من سالم قد تبخرت للأبد بعد ان أصبحت شقيقة قاتل حسن……..
ام بكر والدهم لم يتحمل سماع باقي التسجيل وتفصيل الذي يضفها وليد بعد قتل حسن او حتى قبل ان يدبر الحادث الشنيع…… ليقع بكر على الارض مُمسك قلبه بتعب……
ركضت عليه ريهام بخوف وكذالك خيرية زوجته
“ابو وليد….. ابو وليد رد عليه…… رد عليه….
هاتي مايه ياريهام……… هاتي مايه “

ركضت ريهام نحو المطبخ بهلع……
____________________________________
مسك وليد الهاتف وهو يقف في شرفة غرفته بعصبية قائلاً بحدة…
“يعني إيه ياايمن هربت منك حتة بت زي دي تعدي من تحت ايدك ازاي…. يعني إيه في المستشفى وعضمك مفشفش… البت دي لازم تدور عليها ابعت حد من رجالتك يدور عليها البت دي لو وصلت لسالم يبقى انا هيتقري عليا الفاتحه….. ”
“و ازاي الفاتحه تتقري على واحد وسخ زيك .. ”
هتف سالم بعبارته وهو يغلق باب غرفة وليد بقوة
تحشرج صوت وليد ناظراً الى سالم بخوف
“سالم أنت هنا ..اا…جاي ليه……. ”
اقترب منه سالم ببطء ليقف امامه وجهاً لوجه
مُجيب إياه بنبرة خالية من المشاعر….
“عشان حسن …… طار اخويه …..هو انتَ مش ناوي تدفع اللي عليك ولا إيه… “لكمه بقوة في أنفه …
…………………………………………………..
“جبت السلاح….. “نطق غريب الصعيدي جملته
وهو ينظ لابن عمه….
وضع راجح السلاح في يداه وهو يقول باستفهام

“ناوي على إيه ياولد عمي….. ”
أمسك غريب السلاح بين يداه وهو يهتف بغضب
“ناوي اجتل اللي خد مني حجي وغصبني إني
امضي على نص املاكي لايهاب اخوي….. ”
“اهاه انت جولت بلسانك اخوك…. يعني ملزماش دم وسلاح عاد ياولد عمي… ده مهم كان سالم شاهين… وبعدين كيف يجي في بالك انك تضرب عليه نار في الضلمه…. أجده بتكون خدت بطارك منيه …. كده مش رجوله ياولد عمي…. وسالم مش مستحق آزيت حد واصل منك او من اهل النجع…… ”
هدر به غريب بغضب شيطاني…
“انت معايا ولا معاه ياراجح….. خليك في حالك واياك تفكر ولو حتى دماغك تحدفك ناحيت انك
تسلمني لسالم شاهين انا بحذرك ياراجح ….
انا في الخيانه مش هرحم اين كان يكون…. ”
اتسعت أعين راجح بصدمة ليهتف بعدم استيعاب
“انت بتهددني ياولد عمي…… ”
“سميها زي متسميها طاري من ولد رافت شاهين مش هاهمله وحج فلوسي وتمن حجزه ليا في المخزن بتاعه كماااان …انا مش هستريح غير لم اخد روحه بيدي اتنين……. “تحدث وهو يقبض على كف
يداه بغضب وكأنه يقبض على شيء وهمي… لكن ذهنه كان يتخيل روح سالم تغادر الحياة
على يداه …
هتف راجح بسأم..
“انت حُر ياولد عمي…واضح ان الكلام ممنوش فيده معاك…”
…………………………………………………..
اقترب منه سالم ببطء ليقف امامه وجهاً لوجه
مُجيب إياه بنبرة خالية من المشاعر….
“عشان حسن …… طار اخويه …..هو انتَ مش ناوي تدفع اللي عليك ولا إيه… “لكمه بقوة في أنفه…..
طاح وليد ارضاً بعد عدة لكمات اصابة وجهه
الذي كان سالم يصب غضبه في تلك المرحلة
الأولى على وجهه الذي أصبح يكسوه الدماء ولورم
ليلكم سالم معدته بقوة وجانبيه الإثنين بقوة ويسدد له بعض ركلات بقدميه مابين ساقيه ليتأوه وليد بقوة ويزيد عذاب الألم أكثر…
هدر سالم بغضب وصوت عالٍ وهو يركل وليد في معدته بعد ان وقع في لارض من آثار همجية سالم وعنف ضرباته عليه….
“قتلته ليه قتلته ليه…. عمل إيه حسن عشان يموت بسببك… اذاك فإيه…. دا كا بيعملك كأخ تاني ليه اذآآآك في إيه ياوليد عشان تقتله قتلته ليه…ليه…. ”
وبرغم من كل مايشعر به وليد من آلَاماً مبرح في ذاك الوقت العصيب ….رد عليه بجنون شيطاني…
“عملت كده عشان اشوفك قدامي مكسور …ونفسك تعيط زي الحريم على فراق اخوك….. ”
توقف سالم عن ركله وضربه العنيف لينزل الى مستواه ويهتف باحتقار…
“دموع والحزن عمرهم ماكانو من نصيب الراجل الضعيف….. وعشان انت شايف ان الضعيف بس هو اللي بيعيط على فرق اغلى الناس ليه… انا كمان هكسرك وهخليك تعيط على الحاجه اللي تميزك عن
الحريم… ”
اتسعت اعين وليد بخوف من تلميحه…
“قصدك إيه …. “

ابتسم سالم بسخرية….
“مانت فهمت قصدي ايه وعارف ان بلمح
لإيه… ”
امسك به من عنق جلبابه وهو يرفعه للأعلى
وهو يقول بحدة…
“لازم تعرف انك مش هتشوف نور ربنا تاني… وقبل ماقتلك بأيدي لازم اشفي غليلي منك الأول..وحق أخويه هاخده منك تالت ومتلت ولازم أحرق دم أهلك عليك زي ماحرقت قلبنا عليه…”
ارتعد وليد وهو يسيل الدماء منه ليرد عليه بخوف
“سلمني للحكومه وهما هياخدو حق اخوك
مني……”
رمقه سالم بشر وهو يرد عليه بقساوة…
“مش قاضي نجع العرب اللي يروح للحكومه
عشان ياخدو حقه …. انا اقدر اخد حقي بايدي
و وفر على نفسك الكلام…….. لان الحساب بدأ …”
أنهى جملته وهو يصدم رأسه به ليفقد وليد توازنه ويقع ارضاً مغشياً عليه…..
قذف سالم عليه مابي فمه بتقزز ونفور من هذا
الوجه البغيض، رفع الهاتف على أذنيه قائلاً ببرود
“حضرت العربيه ياجابر….. طب أطلع خد الكلب
ده….اخلص عشان لسه هنطلع على المخزن
حضر إسماعيل الحكيم ورجاله….. تمام ”
بعد دقائق معدودة كان ينزل سالم بشموخ على سلالم بيت بكر شاهين نهض بكر بعد ان استعاد
وعيه من إغماءه منذ قليل……
رفع عينيه على وليد الذي يحمله جابر كشوال البطاطس وهو فاقد الوعي ووجهه يسيل منه الدماء وملامح وجهه اختفت تماماً من آثار ضرب سالم له…
“ابني…. ابني…… “ركضت خيرية إتجاه سالم وهي تبكي بخوف وتترجى سالم بهلع على ابنها الذي حدث له كل هذا من خلال نصف ساعة وماذا سيحدث له بعد ان ياخذهُ سالم معه ؟!…..
“ابوس ايدك ياسالم يابني سيب وليد سيبه ابوس ايدك انا……… انا محلتيش غيره…… ”
أشارا سالم بيداه الى جابر بذهاب وكان جابر في هذا الوقت يحمل وليد وتمنع مروره خيرية الواقفة امام سالم تبكي وتترجى …
ابعد جابر عنها ليمر من جانبها بقوة حيثُ الخارج…
صاح صوتها بهلع….
“بلاش تموته بلاش ابوس ايدك سيب وليد
سبوه…..”
رمقها سالم بسخرية وهو يرد بفظاظة معتاد اتقانها….
“متقلقيش وليد هيرجعلك تاني عشان تدفنيه
جمب الحبايب اللي بتروحي تقري عليهم الفاتحه

كل عيد…… ”
مسكت كف يداه برجاء وهي تنهار انهيار أم …
“لا… ابوس ايدك ياسالم ارحمه ده مهم كان ابن عمك ارحمه يابني ارحمه……انا مليش غيره”
نفض يداه بعيداً عنها بقسوة قائلاً ببرود…
“وهو رحم أخويه لم خطفه مننا وهو في عز شبابه
ويتم بنته ورمل مراته اربع سنين …انتِ ببترجيني
اني اسيب ابنك يعني حتى مش قادره تقوليلي من
باب العقل ابني قتل ولازم يتعاقب وسلمه للبوليس
بس بلاش تاخد حقك بإيدك…”ابتسم بسخط..
“بس انا هستغرب ليه مانتِ طول عمرك كده يامرات عمي حتى بعد ما عرفتي ان ابنك قتل اخويه كل اللي في دماغك إني اسيبه ورجعه ليكي بدمعتين
من بتوعك لا وكمان اسامحه ونرجع زي السمنه على العسل…مش كده يامرات عمي …”صمت ببرود وهو يقول…
“حضري تربة إبنك وقري عليه الفاتحه من دلوقتي.
دا لو حفظاها…”رمقها بسخط هي وعمه بكر وريهام المتسعت الأعين بدهشة وذهول من هول خروج الماضي بكل هذا السواد الذي كأن بطله الوحيد وليد شقيقها الذي افسد كل شيء كانت تنوي وتتمنى فعله……
خطى سالم عدة خطوات إتجاه باب الخروج اوقفته (خيرية) مرة أخرى محاولة استعطف قلبه نحو ابنها..
“انت راجل عارف ربنا وعارف ان حسن عمره انتهى لحد كده يعني بوليد او من غير وليد كان هيموت فى معاده….. ”
لم ينظر لها توقف وهو يوليها ظهره التوت شفتيه
بسخط من وقاحة هذهِ المرأة ليرد عليها بحزم
“انتِ صح حسن مات في معاده وكل واحد ليه
معاد هيروح بيه للخلقه….. ”
ابتسمت خيرية بأمل…….
تابع سالم حديثه قائلاً بنزق…
“وابنك جه معاده خلاص…. وكلنا لها……
حضري الكفن……. يامرات عمي….. ”
خرج سالم واصدر صوت وقود السيارة صوتٍ عالٍ
يخبرهم بمغادرته للمكان……
لطمت خيرية على وجهها وهي تهتف بعويل وبكاء
حاد…..
“ابني هيضيع ابني هيضيع يابكر إبنك هيروح على ايد ابن اخوك لازم تصرف لازم تعمل حاجه اتصرف يابكر اتصرف ….. ”
كان بكر يقف مكانه بثبات وعيناه مثبتة عليها بجمود…
اقتربت منه وهي تسأله بعويل وبكاء حاد
“انت ساكت ليه…… ابنك خلاص راح وليد خلاص هيروح مننا…… ”
هز راسه بقلة حيله وهو يهتف بصعوبة تلك
الحقيقة التي كان دوماً يهرب منها …
“مافيش فايده ياخيريه ابنك قتل ولي قتله ده يبقى ابن عمه اخو سالم شاهين ….. يعني ابنك مات من
ساعادي و محدش هيقدر يقف قدام سالم ياخيرية محدش هيقدر يمنع سالم من انه يأخد حق أخوه من إبنك..”
هبط على المقعد بقلة حيلة وحزن على أبنه
وخذلانه من تلك الجريمة التي اقترفها ابنه …

مهما كان الشر وطباع الطمع والمصالح الذي تسير في دماء (بكر شاهين) يبقى القتل ادنس الأشياء في عيون اي رجل وكبائر الأكبر هنا صعوبة انه قتل ابن عمه شخص من دماءه …وكان هذا بسبب الحقد والكره الذي ربى ابناءه عليه !..
…………………………………………………..
كانت حياة تجلس في صالون وعينيها لا تتوقف
عن البكاء أحمرت عينياها بكثرة وشحب وجهها باصفرار من آثار ضغطها على نفسها خوفاً وتفكيراً …
جلست بجانبها ريم التي اتت لهم منذ نصف ساعة
حين علمت الخبر من حياة عبر الهاتف….
“حياه ممكن تهدي… عينك ورمت وحمرت من كتر العياط دا غير وشك اللي الدم انسحب
منه… ”
انحدرت دموعها بغزرة على وجنتيها وهي تهتف وسط انهيار روحها…..
“مش قادره ياريم انا خايفه على سالم اوي ده ممكن يقتله ويروح فـ…. “شهقت وهي تكتم حديث تخشى حدوثه…..
احتضنتها ريم وهي تبكي في أحضانها بحرج منها ومن سالم ومن عمها وجدتها راضية فهي أخطأت حين اتت لهم في تلك اللحظة وهي على يقين ان وجودها غير مرحب به بسبب فعلت شقيقها الشنيعه
ولكنها اتت في هذا الوقت فقط من أجل حياة
خوفاً عليها ….حياة بنسبة لريم الأخت الكبرى الصديقة الوحيدة وصادقة في حياتها.. فلم لا
تكن بجوارها في تلك الأوقات العصيبه وهي
تحتاج لمن يهون عليها خوفها من القادم على
يد زوجها…
“ان شاء الله خير ياحياة خير…… ”
كانت راضية تمسك المصحف بين يداها وتقرأ به
بتركيز وتنحدر آلدموع من عينيها بخوف من ضياع الحفيد الوحيد لديها… والعوض على الحفيد الثاني
الذي قتل وافسد في لارض ذنوبٍ بسبب حقده
وغيرته من اولاد عمه (حسن)…. و(سالم) الذي تخشى من فقدانه هو أيضاً…….
خرج رأفت من باب مكتبه قفزت حياة بسرعة من جلستها واقتربت منه وهي تقول بلهفة…..
“عملت إيه يابابا رافت وصلت لحاجه عرفت سالم
خد وليد على فين…… ”
هز رافت راسه بنفي وهو يقول باحباط
“كلمت كل ألناس اللي ممكن تعرف هو راح فين… لكن مافيش فايده….. الواحيد اللي يعرف هو فين جابر دراعه اليمين هو اكيد معاه دلوقتي…. ”
أغلقت راضية المصحف وهي تنهض وتقول بثبات

“اطلعي على اوضتك ياحياة… خديها ياريم… ”
رفعت حياة عينيها ناظرة الى راضية بعدم فهم
وهتفت بدهشة…..
“أنتِ بتقولي إيه ياماما راضيه….. انتِ ناسيه سالم فين دلوقت.. ”
“لا.. مش ناسيه…. بس كمان سالم راجل ومن ضهر راجل ولوو عمل اي حاجه في وليد يبقى حقه.. ”
هتفت حياة بصياح وانهيار…
“بس ده ممكن يقتله….. ”
زفرت راضية بتعب وصعدت بدون ان تتحدث إليهم فهي لم تقف لتجادل حياة لأنها تعلم عنادها واصرارها على رؤية سالم الآن …وهي متيقنه
ان مهم حدث من كلاهما لن يتنازل سالم عن اخذ ثأره من وليد وهذا مايجعلها لا تقوي على الصمود أمامهم…… لهذا فضلت راضية الجلوس في غرفتها بمفردها….
قال رافت وهو يهم بالخروج من المنزل…..
“انا هروح كده اسأل على جابر او اي حد يعرف هو فين وان شاء الله اوصل لسالم…..اطمني ياحياة يابنتي… ”
خرج رافت تاركاً حياة تنظر للفراغ بحزن…
تجلس بسنت تتابع كل مايحدث بصمت عقلها مشوش تخشى ان يؤذيها سالم بعد ان ينتقم من
ابن عمه او يتهمها بي شيءٍ وهمي مثلاً …هي لا تعلم نواي هذا السالم ولكن هي سلمت له المسجل فقط من اجل ان يضمن لها الأمان من ابن عمه ورجاله المجرمين ..
تمتمت بسنت داخلها بخوف بعد تشتت
الأفكار بها….
“ياترا هيعملو فياا إيه …… ”
بعد مرور ساعة ومزالت حياة على وضعها تبكي بدون توقف وعقلها لم ياخذ قسط وأحد من الراحة
من زوبعات الأفكار المتراكمة داخلها……
كانت ريم تجلس بجانبها تهدأها تارة… وتشرد تارةٍ آخره فالأيام القادمة على كلتاهما والتي لا تبشر بالخير وخصوصاً بعد فتخ بئر الماضي الذي
يهدد الآن باخذ ضحية اخرى قبل إغلاقه…….
اما بسنت مزالت كما هي تجلس صامته ثابتة ناظرة
الى الفراغ أيضاً بشرود والخوف يشتبك معها بإصرار ملازم لتظل كما هي تفكر في أسوء الأشياء الذي ممكن ان تحدث لها في هذا النجع…..
دلف جابر في هذا الوقت وهو يتنحنح بخشونة بعد ان فتحت له الباب الخادمة مريم……
رفعت حياة عينيها عليه كادت ان تفقد ماتبقى من عقلها وتركض عليه… ولكن توقفت بثبات تنتظر القادم منه وماذا يريد وجدت انظاره مثبته على بسنت وهو يقول بإحترام….
“لمؤاخذة ياست حياة ….اصلي جيت عشان اخد الانسه بسنت عشان اروحها بنفسي لبيتها في
قاهره …….”
نهضت بسنت تحت انظارهم وهي تتحدث بصوتٍ

مرتبك خوفٍ …..
“تروحني ….ازاي وراجل اللي ممكن يموتني ده و”
قاطعها جابر قائلاً بخشونه…..
“لا.. متقلقيش سالم بيه بعتني ليكِ عشان يوصلك
رساله ولأمانه ديه …..”
مد جابر يداه لها ببعض الأموال وهو يقول لها بتوضيح ….
“الفلوس دي بعتها ليكِ سالم بيه…
تعويضاً عن اللي حصلك قبل ماتيجي ليه…..وهو كمان بيوصلك انك لو عايزه تفضلي في نجع العرب والامان اللي طلبتيه منه هتاخديه ولو برضو عايزه ترجعي من مكان ماجيتي اعرفي انك بقيتي في امان لان اللي كان مكلف رجالته بموتك هو دلوقتي تحت أيده….. ”
صمتت بسنت وهي تفكر في حديثه وتختلس النظر
الى هذه الحقيبة الصغيرة الموضوع بها الأموال
التي كانت ثمن حياة خوخة وعائلتها… ولكن ماذا
تفعل الآن ؟….لم تتمكن من الجلوس في هذا النجع الذي لا يمس صلة لحياة الأحياء الشعبية التي كانت تقطن بها في المدينة …..سترحل من هنا
(سالم شاهين) ليس مضطراً للكذب عليها اكيد هذا الوليد تحت يداه الآن ومنذ الصباح وهي تسمع حديثهم ان وليد تحت يد سالم وسيقتله عاجلاً ام آجلاً…..
اخذت حقيبة الأموال من جابر وهي تنظر له
قائلة بحرج…..
“خلاص انا جايه معاك…….. ”
استني يابسنت انا كمان جايه معاكِ استنو ثوني
هلبس ونزله….. “هتفت حياة بتلك الجملة بثبات
اتسعت عينا ريم وجابر أيضاً …..ام بسنت فاومات لها بدون أكتراث……
سألها جابر بإحترام….
“لمؤاخذه ياست حياة لكن حضرتك راحه فين مع لانسه بسنت….. ”
رفعت حياة عينيها إليه وهي تهتف بكذب….
“قبل مانت تدخل كان سالم لسه قافل معايا وقال ان بيرن عليك تلفونك غير متاح….. كان عايز يقولك انك توصل بسنت لمحطة القطر…. وتوصلني انا مكان ماهو قعد عشان في اورق مهمه لازم اوصلها ليه. ”
رفع جابر هاتفه وهو ينظر إليه ليرد عليها بتوجس
“ازاي بس التلفون في شبكه وكمان مافيش أتصال
من سالم بيه….. انا هتصل بيه وتاكد من آلكلام ده… ”
رفعت حياة عينيها الى ريم لتنقذها وتساعدتها في هذه الكذبة حتى تتمكن من الوصل لسالم….
خطت ريم إتجاه جابر لتاخذ منه الهاتف وقالت له
بضيق زائف…..
“تتاكد من إيه…. انت بتكدب مرات سالم شاهين
ياجابر… هي هتكدب عليك ليه يعني…. نفذ الاوامر
واسمع كلام ستك حياة…. ”
قال جابر بعتراض….
“بس يست ريم لازم اتصل بالكبير اتاكد منه…. ”
اخذت ريم الهاتف واخفته بين يداها وقالت بجدية
“مش وقت الكلام ده لازم توصل بسنت لمحطة القطر قبل ما القطر يروح عليها وتوصل حياة لسالم عشان تديله الاورق المهمه اللي عايزها…. ”
ثم رفعت ريم عينيها على حياة قائلة بنبرة ذات معنى…..
“يلا ياحياة اطلعي البسي اتأخرتي على سالم…. ”
ابتسمت حياة بامتنان الى ريم وشهامة صديقتها
دوماً معها….. صعدت سريعاً تحت انظار الجميع….
تعلم ان ماستفعله له عواقب كبيرة وقاسية من
(سالم شاهين) ولكن كل ما تفكر به رؤيته ومنعه
مما يود اقترافه ، بقتل هذا الدنيء ذات الدم الدنس……..
يتبع…
تجلس في سيارة وتكاد تموت رعباً عليه لم تفكر
في مدى تسرعها في الخروج من المنزل بدون آذن
منه..لكنها لم تبالي بعواقب ما سيحدث خلف
ما تفعله…ولم تبالي بقسوته وعصبيته القادمة عليها
تعلم ان الأمر لن يمر مرور الكرام لكن لا يهم يجب ان تحاول الان منع تلك الجريمة من ان تحدث فهي مستحيل ان تخسره اوتسمح له بهدم حياتهم بسبب إنتقام شيطانه…
“هو أحنا لسه قدمنا كتير ياجابر…. “هتفت بعبارتها وهي تطلع على ساعة يدها بتوتر……
نظر لها جابر عبر المرآة ورد عليها بتهذيب…
“ربع ساعه ياست حياة ونوصل ان شاء ألله… ”
اتجهت بعينيها لنافذة السيارة بجوارها وهي تشرد بذهنها في مكان اخر…..
كانت تجلس في أحضانه مثل طفلة الصغيرة تضع راسها على صدره العاري وهي تهتف بدلع
“سالم….. ”
“ممم… “اكتفى بهمهمتٍ بسيطة وهو يغرز أنفه في شعرها الأسود الغزير……
أغمضت بُنيتاها وهي على وضعها هذا في
أحضانه تتشبث به بعاطفية مفرطة…..
“انت بتحبني قد إيه…… ”
أبتسم بمكر وهو يقول بفظاظة..
“يعني شويه صغيرين…..مش كتير… ”
كادت ان تخرج من أحضانه بحنق ولكن أحكم هو على خصرها بتملك……
“خلاص ياوحش متزعلش… بس انتِ اللي سؤالك غريب اوي….. ”
“غريب ازاي يعني…. مش لازم اعرف انت بتحبني قد إيه……”قالت جملتها وهي تريح راسها على صدره بتزمر طفولي….
تنهد وهو يقول بصدق حاني….
“عايزه الحقيقه انا مش بحب جملة بتحبني قد
ايه دي ”
“طب ليه…… ”
“انتي عارفه اني مش بعرف اوصف اللي جوايا من ناحيتك بظبط…بس انا بحبك لدرجه متتوصفش…”
ابتسمت وهي في أحضانه قائلة بحب
“فهمت وانا كمان بحبك لدرجة اني مش بحس بطعم أليوم الا لمآ بشوفك جمبي ومعايا…. بحبك اوي ياسالم..” اكتفى بعناق حنون يبث لها مدى عشقه وشوقه بقربها….
كم ان شخصيته هادئه ثابته في بعض الأوقات وفي بعض الأوقات مشاكس ممازح ووقح…. هو متقلب المزاج دوماً…وهي تعشق تقلب شخصيته سوى سلبية او إجابية فهو استحوذ على قلبها وامتلكها واهلكها بعذاب حبه ونار شخصيته الفريدة من نوعها عليها ….
“وصلنا ياست حياة….. “فاقت على صوت جابر وهو يُقف السيارة في مكاناً شبه مقطوع رمل الصحراء مزال مُتعلق في الأرض اسفلها، ولكن المكان لا

يوحي بالحياة قط…
كان المكان عبارة عن مبنى كبير ذا باب حديدي
قديم يجتاحه الصدى من أثار مرور السنوات عليه
بعض الأشياء القديمة من ماكينات وغيرها من المقاعد الخشبية المتهالكة……
ابتلعت مابحلقها وهي تسأل جابر بتوتر
“هو ده المكان اللي موجود فيه سالم… ”
رد عليها وهو يفتح الباب ويهم بالخروج قائلاً
“ايوه ياست حياة… تحبي ادي للكبير خبر يطلعلك عشان يأخد الاورق ولا هتدخلي ليه بنفسك تديهاله”
كانت شاردة وهي تطلع على هذا المبنى عبر نافذة السيارة ومزالت جالسة مكانها… لترد على جابر قائلة بشرود….
“اورق إيه اللي بتكلم عنها…. ”
ارتفع حاجب جابر وهو يسألها بشك….
“الاورق اللي أنتِ ياست حياة قولتي عليها مهمه وسالم بيه أتصل بيكِ مخصوص عشان تجبيها معاكي.. ”
ابتسمت حياة ابتسامة مهزوزه بتوتر ثم ردت
عليه بقنوط….
“ااه الاورق….. معلشي ياجابر أصلي نسيت..
يلا بينا انا داخله معاك…. ”
ثم همست بصوت خافض مرتبك…
“يعالم هخرج من هنا سليمه ولا على نقاله…. ”
___________________________________
“ها شيكتو عليه ياسيد … “هتف سالم بتلك العبارة
ابتسم سيد احد رجال سالم وهو يرد عليه بفخر…
“تمام ياباشا كل تمام…. هيطلع دلوقتي قدامك.. ”
أبتسم سالم ابتسامة شيطانية مريضة بالانتقام
خرج وليد على هذا المقعد المتحرك بجسد دمر
تمام من كثرة الألم المبرحة الذي تلقاها من رجال سالم اختفت معالم وجهه وحل محلها الكدمات الزرقاء صرخ وليد بجنون حين لمح سالم يقف ويضع يداه في جيب العباءة وينظر له بسخرية…..
“هقتلك ياسالم…… هقتلك يابن الـ***….”
ابتسم سالم بشمئزاز وهو يرد عليه….
“احلى حاجه في الموضوع ده ياوليد انك كل ما ولولت وعيط…. اكدت ليا نظرتي ليك انك مش بتفرق حاجه عن الحُرمه ..”
ظل يبكي وليد وهو يقول بغل …
“اقسم بالله لعملك عاها مستديمه… عشان تفتكرني دايماً مش هرحمك ياسالم مش هرحمك بعد اللي عملته فيا مش هرحمك…… ”
أقترب منه سالم وهو يهتف بزئير كالاسد وعيناه ملتهبة احمرارٍ…..
“وانت رحمة أخويه….. رحمتني لم اعتديت على حرمة بيتي …..رحمتني لم قتلت اخويه عشان تكسرني ياريتك كنت قتلتني انا ولا انك تحرم
حسن من حياته ومن بنته ………..ومراته ……”

خرجت اخر كلمة بقلباً يقسم انهُ شعر بأنها حطم لشذرات متفرقه بسبب تلك الحقيقة الواضحة…
ابتسم وليد بوجع وهو يتألم من جسده..قائلاً بحقد أسود..
“مش هسيبك تتهنا ياسالم…. اوعدك اني هحرمك المره الجايه منها هقتلها قدام عينك ا….. ”
لكمه سالم بقوة مقاطع باقي هذا الحديث القذر من
لسانه الدنس……
“اياك تجيب سيرت مراتي على لسانك يابن الـ***”
ابتسم وليد بغل وهو يرمقه بتشفي….
“مراتك ديه كانت في حضن اخوك قبلك ..
انا مش مصدق انك حبيت واحده… لمؤاخده يعني
استعمال….. ”
لكمه سالم في وجهه عدة مرات وفي معدته
بقوة… كان كالمغيب وهو يلكمه ويركله ولاخر يتالم ضاحكاً عليه بجنون وكانه قد فقد عقله بسبب الحقد الذي افترس عقله وقلبه ليجعل كثرة الآلام تخدير لجسده ……
ابتعد عنه سالم وهو يلهث بقوة…. وكان جسده وكل عضله به تنتفض بتشنج وغضب اعمى من هذا الحقير وأحاديثه اللعينة……
مسك السلاح في لحظة متهورة وشهره في وجه وليد بازدراء مهاتف بصياح ساخر…
“تعرف كان نفسي اوي اطول معاك وشرب من دمك بس انتَ خساره فيك الوقت اللي بيضيع معاك… كدا كده هموتك…فكفايه تأخير لحد كده خلينا نرتاح منك ومن شرّك واهوه بالمره ننضف وسختك..”رمقها بتقزز…
كاد ان يتكأ باصبعه على زناد السلاح الذي بين يديه بوجه قاتم …..
إلا ان هتاف حياة العالي بخوف والتي كانت خلفه بعدة خطوات فقط….
“بلاش ياسالم عشان خاطري… ”
وكان دلو من الماء البارد نزل على رأسه في تلك اللحظة ألتفت لها وهو ينظر لها بقسوة يصحبها الغضب المستديم….
هتف وليد وهو يرمق حياة بخبث…
“مش قولتلك انه قتال قتله بس انتِ مكنتيش مصدقه…. اهوه قدامك اهوه قاضي نجع العرب رئيس عصابه لا وعامل كمان مكان في حته
مقطوعه عشان البوليس ميقدرش يوصله….. ”
احتدت عينا سالم وهو يقترب منه بغضب هرولت حياة سريعاً ووقفت امامه وهي تقول بترجي…
“بلاش ياسالم عشان خاطري.. ده إنسان مريض وبيستفزك صدقني ميستهلش انك توسخ ايدك
بدمه…… ”
التفتت حياة نحو وليد ولم ترد عليه بل اكتفت بنظرة كره وقذف ما بفمها على وجهه باحتقار وسخط…
مسك سالم يدها وهو يسحبها لخارج المخزن وهو يقول بأمر لرجاله….
“عينكم على الكلب ده لحد ما رجع…..”
هتف وهو يكاد يخرج بها بثبات خارج المخزن …
“مين اللي جابك هنا ومين عارفك طريقي…. ”
ردت وهي تسير بجانبه بسرعة وتكاد ان تتعثر في سيرها من شدة سرعته لكنها حاولت ملاحقت خطواته السريعة قدر المستطاع……..
“سالم انا جيت عشان….. ”
سألها بخشونة صارمة..
“ردي على قد السؤال ياهانم……. مين اللي جابك هنا ومين وعارفك طريقي….”
“جابر وصلني لحد هنا….. ”
ترك يدها وهو يقف على اول أعتاب المخزن وهدر بصوت جهوري قاسي…..
“جـــــابـــــر …..”

رفع جابر عيناه على سالم بإحترام وقبل ان يرد على نداءه…..
هدر سالم به بصرامه حاده …
“ليا كلام معاك بس مش ماهيبقى بالساني…”
ابتلع جابر مابحلقه بخوف من توعد سالم
الصريح له……
خرج بها من المخزن وسار باتجاه المبنى من على الجانب الأيمن….وجدت حياة باب حديدي صغير
ترك سالم يدها بغضب ونفور وفتح الباب بحنق
وهو يزفر بغضب من افعالها……
ابتلعت مابحلقها وخفقات قلبها تزيد زعر وهلع
مع كل حركه بسيطه يفعلها سالم امام عينيها الان فهي تدل على مدى عقابها وغضبه من تسرعها……
…………………………………………………..
دخلت ريم البيت بعيون مليئة بدموع والخوف من القادم الخوف من فقدان (حياة) صديقتها واختها الكبرى مثلما تعتبرها دوماً بسبب فعلت شقيقها المشينة……والخوف على الرابط الذي يجمعها بأبن
عمها وعائلته…
كانت تجلس والدتها في انتظارها وكذلك زوجة ابيها
خيرية وريهام تجلس بجانب والدها بكر ….وعيناها ترسل لريم نظرات حقد وغضب منها….
“كُنت فين ياريم ….”قال والدها سؤاله بضعف وحزن…
ردت ريم بفتور يصحبه الحزن الطاغي….
“كنت عند حياة…..”
سألها بكر بنفس النبرة المهزومة حزناً
“عرفتي حاجه عن اخوكي…..”
اجابته ريم بحزم….
“اخويه؟……لا معرفش حاجه عنه …انسى وليد
ياباااا واعتبره مات زي ماانا اعتبرته مات من ساعة ما عرفت ان هو اللي قتل حسن ابن عمي…..”
اقتربت منها خيرية بشر وهي تهدر بها بغضب
“مات ان شالله انتِ وامك واهلك كلهم
يابنت الـ****….”
اتسعت عيون ريم وهي ترد عليها بصدمة
“انتِ اتجننتي يامرات ابويه ازاي تشتميني كده واي الطريقه المقرفه اللي بتكلميني بيها ديه…
انتِ مفكراني واحده من الخدمين اللي شغلين عندك…… ”
احتدت عيون خيرية لتبدأ بتجريح بها…..
“خدمين يابيره يالي من ساعة ما طلعتي على وش الدنيا وانتِ بومه مافيش حد راضي يبص في وشك العكر ده…… يابت دا انا بنتي اتجوزت في سن 16سنه وانتِ قفلتي الإتنين وعشرين سنه ولسه محدش خبط على بابك …. ”
نزلت دموع ريم في للحظة وبدون سابق إنذار
لتاتي امها المرأة ضعيفة الشخصية طيبة القلب
عانقت ابنتها وهي تهتف بحزن…
“بلاش تعيطي ياريم…. منها لله ربنا قادر ياخد حقك منها ياضنايا ربنا كبير…. ”
كم كانت تعاني دوماً من نظرت المجتمع لها وبالأخص (نجع العرب)وقوانينه الصرامة بالحكم
على اي فتاة في سنها ان لم يأتي نصيبها وهي على مشارف سن المراهقة تصبح امامهم مذنبه وسيئة الحظ وينفر البعض منها حتى لا تصيب ابنائهم باللعنة (العانس)كما يقال…
لم نعاتب الجهل فنحن الحاصدين له بداخلنا مُنذ أصغر !…..
ابتعدت ريم عن أحضان والدتها وهي تمسح دموعها بظهر يداها وتتمسك بقوة أمام زوجة
ابيها منزوعة القلب والرحمة….

“أولاً يامرات أبويه انا مش من الخدمين اللي بيخدمه تحت رجلك…… وااه انا بنسبه ليكم كلكم واحده عانس وفيتها قطر الجواز…. وبنتك اللي اتجوزت تلات مرات فعلاً كانت اول جوازه ليها في سن صغير …بس انتِ نسيتي تقولي انها مكملتش شهرين في بيت جوزها اللي كان متجوز تلاته غيرها جوزها اللي كان عنده اربعين سنه جوزتيها ليه عشان دفع فيها مهر اكتر مش برضه مهرها اشتريتي بيه دهب وارض وبيت كبير وكل ده كتبتيه باسمك يامرات ابويه …..”
نظرت لها خيرية بارتباك …..
نظرت ريم لوالدها بحزن …فهو يقف مكانه يشاهد
حديث ابنته واهانتها منذ دقائق ولم يتحدث
وكأن خيرية محقة في اهانتها ….ولكن لن تصبها
الدهشة الممذوجة بصدمة كثيراً فوالدها للأسف يفعل هذا دوماً معها وكانها لم تكن أبنته مثل ريهام ووليد
كانت ريم اصغرهم سنٍ ولكن والدت ريم اول زوجة لبكر شاهين ولكن لم تكرم بأطفال غير في سن الثلاثين وطفلة الوحيدة التي انجبتها هي (ريم) …..
مسكت يد والدتها وصعدت للأعلى بحزن وهي
تلقي لزوجة أبيها اخر جمله في هذا الحديث….
“يمكن اكون عانس في نظرك يامرات أبويه… لكن
الحمدلله امي مش بتاجر فيا زي مابتعملي في
بنتك …. ”
…………………………………………………..
مسك ذراعها بقوة وعيناه أصابها احمرارٍ مُهيب
وكانها بركتين من الجمر المشتعل …. هدر فيها بغضب وهو يهز ذراعها بين يداه بقوة ….
“اي اللي جابك هنا وزاي تخرجي من البيت من ورايا…… إيه اتجننتي خلاص ….. ”
نزلت دموعها لعلها تستهدف قلبه تعاطف قائلة
“جيت عشانك….. عشان خايفه عليك…. ”
“ليه ياهانم عيل صغير انا …. اظبطي كلامك ياحياة وردي عليا عدل…… ”
“سالم أهدأ عشان خاطري واسمعني انا عارفه اني غلط لم خرجت من وراك بس انت كان ممكن تقتل وليد و….. ”
رد عليها بتصميم شيطاني….
“وليد ميت ميت… وروحه مش هتخرج غير على ايدي… ده طار …….طار أخويه…. ”
نزلت دموعها وهي تتوسل إليه بخوف….
“بلاش ياسالم عشان خاطري بلاش عشاني
و عشان ورد انا مقدرش اخسرك ياسالم مقدرش… “

ترك يدها بضيق وهو يبتعد عنها ويوليها ظهره في تلك الغرفة الصغيرة المتواجدين بها…..
رد عليها بخشونة وثبات…
“امسحي عنيكِ وكفايه عياط…. ويلا عشان اروحك بس خليكِ فكره ان تصرفات العيال
بتاعتك ديه مش هتعدي بساهل…. يلا ”
خطى خطوتين ليفتح الباب الحديدي آلصغير…. لكن توقف حين هتفت حياة إليه بعناد…..
“انا مش هروح ياسالم…… ”
استدار لها بقوة وهو ينظر لها نظرة جعلت جسدها يرتجف خوفاً ولكن حاولت الإمساك قليلًا بحبل الشجاعة وثبات أمام عيناه المهيبه شراً لن ينتهي….
اقترب منها خطوتين ووقف أمامها وجهاً لوجه وهو يسألها بشك وتحذير من تكرر جملتها مرة آخره…..
“بتقولي إيه سمعيني….. ”
ردت عليه بشجاعة وعناد وهي داخلها ترتعد رعباً
من ان يفقد اعصابه ويمد يداه عليها لاول مرة….
“مش هروح البيت غير لم ينتهي موضوع وليد وتسلمه للبوليس وهما يتصرفه معاه….. ”
ابتسم من زواية واحدة ساخراً من حديثها ليرد عليها بتحدي…..
“مفيش حد يقدر يمنعني من قتل وليد ياحياة وحتى لو الحد ده انتِ…… بلاش العشم اللي في عينك ده عشان مش بمشي ورا كلام الحريم….. ”
فغرت شفتيها بصدمة…. لن تنكر انها كانت تراهن قلبها ان (سالم) سينصت لها ويفعل ما تقترحه عليه
ولكن وقع عليها دلو من الماء البارد …..
سالم رجل كباقي رجال هذا النجع ينظرون للمرأة وكأن الذي وضع داخل رأسها ليس عقلاً بل بقايا طعام يجعلها لا تفهم غير (ماذا سناكل غداً ! )
احتدت بُنيتيها الداكنة والتوت عضلات جسدها غضباً وهي تعنفه بقسوة….
“انا فعلاً ست… لكن انا مراتك وخايفه عليك… بلاش تكون رجعي ياسالم… انت لو قتلته مش هتفرق حاجه عنه ….”
أولها ظهره بعناد وهو يقول بجسارة…
“كل كلامك مش فارق عندي…. وانا مش هغير رايي عشان خاطر عيونك… ده طار وجه وقته… ”
اقتربت منه وهي تضع يدها على كتفه وهي تترجى اياه بنبرة صوتٍ حانية تستهدف قلبه وعقله للامتثال
لها…
“طارك خده بالقانون ياسالم خده من غير ماتوسخ
ايدك بدم واحد زي ده من غير ماتقتل… غير رايك
المرادي بس عشان تفضل معانا…..انتَ عارف أننا
و ورد ملناش غيرك…. عشان خاطري ياسالم ارجع
عن الــ… ”
قاطعها بصوتٍ عالٍ صارم ….
“من قتل يقتل…..وكفايه رغي ويلا عشان
اوصلك….. وياريت تمسحي دموعك ديه و
وفريهم للجاي….. “

نظرت حياة بجانبها بضياع لتجد قنينة من الزجاج مرمية باهمال على الأرض ….مسكتها بدون تفكير ورتطمت إياها في الحائط خلفها انكسر نصف القنينة في لارض متناثراً ونصف الاخر بين يدها واطرف آلنصف المنكسر منها ذات اطراف زجاجية حادة….
اتسعت عينا سالم بعد هذا المشهد الذي حدث في لمح البصر، اقترب منها وهو يحاول منعها…
“بتعملي إيه يامجنونه نزلي الزفته ديه….. ”
هبطت الدموع من عينيها بكثرة وهي تهتف بتحدي
“بلاش تقرب مني ياسالم….. ابعد عني… “كانت تقرب اطراف قنينة الزجاج الحادة من عنقها وهي تتحدث إليه بغضب……
حرك يداه في الهواء وهو يحاول ان يهدأ من روعها
وقلبه كان يخفق بخوف عليها….
“طب خلاص مش هقرب نزلي بس الازازه دي عشان متتعوريش…. ”
قربتها اكثر وهي تتألم بوجع حقيقي من آثار اطرف الزجاج الحاد مجرد انها الاصقتها في عنقها بطريقة عشوائية فتألمت ولكن لن تبالي وهي ترد عليه بحزن ….
“بجد خايف عليا…… ولا خايف لا متعرفش تخبي جثتي زي ماهتعمل مع وليد….. ”
اتسعت عينا سالم وهو يهدر بها بغضب
“حياه…… انتِ اتجننتي….. ”
صرخت به ومزالت على وضعها….
“دا مش جنان… دي الحقيقه ازاي عايزني اطمن ليك بعد ماتقتل وتوسخ ايدك بدم بنادم…. مهم ان كانت الأسباب اسمك قتلت ….وانا مستحيل اعيش مع واحد قاتل وعشان لا هعرف اعيش بعدك ولا بعد مابعد عنك…… يبقى الموت أهون عليا…. ”
صاح به وهو مفزوع عليها…
“اقسم بالله ماهرحمك ياحياه لو فكرتي بس تبعدي عني وحتى لو بالموت هتلقيني مدفون جمبكم
في نفس التربه….. نزلي الزفته ديه وعقلي ياحياة
وكفايه هبل لحد كده……..كفاية ”
قربت اكثر الزجاج الحادة من عنقها لتصنع لها جروح متفرقة وتسيل الدماء منها ببطء…. لم تبالي ولم تشعر بشيء وهي تهدر به هي أيضاً بتحدي
“مش قبل متوعدني انك هتسلم وليد للبوليس
مش قبل متوعدني انك مش هتحاول توسخ ايدك
بدم واحد زي ده….. مش قبل متوعدني انك هتحافظ…على نفسك وعلى حياتك عشان خاطري وعشان خاطر بنت اخوك اللي مش بتقولك غير
يابابا…… ليه عايز تحرمني منك بعد ماحبيتك…
وليه عايز تحرم ورد منك بعد ما خدت مكان أبوها
ليه ليه ياسالم…
” عشان مينفعش تمشي ورأ كلام الحريم….. ولا عشان مش عايز تسمع كلام اكتر واحده بتحبك وخايفه عليك…… ليه بتعمل كده
فيه لــيــه….. ”
حرك كلتا يديه في الهواء وهي يرى عنقها يسيل منه الدماء ببطء.
“نزلي الازازه ياحياة…. رقبتك اتعورت كفايه
جنان وشغل عيال وعقلي…… ”
ارتفعت عينيها عليه بعناد قاتل صارم الى ابعد حد وهي تقول بحدة ……
“واضح كده انك عايز تدفني انهارده…. انا مش
هنزلها من على رقبتي غير لم توعدني ياسالم
اوعدني انك مش هتقتله… اوعدني انك هتسلمه
للحكومه وهمه يتصرفه معاه…. اوعدني وانا
هصدقك لانك كلمتك و وعدك سيف على رقبتك
اوعدني ياسالم وانا هصدقك…… “

عض على شفتيه بغضب وهو ينظر الى عنقها الذي تسيل الدماء منه….. اغمض عيناه وتنهد بقوة
وهو يقول….
“اوعدك ياحياة……. بس نزلي الازازه ”
ابتسمت بين دموعها وهي تنزل القنينة من على
عنقها ببطء لتقذفها بعيداً عنها…..
رفعت عينيها عليه لتجد عيناه حمراء وينظر لها بعتاب جامح… دققت النظر في عيناه لتجد دمعة الم وخوف عليها تنزل على وجنته…..اقترب منها خطوتين ليقف امامها ومزال يرسل لها نظرت عتابه وحزنه وألم قلبه بسبب معاقبتها له بانهاء حياتها ان لم ينفذ لها طلبها…..
ارتجفت شفتيها بخوف وهي تقول
“سالم انا….. ”
جذب جسدها بقوة داخل أحضانه بخوف وعتاب وحزن من فعلتها ومن ضعف قلبه العاشق لها
وهي للأسف لم تقدر هذا وغرزت سكينتها الحادة
في صدره حين استغلت وعبثت بنقطة ضعفه الوحيد !…
ظل في أحضانها بعد الوقت…… دقائق ….. ودقائق
تمر وهم على هذا الوضغ….
همس لها بعتاب جامح في نبرة صوته…..
“بتبتزيني بحياتك… بتستغلي حبي ليكِ ياحياة…. ”
نزلت دموعها بين أحضانه وهي ترد عليه بصدق
“انا عملت كده عشان خايفه عليك …….عشان بحبك… ”
رد عليها ساخراً ….
“بالعكس انتِ انانيه ياحياة… أنانيه اوي ….. ”
ردت عليه بوجع من اتهامه لها…
“انا فعلاً أنانيه…. عشان عايزاك جمبي انا انانيه عشان بحبك….. لكن انت بقه عمرك ماحبتني ولا أثبت انانيتك فحبك ليه وأقرب حاجه عايز تقتل وتدخل السجن وتنعدم عشان محدش في نجع العرب يعتب عليك لو سبت القانون هو اللي يحكم على ابن عمك مش انت ……”
لا يزالون على وضعهم وبرغم من العتاب الحاد
بينهم كانت قلوبهم تتشبث ببعضها بخوف من طوفان الفراق بينهم !…….
“انا عملت ده كله عشانك عشان وجعك على حسن
و ورد اللي اتحرمت من ابوها وهي في عمر سنة ”
نزلت دموعها وهي ترد عليه بقهر ….
“حسن مات ياسالم…. وانتقامك مش هيغير حاجه.. بالعكس ده ممكن يحرمني منك ويحرم ورد من وجودك في حياتها….. سالم انا بحبك…. حسن كان جوزي قبلك ومش هنكر موته كسرني وكسر قلبي قد إيه… ويمكن حسيت بعدها ان الحياه وقفت بعد ما خسرته ….
” لكن من ساعة ما دخلت حياتي وتجوزتني وانا
بقيت بحس بطعم تاني لدنيا وانا معاك وكاني أول مره احب…. وأول مره اخاف.. وأول مره اشتاق
لحد…..”صمتت وهي تبتلع مرارة اوجاعها ثم
أكملت بصوتٍ مبحوح….
” انت لازم تعرف… اللي جواي ليك مش بس حب بين واحده وجوزها…اللي جوايه ليك طفله… طفله
يتيمه لقت ابوها فحضنك لقت اخوه في اهتمامك وخوفك…. لقت فيك الصاحب الجدع في كلمتين وجعنها لقتك بعدها بتهون عليها وبتخرجها من اللي هي فيه بكلمه حلوه… لقت فيك الحبيب وزوج في حضنك فكلامك وفحنانك عليها ….. انت مش بس جوزي يسالم انت عوض من ربنا بعد سنين طويله من الحرمان… عوض جه عشان يغنيني عن الدنيا
وعن كلام الناس وشرهم …. ليه عايزني ارجع يتيمه تاني ياسالم ….لـيـه عايزني اخسرك ورجع يتيمه من تاني……ليه.. “مع كل حرف قلبها ينزف وجع وحسرة ودموع تنزل بغزارة من مقلتيها الحمراء…
قصة سالم وحياة ليست قصة حب ومرت بل هي
قصة اجتياح….. اجتياح افترس قلوبهم بشراسة
ليهلك حصون مشاعرهم ويجعلهم للعشق مسالمين !..
ابتعد عنها قليلاً وعيناه لا تحيد عن بُنيتيها الباكيتان حاول قدر الامكان ان يصلح مافسد بينهم بعد حديثها وانهيارها أمامه….
“شكلي انا اللي طلعت اناني بعد كل ده….”
انزلت دموعها بحزن لتخفي دموع عينيها التي تنزل بدون توقف ……رفع وجهها بطرف اصابعه….ليجبرها على النظر اليه وهو يتحدث بحنان….
“ينفع تبطلي عياط وتهدي شويه…….”

هزت راسها وهي تمسح عينيها بكف يدها كالاطفال…..
ابتسم بحزن وهو يتطلع عليها بتراقب….هبطت
عينا سالم على الجروح الطفيفة التي في عنقها
كان ينزل من كل جرح منهما قطرات من الدم….
سحب الوشاح الرجالي الذي كان حول عنقه وبدون تفكير بدأ يمسح الجروح من الدماء ببطء وخوف…
أغمضت حياة عينيها بوجع ونزلت دموعها من عشق افترس قلبها بقوة مدمر كل حصون تمنع دخوله الى قلبها…….
“ومستغرب اني أنانيه ليه في حبك ”
هتفت داخلها وهي تغمض عينيها بقوة تألم
اشتياق لقلباً عاشقًا له……
“بتوجعك لدرجادي…. “همس بحنان ناظراً الى عينيها المغمضة بقوة…..
اكتفت بهز راسها بـ (نعم) ولكن هي لم تشعر بألم
جروح عنقها قط….بعد أقتراب أنفاسه وحنانه و اهتمامه الطاغي الآن عليها وكانها تخدرت جسداً وعقلاً………
شعرت به يزفر بحنان على عنقها بتمهل وخوف
ويداه تطبطب بهذا الوشاح على جروحها
الطفيطة….ويدهُ الآخرى تسير على عمودها الفقري
ببطء وحنان وكأنه يمحي اوجعها بهذا الحركة…
نزلت دموعها وهي تفتح عينيها الحمراء قائلة بصوت عاشقة…..
“تفتكر هحبك اكتر من كده…. ”
نظر لها ولم يفهم سر جملتها ولكنه كان كل قلقه مصوب على تلكَ الجروح….. أبتعد عنها قليلاً
وأمسك الوشاح ووضعه على عنقها بطريقه
عشوائية وهو يقول بهدوء…..
“لازم نروح المستشفى عشان يطهرو الجرح ده كويس ….. ”
اومات له بدون كلمة واحده…… لتجده يحملها على ذراعه متوجه لسيارته…….
قالت حياة بنبرة اعتراض….
“سالم بتعمل إيه الموضوع مش مستاهل انك تشلني انا كويسه….. ”
رد عليها بإصرار متيقن وهو يفتح باب السيارة
“بس انا حاسس انك مش كويسه ياحياة… ”
نظرت له وفغرت شفتيها بدهشة فهي حقاً ليست
بخير تعاني من دوار حاد منذ اكثر من اسبوعين
وهي لم تفكر يوماً في استشارت سالم بهذا التعب بما انه تخصص ( نسا وتوليد) وحتى ان لم يمارس مهانته ابداً من المؤكد ان لديه خبره في بعض الأشياء البسيطة فهو لا يزال يتذكر جيداً ما درس….
لكنها كانت كعادتها تهتم أكثر بما يمرون به ، فهذا الأهم ! …….
بعد ثلاث ساعات وصل سالم امام بيت رافت شاهين وقد حل الليل عليهم….. نظر لها وجدها غفيت على مقعدها بجواره…..دقق النظر لها بحزن ليجد الارهاق اخذ من ملامحها مكان ليسكن به وكذلك الحزن ..
مسد على حجابها وهو يقول بحزن…..
“كان ممكن يجرالي حاجه انهارده بسبب
جنانك… ”
مسد على حجابها وهو يفتح باب السيارة ونهض للخارج ….. وفتح الباب من ناحية حياة
وحملها على ذراعيه بخفة…..
دخل البيت بعد ان فتحت له مريم الخادمة….
شهقت مريم وهي تقول بعفوية…
“بسم الله الرحمن الرحيم…. مالها ست حياة ياسالم بيه…… ”
“ملهاش كويسه ….ورد فين والحاجه راضية والحاج رأفت .. ”
ردت عليه مريم بتوتر…
“كل واحد في اوضته يابيه ..و ورد اكلتها ونامت من شويه….. “

صعد على سلالم البيت باتجاه غرفة نومهم ومزالت حياة غافية على ذراعه…..سألها بشك…
“هو محدش يعرف ان حياة خرجت من البيت…. ”
كان يوليها ظهره ويقف ببرود ينتظر اجابتها
ردت مريم بتلعثم سريعاً…..
“لا محدش يعرف….. لان ست ريم قلتلي اقول للحاجه راضيه والحاج رافت لو سألو عليها يعني انها في اوضتها نايمه….. وانا بصراحه عملت كده.. ”
كانت تفرق في يداها بتوتر وخوف من رب عملها بان يثور عليها بعد فعلتها تلك لكنه لم يرد عليها سمع الحديث وهو يصعد للأعلى وهو يتمتم بحنق
من تصرفات كلتاهما….
وضعها على الفراش وخلع لها هذا الحجاب وتلك العباءة حتى ترتاح في نومها كانت نائمة وهو يبدل
ملابسها وكانها في غيبوبة لن تفيق منها الآن….
“مش معقول لدرجادي تعبانه….. “تمتم وهو يشغل التكييف ودثرها بالغطاء حتى لا تتعب من هذا المكيف……
وقف في شرفة غرفته وهو ممسك سجارته بين
إصبعيه …..ومسك الهاتف فاليد الآخرى وهو
يزفر الدخان الرمادي بحنق……. اتى له صوت
جابر عبر الهاتف……
هتف سالم بخشونة وضيق من فعلت هذا الغبي صباحاً …
“جابر….. اسمعني ومش عايز كتر كلام لسه حسابي معاك مجاش وقته ….. انا عايزك تسمعني كويس بكره الصبح تاخد وليد و…….

يتبع…
فتحت عينيها ببطء وتكاسل كانت تعاني من ثقل حاد في جسدها ، نهضت جالسة على الفراش ….. ونظرت امامها بعيون تُفتح بصعوبة من أشعة الشمس المعاكسة بُنيتاها….
تفقدت المكان المنبعث منه الضوء لتجد سالم يقف يحرق في هذهِ السجائر كعادته ولكن كان ينفث بها بشراهه وغضب وكأنه يحاربها حتى تنفذ لياخذ غيرها ! ….
هتفت بأسمه بصوت مرتفع قليلاً حتى يسمعها..
“سالم….. ”
ألتفت لها وهو يلج للغرفة ولا يزال ينفث في سجارته بضيق….
“صباح الخير….. “بدأ يسعل بعد هذهِ الجملة بقوة
وصوت متحشرج سألها باهتمام…..
“بقيتي احسن دلوقتي…. لسه الجرح وجعك… ”
لم ترد عليه بل نهضت باستياء ناظرة له بعتاب وهي تقترب منه ، جذبت من بين أصابعه السجارة …ووضعتها سريعاً في المنفضة لإطفائها
وهي تهتف بهدوء…
“ممكن تحاول تبطل سجاير شوية إحنا لسه على الصبح… وبعدين الموضوع ممكن يدخل في حاجه صحيه كبيره….” زفرت وهي تقول بسأم
“ولغريبه اني بنصحك وانت أساسا دكتور….. ”
نظر له قليلاً وبدون ان يرد على حديثها هتف
بدون مقدمات وهو يحك في لحيته …
“وليد اتقبض عليه…… ”
“بجد ازاي….. ”
“جابر سلمو لأمين شرطه تبعنا…. دخلو القسم هو ولتسجيل اللي فيه اعترافه ودخل بيه لوكيل النيابه
من نص ساعه……. “ابتعد عنها وهو يفتح خزانة
ملابسه ليهم بتغير ثيابه… راقبته حياة وهي
تسأله بخفوت…..
“أنت رايح فين ياسالم…… ”
القى عليها نظرة خاطفه لا تخلو من الجفاء…
“رايح القسم عشان اكتب اقوالي…. ”
سألته بعدم فهم ولخوف يتربع داخل قلبها…
“اقوالك؟….. اقوال ليه هو انت المجرم…. ”
نظر لها قبل ان يدلف للمرحاض قائلاً بنبرة ذات
معنى…..
“لا…. بس أخو اللي مات على أيد المجرم…. ”
اولها ظهره وهو يسير للوصول إلى المرحاض الخاص بالغرفة ……
“انت بجد مضايق انك سلمته للبوليس.. و مش طيقني ولا قابل تكلم معايا زي الأول بسبب
كده…. ”
توقف عن السير مع اول حرف نطقت مرر يده على شعره بضيق واجابها معقباً وهو يوليها ظهره…
“يمكن اكون مضايق اني ماخدتش طار أخويه
بايدي ويمكن اكون مضايق منك شويه بس مش عشان اللي فدماغك لا… عشان بسبب جنانك في المخزن وتهديدك ليا…” تريث برهة قبل ان يكمل..
“مهم كانت اسببك ياحياة….. مش سهل انسى إللي عملتيه إمبارح…. ”
دلف للمرحاض واغلق الباب بقوة …. انتفض جسدها من اثار صوت اغلاق ألباب لتنزل دموعها بحسرة على علاقة حب كلما تحسنت قليلاً تاتي العواصف لتضربها في عرض حائط القسوة والجفاء …
وقفت امام المرآة وهي تنظر لنفسها بسخرية
سخرية ليست لوجهها الشاحب الحزين بل السخرية
الحقيقة هي تمزق روحها وقلبها كلما شعرت بالأمان والعشق في حياتها البأسه ، ياتي حظها التعيس ويدمر اي شيء كانت تنوي بناءه معه !…
“عادي ياحياة مانتِ طول عمرك نحس مستغربه
ليه طرقته معاكِ….. “

 

 

شعرت بدوار مرة أخرى جلست سريعاً على الفراش بتعب ونظرت الى صورتها المعاكسة في المرآة باعياء وضعت يداها على معدتها بيد ترتجف
قالت بهمس ويقين ضائعة…..
“طول الوقت بكدب وجودك…. بس انا حسى اني اتاخرت من اني اتاكد من خبر وجودك فعلاً
يابن سالم…… “ابتسمت بحزن سياتي هذا الصغير
بين هواجس حياتهم وعواصف مستمرة بينهم
سياتي ليصلح ام سياتي ليدمر؟! لا تعلم ولكن
وجود طفل بينهم سيكون له تأثير إيجابي على علاقتهم ببعضهم !….
وضعت وجهها على كف يداها وهي تغمض عيناها بقوة من اثار الدوار الحاد……
ارتدى ملابسه ونظر الى وجهه عبر المرآة وهو يمشط شعره ، تذكر المشهد للمرة الثانيه لا بل الألف فهو لم يتذوق طعم النوم وراحه منذ لليلة امس بسبب ما اقترفته ( حياة)معه تلك التي تمتلك اكبر عقل يورث الغباء وتهور…..
زفر بستياء منه ومن تعلقه وحبه لها ….
قد عشق بجنون مُهلكَه خرقاء تتصرف مثل الأطفال دوماً ولا تاخذ شيء ضمن محمل الجدية ولكن
أليس كل ما يمر به بسبب مشاعره وقلبه ذاك…
عض على شفتيه بضيق حين وصل لتلك النقطة
هتف بحسرة ساخره لنفسه…
“هقول إيه اكتر عضو مهزء عندي ! …. ”
خرج من المرحاض وهو يهندم ملابسه ليجدها تجلس على الفراش مغمضة العين بقوة ووجهها
شاحب وكانها تحارب شيءٍ وهمي…..
تقدم منها بخطوات سريعة…وجثى على ركبته
امامها وهو يرفع راسها قائلاً بقلق ولهفه..
“مالك ياحياة انتِ تعبانه…..”
هزت راسها بتعب وهي تقول….
“ااه شويه …..يعني دوخه بسيطه اكيد من قلة
الأكل…..”
وجه راسه لناحية الآخرى زافراً بضيق وهو يسالها
بحنق…..
“تاني إهمال في لاكل انتِ بتحبي تشوفي نفسك
تعبانه كده دايماً ….”
عضت على شفتيها وغيرت مجر الحديث وهي
تقول بحرج..
“سالم هو أنت ممكن تبعد عني في يوم…. ”
رفع عيناه عليها اكثر بتراقب وهو يسألها بغرابه..
“مش فاهم اي دخل ده في الموضوع اللي بنتكلم
فيه دلوقتي… ”
“رُد عليه ياسالم…… هو اللي انا عملته في المخزن ده …. ممكن يخليك تبعد عني…. ”
تنهد بتعب من الهروب من سؤالها الذي تقذفه في
وجهه بدون تردد……
“آآه ممكن ابعد عنك لو قررتي تعملي حركات العيال دي تاني…… لازم تقدري الموقف اللي احنا فيه الموضوع زي مايخصك يخصني…… ويخصني
انا أكتر كمان….. ”
“انا عارفه انه يخصني عشان حسن كان جوزي و…”
قاطعها وهو يجز على اسنانه مهدد إياها بتوضيح
أكثر….
“انا لم قولت ان الموضوع يخصك المقصود من كلامي انه يخصك من ناحية ورد بنتك وبنت حسن …لكن انا مش بتكلم على جوزكم انسي اللي فات…وركزي معايا حالياً انا اللي جوزك وانا اللي معاكي…..وخدي بالك من كلامك بعد كده…
ولاحظي إنك متجوزه راجل … “رمقها
بضراوة معاتب…
نهض بضيق من أمامها…. نهضت خلفه
بحرج وعنفت نفسها لأنها كانت تنوي إصلاح
ما أفسدته البارحة معه ولكن كعادتها فعلت خطأ جديد….
“سالم انا مش قصدي حاجه انا فهمت مقصد
كلامك غلط….. انا اسفه….. ”
” طيب…… “اكتفى بهذا الرد المستفز لاي امرأه
احتدت عينيها وهي تقول بضيق…
“يعني إيه طيب انا بقولك اني اسفه المفروض ترد
عليا بذوق …. ”
ارتفع حاجباه وهو يسألها بشك..
“يعني انا قليل الذوق ياحياة….. ”
“يوووه يادي النيله … “هتفت داخلها باستياء من ان يتغير ردها المشين او كما يقال(دبش)
وقفت امامه وهي تكاد تبكي لتستهدف قلبه
بتعاطف ومهارة….. هتفت بحنو..
“بص انا اسفه على اللي عملته.. بس كمان انا كنت خايفه عليك وعملت كل ده عشانك….صدقني ياسالم
انا عمري ما كُنت هسامح نفسي لو حصلك حآجه..”
زفر وهو يقترب منها بهدوء…
“عارفه ياحياة ومقدر…بس بلاش تعملي كده في تاني….لو بتحبيني بجد بلاش الحركات دي..لأنك
عارفه حياتك غاليه عندي قد إيه…”
تلاقت أعينهما وأخذت حوار معاتب لا يخلو من الحنان الطاغي والحب المتقد بينهم…
اقتربت منه وشبت باقدامها قليلاً واحاطت بكلتا يداها عنقه وهي تقول بحب…
“انا آسفه…..مش هتكرر تاني ياسالم…أوعدك بكده…”
ضمها إليه أكثر وهو يبتسم بجزع….

 

 

 

“هعمل إيه….المهزء سمحك كالعادة..
تنفست براحه اخيراً وهي تدفن وجهها في عنقه الرجولي…
بعد مرور ساعة…
غطت جسدها العاري بشرشفت الفراش وهي تطلع
على سالم الذي كان يقف امام المرآة يمشط شعره
بعد ان ارتدى ملابس كاجول بنطال بني مع تيشرت صيفي يدخل به الون الابيض ولبني…..
كان تطلع عليه بهيام عاشقة وهي تراقب هندمته
لنفسه امام المرآة…….
“بتبصي كده ليه….. “سألها سالم وهو يتطلع عليها
عبر المرآة بغرابه……
ابتسمت وهي تقول بمشاكسة
“عادي يعني……. ”
“عجبك انا صح…. “سألها بمكر وهو يقترب منها
جلس بجوارها وهو ينظر لها بوقاحة رفع
شرشفت الفراش عنها قائلاً بمكر…
“انتِ مغطيه نفسك كده ليه….. دا حتى الجو حر ”
“سالم…… “هتفت وهي تعض على شفتيها السفلى
ابعد شرشفت الفراش عن جسدها اكثر وهو ينظر لها بوقاحة قائلاً…….
“على فكره كده احلى……”
انزلت مقلتيها ارتباكٍ من آثار تفحصه لها ……ام هو فظل يلتهم جسدها المكشوف أمامه بعينين شهوانية تجدد داخله الرغبة بها من جديد !… أغمضت حياة عيناها فور حين شعرت بانفاسه الساخنة تقترب من
وجهها ، اخذ شفتيها السفلى التي كانت تعض عليها باسنانها بحرج من حديثه الوقح منذ قليل بين شفتاه الغليظة اعتصرها بقوة ليضيع جسدها وقلبها مع لمسته الحانية عليها….. وهي بين يديه يجذبها بمهارة داخل شاطئ غرامهم بعدة همسات وبعض اللمسات تذوب كلياًّ معه وتغرق في احضانه الدافئة …….
فصل اللحظة طرق على باب غرفتهم ابتعد عنها ببطء وهو ينظر الى بُنيتان مُسبلتان عليه بضعف يتمذجان بالعاطفية الجامحة !…..أقترب منها بحنان وقبلها من مقدمة رأسها وهو يرد على الطارق
بخشونة….
“مين…… ”
ردت مريم بتهذيب من الناحية الآخرة…
“انا ياسالم بيه…. الفطار جاهز تحت…… ”
رد عليها بهدوء….
“لا انا نازل يامريم…. هاتي الفطار هنا على الاوضه لحياة…… ”
“حاضر….. “قالتها مريم وهي تبتعد عن باب الغرفة…
ارتفعت عينا حياة ناظرة إليه بتسأل….
“وانت هتنزل من غير فطار…. ”
مرر يده على شعرها وهو يرد عليها بخفوت…
“آآ ياحبيبتي مليش نفس كُلي أنتِ عشان الدوخه
اللي بتجيلك ديه…… ”
“لا مينفعش… انت مش هتمشي غير لم تفطر ماهو انا مش هفطر لوحدي……. ”
رد عليها بتمهل……
“مش هتفطري لوحدك ورد هتطلع تفطر معاكِ…”
زمت شفتيها بعدم رضا…لكنها صمتت فهي لن تجادله أكثر…. تعلم انه يحارب لأجل اخفاء الامه عنها وعن قرار نفذه عنوة عنه !..
…………………………………………………..
“شده وتزول ياوليد…… “قالتها ريهام وهي تجلس
بجانب والدتها( خيرية) وكانو يجلسون في داخل
مكتب وكيل النيابة……
رد وليد بحقد….
” سلمني للبوليس ابن الـ***…..لا وقريب كمان هيعدمُني…”
هتفت خيرية بخوف ….
“بعد الشر عليك ياضنيا ان شاءالله هو وعيلته كلها
متقلقش ابوك هيقوملك اكبر محامي في البلد..”
ابتسم ساخراً وهو يرد عليها بحسرة….
“محامي إيه يامااا اللي بتكلمي عنه…
التسجيل بقه في ايد الحكومه يعني القضيه
لبساني لبساني وحبل المشنقه مستنيني …..”
ربتت خيرية على كتفه بحزن وهي تبكي بهسترية قائلة..
“ان شاء الله هترجع ياضنايا هترجع لبيتك
وحياتك من تاني …..”
فتح الشرطي باب المكتب عليهم وتحدث اليهم بعجله وسرعة…..
“خلاص ياجماعه الربع ساعه خلصت اتفضله بقه لحسان وكيل النيابه قرب يخلص وقت استرحته ولو لقه حد هنا في مكتبه هيحبسه وهيحبسني معاكم…”
خرجت خيرية بحزن ودموع وهي تودع ابنها
بعناق يصحبه الشفقه على ما ينتظره…
سلمت أيضاً ريهام عليه بحزن وحسرة من وصول تيار الهواء الخائن بهم الى هنا….قالت ريهام بحزن….
“خد بالك من نفسك ياوليد…..”
نظر لها وهتف بدون مقدمات..
“خدي طاري منه ياريهام انتِ تقدري تحرمي سالم
من اغلى حاجه عنده ….احرميه من حياته زي ماحرم اخوكي منها …..”
فغرت شفتيها بعد ان فهمت مغزى حديثه..
“تقصد إيه…”
مالى عليها ومن قرب اذنيها قال بفحيح
شيطاني……
“احرمي سالم من حياة …..زي ما حرمك من انك تكوني ليه …..اقتلي حياة….واعتبري ده طار
اخوكي اللي هيتعدم قريب…..”نظر لها بانتقام
طاغي في عينيه شردت في حديثه بتفكير…..
فاقت سريعاً على صوت الشرطي وهو يقول بخشونة وإلحاح …..
” يلا ياانسه وكيل النيابه زمان جاي …..”
خرجت بعد ان نظرت على وليد نظره اخيرة….
…………………………………………………..
بعد مرور أسبوع على تلك الأحداث…..
كان يجلس على الفراش ويتحدث في الهاتف بضيق
“بقولك ايه غير موظف الحسابات ده مهو مش كل
مره اسمع غلطات في الحسابات انا صبرت عليه كتير وهو برضه مش شايف شغله كويس…..”
خلع ساعة يده وفتح درج المنضدة التي بجوار الفراش ليضع ساعة معصمه بعد ان ابعد تلك العلبة القطيفة عنها…
شد انتباهه سريعاً علبة الاقراص وهو لا يزال يتحدث عبر الهاتف ، كان محتواها اقراص منع الحمل ! ……لم يلبث قليلاً حتى يفهم ما نوعها فهو لم ينسى كونه طبيب درس الطب لسنوات ومر عليه مثل هذهِ الأشياء وحتى ان لم يمارس مهنته لن يجهل تلك النوعيات المعروفة !…
“اقفل دلوقتي بعدين هكلمك…..”
اغلق الهاتف و القاه بجواره باهمال وهو يتفقد
هذهِ الاقراص بذهول……تمتم بصوتٍ يخرج من الاعماق وعيون توهجت بنيران القسوة…
“منع حمل ……بتاخدي حبوب منع حمل ؟؟”
(“حامل مستحيل طبعاً…. لا.. مافيش الكلام ده انا اوقات كده نفسي بتروح على حاجات غريبه انا مش ببقى بكلها أصلا…..”)
(مية مره قولتلك اني مش عيله ….وكمان انا لم قولت مستحيل كان قصدي ان اكيد مافيش حمل
دلوقتي….. ااه كان رد غبي ومينفعش بس هو طلع
كده معايا….. وعلى فكره انا مش باخد حاجه تمنع الحمل…. وسيب ايدي لو سمحت عشان
بتوجعني… “)
كور كف يده بغضب وصوت كذبها يتكرر في
اذنيه بإصرار…..
فعلت هذا حتى تحرمك من طفل من صلبك
فعلت هذا لانها لا تحبك مزالت ترى ان الافضل
بينكم هي حياة زوجية بدون اطفال تربطك بها
فعلت ذلك وكذبت عليك حين سألتها اذا كانت
تتناول شيءٍ يمنع الحمل ام لا فكان ردها
(انها لا تاخذ شيءٍ)لمَ كذبت لمَ فعلت هل كانت
تدعي الحب كل تلك الفترة ؟ هل كانت كاذبه
في كل شيء حدث بينكم… هتف شيطانه داخله
بعدة أحاديث كثيرة فاشعل قلبه اكثر وتوهج
غضبه وكرهه لغباء قلبه وعقله في تصديقها..

 

 

 

قد باتت النيران تحرق وتاكل كل شيء بداخله
كل شيء قدم لها بمنتهى الحب والحنان ستنال عكسه… ستنقلب الموازين ، ستنقلب حياته معها رأساً على عقب !…
في نفس ذات الوقت…..
خرجت من المرحاض وهي تجفف شعرها ووقفت أمامه تنظر له بذهول…… وعينيها على تلك الاقراص الذي بين يداه…. نهض سالم ورفع علبة الاقراص
بين يده وهو يهزها بعصبية أمامها ….
“اي ده….. ”
عضت على شفتيها واسلبت مقلتاها ارضاً ….
هدر بها بصوتٍ عالٍ ……
“ردي عـــلـــيــا …..انــطـــقـــي إيــــه ده ……”
ارتجف جسدها بقوة وهي ترد عليه بعد ان رفعت عينيها المتحجرة بهم دموع الخوف من القادم….
“دي حبوب …….حبوب منع الحمل…..”
تألم وهو يسألها بنبرة لا تخلو من الرجاء…..
“مش بتعتك صح …..انتِ مش بتاخدي حبوب منع حمل ياحياة صح……..”
نزلت دموعها وخرجت شهقاتها وصمتت ولم تقدر على الرد……
اقترب منها وهو يهتف بحنان….
“ردي عليا ياحياة بلاش تخافي مني…. ريهام هي اللي حطاها هنا عشان تعمل خلاف مبينا…. ردي
عليا ياحياة…. فهميني.. ”
هزت رأسها بي (لا ) وهي تبكي بحرقة والخوف من القادم يتزايد داخلها أضعاف مضاعفة….
“انا….. انا كنت باخد الحبوب ديه بس.. بس في اول الجواز و لم حبيتك بطلتها من فتره…. من فتره
طويله ……” تلعثمت في الحديث وهي تنظر إليه
بارتياب……
تغيرت ملامحه كان يود فقط يود لو كانت مظلومة أمامه لكن هي ليست مظلومة فعلت واعترفت لن تنكر…… احتدت عينا سالم بغضب وهو يقذف
علبة الاقراص بعنف في وجهها ثم مسك شعرها
بين قبضة يديه بقوة ، صرخت حياة بالم ورهبة من القادم على يده……
“ليـه… لـيـه عـمـلتي كـده فــيا لـيـه ……”صرخ بها بعنف وعينيه حمم بركانية تكاد تحرق الأخضر واليابس…….
انهارت بين يداه ببكاءً …وهي ترد عليه بصعوبة…
“سالم اسمعني انا عملت كده عشان كنت خايفه
من جوزنا في لأول لكن وللهِ بعد ماحبيتك
بطلتها وللهِ بطلتها…… ”
رفع وجهها إليه وهو مزال ممسك بشعرها بين
قبضة يده بعنف…..
“بجد بطلتيها لا تصدقي المفروض اصدق خلاص وسمحك…. طب لو فعلاً بطلتيها وانا اهبل مثلاً
وهصدقك ليه لسه محتفظه بيها هنا ها
لــيـــه….. ”
كادت ان ترد ولكن قاطعها هو بغضب قائلاً…
“استني اقولك انا الحقيقه….. انتِ بتاخدي حبوب منع الحمل لحد دلوقتي… عشان مش ضامنه حياتك
معايا هتبقى إيه كمان سنه او كمان كام شهر
عشان مش بتحبيني مثلاً ومش عايزه حاجه تربطنا ببعض …. عشان كده قررتي تاخدي حبوب تمنع الخلفه مني… لاني مليش حق اني اكون ابو ابنك… عشان انتِ عمرك ماقدرتي تحبيني زي ماحبيتك
مش هي دي الحقيقه…. ”
القاها على الفراش بقوة…… نزلت دموعها بانهيار يزيد مع كل حرف فسرهُ سالم من وجهت نظره انها لا تحبه ، كيف ؟وهي تراه عائلتها وحياتها التي بدونها يتيمه فقيرة بدون مأوى !……
تحدث سالم بحزن و وجع ….وجع رجل خدشة كبرياء رجولته اكثر امرأه عشقها بجنون ..خدعته وطعنة قلبه بكذبتها وفعلتها تلك…
“عشان كده لم كنا على الاكل قولتي قدمهم انك مستحيل تكوني حامل… كُنتي واثقه ان الاهبل اللي متجوزاه مش عارف ولا هيعرف انك حرماه من ان يكون أب …. ولم كمان سألتك لو كنتِ بتاخدي حاجه تمنع الحمل ولا لا كدبتي …..كدبتي عشان تفضلي بكدبتك..بجد برافو ياحياة قدرتي تخليني مش راجل قدام نفسي قدرتي تضحكي عليا…. قدرتي تكدبي علي اكتر واحد كان بيتمنى ليكِ الرضا ترضي….. ”
أبتسم بسخرية وهو يتمتم بحزن ….
“غريبه اوي الدنيا ديه……. حسن اتجوزك قبلي عشان في نهايه تكوني من نصيبي واتجوزتك وانا شايف ان إللي هيكون بينا عشرة وتعود وعيال واحترام وبس مكنش فيه في الحسابات اني احبك يمكن لو مكنتش بحبك كان هيبقى جرحك سهل شويه
عليا… ”
نزلت دموعها وهي تهتف من بين شفتيها المرتجفة
بحزن….
“سالم… ارجوك افهمني الموضوع مش زي مانت
فاهم انت ظلمني وللهِ ظلمني…. ”
“انا فعلاً ظلمتك لم خليتك أقرب ألناس ليا
لم بقيتي عندي اهم من حياتي …. وانا كنت فاكر
اني عندك اهم من حياتك وانك بتحبيني زي مابحبك……. لكن انا كنت غلطان أنتِ مرات حسن مرات أخويه مش مراتي ولا حبيبتي زي ماكنت فاكر……. ”
شهقت بصدمة وجسدها يرتجف بخوف من القادم
احديث تبشر بالفراق …بالفراق يالله لن اقدر على
تحمل إحساس اليتم والضياع مرة آخر بعد
سالم لن اصمد لن أتحمل لن اقدر……
هتفت داخلها بانهيار طفلة ضعيفة تتشبث بعائلتها الوحيدة من إعصار الطوفان ومن هي عائلتها شخص واحد أعطاها ولم يبخل عليها بمشاعره وهي قدمت له الأوجاع فقط الأوجاع وهو استقبل الوجع
بصمود ولكن كلماته المبعثرة تدل على الإنهيار
داخل قلبه المجروح منها !..
“سالم….. انا اسفه….. “كلمة غبيه ولكن هي تشعر
أن لسانها مشلول حقاً وعقلها قد أصابه نفس ذات
الشلل الذي اوقف تفكيرها بعد عاصفة كلمات سالم
لها…. شلل في سائر جسدها حتى قلبها تشعر انه شُلَ
هو أيضاً ليالمها فقط……
أبتسم ساخراً وهو يقول بسخط….
“آسفه……. تعرفي ان كده سمحتك…. ”
رفعت عينيها اكثر عليه بتراقب ناظرة….
أكمل وهو يوليها ظهره ليخفي أوجاعه الجالية على قسمات وجهه الرجولي وكانه يحارب شخصاً ما ؟ نعم يحارب عقله وقلبه الآن… قلبه الذي لا يزال يتشبث بها بعد كل شيء اكتشفه متمسك ويحارب كلمة فراق ينطقها العقل داخله بإصرار ….
لكن الجرح أعمق من مشاعر عشقه لها ليس سبب الجرح وجود طفل ام لا… بل سبب الجرح انك تشعر انك غير مرغوب بك ، غير محبوب ممن احببت لا يتمسك بك ولا حتى يسعى لرابط اقوى بينكم يربطكم اكثر واكثر ببعضكم هذا هو الجرح الحقيقي !!
( انك غير مرغوب بك من اكثر شخص ترغب انت
به حد الموت بل وتتمنى داخلك ان تنفث اخر أنفاسك بين احضانه….)

 

 

 

“انا مسمحك لانك وضحتي ليا اهم حاجه كُنت مش واخد بالي منها ! …… مسامحك لانك صح مينفعش يكون في بينا طفل عشان اكيد هيتظلم وسطنا ومينفعش كمان نكون زي اي إتنين متجوزين عشان
كده احسن حل لينا إني اطلقك ونقفل الباب دا خالص…….”
نهضت حياة ببطء واقتربت منه لتنزل على ركبتيها
وتمسك يداه تترجى به…..
“لا… ياسالم.. لا عشان خاطري….انا مقدرش اعيش
من غيرك انا بحبك وللهِ وعمري ماكدبت عليك
صدقني انا بحبك عشان خاطري بلاش تسبني
انا مقدرش اعيش من غيرك….بلاش تقسى عليا
انت عارف اني بحبك …..ولله بحبك بلاش
تطلقني ياسالم بلاش تطلقني…..” تبكي وتبكي
وقلبها انكسر لشذرات متفرقه حين نطق
بجمود وهو يبعد يداه بنفور عنها…..
“كفايه كدب بقه وتمثيل ….انا خلاص مش قادر
اصدق حرف واحد من كلامك ….”
نظر لها بنفور وهو يقول باحتقار لنفسه…..
“انا حتى كل ماعيني بتيجي عليكِي بحسى اني اغبى واحد في الدنيا دي….. عشان صدقتك وحبيتك….”
نهضت وهي تقف امامه بضعف وضياع…
“سالم انا عارفه اني غلط بس انت لازم تصدقني
انا عملت كده فاول جوزنا لكن ولله بطلتها و..”
“مش عايز اسمع حاجه….. احنا اساسا من الأول مكنش ينفع نكون مع بعض.. “تحدث وقلبه يصرخ به حتى يتوقف ولكن العقل قرر بالحاح وكبرياء رجولي كان الأصدق……
انهارت مره أخرى وهي تترجى….
“لا… متقولش انا بحبك… انا.. انا مقدرش اعيش من غيرك…..”
نظر لها باعين قاسية وهو يرد عليها بجمود..
“هتعرفي محدش بيموت بعد حد .. ”
ياترى هيقدر يستغني عنها فعلا؟؟
ولا للقدر شي اخر؟؟
يتبع…
اولها ظهره للمغادرة.. شعرت ان الأرض تهتز من اسفل قدميها مسكت رأسها بتعب وهي تهتف قبل ان تقع مغشياً عليها ……
“انا ممكن اموت بعدك….. ”
سمع ارتطام بعد جملتها ألتفت خلفه راها واقعة
على الأرض الصلبة وتعب قد احتل مكاناً يسكن بها
بين ملامح وجهها الشاحبة……
تقدم منها بسرعة وهلع وجلس بجانبها ….
خبط على وجهها بلطف….
“حياة……حياة…. ردي عليا….. حياة…. ”
مسك معصم يداها بين اطراف يده ليضع ابهامه
في منتصف معصمها…..
( في نبض الحمدلله )هتف داخله بحمد ولكن
الخوف مزالا يتربع داخله…..
حملها على ذراعه ووضعها على الفراش…… ومسك هاتفه يجري مكالمة بطبيبة…..
بعد مرور ساعة……
خرجت الطبيبة من غرفة حياة كان ينتظرها امام
عتبة باب الغرفة سالم والجدة راضية….
سألها سالم بقلق….
“خير يادكتوره ناهد….. حياه مالها”

 

 

 

ردت الطبيبة بعملية….
“ضغطها عالي شويه ولازم تبعد عن اي ضغط عصبي لان الفتره الجايه لو الضغط فضل كده وقت الولاده هيحصل مضاعفات….. ”
هتف سالم بعدم فهم….
“ولادة إيه يادكتوره ناهد وفترة إيه بظبط….. ”
ردت الطبيبة وهي تكتب اسماء الادوية المطلوبة
لحياة…..
“فترة الحمل…. انت متعرفش انا مدام حياة حامل
ولا إيه …..على ماعتقد بدات في شهر التاني
على العموم لم تيجي المدام تعمل فحوصات في العياده هنتاكد من عمر الجنين وصحته اكتر لازم المدام تعمل كشف واعاده كل 15يوم دا أساسي….. وكمان خُد العلاج ده هاته ليها في أقرب وقت ولازم تغذيها كويس… وزي ماقولنا تبعد عن التوتر عشان صحتها وصحة الجنين.. ”
اخذ منها الورقة وعيناه غامت بحزن…..
الرابط بينهم أتى ولكن اتى في لحظة قرر هو بها
البعد عنها بعد ان اكتشف حقيقة مشاعرها
اتجاهه فاق على صوت جدته راضية السعيدة
بهذا الخبر اكثر من اي شيء مرت به…..
“مبروك ياسالم مبروك ياحبيبي يتربى في عزك”
ابتسم لها ابتسامة خرجت بصعوبة من بين شفتاه
سالته راضية ضاحكة….
“مالك ياسالم…. الفرحه عملت فيك كده ليه.. دا انت حتى وقف مكانك هنا…. مش هتدخل تطمن على مراتك وتقولها كلمتين حلوين بمناسبة خبر
حملها….. ”
ربت على كتف جدته وهو يقول بنبرة خالية من المشاعر…..
“ادخلي انتِ عندها ياحنيي وطمني عليها… انا رايح اجيب العلاج…… ”
مسكته من ذراعه وهي تقول بشك….
“علاج إيه بس ياسالم اي حد غيرك يروح يشتريه
تعالى شوف مراتك وطمن عليها….. ”
“بعدين ياحنيي بعدين…… ”
هبط من على الدرج حيثُ الخارج…..
وزعت راضية عينيها على باب غرفة حياة
ومن ثم على المكان الذي اختفى به سالم …
لتقول بريبه من أمرهم…
“يترى إيه اللي حصل بينكم ياولاد…..
كأن يركض على ظهر الخيل الخاص به بكلِ قوته
مزال غير مدرك ماحدث وماسيحدث في لأيام
القادمة يجب ان يحمي طفله منها ومن انانيتها
وكذبها عليه وتلك الفعلة المشينة لحرمانه من
طفل، فقط بسبب انه غير مرغوب به بسبب قلبها العاشق للماضي وبطل الماضي المشئوم (حسن) ليس حسن المشئوم بل الماضي والمستقبل الاكثر شُئماً
حين جمع كلاهما برابط زواج انتهى بعشق اسود ولعنة العشق الأسود تطارد قلبه بضراوة فأصبح
هو فقط المسحور بعشقها لا هي…….
زفر بضيق وهو يقف بجانب شجرةٍ ما ويستند على جذعها بتعب نظر الى الخيل ذا اللون الأسود
الخيل العنيد مثله والذي مزال حُر لم يشتبك
به ضياع القلب مثله…….
“تعرف انك تطلعت أجدع مني…… لسه حُر ومصمم تكون حُر……”
اخرج الخيل صهيل هادئ وكأنه يرد عليه ولكن بهدوء مثل الثلج……
أقترب سالم منه ليضع رأسه فوق رأس هذا الخيل
الاسود….ومسد على شعره بتعب وهو يصارحه بالم حقيقي….
“انا لسه بحبها…. وفرحان اوي ان هشيل حته مني ومنها…… بس انا مبقتش قادر أصدقها… الثقه اللي جوايه ليها اتبخرت…… اتبخرت بعد اللي عرفته…
” تعرف اني بقيت ضايع وخايف بسببها وبسبب
أنها خدت مكان جوايا مكان مش مكانها مكان مكنش لازم يتفتح لاي واحده ست عشان
كلهم كدبين ….. كدبين”
صهيل آخر هادئ بارد من هذا الخيل الأقرب دوماً
لها في وحدته….
اغمض سالم عيناه وهو يرد عليه بصدق
“مش مظلومه…. هي اعترفت…. مش مظلومه… لازم ادفعها تمن كلمة بحبك اللي قالتها ليا كدب …ولازم ارد كرامتي و رجولتي اللي داست عليهم لم رفضت تكون ام الابني وحرمتني من ده بمنتهى الانانيه عشان خاطر حبها لحسن ….. ”
نزلت دمعه منفردة على وجنته ففتح عيناه ومازال على وضعه يضع رأسه فوق رأس هذا الخيل الهادى الذي يستمع له بخضوع…..
هتف سالم بعذاب عاشق ….
“تفتكر هقدر اعذبها وانا……. وانا لسه بحبها…. ”
فلاش بااك…..
قال سالم بملل لحسن شقيقه….
“انا نفسي افهم البت دي عملت فيك إيه يعني عشان تخليك مصمم عليها اوي كده…. ”
رد حسن بنبرة مُصر….
“عملت كتير ياسالم حياة دي مش زي اي بنت دي
عامله كده زي الحياه اول متشوفها وتعيش معها تدمنها وتخاف ياخدك عزرائيل منها…. حياة إدمان صعب تبطله ومش بسهوله تفكر تسيبه….. ”
أبتعدا عن الخيل بحدة وتحول فجأه وهو يتذكر
حديث حسن ووصفه لها قبل ان يتزوجها…….
خبط بيداه على جذع الشجرة بغضب مجنون…
وهو يجز على أسنانه قائلاً بفحيح شيطاني ..
“هكرها وهخليها تكره حروف اسمي بسبب اللي
هتشوفو على ايدي…… مش هرحمها ولا هرحم
قلبي اللي عرف الحب على اديها…. ”
وقد قررت ان أشفى من إدمان يجري بعروقي
يخلط بين دماء دمي …
………………………………………………..

 

 

 

“هتفضلي سكته كده كتير ياحياة طب ردي عليا يابنتي في حاجه بينك وبين سالم… ”
سائلة راضية سؤالها العشرون والذي تكرر مرارٍ وتكراراً وحياة كان ردها الطبيعي دموع فقط دموع تنحدر على وجنتيها بتسارع لتلاحق بها آخريات طوال هذين الساعتين ….
ربتت عليها راضية بحنان وهي تقول
“احكيلي ياحياه مالك….. قولي بس اي حاجه
وصدقيني لو سالم هو اللي غلطان هخليه يجي لحد عندك يرضيكي ويوعدك أنه مش هيزعلك تاني……. ولو انتِ اللي غلطانه هنحلها مع بعض وصدقيني سالم طيب وابن حلال وبأقل كلمه بيروق وبينسى. ”
نزلت دموع حياة اكتر مع حديث راضية التي كانت
تظن انها بهذا الحديث سترسل لها الأمان للتحدث معها في لأمر الذي يخصها هي وسالم…. ولكن حديثها فتح جرح قلبها أكثر سالم لن يسامح….
ولكن قلبها رد عليها بيقين…
( بأن خبر حملك اتى في الوقت المناسب سيعلم وسيتاكد انكِ لم تكذبي عليه حين اعترفتي
له إنكِ توقفتي عن اخذ تلك الاقراص منذ أشهر .. )
“يارب… “همست داخلها بعذاب حقيقي وهي تتمنى أن يمر هذا الخلاف عاجلاً من أمامهم….
لن تتحمل ذكرى سيئة منه لم تقدر على بعده
عنها ، قساوة وجفاء قلبه عليها لن تتحمل تغير سالم حبيبها لن تتحمل ولن تقدر على تحمل كسر قلبها على يداه………
همست داخلها بوجع وجسد ينتفض….
“يارب أصلح حالنا…. انا عارفه اني غلط لم اخدت حبوب منع الحمل من ورآه بس انت عارف يارب اني بطلتها من شهور ونويت وقتها ابدا معاه من جديد يارب انا خايفه اوي وعايزاك تقف جمبي مش عايزه اخسر سالم ولا عايزه اخسر حبي
ليه….. “ارتجف جسدها بوجع وضعف تحت أنظار راضية التي لا تفهم ولا تعلم شيئاً عم يحدث
حولها….
“بسم الله الرحمن الرحيم….. تعالي ياحبيبتي في
حضني تعالي وكفايه عياط…. ”
رمت حياة جسدها في أحضان راضية وهي تشهق
بصوتٍ عالٍ وينتفض جسدها بقوة …..هداتها راضية بحنان قائلة….
“بس ياحبيبتي ان شاء الله كل حاجه هتصلح…
اهدي يابنتي اهدي وكفايه عياط…..”
بعد ثلاث ساعات……تركت راضية حياة نائمة
وذهبت الى غرفتها حتى تقضي صلاة الفجر….
دخل سالم البيت ومنه على غرفتهم….
أشعل أنوار الغرفة…. ونظر الى الفراش ليجدها نائمة عليه او تتصنع النوم هذا ما رآه وهو يتطلع عليها يرتجف جسدها رجفة خفية ولكن واضحة أمام عيناه، رمش عينيها الكثيف يتحرك ببطء وتوتر…..
أبتسم على تمثيلها الذي نتيجته امام عيناه القاتمة (فشل) ……..
دلف الى الحمام وخلع ملابسه ووقف تحت صنبور المياه للحظات ………..
فتحت بُنيتاها ودموع تنزل منهما بل توقف قلبها يرتجف خوفاً من القادم……(ماذا ينتظرك )
السؤال يتكرر داخلها بإصرار وللأسف الاجابة معدومة داخلها ولكن السؤال يلاحق ذهنها بضراوة حتى يزيد داخلها الهم والحزن أكثر……سمعت صنبور المياه يغلق …حاولت طصنع النوم واغمضت عينيها حتى تهرب من المواجهة التي دوماً تهرب منها من قبل ان تبدأ …..
خرج من الحمام وهو يرتدي بنطال قطني عاري
الصدر تتساقط قطرات الماء من شعره على كتفه
وصدره العريض…… أشعل سجارته وهو يجلس
على مقعد بعيداً قليلاً عن الفراش لكنه مقابل له
تفقد ملامحها الشاحبه ودموعها الراكضه على وجنتيها تسابق الأخرى بسرعة والحاح…
نظر لها بسخرية واخرج الدخان الرمادي الناعم
من فمه وهو يقول بصوت يشبه لوحة الثلج….
“لازم نتكلم يامدام حياه…..وكفايه نوم لحد
كده.. ”
نفث سجارته مره آخرى وهو يرآها تجلس بهدوء
وتمسح دموعها بانكسار خفي ولكن لم يكن خفي
ابداً عن عينا سالم الذي يتابع أقل حركه منها بمنتهى الجمود…
“هتتكلم في إيه…..”سألته وهي تسلب جفنيها
ناظرة الى يديها التي تقبض بهما على شرشفت الفراش بارتباك وتوتر من القادم……
نفض سجارته في المنفضة ورفعها على فمها من جديد وهو يرد عليها بصوتٍ خالي من المشاعر…..
“هتكلم عن ابني…..اللي في بطنك….”
ابتسمت بسخط من تلميحة….
“اللي في بطني…..يعني معترف انه مش ابنك
لوحدك وابني انا كمان……”
“لا هو ابني انا …..حمزه و ورد من دم عيلة رافت شاهين……وانتِ متملكيش فيهم حآجه… ”
احتدت عينيها عليه ولن تعلق على هذا الاسم الذي
نطقه وسط حديثه الجاحد (حمزه)ولكن التعليق الشائك هنا داخلها…
(أنها لا تملك في ابنائها شيءٍ كيف؟!)…..
نهضت وهي تقف أمامه وهتفت بصدمة…
“معنى إيه كلامك ده انت هتحرمني من ولادي..
هتحرمني منهم….. “توسعت عينيها بذهول من هذا الاستنتاج القاتل لروحها…
مزال يجلس على المقعد ينفث في سجارته ببرود
ناظراً لها من أعلى راسها الى أسفل قدميها
وهو يرد بجمود…..

 

 

 

“شكلك مش سمعاني كويس يامدام…… دول
ولادي من دم ومن عصب عيلة رافت شاهين
ورد بنت حسن اخويه وانا في مقام أبوها
وللي في بطنك ده ان كان ولد او بنت
فهو من صلبي انا …….وانا أولى بيه…. ”
هتفت بضياع….
“يعني إيه…. ”
رد عليها وهو يرمقها بنظرة مشتعلة بالقسوة….
“يعني اول ماتخلفي هتتنزلي عن ورد واللي في
بطنك ليا… وساعتها هرميلك كام قرشين
في البنك وشقه وعربيه في المكان اللي تختاري تعيشي فيه…….يعني بالعربي كده تمن تنزلك عن عيالك فلوس وشقه وعربيه….وللي تطلبيه….
وانا سداد.. ”
صرخت بجنون امام وجهه ….
“مستحيل اتنزل عن عيالي ياسالم مستحيل…
انت بتحلم…. ”
وقف أمامها وهو يرد عليها ببرود….
“سالم شاهين مش بيعرف يحلم ياحضريه سالم شاهين بيحقق بيحقق وبس….. وااه عيب اوي تقفي قدامي وصوتك يعلى عليا….. ”
باغتها بصفعه على وجهها قوية وقعت آثارها على الأرض الصلبه….
تحولت سريعاً من المنكسرة الخائفة من ضياع
حبها وحبيبها…… الى الأم التي لن يفرق معها شيئاً في تلك الحياة إلا أحضان أولادها و وجودهم معها….
هتفت بتحدي أمام عينه القاتمة بشراسة…
“هموت اي حاجه مبينا ياسالم هنزله…
هنزل اللي في بطني… وهطلقني وهاخد بنتي
ونبعد عنك وتنساني وتنسى بنت أخوك خالص …. ”
جثى لمستواها ومسك شعرها بين قبضة يده واشتعلة عيناه بتوهج مُخيف بعد تصريحها الذي
أكد له صحة أفكاره عنها …. قال بفحيح كالافعى…
“انا اقدر احمي ابني منك وانتِ عارفه كده كويس اوي …. وموضوع بقه الطلاق ده فبلاش تستعجلي فيه لاني هطلقك اول ممسك ابني بين ايدي…..
أما موضوع انساكِ فده مفروغ منه ياهانم متقلقيش لاني مش بس نسيتك دا انا كرهتك كمان…… وبنتك
اللي هي بنت أخويه هتفضل معايا عشان من صلب عيلة شاهين واحنا اولى بيها منك… “قرب رأسها اكثر إليها وهو يقول ببرود….
“وبعدين انتِ متمسكه بى اللي في بطنك ليه قدري
أنه مجاش من الأساس مش انتِ كنتِ عايزه كده
بس حكمت ربنا وإردته كانت اقوى من انانيتك
والحبوب اللي بتاخديها من ورايا وللأسف بقيتي حامل وشيله ابني جواكي …. ”
تعمق اكثر في عينيها بقساوة وهو يتابع بجمود
“صدقيني انا كمان كاره فكرت اني هكون أب من
ابن انتِ تكوني أمه….. لكن انا هصلح الغلطه ديه قريب اوي…. ”
رفعت عينيها الحمراء وهي تهتف بصعوبة…
“غلطه…. حبك ليا كان غلطه….”
اغمض عيناه بقوة من اثار رعشت جسده وقلبه
من اثار ملامحها المجهدة والحزينة بسبب شراسة حديثه…
ابتسمت حياة بمرارة وهي تراه يجاهد حتى يظل
مُرتدي امامها قناع القسوة والجمود…..
قالت بسخرية وهي تطلع عليه….
“انا من رايي لازم تكمل مسرحيتك لازم تقنعني اكتر انك بقيت بتكرهني وكاره وجود طفل مبينا
كمل انا هحاول اصدقك…..”
فتح عيناه وهو يحاول الإمساك بقناع الضراوة وجفاء وهو يرد عليها ببرود…
“انا مبعرفش اعمل مسرحيات ياحضريه …انتِ هنا اكتر واحده بتعرف تآلف وتمثل وتقنع اللي قدمها بارخص تمثيل…..”
نهض وابتعد عنها …..ابتسمت بحزنٍ وهي تنهض وتقترب منه باصرار ولا تزال الدموع تهبط بغزارة
من مقلتيها…
“انت ضعيف وكداب …..انت لسه بتحبني ومش هتقدر تبعدني عنك ….انت بتعمل دا كله عشان أكرهك بس مش هعرف أكرهك زي مانتَ مش هتعرف تكرهني ياسالم…. ”
مسك وجهها بين يديه فجأه..وقربها من وجهه مُلصق جبهته بخاصتها وشفتاه تكاد تلامس شفتيها بعذاب اجساد خائنة……رد عليها بوجع….

 

 

 

“انتِ غلطانه…. انا بطلت أحبك…انا بكرهك….سمعاني بكرهك ياحياة….. بكرهك.. ”
نزلت دموعها وهي ترد عليه بضعف حزين…
“كداب ياسالم…..انت لسه بتحبني انت نفسك
تقولي انك فرحان اني حامل فى ابنك عايز
تقولي انك مبسوط اني ام ابنك ان في طفل
مبينا… ”
“كدب……كدب… ”
نزلت دموعها وهي تهتف بحدة…
“مش كدب ياسالم انت مش عارف تمثل مش عارف تمثل عليا……عينك وقلبك فضحين كدبك
وتمثيلك……”
قرب شفتاه اكثر من شفتيها وهو يرد عليها بعذاب
وضعف من شدة المشاعر ومن كثرة الأوجاع وقد عجز القلم عن وصف ما يمر به رجلاً مثله…
“ايوا مش عارف أكرهك….ولسه بحبك.. بس انتِ وجعتيني اوي ياحياة وجعتيني….. انا عايز انساكي عايز انسى كل حاجه بينا…. ”
سحب شفتيها بين شفتيه وهو يمذج أوجاع قلبه
مع عشق دمر كبرياء الرجل بداخله…
كانت قُبله لا تدل على شوق او شهوة ، قبُله تدل على انهيار القلوب بعذاب عقول مريضة وشياطين مصرة على هدم الحب والثقة ، يالله كم أن الحب والعذاب بلاء قلوب عاشقة وإذا اجتمعو معاً دمرُ اصحابها ودمرُ ماتبقى من الحب….
ابتعدا عن شفتيها ولكن لم تبتعد اجسادهم عن بعضها مزال يلصق جبهته بخاصتها بقوة
مزالت يداه تطوق خصرها بامتلاك ضائع يرى
ضالته بها …..
كان يلهث بصوتٍ مسموع وهي كذالك….
رمقها بنظره هادئه بدلته هي النظره بدموع
تنزل حزنٍ عليه بسبب فعلتها المشئومة التي
فتحت الماضي عليهم ….ظن انه غير مرغوب به وأنها خدعته حين اعترفت بحبها له ! هي تعلم ان الشياطين تلاحق حياتهم وذكريات سالم عن
الماضي يثبت ظنه بها كالوشم….. مهم قالت هو
يظن انها لم تحبه يوماً…… المشكلة ليست وجود
طفلاً ام لا….. المشكلة الحقيقية انهم كلما أرادُ الهروب من حقيقة زواجهم منذ البداية يجدون
ما يعكر صفوهم ويذكرهم بالبدايات اللعينة تلك
البدايات التي تاتي بنهايات حزينه على كلاهما واخرها الفراق !..
هتف سالم بضياع وعذاب لها ….
“حاولي متقربيش مني تاني… مش عايز أشوفك كتير قدامي… ”
اغمضت عينيها بعذاب وهي ترد عليه بفتور
لا يناسب هذا المكان الواقفه به….
“حاضر….. ”
حاولت الابتعاد عنه…..
“رايحه فين……. ”
عضت على شفتيها وهي تقول بحزن محاولة كبح
دموعها…
“لازم ابعد عنك كده احسن ليك وليا….. ”
مرر يداه على وجنتيها ومسح دموعها باطراف أصابعه وهو يقول بصوت حاني ولكن صوته كان مرهق يحارب الثبات جسداً وعقلاً…..
“ابعدي ياحياة…..بس بطلي عياط عشان انا مش
بحب اشوف دموعك…….. ”
لم تعقب على حديثه الحاني المتقلب لكن اكتفت بابتسامة حزينة شاردة ….
(سيظل الانفصام وتقلب جزء من حياتهم !)
استلقى على الفراش بتعب غطت جسده بشرشفة
واغلقت الأنوار وكادت ان تخرج…. لكنه مسك
يدها معرقل سيراها…
“راحه فين…”

 

 

 

“هروح انام جمب ورد……. ”
“لا… تعالي نامي على السرير عشان محدش من اللي في البيت يلاحظ حاجه …..”امرها بثبات وهو يضع الوسادة على رأسه مُغطي وجهه كلياًّ عنها ….. تنهدت وهي تخلع تلك العباءة وتستلقي على الفراش من الناحية الآخرى وهي تغمض عيناها بتعب وارهاق
من كل شيء مر عليها وكل شيء يستقبله خيالها بخوف….
اغمضت عينيها وهي تتذكر جملته الحارقة لروحها
وقلبها معاً…
ايوا مش عارف أكرهك….ولسه بحبك.. بس انتِ وجعتيني اوي ياحياة… انا عايز انساكي عايز انسى كل حاجه بينا….)
هتفت داخلها وهي تنظر اليه في ظلام الدامس
“مش هتقدر تنساني ولا تكرهني غير لم ابعد
عنك خالص ياسالم…. بيقولو البعيد عن العين بعيد عن القلب…. وانا اكيد لو بعِدت هتنساني….هتنساني خالص…. “وضعت يداها على معدتها قائلة بوجع….
“واكيد هتكرهني لو اخدتهم وبعدت عنك… ”
نظرت له مره آخره في قواتم الظلام…
وهمست مرة أخرى داخلها بضياع…
“اكيد وقتها مش هتقدر تسمحني…. بس لازم تفهم ان دول اكتر حاجه هتصبرني على فراقك……. ”
” اكيد هتكرهني وتنساني وقتها… وبعدها هتكمل حياتك عادي…… “نزلت دموعها بقهر على إحساس اليتم الذي ستتذوقه من جديد وفكرة انها سيحيا بدونها ومن المؤكد مع غيرها يوماً ما تقتلها الف مره في ثانيه الواحده….
العلاقة بينهم أصبح يملأ إياها الهواجس ويجتاحها
الماضي بشيطانه بدون هوادة عليهم ….
لا احد منهم قادر على تخطي اختبارات الحب
هي تريد الهروب…. وهو يريد ان ينساها وينسى عشقه لها …… ولا احد يحارب لأجل حياته مع الآخر الكل يهرب في طريق يراه الانسب له….
فتنتهي القصة بعنوان
ملاذ وقسوة….. العشق وهو الملاذ هنا .. والقسوة الماضي بشيطانه….. وااهات من عذاب حب دُمرَ قلوبنا !!! ..
…………………………………………………..
بعد مرور أسبوع…. لم يتغير شيء بينهم بالعكس
أصبح البعد والجفاء محور حياتهم…. وقلة المعاملة
ولحديث بينهم أصبح واضح امام كلاً من في البيت….
على سفرة الغداء…..
جلست راضية وهي تهتف بابتسامة حنونة….
“اخيرا ياسالم هتاكل معانا…… ”
أبتسم سالم ابتسامة لم تصل لعينيه… اكانت ملامحه متعبة ولحيته غير حليقة …. عيناه قاسية باردة
ووجهه قاتم اللون حزنٍ وضياع بسبب البعد عنها
وحتى ان كأنو يتشاركون الفراش سوياً لا تزال اجسادهم وقلوبهم متفرقه عن بعضها بقسوة،
وقد اجتاحهم الشوق بضراوة…
نهض سالم وهو يضع هاتفه على أذنيه قائلاً
لراضية….
“شويه وراجع…”
اومات له راضية وهي تقول بحنان…
“طب ياحبيبي بس بلاش تتأخر ….زمان ورد وحياه نزلين دلوقتي…. ”
اومأ لها وهو يخرج ….وقف في صالة البيت الكبيرة واولى ظهره لدرج البيت المؤدي لغرف النوم…
نزلت حياة على الدرج ويداها بيد ورد ابنتها…..
“بابا….. “صاحت ورد بحماس وهي تركض على الدرج وتمسك يد امها بعد ان رأت سالم يقف يتحدث
في الهاتف ويوليها ظهره ……
استدار اليهم سالم بعد ان اغلق الهاتف ناظراً لهم بهدوء…. لكن كانت عيناه تلتهم وجه( ملاذ الحياة) كانت ترتدي عباءة محتشمة وحجاب يلتف بإتقان حول رأسها…. وجهها شاحب وجسدها الذي نحف كثيراً برغم من أنه يختفي داخل تلك العباءة الفضفاضة الى ان فقدان وزنها واضح جداً وبلاخص
على قسمات وجهها…
حرك وجهه لناحية الآخرة وهو يزفر بضيق من
أهملها لنفسها ولإهمال ليس عاد عليها فقط بل
عاد على هذا الطفل الذي سياخذ نصيب من
أهملها حتماً !!……
رجع بنظره لها حين سمع صراخها وهي تزمجر في
ابنتها بتمهل….
“ورد بلاش جري كده على سلالم… هقع…. ااااه.. ”
تركتها ورد وركضت على اخر درج سلالم….
وبدون ان تلاحظ حياة وضعت قدميها على اطراف
عبائتها لتتعثر في النزول وتكاد أن تقع…..
“ااااه… سالم….. “هتفت بأسمه تلقائياً…..
وقبل ان تستقبلها درج السلم الصلب…كانت
يد سالم تحاوط خصرها بقوة في اخر لحظة…..
رفعت عينيها عليه بدهشة…. نظر سالم لها بقلق
ومرر يده على وجهها قائلاً بحنان….
“حياه انتِ كويسه في حاجه وجعتك…. ”
هزت رأسها بنفي…. ولم تدرك نفسها وهي
تتأوه بخفوت…….. وعينيها تتشربان من رجولته
التي اشتاقت لكل ملمحٍ منها……
“وحشتني…… “همست بخفوت بها أمام وجهه ….
أغمض عيناه بعذاب من كلمةً كفيلة بحرق قلبه
وهدم رجولته الراغبة للحظةٍ حميمية باحضانها…..
أبتعد عنها بجفاء ولبس قناع القسوة البارد قائلا بجمود….
“حاولي تاخدي بالك اكتر وانتِ ماشيه….. حافظي على الأمانه اللي تخصني…. لانها لو جرا ليها حاجه
هتدفعي تمن اهمالك غالي….. ”
ابتعد عنها وحمل ورد وهو يقول بحنان….
“حبيب بابا عامل إيه بقه…. ”
ردت عليه ورد بتزمر طفلة…..
“الحمدلله يابابا وحشتني اوي …. بس انت لي دايماً بترجع متاخر من الشغل انا مش بلحق أشوفك عشان بنام بدري…..”
“هحاول ارجع بدري عشان خاطر عيون ورد
الجوري…. ”
أبتعد عن حياة وهو يدلف لغرفة السفرة…
اغمضت مقلتيها بتعب وانسابت دمعتان ثقيلتان من
عينيها على وجنتيها ببطء.. جلست على درج السلم….. وهي تنظر بحزن أمامها..وداخلها تهمس بضياع…
“شكلنا عمرنا ماهنرجع……… ولا هننسى ”
…………………………………………………..

 

 

 

“عمل إيه المحامي مع وليد ياخيرية…. ”
قال بكر حديثه وهو يستلقي على الفراش بتعب
“لسه الحكم النهائي للقضيه كمان شهر ادعيله
المحامي مش مطمن بسبب التسجيل اللي فيه اعتراف إبنك… ”
مسك بكر قلبه وهو ينزعه الموت نزعاً……
“انا تعبان اوي ياخيرية انا حاسس اني خلاص نهايتي قربت…… ”
اقتربت منه خيرية بقلق قائلة …
“مالك يابو وليد…… انت هتقلقني عليك ليه إن شاء الله خير الدكتور طمني قال الضغط واطي بس شويه
ومع العلاج هتقوم بسلامه تاني…. ”
مسك قلبه وهو يوصيها بتعب ووجه شاحب من
قلة الهواء الذي إنسحب من أمامه فجأه…..
“قولي لامي تسامحني ياخيرية قوليلهاا
تسامحني…..”
انسحبت الروح لخالقها بعد عدة لحظات…
(كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال ولاكرام….. )
“بـكـر …..بـكـر …..ابـو ولـيـد رد عليه…..
بــــكــــر … ”
صرخت في أرجاء البيت لتدوي الصرخة بالنجع
باكمله…
…………………………………………………..
وضع قطعة كبيرة من اللحم في الطبق أمامها وبعضاً من الأرز وشربة الساخنة وهو ينظر لها
قائلاً بأمر..
“ياريت تخلصي الأكل ده كله….. ”
قالت بصدمة يصحبها الاعتراض …
“بس ده كتير أوي….. ”
ضاحكة راضية وهي ترد على حياة بمزاح…
“المفروض يملى الطبق مرتين تلاته…. ”
فغرت حياة شفتيها وهي تهمس بصدمة..
“مش لدرجادي ياماما راضية…. انا مش هقدر اخلص الطبق ده أصلاً….. ”
وضع سالم معلقة الارز امام فم ورد وقال بحنان
“افتحي بؤقك ياورد…. ”
“انت اللي هتاكلني يابابا…. “سائلة الصغيرة وهي
تلتهم ما بالملعقة…
رد عليها سالم بنبرة ذات معنى…
” ااه انا اللي هاكلك اصل ماما لازم تاكل كويس وتهتم بصحتها عشان اخوكي ينزل بخير ويكون كبير وشاطر زيك كده .. ”
هتفت ورد بحماس….
“وعنده عضلات زيك…. يعني يطلع
شبهك يابابا هحبه اكتر….. ”
أبتسم لها بحنان وهو يكتفي بايماءة بسيطة…
محول انظاره على حياة التي تاكل بهدوء وعيناها
غامت بضياع….
مالى عليها وهو يهمس بأمر قاسي….
“خلصي طبقك يامدام …. وياريت تهتمي
بنفسك اكتر من كده…. وزي ماقولتلك قبل كده
اهمالك في ابني هتدفعي تمنه لو جراله اي
حاجه……. ”
بلعت مابحلقها وهي ترد عليه بسخط وبنفس
الهمس قالت ….
“متقلقش هاكل عشان ابنك ينزل سليم… ”
همس سالم بامر يصحبه القلق عليها …
“وخدي الأدوية بتاعتك في معادها…. عشان ميحصلش مضاعفة في جسمك ….. ”
رفعت عينيها عليه بدهشة…
حمحم وهو يقول ببرود..
“انا بقول كده عشان ابني ينزل كويس.. ”
ابعد رأسه عنها وهو يتناول الطعام ويطعم ورد
التي تجلس بجواره من الناحية الآخرى…..
اليوم التاني صباحاً ……
نزلت دموع راضية وهي تمسك عكازها….
“ادعيله برحمه يامي…. “هتف رافت بتلك الجملة وهو يربت على كتف والدته راضية بحزن
على خبر وفات شقيقه بكر…
مسحت وجهها المجعد بمنديل ورقي وهي ترد
عليه بحزن…..
“مش مصدقه اني راحه ادفن ابني وهحضر عزاه..
دا بدل ماهو اللي يدفني راحه انا ادفنه.. ”
“ربنا يخليكي لينا ياحني…. ادعيله برحمة.. ”
نزل سالم من على الدرج بهيبته المعتادة وكان يرتدي جلباب أبيض مهندم نفسه بجاذبية يتميز دوماً بها… وكان يمسك بين يده مفاتيح سيارته ……

 

 

 

نظرت له راضية بصدمة….
“أنت رايح فين ياسالم….. ”
رد عليها بفتور….
“هروح اوصلكم وهحضر الدفنه مع الرجاله
وقف اخد عزا عمي انا وابويا …. ”
قالت راضية باعتراض…
“لا ياسالم بلاش انا عارفه انك فـ.. ”
“مشكلتي انا ووليد هيحلها القانون…. ومشكلتي
مع عمي زمان لازم انساها انا والحاج رافت لان
بكر شاهين بقه من الأموات ولاموات مش بيجوز
عليهم غير الرحمه…… انا هستناكم في العربيه.. ”
خرج من البيت وتركهم مصدومين من فتور حديثه ……
تطلعت عليه راضية وهي تبكي بحزن على تفرق
أولادها واحفادها بسبب الحقد والطمع…
ربت رافت على كتف والدته قائلاً بهدوء..
“يلا يأمي عشان نحضر الدفنه….. ”
تطلعت من اول درجات السلم وهم يغادرون البيت… دخلت سريعاً الى غرفتها وبدأت في تحضير حقيبة سفرها هي و ورد
كانت تطلع عليها ورد بعدم فهم….
“ماما هو احنا مسفرين…. ”
“ااه ……مسفرين….. ”
” مع بابا…… ”
هزت راسها بنفي وهي تسرع في تحضير حقيبتهم
“لا… لوحدنا….. بابا هيحصلنا ….. ”
بعد ساعة كانت قد انتهت من تحضير حقيبة
السفر الكبيرة……. اخذت مبلغ بسيط حتى تدبر
به نفسها وحين تستلقي في مكاناً ما ستبدأ
تعمل لتصرف على ابنتها وعلى نفسها وهذا
الطفل الذي ينبت داخل احشائها…..
كانت تقف امام المرآة تهندم هذا الحجاب نظرت
الى وجهها الشاحب وعيناها الحمراء اثار الخوف وتوتر من هروبها منه…. ولكن ماذا عليها ان تفعل هو من طلب ذلك منها، مزالت تتذكر جملته الذي
يصحبها الرجاء الضائع….
( انا عايز انساكي عايز انسى كل حاجه بينا….)
اغمضت عينيها بعذاب وهي تعاني من جملته
الحارقة لروحها وقلبها معاً…
هتفت بثبات مُصر….
“يلا ياورد….. “مسكت ابنتها وخرجت سريعاً من الغرفة…… وخرج من باب البيت بدون ان يلاحظ احد من الخدم بخروجها….. ولان الوقت مزالا مبكراً
فسهل هذا عليها الخروج من البيت ولنجع
بأكمله….
يجلس في سيارته ويتحدث في الهاتف بهدوء.
“متقلقيش ياحنيي…..ربع ساعه وهكون عندك
لا هسأل حياة عن علاج الضغط اللي بتاخديه
طب حاضر……. سلام ”
اوقف سيارته امام البيت…… ودلف داخله بهدوء صعد الى غرفة النوم الخاصه بهم وفتح باب الغرفة فوجد المكان هادئ وخزانة الملابس مفتوحة وفارغة …. احتدت عيناه بقسوة مخيفة وبرزت عروق جبهته وهو يحرك عيناه في ارجاء الغرفة
باحثاً عنها بذهول لكن بعد عدة لحظات……
اصبحت عيناه هدرتين بالجمر المتوهج….
وعضلات جسده تلوى بعنف داخله من آثار
غضبه وصدمته بها مردداً كلمةً واحده…..
“هربت……….
يتبع…
شدّد سرعة مقود السيارة متوجه الى محطة القطار حيثُ القطار الذي سيمر على محطة نجع العرب وسيكمل مساره الى محطة مصر (القاهرة)…..
خبط على سيارة بغضب وعيناه تتوهج بنيران
لن ترحمها قط…..
على ناحية الاخرى في محطة قطار نجع العرب…
تكاد تكون مزدحمة قليلاً ببعض المرؤون والذين
لكلاً منهم وجهتهُ الخاصة……. تسير في المحطة
بعقلاً لا يزال مشتتٍ من حياة أخرى بدون سالم…
ٍشيئاً ضائع منها غالٍ ثميناً عليها لم تقدر على
ملئ فقدانه مهما حاولت سيظل عشقه وشم
صعب يمحى داخل قلبها وعقلها…..

هتفت ورد الصغيرة بتعب….
“ماما أنا تعبت من المشي ينفع نقعد…. ”
اومات لها بي (لا)…وحملتها على ذراعها وبدأت بسحب حقيبة السفر ذات العجلات الصغيرة خلفها…
كانت مجهدة بشكل واضح على ملامحها واتاها
الدوار مرة اخرى بسبب عدم اخذها للعلاج
وانعدام وجبة الإفطار اليوم بسبب هذا
المخطط المتسرع منها… (الهروب) من …مَن ؟
اكثر من عشقته في هذهِ الحياة البأسة
الهروب من عائلتها الوحيدة ….
(انتِ يتيمة الآن بإرادتكِ ياحياة تذكري ذاك
الحرمان الذي كان بارادتكِ يوماً ما ان تحرمي قلبك من عائلتك وعشقك الوحيد! )تحدث ضميرها بعتاب
وقفت فجأه واعتصرت عينيها بتعب وضعف
هي تشعر انها تنزع روحها من جسدها
ولكن سالم لم يترك لها خيارات أخره….
هو لا يعرف غير القسوة ونفور في خلال
هذا الأسبوع علمت جيداً ان الثقة قد انكسرت
بينها وبينه اصبح الفج الداخلي بين قلبها وقلبه
شاسع قد باتُ يفقدون شيءً مهم وليتها تعرف

ماهو حتى تستعيده… الثقه هي الذي تنقص
علاقتهم ام ان صورة آلحب بينهم ينقصها خطٍ
رفيع يحدد هوايتها !……
وقفت أمام استعلام المحطة…. قائلةٍ للعامل بها
“لو سمحت القطر اللي رايح القاهره هيدخل المحطة الساعه كام وهيطلع أمته…… ”
نظر الرجل في أوراقه….. ورد عليها بهدوء..
“القطر هيوصل كمان خمس دقايق…وبعد عشر دقايق بيطلع …..”
“شكراً….. ”
ذهبت من أمامه ، جالسة على اريكة صلبة امام سكة القطار واجلست ابنتها بجوارها….. زفرت بتعب وهي تمسح بالمنشفة القطنية قطرات العرق من جبينها…..
“ماما انا جعانه…. “هتفت ورد بجملتها وهي تنظر الى هذا المحل الذي يبيع المعجنات الساخنة…..
نظرت حياة نحو ما تنظر عليه الصغيرة ثم نظرت
لها وهي تبتسم بفتور….

” طب خليكي هنا اوعي تتحركي من مكانك…”
نهضت حياة وهي تقف امام هذا البائع وعينيها لا تفارق مكان ورد الناظرة لها بتراقب……
في نفس ذات الوقت ……
كان يركض للبحث عنهم في كل مكان تقع عليه عيناه …..وجد امراة توليه ظهرها تشتري شيءٍ
ما ……ركض عليها وكاد ان يقترب
منها فوجد المراة تستدير ويظهر وجهاً اخر
غيرها…….
زفر بغضب وهو يركض مرة آخرى وعيناه تلتهم كل إنشاء في تلك المحطة بدون رحمة….
هدر من تحت اسنانه بغضب قاتم ….
“هوصلك ياحياه هوصلك وقبل حتى ماتخرجي من
النجع….. هتبقي تحت ايدي……هوصلك… ”
اتسعت عينا سالم بصدمة……
اصدر القطار صوتٍ عالٍ ألتفتت حياة الى الرجل
واخذت منه المعجنات واستدرت سريعاً توزع انظارها بين القطار وبين المكان الجالسه فيه ابنتها لكنها وجدته فارغ…
“ورد ……ورد…….”هتفت بزعر و شفتيها ترتجف
بخوف ذهبت للمكان المنشود به ابنتها والفارغ أيضاً حتى حقيبة السفر اختفت معها…..
رفعت جفنيها تبحث عنها حولها ببُنيتان مزعورتان
وقلب يخفق برهبه…
“إحساس صعب مش كده …..”
هتف سالم جملته وهو يقف امامها بمسافةٍ ليست

ببعيدة عنها ….كانتى عيناه ثاقبه عليها بسخط…..
انزلت حياة انظارها على صغيرتها التي تتشبك بيد
سالم وترمقها ببراءة…وباليد الاخرى وجدت حقيبة سفرها بين يده…
اصدر القطار صوتٍ مُنذر انهُ على وشك الرحيل
من المحطة ….
نظر سالم على القطار ومن ثم عليها وهو يقول ببرود..
“معلشي يامدام حياة كان نفسي اقولك رحله
سعيده ….لكن للاسف مش هينفع دلوقتي …”
صوب نظرة على بطنها…..فوضعت كف يدها عليها بتلقائية قبل ان تقول بتوتر……
“انا لازم امشي……”
ابتسم سالم من زواية واحدة قبل ان يرد عليها بقسوة……
“بلاش استعجال خدي الامور ببساطه…هتمشي
بس بعد ماخد الامانه اللي تخصني……”
رحل القطار بعد انتهى حديث سالم فنظرت هي
لرحيله بحزن……
لمح ندمها وإصرارها الواضح امام عيناه على البعد عنه وفراقه للأبد….
أولها ظهره وبين يده الصغيرة وهتف بنبرة ذات معنى..
“ورد معايا في العربيه ……ياريت بلاش تاخير ”
ابتعد عنها خارج المحطة…..اغمضت عينيها
وهي تجلس على اقرب مقعد أمامها اسلبت عينيها
ونزلت دموعها بدون توقف ناظره الى مسار حياتها
و مصيرها معه ناظرة الى مستقبل مظلم ….وماضي مربك وحاضر مؤلم …….وعشق متعثر داخل قلبها
الهش بحرمانه !!…….
(ليتك تعرف عذاب الحب ليتك تدرك قيمة الحب !… )
غرز اصابعه بقوة داخل خصلات شعره…
مشاعره تحطمت بسبب أفعالها… حياة
دوماً تصر عليه في ان يرى حقيقة مكانته عندها
(يا لها من مكانة) هتف عقله بخزي …

“بابا هو احنا مش هنسافر زي ما ماما قالت… ”
نظر سالم لها في مراة السيارة ليرد عليها بعد تنهيدة تعبٍ …..
“اكيد هنسافر بس مش دلوقت وقت تاني لان
جالي شُغل مستعجل…… ”
لم تفهم نصف كلامه بسبب صغر سنها ولكن فهمت
النصف الاول من الحديث….. صمتت ونظرت الى نافذة السيارة وهي تلتهم شطيرتها الصغيرة التي
احضرها لها سالم قبل دخولهم السيارة……
بعد دقائق قليلة….
فتحت الباب بجوار ابنتها وجلست وهي تمسح
عيناها من الدموع…… القى عليها سالم نظره خاطفه عبر المرآة الصغيرة أمامه ليشعل مقود السيارة سريعاً وهو يقول بصوتٍ هادئ لا يخلو من التوعد
“في كلام كتير مبينا لسه هيبدأ….. ”
اشاحت عينيها عنه بإرتباك وهي تحتضن ابنتها
بخوف من القادم….. لن يتساهل سالم معها بعد
الآن…….. ولسوء الحظ هي تعلم ذلك جيداً !….
—————————————————–

احتضنتها راضية بحنان وهي تربت على كتفها
قائلة بحزن ” كفايه عياط ياريم كفايه ياحبيبتي
ادعيله برحمة يابنتي……. ”
نزلت دموع ريم وهي تعانق جدتها وتهتف بألم
وحرمان……
“بابا مات من قبل ماعرف طعم حضنه ياحنيي مات
من قبل ماحس أنه موجود معايا….. ”
نزلت دموع راضية بشفقة عليها… نعم هي تعلم ان حق ريم المسلوب منها هو …. حنية الأب….. وسند الاب ….نصيحة الاب….. حنان وخوف الأب …. حُرمت ريم من كل تلك الأشياء لتصبح بقلباً يتيم مُفتقد لرجلاً في حياتها رجل يكن لها الأمان
وسند ويجتاح قلبها بقوة حبه لها ….
ريم تحتاج الى رجل عفوي يسد كل حالة فارغ داخلها جعلتها تفتقد لرجل حنون في حياتها…
فالاب مفقود مُنذ ولادتها قلباً ومشاعر….. وبقى
معها جسداً بروح….. ولأن الروح رحلت لي خالقها
ولجسد تحت الرمال … ولاخ مستهتر شيطان
من شياطين الإنس نسى ان له شقيقه تحتاج الى رعايته ولو بكلمة حانية منه ، قد اختفى هو ايضا
من حياتها بدون رجعة……
حاولت راضية مواساتها بعدة كلمات….
“كفايه عياط ياريم ربنا يسامحو ويغفرله
كفايه عياط يابنتي العياط مش هيرجع اللي راح…”
إبتسمت بسخرية وهي تقول…
“مش عارفه أعيط على مين فيهم على اللي هيتعدم بسبب شره وحقده… ولا على اختي اللي نهايتها معروفه من زمان اوي… ولا اعيط على امي وحياتها وكل اللي عشته بسبب عادات وتقليد نجع العرب…. ولا اعيط على موت ابويه “نزلت دموعها وهي
تكمل بنزق…
“ولا اعيط على موت ابويه اللي حرمني حتى من
ذكرى ولو بسيطه تجمعنا ببعض…… ياخساره
الدموع مش بتنزل عشان بعدهم عني
دي بس بتنزل بقهر عشان مقدرتش اخد حقي
منهم حقي اني منهم وهما مني… أثرو ياحنيي
اثرو معايا قوي ومفيش حاجه جمعتنا زمان
عشان افتكرها دلوقتي……” نزلت دموع راضية وهي تجذبها لاحضانها بحنان… كلماتها لمست
قلبها وشفقة عليها ولم تكن هي فقط بل حديثها الحزين والضائع تلامس قلوب معظم النساء
الوقفون بجوارهم…..
——————————————————
وضع مفاتيح السيارة على المنضدة الزجاج بقوة وهو يثني ذراع كم عبائته البيضاء وينظر لحياة والوقفة أمامه بخوف وترمش بتردد وهي تختلس له النظر
” هربتي ليه ؟؟….. ”
لم ترد عليه وبدأت تنظر الى الأرض بتردد….
صاح بها بإنفعالاً….
“ارفعي عينك و ردِ عليا…. هربتي ليه؟؟…. ”
“وانا مش عايزه ارد عليك ….”كادت ان تهرب من أمامه…
مسك معصمها بقوة وهو يوقفها أمامه بغضب..
“عيب اوي ياهانم لم ابقى بكلمك تمشي وتسبيني
وانا بتكلم…….ردِ عليا هربت ليه ..” كان مُصر ان يسمع اجابة عن سؤاله …..
ردت عليه بحنق …
“انا مش عايزه اتكلم في الموضوع ومعنديش رد لسؤالك…”
التوت شفتاه وهو يحدثها ساخراً….
“إيه هتهربي من سؤالي زي ماخدتي عيالي
وهربتي ….”
هتفت بصياح حاد …
“دول عيالي زي ماهما عيالك بظبط وملكش الحق انك تحرمني منهم…..”
نظر لها ببرود قائلاً….
“لكن ليكِي انتِ كل الحق انك تحرميني منهم مش
كده….”
اسلبت جفنيها على الأرض بحرج…..
اكمل حديثه بسخريةٍ اكبر….
” ردِ عليا ياهانم اي السبب اللي خلاكِ تهربي…..”
لم ترد عليه وكانه لم يتحدث ….
سالها ببرود كالوحة الثلج…

“هـــربـــتــــي لـــيـــه …..”
لم تقدر على التمسك اكثر بحبل الثبات
فقد انفجر بركان الصبر داخلها …..احتدت ملامحها وهي ترد عليه بانهيار انثى دمرت على يد عائلتها الوحيدة…..
“عايز تعرف انا هربت ليه…. هربت عشان انساك
هربت عشان تعبت من قسوتك ونفورك مني هربت
عشان اريحك مني…هربت عشان تعبت من نظرتك
وظلمك ليه….انتَ اكتر واحد المفروض تكون عارف
اذا كُنت كدابه ولا لا….مش بيقوله برضه عليك
قاضي نجع العرب…بيقوله انك بتعرف تطلع الكداب من الصادق من نظرة عنيهم…بتاخد حق المظلوم ولو على رقبتك بتحقق العدالة على أرضك….”
صرخت بعنف وهي تقول أمام وجهه…
“ومش قادر تحقق العدل معايا… عارف اني مظلومه وبتكدب على نفسك عارف ان اللي جوايه ده جه برضايا مش غصب عني…. عارف اني بحبك ومش كدابه في اي حاجه حصلت بينا…. عارف وعارف وعارف كل حاجه وبتقوح معايا….. عشان تعرف تطلع جبروتك وقسوتك عليا… وسبب إيه ده اللي مش قادره أفهمه…. ”
ابتسم بتهكم وهو يرد بسخط….
“بجد برافو دا أنا طلعت انا اللي غلطان كمان.. ”
صفق بسخرية وهو يلتف حولها وهتف من بين
صفقته الساخرة……
“والمفروض دلوقتي اتاسف عن قسوتي ولا عن قلة ثقتي…… طب وانتِي ياحياة هانم مش ناويه تتاسفي عن كدبك عليا اول الجواز ولا بلاش لحسان اطلع راجل ظالم ومفتري في موضوع حبوب منع الحمل ديه ….طب مش هتتاسفي عن هروبك مني وانانيتك من انك تنوي للمرة التانيه انك تحرميني من ابني ولا كُنتِ ناويه تتخلصي منه اول ماتنزلي مصر… ”
توقف عن التصفيق وهو يقف أمامها…
ويرد بفظاظة….
“استني المفروض انسى كل ده لانك كده كدا
هربتي بسبب معاملتي وبعدي عنك…. ”
نظر الى عمق عيناها اكثر وهو يقول بخذلان…
“ياريتك اختارتي اسهل حل ياحياة انك تصلحي
اللي مبينا انك تحسسيني اني أهم واحد في
حياتك انك تثبتي ليا انك مظلومه فعلاً واني اتسرعت بالحكم عليكِ …ياريتك قدرتي تفكري فيا ولو شويه قبل ماتفكري في نفسك وتهربي وتاخدي روحي معاكِ…. عارفه ياحياة ايه الفرق اللي مبينا انك اخدتي كل حاجه من قبل ماتطلبيها فعشان كده كان سهل تمشي وتسبيها…..ام انا فطلبت وستنيتك كتير تملي احتياجي ليكِ عشان كده انا اللي لسه باقي عليكِ مش انتِ !……”
ابتسم ببرود وهو يكمل بخزي…
“موضوع حبوب منع الحمل دا انا هنساه مش بس هنساه دا انا همحيه من حياتنا مش عشانك عشان خاطر اللي فبطنك لكن اللي مش هقدر أنساه
انك تتنزلي عني وعن الحب اللي واثقه انك كنتِ
صدقه فيه….”
استدار ليغادر وهو يقول بجزع من نفسه…
” والغريبه بعد كل ده انتِي اللي بايعه
وانا اللي شاري ….”
خرج وتركها تقف بصدمة مكانها…..
هتف عقلها داخلها بسخرية …..
( يالله كم انكِ محظوظةٍ ياحياة بهذا
الحب المتعثر دوماً مع سالم شاهين وكبرياء
رجولته !!……)

________________________________
بعد مرور اسبوع……
اتسعت اعين ريهام بصدمة
“انتِ بتقولي إيه ياماااا حياه حامل من سالم… ”
نظرت لها خيرية بضيق
“هو ده كل اللي سمعتيه من الحوار حياة حامل
ماتحمل ولا تزفت بكفايه اللي جرالنا من وراها هي
وابن زهيرة…..ركزي معايا في لاهم لازم ناخد ورثنا من أراضي ابوكي ونروح نعيش في سويس عند خالك عزت….. هنفتح مشروع كويس انا وانتِ
ونعيش منه بعيد عن النجع وبلويه وكفايه خسارة
ابوكي بالموت وخوكي بالإعدام احنا لازم نمشي
من النجع ياريهام انا مبقش فاضلي غيرك يابنتي
تعالي نسافر السويس عند خالك بعد ماناخد ورث
ابوكي….. ”
نهضت ريهام وهي توليها ظهرها وتقول بشر لامع
بعينيها وصوت وليد يدوي في أذنيها…….
(خدي حقي ياريهام احرمي سالم من اغلى حاجه
عنده…… )
سمعت صوت خيرية وهي تسألها بحزن…
“قولتي إيه ياريهام… هتسفري ….. ”
“هسافر بس مش دلوقت…..”
“يعني إيه مش دلوقت امال هتسفري أمته… ”
“هسافر ياماااا بس بعد ماخلص اهم حاجه
كانت لازم تتعمل من زمان اوي وشكلها جه وقتها خلاص ……”
———————————————————–

مر اسبوعاً وهو يصمم على عقابها بالبعد عنها
حتى تعرف جيداً قيمة حياتها معه وتحافظ
على حب اعترفت بوجوده داخل قلبها ولاهم
انها تثبت له هو ذلك ! …..
ام هي فبعده عنها يثير غضبها وللحق تعلم انهُ يجب عقابه كم يعاقبها هو بالبعد….. ماذا عليها ان تختار غير سلاح مضمون هو ألعب على اوتار أشواق قلبه لها……
“هنشوف هتفضل تقيل كده لحد امته…. ”
هتفت بجملتها وهي تدلف الى المكتب حيثُ القاسي هناك يعمل ولا يبالي بقلبها…
دخلت عليه المكتب وهي ترتدي عباءة أنيقة تكشف عن نصف ذرعها الأبيض… مُلتصقة بجسدها
النحيف تبرز مفاتنها باغراء …تركت شعرها الطويل الأسود ينساب على ظهرها وخصلات قصيرة تعانق عنقها المرمري وبعض المسات البسيطة على وجهها الفاتن …..
وضعت أمامه القهوة وهي تتحنح
بحرج……
“القهوة….. ”
رفع عيناه عن الأوراق التي أمامه اليها مباشرةٍ
ليرى هيئتها هكذا !!….التهمها بعيناه من اول رأسها حتى اسفل قدميها….. احتدت مقلتيه بعد دقائق من سفر عيناه على قوامها و وجهها الساحر وعينيها
ذات البني الداكن الجاذبة دوماً له….
نهض وهو يرفع حاجباه سائلاً بنفاذ صبر…
“انتِ ازاي نزلتي من اوضتك بشكل ده… ”
بلع مابحلقه برغبة وهو ينظر لها ويلتهم بعيناه كل
انشاء بجسدها…..
نظرت لها بخبث وهي ترد عليه بصوتٍ انوثي عذب…
“متقلقش ياسالم مفيش حد في البيت.. وكمان
ماما راضيه بايته عند ريم اليومين دول في بيت

عمك وبابا رافت لسا خارج من شويه…. ”
نظر لها برغبة تلمع بعينه وهو يراها تقترب منه
ببطء ودلال…..وقفت أمامه وتكاد تكون ملتصقة به ثم رفعت بُنيتيها على قواتم عينيه المتوهجه
تقسم انه يفكر بها بطريقه تخجل من تخيلها الان ..
حاوط خصرها بكلتا يداه الإثنين بلطف وكان كالمغيب وهو يسالها بهدوء حاني….
“إيه اللي خلاكي تجيبي القهوه بنفسك…..”
قربت وجهها من وجهه وهي ترد عليه بنعومة دمرت الصبر المتبقي لديه …..فقد اشتاق لها والى عالم عرفه وتذوقه فقط بين احضانها هي وحدها !…ولكن مزال كبرياء رجولته يحتم عليه التمسك بالصبر بعيداً عنها حتى يعرف كيف يعاقبها على تنازلها عنه….والعقاب ماذا يكون
(البعد عنها اكبر عقاب اختاره لها ، ويالله انه ايضاً يعاقب نفسه معها وهذا مايراه الان في قربها منه عذاباً اصبح بإرادته ! ……)
انتشلته من افكاره وهي تقرب شفتيها من شفتاه
بإغراء وهتفت بعبث انوثي…
“مفيش مشكله لو انا اللي جبتلك القهوه بنفسي
هو انا مش مراتك ولا إيه…..”
اغمض عيناه وهو يمرر يده على خصرها برغبه
هناك نيران شوق منافسة الآن لنيرن غضبه وعقابه
لها اي منهم سينجح الان امام قربها وللعنة جسدها الغض !…
ابتسمت حياة بسعادة ….نعم تريد ان ترد كرامتها أمامه واكثر شيء تكن بارعه به اي انثى امام
زوجها هي ان تجعل الاشتياق لها جحيم يود الخروج منه ، وحتى اذا كان رجلاً كسالم عنيد قوي يسخر من كونها ضعيفة غبيه فهي لها اساليبها الخاصة لمعاقبته وسيكون النصر حليفها !..
ابتعدت عنه في عز اشتياقه لها
وهي تقول بنبرة ماكرة…
“لازم تشرب قهوتك قبل ما تبرد…..”
ابتعدت عنه واولته ظهرها وهي تبتسم بنصر…وجدته
في لحظة يضع يده على رقبتها من الخلف ويقربها
منه في لحظةٍ خاطفة كانت امام عيناه مباشرةً
بل وملتصقةٍ به بقوة …..ابتسم سالم باستهزء
وهو يقول ….
“حلوه الطريقه دي ياحياة جديده وعجباني ..لكن
انتِ للأسف مش شاطره فيها …..”
عضت على شفتيها بتردد …لكنها هتفت بعناد وتحدي زائف….
“بالعكس انا شاطره في اي حاجه بعملها …بدليل انك كنت متأثر بقربي…..”

اتسعت ابتسامته الباردة أكثر وهو يقول باعين تلمع بتحدي جامح…
“تحبي أبدا انا الاول وشوف هتتاثري بقربي
ولا لا…..”
“لا… مش عايزه …..”توترت وهي ترد عليه فكانت انفاسه الساخنة قريبة جداً من وجهها..
“سالم …خلاص انا اسفه……”هتفت بترجي من الإصرار الواضح في عينيه وهو يميل على راسها
اكثر وهو يرد عليها بصوتٍ خافض خرج من اعماق
رغبته بها من بداية دخولها عليه المكتب هكذا !!……
“فات الاون ياحضريه…. ”
اعتصر شفتيها بشوق ..مُعتصر خصرها أيضاً بين يداه بقوةٍ ألمتها تاوهت بين يديه من قوة انقضاضه
عليها…لكنها اشعلته أكثر وزادت رغبته بها…
حاول ان يهدى عاصفة قبلته اكثر فاخذت طريق
اقرب بالعاطفية بينهم…مرر أصابعه على عمودها الفقري مداعب إياها بحنان….ويده الاخرى وضعت
على رأسها مُقربها منه أكثر ممزق تلك الشفاة
بحموج راقها….
غرزت اصابعها في خصلات شعره بقوة وتكاد تخونها ساقيها على الوقوف أكثر من ذلك فقد ذاب جسدها
كلياًّ بين يديه العابثة والخبيرة بما تفعله بها…
أبتعد عنها بعد عدت دقائق وهم يأخذون انفاسهم بصوت مرتفع آثار تلك القبلة شهية المشاعر….
رد بفظاظة من بين أنفاسه السريعة بمكر صدمها….
“انا رجل أفعال لا أقوال ….. لم تحبي تلعبي
العبي لعبه انتِ متأكده انك كسبانه كسبانه مش
تدخلي في ملعبي وعايزاني اقعد اتفرج عليكِي… ”
عضت على شفتيها وابتعدت عنه بضيق…
نظرت له بحرج وغضب من فظاظة حديثه
وهتفت قبل خروجها…..
“على فكره انا كنت جايه عشان اقولك اني عايزه
أروح لريم البيت واعزيها في ابوها لان كلأم التلفون ده مش نافع….. لو موافق ابقى ابعتلي رساله… ”
خرجت بضيق وهي تزفر من هزيمتها أمامه….
ولكن بسمة سعادة تشق ثغرها الأحمر آثار جنون زوجها معها منذ ثوانٍ فقط…
جلس على مكتبه ومسك الهاتف بين يده وعبث به وهو يبتسم بسعادة فقد كان يحتاج الى رحيق الحياة منها وقد حصل عليه في لحظة لن ينكر انها قدمت
له على طبق من ذهب !……
جلست على الفراش وهي تخفي وجهها بالوساده
فقد أنتصر عليها بدون ان يبذل اي جهد يُذكر
وقد ذابت بين يديه بطريقة مخجلة حقاً…..
صدح الهاتف معلنٍ عن وصول رسالة منه….
فتحتها وهي واثقه من رفض طلبها….
(موافق تروحي لريم هستناكِي تحت عشان
اوصلك وعلى فكره وفقت بس لان حنيي راضيه
هناك ! …..على فكره العبايه اللي كُنتي لبساه دي حلوة اوي……ابقي البسيها كتير بس واحنا مع بعض……عشان في حاجات كده مينفعش حد
يشوفها غيري….)
شهقت بصدمة وهي تعض على شفتيها قفزت
سريعاً ووقفت أمام المرآة وهي ترى تلك العباءة
الملتصقة على جسدها بقوة بارزة قوامها من
خلاله….
“عشان كده… ده بقه قليل الادب اوي …. وبعدين
مش ده اللي من كام يوم كان مش طيقني ولا

طيق يبص في وشي……. اي اللي تغير يعني.. ”
وقفت جانباً وهي ترمق نفسها عبر المراه من
الخلف بحرج….
هزت رأسها سريعاً وهي تذهب للمرحاض…
“لا…لا…مش هلبسها تاني….مستحيل… ”
نزلت وهي ترتدي عباءة سوداء محتشمة وحجاب
أنيق عليها……. فتحت باب السيارة وجلست في
المقعد الخلفي……
نظر لها سالم بهدوء وهو ينفث سجارته…
“تعالي هنا ياحياة جمبي…. عشان الطريق
لبيت ريم مليان قعبله في السكه…. ”
“قعبله ازاي يعني….. ”
زفر وهو يقذف السجارة من النافذة المجاورة له…
“قعبله يعني مطبات وخبط في ضهرك وبطنك… ”
ابتسمت بمكر وهي تسأله بانتصار….
“ااه خايف عليا يعني…. ”
“لا…. خايف على ابني…… “رد عليها ببرود
طريقتها كانت توضح أنه مزال على قراره سيعاقبها بالبعد عنها حتى تخرج من قوقعة الصمت تلك
وتثبت له تمسكها به وحبها له….
ردت بتبرم وهي تفتح الباب بحزن زائف…..
“عندك حق.. ”
دخلت بجانبه واغلقت الباب بقوة لكن سرعان
ما تاواهات بشدة…
“آآآآى ايدي….. ”
هلع عليها وهو يقول بقلق…
“مالك ياحياة اي اللي وجعك…. اتعورتي …. ”
انزلت يدها ببرود ورمقته باستفزاز وهي تقول
بثبات….
“ولا حاجه….. ابنك بخير….. اطلع بقه عشان احنا
اتأخرنا….. ”
عض على شفتيه بغيظ وهو يحرك وقود السيارة
ابتسمت وهي تنظر عبر نافذة السيارة…. وهي

تقول داخلها بسعادة…
“لسه بيحبني وبيخاف عليا… بحبك ياسالم
بحبك وهطلع عينك اليومين الجايين دول… كفايه ضعف وهبل بقه ماهو ينرجع …..ينرجع مافيش حل تالت أصلا !!….”
نظر لها بتراقب وجدها شاردة وتبتسم بسعادة…
هتف داخله بشك…
“ربنا يستر من السكوت ده…. يارب قويني عليها وعلى جنانها……..ان شاء الله مفيش حاجه…انا عيني هتفضل عليكي علطول…. ”
فتح هاتفه بدون ان تلاحظ… لتظهر صورة المنزل أمامه من الداخل غرفة نومه هو وحياة وبهو المنزل
من الداخل بصورة فيديو بجودة عالية خارج البيت أيضا كامرات مرقبة مباشرة……ليرى من خلالها
كل شيء يحدث في داخل البيت وخارجه…
وضع الهاتف في جيب بنطاله وهو يقول بحزن…
“ااه منك ياحياة خوفي انك تهربي وتسبيني
تاني خلاني افكر ارقبك واحط كاميرات مرقبه جوه البيت وبرا البيت ….”نظر لها نظرة اخيرة وتمتم
وهو يتنهد بتعب…
“ياترا هتعملي اي تاني فيا ي ملاذي “…..

يتبع…
بعد عودته من بيت ريم وإصرار راضية على المكوث مع ريم لعدة أيام لحين ان تتحسن حالة حفيدتها النفسية هي وولدتها( فوزية)…
دلفت حياة الى غرفة نومهم لتجده يستلقي على
الفراش عاري الصدر يلعب في هاتفه بالامبالاة
رفعت حاجبيها وهي تطلع عليه بضيق فمن وقت
خروجهم من البيت الى عودتهم إليه لم يتحدثون
مع بعضهم وهي التزمت الصمت بسبب صمته

الفظ ذلك……
رفع سالم عيناه عليها ونظر لها ببرود قائلاً
“مالك وقفه كده ليه مش ناويه تنامي…. ”
نظرت له بخبث لترد عليه بضيق زائف…
“ناويه انام طبعاً…. بس ازاي هنام وانت نايم قدامي بشكل ده…… ”
رفع حاجباه وهو ينظر لها بعدم فهم..
“نعم؟؟….. هو انتِ اول مره تشوفيني كده…. ”
اولته ظهرها وهي ترد عليه بمكر…
“مش اول مره بس إحنا زعلانين وطول ماحنا
زعلانين مع بعض نلزم حدودنا…. ”
سألها باستفهام..
“حدود إيه بظبط……. مش فاهم…. ”
نظرت له وابتسمت بخبث….
“يعني أنتَ تنام على الارض وانا انام على سرير

وقبل ده كله تستر نفسك بفنِله بكم…. عشان
انا بتكسف….. ”
فغر شفتاه بصدمة من حديثها…
“بتكسفي… واستر نفسي طب ماتحجب احسن ”
كبحت ضحكتها وهي تستفزه أكثر….
“وللهِ الموضوع ده على حسب قوة ايمانك….. ”
“اخرسي….. وتعالي اتخمدي جمبي ومن غير
صوت تنامي…… “هدر بها بقلة صبر وهو يمرر يده على وجهه بقهر من غبائها المستمر بكثرة هذهِ
الأيام أهذا بسبب الحمل…..
“ربنا يكون في عونك يابني….”تحدث داخله بجزع وهو ينظر الى بطنها البارزة قليلاً ……
مسك الهاتف مره آخرى وعبث به بملل…..
دخلت الى المرحاض اخذت حمام بارد وارتدت بعدها منامة وردية ألون عبارة عن هوت شورت قصير جداً يبزر مُتتصف فخذيها حتى اخر ساقيها ، ومن الأعلى ترتدي قطعة حريرة بحمالات رفيعة…
نظرت الى هيئتها في المرآة وهي تجفف شعرها
بالمجفف….
ذهولة من مظهرها هذا كانت الثياب تبرز مفاتن جسدها بسخاء وتجعلها اكثر انوثه وجمال….
“تفتكري هيتاثر يابت ياحياة…. “

تحدثت الى نفسها عبر المرآة بحنق…
“لازم يتأثر مفيش بعد كده إغراء يعني…. ”
ابتسمت بمكر وهي تهتف بمزاح….
“لا بجد بعد متجوزته بقيت…..بقيت قليلة الأدب
اوي.. “إبتسمت بخجل وهي تهز رأسها بجزع من حالها الذي تغير كلياًّ مع هذا السالم…
خرجت من المرحاض وهي تلتفت حولها مُختلسه النظر في أرجأ الغرفة…
تمتمت بحسرة وهي تنظر الى الفراش الفارغ
“راح فين ده… “لوت شفتيها وهي تهتف بإحباط…
“شكله خرج…….إيه الحظ ده….. “دبت في الأرض
بسأم…
“اي ده أنتِ نسيتي تلبسي البنطلون وانتِ
خارجه… ”
شهقت بصدمة وهي تستدير للخلف لتجده وراها مباشرةً وحين تلاقت أعينهما غمز لها بشقاوة
ذكورية …..
هتفت بتوتر محرج من سماعه حديثها منذ قليل….
“انتَ كنت فين …….و إزاي تُخضني كده…. ”
“هكون فين يعني موجود سلامة النظر ياحضرية.. ”
عضت على شفتيها وهي تقف مكانها بتلك الهيئة
المُغرية …….
“مش ناويه تكملي لبسك….. ”
اتسعت عينيها باستفهام….
“نعم ازاي يعني مش فهمه…. ”
نظر على نصفها السفلي قائلاً بمكر…

“يعني البنطلون…….. فين البنطلون….”
حركت عينيها يميناً ويساراً وهي تجاوبه بفتور..
“مافيش بنطلون…….الموضه كده”
رفع حاجبه وهو يقول بنبرة ذات معنى …
“ممم الموضه….حلوه الموضه دي البسيها دايماً…”
اشتعلت عينا سالم برغبة بها ولكن حاول السيطرة
على نيران أشواقه الآن فمزال العقاب في بدايته…
عضت على شفتيها وهي تبتعد عنه تنوي النوم الان فقد رأت الصراع في عينا سالم والتردد والمحزن
في لأمر إنهُ يكابر أشواقه وعشقه لها بالابتعاد عنها…..
لا زال مصمم على نفوره وابتعاده عنها….
“انا داخله أنام….. تصبح على خير….. ”
أومأ لها وهو يبتعد عنها ولج لشرفة الغرفة
جالساً بها مُشعل سجارته حتى يحرق بها
فتنفذ مثلما يفعل بمشاعره ومشاعرها دوماً….
نزلت دموعها بحزن تعلم أنها تيأس احياناً من إصراره على الابتعاد عنها…. ولكن داخلها قلباً يريد استعادة عائلته الوحيدة وبقوة …فى حياة بدون سالم مثل الوردة بدون مزارع ! …
بعد ان غرقت في النوم وذهبت في سبات عميق …..
دلف بعدها سالم للغرفة وأشعل مصباح الابجورة الخافضة….
ظل يتأملها باعين تحارب عشقه لها….
تنهد بتعب وهو يمرر يده على شعرها الأسود
قائلاً بصدق….
“بحبك اوي ياحياة….. وتعبان من غيرك….
وعارف انك تعبتي مني ومن قسوتي عليكي….

انا بجد نفسي نرجع زي الأول بس نفسي انتِ
اللي تبدأي بكده مش حابب نرجع عن طريق شهوه
او علاقه هتخلص في ربع ساعة ….
” انا عايزك ترجعيني بافعالك بأفعالك اللي تثبت حبك ليا…..نفسي تبعديني عن اي حاجه ممكن تبعدني عنك… عايزك تبعديني عن شيطاني ….وعن زعلانا….وخلافتنا سوا….ابعديني بس بأفعالك ياحياة بحبك ليا رجعيني تاني لمكاني …….ياملاذي… ”
وضع رأسه على صدرها….. اي باحضانها استلقى
كانت نائمة ولسوء الحظ إنها لم تسمع آهات
قلباً عاشقاً مُطالب بشدة بقربها….الصبر.. الصبر….
كل شيء يحتاج الصبر…
..،……………………………………………….
بعد مرور اسبوعين……. في الساعة الثانية صباحاً
نظرت له وهو مستلقي على الفراش ونائماً لا يشعر
بشيءٍ من حوله….. عضت على شفتيها وهي تقترب منه وتدفع ذراعه ببطء وهي تقول …
“سالم…… سالم….. قوم….ياسالم قوم…. ”
فتح عينيه ببطء ناظراً لها بتكاسل وعدم فهم
“في إيه ياحياة…… بتولدي ولا إيه…. ”
ففرت حياة شفتيها بذهول وهي تجيبه…
“بولد إيه بس انا لسه في اول شهور الحمل… ”
زفر بضيق ….
“طب بتصحيني ليه….. ”
ابتسمت بمكر وبصياح انثوي مجنون قالت
“سالم……. انا بتوحم …..”
” ممم شاطره…. نامي بقه…. “وضع الوسادة على
رأسه عاد إلى النوم….

جذبت الوسادة بحنق وهي تزمجر به
“هو إيه اللي شاطرة…. مش لازم تعرف انا
بتوحم على إيه….. ”
رد عليها وهو مغمض العينان…
“الصبح ياحياة انا تعبان وهصحى لشغل بدري زي
كل يوم…… ”
أيقظة إياه بإصرار مرة آخرى وهي تقول بحدة…
“ماهو عشان أنت بتروح الشغل بدري يبقى لازم
تعرف انا بتوحم على إيه وتجيبه ليا لحسان ابنك
يطلع ملون…. مش انت بتخاف على ابنك برضه
وهو أهم حد عندك…. “قالت اخر جملتها بنبرة
ذات معنى……
نهض بضيق وهو يزفر بحدة….
“اتفضلي قولي ابن الكلب اللي جواه ده بيتوحم
على إيه …..”
ابتسمت وهي تصفق بسعادة خبيثة…
“شاورما……. وشبسي……. وبيبسي دايت….”
فغر شفتيه بصدمة سائلاً إياها بدهشه….
“انتِ متاكده أن ابني هو اللي عايز الأكل ده…. وسؤال هو ابني طالب بيبسي ….. ”
توسعت الإبتسامة اكثر على محياها وهي تقول…
“اااه ودايت كمان حتى اسأله…. ”
سند وجهه على كف يده وهو يتطلع عليها قائلاً بشك….
“أسأله؟؟….. اسألو ازاي ….”
جذبت كف يده بين يدها ووضعته على بطنها
وهي تبتسم بسعادة من قربه و هدوء ملامحه وانظاره كذلك…همست برقة ناعمة…
“قوله يااستاذ حمزه انك انت اللي طلبت الطلبات دي……. يمكن باباي يصدق…..”
ابتسم وهو يمرر يده على بروز بطنها بحنان
ثم رد عليها بعد تنهيدة…

“طب انا هروح ادور على مطعم بس برا النجع عشان النجع مفهوش مطاعم ….بس بلاش بيبسي
عشان غلط في فترة الحمل والشبسي هجيبو
ليكِ بس هشتريه خالي من المواد الحافظة عشان مياثرش عليكم…..”مرر يده مره اخرة على بروز بطنها ثم انحنى قليلاً وطبع قبله مكان موضع يديه …
سارت الرجفة داخلها ولكن تمسكت حتى ابتعد عنها ودلف للحمام…… زفرت بعذاب حقيقي من بعده عنها ومن المسافات الفجة بينهم……..
جلس في سيارته وهو يمسح عيناه بالمنديل الورقي مزال يشعر أنه على الفراش نائماً…. ولكن حاول التركيز قدر الإمكان ليقود السيارة حيثُ وجهة معينة………
دخل البيت بعد ساعة ونصف …… دلف لغرفتهم وجدها تنتظره في شرفة الغرفة تغطي إطار الشرفة بستار….. وترتدي منامتها القصيرة التي اعتادت ان ترتديها في كل يوم تدلف به الى النوم وغيرها من تلك التصميمات المُغرية ترتديهم دوماً امامه في كل يوم تكون فيه معه وبمفردهم…..لكنه لا يزال هذا العنيد يكابر متمسك بفكرة ان رجوعه لها لن يكون بسبب شهوة وعلاقه جسدية….. بل سيكون بأفعالها عن الحب… الاهتمام……الغيرة….. الخوف عليه…. ان يكن في عينيها الأول والأخير.. وهذا ماينتظره
منها فقط بعض المشاعر التي تبث لها الطمأنينة
لحبهم ولعلاقتهم معاً ، بعض المشاعر التي تمحي داخله الشك عن صدق حبها له……
“الأكل ياحياة…… “وضع الطعام على منضدة صغيرة في شرفة الجالسه بها…..
مسكت يده وهي تقف أمامه قائلة بصوت
انثوي ناعم….
“سالم….. تعالى كُل معايا….. “

نظر لها والى قربها الذي يشعل نيران أشواقه
رد عليهآ بفتور….
“مليش نفس كلي أنتِ…. ااه جبتلك
عصير برتقال فرش بدل البيبسي… ”
عقدة يديها حول عنقه وهي تهتف بنفس الصوت
الرقيق….
“شكراً….. بس انا مش هعرف أكل لوحدي تعالى
كُل معايا…. ”
امتنع قائلا…..
“بس انا مليش نفس…. ”
ابتسمت برقة وهي تقول….
“انا هفتح نفسك….. ”
جلس على مقعد أمام تلك المنضدة الصغيرة وجلست هي أيضاً بجواره فتحت علبة الطعام وبدات بوضع الطعام على المنضدة وهو يتطلع عليها بتراقب..
بعد حوالي نصف ساعة قد انتهى الاثنين من تناول
الطعام وكلاً منهم مُلتزم الصمت طوال النصف ساعة…..
جلس على مقعده واشعل سجارته بشرود
دخلت حياة و وضعت كوبين من الشاي أمامه..
نظر لها ورفع حاجبيه قائلاً بهدوء..
“اي ده ياحياة…… انا فاكر اني طلبت قهوة…. “

جلست بجانبه وقالت بفتور….
“بلاش قهوة الشاي أرحم شويه منها…. وهات دي بلاش كمان سجاير…. “وضعت السجارة في المنفضة ناظرة له وجدته يبتسم بسخرية قائلاً…
“ويترا ده خوف ولا سيطره عليا…. ”
ردت عليه بحزن مبهماً…
“وتفتكر أنت في حد يقدر يسيطر عليك… ”
نظر لها بشك وتراقب يشعر أنها تريد قول شيئاً ما
“عايز إيه ياحياة…. اتكلمي انا سمعك…. ”
نظرت الى عمق عيناه وهي تقول بحزن
“عايزه حياتنا ترجع زي الأول…. عايزاك ترجع زي الأول معايا …..وبلاش النظره دي اللي بتخليني
اصدق انك شاكك في حبي ليك… ”
“انتِ اللي عملتي كده مش أنا…. انتِ اللي
مقدرتيش تحبيني…… ”
نزلت دموعها من تصريحه الجارح لها…سُرعان
ما اخبرته بحزن…..
“انت اهلي ياسالم اهلي ودنيتي ازاي شايف بس
اني مش بحبك….. “

رد عليها وهي يبعد عيناه عن عينيها الباكية وهو يقول بقسوة….
“أفعالك هي اللي قالت كده هروبك مني وبعدك عني افعالك وانتِ وقفه قدامي وبتقولي انك هتنزلي
اللي في بطنك عشان ميكونش في بينا حاجه….
” مع انك واثقه ومتاكده ان اللي بينا اكبر من اسم على ورق او طفل بنتشارك فيه…. ”
قالت حياة بتمهل وصدق…
“انا عارفه اني مُتسرعه في تصرفاتي وفي كلامي
كمان… لكن لازم تعرف ياسالم انك كنت في بداية جوزنا وطول الوقت بتضغط عليا بطرقتك ومعملتك معايا وكلامك ليا… دا حتى نظرتك كانت بتقل مني وبتحسسني قد إيه انا أقل من اني اعيش معاك تحت سقف بيت واحد …عشان كُنت في ملجأ وكده.. ”
قاطعه عن الحديث بضيق ….
“ممكن تكلمي من غير متجيبي سيرة الملجأ وحياتك
قبلي كانت عمله ازاي…… ”
“دي الحقيقه ياسالم….. “نزلت دموعها فور انتهى جملتها….
جذبها من ذراعها بقوة جعلها تجلس داخل أحضانه ووبخ إياها برفق قائلاً…
“الحقيقيه دي مش مهمه عندي….. انا عايلتك ودنيتك
وكل حاجه ليكي يعني انتِ مش يتيمه انتِ بنتي ياحياة بنتي ومراتي وحبيبتي من يوم ما دخلتي حياتي وبقيتي مراتي …. حبيبتي اللي مهما عملت هيفضل المهزء اللي جوايا يديها الف عذر …”
ابتسمت بدموع وهي بين أحضانه واكملت حديثها
بحزن…
” صدقني ياسالم.. انا لم خدت حبوب منع الحمل في بداية جوزنا كنت خايفه من علاقتنا ببعض وكنت لسه مش عرفاك كويس…. بس صدقني لم عرفتك وحبيتك….. بطلتها وللهِ ما كدبت عليك لم قولتلك اني بطلتها …..وعمري ماكدبت عليك من ناحية
حبي ليك أقسم بالله انا حبيتك بجد ….
” وحتى لم فكرت أهرب كنت عايزه اهرب عشان اريحك مني وترتاح من العذاب اللي سببته ليك ..”
ضمها الى أحضانه وهو يرد عليها بصوتٍ حزين
“وانتِ شايفه انك لم تبعديني عن روحي
هرتاح.. “

ظنت أنهُ يتحدث عن صغيرهم القادم ردت عليه
بصدق…..
“عارفه اني أنانية لم فكرت ابعد عنك ابنك بس… ”
“روحي هو انتِ ياحياة… ”
توقف العالم من حولهم توقفت نسمات الهواء العابرة بل توقف كل شيء واي شيء هي شعرت ان حتى انفاسهم توقفت….. نظرت له بشفتيها الفغرتان بدهشة…
“سالم…… ”
لمعة عيناه بدموع وهو يُظهر اشد مشاعر قلبه لها ولأول مره ترى سالم شاهين هكذا…. معجزة الحب صنعت رجلاً عاشقاً عجز القلم عن وصف مشاعره النقية والصادقه نحو زوجته…
فقط الأغبياء هم الذين يرون دمعة آلرجل ضعف لم تعرف يصاحب الأحكام ان دمعة الرجل ثمينة ولا تهبط الى من اجل اغلى وانقى الاشياء لديه…..
“انا بحبك…. وعايزك جمبي…. انا عارف اني صعب وطبعي حامي… وانتِ استحملتي كتير مني أذا كان زمان او دلوقتي….. عارف اني تعبتك معايا ياحياة… بس انا حبيتك اوي …. حربت نفسي كتير عشان ابعد عَنك بس مقدرتش… حاسس اني ادمنتك ادمنت حبك وحضنك وقربك وكلامك…
” مينفعش أبدا يومي من غير ماشوفك قدامي ولا ينفع تغفلي عين من غير ماحس بنفسك جمبي…. يمكن مش هعرف اقول كل اللي جواياا من ناحيتك ….. بس كل اللي هعرف اقوله اني عايزك معايا ومش عايز حاجه تانيه من آلدنيآ غيرك…. ”
كلام متقطع ولكن صادق… نعم رجلاً لم يعرف
يوماً معنى تلك المشاعر يصعب عليه كشف كل
مايعتريه نحوها ولكنه حاول ان يسرد بعض
المشاعر المكنونة بداخله لها…
حاول قدر الإمكان الخروج من قوقعة الثبات والصمت تلك حاول حتى تشعر هي ويستوعب
عقلها انها اطلق عليها هذا اللقب لأنها….
(ملاذ حياته الذي لن يتنازل عنها مهم مر عليهم..)
مسحت حياة دمعه منفردة انحدرت على لحيته…
نظرت لها وهي تنزل دموعها بل توقف… تحدثت

مثل الطفلة المشتت حزنٍ …
“سالم انت هتسامحني صح…. احنا هنرجع لبعض
انت عارف اني مش هقدر اعيش بشكل ده بعيد عنك… ”
مسح دموعها هو ايضاً و تحدث بلطف وحنان…
“كفايه عياط ياحبيبتي…… خلاص انا مش زعلان
منك وانتِ كمان مش زعلانه مني مش كده.. ”
همهمت وهي تنزل دموعها وللمره الأول دموع سعادة على أنتهاء كابوس الخصام بينهم !….
ظلت باحضانها لفترة طويله تدفن وجهها داخل
صدره تستنشق أكبر قدر من رائحته الرجولية الممزوجه بعطرة الناعم على الأنف …
اما هو فظل يمسد على شعرها تارة ويطبع قبلة عليه
تارةٍ اخرى….
رفعت حياة رأسها عليه تلاقت اعينهما بشوق واضح..
همس سالم وهو يطبع قبله بالقرب من شفتيها…
“وحشتيني اوي.. وبقالك أسبوعين شغاله فقرات
إغراء مش بترحم… ”
خبطت على كتفه برفق وزمت شفتاها بعبوس
ومزاح…
“وياريتك اتأثرت……”
ابتسم على عبوس ملامحها وهو يقول بعبث…
“بصراحه كنت بتأثر بس كنت بقاوم بالعافيه… بس
مش مهم ملحوقه…. ”
شهقت بصدمة وهو يحملها على ذراعيه في
لحظة….

“سالم بتعمل إيه… ”
رد عليها بوقاحه وهو يدلف بها الى الغرفة
“هعوض اللي فاتنا في زعل… ولا أنتِ مش شاطره غير في فقرات الإغراء بس…. ”
وضعها على الفراش برفق ….وخلع تيشرت الذي كان يرتديه ظهرت عضلات ذراعيه وعرض صدره مقارنة بخصره المنحوت وبطنه المسطحة التي تحتلها عدة خطوط جذابة بسبب ممارسته للرياضة… حتى قامة طوله تسحر عينيها به… كل شيء به يجعلها تقف مكانها تدقق النظر به باعجاب و مخجل ان نظرت لملامحها الان في المرآة ! …..
اقترب منها بمكر بعد تلك النظرات الصارخة بالاعجاب….
“النظره دي تطمن اوي…. بس انا عايزك برضه تسيبي نفسك خالص ….و ورقه وقلم كده وتسجلي اللحظة التاريخيه دي…. ”
فاقت حياة من شرودها به وعضت على شفتيها
وقالت بحرج زائف…
“على فكره انت قليل الادب…. ”
“على فكره مش محتاج شهادتك…. ”
اقترب منها وبدأ في قطف رحيق الحياة من شفتيها لتذوب بين يديه رويداً رويداً ….فقدت القدره على إحساس مايحدث لها بين يداه ولكنها تركت له الإمساك بزمام اجمل اللحظات في هذا العالم المنفرد به وبها……بعد عدت دقائق ترك
شفتيها ونظر الى جسدها العاري بوقاحة
وهو يسالها بمكر …..
“حياة ……هي قلة الأدب معايا حاجه وحشه
ولا حلوه… ”
عضت على شفتيها وهي تقول بخجل..
“حاجه حلوه .. ”
استلقت على الفراش وهو فوقها قائلاً بشتياق…
“بعشق صراحتك ياحضريه…..”
تقابل الحب والمشاعر الحلال في مكانهم المعتاد
لينسى كلاً منهم مايدور حولهم فقط يداعب خلوتهم ببعضهم شروق الشمس وعزف العصافير من حول شرفة غرفتهم……. ولكن لن يتوقف عالمهم عن عزف اوتاره الصاخبة بل سيزيد صَخب المشاعر داخلهم أشواق حارة !………
______________________________________
فتحت عيناها ببطء فوجدت نفسها تستلقي بين
أحضانه…..أبتسمت بسعادة وهي تقول ببطء
“معقول مكنش حلم….. ”
اقتربت منه مُتفقده ملامحه الرجولية الجذابة لاح عقلها بالليلة أمس وعبثه وهمساته لها حتى هي
كانت اكثر جنون منه…. كانت لليلة مليئه بالمشاعر ولاشواق الجامحة من كلاهما……تحدثت بحرج وخفوت…
“أم كانت ليله…. ”
ابتعدت عنه ودلفت للمرحاض لاخذ حمام بارد
…..
استيقظ سالم بعد مدة فوجد حياة تخرج
من الحمام ويحيط جسدها منشفة قصيرة
ومنشفة آخرى تجفف بها شعرها……
نظرت له وابتسمت بحب وهي تقول بنعومة
“صباح الخير ياحبيبي…. ”
أبتسم لها بجاذبية رجولية… ورد عليها
“صباح النور….. الساعه كام دلوقت…. ”
نظرت في هاتفها وردت عليه وهي تجفف شعرها

أمام المرآة…..
“حداشر الضهر…..”
نهض من مكانه بتكاسل وتطلع عليها وجدها
منشغلة امام المرآة ……
نداها بخشونة حادة…
“حياه تعالي هنا قدامي…. ”
نظرت حياة له بحيرة… وسائلة بتردد
” مالك ياسالم بتبصلي كدا ليه.. ”
رفع حاجباه ورد عليها بصرامة
“لم تيجي قدامي هتعرفي…. ”
اتجهت نحوه ووقفت أمامه بريبه وهي تطرح السؤال من جديد…
“في إيه ياسالم مالك…. اااه.. ”
وضعها سريعاً على الفراش بخفة وهو فوقها وابتسم بعدها بمكر قائلاً بعبث….
“انا مخدتش اصطبحتِ ياوحش…. ”
ضاحكة بذهول من تصرفه….
“تصدق أنا كان هاين عليا اطلع مخي اعصره عشان أعرف انت بتبصلي كده ليه على الصبح ….. بس على العموم خد…. “قبلته في وجنته برقة….
فغر شفتاه بعدم رضا …
“اي ده انتِ بتبوسي بنتك…. الاصطباحه مش
كده……… كده…. ”
اقترب منها وكاد ان يقبلها في فمها اعترضت حياة قائلة….
“سالم إحنا اتاخرنا وانت كمان عندك شغلك و…. ”
قاطعها بوقاحة قال ….
“كل يتأجل إلا اصطباحت الصبح….. ”
هتفت حياة بضيق من جملته..
“اي اصطباحه ديه هو احنا بنحشش….”
“انتِ حشيشت قلبي…. ”
رد عليها قبل ان يكتم باقي حديثها بقبلته…..
(حب سالم شاهين شعلة مشاعر لا تخمد !!)
——————————————————-
بعد مرور شهر….. في بيت بكر شاهين
كانت تبكي خيرية وتتحدث بعويل وقهر….
“اخوكي اتحكم عليه بالإعدام ياريهام اخوكي هيموت ياريهام خلاص راح ابني راح بسبب سالم شاهين حسبي الله ونعم وكيل فيك ياابن زهيره
منك لله…. ااه يابني ااه ينضري….. منهم لله ربنا ينتقم منهم ابني هيتعدم وهما عايشين حياتهم ومرتحين….. حسبي ألله ونعم الوكيل….. “

مع كل كلمة تخرج من خيرية تشعل نيران الإنتقام
والحقد داخل ريهام التي اعتصرت ورقة المحكمة التي بها حكم الإعدام على اخيها ، قبضة عليها بين يديها بقوة وغل… وعينيها تتوهج بنيران الغضب والانتقام
فقد حان حرق قلب (سالم شاهين)على من حدث
كل شيءٍ بسببها….
“بلاش تعيطي ياماااا عيطي لم ناخد حق وليد
منهم….. ”
نزلت دموع خيرية وهي تقول بعويل..
“احنا مش قدهم ياريهام ابعدي عن سالم تعالي
نسافر…. تعالي نخرج من النجع ده وكفايه كده
كفايه موت ابوكي….. واخوكي…. اخوكي اللي هيتعدم قريب اوي…..
” ياحبيبي يابني روحت مني وانت لسه في عز شبابك يابني….. ”
نظرت ريهام الى خيرية بضيق وعيون حمراء
مُخيفة وقالت بنبرة مبهمه….
“مش هسافر قبل ماخد بطار أخويه……”
صعدت الى غرفتها سريعاً….. أغلقت الباب عليها
وانحنت تحت فراشها لتاخذ هذهِ القنينة البلاستيكية متوسطة الحجم …..
إبتسمت بتهكم وهي تستنشق رائحة البنزين التي تفوح منها…
والفكرة تلعب على اوتار انتقامها بإصرار !!…..
———————————————————
وقفت أمام سيارته وكانت ترتدي عباءة محتشمة
وحجاب أنيق عليها ولا تضع شيء على وجهها فقط كحل أسود يزيد جمال بُنيتيها الداكنة…
دلفت بجواره داخل السيارته بابتسامة
مشرقة وهي تقول بحب…….
“كآن ممكن أروح مع ريم انهارده لدكتوره زي كل مره…..وكنت أنت روحت المصنع….. ”
حرك وقود السيارة وهو يرد عليها بخفوت..
“أنتِ قولتي بنفسك ريم بتروح معاكِ كل مره….يعني المرادي هروح انا معاكِ…..”
هتفت بشك ومزاح…
“انت بتغير ولا إيه…. “

هز راسه وهو يقول بمزاح…
“اغير من مين.. من ريم؟…. لا طبعاً بلاش افوره…
انا بغير عليكِ من هدومك أصلا….. ”
ضاحكة وهي تسأله بفتور …
“بتغير من هدومي طب ليه…. ”
نظر لها بوقاحة وهو يهمس لها بعبث..
“بتغطي حاجات كده”بتر جملته عمداً وهو يكمل بلؤم…
” مش مهم متعوضه بليل…. ”
أطلقت ضحكةً رنانة محملة بصدى مرحها
العاشق له…. قاد سيارته وهو يبتسم باستمتاع لملامحها السعيدة فرحاً وحبٍ……
بعد ان اختفت السيارة خرج غريب من خلف الشجرة وهو يبتسم بشر فقد أقترب معاد الثأر الآن !!….
“ماشاء الله كله تمام……. اطلعي كده على الميزان
خلينا نعرف وزنك بقه كام….. “تحدثت الطبيبة
بجملتها وهي تجلس على المقعد وتستند على
سطح مكتبها تضيف في ورقة الكشف عدة أدوية لها..
كان سالم يقف بجانبها ليرى وزنها …..
هز رأسه بمزاح وهو ينظر الى الرقم ويهمس لها
بخفوت…
“وزنك خمسه وخمسين ياوحش ……”
همست له بنفس الخفوت….
“سالم اكدب وقولها اني ستين كيلو عشان مسمعش محاضرت كل كشف….. كُلي اشربي خُدي الدوا اشربي للبن نقصك حديد ولحاجات دي كلها….. ”
رفع حاجبيه وهو يرد عليها بجدية….
“لا… ماهو انتِ هتاكلي كويس وهتظبطي مواعيد
اكلك والدوا كمان… ومن اول النهارده انا اللي هباشر الموضوع ده…….عشان شكلك بتستهبلي ومش بتسمعي الكلام.. ”
زمت شفتيها بعدم رضا وهي تنزل من على ميزان الوزن قائلة بتبرم…..
“صحيح نسيت انك دكتور ….. ”
ذهبت لتجلس على المقعد امام الطبيبة ….
سائلة الطبيبة حياة بابتسامة حانية..
اكيد وزنك لسه زي ماهوا…وحتى التحليل قدامي بتقول إن الانميا عندك مش مظبوطه.. حاولي
تهتمي اكتر باكلك وتاكلي الخضروات والفاكهة اللي
قولتلك عليهم قبل كده عشان الحديد نسبته تُظبط في جسمك…..والحمدلله النونه بخير وبينمو طبيعي
وشكله كده ولد شقي….. بس طبعاً هنتاكد اكتر
من نوع الجنين الشهر الجاي…. ”
أبتسمت حياة وهي تنظر الى سالم بعد ان علمت

إن من الممكن ان تنجب ذكر وتسميه(حمزه) كما
توقع سالم منذ بداية حملها…..
مسك يدها بعد ان رمقها بحب يصحبه الحنان الطاغي… سارت معه خارج عيادة الطبيبة.
كآن يقود سيارته بهدوء ويشغل الراديو لتدوي
موسيقة هادئة في السيارة بأكملها…
سألته حياة بسعادة ….
“سالم تفتكر حمزه هيطلع حلو زيك كده…. ”
أبتسم وهو يرد عليها بغرور زائف…
“تفتكري في حد في حلوتي…. ”
وضعت يديها على يده وهي تقول بحب
“لا طبعاً مافيش حد شبهك انت مميز في كل حاجه بس انا نفسي يطلع حمزه شبهك اوي ….. ”
أبتسم لها بحنان وهو يمسك كف يديها ويقربه من
شفتيه طابع قبله حانيه عليها وهو يقول بحب..
“هتصدقيني لو قولتلك اني نفسي يطلع شبهك أنتِ…… ”
ابتسمت بحب وشتبكت آلعيون ناظرة بعمق داخل
اطارها …… ليدوي صوت إطلاق الرصاص

من حولهم توقف سالم في لحظة بسيارته
واشتعلت عيناه وهو يرى غريب الصعيدي
أمامه مُبتسم بشر ومصوب سلاحه على
الإطار الأمامي من السيارة…..
سائلة حياة سالم برعب وهي ترى هذا المشهد
بذهول……
“سالم في إيه ومين ده……
يتبع…
سائلة حياة سالم برعب وهي ترى هذا المشهد
بذهول……
“سالم في إيه ومين ده……”
نظر لها لبرهة بدون تعبير يُذكر ومن ثم وضع يده على مقبض باب السيارة وفتحه قائلاً بصوتٍ رخيم…
“خليكِ مكانك….. اوعي تطلعي من هنا…. “تحدث بأمر ينهي جدالها الجالي على وجهها الذي بهت لونه
بعد رأيت وجه هذا الرجل البغيض وسلاحه
المشهور أمامهم…..
“سالم لازم نتصل بالبوليس.. و… ”
قاطعها وهو يرمي لها هاتفه قائلاً ببرود جعلها تتجمد كلياً….

“خدي التلفون اهوه…. ممكن يفتح ببصمة صبعك او باسمك…….. تقدري تطلبي البوليس زي مانتِ عايزه…..بس انا مش هقعد جمبك مستني.. ”
خرج وتركها تنظر الى فراغه بصدمة..
حقاً هيمنة سالم شاهين تتحدث عن نفسها دوماً !!..
بدأت تفتح الهاتف قد غفلت عن بصمة اصابعها
كم قال لها !… بل فتحته باسمها كان سهلاً ان تعرف انه لم يضع غير كلمة بسيطة تُذكره دوماً
بها(حياة) كتبت ذلك وفتح الهاتف سريعاً لتبدأ
الإتصال بأقرب اسم تعرفه والد سالم
(رافت شاهين !) وللحذر كانت تتصل بالخفاء
بدون ان يلاحظ ذاك آلوجه البغيض أنها تجري
أتصال بأحد……

قبل تلك الدقائق…..
خرج من سيارته بكل برود و وقف أمام غريب و يده في جيب بنطاله ينظر له بفتور مريب ثم
إلتوت شفتيه بنفور وهو يقول بخشونة….
“كآن ممكن تكون مقابلتك ليا في وقت تاني او
في مكان غير ده.. مش ملاحظ إني معايا حريم…. ”
صوب غريب سلاحه في وجه سالم قائلاً بصوت
مقزز لا ينم الا على الشر وقواتم حقده..
“اسمعني منيح ياولد شاهين وبلاش لت الحريم ده … انا جاي اخد طاري منيك وسبب انت خبرُه
زين……”
أبتسم سالم ساخراً وهو يخفي انفعاله بسهولة من على قسمات وجهه….
“اول هام….. شين في حقي إنك تحكي عني

هوكي…. سالم شاهين راجل من ضهر راجل… ولي
درته وياك لو اتعاد الزمان تاني ورجع هعمل نفس اللى عملته ومش هزيد فيه ولا هنقص….. تاني حاجه اللي جاي ياخد حقه مش بيتكلم كتير أفعاله هي اللي بترد على غضبه….. ”
ثانى سالم كم قميصه وهو ينظر له بشر….
“وأنا أفعالي هي اللي هترد عليك ياولد العم.. ”
رفع قدميه في لحظه خاطفة الأبصار ليجد غريب

السلاح قد وقع أرضاً ….لم يكتفي سالم بهذا القدر
بل سدد له بعض الضربات في وجهه وبطنه وجانبيه أيضاً….. تدارك غريب لحظة الدهشة المستحوذة عليه ليسدد لسالم أيضاً بعض الكمات أوقات سالم كان يتفادى الضربات بهمارة وأوقات كآن يفلح غريب في تسديد بعد الكمات له إذا كان في جسده او وجهه …..
ولأن غريب في نفس بنية سالم والجسد أيضاً الا
إن للحق كان سالم اكثر مهارة في تسديد الضربات
له لفرق السن بينهم……
حلبة مصارعة !!…

هي ترى ذلك بوضوح…. وقلبها ينزف حسرة على متهور قلبها الذي لا يبالي بها قط !! ….يعشق
كونه سالم شاهين ، يعشق من يكون ويفتخر
و للعجب يطبق كونه من نصل البدو يطبق كل طباعهم بالحرف !!و للعجب تعشق شخصيته مهما وجدت بها من عواق تعشقه ومسالمة بضراوة لهذا العشق بكل ما أوتيت من إراده !…….
بعد شجار حاد بين رجالاً ضخمان البنية اوقع أحدهم الآخر…… طاح غريب على الأرض بجسد
كصخر صعب ان يتحرك الى أي مكان….
كانت تضع يدها على قلبها في كل دقيقة تمر جالسة مكانها تلتزم بأوامره كالحمقاء ولكن ماذا عليها ان تفعل وسط آلوجه البغيض الغريب عنها….
ووسط قاسي القلب مجرد من المشاعر تاركها تموت أمامه لاستعراض مواهب القتال أمام عينيها….
زفرت بغضب وهي تموت حقاً في كل لحظة ترآه
يسدد الضربات لهذا آلرجل ويرد الآخر له بعضاً منها وظل القتال العنيف يتبادل تحت انظارها حتى
يرفع احداً منهما الريا البيضاء تارك الحلبة والقتال

بأكمله….
وهي على يقين ان سالم لن يفعل ذلك !!
مهم أستمر القتال لن يسلم أبدا….
زفرت بقهر وهي ترى القتال مستمر لتمر الدقائق القليلة وترى غريب جثة هامدة على الأرض
الساخنة…
شهقت بفزع لتهتف كالمجنونه
“قتله….. قتله…. ”
وضعت يدها على فمها تلقائياً ..
وبعد دقيقتين….
دلف الى سيارته بهدوء ومسك بعد المناديل الورقية من سيارته ..ثم بدأ بمسح وجهه بهدوء تحت انظارها المندهشة…..
“طب بدل الصدمه دي كلها…قومي بوجبك كزوجه وحاولي تطمني عليا ولوو حتى
بالكدب…. ”
اشتعلت بُنيتيها بالغضب وخرجت من قوقعة
الصدمة وهي تهدر به بحدة….
“انت بتهزر ياسالم…. الراجل مات على ايدك وانت
داخل تقعد وتكلم معايا بكل برود ولا كانك عملت
حاجه… ”
مسح وجهه من الدماء آثار الجروح الذي فعلها ذاك
البغيض وهذ الورم الذي عند فكه…. تمتم بغضب
“ابن الـ***….بوظ وشي…. “عض على شفتيه
يمنع انحدار أفظع الكلمات من الخروج أمام من تطلع عليه بصدمة من أفعاله تلك…..
“عينك هتوجعك على فكره… ”
عضت على لسانها بغيظ من طريقته الفظه معها
ثم قالت بهدوء عكس عواصف غيظها منه …
“هو….. هو مات….. ”
شعر ببعض التردد في حديثها ولكن جاوبها بفتور
“بصراحه كان نفسي …….بس هو لسه عايش….

كده اطمنتي ….”
بدأت التنفس براحة أكثر بعد مبادرته الذهبية
في ارتياح قلبها……
“حياة…. عايزه اقولك حاجه ومتزعليش مني
اوعي تقولي عليا حلو تاني …..لحسان مش هحس بعد غزلك ده بأي تفائل ….. ”
حرك أصبعه في الهواء حول وجهه المصاب بالجروح والاوارم البسيطة… حتى يثبت لها صحة غزلها به قد وصل به الى كارثه في وجهه !!….
يمزح!! ….
بعد كل هذا يمزح يالي من محظوظة بزوج مثل
سالم شاهين وهيمنة شخصيته المختلفة
مختلفة عن الجميع !……
كادت ان ترد عليه ولكن قطع حديثها صوت سرينة
سيارة الشرطة…..
نظر لها سالم بثبات وهو يقول بأمر ينهى حرف واحداً منها…
“بلاش تخرجي من مكانك…. “

فغرت شفتيها وهي ترى اختفائه عن مرمى عينيها
زفرت وهي تتابع عبر أطار السيارة الزجاجي أسئلة رجال الشرطة و رافت شاهين والد زوجها يقف معهم بخوف بجوار سالم مباشرةٍ … ام سالم فكان يتحدث بهدوء وراحة وكأنه يحكي عن معدل الطقس اليوم !!…..
“ربنا يصبرني…. “قالتها وهي تزفر بضيق من تصرفاته..
الانفصام في حياتهم ليس المشكلة الحقيقية
بل بالحقيقة جوانب شخصية سالم يجعلها تقف
كالبلاها تشاهد بصمت مندهش وكانها اول مرة
تراه….. كما حدث منذ دقائق قليلة !…..
ارتياب معك اشعر ، ومن القادم أخشى ! …
…………………………………………………..

نظر لها سالم متسائلاً بحنق…
“ممكن افهم انتِ مضايقه ليه دلوقتي… ”
نظرت له بغضب ولم ترد عليه بل دخلت الى المرحاض واتت بعلبة الاسعافات….وجلست
بجانبه على حافة الفراش…. وبدأت تعالج جروح وجهه…
“آآآه…… براحه ياوحش أيدك تقيله… ”
لم ترد عليه اكتفت بصمت وعلى وجهها قناع الجمود….
“مش واكل عليكِ على فكره السكوت ده… اتكلمي
وقولي اللي عندك….. ”
لم ترد عليه واصرت على السكوت وهي تعالج
جروحه…..
تشنجت عضلات جسده وحاول السيطرة على
غضبه وهو يقول بخشونة قاسية…
“دي اخر مره هقولك اتكلمي المره الجايه مش هتكلم بالساني….. ”
نظرت له بضيق وبصيحة حادة قالت….
“يعني إيه مش فأهمه هتضربني مثلاً….. ”
“حاجه زي كده “مسك هاتفه وعبث به ليكبح عصبيته عليها بعد إرتفاع صوتها الغاضب عليه
اشتعلت عينيها بضيق من رده البارد لتتحدث بغضب
“تعرف مش صعب عليك تعمل كده مانت بتستعرض
عضلاتك على اي حد…. “تركته بعد ان إنتهت من
مداوية جروح وجهه….
نهض بسرعة ومسك معصمها لتواجه عيناه الغاضبة من مالفظته الآن على مسامعه….
“يعني إيه بستعرض عضلاتي…. انتِ هبله ولا بتستهبلي الراجل كان ناوي يموتني ياعميه لولا اني استعرضت عضلاتي عليه كان زمانك بتقراي عليا الفاتحه….”
“انا عميه …..وهبله……. تصدق انك قليل الأدب
فعلاً …..”

أقترب منها بغضب وعيناه تشتعل غضباً من تخلف
عقلها وحماقتها المتزايده بكثرة من بداية حملها!!…
“أنا قليل الادب… ”
تراجعت بتوتر وهي تعيد ما قالته..
“ايوه قليل الأدب……. لان انا مش عميه ومش
هبله …..”
قاطعها ببرود وهو يقترب منها اكثر…
“وضيفي على ده كله ان غباءك صعب يتعالج… ”
إصطدم ظهرها في الحائط خلفها من فرط توترها ورجوعها للخلف بدون انتباه منها….
حاولت الإمساك بشجاعة الزائفة وهي تقول…
“سالم لو سمحت كل الا الاهانه…. ”
أقترب منها اكثر وهو يضع كلتا يديه على الحائط محاصر إياها بحدة وهو يرد عليها ببرود…
“المفروض تقولي لنفسك الكلام ده مين بدأ بإهانة
مين…. أولاً انا مش بستعرض عضلاتي على حد أنا
بدافع عن نفسي وعنك قبل اي حآجه…. كان ممكن اوي الرصاص الطايش ده يصيبك… تاني حاجه
حاولي توصلي خوفك عليا بطريقه احسن من
كده…..”
عضت على شفتيها بضيق وهي ترد عليه بحرج
“انا مش قصدي المعنى اللي وصلك كل اللي كنت عايزه اوصله ليك أن كان ممكن اوي تاخد منه
السلاح وتربطه لحد مالبوليس يوصل و ساعتها
هو يتصرف معاه…. ”
هدر بانفعالٍ …..
“وحقي انا فين…. حق وقوفي انا وانتِ في نص الطريق مرفوع في وشنا السلاح… دا غير الرصاص
الطايش اللي كان ممكن يصيب حد فين… “

قاطعته حياة بهدوء…
“بس احنا بخير…. ”
“دا عشان انا بستعرض عضلاتي… ”
تعلقت عيناهم ببعضها وكلاً منهم يعاتب الآخر بكلمة شائكة…..
“انا آسفه…. ”
هتفت بها لتنهي عتاب عيناه لا تريد مشكلة آخرى
بينهم هي لا تريد الفج يفترس مرة اخرة قلوبهم
يكفي مسافات بينهم ….
أبعد وجهه الناحية الاخرة وابتسم بسخرية قائلاً
بثبات….
“اكيد مش هعملها زاعله وافور فيها…. بس اوزني
الكلام اللي بطلعيه….. عشان مزعلش المره
الجايه…. ”
يالله كم كان يامرها ويحذرها ويعاتبها بنظرت
عيناه القاتمة…وحديثه السوي….
ردت عليه بحرج…
“على فكره انا قولت آسفه…. انا مكنش قصدي حاجه انا بس…”
نظر لها وهو يوليها ظهره مُستلقي على الفراش
بهدوء….
“الموضوع انتهى ومش عايز اتكلم فيه…. ”
سألته بخفوت حرج…
“يعني أنت مش زعلان…. ”
“لا…….طفي النور قبل ماتخرجي”

هل يود النوم حقاً مزال الوقت مبكراً !! …
عضت على شفتيها وهي تستسلم للخروج من الغرفة … وداخلها توبخ نفسها من تهور لسانها عليه …
فاللحق هو معه كل الحق !! ….
…………………………………………………..
صباح جديد……
خرج من المرحاض عاري الصدر يلف حول خصره
منشفه قطنية……. ويطوق حول عنقه منشفة أخره
مجفف بها وجهه وشعره……
اتجه الى خزانة ملابسه لاخراج ثياب خروج للعمل…
سريعاً رفع حاجبه بعد ان وجدها فارغة ..فغر شفتيه
وهو ينظر الى الجالسة على الفراش تاكل
بعض حبات الفراولة بتلذذ وتتابع شيءٍ هام
جداً عبر هاتفها…
او هذا ماجعله يظن أنه هام !…

“حياة فين هدومي… ”
كركرة ضاحكة بقوة وهي تطلع على هاتفها…
“مش معقول فظيع……. فظيع…. ”
اشتعل سالم غضباً وهو يحدق بها وتقدم منها
قليلاً… وهو يتحدث من تحت أسنانه بضيق…
“حياة…..هدومي فين…. ”
نظرت له بهدوء…. ثم كتمة قطعة من حبة الفراولة
التي بيدها…وهي ترد عليه بفتور
“هدومك….. في الغسيل…. ”
مسح على وجهه بضيق وملامحه احتدت
غيظاً منها….
“كل هدومي بتتغسل ليه خير…….”
ردت حياة بطريقة مستفزة…
“ريحتهم مش حلوه…. ”
عض على شفتيه بقهر وهو يتحدث بهدوء حاول
التحلي به أمام استفزازها معه …
“ريحتم مش حلوه….. طب انا عاوز اروح الشغل دلوقتي أروح بي إيه …..”
نظرت له بطرف عينيها قائلة بنبرة ذات معنى..
“خد أجازه انت مش بتاخد أجازه خالص ولا حتى
بتقعد معايا لا انا ولا و ورد…. ”
ضيق عينيه ونظر لها بشك وهو يقول..
“هو آلموضوع مترتب ولا إيه…. ”
مطت شفتيها وهي تطلع على هاتفها بتبرم ولم ترد
عليه…

انحدرت عينا سالم على جسدها ليرفع حاجبيه سريعاً وهو يشيط غضباً اكثر…..
“اي اللي انتِ لبساه ده…. ”
نظرت الى ماترتديه ومن ثم تطلعت عليه قائلة
ببراءة …
“هيكون اي يعني القميص بتاعك عجبني لونه
فقولت ألبسه شويه …. ”
عض على شفتيه بغيظ…
“واشمعنا ده مش مرمي في الغسيل جمب
أخواته.. ”
“عشان نضيف…. ”
أقترب منها بحدة وملامح متهكمة يريد قطع لسانها هذا على الصباح الباكر حتى تتوقف عن استفزازه ….
قفزة واقفه من على السرير سريعاً ليظهر ساقيها العريين باغراء انثوي ناعم…..
“سالم إياك تفكر تمد ايدك….إياك أنا بحذرك…”
تطلع على ساقيها بغيظ أكبر وهو يقول بقهر…
“بتحذريني ازاي بشكلك ده….وازاي تنسي تلبسي
اهم حاجه إيه بتحبي الموضه لدرجادي.. ”
انزلت عينيها على ساقيها العريين ويكاد القميص
الرجولي يصل لمنتصف فخذيها فقط ويبرز الآخر باغراء ! …
عضت على شفتيها بحرج وهي تقول بتبرير..
“كنت ناويه ألبس بنطلونك على فكره بس طلع
كبير…. كنت ناويه اقصه…. بس قولت خساره

شكله جديد …..”رمشت بعينيها بطريقة مضحكة…. حتى يصفح عنها هذهِ المرة….
ولكن تزايد غضبه أضعاف وهو يتحدث بامر ناهي
“طب انا هصبر عليكِي خمس دقايق بعد الخمس دقايق لو ملاقتش هدوم على السرير اتزفت اروح بيها الشغل هتزعلي ياحياة وهتزعلي
جامد كمان … ”
التوت شفتيها بتهكم ويبدو أنها مصرة على مافعلته
نزلت من على الفراش وعقدة بيديها عنقه برقة
وهي تتحدث بدلال مستفز….
“واضح انك مسمعتنيش كويس ياسولي… هدومك الخروج كلها في آلغسيل…. ”
تظاهر سالم بصدمة قائلاً..
“بجد…. ”
اومات له وهي ترمش بعينيها باستفزاز ….
اوقعها على السرير خلفها وهو فوقها وهمس من تحت أسنانه بغيظ….
“تعرفي ان استفزازك ده هيوصلك معايا لطريق
مش هتحبيه أبداً…..”
“اي حاجه معاك بحبها….”
تكلم من تحت اسنانه بقلة صبر…
“حياه…..انتي عارفه اني مضايق منك من إمبارح فبلاش تضايقني اكتر…. ”
نظرت له بحنق وهي تقول..
“كنت واثقه انك نايم زعلان…. وانك كنت بتضحك عليا لم قولت انك عايز تنام…..ونمت زعلان
بسببي… ”
“مش بسببك بسبب لسانك وكلامك الدبش ده..
آلمهم مش هنتكلم كتير في الموضوع ده… روحي
هاتي الهدوم عشان متأخر… ”
ردت عليه بعناد وضيق من كذبته عليها أمس…
“مافيش هدوم ومافيش شغل وده عقابك عشان
تبطل تكدب عليا…. ”
نظر لها ببريق الغضب وهو يرد عليها ببرود
“أخاف أنا كده صح…. روحي هاتي الهدوم
ياحياه وستهدي بالله….. وكفايه جنان على
الصبح…. ”
ردت بسرعة…
“لا….”
“بقه كده …..طيب…. ”
مالى على عنقها بأسنانه ليدغدغ عنقها بطريقة

لذيذة مؤلمة قليلاً…. كركرة ضاحكة من وسط
حديثها….
“سالم…. بس.. آآآآه….خلاص حرام عليك كفايه
عض …..”
نظر لها بمكر وقال بلؤم…
“على فكره كل دا طبطبه…. بطلي بقه جنان وروحي هاتي الهدوم…. ”
ابتسمت أمام عيناه برقة تحاول إقناعه برغبتها
بمكوثه معها اليوم…. فقد فعلت كل هذا اشتياقاً
له ليس إلا……
“هجبلك الهدوم وهرصها بنفسي في دولابك..بس
اوعدني انك هتقضي اليوم معايا انا و ورد… ”
نظر لها وقال سريعاً…
“صعب ياحياة… انا… ”
طوقت عنقه بيداها قائلة بدلال وحب…
“عشان خاطري ياسالم… انهارده بس… بجد وحشتني أوي…… ونفسي اقضي اليوم كله معاك”
نظر الى عينيها المترجية إياه بالموافقة على رغبتها
انحدرت عيناه على شفتيه الحمراء…. بلع مابحلقه
بعيون جائعة ولن ينكر انه أيضاً يشتاق لها وبشدة او يمكن يكون اشتياقه نيران داخل جسده يحاول جعلها باردة أمامها !! …..
تنهد بهدوء وهو يتحدث بمكر…
“موافق بس هتكملي الموضه…. ”
نظرت له بعدم فهم….
نظر هو الى القميص الذي يخفي باقي جسدها عن عيناه…. وغمز لها بشقاوة لتفهم على الفور ما يريد ….
“يعني….. ممكن افكر….. “ابتسمت له بعبث…
مالى عليها وهو يقول بوقاحة…
“عقبال ماتفكري احاول أقنعك بطرقتي… ”
وقبل ان تستطيع النطق كان وجهه قد هبط إليها
لينهال من ثغرها…. رحيق الحياة الخاص به !….
كانت ضائعة بين يديه فقط تاركة المشاعر المسكرة تترنح بقلبها تاركه قلبها وجسدها لعالمهم المناسب
عالمهم بين لمساته الحانية وهامسته الشغوفة لها….
كانت مشاعره كالعاصفة لم ترحمها للحظه
ولن تحررها أبداً !…..
“وحشتيني…… وحشتيني اوي ياملاذي…….اوي ”
كانت شفتاه تلاحقان ملامحها وعينيها وتعودان الى شفتيها بقوة أكبر وجوع أشواق افترست قلوبهم سوياً..
لحظه لحظتين بل دقائق كانت الأجمل حين حملها
سالم الى عواصف اشواقه وحبه لها !!….
———————————————————-
دخلت الى (صيدلية)بهدوء لتقف أمام الجاجز الفاصل بينها وبين الطبيب الصيدلي….. ابتسمت
بهدوء وهي تتحدث إليه قائلة…
“لو سمحت يادكتور …. كنت عايزه حبوب
منوم …..لحسان الفتره دي مش بقدر أنام كويس
ينفع تكتب ليا نوع كويس ومضمون.. “

أبتسم لها الطبيب واوما لها قائلاً…
“طب ثواني…. هدورلك على نوع حبوب كويس …
وفنفس الوقت مش مضر…… ”
أختفى عن مرمى ابصارها في رواق صغير….
لمعة عينيها بشرود ولؤم…..
اكثر من شهر وهي تخطط لهذا المخطط اقتربت من هدفها فقط بضعة خطوات ……وستحرق قلب سالم على( حياة) وعلى من ينمو داخل احشائها……
إنتقام حاقد !!! …
نوع عنيف على المرء عنيف بدرجةٍ تجعل نيرانه تفترس عقلك وقلبك حياً فقط ليتكون داخلك
للعنة الانتقام ! …..
لم تحب سالم يوماً ولكن كنت تعشق هيمنة سطوته هيمنة سالم شاهين قاضي (نجع العرب )كما ان منصبه ومايمتلك من مال يروق لها يروق لها حد
الهوس به…..
ولكن تبخر كل شيء بعد دخول (حياة) حياته
بعد رفضه لها بابشع الإهانات…. حين عرضت عليه
قلبها وجسدها ودهس عليهم بمنتهى الغباء !! …
غباء ؟…
نعم ترى نفسها لم تخطئ في حبه ليرفضها ولم تخطئ في اغواءه بها ليلقي بها هكذا ….
ولكنها ترى أنه أخطاء منذ بداية رفضه لها واهانته قد فضل عليها تلك… تلك القيطة فضلها عليها هي هي ابنة عمه الوحيدة التى حلمت به فارس أحلامها……

“غبي بس هيندم…. “هتفت بها من تحت اسنانها بغل
لم تتركه يعيش حياة سعيده مع تلك الخرقاء
تعيسة الحظ …بعد ان دُمر حياتها وحيات جميع من حولها بعد ان كان سبب موت والدها …..بعد ان ادخل اخيها السجن واوصل إياه للاعدام…..
قد ثقل حساب سالم ومن فضلها عليها ….
هتفت بصوتٍ خافض حاقد وعيون حمراء من شدة الكره الذي زُرع داخل روحها وقلبها الممزقين…
” لازم تدفع اللي عليك ياسالم…ورحمت ابويه
واخويا..لتبكي بدل الدموع دم على فرقهم …”
“اتفضلي الحبوب ….”
قال الطبيب جملته بهدوء وهو يمد له الدواء…
اخذت منه الاقراص وهي تخرج ابتسامة ميته
على شفتيها القاسية….
———————————————-
كانت ترتدي قميص جديد من ملابس سالم ، رمادي اللون تاركه شعرها المبلل قليلاً ينساب على ظهرها بنعومة ، ووجها ناصع البياض بدون وضع اي شيء عليه……
كانت تجلس في مكانها المفضل شرفة غرفتهم
تاكل بعد التفاح الطازج ….وتفتح فتحة بسيطة جداً من الستار المحاوط للشرفة حتى يتسلل ضوء الشمس والهواء الناعم على وجهها وشعرها الأسود
لكي يداعب جمالها ويفتن بها مثلما فتنة هذا العاشق وهو يتطلع عليها من امام إطار باب الشرفة….
“انا واخد بالي ان الموضه النهارده هدومي هي اي
الحكايه بظبط….”

ابتسمت وهي تطلع عليها بشقاوة باتت بها في كل
يوم يمر عليها معه لتعود حياة الطفلة العفوية
المشاكسه والجريئة بشدة وأحياناً تتحول جرأتها الى وقاحة لذيذة يعشقها سالم بها يعشق كل شيء يصدر منها كل شيء يكن طبيعي بدون تزيين او تمثيل امامه ….
اصبحت هكذا فقط في عالمها الخاص عالم
(سالم شاهين )والبيت الدافئ هو احضانه وصدره
العريض الرحب دوماً بقلبها جسداً و روحاً ..
ردت عليه وهي تضع قطعة صغيرة من التفاح في فمها واكلتها وهي تضع قدم على آخره بكل غرور
مصطنع ….
“شيء يسعدك اني بلبس من هدومك على
فكره… ”
رد سالم بابتسامة خبيثة وعيناه على ساقيها
العريين…..
“بصراحه هدومي عمله شغل عالي معاكِ….
البسيها علطول…”
نظرت حياة على ساقيها لتكتشف انهم يكشفون اكثر من الازم بطريقة تجعلها تصرخ حرج… حرج من نوع خاص حرج من عينا سالم الشهوانية بالفطرة لها والذي يصر ان يثير خجلها منه….
انزلت قدميها وهي تتنحنح بحرج….. ثم بدأت تاكل في قطع التفاح الصغيرة وهي تتلاشى النظر الى عيناه الذي تراقب كل حركه بسيطة تصدر منها باهتمام عاشق يريد ان يُشبع عيناه من ساحرة
قلبه !…..
أقترب منها بهدوء… وجلس بجوار مقعدها بنفس ذات الهدوء……
كانت تاكل في قطعة التفاح بتوجس مراقبة الحركة القادمة منه…. تتجاهله قليلاً….
تريد إتقان ثقل الأنثى على زوجها….
هل تجد اتقانه ؟!…
لا فهي من اقل شيء تجن وتثير بالشوق والعشق معه !….
مالى سالم عليها قليلاً وظل يتفحص وجهها
بحب وانفاسه الساخنة تداعب جانب وجهها
بدون هوادة…..
(اشتاق لقبلة….) التهب الشوق وهتف قلبها المسحور بسطوة حبه…!!
مسك طرف من خصلات شعرها بين اطراف اصابعه وعبث به بهدوء وكانه شيءٍ عادياً ….
اغمضت عيناها بضعف انثوي غالب عليها
حين ابعد سالم بعد خصلات من شعرها للخلف
ومالى اكثر على عنقها الناعم مداعب إياه بانفه ببطء حارق لها جسداً وقلباً…..
لم تنطق ولم تتحدث ماذا ستقول هو يشعل
نيران حبها له بدون ان يبالي بها…..
دقيقة دقيقتان ثلاث……
هتفت وهي مغمضة العينان…
“سالم….”

اكتفى بهمهمات هادئه وهو يمرر شفتيه على طول عنقها الناعم…
قالت ببحة ضعف…
“انا……..انا بحبك…”
“عارف….”قالها وهو يجذب ذراعها برفق لتقابل عينيه الوقحة….قرب وجهها من وجهه وداعب
انفها بخاصته بحنان وهو يقول بتنهيدة…
“عايز أكلك….”عضت على شفتيها بحرج وخرجت منها ابتسامة صارخه بالخجل….
“سالم………. بس…”
“بس إيه دا بدل متقوليلي اتفضل…مش انتي
بتقولي إنك بتحبيني…”
همهمت بحب…اكمل هو بخبث..
“طب انا جعان….”
___________________________________
رفقهم (سالم) خارج المنزل حيثُ ساحة خضراء يمتلكها سالم من ضمن الكثير من الأراضي التي بهذا الشكل….
كان يوماً من افضل الأيام معه كان صوت
ضحكته هو وورد يعم المكان من حولهم وركضهم ومزاحهم على العشب الاخضر في اجمل مكان يعد مميزاً…فالطبيعة لها أجواء خاصة واختياره كان صائب بنسبه لكلاهما والصغيرة !…
اجمل طبيعة رأتها بُنيتيها كانت في تلك الأرض الخضراء حيثُ الأشجار المتنوعة وانواع
الفواكه الطازجة، والازهار ذات العطر الساحرة
مزيج رائع مابين الطبيعة وراحة النفسية ..
ابتسمت وهي ترى مزاح زوجها مع صغيرتها وضحكات طفلتها التي تجعل الغريب اذا نظر لهم يقسم ان تلك الطفله لم تكن يتيمه يوماً..
قد عوض ألله عليها هي و ورد بــ فارس من أجمل
الفرسان… صادق.. وشجاع.. وعاشق..نقي
الشخصية وعادل معها ومع جميع من حوله..
وحتى ان كان يمتلك بعض الصفات التي ترهق قلبها في بعض الأحيان الا ان اجمل مابداخله ينتصر على الاسواء ليجعلها تصبر عليه حين يثور مخرج شخصية (قاضي نجع العرب) …فيهدأ مع صبرها
وحبها ويبتعد قليلاً عنها ، ثم يعود الى احضانها مره اخرى زوجها و حبيبها…. حبيبها الذي بلمسه واحده من يده تنسى هوايتها لا حزنها منه !….
كم أن العشق تمكن من كلاهما وصنع قصة
تمتذج بين القسوة والتملك المجنون…..
ملاذ صنعت عاشق متيم بحبيبته لأبعد حد وبات الملاذ الوحيد داخل أحضانها !…
قسوة…. كانت تصنع رجلاً لا يعرف عن الزواج غير إنجاب ابناء ، وإحترام من معه فقط لأن هذا أقصى مايقدمه الرجل لزوجته…….
امتذج الإثنين سوياً لنقابل إختبارات كثيرة وبتدريج
نتغير من أجل( الحب) صاحب مقولة الحب
لا يصنع المعجزات كان مخطئ ؟…
الحب يغيرنا ويخلق اجمل مابنا وتلك تعد معجزات ! …..
——————————————————

بعد مرور أسبوع….
في صباح…..
دخلت الى غرفتهم وهي تمسك في يداها صنية الإفطار… وضعتها بهدوء على المنضدة…
وذهبت أمام باب المرحاض لتطرق عليه الباب
قائلة برقة….
“حبيبي الفطار جاهز…. ”
“ثواني وخارج….. ”
رد بهدوء من عاداته الخاصة جداً التي باتت تعرفها جيداً.. أنه لا يحب طرق باب الحمام عليه حين يكون بداخل او تحدث معه حتى !…..
رن هاتف سالم…. مالت حياة ومسكت الهاتف وبدون أن تنظر له …..كانت تنوي النداء على سالم ولكن
تراجعت حتى لا يغضب….
كادت ان تضع الهاتف بإهمال على المنضدة.. ولكن
لفت انتباهة اسم المتصل….
(لمار الحسيني….)
هتفت بغيرة افترستها في لحظة وبدون رحمة عليها…
“لمار الحسيني… مين دي…. ومن امته وسالم بيكلم ستات او بيتعمل مع ستات حتى في
شغله… ”
وبدون تفكير ومثل اي انثى تحترق غيرة على زوجها وحبيبها…. فتحت الخط ولم تتحدث ليبادر المتصل هو بذلك اولاً !….
ليتها لم تفتح…. أخرج الهاتف صوتٍ انثوي ناعم حد الجنون …ليس فقط ناعم إنه يثير فضول
من يسمعه لرؤية الجسد ولوجه الذي يخرج كل تلك النعومة بكل هذا السخاء ….
“الوو….. سالم…. انا لمار الحسيني يارب تكون سجلت رقمي عندك على تلفون زي متفقنا…..
يتبع…
وبدون تفكير ومثل اي انثى تحترق غيرة على زوجها وحبيبها…. فتحت الخط ولم تتحدث ليبادر المتصل هو بذلك اولاً !….
ليتها لم تفتح…. أخرج الهاتف صوتٍ انثوي ناعم
حد الجنون…ليس فقط ناعم إنه يثير فضول من يسمعه لرؤية الجسد ولوجه الذي يخرج كل تلك النعومة بكل هذا السخاء ….
“الوو….. سالم…. انا لمار الحسيني يارب تكون سجلت رقمي عندك على تلفون زي ماتفقنا…..”
لم تستوعب بعد ماذا حدث لها ولكن قلبها ارتجف
بغضب وشعرت بجسدها بأكمله يحترق ..
تذكر ان الشعور بالغيرة شيء لا يروق لك كلياًّ !!….
“بتكلمي مين ياحياة…. “

تحدث سالم وهو يرمقها باستفسار… وكان يجفف شعره بالمنشفة و لا يرتدي الا بنطال قطني مريح……..
استدارت حياة له بقناع حجري وهي تمد له الهاتف
قائلة ببنيتان تحتبسان الدموع….
“لمار الحسيني…… واضح انك عارفها عشان كده
مسجل رقمها….. على العموم هي على الخط… ”
تناول الهاتف من يدها…. لتبتعد هي عنه سريعاً وتختبى داخل شرفة غرفتها حتى تحرر تلك
الدموع المتحجرة ..
كان سالم مذهول من ردة فعلها تصور انها ستطرح سؤال عن من تكون تلك المتصلة، لكنها لم تفعل ولم
تبدي اي إهتمام ؟!…

يشعر أنها تود الصمت حتى لا تصدم من إجابته….
هل تشك به ؟…
ام تخشى شيئاً ما ؟!…
أبتسم بسعادة وهو يرى عينيها تتوهج بهم الغيرة
المجنونة….. ولكن أستغرب من انسحابها اثناء
المكالمة…..
فتح الخط وهو يدلف الى الشرفة جالساً على مقعداً بدخلها مراقب حبيبته التي توليه ظهرها وتقبض بيداها الصغيرتان على حاجز الشرفة… وتنظر الى البعيد بوجه محتقن…..
وضع الهاتف على المنضدة أمامه وفتح مكبر الصوت ليصل صوت( لمار) لكلاهما ….
تحدث سالم بهدوء…

“الو…… لمار عامله إيه… ”
ردت لمار عبر الهاتف بحبور….
“الحمد لله بخير …كويس انك سجلت الرقم زي ماتفقنا …على العموم المعدات والمكن اللي محتاجه للمصنع الجديد جهز وشحنه هتوصلك بعد أسبوعين ها مناسب ليك… ”
رد سالم وهو يتطلع على حياة التي توليه ظهرها
بصمت مستمع !….
“ااه مناسب اوي شكراً يالمار تعبتك معايا… ”
ابتسمت لمار من الناحية الآخره لترد عليه بلطف..
“ولا تعب ولا حاجه…. المهم انت عامل إيه.. اااه عرفت من فارس انك اتجوزت…. مراتك عامله إيه حياه مش كده….. ”
استدارت حياة له بوجه مندهش وعيون تُرسل له الكثير من الأسئلة …..
رد سالم وعيناه تفترس وجه حياة بدون رحمة..
“ااه أسمها حياة…. اجمل حياة ممكن تقبليها
يالمار…

ابتعدت بُنيتاها عن مرمى عينا سالم بخجل من حديث يُدغدغ الانثى داخلها ويرهق قلبها النابض بسعادة عشقه لها…..
هتفت لمار بسعادة…
“واوو…..لا اتحمست اوي اقابل الحورية اللي غيرتك لدرجادي ….على العموم انا هنزل انا
وعلاء ولاولاد واكيد هعمل زيارة ليك ومش
هنسى اخد الادنجوان بتعنا ….”
ضحك سالم وركز اكثر بالمكالمه قائلاً بمزاح..
“فارس…مبلاش فارس …كفايه العفريت ولادك..”
عضت حياة على شفتيها ليس فقط من ظنها بسالم ولكن بسبب احرج زوجها للمتصلة التي تُدعى لمار ! ..
“طب على فكره بقه فارس جمبي وسامع كلامك …
خد يافارس شوف صاحبك بيطردك بنفسه
لا وكمان مش عجبه الكتاكيت اللي عندي بيسميهم
عفريت يرضيك كده….”
رد فارس من عبر الهاتف وهو ياخذه منها

“عفاريت يابني ملافظ السعد……..دول شياطين…”صرخت لمار به بحنق عبر الهاتف ثم
ابتعدت عنه
“الو ياشبح ينفع تشمت فين لمار…”
ضحك سالم من قلبه وهو يتحدث الى فارس
تطلعت عليه حياة بعشق فهو حين يضحك
يعود اصغر واصغر سنٍ وكانه شاب في أوال
العشرينات…..
“طب هتيجي امته ياعم المهم مش كفايه سفر ”
رد فارس باختصار….
“هو كفايه انا كدا كده راجع…. واول مانزل مصر هنزل على النجع عشان أشوفك وشوف خطيبتي الصغيره…”ضحك فارس بمزاح……

رد سالم بعد تنهيدة…
“ماشي يافارس مستنيك….. في حفظ الله..
مع سلامه… ”
اغلق سالم الخط وهو ينظر الى حياة التي نظرت
له بصمت….
تحدث سالم وهو يحدق في عمق عينيها…
“دي لمار الحسيني…. مرات ابن عم فارس….و في بينا شغل بقاله اكتر من أربع سنين بستورد عن طريق تعاملتها برا مصر معدات ومكن للمصنع عندي سوى آلقديم او المصنع اللي بجهزه دلوقتي… ”
تنهدت وهي توليه ظهرها لتخفي عيناها عنه…
نهض ووقف خلفها مباشرةٍ مُلصق صدره العاري بظهره من الخلف، شعرت بعدها بسخونة جسده خلفها…..
مالى على عنقها بانفاسه الساخنة…. كأنت ترتدي حجاب ترتديه بعشوائية منذ ان دخلت الغرفة…
أبعد الحجاب قليلاً ليقبل عنقها ببطء… أغمضت حياة عينيها بضعف وسارت الرجفت على كآمل عمود ظهرها…وشعرت ببرودة جسدها على غير العادة..
لصق وجهه بوجهها جانباً وهو يتطلع على آلشمس
الناصعة أمامهم…والهواء الرطب المداعب لهم

وتلك الصحراء التي تطغى على المكان برغم من وجود الحياة بها ! …
بعد صمت طويل كان الحديث قد مات في تلك اللحظة… لكن الأجساد ولمشاعر وخفقات قلوبهم
يسمعون صوتها ويشعرون بها بوضوح…..
“عارفه….. الغيره حاجه حلو ويمكن تكون دليل
عن الحب…. ”
همهمت بحرج… ولم تقدر على الرد….
أبتسم من زواية واحده بعد ان أدرك مايدور داخلها الآن….
“ليه مكنتيش حب تسأليني عليها قبل ماتسمعي المكالمه….”
نظرت الى الناحية الآخره بتردد….
فقد كُشف امرها !!…
رد على سؤاله بيقين…
“كنتِ خايفه اصدمك مثلاً وتطلع مراتي…”

اومات براسها وهي تنزل دموعها….
مسك كتفها وادارها إليه لتواجه عينيه ناظرة له بحرج وخوف من ان ينغمس سالم في عاده من عادات هذا النجع وهي……. تعدد الزوجات ! ….
تشبثت عيناه الثاقبة عليها…
تنهد بهدوء بعد لحظة من تعلقه بعينيها الحزينة…
مسح دموعها بطرف أصابعه وهو يتحدث بحنان…
“وللهِ مجنونه… وعايزه تنكدي على نفسك
وخلاص.. ”
نظر لها اكثر وهو يكمل بجدية …
“المفروض تكوني اكتر واحده عارفه ومتاكده اني استحاله افكر في واحده تانيه غيرك… المفروض تكوني عارفه انك اول واحده في حياتي وأول حب يدخل قلبي …. المفروض تكوني عارفه
ومتأكده اني مستكفي بيكِ زوجه في الدنيا وفي

الآخره ان أراد آلله….
” انتِ اول واحده المسها ونام جمبها على سرير واحد…. انتِ الوحيده اللي بصبر عليها وبسامحها مهم عملت ومهم قالت….. ”
تنهد وهو ينظر الى عمق عينيها …
“المفروض تكوني عارفه اني بحبك..وان مفيش واحده تقدر تاخد مكانك او تعوضني عنك… ”
” سالم….. “اقتربت منه وغرزت اصابعها في شعره الغزير وهي تهتف بحب…
“اوعدني إنك عمرك ما هتفكـ…”وضع أصابعه على شفتيها وهو يقول بنبرة جادة…
“من غير ماتقولي….انا عمري ما هكون لوحده غيرك ياحياة…”
احاطت بكلتا يداها وجهه وهي تقول بحب…
“انا بحبك اوي ياسالم بحبك أوي…”
عانقته بقوة وهي تبكي فدوماً تحاربها بشراسه زوبعات شيطانها بأنه ممكن ان يتركها لأجل اخرى
او تشاركها به امرأة آخرى….
تحترق حينما ياتي في عقلها تلك التراهات اللعينة
ولكن حديثه قد أخمد نيران الغيرة والخوف

داخلها…
ضمها الى أحضانه أكثر دافن وجهه في جوف عنقها بشوق..غلبته اللحظات فوجد لسانه يهتف بما يعتريه
نحوها أكثر…
“آآه…. ياحياه يارتني قبلتك وحبيتك من زمان يارتني …… بحبك ياحياة بحبك ومش عايز من الدنيا دي غيرك…..بلاش تشكي في حبي ليكِ صدقيني محدش ملك قلبي غيرك ومستحيل
أقبل ببديل مهما كان…..”
ابعدها عنه وقبلها من قمة رأسها وهو يقول بنبرة صوتٍ لا تعرف إلا الصدق…..
“اطمني ياحياة.. انتِ الأولى ولاخيره في حياتي
اطمني …. ”
نظرت لعينيه ومن ثم لشفتيه ثم هتفت بحموج عاشقه….
“مطمن طول مانت جمبي….”بادرة بوضع شفتيها على خاصته ليقود هو القبلة بحب وتبادله هي الحب
اشتياق وامتلاك متقد….
إدمان العشق….
(مثل اي إدمان قاسي على الجسد ولقلب مثل اي إدمان يراه البعض سيىء ونراه نحنُ افضل من الجيد واذا كان الإدمان عن العشق والهوى !..فتذكر انك اخترت أقوى المشاعر لتحيا بها !!…..)
———————————————————
كانت تجلس في شرفة غرفتها شاردة في حديثه

باستمتاع قلباً يهوى بجنون ! …
كانت تمسك بين يداها العقد الذي اهدها لها في بداية زواجهم والتي وضعت بها صورته وصورة
ابنتها ورد…. كانت تمرر أطراف اصابعها على
الإسم المفحور خارجها …(ملاذ الحياة)….
أبتسمت بحب وهي تفتح هاتفها وتلج به على موقع
التسوّق اون لاين……. ظلت تبحث به عن شيء معين لها وحين وقعت عينيها على هذا الفستان الأحمر ذات القماش الامع لمعة براقة
(توب الموديل) قصير بشكل جذاب للاعين
ابتسمت بسعادة… وهي تطلع إليها وداخلها تهتف بحب…..
“لازم النهارده يكون يوم مميز … ”
فتحت العقد مره اخرى وهي ترمق صورته بحب…
“كل سنه وانت جمبي…. “قبلة إياها بحنان..
بعد حوالي عشر ساعات على تلك الأحداث …
كانت تقف في غرفتها وتضع آخر لمسات زينتها

أمام المرآة……
كانت ترتدي هذا الفستان الأحمر الذي اشترته عبر
هذا الموقع !…..كان الفستان جميل بطريقة تحبس الأنفاس….. كان احمر اللون … كان يكشف نصف ظهرها الأبيض وذراعيها ,وطوله يصل الى نصف فخذيها …وضعت بعض الزينة التي كانت هادئة على ملامحها الرقيقة… عضت على شفتيها الملطخة بحمرة الشفاة صارخة الإغراء ! ….تفقدت شعرها الأسود الذي ينساب بحرية على ظهرها العاري..
إبتسمت برضا لمظهرها الخلاب..ثم استدارت لترمق الغرفة بنظرة شاملة فقد نالت هي أيضا ما تستحقه من زينة تليق بهذا الجو الشاعري….
فكانت الغرفة يملأها البلونات الحمراء وشموع
ساهرة على شكل قلوب حمراء اللون…. و أوراق الورود الحمراء والبيضاء مُتناثرة على الفراش على شكل قلب كبير ، اما إضاءة الغرفة فكانت خافته بضوء شاعري… وكان أيضاً يحتل المنضدة طعام العشاء وبجانبه بعض الشموع الساهرة….
فعلت كل شيء لترى السعادة في عينا سالم
وتكون هي سبب ذلك الشيء البسيط …
هو قدم لها الكثير حديثاً وفعلاً ولأن
حان وقتها هي حتى تقدم له بعض آلحب والراحة
في ليلة على ضوء القمر يسحرون مشاعرهم
بسحر خالص لم يُبطل أبداً بينهم !….
سمعت صوت سرينة سيارته ابتسمت بتوتر وهي
تنظر الى هيئتها مرة اخرى عبر المرآة…..

تمتمت بتوتر….
” يترى هيحب المفاجأه…وهتعجبه.. ”
بعد دقيقتين
اقتحم جنونها وفرط توترها ….دخول سالم من باب غرفتهم بفتور معتاد ….
استدارت له ونظرت له بابتسامة مهزوزة وهي تدقق
النظر إليه اكثر حتى ترى تغير ملامحه في تلك
اللحظة…..
دخل بهدوء الى الغرفة وأغلق الباب فوجد الغرفة
بها شيءٍ مريب على غير العادة … لم يكن مريب كما تصور بل كان جميل ، جو شاعري بالرومانسية والمشاعر الملتهبة بالاشواق بينهم والتي لا تخمد
بداخلهم أبداً ..
تجولت عينا سالم على كل ركن من اركان الغرفة بدهشة وإعجاب من تخطيط ملاذه لكل هذا
من اجله فقط ! ….
لا ينكر أنها اسعدت قلبه وانعشت روحه بهذهِ اللحظة ، وحين استقرت عيناه عليها على هيئتها وتفصيلها المُغرية لعيناه ، و ما ترتدي من فستان يبرز انوثتها بسخاء ! و وجهها الصارخ جمالاً وفتنه له وشعرها العاشق له والى سواد لليله الطويل ….
استقرت عيناه اكثر على شفتيها المكتنزة قليلاً
والتي تطلى إياها بالقرمزيّ الصارخ….
“معقول انا كنت اعمى اوي كده ”
ابتسمت حياة على شروده المبالغ فيه وجملته التي
قالها وسط شروده بها…..
اقترب منها ببطء …وعيناه تفترس عينيها ووجهها
بنهم شديد…..

وقف أمامها واصبح لا يفصلهم شيء تحدث بعد
لحظات من تأمله لها …
“انتِ ازاي كده…. ”
ابتسمت بحب وهي ترد عليه ببراءة زائفة…
“ازاي إيه مش فاهمه قصدك…. ”
مال برأسه عليها اكثر والصق جبهته بها وقال
بصوتٍ أجش دغدغ انوثتها بشدة….
“ازاي حلوه اوي كده…… ”
ابتسمت بخجل وهي ترد عليه مغمضت العين …
“أنت احلى ياحبيبي…. ”
“حياه…. انتِ عملتي ده كله عشاني…. ”
همهمت وهي تعض على شفتيها بقوة ولم تفتح
عيناها بَعد…..
نظر لها سالم والى توترها فستقرت عيناه على شفتيها التي تقضمه بخجل تأوه
بضعف وهو يقول……
“مش كده ياحياة… المفروض كده…. ”
قبل ان تفهم ماذا يعني كان قد اخذ شفتيها من
تحت اسنانها الى مكانهم المناسب…. قبلها بحب
كانت القبلة ناعمة حانية وبرغم من النيران التي اشعلتها داخله مُهلكة قلبه… الا إنهُ حاول الإمساك بالصبر حتى لا ينهي ليلتهم سريعاً ! ….
أبتعد عنها بصعوبة فقط حين شعر أن القبُلة ستأخذ طريقها المعتاد معه…..
ابتسمت حياة بحرج وأغمضت عينيها من فرط لذة المشاعر بينهم…… كان مزال على وضعه بالقرب
منها وجهاً لوجه….

هتفت حياة وهي تبتعد عنه وتوليه ظهرها بحرج…
“انت على طول مستعجل كده … ”
وضع يده في جيب بنطاله وهو ينظر الى ظهرها
وأبتسم بعبث قائلاً….
“احمدي ربنا اني لسه فيا شوية عقل اقدر اسيطر
بيهم على نفسي قدام الجمال دا كله… ”
دغدغ انوثتها اكثر و زاد كبريائها وثقتها بنفسها أكثر واكثر..
استدرت له ونظرت له بحب وهي تسأله بتردد..
“سالم هو انت بتحب الموسيقى… ”
لم يفهم مقصد كلامها ولكن رد بفتور….
“ااه بس الهادية بحبها اكتر….. ”
اتسعت ابتسامتها أكثر…. وذهبت الى ركناً
لتدوي بعدها موسيقى هادئة ساحرة على الاذن تليق بهذا المكان الذي صنعته بيداها فقط لاجل ان تحيا مع حبيبها للحظات خاصة مليئة بالحب والحميمية
المشبعة بشوق…

اقتربت منه وقفت أمامه قائلة بصوتٍ عذب…
“ينفع ا…. ”
قبل ان تكمل حديثها قد وضع يده على خصرها بإمتلاك وقربها منه اكثر … ويدهُ الاخرة اشتبكت بيدها آلصغيرة…اما يدها الاخرى فوضعتها على كتفه بحب، تلاقت اعينهما وهم يتمايلون بخفه على اوتار
الموسيقى الهادئه…
العشق الخالص !….
بدأت اجسادهم تتمايل بخفة وهم ملتصقون في أحضان بعضهم بحب..كانت الاضوء الخافتة
ولشموع الساهرة على ضوء القمر تكمل ألحان الموسيقة بينهم….
كانت في أحضانه وبين يداه تسير على السحاب الأبيض هكذا رأت وشعرت معه…. وهو كذلك شعر معها وكانهم اختفوا عن هذا العالم ، لعالم يكتفي
بهم سوياً !….
همست حياة بحب…
“حسى اني بحلم ….بجد انت نصيبي ولهدايه اللي
كانت مستخبيه ليا من سنين…..”

ابتسم وهو ينظر في عينيها والى عمق بريق العشق بهما قائلا….
“مش انا اللي هديه ياحياة…. انتِ اللي اجمل هدية هفضل اشكر ربنا عليها طول عمري …..”
اقتربت منه ووضعت راسها على كتفه لتترك كف يده وتعانقه بقوة هامسه له بنبرة عاشقة….
“بحبك ياسالم بحبك اوي …..ربنا يخليك ليا
وما يحرمنيش منك ابداً….. ياسندي…..”
ياسندي !!…
جميلة الكلمة من شفتيها الكريز جميلة وغمرة قلبه بالسعادة اكثر من لازم …كانت بسيطة ولكن تعني الكثير له ولها ايضاً……
بادلها العناق اكثر بصمت ولكن احضانه لها كانت تتحدث بنيابة عنه…….
لحظات مرت عليهم همسات وحب متبادل ولمسات عابثة تحكي عن مدى اشتياقه لها …..
نظر سالم الى شفتيها بجوع قائلاً وسط احاديثهم
الفاترة..

“هتصدقي لو قولتلك انك وانتِ معايا بتوحشيني أكتر….”
ابتسم ثغرها الأحمر وهي ترد عليه بخفوت..
“انت كمان بتوحشني حتى وانت جمبي…”
تحدث بعبث وهو يمرر اصابعه ببطء على شفتيها
“تعرفي ان ده مرض ولازم يتعالج….”
اغمضت عينيها وفتحتهم بحرج وهي تساله
ببراءة
“مرض إيه….”
نظر اليها بمكر وتحدث ولكن بنفس الخفوت…
“المفروض تساليني بيتعالج ازاي….”
نظرت له بضياع عاشقة وهي تسأله بنفس
الخفوت

“طب بيتعالج ازاي ….”
“هقولك ياملاذي…..”مالى عليها بانفاسه الساخنة
وقطف شفتيها في قبُله حارقة للشوق ولاشتياق
لها قبُله تقتل كل شيء إلا آلحب الذي سيولد
هذا الشعور من جديد في للحظة ابتعاده فقط
عنها !…
كان يُقبلها بنهم ومشاعر حارقة بينهم.. لم تشعر بنفسها وهو يحرر عنها فستانها الأحمر…
اصبحت بين يداه كاريشة في مهب الريح امام سيل
عواطفه المجنونة…..
ومن بين رياح تلك العاصفة وجدت نفسها ترتفع في الهواء وهو يحملها إليه بقوة…. متجه بها الى الفراش كانت شفتاه لا تكف عن ألعب على أوتار ضعفها !
وضعها برفق وهو ينظر اليها وهمس بكلمة واحدة
قبل ان يسحبها معه الى عالمهم الخاص …
“بحبك……”
اخر ما سمعته منه فقط أفعال أشوقه كانت هي
التي تتحدث بعد همسه العذب…..
———————————————

بعد مرور أسبوع……
في صباح….
وضعت ريهام كوب من العصير امام والدتها قائلة
بثبات….
“خدي يامااا اشربي عصير اللمون ده يمكن
تهدي.. ”
هدرت بها خيرية بغضب
“انا مش هاهده ولا هيهدالي بال غير لما نخرج من النجع ده احنا هنسافر بكره وخلص آلكلام لحد كده
ياريهام ….”
نظرت ريهام الى كوب العصير وهي ترد عليها بغموض..
“متقلقيش يامااا احنا هنسافر الليله…. ”
اتسعت عينا خيرية بعدم تصديق…
“بجد ياريهام خلاص قررتي تسفري السويس معايا عند خالك…. ”
مسكت ريهام كوب العصير ومدت يدها به لوالدتها قائلة بنبرة مبهمه….
“ايوه هسافر معاكِ عند خالي… خدي اشربي بقه العصير ده عشان يروق دمك…. ”
مسكت خيرية كوب العصير وارتشفت منه تحت أنظار ريهام الماكرة…
قبل ذاك الوقت…..
جلست حياة في صالون بجانب ريم ويبدو عليها الإرهاق والتعب من اثار الحمل على جسدها…
“معلشي ياريم تعبتك معايا… “

زمت ريم شفتيها وهي ترد عليها بمزاح…
“ولا يهمك بكره لم اتجوز وجيب نونه هخليكي توديه المدرسه بنفسك…. ”
أبتسمت حياة وهي تقول لها بحبور..
“من العين دي قبل العين دي… دا هيبقى ابن اختي وصاحبتي الواحيده…. ”
ابتسامة ريم وهي ترد عليها …
“طب مانا عارفه…. و ورد برضه بنت اختي الكبيره
ومفيش احراج مابين الأخوات وبعضها ولا إيه.. ”
ضحكة راضية الجالسة معهم وهي تدعي لهم
بحنان..
“ربنا يحفظكم ياحبيبي ويخليكم لبعض… “

ردد الإثنين معاً….
“ربنا ياخليكي لينا ياماما راضية…. ”
وقفت ورد امامهم قائلة بحماس..
انا جاهزة ياخالتو ريم مش يلا بينا… ”
ابتسمت ريم لحياة وهي تنهض قائلة…
“البت مستعجله على اللعب…. بكره لم آلموضوع يدخل في الجد هتقولك اعمليلي أجازه
مرضيه ياماما.. ”
ابتسمت حياة وهي ترد على ريم بخبث…
“طلع لخالتها….. “

ضحكة ريم وهي تاخذ يد ورد بين يدها خارجه بها خارج المنزل …
نظرت حياة لهم وهم يبعدون عن مرمى ابصارها…
نهضت سريعاً ونادت على ابنتها قبل ابتعدها عن عينيها …
“ورد… تعالي ياحبيبتي…. ”
استدارت لها ورد لتاتي لها سريعاً تاركه يد ريم التي نظرت الى حياة باستغرب…فكانت حياة شاحبة آلوجه يبدو عليها الإرهاق ولتعب بكثرة
هذا آلصباح….
حين وقفت ورد أمام حياة نزلت حياة لمستواها
ومسكت كتفها بين يداها وهمست لها بحنان..
“خدي بالك من نفسك ياورد…. ”
نظرت ورد لها بعدم فهم تسألها ببراءة..
“حاضر ياماما…. بس مالك انتِ تعبانه عشان
النونه ….”
ابتسمت لها حياة وهي تمرر يدها على شعر

صغيرتها بحنان …
“لا ياحبيبتي انا كويسه……يلا عشان تلحقي
الحضانه….”
ودعتها حياة بعناق قوي وهي تستنشق رائحتها بشوق لا تعلم لما تشعر ان هناك عاصفة قادمة و تهب عليها الريح الخاص بها تجعلها تشعر بالارتعاد من القادم….
ابتعدت ورد عن والدتها ببطء وامسكت بيد ريم.. لتبادل ريم النظرات مع حياة… سألتها ريم بعينيها
بقلق هزت حياة رأسها بهدوء وهي تبتسم ابتسامة باهته ..
بعد نصف ساعة صعدت حياة الى غرفتها بعد ان استأذنت من الجدة راضية بانها تود آلنوم قليلاً
من شدة الإرهاق…..
خرج سالم من المكتب وهو يمسك بين يداه ملف
عمله….

“صباح الخير ياحنيي….أمال فين حياة و ورد… ”
سألها وهو يبحث عنهم بعيناه …
ردت عليه راضية بفتور وهي ترتشف بعض القهوة..
“ورد راحت الحضانه وريم راحت توصلها.. عشان حياه شفتك مشغول في المكتب بقلك اكتر من ساعتين…. ”
جلس سالم بعد ان وضع الملف أمامه على سطح المنضدة ومفاتيح السيارة كذلك….
“فعلاً اتاخرت عليكم بس انا بحضر لاجتماع مهم عشان المصنع الجديد اللي لازم يتفتح على اخر
الشهر ده…. ”
“ربنا يقويك يابني ويزيدك من فضله… ”
رد عليها بعد تنهيدة…
“امين ياحنيي…. المهم هي حياة فين… ”
ردت عليه بهدوء…
“حياه تعبت شويه فطلعت تستريح في
اوضتها…. ”
نهض بهلع واضح وهو يقول بسرعه…
“تعبت….. تعبت ازاي يعني…. ”
مسكت راضية يده وقالت بنفس الفتور….
“متقلقش يابني دول شوية إرهاق بسبب الحمل وهي طلعت تنام يجي من نص ساعة كده زمنها نامت
بس بلاش تطلع وتصحيه…. انا شويه وهقوم أطمن عليها….”
نظر الى راضية بتردد….
“خلاص بقه ياسالم قولتلك دول شوية إرهاق من الحمل…. ”
صدح هاتفه قبل ان يرد عليها…. اخرج الهاتف من جيب بنطاله ليرى هواية المتصل… التقط مفاتيح سيارته من على المنضدة سريعاً مُتناسي أمر ملف العمل المهم……
“انا لازم امشي دلوقتي ياحنيي عشان الإجتماع
هتصل بيكي بعد ماخلص عشان أطمن على حياة.. ”
اكتفت راضية بإيماءة بسيطة وهي تبتسم له بلطف …..ذهب سالم على عجله…
إبتسمت راضية وهي تدعي له بتيسير الحال..
———————————————————
“امااا يامااااا….. “خبطت ريهام على وجه خيرية
التي استلقى جسدها على الأرض كالجسد بدون

روح…..
ابتسمت ريهام وهي تتأكد من نبضات قلبها
وانفاسها كذلك… هتفت بغموض شرس….
“نامي ياغاليه وحق ابوي وحق اخويه خلاص جه وقته ومحدش هياخده غيري…. معلشي ياماا انتِ كنتِ جزء من الخطه…. ”
تذكرت ما فعلته منذ نصف ساعة…. حين وضعت حبوب المنوم في عصير الليمون قبل ان تعطيه الى
خيرية !…..
ركضت ريهام وهي تضع العباءة والوشاح عليها بعشوئية….
____________________________________
وضعت قنينة البنزين في ركناً ما خارج بيت
رافت شاهين…..
أبتسمت ريهام بشظايا شيطانية وهي تخبط على باب البيت بعويل وتمثيل خبيث …
“اااه الحقيني ياحنيي الحقوني ياخلق امي هتموت ياعالم الحقوني ااااه ياني حد يلحقني… ”
فتحت مريم الباب لها بصدمة…
سارت ريهام بسرعة من جوارها راكضة سريعاً الى داخل البيت متجهة الى وجهةٍ معينة….
وقفت راضية مفزوعة على صوت ريهام تسألها بهلع
“مالك ياريهام يابنتي في إيه… إيه اللى
حصل معاكي… “

ركضت ريهام لها وهي تحشرج صوتها وتزرف الدموع الخادعة بكثرة وهي تقول….
“امي ياحنيي وقعت على الأرض مره واحده وبفوقها مش بتفوق الحقيني ياحنيي وساعديني
انا مش بقيلي في دنيا غيرها…. ”
ربتت راضية على يدها وهي تقول بحنان..
“متقلقيش يابنتي ان شاء الله خير انا جايا
معاكِ.. ”
ارتدت راضية عبائتها السوداء ووشاح كبير ونهضت سريعاً لذهاب معها…
لكن قبل خروجهم اوقفتها ريهام وهي تتحدث ببكاء..
“خلي مريم تيجي معانا ياحنيي عشان تساعدنا
واحنا بنطلع امي لاوضتها….”
نظرت راضية الى مريم الواقفة فعادت بانظارها الى
السلالم المؤدية الى غرفة حياة…ومن ثم الى ريهام ودموعها المبلل وجهها…. ترددت قليلاً ولكن اقنعت نفسها انها لم تلبث هي او مريم هناك كثيراً فقط لحين اطمئنان على خيرية وستعود على اي حال…
بدأت تقنع نفسها ان حياة نائمة الآن ولن تستيقظ الى بعد فترة…
حسمت امرها وقالت…

“تعالي معانا يامريم يابنتي…. ”
بعد ان فتحت لهم ريهام البيت وبعد ان رأت راضية ومريم مشهد خيرية الواقعة على الأرض وجسدها
مرتخي بطريقة مريبة بعد آلشيء….
صاحت راضية وهي تجلس بالقرب من خيرية تتفحصها….
“اتصلي بادكتوره ياريهام مستني إيه… يمكن تكون غيبوبة سكر…. ”
مالت ريهام بخبث وتخفي وهي تضع يدها في حقيبة راضية لتاخذ مفتاح منزل (رافت شاهين) بين قبضة يدها بخبث…..
“حاضر ياحنيي هروح اتصل بيها…. ”
ذهبت ريهام إتجاه الباب لتخرج من المنزل في الخفئ !…..
تحدثت راضية الى مريم قائلة بقلق…
“ساعديني يامريم يابنتي…. ”
اومات لها مريم وهي تميل على خيرية لمساعدتها…
دلفت ريهام الى منزل رافت شاهين وفي يداها قنينة متوسطة الحجم تفوح منها رائحة البنزين…
صعدت على السلالم المؤدية الى غرف نوم البيت
بأكمله و كانت عيناها بركتين من النار الحارقة
وشفتيها تبتسم بطريقة بشعة فقد اقتربت من
تنفيذ مخطط اخذ وقتاً كبير في الإعداد له….
وقفت امام غرفة حياة ووضعت يدها على مقبض
الباب لتدلف إليها وتغلق الباب خلفها بقوة

بالمفتاح….
في ذات الوقت انتفضت حياة من نومها بفزع وهي ترى ريهام أمامها تنظر إليها بغل وشر…
“ريهام….. بتعملي إيه هنا…. ”
تحولت أنظار حياة الى المفتاح المتعلق في مزلاج الباب..
“انتي بتعملي إيه بظبط .. وبتقفلي ألباب ليه… ”
نهضت حياة بوجه يشوبه الانفعال…..سارت نحو باب غرفتها عازمه النية على فتحه واخراج عديمة الحياء من هنا….
حين مرت حياة من جوار ريهام بعصبية مسكتها ريهام من ذرعها بقوة وحقد….
“راحه فين يامرات حسن….. يووه نسيت يامرات سالم معلشي ازاي نسيت إنك خطافت رجاله وكل يوم في حضن واحد شكل…. ”
اكفهر وجه حياة واحتدت عينيها من مهانة كلماتها
اللعينة عليها…هتفت بعصبية وغيظ…
“احترمي نفسك ياريهام… ويلا اخرجي بــرا اوضتي عشان انا مليش حيل اتكلم معاكي و رد على كلامك ده بنفس أسلوبك الرخيص….وبعدين مش انا اللي اتجوزت تلات مرات وتفشتهم بطلاق كذا مره عشان خاطر واحد مش مديني حتى ريق حلو في كلام…”
رمقتها حياة بازدارء وهي تكمل ببرود…
“انا مش عارفه بصراحه اي دخلك البيت بعد اللي حصل فيكي من سالم لدرجادي معندكيش ريحة الدم…”
نظرت لها ريهام بشر و وجهاً لوجه ردت عليها
بغل…
“انا جايه هنا عشان اصفي حسابي وحساب ابويه واخويه ولحساب مش هيتصفى غير عن طريقك انتي يتربيت الملجئ….ماهو انا بصراحه بتلكك عشان ارد كرامتي اللي داس عليها جوزك عشان خاطر عيونك… ”
ضحكت ريهام ببرود قائلة باهانة لإذاعة…
“مش عارفه بيحب فيكي إيه… لا جمال ولا مال ولا عيله ولا فصل ولا اصل… ولا آي حاجه تملكيها عشان يتمسك فيكي لدرجه دي ويرفضني انااا…بنت عمه
فضل عليا واحده بنت حرام زيك… “

بلعت حياة المهانة بصعوبة وهي ترد عليها باجمل
أبتسامة تمتلكها فقط لاغاظتها اكثر …
“يمكن يكون عندك حق انا معنديش كل الصفات
اللي ذكرتيها….. لكن انا عندي اللي مقدرتيش تاخديه ياريهام…. سالم شاهين…. ولي بيني وبين سالم
حاجه صعب يوصلها عقلك ويحس بيها قلبك
قلبك الأسود…”رمقتها بسأم وهي تقول…
” بجد تستحقي الشفقه…. ”
~~~~~~~~~~~~
اوقف سالم السيارة فجأه في نصف الطريق وهو
يمرر يداه على وجهه بضجر….
“مش معقول هرجع كل ده…. “

نظر الى ساعة يده بضيق…. فالملف الذي ظل أسبوع يحضر فيه ملاحظات تطور المصنع الجديد وعرضها على الموظفين في الإدارة كي يسير العمل بعدها على هذا النهج الجديد الذي أضافه في ذاك الملف الموضوع الآن على المنضدة في قلب صالون البيت!.
فتح الهاتف على كامرات المراقبة آلموضوعه في بيته منذ فترة ولم يحاول تغيرها او تناسى أمرها !….
كان يحاول ان يتأكد من وجود آلملف في المكان الذي قد وضعه به….. ولكن لا يعرف لم قلبه قاده
الى غرفة نوم حياة للاطمئنان عليها فباله كان
مشغول عليها من وقت خروجه من المنزل….
دقق النظر قليلاً فاحتدت عينيه فجأه
وهو يرى ريهام تقف وجهاً لوجه أمام حياة ويبدو ان هناك شجار انثوي حاد على وشك البدء….. هذا ما ظنه … ولكن دوماً العين تجفل عن كشف ستار الشر من حولها…
اشعل محرك السيارة للعودة الى البيت باقصى سرعه…..
يتبع…
“انا عارفه انك امتلكتي قلب سالم وده لسوء حظك عشان وقعك في سكتي…. واحلى حاجه اني هشفي غليلي منك وحرق قلبه عليكي يابنت الحرام… “

اصطدم رأس حياة براسها بمنتهى الغل والشر
حدث كل شيء في غمضة عين فكانت لا تزال حياة تقف تترجم كلماتها الحاقدة لتشعر بالم في جبهتها
وبعدها ترنح جسدها لتقع سريعاً على الأرض…

شعرت بقطرات الدماء تنزل من رأسها،كان الجرح بسيط بعد الشيء…هتفت حياة بتاوه…

“انتي مش طبيعيه انتي اكيد اتجننتي…. آآآآآه… “

لم ترد عليها ريهام بل انقضت على جسدها كنمرة الشرسة وهي تحاول لكمها في بطنها بمنتهى الغيرة والحقد وهي تصيح بجنون اعمى…
“لازم أحرقك يابنت الحرام مش لازم تعيشي هحرق قلبه عليكي… وقبل ده كله هحرق قلبك على اللي في بطنك هحرق قلبك قبل مولع فيكي بأيدي … “

صرخت حياة وهي تحاول النهوض باتجاه الباب..
“لاااا… لااااا… ابعدي عني.. “

ركضت نحو الباب محاولة الهروب منها مسكت المفتاح بداخل مزلاج الباب حاولت ان تحركه
ولكن وجدت ريهام تقيض حركاتها مرة اخرى بقوة

أثناء تملص كلتاهما وقع المفتاح في لأرض بعيداً عن مرمى البصر…..

“تعالي هنا راحه فين…. ”
جذبتها ريهام عنوة عنها ، وهي تهدر بها بغل… كانت ريهام اقوى من حياة في الجسد وفي الحركة كذلك فكان من السهل الانقضاض عليها جسدياً وهذا سهل الأمر على ريهام أكثر بسبب حمل (حياة) ومضاعفاته عليها…

نزلت دموع حياة وهي تتوسلها بضعف وتعب..
“ابعدي عني ياريهام حرام عليكي ابني هيموت.. ابوس اديكي ارحميه.. “

مزالت تُلكمها ببطنها بقوة تارة تصيبها بقبضة يدها وتارةٍ تتجاوز قبضتها حياة دفاعاً عن نفسها وعن جنينها…

سمعت ريهام سرينة سيارة سالم معلنةً عن وصوله الى المنزل في هذا الوقت !!!..

نهضت ريهام بسرعة وبهلع وهي تحاول تذكر شيئاً
مهم…
“الباب مقفول انا قفلته قبل مادخل اكيد هياخد وقت على مايفتحه….. “

ترجم شيطانها سريعاً ان عليها إنتهاء ما اتت إليه
وذهاب سريعاً من باب المطبخ في الخفئ….

زحفت حياة على قدميها بتعب وهي تضع يدها على بطنها بأعياء زحفت بقدميها الى اخر الغرفة سندت ظهرها على حائط غرفتها وبجوارها باب المرحاض المغلق !….

بدأت ريهام بسرعة وبدون ان تركز على موقع جلوس حياة التي فقدت القوة الجسدية على النهوض او الحديث وهي ترى أمامها ريهام تفرغ البنزين من تلك القنينة أمام باب الغرفة وبجانب الفرش.. انتهت من افراغ محتواها في كامل الغرفة بإستثناء الموقع الجالسة به حياة !….

سمعت صياح سالم الحاد بالاسفل وهو يلفظ اسمها بقوة ….
“ريهاااااااااااااام….. ريهااااااااااام… افتحي الباب
افتحي ياريهااااااااام……. اقسم بالله ما هرحمك
افتحي بقولك…. “

بدون تركيز وبهلع اشعلت النار لترمي عود الكبريت
في قلب البنزين مُشعله النار على اثارها سريعاً…

استدارت ونظرت الى حياة الجالسة بصدمة تنظر الى النيران المشتعلة في غرفتها….

وضعت ريهام يدها على مقبض ألباب فوجدت ألباب مغلق ولمفتاح ليس به….. بهت وجهها وهي تنظر الى النار المشتعلة بقوة خلفها وشعرت بها تذيد بكثرة بسبب اقماشمة الغرفة والستار التي اكلتها النيران بضراوة….

حاولت آلبحث عن المفتاح ولكن بدون جدوى مختفي عن مرمى البصر….

في أثناء انشغال ريهام بالبحث عن مفتاح الغرفة
نظرت حياة حولها وهي تسعل من آثار الدخان المنبعث سوادٍ حولها… والنار التي تزيد للهيبٍ
كلما أكل الحريق غرضاً من الغرفة….
تحركت عينيها وهي تسعل بضياع لتتشبث بُنيتاها
على باب مرحاض غرفتها المغلق… زحفت اليه بدون تفكير وبسرعة وتعب دخلت إليه واغلقته خلفها … لتاكل النار مكان حياة بعدها بدون رحمة ! …

سعلت ريهام بقوة بعد ان فقدت الأمل في إيجاد
مفتاح الغرفة خبطت على الباب بقوة وهي تسعل
“الحقني ياسالم …..النار….. آآآآآه…. “

وجدت النار تمسك في ملابسها من الخلف اي عند ظهرها مباشرةٍ…….

ركضت في الغرفة كالمجنونة بهلع فزاد اشتعال
النار اكثر بها ومسكت بجسدها بأكمله ، اختفت الرؤية عن عينيها ولم تشعر بشيء سوى الاحتراق الجسدي في كآمل جسدها….

(من حفر حُفرةٍ لأخيه وقع بها… وتذوق آلامها
اضعاف تتضاعف بقدر اعمالك السيئة في
الحياة !!…..)

ظلت تصرخ ريهام بعويل بشع….

وضعت حياة يديها الإثنين على اذنيها بقوة وهي تبكي بصمت وجسدها يرتجف رعباً…..

في لأسفل مسك سالم حجر ثقيل متوسط الحجم
وبدأ في ضرب زجاج باب المنزل به، تحطم الزجاج بعد عدة ضربات قوية رمى سالم مابيده…. ومد يده داخل فتحة الباب ، فتح بعدها الباب من الداخل…. وصعد بسرعة على الدرج وقلبه يعتصره المًا
من رائحة الدخان المنبعثة من غرفتهم……

وصل امام باب الغرفة في وقت يكاد لا يُحتسب..
حاول فتح الباب ولكن كان مغلقاً….

ابتعد عنه ليركض عليه بقوة جسده مره اثنين
ثلاثه أربعة فُتح الباب واقعاً….

نظر حوله منادياً على أسمها بكل ماوتي من قوة
“حياااااااااااة……. حياااااااااااة….”

ردت عليه من خلف باب المرحاض بتعب وهلع..
“سالم انا هنا…… خد بالك عشان النار….. “

ركض خارج الغرفة لغرفة اخره ممسك غطاء
ثقيل….. و وضعه على راسه وحول جسده وكتفه
ودلف بسرعة وسط النيران المحيطة بالغرفة بأكملها وتكاد تكون اكثر تناثراً امام باب المرحاض ….

فتح الباب وهو ينظر لها بهلع وجدها تجلس على
الأرض والدماء تسيل ببطء من تحت قدميها….

اتسعت عيناه على ملامحها وشكلها… ولكن ليس وقت الاندهاش عليه ان يسرع النيران تتزايد
في الغرفة من حولهم…..

حملها على ذراعيه وكان الغطاء الثقيل مزال على راسه وكتفه وظهره… هتف بأمر وصوت متحشرج
من منظرها المشفق عليه…..
“امسكي في البطنيه كويس ياحياة غطي جسمك وراسك بيها…… بسرعه ياحياة عشان النار
متأذكيش….”

أومأت له بتعب وفعلت مثلما أمر…..

دلف وسط النار كما فعل اصطدمت عيني سالم على جسد ريهام المتفحم أرضاً…تمتم بغضب..
“كان نفسي اشرب من دمك بايدي.. بس ربنا خد حقها منك وحفظها ليا…. وده في حد ذاته رحمه
ليها وليا…”

خرج بها من الغرفة بسرعة لخارج المنزل
وضعها في سيارة بجواره ودلف جالساً من
الناحية الاخرة….

نظر لها ثواني معدودة وبدلته النظرة بوجه مبلل بدموع واحمر رعباً وذهول من ما مرت به……

مسك ذرعها بقهر عليها واعتصر جسدها في أحضانه

تعالت شهقات بكاء حياة اكثر داخل أحضانه

همس سالم لها وهو يحارب دموعه من الهبوط أمامها…
“انا اسف ياحياة…. سامحيني….انا السبب.. “

شدت جسدها اكثر في أحضانه ومزالت تبكي بصوت عالٍ اردفت بصوتٍ شجن….
” انت ملكش ذنب ياسالم…..هي اللي… “

صمتت ولم تكمل حديثها…
ابعدها عن أحضانه بقلق وجدها فقدت الوعي و وجهها شاحب شحوب الأموات…..

ارجع المقعد الجالسة عليه حياة للخلف كاسرير صغير وانطلق بسيارة سريعاً……

الخوف عليها هو إحساسه في تلك اللحظة العصيبه !!.

ولا يفكر عقله الآن إلا بها !…

يقف أمام غرفة العمليات منذ ساعات معدودة…
القلق يتزايد عليها وعلى من كان سبب رابط
حبهم وعودتهم لبعضهم……

خرجت الطبيبة من غرفة العمليات وذهب إليها
سريعاً قال بلهفة
“حياه عامله إيه دلوقتي يادكتوره….. “

ابتسمت الطبيبة بوجهها البشوش وإجابته بــ….
“متقلقش يادكتور سالم…. حياة بخير والحمدلله
قدرنا نوقف نزيف الدم.. والجنين الحمدلله بخير
محصلش ليه حاجه لان النزيف كان بسيط
وسبب كان ضغط نفسي او اتعرضت لحاجه
مقدرتش تستحملها….. كمان وقعت السلم
اللي سببت ليها الجرح الى في دماغها
عقمت الجرح وخيطه ليها….”

قاطعها سالم بعدم فهم….
“ثواني يادكتوره …انتي لسه قايله وقعت سلم
سلم إيه مش فاهم حضرتك…..”

تكلمت الطبيبة بشك…
“حياة قبل ماتدخل العمليات سالتها مين عمل فيكي كده ..ردت عليا ان اللي حصلها ده وقعت سلم .”

جفل سالم عن تفحص الطبيبة له التي تسائله
بعينيها بشك….

“طب ممكن ادخلها ….”

ردت الطبيبة عليه بهدوء…
“ااه اتفضل هي ساعة كده وهتفوق من البنج …”

———————————————————-
دلف الى غرفة المشفى التي تستلقي بها حياة
بتعب مغمضت العين في مكان بعيداً عن تلك الحياة وشياطين المحاصرة إياها دوماً…

كان يحاوط رأسها شاش طبي….فقدت ملامحها الكثير من الحياة بداخلها بسبب إنتقام شياطين الانس منهم وعقابهم كان بسبب أنهم أرادو الحب والاستقرار معاً ليس إلا ! …

جلس أمام الفراش النائمة عليه…. ومسد بيده شعرها
ببطء وحنان ثم مرر أصابعه على ملامحها
بتروي عاشق كان من الممكن ان يفقد معشوقته
للأبد…..

“الحمدلله…… “

همس بها وهو يتطلع عليها بحزن…

………………………………………………………………
فتحت عينيها ببطء وهي تنظر الى سقف الغرفة
وجدت نفسها في مكان غريب عليها تحركت
بعينيها يمين ويسار بتعب….

وجدت سالم يُصلي في ركناً في الغرفة الماكثه بها كان ساجد لله يبكي لم تسمع بكاءه ولكن شعرت باهتزاز جسده عند السجود…

انتهى من صلاته مُستدير محدج بها… أبتسم سريعاً حين وجدها مُستيقظه اقترب منها بوجه باهت وعيون حمراء ! …

قبلها من قمة راسها قائلاً بحنان…
“حمدال على سلامتك ياحبيبتي…. “

بهت وجهها وهي ترى ملامحه هكذا سألته بشك..
“سالم…. هو حمزه ا…. “

قاطعها وهو يضع اطرف أصابعه على فمها قائلاً
“متقلقيش…. أبننا بخير….. “

“بجد ياسالم…. حمزه لسه جوايا… “

أبتسم سالم بهدوء وهو يمرر يده على شعرها بحنان قال بهمس….
“ااه ياحبيبتي….النزيف كان بسيط والدكتوره قدرت توقفه…… الحمدلله…. “

زفرت حياة بتعب وهي تضع يدها على بطنها
“الحمدلله….. “

مرر يده على شعرها وهو يهمس لها بنبرة حنونة
“حولي تنامي ياحياة…. ارتاحي شويه….. “

اغمضت عينيها وهي تتحدث بتردد..
“سالم انا مش عايزه أروح البيت انا خايفه و…. “

“هششش….. نامي ياحياة نامي ونسي…. وكل اللي انتي عايزاه هعمله….. “

مر أسبوعياً على وجودها في المشفى… كل لليلة
ينام بجوارها وكل لليلة تصرخ بكابوس جديد
ولا تجد إلا احضان سالم الدافئة معها تمحي مخاوفها
التي باتت تظهر بعد هذا الحادث المشئوم…

ولكن مع الوقت ستتاعفى طالما هناك من يساندها
في ذلك….

دُفنت ريهام بعد ان علم النجع بأكمله بقصة
موتها الحقيقة لتكن عبرة لمن يسير خلف هواه
وشيطانه…..

سافرت خيرية الى سويس على مقعد متحرك بعد ان أصيبت بشلل بسبب صدمتها في موت ابنتها التي كانت المتبقية لها من آلدنيآ ! ….

بعد عدة أيام….

اوقف سالم السيارة امام فيلا صغيرة…

نظر لها وهي تراقب المكان من حولها بعدم فهم…

“سالم… إيه ده…. “

قالت حياة عبارتها وهي تنظر إليه…..

أبتسم سالم لها وهو يرد عليها بعبث…
“طب تعالي نخرج من العربيه وهقولك…. “

“لا قولي دلوقتي…. ده بيتنا الجديد…. “

رفع عيناه لسقف سيارته وهو يفكر بمزاح…
ثم قال بلؤم…
“بصراحه هو بيت جديد …بس مش ليكي ده
للمدام الجديده…. “

ضربته على ذراعه بتزمر طفولي قائلة…
“اي الغلاسة دي ياسالم…. “

ضاحكا سالم وهو يرد عليها بقنوط ..
“طب اعملك إيه…. الموضوع مش محتاج أسئله
وانتي مصممه تسألي…. “

“مش بتأكد….. “

غمز لها قبل ان يخرج قال…
“وتأكدت ياوحش…. انو بيتك…. “

خرجت معه من السيارة…. وقف أمامها وهو يشبك يده بخاصتها قائلا بصوتٍ أجش…
“يلا بينا…. “

اومات له بحب وابتسامة رقيقة تزين ثغرها…

دخلت من بوابة الفيلا الصغيرة.. وجدت حديقة
ذات مساحة خضراء واشجار وازهار مختلفة الالوان مكان مريح لنظر ولنفس كذلك….

دخلت معه الى داخل الفيلة……
انبهرت بكل مافيها من أثاث و ديكورات باهظة
رقيقة الذوق… والفرش ألوانه مريحة للاعين كذلك……

“معقول…. دي مش نقصها غير آلناس….. “

أبتسم سالم على ملامحها وانبهارها بالمكان
ليرد عليها بصدق وخفوت…
“هي مش نقصها من الناس غيرك…. مبروك ياحياة عليكي بيتك الجديد…. “

استدارت له ونظرت له بستفهام..
“بيتي؟…. بيتي ازاي…. “

أقترب منها و وقف أمامها قال بحب…
“بيتك يعني….. انا كتبتُه باسمك….. “

“بمناسبة إيه وليه تعمل كده…. “

وضع يده في جيب بنطاله قال بفتور…
“بمناسبة انك مراتي…. وليه عملت كده لاني بحبك
ثانياً كمان لاننا من ساعة ماتجوزنا لا طلبتي شبكه
ولا مهر ولا قدمت ليكي اي حاجه زي كل
المتجوزين …..”

نظرت الى عمق عيناه قائلة بحب..
“بالعكس ياسالم انت اهدتني اجمل تلات
هدايه… “

نظر لها سالم باستفهام… اخبرته حياة بنعومة…
“اول هدية… حُبك لورد بنتي وحنانك عليها…
تاني هدية حبك ليا وحنانك اهتمامك وخوفك
عليا…….. اللي خلاني اشوفك سندي
و راجلِ اللي مليش غيره في دنيا… “

وضعت يدها على بطنها واسطردت حديثها بحب
وابتسامة رقيقة…
“وكمان أجمل هدية اني شيله جوايه حته منك ودول عندي اكبر واجمل واغلى هدايا ياحبيبي… “

جذبها الى أحضانه فور إنتهى حديث زاد
حبها في قلبه اكثر واكثر ….
“انتي اللي اجمل واغلى هدية دخلت حياتي … “

ابتسمت حياة وسط عناقه بحب…
“ربنا يديمك نعمه في حياتي…. يارب… “

بعد عدة دقائق أبتعد عنها وهو ينظر الى عينيها وشفتيها بعبث…
“انا من رأيي نكمل كلامنا في اوضة النوم… اهوه حتى تقولي اي رايك في خشب السرير…. “

نظرت له ببراءة…وثم تحدثت بلهفه وحماس
“سرير آي دلوقت ياسالم مش مهم نشوفه بعدين
انا اهم حاجه عندي المطبخ… انا هروح اتفرج على
المطبخ…..”

ذهبت للبحث عن المطبخ بحماس…..

ابتسم سالم بعبث وهتف بخفوت…
“وماله مطبخ مطبخ…. الرخامه كبير وتساع من الحبايب اتنين… “

دلف خلفها الى المطبخ …..

تفقدت حياة المكان بانبهار….
“ألله المطبخ واسع وكبير اوي ياسالم… “

نظر الى رخامة المطبخ ذات الشكل المستطيل…
“ااه ولرخامه برضو هايله…. “

نظرت حياة الى الرخام بفتور….
“ااه الرخامة حلوة… بس ممكن نغير مكان التلاجة من هنا عشان شكلها هنا مش مظبوط…. “

نظر سالم الى الرخامة مرة اخرة وهو يرسم عليها
بعد التخيلات الوقحة….
“تصدقي الرخامه دي هتنفع في لأيام الجاية…
هيبقى عليها استعمال رهيب…. “

نظرت له حياة بعدم فهم مُتسائلة…
“انت اي حكايتك مع رخامة المطبخ….. “

حك في شعره بمكر وهو يرد عليها ……
“الموضوع محتاج شرح وانا بفضل الموضوع دا عملي .. “

حملها بعد ان انتهى من حديثه…. ووضعها على
رخام المطبخ بخفة ….. انفجرت حياة ضاحكة بعد ان فهمت نواياه الخبيثة…. هتفت بدلال
“سالم نزلني الرخامة ساقعه ….. “

مالى عليها بجسده وهو يهمس لها بحنان….
“مش مهم هدفيكي ياملاذي…. بس المهم كنت عايز
أقولك حاجه مهمه…. “

همهمت بدلال اكمل حديثه قائلاً بغزل ….
“اي سر حلوتك النهاردة…. “

انغمست معه في قبلاته المشتعلة اشوق لحظة
لحظات مرت وهي لا تشعر بشيء من حولها فقد
سُحرت بسحر قُربه وانفاسه …

أدمنت حبه وأدمنت اشوقه وإدمان العشق
صعب علاجه !! ….

——————————————————–
بعد مرور خمسة شهور…..

يقف الجميع حول حياة الجالسة على سرير المشفى بعد ان وضعت حامل اسم عائلة شاهين
(حمزه سالم شاهين….) قد اتى الى الدنيا منذ عدة ساعات فقط…. يُشبه والده اكثر آو كذلك رأت حياة…..

“اي رأيك في سالم الصغير…. “

همست حياة لسالم الجالس بجوارها ويحمل حمزه على يده ويتطلع عليه بسعادة أب …

رد عليها سالم بابتسامة جذابة…
“قمر زي امه….. “

“زي أمه ازاي ده شبهك اوي ياسالم…. “

حدج بطفل قليلاً وثبت على قراره بـ.
“لا ده شبهك أنتي ….. “

احتدت عينا حياة بإصرار قائلة بصوت عالٍ قليلاً
وصل الى مسامع الجميع…
“طب والله العظيم نسخه منك…. ياسالم”

ضحك الجميع عليها… لتكركر ريم وهي تتقدم
منهم بحنان…
“ولا تزعلي ياحياة هو ولا شبهك ولا شبه سالم
هو شبه خالتو…. مش كده ياموزه أنت طالع شبهي…موزه انت صغنون كده ليه يخلاثي.. “

حملته ريم من يد سالم وهي تحاول ألعب معه ولكن كان الصغير ينظر للاعلى بشرود
وكانه لا يزال في رحم أمه ! ….

ابتسمت حياة وهي تنظر الى سالم وتنهدت بحزن
على حيات ريم و وحدتها والأحداث التي مرت بها
في تلك الفترة القصيرة…..

ربت سالم على كف حياة وهو يتمتم بخفوت…
“ربنا هيعوضها ياحياة….. ربنا كبير وانا بدعلها دايما بالخير….. “

ترقرقت الدموع في عيون حياة وهي ترد عليه
بنفس الخفوت….
“يارب ياسالم ريم بنت حلال…. وتستاهل كل
خير “

طرق على الباب ودلف آخر شخص ممكن ان ياتي
في مخيلة الجميع……
“سلام عليكم ياهل الدار…. “

“عمو فارس…. عمو فارس…. ”
ركضت ورد سريعاً بعد ان دلف فارس الى الغرفة
المتواجدين بها……

حملها فارس في أحضانه وهو يقول بمزاح…
“قلب عمو…. خطيبتي القمر وحشتني…. “

ردت ورد ببراءة وهي تبتعد عنه …
“وأنت كمان وحشتني اوي… بس كمان اتاخرت
اوي… “

“معلشي شُغل بقه يا ورد الجوري….. “

اقترب فارس من سالم وهو يسلم عليه بحبور.
“الف مبروك ياصاحبي يتربى في عزك… اول ماوصلت النجع وسألت عليك مريم الشغاله قالت
ان حياه بتولد وخدت منها عنوان المستشفى وجيت على هنا… “

رد عليه سالم بخفوت…
“نورت يافارس…. وعقبال ما نفرح بيك وتبطل
سرمحا…..”

رد عليه فارس بنفس الخفوت…
“أدعلي من قلبك ألاقي اللي تلمني…. “

نظر فارس الى حياة قائلاً بإحترام…
“مبروك يامرات اخويه يتربى في عزكم…. “

ابتسمت حياة بحرج وهي ترد عليه…
“ألله يبارك فيك عقبال فرحك…. “

اكتفى فارس بابتسامة بسيطة…. ونظر الى رافت
والجدة راضية،أقترب منهم وسلم عليهم بحبور…
“أقسم بالله بركة البيت…… عم رافت… والحجه راضيه اللي كل يوم بتزيد حلاوه….”

حاولت ريم كبح ضحكتها وهي تهمس داخلها بيقين
“واضح انك مش سهل يافسدق خالص…”

ردت راضية عليه وهي تضحك…
“ااه ياواد يابكاش…..بس بجد وحشني بكاشك…”

ضحك رافت وهو يكمل حديث امه ..
“ولله العظيم يامي في دي عندك حق….هو بكاش بس بيوحشنا …..”

سلم فارس عليهم جميعاً…….

لم يلاحظ فارس وجود ريم الجالسة بعيداً عن مرمى عيناه على اريكةٍ في آخر الغرفة…..

نظر فارس الى سالم سائلاً بحماس…
“المهم النون فين وسمتوه إيه ….”

رد عليه سالم بابتسامة فخر …
“حمزه……حمزه سالم رافت شاهين….”

“سيدي ياسيدي…..طب فين الاخ موزه عشان
اشوفه تنح زي ابوه ولا فرفوش زي عمه ….”
انهى فارس حديثه وهو يشير على نفسه

ضحكة راضية وهي تتحدث بعفوية…
“انت وريم دلعكم لي حمزه واحد …..بس على العموم حمزاوي على ايد ريم اهوه…..”

نظر فارس بعينيه نحو ريم …

تفقد هذهِ الفتاة…ذات الوجه الطفولي والملامح الرقيقة التي وللعلم تحكي عن شقاوة
روحها وخفة دمها في أن واحد عينيها سوداء وجذابة بهم شيئاً يميزهم عن غيرهم ……

كل هذا الوصف في نظره واحدة ياللهي !!…

اقترب منها وجلس بجوارها وعيناه لا تفارق وجهها
الرقيق…

حاولت ريم الحديث بسبب نظارته الجريئة والثاقبة عليها ..فقالت بتردد

“حمدال على سلامه يافسدق احم…قصدي يادكتور فارس….”

رد عليها وهو مزال شارد في ملامحها…
“الله يسلمك يا ريم مش ريم برضه…”

“ااه ريم بنت عم سالم و ….”

سالها بسرعة….
“انتي مرتبطه…..”

رفعت عينيها اليه بصدمة …وجدت على ملامحه الرجولية علامات الجدية…..
“لا… مش مرتبطه بس بتسال ليه…..”

ابتسم وهو يحمل حمزة عن يداها قائلاً بهدوء…
“بعدين هتعرفي يابونبونية العرب ….”

نهض من جانبها لتردد جملته بعدم فهم….
“بونبونية العرب ……يعني إيه…..”

في خارج الغرفة….
مال فارس على اذن سالم وقال بنبرة جادة
“انا قررت اتجوز وتلم ولقيت اللي هتوب على
اديهاا …..”

نظر له سالم بمكر…..

تابع فارس بجدية….
“انا عايز اتجوز بنت عمك….ريم …”

لم يستوعب سالم حديث فارس الا بعد عدة دقائق ابتسم له بفظاظة وهو يقول….
“عايز تجوز بنت عمي ليه….”

فغر فارس شفتيه بصدمه..
“هكون عايز اتجوزها ليه عجباني…مش محتاجه سؤال ياعم التنح …..”

ابتسم سالم بسخرية قائلاً….
“تنح؟… بقولك اي يافارس انا معنديش بنات للجواز… “

هدر فارس بجنون…..
“لا… بقولك إيه فكك من التناحه دي….. ريم تلزمني ومات الكلام……هي خلاص دخلت هنا ومش هتخرج غير على هنا… “أشار على عقله ومن ثم على موضع قلبه…

أبتسم سالم بلؤم وهو يقول…
“تمام ياعم الحمش…انا ممكن اوفق عليك…بس دا
لو هي وفقت عليك الاول … “

نظر فارس بإعجاب ناحية ريم الواقفة في ردهة المشفى ….وعدل لياقة قميصُه وهي يجيبه باصرار.
“سيب موفقت ريم عليا انا هقنعها ….”

“وريني شطارتك…..ومبروك مقدماً.. ”
ربت سالم على كتفه وهو يهنائه بسعادة لأجلهم …

——————————————————–
بعد مرورو ست شهور على ولادة حياة
و وجد حمزه الصغير في البيت والذي لا يتوقف
عن إرهاق أمه ببكاءه المتواصل واستيقظه ليلاً خلال تلك الأشهر التي مرت عليهم……

في غرفة حياة وسالم….

كانت تستلقي على الفراش نائمة بتعب و إرهاق
بسبب هذا المشاغب المستلقي بجانبها يضرب
بقدميه الصغيرة على الفراش ويخرج بعض الاصوات المرحة ، لغة عجز البشر عن ترجمتها !……

دلف سالم الى الغرفة للاطمئنان عليهم فهذهِ الفترة يمكث بغرفة آخرى بسبب استيقاظ طفله طوال آلليل…..

خطى عدة خطوات ببطء واستلقي بجوار حمزه
وعيناه على (حياة) التي تغرق في نوم بطريقه جعلته يشفق عليها….. نظر الى الصغير وهو يمرر
يده على وجهه بحب أبوي قائلاً بعتاب طفيف….
“منور ياعم اصايع…. ينفع كده ست شهور مش
عارف اتلم على مراتي ولا أنام جمبها حتى …. هي دي الرجوله يابن الكلب….. “

ضحك حمزه الى والده وحاول انظاره الى أمه ومال على جانبه محاول إمساك شعرها لايقظها …

عدل سالم وضعيته وهو يهمس بخفوت…
“يابني حد قالك اني عايزك تصحيها انا هصحيها
بنفسي مش عايز اتعبك معايا… بس خليك جدع
ونام في سريرك….. “

اثناء حديثه كان يحمل حمزه على يداه بخفة
ثم وضعه على سريره الصغير بجانب سريرهم طبع
قبله على وجنة الصغير وهو يقول بحنان…
“نام ياحمزاوي…. “

مزال الصغير يلعب بهدوء على سريره الصغير ويتطلع على السقف بانبهار !….

استلقى سالم بجانب حياة ممسد بيده على شعرها و وجهها كذلك

وضع قبلة سطحية على شفتيها ولكن مزعجة
قليلاً فهو يثبت شفتيه على شفتيها لعدة ثواني
و أنفاسه الرجولية تطبق على انفاسها…

فتحت عينيها ببطء وهي تنظر الى سالم
قائلة بصوتٍ ناعس قليلاً..
“سالم….. انت صحيت امته…… وبعدين فين
حمزه….. “

مرر أصابعه على وجهها وهو يقول بصوتٍ
عذب…
“لسه صاحي من شويه….. وحمزه نايم على
السرير بتاعه….. “

هتفت حياة بعتاب…
“اخص عليك ياسالم حمزه مش بيعرف ينام غير
في حضني….. “

عض سالم على شفتيه السفلى بضيق وهتف بانزعاج…
“ورحمة امي ياحياة لو ملميتي نفسك انتي ولواد
ده هفصلكم عن بعض وكل وأحد في اوضه… “

للحظة كانت مصدومة من جملته ولكن انفجرت
ضاحكة حين رأت تزمره عليها كالأطفال…

“بتضحكي على إيه…”

هزت رأسها وهي تجيبه…
“بصراحه مش مصدقه أنت بتغير من ابنك…. “

رد عليها بتهكم ….
“انا بغير من الهدوم اللي بتلبسيها يعني طبيعي اغير من الأستاذ اللي مش بيعرف ينام غير في حضنك”

نظرت الى عينيه قائلة بحب…
“سيبك من كل ده…. انت أصلا وحشتني…. “

زم سالم شفتيه بتبرم ..
“مم.. واضح…..اني بوحشك… “

هتفت حياة بتبرير…
“اقسم بالله دايما وحشني… بس أنت شايف حمزه
ونظام نومه…. “

مرر يده على شعرها بحنان…
“عارف ياحبيبتي ان تعبك معلشي بكره يكبر
ويريحك… “

ابتسمت وهي تمتم بحب ….
“إن شاء الله ياحبيبي….”

أقترب سالم من وجهها أكثر قائلاً بعبث….
وهو يتطلع على ماترتديه….
“حياة….انتي مش ملاحظه ان الجو حـر اوي
هنا.. “

ردت ببراءة…
“بس الجو حلو و…. “

” لا حــر أسمعي الكلام وقلعي…. “

شهقت بعد ان فهمت مغزى جملته..
“هااا…… سالم بطل قلة أدب…. “

فتح ساحبة البجامة من الإمام قائلاً بوقاحة…
“بالعكس ده اللي هيحصل كمان ثواني… هيظلم
قلة الأدب معانا….. “

نظرت له ببراءة..
“ليه هو إيه اللي هيحصل….. “

طل عليها بهيئته الرجولية وهي اسفله ممدده..
“لازم تعرفي ان الإجابه هتكون…. سالم شاهين
راجل أفعال مش أقوال….. “

مالى عليها واعتصر شفتيها بجنون واشتياق مُشتعل بالعشق الخالص…. فقد وجد( ملاذ الحياة) و أرتاح في حياته بجانبها ومعها….تارك قسوته خارج
حياتهم وتارك قناع( قاضي نجع العرب)جانباً
تارك ماضيه ومستقبله ليكون معها بحاضره فقط
حاضره وعشقه لها…..

اكتملت قصة حبهم اكتمل عشق سالم و حياة لبعضهم …..

تمت

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-