رواية من رحم الالم كاملة جميع الفصول بقلم ولاء عمر

رواية من رحم الالم كاملة جميع الفصول بقلم ولاء عمر


رواية من رحم الالم كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة ولاء عمر رواية من رحم الالم كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية من رحم الالم كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية من رحم الالم كاملة جميع الفصول

رواية من رحم الالم بقلم ولاء عمر

رواية من رحم الالم كاملة جميع الفصول

يا صايع، لسة راجع من برا.
- والله يا باباكنت في الدرس.
- أنت كداب، وفاشل، ومش متربي، أنا لازم أربيك.
قال كلامه وهو ماسك الحزام ونازل ضرب فيه، كان ساعتها ساجد بيحاول يوضح له، وهو برضوا مش مصدقه، وفي الجانب التاني كانت ماما نازلة فيا ضرب علشان كسرت كوباية.
ساعتها خلصت ضرب وأنا أخدت جنب وقعدت أعيط، طفلة مش مدركة حاجة وبتضرب لمجرد إنها بس كسرت كوباية وأمها متضايقة.
- متعيطيش.
- هما ليه بيعملوا فينا كدا؟ ليه كل ما حد منهم يتخنق من حاجة بيطلعها علينا؟ ليه شايفينا إننا عقاب ليهم.
رد عليا وهو بيطبطب عليا:- علشان هما بيتلككوا، كل واحد فيهم عايز يسيب التاني وواخدينا حجة، وحاجة بيطلعوا فيها غيظهم.
مسكت فيه وأنا عمالة أعيط، هو كان بيطبطب عليا وأنا وهو محتاجين اللي يطبطب علينا.
- أنتِ طالق.
- في داهية، وعيالك مليش دعوة بيهم.
- ماهما عيالك أنت كمان، وزي ما أنت عايز تعيش حياتك أنا كمان من حقي أعيش.
كل واحد منهم خلص كلامه وهي دخلت تلم هدومها، كان قاعد على الكنبة بكل هدوء وسكينة، وهي طالعة بشنطتها وبتزعق وبتقوله:- أخيراً إرتحت منك، أنا راجعه لأهلي وعيالك أنت المسؤول عنهم.
رد عليها وهو بيزعق:- لو مأخدتيهمش أنا مليش دعوة بيهم، ولا هصرف عليهم قرش، ومن بكرا هتجوز، قال يعني الحياة هتوقف عليكي.
أنا بسمع الكلام وأنا مش مدركة معنى الكلام، أنا مجرد كنت مجرد طفلة، مش فاهمة الكلام ولا عارفة تستوعبه.
مشيت ماما وسابتنا، اخدنا بعدها بابا وودانا عند جدو.
- ساجد إحنا هنا بقالنا أربع سنين، إحنا هنمشي من هنا إمتى ؟
- ما أعتقدش إننا هنمشي من هنا تاني يا فرحة .
حطيت إيدي على خدي وأنا لاوية بوزي:- بس أنا اتخنقت، مش مسموح لنا نطلع برا غير للمدرسة وبس، حتى لعب مع العيال مرات عمي بتزعقلي لما ألعب مع حد من عيالها.
حط شنطته على جنب وبص ليا:- عادي تعالي نلعب أنا وأنتِ  والأدهم.
- مين الأدهم ؟
- ما أنا مقولتلكيش إن بدرة ولدت حصان بالليل.
قومت بكل حماس وأنا بجري ناحية الإسطبل، حماس طفلة ماصدقت حاجة تفرحها.
- هاه يا ستي، انبسطتي كدا؟
- ناقص بس أحس بحضن ماما وبابا زي أصحابي في المدرسة.
 أنا نفسي أعيش زي باقية أصحابي مع أهلهم في بيت هادي.
- يلا يا ساجد أنت وفرحه على جوا الدنيا برد.
- حاضر يا جدي.
دخلنا معاه وتيتا كانت بتجهز الأكل، بصت علينا وهي بتقول:- بكرا السبوع بتاع أخوكم، مرات أبوكم وِلدت.
خلصت كلامها من هنا وأنا مسكت في دراع ساجد تلقائي، وأنا بقوله بصوت واطي:- أنا مش عايزه أروح علشان خاطري، أنا خايفه.
طبطب عليا من تاني وهو بيقول بهدوء:- هنروح ونرجع مع جدو وتيتا تاني، مش هنبات هناك.
غمضت عيني وأنا بحاول أنسى وهي بتخلي بابا يضربني لما روحت وقعدت هناك فترة وكان كل ما بابا ينزل من الشقة هي كانت بتضربني وبتخليني أعمل كل حاجة في البيت، وأول ما بابا يرجع تسخنه عليا، بصيت على إيدي تلقائي وأنا بشوف مكان الحرق اللي مازال معلم في إيدي.
- إزيك يا ساجد، عامل إيه أنت وأختك؟
- كويسين طول ما أنت ومراتك بعيد عننا.
نزل بالقلم على وشه وزعق فيه:- أنت عيل مش متربي، ما أنت رباية شوارع.
ساجد عينيه اتملت دموع، كان بيحاول يتماسك وهو بيتكلم:- فعلاً ما اتربتش، فعلاً رباية شوارع علشان حضرتك مكلفتش نفسك مرة وجيت قعدت معايا، علاقتي بيك عبارة عن ذل وإهانة وضرب.
- ما تحترم أبوك يا ولد.
دا كان كلام مرات أبويا، جه جدي وهو بيزعق:- أنا غلطان إني جبتهم تشوفهم، دول ولادك يا أخي.
- أنا مش عايز أي حاجة من ريحة أمهم، إذا كانت هي مش بتدور عليهم.
- أنت اللي مُلزم بيهم، أنت اللي المفروض تصرف عليهم على الأقل.
- ساجد مش صغير، يطلع يشتغل ويصرف على نفسه.
رد عليه ساجد:- أنا فعلاً مش صغير، وبطلع أشتغل واصرف، ربنا يباركله جدي، عايزني أطلع راجل، يلا يا جدي علشان بكرا ورايا محاضرات بدري، أصل معلش بقى، ابنه الصايع عيل بقى.
فوقت من سرحاني على صوت الأطفال في الحضانة وهما بيلعبوا وواحد منهم كان حاطط الكراسة بتاعته قدامي وهو بيقول:- ميس أنا كتبت الحروف، إعمليلي نجمة وبعدين كملي حزن.
بصيت ليه وأنا بتكلم بعصبية:- ياض أنت مستفز بس بحبك.
- عارف قولتي لي كذا مرة.
- يا لِمِض.
ضحكت عليه، وكملت تفكير، دلوقتي هما اتطلقوا بقالهم ييجي إحداشر سنة، علاقتي بيهم ضعيفة، حاولت من صغري أقويها بس هما كانوا بُعاد، هما بعدوا أكتر وحبل الوصال بينهم شِبه اتقطع، كل واحد منهم عاش حياته وحياتي أنا وأخويا وقفت من لحظتها.
شغلي في الحضانة خلاني نفسي أرجع طفلة، بس طفلة مبسوطة ونفسها تحس بمعنى وجود الأم والاب، وجود أم حضنها موجود أول ما أزعل أو أفرح، وقت ما أحس إن مفيش مفر ولا ملجأ فـ أروح أجري عليها، أب أتحامي فيه وقت ما أحس إني مش في أمان، بس هما كانوا العكس، لا كانوا الملجأ ولا حتى الأمان.
- يا ميس سلام، هتوحشينا.
- هاتي حضن.
- إحنا بنحبك.
- ميس خدي إربطيلي الرباط بتاع الشوز.
- ميس ظبطي لي شعري.
كانت طلباتهم ورا بعض، عليت صوتي وأنا صبري خلاص خلص:- بــــاس، اهدوا، هعمل كل دا واحدة واحدة.
بالرغم من إنهم مخليين طاقتي وصوتي في ذمة الله إلا إن دا لا يمنع إني بحبهم، وهما هيفضلوا من أفضل الحاجات اللي ربنا بيعوضني بيها وجودي معاهم .
- وأخيراً خلص اليوم.
- معلش بقى تعيشي وتتعبي معاهم.
- ساجد دول متعبين بجد.
- حاسبي.
شدني على جنب الطريق بسرعة، سابني في لحظتها وكان رايح يتكلم مع اللي كان هيخبطني، كان رايح يزعق.
- أنت بتهرج يا أدهم، إمتى هتأخد بالك؟
- أنا آسف، معلش.
مسك ايدي ومشي وهو بيزعقله:- طيب أعملها تاني لو جدع، وأنا أخلي أبوك يسحب منك العربية اللعبة بتاعتك دي.
روحنا وطول الطريق  ساجد مكنش بيعمل حاجة غير إنه كل خمس دقايق يسألني أنا كويسة ولا لاء، خوفه عليا دا عندي بالدنيا، بحس إن الحياة بتصالحني بوجوده، إنا ربنا معوضني بوجوده.
علاقتنا بجدو وتيتا علاقة عادية، لا هما قريبين مننا ولا هما بُعاد، يمكن جدو شديد شويتين بس هيفضل أهون من اللي كنا بنشوفه.
- أنا مش فاهم أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي ؟
-  أنا مش فاهم أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي ؟
إتكلمت وأنا بعيط عياط هستيري:- لسة شايفه بوستات كتير لناس قصصهم شبهنا وأفظع، تخيل كان في واحد وأخته حصل ليهم زينا، بس كان في فرق، باباهم رماهم في شقة وخلاص علشان مراته الجديدة، وهما علشان كانوا صغيرين ومحدش بيدور عليهم البنت أخوها تعب ومعرفتش تأخد بالها منه وتوفى بين إيديها.
مسكت في حضنه جامد وأنا لا عارفة أبطل عياط، ولا دماغي راضية تهدى من السيناريوهات المرعبة اللي عمالة تترسم في دماغي.
لما أنتو مش قد الخلفة بتخلفوا ليه؟ بنكون إحنا النتيجة، أطفال مقسومة ومشوهة، كبرت وبقت شباب، خايف يعمل الي حصل له في أولاده، يا إما مستني يخلف علشان يعمل اللي حصل فيه، في أولاده.
-  أنا بقيت كل ما أشوف أهل حبل الوصال بينهم اتقطع بعيط وبنهار، قلبي وجعني ومبقتش متحمله.
طبطب عليا وهو بيهديني:- المفروض القصة دي تلفت انتباهك لحاجة.
-  إيه هي؟
-  إن ربنا كريم أوي، ربنا كتب لينا نرتاح من الضرب والتهزيق اللي شوفناهم وإحنا صغيرين، مكان الضرب لسة معلم فينا، ومعلم جوا روحنا، بس إحنا من جوانا مش عايزين نبقى زيهم في المستقبل، محدش فينا نفسه يبقى زيهم، إحنا نفسنا وعايزين نبقى حنينيين عليهم، إنهم وقت ما يغلطوا نعرفهم غلطهم مش ننزل فيهم ضرب، إننا نصاحبهم ونكسبهم.
-  بس أنا خايفه، أنا فكرة إني ممكن اتجوز نفسها عملالي رعب، أنا خايفه أنام وأصحى على علقة زي ما كنت بشوف، خايفه معرفش أكون حنينة عليهم.
وضح ليا وهو بيقول:- فكرة إن جواكي خوف من إنك تعملي كدا، دا معناه إنك بنسبة كبيرة مش هتعملي كدا، وهتحاولي تتلاشي فكرة إنك تعملي كدا، وبعدين بقى مين دا اللي يفكر ييجي ويخطف فرحتي مني؟
- يا تيتا أنا مش عايزة أشوفها صدقيني.
-  فرحه، كلامي انتهى، هتروحي تشوفيها، دي مهما كان أمك.
صوتي عليّ، مقدرتش أمسك أعصابي:- وأنا قولت إني مش هشوفها، بصي بعد كل السنين دي لسة فاكرة إن عندها بنت عايزة تشوفها؟ دا أنا آخر مرة شوفتها لما كنت تعبانة واخدتوني على المستشفى، هي كانت بابنها وخايفة عليه، بس فكرت تيجي تشوف بنتها؟؟ أنا بخاف منها هي وبابا، بخاف أجتمع معاهم في أي موقف حد منهم يمد إيده عليا، أنا مكان ضربهم لسة معلم في جسمي لحد دلوقتي.
حضنتني وهي بتطبطب عليا بعدما إنهارت في العياط، ليه محدش فاهم إني أيوا نفسي أحس بوجود أم وأب بس بخاف منهم، بخاف من أمي وأبويا اللي مش معترفين بوجودنا أصلاً.
- ربنا يسامحهم على اللي عملوه فيكم، ربنا يسامحهم.
تاني يوم روحت الحضانة عادي جداً، طبيعي الإنسان يتعود يعيش مع آلامه وأحزانه عادي جداً، موضوع عدى عليه سنين بفكر.
- السلام عليكم.
كانت واحدة شكلها مألوف ليا ماسكة في إيدها ولد صغير عنده حوالي ست سنين، إبتسمت ليا وجت ناحيتي، جوايا إحساس بيقول إنها هي، وخوف من إنها تطلع هي فعلاً.
قربت مني وسلمت عليا، بحاول أنفي من دماغي فكرة إنها هي، بس دي نبرة صوتها، حتى ملامحها اللي بدأ يبان عليها الكَبر.
رديت عليها السلام ، بصت في عينيا وهي بتقول:- فرحه صح؟
- أيوا يا مدام.
- مدام؟!!
- آه.
- أنا أمك.
- على عيني وعلى رأسي، تأمري بحاجة حضرتك.
شاورت على الولد اللي كان معاها:- زين، اخوكي الصغير.
رديت عليها بمرارة:- حضرتك معترفة بإن عندك بنت اسمها فرحه ؟
اتعصبت وزعقت:- هو في إيه؟ جدتك رنت عليا وقالت شوفي بنتك نفسها تشوفك.
سحبت الولد ومشيت على طول، هي هتفضل كدا بتتسحب من كل مكان إحنا فيه وكإننا البعبع بتاعها هي وبابا.
دي ما ادتش لنفسها فرصة حتى إنها تتكلم معايا، حتى لو كانت طريقتي كدا، بس كان نفسي تفهمني، أنا حاسة إني عاملة زي الغريق اللي لا لاقي حبل حتى ولو دايب يتمسك بيه، ولا حتى عارف هو قرب للمرسى وهيركن سفينته ويرتاح شوية ولا مكتوب له يفضل في بحر وزحمة أفكاره.
- برضوا مش راحمة الأدهم يا فرحة.
- عايز إيه يا أدهم، مش كفاية كنت هتمو.تني يا ابن الناس ؟
- أنتِ اللي ساعتها طلعتي في وشي، وأخوكي ماشاء الله قام بالواجب معايا.
أدهم، تيتا تبقى أخت جدته، توأم الروح لساجد بعيداً عن الموقف اللي كان حاصل.
كنا واقفين ورا البيوت عند الزرع وكل واحد مننا واقف عند الحصان بتاعه، ملست على الحصان بتاعي وأنا ببتسم وبفتكر اللي عمله ساجد، آه ما الأدهم بقى بتاعي من يوم ما إتولد، كنت بوجه كلامي ساعتها لأدهم:- تفتكر  الواحد هيلاقي نصيبه الحلو من الدنيا إمتى؟
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
شد لجام الحصان بتاعه وهو فوقه، كان يشبه لفارس قوي وشجاع لابس جلابيةسودة وشال أبيض ومعاهم الساعة الفضي، ومعطر ريحة الجو البرفان بتاعه، ركبت الحصان ومشيت جنبه، رد عليا وهو بيقول:
- تعرفي، كل واحد ليه نصيب من اسمه، دا أنتِ فرحه، يعني سعادة وسرور، واللحظات الحلوة في الحياة، والبهجة.
رديت عليه وأنا جوايا حيرة:- فين؟ فين كل دا بجد؟
- تعرفي، صاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرِجت، وكنت أظنها لا تُفرج، العبارة دي بتقول إن لما الواحد بيواجه مشاكل وضغوطات في الحياة، ممكن يفكر إن الأمور مش هتتحل وهتفضل ضايقة عليه. بس لو استمر في الصبر والتحمل، هيجيله الفرج والحل للموقف. يعني مهما كانت الظروف صعبة، لازم نستمر في الصبر علشان نلاقي الحل لمشاكلنا ونتغلب على الصعوبات.
خلص كلامه وبص في التليفون، جدته كانت بترن عليه، رد عليها وقال إنه رايح لها.
- خلينا في المهم يا فرحة.
- وايه هو؟
- مامتك.
بدأت أتخنق، حاولت ما أتعصبش بعد ما عرفت هو جاي ليه:- تيتا بعتتك ليه؟
- أنتِ ليه مش بتقولي ستي عادي؟
- متعصبنيش.
- بكلمك بجد،. قولي ستي.
- يارب الصبر.
ضحك بعد ما استفزني وعصبني، بعدها تمالك نفسه ودخل في الموضوع:- هي عندنا قاعدة مع ستي، وقالتلي إن مامتك جاتلك النهاردة.
- الوضع مؤلم، ظهورها فتح جروحي اللي كنت فاكراها اتلمت، شوفتها وهي ماشية مع أخويا الصغير، المفروض أقول أخويا ؟ كانت كويسة معاه، وسمعت من تيتا إنها كويسة معاه.
- تعالي بس عندنا أمي وستي وستك عاملين حبة أكل هما والبت أية بنت عمي إنما إيه، يصلح حاجات هو مبوظهاش.
بصيت عليه وأنا متعصبه وماسكة أعصابي بالعافية، ركبت الحصان ومشيت ، تبًا ليه عيل مستفز.
جري بالحصان بتاعه علشان يحصلني: ياعم استني، بهزر والله، يا ستي أنتِ اغلى من إن حد يزعلك، والله ما حد منهم يستاهل دمعة منك، عيشي يا فرحه وخدي نصيبك من اسمك، هما عاشوا حياتهم عادي ، وأنتِ وأخوكي تستحقوا تعيشوا، وتفرحوا وهو هيفرح بفرحتك، خليكي فرحته وفرحتنا.
كنا قربنا نوصل، علشان بيوتنا جنب بعض وبعيد عن باقي البيوت وجنب الزرع، رديت عليه:- بس ليه تيتا تكلمها؟ 
- علشانك.
كانت واقفة تيتا عند البيت، نزلت وأنا باصة ليها ورايحه ناحيتها:- يا تيتا حضرتك ليه تقولي لها، دي قالت إنها جاية بس علشان أنتِ قولتي لها، دا أنا  ولا 
اللي مفروضة عليها.
فكرة إن حصون الأمان بتاعتك تبقى مهدومة، تقع على رأسك، تكسرك، إن ألآمك تصحى وأنت كنت فاكرها خلاص، دي حاجة بتوجع. 
تيتا إتكلمت بصوت هادي:- ييجي ساجد ونتكلم.
روحت مع تيتا،  كان ساجد جه هو وجدي من برا، حطيت الأكل معاها وأنا بتناقش بنفاذ صبر:- يا ستي والله أنا مش عارفه أنتِ برضوا كلمتيها ليه؟!!!
- هي مين دي؟
كان سؤال من جدو، ردت عليه تيتا:- أمها يا عبدالجواد.
إتكلم ساجد في محاولة إنه يبقى هادي:- هما أمي وأبويا على عيني وعلى رأسي، لكن هما كدا كدا رافضين فكرة وجودنا في حياتهم من سنين، يعني هما مش عايزينا، هما كل واحد مكتفي بعياله، ومش معترفين بينا وناكرينا.
أتكلم جدي وهو خلاص فقد الأمل بعد محاولات كتير:- يعني معنى كلامكم إن خلاص اتقطع حبل الود بينهم .
رد عليه ساجد بحكمته اللي على طول بتبهرني:- مش فكرة اتقطع، بس هما وقت ما يحتاجوا لحد مننا إحنا مش هنتأخر عليهم علشان مهما كان دول أمنا وأبونا، لكن إحنا عفا الله عما سلف، يعني أنا  وأنا رايح أخطب،  ومين اللي هييجي معايا؟ حضرتك، لأن أنت اللي ربتني أنت وتيتا، أنتو اللي خدتوا بالكم مننا.
كملت كلامه أنا:- جدو تيتا، أنتو بالنسبة لينا كل أهلنا، حضرتك يا جدو أنت وتيتا لو مكنتوش معانا بعد ربنا إحنا كان زمانا في الشارع بدون مبالغة.
أنا مش عارفه إيه كمية التماسك والثبات الانفعالي اللي عندي، بس حاسة إن الموضوع حتى لو مؤلم وبيوجع، ففكرة إننا هنقعد كل شوية نبكي على الأطلال مبقتش تنفع.
هما تفهموا الموقف،  ومضغطوش علينا تاني، جه الليل وطلعت عند أنا وساجد وتيتا  وجدو روحنا عند أخت تيتا.
- أنتِ يا آية، هاتي يا بنتي الحلويات.
- فرحه، أنتِ عارفة لو أكلتيها زي مرة لوحدك؟
ردت عليها مامتها:- الجميل يأكل كل الحلو.
قربت منها وأنا بحضنها:- خالتوا ما تأخدي بوسة بجد .
قطع كلامنا صوت ساجد وهو بيقول:- طيب يا جماعة مش ناويين تجوزوا أية؟
- وأنت شايلني على دماغك يا بارد.
- هنعمل اسكيب لردها، عمي، أنا كلمت جدي وهنيجي بكرا  نتقدم رسمي
من تاني يوم وإحنا بدأنا نجهز لخطوبتهم، تمت الموافقة وكل حاجة ماشية كويس، أنا قلبي بيرفرف إن ساجد بيفرح، دا أخويا وأبويا، سندي اللي فرحته هي هي فرحتي، دا أنا كنت مستنية اليوم اللي هيبقى هو وأية من نصيب بعض لأنهم بيحبوا بعض من زمان.
شعور حلو إنك تحس إن في حد حارب الدنيا علشانك، علشان يشوف فرحتك, إني أحس إني إتعب علشان يتوصل ليا، كذلك الأمر ساجد وأية، هو فعلاً تعب علشان يقدر يكون نفسه علشان اللحظة دي.
- يا أدهم بالله عليك خلص، يعني هو لازم تأخرنا، عايزين نلحق نوصل ليهم بالبوكية قبل ما ساجد يولع فينا.
مد ليا وردة كانت في إيده وهو بيقولي:- الورد للورد يا فرحتنا.
إبتسمت وأنا حاسة بإحساس غريب بدأ يتكون اتجاهه
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
بس أنا خايفه، جوايا مشاعر من الخوف والرهبة،  من الحب،  خوف من فكرة إني ممكن احب وأتحب
في صوت دخالي بيقولي ما أقربش. 
- فرحة،  يا فرحة،  يابنتي فينك. 
- هاه،  أنا هنا. 
- عمال أتكلم معاكي من ساعة ما ركبنا العربية وأنتِ،  ولا حياة لمن تنادي. 
- أنا آسفه معلش سرحت. 
نزلنا من العربية روحنا القاعة،  جريت على ساجد وانا بحضنه وفرحانه بيه،  ولا كإني أمه،  كنت بحاول أركن أي ذكرى مش حلوة على جنب وأفرحله،  هو يستحق كل الحلو في الدنيا،  أتمنى  من ربنا إن أية تكون ونعم العوض ليه،  أنا شايفه فرحته بيها،  لعمة عينيه،  حتى إبتسامته اللي بتظهر تلقائي كل ما يلمحلها. 
- يا فرحه، تعالي سلمي على أبوكي.
بصيت على جدو بعد ما سمعت جملته، كان بابا واقف جنبه، أنا حاسة قلبي إتقبض، أنا خايفه، رجليا مش شيلاني، إيديا بدأت تترعش، دماغي مش راضية تهدى من  زحمة الذكريات اللي ضربت نافوخي فجأة، مشاهد وهو بيضرني، و وهو نازل ضرب في ساجد بالحزام، مشهد ومراته ماسكة المعلقة بعدما سخنتها وبتلسعني بيها، لوهلة حسيت إن مكان الحرق واجعني وبصيت تلقائي عليه.
سحبني أدهم وهو بيقول لجدو إنه ساجد بينادي عليا، مشيت معاه وأنا مستسلمة لأني مش عارفه أخرج من دايرة الماضي اللي عماله تلاحقني.
مد المنديل وهو بيحاول يهديني، زعقت وأنا مش عارفه أوقف دموعي:- أنا مش عايزه أشوفه، مش عايزه أي حاجة تجمعني بيه ولا مكان، أنا بخاف منه ومن سيرته هو وماما.
- هتقدري تغيري حاجة من الماضي؟
هزيت رأسي بلاء، كمل وهو بيتكلم بصوت هادي:- طالما مش هتقدري تغيري حاجة من الماضي يبقى خلاص، إقتنعي إنه عدى وفات، إنه مش هيرجع من تاني، إن وجودهم خلاص بقى من الماضي، لو فضلتي مركزة فيه عمرك ما بتعرفي تشوفي الحلو اللي بقيتي فيه.
- فين؟! أنا في دايرة مرة برجع فيها لنقطة الصفر بتاعتها.
- بالعكس، ركزي هتلاقي جملة على طول على لسانك بس عقلك مش مدركها، وهي إن ربنا عوضكوا بجدك وجدتك، إنهم حتى لو العلاقة بينكم عادية بس بيحترموكوا وبيعملوا ليكم خاطر، إنهم بيخافوا عليكم.
بدأت أدرك كلامه، هو معاه حق، بس أنا بضعف، كل أما أفكر إني نسيت مش بنسىٰ، بيتردد في دماغي جملة " كدبت لما قولت هنسى، أنا لسة زي الغريق مش لاقي مرسىٰ."، بس أنا المرة دي هحاول أخد موقف قوي.
قومت معاه بعد ما مسحت دموعي، دخلت غسلت وشي وبعدين رجعت، وأنا في دماغي كلامه، لو أنا من جوايا مقررتش اتشجع فعلاً مش هعيش، هفضل عاملة زي الميت الحي، أخدت نفس طويل وأنا مقررة إني هبقى حد تاني، أي نعم قررت كتير وضعفت بس المرة دي هبقى غير.
مديت إيدي وأنا جوايا صوت بيشجعني:- ازي حضرتك.
- بخير، وأنتِ وأخوكي ؟
- الحمد لله في نعمة.
- مش محتاجين حاجة ؟
إبتسمت إبتسامة جانبية مليانة سخرية، وأنا بفتكر لما قال إنه مش هيصرف علينا تاني، رديت عليه :- شكراً لحضرتك، جدي وساجد مش مخليني محتاجة حاجة، وساجد ماشاءالله عليه شغال وبيصرف عليا وأنا كمان شغاله.
ليه ملمحتش في عينه لهفة ولا فرحة؟ ليه نبرة صوته مش حنينه؟ هو ليه مش حنين من الأول أصلاً، سيطرت على أفكاري بسرعة وحاولت بقدر الإمكان ما اسحلش نفسي في أفكاري.
كانت ماما داخله وبينها ما بينا مسافة صغيرة، رفعت عيني وأنا بوزع نظري بسرعة عليهم هما الاتنين، مش عايزاهم يتلاقوا، مش عايزاهم يشوفوا بعض، معنديش إستعداد أشوف خناقة من خناقاتهم تأتي ، والأهم مش عايزه يوم أخويا الحلو يتعكر.
ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، مقولة تنطبق على اللي بيحصل دلوقتي.
- أنتِ إيه اللي جابِك؟
- أنت اللي إيه اللي جابَك؟
- فرح ابني.
كانت راحه تبدأ مابينهم خناقة، لكن جدي وأدهم جُم وهدوا الموضوع، لكن ساجد مسكتش، أتكلم بنبرة هادئة:- نورتوا حضراتكوا، أنا آسف في كلامي لو هبقى بجح، بس عدو اليوم، أنا وأختي من حقنا نفرح، مش جايين حتى في دي وتبقوا انانيين، لسة فاكر حضرتك وحضرتها إني ابنكوا؟ ما أنا وأختي من كام سنة كنا عالة عليكوا وحمل تقيل، بقالنا سنين مش عارفين نعيش، سيبونا نعرف نعيش ولو يوم من غير ما تعكروه، عدو اليوم ، مفكرتوش فينا بقالكم سنين، محدش منكم وقف معايا في تجهيزات فرحي، جايين الفرح زيكم زي الضيوف اللي معزومين، ولولا عزومة جدي ليكم علشان إحنا المفروض عيالكم أنتو مكنتوش هتفكروا تيجوا أصلاً.
- أنا ء....
- حضرتك على عيني وعلى رأسي يا بابا، جدي مربانيش إني أعلي صوتي على اللي أكبر مني.
متوقعتش إن الموضوع هيتلم بسهولة بس حمدت ربنا، وفي نفس الوقت زعلت من موقفهم وانهم مقدروش حاجة.
عدى الفرح في وسط أجواء سعيدة، ودا علشان أدهم بذل جهد أكتر من اللازم علشان يطلع ساجد من عكننة مزاجه، أنا بحب علاقة الصحاب اللي زي علاقة أدهم وساجد، لو واحد منهم هيقع التاني بيسنده، تحس إن الكوبليه اللي كان بيقول: " لو يوم تميل أنا كتافي يشيل". دا علشانهم.
يوم مرهق ومتعب، غيرت ولبست عباية واسعة ولبست خمار تيتا ونزلت قعدت قدام البيت، كان أدهم قاعد بما إن بيوتنا في وش بعض، كان قاعد بيشغل مفرش كالعادة في وقت الفراغ بتاعه.
- غريبة يعني منمتش على طول.
إتكلم وهو عينه على الخيوط، وحاطط كل تركيزه فيها:- عادي، في حاجة شاغلة دماغي ومش عارف أنام، وكدا كدا مش رايح الشغل بكرا، واخد إجازة.
- أحكي يا عم.
- أنا يا ستي بحب واحدة، وهي مش مدياني وش.
أبدأ أتعلق بيه من هنا، وهو يقولي بيحب واحدة من هنا، جاه أوا، تباً.
- وبعدين ؟
- ولا قبلين، تفتكري أعمل ايه علشان اخليها تأخد بالها.
- أنت ليه ما إتقدمتلهاش.
- خايف أترفص.
- كان نفسي تبقى واخده بالها بجد.
هو بيلمح؟ ولا أنا اللي تعلقي بيه خلاني أحس بكدا؟ 
كمل كلامه وهو بيسيب اللي في إيده وبيتكلم بنفاذ صبر:- بقولك أنا صريح ومليش في اللف والدوران، بصي بقى يا بنت الناس أنا رايدك.
أنا ؟ يعني هو بيحبني؟ طيب أنا أستاهل؟ طيب هقدر؟
- فرحه، فوقي من توهتك، أنا عارف اللي في تفكيرك دلوقتي، بس أنتِ تستحقي تفرحي، تستحقي تأخدي نصيبك الحلو من الدنيا.
- بس أنا خايفه.
- وأنا هطمنك.
- هتتحملني وتتحمل خوفي؟
- وكل حالاتك.
" ظننت أني ذاك الغريق الذي لم يجد المرسىٰ، لكني لم أكن أعلم أنك المرسىٰ، أنك ذاك الوطن، ذاك الأمان الذي بحثت عنه ولم أرىٰ أنه كان أم عيني".

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-