رواية وجع الهوي كاملة جميع الفصول بقلم ايمي نور

رواية وجع الهوي كاملة جميع الفصول بقلم ايمي نور


رواية وجع الهوي كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة ايمي نور رواية وجع الهوي كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية وجع الهوي كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية وجع الهوي كاملة جميع الفصول

رواية وجع الهوي بقلم ايمي نور

رواية وجع الهوي كاملة جميع الفصول

داخل القاعة الكبيرة الخاصة بالاستقبال فى منزل احدى اكبر عائلات القرية عائلة(المغربى)
يترأس الجلسة الشيخ جاد المغربى بهيبته وسنوات عمره التى تجاوزت السبعون يستند بعصاه وبجواره ولده الاكبر علوان وحفيده سعد
تقابلهم فى الناحية الاخرى افراد العائلة الاخرى المنافسة لهم من حيث المكانةوالثراء عائلة (الصاوى).

متمثلة فى كبيرها جلال الصاوى بجسده فارع الطويل وملامحه الوسيمة لكنها تحمل من الحدة والصرامة تتجاوز سنوات عمره التى تجاوزت الثلاثين تزينها لحية قاتمة السواد كشعره تماما وعينيه الذهبية الحادة ثابتة بهدوء وهى تتابع وجوه الجالسين بعد ان القى بطلبه اليهم يجاوره عمه صبرى يسود الجلسة الصمت الحاد ارجاء المكان فى انتظار رد الشيخ جاد المغربى على الطلب الخاص بعائلة الصاوى ليجلس الشيخ جاد مستندا بكفيه فوق عصاه ينظر ارضا بتفكير لكن تأتى الاجابة بصوت حاد متكبر من ولده الاكبر علوان هاتفا.

= طلبك مرفوض يابن الصاوى ارضنا مش للبيع ولو دفعت فيها اد اللى قلته عشر مرات.

عقد جلال حاجبيه شديدى السواد بشدة قبل ان يشير بطرف عينيه لعمه والذى تحفز جسده يهم للرد عليه ردا حادا عنيف ولكن تأتى اشارة جلال له بالصمت تكبل رده اللاذع قبل النطق به فزفر بحدة ووجهه شديد الحنق يطبق شفتيه بقوة وهو يرى جلال يلتفت مرة اخرى ناحية الشيخ جاد المغربى موجها حديثه اليه متجاهلا تماما بتعمد علوان قائلا بصوت هادئ لكن لا يخلو من الصلابة
= قلت ايه يا حاج جاد احب اسمع ردك.

هذه المرة هب علوان واقفا وقد اغضبه تجاهل جلال المتعمد له قائلا بحنق
=جرى ايه يابن الصاوى ماوصلك الرد ولا تحب...

قاطعه صوت والده يهتف به بصرامة
=علوان، الكلام مايبقاش كده.

التفت علوان الى والده قائلا بغيظ
=اومال ازاى يا بويا مانت شايف بعنيك بتكلم ازاى.

هز جاد رأسه يشير اليه بالجلوس قائلا بجدية لا تقبل المجادلة
=اقعد يا علوان وخلينا نتكلم بالعقل.

جلس علوان مكانه بعنف زافر بغضب ووجه حانق فيسود الهدوء بعدها للحظات قبل ان يقول جاد بصوت هادئ موجها حديثه الى جلال الجالس براحة وهدوء فوق مقعده
= اسمع يابنى زاى ما قال علوان ولدى احنا ما بنبعش ارضنا ولو بكنوز الدنيا حتى ولو فيها موتنا الارض عرض وانت فاهم كلامى ده كويس وعارف يعنى ايه الواحد يفرط فى ارضه.

جفل وجه جلال لا يخفى عليه معنى كلمات جاد المستترة لكنه اسرع باسدال ستار البرودة فوق وجهه
ينهض واقفا يتبعه عمه فورا قائلا بهدوء
= تمام ياحاج جاد ردك وصلنى. بس كنت اتمنى انه يكون غير كده خصوصا ان الارض اللى بطلبها دى ارض الصاوى من الاساس.

ابتسم الشيخ جاد المغربى قائلا بهدوء هو الاخر يشير الى جلال بالجلوس
= اقعد يا جلال يابنى انا لسه مخلصتش كلامى ولا ردى على طلبك لسه اتقال.

عقد جلال حاجبيه بشدة ينظر الى جاد المغربى بتفكير فيتبدلان النظرات فيما بينهم للحظات بثبات قبل ان يجلس مرة اخرى ليكمل جاد بصوت هادئ واضح النبرات
= شوف يابنى زاى ماقلت فى وقت سابق ارضنا مش للبيع ولو على رقابنا بس...
قطع كلماته فجأة ينظر ارضا للحظة ساد خلالها التوتر ارجاء المكان قبل ان يرفع رأسه مرة موجها نظراته اللى جلال بحزم يكمل بتروى حازم.

= بس ممكن نهاديها لبنتنا وقت ما تيجى وتتجوز وهى ساعتها حرة تعمل ما بدلها فيها، تخليها بأسمها، تكتبها لعيالها، ولا حتى تكتبها لجوزها ده منقدرش نتكلم فيه ولا نقول عليه لا.

توتر الجو فور نطق جاد بتلك الكلمات تتجه جميع الاعين اليه بصدمة وذهول لكنه لم يحيد عينيه عن عينى جلال والذى بادله اياها بحزم حتى دوت صرخة علوان المستنكرة تهز ارجاء المكان يصرخ بعضب وجنون
=بتقول ايه يابويا بقى مرضناش نديله الارض، فنديله بنت من بنتنا كمان فوقها.

ادار جاد وجهه ناحية ناحية ابنه يجز فوق اسنانه قائلا بحدة وصوت خافت
= اقعد مكانك ساكت ولو مش عجبك كلامى اخرج بره حالا.

شحب وجه علوان بشدة يبتلع لعابه ببطء وحرج قبل ان يخفض وجهه ويعاود الجلوس فوق مقعده مرة اخرى دون ان ينطق بكلمة واحدة ليعاود جاد الالتفات الى جلال ينظر اليه فيعود بينهم حديث الاعين مرة اخرى للحظات قال بعدها جلال بهدوء وجدية
=حاج جاد انا يشرفنى اطلب ايد حفيدتك ليا.

ابتسم جاد ببطء عينيه تلتمع بسرور قائلا بسعادة
=وانا يشرفنى طلبك ده وموافق عليه.

=انت بتقول ايه يا جلال بنت المغربى مين اللى هتتجوزها طيب وانا
صرخت سلمى ابنه عمه بكلماتها تلك ثم ترتمى فى احضان والدتها تبكى بمرارة وحرقة بشهقات عالية يرتفع معها صرخة والدته هاتفة بحدة
= ده لايمكن يحصل ابدا على اخر الزمن بنات المغربى يسكنوا دارنا، مش دول اللى كانوا السبب فى ان ابوك يخسر ماله وتجارته وباع بسببهم الارض.

قاطع جلال كل ما يقال بصوت حازم صلب قائلا
= ملوش لزوم الكلام ده يا امى انتى عارفة كويس الارض اتباعت ليه وعلشان ايه، و احنا قرينا الفاتحة خلاص وكتب الكتاب والدخلة كمان شهر.

ارتفعت شهقات سلمى الباكية اكثر فور انتهاء حديثه لتلفت زهيرة والدتها ناحية زوجها وولدها الجالسين بوجوم وصمت منذ بدء الحديث قائلة بذهول وحدة
= وانت عجبك اللى حصل والكلام ده يا صبرى وموافق عليه.

جاءتها اجابته وهو يخفض وجهه قائلا بتجهم
= اللى عمله جلال هو الصح والا الارض عمرها ما كانت هترجع لينا من تانى.

رفعت سلمى راسها عن صدر والدتها تصرخ بغل
= تولع الارض على اللى عاوزها...

هنا رفعت الحاجة راجية جدتهم راسها بحدة صارخة بغضب بعدما كانت جالسة تتابع الى ما يحدث بصمت وتركيز
= ارض ايه اللى تولع يا بت صبرى الارض دى اللى عملت ليكى ولاهلك القيمة والهيبة اللى دايرة تتمنظرى بيها انتى وامك على خلق الله ولولا جلال قدر يرجع اللى راح عمر ماكان هيبقى ليكم قيمة ولا تمن وسط الخلق.

اقترب جلال منها يربت فوق كفها جاذبا راسها اليه يقبل جبينها بحنان قائلا
= اهدى يا جدة هى اكيد ما تقصدش حاجة بكلامها.

صرخت سلمى بغضب اعمى تدب قدميها بالارض
= لا اقصد، وبقولها تانى وتالت تولع الارض على اللى عاوزها.

ثم اسرعت بالجرى ناحية الدرج تصعده بسرعة بشهقات بكائها العالية تتبعها والدتها وهى تناديها بلهفة وجزع فيسود الصمت ارجاء المكان من بعد ذهابها العاصف لتقول الحاجة راجية بعد حين بصوت خافت
: شايف بنتك يا صبرى بتقول ليه ايه.

اسرع صبرى بالانحناء فوق كفها يقبله بحنان قائلا بخفوت واسف
= حقك عليا ياما بس معلش عيلة صغيرة واللى حصل مش هين عليها متنسيش طول عمرها وهى مكتوبة لجلال وصعب عليها تعرف قيمة الارض وغلاوتها ايه.

هزت راجية راسها بالموافقة قبل ان تلتفت الى جلال تضع كفها المتغضن فوق وجنته تتلمسها بحنان قائلة
= عندك حق يا صبرى مش اى حد يعرف قيمة الارض وغلاوتها.

قبل جلال باطن كفها برقة لتبتسم له بحنان شع من كل ملامحها لكن تأتى مقاطعة قدرية لتلك اللحظة حين سألت بوجوم وصوت يظهر فيه رفضها لما يحدث
= وياترى قريت فاتحة مين من بنات المغربى، على حسب ما اعرف مفيش عندهم بنات للجواز غير...

قطعت كلماتها يرتسم الذهول وصدمة فوق وجهها حين أوما لها صبرى براسه بالايجاب يجيبها بخشية وهو يرمق جلال بقلق قائلا
=جلال قرى فاتحة الكبيرة يام جلال.

قدرية بعينين مشتعلة عنيفة يكاد صوتها يشق عنان السماء مستنكرا
= تقصد مين، تقصد ليله اللى كانت خطيبة راغب
تقصد البايرة واللى محدش عبرها من بعد ما خطيبها سابها هتبقى مرات ابنى انا، هتبقى مرات كبيركم.

نهضت صارخة تضرب بكفيها فوق راسها بهستريا قائلة
= ياميلة بختك فى ولدك يا قدرية، بقى جلال كبير عيلة الصاوى يكون من حظه البايرة، ياميلة بختك ياقدرية.

نهض جلال واقفا يهتف بحزم وصوت لا يقبل المجادلة يعلم الجميع ان لا حديث يقال بعد حديثه حين يستخدم تلك النبرة لتصمت قدرية فورا حين صدح صوته قائلا
= انتهينا خلاص يا امى كلام فى الموضوع ده وليله ولا اى كان اسمها من هنا ورايح بقيت محسوبة على عيلة الصاوى وهتبقى مرات كبيرها ومفيش حاجة هتغير من كلامى ده.

= لسه مش عاوزة تبطلى عياط يا ليله.

التفت ليله بوجهها ناحية شقيقتها بعينيها المتورمتين من اثر بكائها منذ ان اخبرها جدها باقتضاب بنبأ زواجها لتعلم بما حدث حرفيا فيما بعد وكيف تم طلب الزواج هذا شاعرة بالانكسار والمهانة وهى تتسأل بألم هل وصل بها الحال الى هذه الدرجة فيتم عرضها بتلك الطريقة على هذا الخاطب هل اصبح وضعها مزرى لتلك الدرجة فى نظر جدها حتى يقوم بتقدم تلك الارض له فى مقابل تنازله والزواج منها.

تساقطت دموعها بغزارة وصمت فوق وجنتها تلتف ناحية النافذة مرة اخرى تطالعها مرة اخرى بحزن ينفطر فؤادها به فتتنهد شقيقتها شروق بشفقة وهى تجلس بجوارها تنظر اليها للحظات قبل ان تقول بخفوت ورقة
= ارضى يا ليله و وافقى.

نظرت ليله اليها متعسة العينين بذهول. لتومأ لها شروق قائلة بحنان
= ايوه وافقى وعيشى حياتك مش يمكن تلاقى فى بيت الصاوى اللى يعوضك عن كل اللى حصلك.

اغمضت ليله عينيها بألم تتساقط دموعها بحسرة هامسة
= وايه اللى مستنية القاه هناك بعد ما خدونى فوق البيعة ياشروق، ليله البايرة العانس زاى ما كل البلد بتقول عنها هتلاقى ايه فى بيت الصاوى غير ذل ومهانة بعد ماجدها باعها ليهم ببلاش.

اسرعت شروق بالامساك بوجهها بين كفيها ترفع عينيها اليها تهتف بلهفة وحنان
= جدى ما بعكيش يا ليلة جدى دور على مصلحتك ولا كنتى عاوزة تقضى عمرك كله تسمعى كلام اللى حوالينا الل زاى سم وتموتى كل يوم بالبطئ من همز ولمز اللى حواليكى
فكرى يا ليله وهتعرفى ان جدى معملش غير اللى فيه صالحك.

ارتمت ليله بين ذراعيها تبكى بمرارة وتتحدث بكلمات متقطعة بألم تخرج من فمها بصعوبة
= غصب عنى يا شروق انا حاسة زاى اللى خدوها من الدار للنار ولا عارفة تفرق بين ايه الصح وايه الغلط.

ربت شروق فوق ظهرها قائلة بحنان
= صدقينى يا ليله اى عريس هيكون احسن من ابن عمك ولو حتى كان طبعه ايه وقلبى حاسس ان بكرة هيكون احسن وربنا هيعوضك بكل خير.

وهاهى تجلس بفستان زفافها داخل ذلك الجناح والذى خصص لها مع عريسها فى منزل عائلة الصاوى تشعر بالرهبة ودقات قلبها تتعالى فتصم اذانها بينما جلست والدتها بجوارها فوق الفراش تبتسم لها بحنان هامسة برفق وطمأنينة
= متخفيش يا قلب امك ولا تشغلى بالك بحاجة...

اسرعت تكمل بلهفة تحاول بث الطمأنية اكثر بداخلها
=عارفة انا قلبى حاسس ان جلال الصاوى طيب وقلبه حنين غير ما بيقولوه وبنسمعه عنه خالص.

زحف الشحوب الى وجهها تنظ الى والدتها ترتجف اثر كلماتها التى لم تقم بتهدئة مخاوفها بل زادت من رهبتها وخوفها اكثر لتسرع شروق تهتف بمزاح فى محاولة لتدارك الامر
= شوفتوا مرات عمى كانت قاعدة طول الفرح ازاى انا كنت حاسة انها هتنفجر فى مكانها من الغيظ.

التفت لها ليلة تهمس برجفة
= مكنتش مرات عمك بس يا شروق اللى هتنفجر انتى مشفتيش ستات عيلة الصاوى كانوا قاعدين ازاى ولا عملوا ايه لما دخل مع جدك ولا واحدة فيهم نطقت بكلمة طول الفرح كانهم كانوا جايين عزى مش فرح.

احتضنتها شروق اليها هامسة بحنان
= سيبك منهم ومتزعليش وان شاء الله مع الايام الامور كلها هتتظبط هى بس السرعة اللى حصل بيها الجواز خلت الكل مشدود وعلى اعصابه.

رفعت ليله عينينها الملتمعة بدموعها تدرك ان لا شيئ مما تقوله حقيقى وان نساء عائلة الصاوى رفضات للزيجة وبشدة وهذا ما ادركته منذ لحظة تمنعهم عن زيارتها او السؤال عنها طوال فترة الخطوبة وعدم اتباعهم التقاليد المتعارف عليها فى تلك الفترة متجاهلين وجودها تماما كأنها ليس لها وجود فى حياتهم حتى هو لم تراه سوى مرة واحدة كانت اثناء وضعه لدبلته حولها اصابعها بسرعة وعملية دون ان ينطق بحرف واحد لها ولو حتى بالمباركة ثم يخرج فورا مع جدها فلا تراه من وقتها حتى يومهم هذا.

فتح الباب فجأة تطل منه والدة زوجها الحاجة قدرية بملابسها المتشحة بالسواد وعينيها المرتسمة بالمرتسمة بالكحل بنظراتهم الحادة تهتف بصلابة وجمود
=ادمكم كتير فى القعدة دى، العريس واقف من بدرى بره وعاوز يدخل لعروسته ولا انتوا رايكم ايه.

اسرعت والدة ليله بالنهوض تهتف بحرج وارتباك
= لاا خلاص احنا كنا ماشين من بدرى
ثم اسرعت تقبل ابنتها سريعا تتبعها شروق والتى همست لزينة بحنق وغيظ
= حماتك عاوزة الخنق بس يلا هفوتلها علشان خطرك، قبلتها على وجنتها تكمل بحنان
= هروح وهبقى اكلمك اطمن عليكى.

ثم تحركت تلحق بوالدتها مغادرين الغرفة تتبعهم نظرات قدرية للحظات قبل ان تلتفت لليله الواقفة باقدام مرتعشة ودقات قلب تتعالى بقوة تتطالعها من اعلاها الى اسفلها لاوية شفتيها الى الجانب مصدرة صوت من بينهم دليل عن عدم رضاها وثم تخرج مغلقة خلفها الباب بقوة لتهبط ليله جالسة فوق الفراش باحباط تتقاذف الدموع خارج عيونها مغرقة وجنتيها لاعنة حظها هامسة بألم.

= عجبك كده يا جدى، فرحت لما اتخلصت من ليله البايرة بجوازتها دى. ارتحت لما رمتنى وسط نار مش عارفة اولها من اخرها فين.

رفعت وجهها يرتسم الرعب فوق وجهها حين فتح الباب مرة اخرى تطالع القادم الان والذى لم يكن سوى عريسها المنتظر يقف بقامته الهائلة وجسده الصلب واكتافه العريضة اما وجهه فكان كصفحة بيضاء لها لا تظهر فوقه اى من المشاعر او التعبيرات حتى فى عينيه الذهبيتان والتى طالعتها ببطء وتركيز جعلها تخفض وجهها خجلا منه ترتجف برهبة وهى تستمع الى صوت اغلاقه للباب و تقدم خطواته منها بهدوء حتى وقف امامها تماما فتطالع عينيها حذائه الملتمع للحظات ساد الصمت فيهم لا تسمع من خلاله شيئ سوى دقات قلبها والتى كادت تصم اذانها انتظارا لحركة منه ولكن وجدته يتحرك مرة اخرى مبتعدا عنها للطرف الاخر يصل بعدها صوته القوى الحازم اليها قائلا.

= روحى غيرى هدومك فى الحمام وانا هستناكى هنا علشان علشان عندى كلمتين عاوز اقولهملك.

رفعت عينيها سريعا باتجاه صوته بذهول ولكن اسرعت بخفضها مرة اخرى تهز راسها بالموافقة تلملم فستانها من حولها بيد وبالاخرى تمسك بقميص باللون الابيض كان موضوع فوق الفراش ثم تتجه ناحية الباب الوحيد الموجود داخل الغرفة باستثناء باب الدخول تفتحه ببطء تدلف الى الداخل ثم تغلق بابه خلفها بهدوء.

استغرقت الكثير من الوقت داخل الحمام حتى استطاعت التعامل مع سحاب فستانها والتخلص منه ثم وقفت تنظر الى نفسها فى المرأة المعلقة تشعر بالغصة تملأ حلقها وهى تتطالع جسدها ذو القامة الصغيرة نسبيا المرتسم داخل هذا القميص وفوقه روب من نفس النوع والذى برغم احتشامه المعقول الا انها شعرت بانه لا يناسبها لا هو ولا شعرها العجرى المتناثر حول وجهها المستدير بلونه البنى القاتم المطابق لعينيها تلعن نفسها الف مرة رفضها ان تقوم شروق بكيه لها حتى تهذب من جنونه مبررة ذلك بانها تريده ان يراها بلا اى محاولة منها لتجميل او اخفاء ما تراه دائما احدى عيوبها التى طالما كرهته تبتسم بسخرية من حماس شروق وقتها لتركها له على حاله تخبرها كما تفعل دائما بأنه احدى تلك الاشياء المميزة بها والتى تجعلها اشبه بحورية ذات شعر غجرى تدرك جيدا ما تحاول فعله من رفع لثقتها بنفسها فتنجح فى ذلك حينها اما الان وهى تنظر الى نفسها فى المرآة تشعر بعدم تلثقة والقلق من قرارها.

زفرت تغمض عينيها تحاول طرد تلك الدموع بعيدا والتى تتزاحم للخروج من محبسها تحاول التنفس ببطء عدة مرات ثم تحركت تفتح الباب ببطء تخطو خارجه باقدام عارية مرتعشة ترفع عينيها باحثة عن مكان وجوده فتراه يجلس فوق الاريكة ذات اللون الازرق وقد بدل ملابسه لملابس بيتية مريحة امامه صنية الطعام المخصصة لليلة الزفاف يراقب تقدمها منه بهدوء ووجه خالى من التعبير ثم يحدثها بصوت غير مبالى وهو يشير الى ناحية صنية الطعام.

= تعالى اتعشى الاول وبعدين نتكلم.

هزت راسها برفض هامسة بارتجاف وصوت يكاد يسمع
= مش عاوزة، انا مش جعانة.

هز جلال راسه بتفهم قبل ان يقول بصوت واضح النبرات
= طيب تعالى انا عاوزك اتكلم معاكى كلمتين.

اتجهت ناحية المقعد المجاور للاريكة وهى تراه جالسا براحة فوقها وملامح وجهه مازالت على حالها من عدم الوضوح ينتظرها ان تجلس فاسرعت بالجلوس تحول لملمة اطراف ثوبها من حولها ثم يسود الصمت للحظة قبل ان يقول جلال بصوت عملى جاد
= اسمعى يا ليله كلامى كويس وياريت يوصلك اللى عاوز اقوله.

كانت هى تخفض راسها ارضا تفرك اصابعها بتوتر وهى تستمع الى صوت الجاد برجفة تتملكها وهو يكمل بهدوء.

= شوفى يا بنت الناس احب تكون حياتنا من اولها على نور، مش هضحك عليكى واقولك ان ليا فشغل الحب والعواطف الكلام الفاضى ده احنا الاتنين مش صغيرين وعارفين جوازنا كان ليه وعلشان ايه، انتى مراتى وليكى عندى احترامك وتقديرك بس اكتر من كده مقدرش اوعدك بحاجة مش هتكون فى يوم من الايام فياريت تفهمى كلامى ده كويس علشان بعد كده ما نرجعش نقول ونعيد ونستنى حاجة مش هتحصل.

شعرت بغيمة الدموع تغشى عينيها مرة اخرى لكن هذه المرة تصحبها غصة كادت ان تخنقها لكنها حاولت ان تتماسك وهى تسمعه يتحرك من مكانه مقتربا منها يكمل وبنرات صوته تتغير للطف كما لو كان احس بقسوة كلماته السابقة عليها
= انا عارف انى كلامى ده لا وقته ولا مكانه بس انا حبيت كل حاجة بينا تبقى على نور من اولها علشان نقدر نكمل اللى جاى من غير ماحد فينا يستنى من التانى اللى مش هيقدر يعمله، فاهمة كلامى يا ليله.

انتظر اجابتها لكنها لم تستطع ان تخرج حرف واحد من بين شفتيها وكل ما استطاعت فعله هو هز راسها له بالايجاب ببطء وهى مازالت تخفض راسهاتخفى خصلات شعرها المتمردة عنه تعبيراتها المتألمة تجفل بشدة حين شعرت بانامله فوقها ترجعها خلف اذنيها هامسا براحة
= انا كنت عارف انك هتقدرى تفهمينى وبخصوص موضوع الارض...

ابتعت لعابها تقطع كلماته تدرك جيدا حديثه قادم لاتريد منه اضافة المزيد من الاهانة والاذلال بتذكيرها بسبب اختياره لها كعروس له هامسة بصوت خافت خرج بصعوبة من بين شفتيها
= عارفة كل حاجة عنه جدى قالى ومستعدة انفذ فى اى وقت تحدده.

ابتسم جلال برقة قائلا ومازالت انامله تعبث بخصلات شعرها
= طيب تمام كده اوى، وبما اننا اتفقنا على كل حاجة تحبى تتعشى الاول ولا ننام على طول.

عند ذكره لامر النوم ودون ان تشعر هبت وافقة بأرتباك قائلة بصوت متحشرج ومتلعثم من شدة خوفها
= ليا عندك، طلب يااريت، لو توافق عليه..

جلال بهدوء متابعا حالتها المرتبكة برأفة
=قولى يا ليله ولو اقدر مش هتأخر اعمله...

جلست مرة اخرى تفرك كفيها بعصبية لا تدرى كيف تحدثه بما يجول بذهنها فهى لا تظن انها تستطيع ان تتعامل معه كعروس عادية سعيدة بعد حديثه السابق لها وما وضحه من امور خلاله جعلتها تدرك قيمتها الحقيقة لديه وبانها لم تكن سوى وسيلته لوصوله لارض عائلته وقد حاول تبيهها لهذا منذ اول ليلة لهم معا لذا تشجعت قائلة بخفوت تتلعثم حروفها
= زاى ما، قلت ليا من شوية، عن، جوازنا وظروفه..

انا، كنت، عاوزة لو، ممكن، لو ممكن يعنى انى اخدفرصة، علشان، اقدراتعود، عليك، قبل يعنى، يعنى...

زفر جلال بقوة يتراجع للخلف ببطء يراقبها بتمعن وتفكير بينما جلست ترتجف فى مقعدها فى انتظار رده على مطلبها حتى اتاها رده بعد فترة طويلة من الصمت كادت اعصابها فيها ان تنهار قبل ان يقول بهدوء وبنبرة خالية من المشاعر
= تمام ياليله اللى تقصديه وصلنى، ومعنديش اى اعتراض عليه، وعاوزك تفهمى ان عمرى ما هغصبك على حاجة مش عاوزاها.

ثم اتبع كلامه ناهضا من مكانه متجها ناحية الفراش يستلقى عليه يغلق الاضواء دون اى كلمة اضافية منه ليعم ظلام محدود ارجاء الغرفة اما هى فقد جلست مكانها تشعر بالذنب يتأكلها كما لو كانت هى من قامت باهانته وليس هو حين حطم امالها كاى فتاة فى ليلة زفافها تنظر من زوجها ان يسمعها ما يجعلها تطمن على القادم من حياتهم سويا لا نفيا قاطعا منه واخباره لها ان لا تنظر منه ان يحبها فى يوم من الايام كأنه مستحيل لا يمكن ان يتحقق.

لكنها لا تلوم عليه بل لومها وألمها يقع على عاتق جدها تلومه هو فقط على كل مايحدث معها فقد كان من الهين عليها ان تعيش حياتها كلها حاملة لقب (البايرة )كما يحلو لهم ان يطلقوه عليها ولا ان تعيش لحظة المها هذا وهى تستمع الى زوجها يخبرها بما قاله لها منذ قليل محطما كل امالها ان تحب وتعشق كما الفتيات فى مثل عمرها فى سيبل التخلص من عنوستها المزعومة فى نظر اهلها..

تنهدت بألم تترك لاول مرة العنان لتلك الدموع الحبيسة الحرية اخيرا من محبسها تبكى بصمت والم تعلن الحداد على فرحة لم ولن تكتب لها ابدا.

استيقظت على صوت طرق عالى فوق باب غرفتهم وحين حاولت النهوض وجدته يسرع ناهضا باتجاه الباب يفتحه مواربا له بشق بسيط فيصل اليها صوت والدته تسأله بلهفة
=.

ايه الاخبار يا ضنايا، كله تمام.

اعقبت كلماتها وهى تحاول ان تطل براسها من خلال شق الباب لكن صوت جلال الصارم اوقفها قائلا
=صباح الخير يا امى، اخبار ايه اللى تقصديها.

قدرية بخشونة وعصبية
=جلال، انت عارف انا قصدى ايه فبلاش ملوعة.

التف جلال براسه ناحية ليله الجالسة الان تتابع ما يحدث برهبة قبل ان يخرج من الباب يغلقه خلفه بهدوء ثم يلتفت الى والدته الواقفة تطل من عينيها نظرة لهفة وفضول ليحدثها بهدوء ولكن بنبرة صارمة لا تقبل النقاش
=انا فاهم كويس اللى تقصديه يا امى وعلشان فاهم بقولك ومن غير زعل مش عاوز كلام فى الموضوع ده.

تغيرت نبرته لتحذير وجدية صارمة يكمل وعينى والدته تتسع بصدمة مع كل كلمة ينطق بها
= الموضوع ده حاجة بينى وبين مراتى ومتخصش اى حد غيرنا حتى ولو انتى يا امى.

ارتفعت خيبة الامل فوق وجه قدرية قائلة بحزن مصطنع علها تغير من قراره
=بقى كده يا جلال عاوز تخبى على امك، وهو يعنى انا عاوزة اعرف ليه مش علشان قلبى يطمن.

تنهد جلال بقوة قائلا بعدها بتروى وهدوء
=وانا بقولك اطمنى يا امى واظن كفاية عليكى كلمتى.

حاولت قدرية تخطيه فى محاولة لدخول الغرفة
=طب اطمن بنفسى وبالمرة اصبح على العروسة.

هدر جلال بصوت عالى نافذ الصبر
=امى، انتهينا كلام فى الموضوع ده. ولو على العروسة هى لسه نايمة لما تصحى هنزلك بيها لحد عندك.

اشتعلت عينى قدرية بغضب لم تستطع ترك العنان له او النطق بكلمة واحدة بما يجول فى بالها من سباب لتلك العروسة وما تعنيه لها لذا قالت بحروف خرجت بصعوبة من فمها تحاول التظاهر بالموافقة فى محاولة لتمرير الامر
=كده طيب يا حبيبى اللى تشوفه، انا هنزل اجهزلكم الفطار وابعته مع البت نجية وانتوا خليكم براحتكم.

اومأ جلال براسه بالموافقة ثم دلف داخل الغرفة مرة اخرى بعد ذهاب والدته والتى اخذت بالسباب بصوت منخفض خوفا من ان يصل لمسمعه
=قال عروسة قال، دى جوازة الشوم والندامة مبقاش الا دى كمان اللى تعملى فيها عروسة فى دارى.

فور دخول جلال للغرفة اسرعت ليله بالوقوف سريعا بارتباك لاحظه جلال وهى تحاول لملمة اطراف الروب من حولها تتلفت حول نفسها بخوف ظهر جاليا على وجهها لكنه تجاهل ارتباكها هذا يتقدم باتجاهها بهدوء يمرر عينيه فوقها ببطء جعلها تشعر بضربات قلبها تتعالى ويتعالى معها خوفها وذعرها منه تحاول ضم اطراف ثوبها اكثر واكثر بقبضتها فيابع جلال حركتها تلك زافرا بحدة وضيق فتزداد خوفا تضم اصابعها حول ثوبها اكثر حتى كادت ان تختنق به ليهتف بها بفروغ صبر.

=مش معنى انى وافقتك على كلامك امبارح هيبقى ده حالك كل ما تشوفينى.

زفر محاولا الهدوء عند ملاحظته خوفها منه يتراقص داخل عينيها ليقول بعد حين بلين ورقة
=طيب احنا مش اتفقنا اننا لازم ناخد على بعض واديتك كلمتى يبقى ليه بقى الخوف اللى شايفه ده.

لم تنطق بكلمة ولكن لاحظ تراخى ملامحها الى حد ما ليكمل بهدوء وتروى
=ايه رايك تدخلى الحمام تجهزى نفسك وتستعدى زمان اهلك على وصول على ما الفطار يجهز.

اومأت له براسها ببطء وعينين متسعة برهبة تتحرك باتجاه الحمام لكنه مد يده ليوقفها قائلا وهو مازال على هدوئه ولكن لم تخلوا من بعض التحذير والصرامة
=ليله اتفقنا ده بينى وبينك مفيش حد يعلم بيه ولاحتى امك او اختك مفهوم يا ليله.

هزت راسها مرة اخرى بضعف ليزفر بنفاذ صبر وحدة
= مش معقولة يعنى ردك عليا هيكون دايما كده عاوز اسمع صوتك.

اخذت تبلل شفتيها وتحاول ابتلاع لعابها لتخفف من جفاف حلقها قبل محاولة الرد عليه ليخرج صوتها اجش مرتعش
=حاضر، اللى تشوفه.

نظر لها بتأمل للحظات قبل ان يومأ لها براسه دون كلام لتسرع ليله فى اتجاه باب الحمام تدخله ثم تغلقه خلفها بهدوء بينما وقف هو يتابعها بصمت وعينين غامضة النظرات هامسا بعد اختفائها
شكلك هتتعبينى معاكى يا بنت المغربى.
بعد مرور اسبوعين على تلك الاحداث
استيقظت على صوت طرقات فوق باب غرفتها وصوت يناديها بلهفة
=ست ليله، يا ست ليله.

اسرعت بالنهوض تجرى ناحية باب الغرفة لتفتحه يطالعها وجه الخادمة نجية والتى ما ان راتها حتى هتفت بلهفة
=صباح الخير يا ست ليله، ستى الكبيرة بتقولك انزلى حالا...

اقتربت منها هامسة وهى تتلفت حولها برهبة تكمل
=الظاهر ان سيدى جلال هيوصل النهاردة من السفر وهى عوزاكى علشان كده
بس وحياة الغالى عندك انا مقولتش ليكى حاجة هى اكيد هتعرفك بنفسها.

هزت لها ليله راسها بالايجاب وهى تربت فوق كتفها بحنو عالمة بمدى خوف ورعب العاملين فى المنزل من شدة وقسوة والدة زوجها قائلة
=متخفيش يا نجية ولا كانى سمعت حاجة وانزلى انتى قوليلها انى نزلة وراكى حالا.

اسرعت نجية تهز راسها بالموافقة مغادرة فى الحال لتغلق ليله الباب تستند عليه بضعف وهى تتنهد بقوة ترتجف اوصالها بشدة وهى تتسأل داخلها كيف سيكون استقبالها له وكيف ستتعامل معه فى الايام المقبلة فهو حتى الان كالشخص الغريب بالنسبة لها فمنذ ليلة زفافهم وكلامه الموجع لها وطلبها منه امهالها بضع الوقت وهو يتصرف كما لو كانت اهانته او قامت بما لا يمكن غفرانه متجاهلا لها معظم اوقاتهم معا والتى كانت قليلة من الاساس فهى تكاد تراه بعض ساعات ليلا يلقى خلالها بتحية المساء لها ثم يتجه للفراش دون اضافة حرف اخر تاركا لها طوال اليوم لامه وزوجة عمه يسمعونها كلامهم المسموم عن كثرة غيابه عن المنزل وهروبه المستمر عن عروسه واخرهم امس حينا اخذا تتغامزن عن ذاك العريس الذى ترك عروس لم تكمل الاسبوع بحجة السفر والانشغال بالاعمال غائبا لمدة اسبوع كامل متحملا البعد عنها طوال هذه المدة وتعلم الان ان فى انتظارها محاضرة اخرى والمزيد من همزاتهم ولمزاتهم التى تحرقها دون ان تجرأ على النطق بكلمة واحدة لايقافهم فمن بيعت مثلها لا حق لها باى رد اوحتى بالاعتراض.

اغمضت عينيها متنهدة بحسرة والم قبل ان تقوم بالتوجه ناحية خزانتها تخرج منها ما سوف ترتديه لليوم.

وبعد اكثر من النصف ساعة كانت تنزل الدرج ببطء حتى وصلت الى اسفله تنظر حولها فلم تجد احد يجلس ببهو المنزل لذا توجهت بخطواتها الخفيفة الى الى غرفة المعيشة والتى يتجمع بها افراد العائلة فى اوقات الراحة ما ان اقتربت منها حتى وصل مسامعها صوت والدة زوجها القوى الحاد هاتفة بحنق
= كان يوم اسود يوم ما دخلت دارنا، من يوم ما اتجوزها وهو سايب حاله وماله وقاعد بعيد عن حضن امه.

تجمدت مكانها وقد علمت من المقصود بحديثها هذا تتراجع الى الخلف وهى تسمع صوت زوجه العم قائلة بسخرية وحقد
=ليه مش دى اللى اخدها وفضلها على بنتى زينة البنات واللى من يومها سيبة البيت وقاعدة عند اخوالها بعد ما كسر بخاطرها وقلبها.

اسرعت قدرية تهتف بتأكيد خبيث
= لاا ومانا بعت لها اللى يروح يجيبها من دار اخوالها ميصحش برضه تفضل هناك كل الوقت ده.

تظاهرت زاهية بالحرج والالم هامسة
=هتيجى تعمل ايه يا حاجة عاوزها تشوف حب عمرها فى حضن واحدة تانية، عاوزة تقهريها ياام جلال.

هتفت قدرية سريعا
= قهر مين يا عبيطة انتى وحياتك عندى جلال لسلمى وسلمى لجلال وانتى عارفة كلمة قدرية عمرها ما تنزل ابدا.

اقتربت منها زاهية بلهفة هاتفة
=بجد اللى بتقوليه ده يا قدرية، طب والمعدولة العروسة الجديدة ايه وضعها.

ابتسمت قدرية تلتمع عينيها بخبث هاتفة باستهزاء
=تقصدى مين ليله البايرة، لاا يا حبيبتى ده طلعت ولا نزلت جوازة مصلحة عمرها ما تعمر ولا تتسمى ليا مرات ابن.

اقتربت من زاهية تضربها بخفة فوق كفها هاتفة بمرح
=وبعدين ما انتى عارفة جلال قلبه رايد مين ولا هنعيده تانى.

زفرت زاهية قائلة باقتضاب
=عارفة يام جلال بس معلش اللى بتقولى عليها بايرة دى هى اللى بقت مرات ابنك ورضينا ولا مرضناش مراته يا قدرية.

تراجعت قدرية فى مقعدها وجهها شديد الاحتقان تهتف بعنف
=وانا عارفة بقولك ايه وعارفة دماغ ابنى فيها ايه كل الحكاية شهرين تلاتة نرجع الارض قولى سنة بالكتير وترجع دار ابوها تانى وبكرة تقولى قدرية قالت.

هنا ولم تستطع ليله الوقوف والاستماع للمزيد وقد اتضح كل شيئ امامها وعلمت الان لما التجاهل والمعاملة الجافة لها فى هذا المنزل ومنه هو ايضا فى قصرت اوطالت مدة بقائها هنا فهى ذاهبة لا محالة فلما يحمل على عاتقه محاولة ارضاء زوجة لا تسوى لدى سوى امضاء فوق ورقة للبيع.

اسرعت تجرى صاعدة الدرج مرة اخرى فى اتجاه غرفتها تدلف اليها مغلقة خلفها الباب بقوة تستند اليه بضعف قبل ان تنهار قدمها فتجلس ارضا ناظرة امامها بعيون لا ترى شيئ سوى سواد اصبح يحيطها من كل جانب.

في منزل عائلة المغربى
جلس الشيخ جاد مكفهر الوجه عاقدا حاحبيه بصرامة امام ولده الاكبر علوان والذى اخذ يهتف برجاء وتوسل
=يابا سامحه وكفاية عليه كده، ده ليه اربع سنين سايب بيته واهله وكفاية عليه اللى حصله
مش كفاية ضيعت منه بنت عمه وجوزتها لواحد تانى غيره.

التفت اليه الشيخ جاد عينيه تطلق شرارات الغضب هاتفا
=بتقولى انا الكلام ده يا علوان!، انا اللى ضيعت منه ليله ولا قلة حياه وصرمحته وماشيه الغلط.

ضرب فوق مقبض عصاه بقوة يكمل بحنق ونفور
=واخرها يتقبض عليه فى شقة مشبوهة ومعاه مخدرات ولولا لحقنا الليلة كان زمانا اتفضحنا فى البلد وسيرتنا بقيت على كل لسان، وكنت عاوزنى ازاى بعدها أمنه على ليله واجوزهاله.

نهض من مكانه يدق عصاه الارض بقوة اجفلت علوان وجعلت وجهه شديد الشحوب وهو يراه يتقدم منه بخطوات مهيبة متوقفا امامه يفح من بين اسنانه وهو ينظر اليه بعينين ورغم مرور الزمن مازالت تحمل من القوة والصلابة ترهب ابنه فتجعله يتصبب عرقا حين قائلا بجمود
=لا مستكفتش انت وابنك بلحصل واعرف بعدين بل كنت بتعمله انت من وقت ما راغب فك خطوبته من بنت عمه. اكتر من اربعة سنين وانت بتطفش كل عريس يهوب منها.

ليكمل بعدم تصديق وحيرة
= وانا اقول ليه دى البت حلوة ومن عيلة ليه محدش بيهوب من دارنا يطلبها ده اللى اصغر منها اتجوزوا وخلفوا بدل العيل اتنين وهى قاعدة والعمر بيعدى بيها لحد ما الكل بقى يقول عليها البايرة من ورانا وقدمنا اتارى عمها بيلعب لعبة وسخة علشان خاطر ابنه الصايع.

حاول علوان فتح فمه ينكر حديث والده ولكن اتت اشارة والده بكفه ينهيه بها عن الحديث فيطرق راسه ارضا متوترا والشيخ جاد يكمل بحدة وصرامة
=كنت فاكر ايه انك بتلوى دراعى يا علوان وتندمنى علشان تخلينى ارجع واجوزهاله؟
هانت عليك بنت اخوك تفضل السنين دى كلها حالها واقف علشان ابنك.

تغير نبرته صوته لالم والندم قائلا بانكسار
=هانت عليك لما اجبرتنى بعمايلك انك تضطرنى اعرضها زاى البيعة علشان اعرف اجوزها بعد ما وقفت حالها.

تركه متوجها مرة اخرى ناحية مقعده يجلس فوق بانهزام وضعف ليسرع اليه علوان مقبلا كفه قائلا بندم واسف
= حقك عليا يابا، سامحنى انا كان كل غرضى ان ليله متروحش لحد غير لابن عمها هو اللى اولى بيها من الغريب.

ارتسمت ابتسامة مريرة فوق شفتى الشيخ جاد هامسا بالم وانكسار
=وهو بعمايلك خلتنى بأيدى دى اديها للغريب ويا عالم ايامها الجاية هيبقى حالها ايه.

نزلت الدرج بوجه خالى من التعبير يظهر الهدوء فى كل تحركاتها كما لو لم تكن منذ قليل تذرف الدموع وبحال ينفطر له نياط القلب تصرخ تنعى حالها دون صوت داخل غرفتها حتى فرغت عيونها من دموعها فترتمى ارضا شاعرة بالارهاق يزحف الى جسدها يستنزفه.

لكنها الان وقفت بشموخ وعزة وهى تقف امام والدة زوجها والتى هتفت بها بسخرية حادة بينما تجلس فى بهو المنزل فوق اريكة تشاركها اياها ابنتها حبيبة وزاهية زوجة العم كل من ناحية
=ما لسه بدرى يا هانم كنتى خليكى فوق شوية كمان.

لم تجيبها ليله بل وقفت تنظر لها بعينين زجاجيتين خالية من المشاعر لتشعر قدرية بالغيظ تهتف بها
=مالك واقفة تبصيلى كدا ليه؟وايه اللى انتى لابساه ده فاكرة نفسك عروسة بحق وحقيقى روحى يا خلوة غيرى العباية دى والبسى حاجة تنفع فى شغل المطبخ.

هنا تصدع القناع على وجه ليله تظهر الاهانة والغضب فوقه تهم بالرد عليها لتهتف حبيبة فورا مقاطعة اياها بتوتر خوفا ان تشتعل االاجواء
=اصل جلال زمانه على وصول هو وعمى وفواز ولازم يكون الغدا جاهز، يلا ياليله وانا جاية معاكى نشوف عملوا ايه فى الغدا.

نهضت سريعا تمسك بكفها تتجه بها ناحية ابواب المطبخ تختفى خلفه ومعها ليله لتهتف قدرية باستهجان وعبوس موجهة حديثها الى زاهية الجالسة تراقب ما يحدث بابتسامة شامتة ووجه يشع فرحا
=عملالى فيها عروسة بنت صالحة. اش حال مقعدش معاها اسبوع وطفش من وشها يا قلب امه.

ربت زاهية فوق كفها بحماسة قائلة
=جدعة يا قدرية هو ده الصح لازم تعرف مقامها هنا ايه والكلمة كلمة مين من اولها كده.

لوت قدرية شفتيها تفح من بينهم بغل
=طبعا وامال انتى فاكرة ايه ورحمة الغالى الللى راح مقهور مبقاش قدرية اما طلعت عليها كل غلى ووجعى من اهلها بنت المغربى.

زاهية بوجوم وقلق
=بس تفتكرى هتسكت ومش هتقول حاجة لجلال ساعتها يبقى عملنا اسود يسود عيشتنا علشان خاطرها.

ابتسمت قدرية بخبث قائلة بأبتسامة تمتلأ باللؤم
=ده لو قالت وساعتها كلمتى قصاد كلمتها ونبقى نشوف هيصدق مين فينا. امه حبيبته ولا بنت اللى كانوا السبب فى موت ابوه.

زاهية بخبث ولؤم هى الاخرى
=الكلام ده لو كان جلال جايب غلط على عيلتها فى اللى حصل لابوه، هو عارف كويس ايه اللى حصل وقتها.

وقفت قدرية بعنف تهتف بصوت يشع بالغضب
=زاهية لمى الدور وقفلى على الكلام فى الموضوع ده وقومى كلمى المعدولة بنتك وخليها تلم الدور هى كمان لما جلال وابوها يروحوا يجيبوها من بيت اخوالها.

هبت زاهية واقفة تهتف بسعادة وفرح
=بحد كلامك يا قدرية جلال بنفسه هيروح يجيبها.

ابتسمت قدرية بثقة قائلة
=طبعا انا اللى طلبت منه ياخد عمه ويروحوا يجيبوها وهما راجعين فى سكتهم.

كادت زاهية ان تصرخ فرحا وهى تخطف هاتفها من فوق المنضدة تضغط ازراه بلهفة وسعادة بعثت ابتسامة انتصار فوق شفتى قدرية تتابع بعد حين حديث الام وابنتها لعدة لحظات قبل ان تختطف الهاتف من بين اناملها بعنف بعد ان لاحظت ممانعة من الفتاة لتصدر اليها اوامراها بصوت لا يقبل النقاش.

دلف جلال تجاوره سلمى بخطوات سريعة الى داخل بهو المنزل لتتوقف خطواته امام والدته وزوجه عمه يجلسون وهم يتبادلون اطراف الحديث فيلقى عليهم السلام بصوته الرخيم الهادىء لتهب قدرية بفرحة وسعادة
=حمدلله على سلامة يا حبيبى وحشتنى اووى يا ضنايا.

اقترب جلال منها ينحى فوق راسها يقبلها بحنان قائلا
=الله يسلمك يا امى، انتى كمان وحشتينى.

ثم رفع عينيه الى زوجه عمه يلقى لها بتحية والتى كانت تجلس ابنتها الصامتة بوجوم بجوارها تقبلها بحنان قبل ان ترد تحية جلال.

جال جلال بعينيه فى ارجاء المكان بتساؤل ثم قال بهدوء
=فين ليله وحبيبة مش شايفهم.

اكفهرت وجوه الثلاث نساء فورا نطقه باسم ليله تجيبه قدرية بلا مبالاة
=جوا فى المطبخ بيشوفوا الغدا.

نهض جلال واقفا لتسأله قدرية بحدة وعصبية
=رايح فين، اقعد وانا هندهلهم يجوا.

ابتسم جلال بتفهم قائلا
=انا داخل المكتب اشوف شوية شغل ورايا ولما اغدا يجهز ابعتولى.

ثم تحرك مغادرا لبتسم قدرية بانتصار تلتفت الى زاهية تغمزها بخبث قائلة
=شوفتى. مش قلتلك كلامى عمره مايكون غلط ابدا.

زاهية بعينى تعش بالفرحة
=عندك حق يام جلال والله شكلها مش هتعمر.

ادارت سلمى راسها بينهم بحيرة قبل ان تسأل بنزق
=انتوا بتتكلموا على ايه ماتفهمونى، وبعدين انتوا خلتونى اجى هنا تانى ليه انا لا طايقة البيت ولا طايقة اللى فيه.

ضربتها زاهية فوق كتفها بقوة تهتف بها بحدة
=اتلمى ولمى لسانك اللى موديكى فى داهية ده.

سلمى باستنكار وهى تفرك كتفها متألمة
=الله ياماما بتضربينى ليه، انا مقولتش حاجة غلط.

التفتت اليها قدرية قائلة بلهفة
=سيبك من الكلام ده وقوليلى اتكلمتى انتى وجلال فى ايه وانتوا فى السكة
لوت سلمى شفتيها قائلة بغيظ
=مقلناش حاجة انا كنت اساسا قاعدة ورا وبابا والبيه ابنك ادام وكل كلامهم كان عن الشغل.

قدرية بخيبة امل
= مش مهم المهم انه راح جابك و الباقى بقى عليا.

سلمى وهى تنظر الى والدتها بحيرة ثم تلتفت الى زوجة عمها تسألها
%انتوا بتتكلموا فى ايه انا مش فاهمة حاجة.

ضيقت قدرية مابين عينيها قائلة بتفكير
=دلوقت افهمك بس عوزاكى بعدها تنفذى كلامى بالحرف.

وقفت سلمى تستند بكتفها فوق اطار الباب تراقب بغل وغيرة تلك الواقفة تتابع عمل الخادمات باهتمام وسيطرة قبل ان تعتدل واقفة تهتف بفرحة مصطنعة
=حبيبة، وحشتنى يا مرات اخويا ووحشنى كلامنا سوا.

التف على اثر صوتها الصاخب جميع من بالمكان يراقبون اندفاعها ناحية حبيبة ترتسم فوق شفتيها ابتسامة مصطنعة وهى تضمها اليها فتسألهاحبيبة بدهشة
=سلمى..! حمدلله على سلامتك انتى وصلتى امتى؟

تراجعت سلمى الى وراء قائلة وهى تتابع بعينيها ليله ترمقها من اعلاها الى اسفلها ببطء قائلة.

= لسه وصلة حالا. مع، جلال.

اخذت تمط فى حروف كلماتها الاخيرة بتشفى لتهتف حبيبة بدهشة
=جلال بنفسه! مش معقولة.

التفتت اليها سلمى فورا عينيها تنطق بالشر هاتفة
=مش عقولة ليه ياست حبيبة.

ثم التفتت ناحية ليله والتى عادت الى متابعة الاعمال مرة الاخرى لكن يظهر تصلبها جسدهاط من خلال ظهرها وهى تستمع الى سلمى وهى تكمل بتباهى وغرور
=ده حتى فضل يتحايل عليا كتير اوووى علشان ارجع وانا كنت مصممة بس اعمل ايه بقى مابقدرش ارفضله طلب وخصوصا لما يحلفنى بحياته عندى.

هنا لم تستطع ليله الوقوف والاستماع الى الباقى من حديثهم تسرع فى اتجاه الباب هامسة باعتذار سريع
تناديها حبيبة بلهفة لكنها تجاهلت النداء مغادرة فورا لتلتفت حبيبة الى سلمى المبتسمة بسعادة وخبث
=ايه يا سلمى اللى قلتيه ده مش تحسبى على كلامك.

هزت سلمى كتفها بعدم اكتراث قائلة ببراءة مصطنعة
=هو انا قلت ايه، وبعدين انا ماقولتش حاجة محصلتش وكمان ما هى لازم تكون عارفة اللى فيها فبلاش الشويتين بتوعها دول.

تنهدت حبيبة بقلة حيلة هامسة
= والله ماعارفة هى هتلاقيها من مين ولا مين، وهى شكلها بنت طيبة ملهاش فى حاجة.

ثم التفتت تكمل عملها متجاهلة سلمى والتى وقفت تبتسم بانتصار قبل ان تغادر مرة اخرى حتى تنقل ماحدث الى من ينتظرون اخبارها بلهفة.

بعد عدة ساعات دلف جلال الى داخل جناحه بهدوء عينيه تبحث عنها فمنذ حضوره لم يراها وعلم من والدته انها رفضت النزول وتناول طعام الغذاء معهم وهذا اغضبه الى حد ما فقد ظنها ستكون فى استقباله عند علمها بحضوره او يجدها على مائدة الطعام وقت الغذاء فى انتظاره.

حتى انها رفضت تلبية استدعائه لها مع احدى العاملات بالمنزل لتناول الطعام متعللة بارهاقها لتسمعه والدته وقتها حديثا طويلا اخذت تتذمر فيه من طباعها واسلوبها وكيف انها تتعالى على كل من فى المنزل تقضى الكثير من وقتها داخل حجرتهم ولا تحاول ان تختلط بهم طالبة منه بان يتخذ معها اجراء حازم ينهى به معاملتها المتعالية هذة.

زفر بقوة محاولا التهدئة يلتفت خلفه ناحية الحمام حين وجد بابه يفتح فتطل هى من ورائه ليتجمد كل شيئ به الا عينيه والتى اخذت تجول فوقها ببطء وتروى وهو يراها تلف جسدها الصغير داخل منشفة من اللون الازرق تكاد تصل الى ركبتيها اما ذراعيها العاريتين فكانتا مرفوعوتان الى فوق راسها تعطى كل اهتمامها لتجفيف شعرها المبتل بخصلاته الملتوية لا تدرى شيئ عن وجوده ولا عن حرارة جسده التى اخذت بالارتفاع تكاد تحرقه يقف مكانه يكاد يلتهمها بعينيه لعدة ثوانى تحدثه نفسه بان يتحرك فى اتجاهها فيختطفها بين ذراعيه حتى يشعر بنعومة وليونة جسدها فوق جسده لكنه اوقف نفسه ناهرا اياها بشدة يهز راسه بعنف يبعد عنها تلك الافكار يتنحنح بخفوت كان كفيلا بان يجعلها تقفز شاهقة فزعا فتلقى بالمنشفة من بين يديها ارضا تتسع عينيها باضطراب وهو يقترب منها بخطوات هادئة لاويا شفتيه بابتسامة ضعيفة وهو يتوقف امامها وعينيه تمر فوق وجهها ببطء واهتمام تزداد ابتسامته اتساعا حين رأى تزايد حدة انفاسها من خلال صعود وهبوط صدرها الظاهر لعينيه من خلف المنشفة فظل مراقبا اياه للحظة فتتغير نظرات عينيه فجأة لتصبح مبهمة غامضة بالنسبة لها تتخضب خجلا وهى تراه ينحنى اسفل قدميها ملتقطا منشفتها الساقطة ارضا طثم يستقيم ينظر اليها مرة اخرى لكن تلك المرة بعينين ملتمعة بقوة تسمرها مكانها بقوتهاوفلا نجد القوة على الابتعاد وهى تراه يرفع انامله الحاملة للمنشفة يمررها برقه فوق بشرتها العارية يلتقط بها تلك القطرات الساقطة من شعرها فتتخذ طريقها نحو صدرها تزايد حدة انفاسه هو يسألها لاهثا وعينيه تراقب طريق انامله المرتعشة فوق بشرتها.

=مانزلتيش على الغدا ليه يا ليله؟

ازداد صوته خوفتا عند نطقه اسمها يسقط المنشفة من يده لكن ظلت انامله فوق بشرتها تتلمسها برقه تستدل جفونه الستار عن عينيه حاجبة عنها نظراتها وهو يكمل برقة
= مش المفروض تكونى فى استقبال جوزك بعد غيابه بعيد عنك كل الوقت ده.

ابتلعت ليبه لعابها بصعوبة تجبر قدميها المتسمرة ارضا ان تتراجع بعيدا عن متناول يده قائلة بصوت مرتعش
= كنت حاسة بشوية تعب ومقدرتش انزل.

جالت عينيه فوق وجهها ببطء قائلا بهدوء
=والتعب ده عندك على طول علشان يخليكى تلازمى الاوضة دايما كده.

ارتفعت فوق وجهها علامات الدهشة لا تدرى مقصد كلامه تسأله باستفهام وحيرة
=مش فاهمة تقصد ايه؟

تحرك جلال مبتعدا عنها يعطى لها ظهره يتحرك بهدوء ناحية الفراش يجلس فوقه وهو يحل ازرار قميصه وقد تحول للبرود قائلا بوجه خالى من التعبير
= زاى ما عرفت انك على طول فى اوضتك مش بتنزلى منها وبعدة نفسك عن كل اللى فى البيت، فلو تعبانة زاى ما بتقولى يبقى نروح للدكتور ونشوف عندك ايه ويتعالج.

وقفت تستمع الى كلماته بوجه يزداد شحوبا تعلم جيدا مصدر معلوماته هذه يحز فى قلبها تصديقه هذا الحديث عنها كامر مسلم به دون ان يجهد نفسه بسؤالها لذا لم تحاول تغير افكاره عنها تجيبه بجمود
=لا متتعبش نفسك انا هبقى كويسة ومن بكرة هكون
موجودة تحت مع الكل.

نهض جلال ينزع قميصه ملقيا اياه فوق الفراش يقف امامها بصدره عارى بلا اكتراث فتراه لاول مرة بذلك الوضع مما تسبب فى ارتباكها وتصاعد حمرة الخجل الى وجهها تشعله بشدة فبرغم مرور فترة على زواجهم الا انه كان يراعى حدود العلاقة وقتها بينهم فلا يتجاوزها
اخذت تراقب اقترابه منها مرة اخرى بتوتر وخشية حتى يوقف امامها يكاد يلامسها هامسا واصابعه تتلاعب بعقدة منشفتها يسألها بخفوت
=طيب ودلوقت لسه تعبانة برضه؟

لم تشعر سوى وهى تهز راسها له بالايجاب فتتغير ملامحه للاحباط زافر بقوة قائلا
=تمام، طيب ارتاحى انتى ونامى وانا هاخد حمام ولما تصحى عاوز اتكلم معاك فى موضوع.

قالت ليله سريعا توقفه عن التحرك ناحية الحمام بلهفة وفضول
= ممكن نتكلم دلوقت وابقى ارتاح بعدين.

ضيق جلال ما بين حاجبيه بدهشة جعلتها تحمر خجلا فتكمل بسرعة وتلعثم
=انا، مم، كن ا، ستناك لما. تخل، ص، حمامك ونتكلم لو تحب.

هز جلال كتفيه بعدم اكتراث قائلا
=زاى ما تحبى، دقايق وهرجعلك.

ثم تحرك ناحية الحمام يغيب داخله لعدة دقائق جلست ليله خلالهم فوق الفراش تهز قدميها بتوتر وعصبية فى انتظار خروجه اليها بعد ان قامت بارتداء ملابس بيتية مريحة ولكن محتشمة الى حد ما فهى لاتستطيع ان تتعامل معه بأريحية كما يفعل هو فقد كادت تموت خجلا عند رؤيته لها بحالته هذه منذ قليل.

خرج جلال بعد حين من الحمام يلف خصره بمنشفة ولا شيئ اخر مما دفع موجات الخجل لتتلاطم سريعا فوق وجهها تزيد من اشتعاله وتزيد من توترها فتخفض انظارها ارضا بعيدا عنه وهى تعتصر اصابعها خجلا واضطرابا تشعر به يتحرك ناحية خزانته ليخرج منها ملابس له تسمع حفيف الملابس هو يقوم بارتدائها مع صوته وهو يحدثها بسخرية قائلا
=نسيت اخد معايا حاجة البسها، تقدرى ترفعى وشك لو تحبى خلاص.

رفعت وجهها ببطء تنظر اليه لكنها اسرعت بخفضه مرة اخرى حين رأته لا يرتدى سوى شورت قصير يقف امامها بصدره العارى وجذعه القوى يزداد اضطراب انفاسها وهى تشعر باقتراب خطواته منها تنتفض فى مكانها حين جلس بجوارها فوق الفراش يمد يده تحت ذقنها رافعا عينيها اليه برقة هامسا
=مش المفروض اننا بنحاول نتعود على بعض؟

توترت عينيها امام عينيه ونظراته لها تهز راسها بالايجاب ببطء وخجل ليكمل حديثه بصوت رقيق حنون كما لو كان يحدث طفلة صغيرة خائفة امامه
=طيب يبقى ليه كل ما اجى جنبك جسمك يتنفض برعب كده انا قلتلك عمرى ما هغصبك على حاجة ابدا.

ليله وهى تمرر طرف لسانها فوق شفتيها فى محاولة منها لترطيب جفافها قبل ان تجيبه ولكنها توقفت بغتة ترتجف بعنف حين وجدته يزفر بحدة تتعالى انفاسه وهو يراقب حركة لسانها فوق شفتيها فاخذت تحاول الحديث عدة مرات كان هو يتابعها بأجفان منخفضة تخفى ورائها اشتعال عينيه حتى نحجت اخيرا تهمس بصوت مرتعش رقيق تحاول تغير دفة الحديث بينهم
=كنت، بتقول انك عاوز تتكلم معايا فى موضوع.

اخذ جلال ينظر اليها متفحصا يمرر نظراته فوق ملامحها باهتمام لعدة لحظات جعلتها تتملل فى جلستها قبل ان يقول هامسا برقة
=انا بقول نأجل كلامنا لبعدين وتعالى نرتاح شوية لانى جاى من السفر تعبان جدا وعاوز انام.

وقف يمد يده اليها فرفعت وجهها اليها بخوف ظهر جاليا بعينيها فبتسم لها ابتسامة مهدئة قائلا
=متخفيش صدقينى هنام بس، واظن كفاية كده نوم بعيد عنى ونحاول من هنا ورايح اننا نتعود على وجودنا مع بعض.

ادركت بخجل اشارته الى نومها ومنذ ليلة زفافهم فوق الاريكة والتى اصرت على النوم فوقها دون اى محاولة منه حينها لتغير رائها تاركا اياها تفعل ما يريحها.

مدت يدها اليه تنهض من جلستها ببطء تقف مقابلة له فبتسم لها جلال بلطف يمد انامله يعبث بخصلاتها المشعثة للحظات قبل ان يحدثها بصوت هادىءلكن لا يخلو من الجدية قائلا
=تعرفى ان شعرك جميل اوى ومبسوط انك بتسبيه على طبيعته، بس ليه طلب عندك..

نظرت له بتوتر وتسأول ليكمل وهو مازال يتلاعب بخصلات شعرها ينظر الى اصابعه والتى كانت تجرى بينها عينيه تتابع لمعه الضوء فوقهم كالمسحور يهمس بتقدير لكنه لا تخلو صوته من الاصرار والتحذير
=انك طول ما احنا مع بعض لوحدنا عوزك تسيبى شعرك زاى ماهو كده
بره الاوضه دى لااا ولا حتى ادام ستات البيت فاهمة ياليله.

عقدت ليله حاجبيها بشدة تضغط كلماته فوق عقدتها القديمة والمتمثلة فى شعرها تحيى داخلها مرة اخرى عدم ثقتها بنفسها ظنا منها انه خجل ان يعلم حد بطبيعة شعرها لتسرع فى الحديث بأقتضاب حاد ووجوم
=متقلقش انا مش متعودة ابدا انى اظهر من غير طرحتى ادام اى حد.

هز جلال راسه استحسانا ثم تحرك باتجاه الفراش يقف امام الجهة المخصصة له فى انتظارها لتتحرك بجسد متخشب وعصبية الى الجهة الاخرى منه تستلقى فوقها سريعا وهى تعطى له ظهرها ثم تشعر بالفراش وهو يتقبل ثقله وزنه عليه كاتمة لانفاسها ترتجف بقوة حين احست به يتحرك من مكانه مقتربا منها يلفها بذراعيه تشعر بحرارة جسده تصل اليها وهو يضمها لصدره يلصقها به بما لا يدع مكان لمرور حتى للهواء بيهم يقبلها برقه فوق وجنتها فيزداد ارتجافها حين همس فوقهم تلامس بشرتها انفاسه الدافئة.

=كده احسن، يلا نامى ياليله.

شدد من احتضانه لها لتظل متصلبة الجسد بقوة بين ذراعيه للحظات مرت عليها كالدهر حتى شعرت اخيرا ببطء انفاسه وعمقها فتدرك استغراقه فى النوم تسمح لجسدها اخيرا بالاسترخاء بأبتسامة سعيدة فوق شفتيها تغلق عينيها بهدوء سامحة للنوم بالتسلل اليها متجاهلة كل ما مر عليها او علمت به اليوم غير راغبة فى لحظة واحدة من التفكير فيماهو قادم من ايامها المقبلة يكفيها ما تشعر به الان بين ذراعيه من دفء وراحة.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
تنبهت حواسها لصوت يناديها فاخذت تتملل فى الفراش بكسل تهمم بخفوت لكن تجمدت حركاتها حين تعرفت على هوية من يناديها تهب فزعة من رقدتها تجلس فى الفراش بتخبط تحاول ازاحة خصلات شعرها المتهدلة فوق عينيها تنظر بعينين نصف مغلقة لتجد جلال يقف امام طاولة الزينة يعدل من وضع ياقة قميصه قبل ان يلتفت اليها قائلا بهدوء
: ليله حاولى تفوقى كده وتجهزى نفسك وتنزلى وانا هكون مستنيكى فى اوضة المكتب علشان عاوزك.

ثم اولى الاهتمام بمظهره فى المرآة غافلا عن تلك الابتسامة المريرة التى ارتسمت فوق شفتيها قبل ان تسأله بخفوت سؤال تعرف اجابته جيدا
: ممكن اعرف عن ايه الموضوع اللى عاوزنى فيه.

نظر اليها جلال عبر المرأة تتقابل اعينهم للحظة رأت خلالها عينيه تتحول الى الجدية الشديدة قائلا
: هو موضوع واحد اللى هنحتاج فيه نقعد فى المكتب واظن انك عرفاه.

هزت ليله بالايجاب تخفض راسها هامسة بمرارة
: عندك حق، هو ده الحاجة الوحيدة اللى بينا.

لم يصل همسها هذا الى جلال وقد استدار لها سريعا يكمل حديثه بحزم
: انا اجلت الموضوع والكلام فيه اكتر من اللازم واظن جه الوقت علشان نننتهى منه.

لم تجيبه بل ظلت تخفض راسها فى محاولة لاخفاء المها والشحوب الزاحف فوق بشرتها بعيدا عن انظاره لتأتى زفرة جلال نافذة الصبر قائلا بصوت حازم
: عارف ان كلامى ممكن يضايقك بس انا فهمتك من اول يوم جواز الوضع كله، مظبوط كلامى يا ليله ولا لا؟

حاولت التماسك وابتلاع تلك الغصة فى حلقها قبل ان ترفع اليه وجها خالى من التعبير قائلة بجمود
: لاا انا مش مضايقة ولا حاجة وزى ما قلت انا عارفة من الاول جوازنا كان ليه وعلشان ايه وانا معنديش اى مانع.

نهضت من الفراش تراقبها عينيه باهتمام وهى تتحرك ناحية الحمام بخطوات سريعة قائلة بسرعة وحزم
: ادينى دقايق اجهز نفسى هحصلك حالا.

دخلت تغلق خلفها الباب بهدوء شديد ليزفر جلال بشدة يشعر بالقليل من عدم الارتياح لما انتهت اليه محادثتهم فهو لم يكن ينتوى ان يبلغها بالامر بتلك الطريقة لكن لم يكن هناك خيار اخر كما انها تعلم جيدا بما ستأول اليه الامور بينهم فعاجلا ام اجلا كان سيحدث الامر ولا فرق فى توقيت حدوثه فهو يريد تلك الارض بين يديه وبشدة يحترق صبرا حتى تصبح له ولعائلته فبعودتها اليهم سيغلق بها كل ما قام به والده فى ماضى من تدمير للعائلة بتهوره ورعونته ولن يسمح هو لاى احدا مهما كان ان يقف فى طريق تحقيقه لهذا الامر.

: راغب بستأذنك انه يحضر فرح اخوه بعد اذنك يابا.

نطق علوان بتلك الكلمات يقف يجاوره ولده الاخر سعد باضطراب وقلق امام والده الشيخ جاد الجالس فى مقعده المعتاد فى القاعة الكبرى الخاصة بالأستقبال بمنزلهم ليرفع لهم الشيخ جاد انظاره بحده فيسرع علوان يكمل قائلا بلهفة
: ده فرح اخوه الوحيد وبعدين اللى كانت السبب انك باعده عن هنا اهى اتجوزت وراحت دار جوزها.

اسرع سعد مقاطعا حديث ابيه عند رؤيته ملامح جده ازدادت تجهما ورافضا قائلا برجاء
: مش هيقعد كتير صدقنى ياجدى هما يومين الفرح وهيسافر تانى، علشان خاطرى ياجدى ده امى هتموت علشان مش هيحضر.

لانت ملامح الشيخ جاد قليلا لكنه تحدث بجدية وحزم قائلا
: ولو حصل وعمل مصيبة من مصايبه وفضاحنا وسط الخلق بعمايله يبقى الحل ايه منك ليه؟

اسرع علوان قائلا بلهفة وتأكيد وهو يجلس فى المقعد المجاور له
: من الناحية دى متقلقش راغب اتغير خالص وعقل وكمان بعاده عنا وعن...

قطع حديثه حين رفع الشيخ جاد عينه الحادة له ووجه مكفهر بشدة فأخذ علوان يتملل فى مقعده قائلا بتوتر وأرتباك يكمل حديثه
: اقصد يعنى ان راغب بتاع زمان اتغير خالص وشغله فى مصر واخد كله وقته وبعد خالص عن المسخرة بتاعت زمان.

عقد الشيخ جاد حاجبيه بتفكير لعدة لحظات اخذ علوان وسعد يتبادلان النظرات حينها بقلق وتوتر حتى تحدث الشيخ اخيرا قائلا بهدوء لا يخلو من التحذير
: تمام يا علوان. انا موافق انه يجى يحضر فرح اخوه وبنت عمه بس يمين عظيم بتلاتة لو عمل عملة من عمايله السودا تانى ساعتها مش هيبقى عندى ليه غير رصاصة متسواش تلاتة ابيض واخلص بقى من همه وعاره.

شحب وجه علوان بشدة يعلم جيدا ان والده قد وصل الى اخر قدرة لديه على الصبر فاخذ يدعو الله ان يكون ولده عند حسن ظنه ولا يأتى بمصائبه التى لا تنهى ابدا كعادته دائما.

جلس خلف مكتبه يمسك بين يديه بذلك العقد يمرر عينيه فوق سطوره ببطء قبل ان يلقى به زافر بقوة هو يتراجع الى ظهر مقعده يلقى نظرة الى ساعته متسائلا بنزق عن سبب تأخرها كل هذا الوقت فقد مر اكثر من النصف ساعة التى طلبتها حتى تقوم بالاستعداد.

زفر مرة اخرى لكن تلك المرة محاولا الهدوء يحدث نفسه بأن يتحلى بالصبر والهدوء اذا اراد ان يتم له ما يريد فقد اصبح قاب قوسين او ادنى من تحقيقه
لتمر عدة لحظات اخرى قضاها متوترا قبل ان تصل اليه طرقات هادئة فوق باب الغرفة تعلن له عن وصولها ليعتدل فى جلسته فورا يدعوها للدخول لكنه نهض واقفا يهتف بحيرة وتعجب
: سلمى! تعالى ادخلى خير فى حاجة؟

تقدمت سلمى بخطوات بطيئة منه تخفض راسها بخجل هامسة بصوت ضعيف
: كنت عاوزة اتكلم معاك شوية لوحدنا يا جلال.

نهض جلال من خلف مكتبه يتحرك من مكانه ليقف امامها يظهر القلق والتوتر جاليا فوق ملامحه يسألها
: خير يا سلمى، اتكلمى قلقتينى.

رفعت وجهها اليه ببطء ليصدم بمرئ تلك الدموع تغشى عينيها وشفتيها التى اخذت بالارتعاش كما لو كانت تقاوم الانفجار بعاصفة من البكاء فيناديها ثانيا بقلق وخشية فتنفجر باكية على الفور كمن اعطى لها الاشارة لبدء الانفجار تهتف بتلعثم وألم
: هانت عليك سلمى يا جلال. هانت عليك بنت عمك تبقى سيرتها على لسان الخلق.

اشتعلت عينه بالغضب هاتف بشراسة بها
: انتى بتقولى ايه؟ مين ده اللى يقدر يجيب سيرة بنت الصاوى على لسانه وانا اقطعهوله.

سلمى وهى مازالت تبكى بحرقة قائلة بعتب ولوم
: وتلوم عليهم ليه يا جلال ما انت اللى ادتلهم الفرصة
لما سبتنى وروحت اتجوزت واحدة تانية بعد ما الكل عرف انى من صغرى وانا مكتوبة ليك.

زادت حدة بكائها تحيى بداخله احساسه بالذنب من ناحيتها وهو يراها بكل هذ الانهيار امامه ليقترب منها لكنه حافظ على مسافة مناسبة بينهم قائلا بلطف ولين فى محاولة منه لتهدئتها
: طب اهدى يا سلمى. اهدى علشان نعرف نتكلم.

شهقت سلمى بالبكاء ترفع اناملها تزيل دموعها المنهمرة فوق وجنتها قائلة بألم
: هنتكلم فى ايه ياجلال مبقاش فى حاجة نتكلم فيها بعد ماعملت منى (ليله )تانية.

عقد حاجبيه بشدة وعبوس لدى ذكرها لاسمها امامه لتومأ سلمى له قائلة بتأكيد
: ايوه يا جلال انا بقيت (ليله) تانية. كل البلد هتتكلم عنها لسنين جايه ادام. هكون (ليله)جديدة اهلها هيدفعوا علشان يلاقوا اللى يتجوزها ويرضى بيها.

صرخ جلال بعنف يوقفها عن كلامها قائلا بشراسة وحدة
: كلام ايه العبيط اللى بتقوليه ده مش بنت الصاوى اللى تتباع بالفلوس لو ايه حصل مش بناتنا اللى ندفع علشان نجوزها، بناتنا تتاقل بالدهب، انتى غالية ولا يمكن ف يوم نرخصك ابدا.

ابتعد عنها ناحية مكتبه يستند بكفيه فوقه وهو يحنى راسه معطيا لها ظهره يظهر غضبه بوضوح من صوت انفاسه الحادة وتوتر خطوط عضلاته يكمل حديثه بحدة تخفى ورائها الكثير من الغضب المستتر
: لو سمعتك بتتكلمى كده عن نفسك تانى هيكون ليا معاكى تصرف مش هيعجبك يا سلمى ولازم تحطى فى دماغك انك حاجة وهى حاجة تانية خالص.

لتهتف سلمى بعنف
: غصب عنى ياجلال كلامى ده، انت فاكر انه سهل عليا ولا على ابويا وامى اللى بنسمعه من اللى حوالينا. الكل بيسأل ليه وازاى ده حصل ومحدش فينا بيقدر يتكلم ويقول الحقيقة وان كله بسبب ارض الشؤم دى.

جلال بصوت حاد متجمد وهو مازال على وقفته بجسد متخشب
: والمطلوب منى ايه دلوقت؟

تنهدت سلمى قائلة وقد تبدل حالها فجأة تظهر فى عينيها نظرة تحمل الكثير من الخبث واللؤم لكنها حافظت على نبرة صوتها المنكسرة قائلة
: مش مطلوب منك حاجة يابن عمى انا بس كنت عاوزة افضفض واقولك كل اللى جوايا.

زفر جلال محاولا الهدوء قبل ان يلتفت لها بوجه خالى من التعبير لكن عينيه كانت تشتعل بنيران حاول احكام السيطرة عليها قائلا
طب روحى دلوقت يا سلمى واياكى اسمعك تتكلمى عن نفسك كده تانى مفهوم كلامى.

اومأت براسها له بالايجاب ثم التفتت مغادرة ترتفع فوق شفتيها ابتسامة انتصار وفرح تعلم جيدا بنجاحها حتى ولو لم تحصل على جواب يعلمها بذلك الا انها تعلم جيدا من هو جلال واحساسه العالى بالحماية والمسئولية لكل مايخصه وهى تخصه اليست ابنة عمه الوحيدة والمدللة لدى الجميع وهذا ما راهنت عليه هى وزوجة عمها عند وضعهم لتلك الخطة واثقين مما ستؤول اليه الامور لصالحهم.

تركته فى عاصفة افكاره خارجة من الغرفة بخطوات سريعة واثقة غافلة تماما عن تلك المستندة الى الحائط فى الظلام تكاد قدميها لا تحملها تغمض عينيها بألم بدموعها المنهمرة بغزارة وقد وصل الى مسامعها كل كلمة قد قيلت بينهم، عنها.

دلف الى داخل جناحهم يدفع بابه بعنف ينظر فى ارجائه بحثا عنها ليجدها تجلس فوق مقعد تضع قدما فوق اخرى وهى تأرجحها ببطء تشاهد التلفاز ومستغرقة تماما فى متابعته لا تعير لدخوله ادنى اهتمام ليقترب من مكان جلوسها بخطوات سريعة غاضبة هاتفا بحدة بها
: انتى قاعدة عندك لحد دلوقت ومنزلتيش المكتب زاى ما قلتلك ليه؟

ظلت تنظر الى تلفاز وهى تهز كتفها بعدم اكتراث قائلة
: لقيت نزولى ملهوش داعى.

عقد جلال حاجبيه بشر قائلا ببطء
: ملهوش داعى ازاى عاوز افهم؟

التفتت له ليله تستند بمرفقها فوق مسند مقعدها تنظر الى عينيه بنظرة باردة قائلة بهدوء
: يعنى انا فكرت كويس ولقيت انى مش هتنازل عن الارض لا ليك ولا لغيرك.

تجهم وجهه عينيه تنطلق شرور العالم من خلالها كشرارت البرق مقتربا منها قابضا فوق ذراعيها بقسوة ينهضها من مكانها سائلا اياها بشراسة
: بتقولى ايه! مسمعتكيش كويس. سمعينى كده تانى.

لم تهتز ملامح وجه ليله بل ظل يحمل كل هدوء وبرود العالم فوقه وهى تتحدث بجمود قائلة
: لا انت سمعتنى كويس بس معنديش مانع اعيد كلامى تانى
ليرتفع فوق ملامحها التحدى والاصرار فورا قائلة كلماتها ببطء شديد مستفز
: بيع مش هبيع، تنازل مش هتنازل، الارض دى ارض اهلى وجدى كتبها ليا ولولادى ومحدش يقدر مهما كان يجبرنى اتنازل عنها.

كانت مع كل كلمة تنطق بها تزداد اصابعه ضغطا فوق لحم ذراعها حتى كادت ان تنفذ الى عظمها تتألم بشدة من قسوة قبضته المحكمة فوقها لكنها ظلت تتماسك تظهر البرود وعدم الاكتراث وهى ترى وجهه محتقن بشدة عروق عنقه نافرة تكاد تنفجر من شدة غضبه وهو يفح لها من بين انفاسه ضاغطا فوق كل حروف يخرج من فمه.

: اكيد انتى اتجننتى صح! ارض اهلك ايه اللى بتتكلمى عنها دى. انتى نسيتى نفسك ونسيتى انا اتجوزتك علشان ايه، لو كنتى نسيتى افكرك.

جذبها اليه من ذراعيها يكاد يقتلعهما بيده يكمل حديثه بقسوة وبعينيه نظرة تكاد تقتلها من شدة شراستها
: انا اتجوزتك علشان الارض دى وبس، الارض اللى اهلك رموكى عليا علشانها، اتجوزتك علشان ارضنا ترجع لعيلتى من تانى واللى لولاها هى مكنتش فى يوم افكر اتجوزك ولا تكونى على اسمى فى يوم
فتفوقى لنفسك كده وتعقلى وتوزنى كلامك قبل ما تنطقى به فاهمة ولا مش فاهمة.

اعقب كلماته الاخير بازدياد ضغطه الشديد فوق ذراعها يهزها بقوة حتى كاد ان يقتلع راسها من فوق كتفيها لتشهق بالم وتوجع لكنها لم تتخلى عن تحديها له متجاهلة المها فترفع وجهها تنظر اليه من بين خصلات شعرها المشعثة فوقه بتحدى وكره تهتف به هى الاخرى بحدة.

: لا فاهمة كلامى كويس وعارفة انك متجوزنى علشان الارض دى وبس. وانك من كتر طمعك مقدرتش تقول لا واتجوزت واحدة غصب زيى انا كمان بالظبط بس انا يا حسرة بنت ماليش ان ارفض ولا اقول لا عكسك انت ياااا جلال بيه.

نطقت حروف اسمه بسخرية اشعلت عينيه بنيران تحرق الاخضر واليابس لكنها لم تتراجع او تحاول الاهتمام بغضبه وشراسته تلك لا تمهل لنفسها فرصة للتردد او التوقف عما نوت فعله تكمل مؤكدة كل كلمة تنطق بها باصرار وعناد.

: وبقولهالك تانى، ارضى مش هبعها ولا هتنازل عنها ولازم تفهم وتفوق انت كمان وتعرف انى اتجوزتك مش علشان دايبة فى هواك ولا سواد عينيك، انا متجوزتكش الا بسبب ضغط جدى عليا وبس وان كان عليا كان اهون عندى اعيش عمرى كله بايرة زاى ما بتقولوا ولا ان حظى يوقعنى فى واحد زيك طماع وجشع. راجل طمعان فى مال مراته ليه.

تركتها يده سريعا ليرفعها عاليا امام وجهها تنطق ملامحه بكل شرور العالم بعينيه المشتعلة بغضب محرق ثائر. فاغمضت عينيها بهلع فى انتظار صفعته لهاتصل لاذانها اصوات انفاسه المتلاحقة بعنف و تعالى فعلمت انها هالكة لا محالة لكن طال انتظارها لتلك الصفعة وهى تقف مكانها مرتجفة لكن يصل اليها بعد قليل صوت اغلاق الباب بعنف ارتجت له ارجاء المكان معلنا لها خروجه من الغرفة نهائيا عن المكان ففتحت عينيها بتوجس وخشية ثم اخذت الرجفة تزحف الى ارجاء جسدها ببطء بعد ان ادركت ما قامت به واعلانها التحدى له لكنها لا تندم على فعلتها فيكفيها كل ما سمعته منذ دخولها لهذا المنزل سواء منه او من اهله لذا لا ندم ولا تراجع بعد الان وليحدث ما يحدث.

صباحا جلست قدرية تجاورها ابنتها حبيبة المتجهمة الوجه صامتة منذ نزولها الى البهو منذ عدة دقائق رغم محاولات قدرية العديدة لمعرفة ما بها لكنها لم تبوح بما يكدر حالها ولكن والدتها لم تستلم تسألها مرة اخرى بحدة
: مش هتقوليلى مالك وشك مقلوب من الصبح ليه؟

حبيبة بغصة تكاد تخنقها
: قلتلك مفيش ياماما وبعدين انتى من امتى بيهمك حالى؟

تظاهرت قدرية بالهلع هاتفة باستنكار
: شوفوا البت بتتكلم ازاى، بقى كده يا حبيبة انا مابيهمنيش حالك.

التفتت اليها حبيبة هاتفة
: مش انتى السبب فى الجوازة الهم دى، وخلتينى اطاوعك واقف ادام جلال واصمم اتجوز المحروس،.

تنهدت قدرية تلوى شفتيها قائلة
: وخلاص اللى حصل حصل وفواز مش وحش زاى ما انتى فاهمة ده طيب وبيضحك عليه بكلمة.

حبيبة بنزق وعصبية
: مش ده لما ابقى اشوفه ده طول اليوم بره
ومابشفهوش غير اخر الليل.

قدرية بعدم اكتراث
علشان هبلة قلتلك هاتى حتة عيل تتلبخى وتلبخيه بيه بس هقول ايه خايبة طول عمرك.

نظرت لها حبيبة باستنكار تفتح فمها دهشة من حديثها لكن قدرية تجاهلتها تنادى على العاملة بالمنزل التى اتت اليها تهرول مسرعة تجيبها
: ايوه يا ستى ?مرينى.

قدرية بجمود
: خلصتى تنضيف الاوض هنا ولا لسه وراكى حاجة.

هزت نجية راسها بالايجاب قائلة بلهفة
: كله تمام يا ستى بس لسه اوضة المكتب هنضفها بس.

قدرية بحدة
: طب ولسه معملتهاش ليه اجرى اخلصى واعمليها وتعالى يلا حضرى الفطار زمان سيدك جلال وباقى الرجالة نازلين.

اومأت نجية بالايجاب تسرع باتجاه المطبخ تغيب بداخله لثوانى ثم تأتى وهى حاملة لادوات النضافة ذاهبة باتجاه غرفة المكتب التى لم تغب بداخلها كثيرا بل اسرعت تخرج منها سريعا مرة اخرى لتهف قدرية بها باستنكار وحدة توبخها
: ينيلك انتى لحقتى تنضفيها يا مصيبة
هزت نجيه راسها بالرفض وهى تقترب منها تنحنى فوق اذنيها هامسة بخشية
: سيدى جلال نايم فى المكتب ياستى انا قلت اخرج اقولك الاول واشوف هتقولى ايه.

التمعت عينى قدرية بالنصر والسعادة قائلة بابتسامة فرحة
: متأكدة من كلامك يابت.

ابتعدت نجية عنها تهز راسها بالايجاب لتهمس قدرية بتشفى
: ده كده حلو اووى، والله شكلك عرفتى تعمليها يابت ياسلمى.

عقدت حبيبة حاجبيها بعدم فهم تسال والدتها
: عملت ايه يا ماما مش فاهمة وبعدين جلال نايم فى المكتب ليه وسايب اوضته.

التفتت لها قدرية تهتف بها بحدة
: ملكيش دعوة وقومى فزى صحى اخوكى وتعالى.

زفرت حبيبة بقوة تنهض من مكانها سريعا باتجاه المكتب فلا تغب بداخله سوى دقائق ثم خرجت سريعا يتبعها جلال بخطوات ثقلية من اثر النوم لتسأله والدته بلهفة وخبث
: نايم فى المكتب ليه يا جلال خير يا بنى فى حاجة؟

زفر جلال يمرر يده فوق وجهه فى محاولة لازالة اثار النعاس من عليه ثم يضعها فى شعره المشعث يرجعه الى الخلف بأنامله قائلا باقتضاب
: مفيش حاجة حصلت، الظاهر النوم سرقنى وانا بشتغل.

لم تتغير نظرة الخبث والسرور داخل عين قدرية لكنها حاولت اظهار تمررها لامر قائلة
: طب يا حبيبى اطلع يلا ظبط حالك وصحى مراتك وانزل يكون الفطار جهز.

تجهم وجه بشدة لحظة ذكرها امامه لتعلم قدرية صدق حدثها حين قال بحدة
: هى ليله لسه منزلتش؟

لوت قدرية شفتيها قائلة وهى تتنهد باسف مصطنع
: وهى من امتى بتنزل من بدرى كده ولا بتنزل هنا من اصله غير على الاكل وبس.

اشتعلت عينى جلال بالغضب ينادى على نجية بصوت حاد جهورى لتأتى مهرولة على الفور ليحدثها جلال قائلا
: اطلعى حالا اندهى ست ليله اقولها دقايق وتكون ادامى حالا واخلصى يلا بسرعة.

هزت نجية راسها بالايجاب تهرول سريعا باتجاه الدرج لكن اتى صوت جلال الصارم يهتف بها يوقفها قائلا
: تعالى انتى خلاص انا هطلع بنفسى اجيبها.

ثم تحرك بخطوات سريعة عنيفة تنطق خطوط جسده بالغضب والعنف يقفز كل درجتان معا حتى غاب عن الانظار لتلتفت حبيبة الى والدتها تهمس بقلق وتوتر
: مكنش ليه لزوم الكلمتين دول ياماما وهما شكلهم امورهم مش مظبوطة مع بعض.

اعتدلت قدرية فى جلستها تستند بظهرها الى الخلف براحة كأنها تستعد لمشاهدة فيلمها المفضل قائلة بأبتسامة خبيثة فرحة
: اسكتى انتى ملكيش دعوة خليه يعرفها مقامها فى البيت هنا ايه من اولها.

كانت تجلس فوق الفراش بملابسها منذ ليلة امس عينيها مسهدة مرهقة تظهر اسفلها الهالات السوداء دليل على عدم نومها منذ الامس فبعد ماحدث بينهم وبرغم حديثه المؤلم المهين لها لكنها اخذت تعنف نفسها بأنها لم يكن من المفترض منها ان تكون هذه ردة فعلها او تقول له ما قالته وتتهمه بالطمع بها وبأموالها فهى تعلم جيدا ومن البداية السبب وراء زواجهم فهو لم يخدعها ولم يوعدها بما ليس فى استطاعته تقدميه لها لذا ليس خطأه مايراه فيها وليس ذنبه انها لم تكن الزوجة المناسبة له فكل الذنب يقع على عائلتها هى من وضعتها ووضعته فى ذلك الموقف والذى على ما يبدو ان لا امل لهم من المرور به لذا جلست هنا فى انتظاره تنوى التحدث معه بهدوء وتروى لعلهم يصلون لنقطة يستطعون البدء منها...

قطعت افكارها حين فتح الباب بعنف يظهر جلال من خلاله ليقف مستندا على اطاره بكتفه مكتفا ذراعيه فوق صدره وهو ينظر اليها باقتضاب فنهضت واقفة سريعا تحاول لملمة خصلات شعرها المشعثة من حولها وجهها قائلة بتلعثم وارتباك
: جلا، ل، انا، كنت.

قاطعها بحدة هاتفا بها متجاهلا ندائها له
: انتى قاعدة عندك لحد دلوقت ومنزلتيش ليه تشوفى شغل البيت مع الشغالين؟

اتسعت عينيها بصدمة تسأله مذهولة.

: اشوف ايه؟! ومع مين؟!

تخل جلال عن وقفته المسترخية فوق اطار الباب يتقدم منها بخطوات ثقيلة بطيئة فلاحظت هى خلال تقدمه منها حالته المشعثة والارهاق الظاهر فوق ملامحه ايضا تراقب تقدمه منها بتوتر حتى وقف امامها ينحنى فوقها هامسة بصرامة وحدة
: اللى سمعتيه يابنت المغربى. من هنا ورايح انتى مش اكتر من خدامة عندنا بالنهار، وجارية ليا بليل.

حاولت الابتعاد سريعة عنه ترفع وجهها اليه بحدة تنوى الرد عليه بما يليق به لكنه لم يمهلها الفرصة يلف خصرها بذراعه جاذبا اياها اليه بقسوة ينحنى عليها سريعا يطبق بشفتيه فوق شفتيها فى قبلة عنيفة قاسية اودعها كل ما يشعر به نحوها من مشاعر غضب وعنف منذ حديثها الوقح له ليلة امس لا يعطى لها حتى الفرصة للمقاومة يسحب منها انفاس حتى لا اصبحت بلا حول ولا قوة بين ذراعيه حتى بدأت تشعر بأختناق انفاسها وحاجتها للهواء فاخذت تحاول التملص من قبضته برعب وهلع لكنه لم يعير مقاومتها ادنى اهتمام يظل يطبق بشفتيه فوقها حتى شعرت بالضعف وفروغ الهواء من صدرها فأرتخى جسدها بضعف بين ذراعيه وهنا كما لو انه ادرك حالها لينسحب بعيدا عنها فاخذت تنهت بعنف فى محاولة لالتقاط الانفاس تنظر اليه بهلع وهى ترى وجهه وقد نحت من حجر فلم تهزه ولو لثانية حالتها المضطربة وهلعها الظاهر فى عينيها بل انحنى مرة اخرى فوقها لتنتفض مبتعدة بوجهها عنه للخلف بخوف وارتعاب فأرتفعت ابتسامة شرسة فوق شفتيه هامسا من بين انفاسه بشراسة ساخرة.

: خوفتى؟ لااا، دى اللى حصل ده نقطة فى بحر اللى هيحصل بينا بعد كده، اومال هنجيب الولاد اللى هيورثوا منك الارض ازاى، مش ده كلامك ليلةامبارح
انها ارضك وارض ولادك، يبقى خليكى اد كلامك يا شاطرة.

ابتعد عنها تاركا جسدها فجأة لتترنح للخلف متعثرة بعد ان كانت تستند بتقلها فوق جسده تشعر بدوار يلفها لكنه لم يتحرك من مكانه ناحيتها بل تركها تعانى مر حالها يخطو ناحية الباب قائلا ببرود وعدم اكتراث
: ورايا حالا على تحت ومن هنا ورايح شغل البيت كله عليكى ومسمعش منك غير كلمة حاضر ونعم بس.

فتح الباب لكنه لم يخرج منه بل وقف امامه للحظة ثم يلتفت ناحيتها يراقب شحوبها وارتجافها بجمود يكمل محذرا لها بحدة وقسوة
: واياكى. فاهمة اياكى اسمع شكوى واحدة من اى حد فى البيت هنا منك حتى ولو من اصغر حد فيه.

ثم خرج كالعاصفة خارج الغرفة لتنهار جالسة فوق الفراش مرة اخرى عينيها تمتلأ بالصدمة والجمود عقلها متوقف تماما عن التفكير تشعر بالخواء بداخلها كما لو كانت قد ماتت كل مشاعرها فى هذه اللحظة.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
نزلت الدرج ببطء وبوجه خالى من التعبير يتابعها هو من مكانه فوق مقعده يراها هادئة صلبة باردة الملامح لا تظهر على فوقها ادنى تعبير لكنه لمح نظرة ضعف بعينيها رق قلبه لها للحظة لكنه تجاهلها ملتفتا الناحية الاخرى حتى توقفت امام مكان جلوسهم جميعا فيلتفت مواجها الجميع يقول بصوت صارم لا يقبل المناقشة مصدرا امره الحازم امام الجمع من عائلته موجها حديثه لوالدته بأن لااحد سيقوم باعمال المنزل سواها من اليوم فصاعدا وهى فقط دون مساعدة من اى كان لتتجه اعين الجميع ذهولا نحوها فى انتظار رفضها او سماع تعليقها على حديثه هذا لكنها وقفت تنظر امامها بحالة الجمود والوجه الخالى من المشاعر التى تظهر بها قبل ان تتوجه بانظارها ناحية والدته تسألها بجمود.

: ممكن اعرف ايه اللى مطلوب منى اعمله؟

ابتسمت قدرية ابتسامة جذلة لكنها سيطرت عليها قائلة بأسف مصطنع
: لا يا حبيبتى متتعبيش نفسك حبيبة وسلمى متعودين يتابعوا شغل البيت مع نجيه ريحى نفسك انتى.

للحظة اهتزت ملامح ليله غيظا ولكنها سيطرة عليه فورا ترفع ستار البرود مرو اخرى حين هدر صوته بغضب وحنق
: اظن قلت ان ليله هى اللى هتقوم بشغل البيت من هنا ورايح، شغل الدلع ده كان زمان لازم تحط فى دماغها انها اتجوزت و تشيل مسئولية بيتها و مش عاوز كلام تانى فى الموضوع.

نهض من مكانه بغته قائلا لعمه الجالس بوجوم فوق مقعده هو الاخر
: عمى تعالى معايا المكتب عاوزك فى كلمتين لحد مافواز يصحى والفطار يجهز
ثم اتجه ناحية مكتبه عدة خطوات قبل ان يلتفت لها قائلا بأقتضاب
: اعمليلى قهوة وهتهالى المكتب.

ثم اكمل طريقه يتبعه عمه بخطوات سريعة متلهفة لتنطلق ضحكة ساخرة فور خروج الرجال من الغرفة كانت صاحبتها سلمى والتى استمرت فى الضحكة رغم نظرات نكزات حبيبة التحذرية لها لتهتف بعدها بخبث وميوعة
: ايه انا عملت ايه دلوقت؟! بضحك بلاش اضحك!

ارتفعت بعينيها ناحية ليله بشماتة لكنها ليله تجاهلتها تسيطر على ملامحها تلتفت ناحية المطبخ قائلة بأليه
: هروح ااحضر القهوة.

ليوقفها صوت قدرية تهتف بها بصرامة كمن تريد ان تكون لها الكلمة الاخيرة دائما
: روحى اعملى القهوة بسرعة علشان تحضرى الفطار وبعدين تشوفى وراكى ايه فى شغل البيت.

نهضت حبيبة من مكانها قائلة بحرج
: استنى يا ليلة انا جاية معاكى اساعدك.

نهرتها والدتها تمد يدها لتجلسها مرة اخرى قائلة بحدة
: اقعدى مكانك رايحة فين؟ انتى مسمعتيش اوامر اخوكى ولا ايه؟

نظرت لها حبيبة تضغط فوق شفتيها باحراج قائلة بهمس
: وايه اللى هيعرف اخويا بس يا ماما.

هتفت سلمى بابتسامة جذلة خبيثة
: انا هقوله، اوامر جلال لازم تتنفذ بالحرف.

التفتت لها ليله بعينى مشتعلة لتبادلها سلمى النظرات بتحدى للحظة قبل ان تقول ليله باستهزاء بارد
: مش شايفة نفسك كبيرتى على شغل العصفورة ده.

عقدت سلمى حاجبيها بحيرة وتفكير للحظة قبل ان تتصاعد امرات الفهم فوق وجهها فيشتعل وجهها غيظا وغضبا تهم بالرد عليها لكن ليله لم تمهلها قائلة بسرعة وببرود.

: هروح اعمل القهوة واحضر الفطار.

ثم اتجهت ناحية المطبخ بخطوات واثقة رشيقة تتبعها الاعين حتى اختفت عن الانظار لتهتف سلمى بغل
: شوفتوا قلة ادبها لو بس تسبونى عليها اعرفها مقامها..

اسرعت حبيبة قائلة بهدوء
: انتى اللى غلطتى من الاول مكنش ليه لازمة تدخلى نفسك.

جزت سلمى فوق شفتيها بغيظ ثم التفتت ناحية قدرية والتى جلست فوق مقعدها بوجه صارم وامارات التفكير الشديد تبدو عليها قائلة بغضب
: شوفتى بنتك يا مرات عمى بتقولى ايه؟

التفتت لها قدرية بشرود وتفكير قبل ان تقول بحدة بعد لحظات صمت شاردة
: قومى انتى وهى من هنا روحوا صاحوا اللى لسه نايمين وسبونى لوحدى.

سألتها حبيبة بقلق
: مالك يا ماما فى ايه؟

قدرية بصوت عالى نزق
: مفيش وقومى اعملوا اللى قلت عليه ومش عاوزة كتر كلام.

نهضت حبيبة وسلمى ببطء يتبادلان نظرات قلقة حائرة ثم اتجهوا الى الدرج لتنفيذ امرها لتهمس قدرية تعقد حاجبيها وعينيها تلتمع بالشر
: ياترى فى دماغك ايه يا بنت صالحة سكوتك ده قلقنى ومخلينى اخاف منك ومبقاش قدرية اما كان سكوتك ده وراه مصيبة وكبيرة كمان.

: طيب اتكلم معاه انت يا جلال انت عارف فواز ما بيعملش حساب لحد الا ليك انت حتى انا مابيخافش ولا بيهمه منى.

زفر جلال حانقا بعد كلمات عمه المتوسلة تلك فهو يكفيه مالديه من مشاغل وليس بحاجة لاخرى بطلها ابن عمه الطائش هو الاخر فبرغم تقاربهم فى العمر الا ان فواز زوج شقيقته بتصرفاته الهوجاء تلك تجعله منافسا قويا للاطفال فى تصرفاتهم جاعلا كل من حوله يقاسى ويعانى بسببه واولهم شقيقته المسكينة رغم انها لم تشتكى ولو بحرف.

اعتدل فى جلسته محاولا الهدوء قائلا
: الموضوع ده بالذات مينفعش غيرك يا عمى يتكلم فيه فواز مش لازم يعرف انى عرفت حاجة عن الموضوع ده
كلمه انت وعقله وعرفه ان لو حبيبة عرفت انه بتسرمح هنا وهناك مش هتعدى الحكاية على خير ابدا قوله يعقل ويحافظ على بيته يا عمى.

تنهد صبر بقلة حيلة قائلا بأسف
: حاضر يا بنى هكلمه واحاول اعقله وربنا يهديه..
ثم نهض من مقعده يكمل
: اقوم انا اروح اشوف حصل ايه فى الارض الغربية والانفار خلصوا هناك ولا لسه.

هز جلال راسه موافقا ليتحرك عمه عدة خطوات مغادرا ثم يلتفت اليه مرة اخرى يسأله بفضول
: عملت ايه فى موضوع الارض مع المغاربة مش ان الاوان نخلص من الموضوع ده بقى.

تجهم وجه جلال بشدة يشعر بالغضب يتأجج بداخله مرة اخرى لكنه حافظ على نبرة صوته الهادئة المقتضبة قائلا بحزم
: هيحصل ياعمى بس كله بوقته.

شعر صبرى بوجود خطبا ما يخفيه ابن اخيه عنه لكنه لم يحاول الضغط عليه فى الحديث يهز رأسه له موافقا قبل ان يغادر الغرفة تاركا خلفه جلال بحاله المنقلب تموج بداخله مشاعر متناقضة لكن كان الغضب هو السائد عليها جميعا يغمض عينيه مستندا براسه فوق ظهر مقعده تدور الافكار بسوداوية داخل عقله كحاله لليلة طوال ليلة امس بعد حديثه معها لا يعلم حتى الان كيف استطاع السيطرة على غضبه فلا يقوم بأذائها امس فلأول مرة بحياته يرفع يده على امرأة والتى لم تكن سوى زوجته يحمد الله انه استطاع تمالك غضبه فى اللحظة الاخيرة والا كان حدث مالا يحمد عقباه مغادرا الغرفة الى هنا ليظل طوال الليل داخل بحر هائح من الغضب الاسود والذى لو كان ترك له العنان لاغراقها بداخله دون لحظة ندم واحدة منه فكيف يغفر لها ما قالته امس واتهامها له بالطمع فى اموالها. نعم هو لا ينكر ان حاجته الماسة لامتلاك تلك الارض اصبحت كالهاجس بالنسبة له لكنه كان ينتوى شرائها منها وبسعر السوق الحالى دون ان يحتال عليها فى ثمنها ولم يكن فى حسبانه ابدا كما قالت بأن يجعلها تتنازل له عنها دون اخذ حقها بها.

اشتدت قبضتيه المستندة فوق مسند مقعده حتى ابيضت مفاصل اصابعه وهو يتذكر حديثها الوقح معه وتصريحها انها قد قد تم اغصابها على زواجها منه وانها لا تحتمل ان تكون له زوجة ولايسعدها او يشرفها زواجها منه.

تنهد بحدة يتراجع براسه فوق مقعده مهموما فهو يعلم ان ظروف زواجهم لم تم كن كأى زواج متعارف عليه لكنه كان ينتوى الاستمرار فيه وجعلها زوجة مصونة فى داره رغم ظروف هذا الزواج ولم يكن فى حسبانه ابدا ما اضطرته لفعله اليوم امام الجميع وشبه اعترافه انها اشبه بالخادمة فى المنزل لكنه وجده الحل الوحيد امامه لاطفاء تلك نيران غضبه التى تأكل ما بداخله يجده الحل الوحبد امامه لمعاقبتها على كل ماقالته.

خرج من افكاره تنبهه طرقة ضعيفة فوق الباب علم من تكون صاحبتها ليعتدل جالسا بصرامة فوق مكتبه يسرع بفتح احد الملفات امامه يتظاهر بالنظر بداخله يدعوها لدخول بصوت حازم خشن فيفتح الباب ببطء يراها تدلف الى الداخل بخطوات بطيئة يلاحظ ارتجاف يدها الحاملة لصنية الحاملة لقهوته انخفاض راسها لتغيب عن ذهنه تماما تلك الوقحة ببرودها وصلابتها والتى رأها امس وهذا الصباح تمس قلبه خفقة من الاشفاق عليها لكنه تجاهلها تضيق عينيه بنظرة قاسية قائلا لها ببرود.

: القهوة اتأخرت كل ده ليه..

لم تجيبه يزداد ارتجاف يدها حتى كادت ان تريق محتويات الصنية تتقدم حتى وقفت امام مكتبه تضع الصنية ببطء لكنه اوقفها قائلا وهو يتراجع بظهره الى الخلف قائلا بهمس امر
: هاتي الفنجان وتعالى هنا.

رفعت سريعا عيون مذعورة نحوه ترتجف يدها اكثر تقف مكانها بتخشب فجعله حالها يفكر بالتراجع عما ينتوى فعله معها للحظة فقط لكنه لم يستمع لصوت عقله الرافض يحركه شعوره الغاضب الحانق منها ليهمس لها مرة اخرى امرا لها بالتقدم اليه يرها تتبتلع لعابها بصعوبة قبل ان تتقدم منه حاملة الكوب والذى اخذ يتراقص بين اناملها تلتف به حول المكتب فتقف امامه تماما تمد يدها اليه بالفنجان لكنه لم يتناوله منها بل ضع قدما فوق اخرى يتأملها ببرود جعلها تتملل فى وقفتها قائلا لها بصوت امر صلب.

: بعد كده لما امرك بحاجة ثوانى وتكونى ادامى بيها مش هستنى تانى بعد كده على اى امر امره فاهمة ولا تحبى افهمك بطريقتى.

هنا وانتهت قدرتها على التحمل فمنذ الصباح وهى تحاول تمرير الامر تقنع نفسها بان مع الايام ستهدء الاجواء بينهم لكن بحديثه الاخير لها قضى على امالها تماما لذا رفعت عينيها نحوه يغشيها الغضب فتتطاير شرارته حين هتفت به ضاغطة على حروف كلماتها الحانقة بشراسة
: لا مش فاهمة وعاوزة اعرف هتعمل ايه؟
وعلشان تعرف تعاقبنى كويس ضيف دى كمان على الحساب.

لم تمهل نفسها لحظة واحدة للتفكير يحركها غضبها لترفع الفنجان بين يديها تلقى بمحتوياته فوق ساقه فورا
فيهب جلال واقفا بسرعة شاهقا بألم لكنها لم تبالى بكل اكملت فعلتها تلقى بالفنجان نفسه ناحية صدره ليرتطم به بعنف قبل ان يسقط ارضاا متحطما الى شظايا قائلة هى تنهت بحدة
: مش انا اللى تتأمر ولا تتكلم معاها كده واعرف انت بتكلم مين كويس انا بنت المغاربة يابن الصاوى.

توقف جلال عن محاولة اصلاح ما فعلته يدها من فوضى فوق ملابسه فور انتهاء كلماتها رافعا وجهه ناحيتها ببطء يضيق ما بين حاجبيه بحدة وصرامة جعلت من شجاعتها وليدة غضبها تتبخر فور رؤيتها لنظراته تلك تعاودها ارتجافة الرهبة مرة اخرى فاسرعت تلتفت تحاول المغادرة من امامه فورا لكنه لم يمهلها حتى الفرصة لخطو خطوة واحدة بل احاط خصرها بذراعه يجذبها بقسوة الى الخلف لتصطدم بصدره بقوة شاهقة بجزع ترتجف بين ذراعيه حين انخفض فوق اذنيها يفح من بين انفاسه قائلا.

: على فين مش تخليكى اد كلامك وتستنى تعرفى عقابى ليكى هيبقى ازاى.

لم يمهلها فرصة للرد بل ادارها بين ذراعيه يرفعها من خصرها ليلقى بها فوق مكتبه بعنف فاخذت تحاول الفرار منه وقد اصابها التوتر والخوف مماهو ات لكنه شل حركتها حين وقف امامها ينحنى فوقها فتتراجع هى الى خلف حتى اصبحت شبه مستلقية فوق المكتب ترتجف بعنف حين امتدت انامله تعبث بمقدمة ثوبها قائلا بهدوء ساخر
: رجعتى ترتعشى تانى ليه زاى الفار فى المصيدة اومال راحت فين شجاعتك يا، مرات ابن الصاوى.

نطق حروف كلماته الاخير امام شفتيها تختلط انفاسه والتى زادت حدة وخشونة بانفاسها اللاهثه تلتقى اعينهم لحظات بنظرات حملت الكثير والكثير تتغير فورا ثائرة بمشاعر لاتمت بصلة لما كانت عليه منذ قليل يتغير كل شيئ من حولهم حتى الهواء المحيط بهم اصبح مثقلا بالاحاسيس البعيدة كل البعد عن الغضب او الخوف.

انزل عينيه الى شفتيها يتابع حركة لسانها المار فوقها وهى تحاول ترطيب الجفاف الذى اصابها فتزاد حدة انفاسه مقتربا بشفتيه من شفتيها اكثر حتى اصبح لايفصل بينهم غير خطوة واحدة يخطوها هو او هى فاغمضت عينيها ببطء تتسارع انفاسها دون ارادة منها تعطى له الضوء بالتقدم بتلك الخطوة فيستقبل اشارتها فورا يغلق ماتبقى من مسافة بينهم يمس شفتيها برقة اذابتها فتتنهد بضعف زاد من اشعاله متأوها وهو يلف خصرها بذراعه يقربها منه حتى يعمق من قبلتهم.

لكن ماهى ثوانى حتى فتح الباب بعنف مصطدما بالحائط بصوت دوى قوى ليبتعدا فورا عن بعضهم بحدة ينظر جلال ناحيته بغضب ليرى والدته تقف فوق عتبته تنظر لهم بحقد للحظة قائلة بعدها بحرج مصطنع
: اه معلش حقكم عليا، بس انا كنت جاية اشوف ليلة اتأخرت ليه البنات مستنينها فى المطبخ علشان يحضروا سوا الفطار.

اسرعت ليله تدفع جلال من صدره تبعده عنها ثم تسرع فى النزول سريعا من فوق المكتب تحاول ان تعدل من وضع ملابسها بحرج وجهها يتخضب بحمرة قانية وهى تتحرك ناحية الباب بخطوات متخبطة تتابعها عينيه يراها تمر من جانب والدته والتى اخذت تتابعها هى الاخرى بنظرات غامضة حتى غابت عن انظارهم لتلتف قدرية ناح يته مرة اخرى تراه يجلس فوق مقعد مكتبه بهمود يمرر اصابعه بين خصلات شعره يعيد ترتبها فتحاول رسمة ابتسامة مغتصبة قائلة.

: جلال ابقى عدى على جدتك سألت عليك النهاردة البت نجية.

هز جلال راسه بالايجاب دون ان ينطق بكلمة يختطف ملف من فوق المكتب يتظاهر بالنظر اليه لتقف قدرية تتابعه للحظة تغلق الباب خلفها ليلقى جلال بالملف من يده بعدم اهتمام يتراجع براسه الى مسند مقعده يغمض عينيه متنهدا بقوة فور سماعه لصوت اغلاق الباب والتى وقفت خلفه قدرية تلتمع عينيها بالشر قائلة ضاغطة فوق اسنانها بقوة.

: كنت عارفة انك مش ساهلة يابت صالحة بس على مين اما قطعت نفسك من الشغل النهاردة وكله بالمظبوط
تحركت من امام المكتب بخطوات سريعة حازمة تعد داخل عقلها قائمة من الاعمال فى انتظار تلك البائسة.

سارت ليله باتجاه المطبخ تضع يدها فوق وجنتيها المشتعلة بالنيران تنعت نفسها بكل ما خطر فى بالها من صفات سيئة تسأل بحنق كيف سمحت له بقربه هذا منها بل كيف استسلمت له بهذه الطريقة المخجلة لما لم تصفع خده بقوه تجعله يفيق ليعلم جيدا انها قد قصدت كل كلمة قالتها له امس لكن ماذا تقول فقد نسفت فى لحظة من الحمق والضعف كل ما قامت ببنائه امس من الظهور امامه بمظهر ليله القوية غير المستسلمة ولا المبالية به ولست تلك الضعيفة المغلوبة على امرها التى ظهرت بين يديه تسلم مع اول لمحة من الرقة يبديها لها...

: مش تفتحى انتى عامية ماشية تشوطى فى اللى ادامك.

رفعت ليله راسها ببطء بعد استماعها لتلك الكلمات الصادرة من تلك الحية المسماة بسلمى بعد ان ارتطمت بها دون قصد فأبتسمت بلا مرح قائلة بهدوء مستفز
: الكلام ده تقوليه لنفسك مش ليا.

احتقن وجه سلمى كمدا وغيظا تهم بالرد عليها بعنف لكن يوقفها صوت زوجة عمها تهتف بها بحدة
: سلمى خلصنا خلاص وكل واحدة تروح تشوف وراها ايه تعمله.

لم تتحرك سلمى من مكانها تنظر الى ليلة بعينين تشتعل غلا تبادلها ليله هى اخرى النظرات ولكن بهدوء وعيون باردة النظرات اشعلت سلمى اكثر لتتقدم خطوة ناحية ليلة تتجلى نيتها بوضوح على وجهها ليأتى صوت قدرية مرة اخرى ولكن تلك المرة بغضب تهتف باسمها تناديها بتحذير لتتوقف سلمى فورا تنهت بعنف للحظة قبل ان تغادر بخطوات سريعة حانقة تتابعها قدرية بنظرات حتى غابت عن الانظار لتلتفت ناحية ليله مرة اخرى قائلة بهدوء تخفى خلفه الكثير والكثير من غضبها وحنقها.

: اسمعينى كويس يابنت صالحة البيت ده انا سته وصاحبة الكلمة فيه حالك فى دار ابوكى حاجة وفى دارى حاجة تانية يعنى شغل الدلع والمياعة ده مينفعش هنا فاسمعى الكلام والا ورحمة الغالى ارجعك دار ابوكى وانتى لسه عروسة مكملتيش شهر.

كانت ليله اثناء حديثها معها تقف بجمود وبوجه خالى من التعبير كعادتها منذ دخولها هذا البيت الان ان قالت لها جملتها الاخير لتلتمع عينيها بالحدة تهم بالرد عليها لتقاطعها قائلة
: ولوياشاطرة على جلال انا امه كلمتى هتبقى قصاد كلمة واحدة يدوب جوازة مصلحة ياعالم هتدوم
ولا لا.

لمعت عينى ليله بانكسار لم تستطع هذة المرة ان تتغلب عليه عند انتهاء كلمات قدرية لها لم تستطع تلك المرة التغلب عليه والتظاهر بالامبالاة لتلاحظه قدرية على الفور ترتسم السعادة على وجهها تلوى شفتيها بأبتسامة شامتة تلتفت مغادرة بعدة خطوات قبل ان تلتفت الى ليله مرة اخرى قائلة من خلف كتفها باستهزاء مهين
: بعد ماتخلصى تفكير فى الكلمتين بتوعى ليكى تجرى على المطبخ تشوفى وراكى ايه وانا معرفة نجية كل حاجة.

ثم غادرت بخطوات قوية فخورة تفرد ظهرها بشدة كما لو كانت داخل معركة وخرجت منها باعلان انتصارها.

: عملت اللى قلتلك عليه يا سعد وكلمت المحامى
جلس الشيخ جاد جلسته المعتادة فى وسط قاعة استقبال منزله الكبرى لكن هذه المرة ظهر الكبر وعلامات السن واضحة عليه يسأله حفيده سعد بصوته الرخيم والذى فقد الكثير من قوته ليسرع سعد يجلس بجواره يجيبه بلهفة
: ايوه ياجد المحامى خلص كل حاجة وكله الامور بقيت تمام زاى ما امرت.

هز الشيخ جاد برأسه استحسانا يمسك بعصاه بقبضة لم تعد بقوتها السابقة صامتا للحظات بتفكير يقول بعدها ملتفتا الى سعد قائلا زد بهدوء يحمل معه الكثير من الحزم
: سعد مش هفهمك تانى ان اللى حصل ده هيفضل بيما احنا الاتنين لحد ما قابل وجه كريم حتى ابوك مش عاوزه يعرف عنه حاجة.

سعد بتأكيد وسرعة
: متقلقش ياجد مش محتاج توصينى.

رفع جاد كفه ليربت فوق وجنة حفيده بحنان قائلا بابتسامة فخورة
: طول عمرى اقول عليك انك الوحيد اللى اخدت من عمك زيدان طيبته وجدعنته ربنا يحفظك ياحبيبى.

امسك سعد بكفه يرفعه الى شفتيه يقبله بحنان ليكمل الشيخ جاد حديثه ينقلب وجهه الى القلق والوجوم قائلا بهمس
: مش هوصيك يا سعد بنات عمك فى عنيك من بعدى انت الوحيد اللى اقدر ائتمنه عليهم وعلى مالهم.

رفع سعد وجه سريعا الى جده قائلا بألم
: ربنا يخليك لينا ياجد ليه الكلام ده دلوقت داحنا كلنا عايشين فى حماك.

غشت عينى الشيخ جاد بالحزن قائلا
: العمر بيمر يا سعد ومبقاش فيه كتير وانا كل اللى شايل همه بنات عمك يمكن شروق مطمن عليها علشان كلها ايام وهتبقى مراتك بس ليله...

زفر بقوة قاطعا كلماته زفرة تحمل حرارة الهم والحزن معها صامتا بوجوم ليسأله سعد بقلق
: مالها ليله ياجد انت قلقان عليها ليه كده انت عرفت حاجة عنها خليتك تشيل همها كده.

احنى الشيخ جاد رأسه ينظر ارضا قائلا بصوت مهموم حزين
: عاوز يحصل لها ايه اكتر من اللى عملته انا فيها لما رخصتها وجوزتها بالطريقة دى.

اسرع سعد قائلا بحزم وشدة
: انت مرخصتهاش ياجدى انت جوزتها لراجل كل البلد تتمنى نسبه راجل كبير عيلته وحاميها يبقى مش هيقدر يحمى مراته.

الشيخ جاد ناظرا للبعيد بشرود
: عارف يابنى ولولا انى عارف مين هو جلال الصاوى مكنتش فكرت فى يوم اعمل فى بنت ابنى كده.

عم الصمت المكان كل منهم فى افكار للخظات مرت كدهر حتى التفت الشيخ جاد ناحية سعد قائلا بلهفة واشتياق
: ليله، عاوز اشوف ليله يا سعد ابعت حد من هنا يبجبها ليا اشوفها واملى عينى منها.

هز سعد راسه له بالموافقة تطل من عينه نظرة قلقة خائفة فهو طوال حياته لم يرى جده بهذة الحالة من المرارة و الضعف.

مر اليوم عليها كأسوء ايام حياتها فلم تترك والدة زوجها عمل الا وقد اخترعته لها لتقوم به لم يستكين جسدها للراحة ثانية واحدة تدور فى دوامة الاعمال طيلة اليوم هذا غير سماعها للهمزات واللمزات عليها فى كل لحظة منها ومن زوجة العم وابنتها الافعى فلم يتركوا عمل قامت به الا وقد بالسخرية والاستهزاء منه لدرجة جعلتها تكاد تنفجر بالبكاء غير عابئة وقتها بشيئ فهى لم تتعود على المعاملة فى منزل ذويها مهما كانت الخلافات بينهم.

لكنها استطاعت السيطرة على رغبتها تلك تتنفس الصعداء حين انتهى اليوم بعد قيامها بجلى الاطباق وتنظيف المطبخ بأمر من والدة زوجها تحت مراقبة عينى نجية وحبيبة المتعاطفة معها تتلهف لاستلقاء فوق الفراش لتغرق فى النوم لا تفيق منه سوى صباحا استعداد ليوم شاق اخر لذا دلفت الى داخل جناحهم لتتسمر قدميها حين رأته يستلقى فوق الفراش براحة وهدوء ممسكا بملف بطالعه باهتمام غير عابئ بدخولها لا يعيرها ادنى اهتمام لكن لم يكن هذا سبب توترها وتخشبها بكل الحالة التى وجدته عليها اذا كان يستلقى لايرتدى سوى بنطال قصير ولا شيئ اخر صدره العضلى عارى تماما امام عينيها مما جعل فمها يصبح جاف بشدة كما لو كانت فى صحراء قالحة تتعالى انفاسها متوترة رغما عنها لكنها اسرعت بتمالك نفسها تدخل بخطوات بطيئة مرهقة نحو جزانتها تخرج منها ثوب مريح للنوم لكن اتت اتى صوته الهادئ يوقفها عما تقوم به يسألها بهدوء.

؛ممكن اعرف ايه اللى فى ايدك ده؟

التفتت اليه سريعا قائلة بارتجاف وتلعثم
قميص علشان انام فيه.

ارتفع حاجبه بتساؤل ساخر
تنامى؟ومين قالك بقى انك هتنامى دلوقت.

عقدت حاجبيها بحيرة ترتعش يدها الحاملة للقميص لاتدرى بما تجيبه تتراجع بحدة الى الخلف مصطدمة بالحزانة ورائها حين رأته ينهض سريعا من فوق الفراش متجها لها بخطوات بطيئة عينه تمر من فوقها ببطء واستمتاع قبل ان يواجه عينها المرتعبة قائلا
: ايه نسيتى اتفاقنا الصبح ولا تحبى افكر بيه؟

هزت ليله برفض قائلة بصوت حاولت اظهار الشجاعة به
: انا متفقتش معاك على حاجة انت بس اللى اتكلمت وانا سمعتك وخلاص.

التوت شفتيى جلال بابتسامة صغيرة يهز راسه بالموافقة لتكمل سريعا قائلة بنبرة تحذرية قلقة
: واظن احنا خلصنا كلامنا بخصوص جوزانا وظروفه وكل واحد قال اللى عنده.

لم يجيبها جلال بل ظل ينظر الى وجهها يمرر عينيه فوق ملامحها ببطء جعلها تتوتر فتمرر طرف لسانها فوق شفتيها تحاول ترطيبها لتتخفض عينه تتابع حركتها بنظرات غامضة بالنسبة لها قبل ان يجيبها بهمس اجش
: انتى شايفة كده؟

هزت راسها له بالايجاب سريعا تضم قميصها الى صدرها بحماية وتوتر فى انتظار اجابته التى اتت بعد لحظة مرت عليها كالدهر يتركها مكانهامتحركا ناحية الفراش مرة يجلس فوق قبل ان ينظر لها قائلا بهدوء
: طب يلا روحى خدى حمامك.

اتسعت عينيها بذهول من اجابته المختصرة تلك فقد كانت تظنه سيعارضها بعنف معلنا حقوقه كزوج عليها لكن اتت اجابته تلك لتحطم ظنونها تماما فتحركت ناحية الحمام بخطوات بطيئة ترتسم علامات الحيرة فوق وجهها تغلق الباب خلفها بهدوء لينهض جلال واقفا يزفر بعنف عدة مرات محاولا الهدوء يلعن نفسه الف مرة متسألا بغضب لما فى كل مرة ينتوى فيها عقابها يشعر بهذا الضعف اتجاههاا ناسيا كل ما قرره فى شأنها حتى هذا الصباح وبعد فعلتها الحمقاء معه كان ينوى لها العقاب بما يليق بفعلتها ولكنه وجد يديه بدلا عن صفعها كما كانت تستحق وجدها تلتف حول خصرها ترفعها له تلصقها به وحين اختلطت انفاسهم نسى تماما كل ما قالته وفعلته لتأتى مقاطعة والدته لهم كطوق النجاة له.

ينهر نفسه طيلة اليوم على لحظة الضعف هذه مراقبا افعال والدته معها وتكليفها له بكل تلك الاعمال الشاقة يوقف نفسه ناهرا اياها بغضب وحنق فى كل مرة يحاول فيها التدخل لمنعها فهى من جنت على نفسها حين تباهت امامه برفضها له وبزواجه بغض النظر عن انه هو الاخر كان غير راضيا بتلك الزيجة فى بدايتها لكنه كان ينتوى معاملتها بكل ما يليق بزوجة جلال الصاوى ان تعامل به من حسن المعاشرة والمكانة العالية لذا هى من تسببت لنفسها بتلك المهانة ولا احد اخر.

افاق من افكاره يشعر بغضبه وحنقه منها يعاوده مرة اخرى حين سمع صوت فتح الباب يراها تتقدم خارجة بخطوات بطيئة داخل الغرفة لينهض من مكانه بعنف ينظر اليها بعينين مشتعلة غضبا يتنفس بعنف فتلاحظ هى حالته المتقلبة تلك تتسأل بخوف عن سببها تهب فزعا حين تفاجئت به يقف امامها بخطوتين سريعتين يحاوطها بذراعه يقربها منها لايترك اى مسافة بينهم عينيه تأسر عينيها بنظرة مشتعلة بنيران غضبه قائلا بخشونة.

: انا سبتك تقولى اللى عندك بس مش انتى اللى هتقولى ايه يحصل وايه ميحصلش ومن الليلة هتكونى ليا..

حاولت التملص منه تتحرك بعنف بين اسر ذراعه لها قائلة بتلعثم وخوف
: انا، قلتلك، انى مش عوزاك، وانى مغصوب...
قطعت حرف كلماتها بذعر حين اقترب وجهه منها يفح امام شفتيها يكمل عنها هو
يؤلمها كما تجعله يشعر بألم والاهانة كلما تحدثت قائلا بشراسة
: وانك مغصوبة عليا مش كده، طب وايه يعنى مانا كمان مش عوزك بس برضه هتكونى ليا الليلة وصدقينى كله هيبقى برضاكى.

لم يمهلها فرصة للاجابة ينقض فوق شفتيها يلتقط انفاسها داخله يزداد من جذبها اليه حتى اصبحا كجسد واحد لايفصل بيهم انشا واحدا لا يمهلها الفرصة للقيام بأى مقاومة من ناحيتها للحظات حتى استكان جسدها بين يديه مستسلمة له لتتغير طبيعة قبلاته فور ان شعر بأستسلامها هذا لتصبح اكثر رقة وشغفا ناسيا تماما لما ولماذا كان غضبا منها قبل ان تتذوق شفتيه نعومة شفتيها تلفحه انفاسها العطرة فتجعله يرتجف لهفة لها فيضمها اكثر الى صدره يزداد تشبثا بها.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
ادارها بين ذراعيه يتراجع بها ناحية الفراش دون ان ينفصل لقاء شفتيهم يتأوه بقوةوهو يجذبها اليه يأسر جسدها الصغير بين ذراعيه يشعر بحرارة وليونة جسدها فوق جسده فتزداد شفتيه حرارة ولهفة لها فلا تجد امامها سبيلا امام هجومه الكاسح لجميع حواسها سوى ان تهمم برفض ضعيف علها تستطيع ايقافه به لكنه تغلب عليه حين وصل بها الى فراشهم يستلقى معها فوقه تاركا أسر شفتيهاا لينحدر بقبلاته متلهفا بشوق فوق حنايا عنقها بقبلات ناعمة لكنها لا تقل شغفا عن سابقتها جعلتها تشهق بأنين ناعم وهى تغمض عينيها بضعف جعله يشتعل بنيران رغبته بها اكثر ليظل ينهل من رحيق بشرتها قبل ان يتوقف عن تقبيلها رافعا عينيه المغشية بنيران رغبته وشغفه فتفتح عينيها تحدق ببطء بعينيه ويلفها الخجل والارتباك فيظل يبادلها النظرات حتى همس امام شفتيها بذهول.

: مش ده اللى المفروض يكون بينا، مش المفروض احس بكده وانا معاكى.

اتسعت عينى ليله يظهر ارتباكها وعدم ادراك لمعنى ما يحدثها به فيجيبها جلال بتحشرج وابهامه يمر فوق شفتيها السفلى التى ترتعش اسفله قائلا بتفهم يدرك عدم فهمها لحديثه
: عارف انك مش فاهمة انا بقول ايه، هتصدقينى لو قلتلك ان انا كمان مش فاهم ولا قادر اسمى اللى بيحصل ده بايه، بس مهمنيش كل اللى يهمنى انك هتكونى ليا ومعايا الليلة.

كانت عينيه اثناء حديثه لها تتابع حركة ابهامه فوق شفتيها لتصيبه الرجفة هو الاخر حين شعر بنعومتها تحت اصابعه تشتعل عينه بالنيران فينهى كلماته ينحنى ببطء نحوها غير مدرك لحالة الجمود التى اصابتها ليوقف صوتها المرتجف بألم وانكسار اقترابه من فمها حين همست
: بس انا اقدر اقولك ده يبقى ايه.

رفع جلال وجهه اليها عاقد حاجبيه معا ينظر لها بفضول وحدة لتكمل بخفوت عينيها لا تحيد عن عينيه يظهر المها جليا له داخلهما قائلة
: جوازنا جوازة مصلحة مش المفروض يكون فيها اى مشاعر لا منك ولا منى، علشان كده انت مستغرب انك حاسس ناحيتى بحاجة ولو حتى قليلة.

تحشرج صوتها بغصة مشاعر تعصف بصدرها ودموع التمعت بعينيها لكنها تجاهلتهم تكمل بمرارة ترتفع فى حلقها كالعلقم
: مش قادر تصدق ان ممكن ليله اللى اهلها رموها عليك ورضيت بيها علشان الارض ممكن تحس ناحيتها بأى مشاعر حتى ولو رغبة فى سواد الليل وهتنتهى الصبح.

اعقبت حديثها برفع يدها تدفعه فى صدره بقوة تبعده عنها مستغلة حالة الجمود التى اصابته ناحجة فى ذلك تنهض سريعا عن الفراش تكمل بصوت مختنق بعبراتها لكنها لم تسمح لها بالانطلاق خارج سجن عينيها قائلة بجمود ورأس مرتفع بكبرياء.

: بس مش انا اللى ارضى بالقليل اللى هترمهولى يابن الصاوى كفاية عليا اوى اتغصبت على جوازة زى دى ومعنديش استعداد تانى اتغصب على حاجة من تانى حتى ولو كانت ليلة محدش غيرى هيدفع تمن ضعفك فيها ادام رغبة هتنتهى تانى يوم الصبح.

كان جلال اثناء حديثها يجلس بجمود تعصف عينيه بنيران غضبه مع كل حرف تنطق حتى ظنت انه فى ايه لحظة سينقض عليها ليخرسها بالقوة عما تتفوه به ولكن فورا انتهاء كلماتها المهينة له فوجئت بالبرود
والاقتضاب يعلو وجهه بدلا من ذلك الغضب العاصف.

الظاهر فى بداية حديثها رافعا ستار عاتمة اللون فوق عينيه فلاتستطيع قراءة ما بهم من مشاعر ليشعرها هذا بالخوف والرعب اكثر من غضبه السابق لكنها لم تتراجع او تحاول اصلاح كلماتها السابقة لها تبادله النظرات بتحدى واهن لكنها تمسكت به الى اقصى حد لا تريد خسارة معركة وحرب العيون بينهم حتى تعالى صوت رنين هاتفه قاطعا الصمت الحاد بينهم لكنه تجاهل تماما ظلا ينظر اليها لا تحيد عينيه بعيدا عنها فشعرت برجفة تزحف داخل جسدها فتحتصن نفسها بقوة تشعر بخسارتها المعركة وعدم قدرتها على الاستمرار بالنظر اليه تهم بخفض عينيها عنه لكن يأتى رنين هاتفه قاطعا الصمت الساد بحدة لكنه تجاهله لا يحيد بعينيه الحادة عنها فتمللت بقلق فى وقفتها قبل ان تراه يلتفت ناحية هاتفه الملقى فوق المنضدة الصغيرة بجوار الفراش بعد ان تعالى رنينه مرة اخرى بعد صمته للحظة يلتقطه مجيبا فيسود الشحوب وجهه بشدة فور استماعه للطرف الاخر للحظة ثم يجيبه قائلا بأسف وحزن.

: سبحان من له الدوام، امتى ده حصل.

شعرت ليله باهتزاز قدميها لحظة نطقه لكلماته تلك ينقبض قلبها بشدة مؤلمة تكاد تنهار ارضا حين سمعته يكمل بجمود فعلمت انها المعنية بالحديث
: متقلقش انا هعرفها ومسافة السكة وهنكون عندكم.

اغلق الهاتف يلقى به فوق الفراش زافرا بقوة لتسأله بصوت مرتجف خائف
: مين اللى مات ياجلال؟

ضغط جلال شفتيه معا للحظة قبل ان يلتفت اليها قائلا بأسف وحزن
: البقاء لله، جدك جاد تعيشى انتى
دارت بها الغرفة مترنحة تغيم الدنيا فى عينيها ليسرع جلال بأتجاهها ممسكا بها بلهفة ينزل بجسده معها ارضا وهو يضمها الى صدره بحماية يحتوى ارتجافها بجسده بعد ان انهارت قدميها فلا تقوى على حملها ناظرة امامها بجمود ودموع متحجرة تشعر بانهيار عالمها هامسة بذهول وارتجاف.

: ليه ياجدى، ليه تسبنى طب كنت استنى اقولك انى مش زعلانة منك، لييييييييه ياجدى ليييييييه
صرخت بكلماتها الاخيرة بانهيار ترج ارجاء الغرفة.

يصل مقصدها لجلال كسين حاد لكنه تجاهل ما اثارته بداخله بفعل كلماتها تلك من ضمها الى صدره يشعر بالعجز وهو يراها بهذه الحالة لا يعلم كيف يستطيع التهوين والتخفيف عنها فلا يجد امامه حلا سوى جذب راسها الى كتفه هامسا لها بصون رقيق متعاطف كلمات تهدئة خرجت منه بصعوبة حين دست وجهها الباكى فى حنايا عنقه مستسلمة له دون مقاومة فتلامس بشرته دموعها الدافئة المنسابة فوقها يرتج جسدها بين يديه بعنف بفعل شهقات بكائها القوية شاعرا لاول مرة بحياته بالضعف كان سببه رؤيته لدموعها.

: كفاية يا بنتى بكى بقى عنيكى خلاص مبقاش فيها.

نطقت صالحة والدة ليله الملقية براسها فوق كتفها بتلك الكلمات تحتضنها اليها بقوة تربت فوق شعرها فى محاولة لتهدئتها لتجيبها ليله بانهيار والم
: مش قادرة ياماما مش قادرة اسامح نفسى انه مات
وهو فاكر انى لسه زعلانة منه ومهانش عليا اكلمه اقوله انى مش زعلانة منه ابدا ياماما.

اسرعت شروق تجذبها من بين احضان والدتها لتحتضنها هى تشير الى والدتها بطرف عينيها ان تتركهم لحالهم قائلة بهدوء
: سبينى مع ليله شويه ياماما وانزلى انتى للستات تحت اكيد مرات عمى محتجالك دلوقت
فزفرت صالحة بقلة حيلة تنهض من مكانها قائلة بخفوت
: حاضر يابنتى وكمان احضرلكم لقمة تكلوها دى من امبارح على الحال ده.

تحركت مغادرة للغرفة ليسود الهدوء لدقائق لم يسمع فيه سوى صوت شهقات ليله الباكية لتحتضنها شروق اكثر تشعر بالشفقة والم عليها تعلم جيدا مدى تعلق ليله الشديد بجدهم الراحل فالمها لرحيله يعادل الامهم جميعا عليه وان لم يكن اكثر الا انه من بعد ان قام بتزويجها بتلك الطريقة اصبح يبتعد عن لقائها يتعمد القسوة فى حديثه معها كما لو كان يخشى اعطائها الفرصة لاعتراض على قراره او حتى الحديث عما يقلقها لتتم الزيجة وهم على هذه الحالة من التوتر والبعد لاينطق بكلمة تخص زيجتها ابدا لتتدهور حالته الصحية من بعد ذهابها الى منزل زوجها لكن ظل على عنده رافضا رفضا قاطعا اقتراحها ان تقوم بالذهاب الى ليله او حتى احضارها الى هنا ليحدثها ويطوضح لما فعل ما فعله معها بعد ان قام باستدعائها هى وسعد قبل وفاته بعدة ايام ليقوم بتوصيتها على ليله يخبرها بما ينتوى القيام به حتى يطمئن قلبه عليها ثم يجعلهم يقسموا له على كتاب الله ان يظلا محتفظين بسر حديثهم حتى يقوم هو باخبارها بنفسه ولكن يأتى قضاء الله فلا يمهله الفرصة لذلك لذا هى تشعر ان المسئولية التوضيح اصبحت ملقاة على عاتقها هى لكنها لا تعرف كيف تبدء حديثهم ذاك.

تنحنحت بقوة قائلة بعطف
: ليله حبيبتى انا مش عوزاكى تعملى فى نفسك كده صدقينى جدى كان عارف انك استحالة هتزعلى منه وكان ناوى كمان يبعتلك تقعدوا سوا بس...

قطعت كلماتها بأسف ووجع لتشهق ليله بالبكاء تدفن وجهها فى عنقها شروق قائلة بصوت مكتوم متألم
: ياريتنى كنت كلمته ياشروق وعرفته انى مش زعلانة كان هيحصل ايه لو كنت انا اللى كلمته الاول ليه ياشروق معملتش كده ليه..

اخذت تبكى بهستريا يرتج جسدها بعنف مع كل شهقة بكاء تخرج منها لتتنهد شروق بألم تزحف عبراتها هى الاخرى فوق وجنتها تضمها اليها اكثر تعلم ان لاسبيل الان لتفتيح الجراح فحالة شقيقتها لن تحتمل صدمة اخرى كالتى بصدد قولها لها لذا لاذت بالصمت لوقت اخر مناسب ثم اخذت تهدهدها بين ذراعيها بحنان تتمتم بكلمات مهدئة خافتة للحظات حتى شعرت بأرتخاء جسد ليله بين ذراعيها فتلقى نظرة نحوها لتراها قد ذهبت فى النوم تنطق ملامحها بالارهاق والتعب فتحركت من مكانها بهدوء تحركها معها حتى جعلتها تستلقى فوق الفراش تهم بوضع الغطاء عليها حينها تعال طرق هادئ فوق باب الحجرة فأذنت للطارق بالدخول فترتبك يديها تلقى بالغطاء مرة اخرى مكانه وتعدل من وضع حجابها فوق شعرها حين رأت جلال الصاوى يدلف الى الغرفة بهدوء وبوجه متجهم الملامح متنحنحا بهدوء وهو يغض بصره ارضا قائلا باقتضاب وصوت جاد.

: ازيك ياشروق، اسف انى دخلت كده بس كنت عاوزة اطمن على ليله.

التمعت عينى شروق تسرع قائلة بلهفة
: متقلقش هى كويسة ونامت دلوقت من كتر عياطها بس لو تحب انا ممكن اصحي...

رفع جلال رأسه بلهفة يلقى نظرة اهتمام نحو تلك المستلقية فوق الفراش قائلا بحزم
: لاا خليها زى ماهى انا بس كنت بطمن عليها. الست والدتك كانت قلقانة لما سألتها عليها فطلعت اطمن على حالها.

تحركت شروق متوجه نحوه قائلة بلهفة
: هى بخير متقلقش بس لو ممكن تقعد معاها لثوانى لحد مااروح احضرلها حاجة تاكلها وارجع بسرعة!

اسرعت تكمل برجاء واستعطاف حين رأت التردد يعلو فوق ملامحه
: ثوانى ومش هتأخر اصلها مأكلتش حاجة من امبارح وخايفة اسيبها لوحدها وانزل.

تنهد بقوة يضع يديه داخل جيبى بنطاله يظهر التفكير والتردد فوق ملامحه وهو يلقى بنظرة اخرى ناحية ليلة النائمة بعمق لا تدرى شيئ عن الحديث الدائر ترق نظراته فوقها للحظة لكنها كانت كافية لتراها شروق قبل ان يهز راسه لها موافقا بضعف فابتسمت شروق بسعادة تتجه ناحية الباب مغادرة تفتحه ثم تلتفت ناحية ذلك الواقف ظهره لها يعطى كل اهتمامه وتركيزه لشقيقتها النائمة فوق فراشها لتبتسم بضعف تغلق خلفها الباب بهدوء فيتحرك هو بخطوات بطيئة بأتجاه الفراش عينيه معلقة عليها حتى وقف يتأملها بهدوء لبرهة يرى جسدها الملتف فى تلك العبائة السوداء والتى انحصرت قليلا عن ساقيها وخصلات شعرها المتموجة يخفى وجهها تماما عنه.

انحنى فوقها يمد يده يزيح تلك الخصلات بعيدا ليصدم لمرأى تلك الدموع تلطخ وجهها الشاحب بشدة وهالات عينيها الدالة على مدى ارهاقها فزفر بقوة جالسا بقربها يزيح بإنامله دموعها تلك بنعومة يزحف الى صدره شعورا بالضيق وعدم الراحة لرؤيته لها بحالتها هذه فهو يعلم جيدا بمدى تعلقها بجدها والعكس وقد ظهر هذا جاليا ليلة زفافهم حين اخذه الجد على انفراد يحدثه بصوت حنون راجى ان يعاملها بالحسنة وان يرعى الله فيها فهو اهداه قطعة من قلبه ويرجو منه العناية والاهتمام بها يومها اثر جلال فى نفسه ان يصونها ويراعها اكراما لهذا الشيخ الجليل وحبه الواضح لها لكن تأتى الريح بما لاتشتهى السفن لينهار كل ماكان ينتويه لها بعنادها وكلماتها القاسية غير محسوبة العواقب فتجعل رغبته فى معاقبتها تتغلب على كل شيئ شعر به حتى فى تلك اللحظات التى يحس فيها بالضعف واللين اتجاهها.

خفض نظراته نحوها حين شعر بارتجافة جسدها يراها تضم جسدها بشدة فأسرع بجذب الغطاء الملقى فوق الفراش يضعه بحنو فوقها يدثرها به جيدا ثم تراجع مرة اخرى مستندا بظهره فوق حاجز الفراش يتأملها بأهتمام تتشرب عينيه تفاصيل وجهها بملامحها الرقيقة وبشرتها الشفافة الرقيقة كبشرة طفل صغير و شعرها بلونه البنى الرائع وخصلاته المتموجة الثائرة دائما الذى اثار اهتمامه منذ اول مرة رأها به يغريه دائما للعبث به ومحاولة تهذيبه.

كما لو كانت انامله تقرأ ما يجول بفكره تسلل ببطء نحوه تلامسه برقة شاعرا بنعومته فوق بشرته يده برغم تموجاته الثائرة فلم يشعر بنفسه ويده تقبض على حفنة منه رافعا اياها الى انفه يستنشق رائحته بعمق مغمضا عينيه بمتعة واستمتاع غائبا للحظة من الزمن فى تلك الرائحة والتى تشبه رائحة ليالى الربيع العطرة فى جمالها.

تيقظ خارجا فورا من حالة الثمالة التى اصابته حين رأها تتحرك فى الفراش ببطء وهى تتنهد بأرهاق ثم تفتح عينيها بصعوبة فأسرع بالاعتدال جالسا بوجه متجهم حين وجدها تنتبه لوجوده معها ناهضة بسرعة وتخبط تسحب الغطاء معها تضمه الى صدرها برعب ظهر جاليا فى عينيها جعل زاوية فمه ترتفع بأبتسامة ساخرة وعينيه تتابع حركتها الدفاعة تلك وهى تسأله بتلعثم وارتباك
: انت بتعمل ايه هنا فى اوضتى؟

اتسعت بسمته الساخرة اكثر وهو يقترب منها بوجهه سائلا اياها بسخرية
: فى ايه قولتى!، اوضتك! اوضتك هناك فى بيت جوزك انتى هنا ضيفة يوم ولا التانى وهتمشى.

ثم نهض واقفا ينظر لها مشيرا ناحية الغطاء المتشبثة بأناملها به بقوة فوق صدرها قائلا بسخرية وتهكم
: ملهوش لازم على فكرة خوفك ده انا مش غريب برضه ولا ايه.

ارتخت اناملها من حول الغطاء يشعرها حديثه بغباء فعلتها فهى محتشمة الملبس ولا داعى لاخفاء نفسها عن عينيه تعلم جيدا انها حتى ولو كانت عارية تمام امامه فهو لن يقوم ابدا باختلاس النظرات اليها لذا انزلت رأسها بخجل وهى تتخلى تماما عن الغطاء ثم ترفع وجهها مجددا بأرتباك حين قال بصوت جاد
: اهلى تحت من بدرى مع والدتك ومرات عمك وانا كنت طالع اشوف لو تقدرى تنزلى تستقبليهم بس انا شايفة تخليكى مرتاحة احسن.

ليكمل وعينيه تمر فوق ملامحها المرهقة التعبة بأهتمام للحظة قائلا بعدها بجدية وصرامة لا تقبل المناقشة
: شروق نزلت تجهزلك غدا فياريت تاكلى علشان تقدرى بعد كده تكملى ومتتعبيش وانتى بستقبلى الناس اللى جايه اتفقنا.

وجدت نفسها دون ان تشعر تهز راسها له بالايجاب عينيها معلقة بنظرة عينيه المهتمة يتبادلان النظرات هى بدهشة مما يبديه من اهتمام بها وبما يخصها.

اماهو فوقف ينظر لها بتفكير وقلق للحظات مرت كالدهر حتى قاطعهم صوت فتح الباب تدلف شروق من خلاله فورا دون ان تطرقه تظهر علامات القلق والارتباك فوق ملامحها تنهت بعنف فيما تمرر عينيها بينهم ليسألها جلال بهدوء
: فى ايه مالك ياشروق حالك عامل كده ليه؟

لم تجيبه شروق بل وقفت تنظر اليه بخوف وقلق تفرك كفيها بقلق لتسرع ليلة ناهضة من الفراش بأتجاهها تمسك بكفيها بين يديها تسألها بقلق وخوف قد انتقل اليها
: ماتقولى ياشروق مالك، ماما حصلها حاجة ماما.

هزت شروق رأسها بالنفى تبتلع لعابها بصعوبة قائلة بعدها وهى تنظر الى جلال بقلق ثم الى ليله قائلا بخفوت وتلعثم
: ابن عمك، راغب وصل تحت، ومصمم، يطلع، هنا ويشوفك.

هدر صوت جلال كالرعد ترتج الغرفة من شدته قائلا
: من ده اللى يطلع لمين وفين؟طب يعملها كده وانا اكسره قبل ما يخطى خطوة هنا.

مد يده يزيح شروق عن طريقه خارجا من الباب كالعاصفة الهوجاء تتراقص شياطين غضبه من حوله
لتلطم شروق وجنتيها بكفها تلتفت الى ليله الواقفة مكانها بجمود مرتعبة تحدثها قائلة بذعر
: انا ايه اللى هببته ده شكل جوزك مابتفهمش الحقيه يا ليله بسرعة قبل ما يصورلينا قتيل هنا.

افاقت ليلة من جمودها تلقى نظرة مرتعبة ناحية شقيقتها تسرع ناحية الفراش تختطف حجابها الموضوع على طرفه ثم تهرول وراء جلال تحاول انقاذ ما يمكن انقاذ.

خرجت من باب غرفتها تحاول اللحاق به هاتفة بأسمه برجاء لتجده ولذهولها واقفا مكانه بالفعل على بعد خطوة من غرفتها فهمت بالتنفس براحة ظنا انه قد استجاب لندائها تتبخر راحتها فور ان علمت سبب توقفه لامحة بعينيها راغب ابن عمها يقف فى مواجهته بهيئته التى لم تتغير فمازال كما هو رغم مرور عدة سنوات على اخر مرة رأته بجسده متوسط القامة وشعره البنى حتى عينيه التى طالما اخافتها بنظراتها لها وما تحمله من شهوة تثير بداخلها نفورها منه لم تتغير ايضا مازالت تبعث الرجفة بداخلها كما تراها الان حين ادار عينيه اليها يمرر نظراته الوقحة فوقها بتركيز وقح.

تجعد وجهها نفورا حين ناداها راغب باسمها بصوته الخشن المتحشرج بلهفة واشتياق اثار النفور بداخلها لكن يأتى صوت جلال هادرا ليعيد اهتمامها له حين هتف بصوت شرس
: ايه اللى مطلعك هنا عند الحريم يابن المغربى.

ارتفعت شفتى راغب بسخرية يجيبه بتهكم
: الحريم اللى بتتكلم عنهم دول كانوا يخصونى قبل ما يخصوك يابن الصاوى.

لا تعلم ليله كيف حدث ما تراه الان ففى ثانية واحدة كان جلال امام راغب يمسك بتلاليب قميصه يلصقه بالحائط ثم يقبض فوق عنقه كالطود حوله
جسده كله متحفزا تشتد عضلات ظهره حتى كادت ان تمزق بذلته من حول جسده يفح من بين انفاسه بشراسة
: لم لسانك بدل ما اقطعولك واعرف انت بتتكلم ازاى
بدل ما ادفنك مكانك ولا ليك عندى دية.

راغب بصوت مختنق لكنه حاول بث الثبات فى نبراته قائلا باستفزاز وسخرية
: مالك اخدت الكلام على قلبك كده ليه، انا اقصد انها بنت عمى قبل ماتكون مراتك، ولا انت دماغك راحت بيك لفين.

احتقن وجه جلال بالغضب يحكم قبضته اكثر واكثر فوق عنق راغب فأخذ وجهه بالاختناق تجحظ عينيه وهو يحاول المقاومة وابعاد يدى جلال القابضة فوق عنقه فلا يجد لديه القدرة على ذلك
لتسرع ليله والتى كانت تقف مكانها بتجمد تتابع الموقف برهبة حتى تلك اتت تلك اللحظة حين وجدت وجه راغب يكسوه اللون الازرق فتسرع ناحيتهم تجذب يدى جلال من حول عنقه هاتفة بذعر وحدة.

: ابعد عنه، ابعد انت اتجننت هتموته، ابعد بقولك عنه والا هصوت والله وهلم عليك البيت.

فور نطقها لكلماتها الاخيرة التفت اليها جلال ينظر اليها بذهول وعدم تصديق كما لوكانت كلماتها سقطت كدلو ماء بارد فوقه لكنها لم تهتز تكمل بثقة وتحدى
: ايوه زى ما سمعت، مانا مش هسيبك تضربه فى بيته ووسط اهله وهقف اتفرج عليك.

تركت يدى جلال راغب ببطء وهو مازال ينظر ناحية ليله بجمود متجاهلا راغب والذى اخذ يشهق بقوة محاولا التنفس بصعوبة وقد اصبح وجهه خاليا من اى مشاعر بعد انتهائها حديثها المتحدى له يجعلها تتملل فى وقفتها بقلق وهى ترى عينيه الشيئ الوحيد الناطق بالمشاعر فى وجهه وقد اصبحت تعصف ببراكين ثورة غضبه شاهقة بهلع حين جذبها من معصمها على حين غفلة يجر خلفه كالذبيحة التى تجر لقضاها فاخذت تصرخ تحاول جذب يدها منه لكنه زاد من احكام قبضته يسير بخطوات واسعة هابطا الدرج وهى خلفه تتخبط فى خطواتها تحاول مجاراته دون ان تسقط.

بينما وقف راغب يتابع مايحدث دون ان يحاول التدخل تتابعه عينى شروق بكره وقد سارت بأتجاهه قائلة بحنق وغضب
: راجع عاوز منها ايه تانى يا راغب، ابعد عنها بشرك بقى كفاية اللى حصلها بسببك.

تجاهل راغب حديثها له تماما ترتفع ابتسامة سرور خبيثة فوق شفتيه ينظر باتجاه الدرج محدثا نفسه بخبث ان لكل شيئ بداية وهو يكفيه دافع ليله عنه امام زوجها الليلة كبداية لما يخطط له.

: اوعى سبينى خلينى اقوم من هنا بلا قلة قيمة.

نطقت قدرية بحديثها الحاد هذا بصوت خافت حانق وهو تحاول جذب ذراعها من يد ابنتها حبيبة المتشبثة بقوة بها تحاول احتواء غضب والدتها قائلة برجاء وصوت خافت
: علشان خاطرى ياماما هى ساعة اللى هنقعدها انتى عارفة جلال مش هيعديها لينا لو عملنا مشكلة هنا.

التفتت لها قدرية بحدة عينيها تشتعل بالغضب والغل قائلا بغيظ
: بت انتى كمان متعصبنش بكلامك، مانت شايفة قلة القيمة اللى احنا فيها من ساعة ما قاعدنا مشفناش حد غير امها اللى سابتنى وخرجت ومن ساعتها مشفناش وشها والمحروسة مرات اخوك ولا جات ولا عبرت.

اخذت تفرك كفيها معا بغيظ تجز فوق اسنانها قائلة
: بتعمل علينا صاحبة بيت البايرة الا لولا ابنى مكنش هيبقى ليها قيمة وسط الحريم.

همت حبيبة بالحديث محاولة تهدئة غضب والدتها حتى استمعت لصوت زوجة عمها زاهية تقول بخبث
: والله ليكى حق يام جلال انا مش عارفة انت اصلا وافقتى تيجى هنا ازاى.

نظرت حبيبة بحنق هامسة
: اللى جابها هو اللى جابك يامرات عمى ولا كنت عاوزة جلال يسود عشتنا كلنا.

توترت زاهية تعتدل فى جلستها بأرتباك قائلة
: انا مقصدش حاجة يا حبيبتى بس بقول مدام عملنا الواجب نقوم بقى واكيد جلال مش هيضايق ولا هيقول حاجة.

نهضت قدرية من مكانها تعدل من وضع حجابها تهتف بحزم
: قومى منك ليها يلا بينا من هنا ولو جلال اتكلم انا اللى هرد عليه وهعرفه اللى عملته المعدولة مراته.

عقب حديثها نهضت من مكانها تتجه ناحية الباب مغادرة بخطوات سريعة غاضبة تتبعها حبيبة وزاهية التى ارتسمت فوق شفتيها ابتسامة خبيثة سعيدة.

وما ان خرجوا من الغرفة باتجاه باب المنزل الخارجى ليتوقفوا بغته مكانهم حين وصلت الى مسامعهم جلبة شديدة تأتى من اعلى الدرج يتضح بها صوت جلال وصوت ذكورى اخر فى حديث شاحن عنيف وما هى لحظات حتى ظهر جلال بوجه محتقن عاصف بالغضب يجر ليله خلفه بعنف من يدها فيسقط حجابها عن راسها من شدة تعثرها فى خطواتها خلفه تحاول جذب يدها منه تصرخ به ان يدعها لكنه تجاهلها تماما يستمر فى جرها حتى وقف بها امامهم يتنفس بشدة وعينيه مشتعلة بوحشية تتطاير شراراتها حول المكان قائلا بصوت حازم موجها حديثه للجمع الجاحظ العينين بذهول.

: يلا اسبقونى على العربية حالا وانا جاى وراكم.

حاولت قدرية الحديث تحاول الاستفهام منه عما حدث لكنه قاطع حديثها بغضب
: مش وقته يا امى اسبقونى على العربية زاى ما قلت.

اسرعت قدرية تهز راسها بالموافقة تجذب حبيبة وزاهية من يدهم تغادر فورا لتحاول ليله فور مغادرتهم جذب يدها منه قائلا بحنق
: سيب ايدى باجلال انا مش ماشية من هنا الا بعد...

التفت اليها لتصمت فورا تحاول ابتلاع لعابها بصعوبة حين رأت وجهه الشرس تتسع فتحة انفه ضاغطا فوق اسنانه رافعا سبابته امام وجهها يهمس من بين انفاسه الحانقة
: اسكتى خالص صوتك ميطلعش وحسابى معاكى بعدين فى بيتنا، يابنت الاصول.

نطق كلمة الاخيرة بتأنيب يجذبها مرة اخرى متحركا بها ناحية الباب وبعد خطوات توقف بغته يلتفت اليها مرة اخرى يمد يده ناحيتها لتجفل مبتعدة عنه لكنه لم يعيرها اهتمام بل اسرع بجذب حجابها بعيدا عن راسها تشهق بحدة حين ادارها للخلف يجمع خصلات شعرها يلويها بيده و يثبتها ككعكة حول راسها بحركات سريعة غاضبة ثم يلفها مرة اخرى اليه يضع حجابها باحكام حول راسها بينما وقفت امامه ترتجف بوهن تطاوع يده فى حركاتها دون اعتراض تخفض عينيها ارضا بخجل كطفلة صغيرة مذنبة.

فور انتهائه جذبها ورائه مرة اخرى مغادرا بخطوات سريعة غاضبة تسير هى خلفه دون مقاومة او اعتراض ضاغطة على شفتيها بتوتر وخشية يرتجف قلبها رهبة مما هو أت.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
جذبها من يدها خلفه الى داخل المنزل بخطوات سريعة حادة غاضبة يتجاهل نداء والدته له وهى تحاول اللحاق به قائلة بلهاث وحدة
: جلال، طيب بس عرفنا هى هببت ايه وش النحس دى.

اسرعت حبيبة لها تحاول اسكاتها لكنها صرخت بها تهتف بغضب
: بتسكتينى ليه ماهى اكيد هببت حاجة وانا لازم اعرف عملت ايه.

لم يعيرهم جلال انتباها يكمل طريقه ناحية الدرج و صاعدا درجاته بخطوات سريعة غاضبة يجذب ليله معه بشدة جعلتها تتعثر فى خطواتها لتأتى محاولة ايقافه تلك المرة من حبيبة تناديه برجاء.

فلتفت اليها جلال زافرا بقوة تاركا يد ليله الواقفة باستسلام تتابع مايحدث بلا مبالاة وبرود يضع انامله بين خصلات شعره بقوة قبل ان يقول ضاغطا فوق اسنانه بعصبية حاول السيطرة عليها
: حبيبة معلش اطلعوا اوضكم دلوقت و الصبح نتكلم.

ثم مد يده قابضا فوق معصم ليله يكمل طريقه مرة اخرى تاركا عيون الجميع تتابع مايحدث باهتمام وفضول كانت اول من عبرت عنه زاهية هامسة بفضول يكاد يقتلها
: ياترى ايه اللى حصل هناك ومين اللى جلال كان ماسك فى خناقه فوق فى بيت المغاربة.

شهقت بذهول تلتفت ناحية قدرية التى كانت تتابع صعود جلال وليله بعيون حادة كالصقر قائلة بصدمة
: يكون طلع لاقى حد من ولاد عمها معاها فوق، ولا يكون لاقى معها...

هتفت بها حبيبة بحدة توقفها عن الكلام قائلة
: مرات عمى شوفى انتى بتتكلمى ازاى وعن مين. جلال لو سمع كلامك ده هتبقى...

شحب وجه زاهية بشدة تقاطعها بلهفة وارتبارك
: انا مقصدش، حاجة ياحبيبتى انا بفكر، معاكم بصوت عالى وبس.

همت حبيبة بالرد عليها بحدة لكن اتى صوت قدرية القاطع قائلة بحدة ووجه متجهم
: مرات عمك عندها حق وانا لازم اعرف ايه اللى حصل يخلى اخوكى بالشكل ده ومين اللى كان بتخانق معاه.

ابتسمت زاهية بانتصار تنظر الى حبيبة بتشفى لتزفر بقوة تلتفت الى والدتها تهتف بها برجاء
: ماما اسمعى كلام جلال وخلينا بره الموضوع ده وهو حر مع مراته.

لم تعيرها قدرية ادنى اهتمام تضيق مابين حاجبيها تدور داخل عقلها دوامة من الافكار تقسم انها لن ترتاح حتى تصل لما تريح به بالها.

دفعها بقسوة داخل غرفتهم حتى كادت ان تسقط ارضا لكنها استطاعت التوازن سريعا تلتفت ناحيته فتراه وقد وقف مواجها لها مشتعل العينين وجهه مكفهر بشدة تسمعه يصرخ بغضب وقسوة لكن لم يهزوا قناع البرودة الظاهر فوق ملامحها قائلا
: عاوز اعرف اخرة تصرفاتك دى ايه؟ عاوزة توصلى لايه؟ تزهقينى مثلا علشان اطلقك!متوقعة منى اعمل معاكى ايه بعد اللى عملتيه فى بيت اهلك ده، انطقى وردى عليا.

صرخ بجملته الاخيرة بثورة عارمة جعلتها تنتفض فى مكانها لكنها لم تجيبه تحيد بعينيها بعيدا عنه هربا من عينيه وغضبه المستعير بداخلهم ليكمل هو دافعا بكفه بين شعره يجذبه بقوة وهو يدور فى ارجاء الغرفة بذهول ساخط
: بقى بدافعى عنه ادامى وخايفة عليه منى، بتهددينى انا علشانه!، بتستقوى بأهلك وفكرانى هخاف منهم.

التفت اليها بحدة ضاغطا فى اسنانه بحنق قائلا
: لولا اننا كنا فى عزا راجل انا كنت بحترمه وبقدره انا كنت دفعتك انتى وهو تمن اللى حصل ده غالى اووى وفى قلب داركم وسط اهلك اللى بتستقوى بيهم عليا.

: اعمل اللى انت عاوزه انا مبقاش يهمنى حاجة تحصل فى الجوازة الشؤم دى.

دوت كلماتها باقتضاب تهز ارجاء المكان وهى تقف مكانها بثبات ووجه خالى من التعبير لتتسع عينيه بذهول هامسا بصدمة
: بتقولى ايه؟بتسمى جوازك مني شؤم!

توحشت ملامح وجهها تضغط فوق اسنانها بشراسة قائلة ببطء وهى تؤكد على كل حرف يخرج من شفتيها عينيها تتوحش فوقه
: ايوه جوازنا شؤم كفاية بسببها جدى مات وهو فاكر انى زعلانة منه، كفاية انى بسببها مكلمتش جدى من يوم ما دخلت انت دارنا وطلبت ايدى علشان طمعك فى ارضنا.

تحشرج صوتها بدموعها التى لم تعد تستطيع حبسها فى عيونها الحمراء نتيجه كبتها لتلك الدموع طويلا فنزلت فوق وجنتها تشيعا لعزيز فقدته قد كان لها السند والحماية طوال حياتها قائلة بألم ينطق به كل حرف من حروف كلماتها
: واللى بسببها حسيته باعنى بالرخيص لما رمانى ليكم علشان تفكرونى فى كل لحظة انى مش العروسة اللى كان يستحقها جلال بيه العظيم.

وزود على ده اللى شلته جوا قلبى منه لحد ما مات من غير حتى ما اشوفه لو لمرة.

نظرت اليه بكره تنطق به ملامحها قبل لسانها صارخة بشراسة باكية
: انا بكرهك، بكره بيتك، وبكره اهلك، بكرة اليوم اللى دخلت فيه بيتك عروسة ليك، بكره حتى الارض اللى بسببها جمعتنا سوا واللى برضه بقولك ان نجوم السما اقربلك منها حتى ولو بعد موتى.

كان واقفا طوال حديثها مكانه بجمود ضما قبضتيه بجواره عينيه متجمدة تبعث لها بنظرات لو كانت تقتل لسقطت مكانها جثة هامدة تراه يتقدم منها بخطوات ثابتة حتى توقف امامها لتشهق بهلع حين قبض باصابعه فوق فكها يجذب وجهها اليه رافعا عينيها اليه فتتقابل بعينيه والتى اخذ الشرر يتطاير منها بغل وغضب بعث بالرعب فى اوصالها يفح بأنفاسه فترتطم بوجهها تلهبه قائلا بخفوت وصوت بارد هادئ النبرات لا يظهر ما يعتريه من غضبه وثورة ان اطلق لهم العنان لاحرق الاخضر واليابس وستكون هى اول من ستحرقها تلك النيران.

: يبقى تستحملى كرهك ده وخليه ياكل فى قلبك لحد مايخلص عليكى، واعرفى ان مفيش خلاص منى الا بمزاجى انا وبس.

فح من بين اسنانه بغل يكمل ضاغطا على كل حرف يخرج من بينهم
: زى ماكان الجواز بمزاج اهلك وترتيبهم. خلاصك وطلاقك منى هيبقى بمزاجى انا ووقت ما احب واعوز.

دفعها بعنف بعيدا عنه لتترنح للخلف بتعثر ينهى حديثه معها ملتفتا ناحية الباب يغادرا بخطوات سريعة عاصفة يغلقه خلفه بعنف ارتجت له ارجاء المنزل فتسقط فوق ركبتيها ارضا بهمود كما لو كانت لعبة وانتهت بطارية طاقتها تنظر الى الباب المغلق بعينين يغشيها الوجع والالالم للحظات قبل ان تنفجر ببكاء مرير وشهقات يتقطع لها نياط القلب.

ابنك راجع عاوز ايه من اختى ياعمى؟
صرخت شروق بكلماتها موجها حديثها الى عمها الجالس داخل الجناح المخصص له ولعائلته بعيدا عن مسامع والدتها والتى خلدت للنوم بعد ذهاب المعزين تلتفت ناحية راغب الجالس براحة فوق مقعده مبتسما بسخرية وخبث تشير باصباعها ناحيته تكمل بحدة وعصبية موجهه الحديث الى عمها
: ايه ما كفكش كل اللى عملته فيها راجع ابنك هو كمان علشان يكمل عليها.

فز علوان من مقعده صارخا بعضب وحدة
: كلام ايه اللى بتقوليه ده، كنا عملنا ايه قبل سابق علشان نعمل دلوقت.

رفع سبابته امام وجهها محذرا بنفاذ صبر قائلا
: بت انتى اعقلى كلامك ولمى لسانك والا يمين بالله اقطعهولك وانت عارفة انى اقد...

جاءت مقاطعته من ولده سعد حين هب واقفا هو الاخر قائلا بتوتر وعبوس
: يابويا احنا هنا قاعدين علشان نحل ملهاش لازمة العصبية دى.

التفت اليه علوان يهتف بغيظ
: مانت شايف كلامها عامل ازاى وبعدين الدار دى زاى ما هى دارها هى واختها دارك ودار اخوك كمان يدخل ويخرج براحته ومحدش هنا ليه عندنا حاجة.

اتسعت عينى شروق بذهول وصدمة وهو تشير ناحية راغب صارخة
: ده ردك على اللى عمله ابنك، ابنك كان عاوز يدخل الاوضة على اختى وجوزها كان موجود وتقولى براحته ده بيته.

اخفض علوان وجهه ارضا بارتباك يجلس مكانه مرة اخرى لا ينبث بحرف واحد فاسرعت زوجة عمها تحاول تلطيف الامر قائلة بخفوت وارتباك
: اكيد مكنش يقصد حاجة وحشة وكان طالع يسلم عليها ماهى اخته برضه وكان عاوز يطمن عل...

اتت المقاطعة تلك المرة من راغب نفسه بصوت صارم شرس قاسى قائلا
: لاا مكنتش طالعلها علشان اختى ولا علشان اطمن عليها، عمر ليله ماكنت اخت ليا ولا هتكون ابدا وادام الكل بقولها اهو ليله ليا بتاعتى ملكى انا، بعد يوم بعد سنة بعد حتى عشرة هتكون ليا ومعايا
وقف يدير عينيه بين الجمع المذهول من وقع كلماته عينيه تنطق بكل نواياه يكمل بتأكيد وحزم.

: اللى كان واقف بينى وبينها راح خلاص ومعنديش استعداد لاى حد يقف بينا من تانى حتى ولو جوازة بالغصب زاى ما عرفت.

فور انتهاء حديثه سادت حالة الهرج والمرج ارجاء المكان تتعالى الصراخات من الجميع حين هب سعد على اخيه محاولا الفكاك به يقف بينهم علوان محاولا فض الاشتباك وشروق تحاول هى الاخرى جذب سعد بعيدا الذى اخذ بالصراخ بغضب هستيرى
: وفاكرنا هنسكتلك ولا هنقف نتفرج عليك دانا ادفنك هنا قبل ما تفكر فى يوم تعمل حاجة من جنانك ده.

راغب بوجه مقتضب تشتعل عينيه بالغضب يصرخ به هو الاخر بجنون تأنيب
: والله عال ياسعد بيه وخلاص طلعلك صوت وبقيت بتعرف تهدد. كان فين صوتك يابيه لما جدك صدر فرمانه وبعدنى عنكم وعنها، كنت فين وهى بتتجوز واحد اشترتوه ليها ورخصتوها علشان تبعدوها عنى.

اسرع يكمل حين هم سعد بالرد عليه بسخرية وحشية
: انا اقولك كنت فين، كنت مشغول بحب السنيورة شروق خايف تتكلم لتتحرم انت كمان من الجنة ونعمها.

ابعد سعد نفسه عن ايدى الجميع وجه مكفهر بشدة يهمس بخفوت واسف
: لا يابن ابويا مسكتش علشان كده، سكت علشان كنت عارف بلويك ومصايبك اللى وصلت لحد ان يتقبض عليك فى شقة من اياهم وانت معاك مخدرات وبلاوى كانت كافية انك تقضى عمرك كله فى السجن.

: ولولا جدك اللى اتحمل يتقال عليه القاسى ظالم ولا انه يفضحك وسطنا كان زمانك مرمى فى السجن من وقتها وجاى دلوقت تحاسبنا وعاوز تفضحنا.

تراجع راغب بظهره الى الخلف يسقط فوق ظهره مقعده بانهزام تحت انظار والدته وشروق المذهولين من وقع تلك الصدمة عليهم هامسا بخجل
: وليله عارفة هى كمان بلى حصل وليه جدك بعدنا عن بعض.

سعد بأسف يدير عينيه بين والده الواقف بانكسار والدته هى وشروق المصدومين يرتسم الرعب بعينهم
: محدش كان يعرف غير ابوك وجدك اللى عرفنى الحقيقة فى اخر ايامه زاى اللى كان قلبه حاسس بان عمرك ما هتتعدل ابدا.

خفض راغب وجهه ارضا للحظات صامتة قبل ان يرفعه مجددا وقد تشيطنت ملامحه يجز فوق اسنانه بشراسة ساخرة قائلا
: اديك قلتها كان قلبه حاسس وانا بقى مش ناوى اخيب ابدا ظنه فيا ابدا وليله ليه برضاكم ولا غصب عنكم ليا ولو هتضيع فيها رقاب
وقف الجميع بصدمة وذهول وهو يرون تغير حاله بتلك الطريقة كما لو تلبسه الشيطان يدركون ان لا جدوى من اى حديث بينهم مجداا.

هبت جالسة بأعتدال تسرع فى مسح عبراتها المتساقطة فوق وجنتيها سريعا وهى تراه يدلف الى الغرفة بخطوات مرهقة بطيئة تتابعه بعينيها وهو يتجه ناحية خزانته يفتحها يخرج منها ملابسه ثم يلتفت مرة اخرى متجها ناحية الحمام دون ان يعيرها ادنى اهتمام فتهمس باسمه بتوتر تناديه
توقفت خطواته لكنه لم يلتفت اليها او يجيبها بشيئ لتنهض واقفة بسرعة قائلة بصوت متحشرج ضعيف.

: عاوزة ارجع دارنا بكرة الصبح علشان اقضى يومين العزا مع اهلى.

تجمد جسده تماما يقف كتمثال نحت من حجر لعدة لحظات كانت هى خلالهم تلوك شفتيها بتوتر وخوف فى انتظار عاصفة غضبه والتى تعلم انها اتيه لاي محال ردا على طلبها لكن جاءت اجابته جاعلة عينيها
تتسع بذهول وصدمة حين قال بصوت بارد غير مبالى كأنه الجليد يبعث البرودة فى اعماقها
: اعملى اللى تعمليه، روحى زاى ماانتى عاوزة.

ثم تحرك ناحية الحمام بخطوات سريعة يغلق بابه خلفه بقوة جعلتها تجفل بخوف بشدة مكانها تنظر فى اثره بعيون مذهولة من كلماته اللامبالية موافقته السريعة على طلبها تشعر رغما عنها بالضيق والغصة تملأها من اجابته هذه لتنهر نفسها بغضب وعنف هامسة بصوت تخنقه العبرات
: طب وانتى ايه اللى مزعلك دلوقت مش ده الى كنت عاوزة توصلى ليه يبقى ايه اللى مضايقك دلوقت.

بعد لحظات خرج جلال من الحمام يجفف شعره بالمنشفة عينه يختلس النظرات خفية ناحية الفراش بحثا عنها لتتجمد حركة يده حين لاحظ اختفائها فرفع وجهه بلهفة تجول عينيه فى ارجاء الغرفة بحثا عنها يلاحظ اختفائها من الغرفة تماما ليلقى بالمنشفة ارضا يسرع فى ناحية الباب ولكن ما ان خطى خطوة واحدة باتجاهه حتى وجدها تدلف من خلاله وهى تحمل دورق المياه بين يدها ليسألها بصوت حاد متوتر.

: كنتى فين؟ وازاى تخرجى من الاوضة بالشكل ده.

اتبع حديثه يشير الى شعرها الظاهر من خلف حجابها بغضب لكنها لم تعيره اهتماما تكمل طريقها ناحية الفراش تضع مابيدها فوق الطاولة الصغيرة المجاورة له ليهدر بصوت عالى غاضب يسألها
: انا مش بكلمك؟

التفتت اليه ببطء قائلة ببرود مستفز
: كنت بجيب مايه وبعدين ماله شكلى مش فاهمة.

زمجر بقوة وقد انتهت قدرته على تحمل استفزازها البارد اكثر من ذلك يتجه نحوها بخطوات سريعة غاضبة تتابعه بعيون متسعة رعبا حين راته قادما باتجاهها فحاولت التحرك من مكانها هربا قبل قدومه اليها لكنه استطاع سد طريقها بجسده الضخم واقفا امامها يجذب خصلات شعرها الظاهر من حجابها واضعا اياها امام عينيها وهو يهتف بغضب وحنق
: مش عارفة ماله شكلك!وشعرك بمنظره ده حاله ايه؟

تلعثمت وهى تحاول التحدث بصوت حاولت اظهار الجدية والهدوء به
: ماله؟ هو اللى بيطلع بره الطرحة وبعدين انت مالك انت مش لسه بتقولى اعمل اللى اعمله.

زمجر مرة اخرى بغضب امام وجهها جازا فوق اسنانه فانكشمت فوق نفسها بخوف سرعان ما اصبح هلعا حين لف ذراعه حول خصرها يجذبها اليه لترتطم بقوة بجسده ترتجف وهى ترفع عينيها الهلعة تطالع عينيه فترتفع بسمة شرسة فوق شفتيه يسألها ساخرا
: ايه رجعتى تانى لفار المصيدة ليه متخليكى شجاعة للاخر
اعقب حديثه يزيد من ضمها فاخذت تحاول التملص بذعر من حصار جسده الحاضن لجسدها المرتجف قائلة.

انا مش خايفة. مش ليله بنت المغارب...

قطعت حديثها حين انخفض فجأة نحو وجهها مقتربا منها بشدة ترتطم انفاسه الساخنة الحادة بصفحة وجهها البارد هامسا بحدة
: عارفة لو سمعتك بتقولى بنت المغاربة دى تانى ادامى هعمل فيكى ايه، ولا انا هستنى ليه لما تكرريها تانى انا هعرفك دلوقت هعمل ايه.

هبط بشفتيه فوق شفتيها يقبلها ولا شيئ فى عقله سوى تأديب تلك الشفاة قاسية الكلمات على كل ما تفوهت به طوال اليوم لكن حدث مالم يكن فى حسبانه حين انفجرت فورا خلف جفونه المغلقة العاب نارية متوهجة بقوة فور ملامسة شفتيه القاسية رقة ونعومة شفتيها لتتحول طبيعة قبلاته لها فورا عما كان ينتويه تماما وهو يقبلها بلهفة وشغف اصبح المسيطر على جميع حواسه لا يشعر بشيئ من حوله سوى انه قد اقتطف قطعة من الجنة واصبحت بين يديه والتى لم تكون سوى هى بكل تفاصيلها التى اصبحت كالهاجس. له تصيبه بالجنون.

تسلل ذراعه حول خصرها ليجذبها اليه اكثر حتى اصبحت كضلع ثانى له تزيد من لهفته وشغفه حين دست اناملها الرقيقة داخل خصلات شعره من الخلف تجذبه اليها تتأوه داخل شفتيه مستجيبة بنعومة فغاب العالم من حولهم لا يقاطعهم شيئ داخل شرنقة شغفهم لوقت لا يعلم مدته.

لكن ات ضوء من الادراك ليضربها بقوة كانذار عنيف يهز خلايا عقلها ليجعلها تدرك ما تفعل و استسلامها المخزى له فترفع كفيها تدفعه بضعف ازداد قوة واصرار حين وجدته مغيبا تماما بقبلتهم تهمم برفض تبتعد هى عنه بشدة اجفلته لكن سرعان ما استطاع السيطرة على نفسه يفك حصار ذراعه من حولها مبتعدا للخلف بأرتباك قائلا بصوت متحشرج حاول اظهار ثابته وسيطرته عليه.

: من هنا ورايح كلمة ليله المغربى دى مسمعهاش انت ليله مرات جلال الصاوى وبس حاجة تانية غير كده محبش اسمعها مفهوم.

التمعت عينيها بالتحدى تشب فوق اطراف اصابع قدميها تحاول الوصول لمستوى راسه تهمس بتحدى امام وجهه
: مش هيحصل انا ليله المغربى وهفضل ليله المغربى رضيت ولا مرضتيش دى حاجة متقدرش تغيرها.

انهت حديثها تسرع بالتحرك من امامه لكن تأتى قبضبته القوية تمسك بذراعها تعيدها اليه بعنف يهتف بها بتحذير غاضب
: بلاش شغل العيال ده معايا ومتجبيش اخر صبرى عليكى واوعى تفكرى انى نسيت اللى عملتيه ولا اللى قلتيه.

همت بالرد عليه لكن تأتى مقاطعته بنفضه لذراعها بعنف يشير لها برأسه بعدم اهتمام ولا مبالاة
: روحى نامى ولا روحى شوفى انتى كنتى هتعملى ايه.

تركها مكانها متجها ناحية الاريكة يرمى بجسده فوقها بعنف بينما وقفت هى بتجمد تشعر بالهزيمة و والتى اصبحت من نصيبها فى كل مواجهة تحدث بينها وبينه دائما.

فى تلك الاثناء كانت حبيبة تنزل الدرج بهدوء وحذر تتلتفت خلفها بقلق خشية ان يشعر احد بخروجها فى تلك الساعة المتأخر من غرفتها ولكن ما بيدها حيلة فلقد تجاوزت الساعة منتصف الليل بثلاث ساعات والى الان لم يأتى زوجها فواز من الخارج وهاتفه مغلق لا تستطيع الوصول اليه من خلاله لذا قررت النزول وانتظاره فى بهو المنزل فهى لم تحتمل الجلوس داخل غرفتها يتأكلها القلق عليه.

جلست فوق الاريكة تفرك كفيها معا بتوتر وخوف لمدة نص ساعة اخرى فى انتظاره وعندما لم يجد جديد نهضت سريعا حازمة امرها فورا فستصعد الى اخيها تبلغه بغياب فواز وهو سيجد الحل والتصرف.

تبوبخ نفسها لتأجيلها اللجوء الى اخيها كل هذا الوقت لكن لم يكن بيدها حيلة فعلاقة جلال وفواز متوترة بشدة منذ زواج جلال بغير سلمى وهى لم تريد اضافة المزيد من التوتر بينهم لكنها لم تعد تستطيع الصبر يتأكلها خوفها وقلقها فتحركت ناحية الدرج تصعد حتى منتصفه ولكن اوقفها صوت فتح الباب الخارجى للمنزل لتجد فواز يدلف الى الداخل بخطوات مترنحة وضعيفة وقد تمزقت ثيابه عليه
لتسرع فى النزول تهرع فى اتجاهه صارخة برعب.

: فواز مالك؟ مين اللى عمل فيك كده.

حاولت امساكه تسنده اليها لكنه دفعها عنه بغضب حتى كادت ان تسقط ارضا يهتف بها بحنق وبصوت شرس عالى
: اسالى البيه اخوكى، اللى حصلى ده بسببه وبسبب بلاويه.

تركها تقف مكانها مصدومة يتحرك الى منتصف البهو يصرخ بصوت غاضب تشتعل عينيه بجنون
: جلال بيه اللى عامل فيها كبير العيلة، اللى مابيهموش غير مصلحته وبس.

اخذ يصرخ بشدة وقد حاولت حبيبة ايقافه عما يفعله لكنه اخذ يصيح متجاهلا محاولاتها يكمل
: انزل يا جلال بيه انزل واشوف اخرة جوزاتك السودا دى ايه علينا كلنا، اااانزل وتعال شوف اخرة عمايلك.

كان صوته العالى قد وصل ال جميع ساكنى المنزل بكل اارجاءه حتى جلال والذى كان فى تلك الاثناء يستلقى شارد الذهن يطالع السقف فى وجوم وعيون لا ترى شيئ غارقا داخل افكاره السوداء بطلتها تلك المستلقية فوق الفراش بجمود حتى وصل اليه صوت فواز ابن عمه الصاخب لينهض سريعا جالسا على الاريكة بتوتر يرهف السمع يراها تنهض هى الاخرى من الفراش تسأله بخوف وقلق
: جلال فى ايه؟صوت مين ده.

وجد نفسه دون ان يستطع ايقافها يلتفت اليها يهدئ من روعها وقد ازعجته بنبرة الخوف بصوتها قائلا بصوت حاول اظهاره لا مبالى
: متقلقيش مفيش حاجة.

ثم اسرع بالنهوض يرتدى خفه فى قدمه سريعا متجها ناحية الباب لكنه توقف بغته حين وجدها تحاول اللحاق به تجول عينيه فوقها فيراها بقميصها البيتى المجسم فوق جسدها مفصلا ادق تفاصيله و شعرها بخصلاته الهوجاء تلتف حول وجهها فيهتف بها باستنكار وتعنيف
: رايحة فين بمنظرك ده؟ اقعدى مكانك ومتخرجيش من الاوضة مهما حصل.

حاولت التحدث لكنه لم يمهلها الفرصة يغادرا فورا صافعا الباب خلفه بقوة بعد ان تعالى الصوت مرة اخرى مناديا باسمه فوقفت مكانها بحيرة للحظة ثم حسمت امرها فورا تسرع الى خزانتها تختطف من داخلها احدى العبائات المفتوحة وغطاء لشعرها ثم تهرع فى اتجاه الباب مغادرة الغرفة بفورا فى اتجاه الدرج تقف فى اعلاه بشكل متوارب فترى جميع افراد العائلة متجمعة فى اسفل ملتفين حول حول فواز يحاولون تهدئته اما جلال فقد وقف فى الجهة المقابلة عاقدا لذراعيه فوق صدره ينظر الى فواز ببرود بينما الاخير يصرخ بشراسة.

: كل ده بسببك وبسبب جوازة الشؤم بتاعتك.

تحفز جسد جلال فى وقفته لكنه حافظ على برودته ليستفز هذا فواز اكثر فيحاول الهجوم عليه تجاوز ايدى الجميع الممسكة به التى تحاول السيطرة عليه لكنه لم يستطع الفكاك منهم ينهره والده بصوت حانق
: اخرس بقى وبطل عمايلك السودا دى وفهمنا ايه حصل.

التفت اليه فواز بذهول يهتف بشراسة
: عمايلى انا اللى سودا ولا عمايل ابن اخوك اللى خلت سرتنا على كل لسان.

اقترب منه جلال هاجما عليه ليجذبه بعيدا عن الجميع ليقفا متقابلين تتقابل اعينهم فيهمد جسد فواز فورا يطالع عينى جلال برعب حين فح من بين اسنانه قائلا بحدة
: هتتكلم عدل زى الرجالة والا ورحمة ابويا اعرفك ايه هى العمايل السودا اللى بحق وحقيقى.

ابتلع فواز لعابه بصعوبة قائلا بصوت متردد خائف
: بسببك النهاردة جات سيرة اختى سلمى فى القعدة اللى كانت بينى وبين اصحابى.

توترت الاجواء فورا يتظر الجميع الى بعضهم بقلق ووجوم تهتف سلمى برعب
: سيرتى انا، ليه انا عملت ايه؟

لم يجيبها فواز تتعلق عينيه بعينى جلال والتى اصبحت كالجمر المشتعل يسود الصمت القاتل المكان حتى هتفت قدرية بهلع
: انطق يافواز اللى خلى سيرة اختك تيجى وسط اصحابك.

اخفض فواز عينيه ارضا بعيدا عن عينى جلال المتيقظة لاقل حركة منه قائلا بخفوت
: كانوا بيعيرونى انه رفضها واتجوز بنت المغربى مكانها وكلمة منى على كلمة منهم قلبت بخناقة.

لطمت زاهية وجهها صارخة بقوة فور انتهاء حديثه وتسرع سلمى تلقى بنفسها بين ذراعى حبيبة تبكى بهستريا اما قدرية وصبرى فقد وقفا كما الحجر يطالعون جلال فى انتظار ردة فعله والتى جاءت بتركه لملابس فواز ببطء متحركا بعيدا عنه يسأله بوجوم وصوت قلق
: ايه اللى اتقال بالظبط وايه اللى جاب السيرة من الاساس.

نظر فواز باتجاه زوجة عمه ثم والده قائلا بتوتر وارتباك
: مفيش الموضوع كله بدء بهزار لما واحد منهم ساألنى عنك وعن اخبار جوازتك و كلمة من هنا على كلمة من هنا جات سيرة سلمى وانك كان المفروض هتتجوزها هى.

رفع جلال راسه بحدة فى اتجاهه يهتف به بشك وحدة
: محدش يعرف حاجة عن الكلام ده انا نفسى عمرى ما اتكلمت فيه ولا طلبت سلمى ليا ابدا يبقى ازاى الكلام ده وصلهم.

توجهت جميع الانظار الى فواز والذى اخذ يجول بعينيه بين الجميع بقلق وتوتر ثم يسرع هاتفا بارتباك
: ما الكل عارف ان البنت دايما موعودة لابن عمها وزاى ما كنا فاكرين كده غيرنا كمان فكر فى ده.

تحرك جلال فى اتجاهه بلمح البصر يجذبه مرة اخرى من عنق قميصه يشده اليه بغضب وعنف تظهر علامات الشر فوق ملامحه حتى ظن الجميع انه فى طريق لقتل فواز لتتوتر الاجواء مرة اخرى حتى التى كانت تقف اعلى الدرج تتابع مايحدث دون ان تجروء على التدخل حتى تلك اللحظة حين تبدل حال جلال الى ذلك الغضب الشديد والرغبة فى القتل فواز تظهر جاليا فوق وجهه يهتف به بشراسة وعنف جعلت من وجه فواز يشحب بشدة.

: وطبعا انت قلتلهم على ظروف جوازتى كانت ليه وعلشان ايه.

تلجلج فواز بالحديث يحرك راسه بالنفى سريعا قائلا
: لا، لا محصلش صدقى مفيش اكتر من اللى قلته واتقلبت الليلة لخناقة ما بينا.

اسرعت قدرية ومعها حبيبة فى اتجاههم تحاولان فك حصار يدى جلال من حول عنق فواز القابض فوقه يهمسون بكلمات متوترة اليه فى محاولة لتهدئته حتى نزع يده اخيرا عنه ليسرع فواز بالوقوف خلف ابيه المكنس الرأس حزنا يتعالى صوت سلمى بعدها ببكاء وألم
: ده اللى كنت خايفة منه وعاملة حسابه خلاص بقيت سيرتى على كل لسان خلاص اتفضحت...

ثم انفجرت بالبكاء تلقى بنفسها بين احضان والدتها والتى شاركتها بالبكاء بصوت عالى حاد هى الاخرى
فى تلك اللحظة رفع جلال عينيه الى اعلى نحو تلك الواقفة خلف ذلك الجدار تتوارى خلفه بوجهها الشاحب المضطرب كما لو احس بوجودها الان فى تلك اللحظة تتقابل نظرات عينيه بعينيها لثانية كانت كفيلة لها حتى ترى حيرته وقلة حيلته بهم قبل ان يتعالى صوت قدرية القوى مبددا الصمت بثقته وحزمه قائلة بتأكيد.

: مفيش حاجة من الكلام ده هتحصل، والشرع محلل اربعة وجلال زاى ما اتجوز مرة يقدر يتجوز التانية.

القت قدرية بقنبلتها الموقوتة وسط الحضورلتسود الوجود الذهول وعدم التصديق لحديثها اما هى فقد رفعت انظارها الى اعلى بشماتة وانتصار ناحية ليلة والتى كانت فى تلك اللحظة زائغة العينين يزداد شحوبها حتى حاكى شحوب الموتى واثقة كل الثقة باجابة جلال على حديثه والدته الحازم تقف مكانها كمن حكم عليه بالموت وكان هو الساعى اليه نتيجة لافعاله.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
واحب اوضح حاجة للى مستعجل على احداث الرواية ومشاعر الابطال
انها لسه فى اول فصولها ومينفعش اجرى بالاحداث ولا بمشاعر الابطال ولازم تتطور الامور تاخد كل مرحلة حقها والا كده انا بستخف بعقول قرائى وانا مقبلش بده طبعا انا مقدرة حماسكم للرواية ورغبتكم فى الجرى بالاحداث بس هقولها تانى الرواية لسه فى اولها وانا زودت الفصل علشان خاطر عيونكم ويارب يكون عجبكم كده.

وكمان انا حبة اعتذر جدا على عدم تفاعلى معاكم الفترة دى بس سامحونى انا بمر بظروف والامور ملخبطة معايا الفترة دى وعارفة ان رصيدى عندكم يسمحلى ان اطلب منك السماح
ومرة تانية كل سنة وانتوا بخير وسعادة ورمضان كريم عليكم وعلى كل احبابكم
اسيبكم مع الفصل وياارب يعجبكم.

ساد الوجوم والصمت ارجاء المكان بعد ان القت قدرية بقنبلتها تتجه انظار الجميع ناحية جلال بجسده المشدود بتوتر ووجهه المظلم بشدة لكن كانت عينيه اكثر ما يرعب به حينما وقف يحدق فى والدته بقوة نظراته اليها مظلمة غير مقرؤة التعبير بينما قدرية فقد اعتلى وجهها تعبير من الخوف والتردد وهى تلوك شفتيها فى انتظار اجابته لتأتيها الاجابة بصوته القوى الاجش فتلتمع عينيها بالفرحة الطاغية حين قال.

: وانا موافق. لو ده هيقطع لسان اى كلب يفكر يجيب سيرة بنت عمى انا موافق.

ثم يلتفت الى عمه بوجه مشدود حاد التعبير يسأله
: ايه رايك ياعمى؟

لكن تأتى اجابت صبرى الصادمة حين عقد حاجبيه بقوة هاتفا بصوت حاد مصدوم
: كلام ايه ده؟ ومين قال انى هوافق على كده.

التفت الى قدرية والتى حدقت بصدمة به بادلها اياها كل الحضور حين اكمل بصوت قوى واضح النبرات
: مين قال انى ارضى لبنتى تبقى زوجة تانية حتى ولو لابن اخويا اللى بعزه زاى ابنى ويمكن اكتر.

ثم التفت الى جلال قائلا بهدوء ولطف عينيه تمتلأ بالحنان والامتنان يكمل بابتسامة ضعيفة اسفة
: بعدين كفاية عليه اوى جوازة واحدة مكنتش على هواه ولا برضاه مش هنيجى عليه فى دى كمان.

رفع جلال عينيه الى اعلى الدرج سريعا يطالعه بلهفة وقلق فيتنهد بأرتياح خفى حين وجده فارغا من وجودها مطمئنا انها قد غادرت قبل ان تستمع الى حديث عمه الاخير يرجع انتباهه لعمه قائلا بحزم وصرامة.

: كلام ايه ده ياعمى اللى بتقوله جواز ايه اللى مش برضايا ليله غالية والف مين يتمنى تبقى ليه واولهم انا و انا استحالة كنت هفكر فى يوم انى اتجوز غيرها
تغيرت نبرة صوته للخفوت يكمل بهدوء
: بس لو ده هيقفل اى كلام هيتقال فى حق بنت عمى فانا استحالة اتردد لحظة واحدة انى اعمله.

شحب وجه قدرية بشدة تلوك شفتيها بغل حين أتى على ذكر ليله وحديثه عنها بتلك الطريقة امامهم وبينما توقفت سلمى عن البكاء تنظر الى وجهه بصدمة وشحوب فتأتى كلمات صبرى التالية لتزيدهم شحوبا يحاكى شحوب الموتى حين قال بحزم منهيا اى حديث اخر قد يقال فى هذا الامر
: ربنا يباركلك فيها يابنى بس سلمى طلبها منى على ابن خالها عزيز وانا خلاص وافقت.

يكمل بتأكيد وبصوت لا يقبل بمناقشة او اعتراض وهو يلتفت ناحية سلمى الواقفة بذهول متسعة العينين برعب وصدمة
: هو طلبها منى قبل سابق وانا خلاص هبعتله بكرة بموافقتى والفاتحة الخميس الجاى.

دخل الى جناحه بهدوء ليجده سابحا فى الظلام الان من ضوء ضعيف اتى من ناحية النافذة والتى فتحت على مصراعيها تميز عينيه جسدها الصغير الواقف بثبات امامها تنظر خارجها وهى تلف ذراعيها حول جسدها متجاهلة هبات الهواء الباردة والتى جعلت من ارجاء الغرفة كالصقيع فوقف مكانه يتابعها للحظات قبل ان يهمس لها بهدوء
: الجو برد عليكى وبوقفتك دى هتتعبى كده.

لم تتحرك من مكانها تقف بثبات متجاهلة حديثه لها ليزفر هو بحدة وقد بدء صبره بالنفاذ يهتف بحدة
: اسمعى الكلام يابنت الناس وبلاش العند بتاعك ده فى كل حاجة كده.

التفتت اليه ببطء بجانب وجهها للحظة تنسدل خصلات شعرها حول وجهها كستار تحجبها عن عينيه ثم تعود لوضعها السابق مرة اخرى فاخذ هو يراقبها بصمت ثم يتنهد باستسلام يتحرك ناحية الاريكة يلقى بجسده فوقها متنهدا بتعب واضعا ساعده فوق وجهه يغلق عينيه بأرهاق متجاهلا اياها تماما حتى تحدثت اليه بصوت هامس مقتضب تنهى الصمت بينهم
: مبروك عليك عروستك الجديدة وياارب تكون هى دى اللى تستحقها وتستحقك.

نهض سريعا من مكانه يستند على مرفقه محدقا بها بعينين مشتعلة يسألها بقسوة
: وده يهمك فى حاجة لو حصل؟

اسرعت تهز راسها بالنفى تجيبه بتلعثم
: لااا، ابدا، ميهمنيش ابدا، انا بس، كنت..

عاد الى وضعه يستلقى مرة اخرى مقاطعا كلماتها المتلعثمة قائلا ببرود خشن
: يبقى خلاص وفرى كلامك لنفسك علشان مهمنيش اسمعه.

اضجع على جانبه يعطى ظهره لها تاركا لها واقفة مكانها بجمود روحها تأن من الالم ودموعها الحبيسة تطالبها بالتحرر ولكن ابت عليها كرامتها ان تطلق لها العنان تتحرك ناحية الفراش بخطوات صامتة مرهقة تستلقى فوقه محتضنة جسدها اليها بقوة علها تهدء من تلك الالام التى تنهش صدرها منذ ان سمعت بموافقته بتلك الزيجة فتفر من المكان هاربة قبل ان تخونها صرخة انكسار كادت ان تفلت من بين شفتيها وقتها فتكشف بها عن الالام التى تنهش بصدرها تكاد تفتك بها...

مرت بها الدقائق وهى على هذا الوضع لايهدء من اوجاعها شيئ حتى سقطت فى نوم مرهق عميق فتستغله دموعها الحبيسة معلنة عن حريتها حين سقطت من خلف جفونها تتخذ سبيلها الى وجنتيها.

بينما ظل هو مستلقيا مكانه بجسد مشدود من التوتر يجافيه النوم يرهف سمعه لاقل حركة منها قبل ان يلتفت ببطء ناحيتها يلقى بنظرة عليها فيراها تستلقى فوق الفراش تحتضن جسدها بذراعيها فتنهد بعمق محدقا بالسقف بتوتر وحنق محاولا تجاهل ما يشعر به من اسف وندم اخذ يتأكله ناحيتها فقد كان يستطيع ببساطة ان يضع حدا لظنونها عن زواجه المزعوم واخبارها بما حدث لكنه لا يعلم لما استفزته تهنئتها الباردة تلك فلا يقوم بشرح لها حقيقة ماحدث بخصوص هذا الامر.

زفر مرة اخرى بحدة يمرر اصابعه من خلال شعره بقوة قبل ان يحسم امره ينهض من مكانه باتجاهها يناديها بصوت لين رقيق لكنه لم يجد استجابة منها
فتقدم اكثر من الفراش يمد يده ناحية المصباح المجاور له يشعله وهو يقول بتوبيخ وحدة
: اظن ان انا بنادى عليكى يبقى...

تسمر مكانه بصدمة واحساسه بالذنب يتلاعب بمشاعره جاعلا قلبه يرتجف بداخله رأفة بها حين وجدها مستغرقة فى النوم واثار تلك الدموع فوق وجنتها فيقترب من الفراش مستلقيا فوقه بهدوء يضع راسه بالقرب من راسها عينيه تمر فوق ملامحها بأسف وهى تراقب انامله تقوم بأزيحة بقايا تلك الدموع من فوق وجنتيها الناعمة يقترب بوجهه من وجهها ببطء حتى امتزجت أنفاسها بأنفاسه يغمض عينيه مستمتعا بدفئها هو تلامسه بنعومة ورقة و دون ان يدرك ما يقوم به وجد نفسه ينحنى على شفتيها المفترقة بشق ضعيف يقبلها برقة وتمهل تذيبه بنعومتها وهى تلامس شفتيه المحترقة بوهج انفاسها فوقهم بينما تلتف ذراعه حول جسدها يجذبها برقة اليه فتتمللت بضعف فى نومها جعله يتجمد مكانه للحظة خوفا من استيقاظها لكن وجدها تعود مرة اخرى للنوم دافنة وجهها فى تجويف عنقه تهمهم بضعف ثم يستكين جسدها بين احضانه ليغمض عينه بمتعة تفر الى شفتيه رغما عنه ابتسامة فرحة ضعيفة يريح ذقنه فوق رأسها ينعم بدفئها الغازى لحواسه للحظات قبل ان يستسلم هو الاخر مرحبا بنعاس دق ابواب جفونه.

دوت صفعتها له تهز ارجاء الغرفة فتجعل حبيبة تشهق بفزع وهى ترى والدتها تصفع زوجها فور دخولها لجناحهم مقتحمة له هاتفة بغضب اعمى دون ان تمهل احد الفرصة ليفيق من تلك الصدمة
: غبى وهتفضل طول عمرك ولا ليك اى فايدة.

نكس فواز رأسه ارضا بخجل لا يجيبها لتهتف حبيبة بها محاولة لتهدئتها واستعطافها بلهفة ورجاء
: حقك عليا انا يا ماما وبكرة الصبح هخليه يعتذر لجلال كمان بس بلاش...

لم تعيرها قدرية انتباها تقاطعها بغيظ موجة حديثها الى فواز المرتعب
: هو ده اللى اتفقنا عليه ياغبى؟ ده الكلام اللى هيبقى بينك وبينه!رايح تعمل فضيحة ادام البيت كله.

اخذت حبيبة تدير عينيها بينهم بذهول ترى زوجها يرفع وجهه ببطء يجيبها بانكسار
: انا قلت لو خلتها فضيحة هحرجه واخليه يوافق ادام الكل غصب عنه.

جزت قدرية فوق اسنانها تهتف بحنق
: وكانت ايه نتيجة؟ اهى بعملتك السودا دى خلت ابوك هو اللى يرفض وطبعا ليه حق اى حد مكانه هيعمل كده.

فواز بصوت خافت متردد
: طب مانتى جارتينى فى الكلام وطلبتى منه يتجوز سلمى ادام الكل.

دوت صفعتها له مرة اخرى فوق وجنته بصوتها الحاد فتجعل حبيبة تلك المرة تصرخ بهلع وهى ترى حالة والدتها والتى اصبحت كمن تلبسها الجنون تهتف بشراسة
: وكنت عاوزنى اعمل ايه بعد اللى هببته ماكان لازم اضرب على الحديد وهو سخن بس اقول ايه كل اللى خططت له باظ علشان واحد غبى ولا يسوى.

سألتها حبيبة بصوت ذاهل مصدوم
: يعنى كل اللى حصل تحت كان من تخطيطك انتى وفواز ومفيش حاجة من دى حصلت من الاساس؟

صرخت قدرية بها بحدة وشراسة تشتعل عينيها بالغضب
: ايوه يا ست حبيبة كل حاجة كانت من تخطيطى هاا لو عندك اعتراض قولى ولا اقولك اجرى على اخوكى عيطيله وقوليله.

اخذت تدور فى ارجاء الغرفة بجنون تهتف
: روحى قوليله امك وجوزى ضحكوا عليكم ومفيش حاجة من دى حصلت وكل اللى حصل علشان يجوزوك بنت عمك، روحى يلا مستنية ايه.

ارتعشت اقدام حبيبة تشعر بها لا تقوى على حملها وهى تتراجع الى الخلف بذهول وصدمة تسقط جالسة فوق المقعد بهمود لاتنبث بحرف وهى تسمع والدتها تكمل بخنق وغيظ
: كل اللى خطتله راح علشان غلطة واحد غبى مابيفهمش ضيع اخته وضيعنا معاها.

ظل فواز واقف منكس الرأس لا ينطق بحرف دفاعا عن نفسه لتسألها خبيبة بخفوت مذهول
: طب وليه كل ده ماهو متجوز ومراته كويسة وبنت حلال ذنبها ايه علشان عاوزة تخربى بيتها، وذنبها ايه سلمى تعرضيها وتعرضى عمى للى حصل النهاردة
ليه ياماما كل ده فهمينى.

اقتربت قدرية منها تهتف بغل
: عاوزة تعرفى ليه حاضر هقولك، علشان مش قدرية اللى يحصل حاجة فى بيتها هنا من غير موافقتها ورأيها، مش بنت المغاربة اللى تبقى مرات ابنى كبير عيلة الصاوى وتدخل بيتى من غير رضايا واقول عليها اه. بنت المغاربة اللى كانواالسبب فضياع الارض وموت ابوكى بحسرته فهمتى ولا لا يابنت بطنى.

ثم دون ان تضيف كلمة اخرى لحديثها اسرعت بالمغادرة تغلق خلفها الباب بعنف ارتجت له ارجاء المنزل بينما جلست حبيية مكانها تهز رأسها برفض ذاهل من منطق وحجج واهية لامها تخفى من خلالها رغبة عنيفة وتعطش للسيطرة وادارة حياة الغير لدرجة تكاد تكون مرضية فلم تشعر باقتراب فواز منها جالسا على عقبيه امامها قائلا برجاء وصوت خجل.

: حبيبة علشان خاطرى اووعى حد غيرنا يعرف بكلامنا ده اخوكى ممكن يموتنى فيها لو عرف ان كل حاجة كدب ومدبر له.

رفعت وجهها اليه تحدق به بعينين تملأها الدموع ترى امامها مسخ ضعيف هزيل القامة والشخصية لا يمت بصلة لذلك الزوج والذى ظنت حين وافقت عليه ان يصير حامى وسندا لها فى حياتها لكن خابت ظنونها به يوما وراء يوما
همست له بوجه خالى من الحياة وعيون يملؤها الانكسار
: متخفش يابن عمى، متخفش اللى حصل ده لا يتقال ولا يتحكى.

نهضت صباحا ترفع رأسها عن الوسادة تشعر بثقل شديد والم يكاد يفتك بها ولكن تجاهلته تنهض ببطء من الفراش تتطالع فى ارجاء الغرفة منتهدة براحة حين لم تجده معها بها فلا قدرة لديها الان على التظاهر بأنها لا تبالى بماحدث امس وخبر زواجه باخرى غيرها فقد ساعدتها الظلمة امس على اخفاء المها وجرحها عنه اما الان فقد اختفت تلك القدرة على التظاهر ولا تعلم من اين لها بقوة تساعدها على تجاوز هذا الامر.

سارت باتجاه الحمام بعد ان اخرجت لها من الخزينة ما سترتدي اليوم عند ذهابها لمنزل ذويها لكن توقفت خطواتها بغتة شاهقة بعنف حين فوجئت به يخرج من الحمام مصطدما بها بقوة كادت ان تلقى بها ارضا لولا ذراعه والتى التفت حولها سريعا يجذبها اليه وهو يحدثها بلهفة وقلق
: حاسبى يا ليله مش تاخدى بالك.

تمللت بين ذراعيه تحاول الابتعاد عنه قائلة بارتبارك
: حصل خير، انا كويسة.

لم يفك حصار ذراعه عن خصرها بل زاد من شدها اليه عينيه تجوب وجهها بأهتمام يلاحظ علامات الارهاق البادية فوقه وهالات عينيها السوداء هامسا بقلق
: مش باين عليكى ده..
صمت للحظات عينيه تراقبها يملأها التردد والندم للحظة قبل ان يكمل بحزم
: ليله بخصوص الى حصل امبارح انا كنت عاوز...

قاطعته تجذب نفسها بعنف من بين ذراعيه قائلة بحدة متظاهرة بعدم الاهتمام
: ميهمنيش فى حاجة اللى حصل امبارح واظن ان وضحت ده ليك.

تجهمت ملامحه بشدة من حدة ردها يحدق بها وقد اتسعت حدقة عينيه الذهبيبة بشراسة تتطاير شرارت الغضب داخلهم يهم بالرد عليها ردا عنيفا حاد لكن تراجع يطبق شفتيه ضاغطا اياهم ليصحبوا خط رفيع زافرا بحدة مختطفا منشفته من حول عنقه فيلقى بها فوق المقعد بعنف ثم يمر من جانبها متجها ناحية الفراش متجاهلا اياها تماما فوقفت مكانها بجمود للحظة قبل ان تدير راسها للجانب قليلا باتجاهه قائلة بخفوت وثبات.

: انا هجهز نفسى علشان اروح دارنا وهقضى هناك يومين زى ما قلتلك امبارح.

لم تتلقى منه ردة فعل او اجابة على حديثها فوقفت مكانها تستمع لصوت تحركاته من خلفها فتدرك بانه يقوم بارتداء ملابسه فتظل للحظة تنتظر اجابته لكن حين طال انتظارها بلا جدوى تحركت فى اتجاه الحمام لكن يأتى صوته الحازم يوقفها مكانها مرة اخرى متسعة الاعين بذهول حين قال
: اعملى حسابك مفيش بيات هناك وانا اللى هوديكى واجيبك.

التفتت اليه سريعا تهتف به بذهول وحدة
: بس انت قلت ليا امبارح ان...

قطعت حديثها بصدمة تضيع الكلمات منها حين رأته يقف مكانه لا يرتدى سوى بنطال اسود وصدره بعضلاته الصلبه عاريا امام عينيها والتى اخذت رغما عنها تجول فوقها محدقة بها بانبهار للحظة قبل ان تفيق على نفسها فتخفض عينيها ارضا تكمل بقلق وتوتر
: انا عاوزة اقضى يومين العزا معاهم وانت كنت موافق على كده امبارح.

ارتفعت زاوية فمه بابتسامة ضعيفة يتقدم منها بخطوات هادئة ثابتة يقف امامها يتأملها ببطء وتركيز وقد انسدل شعرها بخصلاته الهوجاء فتغطى جانبى وجهها تضم كفيها معا تفرك اناملها بتوتر فى حركة اصبح يعرف انها ملازمة لها عند توترها فوقف يتابعها بتسلية قبل ان تمتد اصابعه لتفك اشتباك اناملها قابضا عليها برقة اما كفه الاخر فقد رفعها يزيح بها خصلات شعرها خلف اذنيها ثم يرفع وجهها اليه منحنيا قليلا فوقها يهمس بعبث التمع بعينه.

: ده كان امبارح، النهاردة بقى لينا كلام تانى خالص
ها قلتى ايه؟

حدقت به بعيون متسعة وهى تلوك شفتيها بارتبارك وتوجس من تلك الحالة الى تراه عليه هامسة
: بس انا...

رفع سبابته الى شفتيها قاطعا بها باقى حديثها وهو يهز راسه بالنفى قائلا برقة تلاعبت بحواسها
: مفيش بس، هااا قلتى ايه موافقة ولا بلاها مرواح هناك خالص.

تعالت دقات قلبها بجنون تحدق به بذهول تحفزها كرامتها والتى اخذت تعاركها تسألها الثأر لها برفض اوامره واعلان تحديها لها ولكن اتت اجابتها تقضى تماما على امالها تلك حين همست برقة وتلعثم من خلف سبابته المستقرة فوق شفتيها بنعومة
: لااا خلاص، انااا موافقة، ثوانى وهكون جاهزة.

ظل مكانه ثابتا تأسر عينيه حركة شفتيها خلف اصبعه للحظة كالمغيب ثم يهز راسه بشرود لها بالموافقة يتراجع متحركا بعيدا عنها لتسرع بالتحرك سريعا ناحية الحمام تغلق بابه تختفى خلفه
ليهمس لنفسه بذهول موبخا لها فور ذهابها بعيدا عن عينيه
: والله عال يا سى جلال من ليلة نامتها فى حضنك مابقتش عاوزها تفارقك من بعدها، لا بجد بقيت حاجة تفرح اووى.

اما هى فقد استندت فوق الباب تتسع عينيها رهبة وذهول تضعظ اسنانها بغيظ هامسة بحنق كما لو كانت تتحدث لشخص امامها
: تقدرى تفهمينى ايه اللى هببتيه ده هااا، ايه نسيتى كلامه ليكى، نسيتى انه عاوز يتجوز عليكى وانتى لسه مكملتيش شهرين فى بيته.

اسرعت ناحية المرآة المعلقة تنظر داخلها بشراسة وغضب لصورتها المنعكسة بها
: ايه خلاص من كلمة ونظرة منه هترفعى الراية وتقعى مسلمة ليه اعقلى يا ليله اعقلى وكفاية اللى حصل لحد كده، كفاية تذلى نفسك ليه بعبطك اللى هيوديكى فى داهية ده.

التفت بعيدا عن صورتها تعطيها ظهرها وهى تأكد لنفسها ما قالته بقسوة وغضب
: اللى حصل ده متكررش منك تانى، اووعى تسلمى كده تانى له ابدا، كفاية كسرتك من اول يوم دخل فيه دنيتك
مش ناقصة كسرة القلب كمان اللى لا ليها مهرب ولا دوا..
تحشرج صوتها بألم ويأس تكمل.
: فاهم ياليله ولا خلاص مبقاش ليه لازمة معاكى الكلام.

وقف جلال اسفل الدرج يتطلع الى ساعته فامامه اقل من ساعة قبل موعده الخاص بالاعمال والذى كان من المفترض عليه ان يكون فى طريقه اليهم والان سيضطر لاتصال بهم الاعتذار لساعة اخرى حتى يستطيع تنفيذ كلامه الاحمق لها بشأن ذهابه معها لايصالها لمنزل اهلها وها هو الان يقف فى انتظارها.

زفر بقوة ضاغطا فوق اسنانه بغيظ يلقى بنظرة اخرى الى ساعته يلعن نفسه فلولا استيقاظه فى الصباح يضع وقته حين ظل مستلقى يستند فوق الوسادة وهو يتأمل لتلك النائمة بسلام وهدوء بجواره مستمتعا بملمس ونعومة ملامحها المستكينة الرقيقة وهو يمرر اطراف انامله فوقها يسمعها تتنهد من بين الحين والاخر برقة لتزيد من مشاعره اضطرابا وجنونا يمر به الوقت وهو تائه بها حتى افاق من تلك التيهة حين تعالى ازيز هاتفه برسالة من اصحاب موعده الصباحى لتأكد موعدهم معه فيلعن نفسه الف مرة وهو ينهض سريعا فى محاولا للحاق بالوقت لكن ها هو يقف الان ليضيعه فى انتظارها مرة اخرى.

: جلال يا ضنايا واقف عندك بتعمل ايه.

التفت سريعا ناحية الصوت تلتمع عينيه بالحب والحنان وهو يرى جدته تقف مستندة بكازها الخشبى ليهرع سريعا باتجاهها ينحنى فوق كفها ثم جبينها مقبلا اياهم بحنان وتجبيل قائلا برقة
: ازيك ياجدة عاملة ايه النهاردة.

رفعت الحاجة راجية كفها تربت به فوق وجنته بحنان قائلة
: بخير يا قلب الجدة طول مانت بخير بس زعلانة منك بقيت بتنشغل عنى
اكملت تعمز بعينيها بخبث وتلاعب تضيئ عينيها بالمرح
: ايه العروسة الحلوة خلاص شغلتك عنى وخدت وقتك.

ابتسم جلال لها بحنان قائلا بحنان
: انا مفيش حاجة تشغلنى عنك ابدا وانتى عارفة كده.

اتسعت ابتسامتها الفرحة تمسك بيده تجذبه بضعف لسير معها قائلة
: حيث كده تعالى معايا اوضتى اقعد معايا شوية لحد ما يجهزوا الفطار والكل ينزل.

كاد ان يهم بالاعتذار لها لكنه القى بنظرة اخرى ناحية الدرج قبل ان يهز راسه باستسلام وهو يسير معها بخطوات بطيئة تجارى خطواتها.

فى تلك الاثناء كانت ليله قد انتهت من اعداد نفسها ترتدى عبائة سوداء فضفاضة تلامس اطرافها الارض تعيقها مع كل حركة لكنها تعمدت ارتدائها مع وشاح حول شعرها فى محاولة منها لاخبار ذاتها انها لاتهتم مثقال ذرة بخروجها معه ولاانها حتى سعيدة بذلك.

لذا تحركت ناحية الباب تلملم اطرافها وهو تتحرك بصعوبة لكن ما ان فتحته اتسعت عينيها ذهولا حين ظهرت امامها سلمى بحالتها المذرية بوجهها الملطخ بسواد كحل عينيها المنتفخة بشدة دليلا على قضائها وقتا طويلا فى البكاء وشعرها مشعث كما لو كان لم تمسه فرشاة منذ وقت طويل تدلف الى الداخل بعنف لتتراجع ليله امامها بتعثر وهى تراها تبتسم بسخرية حاقدة قائلا بصوت متحشرج ابح.

: على فين يا عروسة بدرى كده وسايبه الدار والعة.

ليله وهى تحاول التحدث بصوت هادئ رغم زحف قلقها وتوترها داخل صدرها كافعى ناعمة من هيئة سلمى وحالتها غير المتزنة امامها فتسألها بحذر
: خير يا سلمى فى حاجة اقدر اساعدك بيها؟

دوت ضحكة سلمى الساخرة بعصبية تهز ارجاء الغرفة قبل ان تنظر الى ليلة بعينين مشتعلة بالغل قائلة
: هتساعدى اكتر من كده ايه وما خلاص كل حاجة ضاعت بسببك وبسبب جوازتك الشؤم دى.

حاولت ليله التحدث لكن اتت دفعة سلمى لها بقبضتها القاسية فوق كتفها بعنف لتشهق ليله بألم تتراجع امام هجومها لكن سلمى تجاهلتها تكمل بحقد
: بسببك جلال ضاع من ايدى واتكتب عليا وعليه كل واحد منا يعيش بعيد عن التانى.

ليله وهى مازالت تتراجع الى الخلف امام تقدم سلمى المستمر منها قائلة بارتباك وتلعثم
: بس، امبارح، جلال، طلبك للجواز، وهو..

دفعتها سلمى مرة اخرى بعنف وقوة تلك المرة بكلتى كفيها فى صدرها حتى كادت تسقطها ارضا تصرخ بجنون وغل
: وابويا رفض بسببك وحكم عليا اتجوز ابن خالى زاى ما اتحكم على جلال يعيش مع واحدة زيك.

فور انتهاء حديثها هجمت ناحية ليله عينيها تلتمع بالشر وقد ظهر لهم ما تنتوى فعله تاليا لتدرك ليله فور ما تنتويه فتتخطاها تحاول الفرار فى اتجاه الباب فتخطأها يدى سلمى ولا تستطيع الامساك بها حين نجحت بذلك تراها وقد وصلت الى الباب تخرج منه سريعا لتزمجر سلمى بغل وغضب تسرع بلحاق بها بخطوات سريعة مجنونة.

كانت ليله اثناء ذلك قد وصلت الى اعلى الدرج تلهث بقوة وهى تحاول النزول من فوقه بهدوء خوفا من ان تتعثر بردائها لاعنة حظها واصرارها على ارتدائه فى تلك اللحظة.

ولكن ماان همت بذلك حتى شعرت بدفعة قوية من خلفها وفى اللحظة التالية لاتدرى ما حدث سوى بأهتزار الارض من تحتها ويدها تحاول التشبث بما يحفظ توازنها ولكن قد فات الاوان يسقط جسدها ينزلق فوق درجات الدرج بقسوة وعنف صارخة بقوة تتلوى الما مع كل دفعة من فوق درجاته حتى استقر جسدها اخيرا فى نهايته تأن بألم بضعف تحاول فتح شفتيها بضعف تتشكل حروف اسمه فوقها مستغيثة به ولكن تأتى تلك الدوامة السوداء بعنفها تدور بها لتبتعلها داخلها دون امهالها لحظة واحدة ليستكين جسدها فورا بلا حراك.

دوت صرختها المرتعبة العالية لتشق طريقها اليه داخل غرفة جدته فيهب من مكانه هامسا باسمها بهلع ينطلق باتجاه الباب بخطوات متلهفة ما هى سوى ثوانى حتى كان يقف متسمرا مكانه بجمود تنتشر البرودة فى اطرافه وهو يراها ملقاة ارضا اسفل الدرج جسدا هامدا وقد تجمعت بركة من الدماء اسفل راسها فوقف و عينيه تتابع اتساع رقعة تلك الدماء من حولها بنظرات ضائعة ووجه شاحب ينافس شحوبها هى حتى اتى صوت شهقة جدته الهالعة لتخرجه من تلك الحالة التى اصابته يسرع فى اتجاهها منحنيا عليها بأيدى مرتعشة تتلمس نبضها من خلال عنقها فتنتشر الراحة فى اوصاله حين وجده وان كان ضعيفا فيلتقط جسدها المتراخى بين ذراعيه بلهفة ثم يهرع باتجاه الباب يناديه صوت جدته بلهفة لكنه لم يعيرها انتباها خارجا بها من الباب وعينيه تتابع وجهها الشاحب والذى ازداد شحوبا لترتجف يده خوفا وهلعا يزاد من ضمها الى صدره هامسا لها بلهفة ورجاء صوته مرتعش من الخوف يناديها.

: ليله، خليكى معايا يا ليله، لييله علشان خاطرى خليكى معايا، يا سليماااااان.

صرخ بصوت جهورى مرتعب ينادى سائقه الخاص ليأتى اليه مهرولا وهو يعدل من هندامه لكنه توقف مكانه مذهولا حين رأى سيده وحمله بين يديه ليصرخ به جلال بقوة
: واقف عندك ليه تعال افتحلى باب العربية بسرعة.

تخبط سليمان فى خطواته يهرع ناحية السيارة يفتح بابها الخلفى ليدلف جلال بها جالسا باكبر قدر من الهدوء استطاعه يضعها فوق ساقيه يسند راسها بكفه فوق صدره وقد اصبح قميصه بلون الاحمر القانى من دمائها الساخنة التى اغرقته عينيه تراقب وجهها بخوف ورعب وهو لازال يهمس باسمها يناديها كما لو كان يستمد قوته من وقعه فوق شفتيه لكنه لم يتحصل منها على ادنى اشارة قد تبعث الامل له ليلتفت صارخا بأرتعاب بسليمان الجالس خلف المقود.

: بسرعة يا سليمان، اتحرك يلا.

تمت رحلتهم الى المشفى سريعا دون عقبات لكنها مرت عليه كالدهر عليه عقله يصور له اسوء الصور والسناريوهات السوداء ساحبة منه الانفاس هلعا ورعبا حتى وصلوا اخيرا فيهرول بها الى داخل المشفى صارخا طلبا للنجدة لتلتقطها فورا ايدى الاطباء بعملية وهدوء من بين يديه المتشبثة بها بتملك وخوف قبل ان يختفوا بها داخل تلك الغرفة منذ اكثر من ساعة قضاها فى الانتظار عينيه معلقة بذلك الباب بترقب ولهفة حتى اخيرا خرج منه طبيبا شابا فيسرع جلال اليه يسأله فورا برجاء وتوتر.

: هاا خبارها ايه طمنى يا دكتور ارجوك.

ابتسم الطبيب بضعف قائلا بهدوء
: متقلقش هى بخير وامورها تمام دلوقت
احنا بس هنستنى تفوق علشان نقدر نقيم مدى الضرر اللى حصلها من اثر الجرح اللى فى راسها.

زفر جلال يغمض عينيه براحة ليفتح مرة اخرى محدقا بالطبيب بخوف حين اتى على ذكر امر غيبوبتها وجرح راسها يسأله بقلق
: يعنى ايه مش فاهم، هو ممكن يكون حصلها ضرر.

اسرع الطبيب يهز راسه بالنفى قائلا بصوت مطمئن
: لااا متقلقش احنا عملنا اشعة واطمنا ان مفيش اى شرخ او نزيف داخلى بس موضوع الاغمائة مش لازم نستهين بيها برضه فلازم نعيد الاشاعة مرة تانية بعد ما تفوق لاطمئنان مش اكتر.

تراجع جلال للخلف يستند الى الجدار خلفه براحة يشعر بعودة دمائه لعروقه هادرة مرة اخرى بعد حديث الطبيب اليه والذى اقترب منه قائلا بهدوء
: اطمن كل شيئ بخير وشويه وهتفوق.
والامر ميتعداش شوية كدمات ورضوض هى شديدة بس الحمد لله مفيش اى كسور. و دقايق وهتخرج حالا على اوضتها وتقدر تطمن عليها هناك.

هز جلال راسه بالايجاب يهمس بشكر الى الطبيب يظل بعدها قابعا فى مكانه فى انتظار خروجها بعد مغادرة الطبيب وفى اثناء ذلك اتت افراد عائلته يسرع عمه اليه يسأله بقلق
: خير يابنى حصل ايه لمراتك، جدتك بلغتنا بس مفهمناش منها حاجة.

جلال بصوت خافت مرهق
: الظاهر اتكعبلت وهى نزلة من على السلم ودماغها اتخبطت.

اقتربت منه حبيبة تسأله بقلق ولهفة
: وهى عاملة ايه دلوقت، حصل ليها حاجة.

قص عليهم ما اخبره به الطبيب ليزفر عمه براحة
: طب الحمد لله عدت على خير.

لوت قدرية شفتيها تهمس بحنق الى زاهية الواقفة بجوارها
: اهى طلعت بسبع ارواح وانا اللى قلت هاجى القيها روحها طلعت والبس عليها الاسود.

زاهية بخوف وهى تنظر الى جلال المهتم بالحديث مع عمه يقف معهم فواز وحبيبة
: وبعدين معاكى يام جلال مش كده ولا عاوزة ابنك يسمعنا ويسود عشيتنا.

لوحت قدرية بكفها بحنق تلوى وجهها شديدالاحتقان بغضب الناحية الاخرى تبرطم من بين اسنانها بما يشبه اللعنات ثم تصمت فجأة حين رأت عائلة المغربى والمتمثلة فى صالحة وابنتها شروق بعيونهم الباكية بانهيار يصحبهم سعد يهرولون فى الممر المؤدى لهم لتهتف بحنق وصوت حاد
: ودول مين اللى عرفهم وايه اللى جبهم دلوقت.

التفت جلال على صوتها ليطالعه مشهد والدة ليله المقتربة منهم تهتف بهلع ووجه باكى بانهيار
: بنتى حصل ايه لبنتى حد يرد عليا يطمنى.

تجهم وجه قدرية تلتفت الى الناحية الاخرى بحنق وهى ترى جلال يسرع الى صالحة يمسك بها لتنهار مستندة عليه تسأله بلهفة وارتعاب
: طمنى يابنى ليله جرالها ايه.

جلال بصوت هادئ رصين
: متقلقيش يا امى هى بخير وكلها ثوانى وهتخرج اوضتها ونطمن عليها.

ثم امسك بها متوجها الى احدى المقاعد ليجلسها بهدوء يتمتم لها ببضع كلمات مطمئنة ثم يرجع الى مكانه بجوار الباب مرة اخرى تتبعه شروق بوجهها الباكى وعينيها الضائعة المرتعبة وبجوارها سعد بوجهه المتجهم الحاد تسأله بخفوت وخشية
: بجد ياجلال ليله كويسة ولا انت بتقول كده علشان تطمن ماما بس.

هز جلال راسه نافيا قائلا بصوت جاد عينيه تدور بينهم بحزم
: صدقونى مفيش حاجة وكل الامور بخير اطمنوا.

زفر سعد براحة اما شروق فقد ازداد حدة بكائها ليضمها سعد اليه بحنان متجاهلا تلك الشهقة المستنكرة الاتية من خلفهم فقد كان كل همه شروق فى تلك اللحظة غافلا عن همسة زاهية لقدرية المستنكرة
: شوفتى البت وفجرها ولا همها حد من الواقفين ازاى.

قدرية بغل وغيظ
: قادرة زاى اختها وعارفين ازاى يسرقوا الكحل من العين
لترمى باتجاهم سهام عينيها الحانقة تتابع ما يحدث بوجه حانق مستنكر لما تراه من لهفة واهتمام من ولدها لتلك المختفية خلف الابواب.

شعرت بجسدها خفيف بلا وزن كسحابة فى السماء منيرة صافية تشعر بالراحة والسعادة وهى بتلك الخفة التى اصبحت عليها جسدها مستمتعة بذلك الاحساس وما يبعثه من راحة بداخلها.

لكن فجأة ساد الظلام من حولها حتى اصبحت لاترى شيئ تشعر بجسدها يزداد تقلا وتنتشر فيه الالام بعنف ساحبا منها انفاسها وتهوى من الاعالى بسرعة مخيفة مقتربة من الارض حتى اصبحت قاب قوسين من الارتطام بها متحطمة الى اشلاء لتفتح عينيها بفزع صارخة بضعف والم عينيها تتحرك بهلع وارتعاب ليأتيها صوت شقيقتها الفرح تناديها بلهفة
: ليله حبيبتى حمد لله على سلامتك يا قلبى.

ثم اسرعت تلتفت الى والدتها النائمة فوق مقعدها بأرهاق تناديها بفرحة لتهب جالسة سريعا بهلع تحول سريعا لشهقة فرحة وسعادة حين وجدتها مستيقظة تجول عينيها فوقها بحب ولهفة رغبة فى الاطمئنان عليها ثم تنفجر باكية بشدة بعدها لبتسم شروق باستسلام تهتف وهى تضمها اليها بحنان
: يوه يا ماما مفيش فايدة فيكى زعلانة تعيطى فرحانة تعيطى.

ابعدتها عنها بعد حين قائلة بجدية
: هخرج اعرف جلال انك بخير علشان يبلغ الدكتور ده هتجنن من قلقه عليكى من ساعتها.

اسرعت باتجاه الباب تخرج منه تتابعها عين صالحة وليله التى عقدت حاجبيها بحيرة وقلق هامسة تنادى والدتها فتسرع بالالتفات لها بلهفة لتسألها ليله باجهاد وقلق
: ماما. انا فين وحصلى ايه، و مين جلال اللى بتتكلم شروق عنه ده؟
فغرت صالحة فاها بصدمة وذهول تفر الدماء من وجهها فاقدة للنطق من هول ما سمعت.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
: انا عاوز افهم دلوقت ايه اللى بيحصل الا والله هطربق المكان على اللى فيه، عاوز حد يرد عليا.

صرخ بجملته الاخير بشراسة وغضب جعلت من الموجودين يهبون فزعا حتى الطبيب الجالس بأرتباك وتوتر لايجد ما يجيبه به لكنه اعتدل فى مقعده يتنحنح بحرج قائلا
: جلال بيه احنا نفسنا مش فاهمين ايه اللى حصل كل الاشعات ادامى بتقول انها سليمة والمخ محصلش ليه اى ضرر فممكن اللى حصل ده عارض طبيعى من تأثير الخبطة ليوم او يومين وبعد كده الامور ترجع لطبيعتها.

جلال بغضب وعينين مشتعلة كالجمر يفح من بين اسنانه
: هو ايه اللى امر طبيعى! ان مراتى مش فاكرنى ولا فاكرة جوزانا من الاساس ولا والمصيبة فاكرة نفسها مخطوبة لواحد تانى وتقولى عادى وطبيعى.

زمجر بغيظ وغضب يدفع باصابعه فى خصلاته بقلة حيلة ونفاذ صبر لتنهض شروق تحدثه فى محاولة لتهدئة
: اهدى يا جلال غضبك ده مش هيحل حاجة وخلينا نفكر هنعمل ايه فى الجاى.

نهض سعد هو الاخر قائلا بهدوء له
: انا بقول تروح انت ترتاح ونخلى خلود والخالة صالحة معاها والصبح نكون فوقنا وهدينا ونشوف هنعمل ايه.

هز جلال راسه بالرفض القاطع قبل حتى ان ينهى سعد حديثه قائلا بحزم
: لااا انا اللى هبات هنا معاها خد انتى خلود ووالدتها وروحوا اترتاحوا.

اسرعت شروق قائلة بقلق وتردد
: بس ليله مش هترتاح لترتيب ده متنساش انها متعرفك...

مطت حروف كلماتها الاخيرة تقطع حديثها بغتة حين رأت جلال يتحول وجهه للون الاحمر القانى عروقه نافرة بقوة تكاد تنفجر من شدة غضبه وسخطه يفح من بين انفاسه
: فكرانى مش فكرانى دى مراتى وانا بس اللى اقول ايه اللى صالح لها.

همت شروق بالرد عليه لكن تأتى نحنحة الطبيب الحرجة مقاطعة لها قائلا بصوت محرج قلق
: انا شايف ان كلام جلال بيه هو الانسب كل ما اتعاملنا معاها بطبيعية كل ما الامور رجعت لنصابها باسرع وقت.

ساد الصمت ارجاء الغرفة بعد حديث الطبيب تبادل خلاله الثنائى متضاد الرأى النظرات حتى اتت كلمات سعد الفاصلة تنهى حديث الاعين الحاد
: خلاص مدام الدكتور شايف كده وان ده الانسب يبقى بينا يا شروق والصبح من بدرى نرجع لهم.

همت شروق بالاعتراض لكن اوقفها سعد بحزم بنظرة من عينيه محذرة لتخفض رأسها زافرة بحدة قبل ان تهزها لهم بالموافقة تخرج خلف سعد من الغرفة يتبعهم جلال بخطوات بطيئة مرهقة كما لو ان قدرته على التحمل انتهت بأنتهاء تلك المناقشة.

دلف الى داخل الغرفة بهدوء تتسلط نظراته بأهتمام فوق السرير يراها مستلقية فوقه بهدوء مغمضة العينين لكنها فور ان شعرت بدخوله حتى اسرعت بفتح عينيها سريعا تلتفت ناحية الباب بلهفة لكن سرعان ما تحولت الى الهلع وهى تحاول النهوض بارتبارك تتلفت من حولها باحثا عن غطاء شعرها وحين وجدته جذبته سريعا تضعه فوق رأسها فإستفزته تلك الحركة بشدة يجز فوق اسنانه حنقا وهو يتقدم منها بأندفاع لكنه توقف مكانه بغتة مرة اخرى و عينيه فوقها حين رأى عينيها تتسع يزداد هلعها بداخلهم وهى تتراجع الى الخلف فى الفراش تراقبه بقلق حين تقدم منها مرة اخرى ولكن هذه المرة بهدوء محاولا رسم ابتسامة مطمئنة فوق شفتيه لكنها لم تستجب لها بل ازاد فزعها وهلعها اكثر تهتف به بخوف وتلعثم كطفلة صغيرة.

: ماما فين وشروق، انا، عاوزة ماما، انت، مين، انا.

صرخت فجأة تحاول النهوض عن الفراش حين جلس بجوارها لكنه اسرع بالامساك بذراعيها يثبتها فى مكانها وهو ينادى بأسمها بنبرة حازمة لكنها تحمل من الرقة ما جعلها تطيعه رغما عنها تستكين فى مكانها وهى تنظر اليه بتعبيرات قلقة ترتجف بين يديه ليكمل هو بهدوء وصوت رقيق عينيه تحاول بث الطمأنينة اليها
: زى ما ماما وشروق قالولك انا ابقى جلال جوزك، احنا اتجوزنا من شهرين، وانتى كنت...

كانت تهز رأسها بالرفض وصدمة ناكرة حديثه ذلك لها قبل ان تقاطعه برفض خائف هستيرى
: انا معرفكش ولا عارفة انت مين، انا اصلا مخطوبة لابن عمى راغب يبقى زاى متجوزاك. انا عاوز...

شهقت بألم حين ازادت قبضته الممسكة بكتفيها ضغطا فوقهم تزداد عينيه قسوة و غضبا لم يستطع السيطرة عليه هذه المرة حين اتت على ذكر ذلك الراغب امامه تتطاير شرارته امام عينيها المرتعبة لا يعى يفعله وهو يجذبها نحوه بعنف حتى اصبحت وجوهم متقابلة لا يفصل بينهم سوى انفاسهم الحادة الممتزجة سويا عينيه مسلطة فوق عينيها تسمرها بقوة وحدة نظراته هامسا بحزم واسنانه تضغط فوق حروفه فتخرج الكلمات من بينها كفحيح غاضب.

: هقولها لك مرة ومش هكررها تانى، انا ابقى جوزك جلال الصاوى، واياكى سامعة اياكى، اسمع اسم راجل تانى على لسانك غيرى، وصدقينى لو حصلت و عملتيها...

زاد من فحيح انفاسه لكن تلك المرة امام شفتيها
: ساعتها هنسى تعبك وهنسى احنا فين واعرفك بطريقتى يعنى ايه ابقى جوزك، فاهمة.

نطق كلمته الاخيرة بحدة وتأكيد لم تستطيع معه سوى ان تهز راسها له بالايجاب بتردد مذعور
فتركتها اصابعه القابضة فوق ذراعيها ببطء ناهضا من جوارها بحدة واخذ يمرر اصابعه داخل شعره للحظات بتوتر قبل يرفع وجهه اليها فجأة يشير ناحية شعرها قائلا لها بأمر لا يقبل المناقشة
: فكى الطرحة دى من على شعرك واياكى تحطيها تانى ادامى.

تحركت اناملها كما لو كانت ذات ارادة منفصلة عنها تطيع اوامره فورا فتحل غطاء شعرها من حوله ببطء لتتغير نظرات عينيه المراقبة لها فور رؤيته لتلك الضمادة والتى تغطى راسها يتسلل الندم سريعا الى صدره لاعنا شيطان غضبه الاعمى والذى جعله فى لحظة ينسى جراحها تلك فيحركه حسب اهوائه فورا ان قامت بانكار معرفتها به والنطق باسم ذلك الاحمق المدعو بأبن عمها امامه فيعميه تماما عن اى شيئ اخر.

لذا اخذ نفسا عميقا يحاول به يهدئة ذلك الغضب الاعمى المتشبث بصدره يتقدم منها بعدها بهدوء يجلس مكانه بجوارها مرة اخرى متجاهلا اجفالها وخوفها الواضح منه قائلا برقة وصوت هادئ حاول بث الطمأنينة من خلاله لها
: ايه رايك اجيبلك حاجة تاكليها، انتى مأكلتيش من الصبح
رفعت عينيها اليه تسأله بصوت مرتعش بالبكاء وبرجاء طفولى
: انا عاوزة ماما وشروق.

ابتسم لها برقة تلتمع عينيه بحنان وهو يحدثها بلين كطفلة صغيرة مرتعبة امامه يحاول تهدئتها
: ماما وشروق روحوا وهيجوا بكرة الصبح. وانا هبقى معاكى الليلة لحد ماهما يجوا.

حاولت ليله الاعتراض برجاء لكن اتت سبابته الموضوعة فوق شفتيها برقة توقفها عن حديث وهو يهمس لها بنعومة
: الليلة بس واوعدك بكرة اخلى ماما وشروق يباتوا معاكى. اتفقنا.

هزت رأسها لها بالايجاب ببطء وعينيها معلقة بعينيه فيبتسم لها برفق وسبابته مازالت على وضعها فوق شفتيها ولكنها اخذت تتحرك بنعومة فوق امتلائها ترسم حدودها برقة تنخفض عينيه ببطء تتابع حركة سبابته يشعر مع كل لمسة منه لها بنيران جسده ترتفع ببطء وهو يستشعر نعومتها يجذبه هذا الاستسلام منها وهى تجلس امامه بانفاسها المتعالية مع كل حركة او لمسة منه وجنتيها متخضبة بحمرة بالخجل تكاد تشعلها فيخفض وجهه ببطء وتروى ناحيتها انفاسها الناعمة فتمتزج بانفاسه الملتهبة مقتربا منها حتى اصبح قاب قوسين او ادنى من هدفه.

لكن تأتى تلك الطرقات السريعة فوق الباب محطمة السحر من حولهم لشظايا لتبتعد ليله فورا عنه الى الخلف بحدة وجنتيها حمراء كالجمر المشتعل فتأوهت الما بضعف من اثر حركتها المفاجئة تلك فتسرع اصابع جلال فورا الى حرجها لتتقفده بلهفة وقلق لكنها اوقفته قائلة بخفوت
: انا كويسة محصلش حاجة. ياريت تفتح الباب ممكن يكون الدكتور.

زفر جلال بحدة يلعن من بين انفاسه قبل ان يدس اصابعه بقوة بين خصلات شعره يرجعه الى الوراء ويعدل من وضعه ثم يلتفت اليها ليراها تعدل من وضع الضمادة باطراف مرتعشةفوقف يراقبها بأهتمام قبل ان يهمس لها بصوت متحشرج حازم
: حطى طرحتك على شعرك وداريه بيها خالص.

توقفت حركة يديها فوق رأسها ترفع عينيها اليه ترتسم بداخلهم الدهشة لكنها لم تستمر طويلا فى النظر اليه بل اسرعت بالبحث بلهفة عن غطاء شعرها واضعة له باحكام تحت نظرات عينيه المراقبة لحركاتها بأهتمام يمررها فوقها متفقدا لها قبل ان يتحرك بأتجاه الباب يفتحه بينما هى جلست تتخضب وجنتيها بالحمرة من شدة خجلها واضعة كفها الباردة فوقهم لعلها تخفف من لهيب سخونتهم واحمرارهم.

دلف الطبيب المبتسم بهدوء ومعه ممرضة الى الداخل سائلا اياها بصوت عملى
: ازيك دلوقت يا مدام ليله.

ليله وعينيها تنظر بأرتباك الى جلال الواقف مستندا فوق الجدار بجوار الباب تهمس بارتجاف
: الحمد لله كويسة.

الطبيب وهو يدون بقلمه ماتقوله
: طيب فى صداع، الم. قىء. اى حاجة مش طبيعية.

كانت ليله مع كل سؤال تهز راسها بالنفى له ليهز الطبيب رأسه استحسانا قائلة بجدية
: كده يبقى كله تمام والاشعة الاخيرة بتقول ان الامور بخير وجرحك تمام ومفيش اى قلق منه
بس هتفضلى معانا ليلتين تلاتة كده لاطمئنان وبعدها تقدرى تخرجى بالسلامة.

ثم التفت الى جلال يكمل بجدية وعينيه تبعث اليه برسالة استقبلها جلال بأهتمام
: موضوع الذاكرة ده شيئ مؤقت مفيش اى قلق منه ممكن ترجع بكرة بعده اى وقت ممكن حتى دلوقت حالا. اهم حاجة تبعد عن التوتر والعصبية وكل امورها تمشى بطبيعية من غير اى ضغط.

هز جلال راسه له موافقا بتأكيد ليستأذن الطبيب بعدها مغادرا فأسرعت ليله تهمس فور مغادرته لجلال وبعينيها نظرة امل ورجاء
: ممكن لما اخرج اروح بيت عيلتى. عاوزة اشوف جدى واطمن عليه.

صعقت ملامحه فور نطقها لكلماتها يلعن نفسه وحظه فكيف غفل عن هذا الامر تماما
فكيف له الان ان يخبرها بموت جدها معرضا اياها لتلك الصدمة والالم مرة اخرى
لذا وقف امامها ينظر اليها بوجوم يشعر بنفسه مقيدا بالاغلال لايدرى كيف له بالخروج من هذا المأذق.

جلس فوق المقعد المجاور لفراشها يمرر سبابته يتحسس بها رقة بشرة معصمها الممدد بجوارها عينيه تتابع بشرود وجهها النائم بملامحه الرقيقة الناعمة هو يتذكر كيف استطاع الهروب من مأذق طلبها رؤية جدها قائلا لها وهو يقترب منها محدثا اياها بهدوء ورقة
: اوعدك لما تخفى اخدك ونروح هناك بس قبل كده مينفعش لاننا مخبين على جدك اللى حصل انت عارفة حالة قلبه وضعها ازاى.

ضمت شفتيها بحزن وهى تهز راسها له بالموافقة ليكمل حديثه وهو ينزع عنها غطاء شعرها يمرر ظاهر انامله فوق وجنتيها بحنان ظهرا جاليا فى عينيه قائلا بخفوت ورقة
: ايه رايك اجيبلك الاكل دلوقت علشان تاخدى بعديه العلاج وتنامى.

هزت راسها بضعف له بالايجاب ليمضى النصف الساعة الماضية فى اطعامها واعطائها الدواءقبل ان يساعدها فى الاستلقاء فوق الفراش مرة اخرى فتغرق على الفور فى النوم بينما ظل هو جالسا بجوارها مراقبا اياها لا يدرى لتلك المشاعر التى تنتابه الان مسمى فهى مزيج مختلط من عدة مشاعر لكن لا مكان بينهم لغضبه السابق منها ابدا.

افاق من افكاره على صوت همهمتها الضعيفة وتحركها العنيف فوق الفراش وهى تهز رأسها فوق وسادتها هامسة برفض وارتعاب
: لاااا، لااا، ااااه.

صرخت برعب فاسرع اليها يوقظها سريعا هاتفا يناديها فقد كانت تقاوم يديه وهى مازالت تصرخ بتلك الطريقة الفزعة فأتت هزته لها تلك المرة قوية ففتحت عينيها سريعا بذهول مرتعب شاهقة بقوة فاخذ يمرر انامله فوق صفخة وجهها المتعرق يجففها بحنان وهو يحاول بث الطمأنية اليها بكلمات مهدئة رقيقة ثم يساعدها على النهوض يعطى لها كوب من الماء اخذت ترتشف منه بنهم مريقة بعض قطرات فوق عنقها بينما وقف هو يراقبها بأهتمام حتى انتهت فساعدها على الاستلقاء مرة اخرى تغمض عينيها مرة اخرى فوقف يراقبها للحظة قبل ان يعود الى مقعده يجلس فوقه ولكن ما ان استقر فوق حتى اتى صوتها الضعيف يناديه بهمس وهو تلتفت بجسدها ناحيته قائلة بصوت مرتعش خائف.

: ممكن تمسك ايدى لحد مانام؟

اهتزت ملامحه القوية لدى سماعه لصوتها الرقيق وتلك النبرة الضعيفة به يمد يده اليها يمسك بيدها الممدودة له داخل كفه يغطيها تماما بها فتنهدت بأطمئنان فيستغل تلك الفرصة يسألها بهدوء
: شوفتى ايه فى حلمك احكيلى.

توتر جسدها ليلعن نفسه على فضوله لكن اتت همستها تقاطع تلك اللعنات حين قالت بخوف وصوت مرتجف
: مش فاكرة، الحلم كان ملخبط مش قادرة اميز فيه حاجة، غير سلم كبير وانا واقفة فوقه.

ظل جلال صامتا عينيه تراقب ملامحها يسألها باهتمام رقيق
: بس كده مقدرتيش تميزى حاجة تانية.

هزت ليله راسها بنفى تهمس بصوت ضعيف
: مش فاكرة غير كده بس، جلال.

نطقت اسمه بنعومة ليهمم لها مجيبا فورا بلهفة لتكمل وعينيها تنظر اليه بفضول
: احنا اتجوزنا ازاى اقصد، انت شوفتى ازاى وفين، وحسيت بايه اول مرة شوفتى، وانا كنت فرحانة لما اتجوزنا. عاوزة تحكيلى كل حاجة.

لم يجيبها للحظات مذهولا من اسئلتها له ينعقد لسانه للحظة قبل ان يتنحنح بقوة يجلى صوته قائلا لها برقة ولكن تحمل معها الحزم يضم كفها الصغير بين كفيه
: طيب نامى دلوقت وبكرة هقولك كل حاجة المهم دلوقت ترتاحى وكل حاجة هتعرفيها بعدين.

اغمضت عينيها سريعا بأستسلام فقد كانت تشعر بارهاق وضعف شديد يتخلل كل جسدها تاركة اياه جالسا فى مكانه عينيه ترق فورا و ترتفع أبتسامة حانية تتلاعب فوق شفتيه حين وجدها تجذب كفيهم معا لتضعها تحت وجنتها متوسدة اياهم.

جلست شروق اثناء رحلة العودة بالسيارة بوجهه متجهم تزم شفتيها بحنق جعل والدتها تسألها بحنان
: مالك يا شروق وشك مقلوب ليا من ساعة ما خرجنا من المستشفى هى اختك فيها حاجة ومخبية ليا.

التفتت شروق تهتف بحنق
: ايوه فيها وبصراحة انا...

ات صوت سعد يناديها بحزم بأسمها يوقفها عن الكلام لتزم شفتيها مرة اخرى زافرة بحنق تلتفت الناحية الاخرى تتطالع من نافذة السيارة لتسأل والدتها بلهفة وخوف
: مالها اختك يا شروق مش انتوا قلتوا ان الدكتور تطمنكم وانها بقيت كويسة و كلها يومين وتفتكر كل حاجة من تانى.

اتت الاجابة هذه المرة من سعد قائلا برقة
: ايوه يامرات عمى حصل وصدقينى ليله زاى الفل وكلها بكرة بالكتير وهترجع بيت جوزها.

صالحة ومازلت علامات القلق والتوتر جلية فوق وجهها
: اومال شروق بتقول ان فيها حاجة ليه، سعد يابنى لو ليله فيها حاجة قولى ومتخبيش عليا.

سعد وعينيه تتطالع الى شروق قائلا بلهجة مطمئنة
: ابدا كل الحكاية ان شروق زعلت من جلال انه رفض انكم تباتوا معاها الليلة دى وشدوا مع بعض شوية مش كده ولا ايه ياشروق.

اتت كلماته الاخيرة بنبرة تحذرية ادراكتها شروق على الفور لتسرع تلتفت الى والدتها تجيبها بحنان تؤكد حديث سعد قائلة
: ايوه بالظبط يا ماما مانتى عارفة انا بخاف على ليله ازاى ومكنتش هطمن الا لما ابات انا معاها بس اعمل ايه بقى فى جلال وتحكماته.

ابتسمت صالحة بحنان قائلة
: عارفة ياحبيبتى عارفة بس معلش هو جوزها برضه وادرى بالصالح ليها.

اغتصبت شروق ابتسامة ترسمها فوق شفتيها تهمم بكلمات غير واضحة بما يشبه بالموافقة جعلت سعد يبتسم مرحا رغما عنه قبل ان يقول بصوت جاد واضح النبرات
: المهم دلوقت ان عاوز منكم ان محدش يعرف بلحصل بخصوص ليله عندنا فى الدار، ولا حرف ولا كلمة تتقال احنا كنا عندها زيارة عادية بعد ما شروق عرفت منها انها تعبانة شوية وخلاص.

تبادل هو وشروق النظرات المتفاهمة تهز راسها له بالموافقة ثم تلتفت الى والدتها تناديها بتحذير لتسرع صالحة بأجابتها مؤكدة
: متخفيش يا حبيبتى ولا حرف من اللى حصل هتقال
مع انى كنت بقول نعرف عمك اهو برضه يروح لها زيارة ويشرفها ادام اهل جوزها هو ومرات عم...

صرخ سعد وشروق معا كلا يناديها بطريقته بحدة وتحذير لتسرع فورا بقطع كلماتها تكمل بدلا عنها بلهفة
: بس خلاص مدام انتوا شايفين كده يبقى زاى ما بتقولوا ولا حرف وكلمة هيطلعوا لحد ابدا.

تبادل سعد وشروق نظرات قلقة متوجسة يعرفون تمام المعرفة ان عند وصل اقل معلومة مما حدث الى احد من اهلهم لن يمر الامر مروو الكرام ابدا وخاصا من شخص محددا لن يدع خبر كهذا دون البحث ورائه وهو من اوضح نيته منذ اول يوم خطى فيه الى دارهم ان شاغله الشاغل هو ليله وليله فقط.

تمللت فى نومها تشعر بالجفاف فى حلقها كما لوكانت داخل صحراء قاحلة ففتحت عينيها بصعوبة تحاول النهوض لكنها توقفت عن الحركة فورا حين لمحت عينيها رأس ذو شعر اسود تستقر على جانب الفراش فكادت ان تهب صارخة بفرغ لكنها اسرعت بتمالك نفسها عندما وصل الى ادراكها من صاحبها لتعاود الاستلقاء مرة اخرى بهدوء تتأمل بتفكير ملامحه المسترخية وخصلات شعره الساقطة باهمال فوق جبهته لتسرع ابتسامة اعجاب بطيئة بالارتسام فوق شفتيها تتسأل فى نفسها برهبة ممزوجة بالانبهار.

هل حقا هى زوجة لهذا الرجل الرائع، هل انقذها الله من مصير كان الموت عليها اهون منه وهو زواجها المتوقع بأبن عمها والتى كانت تقشعر اشمئزازا منه ومن نظراته الشهونية لها كلما وقعت انظاره عليها فيأتى هو لينقذها منه ومن ذلك المصير التعس.

اتسعت ابتسامتها لتضيئ وجهها بنورها تمد يدها ناحيته بتردد فتتلمس تلك الخصلات الساقطة فوق جبهته تزيحها للجانب بحنان متسألة بهمس رقيق
: ياترى شوفتنى اول مرة فين وامتى؟ وازاى اتجوزنا وانا كان احساسى ايه اول مرة شوفتك.

ضحكت ضحكة رقيقة خافتة تشتعل وجنتيها بحمرة الخجل تهمس
: اكيد كان زاى احساسى دلوقت وانا كأنى بشوفك لاول مرة..
مرت اناملها فوق بشرة وجهه تتلمسها برقة كرفرفات الفراشة تكمل هامسة بنعومة
: يمكن يكون عقلى مش فكراك بس قلبى بضرباته العاليه ورجفته واحساسى بالراحة والامان اللى حاسة بيهم دلوقت وانت معايا بتقولى انك حاجة مهمة عندى اووى وانا اتعودت اصدق قلبى فى كلامه ليا.

اخذت تتلمس ملامحه برقة تحاول حفظها بداخلها لكن سرعان ما شهقت فزعة بخفوت تسرع بابعاد اناملها عن وجهه حين همهم فى نومه يحرك راسه ببطء دليل على استيقاظه فادارت راسها سريعا بحركة عنيفة الى الجانب الاخر تتنفس بعمق تحاول اغماض عينيها متظاهرة بالنوم لكن يأتى الالم الناتج عن حركتها الخرقاء هذة كصاعقة تدق رأسها بقسوة جعلها تشهق رغما عنها متألمة بعنف جعل جلال ينتفض من النوم من يقف على قدميه ينحنى فوقها مناديا ايها بقلق وتوتر.

: ليله، مالك ياليله حصلك حاجة؟

اغمضت عينيها تعض فوق شفتيها تأن بألم جعل من وجهها شاحبا بشدة ليلتفت جلال باتجاه الباب قائلا بخوف وجزع ظهر جليا فوق ملامحه
: انا هروح انادى الدكتور وهاجى حالا.

نادته بصوت لاهث متألم فتوقف مكانه يلتفت ناحيتها مرة اخرى يجيبها بلهفة لتكمل ببطء وبصوت ميجهد
: مفيش داعى للدكتور ان بس حركت راسى بسرعة فوجعتنى.

اقترب جلال من الفراش يجلس فوقه ببطء مادا ابنامله يتلمس وجهها برقة قائلا
: طيب مش تاخدى بالك، وبلاش الحركة الا لضرورة.

اسرتها الرقة فى صوته وعينيه لتهز رأسها له بالموافقة كالمغيبة مما جعله يبتسم لها بحنان قائلا وانامله مازالت تواصل رحلتها فوق بشرتها بنعومة
: الدكتور نبه بلاش تحركى راسك كتير علشان الجرح لسه جديد ومش عاوزين اى مضاعفات تحصل بسببه.

بادلته الابتسام هى الاخرى بخجل وحياء تهمس له بموافقة تكاد تسمع فقال جلال يسألها بخفوت رقيق
: كنتى عاوزة تقومى تروحى فين وانا اساعدك.

اشتعل وجهها احمرار تلوك شفتيها بارتباك هاربة كل الحجج من عقلها لتسرع فى قول اول حجة اتت الى ذهنها قائلة بارتباك
: كنت عاوزة اروح الحمام ومحبتش اقلقك وانا بتحرك من السرير.

جلال ومازالت تلك البسمة الحنون تزين شفتيه قائلا برقة
: طيب ايه رايك اساعدك انا؟

اتسعت عينيها رهبة تجيبه بتلعثم
هااا، انا، انت، مكن تنادى ليه، الممر..

لم يمهلها جلال الفرصة لتكمل حديثها ينحنى فوقها يلف ذراعه خلف كتفها ينهضها عن الفراش برفق يحدثها بحزم
: طلما انا موجود يبقى متطلبيش من حد غيرى اى حاجة او اى طلب ليكى اتفقنا.

ارتجف قلبها فرحا بحديثه تتراقص ابتسامة سعيدة بلهاء فوق شفتيها وهى تطاوعه فى حركته ناهضة عن الفراش معه ببطء مستندة بجسدها عليه وقد لف خصرها بساعده بحمايه يتحرك بها بأتجاه الحمام الخاص بالغرفة لكن تأتى طرقات ناعمة فوق باب لتوقفهم مكانهم بغتة قبل ان يقول جلال بصوت رقيق
: ادخلى انتى وانا هشوف مين على الباب، ممكن يكون الدكتور.

هزت راسها له ببطء تطيع كلماته فتدخل الى الحمام مغلقة خلفها الباب يتابعها جلال بعينه بأهتمام للحظة قبل ان يتوجه الى الباب يفتحه ليجد شروق تقف ومعها سعد الذى اسرع فى القاء تحية الصباح عليه دون محاولة الدخول على عكس شروق والتى اسرعت تدلف الى الداخل تجول فى ارجاء الغرفة متسألة بقلق ولهفة
: ليله فين؟هى مش موجودة ليه، فى حاجة حصلت لها؟، اختى راحت...

قاطعها سعد بحرج ينظر بأتجاه جلال الواقف مستند فوق اطار الباب عاقدا ذراعيه فوق صدره يتابع تحركاتها داخل الغرفة بعدم اكتراث
: اهدى يا شروق مش كده هتكون فين يعنى.

توقفت شروق مكانها بارتباك قائلة بحرج موجهة حديثها الى جلال
: اسفة، انا بس قلقت عليها، هى فين بقى.

اشار جلال برأسه بأتجاه باب الحمام قائلا بنبرة ذات مغزى
: فى الحمام تقدرى تدخلى تطمنى عليها لو تحبى.

ارتبكت شروق تشتعل وجنتيها حرجا ليسرع سعد قائلا بمرح
: طيب ايه رايك نخليهم مع بعض وتعال احنا نقعد بره فى الاستراحة.

هز جلال راسه موافقا يتحرك معه مغادرا ولكنه توقف مرة اخرى يلتفت ناحية شروق يناديها بصوت ظهره فيه الرجاء جعلها تنتبه له وعينيها تتسع ذهولا حين رأت التردد والحيرة فوق ملامحه قبل ان يقول برجاء وصوت هامس
: ليله متعرفش ظروف جوازنا ولا تعرف ان جدها مات فعلشان خاطر، اقصد علشان خاطرها بلاش تعرفيها اى حاجة دلوقت وانا هبقى اعرفها كل حاجة بعدين براحة.

وقفت شروق تحدق فيه تراه ينتظر اجابتها بلهفة ورجاء ظهر جليلا بعينيه جعلها ترق له فتسرع بهز راسها بالموافقة لترتسم ابتسامة راحة فوق شفتيه يشكرها بخفوت ثم يغادر سريعا يصحبه سعد لتهمس شروق فور مغادرتهم بحيرة فرحة
: غريب اووى جلال ده دايما حاله بيتبدل تماما ومابشوفش ادامى وقتها جلال الصاوى اللى الكل بيتكلم عن صرامته وشدته مدام الموضوع بيخص ليله وراحتها.

يابنى فاهمنى انت عاوز ايه بالظبط؟
نطق علوان بكلماته تلك لولده راغب الجالس باسترخاء فوق مقعده ينفث دخان سيجارته بهدوء مستفز ليهب علوان صارخا بصوت نزق
: ماترد عليا يا بنى عرفنى دماغك دى فيها ايه؟

التفت اليه راغب ببطء وهدوء قائلا
: الارض يابا، عاوز الارض كلها لينا وبس.

اتسعت عينى علوان ذهولا للحظة ثم عقد حاجبيه بحيرة يهمس
: ودى هتيجى ازاى مانت عارف ان بنات عمك معاناو...

قاطعه راغب يعتدل فوق مقعده قائلا بحزم خبيث
: اديك قلت بنات عمى، احنا بقى من امتى والبنات ليها ورث فى الارض واظن ان حقهم وصل وبزيادة.

علوان وقد التمعت عينيه بجشع يسأله بلهفة
: طب ازاى فاهمنى؟

بادله راغب النظرات وقد ارتسمت فوق شفتيه ابتسامة جذلة فرحا بما رأه من قبول لدى والده
: اقولك ازاى. دلوقت ليله واخد ارض تمنها الشيئ الفولانى علشان جوزتها وشروق كفاية عليها جوازها من سعد ويبقى كده وصلهم حقكم تالت ومتلت.

علوان وقد ارتسمت ابتسامة جذلة طامعة فوق شفتيه هو الاخر يتراجع فى مقعده مستندا عليه قائلا
: والله كلامك معقول ياواد ياراغب ويوزن الدماغ بس..

ضاقت عينيه قلقا يكمل قائلا
: تفتكر بنات عمك هيسكتوا على الكلام ده ولا هيفضحونا فى البلد ويقولوا كلوا حقنا وسيرتنا تبقى على كل لسان.

اسرع راغب يجيبه بتاكيد وحزم
: لا متخفش. وحتى لو حصل ساعتها هنسكتهم بقرشين ونخليهم يمضوا انهم استلموا مراثهم بس ارض لا ولا شبر منها هيطلوه مننا وكفاية اووى اللى ضاع.

هز علوان راسه بأسف قائلا
: عندك حق ياراغب والله كفاية اللى عمله جدك الله يرحمه ضيع من ادينا حتة ارض عمرنا ما هنعوضها علشان خاطر جوازة الست ليله.

التمعت عينى راغب بحقد وقسوة قائلا
: صدقينى يابا ارض وصاحبة الارض راجعين راجعين.

علوان بخوف وتوجس،
: ودى ازاى بقى يافالح. لاا بقولك ايه مشاكل مع عيلة الصاوى انا مش عاوز انت متعرفش جلال الصاوى ده نابه ازرق واحنا مش اده.

كسى الحقد والغل وجه راغب وهو يستمع الى حديث والده ورعبه الظاهر بوضوح من غريمه قائلا
: انت مش قلت ان ليله لسه الارض بأسمها وانها لحد دلوقت ما راحتش لابن الصاوى.

هز علوان راسه بتأكيد قائلا
: حصل والمحامى مأكدلى الكلام ده بنفسه.

راغب جازا فوق اسنانه ينظر الى البعيد بعينين مشتعلة حاقدة يبتسم بخبث
: حلو اووى معنى انها مفرطتش فى الارض ليه لحد دلوقت يبقى الموضوع ده وراه موال كبير وانا بقى وراه ولازم اعرفه
صمت للحظات تضيق عينيه بتفكير قائلا
: بس لو اعرف اشوفها واقعد معاها لوحدنا ولو لخمس دقايق هخليها تقولى على كل حاجة عاوز اعرفها.

نطق علوان اسمه بتحذير وخشية ليلتفت اليه راغب وهو مازال يحمل ابتسامة الذئب فوق شفتيه قائلا
: متخفش يابو راغب ابنك مابيخطيش خطوة الا لما يحسب ويخطط لها صح هى بس عاوزة شوية صبر وتخطيط فى السليم وكله هيبقى بالمظبوط ويبقى يورينى ابن الصاوى هيقف قصادى وقتها ازاى.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
تجمعت نساء عائلة الصاوى حول مائدة الطعام لايسمع سوى اصوات ادوات المائدة بينما يسود الصمت والهدوء فيما بينهم لفترة ليست بالقليلة حتى تحدثت زاهية قائلة بلؤم تتشدق بكلماتها
: ايه يام جلال مش ناوية تروحى تزورى مرات ابنك دى بقالها تلات تيام فى المستشفى ولسه مزورتهاش.

اجابتها قدرية دون ان ترفع رأسها عن طعامها توليه كل اهتمامها
: لا مش ناوية وبعدين دى كانت اوامر جلال محدش فينا يروح وعلى العموم هى هتخرج النهاردة.

لوت زاهية شفتيها للجانب قائلة بغيظ
: اه قولتيلى بقى، وانا اللى كنت ناوية اروح ازورها انا وسلمى النهاردة بس يلا معلش.

رفعت سلمى وجهها بحدة ناحية والدتها تظهر لمحة من الرعب فوق وجهها لم تفت عينى والدتها والتى اخذت تراقبها بأهتمام شاردة عن حديث قدرية الحاد لكنها اعادت انتباها اليها حين قالت قدرية بخشونة وغلظة
: خايف على الهانم لحد فينا يغلط ادمها بكلمة كده ولا كده ماهى مش فاكرة اى حاجة من يوم جوازها بجلال.

اسرعت حبيبة تسألها بأهتمام تفيق من شرودها والذى اصبح ملازما لها فى الاونة الاخيرة
: طيب وهى هتفضل على حالها ده كتير؟، طيب الدكاترة قالوا ايه وهتعمل ايه.

نفضت قدرية جسدها عن المقعد قائلة بحدة
: معرفش ومش عاوزة اعرف. اما يجى اخوكى ابقى اسأليه ومش عاوزة حد يصدع دماغى بكلام عن البت دى تانى.

توجهت ناحية الباب بخطوات غاضبة سريعة تتابعها الاعين لتتوقف بغتة تلتفت اليهم مرة اخرى قائلة بجمود
: اه وجلال مش عاوز حد فينا يجيب سيرة ادامها عن اى حاجة تخص جوازتهم ولا عن موت جدها لحد ما يكلمها هو ويعرفها بنفسه.

انهت حديثها تخرج من الغرفة سريعا لتلتفت زاهية الى حبيبة تسألها بفضول
: يعنى ايه الكلام ده ازاى مش فاكرة هى الوقعة لخبطت دماغها ولا ايه.

هزت حبيبة رأسها قائلة بذهول
: مش عارفة يا مرات عمى انا اول مرة اسمع زيك بالكلام ده ومكنتش اعرف ان ده السبب اللى مخلى جلال ميرضاش حد فينا يزورها.

تنهدت باسف ناهضة من مكانها هى الاخرى قائلة
: هروح اكلم جلال وافهم منه ايه الحكاية دى واطمن عليها بالمرة.

تحركت بأتجاه الباب مغادرة لتسرع زاهية قائلة باسف مصطنع
: اه روحى ياحبيبتى اطمنى عليها ماهى مرات اخوكى برضه ويهمك امرها.

ثم التفت ناحية سلمى فور مغادرة حبيبة تلكزها فى ذراعها بعنف قائلة
: مالك يابت ايه حكايتك بالظبط قاعدة ساكتة ومسهمة بقالك كام يوم ليه مش عوايدك يعنى.

سلمى بأرتباك وهى تحاول النهوض من مقعدها
: ابدا ياماما مالى، مانا قاعدة كويسة اهو وبعدين عوزانى اتكلم اقول ايه.

امسكت زاهية بمعصمها توقفها عن الحركة قائلة بحدة
: عليا الكلام ده يابت انتى وبعدين وشك اتخطف ليه لما جبت سيرة اننا نروح لليله المستشفى؟انطقى وراكى ايه.

شحب وجه سلمى لكنها اسرعت تجيبها تتظاهر بالنزق قائلة
: ايه ياماما هيكون ورايا ايه!كل الحكاية انى مش طايقة سيرة اللى اسمها ليله دى وانتى عوزانى اروح ليها المستشفى، من حبى فيها يعنى.

جالت عينى زاهية فوق وجهها كعينى صقر يظهر عدم تصديقها لحديث ابنتها بهم قبل ان تقول ببطء
: ماشى ياسلمى هعمل نفسى مصدقاكى بس يا ويلك منى لو اللى فى دماغى طلع صح.

سلمى بخوف وارتبارك تبتعد بعينيها بعيدا عن عينى والدتها قائلة بتلعثم
: ماما، بقولك ايه، بلاش شغل المباحث ده، انا مش ناقصة وكفاية عليا جوازة الغم اللى رمتونى فيها، مش ناقصة الست ليله هى كمان.

نهضت زاهية عن مقعدها قائلة بهدوء يخفى ورائه الكثير
: ماشى يا سلمى هسيبك. بس عوزاكى تحمدى ربنا ان ليله مش فاكرة حاجة والا كانت عشتك هتبقى سودا مش من ابوكى. لاااا من جلال نفسه لو عرف انك ليكى يد فى اللى حصل لمراته.

فورا انتهاء كلماتها اسرعت بالمغادرة تاركة خلفها سلمى تحدق فى اثرها بخوف ورعب وقد ادركت ان والدتها تعلم بما قامت به فيتسلل اليها هاجس مرعب بان يعلم شخص اخر سواها بفعلتها وقتها ستكون فى اعداد الموتى فان لم يكن بيدى والدها سيكون بيدى جلال فهو لن يرحمها ان علم انها كادت ان تنهى حياة زوجته فى لحظة غضب عمياء.

لا تعلم لما انقبض قلبها حين توقفت بهم السيارة امام ذلك المنزل المهيب يتسلل اليها الخوف والقلق وهى تنزل من السيارة تقف فى انتظاره ليأتى اليها سريعا لافا ذراعه حول خصرها بحماية فرفعت عينيها اليه بوجل جعله يسرع بالابتسام لها بطمأنينة قبل ان يحثها على السير معه حتى باب المنزل المهيب قال لها بحنان ورقة.

: انتى تطلعى على طول ترتاحى فى اوضتنا ومش عاوزك تجهدى نفسك خالص وانا هروح اعمل كام حاجة وهرجعلك على طول.

لم تشعر سوى ويدها تتسبث بيده بقوة هامسة برجاء يتخلله الخوف
: لاا، متسبنيش لوحدى انا معرفش حد غيرك هنا.

رقت عينيه مبتسما لها بحنان رافعا يده من حول خصرها نحو وجنتها يتلمسها بنعومة قائلا
: متخفيش مش هغيب عليكى وهخلص اللى ورايا على طول. بس انا عاوزك فى الوقت ده ترتاحى لحد ما ارجعلك.

لم تجد امامها سوى ان تهز رأسها له بالايجاب بتردد لاتجد ما تقوله فبرغم تشبثها هذا به الا انه مازال بالشخص الغريب عليها تخشى تلك اللحظة التى ستضطر فيها ان تعيش معه تحت سقف واحد حياة الازواج برغم انها خلال الثلاث ايام الماضية اصبحت تعتاد على وجوده معها واهتمامه الواضح بها تشعر بالضيق يتسلل اليها حين تضطره الظروف ان يغادرها لامر ما تاركا ايها مع شقيقتها او والدتها تتملل طوال غيابه جالسة متجهمة الوجه تتذمر من مزح شروق الخاص بحالتها هذة حتى عودته لها مرة اخرى لتصبح شخصا اخر تماما حين تراه.

عينيها تتابع ادق تفاصيله بلهفة وانبهار حين تظن انه غافلا عنها ترتسم ابتسامة بلهاء هائمة فوق شفتيها وحين تلتقى عينيه بعينيها تتعالى دقات قلبها حتى تخشى ان يسمعها من معهم فى الغرفة تشتعل وجنتيها خجلا حين يبتسم لها ابتسامته الدافئة تلك لتخطف معها احدى دقات قلبها.

ولكن وهى تقف معه الان امام ذلك المنزل المهيب تموج بداخلها مشاعر متناقضة فمن ناحية تريده معها لا يفارقها ومن ناحية اخرى تخشى وجودها معه بمفردها دون شقيقتها او والدتها.

انتبهت من افكارها على صوته الهامس يناديها فرفعت عينيها اليه يظهر جليا داخلهم كل ما تشعر به من خوف ورهبة فأبتسم لها بحنان وهو يمرر طرف اصبعه فوق جسر انفها يحدثها كطفلة صغيرة خائفة
: متقلقيش كلها ساعة بالكتير وهكون معاكى مش هتأخر عليكى، تعالى يلا اعرفك على اللى فى البيت وتطلعى بعدها ترتاحى على طول.

دفع الباب ممسكا بيدها بين يده يجذبها بهدوء معه الى الداخل فسارت معه بلا حول ولا قوة لتجد جمعا من عدة نساء يجلسون فى منتصف البهو لتهب احدهم فور رؤيتهم تأتى ناحيتهم هاتفة بفرحة
: ليله، حبيبتى حمد لله على سلامتك نورتى بيتك.

احتضنتها بين ذراعيها مقبلة وجنتيها بحنان شعرت ليله معها بالراحة والطمأنينة بينما قال جلال بهدوء معرفا اياها
: دى تبقى حبيبة اختى.

ابتسمت لها ليلة بتردد فبادلتها حبيية الابتسام تتابعها عينيها بشفقة حين جذبها جلال يسير معها حتى توقف بها امام الباقى من الجمع المكون من سيدتين تظهر امارات الجمود ولا مبالاة فوق وجههم لا تظهر اى اشارة منهم لترحيب بها فشعرت بارتجاف قدميها زاحفا التوتر والرهبة اليها فتزداد اصابعها ضغطا فوق كف جلال الممسك بيدها وهو يعرفهن اليها بصوت قاسى خشن النبرات لتهب زاهية بأرتباك فورا ناحيتها تقبل وجنتيها بصوت عالى دون ان تلامسها قائلة بفرحة مصطنعة.

: اهلا يا حبيبتى حمد على سلامتك.

هزت ليله رأسها لها ببطء تحييها بخفوت اما قدرية فقد ظلت مكانها ترتشف فنجان قهوتها ببطء قبل ان تقول بأقتضاب دون ان ترفع عينيها عنه
: اهلا نورتى يا حبيبتى.

لم تجيبها ليله بل ظلت واقفة تطالعها بحيرة وقلق فمن الواضح عدم محبة والدة زوجها لها والتى ظهرت بوضوح من طريقة استقبالها لها تتسأل بداخلها عما حدث بينهم حتى تعاملها بهذا الجفاء.

اتى صوت جلال ليخرجها من شرودها مرة اخرى وعينيه ترسل رسالة الى والدته ان له معها حديثا بهذا الشأن استقبلتها قدرية بتملل فى مقعدها قلقا قائلا بصوت ظهر فيه غضبه المكبوت
: تعالى يا ليله اطلعك اوضتك ترتاحى فيها لحد ميعاد الغدا.

مان ان خطوا خطوتين فوق الدرج حتى ظهرت فى اعلاه سلمى والتى حين رأتهم حتى شحب وجهها يظهر خوفها فى عينيها لكنها تداركت نفسها سريعا تكمل نزولها ببطء تتوقف امامهم ملقية بتحية مرحة مصطنعة قائلة
: اهلا ياليله حمدلله على السلامة انا كنت عاوزة اجى ازورك بس جلا...

لم تسمع ليله الباقى من حديثها بل كانت تحدق بها كالمغيبة تتسارع فجأة امام عينيها صور مبهمة سرعان ما اختفت تاركة خلفها الم شديد فى رأسها جعلها تتأوه بشدة ليلتفت جلال اليها قائلا بخوف ولهفة
: مالك ياليله؟حصل ايه ايه بيوجعك.

لم تجيبه بل اقتربت منه تستند بجبهتها فوق صدره مغمضة العينين لتلتف ذراع جلال حول خصرها بحماية يضمها اليه سألا اياها بقلق
: نرجع المستشفى ولا اجيبلك هنا الدكتور احسن؟

همست بضعف وصوت مختنق فوق صدره قائلة
: لاا. انا بنسب عاوزة ارتاح وهبقى بعدها كويسة.

فورا وامام اعين الجميع المراقبة لما يحدث بأهتمام رفعها يحملها بين ذراعيه برفق وحماية ككنز غالى ثمين يصعد بها الدرج بخطوات سريعة رشيقة تتبعهم حبيبة بلهفة لتهب قدرية من مقعدها بعد ان غابا عن الانظار بوجه محتنق قائلة بغيظ وحنق
: شوفتوا البت ودلعها، ولا ابنى اللى هيشلنى بعمايله.

زاهية بخبث وابتسامة جانبية ساخرة
: ماهى مراته وتعبانة برضه يام جلال.

قدريه ضاغطة فوق أسنانها بسخط
: تعبانة! دى تعبانة وانا هعرف ازاى اكسر سمها.

ابتسمت زاهية بسرور واستمتاع بينما وقفت سلمى مكانها تحدق فى اثرهم تنهشها غيرة عمياء يختفى معها كل خوفها السابق من انكشاف سرها يحل محله غضب يمتلأ قلبها غيرة وهى ترى اهتمام ولهفة جلال يتأكلها حقدها من تلك الفتاة حتى ولو كانت تدعى زوجته.

جلس شارد الذهن تماما عما يدور من حديث بين عمه وفواز المتعلق بالاعمال اثناء جلستهم داخل غرفة مكتبه فعقله هناك بالاعلى لدى تلك المستلقية فى حجرتهم يتأكله القلق عليها فبرغم تركه لحبيبة معها لاعتناء بها الا انه مازال لا يستطيع صرف ذهنه عنها شاردا عن كل شيئ سواها هى لذا حسم امره ينهص واقفا فجأة مغادرا ليقطع عمه حديثه يسأله
: على فين يا جلال. احنا لسه مخلصناش الشغل اللى ورانا.

اجابه جلال وهو يتحرك ناحية الباب
: معلش يا عمى. دقايق وارجع لكم تانى.

هنا تحدث فواز ساخرا
: سيبه يا بويا. هو جلال بقى فاضى لحد غير لل...

ترك الباقى من جملته دون اكمال بصمت ذات مغزى ليتوقف جلال فجأة عن الحركة يلتفت ناحية فواز وعينيه تضيق بحدة يسأله بتحفز
: مش فاضى الا لمين يافواز. كمل سكت ليه، عاوز اعرف تقصد مين.

توتر فواز يظهر القلق على وجهه قائلا بتوتر وهو يدير عينيه بين والده وجلال تتلعثم حروف كلماته
: مفيش يابن عمى. كل الحكاية ان مصالحنا واقفة لينا اكتر من تلات تيام، ودلوقت قاعد معانا ومش معانا ده غير...

نظر الى والده عينيه تسأله موافقة منه على حديثه القادم لكن اظهر صبرى رفضه حين اخذ يهز رأسه له ببطء بالرفض لكن فواز تجاهل ذلك ملتفتا ناحية جلال مرة اخرى الواقف بتحفز يتابع ما يحدث بعينين اصبحت قاتمة غير مقرؤة التعبير ليقول فواز بصوت حاول اظهاره ثابتا.

: ده غير موضوع الارض اللى مش عاوز يخلص واحنا داخلين على شهرين اهو ومفيش اى جديد حصل فيه دانا حتى قلت انك هتستغل انها مش فاكرة حاجة وتمضيها ونخلص منه بقى الموال ده.

هز راسه بتعجب غافلا تماما عن جلال وقد نفر شريان عنقه ينتفض بعنف ضاغطا بشده فوق فكه حتى كاد يسمع صرير اسنانه و فواز يكمل مستنكرا
: بس بنت المغاربة سايقة العوج عليك وعلينا والموضوع طول ومسخ ونسيت احنا نسيبناهم ليه وعلشان...

فى طرفة عين وقبل انتهاء حديثه كان قد تحرك جلال بأتجاهه يطبق بقبضته فوق عنقه بقسوة لتجحظ عينى فواز رعبا ترتعش قدميه حين فح جلال من بين اسنانه بغضب مكبوت
: كلمة تانية عنها وهنسى انك ابن عمى واعرفك تتكلم عن مراتى ازاى بعد كده.

صبرى وقد هب عن مقعده يحاول فصم قبضة جلال من حول عنق ولده قائلا برجاء واسف
: حقك عليا انا يا جلال يابنى انت عارفه طول عمره لسانه سابق عقله.

لم يستجب جلال ولو بطرفة عين عينيه تتركز بشراسة فوق وجه فواز والذى اخذ يستعطفه هو الاخر بعينيه وشفاه جافة من شدة الخوف قائلا
حقك عليا يابن عمى انا بس كل الحكاية خايف عليك وعلى مصا...

جلال مقتربا بوجهه منه قائلا باستهزاء شرس
خايف! خايف على ايه؟ومن مين؟ومن امتى انت بتخاف على حد غير نفسك.

صبرى باستعطاف
: علشان خاطرى ياجلال لو ليا معزة عند سيبه يابنى.

لم يستجيب جلال له عينيه مسلطة فوق فواز المرتعد امامه للحظة مرت كالدهر قبل ان يفك حصار قبضته من حول عنق فواز استجابة لرجاء عمه مبتعدا بخشونة وحدة عنه قائلا باقتضاب
: كلمة ومش هكررها تانى محدش يدخل فاللى بينى وبين مراتى ولو حصلت تانى محدش يزعل بعدها من اللى هعمله.

فتح صبرى فمه ليجيبه ولكن يأتى دخول حبيبة العاصف للغرفة مقاطعا اياه حين صرخت بفزع ورعب
: الحقنى يا جلال الحقنى ليلة وقعت من طولها ومش عارفة اعملها حاجة.

تسمرت قدميه حين دلف الى الغرفة فيجدها ترقد فوق الفراش بلا حراك يشعر بدقات قلبه تتسارع رعبا ولهفة عليها تمر داخل عقله ذكرى رؤيته لها بذلك الوضع منذ فترة قصيرة للحظة مرت عليه كالجحيم قبل يهرول بأتجاهها يصعد فوق الفراش مستندا عليه بركبتيه جوارها يجذب جسدها المتراخى الى صدره هاتفا بأسمها بصوت جزع ملهوف لم تسمعه حبيبة ابدا منه واقفة تراقب مايحدث بعيون مذهولة قلقة وهى ترى شقيقها بتلك الحالة من العاطفة لاول مرة فى حياتهم معا وقد اخذ يربت فوق وجنة ليله وهو مازال يناديها بذلك الصوت الخشن الاجش وحين لم يجد استجابة منها رفع عينيه الى حبيبة قائلا بلهفة وصوت مختنق.

: حبيبة الحقينى، ابعتى هاتى الدكتور.

اسرعت فى اتجاه الباب تنفيذا لامره لكنها توقفت حين قال بتردد ولهفة
: لاا استنى. هاتى اى حاجة افوقها بيها الاول.

اسرعت باتجاه طاولة الزينة تختطف من فوقها زجاجة من العطر ثم تأتى بها اليه فاخذها يضع بضع قطرات فوق كفه ثم يقربه من انف ليله يسأل وعينيه تتابع بأهتمام ولهفة اى اشارة منها عن عودتها الى وعيها
: ايه اللى حصل ووصلها لكده؟

اخذت حبيبة تفرك كفيها معا أرتباكا قائلة
: كانت بتتكلم مع مرات عمها فى التليفون وسألتها عن عن...

رفع جلال وجهه ببطء عينيه تلتمع بشراسة يسألها بخشونة ونفاذ صبر
: سألتها عن ايه بالظبط انطقى.

فزت حبيبة فزعا تجيبه بتلعثم
: سألتها ع، عن، جدها وفجأة لقيتها وقعت من طولها، ومعرفتش اعمل حاجة.

اغمض جلال عينيه بقوة لاعنا من بين انفاسه لكنه عاد فورا بأهتمامه الى ليله حين بدأ يصدر عنها همهمات ضعيفة تنبأ عن استعادتها للوعى.

فتحت عينيها تنظر حولها ببطء حتى وقعت انظارها فوق جلال كغريق يبحث عن طوق النجاة ترتعش شفتيها هامسة بأسمه بألم عينيها تغشاها الدموع تسأله اجابة عن سؤال عجزت شفتيها عن نطقه فلم يتمالك نفسه وهو يرى كل هذة الالالم بعينيها يجذبها الى صدره بحماية يكاد يغمرها داخل احضانه زافرا بقوة وبلا حيلة يتمنى لو يستطيع انكار اجابة هذا السؤال وهو يشعر بها ترتجف بين ذراعيه بفعل قوة شهقات بكائها دافنة وجهها بعنقه حين ادركت الاجابة دون ان ينطق بها تزداد حدة بكائها بصوت تقطع له نياط قلبه.

فيزيد من ضمها اليه وهو يهمس بصوت متحشرج
: عيطى يا حبيبتى، طلعى كل حزنك عليه، اعملى كل حاجة ممكن تريحك، وانا هنا جنبك مش هسيبك ابدا.

ازداد تشبثها به ينتفض جسدها من عنف شهقات بكائها فاخذ جلال يهدهدها كطفلة صغيرة هامسا لها بنعومة ورقة بكلمات مواسية حنون محاولا التخفيف عنها ليظلا على حالهم هذا غافلين عن انسحاب حبيبة الهادئ من الغرفة وهى تتمازج مشاعرها مابين الشفقة على ما راته امامها من انهيار ليله التام
وبين الذهول لما رأت عليه شقيقها وهى تراه لاول مرة بهذه الحالة من الضعف كانت المسئولة عنها من كانت قابعة بين احضانه الان...

مرت الدقائق عليها وهما على هذا الوضع يستكين رأسها بين حنايا عنقه وقد توقفت اخيرا عن البكاء تضمها ذراعيه اليه بحنان يحدثها برفق وحنان مواسيا قائلا
: انا عارف انك كنتى بتحبيه، وهو كمان كان بيحبك، يمكن اكتر من اى حد، وعمل كل حاجة يقدر يعملها علشان يكون مطمن عليكى.

رفعت رأسها ببطء اليه وجهها شديد الاحمرار ملطخ بدموعها وشفاه مرتعشة الما وحزنا لينقلب كيانه لرؤيتها بهذه الحالة يمد اصابعه لتتخلل خصلات شعرها قائلا بصوت اجش
: صدقينى ياليله هو حاسس بيكى ومعاكى و انتى بتدعيله على طول بالرحمة.

ابتلعت ليله لعابها تخفض عينيها عنه هامسة بصوت خافت متألم
: كنت دايما خايفة من اليوم ده خايفة يسبنى لوحدى فى الدنيا مليش ليا فيها حد غيره خايفة يسبنى من غير ضهر ولا حماية.

قرب جلال وجهها اليه يهتف امام عينيها و عينيه تحمل كل وعود العالم بالحماية
: اوعى تقولى كده تانى وانا موجود، انا ضهرك وحمايتك، مستعد اهد العالم ده كله علشانك...

جذب راسها اليه مرة اخرى يحتضنها فوق صدره بقوة بانفاس ثقيلة وقلب منقبض وهو يهمس لنفسه قبل ان يكون لها بصوت مرتجف
: محدش يقدر يمسك حتى ولو بكلمة طول مانا موجود كفاية كنت هخسرك مرة ومعنديش استعداد اخسرك تانى.

: يابنى بقولك سألتنى عن جدك لما كلمتها
هتفت فوزية بكلماتها تلك لولدها راغب حين سألها مرة اخرى عما حدث فى مكالمتها لليله بعد ان استمع الى تلك المكالمة على غفلة منها لياخذها الى الغرفة بعد ذلك فى محاولة لاستجوابها عن فحوى تلك المكالمة ليقول بعدها بتوتر وعصبية
: طيب ده معناه ايه عاوز افهم؟ازاى هتسأل عنه وليه، طيب هى ردت بأيه بعد ما عرفيتها انه مات.

تنهدت فوزية بقلة صبر قائلة
: زاى ما قلتلك قبل سابق صوتها راح ومسمعتش غير واحدة بتصرخ وبتنادى عليها.

دفع راغب اصابعه فى شعره بعنف يهتف
: طيب حصل ايه مانا لازم اعرف.

صمت قليلا يجوب ارض الغرفة بعصبية قبل ان يلتفت يسألها بحدة وصوت حاد
: هى مرات عمى قالتلك هى عندها ايه بالظبط.

اسرعت فوزية تجيبه قائلة
: ابدا كل اللى قالته لما سألتها عن خروجها عهى وشروق كل يوم والتانى ان ليلة تعبانة شوية وهما بيروحوا يزروها.

لتكمل بتمهل تتوجس عينيها خشية وهى تتابع رده فعله عن حديثها القادم
: دانا حتى قلت يمكن تكون حامل فقلت اكلمها اطمن عليها.

اشتعلت عينى راغب شراسة و غيرة لتسرع فى تصحيح كلماتها فورا قائلة
: بس الظاهر الموضوع اكبر من كده خالص.

وقف راغب مكانه كتمثال قد من حجر عينيه تضيق بتفكير لدقائق كانت والدته تراقبه خلالهم بتوتر تتسأل بصمت عما يدور فى رأس ولدها تخشى ردة فعله فهى اعلم الناس به لكنها ذهلت بقوة حين ارتفعت بسمة مفترسة فوق شفتيه قائلا بخبث وعينيه داخلهم الكثير والكثير
: اماه، جهزى حالك واعملى زيارة حلوة كده علشان عندك مشوار لحد بيت عايلة الصاوى.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
شعر بها تتملل فى نومها متنهدة ببطء لتلامس انفاسها بشرة عنقه وهى تمر وجهها عليه وكفها الصغير يمر بنعومة فوق صدره لتشتد عضلاته على اثر حركتها تلك وهو يجذب نفسا عميقا مرتجفا محاولا السيطرة تلك النيران التى اشتعلت بجسده لكن انتهت تلك المحاولة بالفشل الزريع حين ارتفعت اناملها ببطء قاتل بالنسبة له تزحف فوق صدره حتى التفت خلف عنقه تتلاعب بخصلات شعره برقة وهى تزيد من ضم جسدها اليها كقطة صغيرة تبحث عن الدفء لكنه فرض السيطرة على جسده بصعوبة لايرغب باستغلال حالتها هذه يعلم بأنها بين الحلم واليقظة لا تدرى شيئ عما يحدث له ولا عن تلك الرجفة التى تسرى بجسده من اثر ما يفعله قربها واحساسه بحرارة جسدها بين ذراعيه.

: لكن ما الضرر بقبلة صغيرة خاطفة لن تدرى عنها شيئ
هذا ما حدث به نفسه بنبرة يائسة يحاول اقناع ذلك الجانب المتعقل منه يائسا ولكنه لم يلين بل نهر نفسه بعنف ينهى هذا الجدال الغير متكافئ هامسا بأسمها حتى تستيقظ فحينها يستطيع النهوض والابتعاد عن كل تلك الحرارة المنبعثة منها كشمس متوهجة تشعل به النيران.

همهمت بضعف تتمرمغ وجهها اكثر بين حنايا عنقه تخطف معها انفاسه اللاهثة قبل ان تجيبه بصوت اجش من اثر النوم لكنه فعل به الاعاجيب ليحدثها بصوت متحشرج ضعيف
: يلا قومى علشان تاكلى حاجة وتاخدى الدوا بتاعك.

رفعت وجهها ببطء مبتعدة عن دفء عنقه لكنها مازالت تستند برأسها فوق كتفه عينيها يغشاها النوم ووجنتيها حمراء جعلته يرغب بألتهامها بشهية تجيبه بضعف مازال يحمل اثر حزنها
: بس انا مش عاوزة ا...

اختفت باقى حروف كلمتها خلف سبابته والتى ارتفعت لتغطى شفتيها برقة فتتسع عينيها يختفى اى اثر للنوم منهم حين انحنى عليها مقتربا منها هامسا
: مش عاوز اسمع كلمة مش عاوزة دى، انا هبعت اجيب ليكى الاكل هنا تاكلى وبعدها لو تحبى تنامى بعدها براحتك، ها اتفقنا.

هزت راسها له تومأ بضعف فأبتسم له بحنان اصبعه ينسحب ببطء متردد بعد ان لامس شفتيها السفلية بنعومة لكن عادت تلك النيران تشتعل بجسده حين وجدها تلامس شفتيها بطرف لسانها لتفعل به تلك الحركة الاعاجيب متجاهلا كل حديثه السابق لنفسه ملقيا خلفه باى حذر او تردد قد شعر به من قبل يندفع نحوها فجأة منقضا على تلك الشفاه مهيمنا عليها يقبلها بثا اياها كل ما يشعر به من شوق ونهم لها متذوقا لرحيقها كتريق للحياة بين يديه لا يترك لها مجالا لاى ردة فعل سوى لاستجابة ضعيفة خجول منها وهو مغمضة العين تائهة فى تلك المشاعر التى اجتاحتها وهى بين يديه.

يديها تزحف فوق صدره حتى موضع قلبه تشعر بقصف دقاته اسفلها يرقص قلبها فرحا بأنها المسئولة عن حالته تلك
تأوهت بأحتجاج ضعيف حين شعرت به يبتعد عنها بتردد فسره هو على انه رفض واحتجاجا منها لما جرى ليدفن وجهه فى تجويف عنقها يغمغم بضعف وانفاسه اكثر ثقلا يزيد من ضمها اليه
: انا اسف، عارف ان ده مش وقته ولا زمانه بس صدقينى غصب عنى لو مكنتش عملت كده كان ممكن يحصلى حاجة.

لم تجد القدرة لتجيبه يمنعها حيائها عن اخباره انها لم تكن تمانع اجتياحه لها بتلك العاصفة من المشاعر
التى انستها حزنها وما كانت تعانيه.

لمرة اخرى فسر جلال صمتها بصورة خاطئة يبعدها عنه ببطء ييتطلع الى عينيها يخطأ النظرة بهم قائلا بصوت متمهل مؤكدا على كل كلمة يقولها
: متخفيش منى ابدا، زاى ما قولتلك قبل كده انا استحالة هغصب على حاجة ابدا، صدقينى ياليله.

انحنى فجأة مقبلا وجنتها وثم مرر طرف اصبعه فوق جسر انفها قائلا بحنان
: انا هقوم اخد دش سريع انزل بعدها ورايا شوية حاجات هعملها و هرجعلك على طول تكونى انتى اتغديتى ورتحتى شوية.

اتبع كلماته ينهض عن الفراش متجها للحمام تاركا اياها خلفه تتابعه بعيون متسعة دهشة وذهولا تتسأل عن ما يعنيه من كلماته الاخيرة لها.

جلست فوزية داخل غرفة الاستقبال داخل بيت الصاوى تجيل عينيها فى الوجوه المحدقة بها قبل ان تقول بأرتباك
: هى ليلة هتتأخر. انا عاوزة بس اطمن عليها وهقوم على طول.

لتقول قدرية بلهجة ممطوطة لا تظهر فيها لمحة من الود
: متقلقيش يا حبيبتى هى جاية على طول احنا برضه مش عاوزين نعطلك.

اشتعلت وجنة فوزية احراجا لتسرع حبيبة تنهض من مقعدها قائلة بلهجة معتذرة اسفة تحاول اصلاح كلمات والدتها السابقة
: انا هطلع حالا اندها واجيبها معايا هى بس كانت بتجهز نفسها اصلها كانت نايمة.

هزت فوزية رأسها لها بالايجاب لتغادر حبيبة الغرفة تاركة خلفها التوتر يشع فى الانحاء حتى قالت زاهية وبفضول
: اكيد وصلكم حكاية انها مش فاكرة حاجة من يوم جوازها بجلال علشان كده جاية تطمنى علي...

ات صوت قدرية مدويا كالرعد يهز ارجاء المكان هاتفة بزاهية موبخة اياها بعنف جعل زاهية تنكمش فى مقعدها رعبا لتتسأل فورية وهى تدير نظراتها الحائرة بينهم قائلة
: مش فاكرة حاجة ازاى وليه ماتفهمونى بالظبط ليله مالها وحصلها ايه؟

رمت قدرية نظرة حانقة اتجاه زاهية ليزداد انكماشها فى مقعدها قبل ان تنهض مسرعة قائلة بارتباك
وخوف
: هقوم اشوف القهوة مجتش ليه وجاية على طول.

غادرت الغرفة بخطوات مسرعة متعثرة فلا تدرك دخول ليله هى الاخرى للغرفة لتصطدم بعنف بها جعل ليله تتأوه الاما فتلقى زاهية اعتذار لاهث مرتبك وهى تكمل طريقها للخارج مسرعة.

دخلت ليله للغرفة تتحرك فور رؤيتها لزوجة عمها تلقى بنفسها بين احضانها قائلة بلهفة واشتياق
: مرات عمى، ازيك وحشتينى.

ضمتها فوزية الى صدرها تحتضنها بحنان قائلة
: وانتى ياحبيبة مرات عمك وحشتينى انتى كمان
وجيت اطمن عليكى بنفسى بعد اللى حصل فى مكالمتنا.

تدخلت قدرية تقاطع حديثهم قائلة ببرود
: متقلقيش عليها اهى زاى الحصان ادامك اهى ومفهاش حاجة تستاهل القلق.

تجاهلتها فوزية ممسكة بيد ليله لتجلسها بجوارها بتمهل تلقى ناحية قدرية نظرة ذات مغزى ثم تلتفت الى ليله تحدثها بتمهل وحنان
: انا عارفة بلى حصلك وعارفة كمان انك مش فاكرة حاجة، علشان كده سألينى على جدك وقت ما كلمتك؟

هزت ليله تومأ لها هنا نهضت قدرية عن مقعدها ينضح كل جسدها بالغضب المكبوت قائلة بصوت متمهل لكنه يحمل من الصرامة والمعانى ما يكفى لتفهم فوزية ما المطلوب
: اظن يام راغب كفاية على ليله كده وتطلع هى اوضتها ترتاح، وانا وانتى نكمل القاعدة سوا.

رفعت ليله عينيها تشع غضبا تفتح فمها لرد عليها بما يوقفها لكن تأتى تربتت زوجة عمها لتوقفها وهى تبعث اليها بعينيها رسالة تنهيها عما تنتويه قبل ان تنهض من مكانها بهدوء تمسك بحقيبة يدها تخرج منها علبة من القطيفة تفتحها وتحت انظار قدرية الفضولية تميل على ليلة تلبسها ذلك السلسال الذهبى الضخم هامسة فى اذن ليله بحذر
: دى هدية راغب ليكى وبيقولك حمدلله على السلامة.

ارتعبت ليله تمد يدها فى محاولة لنزع السلسال لكن اتت يد فوزية توقف حركتهة تلك فى عينيها نظرة تحذير ونهى و دون ان تدع مجالا لاى حديث التفت ناحية قدرية قائلة بأبتسامة صفراء متيبسة
: ملهوش لزوم يام جلال انا ماشية اللى كنت جاية علشانها اطمنت عليها وخلاص غير كده ميلزمنيش.

تحركت فورا مغادرة بعد قبلت ليله مودعة لتغادر ليله معها هى الاخرى الغرفة بينما وقفت قدرية تضيق عينيها بتفكير قلق هامسة
: كده بقى ملهاش غير حل واحد ولازم يحصل النهاردة قبل بكرة مانا مش هقف اتفرج لحد ما تحصل مصيبة واقول ياريت اللى جرى ما كان.

بعد عدة ساعة من تلك الاحداث دخل راغب جناح والديه دون طرق يسأل بلهفة
: ها ياما عملتى ايه؟

شهقت فوزية بفزع تهتف به
: فى ايه يابنى حد يدخل على حد كده.

راغب بنفاذ صبر وعصبية
: مااشى ياما حقك عليا بس قوليلى عملتى ايه؟ وعرفتى ايه؟

ادارت فوزية عينيها بعيدا عنه قائلة بارتباك وحذر
: ولا حاجة وهو انا لحقت حتى اقعد معاها بس على العموم هى كويسة وبخير.

راغب بصوت جهورى يخفى وراه غضب اعمى لو اطلق له العنان لدمر كل ماحوله قد اردك محاولة والدته اخفاء امر ما عنه
: اماه بلاش لف ودوران عليا انتى عارفة كويسة انا بعتك ليه وعلشان ايه فقوليلى بالظبط اللى عاوز اعرف.

اقترب منها يكمل وعينيه تنطق بوعيد جعل فوزية تنتفض رعبا حين قال
: والا وحياة غلوتك عندى اخلى ابويا يعرف منك اللى عاوزه بس بطريقته هو فانتى اختارى بقى.

ظهر الانكسار فى عينيها هامسة بألم
: بقى كده يا راغب بتهدد امك.

راغب بأسف مصطنع
: مانتى اللى بتلوعى معايا فى الكلام وبتبقى ابن الصاوى عليا.

قوزية بحزن وصوت منكسر
: لا يابن بطنى مش ببقى حد عليك بس عوزاك تبعد بقى عن بنت عمك وتسيبها فى حالها وكفاية اووى عليها اللى هى فيه.

اقترب راغب منه راغب يسألها بلهفة
: ايوه انا بقى عاوز اعرف اللى هى فيه ده ايه بالظبط.

فوزية باستعطاف ورجاء
: راغب علشان خاطر...

قطعت كلماتها حين رأت تلك النظرة التى تنطق بالوعيد زافرة بأستسلام تهمس بندم
: سامحينى يابنتى حكم القوى وهعمل فيه ايه.

جلست فى غرفتها تلوك شفتيها بغضب وهى تجوب ارجائها بخطوات حانقة تسب بكلمات سريعة غير مفهومة غافلة تمام عن صوت فتح الباب ودخول جلال الواقف مستندا فوق اطار الباب يراقبها باستمتاع وفوق شفتيه ابتسامة حنون قبل ان يقول
: ياترى مين بقى اللى كان من نصيبه كل الكلام الحلو ده.

شهقت فزعة تلتفت ناحيته تفرك كفيها ارتباكا وهى تراه يتخلى عن وقفته المسترخية فوق اطار الباب متقدما منها ببطء مازالت تلك البسمة مرتسمة فوق شفتيه فاخذت تهمهم وهى تتلفت حولها حتى وقف امامها يمد يده نحو كفيها المعقودين معا بتوتر يرفعهم نحو شفتيه يقبلهم طابعا على كف منهم قبلة بطيئة ناعمة وعينه تأسر عينيها بنظرتها الشغوف والتى جعلتها تتناسى كل غضبها من تلك المدعوة حماتها تشعر البلاهة حين همس لها بمرح.

: هاا مين بقى صاحب الحظ السعيد.

اتسعت عينيها بتسأول لا تدرك مايعنيه لتتسع ابتسامته لتصبح مرحة رقيقة وهو يرفع سبابته يمررها ببطء فوق شفتيها قائلا
: مين اللى زعلك علشان يخلى الشفايف الحلوة دى تزعل وتقوله كل الكلام الحلو ده كله.

خفضت عيونها عنه تتلون وجنتيها بالحمرة مشتعلة خجلا لا تجد صوتها كى تجيبه ليهمس بأسمها برقة جعلتها ترفع عينيها اليه كالمغيبة لتسرى الرجفة فى جسدها حين رأت لمعة عينيه مدركة بان كل ما تراه بهم من مشاعر يخصها وحدها به تتسارع خفقات قلبها حتى كادت تصم اذانها حين انحنى عليها هامسا فوق اذنها بشغف وصوت مرتجف
: وحشتينى، ووحشنى جنانك.

تنفست بارتجاف تغمض عينيها استمتاعا بتراقص تلك الفراشات الصغيرة بسعادة داخل جنبات قلبها تكاد تهمس له هى الاخرى بمدى اشتياقها له رغم انه لم يغب سوى بالوقت القصير عنها لكنها شعرت كما لو كان الدهر.

لكن تهب العاصفة لتقاطع تلك اللحظة بينهم حين اتى صوت هادر بغضب
: جرى ايه يا جلال هى البت نجية مش قالتلك انى عوزاك طلعت ليه من غير ما تعدى عليا.

وقفت قدرية امام باب غرفتهم عينيها تتابع ماتراه من تقارب بين جلال وليله بعين تنطق بالغل القسوة تراقب ابتعاد جلال البطئ عن ليله فيلامس وجنتها بنعومة مبتسما لها برقة قبل ان يلتفت لوالدته قائلا بهدوء
: انا كنت هنزلك حالا يا امى بس كنت بطمن على ليله الاول واشوفها اخدت دواها ولا لسه.

لاكت قدرية شفتيها غلا قائلة بصوت حانق مغيظ
: واطمنت ولا لسه. ولا تحب استنى شوية كمان لما تطمن اكتر.

تنهد جلال يومأ لها بصبر مبتسما بهدوء قائلا
: لاا ياامى مش محتاجة تستنينى ولا حاجة. انزلى انت وانا هحصلك على طول.

ادارت قدرية عينيها بينهم قبل ان تستقر فوق ليله ترميها بنظرة حارقة متوعدة ثم تغادر الغرفة كما اتت سابقا كالعاصفة تترك خلفها جو مشحون متوترا لتسرع ليله قائلة بصوت متوتر
: انزل يا جلال وراها متخلهاش تستناك ومتقلقش عليا انا هاخد الدوا وهنام على طول.

التفت جلال لها مبتسما بحنان يهز رأسه لها بالايجاب قائلا لها بهدوء وانامله تعبث بخصلات شعرها
: مش هتأخر عليكى، هشوف بس ايه الموضوع وهرجعلك حالا.

اومأت له سريعا تعده عينيها بانتظاره دون ان تستطيع النطق بها لكنه رأى ما تخبره بها نظراتها لتتسع بسمته يقبل وجنتها ببطء وحنان ثم يلتفت مغادرا بخطوات سريعة واثقة اما هى فوقفت تراقبه بعيون مشرقة ملتمعة.

عرفت يابا هتعمل ايه؟من بكرة تشوف انفار تبعنا وتنزل الارض تلم المحصول لحسابنا.

علوان بتردد بعد كلمات والده راغب له
: انت متأكد من اللى هتعمله ده، انت كده بتقلب علينا ابن الصاوى واحنا مش قده.

ابتسم راغب بخبث وعيون ملتمعة جذلا
: متخفش ابن الصاوى مش هيقدر يفتح بوقه بعد كده، علشان عارف انه هيخسر كتير لو وقف قصادى.

علوان بعدم اهتمام
: علشان يعنى حكاية ان بنت عمك مش فاكرة حاجة وطب وده ماله ومال الارض.

زفر زاغب بنفاذ صبر هاتفا بغيظ
: يابا هتشلنى. متخليك معايا كده على نفس الخط وبلاش تخنقنى.

علوان مستنكرا بامتعاض
: واد انت اتلم وكلمنى باحترام ومتنساش انى ابوك مهما كان.

شوح راغب بيده بعدم اكتراث قائلا بغضب
: خلاص خلصنا، وهفهمك الليلة واللى فيها بس ابوس ايدك ركز معايا علشان مش هكرر كلامى تانى.

اومأ علوان له بوجه مازال غضبا ليتابع راغب حديثه قائلا ببطء
: دلوقت لما ليله تكون مش فاكرة موت جدى يبقى كمان مش فاكرة ايه.

ظهر عدم الفهم فوق ملامح علوان ليزفر راغب بقوة يكمل بحنق
: يبقى مش فاكرة الارض ولا فاكرة ان جدى كتبها ليها والاحلى كمان انها اساسا مش فاكرة جوازتها من ابن الصاوى من الاساس يبقى ايه الحال دلوقت.

التمعت عينى علوان جذلا يهتف بجشع
: يبقى الحال على ماهو عليه والارض ومحصولها لينا ويبقى ينطق ابن الصاوى ساعتها.

حك راغب ذقنه بانتصار قائلا
: ويبقى يروح يقولها بقى لو راجل حكاية الارض وحوار جوازتهم من الاساس ويبقى يشوف بقى هتعمل ايه معاه ساعتها.

ضيق عينيه هامسا بغل بعيدا عن مسامع والده
: ماهى هتعرف هتعرف والاحسن ليه تعرف منه قبل منى علشان ساعتها بعد اللى هتعرفه منى مش هتفضل على ذمته يوم واحد.

دلف الغرفة بهدوء يسير بخطوات مرهقة تعبة حتى خزانته يفتحها يخرج من داخلها ملابس للنوم له يلتفت باتجاه الحمام دون ان يوجه كلمة واحدة لليله المراقبة له بقلق توقف خطواته صوتها الهامس المنادى له قائلة.
: جلال كنت عوزة اكلمك فى حاجة.

التفت لها ببطء يسألها بصوت مرهق جعلها تترد ان كان من الافضل الانتظار صباحا ام تفاتحه الان فيما تريد
: قولى يا ليله انا سمعك.

ترددت للحظة قبل ان تحزم امرها قائلة
: كنت عاوزة اروح اقعد مع ماما وشروق يومين خصوصا بعد ما عرفت خلاص بموضوع جدى.

ساد الصمت ارجاء الغرفة شعرت به ليله به ثقيل قاتل يبعث التوتر بحسدها حتى اضطرت ان تناديه
بحثا عن اى اجابة منه حتى اتت بصوت خشن قاسى منه
: لا ياليله، ومفيش خروج من بيتك وبيات فى حتة تانية.

ليله بصدمة وصوت صدر رغما عنها مستنكرا
: طيب ليه مش فاهمة مانا خلاص عرفت موضوع جد...

رأت عينيه تستقر فوق صدرها تنهار تلك الواجهة من الهدوء من فوق ملامحه فورا وبعيون مشتعلة غضبا مد يده قابضا فوق السلسال الملتف حول عنقها والذى قامت زوجة عمها باعطائه لها وقد نسيت امره تماما ما نوت القيام به بخصوصه بألقائه فى احدى الادراج بعيدا عن انظارها تماما لكنها غفلت عن فعل ذلك فى خضم الاحداث.

شهقت بفزع وصدمة حين جذب اليه منه لترتطم بصدره بقوة ينحنى فوق اذنها يفح داخلها قائلا بشراسة
: يمكن علشان دى، وصاحبها.

وقفت مكانها بجمود متسعة العينين ذهولا بعد ان تركها فجأة متجها الى الحمام دون اضافة كلمة اخرى مغلقا الباب خلفه بعنف ارتجت له ارجاءالغرفة.

: تعال يا فواز ادخل عوزاك
دفع الباب بحذر داخلا الى جناح زوجة عمه والتى جلست فوق مقعدها بجسد منتصب ووجه حازم يسألها بتلعثم
: خير، يامرات عمى، هو انا حصل منى حاجة.

هزت قدرية رأسها له بالنفى تشير له بالاقتراب ليقترب بخطوات بطيئة مترددة يقف امامها تماما يشعر بالتوتر وعين قدرية تضيق فوقه بتفكير يسود الصمت للحظات قبل ان تقول قدرية
: اقعد يافواز واسمع كويس اللى عاوزه اقوله.

جلس فواز فورا وكله اذان صاغية يظهر الاهتمام فوق ملامحه لتقول قدرية بحزم
: شوف بقى احنا لامتى هنبقى لعبة فى ايد بنت المغاربة، من يوم جوزاها وهى سايقة العوج علينا ومطلعة روحنا علشان الارض ومش عاوزة تخلصنا منه الموضوع ده.

اعتدل فواز فورا فى مقعده يهتف
: عندك حق يا مرات عمى فى كلامك وده اللى قلته لجلال النهاردة. بس معجبوش كلامى وطبق فى رقبتى كان هيموتنى فى ايده لولا ابويا.

قال جملته الاخير بغيظ جعل قدرية تبتسم فرحة بردة فعل ولدها لكنها اخفت ابتسامتها سريعا قائلة بأعتذار مصطنع
: حقك عليا ياحبيبى مانت عارف جلال وخلقه الضيق.

ربتت فوق كفه تكمل بجدية
: المهم ركز معايا يافواز دلوقت البت دى دخلتنا فى موال انها مش فاكرة حاجة وحلنى بقى عما تفتكر تكون الارض ضاعت منا تانى وخصوصا بعد ما امك الهبلة قالت لمرات عمها على الموضوع ده وبقينا لعبة فى ايدى المغاربة من تانى.

عقد فواز حاحبيه بحدة قائلا
: عندك حق يا مرات عمى انا حاولت برضه اقوله جلال وخليه ياخد باله منه يمكن يستغل فرصة انها مش فاكرة حاجة ويمضيها ونخلص بس هقول ايه لابنك اللى عملى فيه شهم وراج..

نكزته قدريه فوق ذراعه بعنف جعله يتأوه الما تهتف به بحنق
: وله لم نفسك واتكلم بأدب على كبيرك والا وربنا هتلاقى ايدى على وشك بتفوقك بقلم معتبر.

وضع فواز يده فوق صدغه برعب كما لو كان تلقى تلقى الصفعة بالفعل يهمس بضعف
: حاضر يا مرات عمى، قوليلى بس ايه المطلوب منى وانا هنفذه.

التمعت عينى قدرية بقسوة قائلة ببطء
: عوزاك تروح للمحامى وتقوله ينفذ اللى هقولك عليه ده.

عقد فواز حاجبيه بحيرة سرعان وما اختفت يحل مكانها الذهول والاعجاب وقدرية تستمر فى الحديث تزداد عينى فواز انبهارا بها كلما قالت المزيد منه.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
وقفت اسفل الدرج فى الصباح الباكر تنظر حولها بارتباك لاتعلم اى طريق قد تتخذه ومن اين تبدء البحث عنه فمنذ حديثه معها ليلة امس غادر الغرفة سريعا بعد القائه بضع كلمات مقتضبة عن حاجته للنزول لغرفة المكتب الانتهاء من عدة اعمال فتظل هى بانتظاره طوال الليل يجافيها النوم حتى ظهرت اول خيوط النهار لتحسم امرها وتقرر النزول فورا للحديث معه وتوضيح امر ذلك السلسال وصاحبه اللعين له لتنهى هذا الموضوع معه تماما والقائه خلفهم ولا حديث مرة اخرى عنه بينهم.

تصاعد فى اجواء المنزل الهادئة صوت نسائى بالغناء تظهر بعده احدى العاملات بالمنزل والتى توقفت بغتة حين رأت ليله الواقفة تتلفت حولها بحيرة تسألها بقلق
: ست ليله!خير يا ست فى حاجة عوزاها؟

ليله بلهفة ورجاء
: كنت عوزة اعرف هى فين اوضة المكتب بتاعت جلال بيه.

اشارت الخادمة الى احدى الغرف قائلة بتعجب
: اهى ياستى بس خير فى حاجة اقدر اعملهالك.

هزت ليله رأسها بالنفى تشكرها وهى تتحرك باتجاه الغرفة لتقف امام بابها تزفر عدة مرات فى محاولة للهدوء وتهدئت نبضات قلبها المتسارعة خشية من ردة فعله وهى تطرق الباب بهدوء فى انتظار اجابته لكن طال انتظارها فاخذت تتملل من قدم الى اخرى وهى تلوك شفتيها بحيرة ثم تحسم امرها سريعا تدفع الباب بشق يسمح برأسها فقط بالدخول تجيل بعينيها فى ارجائها حتى توقفت على تلك الاريكة ترى ذراعه ممددة خارجها وجسده مستلقى بوضع غير مريح عليها فمن الواضح انه امضى ليلته فوقها تجنبا لها ولاى حديث بينهم بعد خروجه المبهم من غرفتهم ليله امس.

دفعت الباب تدلف الى الغرفة بخطوات بطيئة هادئة حتى تلك الاريكة واقفة لبرهة تتأمله بأبتسامة حنون وهى تركع على ركبتيها بجواره اناملها المرتعشة تقترب مشتاقة من صفحة وجهه بخطوطها الناعمة من اثر استغراقه فى النوم تتلمسها بشوق ونعومة تزداد بسمتها حين همهم برفض لتلك اللمسات وهو مازال نائما يتقلب بجسده الضخم فوق الاريكة حتى كاد ان يسقط عنها لتصرخ ليله له محذرة بخوف
: حاسب يا جلال كده هتوقع.

انتفض جسد جلال بفزع من اثر صرختها يفتح عينيه بصعوبة وهو يهب جالسا يتلفت حوله قائلا بتعثر وقلق
: ليله!، ليله مالك، فيكى حاجة.

اسرعت ليله بالنهوض من مكانها تتجه اليه جالسة بجواره واضعه كفها فوق وجنته برقة هامسة له بحنان
: متقلقش، انا كويسة انا بس كنت جاية اطمن عليك.

تطلع جلال اليها بعينين مبهمة تمر فوق ملامحها للحظة قبل ان يلتفت بعيدا عن لمستها قائلا بصوت اجش صارم
: متقلقيش عليا انا كويس، اطلعى انتى اوضتك انا ورايا شوية شغل هخلصهم.

تجمعت الغصة بحلقها حتى كادت ان تخنقها وهى ترى معاملته الجافة تلك لها لكنها حاولت التماسك تقول بصوت مختنق
: بس انا كنت بفكر اعمل لينا فطار نفطر انا وانت سوا قبل ما تروح تشوف شغلك.

نهض جلال واقفا بغتة قائلا بحدة
: لا متتعبيش نفسك انا مش متعود افطر افطرى انتى لو تحبى.

نكست رأسها تتراكم الدموع بعينيها تخشى بصرها تماما فهبت ناهضة قبل ان تخذلها بالسقوط امامه تتحرك سريعا باتجاه الباب وهى تهمهم بكلمات معتذرة غير مترابطة.

لتوقف بغتة حين فتحت الباب فجأة تصطدم برؤية سلمى الواقفة خلفه تتطلع اليها بأبتسامة بشماتة فلا يخفى عليها ماذا كانت تفعل بوقفتها تلك لتتأكد ظنونها حين رمتها بنظرة يرتسم فيهم الانتصار الممزوج بالخبث ثم تتقدم الى داخل دون ان تعير ليله اهتمام موجهة الحديث الى جلال الواقف بجمود مكانه قائلة بحروف ممطوطة مائعة
: جلال، انا حضرتلك الفطار تحب تفطر دلوقت ولا تستنى بابا وفواز وباقى البيت.

التفتت سريعا ليله تنظر الى جلال بانتظار اجابته لتتسع عينيها ذهولا ضاغطة شفتيها بغيظ حين قال ببطء وعينيه تمر فوقها يتابع ردة فعلها على حديثه
: لو الفطار جاهز يبقى دلوقت احسن علشان خارج كمان ساعة.

رفعت ليله انفها عاليا بانفة امام وجهه تنسى دموعها السابقة وهى ترميه بنظرات كالسهام قابلها هو ببروده ولا مبالاته المعتاد معها منذ الصباح ثم تكمل طريقها الى الخارج فى اتجاه الدرج ليتبعها جلال وعينيه تتابع صعودها باهتمام يومأ لسلمى بشرود موافقة دون ان يردك ما قالت لتهتف سلمى بجذل وصوت عالى
: حالا هيكون الفطار جاهز ليا وليك ثوانى ومش هتأخر عليك.

وصلت كلماتها الى مسمع ليله لتتوقف خطواتها فوق الدرج تشعر بالنيران تنهش قلبها من الغيرة تود لو تأتى بسلمى تلك من خصلات شعرها فتنزعها خصلة خصلة من رأسها باستمتاع علها تهدء من تلك النيران لكن مهلا لن تكون ليله بنت المغربى ان جعلت من تلك المهزلة تحدث ولتعلنها حربا عليها تلك الحرباء المدعوة بأبنة عمه هى و من قام بالموافقة على حديثها كى يرد لها الصاع على فعلة ليلة امس.

ما ان تقدمت سلمى بخطوتين باتجاه ابواب المطبخ حتى تعالى صوت ليله المتألم تراها تستند بوهن فوق حاحز الدرج تضع يدها فوق رأسها لكن ما اغاظها واشعل نيران غيرتها حين رأت لهفة جلال الشديدة وندائه المتلهف خوفا عليها تسابق قدميه الريح صاعدا اليها بخطوتين فقط يلف خصرها بحمايه وهو يسألها بلهفة وجزع عما حدث لها لتجيبه ليله وهى تدس وجهها بين حنايا عنقه بصوت متألم ضعيف.

: حاسة بدوخة جامدة، الظاهر انى كل ما ازعل هتجيلى الحالة دى.

انحنى جلال يرفعها بين ذراعيه قائلا بتأكيد وندم
: طيب تعالى نطلع الاوضة فوق ترتاحى وانا هكلم الدكتور حالا.

دست وجهها بين كتفه وعنقه باستمتاع منتصر وهو يصعد بها الدرج بخطوات سريعا لكنها لم تغفل ان ترمى بنظرة انتصار خبيثة من خلف كتف جلال باتجاه سلمى والتى وقفت تتابع المشهد بعينين تنطق بالغل حتى غابا عن انظارها لتضرب الارض بقدمها تصرخ بغيظ وحقد
: هتشل من البت دى وعمايلها، وانا اللى قلت دى مش فاكرة حاجة وهيبقى اللعب معها سهل، دى طلعت انيل من ليله بتاعت زمان.

دلف بها الى داخل الغرفة بخطوات سريعة
يضعها فوق الفراش برفق وحنو وانامله تمتد تزيح حجابها بلهفة وهى مازالت تتقمص دورها بأتقان تغمض عينيها تأن بألم فينهض فجأة من جوارها باتجاه الباب لتنسى فورا تظاهرها بالمرض تعتدل جالسة وهى تسأله بحدة
: انت سايبنى ورايح فين، عارف لو نازل للبت مقصوفة الرقب...

توقفت خطوات جلال بغتة يقف متجمدا مكانه فاخذت تلعن غبائها وغيرتها التى اعمتها وجعلت تتصرف بتهور تلوك شفتيها بتوتر وهى تراه يلتفت ناحيتها ببطء عينيه غامضة غير مقروء التعبير ليزداد توترها قائلة بخشية وتلعثم
انا، كنت، يعنى، اصل...

فى طرفة عين كان يستند بركبته فوق الفراش مقتربا بوجهه من وجهها لتتراجع شاهقة تراه يجز فوق اسنانه يهمس من بينهم
: بقى كده؟ بتستغلى خوفى وقلقى عليكى وبتعملى حركات العيال دى، طيب يا ليله انا هعرفك شغل العيال اللى بحق وحقيقى بتعمل ازاى.

كاد ان يتحرك ناهضا من مكانه لكن توقف حين رأى تبدل حالها و عينيها تمتلأ بالدموع فجأة تزم شفتيها كطفلة صغيرة مذنبة فى انتظار عقابها لتمحو رؤيته لها بهذة الحالة كل غضبه منها كأنه لم يكن كحاله دائما معها زافرا بقوة سألا ايها بصوت يائس
: طيب انتى بتعيطى ليه دلوقت؟

هى من بين شهقات دموعها بصوت طفولى
: علشان انت زعلان منى.

جلس مرة اخرى يجذبها الى صدره ضاما لها بقوة لتشهق بدموعها فور ملامستها لجسده الصلب ليزيد هو من ضمها انامله تندس بخصلات شعرها قائلا بصوت مرتجف يمرر كفه فوق ظهرها بنعومة بحركة مطمئنة وهو يدس وجه بين خصلات شعرها قائلا بحنان
: لا مش زعلان منك ولا حاجة، انا بس قلقت وترعبت عليكى بسبب اللى عملتيه تحت
ده غير انى كمان منمتش كويس ومضغوط شوية.

ابتعدت عنه ببطء ترفع اناملها تلامس عينيه وخطوط الارهاق الظاهرة عليها قائلة بحزن واسف
: عارفة، وعارفة ان انا السبب فى انك متنمش كويس بس صدقنى انا كنت هقولك على زيارة مرات عمى والسلسلة كمان.

توترت عضلات جسده حين اتت على ذكر تلك الزيارة لتسرع قائلة بلهفة وعيونها تعاود الامتلاء بدموعها
: انا كنت حتى هرميها فى اى درج بعيد عن انى اشوفها بس انت مخلتش ليا فرصة اعمل اى حاجة.

جذبها جلال اليه مرة اخرى يهمس لها بندم
: حقك عليا عارف انى اتعصبت عليكى ومكنش لازم اتصرف معاكى كده وكان لازم نتكلم سوا بخصوص الموضوع ده.

انحنى عليها يقبلها برقة وشفتيه تلامس شفتيها بقبلة حاول بثها اعتذاره واسفه من خلالها لتستكين بين احضانه مغمضة العين تتأوه بنعومة حين تتبعت شفتيه مسارها حتى اذنيها بقبلات صغيرة رقيقة قبل ان يهمس لها بصوت متحشرج
: انا شايف ان فكرة الفطار اللى قلتى عليها دى فكرة حلوة بدل ما اتهور وانا عارف حظنا ونلاقى حد فوق دماغنا زاى كل مرة.

انطلقت منها ضحكة مرحة خجول تنكزه بصدره ليبتسم هو الاخر فرحا بضحكتها التى خطفت دقات قلبه مادا انامله يزيح دموعها عن وجنتيها يسألها برجاء
: لسه زعلانة منى؟

هزت رأسها له بالنفى قائلة بلهفة وخجل
: لا خالص، وهروح حالا احضر لينا الفطار.

تنهضت مسرعة باتجاه الباب تتابعها عينه بشغف قبل ان يسألها غامزا بعينه بخبث مرح
: هتعرفى مكان المطبخ ولا اجى معاكى اساعدك؟

غمزت بعينيها له هى الاخرى قائلة بدلال
: متخفش عليا يا جلال بيه انا عارفة طريقى كويس.

خرجت فورا تغلق الباب خلفها لتنهد جلال بحرارة قائلا بصوت اجش
: جلال بيه هو اللى بقى يتخاف عليه من بعد ما قلبتى كيانه وخلتيه واحد تانى مبقاش عارف هو اصلا مين.

تجمعت عائلة المغربى حول مائدة الافطار يسود الوجوم وجهوهم حتى تحدث علوان بصوت جهورى خشن موجها الحديث الى سعد
: اعمل حسابك يا سعد جدك هيتم التلات شهور ونعمل فرحك انت وبنت عمك.

تصاعدت الهمهمات المذهولة بينما هتف سعد قائلا بحدة
: كلام ايه ده يابا فرح ايه اللى بتتكلم عنه وجدى لسه مكملش السنة.

راغب ببرود دون ان يرفعه وجه عن طعامه
: ماهو علشان جدك مات يا محروس لازم تكتب على بنت عمك ولا عاوز تفضل متكلم عليها بس العمر كله وبعدين ماهو بيقولك هنستنى تلات شهور.

شروق بغيظ تنتفض من مكانها قائلة
: وايه علاقة موت جدى بجوازنا وبعدين انت ايه دخلك فى الكلام ده.

رفع راغب وجهه ببطء يبتسم ابتسامة صفراء لها لكن تأتيها الاجابة من عمها علوان يصرخ بها بغضب
: بت لمى لسانك بدل ما اقطعهولك ومتعليش صوتك على ابن عمك الكبير.

سعد بغضب هو الاخر
: يعنى هى تلم لسانها وابنك اللى بتقول عليه كبير سايبه طايح فينا من يوم ماجه.

علوان وعينيه تطلق الشرر وهو يدور بهم بين وجوه الجميع
: راغب يعمل اللى يعمله ومحدش ليه حاجة عنده. وهى كلمة ومش هتنيها تانى اول خميس بعد التلات الشهور اللى قلت عليهم هيكون دخلتك على بنت عمك زاى ما جدك وصانى قبل ما يموت ولا عاوزين تفضلوا العمر كله مخطوبين.

عم الصمت ارجاء المكان يتبادل الجميع النظرات فيما بينهم تسأل شروق بنظراتها سعد عن رائيه فيما يجرى فترى الحيرة والتفكير عليه اما راغب فقد جلس فى مقعده باسترخاء يتابع البلبلة التى قام بأحداثها باستمتاع ونشوة وهو يرى مخطاطته تسير على خير ما يرام.

وقفت تقطع الخضار وهى تدندن بسعادة تتراقص ببطء على كلمات الاغنية المنبعثة من ذلك المذياع الصغير الموجود فى احدى اركان المطبخ غافلة تماما عن من يقف مستندا باستمتاع فوق اطار الباب بعد ان اشار خفية للعاملة بالانصراف والتى ابتسمت بخجل تسرع فى تنفيذ امره ليقف هو عينيه تمر فوق منحنايتها بشغف متحركا من مكانه فى اتجاهها كالمغيب حتى وقف خلفها تماما وفجأة ودون انذار جذبها للخلف يلصقها به يحيط خصرها الصغير بذراعيه لتشهق ترمى السكين من يدها بفزع تنهد بأطمئنان حين سمعت صوته الهامس الاجش بالقرب من اذنيها هامسا بها.

: جيت اشوفك لو محتاجة مساعدة ولا حاجة وكمان علشان...

تسارعت انفاسها حين شعرت فجأة بشفتيه تستقر فوق النبض الخافق بعنقها ليقبله ببطء قبلات رقيقة صغيرة متتالية وهو يزيد من ضمها اليه فتتأوه تغمض عينيها تنتفض لاهثة وهى تشعر بشغف قبلاته يزداد تتعالى انفاسه معها تشعر بها تلفح بشرتها الحساسة بلهيبها حتى وصل الى بشرة اذنها الحساسة يهمس فوقها
: وحشتنى بقيتى فى كل ثانية بتوحشينى مبقتش عاوز غير انى اكون معاكى انت وبس.

ابتسمت تنير وجهها السعادة هامسة له بصوت يكاد يسمع من شدة خجلها
: وانت كمان وحشتنى اوى.

جلال وهو يديرها بين ذراعيه لمواجهته يسألها بلهفة فرحة
: بتقولى ايه! قوليها تانى كده.

خفضت عينيها ارضا تلوك شفتيها بأرتباك تشعر بنفسها بين ذراعيه صغيرة للغاية وجسده يحتويها بقوته تهز رأسها له برفض وجنتيها مشتعلة ليزيد هو من ضمها لها قائلا بلا اهتمام مصطنع
: حيث كده مدام مش هتقوليها تانى خلينا واقفين زاى ما احنا كده لحد ما كل البيت يدخل علينا هنا.

انحنى بوجهه متقربا من شفتيها هامسا فوقهم بخبث
: ومن واقع حظى معاكى انا متأكده مش هيعدى وقت كتير وهيحصل على طول.

ما ان كلمته حتى صدق حدثه بدخول حبيبة المفاجئ تصحبها سلمى فتتعالى شهقتهم المصدومة قبل ان تحنى حبيبة وجهها تبسم بخجل اما سلمى فوقفت بعيون جاحظة بغل وهى ترى مدى تقاربهم الشديد تزيد نار غيرتها بصدرها اشتعالا وهى ترى جلال غير مبالى بدخولهم ينحنى اكثر على ليله يقبلها ببطء رغم محاولتها الخجلة لابعاده يهمس لها بعدها عامزا بعينه لها بمرح ساخر
: مش قلتلك، انا عارف حظى معاكى.

اخيرا استجاب لمحاولتها ابعاده يفك حصار ذراعه من حولها يبتسم لها بحنان قبل ان يتحرك مغادرا يلقى بتحية صباح مرحة سعيدة تاركا خلفه المكان جوه مشحون بالكثير والكثير.

كانت قدرية تجلس فوق الاريكة الموجودة فى البهو تظهر علامات التوتر على وجهها تهمس بغيظ
: الغبى ده منزلش ليه لحد دلوقت، تلاقيه نام ولا فى دماغه حاجة مانا عرفاه طول عمره ب، ل ملهوش غير فى الاكل والنوم وبس..

زفرت بحدة تهم بالنداء على حبيبة لكن فغرت فاها بذهول حين رأت جلال يخرج من اتجاه المطبخ وجهه ينطق بالسعادة وعلى شفتيه ابتسامة مرحة سعيدة لتخرج من ذهولها تسأله بدهشة
: جاى من المطبخ ليه خير، ده عمرها ما حصلت ودخلته مرة فى حياتك.

فلم يجيبها جلال بل زادت ابتسامته يلقى عليها بتحية صباح مرحة قائلا بعدها
: انا فى المكتب ولما عمى ينزل خليه يحصلنى.

ثم اتجه بخطوات سريعة ناحية مكتبه لتهتف به قدرية وهى حالتها المذهولة
: طيب والفطار؟مش هتفطر معانا.

التفت لها جلال عينيه ملتمعة بشدة قائلة بابتسامة مرحة خبيثة
: لاا انا فطرت من زمااان واحلى فطار.

ثم استمر فى طريقه يدلف الى داخل مكتبه يغلق بابه خلفه بهدوء لتعقد قدرية حاجبيها بحيرة قائلة
: فطر فين وامتى ده، وكان بيعمل ايه فى المطبخ على الصبح كده.

: انا هقولك يا مرات عمى البيه ابنك كان بيعمل ايه على الصبح كده فى المطبخ.

صدح صوت سلمى بغل تحاول الافلات من بين يدى حبيبة التى اخذت تحاول ايقافها عن اكمال حديثها بينما وقفت ليله فى الخلفية وجهها شاحب وعينيها تلتمع بالدموع وهى تفرك كفيها معا بتوتر لتدير قدرية عينيها بينهم قبل ان تقول بصوت قوى حاد لايقبل بالمناقشة
: سبيها يا حبيية، وانتى يا سلمى تعالى هنا وقوليلى تقصدى ايه.

جذبت سلمى ذراعها من بين يدى حبيبة بحدة وغضب ثم تتجه ناحية قدرية قائلا بغيظ وغل
: البيه ابنك كان عامل وصلة حب وعشق فى المطبخ مع الهانم مراته ولا همه اصحاب البيت ولا اللى شغالين فيه.

اكفهر وجهه قدرية تنطق عينيها بالشر جعل من ليله وحبيبة يرتجفان خوفا من عاصفة غضبها اما سلمى وفقت وقفت تهز قدميها تنظر ناحيه الى ليله بانتصار سرعان ما اختفى حين اتت كلمات قدرية الصادمة قائلة بلا مبالاة وهى تعتدل فى مقعدها براحة
: طب وفيها ايه مش مراته وحلاله ومحدش ليه عنده حاجة.

ثم توجه حديثها الى سلمى يتبدل حالها تماما عينيها تطلق نظرة تحذير وشر لها قائلا بحدة وصوت قوى
: وتانى مرة اشوفك تتكلمى على كبيرك ومراته بالطريقة دى انا بقى اللى هربيكى ساعتها من اول وجديد.

اتسعت عينى سلمى بذهول ورعب هى تسألها بصدمة قائلة
: بتقوليلى انا الكلام ده يا مرات عمى، عاوز تضربينى علشان حته البت دى.

قدرية بغضب عاصف
: اخرسى خالص، اياكى اسمعك تغلطى فيها تانى، ليله دى تبقى مرات كبير الدار دى وهتبقى كبيرة حريمه من بعدى فاهمة يابنت زاهية ولا تحبى افهمك بطريقتى.

تساقطت دموع سلمى بخزى وهى تهمس بصوت خرج بكاد منها تجيبها بالايجاب ثم تسرع باتجاه الدرج تشهق بدموعها تتابعها عينى ليله وحبيبة الوافقتين بذهول وصدمة منذ بدء الحديث حتى من بعد اختفائها خلف الجدار ليأتى صوت قدرية الهادئ فيخرجهم من ذهولهم هذا حين التفتت الى ليله تناديها برقة وهى تشير لها بالاقتراب لتتردد ليله للحظةثم تتقدم منها بخطوات خائفة مترددة حتى وصلت اليها لتجذبها قدرية تجلسها بجوارها تربت فوق كفها قائلة بحزم وهدوء.

: انا مش عوزاكى تبقى خايفة وعبيطة كده وحتة عيلة زاى سلمى تخليكى واقفة ترتعشى كده
انت مرات جلال الصاوى ومحدش ليه عندك حاجة لو مين ما كان فاهمة يا مرات ابنى ولا اقول تانى.

ظلت ليله مذهولة من تبدل حال والدة زوجها الى النقيض تماما ترفع عينيها بحيرة باتجاه حبيبة تسألها المشورة بنظراتها لكنها وجدتها لا تقل عنها حيرة او ذهولا وهى ترى والدتها والتى تعرفها خير المعرفة تتغير بين ليلة وضحاها لتلك الدرجة من ناحية من اعلنت رفضها وكرهها لها منذ الوهلة الاولى تشعر بالقلق يزحف الى صدرها سريعا تدرك جيدا ان وراء هذا التحول امر شديد ولن يكون فى صالح ليله ابدا.

كانت تستلقى فى فراشهم بعد غفوة صغيرة من التوم تبتسم بسعادة وهى تتذكر ماحدث منه اثناء الافطار والذى غابت عنه سلمى ووالدتها ومراعته لها واصراره على الاهتمام بطعامها وحديثه الرقيق معها طوال مدة جلوسهم على الطاولة واشتعال وجنتيها بخجل من ملامسته الخفية لها من خلف الطاولة حتى كادت ان تغص بطعامها اكثر من مرة حين كان يفاجئها بحركاته المتهورة تلك تدعو الله الا ينتبه احد من الجالسين لما يدور بينهم خاصة والدته والتى كانت تراقبهم بعين حادة كالصقر حتى انتهى الافطار اخيرا ليقف جلال ومعه عمه معلنا عن خروجهم لامر ما وانه قد يغيب طوال النهار متغيبا عن الغذاء فجلست فى مقعدها تتابعه بعينيها بحزن لاحظه هو فورا لينحنى عليها يمرر اصبعه فوق جسر انفها برقة متجاهلا العيون المتابعة لهم قائلا لها بحنان.

: متقلقيش مش هتاخر عليكى، على اول الليل وهكون عندك هنا اتفقنا.

سألها بكلمته الاخير بنعومة وهمس لتهز له رأسها بالايجاب لبتسم لها برقة ثم يعتدل واقفا مناديا لعمه ليغادرا معا لتطلب حماتها منها فور مغادرتها ان تذهب لارتياح فى غرفتها خوفا عليهامن الارهاق حتى يحين موعد الغذاء وهاهى تجلس منذ ذلك الحين فى غرفتهم لتعقد العزم على النزول لاسفل حتى تكون فى استقباله عندما يحين موعد عودته.

لكن اتت طرقات هادئه فوق الباب لتتوقف افكارها تأذن للطارق بالدخول فتسرع بالجلوس فورا بالاعتدال حين رأت والدة زوجة تدلف من خلاله قائلة بتساؤل
: انتى لسه نايمة ياليله؟

اجابتها ليله فورا وهى تنهض سريعا من الفراش
: لا، انا صحيت من بدرى وكنت نازلة حالا.

هزت قدرية راسها بالرفض وهى تتقدم الى الداخل قائلة بتأكيد
: لاا خليكى براحتك جلال لسه مجاش متقلقيش، انا بس قلت اطلع اشوفك لو صاحية اهو اقعد معاكى شوية بدل ما انا قاعدة زهقانة لوحدى بس لو تعبانة ولا حاجة انا مم...

ليله بسعادة وترحيب
: لا خالص بالعكس انا مش تعبانة خالص و فرحانة جدا ان حضرتك هتقعدى معايا.

جلست قدرية فوق الاريكة تربت على الجهة المجاورة لها قائلة لليله
: طب تعالى اقعدى، وخلينا نحكى مع بعض شوية ونسلى نفسنا لحد ما جلال يجى وكمان انا عندى موضوع عاوزة اكلمك واخد رائيك فيه.

ليله وقد ارتسمت ملامح القلق فوق وجهها تسألها
: خير يا ماما اتفضلى انا سمعاكى.

قدرية بندم واسف مصطنع اتقنت اظهاره على ملامحها قائلة بنبرة حزينة
: انا عارفة ان مقابلتى ليكى من يوم ما رجعتى مكنتش قد كده بس غصب عنى يا بنتى اللى فيا مش قليل والتفكير خلاص مش مخلينى عارفة اتصرف وخلقى ضاق على الكل مانا معزورة وان شايفة ابنى هيضيع مش عارفة اعمله ايه.

ليله بوجه خائف صوتها مرتعش من شدة فزعها
: ماله جلال ياماما. ارجوكى قوليلى فى ايه.

تنهدت قدرية بحزن قائلة
: هقولك يابنتى بس اوعدينى اووعى كلامنا ده يوصل لحد ولا حتى جلال انتى عارفة جوزك كرامته عنده فوق اى حاجة حتى ولو فيها سجنه.

ارتعبت ملامح ليله تستمع الى كلمات قدرية التالية وعينيها تمتلأ بدموع خوفها وجزعها عليه تتوالى عليها الكلمات كطعنات سكين تتغمد صدرها بقسوة وعنف.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
كانت جالسة تستمع لكلمات قدرية لها بوجه شاحب مصدوم تزداد خفقات قلبها سرعة منذ بدء حديثهم والذى بدئته قدرية قائلة بحزن
: انا هقولك على كل حاجة يا بنتى بس عاوزة منك تحلفيلى على كتاب الله ان اللى بينا ده هيفضل سر انا مش حمل اللى هيعمله فيا جلال لو عرف انى قلتلك.

اسرعت ليله تهز راسها بالايجاب بلهفة وتأكيد ثم تنهض باتجاه احدى الادراج تحت انظار قدرية المتلفهة تخرج احدى المصاحف وتضع يدها عليها وهى تهمس بيمين الله ان يظل حديثهم سرا لا يعلم احد عنه شيئا مهما جرى.

وضعت كتاب الله مكانه ثم عادت الى قدرية تجلس امامها مرة اخرى وكلها اذان صاغية فى انتظار حديثها لتتنهد قدرية بحزن واسف مصطنع وعينيها تلتمع بدموع التماسيح قائلة.

: الحكاية ليها زمن. من ايام الغالى ابو جلال كان دخل فى كذا مشروع ورا بعض بس الله يجازى اللى كان السبب وبسببهم بقى كل مشروع منهم يفشل ويسيب وراه تل ديون وهما مستكفوش بكده لااا دول فضلوا يضغطوا عليه ويشتروا ديونه من الديانة لحد ما اضطر فى الاخر يبيع ليهم اكبر حتة ارض من ارضنا ومات بحسرته بعدها.

سقطتت دموعها فوق وجنتها تكمل بصوت متحشرج ضعيف جعل ليله تبكى هى الاخرى معاها عطفا عليها وهى ترى تلك المرأة القوية منهارة بهذا الشكل امامها
: بس طبعا ارض دى كانت تمن جزء بسيط من الديون اللى علينا وكل يوم والتانى يجى حد عاوز حقه وفلوسه وجلال وعمك صبرى بقوا يحولوا الديون عليهم ويحاولوا هما يسدوها، بس خلاص ياليله مبقاش فى ايدينا حاجة تانية نعملها.

ليله بخوف وصوت مرتجف رعبا
: ازاى ياماما فاهمينى.

قدرية وهى تجهش بالبكاء تمسك بكف ليه تضغط عليه بقوة
: خلاص يا بنتى مبقاش فاضل حاجة نبعها غير البيت اللى أوينا فيه و جلال وعمك صبرى بقوا مهددين بالسجن فى اى لحظة وطبعا جلال استحالة هيسيب عمه يتسجن وهتبقى كل المصايب عليه لوحده.

انفجرت بالبكاء بصوت تقطع لها نياط قلب ليله لتسرع بالاقتراب منها تضمها الى صدرها فلم تجد مقاومة من قدرية ترتمى فى احضانها وهى تبكى قائلة
: من يوم ما دخلتى دارنا وانا عقلى كان كارهك هنا بس قلبى يقولى لاا متقسيش عليها دى حنينة وطيبة و هى ملهاش ذنب فى اللى عمله اهلها زمان وهو طلع قلبى عنده حق ويوم ما حبيت افضفض كان معاكى انتى.

عقدت ليله حاجبيها بحيرة تهمس بذهول
: مش فاهمة تقصدى ايه، وايه اللى عمله اهلى زمان.

ابتعدت قدرية عنها سريعا تهمس بارتباك
: مفيش يا حبيبتى، ده ماضى وعدى عليه زمن وهو برضه جدك حاول يصلح شوية منه قبل جوازك بجلال.

زادت حيرة ليله اكثر من حديثها تسألها بصوت متوجس خائف من اجابتها على سؤالها
: انتى تقصدى ان عيلتى هى اللى...

مر لحظة انتظارها اجابة قدرية عليها كالدهر حتى هزت قدرية رأسها بالايجاب ببطء وهو تقول متنهدة بحزن
: عمك علوان وابنه راغب الله يجازيهم هما السبب فى اللى احنا فيه.

اسرعت تكمل بتأكيد وحزم عندما لاحظت بادرة شك تظهر فى عينى لليله
: بس جدك مكنش يعرف عن لعبهم الوسخ ده حاجة وعلشان كده لما جه جلال اتقدملك حب جدك يفتح صفحة جديدة معانا وكتبلك ارضنا دى باسمك كهدية جواز منه ليكى ولجلال، بس هنقول ايه يلا ربنا يرحم امواتنا جميعا ويجازى اللى كانوا السبب.

نهضت قدرية تمسح دموع التماسيح عن وجهها قائلة بحزن تنظر لليله الجالسة بشرود وجمود مكانها لتلتمع عينيها بخبث للحظة قبل ان تتنهد وبحزن واسف مصطنع قائلة
: يلا يا بنتى معلش دوشتك وشيلتك الهم فى حاجة ملكيش ذنب فيها بس هعمل ايه كنت محتاجة افضفض مع حد. تصبحى على خير.

تقدمت بخطواتها باتجاه الباب ببطء بينما جلست ليله كانها بعالم اخر للحظات قبل ان تنتفض من مكانها تنادى قدرية بحزم لتتوقف خطوات قدرية قبل بلوغها الباب بعدة سنتمترات تلتوى شفتيها بابتسامة جذلة خبيثة ثم تلتفت الى ليله بحال اخر اسرعت برسمه فوق ملامحها تلونها بالحزن العميق والانكسار لكنها كادت ان تفضح حين سمعت ليلة تقول بصوت جاد حازم.

: لو حضرتك تقدرى تشوفى محامى يقدر يشوف بيعة لارض دى فى اقرب وقت وانا مستعدة فورا.

كادت قدرية ان ترقص فرحا لنجاح مخططها لكنها تمالكت نفسها قائلة بذهول واستنكار
: بتقولى ايه ياليله هو انا كنت بحكيلك علشان تقوليلى كده، ليه يابنتى كده تزعلينى منك.

تقدمت منها ليله تحتضنها بقوة قائلة بعاطفة وحنان
: ليه ياماما؟، انتى قلتى بنفسك انها هدية جدى ليا ولجلال يبقى ليه الزعل وبعدين لو ده مش وقت نبيع فيه الارض هيكون امتى؟ صدقينى يا ماما هو ده الحل الوحيد.

لمعت عينى قدرية بجشع تلتمع اسنانها بأبتسامتها الجذلة قبل ان تبتعد عن حضن ليله تنكس رأسها متظاهرة بالاستسلام
: بس جلال استحالة هيوافق ولو عرف حتى انى قلت...

ليله سريعا مقاطعة اياها
: جلال مش هيعرف حاجة. انا همضى لحضرتك على توكيل وبيه تقدرى انتى تتصرفى فيها بمعرفتك وبفلوسها تقدرى تساعدى جلال كانها منك انتى.

اتسعت عينى قدرية قائلة بذهول مصطنع
: انتى عاوزة تعمليلى ليا انا توكيل بيبع الارض.

ليلة بتأكيد وحزم
: ايوه هو ده الحل الوحيد واظن المحامى تبع العيلة هنا يقدر يخلصه فى اسرع وقت ومن غير جلال ما يعرف حاجة.

هزت قدرية رأسها قائلة بتفكير
: هو المحامى يقدر يعمل كده بس...

ليله وهى تضمها مرة اخرى بحنان قائلة
: مفيش بس ياماما، انا وجلال واحد واستحالة هقف اتفرج عليه وهو بيضيع مننا وانا فى ايدى الحل.

ضمتها قدرية هى الاخرى بقوة قائلة بسعادة حقيقية هذه المرة وعينيها تتراقص بغبطة شديدة
: خلاص يا ليله خلاص، اللى تشوفيه يا حبيبتى.

: اهو انا عملت اللى قلت عليه والمطلوب بالظبط مش هتقولى بقى عملنا كده ليه.

قالها علوان لراغب والذى جلس يطالع بعدد اوراق امامه بعناية قبل ان يقول بلا مبالاة
: علشان نربط شروق بسعد فى اقرب وقت و ليله كمان تيجى تقعد هنا ماهى مش ممكن تسيب اختها الوحيدة من غير ما تحضر معاها تجهيزات فرحها حتى لو ابن الصاوى عمل ايه علشان يمنعها.

هز علوان رأسه بعدم تصديق وانبهار قائلا
: انت دماغك ايه يا واد انت، شيطان.

ابتسم راغب ابتسامة ملتوية هو مازال على اهتمامه بتلك الاوراق دون ان يعير والده اهتمام ليسود الصمت للحظات تململ خلالها علوان ليعاود سؤاله بفضول
: ايه الورق اللى معاك ده وفيه ايه مهم يخليك مركز اووى كده.

ترك راغب الاوراق من يده ببطء ثم تراجع فى مقعده ينظر الى والده بتفكير للحظة يسأله بعدها متمهلا
: ولو قلتلك هتسمع وتفكر معايا ولا هتهيص وتزعق وتفرج علينا البلد.

علوان بقلق وارتعاب
: ليه هو فيه الورق ده بالظبط.

راغب بأبتسامة تخفى ورائها غضب وثورة عارمة
: ده ورق اخدته من المحامى بتاع ارض الست ليله والست شروق اللى جدى كتبها ليهم وبعلم ابنك سعد قبل ما يموت.

دلف الى داخل جناحهم بلهفة يجيل عينيه فيه بحثا عنها وقد تأخر موعد عودته عما نوى وقاله لها واصبح الوقت بعد منتصف الليل بقليل ليتأكله القلق حين وجده فارغا منها فيهرع ناحية الباب بغاية البحث عنها لكن يأتى صوتها الهامس المنادى باسمه برقة ونعومة يوقفه مكانه ملتفا الى خلف بلهفة لكن فرغ الهواء فجأة من الغرفة تتسارع نبضات قلبه بصخب عالى داخل صدره والذى اتسع لذلك الشهيق العميق من الهواء محاولا اخذ اكبر قدر منه داخله وجسده يقف مكانه متسمرا بعينين تحدق فى تلك الحورية الرائعة الجمال المثيرة التى هلت عليه من داخل الحمام ترتدى ثوب نوم قرمزى ذو صدر من قماش الدانتيل الشفاف ينحدر فوق جسدها رائع التفصيل بروعة وافتتان وهى تتقدم منه بخطوات بطيئة خجول تلوك شفتيها وخصلات شعرها الغجرية تحيط وجهها بملامحه الناعمة الرقيقة ليجعله تقدمها منه ينسى التنفس للحظة حتى اصبحت بالقرب منه لايفصل بينهم سوى انشا واحدا قطعته هى حين وقفت فوق روؤس اصابعها ترفع نفسها اليه مقبلة وجنته برقةوهى تعقد ذراعيها حول عنقه تضم جسده اليها تلامسه حرارة جسدها لتزيد من لهيب حرارته المتصاعدة حين هم همست بنعومة فوقه بشرته تلهبه.

: اتأخرت عليا ليه، ووحشتنى اوووى.

لم يجيبها بل اغمض عينيه تتعالى انفاسه محاولا فرض السيطرة على نفسه محدثا اياها ان تتماسك ولا تنهار تحت وطأة قربها المهلك منه لكن انهارت جميع محاولاته تلك حين انحدرت شفتيها فوق بشرة عنقه تقبلها برقة قبل ان تدفن وجهها فى حنايا عنقه قائلة بعتاب وتدلل
: جلال انت ساكت ليه؟ وهو انا ما وحشتكش؟

ارتجف جسده تأثرا بها يبتلع لعابه بصعوبة فتتحرك تفاحة ادم خاصته صعودا وهبوطا وهو يقول بصعوبة بالغة وصوت خرج متحشرج مرتجف
: لاا، وحشتينى، هو، انتى لسه صاحية ليه؟

رفعت وجهها اليه وهى تزم شفتيها بعتاب قائلة
: بقى كده كنت عاوزنى انام قبل ما اطمن عليك.

جلال مرتجفا و القبضة التى فى صدره تعتصر قلبه اكثر وهو يقول بخفوت
: طيب انتى مش اطمنتى عليا، يبقى تنامى بقى الوقت اتأخر عليكى.

مررت طرف اناملها فوق صدره قائلة برقة ودلال
: مااشى موافقة، بس مش هتقولى تصبحى على خير الاول.

جلال بمجهود شاق وصوت خرج اجش رغما عنه
: تصبحى على خير يلا روحى نامى بقى.

عقدت ذراعيها خلف عنقه تتعلق به تهمس بشفاه مصبوغة بطلاء قرمزى اطار الباقى من عقله امام روعة جمالها
: بس انا مش عاوزة انام دلوقت عاوزة اقعد معاك.

زفر جلال بقوة يهتف بها برجاءوصوت مرتجف
: ليله، ارحمينى، وروحى نامى قبل ما تطيرى شوية العقل الباقين وارجع فى كلامى.

ضغطت باسنانها فوق شفتيها تهمس من بينهم بخجل ولكن تغلبت عليه جرائتها والتى اكتسبتها حديثا
: طيب لو قلتلك ان انا مش عاوزة شوية العقل دول بينا الليلة، هتقولى نامى برضه.

وقف مكانه بقبضتين مضمومتين بقوة وجسد ووجه متجمد لا يظهر لمحة من التأثر عليه لتشعر بالاحباط يتسلل اليها لاتعلم عن النار المستعيرة به شيئا وهى تلتفت مبتعدة بجسدها عنه ببطء قائلة بندم
: الظاهر انى بضغط عليك، وان فعلا...

شهقت بذهول حين التف ذراعه حول خصرها يجذبها اليه قابضا بشفتيه فوق شفتيها بقوة وشوق فيختفى الباقى من حديثها بينهم تستكين فورا بين ذراعيه تبادله قبلته بشوق وشغف هى الاخرى تمر اللحظات بهما فى عالم الخاص حتى ابتعد عنها اخيرا ينهت بعنف وجبينه مستندا بضعف فوق جبينها قائلا بتردد وصوت مرتعش شوقا
: خايف ترجعى تندمى وتكرهينى بعد كده...

رفعت كفها تغطى به فمه تهز راسها برفض قاطع تهمس هى الاخرى وعينيها تلتمع شوقا ولهفة له
: مش ممكن ابدا ابدا اندم على لحظة واحدة تقربنى منك.

طبع بشفته قبلة رقيقة فوق كفها حاسما امره بعد كلماتها الرقيقة تلك ينحنى عليها رافعا اياها بين ذراعيه متوجها بها ناحية الفراش يضعها برفق فوقه ثم ينضم اليها فيه لينتهى اى حديث اخر بينهم ليبدء حديث من نوع اخر لا مكان فيه للكلمات بل للمشاعر فقط.

كانت قدرية فى غرفتها تجوب ارضها بتوتر تهمهم من بين الحين والاخر بكلمات غاضبة حانقة قبل ان تتعالى طرقات فوق بابها لتأذن للطارق بالدخول ليدلف فواز يهمس بسلام متردد متقدما للداخل بخشية لتهتف به قدرية بغضب
: اتأخرت ليه ياغبى انا مش مكلماك من ساعة واكتر وقلتلك تيجى ولا خلاص مبقتش قادر تستغنى عن قعدة الاونس مع اصحابك.

فواز بتردد ومحاولا تهدئتها
: غصب عنى والله يا مرات عمى العربية عطلت منى فى الطريق وده اللى اخرنى.

رمقته قدرية بنظرة نارية يظهر عدم تصديقها له فيها زاد معها فواز ارتباكا قبل ان تقول قدرية بحنق
: طب اتنيل اقعد خلينا نتكلم فى المهم.

جلس فواز سريعا فوق المقعد تتبعه قدرية قائلة باهتمام
: اسمع اللى هقولك عليه وتنفذه بالحرف وبكرة الصبح بالكتير الورق يكون عندى.

فواز بعدم تصديق
: ايه ده هو انتى خلاص عرفتى تقنعيها تكتب الارض لجلال.

تراجعت قدرية للخلف بزهو قائلة بانتصار
: لاا انا خلتها تعملى اللى احسن من كده انا خلتها تعملى توكيل بيبع الارض يعنى اقدر ابيعها اللى انا عوزاه وبراحتى وكله بالقانون.

انحنى فواز فوق كفها يقبله هاتفا بفرحة
: الله عليكى يا مرات عمى وعلى دماغك الالماظ دى وطبعا انتى هتكبيها لجلال ومن غير ما ندفع ولا مليم صح.

ابتسمت قدرية بخبث قائلا
لا، مش لجلال، جلال لوعرف بلى عملته تانى يوم هيرجعلها ويبقى ولا كاننا عملنا حاجة.

عقد فواز حاجبيه بحيرة وتفكير للحظة هاتفا بعدها بانتصار
: صح كلامك، يبقى انتى هتكتبيها لنفسك.

زادت ابتسامة قدرية وعينيها يزداد بريقها بخبثا ولؤما تسرع فى مقاطعته قائلة بحزم عندما هم بسؤالها مرة اخرى حين طال صمتها
: مش لازم تعرف كل حاجة خليها لوقتها انا المهم عندى نخلص موضوع التوكيل ده فى اسرع وقت علشان ننفذ كل حاجة بعدها بسرعة قبل ما جلال ولا حد من المغاربة يعرف.

تراجع بظهره على الفراش لكنه جذبها معه لتستلقى بين احضانه وراسها مستقر فوق صدره ليظلا هكذا لمدة من الزمن لا يقطع الصمت السائد فى الغرفة سوى صوت انفاسهم المتعالى حتى همست ليله بخجل باسمه ليفتح عينه سريعا يطالعها بلهفة فيرى فى عينيها سؤال وحيرة خجلت ان تصرح بهما بشفاها لينحنى فوق جبينها مقبلا اياه برقة شديدة ثم ينظر الى عينيها بنظرات عاشقة ولهة قائلا بصوت اجش.

: عارف يا قلب جلال عاوزة تسألينى عن ايه.

خفضت عينيها بخجل عنه ووجنتيها تشتعل بالحمرة ليمد انامله اسفل ذقنها رافعا وجهها اليه هامسا برقة وحنان
: انتى اللى طلبتى منى اننا ناخد فترة علشان نتعود فيها على بعض ده غير ان حصلت شوية ظروف...

زفر بقوة يقطع حديثه تظهر الحيرة والتردد فوق ملامحه لا يدرى كيف يصيغ الباقى من حديثه لها قبل ان يهم بالحديث مرة اخرى لكنها قطعت ما تبقى من حديثه بوضعها سبابتها فوق فمه برقة ظنا منها انه يقصد بتلك الظروف فترة وفاة جدها لتنهى الحديث عنه هامسة بخجل
: خلاص مش عاوزة اعرف حاجة وكفاية اننا مع بعض دلوقت وانى اكون فى حضنك وبس.

شدد من احتضانها بقوة الى صدره تتصارع المشاعر داخله لا يدرى كيف يوضح لها ظروف زواجهم وماحدث تاليا بعدها خائفا ان يعود معها لنقطة الصفر
دون ان تمهله الوقت حتى يمحو كل ذكرياتهم السيئة معا...

انهت هى هذا الصراع الدائر بداخل عقله حين اعقبت حديثها تدس وجهها فى تجويف عنقه تطبع قبلات ناعمة رقيقة ارتجف لها جسده بعنف زافر من قوة الاحاسيس التى هاجمته فى تلك اللحظة فينسى معها اى حديث اخر قد نوى التفوه به يخطفها معه الى عالمهم الخاص مرة اخرى بعيدا عن كل شيئ قد يعكر صفو تلك اللحظات بينهم.

مرت ايامها معه كانها الجنة تحلق عاليا بسعادة تطفو فوق كل مشاعرها فقد جعلها تشعر بنفسها اميرة فى احدى الروايات وهو يغرقها باهتمامه دلاله لها فى كل لحظة من يومهم يبثها عشقه وولهه فى كل مكان وفى اى وقت لا يوقفه شيئ عنها متجاهلا نظرات ساكنى البيت له ولها اما لياليهم فقد كانت كالسحر لا ينتهى الا بظهور خيوظ النهار لايمل او تنقص رغبته بها بل تزداد شغفا ليله وراء ليله حتى اتى ذلك اليوم وقد اتصلت بيها شروق تخبرها بانه قد تم تحديد موعد زفافها من سعد بناء على رغبة عمها خوفا عليهم من حديث اهل القرية عنهم خاصا بعد وفاة جدها ورغبتها بحضورها الى المنزل حتى تكون معها اثناء تحضيرات الزفاف تنهى معها الحديث برجاء ودموع حاولت كبتها تظهر خوفها من عدم حضورها او رفض زوجها لحضورها لكن ليله اسرعت تطمئنها بثقة لا تملكها انها ستكون معها ولن تتأخر للحظة عنها.

وهاهى تقف امام باب مكتبه تطرقه بتردد ثم دلفت الى الداخل بعد سماحه لها بالدخول تناديه بصوت متردد ليهب واقفا من خلف مكتبه اتيا ناحيتها سريعا ليجذبها فورا الى احضانه دون ان يمهلها الوقت حتى لطرفة عين اخذ يقتل شوقه اليها يدس انامله فى خصلات شعرها من الخلف جاذبا رأسها اليه يثبتها امام فمه قبل ان ينقض عليها مقبلا اياها بشوق وشغف عارم سرق منهم الانفاس لدقائق لا تعلم مداها غائبين عن العالم تماما حتى ابتعد اخيرا عنها يضمها داخل اضلعه بقوة هامسا بتحشرج.

: وحشتينى، تعرفى ان كنت لسه حالا هطلعك فوق.

ابعدها عنه يطالع وجهها المشتعل وخصلاتها المبتعثرة حول وجهها بجنون بشغف هامسا بعدها بخبث وعينيه تلتمع بنار الاثارة
: بس قلت لنفسى اعقل يا جلال عاوز البيت يقول عليك ايه، وبعدين الليل طويييلو هيبقى كله لينا لوحدنا وبس.

اعقب جملته الاخيرة بغمزة خبيثة من عينيه جعلتها تنكزه فى صدره تهتف بخجل توقفه عن الحديث.

فهتف بها باستنكار مصطنع قائلا
: طيب انا قلت ايه دلوقت مش دى الحقيقة..

ليله قائلا بتحذير مستنكر
: جلال، والله لو ما سكتش هسيبك واخرج ومش هقولك كنت عوزاك ليه.

لف خصرها بذراعه يقربها بقوة من جسده هامسا امام شفتيها بشغف
: طيب ما تسكتينى بطريقتك حتى علشان اسمعك بعدها تركيز.

اخذت ليله تلوك شفتيها تهز كتفها برفض ودلال ليهتف جلال بها بدهشة
: والمفروض بعد حركتك دى انى اسمع كلامك بعدها
شكلك لسه متعرفنيش يا ليله هانم.

اعقب حديثه ينحنى سريعا فوق شفتيها بفمه يقبلها بلهفة وجنون فلم تجد امامها سوى ان تهمم بمعارضة واهية بين شفتيه قبل ان يقضى عليها بأزدياد قبلاته حرارة وشوق جعلها تنسى تماما لما كان حضورها اليه من الاساس حتى ابتعد عنها اخيرا يتنفس بعنف قائلا
: هتجنن بيكى، انا مبقتش عارف ابعد عنك لدقيقة واحدة.

اخرجتها كلماته من حالة السكر التى اصابتها تجدها فرصة لبدء الحديث عن سبب حضورها اليه هامسة له بتردد
: لا ماهو انت لازم تتعود غيابى عنك اليومين الجايين دول.

عقد جلال حاجبيه بحيرة فمدت اناملها تتلاعب بازرار قميصه وعينيها فوقهم هربا من مواجهة عينيه تهمس قائلة
: ماهو ده الموضوع اللى كنت عاوزة اكلمك فيه بس علشان خاطرى ماترفضش.

رفعت وجهها ببطء اليه وفى عينيها نظرة رجاء لم تغفلها عينيه وهى تخبره بفحوى مكالمتها مع شروق تقف بعدها فى انتظار ردة فعله بخشية وقد وقف بجمود يسيطر على كل ملامحه فتعلم منها ان الرفض هو اجابته الاتية لا محالة لكنها ذهلت تتسع عينيها بشدة حين اتت الاجابة عكس توقعها حين قال بهدوء شديد
: طيب وايه المشكلة؟طبعا شروق اختك الوحيدة وحقها عليكى تبقى معاها فى وقت زى ده.

وقفت مكانها تنظر له بصدمة من اجابته قبل ان تصرخ فرحا تلقى بنفسها عليه عاقدة لذراعيها خلف عنقه تحتضنه وهى تهتف شاكرة بسعادة جعلته يبتسم بحنان ورقة يضمها هو الاخر اليه قبل ان يهتف محذرا
: بس مفيش بيات هناك ياليله، عاوزة تروحى كل يوم معنديش مانع وانا هوديكى واجيبك بس بيات هناك لاا، قلتى ايه.

ابتعدت ليله عنه تهتف بتأكيد فرح
: وانا موافقة، انا اساسا مش عاوزة ابات هناك.

ابتسم لها يمرر طرف اصبعه فوق انفها قائلا
يبقى اتفقنا، روحى يلا حضرى نفسك علشان اوصلك.

اومأت برأسها له تقبل على وجنته سريعا ثم تغادر تسابق الريح بينما وقف هو يراقبها بحنان رافعا كفه مكان قبلتها وعينيه تموج بالمشاعر حتى غابت عن انظاره تماما.

: ليلة وصلت يا راغب
هب راغب واقفا من خلف مكتبه بعد دخول والده يهتف به بكلماته تلك فيسأله بلهفة اين هى وهو يسرع من خلف مكتبه باتجاه الباب لكن تأتى يد والده لتوقفه قائلا بحسم
: على فين رايح؟خليك مكانك جوزها معاها واحنا مش عاوزين نهد كل حاجة لما يشوفك ادامه
انت تقعد مكانك ولما يمشى ابقى اعمل اللى تعمله بس كل حاجة بالعقل يا راغب متودناش فى داهية.

رجع راغب الى مكانه خلف مكتبه يجلس بهمود قائلا بشرود كما لو كان يحدث نفسه
: وماله نصبر مانا ياما صبرت ومجتش على الشوية دول كمان.

كانت تجلس داخل غرفة اختها تفرز معها ما بداخل احدى الحقائب وتستعرض كل منهما من وقت لاخر احدى القمصان الداخلية بين يديهم ثم تنفجران فى الضحك الشديد يمر بهم الوقت سريعا حتى دخلت والدتهم تسألهم
: ايه يا بنات لسه مخلصتوش كل ده ولسه فى شنطتين بس.

شروق وهى تمسك باحدى الحقائب المغلقة تلقى بها فوق الفراش بجوار ليله
: واحنا مستعجلين ليه يا ماما وما لسه اليوم ادمنا طويل روحى انتى شوفى الغدا واحنا هنا هنخلص كل حاجة.

هزت والدتها راسها بالموافقة تهم بعدها بالخروج قبل ان تهتف بها بعتاب
: شوفتى نستينى انا جاية ليه، يلا قومى الاول روحى شوفى مرات عمك عوزاكى فى ايه وبعدين تعالى كملى مع اختك.

عقدت شروق حاجبيها بحيرة تسأل ليله بدهشة
: غريبة وهى هتعوز منى ايه دلوقت.

ليله بهدوء وهى تطوى قطعة من الملابس بين يدها
: قومى روحى شوفيها عوزاكى ليه وانا هكمل لحد ماتيجى.

هزت شروق رأسها بالموافقة تنهض بأتجاه الباب مغادرة مع والدتها لتظل ليله تقوم بعملها بجدية حتى شرد عقلها الى سبب سعادتها تتذكر رحلتها معه فى السيارة وحديثهم المرح معا ثم دخوله الى منزلهم بحضوره الطاغى جالسا لبعض من الوقت مع عمها وسعد كانت عينيها وقتها لا تفارقه تتابع كل حركة منه بشغف واهتمام حتى نهض مغاردا لتسرع معه حتى الباب الخارجى مودعة يخطف معه دقات قلبها حين انحنى فوق اذنها هامسا بها بشوق.

: شوفتى لسه متحركتش بعيد عنك غير خطوتين ووحشتينى اوام، انا مش عارف هعمل ايه باقى اليوم من غيرك
ابتسمت فرحة بحديثه تحنى راسها بخجل ليزفر بقوة قائلا باحباط ظاهرى
: طيب واضح انى مش هوحشك، يبقى امشى بقى احسن.

رفعت وجهها اليه تهتف بلهفة مؤكدة
: لا طبعا هتوحشنى انا حتى عاوزة اليوم يعدى بيا بسرعة علشان ترجع ليا ونروح بيتنا.

التمعت عينيه بسعادة قائلا هو الاخر بلهفة
: وانا مش هتأخر عليكى اول ما تتصلى بيا هتلاقينى حالا ادامك حالا
وقفا يتبادلان النظرات يغيب عنهم العالم للحظات ثم غادر بعدها وخاطفا قلبها وعقلها معه.

عادت الى وقتها الحالى متنهدة برقة تعاود الاهتمام بما فى يديها قبل ان تسمع صوت الباب يفتح لترفع رأسها مبتسمة ظنا انها شروق لكن اختفت بسمتها سريعا يحتل مكانها الخوف والذعر حين رأت راغب يدلف الى الداخل يغلق الباب خلفه قائلا بعدها بخبث ودهاء
: اهلا ببنت عمى. وخطيبتى سابقا ومرات جلال بيه الصاوى حاليا ولا نقول احسن واصدق...
اتسعت بسمته بشراسة حتى ظهرت اسنانه وهو يكمل بغل وشماتة.

: ليله، جارية جلال بيه اللى اتباعت ليه علشان الفلوس والارض.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
تقدم منها بخطوات بطيئة ومازالت ابتسامته الذئبية مرتسمة على وجهه وهو يراها تنهض عن الفراش مراقبة تقدمه منها بعيون خائفة مذعورة تبحث عن مخرج للهروب منه قائلة بذعر
: عاوز ايه منى يا راغب، اطلع بره والا هصوت وهلم عليك البيت.

تقدم راغب منها قائلا بسخرية
: هطلع متقلقيش يا بنت عمى، بس الاول عندى ليكى كلمتين عاوز اقولهم.

وقف مواجها لها تماما وعينيه داخلهما تلك النظرة والتى مازالت ودائما اصابتها بالقشعريرة والنفور منه وهو يكمل بتمهل وانتصار
: مش لازم تعرفى كل حاجة عن جوازة الهنا وعن جلال بيه اللى اتجوزتيه وعرضوكى ليه قصاد حتة ارض علشان يرضى يتجوزك.

ليله بصوت مرتجف وعينيها يتراقص فيها الخوف
: تقصد ايه، مين ده اللى باعنى، انت اكيد كداب.

ارتفعت ضحكة راغب الساخرة ترج ارجاء الغرفة من قوتها قائلا بعدها لليله الواقفة بوجه شاحب وعيون تائهة وجلة
: كداب؟ طيب اسمعى يابنت عمى واشترى منى ولو مش مصدقانى بعدها تقدرى تسألى شروق ولا حتى امك واظن انهم استحالة هيكدبوا عليكى هما كمان.

اقترب منها فجأة يفح من بين اسنانه بغل وحقد بالغين قاصدا ان تكون كلماته كطعنات يسددها لها ببطء وتلذذ حين قال
: ابن الصاوى عمره ماشافك ولا حتى كان يعرف ان فيه واحدة اسمها ليله موجودة من الاساس، ابن الصاوى لمادخل البيت ده اول مرة كان داخل علشان يشترى حتة ارض كانت ليهم عندنا من زمان بس جدك مرضاش يبعها الا بتمن تانى غير اللى عرضه ابن الصاوى عليه، عرفتى هو ايه ولا تحبى اقولهولك...

تراجعت تجلس فوق الفراش بضعف وهمود عينيها متسعة بذهول وصدمة تشعر بكلماته تنزل فوقها كصاعقة تضرب رأسها بلا رحمة ولا شفقة غافلة تماما عن اقترابه منها جالسا على عقبيه امامها قائلا وهو يطالعها بقسوة يكمل بلا ادنى شفقة بها ولا بحالتها الماثلة امامه.

: التمن اللى جدك كان عاوزه من ابن الصاوى انتى ياليله وموافقته على جوازه بيكى، يعنى جوازة قصاد الارض وطبعا جلال بيه مقلش لا ماهو مش خسران حاجة، عروسة غنية وفوقيها ارض تسوى الملايين هتكتب باسمه من غير ما يدفع فيها مليم واحد.

رفعت ناحيته عيون متألمة تملأها دموع القهر وتهز رأسها رافضة كل كلمة قالها لينهض راغب واقفا وهو يقول بحزم وثقة
: مش مصدقانى؟ليكى حق مانا راغب شرير الرواية اللى عاوزة يفرق بين البطلة والبطل وينهى قصة حبهم العظيمة، علشان كده بقولك اسألى شروق ياليله واظن انها مش هتكدب عليكى هى كمان.

تحرك ناحية الباب وقد انهى مهمته وتاركا الباقى من الاحداث بين يدها هى ويدرك جيدا انها لن تترك الامر يمر دون ان تعلم حقيقة كل ما اخبرها به.

توقفت خطوات امام الباب للحظة بتردد ثم التفت مرة اخرى اليها عينيه تظهر فيها التعاطف لوهلة هو يرى حالة التية والضياع والتى اصابتها جراء كلماته قائلا بصوت مشفقا بصدق حين قال
: سامحينى يا بنت عمى بس مقدرتش اسيبك عايشة على عماكى وانا عارف ان جوزك ممكن يستغل حالتك دى فى لحظة ويخليكى تكتبى الارض ليه وتبقى اتبعتى بالرخيص يابنت عمى.

جلست مكانها كما هى كتمثال قد من حجر لا تظهر اى لمحة من المشاعر فوق صفحةوجهها الشاحب عينيها حائرة مذهولة ناهضة ببطء فوق قدميها التى اخذ ت تهتز تحت ثقلها قائلة بصوت مرتعش حائر
: انا، عاوزة، انا، هو، جلا...

ثم فجأة و امام عينيه المصدومة هوت فوق الفراش مغشيا عليها استجابة لتوسل عقلها طلبا للرحمة من الالام التى هاجمته دون هوادة لا تدرى شيئ عن هتافه المرتعب باسمها.

تملل فى مقعده ينظر الى ساعته ربما للمرة الخامسة التى ينظر اليها خلال الخمس دقائق الفائتة يتسأل بحنق عن سبب تأخرها بالاتصال به، يتسأل بحنق وغيرة
هل اعجبتها الزيارة لتلك الدرجة لتنسى معها الاتصال به حتى يحضرها؟، هل ستطول تلك الزيارة الى مالا نهاية؟

اخذ عقله يدور فى تلك الحلقة المفرغة من الاسئلة غافلا عن عمه وابتسامة المعرفة التى ظهرت فوق وجهه وهو يرى حال ابن اخيه منذ ذهاب زوجته الى منزل ذويها، تتسع بسمته اكثر حين راه ينظر مرة اخرى الى ساعته زافرا بقوة ليحدثه صبرى بهدوء ومعرفة
: روح هاتها ياجلال...

رفع جلال وجهه اليه عاقدا حاجبيه بحيرة جعلت ابتسامة صبرى تتسع قائلا بمرح
: اقصد ليله، روح هاتها الوقت اتأخر ولا هى هتبات هناك؟

هز جلال رأسه نافيا بقوة قائلا بحزم
: لاا طبعا تبات ايه استحالة اسبيها تبعد عنى يو...

تنحنح قاطعا حديثه يكمل بعدها بحرج
: احم، اقصد يعنى تبعد عن البيت ويعنى...

ظهر الاحراج فوق وجهه لا يدرى كيف يصلح خطأه هذا واظهاره لهفته عليها ليقول بحدة وارتباك يتظاهر بالنظر فى الاوراق امامه
: وبعدين خليها براحتها هى قالت هتبقى تتصل علشان اجيبها، خلينا فى شغلنا احسن.

هز صبرى رأسه بتفهم ومازالت تلك الابتسامة تزين وجهه ياخذهم حديث العمل بعيدا للدقائق حتى عاود جلال النظر الى ساعته مرة اخرى عاقدا حاحبيه بضيق ليحدثه عمه سريعا فى محاولة لالهائه عن التفكير والقلق
: مقولتليش هنعمل ايه فى موضوع ارض المغاربة وفى اللى عمله راغب.

جلال بلامبالاة وهو يتراجع فى مقعده للخلف
: ولا حاجة، سيبه يعمل اللى يعمله وبصراحة موضوع الارض ده مبقاش يهمنى.

اتسعت عينى صبرى هاتفا بذهول
: يعنى مش هتكلم ليله على موضوع الارض تانى.

تقدم جلال من مكتبه مستندا فوقه بمرفقيه قائلا بجدية وحزم
: لاا مش هتكلم معاها تانى فيه حتى ولو رجعت افتكرت كل حاجة انا خلاص ياعمى مش عاوزها الارض دى.

صبرى بحيرة وذهول
: بس يابنى دانت كنت هتتجنن عليها الارض دى بذات، طب جدتك هتقولها ايه وهى قايمة نايمة تحلم بالارض ورجوع هيبة العيلة بيها.

رقت ملامح جلال عند ذكره لجدتك ليقول بهدوء وحنان
: انا هتكلم معاها وافهمها ان هيبة عيلة الصاوى مش بالارض دى بذات وبعدين احنا نملك نص اراضى البلد مجتش على دى بذات.

رجعت الابتسامة تزين وجه صبرى يسأل بمرح
: وطبعا كل ده علشان ليله.

تنهد جلال بقوة ينهض من مقعده ملتفا حول مكتبه قائلا بهدوء
: مش هخبى عليك ياعمى بصراحة اه عاوز ابدء معاها صفحة جديدة مش عاوز اى حاجة تقف بينى وبينها من تانى حتى ولو ارض جدودى.

نهض صبرى من مقعده هو الاخر متقدما نحوه يربت فوق كتفه قائلا بحنان صادق
: ربنا يهنيك يابنى انت تستاهل كل خير ومحدش فينا ممكن يقف ادام سعادتك وان كان على جدتك اناهكلمها.

هز جلال راسه برفض قائلا
: لا سيبلى انا الجدة انا هقدر اكلم معاها وافهمها.

صبرى بتفهم وابتسامة فرحة
: اللى تشوفه يابنى وهى ما هتصدق وهتفرح اوى لما تشوف فى عنيك اللى انا شايفه دلوقت.

ابتسم جلال هو الاخر بحرج وهو يتحرك مسرعا ناحية مكتبه مرة اخرى قائلا بارتباك
: طيب مش نشوف شغلنا بقى علشان نلحق نخلصه قبل ما اروح اجيب ليله.

اومأ صبرى برأسه موافقا جالسا مرة اخرى فوق مقعده يمضى بيهم الوقت فى متابعة الاعمال كانت تتخلله نظرات جلال الخلسة الى ساعته بين دقيقة واخرى.

: ليله، ليله، فوقى ليله
تخلل هذ الصوت الذكورى غيمتها السوداء مبدد اياها رويدا رويدا مع كل نداء منه عليها حتى تلاشت تماما
لتفتح عينيها ببطء وضعف هامسة باقرب اسم تبادر الى ذهنها فى تلك اللحظة، جلال.

ولكن ما ان نطقت بأسمه بصوتها المتوسل الضعيف كانها تستنجد به دون وعى منها حتى اشتعلت النيران براغب وقد كان جالسا بجوارها فوق الفراش يحاول افاقتها ليقوم ودون تفكير تحركه غيرته يصفعها وجنتها بقسوة
تدوى صرختها المتألمة وهو ينقض فوق خصلات شعرها من خلف حجابها يجذب رأسها اليه حتى تواجهت اعينهم هى برعب وهلع وهو بعيون نارية شرسة صارخا.

: انتى ايه مبتحسيش؟ لسه بتناديه حتى بعد كله اللى عرفتي عنه وقلته ليكى، عاوزة ايه بعد كل اللى قلتهولك علشان تفوقى بقى.

تطلعت له شاهقة بذعر تحاول الافلات من بين قبضته وهى تراه يقترب منها ببطء تظهر نواياه فى عينيه بنظراتها الشهوانية تحاول اثناءه عنها قائلا برعب وصوت خرج مرتجف
: ابعد عنى ياراغب، ابعد عنى وفوق لنفسك.

راغب وهو يزداد اقترابا منها حتى كاد يجثم فوقها قائلا بلهاث شهوانى
: انا سمعت الكلام وبعدت كتير بس خلاص انا لقاتل لمقتول هنا..

اعقب كلماته منقضا عليها يطوقها بذراعيه يطبق بشفتيها فوقها محاولا تقبيلها فخرجت صرخة ذعر منها فيزيد من احكام قبضته عليها بقسوة فتلهث مرتعبة وهى تحاول فك حصاره عنها قائلة
: ابعد عنى انت اتجننت، ابعد عنى يا حيوان.

رفع راغب وجهه نحوها عيونه مشتعلة ووجهه محتقن بالدماء صارخا بها
: عند حق حيوان علشان سبتك لغيرى، سبيتك لجدك يبيعك لابن الصاوى علشان يبعدك عنى وقفت اتفرج وساكت بس استحالة بعد كده هسكت، انت ليا وبتاعتى براضكى غصب عنك بتاعتى.

صرخ بجملته الاخيرة بشراسة قبل ان ينقض عليها يدس وجهه فى حنايا عنقها يقبلها بشراسة وغضب بينما كانت هى تحاول الدفع بيه بعيدا عنها تقاومه بعنف تمتلأ عينيها بدموع القهر والذعر وهى تقبض فوق خصلات شعره تدفعه منها بعيدا وهى تصرخ بشدة تقطعت معها انفاسها ليتراجع عنها مبتسما بشراسة قائلا.

: تفتكرى لما هاخدك ويحصل اللى عاوزه ابن الصاوى هيخليكى حتى ولو لثانية على ذمته، لا مش كده، هيرميكى بعدها زى الزبالة، وساعتها هترجعيلى تبوسى ايدى علشان اخليكى ولو يوم على ذمتى علشان تدارى عارك.

كانت اثناء حديثه تحاول التملص منها تدفعه بكل قواها فى صدره تحاول رفعه عنها دون جدوى من شدة ثقله عليها وتكبيلها بجسده الجاثم فوقها وحين لم تجد نفسها القدرة على استمرار على مقاومته رفعت عينيها يغشيها الدموع تتوسله بصوت مرتعش خائف
: علشان خاطرى يا راغب سبنى، علشان خاطر ابويا وجدى، افتكر انى عرضك قبل ما اكون عرضه هو.

لم تهتز عضلة واحدة فى وجهه ينظر اليها بعيون حاقدة تمتلأ بالغل
: بتترجينى دلوقت، فكرانى هحن زى العبيط لكلمتين فاضين زى دول وشوية الدموع اللى فى عنيكى الحلوة دى...

التوت شفتيه تلتمع اسنانه بأبتسامة شرهة يكمل قائلا
: لاا. دى فرصة وجات لحد عندى واستحالة هضيعها من ايدى.

انقض عليها قابضا على ثوبها يشقه لنصف فتظهر مفاتنها امام عينيه ليسيل لعابه عليها قبل ان ينحنى ينهل من بشرة صدرها المكشوف امامه لا يعير لصراخها او مقاومتها الشرسة له ادنى اهتمام غائبا عن العالم امام وجبته الدسمة والتى طال انتظاره لها.

تمر بها اللحظات ثقيلة وهى بين يدى هذا الوحش والذى اخذ يستبيح حرمة جسدها تنفذ منها قوتها شيئا فشيئا حتى تسرب اليأس اليها من ان يتم انقاذها من بن براثنه تغمض عينيها تحاول الهروب من تلك الدوامة السوداء التى احاطتها لا ترغب فى السقوط داخلها حتى تقاومه لاخر رمق غير منتبة لصوت فتح الباب وصراخ شروق الذى وصل لعنان السماء حتى وصل لجميع ساكنى المنزل.

وفجأة شعرت بثقله ينزاح من فوقها وتعالى اصوات صراخ عالية مهددة بوعيد وتحطم لاشياء بدوى عالى
لكنها كانت فى عالم اخر سقطت بداخله ولا قدرة لديها على الخروح منه حتى اتى صوت شروق المتلهف تناديها بحزع لتنتشلها من تلك الهاوية وهى ترفع راسها اليها تحتضنها تبكى بمرارة وهى تردد
: متخفيش ياليله، الحمد لله لحقناكى، الحمد لله.

ثم اخذت تردد بلهفة الكثير من الحمد والشكر لله لاستطاعتهم اللحاق بها وانقاذها من بين براثن هذا الحيوان قبل ان ينتهى كل شيئ اما ليله فقد استلقت بين ذراعى اختها بوجه شاحب متجمد التعبير وعيون مذهولة تتجمد بداخلها الدموع.

لم يحتمل الانتظار طويلا وقد طال اشتياقه لها ليقرر الذهاب فور الى منزل ذويها دون انتظار اتصال منها
وها هو يجلس بتملل فى مقعده فى انتظارها غافلا تماما عن حديث سعد معه حتى انتبهت حواسه حين تحدث قائلا بارتباك وتمهل
: ايه رايك يا جلال تخلى ليله معانا الكام يوم الجاين دول بدل ما هى...

قطع حديثه حين التفت اليه جلال وحاجبيه معقودين يسأله بحدة
: هى ليله عاوزة كده؟

: لااا انا عاوزة امشى من هنا وحالا.

اتت الاجابة منها وهى تتقدم الى داخل الغرفة بجسد واهن وجهها شاحب كشحوب الموتى تستند الى شروق ووالدتها ليرتجف قلبه لهفة عليها وهو يراها على تلك الحالة ناهضا بحركة سريعة باتجاهها يسألها بلهفة وقلق
: ليله، مالك فيكى ايه؟ حصلك ايه؟

لم تجيبه بل كانت تنظر بعيدا الى الفراغ وجهها كصفحة بيضاء بلا اى تعبير ليلتفت الى شروق موجها لها السؤال لكن بعصبية تلك المرة لتجيبه شروق بتلعثم وارتباك وهو ترى عينيه تضيق فوق ليله محدقا فيها بتركيز
: مفيش حاجة هى بس تعبت شوية لو تخليها احسن معانا...

تحدثت ليلة بصوت ضعيف مرتعش تقاطعها قائلة
: قلت مش عاوزة اقعد هنا عاوزة امشى، عاوزة امشى.

نطقت بكلمتها الاخيرة ثم انفجرت شاهقة بالبكاء تلقى بنفسها بين ذراعى شروق والتى اخذت تربت فوق خصلات شعرها بحنان لكن لم يحتمل جلال ان يراها تلجأ لغيره طلبا للمواساة ليمسك بمرفقها يجذبها اليه يضمها بين ذراعيه هو يزيد من احتضانها حين اخذت تقاومه مرتعشة يهمهم لها بكلمات هامسة مطمئنة حتى استكانت اخيرا تتعالى شهقاتها الباكية تغمغم من بينها بكلمات غير مترابطة
: عاوزة امشى، خدنى بعيد عنه، انا خايفة منه.

كانت مع كل كلمة ينصت اليها منها يزداد جسده معها تخفزا وعينيه تدور بين وجوه الوجودين بحدة وشراسة فتتوارى عنه ارضا بخزى واسف فيتجه بنظرات مذهولة الى رأسها المندس فى صدره يمد انامله الى ذقنها رافعا وجهها اليه يسألها بعينه بنظرات حائرة قلقة عما حدث فتجيبه شهقات التى ازدات عنفا تمحو معها اخر خيوط تماسكه يهتف بها بحدة
: انطقى ياليله، الحيوان ده عملك حاجة، ردى عليا انطقى.

لم يمهلها الوقت للاجابة وهو يمد يده بأرتجاف يزيح حجابها الموضوع فوق رأسها بأهمال يلاحظ لاول مرة حين جالت عينيه فوقها اختلاف الرداء المرتدية اياه الان عما اتت به صباحا تكسو جسده قشعريرة برودة تكاد تجمد الدماء فى عروقه لا يعير اهتماما لشهقات المحيطين بهم المصدومة من فعلته ملقيا به ارض فيسود الصمت التام الغرفة فى انتظار ردة فعله وقد وقف مكانه يطالع تلك العلامات التى خلفها راغب فوق بشرة عنقها بعيون مشتعلة شرسة و وشعور من التوحش يسيطر عليه تتحفز كل عضلة فى جسده تشوق راغبة لغريزة القتل ليهدر فجأة بصوت عنيف شرس ينادى راغب...

كما لو كانت ابواب الجحيم فتحت على مصراعيها يتخطاهم جميعا متجها الى خارج الغرفة هادر بصوت متوحش هز ارجاء المنزل ينادى راغب فأتى صوت سعد من خلفه مرتجفا قائلا
: صدقنى يا جلال مفيش حاجة حصلت من اللى فى دماغك دى، احنا قدرنا نلحقه قبل ما...

هدر به جلال بصوت قوى ترتعد له الانفس وعيون مشتعلة قائلا
: والمفروض ده يخلينى اسيبه، دانا قبل ما هقتله هقطع له ايده اللى فكر يمدها عليها.

وقف الجميع بعيون واجساد ترتعد خوفا من رؤيته على تلك الحالة كمن تلبسه الشيطان صوته ترتج له الجدران من شدة غضبه هو ينادى راغب يتبع كل نداء بالسباب ليقول سعد برجاء
: راغب مش هنا صدقنى يا جلال راغب ساب البيت بعد اللى حصل على طول.

لم يعيره جلال اهتمام بكل وقف فجأة يرهف السمع وقد تعالى صوت توقف سيارة بالخارج ليتحرك بخطوات سريعة متخفزة الى الخارج دون انتظار لحظة واحدة
تهتف ليله برعب لسعد قائلة
: الحقوه يا سعد، الحقوه هيموته لو مسكه فى ايده.

زفر سعد بقوة هامسا بحنق وهو يتحرك باتجاه الباب
: ياريت والله يبقى جلال كسب فينا ثواب، وخلينا نخلص بقى من قرفه ومن عمايله السودا.

نزل راغب من السيارة بهدوء وتروى لا يعكر صفو باله شيئ وهو يدندن لحنا من بين شفيته حتى شعر بتلك القبضة فوق كتفه تديره بعنف الناحية الاخرى فينفجر بعدها ضوء ساطع فجأة فى عينه حين نزلت تلك اللكمة فوقها تتبعها اخرى فوق فكه سمع معها صوت تحطم عظامه تتوالى عليه اللكمات فى كل انحاء جسده لا تمهله الفرصة سوى على التأوه الما حين سقط ارضا يتلقى جسده اللكمات بطرف حذاء جلال وهو يهدر به غاضبا وعروقه نافرة من شدة غضبه.

: بقى انت يا كلب تعمل فى مراتى كده يا وس، دانا هطلع روحك فى ايدى النهاردة يابن ال...

توال عليه باللكمات والضربات حتى كاد ان يزهق روحه بين يديه ليخر راغب على ركبتيه يستعطف بوجهه تنزح منه الدماء وصوت يأن الما
: ارحمنى، ابوس رجلك، ارحمنى هموت فى ايدك.

جلال بوحشية ينحنى فوقه قابضا بقبضته حول عنقه يرفعه منه يضغط مع كل حرف ينطقه به عليه حتى انتفخت عروق وجه راغب المحتقن طالبا للهواء تجحظ عينه حتى كادت تخرج من محجرهما فاخذ يحاول الفكاك من قبضة جلال الفاتكة بعنقه بلا رحمة يخور كثور يلفظ انفاسه..

هنا وقرر سعد بعد كان يقف مراقبا بصمت دون ان يحاول التدخل تاركا لجلال الأخذ بحقه بما يناسبه حتى هذه اللحظة وقد خارت قوى راغب تماما بين يديه مقتربا بخطوات سريعة منهم يحاول فصم قبضة جلال من حول عنق راغب هاتفا به بتوسل
: كفاية يا جلال انت اخت حقك وبزيادة.

لم يعيره جلال اهتماما وهو يعطى تركيز كله لراغب لا يحيد بعينه بعيدا عن وجهه باستمتاع وحشى مراقبا خروج الروح منه ببطء حتى دوت صرخة نسائية تشق عنان السماء تجرى بعدها والدة راغب وهى تصرخ برجاء وتذلل تتبعها نساء العائلة
: سيبه يابنى سيبه ابوسك ايدك سيبه
انحنت فوق قدمه تتعلق به بشدة وهى تبكى وتنوح
: حقك عليا انا، لو عاوز اقتلنى بداله، بس سيبه هو.

اخذ سعد يحاول رفعها عن قدم جلال المتشبثة بها والذى وقف بجسد يرتجف حنقا وغضبا وهو يرى تلك المرأة المسكينة تنحنى بكل هذا التذلل امامه من اجل هذا الوغد الحقير يلعن من بين انفاسه وقبضته تنحل رويدا رويدا من حول عنق راغب حتى تركه تماما حين قالت المرأة بصوت هستيرى منهار
: ابوس ايدك يابنى، اعتبرنى زى امك وسيبه، خد حقك منى لو عاوز بس سيبه.

تحرك جلال للخلف تركا لراغب تماما ليهوى ارضا بعنف يلهث بعنف ليبصق عليه جلال هادر بصوت شرس قوى كالرعد
: اوع تفتكر انها خلصت على كده لااا ده انا لسه هخليك تتمنى الموت متقلقوش يابن...
ثم انحنى على والدة راغب يرفعها على قدميها بتمهل ثم يتحرك باتجاه ليله الواقفة بذهول محتضنة.

جسدها المرتعش بخوف ينحنى فوقها يرفعها بين ذراعيه متجها بها ناحية سيارة يضعها داخلها ثم يتلف حول مقعده يقود السيارة مغادرا تحت انظار الجميع المراقبة.

بعد رحلة العودة صامتة بينهم بوجوم تتخلها نظرات قلقة منه ناحيتها من حين الى الاخر حتى وصولهم الى المنزل يصعد بها الدرج دون ان يعيرها نداء والدته او حبيية اهتماما يدلف بها الى داخل غرفتهم يضعها فوق الفراش بحنو ورقة ثم يجلس بجوارها عينيه تدور فوقها بلهفة تتشرب ملامحها الشاحبة المرهقة داخله للحظات قبل ان يختطفها الى صدره يضمها اليه بصمت وجسده يرتجف بقوة للوهلة قبل ان يقول بصوت مرتعش اجش.

: الكلب ده عمل ايه فيكى بالظبط، اذاكى ازى احكيلى كل حاجة عاوز اعرف.

شعرت ليله بحاجته لكلامها حتى يتوقف عقله عن تخيل ابشع الصور لما يحدث لها لذا لم تتردد لحظة فى بث الطمأنينة اليه تضمه اليها دافعة باناملها فى خصلات شعره من الخلف بحركات مهدئة قائلة بهمس مؤكدة
: متخفش ملحقش يعمل اللى كان ناويه شروق وسعد لحقوه قبلها
ازاد ارتجافه دافنا وجهه بين حنايا عنقها يزيد من ضمها بذراعيه حتى كاد ان يعتصرها بينهم يهمس بصوت مرتجف نادم.

: انا اللى غلطان مكنش لازم اوافق واسيبك هناك لوحدك، كان لازم ارفض حتى لو كنتى هتزعلى بعدها منى.

لم تجيبه ليله تغمض عينيها هامسة بداخلها بألم تتمنى لو حقا فعلها ورفض طلبها وقتها لم تكن ستعرف كل ما تعرفه الان ولا ان تتعرض لكل ما فعله بها ذلك الحيوان المسمى بابن عمها كانت ستظل داخل تلك الشرنقة محمية من كل هذه الاوجاع والتى اخذت تهاجمها الان دون رحمة او هوادة.

لم تشعر بتلك الدموع والتى سالت فوق وجنتها تغرقها حتى تصاعت شهقة باكية منها جعلته ينتفض مبتعدا عنها قلبه ينفطر وجعا لرؤيته دموعها تلك كسكين يتغمده ببطء قبل ان يحنى مقبلا تلك الدموع دمعة دمعة ببطء وتمهل هو يهمس بألم ما بين قبله واخرى
: لو اقدر اخد جوايا كل حاجة ممكن تكون وجعاكى مش هتردد لحظة واحدة انى اعملها ولانى اشوفك ادامى بالشكل ده.

شهقت تبكى بمرارة بكلمات غير مترابطة عاجزة
: ليه انا، ليه هو، انت كنت، انا، مش، انت، انا تعبانة، عاوزة...

اخذت تدور برأسها حولها بحيرة وانهيار جعله عاجزا امام انهيارها هذا وهو يراها تنهض عن الفراش بغتة وهى تقول بهستريا والم
: انا هادخل الحمام، عاوزة اغسل كل حتة لمس فيا يمكن اقدر انسى كل اللى حصل..

اسرع هو الاخر ينهض عن الفراش يجذبها الى صدره يحاول تهدئتها لكنها كانت كمن وضع امر صوب عينيها وواجب التنفيذ تحارب شياطين مجهولة له وهى تحاول التملص من بين ذراعيه تتصاعد صرختها الهسترية تطالبه بدخول الحمام وهى تمزق الملابس من فوقها فلم يجد حلا امامه سوى ان يرفعها بين ذراعيه رغم مقاومتها له يدخل بها الى داخل الحمام يوقفها على قدميها قبل ان يشرع فى نزع ملابسها سريعا رغم محاولتها اعتراض يديه حتى انتهى من مهمته سريعا متجاهلا تلك العلامات الظاهرة فوق بشرة عنقها برغم ما يشعر به من نيران مستعيرة داخل صدره لاعنا نفسه الالاف المرات لاستجابته لدموع والدة ذلك الحقير دون ان يزهق روحه بيده نتيجة لفعلته القذرة معها.

رفعها سريعا بين ذراعيه مرة اخرى متوجها الى كابينة الاستحمام يوقفها داخلها ثم يتبعها هو الاخر بكامل ملابسه يمد يديه الى صنبور المياة لتتدفق المياة فوقهم وهو يحتضنها بين ذراعيه بحمايةانامله تقوم بأزاحة خصلات شعرها عن وجهها برقة وحنان بينما هى وقفت مستكينة بين احضانه تسند برأسها فوق صدره وقد استفذت كل قواها ولم تعد لديها القدرة على المقاومة او حتى التفكير.

كانت تستلقى فوق الفراش بعد ان انتصف الليل تستمع الى صوت تنفسه الهادئ المنتظم دليل على استغراقه فى النوم فبعد خروجهم من الحمام بعد مضى بهم الكثير من الوقت تحت المياة المنهمرة فوقهم كان الصمت بينهم وقتها ابلغ من الف حديث يقف معها تحت شلال المياة يحتضنها فقط بحماية حتى ارتجف جسدها بردا ليسرع فى اغلاق المياة يخرجها من الكباينة ثم يلفها بحماية داخل احدى المناشف بينما يسرع خارجا الى الغرفة لعدة لحظات عاد بعدها وقد نزع ملابسه هو الاخر لافا خصره بمنشفة ثم حملها بين ذراعيه مغادرا ناحية الفراش يضعها فوقه ثم يستلقى معها يجذبها الى صدره حتى تستلقى براسها فوقه ومازالت انامله تقوم بتلاعب بخصلات شعرها بحركات مهدئة جعلت تشعر بالنعاس والارهاق يستوليان على جميع حواسها.

لا يمهلاها الفرصة لاجراء ذلك الحديث بغية الحصول على رد على كل ما يجول داخل عقلهامن تساؤلات
فتسقط فى النوم لا تصل لمسامعها همسته الرقيقة الحنونة وهو يقبل وجنتها بنعومة
: اه لو تعرفى انتى بقيت عندى ايه، بقيتىالدنيا مافيها ليا ومستعد اعمل اى حاجة علشانك حتى ولو كانت روحى هى التمن.

سقطت سريعا فى النوم استيقظت منه بعد حين تتملل فى الفراش بتوتر وترقب فى انتظار تلك المواجهة فلن تقوم بالانتظار حتى الصباح فقد حان وقتها الان وحالا.

حاولت فك حصار ذراعه من حولها محاولة الزحف بهدوء بعيدا عنه دون ان تقوم بأيقاظه حتى نحجت اخيرا تغادر الفراش تلقى بنظرة طويلة ناحيته تتأمل بعمق وتركيز وجهه بملامحه المسترخية من اثر النوم قبل ان تقوم بتحرك ناحية خزانتها تخرج منها روبها تلقى به فوق جسدها ثم تتوجه ناحية الباب تفتحه بهدوء تغادر الغرفة وهى تلقى نظرة اخيرة دون تعبير ناحيته ثم تغلق الباب خلفها بهدوء.

دقت الباب بهدوء ثم وقفت فى انتظار الاجابة وحين همت بالطرقة الثانية حتى فتح الباب فورا تقف تحت اطاره قدرية بكامل ملابسها تنظر الى ليله بنظرة معرفة قبل ان تبتسم ابتسامة صفراء قائلة بسخرية وتهكم
: اتأخرتى ليه دانا مستنية زيارتك ده من وقت ما رجعتى من بيت اهلك بقالى زمن.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
دلفت الى داخل الغرفة بعد افسحت لها قدرية الطريق ومازالت تلك الابتسامة الملتوية مرتسمة فوق شفتيها تتابع تقدم ليله الى الداخل ثم اغلقت الباب قائلة بصوت متهكم ساخر
: نقول حمد لله على السلامة ولا جاية علشان تسألى واجوبك.

ليله بهدوء عكس ما تنموج به المشاعر بداخلها
: انا افتكرت كل حاجة مش محتاجة غير اجابةسؤال واحد، وهو ليه؟
ليه ضحكتى عليا واخدتى منى الارض بالطريقة دى؟

صرخت قدرية بحنق وقد تشيطنت ملامحها قائلة
: ليه! بقى مش عارفة ليه؟! بقالك تلات شهور واكتر ذلنا علشانها الارض دى ولسه بتسألى ليه.

اقتربت من ليله بخطوات غاضبة سريعة تقف فى مواجهتها تفح من بين اسنانها قائلةوعينيها تتراقص بجنون مما جعل ليله تتراجع بخوف الى الخلف
: بس كده؟! من عنيا هقولك ليه، علشان يا بنت صالحة انا معنديش النفس الطويل اللى عند جلال وطولة البال والخطط بتاعته انا اخطف الحاجة اللى عوزاها وبعدها يحصل زاى يحصل.

ليلة بتردد وخشية
تقصدى ايه؟، تقصدى ان جلال كمان...

قدرية وقد لمعت عينيها بالخبث والشماتة
اه، اقصد اللى فهمتيه بالظبط اومال كنت فاكرة حاله اللى اتغير معاكى بين يوم ليله ليه؟ انه حبك وداب فى هواكى مثلا.

نكزتها فى صدرها تدفعها تكمل بقسوة
: فوقى لنفسك يابنت صالحة جلال لحبك ولاعمره هيحبك جلال اهم من الارض عنده مفيش، اللعبة كانت مرسومة من الاول وبالمظبوط هو يحنن ويدلع ويحب لحد ما توقعى وانا اجى اضرب ضربتى، فهمتى ولا لسه عوزانى اقول كمان.

شعرت ليله بالارض تميد من تحت اقدامها وجهها شاحب بشدة عينيها تتجمد داخلها الدموع لكنها حاولت التظاهر بالتماسك حين همست بضعف
: فهمت كل حاجة، مش محتاجة كلام تانى.

قدرية وهى تتحرك ناحية الفراش تجلس عليه براحة وعينيها تتطلع الى ليله بسخرية قبل ان تقول مستهزئة
: طيب كويس انك فهمتى اصل بصراحة الموضوع مرات الابن والحما الطيبة كان طول ومسخ اووى ولا ايه رايك.

لم تجيبها ليله بل تحركت ببطء ناحية الباب تبغى المغادرة وقد اصبح جو الغرفة مثقلا بالكراهية والحقد فيشعرها بالاختناق لكن تأتى كلمات قدرية لها توقفها قبل بلوغها الباب بعدة انشات حين قالت بسخرية متهكمة
: طبعا هتروحى لجلال تعيطيله وتقولى رجعلى ارضى مليش دعوة انت وامك ضحكتوا عليا وانا عاوزة الارض من تانى.

ليله دون ان تلتفت لها بصوت بارد لا حياه فيه
: وتفتكرى ده هجيب نتيجة بعد كل اللى عملتوه وتعبتوا نفسكم علشان توصلوا ليه.

قدرية ببرود هى الاخرى
: بصراحة لا ومش هينوبك وقتها غير كرامتك اللى هتتهان بعد ما جلال يطلع عليكى القديم والجديد ماهو مش سهل عليه اللى عمله برضه علشان يوصلك ولا ايه؟

شعرت ليله بكلماتها كطعنات تنخر فى قلبها بقسوة تدميه بجراح مستحيل شفائها وهى تعلمها بتلك القسوة ماذا كانت ومازالت بالنسبة له
لذا شعرت بعدم جدوى اى حديث معها تفتح الباب بعنف ثم تغادر الغرفة بخطوات سريعة دون ان تلتفت ولو لثانية ناحيتها بينما وقفت قدرية تتابع
خروجها تلك المرة بقلق دون ان توقفها قائلة تحدث نفسها وهو تلوك جانب شفتيها بتوتر.

: ياخوفى منك يا بنت صالحة، ياما نفسى المرة دى بالذات كرامتك هى اللى تفوز على عقلك زى كل مرة ومتعرفيش جلال حاجة عن كلامنا ده.

سرعان من تحول حالها للنقيض ترتسم تلك الابتسامة والتى تجعلها تحاكى الشيطان فى شره وخبثه قائلة
: بس هو انا لسه هستنى وبقى تحت رحمتك تقولى ولا متقوليش لاااا دانا هضرب ضربتى وبسرعة وصدقينى المرة دى ضربتى والقبر.

: عجبك اللى عملته ده يا اخر صبرى، انا كنت عارف انها مش هتعدى على خير.

صرخ علوان بتلك الكلمات الحانقة فى وجهه راغب المستلقى فوق الفراش تغطى الكدمات وجهه تماما
فاتحا عينيه بصعوبة من شدة تورمها وهو يحاول التركيز على حديثه والده بعد دخوله العاصف عليه لتهب فوزية والدته من مكانها بجواره هاتفة بحنق هى الاخرى
: ده وقته يا علوان انت مش شايف حاله عامل ازى الصباح رباح سيبه دلوقتى يرتاح.

جز علوان على اسنانه غيظا مقتربا منها صارخابعنف جعلها تتراجع الى الخلف خشية منه ومن غضبه
: انتى بذات تخرسى خالص، وكفاية عملتك السودا بقى تنزلى توطى على رجلين ابن الصاوى علشان يسيبلك المحروس ابنك.

فوزية بخوف وتردد
: لا كنت اسيبه يموت ابنك من الضرب علشان يعجبك وبعدين ده كل اللى همك، مش همك اللى عمله راغب مع ليلة.

هنا ودوى صوت راغب الشرس مقاطعا حديثهم وهو يعتدل فى الفراش متجاهلا الالام التى انتشرت فى جسده من اثر تحركه المباغت هذا
: خلاااص، اسكتوا انتوا الاتنين مش عاوز اسمع ولا كلمة منكم واطلعوا يلا وسيبونى عاوز ارتاح.

علوان مبتسما بتهكم قائلا
: اهو ده اللى انت فالح فيه الشخط والنطر فيا وفى امك انما ادام ابن الصاوى تبقى زى الفرخة الدايخة من خوفك منه.

ثم تحرك من مكانه متوجهاا ناحية الباب يكمل بغيظ وحنق
: قومى يا ولية من هنا خلينا نروح نتخمد، جتها نيلة اللى عاوزة خلف من صنفكم ان كان انت ولا اخوك الخايب التانى.

غادر علوان الغرفة بخطوات سريعة غاضبة تاركا خلفه جو من التوتر جعل فوزية تلتفت الى راغب الجالس ينظر بشرود بعد خروج والده العاصف قائلة
بتردد وخشية
: متزعلش يا راغب انت عارف ابوك طول عمره...

قاطعها راغب عن اكمل حديثها هاتفا بحدة
: روحى انتى كمان نامى ياما وسبينى لوحدى شوية.

هزت فوزية رأسها برفض قائلة
: لاا انام ايه، الدكتور قايل لازم حد يسهر معاك الليلة.

راغب وقد كادت قدرته على التحمل توشك على النفاذ قائلا بنفاذ صبر وحدة
: روحى ياما وسبينى دلوقت وابقى تعالى بعدين.

ترددت فوزية لوهلة تهم بالرفض مرة اخرى ولكنها تراجعت حين رفع لها راغب وجهه الحانق ناحيتها لتومأ له براسها بعدها بخوف ثم تغادر الغرفة بخطوات سريعة ليسود الصمت الغرفة قبل ان يهمس راغب محدثا نفسه بغل
: بقى كده يابن الصاوى انا يتعمل معايا كده وتخلينى مهزقة، طب وحياة الغالية اللى بتتحامى فيك منى لدفعك انت وهى التمن غالى وبزيادة.

تحرك مائلا بصعوبة والم ناحية الطاولة الصغيرة يختطف من فوقها هاتفه يجرى اتصالا من خلاله منتظرا اجابة الطرف الاخر لعدة لحظات قبل ان يهتف بجدية به
: ايوه، هيكون مين يعنى يا زفت، ايوه انا راغب، صحصح معايا كده واسمع اللى هقولك عليه ده كويس وتنفذه بالحرف، مفهوم
لتمضى به اللحظات يملى من معه على الهاتف كلمات سريعة متجهمة تلتمع عينيه بالشر والحقد كلما توغل فى الحديث معه.

تملل فى نومه بعد شعوره بالبرودة وافتقاده الدفء المنبعث من جسدها من جواره لتمتد يده بحثا عنها
وهو يغالب النعاس فيهب فزعا يناديها حين شعر ببرودة الفراش بجانبها عينه تجول باحثا عنها بقلق فى ارجاء الغرفة قبل ان يتنهد براحة حين وجدها تجلس فوق الاريكة عاقدة لركبتيها بذراعها وهو تتطلع نحوه بنظرات غامضة فيبتسم لها بنعاس قائلا بصوت اجش من اثر النوم.

: قاعدة عندك ليه فى البرد كده؟ تعالى هنا فى حضنى ادفيكى.

لم تتحرك من مكانها بل ظلت على وضعها بجلستها المتصلبة وعيونها المستقرة فوقه بجمود ليعقد حاجبيه بقلق ناهضا من مكانه سريعا متوجها ناحيتها ثم يجلس على عقبيه امامها انامله تتلاعب باصابعها المنعقدة بقوة ببعضهم البعض قائلا بحنان
: هنا برد عليكى تعالى نامى فى السرير احسن وابقى فكرى فيه زاى ما تحبى.

لم يتلقى منها ردة فعل سوى انها زادت من احتضان نفسها وهى تلقى برأسها فوق ركبتها مشيحة بوجهها للجانب الاخر بعيد عنه.

زفر جلال بقلة حيلة وهو يرى حالتها المتباعدة هذه عنه يشعر بنفسه مقيدا لايدرى كيفية التصرف حتى يعيد لها ابتسامتها والتى اصبحت تنير له الحياة بضيها واشراقة الفرحة بعينيها لينهض من مكانه جالسا بجوارها مادا اصابعه يبعد خصلات شعرها عن وجهها قائلا بصوت حاول اظهار الحماس به
: طيب ايه رايك من بكرة اخدك ونروح مكان نقضى فيه يومين انا وانتى بس.

انتظر منها ردة فعل على حديثه ليهتف بها قلقا حين قابله الصمت مرة اخرى
: ليله انتى كده بتقلقينى وتخوفينى عليكى؟
ادارت وجهها ترفعه ناحيته فجأة تنظر له ضاغطة فوق شفتيها المرتجفة تترقرق فى عينيها الدموع وهى تسأله بصوت يأس متألم
: بجد يا جلال قلقان عليا؟ بجد انت بتخاف عليا؟

جلال بنبرة خشنة قوية
: يااه ياليله بقى بتسألينى انا السؤال ده دانا مابخفش فى حياتى على حد ادك، انتى متعرفيش انا حسيت بايه لما جه فى تفكيرى ان ممكن الحيوان ده يكون اذاكى او عمل فيكى حاجة، انتى بقيتى روحى يا ليله.

انهى كلماته فوق شفتيها وهو ينحنى عليها يقبلها برقة متذوقا تلك الدموع المنهمرة فوقها يهمس لها بشوق ولهفة مابين كل قبلة واخرى
: انتى روحى، عقلى، عيونى، النفس اللى بتنفسه، الدنيا وكل ما فيها ليا.

كانت تشعر بكلماته كانها البلسم لجروحها كانت مع كل قبلة منه يلقى بأوجعها واحزانها بعيدا وهو ينحدر بقبلاته الناعمة نحو وجنتها وثم بشرة عنقها الحساسة قبل ان تجد طريقها مرة اخرى لشفتيها يخطفها بقبلة اضاعت منها الانفاس لتخدرها بين ذراعيه كالمغيبة من وهج المشاعر والاحاسيس المتدفقة بينهم تستلم تماما له حين رفعها بين ذراعيه بحنان متجها الفراش يضعها فوقه برفق وعينيه تحدق بها بعيون قاتمة من شدة الرغبة بها ينحنى عليها يقبلها بشغف بادلته اياه دون لحظة تردد واحدة منها تمتزج انفاسه بانفاسها كان الوقت والعالم تلاشى بهم ولا يبقى سوى جسديهم المتلاحمين عشقا ليعيشوا داخل جنتهم الخاصة.

استلقى جلال على جانبه مستندا براسه فوق ذراعه فوق الوسادة يتأملها فى نومها بأبتسامة رقيقة تتلاعب فوق شفتيه وهو يمرر انامله فوق ملامحها التى تفتنه رقتها ونعومتها وهى نائمة كطفلة سعيدة هانئة البال لتتسع ابتسامته حين نزلت اطراف اصابعه فوق شفتيها المتورمة من اثر ليلتهم العاصفة امس متذكرا كل تفاصيلها بدقة جعلت من نيران جسده تشتعل مرة اخرى رغبة وشوقا لها يشعر بالحياة تدب فى خلاياه كلما كان بقربها فهى اصبحت كالادمان بالنسبة له اصبح يعشق وجودها فى حياته مستعدا لفعل اى شيئ حتى لا يرى حزنا او قلقا داخل عينيها التى تسحره بروعة نظراتها التى تمتزج بها البراءة مع الكبرياء ليصبحا مزيجا لا مثيل له لا يراه الا معها فقط.

شعر بها تتملل بضعف من اثر ملامسته لها تهمهم فى نومها ثم تعاود النوم مرة اخرى بشفاه منفرجة بشق بسيط فتجذبه اليها ينحنى فوقها يقبلها ببطء وتروى يستمتع بكل لحظة بالقرب منها للحظات مرت عليه كالنعيم قبل ان تتحول طبيعة قبلاته لها لتصبح اكثر شغفا وجموحا حين علم باستيقاظها وتنبها له وللمساته الشغوفة بها تبادله قبلات هى الاخرى متأوة بنعومة اذابته تماما تخطفه للنعيم لم يشعر به الا بين ذراعيها ومعها...

كانت ليله تعلم باستيقاظ جلال واستلقائه بجوارها منذ فترة حولت خلالها التظاهر بالنوم برغم صعوبة فعل ذلك هربا من مواجهته فى ضوء النهار لعلمها بانها لن تستطيع اخفاء مشاعرها وحيرتها طويلا عنه فليلة امس استسلمت له بكل جوارحها رغبة وهربا منها بان تشعر ان ما قالته والدته لها ليلة امس لم يكن صحيح تحدث نفسها بان ما تراه منه من خوف ولهفة عليها هو الحقيقة وكل ما عداها كذب وافتراء عليه وانه يشعر وله بالقليل من المشاعر لها وان ما تراه فى عينيه هو معها هى الحقيقة ولا شيئا اخر سواها ولكن يأتى الصباح ومعه تأتى الظنون والشكوك كأنياب شرسة تنهشها بلا رحمة او شفقة، جعلتها تخشى القادم من ايامها.

لكن حين بدء فى تقبيلها بتلك الطريقة وانفاسه الدافئة تلامس وجهها فتسرى النيران فى عروقها وشعور من المتعة ينتشر بجسدها فلا تستطع الهرب منها تنسيها مرة اخرى العالم وما فيه لا تتردد لحظة تبادله قبلاته بشغف شديد تهرب الى نعيم قربه مرة اخرى دون لحظة تفكير واحدة.

لكن رغما عنها عاودتها افكارها السوداء بطرقات هادئة فوق باب خلايا عقلها تجاهلتها فى البداية هربا منها لكنها عاودت الطرق مرة اخرى ولكن بالحاح وعنف تلك المرة لتخرجها من جنتهم قسرا تجعلها تهمس له بضعف
: جلال انا عاوزة اتكلم معاك فى حاجة، جلال.

هتفت به فى اخر جملتها حين لم تجد منه استجابة فاخذت تحاول الهروب من الحاح عاطفته والتى كادت تغرقها مرة اخرى تحت هجوم لمساته وشفتيه فوق بشرتها تهتف مناديه له بصوت اكثر حزم رغم ارتجافه
: جلال، انا عاوزة اكلم معاك فى موضوع مهم جدا.

رفع جلال وجهه اليها بعيون قاتمة من شدة عصف المشاعر بها يهمس لها بصوت اجش مرتعش
: عيون جلال، انتى تأمرى وجلال ينفذ.

اتسعت عينيها تطالعه بذهول هامسة بارتجاف
: بجد يا جلال، بجد انا مهمة عندك كده.

جلال وشفتيه تمس شفتيها بحنان قائلا
: طبعا يا فرحة قلب جلال، استحالة يكون عندى اللى اهم منك لو مين ماكان.

ليله بتردد وهى تلوك شفتيها رعبا من اجابته عليها
: حتى ولو كانت الارض اللى اتجوزنا علشانها.

شعرت بانسحابه وتوتر جسده فوق نطقها كلماتها تلك مبتعدا عنها وقد تحول للنقيض تماما عما كان بين احضانها منذ لحظات قائلا توتر
: وانتى عرفتى الكلام ده...

فجأة التمعت عينيه بطريقة اخافتها قاطعا كلماته يكمل بدلا منها بخشونة وشك
: انتى رجعتلك الذاكرة و افتكرتى يا ليلة؟

اومأت له ببط ليسألها بتوتر وخشونة
: من امتى ده حصل؟

لم تجيبه بل اخفضت بعيونها بعيدا عنه ليدفع بيده اسفل ذقنها رافعا وجهها اليه يعيد سؤاله ولكن بهدوء
تلك المرة لتجيبه بعد لحظة تردد بخفوت
: لما كنت فى بيت اهلى لما راغب حاول انه...

ارتعشت بعنف حين تذكرت ليلتها تلك وماحدث معها فيها ولم يكن حاله هو ايضا بافضل منها وقد رات توهج عينه عنفا واجرام حين اتت على ذكر راغب وما فعله
قائلا وهو يضغط فوق اسنانه يفح من بينهم
: وياترى افتكرتى لوحدك ولا بمساعدة حد.

للمرة الثانية تخفض عينيها عنه ليزفر بقوة هامسا بخشونة
: كده فهمت، علشان كده حالك متغير من وقتها والموضوع مكنش من صدمة اللى حصل من راغب مش كده يا ليله؟

حين قابل سؤاله الصمت اجابة عليه اومأ براسه ببطء ثم فجأة تحرك من الفراش مغادرا متوجها الى الحمام بخطوات سريعة يغلق الباب خلفه بهدوء شديد جعلها ترتجف خشية اكثر مما لو كان دفعه بعنف لعلها تعلم منه ما يدور بداخله من افكار.

مر بها الوقت ظلت مكانها خلاله تنتظر خروجه وقد اجرت حديث عنيف اللهجة مع نفسها تنهرها لضعفها وما تشعر به من توتر انتظارا لردة فعله تتسأل بحنق لما كل هذا وهى من معها الحق هنا هى من تم التلاعب بها وبعواطفها من اجل وصولهم الى هدفهم دون مراعاة لها ولا لمشاعرها لذا اتخذت قرارها ولا رجعة فيه بانها سوف تجرى هذا الحديث معه وقد طال انتظارها حدوثه ولا تراجع عنه بعد الان.

خرجت من افكارها على صوت فتح الباب ثم يخرج منه يلف خصره بمنشفة متوجها الى خزانته يخرج منها ملابسه دون ان يلتفت اليها لتظل تراقبه للحظات بعيون منتبه لاقل حركة منه قبل ان تناديه بصوت خافت فيلتفت اليها ببطء لتكمل قائلة
: عاوزة اتكلم معاك، فى حاجات كتير لازم افهمها ولازم نتكلم فيها.

لمعت عينيه بمشاعر لم تستطع التعرف عليها الا من لمحة الم سرعان ما اختفت قبل ان تتبينها كانها سراب قبل ان يعود باهتمامه الى ملابسه يكمل ارتدائها قائلا بصوت خالى من التعبير
: حاضر يا ليله، اللى تشوفيه. مدام شايفة انك محتاجة الكلام فى اللى فات، فحاضر.

لم شعرت بالذنب وكانها قامت باهانته لم هذا الاحساس بعدم الراحة الذى اخذ ينغزها بقسوة بعد حديثه هذا لها، ما الخطأ فيما قالته فهى تحتاج لاجابات ويحب ان تحصل عليها.

مرت لحظات صامتة بينهم كانها الهدوء الذى يسبق العاصفة حتى تعالت الدقات فوق باب الغرفة فهمت بالنهوض لفتح الباب ليشير اليها جلال بالتوقف بحزم ثم يتوجه هو ناحية الباب يفتحه ليطالعه وجه نجية المرتبك قائلة بلهاث
: سيدى جلال، الست قدرية عوزاك تحت ضرورى وبتقولك لازم تنزل لها حالا.

اومأ جلال قائلة بهدوء
: طيب انزلى انتى يا نجية وقوليلها انا نازل حالا.

هزت نجية رأسها بالموافقة مغادرة ليلتفت جلال الى ليله بوجهه قائلا بهدوء
: انا هنزل اشوف فى ايه، وانتى اجهز وحصلينى.

ثم غادر فورا يغلق الباب خلفه دون ان يملها الفرصة للاجابة تقف مكانها للحظات متردد خائفة مما هو قادم لكنها نفضت عنها اى مشاعر سلبية تتجه بعزم ناحية الحمام استعدادا للمواجهة القادمة.

نزلت الدرج بهدوء ثم تتجه ناحية غرفة المكتب ليوقفها صوت نجية وقد كانت تقف اسفل الدرج قائلة بسرعة
: ست ليلة، سيدى جلال فى اوضة السفرة مش فى المكتب وهو مستنيكى هناك.

ابتسمت لها ليله بضعف قبل ان تتوجه ناحية غرفة السفرة تهم بدخولها حين استوقفها صوت جلال الغاضب قائلا
: طيب وده ينفع يا امى انا مش قلت محدش يكلمها فى حاجة وانا هفهمها بطريقتى.

قدرية بصوت خافت متردد
: طب وكنت عاوزنى اعمل هى اللى جاتلى عاوزة تتكلم وكانت عارفة كل حاجة وانا مقلقتش حل غير اقولها الحقيقة.

زفر جلال بغضب يهتف بها
: دلوقت هتعند وقليل اما عملت لنا فضيحة فى البلد كلها مانت عارفة انها رافضة الموضوع كله من الاساس انت كده هديتى كل اللى عملناه.

هنا ولم تحتمل ليله الاستماع للمزيد وقد وضحت لها الصورة تماما دون الحاجة لاى حديث معه لتندفع الى داخل الغرفة كالعاصفة تصرخ بغضب اعمى وغل
: متخفش يا جلال بيه مفيش فضايح ولا حاجة. رجعلى ارضى وصدقنى مش هبقى على ذمتك لحظة واحدة بعدها، الا والله لافضحكم فى البلد كلها واقول انك سرقت مراتك وكنت طمعان فيها وفى مالها وبرضه هطلق منك بعدها بس بعد ما اكون فضحتك.

توقفت عن الحديث تتطلع فى عينيه المذهولة بعيون جاحدة مغلولة لاترى شيئ مما حولها ولا حتى قدرية والتى وقفت تتابع الموقف بابتسامة منتصرة شامتة
حتى هتف جلال بها مذهولا ووجهه شاحب
: انتى بتقولى ايه، انتى اتجننتى بقى بتقوليلى انا الكلام ده ياليله.

ليله بغل وحقد اعمى وقد تحفزت كل خلية فى جسدها صارخة
: ايوه بقولك كده يا جلال بيه، ايه كنت فاكر انى هفضل عامية وعايشة فى بحر العسل اللى نيمتنى فيه على طول.

صرخت تكمل بصوت وصل لعنان السماء
: اصحى يا جلال بيه وفوق لعبتك انت والست الوالدة انكشفت خلاص والارض اللى اخدتوها منى بلعبتكم الوسخة دى هترجع يعنى هترجع.

تطلع جلال فيها بعيون عاصفة لا تظهر على وجهه اى ردة فعل لكلامها للحظات وقفت فيها تنهت بعنف وهى تبادله النظرات بتحدى وغضب ثم فصم نظراته عنها يلتفت الى والدته يسألها بهدوء شديد يدرك من يعرفه بانه اشد خطورة فى حالته هذا عنه فى غضبه الشديد
: ليله بتتكلم عن ايه بالظبط يا امى؟

همهمت قدرية بتردد قبل ان تقاطعها ليله تتوجه بالكلام له بعنف وغضب
: انت بتسألها كانك متعرفش حاجة، لسه عاوز تكمل كذبتكم لاخر، فاكر انى لسه عبيطة وهصد...

: انت تخرسى خالص ومش عاوز اسمع ليكى صوت لحد ما اخلص خالص وافضالك فاهمة.

فزت ليله فزعا حين صرخ بها بتلك الطريقة تراه على حالته والتى راته عليها لاول مرة فى منزل ذويها بعد علمه بفعلة راغب الدنيئة معها وقد انتفخت عروق رقبته تلتمع عينيه بالوحشية ووجهه محتقن بدماء الغضب ولكن تلك المرة كان كل هذا موجها لها لتصمت فورا وقد ارهبتها حالته هذه تراه يلتفت الى والدته قائلا بصوت حاد وغضب مكبوت
: امى تعالى معايا على المكتب حالا.

تحرك متوجها للباب يمر بجوار ليله يدفعها بكتفه فى كتفها متجاوز اياه كالعاصفة قبل ان يتوقف بغتة قبل بلوغه الباب قائلا بصوت عاصف موجها حديثه لها تلك المرة
: وانتى كمان حصلينى المكتب حالا واياكى تتأخرى.

وقفت مكانها ذاهلة للحظات تمر بجوارها قدرية بخطوات بطيئة تبتسم ابتسامة مغيظة لا تم لحالتها قبل قليل امام جلال بصلة تغادر هى الاخرى الغرفة.

بينما وقفت ليله مكانها باقدام تقيلة وجسد متجمد تسرى البرودة فى عروقها شاحبة شحوب الموتى حتى وصل الى مسامعها جلبة شديدة بالخارج جعلتها تخرج من حالتها هذه تتحرك مغادرة هى الاخرى الغرفة بخطوات هامدة بطيئة تتوقف مكانها متسعة عيونها وهى ترى تلك الوافدة الجديدة والتى وقفت فى وسط البهو تستقبلها قدرية بفرحة شديدة وهى تمهرها بالقبلات والاحضان فتلتفت ليله ناحية جلال الواقف بجوار غرفة مكتبه مستندا فوق اطاره بجسده وجهه قاتم وعينيه تتبادل النظرات مع تلك الغريبة والتى انسحبت من بين ذراعى قدرية موجه حديثها الى جلال قائلة بدلال وعيونها تتراقص رموشها بغنج.

: ايه يا جلال مش هتيجى تسلم عليا وتقولى حمدلله على السلامة
لم يتحرك جلال بل ظل مكانه يتبادل وهو وتلك الغريبة النظرات غير المقرؤة لها شعرت ليله معها بان هناك الكثير والكثير خلف نظراتهم تلك وان قدوم تلك الزائرة لن يمر مرور الكرام فى هذا المنزل ابدا.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
وقفت مكانها تراقب تقدم جلال البطيئ من تلك الزائرة وعلى وجهه قناع غير قابل للقراءة قائلا بهدوء
: اهلا اميرة حمدلله على السلامة.

التفتت قدرية الى جلال تهتف بسعادة
: شوفت يا جلال اميرة جات تقعد معانا كام يوم تنورنا فيهم.

جلال و عينيه فوق اميرة بتفكير رغم توجه بالحديث لامه
: تشرف يا امى، بس مقلتيش يعنى انها جاية كنا حتى على الاقل استقبلناها.

توتر ملامح قدرية تلتفت الى اميرة لتسرع اميرة فى اجابته قائلة
: انا اللى طلبت منها يابن عمتى كنت عاوزة اعملهالك مفاجأة بس الظاهر انها مكنتش مفاجأة حلوة ليك.

قالت كلماتها الاخير بعتاب وتدلل جعلت من ليله الواقفة تتابع ما يحدث بعيون متسعةوهى ترى ابتسامة جلال التى ارتفعت فورا فوق شفتيه قائلا برقة وترحيب
: لا ازاى، دى احلى مفاجأة على فكرة من زمان وانا نفسى اشوفك واشوف خالى وباقى العيلة.

اميرة وهى ترفرف برموشها بخجل مصطنع
: وانت كمان والله وحشتنى علشان كده جيت اقعد معاك ومع عمتى كام يوم وبعدين بابا هيبقى يحصلنى.

هنا ولم تستطع ليله التحمل لتهتف بعصبية منادية اياه
: جلاااال...

التفت اليها جلال بجانب وجهه مجيبا اياها ببرود ارسل القشعريرة فى جسدها لتسرع قائلة بتردد متلعثمة وهى تتابع بعينيها تلك الوافدة
: اظن كان فيه موضوع مهم كانا بنتكلم فيه.

قال جلال دون ان يلتفت لها بخشونة
: مش وقته ياليله، وقت تانى هنتكلم.

هتفت اميرة وهى تمرر نظراتها فوق ليله من اعلاها الى اسفلها والعكس بأستعلاء قائلة بسخرية مبطنة لم تلاحظها سوى ليله
: بقى انتى ليله، ازيك يا حبيبتى.

لم تجيبها ليله بل وقفت تطالعها هى الاخرى بأستعلاء تمرر عينيها فوقها هى الاخرى تلاحظ شعرها الاسود الفاحم والموضوع فوقه حجابها يظهر من اسفه نصفه وعيون مرسومة بالكحل الثقيل اما فستانها زهرى ذو قصة قصيرة لا تناسب الاعراف هنا قبل ان توجه حديثها مرة اخرى لجلال قائلة بحزم
: لاا انا عوزة اتكلم دلوقت وحالا، مش هستنى لحظة واحدة بعد كده والا...

قطعت جملتها حين التفت اليها جلال بغتة عينيه تتطاير بداخلها الشرر سائلا اياها بهدوء مفترس
: والا ايه ياليله؟ احب اعرف اللى هتعمليه.

نظرت ليله متوترة ناحية اميرة والتى رفعت لها حاجبها بتحدى تسرع قائلة بارتباك
: نتكلم فى اوضة المكتب احسن.

لكن وامام عينيها المنصدمة صدعت ضحكة جلال الساخرة وهو يجاهد للحديث بصعوبة بعدها قائلا
: انتى شايفة كده؟ طب متخلينا هنا احسن ويبقى وفرتى على نفسك المجهود.

ليله ووجهها قد اصبح محتقنا من سخريته منها بتلك الطريقة امام الاخرين لكنها قالت بحزم رغم ارتجاف صوتها
: لا اوضة المكتب احسن، وياريت دلوقت وفورا.

خفض جلال راسه مشيرا لها بطريقة مسرحية ساخرة ناحية غرفة المكتب ان تتقدمه لتتحرك بخطوات ثابتة رغم ارتجاف ووهن جسدها تشعر به خلفها الا بعدة خطوات بعد ان طلب من والدته ان تتبعهم هى الاخرى.

دلفت الى غرفة المكتب سريعا يتبعها هو ايضا يتقدم بخطواته ناحية مكتبه يجلس خلفه بهدوء وراحة عاقدا كفيه امام شفتيه وهو يطالعها بنظرات متفحصة بطيئة جعلتها تتملل فى وقفتها من قدم الى اخرى للحظة تهتف به بتوتر
: هتفضل ساكت كده كتير وقاعد تبصلى وخلاص، اتكلم قول حاجة.

لم يجيبها جلال بل ضاقت نظراته فوقها اكثر جالسا فى مكانه كتمثال نحت على هذا الوضع لتصرخ به تلك المرة بحدة وعنف
: متفتكرش انك كده بتخوفنى وانى هسكت لا، فوق يا جلال بيه انا ممكن...

: اخرسى.

كلمة واحدة خرجت منه بهدوء كحد السيف وكان لها مفعول السحر عليها اذ بهتت ملامحها على اثرها تقف فاغرة الفاه وعينيها متسعة بصدمة بينما يتراجع هو فى مقعده للخلف يكمل بهدوء شديد ارعبها
: صوتك مسمعهوش، واظن كل اللى عندك قلتيه يبقى تخرسى خالص وتسمعى وبس، مفهوم.

صرخ بكلمته الاخير بصوت جهورى غاضب جعلها تشهق بفزعة وهو تغمض عينيها بشدة خوفا منه ليشعر بتسلل الندم اليه على فعلته هذه وقسوته تلك معها لكنه اسرع بازاحة ندمه هذا فورا جانبا يرتفع بدلا عنه غضبه وحنقه منها سريعا يكمل بصوت خشن جاف
: اقعدى عندك مسمعش ليكى صوت لحد ما افهم ايه الموضوع بالظبط.

فتحت فمها لتجيب اياه مستنكرة لكنها اسرعت تطبق شفتيها سريعا حين هتف بها بغيظ
: قلت صوتك ميطلعش واقعدى عندك زاى ما قلت.

تحرك من مكانها باقدام مرتعشة تجلس تحت انظاره المراقبةلها بحدة فوق المقعد المقابل له فى الوقت ذاته تقدمت قدرية الى داخل الغرفة مرتجفة تتبعها اميرةبخطوات واثقة لتسرع قدرية قائلا بتوتر حين هم جلال بالحديث
: اميرة عندها كلمتين ليك يا جلال.

جلال بحدة وعينه ترسل رسالة الى والدته واضحة المعنى
: مش وقته يا امى بعدين لما نخلص من موضوعنا ده الاول.

تقدم اميرة الى الامام ناحية المكتب تحت انظار ليله المتابعة بحيرة ما يجرى تتسع عينيها ذهولا حين قالت اميرة بثقة وصوت حازم
: ما هما الكلمتين بتوعى يبقوا بخصوص الموضوع ده بالذات يا جلال.

: خلاص يا راغب فهمت والله وحفظت الكلام تحب حتى اسمعلك.

امدت يد راغب تصفع مؤخرة رأس المتحدث بقوة جعلت يشهق بألم بينما راغب ينهره بعنف قائلا
: بلاش غلاسة وركز كويس اقل كلمة ممكن تضيعنا وتضيع كل اللى ناوى عليه.

دفعه فى جانب راسه بغلظة يكمل
: افهم يا غبى هنا غير القاهرة هنا الناس كلها عارفة
بعضها واى غريب بيتعرف فى ثانية يعنى كله لازم يخلص فيومها وبعدها طيارة بره البلد فهمت يا نسيم.

حك نسيم راسه قائلا بتردد
: فهمت يا كبير بس اااا...

راغب زافرا بنفاذ صبر
: اخلص عاوز تقول ايه؟

نسيم قد اخفض صوته تماما ينحنى على اذن راغب قائلا باهتمام
: الجماعة اتصلوا من كام يوم بالوسيط وعاوزين باقى فلوسهم وانت عارف دول ملهش صبر على حد.

عقد راغب حاجبيه بشدة يهمس هو الاخر بقلق
: عارف بس هعمل ايه الدنيا اتعقدت هنا على اللى كنت ناوىه، ده حتى ابويا مش طايق ليا كلمة بعد اللى حصل.

نسيم مأنبا اياه بتردد وخشية قائلا
: ليه حق يا راغب حد يهبب اللى هببته ده لا وكمان رايح تعرفها بموضوع الارض ما كنت تسيبها على عماها وهو كنا عرفنا نطلع بمصلحة منه الموضوع ده.

زفر راغب بضيق ناظرا للبعيد قائلا بصوت حانق
: اهو اللى حصل بقى، انا قلت لما اعرفها حقيقة جوازتها والعب فى دماغها شوية وانا راسم الطيبة الخوف عليها هتبقى زاى العجينة فى ايدى ونخلص.

جز فوق اسنانه يلتفت ناحية نسيم يكمل بغيظ
: بس بنت ال، قامت تدور على المحروس بتاعها وتتحامى فيه ومحستش بنفس غير وانا بدور فيها الضرب.

لوى نسيم شفتيه يهمس بأستهزاء
: هو كان ضرب بس يا راغب دانت كنت هتاخدها غصب.

التمعت عين راغب بشهوة يضغط فوق شفتيه بأسنانه قائلا
: اه يا نسيم كنت خلاص ثوانى وهتبقى ملكى لولا الغبى اخويا هو والزفتة اختها وصلوا قبلها بثوانى
بس ااه لوكان حصل كانت هتبقى سكة تانية لينا خالص نلعب بيها على كيف كيفنا.

طوح نسيم بيده فى الهواء بعدم اهتمام قائلا بعدها
: اللى حصل حصل، خلينا فى فلوس الجماعة هتجهزها ازاى، خصوصا بعد حركة جدك ونص الارض اللى ضاعت منك دى لبنات عمك.

ضاقت عينى راغب بتفكير تتلاعب اصابعه بطرف ذقنه
: كله حاجة وليها حل بس نخلص الاول من اللى جيبك علشانه وساعتها اللعب هيبقى على المكشوف
ونبقى نشوف مين هينجدها بعدها منى.

نهضت ليله عن مقعدها صارخة بغضب هستيرى تلتفت الى جلال الجالس بهدوء خلف مكتبه تضرب سطحه بعنف قائلة
: يعنى ايه الكلام ده، عاوز تفهمنى انك اول مرة تسمع وتعرف بلى عملته امك.

جلال وهو مازال على هدوئه رغم ارتجاف عضلة فى وجهه تبين عكس ما يظهر
: ملكيش دعوة ان كنت اعرف ولا معرفش واظن انك جاوبتى بنفسك على سؤالك ده من قبل حتى ما تسألينى فيه.

جلست ليله باحباط مكانها تهتف ذاهلة
: يعنى انتوا بتخيرونى لتاخدوا الارض منى لتتجوز بنت خالك عليا.

هنا تحدثت اميرة تضع قدما فوق اخرى قائلة بانتصار شماتة
: بالظبط كده يا حبيبتى واظن مفيش غلط فى اللى قلته مانتى عملتيه قبل كده.

جلال بحدة يهتف بها وهو ينهض عن مقعده متجها ناحية جلوسها هى وقدرية وعينيه تلتمع بنيران مستعيرة تقع شرارتها فوق قدرية تحرقها والتى جلست تفرك كفيها ببعضها بتوتر تعلم علما اليقين انها لن تمر بفعلتها مرور الكرام ابدا
: متتكلميش معاها كده ادامى، كلامك معايا انا، وخلاصة الكلام انا هشترى الارض منك بضعف تمنها مرتين واظن كده انتى الكسبانة.

اميرة وهى تتراجع فى مقعدها قائلة بنعومة تتمطى بحروفها باغراء وميوعة
: وانا بقولك استحالة، دى فرصة وجاتلى على طبق من دهب، ده حتى ابويا نفسه موافقنى عليها.

عم الصمت ارجاء الغرفة كان جلال واميرة يتبادلان النظرات تتحدث بالكثير والكثير بينما جلست ليله تتابع ما يجرى بينهم بذهول تشعر كانها وقعت بين المطرقة والسندان يوسوس لها شيطانها بكلمات كالاشواك داخل عقلها بان مايحدث لم يكن سوى مسرحية هزلية وقعت هى ضحيتها كان اول الممثلين فى دورها رئيسى هو جلال وهى تراقب حديث العيون بينه وبين تلك الافعى لتدرك ان بينهم ماهو اكثر مما تظهره المظاهر بينهم لذا وقفت على قدميها.

ببطء شديد عينيها ببرودة الجليد قائلة بصوت لا حياة فيه
: مفيش داعى لكل ده، انا مواقفة تتجوزها وترجعلى ارضى بعدها.

جلست قدرية فى غرفتها بعد حين وهى تبكى بهستريا تجلس بجانبها اميرة تربت فوق كتفها قائلا بصوت رتيب تدير عينيها بملل قائلة
: ما خلاص بقى يا عمتى، مانت كنت عارفة انه ده اللى هيحصل يعنى كنت مستنية منه ايه بعد اللى عملتيه.

قدرية بصوت متألم باكى
: انا كنت فاكرة انه هيفرح خصوصا لما ماحولش يوضح لمقصوفة الرقبة دى انه مكنش يعرف عن لعبتى حاجة قلت بس ده ماشى معايا على الخط.

تراجعت اميرة برأسها الى خلف تهتف بدهشة وتعجب
: نعم! بقى عاوزة تعملى كل اللى عملتيه ده ومن وراه ومستنية منه يقولك برافو.

ارتجفت قدرية مدركة صدق حديثها وهى تتذكر ما حدث تاليا فبعد خروج ليله فورا بعد ان القت بقنبلتها غير عابئة باحد بينما وقف جلال مراقبا اياها ببرود دون ان يحاول ايقافها
ثم يلتفت ببطء اليهم وقد تحول وجهه للنقيض تماما يهتف بهم بشراسة وعيون تشتعل بالغضب
: بقى كل ده تعملوه من ورايا؟! بترسموا وتخططوا ومستنين من الاهبل العبيط يوافقكم مش كده.

انتفضت قدرية مكانها حين تحول عنهم ناحية مكتب يطوح بيده كل مافوق صارخا
: انا يتعمل معايا كده؟ لا ومن مين من امى.

قدرية بصوت مرتعش تحاول امتصاص غضبه
: يابنى كنت بساعدك كنت عوزاه...

التفت جلال اليها يشير ناحية اميرة والتى جلست تتابع ما يحدث بقلب مرتجف رعبا من حالته تلك لكنها اظهرت الثبات فوق ملامحها وهو يصرخ عاليا بحنق
: تساعدينى بايه؟بانك تكتبى الارض لبنت اخوكى علشان تجبرينى اتجوزها قصاد انها ترجع الارض لمراتى اللى ضحكتى عليها بتمثلية وس...

قطع حديثه بغتة قبل اتمامه لفظه النابى واضعا يده فى خصلات شعره يجذبها بعنف وهو يدور فى ارجاء الغرفة يروا كنمر حبيس يستعد لانقضاض عليهم فى اى لحظة حتى تحدثت قدرية بصوت مختنق ضعيف يظهر الانكسار به
: انا عملت كده علشانك، علشان مش دى اللى اتمنتها لابنى تبقى مراته، مش دى اللى تبقى مرات الكبير فاهم يا جلال وان كان على الارص مستعدة اخلى اميرة ترجعلهاك وحالا بس متزعلش منى.

التفت اليها جلال بعدم تصديق يسألها
: ببساطة كده، ترجعى الارض وكل حاجة ترجع زاى الاول، كانك مولعتيش الدنيا.

هنا وهبت اميرة واقفة تهتف به بصوت حاولت اظهاره قوى ثابت
: انت بتكلمها كده ليه مش ذنبها ان الست هانم مراتك مصدقتش انك متعرفش حاجة وانها مش لعبة منك عليها، دى زى ما تكون ما صدقت تلاقيلك غلطة علشان تطلب الطلاق.

تقدم منها جلال سريعا وبخطوات عاضبة تعصف فى عينيه غريزة القتل فى تلك اللحظة يفح من بين اسنانه مما جعل اميرة تتراجع للخلف برعب وهلع
: انتى تخرسى خالص ودقايق وتخفى من البيت خالص ومشفوش وشك تانى.

تمالكت اميرة نفسها سريعا ترسم ابتسامتها الناعمة قائلة بخبث
: امشى اروح فين يا روحى، مش هنا برضه هنعيش بعد الجواز.

تجمد جلال بصدمة يسألها
: انتى مجنونة صح؟ جواز ايه اللى بتكلمى عنه.

اقتربت منه اميرة ببطء تمد اناملها تتلاعب بازرار قميصه قائلة بدلال
: جوازنا يا قلبى، اومال هرجعلك الارض قصاد ايه.

قدرية وجهها يزداد شحوبا
: اميرة، انتى مش قولتى هترجعى الارض وقت ما اطلب.

التفتت اميرة اليها تزداد اقترابا من جلال تضع راسها بكل جرأة فوق صدر جلال الذى تعالت انفاسه نفورا قائلة
: اسفة ياعمتو بس دى فرصة متتعوضش، انى ابقى اميرة مرات جلال الصاوى كبير عيلة الصاوى ولا ابقى مرات اى واحد تانى ميسواش فى عيلتنا اللى اغنى مافيها شحات.

امسكها جلال بقسوة من ذراعيها غارزا اظافره فى لحمها يدفعها عنه بعنف حتى كادت ان تسقطت ارضا
وعينيه تدور بينهم بذهول وعدم تصديق
: انتوا اكيد اتجننتوا، اوعوا تفتكروا انى هسيبكم تعدوا بلى عملتوا ده...

تحرك مغادرا بخطوات عاصفة ليتوقف مكانه فجأة يلتفت ناحية قدرية مشيرا لها بسبابته قائلا بقسوة وشراسة
: انتى بقى تنسى انك ليكى ابن من هنا ورايح، وحاضر هنفذلك اللى طلبتيه، فعلا بنت اخوكى هى اللى تستاهلى تبقى مرات ابنك.

ثم التفت يكمل خطواته مغادرا لتنهار قدرية فور مغادرته تبكى لاول مرة بدموع حقيقيةمنذ امد طويل
...
خرجت قدرية من دوامة افكارها حين هتفت بها اميرة بقلق
: عمتى روحتى فين، اوعى تكونى رجعتى فى كلامك وهترجعينى بيتنا علشان اتجوز المنيل ابن عمى.

ضربتى قدرية بعنف فوق ذراعها تهتف بها وهى تزيل دموعها المنسابة فوق وجنتها بحزم
: لمى لسانك يا بت دى يبقى ابن اخويا برضه.

لوت اميرة شفتيها من جانب الى اخر بسخرية قائلة
: بلا نيلة كلهم عالم مش لاقية تاكل، انا بقى نفسى اهرب منها عيشة الفقر دى وابقى زيك كده هانم وسط دارها.

ربتت قدرية فوق كفها تهتف بها بتأكيد
: هيحصل يا عين عمتك وبكرة تشوفى. جلال مدام قال هيعملها يبقى هيعملها وخصوصا ان الخايبة اقصرت علينا نص السكة بكلامها الدبش وشكها فيه.

ارتفعت اميرة من فوق مقعدها تصفق بجزل قائلة بفخر
: بس ايه رايك فيا وانا واقفة زاى الاسد ادام ابنك وبقوله مفيش ارض هترجع الا بجوازنا وانتى يا عينى عاملة فيها الطيبة الغلبانة اللى مفيش فى اديها حاجة.

اخفضت صوتها قائلة بلوم
: ميعرفش انك واخدة عليه ورقة ضد تخليكى تودينى فى داهية لو قلت بم بس ليكى.

هتفت بها قدرية باستنكار وحدة
: لا كنت اسيبلك ارض تسوى ملايين الملايين يا عين امك من غير ما اضمن حقى.

اميرة بابتسامة صفراء منافقة
: طبعا حقك ياعمتى وهو انا قلت حاجة
لتكمل بعدها بحيرة
: بس ماقولتلش انتى مخترتيش سلمى ليه دى حتى تبقى بنت عمه ومن بيت عز وانت طول عمرك عينك منها لجلال.

قالت جملتها الاخيرة بحقد وعينيها تلتمع بغيرة لم تلاحظها قدرية هى تشرد للبعيد قائلة بأسف
: اه والله كان نفسى تكون هى مرات ابنى بس سلمى بقيت كرت محروق وبشخطة واحدة من جلال كانت هترجع كل حاجة ليه ومش بعيد تفضحنى ده غير ابوها طبعا مكنش هيسكت.

التفتت الى اميرة والتى اسرعت باخفاء مشاعرها سريعا وقدرية تقول بحزم
: وبعدين مانتى بنت اخويا برضه واولى من الغريبة مش كده ولا ايه يابت.

اميرة بابتسامة ملتوية صفراء تخفى ورائها نوايا سوداء كقلبها
: طبعا ياعمتى هو كنت اطول اتجوز كبير عيلة الصاوى ده حاجة ولا كانت حتى فى الاحلام.

كانت تخرج ملابسها من داخل خزانتها تدفعها داخل الحقيبة بعيون لا ترى شيئ من شدة دموعها المنهمرة فلاول مرة فى حياتى تتعرض لانكسار والاهانة بتلك الطريقة حتى عندما زوجها جدها له بتلك الطريقة لم تشعر كما تشعر الان يتلغب عليها احساسها بالخديعة وبأنها كانت لقمة سائغة له ولاهله.

صرخت بداخلها بألم، اكان يستحق منه الامر كل هذا التخطيط وتعريضها لتلك المعاناة من اجل ارض لو كان طلبها منها بنفسه ما ترددت ثانية ان تعطيه اياها خاصا بعد ما رأته منه من حنان ومراعاة فى فترة مرضها.

ولكن اااااه والف ااااه فقد كان كل هذا تمثيل وتخطيط منه لها، لم يشعر اتجاهها ولو بذرة واحدة من الحب قد رفعها للسموات السبع ثم خسف بها الى اسفل السافلين ينهيها ويعتصر قلبها دون رحمة او شفقة حين خيرها مابين زواجه من اخرى او رجوع حقها لها.

انفجرت الدموع تشهق معها بصوت متألم بشدة ترمى ما بيدها ارضا ثم ترتمى بجسدها بعده صارخة دون صوت يريحها تتسائل، ماذا كان ينتظر منها، اكان ينتظر رفضها وتشبثها به فتلفظ كرامتها امام الجميع وهم يروا يأسها للاحتفاظ به، اكان يتوقع ان تنحنى على اقدامها تتشبث به خوفا من ان تسرقه واحدة اخرى غيرها.

اخذت تدور الاسئلة بداخلها كداومة سوداء تبتلعها حتى انتهى بها الامر تسأل سؤال لم تستطيع الفكاك منه
: هل ما فعلته هو الصواب، اكان تصرفها هو الصحيح فى ماحدث، اكان يستحق الامر ان تحتمل كل هذه الالام حين تخلت عنه لاخرى غيرها.

ظلت مكانها ترتمى ارضا لوقت غير معلوم حتى قررت استجماع شتات نفسها تنهض واقفة باقدام مرتعشة تستأنف عملها السابق بوجه شاحب وعيون شديدة الاحمرار وحركات هامدة حتى سمعت صوت فتح الباب لتسرع برسم اللامبالاة فوق ملامحها تتجاهل تقدمه البطيئ للداخل حتى توقفت خطواته امامها تماما يسود الصمت التام شعرت خلاله بتحديقه الثابت بها وهو يتابع حركاتها ليصدح صوته الحاد بعدها صارخا بها.

: اقدر اعرف ايه اللى بتعمليه ده؟

تابعت ليله عملها لاتعيره اهتمام ليتقدم نحوها جاذبا اياها من ذراعها نحوه مرتطمة بصدره بعنف منحنا بوجهه نحوها يفح من بين انفاسه
: لما اكلمك تردى عليا، اياك تتجاهلينى مرة تانية.

حدقت به بخيبة امل ترتفع ابتسامة ساخرة مريرة فوق شفتيها هامسة
: اهلا بجلال بيه الحقيقى، طالت الغيبة والله.

تحركت عضلة بجانب فكه كانت الدليل الوحيد على تأثره بحديثها تومض تعبيرات وجهه بشيئ لم تستطيع تفسير اختفى سريعا ترتفع ستار البرودة فوق وجهه هامسا هو الاخر
: بالظبط جلال القديم ظهر، ماهى واحدة زيك مستهلش غيره، وعلشان كده تردى عليا من غير كلام كتير.

ليله وعيونها تنطق بالتحدى
: راجعة بيت اهلى، استحالة اقعد هنا ثانية واحدة مع ناس زيكم.

تراجع رأس جلال للخلف ضاحكا بصخب جعلها تتوتر وتتملل بين ذراعه وهى تراه يقترب بوجهه منها مرة اخرى وعينيه ملتمعة بشدة يسألها باستهزاء
: وبيت اهلك الناس اللى فيه احسن من هنا طبعا، نقول زاى راغب مثلا؟!

شحب وجهها حين اتى على ذكره امامها يذكرها بكل لحظة سوداء مرت عليها بسبب ذلك الحيوان لكنها اسرعت تتماسك تقترب بوجهها منه اكثر بتحدى تهتف بشراسة
: ايوه زاى راغب اللى ميجيش حاجة جنب استاذ كبير زيك، راغب اللى بفضله رجعت افتكرت اد ايه انتم ناس ماتتعشرش و كنت هفضل على عمايا معاكم كتير.

التزما كلهما الصمت بعد حديثها ذاك كانت عينيهم بنظراتها المتحدية الغاضبة ابلغ من اى حوار اخر بينهم قبل ان يقول جلال بصوت خالى النبرات ووجه غاضب
: مدام انتى شايفة كده يبقى...

التمعت عينيه فجأة بنظرات تدركها جيدا وهو يمررها ببطء فوق حنايا جسدها متراجعا الى الخلف قليلا ليشعل نيران غير مرحب بها فوق كل مكان بجسدها تستقر عينه فوقه فترتفع غصة فى حلقها جعلت من الصعوبة عليها الحديث وقد تسلل برد الخوف والتوتر الى جسدها فحاولت جذب نفسها من بين ذراعيه علها تنهى ما يحدث بينهم لكنه تشبث اكثر بها يقربها منه حتى اصبح لا يفصل بينهم سوى انفاسهم المتصاعدة بوتيرة عالية وهو يهمس بخشونة فوق شفتيها و عينيه تراقب حركة لسانها المضطربة فوقهم.

: على فين؟ مش تستنى يمكن اكون استاذ عنه فى حاجات تانية.

رفعت عيون مصدومة اليه ومعها كفها تنوى صفعه صفعة قاسية كقسوة كلماته لها ولكنه كان اسرع منها يمسك كفها قبل بلوغه وجهه يلويه بقوة خلف ظهرها ضاما جسدها اكثر اليه ليلتصق صدرها بصدره بشدة لكنها اخذت تحاول التملص منه بيأس بينما ينحنى عليها يبتسم ابتسامة شرسة ذئبية قائلا بصوت اجش
: فاكرة اخر مرة ايدك اتمدت عليا عاقبتك ازاى، ولا لحد هنا وذاكرتك وقفت، بس انا بقى هفكرك.

لم يمهلها لحظة سوى لالتقاط الانفاس ينقض على شفتيها يقبلها بقسوة جعلتها تتأوه الما لكنه لم يعيرها اهتماما يتراجع بها ناحية الفراش بخطوات متخطبة دون ان يفصم قبلتهم حتى وصل اخيرا بها الى الفراش يلقيها فوقه فاخذت تتراجع الى الخلف بتعثر وهى تهتف به محذرة بهلع
: عارف لو قربت منى ها، ها، صوت والم عليك البيت.

لوى شفتيه بابتسامة ساخرة لم تصل لعينيه ويده تزيح حقيبة ملابسها تلقى بيها ارضا قائلا بصوت ثقيل
: ياريت، ساعتها يمكن يفتكروا انى بربيكى من اول وجديد زاى مانتى محتاجة فعلا.

صرخت بقوة حين قبض فوق كاحلها بغتة يجذبها منه ناحيته حتى اصبحت تستلقى امامه تماما يسد بجسده طريق الهروب امامها.

وفجأة اصبح فوقها يمسك بذراعيها فوق رأسها يراقبها بعينان كانت اكثر ما يخيفها فيه تظهر نواياه بها لتتسع عيونها جزعة هامسة باسمه بتضرع دون ارادة منها وعيونها يغشاها الدموع تتطلع له برجاء لتتوقف حركته كألة نزع مقباسها يقف متجمدا صدره يتعالى بانفاس متسارعة تضيق قبضته اكثر فوق معصميها فى لحظات مرت عليها كالدهر قبل ان تنحل قبضته شيئا فشيئا يفرج عن نفسه حاد متراجعا عنها ببطء بنظرات مذعورة يهتف بصوت اجش مرتعش.

: انتى ايه، عاوزة توصلينى لايه، عاوزة تثبتى ليا ولنفسك انى زاى ما عقلك المريض مصورنى ليكى، انا...

صمت يتجعد وجهه اشمئزاز يكمل بخشونة
: انا، بقيت مقروف من نفسى ومنك انتى بقيتى بتطلعى اسوء ما فيا، انا..

زفر بعنف يدفع كفه بين خصلات شعره يتلفت حوله كالتائه ثم تحرك ناحية الباب بخطوات سريعة تاركا لها على الفراش كما تركها جسد ملقى باهمال ووجه شاحب شحوب الموتى.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
بعد منتصف الليل جلست اميرة فوق الفراش تضحك بسعادة وعيونها المنبهرة تتطلع فى ارجاء الغرفة وهى تتحدث فى هاتفها قائلا
: اسكتى ياما على العز اللى بنتك فيه، هنا ياما هنا.

صمتت للحظة تستمع لطرف الاخر عاقدة حاجبيها بتركيز تهتف بعدها
: لاا، وانا اعرف منين هو رمى لى انا وعمتى الكلمتين واختفى، ومن بعدها مشفتهوش لهو ولا المحروسة مراته.

توترت ملامحها تهمس بانزعاج
: تفتكرى انه يعملها؟

عادت تكمل فورا تقنع نفسها قبل ان يكون اقناع لطرف الاخر
: لا متخفيش، هو خلاص سلم ووافق، وبعدين مكنش ادامه حل غير كده، لااا متخفيش عمتى مظبطة كل حاجةوبنتك اخيرا هتعيش وتقب على وش الدنيا.

قطع حديثها طرقات هادئة فوق بابها لترتفع الحيرة فوق ملامحها وهى تتطلع الى الباب قبل ان تعاود التحدث فى الهاتف هامسة باستعجال وهى تنهض من مكانها متوجه ناحية للباب
: بقولك ايه ياما اقفلى دلوقت وهكلمك بعدين، اصل فى حد على الباب هشوف مين وارجعلك...

اغلقت هاتفها بينما تمتد يدها لمقبض الباب وهى تسأل بقلق وحيرة عن هواية الطارق فى مثل تلك الساعة فيجيبها الصمت من الطرف الاخر لتقف مكانها بحيرة تلوك شفتيها قلقا حتى تغلب فضولها اخيرا عليها حين عاود الطرق مرة اخرى ولكن هذه المرة باصرار لتحسم امرها وتفتح الباب فورا.

فتتسع عيونها ذهولا وصدمة وتتراقص امارات الخوف والقلق فوق ملامحها حين رأت امامها اخر شخصا تتوقع حضوره اليها فى تلك الساعة وهو يقف مستندا فوق اطار الباب بارتخاء وراحة تتراقص ابتسامة ساخرة فوق شفته القاسية ليزحف الشحوب الى وجهها تزيده البرودة المنبعثة من عينيه لها جاعلة دمائها تتسرى فى عروقها كالسقيع تشعر وكأنه زحف الموت اليها ببطء شديد.

لاتدرى كيف مر عليها اليوم فبعد خروجه العاصف من الغرفة ظلت مكانها فوق الفراش تطالع السقف بعيون شاردة متألمة لا تعلم كيف لها ان تتصرف ا
اتذهب الى منزل ذويها كما نوت منذ البداية وتتجاهل شعورها بالخوف من راغب وما يستطيع فعله بها خاصة بعد خروجها عن حماية جلال لها
ام تظل هنا تشهد بعينيها كرامتها المهدرة ونظرة الانتصار فى اعين الجميع لها بعد ان يعلم الجميع ماحدث معها وكيف تم استغلال سذاجتها.

لتظل على حيرتها حتى بعد حضور حبيبة اليها ومحاولتها الاستفهام منها عما حدث وكيف اصبحت ابن خالها هى الزوجة المنتظرة لجلال لكن استقبلت ليله جميع اسئلتها وحيرتها بالصمت والسكون التام لا تجيبها بحرف واحد تجلس شاردة باهتة الملامح حتى استسلمت حبيبة تزفر بحيرة وهى تغادر الغرفة تاركة ليله مكانها كتمثال قد من حجر بعد فشل جميع محاولات حبيبة المتكررة لاخراجها عن صمتها هذا.

حتى تعدت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل وهى مازالت على جالسة بحالتها هذه بعد ابدلت ملابس النوم اعلانا منها باستلامها ومكوثها هنا حتى اشعار اخر تتأكلها الافكار حتى شعرت بثقل عيونها وزحف النوم اليها وقد حاولت مقاومته كثير لكنه تغلب عليها اخير متكاتفا معه ارهاقها واجهادها طوال اليوم ليسقط جسدها المرهق فوق الاريكة تغيب عن العالم تماما.

فلا تشعر بشيئ عن دخوله الهادىء الى الغرفة ولا وقوفه بصمت عدة لحظات يتطلع اليها بنظرات لا تقرء للحظات طوال حتى تقدم منها ينحنى على عقبيه امامها متأملا وجهها عن قرب يلاحظ علامات الاجهاد فوقه وشحوبه الشديد ليهاجمه شعور من عدم لرضا عن رؤيته لحالتها هذه يزعجه بقوة زافرا بحدة لعله يمحو شعوره ذاك قبل ان ينحنى عليها يرفع جسدها بين ذراعيه برقة متجها بها ناحية الفراش بخطوات هادئة خوفا من استيقاظها.

لكنها ظلت مغلفة داخل شرنقة النوم لا تشعر شيئ مما يجرى حتى بعد ان وضعها فى فراشهم بحنان ثم يغيب عنها للحظات يعود بعدها الى الفراش ببنطال نومه وصدره عارى يستلقى بجوارها بهدوء يتتطلع الى ملامحها وانامله تتلاعب بخصلات شعرها تبعدها عن وجهها قبل ان يجذب جسدها اليه بهدوء يقربها منه يزيد من ضمها اليه وهو يغمض عينيه بارهاق مستسلما لسلطان النوم سريعا.

استيقظت صباحا تفتح عينها سريعا بأدراك تتسع بصدمة حين وقعت نظراتها فوق عضلات معدته والتى كانت يدها تقوم بتحسسها بأستمتاع قبل قليل شاهقة بفزع وهى تحاول التحرك مبتعدة عن جسده لطرف الفراش لكنها فشلت فشلا ذريعا حين قبض بيده على معصمها يجذبها اليه لتستلقى فوقه بنصفها العلوى وصوته الاجش من اثر النوم يصل اليها ساخرا
: على فين يا مراتى ياحلوة يا مؤدبة كده على الصبح، ايه شوفتى عفريت؟!

رفعت ليله عينيها اليه تتطلع اليها بتوتر وقلق وهى مازالت تحاول الابتعاد عنه بحركات هوجاء قائلة
: سيبنى خلينى اقوم، انت ماسكنى ليه كده، وبعدين مين اللى جابنى هنا جنبك.

احاطها جلال بذراعه الاخر من خصرها يضمها اكثر قائلا بهدوء غير مبالى متجاهلا محاولتها الفكاك منه
: هيكون مين يعنى، انتى بنفسك اللى جيتى الفجر وقلقتى منامى ونمتى جنبى بالشكل اللى شوفتيه ده حتى معرفتش ابعد عنك طول الليل من تكتيفك ليا.

كانت ليله تطالعه بذهول عينيها متسعة يظهر عدم تصديقها له فيهما لكن تمالكت نفسها سريعا تهمس بصوت مرتعش متوتر وقد بدء يزحف دفء جسده اليها كنار لاهبة من خلال كفيها المستقرين فوق صدره قائلة بتلعثم رغم محاولتها اظهار التماسك
: طيب، انا اسفة، ممكن، بقى تسبنى اقوم.

هز جلال كتفه يهمس بأبتسامة متلاعبة فوق شفتيه
: اتفضلى، انا مش ماسك فيكى على فكرة.

توترت ليلة تشعر بالخجل الشديد حين وجدت صدق حديثه فقد اختفى ذراعه من حول خصرها ليصبح فجأة خلف رأسه براحة لا تعلم متى حدث ذلك بينما وهى من تستلقى فوقه بجسدها دون اى تمسك بها من ناحيته لتنهض سريعا بأرتباك مبتعدة عنه ثم تغادر الفراش بلهفة كادت ان تسقطها ارضا تتجه بخطوات سريعة ناحية الحمام ولكن وقبل بلوغها اياه نداها صوته الناعس غير مبالى وهو يعاود النوم على جانبه.

: لما تخلصى حمامك صحينى، علشان اقوم انا كمان استعد، يدوب الحق اسافر انا واميرة بلدهم علشان اكلم خالى فى موضوع جوازنا.

وقفت مكانها كمن ضربتها صاعقة تضربها كلماته فى مقتل تسحب منها روحها بعيدا عن جسدها فكل حرف كان يخرج من شفتيه صب فى اذانها كالمعدن المنصهر يثقل جسدها فتصبح جسدا هامدا بلا روح الا من شفاها والتى اخذت تحاول التحرك بلا صوت تشعر بها ثقيلة كالباقى من جسدها حتى خرجت اخيرا منها كلمة واحدة كصرخة متألمة
: هتتجوزها؟!

اعتدل جلال فى الفراش على ظهره مرة اخرى ينظر اليها ببطء وعينه تلتمع بشراسة قائلا بقسوة
: وليه لا، على ما اظن ده كان بموافقتك امبارح، ولا انا غلطان.

وفقت مكانها لاتدرى بأى كلمات تجيبه تتلعثم الحروف داخل جوفها دون ان يخرج منهم شيئا للنور فقد ظنت ليلة امس حين عرضت عليهم ابنه خاله ذلك الامر انه بمثابة شرط تعجيزى منهم لها حتى ترضى بما حدث وتصمت فى مقابل احتفاظها به ليأتى كلامه لها الان ليمحو ظنها هذا تماما فتتكسر الى شظايا حين عاود الاعتدال مرة اخرى على جانبه يغمض عينه وهو يكمل بصوت خشن جاف.

: يوم كتب الكتاب ارضك هترجعلك، واظن كده ابقى نفذت طلبك.

ليله بصوت خرج اخيرا من بين شفتيها تهمس برجاء منكسر رغما عنها
: بس انا مش عاوزة الارض، انا عوزاك انت.

لم يتحرك جلال ابدا كانها لم تنطق بشيئ بل ظل مكانه مغمض العينين لا يظهر عليه اى ردة فعل بانه استمع لها فتعلم انها قد همستها لنفسها كأن كرامتها مازالت لها السلطة العليا على جسدها تتحكم به دون رحمة او شفقة به.

جلست قدرية فى صحن الدار تتناول فنجان قهوتها الصباحى بمتعة وتلذذ بينما نزلت حبيبة تقترب منها حتى وقفت امامها غاضبة هاتفة بحدة
: ارتحتى لما عملتى اللى فى دماغك مش كده ياما.

قدرية وهى مازالت تستلذ بطعم قهوتها محركة شفتيها باستمتاع قائلة بعدها بهدوء
: ايوه يا قلب امك ارتحت، ولسه هرتاح اكتر لما الجوازة تتم.

حبيبة بذهول وصدمة
: طيب ليه؟ عملتلك ايه الغلبانة دى علشان تعملى فيها كده ما الارض ورجعتك عاوزة ايه تانى؟!

وضعت قدرية فنجان قهوتها فوق الطاولة تهتف بحدة وعصبية تتخلى عن هدوئها
: عاوزة مرات ابن تملى عينى قبل عينه هو، مرات ابن نقاوة عينى ليه، عيلة المغربى خطفت منى الحاجة اللى اى ام تتمناها، انها تختار و تنقى عروسة ابنها ليه.

وقفت حبيبة تتطلع اليها بذهول تهمس
: واميرة بقى هى دى مرات الابن اللى تملى عينك وتعجبك!

تراجعت قدرية فى مقعدها تهتف بحزم واصرار
: ايوه ياحبيبة اميرة هى اللى تملى عينى وهتبقى مرات اخوك غصب عن الكل
صرخت قدرية بجملتها الاخيرة لتتسمر خطوات سلمى وزاهية فوق الدرج بصدمة حين وصلهم صوت قدرية الغاضب فتسرع سلمى بالنزول سريعا بعدها فورا تتبعها زاهية هى الاخرى تسأل بصوت مرتعش مصدوم
: مين دى اللى بتكلموا عنها، مين دى اللى هتبقى مرات جلال.

عم الصمت ارجاء المكان لا يجيبها احد لتهتف زاهية هى الاخرى
: هو جلال هيتجوز تانى، مين ياقدرية قولى.

لم تجيهم قدرية بل ظلت محتفظة بصمتها لتتحدث حبيبة وهى تتطلع الى والدتها بخيبة امل قائلة
: قوليهم مين هى عروسة جلال، ولا تحبى اقول انا.

هتفت سلمى وزاهية فى وقت واحدة يطالبن باجابة لتلتف لهم حبيبة ببطء قائلة
: ااميرة، اميرة بنت خالى حسن، هى العروسة اللى اختارتها امى لجلال.

وقفت زاهية فاغرة فاها بذهول وصدمة اما سلمى فقد كان حالها كمن تلبسه الجنون تفح من بين اسنانها صارخة
: اميرة مين اللى تبقى مرات جلال دانا اصورلكم قتيل هنا
ثم اسرعت ناحية الدرج تصعده سريعا متجاهلا كل ندات الجميع لها وقد كانت فكرة واحدة تسيطر عليها التخلص من تلك الدخيلة مهما كان الثمن.

وقفت مكانها تراقبه للحظات اخذت فيها تستجمع شجاعتها حتى استطاعت اخيرا النطق قائلة بصوت خرج منها مرتجفا
: بس انا مش موافقة انك تتجوز عليا يا جلال.

ظلت واقفة تفرك كفيها بتوتر فى اتنظار اجابته على ما قلته له فتأتيها الاجابة فى صورة اهتزاز جسده الشديد لتعقد حاجبيها بقلق وتوتر للحظة راقبته فيها قبل ان تصدح ضحكته الرجولية الساخرة داخل الغرفة ينهض سريعا على قدميه متجها ناحيتها
ليزاد توترها حين توقفت ضحكته ينحنى نحوهافجأة بوجهه و عينيه الشرسة يسألها بصوت حاد رغم سخريته
: بتقولى ايه يا روح جلال، سمعينى كده تانى.

حاولت ليله ترطيب شفتها قبل ان تعاود التحدث مرة اخرى بقلب يرتجف خوفا وهى تكرر كلماتها السابقة
تتوقع اجابة ساخرة اخرى منه لكنها شهقت فزعة حين احاطها بذراعه من خصرها يجذبها بعنف الى صدره منحنيا عليها حتى امتزحت انفاسهم يهمس لها وعينيه تتطلع الى شفتيها
: ليه مش عاوزة ارضك ترجعلك..؟!

هزت رأسها كالمغيبة له بالنفى ليزداد هو اقترابا من شفتيها تظهر نوايا فى بريق الشغف بها فى عينه فتغمض عينيها دون ارداة منها شوقا ولهفة له ولتلك اللحظة لكن طال انتظارها لها حتى شعرت بابتعاد انفاسه عنها وانسحابه بعيد لتفتح عينيها ببطء تتطلع اليه بارتباك وهى تراه يقف بوجه جامد وعينه تختفى منها نظرتها الشغوف تماما تحل مكانها برودة بعثت الرجفة فى اوصالها قائلا بقسوة ساخرا.

: بس انا بقى لازم ارجعهالك، والا تفضحينى فى البلد وتقولى، انجدونى يا خلق جلال سرقنى واخد منى ارضى مش كده ولا ايه يا ليله...

شحبت ترتجف بشدة ترتفع الغصة فى حلقها وهى تسمعه يلقى بكلماتها السابقة له فى وجهها مرة اخرى فلا تستطيع الدفاع عن نفسها وانكار تلك الكلمات فيسود الصمت بينهم يتطلع كل منهم الى الاخر للحظات طوال حتى تعالت صوت صرخات عاليه واصوات متداخلة ليهرع جلال الى الخارج فورا.

وصل جلال الى مكان الاتية منه تلك الاصوات ولم سوى غرفة اميرة وتتبعه ليله والتى وقفت امام بابها تتطلع الى ذلك المشهد المتمثل امامها بذهول شديد وهى ترى تجمع نساء العائلة حول الفراش ويحاولون جذب سلمى الجاثمة فوق اميرة وهى تكيل لها الضربات من كل حدب وصوب ثم تكللها بجذبها لخصلات شعرها حتى كادت ان تقتلعها واميرة بلا حول ولا قوة بين يديها تتعالى صرخاتها العنيفة المتألمة حتى اندفع جلال اخيرا بينهم ويقوم هو برفع سلمى عن اميرة بقوة قاومتها سلمى وهى تحاول التملص من بين ذراعيه المقيدة لها تصرخ بعضب وثورة عارمة.

: سبونى، لازم اطلع روحها الحرباية دى كمان، ايه خلاص الرجالة خلصت من الدنيا ومبقاش غير جلال.

اعقبت كلماتها تحاول التملص مرة اخرى مندفعة اتجاه اميرة التى صرخت برعب تسنجد بجلال
: الحقى يا جلال، المجنونة دى هتموتى، الحقنى.

سكنت حركة سلمى تماما تلتفت الى جلال ببطء وعينيها مازالت تتراقص بجنون ولكن ارتجاف شفتيها الباكى ناقضه ليرخى جلال قبضته من حولها حين راى عودتها الى رشدها يتراجع الى الخلف وهو يتطلع الى الجميع بعيون صارمة ووجهه محتقن بالغضب رغم هدوء نبراته
: والله عال يا حريم عيلة الصاوى، بقيتوا حاجة تفرح بصحيح، خناق وضرب تلاقى، مؤامرات وشغل تلات ورقات تلاقى، ولا كأن ليكم حاكم ولا كبير.

حاولت سلمى التحدث برجاء وصوت مستعطف تناديه لكنه قاطع حديثها صارخا بعنف
: مش عاوز اسمع حاجة من حد، الظاهر ان انا سبت الحبل ورخيته ليكم على الاخر، لحد ما نسيته ان البيت ده ليه كبير.

التفت يدير انظاره الحادة بين وجوهم الناظرة ارضا بخزى حتى توقفت فوق امه لترفع عينيها اليه للحظة اسرعت بعدها تخفض عينيها عنه خجلا ليكمل حديثه موجها اياه الى سلمى التى وقفت تبكى بشهقات عالية هاتفا بها بصرامة
: ظبطى حالك وتنزليلى اوضة المكتب علشان عاوزك فى كلمتين
ثم التفت الى زاهية هى الاخرى مشيرا لها يكمل
: وانتى كمان عوزك معاها يا مرات عمى.

اسرعت زاهية تهز راسها له بالايجاب فورا ليرتفع صوت قدرية بلهفة سائلة
: تحب اكون معاهم انا كمان يا جلال.

اجابها بحزم دون ان يلتفت لها متوجها الى الباب
: اظن انا قلت عاوز مين بالظبط غير كده محدش يدخل المكتب غير اللى طلبتهم.

تعالت شهقت زاهية بصدمة وهى تتطلع بتساؤل الى قدرية الواقفة بجمود ووجه شاحب بعد كلمات جلال لها بينما يسرع هو ناحية الباب بخطوات سريعة لكنه توقف بجوار ليله المتابعة بصمت وذهول ما يحدث تلتقى عينيه بعينيها فترى بداخلهم نظرة من خيبة الامل ومعها شيئ اخر لم تستطع التعرف عليه موجهين لها قبل ان يتحرك مرة اخرى مغادرا تتبعه هى الاخرى بخطوات مثقلة حزينة.

: شوفتوا علشان الست هانم يخصمنى انا!، انا امه يقولى متدخليش عليا اوضة المكتب.

ارتفعت ابتسامة صفراء فوق شفتى اميرة وقد كانت تجلس على يمينها بكامل زينتها اما حبيبة فقد زفرت بضيق وعدم تصديق لكلمات والدتها الظالمة لتلتفت لها قدرية بحدة تصرخ بها
: مش عاجبك كلامى يا ست حبيبة، ايه زعلانة اووى على حبيبة قلبك ومش همك زعل امك.

هزت حبيبة راسها بقلة حيلة ناهضة من مكانها تهتف
: انا هقوم من هنا احسن اروح اشوف بيعملوا ايه فى المطبخ.

طوحت قدرية بكفها لها بعدم اهتمام تعاود الالتفات الى غرفة المكتب تطالعها باهتمام وهو تضرب بكفيها فوق ركبتها تهتف بغل
: اه يا نارى، دى عمرها ماحصلت ان جلال يكلمهم فى حاجة ومكنش انا موجودة معاهم فيها.

اميرة وهى تتطلع الى اظافرها قائلة بخبث
: معلش، ماهو دايما كل حاجة وليها اول.

تجمدت حركة قدرية تلتفت الى اميرة ببطء تهتف بها بحدة وذهول
: تقصدى ايه بكلامك ده يا بنت اخويا.

اميرة وهى مازالت تتطلع الى اظافرها توليها اهتمامها تهز كتفها
: مقصدش يا عمتى، ما تخديش على كلامى، ركزى انت مع جلال وسيبك منى.

همت قدرية بالرد عليها ولكن اتى صوت بكاء سلمى وخروجها المفاجئ من الغرفة وهى تجرى ناحية الدرج كالعاصفة تلحقها زاهية هى الاخرى لكنها توقفت حين نادتها قدرية تسألها بلهفة عما جرى فتجيب زاهية بصوت هادئ ولكنه حزين
: جلال وصبرى خلاص حددوا كتب كتاب سلمى على على ابن اخويا يوم الخميس الجاى.

اتسعت عين قدرية بذهول تصرخ مستنكرة
: وزاى ده يحصل من غير حد ما يعرفنى ويدينى خبر، من امتى حاجة زى دى بتتحصل من غير علمى؟!

: من هنا ورايح حاجات كتير هتحصل من غير علمك فى البيت ده يا حاجة قدرية.

تعال صوت جلال الحاد يهز ارجاء المكان بهذه الكلمات يبعث الرجفة فى اوصال الحاضرين وهو يتقدم خارجا من الغرفة بخطوات بطيئة واثقة تراقبه اميرة بعيون متسعة رهبة ممزوجة بالاعجاب على عكس قدرية والتى وقفت شاحبة عينين تتسع بعدم تصديق قائلة
: بقى كده يا جلال، بتقولى انا الكلام ده.

لم تهتز ملامح جلال كانه لم يستمع الى شيئ موجها حديثه الى اميرة يسألها بحزم
: هجهزتى حالك، علشان هنتحرك بعد الفطار.

هبت اميرة واقفة تهتف بسعادة
: جاهزة من بدرى، ومستعدة فى اى وقت.

اومأ جلال برأسه لها ثم التفت الى زوجة عمه زاهية قائلا لها بهدوء
: عوزك يا مرات عمى تهدى سلمى وتحاولى تعقليها وتفهميها ان اللى حصل ده لمصلحتها، وعلى انسان كويس وهيصونها.

زاهية بهدوء هى الاخرى
: حاضر يا بنى انا هتكلم معاها، وربنا يهديها، عن اذنكم هطلع اشوف عاملة ايه واتكلم معاها.

تحركت بعدها صاعدها الدرج يتبعها جلال هو الاخر لتسرع قدرية فور صعوده تجذب اميرة بعنف من ذراعها تلفها اليها تفح من بين انفاسها
: رايحة فين انتى وجلال يا بت، ومعرفتنيش ليه.

تأوهت اميرة بألم مصطنع وميوعة قائلة
: اه ايدى يا عمتى هتخلعيها فى ايدك.

صرخت قدرية بحنق وعينيها تشتعل غضبا
: انطقى يا بت انتى وبلاش دلع ماسخ والا هتلاقى ايدك على وشك تطرقع.

اسرعت اميرة تجبيبها ولكن لم يخلو صوتها من الشماتة قائلة ببطء مغيظ
: هنروح عندنا يا عمتى، جلال هيطلب ايدى من ابويا النهاردة، هنروح انا وهو بس.

ترنحت قدرية الى خلف كمن ضربتها صاعقة تسقط فوق مقعدها تهمس بصدمة وتلعثم..
: لوحدكم، طب، وانا...

هزت اميرة كتفها بعدم اكتراث وابتسامة صفراء تعلو شفتيها قائلة
: معرفش، ده بقى حاجة بينك وبين جلال اروح انا اشوف حبيبة فى المطبخ بتعمل ايه، وماهو لازم اخد على البيت واللى فيه ولا ايه يا عمتى.

تحركت مغادرة دون ان تنتظر رد لقدرية والتى جلست تتطلع امامها بذهول تهمس لنفسها بحرقة
: هو ايه اللى بيحصل ياقدرية، ايه اللى بيحصل شكلت حسبتيها غلط وانتى اللى هتشيلى الليلة على دماغك ولا ايه.

فتح الباب بهدوء ليقف هو مستندا فوق اطاره عاقدا ذراعيه فوق صدره يراقبها وهى تجلس فوق الفراش تضم الوسادة الى احضانها بتوتر شاردة تماما فى افكارها ليظل يراقبها قبل ان يسألها بهدوء متقدما الى الداخل
: قاعدة عندك هنا لحد دلوقت ليه؟

نهضت ليله تلقى بالوسادة فوق الفراش فورا تنظر اليه بحيرة وحذر وهى تتابع تقدمه نحوها بخطواته الواثقة وملامح وجهه الصارمة اصابتها بالتوتر حتى وقف امامها تماما يكمل ببطء
: قاعدة هنا مستنية مين يعمل الفطار لجوزك حبيبك؟، اميرة مثلا!

اشتعلت عينيها غيرة فور ذكره لتلك الافعى امامها تزداد نيرانها غضبا حين رأت تلك الابتسامة العابثة ترتفع الى زاوية فمه تدرك ان شعر بما يثور داخلها من مشاعر تهتف بحنق وغيرة عمياء
: متجبش سيرتها وانت بتتكلم معايا يا جلال الا والله هنزل اجيبها من شعرها الصفرا ام...

صمتت تحدق بذهول به حين وضع سبابته فوق شفتيها يصمت الباقى من حديثها قائلة بهدوء مستفز
: لااااا عيب يا ليله، فى ست مؤدبة تتكلم ادام جوزها كده وتشتم بالشكل ده، مش انتى مؤدبة برضه يا روح جلال؟!

تساءل فى اخر حديثه بسخرية مبطنة اشعلتها اكثر واكثر تبتعد عن مرمى يده تصرخ بغضب وعدائية شديدة
: لا مش مؤدبة يا جلال وهسمعك الشتيمة اللى هى تستحقها بحق، دى واحدة خطافة رجا...

شهقت عاليا بقوة حين جذبها من خضرها اليه بقوة ترتطم بصلابة جسده بقوة فتضع يدها فوق صدره كحائل بينهم فى محاولة عابثة لايقاف تلك الحرارة المنبعثة منه اليها والتى اصابتها بالرجفة نتيجة هذا القرب تتراجع براسها الى الخلف تتطلع اليه بوجل حين انحنى عليها واضعا كفه خلف عنقها يوقف تراجعها عنه يجذبها مرة اخرى ناحيته تلفح انفاسه وجنتيها حين تمتم بتهديد خشن.

: الظاهر مبقاش فيه حل اسكت بيه لسانك ده غير حاجة واحدة بس.

ارتجف جسدها بكل عصب به ترقبا وشوقا لتهديده هذا تتراقص عينيها امام عينيه لهفة لم يستطع هو مقاومتها كثيرا ترتفع دقات قلبه بخفقات متسارعة استجابة لها لينقض على شفتيها يلتمهما بشوق ووله.

جعلها تتأوه بنعومة بين شفتيه تزداد رجفةجسدها شوقا لقربه منها هامسة بأسمها كالمغيبة حين انحدرت شفتيه بقبلات متلهفة على بشرة عنقها قبل ان تستقر فوق شريانها الخافق بجنون بقبله بشغف يرتجف جسده هو الاخر من شدة رغبته بها وهو يزيد من ضمها اليها حتى كادت ان تختفى بين اضلعه يهمس بأسمها من بين قبله واخرى كانه ترنيمة عذبة يعشق ترديدها.

ليظلا هكذا كالمغيبن عن العالم داخل لحظتهم المجنونة تلك غافلين تمام عن باب الغرفة المفتوح ووقوف تلك العقربة التى وقفت تراقب ما يحدث بعيون حاقدة مغلولة قبل ان يصدح صوتها كصوت غراب متألم
: جلال...

شهقت ليله تبتعد فورا عن جلال بوجنتيها المشتعلة احمرار من اثر ماحدث بينهم وشعرها مشعث اهوج تلتفت الى اميرة الوافقة تلوك شفتيها بغيظ ثم تلتفت الى جلال ليدهشها وقوفه الثابت وبرودة ملامحه برغم عينيه مازالت تشتعل ببقايا عاطفتهم الا انه اجاب بصوت هادى رتيب اجش
: افندم يا اميرة...
اميرة وعينيها مسلطة فوق ليله تمررها من اعلاها الى اسلفها تعى عينيها جيدا حالتها المضطربة ومظهرها المشعث لتقول بغيظ مكبوت.

: انا كنت جاية اقولك ان الفطار جاهز والعيلة كلها تحت مستنايك.

جلال بهدوء وحزم
: طب انزلى انتى وانا وليله هنحصلك.

ضغط اميرة فوق اسنانها بقوة ترمى ليله بنظرة غيرة وحسد كالسهم ثم تغادر بخطوات حانقة متيبسة ليلتفت جلال بعدها الى ليله بأسف ساخر
: الظاهر ان حظى معاكى وهو كمان متغيريش زاى حاجات تانية كتير.

وقفت مذهولة من كلماته لا تدرى ابتسم لمزحته والتى اعتاد قولها لها فى السابق ام تبكى على ما اتبعها من كلمات تدرك جيدا مقصده منها لكنها لم تفعل اى من ذلك بل وقفت صامتة وهى تراه يتركها مغادرا ناحية الباب قبل ان يتوقف مرة ثانية يلتفت اليها يكمل بابتسامة ساخرة.

: كان نفسى اقولك انى شبعت وده كان احلى فطار، بس يا خسارة ده كلام كان يقولوه جلال الحرامى لزوم النصب على ليله المسكينة، علشان كده مبقاش ليه لزوم ما بينا، سلام يا، مراتى.

غادرا صافقا الباب خلفه بعنف ارتجت له الغرفة حتى جسدها هب هو الاخر فزعا تشهق بصدمة لكن ليس من عنفه مغادرته ولكن ومن وقع كلماته والتى نزلت فوقها كدلو من الماء المثلج فى اقسى ليالى الشتاء بردا.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
: عليكى وعلى رخمتك وعلى اليوم الاسود اللى شوفتك فيه، اللهى يا بعيدة ماتلحقى ترجعى هنا تانى و...

اخذت تتمتم بتلك الكلمات المتلاحقة بحنق وغيظ هى تشرع فى عمل القهوة لتقترب منها نجية تسألها بقلق
: بتقولى حاجة ست ليلة؟! تحبى اعمل انا القهوة؟

زمجرت ليلة تلتفت لها بوجه مشتعل غيظا تتمتم من بين اسنانها
: لااا، مينفعش اصل القهوة من يد ليله عليها سكر وعسل وحد غيرها لا، اااه يا نااارى.

نطقت كلمتها الاخيرة بصوت عالى بطريقة جعلت نجية رغما عنها تطلق ضحكة اسرعت فى مدارتها حين التفتت ليله اليها تمسك بالقدح بين يدها مشيرة اليها به بتحذير وحدة
: نجية بقولك ايه مش نقصاكى على الصبح اجرى روحى شوفى لو حد عوزك فى حاجة وسبينى فى حالى.

اومأت نجية لها سريعا وهى مازالت تبتسم بمرح تخرج سريعا لتتوقف خطواتها امام الباب تتطلع بدهشة الى جلال المستند براحة على الحائط يشير لها بالصمت والمغادرة بطرف عينه حين فتحت فمها ترحيبا به فتكمل طريقة تدعه مكانه يتابع بنظراته ليله والتى مازالت تتمتم بكلماتها غافلة عنه تماما تكمل بغيظ.

: البت لازقة فيه لازقة دانا اللى مراته مش بعمل كده ولا والبيه بكل برود يقولى قومى اعمليلى قهوة يا روحى، ياخى طلعت روحها وخلصتنا من رخمتها بنت ال، دى.

: لاااا لاااا طب ده ينفع، مش قولنا نخلينا مؤدبين وبلاش غلط يا روح جلال.

اتسعت عينيها ذهولا وحرجا حين سمعت صوته الساخر أقتراب خطواته منها لكن سرعان ما انطلق صفير غيظها من بين اسنانها حين قال كلمته الاخيرة لتلتفت اليه وهو مازالت تحمل القدح الفارغ بين يدها تبتسم ابتسامة مغتصبة صفراء
: مين قالك انى مؤدبة، اللى قالك عنى كده غلطان، وبعدين اطلع عند عروستك الحلوة المؤدبة لحد ما اخلص القهوة.

هز جلال كتفه بعدم اكتراث قائلا
: طيب زاى ما تشوفى عموما انا هكون مستنى مع اميرة فى الصالون، بس اوعى تتأخرى بالقهوة عليا.

التفت يعطى لها ظهره لتضغط شفتيها بغيظ تهمس من بينهم حنقا وهى ترفع القدح تنوى رميه فى اتجاهه بعد مغادرته لكن تسمرت يدها فى الهوا حين التفت اليها بغته وعينيه تتطلع الى القدح فى يدها بنظرات منتصرة فرحة قائلا
: مش عيب يا ليله، انتى ماتعلمتيش من اخر مرة.

اسرعت بأنزال القدح تخفيه خلف ظهرها قائلة باضطراب وتلعثم
: مكنتش هرميه عليك على فكرة، كنت هرميه بعد ما تخرج.

اومأ براسه لها يتقدم منها بخطوات راقبتها بعيون خائفة متحفزة لاقل حركة منه هو يقول بهدوء مستفز
: لاا عندك حق تفرق كتير طبعا.

صرخت بزعر حين هجم عليها على حين غرة فور انتهاء حديثه لكنها استطاعت الفرار من قبضته تهرول بأتجاه الباب لكنها تسمرت مكانها حين التف ذراعه حول خصرها يجذبها اليه ليلتصق ظهرها بصدره تشعر بكل عضلة به تلامسها فترسل الحرارة فى عروقها تغمض عينيها وهى تحدثه بصوت ضعيف اسف تحاول التقاط انفاسها المتسارعة ما بين كل كلمة واخرى
: انا اسفة يا جلال مش هعمل كده تانى، بس علشان خاطرى سيبنى.

همم بالرفض تشعر به ينحنى عليها يستند بذقنه فوق كتفها وهو يزيد من ضمها اكثر اليه لتنسى كل شيئ عن خوفها واضطرابها وهى تسمعه يهمس لها بخشونة
: مين قالك انى مش عاوزك تعملى كده تانى، ده احلى حاجة عندى وانا بفكر فى كل مرة بتعمليها هعاقبك ازاى بعدها.

ارتجفت بين ذراعيه من اثر كلماته لكنه لم يكن ارتجافا من الخوف بل ترقبا وشوقا لذاك العقاب لذا لم تقاومه حين ادارها بين ذراعيه وقد تشتت افكارها تماما حين رأت نظراته الخطرة والتى اصبحت تعشقها هى وانفاسه اللاهثة الملامسة لبشرتها وهو يقترب منها ببطء فيملأها غرور الانثى وهى تعلم انها المسئولة عنها ترى مدى رغبته وشغفه بها فى كل حركة منه نحوها يقربها من صدره وقبل ان يمهلها الفرصة لالتقاط انفاسها كانت شفتيه تسرق ما تبقى منها حين همس فوقهم ببطء.

: بس مش وقته خالص لان العقاب اللى فى دماغى ليكى مينفعش هنا خالص، و بعدين انا عارف اللى فيها، هتلاقى دلوقت البيت كله افتكر المطبخ ووافقين على دماغنا حالا.

ارتفعت غصة الاحباط فى حلقها حين ابتعد عنها يعدل من وضع ملابسه قائلا
: وبعدين علشان كمان متاخرش على اميرة والناس اللى مستنينا...

ليلتفت تحت انظارها الحانقة يزيد من اشتعالها حين ابتسم يشير لها بيده قائلا كانها طفلة صغيرة حمقاء وهو يتحرك مغادر
: يلا سلام، عاوزك تبقى عاقلة كده ومؤدبة لحد ما ارجع مش عاوز حد يشتكى منك ابدا.

انهى كلماته امام الباب يلقى لها بقبلة فى الهواء ثم يختفى خلف الباب مغادرا لتجز فوق اسنانها غيظا وهى تبحث عن شيئ تلقيه به.

= يا جبروتك يا شيخه
دوت كلمات سلمي الساخره في ارجاء المطبخ لتكمل وهي تدلف الي الداخل متقدمة ناحيه ليله الموليه ظهرها لها تولي اهتمامها للطعام فوق المقود
=جوزك خارج مع واحده غيرك علشان يطلبها من اهلها وحضرتك واقفه هنا تحضري ليهم الغدا.

توترت نجية تدير عينيها بين ليله وسلمي بارتباك حين اجابت ليله بهدوء دون ان تلتف اليها
=ابعدي عني الساعه دي يا سلمي واديكي قولتي بنفسك جوزي انا ياريت بقي تخليكي في حالك.

صرخت سلمي لاتهتم لخروج نجية السريع من المطبخ لتتقدم اكثر من ليله قائله بحده
=ايه البرود اللي انتي فيه ده يا بني ادمه انتي ده انا لو مكانك كنت...

التفتت اليها ليله بحده تهتف بها
=كنت عملتي ايه يا سلمي؟، كنت رمتيها هي كمان من فوق السلم زى ما عملتى معايا.

شحبت سلمي تندفع الي الخلف بقوه وهى تنظر الي ليله بصدمه حين هزت ليله لها رأسها قائله
=ايوه يا سلمي انا فاكره كل حاجه.

سلمي بصوت متحشرج خائف
=طيب ومقولتيش لجلال ليه؟!

اتسعت عين سلمي بذعر حين لم تجيبها ليله بل التفت اليها بهدوء وقد سحبت السكين من مكانها ب توجه نصلها امام وجه سلمي وقد كان قاب قوسين او ادنى منه يتحول وجهها للنقيض تماما وقد التمعت عيونها الي الحده سكن الغضب ملامحها وهى تضغط فوق حروفها قائله ببطء شديد
= علشان انا دلوقت نفسي اعمل اللي انتي عملتيه، فيكي وفيها، فبقولك تاني تبعدي عن وشي الساعه دي يا سلمي احسنلك.

فتحت سلمي فمها تحاول الحديث عده مرات في محاوله لاظهار ثباتها امام ما تراه لاول مره من ليله جديده تقف امامها الان لكن فشلت تماما حين اقترب منها نصل السكين ومعه وجه ليله تفح من بين اسنانها
=عاوزاكي تفهمي ان جلال مش ليكي ولا لغيرك جلال ده جوزي انا، براضكم او غصب عنكم، فهمتي ولا تحبي افهمك بطريقتك.

نظرت سلمي لنصل السكين الملتمع بارتجاف ثم الي ليله لترتعب من نظراتها اكثر من نصل السكين الموجه اليها لتلفت فورا فاره من امامها بخطوات مرتعشه متعثره ناحيه الباب لترتطم بحبيبه ونجية بقوه لكنها لم تعيرهم اي اهتماما تلوذ بالفرار لتكمل طريقها خارج المطبخ سريعا لتدلف حبيبه الي الداخل تنظر الي ليله والي السكين الذي بين يدها بتفهم قبل ان تبتسم قائله.

=انا كنت جايه انقذك منها لما نجية قالت انها عندك بس الظاهر انك خلاص مبقاش يتخاف عليكي هنا.

جلست اميرة داخل سيارة حلال المتجهة بهم الى منزله تتأفف من الصمت السائد وعدم اهتمامه الواضح بها يولى الطريق امامه اهتمامه الخالص كانها الفراغ بجواره لتوجه بالحديث اليه بعد حين بتردد
: هنقولهم كنا فين، وهقول ايه لعمتى وهى اكيد هتكلم ابويا تفهم منه.

جلال ببرود وعينيه مازالت على الطريق امامه
: هتقولى اللى حصل، خرجنا اشترينا الشبكة لما روحنا البيت عندكم ولقينا خالى مش موجود ومسافر اسبوع، وانا كلمت خالى وعرفته هيقول ايه لامى لو سالته.

لوت اميرة شفتيها بضيق تهمس
: شبكة؟! شبكة ايه دى يا حسرة اللى على الساكت، هتضحك على مين بكلامك ده.

اجابها جلال بصرامة وحدة
: متبرطميش بالكلام، وبعدين واحدة زيك المفروض، ميهمهاش غير دهب الشبكة وبس.

الفتت اميرة اليه تهتف بعتاب غاضب
: وليه بقى كده يا جلال، انت نسيت انى بنت خالك، وبعدين يعنى مشبهش الست لي...

قطعت الباقى من حروفها حين التف لها وبعينه نظرة ارجفتها وهى تراه كمن تلبسه الشيطان يهتف بها بوحشية وعنف
: اخرسى خالص، اسمها ميجيش على لسانك ومتنسيش نفسك، وان كان على موضوع بنت خالى ده، فانا نسيته ومن وقت ما دخلتى نفسك فى لعبة وسخة علشان طماعة، فبلاش النغمة دى معايا.

رسمت اميرة دموع التماسيح داخل عينيها تنظر اليه بحزن لكنه لم يتأثر به بل عاد باهتمامه للطريق مرة اخرى لتنكس راسها الى اسفلا متظاهرة بالخزى والخجل المصطنع لكن كانت عينيها كانت تنطق بكل حقد وغل العالم موجها لاسم واحد فقط نهرها هو منذ قليل عن النطق به لكن سرعان ما رفعته حين سمعت صوت جلال يسأل بحدة وتوتر وهو ينظر الى المرآة الجانبية
: بيعمل ايه الغبى ده؟! دى سواقة بها...

نظرت اميرة هى الاخرى بقلق لتلك السيارة والتى اخذت تترنح فوق الطريق يمينا ويسارا حتى اصبحت بمحاذاتهم لتصطدم بهم من الجانب بقوة حتى كادت ان تخرجهم عن الطريق لولا استطاعت جلال السيطرة على السيارة فيوقفها بجانب الطريق وعينه تضيق بحدة وهى تتابع توقف السيارة الاخرى
امامهم مباشرا لتمتد يده الى داخل سترته يسحب سلاحه الخاص قائلا لها بصوت حاد صارم
خليكى مكانك متتخركيش منه ابدا مهما حصل.

اومات اميرة له بالايجاب وقد سيطر الرعب على ملامحها وهى ترى جلال ينظر ناحية الاخرى بنظرات ثابتة هادئة يتابع خروج رجلين منها يتقدم احدهم صوبهم اما الاخرى فوق بجوار السيارة وكل منهم يوجه سلاحه اليهم حتى وصل الرجل اليهم يميل فوق نافذة جلال قائلا بصوت متحشرج وانفاس كريهة
: براحة كده ومن غير حركة كتير، العربية دى تلزمنا.

ابتسم جلال له قائلا بهدوء ساخر
: لا يا راجل حركة ايه وبتاع ايه، العربية اهى متغلاش عليكم، بس تسبنا ننزل منها وحلال عليكم.

ابتسم الرجل هو الاخرى ابتسامة ثقة مبتعدا عن الباب وهو ينظر الى زميله الاخر يومأ له وقد كانت الفرصة التى انتظرها جلال ليخرج سلاحه فورا لتتعالى صرخات اميرة المرتعبة مع دوى اطلاق الرصاص وينتهى كل شيئ فى لمح البصر.

ظلت تجوب ارض البهو ذهابا وايابا بقلق وتوتر تنظر الى ساعة الحائط وهى تزفر بحدة تتسأل بقلق تجاوز غيرتها عن مكانه حتى الان وان يكون قد ذهب هو وتلك الحرباء حتى هذا الوقت ولم لايرد على اتصالتهم.

زفرت مرة اخرى بقلق هذه المرة ليتعالى صوت قدرية تهتف بها بحدة
: اقعدى بقى يابت انتى فى مكان، مش نقصاكى انت كمان.

التفتت لها ليله قائلة بحدة
: قلقانة يا حاجة قلقانة على جوزى ولا بلاش اقلق؟

احتقن وجه قدرية غيظا حين سمعت منها كلمة زوجى بتلك الطريقة تهم بالرد عليها بحدة لكن قاطعتها زاهية قائلة بخبث
: والله ليكى حق تقلقى جوزك برضه وخايفة عليه.

لوت سلمى شفتيها هى الاخرى حنقا تنهض عن مقعدها مستأذنة بحدة ثم ترتقى الدرج كمن لدغتها حية هى تبرطم بكلمات غير مفهومة جعلت ليله عينيها تتسع ذهولا وقد سمعت اسمها يتردد من بين كلماتها لتسرع حبيبة بعد اختفائها تتحدث قائلة بصوت حاولت تهدئة الاجواء به
: متقلقيش يا ليله ان شاء الله خير، عمى هو وفواز بيحاولوا يوصلوا لحاجة.

وقفت قدرية من مكانها تصرخ غاضبة
: فى ايه منك ليها، هو جلال ده عيل صغير اياك وعاملين الهيصة دى كلها علشان اتأخر شوية.

زفرت ليله تغمض عينيها فى محاولة للصبر بينما قالت حبيبة بقلق
: ياما ماالوقت اتاخر فعلا، وبعدين مش بيرد على حد فينا يبقى لينا حق نقلق ولا لا.

توترت قدرية تعلم جيدا ان ما قالته صحيح يتأكلها القلق والخوف عليه ولكنها اظهرت التماسك قائلة بحدة تتمتزج معها السخرية تقتل بها قلقها هذا
: عادى تلاقيه مشغول هنا ولا هنا، انتوا ناسين انه عريس واكيد وراه مليون حاجة يجهزلها مع عروسته.

توقفت ليله عن الحركة تلتفت لها ببطء عينيها تطلق نظرات كالرصاص ناحية قدرية والتى وقفت تبادلها النظرات بتحدى وقد ساد الصمت التام ارجاء المكان
حتى تعالى صوت صبرى يهتف بفرحة
: جلال وصل يام جلال وبخير الحمد لله.

التفتوا اليه سريعا متناسين ماحدث منذ قليل تسأله ليله بلهفة
: بخير ياعمى؟ يعنى هو بخير؟

ابتسم لها صبرى قائلا له بحنان
ايوه يا بنتى بخير، موضوع كده حصل معاه وعطله والحمد لله عدت على خير، وهو جاى ورايا اهو.

بالفعل دلف جلال الى الداخل لتبتسم ليله بفرحة وسعادة سرعان ما اختفت حين وجدت تلك الحية محمولة بين ذراعيه متعلقة بعنقه وهى تلقى برأسها فوق صدره تتسمر مكانها بوجهه شاحب لتزيحها قدرية عن طريقها تدفعها بعنف فى كتفها تسرع ناحيتهم وهى تقول بخوف وقلق
: خير يا بنى مالها اميرة حصل ايه ليها.

لم يجيبها جلال يتقدم بحمله الى الداخل وعينيه ثابتة فوق ليله تلتمع بمشاعر لامست قلبها فورا جعلتها تنسى كل ما يحيط بهم من اشخاص تنسى غيرتها التى كانت تنهشها وهى ترى غيرها تتمتع بحماية ذراعيه لكنها قامت بفصم نظراتهم تخفض عينيها عنه حين هتفت زاهية تسأله
: مالها يا بنى حصل ايه طمننا.

جاءت الاجابة من صبرى قائلا بهدوء
: مفيش حاجة اطمنوا عدت على خير دول شوية عيال طلعوا عليهم عوزين يسرقوا العربية بس جلال عرف يتعامل معاهم.

شهقت ليله رعبا وعينيها تجول فوقه بلهفة وهى تراه
يضع اميرة فوق الاريكة فتقدمت ناحيته دون وعى ترغب بان تمرر يدها عليه حتى تطمئن روحها المتلهفة عليه ولكن توقفت حين سبقتها قدرية تتلفقه فى احضانها تصرخ بجزع وهى تحاول الاطمئنان عليه لكنه وقف بثبات عينيه تنظر الى البعيد بوجه حاد يتركها تحتضنه للحظات قبل ان يبتعد عنها قائلا بجمود
: انا طالع ارتاح ومش عاوز اى ازعاج لحد مانا انزل لوحدى.

قدرية بلهفة ورجاء
: مش هتتعشا انت متغدتش، كل لقمة واطلع ارتاح بعدها
هز جلال راسه يمرر اصابعه فى شعره قائلا بارهاق ظهر على محياه
: مش عاوز، اهتموا بس اميرة لانها شافت يوم صعب النهاردة وانا هطلع ارتاح فوق.

لم يمهل احد فرصة لاعتراض صاعدا الدرج سريعا تتابعه الاعين حتى ليله وقفت تتابعه بتردد لم يستمر طويلا تحزم امرها فورا تتبعه صاعدة خلفه فورا لا تعير صرخة قدرية المستنكرة اهتماما حين قالت
: شوفتوا البت جرت وراه ازى، هو مش قال مش عاوز حد معاه طلعه وراه دى ليه بقى.

شهقت زاهية تلوى شفتيها استنكارا بينما قالت حبيبة بحرج
: دى مراته ياما، مراته وطالعه تطمن عليه.

احتقن وجهقدرية بشدة تبرطم من بين اسنانها بكلمات سريعة تخللها بعض السباب ليتنحنح صبرى قائلا بسرعة موجها حديثه الى زاهية
: اروح انا كمان ارتاح شوية لحد ما العشا يجهز يلا زاهية تعالى معايا.

حاولت زاهية الاعتراض لكن يأتى امره الصارم لها بالنهوض لتسرع فورا فى تنفيذه تغادر معه فورا لكن يتأكلها الفضول ترغب فى معرفة ماحدث من فم اميرة تعلم علم اليقين ان قدرية لن تتركها دون ان تعتصر منها المعلومات اعتصارا على عكس زوجها وبالفعل لم يخيب حدسها فور صعودها التفت قدرية الى اميرة الملقاة فوق الاريكة تهتف بها بغضب
: قومى يا بت بلاش دلع واحكيلى حصل ايه بالظبط.

حبيبة وهى تجلس بجوار اميرة ترفعها برقة عن الاريكة
: براحة عليها ياما دى شكلها مخضوضة خالص.

ابتسمت قدرية بسخرية وهى تنظر الى اميرة المتقمصة لدورها جيدا قائلة بتهكم
: اسكتى انتى متعرفيش حاجة دى بسبع ترواح ولا يهزها حاجة.

رفعت اميرة رأسها عن كتف حبيبة تهتف بعصبية
: فى ايه ياعمتى يعنى، هو انا لازم اموت ادامك علشان تصدقينى.

اشارت قدرية اليها توجه حديثها الى حبيبة المندهشة
: مش قلتلك، دى بنت اخويا وانا اللى مربياها.

ثم ضربتها فوق فخذها تهتف بها بصرامة
: اخلصى احكى عملتوا ايه طول اليوم وايه حكاية العربية دى.

لوت اميرة شفتيها غيظا يتجعد انفها بشكل مضحك قبل ان تقص عليهم احداث يومهم حتى اتت على ذكر تلك الحادثة فتلتمع عينيها بانبهار سرعان ما تحول الى زاهية وحبيية حين اخذت تتوالى فى ذكر ما حدث.

فتحت بهدوء الباي تتوقع منه امرا لها بالمغادرة لكنها توقفت بقلق حين وجدته يستلقى على بطنه فى وسط الفراش بكامل ملابسه فتقدمت بخطوات خفيفة منه حتى توقفت بجواره تتطلع اليه باهتمام وقلق لتجده يغلق عينيه وانفاسه بطيئة هادئة فظلت مكانها تتطلع اليه بحيرة لاتدرى احقا قد ذهب فى النوم بتلك السرعة ام انه مرهقا فقط مما حدث له
لكنها استقرت انها فى كلا الحالتين يجب ان تدعه دون ازعاج منها.

فتنهدت تتحرك مغادرة لكنها توقفت مكانها تلتفت اليه بقلق حين تأوه بألم وهو يحاول الاعتدال على ظهره تسرع اليه هاتفه باسمه بجزع فتفتح عينيه سريعا مهمهما لها بالايجاب لتسأله بقلق وخوف
: جلال انت تعبان، حاسس بحاجة، ابعت اجيب لك دكتور.

صمتت حين صدر من فمه صوت ينفى به جميع اسئلتها قائلا بصوت مرهق
: متقلقيش مفيش حاجة ده شوية ارهاق وعضلات رقبتى بتوجعنى شوية، لما هنام هرتاح.

اسرعت اليه قائلة بلهفة وحماس
: طيب ايه رايك اعملك تدليك ليها، انا كنت شاطرة فيه كنت بعمله لجدى لما كانت عضلات تشد عليه وكان دايما يقولى انى ايدى خفيفة وانى...
تباطئت كلماتها لتختفى فى النهاية حين وجدت انها تثرثر دون فائدة وانه لم يلتفت لحديثها او يعطى له اهتماما تلوك شفتيها بأسف وهى تتحرك مغادرة ليناديها صوته الهامس لتتوقف فورا تلتفت اليه متطلعة اليه بلهفة وهو ينهض مستندا فوق مرفقيه يسألها.

: رايحة فين مش، قلتى هتعملى تدليك ليا، ولا رجعتى فى كلامك.

اومأت له بالايجاب تبتسم له قائلة بسرعة
: لا ابدا، ثوانى وهرجعلك حالا.

دلفت الى الحمام تبعث فى محتويات الخزانة بداخله حتى عثرت على مبتغاها عائدة اليه مرة اخرى لكن توقفت مكانها متجمدة وعينيها تقع على صدره العارى حين وجدته وقد جلس على طرف الفراش يحاول نزع قميصه متأوها بضعف فابتلعت لعابها بصعوبة تتقدم ناحيته صاعدة للفراش بجواره فتتوقف حركته وهو يتابعها حتى ركعت خلفه على ركبتيها قائلة بهمس رقيق
: خلينى اساعدك، كده احسن علشان متحركش رقبتك كتير وكمان علشان...

ضعطت شفتيها تصمت الباقى من حديثها حين وجدت نفسها تثرثر مرة اخرى فتمد يدها الى قميصه تنزعه عنه بهدوء وبطء ساعدها هو على ذلك حتى نزعته تماما تتشرب عينيها ظهره بعضلاته القوية تضيع فى تأملاتها للحظات حتى نداها بصوت رقيق
: ليله، مش هتبتدى.

هزت رأسها بقوة تحاول اخراج نفسها من حالة التية تلك تسرع بامساك زجاجة من الزيت العطر تضع بعضا منه فوق يدها ثم تضع بارتعاش فوق عضلاته عنقه المتيبسة تفرك بنعومة جعلته يتأوه باستمتاع هامسا
: ايوه برافو عليكى يا ليله، الوجع هنا بالظبط.

ركزت على عملها لفترة حاولت خلالها تجاهل تلك المشاعر التى اخذت تهاجمها بضراوة من ملامستها لجسده وشعورها بدفئه تحت اناملها فجعلت من وجنتيها كثمرة البندورة الطازجة حتى شعرت اخيرا بارتخاء عضلات تحت لمسات يدها ليشجعها هذا لتسأله بهمس
: جلال مش هتحكيلى ايه اللى حصل.

شعرت بهزة كتفه غير المكترثة قائلا بكلمات مقتضبة
: زاى ما عمى قال للكل تحت، مفيش جديد اقوله.

شحب وجهها تبتلع غصة تجمعت فى حلقها من اثر اجابته المقتضبة تلك عليها لتستمر فى تدليك عضلاته لبضع دقائق اخرى قبل ان تتحرك من خلفه تبغى المغادرة تنزل عن الفراش قائلة بصوت مرتعش متحشرج
: انا هنزل احضرلك العشا علشان تاكل وبعدها ترتاح.

قبضت يده فوق معصمها يجذبها ناحيته فسقطت فوق ركبتيه جالسة شاهقة تنظر اليه بصدمة فتتطلع اليها عينيه بنظرات عامضة حادة شعرت بها تنفذ الى
داخلها ترى ما تحاول اخفائه عنه من شعورها بالضيق من رده الجاف فتخفض عينيها عنه قائلة بتلعثم وتوتر وهى تحاول النهوض
: انا، انااا، العشا.

لف خصرها بيده يثبتها مكانها وهو يدفع باصابعه فى خصلات شعرها يقرب وجهها منه قائلا بهمس
: مش عاوز حاجة، انا عاوز بس اعرف انتى بقى زعلانة ليه.

خفضت عيونها عنه قائلة بصوت مرتجف
: مش زعلانة، انا بس كنت عاوزة اطمن عليك.

لم يجيبها بل نداها باسمها بهمس رقيق جعلها ترفع عينيها اليه مرة اخرى ليحدثها وانامله تعبث بخصلات شعرها بحنان قائلا لها بنعومة
: تعرفى انى حمدت ربنا الف مرة ان اللى كانت معايا فى العربية مش انتى.

لم تدرك بانها تزم شفتيها كطفلة تمنع نفسها من البكاء وهى تراه يفضل صحبة اخرى عنها فتحاول مرة اخرى النهوض وهى تدفع عنها ذراعه الملتف حول خصرها قائلة له بسرعة وغيرة عمياء
: يبقى خليك احمد ربنا اكتر لانى مش هكون معاك هنا كمان.

انفجر جلال بضحكة رجولية صاخبة خطفت دقات قلبها معها لكنها دفعت فى صدره بقوة قائلة بغضب طفولى
: وكمان بتضحك عليا، طب اوعى يا جلال خلينى اقوم.

اسرع باحكام ذراعه حولها يمسك بمؤخرة عنقها يدفعها ناحيته قائلا بمرح اضاء ملامحه
: طب بس استنى بس هفهمك، انا اقصد لو كنتى معايا استحالة كنت هفكر حتى اعمل اللى عملته.

عقدت حاجبيها بحيرة تسأله
: يعنى ايه مش فاهمة؟

جلال وقد تغيرت طبيعة نظراته تزداد انفاسه حدة تشعر بها تدغدغها وهو يقترب من شفتيها ببطء هامسا فوقهم بنعومة
: هقولك بس بعدين، انا دلوقت ورايا عقاب متأجل من الصبح ولازم انفذه، وحالا.

لم يملها فرصة لاى رد يلتقط شفتيها بين شفتيه بقبلة بطيئة متذوقة اتبعها باخرى واخرى ويده تمتد لتثبت راسها حتى يتحكم فى قبلاته لها اكثر بينما يدها تزحف خلف عنقه تغرز اصابعها فى خصلات شعره تتأوه حين ضمها اكثر اليه فتتوه معه فى دوامة من المشاعر استسلما لها اخيرا تجذبهم بعيدا عن كل ما يحيط بهم فلا يبقى سواهم فقط.

: كنت عارف يا نسيم الكلب انك غبى وهتغرقنى معاك.

صرخ راغب بكلمات تلك لنسيم الواقف امامه بارتعاب وهو يحاول تهدئته قائلا
: خلاص يا جلال خابت المرة دة المرة الجاية تصيب.

دفع راغب يده فى خصلات شعره يجذبها بغيظ يهتف
: مش بقولك غبى وهتضيعنى، مرة جاية ازى يا بهيم واحنا كنا عوزنها تبان سرقة ونخلص منه برصاصة ونكون احنا بعيد، بس هقول ايه رايح تجيب شوية بهايم زيك يعملوا الشغلانة وضاعوا وضيعونا معاهم.

نسيم بتوتر يحاول تبرير الامر
: الرجالة طمعت فى العربية فمحبوش يزفروها بالدم فقالوا يخلصوا عليه برها، بس ابن الجنية قبل ما يخرج حتى من بابها كان ضارب كل واحد رصاصة جابت اجله، والبوليس ماشى فيها على انها قضية سرقة.

اسرع يطمئنه يكمل بحزم
: يعنى متخفش احنا بعيدو المرة الجاية مش هيلحق حتى يحرك طرف عنيه.

ضحك راغب بصخب جعل نسيم ينظر له بقلق حتى توقف اخيرا يهتف به
: المرة الجاية! لا دانت واثق وانت بتقولها.

فتح نسيم فمه ليجيبه لكن نهره راغب يصرخ به بغضب وشراسة
: انت تخرس ومتفتحش بوقك وسيبنى كده ارتبها واظبطها بترتيب جديد خااالص.

ليعقد حاحبيه بحدة ينظر الى البعيد قائلا
: مانا لازم اشوفلها حل، والمرة دى انا اللى هنفذ بنفسى ويا قاتل. لمقتول.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
اضجعت على جانبها تتأمله فى نومه وهى تبتسم برقة حين عقد حاجبيه يهمم بكلمات غير مفهمومة وذراعه تشد من حولها يجذبها اليه قبل ان يعاود جسده الاسترخاء مرة اخرى دافنا وجهه فى عنقها مستغرقا فى النوم بينما هى رفعت اناملها تدسها بين خصلات شعره تمررها بينهم بحنان هامسة لنفسها اكثر مما يكون له تستغل معرفتها لطبيعة نومه العميق قائلة بتاكيد وحزم.

: شوف بقى انا استحالة اخلى واحدة تانية تاخدك منى، برضاك غصب عنك انت ليا ولوحدى كمان...

ضمته اليها برقة تكمل بأسف وندم
: يمكن مقدرش اقولك الكلام ده وانت صاحى، علشان مكسوفة منك ومن غبائى وتسرعى بس صدقنى اللى ضيعته بسببهم هرجعه تانى، حتى ولو كانت الارض هى التمن انا مستعدة لده وهعمله.

التمعت عينيها بصرامة تهمس من بين اسنانها المضغوطة بغيظ
: ومبقاش ليله المغربى اما عرفت كل واحدة فيكم مقامها ايه يا سعرانة منك ليها بس اصبروا عليا اما...

صمتت فجأة بخوف ظنا منها انه قد استيقظ وقد استمع الى كلماتها حين شعرت بارتطام انفاسه على بشرة عنقها زافرا بقوة وارتجاف جسده وهو يتحرك مرة اخرى بين ذراعيها يزيد من ضمها اليه لكنها تنفست الصعداء حين عاود الاسترخاء مرة اخرى زافرة بأرتياح حين وجدته مازال فى سباته العميق فتغمض عينيها براحة تتعهد فى نفسها ان لا رجوع للوراء بعد الان ولتكون حرب تستخدم فيها جميع الاسلحة السلمية وغير السلمية.

لا تدرى كم استغرقت غفوتها ولكنها عادت منها حين تحرك جلال من جوارها سريعا يرتدى ملابسه فى لمح البصر ثم يسرع فى اتجاه الباب بعد تعالت طرقات عالية عليه وصوت حبيبة يصل اليهم مناديا بلهفة وجزع جعلها تنفض النعاس عنها تنهض هى الاخرى مسرعة فترتدى روبها الملقى فوق المقعد ثم تتقدم معه ناحية الباب وقد فتحه يسأل بلهفة وقلق عما حدث لتهتف حبيبة بجزع وخوف.

: الحقنا يا جلال الجدة روحت اصحيها علشان صلاة الفجر لقيتها واقعة مرمية فى الارض.

لم ينتظر جلال لحظة واحدة يزيح حبيبة عن طريقه يهرول مغادرا تتبعه حبيبة وليله بخطوات مسرعة ملهوفة
: اقفلى بوقك ده هتودينا فى داهية يخرب بيتك.

نكزت زاهية سلمى بكوعها فى خصرها تهمس بتلك الكلمات الحانقة لها وعينيها تجول بقلق فى الجمع الجالس فى بهو المنزل بعد مرور يومين على سقوط واعياء الجدة فى انتظار خروج الطبيب من غرفتها
ومعرفة اخر تطورات مرضها لتهمس سلمى ومازالت ابتسامتها فوق ملامحها لم تتأثر من تعنيف والدتها
: حقى افرح، لما اعرف ان جوازة الهنا هتتأجل علشان تعب الجدة.

لوت زاهية شفتيها تهمس من بينهم ساخرة
: مين قالك ان ده هيحصل، لو الدكتور طمنا على جدتك وانها بخير الجوزاة ماشية زاى ماهى يعنى...

قاطعتها سلمى صارخة باستنكار
: يعنى ايه الكلام ده بقى.

التفتت اعين الجميع اليهم بفضول لتهتف زاهية توجه كلامها الى سلمى ولكن نظراتها تجول بين الجميع بتوتر وارتباك
: متقلقيش يا سلمى يا حبيبتى الدكتور خارج حالا وهيطمنا.

ثم اكملت توجه الحديث الى الجمع المراقب
: قلقانة يا قلب امها من تأخير الدكتور جوه.

زفرت سلمى بحنق وجهها محتقن من شدة غضبها لتنكزها زاهية مرة اخرى تهمس لها بحنق
: اتلمى بقى هتودينا فى داهية ابوكى لو خرج ولاقكى كده هيولع فيكى.

جزت سلمى على اسنانها تهمس من بينهم بغل وشراسة
: يولع ولا ميولعش، المهم عندى ان الجدة تفضل تعبانة ولا ان شالله تموت حتى يبقى احسن.

التفتت لها زاهية برعب ثم تعاود النظر الى الاخرين خوفا من يكون قد وصل الى مسامعهم ماقلته لكنها تنهدت بارتياح حين وجدتهم مازالوا على حالهم واستمرار حديثهم الدائر بينهم لتنكزها فى خصرها مرة اخرى ولكن بقوة وقسوة جعلتها تنتفض الما لتقول زاهية لها بقسوة
: اخرسى بقى يا بت انتى الا والله هضربك على بوقك ده.

زفرت سلمى تكتف ذراعيها فوق صدرها بغضب تلتزم الصمت ولكن عينيها كانت تراقب بحدة وشراسة ليله الجالسة بجوارها حبيبة تتحدث معها بخفوت ترميها بنظرات كالسهام من شدة حقدها وغيرتها ثم تنتقل بنظراتها بعد لحظات الى اميرة الجالسة فى اقصى المكان تتأمل اظافرها بملل فاخذت تتأملها بعيون حادة كعيون كصقر جارح شاردة فى افكارها تشعلها غيرتها حتى انتبهت لخروج الطبيب من الغرفة يصحبه صبرى الى الخارج مودعا تتبعهم قدرية لكن اوقفها نداء حبيبة المتلهفة تسألها عن احوال الجدة.

لتنهد قدرية بارتياح قائلة
: لا الحمد لله الدكتور طمنا وانها بقت كويسة وكلها كام يوم هترجع زاى الاول واحسن.

تنهد الجميع براحة معادا سلمى وقد ارتفعت غصة البكاء فى حلقها وقد تدمرت جميع امالها ليزاد الطين بله تتسع عينيها ذهولا هى وجميع الموجودين حتى ليله والتى التفتت اليها قدرية بعد ان تحدثت بما قاله الطبيب قائلة بصوت مهزوز قلق عينيها يظهر داخلهما الارتباك دون ان تستطيع اخفائه.

: ليله، عوزاكى تدخلى لجلال تحاول تتكلمى معاه وتخليه يقوم يرتاح شوية ده بقاله يومين على الحال ده قاعد جنبها ولا بياكل ولا بيشرب، واتحايلنا عليه انا وعمه كتير مش راضى، ادخليله انتى يمكن يسمع كلامك.

وقفت ليله مكانها كمن على راسه الطير تنظر اليها متسعة العين بذهول كانها ترى مخلوق خرافى امامها ولم يكن حال الاخرين بافضل منها لكنها اسرعت بنفض ذهولها عنها تومأ لها بالايجاب وهى تسرع فى اتجاه غرفة الجدة يتأكلها قلقها عليه وقد كانت تنوى فعلها قبل ان تطلبها والدة زوجها منها لكنها كانت تنظر ان تستقر حالة الجدة حتى تستجيب لها، لتهتف اميرة فور ذهابها بغيظ وحدة.

: بتقوليلها ليه ياعمتى، اذا كان هو مسمعش كلامك لانتى ولا عمه هسمع كلامها هى بالذات.

التفتت اليها قدرية تهتف بها بحدة
: اسكتى انتى ملكيش دعوة، مانت لو عدلة كنت طلبت منك، بس انا عارفة انه لا بيقبلك ولا بطيقك.

ارتفعت ضحكات مخنوقة من زاهية وحبيبة وهما يحاولون اخفائها ليشتعل وجه اميرة من شدة احراجها تكاد تموت كمدا وهى تضرب الارض بغيظ حين عجزت عن الرد تغادر المكان فورا بخطوات سريعة حانقة تتبعها اعين الجميع تلتفت سلمى الى قدرية فور مغادرتها تسألها ببطء وعينيها تضيق بخطورة
: وليله بقى اللى بيقبلها ويطيقها يا مرات عمى علشان كده هيسمع كلامها؟!

قدرية وهى تغادر هى الاخرى المكان سريعا قائلة بارتباك وحدة
: يسمع كلام ليله، يسمع كلام الجن الازرق، المهم عندى راحة ابنى و بس، وسيبونى انا كمان خلونى اطلع ارتاح.

ساد الصمت التام ارجاء المكان بعد مغادرتها تحدث سلمى نفسها بمرارة تعميها غيرتها
: بقى كده يا مرات عمى، بس هقول ليكى حق فى كل اللى بتعمليه، ما احنا عرايس متعلقة بخيوط فأيدك تلعبى بيهم زاى ووقت ما تحبى.

دلفت الى الغرفة بهدوء بعد ان طرقت بابها بخفة تتطلع داخلها فتراه يجلس فوق كرسيه بجوار الفراش ورأسه مستندا عليه فتقدمت بخطوات هادئة خفيفة ناحيته لتجده يمسك بكف جدته النائمة بسلام
بين كفيه وهو يغلق عينيه تظهر على محياه مدى ارهاقه والهلات السوداء تحت عينيه اما ذقنه فقد ذهب تشذيبها تماما من اثر تجاهله لها طول يومين كاملين قضاهم هنا معها لايفارق جوار فراشها ابدا.

ولكن قد ان الاوان ان ينتبه الى حاله قليلا خاصا بعد اطمنوا على حالة الجدة واستقرارها لذا تقدمت منه تمرر اناملها فوق لحيته برقة وهى تهمس باسمه فى اذنه بنعومة شديدة فيفتح عينيه سريعا هامسا بصوت اجش قلق
: ليله؟، فى حاجة.

تراجعت بعيدا عنه خطوة واحدة قائلة وهى تهز رأسها له بالنفى حين رفع عينيه شديدة الاحمرار بلهفة ناحيتها تهمس له
: لاا ابدا، متقلقش انا بس جيت اطمن على الجدة.

رفع راسه عن الفراش ببطء يمرر كفه فوق وجهه محاولا ابعاد النعاس والارهاق عنه قائلا بأرتياح هو ينظر ناحية الجدة
: الحمد لله الدكتور طمننا انها عدت مرحلة الخطر ويوم ولا اتنين وهترجع زاى الاول.

ابتسمت بحنان تتطلع اليها هى الاخرى بملامحها المستريخة الهادئة للحظات قبل ان تركع على ركبتيها بجواره وهى تمسك بكفه القريب لها قائلة برجاء
: طيب ايه رايك لو تقوم تنام لو ساعة واحدة بس وترجع هنا تانى مدام اطمنت عليها.

هز جلال راسه بالرفض قائلا
: مقدرش اسيبها لوحدها ثانية يمكن تحتاج حاجة.

اسرعت ليلة مؤكدة له قائلة
: متقلقش ابدا حبيبة هتكون جنبها لو احتاجت حاجة وبعدين هى ساعة واحدة بس وصدقنى لما تعدى انا بنفسى هصحيك.

ظهر الترد على محياه وهو يتطلع الجدة بقلق لتكمل ليله برجاء شديد حين لاحظت بوادر الرفض ترتفع سريعا فوق وجهه
: وحياتى عندك يا جلال، ساعة واحدة بس وهصحيك بعدها.

التفت ينظر لها بعيون مرهقة مسهدة لتهمس برجائها مرة اخرى تستحلفه بحياتها ليهز رأسه بالموافقة بعد ان القى نظرة اخرى مترددة ناحية الجدة لتبتسم له بحنان تجذبه من فوق المقعد فيطاوعها ناهضا يتحرك معها الى باب الغرفة وما ان طلا خارجه حتى اتت حبيبة اليهم وعينيها تتسأل لتهز ليله لها راسها بالايجاب لتتحرك حبيبة فورا ناحية غرفة الجدة تدخلها ثم تغلق بابها خلفها بهدوء اما جلال وليله فقد تحركا ناحية الدرج بخطوات بطيئة ولم يعيرا زاهية ولا سلمى انتباها لتنكز زاهية سلمى قائلة بسخرية وهى تشير بطرف عينيها ناحيتهم.

: شوفتى ياختى، اهو مسمعش كلام كد غيرها عرفتى بقى ان قدرية عارفة هى بتعمل ايه صح.

لم تجيبها سلمى بل ظلت عينيها تتابع صعودهم وقد امتلأت عيونها بدموع القهر وخيبة الامل ترتفع الغصة فى حلقها حتى كادت تخنقها.

عرفت هتعمل ايه يا نسيم؟

هز نسيم رأسه بالايحاب لراغب بعد ان القى عليه السؤال لكنه اسرع يقول بقلق وخوف
: بس يا راغب اللى ناوى عليه ده انيل واصعب من اننا نقتل اللى اسمه جلال ده دى فيها قطع رقبة ياعم لو اتكشفنا.

تراجع راغب فى مقعده براحة قائلا بهدوء وثقة شديدان
: ده لو اتكشفنا، بس لو محصلش يبقى طاقة القدر وفتحت لينا وهضرب كله فى خبطة واحدة، ونخلص من زن الجماعة علينا.

هز نسيم رأسه قائلا بتردد ونبرات مؤنبة
: شوف اهو الجماعة بكل جبروتهم وقسوتهم مش هيجوا حاجة جنب اللى هتعمل فينا لو انكشفنا، داحنا هنتقطع حتت.

نهض راغب عن مقعده يهتف به بحدة شديدة
: نسيم بقولك ايه، انت تخرس خالص وتنفذ وانت ساكت، محدش طلب رايك.

شحب وجها نسيم من الخوف قائلا بتلعثم
: خلاص يا عم براحتك، انت حر وادرى باهلك منى.

جلس راغب فوق مقعده مرة اخرى يهتف به بحزم
: يبقى الراجل يكون عندى فى خلال يومين بالكتير.

نسيم وفى عينيه حيرة وتساؤل
: طب ده هتدخله البيت على اساس ايه؟

راغب وقد التوت شفتيه بأبتسامة صفراء خبيثة
: بس يوصل، وليها الف طريقة وطريقة متقلقش.

جلست فوق الفراش تترقب خروجه من الحمام فلم يطل انتظارها كثيرا فماهى الا دقائق حتى خرج يحمل منشفة يجفف بها خصلات شعره لتنهض سريعا فى اتجاهه قائلة
: انا حضرتلك الغدا، مش هتاخد ثوانى تقدر تاكل فيهم، وبعدين ترتاح براحتك.

زفر جلال ينزع المنشفة ويلقى بها فوق المقعد قائلا برفض وهو يتجه ناحية الفراش
: لا، مش هقدر يا ليله، انا يدوب انام ساعة واصحى انزل تانى.

امسكت بكفه سريعا توقفه قائلة بهدوء ومحايلة كانها تحدث طفلا صغيرا عنيدا
: دى ثوانى صدقنى، اقولك انا اللى هاكلك بايدى ايه رايك.

التفت لها عاقدا لحاجبيه بشدة هاتفا بأسمها بنبرة جعلتها تتخلى عن الامساك بكفه بحذر وهى تخفض وجهها ارضا حين قال بتحذير
: ليله، انا مش عيل صغير، محتاج اللى ياكله.

تراجعت الى الخلف تلتفت ناحية الطعام وهى تقول باعتذار وتردد
: اسفة، انا هنزل، تكون انت...

اسرع هو هذه المرة ليوقفها ممسكا بذراعها يلفها اليه ثم يجذبها بهدوء ورقة اليه مادا يده الاخرى يرفع بها ذقنها بحنان فتتطلع عينيه الى عينيها قائلا بخفوت
: لااا متنزليش خليكى معايا، اقولك كمان اكلينى انتى بايدك، بس خلينى ارتاح شوية واوعدك اول ما اقوم هاكل، اتفقنا.

اومأت له سريعا تبتسم بفرحة جعلته هو الاخر يبتسم سعيدا لرؤية فرحتها تلك لكن اسرع يسألها بحيرة حين وجدها تلتفت بعيدا عنه يسألها بلهفة
الى اين تذهب لتجيبه فورا قائلة
: هنزل الاكل تحت، وابقى احضره تانى لما تصحى.

تنهد جلال بقلة صبر سائلا اياها بنزق
: هو انتى ايه حكايتك وحكاية النزول تحت انتى عاوز تسبينى وخلاص.

اتسعت عينيها دهشة مرتجفة بشدة تتخضب وجنتها بالحمرة وهو يقوم بسحبها اليه مرة اخرى ولكن تلك المرة لف ذراعه حول خصرها يلصقها بجسده متمسكا بها وهو يضع جبهته فوق جبهتها قائلا بأرهاق شديد
: خليكى معايا يا ليله، محتاجك معايا لحد ما اغرق فى النوم، انا عاوز انااااام ومش قادر افتح عينى، بس خايف انام يحصل لها حاجة وانا مش جنبها.

شعرت قلبها يرق لرؤيته بهذا الضعف والارهاق امامها لكنها لم تستطع التحكم بتلك اللمحة من السعادة وقد تراقص قلبها طربا من طلبه ورؤية حاجته لطمأنتها له والى موجودها بجواره لذا اسرعت تهمس له بحنان ويدها ترتفع الى وجنته تضعها فوقها تتلمس لحيته برقة
: متخفش هى كويسة والدكتور طمنا عليها، انت نام وانا هفضل صاحية هنا جنبك وصدقنى مش هتحصل حاجة.

اعقبت حديثها تنزل يدها لتمسك بكفه وتتوجه به ناحية الفراش ليسير معها دون مقاومة لتصعد الى الفراش تستلقى عليه يتبعها هو ايضا لكنه استلقى يضع راسه فوق صدرها يضمها بين ذراعيه لتتجمد للحظة من صدمة فعلته هذه لكنها سرعان مارفعت انامله تمررها فوق خصلات شعره المبللة بنعومة هامسة له بتأكيد
: نام وغمض عيونك، وانا هنا مش هسيبك ابدا.

لم تمر سوى لحظة واحدة شعرت بعدها بأسترخاء جسده عليها فورا وانتظام انفاسه كانه كان يحتاج لهذا التأكيد منها قبل ان يستسلم اخيرا لارهاقه وسلطان النوم.

بعد مرور يومين على تلك الاحداث
: عرفت هتعمل ايه؟

تحدث راغب الى شاب عشرينى يقف امامه بتلك الكلمات بحزم ليهتف به الشاب قائلا بتأكيد
: طبعا متقلقيش يا باشا دى شغلانة سهلة ومش هتاخد منى يوم.

ابتسم راغب فرحا وهو يهز راسه استحسانا ثم يقول
: عاوز فى كل حتة فى البيت كاميرا حتى لو فى المطبخ مش عاوز شبر مايكنش فيه.

الشاب هازا راسه قائلا بحزم
: سهلة ياباشا متقلقش.

وضع راغب بيده داخل جيب سترته يسحب منه عدة الوف من الجنيهات دفع بها ناحية الشاب والتى التمعت عينيه بجشع وغبطة قائلا
: ودى دفعة من الحساب ولو ظبطت الشغل ليك ادهم كمان.

اندفع الشاب يختطف المال حتى كاد ان يسقط ارضا وهو يهتف بفرحة
: عيونى يا باشا، دانت هتشوف منى احلى شغل.

هنا تحدث نسيم بعد وقوفه الصامت طوال المقابلة هاتفا بالشاب
: طب يلا انت يا عماد اسبقنى على العربية وانا هحصلك.

اومأ الشاب موافقا يغادرا فورا وعينيه تكاد تخرج من محجرهما وهو يتطلع الى المال القابض عليه بين يديه ليتحدث نسيم فور خروجه يسأل راغب بحيرة ونفاذ صبر
: ادينا خلصنا من موضوع الكاميرات تقدر تقولى بقى هتجيبها لهنا ازاى بعد اللى انت عملته، وازى جوزها هيوافق يجبها تانى.

راغب بابتسامة واثقة وعيون تلتمع كعيون ذئب جائع وقائلا بغموض
: اللى جابها فى المرة الاولى يجيبها فى المرة التانية وصدقنى ليله بنفسها اللى هتخليه يجبها هنا تانى.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
كانت تجلس فى حجرة الجدة لتؤنسها وترعاها بطلب من جلال حتى يستطيع ان يكون مطمئنا عليها فى غيابه والذى دام حتى الان ليومين فقد اضطرته الاعمال للمغادرة خارج البلدة فى عمل طال تأجيله له طول فترة مرض الجدة حتى اطمن اخيرا عليها ليسافر بعدها فورا وهو وزوج حبيبة بعد حديث مبهم معها عن حاجتهم للحديث بعد عودته فورا قائلا عن حاجته لتوضيح بعد الامور بينهم لكنها تستطيع الانتظار حتى عودته وثم قيامه بتوصيتها بالاهتمام بالجدة فى غيابه مع وعد ان يحدثها كل ليلة.

وهاهى تجلس معها منذ غيابه لا تغيب عنها حتى فى ساعات النوم تنفيذا لطلبه واستغلالا لفرصة الابتعاد عن توتر تحفز اهل الدار فى التعامل فيما بينهم بعد ان تم تأجيل خطبة سلمى لاسبوع اخر نظرا لظروف مرض الجدة لتعود سلمى مرة اخرى لكلماتها المسمومة لكن هذه المرة لم تكون موجهة اليها بل الى اميرة والتى لم تتهاون فى الرد عليها ليكون الجو داخل المنزل كساحة للمعركة لجأت هى خلالها لغرفة الجدة هربا منها تجلس فى انتظار عودته اليها وهى تتلهف شوقا اليه والى محادثتهم الهاتفية برغم انها تعتبر مختصرة نسبيا لكنها كانت تكفيها حتى موعد المكالمة الجديدة.

: ليله هو جلال متصلش بيكى النهاردة؟

خرجت من شرودها تلتفت الى الجدة تجيبها بهدوء
: لا يا حبيبتى لسه متكلمش
تنهدت الجدة قائلة بقلق
: غريبة مع انه متعود يكلمنا كل يوم قبل كده بكتير.

نهضت ليله من فوق الاريكة تتجه اليها فى الفراش تمسك بكفها قائلة بحنان
: متقلقيش شوية وهيكلمنا، بس نامى انتى وانا اول ما يتكلم هصحيكى على طول.

هزت الجدة رأسها بالموافقة تغمض عينيها لتتطلع اليها ليله بحنان لعدة لحظات ثم تعود الى مكانها مرة اخرى تمر دقائق بصمت تتطلع هى خلالهم الى ساعتها بقلق وقد تجاوزت بالفعل موعد مكالمته بوقت كثير ترتجف خوفا من الا يقوم بمحادثتهم اليوم فقد اصبح سماع صوته كالادمان بالنسبة لها لا تتخيل ان يمر يومها دون ان تحدثه وتستمع الى نبراته القوية لكنها تحمل من الرقة والحنان ما يجعلها ترتجف شوقا ولهفة له مع كل دقيقة تمر بعيدا عنه.

زفرت بخيبة امل عندما مرت ساعة اخرى فعلمت انه لن يقوم بفعلها اليوم وهى تلقى بالهاتف جوارها باحباط لكن ما ان مرت دقيقة حتى تصاعد صوته بنغمة الرسائل لتسرع باختطاف الهاتف بلهفة ظنا منها انها رسالة منه يطمئنها عليه فتتطلع عينيها الى فحوى الرسالة لتتسع بذهول وصدمة وهى ترى تلك الصورة امامها ومعها رسالة نصية ماان قرأتها حتى شحب وجهها بشدة يحاكى وجوه الموتى تصدر عنها صرخة قوية مرتعبة.

فزعت الحاجة راجية من نومها على صوت تلك الصرخة تهتف بليلة بقلق وهى تراها تمسك بهاتفها تتطلع اليه بعيون مصدومة تترقرق الدموع بداخلها
لتهتف بها
: فى ايه ياليله، فى ايه يا حبيبتى، جلال فيه حاجة.

نظرت ليله اليها بعيون لا ترى شيئ وترتجف شفتيها بقوة لتهتف بها راجية لكن بحدة تلك المرة
: فى ايه يا بنتى انطقى مالك وشك مخطوف كده ليه.

فتحت ليله فمها تحاول الحديث عدة مرات لكنها كانت تفشل فى كل مرة تشعر بالغصة فى حلقها تكاد تزهق انفاسها امام عيون الحاجة راجية المرتعبة حتى استطاعت اخيرا ان تخرج حروف متلعثمة غير مترابطة قائلة
: ما، ماما، ت، تع، بانة، وانا لا، زم، اشوف، ها، حا، لا.

راجية بصوت حاولت بث الاطمئنان والهدوء اليها فيه
: طيب ياحبيبتى، اهدى بس كده وخير ان شاء الله.

لم تستمع ليله لحرف مما تقول وهى تتحرك باتجاه الباب كالعاصفة هاتفة بخوف وهلع
: انا، لازم اروح عندنا حالا، مش، هستنى دقيقة واحدة.

خرجت تجرى سريعا الى البوابة الخارجية للمنزل تحت انظار حارسيها المتسائلة عن حالتها تلك لكنها لم تعيرهم اهتماما تكمل طريقها بخطوات متعثرة وعيون مغشية بدموعها حتى انها سقطت فى الطريق عدة مرات ارضا بقسوة فتدمى كفيها وركبتيها بالجروح لكنها لم تبالى بهم ولا بألمهم تنهض سريعا كل مرة تكمل الطريق الى منزلهم بعزم حتى وصلت اخيرا اليه لكنها لم تدلف الى داخله بل التفت حوله الى تلك الغرفة المخصصة للحارس تقف امامها وهى تنهت بقوة وجهها شديد الاحمرار تلطخه الدموع وهى ترى كابوس حياتها يخرج من تلك الغرفة يبتسم ابتسامة صفراء عينيه تمر فوقها ببطء وقح قائلا بصوت كفحيح افعى.

: اهلا، ااهلا ببنت عمى الغالية، ايه رايك؟عجبتك الصورة؟ لسه فى عندى منها ومن غيرها كتير.

ليله بصوت ضعيف متحشرج
: انت ازى قدرت تعمل كده، انت ايه؟، حيوان.

دوت ضحكت راغب الصاخبة استهزاء من حديثها قائلا بصوت خبيث شرس
: حيوان بس ذكى وقدرت اجيبك راكعة تانى تحت رجليا.

ليله بصوت مرتجف متوسلا
: ارجوك يا راغب، ابعد شروق عن حكايتنا، شروق ملهاش ذنب.

رفع راغب كفه ينظر الى اظافره قائلا بلا مبالاة
: مش بالساهل كده يا بنت عمى مش اقول طلباتى الاول.

تطلعت اليه ليله بعيون منكسرة تعلم ان ليس هناك فائدة من الحديث قائلة بصوت مهزوم
: وانا مستعدة لاى طلب تطلبه منى.

اقترب منها بخطوات بطيئة واثقة بينما وقفت هى تتابع تقدمه منها بعيون خائفة مرتعبة تبتعد فورا بنفور عنه حين انحنى عليها يفح فوق بشرة وجنتها
: اول طلب ليه يابنت عمى هو، الارض.

اغمضت عينيها تتنهد ارتياحا دون ارادة منها ليضحك ساخرا هو يبتعد عنها قائلا
: متفرحيش اوى كده، ده اول طلب بس، لسه فيه طلبات تانية كتير وهتتنفذها كلها والا هتلاقى صور اختك الحلوة منورة فى كل حتة.

تساقطت دموعها تغرق وجنتها رغم محاولاتها لكبتها وقد علمت انها قد سقطت بين انياب وحش حقير لا يرحم لن يتردد لحظة واحدة ان يفعلها فتهمس له بموافقتها بصوت مبحوح خافت يكاد لا يسمع لكنه كان اكثر من كاف له لترتفع ابتسامته بالانتصار قائلا
: ايوه كده شاطرة، اسمعى بقى انا عاوز منك ايه بالظبط.

لاتدرى كيف وصلت الى منزل زوجها مرة اخرى تدلف الى الداخل بخطوات مثقلة ورأس منكسة ارضا تتجه الى الدرج لكن يوقفها صوت والدة زوجها هادرة بعنف
: كنت فين يا هانم؟ ازاى تخرجى كده من غير ما تقولى لحد ولا تاخدى اذن منى.

رفعت ليله وجهها ببطء شديد قائلة بصوت مجهد خرج من فمها بصعوبة
: انا اسفة بس ماما تعبت وكان لازم...

قا طعتها قدرية بغضب شديد
: ولو يابنت الاصول يا محترمة، كان لازم تعرفينى مش تجرى على الشارع ولا كان ليكى حاكم، لما جوزك يجى انا ليا كلام معاه.

اسرعت حبيبة اليها تحاول تهدئتها قائلة بتعاطف وترجى
: خلاص يا ماما كفاية كده، انتى مش شايفة حالها عامل ازاى.

زفرت قدرية بحنق تدير وجهها الناحية الاخرى صامتة لتسرع اميرة قائلة بتمهل وخبث وهى تضع يدها فى خصرها تلوك علكتها ببطء
: يعنى ايه خلاص يا حبيبة لازم عمتى تشوف شغلها معاها، يااما تقول لجلال وهو بقى يتصرف اكيد مش هيعجبه اللى عملته ده.

اجابتها حبيبة بحدة وصرامة دون ان تلتفت لها
: لو سمحتى يا اميرة ياريت متتدخليش، دى حاجة بينا واحنا بس اللى نقول ايه ينفع وايه مينفعش.

صدر صوت عن اميرة يدل عن استنكارها لكلمات حبيبة وهى تلوى شفتيها للجانب ترمق قدرية الصامتة على غير العادة بعدم رضى فترى على وجهها لمحة من التعاطف لحال ليله امامها لتزفر اميرة بحدة تبرطم من بين اسنانها بغيظ لكن لم يعيرها احد اهتماما تعاود حبيية الاهتمام بليله التى كانت شاردة فى عالم اخر تمسك بيها قائلة بصوت حنون
: متقلقيش يا حبيبتى ان شاء الله هتبقى كويسة وتطمنى عليها وعلى صحتها.

رفعت ليله اليها عيون تائهة قبل ان تهز رأسها لها بالموافقة تتحرك مع جذب حبيبة لها والتى اخذت تقول بصوتها الحنون
: واحنا كمان بكرة نروح معاكى علشان نط...

هتفت ليله فجأة بذعر وهى تهز رأسها بالنفى قائلة
: لااا، لا هى خلاص بقيت كويسة، مفيش داعى تتعبوا نفسكم، انا حتى مش هروح تانى.

تابعت الاعين ردة فعلها بحيرة لكن لم يعلق احد بشيئ عليه حتى قالت حبيبة وهى تمد يدها بهاتف ليله اليها قائلة
: طيب براحتك يا حبيبتى اللى تشوفيه، خدى ده تليفونك كنتى نستيه هنا.

شحب وجه ليله وعينيها تطير فوق الهاتف بلهفة تختطفه من يد حبيبة بسرعة قائلة بتلعثم وهى تحتضن الهاتف الى صدرها
: ايوه، طيب، انا، ممكن، هطلع ارتاح، لو...

التفتت حبيبة الى والدتها برجاء وعينيها تسألها الموافقة بينما قدرية كانت تقف تتطلع الى ليله بتفكير عينيها تضيق بنظراتها فوقها لكنها اومأت برأسها بالموافقة لتسرع حبيبة قائلة ليله بتعاطف شديد
: اطلعى يا حبيبتى انتى ارتاحى، وانا هسهر الليلة مع الجدة.

هزت ليله رأسها لها كالمغيبة تتحرك ببطء ناحية الدرج تصعده باقدام مرتعشة تتابعها الاعين مابين متعاطفة وحانقة واخرى خبيثة وقفت صاحبتها تلوك علكتها ببطء تلوى شفتيها بابتسامة معرفة صفراء.

: اعرف ان انا مش موافق على اللى عملته ده يا راغب دى هتبقى مرات اخوك يا جدع.

تجاهله راغب وهو يقلب فى هاتفه وعينيه تتأمل تلك الصور فيه حتى وقع اختياره على احدهم ليقوم بارسالها مع ابتسامة ذئبية شرسة ليهتف به نسيم بحنق
: انت مش قلت الشغلانة دى تخص ليله ايه اللى قلب الليلة بقى.

رمى راغب هاتفه فوق الطاولة بعد ان انهى مهمته يتراجع فى مقعده براحةقائلا بهدوء
: مالك يا نسيم يا حبيبى؟!اللى يشوف نرفزتك دى يفتكرك من بقيت العيلة ولا حاجة.

احتقن وجه نسيم حرجا وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة لكن راغب تجاهله يكمل
: بس مش مشكلة هفهمك انا عملت كده ليه يمكن بعدها تحل عن دماغى، شوف يا سيدى.

تنبهت جميع حواس نسيم يعير راغب كل اهتمامه وهو يقول بصوت هادئ رزين كانه يتحدث عن حالة الطقس
: ليله مفيش حاجة بتوجعها ولا تهمها غير اللى بتحبهم يعنى لو كانت الصور دى ليها مكنش هيتهزلها شعرة وقليل اما عرفت جوزها كمان، اما لو اختها حبيبتها اللى فرحها كمان شهر هتخاف عليها بعنيها وهتعمل اى حاجة ولا انها تفضح اختها حتى ولو ادام جوزها، فهمت ياغبى.

هز نسيم رأسه ببطء دليل الفهم ولكنه اسرع يهتف بعدها باستنكار
: بس دى مرات اخوك يا جدع وبنت عمك، انا مش فاهم انت ايه غول.

انقلب حال راغب الى النقيض تماما ينحنى الى الامام ناحيه نسيم مستندا بمرفقيه فوق ركبتيه وعينيه تشتعل بالوحشية يفح من بين اسنانه بغل جعل نسيم يتراجع الى الخلف بعيدا عنه برعب
: ماهى علشان مرات اخويا عملت كده، نفسى اشوف الذل فى عينه لما صور عروسة الهنا تغرق الدنيا بطلتها البهية، عاوز اشوفه هيرفع عينه فى الناس بعد كده ازى، هيكمل الجوازة بعدها ازى، نفسى اشوفه مكسور ادامى زى ما كسرنى ادام البيت كله.

شحب وجه نسيم ويقول بعدم تصديق وصوت مرتعش
: هو انت ناوى على...

راغب وهو يعود الى هدوئه وصفاء وجهه
: طبعا يا نسيم، عيب عليك دانت عشرة عمر ولحد دلوقت مش فاهم دماغى؟

عاود الامساك بهاتفه يقوم بفتح ملف تلك الصور مرة اخرى متأملا اياها قائلا بعدم اكتراث
: شوف انت بس الراجل بتاعنا فى بيت الصاوى وخليه يفتح عنيه ويبلغنا بالجديد اول باول.

لم يجيبه نسيم بل كان يتتطلع اليه بذهول وعدم تصديق فبرغم سنواتهم معا وقيامهم سويا بما لا يخطر على بال بشر من اشياء دنيئة الا انه بما سمعه الان وما ينتويه راغب تخطى اقصى افعالهم حقارة ودنائة.

جلست فوق الفراش بوجه شاحب وعينين تنظر الى الفراغ لاترى شيئ مما حولها واما عقلها فتوقف عن العمل تماما وقد محى كل شيئ به الا تلك الصورة الشنيعة وكانها طبعت داخله تأبى الاختفاء ابدا.

تشعر بيدها مكبلة بالاغلال لا تدرى كيف لها ان تتصرف فهى تعلم جيدا ان الامر لن ينتهى عند طلبه لارض وميراثها كله بل سيزداد الامر سوء مع كل طلب منه، تتسائل الان كيف لها ان تطلب من جلال ان يرجع لها الارض وهى قامت رفضتها نظيرا عدم زوجة من ابنة خاله كيف لها ان تخبره مرة اخرى انها مستعدة لتنازل عنه لتلك الحرباء فى مقابل عودة ارضها، ماذا سيقول عنها، انها تتلاعب به حسب اهوائها، لكن مالحل، ماذا تفعل، اتخبره بما يجرى معهاوبتهديدات راغب لها ولشقيقتها، ولكن كيف لها ان تقوم بتعريه شقيقتها حتى ولو امام زوجها، كيف لها ان تعلم ان ذلك الحقير لن يقوم بتنفيذ تهديده ونشر تلك الصور لو علم عن اخبارها لجلال شيئا، لو كانت تلك الصور لها ما ترددت لحظة فى اخبار جلال ولكنها لا تستطيع ذلك عندما يخص الامر شقيقتها، وايضا لا تستطيع التحمل والوقوف ساكنة وهى تلقى به بين احضان اخرى فى مقابل انقاذ شقيقتها، فهى بين امرين اهونهم سما قاتلا سيزهقها روحها معذبا اياها ببطء شديد.

اغمضت عينيها بألم تشعر بالفعل كانها روحها تخرج من جسدها تتباطئ ضربات قلبها واختناق الانفاس فى صدرها فاخذت تطوح بكفيها امام وجهها طلبا للهواء تحاول التنفس عدة مرات حتى استطاعت اخيرا تنظيم انفاسها لتنفس براحة لدقيقة واحدة فقط قبل ان يعاود هاتفها الرنين بنغمة الرسائل فيعاودها الهلع مرة اخرى وهى تلتقط الهاتف بيدى مرتعشة تفتح تلك الرسالة الجديدة تغيم الدنيا امام عينيها من هول ما رأت فامامها صورة اخرى لشقيقتها لكن دون ملابس تماما تلك المرة تنظر مباشرا لعدسة الكاميرا فتظهر كانها تعلم او تتعمد القيام بتصويرها.

سقط الهاتف من يدها ترفع عينيها الى السماء تتمنى لو تستطيع الصراخ باعلى صوت تشكو الى الله ما يجرى معهم فهو القادر على رفع هذا البلاء عنها وعن شقيقتها.

لا تعلم كم ظلت مكانها او كيف مر الوقت عليها وهى جالسة تتطلع الى الفراغ حتى سمعت صوت فتح الباب لتلتفت ببطء ناحيته تتوقع ان تكون حبيبة او حتى والدة زوجها ولكنها هبت واقفة فورا عندما رأته هو يقف مستندا على الحائط بجوار الباب وعينيه تضيق متفرسة فوق ملامحها بوجه قاسى حاد.

فشعرت بالخوف يزحف اليها من نظراته تلك تتسأل داخلها بقلق ان كان علم شيئ عن خروجها اليوم دون معرفته لكنها اسرعت بالتماسك وهى تلتقط هاتفها مرة اخرى بين يدها مرحبة به بارتباك وصوت مرتعش لكنه تجاهل تحيتها تلك يتحرك من مكانه يغلق الباب ببطء وهدوء ثم يتوجه بعدها الى الاريكة يجلس فوقها براحة وعينيه مازالت مسلطة فوقها للحظات صامتة جعلتها تتصبب عرقا حتى تحدث اخيرا بكلمتين فقط بصوت بارد برودة الثلج.

: تعالى هنا.

حاولت اطاعة كلماته لكن جسدها تجمد فورا تشعر بقدميها مسمرة فى الارض وهى تتطلع اليه بعيون مرتعبة زائغة لترتفع ابتسامة قاسية فوق شفتيه حين لاحظ حالتها قائلا بتعجب زائف
: مانتى طلعتى بتعرفى تخافى اهو، لا برافو عليكى بجد، قلت تعالى هنا.

هتف بها فى اخر حديثه لتهب فزعة تتردد فى التقدم اليه لا تطاوعها قدميها على التحرك لكنها سحبت جسدها بالقوة تتقدم منه خطوتين قائلةبصوت خرج بصعوبة و تلعثم
: انا، مااما، مقدرتش، كان لازم، اروح.

لم تهتز واجهة البرودة القسوة فوق وجهه وهو مازال ينظر اليها كانه ينتظر منها ان تكمل ما قلته كأنه لم يكن كافيا بالنسبة له فوقفت تنظر اليه وعينيها تتوسل اليه التفهم تضغط فوق شفتيها تحاول خنق غصات البكاء والتى اختارت هذا التوقيت لظهور الان.

تتسع عينيها متراجعة للخلف بخوف حين راته ينهض فجأة من مكانه متجها ناحيتها بخطوات سريعة يمسك بذراعها بقبضة قاسية يسحبها ناحيته يصرخ بها بغضب اعمى وعدم تصديق
: مقدرتيش تستنى وكان لازم تروحى؟!، طب مفكرتيش انه ممكن يكون فخ عمله ليكى الحيوان ده.

ضغط اكثر فوق ذراعها اصابعه تحفر عميقا فى لحمها وهو يجذبها اكثر اليه يصرخ بجنون
: طيب مفكرتيش فيا؟مفكرتيش ممكن كان يحصلى ايه لو كان حصلك حاجة او الحيوان ده عمل ليكى حاجة تانى.

تواجهت اعينهم هو بغضب لكن يتخفى خلفه خوف رأته الان فى نظراته لتتوسله عينيها ان يتفهمها لاتدرى ماذا تقول او تفعل حتى تمحو غضبه هذا ليقف هو يتطلع اليها يأسرها بعينيه قبل ان يفك اسر قبضته عن ذراعها يدفعها عنه قائلا بوجوم
: امشى من ادامى، ابعدى عنى الساعة دى.

اقتربت منه تضع كفها فوق صدره قائلة بتوسل ورجاء
: جلال انا...

قطعت حديثها تشهق بالم حين قبضت اصابعه فوق كفها المصاب من اثر سقوطها فى وقت سابق يهم بالصراخ عليها لكنه توقف فورا يتطلع اليها بقلق حين رأى الالم مرتسم فوق وجهها يرفع كفها امام عينيه لتوتر ملامحه حين وجد جروح كفها يسألها بصوت قلق
: ايه اللى عمل فى ايدك كده؟

ليله بصوت مرتعش تخفض عينيها بعيدا عنه
: وقعت، كنت بجرى ووقعت كذا مرة.

امسك بكفها الاخر ينظر اليه ليجد نفس الاصابات به فزفر بقوة يغمض عينيه محاولا الهدوء وهو يسألها
: اتعورتى فى حتة تانية غير ايدك.

هزت رأسها بالنفى دون تفكير وهى تنظر له بخوف ليكرر سؤاله ولكن تلك المرة بصوت اكثر حدة واصرار
لتسرع قائلة بتلعثم وخوف
: وركبتى كمان، بس هما مش بيوجعونى.

اقترب بوجهه منها سريعا يفح من بين اسنانه قائلا بغيظ
: ليله، اسكتى خالص كلامك بنرفزنى وبيخلينى نفسى اكسر اى حاجة دلوقت، فادعى ربنا انه متكنش الحاجة دى دماغك.

تراجعت بوجهها عنه تتطلع فى عينيه تحاول تبين صدق كلماته بهم لكنه هتف بها بحدة يشير ناحية الاريكة
: اقعدى عندك هنا متتحركيش لحد ما ارجع.

هزت رأسها له بالموافقة لينظر اليها زافرا بقوة يهز رأسه بقلة حيلة قبل ان يتحرك باتجاه الحمام يغيب داخله لدقائق ثم يعود يحمل فى يده عدة الاسعافات الاولية متوجها ناحيتها يجلس بجوارها فوق الاريكة قائلا بوجوم
: هاتى ايدك.

حاولت ليله ايقافه قائلة بخفوت
: انا ممكن اعملها، روح انت غير هدوم...

اغمض عينيه بنفاذ صبر قائلا بفحيح
: ليله، اسمعى الكلام وخلى الليلة دى تعدى على خير.

اسرعت بمد يدها له فورا دون دون النطق بحرف ليشرع فى تنظيف جروح يدها برقة ونعومة يحاول قدر الامكان الا يؤلمها حتى انتهى اخيرا ليقول بصوت جاف وهو يشير الى قدمه
: ارفعى رجلك هنا.

اتسعت عين ليله بصدمة وهى تهز رأسها رافضة بقوة.

ليوافقها بهمس وعينيه تجول فوق وجهها فتتنهد بارتياح زال سريعا حين وجدته يركع على ركبته امامها يجذب قدمها يضعها فوقها فحاولت جذب قدمها بعيدا تهتف باسمه باضطراب ليرفع وجهه اليها وفى عينيه تحذير صارم جعلها تستكين فورا تستسلم ليده وهى تقوم بعملها بسرعة وعملية يضعها ارضا بعد انتهائه ينهض واقفا فورا يتجه الى الحمام بخوات وجسد متوتر مشدود يغيب داخله بينما جلست هى مكانها للحظات صامتة حتى صدح صوت هاتفها ينبها بوصول رسالة اخرى فاخذت تفرك يديها معا بقوة ترتجف هلعا تعاودها جميع مخاوفها كطعنات قاتلة تنهض فى اتجاهه باقدام مرتعشة تلتقطه كأنه حية رقطاء ستهاجمها فى اى لحظة لكن يأتى صوت فتح باب والحمام وخروج جلال منه وقد ابدل ملابسه بملابس النوم كأنها النجدة لها فتلقى بالهاتف ثم تجرى عليه ترتمى فوق صدره تلف ذراعيها حول عنقه تحتضنه بقوة وهى ترتجف بشدة ليقف هو مكانه للحظات مذهولا مما فعلته يحاول الاستمرار فى غضبه منها لكنه لم يستطع طويلا وهى يراها فى حالتها تلك يجذبها هو الاخر الى احضانه يدسها بين اضلعه بحماية يهمس بصوت اجش ولكن حاول ان يبث فيه الشدة والصرامة يسألها قائلا.

: كده المفروض انسى انتى عملتى ايه ومزعلش منك مش كده.

لم تجيبه بل الصقت نفسها بيه اكثر تحاول ان تستمد الطمأنينة من صلابة وقوة جسده ليرتجف جسده استجابة لقربها هذا يناديها بصوت متحشرج من العاطفة حين دست وجهها فى عنقه تهمس بصوت ضعيف متوسل
: جلال متزعلش منى، علشان خاطرى، لو مهما حصل اوعى تزعل منى، لازم تعرف اى حاجة بعملها بتبقى غصب عنى ومش بقصد بيها ازعلك ابدا.

ابتسم بحنان يقترب من اذنيها قائلا بنعومة وصوت خافت
: انا مش زعلان منك اد ما كنت خايف عليكى ماتقدريش تتخيلى كنت حاسس بايه وعقلى بيصورلى ان ممكن الكلب ده يكون اذاكى او قدر يوصلك، اول ما كلمونى انك مش موجودة فى البيت.

احتضنها بقوة ينقلب حاله تماما حين اتى على ذكر ذلك الحيوان فتتعالى انفاسه بسرعة وحدة وجسده يصبح كالوتر المشدود بين ذراعيها مما جعلها دون ارادة منها تنسحب بعيدا عنه تضع يدها فوق صدره تمررها عليه بحنان تحاول اخراجه من تلك الحالة تعلم جيدا بانها المسئولة عنها كانت عاجزة امام عينيه وهى تلتقى بعينيها تائهة فى نظراته لها لكن ما فعله تاليا هو ما هز كيانها وبشدة حين امسك بكفها يرفعه الى شفتيه يقبل باطنه طويلا برقة ونعومة مغمضا العين قبل ان يفتحهم يأسرها داخلهم للحظات فتتنفس بصعوبة وهو يقترب منها ينحنى على شفتيها يهمس فوقهم بارتجاف.

: اوعى تعملى كده تانى، اوعى تخلينى فى يوم احس بالضعف ويكون سببه انتى...

اتسعت عينيها ذهولا مما قال تتنفس بصعوبة و باضطراب شديد حين رفع عينيه لعينيها بنظرات خطرة تنفذ الى اعماقها وقبل ان يمهلها فرصة لتفكير فيما يقصد كانت شفتيه تلتقط شفتيها تسرق الباقى من انفاسها تندفع المشاعر داخلها فتنسى كل شيئ وهى تنصهر بين ذراعيه تتلقى قبلاته تشعر بعودة الحياة اليها حين اخذت شفتيه تعمق قبلاته اكثر فوق شفتيها حتى صارت ملحة شغوف فوقفت فوق روؤس اصابعها فوق قدمه ترفع نفسها اليه تبادله اياها باخرى اكثر شغفا والحاحا حتى ابتعد عنها جلال فجأة ينهت بعنف وشعره تتبعثر خصلاته وجهه شديد الاحمرار قائلا بصوت خرج اجش مرتعش عينه تدور فوقها بلهفة فيرى بان حالتها لم تكن بافضل منه.

: لازم نتكلم الاول، لازم تعرفى حاجة مهمة اجلنا فيها الكلام كتير، قبل اى حاجة.

نظرت اليه بعيون زائعة تحاول التركيز هامسة بصوت مرتجف
: ايه هى؟ اتكلم انا سمعاك.

زفر جلال بقوة عدة مرات قائلا بعدها بجدية
: اميرة، الموضوع يخص اميرة وجوازى منها.

شحب وجهها ليله تتراجع عنه الى الخلف وهى تتطلع اليه بعيون مذهولة ليسرع جلال ناحيتها يفتح فمه موضحا لكنها اوقفت حركته حين مدت يدها ناحيته توقفه قائلة بصوت جاف وصارم عينيها تشع بالقسوة لتختفى تماما من كانت منذ قليل بين ذراعيه تظهر فى لحظة امام عينيه ليله جديدة حادة قاسية حين قالت
: مالها اميرة، انت قلت هتتجوزها وترجعلى ارضى بعدها غير كده مش عاوزة اسمع حاجة عنها.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
: انتى بتقولى ايه؟ انتى بتتكلمى جد.

ابتلعت ليله لعابها بصعوبة تحاول داخل عقلها البحث عن اجابة لسؤاله وقد وقف امامها بوجهه شاحب وعيون مذهولة ينظر اليها كما لوكانت مخلوق خرافى
ظهر له من عدم تعلم بأنها قد صدمته وناقضت نفسها وتصرفاتها بما قالته منذ قليل تشعر بالم قاتل يمزق قلبها اربا تاركا اياه ينزف بصمت لكنها اسرعت تتظاهر بالتماسك امامه ترسم على وجهها عدم الاهتمام وقائلة بصوت غير مبالى وهى تهز كتفها بأستخفاف.

: ومش هتكلم جد ليه؟ هو الكلام ده فيه هزار، انتوا قلتوا انك هتتجوزها وهترجعلى ارضى يبقى خلاص كده، هنتكلم عنها فى ايه بقى.

تحركت من امامه عدة خطوات تعطى له ظهرها فلم تعد تحتمل مواجهته ومواجهة عينيه ونظراته المحتقرة بهما تغمض عينيها تحاول منع دموعها والتى احرقت عينيها من التساقط وهى تسمعه يسألها بصوت بارد قاسى
: وكلامك عن انك عاوزنى انا ومش مهم الارض كان ايه بالظبط.

اخذت تحاول مقاومة غصة الدموع بجهد ساحق حتى استطاعت اخيرا النطق بصوت اسف مصطنع
: مش هنكر انى حاولت اقنع نفسى ان الارض مش مهمة عندى بس بصراحة مقدرتش، خصوصا لما اخدتوها منى بالطريقة دى، واظن من حقى انها ترجعلى، ومدام جوازك منها هو الطريقة الوحيدة لكده...

هزت كتفها بلا مبالاة تكمل بهدوء
: يبقى خلاص معنديش اى مانع المهم الارض ترجعلى.

وقفت بعد انتهاء كلماتها بأطراف مرتجفة باضطراب ورهبة فى انتظار اجابته او حتى عاصفة غضبه لكن ساد الصمت الشديد لفترة طويلة دون ردة فعل منه لتلفت ببطء فى اتجاهه حين طال انتظارها تتطلع اليه لتجده يقف مكانه بوجه متجمد بلا تعبير سوى نظرة عينيه المحتقرة متطلعا اليها هو الاخر للحظات طوال توقف بهم الزمان خلالهم قبل ان يتحدث برود شديد.

: تمام يا ليله، انتى صح، وزاى ما قلتى ده حقى وانا مش هقدر انكر حقك ابدا، يومين بالكتير وارضك هترجعلك.

انهى حديثه يتحرك ناحية الباب لتفيق ليله من وقع كلماته عليها تسأله بلهفة ودون تفكير يحركها قلقها وخوفها عليه وهى ترى يده فوق مقبض الباب
: استنى انت رايح فين؟

لم يلتفت اليها وهو يجيبها بصوت حاد وبارد
: ميخصكيش، اى حاجة بعد كده تخصنى ملكيش فيها ولا تسالى عنها، مفهوم.

لم يمهلها الفرصة للاجابة يفتح الباب بقوة مغادرا فورا غافلا عن تلك التى تقف فى الظلام تختفى خلف الحائط عند خروجه ثم تعاود الوقوف مكانها بعد مغادرته تتابع من شق الباب المفتوح ليله التى وقفت فى وسط الغرفة بجسد منهار وعيون مغشية بالدموع تهمس بالم وصوت مختنق بعبراتها
: سامحنى غصب عنى، الموت كان اهون عندى من انى اسلمك بايدى لوحدة تانى تاخدك منى، بس غصب عنى والله غصب عنى.

ما ان انتهت من كلماتها المريرة حتى تصاعد صوت الهاتف ينبهها بوصول رسالة اخرى لتصرخ بغضب وصوت منهار
: ارحمنى، ارحمنى بقى انت ايه معندكش رحمة، انا مبقتش مستحملة.

اخذت تبكى بشدة تسقط ارضا وهى تمسك بهاتفها ترى صورة اخرى لشقيقتها ومعها رسالة مقتضبة منه
: ردى عليا حالا، وميهمنيش مين جنبك.

تصاعد صوت هاتفها بالرنين لتسرع فى فتح الاتصال تشهق بدموعها وبصوت مختنق فيصل لها صوته البغيض قائلا بسخرية
: ايه ده!، اوعى تقوليلى بتعيطى ياليله والله ازعل اوووى علشانك.

اغمضت ليله عينيها تحاول التماسك قائلة بصوت ضعيف لكن يحمل بغض العالم به
: عاوز ايه دلوقت؟ مينفعش كل شوية تكلمنى هنا وتبعتلى فى الصور الزبالة دى، انت كده هتود...

قاطعها راغب بصوت حاد قاسى يصرخ بها
: ما تتكلميش معايا كده ولا تقوليلى اعمل ايه ومعملش ايه، انتى تنفذى اوامرى وبس فاهمة ولا تحبى ابعتلك صورة كمان تفوقك وتفهمك.

هبت فزعة من صراخه عليها تحاول ابتلاع لعابها بصعوبة هامسة بارهاق وتعب
: خلاص يا راغب انا اسفة والله، بس كفاية صور ابوس ايدك انا مبقتش مستحملة، ممكن تقولى عاوز ايه بسرعة قبل ما جلال يرجع فى اى لحظة.

دوت ضحكة راغب البغيضة فى الهاتف تصم اذنيها قائلا بعدها بتهكم
: اه جلال بيه، لا ليكى حق، خليه كده احسن بعيد عنا وعن اتفاقنا...

ليكمل هامسا بفحيح بعث الاشمئزار فى نفسها
: لاا بس برافو عليكى ليلتى الحلوة طلعتى شاطرة وبتخافى عليا اهو.

انفجرت ليله كالقنبلة الموقوتة تهتف به بقرف وتقزز
: اخاف عليك انت! انا لو اطول اعرفه واخليه هو اللى يتصرف معاك ويعرفك مقامك وسط الرجالة منكنتش هتردد ثانية، بس لاسف علشان انا غبية وخايفة من الفضايح عملت ليك سعر.

راغب وقد تحول صوته للقسوة والعنف يهتف بها
: جدعة وخليكى غبية كده على طول لحد ما اخد اللى عاوزه وابقى ارجعى ذكية من تانى.

ليكمل بصوت صارم حاد
: هااا هنفذ امتى، انا معنديش طول البال للعب والهبل ده.

اجابته ليله بخفوت وتردد
: ادينى مهلة اكون اقدرت ارجع الارض من جلال وساعتها هعرفك...

ارتجفت جسدها رعبا حين هب صوته كالاعصار يصرخ بها
: نعم يا ختى، ارض ايه اللى مع جلال، امتى كتبتهاله يابت انتى.

اسرعت ليله تحاول السيطرة على غضبه تهمس بسرعة وترجى
: حصل قبل ما الذاكرة ترجعلى، بس متقلقش هو هيرجعها هو وعدنى بكده اول ما يكتب كتابه على...

قاطعها راغب مرة اخرى بصوت ساخر وشامت
: لاااا استنى كده، هو شرط عليكى يتجوز غيرك علشان يرجعلك ارضك.

ثم دوت ضحكته الساخرة عبر اثير الهاتف تصل اليها كالاف الانياب الحادة لوحش ضارى تنهشها دون رحمة وهو يكمل بغل
: لاا مدام الموضوع كده يبقى نصبر لو حتى شهر، ده يوم السعد والهنا، مش كده يا ليلتى.

صرخت ليله هاتفة بهستريا والم
: بطل تقولى ليلتى دى، اياك اسمعها منك تانى.

راغب بصوت اجش شهوانى تتعالى انفاسه كالصدى لكلماته
: هتسمعيها منى تانى وتالت ورابع، انتى ليلتى، وهتفضلى كده طول العمر برضاكى ولا غصب عنك.

ارتجفت ليله رعبا تسأله بتوجس
: يعنى ايه، تقصد ايه بكلامك ده.

راغب بضحكة ساخرة متهكمة
: ولا حاجة يا بنت عمى، اهو كلام فارغ من اللى متعودة عليه منى، يلا سلام هبقى اكلمك بعدين.

فتحت فمها تحاول ايقافه لكن اتى صوت انقطاع المحادثة ليجعلها تغلقه مرة اخرى تتطلع الى الهاتف بعيون هلعة ترتجف اوصالها بشدة وقد جعلتها كلماته الاخيرة تترنح كشاة سيقت للذبح.

كانت تجلس شاردة بعيون دامعة وقلب مثقل بالحزن غارقة فى افكارها تتسأل عن مكانه وقد اختفى طيلة الليل والان وقد انتصف النهار مازال مختفيا تماما حتى الان حتى ات صوت الجدة يسألها بصوت خافت مرهق
: مالك يا حبيبتى؟ ليه وشك دبلان كده وحزين.

التفت اليها ليله تسرع فى ازاحة دموعها قائلة بصوت حاولت اظهاره طبيعيا
: ابدا يا جدتى، انا كويسة اهو ومش زعلانة ولا حاجة.

تنهدت الحاجة راجية قائلة بمعرفة
: لا زعلانة، هو انا مش عرفاكى، اكيد زعلانة علشان موضوع اختك.

اتسعت عين ليلة دهشة يظهر الارتباك فوق ملامحها لبتسم راجية وهى تؤما براسها لها ببطء قائلة
: سمعتك وانتى بتتكلمى مع اختك من شوية، بس ليه عوزاها تروح دار اهل امك علشان تعرفى تزوريها.

زاد اضطراب ليله تفرك كفيها معا بشدة لاتدرى كيف تجيبها وان ما سمعته لم تكن سوى محاولة لابعاد شقيقتها عن براثن هذا الذئب الى منزل خالهم متعللة بانها بذلك ستسطيع زيارتها ومساعدتها فى تحضيرات زفافها وبعد جهد مضنى ومحاولات اقناع كثيرة استطاعت اخيرا النجاح واما ما تبقى فعليها هى فقط بعد ان اطمئنت على خروج شقيقتها تماما من المنزل.

عقدت راجية حاجبيها بحيرة عندما طال صمتها وشرودها قبل تتسع عينيها فجأة بادراك لتهتف بعدها بعضب
: هو جلال منعك تروحى دار اهلك ولا ايه، لو كان عمل كده انا لما يجى ها...

اسرعت ليله تنحنى عليها تمسك بكفها تنفى هاتفة
: لااا خالص جلال ملهوش دعوة، انا اللى مش عاوزة اروح هناك.

راجية بحيرة
: ليه يا حبيبتى كده ايه اللى حصل، وبعدين اكيد نفسك تطمنى على امك كمان بعد تعبها وتشوفيها بعنيكى وتقعدى معاها يومين.

خفضت ليله وجهها تهمس بحزن
: نفسى اوووى اشوفها، بس انتى عارفة ان راغب ابن عمى رجع وقاعد فى الدار وطبعا مينفعش انى...

صمتت لا تدرى كيف تكمل حديثها لكن راجية هزت راسها بتفهم هامسة هى الاخرى
: عارفة ياحبيبتى، وعارفة ان الناس فى بلدنا كلامها كتير مابيسكتوش، بس ده ميمنعش تروحى تقعدى مع امك يومين خصوصا ان اختك زمانها مشغولة فى فرحها.

اسرعت تكمل بصوت متفائل قائلة بتأكيد وثقة
: بس ولا يهمك من حد، انا لما جلال يجى هكلمه وهو استحالة هيقول لا ابدا.

اشارت بكفها اليها حتى تقترب ليله اكثر منها وتنحنى فوقها لتمهس فى اذنيها كأنه سر خطير
: تعرفى انه جالى من كام يوم قعد معايا وطول القعدة كان بتكلم عنك انتى وبس.

رفعت ليله رأسها تنظر لها بذهول لتهز راجية رأسها بتأكيد تهتف بسعادة
: ايوه زاى مابقولك كده، قاعدنا ساعات يحكيلى عنك، وعن خوفه وقلقه عليكى علشان موضوع دماغك ده، وعن الارض وحكايتها، واه لو شفتى اللمعة فى عنيه طول ماهو كان بتكلم عنك.

ارتجف صوت ليله وهى تسألها بخفوت
: وايه اللى جاب سيرة الارض بينكم؟!

تنهدت راجية بحزن قائلة
: كان بيحاول يفهمنى ان الارض اللى معاكى مش مهمة وكفاية علينا اللى عندنا، وانه عاوز يبتدى صفحة جديدة معاكى من غير ما تكون الارض مشكل بينكم، كان بيحاول ميزعلنيش...

ابتسمت بحنان وعينيها تمتلئ بلمعة الحب قائلة
: العبيط ميعرفش انه يوم المنى عندى اشوفه متهنى وفداه ارض الصاوى كلها، يومها الدنيا مكنتش سيعاه لما طمنته انى مش هزعل ابدا لو الارض دى مرجعتش لينا خالص، وجرى بعدها علشان يجيبك من بيت اهلك.

لم تدرى ليله ماذا تقول او تفعل تقف مكانها بجسد مرتجف وقلب تتسارع دقاته بعنف حتى كاد ان يخرج من صدرها بينما عقلها ينعتها باقسى واغلظ الصفات لغبائها وتسرعها اما عينيها فى وجهها الشاحب فكانت متجمدة النظرات فوق راجية تتطلع اليها برعب وذهول تتمنى الصراخ حتى تهز ارجاء المكان لعلها تهدئ من وقع صدمة هذا الحديث عليها، علها تستطيع بصراخها هذا ان تمحو كل ما قامت مازالت تقوم به من غباء، ليت ويا ليت لو تستطيع فعل الكثير والكثير ولكن قد فات الاوان الرجوع.

انتبهت على صوت راجية القلق تخرجها من دوامة افكارها تسألها.

: ليله، مالك يا قلبى، وشك اتخطف تانى ليه.

اسرعت ليله تجيبها تحاول ابتلاغ غصة كادت ان تخقنها تضع يدها فوق جبهتها قائلة بارتجاف
: متقلقيش يا حبيبتى انا كويسة، دى شوية دوخة بسيطة.

هتفت راجية بها قائلة بحزم
: لاا، كويسة ايه؟انتى تطلعى ترتاحى دلوقت، وانا لو جه جلال هعرفه انك فوق بترتاحى علشان ميقلقش عليكى، يلا يا حبيبتى اطلعى انتى ارتاحى.

التوت فمها بمرارة حين اتت الجد على ذكر قلق جلال عليها لكنها هزت رأسها بالموافقة تتحرك مغادرة بخطوات بطيئة مثقلة تشعر كان فوق كتفيها اثقال وهموم العالم كله ولا امل لها بازاحتها ابدا.

اسدل الليل ستائره وهى مازالت تجلس مكانها تبكى بصوت مكتوم تحاول مرارا فرض سيطرتها على دموعها تلك خوفا من عودته المحتملة الان لكنها كانت تزداد هطولا كلما حاولت ايقافها لتظل على حالتها هذه لايتغير شيئ فلا هى كفت عن البكاء ولا هو حضر الى الغرفة مرة اخرى ليرهقها كثرة بكائها تسقط نائمة مكانها لفترة لا تعلم مدتها حتى هبت شاهقة بفزع على صوت الخزانة تغلق بعنف فتفتح عينيها المرهقة بصعوبة تتجه بعينيها ناحيتها تراه يتقدم متجها ناحية الحمام بعد ان القى بعدة قطع من الملابس الرسمية فوق الفراش لتسرع بالاعتدال فى مقعدها تسأله بصوت اجش متوتر.

: انت خارج تانى يا جلال، تحب...

لم تتلقى اجابة منه سوى صفع الباب ب ان قام بغلقه خلفه بعنف جعلها تصمت عن باقى حديثها تغمض عينيها بشدة وهى تنتفض مكانها من عنف الصوت لكنها ظلت تجلس مكانها طوال فترة غيابه فى الحمام تحاول تبث الهدوء والثقة فى نفسها يمر عليها الوقت بطيئا قاتلا حتى خرج اخيرا يلف خصره بمنشفة وبيده اخرى يجفف بها شعره متجها ناحية الفراش لتزفر بقوة تنهض من مكانها تناديه بخفوت لكنه لم يعيرها اهتماما لتهتف بصوت عالى نسبيا.

: جلال عاوزة اتكلم معاك.

مد يده ناحية ملابسه قائلا ببرود دون ان يلتفت لها
: وانا مش عاوز اتكلم مع حد.

اسرعت خطواتها تتجه ناحيته تمسك بذراعه تحاول لفه باتجاهها تهتف بعصبية
: على الاقل بصلى وانت بتتكلم معايا، من حقى انك تس...

وقف فى مواجهتها عينيه تتطلع اليها تطلق الشرار ناحيتها وهو يقترب من وجهها يسألها بسخرية
: حقك؟! حق ايه اللى بتتكلمى عنه، ومين اداكى الحق ده؟

تركت اصابعها ذراعه تتراجع بعيدا عنه خطوة خلف قائلة باضطراب
: انا بس كنت عاوز اقولك انى اتكلمت مع الجدة النهاردة.

ارتسمت ابتسامة ساخرة فوق شفتيه يعاود الالتفاف ناحية ملابسه يتناولها قائلا بتهكم
: اه قلتيلى، عرفت انها اتكلمت معاكى بس ده مهم فى ايه علشان نتكلم عنه.

هتفت سريعا تتقدم منه تلك الخطوة مرة اخرى برجاء
: لا مهم، ومهم جدا كمان.

رمى ملابسه فوق الفراش يلتفت لها بوجه قاسى ونظرات باردة جمدتها مكانها وهو يفح من بين انفاسه
: تفتكرى كده؟

هزت راسها له بالايجاب بتردد ليظل يتطلع اليها للحظات مرت كدهر عليها قبل ان يتحرك ناحية خزانته بخطوات متصلبة يفتح احدى ادراجها ويجذب من داخله ورقة كانت مخبئة باحكام اسفل اغراضه ثم يعود اليها تحت انظارها المهتمة يطوح بتلك الورقة امامها وجهها يلقى بها عليه قائلا بغضب جنونى
: طيب ياترى دى بقى هيكون تأثرها ايه عليكى؟، عاوز اعرف يا ليله؟

امسكت بالورقة ترفعها ببطء وتوجس امام عينيها تمرر نظراتها فوق الكلمات بها تتسع بذهول وصدمة من هول ما قراته بها ترفع عينيها المغشية بالدموع تحاول التحدث فتخرج حروفها متلعثمة مصدومة
: ده، ده عقد، بيع، للارض، باسمى، بتاريخ...

قاطعها جلال بحدة يهتف
: بالظبط كده، بتاريخ قديم، من تانى يوم اميرة جات هنا.

ليله وهى تتطلع بذهول للعقد تسأله بحيرة وذهول
: طيب، والشرط، وجوزك منها.

ارتفعت ضحكة جلال فى ارجاء الغرفة شرسة عنيفة قائلا بعدها
: زيهم زى المؤامرة اللى مكنتش غير فى دماغك انتى بس، مرة جلال الشرير سرق ارضى، ومرة جلال الخاين هيتجوز عليا علشان يرجعلى ارضى مش كده يا ليله، بس دلوقتى خلاص بعد ما ما مسكتى العقد جلال بقى طيب لما رجعلى ارضى، ننسى بقى اللى فات ونعيش فى تبات ونبات مش كده يا ليله.

اسرعت تهز رأسها بالنفى تنكر كلماته رغم علمها انه معه كل الحق فى ظنونه عنها تقرر فورا ان تخبره بما قالته والدته وما حدث بعدها لكنه لم يملها الفرصة يندفع ناحيتها يمسك بذراعها يجذبها نحوه بعنف لتأن الما لكنه لم يبالى يهتف بها بشراسة
: المفروض بعد كده كل حاجة ترجع حلوة جميلة، بعد ما ليله رضيت عن جلال...

لم تردى بما تجيبه او بماذا تخبره حتى تهدئ من ثورته فلم تجد امامها سوى ان تتحمل قسوة ذراعه من حولها تقترب بجسدها منه ترفعه يدها الى وجنته تتلمسها بنعومة عينيها تترقرق بالدموع هى تسأله دون كلام ان يملها فرصة للشرح والتوضيح لكنه لم يهتز بل ازدادت عينيه وحشية وشراسة يفسر تلك النظرات منها على انها محاولة لاخضاعه لها يفح من بين انفاسه هامسا كما لو كان يحدث نفسه قبل ان يكون يحدثها هى.

: وزى كل مرة، هضعف قصادك، ويحن قلبى ليكى وانسى كل الل حصل واتقال، بس لا يا ليله لا، المرة دى لاا.

دون ان يملها فرصة حتى لاستعاب حديثه انقض على شفتيها يقبلها بعنف وشراسة كانه يثبت لنفسه انها لم تنجح فيما تسعى اليه يبادر هو باخذ ما تعرضه عليه لكن دون ضعف منه تلك المرة تزداد قبلته لها قسوة حتى كاد ان يدميها كاتما شهقة الم منها وهو يتجه بها ناحية الفراش يلقى بها فوقه بعنف ثم وقف مكانه بجسد متشنج وعينيه تمر فوقها بغضب اعمى يرجف القلوب لكنها لم تتراجع بل ظلت مكانها تستلقى فوق الفراش وشعرها تنناثر خصلاته مشعثة حول وجهها تتطلع اليه بثبات برغم خوفها ورهبتها مما تراه منه لاول مرة تعلم علم اليقين انه لن يقوم بأذائها ابدا.

لكن يقينها هذا لم يمنع تلك الرجفة من السريان بجسدها يتوتر كل عصب بها وهى تراه يصعد الى الفراش يحيط جسدها بساقيه ثم ينحنى عليها يقبض على كفيها بيد واحدة بقسوة وعنف جعلها تصرخ بشدة لكنه كتم تلك الصرخة داخل شفتيه يقبلها مرارا قبلات متتالية بقسوة تارة وبرقة تارة اخرى ثم يعاود الكرة مرة اخرى كانه فى صراعه مع نفسه يستمر هذا الصراع فى كل لمساته لها رغم محاولتها اخراجه من حالته هذه بلمساتها وهمساتها الناعمة له تتحمل تقلباته مرحبة بها لعلها تكون تنفيسا عن ما بداخله من غضب واحباط اتجاهها.

لكنه حين انتهى لقائهم دفن وجهه داخل حنايا عنفها بتنفس بسرعة لترفع اناملها تدفنها فى مؤخرة عنقه تلامس خصلات شعره المتعرقة بلمسات ناعمة مهدئة حتى هدئت انفاسه المتسارعة تماما فتجمد جسده بين ذراعيها يبتعد عنها فورا كما لو لدغه عقربا الى طرف الفراش يعطيها ظهره بعد ان القى فوقها بالغطاء يطالبها باضطراب بتغطية جسدها يهمس لها بعد عدة لحظات صامتة بصوت مرهق اجش.

: ليله، انا مابقتش قادر اتحمل الوضع ده، مش قادر اتحمل ابقى دايما الاختيار التانى عندك، قلة ثقتنا ببعض هتفضل دايما حاجز بينا، انتى هتفضلى حاطة ظروف جوازنا ادام عنيكى دايما، وانا مش هقدر انسى كلامك واستعدادك تخسرينى فى كل مرة اتحطيت في فيها انا والارض فى كفة واحدة.

كانت اثناء حديثه تهز رأسها بالنفى تنكر كل ما قاله تتحرك فى الفراش تحاول الاقتراب منه تلملم الغطاء حول جسدها المرتجف تهمس بتلعثم ورجاء
: لااا، جلال ارجوك حاول تسمعنى.

هب واقفا حين شعر باقترابها منه يختطف ملابسه يرتديها سريعا وهو يهتف بصوت متحشرج رافض
: سمعت وشوفت كتير يا ليله، كفاية اووى لحد كده، طريقى وطريقك افترقوا لحد هنا، خلاص مابقتش قادر اكمل.

عند انتهاء اخر حروف كلماته كان قد انهى وضع ملابسه فوق جسده يسرع فى اتجاه الباب بخطوات متصلبة يغادر الغرفة فورا واضعا بينه وبينها حاجز قاسى فولاذى غير بابها بينهم لتنهار فوق الفراش تبكى بحرقة والم نادمة على انها اضاعته بسبب كبريائها وتهورها.

كان يدور فى ارجاء غرفة مكتبه كنمر حبيس يشد بعنف فوق خصلات شعره يحاسب نفسه بقسوة على ما فعله معها يصرخ بكل ما يعتمر فى نفسه من حنق وغضب موجها اليه للحظة الضعف تلك ينهر نفسه لما فعله بها، وكيف استطاع ان يكون عنيفا غير مراعى بتلك الطريقة معها، نعم هى لم تمانع او تقوم برفضه او مقاومته لكنه يدرك جيدا ان لم يترك لها المجال لفعل شيئ حتى ولو القيام بمقاومة واهية تتحمل تقلباته تلك بصدر رحب جعله يشعر بمدى حقارته معها، فقد كان كلما زادت افعاله عنفا عليها يجبره قلبه رغما عنه ان يعود لرقته معها ليوسوس له شيطانه بان هذا ما تريده، تريده ضعيفا رقيقا معها حتى تشعر بسلطانها عليه ليعود من جديد قاسيا عنيفا غير مبالى بألمها حتى عاد الى وعيه وما فعله بها ليحتقر نفسه بشدة لا يقوى حتى على النظر فى عينيها.

لقد اخبرها من قبل انها تستمر فى اظهار اسوء مافيه، نعم فامامها ينسى دائما كل ما تقوم به من اخطاء حتى عندما وافقت لاول مرة على زواجه باخرى، نسى واوجد لها العذر حتى انه اسرع الى اميرة ليلتها ليجرى معها اتفاقا لم يكن الغرض منه ايلامها ابدا بل تنبيها بخطر وخطأ ماقامت به ليعود بعدها وعند اول لمحة من الندم منها الى ضعفه امامها ينسى كل ما حدث ويقرر البدء بصفحة جديدة معها ما كاد ان يخبرها بلعبته تلك حتى طعنته فى مقتل حين اسرعت وللمرة الثانية بالتنازل عنه مقابل عودة تلك الارض اللعينة لها.

شعر بحسده كتلة من النيران حين تذكر كلماتها القاسية غير المبالية يومها ترتجف اقدامه بشدة تتباطأ انفاسه فتميد الغرفة به ليسرع باتجاه الاريكة يستلقى عليها فورا حتى يستطيع العودة لتماسكه ولكن تأتى الطرقات فوق باب الغرفة ثم تدلف صاحبتها الى داخل دون انتظار اذنه والتى لم تكن سوى والدته التى وقفت تتطلع ناحيته بتوتر شديد ووجهه شاحب قبل ان تقول باضطراب
: جلال، لازم اتكلم معاك فى حاجة مهمة حالا.

اجابها جلال دون ان يتحرك من مكانه بصوت مرهق جاف
: مش دلوقت يا امى معلش سبينى لوحدى انا تعبان مش قادر اتكلم مع حد.

قدرية وهى تتقدم الى داخل الغرفة هاتفة بقوة
: مينفعش الكلام اللى جاى اقوله انه يتأجل ولازم تسمعه حالا ودلوقت.

زفر جلال بقوة هاتفا هو الاخر بها بقسوة
: قلت مش عاوز اتكلم مع حد، ايه مش من...

لم تمهله قدرية الفرصة حتى يكمل حديثه هاتفة باصرار وحدة دون لحظة تردد واحدة
: ليله بتخونك مع ابن عمها وماسك عليها صور وبلاوى سودا.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
انت ساكت و بتصبلى كده ليه يا جلال؟!، مش مصدقنى؟ طب والله يابنى...
صمتت عن اكمال كلماتهاحين وجدته ينهض من مكانه متجها اليها بخطوتت بطيئة هادئة لكن ما جعلها تصمت هى تلك النظرة الشرسة بعينيه فترجف اوصالها لكن سرعان ما اختفت سريعا فتعود عينيه لصفائها وهو ييقول بصوت رصين اذهلها
: لااا، انا ساكت علشان اسمعك وانتى بتخوضى فى شرف ابنك ومراته يا حاجة قدرية.

ضغط على حروف كلماته الاخيرة ليشحب وجه قدرية تصلها رسالته لكنها لم تسلتم تسرع هاتفة برجاء وتوسل
: يابنى صدقنى انا سمعتهم بودانى دى، وهو بيقولها عن صور وحاجات تانية مسكها عليها، وعاوز الارض قصاد انه ميفضحهاش.

ساد الصمت التام يشع معه التوتر وبقوة فى ارجاء الغرفة وقدرية تقف فى انتظار ردة فعله بعد ما قالته ولكنه استمر على صمته وقد اعطى لها ظهره ليظهر لها كرفض منه على حديثها لتصرخ بذهول واستنكار
: برضه مش عاوز تصدقنى، دانا حلفتلك.

لتكمل بغيظ وغضب هى تتلفت براسها يمينا ويسارا
: انا مش عارفة البت دى سحرالك ولا عملالك ايه علشان تسكت على حاجة زاى دى.

: بس كفاية، مش عاوز اسمع كلمة تانية بعد كده.

ارتجفت قدرية تهب فزعا حين التفت لها جلال صرخا بها بعنف وقسوة يوقفها عن كلامها المسموم وقد انتهت قدرته على التظاهر بالهدوء وقد انفجر بركان الغضب بداخله مبعثرا حممه بكلمات خرجت منه شرسة قاسية يكمل حديثه وقد اصبح وجهه فى واجهة وجهها تماما
: كفاية لحد كده، وبلاش تخلينى انسى فى مرة انك امى واتصرف تصرف هيخسرك ويخسرنى كتير.

تراجعت قدرية للخلف يجمد الخوف اطرافها وقد رأت بعينيه ما لم تراه ابدا بهم وقد اختفى تماما جلال ولدها المعروف بحنانه و عطفه ليقف امامها الان شخصا اخر اصبحت تخافه وتهاب غضبه المستعير بعينيه وهو يتطلع اليها الان وكانت تلك اللعوب هى المسئولة عن تحوله هذا لذا حاولت كسبه مرة اخرى لها تتحول ملامحها الى الانكسار والمذلة قائلة بألم وذهول.

: كده يا جلال بقى بتيجى عليا كل مرة علشان خاطر مراتك، و بتقولى انا الكلام ده، وكل ده ليه علشان خايفة عليك ومش عوزاك تكون عايش على عماك معاها.

صرخ جلال واضع اصابعه فى خصلات شعره يشدها مزمجرا بغضب وقد انتهت قدرته على الصبر لتسرع قدرية تحاول تهدئته قائلة باستعطاف
: خلاص ياجلال، خلاص انا خارجة، ومش هفتح بوقى تانى فى الموضوع ده.

انتهت كلماتها تسرع باتجاه الباب خارجة منه بخطوان متعثرة كانها تفر بعيدا عنه وعن غضبه المستعير بينما وقف هو مكانه بجسد متصلب وانفاس متعالية تمر عليه الدقائق يقف كما هو لا تتحرك عضلة واحدة بجسده اما عقله فقد كان يدور فى دائرة من الافكار الشرسة العنيفة تتركز حول شخصا واحد فقط اصبح هدفا لها.

: ماتهدى بقى يا عمتى اللى حصل حصل وخلاص.

قالتها اميرة وهى تحاول تهدئة قدرية واخراجها من حالة القلق والهلع التى انتابتها منذ ان علمت بخروج جلال ومعه بعض من رجاله لكن جاءت نتيجتها عكسية حين توقفت قدرية عن الحركة تلتفت لها صارخة
: بتقولى ايه انتى، انتى مش عارفة حاجة اسكتى خالص.

زفرت اميرة بحنق صارخة هى الاخرى بحنق
: مانتى برضه اللى عملتيه كان غلط يا عمتى وهو انا كنت بقولك علشان تجرى تقولى لجلال.

قدرية بغيط وهو تمنع نفسها عن خنقها بصعوبة
: اومال كنت عاوزانى اعمل ايه يا عين عمتك.

هزت اميرة كتفها قائلة بجدية ومع بعض اللؤم
: تروحى لليله نفسها...

هزت رأسها بالايجاب حين رأت ملامح قدرية الدهشة تكمل بتأكيد وحزم
: ايوه ليله نفسها يا عمتى، لو كانت عرفت انك كشفتى سترها وانها بقيت تحت رحمتك، كنتى هتقدرى بعدها تخليها زاى خاتم فى صباعك، تحكمى وتتحكمى فيها ولا تقدر تقولك تلت التلاتة كام.

وقفت قدرية تمام عن الحركة تضيق عينيها بتفكير كانها تزن كلماتها داخل عقلها للحظة ثم سرعان ما تحولت ملامحها للسرور كانه اعجبها ما قلته اميرة تهمس باعجاب ولهفة
: برافو عليكى يابت يا اميرة، كانت رايحة عن دماغى الحكاية دى فين، واحنا لسه فيها حالا هروح لبنت ال، دى اجيبها من شعرها.

وبالفعل تحرك من مكانها تهرول باتجاه الباب لتلحقها اميرة بسرعة توقفها عن الحركة قائلة بحدة
: رايحة فين دلوقت ماخلاص مابقاش ينفع.

قدرية بحيرة وتجهم
: ليه بقى مانتى لسه قايلة...

قاطعتها اميرة تهتف بها وهى تجذبها لداخل الغرفة مرة اخرى
: افهمى يا عمتى الكلام ده قبل ما جلال يعرف، كنا ساعتها نقدر نسويها على الجانبين انما دلوقت احنا هنستنى نشوف جلال هيعمل ايه؟

عقدت حاجبيها بشدة تشتعل عينيها بالقسوة تكمل بغل
: ياما نفسى اشوفها مذلولة ومطرودة من هنا زاى الكلاب وبفضيحة كمان.

قدرية وقد انتقلت اليها عدوى الحقد والكره الساكن بقلب اميرة قائلة وقد نسيت تمام ان من تتحدث عنها تكون زوجة لولدها
: اااه يا اميرة لو ده يحصل، دانا كنت يومها ارقص من فرحتى، بس عندك حق احنا نستنى نشوف جلال ناوى على ايه، وبعدها...

ارتفعت فورا ابتسامة خبيثة فوق محياها تكمل عنها الباقى من جملتها ولا تترك مجالا للشك عما نوت عليه.

داخل احدى المخازن المخصصة لتخزين المحاصيل المظلمة نسبيا وقد احاط العديد من الرجال بجلال الذى وقف يتوسطهم يتطلع الى راغب بلا مبالاة شديدة ووجه خالى من التعبير جعلت من الاخير يهتف بعصبية وتوتر
: بقى بتتشطر عليا برجالتك يابن الصاوى وجايبنى هنا تتمنظر عليا ادمهم.

لم يعيره جلال اهتماما بل اشار برأسه الى الرجال اشارة ذات مغزى لينفض الجمع من حولهم فورا يغادر الجميع ليخلو المكان الا من جلال وراغب فقط لتتوتر ملامح راغب اكثر يظهر الهلع بعينه وهو يراقب مغادرتهم قبل ان يلتفت الى جلال فيراه يقوم بخلع سترته يلقى بها ارضا ثم يحل ازرار معصمى قميصه مشمرا عن ساعديه ليهتف راغب جزعا يتلعثم فى كلماته وهو يتراجع الى الخلف خوفا.

: اسمع يابن الصاوى، مفيش حاجة من اللى حكتلك عليها ليله حصلت، كل الحكاية انى كنت، كنت عاوز ارجع ارضنا واظن، ده من حقنا.

جحظت عينيه بشدة حين قبض جلال على حلقه يجذبه بعنف نحوه فترتجف فرائصه حين تلاقت اعينهم يرى داخل عين جلال مليئة التوحش والقسوة وهو يفح من بين انفاسه
: وحقك دى هتاخد زاى بقى يابن المغربى؟، بتهدد ليله بأيه علشان توصلله.

توتر راغب عينيه تدور بارتباك بعيدا عن عيني جلال وقد اردك انه لا يعلم شيئا عما يدور بينه وبين ليله يبحث داخل عقله عن مخرج لمأذقه لكن لم يمهله جلال الوقت يعاجله بضربة قوية بين اضلعه جعلته يصرخ عاليا بألم ومع استمرار ضربات جلال له حتى انقطعت انفاسه تماما يتراخى جسده من شدة الالالمه لكن اسرع جلال برفع مرة اخرى بقسوة هاتفا بصوت مخيف
: هااا تتكلم ولا نكمل كده لحد ما تنطق انا فاضيلك.

ادرك راغب انه امام من لا يرحم يقف بين يدى وحش والة صممت للضرب ولا يمكن ايقافه الا بعد ان تنال ما يريد لذا اسرع يقول بصوت مترجى ضعيف
: هقول على كل حاجة بس قبل ما انطق كلمة انا عاوز منك الامان.

كانت اجابة جلال عليه لكمة اخرى قاسية فى معدته اطاحت بجسده ليسقط ارضا على ظهره صارخا بألم
يجلس بعدها جلال على عقيبيه امامه مستندا بمرفقه على ركبته قائلا بصوت صارم ووجه شرس
: ملكش عندى امان، واللى عاوز اعرفه منك هعرفه براضك ولا غصب عنك، واظن اننا جربنا موضوع برضاك ده، يبقى نشوف بقى هتتكلم غصب عنك ازاى.

تراجع جسد راغب راحفا بهلع وهو يهز راسه بالرفض حين رأى جلال ينهض واقفا مرة اخرى يسرع قائلا بارتعاب وهلع
: خلاااص، خلاص هتكلم والله هتكلم بس ابوس ايدك كفاية لحد كده.

وقف جلال ينظر اليه للحظة مرت على راغب كالدهر حتى جذب جلال مقعدا من احدى الاركان يضع امام جسده راغب الملقى ارضا ثم يجلس فوقه يضع قدما فوق اخرى عاقدا لساعديه فوق صدره قائلا بصوت بارد برودة الجليد تجمدت له الدماء فى عروق راغب
: اتكلم، عاوز اعرف كل كلمة وحرف اتقالت بينك وبينها، عاوز الحكاية من اولها لحد اخرها واياك تخفى حاجة عنى.

اخذت تجوب ارجاء الغرفة بخطوات متوترة قلقة تفرك كفيها معا بعصبية شديدة عقلها يدور معها فى دوائر مغلقة بحثا معها عن حل تستطيع به اصلاح ما قامت به من اخطاء لا تغتفر لا تجد امامها حلا سوى اخباره حقيقة مايحدث معها من تهديدات راغب لها ومحاولاته بطرقه القذرة لاخذ الارض منها.

زفرت بقوة انفاسها تخرج حارقة من داخل صدرها قبل ان تهمس باحباط وتردد
: الظاهر مفيش ادامى غير الحل ده، انا هقوله وهو اكيد هيسامحنى ويقدر انا ليه خبيت عليه.

ظلت تنظر عودته بلهفة وامل تعد الدقائق حتى سارت ساعتين ولم يظهر بعد حتى فقدت الامل فى عودته لها مرة اخرى ولما يفعلها قد اخبرها ان قد قرر ان ينهى ما بينهم فلما يعود هنا ثانيا.

جلست فوق الفراش تشعر بغصة البكاء فى حلقها تخنقها بشدة تترقرق عيونها بالدموع لكنها رفضت الاستسلام لها تحاول بث الامل بداخلها تنهر نفسها الا تستسلم لليأس حتى تعالى صوت هاتفها بالرنين لتخطفها بلهفة ظنا منها انه اتصالا منه لكنها اسرعت تلقيه مرة اخرى باحباط وغضب بعد ان انهت الاتصال بصغطة زر هاتفة
: مش نقصاك انا دلوقت خالص، ابعد عنى بقى.

لكن لم يستمر الصمت طويلا يتعالى الرنين مرة اخرى تغمض عينيها بألم فتتساقط دموعها فى وجنتها تشعر بتثاقل الاحمال والهموم فوقها حتى كادت ان تزهق روحها والهاتف يتعال رنينه تشعر بها كانها ضربات عنيفة قاسية فوق راسها فاسرعت بوضع كفيها فوق اذنيها تتأرجح يمينا ويسارا فى محاولة لايقاف تلك الضربات غافلة تماما عن الباب الغرفة الذى فتح يقف امام عتبته جلال مستندا فوق اطاره يراقبها بوجه حاد قاسى وعينه جامدة هاتفا بعد حين ببرودة شديدة.

: ردى على تليفونك يا ليله.

توقفت عن الحركة يتجمد جسدها وهى تفتح عينيها بذهول تطير نظراتها اليه تراه يتقدم بخطوات بطيئة الى داخل وعينيه فوق هاتفها الملقى فوق الفراش ومازال رنينه يتعال لتختطفه تضمه الى صدرها تنهض واقفة تنهى الاتصال خفية قائلة بعدها بصوت متلعثم مرتبك
: مش، مهم، هو، اسا، سا، قفل.

توقف جلال على بعدة خطوات منها يسألها بصوت لم تستطع تحديد نبراته
: وياترى مين اللى بتصل بيكى بالاحاح ده مش عاززة تردى عليه.

ازداد ارتباك ليله اكثر تضم الهاتف اكثر الى صدرها تحاول البحث عن اجابة لكن توقف عقلها عن العمل تماما لتقول دون تفكير بصوت حاولت اظهاره لا مبالى
: دى شروق، بترن عليا علشان، علشان عوزانى اروح اجهز معها لترتبات الفرح، وانا بحاول اهرب منها.

التوت معدتها خوفا وقلقا وهى ترى شفتيه تلتوى بابتسامة ساخرة لكن ما بعث وخزات مؤلمة الى قلبها تلك النظرة التى التمعت عينيه بها وهو يتطلع اليها فهى خليط مابين خيبة الامل والغضب قبل ان يخرج هاتفا من داخل جيب سترته يضغط زر الاتصال به دون ان تفارق عينيه عينيها المرتبكة وانفاسها المتسارعة يتعالى رنين هاتفها مرة اخرى لترتجف يدها الحاملة له حتى كادت ان تسقطه وهو يقول لها بصوت شديد الهدوء طالبا منها الاجابة على الهاتف لكنها لم تستجب بل وقفت بجسد متجمد لاا تتحرك عضلة واحدة بها ليحدثها مرة اخرى ولكن تلك المرة بصوت امر خشنا قاسى صارخا.

: قلت ردى على تليفونك ياليله.

هبت فزعا ترتعش بعنف حتى كادت ان تسقط الهاتف من يدها لكنها اسرعت باحكام قبضتها حولها ترفعه ببطء فترى عينيها هوية المتصل لتتسع عينيها ذهولا ورعب تعود بنظرات الى الهاتف الموجود بيد جلال تشاهد ينهى الاتصال به ليتوقف هاتفها عن الرنين هو الاخر فلم تشعر سوى ويدها تلقى بالهاتف ارضا بعنف وقد ادركت اخيرا هوية صاحب الهاتف بين يدى جلال لتنسحب الدماء من وجهها فور تتركه شاحبا بشدة تترنح بقوة هى تحاول البحث عن كلمات تستطيع بها فهم ما يحدث ليخرج صوتها مهزور اجش قائلة.

: ازاى، ازاى، التليفون ده وصل ليك ازاى.

صرخ جلال بها بحدة لا يشعر بذرة من الشفقة على حالها المتمثل امامه
: ده كل اللى همك، وصل لايدى ازاى، خايفة من ايه خايفة اشوف صور اختك وافضحها زى ما عقلك صورلك.

اسرعت تهز رأسها ترفض حديثه كله بهستريا ودموعها تتسابق للهطول فوق وجنتها لكنه كان غافلا عنها يعطى لها ظهر ويضع يده بين خصلات شعره قائلا بعدم تصديق وذهول
: معقولة، رضيتى انك الكلب ده يلعب بيكى وبسمعة اختك ولا انى اعرف، كنتى فاكرة ايه انى هذلك بيهم، همسكهم ورقة ضغط عليكى، لدرجة دى انا صورتك وحش اووى كده فى عنيكى.

اسرعت تتحرك باتجاهه تهتف بصوت باكى مرتجف
: جلال، انا.

لم تكمل بل دوى صوت صرختها المذهولة اكثر منها متألمة حين نزلت صفعته فوق وجنتها بصوت مدوى يوقفها عن الكلام يصرخ بها بغضب اعمى عينه لاترى شيئا من ملامحها االذاهلة ولا كفها الموضوع فوق وجنتها فوق اثر اصابعه قائلا
: اسكتى خالص، انا مبقتش طايق صوتك ولا انى حتى اشوف وشك ادامى، انتى لعنة وحطت عليا، علشان تخرج اسوء مافيا، لعنة مش لاقى ليها خلاص، غير انى...

ارتجفت خوفا من صوته ونظرات عينيه اكثر مما اخافتها صفعته منذ قليل وهى تراه وقد ضاقت نظراته عينيه وهو ينظر لها هامسا بصوت قاسى وبعنف مكبوت به
: بس لا، كفاية لحد كده، ادامك نص ساعة تلمى هدومك فيها واى حاجة ليكى فى الاوضة دى، وهاخد بيت اهلك، مبقاش ليكى جوايا اللى يخلينى اتحمل كل ده.

ثم تحرك يتركها مغادرا يعبر الباب بخطوات سريعة حاسمة لتنهار ارضا بعنف بعيون ذاهلة جفت دموعها تشعر بانهيار عالمها فلم تتصور فى اقسى تصوراتها ان تكون ردة فعله على ما حدث بتلك القسوة مفسرا تصرفها على انه سوء ظنا منها به لم تتخيل هذا ابدا ولم تضع له حسبانا.

شعرت بحركة عن باب الغرفة لترفع رأسها فورا فتجد والدة زوجها تصحبها تلك الافعى وعلى وجههم ابتسامة ساخرة تنطق ملامحهم بالشماتة تقول قدرية بسخرية واستهزاء
: انتى لسه قاعدة عندك قومى بسرعة اعملى الل قالك عليه، اصل يجى يجرك يطلعك بره وساعتها ولا تلحقى تطولى حاجة.

تشدقت اميرة بكلماتها تميل بخصرها الى الجانب تضع احدى يديها فوقه قائلا بأسف مصطنع
: براحة عليها يا عمتى مش كده، كفاية اللى هى فيه برضه.

هنا وانتهت قدرة ليله على التظاهر بالصمود تنهض واقفة على قدميها تصرخ بها بحدة وعنف
: بره اطلعى بره انتى وهى، مش عاوزة اشوف واحدة فيكم هنا.

تحركت قدرية تندفع الى الداخل وعلى وجهها امارات الغضب والشراسة تصرخ بها
: انتى اتجننتى يابت انتى، بتطردينى من بيتى، دانا هطلع روحك فى ايدى النهاردة.

اسرعت اميرة تمسك بها بصعوبة تحول بينها وبين ليله والتى وقفت ثابتة ووجه متجمد قائلة بلهفة ورجاء
: خلاص يا عمتى، مش وقته، جلال تحت ومش عاوزينه يطلع دلوقت.

التفت اليها قدرية تنظر لها بحدة لتغمز اميرة خفية لها فتتراجع حدة قدرية ويتراخى جسدها تتطاوع يدى اميرة متراجعة الى الخلف وهى مازالت تتطلع الى ليله بغضب وقسوة حتى خرجوا نهائيا من الغرفة لتسرع ليله الى غلق بابها بسرعة تستند بجسدها اليه وتشعر بدوار شديد يلفها لكنها حاولت مقاومته تحاول التحرك لكنه اخذ بالتزايد حتى غامت الغرفة بها تلفها تلك الداومة السوداء تجذبها داخلها على حين غافلة لتسقط ارضا بدوى قوى.

شعرت بجسدها خفيف يحمل برقة فى الهواءقبل ان يستقر فوق تلك الغيمة الدافئة تقاوم وبشدة محاولات عقلها للعودة الى الواقع فهى سعيدة حيث هى لاتريد العودة مطلقا ليستجيب عقلها لتوسلاتها مستسلما هو الاخر لتظل فى حالة اللاوعى حتى هب منها حين وصلت اليها تلك الرائحة النفاذة يعقبها الما
شديد فى ذراعها وصوت غير معروف لها يتحدث بهدوء قائلا
: متقلقش يا جلال بيه كلها دقايق وهتفوق على طول.

وصل لها صوت جلال قلق مرتعب جعلها ترغب فى النهوض وطمئنته عليها وهو يسأله
: يعنى ده ملهوش دعوة بلى حصلها قبل كده، اصل هى، اتعرضت لضغط جامد وانا خايف...

ابتسم الطبيب له بهدوء مقدرا حالة القلق التى عليها قائلا بصوت عملى
: ده بقى مقدرش احدده غير لما تفوق وان شاء الله متكنش انتكاسة والامور تعدى على خير.

كانت ليله تستمع الى حديثها بحيرة تتسأل بحيرة عما يتحدثوا حتى سطع ضوء المعرفة داخل عقلها تعلم بانهم يتحدثوا عن حادث سقوطها من فوق الدرج ما اتبعه بعد ذلك لتقرر انه قد حان وقت النهوض تهمس شفتيها دون وعى منها تناديه برقة.

ماان وصل همسها الرقيق مناديا له حتى هرع اليها تاركا الطيب يجلس فوق الفراش بجوارها ينحنى فوق جبهتها يقبلها بلهفة قائلا بصوت مرتعش
: ليله، حمدلله على سلامتك يا قلب جلال.

لم ينتبه لاميرة وهى تنحنى لاوية شفتيها تهمس بسخرية حاقدة فى اذن قدرية الواقفة تتابع ما يحدث بوجوم وعيون تشتعل غلا
: الحقى ابنك، ده يبقولها قلب جلال، هو ده اللى كان عاوز يمشيها، بلا نيلة علينا وعلى حظنا.

لم تجيبها قدرية بل وقفت تتابع ما يحدث عينيها مستقرة فوق المشهد المتمثل امامها وهى ترى ليله تفتح عينيها ببطء شديد تتطلع الى جلال بحنان تضع كفها الرقيق فوق وجنته تتلمس لحيته برقة تسأله بحيرة
: انا جيت هنا ازاى، وجيت امتى اخدتنى من عند بيت اهلى، وهو انا نمت ولا ايه.

تكهرب الجو تتعالى شهقات الذهول من جميع الحضور يتطلعون الى بعضهم بدهشة وحيرة حتى جلال وقد جلس مكانه بجمود ينظر اليها بعيون ذاهلة قبل ان يسألها بعدم تأكيد
: انتى اخر حاجة فكراها ايه ياليله.

حاولت النهوض لكن اتت حركت يده فوق كتفها توقفها عن الحركة لتطاوعه قائلة بصوت عادى النبرات هادىء
: انى كنت مع شروق فى اوضتنا بنجهز حاجة جهازها علشان فرحها كمان كام شهر.

اغمض جلال عينيه بقوة ضاغطا فوق اسنانه وقد علم بانهم عادوا الى نقطة الصفر من جديد.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
دفعت باب غرفتها بعنف تدلف من خلاله هى تصرخ بحنق وغيظ
: هتشل، البت دى هتجبلى الشلل كل ما اقول خلاص خلصت منها، تطلعلى زاى عفريت العلبة ونعيده من اول وجديد.

اميرة وهى تسكب المزيد من الوقود فوق نيران قدرية هاتفة بحقد لكن لا يخلو من السخرية
: ولا ابنك اللى قاعد جنبها من ساعة ما الدكتور مشى يهنن ويطبطب ولا كانها عيلة الصغيرة.

رفعت قدرية كفها فوق رأسها كمن اصابتها صاعقة تولول
: ااااه يانى يا مرارى، مش هخلص منها بنت صالحة فى سنتى، بس لاااا والله ما يحصل وكله لازم يمشى بمزاجى وعلى كيفى.

نطقت جملتها الاخيرة وعينيها تنطق بالعزم والاصرار ولكن اميرة طوحت بيدها فى الهواء استخفافا بكلامى قائلة
: عمتى بلاش كلام انتى مش اده ولا هيحصل، ابنك واقع فى هوا البت دى ولو الدنيا اطربقت مفيش حد هيبعدها عنه، واسمعى منى انا.

التفتت اليه تهتف بغيظ
: بت انتى لتتكلمى بحاجة عدلها لتسكتى خالص انا مش نقصاكى، وبعدين تعالى هنا.

ضغطت فو اسنانها حنقا تكمل بصوت حاد
: انتى ازاى متقوليش ليا انا اختها هى اللى مقصودة بالصور دى، دانا حلفت لجلال ان سمعتهم بودنى.

اقتربت اميرة منها ببطء قائلة بخبث ودهاء
: وهو انا كنت اعرف انك هتجرى تقولى لابنك انا قلت هتلاعبى البت وترعبيها بلى عرفتيه، بس يا خسارة.

لوت شفتيها من جانب الى اخر باستهزاء جعل قدرية تشعر بمدى حمقها لتهتف سريعا تحاول اصلاح ما قامت به
: احنا فيها ادينا بس تطول موبيل المخفى راغب ده واكيد هنلاقى عليه كل الصور دى.

اقتربت منها اميرة تهتف بتحذير
: عمتى ابعدى خالص عن الموضوع ده، احنا لحد دلوقت مش عارفين جلال عمل ايه ولا وصل لتليفون ابن عمها ده ازاى، فابوس ايدك احنا مش حمل ابنك وعمايله، خلينا نلعب فى المضمون احسن.

وقفت قدرية صامتة توازن كلمات اميرة داخل عقلها فتلقى استحسانا منهاقبل ان تضيق، عينيها بتفكير تتسأل
: والمضمون ده ايه ده ايه بقى، تقصدى الارض وحكايتها.

توترت ملامح اميرة مبتعدة تعطى لها ظهرها قائلة بارتباك وتوتر
: هاااا، لا ارض ايه وبتاع ايه مش وقتها خالص.

زفرت قدرية بقوة قائلة بحنق
: ده لا، وده لااا، اومال هنعمل معاها ايه يام العريف.

التمعت عين اميرة تلتفت لها قائلة ببطء وابتسامة خبيثة
: ولا حاجة، بس ده ميمنعش اننا نتسلى شويا ونشتغلها فى الازرق، يعنى هنسويها على الجانبين وكله بالادب ومن غير ما يتمسك علينا غلطة.

قدرية وبتفكير قلق
: طب وده ازاى بقى؟

اميرة قائلة باستمتاع
: هقولك ياعمتى، هقولك.

استقلت فوق الفراش بصبر تتظاهر بالنوم لفترة طويلة قبل ان تنهض تميل بجانبها تناديه بصوت رقيق هامس وحين لم تتلقى سوى الصمت منه اجابة نهضت عن الفراش تتحرك بخفة على اطراف اصابعها حتى الاريكة تتطلع عليه لتجده يستلقى على جانبه يغط فى نوم عميق فبعد ان قضى الوقت فى اطعامها واعطائها الادوية التى وصفها لها الطبيب كانت خلاله تطعيه كطفلة صغيرة لا تجرؤ على الاعتراض رغم علمها بعدم حاجتها لها وحين ان وقت النوم وجدته يسحب احدى الوسادات ومعها غطاء متجها الى الاريكة استعداد للنوم فوقها لا يعير محاولاتها لاعتراض بالا يتعلل بحاجتها الى النوم والراحة دون ازعاج منه لتستسلم اخيرا وهى تنظر الى تحركاته بخيبة امل واحباط تعلم جيدا انه لم يغفر لها بعد ما قامت به رغم مرضها.

لذا استلقت بصمت حتى اصبح الوقت مناسبا لما قررته فتقترب اكثر منه بتروى وبطء تمسك بذراعه ترفعه بهدوء شديد ثم تستلقى فوق الاريكة بجواره ثم تضع ذراعه مرة اخرى ولكن هذة المرة فوق خصرها تتوسد ذراعه الاخر تبتسم بسعادة وهى تغمض عينيها براحة تستمتع بدفء احضانه وقربها منه.

اتسعت عينيها بذعر حين وجدته يزيد من ضمها اليه يلصق ظهرها اكثر به دافنا وجهه فى عنقها مستنشقا بعمق هامسا بأسمها فتخشب جسدها انتظار للحظة استيقاظه ونهرها على فعلتها لكن ساد الصمت وجسده يعاود الاسترخاء من جديد فتدرك ان قد عاد الى النوم ثانيا فتبتسم فرحة وهى تغمض عينيها براحة واستمتاع تسقط فى النوم هى الاخرى سريعا.

استيقظت على صوته يناديها باعتراض حاد لكنها لم تبالى تفتح عينيها ببطء لتجد انها مازالت تتوسد ذراعه ولكن وجهها هذه المرة مدفون بعنقه وجسدها يلتف حول جسده تتشبث به بقوة لا تدرى كيف ومتى تغيرت وضعية نومهم لكنها لا تهتم فيكفيها انها تشعر شعورا رائعا لا تريده ان ينتهى ابدا لذا ضمت نفسها اكثر اليه تهمهم باستمتاع لكن يأتى صوت تنفسه الحاد وهو يسألها بصوت اجش خشن
: ليله انتى صاحية مش كده؟

هزت رأسها بالنفى تتوقف انفاسها وهو تشعر به ينهض عن الاريكة حاملا جسدها بين ذراعيه يتحرك بها لترفع ذراعيها تلفهم حول عنقه تفرك انفها به لتتوقف خطواته هادر بقوة ينهرها
: ليله، وبعدين معاكى...

تحرك مرة اخرى ولكن بخطوات سريعة متوترة يخط بحسدها فوق الفراش ثم يتراجع الى الخلف محاولا الابتعاد ولكنها لم تسمح له بذلك تتشبث به وهى تجذب عنقه ناحيتها حتى اصبحا وجها لوجه تحدق بعينه قائلة بلهفة
: جلال رايح فين؟!خليك معايا علشان خاطرى.

لم تتغير ملامح وجهه وهو مازال يحدق بها ترى بقايا غضبه منها مازالت تلتمع بعينيه لكنها شعرت بتملله قليلا قبل ان تلين ملامح وجهه كانه تذكر حالتها قائلا بصوت رقيق
: معلش، بس انا لازم اجهز وانزل حالا، وانتى كملى نوم وابقى انزلى براحتك.

فكت حصارها عن عنقه تحنى رأسها بحزن واسف تهزه بالموافقة وقد انسدلت خصلات شعرها تخفى عنه ملامحها فشعر بالحيرة والتردد وهو يرى حالها هذا امامه تطلب قربه ويضن به عليها ولكن ماذا يفعل فمازال يشعر بغضبه منها يشعل صدره فلا تنسيه حالة الصغف هذه منها ما فعلته لكنه يجد قلقه وخوفه عليها يتسللا خفية وببطء يزيحا عن طريقهم اى مشاعر اخرى وهو يراها بهذا الحزن امامه ليزفر بقوة واحباط مستسلما قائلا بصوت خافت.

: طيب ايه رايك، انزل انا وتبقى تحصلينى براحتك ونفطر سوا.

رفعت وجهها تشع ملامحه بالفرحة والسعادة تهتف بلهفة
: وانا اللى احضره لينا، ايه رايك.

كاد ان يهتف بالرفض ولكن توقف حين رأى نظرة الرجاء بعينيها ليهز راسه بالموافقة مبتسما لها ثم يتحرك باتجاه الحمام وفورسماعها صوت اغلاق بابه خلفه حتى ارتمت فوق الفراش تصرخ بانتصار لكنها اسرعت بوضع كفها فورا فوق فمها تكتمها حتى لا تصل الى مسامعه تشعر بانها على اولى خطوات النجاح ولن يوقفها شيئ عن هدفها ابدا.

نزلت الدرج بهدوء بعد ساعة من نزله امضت نصفها فى التحدث الى شقيقتها ثم وقفت اسفله تتطلع حولها حتى وجدت تلك الحية المدعوة بأميرة تنزل من فوق الدرج تبتسم لها ابتسامة صفراء مثلها وهى تقترب منها لتهم بالتحرك مبتعدة عنها تتجاهلها لكن توقفت خطواتها تنهر نفسها قائلة بهمس
: ركزى يا ليله انتى مش فاكرة حاجة ولا فاكرة مين الحية دى، كده هتضيعى كل حاجة.

فهى لم تتظاهر ليله امس فقدانها الذاكرة حين تقفز تلك الفكرة حين استمعت لحديثه مع الطبيب تراه فرصة واتت لها على طبقا من فضة لتستطيع اصلاح كل ما فعلته واقترفته بحقه حتى تضيعها الان بسبب هفوة سببها غبائها لذا وقفت مكانها تبتسم ابتسامة بلهاء وهى ترى توقف اميرة بجوارها ومازالت تلك الابتسامة فوق شفتيها قائلة
: صباح الخير، اكيد انتى مش فكرانى، انا اميرة بنت خال جلال.

اغتصبت ليله ابتسامة تمد يدها بالسلام قائلة بترحاب مزيفة
: اهلا يا حبيبتى ازيك، اعذورينى انى مش قادرة افتكرك.

اميرة بخبث وابتسامة مغتصبة هى الاخرى
: لااا ولا يهمك بكرة هتفتكرينى كويس.

شعرت ليله بقدرتها على تحمل تلك الحية اوشكت على النفاذة لذا اسرعت تتحرك ناحية المطبخ قائلة
: طيب عن اذنك هروح احضر الفطار.

اميرة وهى تشير لها قائلة
: اتفضلى ياحبيبتى مش عاوزة اعطلك، بس عاوزة اعرفك انى بحب الشاى سكر زيادة والبيض ياريت ميكنش مستوى اووى.

توقفت ليله تسألها بملامح وجه مبهمة
: نعم، تقصدى ايه مش فاهمة.

اميرة تتظاهر بالبراءة قائلة
: مش انتى قلتى هتحضرى الفطار، حبيت اعرفك انا بحب فطارى ازاى.

ثم اشارت لها بيدها مودعة تتحرك مبتعدة عنها بخطوات بطيئة تترك خلفها ليله تضغط فوق اسنانها غيظا تهمس من بينهم
: داهية تاخدك وتاخد تقل دمك...

همت بالتحرك باتجاه المطبخ لكن فجأة التمعت عينيها بشدة بفكرة مجنونة فتغير اتجاهها تتحرك ناحية غرفة مكتب جلال وقد قررت تنفيذ فكرتها المجنونة تلك فى كل الاحوال.

وقفت امام غرفة مكتبه تتنفس بعمق استعداد لما هى مقدمة عليه ثم دقت بابها بهدوء ليأتيها صوته العميق مجيبا أذنا لها بالدخول لتفتح الباب تدلف الى الداخل ببطء فيرفع جلال وجها خالى من التعبير ولكن حين رأى هى من دخل عليه حتى ارتفع عن مقعده بقلق وهو يرى ملامح الحزن على وجهها يسألها وهو يتقدم منها بلهفة
: مالك يا ليلة، زعلانة ليه، فى حاجة حص...

وضعت سبابتها فوق شفتيه توقفه عن الحديث تهمس برقة لا تخلو من الحزن
: متقلقش انا كويسة، بس، بس.

ابتلع جلال لعابه بصعوبةقائلا بصوت مرتجف ومازالت سبابتها فوق شفتيه
: بس ايه؟! اتكلمى قلقتينى.

تحركت يدها من فوق شفتيه تتخذ طريقها ببطء فوق بشرته تتعال مع حركتها انفاسه بصخب حتى توقفت فوق ازرار قميصه العلوية لتتلاعب بها وهى تتطلع لها قائلة بهمس اسف
: اصل دخلت اعمل لينا الفطار حسيت انى دوخت ومقدرتش اكمل.

زفر جلال بقوة وهو يغمض عينيه فلم تعلم اهى زفرة راحة او تأثرا بها لكن لم تدم حيرتها طويلا حين همس بنبرة اجشة كانه يتألم من قربها
: خلاص مش مهم يا ليله، خلى نجية تحضره.

اقتربت خطوة اخرى منه حتى التصقت به تضع راسها فوق كتفه ومازالت اناملها تتلاعب بقميصه قائلة برجاء وتدلل
: طيب ليه، ممكن انا وانت نحضره، ومتقلقش لسه محدش صحى فى البيت.

هتف جلال بصوت عالى مستنكرا
: انتى بتقولى ايه، فطار ايه اللى عوزانى احضره.

رفعت رأسها عن كتفها وقد ارتجف جسدها خوفا من ردة فعله وقد ادركت انها تمادت بطلبها هذا منه فتنقبض معدتها حين رأت وجهه بملامحه المستنكرة ونظرة الغضب بعينيه فتتراجع الى الخلف قائلة بضعف وصوت مختنق
: اسفة، انا بس كنت عاوزة نعمل انا وانت حاجة سوا بس الظاهر...

لم تكمل بل التفتت تنوى المغادرة وسريعا قبل ان تخونها دموع الخيبة لكن اتت قبضته الممسكة بمعصمها توقفها عن الحركة وهو يلفها اليه مرة اخرى ببطء وهو يقول بانفاس ثقيلة ونبرة منخفضة
: خلاص متزعليش، وتعالى وامرى لله نحضر الفطار سوا.

رفعت وجهها اليه بفرحةوعينيها تلتمع بشدة ودون ان تمهله او تمهل نفسها لحظة تفكير رفعت نفسها على اطراف اصابعها تقبل وجنته ثم تحيط عنقه بذراعيها تحضتنه بقوة تبلغه دون كلمات بمدى شكرها وسعادتها بما قال بينما وقف هو بتجمد للحظة يحاول السيطرة على ضعفه اتجاهها لكن لم يقدر على مقاومتها كثيرا يرفع يده الى رأسها مداعبا خصلات شعرها وقد انزاح وشاحها بعيدا عنها يبتسم بحنان يتهاتف قلبه بدقاته لها للحظة قبل ان يستعيد سيطرته على حاله سريعا يبعدها عنه بوجهه يتظاهر بثابته قائلا بصوت حازم لكن لا يخلو من الرقة.

: يلا بينا قبل ما اللى فى البيت يصحوا، وساعتها لو حصل ايه مش داخل المطبخ ده ابدا.

وقف مكانه يستند بظهره على قطعة المطبخ يراقب تحركها المحموم فى ارجاء المطبخ تصنع هذا وتضع ذاك يجد ان لا حاجة لها لوجوده فهو لم يتحرك من مكانه منذ لحظة دخولهم المطبخ لكنه لم يقاوم متعة مراقبتها وهى تتحرك هنا وهناك كفراشة صغيرة سعيدة يستمتع بثرثرتها كانها انغام موسيقى عذبة تمتع اذانه يسأل نفسه متى اختفى حنقه وغضبه منها واين ذهبت ثورته عليها ليلة امس لدرجة اوصلته لصفعها فيكره نفسه بسبب فعلته تلك اين ذهب قراره بابعادها عنه والى الابد، هل اختفى كل شيئ لمجرد عودتها اليه كصفحة بيضاء لا تتذكر كل ماحدث بينهم من سوء ظن و اتهامات فرحا بعودة ليله السعيدة الخالية من الهموم اليه فيتجاهل كل ما سبق ويعود هو الاخر جلال العاشق لها ولكل تفاصيلها لا يتستطيع حتى لو التظاهر بالقسوة والجمود معها، هل حقا اصبحت حالته ميؤسا منها لتلك الدرجة.

انتبه من افكاره على صوتها القلق يناديه فيرفع عينيه اليها بتساؤل لتسرع قائلة بلهفة
: جلال روحت فين، انا عمالة انادى عليك علشان الاكل جهز.

ابتسم بضعف لها يمسك يدها وهو يتحرك معها لطاولة الطعام يجلسها ويجلس بعدها يشرع بتناول الطعام ولكن توقف متفاجئا حين وجد قطعة من الطعام يمدها يدها امام فمه تطعمه اياها وهى تبتسم له برقة فلم يدرك سوى وفمه يفتح بطاعة لها يتناولها من بين اناملها لينار وجهها بالفرحة تسرع فى اعداد قطعة اخرى تناوله اياها ثم تتبعها باخرى حتى اوقف اناملها الممتدة بقطعة اخرى اماما فمه يهمس لها.

: كفاية، كلنى انتى، انتى مأكلتيش حاجة.

لم تستسلم بل ظلت تمد اناملها له وهو تبتسم قائلة
: متقلقش انا باكل.

اطاعها هذه المرة ايضا لكنه اسرع يوقف حركتها حين وجد انها تستعد لاعداد قطعة اخرى له قائلا باعتراض
: كفاية كده، انا خلاص شبعت.

ضمت شفتيها اسفا تتوقف حركت اناملها باحباط لم يحتمله هو ليشرع فورا فى اعداد قطعة من الطعام يقربها الى فمها هامسا برقة
: انتى بقى اللى لازم تاكلى، علشان تاخدى علاجك.

التمعت عينيها بسعادة وغبطة وهى تفتح فمها له برقه تتناول من بين يده الطعام فتلامس انامله نعونة شفتيها لتنفجر الالاف من نجوم امام عينيه يكاد يفلت انين من المتعة من بين شفتيه لكن تماسك بصعوبة يستمر فى القيام بما يفعله تتعالى مع كل لمسة منه لشفتيها نيران جسده وعينيه تتابع كل حركة من فمها بشغف ولهفة فلا يشعر بنفسه وهو يميل ناحيتها مقتربا بوجهه منها ببطء كأن لجسده ارادة منفصلة تماما عنه تحركها هى حتى امتزجت انفاسه المشتعلة بانفاسها المتعالية وقد توقفت تماما عن الحركة فى انتظار خطوته القادمة بشوق الهب قلبها، لكن تأتى نعيق بصوت اميرة من ناحية الباب وهى تدلف الى الداخل قائلة.

: ايه ده انتوا جهزتوا الفطار، وفطرتوا كمان.

اغلق جلال عينيه ضاغطا فوق اسنانه بغيظ وهو يبتعد عن ليله يغمغم بكلمات غير واضحة لكنها كانت مفهومة لها جعلت من ابتسامة مرحة تقفز لشفتيها لكنها حاولت اخفائها عن عينيه وهى تراه مازال يسب لاعنا بحنق وغضب لكنه لم يوقف اميرة.

تقترب من الطاولة وهى تتصنع الابتسام لكن كانت عينيها تطلق شرارت الحقد والغل ناحيتهم تهم بالجلوس لكن تأتى كلمات جلال كدلو مياه مثلجة سقط فوقها تسمرها مكانها قائلا ببرود شديد
: الفطار ده ليا انا وليله، عاوزة اعملى لنفسك فطار.

توترت اميرة قائلة بارتبارك وحرج
: مش مهم خلاص، هستنى عمتى وحبيبة لما يصحوا.

تحركت ناحية الباب مرة اخرى لكنها رمت بنظرة حانقة ناحية ليله لتفاجىء بليله تبادلها النظرة ولكن بابتسامة ساخرة كانها تذكرها بحديثهم السابق لتسرع فى المغادرة بخطوات سريعةتختفى خلف الباب تقف فى الخفاء تسترق السمع لهم كعادتها لتشتعل نيرانها اكثر واكثر تكاد تتفحم اعضائها غيظا وهى تسمع ليله وهى تنهض من مكانها قائلة بخفوت
: هقوم اعمل الشاى...

اسرعت يدى جلال توقفها يجلسها مرة اخرى ينهض هو قائلا بهدوء
: لا خليكى انتى هعمله انا، كفاية عليكى انك عملتى الفطار.

فتحت فمها بذهول وهى تراه يتحرك بنشاط تنفيذا لكلامه فاخذت تراقب تحركاته بدهشة سرعان ما تحولت لنظرات عشق وهيام وابتسامة سعيدة بلهاء تزين ثغرها.

يا بنتى ربنا يهديكى بقى ابعدى نفسك عن جلال ومراته، انتى مالك ومالها.

نطقت زاهية بتلك الكلمات برجاء وهى جالسة تراقب سلمى والتى وقفت تجوب ارض غرفتها ذهابا وايابا انارات التفكير العميق على وجهها تكمل بحنق
: انتى مالك عاوزة افهم ان كانت بتمثل ولا لا هى حرة معه، ابعدى انتى وبس عنهم.

توقفت سلمى تلتفت لها قائلة بحزم
: ازاى يا ماما مالى، ده كان خلاص همشيها ويطلقها وفجأة كده وقعت من طولها وقامت مش فاكرة حاجة، دى اكيد بتمثل علشان ميطلقهاش.

نهضت زاهية تقترب منها بسرعة تهتف بها بحزم هى الاخرى
: ارجع واقولك واحنا مالنا، انتى ناسية ان فتحتك على ابنك خالك اخر الاسبوع، يعنى خلاص جلال مش ليكى ولا عمره هيبقى ليكى، لازم تفهمى حتى ولو طلقها فهو برضه مش نصيبك ولا نسيتى الحرباية امه وبنت اخوها.

شحب وجه سلمى بشدة عند تذكرها لزوجة عمها وحساباتها التى اخرجتها منها بطرفة عين دون لحظة تردد واحدة لكنها تماسكت سريعا هامسة بامل
: جلال استحالة هيفكر فيها بعد ما مرات عمى فرضتها عليه، مش جلال اللى يعمل حاجة غصب عنه.

تنهدت زاهية باحباط قائلة برجاء تحاول بث العقلانية فى حديثها
: اعقلى يا سلمى يا بنتى وابعدى نفسك عن الموضوع ده وكفيانا اللى حصل بسببه، ابوكى لو عرف اللى فى دماغك ده قليل لو ما قتلك فيها.

لكن سلمى وقفت كالصنم لا تعير حديثها ادنى اهتمام تصم اذانها عن اى حديث اخر سوى ما يخبرها به عقلها تبحث عن طريقة تستطيع بها اثبات صحة تفكيرها امام الجميع وخاصا امام جلال.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
كانت تقف داخل المطبخ تدندن احدى الالحان بصوت سعيد وهو تتمايل برشاقة مع انغامه وهو تعد قهوته بنفسها بعد ان طلب من نجية اعدادها له لكنها رفضت رافضا قاطعا ان يعدها احد اخر غيرها بينما وقفت نجية تتابعها بأبتسامة حانية وهى تلاحظ حالتها السعيدة قائلة بعد حين
: اللى يشوفك دلوقت ميشفكيش من كام يوم يا ست ليله وانتى كنتى بتعملى القهوة لسى جلال برضه.

التفتت اليها ليله مبتسمة بفرحة ثم تعاود الاهتمام بالقهوة دون ان تعلق على حديثها تدرك مقصدها تتذكر هذا اليوم وحالتها الغاضبة وقتها من افعال تلك الافعى المسماة باميرة ولكن يأتى صوت سلمى من ناحية الباب مقاطعا افكارها تهتف بسخرية
: غريبة يا ليلة يعنى مسألتيش نجية تقصد ايه ولا بتتكلم عن ايه يعنى، مش انتى مش فاكرة حاجة برضه.

زفرت ليله بحنق لكنها لم تعيرها اهتماما تكمل عملها بهدوء ليحتقن وجه سلمى غيظا وهى تشير الى نجية
بالخروج والتى هرولت سريعا ناحية الباب لكن اوقفتها سلمى تهمس لها بحنق جعل من وجهها شاحبا
: عارفة لو روحتى تنادى لحد، محدش هيحوشك من ايدى بعدها.

اومأت نجية برأسها ثم هرولت مغادرة لتقف سلمى مستندة فوق اطار الباب تتابع حركة لليله للحظةثم تقدمت بخطوات بطيئة حتى اصبحت خلفها تماما تقترب منها ثم تميل على اذنها تفح داخلهم بغل
: لو عرفتى تضحكى على الدنيا بحالها مس هتعرفى تضحكى عليا انا، فاكرة لما تعملى نفسك مش فاكرة حاجة جلال مش هيطلقك ولا يتحوز عليكى، يبقى بتحلمى يا ليلة.

ابتسمت ليلة بخبث وقد اتى لها ثأرها من تلك الصفراء على طبق من فضة تسرع فى رسم امارات الهلع والصدمة فوق ملامحها وهى تلتفت الى سلمى هاتفة بفزع
: انتى بتقولى ايه يا سلمى، جلال عاوز يطلقنى انا ويتجوز عليا.

اضطربت سلمى ينعقد لسانها وتتسع عيونها ذهولا تصدق لوهلة ما تراه امامها من صدمة وهلع ليله لكنها تماسكت سريعا صارخة بها بغيظ
: بت انتى شغل التمثيل ده مش عليا انا، متخلنيش اوريكى وشى تانى.

وقفت ليله تنظر اليها بعيون متسعة ببراءة وملامح حزينة قائلة بعتب
: بقى كده يا سلمى، بس انا مش، هسكت، انا لازم اروح لجلال واسأله على كلامك ده.

وبلمح البصر كانت تترك ما بيدها تهرع مسرعة ناحية الباب مغادرة دون ان تمهل سلمى الفرصة اوحتى النطق بحرف توقفها به تنظر فى اثرها بصدمة وهى تهمس بذعر
: يا وقعتك السودا ياسلمى، يا وقعتك السودا...

توقف مكانها بجسد مجمد وعيون متسعة ذعرا تردد كلماتها كاحدى التسجيلات التالفة تعلم انها هالكة لا محالة بعد ما فعلته.

كان يجلس مع عمه وولده فواز داخل قاعة الاستقبال الصغرى تدور بينهم مناقشات متفرقة فى انتظار قهوته قبل ان يذهب ان يذهب كل منهم الى اعماله ولكنه هب فزعا قاطعا حديثهم حين وجدته تقتحم عليهم المكان شاهقة بالبكاء تهرع اليه ترمى فوق صدره تختصنه ويديها تتشبث بقميصه من الهلف بقوة ليتصلب جسده وقلبه يرتجف رعبا وهو يراها على تلك الحالة من الانهيار يهتف بها بقلق ولهفة.

: مالك يا ليله، فى ايه ياقلبى، حصل ايه ردى عليا.

زاد تشبثها به يزداد معه بكائها وهو تقول بصوت مختنق شاهقة من بين نحيبها
: انت صحيح عاوز تطلقنى، وهتتجوز واحدة تانية غيرى.

ضغط جلال بقوة فوق اسنانه يسب من بينهم بصوت خافت محتقن ليسرع صبرى مقتربا منهم محاولا التهدئة قائلا بتروى وهدوء
: اهدى يابنتى كده، اهدى بس وفهمينا مين اللى قالك الكلام الفارغ ده.

لم تجيبه ليله بل اخذت تبكى بشدة ليمرر جلال يده على ظهرها برفق من اعلى الى اسفل يهمس لها برقة
: طيل اهدى ياليله علشان خاطرى، وفهمينى مين قالك كده.

ارتجف جسدها بين ذراعيه لا تدرى كيف تخرج من مأذقها هذا فهى حين نوت فعلتها تلك لم تحسب لجلوس والد سلمى مع جلال حسبانا تشعر بالندم يملئها لكن سرعان ما تذكرت كل ما فعلت الصفراء معها رفعت وجهها اليه وقالت وهو تشهق باكية ما بين كل كلمة واخرى
: سلمى هى اللى قالتلى، انك هتطلقنى وهتتحوز واحدة تانية.

زفر جلال بقوة يمنع نفسه بصعوبة عن السباب امام عمه ولكن لم يكن لعمه هذا التحكم فلا ينتظر لثانية واحدة يهرع خارجا من الغرفة وهو يسب ويلعن سلمى بصوت عاضب بشدة ليشير جلال الى فواز الواقف منذ البداية يتابع ما يحدث بوجه متبلد احمق التعبيرات
: الحقه يا فواز، حاول تهديه.

اومأ له فواز برأسه ببطء يغادر هو الاخر بخطوات بطيئة متمهلة ليخفض جلال رأسه الى ليله وقد دفنت وجهها فى عنقه يناديها بحنان فتجيبه بهمهمة ليهمس لها بنبرة رقيقة
: هو ينفع اى حاجة تقولها سلمى نصدقها كده على طول.

هزت رأسها له بالنفى ليكمل بعتاب مرح
وبعدين ياقلب جلال، فى حد عاقل بعد ما يتجوزك يفكر فى الجواز تانى.

تراجعت للخلف تنظر له بصدمة مستنكرة فبتسم لها وهو يحيط وجهها بكلتا يديه يقوم بتقبيل وجهها يتبع مسار دموعها بشفتيه يهمس ما بين كل قبلة واخرى
: ده جنان يلاقى، عصبية وكلام زاى الدبش برضه يلاقى.

تصلب جسدها تتطلع اليه بحنق من اثر كلماته حتى توقفت شفتيه امام شفتيها يهمس امامها بشعف
رقة ونعومة جمال يخطف القلب والعين برضه يلاقى
، يبقى هيحتاج واحدة تانية غيرك فى حياته ليه.

تراقص قلبها يرفرف بين اصلعها فرحا وسعادة تعمض عينيها بنشوة من تأثير كلماته عليها ترتجف متأوة بنعومة حين مست شفتيه شفتيها برقة ولمسة حانية اذابتها فورا قبل ان يتعمق بقبلته تترك يديه وجهها ليحيط بهم حصرها يشدها اليه متأوها بقوة وهو مازل يقبلها برغبة جارفة جعلتها تستسلم له بكل جوارحها ترتفع على رؤوس اصابعها وهى تحيط عنقه بذراعيها تقربه منها مغيبة تماما عن العالم لحظات كانت كالنعيم بالنسبة لهم حتى ابتعد عنها اخيرا يهمس بصوت مرتجف اجش وعيون مشتعلة وهى تتابع حركة ابهامه فوق شفتيها المتورمة من اثر قبلاته الشغوف.

: اقتنعتى، ولا لسه عاوز اقنعك اكتر.

هزت رأسها بالنفى تهمس بارتجاف هى الاخرى
: لا، لسة مصدقة سلمى، ومش، مقتنعة بغيره خالص.

شدد جلال ذراعه من حول خصرها يلصقها بها هامسا بتحشرج
: لاا يبقى الموضوع هيطول، وهيحتاج منى كلام كتير مش هينفع نقوله هنا خالص، احنا نروح ننقذ سلمى من ايد عمى، وبليل نقعد انا وانتى نشوف هقنع ازاى.

اخفضت عينيها بعيدا عن عينيه تشتعل وجنتيها بشدة خجلا لترتفع ضحكة جلال المرحة قائلا بشغف بعدها
: مش بقولك يبقى مجنون اللى يشوف او يفكر فى واحدة غيرك.

فتح عينيه بصعوبة وهو مازال مقيد الى ذلك المقعد حين شعر بحركة بجواره ليتسلل الذعر اليه حين وجد رجلين شديدى البنية يقوموا بسحب نسيم المعصوب العينين دون مقاومة منه حتى المقعد المجاور له يقوموا بتقيده هو الاخر ليهمس راغب باسمه بصوت مذعور جعل نسيم يتلفت حوله يناديه هو الاخر بلهفة ليصدح صوت قوى اتى من الظلام تعرف راغب فورا على هوية صاحبه رغم عدم رؤيته وهو يتحدث بسخرية.

: ايه رايك فى المفاجأة دى علشان تعرف بس انا بحبك ازاى، شوف جبتلك مين يونسك.

ارتعدت فرائص راغب يبتلع لعابه بصعوبة قائلا
: هو انا لسه قعد هنا كتير، انا قلت كل حاجة، واخدت كمان تليفونى اللى عليه الصور كلها، لسه عاوز منى ايه تانى.

اقترب جلال من دائرة الضوء وعلى وجهه ابتسامة ساخرة ولكن عينيه كان بداخلهم شراسة وحدة ارعبت راغب وجعلته يعلم ان فعلته لم يحصد عواقبها بعد، لتحقق ظنونه حين قال جلال بصوت متهكم ساخر
: لا ازاى يا راجل، هو احنا لسه عملنا حاجة، مش ناخد منك كام صورة حلوة كده قبل ما تفارقنا، علشان لما توحشنا نفتكرك بيهم.

عقد راغب حاجبيه بحيرة للوهلة قبل ان يدرك ما يقصد جلال ونيته فلم يستطع مقاومة ان يتحدث ساخر كأنه اراد ان تكون له الكلمة الاخيرة رغم كل ماحدث قائلا
: اه فهمت، بس عاوز اعرفك يابن الصاوى انى راجل ومحدش بيجيب غلط فى بلدنا على راجل لو ظهر ليه الف صورة، واظن انت فاهم ده كويس.

ضحك جلال ضخكة رنانة دوى صداها ارجاء المكان وجعلت من راغب يتطلع اليه بقلق وتوتر يزداد وهو يتابع اقترب منه جلال بخطواته الواثقة ثم ينحنى عليه ليصبح الوجه مقابل للوجه ترتطم انفاس جلال به وهو يقول باستمتاع وتشفى تزداد عينيه حدة وشراسة
: ودى حاجة تفوتنى برضه يا راغب بيه اومال انا لفيت ودورت لحد ما جبتلك اخوك وحبيبك نسيم.

هنا دوت كلمات نسيم الصارخة وهى يحاول النهوض عن مقعده يتلفت يمينا ويسارا بحركات هسترية قائلا برعب
: يقصد ايه يا راغب، راغب طمنى وقولى اللى فهمته ده مش صح، راغب رد عليا.

حين لم يتلقى اجابة من راغب والءى جلس يتطلع الى جلال باضطراب مذعور وقد وصل اليه ما ينتويه جلال له جيدا عينيه مسمرة على جلال لا يسمع لصرخات نسيم وهو يقول بصراخ وهذيان
: انا مليش دعوة، انا قلتله بلاش، صدقنى يا جلال بيه، مليش دعوة.

رفع جلال جسده مبتعدا عن راغب وهو يقول بلا مبالاة موجها حديثه الى نسيم رغم نظراته والتى لم تفارق وجه راغب الشاحب شحوب الموتى
: الكلام ده مليش فيه، انت اللى جبت اللى ركب الكاميرات، يعنى زيك زيه عندى.

اشار جلال برأسه الى رجاله الواقفين خلف راغب ونسيم بوضع الاستعداد ليحل كل منهم وثاق راغب ونسيم والذى اخذ يهذى ويصرخ عاليا بهستريا وهو يتم سحبه الى احدى الممرات اما راغب فحين نهض عن مقعده افاق من صدمته وذهوله حين ادرك انه ليس بمزاح او تهديدا فارغا لينهار تماسكه تماما يخر على ركبتيه ارضا ينظر الى جلال بتضرع قائلا بتوسل
: ابوس ايدك، كله الا كده، ابوس ايدك، الصور دى لو خد شافها هم...

قاطعه جلال هادرا بوحشية
: انت هتبوس ايدى علشان هخرجك من هنا
حى، ومخلصتش عليك ودفتنك، بعد كل اللى عملته.

فجأة نزل على عقبيه حتى اصبح فى مستوى راغب ينظر اليه قائلا بصوت بارد كالصقيع جمد الدماء فى عروق راغب
: هسيبك تختار تدفن هنا حى ولا...

نكس راغب راسه بهزيمة تتصاعد شهقات بكائه كطفل صغير وقد ادرك انه امام خياران كلهما كالموت بالنسبة له ولا فرار من احداهما.

نهض جلال واقفا ببطء يكمل وقد علم ما يدور بعقل راغب قائلا بتهكم
: وبعدين دول شوية صور لا هيودوا ولا هيجيبوا، بس هيكونوا معايا علشان لو فكرت ترجع للبلد تانى ولا تلعب بديلك، ولا انت ناوى تلعب بديلك؟

قال جملته الاخيرة متسأئلا بأستهزاء لكن راغب لم يتردد لثانية يهز راسه نافيا بقوة ليبتسم جلال ابتسامة صفراء قائلا
: طيب يا راجل، تبقى خايف من ايه، مدام هتبقى عاقل كده واد كلمتك.

ثم اشار براسه الى رجله الواقف فى الخلفية بصمت ليسرع ناحية راغب يرفعه عن الارض بخشونة دون مقاومة من راغب كأنه استسلم لمصير اراد اذاقت غيره به فأذاقه الله من شر اعمله.

انتى اتجننتى يا ليله؟! ليه بتعملى كده، ده جلال لو اكتشف انك...

اسرعت ليله تصمت شقيقتها تضع كفها فوق فمها تقطع الباقى من حديثها وهى تهمس بقلق
: وطى صوتك ياشروق، متخلنيش اندم انى عرفتك حاجة.

ابعدت شروق فمها عن مرمى يد ليله تهتف بحذر
: طب فهمينى، عملتى كده ليه، انا حسيت من كلامك معايا ان فيه حاجة وخصوصا بعد سؤالك عن المخفى راغب.

زفرت ليله ببطء وحزن قائلة
: ملقتش ادامى غير الحل ده، اصل انا زعلته منى اوى ياشروق وكنت عارفة انه استحالة هيسامحنى فملقتش ادامى غير انى اعمل نفسى نسيت كل حاجة وابدء معاه من اول وجديد.

ربتت شروق فوق كفها هامسة بمواساة قائلة
: طيب يا حبيبتى متزعليش نفسك، بس انا متاكدة ان جلال مش هيستحمل يزعل منك ابدا، والاحسن ليكم انكوا تقعدوا وتحلوا اللى بينكم وبلاش انك تكدبى عليا فى حاجة زى ده.

نكست ليله رأسها قائلة بصوت حزين متألم
: مبقاش ينفع يا شروق انا غلطت كتير وهو استحمل وعدى ليا كتر ومعتقدش المرة دى هيقدر يسامح تانى، وان كان بتعامل معايا بحنان دلوقت فده علشان خايفة عليا وفاكر انى مش فاكرة حاجة.

انقبض قلب شروق وقد اسرعت بربط خيوط الحديث قائلة بذعر
: ليله اووعى يكون للمخفى راغب يد فى زعلكم مع بعض، وعلشان كده خلتينى اسال عليه سعد.

رفعت ليله وجها شاحبا وعيون اغروقت بالدموع كانوا كالاجابة لشروق والتى لطمت خدها تهتف بهلع
: نهارك مش فايت ياليله، حصل ايه، والزفت ده هبب ايه تانى معاكى.

ابتلعت ليله لعابها بصعوبة قائلة بارتبارك وتلعثم
: مفيش يا شروق، كل الحكاية انى كنت بدافع عنه ادام جلال علشان، يعنى، يسبنى اجى اقعد معاكم كام يوم.

نظرت لها شروق بشك قائلة بتحذير
: بس كده، مفيش حاجة حصلت تانى.

اسرعت ليله تهز رأسها بالنفى القاطع رافضة كل الرفض ان تعلم اختها بما حدث من ذلك الحقير فلا رغبة لديها ان تسبب لها الالم او القلق وهو على اعتاب حياة جديدة لذا اسرعت تأكد لها ان هذا كل شيئ لتهتف شروق بعتب قائلة
: وده كلام ياليله برضه ازاى تدافعى عن حيوان زاى ده وادام كمان جوزك لا انتى كده غلطانة.

لوت ليله شفتيها ندما وحزنا وجهها يزداد شحوبا تهمس بحروف خرجت منها متقطعة اسفة
: خلاص يا شروق بجد مش مستحملة، انا بس كنت عاوزة اطمن عليكى واكون معاكى.

ادركت شروق كم كانت قاسية عليها لتسرع برسم المرح فوق وجهها لتخفيف عنها تهتف
علشان كده كنتى عاوزانى اسال سعد عليه، اطمنى يا ستى اهو خفى.

انتبهت حواس ليله لحديث شروق والتى اكملت بابتسامة انتصار
: اتصل بيهم وبيقول انه عنده شغل فى القاهرة وهيتأخر ويمكن حتى ميحضرش الفرح خالص.

شعرت ليله بدقات قلبها تتراقص فرحا تشعر بان قرار راغب هذا ورائه جلال وانه حقا استطاع ابعاد هذا الكابوس عنها وعن حياة شقيقتها لكن سرعان ما بهتت فرحتها حين ادركت كم كانت قاسية عديمة الادراك حين تعاملت مع هذا الحقير دون ان تخبره وتطلب منه المساعدة وهو بطرفة عين استطاع كسر شوكة هذا الحقير دون ان يدرك احد حتى هى كيف فعلها.

كانت شروق تكمل دون ان تعلم عن حالة التخبط تعيش ليله بداخلها قائلة بحيرة
: احنا هنرجع انا وماما البيت النهاردة سعد طلب ده مننا، وزمانه روح ماما وهيعدى عليا يروحنى وكده مفيش حاجة تمنعك تجى بعد كده...
عقدت حاحبيها بحيرة تكمل
: تفتكرى لو طلبت من جلال انك تجى تقعدى معانا يوم هيوافق.

همت ليله بالبرد عليها ولكن قاطعتها دقات هادئة فوق باب جناحهم اعقبها صوت جلال الهادىء يطلب الاذن بالدخول فتأذن له بعد ان وضعت شروق حجابها فوق رأسها فدلف الى داخل الغرفة مبتسما بترحاب قائلا بصوته الهادىء الرصين والتى اصبحت تعشقه وهو كل تفاصيله
: اهلا ازيك يا شروق، اخبارك واخبار الست الوالدة ايه.

اجابته شروق بخجل وصوت خفيض مرحبة به هى الاخرى وبعد عدة كلمات مجاملة قالت بعدها بلهفة
: انا كنت جاية اطمن على ليله واعرفها اننا رجعنا بيت العيلة تانى، اصل يعنى، راغب، مشى ومش راجع خالص الفترة دى.

عقد جلال حاجبيه بشدة وتفكير فادركت ليله فورا ما قد يصل اليه تفكيرلتسرع دون ان تمهل نفسها للحظة للتفكير تجيبه فورا خوفا من ظنه بعلم شروق بما فعله راغب قائلة بسرعة ودون تفكير
: اصل كنت طلبت منها تروح تقعد عن خالى فترة لعلشان اقدر اروح ازورهم.

ظلت ملامح وجهه مبهمة يرتسم فوق امارات التفكير العميق حتى اخذت ابتسامة بطيئة ترتسم فوق شفتيه وهو يلتفت ناحية ليله قائلا ببطء وابتسامته تزداد اتساعا
: بقى كده؟! طيب انا معنديش مانع خالص لو تحبى تروح تقضى هناك يومين، ايه رايك.

صفقت شروق بكفيها بفرحة تهتف بليلة والتى وقفت عينيها مسمرة فوق ملامحه تتسأل عن سر بسمته الفرحة تلك تشعر بالحزن يزحف لقلبها وهى تتسأل بحزن ايكون سببها انه سيتخلص منها بعيدا لعدة ايام حتى يتنفس بحرية بعيد عن تشبثها به لتخرجها شروق من شرودها تمسك بيدها وهى تهتف بها بسعادة
: طبعا انتى موافقة ياليله، صح، قولى صح، حتى علشان، نخرج سوا نشترى باقى الحاجة.

ثم التفتت الى جلال المبتسم لها قائلة بلهفة
: والله يا جلال انا مأجلة كل حاجة علشان خاطر ليله تبقى معايا، انا بجد مش عارفة اشكرك ازاى.

جلال بصوت رقيق حنون
: مفيش شكر ولا حاجة، انا عارف انتوا متعلقين ببعض اد ايه وليله نفسها كانت هتتجنن علشان تبقى معاكى فى الايام دى.

ثم التفت الى ليله يسألها بصوت لم تستطيع تحديد ما يحمله من نبرات فقد كان مابين الخبث والمرح
: مش كده يا ليله، ولا ايه؟!

اومأت له بشرود وذهن مغيب تمام لم تدرك على ما وافقت الا حين هتفت شروق بسعادة وهى تجذبها ناحية خزانتها
: طيب يلا نحضر هدومك بسرعة وزمان سعد جاى فى السكة يا خدنا.

توقفت خطواتها تتشبث بالارض تهم بالرفض القاطع والصراخ بصوت عالى انها لن تترك هذه الغرفة ولن تتحرك بعيد عنه خطوة واحدة ولكن اتى صوت جلال المرح يقاطعها
: لو تحبوا انا ممكن اوصلكم ونتصل بسعد نقوله بلاش يتعب نفسه.

التفتت شروق قائلة بخجل
: لااا هو زمانه فى الطريق، وشوية وهيكون هنا.

هز جلال راسه بالموافقة مبتسما ثم يتحرك ناحية الباب مستأذنا قائلا
: طيب انزل انا علشان قابله عما تجهزوا انتوا.

غادر الغرفة يفتح بابها تتابعه ليله بعيون ذاهلة مصدومة من سرعة الاحداث لكن ارتجف قلبها تتعالى ضربات حتىةكادت تصم الاذان حين وقبل خطوة واحدة من الباب التفت الى الخلف تتقابل نظراته بنظراتها يبعث لها برسالة تحمل حروفها الكثير والكثير تتختفى فورا قبل ان تدركها يغادر فور بعد ان تركها تتخبط داخل حالة من الارتباك الشديد والحيرة.

لا تعلم كيف مر يومها عليها بعيدا عنه تشعر كالسمكة خارج المياة لا تشعر باى فرحة او سعادة برغم وجودها بين اهلها وقد استقبلها الجميع بالترحاب الشديد حتى عمها قد رأت الندم والخزى فى عينيه وهو يقوم باستقبالها لكنها لم تترد تلقى بنفسها بين احضانه فاخذ يهمم بكلمات اسفة ويلعن طمعه وجشعه والذى انساه من تكون هى وشقيقتها بالنسبة لها ليمر اليوم سريعا بهم وقد اجتمع شملهم اخيرا.

وها هى تجلس داخل غرفتها وقد تعدى الوقت منتصف الليلة دون ان يغمض لها جفن على امل اتصالا منه لكن مر الوقت وهى مازالت جالسة حتى فقدت املها تزفر بقوة تحاول منع دموعها تستلقى فوق الفراش وتسحب الغطاء فوقها تغمض عينيها تحاول استدعاء النوم ليريحها من حزنها وما ان كادت ان تنجرف معه حتى تعالى صوت رنين هاتفه تنهض فورا تتخبط بين الاغطية حتى استطاعت اخيرا النهوض تختطف الهاتف من فوق الطاولة تضغط زر الاجابة تجيب باسمه بلهفة وفرحة.

ليقابلها الصمت من الناحية الاخرى لوهلة قبل ان بحيبها بصوت الرخيم الهادىء
: لسه صاحية لحد دلوقت ليه...

ليله بشوق وانفاس متسارعة
: مستنية اسمع صوتك قبل ما انام.

اجابها جلال بصوت رقيق هامس
: وانا كمان معرفتش انا الا لما اسمع صوتك الاول، اعملى حسابك مفيش بيات بره تانى كفاية عليا ليلة واحدة مش عارف هتعدى عليا ازاى.

رقص قلبها تتعالى دقاته فرحا يتهلل وجهها سعيدة بكلماته والتى اوضحت لها كم يشتاقها ويتلهف عليها
لا يتحمل هو الاخر ابتعاده عنه لتهم باخباره كم تشتاقه هى الاخرى ولكن يأتى صوته قائلا لها
: ثوانى يا ليله خليكى معايا، هشوف مين على الباب وارجعلك.

ثم سمعت صوت وضعه للهاتف تصل اليها خطواته المتجهة الى الباب فعلمت بانه كان يجلس على الاريكة القريبة من الباب لتنبه حواسها تتحفز كل خلية بها حين وصل الى اذنيها صوت جلال الحاد والغاضب بشدة يصرخ على من ينتظر امام غرفته
: انتى اتجننتى؟ بتعملى ايه هنا، ازاى تيجى فى وقت زاى ده.

سقط قلب ليله بين قدميها وهى تسمع توبيخ جلال لمن تقف على اعتاب غرفتهم الخالية من وجودها تبعد عنه وعنها اميال واميال.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
وقفت داخل غرفتها فى منزل عائلتها قلبها يرتجف رعبا وهى تسمع صوته الغاضب ينهر من تقف خارج غرفتهم تمر لحظات لا تسمع سوى همهمات غير واضحة اعقبها صوت سلمى المرتبك قائلة
: عاوزة اتكلم معاك، لازم تسمعنى علشان خاطرى.

ساد الصمت بعد كلماتها المتوسلةلفترة ثم سمعت بعدها صوت جلال وقد تغير نبراته تماما عن ما كانت منذ قليل معها هاتفا بحدة وخشونة
: مش دلوقت يا سلمى، الوقت متأخر، وليله مش...

هتفت سلمى بلهفة وسرعة تقاطعه
: انا جاية علشان ليله، لازم تعرف انها بتضحك عليك وعلينا كلنا، صدقنى ليله فاكرة كل حاجة يا جلال وبتعمل كد...

هنا وفقدت قدميها على حملها وهى تسمع كلمات تلك الحية والتى مازالت الى الان تحاول تخريب علاقتها بجلال تتعالى دقات قلبها بصخب تتجمد دمائها انتظارا لرد جلال تسمعه كأنه صدى بعيد رغم وضوح نبراته قائلا ببطء وتأكيد يقطع حديث سلمى قبل استرسالها فى الحديث
: مش عاوز اعرف ليه، واللى بينى وبين مراتى ملكيش فيه.

شحب وجه سلمى هامسة بصدمة
: يعنى هتسيبها تضحك وتلعب بيك زاى...

هدر صوت جلال بقوة وعنف جعل حتى ليله تهب من مكانها فزعا قائلا
: اخرسى خالص، وقلتلك اللى بينى وبينها ملكيش فيه فاهمة ولا لا.

ثم اشار برأسه ناحية الباب فى اشارة لها بالانصراف قائلا
: وامشى من هنا حالا بدل ما تبقى علقتك الجديدة منى انا، وصدقينى ياسلمى محدش ساعتها هيحوشك من ايدى، ويلا اخفى من وشى.

وقفت سلمى ترتجف شفتيها وهى تحاول منع دموع خزيها وخيبة املها فقد اتت الى هنا تظن انه سوف الفرصة ويستمع اليهافى غياب زوجته وبعيدا عن تأثيرها، لم تظن ابدا ولا فى اقصى تخيلاتها جموحا ان يقوم بتوبيخها بل وتهديدها بالضرب من قبله وهو من كان دائما يقوم بتأنيب والدها لقسوته وحدته معها، ليأتى الوقت ويهددها هو بفعلها ومن اجل من، من اجل تلك السارقة والتى خطفته منها وخطفت معها قلبه وعقله وجوارحه كلها ليصبح طوع يديها لا يقبل حتى بكلمة واحدة عنها.

ارتفعت شهقة بكاء حادة منها لم تستطع مقاومتها ثم تفر من امامه مسرعة تتعثر فى خطواتها فوقف هو يتابعها للحظات زفرا بحدة يغلق الباب ثم يسير بخطوات بطيئة ناحية الفراش وبعين وافكار شاردة فى تلك الحمقاء وتصرفاتها غير المحسوبة جلس فوقه وقد نسى تماما تلك المنتظرة على الهاتف حتى انتبه فجأة ليهرع الى مكان هاتفه يختطفه هاتفا باسمها بلهفة ولكن قابله صوت انهاء المكالمة يجد ان الاتصال قد قطع ليعاود الاتصال بها مجددا تتتعالى صوت رنات هاتفها لفترة دون اجابة منها حتى اتاه صوتها اخيرا تهمس بتجشرج مجيبة اياه ليسالها برقة تحمل معها اعتذارا.

: ايه انتى نمتى؟!معلش التليفون الظاهر فصل.

حاولت ليله اظهار تماسكها وعدم خوفها مما ستحمله اجابته لها قائلة بصوت مرتجف
: هى سلمى كانت عاوزة ايه؟

ساد الصمت لفترة ظنت فيها انها سيمتنع عن اجابتها ولكن تأتى اجابته بصوت مرح يحمل بين طياته الخبث ايضا
: طيب زاى ما عرفتى ان سلمى اللى كانت على الباب، يبقى سمعتى كمان هى عاوزة ايه.

ابتلعت لعابها بصعوبة تخشى اجابته على سؤالها القادم تدعو الله الا تكون قد نجحت تلك الافعى فيما تسعى له تهمس بتردد وقلق
: وانت صدقتها؟

وصل اليها صوت جلال وقد تغيرت نبراته لتصبح جادة هادئة
: لما ترجعى هقولك صدقتها ولا لا، مش انتى هترجعى بكرة ياليله.

لما شعرت كأن سؤاله فخا ينتظر اجابتها عليه كانها اختبارا لها لكنها لم تمهل نفسها الفرصة للتفكير كثيرا تجيبه فورا بتأكيد رقيق
: طبعا هرجع بكرة، مش هعرف ابعد ليلة تانية عنك.

أتاها صوت جلال كانه يبتسم قائلا بهدوء
: اعملى حسابك هاجى اخدك بعد الغدا على طول، تكونى جاهزة.

اومأت له بتأكيد كانه يراها قبل ان تهمس له بالموافقة لتستمر بعدها المكالمة بينهم للحظات همس كل منهم لاخر فيها بتحية المساء قبل ان تنتهى المكالمة لتعقد حاجبيها بعدها بقلق هامسة لنفسها
: انا لازم اقوله، ويعرف منى احسن ما الصفرا دى تفضل تزن عليه لحد ما يسمع لهاويصدقها، وساعتها عمره ما هيسامحنى ابدا بعدها، اه انا هقوله وهو اكيد مش هيزعل لما يعرف انا عملت كده ليه.

هزت راسها بتأكيد كانها توافق نفسها على الحديث تمضى الباقى من ليلتها فى سهاد وقلق حتى اتى عليها الصباح اخيرا بعين مرهقة وذهن مشوش قلق.

سلمى، قومى بقى بقينا الضهر، واحنا ورانا هم ياما.

تحدثت زاهية بتلك الكلمات وهى تدلف الى غرفة ابنتها ولكنها تسمرت مكانها وهى تجد سلمى تجلس فوق الفراش تضم ركبتيها الى صدرها تستند بذقنها عليها وهى تبكى بصمت وعيونها كانها كرة حمراء فى وجهها من اثر بكائها لتهرع اليها زاهية تجلس بحوارها وهى تهتف بجزع وقلق
: مالك ياحبيبة امك، بتعيطى كده ليه، حصل ايه فهمينى.

لم تجيبها سلمى بل ازدادت شهقات دموعها ترتمى فى احضانها لتربت زاهية فوق ظهرها بحنان قائلة بتفهم
: خلاص فهمت حبيبتى، علشان موضوع خطوبتك، بس يا سلمى صدقينى...

هزت سلمى رأسها بالنفى تهمهم بكلمات متقطعة من اثر شهقات بكائها مقاطعة حديث والدتها
: بيحبها، يا ماما بيحبها، مش متحمل، يسمع، كلمة، عليها.

عقدت زاهية حاجبيها بحيرة للحظة قبل ان تفهم ويصل اليها من المقصود بحديثها لتهمس لها برقة وهدوء
: ولسه عارفة يا حبيبتى ده واضحة للناس كلها، دى حتى قدرية نفسها عرفت بده.

ابتعدت سلمى عنها تنظر اليها بوجه مضطرب لتومأ لها زاهية بتأكيد تنوى ان تغلق صفحة هذا الامر مع ابنتها والى الابد حتى ولو لجأت الى القسوة قائلة.

: ايوه يا سلمى حتى مرات عمك عرفت ده، اومال فاكرة كل اللى بتعمله ده ليه، يمكن فى الاول كانت فرض امر منها، بس بعد كده لما اخدت بالها زاى ما كلنا اخدنا بالنا ان جلال عاشق لليله، مرات عمك قبلت معها بغيرة وعامية كمان، من حتة بت قدرت تنافسها فى حب ابنها الوحيد، وحست ان كلمتها عنده مسموعة اكتر منها نفسها.

اسرعت زاهية تكمل حين همت سلمى بالحديث تقاطعها
: عارفة ان كلامى مش عجبك وكنتى مستنية اقولك لا. ازاى، ده جلال عمره ماحب ولا هيحب غيرك، واضحك عليكى زاى ما طول عمرى بعمل معاكى من وانتى عيلة صغيرة.

تنهدت زاهية بحرارة تهمس بنبرة معتذرة نادمة
: سامحينى يا بنتى، سامحينى انا اللى مسئولة عن كل اللى انتى فيه دلوقت، علقتك بحبال دايبة ووقفت اتفرج عليكى وانتى بتأذى الكل حتى نفسك.

تحدثت سلمى بصعوبة تهمس بوجه شاحب وعدم تصديق
: تقصدى، ايه، ياماما..

زاهية وقد تجمدت عيونها قائلة بحزم وقسوة اتبعتها بتعمد
: اقصد يا سلمى ان جلال عمره ماشافك ولا هيشوفك غير اخت ليه صغيرة، عمره فى حياته ما قال انه عاوزك، كل ده كان اوهام منى ومن مرات عمك زرعنها جوه عقلك لحد ما بقت حقيقة مش قادرة تشوفى غيرها.

انهارت سلمى بالبكاء كان كلمات والدتها كانت فأس قاسية اجهزت على الباقى من سد املها لتجذبها زاهية الى احضانها بحنان هامسة برقة
: انسيه يا سلمى، وعيشى حياتك مع حد يكون بيحبك، زاى ماهو عاش حياته واعتبريه تجربة اتعلمتى منها، واحمدى ربنا ان ليله طلعت جدعة معاكى ومقالتش لحد دلوقت انك كنتى هتموتيها.

ظلت سلمى فى احضان والدتها تبكى بشهقات عاليةو قلب ينزف وقد نحر الان بقسوة حديث والدتها وقد انهت امال امضت عمر كامل فى بنائها.

جلست فى المقعد المجاور له فى سيارته فى رحلة العودة الى المنزل بعد ان حضر وامضى معها ومع عائلتها بعض من الوقت مر سريعا فى محادثات مرحة هانئة لكنها مرت عليها متوترة مضطربة وهى تعد حديثها القادم معه وكيفية اخباره عن سرها والذى لن يكون ابدا بالخبر السعيد بالنسبة له.

جلست تفرك كفيها معا بشدة تلتفت اليه من بين حين والاخر وفى كل مرة تتردد تعاود النظر امامها مرة اخرى
حتى التفت اليها يبتسم بهدوء بسألها
: عاوزة تقولى حاجة يا ليله، مثلا انك كنت عاوزة تقعدى هناك، لو عاوزة انا ممكن الف وارجعك...

اسرعت تقاطعه تنفى فورا ماقاله فهو بعيد كل البعد عن سبب توترها ليسألها بحيرة
: طيب مالك؟ من ساعة ما كنا هناك وانتى عاوزة تقولى حاجة ومترددة، قولى متخفيش انا سامعك.

زفرت بقوة تلتفت اليه وقد حسمت امرها تخبره بكلمات سريعة الية
: جلال، انا مش فاقدة الذاكرة وفاكرة كل حاجة.

اعقب كلمات صمت مطبق حاد كطرف سكين جديد تتطلع اليه لتجد وجهه متجمد وعينيه لم تحيد عن الطريق لاترى ردة فعل له على انه قد استمع الى حديثها لتكمل بصوت مضطرب وقد هربت منها شجاعتها تماما وهى ترى ردة فعله عكس كل ما توقعته
: بس والله غصب عنى، ملقتش ادامى غير الحل ده لما فوقت وسمعتك بتتكلم انت والدكتور، حسيت انها فرصة
اصلح كل الهباب اللى عملته معاك...

دمعت عينها وهى تراه بهذا الجمود امامها وقد ادركت انها قد استنزفت جميع فرصها معه وان لا امل لها فى مسامحته بعد فعلتها الاخيرة تلك.

استسلمت اخيرا تجلس بصمت وبعد حاولت اكثر من مرة جعله يتحدث اليها تعمى دموعها الطريق عنها فلا تنبه لوصولهم للمنزل الا حين تحدث لها بوجوم
: انزلى يلا، خلاص وصلنا.

نزلت من السيارة ببطء واقدام واهنة كمن ينساق لحتفه.

تلتف حول السيارة فى اتجاه وقد وقف فى انتظارها وما ان اقتربت منه حتى قبض فوق معصمها فجأة وبشدة جعلتها تشهق عاليا وتتعثر فى خطواتها وهو يسحبها خلفها يدلف معها الى داخل المنزل يتجه بخطوات سريعة ناحية مكتبه لا يعير نظرات وهمهمات الحضور المندهشة ادنى اهتمام يفتح باب الغرفة ثم يدفعها داخلهاو يتبعها هو الاخر يغلق خلفهم الباب بقوة لتهمس حبيبة بحيرة وقلق
: ياترى عملت ايه المرة دى ياليله.

لوت قدرية شفتيها بغيظ قائلة
: عملها اسود بنت صالحة، اياك تكون هببت مصيبة من مصايبها وتخليه يقطم رقبتها ويخلصنا منها.

هتفت حبيبة بها باستنكار
: ليه بس كده يا ماما، ده لسه تعبانة.

قدرية بغل وعيون شرسة
: اسكتى يابت انتى، وانتى هتفضلى هبلة كده طول عمرك.

هزت حبيبة راسها بقلة حيلة تصمت كما اخبرتها فلا فائدة فى التحدث معها اما قدرية فقد جلست يتأكلها الفضول رغبا منها فى معرفة ماجرى بينهم ثم التمعت عينيها بقوة تلتفت الى حبيبة قائلا بأمر حازم
: اجرى اطلعى اندهيلى اميرة دلوقت حالا.

كادت ان تسألها حبيبة فيما تريدها لكنها اوقفت نفسها تعلم انها لن تخبرها لذا نهضت ببطء لتنفيذ الامر تاركة خلفها قدرية داخل دوامة افكارها.

اخذت تتراجع الى الخلف بخوف وهى ترى امارات التهديد فوق وجهه الجاد الصلب وقد اختفت تماما واجهته الباردة التى قابل بها اخبارها له بالامر تتعلثم بحروف خرجت منها
بطيئة مضطربة
: انا اسفة يا جلال، والله عملت كده علشان مش عاوزة ابعد عنك.

لم تجد منه استجابة اقدامه تتابع التقدم نحوها وهى تتابع التراجع حتى اوقف سطح المكتب خلفها تراجعها عنه وقفت تنظر حولها بحثا عن مهرب لكن لم يهملها الفرصة حين اقترب منها يضع يديه فوق المكتب يحيط جسدها بهم يمنع عنها طريق الهروب يخفض رأسه الى رأسها مهيمنا عليها قائلا بنرة تهديد بطيئة بعثت الرجفة فى اوصالها.

: بقى بتلعبى بيا ليله، وسيبانى الف حوالين نفسى، وادلع، واطبطب، واصالح، وانتى كل ده بتضحكى عليا.

حاولت ليله فتح فمها لنطق باعتذار ولكن غصة البكاء
اوقفتها تشعر بالارهاق والتعب يسيطر عليها لا ترى فائدة فى اعتذار اخر منها لتحفض عينيها ارضا باستسلام وهامسة بخزى
: انا عارفة انى غلطت، مستعدة لاى عقاب تقرره.

اغمض عينيها بقوة فى انتظار كلمات القادمة والتى سينهى بها ارتباطهم لابد لكن ارتجفت وقلبها ينبض بقوة حين همس فى اذنها بنعومة وخبث
: يعنى مستعدة لاى عقاب مهما كان ياليله.

تعالت انفاسها تهز رأسها بالايجاب سريعا شاهقة بذهول حين احاط خصرها بيده فجأة يرفعها الى سطح المكتب يجلسها فوقه ثم ينحنى عليها عيتيه تلتمع ببريق بعيد كل البعد عن الغضب وهو يتطلع الى عينيها هامسا
: على فكرة انا كنت عارف ومن قبل ما تروحى حتى لبيت اهلك.

اتسعت عيونها بصدمة تفتح وتغلق فمها كالسمكة خارج المياه ليضع سبابته اسفل ذقنها يدفعها الى اعلى يغلق فمها فورا وهو يقول بسخرية
: وعلى فكرة كمان، انتى اللى عرفتينى لما قولتى انك بعتى شروق لبيت خالك والمفروض انك مش فاكرة حاجة من قبلها بكتير.

سقطت فمها يتدلى مرة اخرى بصدمة وذهول وهى تتذكر ذلك الموقف ليبتسم لها ببطء قائلا وبعينه بريق خبيث
: لا ماهو مش كل ما هقولك حاجة هتفتحى بوقك بشكل ده، كده مش هتخلى ادامى خير، حل واحد اعمله...

انحنى عليها مقتربا من شفتيها لتهمس له بأرتجاف
: هتعمل، ايه يا جلال؟

همس هو الاخر انفاسه الدافئة العطرة تلامس بشرتها فتلهب حواسعا قائلا
: هاعاقبك يا روح جلال، علشان متكدبيش عليا تانى ابدا.

انقض فوق شفتيها يلتهمها بشوق بادلته اياه تسرق قبلتهم الجامحة منهم الانفاس حتى طلبت رئتيهم الهواء ليبتعد عنها بصعوبة وهو ينهت قائلا بتحشرج
: فاكرة اول مرة عاقبتك فيها، كانت هنا على المكتب...
من بعدها سرقتى منى النوم وخلتينى واحد كله همه انه يلاقى اى سبب يعاقبك علشانه وبس.

ابتسمت ليله له وعينيها تلتمع بذكرى ذلك اليوم ولكنها تصنعت عدم التذكر تهمس له بحيرة
: مش فاكرة اليوم ده خالص.

ادرك جلال لعبتها يجاريها فيها قائلا بحزن مصطنع
: كده! يبقى لازم افكرك دى حاجة مهمة ليا اووى.

اقترب من شفتيها يلثمها برقة ثم يسألها بهمس
: كده فاكرة.

هزت رأسها له بالنفى ليعاود تقبيلها بقوة اكثر، للحظات ثم يبتعد عنها يسألها بانفاس ضائعة
: طيب كده، لسه برضه مش فاكرة.

هزت رأسها بالنفى مرة اخرى وانفاسها تتعالى وقد سرقت قبلته منها الانفاس تغمض عينيها ترقبا ولهفة لقبلته القادمة وهى تشعر بانفاسه تزداد اقترابا منها، لكن تأتى طرقات ملحة ومتعجلة فوق باب الغرفة لتجعله يبتعد عنها صارخا بسخط وهو يغمض عينيه قائلا
: لا بجد كده كتير، دول زاى اللى متسلطين عليا فى البيت ده.

افلتت منها ضحكة مرحة رغما عنها ليفتح عينه يتطلع لها بغيظ هاتفا بها وهو يراها تقاوم الضحك بصعوبة
: طبعا ده جاى على هواكى، بس وحياتك عندى لتتعاقبى ياليله ولو هخدك واطلع بيكى على القمر.

استقام واقفا زافرا بحنق يمرر اصابعه فى خصلات شعره يعيدها الى وضعها الطبيعى اما هى فقد اسرعت بالنزول ارضا عن سطح المكتب وهى تعدل من وضع ملابسها قبل ان يسمح لطارق بالدخول بصوت اجش خشن.

توتر جو الغرفة فور ان دلفت قدرية وخلفها اميرة من خلال الباب ليسألها جلال بحزم
: خير يا امى، فى حاجة؟

امسكت قدرية بيد اميرة تشدها خلفها وهى تتقدم الى داخل الغرفة وهى ترمى ليله بنظرات خانقة ولم يفت عن عينيها من تشعث حالها قبل ان تلتفت الى جلال الواقف بصبر هدوءفى انتظار حديثها قائلة بحزم وقوة
: اميرة كان عندها كلمتين كانت عاوزة تقولهم ليك ولازم تسمعهم ضرورى.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
وقفت تتطلع الى وجه قدرية القاسى وعينيها نارية النظرات وهى تتقدم ناحيتهم ساحبة خلفها اميرة والتى ظهر على وجهها القلق والتوتر وفعلمت ان حديثهم القادم لن يكون بالهين عليها لكنها تشبثت فى الوقوف مكانها لاتنوى الخروج حتى وطلبوا وترك الساحة لهم حتى يبثوا سمومهم مرة اخرى لذا وقفت بثبات وهى تسمتع الى قدرية تقول بحدة.

: بقى شوف يا جلال، لا انا ولا اميرة عاجبنا الوضع ده، قعدتها طولت فى البيت هنا من غير ما يجد جديد بينك وبينها وعاوزين نخلص حكاية جوزاكم دى بسرعة..

ثم التفتت الى اميرة تهتف بها بحزم
: ما تتكلمى يا اميرة، واقفة ساكتة ليه.

اتسعت عينى ليله بذهول تلتفت ناحية جلال لتجده وقد جلس فوق المقعد المقابل لمكتبه يريح ظهره الى مسنده وقد كان وجهه هادئ غير مقروء التعبير فهمت ان تسأله الحديث لكنه سبقها قائلا بهدوء وبرود شديد قائلا
: ايوه يا اميرة اتكلمى، ساكتة ليه؟!
شحب وجه اميرة يزداد ارتباكها وهى تقول بتلعثم
: هقول ايه يا جلال، معنديش حاجة اقولها
صرخت بها قدرية وهى تنكزها بقسوة وعينيها تطلب منها مجاراتها فى الحديث.

: بتقولى ايه يابت، انتى مش لسه قيلالى انك عاوزة نخلص من الموضوع ده، علشان ترجعى الارض لاصحابها من تانى، ولا هتيجى دام جلال وتتكسفى.

نهض جلال واقفا وهو يقول بحدة وغضب شديدين
: لا يا حاجة قدرية، اميرة مش هتتكلم، انا اللى هتكلم والمرة دى هتسمعينى كويس.

وبخطوات هادئة تقدم ناحية والدته والتى ظهر التوتر الشديد عليها اما اميرة فقد توارت خلفها لتستمع الى صوت جلال هادئ النبرات خلافا لما كان عليه منذ قليل فشحب وجه قدرية وقد عملت انه الان فى اقصى درجات غضبه وهو يقول
: ارض ايه اللى هترجعها يا حاجة قدرية مش لما تبقى بتعتها الاول.

وقفت قدرية بعد ان انهى حديثه تنظر اليه بذهول وصدمة وقد زاد شحوب وجهها يحاكى وجوه الموتى حتى خشيت عليها ليله ان يصيبها مكروها تتقدم خطوة باتجاهها ولكن صوت قدرية المذهول الخشن اوقفها مرة اخرى حين قالت
: يعنى ايه، ازاى، دى هى، وانا كتبتها ب...

جلال بصوت قاسى يقاطعها سائلا بسخرية
: انتى ايه، كتبتيها باسمها علشان تلوى دراعى مش كده؟!، بس يا خسارة ياحاجة قدرية، لسه متخلقش اللى يلوى دراع جلال الصاوى حتى لو كان انتى.

زاغت نظرات قدرية وهو يكمل مشيرا برأسه ناحية اميرة قائلا بسخرية
: بنت اخوكى بقى طلعت شاطرة وعرفت ده، ولعبتها صح، ورجعت الارض لا وبايه بقيراطين بس اتكتبوا باسمها ومعاهم بيت صغير على ادها كده.

التفتت قدرية لاميرة تهتف بها لا تعى ما تقول من شدة صدمتها
: قيراطين؟!، قيراطين وانا اللى كنت هسلمك كل حاجة، بقى كده يا بنت حسن، انا تعملى فيا كده.

التمعت عينيها فجأة تطلق الشرر كانها فاقت من حالة الصدمة التى اصابتها وهى تقترب منها تصرخ بجنون
: بس لاااا، دانا هطلع روحك فى ايدى يا بنت ال، وهخلى دفنتك تبقى النهاردة يابنت ال...

صرخت اميرة وهى تتراجع الى الخلف بجزع تنادى جلال ان ينقذها لكنه وقف مكانه يتابع ما يحدث ببرود شديد دون ان يتحرك يتابع هجوم قدرية وهرعها خلف اميرة والتى فرت من الباب وهى مازالت تصرخ لتلتفت اليه ليله قائلة بلهفة وتوسل
: الحقها يا جلال، الحقها دى ممكن تعمل فيها حاجة.

تحرك جلال من مكانه ولكن ناحيتها هى يمسك بيدها رافعا اياها الى فمه مقبلا باطن كفها ببطء قبل ان يقول بهدوء ولامبالاة
: متخفيش على اميرة، ولا حتى من امى، بعدين سبيهم يمكن يكون ده القلم اللى يفوق الكل.

تنهدت ليله بتعب تستند بجبهتها فوق صدره قائلة بصوت مرهق
: جلال، انا تعبت، تعبت من انى كل يوم ابقى فى خوف وقلق من اللى جاى
ضمها اليه يلف خصرها بذراعه لترتاح رأسها فى حنايا عنقه تضمه هى الاخرى اليها ليظلا على حالهم يستكين كل منهم فى احضان الاخر لكن داخل عقل جلال كانت تدور افكار بعيدة كل البعد عن الاسترخاء.

اقتحمت اميرة غرفتها بهلع وخطوات متعثرة ثم حاولت غلق الباب سريعا قبل ان تلحقها قدرية لكنها عجزت عن ذلك حين اخذت قدرية تدفع الباب بقوة وعزم جعل من اميرة تستلم تراجع الى الخلف وهى تهتف برجاء مزعور
: يا عمتى اسمعينى بس، انا هفهمك كل حاجة.

توحشت ملامح قدرية تصرخ بها بغل
: هتفهمينى ايه، بقى بتبعينى انا بنت الك، طيب ليه، دانا كنت هعملك ست البيت ده، تقومى تضيعى كل حاجة علشان قيراطين، بس هقول ايه مانت شحاتة بنت كل...

صرخت اميرة بها هى الاخرى قائلة بشراسة
: تلميذتك يا عمتى، وشحاتة ومن بيت شحاتين زيك.

تحجر وجه قدرية تتسع عينيها بصدمة من هجوم اميرة عليها والتى استأنفت حديثها تكمل شن هجومها دون رحمة
: ايوه يا عمتى، عملت زيك مانتى طول عمرك بتعملى كده، بتدورى على مصلحتك وبس، طول عمرك رميانا ولا عمرك سألتى فينا، وهوب مرة واحدة جاية تقولى تعالى يابت هجوزك ابنى.

اقتربت منها اميرة لا تبالى بما قد تفعله بها وقد احتدت مشاعر الغضب داخلها تكمل
: رافعتينى لسابع سما وجبتينى هنا ورامتينى فى وش ابنك، اللى من اول ليله ليه هنا، جانى وهددنى بكل برود لارجع الارض واقبل انه يشترى لينا بيت وارض نتلم فيه انا واهلى، ليخرجنى من هنا بفضيحة وتهمة سرقة وترمى فى السجن بسببها.

ارتعبت اوصال قدرية تنتفض مكانها وهى تستمع لحديث اميرة تشعر بالتشتت والذهول فمن الواضح انها اغفلت او تعمدت ان تتناسى مدى قسوة ولدها حين يقف احدا عقبة فى طريقه او يحاول ارغامه على فعل مالا يرغبه فى حمى تلفها لتخلص من زوجته.

جلست بهمود وضعف فوق المقعد هامسة تسألها بخشونة وتشتت
: طب ومقولتليش ليه، خبيتى عليه ليه، مش يمكن...

ارتفعت ضحكة اميرة الساخرة تهز المكان قبل تقول بتهكم واستهزاء
: اقول ايه، ما تفوقى يا عمتى، ابنك عمل كل ده بسببك انتى، علشان يعرفك ان مش جلال بيه اللى يتلوى دراعه، وسابك تلعبى لعبة كل خيوطها فى ايده وهى اللى بيحركها بمزاجه هو بس.

رفعت قدرية وجهها تهتف بها بشراسة وحنق
: والخيوط دى هى انتى، سابك تلعبى بيا وتهودينى فى كل اللى بعمله وهو فى ايده كل حاجة.

هزت اميرة كتفها قائلة بلامبالاة
: منكرش ان ده حصل، بس برضه منكرش انى كنت بطاوعك فى عمايلك مع مراته وانا نفسى فعلا تقدرى
تخربى بينه وبين ست الحسن.

تحول صوتها للقسوة وعينيها تلتمع بحقد وغل العالم تكمل
: ليله بنت الحسب والنسب واللى علشانها جلال بيه بجلالة قدره مستعد يهد الدنيا بأشارة واحدة منها.

اقتربت من قدرية قائلة بتهكم وشماتة تسكب المزيد والمزيد من الوقود فوق نيرانها المشتعلة بصدرها
: اوعى تكونى فكرتى انه خلانى اعمل التمثلية دى معاه علشان يربيها هى ولا يندمها على اللى عملته، لااا ده كان بيربيكى انتى وبيقولك ارسمى وخططى وكله فى الاخر هيمشى بامرى وبدماغى، انما هى دى حاجة تانية عنده استحالة يزعلها منه ولو ثانية، واظن انتى شوفتى بعنيكى.

صرخت قدرية توقفها عن الحديث بصوت جعل اميرة تتراجع للخلف فزعا وهى تراها تنهض على قدميها وقد اختفى ضعفها تماما تعود لقسوتها قائلة بغضب اعمى
: اخرسى خالص، مش عاوزة اسمع صوتك، وتلمى هدومك وتخفى من البيت ده خالص.

اميرة وقد اهتزت من حدة وغضب قدرية تسألها بخفوت وتردد
: طب وورقة الضد، انا عوزاها قبل ما امشى من هنا.

التمعت عينى قدرية بخبث تهتف بانتصار شرس
: ورقة الضد!، من عنيا حاضر، موافقة ادهالك بس بشرط.

اميرة بارتجاف ورهبة تعلم بان القادم لن يكون بالهين عليها تسألها بصوت متردد
: وايه هو الشرط ده؟

جلست قدرية ثانية فوق مقعدها تضع قدما فوق اخرى قائلة ببطء وخبث شديد
: القراطين والبيت اللى بأسمك يرجعوا ياعين عمتك من جوه.

استندت الى مرفقها تنظر اليه واغطية الفراش تلتف حول خصره تاركة صدره عارى وذراعه فوق رأسه يغط فى نوم عميق فاقتربت منه ببطء تقبل وجنته برقة تناديه هامسة لكنه لم يتحرك لتقترب من شفتيه تقبلها ببطء ونعومة ولكن سرعان ما شهقت بصوت مكتوم حين اختطفت شفتيه فمها يقبلها بجموح وهو يرتفع بجسده عن الفراش يتراجع بها حتى اصبح يستلقى فوقها وهو مازال يقبلها ليصدر عنها تأوه ضعيف محتج اختفى فورا تحت هجوم شفتيه الضارى تستسلم تماما له تبادله القبلات والتى اخذتهم سريعا الى دوامة مجنونة من المشاعر.

ليعودا بعد لحظات مضت بهم كانهم بالجنة وهو يتراجع مستلقيا فوق الفراش وهو يضمها بذراعه
رأسها يستريح فوق صدره حتى هدئت انفاسهم تماما لتقول ليله بصوت خافت
: جلال مش المفروض ننزل بقى احنا من امبارح فى الاوضة منزلناش خالص.

اغمض جلال عينيه بأرهاق قائلا
: عاوزة تنزلى تحت ليه؟ وحشك اوى مشاكلهم والارف اللى من وراهم.

اعتدلت ليله تستند بذقنها فوق صدره وهى تتطلع اليه قائلة بحماس لم تستطع اخفائه
: عاوزة انزل اقعد مع الجدة شوية، عندى كلام كتير عاوزة...

قاطعها جلال بصوت ناعس
: بعدين يا ليله، بعدين.

اختفى صوته تدريجيا كأنه استغرق فى النوم لتهتف بأحتجاج
: جلال انت هتنام تانى، احنا لسه صاحين.

لم يجيبها بل تعالت صوت انفاسه تجيبها فتزم شفتيها قائلة بشك
: على فكرة انت بتمثل ومش نايم صح؟، جلااال.

انهت حديثها تناديه بأحباط حين لم تجد منه استجابة منه زافرة بحدة وهى تتحرك بعيدا عنه لكن
اوقف تحركها ذراعه بعد ان اشتدت من حولها ينحنى هامسا فى اذنها بصوت متلاعب اجش
: يعنى انتى متعلمتيش من اول مرة، يا قلبى انا مبصحاش كده، اتعلمى بقى.

ابتسمت ليله تهمس بدلال تتصنع عدم الفهم
: وجنابك بتصحى ازاى بقى؟، عرفنى.

انحنى عليها يقبلها قبلات متفرقة ملهوفة يهمس بتحشرج ما بين كل قبلة واخرى
كده، بصحى، كده، اتعلمى بقى.

: ياعمتى ادينى الورقة وخلينى امشى من هنا، كفاية لحد كده.

لم تعير قدرية كلمات اميرة الراجية ادنى اهتمام وهى ترتشف من فنجان قهوتها بهدوء لتكمل اميرة بصوت باكى مصطنع
: حرام عليكم، انتوا اللى دخلتونى فى لعبتكم، انا مكنش ليا فى الليلة دى من الاساس، يبقى تسيبنى امشى ويا دار ما دخلك شر.

قدرية ببرود شديد
من عنيا، بس تخرجى زاى ما دخلتى يا عين امك، شحاتة وحافية مش لاقية اللقمة الحاف، والا اديكى مشرفانا.

تجهم وجه اميرة يتطاير الشرر من عينيها قائلة
: يعنى ده اخر كلام عندك ياعمتى
قدرية بهدوء شديد
ايوه يا عين عمتك، رجلك مش هتخطى بره البيت ده الا لما تنفذى، غير كده لا.

انقلبت ملامح اميرة حتى محى عن وجهها اى لمحة للجمال وعنييها سارت تنطق بالشر والغل وهى تتطلع الى قدرية تفح من بين انفاسها بكلمات تحمل بين طياتها التهديد
: زاى مانت عاوزة يا عمتى، بس، مترجعيش تعيطى بعد كده وتقولى اه
قدرية بغضب شديد وصوت قاسى شرس
: بتهددى مين يا بت انتى، دانا قدرية...

صمتت فورا عن اكمل باقى حديثها حين رات جلال ينزل الدرج بهدوء وهى يتحدث فى الهاتف لتسرع فى رسم ابتسامة تلقى عليه بالتحية مرحبة به لكنه تجاهلها تماما يمر من امامهم فى اتجاه غرفة الجدة دون ان يعيرهم ادنى اهتمام لتصدح ضحكة اميرة الساخرة فور اختفائه قائلة بشماتة وتهكم
: شوفتى، علشان تعرفى، اهو جرى عليها ولا عبرك حتى بكلمة، وشلتى الليلة كلها لوحدك، ياعينى عليكى ياعمتى، يا قدرية هانم، يا كبيرة العيلة.

ثم غادرت الى غرفتها وهى مازالت تضحك تلك الضحكة الشامتة اما عقلها فقد كان بعيد كل البعد عن السخرية والمرح وهى تعد العدة لايام قادمة ستكون كالجحيم ثمنا لمكوثها هنا رغما عنها.

جلست فى غرفة الجدة منذ نزولها تقص عليها ماذا فعلت عند زيارتها لمنزل اهلها بينما جلست الحاجة راجية تستمع اليها بحماس شديد حتى اتت على ذكر ذهابها هى وشروق لشراء مستلزمات جهازها لتبتسم ليلة بسعادة قائلة
: وهناك يا جدة شوفت حتة فستان يجنن، عنيا كانت بتطلع قلوب وانا واقفة اتفرج عليه.

ابتسمت الحاجة راجية هى الاخرى بسعادة يزداد حماسها تسألها بلهفة
: اوعى ياليله تكونى مشترتيش الفستان ده.

هتفت ليله بحماس هى الاخرى
: لا اشتريته، شروق صممت انى اخده واشتريه، وهلبسه كمان فى خطوبة سلمى.

اعتدلت الحاجة راجية فى الفراش تسألها وعينيها هى الاخرى تكاد تطلق القلوب والفراشات قائلة بفضول
: اوصفيه ليا دلوقت، ولما تلبسيه تعالى علشان اشوفك بيه.

وقفت ليله قائلة وهى تشير على جسدها غافلة تماما عن من اتى منذ قليل ويقف مستندا على اطار الباب يراقب حماسهم كاطفال ليله العيد وعينه تتابع بشغف حركة يدها فوق جسدها وهى تقوم بوصف الثوب للجدة لا تعى ماذا تفعل به حركاتها تلك والتى رفعت درجة حرارة جسده ودقات قلبه التى تعالت حتى كاد تصم الاذان وهو يسمعها تقول جدية شديدة كأنها تصف احد كنوز العالم.

: لونه اسود فى خيوط فضة مشغول بها ونازل على جسمى بالظبط كأنه متفصل عليا، شوفى، يجنن يا جدة يجنن.

هتفت جملتها الاخيرة بحماس وفرحة شديدة جعلت البسمة تتعالى على وجهه لكن سرعان ما ازالها يرسم الجدية ثم قطب جبينه بشدة وهو يتقدم الى الداخل قائلا بحزم
: ومين بقى ان شاء الله اللى هيخليكى تلبسى فستان زاى ده.

التفتت ليله اليه بسرعة شاهقة باسمه بفزع ليقول جلال بجدية شديدة
: ايوه جلال ياست ليله، واللى دايما اخر من يعلم.

حاولت التحدث تحاول ايضاح الامر له لكنه قاكعها فورا يهتف بها
: مش عاوز اعرف حاجة واتفضلى ادامى علشان تورينى الفستان ده يا هانم.

نظرت الى الحدة تلتمس منها العون لكن اتت نظرة جلال المحذرة لها خفية لتقول بأسف وعينيها معلقة عليه
: روحى يا حبيبتى مع جوزك، ونبقى نكمل كلامنا بعدين.

غصت ليله بالبكاء تهمس باحباط لنفسها وهى تسير خلفه بعد ان قام بالتحرك باتجاه الباب
: كلام ايه بقى اللى هنكمله، هو بعد ما هيشوف الفستان هيبقى فيها كلام، هو شكله يوم مش فايت.

وقف عن الباب فى انتظارها لتمر من جواره بسرعة وبرأس منخفض كطفلة مذنبة فلا ترى بسمته المرحة على شفتيه وهو يتابعها بنظراته ثم هم ان يتبعها لكن اتى صوت جدته يوقفه فيلتفت لها لتهمس له بصوت رقيق حنون
: براحة عليها يا جلال، متزعلهاش.

اتسعت بسمته المرحة يغمز لها بعينه بشقاوة ومرح ثم يغادر فورا يغلق الباب خلفه بهدوء لتبتسم الحاجة راجية بسعادة قائلة
: اتغيرت يا جلال، اتغيرت اوى ياقلب الجدة.

كانت فى طريقها الى غرفتها لتقع عينيها على فريستها وصيدها القادم واول خطواتها فى خطة خروجها من هذا المنزل منتصرة تهمس تحدث نفسها وهى تراقب تقدمه منها بعيون حادة كالصقر قائلة بتحدى وعزم
: مبقاش اميرة الشحاتة الحافية اما خليتك تبوسى ايدى يا عمتى علشان انا اللى اسيب البيت مش انتى اللى تمشينى وبكرة نشوف انا ولا انتى.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
جلس عاقدا لحاجبيه بشدة يتطلع اليها وهى تقف امامه تقوم بفرك كفيها معا بقلق ليكرر حديثه لها مرة اخرى لكن هذه المرة بصوت ثابت بطيئ
: روحى ياليله هاتى الفستان اشوفه، بطلى كلام ملهوش لازمة.

توترت ملامحها تنظر اليها ليؤمأ لها برأسه مشيرا بعينه ناحية الخزانة الخاصة بها لتستسلم اخيرا لاتجد حلا اخر امامها سوى ان تتقدم بخطوات بطيئة تحت مراقبة عينيه ناحية خزانتها تفتحها تخرج منها ثوب مغلف بغطاء سميك
ثم تعود اليه ترفع الثوب بأناملها قائلة بشجاعة مزيفة
: اهو الفستان، شوفت فستان عادى خالص.

اغلق جلال عينيه زافرا بعمق وهو يتحدث بصبر وهدوء
: شيلى الغطا من عليه ياليله، مطلعيش روحى.

ترددت لثانية ثم اسرعت يدها تحل الغلاف من حول الثوب قبل ان ترفعه بايدى مرتعشة اما ناظريه تقف متوترة فى انتظار هبوب عاصفة رفضه ولكن يأتى الصمت التام منه وهى تراه يتفحص الثوب بعين ثاقبة قبل ان يتحدث قائلا بحيرة
: انا شايف انه فستان جميل اوى، ومفهوش اى حاجة تخليكى مش عوزانى اشوفه، يبقى ليه بقى قلقك ده.

همت بتأكيد حديثه عن الثوب بحماس سرعان ما تحول لذعر وعى ترى عينيه تمر فوق جسدها بأدراك ثم يتحدث قائلا بصوت خافت بطيئ
: البسى الفستان ادامى يا ليله، عاوز اشوفه عليكى.

جف حلقها تزاد العقدة داخل معدتها تشددا واخذت تتلعثم بالحديث وهى تحاول ان تنهيه عن تلك الفكرة قائلة باضطراب
: اصل، بس، انا، كنت يعنى.

حاول كبت تلك الابتسامةالمرحة التى جاهدت للظهور على شفتيه وهو يراها بتلك الحال متظاهرا بالجدية هو بعيد عنها كل البعد قائلا
: هنفضل نتكلم كتير يا ليله، مش، كنت هتخلى الجدة تشوفه قبل الكل، انا بقى عاوز اشوفه الجدة نفسها، هاهتزعلينى.

قال كلمته الاخيرة برجاء وبنظرة بريئة فلم تستطيع مقاومته وهو يتحدث بهذه الطريقة ولا تلك النظرة بعينيه
لتسلم فورا متنهدة لتحمل الثوب تتجه به ناحية الحمام ليوقفها صوته الهادئ قائلا
: رايحة فين، غيريه هنا.

التفتت اليه سريعا عينيها تتسع بذهول وجنتيها تشتعل بالاحمرار ليكمل بنفس البراءة هازا لكتفه بلا مبالاة
: مفيش داعى يعنى تتعبى نفسك وتروحى للحمام، وانتى هتغيريه فى ثوانى.

لم تجد ما تستطيع النطق به مع منطقه تجد نفسها تنفذ ما قاله دون تفكير كثير تترك الثوب فوق المقعد مرة اخرى ثم تشرع فى حل ازرار ثوبها ببطء شديد لم تتعمده ولكن لم تسعفها اناملها على السرعة وهى تراه يتراجع فى مقعده الى الخلف مراقبا وعينيه تتابع حركتها باهتمام وشغف لكنه لم يستطع التظاهر بالهدوء كثيرا حين سقط ثوبها اسفل قدميها يسرع فى النهوض متحركا ناحيتها وفى لمح البصر كان يختطفها من خصرها جاذبا جسدها المرتجف بين احضانه ينهى لعبة التظاهر هذه وهو يقول بافتتان وصوت اجش دافنا وجهه فى حنايا عنقها.

: بقولك ايه، احنا نأجل موضوع الفستان ده لبعدين، فى اللى اهم منه دلوقت، ايه رايك.

نبض قلبها بجنون تهمم بموافقة مرتعشة وهى تغمض عينيها باستماع حين شعرت بشفتيه تلثم بشرتها عنقها بنعومة هامسة هى الاخرى ولكن بصعوبة وهى تشعر بقبلاته تنحدر الى اسفل قائلة بلهاث
: انت بتضحك عليا، انت مش همك الفستان ولا شكله من الاساس.

ارتفعت عينيه اليها تلتمع بشغف ورغبة مع لمحة من الخبث لتلتقى بعينيها يهمس لها
: برا?و عليكى، كده انتى بدأتى تتعلمى وتفهمى دماغى صح
لم يمهلها الفرصة لرد ياجتاحها بهجوم شرس من المشاعر والاحاسيس جعلت قلوبهم تخفق بايقاع متناغم وانصهار قوى بين الجسد والروح.

توقفت خطوات اميرة واسرعت برسم الالم والمهانة فوق وجهها وهى ترى فواز يقترب منها بخطوات سريعة وهو يتطلع الى هاتفه يمر من جوارها غير مبالى بها
لتشهق عاليا تتصنع البكاء فى محاولة للفت انتباه وبالفعل نحجت حين توقفت خطواته يلتفت برأسه الى الخلف يسألها بدهشة
اميرة! فى ايه؟ بتعيطى ليه كده؟

اسرعت اميرة بشحذ سلاح الانثى وهو دموعها تلتفت له بعيون باكية ووجه برئ متألم يحرك اقسى القلوب تعاطفا قائلة بصوت رقيق وحزين
: بعيط على حظى يافواز، بعيط على ضعفى ادام عمتى وولادها.

جذب حديثها اهتمام فواز يقترب منها وهو يسألها بفضول ودهشة
: ليه بس بتقولى كده؟! حصل ايه؟

جاءتها الفرصة لتستغلها ترتمى فوق صدره تشهق عاليا ببكاء، مصطنع اجادته قائلة بأنهيار وهى تتشبث به كأنه طوق النجاة لها
: عمتى بتعايرنى بفقرى، طلعت بتكدب عليا وجيبانى هنا علشان تهين مرات ابنها بيه، علشان يعنى انا غلبانة واهلى ناس على قد حالهم.

توتر جسد فواز حين شعر بقربها الشديد هذا منه لكنه تمالك نفسه وهو يسألها باضطراب
: يعنى مفيش جواز، وكل ده كان علشان تضايق ليله وبس.

اجابته بهزة من راسها وهى تبكى بصوت متألم جريح جعله يشعر بالتعاطف والشفقة عليها والغضب الشديد من زوجة عمه وتلاعبها بمشاعر تلك البريئة فهو ادرى الناس بها وبقسوة قلبها ولا مبالاتها بمشاعر بجراح الاخرين طلما ستكون النتيجة لصالحها. الم تكن شقيقته وتلك المسكينه اكبر دليل على ذلك لذا وجد نفسه يرفع يده يربت بها فوق ظهر اميرة قائلا بتعاطف وحنان.

: مش عارف اقولك ايه، بس صدقينى انا مش موافق على اللى عملته ده، وانتى الف واحد يتمناكى وهى الخسرانة على فكرة مش انتى.

زادت اميرة من تشبثها به تبتسم خفية حين تحدث اليها وقد ادركت انها على اولى خطوات النجاح تزداد بسمتها اتساعا وخبثا حين سمعته يكمل قائلا
: وعاوزك تعتبرينى من هنا ورايح زاى اخوكى واى حاجة تحتاجيها تحت امرك.

مرت الايام سريعا واتى اليوم المقرر لخطبة سلمى وقد كان جميع العاملين فى المنزل على قدم وساق
استعداد لتلك المناسبة تحت اشراف زاهية والتى لم تدع شاردة او واردة تمر من تحت بصرها عينيها تشع بالفرحة والسعادة من اجل ابنتها.

اما سلمى فقد لازمت غرفتها تستعد هى الاخرى مسلمة لامر الواقع بأنها لم تكن يوما لجلال ولا ستكون يوما له تدعو الله وان تكون هذه الليلة لها بداية لحياة مع شخصا اخر قد يجعله الله عوضا لها عن احلام وامانى انهارت وتحطمت بقسوة.

اما الباقى من العائلة فكلا يسبح فى ملكوته فقدرية تسعى بكل ما اوتت من قوة فى سبيل استعادة علاقتها بولدها المتسمر على جفائه معها يستمر بالحديث معها للضرورة لكن بفتور اصابها باليأس غافلة فى محاولاتها تلك عن افعى قامت بأوئها فى منزلها لتسعى فيه خرابا وقد اخذت بنسج شباكها حول زواج ابنتها ليقع بكل سذاجة فى تلك الشباك يلهث ورائها كمراهق غض يتلهف لنظرات عيونها المغرية والتى تعده بالكثير والكثير لكن دون ان يطال منها شيئا وقد جعله هذااكثر يأسا واصرارا فى الوصول اليها تزداد علاقته بحبيبة جفاءا التى شعرت بوجود خطبا ما لكنها لا تستطيع وضع يدها على شيئ ملموس.

اما ليله وجلال فقد زاد تقاربهم وتلهفهم الى بعضهم لا يستطيعا اخفاء مشاعرهم حتى فى حضور اهل المنزل وقد لا حظوا جميعا الحالة العابثة والتى اصبح عليها جلال كأنه اصبح شخصا اخر غيره يتابعون بذهول ما يفعله به مجرد حضور ليله معه فى مكان واحد ليصير عاشقا متهورا فى حضورها.

وقفت ليله فى غرفة الجدة تلتف حولها نفسها وهى ترتدى ثوبها الجديد لتهتف الجدة بسعادة وانبهار
: روعة ياليله، يجنن، اكيد لما جلال شافه عليكى عقله طار واتجنن بيه.

ضغطت ليله شفتيهامعا بشدة تشتعل وجنتيها بحمرة الخجل وهى لاتدرة كيف تخبرها ان جلال الى الان لم يرى الثوب فكلما طلب منها ان ترتديه امامه تسير الخطة الى شيئ اخر بعيد كل البعد عن ارتداء الملابس وهى لاتنكر انها جارته فى ذلك بل واوقات تعمدت ان تلهيه عن تلك الفكرة حتى لا يراها به قبل موعد الخطبة تتنفس الصعداء.

حين قال لها انه سيخرج ولن يستطيع الحضور الا قبل الحفل بقليل تستغل الفرصة وتسرع فى ارتدائه والاختباء فى غرفة الجدة منه.

ابتسمت الجدة بمعرفة تسألها
: جلال ماشفش الفستان صح؟

اومأت ليله برأسها بالموافقة بخجل لتتسع ابتسامة الجدة اكثر كأنها تعلم لما لم يفعل فيزيد معها خجل ليله يزحف الاحمرار فوق بشرة وجهها كله ليضاهى حبة الفروالة فى احمراره تخفض عينيها ارضا.

لتكمل الجدة برقة قائلة
: وشكلك مش عوزاه يشوفك بيه الا فى الخطوبة، اكيد علشان تبقى مفاجأة ليه.

هزت ليله رأسها لها بالنفى لتعقد الجدة حاجبيها دهشة قبل ان تقول بتفهم
: خلاص عرفت، خايفة ميرضاش يخليكى تلبسيه مش كده.

اومأت ليله لها بالايجاب لتهز الجدة هى الاخرى رأسها يسود الصمت للحظات بينهم اتى خلالهم طرق فوق الباب يبدده لتدلف نجية بعدها قائلة بأدب
: ست ليله، سيدى جلال وصل وعاوز تطلعيله فوق فى الجناح.

اسرعت ليله فى الالتفات الى الجدة بذعر تطلب بنظراتها العون منها فتهز رأسها بتفهم ثم توجه الحديث الى نجية قائلة بحزم
: روحى يا نجية قولى لجلال، ان الجدة طلبت من ليله تقعد معاها لانها حاسة بشوية تعب ومش عوزة تقعد لوحدها.

اومأت نجية بالموافقة تختفى فورا تنفيذا للامر بينما ليله اسرعت بالجلوس فوق المقعد بعد ان شعرت بوهن ساقيها لتقول لها الجدة بهدوء وطمأنينة
: متخفيش كده، يعنى فى اسوء الظروف هيقول ايه ولا هيعمل ايه، هخليكى تلبسى غيره وخلاص.

رفعت ليله عينيها لها بخيبة امل لبتسم الجدة لها برقة قائلة
: بس انتى بقى مش عاوزة تلبسى غيره، يبقى انتى وشطارتك بقى معاه
اتسعت عينى ليله بأدراك لمعنى كلمات الجدة والتى ابتسمت تغمز لها بخبث.

فجأة ودون مقدمات فتح الباب يدلف من خلاله جلال سريعا متقدما الى الداخل بخطوات واسعة قائلا بلهفة وقلق وعينيه تتركز فوق الجدة
: خير مالك ياحبيبتى، نجية بتقولى انك تعبانة، تحبى اجيب الدكتور ولا نروح المستشفى افضل.

كان يتحدث ويده تجول فوق وجه جدته بلهفة غافلا تماما عن ليله والتى تراجعت الى الخلف تتمنى لو اخفت نفسها عنه فى احدى الزوايا حتى لا يراها ويمر الامر بسلام وهى تستمع الى الجدة تحدثه بصوت رقيق مطمئن
: متخفش، كده ياحبيبى انا كويسة، انا بس كنت عاوزة ليله تقعد معايا تسلينى لحد الضيوف ما يجوا.

حين اتت الجدة على ذكرها اغمضت عينيها تلعن حظها فهو الان ستبحث عينيه عنها داخل الغرفة وسيرى ما ارادت اخفائه وقد صدق حدثها حين تعال صوته الذاهل قائلا
: ايه ده يا ليله بالظبط اللى انتى لبساه.

فتحت عينيها ببطء ترسم داخلهم البراءة قائلة بخفوت
: الفستان، اللى قلتلك عليه.

صرخ جلال بعنف ورفض ذاهل
: لا مش ده خالص، التانى كان، كان...

فجأة لمعت عينيه بشدة وهى تمر فوق حنايا جسدها والتى ابرزها الثوب وقماشه اللامع كانه مرسوم بدقة فوقها تدرك نظراته ان العيب ليس فى تصميم الثوب لو كان على اخرى غيرها لن يكون بهذا الشكل الرائع بل الاكثر من رائع فجسدها هى من يجمله ويعطيه الروح وتلك الروعة لذا همس ببطىء يسألها
: علشان كده مخلتنيش اشوفه.؟

اقتربت ليله منه قائلة بسرعة ولهفة
لا خالص، بس كل مرة اجى علشان اقيسه ادامك انت، انت.

التفتت باتجاه الجدة والتى جلست تتابع ما يحدث بينهم باستمتاع ثم التفتت اليه مرة اخرى تخفض عينيها عنه بخجل تتوقف لا تستطيع اكمال حديثها فادرك مقصدها يتذكر جيدا ما حدث بينهم فى كل مرة حاولت فيها ان ترتدى الثوب له يعلم انه هو من لم يعطيه الفرصة وهو ينقض عليها بشوق ولهفة ينجرف معها فى بحور من المشاعر الصافية تنسيه كل شيئ اخر غيرها...

تنحنح بصعوبة يحاول اخراج عقله ومشاعره التى ثارت مرة اخرى قائلا بصوت اجش مرتجف
: طيب خلاص ماشى، بس مش هينفع تلبسى الفستان ده، اطلعى يلا غيريه لحاجة تانية.

تغللت خيبة الامل بداخلها تنظر ناحية الجدة كانها تقول لها ماذا اخبرتك منذ قليل لكن الجدة غمزت لها باشارة ذات مغزى تذكرها بردها لتلتفت ليله الى بتردد قائلة بصوت حزين
: اللى تشوفه يا جلال، هطلع ادور وسط فساتينى القديمة والبس اى حاجة.

هزته نبرة الحزن فى صوتها وتهدل كتفيها باحباط يتابع تقدمها ناحية بخطوات مستسلمة ليلتفت الى الجدة والتى حركت شفتيها دلالة على حزنها هى الاخرى ليحسم امره سريعا يسرع خلفها وهو يناديها مقتربا منها يلف خصرها بيده يجذبها الى صدره قائلا بتحذير وصوت حازم
: مش مشكلة خليه عليكى، بس اعرفى ايدك متسبش ايدى طول الليلة ولا تبعدى عن عينى ثانية واحدة مفهوم.

هزت راسها بالايجاب سريعا لينحنى اكثر عليها شفتيه تلامس اذنها وهو يهمس بشدة حتى لا يصل صوته الى مسامع الجدة انفاسه تلامسها بنعومة ولكن ما بعث الارتجاف والوهن فى اوصالها هى كلماته التالية والتى قالها بصوت متوعد عابث تعلمه جيدا
: بس متفكريش انها هتعدى على كده، لسه عقابك جاى بعدين، شكلك نسيتى ومحتاجة افكرك.

مر الوقت وقد حضرت عائلة العريس وقد اقتصر الحضور عليه هو اشقائه ووالدته ووالده تمر الليلة وقد جلس الجميع فى القاعة الكبرى المخصصة لاستقبال رجالا ونساءا فلم يكن هنا داعى لتفريق الجمع فهم عائلة واحدة يسود جو من البهجه والفرح المكان حتى سلمى والتى جلست ترتدى ثوب من اللون السماوى رائع التفصيل سرعان ما ارتسمت السعادة فوق وجهها حين وجدت اهتمام ورقة زوج المستقبل معها وسعادته الواضح بها.

اما ليلة فقط وفقت فى احدى الاركان تمسك بيدى جلال وقد امسك بها طوال الوقت دون تركها لحظة واحدة حتى حانت لحظة قراءة الفاتحة ليتقدم جلال من الجمع بعد نداء عمه يجلس وسط الرجال وثم يقوم الجميع بتلاوة الفاتحة فى خشوع تتعالى الزغاريد بعدها تعبيرا عن الفرحة وحين قام العريس بالباس العروس شبكتها الذهبية وقفت ليله تتابع ما يحدث بعيون مهتمة وهى ترى الفرحة والسعادة فوق وجه العريس لتهاجمها ذكرى ليلة خطبتها يرتسم فى عينيها الحزن للحظة شاردة تماما عن اقتراب احدى اشقاء العريس منها متسللا يهمس بخفوت وصوت وابتسامة متلاعبة.

: مكنتش اعرف ان عروسة جلال حلوة كده، يا بخته بيكى والله.

التفتت اليه بذهول سرعان ما تحول للغضب تهم بالرد عليه لكن رؤيتها لاقتراب جلال منهم السريع جعلها تصمت وهى ترى وجهه الحانق وغضبه المتستعير وهو يرمق ذلك الاحمق والذى اخذ يبحث بعينيه عن مهرب ليوقفه صوت جلال الحازم هاتفا به
: واقف عندك ليه يا صفوت مش الاصول تقف هناك جنب اخوك.

تصبب وجه صفوت بالعرق وهو يتحدث قائلا بتلعثم
: اه، حاضر، اللى تشوفه، انا هروح له حالا.

تحرك سريعا يمر بجوار جلال ولكن اوقفته قبضة جلال الحديدية فوق ذراعه وهو يفح من بين انفاسه
: ابقى خد بالك بعد كده من الاصول، علشان اللى بيبعد عنها بيندم بعد كده، ولا ايه يا صفوت.

اسرع صفوت يهز راسه بالايجاب وبوجه شاحب وقد وصل اليه ما يقصده جلال ثم يسرع بخطوات متعثرة ناحية الجمع من العائلتين.

ليلتفت جلال بعدها الى ليله يمسك بيدها ويسحبها خلفه متجها الى الخارج بخطوات سريعة حاولت ان تجاريه فيها وهى تقول بلهاث
: على فين يا جلال، انا لسه عاوزة اتفرج...
توقفت خطواته بغتة يلتفت اليها لترتطم بصدره تنظر اليه مضطربة وهو يقول بوجوم وحدة
: عاوزة تتفرجى؟! دانا اللى هفرجك دلوقت، تعالى معايا
ثم جذبها خلفه مرة اخرى غير مبالى بما قد يحدث او يقال عن اختفائهم هذا.

وقف الجميع فى مدخل المنزل مودعين لعائلة العريس بعد انقضاء وقت بسيط على اختفاء جلال وليله ليسال عن والد العريس حتى يودعه لكن اتت اجابة قدرية السريعة قائلة
: تلاقيه رايح يطمن على جدته انت عارف انه مابيقدرش يفوت وقت طويل الا ولازم يطمن عليهابنفسه.

تقبل والد العريس اجابتها بصدر رحب يعلم جيدا صدق حديثها وما يكنه جلال من محبة شديدة لجدته
لتمضى بهم اللحظات ما بين توديع وتقبيل وتبادل التهانى حتى ذهبوا اخيرا ليقول صبرى فور ذهابهم بأسف
: سألوا عن ابن عم العروسة ومحدش فيهم سأل عن المحروس اخوها اللى معرفش اختفى راح فين هو كمان.

اسرعت حبيبة قائلة مدافعة عنه بحكم العادة
: يمكن طلع فوق يا عمى انت عارف انه مش بيرتاح مع ولاد الخال.

لوت زاهية شفتيها قائلة
: هو من امتى بيرتاح مع حد علشان يرتاح فيهم، يلا هقول ايه بس.

لم تدرى حبيبة بما تجيبها لتلتفت الى سلمى الصامتة وهى تقف مكانها تتطلع الى يدها الحاملة لدبلتها بذهول واهتمام
: مبروك يا سلمى ويارب يتمملك على خير.

رفعت سلمى نظراتها اليها ترى فيهم الفرحة
: الله يبارك فيكى يا حبيبة، متشكرة ليكى اووى.

ابتسمت لها حبيبة سعيدة بما تراه فمن الواضح انها تخطت ازمة حبها المزعوم لجلال بسلام فرحة ببدء حياة جديدة مع انسان من الواضح حبه الشديد لها.

اتى صوت قدرية الحاد مقاطعا لافكارها وهى تهتف بها
: روحى شوفى جوزك فين، وانا هروح اشوف اخوكى اختفى فين هو كمان.

اسرعت نجية تجيب من خلفها قائلة بهدوء
: ستى، سيدى جلال طلع اوضته وبيقول مش عاوز حد يزعجه لو مين ما كان.

احتقن وجه قدرية بشدة حتى انتفخت عروقها تدير وجهها الى زاهية حين سمعت ضحكتها المكتومة تتطلع اليها بغل ليسرع صبرى فى محاولة لتدارك الامر
: طيب حيث كده، يبقى نطلع احنا كمان اوضنا، وكفاية علينا النهاردة لحد كده.

اسرع بجذب زوجته وابنته كل واحدة بيد يصعد بهم الدرج سريعا تتابعهم قدرية بنظراتها قبل ان تلتفت الى حبيبة تهتف بها بحدة
: وانتى كمان واقفة عندك ليه يلا اطلعى على اوضتك
لم تترد حبيبة ثانية واحدة تتحرك هى الاخرى ناحية الدرج بينما وقفت قدرية تتابعها بشرود وعيون مظلمة يتأكلها نيران اصبحت تلازمها طوال الوقت.

اقتربت بخطوات هادئة من غرفة ابنة اخيها وقد اتت الليلة اليها حتى تنهى معها خلافاتهم بعد مكالمة اخيها لها منذ قليل يستحلفها بصلة الدم التى بينهم ان تترك لهم ما بحوزة اميرة حتى يستطيعوا ان يمضوا فى حياتهم الشاقة يعدد لها مشاكله وهمومه مبررا ما فعلته اميرة بأنه كان خوف من بطش جلال بها بعد ان قام بتهديدها وانها لم تكن لها حيلة سوى ان تنفذ ما قاله وقد انهت معه المكالمة على وعد منها بالتحدث الى اميرة وازالة كل خلافاتهم وهاهى الان امام باب غرفتها تمسك بمقبض بابها لكن تسمرت حركتها حين وصل الى مسامعها صوت اميرة المغوى وهى تقول بصوت غنج.

: لا يا فواز، قلتلك مش هيحصل الا لما تتجوزنى.

زاد فواز من قربه منها يلهث بانفاس عالية متلاحقة وهو يحاول الوصول اليها
: حرام عليكى يا اميرة، هتفضلى تعبانى لحد امتى.

رفعت اميرة يدها تتلمس شفتيه وهى تقول برقة ودلال
: انا قلتلك من الاول شرطى، تتجوزنى واقعد هنا فى البيت، انت بقى اللى مش عاوز تنفذ.

فواز وقد زاد لهاثه وحرارة جسده يحاول اقناعها
: هيحصل يا اميرة، بس اللى بتطلبيه ده مينفعش يتنفذ بين يوم وليلة وعاوز وقت.

هزت اميرة كتفها قائلة بأسف مصطنع
: خلاص براحتك، بس مفيش بقى اللى فى دماغك ده الا لما يبقى بشرع ربنا وحلاله.

هنا ولم تحتمل قدرية الوقوف ساكنة طويلا تدفع الباب بقوة وهى تصرخ بعنف هستيرى
: اه يا بنت ال، انتى وهو، بقى عاوزين تقهروا بنتى يا ولاد ال، دانا هطلع روحكم فى ايدى النهاردة
فزع فواز يتراجع بعيدا عن اميرة والتى وقفت مكانها تستقبل عاصفة قدرية الغاضبة بكل برود وهى ترى تحرك فواز ناحية عمتها يمسك بها وهو يقول برجاء وتوسل
: اسمعينى يا مرات عمى وانا اهفهمك.

رفعت قدرية كفها تهوى به فوق وجهه بصفعة عنيفة قوية استقبلها هو بمذلة وخضوع تصرخ وقد شع وجهها بالغضب قائلة
: تفهمنى ايه، بقى انت عاوز تتجوز دى على بنتى انا.

اشارت بيد مرتعشة ناحية اميرة والتى وضعت يدها فى خصرها تتمايل الى جانب واحد قائلة بشماتة واستهزاء
: ومالها دى، مانت كنتى هتموتى وتجوزينى ابنك وتقهرى مرات ابنك بيا، ايه اللى حصل بقى غير تعديل بسيط، وبدل ما هبقى مرات ابنك هبقى ضرة للحلوةبنتك، واقعد على قلبك على طول.

اتبعت حديثها بابتسامة صفراء ونظرة تحدى اشعلت نيران قدرية وغلها وهى ترى ابنة اخيها وصنع يدها تحاول ان تسقيها من مرارة افعالها تذيقها من نفس الكأس والتى حاولت ان تسقيه لغيرها.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
فاقت قدرية من ذهولها تصرخ بغل وهى تحاول التملص من بين ذراعى فواز التى احتجزها بينهم قائلة بصوت جهورى عاصف
: انتى تبقى ضرة لبنتى انتى، دانا ادفنك وادفنه يوم ما تفكروا تعملوها، مش بنت قدرية اللى يبقى لها ضرة يا عين امك.

التفتت الى فواز عينيها تتراقص بجنون تهتف به بصوت بعث الرجفة فى اوصاله
: عارف لو مروحتش جبت بنت ال، من شعرها ورمتها تحت رجلى دلوقت حالا، هخليك تتمنى الموت متلقهوش وانت عارف قدرية لما بتقول بتنفذ.

تيبس جسد فواز ونظراته مسمرة فوق عينيها يرى فيهم الف وعيد ووعيد يعلم بأنها قادرة على تنفيذهم دون لحظة ندم واحدة ليخفض عينه ارضا بخزى وهو يترك قدرية ثم يلتفت ببطء ناحية اميرة وينظر اليها بتصميم لتصاب بالهلع والخوف وهى تراه امامها كانه اصبح شخصا اخر غير من كان بين احضانها منذ قليل فاخذت تتراجع الى الخلف ببطء مع كل خطوة يخطوها باتجاهها وهى تهز رأسها بالرفض وعدم تصديق حتى هب فجأة ناحيتها يمسك بخصلات شعرها بعنف دون ان يمهلها الفرصة للفرار يجذبها منها خلفه وهو يتقدم بها ناحية قدرية التى وقفت تتابع ما يحدث بعيون مستمتعة يزاد بريق استمتاعها حين سقطت اميرة تحت اقدامها لتتطلع اليها بغل وانتصار وهى تفح من بين انفاسها وقد اعماها غضبها عن اى منطق قائلة.

: جدع يا فواز، عوزاك دلوقت بقى تدى لبنت ال، دى علقة موت معتبرة، وبأديك انت.

تقدمته لداخل الغرفة تتجه الى الفراش تجلس عليه زافرة ثم تزم شفتيها بحزن بينما وقف هو يتطلع اليها بهدوء لبضع لحظات يراها وقد زادت هى من ضم شفتيها وهى تضع كفها اسفل وجنتها تستند عليه متنهدة بحزن فيبتسم بحنان يتبدد معه غضبه تماماوهو يتحرك باتجاهها يسألها بهدوء
: ممكن اعرف انتى زعلانة ليه دلوقت، دانا اللى مفروض اقلب الدنيا مش انتى.

لم تجيبه بل ظلت على وضعها ليتقدم منها جالسا بجوارها ملاصقا لها فتحركت مبتعدة عنه فورا بضع انشات فضحك جلال عاليا قائلا برقة بعدها
: لا ده الموضوع كبير بقى، وانا لازم اصالحك.

التفتت اليه بوجه حزين قائلة بتحذير طفولى
: ابعد عنى لو سمحت يا جلال، علشان انا زعلانة دلوقت.

اقترب منها بغتة يختطف قبلة سريعة اختطفت معها دقات قلبها حين همس لها
: طيب مانا بقولك هصالحك يا عيون جلال.

مد انامله يعبث بخصلات شعرها الثائرة بجمال حول وجهها بعد ان نزعت حجابها يسألها بجدية واهتمام
: بجد يا ليله انتى زعلانة ليه دلوقت؟

رفعت عيونها له وعلى وجهها يرتسم الحزن بشدة جعل قلبه يتلهف عليها قلقا وهى تجيبه بهمس
دى كانت اول مناسبة احضرها من تلات سنين او اكتر، والبس فيها واحس بفرحة، حتى خطوبتنا كانت، كانت.

ادرك جلال ما تريد قوله ويزعجها يتذكر جيدا ما تتحدث عنه وما كان عليه حفل خطبتهم من جفاء ليجد نفسه يلف كتفها بذراعه يجذبها اليها لستند برأسها فوق كتفه وانامله تلامس وجنتها برقة وهو يهمس لها بحنان محاولا الاعتذار والتبرير لها فى سابقة هى الاولى من نوعها.

: غصب عنى ياليله، الليلة كانت فوق احتمالى، شكل فى الفستان اللى كان معلى ضغطى ده، ونظرات عيون اللى حوالينا ليكى، واخرهم الحيوان اللى اتجرأ وجه وقف جنبك وكلمك، كل ده خلانى مش متحمل اسيبك وسطهم دقيقة واحدة.

وضع انامله اسفل ذقنها يرفع عينيها اليها فيرى تبدل حالهم من الحزن الى السعادة كانت سببها كلماته والتى ادفئت قلبها وجعلته يتراقص فرحا تتعالى انفاسها حين اقترب بوجهه منها يهمس بأغواء ومرح خبيث امام شفتيها
: وبعدين شكلك كده عوزة تنسينى عقابك على الفستان ده، ولا ايه يا ست ليله.

همست ليله تنفى بدلال وقلبها تتعالى دقاته ترقبا
: لا خالص، انا عارفة ان انا استحق العقاب.

رفع جلال حاجبه بذهول مرح تتسلل انامله حول عنقها من الخلف تتخذ طريقها ببطء حتى سحاب ثوبها تعبث به وثم تسحبه ببطء شديد الى اسفل يزيحه عن كتفيهافتغلق عينيها ببطءوهى تشعربانامله تتلمس بشرة ظهرها العارية برقة متأوهة بأستمتاع حين قضمت اسنانه بشرة عنقها وهو يتراجع بها فوق الفراش تنحدر قبلاته ببطء تغمر جسدها وقد ازاح ثوبها حتى الخصر لتغيب معه داخل غيمة من المشاعر ولهاث انفاسهم المضطربة يتعالى داخل الحجرة حتى فجأة ودون مقدمات تعالت صوت صرخات مكتومة ظنت ليله فى بادئ الامر صادرة عنها لكن حين رفع جلال رأسها عنها يرهف السمع سألته بقلق وعقل مغيب الى حد ما.

: فى ايه يا جلال، الصوت ده جاى منين؟

لم يجيبها جلال بل اندفع بجسده مبتعدا عنها سريعا حين تعالت الصرخات ولكن بقوة وحدة هذه المرة يهرول فى اتجاه الباب مغادرا فورا تتبعه ليله بعد لحظات هى الاخرى.

توقف جلال مذهولا من هول مارأى داخل غرفة اميرة والتى تأتى منها الصرخات اثر ضربات فواز الغاشنة فوق جسدها وقد اسقطها ارضا واخذ يكيل لها الضربات بطرف حذائه فى كل مكان بجسدها استطاع الوصول له بينما وقفت والدته تشاهد ما يحدث باستمتاع ولذة عاقدة لذراعيها فوق صدرها دون اى محاولة منها لايقاف مايحدث.

اندفع جلال مقتحما الغرفة يتجه ناحية فواز يصرخ به بغضب وهو يدفعه بعنف بعيدا عن اميرة حتى كاد ان يسقطه ارضا هاتفا به
: انت اتجننت، ايه اللى بتهببه ده.

تراجع فواز الى الخلف وجهه شاحب بشدة وهو يرى جلال ينحنى يحمل اميرة شبه المغشى عليها بين ذراعيه يسرع بها ناحية الفراش يضعها فوق وهو يصرخ بهياج
: هى حصلت لحد كده، بتضربها فى بيتى.

ثم التفت الى والدته يصرخ بها بغضب
: بقى كده ياما، وصلت انك تسبيه يضربها ادامك وانتى واقفة تتفرجى.

فى تلك الاثناء قد تجمع الباقى من العائلة داخل الغرفة يقفون بذهول ووجوهم شاحبة من هول ما رأوه يتطلعون الى اميرة المستلقية فوق الفراش ووجهها ممتلأ بالكدمات ودمائها النازفة من انفها وفمها وبشرة ذراعيها العاريه قد امتلئت هى الاخرى بالكدمات الشديدة
تتسع عيونهم اكثر ذهولا حين اجابت قدرية بكل برود وقسوة
: انا اللى قلتله يعمل كده، ولو مكنش خلص عليها، هخلص عليها انا.

هتف جلال بها ذاهلا
: ليه، عملت ايه، علشان تعملى فيها كده، كل ده علشان الامور ممشتش على هواكى، ومعرفتيش تخربى بيتى.

شحب وجه قدرية يتوتر جسدها وهى تسمعه يكيل لها الاتهامات دون ان تقدر على نفيها فلو قالت ماحدث فعليا لقامت بهدم حياة ابنتها ودمرت زواجها لذا لاذت بالصمت تقف بجمود مكانها لكن اتى صوت اميرة الضعيف ليفجر كل شيئ بوجهها وهى تقول بوهن
: لا يا جلال مش علشان كده، عمتى عملت كده فيا، علشان اتجرأت وحطيت عينى على جوز بنتها.

توتر الجو تتعالى اصوات الجميع مستفسرة حتى حبيبة صرخت بها قائلة
: انتى بتقولى ايه، تقصدى مين بكلامك يا اميرة.

اخذت اميرة تقص عليهم ماحدث دون ان تغفل شيئ منذ ان قامت بينها وبين قدرية الحرب انتهاءا بلحظتهم هذه تستمر فى الحديث دون مقاطعة بعد صراخ جلال فى الجميع يطالبهم بالصمت توجه الحديث بعدها الى جلال وعينيها تدور بينه وبين ليله قائلة.

: عمتى هى السبب فى كل حاجة حصلت بينك وبين ليله، هى اللى فهمتها انك بتلعب عليها وبعتها علشان تكدب عليها وتاخد الارض منها، هى اللى كانت بتسمم عيشتها بكلام زاى السم وانها اقل من انها تتجوزك، وياما عملت وكدبت علشان تخليك تسيبها
التفت جلال الى ليله يسألها بعينه بذهول عن صدق ما سمع لتأتى اجابتها بان اخفضت عيونها ارضا هربا منه لتكمل اميرة بصوت متألم.

: ولما لقيت انك مش ناوى تسيبها جابتنى انا علشان العب اللعبة الوس، دى عليك وعليها، ولما انكشفت وبقيت ورقة محروقة هددتنى بورقة الضد اللى معهاعلشان تاخد منى كل حاجة وارجع اشحت انا واخواتى.

التفتت ناحية حبيبة الواقفة بجسد متجمد وعيون جافة متسعة بصدمة باكية بندم واسف
: صدقينى يا حبيبة لما عملت كده كان علشان اخرج من هنا، وادوق عمتى من نفس الكاس اللى كانت عوزة تشرب غيرها منه، بس ربنا اخدلك حقك منى، انا اسفة ليكم كلكم، سامحونى. انا بس كنت عاوزة اعيش مستورة انا واخواتى.

ثم ان انفجرت فى بكاء مرير جعل الجميع يتعاطف معها حتى قدرية والتى وقفت بعد حديثها ترى بعين الاخرين فدح ما قامت به وقسوتها وتلاعبها بحياة الاخرين بكل جبروت عينيها تمتلا بدموع الندم وهى تلتقى بعين ولدها فترى فيهم خيبة الامل والانكسار فتناديه برجاء هامسة تحاول الحديث والتبرير له لكنه قاطعها بحزم قائلا.

: لسه عندك ايه متقالش وعوزانا نسمعه، اظن كفاية لحد كده، مبقاش فى حاجة تتقال او تتعمل، من بكرة هاخد مراتى واروح اعيش فى البيت الشرقى، ومش عاوز بعد كده اى علاقة بينك وبينا.

حاول عمه الحديث بعد صمته الطويل ذهولا مما سمع يحاول اثنائه عن قراره رغم علمه باسحالة ذلك لكن جلال لم يهمله وهو يتحرك ناحية ليله المذهولة يمسك بكفها يجذبها معه وهو يغادر الغرفة بخطوات سريعة لتلفت حبيبة بعد مغادرته الى فواز ببط بوجه ثابت الملامح كانها قافت من صدمتها قائلة
: طلقنى يا فواز...

لتسرع زاهية قائلة برجاء
: اهدى كده يا بنتى، وكل حاجة نحلها بالعقل.

لم تعيرها حبيبة اهتماما تنظر الى فواز تكرر كلماتها ولكن بتصميم اكثر ليحاول عمها وسلمى اثناءها وتهدئة الاجواء وبينما قدرية فقد جلست بوهن فوق احدى المقاعد تمسك براسها بين كفيها تخفضها ارضا لتصرخ حبيبة بحدة موجها حديثها الى فواز الشاحب الوجه وهى يقف امامها مرتجفا ينظر لها بتضرع
: طلقنى يا فواز، خليك مرة واحدة فى حياتك رجل وطلقنى...

صمت الجميع حين وجدوها على تلك الحالة من الاصرار والتصميم يعلمون ان لاجدوى من الحديث ليهتف فواز لها برجاء وتوسل
: سامحينى يا حبيبة، والله ما كنت هتجوزها، دى كانت مجرد...

قاطعته ببرود وصوت ثابت لا تهتز
: قلتلك طلقنى، وخليها برضاك، بدل ما ارفع عليك قضية وافضحك وافضح بلاويك من يوم ما اتجوزنا.

ثم اسرعت بمغادرة الغرفة بخطوات سريعة تاركة الغرفة صامتة صمت القبور يقفون جميعا بجمود وقد ادركوا ان لا رجعة للوراء بعد ما حدث.

دلف معها الى داخل حجرتهم يتقدمها ببضع خطوات ترى انحناء ظهره وهمود خطواته فتناديه برقة وهى تسرع اليه تقف امامه توقف خطواته تمد يدها الى وجنته تتلمسها بحنان قائلة بهمس
: علشان خاطرى يا جلال سامح وبلاش...
رفع عينيه اليها لترتجف هولا من رؤية كل هذا الغضب المستعير داخلهم وهو يفح من بين انفاسه بوحشية
: بلاش يا ليله، صدقينى بلاش تتكلمى وتحاولى تهدى الغضب اللى جوايا، انا حاسس انى، انى.

اخذ يحاول الحديث لكن لم تسعفه الكلمات لوصف ما يشعر به الان فبداخله براكين من الغضب والالم تتأكله يكمل بصدمة وذهول
: بقى امى تعمل كل ده، امه تخلينى فى عين مراتى حرامى ونصاب، كل ده ليه، ليه.

وقفت حائرة لا تدرى كيف تهون عليه بما به تراه يكمل بغضب مستعير
: لدرجة دى كنت اعمى، كل ده بيحصل معاكى، وانا جايب كل الغلط عليكى وفاكر انك بتعملى كده علشان الارض.

امسكها فجأة من ذراعها بقوة جعلتها تشهق متألمة لكنها لم تحاول الاعتراض تعلم بانه فى غير حالته الطبيعية وهى يحدثها برجاء
: احكيلى كل حاجة يا ليله، عاوز اعرف، محتاح اعرف ايه اللى كان بيحصل من ورايا.

لم تحتمل نظرة عينه المتوسلة لها لكنها حاولت ان تنهيه عما يريده لكنه توسلها بصوت ضعيف مرتجف جعلها لا تستطيع الرفض لتخبره بصوت اثقله احساسها بالذنب تقص عليه كل ما حدث معها مؤامرات وكلمات والدته القاسية حتى انها اخبرته بما سمعته من حديث بينه وبين سلمى تريد ان تنهى هذه الصفحة بينهم لاتريد اسرار بينهم بعد الان تحدثه بما شعرت به وقتها عندما وجدته لا يحتمل ان تكون ابنة عمه فى مثل ظروفها.

يزاد وجوم وجهه يغمض عينيه بألم وهو يتذكر تلك المحادثة ويتذكر جيدا ماذا قال وقتها يتأكله الندم والغضب لما جعلها تعانيه بسبب تكبره وكلماته القاسية.

اسرعت تقف على رؤوس اصابع قدميها تمسك بوجهه بين كفيها تحاول اخراج من حالته هذه تلقى بالذنب عليها ايضا قائلة باعتذار
: انا كمان متهورة، ولسانى سابق تفكيرى، واكيد عليا انا كمان غلط انا خبيت كل ده عنك زاى ما خبيت حاجات تانية كانت السبب فى بعدنا عن بعض اكتر واكتر.

فتح عينيه فجأة وقد كان يغشاها مشاعر عاصفة وهو يراها تلقى بلوم على نفسها حتى تهون وتخفف اخطائه فى حقها يرفع يديه يمسك بكفيها بينهم ضاغطا عليهم بقوه ثم يوجهم ناحية شفتيه يقبلهم طويلا.

ودون كلمة واحدة امسك بيدها يتجه معها ناحيةالفراش ليجلس ويجلسها فوق ساقه يرفع عينيه اليها هامسا بندم ورجاء يملأ كل ملامحه
: انا اسف، اسف على كل شوفتيه وسمعتيه بسببى، اسف على كل كلمة منى كانت سبب فى انها توجعك، سامحينى ياليله علشان خاطرى سا محينى.

دفن وجهه فى عنقها وقد بدء جسده بالارتجاف كانه يعانى وبشدة فلم تتملك سوى ان ترفع اناملها تمررها برقة بين خصلات شعره تحاول تهدئته والتخفيف عن لكن تسمرت اناملها تتسع عينيها ذهولا حين شعرت بانفاسه الساخنة تلامس بشرة عنقها لكن لم يكن هذا سبب ذهولها بل همسه الرقيق وقد ظنته تلاعب من عقلها لتسأله بلهفة تحاول التأكد مما سمعته ليرفع وجهها بعيدا عن عنقها يتطلع اليها بعيونه الرائعة ومشاعره ثائرة بداخلهم يختطف دقات قلبها معه حين قال بصوت اجش عميق.

: بحبك ياليله، بحبك، بعشقك، مش متخيل حياتى من غيرك يوم، هعيش الجاى من عمرى علشانك انت وبس...

لم تمهله ليكمل بل اندفعت تقبله بقوة تودع فى قبلتها تلك كل عشقها وسعادتها بينما هو اغمض عينيه مستسلما لها تماما يدعها هى تتعامل وتسيطر على كل شيئ حتى ابتعدت اخيرا عنه تضع جبهتها فوق جبهته تهمس بنبرات عاشقة متلهفة لا تضع اى حواجز فوق مشاعرها
: وانا كمان بعشقك، وبحبك اووى اووى، اجمل ايام حياتى اللى عشتها معاك، بحلوها وبمرها.

حدق جلال بها تتشابك اعينهم وهو يقول بصوت مرتعش لا يستطيع السيطرة على نبراته
: بجد يا ليله، بجد بتحبينى، بجد سامحتينى على كل اللى عملته معاكى وقسوتى عليكى.

رفعت كفها تتلمس شفتيه بحنان قائلة
: بجد يا اجمل واحلى حاجة حصلت فى حياة ليله كلها.

هنا وانتهى وقت الكلام يدفن انامله داخل خصلات شعرها يقرب وجهها منه هامسا بصوت متحشرج
: طيب ممكن تسبينى اكمل عقابك لمرة واحدة بس زاى مانا عاوز ومن غير ما حد يقاطعنى.

ضحكت ضحكة منخفضة خجلة سرعان ما اختفت بين شفتيه حين انحنى عليها يقبلها بنهم ولهفة تجرفهم امواج عشقهم داخل بحر من المشاعر الثائرة.

لم يغمض لها جفن طوال الليل وظلت جالسة فى بهو المنزل كتمثال حجرى لا يتحرك بها سوى عينيها والتى اخذت دموعها بتساقط منها ندما وحرقة وقد انهار كل شيئ بعد تعريتها امام جميع من بالمنزل وخسرت ولدها وابنتها.

تتصارع بداخها الالاف والالاف الاسئلة
هل كانت حقا بهذا السوءوالتى اظرتها به اميرة امامهم؟

هل فعلا اصابها هوس التحكم فى حياة ابنائها الى هذا الحد الذى اظهروها به؟

لكنها لم تكن تقصد سوى الخير لهم، لم تتعمد جرحهم او احزانهم
فهى ام برغم كل شيئ هى ام وتريد ان ترى ابنائها فى سعادة وهناء، لم يكن خطأ انها ارادت لهم الخير...

هل كانت حساباتها منذ البداية خاطئة تتحكم بها انانيتها وغيرتها العمياء على ولدها..
تنهدت بحرقة تتساقط دموع الندم من عينيها لكن بعد فات الاوان تدرك ان لا شيئ يمكن ان يمحو فدح اخطائها لديه فهى اعلم الناس به وبقسوته وعناده ان اغلق قلبه امام احد لا شيئ يستطيع ان يعيد فتحه مرة اخرى حتى ولو اظهرت ندم العالم كله امامه.

ظلت جالسة مكانها حتى بدئت الحياة تدب فى ارجاء المنزل تتعالى الاصوات دليل على استيقاظ من به لكنها لم تتحرك من مكانها ابدا وظلت كما هى حتى سمعت خطوات تنزل الدرج فلتفت بلهفة ظنا منها انه هو ولكن خاب ظنها حين وجدت اميرة تنزل الدرج بصعوبة حاملة حقيبتها وقد تلون وجهها بمختلف الالوان من اثر الكدمات والتى ملئته تتقدم منها بخطوات بطيئة متألمة حتى وقفت امامها تضع حقيبتها ارضا ثم تمد يدها ناحيتها بورقة دون كلام لتنظر اليها قدرية بتساؤل اجابتها عنه قائلة ببطءوصعوبة اثر تورم شفتيها.

: ده تنازل عن كل حاجة ابنك ادهانى ومن بكرة هرجع انا واهلى لدارنا القديم تانى.

نظرت قدرية الى الورقة دون اكتراث قائلة
: خليهم مبقاش ليهم لزوم عندى.

وضعت اميرة الورقة فوق الطاولة امامها قائلة بهدوء
: ولا عندى، كفاية اووى اللى اخدته منكم...

اتبعت كلماتها تضع يدها فوق كدمات وجهها فى اشارة الى ماحدث امس تكمل
: اهو درس وتعلمت منه كتير اولهم انى مابصش للى فى ايد غيرى، ولا عينى تزوغ على اللى اعلى منى، الحمد لله انى هخرج من هنا على رجليا.

حملت حقيبتها مرة اخرى قائلة لقدرية الصامتة بوجوم
: ياريت ياعمتى انت كمان تكونى اتعلمتى من اللى حصل، وانك من هنا ورايح تسيبى كل واحد فى حاله يعيش حالته من غير ما تتدخلى ولا تخربيها عليه.

انهت حديثها تتحرك مغادرة بخطوات متمهلة بينما جلست قدرية تدق كلماتها كالناقوس داخل عقلها لفترة طويلة بعد ذهاب اميرة عينيها تنظر الى الورقة التى تركتها اميرة تتسأل بندم.

: اكانت تستحق منها كل ما فعلته، قد تكون استطاع اخذ ما ارادته من اميرة ولكنها خسرت فى مقابلها ابنتها والتى ترفض الحديث معها او محاولاتها شرح الامر لها تغلق باب غرفتها عليها منذ ليله امس بينما جلس فواز ارضا امام بابها محاولا الاعتذار يبدى ندمه على كل ما فعله لكن دون استجابة منها.

ظلت كما هى عينيها تتطلع بلهفة كلما صدر صوت من ناحية الدرج حتى اتى المحتوم وهى تراه بعيون متألمة حزينةينزل الدرج ومعه ليله فنهضت سريعا اليهم تهتف به برجاء وتوسل
: علشان خاطرى يا جلال، بلاش تعمل اللى فى دماغك ده، انا اسفة على كل اللى عملته، صدقنى مش هدخل فى اى حاجة تخصكم بعد كده.

لم تجد منه استجابة وجهه متجهم قاسى تراه منه لاول مرة فى حياتها لتلتفت الى ليله تتوسلها
: قوليله يا ليله، كلميه انتى، والله يا بنتى ما هدخل بينكم تانى، بس بلاش يسيب البيت ويمشى، انا ممكن اروح فيها.

ضغطت ليله فوق شفتيها بقوة تحاول منع دموعها من التساقط وهى ترى والدة زوجها بهذا الضعف والتذلل امامها تشعر بالشفقة عليها مما هى فيه لتلتفت الى جلال تهمس بأسمه برجاء لكنها هبت فزعا حين قال بصوت قاسى عنيف
ليله، متدخليش.

ثم التفت الى قدرية قائلا بحدة وقسوة
: دلوقتى بتترجى ليله علشان عارفة انها الوحيدة اللى ممكن تقنعنى، لسه برضه بتستغلى الناس لصالحك ولمصلحتك وبس، بجد انا مش عارف اقول ايه، لاول مرة فى حياتى ابقى واقف عاجز مش عارف اعمل ايه والبركة فيكى يا، امى، يلا يا ليله.

امسك بيدها يجذبها معه ينزل الدرج سريعا بينما وقفت قدرية عاجزة عن فعل شيئ تتابعهم بعيون متألمة منكسرة تشعر بانسحاب الروح منها مع كل خطوة ناحية الباب تبعده عنه حتى توقف يلتفت الى الخلف مرة اخرى تنفرج ملامحها بأمل ظنا منها بانه تراجع لكنها وجدت ينظر الى اعلى يتخطاها بنظراتها قائلا بهدوء
: جاهزة يا حبيية.

التفت قدرية الى الخلف برعب لترى حبيبة تنزل الدرج قائلة ببرود
: ايوه يا جلال، جاهزة من بدرى.

اتبعها صوت فواز يلحق بها صارخا بتوسل وصوت باكى نادم
: علشان خاطرى يا حبيبة، علشان خاطرى، متسبينش انا ممكن اموت من غيرك، ابوس ايدك ياحبيبة، غلطة يا حبيبة غلطة ومش هكررها تانى...

لم تعيره حبيبة اهتماما تنزل الدرج بوجه جامد كالصخر رغم كل محاولاته ايقافها تتجه بخطوات ثابتة ناحية شقيقها المنتظر تحت اعين قدرية والتى اتسعت برعب وصدمة ترى ابنائها ونبض قلبها يغادران معا دون نظرة واحدة منهم للخلف كانهم يطويان صفحتهم معها الى الابد.

فى تلك اللحظة لم تعد تحتمل ينهار تماسكها تسقط ارضا صارخة بقوة تخرج كل ما بداخلها من الم وحسرة وانكسار.

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
بعد مضى ثلاث اشهر على تلك الاحداث.

دلف صبرى الى داخل غرفة ولده بهدوء ليجدها يسودها الظلام الدامس رغم انتصاف النهار ويعبق المكان برائحة دخان السجائر ليتقدم الى الداخل بخطوات بطيئة حريصة حتى احدى النوافذ يفتحها ليملأ الضوء المكان مما جعل فواز يصدر تذمرا بصوت ضعيف وهو يتقلب فوق الفراش دافنا وجهه فى الوسادة فيهتف به صبرى بغضب
: لحد امتى هتفضل على حالك ده، قوم فز كلمنى.

استجاب فواز له لكن بجسده هامد ينهض جالسا فى الفراش ليتطلع له صبرى بقلب يتألم بشدة وهو يرى الحالة التى اصبح عليها من جسده الهزيل ولحيته التى طالت حتى نهاية عنقه فيتنهد بحزن مقتربا منه محدثا اياه بنبرة حنونة مستعطفة
: ليه يا بنى تعمل فى نفسك كده، فاكر بلى بتعمله ده حبيبة هترجع، فوق يا فواز، وكفاية لحد كده هتضيع ايه تانى.

كان فواز يستمع اليه بوجه حزين مستسلم حتى اتى على ذكر ضياع حبيبة منه لينفجر فى البكاء بدموع حبسها طويلا واتت كلمات والده لتحررها، اقترب منه صبرى سريعا ليحتطططضنه بين ذراعيه يهتف به برجاء
: فوق يابنى فوق، واثبت لها ولينا كلنا انك اتغيرت، وصدقنى يوم ما القيك اتغيرت انا اول واحد هروح لحبيبة واقنعها برجعكم، بس خليك راجل واقف على رجليك وبلاش الحال اللى انت فيه ده.

رفع فواز عينيه الدامعة لابيه يسأله بلهفة
: تفتكر يابا هتسامحنى، انا غلطت فى حقها كتير، واستحملتنى كتير، تفتكر هترضى حتى تبص فى وشى.

شد صبرى على كتفيه بقوة يقول بحزم
: اعمل انت بس اللى عليك، وسيب الباقى لربنا، شد حيلك وهى اكيد لما تلاقيك اتغيرت هتسامح هى كمان.

ارتسم الامل فوق ملامح فواز وقد بعث حديثه والده فيه الروح من جديد يعقد العزم ان يصير منذ الان شخصا جدير بها وبحبها شخصا اخر غير من عاشت معه طوال السنوات الماضية لعل وعسى ان ترضى وتعفو عنه رغم كل ما فعله فى حقها.

جلال...
نادته بصوت هامس متحشرج من اثر النوم قائلة برقة ليلتفت لها مبتسما بحنان قائلا
: عيون جلال وروحه.

تحرك من مكانه يقترب منها منحنيا فوقها يقبلها بنعومة واصابعه تمشط خصلاتها بعيدا عن وجهها يسألها بأهتمام
: عاملة ايه دلوقت؟ احسن عن الاول.

اومأت برأسها له تبتسم بنعومة وهى تحاول النهوض لتسرع يديه لايقافها قائلا بتحذير
: على فين، مفيش حركة من السرير لسبع شهور الجايين.

استلقت ليله مرة اخرى وهى تسأله بدهشة
: ليه انا كويسة؟ وبعدين الدكتورة مقالتش كده خالص.

هز كتفه بلا مبالا قائلا بحزم
: انا اللى بقول هنا وكلامى لازم يتسمع.

حاولت ليله الاعتراض قائلة
: بس يا جلال مينفعش انام طول الوقت ولازم...

قطع الباقى من حديثها بشفتيه يطبقها فوق شفتيها يصمتها بقبلاته الرقيقة عليها ثم تنحدر ببطء فوق عنقها قبل ان يدفن وجهه بحناياه يتنفس بقوة قائلا بصوت مترتعش
: متتخليش حصلى ايه وهما بقولولى الحق ليله وقعت مغمى عليها، سبت سعد وعمك والفرح كله وجريت عليكى زاى المجنون.

دست اناملها فى خصلات شعرها تمررها خلالها بحنان هامسة بمزاح حاولت به تبديد خوفه عليها الظاهر فى نبراته
: اكيد قلت ده رجعت فقدت الذاكرة من تانى، وهعيد الشريط معاها من اول وجديد...

رفع وجهه اليها يهتف وعينيه تعصف بالمشاعر
: مافكرتش، كل تفكيرى ساعتها وقف، كان كل همى اروح عندك واخد فى حضنى وبس.

رفعت كفها تضعه فوق وجنته بحنان تتلمسها لينحنى عليه يقبله بشدة تسأله برقة
: فرحت يا جلال لما عرفت انى حامل؟

هتف بها بذهول وعينيه تشع بالفرحة
: فرحت بس، دانا الدنيا مكنتش سيعانى من الفرحة بس مش علشان كده.

عقدت ليله حاجبيها تتطلع اليه بدهشة ليسرع قائلا بصوت اجش مرتجف من اثر المشاعر التى تموج بداخله
: فرحت علشان انتى اللى هتكونى امه، فرحت ان فيه حتة منى جواكى هتربطنا ببعض اكتر واكتر...

توقفت كلماته حين جذبته هى نحوها لتقبله بلهفة وجموح للحظات طوال بادلها اياها هو الاخر غائبين عن العالم ثم ابتعدت عنه بعيون دامعة فرحة تهمس امام شفتيه
: بحبك، بحبك اوووى ياجلال.

اغلق جلال بنشوة تأثرا بكلماتها يهمس هو الاخر بتحشرج
: وانا بعشقك يا قلب وروح وعمر جلال.

جلست صباحا فى الفراش تتابعه بعيون ولهة تحركاته فى الغرفة وهى يقوم بارتداء ملابسه تلتقى نظراتهم بين الحين والاخر مشتعلة بمشاعرهم حتى هتف جلال باحباط
: ليله يا حبيبتى، بلاش النظرات دى وحياتك، وخلينى انزل، لو فضلتى تبصيلى كده مش هتحرك من جنبك ولو الدنيا اتطربقت.

ارتفعت ضحكتها بدلال وفرحة بمعرفة قدرة تأثيرها عليه ليغلق عينيه ترتفع وتيرة تنفسه محدثا نفسه قبل ان يكون لها
: لا كده كتير عليا، انا الاحسن انزل قبل اتهور، وانا بصراحة هموت واتهور.

وبالفعل توجه الى الباب بخطوات سريعة مرتبكة مان كاد يفتح الباب حتى نادته سريعا ليتوقف لكن دول ان يلتفت لها قائلا
: ايوه يا ليله، فى حاجة؟

نهضت ليله تتجه نحوه قائلة بصوت متردد خائف
: كنت عاوزة اتكلم معاك فى موضوع...

التفت اليه ببطء بوجه جامد وجسد متشدد قد علم ما تريد الحديث عنه ليهتف بها محذرا وبقوة
: بلاش يا ليله، خرجى نفسك بره الموضوع ده، وبلاش تتكلمى تانى عنه.

حاولت ليله ان تتحدث محاولة اقناعه لكنه لم يمهلها الفرصة يسرع مغادرا يغلق خلفه الباب بصوت قوى دل على مدى غضبه فى تلك اللحظة.

: كلمتيه يا ليله...

انتبهت ليله لكلمات الجدة والتى اصبحت ومنذ مغادرتهم المنزل اتى بها جلال للمكوث معهم رغم معارضتها الشديدة لذلك فى بدء الامر لكنها وافقت سريعا حين ادركت تصميم جلال على المغادرة خوفا من حرمانها رؤيته بعد قراره الحازم بعدم العودة الى الدار مرة اخرى.

اجابتها ليله بأسف
: حاولت والله يا جدة، حاولت كتير، مش قابل حتى يسمع كلمة عن الموضوع.

تنهدت الحاجة راجية هى الاخرى بأسف قائلة
: ولا منى انا كمان، قافل قلبه وعقله ومصمم على اللى فى دماغه.

ليله بحزن وصوت خافت
: حتى حبيبة هى كمان مش راضية حتى ترد عليها فى التليفون.

قالت راجية بهدوء وهى تمسك بهاتفها تعبث به
: هما ليهم حق فى كل زعلهم، بس خلاص بقى، امهم هتتجن من غيرهم وكفاية عليها اللى حصلها وحرمانها منهم كل ده.

رفعت الهاتف على اذنها، تصمت فى انتظار اجابة الطرف الاخر للحظة لتهتف بعدها بحزم جعل ليله عينيها تتسع بصدمة حين علمت الى من تتحدث
: ايوه ياقدرية، اه، مفيش ادمنا غير الحل اللى قلته، خلاص هستناكى لاا متقلقيش انا اللى هتصدر له لو عمل حاجة، بس متتاخريش.

اغلقت بعدها هاتفها تسرع ليله قائلة بخوف
: ليه كده يا جدة، افرضى الموضوع اتعقد اكتر.

ادارت راجية رأسها لامام قائلة بلا مبالاة
: يحصل زاى ما يحصل، اهو احسن من سكوتنا ده.

صمتت قليلا ثم عقدت حاجبيها تلتفت الى ليله تسألها بقلق
: تفتكرى جلال ولا حبيبة هيعملوا ايه لو شوفوها هنا؟

جعدت ليله وجهها تعبيرا عن خوفها وقلقها هى الاخرى دون كلام لتسرع راجية هاتفة باضطراب
: يحصل زاى ما يحصل، اهى محاولة والسلام.

جلسوا جميعا بعد الغذاء فى غرفة المعيشة يسود جو من الهدوء والصمت بينهم فكلا مشغول فجلال جلس يتطلع الى بضع بين يديه غافلا عن نظرات ليله والجدة المضطربة الى بعضهم وتطلع ليله المستمر الى الساعة المعلقة فى الحائط حتى لاحظت حبيبة ما يدور تسال ليله بخفوت
: مالك يا ليله، قلقانة كده ليه، وكل شوية تبصى على الساعة.

التفتت اليها ليله تنفى فورا هامسة بارتباك
: لا ابدا انا بس خايفة معاد الدوا يفوتنى، فبطمن على الوقت.

حاولت حبيبة النهوض قائلة
: انا هقوم اجبهولك واجى بسرعة.

اسرعت يد ليله توقفها قائلا وهى تتطلع الى الجدة برجاء
: لا خليكى لسه بدرى على معاده، هبقى ابعت حد من البنات تجيبه.

اسرعت الجدة تنضم فى الحديث لهم تتحدث فى كل شيىء واى شيىء حتى فجأة تعال صوت من كانوا فى انتظارها تلقى بسلام متردد خافت عليهم لينهض كل من جلال وحبيبة بغتة يتطلعون الى مصدر الصوت بوجوم وتحفز سرعان ما تحول لذهول عميق والم وهم يروا والدتهم تقف على عتبة بابهم لكنها لا تشبها بشيئ فقد تحولت الى مايشبه الهيكل العظمى وجنتيها غائرة وعنينها يظلها الاسواد تتطلع لهم بتوسل ورجاء تهمس بصوت اجش.

: انا اسفة انى جيت كده من غير ما استأذن بس غصب عنى مبقتش قادرة على بعدكم عنى...

شعرت ليله بشفقة عليها عينيها تراقبها وهى تتقدم الى الداخل بخطوات مترددة خائفة تدير عينيها بينهم هم الثلاثة تكمل بصوت مختنق بغصات بكائها
: انا مش عاوزة غير انكم تسامحونى، عاوزة لما اموت، اموت مرتاحة وانا عارفة انكم نسيتوا ليه كل اللى عملته فيكم.

وقف كل من جلال وحبيبة يتطلعون اليها بصمت وجههم خالى من التعبير حتى اتت على ذكر موتها لتتبدل ملامحهم لالم تسرع حبيبة وهى تشهق بالبكاء نحوها ترتمى فى احضانها تضم جسدها الضعيف اليها وهو تشهق بالبكاء قائلة بصعوبة وصوت منهار
: متقوليش كده يا ماما، بعد الشر عليكى، ربنا يخليكى علينا.

انهارت قدرية تضم حبيبة الى صدرها وهى تبكى بهسترية ترفع عينيها الى جلال تتضرع مغفرته هو الاخر لكنه كان يقف كتمثال مصنوع من حجر لتخفض عينيها عنه بخزى والم فلم يستطع المقاومة كثيرا وهو يراها بكل هذا الانهيار امامها ليسرع هو الاخر ليها يحطيها هى وحبيبة بذراعيه يضمهم اليه بقوة وحماية تتعالى اصوات البكاء الصادرة عن قدرية وحبيبة وليله ايضا وهى تراقب جمع شملهم بسعادة لتهمس الجدة بابتسامة سعيدة ومطئنة.

: حمد لله على السلامة، وربنا يبعد عنكم الشيطان يا ولاد، انا كنت عارفة استحالة هتستغنوا عن بعض ابدا.

مرت شهور حملها سريعة وسهلة ولكن لا تخلو من تدليل جلال لها وقد فاق كل الحدود تنافسه فيه والدته وقد قامت بنفسها بالاشراف على طعامها وادويتها بل وصل بها الحال الى اطعامها بنفسها كالاطفال ترفض اى محاولة منها لاعتراض.

اما عن جلال فلم يسمح لقدميها ان تطأ الدرج يصعد بها وينزل بها رغم تقدمها فى الحمل وزيادة وزنها الضعف لكنه لم يكن يبالى باعتراضها كما الان وهو ينزل بها صباحا متجها بها ناحية غرفة المعيشة يضعها فوق الاريكة ثم يجلس على عقبيه امامها قائلا بعدها بقلق
: مش كنتى تخليكى فوق احسن، انتى طول الليل ما نمتيش، وضهرك كان وجعك.

كانت اصابعه تمسد لها ظهرها بحنان وهى يتحدث اليها وعينيه تنطق بالخوف لتهمس لها بصوت مطمئن رغم الضغف به
: متقلقش انا كويسة، وبعدين الدكتورة قالت منمش على ضهرى كتير.

زفر بعمق وتوتر وجهه قلق وبشدة وهو يحدثها قائلا
: مش عاوز اسيبك، بس لازم اخرج لساعة واحدة، بس هرجع على طول مش هتاخر عليكى.

اومأت له وهى تبتسم له برقة وطمأنينة تدلف حبيية بعدها تلقى بتحية الصباح بصوت هادئ ليلتفت اليها جلال قائلا برجاء
: حبيبة خليكى جنبها، متسبهاش لحظة، وانا ساعة وراجع على طول.

هزت حبيبة رأسها وهى تجلس فوق المقعد المجاور للاريكة قائلة بهدوء
: متقلقش يا حبيبى روح شوف انت مصالحك وانا هنا جنبها، وماما كمان نزلة كمان شوية متقلقش خالص.

التفت جلال الى ليله ينظر اليها بقلق قبل ان ينحنى عليها يمس شفتيها بشفتيه برقة قبل ان يهمس فوقهم بحنان
: خدى بالك من نفسك، وانا مش هتأخر عليكى.

اومأت له برأسها لينهض واقفا وهو يزفر بقوة ثم يغادر سريعا بعدها ليمر بهم الوقت كانت خلاله االالام ظهرها تزداد وهى تتحدث مع حبيبة لكنهااخذت فى تجاهلها تحاول تمرير الوقت حتى تعالى صوت هاتف حبيبة بوصول رسالة لتسرع بالنظر اليه بلهفة تتعالى بسمة ضعيفة على شفتيها لتسألها ليله بصوت جاهدت لاخفاء الالم به
: لسه بيعت ليكى رسايل.

هزت حبيبة رأسها بالموافقة وهى مازالت تتطلع الى هاتفها لتعتدل ليله جالسة تمسد ظهرها قائلة بصعوبة
: مش ناوية بقى تسامحيه، ده عمل المستحيل علشان ترضى عنه، جلال نفسه قال انه اتغير ومبقاش فواز بتاع زمان.

صمتت حيببة تفكر فى حديث ليله تجد فى نفسها مقبولا له، تعلم ان غفرانها لم يعد مستحيلا كما كان فى بداية الامر خاصة وهى مازالت تحبه، برغم كله مافعله مازالت تحبه حبا لم تدرك عمقه وشدته الا بعد فراقهم، لتبتسم خفية لنفسها وقد قررت سماحه ولكن ليس من الضرورة ان يعلم عنه الان فليعانى الامرين قليلا حتى تبلغه قرارها، نعم فغفرانها لن يكون بتلك السهولة ابدا.

فاقت من افكارها على صرخة ليله المتألمة لتلفت لها تسألها بخوف عما بها لتجيبها ليله بألم شديد وصوت متقطع
: الظاهر بولد يا حبيبة...

اتبعت كلماتها بصرخة اخرى متألمة قائلا بصعوبة وصوت باكى
: جلال، عاوزة جلال، اتصلى بيه علشان خاطرى، هموووووت.

لا يعلم كيف وصل الى المشفى ولا كيف مر عليه الوقت وهو يقف خارج غرفة المخصصة للولادة وقد اجتمعت العائلتين من حوله يحاول الجميع طمأنته لكنه لم يكن يستمع اليهم بل عقله وقلبه وجميع حواسه معلقة بتلك الغرفة فبداخلها اعز ما يملك واغلى من حياته نفسها يخشى عليها بشدة فلو اصابها مكروه لضاع معها فلا حياة له بدونها ولو لثانية واحدة.

وقف وعينيه مسمرة بجمود ووجه شاحب بباب تلك الغرفة لوقت لا يعلم مداه حتى طلت عليهم اخيرا احدى الممرضات تحمل بين يدها لفافتين بيضاء اللون وهى تبتسم له بسعادة قائلة ببشاشة
: مبروك يا جلال بيه، ولدين زاى القمر.

لم يلتفت اليهم حتى بل اسرع بسؤالها بصوت يرتجف لهفة وقلق
: ليله، ليله عاملة ايه، طمنينى على ليله.

اجابت الممرضة وفى عينيها نظرة اعجاب لم تستطيع اخفائها
: الحمد لله قامت بالسلامة وثوانى وهتلاقيها خارجة.

وبالفعل لم تكد تكمل حديثها حتى خرجت ليله من الغرفة محمولة فوق سرير متنقل ليترك الممرضة تحمل طفليه ويسرع اليها يناديها بصوت مضطرب ملهوف يده تلتقط يدها يمسك بيها وهو يتحرك معها باتجاه غرفتها لتسرع كل من قدرية وحبيبة الى الممرضة الواقفة بذهول تتابع ما يحدث تحمل كل واحدة منهم طفلا ليجتمع الكل حولهم يتطلعوا الى تلك البراءة والجمال بفرحة وسعادة طاغية.

نادته هامسة ليسرع ناهضا عن مقعده يجلس بجوارها يحيط راسها بذراعه وهو ينحنى عليها مقبلا جبهتها قائلا برقة
: عيون وقلب جلال، حمد لله على السلامة يا حبيبتى.

رفعت عينيها اليها تسأله بهمس وضعف
: الولاد فين.

اجابها واصابعه تبعد خصلات شعرها بعيدا عن وجهها
: فى الحضانة والكل معاهم هناك.

هتفت برعب ترفع انامله تمسك بقميصه تسأله
ليه، حضانة ليه، الولاد فيهم حاجة يا جلال.

امسك بيدها المتشبثة به يرفعها الى فمه يقبلها بحب قائلا وهو يبتسم لعيونها
: متقلقيش يا قلب جلال، ده حاجة طبيعية انهم يفضلوا فى الحضانة، ساعة ولا اتنين وهتلاقيهم هنا.

هدئت نفسها حين وجدت البسمة تزين وجهه لتسأله بضعف
: شوفتهم، حلوين، شكل مين.

تنحنح بحرج قائلا ببطء
: بصراحة لسه لحد دلوقت ماشفتهومش، مستنى نشوفهم سوا.

ابتسمت له ترفع يدها لوجنته تتلمسها بحب وهى تقول
: انا عاوزة اسمى واحد فيهم جلال.

ارتفع حاجبيه بدهشة يسألها مستغربا ولكن عينيه تنطق بالفرحة
: بس ده مش من الاسامى اللى اتفقنا عليها.

هزت كتفيها بعدم اكتراث قائلا بجدية مصطنعة
: عارفة، بس انا امهم وعاوزة اسمى كده.

عقد حاجيبه بشدة وهو يتصنع الجدية هو الاخر
: حيث كده انا كمان ابوهم ومن حقى اسمى واحد منهم على مزاجى.

سألته بفضول وعينيها معلقة به
: ايه هو؟ عاوز تسمى اسم ايه؟

اقترب من وجهها يقبل شفتيها برقة ونعومة هامسا فوقهم بأمتنان وسعادة طاغية
: جاد، هسمى جاد، على اسم الشخص اللى هدانى باجمل واغلى هدية فى حياتى، واللى هعيش عمرى كله اشكر فضله عليا وانه من عليا بيها.

ابتسمت له وعينيها تتراقص بسعادة حين اتى على ذكر جدها تشعر بروحها تهفو له تعلم انها ستظل عمرها كله تتذكره بكل الحب بسبب تلك السعادة الطاغية التى اهداها اياها فى حياته و حتى بعد مماته.
تمت بحمدلله

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-