رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 بقلم نورهان العشري

رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 بقلم نورهان العشري


رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة نورهان العشري رواية في قبضة الاقدار الجزء الاول 1 صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2

رواية في قبضة الاقدار بقلم نورهان العشري

رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2

يتحدثون دائمًا بأن الكتمان مؤلم و ضريبته موجِعه. ولكن هل اختبر أحدكم مرارة البوح ؟ أن تُخِرج ما بداخِلك وتترُك نفسك مِثلما خُلِقت أمام أحدهم و تكتشف بعد ذلك بأنك أعطيته السلاح الوحيد القادر علي قتلك!
للبوح أيضًا ضريبة و لكننا لا نملك تكلفتها ..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
بلغ الوجع ذروته و اشتدت آلام المخاض كما أشاد نزيف القلب فعلا صراخها حتي دوى رنينه في أرجاء السيارة التي كان يقودها سالم و بجانبه سليم الذي يجلس بقلب مرتعب ممزق عاجز عن اخماد ألمها و إيقاف نزيف روحها التي لم تفلح كلمات فرح المهدئة في تضميدها
" اهدي يا حبيبتي خلاص قربنا نوصل."
كان سالم ينهش الطريق أمامه كما ينهش الغضب بعقله جراء تلك الحقائق المروعه التي انهالت علي رأسهم دفعه واحده و بجانبه سالم الذي كانت عينيه معلقه عليها بألم و قد فاض بقلبه الوجع فود لو يضمها في تلك اللحظه بقوة حتى تستشعر مقدار شعوره نحوها فصراخها يؤلمه بقدر ما يؤلمه ضميره الذي اجهز عليها بأحكام صارمه منذ أن عرفها والآن أجهزت عليه حقيقة برائتها التي كان يراها بعينيها دائما.
هدأ صراخها و انخفضت نبرتها حتي صارت خافته حين قالت
" ابني .. ابني .يا فرح.. خلى بالك . منه."
4
همساتها و ضعف نبرته و حديثها الموجع جعل قلبه يسقط بين ضلوعه و تلاحقت أنفاسه و احتقن الألم بحدقتيه ولونها بحمرة الدم فزمجر بقوة
" بسرعه يا سالم .."
بكل الغضب الذي يملكه ضغط علي دواسه البنزين فأصبحت السيارة كوحش طائر علي الطريق.
لم تستطيع فرح التحمل أكثر فصرخت بانفعال
" لا يا جنة متقوليش كدا. ابنك محدش هيربيه غيرك."
كانت عينيه تلاحقها من آن لآخر من مرآة السياره و في تلك اللحظه تلاقت بعينيها التي لأول مرة يرى بها التوسل الذي تجلي في نبرتها حين قالت
" ارجوك يا سالم بسرعه.."
لامس توسلها أوتار قلبه الذي يود طمأنتها باي طريقه ممكنه فتوسلها و تلك النظرات الضائعه و عبراتها المسترسله علي خديها ليست بالاشياء الزهيده فهي أثمن علي قلبه من روحه.
في وقت وجيز وصلوا الي المشفي و ترجل سليم من مقعده صارخا
" حد يلحقنا بسرعه "
هرول طاقم الطوارئ الي جنة التي كانت تحاول عدم الاستسلام لتلك الدوامة السوداء التي تجذبها بقوة وتم وضعها علي السرير المتنقل و قاموا علي الفور بنقلها الي الداخل وسط حاله من التوهان كانت تحيط بها نتيجه الدماء التي كانت تتدفق بقوة منها فأخذت تنادي بهمس علي شقيقتها
" فرح. ابني.."
" متخافيش يا حبيبتي هتقوموا انتوا الاتنين و هتبقوا زي الفل أن شاء الله"
هكذا تحدثت فرح الممسكه بأحد جوانب السرير يقابلها سليم الذي لم يستطيع تركها للحظه و بعد أن خلع عباءة الكبرياء جانبا و ترك العنان لقبله الملتاع من فكرة حدوث أي شئ لها و قد كانت نظراته المُرتعِبه شئ جديد كليًا عليها فاستقرت عينيها علي ملامحه التي تنطق بتوسل صامت لم تفهمه ولكن قلبها كان أكثر من يعرف ما يحدث فحين تغيب العقل نطقت بهمس استقر في منتصف قلبه
" سليم.."
*************
كانت جالسه علي آخر درجتين من السلم و عينيها ثابته علي بقعة الدماء التي نزفتها تلك المسكينه تحتضن نفسها بخوف تحاول تهدئه جسدها الذي كان يرتجف من هول ما حدث حتي أنها لم تكن تشعر بعبراتها التي انهمرت بغزارة فوق وجنتيها فاقتربت منها سما التي تتشارك معها بالصدمه مما حدث منذ قليل فقامت بلف يديها حول كتفيها وهي تقول من بين دموعها
" اهدي يا حلا متعمليش في نفسك كده"
خرج الكلام من بين شفتيها مُرتجِفًا مُتألِمًا كحال قلبها تمامًا
" انتي. سمعتي. الي . انا . سمعته . صح ؟ مش معقول . يكون حازم . عمل . كدا فعلًا.؟؟ معقول. يكون أذاها بالشكل دا ؟؟"
كانت أكثر من يعلم مقدار قذارته ولكنها لم تستطيع الإفصاح عن ما بداخلها فاكتفت بالقول
" للأسف دا الي حصل "
التفتت حلا تُناظرها بصدمه وهي تقول بجمود
" انتِ مصدقه الكلام دا يا سما ؟ "
سما بألم دفين
" مصدقه يا حلا .. حازم كان عنده استعداد يعمل اي حاجه في الدنيا عشان يوصل للي هو عايزه."
هبت من مكانها بانفعال و صرخت بقهر
" ازاي ؟ ازاي قدر يعمل كده في بنات الناس ؟ مفكرش فيا ؟ مفكرش انه ممكن ييجي حد يعمل فيا زي ما هو عمل.كدا ؟؟ "
حاولت سما تهدئتها
" اهدي يا حلا اللي حصل حصل و حازم خلاص مات ممنوش فائدة الكلام دا "
حلا بغضب ممزوج بوجع
" مات . للأسف مات . مات قبل ما يكفر عن غلطه مع المسكينه دي . مات قبل ما يدفع تمن اخطاءه. مات و راح لربنا و هو عامل كل المعاصي دي . انا حاسه هيجرالي حاجه . دا كان أقرب حد ليا. ازاي يطلع بالأخلاق دي ؟ ازاي يقدر يعمل كدا. طب انا دلوقتي ادعي ربنا أقوله ايه . اطلب من ربنا يرحمه ازاي و هو مرحمش حد . "
تدخلت همت في الحديث قائله بسخرية
" عيبك يا حلا انك مكنتيش بتشوفي اي عيب في اخواتك أبدًا. دايمًا كنتِ شيفاهم ملايكه بجناحات . عشان كدا صدمتك.كبيرة لكن اديكي دلوقتي شوفتي عمايلهم. و شوفتي حازم إلي كنا بنقول عليه ملاك اهو عمل ايه "
7
التفتت حلا تُناظرها بصدمه من حديثها سُرعان ما تحولت لغضب كبير فصرخت بانفعال
" متقوليش كدا علي اخواتي. لو كان حازم غلط فسالم و سليم مش زيه . وانا مش مصدقه أنه عمل كدا اكيد فيه حاجه غلط...
يارب يكون في حاجه غلط .يارب يكون في حاجه غلط '
رددت جملتها الأخيرة من بين دموع غزيرة و قلب مُحترق للحد الذي جعلها تسقط جالسه علي الأرض مُنكِسه رأسها بانكسار لاول مرة في حياتها ..
1
***********
كان الوقت يمُر علي ظهر سُلحفاة و كأنه يتحدى ثبات ذلك الذي كان يقف بجمود كتمثال نُقِش علي ملامحه الوجع و اشتد الألم بعينيه التي لونتها الدماء فقد مر أكثر من ساعه و لم يخرج أحد لطمأنتهم و كأنهم اقسموا علي حرق كل ذرة اعصاب لديه فهو رجل ذو دماء حارة لا يحب الانتظار و لا يتحمل حرب الأعصاب تلك فصار يتنفس بحدة كمن يُريد إزهاق رئتيه من قوة أنفاسه وبرزت عروق رقبته تعبيرًا عن اعتراضها الصامت الذي لم يتجاوز أعتاب شفتيه. و كان هذا حال فرح التي لا تُريد تذكر مواقف مُشابهه انتهت بفواجع تركت ندوب قويه بداخل قلبها الذي لن يحتمل فجيعة أخرى و خاصةً أن من بالداخل لم تكن مجرد شقيقة فقط. بل كانت ابنتها رائحه والديها ذكرى طفولتها الجميلة و كل عالمها.
انكمشت ملامحها بألم لم يتحمله ذلك الذي كانت عينيه تتلقفان كل حركه تصدُر منها و كل تعبير صامت يرتسم علي ملامحها الواهنه التي لم يرها هكذا مُسبقًا لذا طاوع قلبه الذي كان يستشعر قلبها و مدي احتياجها له و بخطوات ثقيله تقدم منها قائلًا بخشونة
" تعالي اقعدي وقفتك كده ملهاش لازمه تعب عالفاضي "
لم تُدقِق في حديثه فقد كان يكفيها صوته و وجوده بجانبها في تلك اللحظه فالتفتت تُناظره بعينين هالكتين من فرط الألم الذي تجلي في نبرتها حين قالت
" هما اتأخروا اوي كدا ليه؟ هو في ايه ؟ انا قلبي واجعني اوي يا سالم و خايفه عليها "
كانت تتحدث بعينين فاض بهم الألم فأمطرت وجعًا سقط علي قلبه فاحرقه فلم يستطِع أن يرُد عينيها التي تُعلِن أنها في أمس الحاجة إليه فاقترب منها خطوتين و أمسك بكفها بيد و بالأخرى لامس وجنتيها ماسحًا عبراتها بحنان تجلي في نبرته حين قال
" اهدي يا فرح عشان خاطري. هتبقي كويسه بإذن الله. "
" يارب . يارب تبقي كويسه. انا مش هقدر اتحمل وجع الفراق تاني. المرادي هموت .."
بلهفه غير مُسبقه له وضع يده أمام شفتيها قائلًا بلهجه قاطعه
" متكمليش يا فرح . هتبقي كويسه أن شاء الله خلي عندك ثقه في ربنا . و قولي يارب ."
اطاعته ويدها تقبض بقوة على يده وكأنها طوق نجاة لقلب يحترق خوفًا و ألمًا
" يارب "
كان كل هذا يحدُث أمام أمينة التي جاءت بسيارة مروان فلم يُطاوِعها قلبها ترك تلك المسكينه التي جعل الله لها نصيبًا من المحبه بقلبها و الكثير من الشفقه و التعاطف حين علمت ما حدث من ولدها الراحل و الذي أدمى قلبها الذي تجاهلت ألمه كثيرًا و أصرت علي المجئ للإطمئنان عليها و الآن وهي ترى وضع ولديها وكلًا منهما يكتوي بنيران العشق والألم معًا فتألمت أكثر و ازداد وضعها سوءً ولكنها حاولت التماسك قدر الإمكان وهي تردد بقلب عليل و شفاه مرتعشه
" يارب نجيها يارب . ربى اني لا اسألك رد القضاء و لكنِ أسألك اللطف فيه.."
7
أخيرًا خرج الطبيب من الغرفة فهرول الجميع حوله وكان هو أول من تحدث بلهفه
" دكتور طمني هي عامله ايه ؟"
كان وجه الطبيب لا يُفسر و لم تمهله فرح الفرصه للحديث فصرخت بألم
" ايه يا دكتور في ايه جنة كويسه ؟"
الطبيب بإشفاق
" الحمد لله العمليه نجحت و الطفل حاليًا في الحضانه عشان مولود في السابع. بس وضع الام للأسف ميطمنش. "
سقطت قلوبهم رعبًا فتحدث سالم الذي لايزال مُمسكًا بكفها
" يعني ايه يا دكتور هي مش داخله تولد عادي؟"
" للأسف يا سالم بيه احنا اكتشفنا وجود ورم في الرحم و كان لازم نستأصله "
شهقه قويه خرجت من جوف فرح التي للحظه كادت أن تسقط لولا ذراعيه القوية التي اسندتها فالتفتت تناظره بصدمه و خاصةً حين استرسل الطبيب في الحديث
" أنا مش عايز حضرتك تتخضي احنا عملنا اللازم و بعتنا الورم يتحلل عشان نعرف اذا كان حميد و لا لا ؟ هي نزفت كتير و دا غلط كمان العمليه مكنتش سهله احنا اضطرينا نديها جرعة بنج تانيه لما أوشكت أنها تفوق و دا طبعًا لما اتصدمنا من وجود الورم. وعشان كدا هتفضل فترة في العنايه المركزه و بعد ما نطمن أن شاء الله هنوديها اوضه عاديه ."
11
******************
لا شئ اصعب على المرء من أن يقع فريسه بين براثن الندم أن يتآكل قلبه رغبة في العودة إلي الوراء لتصحيح أخطاء الماضي فأذا بأصفاد الحاضر تُكبله فتلك الرفاهيه لا يمتلكها إنما عليه أن يجني ثمار ما زرعته يداه . يا لقساوة ذلك الشعور الذي لا يستطيع وصفه و لا الحديث عنه فقط مُجبر على تحمله. يقف الآن أمامها و داخله يحترق ندمًا علي جرائمه معها فقد كان هو القاضي و الجلاد بينما هي أضعف من أن تكون مُذنبه و ألمًا على رؤيتها بذلك الوجه الملائكي و هذا الجسد الضئيل تتحمل كل ما يحدث معها .
6
اقترب بخطى مُثقلة بالذنوب ووقف الي جانب سريرها وأخذت عينيه تطوف علي ملامحها الهادئه و التي ترقد بسلام يُنافي تلك الحروب و المعارك التي نالت منها حتى اردتها بهذا الشكل. و اخذت عينيه بادرة الأعتذار فتساقطت حروفه علي هيئة عبرات غزيرة أغرقت لحيته الكثيفة لتستقر علي يدها الساكنة بجوارها والتي عانقها كفه برفق قبل أن يقترب واضعًا شفتيه فوق راحتها في قُبلة اعتذار طويله نابعه من قلب أدماه الفراق وأهلكه الوجع الذي تجلي في نبرته حين قال بهمس
" آسف!"
10
كان يود لو يصرخ بتلك الكلمه حتي يسمع العالم أجمع اعتذاره الذي جاء متأخرًا و علي الرغم من أنها أخبرته ذات مرة أنه سيندم و بشدة علي كل قذائف اتهاماته التي أدمت قلبها و أحرقت روحها ولكنه لم يكن يتوقع أن يأتي هذا اليوم. فقد كذبها و كذب قلبه معها و عاند متسلحًا بكبرياء لعين سحقها و أمطرها بوابل اتهاماته المريعه و ها هو الآن يتوسل الصفح منها بينما هي لا تشعر به وحتي أن شعرت فهو متأكد انها لن تأبه له و كان هذا الم آخر يُضاف الي لائحة عذابه الذي سيقتله ذات يوم
" انا عارف ان الكلمه دي بسيطه اوي علي كل إلي حصل و الوجع الي اتسببتلك فيه. بس انا فعلًا أسف. "
3
كان مظهره مُذري بقدر شعوره بالألم الذي كان واثقًا من أنها شعرت بأضعافه في كل مرة كان يُهينها و ينال من كرامتها بكلماته السامة ونظراته المحتقرة دون ذرة شعور واحده و الآن هاهو يُعاني مثلما جعلها تُعاني و هي حتي لا تراه و لا تشعر به.
5
" انا عارف ان طريقي معاكِ طويل و صعب. بس الي جوايا ليكِ قادر أنه يحارب كل حاجه عشانك. عشان نكون مع بعض. "
صمت لبُرهه أخذت عينيه تُبحِر فوق ملامحها الصافيه والتي كانت كلوحه جميله نُقِشت فوق جُدران قلبه فتابع بتعب و حيرة
" اللي جوايا ليكِ غريب اوي يا جنة. قوى لدرجه مخوفاني. طول الوقت حاسس انك تخصيني و الاحساس دا كان كأنه طوق ذنب ملفوف حوالين رقبتى لحد ما دمرني. كنت عايز ابعدك عني بأي طريقه و اتضح انك محفورة جوايا. كنت بحاربك و بحارب نفسي و بحارب كل حاجه فيها ريحتك و اتحجج باخطائك. لحد ما خسرت! خسرت قدام حقيقة برائتك."
9
اغمض عينيه بألم وهو يتذكر مشهدها حين صرخت بقهر عن حقيقة ما حدث . اهتاج صدره بقوة و ود لو كان شقيقه أمامه الآن حتي يُلقنه ما يستحقه علي جريمته النكراء و أفعاله المُشينه والتي طالت قلبه المحترق ألمًا علي محبوبته.
" يمكن مش هقدر اقولك كلامي دا لو كنتِ صاحيه لإني للأسف مش هقدر اجبلك حقك من الي ظلمك. ربنا هو الي هيجبلك حقك منه."
2
قال جملته الأخيرة بقسوة و لم يستطيع أن يكمل فقد امتزج الغضب مع ألمه فشكلا غصه صدئة بحلقه منعته للحظه من استكمال حديثه فامتدت يده ليمسح عبراته التي أغرقت وجهه وتابع بمزيد من الألم
" بس اوعدك هجبلك حقك مني و من كل الي كان له يد في الي حصل. يمكن دا يخفف من ذنوبي .. ويكون.. ويكون بدايه لطريقنا سوى!'
11
*******************
كانت تجلس في غرفتها تنظر إلي الفراغ وهي تتذكر كل ما مرت به منذ أن كانت طفلة وحتي الآن . كل ما تعرضت به من محاولات مروعه لانتهاك حرمة جسدها و دفاعاتها المستميتة في المحافظة علي ما هو لها الي أن جاء ذلك اليوم المشؤوم والذي انهدم به العالم فوق رأسها
عودة لوقت سابق
دلفت الي الشقة بغضب وهي تنظر حولها بجنون تبحث عنه فقد طفح الكيل من أفعاله التي لا تعلم سببا لها أو لنقل بأنها كانت تتعمد التغافل عن السبب و لكن ما عرفته منذ قليل غيب عقلها و انتفض قلبها يعلن رفضه وهرولت الى هنا وبداخلها تتوسل الي الله أن يخلف ظنها.
اخذتها أقدامها إلي غرفة النوم و بإيدا مرتعشة قامت بإدارة المقبض و فتحت الباب لتتجمد في مكانها وهي ترى تلك الفتاة العارية التي تتوسط السرير بجانبه وهو ينام بعمق دون أن يرف لقلبه جفن من الرحمة ولا الشفقة على تلك التي انهار عالمها في تلك اللحظة فقد شعرت بطعنة نافذة في منتصف قلبها فالخيانة أمرا موجع و قاتل وهي لا تملك القدرة علي تحمله فأخذت تصرخ كالمجنونه حتي استيقظ هو والفتاة النائمه بجواره فصدمه مظهرها و سرعان ما تجاوز عن صدمته حين علا صراخها أكثر و هي من نومته يرتدي ثيابه علي عجل و هو ينهرها بعنف
" اخرسي الله يخربيتك هتودينا في داهيه . و انتي البسي و غوري من هنا بسرعه"
قال جملته صارخًا في الفتاة التي تجمدت بمكانها من فرط الصدمه ولكن صوته جعلها تهب من مكانها مفزوعه وهي تحاول ارتداء ملابسها امام ساندي التي جُنت تماما فهرولت إليها و تمسك بخصلات شعرها بين يديها بكل ما يعتمل بداخلها من قهرة و غضب و هي تسبها بكل اللغات فتدخل حازم لمحاولة فض ذلك النزاع خوفا من سماع الجيران لأصوات صراخهم و افتضاح أمرهم في البناية
" الله يخربيتك سبيها هتودينا في داهيه."
قال هذا و هو يدفع ساندي بعنف فوقعت علي الأرض وهي تطالعه بصدمه بينما قام بجر الفتاة من شعرها و امسك ملابسها يلقيها في وجهها و هو يخرجها من الشقة ثم عاد أدراجه الي تلك التي مازالت تفترش الأرض بصدمه و انهار من الدموع التي لم تلامس قلبه المظلم حين زجرها بقدمه قائلا بغضب
" انتِ اتجننتِ ايه الي جابك هنا ؟ جايه تفضحيني ."
رفعت رأسها تطالعه بعدم تصديق تجلي في نبرتها حين قالت
" انت بتعمل معايا انا كدا ؟"
صرخ حازم بنفاذ صبر
" واعمل اكتر من كدا.انتِ مين سمحلك تتجسسي عليا. و عايزة مني ايه ؟"
انقشعت الصدمه وحل محلها الغضب الممزوج بألم كبير فهبت من مكانها تقول بعنف
"تصدق انك بجح. ليك عين تتكلم بعد خيانتك ليا. "
حازم بسخرية
" خيانتك!! علي اساس انك مراتي؟ فوقي يا ماما احنا متصاحبين. عارفه يعني ايه ؟ اخرنا نخرج سوي نتفسح سوي نقضي وقت حلو في السرير. غير كدا متحلميش . انا مش بتاع حب و جوازو الكلام الفاضي دا"
و كأنه هوى بمطرقه مسننه فوق قلبها الذي تحطم باقسى طريقه يمكن أن تتخيلها. هل يراها بتلك الطريقه وهي من كانت عزيزة طوال حياتها ؟ كانت تحارب الجميع بشراسه ووحده من ظفر بسلامها و ظفر بقلبها الذي كانت تبني حوله أسوار و القلاع.
" بتقول ايه يا حازم؟ انت.. انت شايفني كدا.. انا يا حازم؟؟"
لم يرق قلبه لحالها بل تابع بتجبر
" ايوا أنتِ. كلكوا متفرقوش عن بعض وانا مش مستعد اني اتجوز واحده كان ليها علاقات قبلي وأنا أساسا شاقطك من رهان بيني و بين صاحبي الي كنتِ ماشيه معاه قبلي. فمن مليون المستحيل افكر اتجوزك. فا تبقي حلوة و تعرفي حجمك و وقتها تبقي حبيبتي و نقضي يومين حلوين سوي يا اما تغوري من وشي. "
2
عودة للوقت الحالي
مازالت تذكر ملامحه المحتقرة و نظراته القاسية و لهجته التي تقطر سمًا نجح في غرسه بقلبها الذي ضخه الي سائر جسدها فاقسمت علي الانتقام منه علي الرغم من عشقها الكبير له ولكنه آذاها بعنف فلأول مرة تحني رأسها وهي تخرج من تلك الشقه تلملم أشلاء قلبها و كرامتها التي دهسها باقدامه والتي لم تنجح كل محاولاتها في ان تواسيها و لا في إخماد نيران عشقها المسموم له فقد انتوت أن تجعله يدفع الثمن و بعد ذلك ستعيده إليها بكل الطرق.
و ها هي الآن تجني ثمار ما فعلته فقد آذت و تأذت و طال الاذي عقلها الذي أضاء لها بفكرة هوجاء و هو أن ذلك الجسد هو السبب في كل ما يحدث معها وهو من جعل زوح خالتها يطمع بها و يحاول النيل منه و هو ما غوى حازم و عدى من بعده ولهذا أرادت التخلص منه فهبت من مكانها تبحث كالمجنونه و سرعان ما وقعت عينيها علي كوب المياة الذي التقطته و قامت بقذفه ليرتطم علي الأرض بعنف حتي تناثر لأشلاء فامتدت يدها تأخذ أحدي قطعه المتناثرة و بعقل مغيب و جسد اعتاد علي الألم فلم يعد يشعر قامت بإفساد كل ما يميزها كانثي ولم تهتم لدمائها التي تناثرت من كتفيها و صدرها ولم تشفق علي نفسها وهي تقوم بالتمثيل بساقيها و ما يعلوهم قد كان كل همها أن تنتقم من نفسها من جسدها من ملامحها ومن ألمها الذي لم يخمد فصارت تضحك بقوة مما فعلته فقد تشوه جسدها و وجهها بالكامل و انبثقت الدماء من كل جزء به حتي صارت الغرفة غارقه في بحيرة دمويه اقشعر لها جسد منال التي سمعت صوت ضحكاتها فهرولت لرؤيتها فهالها ما رأت و انخرطت في نوبه صريخ جلبت جميع الخدم و علي رأسهم زوجها الذي سقط فكه من الصدمه مما رآه ولكنه سرعان.ما تغلب علي صدمته حين التفتت ساندي تناظره بخيبة أمل كبيرة من بين ضحكاتها و ما كادت أن تسقط حتي التقطتها يداه وهو يصرخ بقهر
" بنتي..."
اخترقت صرخته أذان ذلك الذي اعتاد الجلوس أمام قصرهم طوال الليل و النهار ينتظر أن تلمحها عينيه التي من فرط بكاءه تحولت لبحيرة من الدماء فقد ظلمها و دمرها بالكامل وهو أكثر من يعرف ما مرت به ولكن ذلك الشيطان اوهمه بأنها بالفعل عشيقته و نجح في استثارة كرامته التي أعلنت فرمان بالتخلي عنها و إسقاطها من لائحه المقربين منه بعد أن تحولت بعينيه الي غانيه لا تعلم معني الشرف.
" ساندي حصلها حاجه يا مؤمن . انا متأكد"
ضاق ذرعه من صديقه الذي منذ أن أخبره بما حدث وهو يجلس أمام قصرهم بامر من قلبه الذي لا يشتهي شئ سوي الغفران
" يا ابني ارحمني بقي الناس طردتها خمسين مرة و الراجل حلف ستين يمين أنه هيطلبلك البوليس لو شافك تاني قدام بيته و انت لسه مُصر تستني هنا انت بتتفنن ازاي تضيع مستقبلك. ارحمني بقي "
تجاهل توبيخ صديقه وقال بقلب مُلتاع
" قلبي وجعني اوي و حاسس انها فيها حاجه. انا لازم اشوفها "
1
ما أن تقدم خطوتين حتي تفاجئ بمؤمن الذي تقدم يقف أمامه و قام بلكمه بكل قوة في وجهه و لكمه تلاها الأخرى حتي خارت قواه وقام مؤمن بجره الي داخل السيارة وهو وينوي إنقاذه من تلك الهوة السحيقة التي ابتلعته حتي لو كلفه الأمر للسفر الي والديه و إعلامهم ما يحدث ..
*************
كانت تقف أمام زجاج غرفة العناية بالأطفال الحديثي الولادة و بداخلها الف شعور وشعور لا تعلم هل تفرح بوجوده أو تحزن فبسببه هو و والده تدمرت حياة شقيقتها ولكن بمجيئه أنقذ حياتها فحسب كلام الطبيب الحمل و الولادة في هذا الوقت هما سبب اكتشاف الورم الذي اتضح أنه في مرحلة متقدمه كثيرا حتي يصعب اكتشافه و معالجته و بفضل هذا الطفل أنقذت حياة شقيقتها. لا تعلم لما القدر يلعب بهم بتلك الطريقه يجعلها تقف عاجزة حائرة لا تعلم حتي ماهيه شعورها. زفرت بتعب و رفعت رأسها للأعلى وهي تقول بقلب مثقل بالهموم
" يارب.. يارب هونها من عندك."
فجأة تصلب جسدها وشعرت برجفة قويه تسري في عمودها الفقري حين وجدته بقربها و لامست أنفها رائحته التي كان لها وقع قوى علي قلبها الذي يهدأ كثيرا بوجوده بالرغم من كل شئ
" بتفكري في ايه ؟"
هكذا سألها بنبرة خشنه بها قساوة أيقظت الألم بداخلها فتجاوزت تلك الغصة التي تقف بمنتصف حلقها وقالت بجفاء
" انا مصدقة جنة في كل كلمه قالتها."
لم يلتفت إليها إنما قال بفظاظة
" مش وقته. تقوم بالسلامه و نطمن عليها و كل حاجه هتبان "
2
اغتاظت من إجابته فالتفتت تقول باستفزاز
" لا وقته. جنة اتظلمت بس انت مش قادر تعترف. معرفش بقي يمكن عشان الي عملته فينا.."
قاطعها بقسوة
" و ايه الي انا عملته فيكوا ؟؟"
لوهله لاذت بالصمت فهي عندما تبحث بداخلها فلن تجد له أي خطأ فقد حمي شقيقتها و وعدها بأنه سيحمي طفلها و سينسبه لأباه و سيعطيه حقه و الأكثر من ذلك أنه منعها من ارتكاب جريمة القتل حين أوشكت علي التضحيه به.
جاءها صوته القاسي يشوبه التهكم حين قال
" سكوتك طال يا فرح. ايه أخطاءِ كتير اوي كدا و لا بتدوري و مش لاقية"
1
اغتاظت من وقاحته التي تحمل من الصدق الكثير ولكنها كعادتها تأبي الانهزام أمامه فهبت معانده
" ولما تجبنا علي ملى وشنا و تخلينا نسيب حياتنا و بيتنا و تجبرنا نعيش معاكوا ومع ناس بتكرهنا دا يبقي اسمه ايه ؟"
سالم بقسوة
" اسمه اني بحميكوا من نفسكوا و الناس الي بتكرهكوا دول ارحم الف مرة من الناس الي كانت هتاكل وشكوا وهي شايفه اختك و بطنها قدامها من غير جوزها."
1
للمرة التي لا تعرف عددها يكون مصيب بكلماته و لا تعلم بما تجيبه فهي بحاجه ماسه للراحه فقد انهكها كل شئ وهو لا يرحمها ولكنها انثي لا تعرف معني الانحناء لذا رفعت رأسها بشموخ تجلي في نبرتها حين قالت
" والله احنا كُبار بما فيه الكفايه عشان نعرف نتصرف و مكناش محتاجين منك حاجه يا سالم بيه!"
اغتاظ من ذلك اللقب الذي كان و كأنه جدار تضعه بينهم وخاصة حين تابعت بسخرية
" متقلقش انا فاكرة حدودي و بحاول متخطهاش!"
كالعادة تنجح في إثاره غضبه النفيس فآثر الانسحاب لأول مرة حتي لايؤذيها فقط اكتفي بنظرة غاضبه و لهجه تحمل مذاق التهكم و المرارة معا
" كويس خليكي فكراها"
ما أن هم بالالتفات حتي استوقفته كلماتها الغاضبه
" اكيد هفضل فكراها. بس انت كمان متتعداش حدودك معايا"
رفع إحدي حاجبيه وقال باختصار،
"بمعني ؟!"
1
صاحت بإنفعال و غضب نابع من قلب يشتهي ما لا يستطيع الإفصاح عنه
" بأي حق تطبطب عليا و تمسك ايدي قدام الناس كلها ؟'
تشابهت نظراته مع لهجته الجليديه حين قال
" بنفس الحق الي خلاكي تلجأيلي لما كنتي ضعيفه و عايزة تتسندي علي حد "
نجح في تعريه مشاعرها و قراءة نظراتها مما جعلها تبتلع ريقها بصعوبه قبل أن تقول باستهلال
" انت تقريبا بتتوهم و تصدق اوهامك صح؟"
1
شيعها بنظرة خيثة لامست حواف قلبها قبل أن يقول بقسوة
" انتِ الي جبانه . للأسف شوهتي صورتك الي كنت راسمهالك في خيالي "
كلماته إهانته قلبها قبل كرامتها التي كان لزئيرها وقع كبير عليها فرفعت رأسها وهي تبتسم ابتسامه مرة لم تصل لعينيها التي لم تعد تحتمل ثقل عبراتها أكثر بينما هي تحدثت بتهكم
" طب كويس والله . معني كدا انك خلاص صرفت نظر عن فكرة الجواز المجنونه بتاعتك."
كان بارع في قراءة تعابيرها من فرط ماهو مولع بها فلاحظ اهتزاز حدقتيها التي تحمل عبارات غزيرة تهدد بالانفجار فتحدث بلهجه اهدأ قليلا
" قبل ما اجاوبك عايز اعرف الدموع الي في عنيكِ دي سببها ايه ؟ "
لن تبكي و لن تخضع أبدا و ستظل صامدة لآخر نفس هكذا كانت تردد بداخلها قبل أن تقول بلا مبالاة
"أبدا انا بس متضايقه عشان جنة "
خرجت كلماته غاضبه كملامحه حين قال
"كذابه! جبانة و كذابه يا فرح . بس الي يضايق انك مش مضطرة تكونِ كدا."
انفعلت من حديثه و من كل شئ فقالت بنفاذ صبر
" انت عايز مني ايه؟؟"
أجابها بصرامه
" واجهي قولي ايه الي جواكِ وتأكدي أنى هحترمه ايا كان هو ايه "
لن تبكي و لن تخضع أبدا و ستظل صامدة لآخر نفس هكذا كانت تردد بداخلها قبل أن تقول بلا مبالاة
"أبدا انا بس متضايقه عشان جنة أو "
خرجت كلماته غاضبه كملامحه حين قال
"كذابه! جبانة و كذابه يا فرح . بس الي يضايق انك مش مضطرة تكونِ كدا."
انفعلت من حديثه و من كل شئ فقالت بنفاذ صبر
" انت عايز مني ايه؟؟"
أجابها بصرامه
" واجهي قولي ايه الي جواكِ وتأكدي أنى هحترمه ايا كان هو ايه "
اجتمع الألم مع الخوف بعينيها حين طرأ علي ذهنها ما حدث عُصر اليوم
عودة لوقت سابق
كانت تجلس في المقهى أمام ياسين الذي انتظر حين اتي النادل بقدحين القهوة ثم انفجر قائلا
" احكيلي كل حاجه حصلت مع جنة لو سمحتِ"
لم تعتد علي إلقاء الأوامر أو الأمتثال لها لذا قالت بحنق
" بأي حق ؟؟ بأي حق بتطلب مني دا ؟"
1
ياسين بغضب
" تحبِ اوريكي البطاقة عشان تعرفي ؟ "
عاندت بغضب
" مانتوا رميتونا زمان. رميتوا لحمكوا راجعين تدوروا علينا دلوقتي ليه ؟ "
تراجع ياسين قليلا و تفهم موقفها واجابها بلهجه اهدأ
" محدش رماكوا يا فرح و اعتقد الي حصل أنتِ عرفاه. و عارفه كمان جدي و جبروته"
" جبروته دا ضيعنا كلنا. ماما ماتت و سابتنا عيال صغيرة كنا محتاجين حد يطبطب عليا أهل يقفوا جمبنا و بابا الله يرحمه كان اكتر حد محتاجكوا . عارف تعب ازاي من الوحده و الوجع الي واثقه أنه بسببهم مش بسبب المرض. جنة لو كنتوا موجودين مكنش هيحصل معاها كدا. احنا اتدمرنا بسبب جبروته. جاي تدور علينا بعد ايه يا ياسين ؟"
كان يعلم أنها محقه و يشاطرها الوجع بل أكثر و قد تجلي ذلك في نبرته حين قال
" مش لوحدكوا الي اتدمروا يا فرح .. مسالتيش نفسك انا هنا بعمل ايه في اسماعيليه ؟؟ اخويا راضي مات يا فرح . او بمعني اصح اتقتل. "
شهقت بعنف مرتدة الى الخلف فتابع ياسين بلهجة مريرة
3
" كان في خناقه بين عيلتنا و عيلة تانيه كبيرة علي قطعه أرض و قامت خناقه و راضي اتقتل فيها و ماما تعبت جدا و متحملتش تقعد في البلد و بابا نفس النظام و سبنا جدي و البلد و جينا علي هنا و من وقتها وانا بدور عليكوا "
انكمشت ملامحها بألم تجلي في نبرتها حين قالت
" البقاء لله يا ياسين. انا مس عارفه حقيقي اقولك ايه .. ربنا يصبركوا.."
زفر الهواء المكبوت بصدره دفعه واحده قبل أن يقول بخشونة
" الحمد لله علي كل حاجه . هتحكيلي الي حصل لجنة؟ "
زفرت بتعب و قالت بمراوغه
" انت عرفت ايه ؟"
تحلي بفضيلة الصبر و أجابها بصدق
" عرفت انها كانت متجوزة عرفي و حامل و جيتي أنتِ وهي تعيشوا هنا مع أهل الحيوان دا بعد ما غار في داهيه "
أغمضت عينيها بتعب فقد علم كل شئ و لا مجال للكذب أو المراوغه فشرعت تقص عليه ما حدث ولكنها كانت تحتفظ ببعض التفاصيل لنفسها خاصة وهي ترى ملامحه التي تفيض غضبا و أنفاسه التي تعلو تزامنا مع حديثها الذي انهته قائله بحزن
" و ادينا مستنيين أما جنة تولد و نشوف هنعمل ايه "
صاح ياسين بغضب
" هتعملوا ايه يا فرح؟ من اللحظه دي ملكوش عيش مع الناس دي .جنة ليها أهل و هما هيعرفوا يجيبوا حقها كويس "
فرح بمرارة
" يجيبوا حقها من مين يا ياسين إذا كان هو مات."
" الحيوان اقسم بالله لو كان عايش لكنت دفنته بايدي . "
فرح بحزن
" يالا راح عند ربنا هو أولي بعقابه. "
ياسين بنبرة لازالت تحمل الغضب
" سالم الوزان دا شكله مش سهل. انا مش مرتاحله "
تغيرت تعابيرها بشكل مريب و ارتجفت نبرتها حين قالت باستفهام
" ليه .. بتقول كدا ؟"
ياسين بريبة
" مالك يا فرح ؟ أنتِ في حاجه مخبياها عليا ؟
فرح بتلعثم
" لا طبعا... حاجه ايه ؟ "
" وشك اتقلب ليه لما جبت سيرته ؟"
فرح بمراوغه
" أبدا . انا بس خايفه من فكرة أننا نسيب البيت و نروح عند عمي هنقول ايه علي حمل جنة و جوازها . انت عارف الموضوع مش سهل و عمي"
قاطعها بغضب
" عمك تعبان و حالته متأخرة. السؤال هنا هنقول ايه لجدك و عيلتك الي في البلد ؟. جدك من وقت ما عرف أن عمي محمود مات و هو عايز يشوفكوا عشان يرجعلكوا حقكوا و يعوضكوا عم الي حصل زمان.."
" بالسهولة دي ؟؟"
هكذا صاحت مستنكرة فأجابها بتقريع
" مش وقته يا فرح .. خلينا نشوف حل في المصيبه دي. لا جدي و لا بابا و لا حد لازم يعرف بالي حصل مع جنة . دا هيفتح علينا بحر دم مالوش آخر. جدك صعب و اظن انك عارفه دا "
لون الفزع تقاسيمها و احتل نبرتها حين قالت
" طب و الحل يا ياسين. "
ياسين بطمئنة
" متقلقيش يا فرح . انا هشوفلها حل حتي لو لزم الأمر هقف قدام جدي كفايه البهدله الي حصلتلكوا و كله بسبب جبروته و قسوته.."
المهم متعرفيش جنة و لا حد حاجه خالص علي ما اظبط اموري و اشوف هنعمل ايه وكلها بالكتير يومين تلاته و هكلمك تجهزي نفسك أنتِ و جنة عشان تمشوا بناتنا ميقعدوش عند الغرب اكتر من كدا."
4
عودة للوقت الحالي.
طافت عينيها بملامحه فكيف تخبره بما حدث وهي قطعت وعدا لابن عمها بأنها لن تتحدث ؟ كيف تخبره وهي بصدد مواجهة دامية مع عائلتها التي لفظتهمن سابقا و تنوي استردادهم الآن فكيف تقابلهم بذنب عظيم وإثم كبيير مثل هذا..
" مفيش حاجه اقولها. انا اعصابي تعبانه من الي حصل و بيحصل حقيقي مبقتش قادرة اتحمل اي حاجه . "
7
تفشت بداخله خيبة قويه حين رأى نظراتها المراوغة و كلماتها الغير مرتبة فشيعها بنظرات الخسة قبل أن يقول بتهكم
" وماله. سلامتك.."
لمست السخريه في نبرته ولكن خالها نظراته التي تخفي شي غريب ايمكن أن يكون احتقار أو ربما ازدراء .. لم تعد تعرف اجابه ولكن هناك شئ بداخلها يؤلمها بقوة فاقت حدود تحملها...
****************
توقفت سيارته أمام تلك البناية الملعونه بعد أن قطع ساعات من السفر في طريق المجهول باحثا عن الحقيقة و الانتقام أخيرا وصل إلي وجهته و صار يأكل الدرجات حتي وصل إلي تلك الشقة التي يود تدميرها بكل ما تحمله من ذكريات مقززة تصبر غضبه و جنونه الذي جعلوه يدق باباها بعنف و ما أن انفتح و أطل منه مؤمن حتي انهال عليه سليم بالضربات و الركلات دون أن يتيح له الفرصه لاستيعاب اي شئ فبلمح البصر وجد هذا الوحش الهائج أمامه ينهال عليه بالضرب المبرح وهو يسبه بأفظع انواع السباب حتي هلكت قواه وإذا به يصرخ بوجهه بعنف
" احكيلي الي حصل يا حيوان. ضحكتوا عليها ازاي؟ "
مؤمن بمن بين آلامه و تورم شفتيه
" انا .. مش. فاهم .. حاجه .. ابوس ايديك . سيبني.."
سليم بصراخ
" مش هسيبك الا لما تقولي كل حاجه."
لم يكد مؤمن يتحدث حتي صدح صوت من خلفهم
" سيبه. مؤمن ميعرفش حاجه. انا هحكيلك الي حصل."
التفت سليم بجمرتيه المشتعلتين الي ذلك الجسد الهزيل و الملامح المتورمه التي تعود لعدى الذي ما أن نجح في جذب انتباه سليم إليه حتي قال بصوت لا روح به
" انا الي كنت مع حازم في كل حاجه . وانا الي خليته يوهمها أنه مريض و بيموت لما ساندي قالتله أنه مدمن اقترحت عليه يقولها كدا عشان متبعدش عنه و جبتله الورق كمان الي يثبت دا. و عرفته علي دكتور صاحبي اتفقت معاه أنه يقول لجنة أنه حازم مريض سرطان و بيموت عشان توافق تتجوزه عرفي.. "
توجه سليم إليه بخطٍ متوعدة تشبه نظراته وملامح وجهه ولكن ذلك لم يردع عدى الذي أشتهي الموت عله يرتاح من عذابه الذي فاق حدود التحمل فتابع يسرد خطاياه
" حازم عمل المستحيل عشان يجيب رجل جنة و ياخد الي عاوزه منها بس هي كانت دايما موقفاه عند حده. ولما مضت علي ورقة الجواز بحجه أنه مش هيتعالج غير لما يضمن وجودها جنبه. حازم فكر أن الدنيا بقت سهله معاها و بقي يتحجج بالمرض عشان يقرب منها بس هي كانت بتصده و أصرت تروح معاه جلسات الكيماوي و لما قعد يتحجج اتخانقت معاه و هددته أنها هتقطع الورقتين عشان كانوا معاها و هتبعد عنه . حازم اتجنن و حلف لا يجيب مناخيرها الأرض و اتفق معايا أنه هيجيبها هنا علي أساس أنه مركز و هيقابل دكتور و فعلا ساعدته و كلمت ناس اصحابي ساعدونا في التمثيليه دي و في بنت عملت أنها ممرضة و هتدخلهم للدكتور و جابت لجنة عصير كان في مخدر شربته و أغمي عليها و حازم اعتدي عليها.."
لم يكد يكمل جملته حتي انهال عليه سليم ضربا مبرحا وهو يصرخ حتي جُرِحت أحباله الصوتيه
" يا ولاد الكلب... انتوا ايه مش بني آدمين.. "
2
تحدث عدى من بين ضربات سليم المتلاحقة
" موتني و ريحني من كل العذاب دا.. خد حقها مننا كلنا .."
توقفت يد سليم في الهواء و قال بعنف
" وشرف امي ما هنولهولك بالسهوله دي.. الموت راحه ليك انت حبك تفضل تتعذب زي الحيوانات كدا "
****************
.
بعد مرور يومين استفاقت جنة فوجدت فرح بجانبها تتلو آيات الذكر الحكيم و ما أن رأتها تفتح عينيها حتي هبت من مكانها مقتربه منها بلهفه تجلت في نبرتها حين قالت
" جنة . حبيبتي أنتِ فوقتي أخيرا.."
جنة بلهجه متحشرجه
" انا فين ؟ "
فرح بلهفه
" انتِ في المستشفي . ولدتي و جبتِ بيبي زي القمر يا جنة.."
ارتسمت ابتسامه خافته علي ملامحها قبل أن تقول بخفوت
" عايزة اشوفه.."
" حاضر .. هنادي عالدكتور اشوف ينفع تروحيله ولا لا ؟؟"
جنة بلهفه
" ليه هو فين ؟"
فرح بطمأنة
" هو اتولد قبل معاده عشان كدا دخلوه الحضانه بس اطمني الدكتور قال إنه كويس .. ثواني هناديهولك .."
هرولت فرح الي الخارج فوجدت الجميع فهرولت الي امينه تقول بفرح
" جنة فاقت يا حاجه امينه .."
ثم التفتت الي مروان مرددة بفرحه
" جنة فاقت يا مروان .."
امينه بفرحه
" الحمد لله.. احمدك و اشكر فضلك يارب ."
و اضاف مروان بفرحه
"الحمد لله اخيرا.."
لم يجبها سليم انما اندفع الي داخل الغرفه بأمر من قلبه الذي اخمد صوت العقل فكل ما يرجوه رؤيتها و بحرها الأسود الذي وقع غريقا بعشقه .
أما عنه فقد كان يريد الاقتراب منها يريد مشاركتها فرحتها و كل شئ و لكنه تسمر بمكانه حين سمع ذلك الرجل يناديها
" فرح.."
التفت الجميع يناظره بصدمه الا هو إرتسم الإجرام بنظراته و اقترب منه مزمجرا بوحشيه
" انت ايه الي جابك هنا؟؟"
و تحدثت امينه بصدمه
" دكتور ياسين ؟؟"
تفاجئ الجميع من تلك التي تجاوزتهم لتقف بجانب ياسين وهي تقول بعنفوان
" ياسين اكتر واحد له الحق أنه يكون موجود هنا.."
5
سقط قلبه بين ضلوعه من فرط الألم الذي عصف به في تلك اللحظة و استنفذ كل قوته ليظل علي جموده حين قال
" يعني ايه ؟"
إجابته بنبرة هادئه و عينين يرتسم بهم القوة
" الدكتور ياسين وفيق عمران يبقي ابن عمي انا و جنة.."
25
يتبع.....
جراحنا تلتئِم مع مرور الوقت و لكن تبقي الندوب لتُذكِرنا كم عانينا سابقًا و لـِ تردعنا عن الانسياق خلف أوهام العشق الوردية..
1
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت خطاه تحمل لهفة قلبه الذي لأول مرة يترُك الحذر جانبًا و ينساق خلف رغبته المُتعطِشة لرؤيتها و الإطمئنان عليها. بينما هي كانت ترقد بهدوء يتنافى مع ألم جرحها الذي لم يلتئم بعد و قد زاد من انينه ذلك الوجع الذي بدأ يتسرب الي قلبها شيئًا فشيئًا وهي تستعيد ذاكرتها التي توقفت عند تلك الجملة ( حازم مكنش مريض يا جنة) ! كان بالنسبة لها دربًا من الجنون لم تكن بحياتها تتخيل أن تقع في فخ مثل ذلك.
4
الأسوأ من الغدر هو أن تتفاجأ بأن رُكنك الهادئ ماهو الا وكر ثعابين طالت قلبك سمومهم. أن تأتيك الطعنة من ذلك الذي أدرت له ظهرك مُلتحفًا بوشاح الحب فأجهز على طهارة قلبك متسلحًا بخنجر الخيانة.
1
كان الأمر أصعب من أن يوصف و اقسى من أن يُقال وتحمله كان أشبه بجمرة مُشتعله تحيا بقلبها ويضخها الي سائر جسدها الذي انتهكت حرمته بدون رحمة ولا شفقة ممن ظنته يوما حبيبها !
تسارعت أنفاسها و كأنها في سباق مع دقاتها حين تذكرت تلك المأساة التي اغتالت حياتها و حطمت عالمها الوردي
عودة لوقت لاحق
" ممكن اعرف مبترديش عليا ليه ؟"
هكذا تحدث حازم بحنق تجلى في نبرته و طريقة إمساكه بالهاتف فأجابته جنة بجفاء
" انت عارف مبردش عليك ليه و لو مكنتش رنيت من رقم غريب مكنتش هرد يا حازم ."
ازداد غضبه و لكنه حاول التماسك مختبئًا خلف ستار الضعف حين قال
" بتعملي فيا كده عشان عارفه اني مريض صح ؟ "
انقبض قلبها جراء حديثه وقالت بلهجة اهدأ من السابق
" بطل كلامك دا. انت عارف بعمل كدا ليه ؟"
حازم بانفعال زائف
"جنة أنتِ مش فاهمه. انا خايف . خايف من الجلسات دي. خايف شعري يقع زي ما بيقولوا. خايف اتحول لمسخ و وقتها هكرهيني و تسبيني..."
قاطعته بلهفة و نبرة لينة كحال قلبها
" ماتقولش كدا يا حازم أرجوك. قولتلك ألف مرة عمري ما هسيبك و اثبتلك دا بالدليل و انت فاهم قصدي كويس. "
نجح في استمالة قلبها فقالت بتخابث
- " يعني وعد هتفضلي معايا و عمرك ما هتسبيني أبدًا؟"
جنة بخجل
" وعد عمرى ما هبعد عنك ابدًا والله "
" طب ايه رأيك بقي اني حجزت عند الدكتور و هروحله النهاردة عشان احدد هبدأ الجلسات امتى بس طبعا أنتِ هتكوني معايا "
جنة بلهفه
" طبعا هكون معاك . قولي هتروحله امتا؟"
فكر قليلًا قبل أن يُطيع شيطانه و يقول بتخابث
" كمان ساعتين . انتِ فين ؟"
" انا في الجامعة .. خلاص ابعتلي العنوان و اسبقني علي هناك و أنا هجيلك."
" لا طبعا مش هدخل المكان دا من غيرك. قلبي ببتقبض."
فكرت لثوان قبل أن تقول
" طب انت فين و انا هستأذن من فرح وأجيلك "
تحدث باندفاع غاضب
" لا فرح ايه ؟ انتِ بتهزري !! اوعي تكونِ قولتيلها علي تعبي؟؟"
1
جنة بجزع
" ايه يا حازم في ايه ؟؟ لا طبعا مقولتلهاش بس ايه المشكله لو قلنا لها مانتا هتبتدي علاج و هتخف أن شاء الله..."
قاطعها بغضب
" قولتلك لا يا جنة و قسمًا بالله لو حكتيلها حاجه لهلغي فكرة العلاج دي خالص فاهمه.."
قالت مُجبرة
" طيب يا حازم اللى تشوفه"
زفر بارتياح و قال بلهجة لينه
" هعدي عليكِ ونروح سوي "
كانت حزينه بقدر ماهي غاضبة ولكنها لم تفصح عن شئ بل اكتفت بالموافقه و داخلها تشتعل ألف حرف فهي بعمرها لم تكذب علي شقيقتها أبدًا و الآن فعلت الكثير من الأشياء الخاطئة على رأسها تلك الورقة علي مضت عليها مُكرهه بأمر من قلبها الذي أشفق على مرضه و قررت بأنها ستُكمل معه الطريق حتى النهاية فلن تستطيع أبدًا التخلي عنه .
بعد ساعتين كانت تقف معه أمام تلك البنايه و داخلها شعور قوي بالرهبة و هناك صوت في أذنيها يتوسل إليها بالهروب . قلبها منقبض بذعر و جسدها يقشعر كلما تقدمت خطوة و كان الصمت حليفها الي دخلت إلي الشقة و بجانبها حازم الذي كان يثرثر ولكنها كانت بعالم آخر تتمنى لو انها تعود أدراجها و تطلق ساقيها للريح و تغادر دون رجعة ولكنها حاولت استجماع شجاعتها و أخبرت نفسها بأنها تقف بجانب انسان في محنة وهي بعمرها لم تتخلى عن أحد.
" جنة. جنة. "
تنبهت اي حازم الذي كان يناديها وهي غارقه بأفكارها فلم تنتبه له
" نعم ."
حازم باستفهام
" نعم ايه بقالي كتير بكلمك و انتِ ولا أنتِ هنا. مالك فيكِ حاجه ؟ "
كانت تود أن تخبره بأنها تريد الفرار من هنا و لا تعلم السبب ولكنها قمعت ذلك الصوت الداخلي الذي يتوسل إليها بالفرار و قالت بابتسامه باهته
" لا أبدًا أنا كنت سرحانه شوي .. كنت عايز ايه ؟"
لم يتسنى له الإجابه فقد أحضرت لهم الممرضة زجاجتين من العصير وهي تخبرهم بأن الطبيب سيقابلهم بعد قليل فتناولهم حازم منها وقام بإعطائها إحداهما ولكنها لم تكن تُريد فلاحظ ذلك وقال بحزن زائف
" جنة . انتِ ندمانه انك جيتي معايا ؟"
تنبهت جنة لملامحه التي لونها الانكسار و لهجته الحزينه فقالت بنفي
" ليه بتقول كدا؟ طبعا لا. "
تابع تمثيله فنظر أمامه بحزن استطاع أن يتقنه ببراعة ويسكبه في لهجته حين أجابها
" بصي لشكلك في المراية وأنتِ هتعرفي دانتِ حتي مش طايقه تاخدي العصير مني.."
جنة بلهفه
" والله أبدًا انا متوترة بس. ازاي تفكر كدا."
أومأ برأسه بطريقة توحي لها أنه مازال حزينا فتابعت بلهجة ودودة
" خلاص والله يا حازم انا مقصدش اضايقك. "
نظر إليها وابتسم أحدي ابتساماته الرائعة قبل أن يقوم بامساك زجاجة العصير و فتحها وهو يناولها إياها قائلًا بخفة
" خلاص يا ستي مسامحك.. اشربي بقي عشان تفكي من التوتر دا احنا لسه قدامنا مشوار طويل مع بعض مش هتفرهدي من اول مرة كدا.."
لم تنتبه لذلك المكر الذي يقطر من حديثه فقد ارتاحت حين رأت ابتسامته فهي تشعر بالشفقة علي شاب مثله أن يقع فريسه لذلك المرض اللعين و لا تعلم أنها هي من وقعت فريسة بين براثن ذئاب لا تعرف الرحمة سبيلا إلى قلوبهم فبعد عدة رشفات من العصير تراقصت الدنيا من حولها و آخر ما سمعته هو صوت تحطم الزجاجه التي سقطت من بين يديها.
لا تعلم كم من الوقت مر وهي نائمه ولكنها بدأت تستعيد وعيها شيئًا فشيئًا وكان أول شئ وقعت عينيها عليه هو سقف الغرفة الأبيض الذي كانت تراه بتشوش في البداية وبعد ذلك بدأت الرؤية تتوضح ليُهاجمها بعدها ألم قاتل أسفل جسدها فرفعت يدها تضعها فوق رأسها فتفاجئت بذراعها العاري! و بلحظة ضرب عقلها هاجس رفضته بقوة فأخذت تتلفت حولها بلهفه والعبرات تتساقط من مقلتيها بغزارة دون أن تشعر. فقد أدركت الآن حقارة ما حدث معها فتشنج جسدها و خرجت الصرخات المستمرة من فمها الذي أخذ يردد دون وعي
" لا .. لا .. لا.. انا بحلم .. دي مش حقيقية.. لا ... لا... لاااااا"
توقفت صرخاتها علي أعتاب شفتيها حين رأت حازم الذي دخل الغرفه عاري الصدر وهو يُطالعها بنظرات غامضه و نبرة مختلفة عن سابقتها حين قال
" أخيرًا صحيتي .."
1
كان هدوءه يوحي بمدى حقارته فقد كان هادئ وكأن شيئا لم يحدث بينما هي كانت تحترق بلهيب الغدر و الألم و الغضب معًا فصرخت به
" انت معملتش فيا كدا صح ؟؟ "
لم يجبها حازم انما توجه الى اقرب مقعد وألقى بثقله عليه وهو يقول بهدوء
" لا عملت يا جنة. و اللي عملته دا مش غلط ولا عيب و لا حرام أنتِ مراتي.."
2
لم تستطيع تصديق إقرارا بذنبه العظيم و فجيعتها الكبرى و الأسوء من ذلك ان يتحدث بتلك الطريقه و يبرر جريمته النكراء فصرخت حتى جرحت احبالها الصوتيه
" انت حيواااان .. "
لم تشعر بنفسها وهي تمسك بقنينة مياة كانت على الطاوله بجانب السرير و تقوم بإلقائها في وجهه فتفاداها بصعوبة وتوجه ناحيتها بغضب انطبع علي مرفقيها حين امسك بهما يهزها بعنف
" اهدي و بطلي جنان. قولتلك الي حصل دا لا عيب و لا حرام أنتِ مراتي يعني كدا كدا كان هيحصل ."
بكل ما يعتمل بداخلها من قهر صرخت بوجهه
" اخرس.. انت حيوان وحقير.."
لم يتركها انما اقترب منها أكثر وهو يقول بلهجة بدت صادقة
" انا مش حقير ولا حيوان . انا بحبك وعمرى ما هتخلى عنك. ودي الطريقة الوحيدة الي هتخليكِ أنتِ كمان متبعديش عني.."
1
صعقتها صراحته الفجة و عدم إحساسه بأي ذنب جراء جريمته معها فعن أي حب يتحدث بعدما قضي عليها سالبًا منها أغلى ما كانت تملك في هذه الحياة.
فجأة هدأت ثورتها وجلست بمكانها وهي تقول بنبرة تقطع لها نياط القلب
" انت ضيعتني. حرام عليك.. حب ايه اللي يخليك تعمل فيا كدا.."
كان شعورًا عارمًا بالخزي جعلها تنكمش علي نفسها تحتضن كتفها الذي يظهر من ذلك الشرشف الذي يلفها و أخذت ترتجف كورقة أطاحت بها رياح الغدر حتي اسقطتها في بئر من الوحل فأخذت تضرب خديها بعنف الي أن امتدت يديه تحاول إيقافها وهو يقول بغضب
" خلاص بقي أنتِ مزوداها كدا ليه ؟؟ ما قولتلك دا لا عيب و لا حرام أنتِ مراتي افهمي "
لم تستطع تحمل وجوده أكثر و ثباته الذي يضفي نيرانا فوق نيرانها فنفضت يده بحدة وهي تصرخ بكل ما يعتمل بداخلها من وجع
" بكرهك... بكرهك يا حازم بكرهك.."
عودة للوقت الحالي
اختلط الحلم بالحقيقة للحظات شعرت بأنها في ذلك الجحيم مرة أخرى و تعاظم الألم حتي صار تحمله دربًا من دروب المستحيل فوضعت يديها فوق أذنيها حتي لا تسمع صوت صرخاتها الممزوجه بتبريراته السخيفه تريد الهرب حتى لا تراه مرة أخري أمامها فصارت تغمض عينيها بقوة و تردد دون وعي
" بكرهك .. بكرهك.. يا حازم بكرهك.."
كانت ملامحها المتألمه تحكي عن أي كابوس تعيش في تلك اللحظة. كابوس لا تستطيع تجاوزه أي فتاة و خاصةً هي. جسدها المرتجف كان يُعبر بطريقته عن رفضه لما حدث له و ما مر به. يعلم جيدًا أي شعور يجتاحها الآن فقد كان يُشارِكها الألم يشعر بالقهر لما حدث معها يتألم كما لم يتألم من قبل.
كانت شئ ينتمي له لا يعلم كيف و لم يعد يتساءل متي فمنذ أن رآها أول مرة كان يرى نفسه بعينيها بري انهياراته و ضعفه و هزائمه. كانت تُعبر عنه تشكو همه بلسانها تذرف عبراته التي تُثقِل جفونه وتؤلم قلبه الذي كان يحيط به كبرياء أعمى يمنعه من الإنهيار.
كان القدر يلقي بها دائماً في طريقه و كأنه يُعانده حتى أسلم قلبه رايته فأصبحت حربًا ضاريه يقف بها أمام قدره الذي أحكم قلبه بين كفيها ولم يعُد له سبيل للمقاومة و بالرغم من قوته و صلابته إلا أنه أضعف مخلوق أمام ضرًا يمسها.
و الآن يقف عاجزًا لا يستطيع أن يفعل لها شيئا وهو يراها تُنازِع ألمها وعذابها الذي كان هو جزءً منه.
فقط يتمني لو يضمها يمتص منها كل تلك الذكريات المؤلمه. لو يقاسمها ذلك العذاب الذي يلون تقاسيمها الرائعه. تمني لو يصرُخ بملئ شفتيه و بملئ العالم باعتذارات قد يكون فات أوانها. كانت تلك الأمنيات البسيطه أقرب إلي المستحيل منه.
لم يستطيع تحمل ألمها أكثر فاقترب منها يربت بحنو علي وجنتيها يحاول إخراجها من كابوسها المرعب
" جنة فوقي.. فتحي عنيكِ .. دا كابوس.. فتحي عنيكِ انا جمبك"
أخيرًا استطاعت أن تفتح عينيها حين وصلها صوته الذي بدا و كأنه قادم من بعيد. فأخذت ترمش بعينيها لثوان قبل أن تصطدم بجمرتين مشتعلتين بنيران دائمًا كانت تحرقها بألسنة اتهاماته المُروعه و التي لم تشفق يومًا عليها فحاولت استعادة نفسها للحظات لم تقطع تواصلهما البصري ثم نهرته بجفاء
" انت بتعمل ايه هنا ؟"
تراجع خطوة إلي الخلف بينما عينيه ما زالت مسلطة عليها و قال مستفهمًا بنبرة هادئة كانت غريبه علي مسامعها وخاصة منه
" عاملة ايه دلوقتي ؟"
غمغمت بخفوت
" الحمد لله."
شعر بجفائها الذي آلمه ولكنه تجاهل ذلك قائلًا
" حمد لله على سلامتك.."
لم تتنازل بالنظر إليه بل أجابت باختصار
" الله يسلمك.."
كان جفاءها أمر متوقع ولكنه بالرغم من ذلك كان مؤلم. وللحق كان أقل بكثير مما يستحق هكذا حدثه قلبه و لإنه لم يكن متجبر أو ظالم بطبعه جذب المقعد و وضعه أمام مخدعها يناظرها بعينين لأول مرة تصفو سماءهم وقال بنبرة رخيمة
" جنة.. ممكن تبصيلي.."
لم تكن أول مرة تسمع اسمها من بين شفتيه ولكن تلك المرة كان مختلفًا بطريقة اربكتها و جعلت دقاتها تتقاذف بداخلها بعنف. وعلي عكس المتوقع أخفت كل ما يعتمل بداخلها ببراعة و أطاعته بهدوء و دون حديث فقط نظرات تتخللها السخرية بينما ظلت ملامحها جامدة ليعلم أن تلك الفتاة التي يراها الآن تختلف كثيرًا عن التي جاءت منذ خمسة أشهر لتعيش معهم فقد حولتها الصدمات و الآلام إلى أخرى لا يعرف إن كان يستطيع التعامل معها أم لا!!
" في كلام كتير بينا محتاجين نقوله.. يمكن الوقت دلوقتي مش مناسب بس.."
قاطعته بجمود
" فعلًا الوقت مش مناسب لأي كلام انا عايزة اشوف ابني واطمن عليه و ارتاح عشان تعبانه.."
تعلم جيدًا أنها تستفزه و أنه ليس برجل صبور وإن كانت تلك الطريقة التي ستسلكها معه فهو هالك لا محالة
" زي ما تحبي .. خلينا نأجل اي كلام بينا لوقت تاني تكون صحتك اتحسنت."
بنبرة اقرب الي العادية تحدثت
" مفيش بينا كلام يتقال . عالأقل من ناحيتي معنديش حاجه اقولهالك. و معتقدش اني الي هسمعه منك مهم أو هيفيدني .."
أيقظت وحوشه الكامنة بلامبالاتها و جمودها فهب من مكانه قائلًا بغضب
" لا في و هتسمعيني . حتي لو معندكيش اللي تقوليهولي. بس هتسمعيني. انا عارف اني غلطت في حقك.."
توقف للحظات لا يعرف كيف يبدأ أو يُعبر عما يدور بداخله لا يُريد نبش الماضي و لا خربشه جراحها المُلتهِبه مرة أخرى ولكنه تابع من أكثر بواطنه ألمًا
" انا كنت عارف ان حازم مش ملاك.. و كنت دايمًا بختلف انا وهو لحد يوم الحادث ساب البيت و مشي بسبب خناقتي معاه. بس كنت بقول شاب و طايش. لكن أنتِ.."
3
تعمقت نبرته و نظراته أكثر حين تابع
" أنتِ كان الوضع بالنسبالك مختلف. بنت حلوة.. جميلة..."
تلعثمت حروف الغزل المغايرة علي شفتيه فتوقف للحظات يشرد بعينيها و ملامحها التي نُقِشت بسهم الحُب المشتعل فوق جُدران قلبه فتسارعت أنفاسه للحظات قطعتها حين أدارت عينيها للجهة الأخرى وكأنها تستنكر نظراته إليها فتحمحم بخفوت قبل أن يُكمل
" و باين عليكِ انك بنت ناس. ليه تعملي في نفسك كده ؟ ليه تقبلي حاجه زي دي و تقللي من نفسك تحت مُسمى الحب. "
أيدته بلهجه قاسية
" عندك حق.. انا فعلًا قللت من نفسي. و مش ناوية اعمل كدا تاني."
1
تشابهت ملامحها مع لهجتها في تلك اللحظة فعلم أنها مازالت تحت تأثير جراحها أو هكذا اقنع نفسه فاطلق الهواء المكبوت في صدره دفعة واحدة و اقترب من مخدعها مرة أخرى و أقر بهزيمته بنبرة هادئة
" انا بعتذر على كل كلمة قولتها ضايقتك. بعتذر علي كل حاجه حصلت مني و من.. "
تشنجات عضلاته و نفرت عروق وجهه وهو يتابع من بين اسنانه
" و من حازم."
أجابته بجفاء و صرامه
" اعتذر في الي يخصك أما الي بيني و بين حازم دا هيفضل بينا ليوم الدين.."
كان يعلم مقدار حزنها و ألمها فبالرغم من جمود ملامحها و لهجتها إلا أن اهتزاز حدقتيها كان يوحي بطوفان العبرات الذي يختبئ خلف جفونها لذا تابع بقسوة
" اقسم لك بالله لو كان عايش كنت هجبلك حقك منه و مكنتش هعمل اعتبار لأي شئ و لا حتى أنه اخويا.. بس اوعدك هجبلك حقك من الشياطين الي ساعدوه..'
فاجأته حين أردفت ببساطه
" بس انا مش عايزالك تجبلي حقي من حد .."
برقت عينيه للحظات وانكمشت ملامحه بحيرة من حديثها لتتابع بصوت متحشرج
" حقي عند ربنا. و لو فكرت اخده هاخده بنفسي. أما أنت عم ابني و بس. و دي حدود العلاقة بينا. اتمني تكون فهمت قصدي!"
10
نجحت في غرس سهمها في منتصف الهدف بقوة. و كان الضحية قلبه! فقد استشعر الآن معنى كلماتها حين أخبرته بأنه سيعُض أصابعه ندمًا علي ما فعله معها فهو الآن يود لو يطلق على رأسه ألف رصاصة قبل أن يخرج من فمه تلك الكلمات التي ألقت به في الجحيم و حرمته الجنة طوال حياته.
أخذ نفسا طويلًا قبل أن يقول بخشونة
" مش هلومك علي اي حاجه قولتيها دلوقتي لإني عارف اني غلطت! بس احنا مش هننتهي عند النقطه دي يا جنة. "
2
كانت نظراته تحمل اعتذارات و ربما توسلات لم يُفصِح اللسان عنها ولكنها لم تفلح في هدم ذلك الجدار الفولاذي التي أحكمت بناءه حول نفسها فتابع بنبره متحشرجة
" حتي لو الطريق كان طويل و صعب بس اكيد له نهاية. و أنا عمرى ما هستسلم أبدا.."
بعينين جامدتان و رأس مرفوع بعنفوان تجلى في نبرتها حين قالت
"الكلام دا لو انا قبلت امشي معاك في نفس الطريق.. طريقنا مش واحد. لحد هنا و كفاية.."
3
اقتصت من كبرياؤه القدر الذي مكنها من لملمه أشلاء كرامتها التي مزقتها اتهاماته المروعه فها هي الآن و لأول مرة منذ وقت طويل مرفوعة الرأس بكبرياء كامل لا ينقصه شئ و لا يشوبه شائبة و تستطيع مواجهته و مواجهة الجميع
4
***************
خيم الزهول والصمت علي الجميع حين ألقت فرح قنبلتها الموقوتة التي كان لآثارها أعراض هائلة حجبتها الصدمة التي قطعتها شهقة قويه من جوف تلك التي كانت تقف خلفهم ترى و تسمع ما يحدث بزهول تحول الي ألم ممزوج بالغضب حين تذكرت ما حدث قبل قليل
عودة لما قبل نصف ساعه من الآن
كانت تتجول بالحديقة بخطً مثقلة بالهموم التي تمتزج بنيران الغضب و الذنب معا تخشي مواجهة الأختان و تملك من الكبرياء القدر الكافي الذي يمنعها من الاعتذار و ايضا هناك جرح دامي في منتصف قلبها لايزال ينزف منذ أن رأته معها.
حتي تلك اللحظة لم تكن تدرك ماهيه مشاعرها نحوه و مقدار عمقها و الذي هو نفس مقدار ألمها الآن فبكل أسف هي قد وقعت بالمحظور. و عشقت هذا الرجل .
ما أن مر طيفه علي بالها حتي غاب العقل لثوان للحد الذي جعلها تتوهم حين رأته يقف أمامها في طريقه لباب القصر الداخلي فبعد أن حاول الاتصال بفرح طوال الأيام المنصرمه و كان هاتفها مغلق لم يستطيع الأنتظار أكثر و أخذ قراره بأن يأتي بنفسه للأطمئنان عليهم و وضع الأمور في نصابها الصحيح و ما أن وصل إلي قصرهم و هو في طريقه الي الباب الداخلي شاهد حوريته الصغيرة تتجول بخطً مبعثرة في الحديقه فقاده قلبه إليها قائلا بلهجه يشوبها اللهفة
" حلا ."
كانت تناظره بصدمه سرعان ما تحولت لغضب تجلى في نبرتها حين تحدثت برسميه ادهشته
" اهلًا يا دكتور ياسين.."
تجاوز عن رسميتها و ملامحها المُتجهمة فقد غلب شوقه لها كل شئ فقال بعتب
" مجتيش الجامعه ليه؟ انا عرفت انك فكيتِ الجبس من كام يوم؟"
كانت لهفة نبرته لها وقع خاص علي قلبها الذي تألم حين سمعت كلماته فمن المؤكد أنه عرف من تلك الفتاة أنها تخلصت من الجبيرة لذا تحدثت بمرارة
" و مين قالك اني مجتش؟ "
انكمشت ملامحه بحيرة تحلت في نبرته حين قال
" و مجتيش ليه عشان اشوفك؟ "
كادت تنفجر بوجهه وهي تخبره بأنه اول شخص توجهت إليه من فرط شوقها ولكنها تفاجئت برؤيته مع أخرى و لكنها كانت ذو كبرياء قاتل جعلها تقول بإختصار
" محبتش اشغلك. وبعدين مفضتش كنت مواعدة اصحابي نخرج سوى .."
نجحت في إثارة غضبه جراء حديثها ولكنه تجاهل ذلك قالبًا شفتيه بسخرية قائلًا بنبرة عادية
" اه اصحابك .. تمام حمد لله علي سلامتك. "
غمغمت باختصار
" شكرا."
باغتها حين قال بفظاظة
" فرح جوا ؟"
شهقت لصراحته الفجة و لسؤاله المباشر عنها دون اعتبار لأي شئ فصاحت غاضبة
" انت كمان ليك عين تيجي تسأل عليها هنا..؟"
ياسين ببساطه
" و ايه المشكله؟؟"
جزت علي أسنانها بغل تجلى في نبرتها حين قالت
" والله انا مشفتش بجاحه في حياتي كدا. مش كفايه سرمحتها معاك بره . لا و كمان جيباك هنا وراها..."
قاطعها هادرًا بعنف
1
" عندك.. خلي بالك من كلامك. اعرفي بتقولي ايه و بتتكلمي عن مين. الغلط عندي مش
مسموح بيه .. "
3
تلظت بآلام قاتله لم تختبرها مسبقا فصاحت باستهجان
" غلط.. الغلط مش عندي يا دكتور يا محترم. الغلط من عندك انت و حبيبة القلب.. "
رفع إحدي حاجبيه وقال باستنكار
" حبيبة القلب.. "
هدرت بغضب و دموع أثقلت جفونها
" ايوا حبيبة القلب الي عمال تلف بيها في الجامعة و مش عامل حساب لشكلك قدام تلامذتك لا و كمان جاي تسأل عنها هنا"
فطن الي ما ترمي إليه ولكنه كان غاضبًا من لهجتها و أراد الحد من تهورها قليلًا لذا قال باستفهام ماكر
"انا ليه حاسس ان الموضوع دا مزعلك أوي!!"
رفعت رأسها بشموخ يوازي لهجتها حين حاولت أن تنأى بكبريائها عن مرمى كلماته
" بنت الوزان متخلقش الي يزعلها .."
6
تابع حرب الأعصاب التي شنها عليها قائلا بتسلية
" و بنت الوزان مشافتش نفسها في المرايه وهي بتتكلم! اعتقد لو شوفتي نفسك دلوقتي هتعرفي انا اقصد ايه !"
2
تعاظم الغضب بداخلها فزمت شفتيها بحنق تكبت بجوفها طوفان السُباب الذي تود إغراقه به فتابع هو بلهجة مغايرة لهدوئه منذ ثوان
" فرح فين ؟"
" مع اختها بتولد في المستشفى "
ألقت بكلماتها في وجهه قبل أن تفر هاربة حتي لا تجعله يرى عبراتها التي أغرقت وجهها و ما آلمها أكثر حين وجدته يهرول الي سيارته فعلمت بأنه حتما سيتوجه الي المشفي و لم تستطيع منع نفسها من أن تتبعه .
عودة للوقت الحالي
وقعت تلك الحقيقة علي مسامعهم وقوع الصاعقة والتي كان أول من تخطاها هو سالم الذي كان فريسه للحظات بين غيرة عمياء لصلتها بهذا الرجل و بين حقيقة تلك الصلة التي لم يستطيع تقبلها فزأر بقوة
" عايز توضيح فورًا للي سمعته."
كانت نظراته موجهه إليها في محاوله منه لتهميش ذلك المارد الذي كان يملك من الدهاء ما يجعله يفطن لما يحدث لذا ما أن حاولت فرح الحديث حتي امتدت يديه تتلمس مرفقها بلطف وهو يقول بنبرة صلبه كملامحه
" عنك يا فرح.. توضيح سالم بيه عندي انا .."
6
نجح في فرض نفسه و بقوة أمام سالم الذي انتفخت اودجته غضبًا من تلك اللمسة العابرة التي كانت لها وقع الجمر علي قلبه المُشتعِل بنيران عشق اهوج و غيرة قاتله و لم يفته أيضًا ذلك التحدي الذي يقطر من لهجته فأعلن الوحش عن هياجه الذي حاول كبته بصعوبه حين قال بفظاظه
" هات الي عندك.. "
1
تجاهل ياسين فظاظته و نظراته و ارتدي قناع الجمود الذي غلف نبرته حين قال باختصار
" عمى محمود والد فرح و جنة كان عايش معانا في الصعيد لما كانوا البنات صغيرين و حصل شوية مشاكل بينه وبين جدي و سافر و ساب البلد و عاش بعيد عننا و للأسف مات قبل ما يتصالح مع جدي و من وقت موته و أنا بدور علي فرح و جنة و الحمد لله لقيتهم.."
كان يتعمد اختصار حديثه ليستفز ذلك الوحش الذي يحاول بشتي الطرق إخماد غضبه الذي تجلي في عروقه النافرة و عينيه الداكنة و التي تحوي رغبة قوية في لكم هذا الرجل و محو تلك الابتسامة البسيطة المرتسمه على فمه الذي لم يعطيه كل ما يريده ولكنه نجح كعادته في السيطرة على ما يعتمل بداخله قائلًا بسخرية يشوبها الكثير من الجفاء
" بالبساطة دي !!"
ياسين باختصار
" بالظبط.. و لو مش مصدقني اعتقد انك تقدر تتأكد من كلامي. و لا ايه يا سالم بيه ؟ معقول يكون السيط دا كله فنكوش !! "
9
كانت جملته الأخيرة كعود ثقاب على أرض مشبعة بالوقود لم يكن ينقصها سوى شرارة واحدة حتى تشتعل بنيران لن ينجو من بطشها أحد ولكن جاء تدخلها السريع في اللحظة القاتلة حين شاهدت تغير ملامح سالم الي أخرى مُرعبة فهبت قائلة
" اكيد طبعا سالم بيه يقدر يعرف في دقايق حقيقة الموضوع . و بعدين احنا اكيد مش هنكدب عليه .. "
كان بعينيها نظرات ضائعه مُرتبِكه لا يعلم ما بها لأول مرة يقف عاجزًا هكذا أمامها نفذ صبره الذي ظن أنه ليس له آخر و لكنها استنفذت كل ذرة جلد لديه فود لو يهزها بعُنف ملقيّا كل تلك الأقنعه التي أجبرته علي ارتدائها حتي يستطيع التعامل معها و بالنهاية لم تفلح أيضًا و لأنها كانت بداخلها تتضرع الي ربها حتي يمر هذا الامر بهدوء فقد أتاها صوت مروان المنقذ و الذي شعر بتلبد الأجواء حولهم حين قال ساخرا
" ياخي شوف القدر و ترتيبه. يعني عمال تدور عليهم ليك سنين و جاي تلاقيهم دلوقتي والله البنات دول مُرزقين .."
زجرته امينه بنظراتها قبل أن تقول بوقار
" احنا اتشرفنا بيك يا دكتور ياسين. و كونك تبقي خال حفيدي دا شئ طبعا يفرحنا.."
2
تحديث ياسين بلطف
" دا من ذوقك يا حاجه.. "
لم تتمهل حتي يُعاد تدوير الحديث مرة أخرى بل سارعت بالقول
" بقولك يا ياسين ما تيجي تسلم علي جنة هي فاقت.."
" ياريت. و أهو بالمرة نكسب وقت.."
لامست كلماته أوتار غضبه فقال باستنكار
" يعني ايه تكسب وقت مفهمتش!"
ياسين بتوضيح
" يعني يا سالم بيه حضرتك اكتر واحد تعرف الأصول و الأصول بتقول أن مينفعش بناتنا تقعد عند ناس غُرب اكتر من كدا.."
7
كان الأمر برمته كارثي منذ أن وطأت أقدامه المشفي و الإعلان عن هويته إلى تلك الحقائق الصادمة ولكن كانت نيته في انتزاعها منه أشبه بانتزاع قلبه من مكانه لذا تجاهل كل شئ و اقترب منه قائلّا بزئير أفزعهم جميعا
" اسمعني كويس عشان شكلك متعرفنيش. محدش هيمشي و لا هيروح في أي مكان . و لحد ما اتأكد من الأفلام الهندي دي مشوفش وشك قدامي "
نجح بجدارة في اغضاب خصمه و الذي ناطحه بقوة قائلا
" خلى بالك من كلامك.."
زمجر سالم مقاطعّا
" انا عارف كويس بقول اي و الي بقوله هو الي هيمشي و خلي بالي حتي لو كلامكوا طلع صح ابن الوزان هيتربي وسط أهله. دا شئ مفروغ منه "
تحدث ياسين بلهجه لا تقل عنه جفاء
" ابنكوا محدش يقدر يمنعوا عنكوا زي ما انت متقدرش تنمنع بناتنا يرجعوا لأهلهم . لو ليك فاانت عليك. و الوضع هنا ميسمحش بالكلام و اعتقد انك فاهم قصدي كويس. "
2
لم يخلق من يقف أمامه أو هكذا ظن لذا احتدت لهجته وقال بتهديد مبطن
" و عشان فاهم قصدك بقولك محدش هيروح في أي مكان. هيفضلوا معانا و تحت عنينا. و لو انت مش فاهم فدي مشكلتك."
صدق حدسه فقد ظن أن هناك شئ من البدايه في نظراته لفرح لم يريحه لذا تابع بدهاء
" بالرغم من ان كلامك مرفوض بالنسبالي بس لو هنتكلم عن جنة و ابن اخوك فهلتمسلك العذر . انما فرح متجمعهاش معاهم. ملهاش مكان وسطكوا مكانها وسط عيلتها."
نجح في نصب المكيدة للوحش و لم يحسب حساب لضراوته في الحصول علي مبتغاه فخرج زئير سالم مع اقترابه خطوتين ليبقي علي بعد عدة سنتيمترات من ياسين الذي لم تتحرك بداخله خلية واحدة علي الرغم من تفاجئه بسالم الذي هدر بعنف
" فرح تخصنا زي ماجنة تخصنا بالظبط.."
ياسين بقوة
" وضح كلامك. عشان معناه مش مفهوم بالنسبالي."
سالم مغلولًا
" فرح خطيبتي! "
انكمشت ملامحه بغضب و لم يجبه إنما نظر إلى تلك التي كانت تتابع ما يحدث بقلب مُرتعِب و لأول مرة بحياتها تشعر بالضعف للحد الذي جعلها تريد الهروب من المكان بأكمله فنظرات هذان الوحشان مُرعبة بحق و كل منهما ينتظر أن تنحاز له و هي تخشي النتائج فكانت تتضرع داخليًا الي ربها أن ينقذها و لكن زاد الطين بله حين قال سالم بلهجه يشوبها السخرية
" تقدر تسألها لو مش مصدق!"
1
كانت تريد لكمه بقوة ولكنها تسمرت بمكانها حين هدر ياسين بعنف
" حتي لو أكدت علي كلامك فالموضوع دا غير مقبول الي عايز واحده يروح يطلبها من أهلها و ناسها و اديك عرفتهم دلوقتي و الأصول متزعلش ولا ايه يا حاجه؟؟"
كان الوضع متأزما للغاية فقد تعاظم الغضب بداخله وخاصة حين وجدها صامتة هذا يعني أنها توافق علي حديث ذلك الرجل الذي يود لو يحطم رأسه في تلك اللحظه و تكورت قبضته حتي ابيضت عروق يده و كأنه يتأهب لأول مرة في استعمال العُنف حتي ينتصر في أحدي معاركه و لكنه تفاجئ بوالدته التي تدخلت قائله بوقار
" انت شايف الوضع يسمح بالي انت بتقوله دا يا دكتور ؟ بدل ما تدخل تطمن علي بنت عمك الي راقده جوا دي و حالتها متسرش "
تبدلت معالمه للقلق من حديثها وقال باهتمام
" مالها جنة ؟ حصل ايه؟"
" و أنت مالك بجنة ؟؟'
لم يكد يتلقي اجابه حتي باغته سؤال خشن مصدره سليم المتجهم الوجه مفطور القلب و الروح و الذي تفاجئ بوجود ياسين و سؤاله عن معذبة قلبه فكان أول من تحدث مروان الذي تمتم ساخرًا
" كملت. كانت نقصاك تيجي تنطحلك نطحتين أنت كمان.."
8
تحدثت امينه بنبرة يشوبها التعب
" دكتور ياسين يبقي ابن عم جنة و فرح .."
تبدلت معالمه الي صدمه و استهجان فصاح مروان قائلًا بتهكم
" لا مفيش وقت للاندهاش مش هنعيد الليله دي كلها من تاني."
16
تحدثت فرح بنفاذ صبر فقد بلغ منها التعب ذروته
"ياسين يالا ندخل لجنة نطمن عليها "
3
قطع ياسين حرب النظرات المُتبادلة بينها و بين الأخوين و تقدم قائلًا باختصار
" اتفضلي ."
حانت منها نظرة خاطفة لسالم الذي كانت عروقه النافرة و ملامحه الواجمه خير دليل علي غضبه الكبير و الذي كان يخيفها علي الرغم من أنها لم تخطئ بشئ أو لنقل أنها حاولت إقناع نفسها بذلك ولكنها كانت تعلم في قرارة نفسها انها علي وشك خوض معارك داميه أمامه فكل شئ تغير كليا..
4
******************
في الداخل كانت تحارب عبراتها التي كانت كالانهار لا تنضب ابدا مهما ذرفتها بل تتجدد كما تتجدد جراحها التي فقدت الايمان بأنها سوف تلتئم ذات يوم فقد كرهت كل شئ يحيط بها حتي نفسها و غبائها و قلبها الغض الذي كان يتحمل الكثير و الكثير لأجل اخفاء أمر ذلك الكاذب و المخادع الذي ظنت بأنها انسان و بالرغم من كل شئ كانت علي وشك مسامحته فقد أقسمت داخليا بأنها لن تحمل ضغينه لأي احد و خاصة هو من أجل طفلها الذي و بالرغم من أنها لم تكن تتردد ثانيه في أن تضحي بنفسها لإنقاذه ولكنها الآن تخشي رؤيته لا رغبة لديها في أن تراه تشعر بأنها حطام إمرأة لا تهوي اي شئ في هذه الحياة . يد قويه تقبض علي قلبها تعصره مخلفه آلام تغلبت علي آلام جسدها فاحتضنت نفسها بقوة وهي تنظر إلي الأعلى و تقول بنبرة تقطر وجعا
" يااارب.. ماليش غيرك.. خفف عني وجعي مبقتش قادرة اتحمله.."
2
تخبطت السحب بعينيها فأمطرت الما حفر وديان الوجع فوق خديها تزامنا من دخول فرح يليها ياسين الذي ما أن رآى مظهرها حتي اختلج قلبه بشعور قوي تجاه تلك الطفلة البرييئه ذات الأعين السوداء التي كان يحملها و يداعبها و كانت ضحكاتها تملئ بيتهم الكبير الذي اتشح بالسواد منذ رحيلهم و الآن تبدلت الي شابة أهلكها الوجع و أطفئ وجه ابتسامتها فصارت باهته لا حياة بها و لا روح.
تألم بشدة و لعن بداخله كل تلك العاهات و التقاليد التي فرقتهم عن بعضهم البعض لتطالهم يد القدر بتلك القسوة
1
" جنة.."
كان هذا صوت فرح الحاني الذي لامس قلب جنة التي فتحت عينيها المشوشه بعبرات الوجع فاقتربت فرح منها تحتضن وجهها بكفيها و تكفكف عبراتها قائلة بحنان
" فتحي عنيكِ و احمدي ربنا علي كل إلي يجيبه. ربنا دايما له حكمه في كل حاجه بتحصلنا."
" الحمد لله على كل حاجه "
كانت منخرطه في بئر اوجاعها فلم تلحظ ذلك الذي كان يتابع ما يحدث بقلب مفتور و ملامح متجهمه و لم يستطيع تحمل المزيد فتحمحم بخفوت قبل أن يقول بنبرة قوية
" حمد لله علي سلامتك يا جنة.."
تنبهت لوجوده فالتنفتت تناظره بصدمه و تفرقت عينيها بينه و بين شقيقتها التي قالت بلهجه هادئه
" في موضوع مهم لازم تعرفيه. بس اوعديني انك تفضلي هادئه و اوعي تخافي من أي حاجه في الدنيا و احنا جمبك.."
خربشت كلماتها فضولها للحد الذي جعلها تقول بلهفه
" احنا.. تقصدي أنتِ و مين ؟"
تشجعت و ألقت قنبلتها قائله
" انا و ياسين. ياسين يبقي ابن عمو وفيق. يبقي ابن عمنا يا جنة.."
******************
في الخارج كان الموقف علي صفيح ساخن خاصة بعد أن علم سليم هوية ياسين و نيته فهب صارخا بغضب
" دا بيحلم.. لو فكر يقرب منها خطوة واحده هدفنه مكانه.."
6
تخدث سالم الذي قال بفظاظة
" انا هفوقخ علي كابوس يليق بيه. "
تدخلت أمينة التي قالت بنبرة حاده كالسيف
" اسمعني انت و هو كلمه واحده مش هتنيها ابن ابني مش هيبعد عن حضني لحظه واحده. الي فيكوا غلطان يصلح غلطه قبل فوات الاوان. و تحرموا عليا انتوا اللتنين ليوم الدين.."
تفاجئ الجميع من حديثها و نبرتها الغاضبه فتحدث مروان الذي كان يلاحظ حالتها التي تحاول اخفائها عن الجميع
" اهدي يا مرات عمى . أن شاء الله مفيش حاجه من دي هتحصل.."
" مروان تعالي ورايا عشان عايزك.."
هكذا تحدث سالم بجفاء فتبعه مروان دون حديث تزامنا مع مجئ الطبيب الذي هرول إليه سليم قائلا بلهفه
" نتيجه تحليل الورم ظهرت يا دكتور ؟"
الطبيب بعمليه
" لسه ظاهرة من شويه . للأسف الورم طلع
. و خبيث بس الحمد لله احنا قدرنا نكتشفه في وقت بدري اوي بسبب الولادة و إلا كان هيبقي في خطورة كبيرة أنها تشيل الرحم. "
4
استقرت كلمات الطبيب في منتصف قلبه الذي جفت أوردته للحظه من فرط الصدمه ولم يستطيع الحديث فتدخلت حلا التي لسبب تجهله تساقطت عبراتها وهي تتحدث مع الطبيب
" يعني يا دكتور فهمنا هي ايه وضعها دلوقتي . حضرتك لخبطتنا."
" هشرحلك. احنا دلوقتي استئصلنا الورم بس لازم هتخضع لفحوصات عشان نتأكد إذا كانت هتحتاج كيماوي أو لا "
تدخلت امينه بنبرة مرتعبه
" يعني يا دكتور هي كدا. ممكن تخلف تاني و لا ؟؟"
الطبيب بعمليه
" طبعا الموضوع دا مستبعد جدا في الوقت الحالي. بس مفيش حاجه بعيدة عن ربنا."
القي بقنبلته تزامنا مع خروج فرح و ياسين من الغرفة فتفرق الوجع بين الجميع كالفيروس القاتل الذي ادمي قلوبهم جميعا علي تلك الفتاة التي تمتلك أسوأ حظ في هذا العالم من وجهه نظرهم و لأن لكل شخص طريقته في التعبير عن ألمه و قدرته في التحمل خارت قوى امينه التي سقطت نغشيه عليها فتلقفتها يد سليم بلهفه وهو يصرخ برعب
2
" أمي..."
بعد مرور أسبوع استقرت أوضاع الجميع و لأول مرة يتفقون علي شئ ما و هو ضرورة عدم إخبار جنة بحالتها حتي يتأكدوا من الامر فلا طاقة لها باحتمال خبر كهذا خاصة و أنها تعاني من حالة انعدام الرغبة في كل شئ حتي أنها لم تطلب أبدا أن ترى طفلها. علي عكس امينه التي لم تستقر حالة قلبها سوي عندما علمت بأن حفيدها أصبح بصحة جيدة و سيغادر غرفة العناية بالأطفال اليوم و قد قرروا الذهاب لتسميته و لسوأ حظها أو لحسنه لا نعلم؟ فقد كان هو من أتى معها حتي يقدم الأوراق الرسميه و يقوم بكتابه الطفل و قد كانت تحمل هم بحجم الجبال عن اسئله ستواجهها و لا تملك لها أي اجابات في الوقت الحالي فأخذت تضم الطفل إليها بحنان تشتم رائحته علها تشتت تفكيرها الذي كان ينهش بعقلها و لكنه كالعادة يخلف ظنونها فقد التزم الصمت طوال الطريق و لدهشتها فقد اغضبها هذا التجاهل المُريع ولكنها تابعت الصمت الي حين وصلوا الي وجهتهم و لم يقطع صمته سوي سؤاله المقتضب
" جنة قررت تسمي الولد ايه ؟"
كان يناظرها شذرا و قد اغضبها ذلك للحد الذي جعلها تود أن تنفجر في وجهه لتخبره أن يذهب الي الجحيم ولكنها تراجعت في آخر لحظه و قد قررت اللعب علي طريقتها فقالت بمكر يغلفه الهدوء و شددت علي كل كلمه تفوهت بها
" ياسين.. جنة قررت تسمي البيبي ياسين .."
18
يتبع.....
قيل قديمًا بأن الوعود ماهي الا خيبات مؤجلة؛ و لكن ماذا عن قلب يشتهي عهد الوِصال حتي لو كان مرهونا بشقائه؟
لَوَن العشق فؤاده بلون الدماء و مارس طقوس الألم على ملامحه فبات الوجع يمتزج مع أنفاسه يُعانق نبضات قلبه الذي بالرغم من كل شئ لا يشتهى سواكِ..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
ياسين .. جنة قررت تسمي البيبي ياسين ."
لأول مرة بحياته تثير امرأة طبيعته البدائيه حتى أنه تمنى في تلك اللحظة لو يضربها بعنف ليخرج كل تلك النيران التي تحرق أحشاءه من الداخل بسببها. وللحظه خاطفه إرتسمت أمنيته الوحشيه علي ملامحه و في نظراته التي ارعبتها مما جعل يدها التي تحمل الطفل تهتز قليلًا و لكنها تفاجئت حين تبدلت ملامحه لأخرى هادئة و هو يلتفت الي المرأة التي تجلس أمام المكتب تنتظر حتي شرع في ملئ بيانات الطفل و قال بصوت فظ
" الورق الي مفروض أملاه فين ؟"
أعطته الموظفه الورقة فقام بالإجابة علي كافة اسئلتهم و قام بإعادة الورقة للمرأة و هو يقول بجفاء
" الأنسة هتقولك علي اسم الطفل. "
5
أنهى جملته و التفت مغادرًا تاركًا فرح خلفه تشعر بالغضب منه و من نفسها و من كل شئ ..
2
******************
بُليت بـ لين القلب.. نعم أصبح لين القلب نقمة علي صاحبه و خطأ فادحًا كلفها كرامتها و الباقي من حياتها.
كانت تتسطح بإهمال علي الفراش تنظر إلي الفراغ الذي يملئ داخلها فقد التزمت الصمت طوال الأيام المنصرمه و أخذت هدنة مع نفسها التي بدأت باستعادتها أخيرًا من بين براثن العذاب الذي أوشك أن يقضي عليها ولكنها اختارت الا تبقي انانيه تلك المرة و ستقف وتواجه من أجل شقيقتها التي أغرقتها في بئر من الوحل بافعالها الحمقاء و ذلك الطفل الذي حتي و أن كانت تكره أباه و تكره الظروف التي أجبرتها علي إنجابه إلا أنه لا ذنب له انها كانت غبية و لم تستطيع الحفاظ علي نفسها. و لكنها تعلمت درسها جيدا و نقشت مأساتها بحروف من الدماء حول جدران قلبها لألا تكرر أخطائها السابقة و من اليوم فصاعداً ستكون أخرى لا تشبه تلك الفتاة الغبية التي قُتلت بيد من أرادت له الحياة..
" جنة.. صاحيه ؟"
التفتت لتجد مروان الذي كان يناظرها بحنان لمسته ولكنها تجاهلته أيضا و غمغمت بجفاء
" صاحية.."
اقترب جاذبا مقعده قائلا بلوم
" كملى. قولي صاحيه ومش عايزة اشوف وش حد منكوا."
نجح في جعلها تشعر بالذنب ولكنها واصلت جفاءها قائله باختصار
"  مش فارق كتير .."
جلس بمقعده و هو يقول بهدوء
" اول مرة هتكلم معاكِ في الموضوع دا بس حقيقي و بغض النظر عن كل حاجه انا فخور أن لسه في ناس زيك في الدنيا دي "
انكمشت ملامحها بألم تحول الي سخرية مريرة تجلت في نبرتها حين قالت
" فخور بيا ؟؟ و ياتري فخور اني طلعت هبلة و غبية زي ما ياسين بيقول و لا اني طلعت واحده رخيصة و فرطتت في نفسها زي ما ابن عمك بيقول .."
1
كانت كلماتها تقطر الما يغلفه سخرية مريرة لامست قلبه و قلب ذلك الذي كان يتابع حديثهم من خلف ذلك الباب الذي تركه مروان مواربا عن عمد لتستقر كلماتها في منتصف قلبه الذي تحرقه نيران الذنب و الشوق معا ومع ذلك لايملك شئ من أمره سوي مراقبتها من بعيد
تنهد مروان قبل أن يقول بصدق تجلي في عينيه
" لا فخور بيكِ عشان لسه في ناس قلبها ابيض زيك.. لو أنتِ وحشه مكنتش هتخيل عليكِ تمثيلية حازم. أنتِ جوهرة وقعت في ايد واحد جاهل فكرها ازاز."
2
كلماته كانت تتردد بصدرها الخافق بعنف و الذي كان يرثي برائتها و طيبتها التي اهلكتها و أطاحت بالباقي من حياتها. تاركه خلفها بقايا إمرأة حتي حطامها صار رمادا
" المفروض افرح بالبوقين دول يعني ؟"
هكذا تحدثت ساخرة فتجاهل سخريتها مؤكدا علي كل حرف يتفوه به
" عارفه يا جنة انا طول عمرى لوحدي. بالرغم من اني ليا أصحاب كتير و بالرغم من اني كنت صاحب قريب لناس كتير اوي بس ولا حد كان قريب ليا. ولا حد حسيت اني ممكن احكيله و اعرى قلبي و مشاعري قدامه. حاجات كتير كانت بتوجعني و تعذبني و كنت اضحك و اهزر عادي لدرجة أن كل الي حواليا يقولولي يا بختك مفيش حاجه مضيقاك . حياتك زي الفل. و أنا اصلا معنديش حياة. "
3
سحب نفسا قويا بداخله قبل أن يقول بابتسامه مرة
" عارفه انا متشعبط في ريتال العيلة الصغيرة دي ليه ؟ عشان الوحيدة الي لسه بريئه وقلبها نضيف في كل الي حواليا. وعارفه كمان انا قربت منك بسرعه كدا ليه؟ عشان أنتِ الوحيدة الي حسيتك زيها .. ارجوكي اوعي تغيري طبيعتك النقية دي عشان حد أو عشان حاجه. ربنا هيديكِ علي قد طيبة قلبك و علي قد كل الي اتحملتيه."
تجمعت سحبها فأمطرت وجعا تدحرج بقوة علي وجنتيها جراء كلماته فتابع بتأثر
" انا عارف ان الي مريتِ بيه مكنش سهل بس صدقيني ربنا له حكمه في كل حاجه بتحصلنا. و الابتلاء معناه أن ربنا بيحبك.. "
همست من بين عبراتها
" ونعم بالله "
ابتسم قبل أن يقول بهمس
" ربنا الوحيد الي شايف قلوبنا من جواها و هيديها الي تستحقه ودي من اكتر مظاهر العدل في الدنيا.."
أومأت برأسها دون أن يكن لها القدرة علي الحديث ولكنها لم تستطيع أن تقاوم ابتسامته المطمئنه والتي يتخللها حنان الأشقاء الذي لم تتذوقه مطلقا فلطالما كانت تتمني أن يكون لها شقيق تلجأ إليه هي و شقيقتها من بطش تلك الحياة القاسية ولكن بعض الأمنيات بالرغم من بساطتها تكن مستحيله . ولكنها الآن تشعر معه بهذا الشعور الذي كان له مذاق رائع بالرغم من كل شئ فاهدته ابتسامه جميلة كانت كشمس تسللت أشعتها الدافئة بين الغيوم و زخات المطر أجهزت علي قلب ذلك الذي كان يتابع حوارهم من بعيد بسهم الغيرة المشتعل الذي لم يتحمل المه ففتح باب الغرفة بقوةو أطل منه بجمرتاه اللتان لا تهدأ أبدا ولم يمهلهما الفرصة لاستيعاب صدمه اقتحامه الغرفة فباغتهم حديثه الغاضب حين قال لمروان
" انت قاعد تتساير هنا و أنا قالب عليك الدنيا؟"
3
رفع مروان أحدي حاجبيه بسخرية تجلت في نبرته حين قال
" يقطعني. انت كنت بتدور عليا. تصدق محدش قالي؟"
7
اغتاظ سليم من سخريته وقال بجفاء و بعينين ارسلت إشارات التهديد
" بلاش سخافه و قوم شوف الشغل الي متعطل دا .."
كانت نظرات مروان تحمل السخريه و المكر معًا حين قال
" في دي عندك حق طبعا كله إلا الشغل. كفايه  بقالنا عشر ايام مرابطين هنا ولا كأننا احنا الي والدين."
4
لم تفلح في تجاهل مشاعرها القوية نحوه و لكنها نجحت بأن تتجاهله بنظراتها و كأنه وجوده كعدمه ولكن جاءت كلمات مروان الساخرة لتشعل الحيرة برأسها فقالت مستفهمه
" ايه دا هو انتوا بقالكوا عشر ايام هنا مروحتوش؟"
أجابها مروان باندفاع
" لا طبعا سليم بس الي بقاله عشر ايام قايم نايم هنا. انما احنا روحنا و جينا وكلنا و شربنا واستحمينا كمان الا هو.."
11
قال جملته الأخير مشيرا بعينيه الي ذلك الذي أصبح ككرة النار التي قد تنفجر في أي وقت بوجه ذلك الوغد الذي كان يناظره بتخابث وهو يعلم كل العلم بأنه لم يستطيع فعل شئ امامها لذا ابتلع جمرات غضبه منتظرا أن يغادر حتي يلقنه درسا لن ينساه فإا لمروان يقترب من جنة قائلا بجانب أذنيها
" عارفه كل الكلام الي قولتهولك من شويه. "
" ماله."
" تعمليه مع كل الناس إلا الحلوف دا. عايزك تعامليه اسوأ معاملة لحد ما يقول حقي برقبتي.."
5
هكذا همس لها مروان قبل أن يرسل اليها غمزة عابثة جعلت الابتسامة تغزو شفتيها وهو يتوجه الي الباب فاردا طوله معرضا صدره في محاولة منه لاستفزاز سليم الذي جز علي أسنانه بغضب و هو يتوعد داخليا لتلقينه درسا قاسيا..
ما أن أغلق مروان الباب خلفه حتي قامت بالأستلقاء وهي تضرب الجرس لتستدعي أحد الممرضات و هي تقول بجفاء
" ياريت تشوف شغلك المتعطل بدل وجودك هنا الي معدلوش داعي . انا خلاص بقيت كويسه.."
فاجأه حديثها الذي جعله يتصنم للحظات قبل أن تأتي الممرضة لرؤيتها فقالت جنة بتعب
" الجرح شادد عليا عايزة انام شويه . من فضلك متدخليش حد عندي غير فرح لما تيجي .."
1
كان إعلانا صريح منها بعدم رغبتها في رؤيته وقد كان هذا مؤلم له اكثر من كونه مهين ولكنه تجرع مرارة الاهانه و الألم و عاود أدراجه للخارج حتي يطلق نيرانه التي سترديه قتيلا ذات يوم…
1
************
استقلت السيارة بجانبه وهي تمسك بأوراق تسجيل الطفل حامله بقلبها اعتذار تأبي شفتيها الإفصاح عنه تعلم أنها كانت وقحه معه تحاول استفزازه بشتي الطرق على الرغم من أنها تعى عظم قدرتها لخوض اي نزال معه الآن بل على العكس كانت بحاجة ماسة الى وجوده ولكنها لا تستطيع الإفصاح عن ذلك فحاولت التخفيف من وطأة الموقف حين قالت بنبرة رقيقة
" مكنتش اقدر اسميه حازم زي ما الحاجه عايزة. بعد الي حصل جنة مش هتقدر تتحمل و خصوصا في وضعها دا. دي حتي مش قادرة تشوفه.."
لم يجيبها بل ظل يتطلع أمامه بجمود فتابعت بنبرة خافته
" كتبته محمود على اسم بابا.. انا واثقه أن قلبها هيلين شويه لما تعرف. انا…"
قاطعها بفظاظة
" أنتِ عملتي الصح . مفيش داعي تبررى."
2
اغتاظت من فظاظته للحظة ولكنها حاولت إغواءه حتى يستجيب لمحاولاتها في الحديث فقالت بخفوت
" تفتكر جنة هتقدر تتجاوز الي حصل؟"
كان خلف سؤالها سؤال آخر و هو " هل لك أن تطمئن قلبي ؟ أو احتاج للشعور بالأمان " و لأنه لم يكن مُحبًا بل كان عاشقًا أجابها بنبرة أن بدت قاسية ولكنه طمانتها قليلا
" الى مرت بيه مكنش سهل. الغدر دا اسوأ شعور في الدنيا. وعشان تتخطى الي حصل محتاجه تحس أن وجودها مهم في حياة كل الي حواليها.و دا هيديها دافع أنها تقف علي رجليها من جديد.."
كانت تعلم أن بكلماته معاني مبطنه ولكنها تجاهلتها قائلة بتمني
" أن شاء الله هترجع تقف علي رجليها من جديد.."
جف حلقها من نظراته المُعاتبه فتوجهت انظارها الى قنينة المياة الموضوعه أمامها فامتدت تلتقطها بنفس اللحظة التي شعر هو بها بالعطش لعينيها و حديثها و لحظات مثيرة كان يعيشها معها فأراد إطفاء ظمأه ولم يحسب حساب لترتيب القدر الذي جمع كفوفهم في لحظه خاطفه فتلاقت الأعين حين احتوت بكفها القنينه كما احتوي قلبه عينيها في عناق ملئ بالعتب و الشوق الذي فاض به القلب فزمجر بخفوت
" فرح. "
3
ارتج قلبها لهمسه الخشن بحروف اسمها الذي لم تشعر بحلاوة مذاقه سوي من بين شفتيه المزمومة بقسوة و كأنه يمنع اندفاع الكلمات منه و لانها كانت لحظة فريدة محمومة بهوس مشاعر لم تفلح في دفنها إجابته بسؤال تتمحور حوله حياتها بأكملها
" انت ليه عايز تتجوزني؟"
كانت عينيها في تلك اللحظة ك لوحة بديعه تحمل من المشاعر أكثر ما كان يحتاج ارتجف لها قلبه و غيبت عقله  فاقترب منها مشددا علي قبضته الممسكه بيدها و احتوت يده الأخرى كفها الحر فيما اقترب منها قائلا بصوت احش
" عشان بح…."
9
قاطع جملته رنين هاتفها الذي اهتز بحقيبتها فانتفضت يدها  فاوقعت قنينة المياة المثلجة فوق ملابسها فشهقت بقوة تراجع علي أثرها و قد ايقظته من لجة المشاعر التي جرفته للحظات و لكنها كانت قادرة علي جعل دقات قلبه تقرع كالطبول و ازدادت أنفاسه حتي أوشك صدره علي الانفجار بينما هي كانت تحاول السيطرة علي الطفل الذي استفاق من غفوته حين انتفضت بقوة افزعته فأخذت تهدهده بأنفاس مقطوعه و دقات هادرة غير قادرة علي الالتفات إليه حتي عندما ناولها أحدي المحارم الورقيه التقطتها منه بيد مهتزة و قامت بتجفيف ملابسها بيد و بالأخرى أخذت تهز الطفل حتي هدأ علي عكس نبضاتها التي لم تهدأ ولكن كان عليها ادعاء الهدوء حين رن الهاتف مرة أخري و كان المتصل ياسين فاضطرت لأجابته قائلة بنبرة مهزوزة و عينان زائغة
" ايوا يا ياسين ؟"
استطاعت أن تسمع صوت تنفسه من مكانها و قد زاد ذلك من ارتجافها حين أجابت
"اه كتبناه. و رايحين لجنة عالمستشفي.."
أنهت جملتها تزامنا مع انطلاق السيارة بسرعة كبيرة جعلتها لا تستطيع التركيز في حديث ياسين الذي اضطر لإعادة حديثه مرة أخرى فاجابته محرجه
" تمام يا ياسين . احنا مش هنتأخر. نص ساعه بالكتير و نكون عندك.."
4
أغلقت الهاتف و اختلست نظرة الي ذلك الذي كان كالبركان الثائر النافرة عروقه بشكل مروع جعلها تلتزم الصمت طوال الطريق و داخلها ستضرع الي الله كي تُحل تلك العقدة التي تزداد تعقيدا كل يوم أكثر من سابقه..
*********"*"*"*
أنهى ياسين مكالمته مع فرح وقد كان التجهم باد علي ملامحه فتحدثت والدته مستفهمه
" في حاچة يا ياسين ؟"
لملم اشياءه قبل أن يقول و هو يترجل من السيارة و يقوم بفتح الباب لها لتتبعه
" مفيش يا حبيبتي. كنت بطمن علي فرح بس..  يالا عشان منتأخرش علي جنة "
زفرت تهاني بتعب قبل أن تقول وهي تمسك يد ياسين و تتوجه الي الداخل
" أخ يا بتي.. كان مستخبيلك فين  الشجى (الشقى) ده كله.."
ياسين بتحذير
" امى رجاءً متتكلميش في حاجه مع جنة . انا مش عايزها تعرف انك عارفه حاجه. هي اتجوزت و جوزها مات و هي عروسه . متخليهاش تتكسف أو تخاف منك. "
إجابته تهاني بلهفه
" لاه يا ولدي..متخافش. انى مش هنجولها حاجه واصل. انى ودي آخدها في حضني و اهون عليها و بس."
ياسين بخشونه
" عايزك تطمنيها و تحسسيها أنك في مقام والدتها و خلى بالك هي متعرفش حاجه عن حالتها.."
توقفت أمام غرفة جنة وهي تقول بتأكيد
" جولتلك متخافش. انت مش واثج في امك ولا اي؟؟"
قبل ياسين كفها الممسك بيده وقال بحنو
" و أنا لو مش واثق بردو يا حاجه هستأمنك علي سرها.."
ربتت علي كتفه بحنو وهي تقول
" ربنا يجويك يا ولدي و يجازيك خير . و يشفيها چنة بنت ماچدة و يكون في عونها.."
أمن على دعائها وقام بطرق الباب عدة طرقات قبل أن يسمع صوت جنة يأذن له بالدخول فدلف الي الداخل و بجانبه والدته التي ما أن رأت جنة حتي تجمعت العبرات بمقلتيها فتلك الشابة الجميلة هي نفس الطفلة التي غادرتهم قبل خمسة عشر عاما . لازالت جميلة و بريئه كما عهدتها حتي و إن لون الحزن ملامحها و انطبع بنظراتها التي كانت تطالعها باستفهام ازاله ياسين الذي قال بهدوء
" تعالي يا حاجه تهاني عشان تطمني علي جنة .عاملة ايه النهارده يا جنة ؟ "
على الفور تذكرت تلك السيدة الحنونة زوجه عمها التي كانت متعلقة بها كثيرًا وهي طفله حين كانت تعيش لبلدهم التي لا تذكر عنها سوي القليل من الذكريات المشوشه.
" الح.. الحمد لله.."
هكذا أجابته بتلعثم و عينيها مصوبة علي السيدة الجميلة بشوشه الوجه التي اقتربت منها بهدوء قائله بحنو
" حمد لله علي سلامتك يا بتي.. يا ترى فكراني و لا كنك كتى صغيرة لما هملتو البلد و مشيتوا."
لطفها و بشاشة ابتسامتها و نظراتها الحانيه جعلوا الابتسامه تعلوا ثغرها قبل أن تجيب بخفوت
" لا طبعا فاكرة حضرتك.."
اتسعت ابتسامة هنادي وقالت بشوق و تأثر
" ييجى تاچى في حضنى خلونا نشبعوا منك يا غالية .  اتوحشتك چوي."
احتضنتها تهاني بشوق بادلتها إياه جنة التي كان الحنان مكمن ضعفها و خاصة حين شددت تهاني من عناقها أكثر مما جعل العبرات تتجمع بمقلتيها التي اغلقتهم براحه حين أخذت تهاني تربت فوق خصلات شعرها وهي تقول بحنو
" كبرت عروستنا الحلوة زينة البنات و بجيت أم.. حمدلله علي سلامتك يا جلبى و سلامة ولدك.."
اجابتها جنة بخفوت
" الله يسلمك.. تسلميلي "
تهاني بود
" يسلم عمرك يا حبيبتي.. وينه ولدك عايزة اشوف حفيدي امال.."
تدخل ياسين ليجيب بدلا عن جنة التي كانت تشعر بغرابه الكلمه علي مسامعها
" راحوا يكتبوه يا امي و زمانهم جايين.."
تهاني بحب
" يارب عجبال ما تجدميله في كلية الطب و يبجى دكتور كد الدنيا.."
رغما عنها رددت بلهفه
" يارب يسمع منك…"
ما أن أنهت جملتها حتي انتبهت للطرق علي الباب فتقدم ياسين ليرى من الطارق فإذا به يجدها أمامه بنظراتها الضائعه و عينيها التي انتفخ جفنيها دليل علي ذرفها الكثير من العبرات و بجانبها امينه التي تحدثت بوهن
" اذيك يا دكتور ياسين.."
1
تنحي ليفسح لهم الطريق و هو يجيب بأدب
" الحمد لله يا حاجه . طمنيني عنك."
" بخير يا ابني الحمد لله.."
حاد بنظراته عن امينه و التفت لوالدته التي ناظرتهم ياستفهام فشرع ياسين يعرفها بهم
" دي الحاجه أمينة يا امى تبقي حماة جنة . و دي بنتها الآنسة حلا.. دي امي يا حاجه امينه."
3
طافت أنظارها علي الموجودين ولكنها لم تخطئ و تتعثر بها من بينهم فتألم قلبها المثقل بذنوب لم تكن تتخيل أن تقترفها يومًا
" اهلا يا حاچة."
هكذا تحدثت تهاني فابتسمت امينه بود قبل أن تقول بوهن
" اهلا يا حاجه ام ياسين.. دا ايه النور دا ؟"
تهاني بلطف
" منورة بوجودك."
ثم وجهت انظارها لحلا قائلة بترحاب
" اهلا يا حبيبتي.."
اقتربت منها حلا تصافحها مثلما فعلت والدتها وهي تقول بأدب
" اهلا بحضرتك يا طنط.."
كانت نبضاتها تتعثر بداخلها وهي تتعرف الي والدته تشعر بموجة من الخجل غمرتها و جعلت الكلمات تتعثر علي شفتيها حين تحدثت موجهه كلماتها الي جنة
" حمد لله  علي سلامتك.."
كان بعينيها اعتذارا تجاهلته جنة وقالت باقتضاب
" شكرا.."
كان رد جنة محرجا ولكنه كان متوقعا فلم تزد واقتربت تقف في الجانب الآخر من الغرفه و بداخلها تشعر برغبة كبيرة في النظر إليه ولكنها تغلبت عليها حين سمعت حديث أمينة التي اقتربت تجلس بجانب جنة تمسك بكفها بحنان تجلي في نبرتها حين قالت
" عاملة ايه دلوقتي يا جنة؟"
اجابتها جنة بخفوت
" الحمد لله احسن.."
أمينة بحنو
" يارب دايما تكونِ احسن يا حبيبتي.."
كانت تود لو تعتذر منها عن كل شئ عذابها و ألمها و مرضها بل تتمني لو بإمكانها أن تخر علي ركبتها طالبه الصفح و السماح عن تلك الأفعال المشينه التي ارتكبها ولدها في حقها ولكنها لم تكن تعلم كيف تبدأ و لا حتي من اين خاصة أن كل العيون مسلطة عليهم هكذا فالتفتت تنظر إلي ياسين برجاء تفهمه حين قال لوالدته
" بقولك يا امي ايه رأيك نروح نشوف البيبي زمان فرح وصلت.. مش نفسك تشوفي حفيدك ولا ايه ؟"
هبت تهاني من مكانها وهي تستشعر تلك النظرات الدائرة حولها فقالت بلهفه
" وده سؤال بردو يا ولدي .. طبعا متشوجه اشوفه .. دا الغالي ابن الغالية "
قالت جملتها الأخيرة مشددة علي حروفها كثيرا حتي يصل معناها الي جميع من بالغرفة فابتسم ياسين بهدوء قبل أن يوجه أنظاره شذرا لحلا التي كانت تشعر و كأن كلمات تهاني موجهه لها ولكنها تفاجئت به حين قال
" انسه حلا كمان عايزة تشوف ابن اخوها ولا ايه ؟"
تنبهت جميع حواسها حين سمعت اسمها من بين شفتيه والتي نطقته عرضا و كأنها شئ لا يبالي به و قد تأذت داخليا بقوة ولكنها حافظت علي هدوئها و اومأت برأسها تتبعه و والدته الي خارج الغرفة..
*************
هبت تهاني من مكانها وهي تستشعر تلك النظرات الدائرة حولها فقالت بلهفه
" وده سؤال بردو يا ولدي .. طبعا متشوجه اشوفه .. دا الغالي ابن الغالية "
قالت جملتها الأخيرة مشددة علي حروفها كثيرا حتي يصل معناها الي جميع من بالغرفة فابتسم ياسين بهدوء قبل أن يوجه أنظاره شذرا لحلا التي كانت تشعر و كأن كلمات تعاني موجهه لها ولكنها تفاجئت به حين قال
" انسه حلا كمان عايزة نشوف ابن اخوها ولا ايه ؟"
تنبهت جميع حواسها حين سمعت اسمها من بين شفتيه والتي نطقته عرضا و كأنها شئ لا يبالي به و قد تأذت داخليا بقوة ولكنها حافظت علي هدوئها و اومأت برأسها تتبعه و والدته الي خارج الغرفة..
باغتتها امينه حين قالت بلهجه تتضور وجعا
" هتصدقيني لو قولتلك اني قلبي متحملش وجعك و تعب هو كمان.."
كانت تعلم جيدا بأنها صادقه ولكنها كانت عاجزة أمام ألمها الذي تجاوز حدود قدرتها علي الاحتمال فأومات برأسها قبل أن تقول بلهجه متحشرجة
" مصدقاكي.. "
كانت عينيها مغلفه بطبقة سميكه من العبرات التي تحاول قمعها قدر الإمكان فجعلت نبرتها تهتز قليلا حين قالت
" انا عارفه انك كرهاني و كرهانا كلنا و دا حقك الي شوفتيه مننا مش قليل. بس والله انا حبيتك انك بنتِ و لو ابني كان لسه عايش كنت جبتلك حقك منه و من اي حد فكر يظلمك.. "
تجاوزت عبراتها عينيها فسقطت علي كفوف جنة التي كانت تعانق كفوفها و لوهلة شعرت بالشفقه علي أمينة التي تابعت بقهر
" انا حاسه بوجعك و عارفه انك عايزة تقوليلي أنتِ السبب. أنتِ الي معرفتيش تربي يا حاجه. بس والله يا بنتِ انا ما قصرت في تربيته زيه زي اخواته.انا متخيلتش أن ابني ممكن يعمل كدا في يوم من الأيام.. دانا كنت بوديه دروس القرآن بأيدي. كنت بقعد احفظه زيه زي اخواته. يمكن دلعته شويه عشان هو الصغير بس عمري ما اتهاونت معاه في الغلط أبدا… "
2
حاولت استرداد أنفاسها و كفكفت عبراتها قبل أن تتابع بحسرة
" يمكن كنت بداري علي اخواته غلطاته بس دي كانت حاجات تافهه. يعني اتأخر بره. شال مادة . صوته علي في البيت. كلها حاجات تافهه. مكنتش اعرف انه ممكن يعمل كدا. ياريتني موت قبل ما اشوف اليوم دا…"
قالت جملتها الأخيرة قبل أن تنخرط في نوبة بكاء عنيفه رق لها قلب جنة التي اقتربت في صمت تحتضن رأسها المنكس تلك العجوز التي كانت حانيه معها برغم قسوتها و قسوة ما يحيط بها . لم تكن تدري هل تخفف عنها وجعها أو تشكو لها آلامها. ولكنها اكتفت بمواساتها بصمت قطعه حديث أمينة التي رفعت رأسها تقول من بين عبراتها
" انا عمري ما اترجيت حد في حياتي يا جنة. و دلوقتي بترجاكي انك تسامحيني و تديني فرصه اعوضك أنتِ و ابنك عن كل الي شفتوه .. ارجوكي يا جنة اغفريلي تقصيري في تربية ابني. "
2
شددت جنة علي يدها و اقتربت منها تمسح عبراتها وهي تقول بلوعه
" بلاش كلامك دا ارجوكِ أنتِ ملكيش ذنب في حاجه.. "
تابعت أمينة توسلاتها التي أدمت قلب جنة
" لا يا جنة ذنبى . اكيد انا غلطت. بس ربنا شاهد علي قلبي أنتِ عندِ زي حلا و يمكن اكتر.. أنتِ الإنسانة الوحيدة الي مديونالها في حياتي .. و عارفه أن عمري الي جاي مش هيكفيني اسدد ديونك يا جنة.."
جنة بخفوت
" مفيش ديون و لا حاجه إلي حصل دا بيني و بينه ليوم الدين. وقتها هو هيسدد دينه قدام ربنا. انا مش زعلانه منك أبدا بالعكس أنا ممتنه لكل مرة طبطبتي عليا فيها. و عاملتيني كإنِ بنتك.."
امينه بلهفه
" أنتِ فعلا بنتى .. و عمرى ما هقدر تبعدي عني .. عارفه انك هتفكريني بقولك كدا عشان حفيدي ميبعدش عني بس والله والله أبدا. انا فعلا بعتبرك جزء مني و من عيلتي.. ارجوكِ متحرمنيش من لمتكوا حواليا في آخر ايامي "
4
****************
في الخارج كان الصمت سيد الموقف بينما حرب النظرات مازالت دائرة بين الجميع و خاصة حين أخبرهم الطبيب بأن جنة يجب أن تخضع لإجراء الفحوصات الطبية في اقرب وقت وهم للآن لا يعلمون كيف سيخبرونها بذلك الأمر فكان أول من تحدث هو مروان الذي قال بنفاذ صبر
"  يا جماعه انا بقول نقولها أن دي فحوصات عادية لازم تتعمل بعد الولادة "
تحدثت فرح بخيبة أمل
" انت ناسي أنها كانت راحت للدكتور مع حازم و عملت معاه كل الفحوصات دي يعني اكيد هتعرف أننا بنكذب عليها "
تدخل ياسين بخشونه
" انا من رأيي نقولها الحقيقة . جنة قويه ولازم تعرف تعبها عشان تقدر تقاومه.."
زفر سليم الهواء المكبوت في صدره دفعة واحده وقال بنبرة يحشوها الوجع
" او تنهار و متتحملش حقيقة مرضها و تنتكس وقتها ايه الحل؟"
" و ايه هي حقيقة مرضي الي خايفين اني اعرفها ؟؟"
تجمد الجميع لدي سماعهم صوت جنة التي اصطحبت أمينة الي الخارج فقد ضاقت ذرعا بالبقاء بين جدران تلك الغرفة لتتفاجئ بالجميع في الخارج و كلمات سليم التي توحي بأن هناك أمرا جلل لا تعلمه يخصها ..
2
شعر بتجمد الدماء في أوردته لدي سماعه صوتها و بصورة شبه آليه التفت لتستقر عينيه المشبعه بنيران الشوق الداميه علي ملامحها البريئه التي انتفض لها قلبه الما و حسرة فمن يرى صفحه وجهها الصافيه تتفتت ضلوعه ألما علي حالها و ما تجرعته من آلام تفوق سنوات عمرها ..
تقدمت فرح منها وهي تقول بلهفه
" جنة .. أنتِ ايه الي قومك من سريرك؟"
اجابتها جنة ببساطة
" انا مش مشلوله يا فرح ! انا والده ليا عشر ايام مفروض اكون روحت. دا الطبيعي يعني . بس  من الواضح أن وضعي مش طبيعي و ياريت اعرف في ايه  و مرض ايه الي بتتكلموا عنه؟"
كاد ياسين أن يتحدث ولكن نظرات فرح المتوسطه منعته من أن يتفوه بحرف فعاد الجميع لصمته من جديد كلا يبحث بداخله عن طريقه لاخبارها ولكن ضاعت بهم السبل و توقفت العقول عن العمل فتدخل سالم الذي قال بخشونة
" أنتِ حاسة انك تعبانه يا جنة ؟"
اتسعت نظراتها لسؤاله لها الذي بدا لها غريبا فقالت ساخرة
" مش عارفه بصراحه. انت شايف ايه  ؟"
سالم بهدوء
" شايف انك لو تعبانه هتبقي حاسه بنفسك. و عموما احنا ممكن نعملك كل الفحوصات اللازمه عشان نتأكد إذا كنتِ تعبانه أو لا "
أومأت برأسها قبل أن تقول ببساطه
" تمام . من الواضح كدا أن محدش فيكوا ناوي يقولي حاجه.. انا بقي هعرف بنفسي .."
التفتت تنوي التوجه إلي الطبيب و ما أن خطت خطوتين حتي اوقفها نداءه الذي لامس قلبها فتوقفت علي إثره
" استني يا جنة.."
التفتت إليه قائلة بنبرة ساخرة مغايرة عن ما يعتريها من قلق
" سليم بيه قرر أنه يتكلم أخيراً "
اقترب منها و هو يتعمد ارتداء قناع اللامبالاة حين قال بنبرة بدت عادية
" متديش للأمور اكبر من حجمها كل الموضوع أنه الدكتور وهو بيولدك لقي بعض الأكياس الدهنيه في الرحم و شالها و بناء علي كدا كان حابب يعملك فحوصات عشان يطمن عليكِ مش اكتر.."
اهتزاز حدقتاه وهو ينظر إليها و يده التي كانت تتحرك بطريقه بدت عشوائيه جعلوها تدرك بأنه اخبرها أقل بكثير مما يجب أن تعلم ولكنها تجاهلت قلقها وقالت ساخرة
" ايه دا الموضوع بسيط اوي اومال ليه حسيت من كلامكوا اني هموت الصبح؟"
نطق قلبه متلهفا
" بعد الشر متقوليش كدا تاني.."
ارتج قلبها من لهفته و نظراته التي كانت تحاصرها بطريقه لم تألفها من قبل فحاولت التخلص من اثرهما بصعوبه وهي تنظر إلي الآخرين قائله بثبات
" تمام وانا كمان عايزة اطمن علي نفسي .. شوفوا الدكتور ناوي يعمل الفحوصات دي امتا و أنا جاهزة.."
تدخلت أمينة في الحديث قائلة بإشفاق علي ثباتها الذي تدعيه
" جنة انتِ محتاجه تخرجي من جو المستشفي دا شويه و بعدها نعمل كل الفحوصات الي الدكتور عايزها.. و لا ايه ؟"
بالفعل كانت تود الهرب من هذا المكان الذي يذكرها بكل ما هو سئ بحياتها فقد ضاقت ذرعا بجدران الغرفه التي تطبق عليها وكأنها سوف تخنقها و لابعد عن ذهنها ذلك الشعور المقيت بالمرض الذي بدأ بالتسلل الي داخلها لذا قالت باذعان
" عندك حق.. انا فعلا محتاجه اشم هوا بعيد عن هنا.."
تدخل ياسين الذي قال بصرامة
" هوا المزرعة عندنا نضيف و هيساعدك كتير انك تفوقي من الي أنتِ فيه.."
تحفز الجميع و خرجت الوحوش من مكامنها تحسبا لمعركة داميه كان أول من بدأها سليم الذي قال بغلظة
" جنة مش هتروح في أي مكان يا دكتور . بيتها موجود."
تحدي ياسين بقوة
" كويس انك عارف ان بيتها و اهلها موجودين "
اقترب سليم منه ينوي الإطاحة به فتدخل سالم الذي قال بصرامة افزعتهم
" سليم.. سيب كل واحد يقرر المكان الي عايز يكون فيه.."
برقت أعين الجميع و خاصة هي فقد توقعت أن يظل متمسكًا بها للنهاية ولكنها تفاجئت به يضعها بمأذق لا تعلم كيف تخرج منه فقلبها يريد شئ و عقلها ينهره بشدة ولكن جاءت كلمات جنة المنقذة حين قالت بقسوة
" سالم بيه عنده حق.. "
اقتربت خطوتين من ياسين وهي تقول بنبرة اهدا قليلا
" بعد اذنك يا ياسين انا وعدت الحاجه أمينه اني هروح من هنا معاها. وانا مش هقدر اخلف وعدي معاها. لكن بوعدك بردو اني لما اعمل الفحوصات هطلع من المستشفي علي بيت عمى."
تحدثت امينه من خلفها بلوعة
" جنة.."
التفتت جنة تناظرها بتوسل تجلى في نبرتها حين قالت
" انا وعدتك اني هطلع من هنا معاكِ . و مش هقدر ازعلك أبدا. بس انا كمان محتاجه اكون وسط اهلي.. و صدقيني عمري ما هحرمك مني و لا من حفيدك.. انا فعلا محتاجه اتعافى من كل الي مريت بيه. ارجوكِ ساعديني لو كنتِ فعلا بتحبيني.."
مدت كفوفها تتلمس وجنتها الناعمة وقالت أمينة بحنو
" انا معاكِ في أي حاجه تطلبيها.. اهم حاجه تكوني بخير .."
بعد مرور يومين التزم الجميع الصمت و قد اضطر ياسين أن يمتثل لطلب جنة في العودة إلي مزرعة الوزان و خاصة أنه رأى كيف كانت امينه تحتضن الطفل الذي للآن لم يتذوق قرب والدته حتي أنها في طريق العودة للمزرعه لم تستقل السيارة التي كان بها مع أمينه و فضلت الركوب مع ياسين و لم يستطيع أحد أن يحادثها في هذا الأمر فقد كانوا يخشون أي ردة فعل فجائيه منها و قد حذرهم الطبيب النفسي من مغبة فرض الطفل عليها.
وصلت السيارات أمام باب المزرعة الداخلي و ترجل الجميع منها و ما أن وطأت أقدامهم الباب حتي سمعوا صرخه استغاثه نسائية قادمه من الخلف سمرتهم جميعا في أماكنهم
" سالم….."
5
يتبع……..
لم يتفِق الكبرياء مع العِشق يومًا فدائمًا يكون صراعهم مرير و الحرب بينهم هوجاء للحد الذي يجعل القلوب تقع ضحيةً لها. ولكن ماذا لو تضمنت تلك الحرب خِصمًا ثالثًا أشد ضراوة وهو الأنتقام بنيرانه التي تنهش في الصدور بِلا رحمه؟ هُنا يبقى السؤال حائرًا هل يُمكن للقلوب أن تظفر بغنيمة العشق ذات يوم أم أن ذلك الاحتمال دربًا من دروب المستحيل!!؟
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
التفت الجميع لتلك التي ترجلت من السيارة بهيئه مبعثرة و عبرات غزيرة اختلطت بكحلها الفاحم فشكلت لوحة مرعبة لإمرأة افنت عمرها باكية .
تعالت الشهقات من حولهم علي شيرين التي كانت نظراتها مصوبه على سالم الذي كان يطالعها بغموض سرعان ما تحول لصدمه حين  وجدها تتقدم خطوتين منه قبل ان تسقط مغشيا عليها فهب من مكانه يحملها بين ذراعيه و يتوجه بها الي الداخل و الجميع خلفه مذعور مما حدث فكان أول من قابله هي همت التي ما أن رأت ابنتها محموله هكذا حتي صرخت بذعر
" شيرين . بنتي. حصلها ايه ؟؟"
3
لم يجبها أحد و قام سالم بوضعها على الأريكة بغرفه الجلوس ثم تراجع خطوتين و اجتمع الكل حولها و ارتمت همت جالسه بجانبها تحاول افاقتها وهي تقول بلهفه
" شيرين .. ردي عليا يا بنتي .. حصل ايه حد يقولي ؟"
ما أن سمعت اسم شقيقتها حتي هرولت بقلب مرتعب وهي تقول ملتاعه
" شيرين .. شيرين ردي عليا .. مالها فيها ايه ؟ ما حد يرد علينا . ساكتين كدا لية ؟"
استنكرت امينه نبرتها الغاضبه فأجابتها بصرامه
" والله الوحيد الي يعرف فيها ايه هي. احنا لاقيناها بتنادي علي سالم و فجأة أغمي عليها.."
كانت تظن أنها امرأة من الجليد ولكن الآن انصهر الجليد و تحولت إلي كرة نارية و كأنها خلقت من رحم النار التي نهشت بصدرها ما أن رأته يحمل تلك المرأة بين ذراعيه بتلك الطريقه فأظلمت غاباتها تنذر بهبوب عاصفة هوجاء كانت رياحها تتخبط بعنف بين ضلوعها و تجلى ذلك علي صفحه وجهها المحمرة و عينيها التي أطلقت أسهم حادة لاحظتها شقيقتها التي اقتربت منها قائله بخفوت
" أنتِ تعرفيها ؟"
5
حانت منها التفاته بسيطه و لم تكد تجيبها حتي التقمت عينيها إمرأة تتهادي في مشيتها وهي تناظرها بعينين تقطران سُمًا سرعان ما تحول لوداعه وهي تنظر إلي سليم قائله بخفوت
" اذيك يا سليم .."
تفاجئت جنة التي لأول مرة تراه متوترًا هكذا ولكنه سرعان ما سيطر علي نفسه قبل أن يومئ برأسه لها دون أي حديث فاقترب منه مروان الذي قال بجانب أذنه و نظرات الشماته تغلف عينيه
" اوبا.. شيرين و مروة مرة واحده دي كدا ولعت زي ما هتولع انت و أخوك أن شاء الله.."
12
زجره سليم بغضب قاطعه كلمات مروة التي قالت بحزن زائف
" شيرين أعصابها تعبانه يا طنط و لما شافت سالم .. اقصد شافتكوا متحملتش و أغمي عليها.."
التفت الجميع الي صاحبه الصوت الرفيع و الجسد الممتلئ بإغؤاء قاتل جعل أمينة تلوي شفتيها امتعاضا تجلى في نبرتها حين قالت
" و ايه الي تعب أعصابها يا مروة؟ مش كانت مع جوزها !"
ألقت عليها همت نظرات ساخطة ثم توجهت بأنظارها الي مروة قائلة بلوعة
" حصل ايه يا مروة طمنيني."
طافت انظارها وشوش المحيطين و استقرت علي فرح و جنة و قالت بحرج مفتعل
" شويه مشاكل خاصه  يا طنط ."
2
فطنت فرح لمحاولتها في إظهارهم و كأنهم دخلاء عليهم فنظرت الي امينه قائلة بجفاء
" هنروح احنا عالملحق يا حاجه امينه عشان جنة ترتاح شويه. و الف سلامه عليها."
قالت جملتها الأخيرة وهي تشير بعينيها علي تلك التي بدأت تستعيد وعيها رويدا رويدا و بين اليقظه و المنام همست قائله
" سالم.."
استقر همسها في منتصف قلب فرح التي حاولت الثبات بصعوبه وهي تمر من أمامهم  تنوي المغادرة و بداخلها نيران تحترق غضبًا لا تعرف كنهه و لكنها توقفت حين سمعت صوته الغليظ
" لما تفوق خليها تجيلي علي المكتب.."
2
القي بكلماته و توجه إلي مكتبه مرورا بها دون ان يعيرها اي اهتمام غالقا باب المكتب في وجه الجميع مما جعل شعور من الألم يتولد بداخلها متحدا مع غضبها الذي ماهو الا غيرة جنونيه علي رجل كانت تحارب كل الطرق التي يمكن أن تجمعها به..
في الخارج كان ياسين يجري عدة اتصالات ولم يرد الدخول بعد ما حدث فتفاجئ بتلك التي همست باسمه من الخلف فاستقر همسها بيسار صدره ولكنه حاول الثبات حين التف يناظرها فاغوته عينيها الامعه في ضوء الشمس التي توهجت فوق خديها فاسرته فتنتها للحظات فلم يجبها فظنت بأنه يتعمد ذلك فقالت بنبرة هادئه
" كنت عايزة اتكلم معاك في موضوع لو مكنش يضايقك .."
كان خارجيا يبدو جامدا لا يتأثر بشئ و قد أراد أن تكن نبرته كذلك حين أجابها بإختصار
" سامعك.."
بللت حلقها و ابتلعت ريقها قبل أن تقول بتوتر
" بخصوص الكلام الي كنت قولته قبل كدا. يعني عنك و عن فرح.. انا .. "
توقفت الكلمات علي أعتاب شفتيها لا تعلم كيف تصيغها فباغتها قائلا بفظاظة
" أنتِ ايه ؟ كملي "
لا تعرف كيف تخبره بأنها كانت تتلوي بنيران الغيرة و الألم معا و قد كان هو الآخر لا يساعدها فغمغمت بخفوت
" انا مكنتش اقصد .."
قاطعها قائلا بقسوة
" اسمها أنا اسفه .. اسفه علي قلة ادبي و علي اني ظلمتك و ظلمت بنت مشوفتش منها حاجه وحشه.. مسمهاش مكنتش اقصد.. ولا بنت الوزان متعودتش تعتذر لما تغلط! "
8
باغتتها إجابته التي لم تكن تتوقعها ابدا. فتولد بداخلها شعور قوي بالغضب الناجم عن إهانته لمشاعرها التي كانت تظن بأن لها صدى بداخله مما جعلها تتجاوز قلبها بقسوة قائلة بغرور
"  كويس انك عارف ان بنت الوزان مبتعتذرش . و ضيف عليهم كمان أن حتي لو اعتذرت فدا شرف مش اي حد ينوله. "
8
اهتزاز حدقتيها المثقله بالعبرات كان الشئ الوحيد الذي جعله يتراجع عن توبيخها متعمدا إضفاء  السخرية علي ملامحه و التي تجلت في نبرته حين قال
" قصدك شرف متمناش اني أنوله.."
4
لأول مرة بحياتها تتعرض الي هذا الموقف خاصة أن كان مصحوبا بهذا الألم فتمنت للحظه بأن تنشق الأرض و تبتلعها من أمام عيونه التي كانت تشيعها بنظرات قاسيه ولكنها حاولت أن تتماسك لأقصي درجة حين قالت
" كدا احنا متفقين .."
شعر بثقل كلماته عليها ولكنه كان غاضب منها و كثيرا خاصة بعد أن قصت له فرح كل ما حدث منها ومن الجميع في هذا القصر لذلك أراد تلقينها درسا و تحجيم اندفاعها ذلك حتي وان كان هذا مؤلم بالنسبه اليه
بنبرة لامباليه قال
" متفقين علي ايه ؟"
لم تستطيع أن تمنع كلماتها التي خرجت جريحه غاضبه
" اني مش عايزة اشوف وشك تاني .."
فرت دمعه هاربه من طرف عينيها قبل أن تلتف و تغادره مهروله للداخل فاصطدمت بمروان الذي كان ينوي الدخول إلي غرفة سالم فهاله رؤيتها بهذا المظهر فاقترب منها ممسكا بيدها وهو يقول بلهفه
" في ايه يا حلا مالك ؟"
كانت تجاهد حتي تمنع سيل عبراتها مما جعل أنفاسها تضطرب بداخلها حد الألم الذي جعلها تقول بنبرة متقطعه
" مروان.. خدني . من هنا.. حاسه. اني هنفجر بجد.. و مش عايزة حد .. يشوفني و أنا كدا ."
مروان بلهفه
" طب اهدي. اهدي . تعالي معايا."
امتدت يديه تحاوط كتفها بحمايه و التفت جاذبا إياها الي الخارج فوجدت ياسين الذي كان يستند بلا مبالة علي سيارته ولكنه ما أن رآها وهي بين ذراعي مروان بهذا الشكل حتي تفجرت الدماء الملتهبه باوردته و اعتدل بوقفته و عينيه تلتهمانها وهي تتقدم برفقه مروان الذي شعر بأن له يد في حالتها تلك و قد اغضبه هذا كثيرا فشدد من احتضانه لها وهما يمران به قبل أن يعطيه ابتسامه صفراء وهو يقول بصوت ماكر أراد أن يخترق مسامعه
" حبيبتي يا لولي ليكِ عندي حتة خروجه. هلففك اسماعيليه كلها. هو انا عندي كام لولى يعني ؟"
13
احتارت قليلا في افعال مروان ولكنها لم تعيرها اهتمام فقد كان غضبها يطمس كل شعور لديها في تلك اللحظه و خاصة حين رأته يناظرها حين مرت بجانبه برفقه مروان بتلك الطريقه التي بدت و كأنه يكره رؤيتها
كانت فرح في طريقها للخارج و بجانبها جنة التي كانت تنازع رغبة ملحه بالعودة لأخذ طفلها من امينه التي لم تدعه يدها أبدا و لكنها خائفه بل مرتعبه من رؤيته تخشي أن ترى به صورة مغتصبها تخشي أن تذكرها رؤيته بلحظات تُجاهد كثيرًا حتي تمحيها من ذاكرتها ولكنها لم تستطيع أن تخطو خطوة اخرى بدونه فتوقفت بمكانها مما جعل فرح تلتفت إليها قائلة باندهاش
" وقفتي ليه ؟'
لم تعرف كيف تجيبها ففطنت فرح الي ما يحدث و تسلل داخلها شعور بالسعادة فاقتربت منها خطوتين قبل أن تقول برفق
" مش قادرة تمشي و تسبيه صح ؟ "
3
اومأت برأسها تعلن موافقه لا تستطيع أن تعبر شفتيها و تساقطت عبراتها مما جعل يدي فرح تمتد لتزيلهم بلطف لتحتوي خديها بكفوفها وهي تقول بحنو
" محمود مالوش ذنب في حاجه يا جنة . دا ابنك ضناكي حتة منك. اوعي تفكري تعاقبيه او تبعدي عنه. هو دا الوحيد الي هيهون عليكِ كل حاجه "
جنة بلهفه
" محمود.."
فرح بحنان
" ايوا محمود و علي فكرة شبه بابا جدا. "
اختطف أنظاره مشهد فرح وهي تواسيها محتضنه وجهها بين يديها فشعر الغيرة منها و تمني لو أنه من كان يتحتضن ملامحها الجميلة بين يديه. يتمني لو يكون هو حضنها الدافئ الذي يمتص جميع اوجاعها و يبدل حزنها فرحا . من كل قلبه تمني في تلك اللحظة لو يكن هو ملجأها الآمن من كل شئ ولكنه أكثر من يعلم بأن هذا مستحيل ..
3
" سرحان في ايه كدا؟"
كان صوتا يبغضه بقدر ما يبغض وجودها في محيطه مرة ثانيه و ظهورها في ذلك التوقيت بالذات ولكنه كعادته معها لا يحب أن يعطيها أكثر من قدرها فلم يكلف نفسه عناء الإلتفات لها بل قال بجفاء
" ميخصكيش."
لم يؤثر بها جفاءه انما التفت لتقف أمامه تحاول فرض وجودها أمام عينيه تعاتبه برقه
" طب اسأل عني طيب؟ قولي عامله ايه ؟ اخبارك ايه ؟ اي حاجه.."
2
تحدث بفظاظته المعهودة
" ولو أن الموضوع ميخصنيش و لا يفرق معايا بس يالا زي بعضه. عاملة ايه ؟ "
استشعرت قدومها من عينيه التي امتزج بها الشغف و اللهفه معا فقالت بغنج مثير
" احسن بكتير بعد ما شوفتك .. متتخيلش كنت مشتقالك قد ايه ؟"
اخترقت جملتها مسامع جنة التي شعرت بطوفان من الغضب و الإشمئزاز يغزو قلبها بعنف فتجلي ذلك بنظرة خاطفه ألقتها عليه حين مرت بهم فتعلقت عينيه به لدرجة أنه التفت لا إراديا حين تجاوزته و مرت الي داخل الغرفة حتي وصلت إلي أمينة التي تلهفت عينيها لرؤيتها
" تعالي يا جنة يا حبيبتي. "
تقدمت منها جنة وعينيها مسلطه علي الطفل القابع بأحضانها وقالت بهدوء
" كنت جاية اخد محمود حضرتك شيلاه طول الطريق اكيد تعبتي!"
تعالت دقات قلبها وهي تنظر إلي حفيدها بحب تجلي في نبرتها حين قالت
" هو انا بردو معقول اتعب منه. دا لو قعد في حضني العمر كله متعبش ."
ابتسمت جنة قبل أن تتقدم منها بأقدام مرتعشه و ايدي حاولت أن تتحكم في ارتجافها وهي تقول بخفوت
" ربنا يخليكِ لينا ."
شعرت أمينة بما يعتريها في تلك اللحظه فقالت بحنو وهي تهب من مقعدها
" خليه معايا هوصلك بيه. "
وافقتها جنة التي أمسكت بذراعها الممسكه بطفلها و توجهت الي الخارج مرورا بهم فقالت أمينة
" هبعتلك بنت من البنات تساعدك متعمليش اي حاجه خدي محمود في حضنك وريحي.."
صدح صوت ساخر من خلفهم كان ل همت التي قالت
" والله اشتقنا لحنيتك يا حاجه امينه.. واخده بالك من مرات ابنك اوي. طب مش تجبيها تسلم علي بنت عمة جوزها الي تعبانه ولسه جايه من السفر.."
4
كانت تشدد علي كلمه زوجها بطريقه استفزته كثيرا فتحرك ذلك العرق النابض في رقبته ففطنت تلك التي أرادت أن تعيد الزمن مرة أخرى غافله عن استحالة إحياء الموتى من جديد.
توقفت جنة و امينة بجوارها و التي فرقت نظراتها بين همت و شيرين التي كانت ترتشف من كوب المياة بعد أن استعادة وعيها فقالت أمينة بتهكم
" لما الناس ترتاح و تفوق كدا تبقي تتعرف يا همت.. خلي عندك نظر .."
غضبت من اهانتها ولكنها أرادت استفزازها فقالت بنبرة ذات مغزي
" لا في دي عندك حق. وبعدين قدامهم وقت طويل يبقوا يتعرفوا علي بعض براحتهم.."
1
كانت تشير الي اشياء تعلم أنها ستغضب أمينة التي تجاهلت حديثها وواصلت تقدمها الي الخارج الي أن مرت بسليم الذي كانت عينيه مثبته عليها بقوة بينما هي كانت تتفادى نظراته متعمده تجاهله هو و تلك السخيفه التي بجانبه ولكن باغتها حديث امينه حين قالت
" سليم تعالي عشان توصل جنة الملحق و تشيل محمود عنها.."
جاءه الغيث في طلب والدته منه مرافقتها فقد كان يشتهي اي فرصه تجمعه بها فاندفع يأخذ الطفل منها قاطعا عليها هذا الاعتراض الذي ارتسم علي ملامحها فلم يمهلها الوقت للحديث حين قال باندفاع
" اه طبعا. هاتي عنك.."
3
اغتاظت من موافقته السريعه و تجلى ذلك بنظراتها النارية له و لكن استوقفها حديث مروة التي اغتاظت من امينه فقالت بلهجه ناعمه كالأفاعى
" ايه دا هو الملحق مشغول.. طب انا الاول لما كنت باجي ازوركوا كنت بقعد فيه دلوقتي هقعد فين ؟"
يأتي الخير من جوف الشر لإن من يدبر الأمور هو الله سبحانه و تعالى
التمعت عين امينه بالمكر حين سمعت كلمات تلك لفتاة التي قذفت بعقلها فكرة خطيرة شرعت في تنفيذها علي الفور فقالت بلهجه كمن تذكر شيئا
" اااه. تصدقي يا مروة عندك حق. احنا فعلا عاملين الملحق دا للضيوف . يبقي جنة و فرح ييجوا يعيشوا معانا هنا ماهم من أهل البيت وأنتِ تقعدي في الملحق هناك . عشان بردو متتكسفيش و تبقي براحتك.."
4
لم تصدق جنة التي كانت تشاهد ما يحدث بزهول.  خاصة حين التفتت امينه لها قائلة
" يالا يا جنة يا حبيبتي اطلعي ارتاحي في اوضتك فوق أنتِ تعبانه و أنا هخلي البنات يطلعولك الأكل ."
أوشكت جنة علي الاعتراض فلم تمهلها أمينة التي قالت بخفوت ونبرة ذات مغزي وهي تمسك بيدها بقوة و عينيها تمنعانها من الحديث
" يالا يا جنة يا حبيبتي اطلعي و اسمعي كلامي و هنبقي نقعد نتكلم براحتنا.. يالا يا سليم طلعها اوضتها و اوعي تخليها تشيل الولد دي لسه جرحها طري. "
1
لأول مرة يرحب بأوامر والدته بل و يقوم بتنفيذها فورا قائلا بتأكيد
" طبعا يا حاجه. "
ثم وجه أنظاره الي جنة التي تغلي من شدة الغضب و قال بنبره هادئة حد الاستفزاز
" احنا تحت أمر الست جنة هانم.."
بلغ غضبها ذروته فقالت بجفاء
" طب و فرح.."
قاطعتها امينه قائلة بصرامة
" انا هقول لفرح يالا علي فوق.."
اطاعتها بنفاذ صبر و توجهت برفقة ذلك الذي ارتسمت بسمة راضيه علي وجهه وهو يمشي بجانبها ..
حدث كل هذا  أمام كلا من شيرين و مروة و سما و همت التي قالت بحنق من بين أسنانها
" شوفتي أن الوضع معدش ينفع يتسكت عليه اكتر من كدا."
انقشعت غيمة الضعف من عينيها و حل محلها أخرى خبيثة تجلت في نبرتها حين قالت
" متقلقيش. كله متخططله صح.."
جعدت سما أنفها و قالت بعدم فهم
" تقصدي إيه يا شيرين ؟"
شيرين بملل
" اقصد أن الجرابيع دول لازم يطردوا من البيت يا قلب شيرين.. "
2
فغرت سما فاهها و قالت بصدمه
" أنتِ بتقولي اي"
شيرين بحنق
" مش عايزة غباوة يا سما و تعملي الي هقولك عليه من سكات عشان أنا اساسا هطق منك سامعه ولا لا ؟"
سما باستنكار
" ليه انا عملت ايه ؟"
تدخلت همت بعد أن قامت بإغلاق باب الغرفه جيدا  فزجرت شيرين بغضب وهي تقول بهدوء لسما
" معملتيش حاجه يا روحي .. شيرين بتهزر .."
حاولت شيرين جذب انتباه همت بعيدا عن سما فقالت بغرور
" لا بس ايه رأيك في الدخله يا مامي؟ "
5
قهقهت همت قبل أن تقول بانبهار
" لا عجبتيني و عجبتيني اوي لما قولتي سالم . البت الي ما تتسمي دي كانت هتموت من الغيظ "
تدخلت مروة بمزاح
" علي فكرة بقي دي كانت فكرتي يا طنط.."
1
شيرين بتخابث
" علي اساس انك فكرتي كدا لله في لله ماهو عشان حبيب القلب . سليم باشا.."
تنهدت مروة بهيام وهي تقول
" دانا اعمل كل حاجه عشان سليم. بس هو يلين "
تفرقت أنظار همت بين كلا من شيرين ومروة بغضب تجلي في نبرتها حين قالت
" لا والله منك ليها دلوقتي بقيتوا تفكروا و تخططوا اومال ضيعتوهم من ايديكوا ليه زمان ؟ "
تحدثت شيرين بندم حقيقي
" كنت عيلة و مش فاهمه يا ماما و سالم أنتِ شايفه عامل ازاي مكنش بيبل ريقي بحرف كان نفسي اعيش حياتي زي كل البنات.."
همت بتقريع
" و عشتيها اشربي بقي. و ابقي  وريني هتعملي ايه مع العقربة الي اسمها فرح .."
2
شيرين بغل
" لو وصلت هسمها بإيدي عشان أبعدها عنه هعمل كدا اطمني سالم ليا انا "
مروة بتصميم
" و أنا شرحه..'
همت بابتسامه
" تعجبوني…"
ناظرتهم سما بصدمه  تجلت في نبرتها حين قالت
" خرجوني من اي خطط مقرفه بتفكروا فيها. الليله دي كلها أنا بره عنها.."
أنهت جملتها و هرولت للخارج تاركه خلفها الأفاعي التي سيقتلها سمها ذات يوم…
5
******************
في الخارج كانت فرح تقف مع ياسين الذي كان غاضبا من كل شئ و قد ظنت بأنه غاضب منها فقالت باعتذار
" حقك عليا يا ياسين .."
ياسين بغضب
" عشان ايه بالظبط يا فرح؟"
" عشان خبيت عليك موضوع خطوبتي من سالم بس اصل…"
1
قاطعها بغضب
" مفيش اصل ولا فصل!  و لا فى مبرر انك تخبي عني. حكيتي الاسوأ من كدا ايه الي إلي يخليكِ تخبي حاجه زي دي؟"
اغضبتها لهجته ولكنها كانت تعطيه الحق فتابع بنبرة جافة
" بالنسبالي سكوتك دا معناه حاجتين يا اما أنتِ مجبرة علي الموضوع دا . يا اما أنتِ بتحبيه.."
1
صعقتها كلماته التي جعلتها تتراجع خطوة للخلف فتابع ياسين قائلا بخشونة
" و باين أوى أن الاحتمال التاني هو الصح.. انا مش اهبل و شايف نظراتكوا لبعض. "
حاولت الإنكار قائلة
" مفيش اي حاجه من اللى بتقولها دي انت..."
تابع بعتب
" انا مقعدتش كل دا ادور عليكوا غير عشان احميكوا و ألم شملنا من جديد. اتأكدي أن اي حاجه فيها مصلحتكوا عمرى ما هقف قصادها لكن تخليني اقف قدام الناس زي العيل الصغير لا يا فرح. "
2
كان محقًا في حديثه فقد كان لزاما عليها أن تخبره كل شئ و لا تضعه في هذا الموقف لذا زفرت الهواء المكبوت لصدرها دفعه واحده وقالت بجفاء
" بص يا ياسين. انا عشت عمري كله لوحدي أنا الي بسند مبتسندش. انا اللي باخد قراراتي و قرارات الناس الي حواليا و أنا المسئوله عن كل حاجه فمش في يوم وليله عايزنى اغير الي عشته عمري كله. "
كانت محقه في حديثها فهو قد بالغ في غضبه منها فتحدث بلهجة أكثر هدوءً
"  عندك حق. انا مقصدتش اضايقك بس في الظروف دي لازم نكون ايد واحده عشان نقدر نواجه الي جاي .."
شعرت بشئ اخافها في حديثه فقالت باستفهام
" في حاجه يا ياسين قلقتني ؟"
ياسين نافيا
" لا مفيش حاجه . متشغليش بالك. المهم في حاجه تانيه أنتِ مخبياها عني . مش ناقص قنبله من الي اسمه سالم دا في وشي تاني. "
ابتسمت بوهن قبل أن تجيبه
" الحقيقه فيه.. سليم عايز يتجوز جنة."
ارتفع حاجييه باستفهام
" نعم ! يعني ايه عايز يتجوزها ؟ و دا وقته اصلا يقول حاجه زي دي ؟ "
" هحكيلك.."
1
في وقت سابق
دخلت إلي غرفة شقيقتها التي كانت غارقه في ثباتها و كأنها لا تريد العودة إلي عالمهم مرة أخرى فتفاجئت بذلك الذي يجلس أمامها بهدوء و يديه تداعب أصابعها الساكنه  بينما عينيه بدت و كأنها في حديث خاص مع ملامحها الهادئة فاحتارت لوهله في ما تراه و أخذت تسترجع لهفته عليها و خوفه الشديد و إنقاذه لها الذي تكرر أكثر من مرة و اخيرا ملازمته لها طوال تلك الفترة و رفضه أن يغادر المشفي بالرغم من أنها كانت ترفض رؤيته كلما أخبرتها بوجوده ولكنه لم ييأس و لم يغادر
" بتعمل ايه هنا يا سليم ؟"
تفاجئ بوجودها ولكنه لم يتأثر انما قال بلهجة هادئة
" ماحبتش اسبها لوحدها.."
صححت حديثه قائله
" قصدك مبتعرفش تشوفها وهي صاحيه فبتيجي وهي نايمه صح ؟"
فاجئها حين لم بنفي حديثها انما أجاب ببساطه
" صح ."
1
لم تجد أمامها مفرا من الحديث بصراحه فقالت مستفهمه
" عايز منها ايه ياسليم. مش كفايه كل الي حصلها منكوا.."
إجابها ببساطه تتنافي مع حجم ما تفوه به
" عايز اتجوزها.."
" ايه ؟؟"
لفظ الهواء بقوة من رئتيه قبل أن يترك يدها ناصبًا عوده وهو يتوجه الي باب الغرفة قائلا بفظاظة
" لما تكون قادرة تتكلم عرفيها الي قولتهولك دا "
اغتاظت من حديثه فقالت ساخرة
" حتي بعد ما عرفت انها ممكن متخلفش تاني."
لم تهتم ملامحه و كذلك نبرته حين أجابها
" هتجوزها يا فرح. حتي لو فضلت نايمه كدا عمرها كله. خلفة و غيره مش فارقلي كتير."
صاحت تحذره
" بس هي اكيد مش هتوافق و انت عارف كدا و انا بصراحه لو مكانها مش هوافق"
بدا تصميمه جلي في نظراته و تضمن لهجته التي كانت فظه كثيرا
" احتفظي برأيك لنفسك . و بعدين انا معنديش مشكله اقعد العمر كله أقنعها توافق. "
2
عاندته كما اغضبها
" قصدك تزهقها لحد ما توافق."
بلامبالة أجابها
" مش هتفرق المهم في الآخر توافق.."
عودة للوقت الحالي
" حاولت استفزه كتير عشان اعرف سبب رغبته في الجواز منها بس طبعا مقالش اكتر من كدا.."
هكذا تحدثت فرح فأجابها ياسين ببساطة
" باين اوي أنه بيحبها. و بالرغم من الي حكتيه بس سليم مش وحش. الموضوع صعب و اي حد في مكانه كان هيبقي دا موقفه.."
زفرت بتعب قبل أن تقول باذعان
" عندك حق. بس جنة لا يمكن هتوافق. "
سليم بتفكير
" هنشوف… المهم اعملي حسابك تجهزوا حاجتكوا كلها كام يوم و جنة تروح تعمل الفحوصات و هتطلعوا علي عندنا. انا لولا حالتها مكنتش سمحت بكدا أبدا.."
شعرت بحزمه من الوخزات الموترة تضرب عمودها الفقري حين سمعت كلماته عن المغادرة وقالت بتوتر
" تمام .. الي .  تشوفه."
ياسين بتهكم
"اه مانا شايف .."
فرح باستفهام
" شايف ايه ؟"
أجابها ساخرا
" شايف عنين بتطق شرار وهي بتبص علينا من الشباك الي هناك دا.."
أوشكت علي الالتفات فنهرها قائلا
" متبصيش. خليه يطق شويه. انا اساسا مش طايقه و فرصه اضايقه.."
14
***************
خطت الي داخل الغرفة و هو خلفها فوقفت أمام الباب تشاهده و هو يتقدم و يضع الطفل فوق المخدع قبل أن يقبله قبله حانيه فوق جبينه الناصع جعلت قلبها يدق بعنف فهي للآن لم تقبل طفلها ولم تشتم رائحته لم تحظى بلحظه دافئه معه علي عكس الجميع و قد كان هذا مؤلم كثيرا لقلبها الذي تجلى ألمه علي ملامحها و عينيها التي اغمضتها للحظات قطعها صوته الذي تشوبه لهفه كبيرة حين قال
" أنتِ كويسه؟"
كانت تود الصراخ قائله لا ولكنها تجاهلت ألمها و تقدمت تلتقط محرمه ورقيه من فوق الطاوله تجفف بها دمعه خائنه تسللت من طرف عينيها قبل أن تقول بجفاء
" كويسه.. شكرا . تقدر تنزل "
اغضبته كلماتها و الاكثر أنها كانت تعطيه ظهرها تحاول وضع جدار فاصل بينهم لكي لا تتألم أكثر من ذلك.
سمعت صوت الباب يغلق فعلمت بأنه غادر فالتفتت بلهفه فإذا بها تتفاجئ به يقف ممسكا بمقبض الباب وهو يقول بعينين تكاد تنفجر من شدة الغضب الذي تسلل إليها جراء تهوره فقالت بجفاء
" اتفضل أخرج بره "
اجابها بصرامه
" عايز اتكلم معاكِ "
جهرت معانده
" و أنا مش عايزة اتكلم معاك."
تحدت بفظاظة
" يبقي تسمعيني. "
كان الفضول بداخلها يأكلها لمعرفة ماذا يريد أو لنقل بأنها كانت ترغب بحديثه ولكنها تأبي الإفصاح عن ذلك لذا هبت أن تصيح معارضه ففاجئها حين قال بخشونة
" انا طلبت ايدك من فرح. قالتلك ؟"
تسمرت للحظات في مكانها فشقيقتها لم تخبرها شيئا كهذا ولكن تلك فرصتها لتجعله يتذوق نيران أحرقها بها سابقا لذا توجهت إلي المقعد تجلس بهدوء فقد كانت ملامحها جامده تغلفها بقناع من الثلج الذي يتنافى مع تلك النيران التي تُحيط بهم و بنبرة جافة أجابته
"  ايوا قالتلى. و اظن ان اجابتي وصلاك من زمان "
كانت عينيه تُطالِعها بشغف و اشتهاء نابع من احتراقه بالشوق المُضني الذي فاقت حرارته النيران المندلعة بالخارج و قال بهمس خافت
" عايز اعرف الإجابة منك."
نظراته و هسيسه و أنفاسه المحيطة بها كانت كفيضان مباغت ضرب سدا هش فأجهز عليه فانهارت داخليًا و لكنها أبقت القشرة الخارجيه جامدة لا تتأثر بشئ و بعينين ثابتة و نبرة قوية اجابته
" لو آخر راجل في الدنيا عمرى ما هتجوزك!"
لم تكن تلك المرة الأولى الذي يستمع فيها إلى هذا التصريح ولكن الآن بعدما أُزيلت كل الحواجز التي تمنع اجتماعهم كان الأمر بالنسبة له كارثي لذا تقدم خطوتين منها وقال بنظرات يملؤها التصميم الذي تضمن لهجته حين أجابها قائلًا
" طب اعرفي بقي ان انا الراجل الوحيد في الدنيا دي اللي هينفع تتجوزيه .."
صاحت معانده
" يبقى هشيل فكرة الجواز من دماغي خالص."
كانت الشئ الوحيد الذي اشتهاه بكل جوارحه و التنازل عنه دربًا من دروب المستحيل فتحدث بلهجة تحمل الهدوء و الخطر معًا
" وماله شيليها براحتك وانا هعرف بطريقتي ادخلها تانى فى دماغك.."
كان لـ تمسكه بها وقعًا مثيرًا علي قلبها ولكنه لم يفلح في تخدير أوجاعها التي عادت إلى السطح بقوة جعلتها تقول بنبرة ساخرة
" بصراحه فاجأتني و عجبني اصرارك اوي وعشان كدا هسهلهالك. في سؤال لو جاوبتني عليه بصراحه هنزل دلوقتي اقولهم اني موافقة اتجوزك."
تنبهت حواسه لحديثها الذي جعل أنفاسه تتضارب في صدره بعنف حتي أوشكت علي تحطيم ضلوعه و بأنفاس مقطوعة أجابها
" سؤال ايه ؟"
وضعت سيف الحيرة الباتر على رقبته حين قالت بملامح مُتألمه ولهجة مجروحه
" لو مكنش حازم ضحك عليا و كان كل شئ حصل بينا برضايا كنت هتفضل مُصر تتجوزني كدا بردو ؟ "
كانت كمن حفر بئرًا من الجحيم و ألقاه به ؟ أوهمته ببلوغ الجنة و أحكمت غلق بابها بأصفاد نارية و لزامًا عليه عبوره أو الاحتراق بنيران الفراق الذي كان أقوى من استطاعته على التحمُل..
اغمض عينيه للحظات قبل أن يعيد فتحها من جديد زافرا الهواء المكبوت بصدره دفعة واحده  وهو يقول بنبرة ثابته استقرت في منتصف قلبها
" لا!!"
تجمدت الدماء باوردتها حتي صارت جليدا فقد كانت تتوقع تلك الاجابه ولكنها كانت ترفضها بشدة كانت تتمني لو أنه يقول بأنه يتقبلها بكل شئ مهما بلغ سوءه ولكنه فاجأها حين قال بلهجة قويه
" الموضوع مش شخصي يا جنة. ولا ينفع نحكم فيه بمشاعرنا. "
هبت غاضبه وقالت بنبرة ساخطه
" مش هتفرق معايا حكمت بايه المهم الجواب النهائي "
" تبقي غلطانه.. قوليلي يا جنة لو شوفتي شخص بيقتل قدامك مهما كانت مبرراته هتقدري تأمنيله ؟ يعني هتقدري تديله ضهرك و أنتِ مطمنه؟ و رجاءً تجاوبيني من غير جدال. "
جذب انتباهها بكلماته التي أخمدت ثورتها للحظات و أجابته باختصار
" اكيد لا "
فتابع مستفهما
" طب و لو عرفتي أنه قتل اغلى شخص عنده في الدنيا عشان سبب تافه. هتقدري تعيشي مع الشخص دا و تأمنيله عادي ؟"
اجاباه بفضول لمعرفة ماذا وراه حديثه
" اكيد لا . مينفعش أأمنله بعد ما عمل كدا"
اجابها بلهجة منتصرة
" شوفتي بقي. الموضوع كله هنا في الأمان.. لما بنت تقبل تتجوز عرفي عشان سبب تافه زي انها بتحب دا اسمه قتل. قتل لكرامتها و عزة نفسها و سمعتها. تحت مسمي تافه اسمه الحب. دى ينفع يتآمنلها ازاي؟؟ إذا كانت هي اصلا مكنتش امينه علي شرفها الي مفروض اغلي حاجه عندها في الدنيا يبقي هتبقي أمينه علي شرف جوزها ؟؟"
6
وقعت كلماته عليها كصاعقه برق إصابتها في أكثر نقاطها ألما فهبت معارضه بلوعة
" بس انا معملتش كدا. انا قبلت امضي علي ورقه تضمن أنه يتمسك بالحياة عشان يتعالج عمري ما كنت هوافق انه يتمادي معايا اكتر من كدا. انا عمري حتي ما سبته يمسك ايدي ."
كانت ترفق كلماتها المجروحه بعبرات سقطت كجمرات فوق قلبه الذي أعلن إسلامه امام عشقها الضاري فاقترب منها خطوتين ويديه تقترب منها تحاول تهدئتها فتراجعت هي إلي الخلف بجزع اصابه في الصميم فقال بلهفه
" انا عارف انك معملتيش كدا. انا بس حبيت افهمك أن زي ما الست بتبقي محتاجه من الراجل الأمان هو كمان بيبقي محتاجه منها.."
لانت نظراتها قليلا حين تحدث هكذا وبداخلها شئ قوي يخبرها بأنه علي صواب في كل كلمه قالها ولكنها أبت التراجع عن موقفها فتابع سليم بخشونة
" صدقتي أو لا انا كان عندي احساس كبير انك متعمليش كدا. بس لسبب جوايا كنت بكذبه او بمعني اصح بقاومه. لكن دلوقتي.."
قاطعته بصرامه
" دلوقتي مفيش اي حاجه اتغيرت. احنا زي ما احنا. و لو انا رفضت الجواز منك قبل كدا مرة . فأنا دلوقتي هرفضه ألف مرة.."
4
كانت طريقه احترافيه في الانتقام وقد تقبلها هو بثبات علي عكس ألمه الداخلي و الذي حاول قدر الإمكان أن يتجاوزه حين قال بثبات
" طلبتِ مني اجابه صريحه و جاوبتك. و أنتِ وعدتي انك هتوافقي لو جاوبتك بصراحه."
اغتاظت منه بشدة فحاولت أن تغضبه فهي تعلم أنه ليس برجل صبور و أبدا و لن يتقبل سخريتها 
" هو انا مقولتلكش. اصل انا عيلة و ميتاخدليش علي كلام و الحق عليك انك صدقتني.. و دلوقتي اعرف اني عمري ما هوافق اتجوزك أبدا "
1
كان يعلم محاولتها في استفزازه فتجاهل ذلك و بدلا من الغضب عليها فقد راقت له تعابير وجهها الطفوليه فتأكد بأنه أمام طفله لم تكبر روحها فابتسم بخفوت قبل أن يقول ساخرا
" طب كويس انك عرفتيني انك عيله و ماخدش علي كلامك "
5
تنبهت لمغزي حديثه فانتفضت أوردتها غضبًا و قالت بانفعال
" لو سمحت اتفضل عشان تعبانه و عايزة انام.."
أراد اغضابها فقال ساخرا
" هبعتلك حد ييجي يقعد معاكِ اصل احنا مبنسبش العيال الصغيرة يقعدوا لوحدهم .."
2
القي جملته الساخرة في وجهها قبل أن يغادر وعلي فمه ابتسامه مستفزة جعلتها تصرخ بغضب وصل إلي مسامعه وهو يغادر الي الأسفل
************
طرقات خافته علي باب الغرفة جعلته يدرك من القادم فتوجه الي مقعده خلف المكتب و بداخله نيران تود لو تحرق الجميع و علي رأسهم هي!
لم يفلح أحد في إثارة غضبه كتلك المرأة التي لا يعلم كيف يتعامل معها و لا يفلح في تجاوزها و كأنها وقفت بالمنتصف بينه و بين قدرته علي التحكم في كل شئ يدور حوله .
زفر معاناته بغضب قبل أن يأمر الطارق أن يدخل فانفتح الباب وأطلت شيرين التي صلحت زينتها و استعادت وعيها بالكامل قبل أن تدلف الي غرفته فقد كانت تخشي هذا اللقاء كثيرا بالرغم من أنها من خططت له.
" قالولي اول ما فوقت انك عايزني "
تحدثت بوداعه و رقه تميزها كثيرا فأجابها بفظاظة
" عامله ايه دلوقت ؟"
حادثته بخفوت
" الحمد لله.."
أومت برأسه قبل أن يقول بخشونة
" ايه اللى حصل ؟"
تدحرجت العبرات علي خديها قبل أن تقول بخفوت
" مبقتش قادرة اتحمل الي بيحصل.."
بدا غير متأثر بعبراتها و قال بفظاظه
" الي هو ايه؟"
انفعلت بنبرتها الرقيقه تزامنا مع عبراتها الغزيرة علها تؤثر به
" خيانه و إهمال و بهدله وآخرهم.. الضرب!"
توسعت عينيه من حديثها و إرتسم بهم غضب مخيف تجلي في نبرته حين قال
" ضربك! "
اومأت برأسها دون حديث فتبدلت ملامحه الي أخرى مكفهرة فأتاه صوتها المجروح حين قالت بألم
" ارجوك متقوليش أنتِ الي اخترتيه؟"
ظلت ملامحه علي حالها ولكن لهجته كانت موبخه حين قال
" أنتِ الي قولتي مش انا.."
هبت من مكانها قالت بانفعال
" اختارته عشان قدملي اكتر حاجه كنت محتجاها. كان اكتر حد بيهتم بيا وبيقف جمبي في حين أن خطيبي كان مشغول بأمور العيلة و الفلوس و الشركات و ناسيني.."
3
لم تتأثر ملامحه انشًا واحدًا و لا حتي نبرته حين خاطبها
" خدتي نصيبك الي تستاهليه. الموضوع ملوش علاقة بيا أو بغيري.."
اغتاظت من حديثه فقالت بإنفعال
" بس انت عارف اني عمري ما حبيت…"
قاطعها بصرامه
" تقدري تخرجي و أنا هشوف شغلي معاه.."
لم تجادله انما قالت بغضب
" انا عايزة أطلق منه."
أجابها بلامبالاه و عينيه موجهه علي الحاسوب أمامه
" هربيه الأول و تبقي نشوف بعد كدا.."
اقتربت من مكتبه الي أن وصلت أمامه مباشرة و قالت بهمس
" سالم.."
رفع أنظاره الجامدة إليها دون حديث فتابعت بعينين يملئهما الضعف و الإمتنان الذي شكلا مزيج خطر لا يقاوم
" ميرسي عشان متخلتش عني و أنا في عز ضعفي.."
ارفقت جملتها بعبرات زائفه كزيف حديثها و ضعفها المفتعل فأجابها باختصار
" العفو.."
طرقه علي باب الغرفه جعلت جميع حواسه تتأهب فقد علم هوية صاحبتها التي كانت هي بطله أحلامه نوما و يقظه و التي كان يعاني من أجلها منذ دقائق و الآن أتت بقدميها إليه فتقاذفت دقاته و تجلى ذلك للحظه في عينيه وقد لاحظت ذلك تلك الأفعى التي تتلون بلون الضعف لتأثره في شباكها مرة أخرى و قد انتوت تلك المرة أن تصيب هدفها بإتقان
أطلت فرح برأسها من الباب و تفاجئ بشيرين التي تقف أمام مكتب سالم الذي كانت نظراته منصبه فوقها بتركيز فقد أوشك أن يقع فريسه لسحرها منذ ساعات و يفصح عن ما يجيش بصدره نحوها و يؤرق لياليه ولكن أنقذه القدر باللحظه المناسبه. و قد عنف نفسه بشده و قرر أن يتجاهل وجودها حتي يعلم اي طريق عليه أن يسلك معها ولكنها كعادتها تفاجئه و تأتي الي عرينه.
" اهلا يا … تقريبا فرح؟"
هكذا تحدثت شيرين وهي تطالع فرح بهدوء و نظرات صافيه فأجابتها فرح باختصار
" اهلا.."
كانت لهجتها يشوبها العدائيه فتراجعت شيرين خطوتين إلي الخلف و أعادت انظارها لسالم الذي لم يندهش لطريقتها انما شعر بالانتشاء للحظات فقد رأي ما خلف نظراتها ولكنه لم يعلق بل ابتسم لشيرين قبل أن يقول بنبرة هادئه
" اطلعي أنتِ عشان ترتاحي أنتِ جايه من سفر و أكيد تعبانه.."
لم تتفاجئ شيرين من حديثه معها فهي تدرك جيدا ما يحدث لذا أكملت لعبته حين قالت برقه
" انا فعلا تعبانه جدا. مرة تانيه ميرسي يا سالم حقيقي انت مفيش منك ."
كان الأمر مثير للضحك فكلاهما يلعب مع الأخر حتي يصل الي مبتغاه وهي وحدها من تقف بالزاويه تحترق للحد الذي جعلها لا تستطيع الصمت فما أن غادرت شيرين الغرفه حتي تحدثت ساخرة
" ياااه تصدق الي زيك خلصوا من زمان "
3
كانت النيران مشتعله بحدائق الزيتون الذي يلون حدقتيها و قد كان هذا يروق له فمن العدل أن تتذوق قليلا مما تجرعه في الأيام المنصرمه لذا تابع اللعب علي اوتار غضبها قائلا بغرور
" انا مفيش زيي اصلا! "
4
اللعنه علي غروره فقد كانت تسخر منه لا تجامله ذلك المتغطرس الوغد كما كانت تسميه يعود الي الاعيبه السابقه ولكنه لم تجعله يستفزها لذا قالت ساخرة
" دا من رحمة ربنا بينا.."
حاول كبت ضحكه كادت أن تظهر علي شفتيه فقد كان مظهرها وهي تكظم غيظها مثيرا للحد الذي جعله ينسي كل شئ و يستمتع بنزاله معها الذي اشتاقه بكل جوارحه
" كنتِ عايزة ايه ؟"
1
باغتها سؤاله الفظ الذي لم تكن تتوقعه فهي كانت مترددة في أخباره بما تريد و كان تخشي أن يتطرق الأمر إلي ما حدث صباحا  عن سبب رغبته في الزواج منها فقد شعرت بأنه سيخبرها بشئ مهم ولكن اتصال ياسين حال دون ذلك أو لنقل أنقذها من شئ لن تستطيع تحمله
طال صمتها كثيرا مما جعله يستمتع بمراقبتها دون أن تشعر و بداخله رغبة ملحه في الاقتراب منها و الاستمتاع بمراقبتها عن قرب. كان يشتهيها بقوة. يريد منها كل ما يتاح له أخذه يريد محادثاتها و اغضابها مراضاتها و العبث معها بالكلمات و ربما بالأفعال يود احتضانها حتي يستمع إلي صوت طقطقه عظامها بين ذراعيه يود تقبيلها حتي يدمي تلك الشفاة الرائعه من كثرة التقبيل يود لو يعاقبها علي شوقه الضاري نحوها و من ثم يراضيها بطريقه تشبع جوعه الشديد لها. للحظه تخيل أن تخضع تلك المُهرة الأبية تحت سيطرته يبثها مشاعر عاتيه قد لا تتحملها قوتها التي تدعيها.
4
" كنت عايزة أطلب منك تقنع الحاجه أمينه أنها متضغطش علي جنة في موضوع أننا نفضل هنا.."
ضربه قويه اخترقت خيالاته الجامحه تجاهها حين سمع ذلك الحديث الذي لم يكن يتوقعه أبدا فتبدلت ملامحه المرتخيه الي أخرى مشدودة جعلتها تدرك أنه غاضب بشدة و قد هالها مظهره حين نصب عوده الفارع و تقدم منها بخطً سُلحفيه بينما عينيه تحمل وعيدا تجلي في نبرته حين قال
" أنتِ عيزاني اقنع الحاجه أنها تسبكوا تمشوا من هنا!"
كان استفهامه يحمل تهديدا صريحا بينما عينيه تتحداها أن تؤكد علي ما تفوهت به فجاهدت الا تتراجع الي الخلف قائلة بنبرة هادئه
" مش بالظبط بس جنة من وقت الي حصل وهي مش مظبوطه و خايفه لو ضغطنا عليها في أي حاجه تتعب اكتر او تنهار دا كلام الدكتور النفسي لينا"
لم يفلح حديثها في إخماد غضبه فقال بلهجه خطرة
" و أنتِ ايه رأيك؟"
إجابته بتوتر
" في ايه ؟ "
هسهس بغضب
" عايزة تمشي من هنا؟"
احتارت بما تجيبه أو لنقل لا تعلم بما تجيبه فاخفضت بصرها قبل أن تقول بلهجه يشوبها الحزن
" كدا ولا كدا هييجي يوم و امشي دا مش مكاني. و بصراحه اكتر انا كنت جايه عشان اقولك اني همشي مع ياسين دلوقتي. وجودي مبقالوش داعي. اتمني تكون فهمتني…"
شهقه قويه خرجت من جوفها حين تفاجئت بيده تقبض علي معصمها تجذبها إليه بعنف جعلها ترتطم بسياج صدره الذي كان يخفق بجنون لا يعلم غضبا أو شوقا جل ما يدركه في تلك اللحظه أن هذه المرأة قضت علي مخزون الصبر لديه فضرب بكل شئ عرض الحائط و ذهب التعقل الي الجحيم
" مكانك هنا. سواء اتقبلتي دا أو لا؟ أنتِ آخر واحده ممكن تمشي من القصر دا."
كان قريبًا منها بدرجه مرعبة يحاوطه بقوة جعلتها ترتجف داخليًا و خاصة حين شدد من قبضته علي رسغها فقالت بارتباك
" سالم مينفعش كدا.."
قاطعها بصرامه اخافتها
" سمعتيني؟ و لا اسمعك تاني؟"
غضبت من ضغطه الشديد عليها و ودت لو تخبره بأنها تخشي تلك المشاعر التي يقذفها بداخلها  تخشاه و لا تضمن نفسها بجواره تخش كل شئ لذا قالت بحدة
" مسمعتش و مش هسمع و بالنسبالي مش هقبل انك تفرض سيطرتك عليا لمجرد انك مفكر نفسك الطرف الاقوي. "
ود لو يطلق ضحكه ساخرة من جوفه الذي يحترق بقربها في تلك اللحظه تظن أنه يرى نفسه اقوي ؟ و لا تدرك بأنه لأول مرة بحياته أصبح ضعيفا أمامها..
كان يشعر تجاهها بإنتماء و كأن ضلعه الأعوج يحن الي تلك التي خلقت منه نعم هي له و منه و بها سيكتمل .
" مين قالك اني شايفك ضعيفه. أو أنى اقوى منك. لو كنتِ عايزة تسمعيها مني فأنتِ اول ست أقابلها و انبهر بقوتها "
4
كان يتحدث هامسا ولكن ذلك الهمس كان يخترق قلبها بقوة و يستقر في أعماق فؤادها الذي تعثرت نبضاته حين اكمل
" أنتِ الوحيدة الي حققتي المعادلة الصعبة و جيتِ زي ما كنت عايز بالظبط."
1
هنا تذكرت جملته أمام والدته حين اخبرها بأن الرجل يريد امرأة معه و رجل في غيابه ترى هل كان يقصدها وقتها؟ هل يحمل بداخله شيئا خاصا لها؟ سري الضعف بأوردتها و خارت قواها في القتال فقد كانت تخشي من تكرار جرحا لم تحتمله مرة أخرى خاصة و أن كان منه فخرج همسها خافتا
" انت عايز مني اي ؟"
" عايزك يا فرح.."
1
كانت اجابته قويه بقدر وضوحها تخفي الكثير بين طياتها مما جعلها تشعُر بالرغبة في الهرب وكأنه شعر بما تنتويه فشدد من قبضتيه فوق ذراعيها قبل أن يقول بعينين التي تلتهمان تفاصيل وجهها الرائع
" عايزك بكل ما في الكلمه من معني…"
2
قاطع حديثهم صوت طلقات ناريه اخترقت مسامع الجميع وووو
يتبع....
كانت تقف أمامه بشموخ و ملامح أبيه لا تعرف الوهن أبدًا بينما ناشدته عيناها ب تضرع
"عندما تري غرقي لا تكتفي بأن تمد يداك لي بل احتضنني بكل ما أوتيت من قوة . انتشل قلبي عنوة من بحر الألم الذي اعتاد أن يقتات علي روحي حتى أهلكها.
فأنا بكل ما املك من كبرياء و ألم احتاجك.."
اخترق ندائها الصامت أعماق قلبه الذي خلع ثوب الكبرياء جانبًا و خاطبها بكل ما أوتي من حب
" أن تختاري كتفي مُتكئ لأحزانك و أن تكُن ذراعي ملجأكِ الوحيد فهذا يعني ان تكوني في أمان دائمًا مهما كلفني الأمر !"
3
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
تعالت الصرخات حين دوي اطلاق النيران في الخارج و فزعت القلوب التي كانت غارقه في العشق حتي أذنيها و من بينهم قلبها الذي سقط مرتعبا بين ضلوعها و خرجت من جوفها صرخه مستنجده
" في ايه بيحصل بره.."
جاءت إجابته مطمئنه كعينيه
" اهدي يا فرح مفيش حاجه .."
ربته حانيه اتبعها علي ذراعها قبل أن يتوجه الي النافذة لرؤيه ماذا يحدث فوجد رجاله يهرولون الي خارج القصر فتراجع متوجها في الحال الي باب الغرفة لمعرفة ما الأمر فإذا بها تتبعه وهي تقول بلهفه
"في ايه يا سالم ؟"
أمرها بصرامه
" خليكِ هنا متجيش ورايا.."
استنكرت أمره وهبت أن تعارضه فنهرها بعنف
" اسمعي الكلام يا فرح.."
2
لم تتيح لها الفرصة للرد فقد غادر بلمح البصر و بصوت قوي و نبره صارمه امرهم
" محدش يخرج بره لحد ما نعرف في ايه.."
تراجع الجميع و من بينهم أمينه التي قالت بلهفه
" استر يارب.. "
في الخارج كان كلا من سليم و ياسين يقفان مع الحرس ينظران الي جثة ذلك الرجل الملقاة علي الأرض حين أطل عليهم سالم الذي تعاظم الغضب بداخله حين شاهد الدماء علي الأرض فقال من بين اسنانه
" حصل ايه ؟"
تحدث رئيس الحرس يجيبه
"  كنا قاعدين و فجأة سمعنا ضرب النار كان عادل هو الي عليه الحراسه طلعنا كلنا لقيناه مشتبك مع ناس ملثمه راكبين عربيه (..) اتعاملنا معاهم و في وسط الضرب جت في رصاصه موتته و هما هربوا ."
صاح سليم بانفعال
" يعني ايه هربوا دي ؟؟ وانتوا ازاي مخلصتوش عليهم .. بقي شويه كلاب يهجموا علي بيتنا و يموتوا الراجل بتاعنا و يمشوا..!"
القائد بغضب
" سليم بيه احنا اتعاملنا و قبل ما نطلع كان هو اتصاب في كتفه محدش فينا قصر و بعدين دول كانوا تلاته بيضربوا نار عليه و لما احنا طلعنا جريوا.."
اوشك سليم علي الحديث فاوقفه سالم الذي قال بجفاء
" خدتوا رقم العربيه ؟"
الحارس
" العربية مكنتش معلقه لوح.. بس انا لمحت واحد لابس عمة. الأزاز كان متفيم و لما ضربنا نار كتير الازاز اتكسر و هما جريوا "
زفر سالم بحنق فقد بلغ الغضب منه اقسي درجاته فزفر الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة قبل أن يقول بقسوة
" روح شوف شغلك . و هاتلي كل المعلومات عن عادل و أهله "
استفسر الحارس قائلا
" طب حضرتك هنبلغ البوليس ولا ايه ؟"
اجابه سليم بغضب
" لا طبعا. احنا هنعرف نتصرف و نجيب حق الراجل بتاعنا.."
تحدث سالم بغلظة
" بلغ البوليس يا ابني . احنا مش بلطجية.."
1
كانت نظراته مصوبه علي ذلك الذي يرتدي قناع الصمت و الهدوء من البداية ولكنه قرر قطعه حين قال
" سالم بيه عنده حق يا سليم . في واحد مات و لازم الشرطة تتدخل."
1
انصرف الحارس و توجه الجميع الي الداخل فخطي سالم الي مكتبه ولكنه توقف ما أن رأي النساء تقف أمام الباب بنظرات اختلط بها الذعر و الاستفهام معا فقال بنبرة لا تقبل الجدال
" مفيش خروج من البيت غير بأذني و دا أمر موجه للكل و الي مش هينفذه ميلومش غير نفسه.."
انهي جملته و خطى الي داخل المكتب صافقا الباب خلفه تاركا الجميع في تساؤل أجاب عنه سليم الذي قال و عينيه مسلطه عليها
" متقلقوش مفيش حاجه. دا واحد كان بيشتغل معانا و الظاهر كان في عداوة ليه مع حد و كان بيصفيها.."
كان من الداخل كبركان ثائر من أن سمع حديث الحارس أن أحد الأشخاص كان يرتدي عمامة و أخذت الظنون  تعصف به يتقاذفه الف شعور ما بين نفي هواجسه و تأكيدها ولسوأ الحظ لم يكن يستطيع ان يفصح عن تلك الظنون أبدا. أخرجه من شروده صوت سليم الذي قال مستفهما
" حلا فين ؟ انا مش شايفها ؟"
ارتعبت امينه و قالت بذعر
" حلا .. حلا بنتي فين ؟"
تدخل ياسين قائلا بامتعاض
" كانت خارجه مع قريبكوا دا من شويه "
لم يريد نطق اسمه فقد كان يود لو يحطم رأسه ووقد تجلي امتعاضه علي ملامحه حين سمع سليم الذي حادث مروان يخبره بضرورة التوجه إلي المنزل في الحال
تدخلت شيرين التي قالت بتهكم
" ايه الي بيحصل دا ؟ احنا عمر الحاجات دي ما حصلت في بيتنا قبل كدا !"
اجابتها همت بنظرات تعرف طريقها الي الشقيقتين
" انتي بتقولي فيها يا شيرين. البيت اتغير و المهازل كترت.."
3
لم يستطيع الصمت أمام تلك الطلقات التي كان يعلم وجهتها فقال بنبرة قاسيه وعينين أشد قسوة
" قريب هتخلص المهازل دي يا عمتي متقلقيش دا وعد من سليم الوزان و أنتِ عارفة اني عمري ما برجع في وعودي أبدا "
كان تهديده الصريح يقطر من بين كلماته التي اربكت همت للحظات فتدخلت مروة قائلة بغباء
" طبعا سليم الوزان عمره ما بيرجع في وعوده أبدا"
كانت تشير الي وعود المراهقه التي عفي عليها الزمن و دنستها حقارة النوايا فجعلت منها مسخا لا يعترف به فلم يجيبها بل اكتفي بنظرة تضمنت كل معاني الاحتقار فسخرت شيرين قائلة
" دا واضح اني غبت كتير اوي ؟"
اجابتها أمينة التي استطاعت لملمة نفسها قائله بنبرة قاسية
" غبتي لدرجة أننا نسناكي يا حبيبتي. و مبقناش فاكرين أن كان في حد عايش معانا اسمه شيرين.."
كانت كلا من فرح و جنة يراقبان ما يحدث بصمت مطبق قطعه سالم الذي أشار اليهم فلبت جنة نداءه فقد ضاقت ذرعا من تلك الفتاة التي لا تملك ادني ذرة حياء و تبعتها فرح بأقدام مثقلة بمشاعر لم تكتمل و خوف تغلغل الي داخل قلبها.
2
*************
كان أول المتحدثين هو ياسين الذي ما أن أصبحوا في الحديقه حتي قال بخشونه
" بعد إلي حصل دا مش هقدر اسيبكوا لحظة واحده هنا"
رفعت فرح عينيها تناظره بصدمه كانت لجنة نصيبا منها و التي قالت بنبرة خافته
" بس يا سليم. انا وعدت الحاجه أمينة اننا هنقعد معاها كام يوم وبعدين…"
قاطعها ياسين بنفاذ صبر
" معدش ينفع يا جنة.. أنتِ شوفتي الي حصل و أنا مش هجاذف بيكوا خصوصا أن دا ممكن يتكرر تاني ."
1
كان بنظراته شئ ارتعب له قلب فرح التي كانت تناظره باستفهام فأجاب علي استفهامها قائلا
" مينفعش تقعدوا هنا لحظه واحده يا فرح.. أنتِ مدركه الوضع "
7
أكدت كلماته شكوكها التي تهشت بقلبها وهي تناظر جنة التي لم تكن تفهم شئ مما يحدث فقالت باستياء
" انتوا بتخوفوني ليه مش سليم قال إن دي مشاكل بين الحارس دا و بين ناس و هما بياخدوا حقهم منه. احنا مالنا بقي ؟"
أجابت فرح هذه المرة بدلا من ياسين فقد شعرت بما يعتمل بداخل شقيقتها فقالت بنبرة ذات مغزي
" ياسين عنده حق يا جنة و لو كنتِ حابه تعيشي هنا فقدامك طريقه واحده وهي الجواز من سليم فيا نمشي مع ياسين يا تتجوزي سليم و تعيشي هنا علي طول اختاري "
1
كانت تعلم بأن تلك هي الطريقه الوحيده التي ستجعلها تغادر في الحال دون مجادله و قد صح ظنها فقد امتقع وجه جنة التي كان الحديث له صدي كبير بداخل قلبها الذي تقاذفت دقاته بعنف و تراجعت خطوتين إلي الخلف وهي تقول بنبرة مستنكره خرجت من شفتيها المرتجفتين
" ايه ؟ أنتِ بتقولي ايه يا فرح ؟ سليم مين الي اتجوزه. لا طبعا مفيش الكلام دا انا موافقه هجهز حاجاتي و هجيب محمود و نمشي دلوقتي لو حابين."
كانت أنفاسها الهادرة خير دليل علي ظن فرح التي علمت أنها وقعت في شراك العشق مرة أخرى و قد اشفقت علي صغيرتها التي لم تتعافي من كارثتها الأولي بعد و التي تعلم أن عواقبها وخيمه .
تحدث ياسين و عينيه تتفهم ما يحدث مع جنة فقال بنبرة حانيه
" طول عمرك بتسمعي الكلام يا جنة . يالا بقي اطلعي جهزي حاجته و أنا هتكلم مع سالم افندي "
ما أن انهي مكالمته حتي سمع زامور سياره مسرعه توقفت أمامهم مباشرة و ترجل منها كلا من مروان و حلا التي كانت مرتعبه من مظهر الدماء التي رأتها عند البوابه فالتفت مروان يعاونها علي السير و ما أن مر بهم حتي توقف و قال بنبرة خائفه
" حصل ايه و ايه الجثة الي بره دي؟"
تحدث ياسين من بين أسنانه
" عربية فيها ملثمين هاجمت المزرعة و واحد من الحرس مات .."
شهقه قويه خرجت من جوف حلا التي لم تعد قدميها تحملها فارتخت و كادت أن تقع لولا يدي مروان التي حالت دون ذلك فاندفع ياسين و الفتيات تجاهها و كان هو أول من تحدث قائلا
"أنتِ كويسه؟؟"
لم تستطيع حلا  إجابته بل ناظرته بعينين مرتعبه باكيه اخترقت قلبه الذي تلهف لرؤية خوفها بتلك الطريقه و ود لو يكن هو الذراع التي تطمئنها ولكن جاءت كلمات مروان الذي قال بطمأنه
" اهدي يا حلا متخافيش يا حبيبتي.. "
و من ثم توجهت نظراته الي ياسين قائلا بتوبيخ
" حد يقول لحد كدا في وشه. خضتها "
لم يستطيع ياسين الصمود فقد تملكته غيرة هوجاء جعلته يقول بغضب
" و انت مال اهلك هتعلمني اتكلم ازاي؟"
صاح مروان بغضب
" انت  محتاج تتربي الأول و بعدين تبقي تتعلم .."
جن جنون ياسين الذي اقترب من مروان ينوى الاطاحه به وهو يقول بصوت ارعدهم جميعا
" طب والله لهوريك التربية علي أصولها.."
1
بلحظه كانت فرح تقف بينهم وهي تقول بغضب
" ايه يا ياسين في ايه الجنان دا؟"
صاح مروان من خلفها
"سبيه يا فرح يورينا آخره . هطلع حلا بس اوضتها و اجيلك تورينى نفسك "
1
تدخلت جنة التي كانت تخشي من تلك المعركة الداميه التي علي وشك أن تبدأ
" اهدي يا مروان.. و اطلع ودي حلا اوضتها "
تعاظم الغضب بداخله و أحرقت الغيرة شرايينه حين سمع حديث جنه و تخيلها بين أحضانه يحملها فصرخ قاصدا استفزاز مروان
" ايوا اهرب اهرب .. دا الي انت فالح فيه "
6
هاج غضب مروان الممسك بحلا فنظر إلي جنة قائلا بصراخ
" امسكي حلا يا جنة و أنا اوريه مين دا الي بيهرب .. وديني لهربيه مـن اول و جديد."
لم تطيعه جنة وقالت في محاوله لتهدئته
" خلاص يا مروان امسحها فيا انا..'
اجابها مروان بحنق
" عشان خاطرك بس يا جنة
حاولت فرح هي الأخري تهدئه ياسين الذي برزت عروق رقبته فبدا كالوحوش
" ياسين في ايه بقي ما تهدي انت كمان.."
كانت عيني ياسين تطوف فوق يديه الممسكه بها مما جعل دماءه تغلي أكثر في عروقه فقال صارخا
" اتحجج . ما هو دا اخرك .ولا تقدر تعمل حاجه "
جن جنون مروان من حديثه المستفز لرجولته فنظر إلي جنة صارخا بعنف
" امسكي بدل ما ارزعها في الأرض"
8
اندفع ياسين صارخا في وجهه
" عشان ارزعك في نافوخك .."
12
القي مروان لحلا بين يدي جنة التي تلقفتها بلهفه و ما أن هم بالانقضاض عليه و لكن حالت فرح بينهم ليأتيهم صوتا رادعا من الخلف سمرهم بمكانهم
" ايه الي بيحصل هنا ؟"
كان هذا صوت سالم و خلفه سليم اللذان سمعا صوت شجارا بالخارج فتفاجئ الأخوان حين شاهدا تلك المعركه بين مروان وياسين فكان أول من تقدم منهم هو سليم الذي فض العراك بين الرجلين وهو يقول بغضب
" في ايه يا ابني انت و هو ؟ انتوا اتجننتوا ولا ايه ؟"
صرخ مروان بغضب
" هو الي عمال يقل في أدبه من الصبح و لا حد هامه "
نهره سالم قائلا بصرامه
" اسكت أنت يا مروان.."
ثم التفت إلي حلا الملقاة بين احضان جنة التي كان من الواضح عليها التعب و الإعياء ففطن انها رأت ما حدث بالخارج فاقترب منها سالم محتضنا إياها برفق تنافس من نبرته حين قال آمرا
" سليم طلع حلا فوق و ابعت هات الدكتور يشوفها..'
طاعه سليم الذي توجه و حمل حلا برفق بين ذراعيه و في هذه الأثناء لامست يداه ذراعها دون قصدا منه فشعر بتيارات جارفة جعلت دقات قلبه تدق بعنف فحانت منه نظرة خاطفة لعينيها فشعر بأن لها نصيب ما يعتريه الآن ولكنها نفضت عينيها عنه و التفتت للجهة الأخرى لتأتي كلمات ياسين الذي قال آمرا
" روحي اعملي الي قولتلك عليه يا جنة.."
دون حديث اطاعته جنه فصاح مروان معترضا
" جنة مش هتمشي من هنا عشان هي شاهدة عالي حصل ولازم انفخك قدامها.."
8
انكمشت ملامح ياسين و عاد غضبه الي السطح مجددا و ما أن أوشك علي الاقتراب منه حتي ردعه سالم حين صاح بغضب
" بس انت و هو .. و انت يا مروان قولتلك اخرس.. "
انهي جملته وتسلطت عينيه علي ياسين الذي كان الغضب يكلل ملامحه في تلك الأثناء و تابع بنبرة قاسية
" اقدر اعرف حصل ايه لكل دا ؟"
ياسين بفظاظه
" هو يحكيلك .. أما دلوقتي في موضوع مهم لازم نتكلم فيه ؟"
سالم باختصار
" موضوع ايه ؟"
ياسين بخشونة
" فرح و جنة هيروحوا معايا دلوقتي .."
اكفهرت معالم سالم و قست عينيه كثيرا و احتدت نبرته و بدت خطره حين قال
" و مين الي خد القرار دا ؟"
ياسين بحدة
" أنا .. بعد الي حصل دا مش هقدر اسيبهم هنا و امشي .."
سالم بنبرة مرعبة
" ياسين .. انت مشوفتش الوش الوحش بتاعي و منصحكش تشوفه. نصيحه فكر في كلامك قبل ما تقوله.."
1
العراك و حتي الشجار لم يجدي معه لذا قال بدهاء
" انت قولت في المستشفي كل واحد يقعد في المكان الي يريحه. و خليت سليم يسأل جنة عايزة تقعد فين .. دلوقتي انا الي هقولك الكلمتين دول . سيب كل واحد يقرر يقعد في المكان الي يريحه. "
3
لم يحسب حساب ابدا لضربته القاضيه تلك فقد أشار بعينيه الي فرح التي ارتعبت من حديث ياسين و اكتمل ذعرها حين التفت سالم يناظرها بعينين شابهم بعض التوسل الذي تنافي مع لهجته حين قال بهسيس
" أنتِ ايه رأيك في الكلام دا؟؟"
أن كانت كلا الطرق تقود الي الموت فلن تفرق الكيفيه فالهلاك هو النهايه الحتميه والهلاك هو افتراقها عنه. ولكنها اختارت أقل الطرق ضررا فبللت شفتيها الجافه قبل أن تقول بنبرة حاولت أن تبدو ثابته
" كدا ولا كدا هنمشي . يبقي نمشي من دلوقتي احسن ."


6
استقرت كلمتها في منتصف صدره الذي لم يستطيع أن يستوعب رفضها العلني له فها ما كان يخشاه منذ البدايه أن تخذله. فرحيلها من هنا يعني رفضا له و لمشاعره التي عراها منذ لحظات أمامها فقد أعلن تمسكه الضاري بها و الآن تأتي لتدعس علي كبرياء قلبه بتلك الطريقه..
" أظن كدا يا سالم بيه مش محتاجين لا تجادل و لا نتكلم كتير . و دا كمان الصح والي لازم يحصل. فرح وجنة ليهم أهل وناس."
2
رجل مثله لا يعرف الهزيمه أبدا حتي و إن طالت قلبه حتي ادمته فقد نجح في رسم الجمود في نظراته و نبرته حين التفت إلي ياسين قائلا بفظاظة
" عندك حق ليهم اهل و اهلهم اولى بيهم.. "
" يعني ايه الكلام دا ؟؟"
هكذا اخترقت جملة سليم آذانهم فأجابه سالم بلامبالاة
" البنات هيروحوا مع ابن عمهم.."
2
استنكر سليم حديث أخاه فقال بانفعال
" كلام ايه دا يا سالم .. مش كانوا هيقعدوا"
تفاجئ من جنة التي جاءت من خلفه مُنضمه لشقيقتها وهي تقول بجفاء
" لا مش هنقعد . هنمشي.."
صُدِم سليم من جفائها فأوشك علي الحديث ليقاطعه سالم قائلا بصرامة
" عرف الحاجه عشان تخلي الخدم يساعدوهم مش عايزين نأخرهم اكتر من كدا.."
اعلن تصريحه الصارم و المؤلم تزامنا مع علو صفير سيارة الشرطه فتوجه الي البوابه لملاقاتهم فهرول سليم خلفه قائلا بغضب
" حصل ايه يا سالم؟"
لم يستطع السيطرة علي نفسه أكثر فقال بصوت جهوري غاضب
" هي عايزة تمشي! هي اختارت انها تمشي! و كل واحد يتحمل نتيجه اختياره.."
8
***************
أتمت جنة حزم امتعتها و رغما عنها سقطت عبراتها مع إغلاقها لآخر حقيبه تحمل متعلقاتها و التفتت تنظر إلي أمينة الباكية بصمت فاقتربت منها جنة تجلس علي ركبتيها تمد يديها تحتضن كفوف امينه بحنان تجلي في نبرتها المهتزة بفعل البكاء
" ارجوكِ متزعليش مني."
امتدت يد امينه تربت بخفة علي وجنتها وهي تقول بشفاة مرتجفه و عينين باكيه
" مقدرش ازعل منك.."
جنة بلهفه
"والله هجيلك و اجبلك محمود علي طول مش هخليه يوحشك أبدا .. المكان اصلا مش بعيد من هنا ياسين الي قال و قالي في أي وقت لو عايزة تيجي هجيبك.. "
صمتت لثوان و تابعت بألم
" سامحيني ارجوكِ انا ماليش عين اقولهم لا.."
4
تألمت أمينة و تآكلها الذنب علي حديث جنة واقتربت تحتضن وجنتيها قائلة بحنان
" أنتِ ست البنات و تعملي كل الي أنتِ عيزاه. اوعي تفكري غير كدا.وقتها هزعل منك بجد.. أنتِ و محمود عندي مكانه واحده. و بحبكوا زي بعض.. و لو في اي وقت حد ضايقك بحرف اعرفي أن بيتك موجود."
3
احتضنتها جنة بقوة و انهمرت العبرات تكلل هذا اللقاء الحار الذي تتخلله شتي أن انواع المشاعر التي كان أولها الألم و آخرها الندم …
************
في الأسفل كان سالم يجلس خلف كرسيه بعد أن ترك الشرطه في الخارج تعاين مكان الجريمه و قد تملك الغضب كل ذرة من كيانه ولكنه كان غضب مطعم بألم مرير لا يحتمله جسده الذي لأول مرة يخونه فشعر بأن قدميه غير قادره علي حمله. فلجأ لغرفته حتي تحتضن ضعفه النفيس الذي لم يظهره لأحد قط و لن يفعل ذلك أبدا فقد اعتاد الشموخ طوال حياته تليق به العزة و كأنه جزء لا ينفصل عنه و التي أبت عليه أن تسقط تلك الدمعه الخائنه التي كانت تلسع جفنيه تتوسل الفرار حتي علها تزيح أحمال أرهقت جسده الضخم و لكنه أبى أن يظهر ألمه حتي لجدران بكماء يخشي أن تذكره لاحقا بهزيمته النكراء أمام امرأة حملت بيديها مفتاح قلبه و وسام هزيمته.
" سالم .."
كان هذا صوت مروان الذي دلف الي داخل الغرفة ليصطدم بهيئه سالم التي كانت تبدو مبعثرة فلم ينتبه لطرق الباب و لا حتي لاحظ دخوله الي الغرفه فشعر بالحزن علي ذلك الجدار الذي لطالما كان هو الحامي لهم و الآن نال منه التعب فقد أراد لأول مرة بحياته أن يتكأ علي كتف أحدهم أن يكون ضالا لا هاديا..
5
" تعالي يا مروان .. "
هكذا تحدث سالم الذي تحدث بعد أن لملم جأشه بصعوبه جعلت من ملامحه قاسيه عدائيه ففكر مروان لثوان قبل أن يقذف ما بجوفه من أشياء قد تعيد اشتعال براكينه مرة ثانيه فجاء صوت سالم المحذر حين قال
" هات الي عندك يا مروان من غير ما تفكر .."
زفر بقوة قبل أن يتقدم الي الداخل و ما أن أوشك بالحديث حتي وجد سليم يدخل الي الغرفة و ملامحه لا تقل عن ملامح أخيه بشئ بل زادت عليها عينيه الحمراء و التي كانت كجمرتين نبتت من جوف الجحيم فالتفت مروان الي سالم الذي كان يناظره بجمود فشرع في الحديث قائلا
" جمعتلك كل المعلومات الي قولتلي عليها .."
تحدث مختصرا
" احكي.."
شرع مروان في قص ما في جعبته - " محمود عبد الحميد رضا عمران ابو فرح وجنة كان متجوز زميلته في الجامعه و خدها و راح عاش مع أهله في الصعيد و خلف منها بنتين و أبوه عبد الحميد كان راجل صعب و الناس كلها بتعمله الف حساب كان عنده ارض كتير فكان عايز يضمن أن أرضه متطلعش بره و عرض علي محمود أنه يخطب بناته فرح لياسين و جنة لراضي.. "
جهر سليم بعنف
" مين راضي دا أن شاء الله."
اجابه مروان
" راضي دا. مات .. سيبني اكمل .. محمود رفض جدا و أبوه خيره يا كدا يا هيطرده قام محمود خد بناته و مراته و مشي بعد ما قاله مش عايز منك حاجه .. و بعدها بفترة بسيطه مراته ماتت كان عندها كانسر و بسبب تعبها فرح اضطرت تسيب كلية الطب عشان تشتغل و تساعد ابوها الي حمل أبوه سبب كل الي حصله و خد بناته و راح مكان تاني أبوه ميعرفوش و دا بعد ما راح عشان يعزيه في مراته و رفض يقابله.."
كانت كل خليه في جسده تئن بألم و عذاب مما سمعه فقد توقف قلبه عند تلك الجملة خطبتها من ها الرجل الذي من الممكن أنه عاد لتنفيذ ما رفضه والدها سابقا ألم يكن يكفيه لوعه فراقها بتلك الطريقه حتي تأتي تلك الحقائق لتضفي عذابا من نوع آخر محملا بنكهه الغيرة التي لم يختبرها بحياته سوي معها..
" من حوالي عشر سنين قامت خناقه بينه و بين عيله كبيرة علي حتة ارض مات فيها راضي و وقتها عبد الحميد مستكفاش غير بموت عشرين واحد من العيله التانيه قبل ما يطلع النهار بس ابنه وفيق متحملش موت ابنه هو و مراته الي تعبت و قعدت في المستشفي فترة و وقتها جابها  يعيشوا هنا في اسماعيليه جمب أهلها و كان معاهم الغتت ياسين الي بقاله فتره بيدور عليهم زي ما قال و الباقي انت عارفه.."
كان أول من تحدث سليم الذي قال بانفعال
" دا باين عليه راجل مفتري.. يعني ايه يموت عشرين واحد قصاد واحد و في نفس الليله و مهموش موت حفيده.."
اقترب مروان منه و قال بصوت خفيض بجانب أذنيه
" يا غبي السكه فضيتلك  احمد ربنا أنه مات  .."
أضاء عقل سليم من حديث مروان و قال باندفاع
" الحمد لله .. "
تنبه الي ما تفوه به فقال بغضب
" ايه يا غبي انت حد يحمد ربنا علي موت حد .."
مروان بتهكم
" بص لأخوك الغلبان و انت تحمد ربنا الف مره .. مش كفايه هتمشي  وتسيبه لا و كمان ممكن تتخطب للبغل دا .."
" اطلعوا بره انتوا الاتنين…"
17
هكذا تحدث سالم الذي لم يستطيع تحمل حديث مروان المروع لقلبه فاذعن الأثنان لطلبه دون أي حديث ..
***********
كان ثنائي الشر يجلس في غرفة الجلوس يحترقون لمعرفة ماذا يحدث في الخارج فقد كان الهرج و المرج دائر في الخارج حول الفتاتين و قد كانت شيرين تطمح في معرفة ماا حدث ولكنها تفاجئت حين رأت مروة تهرول الي داخل الغرفة و قامت بأغلاق الباب خلفها وهي تقول بلهفه
" عندي ليكوا خبر بمليون جنيه .."
نطق الثنائي في آن واحد
" خبر ايه ؟"
مروة بشهادة غامزة
" فرح وجنة هيمشوا دلوقتي مع ابن عمهم.."
صرخت همت بفرحه
" أنتِ بتتكلمي بجد يا مروة"
" والله بتكلم بجد لسه شايفه الي اسمها جنة دي وهي بتقول للخدم يطلعوا شنطها بره و امينه بتقولها هتوحشوني . و لما سالت الخدم قالوا إنهم هيمشوا النهاردة.."
2
همت بفرح
" خبر بمليون جنيه يا بت يا مروة "
مروة بخبث
" ولسه لما تعرفي الجديد. "
شيرين باستفهام
" جديد ايه ؟"
مروة بنبرة منخفضة
" الواد مروان شفته داخل اوضة سالم و وراه سليم الي نسي يقفل الباب وقفت اتسنطت عرفت أن البنات دي ليهم أهل صعايدة "
همت بعدم فهم
" صعايدة ازاي ؟"
شرعت مروة بقص ما سمعته من مروان علي مسامع همت التي هللت بفرح قائلا
" دا احنا بيضالنا في القفص يا بت يا مروة.. دانتي تستاهلي بوسه علي أخبارك الي بمليون جنيه دي "
4
قاطع فرحهم صوت شيرين التي قهقهت بسخرية  قبل أن تقول بشر
" الكلام دا لما تكون جايبه أخبار جديدة يا ماما.."
همت بصدمه
" تقصدي إيه ؟"
هبت شيرين من مقعدها تتوجه الي الداخل قبل أن تلتفت قائلة بتهكم
" معنديش وقت اشرحلك. ورايا حاجات مهمه لازم اعملها الاول .."
11
*************
كان يحترق بنيران لم يختبرها مسبقا نيران تأكل أحشاؤه من الداخل بينما هو مجبر علي التحمل و ألا يظهر أي بادرة ضعف قد تنال من كبرياؤه الذي يشعر بالحزن علي ألم قلبه الدامي الذي ينافس نيرانه بدلا من الهواء الذي بدأ خانقا حوله بشكل كبير جعله يلتقط زجاجه المياة و يقوم بفتحها و إفراغها دفعه واحده فوق رأسه حتي يهدئ من غليانه قليلا و قام برفع رقبته الي الأعلى بعينين اختلطت مياهها بالمياة التي تتساقط منه و كأنه يناجي ربه بصمت أن يُخفف هذا العذاب المرير الذي قطعه طرقا قويا علي الباب تلاه دلوف شيرين إلي غرفة المكتب و ما أن همت بإغلاق باب الغرفه حتي أتاها صوته القاسي
" اخرجي من الباب الي دخلتي منه.."
جفلت من لهجته القاسيه و أمره الصارم فتركت الباب مفتوحا وهي تتقدم بخطٍ سلحفيه بينما عبراتها تنهمر علي وجنتيها وهي تقول بألم زائف
" عايزة اقولك حاجه مهمه.. انا اسفه لو بعطلك أو جايه في وقت غير مناسب .. "
كانت قد اقتربت أكثر منه و اهلها احمرار عينيه و المياة التي كانت تغرق وجهه الذي لون الألم ملامحه و بدلا من أن ينهرها انشغل بالنظر الي عينين كانت تطالعه باعتذار صامت من بعيد فوجد نفسه يقول بنبرة اهدأ قليلا
" تعالي"
نظراته التي استقرت خلفها جعلتها تفطن الي وجود فرح وراءها فتحلت بجرأة تعلم أنه لم يرفضها في هذا الوضع خاصة وهو مشغول بعتاب قاسي أعلنته عينيه التي كانت تطالع غريمتها بغضب فقامت بانتزاع محرمه ورقيه و اقتربت منه كثيرا تحاول أن تجفف وجهه من تلك القطرات التي تتساقط من بين خصلات شعره فشكلا مظهرهما لوحه مروعه لقلب تلك التي تناظرهم من بعيد بقلب يحترق كمدا و لأول مرة تتخلي عن هدوئها فتوجهت الي المكتب تنوي الفتك بتلك المرأة التي لامست خط النار حين اقتربت منه بتلك الطريقه ولكنها توقفت في منتصف الطريق تحديدا أمام باب المكتب حين وجدت يده تمتد تمسك بكف شيرين و التفت يناظرها قائلا بنبرة رقيقة لا تشبهه أبدا
" تسلم ايدك…"
7
كأنه انتزع قلبها من بين ضلوعها في تلك اللحظه. هكذا كان وقع كلماته عليها . كان مرحبا بقربها قاصدا أن يقطع عليها طريق الوصول إليه .
*************
غادرت الفتاتين برفقه ياسين تاركين الجميع خلفهم يحترق بطريقته فكان أول من عبر عن غضبه هو سليم الذي غادر خلفهم يمنعها من أن تستقل السيارة فتفاجئت بيده التي أغلقت باب السيارة أمامها وهو يقول بحدة
" عايز اتكلم معاكي…"
اوشك ياسين علي لكمه فتدخلت فرح قائله بمرارة
" سيبه يا ياسين . خليه يقول الي عنده عشان دي آخر مرة هيتكلم معاها فيها…"
ابتلع ياسين غضبه وقال بنبرة بحنق
" عايزة تسمعيه يا جنة؟"
لم تقدر علي الرفض لا تستطيع إخراجها من بين شفتيها فحاولت التسلح بالكبرياء مستخدمه حجة شقيقتها قائلة بجمود
" معلش يا ياسين . خليه يقول الي عنده عشان زي ما فرح قالت دي آخر مرة هسمعه .."
2
استقل ياسين السيارة بجانب فرح التي كانت وكأنها جثة تمشي علي الأرض لم تتوقع أن يكون الألم مريع بتلك الدرجه فهي للآن لم تستطيع التحكم بارتجافه يدها و لا قلبها الذي علمت الآن ما معني أن ينزف القلب دما..
أخذت نفسا طويلا قبل أن تقف أمام الأرجوحه القاطنه بحديقه المزرعه تناظره و قد أحكمت جعل بحرها الأسود قاتم لا يبالي بوجوده كما تحكمت بنبرتها التي جعلتها هادئه حين قالت
"سمعاك .."
" بحبك يا جنة.."
أما أن ينال رضاها او يموت وهو يحاول . لأول مرة ينحي كبرياءه جانبا و يخلع رداء الصرامه متخليا عن قوانيننه التي وضعها لنفسه فإما النجاة معها أو الهلاك بدونها ..
كان اعترافا مريرا بالحب لم تتوقعه و لم يتحمله قلبها الذي كانت دقاته تتقاذف بعنف بين ضلوعها للحد الذي جعلها تتراجع خطوتين للخلف فأقبل هو عليها قائلا بخشونة
" مش عايز منك رد .. بس عايزك تعرفي اني عمري ما عرفت يعني ايه حب لحد ما قابلتك. و اني مش هضيعك مني و اني مش هموت غير و أنتِ مراتي.. "
أما الكبرياء أو الموت اما أن تنقاد خلف مشاعرها شرط أن تخلع كرامتها علي باب علاقتها معه أو تموت وهي تدافع عن ما تبقي منها رافضه كل السبل التي قد تجمعها به
"قولتهالك قبل كدا وهقولهالك تاني . لو آخر راجل في الدنيا عمري ما هقبل اتجوزك"
8
" يالا يا جنة "
كان هذا صوت ياسين الغاضب الذي أيقظ براكين غضبه ولكنه حاول ابتلاع جمراته قبل أن يقول بجفاء
" كإني مسمعتش حاجه.. أنتِ ليا.. اقسم بالله لو علي موتي يا جنة مش هسيبك "
9
جن جنونها فقالت بصوت يقطر الما
" بعد كل الي قولتهولي.  كل الوجع الي وجعتهولي ليك عين تقولي كدا .. تصدق انك بجح!"
1
انفعالها بهذا الشكل يعني بأن هناك صدي لحديثه معها فأجابها بلهجه يشوبها الندم
" الجرح الي جرحته انا كفيل اداويه.. بس اديني فرصه.."
1
بنبرة مهترئه إجابته
" أبدا.."
هدر بغضب
" يبقي انا هخلق فرصتي بإيدي …"
" احلم مع نفسك .."
قالت جملتها الأخيرة بغضب و غادرت من أمامه مهروله خوفا من مشاعر تصرخ بداخلها قد تجعلها تضعف أمام إصراره و كلماته و قلبها…..
3
***************
بعد مرور أسبوع كانت حلا تقود سيارتها في طريقها الي الجامعه فتفاجئت بسيارتين دفع رباعي تقطعان عليها الطريق فشعرت بالرعب يغزو أوصالها و توقفت لتجد ملثمين ترجلوا من السيارة و قاموا بفتح بابها وسط صرخاتها التي اخمدها ذلك المخدر الذي وضعوه فوق أنفها فسقطت مغشيا عليها في الحال ..
3
كان يجلس بوجوم يتابع أعماله حين دخلت والدته الي داخل الغرفه مهروله وهي تقول بفزع
" الحفني يا سالم .. حلا خرجت من الصبح و لسه مرجعتش لغايه دلوقتي و تليفونها مقفول؟؟"
هب من مكانه بينظر الي ساعته فوجدها تشير الي التاسعه اي مر علي غيابها اثني عشر ساعات فقال بغضب
" بقالها اتناشر ساعه غايبه ولسه فاكرة تيجي تقوليلي يا ماما؟؟"
لم تكد تجيبه حتي دق جرس الهاتف فالتقطه مجيبا
" الو.."
المتصل علي الطرف الآخر
" سالم الوزان معايا ؟؟"
سالم باختصار
" ايوا انا مين ؟"
الرجل عل الطرف الآخر
" اختك الآنسة حلا عندي .. تجدر تچول اني خطفتها.. "
جن جنونه حين سمع حديث الرجل و قال صارخا
" انت مين يا جدع انت وبتقول ايه ؟"
+
" اني عبد الحميد رضا عمران .. اظن عرفت اني مين عاد.."
14
يتبع….
ساقني اليك قدر لا اعلم هل كان يُعاقبني أم أنه أراد أن يكُف عنى أذاه ، ولكني بِت مُتعبة للحد الذي جعلني لا أريد التفكير بأي شئ فقط اتمني أن اُغمِض عيني إما للأبد أو لجنة تخلو من شيطاين الفراق و الألم…
1
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت تخطو الى داخل المشفى بأقدام هُلاميه تشعر بالرهبة والفزع فها هي اليوم تذهب للطبيب لتحديد موعد الفحوصات التي ستحدد حالتها و التي كانت تشعر بأنها ليست بتلك البساطة التي يتحدثون عنها. توقفت أمام غرفه الطبيب و أخذت نفسا قويا و أخرجته ببطئ قبل أن تتمتم بخفوت
" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
3
امتدت يد فرح الحانيه تربت بخفه علي كتفها وهي تقول مطمئنه
" أن شاء الله خير متقلقيش."
و تابع ياسين يحفزها
" اجمدي كدا مفيش حاجه تخوف. و بعدين كلنا جمبك متقلقيش"
اومأت برأسها واهدته ابتسامه ممتنه فقام بالطرق عدة طرقات علي باب الغرفة الذي قام بفتحه حين سمع صوت الطبيب يأمرهم بالدخول و لكن سرعان ما تجمد الثلاثة بارضهم حين شاهدا ذلك الذي يجلس علي المقعد أمام الطبيب و الذي لم يكن سوي سليم الوزان..
" أنت…"
هكذا تحدثت جنة التي لم تتوقع بخيالها أن تراه تحديدا هنا و صاحت فرح من خلفها حين رأته
" انت بتعمل ايه هنا؟؟"
4
لم يتفوه ياسين بحرف فقد بدأ يلاحظ كم يعشق ابنة عمه و لكنه لم يتواني عن جعله يتذوق الأمرين حتي يظفر بها
" بتعمل ايه هنا يا سليم ؟"
4
لم يبد عليه التأثر بصدمتهم أو بحديثهم و علي عكس طبيعته كان هادئا حين قال
" مستنيكوا.."
داخليا كانت الفراشات تطير بمعدتها من فرط السعادة لاهتمامه بما يخصها و خاصة هذا الأمر ولكنها خارجيا تظاهرت بالغضب الذي تجلي في نبرتها حين قالت
" انت بتستهبل صح ؟"
3
لم يجيبها إنما احتدت عينيه قليلا فتدخل الطبيب قائلا
" تعالي يا جنة اتفضلي اقعدي .."
جنة بعناد
" مش هقعد طول ماهو موجود هنا.."
احتدت نبرته حين قال
" يبقي هتفضلي واقفه طول النهار.."
4
كان الثلاثة يشاهدون لعبة القط والفأر التي تحدث بينهم و التي قرر الطبيب أخيرا فضها حين قال
" لو سمحت يا سليم بيه اتفضل بره و ياريت تاخد دكتور ياسين معاك و فرح كمان انا عايز جنة لوحدها.."
حين أوشك سليم علي الرفض تحدثت فرح بتوسل
" سليم احنا مش هنفضل طول النهار نتخانق.. ممكن تطلع بقي.."
أخيرا وافق علي مضض فتوجه الي الخارج برفقه ياسين الذي قال بغضب
" متزودهاش يا سليم عشان متضطرنيش اقف قدامك.."
2
اغتاظ سليم و قال بحدة
"  بلاش تهديد عشان انت عارف كويس أنه مش هياكل معايا .."
ياسين بصرامه
" و أنا مبهددش. انا بس بنبهك. مش هسمحلك تضايقها. "
اقترب منه سليم حتي أصبح الإثنان وجها لوجه و ارتفع صوت أنفاسهم الثائرة و أجابه سليم بغضب
" انا بحبها و عايز اتجوزها و هتجوزها يا ياسين و لا انت ولا اي حد هيقدر يقف قدامي.."
ياسين بلهجة هادئه ولكن قويه
" معنديش مانع انك بتحبها و عايز تتجوزها بس لو هي رفضاك انا هقفلك و همنعك تقرب منها. إذا كنت ساكت فعشان اديها فرصتها انها تشوف انت متمسك بيها قد ايه.. جنة اختي و اتمنى انها تكون مرتاحه في حياتها خصوصا بعد الي شافته لكن مش معني كدا اني هسيبك تفرض نفسك عليها. دا تحذير مش هكرره تاني…"
9
اندفعت الدماء الثائرة الي رأسه حتي لونت حدقتاه التي صارت كبركه حمراء لونها الجحيم وحين أوشك على أخباره أن يذهب إلى الجحيم رن هاتفه و كان المتصل سالم فحاول سليم أسترداد أنفاسه قبل أن يجيب سالم الذي صرخ به
" انت فين؟؟"
" انا في المستشفي …"
قاطعه سالم الذي لأول مرة يكن في تلك الحالة  هادرا بعنف
" عبد الحميد عمران خطف حلا!"
كان صوته حادا مرتفعا للحد الذي اخترقت جملته آذان ياسين الذي تجمدت الدماء باوردته حين سمع حديث سالم و الذي لم يستوعبه سليم الذي استفهم قائلا
" انت بتقول ايه و عبد الحميد مين…."
فطن الي الاسم و هو يرى ياسين الذي امتقع وجهه و قال بلاوعي
" جدي… عبد الحميد عمران جدي.. خطف حلا!"
3
شهقات متتاليه  خرجت من جوف كلا من فرح و جنة التي شعرت بأن أقدامها تتلاشي من فرط الصدمة وهي ترى ملامح سليم الذي كان يناظرها بنظرات جحيميه فعلا وجيب قلبها من فرط الذعر وجاء صوت سالم الآمر
" دقيقه وتكون عندي .."
من البداية كنت أعلم بأن طرقنا ستفترق ولكن لم أكن أتوقع بأن تكون النهايه هكذا تخيلتها وردية بقدر عشقي لك ولكن بدا أنها ستكون مأساوية كحياتي قبل لقائي بك..
لا تعلم كيف وصلوا الي المزرعه فقد كان كلا من ياسين و سليم يأكلان الطريق حتي بدت السيارة و كأنها وحشا يأكل الطريق كما يأكل الذنب أحشاءها من الداخل فهي تعلم بأن كل هذا حدث بسبب شقيقتها التي كانت ترتجف بجانبها فقد كان هلاكها يلوح بالأفق فذلك الرجل الذي قبل بأن يخسر ولده لأجل حفنه من التراب ماذا سيفعل بمن خسرت شرفها بتلك الطريقة؟
ترجل الجميع من السيارة و تفاجئوا بكل هؤلاء الرجال المسلحين الذين يقفون بالخارج فبدأ الأمر وكأنه جيشا يتأهب للدخول الي معركه داميه !
لم يعلق أحد و توجهوا الي المنزل فوجدوا الجميع منعقدون حول أمينة التي كانت ترتجف من فرط الرعب و دقات قلبها تعلو و تهبط فجلست سما تحت اقدامها تحاول عمل تدليك لدورتها الدمويه و في الجهه الأخرى فعلت مروة مثلها أما همت فقد كانت تجلس بوجوم بجانب شيرين التي ما أن وقعت عينيها عليهم حتي هبت من مقعدها تقول بغضب
" انتوا كمان ليكوا عين تيجوا هنا بعد الي حصل ؟؟ "
7
لم يجيبها أحد و توجه الجميع الي سالم الذي كان يقف أمام النافذة  ينفث النيران من أنفه و كانت ملامحه مريعه فبدا كالوحوش وهو يزوي ما بين حاجبيه بتلك الطريقه و عينيه التي تحول لونها الي الدماء فقد كان هذه اول مرة ترى هيئته هكذا و قد علمت حينها بأن هناك كارثه ستحدث لا محاله.
كان الألم الذي يشعر به يفوق طاقته علي التحمل فقد شعر بأن ضلوعه تتفتت بداخله وهو يتخيل أن يحدث لها مكروه فقد كان شبه متأكد بأن جده يخطط لفعل شئ و قد صحت ظنونه حين حدث إطلاق النار و قتل ذلك الحارس المسكين و الذي ذهب إلي زوجته وأسرته حتى يقدم واجب العزاء وترك لهم مبلغا من المال مع وعد بأن يتكلف جميع مصروفات أولاده الثلاث حتي ينهوا دراستهم.  كان هذا اقل شئ يمكن تقديمه لهم ولكنه لم يحسب حساب بأنه يفعل كارثه مثل هذه  و التي لم تصيب ضميره فقط بل نالت من قلبه للحد الذي شعر به يتفتت بداخله ذعرا عليها فكان أول من توجه إلي سالم قائلا بلهفه
" حصل ايه يا سالم ؟"
لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ بلكمه قويه سقطت علي فكه فشعر بأن عظامه تحطمت بفعل قبضة هذا الوحش الذي لم يرهبه شهقات النساء حوله و صرخ بأعلى صوته حتي اهتزت الجدران من صراخه
" مقولتليش ليه ؟؟؟؟"
4
شهقات و صرخات خرجت من فم الجميع جراء ما حدث فلم يكن يتوقع أحد أن تلك الكلمه القويه التي ما ان استعاد ياسين اتزانه بعد أن تخطى قوتها حتي تأهب للهجوم عليه فامتدت ذراع مروان تحاول ردعه و اقترب سليم يحكم قبضته علي جسد سالم الذي صرخ قائلا بغضب
" رد عليا  "
" عشان مش هتقدر تعمل حاجه معاه و لا تقدر عليه لانت ولا بلدك حتي"
4
زمجر ياسين بوحشيه و هو يحاول الفرار من بين براثن مروان الذي قال مهدئا
" ما تهدوا بقي احنا في ايه ولا في ايه ؟؟"
صرخ سالم موبخا
" اقدر عليه و على مليون واحد زيه.. مفيش حد يقدر يقف قدام سالم الوزان.."
تدخلت شيرين وهي تتقدم من سالم قائلة بغل
" انتوا اتحدفتوا علينا من انهي داهيه.."
ساندتها همت التي أرادت إلقاء النار علي البنزين حين قالت بصراخ
" دمرتوا حياتنا و اتسببتوا في موت حازم و دلوقتي هتموتوا حلا الغلبانه.."
4
صرخ ياسين بغضب
" متقوليش كدا انا الي هرجع حلا و محدش هيقدر يمس شعره واحدة منها.."
صاحت شيرين بغل
" دا لو لحقت .."حلا مخطوفه من الصبح و يا عالم زمانهم عملوا فيها ايه "
للحظه شعرت برغبة في قتل تلك المخلوقة البشعة ولكنها تسمرت حين قالت جنة التي كانت ترتجف بمكانها
" كفايه بقي .. محدش هيأذي حلا انا عارفه جدي خطفها ليه .. خطفها عشان يجبني انا هو عايز يغسل عاره مني.. و أنا هروحله. خليه يموتني و يريحني.."
5
غرزت خنجرها بقلبه حين تفوهت بتلك العبرات التي بدا و أنها تحمل الكثير من الحقيقه فصرخ سليم باستهجان
" أنتِ بتقولي ايه ؟؟ الكلام دا مش هيحصل و حلا احنا هنعرف نرجعها احنا مش عيال صغيرة.."
أيدته أمينة التي قالت بانهيار
" سليم عنده حق يا جنة أنتِ كنتِ ضحيه و حلا كمان ملهاش ذنب مش عشان ننقذ واحدة نضيع التانيه.. "
تدخل ياسين قائلًا بصرامة
" انا هروح لجدي و هجيب حلا من غير تدخل من حد .. انا عارف هو عايز ايه ؟ "
2
جاء صوته الحاد الذي أرعدهم جميعا
" جنة بتتكلم صح…"
5
شهقه قويه شقت جوفها حين سمعت حديثه الحاد و الذي شابه نظراته الخاليه من كل معالم الشفقه فلم تستطع منع نفسها من الهمس باسمه بلوعة
" سالم.."
لم يجبها بل لم يلتفت على الرغم من أن قلبه لم يرى بوجوه الحاضرين سواها ولكن ذلك لم يكن جديدا عليه فهو باهر في إخفاء عشقه لها
" انت بتقول ايه يا سالم؟؟"
هنا تحدث سليم بصدمه كان لياسين نصيبا كبيرا منها و الذي صاح باستنكار
" قد كدا انت منزوع الضمير و الاحساس عايز تبعتله جنه عشان يقتلها.."
لم يجيب علي أيا منهما فاقتربت جنة منه قائلة بصوت نزعت من الروح فقد علمت منذ ذلك اليوم الذي استفاقت في المشفي ان الهلاك هو نهايتها الحتمية فلم يكن يفرق عندها اي طريقه ستقودها اليه
" انا موافقه اروح لجدي.. حلا ملهاش ذنب .. دا ذنبي و أنا بكفر عنه.."
امتدت يد سليم تمسك برسغها و قام بجرها إليه يوقفها أمامه وهو يقول بعنف
" اخرسي أنتِ كمان بتقولي ايه ؟؟"
4
اقترب ياسين من سالم حتي صار بينهم خطوتين وقال بهسيس مرعب
" الكلام دا عمره ما هيحصل الا على جثتي . و حلا انا الي مسئول ارجعها بسلام.."
تدخل مروان بغضب
" يا جماعه في حكومه في البلد انتوا بتقولوا ايه ؟!"
تشابه صوته مع ملامحه حين قال بجمود
" حلا متخصكش.. و لا انا عمرى هثق فيك.."
صاح ياسين بغضب
" ميهمنيش انك تثق فيا…."
قاطعه سالم قائلا بقسوة
" جدك عايز تاره.. عايز يغسل عاره! و العار ميغسلهوش الا الدم.."
لم تستطع الصمت أكثر فصرخت مستنكره
" سالم انت سامع بتقول ايه ؟"
لم يكلف نفسه عناء الإلتفات لها بل تابع بنفس لهجته
" يا اما يغسل عاره يا اما ميبقاش في عار اصلا.."
6
لم يفهم الجميع كلامه فعم الصمت للحظات قطعها ياسين الذي قال بغضب
" ما تفهمنا تقصد ايه ؟"
لم يجيبه إنما التفت إلي مروان قائلا بفظاظة
" اتصل بالمأذون.. هنكتب كتاب سليم و جنة .."
13
شهقات مستنكرة خرجت من أفواه الجميع فصاح بوحشية
" مش عايز ولا كلمه.. يا كدا يا هتبقى حرب عالكل "
أنهى كلماته و نظر إلي ياسين قائلا بعينين تقطران غضبا و لهجه متوعدة
" ورحمة ابويا وقتها ما هرحم حد.. و الي حضر العفريت يتحمل أذاه.."
5
لم يتأثر خارجيا ولكنه من الداخل علم بأن هذا الأمر لن يمر مرور الكرام و أن هناك حربا قد تنشب و ستكون عواقبها وخيمة ولكنه لن يستسلم أبدا و سيقاتل حتي لو كان هو أول من سيقع أمام طوفان الدماء
" وانا مش موافق.. وجنة مش هتتجوز غصب عنها حتي لو كنت أنا أول واحد هيقع ضحيه الحرب دي"
" بس انا موافقه.."
هكذا تحدثت جنة التي لن تتحمل أن يدفع ثمن اخطاءها شخصا آخر يكفي شقيقتها و طفلها . لن تتحمل اندلاع حروب هي السبب بها
" اعمل الي قولتلك عليه.."
هكذا قالها سالم موجها أنظاره لمروان الذي لم يكن بيده اي شئ فامتثل لأوامر سالم والذي لاحظ اقترابها منه حين قالت بلهجه مرتجفه
" عايزة اتكلم معاك.."
تدخلت شيرين مغلوله
" ابعدي عنه عايزة منه ايه تاني.."
زجرتها فرح بعنف
"متدخليش في الي ميخصكيش.."
اقتربت شيرين تمسك بيد سالم وهي تقول بتوسل
" سالم ارجوك قولها…."
لم ينتظر حتي يسمع باقي حديثها فنفض يدها متوجها للداخل وهو يقول بصرامة
"سليم جهز الرجالة بعد كتب الكتاب عندنا سفر طويل .."
اوشك ياسين علي الاعتراض فتفاجئ بيد أمينة التي امتدت تمسك بذراعه قائلة من بين عبراتها
" متضايقش يا ابني دا الي لازم يحصل . صدقني سالم بيرد اعتبار جنة و فرح. لما جنة تروح مع سليم علي انها مراته جدك مش هيقدر يأذيها. انا عارفه انك تقدر تحميهم بس كدا احسن للناس كلها. فكر في كلامي كويس .. بالله عليك تسمع كلامه انا عارفه هو بيفكر ازاي لو مش عشان خاطرى عشان خاطر حلا.. انا مش هتحمل وجع تاني .."
2
كانت محقة بحديثها فإن كانت زوجة لتلك العائلة فلن يكون هناك أي عار مُلتصِق بها و ستذهب مرفوعة الرأس و بنسبة كبيرة سيرضي هذا جده الذي لن يتوانى عن غسل عاره بإزهاق روح تلك المسكينة و لن يهتم بمقدار خطأها..
****************
" مش مضطرة توافقي عالي سالم قاله.."
هكذا تحدث وهو يقف خلف تلك التي لم تتحمل الهواء بالداخل فخرجت لتقف في الحديقه تنظر إلى السماء لا تعرف كيف تصيغ دعائها كل ما استطاعت أن تتفوه به
" يارب يكون دا كابوس و افوق منه.. "
أغمضت عينيها تتوسل الي الله أن يكون هذا كابوس تستفيق منه ولكن اتي حديثه الذي جعلها تتسمر بمكانها فقد باغتتها كلماته للحد الذي جعل الغضب يتصاعد الي أوردتها فالتفتت تقول بسخرية مريرة
" كنت متوقعه انك هتقول كده.. عايز اتجوزك يا جنة لكن وقت ما الجواز بقي فرض عليك جاي تقولي مش مضطرة تتجوزيني !"
اقترب منها أكثر وهو يقول بتصميم نابع من عينيه التي كانت ملونه بدماء الغضب
" انا لسه عند كلمتي و لسه عند وعدي و هتجوزك لو دي آخر حاجه هعملها قبل ما اموت احفظي كلامي دا كويس "
" اه ماهو واضح طبعًا.."
قالتها بسخرية فتابع بلهجه أقل حدة 
" عايز اتجوزك و أنتِ راضيه يا جنة مش وأنتِ مُجبرة. عايز افرحك و افرح بيكِ. "
لامست كلماته قلبها للحد الذي جعل عبراتها تنهمر على وجنتيها وهي تقول بألم
" تفرحني!! تبقى بتخدع نفسك؛ أنا واحدة الفرحه اتحرمت عليها. لو عايز تعيش حياتك دور عليها بعيد عني.. أنا وافقت علي اقتراح سالم اه بس جوازنا هيبقي عالورق و بس لحد ما الأمور تهدى و نطلق أو منطلقش مش فارقة . بس مش همنعك تعيش حياتك . "
ازدادت عبراتها وهي تنطق جملتها الأخيرة فسقطت علي قلبه المُلتاع و الذي يعاني من أوجاع عديدة وآلام كثيرة كان أولها رعبه علي شقيقته و آخرها خوفه من فقدانها حتي أنه لم يكن يعرف بماذا يجيبها فقط اكتفي بقول
" انتِ حياتي يا جنة.. "
*****************
كانت تتشاجر مع خطواتها وهي تتوجه الي المكتب خلفه وقامت بأغلاق الباب بقوة قبل أن تقترب منه وهي تمسك برسغه قائلة بغضب
" استني هنا بكلمك.."
بلمح البصر وجدته يلتفت ويقوم بجذبها من يدها الممسكه به حتي اصطدمت بسياج صدره الخافق بعنف وهو يزمجر بوحشية
" اوعى تفكري تستفزيني عشان أنا في أقصى درجات غضبى و مش مسئول عن الي هعمله.. فاهمه.."
لم ترعبها نظراته ولا حديثه حتي بالرغم من ألمها من قبضته الغير رحيمه علي يدها ولكنها تجاوزت كل شئ قائلة بنبرة خافته
" بس انا واثقه انك عمرك ما هتأذيني .."
افلتها بغتة فتراجعت إلي الخلف بقوة كادت أن توقعها بينما تابع قائلا ساخرا
" متتكيش عالثقة اوي عشان مبقلهاش وجود بينا.."
صاحت باعتراض
" ليه بتقول كدا؟"
" مقولتليش ليه أن هو ورا الي حصل ؟"
لأول مرة تشعر بالخوف منه بتلك الطريقة ملامحه كانت مُكفهرة بطريقة لم تعهدها و نبرته القاسية جعلتها تبتلع ريقها بصعوبة قبل أن تقول بشفاة مرتجفه
" خوفت يكون تخميني غلط!"
ارتسمت السخريه علي ملامحه وامتزجت مع لهجته المريرة حين قال
" خوفتي! ولا عشان كنتِ عايزة تمشي و مش لاقيه طريقه فقولتي فرصه بما أنه مش قادر يحمينا"
هبت تنفي مرارة اتهاماته
" لا طبعا أنا مقولتش كدا .."
زأر بغضب
" هو قال. و أنتِ معترضتيش و مشيتي!"
صرخت بلوعة
" و أنت ممسكتش فيا.."
قهقه ساخرا و هو يمسك بهاتفه ينوي إجراء اتصالا هاتفيا وهو يقول بتهكم
" فعلا كان مفروض اقولك لا والنبي متمشيش.. اقولك دي احسن حاجه صح أنتِ عملتيها…"
7
لم تستطيع أن تجيبه فقد نالت كلماته منها بشكل لا يوصف فشعرت بألم يطحن عظامها من الداخل وخاصة حين شاهدته ينخرط في محادثة هاتفية مع أحد رجال الشرطة فعادت أدراجها تنوى الخروج  تود أن تنزوي بعيدا عن جميع الأعين حتي تستطيع أن تلعق كرامتها الجريحة وما أن أوشكت بالوصول الي باب الغرفة حتي تفاجئت من قبضته التي أمسكت رسغها بقوة وهو يواصل حديثه الهاتفي قائلا بخشونة
" هحاول انا بطريقتي و انت خليك جاهز عشان لو احتاجتك.."
التفتت بلهفه تنظر إلي عينيه التي كانت تنطق باعتذار لم يتجاوز حدود شفتيه فاخذت تناظره بعينين تحملان عتب قاسي تجاهله هو حين قال بفظاظة
" بعد كتب الكتاب هنطلع كلنا علي بلدكوا و أنتِ هتكوني موجودة.."
اومأت برأسها و بللت حلقها الجاف قبل أن تقول
" حاضر.."
ارتفع أحدي حاجبيه حين سمع منها تلك الكلمة التي ظن أنها لا تعرف طريق شفتيها فقال ساخرا
" غريبة اول مرة اسمعك بتقولى الكلمة دي.."
1
لم تستطيع منع نبرة الضعف التي تسللت الي قلبها و صوتها حين أجابته
" مبقاش فيا حيل اناهد خلاص.. الي انتوا شايفينه انا هعمله.."
لو كانت اجهزت عليه بسلاح ناري لم تكن لتؤلمه لهذه الدرجة فلأول مرة تعلن انهزامها بل و ترفع رايه التسليم أمامه ولدهشته كان هذا الأمر مؤلم كثيرا علي قلبه الذي لم يتحمل ضعفها فقال بنبرة خافته
" أخيرا نويني تسمعي الكلام."
اومأت برأسها فتدفق الدمع من عينيها فسقط كجمرات أحرقت قلبه الذي لم يتحمل عبراتها اكثر فغيب عقله حين امتدت يده تجذبها إليه لتستقر في منتصف  أحضانه يعانقها بقوة و كأنه يريد إدخالها بين ضلوعه و أسكانها بجانب قلبه الذي يشتهي قربها كما يشتهى الناسك الجنة.
18
كانت كمن تاه في صحراء قاحله يرويها بدماء جراحه النافذة لا تعلم هل تبغي النجاة أو تتمني الموت فاختار هو بدلا عنها و نجت بين ذراعيه التي احتوت آلامها و ضعفها فصارت تبكي و ترتجف بين ضلوعه كيتيم تلقى أول عناق بحياته فصار يتمسك به وهو يشكي آلامه و أحزانه علي هيئة نهنهات متقطعه كانت تنحر قلبه بدون رحمه فصارت يداه تمسد خصلات شعرها برفق و يده الأخرى تشدد من عناقها كثيرا وكأنها تخبرها بأنه ملجأها الآمن.
كثيرا ما نتوه بين ما نحتاجه و ما نشعر به و كأننا لا نعرف أنفسنا. تتكالب علينا الأوجاع و تختلط علينا الأمور فلا نعد نعلم اي الطرق علينا أن نسلك نحتاج لأن يمد أحدهم يده إلينا أما لإرشادنا أو لاحتواء آلامنا
1
هدأت من ثورتها التي لا تعلم كيف اندلعت فقد شعرت للحظات بأن بكاء العالم يملؤها حتي فاضت به عيناها التي تلونت بحمرة الوجع الذي استكان للحظات غرقت بها بين ذراعيه التي تطوقها بقوة و كأنها تخشي سقوطها.
شعر بها تهدأ بين ذراعيه التي احتوت ألمها و غضبه فقد كان يحترق كمدا و رعبا علي شقيقته و علي هذا المأزق الذي يجب الخروج منه بأقل الخسائر.
شعر بها تتملص من ذراعيه فخفف من ضغطه عليها لتتراجع هي تنوى الابتعاد و عينيها تهرب من سطوة عينيه فلم تفتها يده بل امتدت تمسك ذقنها و تعيد عينيها إليه وهو يقول بخشونة
" بصيلى يا فرح .."
3
كان الهرب هو اول و اقوي حلولها الآن فحاولت سحب نفسها من بين يديه وهي تقول بشفاه مرتجفة
" هخرج اشوف جنة.."
أحكم قبضته فوق ذراعيها وهو يقول بصرامه
" بصيلي و بطلي تهربي.. "
لم تجد مفر من النظر إليه فشعرت بالخجل يغمرها فتجاهل خجلها وقال مشتتا انتباهها
" من هنا لحد ما نروح و نرجع مش عايزك تعارضيني. الي أقوله يتنفذ اتفقنا.."
أومأت برأسها دون اعتراض فقال بلهجه خشنه
" كل حاجه هتبقي كويسه. خليكِ واثقة فيا"
خرج صوتها مبحوحًا حين قالت
"  انت ازاي مش خايف؟؟ يعني جدى ممكن يأذى حلا وقتها هتعمل ايه؟"
تحدث بصرامة
" حلا كويسه و محدش هيقدر ييجي جنبها. "
كان يتحدث بثقة لا تعلم من أين جاءته ولكنها لم تستطيع سوي ان تومئ برأسها فأتاها صوته الاجش حين قال
" بطلى تبني حواجز بيني و بينك يا فرح.."
حين أوشكت علي إجابته جاء الطرق القوي علي الباب و الذي لم يكن سوي لشيرين التي جاءت تناظرها بغل تجلى في نبرتها حين قالت
" المأذون بره…"
5
حانت منها نظرة متهكمه علي مظهر فرح المبعثر فجاءها صوته القاسي حين قال
" اختفى من وشي دلوقتي.."
6
تفاجئت من حديثه الذي كان قاسيا كعينيه فتراجعت إلي الخلف دون أي حديث فالتفتت فرح تناظره بسخط تجلى في نبرته حين قالت
" هو ينفع بردو تشخط في الحنينة الي كانت بتنشفلك عرقك!!"
9
لم تستطيع الصمت فقد تذكرت ذلك المشهد الذي سلب النوم من جفونها طوال الأسبوع المنصرم و خاصة حين جاء اليها ياسين قائلا بتعقل
"اوعي تسمحي للغيرة أنها تأذيكي لو سالم بيحبك بجد مش هيقبل بحد غيرك لمجرد انك مشيتي و هيجيلك بيتك. هيعززك و يقدرك.."
كانت الغيرة بداخل عينيها شئ ممتع بالرغم من كل شئ ولكنه لم يكن في مزاج لأى شىء فتمتم قاصدا أن تسمع كلماته وهو يغادر الي الخارج
" اه والله حنينة. ربنا يكتر من أمثالها ."
6
تم عقد القران في هدوء من جانب الجميع ولكنه لم يمر من داخلها فقد كانت تشعر بالخزى و الألم في آن واحد فها هي الزيجة الثانيه لها تتم بصورة اصعب من السابقه فهي مجبرة علي الزواج حتى تنقذ روحها من الهلاك. اي هلاك يمكن أن يكون أصعب مما عايشته ؟! فقد تذوقت شتي انواع الألم و أقصى درجات الوجه الذي لا تزال مرارته عالقة بجوفها. فللمرة الثانيه تتزوج رغما عن إرادتها حتي و إن كانت شرعية فلم يعد هناك فرق ولكن يبقي السؤال حائرًا بينها وبين عقلها فبعد أن مضت تلك الورقة العرفية صارت تعض أصابعها ندما و لكن هل ستندم تلك المرة أيضا ؟؟
زفرت بتعب وهي تنظر إلي نافذة السيارة فهي مذنبة و سوف تظل الباقي من عمرها تدفع ثمن هذا الذنب حتي و إن ادعى سليم أنه يحبها كما كان يقول فحتما سيمل منها حين يدرك بأن روحها أصبحت عاقر لن تستطيع ان تعقد بالعشق يوما ما فقد تشوه جزءا كبيرا بداخلها لن يفلح اي شئ في إصلاحه…
7
عند بشائر النهار صفت السيارات أمام إحدى البيوت الكبيرة والتي يظهر عليها الثراء و يغلب عليها الطابع الريفي قليلا فترجل الجميع و كان علي رأسهم سالم و بجانبه ياسين و خلفه سليم الذي يمسك بيد جنه التي تمشي بجانبها فرح و علي يمينها مروان و لدهشتهم فقد وجدوا عبد الحميد يقف أمام البيت ينتظرهم و يحيط به عدد لا بأس به من الرجال و الذين كانوا من الأقارب و الاعمام فتقدم سالم و وقف في مواجهته ندا بند وهو يقول بقسوة
" قبلت دعوتك يا حاج عبد الحميد و جيت اتمني تحسن الضيافة .."
2
ابتسم عبد الحميد وهو يمد يده يصافح سالم قائلا بصوت رنان و لكنه صعيدية
"نورت يا سالم يا وزان.. و متجلجش احنا مبنجصروش واصل مع حبايبنا ."
سالم بنبرة امتزجت بها القوة مع المكر
" حبايبكوا و اهلكوا ما احنا اهل و لا ايه؟؟"
2
اتسعت ابتسامه عبد الحميد وقال بتهكم
" طب يا راچل بما أن احنا اهل مكنش لازم تبعتلنا الحكومه تطمن علي بتكوا.. دي وسط أهلها ولا اي"
كانت لعبه و الطرفين يتسابقان من الاقوى لذا تحدث سالم بفظاظة
" دا لما تكون رايحه بمزاجها. و بعدين اوعى تكون فاكر اني بعت اللوا صفوت الوزان عشان هو مدير أمن المنيا لا طبعا أنا بعته عشان يشوف لو محتاجه حاجه نجبهالها معانا و احنا جايين.."
8
قهقه عبد الحميد علي حديث سالم الذي كان خصما لا يستهان به وقال بقوة
" كلام ايه ده .. دي في عنينا و جاعدة مع حريمنا. "
تدخل ياسين الذي كان غاضبا من سالم الذي لم يطمأنهم على حلا بالرغم من أنه يعلم أنها بخير و من جده الذي وضعه في هذا الموقف
" طب بمناسبة حريمكوا مش هتسلم علي بنات ابنك ولا ايه يا جدى ؟"
قست نظراته لثوان قبل أن يقول موجها حديثه لياسين
" كنك نسيت تجاليدنا يا ولدي.. مرعى.."
نادى علي أحد الحرس والذى تقدم و معه احدى النساء لتأخذ كلا من فرح و جنة للداخل فلم تستطيع جنة أن تترك يد سليم الذي قام بالضغط عليها بقوة فقد هلل قلبه فرحا من تمسكها به حين غزا الخوف قلبها فاقترب من رأسها واضعا قبلة خافتة ارتج لها قلبها و خاصة حين أردف بنبرة قوية رغم خفوتها
" متخافيش انا جمبك محدش يقدر يمسك بأي سوء .. أنتِ مرات سليم الوزان.."
13
شعرت ببعض الارتياح و حانت منها التفاته خاطفه الي جدها  فوجدت عينيه جامدة وهي تتابع ما يحدث و لكنه لم يعلق و بعد أن دخلت الفتيات  دعاهم عبد الحميد الي الداخل و بعدها تحدث بصوت رنان
" طلِع الضيوف جوضهم (أوضهم) يرتاحوا يا مرعي على ما الحريم يخلصوا الوكل"
2
قاطعه سالم الذي قال بصرامة
" حلا فين ؟؟ "
اجابه عبد الحميد بهدوء
" مستنياكوا فوج اول ما يشيعولها خبر انكوا چيتوا هتچيلكوا طوالى.. "
لم يطِل سالم بل توجه للأعلى و تبعه كلا من سليم و مروان بينما ياسين توجه خلف جده الذي دخل الي مكتبه وهو يعلم جيدا بأن ياسين خلفه و بعد أن سمع اغلاق الباب تحدث بقوة
" نورت بيتك يا ولدي. "
صاح ياسين بغضب
" ليه عملت كدا ؟"
استقر عبد الحميد على مقعده خلف المكتب قائلا بهدوء
" عملت الصوح الي استنيته منيك تعمله .. شغِل عجلك يا ضكتور.."
استنكر ياسين حديثه بشده فصاح بغضب
" الصح !! و الصح انك تخطف واحده بريئة ملهاش اي ذنب و تدخلها في لعبة مش لعبتها ؟"
لم تتأثر ملامح عبد الحميد الذي أجاب بتهكم
" وهي مش چنة بردو بريئة زي ما حكيت لأمك؟؟ اوعي تفكر أنها جالتلي انى عرفت بطريجتي.. و اوعى تفكر اني هسيب تارى لوما الكلب دا مات كنت جتلته بيدي."
سليم بسخرية
" و تارك خدته من أخته لما خطفتها ؟ عملت فيها ايه قولي!"
صاح عبد الحميد بغضب
" اجفل خشمك يا ولد.. من ميتا بناخده تارنا من حريم؟؟ الي بتقول علي خاطفها دي جاعدة وسط حريمنا متعززة . دي كانت الطعم الي حرك المية الراكدة.. هو انت فاكر إياك أن المأذون الي جه النهاردة عشان يكتب كتاب الست هانم كان هياجي لو محسوش أن بتهم في خطر؟؟ "
8
صُدِم سليم من حديثه وقال باندهاش
" انت عرفت منين ؟"
زمجر بقوة
" زي ما عرفت الي حوصول و الي الكلب ده عمله! هو انت فاكر اني كنت هسيبها عايشه لو اتوكدت أنها خاطيه ؟ لاه.. ولو انها غلطت بس عشان ابوها الله يرحمه اني بلعتها.. لكن مش هسمح أن راسنا تتحط في الطين ؛ لازمن بنات محمود عبد الحميد عمران تترفع راسهم وسط الخلج. چنة هتخرچ من هنه عروسة هيتعملها فرح البلد كلاتها تحكي و تتحاكي بيه و هيچيب أهله كلهم و ياچوا يطلبوها منينا. و الكلام دا هيحصول غصب عن عين التخيين.."
11
توقف للحظه عاجز كليا عن الحديث فقد ظن بجده أسوأ الاحتمالات و لم يضع ولا احتمال واحد بأن يكون تفكيره بهذه الطريقه
" كنك متفاچئ يا ياسين.. انى مش ظالم يا ولدي. ولو ظالم مكنتش جبلت انك تبعد و تعيش مع بوك و امك و أنت حفيدي الغالي. بس خليك فاكر أن الي له اول له آخر و انى مش هجبل اچف وحداني وسط الخلج بعد أكده "
ياسين باستفهام
" تقصد ايه ؟"
عبد الحميد بصرامه
" اعمل حسابك هترچع تعيش معاي من تاني و تمسك ارضك و ارض ابوك و عمك الله يرحمه. انت وحيد هناك يا ولدي و اديك شايف لولا أني أدخلت كانوا بنات عمك ضاعوا وسط الغيلان. سالم ده مش ساهل ده حويط و واعر جوي و عشان أكده انا أدخلت."
ضيق ياسين عينيه مفكرا في حديث جده و قال باستفسار
" طب و انت مش خايف لا يكونوا جوزوا جنة  طمع في ارضها . و بعد ما ياخدوا كل حاجه يرموها.. عمايلك بتقول انك مش مآمنلهم. حتي لو جنة متفرقلكش الأرض تفرقلك.."
عبد الحميد بصرامه
" جنة بتي و من صلبي غلاوتها تفوق مليون ارض .. وبعدين دي متفوتنيش. البت اختهم دي هاخدها لعمار ابن عمك جعفر. و أكده روحهم في يدنا زي ما روحنا في يدهم.."
6
هاجت الدماء بعروقه حين سمع حديث جده وصاح بغضب
" كلام ايه دا لا طبعا. عمار مين حلا استحاله تتجوزه "
ضيق عبد الحميد عينيه وقال بغضب
" ياسين فوج .. كلامك مش مريحني . اوعاك تكون بتفكر.."
قاطعه ياسين بقوة
" لو عايزني ارجع اعيش معاك هنا و امسك الأرض و كل حاجه يبقي حلا تبقي من نصيبي.."
8
صاح باستنكار
"وه كلام ايه ده الي عتجوله.  انت اجننت ولا اي؟؟ انت هتتچوز فرح .. فرح بت عمك انت اولى بيها من الغريب. "
ياسين بعناد
" فرح اختي و أنا بردو اخوها. و دا آخر كلام عندي عايزني ارجع هنا يبقي اتجوز حلا .."
1
زفر عبد الحميد بغضب و لكنه قال بأذعان
" ماشي..  يبجى فرح تتچوز عمار.."
ابتسم ياسين بمكر تجلى في نبرته حين قال امام جده
" ابقي عرف سالم التقسيمة دي لما ييجي .."
27
" تجسيمة ايه ؟"
هكذا تسائل عبد الحميد فأجابه ياسين مغيرا الأمر
" لا متاخدش في بالك .. قولي هنقنعهم ازاي بجوازي من حلا؟"
ابتسم عبد الحميد بمكر وقال بتخابث
" مش احنا الي هنجنعه .. دي هي .. "
9
يتبع….
لا أعلم ما الذي يجعل قلبي مُتورِط بكِ إلى هذا الحد؟ فأنا عِندما أُريد اعتزال العالم اجد كل الطُرق تأخذني إليكِ. حتى بات قلبى لا يعرِف وجهة غيرك و لا يبغى ملجأً سواكِ. لا أُدرِك كيف حدث هذا؟ و لكني استيقظت بيوم من الأيام لأجِدك بالمُنتصف بيني وبين روحي و هل يُمكِن لأحد أن يحى مِن دون روح ؟؟
1
نورهان العشري ✍️
3
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت جنة تجلس علي حافة ذلك السرير الكبير و كل ذرة بها ترتجف أما خوفا أو ترقب لما هو آت فهي للآن لم تر جدها ولا حتي حلا. فقد جلبوها الى هذه الغرفة بعد أن أجبروا فرح علي تركها بحجة أن حلا تريد رؤيتها و بالرغم من هذا الذعر الذي يمتلئ داخلها به إلا أنها لم تقاوم أو تتمسك بوجود شقيقتها معها فقد أيقنت بأن جدها يريدها وحدها!
كانت ضربات قلبها تتقاذف بداخلها بعنف مما تحمله تلك الفكرة فهي بصدد خوض اكبر مواجهة بحياتها حتما سيقتلها أما بإنهاء حياتها أو إزهاق كرامتها.
1
منذ أن علمت بمرضها وهي تخشى من النهاية الحتمية له وهي الموت. ولكنها الآن تتمنى لو تداهمها سكراته حتى تريحها من ذلك العذاب الذي ستناله حتما على يده..
3
هبت من مكانها مذعورة لدي سماعها ذلك الطريق القوى علي باب الغرفه و بدأت ترى نهاية سوداء للباقى من حياتها علي يد هذا الطاغية ولكنها تفاجأت بالخادمة التي أخبرتها بأن تتجهز لأن جدها يريد الحديث معها..
2
أخذت عدة انفاس علها تهدأ من ضجيجها الداخلي وهي تخطو إلى الخارج مع أحد الحرس الذي أخرجها من باب خلفي للمنزل سالكا طريقا آخر غير هذا الذي جاءت منه فحاولت أن تهدئ من روعها و أخذت تردد بشفاه مرتجفة
" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين."
4
كانت الخطوات تتعثر بها فمن يستطيع الثبات وهو يسلك طريق الموت و خاصة أن كانت بطريقة مروعه تشبه عينين ذلك العجوز الصلب الذي كان ينتظرها علي ضفة البحيرة الصافيه و التي تعلم بأن نهايتها ستكون مدفونه في أعماقها هذا إن كان رحيما بها..
توقفت أمام عبد الحميد الذي نظر إلي الغفير و سأله بنبرة قاسيه
" عملت الي جولتلك عليه؟"
الغفير باحترام
" حوصول يا حاچ"
عبد الحميد بتأكيد
" حد شافكوا و انتوا چايين اهنه؟؟"
الغفير بنفى
" لاه انى چبتها من الباب الوراني و محدش شافنا واصل.."
" طب روح انت.. و چهز الي چولتلك عليه .."
6
كان موتا بالبطئ تعلم بأن نهايتها بدأت بحرب الأعصاب تلك و ستنتهي نهاية مروعه تليق بجرمها فأخذ جسدها يرتجف و أغمضت عينيها بقوة تستجدي الموت أن يخطفها في تلك اللحظه حتي ينتشلها من عذابها المنتظر
" فتحي عنيكي و بصيلي يا بت محمود.."
1
كانت نبرته قويه يشوبها قسوة جعلت فرائصها تنتفض و تسارعت دقاتها أكثر حتي بدت تسمع طنينها بأذنيها و جاهدت أن تفتح عينيها التي غزتها خطوط حمراء تحكي مقدار الذعر الذي يجتاح أوردتها
" خايفه مني يا چنة؟"
كان أذنا لعبرات كانت كالفيضان الذي ضرب ثباتها الهش فحطمه في الحال و تدفقت مياه عينيها حتي أغرقت صدرها الذي كان ينتفض بقوة فاقترب منها عبد الحميد خطوة تراجعت علي إثرها خمس وهي تقول بنبرة متقطعه
" أر.. ارجوك.. مت.. متعملش.. فيا.. حا.. حاجه.. انا .. غل.. غلطت والله.. بس.. بس.. مفر.. مفرطتش.. في .. نفسي.. لو … لو هتمو..هتموتني .. ار.. ارميني.. في .. البحر.. مش.. مش عايزة..اتوجع.. وأنا.. بمووت.."
10
************
"ابيه سالم…"
قالتها حلا التي أطلت عليهم من باب الغرفه لترتمي بأحضان سالم الذي عانقها بقوة و كأنه لا يصدق بأنها آمنه بين ذراعيه فبالرغم من أنه خاطب عمه والذي لحسن حظهم هو لواء و مدير أمن محافظة المنيا و أخبره باختصار عن الأمر حتي يأتي بنفسه و يطمئن عليها و يطمئنهم و ايضا ليعرف ذلك الرجل بأنه لا يخيفهم و لا يشكل خطراً عليهم ولكنه الأن و أخيرا استطاع أن يتنفس بإرتياح فهو أن كان من الأشخاص الذين لا يظهرون مشاعرهم بكثرة ولكنه يحمل بقلبه حبا كبيرا لشقيقته الصغيرة التي تربت علي يديه فصار يعتبرها ابنته التي لا يحتمل أن يلامس الهواء خدها فيجرحه.
" أنتِ كويسه ؟"
هكذا سألها بصوته الخشن فأومأت بالإيجاب فتدخل سليم الذي اختطفها من بين يدي سالم و قال بلهفه غاضبه
"حد هنا ضايقك ؟"
هزت راسها بالسلب وهي تقول
" لا متخافش"
أطمئن قلبه لاجابتها وقام باحتضانها بقوة و يده تتحسس خصلات شعرها المسترسلة علي ظهرها و قام باحتواء وجنتيها يناظر ملامحها بشوق قبل أن يعيدها الي أحضانه مرة أخرى و داخله يحمد الله كثيرا بأن شقيقته عادت سالمه..
" اقعدي يا حلا عايزك تحكيلى الي حصل بالظبط "
هكذا أمرها سالم فخطت بأقدامها لتجلس بجانبه و أخذت تبلل حلقها الجاف قبل أن تقول بشفاه مرتجفه
" تقصد ايه؟"
تدخل سليم مستفهما
" الناس دي خطفتك ازاي و حصل ايه من ساعة ما وصلتي؟ عايزين نعرف كل حاجه بالتفصيل"
احتارت كيف تجيبه و بما تخبره فتفرقت نظراتها بين شقيقيها اللذان يناظرانها بنظرات ثاقبه تشعر بها تخترق أعماقها فابتلعت ريقها و تعالت دقات قلبها و طال صمتها الذي اضفي وقود علي نيران سليم الذي هب من مكانه قائلا بغضب
"  ساكته ليه ما تردي علينا. حصل ايه و جيتي هنا ازاى؟"
" اهدي يا سليم… حلا يا حبيبتي اتكلمي و متخافيش من اي حاجه. "
ما أن انه سالم جملته حتي اخترق قلبه صوتها الملتاع وهي تصرخ في الخارج فهب من مكانه و هرول إلي حيث يأتي صوتها و تبعه كلا من سليم و حلا فتفاجئوا بفرح التي كانت تصرخ في أحدي الخادمات وهي تقول بغضب
" أنا سيباكِ معاها هنا راحت فين ؟"
تقدم منها سالم الذي قال باستفهام
" في ايه يا فرح ؟"
ما أن سمعت صوته حتي شعرت و كأنه الغوث بعد الضياع فاقتربت منه قائله بلوعه
" الحقني يا سالم. جنة سبتها في الاوضه هنا بعد ما قالولي أن حلا عيزاني و روحت قعدوني في اوضه ولا جابولي حلا ولا خلوني آجى لجنة و بعد ما زعقت سابوني جيت هنا اشوفها ملقتهاش. و محدش بيرد عليا "
" طب اهدي و متخافيش . محدش هيقدر يأذيها.."
هكذا تحدث سالم و التفت إلي الخادمة قائلا بصرامة
" حالا دلوقتي تقوليلي جنة فين والا متلوميش غير نفسك.."
الخادمة بذعر
" ممم معرفش.."
كان يشعر بأن أنياب حادة نهشت بقلبه بحوافر مشتعله بنيران الخوف من أن يحدث لها مكروه فاقترب مندفعا تجاه الخادمة يمسكها من خصلاتها وهو يهزها بعنف صارخا بصوت كان كالزئير
" جنة فين ؟ انطقي والا و شرف امي هكون دافنك مكانك.."
2
الخادمة بشفاه مرتعشة
" هه. هجولك.. انى والله ماليا ذنب.. ده مرعي هو الي جالي اعمل أكده.. و مجاليش حاچه تاني .. بس.. بس اني شوفته وهو واخد ست چنة و خارچ بيها من الباب الوراني ناحيه الترعة.."
فاق الألم حدود الوصف حتي شعر بأن روحه كادت أن تفارقه وعقله يرسم سيناريو مفزع لما قد يصيبها و لم يستطيع سوى أن يصرخ بعنف هز أرجاء القصر
" جنة…"
3
**************
كان مظهرها يدمي القلوب و يفتت العظام بدت كطفله صغيرة تائهة تساق قسرا الي المقصلة ناهيك عن حديثها الذي أجهز علي قلب ذلك العجوز الذي كان بكل ركن به يوجد جرح غائر و ألم عظيم فلأول مرة يفصح عن عذابه الذي تجلى في تسلل بعض العبرات الغادرة من عينيه وهو يقول
" ياه يا بتى قد كده شيفاني راچل ظالم و جاسي؟"
هالها ما تراه حتي أنها ظنت بأنها تتوهم ما يحدث فتعلقت نظراتها به تحمل مزيج من الخوف و عدم الفهم الي جانب ألمها الكبير فالتفت عبد الحميد الي البحيرة ينظر إلي مياهها بشجن تجلي في نبرته القويه
" بتلوميني عاللي حوصول زمان اني عارف.. الكل كان بيلومني بس و لا واحد منيهم شاف الي كت شايفه.. "
3
التفت يناظرها وهو يقول بتبرير
" كنت خايف عليكوا من غدر الزمن وظلم البشر . مكنتش عايز اظلمكوا و لا اظلم ابني. و الي جولت عليه زمان حوصول. لو كتوا وسطينا . وسط اهلكوا و ناسكوا. مكنش الكلب ده استجرأ يعمل الي عمله .. كنت عايز أحاچى عليكوا. "
1
تفاجأت من حديثه و تبريره لما حدث في الماضي والذي كانت تستنكره كثيرا فقالت مدافعه
" يعني حضرتك عشان تحمينا تجوزنا غصب عننا.."
انكمشت ملامحه باعتراض تجلى في نبرته
" مين الي جال أكده .. بوكي كان عنيد و طايش هو الي وجف قدامي و محترمش حديت أبوه. طول عمره متمرد و شارد. كان ودي يفضل بيناتنا. تعبت طول عمري و أنا أشده لأهله و ناسه و ادارى علي عمايله هو يبعد و يچرى. حتي لما راح أتچوز. ساب بت عمه و راح أتچوز من البندر . و صغرنا و كسر كلمتي لوما عمك وفيج اتجدم و أتچوز تهاني ام ياسين كان زمانا خسرنا هيبتنا جدام الخلج. طول عمره كان أكده لا بيحترم حد و لا بيجدر و بيختار يهروب و يسيب غيره يتحمل نتيچه عمايله.."
تفاجئت من حديث جدها عن والدها و الذي استنكرته عواطفها كثيرا فصاحت مدافعه
" ما يمكن مكنش بيحبها.. بابا الله يرحمه كان بيحب ماما اوي.."
أجابها بغضب
" يوبقي من الأول مكنش وافج… الراچل يا بتي كلمته واحدة. اهنه الكلمه بحساب. و الحاچات دي مش لعب عيال…"
1
اخفضت نظراتها فلم تجد ما تقوله فواصل بجفاء
" نرچع لموضوعنا.. "
تجعد وجهها خوفا حين سمعت جملته فتابع هو بتقريع
" أنتِ غلطي يا بتي… و غلطك كبير. لكنى هغفرهولك عشانك مفرطيش في نفسك و لو الكلب دا كان عايش كنت جتلته بيدي.. بس خلاص غار في داهيه وحسابه عند الي خلجك و خلجه.. "
لم تفهم ما يحدث فقالت باستفهام
" طب لما انت سامحتني ليه خطفت حلا ؟"
عبد الحميد بوقار
"مش معني اني سامحتك يبجى راضي عنك. و الناس دي كان لازمن يدوجوا الجهرة علي بتهم عشان يعرفوا الصوح و يعملوه. "
2
لونت الدهشه معالمها من حديث جدها و قالت بخفوت
" انا مش فاهمه.. "
" في حاچات في الدنيا دي اكبر من العواطف.. في كرامه لازمن الإنسان يحافظ عليها . وابوكي الله يرحمه ميستاهلش أن رأسه تتحط في الطين بسببك حتي لو كان غصب عنك.. أنتِ دلوجتي مرت ابن الوزان رسمي .و هيتعملك فرح كبير يليج بيكي و بعيلتك و هتخرجي من اهنه مرفوعه الراس ولما تروحي حداهم هتتعاملي اكده. الخوف الي في عنيكي دا تمحيه معيزش اشوفه واصل. انتِ مش جليله و لا احنا جليلين و ده الحاچة الوحيدة الي هتخليني ارضي عنك.."
8
احتارت هل تبكي متأثره بحديثه أن تصرخ فرحا. لم تكن تتخيل بعد ما حدث أنها سوف تستطيع أن ترفع رأسها مرة ثانيه فقد ظنت أنها ستقضي الباقي من عمرها منكثه الرأس منزوعه الكرامة حتي اشتهت الموت ولكنه الآن يهديها الحياة علي طبق من فضة ولكن يبقي هناك سؤال ينهش داخلها بدون رحمه و قد بدا ذلك علي وجهها و تجلي في نبرتها حين قالت
" انت بتعمل كل دا عشاني ولا عشان شكلك اقصد شكلكوا قدام الناس؟"
لم يكن شخصا لينا أو حنونا بطبعه بل كان جافا طوال حياته ولكنه الآن يقف أمام نسخة مصغرة من ابنه الراحل و ضحية لحربهم معا. و للحظه خالطت أفكاره صورة لطفله صغيرة بجسد ضئيل و عينين كبيرتين تشبهان بحرا اسودا يحاكي سواد شعرها الغزير الذي كان يصل لمنتصف طولها. كانت الوحيدة التي برغم صغرها لا تهابه و تهرول دائما حتي تفوز بالجلوس بين أحضانه و قد كانت قوته و جبروته تنصهر أمام برائتها و فتنتها. كانت الوحيدة التي تحظى بدلاله فلاحت ابتسامه خافته علي شفتيه حين تذكرها وهي تتعثر بخصلاتها تستقبله وهو يدخل من باب المنزل و قد كان هذا اروع استقبال يحظي به.
فبالرغم من كل شئ كانت تلك الطفلة الجميلة هي الوحيده التي استطاعت اختراق دوافعه و التربع علي عرش قلبه الذي اعتصره الألم ذلك اليوم وهي تغادر مع والديها و قد تذكر حين التفتت تناظره من نافذة السيارة تلوح له و تبتسم ببراءة للحد الذي جعل تلك الابتسامة تنطبع في قلبه..
" عمر الضفر ما يخرچ من اللحم يا بتي .. و مهما حوصول أنتِ بت ابني.. و يهمني مصلحتك.."
فاجأته حين اغرورقت عينيها بالدموع وقالت بتأثر
" علي فكرة أنا افتكرت آخر مرة شوفتك فيها قبل ما نسافر لما جيتلك جرى و حضنتك و قولتلي متسبيش جدك و تمشي.. انت فاكر صح"
ابتسم عبد الحميد وهو يقول بحزن
" صوح.."
تقاذذف الدمع من مقلتيها وهي تقول بألم
" ياريتك ما سبتنا نمشي…ياريتك خدتنا في حضنك وقتها مكنش زمان دا كله حصل.."
3
أنهت كلماتها دافنه وجهها بين كفوفها تنتحب بقوة علي حظها العاثر الذي انتزعهم سابقا من بين جذورهم و أهلهم ليلقي بهم بين فوهات الجحيم الذي كان ختامه فجيعتها التي لو مضي الف عام لن تستطيع تخطيها.
تفاجئت بقوله حين قال نادما
" حجك عليا يا بتي.. انا جعدت ادور عليكوا كتير جوي .. ربنا العالم متخليتش عنكوا واصل بس نصيبنا أكده.. حجك عليا."
2
كان شعورا متبادلا بالاحتياج من قبل كليهما جعله يفتح ذراعيه في دعوة شابها التوسل الذي لون عينيه و جعلها تهرول الي داخل ذراعيه تنشد الأمان الذي لم يلامس قلبها منذ فراق والدها الراحل و الذي كان أكثر ما تتمناه في هذه الحياة فأخذت تشدد من احتضانها له و فعل هو الآخر مثلما فعلت وقد كان بداخله يلعن كل تلك السنوات التي ابعدتهم عنه.
3
كان المشهد مروعا لهؤلاء الأربعة الذين كانوا يأكلوا خطواتهم حتي يصلوا الي تلك البحيرة و بداخلهم قلوب تتوسل بألا يكون قد حدث لها مكروه ليتفاجئوا بأنها آمنه لأول مرة منذ سنين بين أحضان جدها الذي كان يطوقها بذراعيه و هو يشير بعصاه الي البعيد وهي الأخرى تتحدث بحماس و كأنها طفلة صغيرة تستمع الي إحدى قصصها المفضلة.
تجمد الجميع بأرضه من صدمه المشهد الا هو فقد تحررت قدماه و ناداها بصوت مرعب
" جنة.."
التفتت جنة فوجدت سليم يقف علي بعد خطوات منها  وخلفه كلا من سالم و حلا وفرح التي تخلصت من صدمتها و هرولت الي شقيقتها تحتضنها بلهفه وهي تحمد ربها علي رؤيتها سالمه
" اي يا فرح مش هتسلمي علي چدك ولا اي ؟"
هكذا تحدث عبد الحميد ناظرا اي فرح بعتب خفي أطل من عينيه مما جعل فرح تتراجع خطوتين و هي تناظره بصدمه جعلت الحروف تتعثر بفمها وهي تجيبه
" لا .. انا مقصدتش .. بس انا..كنت خايفه علي جنة أما ملقتهاش وو .."
لم تستطيع أن تصيغ حديثها فصمتت ليتابع هو بتقريع
" و تخافي علي چنة ليه وهي وسط أرضها و اهلها و ناسها.. "
3
تدخل سالم الذي فطن الي لعبه ذلك العجوز الداهية فقال بغضب ساخر
" يمكن عشان فجأة ملقتهاش في البيت و اختفت بشكل مريب !"
عبد الحميد ببراءة لا تشبه نظراته أبدا
" وه و اي المريب في انها چت تجعد شويه مع چدها؟"
سالم بفظاظة
" يمكن الطريقه الي خرجت بيها جنة من البيت كانت مريبة ولا اي يا حاج عبد الحميد ؟"
عبد الحميد باستنكار
" كنك بتحاسبني ولا اي ؟"
سالم بجفاء
" لا مش بحاسبك بس ايه الغرض انك تخوفنا بالشكل دا ؟"
اجابه عبد الحميد بهدوء مستفز
" ولا بخوفكوا و لا حاچه شيعت الخدامه تشوف چنة لو صاحيه تبعتهالي جولت افرچها علي أرضها على ما ترتاحوا من السفر.."
انكمشت ملامح فرح باستفهام انساب من بين شفتيها
" أرضها ؟"
ابتسم عبد الحميد قبل أن يقول بتأكيد
" أومال يا بتي.. كل الأرض الي حواليكِ دي ملكنا أبا عن چد. و انتوا ليكوا حج فيها  مهينفعش تاچوا البلد من غير ما تعرفوا حجكوا فين . انا مش هعيشلكوا العمر كله ."
" طولة العمر ليك يا چدي.. حسك بالدنيا محاوطنا.."
انتبه الجميع لهذا الصوت القوي القادم من الخلف و الذي كان لرجل ثلاثيني فارع الطول متناسق الجسد يرتدي الجلباب الصعيدي ذو هيبه تشبه كثيرا الأرض التي يمتلكها يتميز بعنفوان و شموخ تجلي في أنفه المرتفع والذي يلائم كثيرا عينيه التي لونتها خضرة داكنه تشبه لون العشب المحيط بهم مع بشرة ذات سمرة مميزة اكتسبها من أشعة الشمس الحارقه التي كان يعمل تحتها دائما فجعلته رجل صلب قوى ينهزم أمامه أعتي الرجال كما أنه كان يملك ذكاء حاد يكلله بعض الدهاء الذي ورثه عن جده الذي التفت يناظره فتهللت أساريره قبل أن يقول بفخر
" هاه.. عمار وصل. اهلا يا ولدي جرب عشان تتعرف علي بنات عمك.. "
11
اقترب عمار منهم بخطوات وقوره تلائمه قبل أن يعرفه جده بجنة التي مازالت تحت حصار ذراعه والتي حيته بلطف و تحفظ الي أن آتي دور فرح فقال عمار بوقار
" أهلا يا ضكتورة.."
تجاوزت صدمتها حين رأته و لكنها لم تستطيع سوي ان تبتسم بعد أن سمعت هذا اللقب منه فمدت يدها تصافحه وهي تقول بشجن
"اذيك يا عمار .. ياااه لسه فاكر"
لاح شبح ابتسامه بسيطه علي فمه قبل أن يقول بخشونة
" و انسي ليه؟ و بعدين هي الذكريات الحلوة بتتنسي بردك يا فرح؟"
9
لم يتثني لها إجابته فقد اخترق مسامعها صوت كان كالزئير في قوته
" حاج عبد الحميد. عندنا كلام لسه مخلصش. أجلناه كتير وأظن جه وقته "
1
كانت الغيرة تتشعب بداخله كنبات شيطانى يتغزي علي دمائه التي أصبحت تغلى بداخله حتي جعلته ينفس الهواء ساخنا من أنفه وقد أشتدت ملامحه بطريقة مرعبة بعثت الرعب بداخلها حين التفتت إليه فهالها ما رأت فقد كان كأنه جمرة مشتعله بنيران الجحيم الذي كان يتنافى تمامًا مع كلمات عمار الهادئه حين قال
" و مستعچل ليه يا سالم بيه لسه جدامنا وجت طويل نتحدته براحتنا "
سالم بغضب لون ملامحه و امتزج بنبرة صوته الفظة
" مش مشكلتي انك فاضي و موراكش حاجه . انما انا وقتي غالي.. "
5
لم يجبه إنما انكمشت ملامحه بتعبير ساخر تزامنا مع نظرات لونها التهكم فشكل وجهه لوحه عنوانها الاستخفاف به و بحديثه و قد كانت هذه الإهانه ابلغ رد منه لغطرسة سالم الذي انتفضت عروق رقبته غضبا و تحفزت جميع دوافعه للهجوم علي ذلك الذئب الماكر الذي يناظره فصار الهواء من حولهم مغبرا مما جعل عبد الحميد يتدخل قائلا بصرامة
" نتغدى لول وبعدين نشوفوا المواضيع دي بعدين. لازمن تشوف كرم الضيافه حدانا يا سالم بيه.."
بعد عدة ساعات تناول الجميع الطعام و توجه الجد عبد الحميد الي مكتبه يليه سالم الذي تحدث بفظاظه قاصدا أن يصل الحديث الي مسامع الجميع
" عايز اتكلم معاك لوحدنا يا حاج عبد الحميد.."
" وماله.. اتفضل "
لم يحسب حساب لدهاء خصمه الذي لم يعير حديثه اي اهتمام بينما تحدث قاصدا أن يصيب أكثر نقاطه حساسيه حين قال
"يالا يا فرح عشان افرچك أنتِ كمان علي أرضك. و بالمرة نوكلك توت من الشچرة الي عالتورعة .لسانك بتحبيه؟"
9
كان الأمر كارثي للحد الذي جعله يأخذ قرارا بأن يرتدي حزامه الناسف و يخترق حدود العدو قاصدا الفتك به في عقر داره فالتفت ينوي إحراق هذا الرجل بنيران غضبه الجحيمي فتدخل مروان الذي فطن الي تلك الحرب الداميه التي علي وشك الحدوث وقال بلهفه
" اه والنبي خدوني معاكوا انا وحلا. اصل انا بحب الغيطان و الأراضي والحاجات دي  اوي.."
2
لم تجيبه حلا التي كانت في واد آخر لا تشعر بما يحدث حولها فتدخل ياسين قائلا بغضب دفين
" ما تروح انت لوحدك هتجرجرها معاك ليه؟ "
1
اغتاظ مروان من حديث ياسين الذي كان مدركا لما يحدث ومع ذلك لا يبالي بالعواقب فقال مندفعا
" هترمح زي البهايم في الغيط تحب تيجي ترمح معانا.."
اغتاظ ياسين منه و أوشك بالرد عليه فجاء حديث عمار الصارم حين قال
" وماله سيبهم يا ولد عمي اهو نفرجهم علي البلد عشان يعرفوا هما مناسبين مين ؟"
كانت كلماته تحمل تحدي كبير لذلك الذي تألمت عظامه من فرط الغضب فأتي صوت عبد الحميد من خلفه قائلا
" مش يالا يا ولدي عشان نكملوا حديتنا . كنك رچعت في كلامك ولا اي ؟"
5
تخلص من الهواء الذي يحرق رئتيه دفعه واحده واعطى نظرة قويه لمروان الذي فطن الي ما يقصده فأعطاه غمزة خفيه سرعان ما انمحت حين سقط كف عمار القوي علي كتفه وهو يقول بسخريه خشنه
" مش يالا بينا يااا.. جولتلي اسمك اي؟"
التفت مروان بلهفه الي ذلك الرجل القوي وقال باندفاع
" مروان .. محسوبك مروان.. "
4
زفر سليم حانقا فكل ما يحدث و يحيط بهم لا يبشر بالخير فقد كانوا و كأنهم محاصرين في وادي مليئ بالذئاب التي ينبعث المكر و الغضب من بين نظراتهم لذا كان داخليا يهئ نفسه بخوض معركة داميه معهم أن لزم الأمر و قد حمد ربه داخليا أنه ألهم اخيه لتنفيذ فكرة زواجه منها وهذا هو الشئ الوحيد الذي يجعله قادر علي التنفس للآن
" تعالى معايا عايز اتكلم معاكِ "
هكذا وجه حديثه لجنة التي لأول مرة كان تنفسها هادئا و ملامحها مرتخيه فبالرغم من كل ما حدث فهي الآن تشعر بأن خلفها جدار صلب يمكن أن تتكئ عليه براحه.
" مش دلوقتي يا سليم . الكلام الي بين جدي و سالم يخصك ولازم تحضره.. يالا بينا "
للحظه كان يود لو يلكمه بقوة في أنفه ولكنه تراجع علي مضض متمتما بغضب
" أغتت إنسان علي وجه الأرض ."
*************
" و بعدين يا شيرين هنعمل ايه؟"
هكذا تحدثت همت مع شيرين التي كانت غاضبة حد الجحيم المستعر بقلبها وهي ترى تلك المرأة بجانبه فصاحت بانفعال
" ادينا مستنيين يا ماما أما نشوف هيحصل اي؟"
همت بانفعال
" انا مش فاهماكي أنتِ شويه مطمنه و شويه متعصبة في ايه؟"
زفرت بغضب و التفتت تقول بنفاذ صبر
" مطمنه عشان مخططه كويس لكن هطق من الزفته الي لازقه لسالم دي"
1
" اومال انا اعمل ايه بقى في خيبتي البيه اتجوزها.."
كان هذا صوت مروة التي جمعت حقائبها و وضعتهم بجانب الأريكه التي جلست عليها بإحباط و ألم فصاحت همت مستنكرة
" أي يا بنتي الشنط دي أنت راحه فين ؟'
" ماشيه هقعد اعمل ايه ؟"
شيرين بغضب
" تمشي فين يا هبله انت؟"
مروة بحزن
" هقعد اوجع قلبي عالفاضي و أنا شيفاه مع الست هانم . انا امشي احسن "
همت بتقريع
" يا هبله عايزة تمشي و تسيبي الجمل بما حمل كدا بحتة بت زي دي. دانتِ تستني و تحرقي دمها و أعصابها و تخطفيه ليكِ "
2
شيرين وهي تعبث بهاتفها
" اسمعي كلام ماما اتضح أنها عندها حق و كلامها صح "
" انا هطق ايه الحظ دا دانا ملحقتش اقعد كام يوم و لسه هبدأ اتعامل معاه يقوم يتجوز .."
شيرين بخبث
" متقلقيش هيطلق قريب.."
تحفزت مروة و التفتت تناظرها بعينين لامعه
" تقصدي إيه ؟"
و تدخلت همت قائلة
" يعني ايه هيطلق قريب دي ؟"
لم تتحدث انما قامت بتوجيه شاشة الهاتف أمام وجوههم  فبرقت أعينهم عندما شاهدوا تلك الصورة أمامهم..
5
*************
كان القلب ئئن حزنا و الجسد يئن وجعا علي الرغم من كل تلك العقاقير التي تأخذها حتي تخفف من آلام جسدها الذي مزقته في نوبه انهيارها الا أنها كانت تشعر بوجع عظيم ربما كان مصدره ذلك الوجع القاطن علي يسارها حين تتذكر كل المآسي التي مرت بحياتها و أخيرا مأساتها الكبرى حين سمعت صوته وهو يتحدث عن علاقة مزعومه بينه وبينها الآن فقط علمت معني الظلم بل القهر. فقد اتهمها ذلك الجرذ و أيده عدى أثمن هديه أهداها بها القدر فقد كان دائما جزعها القوي حصنها المنيع كانت تستند عليه من كل شئ و لكنه خذلها حين صدق تلك الإفتراءات و تطاول علي جسدها ينوي انتزاع أثمن ما تملك في تلك الحياة . بكل ما تملك من ألم كانت تتمني أخباره بأنها لازالت شريفه الجسد علي الرغم من أن روحها تدنست بسبب أفعالها مع جنة و كرهها لها لا تعرف هل كان ذلك غيرة منها ام حنقا لإن الجميع دائما ما يفضلون عليها أشخاصا و احيانا اشياء. لا تعلم ولكنها تتألم و قد خرج صوتها جريحا حين قالت
" انا مش وحشه.. هما الي وحشين.. انا مفرطتش في نفسي يا عدى متصدقهوش.."
كان هزيانا من فرط الألم ولكنه لامس قلب ذلك الذي كان يجلس أمام سريرها يناظرها بعينين يملؤهما الألم و الندم الذي كاد أن يجعله يجن. اه لو يعود الزمن للخلف يقسم أنه سوف يقوم بترميم جراحها و يحاوطها باجنحته حتي تنعم بالأمان الذي افتقدته طوال حياتها. كان ليغدق عليها من بحور عشقه حتي تطيب جراحها و لن يدع اي شخص يؤذيها ولو كانت هي و لن يسمح لأحد بالإقتراب منها ولكن هذا الكبرياء اللعين هو ما جعله يفرط بها حين أخبرته أنها تحب صديقه!
امتدت يديه تمسك بيديها بقوة وهو يقول بألم يقطر من بين حروفه
" عارف.. عارف كل حاجه. انتِ اشرف بنت قابلتها في حياتي. انا عارف. سامحيني ..ارجوكِ سامحيني .."
" انت بتعمل ايه هنا يا حيوان؟"
لم يلتفت علي الفور انما قام بوضع قبله دافئة علي الجزء البسيط الذي يظهر من بين ضمادها ثم التفت ينظر إلي والدها وهو يقول بجمود
" المفروض انا الي أسألك السؤال دا .. سائب مشاغلك و مؤتمراتك و قاعد هنا ليه ؟"
صاح بغضب
" انت يا حيوان بتحاسبني بصفتك مين . دي بنتي"
عدى باستنكار
" بنتك! تصدق اول مرة آخد بالي . و ياترى لسه عارف الموضوع دا النهاردة و لا باين من كام يوم "
لكنه قويه من يده طالت فك عدى الذي تراجع خطوتين للخلف وهو يقول بوعيد
" انا ممكن ارد الضربه عشرة بس عشان خاطرها مش هعمل كدا.."
" انت بجح و قذر جاي بعد عملتك دي و مش مكسوف تقف قدامي "
عدى بجرأة
" لا مش مكسوف. و مستعد اقف قدامك و احط عيني في عينك و مش هاممني حد .. انا الي مفروض اكون جمبها مش انت .. هي محتجانب انا مش انت. و و لو انا غلط في حقها مرة فأنت غلطت ألف مرة.  أنا إلي كنت واقف في ضهرها علي طول. و أنا إلي ساعدتها تنتقم من الكلب جوز خالتها الي كنتوا رامينها عندها و انا الي ساعدتها عشان تنتقم من حازم و أنا الي مستعد اموت عشان خاطرها. و ان كنت جرحتها فأنا هصلح غلطتي معاها و هتسامحني عشان ليا رصيد كبير عندها أما أنت عمرها ما هتسامحك عشان مفيش في قلبها ليك غير الوجع و الخذلان "
سقط علي الكرسي بألم انهك صدره فهذا الشاب محق فهو لم يكن أبا حقيقيا و لو لمرة واحدة حتي أنه تناسي أمرها في الآونه الأخيرة و هرول خلف نجاحاته و نقوده و مكانته العلمية التي لا تساوي شئ أمام ما حدث مع ابنته الوحيدة التي خسرها و خسر كل شئ بفقدانها.
" انا عايز اتجوز ساندي!"
2
*************
عرضك مرفوض يا حاج عبد الحميد.."
هذا كان صوت سالم القوي وهو يناظر عبد الحميد.بغضب لم يتعدي حدود شفتيه مما جعل عبد الحميد يقول باستفهام
" بترفض نسبنا يا سالم بيه ؟"
عند هذه الجملة انفتح باب الغرفة و أطل منه ياسين يتبعه سليم الذي قال باستفهام
" نسب ايه يا سالم ؟"
لم تهتز عينيه عن عبد الحميد وهو يجيب شقيقه قائلا
" الحاج عبد الحميد طلب ايد حلا ل ياسين و انا رفضت ."
تدخل ياسين غاضبا
" اقدر اعرف السبب؟"
سالم بفظاظة
" مش عاجبني"
علي نقيض شعوره ابتسم قبل أن يجلس أمام سالم وهو يقول ساخرا
" انا عارف انك مابتحبنيش. بس معقول هتظلم اختك عشان اهواءك.."
لم يتحرك جبل الجليد بل وضع قدما علي ساق وقال بنبرة هادئة ولكن قويه
" بلاش اللعبة دي معايا .."
انهي جملته و التفت إلي عبد الحميد قائلا بتهديد مبطن
" لو فاكر انك كدا بتضمن سلامه جنة تبقي غلطان. و ان كان حازم غلط فخد جزاءه ودلوقتي بين ايدين ربنا هو أولى بيه."
تحمحم عبد الحميد قبل أن يتحدث بوقار
" اسمعني يا ولدي.. احنا صعايدة و دمنا حامي واني راچل كبير شفت كتير و عشت كتير. يمكن لو كان الي حوصول ده من عشر سنين كان زمان الحرب جايمه و الدم للركب . انما دلوق اني بحل الأمور بعجلى و دايس علي غضبي عشان معيزش خساير بزيادة الي راحوا. لينا حج عنديكوا "
قاطعه سالم قائلا بصرامة
" خدتوه.. لو فاكر انك بالي بتعمله بتعزز جنة قدامنا فأنا عززتها قبلك. و جبتها تعيش وسطينا و ابنها اكتب باسمنا و في اليوم الي اتولد فيه حقه في أبوه اتسجل باسمه مع أن مش اي حد هيعمل كدا بس انا مش ظالم .. و دلوقتي جنة مرات سليم. و أنا واثق انك عارف أنه عمره ما هيأذيها ولا هيبهدلها."
عبد الحميد بتأييد
" عارف. بس الدم لسه بيغلي و النار لساتها شاعله . و عشان تنطفى لازمن العيلتين يبجوا بينهم دم واحد. يمنع المچازر الي ممكن تحصول . صدجني اني بعمل الي فيه الصالح للعيلتين. و بجتل الفتنة جبل ما تنتشر.."
سالم بخشونة
" محمود وجوده يمنع اي فتنه. و مش لوحدك الي خايف علي اهلك .انا كمان خايف و معنديش اغلى من أختى ولو علي رقبتي مش هجوزها غصب عنها "
ضيق عينيه بمكر قبل أن يقول بهدوء
" و مين جال أن احنا عايزينها غصب عنيها.  ما يمكن هي رايده ياسين زي ما هو رايدها. اسألها.."
سالم بجفاء
" انت عايز توصل لأيه ؟ "
" عايز الحج و بس. لو بتكوا مش رايده ابننا يبجي خلاص علي هواها"
تشابهت لهجته مع ملامحه حين قال
" وماله. هسألها ."
التفت سالم ناظرا الي أخيه الذي فهم ما يشير إليه  و اوما برأسه و هو يتوجه للخارج فمنذ البدايه كان سليم صامتا لا يعلم أن كان غضبا أم حزنا فبالرغم من أن قلبه وجد طريق الحب معها ولكن الطريق كان متعبا بل مؤذيا للجميع و ها هو الأذي يصل الي شقيقته. فللحظه وضع نفسه مكان هذا الرجل فسيفعل مثلما فعل و أكثر وعلي الرغم من مقاومة أخاه الأكبر إلا أنه كان يدرك بأن ما فعله حازم وضع الجميع في منعطف خطر إن لم يتلطف بهم القدر فسيقعون جميعا في الهاوية .
موافقه يا أبيه."
1
هكذا أجابت حلا علي سؤال سليم حين اخبرها برغبة ياسين في الزواج منها و قد تفاجئ بقبولها الصريح الذي جعل ملامحه تنكمش بريبه تجلت في نبرته حين قال
" موافقه!! أنتِ في حاجه بينك و بينه يا حلا؟"
تراجعت خطوتين إلي الخلف وهي تقول بتلعثم
" لا .. والله . يا ابيه . حاجه ايه دي الي هتكون بيني و بينه ؟"
اقترب منها سليم و هو محتفظا بيديه داخل جيوب بنطاله قائلا باستفهام
" موافقتك السريعه دي مش مريحانى بصراحه.."
كان الضياع و الخوف يغلفان نظراتها إليه وهي تتذكر ما حدث البارحة
عودة إلى وقت سابق
كانت خطواتها تحمل الخوف و الرهبة وهي  تمشي خلف الخادمة التي أخبرتها بأن هناك من يريد الحديث معها و لاذت بالصمت بعد ذلك فلم تعد تجيب علي أسئلتها فاجبرت نفسها علي المضي خلفها وهي تناظر المكان حولها بفضول الي أن وصلت إلي باب ضخم فتحته الخادمة و دخلت و تبعتها الي داخل تلك الغرفه العريقة فتفاجئت من وجود رجل عجوز ملامحه خشنه بل قاسية تحيط به هيبة بدائيه بثت رعبا قويا بداخلها زادت حين قال بصوته القوي
" واجفه عندك ليه .. جربي يا بتي"
بللت حلقها الجاف وهي تخطو بأقدام مرتعشه الي حيث يجلس و بشفاه مرتعشة سألته
" انا فين و انت مين ؟"
عبد الحميد بخشونه
" أنتِ في الصعيد .. تحديدا في المنيا.. و انى ابجى عبد الحميد عمران.. أنتِ متعرفنيش و متاخديش بالك من الاسم بس انا هعرفك..اني ابجي چد چنة و فرح..  اكيد تعرفيهم .."
تعاظم الخوف بقلبها من حديث ذلك الرجل و قالت بصدمه
" ايه ؟ ازاي ؟ احنا منعرفلهمش أهل.. يعني اقصد .."
قاطعها بخشونة
" فاهم جصدك.. و اديني بعرفك بنفسي اني ابجي جدهم. "
" وليه جبتني هنا ؟"
هكذا سألته بلهجه مرتعشه فأجابها بهدوء يتنافى مع خطورة كلماته و ما تحمله من معاني
" بصراحه جولت اخد رأيك وأشهدك عالي حوصول.. يرضيكِ يا بتي الي اخوكي عمله في بت ابني ؟"
سقط قلبها بين قدميها من فرط الرعب فابتلعت ريقها بصعوبه و لم تقوي علي الحديث فقط هزة بسيطه من رأسها بالسلب فصاح عبد الحميد بصوت قوي
" على صوتك . مش سامعك يرضيكِ؟"
صرخت بلهفه
" لا لا ميرضنيش."
" حلو .. طب يرضيكِ أن بت زي چنة تجضي عمرها كله موطيه راسها بسبب واحد خسيس زي اخوكي.. لاه طبعا ميرضكيش. اني بجي لازمن اخد حج بت ابني و حج شرفنا الي حطه اخوكي في الوحل."
1
اجابته بلهفه
" بس حازم مات.."
" ماني عارف . الله لا يرحمه ويحرجه في چهنم الحمرا.  بس ده مش هيشفع لينا جدام الخلج و لا هيرفع راس بتنا.."
1
قفزت العبرات من مقلتيها قبل أن تقول برعب
" يعني هتعمل ايه؟"
عبد الحميد بتهديد
" مضطر اخد تاره من خواته.."
" لا اخواتي لا..ابوس ايدك إلا اخواتي.اقتلني انا بس هما لا. بالله عليك اخواتي لا . ادفني صاحيه بس اوعي تقرب منهم.."
قفزت الكلمات من بين شفتيها ممزوجه بعبرات غزيرة تابعه من قلب يحترق رعبا علي اشقائها الذين لا تقوي علي فراقهم فأجابها عبد الحميد بفظاظة
" للأسف يا بتي مبناخدوش تارنا من حريم. "
صرخت بذعر
" لا ابوس ايدك . انا اهوة معنديش مشكله اموت وهما يعيشوا طب اقولك انا هموت نفسي بإيدي و يبقي كدا انت خدت تارك بس اخواتي لا "
قالت جملتها الأخيرة بصوت مبحوح من فرط الألم فتابع عبد الحميد بلهجه هادئه
" فاچأتيني يا بتي. و صعبتي عليا و عشان أكده هريحك. و هجدملك فرصه تفديهم ماهم بردك ملهمش صالح بالي حوصول"
" فرصة ايه ؟ انا موافقه علي كل إلي تقوله"
2
عبد الحميد بلهجة منتصرة
" بالظبط.. هو ده الي عايزك تجوليه لخواتك لما ياچوا يتكلموا معاكِ"
" انا مش فاهمه يعني اي؟"
عبد الحميد بصرامه
" بكرة تفهمي.. و افتكري اني مبديش الفرصة مرتين يا بت الوزان.."
1
عودة إلى الوقت الحالي
الآن فهمت ما معني حديثه وبالرغم من كونها ارتاحت لهذا الطلب إلا أنها انثي حرة تربت على الكبرياء و العزة تأبى الخضوع حتي ولو اشتهاه قلبها . بالرغم من عشقها له إلا أن إجبارها بتلك الطريقه آلمها كثيرا و خاصة وهي تراه يتجاهلها و حتي لم يكلف نفسه عناء الإطمئنان عليها وهذا يعني بأنه مشترك بتمثيليه خطفها ولم يبالي بألمها و لا خوفها ولهذا السبب أقسمت بداخلها علي الانتقام منه ومن جبروت قلبه الذي لم يهتم لألمها فهي إن خضعت خارجيا لهذا الأمر فهي تنتوي أن تجعله يندم أشد الندم
" انا موافقه يا أبيه دكتور ياسين انسان محترم و اي حد يتمناه.. اتمني متكسفنيش اكتر من كدا.."
1
لم يراجع لتعابير وجهها ولا لنظراتها ولكنه اكتفي بالقول
" ماشي يا حلا الي تشوفيه.. انا هنزل اقول لسالم و نشوف رأيه ايه ؟"
*************
ارتاح عبد الحميد لما حال إليه الأمر  و تجلى ذلك في نبرته حين قال
" تتكلموا في المهم. "
سالم بسخرية
" هو في اهم من كدا"
" طبعا اومال اي؟ هتاخدوا من حدانا عروسه أكده. من غير اي حاچه دي تبجي عيبه في حجنا و حجكوا. واحنا عروستنا تتاجل بالدهب "
" الي تطلبه كله مجاب يا حاج عبد الحميد. من غير نقاش… شوف انتوا سلوكوا اي و أنا رقبتي سداده"
هكذا تحدث سالم فأجابه عبد الحميد قائلا بخشونة
" اول حاجه بتنا لازمن يتعملها فرح الخلق كلاتها تحكي و تتحاكي بيه. "
غضب سالم بشدة وقال باستنكار
" الكلام دا مش هيحصل قبل سنويه حازم. والدتي مش هتتحمل الكلام دا دلوقتي."
" وماله نستني. علي ما تكون كمانى اطمنا عليها و عملت فحوصاتها و تحاليلها.."
" انت عرفت كل دا منين ؟"
هكذا استفهم سالم الذي كان يشعر بأن هناك شئ يحاك من خلفهم فأجابه عبد الحميد
" متشغلش بالك انت يا عريس. أهم حاچة دلوق نجعد و نتفج علي المهر و الدهب و الذي منه. "
شعر سالم بأن هذا الداهيه يخفي الكثير و لكنه لاذ بالصمت و داخله ينتوي كشف كل الأوراق و أن لزم الأمر حرقها..
***************
خطى سليم الي الخارج و بداخله العديد من الأسئلة التي لا يعلم اجابتها و قد شعر بأن العالم بأسره يضيق به فأخذت عينيه تبحث عنها و هو يتمني لو يلمح طيفها حتي يبدد هذا الشعور المقيت فأخذ يبحث عنها الي أن وجدها تقف بالحديقه تنظر إلي شبيهاتها من الورود و لأول مرة يرى ضحكتها التي لونت ملامحها فبدت فاتنه خاصة حين تعامد الغروب علي خصلات شعرها الذي بدا كليل طويل حالك السواد حول وجهها الذي كان قمرا ساطعا فاغمض عينيه للحظه يتخيله يتلمس تلك الملامح الفاتنه يشتم عبيرها الأخاذ حتي تمتلئ رئتيه يتمني أن تطرب آذانه بهمسها باسمه مرة ثانيه كما حدث ذلك اليوم بالمشفي وفجأة خرج من تخيلاته العاطفيه علي صوت عالي يخترق آذانه
" الحجونا. الحجونا عمار بيه بيتخانج مع الضيف و مجطعين بعض…"
4
يتبع…..
لم أكُن يومًا شخصًا متقلبًا لا يعرف ماذا يُريد. لطالما كانت خطواتي دائمًا ثابتة و لكنه الخوف! منذ أن زارني هذا الشعور حتى استوطن جميع خلايا جسدي فصِرت أتخبط بكل شئ حولي لا أدري اى طريق يجب عليا أن اسلُك. أرهب الوحدة بشدة و اخاف الفقد كثيرًا؛ أخشى أن أرسو بسفينتي على شاطئ السراب فـ تبتلعني دوامات الغدر مرة أخرى فتكون النجاة أمرًا مستحيل. كل ما أرجوه أن أجِد وِجهة أمنه تُعيد لي ثباتي. تحتضن ثقوب روحي. وتُرمم ما فعلته عواصف الهوى بـ قلبى.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كان «عمار» يسير بخطٍ ثابته يشوبها الفخر و هو يطالع أراضيهم الشاسعة تحيط به هالة من القوة و هيبة تليق كثيرًا بملامحه التي كانت وسيمة بقدر خشونتها و كانت «فرح» تسير بجانبه تستمع إلى ما يقول بإهتمام و بـ قلب يرتجف تأثرًا حين يمر به طيف الذكريات الجميلة التي جمعتها معه و مع أرضها و عائلتها و التي تبعث بداخلها مزيج من السرور و الشجن و لسان حالها يردد ياليت الزمان يعود يوماً..
" فاكره اهنه لما جعدتي تحاولي تطلعي عالشچرة و وجعتي و يدك اتكسرت؟"
قالها «عمار» بلهجته الخشنة و ابتسامته الهادئه و هو يناظرها بعينين تلمع من وهج الشمس التي كانت لانعكاسها أثرًا كبيرًا علي غاباتها الزيتونيه فجعلتها مُتعه للناظرين و خاصةً حين اضفت عليها الابتسامه اشراقه جميلة
" مانت و ياسين مكنتوش موجودين و كان نفسي آكل توت جدا .."
افلتت من بين شفتيه ضحكة خشنه اتبعها قائلًا
" طول عمرك عنيدة يا فرح. طالعه لعمى محمود الله يرحمه."
" و بعدين بقي في الي عاملنا فيها ذئاب الجبل دا؟"
كان هذا صوت «مروان» الخفيض و هو يتحدث الي «حلا» التي كانت تنظر حولها بضياع ولكنها تنبهت حين لكزها «مروان» في كتفها وهو يقول بغضب
" أنتِ يا عملى الأسود في الدنيا سرحانه في أي ؟"
«حلا» بغضب
" بتزوقني كدا ليه انت كمان ؟ هو أنا ناقصاك؟"
«مروان» بتهكم
" ليه ياختي مالك زرعتيها فجل طلعت جرجير؟ مش كفايه مشحططانا وراكِ من اسماعيليه لحد هنا. مين قالك تتخطفي بعيد كدا ما كنتِ اتخطفتي في أي حتة قريبه فاضيلك انا.."
2
«حلا» بنفاذ صبر
" هو في حد بيختار يتخطف فين يا بني آدم انت؟ وبعدين مش كفاية الستريس الي انا فيه ..كمان جاي تتريق عليا."
«مروان» بتهكم
" اس ايه يا عين خالتك استريس؟؟ الله يرحم الست الوالدة كانت بتسرحلك شعرك بالجاز كنتِ تدخلي علينا كدا تجيبيلنا إغماء جماعي من الريحة.."
4
تلفتت «حلا» يمينًا ويسارًا خشية من أن يسمعها أحد ولكزته في كتفه قبل أن تقول بغضب
" اخرس يا حيوان. اياك تقول الكلام دا قدام حد. وبعدين دي كانت وصفات دادا نعمة المنيله قال ايه عشان شعري يبقي ناعم.."
حاول كبت ضحكته بصعوبة قبل أن يقول بتخابث
" عشان يبقي ناااعم. قولتيلي. شوف ياخي وانا الي كنت ظالمك و فكرت أنك مقملة ولا حاجه؟ صحيح أن بعض الظن إثم.."
5
ما أن نطق كلمته تلك حتي وجد «حلا» تطبق علي عنقه تحاول خنقه وهي تصيح بغضب
" مقملة يا جزمه يا واطي وربنا لهخلص عليك. "
أخذ «مروان» يحاول تسليك عنقه من يد «حلا» التي كان الغضب يأكلها من الداخل و في تلك اللحظة كانت تتخيل «ياسين» بدلا من «مروان» تريد أن تلقنه درسًا قاسيًا لما فعله معها و كأن أفكارها قد استدعته ليأتي في تلك اللحظة و يراها وهي بهذا القرب من «مروان» الذي كان يضحك علي محاولاتها الفاشلة في النيل منه حتي أنه أخذ يعبث بخصلات شعرها التي التفت حول قلبه التي نهشته غيرته القاتلة فقال بغضب
" مش كبرتوا علي حركات العيال الهايفه دي؟"
توقف الإثنان إثر كلمات «ياسين» الغاضبة و توجهت أنظارهم لتصطدم بعينيه التي ينبعث منها الشرر و الذي قابله التبلد و الاستفزاز من جانب «مروان» الذي قال
" لا مكبرناش لو مضايقينك اوي حركاتنا ولاد عمك هناك أهم روح افتكر ذكرياتكوا المهببة سوي و سيبنا هنا نخلص احنا خناقاتنا "
كان وميض الخطر يغلف عينيه مما جعلها تضيق عينيها بخبث تجلي في نبرتها وهي تقول بدلال
" اه ياريت تفارقنا عشان احنا نوتي وانت متربي عشر مرات قبل كدا.."
4
نجحت في استفزازه و التعزيز من غضبه و الذي تجلي في ذلك العرق النافر في رقبته فعلا صوته حين قال حانقًا
" والله لو أنتِ كبنت مبتخافيش علي شكلك يبقي انا مجبر أحافظ علي شكلنا قدام الناس وانتوا المفروض ضيوفنا.."
واصل «مروان» حمله الاستفزاز التي شنها عليه منذ البداية وقال ساخرًا
" تقصد أننا هنعركوا يعني؟ طب والله فكرة. ما تيجي نجبلهم العار العالم الي متعرفش ربنا دي .."
قال جملته الأخيرة وهو يطوق كتف «حلا» بذراعيه في حركة ودودة جعلت عيني «ياسين» تظلم غضبًا فاقترب منه مكورًا قبضته وهو يقول صارخًا بغضب جارف
" شيل ايدك من عليها بدل ما أكسرهالك.."
تنحي المرح جانبًا و تحول «مروان» من ذلك الشخص الساخر الي آخر مختلف تمامًا فقام التشديد من يديه حول كتف «حلا» بطريقه آلمتها زاويًا ما بين حاجبيه بينما قست نظراته و شابهتها نبرته حين قال
" لو راجل تعالي وريني هتقدر تكسرها ازاي؟"
لم يتمهل «ياسين» ولو ثانية واحدة بل اقترب من «مروان» ينوي الإطاحه به ولكنه توقف علي بعد خطوة من تحقيق هدفه حين سمع صوت «عمار» القوي وهو يقول بصرامة
" وجف عندك يا ياسين .."
توقف «ياسين» علي مضض حين وجد «عمار» يقف أمامه ينهره بقوة
" خبر ايه عاد ايه الي عم هتعمله دا . دول ضيوفنا ولا نسيت.."
كانت عينيه متعلقة بذراع «مروان» التي مازالت تحيط ب«حلا» التي كانت ترتعب فشددت من احتضان «مروان» أكثر من شدة خوفها فتعاظم الغضب بداخله وصاح بانفعال
" قول للحيوان دا يبعد عنها احسن ما ادفنه حي.."
تدخلت «فرح» محاولة تهدئه الموقف
" اهدي يا ياسين في اي؟"
صاح «مروان» منفعلًا
" و أنت مالك أهلك و مالها؟"
جن جنونه من حديث «مروان» و أوشك بالهجوم عليه فتصدي له «عمار» الذي قال معنفا
" اهدي يا ياسين جولت."
تراجع «ياسين» بغضب إلي الخلف بينما التفت «عمار» ينظر إلي «مروان» بوعيد تجلي في نبرته حين قال
" أكده انت غلطت. و عندينا الغلط بحساب"
صاح «مروان» بقوة وهو يقف ندا بند بنظر إلي «عمار »
" الغلط بحساب عند الناس كلها مش عندكوا انتوا بس. وابن عمك غلط و مالوش دعوة بحلا ولا له كلمه عليها. ولا يفكر يقرب منها "
«عمار» بتخابث
" ايه جولك بجي أنه اتجدملها وهي وافجت. مش أكده يا عروسه؟"
قال «عمار» جملته وهو ينظر إلي «حلا» المرتعبة فقام «مروان» بلكزه في كتفه وهو يقول غاضبًا
" طلعها هي من الموضوع و كلمني انا.."
برقت عيني «عمار» حين شاهد يد «مروان» الممدودة علي كتفه و لمع وميض الخطر بهما حتي يظن أن من يراهم الآن يقسم بأن هناك شيطان تلبسه خاصةً بعد أن نفرت عروق رقبته و وجهه وقال بلهجه مرعبة
" كتبت نهايتك بيدك يا كلب..."
انهي جملته و قام بتوجيه لكمة قويه الي وجه «مروان» الذي طار للخلف لبضع خطوات من قوه الضربة فتعالي صراخ الفتاتين و تدخلت «فرح» معنفه «عمار»
" انت اجننت يا عمار اي الي بتعمله دا."
لم تكد تنهي جملتها حتي فاجئها «مروان» الذي قام برد لكمه «عمار» بأخرى مساويه لها في القوة وهو يقول بصوت جهوري
" ماتخلقش الي يمد أيده على ابن الوزان لسه.."
صاحت «حلا» من بين انهيارها
" مروان ارجوك كفايه بقي. "
كان «ياسين» غاضبًا بشدة ولكنه استطاع السيطرة علي غضبه وقال بصرامة
" خلاص يا عمار كفايه دا ميستاهلش توسخ ايدك بيه.."
لم يكن «عمار» في حاله تسمح له بالإستماع الي أحد فقام برفع قدمه و توجيه ضربه قويه إلي معدة «مروان» الذي تراجع صارخًا من شدة الألم فصاح «عمار» قائلا بصراخ
" من ميتا واحنا بنسيب النساوين يعلوا صوتهم يا ولد عمي .."
" اومال انت بتعلي صوتك ليه؟"
11
تفاجئ الجميع من ذلك الصوت الآتي من الخلف وما أن التف «عمار» لرؤيه المتحدث حتي قام «سالم» بتوجيه ضربة قويه كانت من نصيب أنفه الذي تقاذفت منه الدماء بكثرة فشهقت «فرح» برعب مما حدث و سقط قلبها بين قدميها حين رأت «ياسين» الذي أقبل ليرد الضربه ل«سالم» دفاعا عن «عمار» ولكنه تفاجئ بذراع قويه تطوقه من الخلف و التي كانت ل«مروان» الذي حاول تكتيف «ياسين» ولكن الأخير تبدلت دماءه بنيران مستعرة جعلته ينفض «مروان» و يقوم بإعطاءه لكمة قوية طرحته أرضا وانهال عليه باللكمات بينما احتدم الصراع بين «عمار» و «سالم» الذي لم يعطي الفرصه لخصمه بأن يأخذ أنفاسه بل كان يُكيل له اللكمات و يتلقي منه مثلها و أن كانت الغلبة ل«سالم» الذي بدا وكأنه وحشًا لا يرى سوى ألسنه الغضب التي كانت تتراقص أمام عينيه لتزيد من جنونه و كان كل ذلك وسط صرخات استغاثة من «فرح» و «حلا» التي تحلت بفضيلة الشجاعه واندفعت تقف أمام «ياسين» الذي كان يكيل اللكمات ل«مروان» وهي تقول بصراخ
" ابعد ايدك عنه يا حيوان.."
توقف الزمن فجأة عند كلماتها و عينيها التي تطالعه بكره كبير سددته نظراتها كسهام مشتعله في قلبه الذي امتزج به الألم و الغضب معًا فأصبح وجهه لوحه مرعبة ظنت أنها لأحد الوحوش الذي سيجهز عليها بأي لحظه و لكن فجأة تجمد الجميع بمكانه إثر تلك الطلقات النارية التي دوت حولهم مُصدره أصوات اقشعرت لها الأبدان تلاها صوت «عبد الحميد» الذي قال بغضب جحيمي
" وجف المهزلة دي منك ليه.."
قبل أن ينهي كلماته كان جميع الغفر يطوقون الرجال يحاولون منعهم من إكمال تلك الملحمة التي ستكون أرواحهم ضحية لها في النهاية
" في ايه يا سالم ؟"
كان هذا صوت «سليم» الذي وصل لتوه و خلفه «جنة» فتفاجئوا من رؤيه تلك الدماء التي تغطي الوجوه و تفترش بها الأرض فكان المنظر مروعًا و لكن الأكثر من ذلك هو حديث «سالم» الذي خرج صوته كالزئير حين صرخ موجهًا حديثه ل«عبدالحميد»
" زيارتنا خلصت خلاص. ملكوش نسب عندنا يا حاج عبدالحميد وقول لابن ابنك لو شفته قريب من مزرعتها هدفنه فيها.."
صاح «عبد الحميد» بغضب
" الحديت ده مينفعش اهنه يا سالم. نعاودوا البيت و نتحددته براحتنا."
اجابه «سالم بصرامة»
" الكلام ما بينا خلص و ردنا وصلكم. اما بالنسبه لجنة و سليم فاتفاقنا زي ماهو. والمرة الجايه لما نيجي ناخد عروستنا تكون ربيت أحفادك احسن ما اربيهملك انا .."
انهي جملته و التفت إلي «سليم» قائلًا بأمر
" سلم علي مراتك و حصلنا عالعربيات..."
نظر إلى كلًا من «حلا» و «مروان» وقال آمرًا
" ورايا.."
أوقفه «عبد الحميد» قائلًا بتهديد
" أكده أنت بتفتح على نفسك ابواب چهنم و انت مش جدها. "
واصل «سالم» طريقه دون أن يعيره نظرة واحدة وهو يقول بصرامة
" الي بيعمل مابيقولش وأنا عايز اشوف آخركوا يا عمارنه..
***************
" الراچل دا لازمن يتأدب يا چدي.."
هذا كان صوت «عمار» الذي كان وجهه متورمًا جراء تلك المعركة الداميه التي كانت قبل قليل فصاح به «عبد الحميد»
" اجفل خشمك يا عمار و متسمعنيش صوتك واصل.. "
تدخل «ياسين» معارضًا
" يعني ايه يا جدي يعني يقولك أدبهم و احنا نسكت كدا عادي.."
ناظره «عبد الحميد» بغضب تجلي في نبرته حين قال
" الدكتور بتاعنا كنه العشج لحس عجله و طيرله البرچ الي كان في نافوخه..دلوق متعصب و متضايج و موافج عالغلط الي حوصول و نسيت زمان لما فارجتنا جال عشان مش عاچبك طريجتنا دلوق ايه الي اتغير؟'
اعادت كلمات جده بعض من التعقل إليه ولكنه لم يجيبه فهو بالفعل انساق خلف غيرته الهوجاء التي جعلت المسافه بينهما كالسماء و الأرض و زادت من تلك العداوة اللعينة بين العائلتين
" عاچبكوا أكده. بعد ما كان خلاص كل حاچه خلصت و جدرت اضمن سلامه بتنا معاهم ضيعتوا كل حاچة بغباوتكم"
صاع «عمار» غاضبًا
" كنك عايز تچنني . احنا الي لينا حج عِنديهم يا چدي . احنا الي مفروض نخلصوا عليهم جصاد الي عملوه مع چنة.."
صاح «عبد الحميد» بنفاذ صبر
" و لما تخلص عليهم فكرك الموضوع هيخلوص؟ هياجي من عنديهم الي يخلص عليك و يبچى الدم للركب. و اخسرك انت و ابن عمك كيف ما خسرت راضي الله يرحمه. انت لسه ماعيزش تفهم. "
«عمار» بانفعال
" ماجدرش افهم. انت ليه عايز تچوز چنة عنديهم من الأساس؟. أن كان عالي حوصول انى اتچوزها و لا أنها تروح للكلاب دول"
«عبد الحميد» بقسوة
" كنك غبي ولا مفكرني اني الي غبي .. ماتجولي يا عمار هتجدر تجرب من چنة بعد الي حوصول ليها؟ ولا هتتچوزها و ترميها عندك و الاسم انك داريت عالفضيحه؟"
لم يستطيع التفوة بحرف فقد وضع جده سيف الحيرة الباتر علي رقبته فرجولته تأبى عليه أن يقترب منها بعد ما حدث و أن كان هناك ضميرًا يوخزه و يذكره بأنها لم يكن لها ذنب ولكنها لعنة ذكورية خلقت به لا يستطيع التخلص منها
" عرفت ليه اني عايزها لابن الوزان ؟ تفتكر ليه عملت التمثيلية دي و خليته يتوهم اني ممكن أأذيها ؟؟ ده كلاته عشان اتوكد إذا كان بيحبها بچد ولا رايدها لجل ما يرضي ضميره عشان الي الكلب اخوه عمله.. "
تدخل «ياسين» منبهرًا بتفكير جده
" طب ولو كان فعلا اتجوزها تأنيب ضمير كنت هتجوزهاله"
صاح «عبدالحميد» قائلا بصرامة
" الله في سماه ما كنت هخليها علي ذمته لحظه واحده.اني مش هظلم اليتيم كفايه الي حوصول زمان . و دلوق معايزش حد فيكوا يعارضني. الي هجوله يتسمع.."
***************
كان ينظر إلي الحزن الساكن بعينيها و قلبه ينفطر ألمًا ناهيك عن غضبه لما حدث فإن لم يتدخل «عبد الحميد» في الوقت المناسب لكان لقن هؤلاء الأوغاد درسًا لن ينسوه ولكنه القدر تلطف بهم و انتهت المعركة قبل وصوله حتي لا تزداد الأشواك بطريقه معها فيكفيه ما حدث سابقًا
" طلقني يا سليم؟"
وقعت الكلمه علي مسامعه وقوع الصاعقة التي غيبته عن الوعي فلم يشعر بنفسه وهو يقبض بقوة علي رسغيها بأصابعه النحيلة التي كانت كالمقصله علي جلدها الرقيق بينما برقت عينيه و لونتها دماء الغضب الجحيمي الذي تجلي في نبرته حين قال
" أنتِ اتجننتِ ايه الي بتقوليه دا؟"
كان الألم داخلها يفوق الخوف بمراحل فلم تتأثر ملامحها ولكن تجمعت سحب الألم بعينيها فامطرت وجعًا غزا نبرتها حين قالت
" كفايه لحد كدا.. مش مُجبر تتحمل أخطاء غيرك و لا تشيل شيله مش شيلتك"
" مش شغلك . انا حر و اعرفي اني عمري في حياتي ما اتجبرت اعمل حاجه انا مش عايزها .."
هكذا تحدث بقلب فاض به الألم و الغضب معًا لتُجيبه بنبرة مُتألمه
" اعتبر نفسك مقابلتنيش و متخافش عليا عمر جدي ما هيأذيني بالعكس أنا لأول مرة احس اني في مكاني و في بيتي.."
قاطعها بغضب ممزوج بألم كبير كان يقطر من بين كلماته و نبرته الخشنه
"مكانك جمبي. انا بيتك . و الي حصل دا كله براكي"
- " الي حصل دا كله بسببي"
صرخت بغضب وهي تحاول التملص من بين يديه التي لم تفلتها أبدًا بل شددت عليها حتي آلمتها وهو يقول بهسيس مرعب قاصدًا إقحام حديثه في عقلها
" دا قدر و مكتوب. و محدش يقدر يغير قدره. اسمعيني كويس يا جنة. جوازي منك دا أمر واقع و عمره ما هيتغير أبدا. حتي لو الدنيا كلها اتجمعت عشان تغيره مش هيحصل ."
ضاقت ذرعًا بعناده فقالت بقلب ممزق و لهجة حانقه
" يعني هتجبرني و أنا مش عايزة ."
سليم بصرامه
" لو لزم الأمر اه هجبرك."
جنة بصراخ
" ليه ؟؟ ليه تتجوز واحدة اخوك ضحك عليها و اتفضحت و بقت في نظر الناس كلها خاطيه. فوق دا كله مريضه بالسرطان و عمرها ما هتخلف تاني ليه؟؟"
كان استفهام مؤلم بل مميت و خاصةً وهي تسرد عليه ما حدث لها من كوارث و مصاعب و تحديدًا أمر مرضها والذي جعله يقول بثبات
" حتي لو حصلك اكتر من كدا هفضل متمسك بيكِ لآخر نفس فيا.."
واصلت الدهس علي جراحه قائلة باستفهام مؤلم
" و مش عايز تبقي أب؟؟ أنا بشوفك بتبص لمحمود ازاي؟ بشوف في عنيك لهفه وحب و حنان من ناحيته كبير اوي ازاي هتقدر تتنازل عن احساسك دا بسهوله"
خطت بأسلاك حديثها الشائكه فوق قلبه الذي تمزق من فرط الألم ولكنه تجاهل ذلك و أجابها بثبات
" بغض النظر انك مهولة موضوع مرضك دا بس هفترض معاكِ انك صح انا معنديش مشكله و كفايه عليا محمود.."
صرخت بغضب
" محمود مش ابنك . محمود ابن حازم ..."
قاطعها وقد بلغ الغضب ذروته خاصةً حين نطقت اسمه فجن جنونه حتي أنه قام بهزها بعنف تجلى في نبرته وهو يقول
"اياكِ تنطقي اسمه تاني علي لسانك.. اقطعي الصفحة دي من حياتك و احرقيها بقي. "
تفاجئ بضعفها الذي جعلها ترتجف بين يديه وهي تقول بوجع من بين عبراتها الغزيرة
" بس انا لسه موجوعه منها اوي.. مش قادرة انسي. مش قادرة .. مش قادرة.."
2
صارت تردد جملتها الأخيرة بانهيار فتت قلبه و طحن عظامه من فرط الألم الذي جمع بينهم ولكنه للأسف لا يملك رفاهيه الإنهيار مثلها فإن كان يريد دعمها فعليه أن يكن جدارًا قويًا تتكئ بثقلها عليه فقام بجذبها من يدها ليغرسها بقوة بين أحضانه مغلقًا ذراعيه عليها كالحصن المنيع يود لو ينتشلها من بؤرة الألم تلك حتي تصفو عينيها من ذلك الوجع الذي يلوث بحرها الأسود الذي غرق به ولا يعرف سبيل للنجاة فمن بين جميع النساء هي من احتلت قلبه الذي لأول مرة يعلن خضوعه مستسلمًا أمام طوفان العشق الجارف الذي اجتاحه بدون سابق إنذار.
كانت تنتحب بقوة تردد صداها في أرجاء تلك القاعة الكبيرة التي كانت بأحد أركان هذا المنزل الضخم الذي يود لو يختطفها منه و يهرب بها بعيدًا عنه و عن كل شئ حتي يستطيع أن يجعلها تنسي كل هذا الألم الذي يجيش بصدرها ولكنه أولًا يجب أن يعيد لها كرامتها التي اهدرها ذلك الذي للأسف يحمل نفس دماءه.
قام بوضع قبله قوية فوق جبينها اودع بها الكثير من الحب و الاعتذار معًا ولكن فجأة وجد صوت بكاءها قد هدأ و تجمد جسدها الذي يسكن ذراعيه و بلمح البصر وجدها تدفعه بكل قوتها وهي تناظره بعينين تقطران حقدًا تجلي في نبرتها حين قالت
" ابعد عني.. انا بكرهك اياك تقرب مني تاني .."
ألقت جملتها علي مسامعه و هرولت للخارج دون أن تعطي له الفرصة لاستيعاب ما حدث...
****************
كان «سالم» ينتظر في السيارة أمام المقود و بالخلف كانت تجلس «حلا» التي كانت تضمد جراح «مروان» الذي صاح بها غاضبًا
" بالراحه يا زفته ايدك تقيلة أحسن والله اطرمخلك معالم وشك.."
ح«لا» بارتجاف
" وانا ذنبي اي هو انا الي ضربتك ؟"
التفت «مروان» غاضبًا
" مين دا الي انضرب يا بت انتِ جتك ضربة في عينك.. مشوفتنيش لما اديته لوكاميه طبقتله وشه "
1
«حلا» باندفاع
" لا شوفته لما أداك شلوط وداك أسيوط.."
جذبها «مروان» من خصلات شعرها وهو يقول متوعدًا
"أسيوط دي الي هدفنك فيها أن شاء الله أنتِ اوس البلاوي الي في الدنيا كلها لولاكِ مكنتش اتخانقت مع البغل دا .."
«حلا» وهي تحاول جذب خصلاتها منه و بالمقابل يدها الأخرى تمسك خصلاته
" انت الي عملتلي فيها سبع رجاله في بعض اشرب بقي.. سيب شعري"
«مروان» بغضب وهو يهزها من خصلات شعرها
" يالا يالي بتحطي جاز في شعرك يا معفنه .. صدقوا لما قالوا الجنازة حارة و الميت كلب.."
1
" بس انت وهي..."
هكذا صرخ بهم «سالم» الغاضب حد الجحيم الذي سيحرق الجميع أن أطلق له العنان فذلك الرجل نجح بجدارة في استثارة غضبه النفيس و لأول مرة بحياته يشعر بأنه علي وشك القتل لولا تدخل «عبد الحميد» لم يكن ليترك ذلك الرجل حيًا أبدًا. و لكن أنقذه القدر من بين براثنه .
أنوار سيارة قادمة شتت تفكيره وخاصةً حين وجد ذلك الذي ترجل منها والذي لم يكن سوي «صفوت» ابن عم والده و مدير أمن المنيا الذي هاتفه «عبد الحميد» ليأتي و يصلح الأمور بينهم..
لم تدم المفاجأة كثيرًا فقد فطن «سالم» لما حدث فزفر بحنق من دهاء ذلك العجوز
" بما انك كشرت كدا يبقي عرفت انا جاي ليه. انزل "
ترجل «سالم» من السيارة التي أوقفها علي أول البلد في انتظار قدوم «سليم» ولكن بدلًا عن ذلك اتي «صفوت» الذي قال بهدوء
" معقول سالم الوزان يخرج عن شعوره بالطريقة دي؟"
«سالم» مغلولًا
" سالم الوزان في اللحظة دي عنده استعداد يحرق البلد دي باللي فيها.."
ابتسم «صفوت» وقال مهدئًا
" اهدي يا راجل.. المواضيع متتحلش بالطريقه دي.. ويالا تعالوا معايا ."
«سالم» بجمود
" احنا مستنيين سليم."
" سليم هييجي ورانا هو و عبد الحميد.."
«سالم» بغضب
" ودا جاي يعمل اي انا مش قولتله الي عندي."
«صفوت» مؤنبًا
" احنا مش ظلمه يا سالم . انا حاسس بغضبك و انفعالك.بس احنا غلطنا في حق الناس دي. و عبدالحميد مش طيب زي مانتا فاهم عبد الحميد مش عايز يخسر أحفاده لكن غضبه وحش و مش عاوزين نوصل للمرحله دي معاه عشان حتي الانتصار له ضرايب احنا في غني عنها.."
1
زفر «سالم» حانقًا فقد كان يعلم بأن عمه مصيب فالخطأ يلطخ صفحتهم البيضاء ولكنه حاول بكل الطرق تصحيحه و الخروج منه بأقل الخسائر فماذا بعد ؟؟
بعد مرور وقت لم يكن طويل وصل كلًا من
«سليم» و «عبد الحميد» الي فيلا «صفوت» و اجتمع الرجال في جلسة منفردة لمحاولة ترميم ذلك الصدع الذي احدثه هذا الشجار الغبي
" حجك عليا يا سالم بيه. الي حوصول ده مكنلوش داعي من الأساس وانت مفروض مكنتش تشترك فيه لإنك راچل واعي انما هما شباب طايش كان واچبك تعجلهم.."
«سالم» بغضب
" مش دوري اعقلهم يا حاج عبد الحميد . لكن دوري لما الاقي حد بيتعرض لابن عمي مسكتش.."
«عبد الحميد» بوقار
" حجك .. وعشان أكده انا بجول نجفلو عالموضوع بكل غلطه ونبدؤا صفحه چديدة اني چيت اهه و بديت بالصلح. ايه جولك."س
«سالم» بجفاء
" ماشي قبلت الصلح بس رأيي مش هيتغير موضوع حلا منتهي.."
صاح «عبد الحميد» معارضًا
"لا أكده يبجي متصالحناش. اتفاجنا انك تسألها لول. ليه بجي بتجدم الرفض."
«سالم» بفظاظة
" اصرارك اني اسألها دا مش مريحني يا حاج عبد الحميد.. حاسس كدا أنه وراه حاجه "
«عبد الحميد» بمراوغه
" يا ابني انت ليه عايز تعجد الأمور؟ اني بنحل و معايزش يبجي فيه بيناتنا غير كل خير.لكن اني صبري جرب يخلوص. لو عايزها شر يبجي شر معنديش مانع ولا اي يا سيادة اللوا؟"
تدخل «صفوت» بحكمه
" سالم. الراجل جه و مد أيده بالصلح يبقى عايز اي تاني ؟"
زفر «سالم» بحنق تجلي في نبرته حين قال
" ماشي انا هسألها بس لو رفضت الموضوع دا ميتفتحش تاني.."
" وماله و أني موافج.."
نظر «سالم» الي «سليم» الذي نهض من مكانه متوجهًا إلي شقيقته في الخارج وقال بهدوء ينافي غضبه
" حلا لآخر مرة هسألك اذا كنتِ موافقه علي جوازك من ياسين ؟؟"
بالرغم من غضبها و حزنها وآلمها مما حدث فهي مجبرة علي الموافقه و خاصةً بعد ما حدث فهي تنوي جعله يتذوق الجحيم الذي رماها به دون أن يرف له جفن من الرحمة
" موافقه يا أبيه..."
شهقة قويه خرجت من جوفها حين شاهدت «سالم» الذي كان يطالعها بعيون تتراقص بها ألسنه الغضب الذي تجلي في نبرته حين سألها
" متأكدة من قرارك دا؟؟"
لوهله شعرت بأن قدميها لم تعد قادرة علي حملها فهي ترتعب من نظرات «سالم» التي تحرقها بنيرانها ولكن الأصعب من ذلك هو خسارة أحد من اشقائها لذا قالت بنبرة مرتجفه
" مو. موافقه.."
تأكد ظنه فهو فطن إلي أنها ستوافق ولكن رغمًا عن إرادتها فالآن هو شبه متأكد من أن شقيقته تعرضت للتهديد بطريقة أو بأخرى لذا لم يزيد من حديثه بل التفت عائدًا إدراجه إلى الغرفه وهو يقول بفظاظة
" حلا مش موافقه..."
هب «عبد الحميد» من مكانه وهو يقول بانفعال
" كلام اي ده الي عم تجوله ؟؟"
«سالم» بهدوء
" طلبت مني أسألها وهي قالت مش موافقه.. ايه الغريب في كدا.."
ناظره «صفوت» باندهاش فقد سمع موافقتها بأذنيه وقد علم بأن «سالم» فرض رأيه عليها لذلك تدخل قائلًا بتعقل
" ممكن تكون مكسوفه منك يا سالم . انا هدخل اسألها.."
اغتاظ «سالم» من تدخل صفوت و قال بفظاظة
" مالوش لزوم يا عمي.."
«صفوت» بنبرة ذات مغزي
" معلش يا سالم .. حلا قريبة مني و هتصارحني."
زفر بحنق و توجه يجلس علي كرسيه بشموخ منتظرا قدوم «صفوت» الذي ما أن آتي حتى قال
" زي ما قولت كانت مكسوفه من سالم.. مبروك يا حاج عبد الحميد.."
ابتسم «عبد الحميد» وقال بوقار
" مبروك علينا كلنا يا صفوت بيه.. السبوع الجاي أن شاء الله هنندلي علي اسماعيلية و ناجوا نطلبوها منيكوا رسمي.."
لم يجيب «سالم» انما تولي «صفوت» المهمه قائلًا
" تنورونا يا حاج عبد الحميد.. "
«عبد الحميد» بتعاطف
" كان نفسينا ناجوا نطلبوها منيك أهنه بس احنا عارفين الظروف .."
اومأ «صفوت» برأسه بحزن تجلى بوضوح في عينيه و نبرته حين قال
" ربنا يتمم بخير...."
*************
كان الليل طويلًا في هذه البلدة الريفية التي و بالرغم من كآبتها ألا أنه ترك بها قلبه. ويستطيع أن يجزم بأن روحه هي الأخرى غادرته و ظلت معها علي الرغم من غضبه و غيرته التي تملكته حين رأي ذلك الرجل بقربها ولكنه يشعر برغبة مُلِحه في رؤيتها يُريد انتزاعها من بين براثن ذلك البيت. لأول مرة يكُن مُمزق هكذا بين واجبه تجاه عائلته و بين قلبه المُصاب بعشقها. يعلم بأنه كان اليوم بصدد خسارتها كليًا ولكنه لا يتحمل أن يجبره أحد علي فعل شئ. لم يحدث ذلك طوال سنوات عمره الأربعين . لطالما كان هو سيد قراراته و قرارات من يتبعه.و الآن يجد نفسه في معركة داميه بين كبرياءه الذي يأبى الإنصياع لما يحدث و قلبه المذعور من فكرة فقدانه لها..
اخرج الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة و خطى بأقدامه إلي الشرفه يحاول استنشاق بعض الهواء النقي عله يطفئ نيرانه المتقدة ولكن دون جدوى فتلك النيران لا يخمدها سواها. نعم يريدها والآن يريد أن يقف معها علي أرض صلبة حتي يعلم ماذا عليه أن يفعل لاحقًا..
تفاجئ حين رأي «سليم» الذي كان يتوجه ناحيه حظيرة الفرس الخاصة بعمه و دون أن يفكر قام باللحاق به فوجده يقوم بوضع السرج علي ظهر الفرس يهيئها حتي يمتطيها فصاح «سالم» مستفهمًا
" بتعمل اي يا سليم ؟"
جفل «سليم» حين سمع صوت شقيقه خلفه فصاح غاضبًا
" انت لو قاصد تقطع خلفي مش هتعمل كدا!"
«سالم» بفظاظة
" مجاوبتش علي سؤالي.."
«سليم» بنفاذ صبر
" رايح اشوف جنة!"
" ازاي؟"
" كلمت فرح عشان اطمن عليها قالتلي أنهم قاعدين في الجنينة فقولتلها هاجي اشوفها حتي لو من بعيد.."
حين ذكر «سليم» اسمها تنبهت جميع حواسه و لمعت عينيه بوميض خاطف قبل أن يقول بصدر خافق
" و من بعيد ليه دي مراتك .."
«سليم» بحسرة
" مش عايزة تشوفني و عايزة تطلق.."
صمت لثوان قبل أن يقول
" دافع عن حبك . البنت دي اتظلمت متستاهلش الي حصلها دا كله.."
«سليم» بصرامه
" هعمل كدا.."
«سالم» بخشونة
" طب يالا عشان منتأخرش..'
التفت «سليم» بذهول
" منتأخرش! هو انت جاي معايا ولا اي؟"
«سالم» وهو يمتطي حصانا آخر بعد ما قام بتجهيزه
" مش هسيبك تروح هناك لوحدك.."
«سليم» بتخابث
" مش هتسبني اروح لوحدى ولا وحشتك؟"
نفرت عروق رقبته و اشتدت ملامحه بينما أجاب بجمود
" هي مين !"
1
ابتسم «سليم» علي عناد أخيه وقال متحمحمًا
" احنا فينا من الكذب.. "
«سالم» بفظاظة
" بطل كلام كتير و يالا بينا.."
بالفعل توجه الإثنان الي ذلك المنزل الكبير و قام «ليم» بالإلتفاف الي الباب الخلفي كما هو الإتفاق مع «فرح» التي قالت بخفوت
" سليم بالله عليك متعملناش مشاكل. هتشوفها من بعيد وتمشي.."
«سليم» بنفاذ صبر
" مش معقول هاجي المسافه دي كلها عشان اشوفها من بعيد يعني هقولها كلمتين و امشي علي طول..'
«فرح» بغضب
" انت هتستهبل.. افرض حد شافك "
«سليم» بحنق
" بقولك اي اسمعي الكلام أنتِ و ملكيش دعوة و بعدين متقلقيش سالم معايا بره.."
تقاذفت ضربات قلبها حتي وصل طنينها إلي أذنيها لدي سماعها اسمه وتسارعت أنفاسها بصورة كبيرة حتي بعثرت الحروف علي شفتيها حين قالت
" و .. هو . اي الي جايبه معاك؟ مش . قولت انك هتيجي لوحدك.."
«سليم» بنفاذ صبر
" بقولك اي سيبك منه المهم عايزك تجيبي جنه عند اسطبل الخيل الي ورا هقولها كلمتين و همشي علي طول.."
«فرح» بغضب
" سليم.."
«سليم» برجاء
" وحياة اغلي حاجه عندك يا فرح.."
انصاعت لرجاءه علي مضض و نظرت إلي «جنة» التي كانت تنظر إلي البعيد بنظرات ضائعه و قد تألمت لأجلها كثيرًا فتقدمت منها وهي تقول بمرح
" عارفه يا جنة مش طلع هنا في اسطبل خيل .."
لم تتغير ملامح «جنة» التي اومأت برأسها دون حديث فقامت «فرح» بجذبها من يدها لتجعلها تقف أمامها لتقول بصوت قوي
" جنة بطلي تعملي في نفسك كدا. كل حاجه هتتصلح و هتبقي كويسه بطلي تحملي نفسك فوق طاقتها أرجوك.."
أوشكت «جنة» علي الجدال فقالت «فرح» بنبرة آمرة
" مش عايزة جدال في الفاضى و يالا بينا تعالي نروح نشوف الفرس واثقة أنها هتخلي ضحكتك الحلوة ترجع تاني "
اومأت «جنة» بانصياع و سارت خلف «فرح» التي كانت ترتعب من ظهور أي شخص من المنزل و قامت بالعبث بهاتفها قبل أن تصلها رساله نصيه فقامت بالنظر حولها فرأت «سليم» الذي كان يختبئ في أحد الحظائر فقالت ل«جنة»
" بقولك اي روحي شوفي الفرس دي شكلها قمر اوي"
لم تجادل «جنة» بل سارت إلي حيث أشارت «فرح» التي قامت بإرسال رساله نصيه ل«سليم» فحواها
" عشر دقايق بالظبط لو طولت وربنا لهنادي علي الغفر انا قولتلك اهو .."
ارسلت رسالتها و توجهت الي أحد الحظائر التي تحوي فرس بني ذو شعر كثيف و عينين بنيتين ذكرتها بذلك الذي احتل عالمها و قلبه رأسًا علي عقب فقامت بمد يدها و ملامسه شعر الفرس بحنان زافره أشواقها و ألمها في آن واحد وهي تتذكر كل تلك العواقب و العراقيل التي تضعها الحياة بطرقهم. و فجأة و هي بخضم تخيلاتها وجدت يد قويه تقبض علي خصرها و تقوم بدفعها بداخل الحظيرة وما أن التفتت حتي تفاجأت ب«سالم» الذي وضع إصبعه فوق فمها فقد كانت علي وشك الصراخ من صدمتها فتمتم بخفوت
" هششش ."
بللت حلقها الجاف و أخذت أنفاسها تتقاذف بعنف حتي أوشكت علي تحطيم صدرها الذي كان يعلو و يهبط بقوة جراء تلك المفاجأة الغير متوقعه والتي ألجمت لسانها بينما عينيها وقعت أسيره لخاصته والتي كانت تطالعها بشوق ونهم و خاصةً حين تحرك إصبعه علي شفتيها الوردية فأشعل ملمسها الحريري نيران الرغبه بقلبه الممزوجه بعشق جارف قد يغرقهما معًا ولكن جاءت حركه الفرس لتعيد إليها توازنها فقامت بالتخلص من أصفاد ذراعيه قائله بغضب
" سيبني ."
لم تتحرك عينيه من فوقها انما تعمقت أكثر بالنظر إليها و اكتفى بالهمس
" تؤ مش هسيبك"
كان همسه مثير بدرجه كبيرة ولكنها حاولت الثبات قائلة
" أنت اي الي جابك هنا في وقت زي دا؟"
اكتفي بكلمه واحده أطاحت بكامل ثباتها و أودت بها الي الهاوية
" وحشتيني!"
9
شهقه خافته خرجت من جوفها اثر سماعها كلمته التي لم تكن تتوقعها أبدًا فاقترب أكثر منها حتي لفحت أنفاسه الساخنه بشرتها الرقيقه قائلًا بصوت أجش
" وحشتيني أوي يا فرح.."
لأول مرة تشعر بهذا الضعف الذي سرى كالمخدر في أوردتها و تجلى في نبرتها حين قالت
" سالم أرجوك.. بعد الي حصل النهاردة ..."
سحب أكسجينها الدافئ بين رئتيه قبل أن يقول بنبرة رخيمة
" هصلح كل حاجه. "
ارتفعت عينيها تطالع عينيه التي أظلمت بنيران العشق و قالت بخفوت
" ليه؟"
امتدت يديه تتلمس ملامحها بحنان حتي استقرت علي خصلات شعرها التي قام بلف إحداها حول إصبعه وهو يستنشق عبيرها الآخاذ قائلًا بخفوت
" لسه بتسألي يا فرح؟؟"
+
انسابت حروف اسمه همسًا من بين شفتيها
" سالم .."
2
فجأة صدح صوت طلقات النار من حولهم وووو
26
يتبع
يحدُث أن ينطِق كل شئ بك صارخًا أُحِبُك بينما أنت مُتسلِحًا بـ صمت مُطلق خوفًا من الوقوع بـ فخ عينين اختلط بهم العشق و الرفض معًا فتُصبِح كمن يقِف بمُنتصف جزيرة تتوسط بحرًا هائجًا أن بقي بها سيهلك من الوحده و أن جازف والقي بنفسه بين الأمواج الثائرة قد يموت غرقًا أو ربما عشقاً
3
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت تسير بخطوات ثقيلة تكبلها أصفاد الألم الساكن بصدرها الذي بات التنفس صعبًا عليه. تشعر بأن زفيرها تبدلت ذراته من هواء الي وجع قاتل يتغذى ببطء الي أشلاء روحها المُمزقة و التي أصبحت كسماء حالكه السواد تخلت عن ظواهرها الفيزيائية المُتمثلة في قوس المطر الذي بهتت ألوانه و اندثر بريقه بين طيات عذابها متحولًا إلي ظُلمة ابتلعته كما ابتلعتها معه و تبدلت كل مُبهجات الحياة في عينيها التي زهدت كل شئ فتساوى بنظرها القُبح و الجمال و لم يعد يلفت انتباهها شئ و لا حتي أن تلك الفرسة الجميلة التي كانت تصهل بقوة و كأنها تحاول جذب انتباه تلك اللوحة الحزينة لامرأة حتي حطامها لم ينجو من بطش القدر .
" وبعدين معاكِ انا مصدعة بجد .. "
هكذا تحدثت جنة وهي تنظر إلي الفرسة التي كانت تصهل بقوة مما جذب انتباهها أخيرًا فتقدمت منها و قامت بإلتقاط إحدى حبات الجزر لتطعمها إياها و لكن الفرس تراجعت للخلف بطريقه مريبه فتحلت بفضيلة الشجاعة و فتحت باب الحظيرة وخطت إلى الداخل لمعرفة ما بها تلك المسكينة ولكنها سرعان ما تسمرت بمكانها وهي ترى ذلك الذي كان يختبئ بزاويه مظلمه في أحد الأركان و ما أن رآها حتى خرج من مخبأه بطلته الخاطفة ناصبًا عوده الفارع حاملًا بين شفتيه وردة حمراء اللون يناظرها بعينين امتزج بهما العشق و الحنان معًا فشكلا توليفة رائعة من المشاعر التي أصابت عمودها الفقرى بدغدغات مُحببه توجتها لمساته حين اقترب منها محتضنًا يدها بكفه الخشن و بالآخر جذب الوردة من بين شفتيه قبل أن يخفض رأسه يلثمه بقبلة دافئة في راحة يدها التي ارتجفت بين يديه فقام بوضع وردته الرقيقة بنفس المكان الذي لثمته شفتيه ثم اغلق كفها بحنان تجلي في نبرته حين قال
" ممكن أخطفك؟"
كان مشهدًا ملكيًا الملك يجلب الورود لاميرته و يختطفها علي ظهر حصانه الابيض و من المفترض أن تكون الأميرة في أقصي درجات سعادتها ولكن اميرتنا قُدِمت روحها سابقًا قربانًا لشياطين الجحيم فلم يعد أي شئ قادر علي التغلب علي عذابها أو إنهاء ألمها!
لم تقطع وصال النظرات بين عينيهما ولكنها قالت بلهجه جافة
" وفر علي نفسك وعليا الوجع يا سليم وامشي.. "
+
أن تعشق يعني أن تتألم وهو اعتاد علي الألم منذ زمن فلم يعد يخشاه لذا شدد من احتضان يدها قائلًا بتصميم
" اروح فين إذا كنت معرفش طريق غيرك.."
عاندت بألم
" طريقنا عمره ما كان واحد.."
عاندها بحب
" واحد يا جنة. دا قدرنا و منقدرش نهرب منه. "
خشيت الضعف فتسلحت بالقسوة التي تجلت في نبرتها حين قالت
" بس انا رافضه اي قدر يجمعني بيك و الموت عندي أهون من وجودك في حياتي.."
1
يعلم بأنها تريد غرس اشواك الإهانة بصدره حتي تجبره علي الرحيل و يعلم بأن أشواكها قد آلمتها مسبقًا لذا ابتلع ألمه و امتدت يده تضع الوردة بجانب أذنها فاكتملت صورة القمر هذه الليلة لترتسم ابتسامة اعجاب علي ملامحه قبل أن ينساب عشقه من بين شفتيه
" تعرفي أن الوردة كده بقت احلى.. "
قاطعته معانده
" سليم أرجوك..."
فقاطعها بنبرة خافتة ولكن قوية
" وحياة أمى ما هسيبك.."
كانت تعابيره تؤكد كلماته مما جعل الاندهاش يسيطر عليها فهي امرأة فقدت الثقة بنفسها حين فقدت أثمن ما تملكه فكان إصراره عليها مدهشًا بقدر روعته مما جعلها تقول بإستنكار
"غريبة.. بقي سليم الوزان الي مكنش متحمل حتى يسمع صوتي من كام شهر بس دلوقتي هو اللي بيقول كدا؟؟ "
عرفت يداه الطريق الي خصرها الذي طوقه بإحكام ليجذبها إلى صدره بغتة وهو يناظرها بعينين تقطران عشقًا انساب من بين شفتيه حين قال بصوت اجش
"عايزك تعرفي أن سليم الوزان مصبرش على حد قدك و لا هيصبر علي حد زيك.."
5
كانت الحيرة تطل من عينيها الجميلة التي تعكس صراعها الداخلي المرير فتابع يُخدر اوجاعها ببلسم كلماته
" و لو كان طريقك شوك همشيه و لو آخره موتي بردو همشيه.."
3
لم تكد تستوعب كلماته التي انسابت كرخات المطر على جروح قلبها فرممتها فإذا بالسماء ترعد رصاصات من كل حدب و صوب فخرجت منها شهقة قويه سرعان ما ابتلعتها ذراعه التي طوقتها بقوة وهو يقول مهدئًا
" اهدي يا جنة..."
"انا خايفه يا سليم .. هو في ايه بيحصل ؟؟ "
شدد من عناقه لها محاولًا تهدئتها بينما عينيه تطوف في المكان بأكمله بحثًا عن مصدر تلك الطلقات التي سرعان ما هدأت فجأة كما بدأت فرفعت جنة رأسها تناظره بعينين مذعورة و تجلي ذعرها في نبرتها حين قالت
" يالهوي ليكونوا عرفوا انك هنا ؟؟"
تحولت نظراته الحانيه الي أخرى افزعتها كما افزعتها لهجته حين قال مشددًا علي كل كلمه تخرج من فمه
" و اي يعني لو عرفوا.. انا مبعملش حاجه غلط أنتِ مراتي .."
تعالى صوت الرصاص مرة أخرى فانتفض جسدها بين يديه و أخذت تتلفت يمينًا ويسارًا وهي تقول بتوسل
" طب ارجوك عشان خاطرى امشي دلوقتي .."
سليم بصرامه
" مش همشي غير لما ضرب النار دا يهدي و اطمن عليكِ. "
تجمعت السحب بعينيها فامطرت ألمًا تجلى في نبرتها حين قالت بتوسل
" ارجوك تمشي .. مش هتحمل نظرة احتقار تانيه من اي حد .. لو بتحبني بجد امشي "
2
أن هوت علي قلبه بمطرقه حديديه لم تكن لتؤلمه بتلك الدرجة و خاصة ذلك التوسل الذي ينبعث من عينيها و الذي كان كأصفاد فولاذية طوقته و شلت حركته فجعلته يشعر بالقهر لأول مرة بحياته فلم يستطيع حتي اخراج الكلمات من بين شفتيه فقد كان رأسه علي وشك الإنفجار و كم كان هذا الشعور مؤلمًا للحد الذي جعل الأذى يطال جسده الذي أشفق عليه إذ تساقطت بعض قطرات من الدماء من أنفه فهالها مظهره وخرج صوتها مرتعبًا وهي تتحدث
" سليم في دم.. دم نازل منك.."
لم يجيبها فقط اكتفي بأن جذب أسفل عنقها بيده يقربها منه واضعًا قبله حانيه فوق جبينها تتنافى مع نيران أنفاسه و عاود أدراجه للخلف متسلقًا النافذة وقام بالقفز خارج الحظيرة ولكنه لم يجد أخاه الذي لم يستطع أن ترك «فرح» التي كانت ترتجف رعبًا حين سمعت طلقات الرصاص فوق رؤوسهم و سقط قلبها بين قدميها من احتمالية اكتشاف أمرهم فقام «سالم» بوضع يده أسفل ذقنها يديرها إليه وهو يقول بنبرة ثابته كملامحه
"اهدي و متخافيش من حاجه طول مانا جمبك.."
1
كانت ترتجف بشدة للحد الذي جعل الكلمات تخرج متقطعه من بين شفتيها
" جدي.. يا.. سالم.. لو .. لو . حد شافني.. و جنه .. سليم. انا.."
لم تستطيع اكمال حديثها فقد أتتها كلماته العاشقه يغلفها غضب و إصرار كبيران
"متجننيش يا فرح. انا ممكن اخدك من ايدك دلوقتي و اكتب عليكِ ولا يهمني حد..'
كان الرعب مسيطرًا عليها بشكل كبير فلم تنتبه لمغزي كلماته كل ما استطاعت قوله
" سالم امشي.. خليني اروح اشوف جنة.. "
زفر بغضب و أوشك علي الحديث فابتعدت عنه قائلة بغضب
" كفايه إلي حصل ميستاهلوش مننا فضيحة تانيه.. امشي.."
لم يجادل انما تشابهت نبرته الفظه مع ملامحه حين قال
" كلامنا لسه مخلصش.. "
كانت عينيه توحي بالكثير و الكثير الذي تجاهلته فتابع هو آمرًا
" روحي شوفي جنة. و أنا هفضل هنا لحد ما اطمن عليكِ"
انكمشت ملامحها رعبًا عليه فهبت معانده
" لا طبعًا..."
قاطعها بقسوة
" اسمعي الكلام يا فرح عشان مش ضامن نفسي لحظة واحده بعد كدا.."
1
لم تزد كلمه واحده بل تراجعت الي خارج الحظيرة و أخذت تتلفت يمينًا و يسارًا حتي وجدت «جنة» التي مازالت تقف داخل الحظيرة دون حراك فتوجهت إليها علي الفور ...
خرج «عمار» مهرولًا إلي الخارج إثر سماعه الطلقات الناريه التي دوت في الأجواء فوجد الغفر يتجمعون حول شخص ما يطلقون جميع أنواع السباب الذي يعرفونه فتوجه علي الفور الي مكانهم و تبعه «ياسين» الذي ايقظه صوت طلقات الرصاص المروع
" حوصول اي يا واد منك له؟"
تراجع الغفر حين سمعوا سوت «عمار» الذي تسابقت خطاه الي مكانهم و بجانبه «ياسين» الذي قال بغضب
" ما تنطق يا ابني انت وهو في ايه؟ و مين دا"
تحدث «مرعي» أحد الرجال قائلًا بإحترام
" انى لجيت ولد الحرام ده بيحاول ينط من فوج سور البيت الكبير و حاولت اوجفه مسمعليش جومت ضارب عليه نار جام واجع علي الأرض و مش راضي يورينا وشه "
اقترب «عمار» من ذلك الشخص الهزيل البنيه الجالس علي الأرض يحتضن عمامته بيد لا تظهر من أكمام الجلباب الخاص به فهدر به «عمار» بقوة
" اخلع ياد العمامة دي وريني وشك العكر ده"
لم يستجيب ذلك الشخص لأوامر «عمار» الذي صرخ غاضبًا
" كنك اطرش ياد ولا اي جولتلك اجلع المحروجة دي.."
ازداد ارتجاف الرجل فجن جنون «عمار» الذي اقترب خطوتين وبعنف قام بجذب العمامة من على رأس ذلك الرجل و الذي لم يكن سوي إمرأة جميلة بل صارخة الجمال شابهت عينيها عيون الريم في فتنتها و لونت سنابل القمح بشرتها بينما اندفعت شلالات شعرها البني تموج خلف ظهرها و حول وجهها لتشكل لوحة لإمرأة بنكهه أميرة هاربة من إحدي القصص الخيالية ..
" يا دين النبي إيه الجمال دا؟؟"
هذا كان صوت «ياسين» الذي تجمدت عينيه علي تلك الجميلة التي كانت تتنكر في ثياب رجل و تحاول اجتياز السور الخاص بقصرهم
" يا ليلة زرجا يا ولاد .. هي الچنية سابت التورعة و جت لحد أهنه.. يا وجعة مربربة.."
هذا كان حديث أحد الغفر و تعالت همهمات الآخرين بينما كان هو بعالم آخر مشدوهًا بتلك الجنية التي لا يعلم من اين ظهرت و هل هي حقيقة أم خيال؟ و لكن جاء صوت «ياسين» ليجعله يدرك بأنها حقيقة حين قال موجهًا حديثه إليها
" أنتِ مين ؟ و ايه الي ملبسك اللبس دا ؟"
ارتجفت الفتاة و خرجت الكلمات مذعورة من بين شفتيها حين قالت
" اني هجولك.. اص.. اصل.."
اعادته نبرتها الي صوابه فهب صارخًا
" اصل أي و فصل اي يا بت أنتِ انطوجي أنتِ مين و ايه الي ملبسك اللبس ده و مطلعك عالسور أكده.."
لم يكد ينهي «عمار» كلامه حتي اجابه «مرعي» قائلًا
" انطوجي يا بت .."
صرخت «نجمة» في وجه «مرعي» باندفاع
" بت لما تبتك يا بغل انت.. "
صرخ «عمار» بها
" اخرسي يا بت و كلميني اني .. أنتِ مين يا مخبلة أنتِ"
نظرت إليه «نجمة» بغضب دفين فلطالما كانت هيبته ترهبها ولكنها حاولت الثبات حين قالت
" أنى نچمة.."
تدخل «ياسين» بسخرية
" دا اسم ولا وصف؟"
تدخل «عمار» صائحًا بنفاذ صبر
" أنتِ هتنجطينا. ما تخلصي بدل ما اطوخك عيارين "
هنا تلاشي ثباتها و صرخت باندفاع
" اني نچمة بت عبد المجصود ابو سويلم و خالتي هوانم بتشتغل اهنه و كت چيالها.."
واصل «عمار» استجوابها قائلًا بنبرة حادة
" و ايه الي چايبك في الوجت المتأخر ده و لابسه أكده ليه؟"
" امي كانت تعبانه و كت جيالها عشان تاچي تديها الحجنة و انطريت البس چلابية ابوي عشان محدش يطمع في من كلاب السكك الي مالية الشوارع ."
كانت تتحدث و عينيه منصبه علي «مرعى» الذي كان يناظرها باشتهاء اغضب كلًا من «ياسين» و «عمار» الذي صرخ به
" أمشي يا بغل انت و هو روحوا شوفوا شغلكوا "
أجاب «مرعى» بمراوغة فقد أعجبته الفتاه كثيرًا
" طب و البت دي هنعملوا فيها اي يا عمار بيه؟"
زأر «عمار» بقوة
" و أنت مال ابوك يا بغل انت.. غور من وشي.."
بالفعل اطاعه «مرعى» و الغفر من حوله فالتفت «عمار» إلى «نجمة» التي كانت تطالعه بحدقتيها الواسعتين والتي كان بهم تعابير براءه مفرطة للحد الذي جعلته يشك بأمرها فاقترب منها خطوة تراجعت علي إثرها اثنان وهو يقول بعينين تقطران خبثًا
" معارفش ليه جلبي مش مصدجك يا بت انتِ. "
دب الذعر بقلبها وقالت بتلعثم
" و أني. هكذب ليه يعني؟؟"
واصل اقترابه منها وهو يقول بشك
ولما انتِ چاية عشان أكده مدجتيش عالباب ليه ؟؟ چايه متنكره و طالعه عالسور كيف الحراميه أكده. كلامك ممريحنيش. انطوجي يا بت وإلا"
لم تتحمل سماع المزيد من تهديداته فقد تلبستها نوبه هلع جعلتها تقول باندفاع
" وإلا اي؟ انت عايز مني اي؟ وربنا اشلفطلك الي باجي من خلجتك .. و معيهمنيش انك الكبير . اني بجولك إهوة..."
أنهت جملتها و فجأة بدأت بالصراخ الذي جعله يتجمد من فرط الصدمه
" الحجوناااي. يا خلج يا هوه .. الكبير عايز يموتني.. الحجوناي"
لم يستطيع «ياسين» أن يتجاوز صدمته من فعلتها علي عكس «عمار» الذي انقض فوقها و قام بتكميم فمها بيده وهو يقول بغضب
" وه. اجفلي خشمك يا بت المحروج أنتِ. هتجبيلي مصيبة إياك..."
كانت ترتجف بين يديه ولكن ذلك لم يشفع لها فقد كان الغضب يجعل دماءه تغلي فهسهس متوعدًا
" طب و حياة ربي لهبيتك في الحچز النهاردة عشان تتربي.."
تدخل «ياسين» يخلصها من بين يديه وهو ينهره قائلًا
" ايه يا عمار في اي؟ مش كده يا اخى. بعدين حجز ايه الي تبيتها فيه بتقولك ابوها تعبان.."
صاح «عمار» هادرًا بعنف
" مسامعش الي عملته المچنونه دي.. ديه كانت هتچبلي مصيبة .."
«ياسين» بتعقل
" البت كانت خايفه منك و طبيعي تتصرف كدا. اهدي انت بس و سيبلي الموضوع دا ."
«عمار» بعناد
" يمين بعظيم أبدًا..البت دي لزمن تبات في الحچز الليلادي .ديه حراميه باين عليها"
لا تعلم كيف واتتها الجرأة لتقول بتهكم
" مبجاش إلا انتوا عشان اسرجكوا.."
رفع «ياسين» أحدي حاجبيها علي حديثها و قال ساخرًا
" كمان مش عاجبين جناب معاليكِ"
بينما تدخل «عمار» الذي أهتاج غضبه من حديثها
" شايف جليلة الرباية بتجول اي؟ طب ايه جولك بجي اني هجطع لسانك الي بينجط سم ده"
انهي كلماته متوجهًا إليها فحال «ياسين» بينه و بينها و حاول تهدئه هذا الوحش الثائر قائلًا
" ما خلاص بقي يا عمار خلينا نفض القصة دي هتعمل عقلك بعقل واحدة زيها ؟"
" عنديك حج. بس يميني لازمن يمشي و هتبات الليلة في الحچز."
كانت تختبئ خلف ظهر «ياسين» العريض متخذه منه ملجأ لها و ما أن سمعت حديثه حتي أطلت برأسها قائلة باندفاع
" حچز اي الي ابات فيه و اني كنت جتلت و لا سرجت؟"
1
اهتاج «عمار» من حديثها و انقض يحاول الامساك بها فحال «ياسين» دون ذلك فصاح غاضبًا
" اخرسي يا بت المركوب أنتِ . و إلا و ديني هجوم سافخك كف متففك سنانك "
ضاق «ياسين» ذرعًا بما يحدث فنفض «عمار» بقوة وهو يقول ل«نجمه» بصراخ
" ما تتكتمي الله يخربيتك أنتِ كمان.. و انت بقولك اي روح شوف حالك و أنا هتصرف معاها. "
صاح معاندًا
" ياسين..."
قاطعه «ياسين» الذي نفذ صبره
" ورحمة امك تمشي بدل ما أطخك و اطخها كان يوم اسود يوم ما رجعت البلد دي."
أخيرًا تراجع «عمار» الذي كان ينفس النيران من أنفه من شدة الغضب الذي لون عينيه و نظراته المصوبة تجاهها و تجلى غضبه في نبرته حين قال
" انى همرجها عشان خاطرك بس و مش هخلص عليها لكن جلة أدبها دي لازمن ليها عقاب .."
هتفت من خلف «ياسين» بذعر
" تجصد اي؟؟"
«عمار» بمكر
" هتعرفي. و هتتمني لو معرفتيش .."
«ياسين» بعد فهم
" يعني ايه الكلام دا ؟"
«عمار» بعينين متوعدة
" محتاچين بنته تاچي تنضف تحت البهايم و اهي چت برچليها ."
4
*************
كانت رحلة العودة هادئة خارجيًا إنما كان كلًا بداخله يمتلئ بضوضاء مرعبة تتسيدها العديد من الاسئله التي عجز العقل عن الإجابة عليها و خاصةً من جانب «سالم» الذي يشعر بأن قدره يعانده مع تلك التي لم يشتهي سواها فبكل مرة ينوي التسلح بالشجاعة و الاعتراف بما يجيش بصدره يأتي حظه العاثر و يقطع الطريق عليه لا يعلم هل تلك إشارة بأنه علي طريق خاطئ أم أن القدر يتلاعب به و يسخر منه هو الذي لم يكن يؤمن بالعشق يومًا..
زفرة قوية خرجت من فم «سليم» الذي كان الألم بصدره
فوق قدرته علي التحمل فلم يعد يستطيع كتمانه أكثر فأخرج الهواء المكبوت بصدره دفعه واحده عله يهدئ من تلك النيران المستعرة بداخله فأتاه حديث «سالم» الذي أخرجه من بؤرة عذابه
" ندمت انك روحتلها؟"
لم يكن سؤالًا عابرًا فله صداه الذي يتردد بعنف في صدره الخافق ولكنه أخذ يتطلع إلي اجابه اخاه بلهفه خفيه فلم يطيل «سليم» الصمت بل اجاب بألم
" ندمان اني مروحتش من زمان.. "
كانت اجابه و كأنها إشارة بالنسبة إليه فالتفت الى «سليم» قائلًا بتوضيح
" تقصد قبل الي حصل؟"
تابع بلهجه متألمه تشبه نظراته تمامًا
" الي حصل كان ترتيب القدر عشان نتلاقى.. اقصد من اول يوم قلبي دقلها كان لازم اروح لها و اسمع منها. كان لازم أصدقها اصدق عنيها الي كانت بتتوسل قدامي عشان مظلمهاش ولا أزود جرحها."
كانت المعاني المستترة بين كلماته مؤلمه كثيرًا كحال قلبه الذي يفطره الوجع فزفر بقوة قبل أن يقول بخشونة
" جنه مدبوحة يا سليم مش مجروحه وبس! "
«سليم» بضياع
" كلها مسميات النتيجه واحده أنها بتتألم و مش قادر اعملها حاجه.."
«سالم» بتعقل
" غلطان. النتيجه مش واحده عشان الألم مش واحد!"
التفت «سليم» يناظره باستفهام فتابع بنبرة جافة
" عارف لما يكون في واحد واقف بعيد و يقوم راميك بسكينه تيجي في قلبك؟ اهو دا الجرح؛ ويا يموتك يا يلم مع مرور الوقت و ممكن كمان ميسبش أثر. بس وجعه أخف بكتير من أن واحد كان قريب منك اوي و مسك نفس السكينة و قعد يحفر بيها في قلبك لحد ما شوه ملامحه دبح كل حاجه حلوة جواك. طيبتك ، حنيتك حتي سلامك النفسي. و وقتها الموت بيكون أسلم حل لإن مفيش حاجه ممكن تخفف الألم أو تمحي الأثر . ودا بالظبط الي حصل مع جنة "
تراشقت كلمات أخيه بصدره كالأسهم الناريه التي غرست معاناتها بداخل قلبه فهذا هو حالها الذي وصفه مزبوحه القلب مهترئة الروح.
تابع «سالم» حديثه قائلًا
" عشان كدا لازم تعرف أن المشوار مش بس طويل دا كمان مليان شوك. لو مش هتقدر تتحمله يبقي متزودش الي عمله حازم و ابعد من أولها.."
جاء الصباح محملًا برائحة الأمل الذي تعلقت به القلوب التي اضناها التعب و أهلكها الأنتظار و لكنها مازالت متمسكه بحبال الإيمان التي جعلت «أمينة» ترفع يدها وهي تقول بشفاة مرتجفه
" يااارب . ردلي ولادي سالمين لحضني و متضرنيش فيهم أبدا يارب ."
بدأت حديثها تناجي ربنا واختتمته تتوسل إليه و لإن الله لا يرد عبدا أتاه عبدا توسل و تضرع إليه فقد اصطفت السيارة أمام البيت الداخلي للمزرعه و ترجل منها الجميع فابتهج قلبها برؤيتهم سالمين و خرج صوتها مهللًا
" وصلوا يا نعمه . الولاد وصلوا.."
اقتربت «همت» من النافذة فوجدت الجميع في الخارج بينما اندفعت «شيرين» و خلفها «مروة» و «سما» الي الخارج و كان أول من قابلهم هي «حلا» التي ارتمت بين احضان «سما» تبكي ولا تعرف لأي سبب تبكي أحزنًا علي قدرها أم تأثرا برجوعها الي بيتها و خلفها كان سالم الذي قابلته «شيرين» قائلة بلهفه
" سالم.. انت كويس؟"
تشابهت ملامحه مع لهجته الفظة حين سألها
" أنتِ شايفه اي؟ "
غزا الاحمرار وجنتيها و أجابته بحرج
" يعني أنا بسأل عشان الخطف الي حصل و كدا.."
بصق كلماته في وجهها قائلًا بفظاظة
" الي كانت مخطوفة عندك أسأليها .."
القي بكلماته و اندفع الي مكتبه و لم يلتفت الي «مروة» التي تحدثت قائلة
" هو سليم مجاش معاكوا؟"
لم يجيبها أحد فـ«حلا كانت مرتميه بأحضان «أمينة» التي خرجت لتوها من الغرفة و «مروان» كان مشغولًا باحتضان «ريتال» التي افتقدته كثيرًا بينما اقتربت منه «سما» قائلة بلهفه
" ايه الي حصل و شلفطك كدا؟"
اغتاظ من سؤالها و من دقات قلبه التي تعثرت بداخله حين لمس اللهفه في نبرتها فنهرها غاضبًا
" و أنتِ مال اهلك؟"
اغتاظت من وقاحته ولكن ما أثار حنقها أكثر هي «مروة» التي اقتربت في دلال قائله بغنج مفتعل
" ميرو الف سلامه عليك يا روحي .. حصلك اي؟"
ناظرها بسخريه تجلت في نبرته حين قال
" النمرة غلط يا مروة . سليم في الاسطبل روحيله قالي اقولك أنه عايزك "
6
تهللت أساريرها وقالت بفرح
" بجد؟ طب عن اذنكوا "
هرولت الي الاسطبل تاركه الجميع خلفها يتعجب فاقتربت منه «حلا» قائلة باستفهام
" انت بتقول ايه يا ابني؟ سليم قال عايزها ولا بيطيقها حتي ؟"
«مروان» بنفاذ صبر
" لا مقالش بس اكيد بيدور علي حد يطلع في غيظه و هي بنت حلال و تستاهل. "
زفر بحنق قبل أن يتابع
8
"انا طالع انام واياك حد يقلقني "
تنحي الجميع من أمامه بينما التفت إلي كلا من «حلا» و «سما» قائلًا بحنق
" غوري من وشى انت وهي عيال ميجيش من وراكوا غير المصايب "
قالها و توجه إلى الاعلى بينما التفتت «أمينة» الي «حلا» وهي تقول بنبرة متلهفه
" طمنيني عليكِ يا بنتِ. قلبي كان قايد نار و أنتِ بعيد عني يا ضنايا "
«حلا» بهدوء
" انا كويسه يا ماما.. ماتخافيش عليا"
احتضنتها «أمينة» بقوة فقد كانت علي علم ببقاء «جنة» و «فرح» في بيت عمهما ولكنها كانت تجهل الباقي لذا أثارت ملامح «حلا» المتجهمة ريبتها فقالت بشك
" مالك يا حلا؟ حصل حاجه هناك ؟ الناس دي عملت فيكِ حاجه؟"
«حلا» بلهفه
" مفيش حاجه يا ماما انا بس تعبانه من المشوار .. "
تدخلت «سما» قائلة بخفوت
" خليني أخدها ترتاح شويه يا مرات خالي المشوار صعب و كمان الي حصل يعني .."
لم تكمل حديثها حين اومأت لها «أمينة» بالموافقه فأخذت «حلا» و توجهت الي الاعلى بينما تفرقت نظرات «أمينة» بين «شيرين» و «هِمت» قبل أن تتوجه الي مكتب «سالم» تنوي معرفة ما حدث هناك
**************
كان يغلى من شدة الغضب يريد تحطيم كل شئ حوله لم يتسع صدره لكل ما يحمله بداخله من مشاعر غيرة و عشق و ألم و خوف فهو لأول مرة بحياته يتذوق شعور الخوف. و الذي بدأ يتعاظم بداخله منذ أن تركها البارحه كانت محطمة خائفة كل ما كانت ترجوه ذهابه! بينما هو يتمني لو يجمع طمأنينه العالم أجمع و يضعها بقلبها ولكنها رفضت وجوده . نيران تحرق أحشاؤه من الداخل ولا يستطيع اطفائها علي الرغم من أنه علم من «فرح» بأنهما في طريقهما الي «الاسماعيليه» لمنزل عمها الذي تدهورت حالته كثيرًا فأضطر الجميع للمجئ لرؤيته و قد اراحه هذا و لو قليلًا ولكنه مازال يحترق بنيرانه التي ستجهز عليه ذات يوم
" سليم.. "
كانت أكثر شخص يكره رؤيته خاصةً في حالته تلك لذلك تعمد عدم الإلتفات و تظاهر بأنه لم يسمعها فقد كان مظهره مروعًا ولا يتمني أن تكون هي الضحية ليس لغلائها علي قلبه بل قلة قيمتها أن طالها بطشة فتحسب عليه روح وهي مسخ مجرد من كل شئ ولذلك فهي كانت فاقدة للشعور فاقتربت منه واضعه يدها فوق كتفه وهي تقول بخفوت
" سليم انت مابتردش ليه؟"
قاطعتها يده التي قبضت علي خاصتها بقوة كادت أن تطحن عظام يدها تحت قبضته فتألمت بقوة ولكنها تفاجئت و انتابها الذعر حين رأت مظهره المزري وعينيه التي كانت تحتقن بدماء الغضب فبدأ وحشًا بشريًا قادر علي إزهاق روحها في ثوان
" شوفتيني مردتش يبقي في دم. يبقي تمشي "
قال جملته الأخيرة وهو ينفض يدها بعنف مما جعل الخوف يتعاظم بقلبها بجانبه شعور قوى من الصدمه التي جعلتها تقول
" هو.. هو حصل اي؟ انت.. انت مالك ؟ فيك اي؟"
هسهس بغضب
" متدخليش في الي ملكيش فيه."
تغلبت مشاعرها التي فاقت رعبها منه فقالت بألم
" ليا فيه يا سليم.. علي الأقل زمان كان ليا فيه.."
قاطعها بنبرة قاطعه
" زمان انتهي . زمان لما اعتبرتك بني آدمه ممكن أأمنها علي بيتي و علي نفسي كنت غلطان. والحمد لله لحقت نفسي في الوقت المناسب."
هبت مدافعه عن نفسها
" حرام عليك تظلمني عشان غلطه واحده. انا كنت عايزة اعمل لنفسي كرير مكنتش جاهزة للارتباط و صارحتك بدا و مكذبتش عليك. كنت واضحه في كل شئ "
1
" و أنا بردو كنت واضح معاكِ لما قولتلك لو مشيتي مترجعيش عشان مش هتلاقي مكانك فاضي"
عاتبته بقهر
" يعني انت مبقتش تحبني يا سليم؟"
«سليم» بقسوة
" مش فاكر إذا كنت حبيتك زمان اصلًا أو لا بس الي متأكد منه دلوقتي اني فعلًا بحب و أنتِ ملكيش مكان في حياتي فاتفضلي اخرجي منها احسنلك..'
كان شعورًا مريرًا بالمهانة التي جعلتها تتراجع خطوتين للخلف ترتجف من شدة الغضب و الألم معًا و الذي خرج منها علي هيئة حروف مبعثرة
" انت.. أناني.. انا.. مشفقة.. على..الإنسانة..الي هتعاشرك.."
أنهت كلماتها و هرولت تاركه إياه ينفث نيرانه علي هيئة زفير مسموع غافلًا عن ثلاثة من الأعين التي تراقب ما يحدث باستمتاع كبير ..
4
*************
جاءت نهاية الأسبوع بعد أيام طويلة قضاها الجميع في صمت تام بينما كانت القلوب تعج بضوضاء صاخبة و العقول انهكتها كثرة الأسئلة ولكن كان الجميع صامت كلًا يتحين الفرصة لتنفيذ مبتغاة.
كان «جنة» جالسة بمكانها علي أحد المقاعد في المقهي الجانبي للمشفي تحاول استيعاب كلمات الطبيب التي مازالت طنينها يرن بأذنيها
" تأكدي يا جنة انى مش هكذب عليكِ في أي حاجه . اولًا كدا أنتِ محظوظة جدًا أننا اكتشفنا المرض بدري و خصوصًا أن النوع دا من الأورام دايمًا لما بنكتشف وجوده بيكون وصل لمرحلة خطيرة بيبقي حتي العلاج معاها صعب. انما الحمد لله احنا اكتشفناه يوم الولادة و دا طبعًا من رحمة ربنا بيكِ . لكن أنتِ بالتأكيد هتحتاجي تخضعي لجلسات كيماوي هتكون قليلة متقلقيش بس كام بالظبط معرفش و دا عشان نتأكد أننا اتخلصنا منه نهائي "
خرج صوتها مبحوحًا باهتًا كملامحها حين قالت
" يعني. هو انا . بعد ما . اخد يعني الجلسات و كدا. عادي ممكن.. "
لم تستطيع نطقها فوجدت يده تشد علي كتفها بقوة و كأنه يخبرها بوجوده بطريقة محسوسه و عينيه تتوسل الي الطبيب حتي يطمأنها
" تقصدي ممكن تخلفي تاني ؟ بصي يا بنتي دي حاجه في ايد ربنا طبعًا . لكن لو هنتكلم علي المرض فا لا دا مش سبب يمنعك انك تخلفي اعرف حالات كتير بعد ما اتعافت منه خلفت عادي .."
لم تستطيع حتي أن تطلق أنفاسها ارتياحًا ولكنه شعر بارتخاء عضلاتها أسفل كفيه فعلم بأنها ارتاحت ولو قليلًا وتولى هو و «فرح» باقي الاستفسارات عن مواعيد الجلسات و جميع الأشياء المتعلقه بها
كانت «فرح» تجلس بالمنتصف بينهم مما جعلها تشعر بالحرج و ايضًا أرادت ترك مساحه لهما فهي تعلم بأنه وحده الذي سيستطيع اخراج كل ما بجوف شقيقتها من عذاب لذا تظاهرت بالحديث في الهاتف وهي تغادر الي الخارج و ما أن خطت اول خطواتها خارج المقهي حتي وجدت هاتفها يدق و كان المتصل «ياسين»
" ايوا يا ياسين احنا لسه خارجين من عند الدكتور و الحمد لله طمنا.."
«ياسين» باستفهام
" احكيلي حصل اي؟"
قصت عليه ما حدث فزفر بارتياح قبل أن يقول
" طب بصي استنوني نص ساعه بالكتير انا لسه خارج من الجامعه و هاجي اخدكوا.. "
«فرح» بلهفه
"بلاش يا ياسين. سليم هنا مع جنة و هو هيوصلنا. و نتقابل عند البيت.."
غضب «ياسين» و صاح معنفًا
" بردو يا فرح.. انا سكت الصبح لما قعدتي تقوليلي هو اكتر واحد محتجاه و الأفلام دي و كذبت علي جدي و قولتله اني معاكوا معنديش استعداد اكذب تاني.."
كانت تعلم بأنه أكثر من يفهمها لذا تابعت بتوسل خفي
" انا عارفه انك تعبت معانا بس ارجوك كمل جميلك للآخر . جنة فعلا محتجاله وبعدين سليم مش غريب دا جوزها يا ياسين . ارجوك تفهمني "
زفر بحنق قبل أن يقول مستسلمًا
" طيب يا فرح. اول ما تطلعوا من هناك عرفيني.."
اختتمت مكالمتها معه و وضعت الهاتف علي إحدي الطاولات التي كانت بالخارج و جلست بعد أن أخبرت النادل بأن يحضر إليها قدح من القهوة التي تحتاجها بقوة الآن فهي تشعر بأن عقلها لم يعد يعمل الكثير و الكثير من الأحداث التي لم تستطيع أن تتقبلها أن تتعايش معها ناهيك عن مشاعرها و تحديدًا اشواقها الضاريه له و التي أصبحت عبئًا ثقيلًا عليها هي تشتاقه بجنون ولا تملك ادني حق يمكنها من الإقتراب منه فهي تحي علي ذكرياتهم منذ آخر مرة كانت معه . تتقاذف دقاتها بعنف داخلها وهي تسترجع كلماته حين اخبرها بأنه اتي شوقًا لها تلك الجملة التي بكل مرة تمر علي بالها تجعل جسدها يرتجف من فرط التأثر الذي ينتهي بكل مرة بهذا الاستفهام المؤلم
" ألم يشتاق لي بعد؟؟"
كانت تغمض عينيها بقوة تمنع سيل العبرات الجارف الذي لن ينتظر إذنًا بالهطول فحجبت عن عينيها رؤية عينيه التي كانت تلتهمان تفاصيلها شوقًا فقد علم من شقيقه بوجودها و لم يستطيع مقاومة رغبته الملحة في رؤيتها فبينهما حديث طويل لم ينتهي بعد و قد ترك كل شئ بيده و اتي جرًا بأمر من قلبه الذي كانت دقاته تقرع كالطبول حين وقعت عينيه عليها
" شايفه ان دا مكان مناسب عشان تسرحي فيه ؟"
جفلت حين سمعت لهجته الساخرة بالقرب منها ففتحت عينيها بلهفه لتتفاجئ بتحقيقه وجوده أمامها يطالعها بنظراته الغامضة و التي بعثت رجفه قويه بداخلها محمله بالوخزات الموترة فلوهله لم تعد تدري ما هو شعورها هل فرحه لرؤيته أن غاضبة لهجره لها طوال الأسبوع المنصرم.
تحمحمت بخفوت قبل أن تقول بجفاء
" شايفه انك تخليك في نفسك.."
6
ابتسامه خطرة ظهرت علي محياه قبل أن يقوم بالعض علي شفتيه السفليه قائلًا بهمس قاتل
" لسانك يا فرح.. "
غمرها الخجل و الارتباك معًا مما جعلها تقول بغباء
" ماله؟"
باغتها حين قال بوعيد
" نفسي اقطعه.."
تراجعت للخلف بغضب جعلها تكز على أسنانها قبل أن تهمس بغل
" قطع رقبتك.."
3
سمع كلمتها بوضوح ولكنه تصنع غير ذلك حين قال باستفهام
" بتقولي حاجه يا فرح؟ "
أخذت نفسًا قويًا و عنفت نفسها مذكرة أياها بشخصيته الفظه و تحفزت بداخلها بألا تسمح له بالانتصار عليها أبدًا لذا قالت بعينين تقطران تحدي
" بقول بعينك!"
ابتسم بتسلية علي تحديها السافر له و ود لو كان المكان مختلفًا حتي يبرهن لها علي نواياه ولكنه اشتاق لخوض تحدي آخر معها فقال بفظاظة
" بخصوص العيون امال نضارتك فين؟ مش شايفها بقالي فترة "
اغتاظت من سخريته و فظاظته ولكنها تحاملت علي نفسها فقالت بابتسامه صفراء
" موجودة لو محتاجها ممكن ابعتهالك."
لم يتسني له الاجابه عليها فقد أتاه اتصال مهم فقام بالرد عليه بينما هي هبت من مكانها تقف أمام الزجاج العاكس للمقهي من الداخل و انشغلت بمراقبة شقيقتها التي كانت تتحدث بتيه و ضياع رق له قلبها كثيراً و أخذت تتضرع الي الله أن تنال ما تستحق من السعادة فهي عانت كثيرًا بينما هو كان يطالعها بانتباه يريد تحطيم الحواجز التي تفصل بينهم ولكنه مكبل بواجباته تجاه عائلته اولًا و من بينهم شقيقه وتلك المسكينه التي لا يعلم كيف ستجد الراحه طريقها إليها فتبعها إلي حيث تقف زافرًا بحدة و أخذت نظراته التي كانت مصوبه أمامه تتفرق بلامبالاة في وجوه المحيطين بهم بينما قلبه كان عالقًا بها منتبه كليًا لكل ما يصدر منها و تابع ممسكًا بطرف حديث بينهم لا يريده أن ينقطع أبدًا
" شايفه أن علاقتهم دي ممكن تنجح ؟"
عارضته مصححه
" هي أصلًا لسه مبقتش علاقه عشان نفكر إذا كان ممكن تنجح أو لا؟"
ارتشف من الكوب الخاص به قبل أن يُغمغم ساخرًا
" كمان.. الله يعينك يا سليم !"
اغتاظت منه فحاولت رد سخريته بما يماثلها
" والله كل واحد بيحصد الي بيزرعه.. و اللي زرع شوك مش زي اللي زرع ورد. "
علق ساخرًا
" المُبالغة و الستات!"
" مش مبالغة علي فكرة بس هو غلط في حقها و يستاهل"
صاح بنفاذ صبر
" ماهو بيعمل المستحيل عشان يصلح غلطه."
التفتت تناظره بغل اختلط مع نبرة صوتها حين قالت
" مش كفايه . مفروض يداوي الجرح الى جرحهولها الموضوع مش سهل و لا هيخلص بين يوم و ليلة.."
ضاق صدره من جدال عقيم كان هو بوادى و هي بآخر فقال بملل و نظرات حانقه
" طب و لو خلقه ضيق و عايز ينجز في الليله كلها يعمل ايه ؟"
كانت تهوي استفزازه سابقًا اما الآن فهي غاضبه منه و من نفسها و من تلك القيود التي ستغرقها بأعماق المحيط دون القدرة علي التحرر أبدًا
" هو سلق بيض ايه ينجز دي ؟ "
غلف الغضب نظراته حين قال بفظاظة
" ماهي الأفعال مش نافعه يعمل ايه تاني يموت نفسه !!"
خرجت الكلمات مندفعة من بين شفتيها حين أجابته
" يقولها.. وهي هتعرف منين هو بيعمل كدا ليه بتضرب الودع مثلًا. "
رفع إحدى حاجبيه استنكارًا تجلي بنبرته حين قال
" يقولها! على اساس انها كل دا مفهمتش؟!!"
تحلت بفضيلة الشجاعه وقالت مؤكدة
" ايوا طبعًا. لازم يعرفها عشان تقف علي ارض صلبه.."
غلف المكر عينيه التي ضاقت حين قال بتخابث
"يعني أنتِ شايفه أنه لازم يقولها ؟ "
بشجاعه غير معهودة يغلفها توسل مبطن
" ايوا طبعًا لازم"
تحدثت عينيه أولًا والتي كانت مسلطه بقوة علي خاصتها حين قال بنبرة قويه ولكن خافته
"طب لو واحد بيحب واحده الحب نفسه قليل عليها يعمل ايه؟ يوصلها إحساسه بيها ازاي ؟؟ "
2
شعرت بأنها مُهددة بالسقوط أمامه فنظراته حاوطتها بشكل لم تعهده سابقًا و كأنها تحصُرها بينه و بين كلماته التي جعلت نبضاتها تتعثر بقوة داخل صدرها ولكنها حاولت الحفاظ علي ثباتها حين قالت باستنكار
" دي مبالغه منه أو وسيله للهروب مفيش حد الحب قليل عليه "
عاندها قائلًا بعينين تقطران عشقًا
" في يا فرح.. زي مافي مشاعر بتتظلم لما نسجنها في كلمه حُب قليله اوي عليها.."
اجتاحتها زوبعة من المشاعر المتضاربة بقوة كان أولها الترقب و اللهفه وآخرها الخوف الذي لأول مرة تتجاهله قائله بشفاه مرتجفه
" يعمل الي عليه و يقول اي حاجه وهي اكيد هتفهم و تحس"
باغتها سؤاله الذي يشوبه اللهفه
" ولو كان خايف من رد فعلها؟"
اجابته باندفاع مستنكرة
" خايف!!! الي اعرفه عنه أنه مابيخافش "
لأول مرة يغزو قلبه الارتياح منذ أن وقع بعشقها ولكنه أراد الوصول لأقصي درجات الأمان معها فسألها بتخابث
" هو مين الي مبيخافش ؟"
" هاه.."
4
شعرت بوقوعها بالمصيدة التي نصبتها عينيه ولم تعد تستطيع الحديث للحظات فاقترب منها خطوة متجاهلًا وجود الناس حولهم وقال بلهجه مُلحه
" مين الي مبيخافش يا فرح ؟"
كانت كمن يحاول تحريك جبلًا شامخًا من مكانه . لا تعلم هل مخطئة ام مصيبه ولكنها شعرت بموجه من العبرات تجتاح مقلتيها مرورًا بقلبها الذي ضاق ذرعًا بما يحدث فانثاقت خلف لحظات جنونيه اغرتها بالتخلص من حمل هذه المشاعر التي ستُهلكها يومًا ما فقالت بانفعال
" أنتِ عايز ايه ؟ عايز تسمع مني ايه ؟ عايزني اقولك اني ...."
" سالم.."
قاطعها مجئ «شيرين» التي كانت تراقب ما يحدث من بعيد ولم تستطيع الصمت أكثر و خاصةً وهي تعلم عندما رأته يخرج بتلك الطريقه أن الأمر متعلق بها
3
تفاجئ الإثنان من وجودها ولكنها اختارت أكثر توقيت خطأ لقدومها فقد نفذ صبره من كل شئ فلم يمهلها «سالم» الوقت للحديث بل قام بجذب يد فرح متجاهلًا وجودها وهو يقول بصرامه
" تعالي معايا.."
لم تقدر علي مقاومته فبلمح البصر وجدت نفسها تستقل السيارة بجانبه بينما كان هو يقود بسرعة كبيرة لم تعهدها منه فقالت باندهاش
" احنا رايحين فين ؟"
أجابها باختصار
" هنقول الكلمتين الي مش مكتوبلنا نقولهم دول.."
5
سقط قلبها بين قدميها خوفًا من القادم أو لنقل أنه الترقب الذي جعل جميع خلايا جسدها ترتجف فقدوم «شيرين» أنقذها من تلك السقطة التي كانت ستقع بها و هو اعترافها بمكنونات صدرها ولكن ما فعله الآن جعلها تتخبط قلقًا و خوفًا و ترقب
سرعان ما توقفت السيارة أمام شاطئ معزول ليترجل هو منه يقف أمام زجاج السيارة ناظرًا إليها بتحدي تجلي في نبرته حين قال
" هتنزلي ولا اجى انزلك أنا ؟"
لم يكن أمامها مفر فلابد أن تنقذ كرامتها و كبرياءها و تجد عذرًا مقبولًا لما حدث منذ قليل لذا تحلت بالشجاعه و ترجلت من السيارة تتوجه اليه وهي تنوي مجابهته و نفى تلك التهمه التي الصقتها بنفسها نتيجه مشاعر هوجاء
" سالم انا.."
" بحبك .."
لم يمهلها الوقت للحديث بل قاطعها ملقيًا قنبلته الموقوتة في وجهها الذي تجمدت ملامحه من فرط الصدمة وحدها عينيها التي برقت بطريقه مضحكه فاقترب منها ممسكًا بيدها التي كانت متجمدة كباقي جسدها فقام برفع كفها الي يده و أخذ يفركه بحنان قبل أن يقربها منه لتصبح أمامه مباشرة ليعيد ما قاله ولكن بنبرة خافتة و صوتًا أجش
"لو كانت تصرفاتي مقالتهاش فأنا بقولها دلوقتي. بحبك يا فرح.."
4
كانت تلك المرة الثانيه التي تقع علي مسامعها تلك الكلمة التي لم تكن تتخيل أن تسمعها منه بل وتراها بعينيه بذلك الوضوح . تستشعرها من كفيه اللذان يعانقان كفوفها المرتجفة بحنان جعل العبرات تتقاذف من مقلتيها تعبيرًا عن تأثرها بينما خرجت الكلمات متلعثمة من علي شفتيها حين قالت
" انت. يعني . انا. ازاي . اقصد . امتي.."
لم يكد أن يجيبها حتي دق جرس الهاتف وكان المتصل سليم لذا أجابت بلهفه و تلعثم
" آلوو .. سليم.. في ايه. جنة . حصل ايه؟"
لم تكن لها القدرة في السيطرة علي نفسها ولا مشاعرها فارتسمت ابتسامه حانيه علي ملامحه جعلت الاحمرار يغزو خديها حين جذب الهاتف من بين يديها قائلًا بخشونة
" ايوا يا سليم."
أخذ سالم يستمع إلي حديث سليم علي الجانب الآخر الي أن انهي المكالمه بإحباط لم يتجاوز حدود شفتيه بل التفت يناظرها بعينين تكشف عمق شعوره نحوها قائلًا بنبرة رخيمة
" شكلي كده هضطر اخطفك عشان اعرف اتكلم معاكِ براحتي.."
كانت نظراتها الضائعة تظهر مدى صدمتها ولكنه لم يكن يملك الوقت للحديث أكثر فاكتفي بالقول
" استوعبي براحتك الي قولته بس اعرفي أن المرة الجاية مش هتفلتي من تحت ايدي.."
برقت عينيها بصدمة فأطلق ضحكة قوية لم تعهدها منه مسبقًا ولكنه بدا وسيمًا بشكل كبير و اصغر من عمره أيضًا مما جعل الابتسامه تغزو ملامحها التي مازالت تحت تأثير الصدمه مما جعلها تترك له نفسها يقودها إلى باب السيارة و يجلسها كأنها طفلة صغيرة بجانبه ثم انطلق بسيارته
*************
..استطاعت تجاوز صدمتها من اعترافه لها الذي لم تكن تتوقعه أبدًا فقد كان اعترافًا رائعًا بالحب الذي كان يطل من عينيه التي لأول مرة تراها بهذا الصفاء. ولكنها بغبائها أخذت تتعثر بالكلمات كالبلهاء و أضاعت عليها الاستمتاع معه بتلك اللحظة الرائعة تشعر بقلبها يتضخم بين ضلوعها من فرط السعادة حتي أن جدران غرفتها لم تكن تتسعها فخرجت الي الحديقه تتمشي بها و تتشارك سعادتها مع ورودها تروي لها عشقًا كانت تدفنه بصدرها خوفا من خيبة من شأنها ان تقضي عليها من دون رحمة والآن هي علي استعداد للصراخ به أمام العالم أجمع. رفعت رأسها تنظر إلي السماء بسعادة بينما انسابت العبرات من مقلتيها و قد نوت ان تخبره اليوم بعشقها له حين يذهبون لطلب يد «حلا» فهي قد تخطت آلام الماضي و ندباته و من كل قلبها تتمني أن تسعد بقربه
امتدت يدها تزيل خيط الدموع التي لأول مرة تنساب من عينيها من فرط السعادة و انتوت الذهاب الي غرفتها لتتجهز و ما أن التفتت حتي تفاجئت من يد قويه تهبط فوق خدها لتتراجع بقوة الي الخلف وووو
1
يتبع ....
حنونًا، صادقًا، دافئًا، لا يبالي لـ شئ في العالم سواى ، حصني المنيع من تقلبات الزمن و ملجأى من ضربات القدر. تلك كانت إجابتي حين سألتني صديقتي المقربة ما هي مواصفات رجل أحلامك؟
و يا لـ دهشتها و دهشتي حين رأيت قهقهاتها الساخرة لمتطلباتي التي كانت على قدر بساطتها على قدر استحالتها. فأخذت تقنعني بأنه لم يخلق علي وجه الأرض رجل يحمل تلك الصفات أبدًا حتى اننِي و لأول مرة بحياتي يزورني اليأس للحد الذي جعلني أفقد شغفي في التمني و انعدمت رغبة قلبي في العشق. فما حاجتي إلى رجل لا يعطيني قدري و يكن هو و العالم في مواجهتي؟ ولكن الحياة أدهشتني هذه المرة حين قابلتك…
لا أعلم هل وجدتك أم وجدتني ولكني وجدت روحي تهتدي بقربك و جراحي تسكُن في حضرة وجودك فأيقنت حينها بأنك مكافأة القدر لقلب ارهقته معاركه مع الحياة ليستشعر أخيرًا حلاوة السلام بقربك…
1
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
تراجعت خطوتين إلي الخلف جراء تلك الصفعة المدوية التي سقطت علي خدها بعنف تزامنًا مع خروج شهقة قوية من جوفها كانت إذنًا لشلال من العبرات الذي انهمر على وجنتيها دون أن تشعر فقد كانت عينيها متعلقة بزهول علي ذلك الوحش الغاضب الذي يناظرها بغضب كبير شوه ملامحه الوسيمة التي بدت مكفهرة بدءً من عينيه التي تحول خضارها إلى بحيرة من الدماء الغاضبة التي كانت تحرق أوردته في تلك اللحظة فلم يبالي بمظهرها المزرى ولا صدمتها وقال بصوت يقطر غضبًا
" جالولي بت عمك مع ابن الوزان مصدجتش! جولت بت عمي عاجلة ومتربيه لكن طلعت حمار و بت عمى دايرة علي حل شعرها و معملاش اعتبار لحد واصل.."
15
كان حديثه صفعة أخرى تلقاها كبرياءها حين انهار أمام اتهامه المروع و كلماته المهينة التي جعلت الحروف تتعثر بين شفتيها حين قالت
" أنت. انت.  بتقول ايه؟ مين دي الي دايره علي حل شعرها.."
قاطعها صوته الغاضب وهو يقول بقسوة
" كتِ مع ابن الوزان النهاردة بتعملي اي؟ و سبتي اختك في المستشفى وچريتي معاه ؟ "
جاء استفهامه في أشد مناطق الضعف بقلبها الذي انتفض حين أطلت نظرات الاحتقار من عينيه فنفضت مشاعر الصدمة و الألم جانبًا وقالت بغضب
" أنا حرة. ملكش الحق تسألني عن اي حاجه. "
قاطعها صوت «عمار» المخيف حين قال
" ليا الحق اسألك و أكسر دماغك كمان.."
7
ناطحته ضاربة بكل شئ عرض الحائط
" بأمارة اى؟ تكسر دماغي ليه؟ الكلام دا تقوله لما تكون مسئول عني أو في يوم من الأيام شلت همي أو خففت حملي! لانت ولا اي حد في البيت دا كله يملك الحق أنه يكلمني ولا حتي يسألني.  انا طول عمري شايله كل حاجه و سانده الكل في وقت ما كنت بتتمتع انت بأراضينا كنت انا بجرى هنا و هنا و اشتغل عند دا و عند دا عشان اصرف علي امي العيانه و من بعدها ابويا.. ابويا اللي طفش منكوا ومن ظلمكوا.. لحد ما مات و بردو مشوفتش حد منكوا. اتخليت عن حلمي و سبت جامعتي و نسيت نفسي وبقيت زي الآلة الي كل وظيفتها انها تدي و متاخدش. ملقتش مرة حد منكوا اميل عليه ملقتش مرة كتف يسندني لما كنت بقع! عشان كدا بقولك ملكش حق تقولي اي حاجه ولا تسألني عن اي حاجه!"
أصاب حديثها منتصف قلب «عمار» الذي كان يعلم مقدار صدقه ولكنه كان يقف مكبلًا أمام أوامر جده الصارمة و التي لم تتزعزع سوي بعد أن علم بموت ولده ولكن كان الأوان قد فات.
" بتشيلينا شيلة مش شيلتنا ليه يا فرح.. محدش فينا كان يملك حاچة في نفسه. و أنتِ عارفه اننا كنا بندوروا عليكوا في كل مكان. لحد ما ياسين جدر يوصلكوا. و حتي لو احنا أكده ده مش مبرر لغلطك. بينك و بين ابن الوزان اي عشان تجفي جدامه و يدك اف يده بالشكل دا؟"
برقت عينيها حتى ان خضارها أصبح مشعًا حين أضاء الهاتف و وضعه نُصب عينيها لتجد صورتهما اليوم وهو يسكب اعترافه الرائع بالحب علي مسامعها فازدادت ضربات قلبها بشكل كبير وهي تفرق عينيها بينه وبين الهاتف حتى جف ريقها ولكنها لم تعتاد علي الانحناء أو الضعف فرفعت انظارها وهي تقول بجمود قاس كعينيها في تلك اللحظة
" بتراقبني يا عمار! طب كنت أطلع قدامنا و أسألنا واجهنا سوي بدل ما تصورنا عشان تيجي هنا تستفرد بيا و تمارس القهر عليا."
5
«عمار» بغضب ارعدها
" اخرسي و اجفلي خشمك يا فرح عشان صبرى عليكِ جرب يخلوص. اني لو كنت هناك كنت سيحت دم ابن الوزان جدام عنيكِ . من اللول وهو حكايته خالصه معاي. لكن الي مانعني عنه چدك."
تقاذفت دقات قلبها رعبًا حين سمعت حديثه و مقدار الأذى الذي قد يطاله علي يد من لا يعرفون الرحمة فصرخت غاضبة متألمه كحال قلبها
" ابن الوزان الي عايز تخلص عليه دا هو الي لم لحمكوا و حافظ علينا و علي كرامتنا و رحمنا من ألسنة الناس وعيونهم. الي انت زعلان اني واقفه معاه دا هو الوحيد الي وقف جنبي وجنب جنة في محنتنا. هو الي لحق جنة لما كانت عايزة تجهض محمود وخلى سليم يتبرع لها بدمه عشان تعيش. الي عايز تقتله دا مداينك بكتير اوى.."
2
هكذا صرخت بقهر نابع من قلبها الذي يتلوى من فرط الخوف علي مالكه ولكنها لم تحسب حساب لذلك الصوت القوى الذي أتي من خلفها فجمدها بمكانها
" كنك نسيتي أن الكلب اخوه هو الي عِمل عملته الوسخة مع بتنا يا فرح. "
كان لصوت «عبد الحميد» رهبة كبيرة داخل قلبها فللآن هي لم تقترب منه علي عكس «جنة» التي كانت تشعر تجاهه بشعور عميق من الارتياح و الأمان معًا. ولكنها تجاهلت رهبتها و هيبته التي طغت على المكان حولهم وقالت بنبرة اهدأ
" لا منسيتش . لكن هو عمل المستحيل عشان يصلح غلط هو مالوش يد فيه صاحب الغلط مات و حسابه عند ربنا وان جينا للحق أي حد في مكان سالم ممكن كان يقول وانا مالي و يدينا ضهره و خصوصًا أن ورث حازم كبير."
3
خطت بحديثها إلى منطقة ألغام تفجرت بعيون «عمار» الذي فطن الي ما ترميه و ما أن أوشك علي الحديث حتي أوقفته كلمات «عبد الحميد» الغاضبة حين شاهد تلك الأصابع المطبوعة علي وجنتها
" مين الي عِمل فيكِ أكده؟"
3
فطنت إلى ما يرمي و غزا قلبها احساس مفاجئ بالضعف و الألم و لأول مرة تشعر بالإشفاق علي حالها لتلك الدرجة و انفلتت عبراتها علي وجنتيها تحكي مقدار ألمها الذي نفته نبرتها حين قالت بجمود
" مفيش حاجه.."
ولكن أتي صوت غاضب من خلفها كان يشاهد كل شئ من شرفة أحد الغرف
" لا في . و عمار الي ضربها يا جدى.."
5
كان هذا صوت «جنة» الغاضب والتي كانت تشاهد ما يحدث من الاعلى فهرولت للدفاع عن شقيقتها فإذا بها تجد «عبد الحميد» الذي غضب من حديث «جنة» و التفت إلي «عمار» قائلا بنبرة مرعبة
" الكلام ده صوح يا عمار ؟ انت مديت يدك علي بت عمك؟"
لم يهتز و ظلت ملامحه علي حالها و خرجت نبرته جامدة ثابتة حين اجابه
" ايوا صح "
برقت عيني «عبد الحميد» من إجابة «عمار» وصرخ هادرًا بعنف
" كنك اتچنيت ازاي تعمل أكده ؟ دلوق تخبرني ايه الي خلاك تمد يدك عليها ؟"
دب الزعر بقلبها فهي إن كانت وقفت أمام «عمار» الند بالند حتمًا لن تستطيع أن تفعل ذلك مع جدها فهي تهابه كثيرًا و قد أيقنت في تلك اللحظة بأنها هالكة حالما رأت «عمار» ينظر إليها بغضب كبير و لكن سرعان ما تحولت نظراته إلي جده وهو يقول بنبرة ثابتة
" مانتا سامع يا چدي طويلة لسانها و حديتها الماسخ.. فرح نسيت أن ليها رچاله و چه الوجت اللي تعرف ده و تعرف كمان ان اي غلط مش مسموح بيه.."
قال جملته الأخيرة وهو ينظر إليها بنظرات ذات مغزى ففطنت إلى ما يقصده واحتارت هل تشكره أم تغضب منه ولكنها تفاجئت من جدها الذي قال بقسوة
" الحديت دا يمشي عليك وعليها اللي عملته غلط و يدك لو اتمدت عليها تاني هجطعهالك. "
اغتاظ «عمار» من حديثه فصاح غاضبًا
" وه . من ميتا يا چدي الحديت ده؟ "
«عبد الحميد» بصرامة
" من دلوق .. و قسمًا عظمًا لو اتكررت تاني هعيد النظر في موضوع چوازك منيها فاهم ولا لاه؟"
فجأة تجمدت الدماء بأوردتها و شعرت و كأن مطرقة قويه سقطت فوق رأسها حين سمعت جمله «عبد الحميد» الأخيرة فتدلي فكها من فرط الصدمة و كذلك «جنة» التي اقتربت أكثر من جدها و قالت بنبرة ضائعة
" جدي هو حضرتك قولت ايه؟ جواز مين ؟"
7
زفر «عبد الحميد» بغضب و وجه أنظاره ل«فرح» وهو يقول بصرامة
" چواز فرح وعمار.. "
تداركت صدمتها التي تحولت لدهشة كبيرة جعلتها تبتسم بسخرية تجلت في نبرتها حين قالت
" نعم!! فرح مين دي الي هتتجوز عمار؟ هو في حد تاني هنا في البيت اسمه فرح؟"
تغاضى «عبد الحميد» عن سخريتها وقال بثبات
" لاه مفيش حد تاني اسمه فرح غيرك. "
تحولت جميع مشاعرها الي شعور مقيت من الألم و الشفقة علي حالها فهي للمرة التي لا تعرف عددها تكن كبش الفداء و الأضحية لمن حولها فخرج صوتها مبحوحًا حين قالت
" قولي انك بتكذب عليا! قولي انك مش هتجبرني اعمل اللي ابويا رفضه و هرب منه زمان.. ولا خلاص ابويا مات و محدش هيقدر يقف قصادك"
2
قالت جملتها الأخيرة بنبرة حادة و صوت عالي نسبيًا فـ انكمشت ملامح عبد الحميد غضبًا ولكنه تحكم بنفسه إلا من نبرة صوته التي خرجت قاسية بعض الشئ حين قال
" همرجلك صوتك اللي علي دلوق عشان عارف انك مصدومه ومش في وعيك لكن بعد كدا هتتحاسبي يا فرح. خدي وجتك و فكري زين في الي سمعتيه و بعدين نتحدت.."
سقطت كلماته كالجمرات علي قلبها المشتعل بنيران القهر و الألم فلم تكد تجيبه حين ألتفت ناظرًا إلى «عمار» قائلًا بقسوة
" جهز حالك هنطلعو علي المستشفي نشوف عمك اللول و بعدين نطلعو علي جصر الوزان خلونا نخلوص من الحكاية دي .."
انهى كلماته و اندفع إلى وجهته وخلفه «عمار» تاركين «فرح» التي لأول مرة في حياتها يغزوها كل هذا الضعف فلم تتحمل ما يحدث و سقطت تفترش الأرض بدموعها قبل جسدها فهرولت «جنة» تجاهها تحتضنها بقوة وهي تردد بألم
" اهدي يا فرح . كل حاجه هتبقى كويسه. والله كل حاجه كويسه متقلقيش.."
8
غمرها الحزن للحد الذي عزلها عن كل شئ حولها فاخذت عبراتها تنهمر تسقي العشب المحتضن جسدها المرتجف الذي توسط تلك الحديقة المليئة بالزهور الجميلة التي كانت هي أجملهم و على قدر جمالها كان حزنها فصدق من قال مثلما هناك زهور بلا رائحة هناك أيضًا جميلات بلا حظ. و قد كانت هي على رأسهن .
11
*****************
كانت تدور بغرفتها كـ ضائع ضل طريقه في هذه الحياة و بوصلته الوحيدة مُلطخه بدمائه التي كلما رآها تتجدد جراحه من جديد ليجد نفسه يقف أمام مفترق طرق دُون على لافتة إحداهما العذاب والآخر الضياع و القلب مُمزق عاجز كليًا على خوض رحلة العذاب حتى ولو كان نهايتها راحته و مرتعب من أن يجرفه عجزه في طريق يظل شريدًا به طوال حياته فالأول مؤلم و الثاني مميت و البقاء بالمنتصف معاناة تعجز الكلمات عن وصفها كما تعجز هي الآن عن مساعدة شقيقتها التي لطالما أحرقت نفسها من أجلها.
الأفكار تطن برأسها كالذباب و عقلها يكاد ينفجر من شدة الضغط الواقع عليها ناهيك عن ألم ينخر بقلبها وخاصةً حين تذكرت ما حدث بينهم اليوم بعد موعد الطبيب
عودة لما قبل بضع ساعات
كانت تجلس في المقهى وهي تتذكر حديث الطبيب الذي لم يريح قلبها فقد شعرت بأنه يخفي الكثير أو لنقل بأن قلبها اعتاد علي الخداع فلم يعد يري الصدق أو يصدقه فكل من حولها خدعها بطريقه أو بأخرى و كانت آخرها عن حقيقة مرضها الذي كذب به الجميع لولا أنها بحثت علي مواقع البحث الإلكتروني و علمت هويته ولم يكن ليخبرها أحد بهذا لم تصدق كل ما قيل اليوم و قد قررت أنها ستذهب بمفردها إلى أحد الأطباء لمعرفة ماذا يدور بداخلها و إن كان هذا المرض سيجهز عليها فستكون أكثر من شاكرة له
" نفسي ادخل جوا دماغك الحلوة دي و اعرف بتفكري في اي؟"
هذا كان صوت «سليم» الذي كان يتابع انفعالات وجهها و تبدل نظراتها و حتي رفرفة رموشها فقد كان كرسام بارع يريد حفظ أدق التفاصيل لـ مشهد بديع نادر الوجود كي يدونه علي أوراقه بريشة عاشقه تهوى رسم كل ما هو جميل كـ ملامحها و عينيها و حتي حزنها الفاتن
" بفكر انك لو حليت عني هترتاح و تريحني .."
3
كانت غاضبة و تريد أن تخرج ما بجوفها اما علي هيئة عَبرات أو عِبارات تعرف طريقها الي صدر أحدهم والذي كان يتسع لها أكثر مما تتخيل
" ياريت ينفع. بس للأسف انا قدرك الأسود و أنتِ قدرى الجميل.."
2
منذ زمن لم يتغزل أحد بها و خاصة إن كان يملك عينين مشتعلة دائمًا حتي بدت كقرص شمسى متوهج يبعث دفئًا غريبًا علي قلب غلفه الصقيع الذي تجلى في نبرتها حين قالت
" هقولك علي معلومة صغيرة . انا غلطتي الوحيدة الي حولت حياتي لجحيم اني صدقت كلمتين حلوين زي دول في يوم من الايام. فخليك متأكد اني حتي لو شفتي اسمي محفور علي جدران قلبك بعيني هكذبها.."
نجحت في إثارة شتى انواع الشعور بداخله من غضب و ألم و حزن و غيرة و أخيرًا شفقه علي ما آل إليه حالها فهذه هي النتيجه الحتميه للخذلان. شخص مضطرب خائف أعلن قلبه العصيان و ألحدت روحه بكل معاني الوفاء و اختلت موازين الثقة بعينه حتي بدت كلمة واهية ليس لها معني..
" عندك حق في كل كلمه قولتيها. انا كمان بحييكِ انك صريحه. و بتقولي اللى جواكِ بس ياريت تفضلي كدا علي طول ."
انكمشت ملامحها بحيرة وقالت باستفهام
" تقصد اي؟"
" عايزك دايما تقوليلي اللي في قلبك . حتي لو هيجرحني! انا قابل. توعديني "
بنبرة يشوبها الذهول
"لما اعرف الاول ليه؟"
بعينين ارتسمت فيهم الإصرار و العشق معًا و نبرة تحمل قوة منبعها قلب يعرف وجهته تمامًا انسابت الحروف من بين شفتيه
" عشان واثق أن قلبك مش هيطيب غير معايا لو سيبتيني اسقيه من حبي الشوك اللي مغروس جواه هيطرح ورد. كل وردة منهم عليها اسمي. اسم سليم. بس وقتها تيجي تقوليلي. اتفقنا؟"
10
نجح وبجدارة في زلزلة جميع حواسها و اخترقت كلماته شئ ما بأعماق قلبها الذي تصدعت تربته من فرط الألم و اصبحت مرتعًا للصبار الذي كانت أشواكه تنغز بداخلها بدون رحمة و كأنه كان يراها من الداخل بوضوح ولكنها و بالرغم من حلاوة كلماته أصبحت شخص مصاب بداء الحذر يتحسس من الوعود التي في العادة تكن عبارة عن خيبات مؤجلة
" مش مضطرة اوعدك بحاجة و لا اتفق معاك علي حاجه و كل اللي قولته دا حلو اوي و جميل بس محركش شئ جوايا. عشان كله كلام و وعود وانا مضيعنيش غير اني صدقتهم قبل كدا. "
2
بنبرة فظة خاطبها
" بلاش تبقي جبانة يا جنة .. انا مابكرهش في حياتي قدهم.."
1
تشدقت ساخرة
" يبقي من النهاردة اعتبرني منهم و اكرهني.."
«سليم» بجفاء
" القلب معليهوش سلطان.."
" والعقل راح فين؟"
لوى فمه وأجاب بامتعاض
" معدش في ايده حيلة.. "
لأول مرة تبتسم علي مظهره و الامتعاض الباد علي محياه فلفتت قلبه بسمتها مما جعله يقول بعبث
" كدا خدت اللي أنا عايزه خلاص ."
2
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
" يعني ايه مفهمتش ؟"
«سليم »بمزاح قلما يظهر عليه
" استنادًا على مقولة عمرو دياب ضحكت يعني قلبها مال يبقي خلاص انا كده في السليم.."
11
حاولت بصعوبة قمع ابتسامتها التي كانت تجاهد للإفلات من بين شفتيها التي زمتهم بغضب مفتعل تجلي في نبرتها حين قالت
" دمك مش خفيف فياريت متهزرش تاني.."
6
كان يود لو يقهقه بقوة علي حديثها ولكنها اكتفي بتكشيرة مفتعلة ظهرت علي ملامحه و احتدت نبرته حين قال
" معلش مجبرة تتحمليني. نصيبك بقي هتعملي ايه؟"
" عايزة امشي.."
" اوعديني.."
زفرت بغضب و برقت عينيها من ثباته و نبرته الحادة التي تنافي نظراته الصافية فالتفتت إلي الجهة الأخرى تنوي اللجوء إلي خصام طفولي معه مما جعله يقول بتهكم
" فعلًا ربنا يكفينا شر حركات العيال الصغيرة لما تيجي من ناس كبيرة.."
5
التفتت بغضب فوجدته ينظر أمامه بلامبالاة فهبت من مكانها وقد نجح في إثارة غضبها بحق فقالت بتحدي كبير
" تمام يا سليم يا وزان. موافقة.. اوعدك.. و خلينا نشوف نفس مين اطول.."
1
وصل إلى مبتغاه معها فلانت ملامحه و تعمقت نظراته التي كانت تحاصرها بعناق لم تطاله ذراعيه و اشتهاه قلبه كثيرًا و قد نجحت عينيه في إيصال شعوره إليها بشكل كبير فشعرت برجفة قوية تضرب عمودها الفقري و خاصةً حين رأته يقف أمامها بشموخ ناصبًا عوده الفارع و عينيه مازالت تحاصرها بنظرات عاشقة تنافت مع كلماته حين باغتها قائلًا
" هو ليه البنات بيحبوا الهري الكتير؟"
12
كلماته أسقطت فاهها من شدة الصدمة فخرجت الكلام منها مذهولًا
" نعم!!"
لوى فمه ساخرًا وهو يعبث بهاتفه قائلًا
" لا متاخديش في بالك.. "
" حيوان.."
هكذا تحدثت بعدما عادت بذاكرتها إلى الوقت الحالي فهذا الرجل يثير حنقها و غضبها بشكل كبير و لهذا عدلت من خطتها في الإتصال به و قامت بإجراء مكالمة أخرى وأخذت تنتظر حتي جاءها الرد من الطرف الآخر
" اهلًا يا جلابة المصايب.."
«جنة» بغضب
" والله انا ما شفت المصايب غير لما عرفتكوا"
قهقه «مروان» بخفة علي حديثها قائلًا
" أنتِ واحدة الفقر و النحس بيجروا وراكِ وماضيين معاكِ عقد هتجبيها فينا.."
9
«جنة» بحسرة
" لا في دي عندك حق.. المهم كنت عايزة منك خدمة"
«مروان» بتهكم
" استر ياللي بتستر. خير عايزة تقلعي عيني التانيه ولا حاجه ؟"
1
نجح في جعلها تتجاوب معه في المزاح فابتسمت حين تذكرت مشهده و تلك اللكمة التي طالت عينه اليسرى فجعلتها زرقاء قاتمة فكان مظهره مثيرًا للضحك فلم تتمالك نفسها إذ خرجت منها قهقهه ناعمة جعلته يقول بعبث
" شوف ياخي الضحكة الي تجيب ارتجاج في النافوخ دي. وانا اقول الواد سليم البغل دا وقع علي بوزه ازاي. بقولك أنتِ ضحكتي قدامه الضحكه دي قبل كدا ؟"
«جنة» بانفعال لم تستطيع التحكم به
" لا طبعًا هو انا بطيق اتكلم معاه اصلًا عشان اضحكله.."
«مروان» بعبث
" حلو عشان اغيظه براحتي.."
13
«جنة» بنفاذ صبر
" بقولك اي هتسمعني ولا اقفل مش عايزة من وشك حاجه.."
«مروان» بجدية
" عيب عليكِ دا سؤال بردو. اتنيلي اطلبي .."
شرعت «جنة» تسرد له ما تريده منه وما أن أنهت كلماتها حتي قال «مروان» بحماس
" أوبا دي كدا ولعت عالآخر.."
«جنة» بتوسل
" مروان انا طلبت منك الطلب دا عشان واثقه فيك "
1
«مروان» بمزاح
" يازين ما اخترتي.."
«جنة» بتأفف
" مروااان"
«مروان» بجدية
" عيب عليكِ خلصانه بعمود خرسانه.. هو انا اقدر اتأخر ع القمر بردو؟"
قال جملته الأخيرة بعبث استوقف «سليم» الذي كان يمر من أمام الغرف فوجد ذلك الذي يقف مرتكزًا علي سور الدرج اقترب منه حين سمع جملته الأخيرة فاستفهم قائلا بخشونة
" بتكلم مين يا مروان؟"
9
«مروان» بصراحة فجة
" بكلم مراتك .."
لم يكد ينهي جملته حتي اسكتته لكمه قوية من يد «سليم» الذي لم يتمالك نفسه فكانت من نصيب عينيه اليمنى مما جعله يصرخ قائلًا
" اااه.. عينااي .."
وعلى الطرف الآخر كانت لا تزال «جنة» تستمع إلى ما يحدث وحين سمعت صراخه خرجت شهقة قوية من جوفها اتبعتها القول بصدمة
" يالهوي طير عينه التانيه.."
12
ولكن فاجأها صوته القوي حين قال غاضبًا
" خايفه علي عينه اوي يا ست هانم… وحياة امي لهضيعله مستقبله.. بيقولك يا قمر وسكتالو. شاطرة تهبي فيا كل ما اجي اتكلم معاكِ.."
7
فجأة سمع صوت انقطاع الخط فلم تتحمل صراخه المزعج و أرادت ازعاجه أكثر و قد نجحت في ذلك فقام بالنظر حوله للبحث عن مروان ليكمل إفراغ شحنات غضبه به فلم يجده و جاءه نداء سالم ليتبعه إلى المكتب فتوجه خلفه وما أن دخل حتي أغلق الباب ليصدمه صوت شقيقه الغاضب
" انت بعت الايميلات دي امتى؟"
دار «سليم» حول المكتب ناظرها إلى شاشة الحاسوب لدقائق وانكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" انا مبعتش حاجه من دي؟ "
رفع «سالم» إحدي حاجبيه باستنكار تجلي في نبرته حين قال
" نعم ! هو اي الي مبعتش حاجه؟ الحاجات دي مبعوته من ايميل الشركه و دا مش مع حد غيري انا وانت."
أجاب مؤكدًا
" يا سالم قولتلك مبعتش حاجه اكيد مش هعمل حاجه زي دي من وراك. من امتى و حد فينا بيتصرف لوحده من غير رأي التاني و خصوصًا لو في صفقات بملايين!"
زفر «سالم» الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة فقد كانت الأسئله تطن برأسه كالذباب و كلها تتمحور حول هوية ذلك الشخص الذي قام بفعل هذا. و فجأة وهو بخضم تساؤلاته تفاجئ ب«شيرين» التي أطلت برأسها من باب المكتب وهي تقول بجدية
" كنت عايزة اتكلم معاك ضروري.."
11
****************
جاء المساء و كان الجو مشحونًا بالتوتر والغضب من جانب «حلا» التي ما أن سمعت بحضوره مع عائلته في الأسفل حتي اختلطت مشاعرها داخل قلبها الذي كان ممتلئ بعشق جارف له يضاهيه غضب هائل منه و قد كان هذا المزيج يشكل شعورًا مؤلمًا لا يتحمله قلبها الصغير الذي أخذ يدق بعنف خاصةً حين نادتها والدتها لتحضر المشروب الذي كلما حاولت حمله حتي شعرت بيدها ترتجف تكاد تسقطه فأتاها غوثها في صوت «مروان» الذي تقدم بوجه كـ لوحه من الألوان المختلطة و ملامح تخفيها الكدمات ولكن لم يستطيع شئ النيل من لسانه السليط حين قال ممازحًا
" السندريلا بتاعتنا عاملة ايه؟ أمير الغبرة قاعد بره .."
8
التفتت تناظره بخوف حقيقي لا تعرف كنهه تجلي في ملامحها المرتجفة و نبرتها حين قالت
" مروان .. جيت في وقتك .. انا خايفة اوى اطلع بره.."
شعر بما يدور بداخلها فاقترب منها قائلًا بمزاح
" بصراحة شلة المستذئبين الي بره دي تخوف بس متخافيش الوحش بتاعنا قاعد متربص لهم بره اللي هيغلط هيتشلفط .. أيده بتاكله .."
4
زاد من خوفها فقالت بذعر
" حرام عليك انت بتخوفني اكثر .."
«مروان» بحدة
" خايفه من ايه يا عبيطة أنتِ دا احنا ناكلهم صاحيين و بعدين دا الايلاينر الجديد عامل شغل. دانتِ قمر تطلعي كده تتفردي و تبصيلهم بقرف ولا يهمك. وراكِ رجاله ياما فوقي.."
2
كانت كلماته مبعثرة ولكنها رسمت ابتسامه جميلة علي شفتيها فاقترب يربت بحنان علي كتفها قائلًا
" اوعي تخافِ و احنا موجودين كلنا هنا رهن اشارتك و الي أنتِ عيزاه هيحصل لو علي رقبة الكل.. "
هدأت قليلًا و اومأت برأسها فقام هو بحمل صنيه المشروبات قائلًا بحماس
" Follow me (اتبعني)"
1
ابتسمت وسارت خلفه و قبل أن تصل إلي مكان جلوسهم توقف يناولها الصينية و هو يقول بتحفيز
" عايز ثقة بالنفس ولا يهزك اي حد و خصوصًا البغل ابو ايد عايزة كسرها الي اسمه ياسين دا . تضحكي لكل الناس و اول ما تقربي عليه تزغريله بطرف عينك كدا عشان ميفكرش انك صيدة سهله. و يعرف ان الي جاي مرار عليه وعلي الي خلفوه.."
10
«حلا» بحيرة
" انت شايف كده ؟"
«مروان» بتأكيد
" اسمعي مني . احنا الرجاله مبنجيش غير بالسك علي دماغنا.."
8
أحكمت امساك الصينية و توجهت للداخل و خلفها «مروان» الذي كان يناظر كلًا من «عمار» و «ياسين»  باستفزاز و خاصةً و هو يسير خلف «حلا» التي فعلت مثلما اخبرها تمامًا فتعاملت بأدب و نظرات احترام للجميع ما عداه فقد توجهت تناوله الكوب الخاص به ارفقته بنظرة تحدي يغلفها جمود أغضبه كثيرًا و خاصةً حين توجهت تجلس بين والدتها و «مروان» الذي ابتسم ساخرًا فأقسم «ياسين» علي تحطيم فكه ولكن في وقت لاحق فلينتهي من هذه الجلسة الثقيلة علي قلبه ..
7
" سالم بيه بجول ندخلوا في الچد و اللي چايين عشانه.. احنا چايين نطلوب يد حلا بتكوا للدكتور ياسين حفيدي ايه جولك؟"
بوجه جامد و ملامح مكفهرة أجابه «سالم»
" رأيي انت عارفه. لكن ما باليد حيلة الرأي لصاحبة الشأن و هي موافقه.."
«عبد الحميد» بارتياح
" يبجي نجروا الفاتحه.."
وبالفعل قرأ الجميع الفاتحة وما أن انتهوا حتي أردف عبد الحميد
" طبعًا مش محتاچ اجولك ان كل طلباتكوا مچابه."
كانت وجوههم لا توحي بأي فرحة فالجميع كانت ملامحهم مغبرة و نظراتهم حانقه فتدخلت «أمينة» في محاولة لتلطيف الأجواء
"طلبات ايه احنا مبنتكلمش في الحاجات دي  العروسه عروستكوا يا حاج عبد الحميد.. "
اجابتها «تهاني» بود
" كلك ذوق يا حاچه امينه والله .. لكن عروستنا مش اي حد ايوا امال اي ديه تتاجل بالدهب.."
ابتسمت «أمينة» لتلك السيدة الودودة وقالت بذوق
" تعيشي يا أم ياسين.."
تابعت «أمينة» موجهه حديثها لـ «عبد الحميد»
" بعد اذن سالم طبعًا عايزين نحدد معاد معاك عشان نيجي نطلب جنة منكوا.."
لحظه صمت بها الجميع و توجهت الأعين علي تلك التي تجلس صامته منذ بدء تلك الجلسة محتضنه طفلًا لم يلق منها نظرة حنان واحده تهرب منه بقدر ما تريد الهرب من قدرها المظلم ولكنها تفاجئت من حديث «أمينة» التي تابعت بفخر
" حلا بقت عروستكوا و جنة بردو عروستنا و أحب أنها تاخد حقها بردو اومال؟ هو انتوا أحسن مننا ولا اي؟"
1
قالت جملتها الأخيرة بمزاح جعل البسمة ترتسم علي وجه «عبد الحميد» الذي قال بنبرة وقورة
" لاه طبعًا دانتوا احسن ناس يا حاچه و اني عن نفسي مستنيكوا في الوجت اللي تحددوه"
لأول مرة تتجاهل نظرات «سالم» التحذيرية وقالت
" أن شاء الله نحدد الميعاد و سالم يكلمكوا و ياريت نعجل بالفرح انا مش هقدر جنة تبعد عني هي و محمود اكتر من كدا"
قالت جملتها الأخيرة برجاء خافت مما جعل «سالم» يناظرها بغضب تنافي مع ذهول «سليم» و الجميع فاستغلت «همت» الأمر وقالت بخبث
" يالهوي يا أمينة فرح قبل سنويه حازم . دي الناس تاكول وشنا.."
1
التفتت الأعين علي صاحبه الصوت الرفيع و الملامح التي لونها الخبث فلو كانت النظرات تقتل لخرت صريعة في الحال و لكن أتي صوت «عبد الحميد» الذي تجاهل حديثها و غضبه قائلًا بصوت جهوري
" واني مش هردلك كلمه يا حاچه . يبجي الفرح الشهر الچاي و بدل ما يبجي فرح واحد يبجوا تنين سليم و چنة و ياسين وحلا ايه جولك؟"
4
كان هناك تضارب كبير في المشاعر التي تعج بها تلك الجلسة فكان الغضب و التوعد متبادل بين «حلا» و «ياسين» الذي يحاول تهدئه غضبه بشتي الطرق و كان الحزن و الألم متبادل بين «سليم» و «جنة» التي وقع اسمه «حازم» على قلبها بسكين الخزي الذي يسيطر علي ملامحها في تلك اللحظة علي الرغم من كل تلك الجهود المبذولة في تحسين صورة ما حدث. و كان الجانب الأكبر من المشاعر يعود لـ «عمار» الصامت منذ البدايه ولكنه كان غاضب حد الجحيم يوازي غضبه غصب «سالم» الذي أقسم علي وضع كل شخص في مكانه الصحيح بعد انتهاء تلك الجلسة التي كان غيابها عنها يزيد من نيران غضبه المستعر ولكنه أخيرًا تجاوز عم كل ما يعتمل بداخله وقال بنبرة خشنة
" خلي تحديد المواعيد دا لحد ما نيجي آخر الأسبوع عشان نطلب جنة."
1
تدخل «عمار» الذي كان هناك نظرات ساخرة مرتسمه علي ملامحه
" اني بجول أكده بردو . يمكن الفرح يزيد ولا حاچه"
4
التمعت عيني «سالم» بالشر حين سمع كلمات ذلك الذئب الماكر الذي لا يلقي بالكلام جذافًا ولكن جاء صوت والدته التي قالت بود
" كدا نبقي متفقين .. يالا عشان العشاء جاهز "
تدخل «عمار» بفظاظة
" مالوش لزوم يا حاچة احنا خلصنا اللي چيين عشانه"
«امينة» بعتب
" ايه يا عمار انت بخيل ولا اي ؟ دول بيقولوا أن الصعايدة أهل الكرم كله وبعدين متقلقش المصاروة بيعرفوا يطبخوا بردو"
تدخلت «تهاني» في محاولة لتصليح الموقف
" بها يا حاچة. دي كل حاچه من يدك زي العسل.."
تحرك الجميع إلى المائدة التي كانت معدة بأشهي المأكولات و كانت «أمينة» خير مضيفه تحاول مراضاة الجميع و حين أنتهي «ياسين» من الطعام التفتت الى «حلا» قائلة
" وصلي دكتور ياسين عشان يغسل ايده يا حلا.."
3
كانت الثيران الهائجة تحاول بشتي الطرق اخماد غضبها حتي تمر تلك الجلسة علي خير فلم يعلق أحد علي حديث «امينة» و بالفعل توجهت «حلا» الممتعضة أمام «ياسين» دون أن تلتفت حتي و ما أن غادرا غرفه الطعام حتي اوقفتها قبضته الحديدية علي معصمها حين قال بغضب مكتوم
" اقعدي اتعوجي براحتك و زودي في غلطاتك كدا بس اتأكدي أن كله هييجي علي دماغك في الآخر.."
كانت تتألم من قبضته الغير رحيمه ولكنها كتمت ألمها وبعينين اشتعلت بنيران التحدي الذي اصطبغت به نبرتها قالت
" مفتكرش أنى هشوف حاجه اسوء من اني اكون مراتك…"
5
كانت تتأرجح بحقل ألغام تعلم بأنها ستكون أول ضحاياه و قد هالها عينيه التي احتقنت بدماء الغضب الذي تجلي في نبرته حين قال
" لا في .. جوازك منى دي بداية اللعنة يا حلا. و من هنا لحد ما تبقي في بيتي الله في سماه لو شوفتك جمب الواد مروان دا مره تانيه وديني لهكون ضاربه بالنار قدامك. "
" مين جايب سيرتي ؟"
قطع حوارهم الناري قدوم «مروان» و بجانبه «جنة» التي كانت تريد الحديث معه علي انفراد فتفاجئت ب«ياسين» يقف مع «حلا» و عينينه تقطران غضبًا حين ألتفت ناظرا الي «مروان» ولكن جاءت كلمات «حلا» لتشتيت انتباهه
" الحمام يا دكتور ياسين.."
2
ابتلع غضبه الحارق و توجه إلي المرحاض تاركًا الجميع خلفه فتوجهت «حلا» إلي «جنة» بأقدام مثقلة باعتذار كبير لا تعرف كيف تصيغه و لكنها حاولت قدر الإمكان حين قالت بنبرة مهتزة
" معرفش إذا كان كلامي دا هيفرق معاكِ أو لا بس انا حقيقي بعتذرلك علي كل كلمه قولتها ضايقتك..انا.."
قاطعها حديث «جنة» التي لم تكن في حاجه لسماع اعتذارات لن تفلح في إخماد جراحها فقالت بجمود
" مش هيفرق يا حلا.. اعتذارك مش هيغير حاجه يبقي مالوش لازمة وفريه انا مش محتجاه.."
1
شعرت بسيل من العبرات يتدفق من مقلتيها فخرج صوتها مهتزًا حين قالت
" بس انا محتاجه أقوله.. انا فعلًا اسفة.. يمكن شيفاني وحشة بس انا مش كدا. "
«جنة» بجفاء
" عارفه انك مش وحشة. الوحشين مبيعتذروش.. الموضوع خلص مش مستاهل الكلام فيه.. انسي.."
كانت تعلم بأنها فتاة صالحه ولكن شوهها الوجع ولهذا لم تريد أن ينتهي الأمر هكذا فتابعت قائلة بصدق
" أبية سليم محظوظ بيكِ علي فكرة.. وانا حقيقي فرحانة انكوا اتجوزتوا.."
لا تعلم لما شعرت بدقات قلبها تتقاذف بداخلها لدى سماعها اسمه ولكنها حاولت ألا تتأثر فرسمت ابتسامة بسيطه علي محياها ردًا علي مجاملتها اللطيفة فجاء صوت «مروان» الذي يتابع ما يحدث في صمت
" يالا بقي احضنوا بعض.."
2
برقت عينا الفتاتين. هما ينظران إليه فتابع بجديه
" ايه اتخشبتوا كدا ليه؟ ما تحضنوا بعض. مش اتصالحتوا و صافية لبن حليب يا قشطه مستنيين ايه يالا يا لبن يالا يا قشطه احضنوا بعض"
7
قال جملته الأخيرة و هو يضع يديه علي كتف الفتاتين بقربهما من بعض وسط ذهول متبادل بينهما فتبادلا عناق كان غريبًا من نوعه فصدح صوته المتأثر خلفهم
" يااه يا ولاد هتخلوا الدمعه تفر من عيني.. "
3
ثم أطلق زفرة قوية قبل أن يقول بعبث
" يالا ربنا يقدرنا علي فعل الخير.."
2
ما أن أنهى جملته حتي التقمت عينيه تلك التي كانت تقف بعيد تشاهد ما يحدث بعينين تغلفهما طبقه من العبرات التي لم تستطع السيطرة عليه فتراجعت للخلف مهرولة الي غرفتها فلم يستطع «مروان» سوي اللحاق بها فترك الفتاتين تنظران في أثره بصدمه سرعان ما تحولت لقهقهات عالية وصلت إلي مسامع افعي تلونت بلون الحنان الذي تجلي في نبرتها وهي تقترب منهم قائلة
" العرايس الحلوين بتوعنا واقفين يضحكوا علي اي كدا؟"
التفتت «حلا» تنظر إلي «شيرين» بابتسامه ثم قالت تعرفها علي« جنة »
" تعالي يا شيري.. تقريبا أنتِ لسه متعرفتيش علي جنة.. بصي يا جنة دي شيرين اخت سما بنت عمتو همت .."
لم ترتح لها «جنة» أبدا منذ اللقاء الأول لهذا حيتها بتحفظ
" اهلا بيكِ"
لدهشتها اقتربت «شيرين» تعانقها وهي تقول بود
" اهلا يا روحي.. و ألف ألف مبروك.."
اومأت «جنة »برأسها و بابتسامه باهته اجابتها
" الف مبروك .."
التفتت «شيرين» تنظر إلي «حلا» وهي تقول باستفهام
" بقولك يا حلا اومال ريتال فين عايزة اوريها صور عيد ميلادها بعد ما ظبطها"
" معرفش تقريبا كانت في المطبخ . "
هكذا أجابت «حلا» فناولتها «شيرين» الكاميرا التي كانت تمسك بها وهي تقول
" طب خدي شوفي الصور وانا هروح اناديلها "
اومأت «حلا» و أخذت منها الكاميرا و نظرت إلي «جنة» الصامتة فقالت بحرج
" ما تيجي نقعد بره في البلكونه و نشوف الصور سوي . كانت حفلة صغنونة بس كانت قمر اوي.."
4
لم ترد «جنة» احراجها فوافقت و توجهت معها الي الشرفة وقامت «حلا» بتشغيل الكاميرا لتعرض بعض صور «ريتال» الممسكة بقالب الحلوى و بجانبها «مروان» الملطخه ملامحه بفعل ذلك الشجار العنيف فأخذت الفتاتين تقهقه علي مظهرهما و خاصةً تلك الفيديوهات التي كانت مضحكه كثيرًا وفجأة ظهر فيديو ل«سليم» يقف مع «مروة» وهو يصرخ بعنف ارتجف له قلب «جنة» التي أخذت تشاهده كيف كان يعاملها و مدى انهيار الفتاة ففغرت فاهها من فرط الصدمة هل كان علي علاقة مع تلك الفتاة ولكن تحولت صدمتها إلى ألم كبير حين شاهدت ما حدث كيف يكون قاسيا بتلك الدرجة كيف تظلم عينيه هكذا أمام شخص كان يعشقه يومًا و لوهلة تذكرت «حازم» الذي شاهدت بعينيها كيف تبدل قناعه الرائع في بداية علاقتهم بآخر مريع بعد ما حدث فهبت من مكانها حين أدركت أن الأخوين يشبهان بعضهما كثيرًا ولكنها أبدًا لن تكون في هذا الموقف مرة ثانية. فهرولت  الي الداخل و لم تبالي لنداءات «حلا» التي صدمها ما حدث ولو كانت علي علم بوجود هذا الفيديو لم تكن لتعرضه أمامها أبدًا 
8
***************
كانت تهرول الى غرفة الجلوس فتفاجئت بـ «سليم» الذي كان يتوجه الي الخارج يسبقه قلبه يريد الحديث معها ولكنها ما أن رأته حتي تراجعت خطوتين إلى الخلف بذعر مما جعل الصدمة ترتسم على محياه و ما أن أوشك علي الحديث حتي تفاجأ حين غادرته وهرولت الي الداخل و قد كان وجهها لا يبشر بالخير أبدا…
انتهت الزيارة أخيرًا و مع إغلاق «سليم» الباب خلفهم  حتي خرجت شهقة استنكار متبوعه بنبرة ساخرة من «همت» التي قالت
" والله و بكرة هنبقي مهزقة الخلق بعد ما منا أسيادهم.. بكرة يقولوا أرملة الراجل متحملتش و اتجوزت اخوه قبل حتي ما تمر سنه علي وفاة الغلبان"
برقت عينا «سليم» من حديث «همت» المسموم واوشك علي الرد ولكن جاء حديث «أمينة» الغاضب
"اخرسي يا همت و اعرفي ان لسانك الي بينقط سم دا محدش هيقطعهولك غيري.. "
2
«همت» بسخرية
" تقطعيلي لساني عشان بتكلم في الأصول يا حاجه؟"
اقترب «سالم» من مكانهم وقال بصوت مرعب
" الأصول فايتك منها كتير يا عمتي.. و دا ميلقش بينا أبدا  .."
تدخلت «شيرين» بغضب
" مش ملاحظ أن كلامك مُهين يا سالم دي عمتك بردو!"
تدخل «سليم» مجيبًا بدلًا عنه
" الي يدخل في الي مالوش فيه ميجيش يعيط لما يتعلم عليه يا بنت عمتي.."
1
تحدث «سالم» بفظاظة
" اهو قالك.. عقلى والدتك و فكريها أنها كبرت عالحاجات دي.. "
صرخت «همت» غاضبة
" بتحدفوني لبعض يا ولاد منصور. انا دلوقتي الوحشة عشان خايفه علي شكلنا قدام الناس .. ايه قوام نسيتوا اخوكوا؟ دا دمه لسه مبردش"
1
صرخت «أمينة» بقهر داخلي خرج علي هيئة نبرة غاضبة
" ميخصكيش. و من هنا و رايح اسم حازم مش هيتذكر في البيت نهائي والي يفتكره يترحم عليه في سره. غير كدا لو سمعت حد بيتكلم عنه تاني او بيفتح في الي فات وربي لهكون طرداه بره باب القصر دا حتي لو كان مين .. مفهوم.."
4
برقت الأعين من حديثها الذي كان علي قدر صلابته علي قدر وجعه وقد كان أكثر من يفهمها هو «سالم» الذي صرخ بغضب
" كل واحد علي اوضته مش عايز اشوف حد قدامي.."
اطاعه الجميع علي مضض وما أن اختفوا حتي اقترب يسند والدته التي كانت علي شفير الإنهيار فسألها بنبرة معاتبه
" ليه كدا يا حاجه؟ بتيجي علي نفسك اوي كدا ليه؟"
«أمينة» بقهر
" حازم ابني انا ياسالم و وجعه هيفضل العمر كله في قلبي. لكن انتوا مش ذنبكوا تدفعوا تمن أخطاءه وأخطاء أم معرفتش تربي.."
2
اقترب منها «سليم» بعينين فاض بهما الدمع وأمسك بكفها يقبله بقوة قائلًا
" اوعي تقولي كدا يا ماما. أنتِ مغلطتيش في حاجه. و مش ذنبك ."
قاطعته حين امتدت يدها تربت بحنان علي وجنته وهي تقول برجاء
" متكرهش أخوك يا سليم.. انا الي معرفتش اربيه و احكمه زي ما عملت معاك انت و اخوك
.لو فعلًا بتحبني اوعي تكرهه و عيش حياتك مع مراتك و افرحوا يا ابني و انسوا كل الي حصل. وغلاوتي عندك "
2
لم يجيبها «سليم» انما وضع قبله قويه علي باطن يدها و قام «سالم» بفعل المثل معها فالتفتت إليه قائلة
" جه الوقت الي تشوف حياتك انت كمان يا ابني.. كفايه عليك شايل همنا كل السنين دي عمرك هيضيع يا سالم متضيعش ولا دقيقه ثانيه منه و اتأكد أن أي قرار هتاخده انا راضيه عنه يا ابني.."
2
فطن إلى ما ترميه و قد كان بداخله ينوي الا يضيع اي وقت فأومأ برأسه يوافقها دون حديث و اشتبكت النظرات بينه وبين أخيه بحديث خاص بكلاهما..
*************
انقضت ثلاث أيام من أصعب الأيام التي مر بها في حياته. فقد كان يحاول بشتى الطرق الوصول إليها ولكن دون جدوى فقد كان هاتفها مغلق ولا يعرف أي طريقة أخرى للتواصل معها. غابت عنه وتركته فريسة للغضب و الألم و الأفكار السوداء و لم تشفق عليه. يقسم بأنه رأي عشقه بعينيها واضحًا وهذا ما دفعه للإعتراف لها بمكنونات صدره لما تفعل به هذا الآن؟؟ وقد كان هذا أكثر شئ يخشاه. الرفض أو الإهانة لمشاعر عميقة لم تخلق سوى لها وحدها. حتي ان كانت ترفضها لمَ لم تملك الجرأة لإخباره لم يكن ليجبرها فله كبرياء عظيم يأبى إجبارها علي البقاء معه حتي و لو كان عشقها موشوم علي قلبه.
لما تفعل به هذا ؟ يود الصراخ بهذا الاستفهام الذي كان يؤرق لياليه المنصرمة حتي أنه في لحظة يأس قاد سيارته و توجه إلي حيث مزرعة عمها و ظل واقفًا طوال الليل عله يلمح طيفها يراوده شعور قوي بالشوق المضني و الغضب الجارف تجاهها فما تفعله به ليس عدلًا أبدًا.
قاطع أفكاره صوت «مروان» الذي أخذ يدق علي الباب كثيرا ولكنه لم ينتبه له ففتح الباب و توجه إليه قائلا بمزاح
" ايه يا كبير بقالي ساعه بهبد عالباب و انت منفضلي"
رفع أنظاره إليه و قال بفظاظة
" ولما هبدت عالباب وملقتش رد ايه الي دخلك؟"
تحمحم «مروان» قائلا بخفوت
" ايه الاحراج دا؟ "
ثم علت نبرته حين قال بمزاح و هو يتقدم ليجلس علي المقعد أمام المكتب
" لا ماهو انا جايلك في ست مواضيع مهمة شبه بعض"
1
زفر أنفاسه الملتهبه قائلًا بفظاظه
" هات الي عندك.."
كان مظهره مرعبًا فلعن «مروان» بداخله قبل أن يقول بتوتر
" اصل انا. بصراحه . يعني كنت عايز اسألك هنعمل اي مع المطاريد الي ناسبناهم دول ؟ يعني البت حلا البسكوتايه دي هتعيش معاهم ازاي ؟"
«سالم» مغلولًا
" و مسألتهاش ليه؟ ما الهانم موافقة "
«مروان» بغباء
" معلش بقي مراية الحب عاميه.. مع انهم ميتحبوش جوز البغال دول أن كان ياسين و لا عمار معرفش فرح رخره عجبها في ايه؟"
8
تحفزت جميع حواسه لدي سماعه جملة «مروان» الأخيرة التي اخترقت أذنه مرورًا بقلبه الذي انتفض قائلًا بهسيس مرعب
" انت قولت ايه؟ فرح ايه علاقتها بعمار ؟"
«مروان» بغباء
" ايه دا هو انا مقولتلكش. مش فرح اتخطبت للبغل الي اسمه عمار دا .. "
1
«سالم» بصدمه
" ايه ؟؟؟"
" اه حصل البت جنة لسه قيلالي لما كانت هنا. بس اقولك انا قلبي حاسس ان البت فرح دي مغصوبه اه والله .. جنة بتقولي مقطعه نفسها عياط طول الليل والنهار يا قلب امها…"
4
لم يكد ينهي جملته حتي خرجت صرخة غاضبة من فم «سالم» مما جعل «مروان» ينتفض من مقعده واقفًا وهو يقول بذعر
" ايه في ايه؟؟"
لم يكد ينهي استفهامه حتي تفاجئ من قبضة «سالم» الحديدية التي أمسكت بمقدمة قميصه لتجذبه متسطحًا فوق المكتب بعنف تجلي من عينين «سالم» التي تقطران غضبًا يوازي لهجته حين صرخ به
" يا حيوان بقي انت عارف كل دا ولسه فاكر تقولي دلوقتي؟؟"
10
«مروان» بذعر
"حقك عليا يا كبير. عيل و غلط . "
«سالم» بصراخ
" دانا هطلع عين اهلك.."
2
«مروان» في محاولة للإبقاء علي حياته
" حقك .. بس علي ما تطلع عين امي هيكون البغل دا خطف المزة . اقصد فرح .. نلحقها و ابقي ادبحني عالفرح.انا معنديش مانع.."
10
تركته قبضة «سالم» فجأة و قد ارتسمت الجنون بنظراته حين صرخ بقوة اهتزت لها جدران القصر
" علي جثتي الكلام دا يحصل.."
+
يتبع…
حملت الشوق بقلبي لـ ليالٍ طوال.
أتألم بعشقً جائر لمن اكتد على بالوصال.
جُن عقلى و تاه فكري. هل أمِن قلبي فلم يعد يُبال!
أم أن قلبك العليل هو الآخر ما زال مُقيدًا بـ الأكبال؟
أعلم أنها معاناةِ مع قدرٍ مُظلِم ما أنفك علي يحتال.
ولكن بالله عليكِ اشفقِ على روح ذبحها الشوق و أجهزت عليها كثرة الأحمال.
واعلمي أن حياتي كانت عبارة عن حفنة من الحروب الضارية فلتكونِ لى خير الأنفال.
يا من شُح لقائه وكثر غلائه و عظمت محبته. أهلكني التمني و أضناني السؤال!
أم آن الأوان لنلتقي حتى تنتصر خيوط الفجر على دُجى الظلام الذي حاوط قلبي كـ الأدقال؟
2
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
انقضت ثلاث أيام من أصعب الأيام التي مر بها في حياته. فقد كان يحاول بشتى الطرق الوصول إليها ولكن دون جدوى فقد كان هاتفها مغلق ولا يعرف أي طريقة أخرى للتواصل معها. غابت عنه وتركته فريسة للغضب و الألم و الأفكار السوداء و لم تشفق عليه. يقسم بأنه رأي عشقه بعينيها واضحًا وهذا ما دفعه للإعتراف لها بمكنونات صدره لما تفعل به هذا الآن؟؟ فقد كان هذا أكثر شيئ يخشاه. الرفض أو الإهانة لمشاعر عميقة لم تخلق سوى لها وحدها. حتي إن كانت ترفضها لمَ لم تملك الجرأة لإخباره لم يكن ليجبرها فله كبرياء عظيم يأبى إجبارها على البقاء معه حتى و لو كان عشقها موشوم على قلبه.
لما تفعل به هذا ؟ يود الصراخ بهذا الاستفهام الذي كان يؤرق لياليه المنصرمة حتى أنه في لحظة يأس قاد سيارته و توجه إلي حيث مزرعة عمها و ظل واقفًا طوال الليل عله يلمح طيفها يراوده شعور قوي بالشوق المضني و الغضب الجارف تجاهها فما تفعله به ليس عدلًا أبدًا.
قاطع أفكاره صوت «مروان» الذي أخذ يدق علي الباب كثيرًا ولكنه لم ينتبه له ففتح الباب و توجه إليه قائلًا بمزاح
" ايه يا كبير بقالي ساعه بهبد عالباب و انت منفضلي"
رفع أنظاره إليه و قال بفظاظة
" ولما هبدت عالباب وملقتش رد ايه الي دخلك؟"
تحمحم «مروان» قائلا بخفوت
" ايه الاحراج دا؟ "
ثم علت نبرته حين قال بمزاح و هو يتقدم ليجلس علي المقعد أمام المكتب
" لا ماهو انا جايلك في ست مواضيع مهمة شبه بعض"
زفر أنفاسه الملتهبه قائلًا بفظاظه
" هات الي عندك.."
كان مظهره مرعبًا فلعن «مروان» بداخله قبل أن يقول بتوتر
" اصل انا… بصراحه يعني كنت عايز اسألك هنعمل ايه مع المطاريد الي ناسبناهم دول ؟ يعني البت حلا البسكوتايه دي هتعيش معاهم ازاي ؟"
«سالم» مغلولًا
" و مسألتهاش ليه؟ ما الهانم موافقة "
«مروان» بغباء
" معلش بقي مراية الحب عاميه.. مع انهم ميتحبوش جوز البغال دول أن كان ياسين و لا عمار معرفش فرح رخره عجبها في ايه؟"
تحفزت جميع حواسه لدي سماعه جملة «مروان» الأخيرة التي اخترقت أذنه مرورًا بقلبه الذي انتفض قائلًا بهسيس مرعب
" انت قولت ايه؟ فرح ايه علاقتها بعمار ؟"
«مروان» بغباء
" ايه دا هو انا مقولتلكش. مش فرح اتخطبت للبغل الي اسمه عمار دا .. "
«سالم» بصدمه
" ايه ؟؟؟"
" اه حصل البت جنة لسه قيلالي لما كانت هنا. بس اقولك انا قلبي حاسس ان البت فرح دي مغصوبه اه والله .. جنة بتقولي مقطعه نفسها عياط طول الليل والنهار يا قلب امها…"
لم يكد ينهي جملته حتي خرجت صرخة غاضبة من فم «سالم» مما جعل «مروان» ينتفض من مقعده واقفًا وهو يقول بذعر
" ايه في ايه؟؟"
لم يكد ينهي استفهامه حتي تفاجئ من قبضة «سالم» الحديدية التي أمسكت بمقدمة قميصه لتجذبه متسطحًا فوق المكتب بعنف تجلي من عينين «سالم» التي تقطران غضبًا يوازي لهجته حين صرخ به
" يا حيوان بقي انت عارف كل دا ولسه فاكر تقولي دلوقتي؟؟"
«مروان» بذعر
"حقك عليا يا كبير. عيل و غلط . "
«سالم» بصراخ
" دانا هطلع عين اهلك.."
2
«مروان» في محاولة للإبقاء علي حياته
" حقك .. بس علي ما تطلع عين امي هيكون البغل دا خطف المزة. اقصد فرح.. نلحقها و ابقي ادبحني عالفرح. أنا معنديش مانع.."
3
تركته قبضة «سالم» فجأة و قد ارتسم الجنون بنظراته حين صرخ بقوة اهتزت لها جدران القصر
" علي جثتي الكلام دا يحصل.."
ابتلع مروان ريقه بصعوبه فقد تم ما أراده و قد أيقظ وحوش سالم الكامنة بداخله فهو يعلم جيدًا مقدار عشقه لها الذي يوازي كبرياءه اللعين و لتجاوز هذا الكبرياء فلابد من أن تحرقه نيران الشوق أولًا وها هي خطته تسير بشكل جيد.
" اتصلي علي جنة دلوقتي حالًا."
هذا كان صوت سالم القاسي الذي أطاعه مروان في الحال دون جدال فأخذ يهاتف جنة التي ما أن أجابته حتى انفجرت في وجهه غاضبة
" انت يا زفت معملتش اللي قولتلك عليه ليه. فرح كانت هتضيع مننا النهاردة. "
5
لم يتحمل قلبه الذي انتفض بداخله بقوة لدى سماعه اسمها فقام بخطف الهاتف من مروان قائلًا بخشونة
" فرح مالها يا جنة ؟"
ارتعبت جنة لدى سماعها صوته و خرج صوتها متلعثمًا
" ايه .. هو . هو مين . معايا "
على صراخه و تعاظم غضبه و خوفه عليها فصرخ مغلولًا
" معاكِ سالم الوزان. انجزى فرح مالها؟"
تحلت بشجاعتها و تركت خوفها جانبًا وقالت بلهجه أكثر ثباتًا
" فرح أغمي عليها النهاردة و جبنالها الدكتور بقالها تلت ايام مكلتش ولا شربت فجالها هبوط حاد في الدورة الدموية . بس الحمد لله بقت احسن شويه.."
1
سقط قلبه بين قدميه رعبًا عليها و أغمض عينيه لثوان يحاول تهدئه نفسه الثائرة و أنفاسه المتهدجة قبل أن يقول باختصار
" عايز أشوفها.."
صمتت جنة لثوان قبل أن تقول بأسف
" مش هينفع أكيد حضرتك عارف أن جدي و ياسين هنا وحتي هي مش هينفع تخرج وهي تعبانه كده.."
سالم بهسيس غاضب
" اتصرفي يا جنة. بدل ما اجى اهد المزرعة دي علي دماغهم.."
طرأت على عقلها فكرة مجنونة فقالت بلهفة
" هو انا ممكن اوريهالك فيديو كول دلوقتي لحد ما نشوف هنعمل اي؟"
3
أوشك علي الصراخ بها فجاءه صوت مروان الذي قال بلهفة و صوت خافت
" وافق.وافق دلوقتي وانا مجهزلك خطه في دماغي عشان تقابلها.."
5
لأول مرة لم يسعفه عقله في العمل فأجاب مستسلمًا
" طيب.."
اغلق الهاتف علي وعد منها بأنها ستذهب إلى غرفتها وتقوم بالإتصال به مكالمة فيديو لتقر عينه برؤيتها فقد تصدع قلبه بفعل ذلك الشوق الضاري لها..
دقيقتان ورن هاتف مروان بمكالمه فيديو ارتج لها قلبه و خاصةً حين قام بالإجابه و ظهرت صورتها على الهاتف فتقاذفت دقات قلبه بعنف و جف ريقه حين رآى ملامحها الباهتة و عينيها المغلقة باستسلام قلما رآه منها فقد بدا أنها منهزمه متألمة غير مرتاحه بنومتها تلك فأخذت عينيه تطوف بحب و شوق علي ملامحها الجميلة و وجهها الصافي الذي يود لو يقبل كل انش به اعتذارًا عن كل لحظة ألم عاصرتها بغيابه ولكن فجأة توقفت عينيه علي آثار زرقاء مطبوعه على وجنتها اليسرى فغلت الدماء بعروقه و صاح بغضب
"ايه الي على وشها دا ؟"
5
ارتعبت جنة من صوته الغاضب وقامت بإدارة الهاتف على وجه فرح المتألم و قالت بتلعثم
" ااااا. أصلها اتخبطت . فيه.."
تجعدت ملامحه بفعل الغضب و صاح من بين أسنانه
" جنة. مش هكرر سؤالي تاني.."
صاح مروان من خلفه
" قولي الحقيقة يا بت يا جنة. متخافيش سالم دا ييجي يبلع التيران الي عندك  كلهم لو حد ضايقكوا.."
2
اسكتته نظرة مرعبة من عيني سالم قبل أن يعيد أنظاره إلى جنة التي خرجت الكلمات من فمها دفعة واحدة
" بصراحة عمار ابن عمي ضربها معرفش مين بعتله صورتكوا سوي عالموبايل و لما شافها اتجنن و ضربها و جدي قال إنه هيجوزها له و فرح من وقتها وهي منهارة و رافضه تاكل او تشرب أو تتكلم مع حد"
5
ارتسم الجنون بعينيه لدى سماعه كلماتها التي تراشقت بصدره فذلك الوعد قام بضرب حبيبته.. و فجأة سقط الهاتف من يده بينما اكفهرت ملامحه فبدت مريعه و كذلك نظراته التي توحي لمن يراه أنه عازم على إرتكاب جريمة قتل بأبشع الطرق..
" هقتله.. وديني لهقتل الكلب دا.."
7
هكذا صاح بصوت جهوري ارتجت له جدران القصر و قد كان عازمًا بالفعل علي تنفيذ مخططه وذلك حين قام بإخراج سلاحه من أحد الأدراج ليرتعب مروان من مظهره و أخذ يحاول تهدئته قائلًا
" اهدي يا سالم دا أنت العاقل اللي فينا. هينفع تحل مشاكلك بالطريقه دي ؟"
سالم بغضب
" اوعي من وشى.."
4
لم يمتثل مروان لأوامره بل قام بالالتصاق به كالعلقة وهو يحاول ثنيه عن جنونه الذي أول مرة يراه بحياته 
" الأول نعرف مين ابن المؤذيه الي صوركوا و وراه الصور دي "
4
لم تتغير ملامحه بل ازدادت قتامة و كذلك نبرته حين قال
" مفيش مؤذي غيرها هي والي من نسلها.."
انكمشت ملامح مروان بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" تقصد مين ؟ معقول تكون…"
قاطعه صوت سالم الذي قال بصرامة
" اجمع لي العيلة كلها دلوقتي .."
6
مروان بغباء
" ايه هتخلص عليهم ولا اي؟"
اخرسته نظرة غاضبة من سالم الذي قال بغموض
" هلاعبهم نفس لعبتهم لحد ما أعرف اللي عايز اعرفه.."
3
مروان بتهليل
" قشطه عليه.. هو دا الشغل.. "
" روح اعمل اللي قلتلك عليه على ما اعمل تليفون مهم.."
3
اطاعه مروان وما أن أوشك على مغادرة الغرفة حتى استوقفته كلمات سالم الذي قال بخشونة
" كلم جنة و اعرف منها هيتحركوا عالصعيد امتا؟ "
أجابه مروان بسلاسة
" بكرة الصبح .."
سالم باستفهام
" عرفت منين ؟"
مروان بغرور
" باشا دانا مروان . مفيش حاجه تخفي عليا. دانا اعرف القرد مخبي ابنه فين ."
1
سالم بغل
" طب غور من وشي . واعرف ان حسابنا لسه مخلصش. "
مروان بذعر
" ليه يا كبير هو انا عملت اي؟ "
سالم بقسوة
"  خبيت عليا موضوع الخطوبة."
مروان بمزاح
" مانا قولت اتقل ع الرز لما يستوى طعمه بيبقي احلي.."
12
اكفهرت ملامح سالم و ارتسم الإجرام بهما مما جعل مروان يهرول للخارج قبل أن تطاله براثن ذلك الوحش الهائج و ما أن خطى إلى الخارج حتي تفاجئ بسليم الذي كان يطالعه بحنق يود لو يحطم أسنان ذلك الوغد ولكنه مجبر على معاملته بالحسنى حتى يأخذ ما يريد. و لدهشته فقد ناظره مروان شذرًا قبل أن يغير وجهته قاصدًا غرفة الجلوس ولكن جاء صوت سليم الخشن ليوقفه في مكانه
" مروان.. استني عايزك.."
" نعم ."
قالها مروان بضيق قبل أن يتوقف علي مضض فازداد غضب سليم منه و لكنه تجاهل غضبه واقترب منه قائلًا بود مفتعل
" انت لسه زعلان مني عشان خزقتلك عينك . دانت قلبك بقى اسود اوي ..'
مروان بحنق
" شبه قلبك ياخويا.. و بعدين انا كان ممكن اخزقلك عينك بردو بس انا قولت اقصر الشر يا واد يا مروان دا بردو اخوك الكبير ."
6
ابتسم سليم ابتسامه صفراء اتبعها قائلًا بامتعاض
" لا اصيل.. المهم كنت عايز اسألك عن حاجه.."
فطن مروان إلى ما يريد فارتسم المكر بعينيه حين قال
" عيني.."
تضاعف الحنق بداخله فابتلع غضبه الحارق وقال من بين أسنانه
" انت بتكلم جنة؟"
ليجيب الآخر بسلاسة
" طبعًا.."
غزا الجحيم عينيه فحولها إلى بركة من الدماء مما جعل مروان يتراجع للخلف خطوتين وهو يقول بتهديد
" بقولك اي هتتعامل زي البني آدمين هنتعامل مش هتتعامل و هتتغابي يبقي انت اللي جبته لنفسك.."
2
اقترب منه سليم خطوتين وهو يعض على شفتيه السفلى بوعيد تجلى في نبرته حين قال
" امممم لا سمعني بقي هتعمل ايه ؟ "
كان أذكي من أن يدخل في شجار مع هذا الضخم لذا آثر اللعب علي أكثر النقاط حساسية لديه فقال بتخابث
" مش هقولك ايه الي جنة قالتهولي عنك.."
2
ارتخت تعابيره و تحول غضبه الي لهفه تجلت في صوته حين قال
" قالتلك اي؟"
مروان بسماجه
" مش قايلك غير لما تعتذرلي الأول.."
سليم بغضب
" انجز احسن ما المرادي هطرملك سنانك..'
1
مروان بحنق
" واحد مفترى .. تستاهل الي ناويه تعمله فيك جنة.."
بلغ الغضب و الترقب مبلغه منه فزمجر غاضبًا
" اخلص ياله.."
مروان بنفاذ صبر
" قالت إنها هتفض الجوازة دي !"
انكمشت ملامحه بصدمة تجلت في نبرته حين قال
" ايه ؟؟"
فتابع مروان باستمتاع
" اه. قالت كمان أنها مش مجبرة تكمل مع واحد خاين و غشاش و كداب و واطي و زباله زيك.."
12
برقت عينيه و اسودت ملامحه أكثر فبدا وجهه كلوحة مرعبة و خاصةً حين قال بهسيس
" انت بتقول ايه؟؟"
مروان برعب
" هي إلي قالت وربنا.."
فصاح سليم مغلولًا
" هو بمزاجها.. جوازة ايه الي تفركشها. دانا اطربق الدنيا على دماغها.."
اندهش مروان من حديثه وقال بصدمة
" ايه دا هو دا كل اللي زعلك وكل الشتيمه دي مفرقتش معاك. ياريتني كنت شتمتك اكتر من كدا.. "
11
امتدت يد سليم تقبض على مقدمة قميصه وهو يقول بوعيد
" وله لو عرفت انك بتكلمها تاني هدفنك حي سامع؟؟"
مروان برعب
" سامع يا باشا.. انا اساسًا كنت ناوي اقطع معاها دي بت معقدة اصلا.."
4
تركه سليم بغتة وقد اكفهرت ملامحه بغضب جحيمي كان يحاول تحجيمه كل هذه الفترة حتى لا يُخيفها منه ولكنه الآن لم يعد يحتمل كل ما يحدث فقام باقتحام غرفة المكتب ليجد سالم الذي كان ينهي مكالمته فإذا به يقول بصرامة
" انا عايز اتجوز جنة في اقرب وقت معدش عندي استعداد استني لحظه واحده بعد كده.."
فاجأه سالم الذي قال باختصار
" أقرب مما تتخيل متقلقش."
تفاجئ سليم من حديث أخاه فقال باستفهام
" حصل حاجه ؟"
2
تجاهل سالم استفهام أخاه وقال مغيرًا الموضوع
" وراك حاجه بالليل ؟"
سليم بنفي
" لا .. ليه؟"
سالم بغموض
" هتعرف كل حاجه في وقتها.. تعالي ورايا.."
كان الجميع جالسًا بغرفة الجلوس في انتظار سالم الذي كان يريدهم بأمر هام بناء على حديث مروان الذي اقترب من همت قائلًا بسخرية
" عامله ايه يا عمتي؟"
همت بسلاسة
"كويسه الحمد لله .."
مروان بتهكم
" خدتِ دوا الضغط بتاعك النهاردة ولا لسه؟"
" لا والله تصدق نسيت كويس انك فكرتني أما اقوم اخده احسن بقاله يومين واطي.."
5
تابع سخريته قائلًا
" لا استني هو هيرفع لوحده دلوقتي . احتمال يضرب من نافوخك كمان شويه.."
اندهشت من حديثه فقالت بعدم فهم
" ايه يا واد انت الهبل اللي بتقوله دا ؟"
مروان بتسلية وهو ينظر إلي سالم الذي دخل الغرفة للتو
" هتعرفي كل حاجه دلوقتي .."
11
كانت الأنظار كلها مصوبة علي سالم الذي كانت ملامحه مكفهرة و عينيه قاتمة تشبه نبرته حين قال بنبرة فظه
" بعد جواز سليم من جنة هوزع التركة زي ما الشرع قال. و كل واحد هياخد نصيبه."
قفز الرعب على ملامح همت و شيرين التي قالت باستفهام
" يعني ايه الكلام دا؟ "
سالم بفظاظة
" كلامي واضح. الي له حق هياخده. و كل واحد يتصرف في حقه زي ما هو عايز.."
تدخلت همت قائلة بسخرية
" وياترى الكلام دا هينطبق عالأرض بردو يا ابن اخويا ولا هتراضونا بشويه ملاليم عشان أرض العيلة متطلعش للغريب؟"
سالم بسخرية خشنة
" أنتِ سألتي و جاوبتي على نفسك . مش محتاجه إجابتي. "
هبت من مقعدها قائلة بغضب
" بس دا ظلم وميرضيش ربنا ذنب راجي ايه أنه خلف بنات.."
2
تدخلت أمينة التي كانت غاضبة من الوضع برمته
" الخاين مالوش ورث عندنا يا همت ."
برقت الأعين من حولهم فصاحت شيرين باستهزاء
" وياتري بقي هتطبقي القاعدة دي علي حازم الله يرحمه. و هتحرمي ابنه من أرضه برضو ماهو يعتبر خاين و حط راسنا في الطين ؟"
2
اوقفتها كلمات سالم القاسية حين قال
" محمود وامه مش اغراب و أرضهم مسيرها راجعالنا ما هي جنة مرات سليم. لكن أنتِ وأختك مسيركوا طالعين برا العيلة يبقى تاخدوا أرض تعملوا بيها ايه!"
11
تراشقت كلماته كالخناجر بصدرها فقد كانت تحمل رساله صريحه شديدة اللهجة بأنها لن تنتمي إلى هذه العائلة أي لن تتقابل طرقهم مرة ثانية و قد أغضبها ذلك بقدر ما آلمها فجاءت كلمات همت الهادئة نسبيًا حين قالت
" و أنا موافقة يا سالم مدام مش هتظلمني انا و بناتي.."
هبت امينه من مقعدها قائلة بغضب
" و وصية أبوك يا سالم؟"
سالم بغموض
" متشغليش بالك يا حاجة. كله معمول حسابه ."
فجأة صدح صوت خلفهم كان ممزقًا بقدر غضبه
" أبيه سالم. انا متنازلة عن حقي في كل حاجه.و مش عايزه منكوا ولا مليم.."
4
اتجهت الأعين إلى سما التي كانت تحمل حقيبة ملابسها وكان مظهرها مبعثرًا يحكي مقدار ما تمر به من لحظات عصيبة فكان أول من توجه إليها هي همت التي قالت بغضب
"أنتِ اتجننتي يا بت أنتِ بتقولي ايه ؟ "
سما بانفعال
" بقول الي سمعتيه مش عايزة ولا مليم مش هاخد حاجه مش من حقي.."
تدخلت أمينة التي رق قلبها لتلك الفتاة اليتيمة
" سما يا حبيبتي اهدي و متدخليش في كلام الكبار و بعدين راحه فين بالشنطة دي؟"
سما من بين انهيارها
" انا هادية يا مرات خالي. وعارفه بقول ايه و سيبالكوا البيت دا وهمشي اروح اقعد في بيت ابويا كفايه عليا كده هنا.."
تقدمت شيرين منها تمسكهم من عضدها بعنف قائله بصياح غاضب
" بت أنتِ اتعدلي و غوري اطلعي فوق.. مش ناقصين دلع بنات ماسخ.."
نفضت سما يد شيرين عنها قائله بانفعال
" ملكيش دعوة بيا و مش هطلع فوق و مبقتش عيلة صغيرة انا كبيرة بما فيه الكفايه عشان احدد الي انا عايزاه وانا عايزة اروح في أي مكان يبعدني عنكم"
اغتاظت شيرين من وقاحتها و قالت بغضب وهي ترفع يدها لتصفعها بقوة
" تصدقي انك عايزة تتربي من أول و جديد."
1
وما أن همت صفعتها أن تسقط على وجه سما حتي تفاجأت بيد قوية تمسك بمعصمها تكاد تفتك بعظامها وصوت غاضب ينهرها
" اياكِ تمدي ايدك عليها و إلا هكسرهالك.."
1
للحظة برقت ملامح شيرين من شدة الصدمة حين وجدت مروان الذي قام بالوقوف بينها و بين شقيقتها التي كانت عينيها تبرق من هول ما حدث. وسرعان ما تحولت صدمتها إلى غضب كبير جعلها تقول ساخرة
" و دا مين اللي بيتكلم و بيزعقلي كمان مروان.. دلوعه ماما! "
لم تكد تنهي كلماتها حتى تفاجأت من صوت مرعب جمدها بمكانها.
"كلمة تاني زيادة و انا الي هعيد تربيتك من اول وجديد.."
2
التفتت شيرين إلي سالم الذي كان يناظرها باحتقار آلمها بقدر ما أغضبها فقالت بانفعال
" انا متربية كويس اوي يا سالم بيه. بس للأسف ماليش اخ يقفلكوا ولا اب يوقفكوا عند حدكوا. عشان كدا بتمارسوا القهر علينا ما احنا مالناش حد "
اقترب منها خطوتين ويديه بجيوب بنطاله و بنظرات تقيميمه شملتها و من ثم استقرت علي وجهها بهدوء يوازي لهجته حين قال
" دي حقيقة. احنا مفتريين و جايين عليكوا عشان ملكوش حد. وبلاش تضايقيني اكتر عشان موركيش القهر اللي بجد عامل ازاى.."
تدخلت همت تمسك شيرين من رسغها تجرها خلفها قائلة بغضب
" كلمني انا يا سالم.. وخلى بالك انا مابخفش منك ولا من حد.."
سالم بفظاظة
" لا خافي.. عشان أنا مش هسمى علي حد بعد كدا.. والغلطة هتبقي بحساب. و أنتِ غلطي كتير.."
تراجعت خطوة إلي الخلف و تزاحمت أنفاسها داخل صدرها من نظراته و كلماته المتوعدة و انتقلت عينيها الي سليم الذي ناظرها بخبث فأيقنت بأنه قد أخبر سالم بأفعالها فآثرت استخدام الحيلة حين ذرفت عبراتها المزيفة وهي تقول
" ياه يا ابن اخويا للدرجادي هونت عليك .. هانت عليك عمتك الغلبانه هي و بناتها. بتستقوى علينا يا سالم.. لو كان منصور الله يرحمه عايش كان عرف يوفقك عند حدك.و يجيب حق أخته.."
لم يتأثر بحديثها ولا عبراتها المزيفة فتشابهت عينيه مع نبرته الجامدة حين قال
" منصور الوزان لو كان عايش مكنتيش اتجرأتِ و فتحتي بقك اصلًا. بس صدقيني أنا أسوء منه بمراحل لو صبري نفد.."
1
تدخل سليم لإنهاء ذلك الصراع قائلًا بقسوة
" الموضوع انتهى و سالم قال كلمته ياريت تأقلموا نفسكوا من دلوقتي وبعد كده اللي هيغلط هيتحاسب و مالوش لازمه الكلام الكتير."
نظرت شيرين إلى شقيقتها قائلة بسخرية
" شايفه يا ست سما دول اللي عايزة تسبيلهم كل حاجه وتمشي.."
اجابتها سما التي كانت ترتجف بين أحضان حلا قائلة بغضب
" الموضوع بالنسبالي مش فلوس علي قد ما هو كرامة يا شيرين.."
تدخل مروان مضيفًا علي حديثها
" معلش يا شيري مش ذنبها بقي انك معدومة الكرامة .."
كانت علي وشك الرد عليه حين جاءها صوته الآمر
" ولا كلمة زيادة كل واحد على اوضته.."
انصرف الجميع على مضض فما حدث لم يكن يرضي أحد منهم و خاصةً شيرين التي ما أن دلفت الى غرفتها حتى أغلقت الباب خلفها بعنف ملتقطة هاتفها تجري مكالمة هاتفيه وما أن أجاب الطرف الآخر حتى صاحت بغضب
" الوضع خرج عن السيطرة ولازم نتصرف ولو حكمت انا هقول علي كل حاجه و اهد المعبد على دماغ الكل…"
15
*****************
كانت تجلس في الحديقة بملامح واجمة و قلب محترق طالته أسهم الخذلان من كل اتجاه فكان الألم مروعًا وذلك لأن الطعنات كانت من أقرب المقربين لها.
" الأرملة السوداء قاعدة لوحدها ليه؟"
1
لم تلتفت سما الي مروان الذي كانت قلبه يشعر بأضعاف ألمها و يقدر معاناتها كثيرًا ولكنه لا يملك من أمره شيئًا فها هو ينكث بوعده لنفسه بألا يقترب منها ولكن حزنها يفتت قلبه و يأتي به جرًا إليها لمواساتها..
" بتعيطي.. توقعت انك بتعيطي ."
لم تنظر إليه إنما اخفضت بصرها قائلة بخيبة أمل
" مش في ايدي حاجه غير العياط."
نظر إليها بشفقة و ألم ثم أردف بتعقل
" لا فيه.. و في كتير كمان.."
انكمشت ملامحها بحيرة و ناظرته قائلة باستفهام
" تقصد ايه؟"
مروان بصياح
" تفردي بوزك .. تعدلي سحنتك دي.  بالك أنتِ لو بطلتي عياط و نع طول النهار و ضحكتي كدا و فرفشتي اللعنة الي في البيت دي هتتفك.. اه والله هتتفك.. "
فاجأتها كلماته التي شقت ابتسامة كبيرة على ملامحها التي لونها الحزن و سرعان ما تحولت ابتسامتها الي قهقهات عالية جعلت نبضاته تتعثر بقوة داخل قلبه لدي رؤيته ضحكتها فقال بإعجاب
" مانتِ بتعرفي تضحكي اهوة.. اومال ايه وش البومه الي مصدراهولنا على طول دا؟"
أجابته قائله باندهاش من بين ضحكاتها
" انت فظيع اقسم بالله .. ازاي بتقدر تضحك في وسط كل الهم و النكد الي احنا فيه دي؟"
امتعض وجهه و كذلك نبرته حين قال
" يا بنتِ هم أيه و نكد ايه بس. اضحك للدنيا تضحكلك. كشرلها هتنفخ أهلك. و أنتِ كشرتي كتير جلد وشك كرمش ياماما.. و بعدين حرام عليكِ معاكِ أرواح في البيت لو فضلتي تنعي كدا طول الليل و النهار هنموت مشاليل كلنا.."
1
امتدت يداها تضربه بعنف في كتفه وهي تقول بغضب
" تصدق انك جزمه بقي انا بنع و جلد وشى كرمش طب انا هوريك..'
كانت ضرباتها له اكثر من محببة علي قلبه الذي تقبلها برحابة صدر وابتسامة حب كبيرة مرتسمه علي ملامحه و من ثم قام بامساكها من رسغيها بغتة يقربها منه ونظراته العاشقة تحصرانها بينه وبينه جسده فتسمرت هي الأخرى تناظره مشدوهة أمام عينيه العاشقة و مشاعرها الغريبة التي غزت قلبها فظلت على حالها لثوان قبل أن تخترق كلماته أعماق فؤادها حين قال بصوت أجش
" من هنا ورايح اوعي تخافِ من اي حد . طول مانا موجودة محدش هيقدر يزعلك ولا يضايقك تاني أبدًا.."
6
كان وعدًا بالأمان لم تتوقعه أبدًا فقد كان يشبه المأوى لمن اعتاد التشرد طوال حياته. غيثًا علي تربه قاحلة تصدعت بفعل الجفاف والإهمال فأخذت عينيها تتعمق أكثر بحثًا عن أي لمحة خداع بملامحه ولكن كانت تقاسيمه هادئة و عينيه صافية تؤكدان كلماته التي زلزلت كيانها وحين أوشكت علي الحديث جاء ذلك الصوت الجاف من خلفها
" بتعملوا ايه عندكوا؟"
3
لعن مروان بداخله حين أتاه صوت همت التي غضبت حين رأت قربهم الذي جعل سما تتراجع إلي الخلف كمن أمسكت متلبسه بجرم كبير بينما التفت مروان يناظر عمته شذرًا قبل أن يقول بسخرية
" عينها كانت مطروفة وكنت بنفخهالها .."
2
اغتاظت همت من سخريته فصاحت غاضبة
" متعملش كده تاني يا عين عمتك ولو حتي عينها اتفختت. متقربش منها تاني يا ابن دولت.."
1
نجحت في إثارة غضبه فهب من مكانه وهو يتوجه إليها بخطوات تشبه نبرته المتوعدة حين قال
" بمناسبة دولت هي بعتالك السلام و بتقولك اتكي ع الأصل شويه يا عمتى. "
5
غضبت من كلماته ولم تسعفها كلماتها في رد إهانته بينما التفت هو يناظر تلك التي مازالت ترتجف جراء ما حدث وقام بإرسال غمزة عابثة من عينيه العاشقة تلقفتها هي بذهول جعل فكها يتدلي إلى الأسفل من فرط الصدمة
4
*****************
جاء الليل الذي كان حزينًا للغاية يشبه ملامحها التي لأول مرة تنهزم أمام ضربات القدر فقد ظنت بأنها اعتادت عليها ولكنها وجدت نفسها تهزم أمام ما يحدث معها و كأنها عجوز مسنة لا تستطيع سوى ذرف العبرات التي انبثقت من عينيها مطلقه العنان لحزنها أن يعبر علي هيئة أنهار غزيرة أحرقت جلدها الطري و حفرت وديان من الألم فوق خديها.
كان الجو بديعًا و السماء صافيه علي عكس سماءها الملبدة بالغيوم التي مهما امطرت لا تنضب أبدًا وكأنها تعاند وهنها الذي تمكن منها ف أعياها و جعلها لأول مرة تستسلم لدوامات سوداء ابتلعتها وكانت هي أكثر من مرحبة بها.
اختارت أن تبقى جالسة مع حزنها علي أن تذهب مع شقيقتها حتى تستنشق الهواء النقي و اختارت أن تبقى حبيسة غرفتها التي شهدت على أكثر لحظاتها ألمًا و حين كانت غارقه بلحظات حزنها سمعت أصوات هلع في الخارج فتحاملت على نفسها وهبت من مخدعها وقامت بفتح باب الغرفة لمعرفة ما حدث فوجدت الخدم يهرولون هنا و هناك و كان ياسين هو الآخر يهبط الدرج فلحقته قائلة بلهفة
" في ايه يا ياسين ؟"
1
لم يتوقف إنما قال بعجالة
" بيقولوا في حريقه في الاسطبل الي ورا و الخيل كلها هربت بره المزرعة.."
2
شهقت بعنف وقد هالها ما سمعت و لكن ياسين كان يهرول إلي الخارج فأتاها صوت قاس من خلفها يأمرها قائلًا
" ادخلي اوضتك و أجفلي بابك عليكِ و متخرجيش واصل غير لما نعرفو ايه الي حوصول.."
التفتت لتجد عمار الذي كان يطالعها بنظرات تحمل الندم الذي لم يتجاوز حدود شفتيه فلم تجبه بل توجهت الى غرفتها تغلق الباب خلفها و ما أن التفتت حتى تسمرت بمكانها لدى رؤيتها لذلك الظل الضخم الذي يقف أمام باب الشرفة فخرجت منها شهقة قويه حين سمعته يقول بصوت يملؤه الشوق
" وحشتيني يا فرح.."
8
في البداية تلبسها الخوف حين رأته ولكن بعد ذلك حل محله شعور من الصدمة حين سمعت صوته و علمت هوية هذا الضخم الذي أضاء نور القمر جانب وجهه الذي اشتاقته بقوة حتى ظنت أنها تتوهم وجوده فهمست باسمه في رجاء أن يكون وجوده حقيقي
" سالم.."
اقترب منها بخطوات سلحفية تنافي لهفته في رؤيتها و بنبرة معاتبة خاطبها وعينيه تلتهم تقاسيمها الرائعه
" كده بردو تغيبي عني كل دا؟ متفقناش على كده.."
5
كان همسه و عتابه الخافت أكثر ما يمكن أن تتحمله في تلك اللحظة فاندفعت العبرات من مقلتيها بغزارة و خارت قوتها ف أوشكت على الوقوع أرضًا ولكن ذراعيه القويتين التي احتضنتها بقوة حالت دون ذلك فقامت بدفن رأسها في كتفه تبكي قهرًا و وجعًا و شوقًا كان اضعافه بقلبه الذي للمرة الثانيه يحتوي ألمها و يمسد بحنانه جراحها فقد كان وجوده الآن بمثابة معجزة لم تجروء على تمنيها من فرط استحالتها ولكن من تقع بعشق رجل حقيقي يجب أن تعلم بأن المعجزات تتحقق والمستحيل يخر خاضعًا أمام طغيان عشقه الجارف..
8
هدأت ثورة انهيارها أخيرًا بعد لحظات بفعل حنانه الذي اغدقها به لتقوم أخيرًا بالتراجع خطوة إلى الخلف و رفعت رأسها تناظره من خلال ذلك الضوء البسيط الذي ألقاه ضوء القمر على الغرفة فبدا الأمر رومانسيًا اي ابعد درجة و خاصةً حين قال بنبرة خافته
" حاسة بإيه دلوقتي ؟"
أجابت دون أن تعي ما تقول
" حاسه اني مرتاحه.. و أنت"
أجابها بخشونة و نظرات تحمل التمني واللهفة
" حاسس اني عايز اقفل عليكِ هنا و مخرجكيش أبدًا."
5
كان يشير إلى داخل صدره فدغدغت إجابته حواسها و سرت حزمة من المشاعر القوية في أوردتها فاخفضت رأسها تخفي عينيها التي تفضح عشقًا فاض به القلب فإذا بيده تمتد أسفل ذقنها ترفع رأسها إليه وهو يقول بخشونة
" بلاش تداري عيونك عني دانا مولع في الدنيا وجاي مخصوص عشانهم.."
1
هنا تنبهت لما يحدث و تحول ثباتها الي ذعر تجلي في نبرتها حين قالت
" اه صحيح. انت دخلت هنا ازاي؟ و ايه اللي جابك اصلا.  يعني اقصد جيت ليه . اقصد.."
قاطعها نبرته العاشقة حين قال بصوت قوى
" جيت عشانك.. عشان اقولك متخلقش الي يبكيِ وانا عايش على وش الدنيا..'
3
اخترقت كلماته جميع حواسها حتى خدرتها فقالت بهمس
" انت عرفت اللي حصل؟"
سالم بغضب نجح في إخماده حتي لا يخيفها
" عرفت. و حق القلم اللي خدتيه هيرجع عشرة.."
ارتعبت من حديثه فقالت بلهفة
" سالم ارجوك اوعي تأذي حد. عمار معذور أي حد في مكانه كان هيعمل كدا. يعني يشوف بنت عمه واقفه مع واحد.. "
قاطعها غاضبًا
" ليه مقولتيلوش أننا مخطوبين. ليه مقولتيش لجدك لما قال اللي قاله؟"
1
رفعت رأسها تناظره بصدمة فقد كانت تريد اخبارهم بذلك ولكنها كانت خائفة من مكروه قد يصيبه علي يد احدهم و ايضا تخشى من نوبة عناد قد تجعلها تخسره للأبد ولكنها لم تريد أن تخبره بكل هذا حتي لا تثير حنقه أكثر من ذلك فقالت مخادعة
" ماهو انت مكررتش طلبك تاني من وقت اللي حصل. فقلت مينفعش افرض عليك وضع ممكن تكون غيرت رأيك فيه.."
4
لوهلة امتلأ صدره بالغضب تجاهها ولكنه لاحظ اهتزاز حدقتيها و يدها التي كانت تتحرك بعشوائية وطبقا للغة الجسد الذي يجيدها فقد أيقن كذبها لذا تجاهل منحني الغضب وقال بجمود
" ممكن اعديلك اي حاجه الا كذبك عليا. بس حظك المرادي انك تعبانه لكن أي كذب تاني مش هتهاون فيه يا فرح.."
كرمشت ملامحها بشكل طفولي عرى روحها التي تفتقد إلى الدلال والحنان وقالت بشفاه مزمومة
" انا كذابه يا سالم.."
3
غزت ابتسامة جميلة ملامحه ولكنه حاول قمعها ليبدو مازال غاضبًا منها وقال بخشونة
" أنتِ ادرى... و ياريت تبطلى شغل العيال الصغيرة دا لما تقطعي الأكل والشرب محدش هيتعب غيرك.."
اغتاظت من فظاظته فقالت باندفاع
" اتعب ولا اموت بقى انا حرة..'
قاطعها بلهفة غاضبة
" لا مش حرة و متقوليش كدا تاني.. "
3
عاندته غاضبة مشتاقه لأي بادرة حنان و حب من جهته فهي مثله ابتليت بكبرياء لعين يمنعها من استجداء عشقه
" براحتي علي فكرة مش هتعرفني اقول ايه و مقولش ايه . بطل شغل الديكتاتورية دا"
"قولتلك قبل كدا انا ديكتاتور. عجبك أو لا فدا أمر واقع مش هتعرفي تغيريه.."
1
أشعلت إجابته فتيل غضبها الذي جعلها تقول من بين أسنانها
" وانا بقي مش مضطرة اقبل بالوضع دا. "
كانت أمامه ككتاب مفتوح يحفظه عن ظهر قلب فاقترب منها حتي أصبحوا يتشاركان الأنفاس سويًا و قال بنبرة رغم خشونتها ولكنها اخترقت أعماق فؤادها
" مش بمزاجك.. كلك علي بعضك كدة بتاعتي وانا حر فيكِ اعمل اللي اعمله و أقول اللي أقوله و أنتِ تقولي حاضر ونعم.."
10
كانت كلماته بامتلاكها تشعلان نيرانًا من عشق غزا سائر جسدها ليناطح بقوة كبريائها الذي أبى عليها الخضوع فثار عنفوانها وقالت بتحدي
" دا يعينك. انك تتحكم فيا و تمشيني علي مزاجك يا سالم يا وزان.. "
كان أكثر ما يجذبه إليها ذلك العنفوان القوي و تلك الروح الثائرة التي تمتلكها فقام بتطويق خصرها يقربها إليه قبل أن  يقول بلهجة تحمل من الغزل ما جعل عظامها تذوب بين يديه
" وحياة سالم الوزان الحلوة دي لههد الدنيا و ابنيها عشان خاطرك يافرح. "
12
بعثر كيانها بكلماته العاشقة التي جعلت دقاتها تتقاذف بعنف داخل صدرها فبللت حلقها الذي جف وقالت بأنفاس مقطوعة
" يعني مش هتتخلى عني أبدًا؟"
أجابها بقوة
" روحي قصاد روحك.."
" طب قولى هتعمل ايه؟"
أجابها بغموض لم يروي ظمأ تساؤلاتها
" الي بيعمل مابيقولش.. "
2
فرح بتوسل
" طب طمني وحياة اغلى حاجه عندك.."
سالم بصرامة
" وحياتك عندي هاخدك لو من بق الاسد.."
4
كان هذا أكثر ما يشتهيه قلبها في تلك اللحظة فارتسمت أجمل ابتسامة يمكن أن تهديه لقلب متيم بعشقها فأخذ يعبئ صدره بأكسجينها الدافئ قبل أن يقول بصوت اجش
" ضحكتك دي في الوقت دا بالذات خطر عليا اكتر من ضرب النار الي بره دا.."
3
شهقت متفاجئة حين اخترقت أذنيها عدة طلقات نارية ولكن جاءت يداه لتكمم فاهها وهو يقول آمرا
" من هنا لحد ما ترجعوا البلد مش عايز لسانك يخاطب اي حد و اظن أنتِ فهماني كويس.."
اغتاظت من أوامره فقالت مندفعة
" مابحبش الأوامر بتاعتك دي و لو كانت دي طريقتك في الحوار معايا فأنا بعترض.."
كانت يعطيها ظهره متوجهًا النافذة وهو يعبث بهاتفه و التفت يناظرها قائلًا بفظاظة
" أجلى اعتراضك لما اشوفك المرة الجاية.."
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
" اشمعني المرة الجاية.."
1
ارتسم العبث بنظراته التي شملتها بطريقة بعثت الرجفة الي أوصالها و خاصة حين قال بوقاحة
" عشان هتكوني مراتي و وقتها هعرف اكسر دماغك الناشفة دي او ألينها.. بطريقتي.."
7
قال جملته الأخيرة بعد أن أرسل إليها غمزة عابثة اخترقت أعماق قلبها و أشعلت بجوفها زوبعة من المشاعر العاتية التي لا يخمدها سوى قربه..
3
****************
كانت النيران مشتعلة في الحظائر الفارغة بعد أن قام أحدهم ب إفراغها من الخيل الذي ما أن رآى النيران المندلعة حتى انتابه الذعر و هرول إلي الخارج معلنًا حالة من الهرج و المرج في الأرجاء و خرج الجميع لمعرفة ما يحدث بينما كانت هناك أعين تشاهد ما يحدث بإستمتاع خاصة حين رأت عمار الذي كان يحاول السيطرة على الخيل الهائج ولكن دون جدوى. و صارت النيران تشتعل أكثر فقام عمار بالصراخ في الغفر
" ابعدوا الخيل عن النار اوعاكوا لاحاچة تتصاب.."
و كان ياسين علي الجانب الآخر يحاول أن يطفئ النيران عن طريق طفايات الحريق وهو يقول صارخًا
" اتصلوا بالمطافي بسرعة…"
و لكن ألسنة اللهب كانت و كأنها تعاندهم و تزداد أكثر و أكثر في كل مكان و الجميع متأهب و مرتعب في محاولة للسيطرة عليها ولكن دون جدوى
1
" تحفة.. تحفة يا لولو الأيس كريم طعمه تحفة.."
كان هذا صوت مروان الذي يقف أمام عربته يأكل المثلجات وعلي يمينه حلا و علي يساره جنة و فوق كتفيه ريتال فقد كانت الفتيات تشاركه أكل المثلجات التي كان طعمها أكثر من رائع فصاحت جنة قائلة باستمتاع
" عندك حق يا مروان الايس كريم دا رهيب.."
3
جاء صوت حلا التي كانت مستمتعة بأكل خاصتها من المثلجات التي كانت بنكهة التوت
" خلى بالك دي كانت فكرتي. انا الي عرفته على المحل دا.."
لكزها مروان بيده قائلًا
" فكرتك اه بس انا اللي عازمكوا.. "
سقطت أحدي القطع المثلجة فوق رأسه فنظر للأعلى قائلًا بسخرية
" خدي راحتك يا ريتال. لو عايزة ترجعي عبي موجود ياختي . ماهو انا العبد الصومالي اللي جابهولك ابوكي.."
11
إجابته ريتال بسخرية
" متقلقش يا عمو واحدة راحتي عالآخر.."
مروان بامتعاض
" خدك ربنا يا بعيدة.."
تدخلت حلا تسأله بخبث
" ألا قولي يا ميرو اومال ايه طقم الحنية اللي شفته النهاردة العصر ده فى الجنينة .. هو الحب القديم صحي تاني ولا اي؟"
2
تبدلت ملامحه إلى أخرى مشدودة وقال بغضب
" ايه يا بت الكلام الاهبل دا؟ طقم حنية ايه و حب قديم ايه ؟ هتخبطي في الحلل"
تدخلت جنة قائله بصياح
"اسكت انت. ايه دا بجد يا حلا ..مروان بيحب ولا اي؟"
حلا بتخابث
" دا واقع لشوشته يا بنتي. أنتِ متعرفيش. دا بيحب .."
1
" اخرسي يا كلب البحر يا بتاعت الجاز أنتِ بحب مين يا عنيا.."
" سما.. بيحب سما يا جنة.."
2
هذا كان صوت ريتال التي كانت تلعق المثلجات باستمتاع غير منتبهه لتلك القنبلة التي ألقتها في التو فتسمر مروان مصدومًا بما سمعه فصاحت جنة معترضة
" ايه دا معقول.. سما .  ملقتش إلا سما وتحبها يا مروان.."
1
فاندفعت حلا غاضبة
" جنة احنا بقينا حبايب آه لكن سما خط أحمر..  سما دي وربنا ما في اطيب منها هي الظروف المنيلة اللي خلتكوا تزعلوا من بعض.."
1
قامت جنة بإرسال غمزة خبيثة إلي حلا فهدأت الأخرى و تابعت جنة حديثها إذ قالت بتقريع
" بقي ملقتش إلا البت المصديه الي شبه البومه دي عشان تحبها.."
3
هنا اهتاج مروان و قام بجذب ريتال من فوق كتفيه و القائها بعنف علي مقدمة السيارة قائلا باعتذار
" لامؤخذه يا ريتال.. "
ثم وجه حديثه الغاضب الى جنة
" لا بقي.. انا ساكتلك من الصبح. هي مين دي الي مصديه و بومه يا كلب البحر أنتِ .. اي نعم هي كئيبه و نكديه بس مسمحلكيش تغلطي فيها انا بس الي اقول عنها كدا.."
انهى كلماته و قد فطن للتو الى حقيقة اندفاعه في الدفاع عنها ولكن قد فات الأوان فانطلقت الضحكات حوله وقالت جنة بمكر
" بتصيع علينا يا ميرو. مكنش العشم يا راجل.."
1
و تابعت حلا تقريعها حين قالت بسخرية
" لا و قال أنا اللى زي الهبلة بحكيله على كل حاجة. اتفضلي البيه بيخبي عليا.."
تدخلت ريتال قائله ببراءة
" والله قولتله مينفعش تخبي علي حلا ولا جنة دول أصحابك. قولتلي استني لما اشوف ردها الأول.."
شهقت حلا وقالت بصدمة
" ايه دا انت فاتحتها في الموضوع من غير ما اعرف؟"
4
التفت مروان يناظر ريتال بغضب ثم قال بحسرة
" اروح منك فين فضحاني في كل حته. مبتستريش عليا أبدًا.. "
1
" تستر علي مين دا اسماعيليه كلها هتعرف النهاردة.. اتفضل جاوب "
كان هذا حديث جنة الذي جعله يطلق الهواء المكتوم بصدره دفعة واحدة قبل أن يقول باختصار
" مفيش حاجه تتحكي انا لمحتلها وخلاص.."
2
أوشكت حلا علي الحديث فصاح غاضبًا
" ولا كلمه وربنا ما هقول حاجه تاني. ويالا انجروا قدامي على البيت. انا ناقص عنيكوا المدورة دي ترشقلي في الموضوع تجيبه نصين. "
و بالفعل قام بإيصال جنة التي ما أن وصلت إلي مزرعتهم حتي تفاجئت من مشهد الدخان الذي يلون سماءها و ما أن همت بالذهاب لمعرفة الأمر فإذا بها تجد يد قويه تطوق خصرها و أخرى تكمم فاهها و صوتًا خافتًا يتسلل إلي أذنيها بوعيد ذو نبرة رقيقة
" راحة فين.. بينا حساب لسه مصفيناهوش.."
4
***************
حلت نهاية الأسبوع و قد كان الجميع يتأهب لتلك الزيارة التي ستضع النقاط فوق الحروف. و أخيرًا وصلت السيارات أمام منزل عبد الحميد الذي كان ينتظرهم علي باب القصر ولكنه تفاجئ بكل تلك السيارات التي كانت تحمل ما لذ و طاب أكثر بكثير مما كان يتوقع و قد شاع في البلد بأكملها بأن ابنه عائلة عمران سوف تتزوج بابن أخ صفوت الوزان مدير أمن المنيا لا يعرف كيف تسرب الخبر ولم يكن هو من سربه فشعر بشيء يحاك من خلف ظهره ولكنه أتقن إخفاء شكوكه و قام بالترحيب بضيوفه قائلًا بصوت جهوري
" يا مرحب. يا مرحب.. شرفتونا و نورتونا .. "
" نيرة بأهلها يا حاج عبد الحميد.."
هكذا أجابه صفوت ليقول عبد الحميد بمزاح
" تسلم يا صفوت بيه.. بس مكنش له لزوم تكلفوا نفسيكوا أكده.."
تدخل سالم قائلًا بمكر
" كل واحد بيجيب قيمته يا عمده. وبعدين احنا جبنا علي قد ما هناخد. ولا انت بخيل.."
قهقه عبد الحميد قبل أن يقول بمزاح
"  عارفين انك تجيل يا سالم بيه . وقيمتك اكبر بكتير. و انت بردك عارف كرمنا ازاي.. اتفضلوا.."
بالفعل دخل الجميع الى البيت الكبير ونُقِلت الهدايا الي داخل المنزل وسط نظرات ذهول من الفلاحين فلأول مرة يروا زيارة بمثل هذا الحجم و كأنها إحدى المعونات التي تُبعث للدول المعدومة. فقد أتقن سالم لعبته كثيرًا للحد الذي جعل عبد الحميد يشك فيما يحدث حوله و خاصةً نظرات سالم التي كانت تحمل الكثير و قد صح ظنه حين سمع صفوت الذي قال بوقار
" يا حاج عبد الحميد احنا جينا النهاردة عشان نطلب ايد بنتي فرح لابني سالم قولت ايه؟"
1
برقت أعين جميع الموجودين من حديث صفوت الذي كان كدلو من الماء سقط فوق رأس عبد الحميد الذي قال بذهول
" مش دا اتفاجنا جبل سابج يا صفوت بيه. احنا كان كلامنا كله علي چنة ."
صفوت بمجاملة
" ماهو احنا بصراحه يا حاج عبد الحميد ملقناش احسن من نسبكوا و قلنا ناخد الأختين. انتوا تشرفوا اي حد.."
كانت محاولة جيدة منه لإحراج عبد الحميد الذي تأكدت ظنونه الآن و قد حمد ربه كثيرًا حين جنب حفيده تلك المقابلة فهو يعلم بأنه لو كان موجودًا لاحتراق المكان بأكمله ولكنه آثر استخدام الحكمة حين قال
" تسلم يا صفوت بيه.. واني على عيني ارفض طلبكوا. بس البنته مخطوبة.. "
1
هنا تدخل سالم الذي قال بفظاظة
" و دا من امتى يا حاج عبد الحميد ؟ "
أجابه عبد الحميد بجفاء
" و ده يخصك في أي ؟ جولتلك البنت مخطوبة.. و ده المفيد.."
تشابهت عينيه مع نبرته الجامدة حين قال
" لا يخصني . البنات في يوم من الأيام كانوا تحت حمايتي و يهمني أمرهم. عشان كدا بسألك. ولا انت ايه رأيك؟"
علم جيدًا اين يضربه فقد كانت الغرفة تعج بالحاضرين من اقربائهم و رجال البلد فقد كان هذا طلبه أن يأتي بأهله جميعًا لطلب يد ابنتهم وقد نفذ ما أراد واستغله لصالحه فعبد الحميد لن يجازف بالخوض فيما حدث أمام كل هؤلاء الناس و لكنه ايضًا لم يرضخ لاستغلاله و ما أن أوشك علي إجابته حتي تدخل صفوت لتهدئة الموقف قائلًا بوقار
" يا حاج عبد الحميد احنا جايين و قصدنا خير. و انت طبعًا متكرهش الخير. و زي ما عملت مع بنتي حلا هعمل مع بنتي فرح ولا انت ايه رأيك ؟"
انكمشت ملامح عبد الحميد بالغضب وقال ساخطًا
" تجصد اي! "
تدخل سالم قائلًا بصرامة و عينين تملؤها الشماته
" نسألها.. "
5
صاح عبدالحميد معارضًا
" كلام ايه اللي عم تجوله ده ؟"
تدخل صفوت قائلًا
" هو دا الصح يا حاج عبد الحميد زي ماعملنا مع حلا نعمل مع فرح. نسألها والرأي الأول والأخير ليها.."
هنا ارتسم الغضب علي ملامح عبد الحميد الذي تجاهله وقال بوعيد
" و أني موافج.. خلونا نشوف رأيها اي. بس اوعاك تزعل لو جالت لاه اني حاولت افاديك الإحراچ.."
شعر سالم بشئ خلف حديثه ولكنه تجاهل شكوكه و قال بقوة
" لا متخافش عليا.. انا مستعد لاي حاجه.."
" وماله.. هجوم آخذ رأيها و ارچعلك.."
4
تحرك عبد الحميد إلى الداخل تاركًا خلفه سالم الذي أخذت تتقاذفه الظنون و صارت الدقائق تلدغه بكل ثانيه تمر بها إلي أن آتي عبد الحميد الذي كانت ملامحه غامضة لا تفسر و من ثم قام بإلقاء قنبلته الذي دوى ضجيجها في صدره ووووو
18
يتبع….
دعيني أُخبِرك شيئًا. إن روحي لا تُزهِر أبدًا سوي معكِ، عيناى لا تُضيء سوى بالنظر إليكِ. أضلعى لا تكتمل سوى بكِ. خلقت بى عشق من نار لا يُطفئها سوى قربك. ذلك الشق الناقص بروحى لم يرممه أحد سواكِ. لذا فإن كان طريق الوصول اليكِ مُستحيل فأخبري ذلك المستحيل أنني قادم ..
5
نورهان العشري ✍️
2
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
شعر «سالم» بشئ خلف حديثه ولكنه تجاهل شكوكه و قال بقوة
" لا متخافش عليا.. انا مستعد لاي حاجه.."
" وماله.. هجوم آخذ رأيها و ارچعلك.."
تحرك «عبد الحميد» إلى الداخل تاركًا خلفه سالم الذي أخذت تتقاذفه الظنون و صارت الدقائق تلدغه بكل ثانيه تمر بها إلي أن آتي «عبد الحميد» الذي كانت ملامحه غامضة لا تفسر ومن ثم قام بإلقاء قنبلته الذي دوى ضجيجها في صدره حين قال بلهجة خشنة و ملامح بدا عليها الإمتعاض
" العروسة وافجت.."
11
عودة لما قبل عشر دقائق.
جالسة في الغرفة الخاصة بشقيقتها و كل خليه ب جسدها ترتجف من فرط الإنفعال و الترقب ف الخدم ما انفكوا يتحدثون عن تلك الزيارة الهائلة التي أتوا بها الخاطبين على ديار العائلة و قد كان من المتوقع أن يتم خطبة أختها أمام أهل البلد وكبارها ولكن ماذا عنها؟؟
لأول مرة تثق بشخص بتلك الدرجة ولكن الكلمات توقفت علي أعتاب شفتيها حين وجدت السؤال ماذا عنها؟
وعدها و تصدقه تعلم بأنه سيفعل المستحيل لأجلها ولكن هل يتضمن ذلك المستحيل أن تصبح هي الأخرى عروسًا له في اقرب وقت؟
يا لسخرية القدر فمنذ بضعة أسابيع كانت تهرب منه و من عشق جارف يتخلل قلبها إليه و الآن تتلهف علي خطوة بسيطة قد تقربها منه! ولما لا فقد ذاقت حنانًا بين أضلعه لم تختبره طوال حياتها. حنان جعلها كالمدمن الذي يريد جميع جرعات مخدره دفعة واحدة حتى تغمره نشوة الحب و يغرق في بحور السعادة التي لم تختبرها مسبقًا. مايزال هناك الكثير من الألم و الندوب تحتاج إلى بلسم قربه ل يرممها. و ايضًا تلك الندبة الكبيرة التي شوهت قلبها ذات يوم كان قربه الدواء الفعال لزوال أثرها.
شقها الروحي الذي تساقطت منه حروف اسمها دون أن تتذوق منه رشفة واحدة كانت تحتاج أصابعه الحانية ل تحيكها بخيوط من عشق هو الوحيد القادر على إعادة هيكلة كيانها المبعثر..
20
زفرة قوية خرجت من جوفها مصحوبة بتيارات ندم جارفة على كل لحظة استسلمت لخوفها الذي أبعدها عنه ولكن شئ ما بداخلها ذكرها بكلمته التي كانت كالبلسم على روحها الملتاعه
" روحي قصاد روحك."
جملة كانت أكثر من كافية لجعلها تهدأ لثوان و كأنها مخدرًا قويًا سري في أوردتها مما جعلها تغمض عينيها متنهدة براحه و داخلها يردد
" يا الله لا تختبر قلبي بخسارته فإنه علي روحي عزيز…"
3
مازالت مغمضة عينيها حين ردد قلبها بتوسل
" أرجوك يا سالم متتخلاش عني.."
أخرجها من بحر هواجسها وتخبطاتها طرقة قويه علي باب الغرفة جعلتها تهب من مكانها و خاصةً حين وجدت جدها يطل من الباب بهيبته التي لطالما بعثت الرهبة ألي أوصالها إضافة إلى نظراته التي كانت قاتمة بشكل مخيف تشبه لهجته حين ألقى قنبلته على مسامعها
" كتِ عارفه أن ابن الوزان چاي يطلب يدك النهاردة ؟'
هبت «فرح» من مكانها لدى سماعها كلمات جدها التي كان وقعها كالقنبلة التي دوي طنينها بقلبها فأشعرتها لأول مرة بأنها بكماء لا قدرة لها على الحديث الذي تولته «جنة» حين تدخلت قائلة
" حضرتك تقصد مين يا جدي ؟ انا ولا فرح؟"
تجاهل حديثها بينما كانت نظراته مصوبة علي «فرح» التي حاولت استجماع شجاعتها و بللت حلقها قبل أن تقول بلهجة مهتزة
" لو تقصدني أنا ف لا مكنتش اعرف."
1
عينيها لم تكن مهتزة ك لهجتها فشعر بصدقها و لكنه تجاهله حين قال بفظاظة
" أكده يبجي اطلع ابلغهم رفضك.."
خرج الحديث من أعماق قلبها الذي ارتعب من فقده
" بس انا موافقه.."
التفت «عبدالحميد» يناظرها بغضب تجلي في نبرته حين قال
" يبجي كتي عارفه و هتكذبي علي!'
اخذت نفسًا قويًا خبأته ب داخل صدرها الذي تزاحم به الخوف و الألم معًا و استدعت شجاعة كانت سلاحها لسنوات قائلة بلهجة ثابتة
" انا مكذبتش عليك لما قلت معرفش انه جاي يتقدملي النهاردة. لكن كنت متأكدة انه هيعمل كدا في وقت من الأوقات.."
كلمة واحدة خرجت من جوفه الغاضب
" بينك وبينه آية؟ "
بشجاعة اجابته
" تقصد اللي في القلب ولا تقصد اللى براه ؟"
تحرك خطوة تجاهها اهتزت لها داخليًا و خاصةً حين قال بصوت مرعب
" التنين!"
2
" انا مشوفتش منه غير كل حاجه كويسه. حمانا في أكثر لحظات ضعفنا. مسمحش لحد يتحكم فينا أو يبهدلنا. حاول علي قد ما يقدر أنه يصلح خطأ مكنش له ذنب فيه. كل الي بينا و اللي شوفته منه أنه راجل يعتمد عليه. دا لو بتسأل ع الظاهر و اللي حصل . أما اللي جوايا له فأنا اتمنى فعلًا اني اكون مراته. والوحيد اللي هوافق انى اتجوزه"
9
كلماتها لامست شيئًا داخل قلبه تجاهله وهو يقول بنبرة قويه
" اللي عتجوليه دا صوح. و اني موافج عليه بس انى مختارلك زينة الشباب. اللي مهتشوفيش في شهامته واصل.."
4
تحدثت معاندة
" بس أنا اخترت سالم.."
زمجر معترضًا
" يفرج ايه ده عن ولد عمك؟"
هنا انفتح باب الغرفة و أطل منه «عمار» بهيئته الضخمة و ملامحه الواجمة يتوجها عينين قاتمة لم تفلح في إرهابها بل علي العكس عززت من شجاعتها حين قالت
" القلب وما يريد يا جدي و أنا قلبي اختار سالم الوزان و مش عايزة راجل غيره.."
3
كانت جملتها علي كرامته تشبه صفعته علي وجنتها ذلك اليوم فهي تفضل آخر عليه حتى لو لم يكن يحمل لها عشق خاص ولكن رجل مثله يأبي كبرياءه المقارنة بشخص آخر ناهيك عن خسارته النكراء أمام غريمه ولكنه ابتلع جمراته الحارقة و أردف بسخرية
"من ميتا و احنا بناخدو رأي الحريم يا جدي في الأمور الي زي دي..؟"
10
زفر «عبد الحميد» بغضب فالأمور خرجت عن سيطرته ولكنه لم يحسب حساب ل«فرح» التي أرادت سكب النيران فوق بركاته الثائر لذا قالت بشجاعة
" لو كانت الأرض هي اللي منعاك توافق على جوازي من سالم يا جدي فأنا متنازله عنها.."
برقت عيني «عمار» فقد كان يعلم بتحديها له و برغبتها في أغضابه فهي تضحي بالغالى و النفيس لأجل ذلك السالم وما أن أوشك على الحديث حتى جاءه صوت «عبد الحميد» الصارم
" اجفلي خشمك يا فرح.. ارض ايه الي هتتكلمي عنيها؟! اني عايز موصلحتك أنتِ و خيتك.. "
في خضم نزالها مع «عمار» شعرت بأن كلماتها أذت جدها فاقتربت منه قائلة بصوت رقيق متوسل
" أنا أسفة يا جدي مقصدتش. بس."
قاطعها غاضبًا
" مفيش بس . الحديت خلوص خلاص.."
التفت ينتوي المغادرة فاستوقفته كلماتها المتوسلة حين قالت
" ورحمة ابويا يا جدي ما تظلمني…"
19
تجمد بمكانه إثر رجاءها الغير متوقع و التفت يناظرها بعينين لم تستطيع رد توسلها أبدًا فلاح بهما الحنان لوهلة قبل أن يقول بصرامة
" ورايا يا عمار .."
عودة الوقت الحالي
لحظة توقف الزمن حوله فقد كان يتوقع خوض حربًا ضارية أمام ذلك العجوز الداهية ل انتزاعها من بين براثنه ولكن أن تأتي الموافقه علي طبق من ذهب هكذا شئ جعل عقله يعمل في جميع الاتجاهات فمن الواضح بأن مهرته قد تحلت بشجاعتها و وقفت مدافعة عن عشقهما و لأنه كان عشقًا جارفًا لا يعرف الحدود فقد أراد في تلك اللحظة رؤيتها حتى يقبل تلك الشفاة الرائعه التي أعلنت قبولها الصريح و لم تهاب أحد…
" الف مليون مبروك يا حاج عبد الحميد .. احنا زادنا شرف والله "
هكذا تحدث «صفوت» الذي صاح بتهليل يهنئ «عبد الحميد» الذي بدوره كان متجهمًا لتأتي كلمات «سالم» المطمئنه فقد حمل له بعض الامتنان لكونه لم يقهر حفيدته و لم يرغمها علي شئ لا تريده..
" فرح في عنيا يا حاج عبد الحميد.. اتأكد أنها في إيد أمينة.."
4
نظراتهم كانت تحمل الكثير و قد تفهم «عبد الحميد» أن ذلك الرجل بالرغم من شهامته ومروءته يحمل الكثير لحفيدته و بالنهاية هو لا يريد سوى سعادتها لذا تجاهل كل شئ و اقترب قائلًا
" بس أكده المهر هيبجي غالي جوي يا سالم بيه. يعني عروستين من عندينا خبطة واحدة.."
ابتسم «سالم» قائلا بثقة
" و أنا رقبتي سدادة.. اؤمر "
تدخل «صفوت» قائلًا بمجاملة
"كنوز الدنيا كلها تحت رجلين بناتكوا يا حاج عبد الحميد.. و عيلة الوزان معروفة على ايه. "
3
«عبد الحميد» بوقار
" تسلم وتعيش يا صفوت بيه.. وعشان انتوا ناس محترمه هنديكوا بناتنا.. "
تدخل «سالم» قائلًا بخشونة
" قبل اي حاجه احنا عايزين نعجل بالفرح يعني اقصي حاجه الأسبوع الجاي"
4
انكمشت ملامح «عبد الحميد» بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" و ليه العچلة ؟ ما جولنا آخر الشهر"
«صفوت» بتعقل
" مدام كل حاجه خلصانه وكل طلباتك مجابه يبقى ليه نأجل. الولاد عايزين يستقروا و اظن دا ميزعلكش ولا ايه؟"
انفتح الباب وأطل كلًا من «ياسين» و «عمار» الذي ألقي السلام بينما عينيه تقتنص ذلك الذي ناظره بغضب قاتم ازدادت شراسته حين قال
" وه.. كلام ايه دا يا معالي الباشا. هي مش كل حاچه عايزة ترتيبات ولا اي؟؟ دا چواز مش سلج بيض.."
تجاهل «سالم» حديثه قاصدًا تهميشه و هو ينظر إلي «عبدالحميد» الذي قال بتفكير
" اني معاك يا سالم بيه انك عايز تعچل و دا رأيي بس كل حاچه زي ما جال عمار لازملها ترتيب "
لم تتغير ملامح «سالم» إنما قال بنبرة فظة
" مابحبش أعيد كلامي مرتين يا حاج عبد الحميد. كل اللي عليك تطلب وانا هنفذ. و ياريت ننهي أي جدل مالوش لازمة.."
احتد «عمار» في الحديث حين قال
" و احنا لازمن نفكرو زين جبل ما ناخدوا اي خطوة . احنا مابنرميش بناتنا ولا اي يا حضرات؟"
لم يتيح الفرصة لأحد للحديث فقد ناظره شذرًا وهو يقول بلهجه مهينة
" لما تحب يكونلك رأي ابقي احضر قاعدة الكبار من اولها. احنا خلاص اتفقنا."
8
انتفخت أوداجه غضبت و ما أن هم بالرد حتى جاء حديث «سالم» القاطع ل«عبد الحميد» حين قال بفظاظة
"  تحديد المواعيد دا راجع لينا و احنا زي ما قولت جاهزين. لو انتوا مش جاهزين أو طلباتنا تقيلة علي دكتور ياسين يبقي نشوف وقتها.."
نجح في غرس سهم في منتصف الهدف فقد اكفهرت ملامح «عبد الحميد» الذي هب قائلًا باعتراض
" كلام ايه ده اللي عم تجوله . احنا رجابتنا سداده و دكتور ياسين كد الدنيا ولو عالفرح اني موافج الخميس الچاي "
4
اتبع مبدأ طرق الحديد وهو ساخن إذ قال بفظاظة
" الفرح هيتعمل هنا احتراما لظروفنا. و أنا و سليم في آخر اليوم كل واحد ه ياخد عروسته و هيمشي.."
«عبد الحميد» بوقار
" موافج. بس زي ما جولت جبل أكده هنعملوا فرح يليج بينا.."
«سالم» بخشونة
" اعمل اللي يعجبك. و أي مصاريف انا متكفل بيها. "
«عبد الحميد» بسخرية
" يعچبني فيك غرورك بنفسك يا سالم بيه.. يمكن متعرفش عاداتنا "
«سالم» بثقة
" عارف.. و موافق. و اللي بتسميه غرور ده ثقه بالنفس. رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه.."
4
انتهت الجلسة و جاءت ب نتائجها المرجوة و ظفر المحارب باقوى معاركه و لكن تبقي انتقام لروحه التي اهتزت بوجع المحبوب فحين هم الجميع بالمغادرة اقترب بعينيه القائمه التي تخفي غضب مدمر و بهسيس مرعب قال بجانب أذن «عمار»
" مستنيك النهارده الساعه ٩ بالليل عند شجرة التوت اللي في آخر أرضكم.."
8
صُدِم «عمار» من حديث «سالم» الذي لم يزيد كلمه واحدة بل رفع رأسه بشموخ وهو يغادر تاركًا خلفه «عمار» الذي كان يتخبط بأفكاره..
3
في غرفتها تنتظر إعلانًا أما ببقائها على قيد الحياة و لكن تلك المرة ستكون حياة حقيقية أو بموت محتم أن افترقت عنه ولكن لم يدم خوفها كثيرًا فقد اندلعت أصوات الزغاريد من الأسفل فهرولت الفتاتين للخارج لرؤيه ما حدث فإذا بالرجال يخرجون من غرفة المكتب وعلى رأسهم «عبد الحميد» الذي اطلق أوامره للخدم حتى تتعالى أصوات الفرحة في القصر فأخذت «تهاني» تزغرد فرحه و هي تقترب منهما وتقول بحبور
" مبروك يا چنة مبروك يا فرح .. والله و دخل الفرح بيتنا من تاني.."
لدى سماعه اسمها لم يستطيع سوي ان يلتفت برأسه ل يرسل إليها نظرة عاشقة راضية اخترقت قلبها الذي أصبح يشعر به دون حديث. فهي تعلم مقدار رضاه و فرحته حين حاربت لأجل عشقهم. فالمعركة لم تكن سهلة ولكن المحارب كان شجاعًا استند علي ذخيرة قوية ولهذا كانت النهاية الانتصار على قيود القدر التي أحكمت تطويق قلوبهم لسنوات طوال…
13
*****************
جاء المساء في هذه القرية الهادئة التي لم يتناسب هدوئها مع ضجيج قلوبهم و خاصة تلك التي كانت تحارب عشقًا جارفًا يغزو كيانها بجموح ارهبها بقدر ما ترهبها نفسها التي ذاقت الويلات جراء تلك الكارثة التي ضربت حياتها ف أودتها إلى قاع جحيم مستعر تجاهد بكل قواها حتى تخرج منه و طوق نجاتها الوحيد يكن في يد لطخت بدماءها فهل تستطيع نسيان جرحه و إهانته المؤلمه لها ام ستظل في جحيم عذابها هذا الي الأبد..
زفرت بتعب وهي تتذكر ما حدث قبل عدة أيام تحديدًا يوم الحريق الذي اشتق نيرانه من قلوب امتزج بها الغضب و  الشوق معًا
في وقت سابق
ترجلت من السيارة بأعين مذعورة تشاهد هذا الدخان الكثيف الذي يحلق في سماء مزرعة عمها و ما كادت أن تخطو خطوة الي داخل البوابة حتى تفاجأت بذراعين تطوقان خصرها من الخلف و صوت خافت أصبحت تحفظ تردداته عن ظهر قلب اخترق مسامعها حين قال
" راحة فين لسه بينا حساب لسه مصفيناهوش.."
تجمدت جميع خلاياها من فرط صدمتها حين شعرت بوجوده و يده المطوقه خصرها بقوة لم تؤلمها بل جعلتها تترك له نفسها حين اختفي بها في أحد الأشجار الكثيفة و من ثم ترك فمها الذي كانت تكممه يداه وقام بإدارتها إليه و هو يناظرها بعينين يملؤها العشق و اللهفة معًا فبدت لامعة تحت ضوء القمر الذي يتسلل بخفوت بين غصون الشجر فكان المشهد يبدو رائعًا لمن يراه من بعيد و خاصةً حين أضاف بلهجة خشنة تحمل شوقًا كبيرًا
" عاجبك شغل الهجامة اللي احنا فيه ده؟ بقالي اسبوع مش عارف اوصلك ؟؟"
تجاهلت عتابه الخشن ولهفته التي كانت تلون ملامحه وقالت بسخرية
" والله قول لنفسك. ايه الي بتعمله دا؟ مفكر انك كدا هتجبرني اتكلم معاك؟"
تغلبت طبيعته الغاضبة على تعقله فصاح مغلولًا
" انتِ لسه لحد دلوقتي مشوفتيش إجبار. "
عاندته غاضبة
" و لا هشوف و لا عمرك هتقدر تجبرني اصلًا"
1
أكد حديثها قائلًا بفظاظة
" في دي عندك حق. مش سليم الوزان الي يجبر واحدة عليه."
استفهمت مستنكرة
"والله. اللي بتعمله ده اسمه ايه؟"
فاجأها حين قال بنبرة اهدأ قليلًا
" أسمه اني شايف قلبك و عارف اللي جواه. انا مش صغير و اقدر افرق بين الرفض و الخوف. الخوف اللي مانعك تسلميلي و تعترفي بمشاعرك ناحيتي. "
2
أوشكت على معارضته فتابع بلهجة قاطعة
" متكابريش يا جنة.. عنيكِ معرياكِ. ومخلياني شايف قلبك كويس اوي. انا هقولك كلمتين ملهمش علاقه بيا. أنتِ مش وحشه والغلط مكنش عندك. أنتِ كنتِ ضحية. بلاش تغيرِ طبيعتك وشخصيتك بسبب اللي حصل"
صاحت بقهر
" ولما يتكرر تاني هتنفعني طبيعتي وشخصيتي بأيه؟"
قاطعها بصرامة
" مش هيحصل أبدًا ."
" و ايه اللي يضمنلي اني متأذيش تاني؟"
امتدت يداه تمسكها من مرفقيها بقوة تجلت في نبرته حين قال و عينيه مسلطه كشعاع علي خاصتها
" عشان أنا موجود.. وعمري ما هسمح لأي حاجه او اي حد أنه يأذيكِ.."
5
ارتج قلبها لتصريحه القوي ونبرته التي كانت مطمئنة بطريقة كبيرة جعلتها عاجزة عن الحديث ليتابع هو بخشونة
" انا مش عايزك عشان اصلح اخطاء إلي قبلي . انا عايزك عشان محتاجك زي مانتِ محتجاني.."
انكمشت ملامحها بألم كان صداه حارق بقلبها و تجلي في نبرتها حين قالت
" محتاجني عشان اداوي الجرح الي جرهتهولك ست مروة صح؟"
تبدلت معالمه للدهشه التي تجلت في نبرته حين قال
" مروى! و أنتِ ايه عرفك بمروة؟"
" مش مهم . المهم اني عرفت. "
تجاهل غضبه و قال بفظاظة
" طب ما تخلي عندك الجرأة و قولي اللي جواكِ بدل ما ترمي الكلام وخلاص؟"
عاندته بتهكم
" لما تخلي عندك الجرأة و تقولي انت فعلًا كنت على علاقه بيها و حبيتها و لا لأ؟"
صمت دام لثوان اتبعه زفيرًا حارقًا خرج من جوفه و كعادة رجل مثله يتخذ من الصدق مذهبًا طوال حياته أجابها بلهجة قاطعه
" أيوا حبيتها. "
لم تتفاجئ بقدر ما تألمت من تصريحه و ارتسم ألمها علي ملامحها فقد كان اعترافه موجعًا بحق ولكنه تابع بخشونة
"في يوم من الايام مشاعري ناحيتها كانت قوية لدرجة اني فكرت اتجوزها. وهي كمان حبتني أو دا اللي قالته وقتها بس لما اتعارض الحب دا مع مستقبلها و كريرها قعدت تماطل و أنا مابحبش كدا."
أردفت بسخرية مريرة
" قمت سايبها!"
أيدها قائلًا بقوة
" ايوا سبتها. ومش ندمان. كان ممكن احترمها لو كانت واضحه وصريحه. لكن هي مكانتش كده. بالعكس كانت شخص متلون و مراوغ لأقصي درجة. و دا اللي خلاني مندمتش لحظة عليها. "
تابع وقع حديثه على ملامحها التي ارتخت قليلًا و تابع بقوة
" مفيش علاقة في الكون ممكن تنجح وهي تفتقر الثقة يا جنة. و هي هزت ثقتي فيها"
استفهمت بقلب مرتعب
" عندك حق. بس يعني لما جت ؟ و اعتذرت ليه مسامحتهاش مش يمكن تكون اتعلمت من غلطها.."
بلهجه قويه ك نظراته تمامًا أجابها
" فات الوقت. خلاص مبقاش ليها جوايا اللي يخليني قادر حتى ابص فى وشها.  علاقتي بمروة كانت علاقة فاترة لما انتهت انا حتي متألمتش . مش هنكر افتقدت مشاعر معينه بس متأذتش ودا معناه حاجة واحدة.."
" ايه هي؟"
هكذا استفهمت بلهفة فأجابها بنفس لهفتها
" انها مكنتش مشاعر قوية بالدرجة الي تخليني اسامحها و اقبل اني ارجعلها.. "
كانت تود لو تستفهم بملء صوتها وتقول
" أهكذا فقط؟"
ولكنه استفهام أبى الخروج من بين شفتيها التي ذمتها بألم تجلي في عينيها التي كانت مرآته لقلبها فتابع بنبرة أجشة
" الحب اللي بجد هو اللي يخلي شخص واحد تقف حياتك عليه. فراقه يعني موتك."
توقف و عينيه تتابع وقع كلماته عليها و تابع بلهجه صادقة
" و الشخص دا هو أنتِ يا جنة.."
ارتج قلبها و اهتزت أضلعها التي تحمله جراء تصريح رائع بالحب لم تجروء علي توقعه يومًا فانهالت عبراتها تأثرًا واهتز جسدها بين يديه التي احتوتها بضمة قويه كانت أكثر من محببة لها فأطلقت العنان لمشاعرها المكبوتة قي الخروج علي السطح فجاءت كلماته الحانية لترمم ثقوبًا و تصدعات شوهت روحها
" خرجي كل الي في قلبك. عيطي لو دا هيريحك. املي الدنيا صريخ و أنا هسمعك. بس اوعي تكتمي ألمك جواكِ اكتر من كدا."
فعلت مثلما اخبرها فأخذ بكائها يرج غصون الأشجار حولهم و مع كل شهقه كانت تخرج من جوفها يزداد تعلقه بها أكثر حتى صارت وكأنها جزء من جسده ، شقًا من روحه ، قطعة من قلبه المتيم بعشقها و الذي اخترق جميع دوافعها فوجدت نفسها تهمس باسمه
" سليم.."
2
اخترق همسها قلبه فقام برفع وجهها يحيطه بكفوفه الحنونه وهو يقول بهمس
" عيونه..'
اجابته بلوعة
" انا خايفه اوي . خايفه من كل حاجه. خايفه اقرب من ابني لاخسره خايفه لا المرض دا يكون عقاب من ربنا ليا عشان غلطتي. خايفه اتعلق بحياة جديدة تنتهي بكارثه زي ما حصل قبل كدا.. احساس الخوف دا هيموتني و أنا مش قادرة اعيش بيه أبدًا …"
5
كلماتها الملتاعه كانت أشبه بالجمر علي قلبه الذي انتفض بداخله اضلعه ألمًا و عشقًا تجلي في نبرته حين قال
" اوعي تخافِ و أنا موجود. "
تابع و يديه تمسد أكتافها المرتجفه متابعا بقوة
" ابنك دا هديه ربنا ليكِ وهيتربي في حضننا.  ربنا له حكمة في كل حاجه حصلت. الطفل اللي مش قادرة تقربي منه دا لولاه مكنتيش اكتشفتي حقيقه مرضك و هو لسه في أوله. اللي هو ابتلاء من ربنا و هتصبري عليه عشان أنتِ قويه و عشان ربنا بيحبك. ربنا بيبعت البلاء للي بيحبهم. "
أيدته قايله
" انا عارفه. بس.."
قاطعها بحكمه
" مفيش بس. في الحمد لله علي كل حاجه تيجي من عند ربنا. و تبقي قويه عشان أنتِ احسن من غيرك كتير. أنتِ جمبك ناس كتير بتحبك. اهلك و اختك و ابنك و أنا…"
1
تعمقت نظراتها أكثر بعينيه التي اقتربت أكثر فأسند جبهته فوق خاصتها قائلًا بصوت أجش
" انتِ غاليه اوي يا جنة. اغلى عندي من روحي.. وجودك يعني اني عايش. و ألمك دا بيفتت قلبي.."
2
انهي جملته واضعًا قبلة حانيه علي أرنبة أنفها قبل أن يتابع بصوت مغلفًا بلهيب الصبوة
" خليكِ قوية و أنا ايدي في ايدك لحد ما نعدي كل حاجه سوى؟"
" هتصبر عليا؟"
2
كلمه واحده منها كانت لها وقع القنبلة علي مسامعه فتراجع يناظرها بلهفه تجلت في نبرته حين قال
" بالرغم من إن سليم الوزان عمره ما عرف يعني ايه صبر بس انتِ تستاهلي اني اتعلمه عشانك.."
12
" سليم الوزان اختار يدخل النار برجليه.."
هكذا أجابته في محاولة للوصول إلي أقصي مراحل الأمان بقربه فتفهم علي الفور مقصدها فأجابها بخشونة
" اعتبري سليم الوزان دا ملكك بكل ما فيه. قربي و ملكيش دعوة"
" تقصد ايه؟"
" ايه رأيك تعتبريني صاحبك. الي بتجري تحكيله علي كل حاجه تخصك. فرحك حزنك ألمك كل حاجه. "
1
ابهرتها كلماته التي انهالت عليها ك سيل من المياة العذبة لتروي تربه تصدعت من فرط الجفاء و خاصة حين أكمل
" اعتبريني البحر الي بترمي فيه كل مشاعرك. "
إجابته بنبرة مرتجفه
" و افرض فهمت كلامي غلط"
" استحاله.. انا شايف قلبك. و عارف الي جواه. و مبسمعش غير ليه. اى كلام تاني مش هيهزني .."
انكمشت ملامحها بحيرة كل ما بداخلها ينطق بالموافقه إلا من شعور دخيل يمنع الكلمات من أن تغادر حدود شفتيها ولكنه تفهم ما يحدث فقال بتفهم
" متجاوبيش دلوقتي.. خدي وقتك و اول ما قلبك يقنعك كلميني.. قوليلي عيزاك. و أنا هجيلك لو من آخر الدنيا.."
رغمًا عنها ارتسمت ابتسامه جميلة علي شفتيها أضاءت له عمرًا بأكمله فاقترب بترو واضعًا قبله هادئه فوق عينيها اليمني ثم انتقلت شفتيه الي العين اليسرى ناثرًا عشقه فوق بحرها الأسود اللامع فخرجت لهجتها مهتزة حين قالت
" بتعمل ايه؟"
5
بملامح عاشقه و عينين تلتهمان حسنها إلتهامًا أجابها
" بوثق إتفاقِ بيني و بين قلبك.."
6
عودو للوقت الحالي
هبت من مجلسها تنوي بدأ حياة جديدة معه. فقد اضناها العذاب و اكتفت من دفع ثمن خطأها الغير مقصود و بالفعل قامت بسحب هاتفها لتراسله و لكنها احتارت ماذا تكتب؟ هل تخبره بقرارها برسالة لن تحمل مقدار ذرة من مشاعرها التي تجتاح قلبها كالطوفان ام تخبره وهي تنظر إلي داخل عينيه؟
ظلت تدور بغرفتها غير قادرة علي اتخاذ القرار ولكنها توقفت فجأة حين تذكرت كلمته التي كانت أكثر من كافيه للتعبير عن جميع مشاعرها التي لن تستطيع الأفصاح عنها..
فقامت علي الفور بتدوين ما تريد و الذي اختصرته في عدة حروف بسيطة
" عيزاك.."
2
ما أن همت بإرسالها حتي تعالي صوت بكاء بجانبها والذي لم يكن سوي لطفلها محمود الذي كانت تخشي كثيرًا الاقتراب منه فكانت تتركه الوقت بأكمله إما لشقيقتها او لزوجة عمها للإهتمام به و لكنهما الآن غير متواجدتان و الصغير يبكي بحرقه رق لها قلبها فاقتربت منه بخطيٍ سلحفيه لتجده يتلوي بسريره وجهه محمر بشدة و ملامحه الجميلة مكفهرة بطريقه توحي بأنه يتألم و دون أن تشعر ساقها قلبها إليه فقامت بمد يدها المرتجفه تتحسس وجنته فاحرقتها تلك السخونة المنبعثة منها فارتعبت و قامت بحمله و داخلها يرتجف رعبًا حين وجدت الطفل ينتفض بين يديها يعاني من ارتفاع شديد في حرارته…
1
**************
كان الغضب شعور بين ألف شعور يجتاحه و هو يقف أمام تلك الشجرة التي تحمل ذكريات لعينه بين مالكه قلبه و بين رجلًا آخر و كأنه أراد قتل تلك الذكريات في مهدها حين قرر لقائهم أن يتم تحت أنظار تلك الثمار المتدلية بإغراء من الغصون . أراد أن يزودها بذكريات أخرى سيئه قد تأتي اولًا بذاكره ذلك الذي تجرأ و اقترب من محبوبته شرًا كان أو خيرًا .
" اهه.. اديني چيتلك .. أما اشوف مواعيد العشاج دي اخرتها ايه؟"
4
هكذا كان حديث «عمار» موجهًا أياه ل«سالم» الذي كان يعطيه ظهره و ما أن سمع صوته حتي اسودت حدقتاه و اكفهرت معالمه و شدد قبضته فبدا مريعًا حين التفت يناظره و خاصةً حين قال بوعيد
" بما أن الشجرة دي ليها معاك ذكريات حلوة. فقولت احطلك انا كمان ذكرى تفكرك بيا"
1
انهي كلماته وقام بتوجيه لكمة قويه إلي انف «عمار» الذي نزف في الحال. و لم يستطيع استيعاب ما يحدث حين وجد اللكمات تنهال عليه من كل حدب و صوب فهو لم يكن خصما سهلًا بالمرة ولكن كان لعنصر المفاجأة وقعًا قويًا عليه. إضافة إلي أن ذلك الوحش الثائر الذي أمامه كانت تعميه نيران الغضب و الغيرة فأخذ يكيل له اللكمات و الضربات التي نالت جميع أجزاء جسده بلا رحمة ولا شفقة . فحي دماءه التي سالت أرضًا لم تشفع له فقط كل ما يراه هي وجنتها التي أصابتها يده القذرة و شوهت جمالها و نالت من كبرياءها..
4
كان هذا كله يحدث أمام مرآى و مسمع من «سليم» و «مروان» الذان يجلسان بالسيارة في انتظار «سالم» الذي أمرهما بعدم التدخل حتي و لو أزهقت حياته فزفر «مروان» بملل قائلًا
" وبعدين بقي في فيلم الاكشن اللي مش هيخلص دا ؟ ما تيجي نجوش اخوك الي شبه التور دا هيموت الراجل في ايده و بدل ما يشبك يتكلبش!"
5
اجابه «سليم» بضجر
" مانت سمعت تنبيهاته أن محدش يدخل.. مش ناقصين غضبه "
اطلق «مروان» زفرة حانقة قبل أن يقول
" علي رأيك و بصراحه الي اسمه عمار دا ابن حلال و يستاهل.."
1
انهي «مروان» جملته تزامنًا مع رنين هاتف «سليم» برساله نصية كان لها وقع الطبول علي قلبه الذي انتفض بين أضلع حين قرأ محتواها.
" عيزاك."
" بقولك ايه يا مروان . خدمة لأخوك عايزك تستناني هنا لحد ما ارجع.."
«مروان» بامتعاض
" ايه ياخويا و أنا كنت كلت ايه عشان اشرب عليه . مابعملش خدمات لحد ."
تابع «سليم» بلهجه يشوبها التوسل
" عيب عليك دانا حبيبك.. و زي اخوك"
«مروان» باستنكار
" اخويا مين انا معنديش غير أخ واحد و اتبريت منه هو و بنته الي لسانها عايز قطعه دا..'
2
زفر «سليم» بحنق ثم تابع بإقناع
" قدم السبت تلاقي الحد. وانا و شرف امي هشيلهالك جميلة.."
التمعت عينيه بمكر قبل أن يقول باستمتاع
" وماله مدام حلفت بالغالي.. واهي الجميلة البيضه تنفع في الليلة السودا. "
«سليم» باحتقار
" اتفو.."
4
ترجل من السيارة تاركًا «مروان» خلفه و الذي أخذ يتابع تلك الحرب الطاحنه التي انتهت أخيرًا و جاء «سالم» تاركًا خلفه «عمار» جثة تنازع للبقاء علي قيد الحياة فما أن استقل السيارة بجانبه  حتي قال بخشونه
" سليم فين؟"
1
«مروان» بسخرية
" المزة بعتتله رساله فخلع.. انما ايه دا يا راجل . دانت طلعت اجمد من ذا روك. يا رافع راسنا انت.."
«سالم» بفظاظة
" بطل رغي كتير و يالا بينا.."
انكمشت ملامح «مروان» بصدمة و قال باستفهام
" يالا ايه يا راجل ؟ الواد دا لو سبناه كدا للصبح مش هيطلع عليه نهار.."
«سالم» بجفاء
" شالله ما طلع .'
«مروان» محاولًا تهدئته
" لا يا كبير متعودتش منك علي كدا. حقها و جبته بس انت عمرك ما كنت ظالم. بلاش غضبك يتحكم فيك.. علي الأقل نسعفه.. و خلي بالك انت ممكن تخسر كتير.. "
1
لون المكر ملامحه قبل أن يقول باستمتاع
" عندك حق.. علي الرغم من أنه عمره ما هيقول أن أنا إلي عملت فيه كدا عشان صورته متتهزش . بس انا هطلع اجدع منه.."
" تقصد ايه؟"
ترجل من السيارة وهو يقول بأمر
" خد العربيه و روح وديه اقرب مستشفي خليهم يسعفوه و أن حد سألك قولهم انك لقيته مرمي بيموت و جبته علي هنا. "
3
«مروان» بتهليل
" اه يا نمس.. انت عايز تعمل عليه نمرة و توصل لعبد الحميد انك أنقذت حياة حفيده الي عمره ما هيقدر ينطق و يقول انك خرشمته.. لا كبير بصحيح. "
2
«سالم »بفظاظة
" نفذ الي قولتلك عليه.."
كانت تذهب الي بيتها بجلبابها الملوث بروث البهائم و رائحه النتانه التي كانت تلاصقها منذ أن أمر هذا الطاغية بأن تقوم بتنظيف الحظائر ذلك العمل الشاق الذي كان كعقاب قاس لها جعلها تقول بغضب
" الهي يچيك و يحط عليك يا عمار يا ابن ام عمار.. الهي يحكم عليك الجوي . يالي تنشك في بطنك. الهي يدك تتكسر يا بعييد. بجيت كيف البهايم من كتر الجرف الي أني فيه.. روح يا شيخ الهي اشوف فيك يوم يا ظالم.."
12
هكذا خرجت دعواتها من اعماق قلبها الغاضب و ملامحها الممتعضة وهي تسير عائدة الي منزلها بعد يوم شاق لتتوقف فجأة وهي ترى ذلك الملقي علي الأرض غارقًا بدماءه و بجانبه شخص ما بدا و كأنه يجهز عليه فتسللت علي أطراف اصابعها مقتربه منهم لتتفاجئ ب«عمار» و وجهه الذي كان منتفخًا من كثرة الضرب فقالت هامسه بغباء
" هو باينه استچاب ولا اي؟؟"
ثم تابعت اقترابها منهم فتبينت ملامحه بالفعل كان هو فما منها إلا أن تعالت صرخاتها بقوة
" يا حومتي. الحجونا يا خلج الحجونا يا هوه.. الكبير اتجتل . و الجاتل اهوة.. الحجونا.."
1
كان يحاول رفع جثته الضخمه بصعوبه و ما أن استطاع تحريكه من علي الأرض حتي تفاجئ بتلك الصرخات الآتيه من خلفه و التي افزعته فترك «عمار» بغته ليصطدم جسده بالأرض محدثًا صوت تألم قوي لم يأبه له إنما التفت إلي تلك المجنونة التي كانت تصيح هنا و هناك دون وعي فاقترب منها قائلًا بلهفه
" اقفلي بقك يا وليه انتِ هتلمي علينا الناس. والله ما عملت حاجه"
1
صاحت «نجمة» بتوبيخ
" يالا يا كذاب يا ناجص . اني بعيني شيفاك و انت بتجتله.. ورب الكعبة لهلم عليك الخلج.  الحجونا .. الحجونا…"
ذعر «مروان» من حديثها وقال بصياح و هو يحاول تكميم فاه تلك المشعوذة
" شايفه مين يا بنت الهبلة هتلبسيني مصيبة وربنا ما عملت في حاجه. انا جاي الحقه يخربيتك.."
«نجمة» بتهكم و نبره مرتفعه
" تلحجه! عليا اني بردك.يا سفاح "
«مروان» بصراخ و اندهاش
" سفاح مين يخربيت اهلك هتضيعي مستقبلي . والله ما لطيته.. و لا جيت جنبه.."
1
" اني هوريك يا جاتل. لازمن تاخد عجابك يا سفاح.."
اقترب «مروان» منها محاولًا كتمان فمها واضعًا يده خلف رقبتها يثبتها والأخرى علي فمها و هو يقول بغضب
" سفاح يسفحك يا شيخه.. دانتِ شيختي أهلي. منك لله يا بعيدة.. مش انا السفاح طب وحياة امي لو نطقتي بحرف واحد لهكون دافنك هنا.."
1
عند هذا الحد هدأت و هدأ صراخها و لكن ارتسم الرعب بنظراتها وهي تري ملامح «مروان» الذي أتقن رسم التهديد علي ملامحه و انبثقت من بين عينيه نظرات إجرام جعلتها ترتجف بين يديه فتركها قائلًا بنبرة صارمة
" ايدك معايا نرفع البغل داو نوديه المستشفي.. خليهم يلحقوه "
1
" لهوي لهو انت منيهم. ؟"
«مروان» باستفهام
" هما مين؟ "
" الي يجتلوا الجتيل و يمشوا في چنازته.."
قام بلكزها في كتفها وهو يقول بتقريع
"قتيل ايه يا متخلفه ماهو صاحي و بيتوجع قدامك اهوة. جايبه الغباء دا منين ؟"
2
" حاضر . حاضر . يالا واني هساعدك . بس سايجه عليك النبي ما تعمل في حاچه. داني الي بچرى علي اخواتي و بوكلهم من عرج جبيني.."
1
زفر «مروان» بغضب و استغفر في سره قبل أن يقول من بين أسنانه
" حاضر . اتفضلي يالا معايا و أنا وعد مش هقتلك. هقطع لسانك بس لو نطق تاني.. هي ايه الريحه دي؟"
1
هكذا تحدث بعد أن اخترق أنفه رائحتها القذرة فتراجعت خطوتين إلي الخلف قبل أن تقول بحرج
" ما چولتلك اني بوكل خواتي من عرج چبيني "
«مروان» باستنكار
" و عرق جبينك ريحته قذرة ليه كدا ؟ اتنيلي امشي قدامي.."
12
اطاعته و بصعوبه قاموا بنقل «عمار» الي السيارة فبدأ يستعيد وعيه قليلًا فقال بتأوة
" اني فين؟"
تهكمت «نجمة» التي كانت تجلس في الكرسي الخلفي بجانبه في السيارة
" في چهنم الحمرا.."
3
" بتچولي ايه يا حرمه انتِ؟"
قالها بشفاه مرتعشه جراء كدمه قويه شوهتها فتابعت تهكمها قائلة
" عمايلك العفشة چابتك چهنم.. عشان تبجي تفتري علي واحدة غلبانه زيي.."
قهقه «مروان» علي حديثها و قال بمزاح
" دانتِ باين عليكِ بتحبيه اوي.."
2
" حبك حنش انت التاني. مانتوا سفاحين بتشبهوا بعض.. هجول ايه ربنا عالظالم.."
" مين الي حبه حنش ياللي تحبك سحلية أنتِ؟  هتخلني اطلع كتاكيتي عليكِ. اتلمي يا بت."
7
سخرت قائلة
" لا و علي اي. مش مستاهله كتاكيتك انت التاني كفايه البهايم الي ابتليت بيها. مش ناجصه كتاكيتك كمان.."
" و أنتِ اسمك ايه اومال؟"
هكذا سألها «مروان» فأجابته بامتعاض
" نچمة!"
تهكم «مروان» قائلًا
" نجمة.. نجمة ايه دي أن شاء الله دانتِ نيزك.."
4
تدخل «عمار» بألم
" حد يرد عليا يا أغبية .. اني فين؟"
2
اجابه «مروان» بملل
" انت في عربيتي راح اوديك المستشفي بعد ما سالم طحنك علقة محترمه.."
خرجت كلماتها دون وعي
" شالله يسلم عمره…"
5
تجاهل «عمار» حديثهم و قال بتألم
" وجف ياد انت .. مستشفي ايه الي توديني عليها .. اتصلي بياسين ابن عمي ياچي ياخدني.."
«مروان» بتهكم
" اه صحيح مستشفي ايه الي اوديك عليها مفروض اوديك مصلحة الضرايب يخيطوا نافوخك الي سايح في دمه.."
تجاهل «عمار» حديثه وقال بنبرة حاول أن تبدو ثابته رغم ألمها
" جولتلك وجف و اتصل علي ياسين ياچي ياخدني."
زفر «مروان» بغضب و بالفعل هاتف ياسين الذي أجاب ممتعضًا
" عايز ايه؟"
«مروان» بجفاء
" ابن عمك مضروب و متمرمط  جيت اوديه المستشفي مرديش قالي اكلمك . احنا واقفين علي ورا القصر بتاعكوا اطلع عشان تاخده.."
هكذا تحدث «مروان ثم اغلق الهاتف في وجه ذلك الذي جن جنونه حين سمع حديثه و هرول من الباب الخلفي فوجد سيارة «مروان» التي صفها بالقرب منهم فتوجه إليها و صدمه مظهر «عمار» الغارق بدمائه فصاح بعنف
" مين الي عمل فيه كدا؟"
اجابه «مروان» بملل
" اهو عندك اسأله.. اتفضل شوف هتوديه فين عشان مستعجل عايز امشي.."
اغناظ «ياسين» من حديثه و لكن جاءه صوت «عمار» المتألم الذي قال
" ياسين. وديني البيت الصغير الي في آخر الأرض و كلم مرعي وهو هينصرف.."
" لازم تروح المستشفي انت مش شايف حالتك "
هكذا تحدث «ياسين» معترضًا فصاح «عمار» من بين جراحه
" اسمع الي هجولك عليه. اني مش جادر اتكلم
."
3
زفر ياسين» بحنق و أطاعه بعد أن أرسل نظرة متوعدة ل«مروان» الذي لم يهتز و قامت «نجمة» بالسير خلف «ياسين» ولكنها توقفت بقرب «مروان» قائلة بتوبيخ
" جادر و فاچر.  سفاح بحج و حجيجي.."
3
" طب اختفي من وشي عشان هطير رقبتك دلوقتي. "
هكذا قالها «مروان» بصراخ جعلها تهرول من مكانها ذاهبه في إثر «ياسين»..
**************
كانت تهرول قي المنزل حامله طفلها المرتجف بين يديها و هي تصيح هنا و هناك فظهرت لها أحدي الخادمات التي أخبرتها بأن شقيقتها و زوجه عمها في الحديقه فتوجهت  الي باب المنزل تفتحه و إذا بها تجده أمامها و كأنه جاء كالغوث بعد تضرعات قلبها الي الله بالنجدة التي تمثلت بكلماته حين قال بلهفه
" جيتلك زي ما وعدتك.."
كانت كلماته كالبلسم الذي لم تكن تحتاج سواه فتناثرت عبراتها من مقلتيها و خرج صوتها مبحوحًا حين قالت
" محمود بيضيع مني يا سليم …"
ارتعب من مظهرها و الطفل الذي يرتجف بين يديها فتناوله منها بلهفة لتصعقه حرارته القويه التي جعلته يقول بذعر
" دا بينتفض من شدة السخونيه.."
كانت كلماته مرعبة لقلبها فتجمدت بمكانها و خرجت الكلمات منها بطريقة آليه
" هيموت!!!"
امتدت يده الأخري تمسكها من رسغها بقوة أعادتها الي رشدها و قال بصوت قوي
" متقوليش كدا تاني.. أن شاء الله بسيطة.. يالا نوديه المستشفي.."
اومأت برأسها قبل أن تطيعه و هرولت خلفه الي الخارج فقابلتهم «فرح» التي استوقفها مظهرهم فقالت بقلب مرتعب
" حصل اي؟"
تحدث «سليم» و هو يتجاوزها
" محمود سخن مولع و رايحين بيه عالمستشفي.."
لم تستطيع أن تجيب شقيقتها فقط أخذت تومئ برأسها بهستيريا وهي تلحق به فتبعتها «فرح» وهي تصيح لزوجه عمها
" طنط تهاني محمود تعبان و رايحين نوديه المستشفي.عرفي جدي و الباقي.."
اجابتها «تهاني» بلوعه
" ربنا يطمنكوا عليه يا بتي.. روحي و لا يهمك.."
انطلق الثلاثه الي الخارج ليجدوا «سالم» الذي كان بصدد مهاتفتها يريد رؤيتها فإذا به يجد «سليم» يهرول بالطفل الي الخارج و هي و «جنة» خلفه فتقدم منهم قائلًا بصوت قلق
" في ايه؟"
اجابه «سليم» بلهفه
"محمود سخن مولع فين مروان ؟"
لم يكد «سالم» يجيبه إذ ظهر «مروان» الذي جاء بسيارته ليجد الجميع موجود فأذا به يتفاجئ «بسالم» الذي توجه إليه فاتحًا باب السيارة و هو يأمره
" انزل اركب جمبي.. سليم اركب جمب جنة و فرح ورا.."
اطاعه الجميع و فعلوا مثلما أمر و باقصي سرعته قاد السيارة الي المشفي الذي ما أن وصلوا إليه حتي هرول الجميع يطالبون بطبيب في الحال فانتشر الهرج و المرج داخل المشفي و وصل الطبيب بعد وقت قليل و قام بالكشف علي الطفل وسط حاله من الرعب المخيم علي قلب «جنة» التي كانت تشعر بأصفاد الذنب الساخنه تعتصر فؤادها فذلك الطفل الذي رفضته يهددها القدر بفقدانه هذا هو حال كل من يعارض مشيئه الرحمن و يجحد بنعمه.
كان الجميع بالخارج ينتظر خروج الطبيب بقلوب مرتعبه و أجساد مرتجفه فقد كان هذا هو حال« جنة »التي اقترب منها «سليم» يحتضنها بقوة حانيه و لدهشته فقد قامت برمي رأسها علي كتفه بكامل ثقلها و ما يحمله من ضجيج دوي طنينه بقلبها الذي احتضنه بحنانه حين قام بوضع قبلة قويه فوق خصلات شعرها اتبعها بكلمات مهدئة
" هيبقي كويس بإذن الله. قولي يارب.."
خرجت الكلمه من جوفها و اعماق قلبها
" يارب.."
كان حالها يبكي الحجر فتناثر الدمع من عيني «فرح» التي اشفقت علي حال شقيقتها من عذابها الذي لا ينتهي فكان لها هي الأخرى نصيب من حنانه الذي تجلي في صوته الذي تهادي بهمس علي مسامعها
" مينفعش العيون الحلوة دي تعيط عمال علي بطال كدا."
3
دغدغتها كلماته التي كانت بنبرة عاشقه اخترقت قلبها فالتفتت تناظره قائلة بحزن
" جنة صعبانه عليا اوي.. مبتلحقش تتهني.. نفسي القدر يعوضها عن كل اللي شافته"
1
تابع بنبرته العميقة و لهجته الخشنة
"  بصي كويس هتلاقيها مش لوحدها.. و دا في حد ذاته عوض من ربنا.."
كلماته وصفت الوضع بدقه فقرب «سليم» من شقيقتها بتلك الدرجة كان عوضًا كبيرًا خاصةً و هي تراها تستند عليه بكامل حزنها و ثقل آلامها فخرجت الكلمات خافته من شفتيها
" يارب يهديهم لبعض.و يقدر يعوضها عن كل اللي شافته.."
اجابها بهمسه الخشن
" هيحصل أن شاء الله. "
ودت لو تروي عينيها من تفاصيله التي اشتاقتها كثيرًا فالتفتت تناظره بخجل سرعان ما تحول لذعر كبير حين رأت بعض الدماء علي ملابسه فقالت بصدمة
" سالم ايه الدم دا؟"
انكمشت ملامحه و بدا الملل علي وجهه ولكنه أجابها بفظاظة
" متشغليش بالك.. خلينا في المهم.."
بقلب مرتعب اجابته
" سالم متقلقنيش ايه اهم عندي من سلامتك.."
ناظرها بعينين غازلتها قبل أن تغازلها شفتيه حين قال بهمس
" في طبعًا.. عيونك الحلوين الي وحشوني دول.."
3
كلماته العاشقة دغدغت حواسها ولكنها كانت تعلم محاولاته في صرف انتباهها عن ما حدث فتابعت بعناد
" أرجوك متهربش و جاوبني .الدم دا ايه مصدره؟"
اطلق زفرة حانقة قبل أن يقول بخشونة
" الأيد الي اتمدت عليكِ كسرتها ."
شهقت بعنف جراء كلماته و قالت تعاتبه
" كدا يا سالم دا الي اتفقت معاك عليه ؟ مش قولت بلاش…"
قاطعها بحزم
" قولتِ لكن أنا مش مجبر اسمع كلامك يا فرح. الموضوع انتهي. كان حساب و اتصفي.."
غضبت من تسلطه وقالت باستنكار
" و ان خسرنا كل حاجه يسبب تهور حضرتك دا ايه الحل؟"
اجابها بملل
" مفيش اي خساير انا عارف انا بعمل ايه؟ و بعدين يحصل الي يحصل آخرها هولع في البلد و الي فيها و أولهم جدك و هاخدك بردو .."
1
كان اعترافًا عنيفًا بالحب الذي لم تحلم به طوال حياتها و الذي اخترق قلبها المتيم بنيران عشقه ولكنها أرادت التمنع قليلًا فتمتمت بغضب مفتعل
" كائن بدائي . محسسني اننا عايشين في غابة.."
4
ابتسم علي ملامحها التي تخفي ولعًا كبيرًا به و بتملكه فتابع بهسيس خطر
" قولتلك هاخدك من بق الأسد أنتِ الي مفهمتيش.."
نجح في رسم ابتسامه غادرة غافلتها و ارتسمت علي ملامحها فالتفتت تنظر أمامها وهي تقول
" عارفه اني مش هغلبك.."
ابتسم بخفوت قبل أن يجيبها بصوته الأجش
"  كل دا ومغلبتنيش! دانتِ جبتيني علي جدور رقبتي من بحري لحد الصعيد.. "
4
امتلئ قلبها بسعادة طاغية لدي سماعها كلماته العاشقه و مدي تأثيرها به و خرجت الكلمات متوعدة من بين شفتيها
" ولسه.."
4
قاطع حديثهم خروج الطبيب من الغرفة و الذي أخبرهم بأن الطفل يعاني من الحمى و طمأنهم بأنهم سيطروا علي الأوضاع و سيبقي لبضع ساعات تحت الملاحظة و من ثم يمكنهم المغادرة فزفر الجميع بإرتياح و هدأت دقات قلب «جنة » المرتعبة فرفعت رأسها تشكر ربها علي انقاذه لها و فجأة جاء صوت رساله نصيه علي هاتفها فرفعته تنظر إليه و إذا بها تتجمد من فرط الصدمة حين وقعت عينيها علي…..
19
يتبع……
احتياجي إليك قاتل كنص حُرِمت حروفه على لسان حامله! فالأمر كان أشبه بسفينة عادت إلي شطها مهزومة ، مُثقلة بـ تصدعات وشروخ خلفتها عواصف وأعاصير رحلة مُضنية مع القدر. وحين لاحت بوادر الإتيان إلي ديارها. لم تواتيها الجرأة على معانقة مرساها أو الاستكانة بين أحضان مرفأها فظلت عائمة تتقاذفها رياح الهوى غير عابئة بجراحها. يُذكرها تأرجحها بين جنبات المياه الضحلة بأن ترياق أوجاعها أمرًا بعيد المنال مهما بدا قريبًا ، و أن ما خفى كان أشد وأقسى ..
هكذا كان الأمر معك!
3
نورهان العشري ✍️
1
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
تجمدت قدماها و شعرت بتوقف النبض في أوردتها حالما وقعت عينيها على تلك الورقة اللعينة التي كانت سبب هلاكها و وقوعها في فوهة ذلك الجحيم ، ولكنها لم تكن وحدها بل كانت متبوعة برسالة أخرى أسوأ مما تحمله هذه الورقة
" الورقة دي هـ تلف على كل مواقع مصر و جرايدها لو تممتِ جوازك من سليم الوزان!!"
3
كانت في تلك اللحظة أشبه بطفلة عاجزة تحيطها الأعين
بـ استفهامات كثيرة وهي لا تستطيع النطق بـ كلمه واحدة تشعر بـ نبضها يحترق ألمًا بعد أن ظنت بأنه سـ يهدأ ويستكين!
كان مظهرها مبعثرًا ضائعًا فـ اقترب منها يحاوطها بذراعين صُنعت من عشق غلف نبرته و نظراته حين قال
" مالك يا جنة؟ "
كان ينطق اسمها بصورة قاتلة اخترقت اقوى دفاعاتها التي اهتزت فانبثقت دمعة غادرة من طرف عينيها تحكي مقدار وجعها الذي اهتز له قلبه فشدد علي كتفيها مضيفًا بنبرة اقوى
" ردي عليا ؟؟ في ايه؟ "
اقتربت منها «فرح» وهي تنظر إلي «سليم» نظرات ذات مغزى حتى يتركها الآن معها و لكن قلبه لم يكن يطاوعه.. فقد شعر بأنها كانت على وشك التسليم له. و بأنها كانت بصدد إعطاءه فرصة لبدء علاقة صحيحة معها ولكن الآن حدث شئ ما.. وذلك الهاتف اللعين حتمًا يحمل الجواب..
3
كان مايزال يقف و يناظرها بعينين يغلفهما التوسل ألا تبعده و يكن هو الكتف الذي ترتمي عليه بثقلها ولكنها كانت عاجزة حائرة تناظره بأعين تشتت بهما الشعور و ضاع بهما الأمل. خيبة قوية ارتسمت بعينيه التي اخفضها قبل أن يقوم بترك ذراعها علي إثر حديث أخاه
" سيب جنة و فرح يدخلوا يتطمنوا علي محمود. و تعالي ننزل نشوف الدكتور "
لا تعلم لما شعرت بخيبة كبيرة احتلت قلبها حين تركتها يداه ؟ هل كان صمتها اختبارًا منها علي مدى صبره و تمسكه بها؟ أم أنها كانت بحاجة إلى ما هو أقوى من يديه في تلك اللحظة ربما كانت أضلعه التي تمنت لو ارتمت بها تبكي كل ما تحمله من قهر و عذاب و ألم أثقل خطواتها المتجهة الى غرفة صغيرها وما أن همت أن تفتح الباب حتي توقفت إثر صوته الذي قال بقوة
" مستنيكِ هنا اطمني علي محمود و تعالي.."
+
على قدر ألمها الهائل و خوفها الكبير ولكن جملته جعلت شعورًا من الأمان يتسلل الى نيران قلبها فتهدأ قليلًا.
" متضغطش عليها اكتر من كدا يا سليم.."
هكذا تحدث «سالم» الذي كان يرى الوضع من الخارج فلم يكن يشعر بهذا البركان الثائر في صدر أخيه الذي صاح بغضب
" متقوليش متضغطش عليها.. انا هتجنن ! في حاجه حصلت وشها اتقلب فجأة لما بصت في التليفون.. "
«سالم» بهدوء
" دا واضح . اللي اقصده انك تديها فرصتها عشان تثق فيك. حتى لو هي بدأت تميل ليك مشوار الثقة لسه طويل بينكوا.."
3
ابتلع جمراته الغاضبة وقال بألم
" انا بعمل اللي اقدر عليه عشان اقرب منها واطمنها.. مش عايز حاجه غير اني احميها و بس.."
«سالم» بخشونة
" عارف. بس اللي هي فيه مش سهل.. خليك جنبها من غير ما تخنقها و صدقني انت اول حد هتجري تحكيله. لما تهدي و تستوعب.."
5
انكمشت ملامحه بألم و تبدل غضبه الحارق الى سكون خارجي قبل أن يومئ برأسه محاولًا أن يتفهم الأمر و يرضخ للوضع حتى ولو كان مؤلمًا...
في الداخل اقتربت من فراش صغيرها بأقدام ثقيلة و خطوات سُلحفية فقد كان الألم بداخلها أقسى من أن يوصف ممزوجًا بخوف جعل يديها ترتجف حين امتدت تلامس جبهته التي هدأت قليلًا بفعل العقاقير و الأدوية فسكن جسده و هدأ نومه فأخذت تمرر يدها المرتجفه علي ملامحه و جسده وهي تناظره بأعين مشوشة اختلط مياهها بنيران ألمها الضاري لتسقط بعنف على خديها المحترق بحمرة قانية مرورًا بشفاهها التي نطقت هامسه
" سامحني..."
كانت يدها تمر بحنان علي جسده الي أن وصلت إلى كفه الصغير فمررت اصبعها داخل راحته فشعر الصغير بها وقام باحتضان اصبعها الصغير بكفه الرقيق و كأنه يعلن غفرانه وحمايته لها فارتج قلبها لفعلته و ازداد الدمع انهمارًا من عينيها فاقتربت منها شقيقتها تطوق أكتافها من الخلف وهي تشاركها تلك اللحظة المُشبعة بشتى أنواع المشاعر الصادقة فخرج صوتها مُتحشرجًا حين قالت
" شوفتِ يا فرح ماسك ايدي ازاي؟ دا مش زعلان مني اني سبته كل دا! هو كدا مسامحني صح؟"
6
شددت «فرح» من احتضانها وهي تقول من بين عبراتها
" طبعًا مسامحك يا حبيبتي. مين يقدر ميسامحكيش يا جنة؟"
1
التفتت «جنة» تناظرها بعينين هالكة من فرط الألم الي تجلى في نبرتها حين قالت
" طب و أنتِ يا فرح؟ سامحتيني؟"
كوبت «فرح» وجهها بين كفوفها الحانية وقالت بصدق
" طبعًا سامحتك.. أنتِ بنتي يا جنة مش اختي.. انا اللي قصرت مش أنتِ! مقدرتش احميكِ من الوحوش الي حوالينا . لكن أنتِ مغلطتيش .. أنتِ كنتِ إنسانه في وقت الدنيا فيه بقت غابة.. كلنا مسامحينك يا جنة. جه الوقت اللي أنتِ مفروض تسامحي نفسك بقي. وكفايه وجع و عذاب و ألم.."
12
«جنة» بلوعة
" مش بالسهولة دي يا فرح .. لو أنتوا سامحتوني الناس و المجتمع مش هيسامحوني.."
2
«فرح» بقوة
" ملناش دعوة بيهم.. ميهموناش.. احنا عارفين انك مغلطتيش. كلنا ميهمناش غيرك و أولنا سليم.. حبه ليكِ يبان للأعمى .. انسي كل اللي حصل أو سبيله نفسك و هو هينسيكِ . متخليش الدنيا تغلبك تاني أنتِ عمرك ما كنتِ ضعيفة.."
2
كانت كلماتها كزخات المطر التي سقطت على قلبها الذي تصدعت تربته من فرط الألم لتعيد إليه عافيته رويدًا رويدًا و قد بدأت ملامحها بالهدوء قليلًا فتابعت «فرح» بتحفيز
" أنتِ طول عمرك كنتِ اقوى و أجرأ مني. فاكرة لما كنتِ تعملي حاجه غلط و أنتِ صغيرة و كنتِ تجرى تقولي لبابا عملت قبل ما حد يروح يقوله. مكنتيش بتخافي حتى لو غلطتي كنتِ بتتعلمي من غلطك. محدش فينا مبيغلطش. الوحش بس اللي ميستاهلش فرصه تانيه و أنتِ مش وحشه افتكري الكلمة دي كويس"
2
أومأت «جنة» برأسها و علي وجهها ابتسامة جميلة شقت طريقها من جوف الوجع الكامن بصدرها و قامت
بـ الارتماء بين أحضان شقيقتها التي قابلتها بـ أذرع مفتوحة و قلب محب احتضن آلامها إلي أن هدأت ثورة انهيارها تدريجيًا فقامت برفع رأسها وهي تقول بصوت أجش من فرط البكاء
" شكرًا أنك موجودة في حياتي يا فرح.."
11
ابتسمت «فرح» بحنان وقالت
" انا اللي مفروض اشكرك يا جنة.. و بعدين تعالي هنا هنقضيها عياط بقي مش مفروض أننا عرايس نفرح شويه. ولا هنقضيها حزن وبكى كدا ؟"
4
كلمات شقيقتها أعادتها إلي نقطة مؤلمة و ذكرتها بمصيبة أخرى ولكنها توقفت حين سمعت توسل «فرح»
انا نفسي افرح اوي يا جنة . نفسي استطعم حاجه من اسمي دا . انا قربت انسى معناه.."
كانت كلمات علي قدر بساطتها ولكن وقعها كبير على قلب «جنة» التي قالت بثقة
" هتفرحي يا فرح باذن الله. انا مش هسيبك حاجه أبدًا تنغص عليكِ فرحتك. خليكِ واثقة في ربنا و فيا .."
5
كانت كلماتها كبيرة بما تحمله من معني فاومات «فرح» بحنان وهي تقول
" واثقه في ربنا و فيكِ طبعًا.."
تحركت «جنة» من مكانها وقالت بتصميم
" خليكِ هنا مع محمود . دقائق و رجعالك.."
2
لم تمهلها الوقت للإستفسار فقد توجهت إلي خارج الغرفة مغلقة الباب خلفها و إذا به تجد زوج من العيون تتوجه إليها كانت إحداهما عاشقه متلهفه و الأخرى جامدة والتي كانت ل«سالم» الذي قال بخشونة
" هنزل لمروان تحت اشوفه بيعمل ايه؟"
ولكن كانت دهشته قويه حين سمع صوت «جنة» التي قالت بثبات
" لا يا سالم بيه . لو سمحت خليك.."
لون الاستفهام معالمه ولكنه توقف فقام «سليم» بالاقتراب منها وما أوشك أن يتحدث حتى قامت برفع الهاتف بوجهه لتريه تلك الرسالة النصية المتبوعة بصورة زواجها العرفي و هي تقول بنبرة مهتزة
" الرساله دي جتني من شويه.. "
10
برقت أعين «سليم» حين وقعت على تلك الصورة و الحروف المدونة بعدها و تحولت ملامحه بطريقه مرعبة فقام «سالم» بجذب الهاتف من يده لـ نتكمش ملامحه هو الآخر بغضب لم يفصح عنه بينما قام «سليم» بحمل أحد المقاعد و رميها في لجدار ليتحطم بقوة وهو يصيح بعنف
" مين ابن الكلب دا؟؟"
تراجعت «جنة» إثر ثورته المخيفه فنهره «سالم» بقسوة
" اهدي يا سليم عشان نعرف نفكر و نشوف هنعمل ايه.."
التفت «سليم» إلى أخيه فوجد عينيه علي «جنة» التي انكمشت رعبًا و «فرح» التي هرولت الي الخارج
لـ تعرف سبب الجلبة فأخذ «سليم» يلعن نفسه في سره و قام بإخراج ثاني أكسيد الغضب المعبأ بـ داخله و اقترب من «جنة» التي احتمت بصدر شقيقتها قائلًا بلهجة مبحوحه و انفاس هادرة
"متخافيش.. انا مش متضايق منك.. أنتِ ملكيش ذنب في حاجة.."
2
كان مشهدا مروعًا بقدر روعته وحشًا ثائرًا يحاول تهدئة عصفور مرتعب. و قد كان هذا المشهد اسمى ما يمكن أن يُقال في الحب فقد كان يبتلع جمرات غضبه الحارقه و يتحكم في طوفانه الأهوج فقد لأجلها فـ نظراتها المرتعبه نحوه كانت تقتله ولكن نظراته الحانية نحوها جعلت نبضها يستكين قليلًا فاومأت برأسها حين تابع
" كل حاجه هتبقى تمام. متخلقش اللي يهددك و أنا موجود.. اوعي تخافي عشان خاطرى.."
9
كان لـ توسله وقع مختلف على مسامعها و قلبها الذي هدأ بوجوده على الرغم من ثورته الغاضبة ولكنها كانت تعلم في قرارة نفسها بأنه لن يدع مكروهًا يمسها و قد كانت أول مرة بحياتها تشعر بهذه الثقة تجاه أحد و غافلها قلبها حين أعلن عن مكنوناته بلهجة خافته
" مش خايفه . انا واثقه فيك.."
6
بتلك اللحظه شعر و كأنها سلبت فؤاده من بين ضلوعه التي اهتزت لكلماتها التي لم يكن يتخيلها بأحلامه فأخذ يطالعها بعينين براقتين غير مصدقه لما سمع و بلمح البصر قام بـ جذبها لتستقر أسفل ذلك الذي جُن بعشقها و لم يعد هناك مجال لـ افلاتها من بين براثنه أبدًا..
4
كانت رحلة العودة هادئه فالجميع مُنهك و كلًا منهم مُنشغِل بالكثير و ما أن خطت السيارة أمام البوابة الكبيرة حتى التفت «سليم» إلى «جنة» لـ يأخذ منها الطفل حتى تستطيع أن تنزل وقام «سالم» بالترجل من خلف المقود ليقوم بفتح بابها و يساعدها علي النزول فاردًا يديه إليها فلم تستطيع ردها على الرغم من خجلها الكبير فـ حين لامست كفوفها يده الخشنة شعرت بموجة دفء كبيرة تجتاح أوردتها و قد بدا احتراقها جليًا في عينيها التي تشابكت مع عينيه بنظرة طويلة كان بها الكثير ولكنه اضطر إلى قطعها إذ قال بخشونة
" متخافيش من حاجه و قولي لجنة كمان متخفش.. مفيش حاجه هتحصل وانا بنفسي هتاكد من دا.."
1
اخفضت رأسها و زفرت بتعب تجلي في نبرتها حين قالت
" تفتكر الورقة دي وقعت في ايد مين؟ و ليه بيعمل كدا؟"
«سالم» بجمود
" الورقة موقعتش في ايد حد . الورقتين معايا ومحدش يقدر يوصلهم. "
3
«فرح» بصدمة
" أومال الصورة دي ..."
قاطعها بصرامة
" متشغليش بالك.. انا هعرف اللي حصل ده حصل ازاي.. "
«فرح» بحنق
" ازاي مشغلش بالي يا سالم. و لو مشغلتش بالي بالمصيبة دي اشغل بالي بأيه ؟"
أجابها باختصار
" بيا.. في مصيبة احسن من كدا تشغلي بالك بيها؟"
17
رغمًا عنها غافلتها أحدي بسماتها الخجلة التي اخترقت قلبه فقال بخشونة
" متفكريش في حاجه غير انك بعد اسبوع من النهارده هتبقي مراتي. "
1
اخفضت رأسها هربًا من عينين كانت تلتهمان خجلها و تنفذان الي داخل أعماقها بطريقه جعلت حزمة من الوخزات الموترة تتفشى في سائر جسدها الذي اندفعت دماءه بقوة فلونت خديها بلون التفاح الشهى فقام برفع رأسها ليعيد عينيها الى خاصته قائلًا بصوت أجش
" و في خلال الأسبوع دا عايزك ترمي الكسوف دا على جنب مانا مش كل ما هقول كلمتين هلاقيكي لونتي كدا. كدا خطر عليكِ "
13
اتبع كلامه بغمزة جعلت دماءها تجف ب أوردتها و تسارعت انفاسها بصورة كبيرة حتى بدت تنتفض بين يديه فقد كانت أمامه كمراهقه تختبر أولي مشاعرها بجانب رفيقها و يالروعة هذا الشعور خاصةً أمام رجل مثله قادر على إخضاع جميع الحواس و المشاعر.
بأعجوبة افلتت من بين براثن نظراته وحاولت أن تبدو شجاعة حين قالت
" بطل بقى . و بعدين اي خطر دي لا ماتخافش عليا. هات آخرك.."
8
ارتسمت ابتسامة حلوة على ملامحه العاشقة و زينتها لهجته العابثة حين قال
" ماليش آخر.. وبعدين متستعجليش على رزقك. اسبوع واحد و هشوف الشجاعة دي أخرتها ايه.. يارب منجبش ورا بس ."
6
انهي كلماته و قام بـ جذبها خلفه لـ يتوجهوا الي البوابة فوجدوا تهاني بـ إنتظارهم و التي قالت بلهفه
" طمنوني المحروس عامل ايه؟ كت عايزة أصحي الحاچ و ناچيلكوا عالمستشفي فرح جالت انكوا چايين عالطريق"
اومأت «جنة» بهدوء تجلى في نبرتها حين قالت
" تسلمي يا طنط . الحمد لله بقي احسن.. كانوا شويه برد "
" الحمد لله.. بجولك اي الواد ده محتاچ حضن أمه. مالوش غيرك يا بتي.. اوعاكِ تجسي عليه مرة تانية.. ربنا بيدينا فرص علي طبج من دهب لازمن نستغلوها صوح كده ولا اي يا سليم بيه؟"
2
اومأ «سليم» باحترام وقال مؤكدًا
" طبعا يا حاجه تهاني عندك حق.. محمود في عنينا انا و ممته.. ولا ايه يا جنة؟"
شددت من احتضانها للطفل و قالت بخفوت
" عندك حق .."
2
دخل الجميع الى الداخل و ذهب «سالم» إلى «مروان» النائم في السيارة بينما انتظر «سليم» ليودعها و حين دخل الجميع اقترب منها قائلًا بهدوء
" حقك عليا لو خوفتك في المستشفى.. انا بس لما بتعصب بتفلت مني شويه.."
1
اومأت بتفهم قبل أن تقول بخجل
" عادي ولا يهمك.. ليك حق تضايق.."
شددت يده علي كفوفها قبل أن يقول بخشونة
" اوعي تخافِ من الرسالة دي. محدش هيقدر يعمل حاجه. و الخط اصلًا اتقفل بعد ما اتبعتت دا حد عايز يضايقنا و خلاص و انا هعرفه و هوريه شغله .."
1
رفعت أنظارها تطالعه بقوة تجلت في نبرتها حين قالت
" بس انا عارفه مين الي بعت الرسالة دي؟"
10
***************
حين يكون الإنسان متألمًا يمر الوقت و كأنه على ظهر سلحفاة نشعر بأن العقارب تلدغنا بكل ثانية تمر بها. و لا نفع للدواء إن كان الداء منبعه القلب .
كانت تتسطح على مخدعها تنظر أمامها بشرود فقد استقرت حالتها الي حد ما وشفيت بعض جروحها ولكنها تركت ندبات كثيرة علي جسدها و كذلك روحها التي أصبحت كثوب مهلهل من فرط تمزقه لم يعد صالحًا لأى شئ .
حاوطت نفسها بسور الوحدة و رفضت الحديث مع أي أحد تأكل من الطعام ما يسد رمقها فقط. اختارت أن تعيش بـ صومعتها وحيدة تلعق جراحها كحيوان أليف تأذي منه كل من احتواه. فأصبح منبوذًا حتي من نفسه. رفضت وجود الجميع و اختارت نفسها فقط علي أمل أن يقتلها عذابها ذات يوم و تستريح.
جلبة قوية في الخارج افسدت وحدتها و خدش سمعها صوتًا كانت تعرفه عن ظهر قلب فحاولت أن تتحامل علي جسدها المنهك و الإنتصار علي اوجاعها الهائلة واضعه أقدامها علي الأرض تتوسل لقواها أن تحملها للخارج حتى ترى ماذا يحدث؟
أخيرًا و بعد عناء شديد استطاعت أن تصل الي باب الغرفة وحين أوشكت علي فتحه توقفت كل عضله بها عن الاستجابة حين سمعت صوته الغاضب و هو يصرخ
" أنا بحبها.. و محدش فيكوا يقدر يمنعني عنها.."
كان تصريحًا مريعًا بالحب لم تتوقعه أبدًا و خاصةً منه.. كان آخر خيط يربطها بالحياة ولكنه لم يكتفي بسحقه بل دمر الجزء المتبقي من آدميتها حين قام بفعلته النكراء بها. هو من كانت تشتكي له خذلان الجميع ليأتي هو و يعطيها ما هو أقسى و أصعب أذاقها ويلات الخزي و الذل و قضى على المتبقي منها والآن يدعي محبتها!
حين يأتيك الخذلان من أكثر مواطنك أمنًا تهتز ثوابت الكون بقلبك. كـ سماء تخلت عن ظواهرها الفيزيائيه و تحول قوس المطر الخاص بها إلي رمادي ابتلع جميع ألوان الحياة منه
أخرجها من شرودها صوت والدها الصارخ وهو يقول معنفًا
" حب ايه يا كلب اللي يخليك تأذيها بالشكل دا؟؟ الأشكال اللي زيك متعرفش تحب..'
صاح «عُدى» بصوت مبحوح من فرط الصراخ
" انت اخر واحد تتكلم عن الحب.. طب انا كنت واطي معاها عشان كان مضحوك عليا. انما انت كنت واطي معاها ليه؟ أهملت بنتك و رمتها من حياتك و لا اكنها ليها وجود ليه؟ "
كان صوت بكاء والدتها يؤذي سمعها بينما لم يستطيع «صالح» والدها إجابة «عُدى» بل انكمشت ملامحه بألم فقد كان مُصيب في حديثه و قد كان هذا الجُرم الذي اقترفه بحق ابنته لا يغتفر و لا يعلم كيف سيصلحه أو أن كان يملك ما يجعله قادر على إخراجها من تلك القوقعة التي احتمت بها من بطشهم..
تابع «عُدى» بسخرية مريرة
" شوفت بقي أنت حتى معندكش اجابه . أنت أسوأ أب شفته في حياتي .. و أنا هاخدها منك هاخدها منكوا و هتجوزها و هعالجها و مش هخليها تعرفكوا أبدًا.."
تدخلت الأم المكلومة قائلة بغضب يمتزج به الحسرة
" حتي لو احنا كنا وحشين و منستاهلهاش فهي بنتنا انما انت مين ؟ انت غريب عننا و عنها. و لو كنت بتحبها و عايز تعالجها مين قالك اننا هنآمن نديهالك بعد اللي حصل منك ؟"
" بس أنا موافقة اتجوزه..."
كان صوتها مبحوحًا يفتقر إلى القوة كحال جسدها الذي وهن و اهتز بها فاستندت إلى باب الغرفة لـ يهرول الجميع إليها فـ قامت بوضع كفها أمام والديها قائلة بنبرة صارمة بقدر ارتجافها
" محدش فيكوا بقربلي.. خليكوا بعيد عني.."
انهالت عبراتهم ألمًا على رفضها لوجودهم وقال «صالح» بتوسل
" يا بنتِ ارجوكِ سامحينا و ادينا فرصه نعوضك عن كل اللي فات .."
شوهت ملامحها ابتسامة ساخرة ارتسمت علي وجهها الملئ بالندبات و تجلت سخريتها بـ نبرتها حين قالت
" تعوضني!! مفيش حد بيعوض انسان ميت وكان هو السبب في موته .. ابعدوا عني.. و كفاية بقى.."
كان حديثها طربًا علي أذنيه و علي الرغم من علمه بعدم غفرانها له و بأنه وسيلة لتؤذي به أبويها إلا أنه لم يستطيع منه شعور الفرحه العارمة من التسلل إلى قلبه خاصةً حين توقف الي جانبها و قام بوضع يده أسفل ركبتها و الأخرى خلف ظهرها حاملًا إياها بسهوله متجهًا بها إلى مخدعها دون أن يعطيها الفرصة للاعتراض وسط ذهول من والديها على طريقة تقبلها له.
حين أنتهي من وضعها سألها برفق
" مرتاحه دلوقتي ؟"
إجابته بحنق و عينين تشعان كرهًا
" لما تموت هرتاح.."
كان يتوقع اجابه عنيفة منها فابتسم بخفه قبل أن يجيب
" لما اطمن عليكِ الأول. "
كان يستفزها بطريقه لا توصف فصرخت حانقه
" أنا بكرهك.."
ظاهريًا لم يتأثر علي عكس قلبه الذي ارتج بفعل كلمتها ولكنه تابع حديثه بهدوء
" لو ده هيريحك انا موافق . "
" متفكرش اني وافقت عشان عايزة اتجوزك. انا وافقت عشان اوجعهم زي ما وجعوني.."
اقترب يجلس بجانب مخدعها وهو ينظر إلي عينيها برفق تجلي في نبرته حين قال
" عارف.. و قابل اني اكون أداة تنتقمي بيها منهم.. و زي ما طول عمري بساعدك هساعدك المرادي كمان.. "
صاحت مغلولة
" و أنا مش عايزة من وشك حاجه "
تجاهل غضبها وقال بخفه
" مش بمزاجك. طول عمرك كنتِ بتختاريني اني اكون جمبك و مكنتش برفض المرادي انا الي اختار بقي. مرة مني قصاد ألف منك. بيتهيقلي كده فير أوي.."
كان دائمًا بجانبها رغمًا عن كل شئ كان يحيطها بسياج آمن طوال السنوات الماضية لم يخترقه سوى رغبتها بالابتعاد عنه و الآن جاء وقته وهي بأقصي درجات ضعفها لا تجرؤ على الاعتراض فقط تتألم و تحترق حين تتذكر فعلته النكراء معها ولكنها تعرف أين يكمن عقابه لذا قالت بصوت يحمل السم و الكراهية
" عارف انت احسن عقاب ليك انك تشوفني كل يوم قدامك و أنا مشوهة كدا .. تشوف جريمتك كل ما تبص في وشى. و أنا بردو مش هبطل افكرك بيها كل لحظة عيني تشوفك فيها.."
كانت كلماتها مؤلمة على قلبه الذي لا يرى بها أي تشويه علي العكس يعشق كل ندبة تزين وجهها يتمني لو أنه يستطيع لملمة جراحها أو امتصاص ألمها يريد في تلك اللحظة تقبيل كل جرح ألم بها حتى يلثمه ببلسم عشقه الجارف لها
" بس انا مش شايف أي تشويه فيكِ بالعكس.. حلو النيو لوك وجديد كمان.. فكريني لما يخف ابقي اعورك تاني . "
2
لم تتحمل حديثه الهادئ و الذي عكست عينيه مدى صدقه فصرخت غاضبة
" اخرج بره.. مش طايقه اشوف قدامي .."
اطاعها بصمت فقد كان صراخها بحد ذاته تقدم ملحوظ و هو بكل الاحوال افضل من صمتها المطبق الذي كاد أن يقضي عليه طوال الأيام المنصرمة..
أطل برأسه من الباب فوجد والداها علي حالهما من الألم و الحسرة يكللهما عبارات غزيرة فـ تألم لـ حالهم ولكنه لم يظهر أي تأثر و قال بصوت قاس
" انا هتجوز ساندي.و ياريت حتى لو كارهين بعض نبقي ايد واحده عشان تقدر نساعدها تخرج من محنتها.. و أظن انتوا شفتوا بعنيكوا أنها اختارتني واني شخص مهم عندها.. بالرغم من كل شئ.."
4
*******************
كان الأمر على صفيح ساخن فمثلما هناك قلوب داواها العشق هناك قلوب أخرى أفسدها . فقد كانت تذهب و تجيئ بالغرفه كمن مسه الجنون لا تعلم كيف تتصرف فبعد أن علمت بخطبته لتلك الفتاة انهارت جميع أحلامها. و قد فطنت الي لعبته الحمقاء حين جعلها تلتهي بأمر إرثهم المزعوم حتي يضرب ضربته دون ان تستطيع عرقلته وقد أتم خطته بنجاح.
صرخة غاضبة خرجت من جوفها تحكي مقدار القهر الذي تشعر به في تلك اللحظة وقامت بالعبث بهاتفها تنوي الاتصال بأحدهم و قد كان رنين الهاتف بأذنيها يزيد من إشعال غضبها أكثر فبعد أن انقضت مدة الرنين دون إجابه قامت بإلقاء الهاتف بعنف فكان أن يرتطم بوجه «همت» التي دخلت إلي الغرفه للتو
" ايه يا شيرين في ايه؟ أنتِ اتجننتِ؟"
1
«شيرين» بقهر
" اتجننت بس . دانا هتشل.. شفتي اللي حصل البيه كان بينيمنا . فتح في موضوع الورث عشان يلهينا و يخلاله الجو مع الكلبة بتاعته . "
قالت جملتها الأخيرة صارخة فاقتربت منها «همت» تربت علي كتفها بحنان قائلة بمواساة
" اهدي شويه و متعمليش في نفسك كده.. من وقت طويل و أنتِ عارفه أنه بيحبها. و أنتِ كنتِ متجوزة و عايشه حياتك مع جوزك. كل اللي كنا عايزينه انه ميظلمناش في موضوع الورث. و اهو قال انه مش هيظلمنا يبقي ليه بقى كل دا. ما ناخد حقنا و كل واحد حر في حياته.."
3
انتفضت شيرين أسفل كفوف والدتها التي تربت فوق ظهرها وقالت بانفعال
" أنتِ بتقولي ايه ؟ ورث ايه اللي كنا عايزينه ؟ و جوز مين اللي كنت عايشه حياتي معاه. أنتِ اكتر واحده عارفه اني عمري ما حبيت غير سالم. انا رجعت هنا عشانه . عشان دا حقي . انا بحبه وهو كان بيحبني. "
1
قاطعتها «همت» بصرامة
" و أنتِ اللي ضيعتيه من ايدك بعملتك السودا و لولا أنه شال الليلة وداري عليكِ كان هيبقي شكلنا زي الزفت قدام الناس.."
1
صرخت «شيرين» بقهر
" غصب عني كنت صغيرة . و ملقتش حد يوجهني. و هو طول عمره صعب و قاسي. و بعدين انا معملتش جريمة. ايه يعني قابلت احمد مرة ولا مرتين مكنش حب دي كانت مراهقه.."
«همت» بتقريع
" ماهو حظك الأسود اللي خلاه يشوفك و البيه ماسك ايدك.. تفتكري اي واحد في مكان سالم كان هيعمل ايه في الموقف دا؟؟"
«شيرين» بانفعال
" ماهو عمل.. وحكم عليا بالموت يوم ما فض الخطوبة و قال لبابا وخالي أني بحب واحد تاني عايزه اتجوزه. و جوزنى ليه من غير حتي ما يسمع مني "
" كان لازم يعمل كدا اي راجل في مكانه كان هيعمل كده. متنسيش انك خليتي شكله قدامنا زي الزفت أن خطيبته تبقي بتحب واحد تانى غيره. "
«شيرين» بقهر
" أنتِ معايا ولا ضدي؟"
«همت» بحنان
" يا بنتي انا معاكِ بس مش عايزاكِ تعلقي نفسك بحبال دايبه ساعدتك بكل اللي اقدر عليه بس دا ابن اخويا و أنا عرفاه احنا جبنا آخرنا معاه.. مش هنوصل لأبعد من كدا.."
1
تجاهلت حديثها وقالت بغضب
" انا بقى هوصل. بس افتكري انك ادتيني ضهرك على الرغم من أنك كان عندك استعداد تقتلي ابن جنة عشان سما. لكن أنا محاولتيش تعملي اي حاجه عشاني.."
1
شهقت «همت» من حديث ابنتها القاسي و تجهم وجهها قائلة بنبرة مرتعشة
" اخرسي. دي كانت لحظة شيطان و ندمت عليها و كله من لسانك أنتِ اللي قعدتي تسخني فيا. "
اقتربت منها «شيرين» بغل تجلي في نبرتها حين قالت
" انا مش هسكت و استحالة الجوازة دي هتتم. حتى لو هعمل ايه؟"
«همت» باندهاش
" انا ليه حاسه ان اللي قدامي واحده معرفهاش . مش دي شيرين بنتي اللي ربتها. و كبرتها. في اي؟ مش مظبوطه و عمالة كل شوية تعملي في مكالمات سرية زي الحراميه و تحلفي و تتحلفي ! مين وراكِ ؟ مسنودة على ايه يا بنت بطني؟؟"
6
قالت جملتها الأخيرة بصراخ لم يردع «شيرين» التي كانت عينيها مغلفه بطبقة من الغضب الممزوج بالشر الذي تجلى في نبرتها حين قالت
" هتعرفي كل حاجه في الوقت المناسب.. بس خليكِ فاكرة انك اتخليتي عني زي ما اتخليتي عن أبويا زمان.."
4
****************
انقضت الثلاث أيام الماضية بسرعة فقد كانت التجهيزات في البلد على أكمل وجه بينما غادر اولاد الوزان الي مسقط رأسهم حتي يتجهز الجميع مع الوعد بالقدوم قبل الزفاف بيومين و قد كان هناك ترقبًا من نوع خاص لأي حركة قد تصدر عن ذلك الشخص المجهول الذي أرسل رسالته ولكن لم يحدث شئ و قام «سالم» باتخاذ كافة احتياطاته مستخدمًا نفوذه حتى تكن الأمور تحت سيطرته في حين قام أحدهم بفعل أي شئ قد يخرب ذلك الزفاف.
كان عليه السفر الي مقر شركته في القاهرة يبحث أمور تخص العمل حين جاءه ذلك الطرق علي الباب و الذي لم يكن سوي لـ «سليم» الذي ما أن خطى باقدامه إلي الداخل حتى قال بانفعال
" لا ساندي ولا عدى هما اللي عملوا كده زي ما قالت جنة"
«سالم» باختصار
" اتأكدت؟"
«سليم» بتأكيد
" ايوا. و انت اتأكدت أن محدش دخل مكتبك وسرق الورق؟"
«سالم» بخشونة
" الورق زي ماهو . وارد يكون حد صوره و وارد يكون حد كان معاه نسخة منه من أيام ما اتمضي.."
«سليم» باستفهام
" تقصد ايه؟"
«سالم» بفظاظة
" تليفون حازم.. "
انكمشت ملامح «سليم» بحيرة فتابع «سالم» وهو يخرج الهاتف و يلقي به أمام المكتب
" التليفون كان عليه نسخة من الورقة. و النسخة دي اتبعتت و بعد كدا اتحذفت. خليت حد راجع عليه.."
استشاطت غضبًا حين سمع حديث أخاه وقال بانفعال
" التليفون و حاجه حازم كلها مع ماما ."
«سالم» مصححًا
" كانت مع ماما !"
" يعني ايه؟"
«سالم» بجفاء
" حلا . خدت التليفون و المحفظة و كل حاجه من ماما من حوالي عشر أيام. "
«سليم» بصدمه
" انت بتقول ايه يا سالم؟؟ معقول حلا تكون هي اللي؟؟"
«سالم» بجفاء
" منقدرش نجزم بـ دا. ممكن تكون سما شيرين او حتى عمتك. ومع الأسف منقدرش نسأل دا اتهام خطير لحلا ."
جن جنونه وقال منفعلًا
" اومال هنعرف ازاي؟"
«سالم» بحدة
" الخاين هيكشف نفسه. هنستني اما نشوف هيعمل ايه؟ ووقتها هنقدر نتصرف.."
زفر «سليم» بغضب و قال حانقًا
" أنا واثق أن حلا متعملش كدا. الحوار دا مش هيخرج غير من سما أو شيرين "
«سالم» بتوعد
" هنعرف بس الصبر..."
أنهى كلماته تزامنًا مع مجئ رساله علي البريد الالكتروني الخاص بالشركة فتوجه «سالم» إلى حاسوبه يستطلعه فإذا به يصدم حين وقعت عينيه علي تلك الرسالة و التي كانت شكر من إحدي الشركات التي يتعاملون معهم في الخارج وأخبارهم بأن المبالغ تحول للحساب الجديد و تتمنى عقد صفقات أخرى معهم..
" معناها ايه الرساله دى؟"
هكذا قال «سليم» حين قرأ النص المدون في الرسالة فلم يجيبه «سالم» و قام بإمساك الهاتف لإجراء اتصال و ما أن أتاه الرد حتي قال بأمر
" في اي شحنه خرجت من المخازن الشهر اللي فات؟"
أتاه الصوت الآخر على الهاتف
" ايوا يا سالم بيه احنا مسلمين شحنتين للشركه الألمانية الشهر اللي فات.."
هب «سالم» من مجلسه قائلًا بغضب
" انت بتقول ايه؟ و مين امرك تعمل دا؟"
اجابه الموظف بهلع
" حضرتك احنا جالنا ايميل التسليم كالعادة من ايميل الشركة الأساسي وبناءً عليه سلمنا الشحنات في معادها.. هو في ايه يا فندم؟"
2
خرج غضبه عن السيطرة فقد وقعوا فريسة للعبة قائدها مجهول مما جعل «سالم» يطحن أسنانه غضبًا قبل أن يقول بأمر
" ابعتلي الايميل اللي جالك دلوقتي علي الميل الخاص بيا .. و اي تعاملات بعد كده هتكون منه ايميل الشركه محدش يتعامل معاه خالص ."
اغلق «سالم» الهاتف فصاح سليم باستنكار
" اللي انا بسمعه ده بجد؟ احنا بيتنصب علينا من شخص مجهول؟؟"
2
زفر «سالم» بحنق و جلس يبحث علي حاسوبه فتفاجأ حين أتته رسالة العامل والتي تفيد بخروج بضاعة تتعدى العشرون مليونًا من مخازنهم فبرقت عينيه من شدة الصدمة التي كانت من نصيب «سليم» أيضًا والذي قال بذهول
" عشرين مليون! دا خراب بيوت .."
3
تغلب «سالم» علي صدمته وقال بقسوة
" هتواصل مع الشركة و اعرف الحساب اللي اتحولت عليه الفلوس باسم مين و انت جهز نفسك عشان هنسافر القاهرة "
+
نفذ «سليم» أوامر «سالم» دون اعتراض بينما الأخير اشتدت ملامحه غضبًا و اكفهرت تعابيره بشكل مريب و قام بجذب هاتفه و إجراء أحد الاتصالات و ما أن أجاب الطرف الآخر حتي قال «سالم» بقسوة
" عايز اعرف مكان ناجي عبد السلام الوزان؟؟"
21
يتبع...
هناك أشخاص نتعثر بهم بين أروقة الحياة ودروبها نظن بأن لقائنا بهم مجرد صُدف مندثرة ولكن بعد ذلك يتضح بـ أنهم حقيقتنا الثابته في هذا الواقع الملئ بالفرضيات. و بـ أن وجودهم هو اليُسر بين تعسرات الحياة. نأنس بهم و تألفهم الروح للحد الذي يجعلها لا تتعافى سوى بقربهم.
نورهان العشري ✍️
5
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
انهي جمع حقائبه و أرسلها إلي السيارة متوجهًا إلى الأسفل فـ سمع شهقة قوية خرجت من والدته التي اخبرها «سليم» بما حدث فـ صاحت حين وقعت عينيها عليه
" كلام ايه اللي بسمعه ده يا سالم؟"
زفر بـ حنق قبل أن يجيب بـ جمود
" معنديش معلومات عشان اقولها لك يا ماما. انا مسافر القاهرة و هشوف بنفسي حصل أي؟
كان الجميع يلتزم الصمت أمام غضبه الضارى و خاصةً هي ولكن قد جاء الوقت لـ تضرب بيد من حديد فقالت بغضب مفتعل
" الكلام دا معناه أن في خاين في الشركة !"
توجهت نظراته إليها تشملها بنظرة كانت مُرعبة و لهجه تشبهها حين قال بفظاظة
" و عرفتِ دا لوحدك؟"
تحركت بـ خيلاء تتهادى في مشيتها قبل أن تقف أمامه تقول بتهكم
" اه تخيل. اصل انا واحدة بفكر بعقلي . مش لاغياه و ماشيه ورا مشاعري.."
2
رمقها بسخرية و قال بفظاظة
" غريب عليكِ اوي الموضوع دا ! و ياترى وصلتِ لـ أيه؟
يا عاقلة ! "
قال كلمته الأخيرة بلهجة هازئة أثارت حنقها فأجابته مندفعة
" الخاين دا انت مُصر تقربه منك يا سالم . مين معاه ايميل الشركه غيرك انت و سليم؟ "
لم تتغير نبرته حين أجاب باختصار
" مين؟"
بلهجه مسمومة نابعه من قلب فاض به الشر
" فرح!!"
شهقات متتاليه اندلعت من حولهم فتابعت «شيرين» بقوة
" مش كانت سكرتيرتك ؟ "
أجابها «سالم» من بين أسنانه
" و هتبقى مراتي. فـ خلى بالك من كلامك.. "
" و عشان كده هتستثنيها من حساباتك صح؟ المال مش مالك لوحدك يا سالم بيه !! دا مالنا كلنا يعني اللي سرق سرقنا كلنا"
تراجعت للخلف خطوتين حين هالها مظهره فتابع بقسوة
+
" الخاين هعرفه و هعاقبه قدامكوا كلكوا. "
شددت على كلماتها حين قالت بتحدي
" و لو طلعت هي إلي خاينه و سرقت الفلوس هتعمل ايه؟"
أجابها بـ اختصار
" وقتها هتعرفي !!"
أنهى كلماته و تابع سيره دون أن يغير غضبها اي اهتمام ولكن وجهه كان مكفهرًا و ملامحه متجهمة فما أن اختفى عن الأنظار حتى صاحت «أمينة» بغضب
" أنتِ عماله تعكي يا بنت همت و هييجي علي دماغك في الآخر.."
4
أجابتها«شيرين» بوقاحة
" عشان بقول الحقيقة أبقى بعك!!"
«أمينة» بتقريع
" لا عشان فكرك انك مش مكشوفة؟؟ و أننا ناس هبلة هتضحكي عليهم. بس وماله خلينا ورا الكداب "
4
اختتمت جملتها بعد أن ألقت عليها نظرة حانقة محتقرة و تابعت صعودها للأعلى ترافقها «حلا» فـ تقدمت «همت» من ابنتها وقالت بنبرة خافتة
" اللي حصل دا ليكِ يد فيه؟"
لم تجبها شيرين إنما توجهت إلى غرفة الصالون فـ تبعتها «همت» التي أغلقت الباب خلفها وهي تقول بنبرة ساخطة
" جاوبيني .. "
«شيرين» بحنق
" أنتِ بره الليله خلاص بتسألي ليه ؟"
تعاظم الغضب بداخلها فـ أجابتها بحدة
" اتعدلى يا بت ناجي! ايه الجينات الزبالة نقحت عليكِ ولا ايه؟"
4
جن جنونها و استقرت الكلمات في منتصف جرح غائر بـ داخلها فصاحت بعنف
" اوعي تغلطي في ابويا.. ابويا اللي اتخليتي عنه ورمتيه لما اخوكي شاورلك. ابويا اللي عمل كل حاجه في الدنيا دي عشان خاطرك و خاطرنا رمتيه واطلقت منه و مفكرتيش تسألي عنه ولا مرة. لو جبتي سيرته مش هسكتلك أبدًا"
صدق ظنها فـ ابنتها الآن تشبه الي حد كبير ذلك المسخ الذي أحبته يومًا بالرغم من أنه كان ابن عمها إلا أن دماءه كانت ملوثة. يحقد و بقوة على اشقائها. أوهمها ذات يوم بأنه يعشقها ولكن الحقيقة أنه كان طامع بأموالها فحسب لتستيقظ ذات يوم على صفعة خذلان قوية نالت من قلبها و روحها و للآن لم تتعافى منها
" دانا اللي مش هسكتلك يا شيرين.. ابوكي اللي بتدفعي عنه دا سرقنا. و خاننا اتسبب في موت جدك و جه ياخد عزاه عادي من غير اي احساس بالذنب.. سنين عايش معانا بياكل من خيرنا و هو بـ يعض الايد اللي اتمدتله.. ابوكي دا أسوأ إنسان على وجه الأرض. اختارته و وقفت قدام أهلي عشان اتجوزه و هو بالمقابل عمل ايه ؟ كسرني و كسرهم و خاننا كلنا."
كانت تنتفض بحرقه وهي تتحدث وانهمرت عبراتها حين تابعت بقهر
" هنا بالضبط اكتشفت خيانته لما جت البت السكرتيرة اللي كان مرافقها و حكت كل حاجه. كان بيخونى من اول يوم جواز.. سرق فلوس ابويا و فلوسي و بسببه خالك منصور جاله جلطه من الزعل. كنا هنروح في ستين داهيه و اسم الوزان كان هيبقي في الأرض لولا أن ربنا دايمًا بـ يقف مع الحق . و قدرنا نرجع مكانتنا تاني . سالم اللي أنتِ بتجري وراه دا عمره ما هيفكر فيكِ أبدا. عارفه ليه؟؟ عشان بيجري في عروقك دم ناجي. كنت الأول في صفك و بقول يمكن لكن دلوقتي لا .. أنتِ متصلحيش تبقي مراته و لا مَرات كبير عيلة زي دي... يا بنت ناجي.."
1
ألقت كلمتها الأخيرة كـ سُبة متبوعه بنظرة محتقرة استقرت في صدر تلك التي استنكرت ما سمعته أذناها بشدة فصرخت غاضبة
" كذب.. ابويا اشرف من الشرف .. التعابين اللي حواليكِ دول هما اللي سمموكِ عشان كانوا كارهينه و كانوا عايزين ياخدوا تعبه وشقاه.. و أنتِ طول عمرك تابع لأمينة بتقولي حاضر و نعم وبس. لكن أنا مش زيك . و فخورة انى بنت ناجي. و سالم بيه الوزان نصيبه معايا انا سواء عجبك او لا. سواء بيحبني أو لا. "
كانت تعلم كيف أن يدق قلب الأنثى لمن لا يكترث له تعلم جيدًا كيف يكون ذلك الشعور بأن يفضل أحدهم شخصًا آخر عليك و لهذا تجاوزت عن كل شي و اقتربت منها تقول بحنان و لهجة مُتألمة
" انا عارفه اللي أنتِ فيه مش سهل... و حاسة بيكِ بس أنتِ اختارتي من الأول و حصل اللي حصل وربنا وحده اللي عداه على خير. بلاش تأذي نفسك و تأذينا معاكِ. سالم مش هـ يظلمنا حتي لو مدناش ارض هيدينا اضعاف تمنها انا عارفاه. بلاش نبقى أعداء كفايه كدا. "
صرخت بقهر
" لا مش كفايه.. و حقنا دا ابسط حاجه هناخدها. و كدا كدا هناخده. لكن رد اعتبارنا و كرامتنا و كرامة ابويا اللي خرج من هنا متهان دي مش هتعدي بالساهل.."
خربش الشك جدران قلبها فقالت بترقب
" اشمعنا دلوقتي جايه تدوري علي حق ابوكي و كرامته ؟؟ في ايه وراكِ ؟ انا مش مطمنالك؟"
" لا اطمني.. انا عارفه انا بعمل ايه كويس اوي .."
1
أنهت جملتها و أوشكت علي المغادرة فقامت «همت» بامساكها بقوة من رسغها تُديرها إليها قبل أن تقول بلهجة خطرة و عينين انبعثت منها نيران الغضب
" أنتِ بتتواصلِ مع ناجي؟؟؟"
2
ابتلعت ريقها قبل أن تقول بلهجة جامدة
" لا..."
***************

قد لا تعلم ما ينقصك إلا عندما تراه.. هكذا كان الأمر معها ...
فـ سابقًا كانت الأشياء تتعقد و العالم يظلم و يضئ وهو ثابت لا يتململ يدرك مسئولياته و يحملها دون أي تضرر يعلم وجهته جيدًا و بأنه الكتف الذي اعتاد أن يسند الجميع دون أن يهتز ولكنه الآن لأول مرة يشعر بحاجته للاتكاء. لأن يضع رأسه علي كتف أحدهم ينشد الراحة التي تتلخص في قربها.. كانت هي الكتف الذي أشعره بحاجته طوال تلك السنوات.. لم يتخلل الى قلبه أي ضعف إلا عندما وقع بعشقها. هي من أضاءت له عتمة حياته و كأنه بـ رؤيتها وجد ما كان ينقصه و اكتملت روحه بقربها لهذا و لأول مرة بحياته لم يخجل من إظهار ضعفه حين قام بإمساك الهاتف ينوي الحديث معها فجاءه الرنين الذي كان يتراقص مع دقات قلبه التي تقرع كالطبول تترقب سماع صوتها الذي لم يتأخر بالإجابه وكأنها شعرت به
" سالم.."
باغتها حين قال بخشونة
" وحشتيني..."
لم يكن اشتياقًا فقط بل احتياجًا قاتلًا لوجودها حملته لهجته فلامس قلبها لتجيبه بلهفة
" انت كويس؟"
1
أجابها باختصار
" يعنى .."
" فيك ايه ؟؟ طمني؟"
لأول مرة يحتار كيف يصيغ حروفه ؟ كيف يخبرها بما هو أعمق من الكلمات بكثير ولكنه اكتفي بكلمات بسيطة كانت ملخص لكل ما يحمله بقلبه من ثقل
" عايزك معايا .. "
1
كان هذا ما يشعر به في تلك اللحظة بأن وجودها سبب كاف لانتهاء كل الأشياء السيئه فلامست كلماته حواف قلبها الذي تعثرت نبضاته من فرط التأثر فقالت بلهجة خافته يشوبها الخجل
" هانت. كلها كام يوم و نكون مع بعض.."
أضاف مصححًا
" أن شاء الله.. دايمًا قدمي مشيئة ربنا قبل اي حاجه.."
أضافت مُصححه
" أن شاء الله.. بس انا حاسه انك فيك حاجه و مش عايز تقولي عليها.."
أجابها بخشونة
" هتعرفي كل حاجه لما اشوفك .. قوليلي حاجتك هتوصل امتى؟"
" انا جهزتها المفروض هتوصل النهاردة ان شاء الله.. بس.."
1
هكذا توقفت الكلمات على أعتاب شفتيها فلم تستطيع أن تكمل بسبب الخجل فهي لم تكن تريد لأي شخص أن يطلع علي ملابسها أو أشياءها الخاصة ففطن هو لما تريد أن تقوله فقال باختصار
" متقلقيش محدش هيدخل الجناح بتاعك لحد لما تنوريه .. "
ارتاح قلبها كثيرًا فقالت بخجل
" طمنتني.. شكرًا بجد انك فاهمني من غير ما اتكلم.."
3
كان يود لو يحطم ذلك الهاتف و يذهب إليها و يخبرها كم أنه يحتاجها و يشعر بكل ما يدور بداخلها حتي أنه يعلم تمامًا كيف صارت ملامحها و كيف نبت محصول التفاح الشهي ليضئ وجنتيها الجميلة ولكنه اكتفي بإخراج زفرة حارة من جوفه قبل أن يقول مازحًا
" و لسه لما تعرفي اني ناوي أرتب معاكِ كل حاجه. ماهو مش معقول هسيب عروستي الحلوة تتعب و أنا موجود.."
1
تلاحقت أنفاسها وهي تتخيله يجلس بجانبها ليرتب معاها أشياءها وبعض الملابس الخاصة بالعرائس التي لا تعلم كيف أقدمت على شرائها فـ ودت في تلك اللحظة لو تختفي من العالم من فرط الخجل فـ خرجت الكلمات متلعثمة من بين شفتيها حين قالت
" ايه .. لا . طبعًا . و تتعب نفسك ليه ؟ انا هعمل . كل حاجه ."
1
نجح ارتباكها في رسم ابتسامة خافتة على ملامحه المتصلبة فأجابها بخشونة
" ياريت كل التعب يكون بالشكل دا.."
" نعم .. يعني ايه ؟ "
هكذا سألته بـ اندفاع فـ خرجت منه ضحكة خافتة قبل أن يقول بفظاظة
" هبقي اشرحلك عملي . المهم اللاب توب بتاعك هييجي مع حاجاتك صح ؟ "
" اها هبعته . في حاجه ولا ايه؟"
هكذا استفهمت فـ أجابها بلامبالاة
" لا عادي . الجهاز بتاعي حصل في مشكله فـ هاخد بتاعك فترة لحد ما يتظبط .. أنتِ حذفتي اي حاجة من عليه تخص الشغل"
2
«فرح» بتفهم
" لا خالص حتي ايميل الشركه لسه مفتوح عليه انا تقريبًا مقفلتوش. "
ابتسم بهدوء قبل أن يجيبها ببساطة
" خلى بالك من نفسك. ولو احتاجتى حاجه كلميني. و استخدمي الكريديت اللي سبتهالك يا فرح و دا أمر مش طلب."
2
أرادت مشاكسته قليلًا فقالت بغيظ مفتعل
" مابحبش حد يأمرني .."
1
أجابها بفظاظة صارت مُحببة على قلبها كثيرًا
" أنا مش اي حد.."
خرجت الكلمات مندفعة من بين شفتيها حين قالت
" دي حقيقة على فكرة.."
" معترفه يعني !!"
ابتسمت بحب قبل أن تقول بتأكيد
" اه معترفه مبقاش في مجال للإنكار ."
زفر بتعب قبل أن يقول بأنفاس متهدجة و قلب يشدو بعشقها و يهلك من فرط شوقه الضاري لها
" جهزي نفسك بقي عشان كلها كام يوم و هسمع اعترافاتك كلها و الإنكار هيكون له عقاب شديد.. "
ابتسمت بخجل قبل أن تقول بخفوت
" خلى بالك من نفسك.."
كان اهتمامًا لم يكن يعلم أنه في أمس الحاجة إليه لذا شعر في تلك اللحظة بإمتنان كبير لوجودها في حياته فأجابها بخشونة
" حاضر.. "
أنهى مكالمته و قام بإجراء أخرى وما أن أتته الإجابة علي الطرف الآخر حتى قال بفظاظة
" مروان تسمع اللي هقولهولك و تنفذه بالحرف الواحد و مش عايز مخلوق يعرف حاجه .."
2
****************
في اليوم الثاني كانت تنهى بروفه فستان الزفاف الذي كان أكثر من رائع و يلائمها كثيرًا و قد شعرت بالفراشات تطير في معدتها من فرط السعادة التي جعلتها تضع يدها فوق قلبها و تتمني أن تدوم تلك السعادة ولا يحدث أي شئ يعكر صفوها و لكن دائما تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد دق هاتفها برقم غير مسجل فشعرت بنغزه قويه في قلبها تنذر بأنه هناك شيئا سيئا قد حدث لهذا أخذت نفسا قويا قبل أن تجيب بنبرة حاولت أن تكون ثابتة
" مين معايا ؟"
اتاها صوت شيرين الساخر حين أجابت
" شيرين الوزان .. "
1
حاولت تهدئه نفسها قليلا قبل أن تقول بلامبالاة
" اقدر اعرف سبب اتصالك ؟ في حاجه اقدر اساعدك بيها؟'
حاولت شيرين اخفاء غضبها قبل أن تقول بهدوء
" الصراحة انا اللي عاوزة اساعدك. "
" بس انا مش محتاجه مساعدتك!"
هكذا اجابتها فرح فتحدثت شيرين يتهكم
" مش لما تعرفي الأول انا عيزاكِ في ايه ؟ وقتها تبقي تحددي."
بداخلها شعور قوي بالشر تجاه تلك الفتاة وكان قلبها يتوسل بصمت بالا تستجيب لفضولها و تعطي لتلك الفتاة فرصة لتخريب سعادتها و قد استجابت لـ توسله هذا و قالت بلهجة قوية
" مش عايزة اكون قليلة الذوق بس انا مش فاضية خالص دلوقتى أنتِ عارفه فرحي كمان كام يوم. فـ هضطر اأجل كلامي معاكِ لـ بعد الفرح و زي مانتِ عارفه احنا هنعيش في بيت واحد قدامنا وقت طويل عشان نرغى براحتنا بس دلوقتي انا حقيقي مش فاضيه فـ معلش هقفل معاكِ و نبقي نتكلم بعدين . عن اذنك .."
هكذا أنهت حديثها و أغلقت الخط بل الهاتف بأكمله و لكن هناك شعور قوي داخلها يريد معرفة ما كانت ستخبرها به فإذا بها تسمع صوت شقيقتها التي قالت بتشجيع
5
" عين العقل يا فرح.. البنت دي مش كويسة خالص و أكيد مش هتكون عيزاكِ في خير ..'
التفتت فرح الى جنة التي كانت هي الأخرى تقوم بعمل البروفة الأخيرة علي فستانها التي ما قبلت أن ترتديه سوى بعد إلحاح كبير من الجميع و خاصة ذلك المجنون الذي اخبرها بصرامة لا تقبل الجدال
1
" من غير يمين يا جنة .. لو ملبستيش الفستان هاجي اشيلك علي كتفي قدام الناس كلها و ادخل البسهولك بنفسي. "
هكذا اذعنت لأمره و قبلت بإرتداء هذا الفستان الساحر الذي خطف قلبها فور أن وقعت عينيها عليه كما اعجبها كثيرا فستان شقيقتها والذي كان يلائمها كثيرا و لأول مرة تراها سعيدة بتلك الطريقة ألي ان أتاها ذلك الاتصال اللعين من تلك الفتاة و التي بالتأكيد تريد أن تخرب حياة شقيقتها..
" ايا كان اللي هي عيزاه انا مفيش بيني و بينها حاجه عشان اسمعلها .. كبري دماغك منها. المهم خلصتي ؟"
1
" اه خلصت .. متغيريش الموضوع يا فرح . لازم تقولي لسالم عالي حصل عشان لو فكرت تعمل حاجه يمنعها.."
4
فرح بنفاذ صبر
" خلاص يا جنة كبري دماغك منها مش طالبه مشاكل و أفلام هندي قبل الفرح انا من غير حاجه متوترة .. يالا بينا.."
2
زفرت جنة بغضب من عناد شقيقتها ولكنها لم تعلق بشئ ولكن بداخلها رهبة كبيرة من شئ سئ قادم و قد كان شكلها بمحله فقد كانت شيرين تكاد تجن من رد فعل فرح تجاه حديثها فقد استغلت غياب سالم و قامت بحجز تذكرة ذهاب و عودة الي المنيا حتي تتيح لها فرصة مقابلة فرح لتاتي الأخيرة و تخرب مخططها فأخذت ترغي و تزبد لا تعرف ماذا عليها أن تفعل و للحظة طرأ علي بالها فكرة شرعت في تنفيذها علي الفور فقامت بالتقاط الهاتف و إجراء مكالمة وما أن أتاها الرد حتى أجابت باندفاع
" محتاجة مساعدتك ضروري.."
كانت كل عضلة به تؤلمه ناهيك عن غضبه الضاري الذي جعله يقول بحنق
" صرعتي راسي رن رن . عايزة اي يا حرمه انتِ ؟"
صاحت شيرين غاضبة
" اتكلم معايا عدل يا عمار.. و متنساش اني انا اللي عرفتكوا طريق ولاد عمك و المصايب اللي عملوها.."
2
عمار بحنق
" ضربتك علي يدك عشان تاجي تجوليلي ولا أنتِ اللي عملتي أكده من نفسك ؟ "
" يعني هتتخلى عني بعد ما ساعدتك..؟"
زفر غاضبا و خرج صوته حادا
" ايه اتخلى عنك دي يا بت الحلال هو انا چوزك وانا معرفش . و بعدين أنتِ عايزة اي؟ خلاص عرفنا كل حاچه و اتحلت كل المشاكل عايزة أي مني؟"
صاحت بانفعال
" لا متحلتش .. سالم هيتجوز فرح ! عادي عندك أنه ياخدها منك ؟ مش دي بنت عمك و أنت أولى بيها؟"
صاح بانفعال
" انا محدش يجدر ياخد حاچه مني . و فرح اني مرايدهاش من اللول وإن كانت عايزاه ف أنا مش هوجف في طريجها تشبع بيه.."
شيرين بقهر
" عادي كدا .. مش سالم دا اللي اتخانق معاك و ضربك قدام الناس كلها. و وقف قدام جدك شكلك ايه لما الناس تعرف أنه خد خطيبتك ؟ هتعدي الموضوع بالساهل كدا ؟ "
تعاظم الغضب بداخله و غلا دماءه في عروقه ولكنه توقف للحظة و قد أضاء عقله بفكرة خبيثة ف استطرد قائلًا
" لاه مهيعديش بالساهل .. أنتِ عندك حج.. بس الحديت مهينفعش في التلفون احنا لازمن نتجابل.."
شيرين وقد تنفست الصعداء فقالت بلهفه
" و أنا موافقة . انا هنا اصلا قدامي ٣ ساعات على ميعاد الطيارة انت فين ؟"
قهقه عمار بشر قبل أن يقول
" دانتِ مبتضيعيش وجت واصل .. جوليلي فينك و أنا هاجيكِ"
اخبرته شيرين عن مكانها فوعدها بملاقاتها و بعد أن أغلقت الهاتف قام هو بإجراء مكالمة يتلهف كثيرا لها و جاءه الرد علي الطرف الآخر
" حمد لله عالسلامه. خفيت بسرعه و بقيت قادر تتكلم ؟"
هكذا تحدث سالم بسخرية فأجابه عمار بمثيلتها
" وه هي الخرابيش دي تمنع الحديت بردك ؟"
3
سالم بتهكم
" معلش عندي دي . المرة الجايه لو فكرت تقرب من حاجه تخصني هتأكد انك لا هتقدر تتكلم ولا تتحرك خطوة واحدة. "
قهقه عمار بشر قبل أن يقول ساخرا
" الحجيجة أن اللي يخصوك هما اللي بيجربوا مني مش العكس؟"
انكمشت ملامحه بغضب وقال بفظاظة
" وضح كلامك .. و خلي بالك عشان هتتحاسب عليه.."
عمار بتهكم
" يا راچل حساب ايه دانا ماددلك يدي بالصلح . ويعلم ربنا لو مكنتش غالي علي مكنتش كلمتك . بس اني جولت احنا بجينا نسايب ولازمن انبهك . مينفعش اسيبك أكده مختوم علي جفاك.."
صاح سالم بعنف
" كلمة زيادة و هاجي بنفسي اقطعلك لسانك. الحق نفسك و قول اللي عندك .."
" حجك.. انا عارف ان كلامي تجيل بس زي ما جولت لازمن انبهك .. السنيورة بت عمتك . شيرين. لسه جافله معاي دلوق و عيزاني اروح اجابلها في فندج (..) و طبعًا اني راچل بفهم في الأصول فجولت اكلمك اللول استأذن منك اروح اجابلها ولا لا؟ انت ايه رأيك؟"
5
تعاظم الغضب بداخله حتي بدأ ينفسه علي هيئه نيران فخرج صوته مرعبا حين قال
" عارف لو طلعت بتكذب علي هعمل فيك ايه ؟"
1
مروان بتسلية
" و اكذب لي؟ وبعدين هو انت هتغلب مانت تجدر تتأكد بسهوله. هو اني بردو اللي هعرفك. و بعدين ولا تزعل نفسك اني هروح بنفسي و ناخدو صورة حلوة مع الأمورة و ابجي ابعتهالك عشان تتوكد .."
لم يتحمل سماع كلمه اخرى فقام بإغلاق الهاتف و إجراء مكالمة هاتفيه بمديرة مكتبه لمعرفة ما إن كان هناك حجزت باسم شيرين الوزان علي متن خطوط الصعيد فاخ الأمر منها بعض الوقت لتخبره بوجود حجز اليوم باسمها فتجمدت عضلات جسده من فرط الغضب و قام بالاتصال بها فأتاه صوتها المرتجف
" آلو. سالم؟"
" اطلعي علي فيلا صفوت الوزان دلوقتي و إياكِ تخرجي منها لحد ما اجيلك .."
3
ارتعبت كل خلية بها من حديثه و معرفته بمكان وجودها فحاولت خداعه قائله
ايه ؟ انت بتقول ايه عايزني اروح الصعيد لوحدي؟"
خرج صوته كالسيف حين قال صارخا
" بطلي كذب و اعملي اللي قولتلك عليه حالا. وحسابك عاللي عملتيه دا هيكون غالى اوى .."
ارتجف جسدها ذعرا من حديثه فقالت في محاولة لتهدئته
"انا عملت ايه ؟ لو كانت كلمتك تقولك..."
" اخرسي .. العربية هتجيلك دلوقتي و حسابنا لما اجيلك.."
6
*************
قهقه «عمار» بسعادة من بين جروحه التي أخفت ملامحه و شوهت وسامته مما جعل الاندهاش يسيطر علي تلك التي كانت تراقبه من بعيد فقالت بخفوت
" يا مرى.. دانت إبليس يجولك يا خال.. "
3
تنبه لصوتها من علي باب الغرفه فصرخ بها
" واجفه عندك بتعملي ايه يا بت انتِ؟"
ارتعبت حين لاحظ وجودها فتقدمت تحمل أحدي الصواني التي كان عليها إفطاره وقالت باحترام
" ست تهاني بعتالك الوكل.."
" حطيه و غوري من اهنه.."
اغتاظت من وقاحته فـ خرجت الكلمات من فمها مندفعة كما هي العادة
" دلوجتي بتشخط وتشخط اللي يشوفك من يومين وانت مجدرش تصلب طولك ميشوفكش و انت كيف الجطر أكده.."
3
اغتاظ منها حين سمع كلماتها الغير مفهومه فصاح بغضب
" بتبرطمي بتجولي ايه يا مخبلة أنتِ ؟ "
تراجعت خطوتين إثر صراخه و قالت باندفاع
" مبجولش. يعني اجصد حمد لله عالسلامه صوتك رچع طلع اهوه بعد ما كنا مرتاحين منه.."
1
كانت كارثه بحق لسانها السليط يتنافى مع جمالها الخارجي والذي يظهر على استحياء من بين ملابسها المهلهلة و منديلها الباهت الذي يظهر بعضًا من خصل شعرها الأسود اللامع الذي أثره لثوان و خطف انظاره ولكنه تجاوز عن سحرها الخفي الذي يجذب أنظاره إليها وقال بتقريع
" طب غوري من وشي روحي شوفي وراكِ ايه "
اقتربت منه و الامتعاض باد علي ملامحها حين قالت
" موراييش غيرك.."
" وه كيف دا؟؟"
بنبرة مغتاظة أجابته
" الست تهاني أمرتني متعتعش من چنبك طول مانت عيان و اديلي كام يوم جاعدة جارك بخدم چنابك.."
1
ابتسم ساخرًا و تجلت سخريته في نبرته حين قال
" اترحمتي من خدمة البهايم اومال؟"
" انا عن نفسي مش شايفه أنها فارجه كتير خدمتك من خدمتهم.."
20
هب «عمار» من مكانه وهو يصيح بغضب
" بتجولي ايه يا بت المركوب أنتِ ؟"
4
تراجعت للخلف وهي تقول بجزع
"مبجولش.. اجصد يعني مش هتفرج اهي كلها خدمة.."
" اه بحسب.. بت لسانها عايز جطعه.."
تحدثت بخفوت و لهجة ممتعضة
" مكنش الراچل الطيب اللي ضربك ده جطعلك لسانك انت وريحنا."
3
صاح مرة أخرى
" بتبرطمي بتجولي ايه يا بت؟ انا بكره البرطمة دي."
1
" ولا حاچه بكح .. كح كح "
1
حاولت أن تمثل السعال أمامه فكان مظهرها يوحي بالضحك فـ غافلته ضحكه ارتسمت علي ملامحه المتورمة جعلتها تتحدث دون أن تعي
" لهو انت بتعرف تضحك زيينا .. ؟"
1
" اومال مش بني آدم ولا اي؟"
إجابته بعفوية مضحكة
" ايوا بني آدم ظالم و چبار. "
" وه ليه اكده؟"
" لاه واني مالي . اخاف اجولك لا تطخني عيارين المرة دي"
1
ابتسم علي مظهرها وقال بهدوء
" لا جولي و أنا هديكِ الامان .."
" الصراحه بجى انت راچل مفتري و ظالم و متعرفش ربنا. و ده مش كلامي ده كلام كل الفلاحين . "
هكذا تحدثت بلهفة فـ ارتسم الذهول علي محياه وقال بصدمة
" بتجولي ايه يا بت؟"
اقتربت منه تجلس بجانبه وهي تقول باندفاع
" مش اني اللي بجول. ده كل الناس بس هما بيخافوا منك. فكرك يعني أنا هطوج عشان مخليني اخدم عـ البهايم لاه . أبدّا والله داني بسمع عنك كتير . هجولك ايه بس دا الناس بتسب وتلعن فيك طول الليل و النهار و يجولوا الظالم چه الظالم راح.. اه والله."
2
فطن إلى غضبها من هذا العمل الشاق الذي كلفها به و لأنها كانت عفويه بدرجة كبيرة فقد أخطأت بالحديث ليعرف ماذا يدور بخلدها فـ ارتسم الخبث علي ملامحه وقال مرددًا حديثها
" بجي بيجولوا عليه الظالم راح المفتري چه؟"
" أيوا..."
" و بيسبوا و يلعنوا فيا طول الليل و النهار؟"
" أيوااا.."
" يعني ده مش كلامك ده كلامهم هما؟"
" أيوااا.."
هب من مكانه وهو يصيح بها
" چاكِ أوا في سنانك. بجى انا الفلاحين ييشتموا عليا ليل نهار.. دانا هخلي يومك اسود .. "
1
تراجعت بذعر تجلي في نبرتها وهي تقول
" ليه بس و اني كت عملت ايه . الحج عليا اللي بنورك ؟"
" بتنوريني !! طب انچرى روحي شوفي شغلك . لو لجيت الزريبة فيها أي حاجه همسحها بخلجتك العفشة دي"
غضبت و انهارت أحلامها بأن يثنيها عن هذا العمل الشاق فقالت تحاول ردعه
" لا سايجه عليك النبي . دانا زهرة شبابي انجطفت و اني بترب للبهايم.."
1
عاندها قائلًا
" عقبال رجبتك لما تتكسر و لسانك الطويل دا يتجطع هو التاني.."
شيعته بنظرات الخسه قبل أن تقول بقهر
" لك يوم يا ظالم . حسبي الله ونعم الوكيل.."
1
"اخفي من وشي..."
****************
اليوم الثاني كان يوم السفر فتحضر الجميع للذهاب الى الصعيد و من بينهم «أمينة» التي حاول «سالم» ثنيها عن الحضور ولكنها رفضت رفضًا قاطعًا بأنها تريد ذلك من كل قلبها فخضع لرغبتها و بالفعل غادروا المنيا ليجدوا «صفوت الوزان» في استقبالهم و قد كان استقبال حافل من جهته
" الصعيد كلها نورت يا حاجه امينه .. متتخيليش فرحتنا بيكوا قد ايه ."
«أمينة» بوقار
" تسلم وتعيش يا صفوت بيه .. كلك ذوق و طول عمرك صاحب واجب."
" تسلمي يا حاجه.. اتفضلوا ارتاحوا وانا هشوف سهام جهزت ولا لا . "
كان يتحدث بحرج تفهمته «أمينة» علي الفور فقالت بوقار
" متضغطش عليها. احنا مش غرب عن بعض.. سيبها براحتها لحد ما تحس انها عايزة تشوفنا .."
ارتسمت ابتسامة امتنان على ملامحه التي أهلكها وجع دفين فاومأ برأسه بتفهم قبل أن يأتي صوت الخادمة لتخبرهم بأن «ياسين عمران» في الخارج فأمرها «صفوت» بأن تجعله يدخل على الفور وما هي إلا لحظات حتى وجدوه يطل عليهم فتنبهت كل ذرة من حواسها لذلك الفارس الذي تمنته ذات يوم ولكنه أتاها بأكثر الطرق رفضًا لقلبها الذي كانت نبضاته تدق بجنون حاولت التحكم به قدر الإمكان و رسم اللامبالاة علي ملامحها حين جاء دوره في السلام عليها فمدت يدها بثبات يتنافى مع اهتزاز حدقتاها وهي تناظره
1
" حمد لله علي سلامتك..."
" الله يسلمك.."
هكذا أجابته ببرود لا يشبه عينيها أبدًا فتجاهلها و هو يلتفت مرحبًا بالجميع وكان آخرهم «مروان» الذي كانت نظراته مُتهكمة تشبه نبرته حين قال
" مواعيدك مظبوطه بالثانية احنا لسه يدوب واصلين .."
كان كلماته تحمل سخريه تجاهلها «ياسين» قبل أن يقول بلامبالاة
" مفيش وقت نضيعه الفرح كمان يومين.. ولسه في حاجات كتير مفروض تتعمل .."
تنبه «سالم» إلى حديثه فتدخلت «أمينة» لتلطف الأجواء قليلًا
" ربنا يعينك يا ابني.. حلا كانت عايزة تروح تشوف اخر بروفة للفستان تقدروا تروحوا تشوفوه وكمان صور كتب الكتاب قلنا تتصورها هنا.."
كانت حججًا واهية ولكنها تريد أن تكسر هذا الحاجز الذي تراه أمامها ولهذه ارتسمت بعينيها نظرات خاصة ل«سالم» الذي ابتلع غضبه و وافق علي مضض فتحدثت «أمينة» بلطف
" يالا يا حلا مع خطيبك عشان تخلصوا اللي وراكوا.. معدش في وقت.."
2
اومأت «حلا» بهدوء يتنافى مع ضجيج أفكارها و صخب قلبها و تقدمت أمامه إلى الخارج فقادها بهدوء الى السيارة وما أن استقلتها حتى قادها بسرعة كبيرة مبتعدًا عن المكان بأكمله ..
بعد وقت ليس بقليل أوقف السيارة أمام إحدى المقاهي فالتفتت حولها قبل أن تقول
" وقفنا هنا ليه؟"
تحمحم بخفوت قبل أن يجيب بلهجة هادئة
" كنت عايز اتكلم معاكِ شويه .."
باختصار اجابته
" اتفضل.."
" طب مش تبصيلي عشان اعرف اتكلم .."
هكذا تحدث بهدوء فحاولت السيطرة علي دقات قلبها التي تدق كالطبول قبل أن تستدير برأسها تطالعه بصمت وعينين تحوي عتب كبير لامس زوايا قلبه فقال بلهجة رقيقة
" انا عارف ان كل حاجه جت بسرعه . و ملحقناش حتى نستوعب ايه اللي بيحصل .. و عارف كمان أن موضوع الجواز دا كان صدمة ليكِ بس..."
قاطعته بسخريه يشوبها المرارة
" بس مكنش صدمة ليك.."
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" تقصدي ايه؟"
" اقصد انكوا خططتوا لكل حاجه صح و عرفتوا امتا تضربوا ضربتكوا. بصراحة لما قعدت مع نفسي و افتكرت كل اللي حصل انبهرت بذكائك . كنت مقنع جدًا.. حتي وانت بتواسيني و بتخفف عني انا صدقتك اوى على فكرة.. "
لحظة صمت طويلة خيمت على المكان فقد كان مصدومًا من كونها تظن بأنه خطط لكل شئ ولكنها فسرت صدمته علي أنه تفاجئ بمعرفتها لما حدث فـ أردفت بسخرية
" ايه اتصدمت لما عرفت اني فاهمه كل حاجه؟؟ ايه ده معقول انا باين عليا الغباء كدا ؟'
2
تجاوز عن صدمته وحل محلها الغضب الذي دفعه للقول
" تبقى غبية فعلًا لو فكرتي اني خططت لكل دا .. انا معرفتش أن جنة و فرح ولاد عمي غير يوم ما قابلتها في الجامعه.. يوم ولادة جنة تقريبًا.."
إجابته باندفاع
" مش هيفرقلي كتير .."
" اومال ايه اللي فارقلك.. اوعي تكوني مفكرة اني كان ليا يد في خطفك..!"
قال جملته الأخيرة باستنكار جعل ابتسامه ساخرة ترتسم علي ملامحها قبل أن تقول بقهر داخلي
" مفكرة انك ليك يد في خطفي!! لا أنا متأكدة انك انت اللي دبرت وخططت لخطفي. طبعًا اومال تكسر مناخير ولاد الوزان ازاي وتجيب حق بنت عمك؟؟ "
1
صاح بغضب فقد تجاوزت الحدود
" حلا بطلي جنان.."
تابعت بألم تجلى علي ملامحها بوضوح
" عارف. انا مكنش عندي مشكله اني اصحح غلط حازم. ومعنديش مشكله اني ابقي كبش الفدا الي هيضحوا بيه عشان كل حاجه تبقى تمام. و قبل ما جدك يهددني انا كان عندي استعداد اعمل اي حاجه عشان اخواتي محدش فيهم يتأذى. بس انك تكون السبب في العذاب اللي عشته و الرعب الي مريت بيه دا كان صادم بالنسبالي اكتر من موضوع الجواز نفسه..!"
كان ألمها اضعافه بقلبه ناهيك عن غضبه لظنها به ولذلك حاول أن يصحح ذلك الوضع قائلًا بخشونة
" صدقيني انا مكنتش اعرف موضوع الخطف ده و لا حتى كنت أعرف أن جدي عرف باللي حصل .."
صاحت بألم
" و ايه اللي يخليني اصدقك ؟؟"
" عشان انا مبكدبش.. و مش مضطر اكذب . لو فعلًا عملت كدا هقول مش هخاف منك .."
هكذا أجابها بوضوح فـ أردفت بقوة
" ولا انا كمان هخاف منك و لازم تعرف كويس اوي اني مجبورة عليك وعـ الجوازة دي عشان بس أفدي اخواتي لكن لو هيخيروني فـ أنا عمري ما كنت هقبل ارتبط بيك..."
لامست بحديثها منعطفات خطرة و خدشت جدار كبرياءه الذي جعله يقول بجمود
" يبقى ملهاش لازمه الجوازة دي و أنا هعفيكِ من التضحية "
لا تعلم هل كانت خيبة تلك التي زارت قلبها في هذه اللحظة أم أنها كانت مصدومه فقط ! ولكن كان هناك شعور قاس يفترس قلبها دون رحمة للحد الذي جعل دمعة غادرة تنبثق من طرفي عينيها فسقطت علي قلبه المغرم بها ولكنه آذت كبرياءه كثيرًا بكلماتها تلك ناهيك عن ظنها السئ به فحاول ردع نفسه عن آخذها بين ذراعيه خاصةً وهي تناظره بتلك الطريقة التي تحمل عتابًا صريحًا لم يفشل في فهمه فوجد يده تتسلل إلي أسفل وجنتها لتقوم بمسح دمعتها التي أدمت قلبه و خرجت الكلمات معاتبه من بين شفتيه حين قال
" بتعيطي ليه؟ مش دا اللي أنتِ عيزاه..؟"
كانت لمسته كـ صاعقة برق أصابت أسفل ظهرها فـ شعرت بـ جسدها بتصلب بقوة حبست الأنفاس بصدرها فأخذت ثوان حتى استعادت كامل ثباتها قبل أن تقول بلهجة مهتزة
" دا من الضغط بس .. انت عندك حق دا اللي انا عايزاه. لو عندك فرصة توقف المهزلة دي انا معاك. "
شعر بأنه آلمها دون أن يدرك فهو للآن لم يخبرها كم هو يعشقها على الرغم من يقينه بأنه هناك مشاعر قوية بداخلها له إلا أن الوقت لم يمهله اي فرصة معها لذا أخذ قراره بأن يتجاوز عن كل ما حدث و يحاول أن يبدأ معها مرة أخرى حتى لو كان بتلك الطريقة لذا قال بلهجة خافته ولكن قوية
" للأسف مفيش فرصة اني اوقف حاجه.. "
اهتزاز حدقتاها و انتباه ملامحها كانا خير دليل علي أن حديثه لاقى صدى بداخلها و خاصةً حين قالت بنبرة مرتجفة
" يعني ايه ؟"
احتضنتها عينيه بدلًا من ذراعيه و تعمقت نظراته بطريقة مربكة لها كثيرًا و خاصةً حين قال بتلك النبرة التي يغزوها التملك
" يعني بعد بكرة هتبقي مراتي.. و مفيش اي حاجه في الدنيا هـ تمنع دا..."
***************
" مكشره ليه يا أم أربعه و أربعين ؟"
كان هذا صوت «مروان» الذي تقدم ليجلس على الأرجوحة في الحديقة بجانب «ريتال» العابسة و التي لم تعير حديثه اهتمام فاردف و هو يعبث بخصلات شعرها
" ماتردي يا برنسيسه هوا بيكلمك ؟"
ناظرته بامتعاض تجلي في لهجتها حين قالت
" هوا ايه ده انت كنت هتوقع المرجيحه وانت بتقعد ."
" قصدك ايه يا بت انتِ؟ انا تخين ولا ايه"
«ريتال» بتهكم
" لو مكنتش شايف بكروشتك تبقي محتاج نضارة "
" يا بت أنتِ راضعه سم فران . بتطلعي بكابورت من بقك .. ارحمي أمى شويه .. "
ناظرته «ريتال» بأعين ممتلئة بالدموع و قالت بلهجه تهدد بالبكاء
" كده ماشي مش هكلمك تاني .."
شعر بالقلق عليها فقال باندهاش
" و دا من امتى الاحساس دا ؟ دانتِ اسقع من الديب فريزر .. اوعي تكوني زعلانه بجد؟"
هنا انفجرت «ريتال» في البكاء وهي تقول من بين نهنهتها
" زعلانه.. اوي .. يا .. عمو.."
احتضنها «مروان» برفق وهو يقول
"مدام احترمتيني و قولتي عمو يبقى زعلانه بجد .. حصل ايه يا بت مين زعلك وانا انفخهولك "
" الدنيا .. يا عمو .."
8
هكذا أجابته من بين عبراتها فقال بصدمة
" الدنيا .. ايه يا بت الكلام دا أنتِ لسه روحتي فين ولا جيتى منين؟ دنيا ايه ؟ يكونش توم و جيري قتلوا بعض و انا معرفش !!"
صاحت به غاضبة
" توم و جيري ايه شايفني عيله قدامك ؟ "
«مروان» باستنكار
" لا لا سمح الله انسه عندها ست سنين و بتقولي الدنيا مزعلاني . افهم من كدا ايه ؟ "
1
" تحس بيا عن كدا.."
«مروان» بحنق
" يخربيتك خوفتيني. هيكون حصل ايه سبونج بوب خلى بيكِ ؟ طب غيروا نوع البامبرز المفضل عندك ولا حصل ايه مانا مش فاهم "
1
ازداد نحيبها وقالت بنبرة متقطعة
" الفستان .. بتاعي.. مش .. عاجبني .. و مش لاقيه.. حد .. ييجي .. معايا .. أجيب .. واحد .. جديد "
2
احتضنها «مروان» بقوة فقد شعر بالشفقة عليها وقال برفق
" كل دا عشان حته فستان . طب كنتِ قوليلي و انا كنت جيت معاكِ نقيتلك احلى فستان .."
رفعت رأسها تناظره و بشفاه مذمومة إجابته
" لا انت ذوقك وحش اوي.."
7
" اتفو عليكِ يا شيخه.. انا غلطان اني بصالحك..."
1
أنهى كلماته تزامنًا مع رؤيته «سما» التي كانت تخرج من الباب تبحث بعينيها عنهم فقال بلهفة
"هجبلك ست فستانين بس تخدمي عمك.. "
برقت عينيها وقال بحماس متناسية حزنها
" موافقة .."
" طبعًا أنتِ بتحبي سما ؟ "
" طبعًا "
" و طبعًا سما ذوقها حلو ؟"
" طبعًا"
" ايه رأيك لو ناخدها معانا و نروح نشتري احلي فستان في الدنيا لأحلي ريتا؟"
برقت عينيها و قالت بحماس
" موافقه طبعًا.."
«مروان» بتخطيط
" بصي هي جايه علينا عايزك تعيطي و تهبدي لحد ما تقنعيها تيجي معانا"
«ريتال» بتفكير
" بس دي خدمة كبيرة أوي يعني فستان قليل عليها.."
2
ناظرها بصدمه قبل أن يقول بصدمه
" يابت أنتِ بتساوميني يخربيتك جايبه الدماغ دي منين.. دانا وانا قدك كنت برياله.. "
«ريتال» بعفوية
" طب انت كنت اهبل يا عمو انا ذنبي ايه ؟"
" طب اكتمي بقي واعملي اللي قولتلك عليه هي جايه اهيه.."
بالفعل ما أن أطلت عليهم «سما» حتى أتقنت «ريتال» رسم دور الحزن فاقتربت منها «سما» قائلة بحنان
" مالك يا ريتا ؟ بتعيطي ليه ؟"
انفجرت «ريتال» في البكاء و «مروان» يحاول تهدئتها
" متعمليش في نفسك كدا يا ريتا .. اجمدي ياختي .."
«سما» برقة
" ايه يا مروان في ايه ؟ مالها ريتا؟"
«مروان» بهيام و لهجه خافته
" مروان بيدوب هنا .."
1
«سما» باستفهام
" بتقول ايه ؟"
لكزته «ريتال» في جنبه خفيه فاعتدل في جلسته وهو يلملم نفسه قائلا بلهجة حزينه
" أبدًا يا ستي ريتال مقهورة عشان مجبتش فستان حلو.. و مش لاقيه حد يروح معاها يختارلها فستان حلو . "
اقتربت من «ريتال» تحتضنها وهي تقول بحنان
" يا روحي .. بس كدا طب ليه مقولتليش وانا آجي معاكِ"
1
اندفعت الكلمات من فمه حين قال
" احنا لسه فيها يلا نروح دلوقتي نختار لها الفستان .. "
«سما» بتفكير
" بس احنا منعرفش حاجه هنا.. هنروح فين ؟"
«مروان» بغرور
" عيب تقولي كدا و أنتِ معاكِ مع مروان الوزان .. دانا اعرف دهاليز الصعيد دي دهليز دهليز.. يا بنتِ دانا اصحابي مسميني خط الصعيد.."
3
«سما» بحماس
" إذا كان كدا . يبقي يلا بينا..."
بعد مرور ساعتين تأففت «سما» من درجة الحرارة العالية وقالت بضيق
" بقالنا ساعتين بنلف. هنوصل امتا ؟؟ "
«مروان» بتحسر
" انا عارف بايننا تهنا ولا ايه ؟"
انتفضت «سما» تناظره بغضب وهي تصيح
" توهنا!! انت بتستهبل .. اومال عمال تقولي خط الصعيد و اعرف دهاليزها دهليز دهليز .. انت بتشتغلني..."
صدح صوت «ريتال» من الخلف حين قالت
" الصراحة اه . بيشتغلك. هو اساسًا تاني مرة ييجي هنا . هيعرفها منين ؟"
«مروان» بغضب
" اكتمي يا قدرة الفول أنتِ .. علي فكرة يا سما دا كان اختبار لمدى ثقتك فيا . و سقطي فيه."
2
«سما» بتوعد
" يعني احنا مش تايهين ؟؟"
«مروان» بثقة
" يا بنتي عيب .. نتوه ازاي يا جاهله . احنا في عصر الانترنت الاندرويد مستبلناش مساحة للغلط التليفونات التاتش ملت البلد . في اختراع اسمه ال GBS يا جاهله.. "
1
انهي كلماته وهو ينظر إلي «ريتال» قائلا بأمر
"هاتي التليفون يا ريتا اما نشوف احنا فين ؟؟"
ارتسمت الذعر علي ملامح «ريتال» حين سمعت حديث «مروان» و ارتبكت نبرتها حين قالت
" ايه دا . هو انت كنت محتاج تليفونك يا عمو.."
1
" نعم ياختي !!"
هكذا تحدث «مروان» فأجابته «ريتال» بعفوية
" اصلي كنت زهقانه فلعبت جيم بابجي و فصل شحن و أنا في نص الجيم . "
" بابجي .. الطم ولا اجيب لطامة.."
1
هكذا صرخ «مروان» فـ ناظرته «سما» بسخط تجلي في نبرتها حين قالت
+
" دانا اللي هلطم بحجارة عشان سمعت كلامك و رضيت آجي معاكوا.. انا هنزل اوقف اي عربية ماشية واعرف احنا فين .."
و بالفعل ترجلت من السيارة تنوي العبور للجهة الأخرى فلحق بها «مروان» الذي قال بصراخ
" استني يا بت .. خدي يا هبلة. تتخطفي هنا. هيؤدوكي الله يخربيتك .."
و لكن فجأة تسمر الإثنان بمكانهم حين شاهدا .......
يتبع....
تحيا القلوب و تهلك بيد ساكنيها.. ذلك الشخص الذي تضعه في المنتصف بينك و بين روحك هو وحده القادر على ترميم تصدعات وشروخ عمرًا مضى و إعادة بناء عمرًا جديدًا تغلفه السعادة التي ظننتها يومًا مستحيلة. ولكن ماذا لو أصبح هذا الشخص هو قاتلك؟! فـ علي قدر قربه جاءت طعنته الي قلبك نافذه فـ صرت كـ روح مذبوحه ترفرف بين كفي قاتلها تستجدي انقاذًا لدماء بريئة أزهقت على يد حارسها!! حينها يتخطى الألم حدود العقل و يصبح الغفران دربًا من دروب المستحيل …
نورهان العشري ✍️
3
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
ترجلت من السيارة تنوي العبور للجهة الأخرى فلحق بها «مروان» الذي قال بصراخ
" استني يا بت .. خدي يا هبلة. تتخطفي هنا. هـ يؤدوكي الله يخربيتك .."
و لكن فجأة تسمر الاثنان بـ مكانهما حين شاهدا 《شيرين》 التي كانت تستقل سيارة يقودها رجلاً ملثماً و بجانبها رجلاً لم يكن يخفي وجهه جيدًا مما جعل الصدمة تغلف ملامح كليهما فتحدثت 《سما 》قائلة باندهاش
" هي مش دي شيرين ؟؟"
4
" أيوا هي …"
هكذا أجابها 《مروان 》فـ أردفت باستفهام
" مين اللي هي راكبه معاهم دول ؟؟"
التفت《 مروان 》يناظرها و قد تبدلت صدمته إلى شفقة كبيرة على تلك الطفلة البريئة التي لا تتذكر ملامح والدها و إن كان لا يستحق هذا اللقب ولكن مهما حدث ففي النهاية صلته بِها لا يمكن تجاوزها
" معرفش .. بقولك ايه تعالى انا افتكرت طريق مختصر هنروح نجيب لريتال الفستان و نروح .."
2
التفتت تناظر ملامحه الجامدة والتي تختلف مع طبيعته المرحه فخرجت الكلمات منها متألمه
" 《شيرين 》أختي بقت تعمل حاجات غريبة أوي أنا حاسه إني مبقتش عرفاها.."
1
زفر 《مروان》 بتعب قبل أن يجيب
" كلنا حاسين نفس الإحساس 《ياسما.》. معرفش ليه بقت كدا؟"
1
تباطئت الكلمات على شفتيها و رفرفت بـ رموشها قبل أن تقول بلهجة متوترة
" يمكن .. عشان لسه بتحب أبيه 《سالم》 و عيزاه.."
1
" اللي بيحب حد مش بيأذيه و هي أذته و لا يمكن 《سالم》 هـ يسامحها .. موضوعهم خلص خلاص .. وهي عماله تعك و للأسف بتأذينا كلنا من غير ما تحس .."
1
هكذا أجابها بتمهل فلاقت كلماته صدًى كبيراً بداخلها و أشعلت نيران الذنب بقلبها فقالت بـشفاه مرتعشة
" 《مروان》 .. كنت . كنت عايزة أقولك على حاجه بس.. توعدني . يعني . إنك تفكر كويس . قبل أي حاجه "
1
لوّن الترقب معالمه و تنبهت جميع حواسه وهو يقول
" سامعك.. "
أخفضت رأسها بخزي و انبثقت عبرات الندم من مقلتيها قبل أن تقول بلهجة تقطر حزنًا
" انا غلطت غلطة كبيرة اوي و ضميري مأنبني عشانها و مش قادرة أسامح نفسي …"
في احد المشافي كانت ترقد روح بريئة تجاهد الموت و تقاتل لاسترداد أنفاس.ٍسرقت منها رغما عنها . عوقبت بأقصى ما يمكن أن يحدث لبشر دون أن تعرف ما ذنبها ؟
ما الذي اقترفته حتى تنال هذا المصير على يد من لا يعرف الرحمة ..
كانت الأجهزة تحيط بهذا الجسد الضئيل الذي تخترقه الأنابيب لتمده بما جعله قادراً على الحياة لمدة تسعة أشهر كانت بهما في غيبوبة تامة لا يتحرك إنشاً واحداً من جسدها . حتى الهواء كان يصلها من خلال جهاز التنفس و بعد أن كانت صيحاتها تملئ المكان بهجة و فرحه انطفأت فرحتها و اندثر بريق الحياة من حولها و خيم الذبول على ملامحها ..
و لأن الشر لا يكتفي و لا يستطيع أن يوقف طوفانه أحد فقد أرادت يد الغدر أن تطال منها تلك المرة أيضا فاقترب هذا الوحش الضخم من أحد الأنابيب التي تغذيها و قام بفصلها واحدة تلو الأخرى حتى يجهز على أنفاسها القليلة المتبقية فما هي إلا ثوانٍ و صدح صوتاً قوياً في أنحاء الغرفة يعطي إنذاراً بأن هناك روحاً توشك على المغادرة إلى خالقها و بعد أن أتم فعلته قام بالتسلل خفية كما جاء دون أن يدري بأن لكل شر نهاية و أن المجرم لا بد من أن يترك خلفه دليلاً مهما احتاط فرب العباد ينزل غشاوة على اعين الظالمين و يمدهم في طغيانهم فيسعون في الأرض فساداً و لكن عدل الله نافذٌ لا محالة
" الحقونا بنتي بتموووت …'
هرول الجميع إلى غرفة تلك الطفلة التي لم تتعدى سنوات عمرها السابعة عشرة و حاول الأطباء القيام باللازم لإنقاذها و إذا بها بعد ظلام دام تسعه أشهر تفتح عيناها من جديد …
13
*****************
جاء اليوم الموعود لـ عقد قران أرواحاً شابت خيوطها من فرط الوجع و اندثرت معالمها بين طيات الألم و بالرغم من ذلك بقيت صامدة تنتظر ربما معجزة لـ تخرج من بئر الحرمان الذي ابتلعها لسنوات إلى جنة أعدت للصابرين..
كانت كل دقة بقلبه تهمس باسمها ، تتغني بعشقها علي الرغم من أنه كان دوما رجلاً صبوراً إلا أنه اليوم نفذ مخزون الصبر لديه يريد اجتياز كل تلك الساعات التي تفصله عنها و يختطفها من بين براثن العالم أجمع لـ يتنعم بعشق جارف نبت من بين ضلوعه الصلبة و فؤاده القاسي الذي لم يعرف اللين إلا لأجلها.
2
طرق قوي على باب الغرفه أوقفه عن إكمال ربطة لرأّبطة العنق أعطى الإذن بالدخول فإذا به يتفاجأ برؤية 《شيرين》التي كانت تشبه الأموات في خطواتها وهي تناظر حبيبها الوحيد يتجهز للزفاف على أنثى غيرها..
4
" قالولي احنا مانعينه عنك بالعافيه ابعدي عن طريقه .. بس أنا مقدرتش أبعد و جيتلك بـ رجليا.."
4
هكذا تحدثت بنبرة تخلو من الروح كـ ملامحها الباهتة فـ أجابها بـ فظاظته المعهودة
" عشان غبية .. كل دا و متعلمتِش تسمعي كلام اللي أكبر منك.."
1
انبثقت عبرات هادئة من عينيها وهي تقول بألم
" مقدرتش.. كان نفسي اشوفك و انت عريس…"
1
" معنديش وقت أضيعه معاكِ. يالا عشان تجهزي قدامنا نص ساعه بالكتير و نتحرك.."
2
هكذا تحدث بجفاء فاحتدت ملامحها و شابهت نبرتها حين قالت
" مستعجل أوي عشان تروحلها ؟"
8
أجابها باختصار
" بصراحه اه…"
3
نجح في إشعال ثورتها بجموده و استفزازه فنفضت ثوب الضعف جانباً و قالت بانفعال
" كفايه بقي . انا عارفه إنك بتستفزني و عايز تعاقبني .. طيب أنا بعترف إني غلطت . بس لحد إمتى هفضل أدفع التمن "
2
أعاد أنظاره إلى المرآة أمامه و أتقن تعديل ربطة عنقه وهو يقول بجفاء
" الحياة اختيارات و أنتِ اختارتي يبقى تتحملي العواقب.."
2
" و انت هـ تتحمل عواقب اختياراتك ؟ هتتحمل تعيش مع واحدة زي دي ؟؟ لو فاكر إنك هتبقى مبسوط فـ أنا كنت زيك كدا و جايه دلوقتي  بقولك إنك هتعيش تعيس معاها عمرك كله .. عارف ليه ؟؟ عشان إنت اتجوزتها عند و كيد فيا بس. صح ولا أنا غلطانه ؟؟"
9
لونت السخرية معالمه و بدا الضجر يقطر من لهجته حين أجابها بفظاظة
" مش هناقشك عشان معنديش وقت بس لو اعتقادك ده هيريحك فاثبتي عليه .. "
1
كانت تلعب على صبره الذي لم يعد يثق بوجوده فـ اقتربت خطوتين منه وهي تقول بلهجة بها توسل خفي
" قلبك مدقش غير ليا متكذبش على نفسك. إنت طول عمرك بتقول الحقيقية.."
2
زفر الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة قبل أن يتحدث بخشونة
" إنتِ بتعملي ليه كدا ؟؟"
تسابقت عبراتها فوق وجنتيها قبل أن تجيبه بنبرة متألمة
" مش قادرة .. حاولت و مش قادرة .. مش هشوفك بتكون لغيري و هسكت!"
2
تشابهت لهجته مع ملامحه الجامدة حين قال
" دي مشكلتك حليها لوحدك.. انا مش فاضي "
لم يكن أمامها حلاً آخر فـ اخرجت تلك الشفرة الحادة من بين ثنايا قميصها و قالت بنبرة خالية من الحياة
" يبقي زي ما كنت أول حد فتحت عيني عليه أول ما وعيت على الدنيا هتكون آخر حد عيني تشوفه و أنا بفارقها.."
2
خارجيًا لم تتأثر ملامحه ولكن من الداخل شعر بالشفقة على تلك الطفلة التي حملها بين يديه يوم ولادتها و من فرط جمالها كانت تشبه الملائكه و الآن تندثر و تنتهي أمام عينيه..
" ارمي اللعبة دي من إيدك.. و بطلي جنان."
1
هكذا تحدث بهدوء أثار جنونها فـ صرخت بقهر
" مش هرمي حاجة .. وهموت عشان ست 《فرح》 تعيش. مش دا اللي انت عايزه؟؟"
1
احتدت ملامحه و شابهتها نبرته لدى سماعه اسمها
" خرجي 《فرح》 من موضوعنا.. مشكلتك مش معاها.."
" خرجها إنت من بينا. أنا عارفه إنك كنت قاصد تغيظني بيها. و عارفه أن الموضوع قلب جد وإنت مكنش في نيتك أي حاجه من ناحيتها..  كفايه بقى . كسرتني و وجعتني و خدت حقك كدة احنا خالصين ."
3
هكذا تحدثت بتوسل ولكن ملامحه ظلت على حالها حين قال بفظاظة
" باقي ساعتين على كتب الكتاب و معنديش وقت للجدال في الفاضي. "
أوشك ع الالتفات فـ صرخت بقهر
" مفيش كتب كتاب.. على جثتي يحصل الكلام دا.."
1
كان مظهرها مريعًا و عينيها توحي بالجنون و أردفت بصراخ وصل إلى آذان جميع من في المنزل
" مش هتتجوزها يا 《سالم 》.. مش هـ تتكتب على اسمك واحدة غيري .."
رقت نبرتها حين تابعت
" انا 《شيرين》 حبيبتك.. فاكر وانا صغيرة لما جتلي حمى مين سهر جمبي لحد ما خفيت غيرك ؟؟ مكنتش مطمن عليا غير و انت جنبي .. عاقبتني و انت عارف انت عاقبتني ازاي .. بلاش اقول اللي كان بيحصل قدام الناس دي كلها.. خليه بينا .."
2
تعاظم الغضب بداخله و تحفزت جميع خلايا جسده لدى سماعه حديثها الذي سوف يصل إلى مناطق محظورة ولكنه لن يسمح لها أن تأخذه إلى هذا المنحنى فقال بقسوة
" إنتِ هاينه عليكِ نفسك ازاي كدا ؟؟ كل اللي بتقوليه دا مالوش طلب عندي و مش هيأثر عليا و موضوعك بالنسبالي انتهى من سنين .."
1
تدخلت «همت» التي كانت ترتعب من مظهر ابنتها فصرخت بذعر
" أبوس إيدك متعمليش كده يا بنتي  .. استني يا 《سالم》 ورحمة أبوك.. مش هتحمل تضيع مني.."
1
تدخلت 《أمينة》 هي الأخرى قائلة بخوف
" 《شيرين 》يا حبيبتي. كل شيء قسمة و نصيب و لو كنتِ عايزة تطلقي من الصبح 《سالم 》يطلقك منه و إنتِ ألف مين يتمناكِ دانتِ زينة البنات .. بس إرمي القرف اللي في ايدك دا.. قولها يا《 سالم》"
غرزت الشفرة أكثر في عروق يدها وهي تنظر إلى عينيه بتحدٍ أرهقه كثيرًا فقال بخشونة
" عايزة ايه عشان توقفي الجنان اللي بتعمليه دا ؟؟"
1
خرجت الكلمات من شفتيها تزامنًا مع نزول بعض قطرات من دمائها إثر ملامسة الشفرة الحادة ل جلدها الرقيق
" تقولي إنك بتحبني و إنك عمرك ما هتتجوز 《فرح》 دي …"
1
ران صمتاً طويلاً على المكان كانت العيون كلها مُعلقةً عليه بينما كان يطحن ضروسه بغيظ ولكنه أجاب بصرامة على الرغم من أنّ صوته لم يرتفع
1
" أنا بحب 《فرح 》ومش هتجوز حد غيرها.. لو إنتِ حياتك رخيصة عليكِ تبقى دي مشكلتك.."
3
تعالت الشهقات حوله فـ احتدت عينيه مُرسلة نظرات تحذيرية أخرست الجميع قبل أن يلتفت متوجهًا إلى الخارج و فجأة تجمد حين سمع تلك الصرخات التي تعالت حوله فالتفت بلهفة وتجمدت عيناه حين رأى الدماء التي تناثرت بكل مكان من يديها التي لم تشفق عليها وقامت بقطع أوتارها بلا رحمة وهي تقول بصوت معذب
" مش عايزة أعيش حياة إنت مش فيها.."
جن جنونه حين رأى ما فعلته و تقدم تجاهها يتشاجر مع خطواته ولكنها أوقفته وهي تضع الشفرة علي عرقها النابض بيدها السليمة وتقول من بين انهيارها
" لا . خليك .. ارجع مكانك .. روح فرحك .. و خلي الفرح فرحين موتي و جوازك .. "
4
لأول مرة ترق نبرته حين سمع حديثها الذي لامس شيئًا ما داخله فقال بلين
" 《شيرين》 كفايه بقى .. بطلي اللي بتعمليه دا .. فكري في أمك و أختك . بلاش أنانية . "
1
تعالت أصوات البكاء حولها و وقعت《 همت》 أرضًا وهي تصيح بقهر
" حرام عليكِ يا بنتي.. حرام عليكِ اللي بتعمليه فيا دا .. ابوس إيدك كفاية .. متموتنيش بحسرتي .."
1
انتبهت 《شيرين 》لحالة والدتها و تشتت انتباهها للحظات استغلها هو و قام بالانقضاض عليها و انتزع تلك الشفرة من بين يديها و قام بإخراج منديله و جذب يدها الجريحة و ربطها بإحكام محاولاً التحكم في  الدماء المنسابة منها فإذا به يشعر بها تتهاوى أمام عينيه فـ تلقفتها ذراعيه بقوة حالت دون سقوطها و التفت إلي 《مروان》 صارخًا
" جهزلي العربية بسرعه .."
1
أطاعه 《مروان》 بلهفة فخرج حاملًا إياها على كتفه كالعروس فتفاجأ 《سليم 》بما يحدث وقال بصدمة
" في ايه يا 《سالم》 ؟"
1
لم يجبه بل تابع هبوطه للأسفل فوجد 《صفوت》 الذي قال بصدمة
" ايه الدم دا ؟؟ حصل ايه ؟"
" 《شيرين 》حاولت تموت نفسها .. "
1
هكذا أجابه 《مروان》 فتحدث《 صفوت》 بعملية
" استنى يا 《سالم》 ..  هوديها المستشفى أنا و 《مروان》 و إنت و 《سليم》 اسبقونا على الجماعة مينفعش نتأخر عليهم و لا حتى نعتذر.."
2
اقترب 《سالم》 من السيارة و قام بوضعها في الكرسي الخارجي فإذا بها تتعلق بعنقه أكثر وهي تقول بهمس
" متسبنيش…"
5
لم يلتفت نحوها إنما التفت فوجد الجميع يقف مشدوهاً بما يحدث فصرخ بأحد الحراس
" تاخدها توديها عالمستشفى . عمتي هتيجي معاك . و هسيب معاك عربية حراسة طمني اوي ما توصلوا...."
1
اومأ الحارس برأسه دون حديث و كذلك 《همت》 التي استقلت السيارة بجانب ابنتها و انطلقوا بأقصى سرعة  في حين التفت ناظراً إلى 《صفوت》 وهو يقول
" انت بالذات مينفعش متجيش معانا.."
أوشكت 《أمينه》على الحديث فنهرها قائلًا بصرامة
"  و إنتِ كمان يا ماما مينفعش تسيبي 《حلا 》في يوم زي دا.. هي هتبقي كويسه .. يلا معدش في وقت.."
3
انتهى من إلقاء أوامره و بأقدام تحمل غضبًا مقيتًا توجه إلى الداخل و ما كادت قدماه تخطو خطوتين حتى سمع أصوات السيارات الآتية لأخذ《حلا》 فزفر بقوة فوجد يد《صفوت》 تربت على كتفه بمواساة وهو يقول بصوت خافت
" عملت الصح يا 《سالم》 . و دايمًا الطريق الصح بيبقي متعب .. ربنا يعينك.."
3
أيده 《سليم》 الذي أردف مشجعاً
" اوعى ضميرك يأنبك و لو للحظة . إنت عملت الصح زي ما قالك عمي 《صفوت》 .. وبعدين إنت عريس متسبش حاجة تعكنن عليك .."
3
أنهى 《سليم》 جملته و اتبعها بغمزة عابثة نجحت في رسم ابتسامة خافتة على ملامحه و التفت الثلاثي إلى استقبال السيارات التي جاءت لأخذ العروس
1
كانت نظراتهم تحمل الكثير مما جعل الارتياب يغزو قلب «أمينة» ولكنها لم تعلق بل تابعت صعودها إلى غرفة ابنتها التي كانت اللهفة والترقب تغلفان ملامحها الجميلة فقد بدت متألقة في هذا الثوب الرائع الذي كان يلف قوامها بانسيابية ساحرة و نجحت خبيرة التجميل في رسم ملامحها الجميلة بطريقه هادئة دون أي تكلف مما زاد من جمالها  ولكن ما فائدة الوجه  الجميل حين يكون القلب حزيناً !!
" بسم الله ما شاء الله إيه القمر دا يا 《حلا 》؟؟"
التفتت إلى والدتها وهي تقول بلهفة
" ماما كان في إيه برة و إيه صوت الخناق  و الزعيق دا ؟؟"
《أمينه 》 بهدوء
" ولا حاجة .. العادي كانوا بيجهزوا العربيات .. متشغليش بالك إنتِ. "
1
تدخلت 《سما 》التي قالت باستفهام
" طب هما . ماما و《 شيرين》 جهزوا يعني اقصد هييجوا معانا ؟؟"
1
التفتت 《أمينة》 إلى 《سما》 التي بدت قمرًا في هذا الثوب الجميل فقالت باستهلال
" الله اكبر . إيه العروسة الحلوة دي .. بت يا سمسم كنتِ مخبية الحلاوة دي كلها فين ؟؟ ياخوفي لا تتخطفي هنا "
1
ابتسمت 《سماا》 وتنحى توترها جانباً و كذلك 《حلا》 التي احتضنتها بقوة وهي تقول بشجن
" مش عارفه هعيش من غيرها ازاي ؟؟"
1
《أمينه 》بمزاح
" هتعيشي ياختي . وهي كمان هتعيش عايزة اطمن عليكوا و اخلص منكوا بقى .. مش هعيشلكوا العمر كله.."
1
" ربنا يطولنا في عمر حضرتك .. "
" ربنا يخليكِ لينا يا ماما يارب .."
1
التفت الفتيات تحاوطها بحب كان هناك أضعافه بقلبها
فـ عانقتهن وهي تقول من بين عبراتها
" ربنا يسعدكوا يارب .. يالا عشان العربيات جت تحت مش عايزين نأخرهم.."
تراجعت 《سما》 تنظر إليها فلم تعطها《أمينة》 الوقت للحديث بل قالت بحزم
" متشغليش بالك بأمك و بشيرين هجبهم و هنيجي وراكوا إنتِ تخليكِ مع صاحبتك .. لحد ما اليوم ينتهي .. وسيبك من أي حاجة .."
1
اومأت 《سما》 فتدخلت 《ريتال》 التي قالت بعفوية
" طب و أنا يا نانا أنا عايزة أركب جنب العروسة مش أنا عروسة صغيرة.."
1
احتضنتها 《أمينه 》 بحب وهي تقول بحنان
" دانتِ أحلى عروسة في الدنيا ياقلب نانا . طبعًا تركبي جنب العروسة "
ما أن احتضنتها 《أمينه 》 حتى اقتربت 《ريتال》 من أذنها وقالت بخفوت
" هقولك علي سر يا نانا عشان إنتِ حبيبتي.. انطي «شيرين» كانت بتكلم حد في التليفون وبتقوله إن أحسن حل إنهم يلعبوا مع 《جنة》 بمحمود الصغنن شويه.. خليهم يلعبوني معاهم بقى عشان انا حبيبتك و قولتلك .."
8
جحظت عيني 《أمينة》 من حديث《 ريتال》 العفوي و رفعت رأسها تطالعها بصدمة و اجتاح قلبها شعوراً قوياً بالخوف على حفيدها ولكنها رسمت الابتسامة على وجهها وهي تقول بلطف
" تعالي يا 《ريتا》 معايا عيزاكِ .. يلا اجهزوا عشان هتنزلوا دلوقتي.."
1
صعد 《سالم》 درجات السلم متوجهاً إلى غرفة شقيقته حتى يأخذها و يسلمها إلى عريسها فتوقف لثوان وهو يناظر طفلتهم الجميلة و مدللتهم التي كبرت وأصبحت امرأة فاتنة و اليوم هو يوم زفافها. انتابه شعوراً غريباً للحظات لا يعرف كنهه وعلى الرغم من تأكده بأن 《ياسين》 شخصاً صالحاً ولكنه وجد شعوراً قوياً من الغيرة يتسلل إلى قلبه يود لو يأخذها بين أحضانه و يخبئها حتى لا يراها في تلك الطلة الرائعة . كان الأمر جديدًا كليًا عليه حتى أنه كلفه بضع دقائق ليتغلب على ما يعتريه و يتقدم من شقيقته يحاوطها بذراعيه بقوة واضعًا قبلة حانيه فوق جبينها و عينيه ترسلان نظرات عميقة جعلت العبرات تتسابق للهطول من عينيها الجميلة فتحدث بنبرة متحشرجة
" طالعه زي القمر .. "
1
لم تستطع التحكم في عبراتها و قالت بلهجة خافتة
" لسه زعلان مني ؟"
2
أجابها بخشونة
" مفيش أب بيزعل من بنته.. و إنتِ بنتي .. كدا ولا إيه ؟"
2
أومأت برأسها وهي تردد بابتسامة خجولة و امتنان
" كدا طبعًا.. إنت ابويا و اخويا و كل  حاجه ليا يا أبيه .. ربنا ما يحرمني منك أبدًا.."
1
طوقها بقوة يحاول إخفاء دمعة خائنه تحاول الفرار من بين مقلتيه ولكنه نجح في التحكم بها و قال بلهجة خشنة
" مهما يحصل أنا جنبك. اوعي في يوم تخافي من أي حاجة أو أي حد و أنا موجود.. خليكِ فاكرة إنك بنت الوزان . و إن العيلة دي كلها تحت أمرك .. سمعاني ؟"
1
اومأت و عينيها تعده بأن تنفذ وصاياه و شفتيها تؤكدان ذلك الحديث
" سمعاك.."
فتابع بقلب حنون
" و بردو عايزك تبقي زوجة صالحة.. مش عايزه يشوف منك غير كل خير. عشان إنتِ بنت أصول و اتربيتي صح .."
5
أومأت برأسها فتنهد بقوة قبل أن يتأبط ذراعها و يتوجه للأسفل فإذا به يجد《 ياسين》 الذي كان وسيماً بشكل خارق جعل جميع حواسها تتنبه إلى ذلك البطل الذي أتى ليختطفها على حصانه الأبيض ولكن الحقيقة أنها من خطفت قلبه في تلك اللحظة .. فقد كانت أشبه بالحوريات من فرط رقتها و روعتها. التي جعلت ضربات قلبه تقرع كالطبول حتى وصل طنينها أذنيه فلولا وجود 《سالم》 لكان اختطفها إلى أبعد مكان في هذا العالم حتى يستطيع التنعم معها بكل تلك المشاعر الضاريه التي اجتاحته كإعصار ..
1
مد يده يصافح 《سالم》 الذي صافحه برسمية و تقدم 《سليم》 هو الآخر يتأبط ذراع «حلا» من الناحيه الأخرى و توجه الثلاثة إلى الخارج تاركين 《ياسين 》خلفهم يقف مذهولًا فلم يتسنى له حتى أن يصافحها فالتفت ينظر إلى «صفوت» الذي ابتسم رغماً عنه و اقترب يربت بخفة على ظهره وهو يقول بمواساة
" معلش هانت .. كلها ساعة و نكتب الكتاب و وقتها محدش هيقدر يتكلم.."
3
و أردف 《مروان》 بسخرية
" حلقولك حلقة انما إيه كابوريا .."
6
اغتاظ من حديث 《مروان》 ولكنه تجاهله و قال بذهول
" هما خدوها و رايحين فين ؟؟ هو مش أنا العريس ؟ هي الناس دي فاهمة غلط ولا إيه ؟"
2
قهقه 《صفوت》 على مظهره وقال بمزاح
" إنت اللي فاهم غلط  .. إنت مفكر أنهم هيسبوهالك كدا ؟ تبقى عبيط .."
2
و أردف 《مروان》 بمزاح
" كل عيش عشان تعدي يومك احسن ممكن نرجع في كلامنا و ناخدها تاني معانا واحنا مروحين.. "
2
صاح 《ياسين》 بغضب
" تاخدوا مين دي مراتي؟"
1
《مروان》 بتهكم
" لسه يا وحش .. إنت بصمت وريني إيدك كدا ؟ عليها حبر أزرق لا يبقي لسه. و لحد ما تتكلبش و تبصم إنت تحت رحمة جوز الوحوش دول .. يعني تمشي جنب الحيط و تسمع الكلام.."
4
أنهى 《مروان》 حديثه تزامناً مع علو أصوات السيارات و التي تحركت في طريقها فهرول 《ياسين 》إلى الخارج فتفاجأ بأنهم أخذوا عروسه معهم وذهبوا دون أن ينتظروه..
4
فقهقه  《مروان》 قائلًا بشماتة
" دول نسيوك باين ؟؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أول مرة أشوف عريس بيتنسي يوم فرحه .. انا لو منك أجري ورا العربية احدفهم بالطوب "
15
أنهى كلماته و انخرط في نوبة ضحك أثارت حنق 《ياسين 》الذي قال بغضب
" عارف أول حاجه هعملها بعد كتب الكتاب إيه ؟"
《مروان》 بسماجة
" إيه ؟؟"
《ياسين》 بتوعد
" هديك حتة علقة .."
1
قهقه كلًا من 《صفوت》 و 《مروان 》و توجه الجميع إلى السيارات في طريقهم للذهاب إلى الحفل..
1
***************
كانت مظاهر الفرح في كل مكان تبعث البهجة في النفوس وقد أتقن «عبد الحميد» الاحتفال بذلك العرس على أكمل وجه على النحو الذي يليق بعائلته واستطاع أن يرفع رأس حفيدتاه أمام عائلة «الوزان» التي لاقت استقبال مشرفاً من جانبهم حتى أنه أعطى الأوامر إلى 《عمار》 بالتزام الهدوء و عدم افتعال أي مواجهات مع أحدهم ولكن هيهات فبعد أن تم عقد القران تناول عصاه و قام بالرقص على أنغام الموسيقى الصعيدي و هو يناظر 《سالم》 بتحد تجاهله الأخير فلم يتنحى 《عمار》 بل قام بإلقاء العصا أمامه في دعوة صريحة للنزال .. فلم يجد 《سالم》 مفراً من قبول دعوته و قام بإمساك العصا محاولا أن يجاريه مستخدما قوته البدنية و فطنته فأخذ الأخير يرسل ضربات قوية ردها 《سالم 》إليه بأقوى منها فتعالت الأصوات في مجلس النساء الذي ضم الثلاث عرائس في تجمع جديد من نوعه عليهم ولكنهم تأقلموا مع تلك العادات التي كانت لها رونقاً مختلفاً حتى أنهم اندمجوا بالرقص و الغناء و لكن فجأة صاحت إحدى الخادمات بأن هناك مبارزة في حلبة الرقص بين كل من 《سالم》 الوزان و 《عمار》 فدب الذعر بقلب 《فرح》 التي تذكرت حديثاً دار في الصباح بينها وبين 《عمار》
2
عودة لوقت سابق …
" مبروك يا فرح.. "
أجابته بتحفظ
" شكرًا يا 《عمار》 الله يبارك فيك…"
كانت ملامحه لا تفسر ولكن لهجته كان يشوبها السخرية حين قال
" يمكن يكون الحديت ده چاي متأخر بس لازمن يتجال.. فكرتي زين يا بت عمي ؟ حاسه إنك اختارتي صوح ؟"
2
أجابته بقوة انبعثت من عينيها أولا
" انا مش حاسه أنا متأكدة إني اخترت صح .."
1
لونت السخرية ملامحه قبل أن يقول بتهكم
" كنت متوكد إنك هتجولي أكده. بس لازمن انبهك أن 《سالم》 ده مش سهل واصل. و لا هو البطل اللي في خيالك .. ده جلبته شينه و جسوته ملهاش آخر.. "
قاطعته بغضب
" مالوش لازمه الكلام دا يا 《عمار》.."
" له لازمه يا 《فرح》 .. و لازمن تسمعيه عشان ابجي خليت مسئوليتي جدام ربنا .. اللي أنتِ مفكراه عادل و مفيش منه رمى بت عمته لواحد أجل كلمة تتجال عليه أنه مش راچل .. دوجها المر .. اني عارف انك معتحبيش 《شيرين》 دي ولا اني كمان بس الحج لازمن يتجال.. أنه يعچل بفرحه منك ده مالوش معنى بالنسبالي غير أنه بيأدبها عشان اللي عملته زمان . هتجوليلي ايه اللي عملته هجولك أنهم كانوا مخطوبين و هيتچوزوا وهي اتعلجت بصاحبه و حبته "
1
قاطعته بحدة
" تبقى خاينه .."
عمار بتأكيد
" مجولناش حاچه .. عنديكِ حج . بس هو كان چبان و مهموش بت عمته و اللي هيحصلها من الچوازة دي و كل اللي كان في باله أنه يرد كرامته حتي لو هيدهوس على حريمه! "
4
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
" انا مش فاهمه إنت تقصد إيه ؟ و يعني إيه رماها مش هي حبت واحد و اتجوزته هو ماله؟"
اومأ برأسه فقد شعر بأن الحديث لا طائلة منه فقال باختصار
" الحكاية دي تبچي هي تحكيهالك انا نبهتك .. الراچل ده مش زي الصورة اللي رسمهاله في خيالك .. الف مبروك يا عروسه.."
4
عودة للوقت الحالي ..
كانت ترتعب وهي ترى العصا تدور هنا و هناك تخشى من حدوث أي شيء قد يعكر صفو هذه الأجواء ولكن فجأة وجدت ضحكة قويه شقت جوفها حين رأت 《مروان》 الذي جذب حمارا و أخذ يدور به في حلبة الرقص يمسك بيد لجامه وباليد الأخرى عصا وأخذ يدور بها حولهم فتعالت القهقهات من كل حدب و صوب فقد كانت حركاته مضحكة كثيراً و بعد أن انتهت تلك الرقصة اقترب 《عمار 》من أذن 《سالم》 قائلا بوعيد
" متخافش أكده احنا بنكرمو ضيوفنا في دارنا لكن تارنا بناخده في دارهم .."
2
لم يهتز 《سالم》 إنشاً واحدًا إنما قال بفظاظته المعهودة
" مابحبش الرجالة لما ترغي كتير الرغي دا للحريم. وريني آخرك.."
2
《عمار 》بتوعد و نظرات حانقة
" جريب .. هتشوفه جريب .."
" يبقى مترغيش كتير.. اعمل وانت ساكت. وانا مستنيك.."
3
أنهى كلماته و توجه يجلس بين أقاربه لحين انتهاء الحفل الذي دام لساعات بدت دهرا عليه فلم يعد يحتمل و توجه إلى 《عبدالحميد》 قائلا بخشونة
" حاج 《عبد الحميد》 كفايه بقي احنا ورانا سفر  .. و معاد الطيارة فاضل عليه ساعتين يدوب نلحق نجهز .."
1
" مانت اللي مراضيش تسمع الكلام. جولتلك خليكوا اهنه الليلة انت الي راكب دماغك .."
《سالم》 بصرامة
" الموضوع دا منتهي . الجدال فيه مضيعه للوقت. وزي مانت اتمسكت بالأصول و العادات احنا كمان لينا اصولنا و عاداتنا .. "
1
《عبد الحميد》 باستسلام
" اللي تشوفه.. اتفضل معايا انت و 《سليم》 عـ المندرة علي ما العرايس يچهزوا ."
أشار 《سالم》 الي 《سليم》 الذي تبعه إلى الداخل و ما هي إلا لحظات حتي جاءته 《أمينة》 تحمل محمود الذي لم تتركه يداها طوال الحفل تخشى عليه مما أخبرتها به 《ريتال》 و للحظة أرادت إخبار 《سالم》 بما حدث ولكنها لم ترِد تخريب اليوم أكثر فيكفي ما حدث قبل أن يأتوا إلى هنا فاقتربت منه تحتضنه بقوة وهي تقول بجانب أذنه
" ربنا يسعد قلبك يا ابني .. عروستك زي القمر .."
احتضنها 《سالم》 بقوة قبل أن يقول بحنان
" ربنا يحفظك لينا يا ست الكل .."
قبل كفها باحترام و كذلك فعل 《سليم》 الذي قال بمرح
" إنتِ نستيني يا حاجة ولا إيه ؟ مانا بردو عريس ولا 《سالم》 واكل الجو .."
1
ابتسمت 《أمينة》 بحب انبعث من نظراتها أولا قبل أن تترجمه شفتيها حين قالت
" انا اقدر انساك دا انت حتة من قلبي .. ربنا يسعدك يا حبيبي .. و يحفظك إنت و عروستك . خطفت قلبي بجمالها و رقتها. الله يعينك عليها .."
1
ابتسم 《سليم》 و داخل ضلوعه رفرف قلبه من كلمات والدته التي التفتت إلى 《تهاني》 و أخبرتها شيئًا بجانب أذنها فتفهمت الأخرى و انصرفت بعد أن قدمت التبريكات فالتفتت 《أمينة》 إليهم قائلة
" هنسبقكوا احنا و انتوا اتعشوا و هاتوا عرايسكوا و تعالوا ورانا .."
تحدث 《سالم 》بصرامة
" هنمشي كلنا سوى . عشا إيه و كلام فارغ إيه ؟ "
《أمينة 》بهدوء
" معلش عشان خاطري و خاطر 《فرح》 . الناس جهزوا عشا بناتهم .. لسه شويه علي معاد الطيارة. احنا هنروح عشان عمتك وصلت المزرعة هي و 《شيرين》 خليني أروح اطمن عليها مينفعش أسيبها كدا . "
1
زفر 《سالم 》بحنق فتدخل 《سليم 》قائلا
" ماما عندها حق يا 《سالم》 .. خليهم هما يسبقونا.."
" تمام زي ما تحبي .."
وصلت 《تهاني》 قائلة بسعادة
" 《سالم》 بيه .. اتفضل على الجاعه العشا جاهز و العروسه كمان مستنياك هناك .."
اومأ 《سالم》 و كل ذرة من كيانه تنتفض ترقبا و لهفة و شوقا لرؤيتها ولكنه حافظ علي ثباته كالعادة و توجه بخطى وقورة إلى حيث ارشدته 《تهاني》 و حين دلف إلى الغرفة تسمر بمكانه وهو ينظر إلى تلك التي كانت تقف بآخر الغرفة تخفض رأسها في خجل غير قادرة على رفع عينيها أمامه فخرج اسمها همساً من بين شفتيه
" 《فرح 》.."
3
لم تستطع إلا أن ترفع رأسها إثر همسه الذي استقر بمنتصف قلبها الذي ارتج حين طالعته بهيئته المهلكة و وسامته الفذة المطعمه بقوة بدائيه أضفت هالة من السحر الذي جعلها كالمنومة مغناطيسيا حين وجدته يفتح ذراعيه على مصراعيها في دعوة صريحه لتستقر بداخل أحضانه فما كان منها إلا أن حملت فستانها و بأقدام تحمل اللهفة و العشق معا هرولت إليه ليتلقفها بذراعيه القويتين اللتين حملتها برفق و ضمتها إليه بقوة وهو يدور بها في الغرفة في لحظة بدت خاطفة و رائعة للحد الذي جعل القلوب تحلق في صدريهما وهي تشدو بعشق جارف أثر في كليهما
7
فأغرقهما في لجة من المشاعر العاتية التي جعلت صدربهما يعلوان  ويهبطان بسرعة من فرط التأثر.
فقد كان عناقا كاسحا يفيض بأحاسيس فريدة لا تستطيع الأحرف وصفها أو التعبير عنها.
أخيرا استطاع إخراجها من بين أحضانه و قام بوضع قبلة قوية على مقدمة رأسها بثّ فيها عشقه الجارف و شوقه الضاري هامساً بصوته الأجش
" أخيرًا…"
2
كانت كلمة بسيطة تعبر عن مرارة انتظاره حتى تأتي تلك اللحظة التي تصبح بها ملكه على الرغم من أن قلبه أعلن ملكيته لها منذ زمن ولكن أن يصبح الأمر واقعا كان هذا شعوراً رائعاً لم يستطع وصفه ..
رددت كلماته هامسة بقلب يطرق كالطبول و أنفاساً لاهثةً
" أخيرًا .."
رفع رأسه يحتوي وجهها بين يديه بحنان لا يعرف إلى أي جهة تسرب إلى قلبه و سددته نظراته كسهام مشتعله بنيران من عشق استقرت في أعماق فؤادها و جاءت كلماته لتطيح بكامل ثباتها حين قال
" الحاجة قالتلي عروستك حلوة أوي يا 《سالم》 بس طلعت بتضحك عليا.."
2
ارتعب قلبها و انكمشت ملامحها من كلماته وقالت بلهفه
" ليه ؟ مش حلوة ؟"
ارتسمت على ثغره ابتسامة عاشقة وهو يقول بخشونة
" حلوة بس ؟؟"
ارتخت ملامحها و تدللت قائلة
" حلوة لأي درجة ؟؟"
أجابها بهمسه القاتل و عيناه اللتان كانتا تلتهمان تفاصيل وجهها التهاما
" حلوة لدرجة تخطف العين والقلب.."
2
لم تستطع الصمود أمام عينيه و كلماته العاشقة أكثر من ذلك فأخفضت رأسها تستند على صدره وهي تهمس باسمه بخفوت جعل جميع حواسه تتنبه و أطاح بثباته فقام بوضع قبلة شغوفه فوق رأسها متبوعه بزفرة قوية تعبر عن صعوبة تحكمه بنفسه ثم قال بجانب أذنيها بصوته الأجش
" يالا عشان نروح على بيتنا… "
1
كانت الكلمة وقعها مميزا خاصة حين قالها بتلك الطريقة فلونّ الخجل ملامحها و نبت محصول الطماطم الطازج فوق وجنتيها فتحدثت هامسة
" هروح أغير هدومي و أجيلك على طول.."
1
" تؤ تؤ .. أنا عايزك تيجي زي مانتِ كدا . عايزك تدخلي البيت بالفستان.."
1
هكذا تحدث بنبرة آمرة فرفعت رأسها باندهاش فأردف بخفوت
" فرحتي هتكمل لما تدخلي البيت و أنتِ عروسه .. عايزك تمليه 《فرح》 زي ما مليتي حياتي.. "
4
شعرت بما تحمله كلماته من معاني رائعة انشرح لها قلبها و شعرت بالسعادة و كأنه نبت لها جناحان فأومأت برأسها وهي تقول بخفوت
" أوعدك هعمل كل اللي أقدر عليه عشان أفرحك…"
1
ابتسم بحنان قبل أن يقول بوقاحة
" طب مش يالا بقى .. أنا مش ضامن نفسي أكتر من كدا.. و عايز الفستان يوصل سليم .. "
6
أخفضت رأسها خجلاً قبل أن تقول بخفوت
" بطل بقى .. "
كان خجلها لا يقاوم فقام بجذبها إليه بغتة دون أن يعطيها الفرصة لاستيعاب ما يحدث لتجد نفسها خاضعة بين براثنه يبثها عشقاً جارفاً فاض به القلب فأخذ ينهل من حلاوة ريقها و شهد برائتها بلا هوادة حتى شعرت بنفسها كأنها محمولة على أجنحة السحاب تطوف بها في سماء الحب الذي كان يسكبه على ثغرها و ملامح وجهها بروية و كأنه يرسم بشفاهه لوحة شغوفة لامرأة احتلت عالمه و اخترقت حصونه التي كانت أكثر من مرحبة بسطوتها التي فرضتها علي روحه أولًا ثم تغلغلت لتعلن امتلاكها لكيانه العاصي الذي أعلن توبته أمام قدسية عشقها ..
7
*****************
في الجهة الأخرى كان 《سليم》 يجلس بانتظارها و كل خلية في جسده ترتجف ترقبًا و لهفة و قد كان يحضر نفسه لكل رد فعل قد يصدر منها و بداخله يتضرع إلى الله لِئَلا يحدث أي شيء قد يعكر صفو هذا اليوم ولكنه تفاجأ بتلك التي دخلت إلى الغرفة عابسة تناظره بغضب ثم توجهت تجلس على الأريكه المقابلة له وهي تقول بسخط
" أنا مش جعانة اتعشى إنت بس في الانجاز عشان عايزة أروح لمحمود .."
3
كانت تريد إغضابه ولكنها لا تدرك بأنه اتخذ عشقها مذهبا لحياته و لأجلها  قرر أن يتعلم الصبر و يسلك دربه المليء بالأشواك حتى لو كان مستقرها قلبه و ذلك لأجل أن يظفر بها في النهاية لهذا ابتسم وهو يقول بمزاح
" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. "
1
انكمشت ملامحها بامتعاض فتابع بسخرية
" أنا عريس النهاردة لو مش واخده بالك "
1
اغتاظت من حديثه فقالت بتهكم
" عريس .. اه . خدت بالي ابقي اعدل البيبيون عشان معووج..'
《سليم》 بسخرية
" هو بردو اللي معووج !"
4
" تقصد إيه ؟؟"
" لا ولا الحاجه .. نعدله .. نقلعه خالص لو مضايقك .."
قال جملته و قام بجذب الربطة المحيطة بعنقه و شرع في فك أزرار قميصه فهبت من مكانها قائلة بصدمة
" إنت مجنون بتعمل إيه ؟"
1
حاول قمع ابتسامه كبيرة من الظهور على شفتيه وقال ببراءة
" حسيت إن البدلة مضيقاكِ فقولت أقلعها. أنا أساسًا اتخنقت منها.."
2
اغتاظت من حديثه فهبت غاضبة
" إنت بتهزر صح .. دمك تقيل على فكرة . و أنا مش في المود فأحسنلك متضايقنيش .."
2
نصب عوده وتقدم منها و عينيه ترسلان سهاماً مشتعلة استقرت في قلبها الذي أخذ يطرق بعنف خاصة حين سمعته وهو يقول بخشونة
" مين مزعل حبيبي ؟"
2
أجابته بغباء
" حبيبك مين ؟"
2
لونت ملامحه ابتسامة عابثة و أجابها بخفوت
" عايز أقول كلمتين مهمين .."
" اللي هما ؟"
هكذا أجابته بأنفاس لاهثة بعد أن وصلت إلى آخر الغرفة فأصبحت سجينة بينه و بين الحائط فأجابها بلهجة خافتة ولكن عميقة
" شكلك زي القمر .. أحلى عروسة شافتها عيني .. "
2
كانت تريد افتعال أي شجار معه تريد الصراخ بأنها خائفة ولكنه لا يعطيها الفرصة لذا ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن تقول بتلعثم
" أنا مش عروسة.."
1
" أومال الفستان اللي دافع فيه دم قلبي و المهر اللي جدك مخيطني فيه و الشبكة اللي بقد كدا كل دول لمين؟ لأمي ؟؟ دانا فلست من ورا الجوازة دي .."
5
رغمًا عنها ارتسمت ابتسامة علي شفتيها جراء حديثه فقام بمد يديه لتحيط بخصرها في حركة مباغتة و قال بلهجة قوية شغوفة اخترقت دفاعاتها
" إنتِ أغلى و أحلى حاجة في الدنيا.. جنتي اللي مهما حاولتي تطرديني منها هفضل أعاندك و أحاول لحد ما تبقي بيتي.. "
3
كانت كلماته مخيفة بقدر روعتها تشعل بداخل قلبها نيراناً لا تقوى على تحملها فصارت تتململ بين أحضانه تحاول الإفلات من بين براثنه فقام باستخدام قوته البدنية ليلصقها بصدره وهو ينظر إلى داخل عينيها مباشرة و أنفه يلامس أنفها الذي خرج تنفسه حارا يشبه حرارة كلماته حين قال بهمس أجش
" كل اللي عايزة تعمليه اعمليه. عبري عن غضبك و خوفك و وجعك بالطريقه اللي تريحك بس اوعي تقللي من نفسك أبدًا؟ دي الحاجة الوحيدة اللي مش هسمحلك بيها.."
2
أومأت برأسها دون أن تكون لها القدرة على الحديث ولكن كانت عيناها تحكي له حكايات عن روعة ما جعلها تشعر به في تلك اللحظة لذلك اكتفى بهذا و قام بجذب كفها واضعا قبلة قوية في راحته  أراد بها تمجيدها و تدليلها و اخبارها بأنها شيئًا يخصه فقط..
2
*************
بعد مرور قرابة الساعتين احتل كلًا منهما مقعده في الطائرة التي ستقلهم إلى الديار بعد هذا اليوم الطويل فما أن تربعت على مقعدها حتى زفرت بتعب و سرعان ما توقف التنفس بحلقها حين وجدته قريبا منها بتلك الدرجة التي جعلت دماءها تفور بعنف داخل أوردتها لتصب فوق خديها الشهيين فابتسم بهدوء على مظهرها و مدى شفافيتها قبل أن يقول بخشونة
" نامي الكام ساعه دول أكيد تعبتي النهاردة. "
1
أنهى جملته ثم تراجع بهدوء بعد أن أنهى مهمته في ربط حزام الأمان الخاص بها مما جعلها تطلق تلك الأنفاس المحبوسه بصدرها فقد كانت تخشى أن يقوم بتلك الفعلة المروعه حين أعطاها تلك القبلة الساحقة التي اجتاحت جميع حواسها كإعصار قوي للآن لم تنجو من عواقبه. فأي نوم يمكن أن يزورها وهي تُحيي تلك العواطف الجياشة التي فاض بها القلب
" مش حاسه إني جايلي نوم .. لما نوصل أبقى أنام براحتي .."
2
التفت يناظرها بملامح جادة أدهشتها و خاصةً حين أجابها بفظاظة
" لا نامي دلوقتي أحسن ."
5
أجابته باندهاش
" بس أنا مش جايلي نوم.. اعمل إيه ؟"
" هاتيه يا 《فرح》 غمضي عنيكِ و هاتي النوم بأي طريقه عشان لما نوصل آخر حاجة ممكن تعمليها هي إنك تنامي.."
11
أنهى كلماته و نظر إلى الجهة الأخرى ليعطيها الفرصة كي تستوعب كلماته التي ما أن وصل معناها إلى رأسها حتى شعرت أنها تذوب في مكانها كقطعه ثلج من فرط خجلها الذي تجلى بوضوح على معالمها و التقمته عيناه الخبيرة فمال برأسه إلى جانب عنقها ممررًا أنفه بطريقه خاطفة علي شحمه أذنها قبل أن يقول هامسًا
" شفتي بقى إن أنا قلبي عليكِ.. "
3
لم تجبه فقد انتفضت خلايا جسدها تأثرًا بهمسه القاتل و اقترابه منها بأنفاسه الساخنة التي لفحت بشرتها الرقيقة لترسل حزمة من الوخزات الموترة التي داهمت جسدها دفعة واحدة فاطاحت بثباتها فحاولت إغماض عينيها تستجدي النوم علها تهدئ من روعها قليلا …
علي الجانب الآخر كانت 《جنة》 تنظر من النافذة تحاول  تجنب ذلك الذي كانت عيناه  تتلقفان كل حركة تصدر منها و كأنه شعر بمدي خوفها من ركوب الطائرة فقام باحتضان كفها حين أوشكت الطائرة على الإقلاع مقربا رأسه من أذنها ليلقي عليها سؤالاً كان كارثيا بالنسبة لها
" قوليلي يا 《جنة》 هو الروچ دا بيتمسح على طول و لا بيسيب أثر ؟"
3
التفتت تناظره بصدمة لونت ملامحها بطريقه مضحكة و خرج صوتها جافًا حين قالت
" و انت مالك ؟؟"
2
اجابها ببراءة مزيفة
"لا اوعي تكوني فهمتيني غلط أنا اقصد عشان ميتعبكيش و إنتِ بتمسحيه.."
2
ناظرته باستنكار و قالت بتهكم
" لا متشغلش بالك انت .. انا بعرف امسحه كويس.."
" طب كويس .. انا بطمن بس .."
" لا اطمن .."
أردف بنفس اللهجة العفوية
" طب قوليلي الدبابيس اللي في شعرك دي بتاخد وقت بقى في فكها ولا بتتفك علي طول ؟"
3
اغتاظت من أسئلته التي تعلم أن وراءها غاية غير شريفة فقالت بحنق
" و انت مالك بردو ؟"
1
أجابها بملامح بريئة تتنافى كليًا مع عينيه اللتان كانت تشاكسها
" أبدًا والله أنا بس عايز اطمن إنك متتعبيش في فكها . طبعا لو احتاجتي مساعدتي أكيد مش هتأخر ..'
" لا شكرا . انا هعرف اتصرف.."
تبدلت ملامحه و ارتسمت ابتسامة عاشقة على ثغره و قال بهدوء و هو يشير إلى النافذة
" طب على فكرة احنا طايرين … بصي كدا .."
تفاجئت بأن الطائرة أقلعت دون أن تشعر و قد نجح في أن يشتت انتباهها عن هذا الخوف العظيم الذي كان يغزو قلبها فلم تستطع منع ضحكتها الجميلة التي أضاءت ملامحها في تلك اللحظة فكانت أروع هدية له في هذا اليوم …
3
************
بعد مرور بضعة ساعات اصطفت السيارات أمام مزرعة عائلة الوزان فتنفس الجميع الصعداء و قام 《سليم》 بحمل جنة النائمة بين ذراعيه متوجها للأعلى بعد أن أعطى غمزة إلى 《سالم》 الذي ابتسم بشماته على أخيه الذي يعلم كم سيعاني مع تلك الجنة و التفت ناظرا إلى 《فرح 》التي كانت تحاول الترجل من السيارة بفستان زفافها الثقيل فتوجه إليها لمساعدتها و بالفعل قام بإنزالها من السيارة ممسكا بكفها إلى أن وصل إلى باب المنزل و ما كادت أن تخطو خطوة إلى الداخل حتى قام بحملها بخفة بين يديه فشهقت بخفوت وقالت بصدمة
" 《سالم》 بتعمل ايه ؟"
أجابها باختصار و هو يتوجه إلى الأعلى
" شايل عروستي . متفرجتيش على أفلام عربي قبل كدا ؟"
4
《فرح》 بخجل
" حد يشوفنا ؟"
" إيه المشكله . خليهم يتعودوا .."
أجابها بسلاسة جعلت خجلها يزداد أكثر فتحدثت بخفوت
" انت مجنون بجد.."
أجابها بتخابث وعينين يطل منهما العبث
" اتقلي ع الجنان لسه هتشوفيه على أصوله.."
3
خبأت رأسها في كتفه إلى أن وصل بها إلى غرفته و ما أن أنزلها و هم بإغلاق الباب تفاجئ ب«همت» التي وقفت أمامه وهي تقول بنبرة جامدة
" أنا عارفه إنه مش وقته بس لازم اتكلم معاك ضروري .."
10
للحظة كاد أن تخرج من فمه مسبة بذيئة و لكنه تحكم بها في آخر لحظة و قال بجفاء
" شايفه  الوقت مناسب يا عمتي ؟؟"
" لو يتأجل الكلام مكنتش جيتلك يا ابن اخويا.."
2
" الصبح نتكلم ."
هكذا تحدث من بين أسنانه فعاندته قائله
" مينفعش .. استأذن من عروستك الحلوة عشر دقايق بس ."
1
تدخلت 《فرح》 التي قالت بذوق
" خلاص يا 《سالم 》مفيش مشكلة شوف الحاجه همت عايزة إيه .."
اغتاظ من تدخلها في الحديث فحدجها بنظرة قاتلة قابلتها بتوسل أغضبه أكثر و قام بالالتفات صافقا الباب خلفه وهو. يقول بجفاء
" تعالي ورايا عالمكتب .."
تبعته همت إلى الأسفل فتوجهت 《فرح 》إلى غرفة الملابس لرؤية أشياءها و ما أن خطت خطوة إلى الداخل حتى تفاجئت بالباب الذي فُتح بقوة و تلك العينين اللتان تناظرها بقهر و شراسة تجلت في نبرتها حين قالت
" مبروك يا عروسه .."
9
*******************
في الأسفل وقف 《سالم 》ينتظر همت بغضب دفين لم يرهبها بل انفجرت في وجهه وهي تصرخ
" ليه عملت كدا في بنتي ؟"
" عملت إيه في بنتك ؟"
أجابها بهدوء جعل غضبها يتزايد فصرخت بانفعال
" قبلت تجوزها الحيوان دا ليه ؟"
تشابهت ملامحه مع نبرته الجامدة حين قال
" بنتك كانت عيزاه و كانت بتحبه أنا ذنبي إيه ؟"
" بنتي كانت عيله صغيرة متعرفش حاجة . بس إنت دا صاحبك و كنت تعرف عنه كل حاجة .. ليه قبلت عليها كدا ووافقت ترميها في النار بايديك؟"
1
تعاظم الغضب بداخله و احتدت نبرته حين قال
" أولا محدش كان هيقبل يتجوزها غيره . عشان الهانم كانت دايرة معاه في كل مكان .و كانت بتفتخر بعلاقتها بيه .. ثانيا أنا مكنتش أعرف عنه حاجة أكيدة كله كان كلام يحتمل الصدق و الكذب "
1
صرخت بقهر
" بس طلع حقيقة ..'
" وليه مطلقتش منه و صبرت كل الوقت دا معاه ؟"
هكذا سألها بجمود فاحتارت للحظات كيف تجيبه ولكنها اهتدت الي الخداع فقالت بغضب
" عشان كان جابرها.."
لونت السخرية معالمه و شابت لهجته حين قال
" منطق بردو .. طيب تمام اهي اتخلصت من إجباره  من الصبح هطلقها منه في حاجة تاني؟"
" بالسهولة دي ؟"
1
أجابها بفظاظة
" أسهل مما تتخيلي . لسه عندك حاجه تقوليها ؟"
تجمدت للحظات قبل أن تقول بتوتر
" 《شيرين》 محتاجة لدكتور نفسي .."
أجابها بنفاذ صبر
" البلد مليانه .. الدكتور اللي ترتاح معاه تروحله .. ها إيه تاني ؟؟"
2
شعر بأنها تريد المماطلة فحسب و خاصة حين قالت
" إنت الموضوع بالنسبالك هين عشان هي متهمكش يا خسارة كنت فاكراك هتقدر تبقى كبير زي أبوك .."
1
قاطعها بعنف قلما يظهر عليه
" ولا كلمه زيادة.. خلي بالك من كلامك واعرفي إنى لحد دلوقتي صابر على كل العك اللي حصل بس انا قلبتى وحشة.. وصبري نفد يعني اللي جاي كله بحساب .. كلامنا انتهي .."
2
أنهى كلماته و توجه إلى الأعلى و هو يزفر بحنق فقد سأم كل ما يحدث و كل تلك الألاعيب و المؤامرات يريد هدوء و راحة لن يجدهما سوي بقربها. فسار ينهب درجات السلم بقلب يحمل اللهفة و الشوق معا إلي أن وصل إلي غرفته فدخل مباشرة دون أن يطرق الباب فوجدها جالسة على مخدعهما بعينين ناظرة إلى البعيد فاقترب منها بلهفة وامتدت يديه تقبض على خاصتها جاذبا إياها لتسكن بين ذراعيه ولكنه تجمد بمكانه حين شعر بها تدفعه و عيناها ترسلان سهاما حادة تشبه حدة كلماتها حين قالت
"  ابعد عني.. "
3
صدمة قوية خيمت عليه حين تفاجئ برد فعلها فهمس باسمها بنبرة لأول مرة تبدو ضائعة
" 《فرح 》.."
نفضت توسله و قالت بلهجه قاسيه و ملامح جامدة
" اوعى تقرب مني أو تفكر تلمسني …"
29
يتبع……
أن تنثر بذور الأمل في طريق أحدهم ثم تجنيها صبارًا قاسيًا تنغرز أشواكه في قلبك دون رحمة فـ تنزف العين ألمًا و يحترق الخَلَد قهرًا و انت مُكبلًا بأصفاد الكبرياء الموقدة التي تسلب روحك المذبوحة حقها أن ترفرف وهي تنازع أنفاسها الأخيرة. فتبدو من الخارج صلبًا ، شامخًا لا تتأثر بينما داخليًا تحتضر بصمت. فقارب نجاتك اتضح بأنه مثقوب و بيرق العشق انكسرت رايته من موضع ثقة اندثرت أمام خذلان عظيم لم تتوقعه يومًا….
2
نورهان العشري ✍️
2
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
توجه إلى الأعلى و هو يزفر بحنق فقد سأم كل ما يحدث و كل تلك الألاعيب والمؤامرات يريد هدوء و راحة لن يجدهما سوى بقربها. فسار ينهب درجات السلم بقلب يحمل اللهفة و الشوق معًا إلي أن وصل إلي غرفته فدخل مباشرة دون أن يطرق الباب فوجدها جالسة على مخدعهما بعينين شاردة ناظرة إلى البعيد فاقترب منها بلهفة وامتدت يديه تقبض على خاصتها جاذبًا إياها لتسكن بين ذراعيه ولكنه تجمد بمكانه حين شعر بها تدفعه و عينيها ترسلان سهامًا حادة تشبه حدة كلماتها حين قالت
"  ابعد عني.. "
4
صدمة قوية خيمت عليه حين تفاجئ برد فعلها فهمس باسمها بنبرة لأول مرة تبدو ضائعة
"فرح .."
نفضت توسله و قالت بلهجة قاسيه و ملامح جامدة
" اوعى تقرب مني أو تفكر تلمسني …"
تنبه لحديثها الغريب و ملامحها الأشد غرابة بينما جذبته تلك الشعيرات الحمراء التي تسللت إلى حدقتيها لتمتزج مع حدائقها الزيتونية فجعلتهم مشتعلتان بصورة صدمته ولكنه سرعان ما تغلب على صدمته و قال بنبرة خطرة
" أنتِ سامعه بتقولي ايه؟"
من بين أنفاس ملتهبه و قلب مُحترق أجابته بنبرة حادة كالسيف
" سامعه .. و ياريت انت كمان تكون سامع.."
كانت حالتها مزرية مما جعله يتجاوز بشق الأنفس عن حديثها المُهين وقال بنبرة أهدأ
" حصل ايه يا فرح .. انا لسه سايبك من شويه مكنتيش كدا.."
" بيتهيألك .. "
" يعني ايه ؟"
ابتلعت جمرة حارقة بجوفها قبل أن تجيبه بجمود
" يعني لازم نحط النقط عالحروف من اول يوم عشان كل واحد يعرف حدوده و ميتخطهاش.."
4
زفر الهواء المكبوت بصدره دفعه واحدة محاولًا التغلب علي شياطين الغضب التي تنهش بداخله ثم قال بقسوة
" هاتي اللي عندك .."
1
تلك اللحظة الفاصلة التي ستلقي بها بين فوهات الجحيم كانت اصعب لحظات حياتها ولكنها جاهدت علي أن تكون كلماتها منمقة بلهجة باردة تخفي خلفها أعظم خيبة نالتها طوال حياتها
" عارفه ان كلامي هيضايقك و يمكن متتوقعهوش. بس دي الحقيقه .. الجوازة دي بالنسبالي وسيلة هروب من جوازة تانيه مكنتش متقبلاها و اكيد انت فاهم قصدي .. عارفه انك ممكن تكون شايفنى وحشة بس انا مش هقدر أخدعك و اوهمك بمشاعر مش موجودة من الأساس.."
كانت لحظة توقفت بها جميع حواسه عن العمل .. حتي أنه لأول مرة بحياته يعجز لسانه عن التعبير يفقد السيطرة على انفعالاته التي ظهرت على السطح بشكل لم تتوقعه فقد امتقع وجهه و اكفهرت معالمه بينما كست الخيبة نظراته بصورة قاتلة.. ولكم تألمت علي مظهره ولكنها كان أول من أبتدي و كما يقولون البادئ اظلم .
ضحكه قويه ابعد ما تكون عن المرح شقت ملامحه التي بدت مريعه في تلك اللحظة مما جعلها تتجمد لثوان في مكانها و خاصةً حين قست نظراته وهو يقترب منها خطوتين قائلًا بقسوة
" الكلمتين دول سمعتك بتقوليهم قبل كده لـ واحد اهبل عشان تنقذِ كبرياءك المغرور .. "
4
شهقت متفاجئة من حديثه ف تابع بنبرة اقسى تشبه عينيه التي ارعبتها في تلك اللحظة
" لكن أنا مش أهبل و اقدر اعرف اللي جواكِ كويس اوي.. و لآخر مرة هسألك حصل ايه؟؟ و قبل ما تفكري تكذبي اعرفي اني ممكن اوريكِ وش عمرك في حياتك ما تخيلتيه مني.. "
2
حاولت أن تبدو قوية ولكن رغمًا عنها اهتزت نبرتها حين قالت
" معنديش كلام اقوله…."
" انطقي حصل اية وانا تحت ..؟"
4
صرخ بها بصوت ارعدها بمكانها فخرجت منها شهقة قويه متبوعه بثورة انهيار نابعة من عينيها التي أفصحت عن عبرات غزيرة و شفتيها التي خرج الحديث منها كالطلقات حين صرخت به
"مُصر اوي تعرف في ايه ؟؟ يبقي روح أسأل الست شيرين بتاعتك اللي اتجوزتني عشان تنتقم منها .. انا بالنسبالك كنت كوبري عشان ترد كرامتك قدامها و تاخد حقك لما فضلت صاحبك عليك.. كذبت عليا في كل حاجه حتي مشاعرك و كل دا عشان خاطرها. صح ولا انا غلطانه .."
13
ازدادت ملامحه قتامة و اسودت عينيه غضبًا حتى أن عروق رقبته كادت أن تنفجر في تلك للحظة فبدا كالوحوش المُرعبة و خاصةً حين همس
" شيرين.. "
" ايوا شيرين .. حب الطفوله .  مش كانت خطيبتك ولما خانتك كرامتك مقبلتش عليك تكمل معاها و عشان تردلها الضربة جوزتها لواحد انت عارف انه مريض . بس دا طبعًا كان منتهي السعادة بالنسبالك عشان عارف أنه مش هيقرب منها… بحييك بصراحه ابهرتني.."
كانت الكلمات تمزق جوفها و العبرات تجرح عينيها التي كانت تبكي دمًا كان مصدره قلبها النازف و لكنها تفاجئت حين سمعته يقول بوعيد
" و لسه .. هبهرك اكتر .."
ألقى كلماته وخرج من الغرفه و بملئ صوته صرخ قائلًا
" شيرين …."
4
ارتجت جدران القصر جراء ندائه المُرعب ولكنه لم يكتفي بل توجه إلي غرفة شيرين التي كاد الرعب أن يقضي عليها وهي تمسك بالهاتف فما أن سمعت نداءه حتى قالت بذعر
" سالم .عرف .. معقول قالت له .. دا ممكن يموتني.."
2
جاءتها الإجابة على الطرف الآخر
" انكرى .. اوعي تقولي حرف واحد . كل حاجه مترتبلهت مظبوط و افتكري انك لو لخبطي هتضيعينا كلنا و متنسيش تحذفي كل حاجه من ع التليفون…"
4
لم يتسنى لها الإجابه فقد تفاجئت بذلك الوحش الذي اقتحم غرفتها وهو يشملها بنظرات جحيمية جعلتها ترتجف و خرجت شهقه قويه من جوفها حين اقترب يقبض على رسغها بعُنف يجرها خلفه عبر الرواق حتي وصل إلي غرفته على مرأى ومسمع من الجميع ولكنه لم يأبه لـ تساؤلاتهم بل دخل صافقًا الباب خلفه قبل أن يلقي بها ارضًا وهو يقول يزأر بقوة
" حالًا دلوقتي عايز اعرف كل حرف قلتيه في الاوضة دي وانا مش موجود…"
كانت ترتجف أرضًا تمسك بيدها الجريحه مُفرقة نظراتها المذعورة بينه و بين «فرح» المتجمدة بمكانها و التي تعالت شهقتها حين سمعت «شيرين» وهي تقول
" أبدًا حكتلها ع اللي حصل زمان .. و ازاي غلطت في حقك و طلبت منها تحافظ عليك.. ومتضيعكش من ايدها زي مانا عملت "
"ايه ؟؟ ايه الكذب دا ؟ "
هكذا تحدثت «فرح» مستنكرة فلمعت عيون «شيرين» بشر و قالت بانكسار
" كذب ايه يا فرح ؟؟ هو دا اللي حصل ."
1
«فرح» بانفعال
" حصل ايه يا مجنونه أنتِ مين اللي طلبت مني احافظ عليه و مضيعهوش من ايدي ؟؟ "
التفتت «فرح» اليه و قد شعرت بأنها وقعت في فخ مُحكم وقالت بارتباك
" دي كذابة .. "
" و أيه الصدق ؟؟"
هكذا سألها باختصار فسحبت نفسًا قويًا داخل رئتيها قبل أن تقوم بسرد ما حدث قبل نصف ساعة من الآن ..
عودة لما قبل نصف ساعه
" مبروك يا عروسه.."
التفتت «فرح» مصدومة حين سمعت ذلك الصوت الملئ بالشر و لكنها لم تتفاجأ إذ كانت صاحبته «شيرين» فهي تعلم بأن تلك لفتاة تضع عينيها علي زوجها و تريد التفريق بينهم وهي لن تسمح بذلك لذا التفت بهدوء تناظرها بجمود شابه نبرتها حين قالت
" في حد يدخل علي حد كدا أوضة نومه ؟ مش المفروض بنخبط قبلها ولا انا غلطانه؟"
3
اغتاظت «شيرين» من اجابتها و تشدقت ساخرة
" اوضه نومه!! ياه اوام لحقتي اعتبرتيها اوضه نومك؟ دانتِ سريعة اوى ."
لم تلتفت لسخريتها بل تابعت بجمود
" أوضة نوم جوزي تبقي أوضة نومي .."
اقتربت منها «شيرين» قائلة بسخرية
" جوزك ! تعرفي انك صعبانه عليا اوي يا فرح .."
رفعت «فرح» احدى حاجبيها بتهكم فتابعت «شيرين» بث سمومها إذ قالت بلهجة منكسرة
" اه والله صعبانه عليا . يمكن لو اتقابلنا في ظروف غير دي جايز كنا بقينا أصحاب. بس للأسف انا و أنتِ وقعنا في حب راجل واحد. و من سوء حظنا أن الراجل دا حبه عامل زي الوشم بينطبع في القلب مبيخرجش غير بالدم و القلب لما ينزف تبقى نهايته الموت.."
1
قالت جملتها الأخيرة و رفعت يدها الجريحة لتريها ذلك الضماد الذي يلفها فـ انكمشت ملامح «فرح» بغضب حاولت قمعه قدر الإمكان وهي تقول بجفاء
" و مين قال اني عايزة حبه يخرج من قلبي ؟ و بعدين بعد كلامك دا انا اللي مفروض تصعبِ عليا مش العكس.."
«شيرين» بوقاحة
" لا العكس.. عشان للأسف أنتِ دخلتِ في لعبة انتقام أنتِ مش قدها.. انتِ تعرفي ان انا و سالم كنا مخطوبين؟؟ و كنا خلاص هنتجوز."
«فرح» باختصار
" عرفت و بصراحه ميهمنيش ايه حصل في حياته قبل ما يعرفني اللي يهمني حياته بعد ما دخلتها.."
1
قاربت على الوصول لمبتغاها فقالت بانكسار
" كلها واحد يا فرح .. وجودك مغيرش كتير .. سالم بيحبني . ومش بس بيحبني دا بيعشقني لدرجة انه اتجوزك بس عشان ينتقم مني و يكسرني و يردلي اللي حصل زمان .."
كان حديثها مسمومًا للحد الذي جعل قلب «فرح» ينتفض بداخلها ولكنها ظاهريًا بدت هادئه حين اجابتها
" أنتِ تقريبًا الجرح أثر علي دماغك ولا ايه ؟"
تجاهلت «شيرين» حديثها و استرسلت في بث سمومها
"  كبرت و اتربيت على ايده مكنتش اعرف راجل غيره. دايمًا كانوا يقولوا شيرين لسالم و سالم لشيرين و كان هو بالنسبالي كل حاجه في حياتي .  سالم طول عمره حنين بس مابيحبش يبين . جامد من بره بس ارق انسان من جواه و لإني كنت صغيرة و مش فاهمه فكرت جموده دا قسوة وبقيت ادور عـ الحنيه اللي مفتقداها معاه بره . لحد ما دخل شيطان بينا ادالي كل اللي كنت مفتقداه مع سالم. كنت مراهقه اقل كلمة بتأثر فيا و هو مكنش يعرف يعمل حاجه غير أنه يتكلم . و أنا طبعًا صدقته . و من حظي السيء سالم عرف. و شاف بعنيه.. شافني راكبه معاه العربيه. و خارجه معاه . كانت خروجه بريئه جدًا جايبلي فيها ورد و بيقول انه بيحبني . بس طبعًا بالنسبة لسالم كنت وقعت في المحظور .."
2
انبثقت دمعه حقيقيه من عينيها مسحتها بطرف اصبعها قبل أن تكمل
" اليوم دا اتحولت حياتي لجحيم .. سالم يومها ضربني قلم لسه معلم في قلبي . و راح لبابا و خالي و قالهم أن متقدملي عريس و اني موافقه عليه. و أجبر أحمد أنه يتقدملي .. و اجبرني اني اوافق . عملت المستحيل عشان يسامح لكنه رفض بالرغم من اني سمعته بيبكي عشاني لكن كبريائه منعه أنه يكمل معايا. الحقيقه انه كان شهم و داري عالموضوع و محدش عرف اللي حصل غير ماما و مرات خالي بعد كدا و طبعًا انتقامًا له منعتني اني اجي البيت بعد ما اتجوز. وفعلًا حصل .. طبعًا هتسأليني و تقولي ازاي هو اتحمل تكوني لواحد تاني غيره لو هو بيحبك .. اقولك انا .. احمد كان عنده ضعف جنسي . و تعب في القلب يمنعه أنه يقربلي . و سالم كان عارف دا عشان كدا جوزنى له وهو مطمن .. اتصدمتي صح ؟؟"
3
كانت «فرح» تقف مشدوهة لا تقوى علي الحديث أمام حديثها ولكن ما زاد من صدمتها حين قامت «شيرين» بمد تلك الورقة أمام عينيها و التي ما أن التقطتها حتى شاهدت ذلك التقرير الذي يفيد بأنها مازالت عذراء
" متستغربيش.. بس الوجع يعمل اكتر من كدا .. و أنا وجعته. و وجعته اوي كمان.. و مش زعلانه منه انا استاهل اكتر من كدا. و اتحملت بهدله ومرمطه من شخص مريض بالنقص اللي عايز يعوضه بأنه يزلني طول الوقت عشان عارف اني مقدرش ارجع لأهلي .. بس اللي كان بيهديني لما كنت بعرف ان سالم بيسأل عني .. كنت بتأكد اني لسه في قلبه.. علي فكرة كان بيسأل مروة. الي قابلتوها في شرم . يوم ما قالها أنه هيخطبك.. كان قاصد أن الكلام يوصلني .."
2
كانت الكلمات كـ طلقات نارية استقرت في منتصف قلبها الذي كان ينازع للبقاء حيًا فخرج صوتها مبحوحًا حين قالت
" كل ده ميهمنيش . و مش مجبره أصدقه . يعني قصتك تخصك . لكن أنا واثقة أن سالم بيحبني دلوقتي. و شخص عاقل زيه عمره ما هيتجوز لمجرد أنه يضايق حد و اللي حصل دا ميدينهوش في حاجه انك تبقي خاينه دا عيب فيكِ مش فيه ."
2
نجحت في غرس سهم اهانتها جيدًا فتجاوزت «شيرين» عن تلك الإهانة وقالت بنبرة لينة
" عندك حق خيانتي متقللش منه. بس موضوع ثقتك في حبه دا أنتِ فعلًا غلطانه فيه .. و علي الرغم اني فعلًا مكنتش عايزة اوجعك بس انا هسمعك بودانك سالم وهو بيعترف لي بمشاعره . "
قامت بجذب هاتفها و تشغيل مقطع صوتي له حين كانت تمسك الشفرة و تهدده بأنها ستقطع شرايين يدها
" وحياة اغلى حاجه عندك تجاوبني حتي لو مش هتكون ليا .. و حتي لو جوازك هيكون في موتي بس عايزة اعرف الحقيقة انت حبيت فرح فعلًا ؟؟"
4
كانت اللحظة الفاصلة بين سؤالها و إجابته مُرعبه و و الاكثر رعبًا حين سمعته يقول
" لا ماحبتهاش .. لو عايزة تعرفي الحقيقه انا محبتش حد غيرك. "
2
صدح صوت «شيرين» المُتألم
" يعني هتتجوزها بس عشان تأذيني؟"
جاءها صوته القوي الذي قضى على أحلامها دفعة واحدة حين قال بفظاظة
" ايوا.. هتجوزها عشان اوجعك . زي ما وجعتيني و زي ما قضيت سنين بتعذب و أنتِ في بيت راجل غيري جه وقتك عشان تتعذبي أنتِ كمان و أنتِ شيفاني معاها.."
صرخت «شيرين» بقهر
" بس دا ظلم .. حرام .  طب هي ذنبها ايه؟"
اجابه قاسية خرجت من شفتيه حين قال
"حظها السيئ رماها في سكتي . و دلوقتي معدش في وقت للكلام معاد فرحي قرب و عروستي مستنياني.."
3
أغلقت «شيرين» التسجيل الصوتي تزامنًا مع سقوط «فرح» علي المخدع خلفها فقد خارت جميع قواها و انهار عالمها فوق رأسها فقط كان هو.. صوته. فظاظته . قسوته التي رأتها سابقًا.. انهمرت عبراتها ممزوجه بنزيف روحها التي اشتهت الموت بكل جوارحها في تلك اللحظة. و اقشعر جسدها حين شعرت بيد «شيرين» التي تربت على كتفها في مواساة مزيفة تشبه كلماتها حين قالت
" مش قولتلك صعبانه عليا . دخلتي في حرب مش قدها.. و للأسف أنتِ الضحية الوحيدة. بس صدقيني أنا كمان بعاني لدرجة اني حاولت اموت نفسي قدامه . وعلى الرغم من أنه قلبه كان بينتفض خوف و لهفه وهو شايلني يوديني المستشفى إلا أنه مقدرش يقاوم قدام جبروته.. و كمل الفرح للآخر . "
لم تستطيع أن تخرج حرفًا واحدًا من بين شفتيها فقط نظرات ضائعه معذبة و قلب ينتفض مذبوحًا بخنجر الغدر الذي لم تتوقعه منه ابدًا ..
" انا قولت اللي عندي عشان مقدرتش اشوفك مخدوعه اكتر من كدا. و صدقيني مش عارفه ايه الحل . و بتمني من ربنا أنه ينزل رحمته علينا احنا الاتنين. عن اذنك .."
عودة للوقت الحالي…
انتهت من سرد ما حدث بأكتاف متهدله وأنفاس مقطوعة وعينين تناظره بتوسل سرعان ما تحول لصدمة حين سمعت «شيرين» تقول
" ايه الهبل دا ؟ فويس ايه ؟ أنتِ بتألفى ؟"
التفت «سالم» ينظر إلي «شيرين» التي أتقنت رسم الصدمة علي ملامحها وهي تفرق نظراتها بينهم فتحدث قائلًا بخشونة
" تسجيل ايه اللي بتتكلمي عنه ؟"
«فرح» بانفعال
" أسألها.. كانت هنا و فتحت موبايلها و سمعتهولي و انت بتقولها انك بتحبها و اتجوزتني عشان تنتقم منها.."
ارتسمت السخرية على ملامحه حين تذكر إجابته علي ذلك السؤال وما أن أوشك على الحديث حتى تحدثت «شيرين» بلهجة تقطر ألمًا انهمر من بين عينيها أولًا
" يااه.. هو أنتِ متخيلة أنه لو قالي كدا انا كنت سبته يجيلك ؟؟ "
التفتت تناظره بعينين شامته تتنافى مع لهجتها المعاتبة حين قالت وهي تتقدم منه
" شفت بقي انك زيي معرفتش تختار .. و أن كلنا معرضين اننا نغلط.. "
1
كانت لهجته قاطعة كالسيف حين قال
" شفت.. !"
خرج صوتها جريحًا حين همست باسمه
" سالم…"
رمقها بنظرة حوت القسوة و الألم معًا ثم التفت إلي «شيرين» قائلًا بصرامة
" ارجعي اوضتك .."
اومأت برأسها باستسلام قبل أن تتوجه الي باب الغرفة وحين فتحته حانت منها التفاته شامته الي «فرح» متبوعه بابتسامه ماكرة استقرت بقلب تلك التي كانت كل خلية بها تنتفض ندمًا و وجعًا على غبائها و وقوعها كالشاة في هذا الفخ المحكم بعناية…
" هو في كده؟ في شر في الدنيا كدا؟"
كان سؤالا يحمل الجواب بين طياته ولكن الإجابة القاتلة جاءت منه حين قال
"بعد الي شفته منك من شويه اقدر اقولك ان كل حاجة ممكنة في الدنيا دي.. "
2
***************
كانت تقف بمنتصف الغرفة لا تعلم ماذا عليها أن تفعل كل خلية بها تنتفض ذعرًا فقد غادر أهلها و بقت وحدها في مواجهته ولكنها مواجهة لم تكن عادلة فقلبها و روحها ينتميان إليه فأي جهة عليها أن تقاتل ؟ و بأي سلاح ستقاتل فكل شئ خاضع وبقوة لعشقه الجارف .
" هتفضلي واقفه عندك كتير ؟"
أخرجها من أفكارها صوته الخشن فهي لم تنتبه للباب حين انفتح و اطل منه يطالع عروسه الجميلة التي كانت شاردة تتطلع امام النافذة غافله عن قلبه الذي ارتج بين ضلوعه حين رآها بثوب العرس كانت مثال للفتنة والجمال الذي لم ينقصه ضياع نظراتها وهي تطالعه فقد بدت شهية مغوية وهو ليس بناسك ليقاوم فاقترب منها بخطوات ثقيله زادت من رهبتها فـ تراجعت خطوة للخلف و كادت أن تتراجع الأخرى لولا يديه التي امتدت تقبض على رسغها تجذبها لـ تصطدم بسياج صدره الخافق بعنف بين ضلوعه .
" هتهربى تروحي فين ؟"
أنفاسه كانت حارقه علي وجهها مما جعل الدماء تفور في أوردتها و تندفع الى خديها الشهيين بقوة فنبت محصول التفاح على وجنتيها مما أشعل بـ جوفه نيران الرغبة الممزوجة بالشغف فانحني ناثرًا شغفه فوق خديها تباعًا فجاء صوتها ضعيفا مبحوحًا حين قالت
" لو سمحت ابعد ."
لم يتزحزح من مكانه بل علي العكس امتدت يديه تحاوط خصرها وهو يقول بصوت أجش
" تؤ.. مسمحتش.. و مش هسمح تبعدي.."
تعلقت عينيها بعينيه إثر سماعها كلماته التي اخترقت قلبها و ودت في تلك اللحظة لو تخبره بأنها لا تريد الابتعاد أبدًا ولكن أبت كرامتها عليها و حاولت رسم الجمود حين قالت
" مش بمزاجك . احنا متفقين أن الجوازة دي مش بالتراضي و أنها مجرد . مجرد تصحيح للأوضاع الغلط اللي حصلت .."
كان يعلم بأن طريقهما طويل و لكن غمرة العشق جرفته رغما عنه فـ تراجع عنها و طافت عينيه علي وجهها الجميل و عينيها المتألمة و قال بجفاء
" اللي عايزله تصحيح فعلًا هو تفكيرك الغبي.. "
اغتاظت من حديثه فـ اندفعت غاضبة
" مسمحلكش تهيني و خليك فاكر اني بنت الوزان يعني لا انت ولا اي حد يقدر يعملى حاجة. "
2
نجحت في إثارة غضبه بجدارة فزفر بقوة قبل أن يقول بقسوة
" عارفه يا حلا . أنتِ محتاجه تقويم و تربيه من اول و جديد . و اسم الوزان بتاعك دا مبيهزش فيا شعره. فـ مالوش لزوم تفكريني بيه عشان دي اسوأ حاجه فيكِ. "
2
انكمشت ملامحها بصدمة من إهانته لها و لعائلتها فخرجت الكلمات من فمها دون احتراز
" انت اتجننت ؟"
وضع يده حول كتفها يجذبها لتقف معه أمام النافذة فوجدت العمل في الاسفل علي قدم وساق فشدد من يده الممسكة بأعلي كتفها وهو يقول بقسوة
" شايفه كل البنات الي بتشتغل تحت دي ؟ كلهم ولاد ناس بسيطه اوي بس بنات متربيه. البنت فيهم قبل ما بتروح بيت جوزها أهلها بيعلموها ازاى تحترمه. وبناءًا عليه هو كمان بيحترمها ويقدرها. "
2
انهى جملته و التفت يقف أمامها يناظرها بجمود شابه لهجته حين أردف
" الموضوع مش بالاصل و لا بالفلوس و لا باسم العيلة .. المتربي متربي و انتوا اخر حاجه بتفكروا فيها في عيلتكوا هو موضوع التربية دا. "
2
كانت اهاناته كطلقات الرصاص التي استقرت في صدرها
دون رحمة فـ نزفت عينيها وجعًا قويًا اغتال جسدها دون رحمة فامتدت يديه تزيح عبراتها بحنان ظهر كوميض خافت في عينيه و نفته شفتيه حين تابع بقسوة
" متزعليش اوي كدا .. ربايتك عندي. انا ياسين وفيق عمران جوزك اللي هيخليكِ تفكري في الحرف قبل ما تنطقيه. و تحطي نفسك مكان الناس قبل ما تجرحيهم.. "
6
كان قلبه ينتفض ألمًا علي مظهرها و يعنفه على ما تفوه به ولكن كان لابد له من إعادة تقويمها فهو يعلم جيدا مدى تمردها وهو لن يقبل بذلك. و لكنه قلبه لم يعد يحتمل رؤيتها هكذا فاردف بجفاء
" يلا يا عروسه عشان تنامي.. الف مبروك .."
7
***************
انحني يضعها برفق فوق المخدع وعينيه تطوف علي وجهها المُحمر بفعل النوم و ملامحها الهادئه التي كانت مثالًا للبراءة الممزوجة بجمال صارخ تعجز إرادته القوية علي مقاومته .. لم يكن رجلًا يهتم للنساء الجميلات ولم يخطفه جمال احداهن من قبل ولكن تلك المرأة تجذبه بكل شئ بها. يشعر بأنه أمامها أعزل لم يستطيع مقاومة توغلها إلى داخله بتلك الطريقة التي احتلته . صار كل شئ به ينطق باسمها. ختمت قلبه العاصي بعشقها فصار يلهث حولها دون تعب .
لأجلها تعلم فنون الصبر الذي لم يكن يطيقه. فقد كان سريع الغضب قليل الكلام والآن بجانبها يصبح حملًا وديعًا لا يبغي شئ سوي رضاها.
كان قريبًا منها بدرجة كبيرة لم يصل إليها من قبل عينيه تبحر فوق تقاسيمها بشوق و شفتيه التي اقبلت علي وجهها تنثر عشقه فوق ملامحها بقبلات متفرقه تشبه الفراشات التي تتمايل بخفة علي الورود.
و حين وصل إلي شفتيها توقفت جميع حواسه عن العمل و تعالت دقاته حتى صارت كطبول الحرب. نعم كانت حربًا ضارية بين قلبًا اضناه الشوق و تعاظمت بداخله الرغبة التي ولدها عشقه الجارف . و بين عقله الذي كان ينهره و يدق نواقيس الخطر فوق مسامعه عن ارتكابه خطأ قد يكلفه الف خطوه للخلف في علاقتهما.
و لكنه أخيرًا بعد صراع مرير قاتل أخفض رأسه ساندًا جبهته فوق ذقنها وهو يقول بأنفاس مقطوعة و قلب ممزق
" يارب .  اديني الصبر من عندك. عشان مضعفش أبدًا.."
1
بشق الأنفس استطاع التحرك من فوقها بعد أن قام بتعديل وضعها حتي تبدو مرتاحه في نومتها ولكن تملكته الصدمة حين التقمت عينيه رفرفة رموشها و التي تدل علي استيقاظها. فخر قلبه يحمد الله علي تحكمه في نفسه فقد كان قاب قوسين أو أدني من التهامها لولا أنه استمع لصوت العقل و تراجع بآخر لحظة .
اغمض عينيه بتعب و بخطٍ متلهفة توجه إلى المرحاض و ما أن أغلق الباب حتي اخرجت نفسًا قويًا من داخلها فقد كانت تحبس أنفاسها بصعوبه حين شعرت به قريب منها الى تلك الدرجة و هوى قلبها بين قدميها وهي تتخيل أن يقوم بـ إرغامها علي فعل شئ لا تريده و لم تكن مستعدة له .
و جاهدت بقوة التحكم بذكريات سيئه كادت أن تظهر علي السطح لتعيد شعور مقيت تجاهد علي نسيانه دومًا و فيما أوشكت علي أن توقفه عما ينتوي فعله تفاجئت بصوته الممزق وهو يتضرع الى الله أن يلهمه الصبر..
شعور غريب و مميز اجتاح قلبها في تلك اللحظة فهذا الراجل يقاوم نفسه و رغباته فقط لأجلها. يستطيع بسهولة أن يأخذ مبتغاه و لكنه ابتعد! اي الرجال هو ؟
بل كل الرجال هو .
1
هكذا صدح صوت قلبها الذي لأول مرة منذ وقت طويل يستكين هكذا.. و يشعر بأنه في الطريق الصحيح . الان أدركت أنها فعلت الصواب بزواجها منه. فهي آمنة معه. ولكن يبقي تلك الندوب التي لازالت تشوه روحها و لكنها ستقاوم . لأجله و أجل طفلها ستقاوم حتي مرضها اللعين لأجلهما..
صوت كريه اخترق اذنها و كان لرسالة نصية على هاتفها فقامت بالتوجه الي الحقيبة الموضوعة على الطاولة و التقاط الهاتف و بيد مرتعشه فتحت تلك الرسالة فخرجت منها شهقة قويه حين رأت تلك الصورة الوحيدة التي كانت تضمها مع حازم مرفقة برسالة مسمومة
" قبل ما تترمي في حضنه. افتكري انك كنتِ في حضن اخوه قبله.."
3
و في نهاية الرسالة رسمه لـ نيران مشتعلة فـ سقط الهاتف من يدها تزامنًا مع وصول «سليم» الذي تفاجئ من مظهرها فهرول إليها قائلًا بلهفه
" مالك في ايه ؟"
خرج اسمه همسًا مستنجدًا من بين شفتيها
" سليم …"
احتوت كفوفه وجهها وهو يقول بخشونة
" مالك يا قلب سليم ؟"
1
تساقطت عبراتها بقوة و توقفت الكلمات علي أعتاب شفتيها و دون حديث ارتمت بين ذراعيه تشهق و تبكي بقوة افزعته فصارت يديه تهدهدها كالطفل الصغير و داخله لا يعلم هل يفرح لـ لجوئها إليه أم يغضب لمظهرها و لكونه يجهل ما حدث و دون أن تكون له الفرصة للحديث تعالت الأصوات و الصرخات حولهم فانتفضت مذعورة بين أحضانه فحاول تهدئتها قائلًا
" اهدي يا حبيبي .."
1
" ايه الصويت دا ؟"
هكذا استفهمت فتركها و توجه إلي النافذة فهاله مظهر الحريق الآتي من الملحق فالتفت يخاطبها و هو يهرول للخارج
" حريق في الملحق.."
2
سقط قلبها ذعرًا بين ضلوعها و وقعت عينيها على تلك النيران المرتسمة في الهاتف بجانب تلك الحروف المسمومة و خرج صوتها مرتعبًا حين صرخت قائلة
" متسبنيش يا سليم .."

6
***************
قاتل ذلك الألم الذي تشعر به وأنت تقف أمام شخصًا ظننته ذات يوم بوابتك لعبور واقعك المظلم إلى آخر مشرق فإذا بك تجده يسحبك نحو أعماق الجحيم واضعًا إياك في مواجهة أمام اسوأ صفاتك و التي ظننت يومًا بأنك استطعت التغلب عليها.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت تناظره بألم ولأول مرة بحياتها تعلم معنى أن يعض الإنسان أصابعه ندمًا.. بيدها وضعت ديناميت ناسف في علاقتهما فانفجر بوجهها محدثًا آلامًا عظيمه بين جنبات صدرها. ولكنه كان هو! تقسم أن هذا صوته. نعم لم يكن مُفبركًا أو مزيفًا تعلم لكنات صوته حتى مخارج الحروف تحفظها عن ظهر قلب ..
أي حيرة لعينه وقعت هي ؟ ماذا يحدث يجب أن يكون هناك تفسيرًا منطقيًا
3
فجأة هبت من مكانها متوجهه الي ذلك الذي كان يقف أمام النافذة ينظر إلى السماء بقلب ينفطر ألمًا يتضرع الي خالقه أن يخفف عنه وجعًا ينخر عظامه دون رحمة.
كان صامتًا لا يقوى على الحديث لا يعلم كيف سيلتفت و ينظر إليها دون أن يحتجزها بين قضبان ذراعيه ؟؟
2
كان يهرول يسبقه قلبه ليرتمي بأوجاعه دفعة واحدة بين أحضان عشقها. كان ينوي لأول مرة بحياته خلع ثوب الكبرياء جانبًا و التنعم بكل شئ معها. كان سيكشف لأول مرة عن وجهه الآخر وجهه العاشق. سيعري روحه أمامها و يخبرها ماذا تعني له ولكنه تفاجئ بخذلان قاتل. نال قلبه و آدمي روحه و اهلك كبرياؤه كل ما تبقى منه جسد أجوف يقاتل حتي ولا ينهار..
5
" سالم.."
1
حروف اسمه من بين شفتيها نقشت وجعًا من نوعًا آخر فوق جدران قلبه الذي كان يود لو يلتفت مرتميًا بين أحضانها ولكن على عكس ما يشعر ظل متجمدًا في مكانه لم يلتفت إليها فاقتربت منه بخطٍ مُتباطِئه تقف أمامه وهي تقول بألم
" صدقني هي فعلًا سمعتني فويس ليك بتقول الكلام دا.."
" لسه بتكذبِ.."
هكذا قالها بجمود فـ صرخت بقهر
" اقسم بالله ما بكذب .."
التفتت تنظر إلي المنضدة و قامت بجلب كتاب الله و وضعت يدها فوقه وهي تقول بتأكيد
" بحق من انزل هذا الكتاب حصل .. سمعتني فويس ليك بتقول انك بتحبها هي و اتجوزتني عشان تنتقم منها.."
1
كانت فعلتها عظيمة ولكن وجعه أعظم فخرج صوته جريحًا حين قال
" ماشي . هصدقك . هعتبر أنها فبركت فويس ليا. قلبك مقالكيش أنه مش انا ؟؟"
3
انكمشت ملامحها بألم قبل أن تقول من بين عبرات حزينة
" كنت أنت .. انا عارفه صوتك .. انا كنت هموت لما سمعته .. انا مش عارفه ده حصل ازاي ؟ انا هتجنن يا سالم هتجنن.."
1
اخرج الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة و تحدث بملامح حيادية لا تعكس شعوره
" خلصت يا فرح .. اللي حصل حصل.. "
سقط قلبها بين صدرها رعبًا حين سمعت كلماته و بشفاه مرتعشة تحدثت
" لا مخلصتش.. انا. انا. غلطت . يعني . معرفش اللي حصل حصل ازاي . بس .. هي خدعتني. يمكن انت قولت كده في لحظة غضب منها قولي و أنا هسامحك .."
" مقولتش…"
هكذا صرخ غاضبًا من إصرارها على إلصاق تلك التهمة به ظنا منه بأنها تريد الهرب من ذنبها فأردف بقسوة
" لما اقول محصلش يبقي محصلش . "
صرخت بقهر
" ايه اللي محصلش يا سالم ؟ ايه بالظبط اللي محصلش . الماضي ولا الحاضر ؟ "
تحدث بجفاء فقد بلغ غضبه الذروة
" الماضي ميخصكيش . مش من حقك تسألي عنه.. اللي يخصك تعرفيه انها فعلًا وقفت قدامي و سألتني اتجوزتك ليه ؟ بس إجابتي  متستحقيش تسمعيها… "
2
كانت نظراته أشد قسوة من كلماته فهمست متوسلة
" سالم.."
"أنتِ عندك حق . اللي سمعتيه حقيقي . و الفويس اللي معرفش طلعتي بيه منين دا حقيقي . و لو عايزة تطلقي حالًا و تصححِ غلطك انا جاهز…"
2
شهقه قويه خرجت من جوفها إثر كلماته القاسية فقد اوقعها للتو بين شقي الرحي والقي بها في صحراء حارقة تتلظى بنيران تحاوطها من كل حدب و صوب دون أن يرف له جفن من الشفقة و حين أوشكت علي الحديث تعالت الصرخات حولهم في كل مكان فاندفع «سالم» الذي ما أن رأى تلك النيران التي تصاعدت فوق سقف الملحق حتى هرول للخارج دون أن يكلف نفسه عناء الإلتفات إليها فهرولت هي الأخرى خلفه فوجدت الجميع في حالة من الهرج و المرج في الخارج فاندفع سالم و بجانبه مروان الي الملحق فتقابلا بالحرس في الخارج يحاولون إطفاء الحريق الذي لا يعلمون كيف اندلع ؟
و بعد مرور ما يقرب الساعه كانوا بالفعل قاموا بإطفاءه بعد أن نال منهم التعب مبلغه توجه الرجال الثلاثه الي المنزل وما أن خطوا الي الداخل حتى صاح «مروان» في «سالم»
" سالم ايدك اتحرقت ولا ايه ؟ "
1
تكالب التعب الجسدي مع الانهاك العاطفي الذي كان يعيشه فلم يشعر بوجع ذلك الحرق الذي نال من يده اليسرى فجميع الحرائق لا توازي نيران قلبه المشتعلة و خاصةً حين وقعت عينيه عليها تطالعه بندم وحسرة تجاهلهما و طافت عيناه علي الجميع ثم توجه إلي الاعلى بجمود و ملامح تنذر بأن من يقترب منه سينال عقابًا قاسيًا. فتابع الجميع صعوده بصمت و علي الرغم من كل خوفها لم تتحمل أن تتركه هكذا و هرولت الي الاعلى خلفه فوجدته يحاول فك قميصه بيده السليمة فاقتربت منه تحاول مساعدته و ما أن أوشكت يدها علي ملامسته جاءها صوته القاطع كالسيف
" اياكِ .. "
7
شهقه خافته خرجت من جوفها إثر كلمته الصارمة و تعاظم الخوف و الألم بصدرها حين التفت يناظرها بملامح لم ترها هكذا من قبل و نبرة قاسية تماما كـ نظراته حين قال
" متفكريش تقربي من مكان انا فيه.. "
" سالم .."
1
قاطع حديثها و لم يهتم لـ عبراتها المنسابه كالأنهار على خديها وقال بقسوة
" الدريسنج فيها سرير هتنامى فيها. و من هنا ورايح تتجنبيني. مفهوم؟"
" ارجوك خليني اعالج جرحك…"
جذب قميصه من فوق جسده بعنف وقام بإلقائه على الأرض و هو يصرخ بزئير افزعها
" مفهوووم…"
4
تراجعت بصراخ خوفًا من بطشه فقد كانت هذه النسخة الاشرس التي تراها منه والتي لم تكن تتوقع وجودها علي الإطلاق فـ حاوطت نفسها بذراعيها وهي ترتجف قائله بـ شفاة مرتجفه
" مف . مفهوم.."
تجاهلها و توجه بخطٍ ثابته إلي المرحاض تاركّا إياها فريسة لذئاب الندم و الألم و الحسرة فكانت روحها ضحيه لكل ذلك فخطت إلى حيث نفاها و ارتمت على السرير وهي تنتحب بكل ما أوتيت من قوة…
6
************
" كل حاجه تمت زي ما اتفقنا و اكتر كمان.."
هكذا تحدثت «شيرين» بنبرة قاتمه فجاءها صوت «ناجي» الي قال ساخرًا
" يعني العرسان هيقضوا ليلة كحلي النهاردة.."
«شيرين» بسعادة
" سالم اه. سليم معرفش.."
قهقه بشر قبل أن يجيب
" و سليم اكتر منه. "
" ليه انت عملت ايه ؟"
تجاهل الإجابة قائلًا
" متشغليش بالك .. المهم دلوقتي سما.."
لم تكد تجيبه حتي تفاجأت بباب غرفتها الذي انفتح بوساطة «أمينة» التي قامت بإغلاقه خلفها بعنف و تقدمت بقوة لا تعلم من اين جلبها جسدها الواهن و قامت برفع يدها و هوت بصفعة قاسية فوق خد «شيرين» التي لم تتوقع ما حدث فـ تراجعت للخلف إثر تلك الصفعة التي اتبعتها «أمينة» بسم كلماتها حين قالت
" لو مفكره انك جايه عشان تهدي البيت دا فلا دا بعيد عن خيالك يا بنت ناجي.."
1
شهقت «شيرين» بقوة فتابعت «امينة» بوعيد
" فكراني مش هفهم.. فكراني مش هعرف .. كنتِ ناويه تعملي ايه في العيل الصغير اللي لسه حتة لحمة حمرا ؟؟ هاه .. ردي عليا؟"
" أنتِ بتقولي ايه؟"
هكذا تحدثت بذعر فأجابتها «امينة» بقسوة
" بقول الي سمعتيه. و هتجاوبيني عليه دلوقتي قبل ما اطلع بروحك. كنتِ عايزة تعملي في ايه ؟ و لما لقتيني خدته معايا في حضني روحتي ولعتي في الملحق؟"
«شيرين» بصدمة
" حرام عليكِ اللي بتقوليه دا ملحق ايه اللي أولع فيه ؟ انا كنت في أوضتي زيي زيكم و …"
1
" اخرسي يا كذابه.. اللي حصل دا أنتِ ليكِ يد فيه .  مين وراكِ ابوكي النصاب الحرامي ولا جوزك اللي هتلاقيه متفق معاكِ ع اللعبة دي كلها. و منيمانا و قال ايه جايه هربانه منه ؟ انطقي يا بت أنتِ"
2
قالت كلمتها وهي تمسك بخصلات شعرها بينما ارتعبت «شيرين» و ارتجفت من حديثها الذي يحمل الكثير والكثير فأخذت تصرخ بين يديها
" حرام عليكِ يا مرات خالي والله ما عملت حاجه. ولا بكلم بابا ولا اعرف طريقه حتى .. و احمد دا انا بكرهه كره العمي اقسم بالله.."
1
" كذابه. كذابه وحقيرة.. انا عارفه انك السبب في كل اللي بيحصل و عارفه انك عملتي مشكله بين سالم و فرح . عايزة ايه . عايزة تضيعي كمان أربعين سنه من عمره بسببك .دانا ادفنك حية .. لو فكرتي اني كبرت و خرفت . يبقى غلطانة انا اللي هقفلك .."
4
كانت تتحدث وهي تجذب خصلات شعرها بعنف فتعالت صرخاتها للحد الذي جعل «همت» تسرع إلى غرفة ابنتها فتفاجئت مما يحدث فقامت بالتدخل على الفور لتخليص «شيرين» من يد «أمينة» التي تركت خصلاتها علي مضض اثر حديث «همت» التي صرخت بها
" اوعي ايدك من علي بنتي.. ايه فكرتي أن ملهاش حد يدافع عنها. "
1
«أمينة» بانفعال
" قصدك ملهاش حد يربيها… و أنا بقي الى هتولي المهمة دي .."
" بنتي متربيه احسن تربيه. بنتي دي ضحية لابنك . عايزة منها ايه كفايه اللي عملوا فيها.."
«أمينة» بتقريع
" قصدك مشيها البطال هو اللي عمل فيها كدا."
" عندك يا امينه. اوعي تفكري تغلطي في بنتي و إن كنتِ فكرتي نفسك كبيرة البيت دا فلا أنتِ غلطانه . دا بيتي و بيت أبويا. و من هنا و رايح هاخد مكاني الصح فيه.. و هحارب عشان بناتي و مش هسمح لحد أبدا ييجي عليهم.. "
1
تراجعت «أمينة» بصدمة سرعان ما تجاوزتها و قالت بسخرية
" والله وطلع لك صوت يا همت .. بقي عايزة تاخدي مكانك في بيت ابوكي ؟ طب والله حلو وريني بقي هتعملي ايه ؟"
1
" هعمل كتير. و هتشوفي ."
ناظرتها «امينة» باحتقار تجلي في نبرتها حين قالت
" حلو .. اعملي الي يلد عليكِ بس اتحملي بقي .."
2
أنهت كلماتها و خرجت من الغرفة بينما التفتت «همت» الي ابنتها و ناظرتها بغضب تجلي في نبرتها حين قالت
" لينا كلام كتير يا بت بطني و خليكِ فاكرة اني مش هطاوعك عـ الغلط حتى لو كنتِ اتظلمتى .. يالا عشان تنامي "
أنهت كلماتها و خرجت من الغرفة تاركة «شيرين» التي كانت تلعن كل ما يحدث وفجأة وقعت انظارها على الهاتف الذي كان ملقى على أرض الغرفة و مازال الخط مفتوحًا فالتقطته و قالت بانفعال
" سمعت اللي حصل فيا.."
تجاهل حديثها و فجائها حين قال
" عايزة ارجع لامك يا شيرين …"
7
****************
انتصف الليل و نال التعب من الجميع وخاصةً هي فمنذ أن أعلنوا عن هذا العرس و الجميع على قدم وساق في التحضيرات إلي أن مر بسلام و قد اعتمدت عليها «تهاني» في الكثير من الأعمال التي أرهقتها ولكنها كانت سيدة طيبة للغاية و كريمه معها وأيضًا كانت كل الأعمال هينة على ذلك العمل المقرف الذي كلفها به هذا الطاغية. و اخيرًا حان وقت مغادرتها بعد أن نظفت كل شئ فأخذت تلملم حاجياتها لتتوجه الى منزلها وهي في الطريق سمعت أصواتًا وهمهمات آتية من إحدى حظائر الخيل المهجورة
ف تسللت خلسة لترى ما يحدث و ياليتها لم تفعل ذلك فقد رأت ذلك الخفير الخاص ب«عمار» و الذي يدعى «مرعى» في وضع مخل مع إحدى الفتيات فخرجت منها شهقة خافتة وقالت بصدمة
" يا شندلتي.. "
1
وصل صوتها الى مسامعهم فانتفض الإثنان من مكانهم وحين رأتهم هرولت لتختبئ عن أعين ذلك البغيض الذي ارتدي جلبابه علي عجالة و أخذ يبحث بعينيه هنا وهناك عن ذلك الشخص الذي رآهم و حين لم يجد أحد توجه إلي حيث تنتظره الفتاة التي أخذت تولول و تندب حظها فصرخ بها
" اجفلي خشمك يا بت.. "
" اجفله ازاي ؟ دي فضيحتي هتبجي بچلاچل .."
" ولا فضيحه ولاحاچه. البسي هدومك و انچرى من اهنه . محدش شاف حاچه اني طلعت بنفسي ملجتش حد.."
" متوكد ؟"
اجابها بحنق
" إيوا متوكد .. يالا بجولك .."
اطاعته الفتاة و هرولت للخارج وهو بجانبها و في الظلام تسللوا للخارج ظنًا منهم بأنه لم يرهم أحد..
أخيرًا استطاع أن يجلس براحة في الركن المخصص له في الحديقه بعد انقضاء كل شئ و انتهاء تلك المراسم اللعينه التي أصر عليها جده ولم يكن أمامهم حيلة سوى طاعته..
اغمض عينيه طالبًا الراحة و لدهشته طرأت صورة تلك الفتاة سليطة اللسان على باله فقد رآها الليلة حين كان يمر بجانب مجلس الحريم كيف كانت تتمايل باحترافية علي انغام احدى الاغاني التي يطلقونها في الافراح.
كانت جميلة بـ خصلاتها المشعثة و جسدها الذي أبرزته تلك العباءة التي لم يرها بها من قبل .  لم يدم الأمر لدقيقة فسرعان ما أدار رأسه ولكنها كانت لحظات خاطفة انطبعت في مخيلته طوال الحفل . حاول كثيرًا طردها من باله ولم يفلح . وأخذ يتذكر حين رآها أول مرة متنكرة في ثياب رجل فقد خطفت أنفاسه حين جذب العمامة من فوق رأسها. كان قاسيًا معها يعترف ولكنها تثير بداخله شعور غريب لا يعرف كنهه حتى أنه كان دائمًا يراقبها وهي تعمل هذا العمل الشاق الذي كلفها به و بكل مرة يريد أن يثنيها عن فعله ولكن تمنعه هيبته من الاقتراب منها فقد كان لسانها سليطًا للغاية .
و ايضًا حين كانت تجلس بجانبه وهو طريح الفراش فقد كان يختلس النظرات إليها فيري بعينيها شيئًا غريبًا يعرفه ولا يعرفه. كانت نظرة حزينة للغاية على الرغم من أنها طوال الوقت في وضع دفاع إلا أن ذلك لم يكن سوى خوفًا أتقن ترجمته من نظراتها الضائعة ..
1
كانت لغزًا كبيرًا أرهقه فـ زفر بتعب و فرد عوده على الأريكة الخشبية ناظرًا للسماء و نجومها المتلئلئه التي تشبه عيونها هذه الليلة. و حين كان في خضم تخيلاته اخترق أذنه صوتًا قويًا لأحد الغفر فقال بغضب
" في ايه يا بغل انت؟ وطي صوتك طرشتني .."
كان الغفير يلهث من فرط التعب وقال من بين لهاثه
" الحج يا كبير . مصيبة "
اعتدل في جلسته و قال بصراخ
" مصيبة ايه يا وش البوم انت."
" شيخ الخفر مرعي . كان لامؤخذه معاه واحدة و طالعين من الزريبة المهچورة.."
1
انكمشت ملامحه بغضب كبير و صرخ باستنكار
"انت عتجول ايه يا چحش انت؟"
" وكتاب الله يا كبير حوصول اني شايفهم بعيني اللي عياكلهم الدود دول.."
"اه يا كلب …  و مين البت اللي كانت معاه دي تعرفها ؟؟"
القي الغفير قنبلته حين قال بقوة
" إيوا اعرفها البت نچمة بنت الچنايني…"
10
******************
دقت الساعه السابعه و دق معها جرس الباب فتقدمت الخادمة لـ تفتح فإذا بها تتّفاجأ بمجموعة من رجال الشرطة أمام الباب تزامنًا مع خروج «سالم» من غرفة مكتبه التي قضي بها ليلته فلم يتحمل وجوده معها بمكان واحد و قد أرهقه بكائها الذي وصل إلي مسامعه طوال الليل فهبط الي الأسفل ليقضي ليلته على الأريكة
بـ غرفة مكتبه
توجه إلي باب القصر يقف أمام رجال الشرطة قائلًا بخشونة
" خير يا حضرة الظابط ؟"
" دا منزل حازم منصور الوزان ؟"
1
اجابه «سالم» باختصار
" ايوا . ايه المطلوب؟"
" معانا أمر بالقبض عليه؟"
«سالم» باندهاش
"نعم .. تقبض علي مين ؟"
" مانا قولتلك . علي حازم منصور الوزان.."
1
«سالم» باستفهام
" بتهمة ايه ؟"
ألقى الضابط قنبلته المدوية على مسامعه حين قال
" اغتصاب بنت قاصر و الشروع في قتلها…"
21
يتبع….
لم اعتد يومًا على المبالغة.. بل كنت أتجنب الكثرة في كل شئ! في الحزن ، الغضب ، التعلق و حتى في الفرح و لكن معكِ تخليت عن خارطتي التي كنت امشي على نهجها طول حياتي ووجدتنى غارق في الكثير من الحب ، اللهفة و الشغف. و هنا بدأت معاناتي فـ على قدر كثرة شعوري نحوك كان ألمي عظيمًا وجراحي غائرة وأبواب الغفران مصفدة بسلاسل الكبرياء الذي يقف معاندًا أمام ثورة قلب لا يبغي سواكِ. سلاحه الوحيد عشق أهوج يجتاحني كطوفان لا اقدر على مواجهته أو الفرار منه. و بنهاية تلك الحرب الضارية أجد نفسي أمام حقيقة ثابتة..
أنني أريدك و بشدة. فما الحل ؟؟
5
نورهان العشري ✍️
2
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
" لبني محمد عبد العزيز.. خرجت يوم ١٥ ديسمبر تشتري دوا لوالدها المريض كان حوالي الساعه ١١ بالليل و اتأخرت .. قلقت والدتها عليها طلعت تدور ولأنهم في مكان شعبي انتشر خبر اختفائها و بعد حوالي ٤ ساعات لقوها في خرابه بتنزف و للأسف تعرضت لمحاولة اغتصاب وحشية و البنت من وقتها في غيبوبة.. و لسه فايقه منها من يومين . و لما فاقت طلبنا منها أوصاف الشخص اللي عمل كده و اللي طلعت بتنطبق علي حازم اخوك بالإضافة لانها كانت عرفاه و قالت إنها شافته كتير في الحتة عندها مع واحد ديلر هناك و حاول يتعرض لها لفظيًا قبل كدا و هي صدته "
6
هكذا انتهى وكيل النيابة من سرد تلك القصة المروعة على أذن 《سالم》 الذي كان جسده يقشعر امام كل حرف يقع على مسامعه. فـ خطايا و ذنوب أخاه لا تنتهي ابدًا.
زفر بتعب قبل أن يقول بخشونة
" البنت حالتها عاملة ايه دلوقتي ؟"
اجابه وكيل النيابة بسخرية
" سؤال غريب .. طفله عندها سبعتاشر سنه اغتصبت بوحشية لدرجة أنها تقعد في غيبوبة تسع شهور.. هتبقي حالتها عاملة ازاي؟"
4
أغضبته الإجابة إضافة إلي نبرته الساخرة والتي تتنافى مع وحشية الأمر ف احتدت نظراته وقال بفظاظة
"و مش غريبة انكوا تيجي تدوروا على شخص ميت بقاله تسع شهور .. ايه السيستم مهنج عندكوا ولا ايه ؟"
7
تنحنح الرجل و قال باختصار
" غلطة غير مقصودة .. وارد تحصل .."
لم تعجبه الإجابة و لكنه تغاضى عنها و وثب من مكانه ناصبًا عوده الفارع و زر وثاق بذلته وهو يقول بفظاظة
" حازم الله يرحمه و كدا الجاني مش موجود عشان يُطبق عليه القانون . و انا هتواصل مع اهل البنت و هوصل معاهم لحل يرضيهم.."
3
انهي تلك المقابلة و توجه للخارج بشموخ يتنافى مع ما يحمله من أعباء و هموم لا تنتهي ناهيك عن أعباء قلبه الذي ما زال يتذكر ما حدث البارحة و تعاد تفاصيله أمام عينيه بكل ثانيه . يود الهرب منها ولكنها تلاحقه مع أنفاسه التي زفرها بحدة عله يتخلص من وجعه بها ولكنها كانت أمنية مستحيلة فما أن وطئت أقدامه باب المنزل حتى تفاجئ بالجميع ينتظر في الصالة الكبيرة و الأعين تطالعه إحداها بفضول و الأخرى بشماته تجاهلها و توجه إلي مكتبه لأول مرة هاربًا من اي استفسارات مرهقة ولكن هيهات فما أن دلف إلى الداخل حتى وجد كلًا من 《سليم 》و 《مروان》 الذي أغلق الباب خلفه تزامنا مع حديث «سليم» القلق
" حصل ايه يا 《سالم 》؟"
" الكلام اللي هقوله دا ميخرجش بره الاوضه دي مفهوم."
ايماءه صامته تلقاها منهما فأخذ يسرد ما حدث بعجالة متجاهلا نظراتهم المصدومة وتعابيرهم التي لا تفسر و انهى كلماته قائلًا
" الكلام دا حصل قبل ما يموت بيوم واحد.."
2
أطلق جأشه مكبوتة داخل صدره قبل أن يضيف
" النهاردة بالليل هسافر عشان أروح لاهل البنت اطمن عليها و اشوف هعمل معاهم ايه ؟"
1
ارتسم الجنون بعيني 《سليم》 الذي صاح بانفعال
" هو في ايه؟ هو احنا كنا مربيين معانا شيطان واحنا منعرفش ؟ يغتصب بنت قاصر ! انا مش مصدق اللي بسمعه.."
1
تجاهل حديث أخاه و القي بجسده المنهك علي المقعد خلفه فيما تابع 《مروان》 قائلًا بحنق
" انا مش قادر اتخيل انه اتجرد من كل مشاعر الإنسانية للدرجادي .. دا مفكرش أننا عندنا بنات. و نازل مرمطه في بنات الناس . "
1
نالت كلماته من قلب 《سليم》الذي احتدت نظراته و اكفهرت معالمه رغمًا عنه وحين أوشك على الحديث جاءهم صوته الصارم
" خلصت. معدلوش لزول الكلام دا. دلوقتي هو بين ايدين ربنا.."
1
هب 《سليم》 من مقعده وكل خليه بداخله تنتفض غضبًا تجلي في نبرته حين قال
" كويس اوي أنه عند ربنا عشان اقسم بالله لو كان لسه عايش لكنت دفنته بايدي حي.."
2
كان الغضب ينهش بداخله من تلك الأفعال النكراء التي لا يفعلها سوى شيطان رجيم. و لسوء حظهم كان هذا الشيطان أخاهم.
" اهدي يا سليم و زي ما قال سالم معدلوش لزوم الكلام دا. خلينا نشوف هنعمل ايه مع الناس دي و هنعوضهم ازاي ؟"
6
《سليم》 باستنكار
" نعوضهم! اي شئ في الدنيا ممكن يتعوض الا الشرف يا مروان. مهما عملنا مش هنقدر نعوضهم. احنا انكتب علينا نشيل العار طول عمرنا بسببه. "
1
كان 《سالم》 ينظر إليه و يود لو يصرخ بألف اعتراض فقلبه يؤلمه من قسوة كلماته علي أخيهم الراحل ولكنه يعلم أنه محق فـ أفعاله المروعة لم تترك لهم مجال للحديث . بل و كتب عليهم لملمة قذاراته التي لا تنتهي لذا أخذ منحني الصمت وترك ل《مروان》 مهمة تهدئته
" عصبيتك دي مش هتحل حاجه .. لازم نهدي ونفكر و بعدين محدش فينا له ذنب في حاجة.. "
2
" الذنب في رقبتنا ليوم الدين عشان معرفناش نربيه.. "
6
هكذا اجابه 《سليم》 بقلب يحترق تتجاذبه النيران من كل حدب وصوب فلم يحتمل وجوده معهم فاندفع إلى الخارج بعد أن استمع لحديث 《سالم 》الصارم
" زي ما قلت من شوية مش عايز حد يعرف حاجه . وانا هروح للبنت وأهلها و بإذن الله هحاول ارضيهم علي قد ما اقدر .. "
1
شيعه 《مروان 》بنظرات الشفقة فقد شعر بمدى ثقل المهمة التي ألقيت على عاتقه فحاول تخفيف حدة الأمر قائلًا بسخرية
" عيني عليها فرح. مش عارفه تتهني بالعريس. ربنا يستر متطبقش في زمارة رقبتنا لما تعرف انك هتسافر النهاردة و تسيبها .."
5
خفقة وجله ضربت قلبه حين سمع اسمها و كم اشتاق في تلك اللحظة أن يضع رأسه على صدرها يشكو لها اوجاعه و ثقل احماله. يتمنى لو كان بإمكانه أن يهرول إليها كطفل صغير يختبئ بين أحضان والدته من وحشة هذا العالم ولكنه لا يستطيع تجاوز رفضها المهين لقربه لذا أخذ نفسًا طويلًا قبل أن ينظر إلي 《مروان》 قائلًا بخشونة
" في حاجة مهمة عايزك تعملها. "
" رقبتي يا كبير .."
7
****************
كان يدور في الغرفة كمن مسه الجنون يمسك بذلك السلسال الذي يشبه اسمها و الذي رآه أكثر من مرة يحيط بعنقها و فقد كان يلفت انتباهه كثيرًا و الآن هو بين يديه بعد أن عثر عليه الغفير في موقع تلك الجريمة التي ضربت عقله كصاعقة كلما تذكر حديثه
1
" انت اتچنيت يا بغل انت ؟ نچمة مين ؟"
الغفير بذعر
" وكتاب الله يا كبير ما بكذب . اني بعد ما مشيوا دخلت الزريبة ولچيت السلسلة دي چنب السور و دي بتاعت البت نچمة اني متوهش عنها واصل .."
1
اجتاحت نيران الغضب عقله وهاجت آخرى بقلبه فأخذ يدور حول نفسه كـ الملدوغ لا يقدر علي التفكير جل ما يريده أن يذهب الآن و يفرغ رصاصات سلاحه بصدرها حتى يهدأ ولكن فجأة طرأ على باله أحد المواقف حين كان مريضًا و طلب منها كوب من المياة و بالخطأ امتدت يده لتحتضن يدها الممسكة بالكوب فانتفضت بشدة جعلت المياة تنهمر فوق رأسه وحين عنفها صاحت به غاضبة
" ايه الحركات ده يا كبير. مش عيب ! "
" عيب ايه يا بهيمه أنتِ ؟ مشايفشي زين ؟"
احتدت نظراتها و شابهتها نبرتها حين قالت
" شوف أما اجولك الحركات دي اني خبراها زين.. و لازمن تعرف اني من عيلة و بت ناس چوي . و ماليش في المسخرة و جلت الحيا دي . بعد أكده تفتح عينيك زين اومال لو مش عينيك خُضر كنت عملت اي؟"
1
صاح غاضبًا فهو لم يتوقع ثورتها تلك من ملامسه بريئه
" أنتِ اجنيتي يا به ؟ انتِ مفكراني هبص لواحده زيك ولا اعاكسها؟ و بعدين تعالي اهنه عيلة ايه يا ام عيلة؟ ده ابوكي مش معروف إذا كان بني آدم ولا لا من الأساس؟"
2
" بني آدم و لا جرد المهم انه ابوي. و بعدين ده جنايني جد الدنيا. من غيره الدود هيطلع عليكوا من الشجر ياكلكوا. "
5
هب من مكانه فإذا بالآلام تضرب جسده بقوة فصاح غاضبًا
" غوري من وشي بدل ما اجطع خبرك.. غوري .."
ابتلع ريقه بصعوبه وهو يتذكر ملامحها في ذلك الوقت لم تكن تتصنع يقسم بذلك ولكن ما هذا الذي يحدث ؟ يكاد يجن من فرط التفكير ولكنه سـ يسعى جاهدًا لمعرفة ما حدث ..
"《 مسعود》 انت يا زفت يا 《مسعود 》..؟"
هرول الغفير إليه يلبي نداءه فصرخ به
" الزفت اللي اسمه 《مرعي》 تروج تچيبه من جفاه علي اهنه طوالي . "
" حاضر يا چناب الكبير ..."
انهي كلماته و هرول للخارج فوجد 《مرعي》 يقف يتحدث مع 《نجمة》 التي كانت آتية إلى العمل كما هو المعتاد وحين مرت به استوقفها قائلًا بغزل وقح
" الغزال اللي رايح چاي يتمختر امتي يحن علي بجي ؟"
1
شيعته بنظرات الخسه و الاحتقار قبل أن تتابع طريقها دون أن تعيره أن انتباه فتقدم يقف أمامها وهو يقول بوقاحة
" ما كفياكي تجل عاد . اني جلبي مولع نار و مجادرش اتحمل . "
1
لون الامتعاض ملامحها و تجلي في نبرتها حين قالت
" جلبك المولع ده ديته شبشبين يفوجوه و هو هيبجي زي الفل . وحظك حلو المداس لسه چديد .. لو تحب دلوق اطفيلك الحريجه معنديش مانع ولا تاخد بعضك و تخفي من وشي احسن ؟"
1
غضب من حديثها. و رفضها الدائم له فصاح مهددًا
" انتِ عايزة تضروبيني بالمداس يا بت الچنايني. طب والله لهعملك مداس في رجل الناس و بكرة تاچي تتحايلي علي ابصلك بس ."
2
رمقته شذرًا وهي تقول باحتقار
" اتحايل عليك انت يا معفن . دا انت الهدمة الي عليك جرفانه منك. غور داهيه تاخد خلجتك العفشة. يا غراب البين و حياة شنب ابوى اللي ما بحلف بيه باطل لو مخفيتش من وشي لهكون مفرچه عليك الناس و هجول للكبير علي جرفك .. هاه عارف جرفك يا بتاع الزرايب؟"
4
قالت جملتها الأخيرة وهي تتوعد له ففهم الآخر ما ترمي إليه و هوى قلبه ذعرا بين قدميه و خاصةً حين تفاجئ ب
《مسعود》 الذي قال بلهاث
" انت فين . جلبت الدنيا عليك . الكبير عايزك ضروري؟"
ارتعب من أن تكون تلك الفتاة قد اشتكت عليه و أخبرته بما شهدته البارحة فقال بذعر
" و الكبير عايزني ليه دلوق ؟هو حوصول حاچه ولا اى"
1
《مسعود》 بتخابث
" انت ادرى باللي حوصول يا مرعي . اني ما عليا إلا البلاغ اتفضل فوت جدامي و استلجي وعدك يا خفيف.."
هنا تيقن من انها أوشت به بالفعل و خاصةً عندما رأي وجه 《عمار》 الذي كان مرعبًا بحق و نبرته التي بثت الذعر بقلبه حين قال
" كنت بتعمل ايه في الزريبة المهچورة بعد الفرح ما خولوص؟"
《مرعي》 بذعر
" معملتش حاچة كنت بمر زي كل يوم و بعدين روحت.."
هوى 《عمار》 بصفعة قاسية على وجه 《مرعي》 الذي تراجع للخلف بذعر حين صاح به
" وكمان بتكذب يا كلب... دا انت موتك علي يدي النهاردة"
انتفض 《مرعي》 وقال ببكاء
" حجك عليا يا كبير . والله ما هكذب عليك واصل ؟"
موجه كهربائيه كانت تسري في جسده حين قال بأنفاس مقطوعة
" مين اللي كانت معاك امبارح في الزريبة ؟"
أضاء الشيطان عقله بفكرة الانتقام منها فقال بلهجة قاطعة
" نچمة.. نچمة بنت الچنايني.."
3
كانت تعد الطعام بالمطبخ الكبير وسط الخادمات اللائي كن يضحكون تارة و يغنين تارة و قد كانت هي أكثر من يغني من فرحتها حين أخبرتها «تهاني» بأنها ستعمل معهم بالبيت الكبير من اليوم و قد أسعدها ذلك كثيرًا وظهرت سعادتها علي هيئة ابتسامة مشرقة أضاءت عينيها الجميلة و لكن فجأة صدح صوت دوي زئيره في أرجاء البيت الكبير للحد الذي ارتجت جدرانه
" نچمه...."
سقطت المعلقة من يدها حين سمعت اسمها بتلك الطريقة و حين التفتت لترى ماذا يحدث فإذا بوحش كاسر يقتحم المطبخ بهيئة مرعبة فتسمرت بمكانها حين وجدته يقبل عليها و يرفع يده الضخمة و يهوي فوق خدها بأقصى صفعه نالتها بحياتها...
2
************
كانت تجلس بالحديقة تنظر إلي 《ريتال》 التي كانت تلهو حولها فإذا به يقتحم جلستها ويباغتها قائلًا
" عايزة تصلحي الغلط اللي غلطيه ؟"
تفاجئت 《سما》 من حديثه و ناظرته بصدمة تجلت في نبرتها حين قالت
" تقصد ايه ؟"
" عايزة تصححي غلطك ولا لا ؟"
هنا خاطبها بنبرة حادة انكمش لها جسدها و لم تفلح الحروف في العبور من بين شفتيها فأومأت برأسها
فاقترب 《مروان》 منها وقام بمد يده جاذبًا إياها من مرفقها و هو يقول بنبرة هادئه متبوعه بنظرات عاشقة
" انا شايف و عارف اللي جواكِ كويس اوي. و عارف انك عمرك ما كنتِ وحشه. و انك ضحية للبيت دا و اللي فيه . وعشان كدا بقولك انا جنبك و هفضل جمبك . "
3
تكونت طبقة كرستاليه من الدموع في مقلتيها فقد كانت كلماته حانيه بدرجة لم تتخيلها نفذت الي قلبها كالسهم المشتعل ولكنه لم يمهلها الفرصة لإجابته بأن هذا أكثر بكثير مما تمناه وذلك حين أردف بجمود
" كصديق . او كـ أخ.."
10
لا تعلم لما احزنها هذا الوصف ولكنها اومأت برأسها تحاول إخفاء خيبة تملكتها في تلك اللحظة فلم يستطيع هو تفسير ملامحها ولا تلك النظرة الغريبة في عينيها فتجاهل كل ذلك و شرع يسرد لها ما يريد و مع كل كلمة يتفوه بها كانت ملامحها تتبدل ما بين الرفض و الخوف و الذنب ولكنه اختتم كلماته قائلًا
" خليكِ فاكرة ان في دين في رقبتك و جت فرصتك عشان تسدديه و الفرصه مبتجيش غير مرة واحدة. ها قولتي ايه ؟"
4
نجح في غرس سهم الذنب في قلبها و الذي لم يعد يحتمل ذنوب أخرى فأطلقت تنهيدة متعبة قبل أن تومئ برأسها وهي تقول بهمس
" حاضر .. "
1
سلبت كفها من بين يديه فشعر برجفة باردة اخترقت جسده لدي رؤيتها تغادر منكسة الرأس فإذا به يجد 《ريتال》 التي قالت بعفوية
" صديق و اخ انت بتكذب يا عمو ؟"
3
انكمشت ملامحه بامتعاض تجلي في نبرته حين قال
" جتك خوت أنتِ وهي . بدل ما تديني رصية و لا بنية في وشى و تقولي اخ ايه؟ بتهزلي رأسها. رجاله العيلة دي باينهم موعودين بالستات الغبية ولا ايه؟"
صمت لثوان قبل أن يضيف بتحسر
- " و بعدين بقي في العيلة اللي هتضيع مستقبلي دي و لا فاهم احب و لا اعلق البت و لا اتنيل اعمل حاجه .. "
************
كانت ليلة صعبة بكل ما تحمله المعنى حتى أنها تركت بصماتها على وجهها الذي كان باهتًا يلائم تورم عينيها من كثرة البكاء و انطبع الحزن الساكن قلبها علي ملامحها فبدت مروعة تمامًا كالألم الذي ضرب سائر جسدها فكانت تجر أقدامها جرًا للوصول إلي المرحاض وهي بمنتصف الطريق توقفت إثر دقات الباب فعدلت وجهتها وقامت بفتحه و لحسن حظها كانت شقيقتها هي من بالخارج و التي ما أن رأتها حتي اندفعت إليها تحتضن وجهها وهي تقول بلهفه
" فرح مالك في ايه ؟"
لأول مرة بحياتها تهزم هكذا. فلم تجد ما تقوله توقفت الكلمات على شفتيها فاعادت 《جنة》 سؤالها بنبرة أكثر لهفه يشوبها حنان كبير
" 《فرح》 ارجوكِ ردي عليا حصل ايه؟"
1
لامس قلبها خيط الحنان الذي يتجلى في نبرة شقيقتها فألقت بنفسها بين أحضانها وهي تقول بنبرة متألمة يخالطها نوبة بكاء عنيفة
" انا بموت يا جنة...."
كانت كلمتها كالسهم الذي اخترق قلبه حين كان يتوجه الي غرفته حتي يتجهز استعدادًا للسفر وحين وضع يده علي مقبض الباب تفاجئ بحديثها الذي آدمي قلبه و فتت روحه فاغمض عينيه للحظة غير قادر على الحركة. يود لو يدخل إليها يختطفها من بين براثن الألم الذي يتساقط من نبرتها و الذي يشاطرها إياه قلبه ولكن مشهد البارحه يقف أمامه بوضوح يذكره برفضها المهين له بألا يلمسها.
كانت كلمة قويه كـ طعنه نافذه أصابت رجولته و قلبه وكبريائه الذي اجبره علي النزول إلى غرفة المكتب مرة ثانيه فلا طاقة له بتحمل رؤيتها بهذا الشكل و ليدع لها الفرصة للتحدث براحه مع 《جنة》 التي يأمل أن تستطيع تهدئتها و لو قليلًا ..
1
في الداخل انتهت 《فرح 》من سرد ما حدث فشهقت 《جنة》 بصدمة تجلت في نبرتها حين قالت
" أنتِ مجنونه يا فرح ؟ ايه اللي أنتِ عملتيه دا ؟ معقول تصدقي الشيطانه دي؟ انا مش محذراكِ منها قبل كدا ؟"
2
تخبطت سحبها فامطرت ألمًا تجلي في نبرتها حين قالت
" غصب عني يا جنة. بقولك صوته. سمعته بودني. عقلي وقف عن التفكير. وحسيت الدنيا ضلمت في عيني و قلبي دا كأن نار قادت فيه. معرفش عملت كده ازاى. فجأة لقتني مش طيقاه يقرب مني أو يلمسني . "
أشفقت 《جنة》 علي شقيقتها وقالت بعتب
" كلامك و رفضك ليه بالشكل المهين دا صعب اوي يا فرح . و خصوصًا أن سالم شخصية مش سهله و أنتِ ضربتيه في مقتل. هنتيه و جيتي علي كبرياءه. الموضوع اتصعب اوي.."
3
هبت من مكانها غاضبة
" عارفه . والله عارفه. ودا اللي قاهرني . لو شفتيه وهو بيقولي قلبك مقالكيش أنه مش انا؟ وانا بغبائي قولتله كنت انت. معرفش حصلي ايه وقتها. هتجنن.."
3
اقتربت 《جنة》 منها تحتضنها برفق وهي تقول لتهدئتها
" طب اهدي . كل مشكله وليها حل ان شاء الله."
تبلور التصميم علي ملامحها و اطلت نيران الانتقام من عينيها و قالت بقسوة
" انا هعرف أجيب حقي كويس و اعرفه اني مكذبتش عليه. "
1
" هتعملي ايه ؟"
هكذا استفهمت 《جنة》 فأجابتها بجفاء
" هسمعه الفويس اللي هي أنكرت أنه موجود.. يمكن لما يسمعه بودنه يبقي بداية الطريق أنه يسامحني.."
1
قالت جملتها الأخيرة بنبرة أرق و من ثم نظرت إلي 《جنة》 و أردفت بتوسل
" جنة محتاجه مساعدتك.."
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
" ازاي ؟ "
" هقولك ..."
**************
يدور في غرفته بلا هوادة لا يعرف الراحه ولا يملك حتى حق تمنيها . كل خلية بـ داخل جسده تتوسل أن يصل إلى مبتغاه حتى يستطيع أن يهدئ نيران غضبه الموقدة ولو قليلا .
تدخل 《سليم 》الذي شاهد حالته المزرية فـ ملامحه كانت باهته و عينيه جاحظه و صدره يعلو و يهبط من شدة الانفعال و مع ذلك فهو كـ عادته صامت
" أن شاء الله كل حاجه هتتظبط يا سالم. انت بس هدي نفسك .."
لم يجيبه اكتفي بإيماءة بسيطة من رأسه الذي ارتفع بلهفه حين رأى 《مروان》 الذي فتح باب الغرفة و بيده أحد الهواتف فـ خرجت الكلمات من فمه مندفعة
" عملت اللي قولتلك عليه ؟"
《مروان》 بتوتر
" اه . دورت في التليفون . و بصراحه ملقتش حاجه .."
تعاظم غضبه فاغمض عينيه بقوة قبل أن يعيد فتحها وهو يحاول التحلي بفضيلة الصبر حين قال بخشونة
" انا عارف انك اكيد مش هتلاقي عليه حاجه. سؤالي هنا افحصه و شوف في حاجه اتحذفت من عليه ولا لا ؟؟"
2
جفل 《مروان 》من لهجته وقال مبررًا
" والله فحصته كام مرة عاللابتوب و جبت كل حاجه اتحذفت من عليه في خلال اسبوع و بردو ملقتش اي فويسات أو اي حاجه تخصك."
أطلق زفرة حارة من جوفه فأردف 《مروان》 بحنق
" لو عايز رأيي انت غلطان كان مفروض من امبارح اخدت التليفون منها و فحصته و شوفت حوار الفويس دا.."
1
شيعه 《سالم》 بنظرات غاضبة اتبعها قولة الساخر
" وابقي مشيت عـ الخطة اللي هي رسمتها لنا بالضبط. مش كدا؟"
1
ناظره 《سليم》بعدم فهم وقال مستفسرًا
" تقصد ايه ؟"
وثب من مكانه قائمًا و يديه بجيوب بنطاله و كأنه لا يريد أن تطال اي شئ فتحطمه من فرط غضبه الذي تجلي في نبرته حين قال
" بقولك أنكرت وجود اي فويسات يبقى هتسيبه عالتليفون ازاي يا بني آدم ؟"
نظر الاثنان《مروان》 و 《سليم》 إلى بعضهم البعض فتابع «سالم» بحنق
" شغلوا دماغكوا شويه . مش طالبه غباء.. بديهيًا اي حد في مكاني كان مسك التليفون يشوفه واكيد مش هلاقي حاجه ماهي الهانم عامله حسابها و ماسحة الفويس. و وقتها تبقى هي المظلومه و فرح الوحشه اللي بترميها بالباطل و مش بعيد كانت تقولي هاتلي حقي من مراتك. وانا وقتها وربي كنت هفرغ سلاحي في دماغها..."
" يخربيت دماغك يااخي.. تصدق عندك حق .."
هكذا تحدث 《مروان》 فأجابه 《سالم》 حانقًا
" مكفهاش اللي عملته لا كمان عايزة تشمت فيها لآخر لحظة و تثبتلي أنها كذابه.."
1
تدخل 《سليم》 مستفهمًا
" طب وبعدين يا سالم هتعمل ايه؟"
ناظر أخاه بتيه لأول مرة بحياته لم يعد يعلم ماذا يفعل ولكنه أراد المراوغة فنظر إلي 《مروان》 قائلًا بفظاظة
" ملقتش اي حاجة عـ الزفت دا مُريبة؟"
《مروان》 بصياح
" وربنا وحياة غلاوة دولت عندي ما لقيت حاجه . دا تليفون مهجور اصلًا. مكالماته كلها هبلة و رسايلها اللي فيه اهبل .."
لمعت نظراته المطله علي 《مروان》 ما أن تفوه بآخر كلمة و صمت لثوان قبل أن يقول بنبرة ذات مغزى
" طب ما دا في حد ذاته مُريب!!!"
10
*************
ترتشف قهوتها في غرفة الجلوس وهي بأقصى درجات سعادتها فقد نالت مبتغاها في تخريب علاقتهم و التي متأكدة من أنها ستبقى على حالها لوقت طويل لذا كانت تشعر بلذة قوية تغلبت علي ألمها مما حدث و ما فعله بها وحين كانت تسترسل في ذكرياتها الأليمة تفاجئت ب
《جنة》 التي اقتربت منها تناظرها بغضب حاولت قمعه قدر الإمكان و قالت بلهجة حاولت أن تبدو صافية
" صباح الخير .. لقيتك بتشربي قهوتك قولت نشربها سوي .."
1
زوت ما بين حاجبيها و أخذت ترسل نظرات متفحصة ل
《جنة》 و سرعان ما رسمت ابتسامة متصنعة على شفتيها وقالت بسرور مفتعل
" دا ايه الصباح النايس دا. عروستنا الحلوة جايه بنفسها تشرب القهوة معايا. دا سليم الوزان هيغير مني بعد كدا ."
1
فهمت 《جنة》 ما ترمي إليه فجلست وعينيها تطوف المكان حولها بتفحص قبل أن تقول بلهجه عادية
" لا متخافيش .. سليم عاقل .."
《شيرين》 بسخرية
" الحب بيجنن . اساليني انا .."
حاولت رسم ابتسامة متكلفة علي ملامحها قبل أن تقول
" و أنتِ بقي تعرفي منين ؟ حبيتي قبل كدا ولا ايه ؟"
ابتسمت 《شيرين》 بخبث وهي ترى جنه التي أمسكت بهاتفها تعبث به لثوان فأجابها بتسلية
" و مين فينا ماحبش ؟ و انكوى بنار الحب .."
هكذا قالت 《شيرين 》جملتها الأخيرة بنبرة خبيثة تشبه نظراتها كثيرا ففهمت 《جنة》 علي الفور المغزي خلف حديثها ولكنها تجاهلت ذلك وقالت بسخرية
" لا بس واضح انك انكويتي اوي . "
《شيرين》 بسخرية
" اوي.."
ارتشفت من الكوب الخاص بها قبل أن تقول بخبث
" طب ولما انتِ كدا مبتحاوليش تصلحي ما بينكوا ليه ؟ أو حتي تخلي سالم بيه يتدخل يصلح .. انا سمعت أن جوزك صاحبه.."
1
نجحت في إغضابها و لكن 《شيرين》 كانت بارعة في التجاوز وتزييف كل شيء لذا قالت بحزن مفتعل
" للأسف سالم رافض . قولتله اديله فرصة تانية قالي علي جثتي . حتي احمد عمال يبعت نبه عليا مردش عليه .. معرفش دماغه فيها ايه ؟"
2
كانت تتحدث و عينيها تتابع شئ ما في الاعلى فأرادت
《جنة》 جذب انتباهها حين قالت بحنق
" والله لو بتحبي و مكويه اوي لا سالم بيه ولا غيره يقدر يقف قدامك .. أنتِ بس روحي قوليله سيبني ارجع لجوزي. و اريح و استريح .."
ناظرتها 《شيرين 》باستهزاء وقالت بمكر
" بمناسبة الراحة هستاذنك اخد الدوا بتاعي عشان صدعت.."
هوى قلب 《جنة》 بمكانه وما أن أوشكت علي إيقافها حتي أطلقت الأخرى ساقيها للريح وهي تنوي اغتنام تلك الفرصة التي قدمت لها علي طبق من ذهب و بالفعل قامت بفتح باب غرفتها بقوة لتجد 《فرح》 التي كانت يدها تمتد لتلتقط هاتف مخفي بين طيات ملابسها وهنا صرخت
《شيرين》 بذعر مفتعل
" بتعملي ايه في أوضتي ؟؟"
2
شهقت 《فرح 》و تراجعت للخلف بصدمة فلم تتوقع أن تمسك بها تلك الأفعى متلبسه فقد أرسلت 《جنة》 لاختطاف هاتفها دون أن تلاحظ و لكن الأخيرة لم تجده فأرسلت رسالة هاتفيه تفيد أنه ليس معها فظنت بأنها ربما تركته في غرفتها فـ توجهت علي الفور الي هناك بعد أن أرسلت تخبر شقيقتها أن تعيقها قدر المستطاع . ولكن كانت حيلة التقطتها على الفور 《شيرين》 التي اقتربت قائلة بصوت أعلى
" ردي عليا بتعملي ايه في أوضتي ؟"
3
ارتجفت 《فرح》 و لم تسعفها الكلمات في الحديث فاقتربت 《شيرين》 منها قائلة بـ تخابث
" مدام القطة اكلت لسانك. يبقى هجيب اللي هيعرف يقررك كويس .."
صاعقة قوية ضربتها حين فطنت الي ما ترمي إليه 《شيرين》 التي اندفعت إلى باب الغرفة وهي تصيح بملئ صوتها
" سالم... يا سالم . يا مرات خالي . يا ماما .."
تجمهر الجميع إثر ندائها و كان هو آخر من وصل فتفاجئ من تلك التي كانت ترتجف في منتصف الغرفة و بلمح البصر وصل إليه سبب وجودها فـ اوشك على إطلاق مسبة بذيئة من فمه ولكنه أعرض عنها في آخر لحظة و لون الغضب نظراته و اكفهرت معالمه حين تحدثت 《شيرين》 بانفعال
" كنت تحت بشرب فنجان قهوتي و لقيت جنة جايه عماله ترغي في حاجات هايفه ملهاش لازمه و لما استأذنت اطلع أوضتي منعتني و لما اصريت و طلعت اتفاجئت بالست فرح هانم مراتك في أوضتي و بتدور في دولابي .."
2
شهقة قوية خرجت من جوف 《هِمت 》التي ناظرت «فرح» بغضب قائلة
" حراميه ؟"
2
جاءها الرد القاطع من 《أمينة》 التي قالت بحدة
" اخرسي .. أنتِ مش عارفه بتتكلمي عن مين ولا ايه ؟"
أضافت 《شيرين》 بحدة
" امال تفسيرك ايه يا مرات خالي للي حصل ؟ ادي أنتِ جيتي بنفسك لقيتيها في نص اوضتي و دولابي مفتوح. رأيك ايه؟ و لا بلاش أنتِ سالم رأيك ايه ؟"
1
كانت أنفاسه تحرق صدره من شدة الغضب و خاصةً وهو يراها في هذا الموقف الصعب ترتجف بهذا الشكل و هو عاجز كليًا عن احتضانها و تهدئه خوفها فقد وضعته و وضعت نفسها في مأزق كبير مع تلك الحية التي لم تمرر ما حدث بسهولة و ستحاول النيل منها بكل الطرق ..
" رأيي انك تخرسي و تدي فرصه للناس تتكلم .."
هكذا أجابها بقسوة و قام بالالتفات الي 《فرح》 التي كانت ترتجف من هول الاحراج ولكنه حاول طمأنتها بنظراته و لهجته التي رقت قليلًا وهو يقول
" كنتِ جايه لشيرين ليه يا فرح؟"
2
كانت كلماته كالبوصلة التي وجهتها الى طريق الهرب الذي التقطته علي الفور و نظراته التي جعلت عقلها يعود الي العمل فخرجت كلماتها ثابته إلي درجة كبيرة حين قالت
" أبدا أنا جيت اشوفها كانت عايزاني ليه؟ و لما دخلت الاوضه ملقتهاش فكرتها في الحمام روحت اخبط ملقتش حد وفجأة لقيتها داخله من باب الاوضة بتزعق فيا .."
1
برقت عيني 《شيرين》 من هذا الكذب وقالت بسخرية
" لا والله. دخلت عليا الكذبة ؟ انا اللي كنت عيزاكِ ؟ و دا من امتى و هعوزك اعمل بيكِ ايه ان شاء الله ؟"
كانت غبية برغم شرها و قد وقعت في براثن الفخ الذي أحكمت 《فرح》 نصبه جيدًا حين قالت ببساطة
" قبل الفرح بكام يوم أنتِ كلمتيني و قولتي انك عيزاني في موضوع ضروري . حتي انك جيتي مخصوص من اسماعيليه يومها عشان تقابلينِ و أنا كان عندي بروفة الفستان و معرفتش اقابلك و قولتلك قدامنا وقت طويل نتكلم فيه بعد الفرح . و عشان كدا جيتلك دلوقتي اشوف كنتِ عايزاني ليه ؟"
3
أطلق نفسًا هادئًا لدي سماعه حديثها الذي كان أكثر من رائع وقعه على 《شيرين》 التي امتقع وجهها لدي سماعها حديث 《فرح》 و الذي اتبعه 《سالم》 حين قال بخشونه
" دا اكيد موضوع مهم اوي اللي يخليكِ تنزلي من اسماعيليه للصعيد مخصوص عشان تقابلي فرح . و عندي فضول بصراحه اعرف انا كمان.."
1
رسمت الحية شباكها حول نفسها تلك المرة فهاهي تقف أمامه كالبلهاء لا تستطيع التفوه بحرف فتلك اللعينة نجحت في لف الحبل حول عنقها جيدًا.
" بصراحة و أنا كمان يا سالم عايزة اعرف يا ترى كنتِ عايزة فرح في ايه يا شيرين ؟"
4
هكذا تحدثت 《أمينة》 بتهكم جعل الدماء تفور حارة في أوردتها خاصةً وهي تحت ميكروسكوب نظراتهم التي غلفتها السخرية فرفعت رأسها تحاول الفرار من هذا المأذق حين قالت بتلعثم
" أبدا. أنا. كنت. يعني. عايزة اشوفها . لو. لو محتاجه اي . مساعده.. بس "
أطلقت 《أمينة》 سهام سخريتها قائلة
" يااه بقي تسافري لها من اسماعيليه للصعيد عشان بس تشوفيها عايزة مساعدة ولا لا؟ دانتِ طلعتي خدومة اوي و احنا منعرفش ؟"
4
التفتت 《شيرين》 بحدة و عينيها تطلقان سهام الغضب نحو《 أمينة》 التي تابعت شن هجومها الساخر لتنال من كرامتها قدر الإمكان
" إلا قوليلي يا شيرين انتِ جايه من بيت جوزك بالهدمة الي عليكِ . ازاي تفكري أن فرح ممكن تسرقك و هتسرق منك ايه ؟ لا كدا بصراحه وحش في حقك تبقي خدومه كدا. و تظني في الناس الظن الوحش دا لا انا كده زعلت منك .."
8
ارتسمت ابتسامة شامته علي ثغر 《فرح》 التي كانت تود الركض وعناق 《أمينة》 بقوة علي ما فعلته 《بشيرين》 التي امتقع لونها و بهتت ملامحها ولكن أتت المفاجأة حين تدخل قائلًا بصرامة
" اول و آخر مرة المهزلة دي تحصل هنا. و بعد كدا تخلى بالك بتقولي ايه ولمين؟ "
1
كانت نظراته وحدها تهديد عظيم نجحت في فهمه و لكنها شعرت بقلبها يتمزق لنصفين حين رأته يمد يده لـ غريمتها وهو يقول بلهجة هادئة
" يالا يا 《فرح》.."
9
كانت مفاجأة لم تتوقعها أبدًا أن يمد يده إليها هنا أمام الجميع و تحديدا تلك الشيطانة التي ذاقت الجحيم بسببها في الليلة الماضية و يتناسى خطأها الجسيم في حقه لهو أمرًا عظيم .
1
فإن كانت سابقًا تحبه فاليوم و في تلك اللحظة تحديدًا هي عاشقة له حد النخاع و لهذا أرادت أن توصل له ما تشعر به فمدت يدها إليه تشبك أصابعها بين تجويف أصابعه و تقبض بقوة علي كفه بينما عينيها تشابكت مع خاصته في نظرة خاطفة جعلت النبضات تتعثر بقوة داخل قلبه و لكنه اضطر لقطع تلك النظرة الخاصة التي يترقبها كل تلك الأزواج من العيون و لم ينسي إلقاء قنبلة أراد منها الانفجار فى وجه «شيرين» حين قال بسخرية موجها
حديثه 《الفرح》
" بعد كدا تتعلمي أن مش اي حد تعمليله قيمة و تسمعي كلامه.."
10
******************
دلفت إلى داخل الغرفة وهي تتشاجر مع خطواتها و لسانها لا يكتفي من السب و اللعن في تلك الأفعى كما اسمتها. و كان هو خلفها يناظر انفعالها بنظرات اعجاب لم يحاول إخفاءها فالتفتت تناظره فوجدته يبتسم بهدوء دق قلبها بقوة آلمتها و غزي الخجل ملامحها المفعمة بالغضب مما جعل محصول الطماطم الشهي ينبت فوق خديها فـ تسلحت بالغضب حتى تخفي احراجها قائلة
" مش شايفه اي حاجه تضحك في الموضوع إلا إذا كان عجبك عمايل بنت عمتك ؟"
1
لم يخفي ابتسامته ولكنه أجاب بهدوء
"اللي عاجبني بصراحه شكلك وأنتِ متعصبة. "
5
كان صريحًا بدرجة محرجة و قد نجح في التعزيز من خجلها أكثر بحديثه فهذا الشخص تستطيع إعطاءه جائزة الدولة في الصراحة و الوضوح فهو لا يخفي اي شئ و لا يترك شئ بقلبه و هذا ما يفاجئها وجود أشخاص مثله في تلك الحياة
" انا مش متعصبة.. انا هطق.."
هكذا تحدثت حتي تخفي خجلها فاقترب منها قائلًا باستنكار
" تطقي مرة واحدة ؟ لا دا الموضوع خطير بقي .. دانا اروح اجيب لك شيرين ترنيها علقه محترمه ولا تزعلي نفسك أبدًا.."
3
لمعت عينيها ببريق خاطف وهي تقول بحماس
" طب والله فكرة... "
قهقه علي مظهرها قبل أن يقول غامزًا بعبث
" يا واد انت يا شرس ؟"
7
جفلت من حديثه و تلك الغمزة التي بعثت قشعريرة قوية الي سائر جسدها فـ تراجعت للخلف فقام هو بالاقتراب بينما يديه مازالت في جيوب بنطاله و كأنه يخشي أن تغدر به وتحتضنها بقوة و هو لا يريد اخافتها خاصةً بعد ما حدث البارحة
" كان مالك امبارح ؟"
هوى قلبها بين قدميها حين باغتها بهذا السؤال الذي لم تكن تملك أي اجابه عليه فإجابته الوحيدة تخشاها كثيرًا و تخشي عواقبها لذلك التفتت تنظر في الجهة الأخرى تهرب بنظراتها منه وهي تقول بتوتر
" أبدًا.. أنا . يعني . مكنتش . عايزة ا. أضايقك بس.. كنت. خايفه.."
شعر بها تراوغ فتابع استجوابه قائلًا بإلحاح
" خايفه من ايه ؟"
رطبت حلقها قبل أن تجيب بتلعثم
" اصل. كابوس .شفت . كابوس. و كنت. خايفه ."
كان شبه متأكد من أنها تكذب فقد رآى أنها لم تكن نائمة من الأساس و لكنه لم يرد الضغط عليها أكثر فيكفيه فزعها الليلة السابقة فقد طلبت منه أن يظل جالسا أمامها حتي تذهب الي النوم و بالفعل أخذ يراقبها طوال الليل فقط تركها لدقائق حين تأكد من نومها للذهاب ورؤية ماذا حدث في الاسفل و من ثم بعد أن اطمئن على انطفاء الحريق عاد مرة أخرى لمراقبتها حتي أنه غفى علي المقعد دون أن يدري ..
1
"الكابوس من الشيطان . دايمًا عودي نفسك تنامي على وضوء و تقرأِ المعوذتين وآية الكرسي و خواتيم البقرة قبل ما تنامي. و مفيش اي حاجة هتفكر تقربلك .."
1
انتبهت إلى حديثه الذي لاقى صدى كبير داخل قلبها فتحدثت بانبهار
" انت بتصلي يا 《سليم 》؟"
ابتسم بهدوء قبل أن يجيب بسلاسة
" اكيد طبعًا .. ايه السؤال دا ؟"
" لا أصلي اتفاجئت يعني . معرفش مشوفتكش بتصلي قبل كدا.. و كمان يعني حياتكوا الفلوس و العيلة و ..."
توقفت عن الاسترسال في حديثها حين سمعت ضحكته الساخرة الذي اتبعها قائلًا
" طب و الحاجات دي تمنعني ليه اني اصلى . دي مفروض تقربني من ربنا اصلًا ."
6
" ازاي ؟"
سألته باندهاش فأجابها بسلاسة
" عشان دي كلها نعم من ربنا عليا و المفروض الإنسان يشكر ربنا على نعمه و يطلب منه يديمها . مش يجحد بعطاء ربنا و يبعد عنه."
انبهرت حين لامست نزعته الدينية و فاجأها أكثر حين قال
" و على فكرة أنا بحفظ قرآن كمان . و ناوي أن شاء الله اختمه حفظ و تجويد في اقرب وقت.."
5
انتشي قلبها بحديثه فخرجت الكلمات من فمها باندفاع
" طب ممكن احفظ معاك؟"
1
لم يسعه الكون فرحًا لطلبها فأجاب بتأكيد
" طبعًا ممكن.. انتِ تؤمرى .."
ابتسمت بخجل لم يستطع منع نفسه من التقدم منها و وضع قبله حانيه فوق رأسها وهو يقول بخفوت
" كل اللي نفسك فيه هنعمله سوا. و كل المستحيل هيبقي ممكن عشان خاطرك. و دا وعد من سليم الوزان بذات نفسه اللي عمره ما وعد غير ونفذ.."
3
طوفان من المشاعر المختلطة ضرب قلبها الهش فانتفض بين ضلوعها التي دوت بها دقاته بعنف و خاصةً حين رأت تلك النظرة بعينيه التي تعلقت بشفاهها التوتية بطريقة ارهبتها وما أن شعرت باقترابه منها حتى انتزعت نفسها من بين أحضانه وهي تقول بتلعثم
" هنزل . اشوف.. اشوف. فرح .."
2
أنهت جملتها و هرولت للأسفل تاركة خلفها كتلة من النيران التي أحرقت جسده حتي صارت عضلاته تؤلمه كحال قلبه الذي يشتهي قربها بطريقة تعجز الكلمات عن وصفها..
2
**************
فتح باب الغرفة و دلف معها الى الداخل و مازالت يدها بيده تأبى تركها و قد شعر هو بذلك ولكن الغضب بداخله كان قوى لدرجة أنه قام بالتشديد علي يدها و هو يديرها إليه لمواجهته قائلًا بغضب
" الموقف اللي حصل دا لو اتكرر تاني هتزعلي مني أوي يا فرح ؟"
1
كانت قبضته الغير رحيمه تقبض على قلبها اولًا فخرجت الكلمات منها متألمة
" اكتر من كدا؟"
وثبت الدهشة الى ملامحه و لكنها سرعان ما انمحت وحل محلها الغضب الذي جعله يقول بجفاء
" اكتر بكتير .."
1
عاتبته بألم
" متخيلتش انك ممكن تكون قاسي كدا؟"
لمس عتابها اوتار قلبه النازف فلونت الخيبة ملامحه قبل أن يقول بعتاب خفي
" و لا أنا! "
3
شعرت بمدى جرحه الذي تساقط من نظراته التي كانت تحاصرها بنظرات معاتبه اخترقت قلبها فقالت بندم
" انا عارفه اني غلطت لما صدقتها . و عارفه أن كلامي كان صعب .."
1
" مش كلامك بس اللي كان صعب.."
هكذا تحدث بأنفاس متلاحقة و صدر يعلو ويهبط و كأنه ينازع لخوض هذا الحوار معها و أمامها. فبالرغم من كل شئ فهو يشتاقها و يشتاق دفء عناقها ليرمم جراح غائرة تنزف بقوة ولكنه لا يستطيع ان يخطو خطوة واحدة تجاهها وقد شعرت هي بذلك فاقتربت منه أكثر و عينيها تمطران ألمًا تجلى في نبرتها حين قالت
" معرفش ازاي عملت كده.. بس صدقني.."
" اسكتِ .. متكمليش. قلة الكلام في اللي حصل احسن.."
استفهمت بنبرة متوسله
" يعنى هنفضل كدا ؟"
ماذا يخبرها اينزع عباءة الكبرياء جانبًا و يخبرها عن مدى معاناته و أنها وحدها القادرة علي لملمة شتات روحه المهترئة ام يخبرها عن ذلك الثقل الذي يحمله على عاتقه و مدي الجرم الذي أحدثه شقيقه الراحل و من المفترض عليه معالجته و هو حتي لا يعلم كيف السبيل لذلك ؟ أخذ يناظرها طويلًا بعينين غلفها الوجع واظلمها الغضب ولكنه بالنهاية قطع تلك النظرات قائلًا بفظاظة
" أنا مسافر كمان شويه. هقعد يومين او اكتر . لسه مش عارف. لما ارجع نبقي نتكلم .."
أفصحت عن انهار الألم المدفون بداخلها و قالت باستنكار من بين انهيارها
" هتسبنى وتمشى يا سالم؟ و في الوقت دا ؟"
2
ود لو يخبرها بتلك الأصفاد التي تكبله و تجذبه من عنقه حتي كادت أن تنحره ولكنه لم يعتاد علي الضعف أبدًا لذا قال بخشونة
" الموضوع للأسف ميتحملش اي تأجيل. وخلينا نعتبرها فرصة كل واحد يفكر فيها براحته.. "
1
انهى جملته وتوجه إلي غرفة الملابس لأعداد حقيبته بينما هو في الحقيقة يهرب منها و من ألمه و شوقه الضاري لها فوقف في منتصف الغرفة ينظر إلى السرير الذي احتضن ألمها و عبراتها الليله الماضية و التي لا تنمحي ذكراها من مخيلته أبدًا فحاول تشتيت انتباهه في تجهيز ما أراد وحين انتهي وقعت عينيه علي كنزة ملقاة بإهمال على الاريكه فاقترب منها و قام بالتقاطها و تقريبها من أنفه فغزت رائحتها العذبة رئتيه فانتشي سائر جسده وهو يتخيلها قابعه بين أحضانه و قام بإغماض عينيه لثواني يستمتع بحلاوة الشعور و دون أن يدري وجد نفسه يقوم بوضعها بين طيات ملابسه في الحقيبه و قام بإغلاقها متوجهًا للخارج فوجدها جالسة على المخدع بإهمال و عينين فاض بهم الدمع و حين رأته قادم شيعته بنظرات معاتبة و أخرى معتذرة فتقدم بخطٍ سلحفيه يقف أمامها فرفعت رأسها إليه فـ تحمحم بخشونة قبل أن يقول
1
" خلى بالك من نفسك . و حاولي قدر الإمكان تتجنبي عمتي وشيرين.. "
2
نهضت بتكاسل و كأنها لا تقوى علي حمل جسدها الواهن من فرط الألم الذي تجلى في نبرتها حين قالت
" حاضر .."
كان استسلامها مؤلم كثيرًا إضافة إلي حزنها الذي يقتله فلم يستطيع منع نفسه أن يقول بخشونة
" البيت دا أنتِ مرات الكبير بتاعه. ياريت تتصرفي مع الناس اللي فيه عالاساس دا .."
7
رفعت رأسها تناظره بلهفة لم تغادر حدود شفتيها التي ارتجفت أمام أنظاره فلم يعد يحتمل البقاء معها دون أن يفعل ما قد يندم عليه لذا أردف بفظاظة
" خلى بالك من نفسك .."
انهى جملته و التفت متوجهًا للخارج وحين خطى إلى خارج الغرفة سمع انينها الخافت باسمه
" 《سالم》..."
توقف للحظة طاحنًا ضروسه من فرط الألم تتقاذفه رغبه ملحه في الالتفات و معاقبة شفتيها علي نطق اسمه بتلك الطريقه المهلكة لمشاعره و حواسه و النيل منها علي ما جعلته يعيشه من ألم و عذاب و إفراغ جميع شحنات غضبه و ألمه و عشقه بها و لكنه للحظة أشفق عليها من عقاب لن تتحمله و مشاعر من فرط قوتها حتمًا ستؤذيها لذا تجاهل همسها و توجه للأسفل فأوقفه نداء والدته التي استنكرت ما رأته وقالت بصدمة
" سالم .. انت رايح على فين ؟؟"
1
توقف 《سالم》 بمنتصف الصالة وهو يزفر النيران من أنفه فلم يعد لديه طاقة للحديث و خاصةً تبرير ما يفعله ولكنه احترم نداء والدته و التفت يجيبها
" في مشكلة كبيرة في فرع القاهرة و لازم اسافر دلوقتي حالًا .."
انكمشت ملامحها بصدمة وخاصةً حين رأت ملامحه المكفهرة و شفتيه المذمومة كخيط رفيع و كأنه يريد التزام الصمت طوال حياته فتلك هي اقصى درجات الغضب لديه ولذلك لم تحاول التطرق إلى أشياء قد تزيد وطأة ما يحدث فقالت بنبرة لينه
" ربنا يعينك يا ابني . بس يعني . فرح؟ مش حرام تسبها يوم صبحيتها كدا ؟'
ود لو يخبرها بأن أقصى درجات الحرام ما يحدث معه فهو سيذهب تاركًا معها قلبه و روحه و وجدانه سيذهب بهذا الجسد المثقل بالهموم التي لا يعرف كيف سيعالجها و لكنه اكتفى بالقول
" فرح عاقلة و بتقدر يا ماما. متقلقيش.."
4
رنت جملته بأذنها مرورًا بقلبها الذي ارتج لدى سماعها جملته التي تحوي مديحًا مبطنًا فلم تقدر علي خذلانه و جاء صوتها الهادئ يؤازره
" سبيه يا ماما.سالم عنده شغل مهم و مينفعش يتأجل و أنا مش زعلانه أبدًا.."
2
لامست حروف كلماتها قلبه الذي يود لو يلتفت في تلك اللحظة يعتصرها بين قضبان ذراعيه حتى ترى ماذا تفعل به مجرد حروف بسيطه من شفتيها التي يشقى وهو أمامها يناظرها كالتفاح الحرام الذي لا ينفك يغويه ..
" اديكِ سمعتي بودنك . همشى انا بقى عشان متأخرش.."
لم يكن يخفي عليها ماذا يحدث ولكنها لم تطل في الحديث و خاصة حين التقمت عينيها تلك التي تراقب ما يحدث بشر فعلى صوتها وهي تقول
" تروح و ترجع بالسلامه يا ابني.. روحي يا فرح وصلي جوزك..."
اومأت 《فرح》 بالإيجاب و قد تفهمت نظرات 《أمينة》 المحذرة و توجهت خلفه الي أن وصلت إلي باب المنزل و قام بفتحه قبل أن ينظر إليها بجمود سرعان ما تبدل لصدمه حين وجدها تقترب منه محاوطه رقبته بذراعيها في عناق كان رقيقًا يشبه أنفاسها العطرة التي لامست رقبته للحظة بدت خاطفة سلبت إرادته و انساق خلفها إذ حاوط خصرها بيديه التي كانت قويه بقدر لينها مما جعل دقات قلبها تقرع كالطبول تشاطرها دقات قلبه الذي اهتاج داخله من فرط ما يعتريه من شوق يحتاج أكثر من هذا العناق ولكنه استخدم كل ذرة مقاومه لديه لنزعها من بين براثنه و أهداها نظرة بدت غامضة بقدر ما تحوي من مشاعر تعجز الكلمات عن وصفها. فـ شيعته هي بنظرات نادمه مشتاقه إليه قبل أن يبتعد. وخرجت الكلمات من بين شفتيها دافئه حين قالت
" اشوف وشك بخير .."
5
كان ما يحدث أقصى ما يمكن احتماله لذا أومأ برأسه قبل أن يستمع إلي باب أحد الغرف يغلق بقوة فعلم بأن التمثيلية قد انتهت لذا تراجع سريعًا و التفت مغادرًا دون حديث ..
****************
ما أن غادر حتي سمعت صوت 《أمينة》 الصارم يناديها فالتفتت فوجدت 《جنة》 تهرول من الاعلى و كأن احدًا يلاحقها و تفاجئت ب《سليم》 الذي كان يخرج من الغرفة و وجهه لا يفسر
" انتوا الاتنين تعالوا ورايا.."
قالتها 《أمينة》 وهي تفرق نظراتها بينهم مما جعل《سليم 》يتوقف فنهرته قائلة
" علي شغلك. "
" ماما..."
هكذا ناداها فهو يعلم حالتها تلك فـ أصرت علي موقفها قائلة
" كل واحد يشوف شغله.. يالا اتفضل على شغلك .."
كان المشهد غريبًا علي كلا الفتاتين ولكن 《سليم》لم يستطع منع ابتسامة عابثة من الظهور على ثغره اتبعها بغمزة توجهت الى قلبها مباشرة وهو يلتفت دون حديث .
دلفت 《أمينة》 الي داخل الغرفة و خلفها الفتاتين و ما أن أغلقت الباب حتي التفتت إليهم وهي تقول بحدة
" بصوا بقى انتوا الاتنين. الكلام اللي هقوله دلوقتي يتسمع و يتنفذ بالحرف الواحد . و مش هسمح لحد أنه يناقشني فيه .."
1
كان حديثها صادمًا لكليهما و خاصةً نبرتها الحادة و عينيها التي كانت تطلقان سهام بدلًا من النظرات فكان أول المتحدثين 《فرح》 التي قالت باندهاش
" حاجه أمينة حضرتك بتتكلمي ليه كدا؟"
اجابتها 《أمينة》 بصرامة
" مسميش الحاجة أمينة . اسمي ماما أمينة. مش انا حماتك ولا بيتهيألي؟"
6
تفاجئوا للحد الذي جعلهم صامتين فقط إيماءة بسيطة كانت إجابة علي سؤالها فـ اردفت بتصحيح
" يبقي تقولولي ماما . الحمي عندنا بيتقالها يا ماما . و دي اول نقطة . نيجي بقي لتاني نقطة . البيت اللي انتوا شايفينه دا مش قايم علي عمدان دا قايم علي كتاف ولادي . و مش بس البيت دي العيلة كلها قايمه علي كتافهم. و لو مكنش في حضن محاوط علي الكتف اللي شايل دا هيتعب و هيقع . فاهمين قصدي ولا اوضح اكثر.."
1
تحدثت 《فرح》 اولًا
" انا فاهمه.."
" و أنتِ ؟"
هكذا استفهمت 《أمينة》 بحدة فأجابت 《جنة》 علي الفور
" و أنا كمان فهمت. اه والله العظيم.."
5
استطردت《 أمينة》 قائلة بصرامة
" حلو. نيجي للنقطة اللي بعد كدا. انا عشت عمري كله محاوطه علي جوزي و ولادي و علي البيت بالي فيه. لدرجة أن البيت مكنش يمشي من غيرى لو تعبت يوم يقف . بس انا دلوقتي كبرت و فعلا تعبت. و مش هقبل أن البيت يتهد. عشان كدا عيزاكوا في ضهري. اللي جاي مش سهل . و في حرب قذرة دايره بدايتها كانت من زمان اوي من قبل ما تتولدوا حتي . و دلوقتي الشيطان راجع يهدد حياتنا من تاني بعد ما طردناه وارتحنا منه.."
2
انكمشت ملامح الفتيات بحيرة تجلت في نبرة 《جنة》 حين قالت
" طب هو حضرتك ممكن توضحي اكتر . انا مش فاهمه حاجه "
اجابتها《 أمينة》 بهدوء
" الشيطان دا ناجي جوز همت . و ابن عم منصور جوزي . اخو صفوت. "
شهقات خافته خرجت من افواههن تجاهلتها 《أمينة》 و تابعت
" طول عمره الفرع المعووج في العيلة و طول عمره بتاع مشاكل و بيبص للي في ايد غيره. عمي الله يرحمه كان مكافح كبر ثروته و مكنش عنده غير ولدين وبنت عشان كدا نصيبهم من تركته كان كتير أما ناجي أبوه كان عنده ست ولاد و ورثه و نصيبه كان يدوب ملاليم و عشان كدا كان بيحقد علي منصور و اخوه و طمعه خلاه يقرب من همت ويوهمها انه بيحبها لانه كان عارف غلاوتها عند ابوها.. و فعلا حبته و نجح في الي بيخططله و اتجوزها و عمى شغلو معاهم إكرامًا لبنته. بس للاسف بقي جشع اكتر و حاول يأذيهم في شغلهم و يشتغل لحسابه و من حسن حظنا أنه اتكشف و البنت السكرتيرة الي كان مجندها لحسابه بعد ما خلى بيها جت وفتنت عليه و حكت كل حاجه قدام همت.."
1
" يا حرام .. زمانها اتصدمت جدًا.."
هكذا تحدثت 《جنة》 بشفقه فتابعت 《امينة》
" اتصدمت و انهارت . ودخلت المستشفي شهر و في خلال الشهر دا هو عمل المستحيل عشان يشوفها و يقنعها. و عمي موافقش بس هو ميأسش و عمل اللي عايزه و وصلها بعد ما جاب البت السكرتيره و رضاها بقرشين عشان تغير كلامها و تقول إن منصور هو الي خلاها تيجي وتقول كدا عشان يطلق همت منه. لكن همت مصدقتوش عشان كانت عارفه أن منصور استحاله يعمل كدا و كمان اي ست تقدر تحس إذا كان جوزها بيخونها ولا لا ؟ وهي كانت حاسه أنه مش مظبوط..."
" دي مطلعتش وحشة زي ما احنا متخيلين . صعبت عليا اوي بعد كل اللي شافته.."
2
هكذا تحدثت《 فرح》 فهي اختبرت شعورًا مشابها ليلة أمس و ياله من شعور مريع لهذا أشفق قلبها علي تلك المرأة التي طالها الأذي من زوجها
" همت مش وحشة . همت عبيطة و دا اسوء. سهل اوي ينضحك عليها منه مرة تانية و خصوصًا أنه بيستخدم نقطه ضعفها بناتها أو خلينا نقول شيرين بس. سما زي امها. انما شيرين واخده منه كتير اوي .."
1
تدخلت 《جنة》 بنفاذ صبر
" ايه الحرب دي ؟ طب ما تخلوها تاخد بناتها و تمشي ايه لازمته يعيشوا معاكوا بدل كل التعب دا ؟"
1
أجابتها 《أمينة》 بجمود
" مش.بمزاجنا يا جنة و لا بالسهولة دي تتخلصي من الشر . همت لما اختارت ابوها و اخواتها و رفضت تصدق ناجي. ابوها عشان يجبر بخاطرها و يراضيها قسم أملاكه علي ولاده التلاتة بالتساوي بما فيهم المزرعة دي كل واحد التلت ما عدا الأرض. وصي لو همت بناتها اتجوزوا من العيلة تاخد الأرض طين و لو خرجوا منها ياخدوا التلت بردو بس فلوس.. مكنش عايز الغريب يحط ايده علي أرضه.."
"دا عقد الموضوع اكتر .."
هكذا تحدثت 《فرح》 فأجابتها 《امينة》 بتعب
" قولتلك دي حرب و بادئة من زمان اوي.. عشان كدا عيزاكوا جمبي و جمب سالم و سليم . البيت دا لازم يفضل رافع راسه العمر كله. و الشيطان دا لو حط رجله هنا تانى هتبقى نهايتنا كلنا .."
تحدثت 《فرح》 بعدم فهم
" ازاي ييجي هنا و حضرتك بتقولي أنها عارفه حقيقته.."
" الشيطان مش وحش عشان بيوسوسلنا بالغلط يا فرح دا كمان بيزينه.وناجى دا الشيطان يقوله يا عمي و وارد يرجع يلعب بدماغها تاني وهي دلوقتي حاسه أننا ضدها و محتاجه حد يقويها وشيرين ممكن تلعب عالنقطه دي و تحاول تميل دماغها. "
2
" طب و ايه الحل يا ماما ؟"
هكذا تحدثت 《جنة》 بلهفه فأجابتها 《أمينة》 بتخطيط
" هقولكوا. بس خليكوا فاكرين أن مفيش مجال للغلط ولو مطلعتوش قد المسئوليه هاخدكوا من ايديكوا و ارجعكوا لأهلكوا و معايا ورق طلاقكوا. فاهمين ولا لا ؟"
6
بالرغم من أن حديثها يبدو جامدًا و لهجته متوعدة ولكن الفتيات فطن إلى ما ترمي إليه و بأنها تثير روح الحماس بداخلهم و بالنهايه هي لا تريد سوي الصالح للجميع لذا خرجت الكلمات من افواههن في آن واحد
" فاهمين ياماما..."
التمعت عينيها بالسعادة التي تجلت في نبرتها حين قالت
" حلو . يبقي اسمعوني كويس.."
7
*************
تفتكر يا سليم سالم هيعمل ايه مع البنت دي وأهلها؟"
هكذا تحدث 《مروان》 وهو يقف بالشرفة إلى جانب 《سليم》 الذي كان يرتشف قهوته المرة التي لم تفلح في جعله يتناسى ما حدث فـ أطلق زفرة حادة من جوفه قبل أن يقول
" لحد دلوقتي مش عارف و لا هو كمان عارف.."
" الموضوع عمال يتصعب بشكل غير طبيعي . انا حاسس ان عقلي واقف مش عارف افكر .. معقول تفضل في غيبوبه كل دا و بعد ما كانت بتموت تصحي تحكي علي كل اللي حصل شوف و القدر أن العمله السودة دي يعملها قبل ما يموت بيوم ضيع البنت الله يسامحه "
3
هكذا تحدث 《مروان》 بسخط فأجابه 《سليم》 بغضب
" كل حاجه هينه في الدنيا دي الا اللي تخص الشرف يا مروان. دي الحاجة الوحيدة اللي لو اتمست ملهاش اي دوا. "
" كلامك بيقلقني اكتر يا سليم . بس هرجع واقولك عندك حق . مهما عمل سالم حتي لو اداهم فلوس الدنيا و الآخرة دا مش هيعوضهم عن شرف بنتهم اللي ضاع علي ايد حازم .. "
1
كان حديث 《مروان》 شائك للغاية فلم يتحمله و اندفع غاضبا
" اسكت يا مروان الله يباركلك. انا من غير حاجه جوايا نار قايده.. "
التفت 《مروان》 يناظره بشفقه علي حاله و حاول أن يغير دفة الحديث إذ قال باستفهام
" بس مش غريبة انهم ييجوا يقبضوا على شخص متوفى . يعني مفروض يكون عندهم علم أنه متوفي اصلًا..'
خيمت الحيرة على ملامحه قبل أن يقول بجفاء
" هي غريبة طبعًا . بس خطأ وارد يحصل . و ممكن يكون مقصود . انا مبقتش فاهم حاجه.."
3
التقمت أذنيها تلك المحادثة السرية بينهما حين كانت تنوي التوجه للشرفة و لكنها تسمرت لدى سماعها حديثهم الذي جعل الذهول يخيم علي ملامحها فـ تراجعت بخفه الى الاعلى و قامت بجذب الهاتف السرى الذي تملكه و أجرت اتصالًا هاتفيًا و ما أن جاءها الرد حتي صاحت بصدمة
" بابا . الحق حازم طلع مغتصب بنت قبل ما يموت بيوم و البوليس جه هنا و سال عليه.."
3
أجابها 《ناجي》 بتسلية
" و إيه كمان ؟"
اندهشت من تقبله للأمر فقالت باستفهام
" انت كنت عارف حاجه زي دي ؟"
2
" ابوكي مفيش حاجه ميعرفهاش. المهم قوليلي متعرفيش هيتصرفوا ازاي"
اجابته 《شيرين》 بغضب
" والله معرفش. انا سمعت أن سالم راح يقابل اهل البنت و اكيد هيعرض عليهم فلوس. "
قهقه 《ناجي》 بشر وقال باستمتاع
" حلو اوي كدا الصنارة غمزت . خليهم يتلهوا في العظمة شويه لحد ما ابعتلهم القاضية.. "
12
****************
كانت تنتفض إثر تلك الصفعة التي تلقتها وجنتها الرقيقة التي انطبعت فوقها أصابعه الخشنة فجرحت جلدها الرقيق. فأخذت ترتجف رعبًا وهي تقول بتلعثم
" اني.. معملتش . حاچة. "
صاح بها بقلب يرتجف ألمًا زاد من حدة غضبه فـ دفعها بعنف علي الأرض الصلبة حول شهقات الجميع حوله و صاح بها غاضبًا
" و كمان ليكِ عين تتكلمي يا خاطيه... "
انهي كلماته و قام بإخراج سلسالها و القاءه بوجهها وهو يقول باشمئزاز
" تخصك دي مش أكده.."
التقطتها بيد متلهفة وهي تقول
" ايوا .. ديه سلسلتي و ضاعت مني امبارح..."
" جصدك وجعت منك..و أنتِ منتيش دريانه. اجولك وجعت فين ولا افتكرتي؟"
هكذا تحدث بلهجة تقطر الما و صدر يعلو و يهبط بفعل النيران المندلعة به فهالها مظهره و حديثه فقالت بذعر
" لا مفكراشي. اني روحت امبارح ملجتهاش في رجبتي.. معرفش وجعت فين؟"
1
صاح بنبرة متألمه ولكن خافته
" اجولك اني.. لجيناها چار الزريبة المهچورة.."
فجأة برقت عينيها حين جاء علي ذكر ذلك المكان الذي شاهدت به تلك الواقعة المشينة و لكن مهلًا ماذا ظن بها ؟ هل يظن أنها هي من كانت؟؟
" في ايه يا ولدي ؟"
هكذا تحدثت 《تهاني》 بصدمة مما تراه و جاء خلفها صوت 《عبد الحميد》 الذي قال بفظاظة
" هتعمل ايه يا عمار ؟ انت اچنيت ولا ايه ؟"
" بايني أكده.."
هكذا تحدث و هو يطحن ضروسه ألمًا فصاح به جده
" احكيلي حوصول ايه؟ بتضرب البت دي ليه؟"
وقع سؤال جده علي مسامعه كسوط جلد قلبه الذي لم يتحمل مرارة النطق بما حدث و خاصةً حين أخذت تهز برأسها يمينًا و يسارًا و عينيها تتوسله و قد ظن بأنها تتوسل لألا يفضح ما حدث و لكنها كانت تتوسله ألا يظلمها وعبراتها منهمرة كالشلال علي وجنتيها و فجأة خرج صوته جريحًا و هو يضع يده بجيب جلبابه مخرجًا شئ ما و الذي لم يكن سوى سلاحه الذي وجهه إلى رأسها مباشرة وهو يزأر بألم
" البت دي لازمن تمووت..."
تعالت الشهقات و الصيحات من حوله و ترددت عبارات المنع من جده و 《تهاني》 ولكن بدا التصميم جليًا في عينيه مما جعلها تتأكد أنها هالكه لا محالة فاغمضت عينيها بقهر انبثق منها على هيئة عبرات تزامنًا من انطلاق الرصاصة من فوهة سلاحه تصيب رأسها.....
+
يتبع.....
أشعر بأن الشوق يقيم حربًا في قلبي ولم اعُد استطِع تحمُل ذلك الدمار الذي يُخلفه غيابك. لذا أتوسل اليك باسم الحُبِ أن تقهر الفراق، و تعود لسُكناك فقد سئمت روحي كل هذا العذاب ..
6
نورهان العشري ✍️
3
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
"البت دي لازمن تمووت…"
تعالت الشهقات و الصيحات من حوله و ترددت عبارات المنع من جده و 《تهاني》 ولكن بدا التصميم جليًا في عينيه مما جعلها تتأكد أنها هالكه لا محالة فاغمضت عينيها بقهر انبثق منها على هيئة عبرات تزامنًا من انطلاق الرصاصة من فوهة سلاحه تصيب رأسها و بعد أن استعدت للموت و دوي صوت الرصاص بقلبها تفاجئت بأنها مازالت علي قيد الحياة..
فتحت عينيها ترفرف برموشها الكثيفه و إذا بها تصطدم ببركه من الدماء السابحه بمقلتيه و بجانبه ياسين الذي تدخل في اللحظة الحاسمه ليرفع فوهه سلاحه إلي الاعلي فاخترقت رصاصته سقف الغرفه بدلا من رأسها ..
2
" ايه يا عمار انت اتجننت ولا ايه ؟"
هكذا صرخ «ياسين» ب«عمار» الذي كانت اعينه معلقه علي تلك التي كانت ترتجف بشدة و عينيها تتوسل نافيه تلك التهمة البشعه التي الصقت بها عنوة و لُطِخ بها ثوب روحها الطاهرة . فتعالت شهقاتها حين سمعته يقول بقهر غلفه الغضب
" سيبني يا ياسين. الموضوع ده انت ملكش صالح بيها.."
" صالح ايه و زفت ايه ؟ عايزني اسيبك ترتكب جريمه زي دي واسكت.."
هرولت «تهاني» الي تلك التي كانت كل خلية بها ترتجف خوفا و ألمًا و قهرًا خرج من بين طيات صوتها المعذب حين قالت
" حرام عليك .. انا معملتش حاچه عفشه. انت اللي ظالم ، و مفتري. "
2
لا تعلم كيف واتتها الجرأة لنطق تلك الكلمات التي جعلت عينيه تبرقان من شدة الغضب فقام بدفع «ياسين» وهو يصيح بزئير
" بعد يا ياسين هجطع لسانها .."
لم يطعه «ياسين» و صرخ به «عبد الحميد» معنفًا
" وجف عندك. و حالًا دلوق تخبرني حوصول ايه و الا تصرفي مش هيعچبك.."
1
تفرقت نظراته بينها و بين جده و جميع الموجودين و من بينهم «حلا» التي كانت تناظره ببغض كبير و تشفق علي تلك الملقاة كالشاة بأرضية الغرفة تحترق قهرًا و وجعًا فإذا به يصرخ بانفعال في وجه الخدم المحيطين بهم
" بره . اخرچوا كلكم بره . مش عايز اشوف حد في الدار واصل .."
طاوعه الخدم و هرول الجميع الى الخارج بينما طالعته الأعين بفضول كان مقيت بالنسبه له والأكثر من ذلك هو عدم قدرته علي الحديث أو اخبارهم شئ
" هنستني كتير علي ما تفكر تحكي اللي حوصول؟؟"
هكذا تحدث «عبد الحميد» موجهًا حديثه الي «عمار» الذي ضاق ذرعًا بما يحدث فقد تشكلت غصه صدئه بداخل حلقه تمنعه من الحديث فقام بالصراخ علي «مسعود» الذي اتي مهرولًا فصاح به
"هاتلي الكلب اللي اسمه مرعي اهنه حالا .."
" أوامرك يا كبير .."
1
وبالفعل ما هي إلا دقائق حتي جاء «مسعود» برفقه «مرعي» الذي ارتعب ما أن رآي تجمهر الجميع ولكن حانت منه نظرة شامته علي تلك الملقاة على أرض الغرفة ترتجف بأحضان «تهاني»
" احكي يا مسعود شفت ايه بعد الفرح امبارح.."
" كت بمر زي كل ليله و شفت مرعي خارچ من الزريبة المهچورة و لامؤاخذه يده بيد واحدة و لما دخلت الزريبة لچيت سلسلة نچمة واجعه چمب السور چبتها و جيت طوالي جولت لعمار بيه.."
شهقات متفرقة خرجت من افواههن فصرخت «نجمة» بقهر
" انت شفتني بعينك يا ضلالي .."
«مسعود» بصدق
" لاه .. بس دي سلسلتك صح واني بعيني شايفك وأنتِ لبساها.."
هنا تحدث «عبد الحميد» بوقار
" فين السلسلة دي ؟ "
علي مضض تقدم «عمار» وأعطاه إياها فتحدث موجهًا سؤاله الي «نجمة»
" السلسلة دي بتاعتك يا بت أنتِ ؟"
«نجمة» بخفوت
" إيوااا.. بس والله العظيم يا سعادة البيه ما كنت اني."
صاح بها «عمار» بغضب جحيمي رج جدران المكان حولهم
" ولما مش أنتِ ايه اللي وداها هناك و وجعها ورا السور.. "
شهقات متتاليه خرجت من جوفها قبل أن تجيبه بنبرة جريحه
" اني .. اني ..خلصت كل شغلي.. و كت معاودة دارنا.. و أنى ماشيه.. چار الزريبة المهچورة .. سمعت صوت چاي من هناك . جولت ابص اشوف في ايه .. و حطيت جالبين طوب .. و وجفت عليهم اشوف ..و وووو.. "
اخفضت رأسها خجلًا غير قادرة علي إكمال حديثها فحثها «ياسين» علي الحديث
" كملي يا نجمة شوفتي ايه ؟؟"
اخفضت رأسها وهي تكمل
" شفت الغفير مرعي .. في وضع .. يعني . وضع . عفش . مع بنته .. و فچاة جوالب الطوب اتحركت من تحتي و كت هجع .. و لما حسيت بيه طالع يشوف مين چريت استخبيت . لا يشوفني .. و لما روحت البيت ملجيتش السلسلة في صدري … و معرفش وجعت مني فين… والله العظيم ده اللي حوصول . "
2
توقف لثوان حين التفتت تناظره وهي تقسم بأن هذا ما حدث و لدهشته وجد شعور قوي يتسلل الي داخله بأنها تقول الصدق و لكن جاء صوت «مرعي» الذي صاح ينفي حديثها بخسه
" متصدجهاش يا عمار بيه .. ده هي إلي كات معايا و بتجول الكلام دا . عشان تلبسني التهمه و تنفد هي منيها…"
3
" اخرس ياد انت.."
هكذا تحدث «عبد الحميد» وهو يعاود أنظاره الي «نجمة» التي صرخت بقهر
" اتجي الله يا ظالم . انت مش عنديك ولايا تخاف عليهم."
" اخرسي يا بت .. "
صاح بها «عبد الحميد» هي الأخرى و ضمن لثوان قبل أن يضيف
" الموضوع ده مش هيعدي بالساهل ده شرف . و عشان أكده هنچيب الحكيمه تكشف عليكِ لو فعلا أنتِ شريفه زي ما بتجولي هيبان و وجتها حقك عندي .. و لو كتي خاطيه زي ما بيجول هدفنك حيه .. "
3
كان الأمر برمته مهين ولكن حتي لو كان طريق الحقيقة اشواكًا ستغرز بكرامتها و كبريائها ستخطو به وتتجرع مرارة الألم في سبيل أثبتت برائتها.. اومأت بقهر وهي تخفض عينيها قائلة بصوت يخلو من الحياة
" و أني موافجه…"
" كل واحد علي شغله .. يالا .. وانت يا مسعود اچري چيب الحكيمه علي اهنه.. و حسك عينك مخلوج يعرف حاچة من اللي حوصلت دي فاهم ولا لاه؟" 
" فاهم يا حاچ عبد الحميد…"
1
بدأت جيوش الندم تغزو قلبه وهو يناظر قهرها و رجفة جسدها الذي كان ينتفض بصمت بينما انسابت عبراتها تحفر وديانًا من الوجع فوق خديها. و لأول مرة بحياته يشعر بهذا الشعور المقيت بالألم يجتاح فؤاده و الذي لم يتحمله فتوجه الي الخارج وحين مر بها سمع صوتها المبحوح من فرط الألم
" بيني و بينك ربنا هنجف جدامه يوم الجيامة و هشتكيله ظلمك و چبروتك.."
10
انغرست أسهم حديثها المشتعلة بمنتصف قلبه الذي ارتج من فرط الصدمة والألم معًا فالتفت يناظرها فهاله مظهرها و عينيها التي سددت إليه نظرات مشبعه بالكراهية فكان لهذا وقعًا قويًا علي قلبه مضيفه إلي ألمه ألمًا جديدًا ولكن من نوع خاص لم يتخيله أو يختبره طوال حياته …
2
لم يتحمل ما يحدث و خرج مهرولًا بأدام هاربة من ألم ظن أنه باستطاعته الهرب منه ولكنه أي هرب من ألم يستوطن أعماق الروح..
كان كل هذا يحدث أمام «حلا» التي تفرقت نظراتها ما بين «ياسين» و «نجمة» و كأنها تخبره أي أناس هم ؟
و من ثم تجاهلته و توجهت الي تلك المسكينة تحتضنها دون حديث و لدهشته وجد عبراتها تنهمر بغزارة علي وجنتيها بينما كانت شفتيها ترتجف بقوة و كأنها تحاول منع شهقاتها من الخروج علنًا فتحدثت «تهاني» بلطف
" خديها عندك فوج يا بتي لحد ما الحكيمة تاچي . ديه بت غلبانه و اني متوكده أنها مظلومة .."
2
اومأت «حلا» بصمت و قامت بمساعدة «نجمة» في الحركة و توجهت إلى الأعلى في صمت ينافي حديث الأعين الذي تساقط علي وجنتيها..

***************
بأقدام مثقلة بالخيبات و قلب يتضرع إلي خالقه أن ينجح في مسعاه توجه إلي داخل المشفى قاصدًا غرفة تلك الفتاة التي لا يعرف من أين ألقي بها القدر في طريقهم. و ما الذي يخفيه لها و لهم؟
توقف أمام الرواق وعيناه تبحث عن رقم الغرفة المنشودة والتي كانت تجلس أمامه سيدة في العقد الرابع من عمرها و بجانبها زوجها الذي بدا كهلًا رغم أنه لم يبلغ العقد الخامس بعد و لكنها الخيبة و عواقب الخزي الذي لحق بهم ..
" السلام عليكم. "
هكذا القي السلام عليهم قبل أن يتابع بخشونة
" دي أوضة لبني محمد عبد العزيز ؟"
أومأ الرجل فتدخلت المرأة بقلق
" مين حضرتك ؟"
تشابهت عينيه و نبرته حين قال بجمود
" سالم الوزان .. اخو حازم."
قال الأخيرة بنبرة اهدأ ملحقة بخيبة أخفاها داخل قلبه و كما توقع فقد انفعلت السيدة و صاحت بانهيار
" انت اخو الشيطان اللي ضيع حياة بنتي. ودمر مستقبلها.. "
1
تدخل الرجل في محاولة لتهدئة زوجته
" اهدي يا رضا.. الراجل مالوش ذنب . بعدين وطي صوتك . البنت تسمعك وهي مش متحمله .."
تحدث «سالم» بنبرة هادئه تنافي غضبه المتقد بداخله
" سيبها تقول اللي نفسها فيه. هي عندها حق و لو قالت اكتر من كدا انا عاذرها…"
2
التفت إليه الرجل وهو يقول بجفاء
" حضرتك جاي لينا ليه ؟ احنا بينا و بينكوا الحكومه و أنا اشتكيت علي اخوك و هجيب حق بنتي حتى لو حصل ايه؟"
ابتلع غصة صدئه تشكلت في حلقه قبل أن يجيب بخشونة
" جيت عشان اجبلك حق بنتك بنفسي .. لأن لو عملت ايه مش هتعرف تجيبه.."
2
لون الغضب تقاسيم الرجل و صاحت زوجته
" انت جاي تهددنا. ليك عين يا ظالم؟"
زفر الهواء المكبوت بصدره دفعه واحده قبل أن يقول بتحذير
" انا مبهددش ولا حاجه . و مبوجهش كلامي للحريم."
زحف الندم إلي قلبه حين احتد في حديثه فتابع بلهجة أهدأ
"  و عشان ننهي جدال عقيم مالوش لازمة . انا جيلكوا النهاردة عشان حازم اخويا توفي بعد حادثة بنتكوا بيوم واحد.."
شهقه قويه شقت جوفها حين سمعت حديثه بينما ارتسمت معالم الصدمة على زوجها الذي قال
" انت بتقول ايه ؟"
1
لم يجيبه إنما أخرج شهادة وفاة شقيقه و أعطاها له فالتقطها الرجل بيد مرتعشة لقراءة الحروف المدونه بها و التي أثبتت أن هذا الشيطان قد رحل فسقط على الكرسي خلفه بأكتاف متهدله و ملامح لونتها الخيبة التي تساقطت من بين حروفه حين قال
" يعني البنت ضاع مستقبلها. و حتي حقها مش هنعرف نجيبه.. فوضت امري ليك يارب"
1
اقتربت منه زوجته تحتضنه وهي تقول بألم
" حسبي الله ونعم الوكيل. متعملش في نفسك كده احنا ملناش غيرك.."
ود لو يعتذر الف مرة علي تلك الفاجعة التي ضربت حياتهم و التي للأسف كان السبب بها هو شقيقه ..
" انا عارف يا استاذ محمد أن أي حاجه هعملها مش هتمحي أبدا الكارثه اللي حصلت. لكن أنا تحت أمرك في اي حاجه. شوف ايه اللي يرضيك وانا معاك فيه .."
التفتت الأعين تناظره بيأس تجلي في نبرته حين قال
" هتعمل ايه ؟ هتقدر ترجع شرف بنتي الي ضاع. و لا ترفع راسنا قدام الخلق بعد اللي حصل ؟ ه تقدر تخلي المجتمع يحترمها و يتعامل معاها علي انها ضحيه مش مذنبه ؟ هتقدر تعمل ايه يا بيه ؟ العمل عمل ربنا .."
4
كانت كلمات الرجل كشاحنة ثقيلة دهست علي قلبه المُشبع بمرارة الذنب الذي لم يعد يتحمله ف احتدت نبرته وهو يقول
" يولع المجتمع اللي هيعاقب طفله بريئه علي ذنب ملهاش يد فيه . انا مش هنا عشان الناس . انا هنا عشان البنت اللي جوه دي و زي ما قولتلك مستعد اعمل اي حاجه عشان خاطرها.."
" يبقي تكتب عليها.."
13
هكذا خرج صوت «رضا» والدة «لبني» التي كانت تناظره بغضب و حرقه . وأصابتها كلمته في الصميم فبالرغم من أنه كان يتوقع ذلك إلا أنه غضب و بشدة من عرضها الأمر بتلك الطريقة فأجابها بخشونة
" انتِ شايفه ان الحل ده في مصلحة بنتك ؟'
" طبعا.. علي الاقل هتقدر ترفع رأسها بين الناس بعد كدا.."
هكذا أجابته ف تصاعدت أبخرة النيران المندلعة بقلبه و تحدث قائلًا بفظاظة
" بردو كل تفكيرك في الناس . يا مدام اهم حاجه ابنتك . فكري فيها و في مصلحتها قبل ما تفكري في أي حد. "
1
" انت جاي عشان تعجزنا. نفكر في ايه ؟ هو دا الحل الوحيد للكارثه دي .."
" الحل انك تجوزيها واحد قد ابوها. عشان تنقذ سمعتك و ترفع راسك وسط الناس ؟؟"
2
كان حديثه حادًا يشبه ملامحه مما جعل الزوجان ينظران الى بعضهما البعض بخجل فتابع بفظاظة
" لبني عندها سبعتاشر سنه وانا عندي أربعين بيني وبينها ٢٣ سنه. يعني لو كنت اتجوزت بدري شويه كان زمان عندي قدها.. الي انتوا بتفكروا فيه دا جريمة اكبر من جريمة اغتصابها.."
3
احني الرجل رأسه بقله حيلة تجلت في نبرته حين قال
"والله ما بقيت عارف افكر . ايه العمل طيب ؟"
أشفق علي مظهره كثيرًا ولكن لم يظهر ذلك بل تابع بجفاء
" انا هتبني لبنى.."
ارتفعت الرؤوس تناظره بصدمه تجاهلها و أردف بلهجه لا تقبل الجدال
" لبني من النهاردة بنتي. هتكفل بعلاجها و تعليمها و كل حاجه تخصها لحد ما اسلمها بإيدي لجوزها. "
2
برقت الأعين وهي تناظره فحديثه كان كالقنبلة الموقوتة التي لم يكن يتوقعها أحد فتابع بخشونة
" و مش لبني بس . لبنى و اخواتها. و لو المكان اللي انتوا فيه الناس بتضايقكوا بسبب الي حصل . اختاروا اي مكان تحبوا تكونوا موجودين فيه وانا تحت أمركوا.. "
3
" انت ليه بتعمل كدا؟ يعني اخوك مات و احنا مش في أيدينا حاجه نعملها .. ليه تعرض عرض زي دا و تلزم نفسك كدا"
2
هكذا استفهمت «رضا» التي لم تكن تتخيل عرضه ابدًا و الذي جعل الشك يتسلل إلى قلبها و قد شعر هو بذلك فقال بفظاظة
" كل راع مسئول عن رعيته وحازم الله يرحمه كان مسئول مني. حتي لو هو مبقاش موجود فأنا موجود وواجب عليا أرد الحقوق لصحابها.. "
2
كانت إجابة لم تتوقعها من رجل تبلورت به كل مظاهر الشهامة و الرجولة ف خرجت كلماتها صادقه حين قالت
" انت انسان محترم . و اللي زيك قليلين . انا مش عارفه اقولك ايه ؟"
تجاهل ثناءها و قال بخشونة
" مش محتاجة تقولي حاجه . و زي ما قولتلك دا واجبي."
تحدث الرجل باعتذار
" ربنا يكتر من امثالك. و يجازيك خير .."
أومأ برأسه و قال بعملية
" حساب المستشفي مدفوع و بزيادة . و الكارت دا في رقمي الخاص. اول ما تشد حيلها كلموني عشان ننسق مع بعض هنعمل ايه."
1
أخذت منه «رضا» الكارت الصغير وهي تومئ برأسها فتابع مؤكدا على حديثه
" متشيلوش هم حاجه أبدًا. من اللحظة دي لبني بقت بنتي زيي زيكوا.. و أنا اطمنت علي حالتها الصحية من الدكتور وهو ه يعين دكتوره نفسيه تساعدها أنها تخرج من الحالة اللي هي فيها. "
كان أكثر ما يمكن فعله لإنقاذ حطام السفينة التي ضربتها صاعقة قوية مباغته فأراد لملمة شتاتها و ترميم صدوعها وقد انتوي أن يفعل ذلك كما يجب أن يكون حتي ولو كان هذا آخر ما سيقوم به طوال حياته….
4
**************
"سيد الحبايب يا ضنايا انت .. يا كل املي و منايا انت.. يا احلي غنوة في دنيا حلوة. يا احلي غنوة في دنيا حلوة.. غنت و قالت معايا انت.. سيد الحبايب يا ضنايا انت"
1
كانت تلك كلمات الاغنيه التي أخذ صوتها العذب يشدو بها وهي تحمل طفلها الجميل و تداعبه بكل ما اوتيت من حنان سُكب فوق قلبها الذي بالرغم من كل ما تعرضت له مايزال نقيًا بريئًا قادر علي الحب ..  الحب الذي كان أقل وصف يمكن أن يصف به شعوره نحوها وهو يراها تحمل رضيعها بكل هذا الحنان الذي كان ينبعث من صوتها الرائع الذي يشبه كثيرًا ملامحها الجميلة التي يقع بعشقها كل مرة تقع عينيه عليها..
" يا بختك يا محمود .. "
3
هكذا صدح صوته الخافت من خلفها فتجمدت بمكانها فقد كان قريبًا منها لدرجه ان أنفاسه الساخنة دغدغت عنقها البض فابتلعت ريقها بصعوبة و حاولت الثبات بقدر الإمكان حين التفتت تناظره ف أسرتها عينيه العاشقه للحد الذي جعلها غير قادرة على الحديث فأردف هو بخفوت
" مكنتش اعرف ان صوتك حلو اوي كدا.."
تنبهت لحديثه و تحديقها به ف تحمحمت بخفوت قبل أن تعيد انظارها الي طفلها وهي تقول بتوتر
" ولا حلو ولا حاجه. عادي يعني "
تابع شن هجومه العاطفي علي مشاعرها حين أجابها بلهجة خطرة
" لا طبعًا مش عادي… بس تعرفي أنه لايق عليكِ اوي.."
ارتفعت نظراتها تطالعه باستفهام فأردف بخفوت
" يعني الملامح دي اكيد لازم يبقى صوتها بالرقة و الجمال دا.."
3
رجفة قويه ضربت جسدها من غزله الصريح فبللت حلقها قبل أن تقول بمراوغة
" مش ملاحظ انك بتبالغ شويه.. و بتجامل شويتين"
ابتسم قبل أن يجيبها مازحًا
" يكون في علمك انا اكتر حد في الدنيا مبيعرفش يجامل .. اللي في قلبي بقوله"
لونت السخرية ملامحها قبل أن تقول بتهكم
" اه طبعًا مصدقاك . انا اكتر واحده جربت. "
وصل إلي نقطة لا يريدها لكنه س يستغلها لأجل القضاء على بثور الماضي ف انتظر حتي وضعت «محمود» في مخدعه ثم تناول كفها يديرها إليه وهو يقول بخشونة
" لسه منستيش؟ "
" اكذب لو قلت لا.. "
باغتها حين صرح قائلًا
" طب و لو قلت آسف ؟"
كان صريحًا و جريئًا لدرجه تخيفها ولهذا حاولت التملص من بين يديه التي أحكمت الطوق عليها و تابع بصوته الذي كان يحرقها من الداخل
" طب بلاش اسف .  خليها بحبك…"
5
ارتج قلبها حين خرجت تلك الكلمة من بين شفتيه كان لها وقعا ساحرًا علي مسامعها و روحها التي بدأت بالالتئام رويدًا رويدًا ولكن الماضي و اه من الماضى و ظلمته التي كلما تسرب النور الي قلبها حاصرها ماضيها و أغرقها في ظلام الذنب أكثر. فهي في تلك اللحظة تريد أن ترتمي بين ذراعيه تنشد السلام ولكنها خائفه.. تخشى مواجهته بتلك الرسالة التي تحمل صورًا من ماضي قد يعلمه ولكن أن يراه أمام عينيه هذا ما لا تستطيع المجازفة به.
1
إن يرها بجانب شقيقه كان أمرا مريعًا فهي تعلم كم دماءه حارة و غيرته قاسيه تخشي أن يكرهها أو يتولد بداخله شعورًا بالرفض تجاهها ولذلك ابتلعت غصة الصمت و اخفضت رأسها تخفي صراعها المرير بين كونها لن تعد تريد اخفاء شئ بقلبها و بين خوفها من أن يرفضها قلبه فشعر هو بمعاناتها فامتدت يده تحاوطها بحنان تجلي في نبرته حين قال
"الصراع الي في عينيكِ دا آخرته ايه؟"
" مش عارفه.."
هكذا إجابته وهي تستند برأسها فوق صدره النابض بعشقها فتابع بنبرة هادئة
" كتير عليكِ تتحمليه لوحدك. خليني اشيل عنك. احنا اتفقنا أننا قبل اي حاجه أصحاب. "
1
رفعت رأسها تناظره علها تجد بنظراته شيئًا آخر غير الحنان .. اي شئ يمكن أن يردعها من أن تخبره ولكن كانت عينيه منبع للامان الذي تريده ف تراجعت للخلف و توجهت إلي المنضدة تمسك بهاتفها و تضيئه متوجهه إليه وهي تقول بنبرة جريحه
" في حاجه لازم تشوفها.. يمكن تغير رأيك في حاجات كتير بس.. معدش عندي استعداد اخبي حاجه تعبت من العيشة في خوف و قلق.. "
3
أنهت كلماتها التي كانت صادمه له و قامت بوضع الهاتف في وجهه فبرقت عينيه من شدة الصدمة حين وجدها في الصورة بجانب أخاه الراحل ..
لم تكن في وضع مشين أو يبعث على الريبة ولكن القلب و غيرته و جنون عشقه الذي أضرم النيران في نظراته و جعل لهجته تحتد قليلًا وهو يقول
" الصورة دي كانت فين و امتى؟"
بصدق قررت أن تتخذه مذهبًا طوال حياتها أخبرته
" يوم لما قرر أنه يبتدي علاج . وافقت لما قعد يترجاني عشان نوثق اللحظة دي…"
1
بلمح البصر وجدت الهاتف يلقي في الحائط فتحطم إلى أشلاء مما جعلها تتراجع للخلف بذعر ازداد حين وجدته يقترب منها قائلًا بلهجة خشنة
" آخر مرة هنتكلم في الموضوع دا . انسي . انسي حازم بكل الي حصل معاه. اوعي تفتكريه حتي بينك و بين نفسك. اعتبريه كابوس بشع صحيتي منه للأبد. مفهوم كلامي ؟"
2
كلماته كانت واضحة ولكن معانيها غامضه لاتعلم هل كان غاضبًا منها أو يغار عليها لا تعلم شئ ولم تكن تملك الجرأة لتسأله فظلت علي صمتها ولكنها تفاجئت حين وجدته يحتضنها بقوة اذابت عظامها و خاصةً حين قال بلهجة مبحوحة من فرط ما يعتمل بداخله
" أنتِ مراتي . حبيبتي .. انسي اي حاجة تانيه في الدنيا . لو في قلبك اي ذرة مشاعر تجاهي اعملي اللي بقولك عليه…"
4
من بين انغماسها فى روعه شعورها وهي بين أحضانه حصنها المنيع اجابته
" حاضر .."
1
شدد من احتضانها قبل أن يقول بلهجة خشنة
" من بكرة هجبلك تليفون احسن من دا الف مرة. و اي حاجه تحصل زي دي تعرفيني…"
" حاضر…."
1
كان انسيابها هكذا بين يديه مثيرًا بحق و خاصةً أن تكون مطيعه هكذا وما أن أوشك علي الاقتراب من وجهها حتى صدح صوت بكاء «محمود» الذي أخرجهم من لجة مشاعرهم الجارفة فتلقفته «جنة» بيد متلهفة بينما هو توجه الى الخارج ملتقطًا هاتفه يجري مكالمه هاتفيه و ما أن اجابه «سالم» حتي قال حانقا
" سالم . اللي حصل في الملحق دا بفعل فاعل…"
5
*************
كانت تجلس على المقعد تمسك كوب الليمون بيد و بالآخرة تجفف عبراتها التي لا تتوقف عن السقوط رفضًا لهذا الظلم الواقع عليها فاقتربت منها «حلا» قائلة برفق
" ممكن تهدي شويه . كل حاجه هتتحل أن شاء الله "
1
لم تجيبها انما اومأت برأسها بصمت سرعان ما تبدد حين سمعت الطرق علي الباب الذي انفتح و اطلت منه «تهاني» و خلفها الطبيبة فعلت دقات قلبها الذي شعرت به يتمزق من الداخل وهي تخضع لذلك الاختبار العنيف ولكنه اقصر الطرق و اصعبها لإثبات برائتها..
" جومي يا بتي. معلش . اني خابره زين انك مظلومه بس لازمن نجطعوا الشك باليقين .."
2
تسابقت العبرات في الانهمار علي وجنتيها و أخذ جسدها يرتجف بعنف و تعالت شهقاتها و بالكاد استطاعت أن تتحرك في طريقها الي السرير فلم تحتمل «حلا» ما يحدث من قهر و ظلم و هرولت الي الخارج فلن تتحمل أن تشهد واقعه كتلك و أثناء مغادرتها بتلك الطريقة اصطدمت ب«ياسين» الذي سقط قلبه رعبًا عليها حين شاهد مظهرها المبعثر و انهيارها بهذا الشكل ف حاوطها بذراعيه وهو يقول بلهفة
" حصل ايه يا حلا ؟ مالك ؟"
تعلقت نظراتها به دون أن تكون لها القدرة علي الحديث فأخذت تشهق بقوة و انهمرت عبراتها كالمطر فقام بغرسها بين أحضانه بقوة وهو يقول بحنان
" طب اهدي . اهدي و بطلي عياط متقلقنيش .. حصل ايه لكل دا ؟"
1
تمسكت بقميصه بقوة وهي تنتحب بعنف فقد كانت تبكي كل شيء ألمها و غضبها منه و من نفسها و من تلك الواقعه المريعه . أرادت أن تبكي حتي تجف ينابيع عينيها و قد كانت أحضانه الدافئة أكثر من مرحبة لاحتضان ثورة انهيارها..
بعد عدة دقائق استطاعت أن تتغلب علي ثورتها و بدأت تتمالك نفسها قليلًا ف تململت بين أحضانه التي كانت ترفض ابتعادها ولكنه اضطر أن يتركها علي مضض ولكن يديه ظلت ممسكه باكتافها وهو يقول بنبرة قلقة
" حصل ايه لكل ده ؟ "
خرجت الكلمات متلعثمه من بين شفاهها المرتجفه
" صعبان .. عليا . البنت .. دي اوي.. منظرها .. يقطع القلب .."
2
برقت عينيه لثوان وهو يناظرها هل كل تلك العبرات لأجل فتاة لا تعرف عنها شيئا ؟ أين تلك المتعجرفة سليطة اللسان التي لا يهمها أحد ولا تهتم لمشاعر الآخرين
" كل الدموع دي عشان الخدامه؟"
2
تراجعت عنه بغضب تجلي في نبرتها حين قالت
" هي الخدامه دي مش بني ادمه زيها زينا ؟ "
1
" بني آدمه طبعا. بس أنتِ متعرفيهاش عشان تتأثري بالشكل دا .."
هكذا أجابها بهدوء فتابعت بانفعال
" مش شرط اني اكون عارفاها عشان أتأثر بالموقف. اصعب حاجه في الدنيا هي الظلم."
1
لمعت عينيه بطريقة خاطفة فهي على الرغم من تمردها و تعاليها ولكنه تملك قلبًا رقيقًا من الداخل . فقط تحتاج لأن تحجم ذلك الاندفاع الذي يتملكها في الكثير من المواقف..
" كويس انك عارفه.. الظلم وحش جدًا . بس اللي اوحش بقي أنه يكون من حد بنحبه.."
1
هكذا أجابها بلهجة تحمل عتب لا تفهمه ولكن دقات قلبها التي تعالت بصخب مما جعل الكلمات تخرج مهزوزة من بين شفتيها
" الظلم وحش أيًا كان مصدره. و الاوحش أننا منديش الإنسان فرصه أنه يدافع عن نفسه.."
3
" صح . انا بصراحه مكنتش اعرف انك حقانيه اوي كدا.." 
هكذا تحدث بهدوء بينما عينيه كانت تطالعها بعبث جعل الخجل يزحف الى وجنتيها ولكنها قد قطعت عهدًا علي نفسها بألا تضعف أبدًا لذا قالت بغرور
" وانت تعرف ايه عني اصلًا عشان تحكم إذا كنت حقانيه ولا لا؟"
1
كان تحديها مثيرًا ك ملامحها الفاتنه التي لم تتأثر بحزنها و قد كان عاشقًا وليس علي العاشق حرج ..
اقترب منها خطوة واحدة وعينيه تبحران فوق ملامحها بشغف تجلي في نبرته وهو يقول
" يبقى نتعرف .."
3
عاندته بتكبر
" تؤ . مش عايزة اعرفك .."
" بس انا عايز .."
هكذا تحدث أمام شفتيها همسًا جعل طبول الحرب تدق بقلبها فواصلت تحديها له إذ قالت 
" مش بمزاجك.."
واصل تقدمه نحوها ف تراجعت للخلف بخوف حاولت اخفاءه بينما كانت عينيها أسيرة لنظراته المغوية و خاصة حين قال هامسًا
" بمزاجي . بمزاجك. مش هتفرق.. في الحالتين أنتِ خلاص بقيتي تحت رحمتي.. "
2
خربش الخوف جوانب قلبها و تجلي في نبرتها حين قالت
" تقصد ايه ؟ اوعي تفكر اني هسكتلك لو فكرت تعمل حاجه تضايقني.. "
1
واصل تقدمه منها و قد أظلمت عينيه وهي تناظرها بنظرات غامضه شملتها كليًا لتتوقف أخيرًا عند شفتيها التي ولدت بداخله جوعًا قاتلًا فخرج صوته أجشًا حين قال
" حلو دا . وريني هتعملي ايه؟؟"
لم تكد تستوعب حديثه تفاجئت بنفسها محموله بين ذراعيه بيد وبالاخرى قام بفتح باب الغرفة المجاورة و إغلاقه لتجد نفسها مسنوده عليه بجسدها الذي حوصر بين باب الغرفه و بين جسده وما أن رفعت رأسها تناظره حتي أسرها بين براثن عشقه الضاري لها الذي أخذ يسكبه بقوة فوق ثغرها التوتي الذي كان مذاقه رائعًا فأخذ ينهل منه بلاهوادة ..
غيبت العقول للحظات كانت أكثر من رائعه يكللها عشقًا خالصا صار ينثره برقه فوق قسمات وجهها و يديه تحتويان جسدها بحنان لم تكن تتوقعه ولكنه اخترق حدود قلبها الذي احرقه لهيب الصبوة فلم يعد يستطيع المقاومة فقضيتها خاسرة أمامه فكل شئ بها يشدو بعشقه..
1
كانت مشاعره جامحة علي الرغم من أنه حاول التحكم بها قدر المستطاع حتي لا يؤذيها ولكن أي إرادة قد تقف أمام طوفان العشق الضاري. فحين رفع رأسه يطالعها بعينين يغلفهما الشغف تفاجئ من قطرات الدماء التي تتساقط من بين حبات التوت خاصتها فامتدت أصابعه تزيلها برفق تجلي في نبرتها حين قال
" بتوجعك ؟"
1
كان صدرها يعلو و يهبط من فرط الشعور الذي لم يكن صدرها يتحمله فقد أوشك علي الخروج من بين ضلوعها تأثرًا بما حدث مما جعل الكلمات تخرج مبحوحة من بين شفتيها المرتجفه
" ليه عملت كدا؟"
1
فاجئها حين قال
" عشان سببين أولهم اعتذار عن كلامي ليكِ امبارح.. عارف اني زودت العيار شويه. بس أنتِ استفزتيني.."
1
ترقرقت العبرات في مقلتيها حين جاء على ذكر حديث البارحة فتألم قلبه لألمها و أردف بخشونة
" مكنتش أحب ان دا يحصل .. بس أنتِ وصلتيني لأقصي درجات الغضب .."
1
حاولت كبح جماح عبراتها قدر الإمكان حتي لا تظهر ضعفها ولكن جاء صوتها المرتجف يعكس مدى تأثرها حين قالت
" و السبب التاني ."
امتد كفه الايمن يلامس خدها الأيسر وهو يقول بنبرة رقيقه
" انك حلوة اوي.. اول مرة اشوف حد اسم علي مسمى كدا.. "
3
نجح في إخماد حزنها بروعه كلماته التي جعلت الخجل يزحف الي وجنتيها التي ازهرت ورود حمراء اضفت جمالًا آخاذًا علي ملامحها و تلئلئت عينيها حين تابع
" انا عارف انك مش وحشه. عيبك الوحيد انك متسرعة. و أنتِ كمان لازم تبقي عارفه اني مش وحش. و كل اللي حصل دا له تفسيرات و تبريرات. مهم اوي انك تعرفيها.."
1
خطي بأنامله علي جرحًا يتوسط قلبها فخرجت كلماتها معذبه حين قالت
" مفيش اي مبررات في الدنيا ممكن تمحي بشاعة اللي حصل .. الليلة اللي عشتها هنا في بيتكوا و انا مخطوفه كانت أشبه بالموت"
1
كلماتها كانت سوط جلد قلبه الذي ارتج لحزنها و خرج صوته متلهفًا
" والله ما كنت اعرف.. انا اتفاجئت باللي حصل . انا حتي مكنتش عارف ان جدي علي علم بموضوع جنة.."
1
" بس كنت عارف بالتمثيلية الحقيرة اللي عملها جدك عليا. دا ابتزني عشان أوافق اتجوزك.. قالي لو خايفه علي اخواتك توافقي.."
انكمشت ملامحه بغضب حاول قمعه قبل أن يجيبها
" عارف أنه كان صعب عليكِ . بس الناس هنا تفكيرهم غير تفكيرنا و كانت دي الطريقة الوحيدة الي هتنقذ شكل العيلة قدام الناس و هترد كرامه جنة.."
1
لونت الصدمة معالمها و جاءت كلماتها مستنكرة
" و بالنسبة لكرامتى؟ مفرقتش معاكوا صح ؟ "
" لا مش صح.. محدش جه جنب كرامتك و لو قارنتي الي حصل مع جنة واللي حصل معاكِ هتعرفي أن اللي حصلك كان ولا حاجه جمب اللي حصلها "
هكذا أجابها بحدة اخترقت جدران قلبها الذي نزف ألمًا جراء حديثه و قد ظنت بأنه يوافق على ما فعله جده فهبت مستنكرة
" انا ذنبي ايه ؟ اتقارن بيها ليه ؟ كل واحد يشيل شيلته. هي غلطت و اتجوزت عرفي انا معملتش كدا عشان اتعاقب."
خرج صوته غاضبًا حين قال
" خلي بالك من كلامك يا حلا. و افتكري أن جنة مظلومة و الشيطان اخوكي هو السبب في كل دا .."
كان محقًا ولكن آلمها أن يحملها ما لا ذنب لها به و ايضًا دفاعه عن ابنه عمه أمامها لامس اوتار غيرتها التي جعلتها تدفعه بقوه من صدره وهي تصيح غاضبة
" تمام اوي . خليك فاكر اني اخت الشيطان اللي اذي بنت عمك. و اوعي تفكر تقرب مني تاني.."
2
قالت كلماتها بقلب ممزق و روح محترقه و من ثم هرولت إلى خارج الغرفة و سرعان ما تجمدت خطواتها حين رأت «تهاني» التي كانت تقف بجانب «عبد الحميد» و تخبره شيئًا ما بجانب أذنيه جعل ملامحه تتحول إلي غضب كبير و هو يصيح بعنف
" عمااار .."
2
كان بغرفة مكتبه ينهش باقدامه ارض الغرفه من كثرة الذهاب والمجئ . بداخله وحوش تنهش ببعضها البعض. وهو واقع كالفريسة بينهم . ينظر إلى ساعته بين الفينة و الأخرى و التي كانت تلدغه عقاربها بكل ثانيه تمر عليه. يتقاذفه الشعور من كل حدب و صوب يتلظى في حيرة متقدة ما بين إحساسه القوي بأنها مظلومه و خوفه الضاري من أن تكون مذنبة !
اخترق صوت جده أذنيه مرورًا بقلبه الذي كان يسبقه متلهفًا الي الخارج و بأنفاس مقطوعة وصل إلي أسفل الدرج فصاح به «عبد الحميد»
" هاتلي الكلب اللي اسمه مرعي ده و چهزلي الساحه الكبيرة.  لازمن يبچي عبرة لكل إلي يفكر يظلم وليه تاني .."
6
كان كمن سقط بقوة من ارتفاع شاهق يتوقع أن يصطدم بالأرض في أي وقت فيتحطم متحولًا الي أشلاء و فجأة إذا بيد خفيه تمسكه بقوة مانعه سقوطه ..
2
أطلق زفرة قوية من جوفه الذي هدأت نيرانه و استطاع أن يتنفس بحرية من جديد ف نيرانه الآن تحولت من مؤلمه إلى أخرى يعززها الإنتقام الذي يسري في أوردته فتوجه الى الخارج و قام بتوجيه ركله قويه إلي بطن «مرعي» الذي كان يقف مرتجفًا مما أوقع نفسه به. فإذا به يتفاجئ بذلك الذي انهال عليه ضربًا مبرحًا و كأنه يخرج كل ما بجوفه من ندم و غضب و ألم…
1
و بأمر من «عبد الحميد» قام الغفر بتخليص «مرعي» من يد ذلك الثور الهائج وقاموا بجره و صلبه علي إحدي الأشجار التي تتوسط ساحة المنزل الكبيرة و قد تجمهر الناس بأعين يأكلها الفضول لمعرفة ماذا حدث فوقف «عبد الحميد» في منتصف الساحة يحاوطه حفيداه بينما تولى هو مهمة الحديث إذ قال بوقار و نبرة قوية
" الكلب دا اتچرأ و رفع عينه في بت من بناتنا و عشان أكده لازمن ياخد چزاءه و يبچي عبره. و ده أجل عجاب (عقاب) بعد أكده الي هيغلط هيندفن حي.."
1
أنهى كلماته و القي نظرة ذات مغزى علي «عمار» الذي كان يمسك بالسوط بيده و يتوجه الي حيث «مرعي» الذي كان ينتحب مثل النساء و خاصةً حين شاهد ذلك الذي كان يعض شفتيه باستمتاع و عينيه تطلق سهام الشر الذي كان يغذيه بقوة تجلت في ضرباته المريعة التي تلقاها ظهر «مرعي» الذي تعالت صرخاته فلم يشفق عليه أحد و أخذ «عمار» يضربه حتى خارت قواه وسقط مغشيًا عليه فصرخ في أحد الغفر
" ودي الكلب دا للحكيم يعالجه. عشان ياخد باقي عجابه.."
" حاضر يا كبير.."
1
انهي «عمار» جملته تزامنًا مع وصول سيارة «صفوت» خلفها عدة سيارات كانت تحمل صباحية العروس التي تكفل هو بها نظرا لزواج الأخوين في نفس التوقيت وبُعد المسافة بين البلدين.
ترجل من السيارة ينظر بذهول لما يحدث فتقدم تجاه «عمار» قائلًا باستفهام
" في ايه يا عمار؟ ايه اللي بيحصل هنا ؟"
«عمار» بجفاء
" دا واد خاين و خد چزاءه .. متشغلش بالك.."
عنفه «صفوت» قائلًا
" انت هنستهبل يا عمار.. انت ناسي ان في حكومه ولا ايه ؟"
1
تدخل «عبد الحميد» الذي أقبل و بجانبه «ياسين» الترحيب ب«صفوت»
" لا طبعًا منجدرش ننسي يا صفوت بيه . بس اصل الموضوع حساس شويه . مينفعش نتكلمو فيه أهنه.. اتفضل چوا.."
اطاعه «صفوت» بصمت الي الداخل فوجد النساء اللائي كن يتابعن ما يحدث في الخارج من الشرفة و كان من بينهم «حلا» التي اندفعت الي أحضان «صفوت» وكأنه زورق النجاة بين هؤلاء البشر
" عمو صفوت .. "
" صباحيه مباركه يا عروسه.."
1
عاتقها «صفوت» بحب بينما عينيه التقمت تلك الفتاة المبعثرة التي تقف خلفها مباشرة تحني رأسها فشعر بوخز في قلبه علي مظهرها .
" الله يبارك في حضرتك.."
10
" عايزين فنچانين جهوة من يد عروستنا الحلوة. علي ما نجولوا الكلمتين اني و صفوت باشا.."
هكذا تحدث «عبد الحميد» موجهًا حديثه ل«حلا » التي لم تكن تطيق النظر الي وجهه ولكنها وافقت علي مضض فتوجهت الي المطبخ ليجد نفسه وجهًا الي وجه معها
فاقترب خطوتين يقف أمامها بعقل فارغ من أي حديث يمكن أن يمحو بشاعة ما حدث بينما ضميره كان يواصل هجومه الضاري نحوه معززًا شعور الذنب الذي يقرضه من الداخل ولكنه تجاهل ذلك و قال بنبرة خشنة
" چبتلك حجك من الكلب اللي ظلمك و خليته عبره للناس كلها.."
1
رفعت عينيها التي كانت ك بركة من الدماء التي ما كانت الا نزيف روحها التي اهترئت بفعل اتهامه القاسي و المشين نحوها فخرج صوتها متحشرجًا يحمل رايه الاتهام
" و حجي منك ؟ مين هيچيبه؟"
3
اخترقت كلماتها قلبه الذي كان يخشي من هذا الاستفهام كثيرا ولا يجد له اجابه لذا حاول المراوغة حين قال
" حج ايه ؟ اني معذور . أي حد مكاني كان هيعمل أكده.."
" تجصد اي حد ظالم كان هيعمل أكده.."
3
احتدت نظراته و لعن تهوره حين سمع حديثها الذي كان صحيحًا . لأول مرة يعترف بذنوبه و يجابه بها عقله الذي لم يسعفه في الحديث فتابعت تطوق عنقه بحلقه من نيران الذنب
" لو انت اديت لنفسك العذر تظلمني. فاعرف أن في رب كريم فوج جادر يسلط عليك الي يعمل معاك زي ما عملت معاي.. و لازمن تعرف اني عمري ما هسامحك واصل.."
3
كانت تغرس أسهمها بقلبه الذي نزف ألمًا و ندمًا خالط لهجته حين قال
" خلى بالك من حديتك. اني غلطت لما اتهورت. و دا لإني شفت سلسلتك بعيني. و الكلب دا أكد علي الحديت. وبعدين اتراچعت عن غلطي.."
" بعد اي؟ بعد ما كنت هتموتنى؟ "
2
هكذا قالت صارخة من اعماق وجعها الذي جعلها تتناسي طريقتها في الحديث معه و الذي كان يتقبلها لا يعرف لما بل إنه تابع بلهجه لا تشبه عجرفته و غروره
" ربنا أراد أنه ينصر الحج و ياسين اتدخل والحمد لله چت سليمه.. و عرفنا الحجيجة يبجي ايه لازمته حديتك ده دلوق"
1
" صوح .. مالوش لزوم.. عن اذنك…"
هكذا تحدثت بشفاة مرتجفة ثم التفتت تنوي المغادرة ف خرج حديثه متلهفًا حين قال
" رايحه علي فين؟"
1
إجابته دون أن تلتفت إليه
" رايحه علي بيتي . معدليش شغل في الدوار اهنه. في بيت الظلمه.. "
3
" الظلمه دول چابولك حجك .. و ردوا كرامتك.. "
هكذا تحدث بيأس فلم يكن يعرف أي الطرق عليه أن يسلك حتي يصحح هذا الخطأ اللعين الذي ارتكبه ب رعونه فجاءت كلماتها حتي تقضي على آخر آماله
" يردوا كرامتي بعد ما دهسوها تحت رچليهم..؟ مستني مني ايه يا كبير .. اشكرك عالي عملته معاي؟؟ حاضر . شكرًا .."
1
أتقنت غرس سهامها في صدره الذي كان يتألم بشدة ولا يقدر علي مجابهة ألمه أو حديثها الذي اجهز علي قلبه حين تابعت بصوت فاقد لكل معاني الحياة
" بس خليك فاكر. اني لو بيني و بينك الچنة هرمي نفسي في النار و لا أنيش أسامحك!"
6
***************
بعد مرور ثلاثة أيام عاد الغائب الى موطنه و بداخله قلب اضناه الشوق و احرقه الألم الذي لا يزال ينخر بعظامه و يفتت روحه ولكنه كعادته لا يظهر أي شئ فقد كانت ملامحه جامدة كعادتها حين خطي الي داخل المنزل فكانت هي أول من وقعت عليها عينيه التي لمعت بوميض الشوق للحظة خاطفة سرعان ما عادت إلى جمودها التي زلزلته فعلتها حين هرولت إليه بقلب لهيف تردد بشوق
" سالم…"
1
لم تحسب خطواتها ولا تعرف كيف واتتها الجرأة لما فعلته ولكنها كانت عاجزة أمام شوق جارف يجتاحها كفيضان ضرب ثباتها الهش فوجدت نفسها تندفع إليه رغما عنها تحيطه بذراعيها و كل خلية بها مشتاقه لدفء وجوده و عذوبه رائحته التي افتقدتها كثيرًا..
2
كان استقبالًا حارًا لم يتوقعه حتى بأحلامه. فطوال طريق سفره كان يفكر كيف سيراها دون أن يحتجزها بين ذراعيه يبثها أشواقه العاتية ؟ من أين يأتي بتلك الصلابة التي تجعله يتجاهل وجودها ؟ وأخذ يشدد بقوة علي قلبه ويذكره ب جراحه النازفة منها حتي لا يضعف و لكنها فاجأته بحق.
3
احتواها بين ذراعيه للحظات هدأ بها قلبه و كأنه كان يحتاج هذا العناق لتهدأ روحه و تستكين من كل تلك الأعباء التي يحملها علي عاتقه فأخذ يسحب اكسجينها الدافئ يود لو يحتجزه بين رئتيه لتظل رائحتها عالقه بصدره للأبد
" حمد لله عالسلامه.."
1
هكذا تحدثت بعدما تراجعت ببطئ عن حدود ذراعيه فهي لم تكن تتخيل أن تفعل ما فعلته لتوها و لكن ما حيلتها أمام عشقها و ذنبها الذي لا تعرف كيف تكفر عنه . بغبائها القت بوجهه رفض مهين تحاول مداواته بقرب لا تستطيع التفوه بها و تخجل عن الإفصاح عنه فلم تجد حلًا سوى ان تريه كم قربه محبب إليها
" الله يسلمك…"
1
هكذا أجابها بينما التقمت عينيه تلك التي كانت تناظر ما يحدث بغضب مقيت لم تستطيع التحكم به إذ قالت بلهجة تقطر سمًا
" طولت الغيبة عن العروسه يا ابن اخويا لدرجة مبقتش قادرة تسيطر علي مشاعرها و لا محترمه وجود الناس حواليها.."
4
تعاظم الغضب بداخله لدى سماعه حديث «همت» الذي لاقى صداه على ملامحها التي بهتت و امتقعت خزيًا مما جعله يقول بفظاظة
" والله العروسه في بيتها تعمل اللي يعجبها واللي عنده دم و بيكسف يدور وشه الناحيه التانيه و يحط لسانه في بقه.."
10
كان ردًا عنيفا لكنها استحقته و ايدته «أمينة» التي قالت بسخرية
" بالراحة يا سالم عمتك متقصدش بس اصل المشاعر و الاحاسيس دي حاجه جديدة عليها. فتلاقيها مستغربة بس .."
4
امتقع وجه «همت» من حديث «أمينة» التي كانت تتقصد به ما حدث بالماضي فالتفتت تناظرها بحنق تجلي في نبرتها حين قالت
" و مين يشهد للعروسه. و على رأيك عمته غلبانه معشتش المشاعر دي عشان فضلت ابوها و أخواتها علي سعادتها و طرمخت علي حاجات كتير اوي كانت ممكن تقلب الموازين. و قالت يا بت بلاش خراب بيوت.."
1
تحفزت «أمينة» و انتفخت أودجتها غضبًا من حديث «همت» المسموم و قبل أن يتيح لها الفرصة للحديث صاح «سالم» بجفاء
"مش عايز هري كتير .. كل الي عنده كلمه يخليها لنفسه.. و الي مخبي حاجه في قلبه يخليها جواه احسنله.."
1
أنهى كلماته و التقمت عينيه «سليم» الذي كان يهبط الدرج فوجه حديثه إليه قائلًا
" تعالي ورايا عالمكتب…"
اطاعه «سليم» و دلف الاثنان الي المكتب وكان أول من تحدث هو «سليم» الذي قال بنفاذ صبر
" الأوضاع في البيت مش مريحة. عمتك عامله حزب هي و شيرين و امك و فرح و جنة حزب. و كدا مش صح "
2
اجابه «سالم» بفظاظة
" سيبك من هري الحريم دا و قولي نويت تنزل القاهرة امتى؟"
" كلمت الدكتور امبارح و مفروض هنروح اخر الاسبوع عشان يحدد معاد بدايه الجلسات.."
3
انهى جملته بينما زاغت عينيه مما جعل الشك يتسرب إلى قلبه فقال بنفاذ صبر
" هات اللي عندك كله يا سليم .."
تحدث «سليم» بهدوء
"بصراحه حسيت أن جنة محتاجه فرح تكون جمبها خصوصًا في الأول . مش عارف الحل بس ."
1
" الحل انك متحسش..! "
هكذا قاطعه «سالم» بحنق ثم أردف بفظاظة
" عايش عمرك كله من غير احساس و كنت شغال زي الفل . كمل بقي علي كدا.."
11
أوشك «سليم» أن يطلق ضحكه قويه علي ملامح اخيه الذي كان الامتعاض يلون معالمه ولكنه حاول قمعها بشتي الطرق و لكنه لم يفلح خاصةً حين سمعته يتمتم بحنق
" قال عايزه فرح معاها.. انا لو سارق فلوس الجوازة دي مش هيحصل معايا كدا.."
15
أفلتت ضحكه قويه من بين شفتيه ف شيعه «سالم» بنظرات حانقة جعلته يقتلها في مهدها ثم أردف بجدية
" المهم .. عرفت اهل البنت اني هكون علي تواصل معاهم…"
" عرفتهم.. و مش محتاج أحذرك اوعي جنة تحس بحاجه .."
«سليم» بلهفه
" لا طبعا. وانا اهبل .."
ناظره «سالم» بسخط قبل أن يقول بجفاء
" مروان فين ؟"
" انجري قدامي.. بنت مين في مصر عشان يجيلك مقالم و كراريس ب تلت تلاف جنيه…"
هكذا كان يتحدث و هو يجذب «ريتال» من ملابسها فصاحت الأخيرة قائله بتصحيح
" مقالم و كراريس ايه يا عمو اسمها سابلايز.."
5
" ايه سا ايه يا عنيا؟" سابلايز . الله يرحم ابوكي . كان بيروح المدرسة بشنطة بلاستيك.. "
هكذا تحدث حانقًا فقالت غاضبة
" ماتقولش علي بابي كدا.."
"بابي.. عيشي عيشة اهلك يا ريتال. عشان اللي جاي مرار يابنتي. و أنتِ مقبلة عالحياة اوي و دا مش صحيح. "
5
هكذا تحدث بامتعاض فأجابته بعفوية
" يعني اعمل ايه ؟ مروحش المدرسة مثلًا ؟"
" وهو يعني اللي اتعلموا خدوا ايه ؟ انا مثلًا قدامك اهوة. قعدت في ابتدائي تمن سنين و في اعدادي ستة و في ثانوي خمسه و في جامعه ييجي خمستاشر و في النهاية خدت ايه يعني ؟ حتى حتة البت الي بحبها مش عارف اعلقها.. حاجه تحزن ."
8
انفلتت ضحكه قويه من فم «ريتال» التي قالت باندهاش
" قعدت كل دا في التعليم يا عمو ؟ "
" ايوا بس دا مش معناه اني كنت خايب! لا طبعًا كنت شاطر لدرجة أنهم كانوا ماسكين فيا مكنوش عايزني اخلص تعليم . كل سنه يسقطوني عشان افضل معاهم.."
5
" والله انك مسخرة .  بتحكي للبت علي مصايبك "
التفت «مروان» علي إثر ضحكتها الخلابة التي اثرته للحد الذي تعلقت عينيه بها للحظات قبل أن يجيب بعبث
" احلى مصايب دي ولا ايه ؟"
مازالت الابتسامه تضئ ملامحها حين قالت ساخرة
" طب راعي انك قدوتها. دي لو سمعت كلامك يبقي عليه العوض ومنه العوض في البت.."
2
كان يراقب تعابيرها المرتاحه و نظراتها الصافية بقلب مشتاق تصدعت جدرانه من فرط العشق الذي كان بلا أمل ولكن الآن بدأت تنقشع الغيوم رويدًا رويدًا
" لا بس البت حلوة. و ضحكتها حلوة. و دمها سكر. تعليم ايه بقي ؟ كله في الفاضي…"
كانت عينيه تنفي مزاحه و تغازلها بطريقه جعلت دقات قلبها تدق ك الطبول . كان شعورًا رائعًا بقدر ما استنكره عقلها فهي طوال حياتها كانت تراه اخيها لا أكثر . فما الذي يحدث الآن ؟
أنقذها رنين الهاتف الذي التقطه مروان و أجاب بابتسامة اتبعها قائلًا بغزل ساخر
" القمر اللي ضلم اسماعيليه و نور الصعيد. عامله ايه في غابة الوحوش يا سنو وايت.  اتكعبلتي في الاقزام السبعه ولا لسه ؟"
3
كان معتادة على مزاحه مع «حلا» ولكن الآن كان الوضع مختلفًا فقد اغضبها للحد الذي محي الابتسامه من علي ملامحها و جعلها تلتفت مغادره وهي تتشاجر مع خطواتها مما جعل الاندهاش يلون ملامحه من انقلاب حالها الي النقيض بتلك الطريقة..
2
**************
جالسه تنظر إلي البعيد و داخل قلبها حرائق متقدة لا تعلم السبيل لإطفائها أرادت الانتقام و ظفرت به ولكنها لم ترتاح كما ظنت فهي منذ أن كانت جالسه أمام الشيخ الذي سألها مرارًا و تكرارًا
" يا بنتي أنتِ موافقه عالجوازة دي ؟"
التقت عيناها بعيني أباها المتوسلة في تلك اللحظة فأرادت خذلانه كما فعل معها و تحدثت بقوة
" موافقة.."
لم تريد النظر إلى عينيه في تلك اللحظة خشية ان ترى بهم نظرات انتصار تكره رؤيته فهي ما اختارته إلا ليقينها بأن والداها يكرهانه بقدر ما تكرهه هي و لكنها أرادت أذيتهما
" متأكدة. لو في حد جابرك قوليلي ؟"
هكذا أكد عليها الشيخ سؤاله ف مظهرها كان مريعًا بذلك الفستان الأسود و الملامح التي لم تتعافى كليًا من تلك الجروح بل كان أغلبها متورمًا بطريقة تؤذي النظر و قد ظن بأنها يمكن أن تكون تعرضت للإجبار علي إكمال تلك الزيجة
" قولتلك موافقه.."
" اللي انتِ شيفاه.."
تم عقد القران وسط حزن عميق من كلا والديها و خاصةً والدها الذي بعد أن غادر الشيخ حتى نظر إلي «عدى» بنظرات قاتله تشبه لهجته حين قال
" اللي فات مش زي الي جاي.و حتي لو هي كارهه وجودنا دلوقتي انا هفضل وراها لحد ما تتقبلنا و أصلح غلطنا في حقها. و لو فكرت انك عشان اتجوزتها غصب عني اني هسمحلك تمس شعره منها تبقي غلطان. "
" انت اللي غلطان لو مفكر اني ممكن اأذيها.. طريقنا واحد بس انت بتكابر عشان هي اختارتني غصب عنك. منصحكش تكمل في تفكيرك دا. لو فعلا عايز تساعدها يبقي نحط أيدينا في ايد بعض…"
هكذا اجابه «عدي» بصدق ارتسم بعينيه اولًا فبدا متحفزًا من بعيد فالتفتت تناظر والدتها وهي تقول بسخط
" هما بيقولوا ايه ؟"
«منال» بحنان
" اكيد بيوصيه عليكِ .."
حانت منها ابتسامة ساخرة تجلت في نبرتها حين قالت
" ضحكتيني. بيوصيه عليا ! علي أساس أنه اب زي الابهات و كدا؟"
«منال» بحزن
" يمكن مكناش زي اي اب و اي ام . بس احنا لسه فيها و عرفنا غلطنا و مني عنينا انك تسامحينا و تسبينا نعوضك عن كل اللي شفتيه.."
كانت بسمتها الساخرة أكثر من مؤلمه خاصةً انها لم تعلق و كأن الأمر أقل من أن تعطيه اهتمامًا و فجأة صدح صوت رنين الباب فتوجه «عدى» لفتحه وإذا به يتفاجأ بمجموعة من رجال الشرطة فاندهش قائلًا
" أي خدمة ؟"
" انت عدي عبد الرؤوف ؟"
«عدي» باندهاش
" ايوا انا في حاجه"
التفت الضابط الي العساكر وهو يقول آمرًا
" اقبضوا عليه.."
صدمه قويه ضربته كصاعقة حين التف العساكر حوله يقيدوه فصاح بذعر
" يقبضوا عليا ليه ؟ انا عملت ايه ؟"
الضابط باحتقار
" اغتصاب بنت قاصر و الشروع في قتلها…"
11
يتبع….
من كل قلبي اتمني لو يلتقي الكبرياء و العشق يومًا ما عند مفترق طرق تقودنا الى درب واحد نسلكه سويًا. فقد سئمت و روحي من المقاومة فتلك الحرب ليست عادلة و خسائرها فادحه. فـ قلبي فلسطيني أعزل وعيناك قدسي الغالية لذا فـ التخلي ليس من ضمن قائمة اختياراتِ فأنتِ وطني الذي لا اعرف وطنًا غيره فـ أنا منه وإليه أعود ..
6
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
" هو في ايه بيحصل بره ؟"
هكذا استفهمت «ساندي» لدى سماعها أصوات شجار في الخارج فحاولت النهوض لترى ماذا يحدث فتدخلت والدتها التي قالت بتوتر
" خليكِ انا هشوف في ايه؟"
اطاعتها بصمت فتوجهت «منال» للخارج فرأت زوجها الذي كانت الصدمه تلون معالمه بالكامل و هو يناظر عدى» الذي كان ينتفض غضبًا و هو يخاطب رجال الشرطة
" والله ما عملت حاجه . اغتصاب مين و كلام فارغ ايه ؟ سيبوني.."
تدخل «سعد» قائلًا باستفهام
" حضرة الظابط ممكن تفهمني في ايه ؟ اغتصاب ايه و مين البنت دي ؟"
الضابط باختصار
" هتعرف كل حاجه في القسم . هاتوه.."
و بالفعل قام رجال الشرطة بأخذه و هرول «سعد» خلفه بعد أن التفت إلي زوجته قائلًا بتحذير
" اوعي تجيبي سيرة لساندي و أنا هروح اشوف الزفت دا نيل ايه ربنا يستر .."
اومأت «منال» قائلة بلهفة
" حاضر .. متقلقش بس متنساش تطمني .."
أومأ بالإيجاب و اندفع خلف «عدى» بينما اخت تردد بحسرة
" يا عيني عليكِ و علي بختك يا بنتي . استرها من عندك يارب .."
" في ايه يا ماما ؟"
هكذا تحدثت «ساندي» فالتفتت «منال» بلهفه و خرجت كلماتها مبعثرة
" ايه .. لا . مفيش . حاجه . دا . دا باين باباكي . راكن غلط . و الناس .. طلعت . تشكتي فراحوا . يشوفوا في ايه .. متقلقيش . شويه و هيطلعوا..."
لم ترتح ل إجابتها ولكنها لم تكن في وضع يسمح لها بالحديث أكثر فقد بدأ الألم بالزحف الى جسدها بعد انتهاء ميعاد المسكن فشعرت والدتها بذلك وتقدمت منها قائلة بحنان
" ميعاد ادويتك .يالا عشان تاخديها.."
لامس حنان والدتها زاويه ما بقلبها ولكن عقلها رفض ذلك الإحساس بشدة ف تراجعت خطوة للخلف قبل أن تقول بجفاء
" متشغليش بالك. انا عارفه مواعيد ادويتي و هاخدها ."
أنهت كلماتها و تراجعت الي غرفتها تاركه خلفها «منال» التي أخذت تتخبط بين الندم و الحسرة و الألم ...
***************
كانت أيامًا ثقيلة يحاول تجاوزها بشق الأنفس فكل ما يحيط به يُنذِر بالسوء. بالرغم من كونه شخصًا مؤمنًا و ذو عقيدة راسخة بأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير ولكن بداخله شعور قوي بأن السئ قادم. قد يكون ذلك الشعور تولد نتيجة ل ألمه الداخلي و الذي يحاول بقوة الصعود على السطح و هو يقاومه دافنًا نفسه بين طيات الأوراق يحاول الانغماس في العمل حتى ينسى تلك اللحظة التي سيدخل بها غرفته وحده. يعلم بأنها قريبة كل القرب منه و لكن لا تطالها يده. يتلظى بنيران الشوق والألم معًا ولا يستطيع التعبير عن ذلك. فقد كان صامتًا على الرغم من ثرثرة عقله التي لا تتوقف.
انتصف الليل و هلك الجسد فلم يعد يتحمل اكثر فزفر بإرهاق و نهض ناصبًا عوده فاعلن جسده عن ما ألم به من تعب عن طريق طقطقه قويه لعظامه التي تنشد الراحة ولكن أي راحة الالم الحقيقي منبعه القلب ..؟
بأقدام متثاقله دلف الي داخل غرفته فوجدها سابحة في الظلام إلا من نور خلفت تسلل من غرفة الملابس يعلن بأنها لازالت مستيقظة.. أدار وجهه إلي الجهة الأخرى فقلبه بدء نوبة تمرده يغويه بالتوجه الي مكانها ولكنه قام بردعه و التوجه إلي الحمام ل أخذ حمامًا منعشًا يزيل عنه آثار وأعباء هذا اليوم الطويل وبعد أن قضى أكثر من ربع ساعه أسفل المياه الدافئة خرج ينوي الذهاب رأسًا الى السرير حتى يحمي نفسه من اغراء أفكار قلبه المتمرد ولكن دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. ف حين التفت ليرتدي ملابسه تفاجئ من أنه لم يجلب اي شئ يستر به جسده الذي كان يحيطه بمنشفة صغيرة تطوق خصره لتصل إلي ركبتيه. و ملابسه هناك في غرفة الملابس التي هي أكثر مكان يود الفرار منه الآن.
4
زفر بقوة قبل أن يأخذ قرارًا بأن يذهب الي هناك و ليكن الله بعونه حتى تمر تلك الدقائق بسلام .
كانت جالسه علي السرير تستند برأسها علي ظهره وهي تتذكر كل ما حدث معها و كيف أخطأت بحقه و ها هي تدفع ثمن خطأها ألمًا وشوقًا لا تعلم كيف تعبر عنه ؟
هبت واقفه حين سمعت صوت باب الغرفه يفتح فعلمت أنه أخيرًا جاء فأخذ قلبها يدق بعنف آلمها تود لو تخرج إليه و تخبره كم هي آسفه بل نادمة علي ما حدث لكنها كانت تخشي أن تتلقي منه رفضًا قد لا تتحمله.. ترى بعينيه تعب و ألم تعلم أنها أحد اسبابه ولهذا لا تجروء عن سؤاله عن ما به. تريد فقط أن تخفف احماله التي تعلم أنها ترهقه كما تعلم أنه أبدًا لن يشتكي. فهي طبيعته.
زفرت بقوة جراء تلك المعركة الدائرة بداخلها والتي لا تسفر عن أي نتيجه فهي بالنهاية حائرة خائفة لا تجرؤ على اتخاذ القرار
" يارب . حلها من عندك بقي . انا تعبت ومبقتش قادرة اتحمل .."
2
هكذا خرجت الكلمات منها معذبه وما أن انتهت حتى تسمرت بمكانها لدى سماعها ذلك الطرق الخفيف علي باب الغرفة فالتفتت تناظر الباب بلهفه وهي غير مصدقه هل فعلًا سمعت طرقًا أم أن حُمى الشوق بقلبها جعلتها تتخيل ؟
عاد الطرق مرة أخرى فارتسمت ابتسامة بلهاء علي شفتيها فهي لم تكن تتخيل و بخطٍ متلهفة توجهت الي الباب وقامت بفتحه فتجمدت عينيها على صدره العارى الذي يعج بالعضلات التي اختطفت بصرها لثوان . كما اختطف أنظاره مظهرها الرائع وهي بذلك اللباس البيتي المكون من قطعتين إحداهما بنطلونا من الستان و بلوزة صيفية من نفس القماش بندقية اللون ذو حملتان رفيعتان تغرقان ببحر من الحليب الذي يلون كتفيها التي تحيط بها خصلات شعرها المتمرد فبدت فاتنة بحق .
و قد كان هذا أكثر ما يخشاه اغواء قاتل قد لا يقدر على مقاومته و حتي أن تغلب على جيوش شوقه و رغبته فهذا سيكون هلاك من نوعًا آخر.
ولكنه لم يكن وحده من يتعذب ف رؤيته بهذه الطريقه كانت أكثر من مهلكه على قلب اختلط به العشق و الشوق و الندم معاً .. فكان من المفترض الآن أن تكن بين ذراعيه تنعم بعشقهم الجارف معًا تقف تناظره من بعيد بشوق ضارى لا تقدر عن التعبير عنه. ك جائع يعرض أمامه اشهي انواع الطعام ولكن محظور عليه حتي الاقتراب منه. هذا كان حالها .
5
طال الصمت عن المعتاد وكان كلًا منهما يشكو معاناته للآخر بسيل من النظرات القوية التي قطعها صوته الجاف حين قال
" معلش لو صحيتك . بس كنت عايز هدوم.. عشان ألبسها.. هدومي كلها هنا "
بللت حلقها الجاف و قد فطنت لسبب قدومه الذي كان مخيبا ل آمالها ولكنها حاولت أن تخفي ذلك قدر الإمكان حين قالت
" اه طبعًا. اتفضل. انا مكنتش لسه نمت.."
خطت أقدامه إلى الداخل يحاول تجاوز وجودها المهلك و رائحتها الشهية و تقدم من أحد الأرفف ساحبًا أحد السراويل القصيرة بعجاله ثم عاد ادراجه الى الخارج ولكنه توقف. لا يعلم لما؟ ولا ماذا سيقول؟ فقط أراد أن يطيل الحديث معها. يقر عينيه برؤيتها لمدة أطول فالتفت قائلًا بنبرة خشنة
" جنة هتسافر اخر الاسبوع. عشان الجلسات عرفتي ؟"
" اه عرفت.. هي قالتلي. بس بتقول هيكلموا الدكتور عشان الجلسات تكون هنا واقدر اكون موجودة معاها.."
هكذا تحدثت بلهفة فقال بفظاظة
" لو حابه تروحي معاها. براحتك "
2
لو لم تكن تعلم سابقًا من شقيقتها بأنه رفض هذا العرض لكانت ماتت ألمًا فهي من أخبرتها بأن تطرح هذا الامر علي «سليم» لتري ردة فعله ولكنها الآن تعلم أنه مازال غاضبًا بل متألم بسبب ما حدث لذا تحدثت بثبات
" لا. انا هستني لما تروح و ترجع و مدام سليم معاها انا مطمنه. "
3
ارتاح قلبه ل إجابتها ولم يعلق اكتفي بإيماءة بسيطة من رأسه و أوشك علي الالتفات فجاءت كلماتها التي جعلته يتوقف بمكانه
" اتعشيت ولا اجهزلك العشاء ؟"
3
أراد أن يخبرها بأن جوعه لم يكن للطعام ولكن اكتفي بالقول
" لا مش جعان.. "
" بس غلط كدا.. انت فين من ميعاد الغدا؟ عدي اكتر من تمن ساعات.."
هكذا تحدثت بلهفه فقد كانت تريد أن تطيل معه الحديث قدر الإمكان ولا تعلم بأنها تضعه في تحدٍ عنيف بين ثباته التي بدأ يتلاشى و بين شوقه الضاري لها و خاصةً وهي بتلك الهيئة فحاول التماسك قدر الامكان قائلًا بفظاظة
" انا بحب انام خفيف.. "
" غلط علي فكرة .. أن لبدنك عليك حق"
عاندته حين رأت عروقه النافرة التي تدل على مقاومته الضارية ل مشاعره نحوها وقد تذكرت حديث «أمينة» التي قالت بتعقل
" جوزك بيحبك. يعني قلبه في صفك. كل راجل وله طريقه اه. بس الرجاله كلها بيجتمعوا في نقطة الغريزة فلما تجمعي بين قلبه و غريزته يبقي أنتِ ملكتيه العمر كله.. و لو معرفتيش تستغلي دا يبقي أنتِ غبية"
9
علمت أنها في الطريق الصحيح لذا قررت اللعب بشتى الاتجاهات حتى تعيده الي أحضانها من جديد.
" متشغليش بالك.. انا متعود على كده.."
هكذا أجابها بفظاظة فقد ضاق ذرعًا بعنادها و أراد الهرب من بين براثن اغوائها القاتل فتوجه إلى داخل الغرفة فتبعته قائلة
" انت بتقاوح في الغلط ليه ؟"
توقف بمنتصف الغرفة وقال بخشونة
" عايز اغير هدومي لو حابه تفضلي عندك تتفرجي انا معنديش مانع.."
6
تسمرت بمكانها لدي سماعها كلماته التي جعلت فكها يتدلى من فرط الصدمة و خرجت شهقه قويه من جوفها لدي رؤيتها يده التي امتدت تمسك بطرف المنشفه فالتفتت بلمح البرق الي غرفة الملابس مغلقه الباب خلفها بعنف فلم ترى ضحكته العابثة ولا ذلك النفس القوي الذي خرج حارقًا من جوفه ..
5
***********
وقعت فريسة لذكرياتها المؤلمة بقدر روعتها فباتت ليلها تضحك تارة و تبكي أخرى وهي ترى صورًا من الماضي تعكس لحظات لن تعود و لن تحيا مثلها أبدًا..
جاء الصباح وهي غارقة ببحور العذاب حتى أنها لم تنتبه لشروق الشمس الذي أضاء الغرفة ف قلبها كان غارقًا في ظلام الوجع الذي بعد مرور تلك السنوات لم يهدأ أبدًا .
طرق قوي على باب الغرفة جعلها تقوم بلملمة اوجاعها و دفنهم بصندوقها السري الذي أتقنت اخفاءه في خزانة ملابسها و قامت بكفكفه عبراتها قبل أن تقول بصوت مبحوح
" ادخل..."
أطلت «شيرين» برأسها من الباب لتقع نظراتها علي «همت» التي كانت عينيها تحكي مقدار الألم الذي تحاول جاهدة اخفاءه حين قالت بجفاء
" خير عالصبح.."
تقدمت «شيرين» من والدتها تناظرها بقلق تجلي في نبرتها حين قالت
" مالك يا ماما .. في أي؟"
«همت» بجفاء
" مفيش . جايه ليه ؟"
" لسه بردو زعلانه مني؟"
أدارت رأسها الناحية الاخرى وهي تقول بنبرة قاسية
" مش عايزة اتكلم فى حاجه .."
1
عاندتها بتوسل
" طب عشان خاطري. خلينا نتكلم و اسمعيني بعد كده لو عايزة تضربيني انا موافقه.."
التفتت تناظرها بحدة تجلت في نبرتها حين قالت
" اضربك.. فكرك بالكلام ده هتضحكي عليا ؟ اديني سبب واحد مقنع يخليكِ تعملي في نفسك اللي عملتيه دا؟ "
" كان غصب عني .."
هكذا اجابتها وهي تخفض رأسها فصاحت «همت» غاضبة
" كذب. أنتِ قبلتي بالوضع دا عشان تثبتي لسالم انك مش هتموتي من غيره . تموتي نفسك بالبطئ عشان خاطره. زي بردو ما حاولتِ تموتي نفسك قدامه عشان ميروحش الفرح ومهمكيش دموعي ولا وجع قلبي عليكِ.. ليه بتبهدلي في نفسك كدا.. ردي عليا... ليه هاينه شيرين عليكِ كدا؟"
استفزها حديث والدتها بشكل كبير وللحظه أوشكت على اخبارها بكل شئ ولكنها تراجعت بآخر لحظة و قالت بنبرة متألمة
" عشان معنديش حد غيره. محبتش حد غيره. هو كان بالنسبالي كل حاجه . قبلت بعقابه انا حتي فرحت بحالة احمد. لاني فعلا مكنتش هتحمل راجل غير سالم يقرب مني.. و رجعت عشان متحملتش يكون ل واحده غيري.. و بموت وانا بتخيله معاها.."
3
" و غلطي معاه من الأول ليه ؟ ماهو كان جمبك و معاكِ و كان زمانك متجوزاه ومخلفه منه . أنتِ الي اتملعنتي و لعبتي بديلك.. "
2
هكذا اجابتها «همت» بقسوة فصاحت «شيرين» بغضب
" حرام عليكِ تعيدي و تزيدي في الموضوع من تاني . شرحتلك الف مرة اني غصب عني غلطت. ايه اللي يغلط عندكوا يندبح !!"
«همت» بنبرة جريحة
" احنا اللي بنندبح من غلط اللي بنحبهم . عشان كدا مستحيل نقدر نسامح .."
" أنتِ زيه و شبهه علي فكرة . زي ماهو عاقبني و رماني أنتِ عاقبتي بابا و اتخليتي عنه.."
تألمت بقوة حتي أن عينيها فاضت ب عبرات غزيرة انهمرت علي وجنتيها حين قالت
" و أنتِ للأسف زي ابوكي .. عايزة تاخدي كل حاجه مش مهم ب تدوسي علي مين ؟ وعايزة بردو الناس تسامحك علي كل اللي بتعمليه. من غير ما يكون ليهم حق حتي يتألموا. زمان هو خاني و استكتر عليا اتعذب من خيانته. "
4
خرج صوتها جريحًا معذبًا حين قالت
" مخانش .. بابا مخانكيش أبدًا. هما اللي ضحكوا عليكِ وفهموكي كدا زمان عشان يبعدوكي عنه.."
«همت» بسخرية مريرة
" الوحيد المضحوك عليه هو أنتِ .. لو كنتِ ماشيه وراه هتندمي عشان ابوكي معندوش لا عزيز ولا غالي.."
2
«شيرين» بألم
" حرام عليكِ .. ابويا عاش عمره كله علي ذكراكِ . بالرغم من انك اتخليتي عنه. و صدقتيهم . "
" عشان هما مكذبوش.. "
2
هكذا صرخت «همت» بقهر ف تراجعت «شيرين» للخلف مصدوم فتابعت «همت» بألم
" لو هما كذابين فاحساسي عمره ما هيكذب .."
" طب و لو اثبتلك بالدليل أنهم كذبوا. و لو وريتك بعنيكِ أنهم كذابين تقبلي ترجعيله تاني ؟"
كانت تتحدث بثقة نجحت في زعزعة ثبات «همت» للحظات ولكنها صاحت برفض
" أي حاجه منه عارفه انها كذب ابوكي يقدر يزيف الحقائق و العكس بمنتهى الاحترافيه.."
«شيرين» بقوة
" مش كل حاجه ينفع تتزيف يا ماما .. بابا مش خارق. و عمومًا انا هوريكِ بعينك أن بابا اتظلم منهم زمان و أن اللي كانوا عاملين حبايبك هما الي طعنوكي في ضهرك ."
«همت» بريبة
" تقصدي مين ؟"
" أمينة. تنكري انك كنتِ عارفه انها امنت بتحبه زمام قبل ما اتجوز خالي ؟؟"
تراجعت «همت» بصدمة
" ايه ؟"
7
*******************
كان يسير بعربته بين الأروقة و الطرقات لا يعلم وجهته و لا يفهم ذلك الضيق الذي يملأ قلبه منذ البارحة.
حديثها و نظراتها المتألمة و قهرها الكبير يدميان قلبه. لم يكن من أصحاب القلوب اللينة لطالما كانت الناس تخشاه نظرا لقسوته و عنفوانه ولكن ماذا جرى له؟
هناك مشاعر قاسية وغريبة من نوعها تجتاحه ك فيضان لا يقدر على مقاومته .. نيران الذنب تحرق أحشاءه من الداخل و كلماتها تُعاد علي مسامعه كل لحظة فيزداد ألمه تشعبًا داخل صدره. فلم يعد يحتمل البقاء بغرفته و خرج منذ الصباح يجوب الطرقات لا يعلم عما يبحث ولكنه يحاول الهرب من ذلك العذاب الذي طرد النوم من عينيه الليلة الفائته ..
خفقة قوية ضربت قلبه حين شاهد تلك التي كانت تمشي بخطٍ مثقلة و ملامح واجمة وهي تحمل بيدها وعاء بيه أسمنت و تقوم بنقله الي موقع أحد الابنيه و بجانبها الكثير من مثيلاتها مِن مَن يقمن بهذا العمل الشاق ف تحفزت كل خليه به و تصاعدت أبخرة الغضب إلى رأسه خاصةً حين وجد أحد الرجال يناظرها بنظرات وقحة فاوثف عربته بعنف جعل الخيل يصهل بقوة و قام بالقفز من فوقها وهو يتوجه بأعين ترسلان سهامًا مشتعلة و قام بلكز ذلك الرجل في كتفه وهو يقول بغضب
" واجف جدام الحريم أكده ليه يا بغل انت؟"
تراجع الرحل بذعر من رؤيته وقال بتلعثم
" اني. اني بشرف عليهم يا عمار بيه. "
" طب غور من وشي. و شوفلهم حرمة غيرك تشرف عليهم.. "
اطاعه الرجل دون حديث مبتلعًا إهانته بصمت بينما توجه هو إلى تلك التي ضربت رجفة قويه جسدها بالكامل حين سمعت صوته ولكنها لم تحاول الالتفات حتي بل تابعت طريقها الي حيث تضع ما بيدها ولكنها تفاجئت منه حين قام بجذب ذلك الوعاء بقوة و إلقاءه أرضًا وهو يقول بفظاظة
" بتعملي ايه اهنه؟"
2
التفتت بأعين جامدة تشبه لهجتها حين قالت
" چنابك شايف اي؟"
اغتاظ من حماقة استفهامه فتجاوز عن اجابتها وقال آمرًا
" تعالي عايز اتكلم معاكِ في موضوع مهم.."
" لاه.."
فاجأة ردها القوي و الصارم ف اكفهرت معالمه و احتدت عينيه و شابهتها لهجته حين قال
" أنتِ اچنيتي يا بت . بجولك عايز اتكلم معاكِ تجوليلي لاه.."
أكدت علي حديثها قائلة بجفاء
" ايوا لاه.. اني مش فاضيه للحديت مع حد ورايا شغل و كمان مفيش بيني و بينك حاچه نتكلموا فيها.. "
3
ابتلع جمرات غضبه وقال من بين أسنانه
" شغلك موچود . انا موافجتش انك تسيبيه. و دلوق انچرى جدامي مفيش شغل ليكِ أهنه ولا أنتِ عاچبك الرچاله الي عينها هتطلع عليكِ أكده؟"
2
كانت كلماته مسمومة بقدر غضبه من نظرات ذلك الرجل لها وقد جاءت فى أكثر الأوقات الخطأ فسددت سهمًا اخر لها فردته هي بحرفيه لم تكن مقصودة حين قالت
" والله ده شئ ميخصكش. اللي يبص يبص. ايه مزعلك؟ "
كان سؤال وجهه لنفسه اولًا والتي هربت من إجابته والآن اعادته هي علي مسامعه فهل يهرب ؟ أو السؤال هنا كيف يهرب ؟"
" لسانك طول. و صار لازمن ينجطع . فوتي جدامي.."
" لااه.."
هكذا أجابته بقوة و إصرار فتحولت عينيه الي بركة من الدماء الغاضبة فتابعت هي بجفاء
" بعد عني يا كبير. و لو مفكر انك بفلوسك و سلطتك تجدر تبيع و تشتري في الخلج فمش كل اللي ينشرى و لا كل الي ينباع.. عن اذنك.."
5
ألقت كلماتها بوجهه ثم شيعته بنظرات ساخطة قبل أن تقوم بالعودة الي عملها تاركه خلفها كتلة من النيران التي أخذت تأكله من الداخل ولأول مرة بحياته يشعر بأنه لا يعرف ماذا يقول ولا كيف يتصرف؟ فقط ظلت عينيه معلقه عليها بصمت و انهزام كان الأول لقلبه..

3
*******************
" لسه بردو متصالحتوش ؟"
هكذا تحدثت «جنة» مع «فرح» التي كانت سابحه بخيالها وهي ترتشف قهوتها الصباحية برفقتها في الشرفة المطلة على الحديقة و الحقيقة أنها كانت بعالم آخر يقتصر عليه فقط و لكن جاءت كلمات «جنة» لتعيدها إلى واقع أليم فتنهدت بحرقة وهي تجيبها
" لا .. و مش باينلها صلح .."
" ليه بتقولي كدا؟"
2
لون الامتعاض ملامحها وقالت بتحسر
" معرفش . سالم محتاج وقت طويل على ما يقدر يسامحني و يرجع يتعامل معايا زي الأول و خصوصًا أن شكل في حاجة كبيرة حصلت وهو مش عايز يقول عليها و طبعًا مش هقدر اسأله.."
انكمشت ملامح «جنة» بقلق تجلي في نبرتها حين قالت
" حاجه زى ايه ؟"
" مانا قولتلك معرفش . و ماليش عين اسأل.. انا كل ما ابصله بلاقي عتاب كبير اوي في عينيه.. زي ما يكون كل ما يشوفني يفتكر اللي حصل .. انا بس نفسي اكون جنبه و اخفف عنه شويه "
2
هكذا تحدثت بحزن لون ملامحها بوضوح فرق قلب «جنة» لحالها و فجأة لمعت عينيها بحماس تجلي في نبرتها حين قالت
" بصي لو هو مش هقول أنتِ تعرفي من بره و وقتها تحددي"
" و هعرف منين ؟ و ازاي ؟"
هكذا تحدثت بيأس فتابعت «جنة» بحماس
" هو واحد بس الي ممكن يساعدنا نعرف في ايه ؟ و بناءً عليه هنقرر الخطة اللي هتمشي عليها عشان تخليه يسامحك.."
2
التفتت «فرح» تناظرها بعدم فهم ف أردفت «جنة» بحنق
" فرح فتحي مخك شويه . أنتِ اولا لازم تصالحيه زي ما زعلتيه . بس قبل ما تعملي كده لازم نعرف في ايه ؟ خصوصًا أن سليم هو كمان شكله مش مظبوط ومخبي حاجه و أنا بردو هموت واعرف ايه الحاجه دي ؟ بس بردو مش قادرة اسأل فنعرف الاول وبعد كدا نشوف هتعملي ايه ؟"
9
" طب بردو هنعرف ازاي ؟"
" سيبيها عليا.."
1
هكذا تحدثت «جنة» و ما أن انتهت حتى أتاها صوتًا عابثًا من خلفها
" يا ساتر استر يارب . متجمعين كده يبقي بتفسدوا مانا عارف تجمع الستات دا آخرته مصايب سودا.."
3
التفتت «جنة» لدى سماعها صوت «مروان» الساخر فهبت من مقعدها تناظره بصدمة تجلت في نبرتها حين قالت
" يخربيتك . انت جيت منين؟ دانا كنت لسه هقوم حالًا ادور عليك.."
4
جلس «مروان» علي الكرسي بين الشقيقتين وهو يقول بترقب
" اكيد حظي المنيل هو الي جابني دلوقتي .. انجزي كنتِ هتقومي تدوري عليا ليه ؟ "
2
اقتربت «جنة» تجلس أمامه وهي تقوم بوضع قطعة كيك في الطبق و تقديمها إليه قائلة بصوت رقيق و نبرة هادئة
" طب فطرت الاول . دي الكيك دي اللي انت بتحبها علي فكرة و انا اللي عملاها."
" استر.. اهو انا بقي مبخافش غير من الدخلات دي"
5
هكذا صاح «مروان» بشك فرسمت «جنة» الحزن علي ملامحها و تجلي في نبرته حين قالت
" اخس عليك.. وانا اللي قولت تيجي تفطر معانا و عملت الكيك اللي بتحبه.."
1
«مروان» بتهكم
"ماهي دايمًا المصايب بتبتدي كدا .. جُر رجل الزبون و بعدين زحلقه وقعه علي دماغه. انجزي عايزة ايه. و هاتي الكيك دا اما ادوقه"
2
ناولته «جنة» طبق الكيك فأخذ منه قطمه تلو الأخرى و بدا عليه الاستمتاع بطعمه فقال بريبة
" الكيك طعمه رائع و دا في حد ذاته يقلق.."
1
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
" يقلق ازاي؟"
" عشان اللي هييجي بعده هيبقي مرار.. جمال الكيك يتناسب طرديًا مع فداحة المصيبة اللي بتيجي بعده. واللي مخلياكِ قاعدالي كدا زي قرد قطع عينك في كل قطمة بحطها في بقي . لما هيجيلي تلبك معوي. اخلصي عايزة ايه ؟"
7
أخذت الفتاتان تناظرنه بصدمه تجلت في كلمات «فرح» حين قالت ل«جنة»
" أنتِ فاهمه حاجه ؟"
«جنة» بغباء
" لا.."
1
رمقهم بسخرية و تابع يأكل بنهم إلى أن توقف الأكل بحلقة فسعل بقوة فهبت «جنة» تناوله كوب المياة بلهفه وهي تصيح
" ادي اخرة التفاصه .."
1
«مروان» من بين سعاله
" قصدك آخرة عنيكِ اللي تندب فيها رصاصة.."
قهقهت «جنة» علي مظهره و خاصةً حين جلب قطعة أخرى إلى طبقة وهو يقول و كأن شيئًا لم يكن
" ها ياستي قوليلي عايزة مني ايه ؟ عجبني الكيك و نويت اساعدك خلاص.."
1
اقتربت «جنة» منه تشير إليه بالاقتراب وهي تقول بصوت لا يسمعه سوى ثلاثتهم
" سالم و سليم مالهم ؟ في ايه شاغلهم اليومين دول و مخليهم مش علي بعضهم؟"
2
توقف الطعام بفمه وهو يناظر عينيهم المسلطة بقوة عليه فصاح بمراوغة
" بيقولك بقى لما تحطي شويه خل ع الكيكه بيخليها هشه كدا و عامله زي الهوى. إنما الكيكه دي مكتومه .. لا مش قد كدا . أنا بقول اقوم اروح لدادا نعمه اخليها تعملنا صينيه كيكه من بتوعها و بالمرة تعلمك الطريقة .. عن اذنكوا.."
اوشك علي الفرار فوجد يد «جنة» التي امتدت تمسك ساعده وعينيها التي ضيقتها بشر تجلي في نبرتها حين قالت
" اقعد .. بتصيع عليا. طيب يكون في علمك اني مش أنا اللي عامله الكيكه . و مبعرفش اعمل كيكه اصلًا.. نعمه اللي عملاها. ابقي اتجرأ و قول الكلمتين دول قدامها.. و دلوقتي بقي. نتكلم بصراحه و من غير لف ولا دوران. في ايه مخبيينه علينا. انطق و الا متلومش غير نفسك .."
1
كانت تحادثه و يدها تلهو في حركة استعراضية بسكين الفاكهة تريد بث الرعب في قلبه و قد نجحت في ذلك فقد بهتت نبرته و تراجع قائلًا
" شوف ياخي و انا اقول بردو . دي استحالة نكون عمايل ايديكِ انتِ تعملي قلقاس . بصارة.. خبيزة إنما كيكه لا طبعاً. "
2
تدخلت «فرح» بنفاذ صبر
" انجز هتقولنا ولا لا ؟"
زل لسانه وهو يقول بحدة مفتعلة
" انتوا عايزيني أبيع ولاد عمي و اطلع اسرارهم بره؟"
1
صاحت «جنة» باندفاع
" انا قولت . يبقي اسرار فعلًا واحنا منعرفهاش.."
اغمض عينيه للحظات يلعن غباءه فتدخلت «فرح» قائلة برفق
" مروان . سالم مش متظبط خالص . وانا حاسه ان في حاجه والحاجه دي تخصني و هو كالعادة مبيقولش . فقلنا نسألك انت ب تعتبرنا اخواتك و اكيد هتساعدنا.."
1
«مروان» بتهكم
"و أنا مين هيساعدني لما يعلقني عالبوابة ويبيع الكيلو مني بقرش ؟ "
4
" اوف بقي . ما تنشف كدا ولا حد يقدر يعمل معاك حاجه واحنا موجودين .. و بعدين مش احنا اخواتك زي ما قولت ؟"
مروان باستنكار
"هموت و اعرف قولت امتا الكلام دا ! اخواتي منين انا ليا أخ واحد و امريكا بحالها مكنتش وخدانا احنا الاتنين طفشت منه و جيت. بعت معايا المخفية بنته عشان تكمل مشواره في تنغيص حياتي . مين قالك اني عايز اخوات اصلًا.؟"
«فرح» بخيبة أمل
" طب خلاص يا مروان .. مش عايزة اعرف حاجه.."
كام مظهرها محزنًا للغاية فتحدث بنفاذ صبر
" ايه دا أنتِ زعلتى ولا ايه ؟ لا بقولك ايه انا نقطه ضعفي الوحيدة الاقي مزة زعلانه.. "
1
تدخلت «جنة» معنفة
" طب ما تقول لنفسك . ما هي مقهورة قدامك اهيه..."
زفر بقوة و قال بنفاذ صبر
" طب بصي اديني فرصة أخد و ادي من نفسي كدا و اشوف انا ينفع اقول ايه و ايه الي مينفعش اقوله . دي أسرار بردو .."
1
برقت أعين الفتاتين و صحن في آن واحد
" يعني في اكتر من حاجه مش حاجة واحدة ؟؟"
هنا أدرك هفوته فقام بضرب رأسه بظهر يده وهو يتمتم بحنق
" يا وقعتك السودا يا مروان . "
" مروان يا بتاع سما . أنجز و قول في ايه احسن ما هخلي البيت كله يعرف المستخبي. وانت عارفني مجنونة واعملها..."
" هشششش . اخرسي الله يخربيتك . هتوديني في داهية. "
هكذا تحدث بلهفه وهو يتلفت بكل الاتجاهات فلمعت عينيها بخبث تجلي في نبرتها حين قالت
" يبقى تتعدل و تقول في ايه ؟"
" جنة .. جنة.."
صدح صوت «سليم» خلفهم فالتفت الثلاث إلي الخلف وما أن رآه «مروان» حتي هب من مكانه وهو يقول بلهفة
" سليييم . حبيب قلبي .. بدور عليك من الصبح . عايزك في موضوع مهم ميتأجلش ثانيه واحدة .."
1
كانت فرصته الوحيدة في الهرب من بين براثنهم فهرول الي «سليم» الذي تفاجأ به يجلس بينهم ثم وثب قائمًا تجاهها يجره بعيدًا عنهم ..
" في ايه يا ابني جررني وراك كدا ليه"
«مروان» بلهاث
" اصلك متعرفش . انا كنت في حلقة استجواب مع المحقق كونان و انت جيتلي نجدة من السما.."
1
«سليم» بنفاذ صبر
" انا مش فاهملك حاجه ياد انت. استجواب ايه و كونان ايه دا مش ناوي تعقل شويه؟"
" كونان دي يبقي الهانم مراتك .."
هكذا أجابه «مروان» بتهكم ف انكمشت ملامحه بغضب و قال بتقريع
" مالك و مال مراتي يا حيوان..؟"
2
«مروان» باستفزاز
" السؤال الأصح هي اللي مالها ومالي . الهانم شقطتني و أنا ماشي في حالي و هات يا دلع و اشي كيك و شاي و طلعت في الاخر عايزة تستجوبني .."
4
امسك «سليم» به من تلابيبه وهو يصيح غاضبًا
" كيك و دلع هي حصلت دانا هدفنك حي النهاردة.."
3
كاد أن يختنق بين يديه فحاول الحديث قائلًا من بين أنفاسه المتلاحقة
" افهم يا ابو مخ مصدي . بقولك ب تستدرجني عايزة تقررني و تعرف سالم ماله و احنا مخبيين عنهم ايه ؟"
1
أفلته «سليم» بغتة و قال بلهفه
" اوعي تكون قولتلهم حاجه ؟؟"
«مروان» بغرور
" عيب .. عيب تقول علي صاحبك وحبيبك و كاتم أسرارك كدا.. لا طبعًا توهتهم لحد ما انت جيت و خلعت. بس جنة دي مش سهله دي فقستني و أنا مش هسلك معاها. و أساليبها كلها مغرية و انا بصراحه بضعف ..'
لكمة قوية كادت أن تصيب فمه ولكنه تفاداها ببراعة وهو يقول بلهفة
" مش كل مرة يا برنس عيب .."
فصاح «سليم» غاضبًا
" دانا هكسر صف سنانك اساليب ايه يا بغل اللي مغرية ؟؟"
صحح «مروان» حديثه إذ قال بسلاسة
" تصدق الحرمان وحش بردو . يا ابني افهم . دماغك بتروح فين اقصد جابتلي كيك. قالتلي انا اللي عملته بأيدي و انت زي اخونا و بنحبك و الكلام اللي اي حد حمار ممكن يتثبت بيه .."
" و طبعا انت اتثبت ؟"
هكذا تحدث «سليم» ساخرًا فأجابه «مروان» باندفاع
" طبعًا بقولك أساليب مغرية جدًا.. "
" بقي الست هانم بتثبتك عايزة تعرف منك .. دي مفكرتش حتي تسألني ؟ ماشي يا جنة .."
هكذا تحدث «سليم» حانقًا فأجابه «مروان» بمزاح
" دي غيرة و نفسنه و لا انا بيتهيألي ؟"
2
تراجع خطوتين إثر نظرات سليم النارية فآثر تغيير الموضوع إذ قال بجدية مفاجأة
" بس قولي تفتكر سالم ليه مصارحش فرح بموضوع الايميل الي اتبعت من علي اللاب بتاعها دا ؟ تفتكر كان شاكك فيها ؟؟"
2
نجح في تشتيت انتباهه فتحدث «سليم» بحيرة
" والله معرفش .و هو مش مرسيني دماغه فيها ايه ؟ اي حاجه تخص فرح مبيصرحش بيها. "
1
هنا تراجعت خطوة إلي الخلف بعد أن استمعت لحديثهم بتحريض من «جنة» التي كانت بواد آخر وهي تتخيل «سليم» غاضب منها لما حدث مع «مروان» ولكنها تنبهت علي حديث «فرح» التي قالت بعدم فهم
" ايميل ايه ؟ و ايه حكايه شكه فيا دي ؟"
1
«جنة» بعدم فهم
" معرفش .. و موعدكيش اني اقدر اعرف .. لو عايزة رأيي اسأليه دا حقك مدام الموضوع كله يخصك ..."
ارتسم التصميم علي ملامحها و نبرتها حين قالت
" عندك حق .."
أنهت جملتها وتوجهت رأسًا إلى مكتبه و قامت بدق الباب و حين أتاها أمره بالدخول قامت بالدلوف علي الفور وهي تتوجه بخطوات ثابته إليه تشبه نبرتها حين قالت
" عايزة اتكلم معاك في موضوع مهم ؟"
رفع رأسه يطالعها بصمت دام للحظات قبل أن يقول باختصار
" سامعك..."
" ايه حكايه الايميل دا اللي اتبعت من ع اللاب بتاعي دا ؟"
احتدت نظراته لثوان قبل أن يقرر الحديث بصراحه
" من فترة اتعرضنا لعملية نصب حد اتعاقد مع شركة ألمانية باسمنا و بعت من علي ايميل الشركه اوردر للمخازن أنها تطلع البضاعة و تمن الصفقة و الفلوس اتحولت علي حسابه و لحد دلوقتي معرفناش مين الشخص دا .."
2
انكمشت ملامحها بعدم فهم سرعان ما تحول لصدمه ما أن وصل مغزى حديثه الي عقلها و الذي لسوء حظها
أكدته كلماته حين تابع بخشونة
" ايميل الشركه كان مفتوح عندي وعند سليم و عندك! "
تراجعت خطوة للخلف وهي تقول بصدمة
" تقصد .."
قاطعها حديثه الجاف حين اكمل
" مروان فحص التلت أجهزة. اكتشفنا أن الايميل اتبعت من عندك...."
كلماته اخترقت قلبها كسهام مشتعلة نفذت إلي أعماقها بقوة آلمتها و تجلي ذلك الألم على وجهها و تقاسيمها التي امتقعت ف خرجت الكلمات من فمها مبعثرة تمامًا كحالها في تلك اللحظة
" انا. انت .. انت.. تصدق .. أن .. انا . اعمل . حاجه . زي دي؟. أنا . عمرى .. ما .."
قاطعها بلهجته الخشنه و ملامحه التي قست حين رأي ألمها الجلي علي وجهها
" الكلام دا عدي أوانه خلاص .."
بشفاه مرتجفه اجابته
" تقصد ايه ؟.. لحظة . انت سألتني عن اللاب بتاعي قبل الفرح .. يعني .."
زفر بقوة قبل أن يعيد كلماته السابقة
" قولتلك الكلام عدي أوانه خلاص .."
وصل المغزي خلف حديثه فهو لم يشك بها قط و الا لما تابع مخططه بالزواج منها فتقدمت منه قائلة بحزن
" انت مشكتش فيا اصلًا .. أنا متأكدة من دا.."
2
تجاهل ألمه و أجابها بفظاظته المعهودة
" طبيعي تكوني متأكدة . ماهو مفيش واحد هيتجوز واحدة شاكك فيها.. والا يبقي غبي .."
2
كانت تعلم ما يرمي إليه جيدًا و قد تعاظم شعور الندم بداخلها علي خطأها الجسيم بحقه و قد هالها نظراته المعاتبة الجريحه فهو لم يشك بها أبدًا حتى لو رآي بعينيه وهي التي صدقت كلمات تلك الشيطانة و انساقت خلف مخططاتها بكل غباء . ياليت الزمن يعود إلي ذلك اليوم
فتنفض كل هذا العبث و ترتمي بين أحضانه ولن تفارقها أبدًا ..
2
اقتربت خطوتين وهي تقول بشفاة مرتجفه
" سالم .. انا عارفه اني غلطت في .."
قاطعها بقسوة كانت جديدة كليًا عليه
" اسكتي يا فرح . "
1
هبت معانده
" سالم .. "
قاطعها بصرامة
" امشي يا فرح ..."
توقفت إثر اختراق الكلمة قلبها الذي اهتز حين تابع قائلًا بجفاء
" معنديش استعداد لأي نقاش دلوقتي و مش ضامن نفسي. ولا عايز يطولك أذايا .. فالأحسن تمشي..."
بشفاه مرتجفه وقلب محترق أجابته بخفوت
" حاضر .. همشي.."
لا تعلم كيف جرت قدميها للأعلى ولكنها لم تتوقع أن يطلب منها المغادرة بتلك الطريقه . نعم خطأها فادح و عواقبه وخيمة ولكن طلبه منها بالرحيل كان اقسي ما يتحمله قلبها. جل ما تريده الآن أن تغادر هذا المنزل لأبعد مكان تختفي به لتلعق كبرياءها الجريح و قلبها النازف ..
2
لا تعلم ماذا كانت تضع بالحقيبة ف عبراتها حجبت الرؤية أمامها و شهقاتها تعالت حتى أنها جذبت أسماع «أمينة» التي دخلت الي الغرفة لترى ماذا يحدث فتفاجئت بتلك التي تحمل حقيبتها تنوي المغادرة ف استوقفتها قائلة بصدمة
" راحه فين يا فرح؟ "
اجابتها بنبرة جريحه من فرط الألم
" ماشية.."
2
«أمينة» باستنكار
" ماشيه فين أنتِ اتجننتِ ؟"
«فرح» بنبرة متقطعة من بين شهقاتها
" لا . متجننتش . سالم اللي طلب مني امشي .."
بهتت ملامح «أمينة» و قالت بصدمة
" ايه ؟ سالم الي طلب منك تمشي ؟"
" قالي لو مش عايزة يطولك أذايا امشي. امشي يا فرح .."
4
قالت جملتها الأخيرة و انفجرت في نوبة بكاء مريرة رق لها قلب «أمينة» التي احتضنتها بحنان يتنافى مع تعاظم الغضب بداخلها وأخذت تربت على كتفها في محاولة لتهدئتها وحين لاحظت سكون جسدها قليلًا تراجعت تناظرها وهي تقول بصرامة
" استنيني هنا . و اوعي تفكري تخطي بره باب الأوضاع بالشنطه دي . اللي مش قادر يسيطر على غضبه هو اللي يمشي . معندناش ستات تسيب بيتها .."
1
اوشكت على مقاطعتها ف نهرتها «أمينة» بغضب
" ولا كلمه . استنيني هنا.."
1
في الأسفل كان يشعر وكأن الكون كله يضيق به . التنفس كان ثقيلًا للحد الذي جعله يقوم بفك ربطة عنقه و حل أزرار قميصه ليستطيع الأكسجين المرور إلى رئتيه التي كادت أن تنفجر من كثرة الضغط عليها.
" انت فعلًا طلبت من فرح تمشي و تسيب البيت ؟"
هذا كان استفهام «أمينة» الغاضب حين اقتحمت الغرفة دون أن استئذان ولكنه لم ينتبه سوي لحديثها الذي جعل جميع خلاياه تتحفز و قال بنبرة مستنكرة
" تمشي و تسيب البيت ؟ مين قالك كدا ؟"
2
" محدش قالي. دخلت الاوضه لقيتها منهارة و بتلم هدومها و ماشيه. أما سألتها قالت انك قولتلها كدا.."
وثب قائمًا من مكانه و قد غلف الغضب عينيه و لون تقاسيمه و صدح صوته في أرجاء الغرفة وهو يقول بحدة
" ايه التهريج دا ؟؟"
ما أن خطى خطوتين باتجاه باب الغرفة حتي تسمر بمكانه إثر سماعه صوت صراخها الذي اخترق اعماق قلبه وووووو
16
يتبع...
يد واحدة لا تصلُح للتصفيق . كذلك العلاقات مدى نجاحها يتوقف على مدى إصرار كِلا الطرفين على فلاحها. فإن لم يكن كِلاهُما في مُنافسة قوية لإنجاح هذه العلاقة فالفشل هو مصيرها الحتمي. ومما لا شك فيه أن لا شئ في هذه الحياة يحدُث عبثًا. فتلك العقبات والعراقيل ما هي إلا اختبارات لقياس مدى قوة العلاقات وهشاشتها. فإما أن تجد نفسك في المكان المناسب مع الشخص المناسب الذي حتى في أحلك الأوقات باستطاعته تجاهل كل الحزن والكمد لأجلك.
و حين تأتيه هاربًا من أذى الدنيا يكُن هو ملجأك الآمن و ركنك الدافئ الذي يعرف كيف يحتوي جزع قلبك و يسكُب الطمأنينة بين أوردته. أو تجد نفسك غريبًا وحيدًا في مواجهة ازماتك وخذلانك حين أيقنت بأن ذلك الشخص الذي اخترته يكن سندًا في أيامك العجاف كان هشًا متخاذلًا للحد الذي لا يليق بقلبك و لا يكفى لتكوين علاقة سليمة..
ولإن مرارة ذلك الشعور قاسية و تخطيها ليس بالأمر الهين فأحسنوا اختيار من يسكن القلب…
8
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
انت فعلًا طلبت من فرح تمشي و تسيب البيت ؟"
هذا كان استفهام «أمينة» الغاضب حين اقتحمت الغرفة دون أن استئذان ولكنه لم ينتبه سوي لحديثها الذي جعل جميع خلاياه تتحفز و قال بنبرة مستنكرة
" تمشي و تسيب البيت ؟ مين قالك كدا ؟"
" محدش قالي. دخلت الاوضه لقيتها منهارة و بتلم هدومها و ماشيه. أما سألتها قالت انك قولتلها كدا.."
وثب قائمًا من مكانه و قد غلف الغضب عينيه و لون تقاسيمه و صدح صوته في أرجاء الغرفة وهو يقول بحدة
" ايه التهريج دا ؟؟"
ما أن خطى خطوتين باتجاه باب الغرفة حتى تسمر بمكانه إثر سماعه صوت صراخها الذي اخترق اعماق قلبه الذي كان يسبق خطواته المتلهفة التي حملته إليها بسرعة البرق فقام بدفع باب الغرفة ليتفاجئ بها تقف أمامه بجسد مرتجف و عينين تمطران ألمًا فهرول إليها يحتضن كتفيها بيديه و بصوت يحمل اللهفة والقلق معًا خاطبها
" انتِ كويسه ؟ حصل ايه؟ "
تشابهت رجفة جسدها مع شفتيها حين قالت
" عمو وفيق مات !"
تحدث بنبرة يشوبها التعاطف
" لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم. البقاء لله يا فرح .."
8
تسابقت عبراتها في الانهمار على وجنتيها و قامت
ب إخفاض رأسها ف شعر بقلبه ينشق إلى نصفين حين رأي الوجع يهزمها بهذا الشكل فتجاهل كل شئ و نحى خلافهم جانبًا جاذبًا إياها لتستقر بين أحضانه ملجأها الذي ما أن لامست دفئه حتى انخرطت في نوبة بكاء عنيفة استقبلها صدره بكل رحابه حتي أنه صار يهدهدها كطفل صغير الي أن هدأت عواصف الألم بقلبها وافرغت سحبها كل ما تحمله من أوجاع فقام برفع رأسها وهو ينظر إلي عينيها التي لونت خضرتها بدماء الحزن الذي كان اضعافه بقلبه فقام باحتواء وجهها بين يديه وهو يقول بنبرة رقيقة
" وحدي الله يا فرح.. محدش فينا له في نفسه حاجه.."
6
لم تكن كلمات عاشقه بقدر ما كانت حانيه لامست أوتار قلبها الذي استعاد ذكرياته المريرة من آلام الفقد و اللوعه التي تجلت ب نبرتها حين قالت
" ونعم بالله.."
احتوت يديه خصرها وهو يقول بحزم
" تعالي.."
تركت له نفسها فهو خير من يؤتمن عليها فدلف بها الى الحمام و قام بفتح الصنبور و مد يديه و أخذ يبلل وجهها بأنامل حانيه كانت تخشى عليها من نسمه الهواء.
1
فقد كان يصب الحنان علي قلبها صبًا بالرغم من أنه لم يتحدث ولكن أفعاله كان لها وقع البلسم علي وجعها الذي لا يسكنه سوى وجوده
" غيري هدومك . و جهزي شنطتك عشان نلحق نحضر الدفنة . "
2
برقت عينيها حين سمعت كلماته التي لا تقبل الجدال فخرج سؤالها مندفعًا من بين شفتيها
" انت هتروح تعزي؟"
4
انكمشت ملامحه تعبيرًا عن استنكار لم يتخطي حدود شفتيه بل إنه تخطاه حين قال بخشونة
" يلا اجهزي مقدمناش وقت كتير.  و أنا هخلي الجماعة يجهزوا على ما احجز تذاكر الطيران.."
6
كان هذا آخر ما تفوه به قبل أن ينخرط في دوامة انشغالاته لكي ينهي الأعمال المتراكمة عليه قبل أن يذهبوا إلى هناك .. فلم تره سوى بعد مرور ساعتين حين كانت تستقل الطائرة برفقة «أمينة »و «مروان» و «سليم» و «جنة» التي كانت حزينة من أجل ذلك الرجل الذي لا زالت تتذكر ملامحه منذ أن رأته وهي تغادر مع أسرتها و التي لا تشبه تلك الصورة المؤلمه التي رأته بها آخر مرة حين ذهبت إلى مزرعته للعيش بها …
شعرت بيد قوية تطوق كفها برفق فألتفتت لتجد 《سليم》 الذي خاطبها بلهجة خافته
" بتراهني عالحصان الخسران علي فكرة .."
كانت تعلم المغزى خلف كلماته ولكنها آثرت المراوغة
ف قالت مدعية عدم الفهم
" تقصد ايه؟"
كان يرى داخلها بوضوح و لكنه قرر مجاراتها حين قال بخشونة
" الحصان اللي كنتِ عايزة تخرجي بيه الصبح ضعيف . مش قد كدا .. لو كنتِ قولتيلي كنت جبتلك حصان احسن . علي الأقل ابقي ضامن أنه ميوقعكيش.."
2
كان لحديثه معان مبطنه تختلف كليًا مع ظاهره ولكن لعبته اعجبتها و قررت أن تذهب معه حتي النهايه إذ قالت بخفوت
" اصل انت مكنتش فاضي . و محبتش اشغلك بحاجات تافهه.."
" اشغليني بعد كدا.."
3
قالها آمرًا فحاولت قمع إبتسامة أضاءت عينيها في تلك اللحظة فالتفتت تناظره بخجل تجلي في نبرتها حين قالت
" افرض كان عندك شغل أو…"
" هفضي نفسك حتى لو ورايا ايه. مش هيكون اهم منك.."
2
كان تصريحًا تاقت إلى سماعه بالرغم من يقينها من أنه لن يتأخر و لو ثانيه لتلبية ندائها ولكنها كانت تشتاق لسماع ذلك دون أن تخبره ذلك صراحةً.
فلونت حمرة جميلة خديها الذي أشتهي تقبيلهم في تلك اللحظة ولكن ليس أمام الجميع هكذا ولهذا أراد مشاكستها قليلًا حين قال بنبرة خافته بجانب اذنيها
" و على فكرة بقبل الهدايا و بموت في الرشاوي.."
8
التفتت تناظره بصدمه تجلت علي محياها بوضوح مما جعله يتراجع إلي الخلف يستند برأسه وهو يحاول قمع ضحكته بصعوبه حين اتاه صوتها المصدوم وهي تقول
" يعني ايه دا ؟ "
1
ضيق عينيه وهو يقول بنبرة متهكمة بينما عينيه ترسلان نظرات عابثه
" يعني مثلًا انا بحب كيك البرتقال اوى. وياسلام لو كان من ايديكِ الحلوة دي. يبقي كيك بالبرتقال والعسل . و تستغليني بقي . يعني معلومه كده . معلومة كدا. هقر علي طول.."
8
أدارت وجهها إلى الجهة الأخرى غير قادرة على النظر إلى وجهه فهي تعلم ماذا يقصد و علي الرغم من ذلك فقد كانت لكلماته مفعول السحر على قلبها الذي أخذ يدق بعنف جعل الدماء تتدفق بقوة في سائر جسدها الذي شعر هو برجفته فقام بالتشديد من قبضته الممسكة بكفها وهو يقول بجانب أذنيها
" عدي الجمايل بقى.."
3
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
" تقصد ايه ؟"
كانت عينيه تحمل العبث بينما أجابها بنبرة هادئة
" احنا طايرين بقالنا ربع ساعه.. "
3
شهقة كادت أن تفلت من بين شفتيها حين وصل إلي عقلها المغزى وراء حديثه فهذا الماكر أخذ يتلاعب بالكلمات حتى يشغلها عن إقلاع الطائرة الذي تخشاه . فتعاظم الحنق بداخلها من مكره فهي تعلم بأنه كان مستمتعًا ب ارباكها لذا قالت بجفاء
" ياريت تنام احسن.. "
2
أطلق تنهيدة قوية من أعماقه وهو يقول بتحسر
" هو طول مانتِ ورايا هشوف النوم …"
6
***************
بأقدام مرتعشة دلفت إلى الغرفة التي كانت مُعبأة برائحة الموت حتى أن جُدرانها كانت باهتة تشبه بهوت معالمها التي لونها الذعر فهي بحياتها لم تر شخص فارق الحياة أبدًا و كم كانت تخشى رؤية الجثث حتى في العروض السينمائية كانت تُدير رأسها و لكن كما يقولون الحب يفعل المستحيل . فهي لم تستطيع البقاء في الغرفة و تركه في هذه اللحظات العصيبة. و بأمر من قلبها الذي كان له سلطه قويه علي سائر جسدها خطت الي الداخل وحين رأته يجلس منكث الرأس منحني الجزع تبدد كل شعور لديها و حل محله الألم علي رؤيته هكذا و انتحب قلبها تزامنًا مع صوت بكائه المكتوم الذي شعرت به فامتدت يدها تلامس كتفه برقة تجلت في نبرتها حين قالت
" ياسين .. شد حيلك .. "
1
خيط من السكينة بدأ بالتسرب إلى قلبه رويدًا رويدًا حين سمع صوتها فقام بإرجاع رأسه للخلف فإذا به يتفاجئ بها سندًا لوجعه الذي احتضنته ذراعيها و طوقته بكل ما أوتيت من حب تجلي في نبرتها حين قالت
" انا عارفه انك ب تتعذب . الفراق صعب .. صعب اوي. بس افتكر انه دلوقتي مرتاح . مفيش ألم ولا وجع. "
4
كلماتها هونت من وجعه قليلًا فهي محقه فقد كان يتألم بحق و لا يوجد سبيل للراحة و كانت رؤيته هكذا تؤلم جميع من حوله الآن هو هادئ و ملامحه ساكنه لأول مرة منذ زمن طويل يرى هذا السلام باد على محياه و هذا ما جعل وجعه يسكن قليلًا ولكن ألم الفراق قاتل ينخر العظام و يذيبها و خاصةً حين يأتيك بغتة دون أن تكن مستعدًا له
خرج صوته متحشرجًا حين قال
" كان نفسي أودعه… آخر مرة شفته كان امبارح الصبح .. قعد يبصلي كتير . كأنه كان بيودعني بس انا مفهمتش.. لو اعرف مكنتش سبته"
5
انخرط قلبها وجعًا على حديثه الذي ذكرها بمصابهم حتي و إن كان شقيقها سيئًا ولكنها كانت تحبه و افتقدت وجوده كثيرًا . ولكنها لم تفصح عما يدور بداخلها بل قامت بتمرير يدها علي ذراعيه بحركات دائريه صعودًا على كتفيه في محاولة لتهدئه عضلاته المتشنجة وهي تقول بصوتًا عذب
" محدش يعرف الغيب غير ربنا .. وانت كنت دايمًا جنبه مسبتوش أبدًا. و دا عمره . ادعيله بالرحمة.."
2
خرجت الكلمات مُعذبة من فمه حين قال
" ربنا يرحمك يا بابا…"
تزاحمت الذكريات بقلبها فخرجت علي هيئة أنهار جرت علي خديها فقامت بالانحناء و احتضان رأسه بذراعيها وهي تقول بهمس بجانب أذنه
" عندي فكرة حلوة. ايه رأيك اجيب المصحف و نقعد نقرأ قرآن جنبه لحد ما ييجي معاد الغُسل.."
كانت قريبه منه لا بجسدها فقط بل بقلبها .. حتي أنه شعر بروحه تعانق روحها في تلك اللحظة فقامت يديه باحتضان يديها و التشديد عليها تعبيرًا عن امتنانه ثم قال بنبرة معذبة
" هاتي المصحف بتاعه . هتلاقيه في الرف التاني من الدولاب .."
علي مضض تركته يديها فشعر بالجليد يحيط به و كأنه انسحابها عنه سلب دفء جسده فصارت عينيه معلقه بها الي أن جلبت المصحف و جاءت بشال والدته المُلقى علي أحد المقاعد و قامت بلفه على خصلات شعرها المسترسله علي ظهرها و التفتت لتجلس بجواره و ما هي إلا لحظات حتى خرج صوتها العذب وهي تقرأ آيات الذكر الحكيم الذي كان له مفعول السحر علي قلبه الذي استكان و هدأ لدقائق حين أتمت سورة البقرة من بعدها ناولته الكتاب العزيز ليقول بتلاوة ما تيسر من آيات الذكر الحكيم ….

2
*************"

" يا بابا بقولك اتكلمت معاها وهي رافضه خالص حتي النقاش.."
هكذا صدح صوت 《شيرين》 في الهاتف فأجابها 《ناجي》 بسخرية
" دا المتوقع منها عشان متعرفش حاجه . لكن أنا هثبتلها ان كلامي صح .."
زفرت بقوة قبل أن تقول بتحذير
" بابا لآخر مرة هسألك . كلامك عن طنط أمينة حقيقي ؟ يعني انا بصراحه مش مصدقه .  حاسه ان في حاجه غلط . و لو فعلا احساسي صح ف أتأكد اني مش هساعدك في المخطط الحقير دا ..'
2
صرخ 《ناجي》 بغضب
" حتى أنتِ يا شيرين مش مصدقاني ! مش مصدقه ابوكي؟"
1
تراجعت 《شيرين》 وقالت بخفوت
" يا بابا كلامك مش معقول بصراحه . ازاي طنط أمينة كانت بتحبك. و هي من وهي صغيرة كانت مخطوبة لخالي زي ما قالولنا .."
1
《ناجي》 بغضب
" أمينة كانت بتحبني أنا ولما لقت أن منصور نصيبه اكتر مني عشان ابوه معندوش غير ولدين و بنت و كدا نصيبه هيكون كبير من التركة. سابتني و راحت اتجوزته. و بعدها انا حبيت امك و اتجوزتها وأمينة كانت هتموت لما شافتنا سعدا و مبسوطين مع بعض . وهي اللي خططت ودبرت لكل إللي حصل عشان تطلعني خاين و تبعدني عن امك. امك اللي طول عمرها ماشيه وراها مغمضه ."
5
تعاظم الغضب بداخلها بعد أن نجح  الشيطان في إشعال نيران الفتنة بقلبها فقالت بانفعال
" ببقي ماما لازم تعرف كل دا . و لو معاك الأدلة زي ما بتقول يبقي توريهالها."
1
«ناجي» بحنق
" اوريلها ايه وهي رافضه تسمع حتي اسمي !'
《شيرين》 بتفكير
" سيب الموضوع دا عليا أنا لازم استغل فرصه أن محدش هنا و اخليك تشوفها.."
" حلو اهو أنتِ كدا بنت ابوكي بصحيح…"
" النهاردة بالليل انا هاخدها و نخرج كأننا رايحين نشتري اي حاجه و هكلمك قبلها اعرفك هنتقابل فين بالظبط.."
التمعت عينيه بشر قبل أن يقول
" هستناكِ. "
5
أنهت مكالمتها و توجهت للشرفة تستنشق الهواء النقي فإذا بها ترى «ريتال» التي كانت تلهو في الحديقه و لكن فجأة تسمر جسدها وكأن هناك صاعقة برق ضربتها حين شاهدت أفعى سوداء تقترب من الطفلة ببطء فلم تشعر بنفسها سوى وهي تصرخ بملئ صوتها
" ريتاال حاسبي…'
1
التفتت 《ريتال》 تناظر «شيرين» التي كان الذعر يجتاحها بقوة دفعتها لأن تهرول الي الأسفل وهي تصيح
" دادا نعمه . عم عبدو . انتوا فين ؟'
كان صراخها يرن في أنحاء القصر وهي تهرول الى الحديقة وفجأة سمعت صوت صرخه قويه كانت ل«ريتال» فهوى قلبها رعبًا بين قدميها و صاحت بذعر
" ريتاال…"
شهقة قويه خرجت من جوفها لدي رؤيتها ذلك الظل الضخم لرجل كان يحتضن 《ريتال》 بقوة وبيده سلاح ناري فتوجهت عينيها تلقائيًا إلى الأفعى الغارقه بدمائها
ف فطنت إلى أن ذلك الغريب قام بقتلها بسلاحه ولكن كيف فهي لم تسمع صوت لطلق ناري ؟ تقدمت عدة خطوات مقتربة منهم. في البداية لم تتعرف إليه ولكن ما أن أصبحت على بعد خطوتين حتى تفاجئت حين علمت هوية ذلك الضخم فخرج صوتها مصدومًا
" طارق ! "
14
*************
أخيرًا وصلوا إلى ذلك المنزل الكبير الذي اتشح بالسواد فقد كان الحزن يحيط به من كل جانب ينعي فقيده الراحل و الذي رحل و ترك خلفه قلوب تتعذب كان علي رأسهم 《عبد الحميد》 الذي لون الحزن ملامحه التي بدت أكبر بكثير من سنوات عمره الخمس و السبعون فتبدل من ذلك الرجل القوي الصارم الذي يهابه الجميع الي اخر احني الوجع قامته و هدم جبال صلابته فحين وقعت عيني 《سالم》 علي مظهره تأثر كثيرًا و شعر بالتعاطف معه
" شد حيلك يا حاج عبد الحميد.. البقاء لله "
2
هكذا تحدث 《سالم》 فأجابه «عبد الحميد» بنبرة حاول أن تكون ثابته
" الدوام لله .. تعبت نفسك يا سالم بيه.."
1
«سالم» بخشونة
" ولا تعب ولا حاجه احنا أهل .. البنات جوا مع الحريم و معاهم الحاجة .."
«عبد الحميد» بتأثر
" فيها الخير .. منچيلكوش في حاچه عفشة"
التفت 《سالم》 يناظر «عمار» الذي كان وجهه مكفهرًا و الغضب باد علي محياه و ينبعث من نظراته و كانت هذه طريقته في التعبير عن غضبه فقام «سالم» بمد يده يصافحه وهو يقول بفظاظة
" البقاء لله.."
2
كانا رجلين صالحين ولكن فواجع أقدارهم هي من جعلتهم يومًا خصمين والآن لم يكن يتوقع 《عمار》 أن يأتي أحد لحضور مراسم العزاء فإذا به يتفاجئ بالجميع و من بينهم ذلك الذي ظنه خصمه ذات يوم فمد يده يصافحه بخشونة تجلت في نبرته حين قال
" الدوام لله … چيت يعني ؟ "
2
«سالم» بفظاظة
" و إيه اللي مش هيخليني آجي ؟ احنا أهل و بينا نسب لو ناسي !"
2
لم ينسى ولكنه كان دائمًا مندفعًا يصيب الآخرين بسهام ظنونه السيئه و لكنه مؤخرًا بدأ بالتعرف الي طباعه الخاطئه وان لم يكن قد أخذ القرار بتصحيحها بعد ..
" لا منسيتش.. اتفضلوا.."
1
في الداخل التفت الفتيات حول 《تهاني》 التي كانت تبكي بحرقه وهي تتجهز لفراق زوجها الغالي و رفيق دربها الذي و بالرغم من مرضه الشديد ألا أنها كانت ترفض و بشدة فكرة خسارته و حين استيقظت صباحًا شعرت بشئ سئ جعل قلبها ينقبض فالتفتت متلهفه إلى مخدعه تريد الاطمئنان عليه فإذا به تجد وجهه ساكنًا يلون السلام معالمه فشعر قلبها بأن تلك الراحة البادية علي ملامحه هي علامة الموت..
1
لم تصرخ ولم تصيح فقط اكتفت بعبرات حارقه خرجت من اعماق قلبها وهي تخبر ولدها بالخبر المشؤوم و داخلها يحترق حزنًا علي وجعه الذي لم يستطيع اخفاؤه عن عينيها فأخذت تبكي الحي و الميت وهي تتضرع الي الله عز و جل أن يلهمهما الصبر والسلوان علي مصابهم..
1
" شدي حيلك يا طنط .."
هكذا تحدثت 《فرح》 وهي تربت علي كتف «تهاني» بمواساه فاجابتها الأخيرة بخفوت
" الشدة علي الله يا بتي.."
بينما لم تستطع 《جنة》 الحديث فقد كانت تشعر بالاختناق من اصوات البكاء و مظاهر الحزن حولها ف شعرت بالدوار يلفها فاقتربت منها «فرح» قائلة بقلق
" جنة أنتِ كويسه ؟"
1
اومأت برأسها دون حديث ولكن كان وضعها يزداد سوء فقامت 《فرح》 بجلب هاتفها و الاتصال ب«سليم» الذي ما أن رأي اسمها علي الشاشة حتي أجاب بلهفه
" في حاجه يا فرح؟"
" جنة تعبانه…"
1
لم تكد تنهي 《فرح》 جملتها حتي هب واقفًا متوجهًا بأقدام مرتعبه الى الخارج وهو يقول بلهفة
" انتوا فين ؟"
" احنا في البيت جوا مع الحريم انا هسندها و نطلعها لحد فوق.."
أجابها بحزم
" انا مستنيكِ بره قدام الباب .. "
أنهت جملتها و استأذنت من 《تهاني》 التي لم تعارض وقامت بإسناد «جنة» الي خارج الغرفة ف لمحها ذلك الذي كانت كل خلية به ترتعب خوفًا عليها وخاصةً حين رآها مستندة علي كتف 《فرح 》ف ساقته خطواته الفهديه إليها و ما أن وصل قربها حتي امتدت يديه تحاوطها بلهفه تجلت في نبرته حين قال
" جنة ."
كان يتحدث و يد تحيط بخصرها و الأخرى تربت بخفه علي ملامحها فرفرفت برموشها وهي تهمس باسمه
" سليم…"
1
لم يحتمل قلبه همسها المتعب و قام بثني ركبتها و وضع يده الأخرى خلف ظهرها و حملها بخفه وهو يوجه حديثه ل«فرح»
" اطلعي قدامي وريني الأوضه بتاعتها…"
اطاعته 《فرح》 بصمت وما أن وصل إلى الغرفة حتي وضعها برفق فوق المخدع وهو يقول بنبرة ترتجف ذعرًا
"خليكِ جمبها و انا هكلم الدكتور ييجي يشوفها. شكلها ميطمنش ."
ما أن أوشك علي الانسلاخ عنها حتي تفاجئ بها تمسك بكفه تأبي تركه لها وهي تقول بصوت متعب
" متسبنيش .. انا خايفه.."
2
فعلتها تلك أضرمت النيران ب أوردته . تمسكها به لجوئها إليه و تصريحها بذلك كانت أشياء لم يكن يتخيل حدوثها و خاصةً في هذا الوقت و بأمر من قلبه قام باحتضانها بقوة و كأنه يثبت بالبرهان بأنه بجانبها و لن يتركها ابدًا فرق قلب 《فرح》 و تسلل السرور اليها حين رأت ما حدث و قالت بخفوت
" خليك جمبها انت.. هي تلاقيها تعبت من الجو العام جنة طول عمرها بتهرب من المواقف دي و مبتتحملش .. هخلي حد من البنات يعملها حاجه تهديها و أن شاء الله هتبقي كويسه .."
1
لم يكن يملك قدرة علي الحديث ف طاقته بالكامل كرسها في بث الأمان والطمأنينة في قلب تلك التي سكنت باحضانه و كأنه بيتها التي لا ملجأ لها إلا هو…

3
************
تمت مراسم الدفن و انقضى اليوم الطويل و دلف 《عبد الحميد》الي الداخل و خلفه حفيديه و رجال عائلة الوزان علي رأسهم 《سالم》 الذي ما أن خطي الى الداخل و التقمتها عينيه حتي تعاظم الشعور بداخله و اختلط عشقه بالحزن علي ملامحها الزابله و خاصةً حين رآها و هي تعانق جدها الذي لأول مرة يراه منكسرًا بهذا الشكل .
" البقاء لله يا جدو.."
" الدوام لله يا بتي… "
تشابكت نظراتهم و كأنها تخبره لقد خابرت هذا الشعور من قبل بينما هو يعتذر عن كونه كان غائبًا و تركها تتحمل كل هذا بمفردها حين توفي والداها.
تحمحم 《عبد الحميد》 بخشونه و خرج صوته متحشرجًا حين قال
" انتوا تعبتوا النهاردة. خدى چوزك و اطلعوا عشان ترتاحوا. "
1
رجفة قوية ضربت سائر جسدها حين سمعت كلمات جدها و تلقائيا تشابكت نظراتها مع خاصته ولكنها سرعان ما نظرت إلي الجهة الأخرى إلى 《أمينة》 التي صافحت «عبد الحميد» و قامت بتعزيته قبل أن تقول بنبرة شبة آمرة
" جدك عنده حق . خدي جوزك و اطلعي ارتاحوا فوق يا فرح .."
3
لا تعرف ماذا تفعل فالجميع يطالعها وهي عاجزة عن الحديث أو الحركة فجاء صوته لينقذها من حيرتها إذ قال بخشونة
" يالا يا فرح .. أنتِ تعبتي من السفر . بكرة الصبح ابقي اقعدي مع جدك براحتك.."
1
بدأ عذرًا مقبولًا ل حيرتها و تخبطها الذي ظهر بقوة علي ملامحها بينما هي اطاعته بصمت و داخلها سؤال مُلح لا تعرف إجابته
" كيف ستنام معه بغرفة واحدة؟؟"
4
دلف إلى الداخل و هي امامه و قام بإغلاق باب الغرفة وهو لا يتطلع إليها فقد كان يعلم ما يدور بخلدها لذا توجه مباشرة إلى الحقائب التي جاءت إلى هنا مسبقًا و قام بإخراج ملابس النوم وهو يقول بخشونة
" هدخل اغير في الحمام . خدي راحتك.."
1
نظرت إلي باب الحمام الذي اغلقه خلفه وقامت بسحب نفسًا قويًا إلي داخل رئتيها بينما ضجيج قلبها لم يهدأ و اختلط بذكريات سيئة تجاهد حتي تتغلب عليها فقامت ب جر قدميها حتي تصل إلي حقيبتها و قامت بإخراج ثوب قطني باللون الكحلي يصل إلي أسفل ركبتيها و كالانسان الآلي أنهت تغيير ملابسها و ذهبت رأسًا الي السرير فلا تملك أدنى طاقة للحديث أو حتي النظر إليه دون أن تركض الي أحضانه بكل ما تحمل من آلام و اوجاع تكالبت عليها.
حاولت التظاهر بالنوم حين سمعت صوت الباب يغلق و فجأة برقت عينيها حين شعرت بثقله علي السرير فأخذت دقات قلبها تقرع كالطبول و تنبهت جميع حواسها و حمدت ربها أنها كانت تعطيه ظهرها ل ألا يرى وجهها الآن .
2
سكنت لثوان غير قادرة حتي علي التنفس فهو قريبًا منها لدرجة لم تختبرها من قبل . بينما كان بعيد كل البعد عنها و محرم عليها حتي الاقتراب منه. تكالبت جميع أوجاعها علي قلبها الذي كان في أضعف حالاته ف تقاذف الدمع من عينيها بغزارة بينما كانت تحاول جاهدة ألا تخرج صوتًا يدل علي مدي ضعفها و احتياجها إليه ولكن القلب للقلب يحن و الروح بالروح تشعر خرج صوته الذي كان محشو بالحنان حين شعر بألمها و بكائها الذي تحاول كتمانه فهمس باسمها
" فرح .."
1
أخذت نفسًا قويًا تحاول منع نوبه انهيارها ولكنه لم يعطها خيار فشعرت بلمسته الحارقة علي ذراعها فلم تستطع الصمود أكثر فقامت بالالتفات إليه وهي تقول من بين شهقات لم تفلح في كتمانها
" سالم . ينفع تاخدني في حضنك !"
7
لم تكد تنهي جملتها حتي وجدت ذراعيه تحيطها بكل ما أوتي من عشق تجاهل لأجله كل شئ حتي أن كبرياءه لم يصمد أمام ضعفها هذا فصار يهدهدها برقة لم يتخيل أنه يملكها . بينما تعالي بكائها حتى صار نحيبًا أخذ يتردد بين جنبات صدره الذي كان يخفق بعنف تأثرًا بانهيارها الذي كان أكثر من مؤلم له ولقلبه…
4
************
دلف الي الغرفة وهي خلفه فقام برمي ثقله علي المقعد الذي اهتز قليلا بينما ارجع رأسه للخلف وهو يغمض عينيه بتعب نابع من قلب يتألم بشدة و قد كانت تنتظره بعينين اختلط بهم العشق مع الأسي علي حاله فقامت بالاقتراب منه و مدت أناملها الرقيقة ل تلامس جوانب رأسه وهي تحركها بحركات دائريه اضفت بعض الراحه الي ضجيج عقله و هدأ ذلك الصداع المميت الذي كاد أن يفتك به فارتخت معالمه قليلًا فجاء صوتها الحاني حين قالت
" اجهزلك الحمام ؟'
" لا .. "
" طب مش ه تاكل اي حاجه بردو ؟"
استفهمت بنبرة يائسة تجاهلها و قال بصوت محشو بالوجع
" حلا . عايز انام في حضنك .."
5
انهى جملته تزامنًا مع هطول دمعه يتيمه من طرف عينيه تحكي مقدار وجعه الذي فتت قلبها فقامت بمد يديها و جذبته من يده و توجهت الي السرير و جلست نصف جلسه بينما فتحت ذراعيها مرحبة باحتضان وجعه فارتمي بكامل ثقله بين أحضانها وهو يرتجف من شدة البكاء الذي شاطرته إياه فاختلطت عبراتهم كما تعانقت أرواحهم في تلك اللحظة التي لن تنسى أبدًا
1
فالقلب لا ينسى أبدًا تلك اليد التي انتشلته من بحور الألم و ربتت على أوجاعه و لملمت شتاتها و كانت ملجأه في في أكثر لحظاته جزعًا…
4
***************
جاء الصباح و انتصرت أشعة الشمس على دجى الظلام الذي خيم على القلوب التي أضعفها الألم و شوه معالمها الحزن لولا وجود تلك اليد الحانيه التي رممت أوجاع الماضي و حاكت بأناملها شقوق الروح لما كنا تجاوزنا..
هكذا كانت تشعر وهي تنظر إلي نفسها في المرأة فهي لولا انهيارها بين ذراعيه ليلة البارحة لما كانت الآن على قيد الحياة فالألم حتمًا كان سيجهز عليها. و بالرغم من ذلك فهي لا تعلم كيف ستنظر إلي عينيه ؟ يغمرها خجل كبير أن تقف امامه بعد أن طلبت منه أن يحتويها بين ذراعيه .. نعم هو زوجها ولكن !
1
" اوف بقي . وبعدين يا فرح . ماشي لسه متجوزتوش . بس هو جوزك بردو . اتعاملي عادي و متجبيش سيرة امبارح خالص…"
2
هكذا أخذت قرارها و بناءً عليه استجمعت قوتها و خرجت من الحمام لتتفاجئ به يقف أمامها يناظرها يعينين تغزوها اللهفة التي خالطت نبرته حين اقترب منها قائلًا
" عامله ايه دلوقت ؟"
1
تحمحت بخفوت قبل أن تجيبه بارتباك
" الح .. الحمد لله . احسن.."
كانت نظراته تحثها علي الحديث الذي خرج منها رغمًا عنها ضاربه بعرض الحائط جميع قراراتها
" سالم .. يعني .. بخصوص . امبارح .. انا .."
2
لاح شبح ابتسامه علي شفتيه حين سمع حديثها ولكنه قاطعها بحزم قائلًا
" امبارح عدا … خلينا في النهاردة .. متأكدة انك بقيتي كويسة ؟"
3
رفع من عليها الحرج فهدأت نبرتها كثيرًا و خرج صوتها ثابتًا حين قالت
" مش احسن حاجه . بس اكيد مش زي امبارح.."
1
جاء سؤاله مباغتا فهي لم تتوقع أن يشعر بها بتلك الطريقة
" كنتِ لوحدك لما والدك توفي ؟"
1
لامست نبرته وترًا حساسًا داخلها و أعاد استفهامه ألمًا تجاهد بقوة حتي تنساه فأومأت برأسها بالإيجاب بينما تجمعت طبقة كريستالية من الدموع في حدقتيها حين قالت بخفوت
".مشهد امبارح دا اتكرر كتير اوي علي فكرة . بس مكنتش بلاقي حد يحضني كدا.. انا كنت لوحدي في كل حاجه"
1
" بس أنتِ دلوقتي مش لوحدك يا فرح .."
قال جملته بينما امتدت يديه تمسكانها من اكتافها و عينيه تناظرها بنظرات اجتمع بها ألف شعور بينهم الحب و اللهفة و الألم و اخيرًا الأمان الذي غلفها للحظات لسوء حظهم قطعها صوت الهاتف الذي بدد الأجواء حولهم ف تحمحم《 سالم》 بخفوت قبل أن يلتقط الهاتف مجيبًا
" ايوا يا متر . طمني عملت اللي قولتلك عليه ؟"
1
المحامي بصدمه
" سالم بيه . في حاجه مهمه حصلت و لازم تعرفها .."
«سالم» بتوجس
" حصل ايه ؟"
" البنت اللي اسمها لبنى قدمت شكوى في عدى صاحب حازم بيه الله يرحمه أن هو اللي اغتصبها و أجبرها تقول علي ان حازم هو اللي عمل كدا.."
1
«سالم» بصدمة
" ايه !!!"
تجاوز عن صدمته لدى رؤية الفضول الذي لون معالمها فأشار لها بيده بأنه سينزل إلى الأسفل و ما أن خرج من باب الغرفة حتى قال بغضب
" انت متأكد من الكلام دا ؟"
" طبعًا متأكد.. انا حتي روحتلهم زي ما حضرتك قولتلي لقيتهم عزلوا من المنطقة اول امبارح بالليل …"
7
لم يستطع تصديق ما تسمعه اذناه فما يحدث مريب للغاية . ولكن لابد له من أن يصل إلى نهاية تلك الدوامة في أسرع وقت لذا قال بصرامة
" هما اكيد هيقبضوا علي عدى.."
" هما فعلا قبضوا عليه.."
《سالم》 بحنق
" عايزك تحضر التحقيق ضروري . بصفتك المحامي بتاعه. وانا بكرة بالكتير هكون عندك.."
انهي مكالمته و توجه إلي الداخل فوجدها جالسة علي مخدعها و امارات الغضب بادية علي محياها فقال بفظاظة
" فرح معلش انا لازم اكون في القاهرة بكرة ضروري فمش هقدر احضر أيام العزي كلها.."
زحف الألم الى قلبها فقد كانت تعلم بأن هناك شئ يحدث معه ولكنها لا تجرؤ علي السؤال تعلم بأنه حتمًا لن يجيبها و على ذكره للرجوع تذكرت انها باللحظة التي عرفت هذا الخبر المشؤوم كانت على شفير مغادرة المنزل فماذا تفعل الآن وهو لم يذكر شئ و خاصةً حين سمعته وهو يحادث 《سليم》 ل يتجهز حتي يغادروا بعد ساعة من الآن ..
1
اقتربت منه وهي تقول بنبرة مرتجفة و قلب مرتعب
" انا . يعني . قبل ما اعرف الخبر كنت. أقصد. كنت ناويه امشي . يعني . انت . قلت.."
1
كان يلملم أشياءه بيد و بالأخرى يعبث بالهاتف و فجأة التفت يناظرها و هو يقول بفظاظة
" فرح معلش مش مركز معاكِ ورايا حاجات مهمه لازم اخلصها قبل ما نتحرك.. أجهزى دلوقتي و نبقي نكمل كلامنا في الطيارة و احنا راجعين…"
انهى كلماته و توجه إلي الخارج حتي لا يلتفت و يقوم بتوجيه لكمة قوية لرأسها الغبي و لم يتسنى له رؤيه ابتسامتها التي أضاءت وجهها فقد كانت تعلم بأنه تجاهل حديثها عن المغادرة عمدًا فحين قال جملته الأخيرة لمعت عينيه و كأنه يخبرها بأنه حتمًا لن يغادر من دونها و قد كان هذا أكثر ما تتوق إليه…
10
**************
كان يقف بالخارج يستند علي سيارته بملل فقد خاطبه 《سالم》 يخبره بأنهم سيعاودوا ادراجهم اليوم و قد خرج ليستنشق بعض الهواء النقي فإذا به يرى تلك الفتاة المجنونة التي اتهمته ذلك اليوم بأنه سفاح حين رأته يحاول إسعاف ذلك الرجل 《عمار》
" أنتِ يا نيزك .. عامله ايه؟ "
5
هكذا تحدث «مروان» مازحًا ف ناظرته «نجمة» بنظرة شمولية من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه فأردف ساخرًا
" ايه ياختي .. شكلي مش عاجبك ولا حاجه ؟ بتبصيلي من فوق لتحت كدا ليه ؟"
«نجمة» بامتعاض
" افتكرتك. مش انت الچدع اللي كنت بتحاول تجتل الكبير؟"
2
تعاظم الحنق بداخله وقال مستنكرًا
" هو أنتِ يا بنتي أنتِ الغباء عندك مُركز ؟ بقولك كنت بنقذه.. "
إجابته بامتعاض
" و مالك فخور أكده ليه ؟ كنك عملت حاچه زينه . دانت بليت الدنيا بيه.."
3
قهقه «مروان» علي حديثها و قال بمزاح
" اه صح انا نسيت انك مش بتطيقيه.. الصراحه هو مينطقش.."
1
نهرته قائله
" مالك فشتك عايمه أكده ليه احترم الموت اللي احنا فيه ؟"
فصاح منزعجًا
" أنتِ مش طيقاني كدا ليه يا بت أنتِ ما تيجي تاخديلك قلمين احسن؟"
1
" لاه و أنا هبلة.  احسن الاجي معاك سنچه ولا حاچه تخلص عليا.. اني مش مستغنيه عن عمري "
1
《مروان》 باستنكار
" سنجه ! أنتِ مديه نفسك حجم كبير اوي دانتِ اخرك قصافه و نخلص الدنيا من لسانك الطويل دا.."
《نجمه》بانفعال
" شفت .. اهو اني مغلطتش لما جولت انك سفاح .. و بعدين ايه جصافه دي ليه سوحلية ولا سوحلية يعني؟"
2
«مروان» باستنكار
" سوحلية ! إلا هي ايه السوحلية دي يا أبلة نجمة ؟ اختراع جديد وصلتيله بذكائك؟ "
" بتتريج .. هجول ايه مانت چاهل!"
4
هكذا أجابته بسخريه فتابع بنفس لهجتها
" طبعًا جاهل. أي حد جمبك هيكون جاهل . و دا عشان أنتِ منبع المفهومية كلها.. "
" ايوا دي حجيجه…"
" التواضع عايز منك ايه ؟ بالك أنتِ لو مش حلوة شوية كنت ناولتك كف خماسي طيرت صواميل مخك.. و كنت ريحت البشرية من غباوتك.."
2
شهقة قويه خرجت من جوفها جذبت أنظار ذلك الذي كان يقف مع الرجال و لكن انتفخت اوداجه غضبًا حين وجدها تقف مع ذلك الشاب هناك فترك الرجال وتقدم يتشاجر مع خطواته فاخترقت كلماتها مسامعه فجن جنونه أكثر
" كنك بتعاكسني اياك !!"
لم يكد 《مروان》 يجيبها حتي صدح صوت محشو بالغضب خلفهم
" واجفه عندك بتعملي ايه يا بت انتِ؟"
انتفضت في وقفتها حين رأته و خرج صوتها مرتعبًا حين تمتمت
" اني مبعملش حاچة؟ كت معديه جام وجفني "
1
تكلم «مروان» بخفوت
" جالك الموت يا تارك الصلاة.."
2
" بتوجفها ليه يا چدع انت ؟"
هكذا سأل 《عمار》 بغضب مما جعل «مروان» يستاء من صراخه هكذا فقال بنبرة حانقه
" عادي كنت بسلم عليها.."
1
جن جنونه من حديث 《مروان》 و اقترب يقول بجفاء
" وأنت تسلم عليها بتاع ايه ؟؟ تعرفها منين ؟"
" بص انت شكلك عايز تتخانق وأنا مش هتخانق انا ما صدقت وشي اتعدل و استعادت وسامتي من جديد.."
1
هكذا تمتم 《مروان》 بحنق فصاح «عمار» بغضب
" انطوج انت وهي .. تعرفوا بعض منين ؟"
جفلت 《نجمة》 مما يحدث و قالت بارتباك
" أبدًا شفته يوم ما كنت واخد العلجة إياها.. و كان بيسأل عني .."
3
اكفهرت ملامحه لدي ذكرها لتلك الحادثة ف تراجعت للخلف خطوتين وهي تقول بخفوت
" ماله ده هو أني اللي كت ضربته و لا اي؟"
2
صاح 《مروان》 يعنفها
" الله يخربيتك .. أنتِ بتفكريه ! "
" بصلي اني يا بغل انت؟ اني سامعها و هي عتجولك بتعاكسني ؟"
1
هكذا صاح 《عمار》 فقال «مروان» بغضب
" محصلش يا عم انت . هو انت واقف رامي ودانك معانا ولا اي ؟"
2
و تدخلت 《نجمة》 لتهدئة الأوضاع
" ايوا محصلش حاچة دا اهبل حد ياخدله علي حديت.."
3
لم يزده حديثها إلا جنونًا فقد ظن أنها تدافع عنه فقام بجلبه من تلاليبه وهو يقول بغضب بلغ حد الجنون
" اني بجي هعجله .."
صاح 《مروان》 يمنعه من اي فعل طائش
"بقولك ايه .. انا لحد آخر لحظة مش عايز أمد ايدي عليك .. و انت ايدك طارشه و ممكن تأذيني ما صدقت عيني تخف الله يخربيتك .. مش هعرف اشقط البت اللي مستنياني هناك دي .."
1
《عمار》بوعيد
" تشجط البت .. مش لما تدور علي حد يشجطك من يدي اللول.."
1
انهي كلماته و قام بتوجيه لكمة قوية كانت من نصيب عين 《مروان》 اليمني فأخذت 《نجمة》 تصيح هنا و هناك فهرول الجميع علي صوتها و كان أول من تواجد هو 《سالم》 الذي انتزع «مروان» من يد «عمار» و قام بتكبيله وهو يقول بغضب جحيمي
" شيل ايدك عنه بدل ما اكسرهالك.."
1
و ما أن أوشك علي توجيه لكمة قويه إلي 《عمار》 تدخل الغفر و «سليم» حتي يمنعوا اشتباكهم فصاح «عمار» بغضب
" جبل ما تاچي تتعارك ربى البغل ده اللي عم يعاكس حريمنا"
1
توقف 《سالم》 مصدومًا مما حدث فالتفتت يناظر «مروان» الذي اسودت عينيه اليمني بفعل تلك اللكمة و قال بنبرة متوعدة
" الكلام دا حقيقي ؟"
«مروان» بلهفه
" تعرف عني الكلام دا بردو ؟"
التفت 《سالم》 يناظر «عمار» الذي صرخ في نجمه
" عاكسك ولا لاه؟"
«نجمة» بمراوغة
" معاكسنيش چوي يعني.."
" انطجي الحجيجة يا بت.."
كانت عينيه ترسل سهام التحذير فصرخت قائلة بذعر
" عاكسني .. و جالي يا جمر.."
1
برقت عيني 《مروان》 و قال بتحسر
" الهي يجيكِ و يحط عليكِ يا بعيدة .. هتروحي من ربنا فين؟ أقوله كنتِ بتقولي عليه ايه ؟"
4
" اوقف المهزله دي فورًا…"
هكذا صدح صوت 《سالم》 الصارم و الذي نظر إلي 《عمار 》قائلًا بفظاظة
" عندي دي يا عمار. و عمومًا انت اديته اللي فيه النصيب .واحنا اصلًا ماشيين.."
" همرجها المرادي لكن لو اتكررت.."
قاطعه «سالم» بصرامة
" مش هتتكرر تاني. الموضوع انتهي . خلاص .. يالا عالعربيات…"
1
كانت جملته الأخيرة موجهة لكلا من «سليم» و «جنة» و «فرح» و والدته و «مروان» الذي قست النظرة الموجهة إليه فأخذ يتمتم بتحسر
" انا في حد تاففلي في حياتي والله. تاني مرة اتشلفط قبل ما اروح اعلق البت . شكلك فقر يا سما الكلب أنتِ"
6
**************
رحلة العودة كانت هادئه فبعد أن قاموا بتوديع 《حلا》 و الجميع انطلقوا عائدين و قد كان «سالم» ملامحه لا تبشر بالخير و للمرة التي لا تعرف عددها توشك أن تسأله ما به ولكنها تتراجع في اللحظة الأخيرة و قد قررت أن تحادثه حين يعودوا الي المنزل لتحل تلك الأمور العالقة بينهم فلم تعد تحتمل هجرًا آخر يكفيها هذا القدر من العذاب…
1
توقفت السيارات أمام المنزل و ما أن ترجل الجميع منها حتي تفاجئوا بذلك الصوت الذي زلزل أرجاء المكان حولهم
" سالم يا وزاااان . موتك علي ايدي….."
9
جاءت الكلمات تزامنا مع طلقات الرصاص التي انطلقت فوق رؤوسهم وووووو….
10
يتبع….
امطريه عشقًا حتى يثمل قلبه و تنتشي روحه …
أقصر طريق الى قلب الرجل هو خضوع أنثاه المتمردة عشقًا.. أن يرى انعكاس صورته بقلبك و سطوته علي روحك. هكذا سـ يختار الإمتثال بكل طواعية لطوفان الصبوة المُدجج بنيران مُلتهبة قد تحرِق ولكنها أبدًا لن تؤذي .. فـ الإحتراق في العشق يُشبِه كثيرًا التحليق فوق غيوم وردية لا يُقابلها أرضًا قد يؤلمك السقوط فوقها. بل كفوف من حب تحتوي روحك و تعانقك بكل ما أوتيت من شغف…
6
نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
رحلة العودة كانت هادئه فبعد أن قاموا بتوديع 《حلا》 و الجميع انطلقوا عائدين و قد كان «سالم» ملامحه لا تبشر بالخير و للمرة التي لا تعرف عددها توشك أن تسأله ما به ولكنها تتراجع في اللحظة الأخيرة و قد قررت أن تحادثه حين يعودون الى المنزل لتحل تلك الأمور العالقة بينهم فلم تعد تحتمل هجرًا آخر يكفيها هذا القدر من العذاب…
2
توقفت السيارات أمام المنزل و ما أن ترجل الجميع منها حتي تفاجئوا بذلك الصوت الذي زلزل أرجاء المكان حولهم
" سالم يا وزاااان . موتك على ايدي….."
1
جاءت الكلمات تزامنًا مع طلقات الرصاص التي انطلقت فوق رؤوسهم فتعالت الشهقات و صيحات الخوف من حولهم فقام 《سليم》 بجذب 《جنة》 ووالدته للاحتماء خلف السيارة وكذلك فعل《 سالم》 مع 《فرح》 التي كانت ترتعب وهي تراه يشهر سلاحه بعد أن تفادي إحدى الرصاصات بأعجوبة و ما أن أوشك أن يصوب تجاه هذا الرجل حتى قام الحرس بالإمساك به بينما أخذ يصيح بغضب هستيري
" هخلص عليك زي ما دمرتني .. مش هتفلت من ايدي انت و هي .."
2
أخذ يتلوى بين يدي الحراس و هو يصيح و يتوعد بينما التفت 《سالم》 الي مروان قائلًا بلهجة آمرة
" خد ماما والبنات علي جوا …"
هرولت 《فرح》 تجاهه بأقدام متلهفة و قلب مرتعب ولكنها توقفت إثر كلماته التي اغضبتها فهبت معانده
" انا مش هتحرك ولا خطوة واحدة و أسيبك مع المجنون دا .."
1
كان رعبها الجلي شفيعًا لعنادها و لهجتها الحادة ف التفت ناظرًا إليها بنظرات مطمئنه تنافت مع لهجته حين قال بصرامة
" الموضوع خلص و مفيش حاجة تقلق. الحرس قبضوا عليه.."
عاندته بتوسل انبعث من عينيها أولًا
" سالم…"
أمرها بلهجة أقل حدة
" استنيني فوق يا فرح.."
1
تراجعت إلى الخلف دون حديث فقط نظرات حزينة غاضبة تشبه خطواتها التي قادتها الى باب المنزل متجاهله نظرات 《شيرين》 التي لأول مرة تراها خائفه و بجانبها 《همت》 التي كان القلق مرتسم علي ملامحها وهي تنظر إلي ذلك الرجل الذي لم تتعرف علي هويته بعد وحين أوشكت علي الدخول الي باب المنزل تسمرت في مكانها حين سمعت كلماته المسمومة
" مفكر انك انتصرت عليا و خدتها مني .. لا .. انا اللي مش عايزها.. سمعاني يا شيرين . انا اللي مش عايزك .."
لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ من ضربة قوية أصابت رأسه من الخلف و التي لم تكن سوي ل 《طارق》 الوزان الذي كان قادمًا من الخارج حين سمع حديث أحمد 《زوج》 «شيرين»…
" طارق …"
1
هكذا صاح 《مروان》 باندهاش حين رأى شقيقه و قد نال كلا الشقيقين نصيبهم من الصدمه حين شاهدوا ذلك الذي لم تطأ قدماه أرض الوطن منذ أكثر من عشر سنوات.
1
اقترب 《مروان》 من شقيقه وقام بعناقه بشوق بادله إياه 《طارق》 بينما قام 《سالم》 بأمر الحرس أن يدخلوا 《أحمد》 الفاقد للوعي غرفة المكتب الخاص به وقام بمعانقة 《طارق》 قائلًا بسخرية
" جاي فى التوقيت المظبوط اول مرة تعمل حاجه صح .."
2
بادله 《طارق》 سخريته حين قال
" تلميذك يا كبير.."
3
" حمد لله عالسلامه يا طروق. ليك وحشة يا غالي.."
هكا تحدث 《سليم》 وهو يعانق طارق بحبور فأجابه 《طارق》 بمزاح
" الله يسلمك يا سولوم . ليا وحشة ايه يا عم دانتوا نسيتوني ولا اكني من العيلة."
1
أجاب 《مروان》 بتهكم
" احنا أساسا متبريين منك من زمان و مش معتبرينك من العيلة.."
" اومال مين الجدع اللي خرملك عينك كدا؟"
1
هكذا تحدث 《طارق》 وهو يرمق 《مروان》 بسخرية فأجاب الأخير بحنق
" واحد سبحان الله بيفكرني بيك نفس غباوتك .."
2
لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ بلكمه طالت عينيه اليسرى اتبعها 《طارق》 قائلًا بتقريع
" طب خد دي بقي عشان تبقي بعد كدا قد المسئوليه …"
3
تأفف 《سالم》 بنفاذ صبر
" انا هدخل.. مش فاضي ل هزاركوا السخيف دا .. ورايا يا سليم .."
1
تألم 《مروان》 و صرخ بحنق
" الهي يجيك كسر ايدك يا بعيد . انا عملت ايه يخربيوتكوا .."
2
《طارق》 بحدة
" دي اقل حاجه على استهتارك . امبارح يادوب وصلت من السفر و داخل البيت لقيت تعبان كان بينه و بين ريتال خطوتين لولا ستر ربنا كان معايا سلاحي و ضربته كان ممكن قرصها. "
1
انكمشت ملامحه بذعر و نسي آلامه وهو يقول بلهفة
" انت بتقول ايه ؟ طب هي عامله ايه دلوقت ؟"
《طارق》 بتهكم
" وهي لو فيها حاجه كنت زماني سايبك لحد دلوقتي علي رجليك.."
1
《مروان》 بحنق
" ودا من أمتي أن شاء الله؟ الأبوة نقحت عليك كدا مرة واحدة ! مانت سايبها وداير تلف في بلاد الله.."
1
《طارق》 بتأفف
" سيبك من الهرى ده . هو ايه اللي داير هنا ؟ الليله دي علي ايه؟"
《مروان》 باستهزاء
" علي خيبتك ! "
3
ما أن رأى أمارات الغضب بادية على ملامح اخيه حتي تابع و هو يهرول بعيدا عنه
" والله مانا قايلك حاجه. هروح اطمن علي ام اربعه واربعين بنتك الأول."
2
*****************
" انت اكيد مش جاي تنام لنا هنا !"
هكذا تحدث 《سالم》 بتأفف و هو يناظر 《احمد》 الذي بدأ بإستعادة وعيه شيئًا فشيئًا و حانت منه نظرة مطوله علي المكان من حوله و من ثم التفت إلي 《سالم》 قائلًا بحنق
" انتوا عملتوا فيا ايه؟"
《سالم》 بفظاظة
" لسه هنعمل . متستعجلش على رزقك .."
《احمد》بانفعال
" هو في  اكتر من اللي عملته !"
صاح بتأفف
" اللي هو ايه ؟ عندي فضول اعرف ايه اللي عملته خلاك تهبل كدا؟"
1
كان الألم الذي يلون ملامحه يتنافى مع حدته وهو يقول
" مفكر لما تأذيني في شغلي و اكل عيشي كدا بتتتقم مني ؟ هي دي الرجولة في نظرك !"
2
ضيق عينيه بينما رسمت ملامحه تعبيرًا خطرًا يشابه نبرته حين قال بوعيد
" انا ممكن اوريك دلوقتي حالًا الرجوله عامله ازاي "
1
انكمشت ملامحه من هذا التهديد و تلك النظرات المرعبة التي جعلته يتراجع قائلًا
" لو كل دا عشان أطلقها فأنا مستعد اعمل دا من الصبح . هي اصلًا متلزمنيش…"
"اركنلي موضوع الطلاق علي جنب دلوقتى . و اشرب الليمون دا عشان نعرف نتكلم .."
هكذا تحدث《سالم》 بنبرة فظة و نظرات تحمل خلفها الكثير مما جعل 《احمد》 يرتاب في أمره ولكنه أطاعه بصمت و بعد أن تجرع كوب الليمون كاملًا قال بجفاء
" كلامك و نظراتك مش مريحيني .. انت عايز مني ايه ؟ مش كفايه خربت بيتي ."
2
《سالم》 بنفاذ صبر
" مبدأيًا كدا ايًا كان اللي حصلك مش انا السبب فيه . "
" و المفروض اصدقك ؟"
" عنك ما صدقت . مش موضوعي.."
صاح 《احمد》.بيأس
" حرام عليك . المناقصه الي ضاعت دي فيها شقي عمري انا هتحبس كدا .."
" لو عملت حاجه مش هخاف منك وانت عارف كدا كويس. "
هكذا القي 《سالم》 كلماته بصرامة جعلت الآخر يعلم بأنه يقول الصواب فلو كان السبب وراء ما حدث له لم يكن سينكر أبدًا لذا أطلق تنهيدة خشنه قبل أن يقول بيأس
" اومال مين ابن المؤذية دا ؟ انا ماليش أعداء غيركوا."
3
ألقي نظرة مطولة عليه قبل أن يقول بفظاظة
" مش مهم مين الي عمل كدا .. المهم هتقدر تخرج من المصيبة دي ازاي ؟"
التفت 《احمد》 يناظره بصدمة و سرعان ما قال بترقب
" تقصد ايه؟ "
تشابهت ملامحه مع نبرته حين قال بجمود
" هساعدك تخرج من اللي انت فيه .."
1
كانت قنبله التي ألقاها علي مسامعه يعلم بأن لها ضجيج سيكون وقعه كبير لذا قال بارتياب
" و انت ايه مصلحتك؟ "
" ميخصكش .. ليك تخرج من محنتك . و في المقابل عايز منك حاجتين أولهم تنسي موضوع الطلاق دا دلوقتي خالص .."
2
ارتسم الغباء علي ملامحه فقد كان يظن بأن الطلاق خلاصه من تلك الورطة فإذا به يتفاجئ بطلبه فقال بعدم فهم
" انت بتقول ايه ؟ انا مش فاهم حاجه.."
1
تجاهل استفهامه و اخرج دفتر شيكاته وهو يقول بفظاظة
" محتاج سيوله قد ايه عشان تخرج من الأزمة دي ؟"
بلا وعي اجابه
" عشرة مليون…"
قام 《سالم》 بتدوين الرقم على الشيك و قام بمده إليه فالتقطه 《احمد》 و هو ينظر غير مصدق لما يراه و قبل أن يتيح له الفرصة للحديث قال 《سالم》 بقسوة
" هتخرح من هنا زي ما دخلت . نفس البروباجندا و التهديدات الفارغة بتاعتك دي بس طبعًا من غير ضرب نار عشان مفجرش دماغك و اخلص.."
2
《احمد》 بعدم فهم
" أنت . أنت هتديني الفلوس دي امشي بيها؟ مش خايف أغدر عليك؟"
《سالم》بثقة
" مش هتقدر وانا وانت عارفين كده كويس. "
1
انكمشت ملامحه و جف ريقه قبل أن يتابع باستفهام
" طب ايه الحاجه التانيه اللي انت عايزها مني في مقابل مساعدتك ؟"
2
«سالم» باختصار
" هتعرفها في الوقت المناسب .. و مش محتاج انبه عليك البيت دا رجلك متعتبوش . و عشان أبقي أصيل معاك. حماك العزيز هو ورا اللي بيحصلك شوف بقي مين مسلمك ليه ؟ يلا وريني عرض كتافك .."
3
تراجعت خطواته الي باب الغرفه ف استوقفته كلمات 《سالم》 الغامضة حين قال
" متنساش تسبك الدور و انت خارج .."
1
لم يفهم المغزي من كلماته إلا عندما رأي 《شيرين》 التي كانت تنتظر خروجه بقلب مرتعب ف تصاعدت أبخرة الغضب الي رأسه و خرج صوته متوعدًا
" لو اضطريت اني ابيع هدومي بردو مش هطلقك . هسيبك كدا متعلقة ودا اقل بكتير من اللي تستحقيه.."
2
جاءه صوت 《همت》 الغاضب من خلفه
" و مين قالك اني هسكتلك. انا هعرف أطلقها منك ازاي و فضيحتك هتبقي علي ايدي .."
1
التفت اليها 《أحمد》 قائلًا بوعيد
" قصدك فضيحتنا.."
سقط كف 《سليم》 القوي على جذع 《احمد》 وهو يقول بجفاء
" نورت يا ابو حميد . ياريت متكررهاش تاني . "
2
لم يُضيف شيئًا بل توجه إلي الخارج تاركًا براكين الغضب التي تقذف حممها بكل مكان فما أن غادر حتي توجهت 《شيرين》 الي مكتب 《سالم》 مغلقة الباب خلفها بينما هناك من تشتعل من فرط الغيرة و الألم معًا بعد أن علمت هوية ذلك الرجل . إذن فهو يسعى جاهدًا لطلاقها منه . و من الواضح أنه يستخدم جميع نفوذه و إلا لما جاء الرجل و اقدم على محاولة قتله .
6
التفتت متوجهه الي غرفتها و أخذت تدور بها كمن مسها الجنون تريد الصراخ ولا يخرج صوتها. تريد البكاء و لا تطاوعها عبراتها. شعور مقيت من الألم الذي ينهش في صدرها بدون رحمة يقتات على روحها المعذبة بعشقه الضاري الذي توازى ضراوته غيرة هوجاء كان ألمها يفوق قدرتها علي التحمل ..
فجأة انفتح باب الغرفة و دخلت 《أمينة》 التي كانت ملامحها لا تبشر بالخير وقد تجلي ذلك في نبرتها حين قالت
" شيرين مع جوزك في المكتب بتعمل ايه؟"
2
كانت الكلمات تمر بصعوبة علي شفتيها كذلك أنفاسها التي أحرقت صدرها الذي كان يعلو و يهبط بعنف حين قالت باختصار
" معرفش !"
" يعني ايه متعرفيش؟"
3
هكذا تحدثت 《أمينة》 بحدة توازي حدتها حين أجابت بنفاذ صبر
" يعني معرفش . مانتِ شوفتي ايه اللي حصل من شويه؟ جوزها جه يحاول يقتله في عز النهار .."
2
《أمينة》 بسخرية
" و مش عندك فضول تعرفي ايه بيحصل؟ عادي عندك أنها تبقي معاه في مكان واحد.؟ "
2
كانت كلماتها كالأسهم التي تنغرس بقلبها الملتاع دون رحمة فصرخت بغضب
" مش عندي فضول اعرف حاجه .."
" عشان هايفه.. و غبية . قاعدة تاكلي في نفسك هنا و سايبه الميه تمشي من تحتك .."
3
هكذا تحدثت 《أمينة》 بحدة فتدلي فكها من الصدمة و خاصة حين تابعت 《أمينه》 بقسوة
" البيت دا في يوم من الأيام هتبقي مسئوله عنه. لو فضلتي كده يبقي عليه العوض فيه .. فين 《فرح》 البنت القويه اللي مبيهمهاش حد.  الي جابت 《سالم》 الوزان على ملا وشه . التمستلك العذر مرة و اتنين و تلاته بس لا ! فوقي . أنتِ كدا بتخسري . دافعي عن بيتك وجوزك . متسمحيش للحية تدخل بينكوا.. "
2
أخذت كلمات 《أمينة》 تتردد بأذنيها وهي تنهب درجات السلم فتوجهت بخطٍ كان وقودها غضبها المشتعل بجوفها و غيرتها الهوجاء التي لم تعد تتحمل نيرانها المستعرة فقد بلغ السيل الزبى و نفذ مخزون الصبر لديها وأعلن قلبها الحرب ولتحترق الفتنة ومن أشعلها في الجحيم..
1
فتحت باب الغرفة بقوة توازي قوتها وهي تغلقه متوجهه بخطوات ثابته و نظرات متعالية شملت بها تلك التي كانت تقف علي بعد خطوات من زوجها و دون أن تتيح الفرصة لأحد في الحديث جهرت بصوت كان طابعه الشموخ
" اديتك فرصه و اتنين و تلاته عشان تراجعي نفسك و تحترميها بس للأسف الطبع دايما غلاب.."
2
بهتت ملامح «شيرين» حين سمعت حديث «فرح» المُهين فهبت صارخة
" أنتِ مين اداكِ الحق تكلميني بالطريقه دي ؟ ؟"
1
بكل هدوء امتزج بالشموخ الذي أطل من عينيها حين اجابتها
" الحقيقة هو مش حق واحد . دي حقوق أولهم حقي لما اشوف حد بيتلزق في جوزى في الرايحه والجايه أوقفه عند حده. و الحق التاني اني مرات 《سالم》 الوزان كبير العيلة دي و مسمحش بقله ذوق تحصل في بيتي.. و اخر حق هو انك تقربي لجوزي و شايله اسم عيلته و سمعتك مهما أن كان تهمني!"
2
امتقعت ملامحها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي جعلتها تصيح باستنكار وهي تلتف الي «سالم» المتفاجئ من حديث «فرح» علي العلم من كونه يرى مقدار غيرتها ولكن حديثها اذهله
" عاجبك اللي مراتك بتقوله دا يا سالم؟"
1
وضع الاوراق في حقيبته ثم التفت يناظرها بشموليه قبل أن يتحدث بفظاظة
" عايز تفسير لكلامك دا يا فرح ؟"
1
اغتاظت من جموده و ثباته و استفهامه فهو يتجاهل ما يراه عمدًا لذا صاحت بنبرة احتدت قليلًا
" دا مش كلامي دي الأصول! هو ينفع أنها تتواجد معاك في مكان مقفول عليكوا ؟ انت راجل متجوز و هي ست متجوزة دا يصح ؟"
2
حاول قمع ضحكه غادرة أوشكت على خرق قناع الجدية المرتسم على ملامحه فحديثها كان غلافًا شفافًا لـ غيرة قاتلة تغزو غاباتها الزيتونية بضراوة و قبل أن يتِح له الإجابه تحدثت «شيرين» بتهكم
" لا والله علي اساس أننا قاعدين في الشارع . احنا في بيتنا .. و كل اللي فيه اهلنا ."
3
«فرح» بسلاسة و هدوء
" و البيت دا مش في خدم و حرس و ناس داخله و ناس طالعه.."
1
تعاظم الغضب بداخلها ولكنها حاولت قمعه قدر الإمكان وهي تلتفت ناظرة إليه تستحثه على الحديث فـ تشابهت نظرته مع نبرته الجليدية حين قال
" فرح عندها حق دي الأصول والأصول متزعلش حد يا شيرين .."
2
تدلي فكها من فرط الصدمة و خرجت الكلمات مذهوله من بين شفتيها
" انت بتعوم علي عومها ؟؟"
1
عادت لتمسك بزمام الحديث مرة ثانية فقد أخذت منه ما أرادت و اتي دورها الآن حين قالت بتسلية
" عوم ايه وكلام فاضى ايه ؟ ماهو قالك الأصول متزعلش .. و بعدين لو انتِ مش خايفه علي سمعتك انا من حقي اخاف على سمعة جوزي . و خصوصًا أنه راجل محترم حرام يتجاب سيرته بسبب حاجات تافهه .. "
1
كانت تتحدث بشفتيها بينما لملامح وجهها وعينيها حديث من نوعًا خاص وصلت معانيه الي «شيرين» التي كادت أن تنفجر من فرط الغضب فصاحت بوقاحة
" اعترفي انك غيرانه و هتموتي مني و خايفه اقرب منه لا…"
1
قاطعتها «فرح» بصرامة
" لحد هنا واستوب… الأسلوب البذيء .دا مش بتاعي . و اتفضلي اخرجي من الأوضه دي و متعتبيهاش تاني …"
1
التفتت «شيرين» تناظر «سالم»  فوجدته مشغول بلملمة أوراقه ووضعها في حقيبته متجاهلًا ما يحدث فأجبرت نفسها على الرحيل وهي تُرسِل نظرات متوعدة الي «فرح» التي ما أن خرجت «شيرين» حتي تفاجأت بكلماته القاسية
" لو خلصتي اللي جيتي عشانه اخرجي و اقفلي الباب وراكِ .."
1
كان قادرًا علي التجاهل بطريقه مؤلمه جدًا و قد تذكرت يومًا ما حين أخبرني بأن كبرياءه أمر لا يمكن المساس به و أن الغفران ضل الطريق إلي قلبه و الآن أيقنت بأنه لم يكن يمزح.
3
الغضب كان كجمرات تحرق الفؤاد و تنهب خلايا جسدها بقوة و لكنها تجاهلته و هي تتقدم إليه قائلة بأنفاس متلاحقة
" لا مخلصتش .. عايزة اتكلم معاك.."
" مش فاضي .."
هكذا أجابها ببرود دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليها مما جعل غضبها يتعاظم حتى بدأ بالظهور علي صفحة وجهها فاقتربت منه قائلة بجفاء
" يبقى تفضي .."
لم يُجيبها وقد كان صمته القشة التي قسمت ظهر البعير فهمت بالاقتراب منه ممسكه بالحقيبه التي كان يضع بها أوراقه الهامة و قامت بجذبها و إلقائها في آخر الغرفة لتصطدم بالحائط وهي تصيح بعنف
" لما اقولك عيزاك تسيب الدنيا كلها و تسمعني.."
7
هالكة لا محالة. هكذا أخبرها عقلها وهي تناظره فتلك اللحظة الخاطفة كانت دربًا من الجنون الذي غلف عينيه بينما اظلمت نظراته بشكل مُرعب يشبه ملامحه و صوته حين قال بهسيس
" ايه اللي أنتِ عملتيه دا ؟"
1
أتهرب من رجل حمل كل معالم الأمان بالنسبة إليها؟ أم تقف في مواجهة طوفان غضبه الضاري الذي اشعلته بقصد من قلبها الذي طرأ من جوف الوجع استفهامه
هل من العدل أن احترق أنا بينما أنت تتوارى خلف جبال الثلج التي وضعتها حول قلبك ؟
1
لم تنتظر الإجابة ف قدماها حملتها الي الأعلى باقصى سرعه تمتلكها ولأول مرة لا تهتم بالهزيمة أمامه ف ليظنها خائفة أهون من تواجه ما هو أقسى من غيرتها وهزيمتها..
8
أغلقت باب الغرفة خلفها تحاول تهدئه ضرباتها التي كانت تدق بعنف آلم ضلوعها فوضعت يدها علي صدرها تحاول تنظيم أنفاسها اللاهثة فإذا بها تتفاجئ به يقتحم الغرفة مغلقًا الباب خلفه بقوة جعلتها تشهق بصدمه وهي تتراجع خطوتين للخلف تناظر عينان اختلط بهم الغضب و العشق معًا ف فعلتها تلك جعلته لأول مرة يقف عاجزًا عن التفكير..
4
غاضب حد الجحيم عاشق حد الألم وهو يتلظى بين كليهما فتفرقت عينيه بين حقيبته الملقاة ارضًا و أوراقها المبعثرة تمامًا كحال قلبه الذي انتفض معلنًا ثورة قوية بداخله جعلته ينهب خطواته في طريقه إلى تلك التي فعلت به ما لم يستطع جيش من النساء فعله و ليحترق كل شئ في الجحيم تمامًا كما يحترق هو منذ ذلك اليوم المشؤوم ولكنه لم يعد يملك ادنى ذرة إرادة تمكنه من تحمل المزيد..
" لما اكلمك اياكِ تديني ضهرك و تمشي و تسبيني .. فاهمه؟"
1
هكذا تحدث بصوت بدا مرعبًا كالبرق الذي ضرب قلبها بغتة فأخذ يتخبط بعنف داخل صدرها الذي عاندت ألمه قائلة بشفاه مرتجفة
" ولو مفهمتش هتعمل ايه يعني ؟"
1
حاوط خصره بيديه وكأنه يمنعهما من ارتكاب شئ خاطئ بينما قست نظراته أكثر و شابهتها نبرته حين قال
" في مليون طريقه تخليكِ تفهمي بس أنا واثق أن ولا واحدة فيهم هتعجبك !"
2
كانت حدة أنفاسه توحي مدى الجهد المبذول حتى لا يتخلى عن ثباته و يذيقها شيئًا ولو بسيطا مما يجيش بصدره الآن و خاصةً حين تقاذفت العبرات من مقلتيها وهي تقول بانفعال
" و حضرتك بردو المفروض تفهم اني مراتك و ليا حقوق عليك و ابسط حقوقي كزوجه انك تحترمني وتقدرني و تخاف علي شكلي قدام الناس "
1
كان حديثها صاعقًا بالنسبة إليه فهو لم يفعل ما يجعلها تتفوه بتلك التراهات فصاح مستنكرًا
" وانا أمتي قللت من احترام سيادتك!"
1
صاحت باندفاع
" انت ادرى !!"
تأفف بضيق
" انتِ مش واضحه وانا بكرة اللف و الدوران. كل الفيلم الهندي دا عشان ايه ؟ "
قال جملته الأخيرة بصراخ افزعها.
1
" عشان بحبك و انت مبتفهمش!"
غاب صوت العقل و تولي القلب دفة القيادة فقد ضاق ذرعًا بنيرانه التي كان وقودها غيرة مجنونه و عشق أهوج فاض به صدرها الذي كان يعلو و يهبط بقوة أمام عينيه التي شملتها بنظرة قوية تشبه نبرته حين قال
" قولتِ ايه؟"
6
جف لعابها من نظرته التي بدت غامضة و ملامحه التي لم تكن تفسر ولكنها لن تتراجع فليحدث ما يحدث فقد خرج كل شي عن السيطرة
" قولت انك مبتفهمش و مصرة جدًا علي رأيي .."
2
اقترب منها خطوتين وهو يعض على شفتيه السفليه و يهز برأسه قائلًا بنبرة بدت متوعدة
" تعرفي انك عاوزة تتعلمي الادب من اول وجديد"
4
قال جملته بينما امتدت يديه تحتوي خصرها بقوة لم تكن مؤلمه بقدر ما كانت مُربكة و خاصةً حين أردف بخفوت
"  وانا هعلمهولك .."
4
أرهبتها لهجته المتوعدة والتي كانت تتنافى بقوة مع عينيه التي غمرتها بنظراته العاشقة المشتاقه فغرقت في بئر الحيرة و قالت بتوسل خافت
" سالم.."
اخترق جموده توسلها الخافت و نظراتها التي كانت تستجدي قلبه الذي رق ل ذعرها الجلي على ملامحها فاقترب بأنفاسه الحارقة من أذنيها قائلًا بهمس
" خايفه مني؟"
" مرعوبة .."
3
قالتها بصدق فهي بداخلها تخاف بل ترتعب من اقترابه فهو رجلًا قوي صلب كل ما به مفعمًا بالرجولة تخشي أن لا تستطيع تحمل قربه فهي بالرغم من سنوات عمرها التي اقتربت من الثلاثين مازال بداخلها طفلة بريئه خجولة تفتقد وجود والدتها ولا تجرؤ علي إخبار أحد ب هواجسها..
صوته القاطع اخترق مسامعها حين قال ساخرًا
" ليكِ حق تخافِ.."
2
برقت عينيها للحظة و ما كادت أن تستوعب حديثه حتي وجدت نفسها خاضعة تحت سطوة عشقه الضاري الذي أخذ يسكبه فوق ثغرها و ملامح وجهها بسخاء حتى اغرقها معه في بحر من الشعور الا متناهي من السعادة التي جعلت دقات قلبها تتراقص علي أنغام الشغف الذي شعرت به بين ضلوعه بينما كان يتراجع بها الي مخدعهما يحملها بكفوف صُنِعت من حُب أتقن سكبه فوق الخدوش التي حفرها الخوف بقلبها الذي تناسي معه و بين يديه كل شئ فلم تعترض حين أخذ يتخلص من كل شئ يعوقه عنها فبدت مجردة أمامه من كل الحواجز يحيط بهما غطاء صنعت خيوطه من لهيب الصبوة الذي اشعل الهواء المحيط بهم فخرج صوته لاهثًا متبوعًا بأنفاس حارقه ألهبت عنقها حين قال بجانب أذنها
"بتقولي خايفه بس قلبك بيقولي أنه مطمنش ولا هيطمن غير في حضني."
6
حاوطت عنقه بذراعين حوت حنان العالم أجمع و أيده قلبها بينما عاندته شفاهها
" انت مغرور اوي . وبعدين قلبي مقالش حاجه ولا هيقول غير بأمر مني.."
2
أضاءت ملامحه إحدى ابتساماته الرائعة قبل أن يقول بلهجة خشنة
" طب و لو خليته يعترف و يقولي علي كل اللي جواه…؟"
2
مزيج مثير و مميز من الشعور الذي يكتنفها جعلها تتخلى  عن كل الحواجز التي كانت بينهم حتى خجلها وخوفها لم يعد لهما مكان إثر هذا السحر القوي الذي يضمهما في تلك اللحظة .
" جرب ! "
2
دعوة رائعة لم يكن يتوقعها من إمرأة خلقت به شخصًا لم يكن يعرفه أضاءت له دروبًا ظن أن أبوابها لم يخلق لها مفاتيح أذا ب أوصادها تتحطم وتنهار أمام عشقًا لا يعلم كيف اكتنف قلبه و احتل كيانه للحد الذي جعل الكلمات تنساب من بين شفاهه بعذوبة
" بحبك يا فرح…"
11
لأول مرة يلامس وقع عشقه عليها بتلك الطريقة فقد كان قريبًا للحد الذي جعل دقاته تمتزج مع دقاتها ك سيمفونية عزفت علي اوتار قلبها الذي أعلن استسلامه بكل رحابة
" وانا بعشقك يا سالم يا وزان…"
6
فتحت أبواب الجنة علي مصرعيها امام ذلك الذي كان ناسكًا زاهدًا في هذه الحياة و الآن حان وقت مكافأته التي لم يكن يتخيل مدى روعتها فقد كان لقاءًا عاصفًا مدجج پكل أنواع المشاعر التي لم تكن تتخيل وجودها. تلاقت الأرواح و تعانقت القلوب و تعاظم الشعور حتى ترك بصماته علي كل شئ حولهم و كلما خارت قواهم جددتها أشواقهم من جديد إلي أن شعر بها تستند علي كتفه بأكتاف متعبه و جسد منهك فقام بضمها واضعًا قبله حانيه فوق جبهتها تعبيرًا عما يجيش بصدره من امتنان لتلك التي جعلته يتذوق الجنة بين أحضان عشقها و قد كان هذا أروع عناق تلقته بحياتها للحد الذي جعل العبرات تنبثق من بين عينيها تأثرًا برجل الحب و الجليد الذي انصهر لأجلها و صارت نيرانًا لم تتذوق أشهى منها بحياتها…
29
******************
"ريتال.. طمنيني عليكِ عاملة ايه؟ "
هكذا تحدث 《مروان》 وهو يقتحم غرفة 《ريتال》 التي كانت تجلس بأحضان 《سما》 و لازالت متأثرة بحادثة الأمس و ما أن رأت 《مروان》 حتى ارتمت بين احضانه وهي تقول ببكاء
" شفت يا عمو اللي حصلي التعبان الوحش كان هيقرصني . بس ربنا ستر.."
1
" اه للأسف ربنا ستر .."
هكذا تحدث باندفاع وسرعان ما أعاد صياغة كلماته قائلًا
" اقصد يعني . الحمد لله اللي ميتسماش ابوكي جه في الوقت المناسب .."
3
" الحمد لله .. يالهوي ايه اللي حصل في عينك دا يا مروان ؟"
هكذا تحدثت 《سما》 بصدمه بعد أن رأت عينيه المتورمتين يحيط بهم هالة من اللون الأزرق القاتم فبدا مظهره مريعًا و خاصةً حين قال بنبرة متحسرة
" دخلت في قطرين كل واحد فيهم اغبى من التاني . حسبي الله ونعم الوكيل.."
3
اقتربت 《سما》 منه بلهفه تجلت في نبرتها حين قالت
" مش تخلى بالك .. استنى هجبلك القطن و المرهم و ادهنهولك احسن تورم اكتر من كدا .."
1
أنهت كلماتها وهبت من مكانها تاركة كلًا من 《مروان》 و 《ريتال》 المصدومان من حديثها و تعاظمت صدمتهم حين شاهدوها وهي تجلب صندوق الإسعافات الأولية و تقوم بفرد محتوياته علي السرير فخرجت الكلمات من فم 《مروان》 باندفاع
" أنتِ هتعملي ايه؟"
1
" هعقملك الجرح و احطلك مرهم عشان متلتهبش.. وبعد كدا تحاسب علي نفسك .."
قالت كلمتها الأخيرة بعتاب فخرجت كلماته متلهفه
" احاسب على نفسي ايه دانا بكرة هجيلك متخرط تحت جرار . مش هتعالجيني ؟ .بس. هو دا المطلوب .."
7
اخفضت رأسها خجلًا فنظر إلي 《ريتال》 المصدومه وقال بغباء
" هي مكسوفه بجد ولا انا بيستهيقلي ؟"
《ريتال》 باندهاش
" لا باينها مكسوفه بجد.."
4
《مروان》 باندفاع
" دا أنتِ واقعة بقي .."
2
لكزته《 ريتال》 في كتفه وهي تقول بخفوت
" متكسفهاش عشان مش تطفش منك.. خليك ذكى."'
6
قرب رأسه منها قبل أن يقول بصوت خافت
" عندك حق . "
ثم قام بإرسال غمزة في الهواء جعلت 《سما》 تقهقه بصخب علي مظهره وهي تقول بعدم تصديق
" انت مش معقول.. "
" طبعا مش معقول انا مروان الوزان يا بنتي…"
1
" سما . أنتِ فين بدور عليكِ … الله الله أنتِ بتعملي ايه هنا ؟"
هكذا تحدثت 《همت》 التي اقتحمت الغرفة تبحث عنها فإذا بها تتفاجئ ب《سما 》التي كانت تقوم بوضع المرهم فوق عيني 《مروان》 وهي قريبة منه للغاية
" أبدا يا ماما بحط ل مروان مرهم علي عينه عشان متورمش .."
1
صاحت 《همت》 بغضب
" ما تورم ولا تتحرق وأنتِ مالك…؟"
2
تدخل 《مروان》 قائلًا بانفعال
" ايه يا عمتي الزفت الي بينقط من بقك دا . الملافظ سعد دا انا ابن اخوكي. مش ابن ضرتك ."
2
《همت》 بحنق
" و إنت اتشليت ما تحطه لنفسك ."
1
" وبعدين ايه الفال الوحش دا بقى ؟ وربنا اجبلك دولت تتصرف معاك . أنتِ ايه محدش مالي عينك ولا ايه ؟"
2
" بتعلي صوتك علي عمتك ؟ دا البيه اللي قاعدة تمرهميه.."
هكذا تحدثت 《همت》 بانفعال موجهة حديثها 《لسما》 التي لم تتح لها الفرصة للحديث إذ تدخل 《مروان》 قائلًا بصياح
" ايه تمرهميه دى يا عمتي ؟ لاحظي أن كلامك كبير .."
1
" كبير ولا صغير اتفضلي قدامي و مالكيش دعوة بالواد دا كفايه اللى جرالنا من تحت راس العيلة دي .."
1
هكذا تحدثت 《همت》 بصرامة ف عاندها 《مروان》 قائلًا
" أنتِ حد داسلك علي طرف يا ست انتِ ؟ وبعدين وربنا ماهي خارجه إلا لما تعالجني و تحطلي المرهم. "
2
ما أن أنهى جملته حتى تفاجئ الجميع من 《شيرين》 التي دخلت الغرفة تتلوى من الألم
" ماما . معندكيش اي حاجه مسكنه بطني بتتقطع من الألم .."
2
التفت الجميع حولها فقال 《مروان》 بذعر
" يخربيتك اوعي تكوني بلعتي ريقك أحسن تتسممي ؟"
15
صرخت 《همت》 في وجهه
" تسمم في عينك.. ليه تعبان؟"
اجابها 《مروان》 باندفاع
" دا سؤال ولا إجابه؟"
10
لكزته 《سما》 في كتفه و اقتربت من 《شيرين》 تسندها حتي جلست علي السرير خلفهم و خرجت صرخة ألم قويه منها تزامنًا من دخول «طارق» الذي قال باستفهام
" مالها شيرين فيها ايه ؟"
5
《همت》 بذعر
" معرفش يا طارق . فجأة لقيتها بتصرخ .. "
كان العرق يتصبب من جبينها فاقترب منها قائلًا بلهفه
" لازم تروح المستشفي حالًا .."
" يالا يا ابني .."
انهي كلماته و قام بحملها بين يديه مهرولا للخارج و《همت》 خلفه بينما أخذ 《مروان 》يتحدث الي 《همت》 بتقريع
" لا والنبي يعني طارق يشيل و يجري وانا مستخسرة فيا حتة مرهم. روحي يا شيخه حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ.. قال وأنا كنت بقول حد تاففلي في حياتي . دا حد مرجع فيها. "
17
******************
كان عشقًا لا يسعني تجاوزه أو الفرار منه. لطالما كُنت شخصًا يعرف جيدًا ما يريد . لا تخطو قدميه عبثا و لا يتراجع عن قراراته أبدًا. ولكنه العشق !
ذلك القيد الذي التف حول قلبي فـ اخضعه وأنا الذي لم أعرف الخضوع يومًا. و باتت روحي مسكنك . ف كيف لي بنزعك منها بعد أن اكتمل شقها الناقص بوجودك…
1
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
" لسه مكلم الدكتور و أخيرًا اداني عنوان الدكتور الألماني
  وقالي كمان أنه حجز لنا معاه والراجل بالرغم من أنه في إجازة إلا أنه معترضش أنه يشوفك .. "
هكذا تحدث 《سليم》 بحبور وهو يناظرها بعد أن فعل المستحيل حتي يصل الي ذلك الطبيب الألماني المختص بأورام الرحم و قد شاءت الأقدار أن يكن في أجازة إلى القاهرة وحين علم ذلك قام بعدة محاولات حتي يصل إليه وبالفعل أخذ موعدًا معه حتي يقوم بالكشف عليها .
" طب كويس .."
1
اقترب منها خطوة قبل أن يقول باستفهام
" هو ايه اللى كويس ؟"
《جنة》 بحزن حاولت اخفاءه
" كويس انك عملت كده . ووصلتله.."
" مالك..؟"
2
هكذا استفهم بلهجه هادئه و نظرات تخترقها فحاولت الهرب من رجل تقف أمامه مجردة من كل شئ حتي الحواجز التي تحاول بنائها بينها و بينه تعاندها و تنحني أمام حنانه الذي لا تقدر علي مقاومته .
" عادي . تعبانه من السفر حاسه انى عايزة انام .."
1
قالت جملتها و التفتت تنوي الهرب فقام بإمساك يدها وجذبها الي داخل أحضانه التي احتوت ظهرها وقام بسكب عشقه في قبلة طويلة فوق خصلات شعرها فلم تمانع فقط أغمضت عينيها باستسلام حين وصل صوته الحاني إلي أعماقها
" اوعي تفكري انك لما تكتمي جواكِ انا مش هحس بيكِ . غلطانه .. انا بعرف الي جواكِ من قبل ما تقوليه. "
2
عاندته بوهن
" سليم أرجوك .."
حاوطتها ذراعيه ل تقربها منه أكثر و أخذ يسحب رائحتها العذبة الي داخل رئتيه ثم قال بصوتًا أجش
" جربتِ تطيري قبل كدا ؟ "
2
كست الحيرة معالم وجهها وقالت باندهاش
" ايه؟"
《سليم》 بابتسامه
" يبقي مجربتيش . حلو . عشان اعلمك انا .."
1
" تقصد ايه ؟"
قام بجذب وشاحها الملقي علي المقعد خلفه و قال بتخابث
" هتعرفي كمان شويه .."
جذبها من يدها دون أن يعطيها الفرصة للاستفهام و قام بالسير بها الي خارج البيت متوجهًا إلي الملحق مما جعل الاندهاش يسيطر علي ملامحها و الذي تعاظم أكثر حين شاهدته يتجاوز الملحق و اخيرًا فطنت الي وجهته و التي كانت الي مزرعة الخيل فقالت بذعر
" سليم استني . انا مش هعمل اللي انت عايزه دا . انا بحبهم بس من بعيد .."
3
لم يجيبها بل قام بالتوجه الي فرس بني اللون ذو شعر كثيف و قد كان مظهره رائعًا يحيط به هالة من القوة جعلت دقات قلبها تتقاذف بعنف داخل صدرها ولكن جاءت كلماته العابثة تبدد خوفها للحظات
" خوفك دا عيب في حقي علي فكرة. يرضيكِ الخيل تاخد عني فكره اني مش مسيطر."
2
انكمشت ملامحها بحيرة من معاني كلماته ولكن جاءت نظراته لتجعل الخجل يغزو خديها فقد كانت تحمل نظرات خطرة لا تجرؤ علي مواجهتها .
أخذت تناظره وهو يجهز الفرس و بداخلها رعب لا تقدر عن التعبير عنه والذي تبدد للحظات وهي تراقبه بإعجاب وهي تراه يمتطي الفرس و فجأة وجدت نفسها تطير من الهواء محمولة من خصرها بين يديه التي وضعتها أمامه فأخذت ترتجف من فرط الخوف و صاحت برعب
" سليم أرجوك نزلني . انا هموت من الخوف .."
1
احتضنت يديه خصرها وهو يقول بنبرة خافته بجانب اذنها
" واثقه فيا؟"
3
كان سؤالًا لا تحمل إجابته أو بالأحرى لا تعرف كيف تصيغها فهي تثق به أكثر من أي شخص آخر ولكن ليست الثقة الكاملة و لأنها كانت متخبطة ضائعه أخذت تهز برأسها يمينًا ويسارًا وحين شعرت بيديه تشدد من احتضانها حتى خرج صوتها مبحوحًا حين قالت
" انت اكتر حد واثقه فيه في الدنيا. بس مش الثقه اللي تخلي قلبي قادر يتخلى عن خوفه .."
2
لم تكن إجابة رائعة ولكنها كانت صادقة وكان هذا كاف بالنسبة له لذا قال بحب
" سيبي الموضوع ده عليا .."
اتبع جملته و قام بضرب الفرس الذي أخذ ينهب الطرقات بينما هي تغمض عينيها بقوة و دقات قلبها تتقاذف برعب شعر هو به فقال بجانب أذنها
" افتحي عنيكِ و واجهي خوفك . دي الحاجة الوحيدة اللي هتخليكِ تهزميه .."
2
لم تطيعه فأخذت ذراعيه تبتلعها أكثر بين أحضانه وهو يشدد علي كلماته
" طول مانا في ضهرك اوعي تخافي.. انا جنبك ولآخر نفس فيا هفضل ساندك . افتحي عنيكِ يا جنة.."
3
تغلغلت كلماته إلي أعماقها فلامست اوتار قلبها الذي سئم الخوف و ظلماته التي تطمس بريق الامل بداخلها فحاولت أن تطيعه و أخذت ترفرف برموشها فحاول هو أن يهدئ من سرعة الفرس حتى لا يزداد خوفها أكثر .
1
بينما هي تجاهد لتقف أمام خوفها و أخيرًا فعلتها و قد كانت و كأن نافذه الي الجنة قد أطلت علي قلبه الذي ود لو يطير بها كي يخبرها أي شئ هي بالنسبة إليه و بالفعل اقترب منها قائلًا بخشونة
" مش نفسك تطيري بقي ؟"
3
كان الهواء يلفح وجهها بينما يحيط بهم الليل الهادئ و تنير طريقهم نجومه اللامعه فبدا الأمر رائعًا و خاصةً حين شعرت به يقوم بفك رابطه شعرها الذي كان و كأنه ينتظر إطلاق سراحه ل يرفرف حول وجهها بسعادة لم تكن تتوقع أن تشعر بها و التفتت إليه قائلة بابتسامة تخللتها عبرات غزيرة
" نفسي اطير.."
" افردي ايديكِ.. و اوعي تخافي ."
3
أطلق تنهيدة خشنه من جوفه قبل أن يقول بنبرة خشنة
"  انا ماسك فيكِ بإيدي و سناني .. و افديكِ بعمرى.."
7
اي شعور رائع قد قذفته كلماته العاشقه بقلبها الذي أخيرًا هزم مخاوفه و قامت بفرد أجنحتها بينما قام هو برفعها من خصرها الى الأعلى ف لفح الهواء بشرتها و تناثر شعرها بجنون بينما شعرت بالفعل بأنها تحلق بين الغيوم و قد كان هذا شعور أقوى و أعمق من أن تستطيع وصفه..
4
***************

كانت تجلس بجانب 《شيرين》 التي كانت تعاني من آلام حادة في القولون و المعدة و قد قام الأطباء بعمل اللازم لها الي أن تجاوزت نوبة الألم الحاد ذلك وغفت بفعل هذا المحلول المغذي الموصول بذراعيها و قد كان كلا من 《طارق》 و 《مروان》 و 《سما》 ينتظرون في الغرفة بجانب 《همت》 التي كان القلق يأكلها من الداخل علي طفلتها
" بقولكوا ايه ؟ انا هنزل اجيب حاجات من الكافيتريا . حد عايز حاجه اجبهاله معايا ؟"
2
هكذا تحدث 《مروان》 مفرقًا نظراته بينهم فأجابته 《همت》 بامتعاض
" ليك نفس تاكل اوي يا خويا.  "
1
ناظرها 《مروان》 ب تخابث و قال بنبرة خافتة مستفزة
" هتموتي مني انا عارف بس انا قاعد علي قلبك .."
1
تحدثت 《شيرين》 بنبرة خافتة
" ماما خليهم يخرجوا و هدي النور دا مش عارفه انام .."
1
تحرك 《طارق》 ناصبًا عوده وهو يقول بخشونة
" لو احتاجتي حاجه يا عمتي كلميني احنا قاعدين في الكافيتريا تحت.."
1
خرج الجميع و بعد مرور خمس دقائق تفاجئت 《همت》 بشخص ملثم يفتح باب الغرفة و يقوم بغلقه بالمفتاح من الداخل فخرجت منها شهقه قويه و صاحت بذعر
" حرااامي… الحقونا.."
4
تحركت 《شيرين》 من مخدعها وهي تحاول تهدئه 《همت》 قائلة
" اهدي يا ماما دا مش حرامي.."
3
كانت 《همت》 بواد آخر وهي تقف أمام ذلك الذي لم تتغير ملامحه بعد كل تلك السنوات بل ازدادت وسامته بقدر تلك الشعيرات البيضاء التي لونت ذقنه و رأسه و كما لم يتغير احساسها به وكأن ما مضى لم يطمس عشقها الجارف نحوه .
" ناجي ! "
" لسه بحب اسمي منك يا همت!"

9
***************
في الاسفل خرج 《طارق》 إلي باب المشفى وهو يتحدث بالهاتف قائلًا
" كل اللي قولناه حصل بالحرف الواحد . و زمانه فوق معاها دلوقتي.."
12
يتبع….
كان عشقًا لا يسعني تجاوزه أو الفِرارَ منه. لطالما كُنت شخصًا يعرف جيدًا ما يُريد . لا تخطو قدميه عبثًا ولا يتراجع عن قراراته أبدًا. ولكنه العشق !
ذلك القيد الذي التف حول قلبي فـ اخضعه وأنا الذي لم أعرف الخضوع يومًا. و ها أنا الآن عالق بك بالقدر الذي يجعل خلاصِ منك دربًا من دروب المستحيل. فروحي باتت مسكنك . و كيف لي بنزعك منها بعد أن اكتملت بك و تعافت أوجاعها بوجودك…
1
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
" انت ايه اللي جابك هنا ؟ "
هكذا تحدثت بنبرة مرتجفة تشبه ضربات قلبها التي كانت تنتفض بشوق كبير داخلها فاقترب منها خطوة وهو يقول باختصار
" جيت عشانك ! "
+
تسابقت أنفاسها مع دقات قلبها الهادرة إثر كلماته الصريحة و التي ضربت مقاومتها الهشه فكادت أن تطيح بها ولكنها سرعان ما استعادت نفسها و ارتدت قناع الغضب وهي توجه أنظارها إلى 《شيرين》 قائلة بحدة
" افهم من كدا أن كل اللي حصل دا كان فيلم بقي يا ست شيرين !"
《شيرين》 بخفوت
" يا ماما . متزعليش مني . انا كان نفسي تتقابلوا أنتِ وبابا عشان.."
قاطعتها 《همت》 غاضبة
" عشان ايه ؟ مين اداكِ الحق تجبريني اعمل حاجه مش عايزة اعملها ؟ سألتيني الأول ؟ تجرجريني وراكِ
عـ المستشفيات في نصاص الليالي و لا همك خضتي عليكِ ولا خوفي و يطلع دا كله فيلم ؟"
1
توقفت الكلمات علي أعتاب شفتيها جراء لمسه حارقة أصابت رسغها حين لامستها أنامله و جاء صوته القريب منها ليضفي الوقود علي شوقها
" همت كفايه.. كلميني انا . انا اللي خلتها تعمل كدا .."
3
هناك مفترق طرق كتب على كل لافته منهم العشق والكبرياء وهي تقف عاجزة عن رد هجمات الألم المباغت الذي ضرب جدران قلبها فلم تستطيع إجابته لـ يتابع هجومه الشرس علي ثباتها حين قال
" مكنش قدامي حل غير دِآ . و مكنتش قادر اتحمل اكتر من كدا . شوقي غلبني و خلاني دوست علي كرامتي و اترجيتها تعمل كدا عشان اشوفك.."
2
" بس انا مش هقدر ادوس علي كرامتي واقف اتكلم معاك .  ان كنت زي ما بتقول شوقك بيعذبك فدا عقابك علي غدرك بيا زمان.."
2
اختارت أن تكمل الباقي من حياتها بكبرياء ولا تنخدع بعشق لم يجلب لها سوي العذاب و ضياع أزهى سنوات عمرها مما جعل الغضب يتعاظم بداخله فنظرتإلي
《شيرين》 قائلًا بحدة
" اطلعي استنينا بره.."
" استني .. متطلعيش . انا مش هستني مع راجل غريب في اوضة واحدة.."
2
هكذا أمرتها 《همت》 و التفتت تناظره بجمود كلفها الكثير لتضفيه علي نبرتها حين قالت
" اللي عايز تقوله قوله قدام بنتك .. "
1
" ماشي يا همت . بس خليكِ فاكرة اني حاولت و جيت علي نفسي عشانك . لكن انتِ لسه مصرة تدوسي عليا وعلي كل حاجه كانت بينا وأولها ولادنا . "
1
ابتلعت غصة صدئة تشكلت في حلقها و قالت بجفاء
" قول اللي عندك او أخرج و مش عايزة اشوفك تاني .. "
كان وقع كلماتها عليه كبير للحد الذي جعله يقول بقسوة
" أنتِ فعلا مش هتشوفيني تاني. حتي لو عملتي ايه . و ان كنت هقول اللي عندي فدا عشان بناتي. عشان ميشوفونيش بالصورة الوحشة اللي رسمتوها لهم عني . "
2
أنهى كلماته و قام بإخراج مظروف من جيبه و ناولها إياه وهو يقول بجفاء
" دا جزء من براءتي اللي رافضه تصدقيها. "
التقطت الورقة وقامت بفتحها و ما أن وقعت عينيها علي الكلمات المدونة أمامها حتى برقت عينيها وخرجت منها شهقة قويه تعبيرًا عن صدمتها التي جعلتها تجلس فوق المقعد فلم تعد قدماها قادرتين علي حملها.
" ها . صدقتي . شوفتي بعينك صاحبتك اللي كانت بتقول عليا خاين وهي بتقولي أنها بتحبني و متقدرش تعيش من غيري.؟"
3
ارتفعت عينيها تطالعه بصمت بينما ألف شعور يتقاذفها من الداخل فشعر بأن خطته تأتي بثمارها فاقترب منها محاولًا بث السم أكثر في قلبها
" وهي اللي اتفقت مع البت السكرتيرة عشان تروح تقول قدام عمي و منصور أن في علاقه بينا. و ادتها فلوس كمان . عرفتي بقي أنها كانت عايزة تدمر حياتنا. وانتِ سمحتيلها بدا.. "
2
ظلت انظارها معلقه به و لم تنمحي صدمتها البادية علي ملامحها بينما أخذ يتابع حديثه المسموم حين قال
" و مكتفتش بكدا و بس. لا دا حقدها طال بناتي كمان . و دا أنتِ شوفتيه بعنيكِ و شوفتي عملت ايه مع سما و قبلها شيرين. لسه بردو مصدقاها؟ "
لم تجيبه بل هبت من مقعدها وهي تنظر إلي《شيرين 》قائلة بلهجة مرتجفه
" يالا عشان نمشي.."
أنهت كلماتها و هرولت الي الخارج حتي لا تنفجر في بكاء مرير كظمته بداخلها لسنوات
4
******************
انتصرت خيوط الصباح على دجى الظلام الذي لأول مرة كان يتمنى دوامه فوجودها بين ذراعيه كان أشبه بحلم ظن أنه لن يتحقق يومًا و أن السعادة ضلت طريقها إلى قلبه ولكن ليلة البارحة كانت دربًا من دروب الخيال . فقد أخذته حوريته الى عالم مليء بالسحر الذي غلف لقائهم العاصف المدجج بمشاعر أعظم من أن توصف .
فلأول مرة بحياته يشعر بمثل هذا الصفاء و كأن روحه اكتملت بقربها.
فقد اختبر معها مشاعر لم يكن يتوقع وجودها بداخله . و الآن هو مستيقظ منذ أكثر من ساعة يتأملها بهدوء و بأعين اختلط بها العشق و الشوق معًا يتذكر لحظات جمعتهم و كيف كانت رقيقة مُحبة علي الرغم من قلة خبرتها و برائتها ألا أنه شعر معها بسعادة أعمق من أن توصف .
أخذت أنامله ترسم بحنو ملامح وجهها الذي يعشق كل انش به تليها شفتيه التي كانت تسكب عشقًا طارف اخذ يروي به ملامحها التي انكمشت بقلق حين شعرت بلمساته العذبة فوق ملامحها فأخذت تتململ في نومتها الي أن اشرقت شمسها علي قلبه حين رفرفت رموشها كاشفة عن جنتها الخضراء التي احتوت تقاسيمه الرائعه بنظرة حانيه تجلت في نبرتها حين قالت
" صباح الخير ."
3
كانت عينيه تبحران فوق ملامحها بشغف تجلي في نبرته الخشنة حين قال
" صباح الفرح.."
4
كانت عينيه تغازلها و يديه تتجول علي كتفها بحنان دغدغ قلبها و ألهب مشاعرها و خاصةً تلك النظرات التي تقطر عشقًا فاض به قلبه فـ تخضبت وجنتاها بخجل مُحبب جعله يشدد من احتضانها أكثر وهو يقول بغزل
" حلو التفاح اللي ع الصبح دا. الواحد يفطر بقي عشان جعان"
1
انهى كلماته و قام بقضم خدها الشهي ف تأوهت بألم
" ااااه .. سالم بالراحة "
1
نظر إلي خدها الذي زاد احمراره جراء أفعاله وقال بنبرة خشنة
" محدش قالك تبقي حلوة كده عالصبح.."
3
أنهى كلماته وهو مازال يتابع أفعاله العابثه مما جعلها تقول بلهفة ممزوجة بخجل كبير
" سالم . بقي . استني هقولك علي حاجه"
سالم باختصار
" مش فاضي . قولتلك بفطر.."
توسعت ابتسامتها و قالت بمزاح
" انت كدا بتحلي علي فكرة . و دا مينفعش قبل الفطار ."
توقف عما كان يفعله وارتفعت رأسه تناظرها و قد غلف المكر نظراته قائلًا بتخابث
" تصدقي عندك حق.. نفطر الأول.."
2
لم تتفهم مقصده فقالت باندفاع 
" طب يالا نقوم نفطر "
ارتفع أحدي حاجبيه قبل أن يقول بتخابث
" و نقوم ليه ؟ الفطار هنا احلى .."
أنهى كلماته دافنًا رأسه بين طيات عنقها الذي الهبته أنفاسه الحارقة فوصل إليها المغزى من حديثه فـ تراجعت عنه وهي تقول بلهفة
" لا انت فهمت ايه ؟ انا اقصد ننزل يعني . تحت نفطر و كدا.."
3
قالت جملتها الأخيرة بلهجة يخالطها البكاء فاشتدت يديه حولها وهو يتذكر أفعالها البارحة و حديثها مع 《شيرين》 ثم القائها الحقيبة و وقوفها أمامه تعلن عشقها و غيرتها فارتسمت بسمة رائعه علي شفتيه أسرتها لثوان و اختطفت نظراتها الي وسامته الصارخة
" قلبنا قطة دلوقتي .. اومال فين شجاعة امبارح ؟ "
2
هكذا تحدث بخبث مختتمًا حديثه بغمزة عابثة جعلت الخجل يغمرها مرة أخرى فخرج الحديث مرتجفًا من شفتيها
" تقصد ايه ؟ و ايه قلبت قطة دي؟"
تفرقت يديه بين ملامحها وسائر جسدها تمارس فنون العبث بينما قال بلهجة خشنة وعينين ترسلان نظرات تغازلها
" الأسد بتاع امبارح اللي عمال يهدد هنا وهنا و محدش قادر عليه . اعملي حسابك هتلمي الورق الي بعترتيه دا ورقه ورقه.."
3
نجح في أن ينحي خجلها جانبًا و انفلتت ضحكة قويه من بين شفتيها وهي تتذكر ما فعلته و تناست كل شئ وهي تقول 
" بصراحة. معرفش عملت كده ازاي ؟ انا فجأة لقيتني بشيل الشنطة و برميها و مفوقتش غير وانت بتقولي ايه الي عملتيه دا .. قولت بس اخرتك النهاردة يا فرح ."
2
شاركها المزاح وعينيه تطالع ابتسامتها بعشق كبير
" و عشان كدا طلعتي تجري زي العيال الصغيرة . يا جبانه.."
3
" لا طبعًا مش جبانه . انت اللي كان شكلك مرعب.. و بعدين انا كنت خلصت كلامي اصلًا.. "
هكذا تحدثت بلامبالاة فقال بتسلية
" اصلًا.. لا بس انا مقدر.. الغيرة صعبه مفيش كلام.. لكن حلوة و بتجيب نتايج مبهرة"
4
انهي كلماته غامزًا فاكتست ملامحها بالغضب و قالت مستنكرة
" غيرة ايه لا طبعًا. هغير من مين اصلًا. وبعدين انا واثقه في نفسي جدًا . و متخلقتش اللي تهزني.."
3
فاجأها حين قال بلهجة عابثة
" طبعًا.. دي مفيهاش كلام. بس قوليلي بقي مين جاب سيرتي و خلاكِ اتعصبتي اوي كدا؟ "
2
انكمشت ملامحها بحيرة من حديثه وقالت باندفاع
" مين جاب سيرتك ؟ لا معرفش .. تقصد ايه؟"
" انا بسأل بس. اصلك كنتِ محموقة اوي علي سمعتي امبارح فـ قولت اكيد حد جاب سيرتي بكلام بطال ولا حاجه .."
1
هكذا تحدث بخبث قاصدًا كشف الستار عن غيرتها التي ترفض الاعتراف بها فكسي الخجل ملامحها و خاصةً نظراته التي كانت تطالعها بخبث مما جعلها تقول بنفاذ صبر
" طيب . خلاص . ايوا كنت غيرانه ايه مش من حقي ؟"
4
اضاءت ابتسامه رائعة ملامحه جراء اعترافها بغيرتها فقال بنبرة خشنة
" طبعًا حقك . "
أسرتها إجابته القاطعة فقالت بدلال
" احسن تكون اتضايقت ولا زعلت من كلامي؟ "
2
راق له دلالها كثيرًا و خاصةً عندما حاوطت عنقه بذراعيها فقال بنبرة رجولية لطالما أسرتها
" انا بتاعك يا باشا . تعمل و تقول اللي انت عايزه.."
12
ارتجت جدران قلبه حين أطلقت ضحكه قوية كانت لها وقع السحر علي مسامعه و تنبهت لها جميع حواسه فأظلمت عينيه بنيران الرغبة الممزوجة بعشق كبير تجلى في نبرته حين قال
" ما تيجي نفطر بقي .."
2
تسارعت دقات قلبها مع أنفاسها حين قالت بلهفه
" سالم . عايزة أسألك سؤال ممكن ؟"
" ممكن."
هكذا أجابها بنفاذ صبر فقالت باندفاع
" عايزة اعرف موضوع شيرين ده من أوله لآخره.."
3
تراجع عنها و استند علي المخدع خلفه واضعًا يده خلف رأسه وهو يقول بخشونة
"بغض النظر عن أن توقيت السؤال غبي . بس هجاوبك.. ملخص الحوار. جوازة زى اى جوازة مُدبرة من الأهل . ولما مكملتش مفرقتش معايا . "
5
لازالت الغيرة تقرض قلبها فقالت باستفهام
" يعني محبتهاش؟ "
أجابها بفظاظة
" مكنتش قدرت ولا سمحت أنها تتجوز حد غيري."
" بس أنت عارف أنه.. يعني "
2
قاطعها بصرامة
" حتي لو ايه . مكنتش هقبل أنها تتكتب علي اسم راجل غيري.. "
1
" طب ليه قعدت الفترة دي كلها من غير جواز ؟ يعني اكيد قابلت بنات كتير حلوة مفيش ولا واحدة عجبتك"
1
هكذا استفهمت بقلب يدق خوفًا من إجابته التي جاءت علي عكس توقعاتها حين قال بفظاظة
" الحلاوة مش كل حاجه . كتير اوي الإنسان مبيبقاش حاسس ولا شايف أنه ناقصه حاجه غير لما حد يلفت انتباهه لدا أو يشوف بعينه الشئ اللي هو محتاجه.."
2
" بمعنى ؟"
كانت تبغي اعترافًا مميزًا بالحب ولم يبخل عليها أبدًا لذا أجابها قائلًا بخشونة
" قبل ما اشوفك مكنتش شايف اني ناقصني حاجه. و الجواز مكنش في حساباتي بس لما قابلتك حسيت بالاحتياج لوجودك جنبي وكنت لأول مرة احس اني محتاج حد . و ان حياتي باهتة ملهاش لا لون ولا طعم.."
4
قام بالاعتدال لتصبح عينيه تعتليها و كأنه أراد أن يؤكد علي حديثه بنظراته العاشقه و كلماته التي حوت سحرًا أحاط بقلبها 
" انا مكملتش غير بيكِ يا فرح.. "
10
ارتفعت يديها تحتضن وجهه بحنان و عشق خالط نبرتها حين قالت
" وانا معرفتش يعني ايه فرح غير معاك.. "
3
لثمت شفتيه كفوف يدها بحب تجلي في نبرته حين قال
" وعد مني هخلي الجاي من حياتنا كله فرح. يا فرحة قلبي الي جتله بعد سنين شقى و تعب.."
6
خرجت الكلمات من أعماق قلبها الذي لأول مرة بحياته يتذوق معنى السعادة
" بحبك يا سالم.."
2
اخترقت الكلمة أعماق قلبه الذي لن تسعفه الكلمات لوصف ما يحمله لها من عشق و لأنه رجل اعتاد علي الأفعال دون الحاجة للقول فاقترب منها بنظرات شغوفه و انفاس حارقة قائلًا بصوتٍ أجش
" يبقى تسبيني أفطر بمزاج.."
3
لم يمهلها الفرصة لخلق أي حديث آخر فقد فاض الشوق و طغي فأخذ ينهل من رحيقها العذب و يبثها اشواقه الضارية و أغدقها من عشقه بسخاء بينما يديه كانت تحيطان بها برقة و كأنها قطعه كريستال ثمينه يخشى عليها من الخدش. فصارت تبادله أشواقه بشغف اشعل لهيب الصبوة بقلبه أكثر و أكثر فأخذها معه في رحلة إلى عالم مليء بالسحر يقتصر عليهما فقط و قد اسلمته روحها و قلبها و جسدها طواعية فقد جعلها تشعر وكأنها أميرة متوجه علي عرش قلبه و هذا أعظم ما قد تشعر به الانثى مع رجلها.
وهكذا اكتمل بها و اكتملت به و قد كان ما شعرت به بين أحضان عشقه أعمق وأقوى من أن تصفه الكلمات. فذلك الرجل أصبح مسكنها و سكنها و سكينتها…
5
*****************
كانت تجلس أمام الطبيب بترقب وجسد يرتعش تزامنًا مع دقات قلبها التي كانت في سباق مع أنفاسها وهي تنتظر منه أن يبدأ بالحديث و في خضم معاناتها شعرت به يغادر مقعده جاذبًا إياه ليصبح بجانبها و أخذت يديه تحتضنها بقوة بينما قال بنبرة مشجعة
" متقلقيش من اي حاجه طول مانا جنبك "
3
كلماته اضفت شعور من الارتياح القوي علي قلقها و سكن جسدها و هدأت معه دقات قلبها فقامت بالالتفات ورسم ابتسامه هادئه علي ملامحها و قد كان مشهدهم رائع للحد الذي جذب أنظار الطبيب الذي قال بالإنجليزية (طبعًا أنا هترجم 😂)
" اعتقد انكِ بالفعل قد سلكتي طريق العلاج مع طبيبك الخاص سيدة جنة.."
1
التفتت تناظره بعدم فهم فقال بابتسامة هادئة
" اقصد ذلك العاشق .. الذي يستحق أن تقاتلي من أجله.."
وصلها المغزى من حديثه فلون الخجل معالمها و قامت بإخفاض رأسها فاقترب من أذنها قائلًا بمزاح
" شايفه الدكتور بيحسدك عليا ازاي ؟ احمدي ربنا عليا بقي .."
5
كان يتحدث بمزاح حتي لا يسمح للقلق أو الخوف أن يغزو قلبها مرة أخرى فتفاجئ بها ترفع رأسها تناظره بخجل قائلة بخفوت
" الحمد لله…"
1
يود لو يتختطفها الآن ويغلق عليها داخل قلبه الذي ارتج حين سمع كلمتها التي أوحت به بمقدار ما تحمله لأجله وما أن أوشك بإجابتها حتي سمع الطبيب الذي تحمحم بخفوت جاذبًا انتباههم و قال بعملية
" سوف نبدأ بالجلسات غدًا . لا أرى أي ضرورة لإضاعة الوقت.."
2
شدد 《سليم》 علي كتفها وهو يقول بخشونة
" اوافقك الرأي. نحن جاهزون أليس كذلك جنتي ؟"
أنهى كلماته بغمزة عابثة هدأت من روعها كذلك تلك الياء التملكيه التي أضافها لـ أسمها فـ أومات بالموافقة ولكنها قالت باستفهام
" هل يمكنني أن أعرف كم جلسة سـ أحتاج ؟"
" لا يمكننا الجزم بعدد الجلسات . حالتك ومدى استجابة جسدك للعلاج هو ما سيقرر ."
" شكرًا ايها الطبيب.. "
هكذا تحدث 《سليم》 و التفت اليها قائلًا
" يالا يا حبيبي .."
2
اومأت دون حديث و توجهت معه للخارج وما أن وصلوا للباب حتى اوقفهم نداء الطبيب علي《سليم》 الذي نظر إليها بطمأنه و توجه إليه تاركًا إياها بعد أن اختارت أن تسبقه إلى السيارة
" العلاج من المحتمل أن يجعل شعرها يتساقط و حفاظًا علي حالتها النفسية اقترح عليك بأن تجعلها تقوم بقصه "
3
شعر بقلبه يتمزق حين سمع حديث الطبيب و أومأ له قبل أن يتوجه بخطٍ مثقلة الي حيث تنتظره و حاول رسم ابتسامه هادئه علي شفتيه حين استقل السيارة بجانبها فتحدثت بنبرة مهتزة
" ممكن اطلب منك طلب.."
جذب انتباهه حديثها فـ التفت كليًا يناظرها وهو يقول بلهفه
" أنتِ متطلبيش أنتِ تؤمرى.."
حاولت رسم ابتسامة علي ملامحها وهي تقول بـ شفاة مرتجفه
" عايزة اتمشي لوحدي شويه .. يعني الف في البلد كدا و اتفرج عـ المحلات. ناقصني شوية حاجات عايزة اشتريها ممكن تروح انت. و أنا هرجع لوحدي…"
2
نجحت كلماتها في إشعال فتيل غضبه وتجلي في عينيه التي اشتعلت بحمرة قانيه ولكنه حاول بصعوبة التظاهر بالهدوء حين قال بفظاظة
" علي راحتك.. شوفي حابه اوصلك فين "
1
" اي مكان في محلات .. نزلني هناك .."
هكذا تحدثت باختصار فهي لم تكن غافله عن غضبه الذي يحاول قمعه و الذي تجلي في يديه التي كانت تشتد علي المقود و قيادته الجنونيه ولكنها لم تستطيع إلا الابتعاد عنه في وضعها الحالي ..
صف السيارة أمام أحد المحلات و قال بخشونة
"  لما تخلصي كلميني ابعتلك السواق يجي ياخدك.."
" تمام.."
قالتها و ترجلت من السيارة دون أن تلتفت إليه متوجهه الي أحد المحلات فقام بإدارة السيارة و المغادرة فما أن شاهدته يغادر حتي انهمرت عبراتها تروي مقدار الألم الذي يحيط بقلبها و بأقدام اثقلها الألم توجهت إلى إحدى صالونات التجميل و داخلها حريق تصاعدت ابخرته الي رئتيها فجعلت تنفسها مؤلمًا..
2
وعلي قدر ألمها جاء ألمه فقد كان يتوقع هذا فبعد أن تركها صف السيارة بعيدًا عن أعينها  قام بالترجل يراقبها من بعيد و داخله يتمني أن يخيب ظنه و لكن للأسف كانت تشعر بما أخبره به الطبيب و لم ترغب ان يكن بجانبها و قد انفطر قلبه لتحملها كل هذا الثقل و الألم وحدها فانبثقت دمعة من طرف عينيه تحكي مقدار قهره فود لو يتوجه إليها يعتصرها بين ذراعيه ويخبرها أمام العالم أجمع بأنها اجمل النساء بعينه و أنه لا يريد من العالم أحد سواها…
5
*****************
"ياسين . يالا عشان تفطر.."
هكذا تحدثت 《حلا》 مع 《ياسين》 الذي كان يقف في الشرفة يدخن سيجارة فأجابها بفظاظة
" مش جعان.."
وضعت صينية الفطور علي المنضدة و اقتربت منه قائلة بلهجة حانية
" مينفعش يا ياسين انت من امبارح محطتش لقمة في بقك .و دا غلط عليك.."
2
كان متألمًا حد الغضب الذي تجلي في نبرته حين قال
" قولتلك مش جعان يا حلا . بطلي تضغطي عليا مش عيل صغير قدامك انا هتعرفيني الغلط من الصح "
تألمت حين خاطبها بتلك الطريقه و كعادتها تجاوزت عن ألمها قائلة بغضب
" والله لو مش عايزني اعاملك. علي انك طفل صغير بطل حركات العيال دي . لما تقطع الأكل كدا اللي راح هيرجع؟ "
صاح محذرًا
" متستفزنيش يا حلا و روحي شوفي هتعملي ايه ؟"
كان إنذارا بهبوب عاصفة هوجاء يخشى عليها منها ولكن كبريائها أبي أن تنصاع لتحذيره فقالت ساخرة
" لا والله خوفتني بجد .. و لو ممشتش هتعمل ايه ؟"
أظلمت عينيه فجأة و قام برمي السيجارة من الشرفة تجاهل الألم الذي يضرب سائر جسده وتقدم منها قائلًا بوعيد
" هخوفك بجد.."
2
كانت ملامحه مخيفة و عينيه حمراء بشكل ملحوظ مما جعلها تتراجع خطوة إلي الخلف لم تكد تخطو الثانيه حتي وجدته ينقض عليها بعنف لم تتخيله وأخذ يسكب غضبه علي ثغرها و سائر جسدها بفظاظة آلمتها و أخذ يخطو بها الي المخدع خلفهم وهو ينتزع منها كل ما يحجبها عنه بينما هي تصارع حتى تهرب من بين براثنه و خاصةً تلك السخونه التي تنبعث من أنفاسه و التي لم تكن طبيعية ولكن من فرط خوفها لم تلاحظ ذلك فأخذت تتلوي وهي تدفعه بعيدًا عنها ولكنه كان اقوى منها بكثير و قد احكم تقييدها بيديه بينما اقتنصتها شفاهه تسلبها القدرة على الحديث
فـ انحبست أنفاسها داخل صدرها و حين أوشك علي النيل منها صرخت بملئ صوتها
" لا يا ياسين .. متخلينيش اكرهك.."
2
اخترقت كلماتها المتوسلة أعماق قلبه الذي لم يكن مغيبًا كعقله الذي لم يكن يعمل في ذلك الوقت فارتفعت عينيه  تطالعها بنظرات غامضة و قد شعر بعبراتها و كأنها جمر يحرق قلبه و خاصةً ارتجافها الذي يوضح مدي رعبها منه فقد أخذ صدرها يعلو و يهبط و تعالت شهقاتها و فجأة برقت عينيها حين شعرت بيديه تحاوط خصرها و رأسه يرسو فوق صدرها الذي شعر بسائل ساخن يبلله فرفعت رأسها تناظره فوجدت عينيه مغلقه تنبعث منها عبرات حارقه فمدت يدها تلامس وجهه الذي كان يحترق أسفل يدها فقالت بصدمة
" ياسين .. انت سخن كدا ليه..؟"
2
لم يجيبها فقد ابتلعته دوامة سوداء انتشلته من براثن الألم الذي أصاب جسده بحمى الفقد الذي لم يتحملها قلبه بعد فقدانه شقيقه الأصغر أمام عينيه و الآن رحل والده الذي كان سندًا له في تلك الحياة فلم يستطيع التحمل و استسلم للمرض . و علي الرغم من ألمها لما حدث منه منذ لحظات ولكنها رغمًا عنها أشفقت عليه فقامت بـ إحتضان رأسه بين ذراعيها وكأن حنانها لامس قلبه علي الرغم من غفوته فأخذ يتمتم بكلمات لن تفهم منها سوى
" سامحيني يا حلا . "
1
احتضنته بقوة و ظلت علي حالها للحظات قبل أن تحاول بصعوبه سحب نفسها من بين ذراعيه التي كانت تمسك بها كطوق النجاة و ما أن استطاعت التحرر منه حتى توجهت الي الخزانه تخرج ملابس تستر بها جسدها و توجهت للاسفل وهي تبحث عن 《تهاني》 التي كانت في مكتب
《عبد الحميد》 فاندفعت تفتح المكتب دون أن تطرق الباب فالتفتت الأعين تناظرها باستنكار انمحي حين صرخت قائلة بألم
" ياسين سخن و تعبان اوي. حد يطلب دكتور ييجي يشوفه.."
هب 《عبدالحميد》 من مكانه و بجانبه 《تهاني》 التي صرخت بذعر
" بتجولي ايه يا بتي؟ ولدي ماله ؟"
بينما صرخ 《عبد الحميد》 في أحد الغفر قائلًا بأمر
" مسعود . اچرى هات الحكيم بسرعه .."
ثم هرول ثلاثتهم إلى غرفة 《ياسين》 الذي كان يرقد وهو يهزي من الحمى و الألم الذي لم يتحمله جسده ..
2
****************
خرج 《مروان》 مهرولًا للخارج على صوت الغفير وهو يتشاجر مع أحدهم و قد تعالت الكثير من الأصوات و التي كانت لمجموعة من الشباب كانوا يتشاجرون مع 《شعبان》 الغفير أمام المزرعة و ما أن شاهدوا الحرس قادمون حتي هربوا بعد أن قاموا بالاشتباك بالأيدي فأقبل 《مروان》 لمعرفة ماذا حدث
" ايه يا عم شعبان حصل اية؟'
《شعبان》 بصوت مبحوح يكاد يكون مسموعًا
" دول شويه عيال جولالات الرباية يا بيه و چايين يرموا بلاهم علينا.. بس متخافش اني علمتهم الأدب "
《مروان》 بسخرية
" يا راجل علمتهم الأدب ايه دا انت صوتك هرب من كتر الخوف.."
" لا يا بيه خوف ايه داني ربيتهم صوح.."
《مروان》 و هو يناظر ملامحه التي تلونت جراء تلك المعركه التي دارت بينه و بين أولئك المشاغبين وقال بتهكم
" ماهي أثر التربية واضحا عليك ما شاء الله. تقريبًا و انت بتضربهم حد قالك اهو انت فالضربه لفت ولزقت في خلقتك .. و ايه دي بوسه دي ولا إيه"
3
" بوسه ايه يا بيه . لا دا الواد الله يحرجه غفلني و ناولني بونيه ملحجتش اتفاداها.."
" لا يا راجل ..دي ملحقتش تتفاداها و الخريطه اللي علي وشك دي كلها تغفيلات بردو . انت كنت سكران ولا ايه ؟ يالا مش مهم . قولي هما كانوا بيتخانقوا معاك ليه؟"
1
هكذا تحدث 《مروان》 فأجابه الغفير قائلًا
" اني كنت في الچنينة سمعت صوت عربية بتذمر و الحرس كانوا بيفطروا طلعت اشوف مين لجيت العيال دولم بيلعبوا بالمكن جدام المزرعة"
《مروان》 باستفهام
" مكن! مكن يعني مزز كان معاهم مزز ولا ايه ؟ طب مش تناديني اخص عليك دانا حبيبك بردو"
الغفير باستنكار
" مزز ايه يا مروان بيه .بجولك مكن . فيزب موتسكلات لامؤاخذه.."
1
صاح 《مروان》 باندهاش
" موتسيكلات.. اااه. طب مش توضح يا راجل . اصل دماغي بتروح في حتت شمال .. المهم و بعدين .."
" و لا جبلين .. طلعت اشوف مين دول لجيتهم جلوا ادبهم و كان في عربية سودا واجفه بعيد عنهم و لما جنابك طلعت انت و الحرس فلجوا كلهم"
" ايه فلجوا دي معلش محسوبك مبيعرفش لغات؟"
هكذا استفهم 《مروان》 فأجابه الغفير بامتعاض
" يعني چريوا.. "
" مالك كدا يا راجل . خلقك ضيق ليه؟ بستفسر بس.."
1
انهى كلماته تزامنًا مع وصول سيارة 《سليم》 الى المزرعه فما أن رأى 《مروان 》حتى ترجل من السيارة و اعطي المفتاح لأحد الحرس ليصفها و توجه إلي
《مروان》 الذي كان يعطيه ظهره وما أن التفت حتي صاح بصدمة
" اهو سليم جه اهو … ايه دا..سلامًا قولًا من رب رحيم. انصرف انصرف .."
1
هكذا صاح 《مروان》 بذعر ما أن وقعت عينيه علي
《سليم》 الذي قام بحلق شعر رأسه حتي يساند حبيبته في محنتها و حتي لا تشعر بالخجل منه ابدًا و ما أن رأي رد فعل 《مروان》 حتي تعاظم الغضب بداخله وقال بحنق
" ايه يا ظريف شفت عفريت؟"
3
مروان بصدمة
" انيل ..شعرك راح فين؟ اقرعيت كدا ليه ؟"
《سليم》 باستفهام
"كده أحلى صح ؟"
1
اجابه 《مروان》 بصراحته الفجة
"احلي ايه شكلك يقرف الكلب.. "
لكزه 《سليم》 في كتفه وهو يقول بغضب
"تعرف تخرس "
2
《مروان》 بامتعاض
" الساكت عن الحق شيطان اخرس . اضلك يعني ؟ سألتني قولتلك رأيي "
"دا عشان انت مبتفهمش.."
3
هكذا تحدث بضيق فأجابه 《مروان》
" مبفهمش ايه انا خايف عليك يا ابني و علي مستقبلك. جنة لو شافتك كدا هيجيلها صرع.. وهي كدا كدا مش طايقاك اصلًا "
4
غضب من حديثه وقال مستفهمًا
" ليه شكلي وحش اوي كده ؟"
"وحش بس دانت عديت ليفل الوحاشه بمراحل حاليًا داخل علي ليفل البشاعة .."
2
صاح 《سليم》 بانفعال
"طب غور من وشي "
《مروان》 بسماجة
" طبعًا هغور .ناقص قرف مش كفايه عمتك همت اللي قرفاني في عيشتي .."
《سليم》 بشماته
" تستاهل .."
1
اغتاظ 《مروان》 فقال قاصدًا استفزازه
""الله يكون في عونك يا جنة هتتصبحي بالخلقة دي كل يوم الصبح.."
1
تحدث 《سليم》 محذرًا
" ملكش دعوه بجنة يا بغل انت . وبعدين انا حلقت شعري عشانها.."
2
《مروان》 بذهول
" عشانها! لا معلش مش فاهم . دا عقاب ليها مثلًا علي عمايلها فيك . ولا قررت تصرعها ؟"
4
" بطل غباوة.. النهاردة كنا عند الدكتور و طلب مني اخليها تقص شعرها عشان جلسات الكيماوي.."
1
فطن 《مروان》 إلى مقصد 《سليم》 فقال باعتذار
" اسف يا سليم والله مكنتش اقصد .بس حلوة الحركه دي منك. اي نعم هنبقي مضطرين نشوف خلقتك الغلط دي كل يوم . بس مش مشكلة . كله يهون عشان خاطر عيون الست جنة.."
5
《سليم》 بحنق
" مالك و مال عنيها ياله…"
" صاحبتي يا عم.. مالك ؟"
هكذا اجابه 《مروان》 بسلاسة فقام بجذبه من تلابيبه وهو. يقول بغضب
" بقولك ايه يا زفت انت . ملكش دعوة بيها واياك تقول صاحبتي دي تاني.. سامع ولا لا "
" طبعا سامع.."
1
كانت تستقل سيارة الأجرة تجتاز بوابة المزرعه فتفاجئت بأحدهم يمسك 《مروان》 من تلابيبه فأوقفت السائق بلهفه و قامت بإعطائه حقه وهي تهرول الي 《مروان》 قائلة باندفاع
" في ايه يا مروان .  شيل ايدك عنه.."
قالت كلمتها وهي تجذب يد 《سليم》 الممسكة ب《مروان》 فإذا بصدمه قويه تصيبها حين التفت 《سليم》 و رأته فسقطت الحقائب التي بيدها و تراجعت إلي الخلف تشهق بقوة واضعه يديها فوق وجهها فخرجت الكلمات من فم
《مروان》 باندفاع
"ادي البت اللي حيلتنا اتشلت .. كله بسببك.. "
5
" سليم .."
هكذا خرجت الكلمة مستفهمة من بين شفتيها فهي لم تكن تصدق ما تراه فأجابها باحراج ويده تمسح علي رأسه
" ايه رأيك في النيو لوك دا ؟"
1
" ما قولتلك يقرف الكلب.."
هكذا تحدث 《مروان》 باندفاع فأرسل له 《سليم》 سهام نظراته الغاضبة فأومأ برأسه معتذرًا ثم التفت إلي 《جنة》 قائلًا بغزل
" ايه الحلويات دي يا ام حزومبول ؟ الشعر القصير حلو عليكِ اوي يا بت.."
3
انظارها كانت معلقة على ذلك الذي لا ينفك يفاجئها دائمًا بأنه قريب منها للحد الذي يجعله يفهمها من نظرة عينيها
" شكلك زي القمر .. حلو اوي الشعر القصير عليكِ"
1
هكذا تحدث و عينيه ترسلان نظرات اعجاب صريحه اخجلتها فـ اخفضت بصرها أرضا فـ تدخل 《مروان》 قائلًا بسماجة
" شوف هي قصت شعرها بقت زي القمر . انت قصيت شعرك بقيت زي القرد .. سبحان الله"
5
ما أن أوشك علي الحديث حتي تفاجئ بها تقول مندفعه
" قرد في عينك . دا انت اللي قرد.."
كان اندفاعها للدفاع عنه امرًا مثيرًا للحد الذي جعله يتجاهل حديث 《مروان》 و يناظرها بحب فقطع 《مروان》 تواصلهما البصرى قائلًا بسماجة
" هنفضل متنحين لبعض كدا طول النهار. الشمس هتسيح دماغه . بقي منه للسقف خلاص ..  "
16
التفت 《سليم》 يناظره وهو يعض علي شفتيه بغضب فتدخلت 《جنة》 قائله بخفوت
" انا تعبت من اللف و عايزة ادخل ارتاح شويه .."
ناظرها 《سليم》 بلهفة تجلت في نبرته حين قال
" طب يالا ندخل .. انا كمان مصدع .."
1
امتدت يده تمسك بخاصتها متوجهًا إلي الخارج تاركين
《مروان》 خلفهم وهو يقول بسخرية
" جوز سحالي ماشيين عالبحر ياخواتي.."
التفت 《سليم》 ينوي الرجوع كي يوسعه ضربًا فأوقفته 《جنة》 التي قالت في محاولة لتهدئته
" سيبك منه .."
7
طاوعها و دخل معها الي القصر فقال 《مروان》 بتحسر
" وانت هتمشي مأنكج كده امتى يا منيل ؟ الله يسامحك يا عمتي . طب احلق شعري طيب ولا اعمل ايه؟ لا أحلق شعري ايه هو انا ناقص تشويه في منظري.. اما اروح اشوف البت دي بتهبب ايه ؟"
3
*****************
وضعت القهوة أمامه دون أن تنظر إليه بينما كانت عينيه متعلقه بها و بكل همسه تصدر منها و ما أن همت بالمغادرة حتى استوقفتها كلماته الصارمة
" وجفي عندك.."
1
توقفت بمكانها دون حديث مرتديه قناع جليدي اغضبه بشدة فقال من بين أسنانه
" اللي حوصول امبارح ده ميتكررش تاني سامعه ولا لاه؟"
تشابهت نظراتها مع نبرتها الجليديه حين قالت
" لاه مسمعاش . "
" ليه اطصنجتي (اطرشتي يعني 😂)؟"
5
هكذا تحدث بغضب فأجابته بجمود
" لاه . بس حديتك ميلدش عليا. "
" دا ليه اومال؟"
صبت غضبها و ألمها في قوالب الذنب التي ترسو فوق قلبه حين قالت
" عشان اني معملتش حاچه عفشه ولا اتمسخرت . و عشان جنابك ماشي ترمي تهم عالناس بالباطل. من غير ما تتوكد . و عشان اني حرة حتي لو كنت عفشه فده ميخصش حد ولاانت ابويا ولا اخويا عشان تجول اكده"
2
غضب من نفسه المندفعه و منها فهي بكل مرة تضعه في مواجهه مع نفسه و تطرح أسئلة لا يملك اجوبتها
" كنك نسيتي انك بتشتغلي حدانا و أن سمعتك من سمعة الدار دي.."
2
" كنت . كنت يا كبير بشتغل حداكوا و مشيت بعد اللي حوصول ولو كنت هنه دلوق فعشان الست الأصيلة الي طبطبت عليا لما الديابه نهشت عرضي .."
2
لا تنفك أن تذكره بجرمه الذي يؤنب نفسه في اليوم مائة مرة عليه و يلعن اندفاعه الذي جعله يؤلمها هكذا ثم يلعن نفسه لاهتمامه المريب بأمرها .
زفر بغضب قبل أن يقول
" خلوصنا بجي . الموضوع ده مش هيتجفل ؟ "
" اتجفل . تؤمرني بحاچة جبل ما امشي.."
1
هكذا تحدثت بأعين ناظرة الي البعيد غافلة عن توسل عينيه التي غافلته و أرسلت نظرات ترجو السماح من قلبها ولكن جاءت كلماتها لتثير غضبه من جديد فصاح آمرًا
" مش هتمشي .."
" يعني ايه؟
1
هكذا استفهمت باندهاش فخرجت كلماته صارمه حين قال
" مش هتمشي من اهنه ولا هتشتغلي عند اي حد . و اني بنفسي هضمن أن مفيش حد يشغلك في البلد كلاتها…"
2
ازدادت دهشتها و التي تحولت بعد.ذلك لغضب تجلى في نبرتها حين قالت
" ايه الافترا ده ؟ انت بتعمل أكده ليه ؟"
1
" ملكيش صالح . نفذي الأوامر و بس .."
هكذا تحدث هاربًا بعينيه من استفهام لا يستطيع الاجابه عليه فجاءت كلماتها التالية كصاعقة اصابته
" اجولك اني . عشان انت ظالم و مفتري و مبتچيش غير عالغلابة اللي زيي . بس اني لا ضعيفه ولا غلبانه زى مانت مفكر. و مش هنفذ أوامرك و لو حصلت هطلع عالمأمور. و هحكيله علي عمايلك دي.."
3
تعاظم الغضب بداخله حين سمع حديثها فاقترب منها خطوتين وهو يقول بأعين تبلور بها الغضب فبدت مخيفة تشبه نبرته حين قال
" لو طلعتي علي مدير الأمن نفسه . بردو مش هتمشي من اهنه . ايه جولك بجي.."
1
جن جنونها فقالت بانفعال
" اتجي الله انا بچرى علي اخواتي . هوكلهم منين. "
" جولي لنفسك . خليكِ اشتغلي اهنه . وأنا اوعدك مش هضايجك واصل. بطلي عناد بجي انا عمرى ما شوفت حرمه عنيدة أكده.."
1
تحدث بنفاذ صبر فأجابته باستفزاز
" يبجي اخلوص مني و سيبني اغور و اني مش هوريك وشي أبدًا…"
1
باغتتها كلماته التي انفلتت من بين شفاهه باندفاع
" ومين جالك اني ماعيزش اشوف وشك .. "
2
تراجعت خطوة للخلف و قد تعثرت نبضاتها داخل قلبها إثر كلماته و قالت بخفوت
" تجصد ايه ؟"
تراجع للخلف و شبك كفوفه خلف ظهره وهو يقول بفظاظة
" متاخديش في بالك .. روحي شوفي شغلك .."
1
كانت علي وشك المغادرة ولكنها تذكرت أمرًا فتوقفت تنظر إليه قائله بجفاء
" عايزة السلسلة بتاعتي .."
1
كان ذلك السلسال رفيق لياليه الطويلة يذكره بها و الشاهد الوحيد علي معاناته لذلك لم يرد التفريط به فقال كاذبًا
" معرفش راح فين .. باينه ضاع .. "
" ايه ؟ ضاع..!"
1
خرجت الكلمات متألمه من بين شفتيها فهذا السلسال الذكرى الوحيدة من حياة لا تعلم عنها شيئًا انتُزِعت منها منذ أن كانت صغيرة أصغر من أن تعرف هوية والداها اللذان توفيا في هذا الحادث الأليم و قد وجدها ذلك الراعي و رباها كأنها ابنته.
جرت الدموع بانهمار علي وجنتيها فسقطت كـ جمرات حارقه علي قلبه الذي هاله مظهرها و خرج صوته متلهفًا حين قال
" بتبكي ليه ؟ ده سلسال هچبلك احسن منه الصبح .."
4
لأول مرة يتجلى الضعف بعينيها هكذا فاخترقت سهام ضعفها قلبه و خاصةً حين قالت
" مفيش احسن منه.. ده كل حياتي .."
1
غزي الجنون عقله فامتدت يديه تمسك بـ رسغها وهو يقول بريبة
" ليه ؟ مين اللي چايبهولك ؟"
4
ما أوشكت أن تجيبه فسمع صوت 《صفوت》 الذي صاح يناديه
" عماااار…"
2
*************
كان يتقدم بخطٍ مثقلة بذنب عظيم لم يرتكبه ولا يقدر علي حمله أو الفرار من بين براثنه فما كاد أن يصل الي بره الآمن حتى صفعته الحياة تلك الصفعة القاسية التي انطبعت آثارها بقلبه و قلب حياته رأسًا على عقب ..
خطى إلى داخل غرفة وكيل النيابة فإذا به يتفاجئ بوجودها امامه فهوى قلبه بين قدميه و خاصةً حين رأي تلك النظرة المحتقرة تنبعث من عيونها فاخترقت قلبه المكلوم كسهام مشتعلة حتي أنه لم يلتفت حين تحدث وكيل النيابة بأنه سيتركهما سويًا لبعض الوقت فما أن غادر حتي سمع صوتها المتألم يقول
" اخر واحد في الدنيا كنت اتخيل أنه يبقي قذر بالشكل دا .."
تراشقت سهام كلماتها بقلبه ولكنه حاول التظاهر بالجمود حين قال
" انا معملتش كدا.."
" كذاب .."
1
هكذا صرخت بقهر فأجابها بقوة
" مبكدبش . معرفش مين البنت دي ولا عمري شوفتها اصلًا.."
1
《ساندي》 بسخرية مريرة
" اومال هي هتتبلي عليك كدا. من الباب للطاق. هتقول اسمك و توصف ملامحك ازاي وهي متعرفكش."
كان هذا سبب عذابه الذي كان يؤرق لياليه فتقدم جلس بكل ثقله علي المقعد خلفه واضعًا يديه فوق رأسه قائلًا بقلة حيلة
" دا اللي هيجنني . تعرفني منين وليه تلبسني تهمة زي دي؟"
" كان ممكن اتخدع فيك و اصدقك لو مكنتش آتأذيت منك . لكن دلوقتي انا شيفاك علي حقيقتك .."
لم يرفع رأسه فلم يكن يملك ما يقوله فقد بح صوته وهو يقول بأنه برئ من هذا الذنب العظيم ولكن لم يسمعه احد و لكنها باغتته حين قالت بقسوة
" طلقني.. "
1
وثب قائمًا وهو يناظرها بصدمه و خاصةً حين تابعت بقسوة
" عمري ما هقبل ابقى زوجة لواحد مغتصب حقير زيك .."
" اسكتي.. وامشي و متجيش هنا تاني مش عايز اشوفك. وخليكِ عارفه أن عمري ما هطلقك أبدًا.."
2
هكذا صرخ بها من عمق الوجع الساكن بأعماقه و يديه تمسكان باكتافها يهزها بقوة فدفعته بعيدًا عنها وهي تصرخ بنبرة جريحة
" ليه عملت كدا؟ "
1
وضع يديه فوق رأسه بقله حيلة بينما عينيه تطوف بكل شئ حوله إلى أن تعثر بضالته فهرول الي المنضدة وقام بجلب المصحف الشريف و قام بوضع يده فوقه وهو يناظرها بنظرات تحمل التوسل و الألم معًا
" بحق من انزل هذا الكتاب معملتش كدا.. انا معرفهاش .. والله ما اعرفها.."
1
باغتتها فعلته للحد الذي جعلها تناظره بصدمه فوضع المصحف الشريف جانبًا و اقترب منها قائلًا بصوت مبحوح من فرط الألم
" انتِ اكتر حد في الدنيا يهمني أنه يصدقني.. حتى لو هيعدموني مش مهم عندي . المهم انك متشوفنيش وحش كدا.."
رق قلبها رغمًا عنها لحديثه و توسله و تكالبت عليها اوجاعها فأهلكت كل ذرة ثبات بداخلها فلم تشعر سوي وهي تندفع بين أحضانه تبكي قهرًا مارسته الحياة علي كليهما فأخذ يحتضنها بكل ما أوتي من حب تسرب الي داخلها فنكره عقلها الذي لم ينسي خيباتها فأخذت تضربه بكلتا يديها وهي تصرخ بألم
" ليه .. ؟ ليه انت بالذات ؟ ليه .؟ انا مكنش عندي غيرك ! ليييه ؟"
كانت تصرخ وتضربه و قد كان يتلقى ضرباتها بصدر رحب تناسي كل ألمه و قهره و ضمها بقوة الي داخله فاختلط نحيبها مع بكاءه الصامت في لحظة مسروقة بين كل هذا الألم المحيط بهم…
1
****************
هبطَ الدرج سويًا يد بيد بعد أن أقنعته بصعوبة بالغة بالنزول للأسفل و قد وافق على مضض حتي يمكنه مباشرة أعماله و قد كان أول من قابلاه هو 《سليم》 الذي كان متوجهًا إلي غرفة المكتب فتفاجئ من مظهره ولكن لم يعلق  فقد كان يرسل نظرات تحذيرية عن السؤال فالتزم الصمت .
" دادا نعمة اعمليلي قهوة.."
1
هكذا تحدث 《سالم》 الي «نعمه» التي ما أن أوشكت علي تلبية مطلبه حتي أوقفتها كلمات 《فرح》 التي قالت بخفوت
" دادا نعمه استني انتِ . انا هعمل انا القهوة.."
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" اشمعني كدا ؟"
إجابته بدلال راق له كثيرًا
" بمارس مهامي . مرات الكبير بقي و كدا.."
أضاءت ملامحه ابتسامة عذبة قبل أن يقول بعبث
" طب ما تسمعي كلام الكبير وتيجي اخدك و نطير من هنا.."
2
لون الخجل ملامحها فبدت شهية للغاية فاقترب أكثر قائلًا بخشونة
" السكوت علامة الرضا يالا بينا.."
جذبها من معصمها فأوقفته قائلة بخفوت
" طلعت عيني عشان تنزل و مكملناش ثواني و عايز تطلع بطل استهبال بقي"
ضيق عينيه قائلًا بوعيد
" مقولتش انا ان لسانك دا عايز قطعه.."
أرادت مشاكسته قليلًا فقالت بدلال
" لساني انا بردو اللي عايز قطعه !"
اجابها بوقاحة
" طب تعالي نطلع فوق و نشوف مين هيقدر علي التاني"
خدعته حتي أفلتت من بين براثنه فقالت بنبرة مرتفعة
" ايوا يا دادا نعمة جايه اهوة.."
ضيق عينيه و هو يعض على شفته السفلية قائلًا بوعيد
" هو احنا فينا من كده؟"
وصل إلي مسامعها استفهامه فالتفتت قائلة بدلال
" ايوا فينا من كدا.."
تابع تهديده قائلًا
" مبقاش سالم الوزان أن ما ربيتك من اول و جديد."
2
أطلقت ضحكة رقيقة سرقت لبه الذي يهيم بها ولهًا تضاعف بعد تلك الليلة التي قضاها بين أحضان عشقها الدافئ..
توجه إلي غرفة الجلوس فلفت انتباهه 《جنة》 التي كانت في طريقها الي الصالون فأوقفه مظهرها الجديد و قد فطن الآن السبب لما فعله اخيه فـ شعر بالشفقة تتسلل الي قلبه علي تلك الصغيرة التي ضاعف الحزن و المرض عمرها فانتظر حتي أتت و قال بنبرة خشنة
" عامله ايه ؟"
لطالما كانت تهابه كثيرًا علي الرغم من أنه كان شخصًا حنونًا و قد ظهر ذلك في الكثير من المواقف ولكن كانت هيبته تجعلها تخشى الحديث معه لذا أجابته بخفوت
" الحمد لله.."
1
أومأ برأسه و تحمحم قليلًا قبل أن يقول بخشونة
" لايقه عليكِ اوي .. التسريحة الجديدة.."
أضاءت ملامحها بابتسامه مشرقه قبل أن تقول بخفوت
" بجد ؟"
" اه فعلا . شكلك زي القمر . خسارة في الواد سليم "
1
اخجلها حديثه كثيرًا وفجأة جاء صوتًا عابثًا من خلفهم
"  قولها عشان مش مصدقاني.. سلومة الاقرع اللي جوا دا ميستاهلكيش . اسمعي مني اهو البوص بذات نفسه قالك .."
4
تعالت ضحكاتهم فتابع 《مروان》 مزاحه قائلًا
" اومال انت حلو كده ليه يا كبير ؟ "
1
تحمحم 《سالم》 قبل ان يقول بفظاظة
" انا حلو علي طول يا أبو لسانين"
2
《مروان》 بخبث
" لا النهاردة غير .. وشك مورد كده و عينك بتلمع. بركاتك يا فروحة."
5
ضيق عينيه بوعيد قبل أن يقول باستنكار
" ايه ؟؟"
تحمحم 《مروان》 وقال مصححًا
" اقصد بركاتك يا آنسة فرح.."
1
" انسه فرح!. طب ادخلي أنتِ يا جنة عشان في واحد صاحبنا هنا هيتروق.."
1
هكذا تحدث 《سالم》 بوعيد فـ اطاعته 《جنة》 التي غمرها الخجل فصاح 《مروان》 يوفقها
" استني يا به . أنتِ بتبيعيني كدا في لحظة . الصداقه بتلطم منك. "
2
اوشكت يد 《سالم》 أن تطاله ولكنه افلت بأعجوبة مهرولًا خلف 《جنة》 فتبعهم 《سالم》 الي الداخل و خلفه 《سليم》 الذي كان قادمًا من غرفة المكتب
" بسم الله ما شاء الله ايه القمر دا يا جنة… يالهوي مين دا ؟"
3
هكذا تحدثت 《أمينة》 ما أن رأت 《جنة》 ولكنها سرعان ماتفاجئت حين شاهدت 《سليم》 الذي ارتسم الامتعاض علي ملامحه فقال بنفاذ صبر
" مش هنخلص بقي .."
1
ارسل 《سالم》 نظرة تحذيرية إلى والدته فـ تابعت موجهة حديثها الي 《جنة》
" تعالي اقعدي جنبي يا جنة وريني الحلاوة والطعامة دي"
اقتربت 《جنة》 لتجلس بجانبها بخجل و سرعان ما وجدت 《مروان》 يجلس هو الآخر بجانب 《جنة》 فقالت 《أمينة》 بامتعاض
" انا بقول جنة ايه الي مقعدك هنا ؟"
《مروان》 بتهكم
" معلش يا مرات عمي بصي للترلتين اللي أنتِ مخلفاهم وأنتِ تعرفي .."
4
التفتت الي ولديها فوجدت نظرات التوعد التي تغلف عينيهم تجاه 《مروان》 فقالت بخفوت
" يخربيتك عملت ايه ؟"
" معملتش حاجه هما اللي مفتريين و بيحقدوا عليا و أولهم سلومة الاقرع دا ."
3
حين أطلق هذا اللقب علي 《سليم》 حتي انفجرت كلًا من 《جنة》 و 《أمينة》 في الضحك فهب 《سليم》 غاضبًا
" انت بتقول ايه ياد بيضحكها كدا؟ "
3
《مروان》 بحنق
" مقولتش يا عم هي اللي بتتلكك عشان تضحك.. انا جيت جمبك يا بنتي؟ "
ثم اخفض صوته و نظر إلي 《امينه》 قائلًا
" شوفتى اهو غيران مني عشان بعرف اضحكها إنما هو كشري مبيعرفش غير يحمر لنا في عينيه.."
5
" معلش استحملهم عشان خاطري .."
هكذا تحدثت 《أمينة》 موجهه حديثها إلي 《مروان》 بينما على صوتها وهي تنادي علي أحد الخدم
" اطلعي نادي علي همت و البنات عشان الغدا.."
****************
كانت 《شيرين》 تتسطح علي مخدعها حين تفاجأت
《بهمت》 التي اقتحمت الغرفة مغلقه الباب خلفها وهي تقول بصرامة
" اتصلي بأبوكي قوليله اني عايزة أكلمه"
انتفضت 《شيرين》 تناظرها بصدمه قبل أن تقول
" في ايه يا ماما؟"
" نفذي اللي بقولك عليه من غير نقاش.."
تحركت 《شيرين》 الي هاتفها و تناولته وقامت بطلب رقم 《ناجي》 الذي ما أن أجاب حتي قامت 《همت》 بانتزاع الهاتف منها قائلة بجفاء
" عايزة اقابلك؟"
ارتسم المكر علي ملامحه وهو يقول بحزن مفتعل
" ليه مش قولتيلي انك مش عايزة تشوفي وشي تاني ايه اللي حصل ؟ عايزة مني ايه "
3
《همت》 بحنق
" عايزة أخد حقي من الي آذاني و اتسبب في خراب بيتي …"
9
يتبع….
عماااار "
التفت كلًا من عمار و نجمة الي 《صفوت》 الذي ترجل من سيارته و يقف بانتظاره فـ وجه أنظاره إلى تلك التي كان الحزن يغمرها كليًا و قال بصرامة
" ادخلي علي چوه و خليكِ خابره أن كلامنا لسه منتهاش.."
لم تجيبه إنما اومأت برأسها بخنوع لم يعتاده منها و توجهت إلى الداخل وأثناء مرورها بهم استوقفها
《صفوت》 الذي تذكر تلك الفتاة التي كانت تبكي ذلك اليوم ولا يعلم لما شعر بأنه يريد محادثتها فقال بلطف
" ازيك يا بنتي عامله ايه ؟"
2
لامست قلبها كلمته التي لم تسمعها بهذا الحنو يومًا فالتفتت تناظره و لأول مرة أرادت أن تخبر أحدهم بمعاناتها و ان تجيبه قائلة لست بخير ! ولكن توقفت الكلمات علي أعتاب شفتيها ولم تستطيع سوى ان تومئ برأسها و تمتمت بخفوت
" الحمد لله"
2
لم تطيل و التفتت متوجهه للداخل و جاء صوت 《عمار》 القوى
" اهلًا يا صفوت بيه.. نورتنا"
كانت نظرات 《صفوت》 تلاحقها إلى أن دخلت إلي البيت الكبير فاخفض رأسه لا يعلم ما هذا الشعور الذي يغزو قلبه ولكنه تجاهله قبل أن يجيب 《عمار》 الذي كانت نظراته مشتعلة بنيران غيرة قاتلة فقد لاحظ نظرات 《صفوت》 إليها
" البقاء لله.. شد حيلك .."
2
أنهى حديثه وهو يمد يده ليصافح 《عمار》 الذي ما أن هم بالحديث حتي تفاجئ من تلك المرأة التي ترجلت من السيارة ترتدي نظارة سوداء كبيرة تخفي ملامحها ففطن إلى أنها من المحتمل أن تكون زوجته فلم يطيل بالحديث اكتفي بإجابة قاتمة
" الدوام لله . اتفضلوا.."
" يالا يا سهام .."
مد يديه إلي زوجته التي كان من الواضح أنها مترددة كثيرًا ولكن جاءت يديه القويه لتجذبها حتى دخلت إلي المنزل
فـ استقبلتهم 《تهاني》 مرحبة
" اهلًا و سهلًا . نورتونا.. اتفضلوا."
حيتها 《سهام》 بتحفظ بينما حياها 《صفوت》 بحرارة
" اهلًا يا حاجه أم ياسين . البقاء لله.. "
" الدوام لله.. "
هكذا تحدثت 《تهاني》 بحزن فشعرت 《سهام》 بالحرج و ما أن أوشكت بإطلاق عبارات التعزية حتي توقفت نظراتها علي تلك التي كانت تخرج من المطبخ و تحمل صينيه بها طعام و تصعد الدرج فضرب عقلها سيل من الذكريات التي جعلت بسمة خافته تتسلل الي شفتيها و هي غارقة بعالم آخر فلم تشعر بكلمات 《تهاني》 التي أخذت تنادي عليها بعد أن تركها 《صفوت》 برفقتها و توجه إلي مكتب 《عبد الحميد》 لتعزيته .
1
فجأة استفاقت من بحر ذكرياتها حين لامست يد 《تهاني》 كتفها فقالت بحرج
" اسفه . سرحت شويه .."
" لا ولا يهمك .. تعالي نجعد چوا و اني هشيع البنات ينادوا علي حلا . بس اصل ياسين ابني كان تعبان شوي يا جلب أمه متحملش الخبر . "
7
هكذا تحدثت 《تهاني》 بحزن فأجابتها 《سهام》 بخفوت
" الف سلامه عليه . البقاء لله شدي حيلك .."
اومأت 《تهاني》 برأسها و توجهت و معها 《سهام》 إلى المجلس الخاص بالحريم و ما أن جلست 《سهام》 حتي استأذنتها 《تهاني》 قائلة بذوق
" هشيع البنات ينادوا علي حلا .. و يعملولك جهوة. بتشربيها ايه؟"
" سادة لو سمحتي.. "
توجهت 《تهاني》 الي الداخل فوجدت 《نجمة》 التي كانت تهبط الدرج فقالت
" نچمه عايزة فنجان جهوة سادة من يدك للضيفه.. "
《نجمة》 بخفوت
" حاضر يا حاچة ."
لاحظت 《تهاني》 حزنها فقالت باستفهام
" مالك يا بتي ؟ زعلانه أكده ليه ؟ حوصول حاچه ولا اي؟"
1
احتارت كيف تشكو حزنها الذي لم يتفهمه أحد غيرها لذا قالت بخفوت
" لا مفيش حاچة.. اني بس كنت عايزة اطلب منك طلب لو مش هتجل عليكِ؟"
" اطلبي يا بتي لو في مجدرتي هعمله."
《نجمة》 بامتنان
" تعيشي يا حاچة. اني كت عايزة ارچع اشتغل في الزريبة من تاني . و سايجه عليكِ النبي ما تسأليني ليه . "
1
اندهشت 《تهاني》 من طلبها الغريب و لكنها لم تكن في وضع يسمح لها بالسؤال فيكفيها ما تعانيه لذا قالت برفق
" اللي تحبيه يا بتي .  ولو اني مستغربة بس علي راحتك.. اعملي الجهوة و دخليها للضيفه واني هطلع اطمن علي ياسين . وابجي روحي كملي شغلك هناك.."
1
اومأت 《نجمة》 بامتنان تجلي في نبرتها حين قالت
" تسلمي وتعيشي يا حاچه . عن اذنك .."
أنهت حديثها و توجهت للمطبخ بينما صعدت 《تهاني》 الدرج في طريقها الى غرفة 《ياسين》 ..
****************
بأيدًا مرتعشة كانت تحمل الصينيه لتضعها على الطاولة فهي منذ البارحة تجلس بجانبه تخشي أن تغفو عينيها و ترتفع حرارته من جديد فقد انخفضت بأعجوبة بعد أن أعطاه الطبيب العقاقير و المحاليل المغذية و طمأنهم بأنه عندما يستيقظ في اليوم التالي سيكون بخير و بالفعل فهو استيقظ منذ لحظات بعد ليله عصيبة قضاها غارق في هلوسات لم تفهم منها شئ ولكن يبدو اليوم وكأنه استعاد وعيه ولكن هل يتذكر شئ مما حدث البارحة ؟
" الساعه كام ؟"
هكذا تحدث بصوت متحشرج فأجابته بنبرة قائمة مختصرة
" اتناشر ونص.."
وضع يديه فوق جبهته فقد كان الصداع و كأنه يقيم احتفالًا صاخبًا برأسه فـ أراحها علي الوسادة أسفله وهو يقول بخشونة
" انا نمت كل دا؟"
ارتفع أحدي حاجبيها قبل أن تقول باختصار وهي تجلب ادويته
" تخيل !"
شعر بخطب ما في لهجتها و عينيها التي بدت جامدة
فـ احتار ماذا حدث ولكن حيرته لم تدم فقد استعاد بعضًا من ذاكرته لـ مشاهد بدت مشوشة و لكن هناك جملة استقرت في قلبه لم يستطيع نسيانها وهي تتوسله قائلة
" بلاش يا ياسين متخلينيش اكرهك.."
زفر بقوة و شعر بغضب يتعاظم بداخله وهو يتخيل حجم الجريمة التي كان علي وشك ارتكابها والتي كانت ستكبده خسائر فادحة أولها هي !
" يالا عشان تفطر و تاخد دواك ."
هكذا تحدثت وعيناها تنظران في كل الأماكن ما عداه ففطن إلى مقدار غضبها منه فقال بلهجة خشنة
" مش هتفطري معايا ؟"
2
" لا مش جعانه .."
هكذا أجابته باختصار فقال بفظاظة
" اركني الفطار و هاتي الدوا "
توجهت انظارها إليه بغضب تجلي في نبرتها حين قالت
" مينفعش . لازم تفطر عشان تعرف تاخد الدوا . انت بقالك يومين مكلتش .."
1
كان اهتمامًا يغلفه الغضب مما جعله يقع فريسة بين أنياب الندم لما كان علي وشك أن يفعله بها ولكن حالته الصحية و النفسية كانت في اقسي درجات السوء
" مانا مش هفطر لوحدي. و طبعًا مش هقدر انزل افطر معاهم تحت عشان تعبان . "
3
اغتاظت من حديثه الذي يحمل الكثير من الصدق و ابتلعت غضبها الحارق و قامت بحمل الصينيه و وضعها علي الفراش وهي تقول بجفاء
" حركات العيال الصغيرة دي مابحبهاش.. اتفضل يلا عشان تفطر .."
تفاجئت حين قام بحمل الصينيه و وضعها علي الجانب الآخر من السرير و مد يديه إليها قائلًا بخفوت
" تعالي .."
1
تعثرت نبضات قلبها وهي تري دعوته التي جاءت بطريقة مُربكة فـ عينيه كانت تحمل نظرات خاصة هل كانت اعتذار ؟ لا تعلم ولكن لهجته دغدغت مشاعرها وخاصةً حين أردف بخشونة
" متفكريش كتير يا حلا و تعالي . انا تعبان مش قادر اناهد "
حاولت التحلي بشجاعتها قدر الإمكان و قامت بالجلوس علي جانب السرير علي مسافة منه فـ لون الامتعاض ملامحه و قام بالتململ في نومته و حاول الاعتدال وهو يمد يديه لتعديل الوسادة خلفه و لكنه فشل فزفر بحنق فتقدمت بعفويه وهي تحاول تعديلها بشكل يكن مريحًا له فتفاجئت بيديه اللتين طوقت خصرها و شعرت بحزمة من الوخزات الموترة تجتاح جسدها حين سمعت صوته العابث وهو يقول
" لازم اضحك عليكِ عشان تقربي يعني! مينفعش تيجي من نفسك.."
أيقنت بأنها وقعت في شباكه التي نصبها و ساعده في ذلك قلبها الغبي الذي يندفع إليه دائمًا ولهذا تجاهلت النظر في عينيه التي كانت تحاوطها بشكل مثير و مُربِك في آن واحد فادارت وجهها الي الجهة الأخرى وهي تحاول صبغ صوتها بالحدة حين قالت
" ياسين لو سمحت سيبني !"
" مش قبل ما نتكلم. "
" قول اللي عندك.."
2
هكذا تحدثت بجفاء يتخلله الارتباك جراء قربها منه بهذا الشكل فتابع عبثه حين قال بخفوت
" مبعرفش اتكلم مع حد غير وانا عيني في عينه . بصيلي .."
زفرت بغضب كان ستارًا يحجب ضعفها أمامه والذي بدأ يسري كالمخدر في أوصالها ولكنها حاولت التحلي بالشجاعة و النظر إليه قائلة
" ممكن تسبني لو سمحت . "
اسكتتها كلماته التي لم تكن تتوقعها أبدًا
" انا أسف .. حقك عليا .. "
1
تجمدت بين ذراعيه للحظات استغلها هو و قام بوضع قبله رقيقه فوق جبهتها ثم عاود النظر الي عينيها لثوان قبل أن يقرب رأسه و يسند جبهته علي مقدمة صدرها مطلقًا زفرة قويه أحرقت بشرتها كما احرقتها كلماته المعذبة حين قال
" معرفش عملت كده ازاي. بس انا كنت في أسوأ حالاتي . حسيت جوايا نار عماله تاكل فيا و كنت عايز اطفيها بأي شكل.. "
لم تكن يومًا ضعيفه بل كانت قويه بنكهه غاضبة لطالما كان طريق الغفران شائكًا لهذا لم تكن تتبعه ولكن الآن اختلف كل شئ فقد وجدت ذراعيها تلتف حول عنقه بحنو لم تعهده مسبقًجا ولا تعلم من أي جهة تسرب إلى قلبها الذي كان يسيرها كـ المنومة مغناطيسيًا لا تملك زمام أمرها لـ تردعه عن التفاعل مع ذلك الذي ما أن شعر بذراعيها تحاوطه حتي اشتدت يده حول خصرها وهو يلثم موضع نبضها الذي ازدادت دقاته بدرجه جنونيه فكان وكأنه يمتص ارتباكه الناتج عن قربه منها و بنبرة متحشرجة خاطبها
" اوعدك اللي حصل دا مش هيتكرر تاني .. و عمرى ما هقرب منك تاني غير برضاكِ .."
5
كان الأمر مروعًا بالنسبة لها فقد اختلط الشعور بداخلها من ارتباك و إثارة وخجل لون خديها فبدت كـ الفاكهه الشهيه التي حرمها للتو علي نفسه التي اشتهتها الآن بقوة فتابع بصوت تغلغل إلى داخلها محدثًا زوبعة أخرى من المشاعر
" لسه زعلانه مني ؟"
لم تجد بداخلها أي قدرة علي الحديث فهزت رأسها نفيًا فلم تروي ظمأ شوقه إليها فقال بنبرة شغوفة
" عينيكِ بتقول انك لسه زعلانه . وانا مقدرش علي زعلهم . "
قرب رأسه منها فاختلطت الأنفاس و تعانقت النظرات و اخترق صوته جدران ثباتها الواهي حين أردف
" ممكن اصالحهم ؟"
3
كان استفهامًا يضعها في مأزق فهي تشتهي قربه دون أن تعلن عن ذلك . تريد الحفاظ علي كبريائها أمامه وبنفس اللحظة تموت شوقًا أمام عينيه التي أسرتها وهكذا اشتعلت حرب الكبرياء و الشوق و لكن خرج الأخير منتصراً فانفلتت الحروف من بين شفتيها بنبرة تكاد تكون مسموعه
" ممكن.."
1
لم تكن تنهي كلمتها حتي ابتلع باقي حروفها بجوفه وأخذ ينهل من بحور العسل المذاب فوق شفتيها بضراوة و داخله يلعن نفسه لكونه حرم جنتها عليه مشترطًا رضاها المرهون بجنون أفعالها فكيف يقاوم شوقه و عشقه في آن واحد ؟ كيف يمنع نفسه عن تلك المشاعر الموقوتة التي تتفجر بداخله حين يصبح قريب منها ؟ أخذ يقربها منه اكثر و يديه تحتويها بقوة بينما واصل قطف ثمار ثغرها بـ نهم مانعًا حتى ذرات الهواء من المرور الي رئتيها التي كادت أن تنفجر من فرط ضغطه عليها فشعرت بـ أنها على شفير الهلاك بين ذراعيه حتي أنها استندت بكامل ثقلها فوقه و كان هذا أكثر من محبب إليه ولكن هدوئها جعله يدرك بأنه على وشك إزهاق روحها عشقًا فتركها علي مضض وتفاجئ حين وجد وجهها يكاد ينفجر من فرط احمراره و صدرها الذي أخذ يعلو و يهبط ساحبًا أكبر قدر من الهواء إلى داخل رئتيها فخرج صوته متلهفًا حين قال
" أنتِ كويسه؟"
" انت مجنون ؟"
4
هكذا خرج صوتها مبحوحًا بينما عينيها تعكسان نظرات تحمل الغضب و الرغبة معًا فجاء صوته عابثًا حين أجابها
" معلش الحرمان وحش ! "
3
أفلتت من بين براثنه و قالت بارتباك
"حر.. حرمان ايه ؟ "
طافت عينيه عليها بنظرة ذات مغزى شملتها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها قبل أن يقول ساخرًا
" اسألى نفسك .."
لم تكد تجيبه حتي سمعت طرقًا علي الباب الذي أطلت منه 《تهاني》 بعدما قامت 《حلا》 بالسماح للطارق بالدخول …
1
****************
تجمعت العائلة لأول مرة منذ وقت طويل علي طاولة الغذاء و قد كان جمعًا مختلفًا خاصةً علي قلبه فقد قامت حبيبته بالإشراف علي كل شئ يدور بالمنزل حتي انواع الطعام المُعد علي الغداء و قد كانت تدور بكافة أرجاء المنزل أمام أعينه كالفراشة التي تشتهي ألسنة اللهب اختطافها و الاحتراق معها بعيد عن الأعين ولكن للأسف مُحتم عليه الإنتظار حتي ينتهي من أعماله
" الأكل له طعم تاني النهاردة يا فرح.. تسلم ايدك"
3
هكذا تحدثت 《أمينة》 وهي تنظر إلي 《فرح》 التي تورد خديها خجلًا لإطراء 《امينة》 عليها أمام العائلة بأكملها
" بالف هنا يا ماما . انا معملتش غير حاجات بسيطة.. و داده نعمه هي اللي كملت"
1
" كفايه وقفتك .. فكرتيني بنفسي وانا قدك كده كنت أقف اشرف علي كل حاجه بنفسي و كان عمك الحاج الله يرحمه يقولي الأكل له طعم تاني يا أمينة.."
1
تدخل 《مروان》 ساخرًا
" طبعًا كان بيشتغلك يا مرات عمي. هو لما تقفي عالاكل وهو بيتعمل طعمه هيتغير يعني ! انا لو من داده نعمه اسيبلكوا البيت و امشي . ايه الظلم دا."
5
ناظرته 《أمينة》 شذرًا وقالت بتقريع
" ليه فاكره نصاب زيك . وبعدين النفس الحلو بيبان لو حتي قليت بيضة .. و فرح نفسها ما شاء الله عليه .."
أجابها 《مروان》 بمزاحه المعهود
و مين يشهد للعروسه . الله يباركلك يا فرح تناوليني ورك فرخه من اللي قدامك دا . "
2
ناظره 《سالم》 بوعيد تجلي في نبرته حين قال
" بص في طبقك يا مروان احسنلك .."
1
عانده بسخط
" معلش يا بوص اصله شكله مغري بصراحة. ولا انت بيتعملك حاجات اسبيشيال؟"
كان محقًا فهي قامت بتحضير تلك الأكله حين علمت بأنه يحبها وقد أخبرتها والدته بذلك فغضب من 《مروان》 لإصراره علي تذوقها فقال بتحذير
" اه بيتعملي حاجات اسبيشيال. عندك اعتراض ؟"
6
《مروان》 بسخط
" لا انا اكيد معنديش انا يهمني صحتك مانت الكبير بردو ."
انهي جملته و اقترب من أذن 《أمينة》 قائلًا بخفوت
" الحقي يا مرات عمي دا شكله هيحب اكل فرح اكتر من أكلك ."
5
《أمينة》 بنفي
" لا طبعًا بتقول ايه يا واد انت؟ دا عمره ما يستطعم اكل حد غير اكلي "
《مروان》 بإصرار
" ازاي إذا كنتِ أنتِ نفسك عماله تشكريله في أكلها .. بصي أنتِ مش عاجباني يامرات عمي . و هتعرينا وسط الحموات . لينا قاعدة بعد الغدا.."
9
وصل حديثه الي مسامع 《سليم》 الذي كان يجلس علي مقربه منه فنظر الي أخيه قائلًا بخفوت
" بيسلط امك عليك .."
2
انكمشت ملامح 《سالم》 بغضب وصاح بلهجة فظة
" لو سمعت صوتك تاني هخليك تقوم تاكل في المطبخ .. "
" ليه يعني هو انا عملت ايه بلاش اكلم مرات عمي اللي زي امي ولا عشان انا لوحدي هنا هتدهوسوا عليا ؟ عاجبك يا مرات عمي .."
1
تأثرت 《أمينة》 لحديثه فنظرت إلي 《سالم》 قائلة
" لا طبعًا مش عاجبني . ايه يا سالم الواد بيتكلم معايا متجيش عليه كدا . هو احنا عندنا كام مروان يعني ؟"
أجابها 《سليم》 بسخط
" واحد و الحمد لله و إلا كان زمان الواحد مات مجلوط.."
5
أشار 《مروان》 علي 《جنة》 التي كانت تجلس بجانب 《سليم》 في مواجهته فاقتربت لتسمع حديثه حين قال
" شايفه سلومه الاقرع جوزك بيقول عليا ايه ؟ عشان تعرفي انه غيران مني .."
3
لم تفلح في كبت ابتسامتها فتدخل 《سليم》 غاضبًا
" بتقولها ايه يا زفت انت ؟"
1
أشار 《مروان》 إليها بمعني ارأيتي فالتفتت إلي 《سليم》 قائله بغضب
" علي فكرة بقي مروان دا اللي مخلي البيت له طعم.. متزعلهوش لو سمحت.."
3
برقت عينيه حين رآها تدافع عنه و تعاظم الحنق بداخله فعض علي شفتيه يكاد يدميها فجاءه صوت 《مروان 》الذي قال ببراءة
" حبيبتي والله يا جنة. مش عارف من غيري كنتوا هتعملوا ايه في البيت الكئيب دا"
3
اجابه 《سالم》 بفظاظة
" كان زمانا مرتاحين
تدخلت 《فرح》 قائلة بصدق
" لا حرام يا سالم . دا مروان سكر و دمه خفيف خالص . "
تجمد بمكانه حين سمع حديثها فالتفت يناظرها بصدمه تحولت إلي وعيد و خاصةً حين وجد تلك النظرات المتشفيه من جانب 《مروان》 الذي قال بتهليل
" اللهم صلي علي النبي . مرات الكبير قالتها . مروان سكر و دمه خفيف . باااس انا كدا اخدت حصانه.. الهي ما اتحرم منك يا اميرة يا بنت الأمرا.."
11
ألقت 《فرح》 نظرات تحذيرية إليه ولكنه لم يفهم و تفاجئ بسما التي كان وجهها لا يفسر وهي تتراجع بكرسيها إلي الخلف وهي تقول
" الحمد لله شبعت .."
2
برقت عينيه و هو يناظرها تخرج من الغرفة فالتفتت ليصطدم بنظرات الشماته تغلف عيني كلًا من 《سليم》 و 《سالم》 الذي تراجع بكرسيه للخلف وهو يناظرها بنظرة ذات معنى و من ثم توجه إلي الخارج فالتفتت إلي 《مروان》 قائلة بتقريع
" عارف انت لسانك دا عايز قصه .."
1
" عارف . "
قالها بحسرة بعد ما شاهد رد فعل 《سما《 و ما أن هم بالنهوض حتي رأي 《طارق》 الذي دخل الغرفة للتو مرحبًا بالجميع
" مساء الخير . بالهنا و الشفا .."
اجابه الجميع وأضافت 《أمينة》
" تعالي يا طارق عشان تاكل و اعمل حسابك أن الأكل له ميعاد متتأخرش تاني "
1
هكذا قالت موجهه حديثها إلي 《همت》 و 《شيرين》 بعد أن رأتهم يتوجهون إلى الطاولة فتدخلت 《همت《 بجفاء
" اللي قاعد في بيته ياكل وقت ما يحب . مفيش قوانين هنا…"
1
استمهلت 《أمينة》 نفسها قبل أن تجيبها بهدوء
" دي مش قوانين ياهمت بس اتعودنا من زمان أننا بنتجمع كلنا عالاكل سوي . عيلة واحدة . ولا نسيتي .."
《همت》 بوجوم
" مبنساش حاجه يا أمينة اطمني. كل حاجه محفورة جوايا.. و خصوصًا اللي تخص العيلة .."
4
جلس 《طارق》 بجانب 《مروان》 الذي قال بجانب أذنه بصوت خافت
" اقعد . هيفوتك كتير . مصارعه المحترفين هتبدأ دلوقتي.."
" هما مالهم بقوا عاملين كدا ليه؟"
هكذا استفهم 《طارق》 فأجابه 《مروان》 ساخرًا
" هما لسه معملوش دا استعراض قوات . اصبر دلوقتي هتلاقي عمتك انقضت علي مرات عمك و عملت فيها فنش اندر تيكر . "
1
عنفه 《طارق》 قائلًا
" بطل هيافه . "
" هما لحقوا يقسوك علي اخوك يا طارق . "
هكذا تحدث 《مروان》 بطريقه مسرحيه فناظره 《طارق》 بنفاذ صبر فهب الآخر من مكانه قائلًا بسخرية
" للأسف مضطر احرمكوا من وجودي لأني شبعت … اقعدوا بالعافيه.."
4
قالها وهو يحاول قمع ضحكاته بصعوبة من مظهر كلًا من 《أمينة》 و 《همت》 التي قالت بسخط
" في داهيه.."
1
" سمعتك يا عمتي. سمعتك .و قاعد علي قلبك . "
هكذا قالها 《مروان》 وهو يناظر 《همت》 باستفزاز تجاهلته الأخيرة بسخط تحول الي 《فرح》 التي هبت من مكانها قائلة
" انا كمان شبعت عن اذنكوا.."
ما أن غادرت 《فرح》 حتي تفاجئ الجميع من حديث 《شيرين》 حين نظرت إلي 《جنة》 قائلة
" شكلك حلو بعد ما قصيتي شعرك . كدا احلي كتير .."
2
بحثت 《جنة》 في ملامحها لترى أي بادرة سخرية قد تكون قاتلة لها ولكن لدهشتها بدت صادقة فقالت بتحفظ
" شكرًا .."
امتدت يد 《سليم》 تحاوط كفوف《 جنة》 وهو يقول بصوت يشوبه الجفاء
" لو خلصتي اكل يالا نقوم عشان ترتاحي شويه .."
" اه خلصت يلا…"
2
خرج كلًا من 《سليم》 و 《جنة》 و تبعتهم 《أمينة》 التي قالت بسخرية
" بألف هنا انتوا. احنا قاعدين من بدري "
لم يجيبها أحد و بعد أن غادرت التفتت 《همت》 الي 《طارق》 قائله
" شفت اللي بيحصل في البيت يا طارق . بقيت غريبة في بيت أبويا .."
2
" أنتِ مش غريبه يا عمتي . أنتِ ليكِ هنا زي ما ليهم بالظبط.. الي يعاملك علي انك غريبه عامليه نفس المعاملة.."
تركت 《همت》 الملعقة من يدها و قالت بحزن
" انا ماليش نفس . عايزة أخرج اشم هوا."
1
" ماما طب ممكن تستني شويه أنا لسه تعبانه و مش قادرة اخرج ."
هكذا تحدثت 《شيرين》 فأجابتها 《همت》 بجفاء
" انا مش عيلة صغيرة . هتخافِ عليا أخرج لوحدي.. خليكِ أنتِ انا هلف شوية في البلد و ارجع .."
أنهت كلماتها و توجهت الي الخارج و ما أن استقلت عربية الأجرة حتي أمسكت هاتفها تجري مكالمه
" انا خرجت دلوقتي. و قدامي بالكتير ربع ساعه و اوصل ."
4
******************
في الداخل كانت تأكل بصمت لا يخترقه سوى صوت المعالق التي كانت تتخبط بين جدران الصحون محدثه جلبه بسيطه ولكن كانت الجلبة الكبيرة في قلبها التي ازدادت دقاته حين سمعت حديثه الذي اخترق آذانها
" ليه بتعملي في نفسك كده ؟"
1
صدمها حديثه فرفعت انظارها لـ تشتبك مع نظراته التي كانت تنفذ إلى أعماقها بقوة جعلتها تهرب و هي تنظر إلي الأمام قائلة بلامبالاة
" تقصد ايه مش فاهمه ؟"
" انا شفتك و أنتِ بتاخدي الحبوب . معتقدش انك كنتِ عايزة تموتي نفسك.. يبقي ليه خدتيها؟"
ارتبكت للحد الذي جعل الملعقة تسقط من يدها قبل أن تحاول ازدراد ريقها وتقول بنبرة مرتبكة
"  انت بتقول ايه ؟ حبوب ايه ؟ ايه الكلام الفارغ دا ؟"
شوهت ابتسامه ساخره ملامحه الوسيمة و أطلت نظرة قاسية من عينيه حين قال بخشونة
" هو كلام فارغ فعلًا . بس الأكيد أنه حقيقي . و اتمنى يكون ليه تفسير قوي . و متحاوليش تهربي من الإجابة عشان مش هتعرفي.."
لم يكن أمامها حلًا سوي الظهور بمظهر القوى للهروب من هذا الذئب الذي اخترقتّ نظراته جلدها الرقيق فالتفتت تناظره بغضب تجلي في نبرتها حين قالت
" مش مضطرة ابرر لك حاجه ولا اتناقش في الأوهام اللي في دماغك .."
أنهت جملتها وهمت بالمغادرة فامتدت يديه القوية تقبض على معصمها لتثبتها بمكانها وهو يقترب منها قائلاً بهسيس
" و معتقدش بردو أن الحب واجع قلبك للدرجة اللي بتحاولي تظهريها دي . بتعملي كده ليه ؟"
صعقتها فعلته ولكن نظراته جمدتها بمكانها للحظات قبل أن تحاول نزع يدها من بين قبضته الغير رحيمة وهي تقول بغضب
" سيب ايدي . وبطل جنان . و بعدين مسمحلكش تتدخل في اللي يخصني .."
《طارق》 بفظاظة
" ومين قالك اني مستني منك إذن.. ولا أنتِ بتعملي كدا عشان كلامي وجعك .. "
《شيرين》 بوقاحه
" أنت وكلامك علي جزمتي.."
علي عكس ما توقعت فبدل من أن يغضب ابتسم ساخرًا قبل أن يجيبها بخشونة
" لسه لسانك طويل . ايوا كدا ارجعي شيرين اللي اعرفها . انما التانيه المجروحه دي مش لايقه عليكِ.. "
2
《شيرين》 باستفهام
" و مين قالك اني مش مجروحه ؟ دخلت جوايا و شفت قلبي "
" دخلت !"
" لا يا شيخ ! "
" متنسيش اني عشت سنين كتير بره و هناك الحب مبيدارآش يعني اقدر اعرف من عنيكِ إذا كنتِ فعلًا بتحبي ولا لا ؟"
1
هكذا تحدث بثقة جعلت ثباتها يهتز ولكنها حاولت الصمود أمامه قائلة بسخرية
"و إنت بقي جاي تطبق نظريات بره علينا هنا . "
" متهربيش من أسألتي . بتقللي من نفسك و تهينيها بالشكل دا ليه ؟"
1
حاولت الإفلات من بين براثنه فلم تفلح مما جعل الغضب يتعاظم بداخلها فصاحت مكشره عن أنيابها
" مش هجاوبك علي حاجه و بقك اللي بينقط قذارة دا ميتكلمش عني تاني .."
1
لمعت عينيه بوميض خطر و قام بالعض علي شفتيه السفلية بوعيد تجلي في نبرته حين قال
" ايه رأيك بقي اما ادوقك قذارته اللي بجد !"
1
لم تفطن الي ما يقصده ولكنها تفاجأت حين جذبها بقوة و مختطفًا ثغرها بقبلة كانت ضارية للحد الذي أطاح بكامل ثباتها حتي أنها لم تقدر علي المقاومة ولم تعرف أكان السبب صدمتها ام انها استمتعت بتلك الزوبعة من المشاعر التي أثارها بها ؟ و خاصةً حين اخذ يتعمق بداخلها أكثر قاصدًا عقابها ولكن لدهشته فقد وجد نفسه مستمتعًا للحد الذي جعله يأخذ منحني آخر أكثر رقة معها متناسيًا كل شئ حوله فمرت ثوان وهو غارق معها بشئ لا يعرف كنهه ولم يختبره مسبقًا بينما زاده خضوعها إشتهاء لتقريبها منه أكثر و فجأة دق ناقوس الخطر بعقلها فما الذي يحدث ؟ و كيف هي مستسلمه له هكذا ؟ دفعته بقوة وقد ارتسم غضب جحيمي في عينيها فقامت برفع كفها تنوي صفعة فإذا بيده تقبض علي معصمها بقوة جذبتها لتلتّصق به للحد الذي اختلطت انفاسهم فـ أحرقها لهيب ثاني أكسيد الشغف الذي ولدته قبلتها بداخله والذي تجلى في نظراته التي شملتها بقوة قبل أن يقول بتحذير خطر
" اياكِ تفكري تعملي كده مرة تانية!"
13
كان متفوقًا عليها بكل شئ و الاهم من ذلك هو أنه جعلها تختبر مشاعر جارفه لم تتذوقها يومًا و كأنه بفعلته أزال الستار عن جرحًا كبير كان يتوسط قلبها نافضًا غبار التجاهل عن حرمان عظيمَ لطالما شعرت به و لا تعلم ما السبب ولكنها وجدت العبرات تتقاذف من مقلتيها كاشفة عن زيف قناع الجمود الذي تختبئ خلفه بقايا حطام إمرأة لم تعرف الراحة يومًا
ازهلته عبراتها التي بدت صادقة و ألمها الذي لون معالمها و اغتال ملامحها الجميلة و لم يمانع حين سحبت يديها من قبضته وهي تقول بانهيار
" حقير .."
أنهت جملتها و هرولت إلي خارج الغرفة ..
4
**************
طافت انظارها علي الغرفة التي تحمل الطابع الصعيدي الجميل و المريح في آن واحد ولكن لازال داخلها طنين لا يهدأ تحاول الهروب منه ولكنه يتغلب عليها . شعور الفقد و الخسارة لا يعادله اي شئ في العالم و هي أكثر من تذوقه .
" اتفضلي يا ست هانم .."
هكذا تحدثت 《نجمة》 الي 《سهام》 التي كانت غارقة بأحزانها
ف جذب انتباهها ذلك الصوت الذي بدأ مالوفًا لها فالتفتت لتجد تلك الفتاة التي ذكرتها ب والدتها الراحلة فقد كانت تملك تلك العينين الواسعتين بلونهما العسلي الذي يشبه لون عيني الريم ب جمالهما . مما جعل الابتسامه تغزو ملامحها وهي تناظرها و مدت يدها تمسك فنجان القهوة حين خرج صوتها مبحوحًا حين قالت
" اسمك ايه ؟"
6
لا تعلم لما رق قلبها لتلك السيدة التي تبدو وكأنها غارقة في الحزن حتي أذنيها مثلها تمامًا .
" نچمة.."
ما أن قامت 《نجمة》 بلفظ اسمها حتي سقط الكوب من يدي 《سهام》 و تناثرت محتوياته علي ملابسها و علي الأرضيه التي أصدرت صوتا جراء سقوطه و تحطمه فوقها فصرخت 《نجمة 》بذعر
" حاسبي يا ست هانم.."
لم تتفوه 《سهام》 بشئ بينما اتي صوت غاضب خلفهم
" حوصول ايه ؟ مش تحاسبي يا نچمة . حرجتي الست هانم . أجرى هاتي فوطه بسرعة."
" والله ما كنت اجصد يا ست تهاني . وجع منيها هي والله . "
هكذا تحدثت 《نجمة》 بذعر تزامنًا مع دخول 《صفوت》 وبجانبه كلًا من 《عمار》 و 《عبد الحميد》 الذي قال مستفهمًا
" حوصول ايه ؟ "
3
ارتبكت 《نجمة》 و هبطت عبراتها رعبًا من رؤيته فتدخلت 《تهاني》 قائلة برفق
" مفيش يا أبا الحاچ دي الجهوة وجعت من يدها غصب عنيها."
ما أن سمع 《صفوت》 حديثها حتي هرول الي 《سهام》 التي كانت عينيها معلقة علي تلك التي كان جسدها يرتجف و خاصةً حين عنفها 《عبد الحميد》 قائلًا
" مش تحاسبي يا مخبلة أنتِ ؟"
" والله ما كنت اجصد .."
2
هاله حزنها كثيرًا للحد الذي جعل الكلمات تخرج من فمه رغمًا عنه
" خلاص يا چدي اكيد يعني مكنتش تجصد. الحوادث دي بتحصل عادي .."
1
هكذا تحدث 《عمار》 فقال 《صفوت》 محاولًا تهدئه الموقف
" محصلش حاجه يا حاج عبد الحميد .. متخافيش يا بنتي . محصلش حاجه ."
قال جملته الأخيرة وهو ينظر إلي 《نجمة》 بطمأنة و قد اخترقت كلمته عقل 《سهام》 التي رددت خلفه بخفوت
" بنتي ! "
4
لم يتحمل جسدها كم المشاعر التي اجتاحته في تلك اللحظة و فقدت الوعي بين أحضان 《صفوت》 الذي صاح برعب
" سهااام.."
اندفع الجميع تجاهها فصرخ 《عبد الحميد》 علي 《نجمة》 بغضب
" عاچبك أكده ؟ اخفي روحي چيبي بصلة و لا كالونيا نفوچوها.."
3
حين سمعت حديث 《عبد الحميد》 هرولت للخارج باكية فانفجرت براكين غضبه و التفت خلفها فيما امتدت يديه تقبض علي رسغها  قائلًا  بخشونة
" وجفي اهنه . "
" عايز مني ايه سيبني .."
هكذا تحدثت من بين انهيارها. مما جعل طوفان من الألم يجتاح قلبه حين رأي حزنها فرقت نبرته حين قال
" كل ده بكي ؟ ليه يعني حوصول ايه ؟"
" ولا حاچة . يارب تكون مبسوط دلوق واني كل شويه كرامتي تتهان في دوارك مش ده اللي انت عايزه ؟"
3
صدمه حديثها و نظراتها المعذبه فقال ينفي قلبه بشاعه اتهامها
" لاه مش دا اللي انا عايزه . كيف بتفكري أكده ؟"
" اسأل نفسك . اني بفكر أكده من فراغ؟ ول أمن عمايلك معاي.."
1
كانت محقة للحد الذي جعله يعنف نفسه بشدة هاي ما ارتكبه من حماقات بحقها لذا قال بلهجه تحمل الألم و الندم معًا
" حجك عليا.."
2
تفاجئت من كلمته التي لم تكن تتوقعها و زاد اندهاشها حين رأت نظراته التي كانت حانية بدرجة لم تعهدها منه مما جعل الخوف يتسرب الي قلبها ف تراجعت عنه قائلة
" هروح أچيب الكالونيا.. "
اوشكت علي المغادرة ف أوقفتها يده التي امتدت تمسك برسغها مرة أخرى وهو يقول بلهفه غير مسبوقة منه
" بتهروبي مني ليه ؟"
3
تضاعف ارتباكها حين أجابته
" و اني ههروب منيك ليه ؟ "
شعر بتهوره فقال مصححًا الأوضاع
" اني اجصد اني معايزكيش تكوني شايله مني بسبب اللي حوصول جبل أكده . يعني نتعاملو عادي . "
" منتعاملوش اصلًا يكون احسن .."
4
هكذا خرجت الكلمات منها باندفاع مما جعله يكظم غيظه بصعوبة منها و من نفسه فصاح غاضبًا
" هو أحسن فعلًا .. غوري من وشي .."
انهي جملته و عاود إدراجه للداخل فخرجت كلماتها حانقه
" چاك غوره تاخدك .."
8
في الداخل قام 《صفوت》 بحمل 《سهام》 التي علقت بين النوم واليقظة فلم تعد تدرك ما يحدث حولها و قال معتذرًا
" انا آسف يا جماعه . سهام أصلها تعبانه شويه .و احنا لازم نمشي "
" طب مش تستنوا اللول لما تفوج و تشوف حلا زمانها نازله دلوق"
1
هكذا تحدثت 《تهاني》 فقال 《صفوت》 بحرج
" وقت تاني يا حاجه الحاله دي لما بتجيلها بتقعد فترة علي ما تفوق . و ان شاء الله حلا ليها زيارة تانيه قريب اوي . عن اذنكوا"
" اذنك معاك يا سيادة اللوا .. شرفت و نورت .."
هكذا تحدث 《عبد الحميد》 فشكره 《صفوت》 الذي حمل زوجته ليضعها في السيارة التي استقلها و غادر مسرعًا
1
" كله من البجرة اللي چوا دي .. الغبية دي معدتش تخدم اهنه واصل ."
هكذا تحدث 《عبد الحميد》 غاضبًا فصاح 《عمار》 مستنكرا تحامله عليها
" ايه يا چدي اللي بتجوله ده ؟ هي كانت عملت ايه ؟ ولا الجهوة هي اللي خلتها غميت يعني ؟ "
1
تدخلت 《تهاني》 في الحديث قائلة
" عمار عنديه حج . الست يا حبة عيني حالتها متسرش من يوم ما ضاعت بتها منيها.. دي كانت مبتخرجش واصل اني حتي مصدجتش لما شفتها داخله معاه من الباب .."
6
عبد الحميد بفظاظة
" الله يصبرهم .. و انت تعالي وراي .."
هكذا وجه حديثه الي 《عمار》 الذي كانت عينيه تنظران إلي الخلف عله يلمحها بأحد الزوايا ولكنها لم تظهر . يعلم بأن ما يحدث درب من درب الجنون فشعوره بها غريب يوازي غرابه تصرفاته بقربها و إن لم ينتبه فسيغرق في الوحل أكثر
3
*************
الأمان يعني أنت و عينيك التي اسرتني وانتشلتني من بحور الظلام الي نورًا أضاء عتمتي و بدل عالمي الرمادي إلى آخر مزدهر فاندثرت سحبي و انقشعت غيمات الحزن بداخلي و أضحي كوني صافيًا و سمائي متلألئة بنور وجودك.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
" و انت شايف ايه يامتر ؟ "
" والله يا سالم بيه انا حاسس ان الولد دا مظلوم . و كمان اختفاء أهل البنت بالطريقه دي خصوصًا بعد ما وعدتهم انك متبنيها و متكفل بيهم يؤكد لي أن في حاجه مش مظبوطه.."
1
زفر 《سالم》 أنفاسه العالقة بصدره دفعة واحدة قبل أن يقول بفظاظة
" عايزك تجيبهملي من تحت الارض .و كمان عايزك تتولي الدفاع عن عدى انا زيك متأكد أنه معملش كدا . "
1
" اللي تشوفه يا سالم بيه . طب هتعمل ايه في الموضوع التاني يعني هتسيب الأمور كدا ؟"
《سالم》 بجفاء
" خليه يفكر أنه مغفلني و يلعب براحته .انا عارف هضربه فين و امتا.. و عمومًا انا نازل القاهرة النهاردة عشان احضر التحقيق بتاع عدى و هناك نتكلم .."
1
انهي حديثه تزامنًا مع دخول 《فرح》 الغرفة وهي تحمل كوب القهوة و تتوجه إليه فأغلق الهاتف يناظرها بتوعد تجلي في نبرته حين قال
" متفكريش انك كدا بتثبتيني ؟"
3
اتسعت ابتسامتها وقالت برقة
" أبدًا أبدًا هو حد يقدر يثبت سالم بيه الوزان .."
《سالم》 بسخرية
" للأسف بقي فيه .."
وضعت قدح القهوة أمامه وهي تقول برقة
" عملتهالك بأيدي علي فكرة .."
1
كانت ملامحها مختلفة كليًا عما سبق تضيئها بهجة اضفت جمالًا أخاذ علي تقاسيمها و أيضًا لمعة عينيها التي تشع كما لو أنها طفلة في الثامنه عشر من عمرها إضافة إلي بسمتها الخلابة التي أسرته فـ أصيب بلعنة الاشتهاء التي جعلته يشير برأسه إليها حتي تأتي إليه فقالت بدلال
" معلش يا سالم ورايا حاجات كتير مع ماما أمينة ف هضطر اسيبك بقي .."
3
بلهجة خشنة تحمل طابع التهديد و العبث معًا أجابها
" فرح احسنلك تعالي . متخلنيش اقوملك.."
" لا و على ايه متتعبش نفسك .."
هكذا تحدثت وهي تخطو بدلال الي حيث يجلس و ما أن وصلت إلي مرمي يديه حتي جذبها بقوة لتسقط بين ذراعيه التي أسرتها فأطلقت ضحكة خافتة حين سمعته يقول
" بقي بتلاعبيني ؟ و مش هامك حاجه ولا خايفه من العواقب."
1
بسمه جذابه زينت ملامحها حين أجابت بتحدي
" تؤ تؤ . مش خايفه لا .."
كانت تتحداه وهي تعلم كم يثيره هذا فاقترب منها حتي تلامست أنوفهم و قال بعينين تشعان بنظرات متوعدة تشبه لهجته حين قال
" دا أنتِ قلبك مات بقي ؟"
2
تفاجئ حين قالت بخفوت
" بالعكس . انا محستش ان قلبي عايش غير معاك.."
نجحت في تسديد سهم قاتل إلى قلبه الذي انتفض جراء إجابتها التي ضربت ثباته في مقتل فإنهار أمامها و خرج صوته اجشًا حين قال
" أنتِ عارفه عواقب اللي بتعمليه دا ؟"
" ايًا كانت العواقب انا في امان وانا معاك .."
3
إن بحث داخله لمائة عام فلم يجد كلمات تعبر عن مدي عشقه لتلك المرأة و هل يفلح الحديث في سرد تلك المشاعر الهائلة التي فاض بها قلبه في حضرة وجودها ؟
اشتد حصاره لها يقربها منه بقوة بينما أظلمت عينيه برغبة حارقه ولدها عشقًا جارف خلق لها و بها صار يبثها إياه بضراوة و بالمقابل لم تبخل عليه بعشقها الذي جعلها تطوق عنقه بقوة و كأنه طوق نجاتها في هذه الحياة فلم تدري انها بفعلتها تلك ما زادته إلا جنونًا بها فأخذ يعمق قربهما أكثر بينما يديه تمارس فنون العبث و العشق فوق ساحة جسدها المستسلم لـ طوفانه الجارف . و في حين ان القلوب لم ترتوي بعد كان لـ رئتيهما رأيًا آخر فقد كان كلًا منهما يتعلق بالآخر بصورة كبيرة تحول بين وصول ذرات الأكسجين الي الرئتين التي هلكت بفعل ذلك العشق الضاري فما أن تركها حتى صارت تلهث بقوة و صدرها يعلو و يهبط بعنف حتي كادت ضلوعها أن تتحطم
فـ أسندت رأسها علي صدره الذي كان أكثر من مرحب بوجودها و بعد أن هدأ كليهما حتي خرج صوته عابثًا
" مش هنجمد بقي شويه ؟"
5
رفعت رأسها تطالعه بعدم تصديق بينما تعثرت الكلمات علي شفتيها حين قالت
" انت مفتري علي فكرة "
4
خرجت منه ضحكة صاخبة كانت أكثر من رائعه اتبعها قائلًا بخشونة
" آدي آخرة الطبطبة.. بطلع مفتري في الآخر .."
تحدثت بعدم تصديق
" فين الطبطبة دي معلش "
أجابتها يديه التي أخذت تتجول علي ظهرها تدغدغها بينما أكدت شفتيه حديثهما حين قال بعبث
" مانا بطبطب اهوة."
" سالم متهزرش بغير علي فكرة .."
2
هكذا تحدثت وهي تحاول تفادي أفعاله العابثه فتابع بأمر
" علي ما ارجع من السفر تكوني شوفتي لك حل في موضوع انك بتغيري دا وإلا الناس هتسمع بينا كل ليلة .."
4
تجاهلت وقاحته و قد دق قلبها حين سمعت حديثه عن السفر فـ تبدلت ضحكتها الي وجوم حين قالت
" سفر ايه يا سالم ؟"
كوب وجهها بين كفوفه بحنان انبعث من عينيه و تجلي في نبرته حين قال
" مش عايز اشوف الحزن ملون ملامحك كدا تاني . عايز اشوف ضحكتك الحلوة دايمًا. هي اللي بتنورلي حياتي .."
1
" ضحكتي دي أنا كنت نسيتها من زمان . انت اللي رجعت رسمتها علي وشي تاني."
هكذا تحدثت بحزن آلمه ولكنه حاول تجاهله مرتديًا قناع الجمود علي ملامحه و في نبرته حين قال
" انا رايح يومين القاهرة في شغل يا فرح . الموضوع مش مستاهل كل ده."
2
اغتاظت من جموده و قالت بانفعال
" يعني أنا بأفور مثلًا ؟ و بعدين هو انا مش زيي زي اي عروسه من حقي عريسي يفضل جمبي ؟"
2
اقترب واضعًا قبلة قويه علي أحدي وجنتاها قبل أن يقول بخشونة
" بخصوص السؤال الاول ف أة انتِ مأفورة شويه و بخصوص السؤال التاني فأنا اللي ليا حق عندك و هاخده قريب اوي اخلص بس من كل الدربكة دي و أفضالك .."
4
لم يعجبها حديثه فحاولت الإفلات من بين يديه وهي تقول بغضب
" أنا هروح اشوف اللي ورايا.."
لم يدعها تفلت منه بل شدد علي خصرها أكثر وهو يقول بفظاظة
" لما ميعجبكيش الكلام ناقشيني بلاش تجري مني عشان لما اجيبك هزعلك."
1
تحدته قائلة
" متقدرش . "
"بلاش تتحديني يا فرح "
" هات أخرك يا عيون فرح "
ابتسم علي شقاوتها و دلالها و هي تردد إحدى كلماته المستفزة فابتسم قائلًا
" اهى عيونك الحلوة دي الي بتشفعلك عندي .."
ابتسمت علي غزله الرقيق و قالت برجاء
" خلي بالك من نفسك و متتأخرش عليا .."
" مقدرش اتأخر عنك .. "
1
غلفت عينيها طبقه كرستاليه من الدموع فقام بـ تقريبها إليه مفرقًا قبلات رقيقة فوق عينيها بينما احتضنتها يديه بحنان كان كالبلسم الذي داوى جراحها و رمم خدوش روحها..
***************
في الخارج كانت جالسه تتشاجر مع أنفاسها تارة و تعنف نفسها تارة أخرى فلم تلحظ تلك التي جلست إلي جوارها قائلة بابتسامة هادئة
" قد كدا متضايقة؟"
تنبهت 《سما》 الي 《جنة》 التي جلست بجوارها ولكنها من فرط غضبها لم تلحظ ذلك و لم تعرف كيف تجيبها فهي تشعر بالخجل منها كثيرًا فـ أخفضت رأسها بينما تحدثت 《جنة》 بخفوت
" احنا لسه متخاصمين ؟ يعني لسه شيفاني عدوتك بردو ؟"
1
" أنتِ عمرك ما كنتِ عدوتي يا جنة .. انا اللي كنت غبية في وقت من الأوقات . بس اطمني دلوقتي فوقت و عقلت .."
هكذا تحدثت 《سما》 بحزن شاركتها به 《جنة》 التي قالت
" كلنا بييجي علينا وقت نبقي اغبية . المهم اننا نلحق نفسنا . "
1
" عندك حق .. انا مدينة ليكِ باعتذار ."
قاطعتها 《جنة》 بحزم
" انسي . ولا أي اعتذارات . احنا اصحاب و الصحاب مفيش بينهم الكلام دا . صح ولا انا غلطانه ؟"
3
نظرت 《سما》 إليها بعينين مغرورقتان بالدموع واومأت برأسها بالإيجاب فامتدت يد 《جنة》 تمسك بيدها و تشد فوقها فقالت 《سما》 بتأثر
" أنتِ و فرح كويسين اوي في زمن مبقاش في حد كويس .."
" أنتِ كمان كويسه يا سما .. وإلا مكنتيش هتعترفي بغلطك و تكوني عايزة تعتذري عنه.. "
" تفتكري انا فعلًا حد كويس ؟ يعني استاهل اني اعيش حياة حلوة زي كل الناس ؟ استاهل الاقي حد يحبني بجد ؟"
كان إستفهامًا مؤلمًا من شخص اعتاد علي النبذ طوال حياته و ألا يجد شخصًا يحارب من اجله حتي في أحلك لحظاته لم يجد عناق واحد يخفف عنه وطأة أحزانه و قد تألمت 《جنة》 لحديثها فقالت مشددة على حروفها
" طبعًا تستاهلي . تستاهلي كدا و اكتر كمان .. و بعدين أنتِ ازاي مش شايفه كل الحب الي حواليكِ دا ؟"
2
" تقصدي ايه ؟"
استفهمت 《سما》 فقالت 《جنة》 بنفاذ صبر
" معقول يا بنتي. دا مروان …"
1
" هالو جيرلز . القطتين الحلوين بيعملوا ايه و جايبين في سيرة مروان ليه ياللي تتشكي في لسانك أنتِ و هي "
5
قاطع حديثها قدوم《 مروان》 الذي تدخل في الوقت المناسب من وجهة نظره وقد القي نظرة متوعدة الي
《جنة》 التي كانت علي وشك إفشاء سره فـ اغتاظت منه قائلة
" بنقول أن لسانك طويل و مبيقولش غير الهيافات انما الحاجات المهمة لا .."
2
تفهم مقصدها فأرسل نظرات تحذيرية و قام بالمسح علي ذقنه في حركة توعد فهمتها 《جنة》 و لكنها لم تبالي فقال بتقريع
" والله دا لساني و انا حر فيه . اقول اللي انا عايزه . أنتِ مالك أنتِ"
1
تحدته قائلة
" وأنا بردو حرة اقول اللي انا عايزاه.."
أخذ ينظر حوله وهو يقول بتوعد
" كان في فاس هنا راح فين ؟ "
3
《سما》 باستفهام
" عايز الفاس تعمل بيه ايه ؟"
" هفتح دماغ حد غايظني.."
هكذا أجابها بحنق فقالت 《جنة》 بتهديد
" الفاس دا اللي سليم هيقطع بيه رقبتك لو جيت جمبي .."
5
جاء صوتًا مستمتعًا خلفهم
" و سليم جاي عشان ينفذ و هيبقي يوم المني بصراحه . من زمان عايز اخلص منه .."
تحدث 《مروان》 بامتعاض
" اهو جه بقرعته يقرفنا . انت بتشم اسمك من علي بعد . ولا هي تماحيك؟"
3
《سليم》 بفظاظة
" انا هتمحك فيك انت ليه ان شاء الله؟"
《مروان》 بسخرية
" عشان مروان دا سكرة العيلة و اللي مخلي للبيت طعم .."
7
استفزه حين كرر حديث 《جنة》 في الداخل فقام 《سليم》 بأغلاق عينيه بقوة حتي لا يحطم أسنانه فقالت 《جنة 》في محاولة لتهدئة الموقف
" كنت بجاملك.علي فكرة و غيرت رأيي .. دمك يلطش"
1
ناظرها 《مروان》 بسخرية قبل أن يلتفت الي 《سما》 قائلًا بعبث
" يرضيكِ تقول عليا دمي يطلش . عاجبك الكلام دا وأنتِ حلوة كدا ؟"
1
غمرها الخجل من حديثه الصريح و تغزله بها فتدخل 《سليم》 قائلًا بحدة
" انت هتعاكسها قدامي يا حيوان ؟"
صاح 《مروان》 مستنكرًا
" وانت مالك يا عم انت ؟ مانت معاك موزتك عايز منها ايه ؟"
3
《سليم 》بإستفزاز
" عمتك موصياني عليها .."
صاح 《مروان》 مغتاظًا
" الله يخربيتها. قرفاني في كل حتة ."
《سما》 بغضب
" متقولش كده علي ماما .."
3
" اسكتي أنتِ أنا اللي عارف مصلحتك .."
هكذا تحدث 《مروان》 فقالت جنة بنفاذ صبر
" انا هطلع انام عشان تعبت من المناهدة.."
" خديني معاكِ يا جنة. "
هكذا قالت 《سما》 فصاح 《مروان》 مندهشًا
" خديني معاكِ يا جنة ! خدي يا بت هنا .."
نهره 《سليم》 قائلًا
" عاجبك كده؟ أهم طفشوا مننا بسببك.."
1
التفت 《مروان》 يناظره بحنق تجلى في نبرته حين قال
" والله قرعتك دي هي اللي جيبالنا الفقر.."
3
صاح 《سليم》 مهددًا
" والله لو جبت سيرة قرعتي تاني لـ هكون مخلص عليك .."
أوشك 《مروان》 علي الحديث ولكنه تفاجئ حين سمع صوت 《سما》 تصرخ في أحدهم
" انت ايه اللي جابك هنا ؟"
1
تحدث 《ناجي》 برجاء
" سما . انا ابوكي حد يكلم أبوه كدا ؟"
《سما》 بقهر
" ابويا الي بسببه عشنا عمرنا كله ضهرنا مكسور و حاطين راسنا في الرمل .. "
1
" كذب ! كل اللي بيتقال عليا دا كذب . صدقيني .. "
《سما》 بقهر
" ابعد عني . مش عايزة اشوف وشك تاني.."
قالت جملتها و انطلقت الي الداخل باكية و خلفها 《جنة》 مرورًا بكلًا من 《سليم》 و 《مروان》 الذي انطلق تجاه 《ناجي》 و قام بـ إمساكه من تلابيبه وهو يقول بغضب
" عملتلها ايه يا حيوان انت ؟"
2
《ناجي》 بانفعال و هو يحاول تخليص نفسه من بين براثن 《مروان》
" وانت مالك دي بنتي وانا حر فيها .."
" بنتك بتكرهك ومش عايزة تشوف وشك .."
هنا تدخل 《سليم》 لفض الشجار قبل أن يشتعل أكثر وهو يقول بصرامة
" امشي من هنا يا ناجي يا وزان قبل ما تدفن مكانك .."
1
خلص 《ناجي》 نفسه من بين يد 《مروان》 بمساعدة 《سليم》 وهو يقول بغضب
" انا لا جايلك ولا جايله "
" يبقى جاي لقضاك برجليك …"
2
هكذا صدح صوت 《سالم》 من خلفهم وهو يتقدم الي حيث يقف الثلاثة فقال 《ناجي》 بسماجة
"لا جيتلك عشان سمعت انك بتدور عليا .."
《سالم》 بقسوة
" لو بدور عليك كان زمانك تحت رجليا من زمان .."
《ناجي》 بحنق
" الزمن اتغير يا سالم ."
1
《سالم》 بفظاظة
" و الأخطاء اتضاعفت مع الزمن يا ناجي . عشان كدا خلي بالك العقاب هيبقي أشد من زمان…"
1
لم يتراجع 《ناجي》 بل تابع بثقة
" ماظنش.. اصل اللي اتقرص زمان اتعلم الدرس كويس.. "
《سالم》 بفظاظة
" لو اتعلم الدرس كويس مكنش جه برجليه. لسه يلزمه درس كمان عشان يفكر الف مرة قبل ما يهوب ناحية ولاد الوزان تاني.."
《ناجي》 بسخرية
" مانا منهم .. انت نسيت ولا ايه ؟"
1
《سالم》 بغطرسة
" كنت منهم . دلوقتي لو دقيت علي باب اي حد فيهم هيقرف يدخلك بيته . كبيره يرميلك عضمة تعض فيها "
نجح في التحقير منه و إصابته سهم إهانته في مقتل فقال بوعيد
" ماشي يا سالم .بس خليك فاكر اني جيتلك لحد عندك و انت هنتني في بيتك . والإهانه مردودة و كله سلف و دين .."
1
" الكلام دا للرجاله . انت ملكش فيه.. يلا وريني عرض كتافك .."
غادر 《ناجي》 فصاح 《مروان》 بانفعال
" راجل قذر واقف يهددنا في وسط بيتنا مفكرنا ممكن نخاف منه.."
تحدث 《سالم》 بغموض
" بس احنا لأول مرة لازم نخاف منه . المرادي انا مش مطمنله…"
6
**************
عشقًا جارفًا يتملكني نحوك فلا أنا بقادر على تجاهله أو حتى الثبات أمامه..
كل ما يسعني حياله هو أن انجرف معه إلى حيث يأخذني طوفانه..
فإما الإحتراق بين أحضان عشقك؟
أو الهلاك شوقًا بنيران بُعدِك.
فـ يا فاتنة احتلت القلب و أسرته.
رفقًا بفؤاد ما ذاق يومًا الهوى و لا عرف لوعته.
فليسعد قلبي معكِ و لتهنئ روحي إلى جوارك.
و ليسلم قدرًا أهداك لي قسرًا رغمًا عن عنادي وعنادك..
فما كان العشق يومًا أمرًا يمكن تجاوزه وليست قلوبنا رهن قراري أو قرارك..
3
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
خرجت من المرحاض فوجدته أمامها يغلق باب الغرفة خلفه فقد كان عائدًا للتو فتوقفت أمامه لثوان لا تعلم ماذا عليها أن تقول فعزمت علي الصمت و تجاهلته متوجهة إلى غرفة الملابس و حين مرت به امتدت يديه توقفها وجاء صوته ليخترق قلبها و خاصةً ذلك الرجاء الخافت به
حين قال
" هو احنا متخاصمين ولا ايه ؟"
تحمحمت بخفوت قبل أن تقول
" لا … ليه بتقول كدا ؟"
جذبها لتقف أمامه قبل أن يقول بلهجة معاتبه
" طول اليوم بتهربي مني .. انا عملت حاجة ضايقتك ؟"
2
هل تخبره بأن كل أفعاله ترضيها على نحو مخيف ! تجعلها تحلق في السماء من فرط السعادة ثم تعود مصطدمة بالأرض مرة أخرى حين تتذكر احد ذكرياتها السيئة و يتسلل الخوف إلى قلبها مرة ثانية من أن يغمره ظلام قدرها ولكنها اكتفت بإجابة مختصرة
" لا . "
أخرج زفرة قويه تحكي مقدار غضبه الذي يحاول التحكم به فجاء صوته فظًا حين سألها
" طب تعبانه ؟ حاسه بحاجه ؟"
إجابته بإختصار تعلم أنه سيشعل فتيل غضبه
" لا ."
تركتها يديه بغتة قبل أن يقول بجفاء
" تمام . تصبحي علي خير …"
1
قال جملته متوجهًا إلي الحمام تاركها خلفه لـ تنخرط في نوبة بكاء عنيفة فهي عالقة في مأزق بين خوفها و ذكرياتها السيئة و بين عشق كبير خلق بقلبها له والاصعب من ذلك أنها بكل مرة تريد الاقتراب منه تشعر بشئ ما يمنعها و تتوقف الكلمات علي أعتاب شفتيها . علي الرغم من أنها احيانًا تشعر بأنها ممتلئة بحديث لا تعرف كيف تصيغه ؟ تريد الصراخ و إخراج ما بجوفها حتي يرتاح قلبها ولو ثواني ولكن لا تستطيع .. فتلجأ الي مرارة الصمت الذي قد يقتلها يومًا
1
انتهت من تبديل ملابسها وذهبت لتطمئن علي صغيرها فتفاجئت به يحمله بين يديه و يحادثه بحنو
" عامل ايه يا بطل ؟ وحشتني. طول اليوم مشغول عنك . بس معلش . اصل عندنا حد متعب هنا . معذبني و مبيسمعش كلامي ."
1
أطلق زفرة قوية قبل أن يتابع بحرقة
" معرفش دا عشان عارف اني بحبه ولا عشان فعلًا كاره وجودي جمبه.. ؟"
غامت عينيه بألم قبل أن يتابع
" بحاول اقنع نفسي . أنه كل دا خوف أو قلق . أو حتي بسبب الضغط اللي بتمر بيه . بس بيني و بينك قلبي واجعني اوي . حاسس اني يائس لأول مرة في حياتي .. مش قادر احط احتمال تالت للي بيحصل عشان مش هقدر اتحمل حياتي من غيرها.."
1
ارجع رأسه للخلف قبل أن يضيف
" عمك مش بس بيحب يا محمود . دا بيعشق التراب اللي هي بتمشي عليه.. "
" وهي كمان علي فكرة.."
3
هكذا صدح صوتها المعذب بخفوت من خلفه مما جعله يتراجع للخلف يناظرها بتّ أعين لونتها حمرة قانية لأول مرة لم تكن بفعل الغضب بل بفعل الألم الذي لم تعد تتحمله جفونه فسقط علي هيئة عبرات غافلته و انبثقت و كان جسده أراد التخفيف عنه حتي لا ينفجر قلبه من شدة الألم ..
1
" بتقولي ايه ؟"
هكذا استفهم بلهفة فـ تجاهلت سؤاله فهي لا تعلم كيف خرجت الكلمات من بين شفتيها و تقدمت خطوتين لتقوم بالاقتراب من  《محمود》 واضعه قبلة حانية فوق جبينه ولكنها لم تروي ظمأ قلبها فقامت بحمله و ضمته بقوة الي صدرها فبدا وكأنه شعر بها فأخذ يركل بقدميه فرحًا بقدومها
2
كانت لحظة خاصة بينها و بين طفلها لذا تحرك ينوي الخروج من الغرفة فسمعها تقول لطفلها
" انت بتخلف وعودك علي فكرة .. مش قولتلي هتعلم الصبر عشانك ؟ فين بقى ؟ زهقت من اولها كدا"
1
التفت إليها بلهفة فوجدها تنظر إلي صغيرها و تحادثه بينما كان الحديث موجه إليه فزفر بقوة متوجهًا إلي الخارج يجذب أحد الأغطية كما هي العادة وقام بوضعه على الارضيه استعدادًا للنوم ف لمحها قادمة من غرفة
《محمود》 التي تعتبر جزءًا من جناحهما فتجاهل وجودها وقام بالتسطح علي الغطاء واضعًا إحدى ذراعيه فوق رأسه فأخذت تناظره و بداخلها رغبة ملحة في عدم تركه يغفو وهو غاضب منها ولكنها لم تجد بداخلها أي شئ قد تحادثه به فاخترق تفكيرها صوته الآمر حين قال
" لو خلصتي ياريت تطفي النور عشان ننام .."
1
" انت عايز تنام ؟"
هكذا تحدثت بنبرة خافتة فجاءها صوته الفظ حين قال
" ايوا .."
زفرت بيأس قائلة
" طيب . تصبح علي خير .."
لم يجيبها فقد كان غاضبًا منها فهو قد سمعها حين أكدت علي عشقها له ولكنه حين سألها تجاهلت سؤاله وقد اغضبه ذلك حتي و إن قرر التحمل لأجلها فقد بلغ الغضب ذروته يريد هدنة مع نفسه للقتال من جديد
1
يأست من إجابته و تحركت من مكانها تنوي اغلاق الضوء و ما أن أغلقته عائدة الي مخدعها حتى ارتطمت ساقها بالطاولة فصرخت متألمة فاخترق صراخها قلبه الذي هب من مكانه بلمح البصر و قام باسنادها وهو يقول بلهفة
" حصل ايه ؟ "
" رجلي اتخبطت في الترابيزة.."
1
قالتها بلهجة متألمة بينما أسندت جبهتها فوق موضع نبضه الذي كان يدق بعنف تأثرًا بقربها فحاوطتها يديه بقوة و جذبها لتجلس علي السرير و تفاجئ بعبراتها التي بللت صدره فامتدت يديه تحيط بوجهها يرفعه ناظرًا إليه بعشق خالطه الألم الذي تجلي في نبرته حين قال
" بتعيطي ليه؟ "
" عشان انت زعلان مني "
1
هكذا أجابته بنبرة رقيقة فنظر الي الجهة الأخري مطلقًا زفرة قوية قبل أن يعيد أنظاره إليها وهو يقول بيأس
" بتعملي فيا كده ليه يا جنة ؟ ليه مُصرة تعذبيني؟ "
اخفضت رأسها وهي تهمس
" انا اسفة .."
4
اقترب واضعًا قبلة حارقه فوق جبهتها قبل أن يقول بنبرة خشنة
" انا اللي اسف .. حقك عليا . "
لامس اسفه قلبها بقوة فبالرغم من كل أفعالها و خوفها يعتذر هو ! لم تستطيع أن تمنع يديها من أن تحيط
بـ خصره وهي تقول برجاء
" متسبنيش يا سليم . ارجوك اوعي تسبني .."
1
تفاجئ من فعلتها التي أيقظت جيوش شوقه الضاريه وقد أصبح الأمر خطرًا للغاية فقد أوشكت الأمور أن تنفلت أمام قربها المهلك لثباته فـ تحمحم بخشونه قبل أن يقول
" انا عمرى ما اسيبك أبدًا .. يالا عشان تنامي أنتِ تعبتي اوي النهاردة.."
1
عاندته يديها التي تمسكت بخصره بقوة تجلت في نبرتها حين كررت جملتها التي كان لها معان أعمق مما تبدو
" متسبنيش يا سليم .."
شعر بالقلق عليها و قام بالتشديد من احتضانها أكثر وهو يقول بلهفة
" حبيبي . أنا جنبك . خايفه من ايه؟"
" خايفه اقوم في يوم الاقيك زهقت مني و مشيت.."
4
هكذا تحدثت بخفوت فانفلتت ضحكة خافتة من بين شفتيه قبل أن يقول بمزاح
" ازهق من مين دانا بقوم في الليله خمسين مرة اتأكد انك نايمه قدامي و معايا في اوضة واحدة.."
1
رفعت رأسها تطالعه بحب لأول مرة تفصح عنه شفتيها
" بكون حاسه بيك . و اول ما تغمض عنيك بفضل ابصلك وأحمد ربنا عليك كتير اوي .."
" جنة.."
2
همس باسمها غير مصدقًا لما تفوهت به فـ باغتته حين همست بخفوت
" بحبك يا سليم .."
كان اعترافًا رائعًا بالحب لم يتوقعه أبدًا بل لم يكن يتخيله حتي باحلامه. ولكن أصبح الوضع هكذا أشد خطورة
فـ تلاحقت أنفاسه التي كانت حارقه من شدة النيران التي تعصف بقلبه و سائر جسده فـ بلل حلقه قبل أن يتحدث بصوت أجش
" جنة أنتِ عارفه أنتِ قولتي اي ؟"
" قولت اني بحبك و مش عايزاك تبعد عني ابدًا.."
2
" أنتِ عارفه دا معناه ايه ؟"
هكذا سألها بأنفاس مقطوعة فأومأت برأسها بالإيجاب بينما انخفضت عينيها خجلًا فقام برفع رأسها لتناظره قائلًا بخشونة
" مش هتندمي ؟"
1
" لا .."
" لو قربت مش هقدر ابعد يا جنة.. و مش هتحمل انك تبعدي .."
كانت لهجته معذبه بالقدر الكافي لتّ جعلها تدرك أي الرجال قد عشقت وقد زادها إصرارًا علي تجاهل كل شئ لأجله لذا قالت بخفوت
" بس انا عمري ما هبعد .."
1
التهمت عينيه حسنها الظاهر من خلال نور القمر الذي فاق جمالها جماله فاقترب منها غير مصدق لكونها بين ذراعيه طواعية و قال بلهجة محمومه أمام شفتيها
" مبقاش في مجال اني اسيبك تبعدي خلاص .."
1
انهى كلماته اختطفها معه إلي عالم آخر يقتصر عليه و عليها و علي عشق جارف أثقل القلوب التي فاضت بأشواقها و لم تعد تحتمل البعد أكثر و قد كان يؤكد على ذلك بضمه أليها بقوة بينما صارت شفاهة تعزف سيمفونية رائعة من الشغف فوق خاصتها بنهم لم يستطيع التحكم به فبعد كل هذا العناء و الألم هي الآن بين ذراعيه يبثها أشواقه العاتية و عشقه المحموم وقد كان مراعيًا لأقصى درجة و علي الرغم من كونها لم تكن مرتها الاولى و لكنها شعرت بكل شئ لأول مرة معه فقد كانت عذراء القلب والمشاعر وقد راق له هذا كثيرًا فعلى الرغم من ذوبانها بين ذراعيه إلا أن الخجل الذي أضاء ملامحها أسر قلبه حين قطع قبلته يناظرها وهو يقول بأنفاس محمومة
" أنتِ بتاعتي انا و بس . حبيبتي انا وبس . اتخلقتي مني و عشاني .."
5
اشعرتها كلماته بأنها شئ ثمين يؤكد علي ملكيته مما جعل العبرات تتقاذف من مقلتيها وهي تقول
" و إنت اتخلقت عشاني انا .."
2
لم يكن هناك مجال للحديث فقد اجتاحها بقوة ناثرًا عشقه فوق ملامحها و علي سائر جسدها مع مراعاة رقتها التي تذيبه أكثر و أكثر و صار ينهل من رحيقها المسكر و يتنعم بثراء جنتها التي احتضنته بقوة فأزالت وحشة سنين مضت بدونها و الآن اكتمل كل شئ بوجودها روحه و قلبه و جسده كان الأمر أكثر من مجرد لقاء حميمي بين اثنين كان لقاء أرواح اعتادت الألم و الشقاء الذي تحول إلى جنة لا تسع كليهما فأخذ يؤكد علي اكتمالهم مرات و مرات دون سأم أو تعب بينما هي حلقت معه الي عنان السماء من فرط سعادتها التي لا تعلم كيف كانت غافلة عنها و تفر هاربه منها فاتضح اخيرًا أن ترياق شفاءها بين أحضانه التي اذابت بحنانها كل شئ حتي اللحظات المؤلمة امتصها منها مضفيًا شعورًا مميزًا علي أصعب لحظاتها كفتاة لتتحول بين ذراعيه إلى شغف كبير و شعور لا متناهي من السعادة التي انتهت مع ساعات الصباح الأولى فقد أشفق علي جسدها الصغير من فرط جنونه بها و قام بـ تدثيرها جيدًا بغطاء صنعت خيوطه من عشق متوهج لا تنطفئ نيرانه أبدًا و قام بوضع قبلة حانيه فوق جبينها وهو يقول بصوت أجش
" اهو انا مستعد لدفع عمري كله قصاد اللحظة دي .."
5
كانت بين النوم و الاستيقاظ حين سمعت كلماته العذبة التي ارتج لها قلبها ف همست بخفوت اخترق قلبه
" بحبك يا سليم .."
" سليم بيعشقك يا قلب سليم .."
8
يحدث أن تسلك كل الطرق هاربّا تحاول لملمة شتاتك المبعثرة و مداواة جروحك النازفة و يتضح بعد ذلك أن ما تهرب منه هو دوائك الوحيد . وهكذا انتصر العشق علي ظلام القلوب فـ اضاءها بعد أن ظنت بأن ظلمتها ممتدة للأبد.  و لكن دائمًا ما يكن هناك أشياء لا يفصح عنها القدر تأتي بغتة علي هيئة عَطِيَّة من الله لذلك الذي لم يمل الصبر و لم يفقد الإيمان يومًا …
2
نورهان العشري ✍️
****************
صرخة اخترقت سماع اولئك النائمون و اهتزت لها جدران القصر فهرول الجميع الي الخارج فإذا بهم يسمعون
《فرح》 التي صرخت بقهر غلف صوتها الصارخ وهي تقول
" سااااااالم…"
17
يتبع……
ذاهبًا بأقدامه إلى دربًا غامض يجهل نهايته ولكنه يعلم كم الصعوبات و العراقيل التي سـ يواجهها .  يبدو عدوه ظاهرًا ولكنه يشعر بأن هناك آخر خفيًا يُجيد التلاعب بهم وضربهم في أكثر المناطق حساسية ف 《ناجي》 لا يمتلك من الذكاء ما قد يجعله يقوم بكل ذلك وحده !
" و بعدين يا مروان عملت إيه ؟"
2
هكذا تحدث بعدما زفر بغضب وهو يقود سيارته في طريقه إلى مدينة القاهرة فأتاه صوت 《مروان》 الحانق على الطرف الآخر
" من حسن حظنا أني قدرت أوصل لناس أصحابي بيشتغلوا في مواقع كبيرة و خلتهم يحذفوا الصور و الخبر كله قبل ما حد يشوفه ."
أطلق زفرة حارقة من جوفه المشتعل غضبًا خاصةً حين أتاه استفهام 《مروان》 الذي لا يملك إجابته
" تفتكر مين عمل كدا ؟ و أيه مصلحته ؟ معقول هيكون الحقير ناجي وصل بيه الحال أنه يشهر بواحد ميت؟"
1
عينيه التقمت إحدي السيارات التي بدت أنها تسير خلفه منذ مدة ولكنه تجاهل ذلك الهاجس و أجاب مغلولًا
"و يمكن غرضه من التشهير أنه يأذى الحي قبل الميت  !"
3
استفهم 《مروان》 بإندهاش
" تقصد سليم ؟"
" ليه لا ؟ و خصوصًا أن سليم علم عليه و بهدله لما اكتشفنا خيانته ..  أنت عارفه مبيقدرش يتحكم في غضبه.."
1
كان مجرد إحتمال ولكنه لم يكن بعيدًا لذا أردف 《مروان》 بحنق
" عندك حق .. وده يخلينا نعمل زي ما قلت و منعرفش سليم أي حاجه من اللي حصلت دي !"
《سالم》 بخشونة
" مش سليم بس اللي مش لازم يعرف .. البيت كله .. مش عايز توتر عالفاضي ."
" طب وشيرين ؟"
2
استفهم بخفوت فأجابه 《سالم》 بجفاء
" آخرها أنا عارفه .. وعامل حسابي ..  المشكلة أكبر منها. "
تحول هاجسه إلى يقينًا وهو يرى تلك السيارة تتبعه فقال بفظاظة
"  أنا هعتمد عليك في حاجات كتير الفترة الجاية عايزك تصحصح .. و خصوصًا مع سما . مش لازم نخسرها.. خصوصًا بعد ما اعترفت لك  بـ اللي حصل ! "
2
عودة إلى وقت سابق..
" مروان .. كنت . كنت عايزة أقولك على حاجه بس.. توعدني .. يعني .. إنك تفكر كويس .. قبل أي حاجه "
لوّن الترقب معالمه و تنبهت جميع حواسه وهو يقول
" سامعك.. "
أخفضت رأسها بخزي و انبثقت عبرات الندم من مقلتيها قبل أن تقول بلهجة تقطر حزنًا
" انا غلطت غلطة كبيرة أوي و ضميري مأنبني عشانها و مش قادرة أسامح نفسي …"
1
《مروان》 بقلب مرتعب
" بت يا سما أوعي تكوني اتجوزتِ عرفي ؟ "
نهرته بغضب
" جواز عرفي إيه و زفت إيه دماغك راحت فين ؟"
2
《مروان 》بإندفاع
" راحت ل حتت بنت ستين كلب لا يكون حد اتغرغر بيكِ ؟"
2
《سما 》بصراخ
" الله يخربيتك هتلبسني مصيبة .. لا طبعًا "
《مروان 》بنفاذ صبر
" ما تخلصي تقولي هببتي إيه سيبتي ركبي . "
1
《سما》 بخفوت
" من فترة كدا قبل ما شيرين تيجي يوم لما فرح اتخانقت مع ماما و سالم وقف قدامنا كلنا وقالنا أن جنة تبقى مرات حازم . "
عينيه كانت توغل إلى داخلها بطريقة أربكتها و لكنها عزمت عن قول الحقيقة و التخلص من حمل يثقل كاهلها فزاغت بعينيها بعيدًا عنه وهي تكمل
" ماما كلمت شيرين تحكيلها و هي منهارة فكنت متضايقه عشانها و شيرين استغلت دا و خلتني أدخل أوضة فرح و قالتلي ابعت مسدج من على الايميل بتاع الشركه للمخازن أنهم يطلعوا الشحنات فأنا خفت بس هي طمنتني وقالت لي أن دا مش هيخسر الشركه عندنا بس هيخلي سالم يعاقب فرح و أننا لازم نعمل كدا عشان قلة أدبها مع ماما.."
2
" و بعدين ؟"
هكذا تحدث بترقب ليحثها على إفراغ ما بجعبتها حين رآها لاذت بالصمت فأكملت بصوت كان نشيجًا
" هي قالتلي وقتها أن دي قرصة ودن لفرح .. و أنا كنت متضايقه اصلًا من اللي عملته مع ماما ف وافقتها و عملت اللي هي قالت عليه .. بس والله العظيم ندمت أوى و خفت اتكلم احسن أبيه سالم يعاقبي أو يقول حاجه تزعل ماما و بعد كدا نسيت الحوار خالص.."
2
كانت تخفض رأسها كطفلة مذنبة تعلم فداحة جُرمها ولكنها اختارت أصعب الطرق و أحسنها و هو الصدق و ليحدث ما يحدث فلم تعد تتحمل هذا الذنب
" و ايه اللي خلاكِ تقرري تقوليلي دلوقتي ؟ "
2
بشفاه مرتعشة اجابته
" لما سمعت عن المشكله اللي حصلت في الشركة افتكرت اللي حصل و ضميري انبني و مكنتش عارفه أروح أقول لمين و فجأة لقيت نفسي عايزة احكيلك .."
1
كان يود احتضانها و طمأنتها لكي يزيل تلك النظرة المنكسرة التي تطل من عينيها و التي تحكي مقدار ألمها كونها وحيدة وسط كل تلك العثرات ولكنه حاول أن يطمئنها علي طريقته حين قال
" يا زين ما اختارتي والله .. تعرفي أنا كل اصحابي بييجوا يقولولي على مصايبهم ليه بقي ؟؟؟ عشان محسوبك بير طويل مالوش قرار.."
2
قال كلمته الأخيرة غامزًا بطريقة جعلت الابتسامة تضيئ ملامحها فانتشى قلبه بذلك و تابع يثرثر
"  و كمان أنا و أعوذ بالله من قولة أنا بتمتع بموهبة نادرة الوجود وهي أنني أجيد الإستماع إلى الآخرين "
2
رفعت أحد حاجبيها استنكارًا لحديثه فأضاف بتأكيد
" اه والله مش مصدقاني ولا إيه ؟"
1
تشابهت ملامحها الساخرة مع  لهجتها حين قالت
" لا طبعًا مصدقاك .. أنت هتقولي . "
1
قالت جملتها و أولته ظهرها عائدة إلى السيارة فألقى نظرة مستفهمة على 《ريتال》 و هو يقول بحيرة
" هي مش مصدقاني ولا إيه ؟'
1
《ريتال》 بتهكم
" لا طبعًا ازاي متصدقكش .. وخصوصًا و أنت بقالك ساعه ترغي لما جبتلنا صداع نصفي .."
1
اغتاظ من حديثها فقال باستنكار
" و أنتِ جالك صداع نصفي من ايه ياللي مكملتيش ست سنين ! اومال لما توصلي خمستاشر سنه هتعملي إيه هنوديكِ دار مسنين بقي  ؟ "
《ريتال》 بعفوية
" مش بعيد مستشفى المجانين لو فضلت عايشه معاك يا مُرة !"
4
ما أن سمع ذلك اللقب البغيض الذي كان يناديه به والده بهدف مشاكسته حتي امسكها من تلابيبها و هو يقول محذرًا
" مُرة ! دا أنتِ نهارك أزرق مش باينله ملامح .. عارفه لو قولتي الإسم دا قدام حد هعمل فيكِ ايه ؟ هشويكِ عالفحم. هبلغ عنك الأمم المتحدة و أقول في نووي في لسانها ييجوا يقطعوه قبل ما يوديني في داهيه .."
3
كانت تضع اصبعيها في كلا أذنيها لكي لا تسمع حديثه فقال بإستهجان
" خايفه تسمعي إيه يا ختي؟ فاكرة نفسك طفلة يا عرة الأطفال انتِ .. انجرى قدامي و إياكِ تقولي الاسم دا قدام أي حد و خصوصًا سما و إلا هقطع خبرك.. انجري .."
2
عودة إلى الوقت الحالي
" اللي تشوفه يا كبير ."
《سالم》 بفظاظة
" سلام أنت دلوقتي .."
أنهى مكالمته و انشغل للحظات في متابعة تلك السيارة التي كانت تسير خلفه و بداخله هاجس ينذر بالقلق، فشعر بأنه يريد سماع صوتها حتي يسكُن داخله فقام بالإتصال على الفور ملبيًا نداء القلب و ما أن أتاه صوتها حتى اندفع يشاكسها
" سهرانه لحد دلوقتي ليه ؟ متقوليش إنك بتفكري فيا ! "
2
أتاه صوتها المتلهف يضيئ عتمة الليل الحالك من حوله
" لا أطمن مش هقول .. انا كنت بقرأ أنت مكنتش في دماغي اصلًا.."
2
قهقه بصخب على لهفة صوتها التي تتناقض مع كلماتها فألهبت جيوش شوقه ليجيبها بتحدٍ
" طب عيني في عينك كدا؟"
1
غمرها الخجل وكأنها أمامه فاصطبغت لهجتها بالرقة حين أجابته بشوق
" مش عارفه أنام و أنت بعيد عني .."
3
زفرة حارة خرجت من جوفه المشتعل شوقًا والذي تجلى في نبرته حين أجابها
" من قبل ما امشي و أنا شايل هم الكام يوم دول .. "
3
كانت صامتة تستمع إلى همسه الدافئ الذي يصلها من الهاتف فيذيب عظامها عشقًا و خاصة حين تابع بلهجته الخشنة التي تأسرها دائمًا
" دي آخر مرة هروح في مكان من غيرك.. "
" بجد؟"
1
هكذا استفهمت بخفوت فجاءت الإجابة محمله بأطنان من العشق الذي غمرها كليًا
"أنتِ خلاص بقيتي جزء مني .. مقدرش أفارقه لحظة واحدة.."
" بحبك أوي يا سالم …"

لم تتح له الفرصة لإجابتها فقد فاجأته صدمة قوية تلقتها سيارته من الخلف فقد بدأت السيارة التي كانت تراقبه بالهجوم فسقط الهاتف من يده و هو يحاول الفرار من ذلك المجنون الذي كان وكأنه عازم على قتله بتلك الهجمات التي أخذ يشنها على سيارته وهو يحاول تفاديها بمهارة و في خضم ذلك النزال تفاجئ بشيء قوي أخترق كتفه الأيمن و الذي ما كان سوى رصاصة جاءت لتصيبه فقط ! فاهتزت السيارة بين يديه للحظات ولكنه حاول التحامل على ألمه و مواصلة الهرب فصار ينهب الطريق أمامه و بالمقابل تابعت السيارة ملاحقته ف التقمت عينيه تلك الشاحنة المحملة بالصناديق فقام بمحاولة التركيز على هدفه و تجاهل الألم القاتل الذي يكاد يفتك به و أخراج سلاحه من مكانه المخصص بالسيارة ليصوب على هدفه بمهارة  ثم قام بالضغط بقوة على دواسة البنزين لتنطلق السيارة بأقصى سرعة و ما هي إلا ثانية واحدة فصلته عن تجاوز السيارة التي انفرطت منها الصناديق كحبات طوق انفرطت عقدته جراء إطلاقه النار على الحبال المحيطة بها ليعيق تقدم تلك السيارة خلفه و التي التقمت عينيه في المرآة انقلابها وهي تحاول تجاوز تلك الصناديق فبعد أن اطمئن أنه في أمان صف سيارته بأحد الشوارع الجانبية يحاول تهدئة أنفاسه التي كانت تخرج من صدره كالجمرات جراء تلك الاصابة التي جعلته يخسر الكثير من الدماء مما أدى إلى تشوش الرؤية أمامه ولكن صوتًا ما عزف على مسامعه فقد كانت 《فرح》 لا تزال على الهاتف تصرخ بهلع حتي يجيبها فحاول بصعوبة إلتقاط هاتفه والتغلب على ألمه ليطمئنها ولكنه لم يستطع سوى أن يهمس باسمها بألم قبل أن تبتلعه دوامة سوداء 
8
" فرح.."
قلبها يكاد ينخلع من شدة الرعب حين سمعت أصوات الطلقات و تلك الجلبة التي تأتيها من الهاتف فصارت تنشب الأرض ذهابًا و إيابًا وهي تصرخ باسمه ولكن لا رد سوي أصوات صاخبة لا تعلم هويتها و فجأة أتاها همسه المتألم الذي كان كنصل حاد اخترق قلبها الذي صرخ من عمق وجعه
"سااااااالم …"
3

*************
زفرت بغضب وهي تتابع عملها الذي كلفتها به 《تهاني》 التي وعدتها بأنه آخر عمل ستقوم به في المنزل و من ثم سترسلها لتعمل في المكان الذي تريده فتفاجئت ب«مسعود» الذي كان يحمل بعض المشتريات و يضعها على الطاولة أمامه فلم تعيره إنتباه و تابعت عملها بملل لتجد مسعود الذي تقدم يقف بجوار الطاوله يناظرها بإعجاب تجلى في نبرته حين قال
" معيزاش حاچه تاني يا نچمة ؟"
2
تجاهلته و قالت بلامبالاه
" لاه.."
تابع تودده لها قائلاً
" متوكده؟"
أجابته بلهجه حادة
" جولت لاه.."
" أني حاسس إنك لساتك شايلة مني بسبب اللي حوصول…."
قاطعته غاضبة
" شايله منك إيه و بتاع إيه .. و أني مالي و مالك يا چدع أنت .. بعد عني خليني أخلص اللي وراي."
2
لم يتزحزح و لم يعير نفورها منه أي إهتمام و تابع بسماجه
" طب لو فعلًا مش متضايجه مني يبجي تثبتيلي .."
1
للوهلة الأولي بدت وأنها ستستخدم ذلك السكين الملقي بإهمال على الطاوله لنحر عنق ذلك السمج و لكن أتتها فكرة أخرى فلونت ملامحها إبتسامة خبيثة فقالت بلهجة لينة
" عايزني اثبتلك ؟ و ماله جرب مني يا مسعود .. جرب يا غالي.."
1
لم يصدق أذنيه حين سمع حديثها و أقترب منها بلهفه فتابعت بتخابث
" بجى أنت عايزين اثبتلك أني مش شايلة منيك .. طاب أني هثبتلك .."
ارتسمت ابتسامه بلهاء على وجهه سرعان ما انمحت حين شعر بسائل ساخن يسقط فوق رأسه لينتفض جسده مبتعدًا وسط ابتسامتها المتشفية فقد قامت بسكب الماء الساخن فوق رأسه حتي تعيده إلى رشده و سرعان ما لونت ملامحها إبتسامة راضيه وهي تراه يقفز هنا وهناك و يولول كالنساء وهو يغادر المكان و عينيها تشيعه بنظرات تشفي انبعثت من عينيها و عين ذلك الذي كان يراقب الموقف من بدايته و قد شعر بالانتشاء لرؤيه ردة فعلها فتلك المرأة تثيره بكل أفعالها و تزيقه شتى أنواع المشاعر التي لا يعرف كنهها..
أخرجه عن شروده نداء جده الذي كان يريده لأمر هام استغرق قرابة النصف ساعه أنهاها و هو يحترق شوقًا لرؤيتها و التحدث إليها على الرغم أنها بكل مرة يحادثها بها لا يسلم من حدة كلماتها ولكنه يشتهي حتى اللوم منها !
توجه إلى المطبخ بخطٍ تحمل اللهفة ليصطدم بأنها ليست موجودة فتحمحم بخشونة قبل أن يسأل زوجة عمه
" إيه يا مرت عمي .. واجفه اهنه وحدك ليه أومال ؟ فين البنات يساعدوكي.."
3
《تهاني》 بلطف
" مفيش حاچه تتعمل يا ولدي البنات خلصوا كل حاچة أني بعمل كوبايه شاي لچدك .."
أحتار كيف يسألها عنها دون أن تلحظ لهفته لرؤيتها فقال بإرتباك طفيف
" و ليه مطلبتيش من حد من البنات يعملها .. يعني اجصد أن رچلك وچعاكِ .. بلاش تجفي كتير .."
1
" ماتحرمش منيك يا ولدي .. بس الموضوع مش مستاهل .. وبعدين چدك ميشربش الشاي غير من يدي.."
زفر بحنق و قد قرر أن يسألها مباشرة فقد ضاق ذرعًا من المراوغة
" بجولك إيه يا مرت عمي .. أنتِ محتاچه حد ياجي يساعدك اهنه في المطبخ . يعني البنات الي بيشتغلوا مكفيين ولا محتاچه غيرهم .."
1
《تهاني》 بلهفة
" والله يا ولدي من ناحية محتاچة فأني محتاچة فعلًا و خصوصي أن البت نعسة اتچوزت و سابت الشغل و نچمة أصرت ترچع تشتغل تاني في الزريبة .. بت غريبة چوي .."
1
توقف الزمن به حين سمع اسمها و قد اندهش من طلبها الرجوع الي هذا العمل الشاق فلم ينتبه لحديث زوجة عمه الذي قطعه قائلًا
"بعدين يا مرت عمي  ورايا معاد مهم دلوق.."
1
أنهى حديثه وخرج مهرولًا بينما شيعته بنظرات مزهوله من تغيره المفاجئ ..
كانت قطرات العرق تلمع كذرات لؤلؤ على جبينها الناصع البياض الذي تنسدل فوقه بعض الخصلات الهاربة التي لم تهتم لها فقد كانت منشغله بإنجاز هذا العمل الشاق الذي اختارته طواعيه للابتعاد عن هذا الطاغية الذي كانت عينيه تطوف المكان بأكمله بحثًا عنها و ما أن وقعت أنظاره عليها حتي تعثرت نبضاته بقوة داخل قلبه الذي قاده إليها بلهفة وما أن وصل إليها حتي توقف إثر وخزات الندم التي اجتاحته حين رأى هذا العمل الشاق الذي حكم عليها به ذات يوم .
" بتعملي إيه عندك ؟"
2
هكذا تحدث متجاهلًا معرفته بالأمر فتسمرت بمكانها لثواني قبل أن تجيبه من دون أن تلتفت إليه
" بشوف شغلي .."
واصلت عملها دون أن تعيره أي إنتباه مما جعل الغضب يبدأ بالتشعب داخله فخرج صوته حادًا وهو يحادثها
" شغلك اهناك في البيت الكبير إيه رچعك أهنه مرة تانية ؟"
1
وضعت ما بيدها من أقراص الروث التي تم تجفيفها و التفتت تناظره وهي تقول بقوتها المعهودة
" أني مرتاحه اهنه أكتر .. و بعدين أنت جولت جبل سابج أني لو اشتغلت اهنه مش هتتعرضلي واصل .. ياريت تنفذ جولك و تبعد عني .."
1
أثارت كلماتها شتى أنواع الشعور بداخله ليجد الكلمات تنبثق من بين شفتيه
" كني محاولتش ابعد عنك و ابعدك عن تفكيري ! "
أقترب خطوتين و تابع بأعين تحاصرها بسهام نظرات صوبت رأسًا إلى قلبها
" مجادرش ! "
اقترب خطوة أخري مضيفًا بيأس قلما يظهر عليه
" حاولت و مجدرتش .. يبجي مفيش جدامي حل غير أني أواچه اللي بيحصول.."
1
شعرت بالخطر يحاوطها وهي عاجزة عن مواجهته و لأول مرة ستلجئ للهرب هي بدلًا عنه
" أنا ورايا شغل كتير و مفضياش للحديت الماسخ ده.."
ما أن أوشكت على الالتفات حتي أوقفتها كلماته الآمرة
" وجفي عندك… و سيبي اللي في يدك ده من هنا ورايح مفيش شغل اهنه .."
1
" ده شغلي اللي بيوكلني عيش أني و أخواتي و مجدرش اسيبه "
عاندته فخاطب قلبها بلهجه تحمل إعتذار لم يتجاوز حدود شفتيه
" وإني صاحب الشغل و بجولك الشغل ده ميلجش بيكِ "
" ولا وجفتك اهنه معاي تليج بيك يا كبير .. خلي كل واحد يرجع مطرحه .."
1
عاندته مرة أخرى و لدهشته لم يغضب بل أحكم عنادها طوق الذنب على عنقه فقال بخفوت
"نچمة.. عايز اتكلم معاكِ"
1
لأول مرة تسمع اسمها من بين شفتيه .. و لم تكن تتوقع أن يكون وقعه هكذا على مسماعها فقد شعرت بنبضاتها تدق بقوة و كأنها في سباق فأنذرها ذلك بالخطر لذا تراجعت خطوة للخلف وهي تقول بتوتر
" خليني اشوف اللي وراي يا كبير الله لا يسيئك سيبني أخلص شغلي "
تحولت عينيه لتلمع بوميض خطر و هو يتقدم تجاهها و فجأة وجدته يقوم بخلع جلبابه فخرجت شهقة خافتة من بين شفتيها و شعرت بقدميها و كأنها التصقت بالأرض لا تسعفها على الحركه فظلت تتابع تقدمه منها بفاه مفتوح و عينان تغلفهما الصدمة التي تعاظمت حين وجدته يغير وجهته و يقوم بحمل اقراص الروث من خلفها وهو يقول بمزاح
" و آدي الشغل اللي عم تتحچچي بيه. "
2
تدلي فكها من فرط الصدمة وهي تراه يقوم بنقل أقراص الروث بالكامل و كل هذا فقط من أجل أن يحظي بحديث معها !
3
**************
هرول الجميع في رواق المشفى باحثين بأعين فاض بها الدمع عن رقم الغرفة التي يمكث بها و قد كان من بينهم هي التي شعرت بأن قلبها قد انشق إلى نصفين حين سمعت همسه الخافت باسمها فلم تستطع سوى الصراخ بأعلى صوتها الذي جُرِحت أحباله من شدة دَويها.. و ابيضت عيناها من كثرة ذرف العبرات ولم يفلح أي شيء في تهدئتها ولو قليلًا الشئ الوحيد الذي يستطيع جعلها ترتاح هو رؤيته أمام عينيها تريد رؤيته سالمًا ..
1
فتح «سليم» باب الغرفة و كان أول من دخل تتبعه هي ثم «طارق» و «مروان» و خلفهم «جنة» بينما «أمينة» لحسن حظهم لم تستيقظ على صراخ «فرح» فقد كان أول من سمعه هو «سليم» الذي قام بإجراء اتصالاته و المتابعة مع المشفى الذي نُقِل إليه شقيقه
" سا.. سالم.."
1
هكذا خرج صوتها مبحوحًا مُبعثرًا وهي تراه يرقد على السرير عاري الجذع يحيط الضماد خصره و أعلى كتفه الأيمن بينما هو ساكن بطريقة مؤلمه .. و كأنه مستسلم أمام ألمه الذي ينهش بصدرها و يجعل تنفسها شاقًا .
تعالت أصوات بكائها لأول مرة أمام الجميع و قد أفسحوا لها الطريق لتتقدم منه بأمر من «سليم» الذي أشار لهم بالصمت لتتاح لها الفرصة التنفيس عن ألمها الهائل و الإطمئنان عليه فحالته تبدو مستقرة كما أخبره الطبيب على الهاتف ولكن قلبها العاشق لن يرتاح إلا على ضفة ذراعيه الآمنة
خرج كلًا من «مروان» و «طارق» و «سليم» للتحدث إلى الطبيب بينما اقتربت «جنة» من مقعد شقيقتها الذي اجلسها عليه «مروان» دون حديث وقامت بوضع قبلة عميقه علي رأسها و أخرى على كفها الأيسر وأرسلت إليها نظرة مطمئنه هدأت من وطأة الأمر قليلًا قبل أن تخرج خلفهم لتفسح لها المجال معه قليلًا فالتفتت عينيها تحويه بضمة قويه جاءت من قلب يرعبه الفراق و يقتله الألم الذي انبعث من مقلتيها على هيئة أنهار من العبرات التي أغرقت مقدمة صدرها فلم تهتم بل اقتربت منه واضعه رأسها على كتفه السليم و باليد اليسري أمسكت كفه بحنان سكبته يدها اليمنى التي أخذت تتوغل بين خصلاته المبعثرة و قامت بإغلاق عينيها للحظات تستشعر فيها قربه و تملئ رئتيها من رائحته التي حاوطت قلبها بنسائم عليلة فاضفت الهدوء و السكينه عليه وظلت على هذه الحال لدقائق لا تعلم عددها لتشعر بنبضاتها تتعثر بقوة داخلها حين شعرت بشفتيه تنثر عشقه فوق خصلاتها .. فرفعت رأسها بلهفه تناظره بفرحه أكبر من أن تستطيع وصفها فاصطدمت ببندقيتيه اللتان تجلى بهما التعب فتألمت لحالهما و خرجت الحروف من بين شفتيها يخالطها مزيج من الحب و الحزن و الشوق
" حبيبي .."
1
إن كان سابقًا يتألم فالآن شفيت جميع جراحه بفعل ذلك البلسم الذي يقطر من بين شفتيها التي كانت لمساتهم كصاعقًا أصاب جسده فعاد إلى وعيه على أروع ما شاهده طوال حياته .. رأسها الملقي بين أحضانه و كأنه يخبره
" أُحِبُك ".. يديها التي تداعب خصلات شعره و كأنها تطمأنه "لا تخف أنا معك" .. و الأخرى التي تتشبك أصابعها بأصابعه و كأنها تؤكد له " انا لن اتركك أبدًا" ..
فكيف لا تشفي جراحه في حضرة وجودها ؟
3
" تعرفي أن كلمة حبيبي دي خطر عليا أكتر من الرصاصة اللي خدتها.."
3
أراد ازاله تلك النظرة الحزينه من عينيها التي اشتاقهم كثيرًا و قد نجح في ذلك فقد رسمت كلماته بسمة رائعه على شفتيها التي غافلتها و اقتربت واضعه قبلة رقيقة فوق جبهته قبل أن ترفع رأسها لتناظره بأعين مشتاقه
" حمد لله على سلامتك .. ياريت الرصاصة كانت جت فيا و لا جت فيك أنت.."
1
انتفض بلهفه غير مسبوقة له
" بعد الشر عنك .. "
تأوة خافت خرج من بين شفتيه جراء انتفاضته فقالت بلهفه
" أرتاح متتحركش هناديلك الدكتور .."
منعتها يده التي امسكت بمعصمها بغضب تناثر من بين حروفه حين قال
" مابحبش الكلام دا و متقوليهوش تاني .."
" حاضر .. حقك عليا . "
1
حاولت مراضاته فتجاهل حديثها فقد تألم لدعائها و أدار وجهه للجهة الأخرى يحاول إعادة تنظيم أنفاسه فامتدت أصابعها الحانيه تحت ذقنه لتدير رأسه إليها هامسه بأعين فاض بها العشق
" متقساش عليا .. يعني هو ذنبي أني مقدرش أعيش من غيرك يعني ؟ ذنبي أني مقدرتش اتحمل اشوفك تعبان أو بتتألم .."
2
امتدت يديه تحتضن جانب وجهها بحنان سكبته حروف كلماته حين قال
" طب يعني ذنبي أنا إني مش قادر أقوم أخدك في حضني دلوقتي ؟"
1
فاجئته حين اقتربت تحاوط خصره بيدها واضعه رأسها فوق كتفه السليم ملبيه رغبته في عناقها وهي تقول بنبرة مبحوحة
" أنا قلبي أضرب ألف رصاصه من وقت ما سمعتك بتهمس باسمي لحد ما جيت هنا وشوفتك .."
1
التفت يده السليمه حول كتفها وهو يضق قبلة شغوفة فوق مقدمة رأسها لا يدرى ماذا يقول؟ بالعادة لم يكن شخص يستطع التعبير عما يجول بصدره بالكلمات و خاصةً إن كانت ستعري ضعفه الذي شعر به تلك اللحظة فقد تمنى فقط رؤيتها قبل أن يموت .. أغلق عينيه وهو يهمس باسمها بضعف يريد نسيانه ولا يريدها أن تتذكره لذه همس بخشونة
" خلاص يا فرح انتهى .. انسي.."
1
لن يعطها الفرصة لإجابته فقد خرجت كلماته المازحه لتشتت انتباهها
" و بعدين ما أنتِ مثبتاتي قد الدنيا أهو .. أومال مخبى المواهب دي فين ؟ "
1
رفعت رأسها بخجل تجلى في كلماتها حين قالت
" مواهب إيه؟ و تثبيت إيه ؟ انت بتكافأني أني كنت هموت من الخوف عليك و جيتلك جرى عشان تتريق عليا !"
1
قالت جملتها الأخيرة بحزن زائف التقمته عينيه فراق له ذلك كثيرا فشاكسها قائلًا
" فكريني أول ما أخرج من هنا اديكِ احلى مكافأة علي طريقة سالم الوزان .."
2
اتبع حديثه بغمزة جعلت الخجل يتشعب بداخلها فاندفعت الدماء إلى أوردتها فروت خديها لينبت بهما محصول التفاح الشهي الذي اختطف لبه فامتدت يديه تلامسه بشوق تجلى في نبرته حين قال
" تعرفي أنك لو مكنتيش جيتي كنت أول ما أفوق .. هطلب أشوفك أول واحدة.."
1
" مكنتش هقدر اسيبك أبدًا يا سالم .. أنا جيتلك أنا و قلبي جري. "
غازلتها عينيه قبل شفتيه
" سيبك أنت بس انت طلعت قمر و أنت مطيع و بتسمع الكلام . "
1
رمقته بخجل و قالت بحماس
" لا ماهو أنا أخدت قرار مهم و نويت تنفيذه "
تمتم ساخرًا
" استر يارب .. خير "
تجاهلت سخريته و قالت بجدية
" مش هعاندك و لا هقولك لا على حاجة تاني أبدًا "
تعجبه بكل حالاتها ولكن تثيره بعنادها و تحديها الشهي لذا استفهم بجديه
" أنا قولتلك أعملي كدا ؟"
1
إجابته بإختصار
" لا .."
" يبقي متعمليش حاجة من دماغك .."
"طب عايزني أعمل إيه ؟"
استفهمت بتيه فأجابها بغزل اخجلها
" أنتِ تعملي و تقولي اللي أنتِ عايزاه "
هبت بحيرة
" و بعدين بقي حيرتني معاك أعمل ولا معملش ؟"
1
أضاءت وجهه إبتسامة عاشقة و أجابها و يديه تقربانها إليه أكثر
" سيبيلي نفسك خالص وأنا اللي هعمل .."
لم تكد تفهم ما يرمي إليه حتي اختطفها معه الي عالم آخر كان ملئ بالسحر و الشغف الذي جعل قلبها يتضخم وهي تستشعر عشقه الذي أخذ يغدقه عليها بسخاء دون أن يستجيب لكتفه الذي يئن بألم فقد أراد أن يرمم ذلك الجرح بداخله والذي لن يداويه سوى شهدها الرائع الذي غيبه عن الواقع و أنساه أمر إصابته ولم يخرجهما من لجة المشاعر التي جرفتهما في تيارها سوى طرقات على باب الغرفة أجبرته على إفلاتها بأنفاس مقطوعه و ألم قاتل فأسند رأسه على الوسادة و هو يئن من فرط الوجع الذي بالرغم منه لم تفلتها يداه و ظلت تعانق كفها بحنان
" يارب يا ساتر .. إيه يا كبير أجى ولا أرجع ؟"
1
هكذا تحدث «مروان» الذي أطل برأسه من باب الغرفة فأجابه «سالم» بفظاظة
" لا أرجع .."
2
تجاهل «مروان» حديثه وهو يتوجه إلى الداخل قائلًا بسلاسة
" حيث كدا الواحد يدخل بقى .."
أنهى جملته و بدأ كأنه تذكر شيء فتراجع إلى الباب وقام بفتحه و هو يصيح قائلًا
" سليم  .. يا سليم .. هات طارق و جنة و تعالوا .. اه قالي ادخلوا و لو في حد عندك عايز ييجي هاته بردو مفيش مشكله .."
8
صاح «سالم» بغضب
" أنت أهبل ياله هو فرح !"
ثم التفت إلى «فرح» قائلًا بحنق
" إيه خلاكوا تجيبوا الواد دا معاكوا و أنتوا جايين ؟ أنا ناقص !"
1
حاولت تهدئته قائلة
" اهدي يا سالم هو ميقصدش .. دا كان هيتجنن عليك ."
" هيتجنن أكتر من كدا إيه !"
2
كانت تحاول مساعدته في الإعتدال فجاء صوت «مروان» من خلفها
" والله ما أنتِ تاعبه نفسك .. دا كلام بردو ؟ أنا اللي هسند الغالي .. دا حبيبي دا .. دا إحنا كنا من غيره  ضايعين بالظبط زي الكبارية من غير جارد .. "
6
" ايه كباريه ؟ هو قال كباريه؟"
كان يتحدث وهو يتقدم منه بينما كانت «فرح» ترسل الغمزات و التحذيرات الصامتة له بالا يزيد الطين بلة فلم يفهم شيء فأشارت له على عنقها فابتلع ريقه بصعوبة وهو يقول مصححًا
" لا يا راجل كباريه إيه أقصد زي الميه من غير أرض ؟ "
1
«سالم» بفظاظة
" أرض إيه يا و مية إيه يا ابني أنت؟"
اجابه «مروان» مصححًا بتلعثم
" لا اقصد زي الكمبيوتر من غير هارد.."
خبطت «فرح» يديها على مقدمة رأسها من غباءه فصاح بها بنفاذ صبر
"  أومال إيه يخربيتك زهقتيني .."
" تصدق أنا غلطانه خليه ينفخك.."
" ينفخ مين يا بنتي دانا حبيبه.. "
1
انهي جملته ملتفتًا إلى «سالم» وهو يقول بتخابث
" الااه .. أومال ايه يا كبير الحلاوة دي .. ضرب نار إيه بقي و حادثة إيه ؟ دانت وشك مورد و زي القمر .. دانا عيني عليك باردة !"
1
صدح صوت خلفهم بمزاح
" باس.. أنا عرفت اللي حصلك ده حصلك إزاي و عين مين دي ؟"
التفت جميعهم إلى «طارق» الذي كان يرسل نظرات متشفيه إلى «مروان» قابلها الأخير بحنق فتجاهلهما «سليم» و قام بالتوجه إلى شقيقه يعانقه محاولًا ألا يضغط على جرحه و قد تجلى قلقه في لهجته حين قال
" حمد لله عالسلامه .. عامل إيه دلوقتي ؟"
1
ربت «سالم» على كتفه وهو يقول بخشونة
" الله يسلمك يا سليم .. أحسن الحمد لله . "
و فعل «طارق» بالمثل فقام بمعانقة «سالم» وعن يقول
" سلامتك يا باشا . "
" الله يسلمك يا طارق .. شكرا .."
" ألف سلامه عليك "
هكذا تحدثت جنة بخفوت دون أن تقترب أومأ لها بإبتسامة هادئة فهب «مروان» يمازحه قائلًا
" طب والله وشه ولا وش البدر .. اللي يشوفه يقول طالع من جلسه ساونا .. بقي دا منظر واحد مضروب بالنار يا جدعان ؟"
1
نهره «سليم» بحنق
" ما تبس بقى يا ابني .. محدش جايبة ورا غير نبرك دا "
تحدث «سالم» بوعيد
" تصدق عندك حق .. الواد دا آخر مرة قالي الكلمتين دول امبارح الصبح وبعدها حصل اللي حصل .. "
1
تراجع «مروان» للخلف وهو يقول بخوف
" إيه يا كبير أنت هتسبهم يسخنوك عليا ولا إيه؟ دانا مروان حبيبك . كاتم أسرارك "
2
و هكذا أخذ الجميع يتبادل الأحاديث التي كانت تارة جادة و تارة مرحة إلى أن جاء صوت رسالة نصية إلى «سالم» الذي أشار لفرح بأن تأتي بهاتفه الموضوع على الطاولة و قام بفتحها فكان محتواها
" سالم أنا طلقت شيرين بس هي لسه متعرفش .. و فلوسك هديهالك أول ما أقف على رجلي تاني أنا مكنتش ناوي أخلف اتفاقي معاك بس الظروف أجبرتني أني أعمل كدا .. متدورش عليا أنا سافرت.."
3
لاح شبح إبتسامة ساخرة على ملامح «سالم» و لم يعلق بل اكتفى بغلق الهاتف والانخراط معهم في الحديث …
بعد مرور يومين صرح الأطباء «لسالم» بالمغادرة نظرًا لإصراره على ذلك فقد تأخر كثيرًا علة ما ينتظره في الخارج و قد كانت «فرح» غير راضية عن ما يحدث و خاصةً عندما صمم بأن يبقى بالقاهرة ليباشر ما جاء لأجله فقد مر اليومين الماضيين بصعوبة على الجميع فقد كان لزامًا عليهم الرجوع كل يوم إلى المنزل حتى لا يشك أحد بما حدث فقد كانوا يحرصون على ألا تعرف «أمينة» ما حدث خوفًا عليها ..
1
" لسه بردو يا سالم مصمم تفضل هنا ؟"
هكذا تحدث «سليم» فأجابه «سالم» مؤكدّا
" مينفعش أرجع من غير ما أحل موضوع عدى يا سليم . "
" طب و ضرب النار اللي حصل .. ليه مقولتش أنك شاكك في الكلب ناجي ؟"
كانت الأفكار تطن بعقله كالذباب ولكنه اختصر حديثه قائلًا
" ناجي غلط لما جه عندنا و هو حس بكدا .. و عرف أن أنا كاشفه "
" إزاي ؟"
«سالم» بخشونة
" لسه معرفتش إيه اللي وراه بالظبط .. بس اللي خلاه يتجرأ و ييجي لحد بيتنا برجليه بعد خمستاشر سنة يبقي مسنود على حاجه تقيلة أوي .. وأنا لازم أعرفها.."
2
«سليم» بعدم فهم
" و دا إيه علاقته بضرب النار ؟ تفتكر مش هو اللي عملها؟"
«سالم» مؤكدًا
" هو أو حد تبعه .. دي محاولة عشان يشتتنا و يلهينا و بس الأكيد أنه بيخطط لحاجه كبيرة .. و عشان كدا مش لازم عنينا تغفل ثانية. "
1
أطلق «سليم» بعض السباب من فمه وهو يتوعد لذلك الرجل فربت «سالم» على كتفه بقوة وهو يقول مشددًا على كلماته
" البيت باللي فيه في أمانتك .. أنا مش عارف القذر دا ناوي على إيه ؟ محدش يدخل أو يخرج لوحده."
1
«سليم» بطمأنة
" متشغلش بالك.. خلي بالك من نفسك و خليك في اللي أنت فيه .."
تحمحم بخشونة قبل أن يقول بلهجة جامدة
" فرح .. بلاش حد يضايقها أو يحاول يضغط عليها لحد ما أرجع ."
1
تفهم «سليم» حديث أخاه و ما يحمله لذا أومأ دون حديث وانصرف بينما دق جرس الهاتف معلنًا عن اتصال فقام «سالم» بالإجابة ليصدح صوت «صفوت» قائلًا حديثه دفعه واحدة
" سالم اللي ضرب عليك نار ناس من الهلالية .."
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" عرفت منين ؟"
" العيال اللي ضربوا عليك نار العربية انقلبت بيهم و ماتوا كلهم ما عدا السواق كان في العناية المركزة و لما فاق أعترف  . "
«سالم» بإستفهام
" وليه يعملوا كدا ؟"
«صفوت» بحنق
" عشان متخيلين أن بما أنكوا رجعتوا تعيشوا في البلد تاني يبقي حد هيترشح للإنتخابات و طبعا الحد دا أكيد أنت .. فبيعملوا قرصة ودن .. عشان متنزلش قدامهم. "
1
أطلق زفرة حادة من جوفه قبل أن يقول بفظاظة
" و المطلوب ؟"
«صفوت» بحدة
" تترشح في الإنتخابات يا سالم و دا أمر مفيش مفر منه.."
5
****************
بمكان آخر في أقصى الصحراء ترجل أحدهم من أحدى السيارات الباهظة متوجهًا إلى خيمة كبيرة و قام بالتصفيق على يديه ثلاث مرات و ما هي إلا ثوان حتى خرج رجل يرتدي زي البدو متوجهًا إلى أولئك الزوار و ما أن علم بهويتهم حتى تسمر بمكانه من فرط المفاجئة و خاصةً حين خرجت ضحكة ساخرة من فم أحدهم الذي تحدث باللغة الإنجليزية
" أريد أمانتي التي تركتها معك منذ اثني و عشرون عامًا …"
11
يتبع…..
عشقًا جارفًا يتملكني نحوك فلا أنا بقادر على تجاهله أو حتى الثبات أمامه..
كل ما يسعني حياله هو أن انجرف معه إلى حيث يأخذني طوفانه..
فإما الإحتراق بين أحضان عشقك؟
أو الهلاك شوقًا بنيران بُعدِك.
فـ يا فاتنة احتلت القلب و أسرته.
رفقًا بفؤاد ما ذاق يومًا الهوى و لا عرف لوعته.
فليسعد قلبي معكِ و لتهنئ روحي إلى جوارك.
و ليسلم قدرًا أهداك لي قسرًا رغمًا عن عنادي وعنادك..
فما كان العشق يومًا أمرًا يمكن تجاوزه وليست قلوبنا رهن قراري أو قرارك..
نورهان العشري ✍️
4
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
" حاسة بأيه يا روحي ؟"
استفهام مؤلم خرج من بين ثنايا قلبه الذي يحترق ألمًا عليها حين شاهد مقدار الضعف و الوجع الذي يلون تقاسيم وجهها الرائع فقد خضعت اليوم لأول جلسة كيماوي و التي تجاوزت الستون دقيقة ولكن مرت الدقائق شائكة علي قلبه الذي كان يُحصيها و كأنما يتقلب علي جمر لم يخفف من وطأة ألمه سوي وصية والدته التي اوصته صباحًا
" طول ما هي جوا متبطلش تستغفر و تحوقل يا سليم بنية أن ربنا يخفف عنها الوجع ، و أنا كمان هعمل كدا . و ربنا يجيب الشفا من عنده يا ابني .."
2
لولا ذلك ما كان الوقت سيمضي فقد كان يتضرع إلى الله بأن يخفف عنها وطأة الألم و أن يعجل بشفاءها و تنقضي تلك الفترة الصعبة .
كانت تستند بثقلها بين أحضان حنانه الذي كان ينبعث من ذراعيه التي تحاوط خصرها . مُلقية برأسها علي كتفه تحاول تنظيم أنفاسها المُحملة بألم كبير يُلم بسائر جسدها الذي كان ينتفض بين ذراعيه فخرجت كلماتها مبعثرة من بين شفتيها المرتجفة
" ناار .. نار في جسمي ."
12
شدد من احتضانها بيد و بالأخرى أخذ يمسد أكتافها و ما يطاله من جسدها و شفتيه تسكبان السكينه التي تقطر من آيات الذكر الحكيم علي أذنيها عله يهدئ من وجعها و لو قليلًا فاغمضت عينيها تستجدي الراحة من خالقها فأتتها كلماته الحانية
" ياريت لو بإيدي اخد كل ألمك جوايا و لا تتعبي لحظة واحدة .."
2
لامست كلماته اوتار قلبها فسكن للحظات فأخذت نفسًا قويًا حتي تستطيع الرد عليه ولكنها لم تجد بداخلها القدرة علي إجابته فاحتضنت كفه المحيط بخصرها قبل أن تواتيها رغبة قويه في القئ فشعر بأنها غير مرتاحه فقال بلهفة
" ايه يا حبيبي ؟ في حاجه ؟"
خجلة من أن تخبره ما تريد ولكن احشائها اعلنت ثورة ضاريه عليها فلم تعد تحتمل فقالت بأمل أن يتفهم
" اسندني اروح الحمام .."
بلحظة كانت تسكن بحضنه يحملها مما جعل الأمر يزداد سوء فلم تستطيع التحكم في نفسها و تقيئت بألم و خزي من حدوث ذلك معه فحاولت كبت تفاعلات جسدها فقال بلهفه
" متكتميش جواكِ خدي راحتك .."
" وديني الحمام و سيبني .."
رغمًا عنها أخذت تهز برأسها يمينًا و يسارًا علامة للرفض فقال بلهجة قوية
" اسمعي الكلام و خدي راحتك و متكتميش جواكِ.. "
2
لم تسنح لها فرصة للرد فقد تكالبت عليها ثورة جسدها و أخذت تفرغ ما في جوفها محاولة الابتعاد عنه و لكن يديه قربتها منها أكثر و صارت تربت بحنان علي ظهرها و شفتيه ترددان عبارات التهدئة علي مسامعها إلي أن هدأت و ذهبت نوبتها فقام بإمساك أحد المناديل الورقية و قام بمسح وجهها و شفتيها و هو يقول بحنان
" أحسن دلوقتي ؟"
سالت مياة الألم و الخجل من عينيها قبل أن تقول بخزي
" بهدلتك خالص أنا آسفة…"
لم يعطها الفرصة لإكمال أسفها الذي اغضبه فقام بابتلاع باقي حروفها بجوفه ليس لجعلها تصمت فحسب بل ليؤكد لها ب أنه يتقبل كل شئ منها بل ويشتهيه بقوة تمثلت في قبلته التي كانت شغوفة و بنفس التوقيت حانية حرصًا منه ألا يزيد من ألمها ولكن علي العكس فقد سحبها معه في دوامة عشق كان له القدرة علي انتشالها من بين براثن الألم الذي سكن بين ذراعيه و دفء كلماته حين قال من بين أنفاسه المحمومة و هو يداعب أنفها بأنفه بينما استند رأسها براحه علي كتفه
" بطلي تحطي حواجز بينا عشان حبي ليكِ مفيش حاجه ممكن تقف قصاده يا جنتي.."
13
شقت ابتسامة جميلة طريقها من بين دروب الألم و ظهرت علي شفتيها فتابع وهو ينثر عشقه فوق ملامحها الجميلة
" قولتهالك قبل كدا و هأكدهالك تاني و ثبتيها في دماغك"
طالعته باستفهام ليقوم بنقش حروف من عشق فوق جدران قلبها حين أردف بشغف انبعث من عينيه أولًا
"سليم الوزان مملكهوش حد غيرك. يعني تعملي فيه كل اللي أنتِ عيزاه. "
و كأنه يخبرها بأن لا شئ قادر علي الصمود أمام عشقه الضاري لها و الذي كان اضعافه في قلبها و ترجمته شفتيها علي هيئة حروف استقرت في منتصف قلبه
" بحبك يا سليم … أه مش قادرة يا سليم "
انتهت جملتها تزامنًا مع ملامحها التي انكمشت وجعًا استقر في قلبه الذي احتواها بضمة قوية وهو يقول بخشونة
" قولي الحمدلله يا جنة. شويه شويه هيخف الألم .."
توالت عبارات الحمد علي شفتيها المرتجفة بينما قام هو
ب إلباسها ملابسها خالعًا عنها ثوب المشفى و قام بتدثيرها جيدًا و توجه لاستدعاء 《فرح》 التي تنتظرهم في الخارج علي جمر محترق فلبت نداء علي الفور فقال آمرًا
" خليكِ معاها عشر دقايق هغير هدومي تكون ارتاحت شويه و نمشي "
اومأت برأسها و توجهت إليها بخطٍ لهيفة و قلب ينتفض ألمًا حالما رأت التعب البادي علي وجهها فاقتربت واضعه قبلة رقيقة اودعتها حنانًا جارفًا يتملكها نحو شقيقتها الغالية ففتحت عينيها المرهقة و قالت بهمس
" فرح .."
حاولت أن تمازحها قائلة
" ايوا فرح اللي نسيتيها يا ست جنة.. بقي انا اقعد ساعتين بره و البيه مش راضي يسمحلي ادخل و لازق هو فيكِ ؟"
ابتسمت 《جنة》 بوهن فتابعت 《فرح 》بغضب مفتعل
"  و قال ايه مراتي انا الي اكون جنبها و أنا اللي اعملها كل حاجه .. طب بالنسبالي مرات ابوكي ولا حاجه؟ "
اتسعت ابتسامتها و قالت بخفوت
" حقك عليا.. متزعليش."
" مقدرش ازعل . دانتِ روحي . هو انا لو مش عارفه أن بيعشقك فكرك كنت سكتله ؟ وبعدين كلام بيني و بينك انا عذراه حد يبقي متجوز القمر دا و ميلزقش فيه ..؟ "
1
هكذا تحدثت 《فرح 》بمزاح فابتسمت 《جنة》 ممسكه بيدها وهي تقول بامتنان
" انا معرفش من غيرك أنتِ وهو كنت هعمل ايه ؟ انا محظوظة بيكوا بجد ربنا يباركلي فيكوا"
1
تحدثت 《فرح》 بحنان
" قولي الحمد لله الذي رزقني هذا من غير حول لى ولا قوة .. دايمًا تحمدي ربنا علي نعمه عشان تدوم .. و بعدين صدقيني احنا اللي محظوظين بيكِ يا جنة.."
" الله الله اسيبك معاها خمس دقائق أجي الاقيكِ قاعدة تعاكسي فيها؟ دي مراتي علي فكرة وانا بس اللي اعاكسها.."
3
هكذا تحدث 《سليم》 بعدما قام بتغيير ملابسه و خرج ليستمع الي جملة 《فرح》 فقالت الأخيرة بغضب مفتعل
" علي فكرة بقي دي اختي قبل ما تبقى مراتك !"
《سليم》 بفظاظة
" قبل بعد مش قضيتي . المهم دلوقتي أنها مراتي و حياتي كلها. و مسمحش لحد يحب فيها غيري .. روحي شوفيلك لعبه يالا .."
انهى جملته وهو يقترب من 《جنة》 ليلثم جبهتها بحنان تجلي في نبرته حين قال
" اتأخرت عليكِ ياروحي ؟"
1
تولت 《فرح》 الإجابة قائلة
" اتأخرت ايه هو احنا لحقنا نقول كلمتين حتي؟ "
《سليم》 بمزاح
" و تقولي ليه ؟ و تصدعي حبيبي ليه؟ اسكتي احسن "
2
《فرح》 باندهاش
" لا يا شيخ انا اللي هصدعها بردو ؟ دانت علي رأي مروان واكل ودنها طول الليل و النهار الله يكون في عونها.."
2
عبست ملامحه وقال بخشونة
" متجيبيليش سيرة الحيوان دا انا هربت منه الصبح بالعافيه . قال ايه عايز يكون جنب جنة ؟ "
انهي كلامه وقد لونت الغيرة تقاسيمه فبدا غاضبًا علي نحو أسعدها فرفعت رأسها قائلة بخفوت
" متقولش عليه حيوان .. و بعدين احنا اصحاب و مارو جدع .. "
3
قهقهت 《فرح》 علي ملامحه المغتاظة و شفتيه التي كان يأكلها بحنق لا يستطيع التعبير عنه
" صحيح ذنب ناس بيخلصه ناس …"
تجاهل شماته 《فرح》 الواضحة و قال مغلولًا
" انا بقول نمشي احسن ما اتحجز في العناية المركزة بجلطة في المخ …"
1
قهقهت 《فرح》 علي ملامحه و كلماته بينما قالت جنة باندفاع
" بعد الشر عنك .. "
أجابها ساخرًا وهو يحملها كالعروس بين يديه
" بعد الشر عنك أه ! ارفعي ضغطي و ارجعي قولي بعد الشر عنك . يالا يا هانم . "
تقدمت 《فرح》 أمامهم فقامت بوضع قبلة رقيقه علي جانب عنقه كإعتذار عن ازعاجها له ثم قامت بدفن رأسها بين حناياه فاقترب من أذنيها قائلًا بصوتًا أجش
"لو متخيلة انك كدا بتصالحيني ؟ تبقي غلطانه عشان انا عمري ما ازعل منك أبدًا .. بس ابقي فكريني لما نروح اقولك انا بتصالح ازاي احتياطي !"
4
لم يرى خجلها و لكنه شعر به خاصةً عندما زادت من دفن رأسها في كتفه فابتسم بعذوبة وهو يضع قبلة حنونه فوق خصلات شعرها حامدًا ربه أن أول جلسة مرت بسلام …
****************
عايزة حقي و حق العذاب اللي شفته طول الخمستاشر سنه اللي فاتوا .. هتقدر تساعدني ارجعه ؟"
هكذا تحدثت وهي تنظر إلي ذلك الثعبان الذي قال بنعومه تحوي أطنان من الشر في جوفها
" العذاب مكنش من نصيبك لوحدك يا همت! انا شفت أضعاف ما شفتي و عشان كدا هساعدك لو علي رقبتي .."
3
تجاهلت كلماته التي تحمل مشاعر تحاول قدر الإمكان تجنب تيارها الجارف و قالت بجفاء
" في دماغك أيه ؟"
" أنتِ عايزة ايه ؟ و الأهم من دا مش هتتراجعي في نص الطريق و تبيعيني زي ما عملتي قبل كدا؟"
ناظرته بجمود تجلي في نبرتها حين قالت
" عايزة اكسر قلوبهم كلهم . أمينة و ولادها. و متخافش مش هبيعك . مش بعد ما اتأكدت ان كلهم كانوا ضدي و كلهم خدعوني . مبقاش ليهم رصيد جوايا .."
3
التمعت عينيه بوميض الضلال و قال بتخابث
" حلو اوي دا .. قوليلي عايزة تبتدي بأيه ؟ "
" أخد حقي و حق بناتي من غير ما ينقص ولا مليم و أرضي تبقي ليا مش عايزة مكانها فلوس.. و بعد كدا عايزاهم يخسروا كل حاجه عندهم . زي مانا خسرت"
1
《ناجي》 بتخطيط
" شيرين قالتلي ان سالم قال هيديكوا حقكوا . خدي منه الفلوس و اطلبي ضعف تمن الأرض مرتين وهو مش هيرفض. "
عاندته غاضبة
" قولتلك عايزة ارضي مش مقابلها!"
2
《ناجي》 بتخابث
" اتكي عالصبر . الموضوع مش هيتم بين يوم و ليله . سالم داخل مناقصة كبيرة ومن غير الدخول في تفاصيل المناقصة دي تلزمني . و لو خسرها هيخسر كتير . مناقصة في التانيه هيحتاج و خصوصًا أنه لسه خسران مبلغ مش هين . وقتها هتدخلي أنتِ تعرضي عليه تاخدي الأرض مقابل الفلوس اللي هو محتاجها."
"  طبعًا هيرفض ! "
هكذا تحدثت بسخرية فتابع بمكر
" ماهو هنا الذكاء . هتقوليله ارهنلي الأرض و لما ترجعلي فلوسي ابقي خد ارضك. و هنا مع الضغط و احتياجه هيقبل."
《همت》 بسخط
" مين قالك اني هقبل ارجعهاله ؟"
" محدش طلب منك دا . "
" مش فاهماك . يعني بعد ما يقع انا اقف جنبه ليه مانا عيزاه يقع اصلا . و بعدين لو جه قالي هاتي الأرض و خدي فلوسك. و قولتله أنا لا هيقلب الدنيا علي دماغي "
قهقه بشر تجلي في نبرته حين قال
" أنتِ كدا مش بتساعديه أنتِ بتغرقيه اكتر . عشان أنا مش هسيبه يقوم بعد ما يقع. ولا هيقدر يجمع فلوس الأرض عشان كل مناقصة هينط فيها هاخدها منه."
" ازاي هتاخد منه المناقصات ؟ هو انت مفكر سالم دا عيل ؟ دا تربية جده رفعت الوزان ! يعني يوديك البحر و يجيبك عطشان .."
《ناجي》 بغموض
" ماهو البركة فيكِ أنتِ بقي !"
《همت》 باستفهام
" تقصد ايه؟"
قام بإخراج شئ ما من جيوبه و أعطاه لها وهو يقول
" سالم بينزل كل حاجه تخصه و تخص شغله علي اللاب توب بتاعه . و مطلوب منك انك تحاولي توصليله و تحطي الفلاشه دي فيه دي عبارة عن هكر هينسخ كل حاجه علي الجهاز و يبعتهالي . "
همت بقلق
" بس انا معرفش استخدم الحاجات دي ."
《ناجي》 بطمأنة
" أنتِ مش هتعملي حاجه غير انك هتحطي الفلاشه في الجهاز بس .."
" طب افرض منزلهاش عالجهاز دا زي ما بتقول؟"
" رفعت الوزان ابوكي و من بعده اخوكي كانوا بيحطوا كل ورق المناقصات المهمة في الدرج اللي عاليمين من المكتب عشان دا الدرج الوحيد اللي له مفتاح . لو سالم منزلش ملف المناقصة عالجهاز هتلاقي الورق نفسه في الدرج . مطلوب منك يا تصوريلي الورق بس "
زفرت بتعب
" و دا بردو حل صعب .."
" مفيش حاجه هتيجي سهله يا همت.  خليكِ فاكرة أنها حرب . عشان تاخدي حقك و تنتقمي من كل اللي اذوكي.."
اخفضت رأسها بتعب قبل أن تقول
" حاضر . "
التمعت عينيه بالسعادة قبل أن يقول باستمتاع
" نيجي بقي للي بعد كدا .. "
" اللي هو ؟"
《ناجي》 بتخطيط
" ما هو احنا مش هنبوظ بره بس! احنا هنشتعل بره و جوه!"
دق قلبها بقلق تجلي فى نبرتها حين قالت
" لو عايزة تكسري أمينة يبقي عن طريق ولادها. مثلًا سالم هنضربه في شغله و هنجبها في الحلوة بتاعته . و سليم هنضربه بردو من ناحيه مراته. اللي مش كتير يعرف انها كانت متجوزة اخوه عرفي !"
" لعلمك سليم بيعشقها و لو الناس كلها عرفت موضوع الجواز العرفي دا مش هيفرق معاه عشان هو بيثق فيها جدا و عارف انها ضحية أخوه .."
أجابها 《ناجي》 بشر
" يبقي ندمر الثقه دي ! و نعرفه أنها مش ضحية ولا حاجه "
" ازاي ؟"
《ناجي》 بغموض
" هقولك … بس ركزي في كل حرف هقوله عشان الغلطه هنا بحساب .."
8
《همت》 بانتباه
" معاك . "
3
*****************
والله يا سالم بيه ما عملت حاجه ولا حتي اعرف البنت دي ولا شكلها ايه ؟ معرفش ازاي تتبلي عليا كدا ؟"
هكذا تحدث 《عدى》 بيأس إلى 《سالم》 الذي كان يطالعه بجمود تجلي في نبرته حين قال
" البنت ذكرت اوصافك بالحرف . يبقي ازاي متعرفكش و متعرفهاش؟"
وثب الغضب الي محياه و صرخ بقهر
" ماهو دا اللي هيجنني ! معرفش ازاي تقول كده ؟ مرة حازم و مرة انا ! "
《سالم》 بفظاظة
" انت روحت مع حازم المكان دا قبل كدا ؟"
" روحت مرة واحدة و فضلت مستنيه بره عالشارع وهو دخل جوا …"
قطع حديثه المخزي فتجهم وجه 《سالم》 و تابع بجفاء
" اومال كنتوا بتجيبوا المخدرات ازاي ؟"
غمغم بخفوت
" كان الديلر بيجيلنا شقتي يجيبلنا اللي احنا عايزينه .. و ياخد فلوسه هي مرة واحدة زي ما قولتلك اللي روحناله فيها و حازم اللي نزل و راحله انا استنيته علي اول الحارة .."
أخرج زفرة غاضبة من جوفه قبل أن يقول بفظاظة
" في اليوم اللي حصلت فيه الحادثه كنت فين ؟"
اخفض رأسه و هو يتمتم بمراوغة
" مش فاكر!"
فطن الي أنه يحاول إخفاء شئ فتشدق ساخرًا
" هتفتكر امتي ؟ لما حبل المشنقة يتلف حوالين رقبتك !"
" الموضوع دا حصل من اكتر من تسع شهور اكيد مش هفتكر يعني حصل ايه؟"
تشابهت عينيه مع ملامحه حين قال بجمود
" عندك حق ! بس لما يكون اليوم دا خسرت فيه اعز اصحابك يبقي اكيد هتكون فاكر ولو شويه تفاصيل صغيرة حتي ! "
التقمت عينيه الماهرة تخبطاته التي تجلت بوضوح علي ملامحه و يديه التي كان يفركها بتوتر و نظراته التي كانت زائغة كل تلك اشياء تشير الي كذبه حين قال
" لا. مش فاكر حاجه .."
نصب عوده الفارع وقام بغلق ذر بذلته قائلا بلامبالاة
" يالا مش مشكله .كل واحد بياخد نصيبه .انا كنت عايز اساعدك بس للأسف انت قفلت كل الطرق في وشي . لكن أنا بردو هخلي المحامي بتاعي معاك في القضايا بتاعتك .."
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" قضايا ؟ قضايا ايه هي قضية واحدة "
زم شفتيه بملل تجلي في نبرته حين قال
" شكلك لسه متعرفش . حماك العزيز هو و بنته رافعين عليك قضية طلاق للضرر .. "
سقط جالسًا مكانه من فرط الصدمة فهل حقً تخلت عنه بعدما اقسم لها بكتاب الله العزيز أنه لم يفعل شئ !
" متلومش عليه ولا عليها . انت اتخليت عن نفسك و مساعدتهاش منتظر منهم أيه ؟ "
صوته الفظ أخرج 《عدى》 من شروده و جعل الغضب يحل محل الصدمة فاشتعلت عينيه و احتدت نبرته وهو يقول
" انا هقولك علي كل حاجه …"
نجحت طريقته في إشعال غضب ذلك الشاب الذي بدا منكسرًا بطريقة مؤلمه و أراد أن يفعل معه ما لم يستطع فعله مع شقيقه الراحل لذا تقدم جالسًا في مكانه مرة أخرى ينتظر منه أن يبدأ بالحديث
مرت دقيقة صمت قبل أن يشرع 《عدى》 في سرد تفاصيل ذلك اليوم الذي لم ينساه أبدًا
"اليوم دا اتخانقت مع ساندي بسبب حازم .. كانت أعصابها تعبانه أنه بعد عنها بسبب جنة لدرجة خلتني أخرج عن شعوري. و سبتها و قعدت الف في العربية لحد ما رجليا خدتني علي كبارية. في مكان مش ولابد . "
كان الخزي يقطر من بين كلماته منكسًا رأسه وهو يسرد ماضيه الغير مُشرف
" كنت عايز انسي الألم اللي جوايا و اختارت أحقر طريقة لدا و ربنا أراد يديني درس . سهرت مع واحدة شمال و كنت هاخدها علي شقتي بس خوفت الاقي مؤمن هناك و كمان شكلها مكنش مريح فقلت لا و قعدنا في عربيتي . اتاريها كانت متفقة مع بلطجيه طلعوا عليا و هددوني سبتلهم العربية و الفلوس و كل حاجه . انا اصلًا مكنش فارق معايا حاجه ."
أخرج تنهيدة حارقة من جوفه فتحدث 《سالم》 بفظاظة
" كمل ."
تابع بقلب محترق
" مكنتش عارف اروح فين ولا اعمل ايه . فضلت ماشي في الشارع و دموعي تنزل من غير ما احس لحد ما سمعت أذان الفجر . فضلت ابص للمسجد و جوايا رغبة كبيرة اوي اني ادخل و في نفس الوقت مش قادر. انا مش طاهر هقابل ربنا ازاي و أنا كدا ؟ فضلت واقف شويه مش عارف اعمل ايه. انا انسان قذر اقذر من اني ادخل مكان زي دا "
قام بمسح دمعة غادرة انبثقت من عينيه قبل أن يتابع بألم
" فضلت واقف لحد ما سمعت صوت ورايا بيقولي مش هتدخل؟ ربنا بينادي عليك مش هتلبي الندا؟ فضلت باصص في الأرض مش عارف أقوله ايه ؟ مكسوف أقوله انا مش طاهر .. لقيته بيقولي تعالي معايا .. روحت معاه في بيت جنب المسجد و لقيته طلعلي جلبيه نضيفه و قالي ادخل بسرعه خدلك دش و اتوضي و تعالي نصلي في المسجد .."
طوفان من العبرات اجتاز سياج عينيه دون وعي منه وهو يتابع
" و عملت كدا فعلًا و دخلت المسجد معاه و صليت و أنا دموعي نازله مش عارف أوقفها. و بعد ما خلصنا سألني الراجل مالك بتعيط ليه ؟ معرفش ازاي لقيتني بحكيله علي كل حاجه غلط في حياتي و علي كل العذاب اللي شفته و الغريب أنه قعد يسمعلي من غير حتي ما يقاطعني . و معرفش ازاي نمت و أنا عمال اعيط و احكيله و قمت الصبح لقيت نفسي لسه في المسجد و هدومي اللي قلعتها عنده مغسوله و مكويه و محطوطه جنبي . و لما شكرته قالي في أي وقت تكون تعبان أو. مخنوق ومحتاج اللي يسمعك . تعالي نصلي سوى و تتكلم براحتك. دا كل اللي حصل .."
كان الأمر مؤثرً كثيرًا فبالرغم من كل شئ فحياة هذا الشاب بائسه كثيرًا و أيضًا أفعال شقيقه و أخطاءه التي لا تغتفر أبدًا جعلوه يشعر بالخزي لأول مرة بحياته
" اديني عنوان الراجل دا .. "
قال جملته وهو يمد إليه ورقه و قلم فقال 《عدى》 بضياع "انا مش فاكر العنوان اوي .. هو مكان غريب يعنى معرفش وصلتله ازاي و حتي لما روحت هو اللي وصلني و لما طلبت رقمه قالي أنه معهوش تليفون .."
زفر 《سالم》 بحنق قائلًا بجمود
" اكتب عنوان الكباريه اللي كنت فيه.."
دون 《عدى》 العنوان و هب 《سالم》 ينوي المغادرة ولكنه توقف عند باب الغرفة قائلًا بخشونة
" متقلقش انا هعمل اللازم و ربنا ييسر الأمر . "
《عدى》 بتعب
" مش قلقان . انا واثق في ربنا و فيك .. وعلي فكرة شكرًا "
تجاهل 《سالم 》حديثه و قال بفظاظة
" باباك و ممتك بره عايزين يشوفوك.."
" مش عايز اشوفهم.."
هكذا تحدث 《عدى》 بنبرة قاطعة فأجابه 《سالم》 بجفاء
" مينفعش تبقي عايز ربنا يكرمك وانت بتغضبه . الأب و الأم ميتعاندوش . مهما كانت اخطائهم. "
5
انهي كلماته و خرج دون أن يضيف شيء أو يعطيه الفرصة لقول شئ فقد تركه بعد أن قذف بقلبه جمرات الذنب التي لن يقو علي تحملها ..
********************
تقف شاردة أمام تلك البقعة الزراعية الخضراء الممتدة أمامها لأبعد من أن تصل عينيها تفكر فيما يحدث معها و خصوصًا مع ذلك الطاغية الذي كانت تراه مصيبة حياتها و الآن تشعر بأنه هناك شئ بينه و بين قلبها الذي يدق بعنف كلما سمعت صوته و تتعثر نبضاته بقوة كلما تلاقت أعينهم و لكنها كانت تكذب ما يحدث إلي أن فاجئها بحديثه منذ يومان
عودة لوقت سابق
" اهه و آدي الشغل اللي عم بتتحججي فيه خولوص .."
هكذا تحدث بعد ما انهي كل العمل الملقي علي عاتقها وسط نظرات مذهوله من جانبها فقد تنازل عن هيبته و مكانته و قام بهذا العمل الغير لائق فقط ليحظي بحديث معها !
دق ناقوس الخطر بعقلها فلجأت للهرب حين قالت بارتباك
" اه . خولوص . و اني معاد رچوعي چه . اني هروح بجي .."
اوشكت علي الإلتفات فتفاجئت بيديه التي امسكت معصمها بقوة و كأنه توقع أن تفعل ذلك فقطع عليها كل الطرق وهو يقول بتحذير
" بلاش تلعبي وياي عشان مترچعيش تزعلي .."
لم تخيفها لمسته أو تنفرها بل قذفت بداخلها شعور خاص لم تستطع مواجهته أو حتي تحمل ما خلفه بقلبها من إضطراب فسحبت يدها بقوة من بين يديه وهي تقول بحدة
" يدك يا كبير ! اني مبلعبش . اني خلصت اللي وراي هجعد اعمل ايه؟"
لونت السخرية ملامحه و نبرته حين قال
" أنتِ بردك اللي خلصتي اللي وراكِ!"
زاغت بنظراتها وهي تقول
" المهم انه خولوص . و معدش لجعادي لزوم."
صوبت نظراته رأسًا إلي قلبها الذي كان يدق بعنف حين سمعته يقول بصوتًا أجش
" هروبك ده معناته انك حاسه باللي چواي و مطير النوم من عيني.."
سمعت نفسها تقول بلهفه
" و ايه اللي انت حاسه و مطير النوم من عينك "
أجابها بتيه لون ملامحه و نظراته
" اللي محستوش جبل أكده. أنتِ بتعملي فيا ايه ؟ جلبي بجي ضعيف جدامك وهو اللي خلج و اتربي عالجسوة "
3
انكمشت ملامحها بألم وهي تقول
" انت هتجولي علي جسوتك ! اني اكتر حد داجها .."
شعر بألمها و لعن نفسه للمرة الألف و اقترب منها يحادث عينيها اولًا حين قال بنبرة خشنة
" لو اجولك أن كان چوايا نار بتنهش في جلبي لما سمعت الكلب دا بيجول…"
لم يستطيع اكمال جملته فالتفتت إلي الجهة الأخرى تقول بألم
" و صدجته .. و جولت علي…."
قاطعها اعتذاره الذي كان شاقًا كثيرًا على كبرياءه الذي انهزم بالنهاية أمامها
" حجك علي.. الغيرة عمتني… غيبت عجلي مبجتش شايف جدامي.."
توقف عقلها عند كلمة واحدة ضربته كصاعقة " الغيرة " ولما يغار عليها ؟ هكذا استفهمت بداخلها و لم تكن تعرف أن سؤالها سيعبر من بين شفتيها دون القدرة علي إيقاف سيل الكلمات
" غيرة ! و إنت بتغار علي مين و ليه؟"
2
كانت لحظة فاصلة وقف بها أمام عينيها فأدرك بأنه لا قدرة له علي الابتعاد عنها فقد أسرته و انتهي الأمر لذا اقترب منها خطوة و عينيه تحاصرها من كل الزوايا
" تتچوزيني !"
5
شهقة خافته خرجت من جوفها فلم تكن تتوقع سماع هذا الحديث من بين شفتيه بحياتها . حتي أنها ظنت نفسها تتوهم ما سمعت فأخذت تناظره بعدم تصديق فتعاظم الغضب بداخله وقال بفظاظة
" ساكته ليه ؟ مسمعتيش جولت ايه؟"
" جولت ايه؟"
1
هكذا استفهمت بضياع فالتمعت خضرة عينيه بوميض العشق الذي تجلي في نبرته حين قال
" جولت اني رايدك. "
1
لم تروي إجابته ظمأها فقالت بشفاة مرتعشة
" و أشمعني اني؟ ما البلد مليانه بنات"
" اسألي جلبي . الحكم له . وهو اللي حكم و جالي أنه مرايدش من الدنيا غيرك .."
3
هكذا تحدث وعينيه تبحران بشغف فوق ملامحها التي زينها الخجل و أضاء عينيها بلمعة من عينيها التي تشع فتنة جعلته اسيرًا لها .
" ساكته ليه ؟ طمني جلبي .. و جولي انك ريداني "
كانت تأبى التسليم أمامه فتسلحت بكبرياء مقتصه منه أفعاله السابقة معها
" طب و لو جولت لاه؟"
تبدلت ملامحه العاشقة الي أخرى غاضبة فصاح هادرًا
" هتچوزك غصب عن عين اهلك .. "
7
أرادت تلقينه درسًا قاسيًا فقالت بدلال غلفته بالتحدي
" ابجى وريني هتعملها ازاي يا كبير .؟"
عودة إلى الوقت الحالي
كانت تنظر أمامها بحيرة لا تعلم ماذا عليها أن تفعل ؟ هل تطيع قلبها الغبي أم تستمع الي عقلها الذي يحثها أن تقتصر طريق طويل من الألم و العذاب و تهرب منه فما بينهما أشبه بالسماء و الأرض و جده حتمًا لن يقبل بأن يتزوج حفيده من خادمة !
حين كانت غارقة في تفكيرها فجأة وجدت سيارة تتوقف أمامها و هبط منها شخص ملثم قام بالانقضاض عليها في محاولة جرها الي السيارة مكممًا فاهها بمنديل كان به مخدر لم تقاومه كثيرًا بل استسلمت لتلك الدوامة السوداء التي ابتلعتها ..
6
***************
تجهزت بما يليق بحالة الوفاة التي في البيت فارتدت ثياب محتشمة باللون الأسود الذي تناقض مع بياضها و بشرتها المطعمة بحمره قانيه و تقاسيم منحوته ببراعه يكللها أعين تلمع بخضرة دافئة يشعر الناظر إليها بأنه خطي الي الجنة التي حرمها عليه بفرمان أصدره ذلك اليوم عقابًا له علي ذلك السوء الذي جعلها تشعر به فإذا به حلقة ناريه التفت حول عنقه لتجعله يتراجع كلما فقد سيطرته أمام حسنها الذي يوازي عشقه و ها هو يراها تتغنج بعفوية أمام المرآة و بدلًا من أن يجذبها لتسكن ذراعيه يتنعم معها في جنة حبهم الوردية . ها هو يقف أمامها محترقًا بنيران الشوق التي يكتوي بها جوفه و تتحدي إرادته بمعركة شرسة لا يجروء عن الإفصاح عنها
" خلاص جهزت .."
هكذا تحدثت بعدما لمحت طيفه في المرآة يراقبها فارتبكت قليلًا و خاصةً حين طال صمته فأرادت كسر هذا الجو الملبد بالتوتر..
" شايف.."
كلمة اختصرتها شفتاه بينما كان أوكل مهمة الحديث لعينيه التي كانت تحاوطها بنظرات شغوفة أرسلت ذبذبات قوية الي عمودها الفقري فسرت رجفة قويه في سائر جسدها الذي طافت عليه عينيه ليتحول خضارها الزاهي الي آخر قاتم يكبح خلفه جموح مشاعره نحوها.
" اللبس في حاجه ملفته ؟ اقصد . عشان ظروف العزا.."
"مش اللبس اللي ملفت !  اللبس مالوش ذنب انك أنتِ اللي لبساه.."
لم يستطيع منع سيل الكلمات من التدفق عبر شفتيه مما زاد من خجلها الذي روى خديها بدماء الخجل لينبت الزهر فوقهما مما زاد من جمالها و توترها أيضًا حين اقترب منها فتراجعت خطوة وهي تقول بتوتر
" ممكن طلب ؟"
" ممكن .."
نظفت حلقها بخفوت قبل أن تقول بلهجة هادئة
" بما أن دا اول يوم ليا في الجامعه هنا فأنا كنت حابه ان . يعني . محدش يعرف اننا متجوزين .."
ارتفع احد حاجبيه تعبيرًا عن احتجاج صامت فتابعت بحزن عرف طريقه الي قلبه
" انا حاسه بوحده فظيعه هنا عايزة اعمل أصحاب بجد . انا عمري ما كان ليا أصحاب غير سما و مروان و اللتنين بعيد عني . بس انا محتاجه يكون ليا أصحاب و لواتعرف اني مرات دكتور في الجامعه حاجه من الاتنين يا الناس هتهرب مني خوف يا هتقرب مني نفاق عشان مصلحتها وانا مش عايزة كدا .."
كان حزنها صادقًا و قد حزن بشدة لأجلها حتي وان كانت دائمة التحدث مع اقربائها ولكنه يعلم ماذا تعني الوحدة في هذا المكان لذا لم يعلق اكتفي بإيماءة من رأسه علامة علي الموافقه و فجأة هالهم الصوت القادم من الأسفل فتوجه الأثنين للخارج لمعرفة ما يحدث
بتجول ايه يا مخبل انت ؟"
هكذا صاح 《عبد الحميد》 حين سمع حديث 《مسعود》 الذي أوشى له 《بعمار 》فقد كان يود الأنتقام من تلك التي إهانته برفضها و أذته
" وربنا المعبود ما بكذب عليك يا كبير اني شايفهم بعيني اللي هياكلهم الدود دول و سامعهم بودني "
" طب غور من وشي السعادي…"
هرول 《مسعود》 للخارج فتوجه 《عبد الحميد》 الي منتصف الصالة وهو يصيح بحنق
" عماااااار؟"
هروح الجميع من غرفهم علي إثر صراخه فاستفهم 《ياسين》 بجزع
" ايه يا جدي حصل ايه ؟"
" هتعرف حوصول ايه لما الحمار اللي چوا دا يخرچ و هو يجولنا حوصول ايه؟"
" طب اهدي انت يا عمي .صحتك "
هكذا تحدثت 《تهاني》 في محاولة لتهدئة 《عبد الحميد》 الثائر فلم يجيبها بل صاح مرة أخرى ينادي 《عمار》 الذي استيقظ أخيرا فقد سهر لوقت متأخر يفكر في حوريته الجميلة التي تهرب منه منذ آخر حديث بينهم لتجعله يتلظي بنيران البعد التي تحرقه و تسلب النوم من عينيه
" في ايه يا چدي؟"
تشدق 《ياسين》 ساخرًا
" اهو الحمار صحي اهوة في ايه بقي ؟"
2
صاح 《عبد الحميد》 بانفعال
" انت ايه حكايتك مع البت المدعوجة الي اسمها نچمة دي ؟"
جفل 《عمار 》من حديث 《عبد الحميد》 وقال مستفسرًا
" حكاية ايه يا چدي؟ و لا حكاية ولا رواية ؟"
ابتلع 《عبد الحميد》 جمرات غضبه و قال محذرًا
" اياك و الكذب . جولي انت فعلاً عايز تتچوزها و لا عايز تهلفطلك شوي ؟"
《عمار 》بنفي
" لا طبعًا يا چدي اهلفط ايه ! انا رايدها علي سنة الله و رسوله.."
《عبدالحميد》 بصراخ
" كنك اتچنيت ولا اي؟ تتجوز خدامة ؟ أخرتها؟"
صاح 《عمار》 مدافعًا عنها
" ومالها الخدامة مش بني آدمه زيها زينا ولا اي؟"
《عبد الحميد》 بتهكم
"أيوا طبعًا و مش أي بني آدمه . دي اللي انت كنت تاهمها من جيمة يامين مع الغفير …"
لم يتحمل ذكر هذا الأمر أمامه فاختلطت غيرته بذنبه و صاح بعنف
" وجف يا چدي .متكملش . الذنب لا ذنبي ولا ذنبها. دا ذنب الكلب اللي اتبلي عليها بالزور.. "
《عبد الحميد》 غاضبًا
" و إنت صدجته . چاي دلوق و عايز تتچوزها؟ تبچي بتحلم . دي لو آخر واحدة في الدنيا لا يمكن اوافج تتچوزها أبدًا"
وصل إلي مرحلة اللاعودة فلا طاقة له بالعيش بدونها ولا تصلح الحياة مع سواها فهو أصبح واثقًا من مشاعره للحد الذي جعله وقف يعاند جده قائلًا بحزم
" يبجي بتحكم علي اني اعيش عمرى كله من غير چواز .لإني مش هتچوز غيرها .."
《عبد الحميد》 باندهاش
" انت بتعصي أوامري يا عمار ؟"
تألم لحديث جده ولكنه وجد نفسه يقف أمام عينيها التي أن هوى الي سبعين قاع فستكون هي طوق النجاة الوحيد له لذا قال بثبات
" انا طول عمرى ماشي تحت طوعك يا چدي .. عمري ما عصيتلك أمر . جولتلي هتچوز بنت الوزان جولت حاضر . رچعت جولت ابن عمك رايدها جولت حاضر .."
رغمًا عنه وجد《 ياسين》 يده تمتد ل تحاوط كتف 《حلا》 التي صدمها ما سمعت و خاصةً حين تابع 《عمار 》بحنق
" جولت اتجوز بت عمك جولت حاضر . رچعت جولت البت رايده ولد الوزان مش هكسر جلبها جولت حاضر . المرا مشت كلامها و اتچوزت اللي رايده جلبها واني مش هعرف اتچوز الي رايدها؟ لا ياچدي اني مش تابع ليك ولا شطرنچ بتحركه كيف ما بتعوز ."
2
صمت لثوان قبل أن يقول بملامح متجهمه و نبرة صادقه
"  اني عاشجها و جلبي اختارها و مش هتچوز غيرها و أن كت ماليش غلاوة جواك كيف 《ياسين》 و 《فرح》 و 《چنة》 مش هلومك لو فضلت معارض چوازي منها. "
اتقن احكام الفخ حول عنق 《عبدالحميد》 الذي شعر بأن كلماته اخترقت قلبه و وضعته في منعطف لم يكن يريد الولوج إليه و لم يجد ما يقوله فأنقذه صراخ قوي آت من الخارج فالتفت الجميع ليجدوا إمرأة تتشح بالسواد تصرخ بملئ قلبها
" الحجوني .. خطفوا بتي . الحجني يا  كبير و رجعهالي احب علي يدك…"
تحدث 《عبد الحميد》 بفظاظة
" حوصول ايه يا وليه أنتِ ؟ و مين بتك دي ؟"
" نچمة . بتي نچمة خطفوها ولاد الحرام ."
اخترق اسمها أذنيه فتوقف عقله عن العمل بينما تعالت الشهقات و التفتت الأعين مصوبه عليه …
3
****************
دلف الي داخل المنزل فقد غاب لأسبوع كامل انهكه نفسيًا و جسديًا و فاض به الشوق إلي صاحبة حدائق الزيتون التي تملك سلطة على قلبه لم تكن لأحد سواها و التي سلكت أكثر الطرق إرهاقًا لروحه التي أهلكها الشقاق و الخصام الذي سارت علي نهجه طوال الأسبوع المنصرم لم تجيب علي اتصالاته ولم تحادثه ولو مرة فقط تقف بجانب والدته أثناء إتصاله لتستمع الي صوته و تطمئن عليه سالبه منه ابسط حقوقه في الأطمئنان عليها. و لها فقد قرر الثأر منها علي طريقته ..
4
" سالم .. حمد لله علي سلامتك "
إلتفت 《سالم》 إثر صوت 《سليم》 الذي كان يخرج من غرفة المكتب لملاقاته بعد أن سمع زامور سيارته
" الله يسلمك يا سليم .. الناس فين مش شايف حد "
" كلهم متجمعين في اوضه الصالون . و فرح فوق مع جنة .."
هكذا اجابه 《سليم》 بملامح واجمه فشعر به 《سالم》 قائلًا باستفهام
" لسه بردو تعبانه ؟"
《سليم》 بحزن حاول اخفاءه
" يعني . شويه .. المهم كنت عايزك في موضوع مهم .."
زفر بحنق ثم قال بفظاظة
" أجله يا سليم تعبان مش قادر اتكلم .."
عانده قائلًا بتحذير
" ميتأجلش يا سالم .."
لم يعاند 《سالم》 إنما توجه خلفه الي غرفة المكتب ليلقي بثقل جسده علي الاريكه بينما توجه 《سليم》 الي المقعد خلف المكتب الخشبي الكبير قائلًا بخشونة
" هتعمل ايه في موضوع الانتخابات ؟"
《سالم》 بصرامه
" مش هترشح يا سليم ماليش خلق للمواضيع دى .."
《سليم》 بفظاظة
" غلط يا سالم . "
" و ايه الغلط في كدا؟"
استفهم سالم بحنق فأجابه 《سليم》 موضحًا
" أولًا عشان انت الكبير و دي مسئوليتك . ثانياً و دا الأهم دا هيفيدنا في موضوع الكلب اللي اسمه ناجي…"
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" تقصد ايه؟ استغلال نفوذ ولا ايه؟"
《سليم》 بتوضيح
"اكيد لا . بس انا بصراحه مش داخل دماغي أن اللي عمل كدا فيك الهلالية .."
《سالم》 باستفهام
" ازاي و السواق اعترف عليهم ؟"
《سليم》 بتفكير
"عادي جداً ممكن بيتبلي عليهم . بص يا سالم الناس دي معروفه عنها الاحترام و مبيحلوش مشاكلهم بالطريقة دي ابدًا بالإضافة إني كنت قاعد امبارح مع حيدر الهلالي و الراجل محترم جدًا ميختلفش عن ابوك الله يرحمه و وضحلي أن موضوع الانتخابات دا بيتم بالتراضي و هو عارف ومتأكد اصلًا انك مش في دماغك الموضوع و من زمان.."
《سالم》 بحدة
" بردو يا سليم عملت اللي في دماغك ؟"
《سليم》 بخشونة
" ايوا لإني مقتنع أنه صح .. الراجل مش محتاج يعمل كدا الناس هنا من غير حاجه بتحبهم لإنهم فعلًا بيخدموا . "
بدا مقتنعًا بحديث شقيقه فقال بفظاظة
" كمل .."
《سليم》 بصرامة
" ناجي اللي ورا الموضوع دا . عايز يخلقلنا عدو جديد غيره نتلهي فيه . عشان كدا بقول كفاية نلاعبه بقي . خلينا نخلص منه. "
《سالم》 بجفاء
" اكيد مش هنقتله ياا سليم "
" مبقولش كدا يا سالم علي الرغم اني عندي استعداد اعمل كدا حالًا لأنه فعلًا يستاهل بس انت اللي حايشنى عنه .."
حاول 《سالم》 تهدئته وحده أكثر من يعلم بشخصيته الثائرة و اندفاعه للدفاع عن الحق حتي لو كان هو المتضرر
" عارف انك كبران لكلمتي يا سليم و مازلت بقولك اهدي . عايزين تربيه عالهادي من غير نقطه دم . احنا مش قتالين قتلة .."
دائمًا ما ينجح شقيقه في تهدئة ثورته إضافة إلي كونه يكن له الكثير من الاحترام والمحبة لذا اومئ برأسه بالموافقه ثم قال بخشونة
" شيرين عرفت انها أطلقت .."
تشدق 《سالم》 ساخرًا
" و ياترى عرفت أن اللي ابوها عمله ؟"
《سليم》 بنفاذ صبر
"معرفش و مش مهتم . على الرغم اني شايفها هاديه اليومين دول علي غير عادتها.."
سالم بتهكم
" متقوليش أنها عقلت أخيرًا "
أجابه 《سليم》 ساخرًا
" لا وانت الصادق بتحب …"
مرت لحظات قبل أن يقهقه 《سالم》 بصخب و شاركه 《سليم》 الضحكات قائلًا
" مش مصدقني؟"
《سالم》 بفظاظة
" لا و هو انا مش عارفك.. مبتقولش حاجه غير و انت متأكد منها… المهم تخلي بالك الواد طارق طول عمره عايش بره و دماغه لاحسه و دي مهما كان بنت عمتك  "
2
《سليم》 بطمأنة
" مشوفتش منه حاجه لحد دلوقتي بس متقلقش أمسك طرف الخيط و هعدل دماغه لو لقتها مش مظبوطه.."
《سالم》 بتهكم
" و اكسرها لو لزم الأمر .."
1
《سليم》 بتسلية
" عيني .."
" خلي عينك لصاحبتها… مش عايزها.. هقوم انا تعبان و مش شايف ."
توجه إلي باب الغرفة فاستوقفته كلمات 《سليم》 المحذرة
" سالم موضوع الانتخابات خلصان . خلي التعبان دا يفكر أننا بلعنا الطعم . "
لون الضجر ملامحه و نبرة صوته حين قال
" ولو اني كاره الموضوع بس انت عندك حق .."
《سليم》 بطمأنة
" ربنا بيعين و أنا في ضهرك .. "
تشدق《 سالم》 ساخرًا
" أصيل طول عمرك .البس يا سالم و إحنا في ضهرك .. "
《سليم》 بتخابث
" طب بمناسبة اللبس بقي فاعمل حسابك انك متحضرلك قاعدة صلح محترمه يا كبير "
فهم 《سالم》 مقصده فاستفهم بخشونة
" هي عرفت أن انا جاي النهاردة ازاي ؟"
" الواد مروان قالها و تقريبًا من صباحية ربنا بيسلطها عليك.. انجوى.."
9
*****************
يعرف العشق طريقه إليها جيدًا فهي إمرأة تحمل كل النكهات ضِمن حدود ثغرها . تحوي جميع انواع السحر المتوارِ بين طيات ذراعيها . بلحظة تجعلني ارقي الي جنة مُدججة بلهيب الصبوة و بالأخرى تتركني لـ اكتوي بألسنة اللَظًى. الأحتراق معها يشبه الغوص في بحر من النار و الثلج معًا شعور يصعب وصفه من فرط بهاءه . يكفي على المرء تذوقه مرة ليصبح مدمنًا لا يبغي المُدَاوَاة منه أبدًا
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت تجلس في شرفتها تقرأ كتابًا أو لنقل بأنها تتظاهر بقراءة كتاب لم تلامس نظراتها حروف اسمه فقد كان قلبها يحصي دقاته مع عقارب الساعة التي ستحمله إليها و بداخلها ألف سيناريو و سيناريو لما سيحدث بينهم و كيف ستقابله و كيف ستعبر عن غضبها منه و من رفضه لها أن ترافقه الي القاهرة دون أن تخدش كبرياءها ؟
أخرجها من شرودها صوت الباب الذي انفتح و أطل منه بهيبته الطاغية و رائحة عطره التي حملتها النسمات لتستقر في قلبها محدثة زوبعة شوق جعلت الدماء تثور في أوردتها ولكنها لجأت إلي التجاهل حين هبت واقفة لملاقاته بعد أن أتقنت إرتداء قناع الجمود الذي تجلي في نظراتها و ملامحها و نبرته حين قالت
" حمد لله عالسلامه .."
الآن علم كيف قررت معاقبته عن طريق الجمود و التجاهل لذا أراد أن يجاريها في لعبتها قائلًا بنفس لهجتها
" الله يسلمك.. "
قالها ثم اقترب يعانقها فبادلته العناق بآخر باردً وقد أتقنت احكام سيطرتها علي مشاعرها فأراد معرفة الي متي ستصمد فقد شعر بضربات قلبها التي تتقاذف داخلها ولكنها تكمم صرخاته بجمودها اللعين هذا
" وحشتيني .."
قالها و أنفه يتحرك بغير هدي على عنقها يروي رئتيه من رائحتها العذبة التي اشتاقها كثيرًا بينما يديه أحتوت خصرها بتملك مثير لجميع حواسها التي كانت تتوسل إليها أن ترتمي بين أحضان عشقه المُسكر ولكنها وبصعوبة بالغة سلخت نفسها عنه وهي تقول بنبرة جامدة
" يارب تكون السفرية كانت موفقه ؟"
" جدًا متبسطتش كدا في القاهرة بقالي كتير .."
تحدث و هو يقوم بخلع معطفه بحنق ترجمته شفتاه علي هيئة كلمات ساخرة أيقظت جيوش الغيرة بجوفها ولكنها ابتلعت جمراتها وهي تقول بنفس نبرتها الجامدة
" طب كويس .. فرحتلك والله  "
" فرح !"
جاءت نبرته المحذرة لتنبهها انها تخطو لمنطقة خطر و لكن قاطع حديثهم الطرق علي الباب فتقدمت 《فرح》 لتفتح فإذا بإحدى الخادمات تخبرها بأن 《جنة》 تريدها فاخبرتها بأنها قادمة فانصرفت الخادمة و التفتت إليه لتجده يناظرها بحدة تجاهلتها قائلة بجمود
"معلش بقي . اصل الكبير دا مش ملك نفسه على رأيك . هشوف جنة علي ما تاخد شاور و تغير هدومك عشان معاد العشا مفضلش عليه غير يدوب نص ساعه …"
التمعت عينيه بوميض خطر و كذلك لهجته حين قال
" اقفلي الباب و تعالي .."
ابتلعت حنظل أوامره استكمالاً لخطتها و تقدمت بخطوات هادئه تنوي الإطاحة بثباته فتفاجئت بيديه التي امتدت تجذبها من خصرها بعنف لتصطدم بسياج صدره الذي احتواها بعناق قوي بينما اختطفها معه الي جنة قربه التي اشتاقتها كثيرًا فبدا وكأنه يلتهم تفاصيلها بنهم عاشق مشتاق لا يكتفي من قربها فصار ينهل من رحيقها و يقطف ثمار ثغرها التوتي تارة بعنف و تارة بتأني و لدهشتها لم يعطيها الفرصة لمبادلته فقد استخدم قوته البدنية في إحكام سيطرته علي يديها وجسدها الذي يعلم مسبقًا شوقه له و ثورته عليها و خضوعه أمام كبريائها الذي أراد الحفاظ عليه ليبدو الأمر و كأنها لا حول لها ولا قوة أمام قوته بينما قلبها في الداخل يرقص طربًا بهجومه الضاري عليها و الذي انهاه بعد لحظات لم تكن كافية لإخماد شوقه ولكنه يعلم أن طال الأمر فلن يستطيع التحكم بنفسه أكثر لذا اقترب ناثرًا عشقه بين حنايا عنقها بالقرب من أذنيها قائلًا بأنفاس محمومة
" من حسن حظك أن كل حالاتك بتعجبني .. "
كان صدرها يعلو و يهبط من فرط تأثيره عليها ولكن ذلك لم يمنعها من إجابته بغرور
" دا من حسن حظك انت . ان انا في كل حالاتي حلوة .."
لونت ملامحه ابتسامة عذبة ارتسمت علي شفتيه التي وضعت علاماتها بجانب خاصتها قبل أن يقول بخشونة
" و من حسن حظك اني راجل متفهم و مش همنعك عن مهامك ك أخت كبيرة . "
أيقنت بأن كلماته كانت تعني أنه أطلق سراحها ولكنها وقفت لثوان بمكانها تحاول لملمة شتاتها قبل أن ترمقه بنظرة ساخطة حاولت اخفاءها و لكن ليس علي من يحفظ انفعالاتها و تفاصيلها عن ظهر قلب فهو يعلم مقدار غضبها و أن هروبها لم يكن سوي لأعطاءه درس مرددة كلماته التي ألقاها علي مسامعها حين غادر  فحاول تهدئة ثورتها قليلًا حتي يأتي الوقت الذي يمكنه من الإطاحة بهذا الغضب المزعوم…
1
**********************
مشطت شعرها و توجهت الي الشرفه تلجأ الي هدوء الليل الأسود الذي يحيط بهم في هذا الجو المشحون بالتوتر و القلق و قد كانت تشعر بالألم بسبب اختفاء تلك الفتاة التي لم يستطيع أحد أن يصل إليها الي الآن و كاد هذا الطاغية «عمار» أن يجن و كم فاجئها هذا كثيرًا فهي لم تكن تتخيل أن يكن عاشقًا إلي هذة الدرجة..
أخرجها من شرودها دخول 《ياسين》 الي الغرفة فهرولت إليه قائلة بلهفه
" طمني لقتوها ؟"
زفر 《ياسين》 بتعب تجلي و قال بيأس
" للأسف لا . "
اخفضت رأسها بحزن تجلي في نبرتها وهي تقول
" يا حرام … دي بنت غلبانه اوي . ياتري هي فين و مع مين ؟ والله صعبانه عليا .."
خلع معطفه وهو يقول بتعب
" اللي صعبان عليا اكتر واكتر هو عمار "
لمعت عينيها بدهشة أطلقت لها العنان حين قالت
" بصراحه دا اللي فاجئني و متوقعتش منه كدا ابدًا "
ابتسم بهدوء قائلًا
" ليه يعني ؟ اللي بيحب بيعمل اكتر من كدا عشان حبيبه.."
《حلا》 بترقب
" ماهو انا متخيلتش انكوا تعرفوا تحبوا زينا كدا عادي ؟"
لمعت عينيه بمكر تجلي في نبرته وهو يتقدم منها واضعًا يديه بجيوب بنطاله
"هو انتوا بتحبوا ؟ "
فطنت لذلتها فصححتها قائلة
"اقصد يعني ان 《سليم》 لو محبش 《جنة》 اكيد مكنش اتجوزها !"
شملتها عينيه بنظرة خاصة اتبعها قائلًا
"طب اخت سليم متعرفيلي ايه نظامها ؟"
هاربة من عينيه الي الجهة الأخرى وهي تقول بارتباك
"تقصد ايه ؟"
وصل إليها حتي كاد أن يلتصق صدره بظهرها وهو يقول بنبرة خافتة
"اقصد بتحب هي كمان ولا ايه ؟ "
التفتت تناظره بسخرية تصنعتها هربًا من مكيده نصبتها عينيه حولها
" لا والله ؟"
"اه والله "
كان قربه يشكل خطرًا كبيرًا فتراجعت خطوة وهي تقول بدلال غير متعمد
"طب وانت مالك و مالها ؟ "
تبدلت نظراته الي أخرى جدية حين القي قنبلته التي تردد دويها في قلبها
" حلا هو انا مقولتلكيش  قبل كدا اني بحبك ؟ "
تقاذفت دقات قلبها حتي وصل دويها إلي أذنها فلم تكن تتخيل اعترافه هذا المثير بالحب حتي أنها شعرت للحظة بأنها ضائعة أمام عينيه التي غزت قلبها بنظرات عاشقه فتمتمت بخفوت
"هاه !"
امتزجت أنفاسهم بقربه المهلك منها حين أضاف بخشونة
" بحبك ."
" لا …"
اندهش من إجابتها فقال باستفهام
" لا ايه ؟"
فاجأته حين قالت بخفوت
"مقولتليش ."
زينت ثغره ابتسامه رائعه تشبه لهجته حين قال
"طب بحبك يا حلا ..  "
مزيج من الأحاسيس الرائعه تشكلت في قلبها مطلقه فراشات الهوى التي حلقت بسماء الحب معلنه عن انضمام ثنائي رائع إلي عالم العشاق الذي لطالما اشتاقت أن تخطو إليه معه فاقترب منها أكثر وقبضته تشتد حول خصرها وهو يقول بأنفاس محمومة و صدر فاض به الشوق
" مش هتردي عليا .. ؟ قولي قرب يا ياسين . متبعدش أبدًا "
يشتهي قربها بل يموت شوقًا لأقتحام جنتها و كسر اللعنة التي تحيط بهم لتزيد من عذابه . يريد أن يبرهن عشقه فعلًا فقد ضاق ذرعًا و قلبه من رؤيتها كالفاكهة المحرمة عليه و كأنها أبت ألا أنت تنتشله من عذابه فقد كان لخوفها ذيول لم يمحي اعترافه آثارها فلم تجيبه بل ظلت تائهه بين خوفها وخجلها الكبير منه ولكن ذلك لم يجعله يتراجع فقام باحتواء وجهها بين يديه قائلًا بخشونة
" قبل ما اشوفك كنت عايش و بس . كان قلبي دا ميت . "
طافت عينيه علي وجهها الذي يشع بحمرة الخجل و يرتجف تأثرًا بين يديه و تابع بخفوت
" أول ما شوفتك و أغمي عليكِ في حضني لقيت قلبي بيدق اوي. زي ما يكون أنتِ الحاجه اللي كانت نقصاه عشان يعيش  "
استندت برأسها فوق صدره تستشعر دقاته الجنونيه التي كانت تؤكد علي كلماته العاشقه فاقتربت شفتيه تلثمان جبهتها برقة فهمس قلبها يناجي قلبه
" ياسين .."
أفرجت شفتيه عن كلمات مُحملة باشواقه العافيه
" انقذيني من اللعنة اللي رميت نفسي فيها. مبقتش قادر اتحمل بعدك اكتر من كدا…"
2
استجاب قلبها و تغيب العقل طواعية لعشق جارف يكتنف كلاهما فأومأت برأسها بخجل أصابه بلعنه الاشتهاء فقام بحملها كالعروس واضعًا يدًا أسفل ركبتيها و الأخرى خلف ظهرها بينما عينيه كانت تلتهم تفاصيلها وهو يتقدم بها ل يضمهما فراش صنعت خيوطه من عشق تفنن في سكبه بين أوردتها و علي منحنياتها الفاتنة و كأنه اقسم أن يتنعم بكل إنش بها علي قدر عذابه في بعدها أخذ يرمم سنوات خلت منها فتارة يعاقبها بحنو و تارة يدللها بشغف لترتقي معه روحًا و جسدًا الي عالم من السحر سالبًا منها أنفاسها حتى لحظات ألمها بعصاة السحرية حولها إلى جنون لذيذ أطاح بخجلها و تآمر علي ثباتها فصارت تبادله عشقه بنهم فتأجج الهواء حولهم و صار محترقًا بلوعة الحب الذي هدي قلوبهم و جعلها ترفع راياتها مستسلمة  بعد أن أنهكها كثرة العناد الذي تبخر في ملحمة عشقهم التي أطاحت بكل شئ حولها و تركت بصمات قادرة علي أن تجعلها تموت خجلًا في الصباح الذي ما أن بدأ في نشر خيوطه حولهم حتي سقطت هالكة بين ذراعيه تتناحر أنفاسها و تتقاذف دقات قلبها الذي سكن بين يديه التي احتوتها بحنان العالم أجمع تنافي مع حرقته حين تحدث هامسًا إلي جانب أذنيها
" تعرفي أنتِ جيتي زي ما اتمنيت بالظبط .."
ارتسمت ابتسامة رقيقة على ثغرها المتورم فأردف بخفوت
"  حليتي حياتي يا حلا القلب و الروح … بحبك "
4
يكفيني قربك لأحيا و شهدك لارتوي و انفاسك لكي تُسكِر سنوات أُچاچ ظننت بها بأن الجنة لم تخلق يومًا علي الأرض..
2
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
*******************
"قالك خسيس يؤتمن باع الأصيل بالمال .. صبرك عليا يا زمن . حلمك عليا يا خال . الصبر حلو . حلو اوي اوي .. طب والله حلو . حلو اوي اوي "
كان هذا صوت 《مروان》 الذي كان يغني ناظرًا إلى 《همت》 التي تطالعه بحقد كبير تضاعف حين وجدته يحرك حاجبيه في محاولة منه لإغاظتها فتجاهلته و لم ترد الانسياق خلف طريقته الصبيانية فقد كان يجلس بجانب 《ريتال》 لا فرق بينهم سوى في الحجم فقط.
2
تنبه الجميع الي دخول 《سالم 》الذي ناظر 《مروان》 بعدم رضي قائلًا بفظاظة
" بطل يا ابني انت الضوضاء دي صوتك جابلي صداع . معرفش مين ضحك عليك وقالك أنه حلو ؟"
مروان بسلاسة
" مراتك .."
التفتت الأنظار الي 《فرح 》التي شعرت و كأن دلو من الماء سكب فوق رأسها و غمرها الخجل كليًا من حديث 《مروان》 الذي أخذ يرسل لها الغمزات يحثها علي مواجهته فحاول الجميع قمع سيل قهقهاتهم بصعوبة من مظهر 《سالم》 الذي كان يأكل شفتيه السفلية غضبًا ازداد حين اقترب منه 《سليم》 قائلًا بتحفيز
" انا لو منك اضربه .."
4
تدخلت أمينة  لتهدئ من هول الموقف قليلًا فقالت بوقار
" نورت بيتك يا سالم . وحشتنا و اكتر حد وحشته فينا هو مروان عشان كدا بينكشك .."
كانت تريد أن تجنب ذلك المجنون غضبًا اهوج قد يطيح به ولكنه كان وغدًا بحق فتابع باستفزاز
" بنكشه ايه طب وربنا فرح قالت كدا .و مش فرح بس جنة كمان قالت و البت حلا ولو ان البغل جوزها يزعل. و ريتا صح يا ريتا "
ريتال بعفوية
" لا الصراحة أنا مقولتش صوتك بشع جدًا "
مروان بتقريع
" أصيلة يا بنت الجزمة ..'
3
تدخل 《سليم》 قائلًا باستفزاز
" طب مسألتش سما هي كمان عن رأيها ليه ؟ مش يمكن رأيها من رأينا .."
" اوبا . ضربة تحت الحزام .. "
هكذا تحدث 《طارق》 ساخرًا و هو يدلف إلى داخل الغرفة فأرادت 《فرح》 استغلال الموقف إذ ارسلت إلي 《مروان》 غمزة كانت قاتلة لأحدهم مضيفه بتحدٍ مبطن
" اه صحيح يا مارو يهمنا نعرف رأيها بما انها الوحيدة اللي مسمعتش صوتك لسه "
للحظة ود لو يذيقها شراب أفعالها ولكن صبرًا فلكل مقام مقال فسوف يتأكد من أن تدفع ضريبة تحديها هذا اضعافًا مضاعفة
" مارو أيه اسمه مُره با انطي فرح .."
هكذا أضافت 《ريتال》 باندفاع فتدخلت جنة بصدمة
" ايه مُرة ؟ مُرة مين دا؟"
مُرة ايه ياللي يمرروا عيشتك أنتِ . بتهزر متاخدوش في بالكوا…"
1
هكذا تحدث 《مروان 》لينقذ موقفه و يحد من انتشار هذا اللقب السخيف الذي يمقته فزفرت 《همت》 بحنق و صاحت غاضبة
" بلاش كلام في الهيفات خلونا نتكلم في الجد شوية مُرة ولا زفت هو غبى في الحالتين "
التفت 《مروان》 الي 《أمينة》 قائلًا بشكوى
" شوفتي جر الشكل .."
حسم 《سالم》 تلك الحماقات قائلًا بفظاظة
" خير يا عمتي .."
《همت》 بتشفي
" سما جايلها عريس "
" ايه ؟ عريس ايه دا أن شاء الله ؟"
هكذا خرجت الكلمات من بين شفتين ترتجف و قلب يحترق فتجاهلته 《همت》 موجهه حديثها إلي 《سالم》
" دكتور ومن عيلة محترمة و عنده تلاتين سنه و زي القمر طول بعرض .."
خرج الكلام رغمًا عنه
"ايه المواصفات الزبالة دي؟ تلاتين سنه ايه هتجوزيها راجل قد ابوها و ايه زي القمر دي يبقي اكيد صايع و طبعًا طول بعرض زي الهلف يعني هيسكعها القلم يطبق وشها و هو اصلًا مش ناقص .. سوري احنا مبنرميش بناتنا.. العريس دا مرفوض.."
2
جن جنونها فالتفتت قائلة بصياح
" و إنت مالك انت حد كان طلب رأيك؟"
كان الجميع صامتًا تتفرق نظراتهم بين كلا الخصمين انتظارًا لتلك المعركة التي سوف تبدأ بعد لحظات
" ايه مش بنت عمتي ؟"
هكذا قال بنبرة مهتزة فصاحت حانقه
" عمتك ايه هو انا طيقاك اصلًا؟"
1
" ولا انا طايقك عادي يعني . بس المصلحة تحتم عليا امنع المهزله دي قبل ما تحصل خلاصة الكلام معندناش بنات للجواز قال سما قال ؟ مبقاش الا الهبلة اللي لسه بتجرى ورا عربية الأنابيب دي تتجوز "
4
كادت أن تنقض فوقه تطيح برأسه ولكنها التفتت تنظر إلي 《سالم》 الذي لون الاستمتاع و الشماته نظراته بينما كانت ملامحه جامدة فصاحت 《همت》 غاضبة
" عاجبك اللي بيحصل ده يا سالم ؟"
5
كان عينا 《مروان》 تطالعه بتوسل خفي دام للحظات قطعه 《سالم》 حين نظف حلقه قبل أن يقول بفظاظة
" والله يا مرات عمي الفيصل في الموضوع دا سما هي إلي هتتجوز "
اندفعت قائلة
" سما موافقة !"
صاح 《مروان》 غاضبًا
"ايه أمتي حصل الكلام دا ؟ دا يبقي نهارها أسود .."
تدخلت 《ريتال》 قائلة
" ريتال احنا بالليل علي فكرة "
صحح 《مروان》 حديثه قائلًا
" يبقي ليلة سودا علي دماغها .."
《همت》 بغضب
" عاجبك يا سالم قلة أدبه .."
بتر حديثها صوت《 سالم》 القاطع حين قال
"مروان ابن خالها زيه زينا و له حق يقول رأيه "
《مروان》 بتهليل
" ينصر دينك يا كبير .."
《سالم》 بحدة
" اخرس خالص .."
2
ارسل نظرات تحذيرية الي 《مروان》 قبل أن يضيف بفظاظة
"سما ليها لسان تتكلم بيه قوم يا مروان نادي عليها عشان اسمع رأيها بنفسي"
هب 《مروان》 من مكانه و هو يرسل نظرات امتنان الي 《سالم》 فجاءته كلمات 《همت》 الغاضبة
" واشمعني مروان اللي يقوم يناديها ؟"
《سالم》 بصرامة
" عشان انا عايز كدا .."
تراجعت 《همت》 أمام نظراته الحادة و نبرته الصارمة فمرت دقائق صمت علي الجميع لم يجرؤ أحد علي الحديث مع ملامح 《سالم》 المتجهمة و فجأة سمعوا جميعهم صوت 《سما》 التي كانت تصرخ بذعر فهرول الجميع إليها ليتفاجئوا 《بمروان》 الذي افترش الأرض غارقًا بدماءه
يتبع ….
ارتعب الجميع حين وقعت أعينهم علي《 مروان》 الذي كان يئن بألم و أسفله بقعه من الدماء و بجانبه 《سما》 التي كانت تبكي بإنهيار و ترتجف ذعرًا مما حدث ولكن المشهد الأكثر رعبًا كان هذا الرجل المذعور الذي يمسك سكينًا ملطخ بدماء بريئة لم ترتكب إثمًا ل تطالها يد الغدر تمامًا كما حدث مع ابنته التي تم إغتصابها بوحشية لترقد في غيبوبة لجأ إليها عقلها الذي لم يستطيع تقبل تلك الفاجعة التي ألمت بها
" أنت !"
1
هكذا صاح 《سالم》 حين رأي 《محمد》 والد 《لبني》 راكعًا علي ركبتيه ممسكًا سكينًا تقطر بالدماء التي امتزجت معها مياه عينيها و الحرس ينهالون بالضرب فوقه فتفرق الجميع و انقسم جمعهم الي مجموعتين إحداها و التي كانت مكونه من 《أمينة》 و 《همت》 و 《فرح》 و 《جنة》 و 《طارق》 الي 《مروان》 الذي كان يئن بألم و الأخرى كانت مكونة من 《سليم》 و 《سالم》 الذي قام بجذب 《محمد》 من تلابيبه وهو يصرخ بزئير ارتجف له الجميع
"عملت كدا ليه ؟؟؟"
خرجت الكلمات مرتجفة تمامًا كحالة
" بنتقم منكوا لبنتي اللي غدرتوا بيها.."
زمجر 《سالم》 بوحشية
" مين اللي غدر بمين ؟ مش انت اللي خدت بنتك و مراتك و هربت بعد ما غيرت أقوالها و اتهمت واحد برئ مالوش ذنب .."
1
شعر بالكلمات كالحوافر التي نبشت في جراح أبت الشفاء فصرخ من عمق الوجع الكامن بصدره
" كفاية افتري بقي . بنتي غيرت أقوالها بعد ما بعت رجالتك يهددونا !"
2
" ايه ؟"
هكذا تحدث 《سالم》 بصدمة تبددت لحظة اندفاع 《طارق》 نحو 《محمد》 يحاول الثأر لأخيه الذي لحسن الحظ لم تكن إصابته خطيرة كما بدت للوهلة الأولى فقد اخترق السكين كتفه فلم يلامس أي منطقة حيوية في جسده
" هقتلك يا حيوان .. وديني ما هسيبك…"
1
تدخل 《سليم》 الذي فطن للأمر و قام بإيقاف 《طارق》 وهو يتحدث بصرامة
" سالم هيتولي أمره يا طارق بينا نودي مروان عالمستشفي …"
تدخل 《سالم》 آمرًا
" الحريم كلهم يدخلوا جوا . طارق انت و سليم ودوا مروان عالمستشفي و انا هحصلكوا.."
خرجت الكلمات منها بلهفة
" انا هروح معاهم يا أبيه سالم أرجوك . مش هسيبه لوحده.."
1
نظرت 《همت》 لأبنتها بصدمة فلم تعيرها 《سما》 اي اهتمام بل اندفعت حين سمح لها 《سالم》 خلف 《سليم》 و 《طارق》 الذي كان يسند 《مروان》 المتألم ..
الأعين يشوبها الكثير من الاستفهامات التي لم يفصح عنها اللسان فقد كان غضبه مريعًا ولم يستطع أحد مناقشة أوامره حتى هي !
أخذت تجوب الغرفة ذهابًا و إيابًا و الأفكار تطن برأسها كالذباب عن أي شئ يتحدث هذا الرجل ؟ و من تلك الفتاة و عن أي اتهام يتحدث !
" كفاية لف و دوران خيلتيني يا فرح !"
هنا تحدثت 《أمينة》 فحالتها لم تكن تقل عن الجميع توترًا و لكنها تحاول الثبات قدر الإمكان حتي يهدأ من حولها فهبت 《جنة》 متوجهه إليها قائله بهدوء
"شكلك تعبان يا ماما تعالي اطلعك فوق ترتاحي شويه .."
" لا يا حبيبتي انا هستني اطمن علي مروان .."
1
هكذا تحدثت 《أمينة》 بلطف فصدح صوت 《فرح》 مناديه علي أحد الخدم فجاءت إحداهم لتأمرها بلطف
" اعملي كوباية لمون لماما الحاجة . "
ثم تقدمت من 《أمينة》 وهي تقول بهدوء
" حقك عليا يا ماما .. انا أصلي قلقانه اوي علي سالم وهو مع الراجل دا جوا لوحدهم …"
" ربنا يستر يا بنتي و يجيب العواقب سليمة…"
*****************
" عملت كدا ليه ؟ و إياك تكذب عليا عشان وقتها هتشوف مني وش مش هيعجبك .."
هكذا تحدث 《سالم》 بفظاظة وهو ينظر إلي 《محمد》 الذي كان منكثًا رأسه الذي اثقله الذنب فقد أصاب شخص لم يفعل له شئ و لكنه اليأس الذي اختلط مع ذلك القهر المستوطن في قلبه فشوش الرؤيه أمامه و غيب عقله الذي كان يصرخ مطالبًا بالثأر باي طريقة
" الوضع اللي انا فيه ميسمحليش اكذب ولا يسمحلك انت كمان يا بيه .. خلاص انا خسرت كل حاجه وانتوا السبب "
تعاظم الغضب بداخله و خرج صوته مثقلًا به حين قال
" السبب في ايه انت هتستهبل ! انا اتفقت معاك اتفاق و انت اللي اخليت بيه و هربت بعد ما بوظت كل حاجه . "
" هربت بعد ما بعت رجالتك يهددوني و يهددوا بنتي أنها لو مغيرتش أقوالها هيقتلونا كلنا ! جيت في المستشفى ضحكت علينا بكلمتين وادورت من الناحية التانيه و طعنتنا في ضهرنا . ليه عملت كدا ؟ مصعبتش عليك البنت اللي قولت عليها انها زي بنتك ؟ يا أخى حسبي الله ونعم الوكيل "
3
توقف عقله عند جملته الأولى التي وضعت سيف الحيرة الباتر علي رقبته فأغمض عينيه للحظات قبل أن يقول بجمود
" و أيه مصلحتي من دا؟ يعني انت من الاساس مكنتش هتقدر تعملى حاجه عشان اللي عمل كدا في بنتك مبقاش موجود. ليه انا هعمل معاكوا كدا ؟ كنت من الأول مسألتش فيكوا ولا انت ايه رأيك ؟"
بدأ محقًا في حديثه للحد الذي جعل الألم و الحيرة ترتسم علي وجه 《محمد》 الذي وضع رأسه بين يديه بقهر تجلى في نبرته وهو يقول
" مبقتش عارف اقول ايه ولا ايه الصح . لطفك يارب ."
تأثر داخلياً بمظهره ولكن خرجت كلماته جافة حين قال
" احكيلي اللي حصل بالظبط . "
*************
مرت الدقائق كساعات مع ذلك الانتظار المميت الذي كان يأكلهم بصمت لا يسمع فيه سوى أنفاس متوترة و صدور متأججة بنيران الخوف الذي تعاظم حين دخل الحرس الي المكتب ليخرجوا بعد لحظات محاوطين ذلك الرجل فهرولت 《فرح》 الي 《سالم》 الذي كان يتأهب للمغادرة فإذا بها تندفع إليه فحاوطتها يداه بقوة و اتكأ برأسه علي كتفها للحظات قطعها سؤالها المرتبك
" في ايه يا سالم ؟ و مين الراجل دا "
1
زفرة قوية خرجت من جوفه اتبعها قوله الصارم
" متسأليش يا فرح . سبيني ارتاح في حضنك شويه .."
لم تجرؤ على الحديث أمام تعبه الذي بدا واضحًا من إتكاءه عليها فأخذت اناملها الحانية تهدهد أكتافه برفق علها تزيح توتره الذي يأبي الإفصاح عنه فمرت لحظات صامتة اختطفها من براثن الزمن ليستكين بين ذراعيها قبل أن يرفع رأسه قائلًا بخشونة
" هروح اطمن علي مروان . خلى بالك من ماما ولو سألت حصل ايه قوليلها عداوة مع ناس في الشغل.."
6
لم يعجبها حديثه فانكمشت ملامحها بامتعاض تجاهله وهو يقول بصرامة
" مش وقته كلام دلوقتي. في حاجات مهمة لازم اعملها.."
زفرت بقلة حيلة فاقترب واضعًا قبلة قوية بين عينيها و امتدت أنامله تتأرجح علي شفتيها برقه حين قال بخفوت
" عايز لما ارجع ألاقيكِ مستنياني .."
1
بنبرة يشوبها العتاب أجابته
" انا دايمًا مستنياك .."
شعر بعتابها فقال بخشونة
" حاسس بنبرة اعتراض "
" حاسس مش متأكد "
استفزته تلك النبرة التهكمية فقال بفظاظة
" عدي يومك عشان أنا علي أخرى منك .."
5
ارتفع أحدي حاجبيها بسخط تجاهله وهو يتقدمها فأبت الصمت لتقول بنبرة يشوبها المكر
" ابقي طمني علي مروان .."
لونت ملامحه ابتسامة بسيطة قبل أن يشملها بنظرة متوعدة تشبه لهجته حين قال
" أفضالك يا فرح و هربيكِ من اول وجديد الصبر بس .."
3
لم يعطيها الفرصة للحديث انما انطلق الي وجهته ليتركها خلفه تنفس النيران من أنفها فهي تعشقه للحد الذي يجعلها تشعر بالسخط من كل تلك الأعباء التي تقيده و تجذبه بعيدًا عنها تتلظي بنيران الشوق و الغضب معًا
خرجت تتشاجر مع خطواتها لتصطدم بأمينة التي قالت بلهفه
" طمنيني يا فرح قالك ايه؟"
عدلت من لهجتها لتبدو عادية حين قالت
" عداوة شغل يا ماما . اطمني الموضوع اتحل "
تعلم بأن الأمر تكبر و ترتاب في حديث هذا الرجل عن تلك الفتاة المزعومة ولكنها لن تناقش الآن
" يالا يا حاجه اطلعي عشان ترتاحي الفجر قرب يأذن و أنتِ منمتيش من امبارح "
هكذا تحدثت 《نعمة》 فأومأت 《أمينة》 بصمت و توجهت معها للأعلي فاقتربت 《جنة》 من 《فرح》 قائلة بخوف
" فرح . انا حاسة أن اللي حصل دا وراه حاجات كتير أوي متطمنش"
1
احتضنت 《فرح》 كتفيها وهي تصعد للأعلى قائلة بحنان
" متقلقيش يا جنة . سالم طمني أن الموضوع مجرد عداوة في الشغل . و هو اكيد هيحل كل حاجه.."
" اومال بنت مين اللي بيتكلموا عليها دي؟"
احتارت بماذا تجيبها فقالت بطمأنة
" متشغليش بالك يا جنة موضوع بعيد عننا و أن شاء الله سالم وسليم هيحلوه "
«جنة» بقلق
" خايفه علي سليم أوي . غضبه و تهوره بيخليني مش عايزاه يخرج من البيت حتي "
كان ألمها يلون ملامحها فأرادت 《فرح》 التخفيف عنها قليلًا فقالت بمزاح:
" الله الله أومال ايه التطورات الرهيبة دي ؟ والخوف و الحنية دول من امتى يا جنة هانم "
1
تجاهلت خجلها قائلة
" ايوا طبعًا مش جوزي حبيبي و لازم أخاف عليه !"
8
إرتفع إحدي حاجبيها الجميلين وهي تقول بمشاكسة
" جوزي حبيبي مرة واحدة دا في تطورات بقي وأنا معرفش ! و ياتري الغالي لسه بينام عالأرض و لا عفيتي عنه خلاص ؟"
4
اغتاظت من كلماتها فقالت بإندفاع:
" لا طبعًا أرض إيه بينام في حضني ياختي . "
5
ضحكت 《فرح》 بسعادة وقالت بحماس
" أوبا .. يبقي حصل ! فرحي قلبي و قولي أنه حصل "
3
لون الخجل ملامحها و قالت بحدة مفتعلة :
" بطلي يا فرح .."
3
" يبقي حصل .. اخس عليكِ وانا معرفش .. سليم دا غيرك و بقيتي تخبي عني كل حاجة ..  أنا لازم أوقع بينكوا"
1
هكذا تحدثت 《فرح》 بمزاح فهبت 《جنة》 بلهفة
" محدش في الدنيا يقدر يوقع بينا .. و بعدين دي أسرار يعني هو أنا مفروض أقول كل حاجة .."
" عندك حق يا قلبي أنا بهزر معاكِ أسرارك أنتِ و جوزك متطلعش بره أوضة نومك .. ربنا يهنيكوا مع بعض .. فرحتلك أوي يا جنة.. سليم بيحبك و يستاهل تنسي كل حاجه و تعيشي معاه في سعادة.."
2
احتضنتها 《جنة》 بحب و بادلتها الفرح العناق باقوى منه وهي تحمد الله على سعادة شقيقتها.
" اسمحولي أقاطع الحضن الأخوى دا و أسأل عن مروان ؟"
برقت عينا 《فرح》 حين سمعت صوت 《شيرين》 من خلفهم فحاولت تمالك نفسها قبل أن تلتفت قائلة بإختصار
" كويس! "
اغتاظت 《شيرين》 من حديثها ولكن لم تعلق بل التفتت أنظارها إلى《جنة》 ورقت نبرتها حين قالت:
" عاملة إيه دلوقتي ؟"
3
خيم الإندهاش علي ملامح الشقيقتين و سرعان ما تجاهلته 《جنة》 قائلة بهدوء:
" الحمد لله أحسن .. شكرًا على سؤالك .."
اومأت 《شيرين》 بابتسامة بسيطة قبل أن تقول بلهجة جامدة
" ياريت لو حد أطمن على مروان يطمني .. سما للأسف ناسيه فونها هنا مش عارفه أكلمها"
" حاضر هكلم سليم و أطمنك .."
أومأت 《شيرين》 و توجهت إلى غرفتها لتنظر إلى《ريتال 》التي كانت تتوسط مخدعها نائمة بعمق فقامت بتناول هاتفها و قامت بإرسال رسالة نصية صدح بعدها رنين الهاتف بإلحاح تجاهلته بحنق و توجهت إلى المرحاض لتنعش جسدها بحمام ساخن تحتاجه بشدة..
6
**************
جاء الصباح بنوره ليطغي على ظلام الأمس فتوسطت الشمس كبد السماء ناثره أشعتها الدافئة على برودة قلوب أبت التسليم أمام أصفاد الماضي لتعلن عن بداية جديدة مع يوم جديد لا تعلم خباياه فقط تتضرع إلى الله أن يأتي حاملًا معه الخير
" حمد لله عالسلامة"
1
هكذا تحدثت 《سما》إلى《مروان》 الذي استيقظ لتوه فكان صوتها العذب بلسمًا لجرحه المؤلم الذي تجاهل انينه و التفت إليها قائلًا بمزاحه المعتاد :
" إيه الحلويات اللي عالصبح دي ؟ ولا أنا بايني موت و دخلت الجنة ؟"
1
تقاذفت الكلمات من بين شفتيها بلهفة :
" بعد الشر عنك .. متقولش كدا؟"
ناظرها بصدمة بينما ارتسم الغباء علة ملامحه و في لهجته حين قال :
" هو الراجل غزني في نفوخي ولا إيه؟ بت يا سما أنتِ سخنة ولا أنا اللي جعان باين! "
5
لونت الإبتسامة ملامحها على مزاحه الذي يخرجها دائمًا من حزنها
" أنت مفيش فايدة فيك ؟ حتي و أنت في الحالة دي بتضحك وتهزر ؟"
1
《مروان》 بغزل :
" دانا اتقلب قرد عشان أشوف الضحكة الحلوة دي "
" أنت قرد من غير حاجه مش محتاج تتعب نفسك . "
5
اخترق صوت 《سليم》 الساخر حديثهم فبدد اجواءه الرومانسية مما جعل 《مروان》 يناظره بحنق تجلى في نبرته حين قال :
" دمك يلطش و كلنا عارفين إيه لازمته تستخفه بقي ؟"
《سليم》 ساخرًا
" شويه من اللي بتعمله فينا !"
8
تمتم 《مروان》 بحنق :
" عملك أسود و منيل يا بعيد .."
" لسانك الطويل رجع تاني  يبقي أنت كده خفيت .."
1
كان هذا صوت 《سالم》 الساخر الذي دخل الغرفة يتبعه 《طارق》 الذي قال بتهكم:
" على أساس أنه كان في حاجة أصلاً ولا  الخربوش دا يعتبر جرح .."
وافقه 《سالم》 موجهًا حديثه إلى «مروان» :
" أجمد شويه هتشمت فينا الأجانب.."
1
طافت عينيه على ثلاثتهم وقال بحنق :
" اه انتوا اتفقتوا عليا انتوا التلاتة .. فاكرين أن مفيش حد يدافع عني .. براحتكوا بس حقي هعرف اخده .."
طرقة خفيفة على باب الغرفة لفتت انتباههم و سرعان ما لونت الدهشة ملامح الجميع حين أطلت 《شيرين》 برأسها من الباب وهي تلقي التحية ثم تنظر إلى 《مروان》 قائلة باهتمام:
" عامل إيه دلوقتي ؟"
تمتم 《مروان》 بسخرية:
" اهي ابتدت تندع .. تعالي يا شيري يا حبيبتي أنا الحمد لله بقيت أحسن لما شوفتك "
3
قال جملته الأخيرة بنبرة أعلى و عينيه تلتقم تلك التي لون الإمتعاض ملامحها فابتهج قلبه كثيرًا بينما اجتاحت 《شيرين》 موجه من الذبذبات الموترة التي تفشت في سائر جسدها حين مرت بذلك الذي غافلته عينيه و حاوطتها باهتمام كبير تحول لحنق لا يعرف كنهه حين توجهت تجلس بجانب 《مروان》 وهي تقول بالقرب من أذنه :
"بطل لسانك الطويل دا و احترم نفسك البت قاعدة جنبك من امبارح.. "
5
《مروان》 بخفوت :
"بس يا بت أنتِ من معسكر الأعداء يبقي تخرسي خالص انا عارف بعمل ايه ؟"
4
ناظرته بصدمة سرعان ما تحولت لحزن بددته كلمات 《طارق》 الذي قال ساخرًا:
" ما تعرفونا بتقولوا إيه ؟ ولا إحنا مش قاعدين معاكوا ؟"
" اه صحيح انتوا إيه اللي مقعدكوا معانا ؟ ما تهوونا شويه ؟"
تحدث 《مروان》 موجه كلماته للجميع فنهره 《سالم》 قائلًا:
" اسكت احسنلك .."
" ماهو زي القرد اهوة كان لازم تجرجرونا عالمستشفيات وخلاص "
1
التفت الجميع على صوت 《همت》 التي دخلت إلى منتصف الغرفة وخلفها 《أمينة》 و بجانبها كلًا من 《جنة》 و 《فرح》 التي اشتبكت عينيها مع عينيه المشتاقه فلبت دعوته على الفور حين مد يديه لتتقدم و تجلس بجانبه فحاوط كتفها بحب لم تفصح عنه شفتاه
" ايه اللي جاب الوليه دي هنا؟"
كان هذا صوت 《مروان》 الممتعض فحاول الجميع كبت إبتسامته و خاصةً 《أمينة》 التي اقتربت تعانقه وهي تقول بجانب أذنه:
" احترم نفسك و اتلم خليها تعدي علي خير .."
" ايوا بردو يعني مش مكفيكوا اللي انا فيه رايحين جيبنهالي هنا كمان ."
4
هكذا تمتم بخفوت ثم رفع عينيه ليناظر 《همت》 بإبتسامة مزيفه تشبه نبرته حين قال :
" أهلاً يا عمتي خطوة عزيزة .. النجف بيرقص من الفرح عشان جيتي والله .. دا حتي جرحي التهب اول ما شوفتك…"
7
《همت》 بسخرية:
" عقبال لسانك يا قلب عمتك لما يلتهب هو كمان عشان نرتاح .."
تمتم 《مروان》 بخفوت:
" حسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالم . "
2
اجلس 《سالم》 والدته بجانب 《فرح》 وهو يقول بعتب
" تعبتي نفسك ليه يا ماما؟"
" و هتعب نفسي لاعز من مروان ؟ "
صاح 《مروان》 يرد علي 《أمينة》:
" تعيشي يا مرات عمي يا أصيلة…"
تغلب عليه شوقه حين رآها و تقدم ليحتضنها بحنان تجلى في نبرته حين قال بجانب أذنها:
" أعمل فيكِ إيه على عدم سمعانك الكلام دا ؟ مش قولتلك خليكِ و إحنا هنجيبه و نيجي عالبيت"
1
ناظرته 《جنة》 بخجل من أفعاله أمام الجميع و قالت بخفوت :
" مقدرتش استني في البيت لوحدي قولت أجي معاهم و بالمرة اطمن عليه "
" اهو زي القرد قدامك اهوة.."
1
تحدث «سليم» بصوت عالي فصاح 《مروان》 بحنق
" هو في ايه انتوا جايين تزوروني ولا تقروا عليا ؟"
5
أجابته 《فرح》 بمزاح :
" لا جايين نطمن عليك طبعًا عندك شك في كدا ؟"
《مروان》 بسخرية :
" صدقتك أنا و أنتِ قاعدة جمب حبيب القلب ولا حتى قولتيلي سلامتك .. وكل مخططاتنا راحت في الفاضي صح ؟"
3
تدخل 《سليم》 موجهًا حديثه إلى «سالم» :
" على فكرة كان بيوقع بينك و بينها طول ما أنت كنت مسافر و عمال يسخنها عليك"
3
صاح 《مروان》 بإندفاع :
" اتقي الله يا مفتري .. بتحطني قدام القطر ماشي ليك يوم "
اشتدت يديه المحيطة بها وهو يشدد على كل حرف يخرج من بين شفتيه:
" محدش يقدر يوقع بيني و بين فرح .. ولا إيه ؟"
لحظة تعانقت بها نظراتهم المشتاقه قبل أن تجيبه بتأكيد
" أكيد طبعًا "
" ما خلاص بقي. انتوا كلكوا عليه ولا ايه ؟ طب والله البيت من غيرك وحش لدرجة أن محدش فينا قدر يقعد وأنت مش فيه و جينا كلنا علي هنا "
1
هكذا تحدثت 《جنة》 فتمتم 《سليم 》حانقًا:
" الصبر من عندك يارب .."
1
انطلقت الضحكات وسط مزاح 《مروان》 و مشاكسته للجميع و لدهشتها وجدت نفسها مستمتعة لجو العائلة الدافئ المحيط بهم ولكن بدد الجو حولها اهتزاز هاتفها فنظرت للمتصل و هوى قلبها رعبًا فحاولت تجاهله ليعيد الهاتف اهتزازه فتوجهت للخارج للإجابة على هذا الاتصال الملح ظنًا منها أن لا أحد يلاحظ غيابها ولكنها كانت مخطئة فقد كانت عينيه تلتقمان كل همسه تصدر منها بلا وعي منه و لم يستطع مقاومة فضوله حين رآها تخرج فما هي إلا لحظات حتي قادته قدماه خلفها ليجدها تتحدث إلى الهاتف وهي تقول بحنق :
" اللي حصل قولتهولك .. وأنا كنت هعمل إيه يعني حتى دا كمان ليا فيه ؟؟"
بدأ أنها تستمتع إلى الطرف الآخر بحنق تجلى في نبرتها حين قالت :
" اعتقد أن دي مش مشكلتي و مش هتدخل تاني في حاجة زي دي .. كفايه اللي حصل قبل كدا ."
أنهت جملتها و قامت بإغلاق الهاتف و التفتت لتنفلت منها شهقة خافتة حين رأته يقف بطلته الخاطفة واضعًا يديه في جيوب بنطاله يناظرها بجمود خالط لهجته حين قال:
" بتكلمي مين ؟"
1
تجاهلت شئ مزعج يجذبها إليه وقالت بجفاء:
" ميخصكش.."
مين قالك كدا ؟ دا يخصني و أوي كمان"
استفهم بفظاظه فخرجت منها ضحكة مستنكرة حين قالت :
" دا بأمارة ايه ؟"
5
جاءت نبرته فظة دون أن يقصد حين أجابها :
" بأمارة انك اتطلقتي و بقيتي من ضمن مسئولياتي !"
" مسئولياتك ؟"
استفهمت باستنكار متجاهله تلك الضربات المتلاحقة بصدرها فصحح كلماته قائلًا :
" اقصد مسئولياتنا !"
1
زفرت بحنق تجلى في نبرتها حين قالت :
"انا مش لسه طفلة صغيرة و لا مسئولية حد .. أنا مسئولة من نفسي وياريت تبعد عني احسنلك "
" و إلا ؟؟"
نبرته كان يشوبها تحدي اربكها فقالت بتوتر :
" تقصد ايه ؟"
《طارق》 بفظاظة:
" كملي الجملة ابعد عنك احسنلي و إلا ؟؟"
لم تجد ما تقوله فقالت بنفاذ صبر :
" معنديش رد .. و ماليش خلق للأفلام بتاعتك دي .. أنا ماشية "
اوقفتها يداه التي قبضت على رسغها بقوة شابهت نبرته حين قال:
" بما أنك معندكيش رد .. يبقي تسمعي المفيد .."
سخرت قائلة:
" إللي هو ؟"
تجاهل سخريتها و قال مشددًا على حروفه:
"  أنا واخد بالي منك أوي .. وبالمناسبة أنتِ مش عجباني .. فخلي بالك من كل حاجة بتعمليها عشان هحاسبك عليها.. و من هنا ورايح كل حرف و كل خطوة محسوبه عليكِ .. حطي كلامي ده حلقة في ودنك .."
5
دق قلبها بقوة لم تختبرها مسبقًا وزحفت دماءها المحتقنة إلى خديها فحاولت السيطرة علي مشاعر غريبة اجتاحتها حين لجأت إلى إستفزازه قائلة :
" و إلا ؟؟"
نجحت في مسعاها فشدد من قبضته ليؤلمها قبل أن يقول بفظاظة:
" هكسر دماغك .. "
" بأي حق ؟"
سؤالًا لا يعرف إجابته ولا يحاول البحث عنها لذا لجأ إلى المراوغة حين قال:
" لو كنتِ ناسية أنتِ بنت الوزان و دا كفيل يديني ألف حق انك لما تتعوجي أعدلك .."
1
سحبت يدها بعنف من يديه و قالت غاضبة :
" اوعى تفكر تلمسني تاني .. ولا اسم الوزان بيديلك الحق تقل أدبك كمان ؟"
للحظة استرجع مذاق قبلتها فسرت قشعريرة لذيذة بجسده و لا إراديًا توجهت عينيه إلى شفتيها لتعبر قشعريرته إلى جسدها هي الأخرى و دون وعي تراجعت للخلف فلونت ملامحه ابتسامة خافتة قبل أن يقول بخشونة
" كانت غلطة .. بس مندمتش ولا هندم عليها أبدًا. "
4
لا تعرف ما عليها أن تفعل فقد ضرب ثباتها في مقتل و لعب على نقاط ضعفها ببراعة لذا لم تجد مفر أمامها من الهرب فتجاوزته و هرولت إلى الخارج تنوي الإبتعاد عنه قدر الإمكان …
" سالم أنا جهزت عقود الصفقة فاضل بس تشوفها و تقول لو عندك أي تعديل "
هكذا تحدث 《سليم》 موجهًا حديثه إلى 《سالم》 الذي قال بإمتنان :
" عملت فيا خير .. لما اروح هبقي أراجع عليها و جهز نفسك عشان أنت اللي هتتولي أدارة المجموعه الفترة الجاية دي "
خرج استفهامها رغمًا عنها
"ليه و أنت هتكون فين ؟"
نظر 《سالم》 إليها بطمأنه قبل أن يقول بغموض:
" لما نروح هنتكلم .."
أزداد توترها ما أن سمعت حديثهم فقد جاء وقت التنفيذ لذا تجاهلت إرتباكها وقالت:
" عايزة اتكلم معاك يا سالم .. لوحدنا ! "
التفت 《سالم 》إلى 《همت》 إثر حديثها الذي أثار استفهام الجميع فقال بفظاظة قاطعًا أي مجال للحديث الجانبي:
" تعالي معايا .."
خرج 《سالم》 برفقة 《همت》 فتمتمت «فرح» بقلق
" يا ترى عايزاه في إيه؟"
إجابتها 《أمينة》 بنبرة مختنقة:
" أيًا كان اللي عايزاه فيه فهو مش خير . "
لون الحزن معالمها فتألم لرؤيتها هكذا و استغل إنشغال الجميع فيما امتدت يديه تجذب انتباهها و حين التفتت إليه اقترب منها قائلًا بخفوت:
" بحبك.."
4
برقت عينيها وهي تناظره و انفلت اسمه من بين شفتيها دون وعي:
" مروان .."
احتضنتها عينيه بحب لا تعرف كيف غفلت عنه سابقًا و انسابت الكلمات من بين شفتيه:
" عارف أنه مش وقته بس أنا فعلًا بحبك ..  عارف أني اتأخرت عشان اقولهالك بس قلبي كان محتاج يطمن الأول.."
4
خرجت الكلمات همسًا من بين شفتيها حين قالت
" و قلبك اطمن ؟'
غازلتها عينيه حين قال بهمس :
" لسه محتاج شويه إقناع "
اخفضت بصرها خجلًا فتابع بخفوت:
" مش هتقنعيه طيب ؟"
" تقنعك بأيه ؟"
صدح صوت 《سليم》 خلفهم مما جعل 《سما》 تنتفض إلى الخلف وهي تنظر في كل الاتجاهات من فرط الخجل بينما سب 《مروان》 بخفوت قبل أن يلتفت قائلًا بحنق:
" و أنت مالك .. رامي ودنك معانا ليه ؟"
9
《سليم》 بإستفزاز :
" أصلك غالي عليا و في دين في رقبتي لازم يتسدد .."
7
لكزته 《جنة》 في كتفه قائلة بتقريع:
" بطل ترخم عليه بقي !"
أقترب من أذنيها قائلًا بهمس :
" هاتي بوسة وأنا أبطل !"
1
غمرها الخجل و روى خديها فنبت الزهر فوقهما فبللت حلقها الذي جف من كلماته قم قالت بخفوت :
" سليم متستهبلش !"
غمرتها عينيه العاشقة و شدد من احتضانه لكتفها قبل أن يقول بغزل:
" سليم هيعمل ايه بس ما أنتِ اللي حلوة و زي القمر .. حد قالك تبقي حلو كدا "
1
نهرته قائلة:
"بطل بقي  الناس حوالينا .."
استغل كلماته ليقول بلهفة :
" يعني المشكلة في الناس .. طب يالا بينا .."
أمسك يديها وهب واقفًا و هو يقول بعجالة
" هاخد جنة و نروح عشان ترتاح .. هتيجي معانا يا ماما ؟"
1
《أمينة》 بسعادة من رؤيتهما:
" لا يا حبيبي أنا هرجع مع السواق .. روحوا انتوا "
التفتت 《جنة》 ناظرة إلى《مروان》 بخبث تجلى في نبرتها حين قالت :
" كان نفسنا نقعد معاك أكتر من كدا بس لازم نسيبك ترتاح .. أرتاح بقي وريح هاه !"
هب 《مروان》 مغتاظًا
" بالسلامة انستونا و نورتونا .. اتكلوا على الله يالا .. يا بخت مين زار و خفف. "
10
***********
هل يمكن لقلب أعتاد القلق ألا يكن ممتنًا لمن رواه الطمأنينة بكفوف صُنِعت من حب؟
طافت عينيه العاشقة على ملامحها الهادئة التي رواها الحب فزادها بهاء فوقع في عشقها للمرة التي لا يعرف عددها فكل ما بها يجذبه كالمغناطيس فقد كان يظن بأن النظر إليها مَسرة إلى أن خطى بقلبه إلى جنتها في الليلة الماضية فقد تذوق معها النعيم و عرف الهناء الطريق إلى قلبه الذي هجره النعاس خشية أن يكن قربها حلمًا ساحرًا يتبدد بآخر حين يغلق جفونه:
" حلا …"
صدح صوته المشتاق ليحثها على الأستيقاظ فقد طغى شوقه و فاض به القلب فتململت بنعومة سلبت أنفاسه فتابع بصوتًا أجش :
" اصحي بقي .. وحشتيني !"
1
اخترقت جملته قلبها الذي اهتز حين طافت يديه بحُرية تلامسها فتدفقت الدماء بقوة إلى سائر جسدها قبل أن ترفرف برموشها ليأثره ذلك الشعاع الأخضر الذي يطل من عينيها فاقترب واضعًا قبلات متفرقة فوقهم قبل أن يقول بلهجه مبحوحة:
" وحشوني.."
اخجلتها كلماته وأفعاله فقالت بخفوت :
" لحقوا ؟"
«ياسين» بخشونة:
" لحقوا ! دانا شويه وهحسد النوم إلى خدك مني .."
3
«حلا» بإندهاش
" أنت منمتش ؟"
" لا ؟"
" ليه ؟ أنت كدا هتتعب .. اليوم طويل "
راقت له لهفتها فعانق شفتيها بخاصته قبل أن يرفع رأسه قائلًا بخفوت:
" مش مهم .. المهم إنك موجودة معايا و دا في حد ذاته راحة "
نقشت كلماته حروفها فوق جدران قلبها الذي تقاذفت دقاته فاهتزت نبرتها حين قالت:
" قد كدا بتحبني ؟"
" بحبك أكتر من أي حاجه في الدنيا .."
1
ارتج قلبها بعنف جراء كلماته الرائعة و التي لم ترتوي منها أبدًا فقالت بدلال:
" قولها تاني ؟ "
دلالها كان أكثر ما يمكن احتماله فتبدد إخضرار عينيه و أزداد قتامة و قال بأنفاس محمومة:
" أنا بقول كفاية كلام بقي .. في حاجات تانيه أهم .."
1
«حلا» بدلال :
" اللي هي ؟"
" انك وحشتيني .."
حوت كلماته شغفًا قاتل أتقن سكبه فوق تقاسيم وجهها قبل أن يجرفها تيار عشقه إلى عالم ساحر يقتصر على كليهما فقط .. عالم لم تستطيع حكايات العشق أن تسطره أو تصل إليه .. كان بارعًا في سلبها أنفاسها و اللعب على ثباتها الذي طار أدراج الرياح فأي ثبات أمام رجل مثله ! يعرف جيدًا كيف يجعلها تصل إلى قمة السعادة .. تتقلب بين يديه على جمرات الشوق و لهيب الهوى .. يعزف على أوتار قلبها بلمساته التي تارة قويه شغوفه وأخرى حانية مُراعيه . يقودها إلى الجنون الذي تعزفه آناتها العاشقة فيتجدد شوقه مرة أخرى و يتعاظم الشغف بداخله فيبثها إياه بكل ما أوتي من عشق لا ينضب أبدًا فقد عرف الطمأنينة بجانبها فهي الشخص الوحيد الذي احتوي جراحه و تخبطاته و امتص جميع أوجاعه ..
2
****************
أخيرًا وصلا إلى غرفتهما فقد ظن بأن ذلك اليوم لن ينتهي أبدًا فقام بإغلاق الباب مستندًا بكامل ثقله عليه وهو يقول بتعب:
" مش مصدق أني وصلت ل أوضتنا أخيرًا .."
لامست تعبه الواضح فقالت بحنو :
" معلش عدت الحمد لله .. أدخل خد شاور على ما اجهزلك حاجة سريعة تاكلها و نام لك شويه .."
تأرجحت إبتسامة ساخرة على شفتيه فأبرزت بعمق غمازتيه الرائعتين و أقترب منها بخطوات هادئه تنافي قوة ذراعيه وهي تحيط بخصرها ليقربها منه مستنشقًا أتفاسها العذبة قبل أن يقول بخشونة:
" نوم إيه بس دا إحنا يدوب هنقول كلمتين و هنزل ورايا شغل كتير .."
ناظرته بإستفهام و شاب القلق نبرتها حين قالت :
" في إيه يا سليم قلبي واجعني أوي و حاسه أن في حاجة كبيرة حاصلة و أن موضوع مروان دا وراه مصيبة كبيرة.. و مين البنت دي…"
1
قاطع حديثها اشتدا. حصاره عليها أكثر وهو يقول بخفوت:
" سلامة قلبك من الوجع .. متخليش دماغك الحلوة دي تفكر في حاجات وحشة .. و أن شاء الله كل اللي جاي خير .."
قرب رأسه منها ليروي ظمأه فإذا بهاتفه يرن فحبس أنفاسه الغاضبة و أسند جبينه على خلصتها و هو يتمتم:
" حتى الكلمتين مش لاحق أقولهم .."
1
لون الخجل ملامحها و أخفضت رأسها فزينه بقبلة قوية قبل أن يبتعد قائلًا بغضب مخاطبًا هذا المتصل الذي يعلم هويته جيدًا :
"خلاص يا سالم هتوضي و أصلي … ارحمني من العيلة دي يارب .."
توقف إثر سماعه ضحكتها و التفت مغازلًا:
" طب بزمتك حد يسيب الضحكة القمر دي و يروح للأشكال الغلط دي؟ "
اختلطت ضحكاتهم و خرج «سليم» من الحمام فتوجهت إليه قائلة بنبرة يشوبها الحرج :
" سليم …"
" لا سليم إيه أنا متوضي يا بنتي .."
2
اندهشت من كلماته و صاحت مستفهمة:
" طب فين المشكلة و أنا كنت عملت ايه ؟"
«سليم» مغازلًا :
" كلك على بعضك مشكله .. "
راق له خجلها فتابع يشاكسها :
" طب يعني لما تقوليلي سليم الحلوة دي مفروض اسكت مثلًا ! حد قالك اني مابحسش ولا حاجه ؟"
ارتدت قناع الجدية وهي تقول:
" والله لو ما بطلت ما هقولك عايزة إيه ؟"
" لا و على أيه .. أؤمر يا قمر "
1
خرجت الكلمات من بين شفتيها بتمني راق له كثيرًا:
" أنا نفسي نصلي جماعة مع بعض .."
تعابيرها الطفولية و طريقتها اللطيفة في الحديث إضافة إلى طلبها الذي أسعده بشدة كل تلك الأشياء لها وقع السحر علي قلبه الذي يود لو يختطفها من العالم أجمع..
" انجرى يا جنة روحي اتوضي .."
قهقهت علي لهجته و تقاسيمه التي لونها القهر و اتجهت إلى الحمام توضأت و خرجت لتجده ينتظرها و سرعان ما ارتدت جلباب الصلاة و توجهت لتقف خلفه و ما هي إلا ثوان حتى أقام الصلاة ركعة تلو الأخرى و سجدة تليها سجدة و دعاءها الذي لا يفارقها
" سبحان الذي رزقني هذا من غير حول لي ولا قوة  يا مديم النعم أدمه لي في حياتي و أصلحني به و اصلحه بي .. و هبنا ذرية صالحة و احفظ لي ابني وأجعله قرة عين لي و له و أعنا على تربيته و أجعله ذرية صالحة لنا و اعفو عن أباه و اغفر له انك أنت العفو الغفور .."
1
لا تعلم لما كانت تدعو له ولكنه و بالرغم من كل سيئاته فهو السبب لكل شيء جيد حدث لها بداية من محمود طفلها الحبيب إلى «سليم» رفيق الروح و وتين القلب .
انهى «سليم» الصلاة والتفت ناظرًا إليها و قم بمد يده لها فناولته يدها لتتفاجئ به وهو يقوم بختام الصلاة على أناملها مرددًا :
" سبحان الله - الحمد لله - الله اكبر - لا إله الا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد و هو علي كل شئ قدير "
انبثقت العبرات من مقلتيها تأثرًا حين أردف بخشونة:
" عايز نكون سوى في الجنة .. عايزك مراتي دنيا و آخرة .. "
أفصحت عينيها عن عشقًا جارفًا و ترجمته شفتيها حين قالت بتأثر :
" انا مكنتش أتخيل أن عوض ربنا ليا هيكون كبير أوي كدا .. "
«سليم» بحنو:
"عايزك تعرفي حاجه مهمة أوي يا جنة .. ربنا لما بيبتلي حد يبقي بيحبه ولما بينزل البلاء بيكون على قدر طاقة الإنسان . لقوله تعالي( لا يكلف الله نفسّا إلا وسعها) .."
تعلقت عينيها بحديثه المريح للنفس فتابع بخشونة
" ولما الإنسان يصبر يقوم يشتد الكرب أوي عشان ربنا بيختبر مدي قوة ايمان الإنسان فينا و مدى تحمله مع العلم أنه الكرب دا ممكن يكون باب خير كبير بس إحنا منعرفش ربنا قال (عسى أن تكرهوا شيئًا و هو خيرًا لكم). وشوفتي هو إبتلانا بس بيطمنا في الأيه اللي بتقول ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) تخيلي ربنا بعظامته بيقولك أنتِ في عنيه .. "
7
ترقرقت العبرات في مقلتيها تأثرًا فاضاف بحنو
"و في عز ما أحنا موجوعين و صابرين على الإبتلاء تقوم تنزل رحمة ربنا و تلطف بينا (إن مع العسر يسر ) اوعي تفقدي إيمانك بربنا مهما حصل .. ربنا عوضه عظيم فوق ما تتخيلي .. سلمي أمورك ليه و دايمًا قولي افوض أمري لله والله بصير بالعباد .. دا بقي راحة ما بعدها راحة "
10
كانت تناظره بعينين مشدوهتين بما تسمعه .. فذلك الرجل تجاوز كل تخيلاتها بمدى روعته فقد كانت كلماته تصف كل ما تعرضت له و قد كان هو عوض الله الذي وعد بها بعد طول الصبر و الألم .
لم تمنع نفسها وهي تستكين بين أحضانه واضعه رأسها فوق موضع نبضه الذي يخفق بقوة تأثرًا بقربها وقام بوضع قبلة دافئه على مقدمة رأسها حين سمعها تقول:
" الحمد لله على أنك موجود في حياتي .. أنا كنت طول عمري بصلي وبقرأ قرآن بس بعد كلامك دا حسيت إني فايتني كتير أوي.. أنا محتاجه أعيد حساباتي من تاني و أقرب من ربنا بقلبي اكتر .."
اشتد حصاره لها وهو يقول بحنو :
" اول حاجه تبتدى بيها أنك دايمًا تحمدي ربنا على كل حاجة عشان ربنا يباركلك فيها ربنا قال و لئن شكرتم لأزيدنكم "
همست بخفوت :
" الحمد لله "
تابع بلهجه دافئة:
" واوعي تألفي النعم فتشوفيها عاديه و لا تسلمي للشيطان لما يقعد يشوهلك كل النعم اللي حواليكِ .. في ناس كتير تتمني تعيش نص حياتنا دي "
التفتت تناظره بحلا عينيها التي توهجت فأضاءت وجهها الفاتن و همست بعذوبة :
" مش انت وعدتني أننا هنحفظ قرآن سوي ؟ "
«سليم» بحب :
" وعدتك و هنفذ في أقرب وقت أن شاء الله.."
عادت إلى أحضانه وهي تهمس بحب :
" ربنا ما يحرمني منك أبدًا .."
قاطع لحظاتهم الجميلة رنين الهاتف فاستغفر «سليم» في سره وانتزع نفسه منها على مضض ليجيب فجأة صوت «سالم» الصارم :
" دقيقة و ألاقيك قدامي …"
" طيب "
أغلق الهاتف و التفت قائلًا بمزاح:
" ربنا عالظالم .. قولي لفرح سليم بيقولك أنتِ مش مسيطرة خالص .. و شكلك وحش جدًا"
8
****************
نزلت خطوات الدرج متوجهه إلى المطبخ لمتابعة الأعمال هناك فتفاجئت 《بجنة》 التي نادتها :
" فروحة .. "
" قلب فروحة.. "
حاوطت 《جنة》 خصرها كما اعتادت أن تفعل في السابق و بادلتها 《فرح》 بإحتضان كتفيها فإذا ب«جنة» تقول بمزاح
" سليم باعتلك رسالة و محلفني أوصلهالك .."
" خير .. العاشق الولهان باعتلي إيه ؟"
《جنة》 بمرح:
" بيقولك أنتِ مش مسيطرة .. و شكلك وحش .."
انكمشت ملامح 《فرح》 بصدمة فأردفت 《جنة》 بإندفاع:
" والله سليم اللي قالي اقولك كدا .."
" و أنتِ أي حاجه سليم يقولها تيجي تقوليها كدا عادي ؟"
لم تكد تجيبها حتي سمعت صوتًا حاد من خلفهم فالتفتت الاثنتان تناظرا 《سالم》 الآتي من غرفة مكتبه فناظرته 《فرح》 بحنق لم تخفيه و على عكسها ارتعبت 《جنة》 من رؤيته وقالت بإرتباك :
" والله يا سالم بيه .. ما كنت أقصد أنا .."
«سالم» بحدة مزيفه :
" إيه ؟ سالم بيه !! غلطاتك كترت يا جنة..  أنا مش هعاقبك .. هعاقبه هو . "
" لا بالله عليك بلاش هو .. دا طيب والله . "
هكذا تحدثت 《جنة》 بإندفاع فواصل 《سالم》 مزاحه قائلًا:
" هو اللي طيب و لا أنتِ اللي هبلة .."
ابتسمت 《جنة》 و قالت متصنعه الصدمة:
" أنا هبلة ؟؟"
1
تدخلت 《فرح》 بمرارة:
"مش لوحدك يا حبيبتي. إحنا الأتنين  أهبل من بعض .."
كانت تناظره بحنق لم تخفيه فقابل حنقها بابتسامة مستفزة فقد كانت تروقه بكل تعبيراتها و خاصةً الغاضب منها لذا استغل هروب 《جنة》 و أقترب منها قائلًا بخشونة:
" متقوليش على نفسك كدا. في حد اهبل و حلو بالشكل دا ؟"
سخرت بمرارة :
" تخيل !"
واصل استفزازه قائلًا:
" اوعي تقولي انك زعلانه من كلام سليم .."
" و أزعل ليه إذا كان بيقول الحقيقة ؟"
لم يكن لا المكان ولا الزمان يسمحان له بأن يريها كم تؤثر به ومدى سيطرتها علي قلبه لذا اقترب خطوة و تحدث بلهجته الخشنة المثيرة :
" بقي أنتِ مش مسيطرة ؟ أومال مين اللي واخد قلبي لحسابه ؟"
1
لا تنكر أن كلماته أثرت بها كثيرًا ولكنها لم ترد الإستسلام أمامه لذا قالت بتهكم :
" لما تبقي تعرف ابقي قولي .."
اجابها بنفاذ صبر :
" فرح !!"
" عن أذنك …"
1
هرولت للأعلى لا تعلم لما شعرت برغبة قوية في البكاء و لم ترد لأحد أن يراها وهي تبكي لذا قصدت غرفتها و تحديدًا غرفة الملابس التي أغلقتها بالمفتاح من الداخل وهوت على السرير لتنخرط في نوبه بكاء عنيفة …
12
******************
دلف الثلاثة الي المكتب فصاح «مروان» باعتراض
" بقي يا ربي تاخدوني من الدار للنار علي طول كدا ؟"
تجاهله «سالم» و ناظر «سليم» بحدة تجلت في نبرته حين قال
" من بكرة هتنزل القاهرة في شغل كتير متعطل لحد ما اخلص من موضوع الانتخابات دا."
«سليم» باختصار
"تمام . طمني عملت ايه مع الراجل المجنون دا ؟"
«سالم» بفظاظة
" هييجي هو و عيلته يعيشوا هنا في المزرعة .."
انهي كلماته ثم توجهت أنظاره الي «مروان» وهو يقول بأمر
" تشوفله شغل كويس و سكن يكون جمب شغله .."
1
برقت عينا كلًا من «مروان» و«سليم» الذي قال بصدمة
" سالم انت عايز تجيب الراجل اللي كان عايز يموت ابن عمك يعيش هنا هو و عيلته ؟؟"
تدخل «مروان» ساخرًا
"أيوا أصله معرفش ينشن المرة اللي فاتت صح و جابها في كتفي . نديله فرصه المرة الجايه يمكن تظبط معاه و يجبها في قلبي "
2
تجاهل «سالم» سخريته وقال بغموض
" الراجل دا ضحية . و اللي ظلمه لازم يتعاقب .."
«مروان» بسخط
" اللي تشوفه .. اومال طارق فين ؟"
«سالم» باختصار
" في مشوار و عالأغلب مش هيرجع في خلال يومين .."
«سليم» باستفهام
" مشوار ايه ؟"
«سالم» بنفاذ صبر
" سيبك من طارق و خلينا في المهم .."
«سليم» بسخط
" وهو ايه المهم ؟'
«سالم» باختصار
" عمتك عايزة حقها. واربع اضعاف تمن الأرض بتاعتها .."
1
خرجات صيحات الاستنكار من كلًا من «سليم» و «مروان» الي قال
" انا قولت الولية دي اتهطلت محدش صدقني .. يا جدعان خطبوها ولا جوزوها ولا شوفولها اي حاجه تتلهي فيها عننا . دي حالفة لا تشل العيلة كلها…"
1
«سليم» بتهكم
" اول مره تقول حاجه صح في حياتك .."
قاطع حديثهم طرق الخادمة علي باب الغرفة تعلن عن وقت الطعام فتحدث سالم آمرًا
" طلعي العشاء بتاعي علي اوضتي .. و انتوا يالا روحوا اتعشوا.."
انصرف الجميع فتوجه الي الأعلى بخطٍ تحمل اللهفة فقد مرت ساعتان منذ أن تركته و صعدت للأعلى و قد قرر إنهاء ذلك الخصام اللعين و مراضاتها فقد انشغل عنها كثيرًا و من المؤكد أن كل ما تمر به جراء شوقها إليه فهو مثلها يرغب في تحطيم كل تلك الأشياء التي تبعده عنها.
خطي الي داخل الغرفة فوجدها خالية فاعترته الدهشة فتوجه الي الحمام يبحث عنها فوجده خال فلونت وجهه ابتسامه لم تصل إلي عينيه وهو يعيد خطواته الي غرفة الملابس و قد تعاظم الغضب بداخله حين لمح نورها المنبعث من أسفل الباب فقام بالطرق عليه بقوة فلم يأتيه رد و ما أن هم بالطرق مجددًا حتي سمع صوت انغام آتيه من الداخل تلاها صوت فايزة أحمد و هي تشدو معاتبه
"بتسأل ليه عليا و تقول وحشاك عينيا. من امتا انتا حبيبى و دارى ب اللى بيا. ياللى بتسأل عليا ملكش دعوه بيا …  ياللي بتسأل عليا .. ملكش دعوة بيا .. بتسأل ليه ليه ليه بتسأل ليه عليا ؟؟"
1
دهشة عارمة تملكته حين سمع كلمات الأغنية فقد شعر في تلك اللحظة بأن تلك المرأة تنوي إصابته بجلطة دماغية .
" هي حصلت يا فرح مشغلالي فايزة أحمد ؟؟"
6
تابع الطرق بصورة أقوى علي الباب وهو يزمجر غاضبًا 
" افتحي الباب يا فرح بلاش شغل عيال .."
شهقت مغتاظه منه وتمتمت بحنق
" شغل عيال ! انا بعمل شغل عيال . و بيزعق كمان ! طب والله مانا فاتحه.. مش فاتحه يا سالم و مش عايزة اتكلم معاك "
علا صوتها حتي وصل مسامعه حين قالت جملتها الأخيرة فانكمشت ملامحه بغضب قاتم و بلحظه قام بضرب الباب بكتفه لينفتح علي مصرعيه فهبت من مخدعها بصدمه حين رأته يتوسط الغرفة ويناظرها بأعين يتطاير منها الشرر وهو يعض علي شفتيه السفليه بوعيد فحاولت تمالك نفسها و استجمعت شجاعتها قائلة بوقاحة
" اخرج بره …"
1
تجاوزت حدود المسموح بالنسبة إليه فبرقت عينيه بدرجة ارعبتها  وبرزت عروق رقبته و تجعدت ملامحه قبل أن يزمجر بوحشية وهو يقترب منها ممسكًا برسغها يهزها بقوة
" انا ميتقاليش أخرج بره.. فاهمه ولا لا ؟ "
6
شهقة خافته شقت جوفها جزعًا فلأول مرة تراه غاضبًا بتلك الدرجة فتقاذفت العبرات من مقلتيها و شعرت بثورة عارمة في معدتها فوضعت يدها فوق فمها و انتزعت يدها الأخرى من بين يديه وهي تهرول إلي الحمام تفرغ ما في جوفها فتابعها بخطوات قلقة فوجدها تجثو علي ركبتيها بتعب فهوي بجانبها يحتضنها بخوف تجلي في نبرته حين قالت
" في ايه يا فرح ؟؟؟"
5
لم تجيبه إنما أرسلت عينيها سهام العتب الذي نال منه فشعر بتأنيب الضمير تجاهها و قام بحملها متوجهًا إلي المرحاض و فتح المياة و أخذ يبلل وجهها بلطف و التقط المنشفة و جفف وجهها بحنو ثم قام بحملها ليضعها علي السرير وهو يتوجه الي الباب ينادي بغضب
" سليم… "
أطل سليم برأسه من الاسفل فهدر سالم بأمر
" اطلبلي دكتور بسرعة …'
تنهي كلماته و اغلق الباب خلفه و التفت يناظرها فقالت بخفوت
" الموضوع مش مستاهل كل دا ممكن شويه برد و يروحوا لحالهم "
3
اجابها بفظاظة
" مش مهم بالنسبالك لكن مهم بالنسبالي.. "
تمتمت بخفوت
" ماهو واضع.."
" فرح انا ماسك نفسي عنك بالعافيه .. "
هكذا تحدث بحنق فأجابته بانفعال
" انت اللي ماسك نفسك صح ؟ انت اللي بتدور عليا و مش لاقيني صح ؟ "
اقترب منها قائلًا بعتب
" وهو دا بمزاجي ؟ و لا انا مبسوط وانا بعيد عنك ؟"
خرجت كلماتها متألمة حين قالت بأنهيار
" طب شاركني عرفني في ايه .. انا معرفش حاجه ومش لاقياك و حاسه اني مش طايقه نفسي ولا طايقه حد .."
2
رق قلبه لحالها فاقترب يحتويها داخل أحضانه قائلًا بحنو
" عندك حق .. بس صدقيني انا معنديش وقت اتنفس . "
صاحت معترضه
" ماليش دعوة عايزة وقت ليا لوحدي .. "
من ذا الذي يجد كل هذا الحب بعيون تشبه خاصتها ولا يذوب!
" كل دا عشان وحشتك ؟"
اومأت برأسها دون حديث فزين جبهتها بقبلة اعتذار لم يتجاوز حدود شفتاه فحاوطت خصره بذراعيها وقالت بخفوت
" انا حاسه انك شايل حمل كبير اوي يا سالم . شاركني ارجوك مش انا مراتك حبيبتك؟"
1
" أنتِ روحي يا فرح .."
اخترقت كلماته اعماق قلبها و دكت جميع حصونها فوجدت نفسها تحوي وجهه بين يديها وهي تقول بخفوت
" طب ايه بقى ؟"
امتدت يديه تجلسها بين أحضانه وقال بجفاء و نبرة تقطر حزنًا
" مروان بيتجسس علينا لحساب ناجي !"
71
*****************
حين يسكن اليأس في قلوبنا فأنه ينهيها ببطء يتغزي علي دماء الروح التي انشطر عنها أحد شقيها فتناثرت دماءها قهرًا لا يحكى و لا يشكي فقط يبكي !
لا يعلم الي ايه عليه الذهاب فقد تقصي عنه في كل أرجاء البلد عله يجد طرف خيط في يوصله لها ولكن دون جدوى.
حتي أنه كان يسأل الناس من حوله كما لو أنها طفلة صغيرة تاهت عن والدها. يشعر و كأن القدر يعاقبه علي ظلمه لها و تجبره عليها ولكن عقله اللعين كان جاهلًا بتلك المشاعر العميقة التي جرفته نحوها. و حين فطن الي مدى تعلقه بها اختطفها منه بمنتهى القسوة ليتركه بين براثن العذاب الذي ينهش بصدره حتى كاد أن يدميه.
أخذ يمشي و يمشي دون أن يستطيع الاستقرار علي وجهه آمنه تحتضن خوفه أو يد حانيه تربت علي جزع قلبه.
فجأة وجد نفسه بالمقابر تحديداً أمام قبر والدته التي غادرته هي و والده وهو طفل صغير لم يكد يتجاوز الثالثة من عمره . طفل صغير بائس يشعر بالشفقه عليه كل من حوله لن يدركوا مقدار احتياجه للحنان و الأحتواء. أن يمرر أحدهم يده فوق خصلاته ويخبره بأن كل شئ سيكون بخير . لم يعرف معني الدفء يومًا فقد رباه جده الذي بذلك الوقت كان مثال للقوة و الجبروت فأخذ يبثه طباعه الحادة و قسوته اللا متناهيه ظانًا منه أن هذا يجعله رجلًا ولكن حتي أعتي الرجال يحتاج ولو لمرة واحدة في هذه الحياة أن يلقي برأسه علي صدر أحد يخبره بأن كل شئ سيكون علي ما يرام …
" جوليلي اعمل ايه يا امه..؟ جلبي واچعني جوي . حاسس بروحي بتروح . و اني عاچز .. "
تدفقت العبرات من مقلتيه تحفر وديان الألم فوق خديه و قد خلع عباءة الكبرياء جانبًا و أطلق العنان لضعفه أن يظهر علي السطح فلم يعد في الروح متسع و لم يعد الجسد يتحمل أكثر من هذا فالألم فاق حدود المعقول
" نفسي اصرخ واجول أه.. بس عارف ان محدش هيسمعني . چيتلك يمكن تسمعيني أنتِ . جوليلي ياما اعمل ايه عشان ارچعها تاني ؟ "
1
تعالت شهقاته التي تتنافي مع هيبته و ضخامة جسده الذي سقط علي الارض لا حول له ولا قوة وتابع بنبرة منكسرة
" اني عارف اني كنت جاسي عليها جوي. بس اني اتربيت عالجسوة. معرفش غيرها. لو دا عقاب من ربنا اني راضي اتحرم منيها بس ترچع سالمه. جلبي بيحترج كل ما اتخيل أن حد ممكن يأذيها…"
2
خرجت منه أهه مشتعلة قبل أن يتابع بقهر
" هتچنن ياما .. عجلي هيشت مني. جلبت البلد حته حته ملهاش أي أثر . نفسي اعرف مين اللي خطفها؟ مين اللي مد يده و نزع جلبي من بين ضلوعي وخباه مني ؟؟"
تعالت أصوات بكاءه وهو ينظر للسماء قائلًا بتضرع
" أروح لمين بس يارب ؟ يارب ماليش غيرك دلني عالصح .."
1
مرت الساعات مؤلمه و كان عقاربها تلدغه فصار يبكي دمًا حتي هدأت ثورته قليلًا و فجأة طرأت علي باله فكرة لا يعرف كيف غابت عن عقله و شرع علي الفور بتنفيذها فقاد سيارته بجنون يتسابق مع الزمن فكل دقيقة تمر بها وهي بعيده عنه لا يعرف مكانها أو مع من تزيد من جنونه أكثر ..
أخيرًا وصل الي وجهته فصف سيارته أمام ذلك المنزل الكبير و هرول إلي الباب يدقه بعنف ففتح له الغفير ليتجاوزه الي الداخل وهو يصيح
"صفوت بيه .. يا صفوت بيه "
1
" في ايه يا أخينا انت ؟ البيه مش موجود "
سب 《عمار》 في سره وهو يقول الغفير بحنق
" و هياچي ميتا؟"
"معرفش .."
" طب اني هستناه .. "
ادخله الغفير الي المنزل و أجلسه بغرفة الاستقبال فقام بإخراج سلسالها الجميل الذكرى الوحيدة الباقية منها فأخذ يناظره بإعتذار صامت و ما هي إلا دقائق حتي أتي 《صفوت》 فقام 《عمار》 بوضع السلسال في جيبه و هب لملاقاته فوجده يقول باندهاش
"عمار .. في ايه حلا حصلها حاجه ؟"
《عمار》 بنفي
" لاه متجلجش حلا كويسة .. اني عايزك في موضوع يخصني انا ."
" موضوع ايه ؟"
《عمار》 بقلب محترق
" في حد يعز عليا جوي. بدور عليه و مش عارف أوصله  .. "
صفوت بعدم فهم
" لا انا مش فاهم . اقعد كدا و فهمني تقصد ايه؟"
قص عليه 《عمار》 ما حدث و انهي كلماته قائلًا
" اني مستعد ادفع مال الدنيا كله و افديها بعمري بس الاجيها.."
1
تذكر 《صفوت》 تلك الفتاة صاحبة المشكله التي قصها 《عمران》 عليه باختصار فقد شعر بالأسي حولها و ازداد شعوره حالياً فنظر إلي 《عمار》 بشفقة تجلت في نبرته حين قال
" طب هدي نفسك و اشرب الليمون وانا هعمل اتصالاتي و أن شاء الله خير .."
ناوله 《صفوت》 كوب الليمون فأمتدت يده تلتقطه باهتزاز فسقط الكأس علي جلباب 《عمار》 فقال 《صفوت》 بلهفة
" معلش حصل خير … اقلع الجلابية هخليهم ينضفوهالك و يجيبوها علي طول .."
《عمار 》برفض
" لاه سيبك من الچلابية دلوق . و خلينا في المهم .."
《صفوت》 بعناد
" علي ما اعمل كام تليفون هيكونوا نضفوها وجففوها .. اسمع الكلام من غير نقاش "
أومأ 《عمار》 بصمت و قام بوضع يده في جيبه ملتقطًا سلسالها وهو يخلع جلبابه فتحدث 《صفوت》 ممازحًا في  محاولة منه لتهدئته 
" دا الموضوع طلع كبير بقي . "
تشكلت غصة صدئة بجوفه وقال بمرارة
" دي آخر حاچة بجيت منيها . رفضت اديهالها زي ما يكون كان جلبي حاسس ."
لا يعلم السبب ولكنه وجد نفسه يمد يده إليه ليرى السلسال فتفاجئ 《عمار》 من فعلته و قام برفعها أمامه دون أن يلمسها فتراقص السلسال أمام أعين 《صفوت》 التي تحولت ابتسامته الي صدمة قويه و شعر بأن الكون توقف للحظة عن الدوران حين رأى تلك النجمة التي تتمايل أمامه فامتدت يديه تنتزعها من يد 《عمار 》الذي صاح بغضب
" ايه يا سيادة اللواء هات السلسال ده بتاعي ."
+
لم يستطيع الحديث فقد اهتزت يديه التي قامت بفتح السلسال لتظهر صورة تلك الصغيرة التي لم تفارق خياله أبدًا منذ أن فارقها. نعم كانت طفلته التي انتزعتها أيدي الغدر من بين يديه دون شفقه أو رحمة …
8
يتبع….
هناك أشخاص في هذا العالم كالمصابيح يضيئون دروبنا المظلمة العثور عليهم صعب و التفريط بهم مستحيل . كذلك الذي يخبرك دائمًا بأنه سـ يغادرك ولكنه لا يجرؤ عن الإبتعاد أبدًا ..
و ذلك الذي يظهر فيك صفاتك الجميلة التي لم تلاحظها في نفسك يومًا ..
و ذلك الذي يتحمل رماديتك و مزاجك السيء بقلب رحب . وأيضًا هذا الذي يستمر بـ إخبارك بأنك الأروع في هذا العالم.
وعلى رأسهم هذا الذي يغفر جميع ذلاتك غضبك قسوتك إزعاجك و تذمرك الدائم. يوقن بأن كل تلك الأشياء عابرة بعيده عن طبيعتك و يدرك بأنه لا يوجد شخص كامل في هذه الحياة . كلما رأيت نفسك بعينيه تقع بعشقها ، بإستطاعته تبديد غيومك السوداء وإعادة الصفاء إلى سماءك من جديد لتبدو مشرقة.
3
نورهان العشري ✍️
1
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
انتهى الطبيب من فحصه لها تحت أنظار غلفها القلق ولكنه كعادته كان صامتًا إلى أن تحدث الطبيب بعملية :
" القولون عندها متهيج جدًا "
«سالم» بخشونة :
" و دا من إيه ؟ "
" قولون عصبي من الواضح أن مدام فرح عصبية جدًا و دا غلط .. الموضوع مش خطير بس متعب .. أنا هكتبلها على شويه أدوية و ياريت كمان تحافظ من لخبطة الأكل لحد ما الدنيا تهدي معاها .. و الف سلامه عليها "
10
انكمشت ملامحه بغضب أرسلته عينيه إليها ثم تحدث بإقتضاب :
" شكرًا يا دكتور.."
اومأ الطبيب قبل أن يرافقه 《سالم》 للخارج فوجد الجميع بانتظاره فوجه حديثه إلى شقيقه :
" وصل الدكتور يا سليم .."
أطاعه 《سليم》 بصمت وحين غادر مع الطبيب تحدثت 《أمينة》 بلهفه :
" طمني يا سالم .."
أجابها بإقتضاب:
" تعب عادي يا حاجة متشغليش بالك .. لو سمحتي خلي حد يطلعلنا العشا هنا "
4
خابت آمالها و تمتمت بخفوت :
" حاضر .. "
4
لم يضيف شيئًا إنما توجه للداخل مغلقًا الباب خلفه فقابلته بسيل الأسئلة التي تضج بعقلها كالذباب منذ أن ألقى بقنبلته في وجهها ثم قاطعهم قدوم الطبيب الذي انتظرت أن يمر لقاءه بسرعه حتى تفهم ماذا حدث؟
" ممكن تفهمني بقي إيه القنبلة اللي رمتها في وشي دي ؟"
+
تجاهل سؤالها وقال بحنق :
" أنتِ هتهتمي بصحتك امتى ؟"
لم تهتم لكلماته الغاضبة إنما هبت بنفاذ صبر متوجهه إليه وقامت بإحتواء كفه بين يديها لتجذبه وسط أنظاره المندهشة وقامت بإجلاسه على السرير و جلست بجانبه وهي تقول بإلحاح:
" سالم .. اركن كل حاجة على جنب دلوقتي و جاوبني .. إن كان قاولوني متهيج فأنا عقلي هيشت من كلامك .."
زفر بتعب قبل أن يقوم بجذب هاتفه و قام بفتحه و العبث به لثوان قبل أن يضعه أمامها لتجد فيديو مسجل 《لمروان》 الذي يقهقه بمرح مع رجل لا تعرفه ثم قال بجدية :
" كدا يبقي اتفقنا… نقرا الفاتحة بقي .."
ثم قام 《مروان》 بمد يديه ليصافح الرجل الذي لم ترتح لها نفسها و بعدها أخذ منه شيئًا لم يكن  واضحًا و من ثم انتهى الفيديو فنظرت إلى 《سالم》 بصدمة انبثقت على هيئة حروف تتوسل له أن يكذب ما رأته :
" ماتقوليش أن الراجل دا هو ناجي ؟"
3
اومأ بخيبة أمل لخصها في كلمة مختصرة :
" هو .."
7
و كأن الكلمة كانت سيفًا شق قلبها لنصفين فقد إنهار العالم من حولها فكيف لذلك الشخص النقي المرح الذي ينجح دائمًا في رسم البهجة على وشوشهم أن يكُن كاذبًا مخادعًا و الأصعب من ذلك خائنًا ! هل يوجد أشخاص ماهرين في الخداع لهذة الدرجة ؟
3
التقمت عينيها جموده الظاهري و رق قلبها كثيرًا لمظهره فهذه هي حالتها فكيف هو حاله؟
دون أي مقدمات قامت بإحتوائه تجذبه إليها ليستقر برأسه بين ذراعيها فقد شعرت بحاجته إلى ذلك و قد صح ظنها فقد وجدته يعانق خصرها بقوة فتألم قلبها لهذا الجبل الذي يحمل أكثر بكثير من طاقة البشر !
3
زينت جبينه بقبلة قويه بثته فيها أمانًا يحتاجه فتجمدت للحظة بمكانها حين شعرت بشيء دافئ يبلل ذراعيها التي تحتضنه و انشق قلبها لنصفين ل عبراته التي هطلت بصمت تحكي مقدار الألم الهائل الذي يحجبه عن الجميع بينما يقف أمامهم شامخًا لا يتأثر ولكن داخله يحترق بصمت .. 
10
مر قرابة الخمس دقائق من الصمت وهي تحتضنه بكل ما أوتيت من حنان حتي وجدته يعتدل محاولًا نفض هذا الضعف الذي يعتريه فمثله لا يليق به الهوان أبدًا ثم نصب عوده و وثب قائمًا ليتوجه إلى الحمام دون حديث فتضاعف الألم بقلبها و سالت مياه عينيها بقهر فكم ترغب لو تجذبه إليها مرة ثانية و تخبره بأن تلك العبرات ليست ضعفًا بل إنها أرهاق قلبه الذي يحمل الكثير ولكنها تعلم جيدًا بأنه لن يتقبل ذلك .. يكفيها تلك الدقائق التي تعرت فيها مشاعره امامها.
2
ألمًا هائلًا يجتاحه للحد الذي يصعب عليه التنفس يشعر بيد قويه تقبض قلبه و تمزق روحه والأكثر من ذلك أن مثله لم يعتد علي التعبير عن حزنه مما أعطى المساحه لهذا الألم الشديد لممارسة طقوسه السوداء على جسده الذي يشعر بوهن قوي لا يتقبله كبرياءه .. لولا تلك اللحظات التي قضاها بين ذراعيها لخر مغشيًا عليه من فرط ما يشعر به.
1
أخذته قدماه إلى حوض الإستحمام و قام بفتح المياه التي غمرت جسده و بللت ملابسه التي لم يخلعها عنه فقد أراد إطفاء نيرانه أولًا .
مرت قرابة الربع ساعة قبل أن يخرج و يقوم بالتخلص من ثيابه و الإستحمام ثم لف منشفة حول خصره يتوجه إلى الخارج فوقعت عينيه عليها وهي تدور مثل الفراشة في الغرفة و سرعان ما توقفت علي مظهره الرائع فقد كانت قطرات المياة تتدلل علي جسده الصلب المليئ بالعضلات التي تسلب أنفاسها .. وسامته الفظة و تلك الهالة من القوة البدائية التي تحيط به لها وقع السحر على قلبها الذي تعثرت نبضاته بقوة جعلت الدماء تتدفق بعنف إلى أوردتها فقادتها قدماها إليه و تسللت ذراعيها لتحيط بعنقه وفعلت ذراعيه المثل مع خصرها و تشابكت الأعين بحديث مثير لم يقطعه صوته الخشن حين قال :
" اوعديني تفضلي هنا علي طول .."
2
أطلقت العنان لقلبها بالحديث فعزفت شفتيها ألحان الهوى
" ماليش مكان غير هنا.. "
" حتي لو ليكِ .. متبعديش ابدًا "
تابعت العزف على أوتار قلبه قائلة بخفوت:
" وجودك حلم مستحيل مكنش عندي الجرأة احلمه .. تفتكر لما الحلم اتحول لواقع هقدر أبعد !"
3
زفر بحرقة قبل ان يضيف بعتب:
" أومال ليه بتعملي كده ؟"
جهرت بألم :
" عشان مش لقياك .."
" أنتِ أكتر حد عارف مسؤولياتي…"
قاطعته بوضع إصبعها فوق شفتيه لتقول بخفوت :
" انت بعيد بقلبك يا سالم و دا اللي واجعني .. عامل حاجز بيني و بينك .. بتبعدني عن كل حاجة معرفش بقصد منك ولا لا .. بس أنا عايزة أكون اقربلك حتى من نفسك .."
1
غازلتها عيناه و صرح بإستفهام يؤكد علي رجاءها:
" و مين قالك انك مش كدا؟"
" عشان أنا فعلًا مش كدا .. يعني لو مكنش اللي حصل دا حصل كنت هتحكيلي على موضوع مروان ؟"
لأول مرة يتوارى خلف صمته أمام عينيها فصاحت بتذمر:
" شوفت بقي.. عرفت إيه مزعلني .. "
" عرفت…"
أجابها بإختصار فتدللت كفوفها تحوى وجهه و أرسلت عينيها سهام عاشقه مستقرها قلبه وهي تقول بخفوت :
" محدش هيحبك في الدنيا قدي .. ولو فاكر إنك بتبعدني عن المشاكل تبقي بتظلمني و بتظلم نفسك .. عشان مفيش حاجه هتهون عليك غير حضني …"
1
لم يعتد على وصف شعوره بالكلمات و خاصةً إن كان ما يجول بصدره عميق إلى تلك الدرجة فقد التف ضماد حروفها حول جدران قلبه المتهالكة فتخدرت اوجاعه للحد الذي جعله يتناسي كل شيء و يقترب منها ليرمم شروخ روحه من شهدها المُسكِر فأخذها معه بعالمه الخاص يقتنص منها بلسمًا ل أوجاعه فهي محقة حضنها هي الشيء الوحيد الذي قد يهون عليه ثقل ما يحمله .. و قد أكدت أفعالها على كلماتها فقد تحملت قسوته الغير مقصودة بقلب رحب و صارت تقربه منها بطريقة دفعته إلى الجنون ليتعمق بقربها أكثر فقد بدا و كأنه يسلب روحها و يلقى بكامل ثقله على كاهلها و قد كانت أكثر من مرحبه لذلك ..
3
افلتها دون أن تتركها ذراعيه و أخذ ينظر إلى شفاهها التي تورمت وهو يقول بصوتًا أجش :
" قسيت عليكِ أوي ؟"
" فداك روحي .. "
1
أضاءت ملامحه إبتسامة رائعة وهو يجيبها محذرًا:
" خلى بالك دا إغراء قوي مش هقدر أقاومه .."
مازحته قائله بثقة :
" ياريت تبطل مقاومة بقي عشان أنا اللي هنتصر في الآخر.."
اتسعت إبتسامته وهو يستكين معترفًا:
" أنتِ انتصرتي أصلًا.."
3
إبتسمت بحب قبل أن تتحدث بإهتمام :
" تعالي عشان تغير هدومك و تتعشي .. تقريبًا من أول جوازنا متعشناش مرة لوحدنا .. أنا حقيقي ممتنة لقولوني اللي اداني الفرصة العظيمة دي"
2
شقت ضحكاته طريقها من أعماق الوجع الساكن بصدره إثر مزاحها و قال يشاكسها:
" فكريني أشكره بنفسي بعد العشاء .."
" عيوني .."
1
تفرقت قبلاته بين عينيها قبل أن يتوجه إلى السرير ليلتقط ملابسه التي اختارتها له متوجهًا إلى غرفة الملابس ليتركها تقوم بتزيين طاولة العشاء الخاصة بهم و بعد دقائق خرج ليجدها في انتظاره فارتفع إحدي حاجبيه إعجابًا تجلى في كلماته حين قال :
" ورد و شموع و جو رومانسي .. أعملي حسابك عايز كل يوم من دا .."
1
لونت السعادة ملامحها حين أجابته  :
" أنا عن نفسي مستعده .. بس هينفع نتعشى كل يوم لوحدنا ؟"
اقترب ملتقطًا زيتونه من الأطباق أمامه وهو يقول بإختصار:
" ينفع  "
" إزاي و الحاجه مش هتزعل؟"
لون المكر عينيه وهو يقول:
"لما الحاجة تلاقي مرات ابنها كل يوم مجهزاله عشا حلو زيها كدا أكيد هتفرح .."
2
《فرح》 بتخابث:
" اه قول كدا بقي عايزني كل يوم أعملك أنا الأكل .. أنت داخل على طمع بقي !"
"  كلك على بعضك بتاعتي و محدش بيطمع في حاجته ولا عندك إعتراض !"
1
إبتسمت بسعادة حين إستطاعت أن تبدد تلك النظرة الحزينة من عينيه و قالت بحب :
" لا وهعترض علي ايه هو انا وقعت مع أي حد ؟ دا سالم الوزان بجلالة قدره .."
3
أقترب منها قائلًا بتخابث:
" حاسس أني محتاج أقنعك أكتر من كدا ."
لون الخجل تقاسيمها وقالت بخفوت :
" نتعشى و نشوف الموضوع دا بعد كدا "
1
جذبها لتجلس بقربه و أخذا يتناولان العشاء سويًا وسط دلالها و مزاحها الذي راق له كثيرًا و ما انتهوا حتى توجهت انظارها إليه و قد غمرتها الجدية حين قالت :
" نتكلم شويه بقي ؟"
" هاتي اللي عندك ؟"
تحمحمت بخفوت قبل أن تبدأ في الحديث قائلة بتعقل :
" مبدأيًا .. أنا مش مصدقة أن مروان يعمل كدا .. خلينا متفقين أني أول ما شوفت الفيديو انصدمت و الصدمة شوشت تفكيري لكن بعد ما هديت جه في بالي ألف سيناريو و سيناريو للي شوفته ممكن يكون واحد فيهم صح "
اختصر حديثه مستفهمًا:
" زي ؟"
واصلت إقناعه قائلة:
" زي مثلًا يكون مروان بيضحك عليه عشان يجيب آخره ؟ أو مثلًا يكون الراجل دا هدده بحاجة . "
تحدث بجفاء :
" وليه أنا معنديش علم بحاجة زي دي ؟"
6
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها قبل أن تقول :
" الصراحة معنديش إجابه على سؤالك .. بس  إحنا ممكن نصبر لحد ما نشوف إذا كان هيقولك ولا لا ؟ "
أجابها باختصار:
" لحد امتى ؟"
" مش محددة الوقت .. بس الحياة هتمشي زي ما هي و طبعًا لازم نكون حذرين في التعامل لحد ما نشوف اللي جاي مخبي إيه ؟"
2
لم يجبها إنما توجهت نظراته للبعيد ف انخرط لدقائق في التفكير قبل أن يقول باختصار :
" هنشوف .."
" أن شاء الله خير .. خليك متفائل .."
بدت لطيفة للغاية وهي تحاول بث التفاؤل بداخله فتبددت ظلمة عينيه التي حاوطتها بنظرات تغلغلت إلى داخلها قبل أن يعتقلها يديه وهو يقول بتخابث:
" تقريبًا كان في حاجة شويه حاجات كدا محتاج أقنعك بيها صح ولا أنا غلطان ؟"
اخفضت رأسها خجلًا و قالت بخفوت :
" مبتنساش حاجة أبدًا "
" كل حاجه في الدنيا دي قابلة للنسيان ألا أنتِ يا فرح .."
3
أخترقت كلماته جدران قلبها و خاصةً تلك النبرة المثيرة التي لها مفعول السحر على جسدها الذي غمرته نشوة العشق فهمست بخفوت :
" بحبك يا قلب فرح .."
لم تدع مجال للحديث فقد تراقص اللهب في عينيه و أيقظت كلماتها بداخله جيوش الشوق و العشق معًا فكان مزيجًا رائعًا من الشعور الذي غمرها به وهو يتخطي كل شيء جاذبًا إياها إليه فلم ينتبه لصينية العشاء التي سقطت ارضًا جراء ملحمتهم الضارية والتي أشعلت الهواء المحيط بهم فقد احترقا معًا بلهيب الصبوة الذي لم ينجو أي شيء منه و قد كان الإثنان و كأنهما في سباق من يعشق الثاني أكثر و قد كانت الغلبة له فقد بدا كمن أقسم أن يترك بكل مكان حولهم ذكرى خاصة بهم بهم فقد طبع لقائهم آثاره بكل ركن من أركان الغرفة التي شهدت على إكتمال أرواحهم التي اهتدت بعد طول عناء … و كلما خمدت الأشواق تجددت من جديد حتي هلكت الاجساد و استكانت تتوسل الراحة فشدد يديه من حولها و يحاول تنظيم أنفاسه قبل أن يقول بصوت أجش
" أنتِ اختصار لدنيتي بحالها يا فرح .. أنتِ دنيا اتمني أني أعيش و أموت فيها…"
2
وجودك هو الخيط الفاصل بيني وبين الهلاك .. تلك البقعة البيضاء في عالم مليء بالضباب .. النقاء وسط أنفس طمسها السواد و قلوب لوثها الجشع ..
4
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
*****************
صباحًا دلفت إلى الداخل  بعد أن سمعت إذن «أمينة» لها بالدخول فما أن وطأت أقدامها أرض الغرفة حتى لمع وميض الدهشة في عينيها قائلة:
" إيه دا أنت هنا ؟"
1
تحدث سالم بخشونة:
" أنتِ شايفة ايه ؟"
تجاهلته ووجهت انظارها الي «أمينة» التي قالت بجدية زائفة :
" إيه يا ست فرح مش عارفه أقعد مع ابني شويه منك ؟"
شهقت متفاجئة :
" ماما أنتِ بتتكلمي جد ؟ أنا معرفش والله إنه هنا .."
غيرت دفة الحديث قائلة بتقريع:
" و في واحدة بردو متعرفش جوزها فين ؟ "
تراقص المكر بعينيه وهو يقول:
" في دي عندك حق يا حاجة.."
أيقظ جيوش التمرد بداخلها فـ سردت شكواها بضعف مستجد:
" و يرضيكِ يا ماما أن الواحد ميشاركش مراته في أي حاجة تخصه ! و يهمشها كأنها مش موجودة! "
1
كان أمرًا هو أكثر من نادم عليه وتعرف هي ذلك ولكنها أرادت رد الهجوم بهجوم مضاد فعض على شفتيه السفلية بتوعد و عينيه ترسلان سهام التهديد الصامت لتقطع «أمينة» حرب النظرات المتبادلة بينهم قائلة بنصح :
" لا في دي عندك حق .. مينفعش الراجل يخبي عن مراته حاجه .. مراتك دي جيشك اللي لو الناس كلها اتخلت عنك هي تبقي في ضهرك .."
2
صاحت مصدومة :
" لحظة واحدة .. أنتِ بتغيري كلامك يا ماما ! أومال فين بقي الراجل بيحب الست الضعيفة اللي متعملش رأسها براسه و كان ناقص تاخديني قلمين ؟"
1
إبتسمت «أمينة» بهدوء قبل أن تجيبها مازحة:
" أنا مازلت عند رأيي بس مع بعض التعديلات .. و بصراحة أنتِ كنتي غيظاني بلسانك الطويل دا .."
2
تمتم ساخرًا :
" والله لسانها دا مضايق ناس كتير ."
برقت عينيها إثر سخريته فتدخلت «أمينة» بجدية :
" بقولك إيه أنت وهي سيبونا من الكلام الفارغ دا أنا عايزة حفيد بقولكوا اهوة .."
4
تحدت بلهجته الفظة التي لامسها غرورًا يليق به :
" أنا عن نفسي عامل اللي عليا و زيادة .. قولي لها هي الكلام دا …"
8
امتزج الغضب و الخجل معًا فولدا مزيج مثير على ملامحها التي تخضبت بحمرة رائعة بينما تراقص اللهب في عينيها فتمنى للحظة لو كانا بمفردهما لكان قطف ثمار هذا الخجل و استبدل نيران غضبها بأخرى أشد لهبًا و لاحترق المكان من حولهم كما هي العادة .
" أنت هتقولي دا أنت سالم الوزان ابن منصور الوزان على سن ورمح . "
2
ود لو يطلق العنان لقهقاته إثر حديث والدته فهي لا تعلم أنه يقصد مشاكسة قطته التي تشتعل خجلًا الآن .. وثب قائمًا وهو يقول بفظاظة :
" هسيبك يا حاجة ورايا شغل كتير .. يالا يا فرح "
تدخلت «أمينة» قبل أن تسنح لها الفرصة لإجابته :
" لا سيبلي فرح عيزاها في كلمتين …"
" ماهي دانت معاكِ عند الدكتور الصبح ؟"
" مرات ابني و عيزاها يا سالم عندك مشكله ؟"
2
شملتهم عيناه بنظرات متفحصة قبل أن يومئ برأسه دون حديث متوجهًا للخارج أمام أنظار «أمينة» التي ما أن شاهدته يغلق الباب حتي قالت بلهفه :
" ها يا فرح عملتي اللي قولتلك عليه ؟"
«فرح» بهدوء :
" عملته يا حاجة .. بس …"
قاطعتها «أمينة» بصرامة:
" مابسش يا فرح .. لما الموضوع يخص الناس اللي بتحبيهم مينفعش نسيب حاجة للظروف …"
5
اومأت «فرح» بتفهم فشعورهم متبادل و مخاوفهم واحدة …
*****************
"مبترديش على تليفوناتي ليه يا شيرين ؟"
هكذا تحدث 《ناجي》 وهو يجلس أمام مقود السيارة و بجانبه 《شيرين》 التي كانت تخفض رأسها بتعب تجلى في نبرتها حين قالت :
" كنت تعبانه شوية !"
تكذب و هو أكثر من يعلم بذلك لذا تابع بحنان زائف :
" متخيلتش أن بنتي اللي بحبها أكتر من نفسي ييجي يوم عليها و تبقى بتتهرب مني ؟"
3
أرتفع رأسها بحدة بينما عينيها ترسلان سهام الخسة إلى خاصته وهي تقول :
" وإزاي تطلب من بنتك اللي بتحبها أكتر من نفسك أنها تعرض نفسها على واحد غريب !"
2
كانت ذلة كلفته الكثير فحاول جعل الأمر دراميًا حين قال :
" فاكرة البنت اللي حكتلك عليها و قولتلك أنها الوحيدة اللي حبتها ؟"
" مالها ؟"
《ناجي》 بألم حقيقي :
" تبقى سهام مرات عمك صفوت !"
انكمشت ملامحها بصدمة :
"إيه ؟"
4
لاح شبح ألم حقيقي في عينيه سرعان ما تجاوزه وهو يقول بنبرة خالية من الشعور:
" ابوكي الكل خذله و تحديدًا الخذلان جاله من أكتر ناس حبهم في الدنيا .. تخيلي أشوف حبيبتي في حضن أخويا بعد ما فضلته عليا  لمجرد أنه هو ظابط ! و أنا الفاشل اللي في العيلة .. بالرغم من أني كنت بديرلهم كل أملاكهم .. لكن هي اختارت كل حاجه السلطة و العز و الجاة و في المقابل داست على قلبي .."
4
شعرت بالشفقة عليه ولكن ألمها منه كان أكبر بكثير لذا تحدثت بجفاء :
" و دا إيه علاقته بالي طلبته مني؟'
" كنت عايز اختبرك ؟ عايز اشوف إذا كنتِ فعلًا أهل لثقتي أو لا ؟"
1
لونت الصدمة تقاسيمها لحديثه فأردف بنبرة مخادعة :
" أنا معنديش غيرك .. أنتِ بير أسرارى .. تعرفي عني كل حاجة .. أنا مبثقش في حد غيرك .. ولا حتى أمك . "
2
لاح شبح السخرية علي ملامحها فقالت مبررًا:
" أمك معايا عشان عايزة تنتقم من اللي اتعمل فيها .. مش عشاني يا شيرين !"
1
زفرة قوية محملة بهواء ملوث بالوجع و الخيبة خرجت من جوفها قبل أن تقول بجمود :
" والمطلوب مني دلوقتي ؟"
" هتعملي اللي امك مش هتعرف تعمله."
《شيرين》 بجمود :
" ملف الصفقة ؟"
" بالظبط .. "
تحدثت يائسة :
" حاضر …"
" ضربتنا القاضية قربت.. و خلاص مبقاش فاضل كتير .."
هكذا تحدث بأعين تلمع بالشر الذي بث الذعر في قلبها فقالت بفزع :
" مش معقول تكون بتفكر تسلمه ليهم ؟"
6
《ناجي》 بتحفظ :
" أكيد لا في النهاية أهو كارت ممكن أحتاجه قدام .."
لم تسعفها الكلمات للحديث فقد ضاقت ذرعًا بكل ما يحدث ولم تعد تعلم من المخطئ ومن المصيب لذا قالت بجفاء :
" أنا هروح عشان اتأخرت .."
كانت رحلة العودة ثقيلة فقد أخذت تدور حول نفسها لساعات لا تعلم أين يمكنها الذهاب أو إلى من يمكنها اللجوء وفجأة طرأت صورته على بالها ذلك اليوم في المشفى.
1
عودة لوقت سابق
هرول الإثنان في رواق المشفي و《طارق》 يحمل 《ريتال》 بين ذراعيه فقد وقعت و جرحت قدمها وهي تعود إلى الخلف مذعورة حين رأت الأفعى التي حاولت الهجوم ولكن لاحقها 《طارق》 قبل أن تطال صغيرته . و ما أن وصلوا إلى قسم الطوارئ حتى أخذوا الفتاة إلى غرفة مغلقة مع سماع مقتطفات ما حدث من كليهما ثم دلف الطبيب إلى الداخل :
" هربيك يا مروان الكلب !"
هكذا تحدث 《طارق》 الذي كانت عروقه نافرة بشكل ملفت، و خصلاته السمراء تتدلل بخفه فوق جبهته العريضة البيضاء، بينما أضاء اللهب عينيه بنيران الغضب الذي جعله يذم شفتيه و كأنه يمنعها من إطلاق السباب، و قد كان كعادته منذ أن كان مراهق يفتح أزرار قميصه العلويه و التي أظهرت تقاسيم جسده الذي بدا و كأنه قضى السنوات الماضية في جولات تدريب قاسية لتجعله بهذا المظهر الصلب .. كان وسيمًا بطريقة خشنة تبعث الرعب و شيء آخر في النفس .
انتبهت لتحديقها به و تحمحمت بخفوت قبل أن تقول محاولة تهدئته :
" متقلقش يا طارق دي مجرد وقعه بسيطة .."
أجابها بجفاء يليق بقسوة ملامحه و خشونه مظهره:
" مكنتش هتبقي بسيطة لو مجتش في الوقت المناسب .."
لهجته القاسية أكملت صورة رجل العصابات في نظرها فقد كانت تلك المهنة تليق به كثيرًا :
" الحمد لله أنك جيت في الوقت المناسب .."
لوهلة استقرت عينيه عليها ثم تجاوزها ما أن خرج الطبيب من الغرفة قائلًا :
" حضراتكوا باباها و مامتها ؟"
جفلت من سؤال الطبيب  ودت نفيه لتتفاجئ ب 《طارق》 الذي قال بفظاظة:
" أيوة .. أنا باباها وهي مامتها طمني حالتها عاملهإايه؟"
1
أردف «الطبيب» :
" هي حالتها الجسدية ممتازة يعني الجرح اللي في رجليها بسيط .. و هيروح على طول بس هي مخضوضة جدًا ومرعوبه بسبب الموقف اللي اتعرضتله عشان كدا عايزك أنت والمدام تتعاملوا معاها بحرص و إحتواء لخوفها دا .."
1
تمتم بجفاء :
" تمام .. أقدر اشوفها .."
" اتفضل.."
غادر «الطبيب» و أخذته قدماه إلى غرفة طفلته وحين التفت وجدها مازالت تقف بمكانها فجهر بملل :
" هتفضلي واقفه عندك كتير؟"
إجابته بإستياء :
" هو أنت ازاي تقول للدكتور أن أنا مراتك ؟"
أضاءت ملامحه إبتسامة ساخرة قبل أن يجيب بكسل :
" ماهو مش معقول هنقف نحكيله قصة حياتنا يعني !"
1
إجابته أغضبتها فتقدمت لتقف أمامه قائله بتهكم :
" أسخف إجابه لسؤالي !"
1
تراقص المرح في نظراته وهتف يشاكسها :
" الاسخف من كدا أنك تقفي عالواحدة .. شغلي دماغك الحلوة دي في حاجة مفيدة.."
" لسه رخم زي ما أنت!"
" و أنتِ لسه حلوة زي ما أنتِ .."
لامست كلماته اوتار قلبها فشعرت بوخزات موترة تنتشر على طول عمودها الفقري فهي لا تتذكر آخر مرة سمعت كلمات غزل ولو بسيطة من أحدهم..
قطع تفكيرها سؤاله حين قال بنفاذ صبر :
" اشيلك أدخلك الأوضة يعني ولا أعمل إيه ؟ "
1
لا تعلم لما اندفعت الدماء إلى خديها بقوة، فحاولت تجاهلها و توجهت تتشاجر مع خطواتها للداخل لتتخطاه بغرور قابله بنظرة متهكمه….
عودة للوقت الحالي
سالت مياة الألم من عينيها و لأول مرة تقف أمام نفسها بذلك العجز وهذا الكم الهائل من الشفقة على ذاتها التي فقدتها بدرب من دروب الحياة و تجهل السبيل إليه .
تقف بمفترق طرق كل واحد منهما يجذبها بأصفاد ساخنة تجذبها من عنقها وكلما قاومت اشتد الخناق عليها أكثر حتى ظنت أن ذلك الصراع سينهيها ذات يوم …
3
توقفت أمام باب المنزل و دلفت إلى الداخل فسمعت أصوات القهقهات الآتيه من غرفة الجلوس فلاحت إبتسامة ساخرة على ملامحها تحولت إلى دمعة انبثقت من طرف عينيها لعدم قدرتها أن تخطو إلى الداخل و حتمًا لم يفتقد وجودها أحدًا منهم.
أخذتها قدماها إلى الدرج ولكن سرعان ما تجمدت حين سمعت اسمها و ما ضاعف من صدمتها حين كان المنادي 《سليم》!
" شيرين .."
1
توقفت لوهله قبل أن تلتفت إليه ليتدلي فكها من فرط الصدمة حين قال بخشونة :
" مفيش السلام عليكم حتي ؟ دا إحنا أهل ولا إيه ؟"
توقفت أمام كلماته لا تعلم أهي سخريه أم تهكم ؟ لم يهتم لأمرها سابقًا و الآن يعاتبها هكذا بينما يديه تحتضن كتف 《جنة》 التي بدت غير متأثرة بما يحدث و كأن الماضي لم يعد موجودًا في تلك اللحظة !
لم تجد ما تقوله فتوجهت إليهم بخطوات ثقيلة وهي تقول بابتسامه باهتة:
" السلام عليكم.. "
رد الجميع السلام و تدخلت 《أمينة》 قائلة بتحفظ :
" تعالي يا شيرين اقعدي معانا .. الوقت لسه بدري معتقدش انك هتنامى دلوقتي ؟"
لا تعلم لما ارتفعت عينيها رغمًا عنها إلى《طارق》  تلاحظه ولكنها سرعان ما اختطفت أنظارها بعيدًا عنه ما أن لمحت شبح إبتسامة على شفتيه و نظرت لوالدتها التي بدت جامدة كعادتها ثم قالت بجمود :
" معلش تعبانة شوية و مصدعة… محتاجه أنام .."
1
تدخل 《مروان》 بمزاح :
" بقولك ايه مش هنتحايل عليكِ تعالي اترزعي هنا .. في كلام كبار هيتقال و أنا عارفك بتحبي كلام الكبار…"
رمقته بلوم وقالت باقتضاب :
" بس يا حيوان.."
تفاجئت من حديث همت التي قالت بلهجة يغلب عليها السخرية :
" تعالي يا شيرين اقعدي مع ولاد خالك شويه دي قعدتهم ترد الروح .."
1
تمتم بسخرية خافته:
" شوف الولية النصابة اومال لو مش قاعدة تزغرلنا كلنا .. "
نهره 《سليم》 قائلًا بتحذير
" حط لسانك في بقك احسنلك .."
تجاهل تحذيرات 《سليم》 وقال ساخرًا :
" تعالي يا شيري بس حاسبي و أنتِ داخله تتكعبلي في بوز عمتي اللي ضارب في الحيطة من وقت ما دخلت ! "
1
" معلش أصلك أول حاجة شوفتها لما دخلت … "
هكذا تحدثت موجهة نظرات نارية إلى 《مروان》 الذي لا يفهم سبب كل هذا الكره الجلي في عينيها ولكنه أبى التراجع عن استفزازها فقال بعنجهية:
" معلش هنعمل إيه بقى أصل مش كل الناس بتفهم وذوقها حلو .."
4
توقفت الأحاديث إثر دخول 《سالم》 الذي القى التحية قبل أن يشير ل《سليم 》بأن يتبعه إلى غرفة المكتب التي كانت بها 《فرح》 تقوم بمراجعة أوراق المناقصة فأندهش 《سليم》 حين رآها فأجابت على سؤاله الصامت قائلة بسخرية :
" عملت بنصيحتك وسيطرت .."
3
قهقه 《سليم》 بصخب و هو يتوجه إليها قائلًا :
" عملتيها أزاي دى ؟ دا أنتِ طلعتي مش سهلة .."
سخرت قائلة:
" مش سهلة إيه بس دا وافق بطلوع الروح أني أساعدك في الشغل. "
لون الامتعاض ملامحها و هي تتابع:
" أخوك دا محدش يقدر عليه .."
" غيرك .. "
هكذا جاء صوت 《سالم》 القادم تجاههم فتركت ما بيدها و توجهت إليه قائلة بمزاح :
" صدقتك أنا صح؟"
3
احتوى كفها تحت ذراعه بإبتسامة سرعان ما غابت وهو يناظر 《سليم》 بجدية انطبعت على نبرته حين قال :
" إيه الدنيا ؟"
" تمام أنا خلصت كل حاجة و فرح راجعت ورايا .."
اومئ برأسه قبل أن يوجه أنظاره إليها قائلًا بخشونة:
" عايز فنجان قهوة من ايدك .."
" عيوني .. بس خلي بالك كدا قهوة و عشا قلت أنت داخل على طمع مصدقتنيش ."
1
قالت جملتها الأخيرة بهمس فلون العبث نظراته حين قال بجانب أذنها:
"ما قولتلك كلك على بعضك تخصني .. و اثبتلك كمان ولا إثبات امبارح مكنش كافي .."
2
روت دماء الخجل وجنتيها فأنبتت زهرًا ود لو يقطفه في تلك اللحظة ولكن لولا وجود 《سليم》 الذي كان ينظر في الأوراق وهو يقول بعفوية:
" و أنا كمان يا فرح اعمليلي فنجان قهوة معاه.."
زمجر 《سالم》 بخشونة:
" اياكٓ تعمليله حاجه …"
ابتسمت 《فرح》 و غادرت بينما قهقه 《سليم》 على حديثه وقال ساخرًا :
" متقوليش إنك غيران والجو دا … "
1
《سالم》 بفظاظة :
" هو الحلاق أيده طولت على عقلك كمان ! حسك اتهطلت من وقت ما عملت العملة دي .."
《سليم》 بترقب :
" أنا حاسس إنك شايل مني يا كبير .."
《سالم》 بتقريع :
" بقي فرح مش مسيطرة ؟ بتوقع بينا !"
1
《سليم》 باندهاش:
" أوبا .. دي جنة طلعت فتانة وأنا معرفش ! "
قاطع حديثهم صوت رنين هاتف 《سالم》 الذي أجاب على الفور فأتاه صوت 《صفوت》 المرتعب :
" بنتي اتخطفت يا سالم …"
1
《سالم》 بصدمة :
" بنتك مين ؟ اقصد هو أنت لاقتها اصلًا ؟"
《صفوت》 بقهر :
" كانت قدامي شايفها بعنيا بس مكنتش أعرف أنها بنتي… و معرفتش غير لما راحت تاني يا سالم .."
1
كانت لهجته تقطر ألمًا وهو يتابع قص الأمر علي 《سالم》 الذي كانت ملامحه مشدودة و عينيه جاحظة يتعاظم بها الغضب حين اختتم «صفوت» حديثه قائلًا بقلة حيلة
" عرفت أن العربية دخلت القاهرة و بعد كدا معرفش راحت فين ؟ لأول مرة أحس نفسي عاجز و مكسور اوي يا سالم . "
1
زمجر بخشونة
" متقولش كدا يا عمي طول ما احنا موجودين في ضهرك الموضوع ميخصكش لوحدك . نجمة بنتنا و لازم أرجعها حتي و لو على رقبتي .."
1
كلماته أضفت شعور من الأمان والراحة علي قلب 《صفوت》 و خاصةً حين أضاف بفظاظة
" قعدتك عندك ملهاش لازمة دلوقتي . بما أنها في القاهرة . معدش في وقت نضيعه ."
3
《صفوت》 باستفهام
" سالم . انت في حاجه في دماغك ؟"
" لما تيجي هتعرف .. قولت لسهام حاجه ؟"
《صفوت》 بيأس
" لا طبعًا مقدرتش اقول اي حاجه .. هخاف عليها ممكن تقع متقومش المرة دي .."
" كويس . انا هعمل اتصالاتي هنا و في أقرب وقت تكون هنا انت وهي . و ان شاء الله هنلاقيها. "
1
أنهي 《سالم》 المكالمة تزامنًا من دخول 《مروان》 الذي قال باستفهام
" هي مين دي اللي هتلاقوها ؟ "
رمقه 《سالم》 بجمود تشابه مع لهجته حين قال
" نجمة بنت صفوت ."
وثب 《سليم》 قائلًا بتفكير
" مش دي بنته اللي ضاعت يوم الحادثة !"
1
《سالم》 باختصار
" هي .."
《مروان》 بسخرية
" و لسه فاكر يدور عليها دلوقتي ؟"
زفر 《سالم》 بملل قبل أن يسرد عليهم ما حدث فصاح 《مروان》 باندهاش
" يعني اتخطفت منه من تلتاشر سنه و جت اتخطفت منه تاني دلوقتي دا ايه البت المنحوسة دي !"
5
لم يبالي لسخريته إنما نظر إلى 《سليم》 وقال بفظاظة
" ابعتلي ملف المناقصة عالميل عشان لما ارجع اراجع عليه و اعمل حسابك انك هتروح انت وهو بكرة أن شاء الله بدالي . "
1
وثب 《مروان》 مستفسرًا
" ليه وانت هتبقي فين ؟
تعابيره جامدة تتنافي مع ضجيج غضبه الذي حاول كبته وهو يقول بجفاء
" رايح للهلالية عشان اسوي موضوع الانتخابات دا . مش عايزين عداوات اكتر من كدا .."
1
تحدث 《سليم》 مقترحاً
" انا جاي معاك . مش هسيبك تروح لوحدك ."
《سالم》 بسخرية
" ليه عيل صغير !"
" لا بس الطريق بينا و بين البلاد اللي قبلهم مقطوع و مليان قطاع طرق واحنا مش لاقيينك في الشارع .."
1
هكذا تحدث 《سليم》 بحنق قابله 《سالم》 ببرود وهو يلملم أشياءه و قد تجاهل منحني الرد و توجه للخارج مارًا ب《مروان》 الذي كان غارقًا في تأملاته فلم يلاحظ نظرات 《سالم》 القاتلة تجاهه…
" طول عمرك عنيد يا سالم.."
5
هكذا تحدث 《سليم》 بسخط فاضاف 《مروان》 ساخرًا
" بدل ما انت عمال تاكل في نفسك كدا سلط عليه اللي اقوي منه !"
" تقصد مين !"
مروان باختصار
" فرح .."
رمقه 《سليم》 شذرًا وهو يتمتم بحنق
" واحد عندي و راسه ناشفه و التاني متخلف. معندوش عقل صبرني يارب …"
《مروان》 بتهكم
" حوش مين اللي بيتكلم عن العقل . بلاش انت بقرعتك دي . عيني عليكِ يا جنة و علي بختك الأسود .."
هبت رياح غضبه فنثرها في وجهه بانفعال
" و انت مال اهلك و مال جنة يا بغل انت!"
" مش صاحبتي و اختي و يهمني مصلحتها…"
2
زفر 《سليم》 محاولًا كبت غضبه وهو يقول من بين أنفاسه
" لو قولت صاحبتي دي تاني هنشن انا علي قلبك و اريح الناس منك فاهم .. ؟"
《مروان》 بعتب
" كل دا عشان عايز مصلحتك . و بنبهك احسن ما البت تطفش منك ؟"
نجح في التعزيز من فضوله الذي جعله يقول مستفسرًا
" ايه اللي بتقوله دا ؟ هي شكيالك مني ولا ايه ؟
1
اقترب 《مروان》 قائلًا بتخابث
" بص دي أسرار أصحاب . بس انا هخدمك. شوف انت اوطي من الجزمة بس انا راجل اصيل … جنة عيد ميلادها آخر الأسبوع و دا اول عيد ميلاد ليكوا مع بعض . مش معقول تعديه ملط كدا ! لازم يكون مختلف .."
1
《سليم》 بتفكير
" أيوا عندك حق .. كويس انك نبهتني . طب تفتكر اعمل ايه ؟"
" فاكر الواد يوسف الحسيني «بطل رواية للعشق وجوه كثيرة» بتاع المسلسل اللي كانوا بيتفرجوا عليه الواد الحلو ابو عيون زرقا اللي انت مش شبهه خالص دا!"
2
《سليم》 بمراوغة
" تقريبًا .. ماله دا"
《مروان》 باندفاع
"معاه شويه مزز انما ايه لوز الجوز .."
2
نهره 《سليم》 قائلًا بجفاء
" انت يا بغل انت مش بتحب !!"
《مروان》 بعفوية
" اه بحبهم كلهم . الصراحة كلهم يتحبوا مش شبه القرود اللي عندنا لا …" 
1
《سليم》 باندهاش
" تقصد أن سما قردة . "
"لا اقصد عمتك …"
1
رغمًا عنه ابتسم علي حديثه ولكن سرعان ما نهره قائلًا
" اخلص قول المفيد …"
《مروان》 بتذكر
" ايوا صح . فاكر لما كان عامل حفلة للبت الصاروخ اللي معاه دي ؟ "
" فاكر حاجه زي كدا  "
《مروان》 بلهفه
" البت جنة كانت عينها هتطلع وهي بتتفرج عليهم . و اكيد بينها و بين نفسها قالت ايه ياربي نفسي في فارس أحلام زي الواد دا وسيم و رومانسي و غني و بيعمل مفاجئات . قوم يا قلب امها لبست فيك .."
15
ناظره 《سليم》 شذرًا قبل أن يقول بتحذير
" هلبس الطفاية دي في خلقتك .."
《مروان》 بلهفة
" لا و علي ايه خلينا في المهم . دلوقتي لازم تعملها مفاجأة زي دي في عيد ميلادها. وتحقق لها أمنيتها التي لم تفصح عنها. وبكدا تبقي البطل اللي هي بتتمناه اينعم أقرع و اهبل بس مش مشكلة شغال .."
عض 《سليم 》على شفتيه قبل أن يصبح غاضبًا
" امشي من وشي .."
1
قهقه 《مروان》 وهو يتجه الي الباب و سرعان ما توقف ليضيف بسخرية
" خدت الفكرة مني و غدرت عليا خليك فاكر بس و عد الجمايل . "
*********************
بأعين لامعة بعبرات الألم الي غلف مقلتيها أخذت تنظر إلي ألبوم صورها وهي طفلة صغيرة تتوسط أحضان والديها بسعادة غافلة عن ما تخبئه لها الأيام من تعثرات و مشقات لم تعد قادرة علي مواجهتها . فـ لحظها العاثر كانت هي الطرف السيئ في روايات المحيطين بها !
لطالما تمنت حياة طبيعية شخص تحبه و يحبها ، عائلة حنونة تحتضنها ، بيت دافئ بأطفال رائعين تكن هي والدتهم ولكنها دائمًا كانت تشاهد حلمها من بعيد يحياه غيرها. لهذا لجأت للطرف القوي أو هكذا ظنت حتي ولو كان يحوي الشر بين ذراعيه !
لأول مرة لم تستطع أن تخلع ثوب ضعفها فقد خارت قواها للحد الذي لم يجعلها قادرة علي اخراج صوتها و السماح للطارق بالدخول . و لم تهتز حين شعرت بباب الغرفة يفتح ولكنها جفلت حين سمعت صوت غريب فالتفتت لمعرفة ما الأمر فتفاجئت بجهاز غريب كـ سيارات الاطفال يدخل الي غرفتها و علي سطحه وردة حمراء بجانبها رسالة مطوية قامت بإلتقاطها بيد مرتجفة و أعين تراقص بهم الدمع وهي تقرأ الحروف المدونة بها
" مابعرفش اعتذر بس بعرف اصلح غلطي. هتديني فرصة ولا آجى أخدها انا بنفسي ؟"
رغمًا عنها لونت ابتسامة دافئة ملامحها و تابعت القراءة
" لو قررتي تديني فرصة اطلعي البلكونه هتلاقينى واقف تحت . و لو مش ناويه تديني فرصه استنيني انا هطلعلك فوق اخدها بنفسي ."
1
قادتها قدماها الي الشرفة لتجده يقف بهالته الخاطفة واضعًا يديه بجيوب بنطاله فلم تستطيع قمع بسمتها التي أضاءت معالم وجهها خاصةً حين قال
" صافية يا لبن ؟"
حاولت رسم السخرية علي ملامحها و في نبرتها حين قالت
" حد قالك قبل كده انك ظريف ..؟"
" محدش يقدر !"
" دا ليه أن شاء الله ؟"
رفع ذراعيه في محاولة لإستعراض عضلاته وهو يقول بتهديد مبطن
" جربي و أنتِ تعرفي .."
" تصدق خوفتني !!"
" طب بما انك خايفه اعملي حسابك هاخدك أنتِ وريتال و نروح سينما. "
هبت معارضة
" لا طبعًا.."
تجاهل اعتراضها وقال بصرامة
" الساعه تمانيه تكوني جاهزة و بلاش وحياة اهلك اللبس بتاعك دا عشان ماليش خلق اتخانق .. "
انهي كلماته والتفت مغادرًا دون أن يُعير اعتراضها اي اهتمام ليتركها خلفه تتخبط بين مشاعر قوية تجتاحها و معارك دامية بين الأبيض و الأسود وما يترتب علي كلاهما .
2
********************
حل الليل و عم السكون في تلك المناطق الريفية و استكانت الكائنات الحية الي ملاجئهم بينما كان هو يغادر منزل الهلالية بعد أن تم الاتفاق معهم و أُزيلت تلك المشاحنات و الأجواء النارية بينهم و قد كان هذا الأمر مهمًا كثيرًا بالنسبة إليه . يكفيه أن يعلم بأنهم ليسوا أعداء ليستطيع التركيز مع عدوه الآخر..
استقل سيارته و انطلق بها يشق الطريق الترابي قاصدًا مزرعتهم وفجأة شاهد ظلًا في المرآة لشخص ملثم يجلس في الكرسي الخلفي و شئ حاد ينغرز بظهره من الخلف مع تحذيرًا شديد اللهجة من صوتًا بدا مألوف !
" ادخل أول يمين و اركن علي جنب .."
1
نظرة تقييمية طافت بها عينيه علي الوضع القائم فلم يجد حلاً سوي تنفيذ أوامر ذلك الغريب فما هي إلا دقائق و قد أوقف السيارة مثلما أخبره ليجد ذلك الملثم يلتف و يجلس بجانبه في المقعد الملاصق لمقعد السائق و يا لدهشته حين أسقط الغريب قناعه عمدًا فتفاجئ ب《مروان》 !!
1
لحظات من الصمت خيمت على جو السيارة بينما كان هناك حديث دائر بين الأعين قطعه صوت 《مروان》 المرح وهو يقول
"مبدأيًا كدا اعترف انك خوفت…"
تجاهل مزاحه وقال آمرًا
" عايز تفسير للي حصل دا ؟"
" طب مش لما تعترف الأول !!"
احتدت نبرته قائلاً بنفاذ صبر
" مش هكرر كلامي .."
زفر 《مروان》 بتعب قبل أن يقول بإذعان
" انا قابلت ناجي الأسبوع اللي فات !"
1
تجعدت ملامحه بفعل الغضب فجاء صوته فظًا حين قال
" مش هتنقطني . قول اللي عندك مرة واحدة.."
صمت 《مروان》 لثوان يسترجع ما حدث في ذلك اليوم
عودة لوقت سابق
" ألو مين معايا ؟"
هكذا أجاب 《مروان》 علي هاتفه فجاءه الرد علي الطرف الآخر
" انا ناجي يا مروان و اوعى تقفل السكة .. انا عايز اقابلك ضروري بخصوص سما . و الموضوع ميتأجلش . أياً كان اللي ما بينا سما ملهاش ذنب فيه ….."
1
كان ماهرًا في اللعب علي أوتار فضوله الذي دفعه للقول باختصار
" مكانك فين ؟"
اخبره 《ناجي》 بالعنوان فتوجه 《مروان》 علي الفور الي حيث ينتظره وما أن جلس علي المقعد حتي قال آمرًا
" قول اللي عندك بسرعه معنديش وقت اضيعه مع أمثالك …"
نجح في قمع غضبه وهو يخرج أحد الأوراق من جيبه يناولها ل《مروان》 الذي سرعان ما اهتاج كالثور و انقض عليه قائلًا بصراخ
" نهارك أسود معناها ايه الورقة دى ؟ انطق مين حاتم دا "
حاول 《ناجي》 تخليص نفسه من قبضته وهو يقول مختنقًا
" سيبني . و . اقعد .. عش .. عشان افهمك.. "
بصعوبة نجح في التحكم بغضبه و عاد إلي مقعده بينما انحصر هذا الغضب المقيت داخل عينيه التي كانت ترسل سهام التهديد بقلب 《ناجي》 الذي بدا غير متأثر حين شرع في الحديث قائلّا بسلاسة
" عشان اكون صريح معاك الورقة دي سما مضت عليها من غير ما تاخد بالها وهي بتعمل جواز السفر بتاعها . لما قررت انها تروح تقعد عند شيرين .. و حاتم دا واحد من رجالتي سما متعرفوش أصلًا "
" اه يا كلب.."
2
صاح 《مروان》 فقاطعه 《ناجي》 محذرًا
" لو مبطلتش كلامك دا مش هكمل و انت اللي هتخسر .. "
أجبر نفسه بصعوبه علي الصمت ليتابع 《ناجي》 حديثه المسموم
" طبعًا دي الحاجة الوحيدة الي كنت هعرف امسك بيها سما . "
《مروان》 باحتقار
" تمضيها علي ورقة جواز من واحد متعرفوش من غير ما تعرف !"
《ناجي 》مبررًا
" لما تكون حربي مع ناس زيكوا يبقي كل شئ مباح . "
2
《مروان 》بانفعال
" انت جايبني هنا ليه ؟"
" مش عايز اكتر من حقي .."
" اللي هو ؟"
اتكأ علي المنضدة أمامه وهو يقول بنبرة متحفزة
" ارد اعتباري قدام بناتي و ارجع لهمت وآحد ارضي من صفوت …"
1
انطلقت ضحكة خالية من المرح من فم 《مروان》 الذي استطرد قائلًا
" ايه القناعة دي ؟ كل دي طلبات ؟ لا و كلها اصلًا مش من حقك . يخربيت بجاحتك !! دانتا واخد ثانويه عامة في التناحه . و دكتوراه في الوقاحة . مش عايز حد يدعكلك رجليك كمان ؟"
5
《ناجي》 بحنق
" خلصت تريقه ؟"
" تريقة . دانا ماسك نفسي اني اسفلت وشك بالعافية.."
" لو مخرستش و سمعتني. اقسم بالله بكرة هتكون سما في بيت جوزها…."
1
ابتلع جمرات غضبه الحارق وقال بهسيس
" لو قلت الكلمة دي تاني مش هتلحق تكملها.."
《ناجي》 بخداع
" حلو . هو دا الزوج اللي اتمناه لبنتي .. بس ناقصك شويه حاجات كدا بسيطة .."
ارتفع حاجبه بسخرية فتابع 《ناجي》 بث سمومه
" انت متفرقش حاجه عن سالم و سليم . بس هما ابوهم عززهم و انت ابوك اضحك عليه ابوك مباعش ارضه لمنصور زي ما فهمكوا. "
1
انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" ازاي ؟"
اجابه 《 ناجي》 بحقد
" منصور استغل أنه محتاج و خد الأرض بأقل من ربع تمنها . و ابوك لأنه مكنش عايش هنا و مكنش فاهم وافق . و باقي الأملاك اللي منصور قال إنه باعها عشان كانوا مديونين كلها لسه موجوده.. و أبوك عرف كل دا صدفة."
" مفروض اصدقك ؟"
1
استفهم 《مروان 》ساخرًا فأجابه 《ناجي》 بتهكم
" طب ايه رأيك تسأله ليه مبينزلش هنا خالص ؟ ولا اقولك انا .. عشان لما عرف وواجه منصور مأنكرش و قاله انت غريب و ملكش حاجه هنا .ابوك يومها حلف يمين ما ينزل البلد تاني و لا هيسامح في حقه .ولو مش مصدقاني اسمع منه يحكيلك .."
1
" لو فرضنا ان كلامك صح عايز ايه بردو؟"
" عايزك تاخد حقك منهم . مع إني واثق أن سالم ألعن من أبوه وعمره ما هيديلك حاجة بمزاجه .."
1
《مروان》 بسخرية
" يبقي ناخدها منه غصب عنه صح ؟"
" ابتديت تفهم .. مبدأيًا كدا انا مش عايز أذي لحد . انا عايز اعيش بسلام .."
1
《مروان 》بسخرية
" النووي و السلام ميتفقوش أبدًا !"
تجاهل سخريته وقال بجدية
" هتساعدني و اساعدك ولا اصرف نظر عنك خالص .."
《مروان》 بتهكم
" و مين هيساعدك لو صرفت نظر عني..؟"
" كتير . انا ليا عيون عليكوا في كل مكان . عارف كل الخبايا اللي في مزرعة الوزان . تحب اقولك أمارة ؟'
تنبه 《مروان》 لحديثه فتابع 《ناجي》 بانتصار
" البت اللي اسمها لبني حازم هو اللي اغتصبها مش صاحبه .. و مش لوحده الي عمل كدا . دا معاه واحد كمان .."
1
تدلي فكه من فرط الصدمة التي اصطبغت بها لهجته حين قال
" انت بتقول ايه ؟"
" انت اللي هتقول معايا ولا عليا ؟"
لم يجيبه 《مروان 》انما امسك الهاتف وقام بالاتصال بوالده الذي ما أن أجاب حتي قال بجمود
" بابا احنا لينا حق فعلًا في رقبة عمي منصور ؟"
《مهران 》بصدمة
" بتقول ايه يا مروان ؟"
" اللي سمعته و ياريت تجاوبني بصراحه . عمي منصور سرق حقنا فعلا و باعلك الأرض بربع التمن ؟ و نصب عليك في الباقي ولا لا ؟"
《مهران》 بخيبة أمل
" للأسف دا حصل .."
اغمض 《مروان》 عينيه بصدمة تعاظمت حين تحدثت 《مهران》 محذرًا
" اوعي تطالب ولاد عمك بحاجة . ولاد منصور اكيد زيه وشبهه وحتي لو ادوني مال قارون مش هسامحه بردو . كفايه أنه كسر ثقتي فيه و طردني من املاكي زمان …."
2
انهي 《مروان》 مكالمته الهاتفية وسط نظرات 《ناجي》 اللامعة بسعادة تضاعفت حين قال 《مروان》 بغضب
" انا مش هأذي حد هاخد حقي و حق ابويا و بس .. "
" موافق .. نقرأ الفاتحة "
1
قهقه 《مروان》 بصخب قبل أن يقول بوقاحة
" شكلك زي الكلب اللي لقي عظمة بالظبط .."
" لو قليت ادبك تاني اعرف انك مش هتطول ضافر سما بنتي ولا حتي في احلامك .."
1
أومأ 《مروان》 قبل أن يضيف بجدية
" سما قبل اي حاجه .."
" موافق .."
مد 《مروان》 يده إليه وهو يقول بجدية
كدا يبقي اتفقنا… نقرا الفاتحة بقي.."
عودة للوقت الحالي
انتهي 《مروان》 من سرد ماحدث و دام الصمت بينهما لثوان وقد كانت نظرات 《سالم 》جامدة تمامًا ك لهجته حين قال
" جاي تقولي الكلام دا ليه دلوقتي ؟"
《مروان》 باندهاش
" تقصد ايه ؟"
《سالم 》بعتب يغلفه الحدة
" بعد ما حطيت ايدك في ايد عدوي و اتفقت معاه عليا جاي تقولي كدا ليه ؟"
صمت للحظات قبل أن يقول
" عشان عدوك عدوي يا ابن عمي .."
2
لامست جملته أعماق قلبه فزفر بقوة قبل أن يقول بجفاء
" و أشمعني استنيت كل دا عشان تقولي ؟"
1
《مروان》 باقتضاب
" مكنش ينفع اقولك كدا في البيت . انا مبقتش اثق في حد . عمتك معاه وشيرين كمان انا حتي شكيت في سما  .. كان لازم اقولك بعيد عن البيت عشان مخاطرش أنه يعرف "
" و حقك و حق ابوك ؟"
" حق أبويا لوحده. وهو حر مع اخوه. وان كان هو و اخوه خسروا بعض عشان الفلوس انا مش هعمل كده معاكم ."
2
تعمقت نظرات 《سالم》 تجاهه وقال مستفهمًا
" مضعفتش يا مروان ؟ محستش أنك فعلًا صاحب حق وعايز تاخده من باب رد الاعتبار حتي ؟"
اخفض رأسه أرضًا قبل أن يجيب بنبرة هادئة
" ضعفت . بس كان للحظة. حطيتكوا في كفة و الفلوس و رد الاعتبار اللي قولت عليه ده في كفة . بس كفتكوا غلبت يا ابن عمي .."
5
صمت لثوان قبل أن يضيف بصدق
" كنوز الدنيا كلها متساويش جمعتنا سوي ولا وقفتنا في ضهر بعض . مش كل الرزق فلوس.. "
13
احتدت نظراته و ازدادت قتامة قال يباغته بلهجة آمرة
" انزل…"
تفاجئ 《مروان》 من حديثه و قد هوى قلبه حين ظن بأنه لم يصدقه فقال برجاء
" سالم .."
قاطعه بحدة
" قولت انزل .."
تهدلت أكتافه و ترجل من السيارة بألم سرعان ما تبدد حين رأي《 سالم》 الذي ترجل هو الآخر ليقف أمامه فقال 《مروان 》باندهاش
" هو في أي…."
لم يكد ينهي جملته حتي قابلته قبضة 《سالم 》القوية التي طالت أنفه قبل أن يقول بغضب
" دي عشان وسخت ايدك وحطيتها فى ايد الكلب دا.. "
2
لم يكد يستوعب حديثه حتي تفاجئ من لكمة أخرى لا تقل قوة عن سابقتها وصوته الخشن يقول
" ودي عشان سبت الكلب دا يهددك و مكسرتش دماغه .."
1
واحدة ثالثة كانت أقوى من سابقيها و لكن اختلت نبرته الفظة و شابهها ضعف كان جديد كليًا عليه حين قال
" و دي عشان حسستني اني فشلت للمرة الثانية في تربية ولادي .."
5
هل شاهد حقًا تلك اللمعة الخاطفة في عينيه؟ هل《 سالم》 الوزان عينيه تلمعان بالعبرات ؟ هل هذا الضعف في نبرته حقيقي ؟ دارت كل تلك الأسئلة بعقله الي أن انتهي 《سالم》من حديثه عند كلمة " ولادي " والتي تحكي مقدار حبه له و أيضًا تشير الي 《حازم 》الذي يحمل نفسه ذنب أخطاءه فاندفعت العبرات من مقلتيه وهو يتجاوز ألمه و يهرول الي ذراعي 《سالم》 المفتوحين علي مصرعهما وهو يتحدث بتأثر
" متقولش كدا انت عمرك ما كنت فاشل أبدًا. حازم غلط عشان هو وحش دا مش ذنبك . انت طول عمرك عظيم . و مثل اعلي لينا كلنا و ليا انا بالأخص .."
5
اشتد عناق 《سالم》 له إثر كلماته المؤثرة فتابع 《مروان 》وهو يشدد علي  حروف جملته
" انت طول عمرك قدوتي و ابويا اللي بفتخر بيه . عمري ما اخونك يا سالم لو السكينة على رقبتي…"
7
لم يعتد تلك المواقف ولكن كانت فرحته تبلغ عنان السماء ببراءة من يعتبره ابنًا له فخرج صوته مبحوحًا متأثرًا حين قال
" الدنيا دي كلها عندي متساويش ضافر واحد منكوا . انتوا ولادي يا مروان و الضنا دا غالي اوي عمره ما يهون .."
8
**************
تشابه الليل و النهار معًا و اختلطت جميع ألوان الحياة بنظرها لتصبح رمادية هكذا هو حالها منذ أن فقدت طفلتها وانطفئ بريق الحياة بعينيها حتي أنها منذ ذلك اليوم وهي تنتظر أجلها المحتوم فقد كان هو السبيل الوحيد لنجاتها.
رن الهاتف الملقي بإهمال الي جانبها فلم تعير اي اهتمام فعاد ضجيج صوته مرة ثانيه وثالثه و رابعه الي أن ملت و شعرت بالسخط علي ذلك الشخص الوقح الذي لم يستسلم أبدًا و قامت بالرد قائلة باختصار
" مين ؟"
جاءها الصوت الساخر علي الطرف الثاني لتتجمد الدماء بأوردتها
" لسه نفس التكبر بردو .مغيرتوش السنين !"
ابتعلت ريقها محاولة الإبقاء علي هدوءها وقالت بمراوغة
" مين معايا ؟"
عاتبها بتهكم
" معقول نسيتي صوتي ؟ ولا مش معقول ليه إذا كنتِ نستيني بعد ما كنتِ في حضني بيوم واحد و اتجوزتي اخويا .. يبقي هتفتكري صوتي بعد كل السنين دي ؟"
1
أخذت دقات قلبها تدق بصخب تجلي في نبرتها المرتجفة حين قالت
" لسه كنت بقول مين الوقح اللي بيتصل و مش عايز يبطل دا . قلبي كان حاسس .."
" وحشتيني .."
" اخرس .."
قهقه بصخب قبل أن يقول بجدية
" جوزك فين ؟"
" و انت مالك ؟"
زفر بحنق قبل أن يقول بتهكم
" سمعت أنه بيفكر يتجوز اليومين دول. وبصراحه انا عاذره أنتِ مقصره معاه اوي و الراجل كان اصيل و صبر عليكِ كتير .. إلا قوليلي يا سهام . مكنتيش بتديله حقوقه عشان حزينة علي بنتك ولا مكنتيش قادرة أنه يلمسك وأنتِ بتحبي اخوه ؟"
1
" غرور ولاد الوزان الحاجة الوحيدة اللي خدتها منهم.. بالإضافة للاسم.."
هكذا خاطبته بتهكم فأجابها بمرارة
" اهي حاجه خدتها منهم ماهم خدوا مني كل حاجه . حتي الحاجه الوحيده اللي حبتها في حياتي خدوها مني .."
1
اخترقت سهام كلماته جراحًا ظنتها شُفيت منذ زمن ولكن اتضح بأنها مختبئة خلف رماد العمر الذي مضى دون أن تلحظ
" متصل عايز ايه ؟"
" بنتك لسه عايشه . و معايا .."
2
لم تصدق أذنيها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي تجلت في نبرتها حين قالت
" بتقول ايه ؟"
" اللي سمعتيه.. بنتك لسه عايشه و معايا .."
فخًا نعم إنه فخ . هكذا أقنعت نفسها و رددته شفاهها حين قالت
" كذاب . ايوا انت كذاب . و بتقول كدا عشان توجعني زي ما وجعتك زمان .."
1
تشكلت غصة صدئة بجوفه قبل أن يقول بمرارة
" مش أنتِ اللي وجعتيني يا سهام و إلا مكنتش هسيب نجمة عايشه لحد دلوقتي .. بس احنا لسه فيها.."
صرخه خرجت من اعماق وجعها متبوعة بتوسل مؤلم
" لااا . ارجوك يا ناجي وحياة اغلي حاجه عندك . تقولي بجد بنتي لسه عايشه .."
لم يدع مكان لتلك المشاعر الغبية التي اجتاحته ما أن سمع ألمها فقال بقسوة
" قولتلك لسه عايشه .. البنت الشغالة اللي في بيت عبد الحميد عمران"
توقف عقلها عن العمل للحظات وهي تسترجع ذاكرتها نعم. هي حدثها قلبها بلهفة فقد ذكرتها بوالدتها . دق قلبها لها دون أن تعرف هويتها. ولا يمكن لقلب الأم أن يكذب
" عايزة اشوف بنتي يا ناجي .. ارجوك أتوسل اليك عايز اشوف بنتي .."
كلماته كانت كسكين نافذ نحر عنقها دون رحمة حين قال بقسوة
" لو عايزة تشوفي بنتك تطلقي من صفوت و تجيلي …"
1
هالها ما سمعت فقالت بصدمة
" أيه ؟ "
" اللي سمعتيه…"
بشفاه مرتعشة و قلب ينتفض جزعًا جادلته
" ليه؟"
" هاخد حقي اللي مخدتوش زمان…."
6
يتبع…..
لا بأس إن أخطأنا بإختيارنا لبعض الأشخاص، لا بأس إن ظننا أن بعض العلاقات قد تدوم للأبد. لا بأس إن قدمنا قلوبنا قربان لمن ظنناه سيُعطيها قدرها ولكنه تفنن في إزهاقها، ولكن كل البأس يكمُن في أن نظن بأن الحياة ستقف عند هذه النقطة، وأن كل البشر سيئون. فذلك الظلام الذي يحيط بنا لابد وأن يتبعه شروق شمس الأمل على قلوبنا لتُعيد إليها السكينة والطمأنينة من جديد.
3
نورهان العشري ✍️
رواية (تردى في العشق قتيلًا - ورقي -)
1
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
بعد مرور أسبوع
لم يكن الذنب ذنبي بل كان قدرًا معتدًا لم أقوى على عصيانه
واخترت بكامل أرادتي أن أموت بعينيك حامله بقلبي سرًا لا يسعني سوي كتمانه..
كم كان الأمر مؤلمًا أن أفارق و بقلبي حنين و شوق و حلم لا يقوى قلبي على تجاوزه أو حتى نسيانه..
ليتني لاقيت حتفي بين يديك ولا اهلك بقلبك الذي لم أشتهي في الحياة سوي العيش بين بُطينانه؟
تُري يا حبيبي هل ستغفر يومًا؟ وهل تُبسِط لقلبي الأمل أن يحيا بعد أن أهلكه الذنب وشانه؟
ذريعتي الخوف و ذنبي هو الضعف و جزائي لا استحقه و قلبي يتضرع و ينشد بين ذراعيك الأستكانة …
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
بخطٍ مرتجفة توجهت إلى باب الغرفة و قامت بفتحه بأنامل مرتعشة تحكي هول ما يعتمل بداخلها فوجدت الغرفة مظلمة إلا من نور بسيط ينعكس على ذلك الجسد الذي يتكئ على الأريكة المقابلة للشرفة فزفرت بتعب قبل أن تقول بنبرة مهتزة:
" ياسين .. جيت من بره امتا؟"
+
اخترق أذنيها صوت تنفسه الحاد والذي كان غلافًا لمحاولته في التحكم في غضبه العنيف فتقدمت منه خطوتين قائلة بنبرة أقوى :
" ياسين مش بكلمك ؟"
بسم الله الرحمن الرحيم
تنويه هام
الفصل دا هو آخر فصل نزلته بس طبعا ضفت فيه فلاش باك بيحكي كل الأحداث اللي فاتت و دا لسببين
اولا عشان نبدأ الأنشودة من اول ظهور حازم من غير ما نرغي في اللي فات عشان عايزين أن شاء الله نخلصها قبل رمضان
و ثانيا لإني اكتشفت أن روايتي مسروقه علي كذا موقع و كذا مدونة و منهم مواقف بفلوس و الناس عادي نزلتها و استحلت تعبي و بتقبض قصاده كمان 💔
و طبعا التحديث دا هيمنعهم أنهم يسرقوا الأنشودة لأن الأحداث مش هتبقي كاملة
و حسبي الله ونعم الوكيل
اتمني أن الفلاش باك اللي ضفتها تكون شارحه الأحداث شرح وافي و أن شاء الله اول فصل من الأنشودة يوم الاربع الجاي ♥️
و يوم الجمعه بإذن الله نتقابل في المعرض انا مشاركه بروايه قمر اوي اسمها تردي في العشق قتيلًا
هتعجبكم أن شاء الله و تابعوني عشان تشوفوا الاقتباسات اللي بتنزل منها ♥️
قرأءة ممتعة و مستنيه تفاعلكم و ايه رايكم في دماغ سالم باشا و الخواطر و الشعر متنسوش تقولوا رأيكوا فيه ♥️♥️
2
الفصل السابع و العشرون و الأخير
لا بأس إن أخطأنا بإختيارنا لبعض الأشخاص، لا بأس إن ظننا أن بعض العلاقات قد تدوم للأبد. لا بأس إن قدمنا قلوبنا قربان لمن ظنناه سيُعطيها قدرها ولكنه تفنن في إزهاقها، ولكن كل البأس يكمُن في أن نظن بأن الحياة ستقف عند هذه النقطة، وأن كل البشر سيئون. فذلك الظلام الذي يحيط بنا لابد وأن يتبعه شروق شمس الأمل على قلوبنا لتُعيد إليها السكينة والطمأنينة من جديد.
3
نورهان العشري ✍️
رواية (تردى في العشق قتيلًا - ورقي -)
1
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
بعد مرور أسبوع
لم يكن الذنب ذنبي بل كان قدرًا معتدًا لم أقوى على عصيانه
واخترت بكامل أرادتي أن أموت بعينيك حامله بقلبي سرًا لا يسعني سوي كتمانه..
كم كان الأمر مؤلمًا أن أفارق و بقلبي حنين و شوق و حلم لا يقوى قلبي على تجاوزه أو حتى نسيانه..
ليتني لاقيت حتفي بين يديك ولا اهلك بقلبك الذي لم أشتهي في الحياة سوي العيش بين بُطينانه؟
تُري يا حبيبي هل ستغفر يومًا؟ وهل تُبسِط لقلبي الأمل أن يحيا بعد أن أهلكه الذنب وشانه؟
ذريعتي الخوف و ذنبي هو الضعف و جزائي لا استحقه و قلبي يتضرع و ينشد بين ذراعيك الأستكانة …
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
بخطٍ مرتجفة توجهت إلى باب الغرفة و قامت بفتحه بأنامل مرتعشة تحكي هول ما يعتمل بداخلها فوجدت الغرفة مظلمة إلا من نور بسيط ينعكس على ذلك الجسد الذي يتكئ على الأريكة المقابلة للشرفة فزفرت بتعب قبل أن تقول بنبرة مهتزة:
" ياسين .. جيت من بره امتا؟"
اخترق أذنيها صوت تنفسه الحاد والذي كان غلافًا لمحاولته في التحكم في غضبه العنيف فتقدمت منه خطوتين قائلة بنبرة أقوى :
" ياسين مش بكلمك ؟"

YOU'LL ALSO LIKE
FLORENCE. by chames_jk
FLORENCE.
377K
16.8K
[ a d u l t c o n t e n t ] " توقَّف عن لمسِي بهذِه الطّريقة أَيُّها المُـحَقق جيُون ، إبنتُك تنظُر لنَا ! " تبرعَمت الأزهَار داخلي حين جذبنِي من خصرِي له،...
سجينة جبل العامري "ندا حسن" by nadahassan1234
سجينة جبل العامري "ندا حسن"
80.3K
4.5K
"جمعها القدر به بعد أن عصِفت بها الحياة حيث كانت تُواجهها بمفردها، رأت به ومعه ما لم تراه بحياتها من قبل، قسوة وحنان، حبٍ وكره، لم تفهم ما الذي يُريده وما الذي يبحث...
#ليته يعلم(أحببته منذ الصغر) by gshekfijenk123
#ليته يعلم(أحببته منذ الصغر)
1.2M
57.8K
قصه تتحدث عن فتاة عمرها٢٠ تعيش في بيت عمها بعد أن توفي أبوها وأمها.فوقعت في حب ابن عمها الذي يبلغ من العمر ٤٠ عاما
رواية بعينيكِ أسير بقلمي شهد الشورى by 20SHAHDSAYED20
رواية بعينيكِ أسير بقلمي شهد الشورى
1.9M
43.4K
تعالت همسات الجميع من حولها منهم المشفق منهم الشامت بينما هي تجلس مكانها جاحظة العينين غير مصدقة انه فعل بها هذا لقد غادر بوسط الزفاف تاركاََ اياها تواجه نظرات و همسات ا...
نغزات محرمة جزء الثاني by Leader_Mayar
نغزات محرمة جزء الثاني
851K
46.6K
كون هاي الدنيا تصغر حيل تصغر وتلتقي الوادم باهلها اي باهلها يعني انا وانتَ هيجي نلزم الدنيا ونذلها......
الفراشة الذهبية by _carmen_17_
الفراشة الذهبية
642K
25K
بعد غياب دام 11 سنة توجب عليها العودة إلى ديارها... و لكن لم تعد كما خرجت منها... أورورا شوارز الفراشة الذهبية صاحبة اكبر سلسلة شركة طيران في الصين الفاتنة شقراء الذي حك...
لكنك وعدتني by Kamy_army
لكنك وعدتني
5.6M
294K
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي...
" كنتِ فين طول النهار ؟"
رغمًا عنها تراجعت خطوة للخلف لا تعلم بسبب رعبها منه أم قوة دقاتها الهادرة هي من جعلتها تتراجع ولكنها حاولت الثبات وتحمحم بخفوت قبل أن تقول بإرتباك:
" كنت..  كنت. مع بنات أصحابي .."
نصب عوده و وثب قائمًا يتقدم منها بأعين يلتمع بها شيء غريب لم تره من قبل بينما كانت ملامحه مشدودة بطريقة بثت الذعر بقلبها و خاصةً حين تحدث بهسيس مرعب:
" وأنتِ في كام يوم لحقتي عملتي أصحاب هنا؟"
كان الأمر مُريبًا و الهواء معبًأ برائحة الغضب الذي يتجلي بعروق رقبته البارزة و صدره الذي يعلو و يرتفع و كأنه يتشاجر مع أنفاسه ولكنها تجاهلت ذلك كله و ارتدت قناع القوة وهي تقول بغضب يغلف خوفها الكبير :
" هو أنت بتحاسبني ولا إيه يا ياسين ؟ اه عملت أصحاب و خرجت معاهم إيه المشكلة ؟"
شوهت ملامحه إبتسامة مروعة و اشتدت قبضته وهو يتمتم بسخرية مريرة:
" صح فين المشكلة ؟ أقولك أنا فين المشكلة ؟"
قال جملته الأخيرة تزامنًا مع ارتفاع كفه بالهواء ليسقط بقوة فوق وجنتيها مما جعلها ترتطم بقوة في الأرضية الصلبة فلم تكد تتغلب على صدمتها حتى تفاجئت به يعتليها برأسه و يديه تمسكان بخصلات شعرها تكاد تقتلعه من مكانه وهو يهدر بغضب جنوني:
5
" اه يا كلبة يا رخيصة يا كدابه… بتكذبي عليا وأنتِ عينك في عيني .. يا قذرة دانا شايفك بعيني وأنتِ في حضن واحد غريب .. يا قذرة …"
1
لم تبالي بصفعته الثانيه و توقف الكون بها إثر جملته فخرج الكلام من شفتيها دون وعي:
" أنت شفتنا ازاي ؟"
6
انشق قلبه لنصفين فكان الألم لا يحتمل و كأنه يتقيئ روحه و هو يتخيل هذا المشهد الذي روع قلبه و هي بين أحضان آخر
عودة الى وقتًا سابق
كان يقف مع أحد زملائه بالعمل في المبنى الرئيسي للكلية وإذا بعينيه تلتقمان تلك التي كانت تهرول الى خارج المبنى هائمه علي وجهها حتي أنها لم تستمع الي نداءاته فاستأذن من صديقه و خرج خلفها فتفاجئ بها تخرج من البوابة الرئيسية للجامعة فاختلط بقلبه الفضول و القلق معًا و توجه يتبعها الي أن خرج فلم يجدها أمامه فظل يتلفت حوله باحثًا عنها فإذا به يشعر بطلق ناري يجتاح صدره حين وقعت عينيه عليها في الطرف الآخر من الطريق تحتضن رجل آخر في وضح النهار و أمام العالم أجمع !
ألم هائل اجتاح صدره حتي أفقده التنفس للحظات انحبست أنفاسه المحتقنة داخل صدره الذي تعاظم به الألم حتي كاد أن ينفجر وهو يراها تُشدِد من عِناقِها لذلك الشاب الذي كان يعطيه ظهره و لم يكد يتجاوز صدمته حتي وجد الشاب يمسكها من رسغها يجرها خلفه و يستقلون سيارة أجرة منطلقين في وجهه غير معلومة بالنسبة له فجن جنونه و هرع الي سيارته و أخذ يدور بها باحثًا عنهم في البلد بأكملها بأقصى سرعة يمتلكها حتي كاد أن يدهس أكثر من ثلاث أشخاص في مرات متفرقة من فرط غضبه الممزوج بألم قاتل وهو يتخيل ماذا تفعل زوجته مع هذا الرجل ؟
1
جن جنونه أكثر عندما لم يجد لهما أي أثر حتي أنه حاول الاتصال بها مرات ومرات فلم تجيبه فلم يعد يحتمل ما يشعر به و توقف بسيارته أمام الشاطئ الذي هرول إليه بخطْ مبعثرة تحكي مقدار الثقل الهائل الذي يرسو بصدره فلم يعد يحتمله أكثر من ذلك فأخذ يصرخ حتي جُرِحت أحباله الصوتية و قام بسحب رابطة العنق التي يرتديها و إلقائها ثم فتح ازرار قميصه العلوية فلم يعد يصل الهواء إلي رئتيه فكادت أن تنفجر لولا شلال العبرات الذي تدفق من مقلتيه فخفف من وطأة عذابه الفاحِش فتهالك جسده وخر علي ركبتيه ينتحب بصمت و مشاهد مروعة لزوجته بأحضان رجلًا آخر تجتاح عقله الذي لم يعد يحتمل فأخذ يضرب علي رأسه بقوة حتي يوقف هذا الفيلم المرعب الذي سيقضي عليه بأشنع الطرق .. وهكذا ظل قابعًا في مكانه وقتًا طويلًا لا يعلم مدته الي أن هب من مكانه ينوي الذهاب الي البيت و داخله عزم علي شئ واحد كان هو الحل القاطع لما حدث !
عودة إلى الوقت الحالي
سرعان ما تحول الألم الهائل الذي يعصف بصدره الي غضب مرير تعدي مرحلة الجنون فخرج كل شيء عن السيطرة و صاح بصوت هز أرجاء البيت:
" دا كل اللي هامك يا رخيصة .. يا كلبة .. أنا هموتك و أغسل عارك …"
كان يصرخ بعنف ويديه تقبضان على عنقها يعتصرها بقوة جعلت من مرور الهواء إلى رئتيها أمرًا مستحيلًا وقد تضاعفت قوته بفعل الغضب لتجعل من مقاومتها له أمرًا مستحيلًا فاستسلمت لنهايتها القاتمة وكان آخر ما شاهده بعينيها هي نظرات إعتذار لم تستطيع الشفاة التعبير عنه
" يالهوي بتعمل ايه يا ياسين أتچننت ..؟"
هكذا صاحت «تهاني» التي سمعت صوت «ياسين» الغاصب فهرولت لتري ماذا يحدث و إذا بها تجده كان قاب قوسين أو أدني من أن يجهز علي زوجته !
بصعوبة استطاعت تخليص «حلا» من يديه والتي اخت تسعا بقوة وهو يناظرها بسهام مشتعلة اختلط بها الاحتقار و الألم معًا ولم يجيب علي تساؤلات والدته التي أخذت توبخه بغضب
" حوصول ايه عشان تعمل في البنته أكده ؟ دي الأمانة الي أهلها امنوك عليها يا ضكتور؟ "
كان يطحن أسنانه بغل وهو يمنع سيل العبرات من المرور عبر شفتيه لا يريد الإفصاح عن جُرمها أمام والدته يشعر بالخزي منها و من ألمه و غضبه و ثورة مشاعره التي تكاد تقتله في تلك اللحظة..
" أنا خارج ارجع الاقيكي لميتي شنطة هدومك و غورتي في ستين داهيه من هنا . مبقتيش تلزميني …"
هكذا تحدث بقسوة تطل من عينيه و تتجلي في نبرته و قد عزم علي التخلص منها و من عار قلبه الموشوم بعشقها فاوشك علي إطلاق سراحها من أسر زواجهم
" أنتِ طا…."
" اجفل خاشمك و إياك تنطوجها يا ولد …"
ارتعب الجميع من صوت «عبد الحميد» الذي دخل الي الغرفة في التوقيت المناسب ليحول دون وقوع الكارثة وسط شهقات «حلا» التي ارتفعت حتي اوشكت أن تمزق جوفها واخذ جسدها يهتز بقوة بين يدي «تهاني» التي أخذت تشدد من احتضانها بشفقة علي حال تلك المسكينة التي كادت أن تُزهق روحها قبل لحظات
" أنا حر يا جدي و هي معدتش تلزمني.. "
هكذا تحدث بنبرة حاول أن تتضمن اكبر قدر من القسوة التي كانت الستار الوحيد الذي يخفي خلفها ألمه الهائل فصاح «عبد الحميد» بحدة
" كنك چنيت ولا اي ؟ ايه الحديت الماسخ ده ؟ كنه الچواز و الطلاج لعبة ولا اي؟"
طفح الكيل و تعاظم الغضب بداخله حتي أظلمت عينيه فصاح بشراسة
" انا قولت اللي عندي . أنا بكرهها مبقتش عايزها . كلم أهلها ييجوا ياخدوها. ارجع ملاقيهاش وإلا وعزة جلالة الله لهكون دافنها هنا …"
انهي كلماته و هرول للخارج مارًا بجده الذي فطن إلي أن الأمر جلل فحفيده ليس بشاب طائش ليفعل كل هذا دون أسباب قوية لذا لم يجادله و تركه حتي يهدأ قليلًا ثم القي نظرة جامدة يشوبها الشفقة علي تلك التي كانت ترتجف بشدة بين احضان «تهاني» وقد علا صوت بكائها مما جعل «تهاني» تشاركها البكاء وهي تقول بنبرة متحشرجة
" جوليلي حوصول ايه يا بتي؟ انا عمري ما شوفته أكده أبدًا .. طمني جلبي و جوليلي في ايه ؟"
رغمًا عنها ارتقت نظراتها الي «عبد الحميد» الذي كان الفضول يقرضه لمعرفة ماذا حدث ولكن ما أن رآي نظراتها حتي تراجع إلي الخارج بصمت فما أن سمعت «حلا» صوت إغلاق الباب حتي التفتت الي «تهاني» وهي تقول بلهفه
" أنا واقعه في مصيبة يا طنط . و مش عارفه اعمل ايه ؟ "
«تهاني» بذعر
" حوصول ايه يا بتي مصيبة ايه كفانا الله الشر.. جولي سيبتي ركبي .."
أغمضت عينيها تتذكر الساعات القليلة الماضية التي قلبت حياتها رأسًا علي عقب ..
عودة لوقت سابق
جالسة بالقاعة تدون أحدي المحاضرات فوجدت رقم مجهول يتصل بها فلم تعيره انتباه في البداية و تابعت ما كانت تفعله ولكن تفاجئت من رسالة نصية تصل إلي هاتفها فالتقطته تري فحواها الذي جعل حواسها كلها تتأهب
" حلا ردي عليا ضروري عايزك في حاجه تخص اخواتك .."
داهمتها حوافر القلق واحتارت ماذا تفعل ؟ و ما أن رن الهاتف مرة أخرى حتي انصاعت لفضولها القاتل و أجابت ولكن دون ان تتفوه بحرف و فجأة شعرت بالدنيا تدور بها حين سمعت صوتًا تحفظه عن ظهر قلب
" حلا . "
نفي عقلها تلك الحقيقة المستحيلة بينما أكدها قلبها الذي لم يخطئ في معرفة أحبابه
" ردي عليا يا حلا .. انا عارف انك مصدومة بس دي حقيقة انا لسه عايش مموتش .."
2
تخبطت سحب عينيها بقوة فأمطرت بينما كل خلية بجسدها ترتجف فوصله صوت بكائها فصاح بنبرة مختنقة
" بالله عليكِ تردي عليا .. اقولك لو مش مصدقاني انا قدام الجامعة عندك اخرجي من البوابة هتلاقيني واقف الناحية التانيه . تعالي و أنتِ هتتأكدي بنفسك .."
قادتها قدماها الي حيث وصفه وهي في حالة من اللا وعي و كأنها منومه مغناطيسيًا فلم تسمع نداءات «ياسين» لها فقد كان قلبها يقودها إلي الخارج بلهفة جعلت دقاته تتخطي المليون دقة في الثانية الواحدة ..
توقف بها الزمن للحظة وهي تري ذلك الظل الذي لم تخطئ عينيها في معرفة صاحبه ..
كان الامر دربًا من الجنون فلم تتمالك نفسها و هرولت غير عابئة لا بالسيارات التي كادت أن تدهسها ولا بصراخ الناس فقط تريد أن تتلمس ملامحه تستنشق رائحته ..
هل خابر أحدكم هذا الشعور ؟
شعورًا لا يضاهيه أي شعور في العالم.. أن يعود ذلك الغائب الذي هلك الفؤاد حزنًا علي رحيله ؟
أن تري فقيدك الذي جفت ينابيع الدمع ألمًا علي فراقه و اهترأت الروح لوعةً له و اشتياق ؟
(ياليت الغائبون يعودون يومًا 💔 رحم الله فقدائي و فقدائكم و جعلهم في الفردوس الأعلي )
5
عناق طويل وقوي كاد أن يحطم صدورهم و بكاء حار جعل المارة يتلفتون إليهم ولكنهم لا يأبهوا لذلك فقد طال الشوق و تعاظم بالصدور حتي أضناها ولكن همسات الناس من حولهم جعلته يتراجع عنها وهو يقول بتوجس
" تعالي معايا نمشي من هنا عايز اتكلم معاكِ .."
لم تفطن الي ما حدث فإذا به يأخذها ليستقلوا سيارة أجرة انطلقت بهم الي وجهة لا تعلمها فالتفتت تناظره بعد أن استعادت بعضًا من هدوءها و تيقظ عقلها لحقيقة عودته فقالت بصوت مبحوح من فرط البكاء
" انت ازاي مموتش يا حازم ؟ و كنت فين كل دا ؟ و ايه اللي حصل ؟"
سقط في بئر الهاوية الذي صنعته يداه فلم يعد يعلم من اي خطيئة سيبدأ لذا قال باستهلال
" الموضوع كبير و يطول شرحه يا حلا .. المهم عايزك تعرفي اني مظلوم و كنت ضحية لناس عايزين يأذوا اخواتك .."
1
جن عقلها من حديثه فصاحت بغضب
" انت كدا بتفهمني ولا بتقلقني و تلخبطني اكتر .."
صرخ بتأفف
" حلا اسمعيني مش وقت استجوابك . قولتلك هحكيلك علي كل حاجه .. "
قاطعته بحزم
" احكي سمعاك .. "
مسح صفحة وجهه بيدين ترتجف من فرط التوتر ثم هدر بيأس
" أنا كنت مسافر بره .."
"و بعدين .."
نكث رأسه في خزي وهو يقص عليها مقتطفات من جرائمه
" كان في بنت . وانا مكنتش في وعيي و بعدين فوقت لقيتها غرقانه في دمها. انا مكنتش حاسس بحاجه اقسم بالله.. معرفش ازاي عملت كدا . "
«حلا» بذهول
" بنت! انت تقصد جنة ؟ ولا دي بنت تانيه غيرها ؟"
ضيق عينيه حين سمع اسمها ثم قال بحشرجة
" لا . دي واحدة تانيه .. صدقيني أنا ماكنش قدامي حل غير اني اهرب .. انا .. انا "
برقت عينيها من حول ما استشفته من حديثه فقد اخذت ترتب قطع الأحجية حتي وصلت إلي حقيقة مروعة فخرجت كلماتها مذبوحة الأحرف حين قالت
" انت ايه يا حازم ؟ "
صاح مدافعًا عن جُـرمه العظيم
" أنا هربت عشان كنت خايف عليكوا من الفضايح ..أنتِ و اخواتك و ماما .. ماما كانت اكيد هتموت فيها لو عرفت حاجه زي دي.. خوفت عليكوا …"
2
تناثر القهر من عينيها علي هيئة عبرات أحرقت صفحة وجهها بسخونتها كما أحرقت كلماتها المشتعلة جوفها حين صاحت به
" خوفت علينا . بقي كل العذاب اللي عشناه و المرار الي دوقناه و احنا بندفنك بإيدينا و تقولي خفت علينا.. و ماما اليي كانت بتموت مننا و دخلت المستشفي كام مرة تقولي كنت خايف عليها ! دا انت لو قاصد تموتها مكنتش هنعمل كدا .. انت ايه شيطان .. ؟"
قالت جملتها الأخيرة صارخه حتي احترق قلبها فاحرقته حين صاحت وهي تضربه علي صدره بقبضتيها وهي تصيح بقهر
" ياريتك ما رجعت ..ياريتك كنت فضلت ميت .. ياريتك فضلت ميت .. ياريتك ما رجعت.. علي الاقل كنت هفضل احبك و حزينه عليك العمر كله .. "
2
حاول تهدئتها قدر الإمكان فصوت بكائها كان ينخر في عظام رأسه و لم يعد يحتمل لذا قال بيأس
" الله يخليكِ تسمعيني . أنا مقداميش حد غيرك يساعدني .. انا هضيع يا حلا . ابوس ايدك سامحيني .."
ناظرته بعينين يقطر منها الذهول و الاستفهام الذي انبثق من شفتيها علي هيئة حروف مبعثرة
" اساعدك ؟ انت عايز ايه ؟"
صاح بلهفه
" عايزك توصليني بسالم و سليم بعد ما تحاولي تحنني قلبهم عليا شويه . والله مكنش ذنبي دا ناجي الكلب هو اللي دبر لي كل دا .. "
" ايه ؟ ناجي ابو سما ؟ "
هكذا استفهمت بصدمة لونت معالمها فأجابها بتأكيد
" ايوا هو …"
قاطع استرساله في الحديث رنين هاتفه فما أن رأي المتصل حتي أطلق سُبة نابيه من بين شفتيه قبل أن يجيب بتأفف و يبدو أن ما سمعه علي الطرف الآخر أثار جنونه لذا هدر بقوة
" المرة دي اقسم بالله هقتلك يا ناجي .. استناني و اياك تعمل اي حاجه انا جايلك .."
اغلق «حازم» الهاتف فصاحت بذعر
" في ايه يا حازم ؟ عايز منك ايه الراجل دا ؟'
«حازم» بلهفه
" أنا هروحك دلوقتي واوعدك هكلمك و هجيلك تاني نكمل كلامنا.  لكن أنا لازم امشي دلوقتي عشان الحق ابن الكلب داقبل ما يضيعنا كلنا .."
2
صاحت بعويل
" ابوس ايدك عرفني في ايه انا هموت من الرعب .."
«حازم» بطمأنه
" متخافيش . اوعدك كل حاجه هتتحل .. بس أنتِ اوعي تقولي لحد انك قابلتيني و خصوصًا جوزك دا ممكن يقتلني .."
" يا نهار اسود .. طب و الحل .."
اخذت تلطم خديها بذعر فصاح بها معنفًا
" بطلي لطم بقي و اسمعي اللي قولتلك عليه . و أنا هكلمك في اقرب فرصة .."
عودة الي الوقت الحالي
أنهت «حلا» سرد ما حدث وهي تقول بقهر
" ياسين شافني وأنا حضناه و افتكرني بخونه…"
" يا مُري .. بتجولي ايه . بجي حازم لساته عايش ؟ دي مصيبة و حلت فوج روسنا .. "
هكذا صاحت «تهاني» بعد أن قصت عليها «حلا» ما حدث و أخذت تولول فاوقفتها «حلا» قائلة من بين انهيارها
" ابوس ايدك متعمليش كدا .انا قولت أنتِ الوحيدة اللي هتساعديني .."
«تهاني» باستنكار
" اساعدك ! اساعدك في ايه ؟ ده مرار و هيحوط علينا كلاتنا. و اول اللي هيطوله المرار الطافح ده البنية الغلبانه اللي بجت متچوزة اتنين دلوق.. ولا اخوكي إلى عيعشجها هيعمل ايه ؟ ولا ولدي . اه علي ولدي اللي مش هيمرجها واصل .. يامري ياني .. يا مري ياني "
صاحت «حلا» في محاولة منها لتهدئها
" مانا بحمد ربنا أن ياسين شافه من ضهره . و إلا كان ممكن يرتكب جريمة قتل .."
2
«تهاني» بسخرية
" ماهو كان هيرتكب ياختي . ماني شايله يده من فوج رجبتك و أنتِ بتطلعي في الروح .."
اخفضت رأسها بألك وهي تتذكر نظراته الكارهه و المحتقرة لها و قالت بألم
" ياريتها تيجي علي قد موتي و كان كل شئ يتحل .. "
«تهاني» بغضب مقيت
" و ابني يبجي جتال جتلة عشان خاطرك أنتِ و اخوكي؟"
التف طوق الذنب حول عنقها حتي كاد أن يخنقها فقالت بقهر
" متقلقيش انا هخرج من حياته و همشي قبل ما يرجع زي ما هو قال .."
صرخت بها «تهاني» و قالت بصرامة
" اجفلي خشمك و بطلي تخربطي بالكلام . أنتِ مهتخرجيش من هنا واصل .. سامعه يا بت الوزان .. "
«حلا» بذهول
" أنتِ بتقولي ايه ؟ دا حلف لو رجع و لقاني هيموتني.."
«تهاني» بصرامة
" مش هيجدر يعمل أكده . لكن لو عرف أن المحروس اخوكي لساته عايش هيبجي بحر دم مالوش آخر . جعادك هنا الحل الوحيد اللي هيمنعه أنه يعمل اي حاچة.. "
فطنت الي ما تقصده «تهاني» و اخفضت رأسها بألم فما حدث لا يصدقه عقل و كذلك القادم سيكون سئ علي الجميع و من بينهم هي و تلك المسكينة «جنة» …
4
★★★★★★★★
الإيمان قوة لا تقهر . لا يضام من آمن قلبه بأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملًا . و الصبر على الابتلاءات هو أشد أنواع الإيمان . و إختبار ل معادن القلوب التي إما أن تضِل و تسير هائمه في دروب العبث و اللهو أو تنشد أصعب الحلول و أشقها وهو الصبر.
كان طريق الوصول سهلًا للحد الذي يبعث الريبة في النفوس بأن القادم لن يكُن هينًا.
اندفعت سيارات الدفع الرباعي عبر البوابة التي كانت مفتوحة على مصراعيها و كأنها في انتظارهم !
عادت به الذاك
لم يكُن هناك الكثير من الحرس وكأن من بالداخل يعلم مقدمًا بأنهم لم يأتوا لسفك الدماء أو ما بحوزته يغنيه عن استعمال السلاح !
" اول ما اديك الإشارة تخلي القوات تهجم . في حساب لازم اصفيه معاه الأول .."
هكذا تحدث 《سالم 》إلى《صفوت》 الذي تفاجئ به يترجل من سيارته في آخر صفوف السيارات وهو يزمجر بغضب :
" قصدك نصفيه يا ابن اخويا ..  عمك مش عيل .. هيسيبك تدخل تنقذ بنته و مراته وهو واقف بره مستنيك .."
زفر 《سالم》 حانقًا :
" هتقدر تتحكم في اعصابك ؟"
《صفوت》 بقسوة:
" هو ونصيبه .."
كانت تلك آخر كلمة تفوه بها و هو يقف أمام 《سالم》 و 《طارق》 الذي هدر بعنف :
" لازم نهايته تبقي عبرة يا سالم .. اللي عمله الكلب دا مش قليل ! "
يعلم جيدًا مقدار ما يجيش بصدورهم من غضب لذا صاح مُحذرًا :
" مش عايز دم .. ولا اسم ناجي الوزان يتذكر اللي جوا دا دانيال روبرت .. ومش هسمح بأي خساير! مفهوم ؟"
ردد الجميع ما عداه فشدد على كلماته بنبرة أعنف:
" صفوت ؟"
قست عينيه و شابهتها لهجته حين قال :
" قول يارب .."
تقدم 《سالم》 بعينين سوداء يغلفهما الغضب و بدا و كأنه يتشاجر مع خطواته فقام بركل الباب الداخلي لهذا المبني المقيت و كلًا يحمل سلاحه و خلفهم مجموعة كبيرة من الرجال المُدججين بالسلاح فوجدوا القاعة خالية تمامًا بها درج كبير يصل للاعلي و على الجانب الأيسر يوجد ثلاثة أبواب مغلقة وعلى الجانب الأيمن ثلاثة أبواب أخرى و ساعة حائط كبيرة و التي كانت تدق بشكل مُثير للأعصاب فمشط 《سالم》 المكان بعينيه بصمت دام لدقائق فلم يتمالك 《طارق》 نفسه وقام بالتصويب على تلك الساعة اللعينة و فجأة سمعوا أصوات الأبواب و النوافذ المُحيطة بهم تُغلق و غمر الظلام المكان من حولهم . فقام الثلاث رجال بشد أجزاء أسلحتهم تحسبًا لأي شيء فتفاجئوا بدائرة ضوء تنحدر من أعلى الدرج أمامهم و بداخلها أكثر الأشخاص بغضًا لثلاثتهم!
" يا أهلًا بالحبايب .. متجمعين عند النبي (عليه أفضل الصلاه واذكى السلام) ان شاء الله "
انكمشت ملامحه غضبًا لدى سماعه صوت 《ناجي》 الذي بدا مُستمتعًا فأراد تعكير صفو شره حين قال :
" إحنا دايمًا متجمعين .. و دى أكتر حاجة تعباك ."
صوت 《سالم》 الفظ و ثباته الذي لطالما تمتع به إضافة إلى حديثه المقيت بالنسبة إليه جعلوه يقول محاولًا استفزازه :
" دا اللي أنت بتحاول تقنع نفسك بيه ! إنك الكبير اللي محاوط حبايبك و لاممهم حواليك بس الحقيقة غير كده .."
زفر بحنق أتبعه قوله الفظ وهو يشير للظلام حولهم:
" بقولك ايه بلاش شغل الافلام دا وأقف زي الرجالة نتكلم . عشان مجهزلك شويه مفاجئات انا واثق أنها هتعجبك "
《ناجى》 بإستمتاع :
" وماله .. انت تؤمر !  أصل أنا كمان مجهزلك مفاجأة ايه جبارة بس الأول خد البت مرات اخوك دي اللي صدعتني هي و ابنها عياط من امبارح "
قال جملته الأخيرة بتأفف وهو ينظر خلفه إلى《جنة 》التي كانت تحتضن 《محمود》 بين ذراعيها تهرول إلى 《سالم 》الذي احتضن كتفيها بيديه وهو يقول بإهتمام:
" أنتِ كويسة ؟"
اومأت برأسها وهي تقول بهمس
" كويسه.."
" عملك حاجه ؟"
صاح 《ناجي》 بملل :
" يا عم والله ما عملتلها حاجه .. دا أنا اللي أنقذت الواد الزنان دا . و بعدين انا كل اللي كنت عايزة أنها تحضر جمعتنا الحلوة دي .."
سالم بهسيس مرعب:
" حسابك تقل اوي ! "
《ناجي》 بنفاذ صبر :
" بقولك ايه يالا نبدا العرض "
فرقع 《ناجي》 بإصبعه فعم النور المكان ليتفاجأ الجميع بانفتاح أول باب ليظهر منه《 مروان》 الذي كان يقف بجمود مُشبِكًا يديه خلف ظهره فناظره كُلًا من 《صفوت 》و 《طارق》 بصدمة ترجمها الأخير دون وعي
" مروان !"
1
قهقه 《ناجي》 قبل أن يقول بغضب مفتعل:
" أخس عليك يا مروان .. مش كنت تخليني أمهد لهم الأول ؟؟ كدا تطلع في وشهم فجأة! "
《سالم》 بجفاء :
" مروان الخاين ؟ هي دي المفاجئة بتاعتك !"
3
ابتسم 《ناجي》 بتفاخر :
" لا دا أول كارت في اللعبة .. مروان باشا جوز بنتي الغاليه اللي باعك و باع عيلته عشان ست الحسن و الجمال ! و الشهادة لله نفذ المطلوب منه بالحرف الواحد . أنا كنت شاكك فيه لحد آخر لحظة بس كسب ثقتي لما عمل الكبيرة و مضي الباشا على ورق التنازل عن الأرض مهر سمسمه بنتي.. الحريم بردو ليهم تأثير جبار .. ها ايه رأيك يا كبير ؟"
أطلق تنهيدة قوية قبل أن يقول بفظاظة :
" هات كل اللي عندك؟"
《ناجي》 بتهديد :
" لا جامد .. سالم الوزان جامد بردو مش حتة عيل زي مروان دا يهزه.. بس أنا بردو واجب عليا أحذرك مش هتقدر على اللي عندي !"
" بطل لك النسوان دا و هات اللي عندك عشان أنا خلقي ضيق !"
هكذا أجابه 《سالم》 بملل فابتسم بتخابث قبل أن ينفتح الباب الثاني و تخرج منه 《هِمت》 التي كانت ملامحها جامدة و عينيها زائغة و لم تتفوه بحرف واحد فصاح《 ناجي》 بتهليل :
" همت هانم الوزان .. ملكة عيلة الوزان .. المدللة الأولى لأبوها و أخوها و البلد كلها .. مراتي ! اللي فاقت وعرفت قيمة جوزها .. و قد ايه اتظلم زمان .. و قررت انها أخيرًا تقف معاه.. و الشهادة لله شغلها كان على نضيف أوي و عرفت تخليك تبيع هدومك صح ! "
شيعها 《صفوت》 بنظرات الخسة قبل أن يقول بإحتقار:
" يا خسارة . الغالي رخص أوي !"
صاح 《ناجي 》معنفًا:
" عندك يا باشا .. انت اخويا الكبير اه بس إلا مراتي .. مش مراتك بس اللي خط أحمر ! مع أن ناجي الوزان  نسوان الدنيا كلهم متقفش قصاده ! "
انكمشت ملامح 《صفوت》 بحيرة من حديث 《ناجي《 الذي لون الخبث عينيه التي توجهت إلى الباب الثالث فخرجت منه 《سهام 》تحتضن 《نجمة》 ابنتها بملامح واجمة و عينين شوهتها خطوط حمراء خلفها كثرة البكاء فجمدت ملامح 《صفوت》 بثوان قبل أن تخترق آذانه كلمات《 ناجى》 المسمومة:
" سهام هانم النجار .. حرم سيادة اللواء .. دي العشق بقي . أول حب في حياتي و أول حضن  أول بوسة ، أول دقة قلب .. "
صمت لبرهة قبل أن يتابع بمرارة:
" و أول سكينة اتغرزت في قلبي .. بس الحمد ربنا هداها و صلحت غلطها و رجعتلي تاني ! بعد ما أطلقت منك .."
عودة الي وقتًا سابق
مين ؟"
جاءها الصوت الساخر علي الطرف الثاني لتتجمد الدماء بأوردتها
" لسه نفس التكبر بردو .مغيرتوش السنين !"
ابتعلت ريقها محاولة الإبقاء علي هدوءها وقالت بمراوغة
" مين معايا ؟"
عاتبها بتهكم
" معقول نسيتي صوتي ؟ ولا مش معقول ليه إذا كنتِ نستيني بعد ما كنتِ في حضني بيوم واحد و اتجوزتي اخويا .. يبقي هتفتكري صوتي بعد كل السنين دي ؟"
أخذت دقات قلبها تدق بصخب تجلي في نبرتها المرتجفة حين قالت
" لسه كنت بقول مين الوقح اللي بيتصل و مش عايز يبطل دا . قلبي كان حاسس .."
" وحشتيني .."
" اخرس .."
قهقه بصخب قبل أن يقول بجدية
" جوزك فين ؟"
" و انت مالك ؟"
زفر بحنق قبل أن يقول بتهكم
" سمعت أنه بيفكر يتجوز اليومين دول. وبصراحه انا عاذره أنتِ مقصره معاه اوي و الراجل كان اصيل و صبر عليكِ كتير .. إلا قوليلي يا سهام . مكنتيش بتديله حقوقه عشان حزينة علي بنتك ولا مكنتيش قادرة أنه يلمسك وأنتِ بتحبي اخوه ؟"
" غرور ولاد الوزان الحاجة الوحيدة اللي خدتها منهم.. بالإضافة للاسم.."
هكذا خاطبته بتهكم فأجابها بمرارة
" اهي حاجه خدتها منهم ماهم خدوا مني كل حاجه . حتي الحاجه الوحيده اللي حبتها في حياتي خدوها مني .."
اخترقت سهام كلماته جراحًا ظنتها شُفيت منذ زمن ولكن اتضح بأنها مختبئة خلف رماد العمر الذي مضى دون أن تلحظ
" متصل عايز ايه ؟"
" بنتك لسه عايشه . و معايا .."
لم تصدق أذنيها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي تجلت في نبرتها حين قالت
" بتقول ايه ؟"
" اللي سمعتيه.. بنتك لسه عايشه و معايا .."
فخًا نعم إنه فخ . هكذا أقنعت نفسها و رددته شفاهها حين قالت
" كذاب . ايوا انت كذاب . و بتقول كدا عشان توجعني زي ما وجعتك زمان .."
تشكلت غصة صدئة بجوفه قبل أن يقول بمرارة
" مش أنتِ اللي وجعتيني يا سهام و إلا مكنتش هسيب نجمة عايشه لحد دلوقتي .. بس احنا لسه فيها.."
صرخه خرجت من اعماق وجعها متبوعة بتوسل مؤلم
" لااا . ارجوك يا ناجي وحياة اغلي حاجه عندك . تقولي بجد بنتي لسه عايشه .."
لم يدع مكان لتلك المشاعر الغبية التي اجتاحته ما أن سمع ألمها فقال بقسوة
" قولتلك لسه عايشه .. البنت الشغالة اللي في بيت عبد الحميد عمران"
توقف عقلها عن العمل للحظات وهي تسترجع ذاكرتها نعم. هي حدثها قلبها بلهفة فقد ذكرتها بوالدتها . دق قلبها لها دون أن تعرف هويتها. ولا يمكن لقلب الأم أن يكذب
" عايزة اشوف بنتي يا ناجي .. ارجوك أتوسل اليك عايز اشوف بنتي .."
كلماته كانت كسكين نافذ نحر عنقها دون رحمة حين قال بقسوة
" لو عايزة تشوفي بنتك تطلقي من صفوت و تجيلي …"
هالها ما سمعت فقالت بصدمة
" أيه ؟ "
" اللي سمعتيه…"
بشفاه مرتعشة و قلب ينتفض جزعًا جادلته
" ليه؟"
" هاخد حقي اللي مخدتوش زمان…."
«سهام» بذعر نشب مخالبه في قلبها الملتاع
" انت بتقول ايه يا ناجي ؟"
صرخ بصوت قاسٍ
" اللي سمعتيه .. دي آخر فرصة ليكِ عشان تشوفي بنتك و إلا هدبحها قدام عينك و عينه . "
" لا لا لا لا .. هعمل كل اللي انت عايزه .. "
هكذا صرخت بقهر فأرضاه جوابها كثيرًا فتحدث بحزم
" هكلمك بكرة في نفس الميعاد تقوليلي انك اتطلقتي و أنا هقولك تعملي ايه ؟"
لم يعطيها الفرصة لتجيبه فقد اغلق الهاتف فأخذت عبراتها تسقي الأرض أسفلها فهذا الحقير هو من تسبب في معاناتها طوال السنوات الماضية ؟ وهي التي كان الذنب يأكلها كونها لم تستطيع أن تدافع عن عشقهم في الماضي و أجبرت علي الزواج من أخيه و اتضح أنها نجت بالابتعاد عنه.
فأي وحشًا هذا الذي قد أحبته و سلمت له قلبها بيوم من الأيام ؟
" دا مش وقته يا سهام .. بنتك اهم من أي حد . لازم تعملي المستحيل عشان ترجعيها لحضنك تاني ."
هكذا حادثت نفسها وهي تكفكف عبراتها متوجهه الي الأسفل لتنفيذ ما طلبه منها هذا الوحش و ما أن وصلت إلي غرفة الجلوس حتي تسمرت بمكانها وهي تستمع الي كلمات «صفوت» المعذبة وهي يقول لسالم عبر الهاتف
" لا طبعًا مقولتلهاش حاجه . هخاف عليها دي ممكن تقع و متقومش المرة دي .."
رق قلبها لنبرة الخوف في صوته وانخرط قلبها في نوبة ألم عنيفة كادت أن تجهز عليها ولكنها ابتلعت غصتها الحارقة و تجاوزت ألمها لأجله مذكرة نفسها بأن سلامة ابنتها اهم من أي شئ و أي شخص ..
دلفت الي الداخل وهي تناظره بقسوة تجلت في نبرتها حين قالت
" من غير اي جدال ولا كلام كتير طلقني…"
تفاجئ «صفوت» من حديثها و زاغت نظراته الي «عمار» الذي شعر بالحرج فتحمحم قبل أن يقول بخشونة
" طب هستأذن أنا بقي يا صفوت بيه و ابجي أچيك وجت تاني .."
ما أوشك أن يتحرك من مكانه حتي أوقفته كلمات «سهام» الحادة
" استني عندك يا عمار. عشان تبقي شاهد عاللي هيتقال هنا …"
جهر «صفوت» بتحذير
" سهام … "
سهام بقسوة
" طلقني …"
التفت إلي «عمار» قائلًا بأمر
" امشي دلوقني يا عمار .."
صاحت بانفعال
" مش هيمشي و هتطلقني . "
تحلي بفضيلة الصبر و هو يحاول ألا يؤذيها بقول أو فعل قد يندم عليه فهو يعلم بأنها ليست في حالتها الطبيعية
" اهدي يا سهام وهعملك اللي أنتِ عيزاه …"
سهام بحدة خلفها قلب يحترق قهرًا من نظراته التي تتوسل لها بألا تحرجه أكثر
" حلو يبقي عمار يجيب المأذون و يشهد علي طلاقنا…'
" أنا لحد دلوقتي مش عايز افقد اعصابي . فبلاش تتمادي اكتر …"
علمت أنها لم تخرج ظافره في هذه الحرب الهوجاء لذا استخدمت أكثر الطرق خسة تاركه قلبها ينتحب في الزاوية
" طب ايه رأيك بقي انا هشهد عمار عليك .. قولي يا عمار . لما الراجل ميبقاش عارف يحمي بيته ولا مراته يبقي في عينيها راجل..؟"
أنهت كلماتها تزامنًا مع صفعة قويه نالها خدها من يد «صفوت» الذي انتفض كبرياءه الذي دهسته كلماتها فلم يستطيع التحمل أكثر بينما هي تركت روحها تحترق قهرًا علي جرمها في حق كبرياءه و التفتت تقول له بجمود
" طلقني …"
" أنتِ طالق …"
هكذا قالها «صفوت» كرد قاطع لم يتواني لحظة عن نطقه فانطلقت الكلمة كطلق ناري في منتصف قلبها الذي تناثرت أشلائه قهرًا تجاوزته بشق الأنفس وهي تقول بلهجة مرتجفة
" خلي عمار يجيب المأذون عشان يخلص …"
بعد مرور ساعتين انتهي المأذون من إجراءات الطلاق و هرولت هي إلي غرفتها هاربة من عتب لم يتجاوز حدود شفتيه انما ارسلته عينيه علي هيئة نظرات قاتلة لم تستطيع تحملها و هرولت الي الأعلي تلملم حاجياتها بعشوائية اخترقها رنين هاتفها فالتقطته من علي المنضدة وهي تجيب فتفاجئت حين سمعت صوته الذي تشوبه فرحة غامرة حين قال
" مبروك يا عروسه .. لو اعرف ان نجمة هتخليكِ تتصرفي بسرعة كدا كنت خطفتها من زمان .."
«سهام» بذهول
" انت عرفت منين ؟"
تجاهل استفهامها و اشتعل بجوفه شوق عارم مهما حاول قمعه لا يفلح فقال بصوتًا أجش و انفاس محترقه
" مش مهم .. المهم انا عايزك .. عايز اشوفك "
لامس الذعر قلبها عندما سمعت حديثه وما أوشكت أن تجيبه حتي تفاجئت حين سمعت الباب خلفها يفتح و صفوت يقترب منها باندفاع و قام بسحبها بقوة ليلصقها بالخزانه خلفها وهو يزمجر بألم
" ليه ؟؟"
لم تفلح في قمع عبراتها التي قذفها بركان وجعها الثائر فتعالت شهقاتها لتشق سمع الشقيقان فأردف «صفوت» بصراخ
" ليه عملتي كدا ؟ كنتِ قاصدة تكسريني قدامه؟ "
ازدادت عبراتها إنهمارًا تزامنًا مع كلماته الجريحة حين قال
" انا في نظرك مش راجل يا سهام ؟"
همست بألم من بين عبراتها
" أرجوك سيبني .. كفاية بقي .."
أي ألم هذا الذي يتجاوز حدود العقل فيجعل كل خليه في الجسد ترتجف حتي الحروف التي خرجت من بين شفتيها حين قالت
" كل شئ انتهي خلاص .."
لحظة ضعف أن تجاوزها سينجو و لكن كيف له أن يتجاوز تلك العينين التي وقع بعشقها منذ أكثر من خمسة و عشرون عاماً والتي كانت تصاحبه في لياليه الطويلة حين كان في كلية الشرطة و التي كانت حلمه الوحيد و لكن بعد أن وقع بعشقها احتلت كل شئ داخله وأصبحت حلمه الوحيد ..
نفضها من يده كمن ينفض قذاره علقت بثيابه و شيعها بنظرات تعانق بها الضدين الكره و العشق معًا و قال بنبرة قاسية
" عندك حق بس للأسف انتهي متأخر اوي. كان مفروض ميبتديش أصلًا "
أظلمت عينيه من فرط الألم الذي ضاق به الفؤاد فأراد أن تتجرع جزءًا ولو بسيطًا منه فهدر بقسوة
" أنتِ مكنتيش تستحقي غير واحد زي ناجي .. هو دا آخرك . "
أيا قلب قتله العشق ماذا أنت فاعلًا بنا أكثر ؟
ألا يكفيك تلك اللوعة و هذا الهوان الذي أصاب خيلائِنا في مقتل ؟
علِم الحبيب مكانته بين طيات الروح فولى و اعرض و علي هوانا تكبر !
هل يُرضيك عذابنا و جِراحنا أم أنك اعتدت علي الجوى ولم تعد به تتأثر ؟
فلتغربي يا شمس الهوى عن كوننا واخبري حبيبي أن الفؤاد الذي اكتوي بنار الشوق قادر علي تحمل كمد الفراق بل أكثر ..
1
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
انهي كلماته وخرج صافقًا الباب خلفه دون أن يدري وقع كلماته علي تلك التي انتفض جسدها كمن تلقت ضربة سوط قصمت ظهرها الي نصفين و تكومت علي الأرض وهي تعيد الهاتف الي أذنها حين سمعت صراخه يناديها فأجابت بصوت يتضور وجعًا 
" سمعت.. عايز ايه تاني ؟"
هدر بكل ما يجيش بصدره من وجع
" الحقير .. جاي دلوقتي يقولك كدا .اومال خدك من ناجي ليه زمان . ؟ حرق قلبه وموته بالحيا ليه ؟ وديني لهخليه يندم باقية عمره ..  هاخد حقي وحقك وحق قهرة قلبي عليكِ يوم ما اتجوزك و حرمني منك "
همسات بقهر
" كفاية بقي .. انا مش عايزة منكوا حاجه . عايزة بنتي وبس .."
تجاهل ضجيج الألم و حرقة الشعور و قال آمرًا
" هبعتلك عربية تاخدك .. مش هتباتي ليلة واحدة في بيته ..و متخافيش هو مش هيدور عليكِ بعد اللي حصل .."
عودة إلى الوقت الحالي
ناجى !!"
كان هذا صوت 《همت》 التي تفاجأت بل صعقها حديثه فلم يعلق عليه إنما كان مشغولًا بإشباع جراحه و التشفي من 《صفوت》 فخيم الصمت لثوان إلا من أنفاس الأخير المسموعه بوضوح وكأن هناك منازعات و حروب تجيش بصدره وهو يفرق عينيه بين 《ناجي》 الذي بدا الألم على وجهه و بين 《سهام》 التي كانت تنكث رأسها بتعب مما جعل الدماء تندفع إلى عروقه البارزة بوضوح في رقبته و كفوف يده التي قبضت على السلاح بعنف تجلي في نبرته وهو يصرخ بغضب مقيت:
" هقتلك يا حيواااان…"
فطن 《سالم》 إلى ما ينتويه فمد يده على الفور يقبض على ذراع 《صفوت》 قبل أن يطلق النيران على《 ناجي》 و هو يصيح مُحذرًا :
" اوعى تسمع له يا صفوت دا بيستفزك .."
انهى《 سالم 》كلماته وهو ينتزع السلاح من يد 《صفوت》 فقد التقمت عينيه تلك القناصات التي تحاوطهم من الأعلى :
" برافو يا سالم .. بالمناسبة طول عمري بيعحبني عقلك و حكمتك في التصرف تستاهل أنك تحكم عرش مملكة الوزان بصحيح .."
هدر 《صفوت》 بوعيد :
" وديني لهخليك تتمني الموت كل لحظة و متطولهوش .."
لونت ملامحه ابتسامة مريرة ترجمتها شفتاه حين قال :
" لو دا آخرك فأحب اقولك ان دا حصل من اتنين و عشرين سنه وانا شايف حبيبتي بتتزف لأخويا قدام عيني ! انا فعلًا كنت بتمني الموت كل لحظة. "
《صفوت》 بصراخ :
" ماتقولش حبيبتي دي تاني !"
《ناجي》 بمرارة نابعه من قلب يغزوه ألم حقيقي لا يزال يئن بعد مرور كل تلك السنوات :
" لا حبيبتي.. و انت كنت عارف أني بحبها بس انانيتك و غرورك خلوك تختارها من بين كل البنات و تروح تطلبها من أبوها و أنت عارف أنه عمره ما يقدر يرفض طلب لابن فريد الوزان .. و عرفت انها بتحبني و انضربت و اتبهدلت عشان مش موافقة عليك و مع ذلك اتجوزتها… "
برقت الأعين من حديثه المُدجج بالألم و القهر و تعلقت النظرات على 《صفوت 》الذي انتفض غاضبًا ينفض تلك التهم الملتصقة به منذ زمن :
" اتجوزتها عشان حبيتها .. وهي حبيتني بعد كدا.."
1
《ناجي》 بقهر شيعته نظراته أولًا :
" حبتك امتى ؟ يا راجل دا انت قعدت سنة كامله تحاول تقرب لها وهي مش راضيه .."
توجهت أسهم نظراته علي تلك التي تحتضر بصمت يتخلله عبرات غزيرة حفرت وديان الألم فوق خديها فتابع 《ناجى》 بإندفاع ينفي تلك التهمة عنها :
" متبصلهاش أوي كدا مش هي اللي قالتلى .. أنا سمعت الكلام دا لما كنت بتتكلم مع الحاجة الله يرحمها .. "
تدخل 《سالم 》محاولًا تغيير دفة الحديث و إنهاء ذلك الصراع الذي سينتهي بكارثة لو ترك العنان لهذا الرجل فسيدمرهم جميعًا :
" هو دا اللي عندك ! دا انت غلبان اوي !"
انقشعت غيمة الألم من عينيه وعادت تلك النظرة المظلمة وهو يقول :
" لاااا انا اللي عندي كتير . دي المازة بتاعت القاعدة إنما التقيل جاي ورا …"
التفت إلي الحائط الأيمن لينفتح أول أبوابه و الذي أطل منه 《أحمد 》طليق 《شيرين》 الذي كان منكث الرأس فصاح به 《ناجى》 بسخرية :
" ايه يا حماده حاطط وشك في الأرض ليه ؟ أرفع راسك كدا يا راجل دا انت بطل ! احمد بيه جوز شيرين بنتي .. بالمناسبة بعد ما أجبرته يطلقها كبر في نظري اوي لما خد فلوسك وخلع بيها فخليته يردها تاني يعني أي حد حاطط عينه عليها الباشا هيخلعهاله .."
قال 《ناجى》 جملته الأخيرة و عينيه تناظر 《طارق》 بخبث والذي لم يحتمل فكرة أنها لازالت مقترنة بذلك الرجل فهدر بعنف انبعث على هيئة سهام من عينيه و شفتيه معًا حين قال:
" وحياة امي لهرقدك أنت و هو جنب بعض زي النسوان.. و ابقي قول طارق الوزان قال.."
《ناجى》 بتهكم:
" الغيرة وحشة وانا حاسس بيك و منكرش اني خايف منك بس اللي مطمني أنك مش هتخرج من هنا على رجليك ! خلينا بقي في المهم و متقاطعنيش عشان فيه سيناريو في دماغي بخططله بقالي سنين و هنسى الكلمتين اللي ما صدقت جمعتهم.."
قال جملته الأخيرة بحدة ساخرًا فخاطبه 《سالم》 بفظاظة:
" اتمنى تكون خلصت تمثيليتك السخيفة عشان صدعت! "
" سلامتك يا كبير .. لا بس فرح هانم غيرتك .. كان بالك طويل و كنت العاقل…."
《سالم 》بهسيس مرعب:
" متنطقش اسمها على لسانك مره ثانيه عشان وشرف أمي ما هتلحق تكمله .."
《ناجى》 بخوف مفتعل :
" خُفت .. عارف لو مش القناصين اللي محاوطينكوا دول وربنا كنت اترعبت . يلا خلينا في المهم. احمد بيه صاحب شركه الفيروز اللي رسيت عليها المناقصة اللي كعيت فيها دم قلبك .. وطبعًا هو أسسها بفلوسك .. اللي ادتهاله كرم منك عشان تخليه يجيب رجلي قوم الناقص ..  سوري يا حماده"
قال جملته الأخيرة وهو ينظر 《لأحمد》 باعتذار مسرحي ثم عاود النظر إلى 《سالم》 قائلًا بجدية:
" الناقص راح باعك ليا..  بس هو معذور اللي انا ماسكه عليه يا سالم يا خويا يخليه ميخرجش من بيته العمر كله …"
وجه أنظاره مرة أخرى إلى《أحمد》 بطريقة مسرحية وهو يقول :
" سوري مرة تانيه يا أحمد.."
زفر 《سالم》 بقوة قبل أن يقول بجفاء:
" الفلوس بتروح و تيجي يا ناجى . واللي ضيعته أنا كفيل ارجعه تاني . "
قهقه 《ناجي》 طويلًا قبل أن يقول بسخرية :
" ياخي يخربيت ثباتك .. دانا قربت اغير منك .. لا بس أنت بردو اتضايقت.."
كان محافظًا على جموده وحتى رفرفة عينيه كانت بحذر فتنهد يجيبه بملل :
" بصراحة ولا اتهزيت .. أنت فاشل .. للأسف خليتني اتحمست على مفيش ! "
استفزه جمود 《سالم》 و كلماته فصاح بكره تجلى بوضوح فى عينيه :
" ودي تيجي بردو .. الصبر .. لسه التقيل جاي ورا .."
وجه أنظاره علي الباب الثاني فاطلت منه 《شيرين》 التي كان وجهها باهتًا و كأن شبح ما تلبسها ليمتص منها جميع أنواع الحياة فبدت كتمثال جميل نُحت من حجر إلا من نظرة معاتبة كانت خاطفة لذلك الذي أخذ يهز برأسه ينفي فكرة أنها لازالت متورطه مع هذا الرجل .. أو أنها أرادت الإنتقام منه بأكثر الطرق بشاعة !
" الحصان الرابح بتاعي .. شيرين بنتي حبيبتي.. دي بقي اللي ظبطت الأداء صح ! شيرين هي اللي خدت ملف الصفقة الحقيقي من دولاب اوضة نومك ! "
3
انكمشت ملامحه لوهله فهلل 《ناجى》 قائلًا :
" اوبااا .. صدمة صعبة مش كدا ؟  و خصوصًا انك اتهمت فيها حبيبة القلب .. اللي يا حرام كانت جاية تقولك خبر حملها . و اللي بالمناسبة نزل بسببك ! "
10
انكمشت ملامحه بألم تجلى في عينيه التي اغمضهما لبرهه علي حديث 《ناجى》 المسموم:
" يجيلك قلب تضرب بنت الناس بالطريقة الوحشية دي لدرجة تخليها تنزف ! ياخي خلي في قلبك شوية رحمة . يالا معلش . خلينا في المهم .."
8
التمعت عينيه بسعادة مرضيه وهو يقول بتمهل :
" أحساسك ايه لما شفت ابنك عبارة عن دم عالأرض ؟ متقوليش متأثرتش ؟ ناهيك طبعًا عن أنها عمرها ما هتبص في وشك تاني .."
1
ارتسمت الشراسه بعينيه و تجعدت ملامحه حتي بدت مُخيفه و قال بلهجة أرسلت الرعب إلى أوصال 《ناجى》:
" هقولك احساسي ايه لما تقولي احساسك أنت أما تعرف أن كل العرض دا معمول علي شرفك …"
انكمشت ملامحه بحيرة فتابع 《سالم 》بقسوة:
" تخيل أنك كنت مجرد عروسة ماريونيت انا بحركها في أيدي .. حتي كروتك دي كلها أنا اللي كنت بحركها !"
حاول لملمة شتاته قائلًا بسخرية :
" دا كِبر ولا أنت اتجننت خلاص ؟"
لمع وميض الإنتصار بعينيه و قال بقسوة :
" لا دا ولا دا ! دي حقايق…"
كلمات مبهمة لم يلقي لها بالًا ولكن ما أدهشه هو التفاف الجميع نحوه و تلك الابتسامة المتشفيه على أفواههم فهوي قلبه بين ضلوعه وعاد بانظاره إلى《سالم 》الذي قال بفظاظة:
" ابدأ انا العرض بتاعي بقي .و بما اني مش رطاط زيك فهقولك بإختصار .. أنا فعلًا مضيت على تنازل عن الأرض لمروان بس بمزاجي هو مضحكش عليا زي ما فهمك.."
《ناجي》 بصدمة :
" يعني ايه ؟"
عودة إلى وقتًا سابق
التف الجميع لأول مرة منذ سنوات حول تلك المنضدة علي سطح القصر و التي شهدت طفولتهم و مراهقتهم و الآن تشهد علي تجمعهم مرة أخرى و هم رجال أقوياء
" سالم انت اشمعنا جبتنا هنا ؟ "
هكذا تحدث «سليم» بإستفهام فأجابه «سالم» باختصار وهو ينظر إلي «مروان»
" احكي "
انطلق «مروان» يروي لهم ما حدث بينه وبين «ناجي» ثم انهي حديثه قائلاً بتهكم
" عايز يجندني ابن الوارمة "
علق «طارق» بامتعاض
" الراجل دا هيفضل ناقص طول عمره …"
أطلق «سليم» جأشه مكبوته من صدره قبل ان يقول بحنق
" معدش ينفع نسكت يا سالم . لازم نوقفه عند حده …"
«سالم» بفظاظة
" احنا مش ساكتين يا سليم . أنا برقدله عشان يوم ما هضرب هتبقي هي القاضية …"
هب «مروان» مولولًا
" اه يا بختك الاسود يا مروان .. اروح فين وآجي منين يا ربي. ."
«سليم» بامتعاض
" بتولول ليه يا اخرة صبري .."
ناظره «مروان» بحنق تجلي في نبرته حين صاح و هو يفرق نظراته بينهم
" حضراتكوا قاعدين تفكروا و تخططوا و محدش حاسس بيا وبوكستي .. اه انا طول عمري نحس انا عارف .."
" بطل ياد انت وقول وكسة ايه قرفتنا .."
هكذا تحدث «طارق» بنفاذ صبر فكاد أن ينخرط في نوبة ولولة أخري ولكن أوقفته أعين «سالم» المحذرة وكذلك نبرته حين قال بجفاء
" مش هتحملك كتير . ادخل في الموضوع علي طول .."
اعتدل في جلسته وقال باندفاع
" دلوقتي من بين كل البنات اللي في الدنيا انا حبيت بنت الكلب دا .. والكلب دا حاطت جوازه من بنته في كفة و اني اساعده ينفخكوا في كفه اعمل ايه انا بقي في الورطة دي ؟"
ناظره «سليم» باستخفاف تضمن لهجته حين قال
" ولا ورطة ولا حاجه .. سما اصلا مش بتطيقه يعني كلامه ولا هيفرق معاها .."
«مروان» بحنق
" يا غبي ماهي عمتك معاه . و سما ماشيه زي البقرة ورا امها يعني تقدر تخليها متعبرنيش ولا تسأل عني . و كمان ورقة الجواز العرفي اللي معاه دي اكيد مش هيعملها حجاب يعني .."
تدخل «طارق» قائلّا بحكمة
" الفيصل في الموضوع دا هو سما .. لو بتحبك فعلًا و عوزاك محدش هيقدر يفرق بينكوا.."
«مروان» بسخرية
"دا لو بقي .."
أيد «سليم» حديث «طارق» قائلًا بخشونة
" طارق عنده حق .. و لو انت متعرفش مشاعرها من ناحيتك ايه تبقي دي الخيبة اللي تستحق تولول عليها .."
«مروان» بحسرة
" اه مانا عارف اني هولول للصبح .."
أضاف «طارق» بتقريع
" بصراحه يا مروان أنت كلك علي بعضك خيبة . بقي راجع من السفر داخل في سنه اهوة و مش عارف تلين دماغها . دا لو مراهق في ثانوي كان زمانه علقها .."
«مروان» بغل
" قصدك صايع في ثانوي . أنا مش صايع .. و بعدين كنت اعمل ايه يعني ؟ مانا راجل محترم عايز ادخل البيت من بابه .. ماليش في اللف و الدوران "
تأفف «سليم» و قال بحنق
" هو انت يا ابيض يا اسود . ما تمهدلها يا ذكي . الفت انتباهها ليك و حسسها انك بتحبها .."
صاح «مروان» ساخرًا
" ههه تعالوا شوفوا مين بيتكلم سلومة الاقرع بتاعنا بقي يفهم في الأحساس .. ايوا هي القرعة بتطلب احساس فعلا .."
أوشك «سليم» علي لكمه فتدخل «طارق» مانعًا إياه وهو يقول بنفاذ صبر
" بطل بقي استظراف ياد انت وانت يا عم الحساس اركن علي جنب هو لسه هيحسسها . نكون غرقنا .. بص يا ابني البنات بتحب الواد المخلص . يعني اول ما تشوفها تشدها من وسطها و تديها بوسه تدوخ و بعدين تقولها بحبك و عايز اتجوزك هتلاقيها سلمت علي طول و نخلص .."
برقت عين «سليم» و كذلك «سالم» المستمع الي حديثهم بترقب أما «مروان» فهب من مكانه ينتزع كفوف «طارق» و يبحث بسائر جسده قائلًا
" وريني ايدك كدا .. اديني قفاك طيب ؟ "
ابتسم «سالم» ساخرًا بينما تعاظم فضول كلا من «سليم» و «طارق» الذي قال مدهوشًا
" في ايه يا ابني ؟ بتدور علي ايه ؟"
تابع «مروان» استكشافه لجسد «طارق» وهو يقول
"  استني بس هلاقيه .."
صاح «طارق» بغضب من أفعال شقيقة
" هو ايه اللي هتلاقيه يا بغل ؟"
صدمتهم كلمات «مروان» حين صاح بانفعال
" الوشم .. دقيت وشم ولا لسه يا طارق؟ "
لم يستوعب «طارق» سؤاله فأردف بصياح
" بااااس تبقي اتصهينت يا معلم … انا قولت دي اخلاق يهود بردو .."
انكمشت ملامحه بحنق وقال بتقريع
" اتصهينت ايه يا غبي انت و وشم ايه اللي بتدور عليه ؟"
اجابه «مروان» بتفكير
" طب ايه بقيت بوذي؟ بتعبد العجل مثلًا ولا ايه؟ "
اغتاظ «طارق» من حديثه فتابع مروان بصياح
" ما تقولي جنس ملتك ايه ؟ ابوس مين و احضن مين؟  مفيش عندك اسلام خالص ؟ متعرفش أن في حرام و في حلال . هتشوي في نار جهنم بسببك . يخربيتك.. "
قهقه «سليم» علي حديث «مروان» الذي تابع ساخرًا
" يا شيخ دانا صلة الدم اللي بيني و بينها نقحت عليا و هقوم اسكع نفسي شبشبين. دانا لو مصاحب فتاة ليل مش هعمل كدا .. "
أوشك «طارق» علي لكمه ولكن لفت انتباهه الجملة الأخيرة فقال بتساؤل
" بغض النظر عن الدين عشان مش هنكر أنه كلامك فيه صح.. بس ايه علاقة انك تبوسها بأنها فتاة ليل ؟"
«مروان» بسخرية
" عشان مفيش واحده محترمة هتقبل ان واحد يقرب منها وهو مش جوزها . و مفيش واحد بيحب واحده وعايز يتجوزها هيعمل معاها كدا.. و يوم ما يعمل معاها كدا هتعرف أنه بيعتبرها زي ما قولتلك قبل كدا فتاة ليل أو صايعة أيهما اقرب؟"
شرد «طارق» للحظة وهو يتذكر «شيرين» التي غلف الألم نظراتها حين قبلها بتلك الطريقة و هنا شعر بالغضب من نفسه التي دهست علي كل شئ و جعلته يرتكب تلك الحماقة في حقها و حق صلة الدم التي تجمعهما .. استفاق من شروده علي كلمات «مروان» وهو يقول بتحسر
" يا ربي دانا محترم والله مردتش حتي امسك أيدها و قلت هحوش كل حاجه لحد ما تبقي حلالي .."
«سليم» بامتعاض
" متقرفناش بقي وبطل ولولة …"
«مروان» باستهجان
"بقولك ايه  متكلمش عالقرف مدام مبصتش لنفسك في المراية. "
3
" خلصتوا ؟"
قطع صوته الحاد شجارًا كاد أن يندلع بين كلًا من «سليم» و «مروان» و التفت الجميع اليه فقال بجفاء وهو يوجه أنظار قاتلة الي «طارق»
" طيب انا هتغاضي عن الكلام اللي انت قولته دا و مش هحاسبك عليه وأنت بالمقابل تمحيه من ذاكرتك احسن ما امحيك أنا من علي وش الدنيا .. احنا مجتمع شرقي مسلم و عندنا ضوابط و التزامات . جو القطط والكلاب دا مش بتاعنا. مفهوم ..؟"
أومأ «طارق» بالموافقة فالتفت «سالم» إلي «مروان» قائلًا بخشونة
" أما أنت بقي فمن وسط غبائك و هريك الكتير جبت الحل.. و هديك فرصة العمر .."
صاح «مروان» باندفاغ
" الهي يسترك دنيا و آخرة حل ايه قول .."
«سالم» باختصار 
" هجوزك سما النهاردة قبل بكرة .."
عودة للوقت الحالي
لون الاستمتاع ملامحه وهو يضيف ساخرًا
" و بصراحه سما ممانعتش أبدًا لما قولتلها ان جوازها من مروان هو الحل الوحيد .. و حصل .."
تدلى فاهه من فرط الصدمة فتابع 《سالم 》ساخرًا:
" اه صحيح واجب عليك تبارك لمروان عشان كتب كتابه هو و سما كان الاسبوع اللي فات .. بنتك أصيلة رجعت الحق لأصحابه الحمد لله مش طلعالك…"
«ناجي» بتحسر و صدمة
" بتقول ايه ؟
تدخل 《مروان》 بتهكم :
" بيقولك ان انا  اشتغلتك .. ممكن اقولهالك بمعني تاني بس الكبير واقف عيب !"
ابتسم 《سالم 》على حديث 《مروان 》قائلًا بخشونة:
" هفهمك .. انا ادتله الأرض بمزاجي وهو كتبها لسما فعلًا وسما بعد ما كتبنا الكتاب عملتله توكيل و بالتوكيل دا باع ليا تاني و عملنا صحة توقيع عالعقد و الارض رجعتلي !"
كان يطالعه بابتسامة لم تصل لعينيه وخاصةً حين رأي تبدل مظهر 《ناجي》 فقد كان و كأنه يتشاجر مع أنفاسه وصدره يعلو و يهبط من فرط الغضب فتحدث《 سالم》 بفخر:
" عمتي بقي ! ملكة عيلة الوزان زي ما قولت .. و هتفضل كدا العمر كله .. مقدرتش تبيع ولاد أخوها .. و خصوصًا لو كان البديل رخيص أوي زيك كدا .."
عودة لوقت سابق (من الفصل الخامس و العشرين )
"عايزة اتكلم معاك يا سالم .. لوحدنا ! "
التفت 《سالم 》إلى 《همت》 إثر حديثها الذي أثار استفهام الجميع فقال بفظاظة قاطعًا أي مجال للحديث الجانبي:
" تعالي معايا .."
خرج «سالم» و برفقته «همت» من غرفة «مروان» بالمشفي متوجهًا إلي سيارته ليصعد الي مقعد السائق وهي بجانبه  ثم التفت إليها بنظرة استفهام لتبدأ حديثها قائلة بندم
" في حاجات كتير عايزة احكيلك عليها بس قبل اي حاجه . عيزاك تسامحني "
«سالم» باختصار
" علي ؟"
اخفضت رأسها بخزي قبل أن تقول  بندم
" غلطات كتير اولها اني حاولت اخلي جنة تسقط . "
«سالم» بفظاظة
" عارف . و مش انا اللي مفروض تطلبي مني اسامحك . اكيد عارفه تطلبي من مين ؟"
«همت» بحزن
" عارفه انك اكيد عرفت . و عارفه هطلب من مين السماح .. بس قبل كل دا لازم تعرف اني مش وحشة . أنا وقعت في فخ الشيطان . أنا بحبكوا اوي والله انتوا ولاد اخويا حبايبي . و عمري ما هرضي بالأذي ليكوا. "
تجاهل حزنه علي هذا الموقف الذي يراها به فعلي الرغم من كل شئ هو يحبها و يقدرها ولكن اخطائها اكبر من ان تغتفر لذا قال بخشونة
" و إيه اللي يثبت كلامك دا ؟"
ارتفعت عينيها تناظره بالم قبل أن تقول
" كنت عارفه انك هتقول كدا …وانا هثبتلك اني معنديش اغلي منكوا… "
صمتت لثوان قبل أن تتابع بنبرة متحشرجة
" ناجي كلمني و طلب مني اني اساعده ياخد حقه منكوا. "
أطلق الهواء المكبوت بصدره في زفرة قوية قبل أن يقول  بخشونة
" هاتي اللي عندك يا عمتي .."
قصت عليه كل ما حدث يوم قابلته في المشفي و تلك الرسالة التي تأكدت من خطأها فانتفضت عروق رقبته تحكي مقدار غضب هائل يجيش بصدره ولكنه حاول قمعه قدر الإمكان حين قال بجفاء
" اتأكدتي أن الرسالة متفبركة ازاي ؟"
" روحت لخبير خطوط و خدت معايا رسالة تانيه بخط امك كانت كتبهالي اوديها لأبوك وهما مخطوبين و الخبير قالي ان الخط متقلد باحترافيه بس لا مش لنفس الشخص …"
أنفاسه الحارقة جعلت الجو يشتعل من حولهم فتشعب الخوف في أوردتها ولكن هذا هو الخيار الصحيح
" كملي و بعدين .؟"
تعلم أن القادم سيجعل غضبه جنوني ولكنها لا تملك سوي ان تخبره بما يحدث خلف ظهره
" بصراحه في حاجه مهمة لازم تعرفها .. انا عارفه انك هتتصدم بس للأسف مقدرش مقولكش .."
«سالم» باختصار
" قولي …"
اخرجت كلماتها دفعة واحدة و كأنها تتخلص من وطأتها علي قلبها
" مروان خاين . بينزل اخبارك لناجي .."
برقت عينيه بصدمة من حديثها فتابعت بلهفه
" وحياة بناتي ما بكذب عليك .. و لو مش مصدقني خد شوف الفيديو دا . دا ناجي وراهولي عشان يعرفني أن الكل معاه وان كفته هي الرابحه .."
كانت تتحدث بينما هو بعالم آخر لا يسعه من الصدمة و الخذلان الذي يجيش بصدره وهو يريد و يسمع حديث مروان مع ناجي .. 
مرت دقائق من الصمت لا يسمع بها سوي صوت أنفاسه الحارقة و صدره الذي يعلو و يهبط من فرط الألم و لكن قطعها صوته الذي خرج قاسيًا يتناسب مع غضبه في تلك اللحظة
" ناجي طلب منك ايه ؟"
" عايز يرجعلي دي اول حاجه و طلب مني اطالبك بورثي كله فلوس حتي الأرض و اطلب أضعاف تمنها و اني اجبله ورق المناقصة اللي الشركة دخلاها و اداني فلاشه احطها عالجهاز و هي هتنسخ كل اللي عليه .. "
أنهت جملتها وهي تمد يدها إليه فالتقطها من بين يديها وهو يقول بجمود
" لو عايزة تثبتي انك باقيه علينا صح.  تعملي اللي هقولك عليه .."
«همت» بصدق
" هفديكوا بروحي لو لزم الأمر .."
" حلو .. أنتِ هتنفذي كل اللي قالك عليه .."
هكذا تحدث «سالم» فشهقت مستنكرة
" انت بتقول ايه يا سالم ..؟"
«سالم» بغموض
" هتوافقي ترجعيله و هديكي الفلوس و هتحوليها علي اسم ناجي الوزان اللي لما يموت محدش هيورثه غيرك و كدا فلوسنا مخرجتش بره .."
استفهمت بشفاة مرتجفة
" هتقتله يا سالم ؟ "
«سالم» بقسوة
" هموته بالحيا…"
عودة للوقت الحالي
ابتسمت 《همت 》بتشفي وهي تناظره بإحتقار تجلى في نبرتها حين قالت :
" فكرت أني ممكن اصدقك أن أمينة خانت منصور الله يرحمه !"
تسللت السخرية الي صوتها حين تابعت:
"  أمينة اللي كانت روحها فيه .. و لا حتة الجواب اللي ادتهولي فكرت أنه ممكن يهز شعره فيا ؟ على فكرة أنا سمعتك وانت بتحاول معاها كذا مرة و هي تصدك . و كتمت في قلبي عشان ولادي. و آخر حاجه لما اتولدت سما و كنت مفكرها ولد و سبتني محمومة و مسألتش فيا و حاولت مع أمينة اللي ضربتك بالقلم و هددتك لو مبعدتش عنها هتقول لمنصور و بابا .. والجواب اللي انت ادتهولي دا أنا وريته لخبير خطوط هو وجواب تاني من اللي كانت أمينة بتبعته لمنصور وهما مخطوبين و قالي أن الجواب بتاعك دا مش خطها. طول عمرك كذاب و قذر …"
8
أنهت جملتها وهي تشيعه بنظرات الخسة وهو يبادلها بأخرى قاسية غاضبة فقطع 《سالم》 حرب النظرات المتبادلة بينهم وقال بفظاظة:
" عمتي جت قالتلي على كل حاجه .. و ورتني كمان الفيديو بتاع مروان اللي انت صورته وهو قاعد معاك ! وورتهولها و حاولت تقنعها أنه خاين عشان متوافقش على جوازه من سما .."
تخللت السخرية نبرته حين أردف بتشفي:
" على فكرة عمتي حولت الفلوس باسم ناجي الوزان اللي كان عليه أحكام تجبله علي الأقل اتنين إعدام وخمسة أشغال شقة مؤبدة و طبعًا دا ميلقش بينا قوم ايه؟؟  طلعنالك شهادة وفاة مزورة"
1
ابتسم بتسلية قبل أن يتابع:
"  و بديهي أن اللي يورثك عمتي .. فمش محتاج اقولك أن فلوس الوزان في إيد أمينة! "
1
قال كلمته الأخيرة وهو ينظر إلى《همت》 التي بادلته الابتسامة بأخرى حانية فصاح 《ناجي》 بقهر:
" و أيه يعني مانا خدت منك ملايين في الصفقة الأخيرة . "
لمعت السخرية في نظراته و تجلت في نبرته حين قال:
" بتستعجل على رزقك و دا عيبك .. اللعب له أصول .. في التأنى السلامة يا دانيال روبرت! "
لون الفضول نظراته فتابع《 سالم》 وهو ينظر إلي 《أحمد》 و يقول بجفاء:
" أما أحمد بقي فهو مش ناقص ولا حاجه ! لأن كل اللي هو عمله دا باتفاق مني و الشركة دي أنا المالك الاول ليها و أحمد الواجهه بس.. حتى الرسالة العبيطه اللي بعتهالي و أنا في المستشفي لما بعتلي كلابك عشان يخوفوني و كنت عايز توقعني في الهلالية ! فاكر ؟"
لم يجبه انما توسعت نظراته بعدم تصديق فتابع 《سالم》 بقسوة :
" احمد بعتلي أنه طلق شيرين و أنه هرب بالفلوس عشان يخليك تثق فيه .. سهل أوى نتوقع أنك بتراقبه .. معرفش جايب غبائك دا منين !"
صاح 《ناجي》 بصراخ موجهًا أنظاره الى 《أحمد》:
" آه يا كلب ! وديني لهخلي فضيحتك على كل المواقع .."
《سالم 》بتسلية :
" بلاش كلام أنت مش قده .. ناهيك عن أنه في حمايتي و متقدرش تقرب منه بس أحب اقولك ان كأس السم اللي بعتهولي انا قلبته و بعتهولك عشان تشرب منه !"
《ناجي》 بذعر:
" تقصد ايه ؟"
《سالم 》وهو يوجه أنظاره إلى 《شيرين 》بفخر
" شيرين الوزان بنتنا ، تربية منصور الوزان اللي عملت المستحيل عشان تحولها نسخة منك و مفلحتش .. عشان أصلها الطيب و تربيتها غلبوها. "
7
عودة لوقت سابق
جالسة في الحديقة تناظر النجوم بأعين حزينة تشعر بأن كل شئ حولها لا ينتمي لها أو أنها هي من لا تنتمي الي هذا المكان .. فهي لطالما كانت وحيدة به. لا تعلم هل الخطأ يكمن بها أو بمن حولها ولكنها لم تكن سعيدة أبدا هنا .. حتي تلك الزيجة التي كانت ستجمعها بسالم ظنت أنها قد تكون سبب نجاتها و سعادتها كان الدافع الاول و الكبير لها والدها حتي يستطيع أن يتغلغل أكثر داخلهم ولكنها لم تكن سعيدة معه . كانت منبهرة بوسامته و هيبته ولكنها بحثت عن الحب خارجًا .. مخطئة و تعلم ذلك ولكن كانت روحها تنشد اي بادرة حنان وحب لطالما افتقدته حولها .
زفرت بقوة فاخطائها عظيمة و أفعالها مشينه هانت نفسها التي هي أمانة من الله ولكنها لم تصُنها بل أهلكتها و أهانتها بأفعالها الخرقاء المشينة والتي تجعل الخزي يحني رأسها و العار يثقل كاهلها ولكن أكثر مايؤلمها في الأمر برمته هو أن المتسبب في كل ذلك والدها .. !
ذلك الرجل الذي من المفترض عليه حمايتها من نفسها اولًا و تعنيفها أن سولت لها الخطأ كان هو من يزينه لها.. استخدمها كدمية رخيصة في أفعاله المشينة دون النظر الي اي شئ..
نشيجًا حارًا كان يمزق جوفها و عبرات محترقة تكوي بسخونتها وجنتيها و شهقات متألمة تفتت روحها كلمات كثيرة تتردد في عقلها حتي إصابته بالجنون ولكن من يستمع لإمرأة مثلها ؟
" ياتري اللي أنتِ فيه دا ندم ؟ ولا وجع ولا ايه بالظبط ؟"
هبت معتدله وهي تشهق بعنف حين سمعت صوته القاسي و كلماته المستفهمة فسارعت أناملها بمحو آثار ضعفها وهزيمتها وحاولت جعل نبرتها قوية حين قالت
" انت ايه اللي جابك هنا ؟ هو انا مش هخلص منك ؟"
اقترب منها بهدوء مثير للأعصاب قبل أن يقول بلهجة تماثله
" لا مش هتخلصي مني .. و جاوبيني علي سؤالي .."
تنحي الحزن جانبًا و اصبحت في مواجهه بين ضربات قلبها المتلاحقة و ذلك الشعور الغريب و المثير بقربه. و خاصةً حين تذكرت تلك القبلة الساحقة التي اغتالت عذرية شفاهها فداهمت جسدها رعشة قويه جعلت حدقتاها تهتز فلاحت ابتسامة خافتة علي شفتيه و قد فطن إلي أنها تذكرت قبلته وقد انتشي قلبه بذلك كثيرًا
" أنا هسيبلك المكان كله وامشي عشان حقيقي زهقت منك .."
ما كادت أن تلتفت تنوي المغادرة فأسرت معصمها قبضته القوية ونبرته التي تماثلها حين قال
" مش عايز أتجاوز حدودي معاكِ تاني عشان كدا اقفي نتكلم .."
تلك المشاعر الغريبة هي أكثر ما يستفزها لذا سارعت بجذب يدها من اسره و هي تلتفت قائلة بنفاذ صبر
" انت عايز مني ايه؟ "
" جاوبي علي سؤالي .. عامله في نفسك كدا ليه ؟"
لم تفلح في إيقاف سيل فيضان الكلمات التي أنسابت من بين شفتيها و انساب معها وجعّا قاتلًا يقتات علي روحها
" عايز تعرف عامله في نفسي كدا ليه .؟ حاضر هقولك. أنا اكتر واحده وحشه في الدنيا دي .. انا زفت و رخيصة و خاينه خنت خطيبي زمان مع صاحبه .. خونت عيلتي و الناس اللي عشت معاهم عمري كله… حاولت أأذي فرح و أبعدها عن سالم بكل الطرق .. حاولت أأذي جنة و ابعدها عن سليم و اتواصلت مع ابن عمها و عرفته كل اللي حصل بينها و بين حازم . بص علي قد ما تقول قول . مفيش حاجه وحشة معملتهاش .. "
كانت كلماتها تقطر ألمًا انبعث من عينيها علي هيئة عبرات غزيرة ارتج لها قلبه ولكنه لم يستطيع منع الكلمات التي خرجت من فمه قاسية توازي قسوة شعوره
" و متحمله نفسك كدا ازاي ؟"
صاحت بقهر
" مين قالك اني متحملاها ..انا اكتر واحده كارهه نفسها و بتأذيها في الدنيا دي. و اكتر واحده رخصت نفسها و حقرت منها… "
لم يتمالك نفسه وهو يهزها بعنف قائلًا بغضب مرير
" و ليه تعملي في نفسك كدا ؟ هاه . ليه تهينيها و ترخصيها كدا ؟ ردي عليا . ليه ؟؟"
صرخت بكل ما يعتمل بداخلها من قهر و ألم
" أنا مختارتش اعمل كدا.. مختارتش اي حاجه بإرادتي . مختارتش .."
انهت كلمتها الأخيرة وهي تتهاوي علي الأرض بين يديه التي لم تفلتها انما هبط معها ليجلس أمامها يناظرها بألم و حزن حين تعالت شهقاتها التي كانت تشق السكون حولهم
" مفيش حد بيختار يبقي وحش .. مفيش حد بيختار يبقي مجرد كومبارس او عروسة بخيوط الناس بتحركها.. "
هكذا تحدثت بألم ثم اخفضت رأسها وهي تتابع بخفوت
" بتسألني ندمانه ؟ ندمانه دي كلمه بسيطة علي اللي جوايا .. انا عندي استعداد اضحي بعمري كله قصاد أن الدنيا ترجع بيا عشان اصلح كل غلطاتي و بعدها اموت.. انا راضيه .."
لم يعد في مقدوره احتمال وجعها اكثر فمن الواضح أن تلك المرأة تعني له اكثر مما كان يتوقع لذا أخذ قراره و اشتدت يديه الممسكه بكتفيها و قال بقوة
" هتعيشي و هتصلحي كل اخطائك .. وانا جمبك وهساعدك .."
كان قارب النجاة وسط بحر هائج يكاد يبتلعها بين أمواجه الثائرة ولكنها خشيت أن يكن سرابًا يتخيله قلبها الملتاع لذا نفضت يديه التي تحيط بها و قالت بقسوة
" وانت هتبقي جنبي ليه و بأمارة ايه ؟ اوعي تفكر اني بالرغم من كل اللي عملته واحدة ممكن تفرط في نفسها. لا .. دا هي دي الحاجة الوحيدة اللي بقيالي ..انا مش واحدة من إياهم ..  و اعمل حسابك انك لو قربت مني تاني والله لهقتلك .."
لا يعلم لما شعر بالإنتشاء لكلماتها اهي النزعة الشرقية التي لازالت جذورها بقلبه ولم تفلح سنين الغربة في اقتلاعها ؟ أم أن تحول مشاعره تجاهها هو ما يجعله يشعر هكذا ؟
" حلو وانا بحب الستات الشرسة دي .. بس خلي موضوع الشراسه دا بينا .. انا فعلا هقف جمبك و هساعدك وهنصلح كل العك اللي حصل دا سوي .. و عمري ما هقرب منك تاني غير في حاله واحدة بس .."
خربش الفضول جدران قلبها من حديثه ولا تعلم كيف همست قائلة
" اي هي الحالة دي ؟"
ابتسم بتخابث قبل أن يقول مازحًا
" إلا لو طلبتي مني .."
اغتاظت من حديثه أو خاب أملها فقد ظنت أنه سيقول شيئًا آخر فصاحت بحنق
" دا بعينك.. و اوعي كدا عشان اقوم.."
هدر بجفاء مفتعل
" اترزعي مكانك اما اخلص كلامي. ابقي قومي.."
نظراته اخافتها و كذلك نبرته فاستكانت بمكانها فرقت لهجته قليلاً حين قال
" أنتِ اكيد حاسة باللي انا حاسه . بس انا عايز ندي لنفسنا فرصه نفهم فيها مشاعرنا عشان لما ناخد خطوة منرجعش فيها أبدا .. اتفقنا "
كلماته أثلجت صدرها المحترق و لأول مرة منذ سنوات تشعر بتلك السكينة فلم تستطيع سوي ان تومئ بالموافقة ولكنها تفاجئت حين وجدته ينحني برأسه ويده تمسك كفها الذي اقترب ليلثمه برقه جعلت الوخزات تتفشي في سائر جسدها ناهيك عن قلبها الذي كاد أن ينخلع من مكانه تأثرًا بتلك القبلة التي بعثرت كيانها و أتت كلماته لتجهز علي الباقي من ثباتها حين سمعته يقول بصوتًا أجش
" مش عايز أشوف دموعك تاني .. عايز اشوف شيرين اللي كانت ضحكتها ترد الروح.."
تزامناً مع كلماته ارتسمت اجمل ضحكة علي ثغرها الممتلئ فزادته إغراء كما زادت ملامحها فتنة فكانت كشمس اتبثقت من بين عتمة أحزانها …
اخترق جلستهم صوت أتي من هاتفه معلنًا عن وصول رسالة نصية فتراجعت «شيرين» بحرج الي الخلف بينما هو انكمشت ملامحه بغضب و قام بالتقاط هاتفه الذي حاز علي انتباهه لثواني قبل أن يرفع رأسه بعد أن تبدلت نظراته كليًا و قال بخشونة
" يالا تدخل جوا عشان متبرديش .. "
اطاعته بصمت و توجهت الي الداخل بينما تباطئت خطواته حين وصلت علي غرفتها و حين أوشكت علي فتح الباب تحدث بلهفه
" هتنامي ؟"
التفتت قائلة بخجل
" هحاول .."
حاوطتها نظراته بطريقة اربكتها خاصةً حين قال بخفوت
" لو منمتيش ابعتيلي …"
اومأت برأسها بخجل ثم التفتت لتدلف الي الغرفة تحت أنظاره التي تقول الكثير و الكثير .
ما أن أغلقت «شيرين» باب غرفتها حتي توجه إلي أحد الغرف و قام بالدخول إليها دون أن يطرق الباب فالتفتت «أمينة» تنظر إليه بابتسامة فهم معناها علي الفور فتحرك تجاهها واضعًا يديه في جيوب بنطاله وهو يقول بجمود
" نعم .. "
«أمينة» بتهكم
" أنا اللي عايزة اسمعك مش انت .."
«طارق» بخشونة
" كل اللي طلبتيه حصل .."
«امينة» بمكر
" حلو و أيه كمان ؟"
زفر بنفاذ صبر قبل أن يقول بجفاء
" و شيرين خلاص من النهاردة مفيش قلق ولا خوف منها …"
أوشكت «أمينة» علي الحديث ولكنها تفاجئت حين وجدت باب غرفتها يفتح و تقف أمامه «شيرين» تناظرهم بأعين يلتمع بها الدمع و الخذلان ولكن كانت المفاجأة الأكبر من نصيبه حين رآها و قد هوي قلبه بين ضلوعه حين سمع كلماتها حين قالت بتهكم مرير
" ها يا مرات خالي اطمنتي من ناحيتي ولا لسه ؟ "
«أمينة» بارتباك
" شيرين …."
حاولت أن تتواري خلف جدار السخرية التي تضمنها لهجتها حين قالت
" تعرفي كل حاجه قالهالي ناجي الوزان كانت غلط الا حاجه واحده بس .. انك فعلا مش سهلة …"
" مش سهلة عشان عايزة احمي بيتي و عيلتي ؟"
هكذا قالت« أمينة» بحدة بعد أن تجاوزت صدمتها فاجابتها «شيرين» بلهجه تفوح منها رائحه الألم
" واحنا ايه نظامنا ؟ مش من ضمن عيلتك بردو ولا احنا حلال فينا الغدر و الخيانة عادي ؟ بصي مش بلوم عليكِ كلنا وحشين زي بعض . أنا بس حاسه انك كبرتي الموضوع اوي لدرجة أنك تبعتي تجيبي طارق باشا من آخر الدنيا عشان بس يرسم الدور عليا قوم انا الهبلة بقي هصدقه و احبه صح ؟"
قالت جملتها الأخيرة وهي تناظره بعينين تجمع بها هزائم العالم أجمع فلم يتحمل سهامها أبدًا فاقترب منها وهو يقول بتوتر
" شيرين الموضوع غير كدا . اصبري أما هفهمك…"
نفضت يديها بعنف من بين يديه التي حاولت لمسها و هي تقول بتهكم مرير
" لا تفهمني ايه انا فاهمه كل حاجه وانت الصراحة كنت ممثل بارع . بس مش لوحدك انا كمان مثلت عليك و اقنعتك تنكر ؟"
يعرف انها تكذب فحدقتاها تهتز بقوة من ثقل ما تحمله من عبرات و كذلك شفتاها ترتجف من شدة الألم لذا تجاهل ما تقوله و قال بحنو
" بس انا مكنتش بمثل عليكِ.."
" اسكت .. "
هكذا قاطعته بقوة فلا طاقة لها علي احتمال كذبة جديدة وذلك الحنان في نبرته سيجعلها تنخرط في نوبة بكاء عنيفة ستطيح بما تبقي لديها من كبرياء لذا التفتت تقول لأمينة بفجاجة
" العيلة دي أنتِ غريبة عنها احنا اللي ولادها وان كانت غلطاتي كتير فأنتِ ولادك مش ملايكه و البيت دا بيتنا و لينا فيه و من هنا و رايح اوعي تفكري تتعرضيلي تاني و وفري خططك التافهه دي لحد غيري انا «شيرين» الوزان و محدش يقدر يخدعني ولا يضحك عليا .."
قالت جملتها الأخيرة و عينيها تصدر سهام حارق استقرت في قلبه ثم ولت هاربة من أمامهم بخطوات حاولت جعلها ثابته قدر الإمكان و ما أن أغلقت باب الغرفة حتي أطلقت العنان لعبرات غزيرة كالأنهار و هرولت للأسفل قاصده مكتب «سالم» الذي تفاجئ بها تقتحم غرفته صافعه الباب خلفها وهي تقول من بين عبراتها
" عايزة اصلح كل الأخطاء اللي عملتها .. و في المقابل هتديني حقي و تسبني امشي من هنا .. "
عودة للوقت الحالي
ناظر 《شيرين》 بصدمة توسعت حين تابع 《سالم 》بقسوة :
"اولًا كدا الفلاشة الي بعتها مع عمتي مروان ظبطها و شيرين نزلتها عندك عالجهاز و بعتتلي كل الداتا القذرة بتاعتك . بتاعت دانيال !  بمعني اصح كل اعمالك المشبوهه و الفيديوهات اللي ماسكها على الزبالة اللي بتتعامل معاهم بقت عندي !"
تزامنًا مع حديث《 سالم》 تقدم 《طارق》 يمسك بيد 《شيرين》 بقوة ليجذبها لتقف بجانبه ثم تنتقل يديه إلي خصرها بتملك و كأنه يعلن للجميع بأنها شيء يخصه فقط ولكن 《ناجي》 كان في وادٍ آخر فصاح دون وعي :
" ايه ؟"
《سالم》 بسخرية :
" لا متفرهدش مني ! إحنا لسه في الأول .."
ارسل له غمزة ساخرة قبل أن يضيف بتسلية :
" مروان نزل فيروس قوى عالفلاشة اللي ادتهاله و شيرين بعد ما بعتتلي الداتا حطت الفلاشة بتاعت مروان في الجهاز بتاعك و دمرت كل حاجه عليه ! و دا بالمناسبة كان النهاردة الصبح ! "
التمعت عينيه بتشفي وهو يشاهد صدمته و تابع بقسوة :
" و على فكرة مراتي وابني بخير و مستنيني أخلص منك و ارجعلهم .. و التمثيلية اللي حصلت دي اتعملت عشان تصدق نفسك تقدر تقول كدا كانت الختم اللي خدته علي قفاك يا حمار .. !"
7
عودة إلى وقت سابق
" سالم عيزاك ضروري .."
هكذا تحدثت« أمينة» بخفوت بجانب أذنه فاومئ لها بصمت فتابعت بتأكيد
" دلوقتي.. هسبقك علي اوضتي .."
قالتها «أمينة» ثم توجهت الي غرفتها و فعل هو بالمثل فما أن دخل حتي جذبته من يده وهي تغلق الباب جيدًا قبل أن تتوجه به الي الأريكة وسط أنظاره الذاهلة و ما أن جلست بجواره حتي قال بخشونة
" في ايه يا امي ؟ و ايه كل اللي أنتِ بتعمليه دا ؟"
«أمينة» بتحذير
" الحيطان ليها ودان واللي انا عيزاك فيه دا مينفعش حد يعرفه …"
«سالم» بفضول
" سامعك في ايه ؟"
" فرح حامل !"
هكذا قالت «أمينة» بسعادة فهب من مكانه كالملدوغ و انحبست الأنفاس داخل صدره من فرط المفاجأة
" أنتِ بتقول ايه ؟" 
خرجت الكلمات من فمه دون أن يشعر فجذبته «أمينة» من يده وهي تقول بتحذير
" اقعد هحكيلك ..لما فرح تعبت من كام يوم والدكتور قال قاولون بصراحه انا مرتاحتش و قلبي قالي ان في حاجه غلط .. و خدتها تاني يوم وروحت للدكتور و خليته يعملها تحاليل شاملة و الحمد لله طلع إحساسي صح و طلعت حامل .. و عشان الحمل لسه في أوله الدكتور معرفش دا بس تحليل الدم بينه.."
لأول مرة في حياته يرغب في أن يرقص من فرط السعادة التي اجتاحت قلبه حين سمع هذا الخبر الذي كان كنقطة ضوء وسط غياهب الظلمات التي تحيط بهم .
طرق خافت علي باب الغرفة ثم أطلت« فرح» برأسها فقد كانت تبحث عنه ولم تجده و ما أن رآها حتي تعاظم الشغف بقلبه و اطلت من عينيه نظرات عشق كانت فريدة من نوعها وكل هذا لم يفت علي «أمينة» التي قالت بلهفة
" تعالي يا فرح . خليكِ هنا مع سالم عشان عايزك في موضوع.. "
تقدمت لتقترب من «سالم» وهي تقول بتنبيه
" بارك لمراتك و خليك فاكر أننا مش عايزين حد يعرف دلوقتي لحد ما تدب فيه الروح و يشيل نفسه شويه مش ناقصين قر وحسد .."
برقت عيني« فرح» حين سمعت كلماتها و قد فطنت بأن «أمينة» قد أخبرته وهي من كانت تموت شوقًا لاخباره و رؤيه ملامحه وهي تزف له هذا الخبر السعيد ولكن سبقتها «أمينة» ..
" تعالي هنا.."
هكذا امرها فظنت أنه غاضب منها فتقدمت بخطٍ وئيدة وهي تقول بتبرير
" علي فكرة أنا كنت هموت و اقولك وماما أمينة هي اللي مرديتش…."
لم تكد تنهي جملتها حتي امتدت يديه تجذبها بقوة الي ذراعيه بينما كانت شفاهه تسطو بقوة علي خاصتها بشغف و عشق فاض بهم قلبه الذي كان يتراقص من فرط السعادة التي يشعر بها فقد تحققت أمنيته في هذه الحياة علي يديها..
أخذ يقربها منه أكثر و يسكب عشقه الضاري فوق ملامحها ببذخ حتي أنها لم تملك القدرة علي مجاراته فتركت نفسها له يقودها كيفما يشاء بينما هي تترنح معه من فرط الثمالة فنبيذ عشقه كان مُسكِرًا يُغيب العقول ويأسر القلوب وقد وقعت أسيرة له و قد كان هذا اجمل ما حدث لها في هذه الحياة
حررها من سطوته ولكن لم تفلتها يداه بل ظلت تحتضنها بينما أسند جبهته علي خاصتها و أنفاسه المشتعلة تحرق بشرتها الرقيقة التي توردت بفعل قربه و خرجت كلماته الرائعة من بين لهاثه المحموم
" أنتِ أجمل حاجه حصلتلي في حياتي.."
كلماته العاشقة دغدغت حواسها فهمست بخفوت
" و انت حياتي كلها.."
همس بخشونة أمام شفتيها المغوية
" اعمل فيكِ ايه دلوقتي ؟ "
ابتسمت بدلال خالط لهجتها حين قالت
" انت عايز تعمل ايه ؟"
لون العبث نظراته وكذلك لهجته حين قال
" أنا مبقولش انا بعمل علي طول .."
قهقهت بصخب علي كلماته التي دغدغت مشاعرها ثم قالت بحب
" فرحان ؟"
" طاير …"
لامست كلمته و سعادته اوتار قلبها فهمست بلهجة عاشقة
" فرحتك دي تسوي الكون عندي .."
همس بعذوبة
"و أنتِ فرحتي .."
حاوطت عنقه بيديها وهي تهمس بغنج
" عايزة اطلب طلب ينفع ؟"
يروق له دلالها و كل شئ بها
" الدنيا بحالها تحت رجليكِ .."
لامست أناملها ذقنه وهي تقول بتمني
" عايزاك تفضي نفسك ليا شويه . أنا مبعرفش اتلم عليك خالص…"
سحب اكبر قدر من أكسجين أنفاسها الدافئة وهو يقول بتأكيد
" هيحصل .. صدقيني أنا محتاج دا اكتر منك .."
ما أن أوشكت علي الحديث حتي تعالي رنين هاتفه فالتقطه ليجيب علي الفور فجاءه صوت« شيرين» المحذر
" سالم هي فرح حامل فعلا ؟"
استفهام قاتل أصاب قلبه فقال بحدة
" عرفتي منين ؟"
" بابا لسه قايلي … "
زأر غاضبًا
" و عرف منين ؟"
" عرف من الدكتور اللي كانت عنده هي و طنط أمينة من كام يوم … بابا بيراقب القصر و عارف كل حاجه بتحصل و تقريبًا له عيون جوا .."
أطلق انفاسًا حارقه من جوفه فجاءه تحذيرها ليزيد من اشتعال صدره أكثر
" خلي بالك هو كمان عرف نتيجه المناقصة قبل ما تتعلن و اتصل يفرحني بأنه خدها منك و طلب مني أنه افرحه انا كمان…"
هوي قلبه بين قدميه لأول مرة يشعر بالرعب الحقيقي فقال بترقب
" تفرحيه ازاي ؟"
«شيرين» بارتباك
" عايزني احاول أسقطها …"
مرت ثواني كان صامتًا فقالت بخفوت
" سمعتني يا سالم…"
قاطعها بقسوة
" اقفلي و هكلمك كمان شويه .."
انهي المكالمة وقال بفظاظة
" ركزي معايا و اسمعيني كويس .."
«فرح» بذعر
" في ايه يا سالم قلقتني ؟"
«سالم» بجفاء
" كل اللي في القصر دا ماعدا انا وأنتِ لازم يعرفوا النهاردة انك كنتِ حامل و سقطتي .."
«فرح» بصدمة
" ايه ؟"
نهرها بقوة
" مفيش وقت تتصدمي . دا الحل الوحيد عشان ابعد عيون الكلب دا عنكوا .. "
قالها ويديه يعانق بطنها المسطحه فغزا الخوف أوردتها وتجلي بنبرتها حين قالت
" طب هنعمل دا ازاي ؟"
صمت لثوان قبل أن يقول باختصار
" هضربك .."
شهقت مفاجئة فأوضح بلهفه
" كدا و كدا يا فرح هنمثل يعني .. "
القي نظرة علي ساعته قبل أن يقول بخشونة
" بعد ساعة إلا ربع بالظبط «سليم» هيكلمني يقولي أننا خسرنا المناقصة الي كان ورقها معاكِ… وقتها مش هيكون قدامي حد اشك فيه غيرك …"
«فرح» بصدمة
" أنا مش فاهمه حاجه …"
" هفهمك .. بس مش دلوقتي.. مفيش وقت . اعملي اللي بقولك عليه . ووعد مني هعرفك كل حاجه بعدها و مش هخبي عنك حاجه خالص …"
عودة للوقت الحالي
بدا وكأنه علي وشك الجنون فصاح بهستيريا :
" لا .. لا .. اللي أنت بتقوله دا مش حقيقي .."
《سالم》 بأسف مصطنع :
" للأسف حقيقي .."
برقت عينيه و تصاعدت أبخرة الغضب إلى رأسه و حاوطته نظرات الشماتة من كل حدب و صوب فصرخ بصوت هز أرجاء المكان حولهم :
" انت مفكر أنك انتصرت . انا ممكن ادفنكوا كلكوا هنا. القناصات محاوطاكوا من كل ناحية .."
تجمد بمكانه إثر هذا الصوت الساخر الآتي من الخلف: 
" لو تقصد شويه العيال الفافي اللي ممسكهم مسدسات لعبة دول فأنت مسنود علي حيطه مايلة… انما احنا بقي مسنودين علي بعض .. و طبعًا مش محتاج اقولك مين اللي صورلنا المكان و عرفنا كل دخلاته "
عودة لوقت سابق
انقبض قلبها و داهمته حوافر القلق فأغمضت عينيها تناجي ربها أن يرفع عنها ذلك الشعور و أن يسكن داخلها و تطمئن روحها و سرعان ما أخذت تهز برأسها يمينًا و يسارًا تطرد تلك الكوابيس وصبت اهتمامها كله علي مظهرها في المرآة و ذلك القماش الاسود اللامع الذي يعانق رشاقة جسدها و يبرز منحنياته الرائعه علي استحياء لم يخدش برائتها التي تُميز ملامحها الرقيقة و عينيها التي كانت تشبه بحر أسود براق أضفي عليه العشق لمعه مميزة ليتبدل بهوته الي وهج مُتَلأْلِئ انعكس علي بشرتها الصافيه و تقاسيمها الرائعه التي زينتها بحمرة شفاه قانية تشبه حمرة وجنتيها الممتلئة . بدت ساحرة متألقة تشبه قمرًا يتوسط سماء حالكه السواد . و قد كان هذا ما أرادته بالتحديد فقد تزينت من أجله . تعلم بأنه ينتظرها و قد شعرت بحاجتها لأن ترى سعادته و ابتهاجه حين يراها .
خطت أقدامها تهبط درجات السلم تحاول التغلب علي شعور القلق الذي ما أنفك يداهمها بشراسه إلي أن توقفت علي آخر درجه في السلم علي إثر إنقطاع التيار الكهربائي و هي تردد بحنق
" اوف كانت نقصاك انت كمان !"
غضبت و تعاظم القلق بداخلها فسمعت صوت السائق الذي كان ينير كشاف هاتفه و هو يهتف بقلق
" ست جنة . مش يلا بينا ؟"
صدح صوتها الذي تخلله نبرة غير مرتاحه
" يالا بينا …"
توقفت علي بعد خطوتين من باب المنزل و قد تذكرت شيئًا فالتفتت إلي السائق قائلة بعجالة
" معلش يا عم مجاهد هروح اطمن علي محمود و آجي .. "
" براحتك يا بنتي ."
اضاءت كشاف هاتفها و عادت أدراجها للأعلى بخطٍ أثقلها القلق و قامت بفتح باب غرفة طفلها الغارقة في الظلام إلا من ضوء خافت يتسلل من النافذة التي لدهشتها كانت مفتوحة علي مصرعيها فهوى القلب و ارتعب حين وجهت ضوء الكشاف علي مخدعه الذي كان فارغًا !
حاولت تجاهل رعبها و هي تتوجه الي غرفة أمينة و بداخلها تتوسل أن يكون معها. ولكن وجدتها فارغة !
اخت تدور حولها في الظلام كمن سيفقد عقله و صدح صوتها يبدد عتمة الليل الحالك
" دادا نعمة .. ماما أمينة . انتوا فين ؟"
لم يجبها أحد فتقاذف الدمع من مقلتيها يأسًا و عادت الي غرفة صغيرها تصرخ عليه و كأنه سيسمعها فتفاجئت بآنات الألم التي انبعثت من زاوية ما هرولت إليها لتتفاجئ من نعمة الملقاة ارضًا تنزف فافترشت الأرض بجانبها وهي تقول بصوت مرتجف
" دادا نعمة مالك ؟ فيكِ ايه و محمود فين ؟"
نعمة بصوت متألم يحاول جاهدًا الخروج من بين شفتيها
" اخدوه مني .. ضر ضربوني .. و أخدوه.. ووو"
لم تطاوعها شفتاها بالحديث فقامت بمد يدها بورقة مطوية التقطتها يد جنة متلهفه ليسقط قلبها ذعرًا حين قرأت الحروف المدونة
" لو عايزة تشوفي ابنك تاني تعالي عالعنوان دا . لوحدك . اياكِ تجيبي معاكِ حد و خصوصًا حبيب القلب !"
" ابني .. "
صدح صوتها المحترق رعبًا علي صغيرها الذي طالته أيدي الغدر و لم تتردد ثانية بل توجهت بخطٍ مبعثرة الي الأسفل تنادي بصراخ جاء من قلبً مكلوم
" عم مجاهد … يا عم مجاهد "
" نعم يا ست جنة .."
جنة بلهفة
" اطلب دكتور لدادا نعمة مخبوطه علي دماغها و بتنزف…"
لم يكد يجيبها حتي رأت سيارة طارق التي اصطفت أمام الباب فتوجه إليها قائلًا بمزاح
" الأميرة اللي طلعان عنينا من الصبح عشان خاطرها ؟"
الدمع المتلألئ بعينيها كان يبعث علي القلق فتقدم منها قائلًا بلهفه
" في ايه يا جنة؟"
لوهلة كانت ستخبره ولكنه الخوف الذي جعلها تتراجع بآخر لحظة قائلة بتوتر
" دادا نعمة مخبوطه على راسها فوق اطلع شوفها ارجوك …"
هرول طارق دون حديث إلي الأعلى فالتقمت عينيها سيارته التي غالبّا ما يترك بها المفتاح حتي يأتي أحد الحرس ليصفها في الجراج فهرولت إليها و قامت بإدارة المحرك و المغادرة غير عابئة بصوت طارق الذي صاح محذرًا من النافذة
" جنة .. استني يا جنة….."
تحولت السيارة لوحش ينهب الطريق أمامه فهرول طارق للأسفل و هو يحاول الاتصال بسليم الذي ما أن أجاب حتي صاح طارق
" الحق يا سليم محمود اتخطف و جنة راحت تجيبه….."
انشق قلبه الي نصفين حين سمع كلمات طارق فبعد أن كان يخطط لعمل مفاجأة سارة لها في أول عيد ميلاد لها بجانبه ينقلب اليوم رأسًا علي عقب بتلك الفجيعة التي لن يحتملها قلبه وهي خسارتها…
" شيرين يا طارق .. حاول توصل لشيرين .. وانا هجيب مروان و أجيلك .."
اغلق طارق الهاتف و قد سنحت له الفرصة للتقرب منها فقد أعلنت رايه العصيان في وجهه و أغلقت أمامه كل الطرق لنيل رضاها .
هاتفها مرارًا و تكرارًا ولكن دون جدوى فقام بإرسال رسالة نصية فحواها
" ردي ضروري . ناجي خطف محمود  و جنة راحت عشان تنقذه . اول ما تعرفي تكلميني كلميني …"
نصف ساعة مرت ولم يصل اليه خبر منها و لكن وصل كلًا من سليم و مروان الي المنزل الذي كان خاليًا ف
أمينة برفقة فرح عند الطبيب و الخدم عادوا الي بيوتهم و همت و سما نائمتان بينما هو والرجال كانوا يحضرون اليخت استعداداً لقدومها ..
" عملت ايه يا طارق كلمتها ؟"
كان هذا صوت سليم الملتاع فأجابه طارق بيأس
" للأسف مابتردش .."
هاج غضبه كوحش كاسر فصرخ بعنف و هو يقوم بحمل الطاولة و إلقائها بقوة لتتحطم الي أشلاء كما تحطم قلبه تمامًا فاقترب منه مروان محاولًا تهدئته
" سليم اللي انت بتعمله دا مش هينفع جنة . لازم تهدي عشان نلاقيها.. "
كيف يهدأ القلب و المحبوب بعيد ؟ كيف يهدأ وهو لا يعلم اين هي و كيف حالها ؟ تلك السكينة التي حاوطته منذ فترة كانت بفعل قربها فكيف وهي بعيدة يمكنه الهدوء أو الراحة؟
التقط هاتفه و قام بإجراء مكالمة هاتفيه و سرعان ما أجاب سالم
" في جديد يا سليم ؟"
همس سليم بقهر
" ناجي خطف محمود و جنة راحت عشان تنقذه و مش عارف اوصلها … "
هب سالم من مقعده و كذلك صفوت الذي كان بجانبه يحاولون دراسة الأمر حتي يحكموا الخناق حول ناجي و الإيقاع به
" حصل امتا الكلام دا؟"
سليم بألم
" من حوالي ساعة . وبنحاول نوصل لشيرين و مش عارفين .."
زفر بقوة قبل أن يقول بحدة
" اسمعني كويس . أنا هحاول اوصلها و انت جهز نفسك و جهز الرجالة خلاص مش هنستني اكتر من كدا …"
سليم باستفهام
" ناوي علي ايه يا سالم.. خلي بالك جنة و محمود معاه .."
سالم بفظاظة
" مش هيقدر يقرب لهم . دول كارت عشان يضغط بيه علينا و يأمن نفسه . نفذ اللي قولتلك عليه و استني مني تليفون …"
اغلق سالم الهاتف و فعل سليم ما أمره به و بعد مرور ساعتان جاءته رساله نصية من شيرين
" جنة معايا .. هبعتلك صور القصر وهعرفك المداخل و المخارج و اماكن الحراسة .."
عودة إلى الوقت الحالي
كان هذا صوت 《سليم》 الساخر الذي نزل درجات السلم و توجه رأسًا تجاه 《جنة》 ليحتويها بين ذراعيه بلهفة و خلفه «عمار》 الذي لمعت عينيه بشوق وهو ينظر تجاهها و خلفهم مجموعه من رجالهم والتي كانت تجذب رجال《 ناجي 》المُكبلين بالأصفاد مما جعله يشهق بصدمة فأتاه صوت《 سالم》 القاسي حين قال :
" مقولتليش ايه رأيك في مفاجأتي ؟  "
برقت عينيه و ألتمع بها الجنون و اشتدت ملامحه وهو يتقدم من《 سالم 》قائلًا بتخابث:
" حلوة.. مفاجأت حلوة و غير متوقعة بصراحة . بس أنا بقي مكنش عندي ثقة في ولا واحد من الكلاب دول ؟ عشان كدا عملت حسابي "
منذ وقت ليس بقليل يشعر بأن هذا الرجل يخفي شيئًا كبيرًا ولكنه لم يفلح في معرفته فتابع《 ناجى》 بسخرية :
" ايه هي شيرين مش قالتلك ؟؟"
التفت إلي 《شيرين 》يطالعها بحقد قبل أن يلتفت إلى 《سالم》 يتابع بسخرية:
" تصدق مطلعتش أصيلة اوي زي مانت فاكر!"
التمعت نظرات الفضول من كل مكان حولهم فتجاهل ما يشعر به وزأر بقوة :
"  قولتك خلصت خلاص.  و انتهيت من حياتنا و قدامك حل من الاتنين وانا عشان راجل كريم هخيرك "
أطل السؤال من عينيه فتابع 《سالم》 بقسوة:
" يا نخلي البوليس ييجي يقبض عليك .. على دانيال روبرت .. اه مانا نسيت اقولك أنا قدمت كل الداتا اللي عندي للنيابة .. يا نولع في المكان وانت جواه و نبقي خلصنا البشر من شرك و دا احسن فى رأيي "
2
ارتجفت ملامحه و تعالت أنفاسه قبل أن يلتمع بنظراته شيء جنوني وهو يقول بمكر:
" طب مش تستني تعرف مفاجأتى الكبيرة .. مسألتش نفسك في مين ورا الباب دا؟ "
التفت ناظرًا إلى الباب السادس و الذي لا يزال مغلق للآن فتوجه إليه يفتحه و يقوم بجذب شخص ينكث رأسه بخزي ليرميه أمام أعينهم المزهولة و هو يقول بتشفي :
" أحب أكون الملاك اللي هيلم شمل العيلة من جديد و أقدملكوا حازم بيه الوزان ! حلوة المفاجأة دي ؟"
18
برقت الأعين و توقفت الأنفاس بمنتصف الصدور و تجمد الجميع بذهول فعم صمت مريع المكان لم يقطعه سوى ذلك الصوت المرتجف الآتي من خلفهم :
" حاااازم !!! "
تمت بحمدلله الجزء الثاني 2 من رواية قبضة الاقدار


لقراءة رواية في قبضة الاقدار الجزء الاول 1 💜👇


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-