رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول بقلم روز امين

رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول بقلم روز امين


رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة روز امين رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول

رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا بقلم روز امين

رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول

قبل أكثر من ثمانية عشر عام من أحداث روايتنا، داخل مدينة سوهاج عريقة الأصل و الأصول و بالتحديد داخل نجع النعماني و الذي سمي بهذا الاسم تيمنا بإسم هذه العائلة العريقة
عصرا، في بهو منزله و الذي يشبه القصور حيث شموخها و بنيانها العالي و أثاثها العريق كحال عائلتهم.

يجلس الحاچ عتمان النعماني كبير عائلتة و كبير النجع بأكمله و عين أعيان المدينة، تجاوره زوجته الحاجة رسمية إبنة عمة و إبنة عائلة النعماني و بصحبتهما ولديهما قدري الكبير و زوجته فايقه تلك الجميلة المتعالية، إبنة شقيق رسمية و إبنة عائلة النعماني أيضا
و على الجانب الأخر ولدهما الثاني منتصر و زوجته هادئة الطباع نجاة و هي أيضا إبنة العائلة، حيث أن عائلة النعماني لا يتزوجون و لا يزوجون الغرباء.

صاحت رسمية بنبرة حادة و هي تنادي على إحدي عاملات المنزل بنبرة جامدة: حسن، إنت يا مخبولة
أتت العاملة ذات السادسة عشر عام مهروله و هي تردف قائلة بنبرة مرتعبه: نعمين يا ست الحاچة
أردفت رسمية قائلة بنبرة شبه أمرة: إعملي لنا شاي و هاتي معاه صحنين كحك و صحن رواني
أجابتها العاملة بطاعه و أحترام قبل إنصرافها الفوري: حاضر يا ست الحاچه.

تحدث الحاچ عتمان موجه حديثه إلى قدري: أخبار محصول الجمح أيه السنه دي يا قدري؟
أجابه قدري بتفاخر وهو يرجع ظهره مستندا به على خلف المقعد: المحصول زين جوي يا أبوي، الزرعه طرحها مليح جوي السنه دي
إنتبه الجميع و وجهوا أبصارهم فوق الدرج ينظرون على ذلك الذي يهبط بخطوات واثقة و هو يرتدي جلبابه الصعيدي واضع حول عنقه شالا رجالي زاده و قارا و جاذبيه، و يضع فوق كتفيه عباءة سوداء فخمة و مميزة ككل أشيائة.

تحرك إلى الأسفل و خطي بخطوات رزينه حتى وصل لموضع جلوس أبيه و قبل جبهته بإحترام متحدث: كيفك يا أبوي؟
إبتسم وجه الحاج عتمان لمجرد رؤيته لوجه صغيره البالغ من العمر الثاني و العشرون، و تحدث بإبتسامة صافيه لا يظهرها إلا لذاك الزيدان و فقط: زين و بخير طول ما أنت و أخواتك بخير يا ولدي.

إبتسم لأبيه ثم حول بصره إلى والدته و تحدث و هو يقبل مقدمة رأسها بإحترام تحت إستشاطة قدري من أفعال ذاك الصبي الذي يستحوذ بها على قلب والديه: كيفك يا ست الكل
بخير يا سبعي طول ما أنت بخير، جملة قالتها رسميه بتفاخر لعشق ذاك الفتي القريب من روحها
نظر له والده و تساءل بإهتمام: على وين العزم إن شاء الله يا زيدان؟

أجاب والده و هو يلتقط قطعة رواني من الحامل التي تحمله تلك الحسن بين يديها لتضعه بعد ذلك فوق المنضده و تغادر على الفور إلى الداخل خشية غضب سيدتها
أجاب والده و هو يجلس و يقضم قطعة الرواني بأسنانه: رايح أحضر فرح عامر واد عبدالرحيم الزيني يا حاچ!
وتحدث مناديا إلى العاملة نجية بنبرة هادئة رحيمة كقلبه: يا نجية.

أتت العامله فتحدث إليها بوجهه البشوش: إطلعي جولي لمرعي يخرچ لي الحصان من الإسطبل و يچهزه على ما أشرب الشاي
أجابته العامله بنعم و أنصرفت للخارج
نظر له قدري بضيق و تحدث بتكبر مستنكرا أفعال شقيقه: و يطلع مين في البلد عبدالرحيم الزيني ده عشان تروح لحد دارة و تعمل له جيمه و كمان تحضر فرح ولده؟

ضيق زيدان عيناه مستغرب تكبر شقيقه و أجابه بنبرة مستنكرة: أني رايح فرح صاحبي يا قدري، و أكمل مفسرا بتعقل: صح عبدالرحيم الزيني مهواش من الأعيان و كبرات البلد، بس يكفي إنه راچل محترم و بيتجي الله في حياته و بياكل لجمته بعرج جبينة هو و ولادة
إبتسم له اباه و تحدث بإعجاب لحديث ولده العاقل: ربنا يبارك فيك يا ولدي، هو ده الحديت الزين، طالما الراچل محترم يبجي فجرة ميعبوش واصل.

تأفف قدري ثم تحدثت فايقه ذات العشرون عام بكبرياء و هي تنظر إلى زيدان بقلب مشتعل نارا و حقدا: كلام أيه اللي عتجوله ده يا عمي، ده بردك زيدان إبن الحاج عتمان النعماني على سن ورمح، ولازم يصاحب ناس من مجامة و مجام عيلته اللكبيرة
و أكملت و هي تنظر إلى زوجها قدري كي تثبت للجميع أن زيدان على خطأ: يبص لقدري و يتعلم منيه كيف بيختار أصحابه من كبرات النجع و أصحاب المجامات العالية.

أرجع قدري ظهرة للخلف ورفع رأسه شامخ بعد حديث زوجته المفخم له، ثم أكدت رسميه على حديث إبنة شقيقها قائلة بتفاخر و كبرياء: عندك حج يا فايقة، العين بردك متعلاش على الحاجب و كل واحد و مجامة
تحدث منتصر بنبرة مستنكرة: كلام أيه بس اللي عتجوليه ده يا أما، معدش فيه حد بيفكر إكده دالوك، و بعدين ربنا خلجنا كلنا سواسية، ليه بجا إحنا هنفرز الناس على حسب مالهم و حسبهم و نسبهم.

وقف زيدان و تحدث و هو يهندم من ثيابه غير عابئ بحديثهم العقيم بالنسبة لعقليته المستنيرة: أسيبكم أني بجا تتحدتوا في المجامات العالية والحسب و أمشي عشان متأخرش على الفرح
تحدثت رسمية وهي تنظر لهيئة نجلها المشرفة بتفاخر: ربنا يحميك من العين يا ولدي، وعجبال ما نفرحوا بچوازك
إبتسم لها بوجه بشوش و أردف قائلا إن شاء الله يا غالية
ثم تحرك إلى الخارج تحت إستشاطة فايقة ونظراتها الثاقبة الناقمة عليه.

بعد قليل
دلف لداخل الحفل يمتطي فرسه العربي الأصل، منتصب الظهر رافع رأسه بشموخ، كفارس خرج للتو من داخل إحدى الأساطير العريقة
كانت نظرات الجميع مسلطة عليه باعجاب شديد، رجال النجع ينظرون إليه بتمني لمكانته عظيمة الشأن و ماله و حسبه و نسبه، وكل شخص يتمني عظمة شأنه لحالة،
أما فتيات النجع تنظرن إليه بأعين مسحورات من طلته البهية الرجولية، وكل واحدة منهن تتمناه كرجلها و فارس أحلامها الوردية.

نزل من فوق ظهر فرسه بفروسية و ظهر مفرود و تحرك بين الجميع بابتسامته الخلابه الذي بات يوزعها على الحضور، مرتديا جلبابه الصعيدي واضع فوق رأسه عمامته البيضاء التي زادته وسامه فوق وسامته و جعلت منه جذاب للغاية،
و بدأ بإلقاء التحية على كل من يقابله حتى وصل و جلس بجانب اصدقاء له.

في الناحية الأخري من جلسة النساء، كانت تجلس تلك ال ورد الغير عابئة بما يحدث من حولها بجانب والدتها، تحركت و صعدت لتهنئة إبنة خالها تلك العروس الجميل، إحتضنتها بحفاوة و هنئتها و تمنت لها دوام السعادة
تحرك زيدان أيضا من جلسته حيث وجه بوصلته إلى مجلس العروسان حتى يهنئ العريس أعز أصدقائة و الذي يدعي عامر، و بالصدفة تحركت ورد كي تهبط
بنفس توقيت هبوطها كان يصعد متجه حيث صديقه ليهنئة و عروسه.

و بلحظة إلتوي كعب حذائها المرتفع، كادت أن تسقط أرض بفضل إنفصال الكعب عن النعل لولا ساعديه القويتان اللتان إلتحقت بها و أسندت يدها و منعتها من الانزلاق المحقق
و هنا يا سادة قد توقف الزمان، حيث لا عاد يكترس الهائمان بحضور من في المكان، ولا لأي شخص كان أن كان
و إلتقت العين بالعين، و ذابت بالنظرات التي طالت و كأنهما عاشقان إلتقيا بعد فراق دام منذ الزمان.

حدثتها عيناه، لما كل هذا الغياب فاتنتي، ألم تدري أنني أنتظرتك منذ الكثير؟
وأبتسم وحدث مقلتيها الجميلتان، ولكن، لا عليك أميرتي، فلقد أنستني تلك النظرة ألم البعاد ومرارة الإنتظار!
إبتسمت برقه لحديث عيناه الجريئة الذي إقتحم قلبها و أستوطنه دون إستئذان،
وحدثته عيناها،
أاخبرك بسرا ايها الأسمر الوسيم
لم يحدث لي واختطفت هكذا من ذي قبل
تحوم حولك هالة عجيبة تجذبني، فتأسرني.

و ها أنا الان اعترف أمامك وأقر، ان لعيناك سحرا أثير!
في تلك اللحظة أتي إبن عمها إليها سريع ليقطع وصلة الفؤاد ذات، قائلا و هو يزيح عن لمستها يد ذاك القوي المسحور بطلتها و يسحبها بعنف و غيرة قائلا بنبرة حادة: متشكرين يا زيدان على وجفتك دي
تحدث زيدان بصوت رجولي جهوري: مفيش حاچة تستاهل الشكر يا كامل، أني معملتش إلا الواجب.

هز كامل رأسه بإيماء لذاك الوسيم ثم نظر لتلك الخجولة و تساءل باطمئنان: إنت زينه يا ورد؟
تحمحمت وتحدثت حرج ومازالت عيناها معلقتان بصاحب ذات الرموش الكحيلة وكأن بهما شئ خفي يجذب عيناها و يجبرها على النظر داخل عيناه: الحمدلله يا كامل، أني زينة
إنفرجت أساريره حين علم إسمها، ورد، ياله من إسم معبر لذات الرائحة العطرة و الوجة المنير
وما أسعده أكثر معرفته لأصلها و فصلها و عائلتها.

تحركت هي بطريقة مضحكة حيث إنخلع كعب نعلها و باتت تتعرج بحركتها، وأخيرا وصلت و جلست بجانب النساء و لكن لازالت عيناها معلقة بعين ذاك الأسمر القوي البنيان ذو العينان الكحيلة ذات اللون البني كثيفة الرموش
حدثتها إبنة خالتها بنبرة مفخمة و هي تبتسم: طول عمر حظك نار يا بت خالتي، حتى يوم متتكعبلي و تجعي، تجعي في حضن زيدان النعماني اللي بنات الكفر كلياتهم عيموتوا على طلة واحده من إعيونه.

نظرت لها بقلب يدق بوتيرة عالية عند معرفتها شخصيته، فكم من المرات التي إستمعت بها لروايات و حكايات عن زيدان النعماني، و رجولته و عيناه التي أذاب بها معظم صبايا النجع بالعشق الممنوع، و لكنها الأن و أخيرا إلتقته وجه لوجه و رأت ذاك الفتي الذي يتحدث عنه الجميع.

تحدثت خجلا في محاولة منها للتماسك: و الله إنت رايجة يا ماچدة، بجا أني رچلي كانت هتتخلع وإنت كل اللي شاغل بالك و فارج وياكي مسكة زيدان النعماني ليدي؟
أجابتها نورا بإستهجان: وه يا ورد، و هي مسكة يد زيدان النعماني ليدك دي حاچة جليلة إياك؟

أشاحت عنها بصرها حين إستمعت لتوبيخ والدتها لها و هي تردف بهمس قائلة بنبرة حادة: معرفاش تمسكي حالك وأنت نازلة يا مجصوفة الرجبه، يجولوا أيه عليا حريم النجع، بتها معرفاش تسند حالها و وجعت على يد إبن النعماني؟
تأفأفت بجلستها من حديث والدتها الحاد و ألتزمت الصمت حتى إنتهي الزفاف دون أن يرا كل منهما أية مراسم وذلك لإنشغالهما بإستراق النظر كليهما للاخر.

بعد مرور ثلاثة أسابيع
كانت ترتدي ثيابها الدراسية و تتحرك على إستحياء في الطريق العام للبلده، عائدة من مدرستها الثانوية الفنية و التي تتواجد خارج النجع، نظرت إلى ذاك الذي يقف مراقب لها ككل يوم منذ أن راها صدفة من ذي قبل،
ويا حلوها من صدفه
نظرت له مبتسمة حين تذكرت ما حدث منذ الثلاثة أسابيع
أما هو فشعر بإهتزاز بكامل بدنه حين رأها تظهر أمامه كشمس ساطعة أنارت له دربه الغائم.

تحرك خلفها بهدوء و حين أدرك خلو الطريق من المارة إقترب منها و تحدث بنبرة حنون: كيفك يا ورد؟
إنتفض جسدها بالكامل رعب و تحدثت خجلا بنبرة متلبكة: ميصحش اللي بتعملة ده يا إبن الحلال، لو حد شافك وياي دالوك يجول عليا أية؟
أجابها بصوت جهوري غاضب: جطع لسان إللي يجيب سيرة زينة الصبايا بكلمة عفشه
و أكمل بوجه مبتسم وكأنه تبدل بأخر: أني هسألك سؤال وأخد الچواب و أبعد طوالي عشان سمعتك بجت تهمني أكتر ما تهمك.

نظرت إليه مضيقة العينان و تساءلت متعجبة: سؤال أية دي؟!
نظر لها و أبتسم و حدثها برجولة و صراحة: رايدك تكوني حلالي يا ورد، و عاوز أعرف رأيك لجل مشيع لأبوكي وأطلب منيه يد الجمر
إرتعب جسدها وشعرت بقلبها سيتوقف عن النبض لشدة سعادته وعدم تصديقه لما قيل من ذاك الزيدان التي عشقت عيناه منذ أن رأته للوهلة الأولي
نظر لها بضحكة عيناه الكحيلة و تساءل بتلائم: جولتي أية يا جمر ليلي؟

علقت عيناها بعياه مستغربه كلمات الغزل الذي ينثرها على مسامعها منذ أن إلتقاها، فنظر لها مؤكدا و أردف قائلا بتأكيد: إيوة يا ورد، جمر ليلي و شمس حياتي اللي نورت من بعد ليل غميق عاتم
تساءلت بعيون عاشقه غير مصدقة: إمتي و كيف يا زيدان؟!

إشتعلت نار صدره عشق واتسعت عيناه الكحيلة غير مستوعبه ما نطقته تلك الساحرة الصغيرة بلسانها وأشعلت به كيانة، و تساءل حاله، أحقا تعرفين إسمي و نطقتي به غاليتي، يا لسعادتي وهناء قلبي العاشق
أجابها بعيون هائمة: زيدان النعماني زاد فخر و شرف بنطج إسمه على لسانك الطاهر يا زينة الصبايا
ثم أجابها رد على سؤالها: أما أمتي و كيف عشجتك إكدة، فاحب أجول لك إني جلبي مولود بعشجك.

وأردف قائلا بتفسير: تعرفي يا ورد، أني شفتك جبل الزمان بزمان
ضيقت عيناها مستفسرة بابتسامة حانيه: كيف يعني؟!
إبتسم لها برجوله و أردف مفسرا: من أول معرفت يعني أيه عشج وأني رسمت صورة حبيبتي اللي أتمنيتها في خيالي، كيف شكلها؟
كيف ضحكتها و كيف راح تكون عيونها وهي بتبص لي؟
كيف صوتها العاشق وهي بتتغني بحروف إسمي؟
و لحظة عيني ما چت في عينك لما كتي هتجعي و مسكت يدك، زي ما أكون كت بحلم و فوجت على أحلا حجيجة،.

و أكمل بعيون عاشقه: لجيتك يا غالية كيف ما رسمك خيالي بالظبط، لجيتك و دنيتي أصبح ليها طعم و لون، جولت لحالي يا ويلك يا ابن النعماني من نار عشج أم عيون كحيلة لو مكانتش مجسومة لك
إبتسمت فرح وتحدثت: كلامك كنه شعر يا واد النعماني
أجابها برجوله: كلامي كان عادي لحد السبوع اللي جبل اللي فات، لحد ما شفت عيونك الكحيلة يا زينة الصبايا
وأكمل مداعب إياها بعيون عاشقة: عيونك تنطج الحچر يا بت الرچايبة.

نظرت له بعيون مسحورة من سحر كلماته التي سحبتها من عالمها و أدخلتها لعالم ولأول مرة تخطو به، عالم العشق و الغرام
إبتسمت له بجاذبية أذابت قلبه أكثر مما هو عليه، وبلحظة إرتبكت و كأنها وعت على حالها و تحدثت بنبرة مرتبكة: أني ماشيه، و متحاولش تكلمني تاني يا أبن الحلال، أبوي لو عرف إني وجفت وإتحددت وياك هيكون فيها جطع رجبتي.

تحدث بحماية بنبرة صارمة و صوت رجولي حاد: محدش يجدر يمسك طول ما زيدان النعماني موجود على وش الأرض
نظرت إليه وابتسامه سعيدة كست وجهها وأكمل هو بتفاخر: ولا حتى أبوكي ذات نفسيه يجدر يجرب لروح جلب زيدان
إشتعل جسدها بالكامل من جمال كلماته التي تنطق عشق
شعر بالتفاخر بحاله حين رأي سعادتها و تساءل بنبرة حنون: مسمعتش رأيك في طلبي يا زينة البنات؟
تساءلت بلؤم و تخابث: اللي هو أيه طلبك دي؟

ما جولت رايدك يبت الناس، رايدك تنوري لي عتمة ليلي في الحلال، كلمات قالها زيدان بعيون مسحورة بجمال عيناها
إحتضنت حقيبة كتبها وقربتها من صدرها بشدة و إبتسمت خجلا و أردفت قائلة بنبرة حنون دلالة على موافقتها: اللي يشوفه أبوي في مصلحتي أني موافجه عليه
وألقت نظرة عاشقه من عيناها المهلكة عليه ثم أسرعت بمشيتها و تركته خلفها يغلي كالبركان من جمال صوتها الحنون و نظرتها العاشقة.

وضع يده فوق صدره وتحسسه بدلال وأخذ نفس عميق و هو ينظر على أثرها و أردف قائلا بهيام: يا أبوووووي
ضل ينظر عليها حتى أختفي أثرها عن ناظريه ثم تحرك متجه إلى وجهته بقلب يتراقص فرح.

في اليوم التالي
داخل منزل الحاج عتمان النعماني
كان يجلس الحاج عتمان النعماني و تجاوره الجلوس الحاجة رسمية
وأبنائة، قدري وزوجته فايقة، ومنتصر وزوجته نجاة
تحدثت رسميه بنبرة حادة و هي ترمق ولدها صغير السن كبير العقل و التفكير بنظرة غاضبة: بتجول أيه إنت يا زيدان، إتجننت إياك يا ولدي؟
إصبري يا حاچه لما نفهموا منيه الموضوع، جملة تفوه بها الحاج عتمان ليهدئ بها من روع زوجته الثائرة.

هتفت رسمية بنبرة غاضبة: نفهموا أيه يا حاچ، إبنك بيجول لك رايد يتزوج من بنات الرچايبه،
ثم وجهت بصرها إلى زيدان و تساءلت بنيرة صارمة: كانوا جصروا في أيه بنات النعمانية لما تروح تجيب لي واحده غريبة تسكن وياي في داري؟
نظر لها زيدان باستغراب و تحدث بنبرة إستهجانية: غريبة كيف و هي هتبجا مرتي يا أماي؟
و أختي بدور اللي مكتوبه على أسمك من يوم ما أتولدت يا واد عمي، مفكرتش فيها؟!

تلك الجملة تفوهت بها فايقة التي إشتعلت نارها أكثر مما هي عليه من ناحية ذاك الزيدان و الذي أصبح ألد أعدائها منذ القريب
أجابها زيدان بنبرة قويه و صوت جهوري: و أني موعدتش أختك بالزواج و لا عمري لمحت لأبوي و لا حتى لعمي إني رايدها يا فايقه
تحدثت فايقة بحده بالغه و غيرة واضحة مقللة من شأنه كي تحرق روحه: و ميتا الصغار كان ليهم رأي بعد إتفاج الرچال يا واد عمي؟

و عشان أني مش إصغير و ليا رأي بجول لك إني إختارت ورد و هتزوجها، جملة قالها زيدان بنبرة جامدة صامدة متحديا إياها
كان قدري ينظر إلى غضب زوجته المبالغ به بقلب مشتعل بنار الغيرة ولكنه فضل الصمت كعادته المخزية الخبيثة
وأني ماموافجاش يا زيدان، جملة تفوهت بها الحاجه رسمية بنبرة صارمة.

قاطعهم عتمان بصوت غاضب وهو ينظر إلى رسمية و فايقه: والله عال يا ولاد، حريم الدار بجي ليهم رأي و صوتهم بجا يعلا على أصوات الرچال
إنتفضت فايقه رعب و تحدثت سريع بنبرة هادئة كي تمتص غضب والد زوجها: حجك على راسي يا عمي، ورب الكعبة مجصدت أضايقك،.

و أكملت و هي ترسم على وجهها الحزن المصطنع كي تستدعي تعاطف الحضور معها: أني بس صعبان على كسرة جلب أختي بدور اللي هتتجهر لما تعرف إن واد عمها فضل عليها واحدة لا من توبنا و لا من دمنا و لا حتى تخصنا
تحدث عتمان ناهرا إياها بنبرة حادة: خلصنا يا فايقة،.

ثم نظر إلى ولده و تحدث بنبرة حادة: و إنت يا زيدان، إعجل يا ولدي و راجع حالك، عيلة الرچايبه مفيش بيناتنا و بينهم و لا نسب و لا ود، ده غير إن بت عمك أولي بك و متعشمة فيك
إنفرجت أسارير فايقة و رسمية التي تفوهت بنبرة مساندة: عين العجل كلامك يا حاچ
حين تحدث زيدان إلى والده معترض بإحترام: بس أني رايد بت حافظ الرچايبي يا حاچ و مرايدش واحدة غيرها.

و أكمل بتفاخر و عشق لم يستطع تخبأته عن عيون الجميع: رايدها تكون مرتي في الحلال، ولو مش هي مش هيبجا فيه حد غيرها
يعني أيه الكلام ده يا زيدان؟
جملة تفوة بها قدري شقيقه الأكبر
تحدث إلية زيدان بنبرة قوية: يعني لو متزوچتش بت حافظ الرجايبي يبجا يحرم على صنف الحريم كلياته يا قدري
أجابه قدري بنبرة خبيثه كي يشعل والده من ناحيته أكثر: عيب عليك الكلام ده يا زيدان، طب حتى أحترم كلمة أبوك اللي أداها لعمك زمان.

تحدث عتمان بنبرة صارمة ناهيا الجدال الدائر: سيبوني لحالي مع زيدان
نظر له قدري و تحدث بنبرة خبيثة: خليني وياكم يا حاچ لجل ما هدي بيناتكم
هتف عتمان ناهرا إياة بنبرة صارمة: جولت سيبوني مع ولدي لحالنا، مهتسمعش الكلام ليه يا قدري؟
أجابه قدري بطاعة مصطنعة: حقك على راسي يا حاچ، أني كان غرضي خير.

هم الجميع بالوقوف و تحركوا بإتجاة الخارج و تركوا زيدان بصحبة عتمان الذي وجه حديثه إلية متسائلا بهدوء: أدينا بجينا لوحدينا يا زيدان، ودالوك جولي بصراحة، حكايتك إية مع بت الرچايبة دي؟
نظر له زيدان ثم أنزل عنه بصره وصمت، فأردف عتمان قائلا بنبرة حنون مشجع إياه على التحدث: صارحني و أتكلم وياي راچل لراچل يا زيدان.

رفع زيدان رأسه و تشجع من حديث والده وأردف قائلا بنبرة حنون: ولدك عشجان يا أبوي و ده لا بيدي و لا بكيفي، ولولا إكده كلمتك كانت هتبجا سيف على رجبتي وأنفذها من غير أي نجاش
أطال عتمان النظر داخل أعين ولده ثم تساءل باهتمام: إسمها أيه البت دي؟!
نظر سريع إلى والده و نطق بنبرة هائمة تدل على عشقة الذي تخطي عنان السماء، متي و كيف، هو لا يدري: ورد يا أبوي، إسمها ورد.

مليحة يعني البت دي و تستاهل عشج زيدان النعماني؟، جملة تساءل بها عتمان ولده وهو يغازله بإبتسامة حانية
اجابه زيدان بعيون عاشقه لم يستطع السيطرة على كبحها: مليحه جوي يا بوي، زينة صبايا النجع كلياتهم
إبتسم عتمان و هز رأسه بتفهم و تحدث بنبرة هادئة: مبروك يا زيدان، إنهاردة هشيع لأبوها و أطلب يدها لزينة رجال النجع كلياته، زيدان عتمان النعماني.

نظر إلى والده بعيون غير مستوعبه لما تفوه به للتو و تساءل مستفسرا: صح الحديت دي يا أبوي؟
إبتسم عتمان بخفة وأجابه لائما: من ميتا عتمان النعماني بيجول أي كلام يا واد
تحدث سريع بأسف: العفو يا أبوي، أنا بس من كتر فرحتي مش مصدج حالي واللي سمعته منيك
ثم وقف سريع متجه إلى والده و أمسك كف يده و قبلها باحترام و قبل رأسه بلهفه و أردف قائلا: ربنا يديمك فوج راسي يا أبوي.

ربت عتمان على كتف ولده بحنان و تحدث عاليا منادي لأهل المنزل، أتي إليه الجميع مهرولين
فتحدث إليهم عتمان بطريقة حاسمة: باركوا لزيدان علشان هشيع لعيلة الرچايبة اليوم لجل ما نطلبوا يد بتهم
نزلت تلك الكلمات على فايقة أشعلت قلبها نارا، وإستشاط داخل رسمية التي ردت بنبرة إعتراضية غاضبة: كلام أية اللي عتجولة ده يا حاچ؟

وقف عتمان و دق بعصاه الأرض في حركة تحذيرية عن غضبته القادمة و أردف قائلا بحدة: إللي سمعتيه يا حاچة، و لحد إهني وخلص الكلام!
وأكمل مناديا على ولده بنبرة أمرة: قدري
رد قدري سريع خشية غضبة والده: نعمين يا حاچ
فأكمل عتمان بنبرة صارمة: تاخد وياك زيدان و تروح لدار حافظ الرچايبي، و تجول له أبوي طالب يد بتك لزيدان أخوي، و جول له يحدد لنا يوم علشان نروحوا نجروا فيه الفاتحه و نتفجوا على كل حاچه.

إقترب منتصر من زيدان و أحتضنه بسعادة و أردف قائلا بنبرة حنون: ألف مبروك يا زيدان، ربنا يتمم لك على خير يا أخوي
أجابه بفرحة عارمة: الله يبارك فيك يا منتصر، عجبال ما تچوز يزن.

ثم حول بصره إلى والدته ينتظر منها مباركة خطوته تلك، رمقته بنظرة غاضبة و تحركت للخارج كالإعصار، تلتها فايقة
حين نظرت نجاة إلى زيدان بابتسامة صادقه و تحدثت بأخوة: ألف مبروك يا واد عمي، ربنا يتمم لك بخير و يجعلها من حدك و نصيبك
إبتسم لها بوجه بشوش وأجابها: تشكري يا أم يزن، عجبال يزن
دلفت فايقة إلى حجرة عمتها وجدتها تتحرك داخل الغرفة و تفرك كفيها ببعضهما و الغضب يسيطر على تقاسيم ملامحها القاسية.

تحركت فايقة إلى وقوف رسمية و أردفت قائلة بنبرة حزينة كي تستدعي غضبها و أعتراضها أكثر: عاچبك اللي عمله عمي عتمان ده يا عمة، يا جهرت جلبك يا بدور يا خيتي، كيف هتستقبل الخبر الشوم ده؟
كيف راح أجول لها إن واد عمك فضل عليك بت الرچايبه و خلي سيرتك لبانة على لسان اللي يسوي و اللي ميسواشي في النچع.

رمقتها رسمية بنظرة حارقة و تحدثت بنبرة ساخطة: إجفلي خاشمك و جفلي على حديتك الماسخ ده يا بت ثنية، أني منجصاش عويلك ده
تظاهرت بالدموع و أردفت قائلة بنبرة خبيثة: حتى إنت كمان يا عمه هتاجي على و توبخيني زي عمي الحاچ عتمان
و تحدثت إليها و هي تلتقط كف يدها و تميل عليه: أحب على يدك تكلمي عمي عتمان و تخليه يتراجع عن جرارة ده.

أجابتها رسمية بنبرة ساخطة و هي تجذب يدها من ببن راحتيها بعنف: بت الملاعين كنها كلت عجل الواد و خلته عشجها، و طالما عتمان شاف عشج زيدان في عنية يبجا مهيتراجعش عن قرارة واصل
أجابتها بنبرة مشتعلة و غيرة تنهش بصدرها بدون رحمة، و عيون متسعة تخرج نارا لو أتيح لها الخروج لدمرت المنزل بأكمله: و مين فينا كان إتزوچ اللي عشجه قلبه و إرتاحت روحه لجل ما يرتاح هو.

و كادت أن تكمل لولا إستماعها لبعض الطرقات فوق الباب، أوقفتها رسمية بإشارة من يدها و تحدثت إلى الطارق بنبرة صوت حادة: إدخل يلي بتخبط
فتح زيدان الباب و طل منه بطوله الفارع و وجهه البشوش و أردف قائلا بنبرة حذرة: عاوز أتحدت وياك شوي يا أماي
رمقته فايقة بنظرة غاضبة، و تحدثت رسمية بنبرة حادة ساخرة: هو لسه فيه حديت عشان يتجال يا واد بطني؟

خطي زيدان بساقية للداخل ثم وجه حديثه بهدوء إلى تلك المستشاطة: سبينا لحالنا شوي يا فايقة، عاوز أتحدت مع أمي لوحدينا
رمقته فايقة بنظرة حارقه ثم تحركت من جانبه كالإعصار إلى الخارج و صفقت خلفها الباب بحدة بالغة
تحرك زيدان إلى والدته و أمال بطوله الفارع على رأسها و قبلها تحت نفورها متحدث بهدوء: مهتباركيش لزيدان و لا أية يا حاچة رسمية؟
أجابته بهتاف حاد: أباركلك على أيه يا زيدان؟

علي خيبة أملي الكبيرة فيك، ولا على كسرتك لكلمتي اللي إدتها لأخوي؟
تنفس الصعداء حتى يهدئ من روعه كي يتمالك من حاله حتى لا يحزن والدته ثم تحدث بهدوء متلاشي حديثها وغضبها: طب مش هتسأليني إشمعنا إختارت ورد دون عن بنات النجع كلياتهم؟
نظرت إليه بضيق و تحدثت بنبرة ساخرة: أظن ما هتجول لي عشج و حديت ماسخ ملوش عازة عندي
نظر لها بحزن و أردف متساءلا: ليه هتبصي للعشج إكدة يا أماي.

أجابته بقوة و صرامة: عشان فيه حاچات كتير أهم من المسخرة اللي شاغل لي بيها حالك دي، فيه العيلة و النسب اللي لازمن تفكر فيهم زين،
و أكملت برجاء و هي تحثه على التراجع: راجع نفسك يا ولدي وأنسي بت حافظ وشيلها من راسك، إطلع جول لأبوك إنك راجعت حالك و أختارت بت خالك
تنفس الصعداء و أجابها بهدوء: معادش ينفع يا أماي، لما الجلب بيأمر ما على العجل إلا الإنصياع.

يبجا تنسا إن ليك أم و إني أرچع أعاملك زي اللول تاني، كانت تلك كلمات قاسية قالتها رسمية بقوة و صرامه
هتف باعتراض و نبرة ضعيفه يستجدي بها تعاطفها: متعمليش فيا إكده يا أماي
ردت بقوة ناهية الحديث: دماغي وجعاني و عاوزة أنام
و أكملت بنبرة تهكمية و هي تشمله ساخرة: روح چهز حالك يا عريس
و تحركت بإتجاه باب الحجرة و فتحتها على مصرعيها، ثم أشارت بيدها إلى الخارج في دعوة صريحة منها لخروجه الفوري.

تحرك بقلب حزين و وقف مقابلا إياها، ثم نظر لعيناها بتألم و هو يتوسلها بأن ترحم ضعف قلبه العاشق، سحبت هي عيناها كي لا تضعف أمام عيناه المتوسلة، خرج و صفقت خلفه الباب بحده كادت أن تخلعه مما أحزن قلب ذاك الفتي.

صعد قدري إلى جناحه الخاص به و بزوجته كي يرتدي ملابس مناسبة لذهابه بصحبة زيدان إلى منزل حافظ الرجايبي كما أمره والده
وجد فايقه تقف مترقبه دلوفه و كأنها تنتظره، تحرك للداخل يخلع عنه جلبابه متحدث بنبرة سريعة: طلعي لي غيار على ما أدخل أتسبح يا فايقه
تحركت إليه و تساءلت بنبرة غاضبة: إنت بردك هتسمع كلام أبوك و تروح لبيت حافظ تطلب يد بته لزيدان؟

أجابها بنبرة ساخرة: لا طبعا، هسمع كلامك و أعصي كلام أبوي عشان يطربجها فوج دماغي و يحرمني من ماله و عزه أني و عيالي
و أكمل بنبرة ساخطة: جهزي لي الغيار و أخزي الشيطان يبت عمي،
و أكمل بنبرة صوت يغلفها الشر: و يا عالم، مش يمكن دي تكون نقطة البداية في خراب علاجة أبوي بزيدان؟

أردفت قائلة بنبرة محبطه: ده عشم إبليس في الجنة يا قدري، زيدان واكل عجل عمي بكلامه المعسول و علامه و دماغه الفهمانه، وأكيد عمي مهيفرطش في الوحيد المتعلم فيكم لجل عيونك إنت و منتصر و إنتوا حتى مهتعرفوش تفكوا الخط
أجابها بنبرة مشتعلة غائرة: و هو بالعلام إياك يبت ثنية؟
و أكمل بشر: بكرة أفرجك چوزك اللي مش متعلم دي هيوصل لفين و هيعمل أيه.

لوت فاهها بسخرية و تحركت إلى خزانة الملابس لتخرج له ثياب مناسبة لتلك المناسبة المشؤؤمه بالنسبة لها.

بعد أربعة أشهر من ذلك اليوم
عصرا داخل حجرة رسمية، دلفت إليها إبنتيها صباح وعلية، وجداها تجلس فوق فراشها بوجه غاضب محتقن، تجاورها تلك المشتعله بنار الغيرة
إقتربت صباح وجلست بترقب بجوار والدتها و تحدثت بنبرة حذرة: زيدان بيلبس خلجاته في شجتة فوج و زمناته نازل لجل ما يروح يچيب عروسته يا أماي، مهتجوميش تستجبلية وتزغرطيلة؟

شاحت ببصرها بعيدا عنها وتحدثت بنبرة جافة: أني مجيماش من مطرحي إهني غير لما العروسة تاجي و أستجبلها
و أكملت بحدة مفسرة: و ده لجل شكلنا جدام حريم النجع، لا أكتر و لا أجل
أردفت علية بنبرة هادئة في محاولة منها لإستدعاء مشاعر الأمومة لدي والدتها ذات القلب القاسي: و هيهون عليكي تعملي إكدة في زيدان بردك يا أماي؟

قاطعتها تلك المشتعله هاتفة بنبرة غاضبة كي لا تدع الفرصة لحنين قلب رسمية إلى زيدان: و إشمعنا هي هانت علية ورضي عليها المزلة جدام أبوي
رمقتها علية بنظرة محذرة و أكملت غير عابئه بحديث تلك الحقودة: ده انت عارفة إن زيدان روحه فيكي يا أماي، و عارفة كمان إن فرحته مهتكملش غير لما تاخديه في حضنك و تطبطبي عليه.

كفاية عليه حضن بت الرچايبة اللي فضلها عليا وكسر كلمتي لجل خاطر عنيها، كانت تلك جملة حادة نطقت بها رسمية بملامح وجة مكفهرة
تحدثت إليها صباح بنبرة لائمة: عاملة في نفسك و في زيدان إكده ليه يا أماي؟
و أكملت: كل ده عشان إختار الحرمة اللي هتنام في حضنه؟
صاحت بها فايقة بنبرة غاضبة وعيون تطلق شزرا: و هو عشان يريح جلبه يكسر كلمة أمه وهيبتها جدام اخوها و مرته.

متولعاش أكتر ما هي ولعانه يا فايقة. ، جملة تفوهت بها صباح بنبرة حادة
فأجابتها بنبرة حادة: اني مهولعهاش يا صباح، هي ولعانه لوحديها يا بت عمتي، ولو إنت شايفه إن اللي حصل ده هين، يبجا العيب فيكي، ده كفاية إن أمي وعمتي لاول مرة بيجاطعوا بعض وكل ده بسبب بت الرچايبة
أردفت صباح بنبرة حادة: كل الغل اللي چواكي ده لزمته إية يا فايقة،.

و أكملت مفسرة: بدور و إتجوزت من شهر من إبن عمها و أبوي بذات نفسيه كان وكيلها، وخالي وسامح زيدان و عذرة، و بدور بذات نفسيها عايشة مرتاحة مع واد عمها ولا على بالها الموضوع من الاساس، إنت بجا أية اللي حارج جلبك چوي إكده؟
و أكملت بنبرة لائمة: ده بدل ما تهدي عمتك من ناحية ولدها بتشعليليها زيادة و تجوميها عليه أكتر؟
خافي ربنا يا فايقة ده انت عنديكي ولاد و بكرة هيترد لك فيهم.

رفعت قامتها للأعلي وتحدثت بكبرياء: أني ولادي هيبجو رچالة كيف أبوهم يا صباح، مهيعملوش كيف أخوك ويفضلوا عشج الحريم و المسخرة على مصلحة العيلة
نظرت صباح لها بغضب ثم تحدثت إلى والدتها وصمتها الرهيب: يلا يا أماي جبل ما زيدان يدلي من شجتة
صاحت رسمية بنبرة حادة و ملامح وجه قاسية: خلصتوا لتكم وعچنكم الماسخ،.

وأكملت بنبرة جافة و هي تشير بكف يدها بإتجاة باب الغرفة: يلا كلياتكم على برة ولما تجرب العروسة تاچي أبجوا أدوني خبر لجل ما أطلع أستجبلها كيف الأصول
نظرت صباح إلى شقيقتها بإحباط و تحركتا للخارج ليستقبلا شقيقهما بخيبة أمل.

بعد ساعتان، كانت سرايا النعماني تأج بنساء العائلتين وهن يلتفن حول العروس الجميلة،
أما فايقة التي كانت ترمقها بنظرات يتخللها الحقد و الغل و الغيرة
دلف هو للداخل بطلته الرجولية و هيئتة الخاطفة للأنفاس و تحرك بقلب لاهث بإتجاه عروسه المبغاه.

إقتربت منه والدته مرغمة و أفسحت له الطريق حتى أوصلته لتلك الورد الذي و ما أن رأها حتى وقف أمامها متسمرا مسحورا بجمالها، إستفاق على حالة حين إستمع لصوت والدته و هي تنادي بإسمه بنبرة صارمة و كأنها تنبهه وتدعوه للإستفاقة
حملها برجولة بين ساعديه و لفت هي ذراعيها حول عنقه برقة متشبشة بعنقه بنظرات خجلة، و صعد هو بها الدرج بظهر مفرود أمام عيون الجميع و منه إلى الممر المؤدي إلى جناحه الخاص بزواجه.

كانت شقيقته صباح بانتظارة وتحدثت إلية بعيون سعيدة: ألف مبروك يا أخوي
ثم تحدثت إلى ورد بإبتسامة حنون: ألف مبروك يا عروسه
أومأت لها ورد وأنزلت بصرها عنها خجلا حين تحدث زيدان بنبرة رجولية: عجبال ولادك يا صباح
و فتحت صباح له باب الجناح على مصرعية حتى دلف إليه حاملا عروسه ثم أغلقت الباب سريع و اطلقت الزغاريد و اتجهت للأسفل.

وقف بمنتصف البهو و نظر إليها بأنفاس متقطعة من شدة جمال تلك الفاتنة، نظر لداخل عيناها و تحدث لتلك المتعلقة برقبته وهي تنظر له خجلا
فتحدث زيدان بنبرة حنون ليزيل عنها خجلها: نورتي حياة زيدان يا روح جلب زيدان، مبروك يا ورد
إبتسمت خجلا و أردفت قائلة و هي تنظر للأسفل: الله يبارك فيك يا زيدان.

إشتعل داخله عندما أستمع لإسمه من بين شفتاها المهلكة و لكنه تمالك حاله لأبعد الحدود، ثم تحرك بها داخل غرفتهما الخاصة و وضعها بحنان فوق التخت المخصص لهما، و اقترب منها و جلس بجانبها ثم مال عليها و أسند رأسها بيده و بدون مقدمات مال على شفتاها ينهل منهما و يشرب من شهد عسلهما المميز
و بعد مدة إبتعد عنها لاهث يأخذ أنفاسه بعمق و ينظر إليها بعيون عاشقة، أما ورد التي كان جسدها ينتفض رعب و خجلا منه.

نظر إليها و أمسك كتفيها برعايه و تحدث مطمئن إياها: ليه الخوف و إنت بين أحضان حبيبك يا ورد؟
إبتلعت لعابها وتحدثت خجلا: إعذرني يا زيدان، غصب عني والله
أجابها بعيون عاشقه: عاذرك يا جلب زيدان من جوة، بس أني عايزك تسيبي لي نفسك و تنسي خوفك و أني هنسيكي في حضني الدنيا كلاتها
هزت رأسها بإيمائة خجلة و أحتضنها هو ليطمئن روحها ثم تحسس سحاب ثوب زفافها و سحبه للأسفل مزيلا عنها ثوبها بهدوء.

و بعد مدة طويلة كانت تتمدد بجانبه واضعه رأسها فوق صدره العاري و هو يتحدث بنبرة حنون و أنفاس لاهثة: ألف مبروك يا ورد، مبروك يا زينة الصبايا
إبتسمت خجلا و أردفت قائلة بنبرة عاشقة: الله يبارك فيك يا زيدان
وضع يده تحت ذقنها و رفعها ليقابل ساحرتيها الجميلتان و أردف متساءلا بدلال: لساتك خايفه من زيدان؟
هزت رأسها بنفي و أبتسامة خجولة كست ملامحها، ثم دفنت وجهها داخل صدره العريض مرة اخري.

و أردف هو قائلا بنبرة حنون: أوعي تخافي من أي حاچة طول ما حبيبك چارك يا ورد، عاوزك دايما إكده تدفني حالك جواي و فيا، و أي حد يضايقك أو يزعلك تاجي و تحكي لي طوالي، فاهمه يا ورد؟
هزت رأسها بطاعة و صمت و ما زالت مختبأة داخل أحضانه بخجل، فرفع لها وجهها و تحدث بنبرة ملامه مصطنعة: و بعدين وياكي يا جلبي، هتفضلي حرماني من متعة النظر لعنيكي كتير إكدة؟

إبتسمت و رفعت وجهها و ألتقت عيناها بعياه و بدأ حديث العيون يشرح ما بداخلهما و تلاوته، مال على شفتاها و قبلها بشغف و جنون،
أما هي فكانت عديمة الخبرة و هذا ما زاده بها جنون و رغبة أكثر و أكثر
بات يزيدها من جنون عشقه المميز طيلة الليل حتى وقعا كليهما صريع النوم و التعب داخل أحضان الأخر.
بعد مرور عشرة أشهر على زواج زيدان و ورد، قضتهم ورد في صراعات و مناوشات حادة وخطط محكمة و مدروسة جيدا من تلك الشمطاء المسماه ب فايقة، وكل هذا فقط لتجعل الجميع يراها بصورة مغلوطة وكي تظهر للجميع أنها ليست بالزوجة المناسبة ل زيدان النعماني، ولكن دائما ما كان زيدان يكشف خطتها ويقف لها بالمرصاد، بخلاف ذلك كان داعما وسندا قويا لزوجته الرقيقة.

وقت الظهيرة داخل منزل الحاج عتمان النعماني، تجلس الحاجة رسميه فوق أريكتها بوسط بهو منزلها بكبرياء و غرور، تجاورها تلك الشمطاء المسماه ب فايقة تتناولان الأحاديث المتبادلة بينهما
إستمعا إلى صوت صياح عالي يأتي من أعلي الدرج، إنها حسن، تلك العاملة التي تعمل لديهم بالمنزل منذ الكثير و هي تهرول سريع قائلة: يا ست الحاچة، يا ست الحاچة.

حولت رسمية بصرها لأعلي الدرج و تساءلت بنبرة ساخطة كعادتها: فيه أيه يا مخبولة إنت، خلعتيني
نزلت الفتاه و وقفت أمامها تتنفس عاليا وتحدثت بصوت لاهث: الست ورد تعبانة جوي، وكنها إكدة هتولد، أني سايبة الست نچاة وياها فوچ وچيت أجول لحضرتك لجل ما تتصرفي
وقفت رسمية بقلق و تحدثت على عجالة: طب إطلعي بلغي مرعي يروح طوالي يچيب جليلة الداية و يستعچلها.

هرولت الفتاه إلى الخارج و تحركت رسمية بإتجاهها إلى الدرج، أوقفها صوت فايقة الجهوري التي أردفت بتساؤل: على وين العزم يا عمة؟
توقفت رسمية و التفت إليها لتجيبها: هطلع أشوفها يا بتي
إنتفضت من جلستها و تحركت سريع حتى وقفت قبالتها و أردفت قائلة بنبرة خبيثة كي تجدد إشتعال قلب رسمية بإتجاة ورد: هتجللي من جيمتك و تطلعي لواحدة زي دي؟

و أكملت بنبرة يتغللها الغل والحقد: دي واحدة عجربة وجليلة أصل و بدل ما تحاول تصلح بينك وبين ولدك خلت العداوة تزيد بناتكم أكتر من اللول
واسترسلت بخبث لتذكيرها: نسيتي جوام لما راحت فتنت لزيدان وجالت له إن فايقة إتعاركت معاي و شندلتني وامك وجفت في صفها وشتمتني لجل بت أخوها، و زيدان راح إشتكاكي لعمي عتمان، وكانت السبب في إن أول مرة عمي عتمان يعلي صوته عليكي ويهينك جدامنا كلياتنا.

وما أن نطقت تلك الشمطاء بجملتها حتى إشتعل داخل رسمية وتجدد غضبها من تلك المسكينة التي لا ذنب لها سوي أن زيدانها عشقها وبجنون، ولكنها سرعان ما تغاضت عن غضبها وتحدثت بهدوء وحكمة تليق بمكانتها: ميصحش يا فايقة، البت لحالها فوج والإصول بتجول إن لازمن أجف وياها وهي بتولد، إفرض امها چت دالوك، تجول عليا أية.

تحدثت إليها فايقة وهي تسحبها من يدها وتتحرك بها إلى الأريكة التي تتوسط البهو: إجعدي يا عمة و ريحي حالك، أول هام هي مش لوحديها فوج، نچاة وياها، وأكملت بنبرة ساخطة: وبعدين تلاجيهم هبابة مغص و هيروحوا لحالهم، دي بت كهينة وتلاجيها بتچلع كيف عوايدها ولا هتولد ولا حاچة،
واسترسلت مؤكدة بتفاخر: ودالوك الولية جليلة هتاچي وهتوكد لك على حديتي دي و تجولي فايقة جالت.

أما عن رسمية فكان بداخلها حرب دائرة ما بين ما يجب عليها فعله وما يمليه عليها ضميرها، و ما بين كرامتها و كبريائها اللذان يمنعاها ويقفا بوجهها كالسد المنيع من معاملة ورد بطريقة تليق بكونها كزوجة لنجلها الغالي
وبالأخير إستسلمت لرغبة تلك الشيطانة وهمت بالجلوس بجانبها بإستسلام تام وكأنها مسيرة
بعد مده أتت جليلة وصعدت على الفور إلى ورد وحاولت معها منذ ما يقرب من الساعتان، ولكن كانت الولادة متعثرة للغاية.

نزلت حسن من جديد إلى رسمية و تحدثت بملامح وجة يشوبها القلق: إلحجينا يا ست الحاچة، الست ورد تعبانة چوي و الداية جليلة بتجول لحضرتك لازمن تشيعي وتچيبي لها الحكيم من المركز
ردت عليها رسمية بنبرة ساخرة: حكيم إية اللي عتجولي علية يا مخبولة إنت كمان، من ميتا بنولدو عند حكما إحنا؟
لوت فايقة فاهها و تحدثت بنبرة تهكمية: اللي يلاجي چلع ولا يدچلعش يبجا حرام عليه.

و أكملت كي تزيد من سخط رسمية على ورد: من حجها بت الرچايبة تعمل أكثر من إكده، طالما عارفه إنها مهما تعمل هتنها أغلا الغوالي عند زيدان النعماني، وخصوصي بعد ما فضلها على صبايا النعمانيه كلياتهم
زفرت رسميه بضيق وتحدثت إلى فايقة بنبرة إستهجانية محذرة إياها: إجفلي خاشمك وبكفياكي نواح يا حرمة، معيزاش أسمع نفسك واصل
إرتعبت فايقة من نبرة عمتها الحادة وفضلت الصمت تجنب لغضبتها التي هي أدري الناس بها.

وقفت رسمية متأففة و أتجهت إلى الدرج و صعدت إلى جناح زيدان، تحركت لداخله و هي تتطلع إلى ورد التي تتمدد فوق تختها وهي تتألم وتصرخ من شدة الوجع المصاحب لمخاض جنينها الأول
تجاورها الداية جليلة التي تتحدث بكلمات مشجعه لتلك الورد: إجمدي أومال يبتي، خلاص هانت و إن شاء الله فرجه جريب
صرخت ورد قائلة بصوتها المجهد: مجدراش يا خالة جليلة، مجدرااااش، أحب على يدك ساعديني وخلصيني.

تجاورها في الجهه الأخري نجاة التي تحدثت بنبرة عطوفه حانيه على تلك المسكينة: إتحملي شوي يا خيتي، دالوك الحكيم ياجي و تجومي بالسلامة إنت و عيلك
تحركت رسمية إليهن و وقفت تتطلع عليهن ثم تساءلت بنبرة تهكمية موجه حديثها إلى جليلة: حكيم أية ده اللي عيزانا نشيعوا نچبوة يا ولية إنت؟

نظرت إليها جليلة و تحدثت بإرتباك من لهجة تلك الساخطة الحادة: الرحم مجفول يا ست الحاچة و الولادة صعبة جوي، و البنية لساتها صغيرة و ضعيفه و مش مسعداني و لا مساعدة حالها
نظرت ذات القلب المتيبس لتلك البريئة و حدثتها بنبرة حادة شبه أمرة: متتجدعني أومال يا ورد و تساعدي صغيرك لجل ما تخلصي
أجابتها ورد بتألم: مجدراش يا مرت عمي، أحب على يدك شيعي لزيدان يچيب لي الحكيم و ينده لي أمي.

و أمك هتعمل لك أيه واصل، هتشد لك العيل و لا هتولدة مطرحك، جملة تهكمية تفوهت بها تلك السيدة غليظة القلب معدومة المشاعر
تحدثت جليلة قائلة بنبرة مفسره: يا ستي الحاچة البنية چسمها ضعيف ومجدراش تجاوم معاي أكتر من إكدة، بجالي أكتر من ساعتين على ده الحال و مفيش فايدة، شيعي لسي زيدان يچيب الحكيم جبل ما حاچة تحصل للعيل چوة بعيد الشر.

لوت رسمية فاهه و تحدثت بإستنكار رغم هلعها الذي أصابها على جنين ولدها، و لكنها تخبئ مشاعرها خلف ستار ذاك الوجة القاسي: حاضر يا ست جليلة، هشيع لزيدان يچيب الحكيم أما أشوف أخرتها أية وياكم
تحركت يبطئ شديد و نزلت الدرج ثم نادت بصوتها المرتفع: بت يا نچية، إنت يا بت
أتت نجية من المطبخ مسرعه و هي تجيبها على عجل: نعمين يا ستي الحاچة.

أردفت رسمية قائلة بنبرة أمرة: إطلعي جولي للغفير مرعي يوصل لحد سيدك زيدان عند الطاحونة و يجول له يشيع يچيب الحكيم من المركز لجل ما يولد الست ورد
أوامرك يا ستي الحاچة، جملة تفوهت بها تلك العاملة وهي تهرول مسرعة إلى الخارج
نظرت إليها تلك الفايقة و هتفت باستهجان: إنت بردك هتمشي على كيفهم و تشيعي لزيدان يچيب لها الحكيم يا عمة؟!

أجابتها رسمية وهي تجلس بجانبها ببرود ظاهري: جليلة بتجول الرحم مجفول والولادة صعبة والبت على صرخة واحدة
لوت فايقة فاهها وتحدثت بتهكم: يعني إنت تايهه عن بت الرچايبة وكهنها، تلاجيها بتچلع زي عادتها،.

وأكملت بحقد وسخط إرتسما فوق ملامحها ولم تستطع تخبأته: و ابنك طبعا مهيصدج و يجري يچيب لها الحكيم علشان تكمل چلعها و مساختها عليه و علينا، طبعا مش إتچوزها غصب عنينا كلياتنا ودخلها البيت علينا غصب، من حجها تعمل ما بدالها
و بعدهالك عاد يا بت ثنية، منجصاش حرقة دم أني، جملة تفوهت بها رسمية بنبرة حادة جامدة
أجابتها فايقة بتذمر: خلاص، هسكت ساكت أهو لجل ما ترتاحي.

جلست رسمية بعقل مشتت و تصارع مميت داخل روحها ما بين واجبها الإنساني الذي يطالبها و بشدة إلى الصعود والوقوف بجانب تلك البريئة المتألمة،
وما بين كبريائها وغطرستها التي تمنعها من التنازل عن ما قررته عندما إنتوي ولدها معارضتها والتخلي عن إبنة أخاها والزواج من ورد
وبالأخير إنتصرت غطرستها و ضلت ماكثة بمكانها.

بعد مرور حوالي الساعة والنصف، دلف زيدان لداخل المنزل على عجالة و يبدوا على هيئته الارتباك والتوتر و يجاورة الطبيب
تفاجأ بوالدته و فايقة تجلستان و يبدو على وجهيهما الراحه و الاسترخاء وهما تتناولان مشروب الشاي بكل هدوء
تحدثت والدته بنبرة باردة مصطنعة: إطلع مع الحكيم لفوق يا زيدان.

نظر لها متعجب برودها ثم إستفاق على حاله و صعد سريع بجانب الحكيم وما أن دلف إلى الداخل حتى إستمع لصرخات صغيرته التي أتت إلى الدنيا في التو والحال، وذلك بعد تذوق ورد الأمرين من خلال رحلة ولادتها المتعثرة،
حيث فتح الرحم بأخر لحظاته وخرجت الطفلة من عنق رحم والدتها بصعوبة بالغة، و للأسف فقد تسبب لها هذا بنزيف حاد.

إلتقطت نجاة الطفلة ولفتها سريع داخل كوفرتة كانت معدة من ذي قبل، و وضعتها جانب بإهمال، ثم عادت بنظرها من جديد إلى تلك المتألمة التي تإن بصوت ضعيف مما يدل على مدي تألمها الشديد
تحرك زيدان سريع إلى ورد المتعبه للغايه و تساءل بإهتمام و لهفة وهو يشملها بعيناه: زينة يا ورد؟
أجابته بتألم و دموع: هموت يا زيدان، إلحجني.

وفي تلك اللحظات دلفت والدتها التي كان قد بعث لها زيدان و أخبرها منذ القليل، ودلفت بجانبها رسمية التي إصطحبتها وهي تنظر إلى الطبيب و لنظراته القلقه
جرت سعاد على إبنتها تتفحصها بلهفة وتحدثت إلى زيدان: مشيعتليش من بدري ليه يا زيدان؟

حين تحدث الطبيب الذي أجري الكشف الطبي على تلك المسكينه بنبرة حادة: إنتوا إزاي سيبينها تولد في البيت الوقت ده كله، دي كانت حالة ولادة متعثرة وكانت محتاجة مستشفي و ولادة بعملية قيصرية
ثم نظر إلى زيدان وتحدث بنبرة أمرة: من فضلك جهز لي عربية حالا علشان ننقل المريضة للمستشفي لأن حالتها صعبه
تساءل زيدان بنبرة قلقة: خير يا دكتور، مرتي مالها؟

أجابه الطبيب بوجه عابس: للأسف، المريضه حصل لها نزيف حاد نتيجة الولادة المتعثرة ولازم تروح المستشفي علشان النزيف يتوقف حالا، و إلا حياة المريضة هتكون في خطر
لطمت سعاد وجنتيها و وجهت إتهامها إلى الداية: نزيف، عملتوا في بتي أيه يا ولية إنت، انطجي
إرتبكت جليلة و نظرت إلى رسمية و أردفت قائلة لتنجي بحالها: أني مليش صالح، أني جولت الكلام ده للحاچة رسميه من أول مابدأت في الولادة و هي اللي إستهونت بحديتي.

إرتبكت رسمية و تحدثت لتنفي عنها تلك التهمة: أني إستهونت يا ولية إنت، أني إفتكرتك بتهولي زي عوايدك وجولت تلاجيها بتصرخ علشان بكرية ودالوك ربنا هيكرمها وتولد وتجوم بالسلامة
كان تائه يفرق نظراته على الجميع بتيهه وعدم تصديق، وخاصة والدته لذكرها لتلك المبررات الغير مقنعه بالنسبة له
هتف به الطبيب صارخ بنبرة جامدة كي يستفيق ويعي لحاله: هو حضرتك هتفضل واقف كدة كتير؟

البنت دمها بيتصفي ومحتاجه تدخل العمليات حالا
وكأنه بتلك الكلمات قد فاق على حاله، إقترب عليها و لفها بملاءة التخت و حملها بين ساعدية وتوجه بها للأسفل مباشرة، وجرت خلفه سعاد ونجاة والطبيب،.

أما الدايه فهربت سريع إلى منزلها وهي تندب حظها العثر الذي جعلها تشرف على تلك الولادة المتعثرة بعدما كانت تتأمل أن تحظو بمبلغ كبير من النقود نتيجة إشرافها على ولادة زوجة زيدان النعماني، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركة.

وقفت تنظر في أثر الجميع بشرود وعدم تصديق لما حدث منذ القليل، و أن تلك المسكينه يمكن لها أن تدفع حياتها ثمن غطرستها و عنادها مع ولدها، شعرت بالذنب يتسلل بداخلها و يتأكله و كأنها نارا إشتعلت للتو و بدأت بتأكل الاخضر و اليابس.

وقفت عن التفكير و خرجت من شرودها عندما إستمعت إلى صوت ضعيف لطفلة صغيرها التي بدأت بالأنين والبكاء لتعلن لجدتها عن وجودها، و كأنها إستشعرت وجع وألم والدتها الحنون والتي مكثت برحمها طيلة التسعة أشهر المنصرمة.

حولت بصرها سريع ناحية إتجاة خروج ذاك الأنين وجدته يخرج من طرف التخت، توجهت إليها سريع وجدتها تلتف داخل منشفة بإهمال، تفحصتها جيدا و تأكدت من أنها فتاة و لا تدري ما الذي حدث لها حين رأت وجهها الملائكي، حملتها وأطالت النظر بعيناها المغلقتان،.

وما أن فتحت الصغيرة عيناها اللتان تلونا بلون الزمرد حتى إنشرح صدر رسمية بطريقة عجيبة، وبرغم عدم تقبلها بإنجاب الفتيات إلا أنها وجدت قلبها يتراقص فرح من شدة سعادته بمجرد رؤية تلك الجميلة
جلست بطرف التخت وأمسكت ثياب كانت موضوعه بجانب الفتاه ومعدة من ذي قبل، وألبستها إياها و أدفئتها جيدا،
ثم نظرت لتلك الجميلة ومالت على خدها الناعم و قبلته بحنان و لأول مرة تشعر به طيلة حياتها.

و تحدثت بنبرة حنون: يا مرحب بالزينة بت الغالي، نورتي الدنيي كلياتها يا جلب چدتك
نظرت لها الصغيرة بعيون تسر الناظر لها ثم وضعت إبهامها بفمها و بدأت بمصه وأرتفع أنينها من جديد و كأنها تخبرها بمدي جوعها الشديد
نظرت لها و تحدثت مبتسمة: چعانه يابت الغالي، يلا بينا ننزلوا تحت و أوكلك لحد متشبعي على الاخر و تجولي كفاية يا چدة.

وأخذت الصغيرة وتوجهت بها إلى الأسفل، وما أن رأت فايقة سعادة وجهها حتى سكن الحزن قلبها وتيقنت حينها أنه صبي، فهي أدري الناس بعمتها وكيف تعشق إنجاب الفتيان وكم تكرة حتى مجرد ذكر سيرة الفتيات
تساءلت بقلب حزين: هما سبوة إهني، مخدهوش وياهم مع أمه ليه؟!
كانت رسمية تحتضن حفيدتها برعاية وكأنها وجدت شئ نادرا ترتعب من فكرة فقدانه
تجاهلت رسمية حديثها وصاحت على حسن قائلة: حسن، إنت يا بت.

أتت حسن مهرولة و أردفت متسائلة بإحترام: نعمين يا ست الحاچة
تحدثت رسمية وهي تنظر لوجة الصغيرة بإنبهار وإبتسامة حنون إستغربتها حسن وفايقة: إعملي ينسون و برديه زين وإطلعي لجناح سيدك زيدان هاتي البزازة بتاعة اللصغيرة اللي كان شاريها لها أبوها، و حطي فيها الينسون و هاتيه عشان نوكلوا ست البنته
إنفرجت أسارير فايقة وتهللت ملامح وجهها بسعادة تخطت عنان السماء و تحدثت بتشفي: بت، ورد جابت بت.

صعدت العاملة وهي تهرول ثم نظرت رسمية إلى فايقة وتحدثت بوجة ضاحك: تعالي يا فايقة ملي عينك برؤية الجمر في ليلة تمامة
لوت فايقة فاهها وتحدثت بنبرة ساخرة: جمر وليلة تمامة، من ميتا يا عمة وإنت عتفرحي لخلفة البنته إكدة؟!
أجابتها وهي تنظر لوجه الطفله كالمسحورة وتحدثت بتفاخر: وهي دي أي بت إياك، دي بت زيدان النعماني على سن ورمح، جومي هاتي لي كوبرته من جوة علشان أغطيها لتبرد، جومي يلا.

إشتعل داخل فايقة من حديث عمتها الذي أكمل سخطها على تلك الورد التي إختطفت وفازت بقلب زيدان النعماني وأتت إبنتها لتكمل ذاك السخط.

داخل المشفي المتواجد بالمركز
يقف زيدان داخل الرواق و القلق ينهش داخله، يتخيل ألف سيناريو و سيناريو و عقله يرفضهم جميعا وبشدة
يجاورة قدري و منتصر و التي بعثت لهما والدتهما لتخبرهم بما حدث و أمرتهما أن يذهبا إلى شقيقهما و يقفا بجانبه وبجانب زوجته
و يجاورهما أيضا والد ورد و أشقائها و أبناء عمومتها
و نجاة و سعاد التي كانت تناجي ربها بصوت مسموع و دموع: نچي لي بتي وخد بيدها يا رب.

تحدث حافظ إلى زيدان بنبرة ساخطه: وإنت كت فين لما بتي إتصفي دمها في دارك و إنت مدريانش؟
أجابه زيدان بنبرة خافته خجلة: مكتش أعرف يا عمي، أنا سايبها الصبح زينه و مفيهاش حاچة
تحدث رجب شقيق ورد بتوعد و روعنة شباب: أختي لو چري لها حاچة كل اللي جصر في حجها هيتحاسب و أولهم إنت يا زيدان
نظر له قدري وأردف قائلا بنيرة حادة متعالية: إتكلم على جدك يا واكل ناسك إنت، مين دول اللي هتحاسبهم يا واد الرچايبه؟

صاح حافظ بنبرة جامدة: رجب مغلطش يا قدري، وأني بعيد لك حديته اللي جاله وبأكد عليه، أي حد جصر في حج بتي هيتحاسب حتى لو كانت الحاچة رسمية بذات نفسيها
إنتفض داخل قدري غضب وكاد أن يتحدث ولكن أوقفه صياح زيدان الذي تحدث بنبرة غاضبة موجه حديثه إلى الجميع: أرحموني يرحمكم ربنا، أيه، هتجلبوها عركة وناسيين إن مرتي جوة بين أيادي ربنا، بدل ما أنتم جاعدين تتخانجوا إكدة أدعولها إن ربنا ينجيها ويجومها لي بالسلامة.

خجل الجميع من أنفسهم و قاموا بالدعاء لها
وهنا خرج الطبيب وتوجه إلى زيدان وتحدث بنبرة حذرة: إنت جوزها صح؟
إبتلع لعابه رعب من هيئة الطبيب وهز رأسه بإيجاب فتحدث الطبيب بأسي: للأسف، المريضة حصل لها إنفجار في الرحم وده السبب الرئيسي للنزيف الشديد اللي عندها، وعلشان نوقف النزيف ده مفيش قدامنا غير حل واحد
نظر له الجميع بترقب فأكمل الطبيب بأسي: لازم نعمل عملية إستئصال للرحم علشان نوقف النزيف بأسرع وقت.

تهاوي بوقفته وكاد أن يختل توازنه لولا قوة بنيانه و صلابة جسده،
حين لطمت سعاد وجنتيها وتحدثت بذهول: إنت بتجول أيه يا دكتور، رحم أيه إللي هتشيله لبتي وهي لساتها في أولة عمرها؟
تحدث الطبيب إليها بهدوء: وحدي الله يا حاجه كله مقدر ومكتوب، نصيبها كده، إدعي لها إننا نلحق نوقف النزيف وتقوم بالسلامة
أردف والدها قائلا بترجي: شوف حل تاني غير إنك تشيل لها الرحم يا دكتور، البت لساتها صغيرة.

أجابهم الطبيب بنبرة واثقه وحزينة: لو فيه حل بديل أكيد مكنتش هلجأ لإستئصال الرحم يا حاج،
واسترسل حديثه بنبرة عملية: لازم تقررو حالا وتمضوا على الإقرار بالموافقة علشان كل دقيقة بتمر فيها خطر على حياة المريضة
نظر إليه زيدان وأردف قائلا بنبرة حازمة: فين الإقرار دي يا دكتور علشان أمضية
نظر إليه الجميع بترقب حين وجه الطبيب حديثه إلى الممرضه قائلا بعملية: خديه على المكتب يا أمل و مضيه على الإقرار.

ذهب زيدان مع الممرضة لتوقيعة على الإقرار
وهمس قدري إلى نجاة متساءلا: هي خلفت أيه؟
أجابته نجاة بدموعها الحزينة: چابت بت
تحدث منتصر بصوت خفيض محبط: يادي الورطة، إكدة الحاچ عتمان هيچوز زيدان يعني هيچوزه
رد عليه قدري بنبرة ساخرة: جال يعني لو چابت واد أبوك مكانش هيچوزه، ده زيدان النعماني، كيف يعيش بعيل واحد سوا كان واد و لا بت
أما سعاد فجلست تندب حظ إبنتها العثر و تضرب فخديها بكفي يداها بحسرة ودموع.

داخل منزل عتمان النعماني
دلف للداخل بجانب أبيه بعدما ألتقي به خارج المنزل وقص عليه ما حدث بالتفصيل
وجد والدته تحمل طفلته بعناية و تطعمها، تحرك إليها بحزن و وجع تملك من داخله، نظرت إليه و تساءلت بإهتمام ولهفة: كيفها ورد يا ولدي؟
صاح الحاج عتمان موجه حديثه إليها بنبرة حادة: صح يهمك تعرفي أخبارها يا حاچة؟

صمتت خجلا فأردف هو بنبرة غاضبة لائمة: يا عيب الشوم عليك يابت عمي، كيف طاوعك جلبك تعملي إكدة في مرت ولدك الصغير؟
تساءلت بنبرة خجلة: أني عملت أيه بس يا حاچ، كيفها ورد؟
أجابها زيدان بنبرة ملامة وهو يحمل عنها طفلته و يضمها إلى صدرة بعناية: ورد حصل لها نزيف و شالت الرحم يا أماي
دبت على صدرها بصدمة وهتفت بذهول: يا مصيبتي، كيف يعني شالت الرحم، يعني مهتخلفش تاني؟

نظر لها بعيون حزينة ووجه لها حديثه بنبرة ملامة: هي دي أمانتي اللي كت فايتها لك في دارك يا أماى؟
خجلت من حالها وأنزلت بصرها تنظر أرض
حمل طفلته ونظر إلى وجهها ولأول مرة، إهتز داخلة وشعور غريب إجتاح كيانه وهو ينظر لعيناها ذات اللون العجيب
تحرك بها فتحدثت رسمية بقلب مرتجف من إبتعاد تلك البريئة عن أحضانها: واخد اللصغيرة و رايح بيها على فين يا ولدي؟

أخذ نفس عميق و زفره بقوة كي يهدئ من روعه كي لا ينفجر بها غضب ويغضب الله،
تمالك من حاله إلى أبعد الحدد ثم أردف قائلا بهدوء: واخدها لأمها، وأهو على الأجل لما تفوج تلاجي بتها في حضنها لجل ما تنسيها همها التجيل اللي مستنيها
تحدثت سريع و هي تتحرك بإتجاهه: إستنا يا ولدي لما أغير خلجاتي وأجي أشيل اللصغيرة عنك و أروح معاك أطمن على ورد وأجف وياها
رد زيدان بنبرة جامدة: ملوش لزوم تتعبي حالك يا أم قدري.

حزنت من نبرة صوت ولدها المحملة بالملامة
ثم أردف عتمان أمرا ولده: إسمع الكلام يا زيدان وخد أمك وياك لجل ما تجف مع مرتك و أمها، وتشيل عنك اللصغيرة وتاخد بالها منيها
توقف زيدان مضطرا وأنتظر والدته حتى أنتهت من إرتداء ملابسها وحملت عنه الصغيرة وضمتها لأحضانها بإنتشاء غريب وتحركت بجواره، أستقلت السيارة ووصلا للمشفي.

وما أن رأتها سعاد التي مازالت بالخارج تنتظر خروج إبنتها حتى هبت واقفة وأتجهت إليها وسحبت الصغيرة من بين يداها وتحدثت بنبرة حادة: بدل ما أنت تاعبة حالك وچاية لحد إهني يا حاچة رسمية، كتي كلفتي حالك وشيعتي چبتي الحكيم لبتي، يمكن كان لحجها ومكانش حصل لها اللي حصل؟
تحدثت رسمية بنبرة صامدة مصطنعة: وأني كت هعرف منين إن كل ده هيحصل يا أم رجب، وبعدين ده جدر ربنا ومحدش يقدر يعاند المجسوم.

أجابتها سعاد بنبرة قويه: صح جدر ومجسوم يا حاچة، بس بيحصل بيد البشر وجلوبهم الجاسية اللي كيف الحچر
أردف قدري قائلا بنبرة صوت جامدة: إحفظي كلامك ومتنسيش حالك وإنت بتتحدتي ويا الحاچة رسمية النعماني
وقف رجب شقيق ورد وتحدث بحده وندية: مش لما تحفظ إنت أدبك اللول وإنت بتتحدت ويا أمي.

صرخ بهما زيدان وتحدث بنبرة حادة موجه حديثه إلى كلاهما: أي حد هيعمل مشاكل ويتحدت بكلام ملوش عازة مش عاوز أشوفه إهني، أني مش ناجص مشاكل ووجع دماغ، كفاية عليا همي اللي أني فيه
نظر له قدري وحدث حاله بسخط، يالك من وقح عديم الفائدة والشخصية، أتصرخ بي وتلومني أنا بدلا من أن تنقض على ذاك الوقح وتلقنه درس وتعلمه كيفية الحديث وهو يخاطب أسياده؟
حقا أنك عديم النخوة.

بعد مرور ساعتان كان يقف بجوارها بغرفة المشفي التي نقلت إليها بعد خروجها من غرفة العمليات، وقد بدأت تستفيق وتستعيد وعيها
فتحت عيناها ونظرت إليه بنظرات منكسرة ألمت داخله ومزقته لإربا، فأقترب منها بطوله الفارع حاملا الصغيرة وتحدث إليها بوجه بشوش: جومي يا غالية لجل متكحلي عينك برؤية بتنا
وقربها أمام ناظريها متحدث بإنبهار: بتي كنها حتة منك يا ورد.

نظرت إليه بضعف حين علمت أنها فتاة وبدون سابق إنذار نزلت دموعها وتحدثت بإستسلام و هوان: خلاص يا زيدان، مهعرفش أجيب لك الواد اللي بتحلم بيه
إبتسم لها و أردف قائلا بنبرة هائمة بعيناها: ومين جال لك إني عايز الواد، أني كفاية على إنت يا زينة الصبايا إنت ونوارة حياتي دي
أردفت قائلة بتساءل مميت: يعني مهتروحش تتزوچ على عشان تخلف الواد يا زيدان؟

تحرم على حريم الدنيا كلياتها بعدك يا زينة الصبايا، جملة تفوة بها زيدان بعيون عاشقه مطمئنة لحبيبة عمره
تساءلت بلهفة: صح حديتك ده يا زيدان؟
أجابها بوعد مؤكدا: صح يا روح جلب زيدان
سألته بقلق: واهلك يا زيدان؟
أجابها متلهف بنبرة هائمة: إنت اهلي وكل ما ليا يا ورد.

إبتسمت له، وتحرك هو يقرب تلك الجميلة من ورد التي نظرت إلى وجهها الملائكي وتحدثت بإبتسامة و عيون منبهرة: دي زينة جوي يا زيدان، عيونها كيف السما الصافية بعد الدنيي ما تشتي
إبتسم لها زيدان وتساءل بإهتمام: هنسموها أيه يا ورد؟
صفا، صفا يا زيدان، هكذا تحدثت ورد بعيون منبهرة بجمال طفلتها
إبتسم لها زيدان ومال على وجنة صغيرته يقبلها بتشهي وتحدث بإنبهار: نورتي حياة أبوك يا ست صفا.

ثم نظر إلى ورد ومال على جانب كريزتيها المنتفخه ووضع بها قبله حنون يبث لها بها كم أنها أصبحت غاليته و مبتغاه و يبعث في نفسها الإطمئنان.

و بعد مرور أربعة أيام خرجت ورد من المشفي إلى منزل والدها الذي رفض وبشدة رجوع إبنته إلى منزل عتمان النعماني و المكوث به من جديد وخاصة بعدما صار من إهمال رسمية لصغيرته وتسببت لها فيما حدث، وأصر على بناء منزل خاص بإبنته وهذا ما أزعج عتمان كثيرا وأمر إبنه بعدم موافقته على أوامر حافظ التي أثارت غضبته.

ولكن زيدان قد أصر هو الأخر على بناء منزل خاص به و بزوجته الجميلة ليحميها من همز ولمز الجميع وليضمن عدم جرح مشاعرها من أي شخص كان
غضب عتمان منه كثيرا و تحدث إليه أمام أهل المنزل: ماشي يا زيدان، أني هبني لك البيت إهني في الجنينه جصاد البيت الكبير بس بشرط
نظر له زيدان بتمعن ينتظر تكملة حديثه فأكمل عتمان بتجبر: تتچوز لجل متخلف الواد ويبجا لك عزوة و سند.

نظر له زيدان وتحدث بنبرة صوت هادئة حكيمة، فقد كان يتوقع هذا المطلب ولكن ليس بتلك السرعة: مهينفعش أجرح ورد يا أبوي، هي ملهاش ذنب في إللي حصل، وأني الحمدلله راضي ومكتفي بيها وبتي
هتفت رسمية بنبرة معترضه: كلام أية اللي عتجوله ده يا ولدي، هتعيش على حتت البت إياك؟
وتساءلت بإستفسار: وأسمك وسيطك وعيلتك، من هيورثه عنيك يا زيدان؟
عاوز تعيش مجطوع وبعد عمر طويل ميبجالكش وريث يشيل عنك إسمك؟!

نظر لها بعيون ملامة وأردف قائلا بنبرة قويه حاسمة: ربنا جدر لي إكدة وأني راضي ومسلم بأمر الله، مرتي وبتي كفاية على من الدنيي وأني معايزش غيرهم
نظر له والده بعيون مشتعلة من شدة غضبتها وتحدث بقوة وحزم: تكون تجارتي وحالي ومالي محرمين عليك لو ما أتچوزت على بت حافظ وجبت لي الحفيد اللي مستنيه منيك يا زيدان
تحدث منتصر إلى زيدان مهدء الحال: إعجل وأسمع كلام أبوك يا زيدان.

ومرتي يا منتصر؟!، جملة تساءل بها زيدان متعجب
تحدث عتمان بنبرة حادة: مرتك هبني لها دوار لحالها تجعد فيه هي وبتك معززين مكرمين وإنت أتچوز الجديدة في شجتك اللي فوق، وأبجا تعلالها إن شالله يومين في الاسبوع
تحدثت رسميه: عين العقل يا حاچ، وأظن أهل ورد مهيمنعوش الحديت ده، أصلا محدش هيرضي يتچوز بتهم بعد اللي حصل لها، وهما عارفين إكدة زين، ولجل إكدة مهيطلبوش الطلاج ويميلوا بخت بتهم بيدهم.

نظر إلى والدته وتحدث بتعجب: وعشان أهلها هيستسلموا للامر الواجع ومهيطلبوش الطلاج أدوس أني على مرتي وأدفعها تمن حاجة ملهاش ذنب فيها؟
تحدث قدري ليشعل والده أكثر بإتجاة زيدان وينفخ في النار الشاعلة ليزيدها إشتعالا: إعجل و أشتري خاطر أبوك وكبر حديته يا زيدان
نظر زيدان إلى والده و تحدث بإحترام: كلمة أبوي سيف على رجبتي في أي موضوع غير موضوع غدري بمرتي وإني أوجعها بالطريجة المهينة دي.

نظر والده إليه بحدة وتساءل بقوة: ده أخر كلام عنديك يا زيدان؟
أجابه زيدان بنبرة حاسمة: ومعنديش كلام غيرة يا أبوي.

تحدث عتمان إليه بقوة وصرامة: يبجا من إنهاردة تشوف حالك بعيد عني، وعشان خاطر الناس متاكلش وشي وتجول عتمان طرد ولده وبته لساتها حتة لحمه حمرا، أني هبني لك بيت إهني في الچنينة، بس مليكش عندي لا شغل ولا أرض، تسيب شغل الم حجر والطاحونه من إنهاردة وتسلمه لقدري، و تسعي على رزجك ورزج بتك بعيد عني وعن أملاكي
إنتشي قلب قدري وشعر بروحه تحلق في السماء من شدة سعادتها وذلك بعدما إستمع إلى قرار والده،.

حين حزن قلب منتصر على حال شقيقه و تحدث مترجيا والده: إهدي يا حاچ وخلونا نتفاهموا، الحديت ميبجاش إكدة
تحدثت رسمية هي الأخري بنبرة مترجيه وقلب يرتجف خوف على حال صغيرها: إهدي يا أخوي عشان خاطري وأدي له وجت يفكر فيه
تحدث زيدان بهدوء وانكسار: مفيش حاچه عشان أفكر فيها يا أماي، وكلام الحاج أوامر وسيف على رجبتي، من إنهاردة هسلم قدري دفاتر المحجر و الشغل فيه.

وتحرك إلى الخارج تحت إشتعال عتمان وغضبه من عصيان ولده لأوامرة وعدم إطاعته، ولكنه كان يظن أن زيدان لن يتحمل إبتعاده عن كل مميزاته التي يحصل عليها من العمل مع والده،
ولكن خاب ظن عتمان وفشلت حسبته تلك المرة
فحقا للعشق حسابات أخري
شيد عتمان منزلا كبيرا مقابل لمنزل العائلة وأعطت ورد مجوهراتها لزيدان الذي باعها وبدأ بثمنها في تجارة الحبوب و الخضروات والتي سريع ما نجحت وكبرت تجارته.

ومرت السنوات سريع وأصبح زيدان من أكبر تجار الصعيد في الحبوب والخضروات والفاكهه حيث تعرف على أحد المصدرين بالقاهرة الكبري والذي بدأ يورد له الخضروات والفاكهة الطازجه ويأخذها هذا المصدر ليصدرها خارج البلاد بمبالغ طائلة مما جعل زيدان يجمع ثروة طائلة ويشتري أراض زراعية وأملاك اخري خاصة به ويوسع من تجارته
وعاش مع زوجته الحبيبة وصغيرتهما حياة هادئة مليئة بالحب والإحترام.

وهذا ما جعل قدري و فايقة يحقدان عليه أكثر وأكثر ويتمنا زوال نعمته من بين يديه.
بعد مرور سبعة عشرة عام
داخل منزل زيدان النعماني
كانت الساعة قد تخطت منتصف الليل
وتلك الساحرة فاتنة الجمال تجلس خلف مكتبها تذاكر دروسها لعامها الأخير بالثانوية العامة
فهذا العام هو من سيحسم مستقبلها الدراسي ويحقق حلم عاشت تنسج خيوطه من ذهب، رفعت رأسها المنكبه فوق كتبها منذ ما يقارب من الثلاث ساعات المتواصلة،.

وبدأت بتدليك عنقها وتحسسته بتألم، ثم تحركت بتملل متجهه إلى شرفتها لتقف بها تشتم رائحة عبير تفتح زهور البرتقال التي يملئ ع بقها المكان بأكمله
حيث الحديقه الواسعه المشتركة بين منزل أبيها وقصر جدها والمليئة بأشجار البرتقال والمانجو وأيضا الليمون
أغمضت عيناها ورفعت رأسها للأعلي وبدأت بأخد شهيق طويلا حتى أمتلئت رئتيها بعبق تفتح زهور البرتقال المحبب لدي روحها!

وتنهدت براحه ثم بدأت بفتح عيناها تدريجيا، وبلحظه وبدون مقدمات إتسعت حدقة عيناها بسعادة وهي تري أمامها معشوقها، فارس أحلامها منذ نعومة أظافرها، حب طفولتها وبداية صباها، من تعلمت على يدة أبجديات العشق وخطت في عالمه أولي خطوات الغرام
رجلها ورجل أحلام يقظتها، فارسها التي تنتظر أن يأتي بحصانه الأبيض ليصطحبها إلى جنة عشقها ومدينة أحلامها الوردية المنتظرة!

نظرت عليه بوله وعيون عاشقه متشوقة، تتأمل ذلك الواقف بشرفته المواجهه لشرفتها والتي لا يفصل بينهما إلا بضعة مترات معدودات، إقشعرت ملامحها وتسللت الخيبات داخل قلبها الصغير عديم الخبرة، وهي تنظر لذاك الواقف يتحدث بهاتفه ويبدوا على وجهه الإنسجام والراحه والسلام، غير مباليا بالمرة لتلك الشاردة المتلهفه لطلة من عيناه.

وبعد مده كان قد إنتهي ذلك الفارس المغوار المدعو ب قاسم قدري عتمان النعماني الحفيد الأكبر لعائلة النعماني، والذي تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة وألتحق بالعمل بنفس المدينة، حيث إفتتح له جده عتمان النعماني مكتب للمحاماه وذلك بعد إلحاح منه، لغرض ما داخل نفسه سنكتشفه لاحقا!
إنتهي من مكالمته الهاتفيه وهو يتنهد براحه ويبدوا على وجهه الإستكانة.

نظر بعيناه يتطلع للأمام وجدها أمامه، تقف كحوريه من حوريات الجنه فابتسم لها بهدوء، نعم ولما لا وهي صفا النعماني إبنة الحسب والنسب والتي تمتلك جمالا يفوق الخيال ورثته عن والدتها، إبنة أبيها المدلله بل والوحيده
نظر لها وأبتسم وتحدث بنبرة أخوية: أيه اللي مصحيكي لدلوك يا صفا؟

إنفرجت أساريرها ورفرف قلبها البريئ في السماء معلنا عن شدة سعادته من مجرد خروج حروف إسمها من بين شفتاه وبنبرة صوته الملائكية بالنسبة لها!
تحدثت بخجل ما زادها إلا حسن وجمالا: بذاكر يا قاسم
لدلوك يا صفا؟، سؤال طرحة قاسم
أجابته بنبرة مرحة: نسيت إياك إني في ثانويه ولازمن أجيب مچموع كبير
إبتسم لها قاسم وتحدث بتذكر: إيوه صح، تصدجي كت ناسي
وأكمل بتساؤل: وناويه على أيه ان شاء الله يا صفا؟

هتفت بسعادة وهي ترفع رأسها بشموخ: طب إن شاء المولي عز وجل
ضحك قاسم على طريقتها الطفوليه وتحدث بحنان لإبنة عمه التي يعتبر حاله مسؤلا عنها كشقيقته ليلي: ربنا ينولك كل اللي في بالك يا صفا، إنت بت حلال وتستاهلي كل خير
إبتسمت له وأمنت داخل نفسها ودعت الله أن يمنيها كل ما تتمني وأول ما تتمناه هو حضن ذاك الفارس المغوار وكفا.

في تلك الأثناء دلفت لغرفتها والدتها التي نظرت عليها وتحدثت بنبرة متسائلة حادة: سايبه مذاكرتك و بتعملي أي عنديكي يا صفا؟
إرتبكت وأرتعبت أوصالها وأستدارت تنظر إلى الخلف لتلك المستشاطه
فتحدث قاسم وهو يرفع قامته ويطل برأسه ناظرا لزوجة عمه القوية الشخصيه وتحدث: كيفك يا مرت عمي، زينه؟
نظرت له ورد بإرتياب وذلك خشية منه على صغيرتها التي لا تفقه شئ بعد في الحياه.

ثم ردت عليه بنبرة قوية ودودة: الحمدلله يا ولدي، حمدالله ع السلامه، ميتا چيت من مصر؟
أجابها وهي ينظر لرنين هاتفه الذي بمجرد ما أن نظر به حتى تزين ثغره بإبتسامه خفيفة
ثم نظر بشرود إلى زوجة عمه وتحدث: لساتني چاي من ساعتين، بعد إذنك، هرد على التلفون.

ودلف لداخل غرفته المقابله لغرفة صغيرتها حين شدت هي يد طفلتها وسحبتها للداخل بعنف وتحدثت بنبرة حادة وخوف ظهر بعيناها على طفلتها ومستقبلها: أيه اللي مخليكي سايبه مذاكرتك وواجفه تتحدتي ويا أبن فايقة يا مجصوفة الرجبه؟
تلعثمت صفا بالرد وتحدثت بإرتياب: تعبت من المذاكرة يا أماي، رجبتي وجعتني جولت أريحها شوي وأجف أشم هبابة هوا،
وأكملت بشفاة ممدودة للأمام دلالة على غضبها: أچرمت يعني ولا أچرمت.

هتفت والدتها بنبرة حادة وضيق: ولما هو إكده، أيه اللي موجفك تتحدتي ويا إبن فايقة في الوجت المتأخر دي؟
تحدثت بقوة وشموخ ورثته عن تلك الواقفه أمامها: مسموش إبن فايقة ياأماي، إسميه قاسم قدري عتمان النعماني، واد عمي يعني مش حد غريب.

أردفت ورد بنبرة حنون وهي تتلمس وجنة طفلتها التي تعشقها: ذاكري يا صفا وشوفي مستجبلك لأن هو اللي باجي لك، أني خايفه عليك يا بتي، نفسي أشوفك دكتورة قد الدنيي ومشرفه أبوك جدام الناس لجل ما الكل يجول بت زيدان فلحت اكتر من الرچال
إبتسمت لها صفا وتحدثت بطمأنه: ماتجلجيش على يا أماي، إن شاء الله هحجج لك حلمك وحلمي وهبجا دكتورة زي ما طول عمرك بتحلمي.

إحتضنتها ورد وتحدثت بنبرة حنون: ربنا يحميكي يا بتي وينولك كل اللي في بالك.

إنتهي قاسم من مكالمته ونزل إلى الأسفل متجه إلى الحديقة الخلفية حيث إجتماع شباب العائلة وسهرتهم ككل يوم، وجلس يتوسط يزن إبن عمه منتصر، وفارس شقيق قاسم
نظر إليه يزن وتحدث إليه بإستفسار مداعب إياة: يا تري أخبار بنات مصر الحلوين وياك أيه متر؟
قهقه قاسم وأردف قائلا بمراوغة: واني مالي بيهم يا هندسة، ربنا يكفيني شر حلاوتهم وشجاوتهم ودلالهم الزايد عن الحد.

قهقه الشباب عاليا وتحدث يزن إليه: يعني بتعترف إنهم حلوين وبيشدوك أهو
ضحك وتحدث إليه بنبرة مشدودة: بصراحه بجا وعلشان أكون منصف يا يزن، بنات القاهرة ليهم سحر وطلة بتميزهم عن غيرهم، حاچة إكدة تفتح نفسك على الحياة وتخليك تحس بالتفاؤل أول ما تشوفهم
صفق فارس بيداه متحدث إلى شقيقه بدعابه: اللا عليك يا متر يا مدوبهم.

حين رد عليه يزن معترض بنبرة حكيمة: دي وچهات نظر يا قاسم، أني عن نفسي بشوف إن البنت الصعيدية مفيش زي عجلها وحكمتها في إدارة الأمور، بشوفها شديدة وجادرة ويعتمد عليها،
وأكمل مفسرا: يعني مثلا هل بنت القاهرة تجدر على تحمل المسؤلية زي بت الصعيد اللي متربية على الحزم والشدة.

أجابه قاسم بنبرة عقلانية: على فكره يا يزن، الست هي الست في كل مكان، الست خليط من كل شئ وعكسة ومش فارجة هي إتربت ونشأت فين، الفرج بيكون في النضج الفكري وطريجة إدارتها للأمور فجط لا غير، وياما فيه بنات عايشين في القاهرة وماشاء الله عليهم في تحمل المسؤلية والعكس صحيح،.

ونفس الجصة عندينا إهني في الصعيد، ياما فية بنات مرفهين وميعرفوش حاچة عن تحمل المسؤلية، وأكبر مثال على كلامي هما بنات الدوار إهني، ليلي أختي ومريم أختك، وحتى صفا بت عمك زيدان اللي مولودة وفي بجها معلجة ذهب،
واسترسل حديثه بتساؤل متهكم: تفتكر واحدة زي صفا بكل الرفاهية اللي عايشة فيها دي ممكن تتحمل مسؤلية ولا حتى يكون لها فكر وإتجاه في حياتها، دي مبتخطيش خطوة واحدة برة البيت لحالها،.

دي حتى المدرسه السواج هو اللي بيوديها ويچيبها، ده عمك زيدان لو طايل يعمل لها المدرسة جوة البيت مش هيتردد
نظر له يزن مضيق عيناه بإستغراب وتحدث إلية معترض: إنت شكلك إكدة عمرك ما أتكلمت مع صفا ولا إتناجشت وياها، يا أبني صفا دي دماغ عبجرية ماشية على الأرض، دي ما شاء الله عليها برغم صغر سنها بس تحسها موسوعة علمية متحركة.

نظر له مبتسم بطريقة ساخرة فتحدث فارس مؤكدا على حديثه: على فكرة يا قاسم كلام يزن عن صفا صح، أني يمكن ما بجعدش وياها كتير بس الكام مرة اللي سمعت كلامها ونجاشها ويا يزن إحترمتها وأحترمت فكرها صح.

إبتسم لهما وعقله غير مباليا بحديثهما، فعقله يصب كل إعجابه وأحترامه فقط على إيناس شريكته بالعمل وعقلها الواعي البارع في إدارة عملها، وما لها من الحكمة والجرأة حين تقف في المحكمة وتترافع أمام هيئة المستشارين بكل ثقة وهيبة.

في صباح اليوم التالي
فاقت صفا على صوت زقزقة العصافير التي تسكن عشها الموضوع فوق شجرة اليوستفندي المتواجدة أمام شرفتها مباشرة وتأخذ منها بيتا لها،.

تمللت بنومتها وتثاوبت وهي تتمطئ بدلال فوق فراشها الوثير الناعم الدال على كم أن حياتها مرفهه، تحركت إلى المرحاض توضأت وخرجت إرتدت إسدال صلاتها وشرعت بصلاة ركعتي الضحي بخشوع في حضرة الرحمن، وبعدما انتهت جلست فوق سجادة الصلاه تناجي ربها وتدعوة أن يحقق لها أحلامها ويحمي لها أحبائها.

وقفت وأرتدت أجمل ثيابها و تسمرت أمام مرأتها تتطلع برضا على حالها مثلها كمثل أية مراهقه بعمر السابعة عشر، فقد كانت جميلة حد الفتنه بطولها الفارع وجسدها التي تطغوا عليه علامات الأنوثة الكاملة و وجهها البض المنير، وعيناها التي بلون الزمرد وشفتاها، واه من شفتاها الممتلئة الكنزة المهلكه لناظريها.

إبتسمت برضا وتحركت بإتجاه الدرج ونزلت على عجل، توقفت، ودلفت لداخل غرفة الطعام وتحركت إلى والديها الجالسان حول المائدة ينتظراها ليشرعا في تناول إفطارهما مع فلذة كبدهما الوحيدة
تحركت إلى والدها وأحتضنته بسعادة وتحدثت بمرحها المعتاد: صباح الخير يا أبوي
بادلها زيدان إحتضانها له وقبل وجنتها وتحدث بسعادة: يا صباح الفل على أجمل عيون في سوهاچ كلياتها.

إبتسمت لدلال أبيها لها ثم توجهت إلى ورد وأحتضنتها وأردفت قائلة بنبرة حنون: صباح الخير يا أما
أجابتها ورد بنبرة حنون: صباح الفل يا صفا، أجعدي عشان تفطري
تحمحمت صفا وتحدثت إلى أبيها بنبرة مترجية: بعد إذنك يا أبوي، أني حابه أروح أصبح على چدي وچدتي وأفطر وياهم إنهاردة
نظر لها والدها وتحدث إليها بمعاتبة لطيفة: وتسيبي زيدان يفطر لحاله من غير صفا لياليه؟

إبتسمت وأجابته بنبرة شقية: زيدان كفاية عليه عطره الفواح، عيعمل أية بصفا ولا غيرها في وجود ورد حياته
إبتسمت ورد وأردفت قائلة بدعابة: ياما أشطرك في الكلام يا بت زيدان، هو أنت واكلة عجل أبوك من إجليل
ضحكت صفا وتحدثت بنبرة مرحة وهي تحتضن والدها بدلال: وزيدان على جلبه كلام صفا كيف العسل
ثم نظرت إلى أبيها وتساءلت بدلال: صح يا حبيبي؟
ردت ورد بنبرة حاده: إتحشمي يا بت وإنت بتتحدتي ويا أبوك.

أجابها زيدان بعيون سعيدة: إطلعي منيها أنت يا ورد وخليني مني لبتي
إبتسمت صفا وتحدثت لأبيها: معزورة بردك يا أبوي، بتغير عليك يا زينة رجال النعمانيه، وغيرة العاشج مرة علجم
إبتسم الجميع وأنسحبت بعدما أخذت موافقة والدها على الذهاب
شردت ورد بعد خروج صغيرتها فأخرجها زيدان من شرودها متساءلا بإهتمام: مالك يا ورد، شاردة في أيه؟

نظرت إليه وأردفت قائلة بنبرة قلقه: خايفه على صفا جوي يا زيدان، محبهاش تتعلج جوي إكدة ببيت چدها
نظر لها مستغرب حديثها وأردف متسائلا بإستغراب: خايفه عليها من اهلها، طب ده أني عمري ما كت أتخيل إن أبوي وأمي يتعلجوا بيها جوي إكدة ولا يحبوها بالشكل ده
اجابته بنفي وهي تهز رأسها: مش خايفة عليها من چدها وچدتها يا زيدان، أني خايفه عليها من حالها.

ضيق عيناها وأردف متساءلا: تجصدي أيه بحديتك ده يا ورد، مفاهمكيش أني يا غالية
أجابته بإيضاح: بصراحة إكده يا زيدان، بتك متعلجة بقاسم ولد أخوك قدري
إنفرجت أسارير زيدان وتحدث بتفاخر مداعب إياها: والله ذوجها مليح كيف أمها البت دي
تأفأفت ورد وتحدثت بنبرة جادة: ده وقت هزار بردك يا زيدان
اجابها بتعقل وهدوء: خليها على الله يا زينة الصبايا واللي رايده ربنا هيكون، إحنا فين وجواز بتك فين يا ورد.

هدأت قليلا ثم تناول هو قطعة من الجبن ووضعها بداخل فمها تحت حيائها الذي مازال مصاحب لها رغم مرور كل تلك السنوات.

داخل سرايا عتمان النعماني
كان الجميع يجتمع حول مائدة الإفطار العملاقة
الجد وتجاورة الجده، قدري وزوجته فايقة وأولادهما عدا قاسم الذي مازال بالاعلي، فارس، ليلي
منتصر وزوجته نجاة وأولادهم يزن، حسن، مريم
دلفت تلك الجميلة ذات الوجه الصابح وتحدثت بإبتسامتها البشوش ووجهها الضاحك التي ما أن دلفت حتى نشرت طاقتها الإيجابية داخل المكان، فجعلت البعض يسعد والبعض أيضا يشتعل نارا وحقدا.

دلفت تحت نظرات يزن العاشقة لكل ما بها، تنفس الصعداء ودق قلبه بوتيرة عالية ككل مرة يراها بها
تحدثت وهي تقترب على جدها تحاوط كتفيه بكفي يداها وتقبله من وجنته والتي لا يجرؤ سواها على القيام بذاك التصرف: صباح الخير يا چدي.

إبتسم لمدللته الوحيده والتي تعوضه عن إبتعاد زيدان عن أحضانه كقبل وأردف قائلا بدلال ونبرة حنون وهو يربت على كف يدها الموضوع فوق صدره: يا صباح النور على جمر العيلة اللي لما تهل عليا الدنيي كلياتها بتنور
لوت فايقة فاهها بصمت تام خشية غضب عتمان
وتحدثت رسمية بنبرة غائرة مصطنعة: وچدتك ملهاش حضن هي كمان ولا أيه يابت زيدان
إقتربت عليها وتحدثت بدلال وهي تحتضنها بحنان: كيف عتجولي إكدة وإنت جلبي من جوة يا چدتي.

بادلتها رسميه إحتضانها لها ثم أردفت قائلة بتساءل: أبوك ما جاش يفطر معانا ليه، نسي أمه خلاص
اجابتها بلباقه ورد دبلوماسيا مقنع: حد بردك يجدر ينسي أمه يا جده، هو بس معينفعش يسيب أمي تفطر لحالها، لكن حضرتك ربنا يزيد ويبارك حواليكي الكتير من الحبايب
إبتسم لها عتمان وتحدث بإعجاب: كلامك زين ومترتب كيف بتوع التلفزيون يابت زيدان
إجعدي كلي يا صفا، واجفه ليه يابتي، جملة حنون تفوة بها عمها منتصر.

أكدها جدها الذي تحدث بحنان وهو يقتسم بيده جزء من الشطيرة الموضوعه أمامه ويضعها بصحنها وهو يتحدث بإهتمام وحب ويشير إليها لتجلس بجوارة: تعالي أجعدي جاري لجل ما تفتحي نفسي على الوكل
إبتسمت له وتحدثت الجده وهي تقف وتفسح لها المجال: تعالي أجعدي مكاني عشان ده مكان قاسم.

إبتسمت لها وجلست وجاورتها الجده تحت إستشاطة الجميع، فايقة ومريم وليلي اللتان تغار من معاملة جدهما بكل هذا الود والحنان لتلك الصفا لا غيرها
تحدثت ليلي التي تكبر صفا بعامان بنبرة محتقنه بالغضب معترضة: طبعا يا چدي، صفا الوحيدة اللي من حجها تجعد چارك وهي اللي عتفتح نفسك على الوكل، إنما إحنا شكلنا إكدة بنسد نفسك
تحدثت إليها رسمية بنبرة حاده: إتحشمي يابت وإتحدتي زين ويا چدك.

غضبت ليلي من حديث جدتها أما صفا فقد شعرت بالحرج لأجل إبنة عمها فتحدثت بإبتسامة كي تهدئ من ثورتها وتلطف الأجواء: أكيد يا ليلي چدي بيحبنا كلياتنا كيف بعضينا، كل الحكاية إنكم موچودين وياه طول الوجت، لكن أني مش موجوده إهني دايما
لم تعر لحديثها أية إهتمام وحتى لم تكلف حالها عناء النظر لوجهها مما أحزن صفا وأخجلها.

في تلك الأثناء كان يتدلي من فوق الدرج بطوله الفارع وجسده العريض تحت نظرات الجميع حيت كان يرتدي الجلباب الصعيدي الذي يزيده هيبه فوق هيبته، مصفف شعره الفحمي بعناية فائقة، نظرت إليه ورعشه وأنتفاضة سرت بجسدها بالكامل ككل مرة تراه فيها.

وما كان حال مريم إبنة عمها منتصر ببعيد عنها، فقد كانت تعشق قاسم وكان عشقه سبب في أن لم توفق مريم في تحصيل مجموع عالي بالثانوية العامة منذ عامان والتي التحقت بفضله بمعهد خدمة إجتماعية مما أحزن والدتها كثيرا.

تحرك إليهم وتحدث بوجه بشوش: صباح الخير
أجابه الجميع وتحدث الجد بنبرة متساءلة: إتأخرت لية إكده يا قاسم؟
أجابه بنبرة جادة: معلش يا چدي، كنت بعمل شوية تلفونات مهمة خاصة بالشغل
ثم نظر لتلك الجالسه تنظر إليه ببلاهه بفاه مفتوح وعيون متسعه مسلطه فوقه بإنبهار: أزيك يا صفا
إنتفض قلبها عشق ككل مرة تستمع لإسمها من بين شفتاه المهلكه لروحها وأجابت بنبرة صوت هادئة: الحمدلله يا قاسم، حمدالله على السلامه.

أجابها وهو يسحب مقعدا مقابلا لها بجانب جده مشيح عنها ببصرة: الله يسلمك
كانت فايقة تراقب عن كثب نظرات صفا العاشقه لصغيرها وقلبها يتراقص فرح لغرض ما في نفسها، سنعلمه فيما بعد
تحدث إلية الجد متساءلا بإستفسار: عملت إية في الجضية بتاعت المحجر يا قاسم؟
نظر إلى جده بإهتمام وتحدث بنبرة واثقة وظهر مفرود: إتحددت جلستها السبوع الچاي.

وأكمل بنبرة مطمأنة: مش عاوز حضرتك تجلج، الجضية أني ضمنها في يدي ومتوكد إن الحكم السابج هيسجت وهناخد فيها براءة
هز له رأسه بإطمئنان وأجابه بفخر وثقة: من ميتا وأني بجلج من جضية في يدك يا سبعي
وقفت مريم سريع وتحركت وهي تمسك بصحن الطعام وتستعد لسكب البعض منه في صحن قاسم وتحدثت بإبتسامه مشرقه سعيدة: الفول بالطحينه اللي عتحبه يا قاسم.

أشار لها بيده وتحدث بنبرة باردة دون النظر إلى وجهها: مش عايز فول يا مريم، متتعبيش حالك
ثم نظر إلى طبق صفا وتحدث وهو ينظر بتشهي إلى الشطيرة الموضوعة ذات اللون الذهبي: أنا هاكل مع صفا من المشلتت اللي جدامها
شعرت وكأن روحها تحلق في السماء من شده سعادتها بمجرد نطقه بتلك الكلمات البسيطة،
وأمسكت بصحنها وبسطت ذراعيها إلية وقدمته قائلة بإبتسامة بشوش: بألف هنا على جلبك يا قاسم.

إبتسم لها وأمسك الشطيرة وأقتسمها بينهما وأخذ نصفها وتحدث لها بإبتسامة جذابه نهت على ما تبقي من صبرها المصطنع: أني خدت نصها وإنت كلي النص التاني
إبتسمت خجلا بينما كان الجد يتابع ما يدور حوله بإهتمام وعيون سعيدة وغرض ما في داخل نفسه
تحدثت الجده بسعادة وهي تناول قاسم شطيرة كاملة: خد يا جلب چدتك فطيرة بحالها أهي، عوزاك تاكلها كلياتها لحالك.

ثم نظرت إلى صفا وتحدثت بعيون سعيدة لأجلها وحديث ذات مغزي: بس تدي منيها حتة لصفا، زي ما خدت من صحنها تحط لها فيه تاني من نايبك
إبتسم لها وأجابها وهو يقتطع جزء كبير من شطيرته ويضعها داخل صحن صفا: بس إكده، غالي والطلب رخيص يا حچه رسمية
ووجه حديثه إلى صفا وهي يضع لها قطعة الشطيرة: إتفضلي يا ست صفا، بألف هنا.

أما تلك التي مازالت واققه ممسكة بطبق الفول والحزن تعمق من داخلها وأمتلكه لما رأته من إهتمام مبالغ به لتلك الصفا وتجاهل الجميع لها وخاصة قاسم
تحدثت إليها فايقة بنبرة ساخرة وأبتسامة شامتة: أجعدي كملي وكلك يا مريم، ملهاش عازة وجفتك دي يا نضري
نظرت نجاة إلى فايقة بضيق ثم تحدثت بنبرة غاضبه لائمة لإبنتها: أدخلي على المطبخ جولي ل حسن تعمل الشاي لجدك وأعمامك.

نظرت إلى والدتها بغشاوة دموع كست على عيناها ثم وضعت ذاك الصحن فوق المنضدة وتحركت للداخل سريع
أمسكت صفا إحدي اللقيمات وغمستها بصحن العسل الأبيض وقربتها من فمها على أستحياء وهي تنظر إلى قاسم بنظرات عاشقة ظاهرة للجميع
تحدث يزن وهو ينظر إلى صفا بإهتمام: معيزاش أي مساعدة في المنهج يا صفا؟
إبتسمت له وتحدثت بنبرة رقيقه: شيلاك لوجت عوزه يا ولد عمي.

إبتسم لها وتحدث بسعادة: أي متعوزي أي حاچة في أي وجت أني تحت أمرك
نظر له قدري وتحدث بنبرة حادة: هنسيبوا شغلنا ونجعدوا ندرس للست صفا إحنا بجا يا باشمهندس
إرتبك يزن من حديث عمه الحاد وتحدث بنبرة مفسرا حديثه: أكيد يعني مش هجصر في شغلي يا عمي
إشتعل داخل ليلي وزاد حقدها على تلك الصفا عندما لاحظت إهتمام يزن بها.

وتحدث فارس شقيق قاسم الموالي له ترتيبيا: يزن طول عمرة شاطر وبيعرف يوزن أمورة زين يا أبوي وأكيد هيعرف يوازن بين شغله ومذاكرته لصفا
ثم غمز إلى يزن وتحدث بحديث ذات مغزي لكونه الوحيد الذي يعلم بسره: مش إكده ولا أيه يا يزن
إبتسم يزن لمداعبة إبن عمه له ثم حول فارس بصره إلى صفا وتحدث بأخوة صادقة: وأني كمان تحت أمرك في أي حاچه تحتاچيها يا صفا.

تحدث الجد بنبرة حادة أمرة للجميع: كل واحد يخليه في حاله وفي شغله وميشغلش باله بصفا، صفا أبوها جايب لها أحسن أساتذة في المركز كلاته
ثم وجه نظره إلى قاسم الغير مبالي بالمرة بما يقال ويتناول طعامة، وأكمل بحديث ذات مغزي: ولو أحتاجت حاجه تبجا تطلبها من قاسم
تهللت أساريرها وأنشرح صدرها بسعادة.

نظر له قاسم وتحدث بهدوء ومجاملة: أني تحت أمرها طبعا يا چدي، بس أني كنت أدبي وصفا علمي علوم، يعني دراستي غير دراستها خالص
إسمع كلام جدك يا قاسم، وبعدين إنت ماشاء الله عليك محامي جد الدنيا واللي تعرفها محدش يعرفها بعديك، كلمات نطقت بها فايقه وهي تنظر إلى ولدها بتفاخر وكبرياء
ثم نظرت إلى صفا ونطقت بنبرة تشجيعيه مصطنعة: عندينا كام صفا أحنا علشان نچلعوها.

نظرت لها نجاة مضيقة العينان متعجبه حديثها ولكنها تعلم خطتها علم اليقين وتحدثت بنبرة ساخرة: طول عمرك تعرفي في الأصول زين يا فايقة، وخصوصي ناحية صفا وأمها
إبتسمت لها ذات القلب الصافي وتحدثت بوجه بشوش: تسلمي يا مرت عمي، وتسلموا كلياتكم، بس أني الحمدلله بفهم زين من المدرسين اللي أبوي جايب هم لي
دققت فايقة النظر على ساعديها وتحدثت بإستفهام والغل يتأكل من داخلها: جديدة الأساور اللي في يدك دي يا صفا؟

أجابتها بإبتسامة وهي تتحسيهم بسعادة: أبوي چابهم لي أولة إمبارح من مصر، وچاب زيهم لأمي
إبتسمت لها نجاة وأردفت قائلة بنبرة حنون صادقة: مبروكين عليكي يا صفا، يعيش ويچيب لكم
إشتعلت النار داخل فايقه وليلي التي تحدثت بنبرة حقودة لم تستطع السيطرة عليها: اللي يشوف عمايل عمي ليكي إنت وأمك يفتكركم ساحرين له يا چلوعة أبوك
حزنت صفا من حديث إبنة عمها التي تنبذها ودائما ما تتعمد إهانتها وبدون أسباب،.

نظرت لها رسمية وتحدثت بحده: وه، أيه الكلام الماسخ اللي عتجوليه دي يا بت، سحر أيه وكلام فارغ أيه، إحنا بتوع الحاچات العفشة دي بردك؟
وأكملت بنبرة ملامة: ده بدل متجولي لبت عمك مبروكين عليك
وقفت ليلي وتحدثت بنبرة حاده: كفايه چلعكم ليها ومباركاتكم
وتحركت للأعلي غاضبه تحت نظرات الجميع.

عند الغروب
كان يجلس داخل غرفته، أمسك هاتفه وضغط على زر الإتصال وأنتظر الرد
بالقاهرة
داخل شقة متوسطة الحال، كانت تجلس داخل صالة الإستقبال بصحبة أبويها وشقيقها المحامي والذي يعمل معها هي وقاسم داخل مكتب المحاماه الخاص بقاسم.

إنها إيناس، تلك الفتاه التي تصغر قاسم بثلاثة أعوام حيث تعرف عليها من خلال شقيقها عدنان صديقه المقرب بالدراسه، تعرف عليها وهو بالصف الأخير بكلية الحقوق جامعة القاهرة حيث كانت إيناس طالبة بالصف الأول بنفس الجامعة
وأعجب بها وبسرعة البرق أوقعته بشباكها صريع بغرامها وذلك لإختلافها في نظره عن باقي الفتيات التي رأها طيلة حياته.

وجدت هاتفها يرن معلنا عن وصول مكالمه، أمسكته وأبتسمت حين رأت نقش حروف إسمه تزين شاشة هاتفها
إبتسمت بغرور ثم وقفت منتصبة الظهر وتحركت نحو غرفتها تحت تساءل والدتها المبتسمه: ده قاسم؟
إبتسمت لوالدتها وأجابتها دون حياء او خجلا من والدها وشقيقها الجالسان: أه يا ماما قاسم، عن أذنكم
ودلفت إلى غرفتها وأوصدت بابها عليها.

أما والدها رفعت عبدالدايم الموظف البسيط بإحدي شركات الغاز فتحدث مستفسرا: هي بنتك ما قالتلقيش البيه ده هييجي يخطبها رسمي أمتي؟
إبتسمت كوثر قائلة بتفاخر: أصبر يا رفعت، الولد عاوز يعمل إسم لنفسه في عالم المحاماة ويثبت جدارته قدام جده وأهله علشان يكبر في عيونهم، وبعدها هيجيب أهله وييجي يطلب إيدها رسمي.

تحدث عدنان شقيق إيناس بنبرة مطمأنة لوالده: متقلقش يا بابا، قاسم حد محترم جدا ويتوثق فيه، ده عشرة أربع سنين دراسه وزيهم شغل في نفس المكتب
وأكمل بنبرة عملية خالية من المشاعر: وبصراحه كدة يا بابا، قاسم وفلوس عيلته يستاهلوا الصبر والتأني، إيناس لو أتجوزت قاسم هتتنقل نقله تانيه خالص، وإحتمال كمان تنقلنا معاها.

أكدت كوثر على حديثه قائلة: عندك حق يا عدنان، إذا كان من الوقت مغرقها في الهدايا الغالية والذهب، وبيديها مصروف شخصي بيكفيها طول الشهر وبتحوش منه كمان، أومال بعد ما يخطبها رسمي هيعمل معاها أيه
تنهد رفعت وأردف قائلا بنبرة قلقه: مقولتش حاجه يا كوثر، بس أنا خايف لبعد ما كل الناس عرفت إنها خطيبته وخارجه داخله معاه يسيبها وتبقا خطوبه وأتحسبت عليها.

أجابته كوثر بكلمات مطمأنه: متقلقش يا رفعت، بنتك ذكيه والولد بيحبها ومش هيقدر يستغني عنها تحت أي ظروف
تنهد وصمت ليكمل مشاهدته لإحدي البرامج العلميه التي يشاهدها عبر جهاز التلفاز.

أما داخل غرفة إيناس التي نظرت إلى هاتفها بغرور وتحدثت بصوت أنثوي وهي تتمدد فوق تختها وتنظر إلى سقف غرفتها: ألو
أجابها ذاك الجالس فوق تخته بدعابة ولكنة قاهرية: أحلي وأجمل ألو سمعتها في عمري كله
ضحكت بإنوثه زلزلت بها كيانه وأردفت قائلة بنبرة حنون: وحشتني أوي يا حبيبي، يلا تعالي بقا علشان مش قادرة على بعادك أكتر من كدة.

أخذ نفس عميق وزفره بإستمتاع وتحدث بنبرة عاشقة: وإنت كمان وحشتيني أوي يا إيناس، إن شاء الله هاجي بكرة
ثم تساءل بنبرة جاده: أخبار شغل المكتب أيه؟
أجابته بنبرة عمليه وكأنها تحولت إلى ألة: كله تمام، إنهارده كان ميعاد النطق في قضية مهران العيسوي، وكالعادة أخدت فيها حكم بالبراءه
أردف قائلا بنبرة فخورة: برافوا عليك يا إيناس، طول عمرك شاطرة ويعتمد عليك
إبتسمت وأجابته بتفاخر: تلميذتك النجيبه سيدي الفاضل.

ضحك برجوله أذابتها وتحدث: تلميذة أيه بقا، ده أنتي أستاذة، ما هي اللي تخلي قاسم النعماني اللي عمر ما فيه ست هزت فية شعرة، ييجي على بوزه ويحب بالشكل ده تبقا أكيد أستاذه
ضحكت بأنوثة وكبرياء وأكملا وصلة عشقهما
بعد قليل إستمع لدقات فوق الباب فتحدث لها معتذرا: الباب بيخبط مضطر أقفل وهكلمك تاني
أجابته بهدوء: أوك يا بيبي
أغلق معها وتحدث للواقف خلف الباب: أدخل
دلف فارس مطلا برأسه قائلا: فاضي نتكلم شوي؟

إبتسم لأخاه وأجاب: ولو مش فاضي أفضي لك حالي مخصوص يا فارس باشا
إبتسم فارس لمداعبة شقيقه ودلف وأغلق خلفه الباب وأتجه لأخاه ثم جلس بجواره وتحدث: أخبار شغلك أيه يا متر؟
ربع قاسم ساقيه وأعتدل بجلسته وأجابه: كله تمام يا فارس، شغل المكتب ماشي كويس جوي، وكل يوم بيكبر عن اليوم اللي جبله وأسمي الحمدلله بدأ يتعرف
ثم أكمل بتساؤل وأهتمام: المهم طمني عليك إنت، ناوي على أيه بعد متخلص كلية العلوم السنة دي.

زفر فارس بضيق وأجابه: هعمل أيه يعني، هشتغل مع أبوك وأمسك له حسابات المحجر، هو وجدك جرروا إكده وأني ما عليا إلا التنفيذ والطاعة العمياء
نظر لشقيقه بحزن وتحدث منتقدا إستسلامه: أيه نبرة الإنكسار والإستسلام اللي في صوتك دي، ليه متجعدش مع أبوك وجدك وتجول لهم إنك حابب تشتغل في مجالك ويبجا لك كيانك وكاريرك وتستجل بنفسك
إبتسم ساخرا وأردف قائلا بنبرة تهكميه: ليه، هو أني كنت قاسم عشان يسمعوا كلامي وينفذوة.

أخذ نفس عميق وتحدث بنبرة مستسلمه مفسرا له: صدجني يا فارس حتى أني لولا شغلي نفعهم ومسكت لهم كل جضايا المحجر والأرض الزراعيه اللي باعوها على إنها أرض مباني ما كانوا فتحولي المكتب في القاهرة ولا سابوني أشتغل في مجالي اللي درسته وحبيته
وأكمل بإستسلام: نصيبنا إكده يا فارس، ربنا رزجنا بجد متحكم حتى في النفس اللي عنتنفسه، وبيحددهولنا ناخدة أمتي وكيف وإزاي.

نظر إليه فارس وتحدث متذكرا بنبرة جاده: بمناسبة تحكم چدك في حياتنا، أني من كام يوم كت داخل لچدك أوضته وسمعته وهو بيقول لچدتك إنه ناوي يچوزك لصفا بعد متخلص الثانويه السنه دي
جحظت أعين قاسم وتحدث ساخرا: أني بردك كنت حاسس إنه بيفكر في إكدة، مش هو بس، دي أمك كمان مبتسيبش فرصه إلا وتحاول تجربني فيها من صفا، بس ده بعدهم، أني مش هتچوز غير اللي إختارها قلبي وعشجها.

وأكمل غاضب: مش هتوصل كمان إنه يختار لي المرة اللي هتنام في حضني؟
تحدث فارس وهو يحس شقيقه على التمسك بقراره والصمود أمام جبروت ذاك المتسلط المسمي بجده: چدع يا قاسم، خليك دايما جوي قدامهم إكدة لجل ما يخشوك
نظر قاسم أمامه بشرود.

ليلا داخل منزل زيدان النعماني
كانت ورد تجهز طاولة العشاء وتحدثت إلى صفا الجالسه في الفراندا تتطلع بعيون معلقه بغرفة فارس أحلامها التي لم تراه طيلة اليوم منذ الصباح
نظرت إليها ورد وحزن داخلها وهي مشفقه على حال صغيرتها من ذاك العشق المدمر لقلبها الصغير وأردفت قائلة بنبرة يائسة: صفا، أدخلي صحي أبوك لجل ما يتعشي
لم تجب والدتها لعدم إنتباهها لحديثها نتيجة لشرودها.

زفرت ورد وأعادت على مسامعها حديثها مرة أخري بصياح عالي: صفااااا
إنتفضت بجلستها وألتفت بجسدها ناظرة إلى تلك الغاضبه وأردفت قائلة بنبرة مرتبكه: نعم يا أماي
تنهدت ورد بإستسلام وأعادت عليها الحديث مرة أخري: أدخلي صحي أبوك وجولي له إن العشا چاهز.

أماءت لها بطاعة وبسرعة البرق تحركت نحو غرفة أبيها، جلست بجانبه ووضعت أناملها الرقيقة فوق وجنته بحب وهمست بجانب وجهه بنبرة حنون: أبوي، أبوي، إصحي يا حبيبي العشا چاهز
بدأ زيدان بفتح عيناه بهدوء ثم أبتسم لرؤيته لطفلته الجميله التي تشبه والدتها حتى بنعومتها ورقتها.

أمسك كف يدها وقبله بحنان، ثم أعتدل وجلس مستندا بظهرة على ظهر تخته، وفتح ذراعه مشيرا لها بدلوفها داخل أحضانه، و ما كان منها إلا السعادة البالغه والإنصياع لنداء غاليها والإرتماء داخل أحضان والدها الحانية التي تشعرها بأمان الكون بأكملة
إرتمت بأحضانه وخرجت تنهيدة من صدرها وتحدثت إلى أبيها بنبرة حنون: تعرف أني بحبك جوي يا أبوي.

إبتسم زيدان وشدد من إحتضانها وقبل وجنتها وتحدث: أني بجا حبيتك إنت وورد أكثر من حالي وذاتي يا صفا، لدرچة إني أكتفيت بحبكم عن الدنيي بحالها
خرجت من داخل أحضانه بلهفة وأردفت قائلة بإستفهام: صح چدي وچدتي كانوا عاوزينك تتچوز على أمي عشان تخلف الواد؟!
إبتسم لها وأردف متسائلا: مين اللي جال لك الكلام ده؟
أجابته بهدوء: عمتي صباح هي اللي جالت لي لما سألتها إشمعنا أبوي اللي ليه دوار لحاله دون عن أعمامي كلاتهم.

أخرج تنهيدة طويله من داخل أعماقه وأجابها بهدوء: دي عوايد وتجاليد يابتي، عندينا في الصعيد إهني الراچل لازمن يبجا له واد يورث إسمه من بعده
ضيقت عيناها وتساءلت مستفسرة: وليه حضرتك مسمعتش كلامهم وأتچوزت علشان تچيب الواد؟
إبتسم لها ونظر داخل عيناها وتمعن بهما وأردف قائلا بحنان: تعرفي يا صفا، البصه في عيونك دول عندي بالدنيي كلياتها، وبعدين مين اللي جال لك إني مجبتش الواد.

وأمسك كف يدها مقبلا إياه وتحدث بنبرة صادقه حماسيه: إنت عندي بألف واد يا صفا، إنت اللي هتشرفيني وتخليني أتفاخر جدام النچع كلاته وأجول لهم أني أبو الدكتورة صفا النعماني
إبتسمت له بسعادة وأكمل هو بترجي: بس أني معايزكيش تزعلي من چدك وچدتك لجل السبب دي يا صفا، عاوزك تعزري تفكيرهم يا بتي.

دلفت لداخل أحضانه وشددت منها وأردفت قائلة بنبرة صادقة: أكيد عمري مزعل منيهم وخصوصي إنهم بيحبوني جوي ويمكن أكتر واحده في أحفادهم كمان
وأبتسمت وأردفت بنبرة حنون: طبعا بعد قاسم
إبتسم بعدما أستمع إلى ذكرها لحبيبها بتلك النبرة الحنون وتساءل بتخابث: و إشمعنا قاسم يعني اللي چيبتي سيرته؟

خرجت من داخل أحضانه وتحدثت بنبرة سعيده حماسية: عشان هو المفضل عند چدي وچدتي، ده چدي بيكبرة و بيستشيرة في شغله أكتر ما بيستشير عمي قدري وعمي منتصر
إبتسم لها وكاد أن يجيبها لولا دلوف تلك الغاضبة التي أردفت بصياح غاضب: أني بعتاكي تصحي أبوك عشان العشا ولا تجعدي في حضنه تدلعي وتتمسخري علية؟
مدت شفتاها الكنزة بغضب مصطنع وتحدثت تشتكي لأبيها: شايف يا أبوي، مطيجانيش أجعد جارك وأنام في حضنك.

حاوط زيدان وجنتها بكف يداه برعايه وتحدث إليها بدعابه: أعذريها يا صفا، الغيرة على الحبيب مرة بردك يابتي
وضعت ورد يدها في خصرها كحركة إعتراضيه على حديثه وتحدثت بنبرة معترضة متذمرة: غيرة، على مين إن شاء الله الغيرة دي؟
إتسعت حدقة عيناه وتحدث معترض: عليا يابت الرچايبة، ولا زيدان النعماني مهيستاهلش تغيري عليه؟

ضحكت صفا وأنتفضت من جلستها وتحركت بإتجاه الباب وتحدثت بدعابة: أطلع أني منيها بجا، بيتهئ لي أني إكدة عملت اللي علي
نظرت لها ورد وأردفت قائلة بغضب مصطنع: وزياده يابت بطني
ضحكت صفا وخرجت وتحرك زيدان متجه إليها، كادت أن تخرج تلك الغاضبة ولكن يده سبقتها إلى الباب وأوصده ثم شدها إليه بعنف إرتضمت على أثره بصدره العريض،.

لف ساعديه حول خصرها الممتلئ بعض الشئ وألصقها بجسده بشدة وتحدث بنبرة ملامة: بجا مبجتيش بتغيري على زيدان يا ورد؟
نظرت له وتحدثت بنيرة ملامة متذمرة: مش إنت اللي واخد بتك في حضنك ونسيت بيه حضن ورد
إبتسم بتفاخر ثم تساءل: عتغيري عليا من بتك؟!
أجابته بحدة وغيرة قاتلة ظهرت بعيناها: وأغير عليك من الچلابية اللي عتلبسها يا جلب ورد من جوة.

إشتعل داخله من نظرة عيناها العاشقه ونبرة صوتها الهائمة، مال على شفتاها ووضع لها قبلة شغوفه أطال بها وبث لها من خلالها مشاعره المتوهجة التي لم تهدأ يوم منذ أن رأها صدفة بحفل زفاف صديقه،
ويا حلوها من صدفة
إنجرف وراء مشاعرة وبات يتذوق قبله تلو الأخري بشغف وهيام، شدد من إحتضانه لضمتها، شعرت بإنجراف مشاعرة بإتجاه أخر
فتمللت داخل أحضانها قائلة بضجر: زيداااان.

أجابها هامس بجانب أذنها بنبرة مسحورة أذابت كيانها: عيون زيدان وجلبه
إبتسمت لدلاله وكلمات عشقه وأردفت قائلة بنبرة حنون لتذكرة: صفا برة مستنيانا على العشا
أجابها وهي يشرب من شهد شفتاها المميز: مجادرش يا زينة الصبايا، وحشاني ومجادرش أبعد.

أبعدته بساعديها بشده وتحدثت بنيرة هائمة: لو وحشاك جيراط، إنت واحشني أربعة وعشرين، بس بالعجل يا زيدان، تعال نتعشا مع صفا وبعدها ندخلوا أوضتنا وأدوجك شهد ورد ورحيجها اللي عتعشجوا منيها يا واد النعماني
إبتسم لها وتحدث بطاعة: ماشي يا زينة الصبايا، بس بشرط
أجابته بهيام: أؤمرني يا ضي عيني
أجابها بنبرة مشتاقه: مهصبرش غير وجت العشا وبس، وبعدها تتصرفي مع بتك، فهماني يا ورد؟

إبتسمت له خجلا وهزت رأسها بإيماء ثم تحركا للخارج معا إلى غرفة الطعام وجلس ثلاثتهم حول مائدة الطعام المليئة بخيرات الله عليهم، وما أن أشرعوا بتناول الطعام حتى إستمعوا لصوت جرس الباب ليعلن عن زائر
فتحت العاملة الباب وجدته قاسم فتحدثت: يا أهلا وسهلا يا سي قاسم، إتفضل
تحدث قاسم إليها متسائلا: عمي موچود يا صابحة؟

إستمعت هي من الداخل إلى صوت معشوقها، إنتفض داخلها وأشتعلت وجنتيها وتحول لونهما إلى اللون الوردي الداكن لاحظته ورد وتنهدت بأسي على حال صغيرتها التي لم تكن تريد لها هذا المصير أبدا
أردف زيدان مناديا عليه بنبرة صوت مرتفعه: تعال يا قاسم
دلف قاسم خلف العاملة وألقي عليهم السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأردف قائلا بنيرة معتذرة: أني شكلي إكدة چيت في وجت مش مناسب.

أردفت ورد التي وقفت وتحدثت بنيرة حنون: حديت أية اللي عتجوله ده يا ولدي
وسحبت له مقعدا وتحدثت بنبرة ودوده: اجعد يا ولدي أتعشا ويا عمك
ونادت بصياح على العامله: صابحه، هاتي طبج نضيف من عندك لقاسم بيه
تحدث قاسم بنبرة خجلة: ملوش لزوم يا مرت عمي، أني هستني عمي في الچنينة على ما تخلصوا عشا، عشان واحشني وعاوز أجعد وياه شوي.

حدق به زيدان وتحدث ملاما له: چري أيه يا قاسم، هي الجعده في مصر لحالك نستك الأصول والعادات ولا أيه، مالك يا واد بجيت بخيل ليه إكدة
تحدثت صفا بدعابه لتحثه على الجلوس: شكله إكدة مش عاچبة وكل أم صفا يا أبوي
نظر لها مضيق العينان مستغرب شقاوتها الجديدة علية وتحدث بدعابه: طب ليه إكده يا بت عمي، بجا متجيش غير منك إنت؟
إبتسمت بشقاوة وجلس هو وتحدث بإحترام: ده حتى نفس مرت عمي معروف في العيله كلاتها إن مفيش زيه.

اجابته وهي تناوله قطعتان كبيرتان من اللحوم وتضعها داخل صحنه: تسلم يا ولدي، يلا مد يدك وسمي الله
وقام زيدان بوضع فخدة كبيرة من لحم البط اللذيذ داخل صحنه
كانت تبتسم وهي تراه محدق العينان لكل ما يوضع أمامه في وجبة عشائة التي بالتأكيد لم يتناول منها كل هذا
تناول الجميع العشاء تحت سعاده صفا التي وصلت لعنان السماء وقضت معظم الوقت في إستراق النظر إلى وجة قاسمها.

ليلا داخل غرفة صفا
إنتهي اليوم وصعدت لغرفتها، كانت تتمدد فوق تختها شارده في طيف حبيبها تتساءل مع حالها، كيف سيكون شكل مستقبلها معه وهل حقا سيكون من نصيبها كما لمحت لها جدتها رسميه من ذي قبل
تنهدت بحنان وباتت تحلم بحياتها معه حتى وقعت صريعة للنوم.
صباح اليوم التالي
خرجت من باب منزلها لتستقل السيارة التي خصصها لها زيدان بسائقها لتكون تحت امرتها طيلة الوقت كي تذهب إلى المدرسه لإستخلاص بعض أوراق الثانويه العامة المطلوبه منها
إنتفض داخلها بسعادة عندما وجدته يخرج من باب المنزل وتجاوره فايقه بملامح حزينه وهي تودع صغيرها
أمسك قاسم رأس والدته مقبلا إياه وتحدث بنبرة حنون: وبعدهالك عاد يا أماي، هو أني كل مرة همشي متنكد عشانك إكده؟

جففت فايقة إحدي دمعاتها الهاربه منها وتحدثت بنبرة حزينة صادقة: غصب عني يا قاسم، مجدراش أتعود على بعادك عن حضني يا واد جلبي
في حين تحدثت ليلي التي إقتربت وارتمت داخل أحضان شقيقها لتودعه: يا أما ده بجا له 8 إسنين عيسافر، المفروض تبجي إتعودتي على إكدة يا أم قاسم
قبل وجنة شقيقته وأردف قائلا بحنان: خلي بالك من نفسك يا ليلي وذاكري مليح، علشان كلية التچارة صعبه ومحتاچه مذاكرة وتركيز عالي.

أومأت له رأسها بهدوء
نظرت فايقة تتطلع أمامها، إتسعت عيناها فرح عندما وجدت تلك العاشقة المتسمرة بوقفتها بجانب السيارة، وهي مسلطة بصرها بإعجاب على قاسم، بنظرات مغرمة هائمة لعاشقة يظهر عشقها كوضوح الشمس أمام أعين الجميع
إبتسم داخلها بتشفي وشعرت بالإرتياح، وعلى الفور قامت بالنداء عليها كي تزيد من تسليتها: مش هتاجي تسلمي على قاسم جبل ما يعاود على مصر يا صفا؟

همس قاسم إلى والدته بنبرة معاتبه: وبعدهالك عاد يا أماي، مهطبطليش اللي بتعمليه ده؟
أجابت صغيرها بنبرة هادئة متصنعة للبراءة: وأني عملت إية عاد يا ولدي، الحج علي اللي بنادم لبت عمك لجل ما تاچي وتسلم عليك جبل ما تعاود على مصر
ضحكت ليلي وتحدثت بنبرة ساخرة: مهضيعيش وقت إنت خالص يا أماي
رمقتها بنبرة غاضبة وهتفت قائلة: إسكتي ساكت وخليكي في خيبتك يا حزينة.

كانت هناك من تتطلع عليهم من شرفتها التي تعتلي وقفتهم، بلهفة وعيون حزينة وقلب يتمزق ألما لأجل ما تستمعه وتراه أمام أعينها، إنها مريم، إحدي ضحايا عشق ذاك القاسم الصارم
أما تلك العاشقه التي إبتسمت ببشاشة وجه وأنتفض داخلها بسعادة من حديث زوجة عمها المشجع لها.

وتوجهت بتمهل إلى وقفتهم وهي محتضنة ذلك الملف إلى صدرها ببراءة وتحدثت إلى قاسم بنبرة رقيقه: توصل بالسلامة إن شاء الله يا قاسم، متبجاش تتأخر علينا إكدة
إبتسم لها قاسم وأردف قائلا بنيرة هادئة: إن شاء الله يا صفا، خلي بالك من نفسك وذاكري مليح لجل ما تفرحي عمي بيكي
أنير وجهها وتحدثت بطاعة جذبت بها إنتباهه ولكنه نفض رأسه سريع من تلك الأفكار: حاضر يا قاسم.

إبتسمت تلك اللعوب وتحدثت إلى ولدها: ناول رقم تلفونك الچديد لبت عمك عشان لو إحتاچت منك حاچة في مذاكرتها تكلمك يا قاسم
نظر لوالدته بعيون ملامة، لا يدري لما تقوم بكل تلك الإمور وهي تعلم علم اليقين أنه لن يتزوجها، حيث كان قد أخبرها هو من قبل عن معرفته لإنتواء خطة جده بأن يزوجه من صفا وأخبرها أيضا بأنه لا يراها إلا ك ليلي شقيقته.

تحدثت صفا على إستحياء حين رأت تلبك قاسم وإنزعاجه: بلاش يا مرت عمي، معيزاش أشغله وأعطله عن شغله
هتفت فايقة بنبرة متلهفة: واه، حديث إيه اللي عتجوليه دي يا بتي، إنت بس إشغليه براحت راحتك وزينة الشباب على جلبه حديت صفا كيف العسل
ثم حولت بصرها إلى ولدها وتساءلت بلؤم: مش إكده بردك يا قاسم؟
نظر قاسم لوالدته مستغرب أفعالها وتحدث مجبرا وهو يبتسم لإبنة عمه كي لا يحزن قلبها البرئ: أكيد طبعا يا أماي.

كانت تشعر بروحها سارحة في ملكوتها الخاص من حديث زوجة عمها الذي يحمل الكثير والكثير من المعاني
إبتسمت بسعادة مفرطة لم تستطع التحكم في تخبأتها وتحدثت بنيرة تكاد تصرخ من فرط سعادتها: تسلم يا قاسم ويخليك ليا
ثم أرتبكت وتحمحمت مصححه جملتها: جصدي يخليك لينا
رمقتها فايقة بنظرة إنتصار وإبتسمت بخبث.

وهنا إستمعت صفا إلى صياح والدتها التي نادت عليها بنبرة محتقنه تحمل الكثير والكثير من القلق: سايبه السواج واجف ملطوع كل ده و واجفه عنديك بتعملي إيه يا صفا؟
إرتبكت وأرتعب داخلها وحولت بصرها لتلك الغاضبة تنظر عليها بعيون زائغة
حين أردفت فايقة قائلة بنبرة سعيدة و وجه مبتسم شامت: چري أيه يا سلفتي، مالك هبيتي في البت خلعتيها إكدة على الصبح.

ثم أكملت بإبتسامة خبيثة: أني اللي ندهت عليها لجل متسلم على واد عمها جبل ما يعاود على مصر
نظرت لها ورد وحدثت حالها بغيظ، بما تفكرين وتخطتين أيتها الماكرة الحقودة، تري ما تلك الكارثه التي تختطين بإيقاع صغيرتي الساذجة بها أيتها الملعونه.

وأكملت بإستماته داخل نفسها: لن أسمح لك بإيقاع إبنتي داخل شباكك أنت وزوجك الحقود، أعلم علم اليقين أن قاسم يختلف كليا عن حقدكما، ولكن يكفي أنه ولدكم، فهذا وحده كفيل بألا يشفع له عندي مهما مر العمر
حولت صفا بصرها إليهم من جديد وتحدثت إليه بنبرة حزينة وعيون ناظرة أسفل قدميها: توصل بالسلامة يا واد عمي، بعد إذنكم.

وتحركت سريع إلى سيارتها وأستقلتها تحت أعين ورد التي تحدثت بنبرة جامدة إلى قاسم: توصل بالسلامة ان شاء الله يا ولدي
أجابها قاسم بإحترام: الله يسلمك يا مرت عمي
تحركت سيارة صفا منطلقه لخارج البوابة الحديدية الخارجية
وتلاها قاسم الذي إستقل سيارته بجانب السائق وتحرك بها متجه إلى مطار سوهاج ومنه إلى مطار القاهرة
ألقت ورد نظرة غاضبة على فايقة ثم إستدارت معاودة لداخل منزلها بشموخ.

إبتسمت فايقة بشماتة وتحركت هي الأخري إلى الداخل، في حين إقتربت منها ليلي التي كانت شاهدة على تلك المسرحية الهزليه
وتحدثت ليلي إلى والدتها بعدم إستيعاب: نفسي أدخل چوة دماغك وأعرف إيه اللي هيدور چواها يا أماي،
واكملت بتساؤل حائر: منين مهطجيش سيرة ورد وفي نفس الوجت بتحاولي بكل جوتك تجربي بتها صفا من قاسم أخوي؟

إبتسمت فايقه وأجابت صغيرتها بنبرة يملؤها الغل: ده تخطيط واعر و شغل عالي على كبير، يصعب على الصغيرين اللي زيك فهمه يا بت بطني
وأكملت بنبرة تهكميه وهي ترمقها بنظرة غاضبة: خليكي إنت في مذاكرتك في الكليه الخيبانه بتاعتك اللي دخلتيها بمجموع الشوم اللي چبتيه بالعافيه
ودلفت وتركت ليلي التي زفرت بضيق من حديث والدتها المتهكم عليها.

أما بشرفة مريم التي تنهدت بأسي وروح محبطة من ما رأت بعيناها وأستمعته بأذناها منذ القليل، وما أن إلتفت بجسدها حتى فزعت وأتسعت حدقة عيناها حين رأت والدتها تقف بوجهها، تربع ذراعيها وتضعهما فوق صدرها
هتفت مريم بصياح بنبرة مرتجفة من هول الصدمة: خلعتيني يا أماي، فيه حد بيدخل يتسحب على حد إكدة؟
كانت ترمقها بنظرات غاضبة وأردفت قائله بنبرة ساخرة: أچيب لك طاسة الخضة لجل ما تخطيها يا عين أمك.

إبتلعت مريم لعابها من طريقة والدتها المتهكمة فتساءلت بإستفسار مترقب: إية اللي حصل يا أماي لمسخرتك على دي
أجابتها نجاة بنبرة حادة: صح معرفاش حصل إية يا مريم؟
حصل إنك بتجللي من جيمتك وترخصيها مع ولد فايقة،
إنتفض جسدها وأبتلعت لعابها رعب من حديث والدتها المفاجئ وأرادات الإنكار كي تنجي بحالها من بطش تلك الغاضبة
فهتفت بنبرة زائفة وإنكار: كلام إيه اللي عتجولية دي يا أما، وأني مالي ومال قاسم.

خرجت من حياة إبتسامة مهمومة وأردفت قائله بنبرة حزينة: بس أني مجبتش سيرة قاسم يا مريم
تنهدت بأسي ثم إقتربت على صغيرتها وأمسكت يدها وتحركت بها للداخل حتى وصلتا إلى التخت وجلستا،
أخذت نفس عميق وزفرته وتحدثت بهدوء: إسمعيني زين يا بتي وإفهمي حديتي صح لجل ما تحفظي كرامتك ومتهينيهاش على الفاضي.

واسترسلت حديثها العاقل: عمك قدري ومرته مهيسبوش مال عمك زيدان يخرچ من بنات إكفوفهم، وهيعملوا المستحيل لجل ما يچوزوا قاسم لصفا
يعني تنسي اللي عتفكري فيه دي لانه مهيحصلش واصل، أول هام زي ما جلت لك اللي ناوي عليه عمك ومرته
وتاني هام إن قاسم مهيفكرش فيكي ولا شايفك جدامه من الأساس
ولا كمان بيفكر في صفا ولا شايفها، جملة حاده غاضبة هتفت بها مريم.

فأجابتها نجاة: صح هو مهيفكرش فيها، بس عمك ومرته عيفكروا وهما دول الأهم، ده غير إن چدتك لمحت لي جبل سابج إن چدك بيفكر يدي صفا لقاسم لچل ما يكون مطمن عليها
تنهدت بأسي حين رأت غشاوة الدموع المتكونة داخل أعين صغيرتها الحزينة فتحدثت بنبرة مهمومة: يا مريم أني خايفة عليكي من خيبة الأمل، إنت لساتك إصغيرة ومهتتحمليش وچع خيبة الأمل وكسرة النفس يا بتي،.

وأكملت برجاء وهي تمسك بكف إبنتها: لو كت غالية عنديكي صح خرچي الموضوع دي من نفوخك واصل
قالت كلماتها وتحركت إلى الخارج في حين إرتمت بجسدها تلك العاشقة الصغيرة وأجهشت بالبكاء الذي تحول إلى نوبة بكاء مريرة.

بعد حوالي ساعتان
كان يتحرك داخل رواق مكتب المحاماه الخاص به يخطو بخطوات واثقه تتسم بالرجولة والجاذبيه لكل من يراه، متوجه إلى غرفة مكتبة،
وصل لها وخلع عنه حلتة وعلقها فوق العليقة الخاصة بها، وشمر أكمام قميصه وكاد أن يجلس إلا أنه إستمع إلى طرقات فوق الباب، وقبل أن يأذن للطارق بالدلوف وجد الباب يفتح وتدلف عبره تلك الجميلة بطولها الفارع وجسدها النحيل،.

إنها إيناس ذات الوجه الجميل ظاهريا، حيث لا تظهر ملامح وجهها بوضوح وذلك بفضل مساحيق التجميل التي تضعها فوقة بكثرة، و شعرها الأسود الحريري الذي يهفهف خلف ظهرها حيث أنها تركت له العنان ليتنفس ويرفرف بحريه خلفها
إبتسم لها بسعاده أما هي فتحركت إليه والتصقت به بلهفة مفرطة وكادت أن تقبل وجنتيه لولا ساعديه الذي وضعهما وكانت كالسد المنيع،.

وإبتعد عنها وهو يزفر بضيق وتحدث بنبرة صوت غاضبة معنف إياها: وبعدين معاكي يا إيناس، أنا كام مرة نبهت عليك وقولت لك بلاش الحركات اللي بتعمليها دي، ومع ذلك مصرة عليها مع إنك عارفه ومتأكدة إنها بتضايقني وبتخرجني عن شعوري
تأففت بتملل وأجابته بضجر: وأنا كام مرة قولت لك إني مبعملش كده غير معاك إنت وبس، وإن المفروض إن ده شيئ يسعدك ويحسسك أنا قد أيه بحبك وبتوحشني لما بتغيب عني.

ضيق عيناه مستغرب حديثها وتساءل ساخرا: وسيادتك عاوزة تعملي كدة مع مين تاني يا هانم؟
ثم أردف قائلا بنبرة غاضبة مشيرا بسبابته إليها مهددا إياها: إيناس، لأخر مرة هنبهك وهقول لك الموضوع ده ما يتكررش تاني، مش عاوز أغضب ربنا أنا، عاوز علاقتنا تبقا محترمة وفي إطار الشرع علشان ربنا يبارك لنا في حياتنا.

تنهدت وظهر الحزن فوق ملامحها فتحدث هو مفسرا ردة فعله بنبرة أهدي قليلا: يا إيناس من فضلك حاولي تفهميني، أنا عارف إن نشأتنا وتربيتنا مختلفه عن بعض، بس أنا عاوزك تتطبعي بطبعي عشان لما نتجوز ونروح الصعيد محدش ينتقد أفعالك وميحسوش إنك مختلفه عنهم
ثم نظر إليها وأردف قائلا بنبرة حنون كي ينسيها حزنها الذي أصابها من ردة فعله العنيفه: فهماني يا حبيبتي؟

إبتسمت له وتحدثت بسعادة وكأن شئ لم يكن: ومين غيري يفهمك يا قاسم، أنا بس مش عوزاك تحبكها علينا أوي كده، أنا بحبك وإنت بتحبني وهنتجوز، يبقا إيه المانع لما توحشني أحضنك وتحضني، واكملت بلا مبالاة: أنا مش شايفه إن الموضوع يستدعي كل غضبك ده؟!

أجابها وقد تملك الغضب من ملامحه من جديد أثر حديثها المرفوض بالنسبة له: المانع إنه حرام يا أستاذة يا بتاعت الشرع والقانون، لا والمصيبه إنك شايفه إن الموضوع عادي ولا يستدعي الغضب.

وأكمل بنبرة تحذيريه ولهجه صعيدية لم يستطع التحكم بها: إسمعي يابت الناس، أني بطبعي مبحبش أعيد حديتي مرتين، لكن معاك بعيده كتير وده شئ بينرفزني وبيخرچني عن شعوري، فعشان نبجوا متفجين من أولها إكدة، حكاية جربك مني وإنك تبجي عاوزة تحضنيني أول ما تشوفيني دي تنسيها خالص، وكمان شعرك ده لازم تداريه وتتحچبي،
وأكمل بضجر وملامح وجة مشمئزة: أني معارفش أصلا هفاتح أهلي كيف بزواجنا بشعرك ده.

أجابته بنبرة هادئة كي تمتص غضبته: ما أنا قولت لك قبل كده يا قاسم، لما تقرر تفاتح أهلك وتخطبني وقتها هبقا ألبس الحجاب
وأكملت بحزن إصطنعته لحالها كي تستدعي تعاطفه: وياسيدي لو قربي منك ولهفتي عليك وإنك بتوحشني لما بتبعد عني بيضايقك اوي كده، خلاص، أوعدك إني مش هرخص نفسي وأرميها عليك تاني
وأكملت بطاعة أثارته: ها، فيه حاجة تاني مضايقاك في تصرفاتي وعاوزني أغيرها؟

وضع يده فوق شعر رأسه وسحبها للخلف ثم أخذ نفس عاليا وزفرة كي يهدئ من روعه وتحدث بنبرة صارمة وملامح وجه مبهمه: إيناس، أنا عاوزك تلبسي الحجاب من إنهارده، أيه رأيك لو ننزل أنا وإنت بعد مواعيد المكتب وأشتري لك كل اللبس اللازم علشان الحجاب، وأكمل بلهجة صعيدية وإبتسامة كي يقنعها ويهون عليها صعوبة الخطوة بالنسبة لها: إنت هتتچوزي صعيدي يا بت، والصعيدي عيحب مرته وعيموت عليها ومهيجبلش على رچولته إن شعرة واحده تبان منيها جدام الخلج إكدة.

ضحكت بإنوثة مقصودة واجابته مضطرة: حاضر يا عم الصعيدي الحمش، بس ياريت بقا تسرع بخطوبتنا علشان بابا بدأ يتضايق من الموضوع ورجع يكلمني فيه تاني
أجابها بهدوء: حاضر يا حبيبتي، صدقيني قريب جدا هفاتح جدي في الموضوع
إستمعا إلى بعض الطرقات ودلف شقيقها عدنان بعدما أذن له قاسم بالدخول وتحدث وهو يقترب من قاسم محتضن إياه بحفاوة: حمدالله على السلامة يا متر، نورت القاهرة.

ربت قاسم على ظهره قائلا: الله يسلمك يا عدنان
ثم أتجه قاسم خلف مكتبه وجلس فوق مقعده المخصص له وجلس كل من عدنان وإيناس متقابلين بالمقاعد
فتساءل قاسم بنبرة جاده: طمنوني يا أساتذة، أيه أخبار القضايا إلى عندنا؟
أجابته إيناس بنبرة عملية واثقة: كلة تمام يا قاسم، مش هتصدق مين طلب إن مكتبنا يمسك له القضايا الخاصة بشركته.

نظر لها منتظرا تكملة حديثها فأكملت هي بإبتسامة فخر: عزت الباجوري صاحب شركات النقل الشهيرة في البلد
إتسعت حدقة عيناه وتحدث مستفسرا بسعاده: عزت الباجوري بذات نفسه،
أومأت له بسعادة فأكمل هو بنبرة حماسية: دي خطوة مهمة جدا وبتأكد لنا إن مكتبنا بقاله إسم وسيط بين مكاتب المحاماه
وافقاه الرأي وتحدث عدنان متباهيا: إنت مستهون بمكتبنا وبشغلنا إحنا الثلاثة ولا أيه يا متر؟

أجابه قاسم بدعابه: بصراحة كنت، بس الباجوري غير لي نظرتي خلاص
ضحك ثلاثتهم واكملوا حديثهم الخاص بالعمل.

عند الغروب
داخل الفيراندا الخاصة بسرايا عتمان
كان يجلس فوق مقعده بمفرده ينتظر رسمية التي دلفت لصنع مشروب شاي العصاري لكلاهما
خرج زيدان من منزله يتطلع إلى الحديقه، وقعت عيناه على والده الجالس بمفرده، إنتعش صدره من أثر رؤياه التي تنعش روحه وتطمئن قلبه، فبالرغم من تقدم زيدان بالعمر إلا أنه ما زال أبيه يمثل له حصن الأمان بالنسبة له.

تحرك إلى أبية بخطوات مهرولة ووقف أمامه على إستحياء وتحدث بنبرة صوت مرتجفة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيفك يا أبوي؟
أما عتمان الذي ما إن إستمع إلى صوت نجله الحبيب الذي ما زال الأقرب إلى قلبه برغم كل ما جري
لم يستطع رفع عيناه، متلاشيا النظر لداخل عيناي صغيره، وذلك كي لا يضعف أمامه وينتفض واقف ويسحبه لداخل أحضانه كي يشبع جوع قلبه.

تمالك من حاله بصعوبة وعاد إلى أدراكه راسم الجمود فوق ملامحة وأردف بصوت جاحد بارد أجاد تقمصه: الحمد لله
إبتلع غصة مريرة من معاملة والده له التي لم تتغير يوم برغم مرور كل تلك السنوات الطويلة
ضل واقف بإحراج حتى خرجت والدته تحمل بين كفيها حاملا موضوع عليه كأسان من الشاي،
تحدثت بلهفه حين رأت من كان مدللها وحبيبها القريب إلى قلبها: العواف يا زيدان.

إنتفض داخله حين إستمع إلى صوت من كانت يوم تنثرة بالحنان والدلال، أما الان فقد تغير الوضع كليا ولم يرا منها إلا الجحود الظاهري والغضب
أجابها بنبرة حنون: يعافي بدنك يا حاچة
تحدثت إلية بهدوء عكس ما يدور داخل قلبها من ثورة عاطفية: واجف ليه إكدة، أجعد إشرب الشاي مع أبوك
نظر إلى والده الذي يشيح عنه ببصره وينظر أرض بوجة مبهم، فتحدث بنبرة صوت بائسة: معايزش أضايجكم بوچودي،.

بالإذن، كلمة قالها بنبرة حزينة قطع بها أنياط قلبي والداه، وكاد أن يتحرك لولا صوت عتمان الذي تحدث بنبرة متلهفة: إجعد إشرب الشاي وياي يا زيدان
إلتفت بجسده بلهفة وتحرك عائدا من جديد، جلس مقابلا لأبيه حين هتفت رسمية بصياح حاد: حسن، يا حسن
أتت العاملة وما أن رأت سيدها الحنون الذي يشملها ويرعاها دائما ويقوم بإرسال الأموال لها كي يعينها على المعيشة وأسرتها: العواف يا سي زيدان.

ابتسم لها بحنان وأجابها: الله يعافيكي يا حسن
تحدثت إليها رسمية: إعملي شاي لسيدك زيدان يا حسن
أجابتها العاملة بنبرة حماسية: من عنيا يا ستي الحاچة، أحلا كباية شاي لسي زيدان
هز لها رأسه وأردف بشكر: تشكري يا حسن
تحركت لتدلف قطع طريقها ذاك السمج عديم الذوق موجه حديثه إليها: إعمليلي كباية شاي يا بت وهاتي لي معاها أي حاچة حلوة تتاكل.

ردت بضيق على حديث ذاك الذي دائما ما يحدثها بحدة ودائما ما يقلل من شأنها: حاضر يا سي قدري
تحرك وجلس ثم نظر لشقيقه ببرود متحدث: كيفك يا زيدان
أجابه زيدان بهدوء: الحمدلله يا أبو قاسم
ثم تحدث إلية كي يحرق قلبه ويجدد الإشتعال بينه وبين والديه، وكي لا يدع فرصة بينهم للتصالح النفسي وصفاء نفوسهم: لساتك معاند ومعايزش تريح جلب أمك وأبوك وتتچوز وتچيب لهم حتت عيل لجل ما يورث إسمك؟

نظرت له رسمية وتحدثت بنبرة متلهفة: ربنا يهديك يا أبني وتريح جلبي عن جريب لجل ما أطمن على نسلك وأشوف لك واد جبل ما أموت
تنفس بصوت عالي كاظم غيظة من مكر أخية الذي يعلم جيدا مغزاه وتحدث بنبرة متمالكة إحترام لأبية: كل واحد منينا بياخد الأربعة وعشرين جيراط بتوعه كاملين يا أماي، وأني الحمدلله ربنا إداهم لي في بتي ومرتي وتچارتي، ألف حمد وشكر على نعمته.

رمقه عتمان بغضب وزفر بضيق معلنا بهذا عن عدم تقبله لحديثه
وما أن إستمع إلى زفير أبيه وعلم بمدي غضبة حتى إنتفض من جلسته واقف وتحدث منسحب بإعتذار: بالإذن أني عشان ورايا مشوار مهم
وأنسحب سريع تحت سخط عتمان ورسمية علية وذلك لعدم إنصياعه لرغبتهم في أن يرا بناظريهما طفلا ذكرا له ويرتاح قلبيهما
أما ذاك المتشفي الذي جلس بإرتياح وأطمئنان بعد ذهاب ذاك المدلل سارق أحلامة مثلما دائما يلقبه بينه وبين حالة.

بعد مرور خمسة أشهر
داخل قصر الحاج عتمان النعماني
كان يجلس في بهو قصره هو وزوجته وولده قدري وزوجته فايقه يحتسون مشروب الشاي المحبب لديهم جميعا
وفجأة إستمعوا إلى زغاريد عالية تأتي من الخارج ويبدو أن مصدرها من منزل ولدة المقابل
تحدث الحاج عتمان بإستغراب: من وين چاية الزغاريد دي؟

لوت رسمية فاهها وهتفت بنبرة ساخرة: جايه من ناحية دوار بت الرچايبه، وأكملت بتشفي وغل: على الله يكون ولدي نصفني وبرد ناري وإتچوز وهيجيب لي الواد اللي بحلم بيه
تحدثت إليها فايقه بنبرة ساخرة: اللي ما عملها والدنيي دنيي يا عمة، هيعملها دالوك؟
ثم هبت واقفه وهي تتحرك ناحية الباب بفضول: جال يا خبر بفلوس.

لم تكمل خطواتها إلا و وجدت تلك الصفا صاحبة الوجه الصافي البرئ وهي تدلف للداخل بفرحة عارمة وعلى وجهها إبتسامة توحي إلى شدة سعادتها وهي تتحدث إلى جدها: نچحت يا چدي، طلعت الأولي على محافظة سوهاج كلاتها
إبتسم لها جدها وتحدث بسعادة لسعادتها: مبروك يا بتي.

دلف زيدان مصطحب ورد في محاولة منه بإذابة جبل الجليد الذي يفصل بينهم، وتحدث زيدان بسعادة إلى أبيه و والدته: شفتوا صفا عملت أيه، طلعت الأولي على المحافظه كلياتها
وقفت رسمية تحتضن صغيرة ولدها وتحدثت: ألف مبروك يا غاليه، ألف مبروك
ثم وجهت حديثها إلى زيدان قائلة بحديث ذات مغزي: مبروك يا زيدان، عجبال ما أبارك لك على الخبر الزين اللي هيفرح جلبي بچد.

نظرت لها ورد والحزن خيم على وجهها، فبرغم مرور تلك السنوات الطويلة إلا أن والدة زوجها لم تكل ولم تمل من عرض فتيات على زيدان من اجل الزواج بإحداهن حتى يجلب لها الحفيد الذكر التي تتمناه لنجلها الحبيب، وبالتالي علاقتها سيئة للغاية بورد لتوهمها أنها هي التي تؤثر وتضغط عليه كي لا يتزوج وينجب الذكر المنتظر.

إقترب زيدان من ورد ولف ذراعه حول كتفها محاوطا إياها برعايه وتحدث إلى والدته: وهو فيه أكبر من إكدة خبر يفرح الجلوب يا أماي؟
تحدث عتمان إلى ورد كي يطيب خاطرها: مبروك يا بتي، عجبال متجوزيها وتفرحي بيها
أجابته ببشاشة وجه: في حياتك وفي خيرك إن شاء الله يا عمي
هز رأسه وتحدث مبتسما: تعيشي يا بتي
ثم حول بصره إلى زيدان وتحدث بنبرة جاده: إتصل على قاسم يا زيدان وخليه يجدم لها في الكليه بتاعته.

نظرت إلى جدها وتحدثت بتصحيح: بس أني إن شاء الله هدخل كلية الطب يا چدي
نظر إليها عتمان وأجابها بهدوء: مهينفعش يا صفا، أني رايدك تدخلي الكلية اللي إتخرچ منيها قاسم، ليا غرض في إكدة
إبتسمت فايقه وصوبت بصرها إلى ورد بتشفي وشماتة
أما ورد التي نظرت إلى زيدان وطالعته بنظرات مرتعبه،
فتحدث زيدان إلى والده: كيف يعني مهينفعش يا أبوي، البت طالعة الأولي على المحافظه وكمان هي نفسها تبجي دكتورة.

تحدثت رسميه وهي تنظر إلى صفا بحنين وابتسامة: إسمعي كلام جدك يا صفا، چدك بيحبك ورايد لك الخير، وحديته ده فيه خير كتير جوي ليكي
نظرت صفا إلى والدها وكأنها تستنجد به، كاد زيدان أن يتحدث
فدق عتمان الأرض بعصاه وتحدث بنبرة حاده: خلاص يا زيدان، أني جولت كلمتي في الموضوع وإنتهي الأمر
وأكمل أمرا وهو يتجه إلى حجرته: تعال وراي إنت وقدري، عاوزكم في موضوع.

دلف ثلاثتهم للداخل أما رسميه التي إتجهت إلى صفا المذهوله وأخذتها داخل أحضانها وتحدثت: تعالي في حضن جدتك يا زينة الصبايا
أما فايقة التي نظرت إلى ورد وهي تطالعها بنظرة شامته متعالية وتحدثت بإبتسامة ساخرة: مبروك لصفا يا ورد، عجبال چوازها
طالعتها ورد بنظرات حارقة وتحدثت بحده: الله يبارك فيك يا سلفتي
ونظرت إلى إبنتها وتحدثت بنبرة جامدة: يلا بينا على بيتنا يا صفا.

خرجت صفا من أحضان جدتها وتحركت بجانب والدتها بتيهه وشرود وصدمة، غير مستوعبة ما حدث حولها منذ القليل.

أما بالداخل تحدث عتمان إلى زيدان كي يطيب خاطرة: متزعلش حالك يا زيدان، أني كمان زيك يا ولدي كت حابب صفا تدخل الطب وتبجي دكتورة جد الدنيي،
وأكمل بتساؤل وهو يهز رأسه بتريس: بس هو ينفع إن الحرمة تبجي أعلا من راچلها في العلام؟
ضيق زيدان عيناه مستغرب حديث والده فأكمل عتمان بنبرة صادقة شعر بها زيدان: تعرف يا زيدان، أني مخايفش على حد في الدنيي دي كلاتها جد ما أني خايف على صفا،.

وأكمل مهموم ينظر أسفل قدمية: إكمن يعني ملهاش أخ تتسند عليه، وعشان إكده أنا أخترت لها راچل زين وشديد، لجل ما يكون سندها وحمايتها من غدر الزمن
نظر لوالده وتحدث بإعتراض: بس أني بتي لساتها صغيرة على الكلام ده يا أبوي، وبعدين ليه نكسروا نفسها ونهد أحلامها
تحدث قدري إلى زيدان متلهف: لا صغيرة ولا حاچة يا زيدان، البت زينة وچسمها شديد يتحمل الچواز والخلفة.

ثم حول بصره إلى أبيه وأردف قائلا بنبرة خبيثة مع أنه يعلم علم اليقين من هو العريس المنتظر: يطلع مين ده اللي أمه داعيه له اللي جررت تدي له صفا يا أبوي
تحدث إليه عتمان بإستحسان: هو ده السؤال الزين إللي لازمن يتسأل دالوك يا قدري، العريس اللي إختارته لصفا رباية يدي، قاسم ولدك، سبعي وسبع العيله كلياتها
إنفرجت أسارير قدري وتحدث بلهفه ظهرت بعيناه إستغربها زيدان: يازين ما اختارت لإبني يا أبوي.

ثم حول بصره إلى زيدان وتحدث بنبرة زائفه: وأني و ولدي هنتجلوها بالذهب يا زيدان، صفا تستاهل الدنيي بحالها
نظر له زيدان وتحدث بعرفان: تشكر يا قدري، بتي أتجلها بالذهب وأديها لقاسم عن طيب خاطر
ثم نظر لأبيه قائلا بنيرة مهمومه: بس أيه المانع إن صفا تتچوز قاسم وفي نفس الوجت تدخل كلية الطب
تحدث إليه الجد بهدوء: والله لو قاسم وافق بإكده يبجا أني كمان معنديش أيتها مانع.

هتف قدري مسرع بإعتراض: مهينفعش يا أبوي، كيف يعني أبني هيوافج إن مرته تبجا أعلي منيه
مليكش صالح إنت يا قدري، أني هتصل بقاسم وأشوف رأيه أية، جملة قالها الحاج عتمان بنيرة صارمة.

ليلا داخل غرفة قدري وفايقة
كانت تجلس فوق مقعدها الهزاز الخاص بها تتمايل فوقه بدلال وتستمع بسعادة إلى قدري و هو يقص على مسامعها ما دار بينه وبين أبيه وشقيقه
هتفت بنبرة متلهفه وهي تمسك بهاتفها: يبجا أني لازمن أتصل بقاسم حالا وأنبه جبل ما چده يكلمه ويأثر عليه ويخليه يوافج
وأكملت بفحيح: وساعتها بت الرچايبة هتتفرد وتشوف حالها علينا أكتر وأكتر لما بتها تبجا دكتورة جد الدنيي.

أجابها قدري بإبتسامة رجل منتصر: أني مفارجش وياي لت الحريم بتاعكم ده،
وأكمل بنبرة مليئة بالحقد: أني كل اللي فارج معاي إن إبني يتچوز صفا وكل اللي چمعه زيدان طول السنين اللي فاتت من أموال وأراضي يصب في النهاية في حچر قاسم وحچري.

أطلقت ضحكة بإتساع وأردفت قائلة بنبرة متشفيه: طب دي أكتر حاچة مكيفاني في الموضوع كلاته هي إن چري زيدان وشجاه طول السنين اللي فاتت واللي چايه كمان هياخدة قاسم ويتهني بيه، وبته هتبجا تحت يد قاسم ويدي
وأكملت بغل وغيرة: وده اللي كان مصبرني وحماني من جهرت جلبي كل ما كنت أشوف تچارته بتكبر وعيشته هو والحرباية اللي إسميها ورد بترتاح كل مادا أكتر وأكتر.

إقترب منها وحاوط خصرها وتحدث برغبة ظهرت بعيناه: طب طالما فرحانه إكده ما
لم يكمل جملته لنفضها ذراعيه وإبتعادها عنه سريع كمن لدغها عقرب وأردفت قائله بنبرة تحججيه: وده وجت مسخرة بردك يا قدري،
وأكملت مفسرة بنبرة زائفة: بجول لك لازمن نكلموا الواد لجل ما ننبهه جبل ما چده يسبجنا ويكلمة، تجولي إبصر إيه ومادرك إية
رمقها بنظرة ساخطة تلاشتها هي ثم بادرت سريع بالضغط على زر الإتصال وأنتظرت إجابة ولدها.

كان يجلس هو وإيناس حول إحدي الطاولات يتناولان وجبة عشائهما داخل إحدي المطاعم الشهيرة بالقاهرة
إستمع لرنيين هاتفه نظر بشاشة هاتفه الموضوع أمامه فوق المنضدة، وجدها والداته فابتسم إلى إيناس وتحدث بإعتذار: معلش يا حبيبتي دي أمي ولازم أرد، لأني لو مردتش هتفضل تتصل ومش هترتاح غير لما تسمع صوتي
إبتسمت له بمجاملة وأردفت قائلة: أوك يا حبيبي ولا يهمك
ضغط زر الإجابة و رد قائلا بهدوء: كيفك يا أما.

أجابته وبعدما أطمأنت عليه أخبرته بما قرره جده وأمرته بإستماته بألا يوافق على إلتحاق صفا بكلية الطب وإلا ستغضب علية
كان يستمع لها بهدوء تام غير متفاجئ بالمرة، ولما التفاجئ وهو كان يستشعر وينتظر ذاك القرار منذ الكثير
إنتظر حتى إنتهت من حديثها بالكامل، ثم أجابها بنبرة تهكمية: والله عال، طب والله كتر خيرة چدي إنه تعب حاله وهياخد رأيي في كليتها،.

وأكمل بنبرة غاضبه: الظاهر إكدة إن چدي مبجاش عامل لوچودي أيتوها حساب، ده جرر عني وأدي كلمته لعمي من غير حتى ما يستشرني ولا ياخد رأيي، ولا كنه الموضوع يخصني
تحدثت فايقه بتملل: إسمع يا قاسم عشان تريح حالك وتريحنا معاك، موضوع چوازك من صفا ده محسوم أمرة وأني وأبوك موافجين، وإنت كمان لازمن توافج لأنه فيه خير كتير ليك ولينا كلياتنا.

أجابها بتملل وضجر: بصي يا أما ومن الأخر إكدة، أني مليش صالح بلعبة الجط والفار اللي بينك إنت وأبوي وبين عمي ومرته، وياريت بجا تخرچوني من مشاكلكم وحسباتكم دي كلياتها، لاني مش هبجا طرف فيها حتى لو على رجبتي
هتفت فايقة بنبرة غاضبة: كنك إتچنيت يا قاسم.

جذب قدري الهاتف منها وتحدث بنبرة حادة تنم عن مدي غضبة: چري أيه يا قاسم، منشف راسك ومهتسمعش الحديت ليه يا ولدي، چدك جال كلمته وجرر إنك الوحيد اللي هتجدر تصون بت عمك وتحميها من غدر الزمان، وإحنا لازمن نطيعوه لأن جرارة ده فيه خير كتير ليك
أجابه قاسم بنبرة حادة: يروح يچوزها لفارس أخوي ولا حتى ليزن واد عمي منتصر، لكن أني مهكونش تابع لرأي حد، و مهتچوز غير واحده يشاور عليها جلبي جبل عجلي.

نهره قدري قائلا بنبرة صارمه: إوعاك يا واد تفكر حالك كبرت عليا وفيك تعصي أوامري وأوامر چدك، ده انت تبجا غلبان جوي يا واد فايقة، ولازمن تعرف إن الچوازه دي لو متماتش كيف ما أني رايد لا أنت ولدي ولا أعرفك،
وأكمل مهددا بصياح: وأني وچدك هنتبروا منيك ومليكش عندينا لا ورث ولا دياولو، ومن الصبح تفضي الشجة اللي إنت جاعد فيها والمكتب والعربية، إظن ما أنت خابر إنهم بإسم چدك يا حزين.

وأغلق الهاتف في وجهه دون إضافة حرف أخر، ودون إعطاء ولده حق الرد
تأفف قاسم فتساءلت تلك التي توقفت عن تناولها للطعام وجلست تتسمع عليه وتراقب حديثه وإنفعالات وجهه
وتساءلت بإستفسار بنبرة مرتجفة: فية ايه يا قاسم، إية اللي حصل خلاك تتنرفز أوي كدة؟
زفر بضيق ومسح على وجهه في محاولة منه بضبط النفس وأجابها بلكنة صعيدية: مفيش حاچة يا إيناس، حكاية ملخبطة إكدة ويا چدي وهحلها جريب إن شاء الله.

تحدثت بإستماتة وفطانة: أرجوك يا قاسم متخبيش عليا وإحكي لي إية اللي حصل، أنا قدرت أفهم من كلامك مع مامتك إن الموضوع يخص جوازك، وأظن ده موضوع يخصني زي ما يخصك بالظبط، فلو سمحت ياريت تحكي لي اللي حصل وتحطني معاك في الصورة
فاستسلم قاسم بالاخير وتنهد وقص على مسامعها كل ما دار بينه وبين أبوية من خلال تلك المحادثة
إنتهي من سرد التفاصيل ونظر لها يترقب ردة فعلها على ما قام بقصه على مسامعها
أما إيناس ف.
وما أن إنتهي قاسم من سرد التفاصيل حتى نظر إليها يترقب ردة فعلها على ما قام بقصه على مسامعها منذ القليل
أما إيناس فظلت تستمع إلية بملامح وجه مبهمة
ثم تحدثت بتعقل ومنتهي هدوء: طبعا التصرف الوحيد اللي المفروض إني أعملة حاليا هو إني أقويك وأقول لك متوافقش على قرار جدك مهما حصل
واسترسلت حديثها بتعقل وهدوء إستغربه قاسم: لكن أنا عمري ما هعمل كدة يا قاسم لسبب واحد.

وأكملت بنظرات هائمة مصطنعة: لأني بجد بحبك وأهم حاجة عندي هي مصلحتك حتى لو كانت على حساب جرح مشاعري
أخذت نفس عميق وشبكت كفي يداها وقامت بوضعيهما أمامها فوق المنضدة ثم أردفت قائله بنبرة جادة عملية: خلينا نتريس ونتكلم بالعقل يا قاسم، أنا من خلال حكمي على شخصية جدك اللي كونته بناء على كلامك اللي إنت حكته لي عنه قبل كده، أقدر أؤكد لك إنه مينفعش حد يقف قدام قراراته ويعترض على كلامة،.

وأردفت بأسي: و للأسف، من الواضح كدة إنه أصدر قرارة بخصوصك وإنتهي الأمر
وأكملت بنبرة تهديدية: لازم تعرف يا قاسم إنك لو عارضت جدك إنت الوحيد اللي هتخسر،
وأكملت بدهاء وحكمة: جدك شخص ذكي وعنيد لأبعد الحدود، علشان كده لازم له تخطيط صح علشان تتقي شرة وغضبة،
وعلشان كدة لازم تلاعبه بذكاء وتحبك له قصه معقدة تقدر من خلالها تقنعة برفضك للجوازة دي وبكل بساطة،.

ورفعت سبابتها في الهواء وأكملت: وإلا مصيرك هيكون زي مصير عمك زيدان اللي إنت بنفسك حكيت لي عنه، وقلت لي عقابة كان قد إية قاسي لمجرد بس إنه مسمعش كلامة وإتجوز على مراتة، وساعتها إنت كمان هتخسر كل حاجه زية بالظبط
كان ينظر لها بتيهه مشتت العقل والكيان، صدقا معها كل الحق.

فأكملت هي بذكاء لإرعابه والضغط على عزيمتة: عمك زيدان الحظ كان حليفه، وتجارته اللي بدأها من تحت الصفر كبرت بسرعة البرق، لكن إحنا يا حبيبي مش مستعدين نجازف بمستقبلنا اللي عملناه ونخسر حقك وحق أولادنا اللي هييجوا بالسهوله دي
ضيق ببن عيناها وتساءل عن ما تقصد بحديثها ذاك: أنا مش فاهم إنت تقصدي إية بالظبط بكلامك ده يا إيناس؟
إنت عوزاني أتجوز صفا؟

فأجابته بذكاء وخبث: عوزاك لما جدك يسألك عن موضوع دخول بنت عمك كلية الطب تقول له إنك موافق ومعندكش أي مانع، وأتحجج بتأجيل الجواز لبعد البنت ما تخلص كليتها،
وأكملت وهي تشيح بيدها بلامبالاة: قول له إنك خايف على مصلحتها وخايف كمان من إنها متعرفش تركز في دراستها بسبب الجواز، وده طبعا بسبب إن دراسة الطب صعبة جدا ومحتاجة تركيز عالي، وإستحالة ده هيتحقق بعد الجواز.

وأكملت بدهاء محكم: و وقت الجواز اللي هو بعد ماتكون خلصت جامعتها، هييجي يطلب منك إنك تحدد ميعاد الفرح علشان تتمم جوازك منها
وأبتسمت ساخرة وأردفت بغرور: وساعتها بقا هترمي له القنبلة الكبيرة اللي هتزلزل عرشة وتخلية واقف قدامك وهو متكتف،.

وأكملت وهي ترفع قامتها لأعلي وتمثل التأثر: هتقف قدامة وتفاجأه وتقول له بكل تأثر وعيون حزينة، أنا حقيقي أسف يا جدي، كان نفسي أنفذ لك أوامرك، بس أنا لما راجعت نفسي كويس لقيت إني مش قابل على رجولتي ولا كرامتي إني أتجوز واحده تعليمها وتصنيفها المجتمعي أعلي مني
وأكملت بتأكيد: وأكيد وقتها هيقتنع بكلامك ويشوفه مظبوط جدا، وبكدة تكون خلصت نفسك من التدبيسة السودة دي وطلعت منها بدون أي خسائر.

كان يستمع لها بذهول واشمئزاز، هز رأسه برفض تام وأجابها بإستنكار: أنا لايمكن طبعا أوافق على الكلام الفارغ ده، دي خطة دنيئة وأساسيتها بتعتمد على الغش والتلاعب، وأنا عمر ما كان ليا في الأساليب الرخيصه دي وإنت عارفه كده كويس
هتفت بنبرة تعقليه: مش أحسن ما يحرمك من ورثك ويسحب منك المكتب اللي عملهولك بفلوسه، وقتها يا متر مش هنعرف حتى نأجر شقه نتجوز فيها؟

وأردفت قائلة بنبرة صارمة: دي حرب من أجل البقاء يا قاسم والحرب خدعة، وجدك هو اللي إبتدي بحربه البارده وبالتهديد بسحب كل إمتيازاتك
أجابها رافض بقوة: متحاوليش تقنعيني بحاجة ضد مبادئي وعمرها ما هتحصل، أنا لو عملت اللي بتقولية ده هحتقر نفسي كل يوم ألف مرة،
وأكمل بملامح وجة مشمئزة: إزاي أغش بنت بريئة زي صفا وأدخلها في لعبة قذرة لمجرد إني أنول رضا جدي وأطلع من الموضوع بدون خسائر؟

وأردف متعجب بنبرة لائمة: للأسف يا إيناس، إنت فكرتي إزاي نتلاشي ونتجنب الخسارة المادية، لكن نسيتي تحسبي خسارتي المعنوية والأخلاقية
وأكمل بإشمئزاز من حاله: أنا لو فعلا عملت في بنت عمي كدة مش هقدر أحترم نفسي وأبص لإنعكاس شكلي تاني في المراية
إبتسمت بجانب فمها وأردفت قائله بنبرة ساخرة: إنت لية محسسني إن بنت عمك دي هتحبك وتتعلق بيك وياحرام هتتصدم وتتوجع وتتقهر لما سيادتك تقرر تسيبها؟

واكملت بإستهجان: دي مجرد بنت صغيرة يا قاسم، يا أبني دي واحدة جايبة مجموع طب، يعني من الاخر كدة موس مذاكرة
و أكملت بإستخفاف لمشاعر صفا: بمعني أدق دححة ومعندهاش وقت للمشاعر أصلا، ولسه كمان لما تدخل كلية الطب وتتسحل فيها، دي مش هيبقا عندها وقت تفتكر فيه حتى إسمك.

وأكملت بدهاء لإقناعه: ثم إنت لية بتبص على الموضوع من ناحية إنك بتأذيها، بص له من الناحية الإجابية، وهي إنك الشخص الوحيد اللي هتقدر تساعدها في تحقيق حلمها
ضيق عيناه مستغرب حديثها فأكملت هي مفسرة: تقدر تقولي لو إنت رفضت موضوع جوازك منها هيكون مصيرها إية؟

وأكملت بذكاء: خلينا أنا أقول لك اللي هيحصل، ببساطة كدة جدك هيجوزها لأخوك أو إبن عمك زي ما أنت بنفسك لسه قايل ده لبباك في مكالمتك معاه، يعني البنت حلمها هيضيع ويتدمر يا قاسم، وتحقيقة أصبح في إيدك إنت وبس
وأكملت بتأكيد لتنويم ضميره: يعني زي ما انت هتستفاد هي كمان هتستفاد وأكتر منك كمان.

ضلت تتحدث إلية وتبرر له شرعية مخطتها الأنانى الخالي من اية أخلاق وبدأ هو بإقتناعة بصحة حديثها رويدا رويدا، وبرغم عدم موافقته على تلك الخطة إلا أنه لم يري لها بديلا كي يخرجه من تلك الحفرة التي وضعه بها عتمان بتحكماته وتسلطته وتجبرة، وهذا إذا أراد الخروج من عباءة جده وتحكماته.

نفض رأسه من تلك الأفكار ثم تحدث بتساؤل جاد كي يجعلها تستفيق من غفوتها تلك: طب خليني فقدت عقلي وإتزاني و وافقتك على خطتك المجنونة دي، تعرفي ده معناه أية يا أستاذة؟
قطبت جبينها وانتظرت باقي حديثه فأكمل هو بنبرة معترضة: معناه إننا مش هنتجوز غير لما صفا تخلص كليتها واللي هي سبع سنين، إنت متخيلة يعني أيه هنقعد من غير جواز سبع سنين؟

وأكمل لينبهها: يا إيناس إنت عندك 23 سنه، يعني بعد سبع سنين هيكون عندك 3 سنه، إنت مدركة للجزئية دي؟
تنهدت وتحدثت بهدوء وهي تفكر بأمواله وأموال جده الطائلة التي ستظفر بها مؤخرا وتحيي بها حياة الأميرات بعد معاناتها التي عاشتها من قبل: للأسف يا حبيبي، مفيش في أدينا حل تاني، لازم نصبر ونتحمل علشان ننول رضا جدك علينا!

نظر لها مطولا متعجب لأمرها ثم هز رأسه بنفي وأردف قائلا بنبرة قوية رافضة: إنسي التخاريف اللي قولتيها دي كلها يا إيناس، أنا لا يمكن أعمل كده في عمي اللي طول عمرة بيعاملني على إني إبنة اللي مخلفهوش
وأكمل بقوة وإصرار ظهر بمقلتاه: أنا هروح لجدي وهواجهه بكل قوتي ويعمل اللي عاوز يعمله.

هتفت بنيرة غاضبة مستوحشة: وهتسيب له المكتب اللي ليك خمس سينين بتبني فيه يا قاسم، هتقف تتفرج على حلمك وشغلك وتعب السنين وجدك بيهده لك قدام عنيك؟
هنبدا مع بعض تاني من الصفر وهنبني روحنا بروحنا، جملة قالها قاسم ليطمأن روحها
صاحت به بغضب وكأنها تحولت إلى غول: وأنا مش موافقة يا قاسم، أنا مش مستعدة أجوع وأبدأ من الصفر تاني.

أمسكت كف يدة الموضوع فوق المنضدة واحتضنته برعاية وتحدثت وهي تتوسل لعيناه: صدقني يا قاسم إنت مش قد الجوع والعوزة، مش هتقدر تستحمل إسألني أنا،
وأكملت بغشاوة دموع صادقة تكونت داخل مقلتيها: مالك بالجوع والعوزة إنت يا ابن الذوات، إنت واحد مولود وفي بقه معلقه دهب.
تعرف إية إنت عن الجوع يا قاسم، عارف يعني إية يبقا نفسك في الحاجة ومتطولهاش، نفسك في أكلة حلوة ومتقدرش تاكلها لأن ببساطة ممعكش تمنها،.

وأكملت بدموع حقيقية وقلب يتمزق: أنا تعبت كتير أوي في حياتي مع أهلي يا قاسم، دوقت العوز والحوجة والجوع، ومصدقت إني خلصت من الشعور ده ونسيته من وقت ما أشتغلت وكبرت معاك
وشددت على يده بقوة وأردفت بتوسل ودموع تقطع أنياط القلب: أرجوك يا قاسم متخلنيش أعيش التجربة المرة وأدوق العذاب دة تاني، أرجوك.

كان ينظر لها بقلب مفطور لأجلها، تعاطف معها لأبعد الحدود وأردف قائلا وهو يحسها على التوقف عن نوبة البكاء المريرة التي دخلت بها: إهدي يا إيناس من فضلك وبطلي عياط،
ثم نظر حولة يتطلع إلى الاشخاص المحاطين به داخل المطعم وهم يترقبون وينظرون بأعينهم إلى تلك المنهارة
ثم أردف متعاطف: الناس بتبص علينا، من فضلك إهدي و أنا هعمل لك كل اللي إنت عوزاه.

إنتفض داخلها بسعادة وتساءلت بلهفة: بجد يا قاسم، يعني هتكلم جدك وتقوله إنك موافق؟
كان يشعر بتمزق وحرب شرسة دائرة بداخلة، حرب بين الضمير والبقاء، وللاسف إنتصر داخلة حب الذات مثله كمثل كثيرا من البشر إلا من رحم ربي
دقق النظر إليها بتشتت وهز رأسه بإيجاب متحدث بهدوء و تردد: حاضر يا إيناس، حاضر
ضحك وجهها بسعادة وتحدثت بنبرة شاكرة وكأنها تحلق فوق السحاب من فرط سعادتها: ربنا يخليك ليا يا حبيبي.

إبتسم لها إبتسامة خافته تدل على عدم راحته ثم أكملا عشائهما بتشتت وعاد هو إلى سكنه الفخم بعد أن أوصلها لمسكنها.

داخل منزل زيدان
كانت تجلس بغرفتها تبكي بحرقة قلب، حزن عميق أصاب داخلها جراء أحلامها التي تسربت من بين يديها وتبخرت بين ليلة وضحاها، وخصوصا بعدما إستنجدت بوالدها وطلبت منه العون والوقوف بوجه جدها ومحاولة إقناعه، فأبلغها زيدان أن جدها ما زال يفكر في الأمر وبالتالي عليها ألا تقلق، ولن يبلغها بالتأكيد حديث أبيها عن إنتواءه لخطبتها من قاسم.

أما بحجرة زيدان، كانت تجاوره تختهما وهي تبكي وتنتحب وأردفت قائلة بمرارة: أني مجدراش أفهم لحد دالوك كيف طاوعك جلبك تكسر فرحة بتك وتوافج أبوك على حديته ده،
وأكملت بصياح وعدم تقبل للوضع: كيف يعني مستجبل بتي وتحديد مصيرها يتحط في يد قاسم
تنهد بألم متحدث إليها ليهدئ من روعها: متسبجيش الاحداث وتجدري البلا جبل وجوعه يا ورد، قاسم راچل صح ومحترم وعجله واعي وأكيد هيوافج إن صفا تجدم في كلية الطب.

أجابته سريع بتيقن: ده لو كان الجرار جراره ومن راسه يا زيدان،
وأكملت بتساؤل حزين: فكرك يعني قدري وفايقة هيسبوة يوافج بالسهولة دي ويخلوني أفرح ببتي؟
أخذ نفس عميق وأخرجه لتيقنه من صحة حديثها،
ثم تحدث بقوة وتمرد ظهر بعيناه: لو اللي بتجولي علية دي حوصل وجتها أني اللي هجف في وش المدفع وهحمي بتي بكل جوتي،
وأكمل بنبرة حزينة: حتى لو كانت دي هتبجا الناهية بيني وبين أبوي،.

نظر بعيناها وأخبرها مؤكدا: عاوزك تتوكدي إن عمر مهخلي بتي تتكسر وأبوها لساته عايش على وش الدنيي
ثم نظر أمامه وأكمل بنبرة بها جبروت مدفون: ما عاش ولا كان اللي يذلك ويكسر فرحتك يا بت زيدان
ثم إلتفت لتلك المنتحبة وسحبها وأدخلها لداخل أحضانه بحنان
وأردف قائلا بهدوء: إطمني وإهدي يا حبيبتي وحاولي تنامي لك إشوي لجل مترتاحي، عيونك دبلت من كتر البكا.

لم تنطق بحرف بل ظلت تبكي ويواسيها هو حتى غفت بين أحضانه ودثرها داخل الغطاء بإحكام وغفي بجانبها بعد تفكير دام لساعات، وذلك جراء حزنه الشديد على ما حدث لإبنته وشعوره بالضعف المهين أمام صغيرته وهو يقف مكتف الأيدي أمام ضياع مستقبلها وقبوله لأوامر والده بكل رضوخ وخنوع،.

ولكن كفا، لم يسمح لحالة بالرضوخ ولا بالإستسلام بعد، هو فقط سينتظر إجابة قاسم على جده، وإن لم تكن بالإجابة المنصفة والعادلة لصغيرته، قسما سيحرق الأخضر واليابس لأجل عيناي تلك الصفا.

بنفس التوقيت
دلفت مريم إلى مسكن عمها قدري بعدما إستقبلتها فايقه، وتحركت مباشرة بإتجاة غرفة ليلي المتواجدة داخل مسكن والدها، حيث أن كل رجل منهما يحتضن إبنته داخل مسكنه الخاص للتأكد من حمايتها، أما الشباب فلكل منهم غرفته المستقلة بالطابق الثالث عدا قاسم التي تتواجد غرفته والمسكن المخصص له بعد الزواج بالطابق الثاني.

دلفت مريم إلى غرفة ليلي وجدتها تجلس فوق تختها، ممسكة بقنينة طلاء الأظافر وتضع منه فوق أظافر قدميها وهي تتمايل وتتراقص بجسدها بتناغم وتماشي مع عزف الموسيقي التي تستمعها من جهاز سماع الموسيقي الموضوع بجانبها
جلست مريم بجوارها بوجه عابس وتحدثت بنبرة يكسوها الحزن: رايجة جوي وعتترجصي وعتحطي مانوكير كمان.

ضحكت بتشفي وأجابتها بنبرة حقودة وهي ترفع حاجبها: ومروجش وأرجص ليه، واللي كان نفسي فيه حصل، و بت ورد شوكتها إتكسرت، و وجعت على جدور رجبتها وإتزلت بعد ماكانت عيشا لنا في دور الدكتورة وشايفه حالها علينا هي وأمها من دالوك
تنهدت مريم بضيق وتحدثت بنبرة مهمومة: أني خايفه جوي يا ليلي، ممطمناش لحديت چدي اللي جاله إنهاردة،
واكملت بتساؤل قلق: إشمعنا يعني إختار لها تدخل الكلية اللي إتخرچ منيها قاسم بالذات.

ضحكت ليلي وأجابتها بنبرة ساخرة: معرفاش صح ولا مجدراش تنطجيها يا مريم، دي حاچة باينة كيف عين الشمش، چدي جرر يچوز صفا لقاسم
إرتعب داخل مريم وإكفهرت ملامحها في حين تحدثت ليلي قائلة بإطمئنان: بس أني معيزاكيش تجلجي، بت ورد مهياش في دماغ أخوي قاسم من الاساس
ولا أنت كمان، وأطلقت ضحكه ساخرة إستفزت بها مريم
أردفت مريم قائلة بتمني: بس أني حاسة إن چدي غرضة من إكدة حاچة تانية.

ضيقت ليلي بين حاجبيها وتساءلت مستفسرة: وتطلع إية الحاچة التانية دي يا أم العريف؟
أخذت نفس عميق وزفرته وأردفت قائلة بهدوء: كلياتنا خابرين زين كيف چدي بيحب قاسم وبيعتبرة كيف ولدة مش بس حفيدة اللكبير،
وأكملت وهي تضع سبابتها على مقدمة رأسها بتفكر: چدي معايزش حد منينا يعلي على مجام قاسم، ولجل إكدة بالخصوص هو مرضاش إن صفا تبجا دكتورة وأعلا من حفيدة البكري.

وأكملت بإرتياح وإطمئنان لا تدري من أين مصدرهما: وزي ما كلنا خابرين العادات إهني زين، الحفيد الأكبر بيتچوز الحفيدة الأكبر سنا،
وأكملت بإبتسامة هائمة إرتسمت على محياها وهي تشير على حالها بسعادة: واللي هي أني يا ليلي، مش صفا كيف ما جولتي
نظرت لها ليلي وبلحظة دب الرعب داخل صدرها، إنتفض قلبها وإكفهرت ملامح وجهها بعبوس وتحدثت بنبرة مرتعبة: دي تبجا وجعة مربربة لو چدك طلع بيفكر إكدة صح.

إبتسمت مريم وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: وجتها الإحتمال الأكبر إن صفا هتكون من نصيب يزن أخوي، إكمنها يعني وحيدة وچدك مهيطلعش مال عمك زيدان برات البيت
وما أن دلت بدلوها بتلك الكلمات حتى تحول وجه تلك الليلي للغضب التام
وتحدثت بفحيح وشر: الله في سماه لو چدك عمل إكدة، لولع لهم في بت ورد وهي لابسة فستان فرحها، وبدل ما تبجا ليلة دخلتها هخليها لهم ليلة خرچيتها.

ظهر اليوم التالي
وبالتحديد داخل غرفة الحاج عتمان
كان يجلس فوق تخته يفكر بشرود، قاطع شروده دلوف رسميه إليه وجلوسها بجانبه وبعد مده تحدث هو إليها: بجولك أيه يا رسميه، أني كت بفكر في موضوع إكدة شاغل بالي بجا له فترة ووصلت فيه لحل زين، بس محتاچ لك وياي لجل ما يتم
ردت عليه بلهفه وطاعة: عيني يا حاج، أؤمرني يا أخوي
إبتسم لها وأردف قائلا بحنو: تسلم عينك يا بت الأصول،.

وأكمل وهو مطأطأ الرأس بنبرة حزينة: أني مهخبيش عليكي يا رسمية، أني بجا لي فترة ضميري بيأنبني لجل اللي عملته في زيدان زمان، كيف جدرت أحرمة من مالي وأحرم خيري عليه هو وبته ومرته؟
وأكمل بنبرة متألمه وعيون منكسرة: كيف سمحت لحالي أجعد أكل على السفرة ولامم عيالي وأحفادي حوالي وأعزهم وأغلاهم مجاعدش چاري؟
كيف حرمت صفا من إحساسها بالدفا وسط أهلها وناسها، كيف جدرت أحرمها من إنها تحس بعزوتها وتفتخر بيهم؟

تأثرت رسمية بحديثه حتى أن دموعها العزيزة الأبية إنفرطت وزرفت رغم عنها
وتحدثت لترفع عنه كاهل حزنه: هون على حالك يا واد عمي، اللي حصل حصل والعند والشيطان دخلوا بيناتنا وفرجونا عن ولدنا
تنهد مهموم ثم أخذ نفس عميق وزفره وتحدث بنبرة جادة: لجل إكده أني فكرت ولجيت حل زين يعدل الميزان، وفي الوجت ذاته ميجللش من كرامتي ويهز كلمتي اللي جولتها جبل سابق
تساءلت بترقب: حل إية دي يا حاچ؟

نظر لها بتمعن قائلا: أني عاوزك تكتبي العشرين فدان اللي ورثتيهم عن عمي الله يرحمه لصفا، وأنا هكتب لك غيرهم من أرضي من غير ما حد يدري، وبكده أبجا رضيت ربنا وسكت ضميري اللي مهيريحنيش واصل، وأديت لزيدان حجه في ورثتي من غير ما أرجع في تهديدي ليه،
وأكمل: وأني هبجا أحط لصفا جرشين بإسمها في البنك لجل ما اضمن لها مستجبل زين وأكون وفيت بديني في حج زيدان للاخر.

نظر إليها مترقب قرارها فهتفت رسمية بإستحسان: عين العجل يا واد عمي، كلامك زين
إطمئن بموافقتها وهز لها رأسه وهتف قائلا: ناوليني التلفون ده لجل ما أتصل بقاسم وأخليه ياجي بكرة عشان أخبره بموضوع چوازه من صفا وأخد رأيه في الكليه اللي هي ريداها
اطاعته وأخذ هاتفه وتحدث إلى قاسم وطلب منه الحضور في الصباح الباكر، وكالعادة أطاعه قاسم بإحترام.

في الصباح الباكر
توجهت صفا إلى الخارج بعدما قررت عدم الإستسلام والرضوخ للأمر المفروض عليها، ذهبت متجهه إلى إمام المسجد المجاور لمنزل والدها كي تشتكي له همها بحكمه صديق مقرب لجدها ويحترمه عتمان كثيرا ويقدرة،
طلبت العون منه والتدخل والذهاب إلى جدها لمحاولة إقناعة كي يسمح لها بالإلتحاق بكلية الطب وتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة وتداوي جراح المرضي وتسكن ألامهم بفضل الله،.

وبالفعل إنساق الشيخ إلى رغبتها وذهب على الفور إلى منزل جدها للتحدث إليه
تحدث الحاج عتمان إلى الشيخ حسان بنبرة صوت موقرة لهذا الشيخ الجليل وذلك بعدما إستمع منه لطلبه: خطوتك تعز على يا شيخ حسان، وعشان إكده أني هجول لك على اللي في دماغي ومش هدارية عليك،.

وأكمل بنبرة محملة بالهموم: إنت خابر زين إن صفا وحيدة ومهيبجا لهاش ضهر يحميها بعد أبوها، وأني بعد ما فكرت زين لجيت إن قاسم واد قدري ولدي هو الوحيد إللي أجدر أئتمنه على صفا وأموت وأني مطمن عليها،
وأكمل مفسرا: وزي ما أنت خابر إن قاسم محامي جد الدنيي، بس بردك صفا لو بجت دكتورة هتبجا أعلي منية، وأنت أدري الناس بعوايدنا إهني، لازمن الراچل منينا يبجا أعلي من مرته في كل حاچه،.

وأكمل مبررا بإبتسامة هادئة: أومال كيف يا سيدنا الشيخ ربنا جال في كتابه العزيز، الرچال چوامون على النساء
تحدث شيخ المسجد بإحترام بعدما أعطي له المجال من الإنتهاء من حديثة: أولا ربنا يبارك في عمرك وف عمر أبوها وتفضلوا سندها بعد ربنا يا حاج عتمان،
وأكمل معترض: ولو إن البنت المتربية صح بتبجا سند لحالها وسواعي لأهلها كمان،.

ثانيا بجا إحنا فاهمين الجوامه اللي ربنا سبحانة وتعالي ذكرها غلط وبنفسروها على مزاچنا،
وأكمل مفسرا بهدوء وأستكانة: ربنا سبحانه وتعالي لما جال في كتابه العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.

كان يقصد جلالته إن الراچل يسعي لمصلحة الست ويحميها ويجوم على خدمتها في الأمور اللي فيها مصلحة ليها، وأظن يا حاچ عتمان إن مفيش مصلحة أكتر من إن صفا تبجا دكتورة وتخفف عن أهل بلدها ألامهم وأوچاعهم،
وأكمل بذكاء كي يستدعي حماسه: ده أني كمان طامع في كرم أخلاج حضرتك في إنك تبني لها مستشفي في النجع إهني لخدمة أهل بلدك لچل ما تطيب جراحهم وتداويها بيد بتنا صفا،.

نظر له وقد شعر بأهمية ما نطق به وتحدث بإعجاب واستحسان: والله حديتك زين يا شيخ حسان ويستحج التفكير، وأني إن شاء الله هكلم قاسم وأشوف رأيه أيه وربنا يعمل اللي فيه الصالح للچميع
هم الشيخ حسان بالوقوف وهو يتحدث بإنسحاب: إن شاء الله يا حاچ، أستأذن أني
وقف عتمان وأردف قائلا بإستماته: والله ما يحصل ولا يكون جبل ما تتغدا وياي، ده أني دابح خروف وجدي عشان مچية قاسم من مصر ولازمن حضرتك تشرفني وتتغدي وياي.

وبعد جدال طال إستسلم الشيخ الجليل وأنساق لرغبة عتمان وأنتظر يتسامران لحين وجوب وجبة الغداء.

روايه قلبي بنارها مغرم
أما داخل منزل زيدان
دلف يزن بعد الإستئذان وجد والدته تجلس بجانب زوجة عمه وتربت على كتفها في محاولة منها لتهدأتها مما أصابها من خيبة أمل وصدمة جراء ما حدث بالأمس
تحدث يزن لزوجة عمه لإهتمام: صفا وينها يا مرت عمي
أجابته بدموعها: حابسة حالها في أوضتها من وجت اللي حصل، دمعتها مفارجتش خدها ومداجتش للزاد طعم من عشية.

غلي الدم بعروقه وشعر بغصة مريرة إقتحمت صدره جراء ما حدث لصغيرته، شعر بحاجته الملحة في أن يصعد إليها ويحتضنها والأن كي يضمد جراح قلبها النازف،
لو كان الامر بيده لشق صدره لنصفين وأدخلها بين ضلوعه كي يخبأها عن عيون البشر والعالم بأسره
حدث حاله بتألم وهو ينظر للأعلي بمرارة،.

اه واه عليك صغيرتي، لو كان الامر بيدي لأختطفتك من ذاك العالم الذي لا يمت لأرواحنا السابحة بصلة ولا يشبهها، وفررت بك حيث الخلود، لنحيي حياة تليق بقلوبنا وأرواحنا الحالمة، ما أصعب ان يشعر المرء بالعجز والإنكسار أمام إمرأته، اه عليك واه على غاليتي.

إنتابه شعور سئ وتملك منه الغضب، تحدث بنبرة غاضبة حادة: أني هروح أتحدت ويا چدي وهجوله إن اللي بيعملة فينا دي حرام وأكبر ظلم كمان، وإنه بإكدة بيخنجنا وبيجتل أرواحنا وبيدمرها، وإننا خلاص مهنسكتوش على الظلم والإفتري دي أكتر من إكدة.

إلتفت ناحية الباب وكاد ان يتحرك إلى الخارج، إنتفضت نجاة من جلستها وجرت عليه وأمسكته من ذراعة وتحدثت بتوسل: رايح فين يا يزن، إعجل يا ولدي بدل ما يغضب عليك ويخرچك من الدار كلاتها، وساعتها مهتلاجيش مكان يلمك يا حزين
نفض ذراعه من يد والدته وتحدث بروعنة شباب: سبيني يا أما أروح له و أواچهه بحجيجته المرة وأعريه جدام روحه.

وقفت ورد وتحركت إلى يزن سريع وهي تجفف قطرات دمعاتها وتحدثت إلية: إسمع حديت أمك يا يزن وإستهدي بالله يا ولدي، إصبر لحد مانشوف چدك هيجول إية في الإچتماع اللي عاملهولنا عشيا دي
إبتسم بجانب فمه ساخرا وتحدث: فكرك هيغير رأية في موضوع صفا؟
، چدي عتمان دي چبروت ماشي على الارض ومهيتراچعش عن جرارة إلا أما حد منينا يجف في وشه ويفوجه من الغيبوبة اللي حابس حالة وحابسنا وياه فيها دي.

باتت السيدتان تهدأه بكلماتهم وبالكاد إقتنع وهدأ قليلا، ثم ذهب إلى أبية في إحدي الأراضي الزراعية كي يشرف على العمال ويتابع جنيهم للثمار.

في المساء إجتمع جميع أفراد العائلة في بهو منزل الحاج عتمان بناء على رغبته وذلك ليستمعوا إلى قراراته المهمه التي أتخدها بشأن أحفاده الغوالي
كانت رسميه تجلس وسط زوجات أولادها وجميع أحفادها إلا من صفا ووالدتها التي بعثت لهما حسن لتخبرهم أنه وجب عليهم الحضور وذلك حسب أوامر عتمان.

أما الحاج عتمان فكان بداخل حجرته الخاصه بصحبة أبناءه الثلاث حيث كان يخبرهم بما إتخذه من قرارات بشأن أحفاده كتحصيل حاصل ليس إلا،
فهكذا هو عتمان النعماني وهذة هي شخصيته المتجبرة
دلفت صفا بجانب والدتها مطأطأت الرأس حزينة لما أوت إليه من إنهيار حلمها الذي تبخر بين ليلة وضحاها بعدما كان أقرب إليها من حبل الوريد.

نظرت ورد إلى وجوة الحاضرين المترقبه والقلق والتوتر يسيطران على ملامحهم جميع، إلا من تلك الجالسه براحة وأبتسامة نصر تظهر فوق ملامحها، إنها فايقه لا غيرها
ألقت ورد التحيه على الحضور فردها الجميع
إنتفض يزن من جلسته واقف وتحدث إلى تلك التي إنتفخ وجهها من كثرة بكائها المتواصل: كيفك يا صفا؟
لم تستطع رفع وجهها إلية وأكتفت بهز رأسها وهي تنظر أرض بإنكسار وردت بنبرة خافتة: الحمدلله.

إحترق داخل ليلي من ذاك الإهتمام وتلك اللهفة التي رأتها بداخل أعين حبيبها بل ومتيم روحها والذي تعتبره ملكية خاصة،
تمالكت من حالها لأبعد الحدود كي لا تطع أفكارها الشاذة التي تطالبها بإلحاح بالوقوف على الفور والتحرك لتلك المشعوذة وجلبها من شعر رأسها والبطح بها أرض كي تبرحها ضرب وتشفي منها غليلها.

تحدثت رسميه إلى ورد بإحترام ولكن من الداخل مازالت تكن لها غضب وكره لظنها طيلة الوقت أنها هي من حرمتها من أن تسر بصرها وتسعد قلبها بذكر لزيدانها الغالي قبل أن تواراي الثري وتذهب عن هذا العالم ويفني جسدها،
وكان ذلك بفضل وشي تلك الأفعي المسماه بفايقة لها، والتي توشي لها طيلة الوقت بأحاديث كاذبة كي تزيد من كره رسمية ل ورد وتجعلها تحقد عليها أكثر
تحدثت إليها رسميه قائله بنبرة إحترام: إجعدي يا ورد.

وأكملت وهي تفتح ذراعيها على مصرعيهما لإستقبال غاليتها وتحدثت مبتسمه: تعالي في حضن چدتك يا بت الغالي
تحركت إلى جدتها بساقان بطيئتان وما أن جلست بجانبها حتى سحبتها رسميه لداخل أحضانها وربتت على ظهرها بحنان
مما أشعل غضب ليلي ومريم وهما تنظران لها بإحتقان وغيرة.

خرجت من بين أحضان جدتها ونظرت إلى رسمية وتحدثت بنبرة توسلية: لو أني غالية عنديكي صح كيف ما بتجولي تكلمي چدي وتقنعيه يتراچع عن جرارة ويخليني أجدم في كلية الطب
أجابتها رسمية وهي تبتسم وتنظر إلى قاسم الجالس بملامح وجه محتقنة بالغضب مكفهرة: موضوع كلية الطب دي مبجتش في يد چدك خلاص، بجت في يد حد تاني.

نظر لها يزين وتملك الرعب من داخله حين فهم مغزي حديث جدته وهي تنظر بعيناها إلى قاسم وتحدث بحده: تجصدي أيه بحديتك ده يا جدتي؟
وليه من الاساس چدي رافض دخول صفا كلية الطب؟
نظرت له فايقة وإجابته بإبتسامة ساخرة لعلمها ما يكنه ذاك اليزن داخل قلبه البرئ لتلك الصفا: إتجل وأصبر على رزجك يا يزن، متبجاش مسروع إكدة.

أما ليلي التي تحدثت إلى صفا بنبرة شامته كي تنتقم منها: يا خسارة تعبك وسهر الليالي اللي راحوا على الفاضي يا صفا، وأبتسمت وأردفت ساخرة: يظهر إن كلية الطب ملهاش نصيب تفتخر وتتشرف بدخولك ليها يا بت عمي
إبتسمت فايقة بشماته أما الجده فرمقت ليلي بنظرة نارية أرعبتها ففضلت الصمت خشية إثارة غضب جدتها أكثر
وحزنت ورد على ما أصاب صغيرتها من خيبة أمل وشماتت أصحاب النفوس الضعيفة بها.

أما قاسم فكان جالسا يغلي داخليا وخصوصا بعد حديث والديه إليه وتهديده بأن يقبل بكل ما يقال من جده وحديث إيناس أيضا الذي يراه غير أخلاقي بالمرة ولكن ما بيده ليفعله، فقد وضعه جده للمضي قدما داخل هذا الطريق بعد أن سلبه عتمان حق الإختيار
خرج عتمان أمام أنجاله فوقف الجميع إحترام وتقديرا له، جلس برأس الجلسه وأشار إليهم بالجلوس.

تحدث بوقار وجبروت لا يليق إلا به: طبعا كلكم خابربن زين إن إنتوا عزوتي اللي طلعت بيها من الدنيي دي وأني بتمني أشوفكم أحسن الناس
هز الجميع رأسه بطاعه وموافقة فأكمل هو: وزي ما أنتوا خابرين زين إن عوايد النعمانيه بتمنع نچوزوا بناتنا بره العيله والعكس، عشان إكده أني جعدت مع أبهاتكم وإتفجنا على اللي أني شايفه صح ومجبول وفي صالحكم كلياتكم.

نظر إلى قاسم وتحدث بإبتسامةهادئة قائلا: نبدأ بحفيدي الكبير العاجل، زينة شباب النعمانيه، وعشان إكده إختارت له أغلي الغوالي على جلبي
ثم حول بصرة إلى صفا الباكية الحزينه وأكمل: صفا الغاليه
وفجأه توقفت عن البكاء وإنتفض داخلها بسعاده وأتسعت عيناها غير مستوعبه ذاك الخبر التي إنتظرته منذ أن أصبحت شابه وفهمت معني العشق، ولكن برغم تلك الفرحه تظل فرحتها ناقصة غير مكتملة.

وأكمل الجد وهو ينظر إلى يزن الذي يكاد يصرخ ويعترض على إنتساب معشوقته لغيرة، ولولا رعبه من جده لو قاطع حديثه لصرخ وأسرع إليها وجذبها إلى صدره بحماية أمام الجميع وليحدث ما يحدث، لكنه تمالك من حاله وفضل أن ينتظره حتى يفرغ ما بجعبته دفعت واحده وبعدها سيعترض
وأكمل عتمان: والباشمهندس يزن زينة الشباب هيچوز ليلي
نظرت له ليلي بسعادة لم تستطع مداراتها.

أما تلك المريم التي نزل خبر خطبة قاسم وصفا على قلبها ومسامعها كصاعقة كهربائية زلزلت كيانها بالكامل فنظر لها جدها وتحدث: وست البنته مريم هتتچوز من فارس
نزلت تلك الجمله لتكمل على ما تبقي من صبرها وتماسكها الهش فبدأت ببكاء مرير إستغربه جميع الحضور،
وجحظت عين فارس وكان أول المعترضين، وذلك لعشقه الجارف لإبنة خالته حين تحدث بنبرة غاضبه: ومين جال لحضرتك إني رايد أتچوج دالوك ولا رايد أتچوز من الاساس يا چدي.

نظر عتمان إليه وتحدث بنبرة ساخرة: هتترهبن إياك يا واد قدري؟
وتلاه يزن الذي تحدث بنبرة معترضه: وأني كمان مموافجش على الطريقه المهينه اللي هتعاملنا بيها دي يا چدي، يعني أيه متاخدش رأينا في الحريم اللي هتعيش ويانا وهنكملوا وياهم باجي حياتنا؟
ثم نظر إلى صفا وتحدث معترض: وليه صفا بالذات تختارها لقاسم، ليه متكونش من.

نظرت له بعيون متسعه وقاطع حديثه عتمان بضيق وهو يدق بعصاه الأرض ناهرا إياه بعنف: ما شاء الله عليك يا أبن منتصر، كبرت يا واد وطلع لك حس وعتعليه على چدك وتراچعه في جراراته
نظر قدري إلى منتصر وتحدث مستغلا الوضع لصالحه كعادته: متشوف ولدك وتوعيه وتعلمه كيف يحترم چده ويوجرة يا منتصر.

تحدث منتصر بتلبك وهو ينظر إلى يزن بنظرات تحذيريه معتزرا لأبيه: يزن ميجصدش يا أبوي، ما عاش ولا كان اللي يراچع حديتك، كلامك وجراراتك سيف على رجابنا كلياتنا
زفر عتمان بغضب ثم نظر إلى قاسم وتحدث بحده: وإنت يا قاسم، مهتعترضش إنت كمان على حديت چدك الخرفان؟

نظر قاسم لأبيه فرمقه قدري بنظرات تحذيريه فحول قاسم بصرة مرة أخري إلى جده وأجابه بنبرة صوت حاده وملامح جامده خاليه من أية تعبير يدل عن ما بداخله: العفو يا چدي، أني موافج على كل اللي حضرتك تؤمر بيه
طار قلب تلك العاشقة وحلق بالسماء
حين إبتسم الجد وتحدث بتفاخر: عفارم عليك يا قاسم، عمرك مخيبت ظني بيك
تفاخر قدري ورفع قامته لأعلي وتحدث لإرضاء والده: اومال يا حاچ، قاسم دي راچل صح، رباية يد الحاچ عتمان بصحيح.

تنهد زيدان مهموم وتحدث إلى أبيه متساءلا بجدية: وموضوع چامعة صفا يا أبوي؟
نظر الجد إلى قاسم وتحدث بإبتسامة: موضوع كلية صفا أصبح في يد قاسم، جولت أيه يا قاسم؟
تنفس عاليا وبدا على وجهه علامات الضيق ثم حول بصرة إلى تلك الحابسه أنفاسها تترقب جوابه وتحدث بهدوء: جدمي في الكلية اللي إنت رايداها يا صفا، أني عمري ما هجف عجبه في طريق تحجيج أحلامك.

إتسعت عيناها بذهول وأردفت متسائلة بنبرة سعيدة غير مستوعبة: صح موافج يا قاسم؟
لا يدري لما شعر بالخجل من حاله لإقبالة على المشاركة في خداع تلك الملاك البريئ، ولكن ما بيده، ألا لعنة الله على الظالمين،
فابتسم بمرارة وأجابها: صح موافج يا صفا
إبسمت ورد ونظرت بعيون سعيده إلى زيدان الذي تخطت سعادته بذاك الوقت عنان السماء والجد والجده لم يكن حالهما بأقل منهما سعادة.

أما تلك الفايقه التي إنتفضت بجلستها كمن لدغها عقرب وهي تنظر إلى قاسم بنظرات ذات معني ومغزي وتطالبه بأن ينفذ ما أمرته به
وأردفت قائلة بنبرة كسي عليها الغل والغضب والتي لم تستطع مداراتهما عن أعين الجميع: موافج كيف يعني يا قاسم، موافج إن مرتك تبجا أعلي منيك في العلام؟
ظهر الضيق على ملامحه من حديث والدته المصره على أن تهدم لصفا أحلامها لمجرد معاندتها لزوجة عمه وإفساد سعادتها بإبنتها.

تحدث موجه حديثه إلى والدته بحنق وبرود: يا أما الدني إتغيرت ومبجاش حد بيبص على الطب والهندسه على إنهم أعلي من باجي الكليات لمجرد إنهم بيجبلوا من مجموع أعلي، وبعدين الطب مهنه سامية وده حلم صفا من زمان،
وأكمل صادق: يبجا ليه أخنج حلمها وأضيعه لمجرد فرد السيطرة والهيمنه الذكورية الكدابه.

نظر عتمان إليه بإعجاب وتحدث معظم إياه: طلعت راچل صح يا قاسم وأثبت لي إن إختياري ليك في إنك تبجا سند وظهر لبت عمك كان في محلة صح
وصدق زيدان على حديث والده: عندك حج يا أبوي، تسلم وتعيش يا قاسم
وأكملت ورد على حديثهما بتأكيد قائلة بنظرات يغلفهما الشكر والعرفان: ربنا يبارك فيك ويحميك لشبابك يا ولدي.

نظرت الجده بسعاده إلى صفا التي لم تعد معهم إلا بجسدها فقط، أما روحها فقد سرحت في السماء هائمة من شدة سعادتها فقد تلقت للتو خبر تحقيق أسعد حلمان كان يراوداها في صحوها قبل منامها
وتحدثت الجده مهنئة غاليتها ومدللتها: مبروك يا نور عين چدتك، مبروك يا دكتورة
وقعت الكلمه على قلبها فزادت من شدة سعادته التي إرتفعت ووصلت إلى عنان السماء وأجابتها بفرحه: الله يبارك في عمرك ويخليكي ليا يا جدتي.

إبتسم داخله لسعادة الجميع التي رأها بعيونهم وخصوصا صفا، وقد خففت سعادتها تلك من شعورة المميت بالذنب تجاهها
أما تلك الفايقه التي أشرفت على إصابتها بذبحه صدريه عندما إستمعت إلى لقب، دكتورة،
نظرت لذاك القدري بنظرات تحذيريه كي يتدخل ويمنع تلك المهزله، فتحمحم قدري بعدما قرر التدخل كي يرحم حاله من الدخول داخل جولة نكدية مؤكدة لا محال من تلك الغاضبه ذات الطابع القوي المتجبر.

وأردف قائلا لقاسم وهو يغمره بنظرات ذات معني ليحسه على التراجع الفوري: كلام أيه اللي عتجوله ده يا قاسم، كيف يعني تجبل إن مرتك تبجا دكتور وتشتغل في المستشفيات وتتحرك بين الرچال وتنهشها عيون اللي يسوي واللي ما يسواش؟!
لو إنت جابلها على حالك أني مجبلهاش على مرت ولدي، جملة قويه تفوة بها قدري مهددا بها ولده.

تراخت عضلات جسد فايقه بجلستها بعد حديث قدري القوي الذي نزل على صدرها وأثلجه ونظرت إلى قاسم تترقب جوابه
وليس فايقه وحدها هي من ترقبت جوابه، بل الجميع أصابه صمت تام ينتظر إجابت قاسم بلا أو نعم
أما صفا التي إرتعبت وأهتز داخلها وبدأ الرعب يتسلل لقلبها البرئ وهي تنظر إلى قاسم بنظرات مترجية متوسله زلزلت داخله
#?MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#.

كانت نظرات الجميع مسلطة فوق ذاك القاسم لإنتظار نطق كلماته الأخيرة في تحديد مستقبل تلك المسكينه
تنهد قاسم ونظر إلى صفا ووجه حديثه إليها بقوة بنبرة جادة: أول ما يفتح موجع التنسيج جدمي فية، وچهزي ورق التجديم واني بنفسي اللي هجدم لك في الچامعة يا دكتوره.

أطلقت تنهيده حاره بعد كتم أنفاسها الذي دام الكثير وهي تنتظر تحديد مستقبلها، وكأنها تقف خلف القضبان وتنتظر نطق الحكم عليها، وذلك بفضل تلك العادات العقيمه البالية التي عفا عنها الزمن وبرغم ذلك ما زال للأن من يلتزم بها ويطبقها بحياته بكل حزافيرها،.

وخصوصا أصحاب النفوذ والمال خشية على خروج أموالهم الطائلة التي جمعوها على مدار سنوات نتيجة الشقاء والتعب، فلذلك يصعب الأمر عليهم أن يفرطوا بها ويسلموها لاشخاص غريبة بكل تلك السهولة
هكذا هو تفكيرهم البالي
إنتفضت فايقه بجلستها وتحدثت بنبرة صوت غاضبة: حديت أيه اللي عتجولة ده يا قاسم؟

نظرت لها ورد وكادت أن تتحدث بإعتراض لولا حديث عتمان الحازم الذي أخرص الجميع وأعلم كل شخص حدوده التي يجب ألا يتخطاها: كنك إتچنيتي ونسيتي حالك يا مرة، عتعترضي كمان على حديت الرچالة إياك؟!
إرتعب جسد فايقة وأخذ بالإنتفاض من صوت عتمان الجهوري الغاضب وابتلعت كل ما في جوفها من حديث جراء نظرته الثاقبة فوقها.

ثم أكمل بنبرة صارمة مخيفة: طب أيه رأيك بجا إني كنت مجرر دخول صفا للطب، وسألت قاسم بس لجل معرف رأيه، وحتى لو رفض كت بردك هدخلها وهتبجي دكتورة غصبن عن الكل
ثم نظر إلى صفا وتحدث إليها بنبرة حنون: فكرك كت هتخلي عنيكي بعد مارفعتي راسي وشرفتيني وغلبتي ولاد المحافظة كلياتها، ميتا كت إتخليت عنيك أني يابت زيدان؟

إتسعت عيناها بإستغراب لحديث جدها وأبتسمت له بسعاده حين أكمل هو: مش بس إكده يا صفا، ده أني نويت بأمر الله أبني لك مستشفي إهني في النچع وأچهزها لك بكل اللي تحتاجيه من أجهزة، وهبدأ فيها من السبوع الچاي وإن شاء الله على ماتخلصي كليتك تكون چهزت
ثم حول بصره إلى قاسم وتحدث بثناء مستحسن قراره: عمرك مخيبت ظني فيك يا قاسم.

إبتسم لجده بجانب فمه ونظر مهموم إلى صفا وفرحتها العارمة، وأحتقر حاله لأجل خداعه الغير نبيل لتلك البريئة
وإشتعل داخل فايقه وزادت نار حقدها على ورد وزيدان اللذان لم تسعهما الفرحه حين إستمعا لحديث عتمان
أما صفا التي نظرت إلى جدها بإندهاش وجرت عليه وجثت فوق ركبتيها وهي تميل برأسها وتقبل كفي يداه بسعاده وتحدثت: ربنا يديمك فوج راسي ويخليك ليا يا جدي.

ربت على ظهرها بحنان وأردف قائلا بملامه مصطنعه ودعابه جديده عليه إستغربها الجميع: رايحه تشتكيني للشيخ حسان يابت زيدان؟
خجلت وأنزلت بصرها أرض وتحدثت بنبرة هادئة: ينجطع لساني لو فكرت إني أشتكيك في يوم لحد يا جدي، أني بس كت محبطه و روحت له وأني عشمي في وجه الله كبير إنك تسمع منيه، وده لاني عارفه إن مقدارة عنديك كبير وبتجدرة.

إبتسم لها وأردف قائلا وهو يربت على ظهرها بحنان قائلا: يا زين ما أختارتي يا دكتورة
وقفت مريم بعدما طفح بها الكيل، وتحدثت إلى جدها بجرأة لم تعهد عليها من ذي قبل: خلاص إكده يا چدي، فرحت الست صفا وإطمنت عليها زين؟

إختارتها لقاسم اللي إنت متوكد إنها موافجه عليه ومرحبة، وكمان دخلتها الكلية اللي هي عيزاها وهتبني لها مستشفي بحالها، إكده يبجا كله تمام، وأكملت وهي تنظر إلى جدها وجدتها بنظرات ملامه: ما هي أهم حاجة عنديك إنت وجدتي راحة الاستاذة صفا ودلالها، وإن شالله يولعوا البجية
ومش مهم عاد الباجي إذا كان إختيارك ليهم عاجبهم ولا حارج جلوبهم، مين إحنا لجل ما تفكر في راحتنا ويشغلك رضانا!

تحدث إليها منتصر بلهجة شديده: إخرصي يبت، والله عال، مين ميتا وإنت عتتكلمي جدام جدك بقلة الحيا دي؟
شدت حياه إبنتها من يدها وأجلستها بجوارها وتحدثت بنبرة مرتعبه: إجعدي يا مخبلة، كنك ناويه على موتك إنهاردة
وقف يزن هو الأخر وأردف قائلا بنبرة معترضه: تخرص ليه يا أبوي، عشان بتجول الحجيجة وتطالب بأجل حجوجها كبني أدمة، طب أيه رأيك إن أني كمان مموافجش على چوازي من ليلي.

نزلت كلماته تلك على قلب ليلي أحرقته وبدون مقدمات نزلت دموعها بألم كاد يمزق صدرها الأسود
كلام أيه اللي هتجوله ده يا باشمهندس، جملة تفوة بها الجد مستغرب حديث يزن
وقف فارس متشجعا من موقف مريم ويزن وأردف قائلا بشجاعه وأعتراض: أني كمان مش موافج على جوازي من مريم يا چدي، أني بحب بت خالتي ورايدها وچدتي عارفه إكده زين.

تحدث الجد بنبرة جدية محاولا إمتصاص غضب أحفادة وإرغامهم على تقبل الواقع بصدر رحب: بت عمك أولي بك يا ولدي، بكرة هتشكرني على إختياري وتجولي كان عنديك حج يا چدي، وأدي أبوك وعمك قدري جدامك أكبر دليل على حديتي دي
أجابه يزن بندية: وليه مذكرتش حكاية عمي زيدان، مهو إعترض ورفض جوانين العيله وأهو جدامك أهو، بيحب مرته وبيعشجها ومبسوط مع عيلته وعايش أحسن عيشه، مش مچرد حياة روتينية زي اللي عايشينها أبوي وعمي!

إستشاطت فايقة من ذكر يزن لسعادة ورد وزيدان التي تجعل نارها تشتعل،
فأرادت ان تحرق روحيهما وأجابته فايقه بنبرة ساخره: عيلته؟
هي وينها عيلته دي يا يزن، طب ده حالة عمك زيدان وعجاب ربنا ليه لازمن يكون درس ليكم وعبرة عشان تسمعوا كلام أهاليكم وتعرفوا إن اللي هيعارض أهله هيكون مصيرة زي عمكم زيدان.

نزلت تلك الكلمات على قلب ورد أحرقته، أما زيدان الذي إنتفض بجلسته وهب بها هادرا: وياتري أيه هو بجا عجابي يا ست فايقه اللي حضرتك شيفاه ده؟
أجابته بنبرة خبيثة: هو أني بس اللي شيفاه يا واد عمي، ده العيلة كلاتها بتتحدت وبتجول إن ربنا عاجبك وحرمك من خلفة الواد عشان عصيت أمك ومسمعتش كلامها وكسرت جلب خيتي الغلبانة بدور
نظرت لها رسمية بنظرات حارقة تحثها على الصمت ولكن فايقه لم تهتم بتلك النظرات التحذيريه.

أجابها زيدان بفخر وأعتزاز وهو ينظر لتلك الجالسة بحنان: لو عجاب ربنا كله بالشكل ده يبجا ياريت حياتي كلياتها تبجا عجاب
وأكمل بعيون محبه وهو يتبادل النظر بين أبناء شقيقاه بفخر وأعتزاز ونبرة صادقة: وبعدين مين اللي جال لك إن ربنا مرزجنيش بالواد، ده أني عندي بدل الراچل اللهم بارك أربعة
تحدث قدري بتشفي وحقد ظهر بنبرة صوته: بس مش من ضهرك وصلبك يا واد أبوك
نزلت الجملة على قلب زيدان و ورد أحرقته.

قدري، إحفظ لسانك اللي عم ينجط سم على أخوك إنت ومرتك ده، معيزش أسمع صوتك إنت وهي لحد الجعدة دي متخلص، جملة شديدة اللهجة تفوة بها الحاج عتمان بنبره غاضبه وعيون محذرة تطلق شزرا
كاد قدري أن يتحدث فأخرصه حديث عتمان قائلا: جولت معايزش أسمع صوت حد فيكم، ويلا الجميع على مكانه
تحدث قاسم إلى جده قائلا بهدوء: بعد إذنك يا چدي أني عندي طلب.

توقف الجميع عن الحركة ونظروا إلى قاسم بترقب لحديثه فأذن له جده فتحدث قاسم: مفيش چواز هيتم غير لما صفا تخلص چامعتها، معايزش أشغلها عن مستجبلها، كلية الطب تجيله ومحتاچه مذاكرة كتير والچواز أكيد هيشغلها ويشتت تركيزها
هتف والده بإعتراض فهو ينتظر ذاك الزواج بفارغ الصبر ويتمني حدوثه البارحة قبل اليوم حتى يطمئن على إستيلاء صغيره ووضع يده على ثروة زيدان التي تضخمت مؤخرا بشكل مبالغ فيه مما أثار جنونه.

قدري بإعتراض: إنت واعي للي عتجوله ده يا قاسم، على حد علمي إن الطب دي خمس سنين
قاطعه قاسم بنبرة باردة وتصحيح: سبعه يا أبوي، الطب البشري اللي صفا ناوية تدخله دراسته سبع سنين
دبت فايقة بيدها فوق صدرها بذهول وتحدثت: يا مصيبتي، إنت عاوز تموت عيالك في ضهرك يا واد قدري، ده أنت عنديك خمسة وعشرين سنه وحط عليهم سبعه يبجا إتنين وتلاتين، هتخلف وتربي عيالك ميتا يا حزين؟

وبعد معارضة وجدال طال بين الجد والجده وقدري وفايقه مع قاسم، رضخ الجميع لرأي قاسم بعد تصميمة وموافقة صفا على رأيه، وبعد مناوشات قرر الجد زواج مريم وليلي ويزن وفارس بعد خمسة سنوات أي قبل زواج قاسم وصفا بعامان وذلك بعدما فشل بإقناع حفيده الأكبر بإتمام زواجه معهما.

وأنفض الاجتماع بعدما حقق أمال البعض وجعلهم يحلقون في السماء من فرط سعادتهم، مثل صفا وليلي وقدري وفايقة، أما البقيه فقد تحطمت أحلامهم أمام جبروت ذاك العتمان المستبد.

بعد مرور مده قصيرة من الوقت كان قدري يجتمع بقاسم وفارس داخل حجرته الخاصة وتجاوره تلك الغاضبه التي تحدثت بنبرة حادة ملامة إلى قاسم: هو ده بردك اللي إتفجنا عليه يا قاسم؟
أني مش جولت لك متوافجش على دخول بت ورد للطب مهما حصل، إكده تفرح ورد وتشمتها فيا يا أبن بطني.

كان يستمع لها بعيون مستغربه بشدة من حالة الغضب المسيطرة عليها وتحدث بعناد: وأني جولت لك قبل سابج تخرجيني من شغل الحريم بتاعك إنت ومرت عمي دي يا أما، لاني عمري ما كت هكسر بخاطر صفا، وكفاية جوي إني سمعت كلامكم و وافجت جدي على جراراته اللي لا يجبلها عجل ولا منطق ولا حتى ترضي ربنا، لجل بس ما أرضيكم.

وأكمل ليهدئ من روع والدته: وأظن حضرتك سمعتي بودنك كلام چدي لصفا وهو بيجول لها إنه كان مجرر موافجته، يعني موافجتي كانت بالنسبه له ليس إلا تحصيل حاصل
وأكمل فارس بهدوء: كلام قاسم صح يا أما وياريت بجا تريحي حالك وتبطلي حديت في الموضوع ده، وبعدين أني مش فاهم إنت ليه كارهه إن صفا تدخل الطب وتحجج حلمها بالشكل دي.

أجابته بنبرة حقودة: ده لو كان حلمها هي يا خيبان، ده حلم العجربه اللي إسميها ورد عشان تتنطت علينا وتتفشخر ببتها الدكتورة
صاح قدري هادرا إياها بحده بعدما طفح الكيل من حديثها العقيم: ما بكفياكي عاد يا فايقه، مهنخلصوش منيه الموضوع ده ولا أية؟
وأكمل بنبرة غاضبة من بين أسنانه: أني اللي جاهر جلبي هو شرط إبنك المنيل اللي جاله لجده، جال أيه مهنتمموش الچوازة إلا لما السنيورة تخلص كليتها،.

وأكمل بحده: عنها ما خلصت ولا أتشندلت على دماغ اللي چابوها، تجبرني ليه أستني على فرحتي بيك وبچوازك كل السنين دي؟
تنهد قاسم وضل يستمع لتوبيخ والديه بصمت تام وذلك لعدم قدرته البوح لهما بما يدور بعقله وأنه فقط يوهمهما بموافقته الواهيه ولكن بينه وبين حاله ينتوي بألا يتمم تلك الزيجة التي لا تعني له شئ على الإطلاق.

داخل شقة رفعت عبدالدايم والد إيناس
كانت تخبرهم بما قررت هي وقاسم فتحدث والدها بحده: إنت إتجننتي يا إيناس، عاوزة تقعدي سبع سنين تستني المحروس لحد ما يتفك سجنه اللي بناه بنفسة مع بنت عمه، بقي بالذمه ده كلام ناس عاقلين؟
أجابته كوثر بنبرة طامعه: ده هو ده العقل بعينه يا رفعت، إنت عارف نصيب قاسم من ثروة جده قد أيه؟

أردف الاب قائلا بنبرة قلقة: وإنت كنت ضمنتي إن جده هيوافق إنه يسيب حفيدته كده بسهوله بعد ما يركنها جنبه سبع سنين بحالهم
أجابته إيناس بنبرة جاده في محاولة منها لإقناعه: أولا يا بابا قاسم هو اللي مستني جنبها مش هي، ثانيا حجة قاسم هتبقا قوية وجده مش هيقدر يجبرة يعيش مع واحده هو شايفها أعلي منه،.

وأكملت بعدم ضمير: ثالثا بقا وده المهم، مش يمكن ربنا يكرمنا وجده يتوفي في السبع سنين دول وقاسم يورث ووقتها ميكونش محكوم من حد ويبقي حر نفسه ونتمم الجوازة من غير أي مشاكل
تحدثت والدتها بتمني: يااااه يا إيناس لو ده يحصل، ده تبقا إتفتحت لنا طاقة القدر
تحدث رفعت بنبرة قلقه ساخطة: يا ناس إفهموني، أنا قلقان على بنتي وده من أبسط حقوقي.

أجابته كوثر بطمأنة: متقلقش يا رفعت وطمن بالك، بنتك طول عمرها شاطرة وحسابتها متخرش المية أبدا
وأكملت وهي تنظر إلى إيناس بتفاخر: وبعدين الولد بيحبها ومبيقدرش يستغني عنها ليوم واحد، وأكيد هيعمل أي حاجة نطلبها منه علشان بس ينول الرضا.

داخل غرفة يزن، كان يجوب داخلها ذهاب وإياب بغل ونار الغيرة تنهش صدرة، فقد تسرب اليوم حلمه العالي من بين يديه وذلك بفضل تحكمات جده
دلفت والدته إليه وتحدثت بتهدئة: وبعدهالك عاد يا يزن، أني مش جولت لك من زمان تشيل موضوع صفا ده من راسك، أني كت خابرة إن چدك حاجزها لقاسم وكام مرة جدتك لمحت بالكلام جدامي لجل ما أواعيك لأنها عارفه إنك عاشجها.

أردف قائلا بنبرة حادة وأعتراض: قاسم مبيحبهاش يا أماي، الله وكيلك ما بيحبها ولا رايدها، قاسم وافج بس لجل ميرضي عمي قدري اللي كلنا خابرين زين إنه طمعان في ثروة عمي زيدان، بس صفا مفرجاش معاه من الأساس، محدش عيحبها ولا هيخاف عليها زيي
تحدثت إلية بدموع ونبرة حنون: يا ولدي إرحم حالك وأنساها وريح بالك وريح جلبي معاك، صفا مش مجسومه لك ولا هي من نصيبك،.

وأكملت كي تهدئ من غضبة: وليلي ست البنته كلياتها، هي بس محتاچة اللي يجرس على ودنها شوي وهتبجا زي الفل، إرضي بنصيبك يا وليدي،
وأكملت بيقين كي تؤثر عليه: وإن شاء الله ربنا هيحليها في عينك ويزرع عشقها في جلبك وبكرة تجول أمي جالت
نظر إليها بتألم ظهر بعيناه وأردف قائلا بوجع: مش بيدي يا أماي، عشج صفا متملك من جلبي وعجلي، مشايفش غيرها جدامي.

هتنساها يا ولدي، كم من عاشج جبلك فات حبيبة ونسي وكمل حياته، الحياة مبتجفش على حد يا ضي عيني
نظر لوالدته بنظرات يملؤها الإنكسار والرضوخ المخجل، فتحركت إليه بتألم لأجل حزنه وسحبته بين أحضانها وربتت على ظهره بحنان كي تخفف عنه حزنه الذي أصابه من ضياع فتاة أحلامه من بين يداه على يد جده المستبد.

وخرجت من حجرته إلى حجرة مريم و واستها مثلما واست شقيقها ونصحتها بأن ترضي بما كتبه الله لها وسيعوضها الله بالتأكيد على صبرها.

أما تلك الصفا التي ذهبت مع والديها إلى منزلهم وسعادة الدنيا تحوم حولها وتستقر داخل قلبها البرئ، وقفت بشرفتها تترقب خروج قاسم كي تكحل عيناها برؤيته البهيه، ولكن للاسف خجلها ولم يخرج أبدا وبرغم هذا لم تترك مكانها على أمل التلاقي.

أما عند زيدان الذي تحدث إلى ورد متبسم بسعادة: أهو أني بعد موجف قاسم إنهارده وموافجته على دخول صفا للكليه وكمان تأجيلة للچواز لحد ما صفا تخلص، أجدر أموت وأني مطمن عليها وعليكي
إرتعبت أوصالها وشهقت برعب مردفه: بعد الشر عليك يا سيد الرچاله، متجولش إكده يا حبيبي، ربنا يطول لنا في عمرك ويبارك فيك وتچوزها وتچوز عيالها كمان
نظر لها بعيون عاشقه وتساءل بعيون هائمة: خايفه عليا يا ورد؟

أجابته بهيام: لو مخفتش عليك يفضل لي مين أخاف عليه يا نبض جلبي
ثم تنهدت بأسي قائله بنبرة تحمل الكثير من الهموم: بس أني معارفاش أني ليه جلجانه إكدة يا زيدان، جلبي ممطمنش لچوازة صفا من قاسم، دايما چواي إحساس بحاول أكدبه إن الچوازة دي هتكون سبب الحزن لبتي مش سبب سعدها وهناها زي ما كلياتكم فاكرين.

أردف زيدان قائلا بنبرة إستيائية: أباااااي عليك وعلى نكدك اللي عتعشجيه زي عنيك، ده بردك كلام تجوليه في يوم زي ده؟
نظرت إليه وبدون سابق إنذار نزلت دموعها دون إستئذان، إشتعل صدره نارا عندما رأي دموعها التي تنزل على قلبه العاشق تكويه وتؤلمه.

إنتفض من جلسته وتحرك لمقعدها وجذبها من يدها لتقف قبالته وأدخلها سريع لداخل أحضانه وتحدث وهو يمسح بيداه فوق ظهرها بحنان ويهدهدها: مالك بس يا ورد، فيكي إية يابت جلبي، ليه البكا عاد في يوم زي ده؟
وأكمل مفسرا: المفروض تبجي أسعد واحده إنهاردة، بتك وعتدخل الكلية اللي طول عمرها عتحلم بيها وچدها هيبني لها مستشفي بحالها، وإتحجزت للراچل اللي عتتمناها وعتعشجة، بالذمة فيه أكتر من إكده فرحة.

خرجت من بين أحضانه تنظر لعيناه بتألم ظاهر للكفيف، وحاوطت وجهه بكفيها برعايه وأردفت قائلة بنبرة حنون مستسلمة: إتچوز يا زيدان، إتچوز لجل ما تچيب الواد وصدجني أني مهزعلش منيك
إتسعت عيناه بذهول وأردف قائلا بنبرة متعجبة: صح مهتزعليش لو خدت واحده غيرك چواة حضني؟
وأكمل بإتهام وتعجب ونظرة حزن عميقة ظهرت بعيناه: للدرجة دي بيعاني يا ورد؟!

هزت رأسها سريع تنفي عنها إتهامه الباطل وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة: للدرچة دي شرياك يا جلب ورد من چوة، للدرچة دي عشجاك وعاشجة رضاك ومصلحتك، لدرچة إني عتحمل وچع جلبي وناري وجهرتي وأني بتخيلك نايم في حضن غيري لجل بس ماتچيب الواد اللي نفسك فيه ومحدش يعايرك تاني ولا يچرحك بكلمة عفشة
أجابها بنبرة حاده مستفهمة: ومين كان جال لك إني نفسي في الواد؟!
ولو صح نفسي فيه هجعد لحد دالوك من غيرة ليه؟

زفر بضيق ليخرج ما أصابة من غضب جراء حديثها، ثم أحاط وجهها بكفي يداه ونظر بحنو داخل عيناها وأكمل حديثه بنبرة حنون: يا ورد أني إكتفيت بحبك إنت وصفا عن الدنيي كلياتها، ليه مجادراش تفهمي إن عشجك غناني وكفاني ومعاوزش غيرك في حياتي!
أمسكت بتلابيب جلبابه بشده وتملك وتساءلت بجدية وحدة: لساتك بتشوفني حلوة يا زيدان، لساتني زينة الصبايا في عنيك الكحيلة يا واد النعماني؟

إبتسم بهدوء وتحدث بنبرة هائمة: وهتفضلي زينة الصبايا في عيوني لأخر يوم في عمري، حتى لو كان عنديكي 1 سنه وشعرك شاب وملامحك جعدت وكرمشت، بردك هشوفك زينة صبايا الكون بحالة
ودقق داخل عيناها وتحدث بهيام قائلا: عارفه ليه يا ورد؟

نظرت له بتمعن وحنان منتظرة تكملة ترياقه لها فأكمل هو: عشان أني حبيت روحك يا ورد، روحي عشجت روحك جبل الزمان بزمان، شفتك بأحلامي جبل مشوفك جدامي يا غالية، أني عشجان لروحك مش چسدك، وده تفرج كتير جوي يا ورد
إبتسمت بسعادة بالغه وتحدثت بتملك وهي تشدد من مسكتها لتلابيب جلبابه: ربنا يخليك ليا يا زيدان، تنك إكدة إعشج فيا على طول، معيزاش عشجك يجل أبدا لجل مموتش من جهرتي يا سيد الرچال.

إبتسم لها وأردف قائلا بدعابه ليخرجها من تلك الحاله: يدك يابت، هتخنجيني بمسكة يدك الجويه دي، أيه، للدرچة دي عتموتي على زيدان وعتعشجيه يا بت الرچايبة؟
إبتسمت وأجابته بشقاوة وهي تشدد من مسكتها لتلابيبه: وأكتر يا ابن النعماني، وأكثر من الدرچة دي بكتير، ولو في يوم فكرت بس تبص لمرة غيري هجتلك بيدي دي وأجتل حالي وياك.

قهقه عاليا برجوله ثم مال بجزعة وحملها بساعديه القويتان وأتجه بها إلى تختها ليضعها علية بقوة وشراسه متحدث بغمزة من عيناه مداعب بها إياها: على العموم كله هيبان دالوك، وعشجك الجوي اللي هتتحدتي عليه لزيدان هيظهر ويبان
إبتسمت له خجلا وغاصا داخل عالمهما الخاص بهما.

بعد مرور يومان
في القاهرة، وبالتحديد داخل منزل رفعت عبدالدايم
تتوسط إيناس جلسة والديها فوق الأريكه، وبالمقعد المقابل يجلس قاسم مرتديا حلته الكاملة التي جعلت منه وسيم للغايه، ويجاوره عدنان الذي تحدث مستفسرا: بس إنت مش شايف إن سبع سنين كتير أوي يا صاحبي، إنتم كده بتضيعوا أحلا سنيين عمركم في الإنتظار
أجابته إيناس بنبرة معترضه: مش كتير ولا حاجه يا عدنان، السنيين بتمر في لمح البصر.

ثم وجهت بصرها إلى قاسم وتحدثت بنعومه دون خجل من والدها أو شقيقها: وبالنسبه لأجمل سنيين عمرنا، فهي لسه جايه، مش كده ولا أية يا قاسم؟

نظر لها بتعجب جراء جرأتها والتي لم تعجبه إطلاق، فهو شأنه كشأن أي رجل شرقي، يحبز دائما المرأة الخجول ويثيره ضعفها، ولكن مع إيناس إختلف الأمر، فلقد عشقها وأنطلق سهم عشقها التي صوبته عمدا نحوه ببراعه فائقة وأخترق قلبه عديم الخبرة الذي لم يعي ويفهم بعد وأنتهي الأمر، أو هكذا هو تخيل وتوهم!

وجة رفعت حديثه إلى قاسم بنبرة توجسية: متأخذنيش يا أبني في اللي هقوله، بس أنا أب ومن حقي أطمن على بنتي وإنت لازم تعذرني في ده
وأكمل بتساؤل: أنا أيه اللي يضمن لي إن بعد ماتقعد بنتي جنبك سبع سنين، جدك يوافق إنك تتمم جوازك منها؟
أردف قاسم قائلا بإحترام: أنا طبعا عازرك في تفكيرك ده يا عمي لإنك متعرفش رجالة النعمانية كويس، أنا كلمتي عقد وسيف على رقبتي، وطالما وعدت يبقا مش هيمنعني من التنفيذ إلا الموت.

إبتسمت كوثر في داخل نفسها وتحدثت بنيرة صادقة: طولة العمر ليك يا حبيبي، ربنا يبارك في عمرك وتتجوزوا وتتهنوا، بس أنا عاوزة أطلب منك طلب
إتفضلي حضرتك، جملة تفوة بها قاسم
تحدثت كوثر كعادتها معه بنبرة ناعمه ساحبه بها إياه لداخل عالمها الناعم: الأمر لله وحده يا حبيبي، طبعا زي ما إنت شايف إيناس بنتي ماشاء الله زي القمر،.

وأكملت بتفاخر وغرور وهي ترفع رأسها عاليا بشموخ: جسم ورسم وجمال ودلال، وخطابها مش قادرة أقولك قد أيه،
وأكملت مهوله من حديثها كثيرا: لدرجة إن مفيش يوم بيعدي غير لما بيتقدم لها فية عريس
إبتسم بجانب فمه ساخرا لعلمه كذب تلك الشمطاء، وأكملت كوثر حديثها: وطول ما هي مفيش في إيدها دبلة خطوبه هيفضل يتقدم لها عرسان
الان علم المغزي الحقيقي من جراء حديثها المبالغ ذاك.

تحدث إليها بنبرة تعقلية: أنا فاهم قلق حضرتك ومقدرة جدا، بس لازم حضرتك تقدري ظروفي أنا كمان، أنا عمري ماهقدر حاليا أفاتح أهلي في خطوبه وأظن إن انا شرحت لكم ظروفي قبل كدة
هتف عدنان بحماس وذكاء: طب أنا عندي حل للموضوع ده.

نظر له الجميع وهم يترقبون باقي حديثه فأكمل هو بإبتسامة منتصر: أنا شايف إن قاسم يشتري لإيناس شبكتها ويلبسها لها على الضيق ما بينا ونعزم قرايبنا القريبين جدا مننا، وبكده نكون عرفنا الناس إن إيناس إتخطبت وفي نفس الوقت معملناش مشاكل لقاسم مع أهله هو في غني عنها
إبتسمت إيناس وتحدثت بسعاده وهي تنظر لشقيقها بتباهي: برافوا عليك يا عدنان، فكرة حلوة جدا.

وافقتهم كوثر الرأي وتحدثت إلى قاسم: أهو صاحبك حلها لك أهو يا قاسم
أجابها قاسم بدعابه وهو ينظر إلى عدنان بوجه بشوش: عدنان ده حبيبي، نردها له في مشكلة في جوازته إن شاء الله
ضحك الجميع عدا ذاك الرفعت الذي لم يعجبه الأمر من الاساس، ويشعر بريبة منه ولكن بما يفيد إعتراضه أمام جبروت كوثر وأبنائها وضعف شخصيته هو.

بعد يومان أصطحب زيدان صفا وورد وذهب بهما إلى القاهرة كي يجلب لصفا ثياب خاصة للجامعة من بعض دار الأزياء الشهيرة بالقاهرة، ويمكثون يومان بشقته الخاصه المتواجدة بإحدي الأحياء الراقيه والتي جلبها زيدان خصيصا كي يصطحب غاليتاه بها لغرض التنزة من الحين للأخر
أبلغ زيدان قاسم أنه وعائلتة بالقاهرة فقام قاسم بعزيمتهم وإصطحابهم لأحد المطاعم العائمة المتواجدة داخل النيل لتناول الطعام في أجواء مبهجه.

كانت تتحرك بجانبه بسعادة داخل المطعم ويسبقها والديها، وصلا إلى المنضدة التي إحتجزها لهم قاسم، جلس الجميع حول المنضدة وجاء النادل بعد قليل وقد أعطا لهم قائمة الطعام وأختاروا ما أعجبهم بها وأنصرف النادل
وتحدث زيدان ناظرا إلى قاسم: عرفت إن تنسيج الچامعات فتح إنهارده يا قاسم؟
نظر له وأردف قائلا بنفي: لا يا عمي، أول مرة أعرف منيك
ثم حول بصره إلى صفا وتساءل: جدمتي يا صفا ولا محتاجة مساعدتي؟

أجابته بهدوء: حاولت أول ما جومت من النوم بس السيستم كان مسجط من كتر الضغط عليه وموقع التجديم مفتحش معاي، إن شاء الله أول ما أروح البيت هحاول أجدم ويارب السيستم يكون إتظبط
أردفت ورد قائلة بنبرة مثقلة بالهموم: أني معرفاش عتعملي أيه في المدينة الچامعيه وعتخدمي حالك كيف، ده أنت عمرك مغسلتي طبج، كيف عتغسلي هدومك وتنظفي أوضتك لحالك؟

تحدث إليها زيدان ليطمئنها: ومين جال لك إني هسيبها تهين حالها، ده أني بعون الله هچهز لها أوضتها بأحدث الأچهزة وهچيب لها غسالة أتوماتيك لجل ما ترتاح الزينة بت أبوها
إبتسمت لأبيها وتحدثت بنبرة حنون: ربنا يبارك لي في عمرك يا حبيبي ويخليك لصفا
أما ذاك الجالس الذي نزل عليه حديثهم كالصاعقة الكهربائيه وذلك لرعبه من فكرة تواجدها بالقاهرة وإحتمالية علمها بخطبته من إيناس،.

تحدث بنبرة مرتبكة: وهي صفا أيه اللي هيچيبها چامعة القاهرة بس يا مرت عمي، ما عنديها چامعة سوهاچ، وأهي تبجا چارك وتنام كل ليلة چوة حضنك
ضيقت عيناها بإستغراب وأردفت بنبرة معترضة: چامعة سوهاچ أيه بس اللي هروحها يا قاسم، إنت عاوزني أبجي چايبة المچموع ده كلاته وأقدم في چامعة سوهاچ؟
وبعدين مفيش وچه مجارنه بين چامعة القاهرة وچامعة سوهاچ.

تحدثت ورد إلى قاسم: أني كمان جولت لها نفس كلامك ده يا قاسم بس زي ما أنت واعي لدماغها الناشفه
ثم نظرت إلى زوجها مبتسمة وتحدثت بمداعبة: راسها طالعه ناشفه كيف أبوها بالظبط
إبتسم زيدان لمداعبة معشوقته،.

وتحدث قاسم إلى صفا في محاولة خبيثه منه لإقناعها بتغيير رأيها: أني خايف عليك من إهني يا صفا، العيشه إهنه ومعاملة البشر صعبة جوي مهتجدريش عليها، مهتعرفيش تتكيفي ويا زميلاتك في السكن وخصوص إن عمر ما سبج ليك مخالطة الأغراب،.

وأكمل بكذب كي يرعب ورد على طفلتها ويجعلها تخضع لرأيه: البنات إهني حلنجيه ولونيين وإنت بت ناس ومتربية، أخاف تطبعي بطبعهم ويغيروكي يا صفا، وإن كان على الدراسه فأحب أجل لك إن مفيش أيتها إختلاف بيناتهم
بدا الهلع على ملامح ورد التي تحدثت إلى قاسم مؤيدة: عنديك حج والله يا ولدي، ده أني بشوف بلاوي في التمثيليات عن بنات الچامعه إهني في مصر،.

ثم حولت بصرها إلى صغيرتها وتحدثت بإعتراض: خلاص يا صفا، إنت تجدمي في چامعة سوهاچ زي ما قاسم جال لك، وأهو السواج هيوصلك كل يوم ويستناكي لحد متخلصي محضراتك ويعاودك على البيت تاني
إعترضت على حديثهما بشدة ولكن إستطاع ذاك الخبيث أن يقنعها إلى حد ما بعدما تحدث عن غيرته عليها وعدم إطمئنانه لمكوثها هنا بمفردها.

بعد مده جاء النادل إليهم و وضع لهم الطعام و بدأ الجميع يتناولوه بشهيه عالية عدا تلك الصفا التي بدأ العد التنازلي لمستوي أحلامها، بعد الإنتهاء من الطعام بدأ قاسم بالحديث عن عمله موجه حديثه إلى عمه ثم إنتقلا إلى السياسة وكل هذا تحت تملل صفا و حزنها من عدم إهتمام قاسم بها ولا حتى تكليف حاله عناء النظر إلى وجهها.

وقفت بهدوء وتحركت إلى سور الباخرة المتحركة، ثم وضعت يدها عليه لتتشبث به، تطلعت إلى مياه النيل بمظهرها الخلاب وحركة الباخرة تداعبها وتدللها في مشهد خطف أنفاسها وأستولي على بصرها
وبرغم وجود كل هذا الجمال من حولها إلا أن الحزن كسي ملامحها الجميلة وجعلها تبدوا وكأنها إمرأه تخطت الستين من عمرها وتمكنت من ملامحها الأحزان بفضل هموم الزمان.

تحرك إليها شاب يبدوا عليه أنه في منتصف العقد الثالث من عمرة و وقف بجانبها ولكن مع مراعاة إحترامة لبعد المسافات، تطلع بإنبهار إلى جمالها و سحر عيناها و هالتها الغريبه التي إستحوذت على بصره و جذبته لينساق إليها دون أدني إدراك منه،
وأقسم بداخلة أنه لم يري بسحرها يوم، وأكثر ما كان يميزها بعيناه هو صفاء روحها الذي طغي على ملامحها الخارجية مما جعل لها قبولا في قلب وعقل من يراها من الوهلة الأولي.

كانت تنظر للأمام في اللاشئ سارحة بأحزانها لبعيد، حتى أنها لم تشعر بوجوده بجوارها ولا حتى لملامحها التي إنكمشت مؤقتا من شدة حزنها على بدء العد التنازلي لتنازلها و رضوخها أمام إنكماش أحلامها و تقلصها رويدا رويدا،
تحدث حتى يخرجها من صمتها وتيهتها وكي تنتبه لصوته لكي يحظي بطلة ذاك الملاك إليه مش لايق عليك الحزن يا صافيه.

إنتبهت إلية وبسرعة البرق حولت بصرها إليه بإستغراب ثم حولت بصرها سريع إلى والديها وقاسم وجدتهم منشغلون عنها بالحديث ولا يشعرون حتى بوجودها
فابتسم هو وأجابها بهدوء ونبرة صوت مريحه لمسامعها إهدي من فضلك ما فيش داعي للقلق، على فكرة أنا مش بعاكسك صدقيني، ولا حتى من طبعي إني أكلم حد معرفوش وأتطفل عليه.

وأسترسل حديثه بإنبهار ظهر بعيناه لكن معاك الوضع مختلف، أنا كنت قاعد في حالي وفجأة وأنا بستكشف المكان عيوني وقعت عليك وإنت واقفه، ما أعرفش ليه ملامحك خطفتني، شفت جواك صراع وتمرد على وضع مفروض بالنسبة لك وإنت مش قادرة تعترضي ولا تغيريه!
وأسترسل حديثه العميق شفت روحك وهي بتحاول بكل قوتها تزيل خيوط العنكبوت اللي معششه ومتشابكه حواليكي ومقيدة حركة فكرك وإنطلاق روحك وعقلك.

نظرت إليه بإستغراب فأكمل وهو يمد يده ويستعرض أمام ناظريها محرمه ورقية كانت بيده ويعطيها إياها، نظرت بما تحتوية وحينها لم تستطع الصبر على الصمت أكثر، إتسعت عيناها بذهول حين رأت وجهها منقوش عليها بالرصاص بمنتهي الدقة والحرفية، ولكن ما أثارها أكثر أنها رأت دموع تنزف من رسمتها وملامحها وكأنها تصرخ مستنجده بأحدهم.

نظرت لرسمته بإنبهار وحدثت حالها، ماهذا يا إلهي، إنه إبداع بكل المقاييس، كيف له أن يطبع ملامحي بكل ذاك الإتقان وكأنه يعمل عليها منذ أيام وليست من بضعة دقائق فقط
ثم نظرت له وأخيرا خرج صوتها المميز بعذوبته ورقته و أردفت قائلة بنبرة منبهرة: حضرتك مبدع يا أستاذ، إزاي جدرت تطبع ملامحي بالإبداع ده كله في الدجايج الجليله دي، اللي يشوف الرسمه يفتكر إنك شغال عليها من أيام، حجيجي برافوا عليك.

تمعن النظر بوجهها و أردف قائلا بتفهم: صعيدية؟
وأكمل بيقين وهو يميل رأسه قائلا بتأكيد: كده أنا عرفت سبب القيود اللي محاوطة روحك وخنقاكي، العادات الباليه والتقاليد اللي عفا عليها الزمن ولم يعفو عنها البشر
إبتسمت له وأردفت قائلة بنبرة هادئة: كلامك كيف الشعر بيدخل على الجلوب بيمسها ويزلزل كيانها، وأكملت بمرارة ظهرت بنبرة صوتها الحزين: بس في نفس الوجت بيعريها جدام روحها و يوريها حجيجتها المرة.

كاد أن يجيبها لكن أجبره على الصمت هجوم ذاك الشرس الذي إقتحم هدوئهما و سلامهما النفسي بعنف شديد وهو يجذبها من ذراعها ويخبئها خلفه
ويتحدث لذاك الغريب بلكنة قاهرية: إنت إزاي يا حضرة تسمح لنفسك تقتحم وقفتها بالطريقه الرخيصه دي؟
إهدي من فضلك يا أستاذ وخلينا نتكلم كأشخاص متحضرة، جملة قالها ذاك الغريب بنبرة هادئة متعمقه أحرقت قلب قاسم وأشعرته بهمجيته المفرطة.

ولكن إستشاط داخله أكثر من برود وهدوء ذلك الدخيل المتداخل وأجابه بنبرة تهكمية ساخرة: نعم يا أخويا، نتكلم كأشخاص متحضرين، هو أنا أعرفك منين أصلا علشان نتكلم؟
وأكمل بإتهام بشع: إنت مجرد واحد رخيص متحرش جاي تضحك على عقل عيلة صغيرة عديمة خبرة بكلمتين مستهلكين حافظهم من فيلم ساقط.

نزلت كلماته المهينه لشخصها على قلبها أحزنته وقررت التدخل بعدما أهان ذاك المتحضر بتلك الطريقه المنحطه و وصمه بوصف لا يليق بعقله و فكره الراقي التي لمسته من خلال حديثها القليل معه
تحركت من خلفه و وقفت بجانبه كتف بكتف وتحدثت بنبرة حاده لصوت غاضب: أولا يا أستاذ قاسم أني مش عيلة صغيرة ولا عديمة خبرة زي ما انت وصفتني!

أني يمكن سني صغير لكن عجلي كبير و واعي وبقرأ كتب يمكن حتى معدتش على خيال سيادتك ولا سمعت حتى عنيها
نظر لها بغضب تام فأكملت وهي تشير إلى ذاك الغريب بإحترام: ولا الأستاذ المحترم ده يستاهل الوصف البشع اللي سيادتك وصفته بيه، الاستاذ فنان محترم وشخص راقي يستحج كل التجدير.

وكادت أن تكمل لولا أصمتها بصوته الهادر وهو يحدثها بعيون تطلق شزرا: وأيه كمان يا صفا هانم، الله الله، ده أنت عاجبك بقا تلزيق البيه فيك والمسخرة اللي بتحصل دي
إتسعت عيناها بذهول أثر حديثه المهين، وتحرك زيدان و ورد عندما لاحظا تصاعد الوضع وتصاعد وتيرة صوت قاسم وغضبه الذي ظهر فوق ملامحه
تحدث زيدان بنبرة حادة وهو يأخذ صغيرته ويسحبها لداخل أحضانه برعاية وحنان: فيه أيه يا قاسم؟

وأكمل بنبرة صارمة: ومال صوتك عالي على صفا إكده؟
تحدث بنبرة حاده وجسد تظهر عليه علامات التشنج والغضب: الهانم زعلانه مني و بتلومني علشان بوصف البيه اللي إقتحم وقفتها ومعملناش أي حساب، بالمتحرش
أما ذاك الغريب الذي وقف يتطلع لذاك المتجبر الباطش وهو يفرض سيطرته ويمارس سلطته وهيمنته على تلك المسكينة دون أن يعطيها حتى حق الرد.

خرجت من داخل أحضان أبيها وتحدثت بدفاع و إنكار و هي تشير إلى الغريب: محصلش يا أبوي، الأستاذ فنان ولما لجاني واجفه لوحدي رسم صورتي على المنديل ده وجه بكل ذوج وأحترام علشان يجدمه لي
نظر ليدها الممدوده بالمحرمه وبدون أدني تفكير جذبه من يدها بعنف وغيرة وألقاها داخل مياه النيل وتحدث بحده واصما إياها: مش بجول لك عيلة صغيرة وعديمة خبرة.

ثم نظر لعيناها بحده وتحدث بإستهزاء: دي طريجه جديده لمعاكسة الساذجين أمثالك يا أستاذه
وجه الغريب حديثه إلى زيدان بعدما رأي دموع وتشتت صفا الروحي وهي تنظر إلى المحرمه التي جذبتها الأمواج وبدأت بتمزيقها تمام مثل روحها المشتته، الممزقه، التائهه
الغريب: صدقني يا أفندم الأستاذ بيقول كلام محصلش، واللي الأنسه صفا بتقوله هي الحقيقه ولا شئ غير الحقيقه،.

ونظر داخل عيناه وأكمل برجاء: ياريت حضرتك تخلي بالك من بنتك وتراعي روحها أكتر من كده!
ثم أنسحب بهدوء عائدا إلى طاولته مع إستغراب زيدان من حديثه الغريب!
حول بصرة لإبنته التي تزرف دموعها بقهر وهي تنظر لتلك المحرمه بعدما ذابت وتلاشت ملامح وجهها المرسوم بها.

شعر بغصة تقتحم صدره وتحرك إليها وأحتضنها وتحدث إليها بهدوء وبنبرة حنون: تعالي نروح له وأخليه يرسمك من تاني، بس المرة دي على لوحه وأني هبروزها لك بماية الذهب وأعلجها عندينا في الصالون
نظرت له بدموعها فأكمل وهو يجفف لها دموعها بأصابع يده الحنون: ولا تزعلي حالك يا جلب أبوكي
هزت رأسها يمين ويسارا مما جعل قطرات دموعها تتناثر هنا وهناك بشكل يقطع أنياط القلب.

وتحدثت بصوت واهن حزين: ضاعت حلاوة اللحظة يا أبوي، مبجاش ينفع خلاص
أما قاسم فكان يستمع إلى حديثها بقلب حزين لأجلها، فقد وعي لحاله للتو وشعر أنه حقا قد أزادها على تلك الصغيرة فتحدث بنبرة جامدة: متزعليش مني يا صفا، أني خايف عليكي يا بت عمي
حزنت عندما إستمعت لنطقة لإبنة عمه وقد تيقنت بتلك اللحظه أنها لم تكن له سوي إبنة عمه وفقط.

سحبتها والدتها بألم رأه زيدان وحزن لأجله ولصحة حديثها عن أن تلك العلاقه هي بداية حزن صغيرته البريئة
وتحدثت ورد بنبرة حزينة: يلا بينا نجعد يا بتي
تحركت بجانب والدتها وجلست بمقعدها ونظرت لتتطلع على ذاك الغريب، ولكن من العجيب أنها لم تجده، باتت تحرك عيناها هنا وهناك وتجوب بها المكان للبحث عنه ولكن دون فائدة، وكأنه كان سراب وأنتهي.

أكملت جلستها شاردة ناظرة لمياه النيل تحت نظرات ذاك المتجبر الباطش ولكن بقلب حزين متألم لألمها، إنتهت الرحلة النيلية ورست الباخرة وأخذ زيدان ورد وصفا داخل سيارته المستأجرة وذهب بهما بعد رفضه لحديث قاسم الذي عرض عليه أن يذهبوا بصحبته إلى أي مكان أخر حتى يلهو صفا ويهون عليها حزنها ويكون بمثابة إعتذار على ما بدر منه وأزعجها، ولكن رفض زيدان كل محاولاته حفاظا لكرامة صغيرته.
تحرك زيدان عائدا بزوجته وصغيرته إلى شقتهم المتواجدة بمنطقة مدينة نصر، وبمجرد أن خطت أقدامهم للداخل حتى هرولت صفا سريع متجهه إلى غرفتها وأوصدت بابها عليها وبدأت بالبكاء المرير الذي إحتجزته طويلا رغم عنها، وذلك كي لا تحزن والديها وأيضا إمتثالا لكرامتها التي تأبي الإنكسار، فيكفي ما أهدر منها اليوم على يد من يفترض حبيبها ورجل أحلامها، بكت بشدة على ما شعرت به اليوم من إهانات من ذاك القاسم التي كانت تتوقع أن يسمعها أحلا كلمات الغزل والغرام مثلما قرأت برواياتها الحالمة التي تعشقها، وأيضا ما تشاهده في بعض الأفلام الرومانسيه الراقية الفكر والخالية من اية مشاهد خادشه للحياء، والتي تشاهدها بصحبة والدتها وذلك كي تراقب ورد ما تحتويه ما تشاهدة طفلتها.

حلمت وحلمت بالإهتمام وبأن ينظر لداخل عيناها ويسمعها أرقي كلمات الغزل، ولكن، متي كان التمني طائع لرغباتنا؟
أما زيدان الذي كان يتهرب من نظرات ورد المتفحصة له والمدققة لرصد ردة فعله على ما بدر من إبن شقيقه، ويضل السؤال قائما، ما بيدة ليفعله؟
أحقا يستطيع أن يقف بوجه أبيه هذه المرة أيضا ويعارضه وينجي بعزيزة أبيها من ذاك الحزن الذي ينتظرها؟

لا والله لن يفعلها وخصوصا أنه يعلم علم اليقين ان إبنته تعشق ذاك القاسم حتى بعد كل ما فعلة، وجدها أكيد من ذاك، ولذا إختار لها فارسها كي تظفر به وتنعم، لذا فإذا تدخل سيكون هو الطرف الخاسر داخل تلك المعضلة، كل ما أستطاع فعله هو أن سحب ورد لداخل أحضانه حتى يضمد لها جراح روحها التي أصابتها جراء حزن وانكسار صغيرتها بتلك القسوة أمام أعينها.

وبعد مرور حوالي ساعة كان قد تركها زيدان متعمدا كي تهدئ وتخرج كل ما في صدرها حتى تستريح، دق باب حجرتها فأذنت له ودلف للداخل، إنشق صدره لنصفين حين وجدها تجلس القرفصاء فوق تختها وعيناها منتفخة، حمراء جراء كثرة بكائها الحار،
تحرك إليها بهدوء وجاورها الجلوس، ثم أمسك كف يدها وأحتضنه برعاية وشدد من ضمته حتى يبث لها الطمأنينة، ونظر داخل مقلتيها وأبتسم بخفوت، بادلته إبتسامته بأخري منهزمة.

تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث إليها متسائلا بهدوء: جدمتي في التنسيج؟
هزت رأسها بنفي فأكمل هو مسترسلا بنبرة قوية: جدمي في چامعة القاهرة يا صفا.

قطبت جبينها وأمالت رأسها بهدوء بنظرة إستفهامية فأكمل هو بنبرة قوية مساندة: من اليوم وطالع رايدك تشوفي مستجبلك فين وترمحي وراه رمح، معيزكيش تعملي حساب لأي حد مهما كانت غلاوته ومجدارة عنديك، عاوزك تحطي مستجبلك ودراستك في أولوياتك، وزي ما انت جولتي إن الدراسة في چامعة القاهرة هتعلي من شأنك ومن تصنيفك،.

وأكمل بنبرة قوية ليطمأن روحها: وإوعاك في يوم تخافي ولا تجلجي طول ما أبوكي عايش وفي ضهرك، وأكمل بإبتسامة حانية: ولازمن تعرفي إنك غالية وعالية جوي يا ست أبوكي
إبتسمت بسعادة وتحدثت بإمتنان وهي ترفع كف يده إلى فمها و تقبلها بحنان: ربنا يبارك لي في عمرك وتفضل دايما سندي ومنور حياتي يا أبوي.

تنهد عاليا براحة ثم إستطرد حديثه قائلا كي يخرجها من حزنها الذي أصابها: صفا، أني معيزكيش تزعلي من قاسم، قاسم راچل صعيدي ودمه حر، مطاجش يشوفك واجفه مع راچل غريب عنيكي، متنسيش كمان إنك بجيتي تخصية ولازمن يغير عليك ويخاف
هزت رأسها بتفهم لكن مازال قلبها مليئ بالخيبات والندبات التي لم تمحي بمجرد إستماعها لبعض الكلمات من عزيزها.

وقف منتصب الظهر وتحدث بإبتسامته الخلابة التي تأسر قلب بنت أبيها: يلا إفتحي الموجع وجدمي حالا في طب القاهرة يا دكتورة
إنتفضت من جلستها بسعادة وبلحظة كانت تلقي بحالها داخل أحضان غاليها وكأنها ترمي إليه ألامها وما يؤرق روحها، شدد هو من ضمتها وكأنه بتلك الضمة قد سحب عنها كامل حزنها، فهكذا هو الأب يا سادة
فليرحم الله من كان قطعة من قلبي، وبرحيله ذهب الأمان من قلبي إلى أخر الدهر.

صباح اليوم التالي داخل مدينة سوهاج
ذهب يزن إلى أراض جده الواسعه ليلتقي والده الذي يشرف على العمال وهم يحصدون محصول الذرة في موسمه الصيفي من كل عام
وجد أباه جالس فوق مقعدة تحت المظله التي تحجب عنه أشعة شمس شهر أغسطس الحادة، واضع بعض الدفاتر أمامه فوق تلك المنضدة الخشبية الموضوعه أمامه
إقترب من جلسة أبيه وتحدث بإحترام: السلام عليكم يا أبوي.

نظر له منتصر بإستغراب لتواجده بتلك الساعة حيث يجب أن يكون بصحبة جده وهو يسلم محصول ثمار البرقوق للمشتري
وتحدث منتصر بإستغراب وتعجب: يزن، بتعمل أية إهني يا ولدي وفايت چدك لحاله مع الناس اللي بيشتروا المحصول؟!

أجابه صغيره بإختصار: الناس مشوا يا أبوي، چدي معجبوش السعر وما أتفجوش، مع إن عمي قدري كان هيتچنن وشويه وكان هيميل على يد چدي ويحب عليها لجل ما يتمم البيعه، بس چدي صمم على رأية ومشاهم من الچنينة خالص.

تنهد منتصر بصدر محمل بأثقال الهموم من أفعال أخيه الذي يعلم علم اليقين أنه على إتفاق سري خبيث مع مشتري المحصول ليبخس من ثمنه ويأخذ هو فارق السعر في الخفاء ليضعه في حساباته البنكيه هو و زوجته والذي يخفيها عن الجميع،
ولكن لسوء حظه فقد وقع خطاب إستعلامي كان مبعوث له من البنك ليعلمه كيف أصبح حسابه هو و زوجته وبالصدفه وقع هذا الخطاب في يد منتصر بعدما كذب على ذاك المندوب وأخبره أنه قدري.

حيث أن قدري كان قد أخبرهم من ذي قبل بأنه لا يريد أية خطابات إستعلامية تصل إلى منزله ولكن لسوء حظة فقد تغيرت إدارة البنك وجرت هذه اللخبطة
نظر يزن إلى أبيه مستغرب حزنه الذي أصابه فجأة وتساءل ليطمئن على عزيز عينه: مالك يا أبوي، أيه اللي غير وشك فجأة إكده؟!
أجاب ولده بمراوغة كي لا يكشف الوجه السئ لأخيه أمام يزن: مفيش يا ولدي، جولي يا باشمهندس، كت چاي لية وعاوز أيه؟

تنفس يزن عاليا ثم زفر براحة وتحدث بنبرة حذرة: عاوز أتحدت ويا حضرتك في موضوع مهم يا أبوي، بس عاوزك تفهمني زين وتجدر كلامي وحالتي
ضيق منتصر عيناه وتحدث بنبرة قلقة: فيه أيه يا ولدي، إنطج جلجتني
نظر لوالده بتمعن ثم أجابه بشجاعة: أني رايد أتچوز من صفا بت عمي يا أبوي، مرايدش ليلي أني، معحبهاش يا أبوي
تنهد الوالد بأسي وتحدث بإستسلام مهين: خلاص يا يزن، جضي الأمر وچدك أصدر أوامرة خلاص.

إنفعل يزن وأردف قائلا بنبرة حادة: حكم قراقوش هو ولا حكم قراقوش؟
وأكمل بإعتراض: مين إدي السلطة لچدي إنه يحكم ويتحكم في مصيرنا وجلوبنا كيف ما يحلاله، بأي حج يحكم على جلبي بالإعدام ويجبرني أعيش مع واحده وأني جلبي ملك لغيرها
تنهد منتصر بأسي لحالة ولده البكري وعزيزه وهو يري تشتت ومعاناة روحه من تجبر چده.

وأردف قائلا بنبرة حنون كي يسيطر بها على غضب نجله الحبيب: فيه حاچات أشد من العشج يا ولدي، مع الأسف يا يزن، العادات والتجاليد هي اللي بتحكمنا
إحتد وجه يزن وأردف قائلا بحدة وغضب: ملعون أبوها التجاليد دي اللي تخليني أنسى عشج عمري وأدفن حالي في حضن مره مرايدهاش، وكأن إكتب على أموت وأني لسه على وش الدنيي وحضن ليلي يبجا كفني ومجبرتي.

صاح منتصر بوجة ولده بحده وتحدث ناهرا إياه: إتحشم يا واد وإنت بتتكلم على بت عمك، وبعدين مين اللي جال لك إن صفا هترضي بيك يا حزين؟
صفا رايده قاسم، وچدك وچدتك عارفين إكده زين وعشان إكده إختاروها هي بالذات دون عن غيرها لقاسم
أجاب والده مفسرا: وقاسم مريدهاش يا أبوي، قاسم بيحب واحده مصراويه وأني سمعته بودني دي وهو بيكلمها وبيحب فيها في التلفون من الچنينة، صدجني يا أبوي قاسم مرايدهاش.

تحدث إليه أبيه بيقين: قاسم شاب، مال وجاه ورچوله الله أكبر، وعايش في الغربه لحالة وأكيد البنات حواليه ياما،
وأشار بيده مقللا من الحديث: أهو بيسلي نفسيه وبيسلي وحدته في مصر، لكن لما توصل للچواز أكيد هيختار البت اللي تليج له وتشرفه جدام عيلته وبلده، والدليل على حديتي دي إنه وافج چدك على جراراته ومعصهوش ولا أعترض زييك.

تحدث يزن بيقين من داخله: متخدعش حالك بكلام حضرتك عارف حجيجته زين يا أبوي، كلنا عارفين إن سكوت قاسم وموافجته على جرارات چدي ما هي إلا طاعة عامية لتهديدات وضغط عمي قدري عليه، كلنا خابرين زين إن عمي قدري طمعان في مال عمي زيدان اللي لمه بشجاه وتعبه طول السنيين اللي فاتت، عمي قدري ومرته حسبوها صح، يجوزوا صفا لقاسم ويستولوا على شجا عمي.

تنهد الأب لعلمه وتيقنه من صحة حديث صغيره ولكن ماذا عساه أن يفعل أمام جبروت أبية وتحكماتة الشديدة المتعصبة
فاتخذ من الصمت ملاذا له.

في مساء اليوم التالي
كانت تجلس داخل غرفتها حزينة شاردة تفكر فيما فعلة ذاك القاسم، عديم القلب، فاقد المشاعر والإحساس والتي لم تشعر من جانبه إلى الان أية مشاعر إيجابية بإتجاهها، فاقت على طرقات تقرع فوق بابها بخفة
سمحت للطارق بالدخول فدلفت والدتها وتحدثت لتخبرها بهدوء: قاسم برة ورايد يشوفك يا صفا.

حزن داخلها حين إستمعت إلى ذكر إسمة فتحدثت إلى والدتها بنبرة حزينه ومازالت مستكينة بجلستها فوق فراشها بإستسلام: معوزاش أشوف حد
تنهدت ورد وتحدثت إلى صغيرتها بإصرار: جومي غيري خلجاتك وإطلعي له يا صفا، قاسم شكلة جاي يعتذر لك عن اللي حصل منيه عشيه.

تنهدت بأسي وأطاعت والدتها وأرتدت ثوب هادئ وتحركت للخارج، وجدته يجلس بجانب أبيها، ولا تدري ما الذي أصابها حين رأته، إنتفاضة إجتاحت جسدها بالكامل بمجرد رؤيتها لعيناه، فبرغم يأسها الشديد الذي تسبب لها به، وبرغم حزنها وغضبها منه إلا أنها بمجرد فقط ظهوره أمامها تنتابها مشاعر جياشة تجتاح كيانها بالكامل.

وقف سريع عند رؤيتها وأمال بجزعه إلى تلك المنضدة الموضوعة أمامه وألتقط من فوقها تلك الباقة الرائعة المكونه من زهور البنفسج التي تبهج النفس وتبث بها سعادة
حمل الباقة وأقترب عليها وأردف قائلا بإبتسامة خلابة وهو يمد يده بتلك الزهور كاعتذارا صريح لما بدر منه ليلة البارحة: كيفك يا صفا
نظرت إلية بعيون متسعة، مذهولة، سعيدة وقلب ينبض بشدة ويكاد يخرج من بين ضلوعها ليرتمي داخل أحضانة ويسعد بدفأه.

وأسترسل هو مبتسم وهو يعطيها الزهور: أني أسف يا صفا، حجك علي، وصدجيني أني مكنتش أجصد أزعلك ولا أتسبب لك في نزول دمعة واحده من عيونك الغالية
كانت تنظر إليه فاتحة فاهها ببلاهه وهي تستمع لكلماته الرقيقة التي لم ولن تتوقعها منه حاليا وبالتحديد أمام مسمع ومرأي من والديها، طار داخلها وشعرت بزلزلة عنيفة تسري بداخل شرايينها،.

بسطت يداها ناحيته وأخذت منه باقة الزهور وبدون إدراك قربتها من أنفها لتشتم عبيرها بإستمتاع ثم احتضنتها وتحدثت بنبرة سيطرت عليها السعادة: متشكرة يا قاسم
إبتسم تلقائيا حين لمح على محياها كل تلك السعادة التي إرتسمت بلحظات من مجرد تصرفه البسيط ذاك، ثم تحرك قليلا ومال ليلتقط إطارا كبيرا كان يضعه بجانب الأريكة وتحدث إليها بنبرة حنون: غمضي عنيكي يا صفا.

نظرت إلى والدها الجالس يترقب ما يحدث وابتسامة حانية تملكت من ثغرة وزينتة لتزيده وسامة، أشار لها زيدان بأهداب عيناه بأن تفعل،
فابتسمت وأغمضت عيناها بالفعل بعدما أخذت الإذن من عزيز عيناها، نظر قاسم إلى عمه وشكرة بعيناه وبدأ بنزع الغطاء الورقي من فوق الإطار
وتحدث إلى صفا: ودالوك يلا فتحيهم.

أفتحتهما بالتدريج وإذ بشهقة سعيده مذهولة تخرج من أعماقها وهي تري أمامها Portrait(بورترية) مرسوم لها بإتقان شديد جعلها تشعر وكأنها تحلق في السماء بجناحين من نور
وكان قاسم قد هاتف عمه بعد عودته إلى سكنه وطلب منه أن يبعث له صورة شخصية لصفا كي يذهب بها إلى رسام ويجعله يخط لها برسمة كتعويض منه على ما فعل.

نظرت إلى مقلتية وألتقا بعيناها وإذ برعشة تصيب جسده من تلك النظرة ولا يدري بما يفسرها هو، نفض من داخله ذاك الشعور سريع وتخلص منه بحدة ورفض،
وتحدث إليها متسائلا بنبرة جادة: أيه رأيك يا دكتورة؟
إشتدت سعادتها من مجرد ذكره لها للقب دكتورة التي تعشقه وطالما حلمت بإستماعه من الجميع وخصوصا هو، وتحدثت بسعادة: كل ده عملته علشاني يا قاسم؟!

أجابها بهدوء وصدق: زعلك غالي على يا صفا، ومجدرش أشوفك زعلانه مني وأجف ساكت إكدة، ياريت أكون جدرت أكفر عن ذنبي معاكي وحاولت ولو بسيط أعوضك عن الرسمة إياها
أجابته قائلة وإبتسامة جذابه إرتسمت على محياها: وأني كفاية عليا كلامك ده يا قاسم، محا لي كل حزني اللي صابني
تحدثت ورد إلى قاسم بإبتسامة سعيدة ناتجة من سعادة طفلتها الوحيدة: إجعد يا قاسم ويا صفا، وأني هروح أعملكم أحلا عشا فيكي يا مصر.

تحدث إليها قاسم بإعتراض لطيف: متتعبيش حالك يا مرت عمي، ثم حول بصرة إلى عمه وتحدث بإحترام: أني بعد إذن عمي هاخد صفا ونتعشا برة وكمان هعزمها على سينما بعد العشا تعويض مني عن اللي حصل إمبارح
إنتفض داخلها ونظرت تترقب موافقة أبيها بقلب متلهف، نظر لها زيدان وكاد أن يعترض إمتثالا لنظرات ورد القلقة لكنه تلاشي كل الإعتبارات في سبيل سعادة طفلته التي رأها بعيناها.

وتحدث بإبتسامة حنون: وماله يا قاسم، صفا معاك هتبجا في أمان كنها معاي بالظبط
إبتسمت لأبيها وتحدثت بلهفة وسعادة بلغت عنان السماء: أني هدخل أچيب شنطتي وهاچي حالا.

بعد مدة كانت تتحرك بجانبه داخل المطعم وتوقفت حين أشار لهما الموظف المسؤل عن إدارة المكان عن موقع المنضدة الخاصة بهما
وقفت تنظر إلية وإنتظرت أن يسحب لها المقعد لتجلس كما تري في أفلامها وكما صور لها خيالها الحالم، لكنه أحبط عزيمتها وجلس على مقعدة بمنتهي البرود حتى قبل أن تجلس هي
نظر لها وتحدث بنبرة باردة: واجفة ليه يا صفا، متجعدي.

إستفاقت على حالها ورجعت بخيالها لأرض واقعها المرير، هزت له رأسها بإيمائة وابتسامة كاذبة تخفي خلفها أهاااات من خزلات وصفعات تتلقاها منه مؤخرا واحدة تلو الأخري
جلست وجاء إليهما النادل وأملاه كلاهما ما يريد من الطعام بعدما قررت صفا أن تأكل مثل حبيبها،
ذهب النادل ونظر هو لشاشة هاتفة وبدأ بمراسلة أحدهم تحت نظراتها المستعجبه، إستشاطت من أفعاله الغير مرضية لكبريائها ولشخصيتها القوية التي لم يرها بعد.

فتحدثت بنبرة حاده بعض الشئ وملامح مقتضبة: مكانش ليها لزوم خروچتنا دي طالما مشغول للدرچة دي
ضيق عيناه مستغرب حدة نبرتها وملامحها الطفولية التي ظهر عليها الغضب بطريقة مضحكة، إبتسم لها كي يهدئها وتسائل بهدوء: زعلتي إياك؟
اخذت نفس عميق واجابتة بنبرة قوية لائمة: مبحبش حد يهمل وچودي ويتلاشاني ويهين كرامتي
إتسعت عيناه وتحدث إليها مستغرب بدعابة: كل ده أني عملته بمسكتي للتلفون؟

أجابته بنبرة حزينة تملكت من صوتها: مسكتك للتلفون اللي مستهون بيها دي معناها كبير جوي عندي يا قاسم،
وأكملت بعبرة خنقت صوتها: بعد إكدة لو مش حابب تجعد وياي متبجاش تضغط على حالك.

شعر بطعنة داخل صدرة لأجل حزن تلك البريئة ولام حاله وأنبها على خداعة لتلك المسكينة التي يعلم أنها تكن له معزة خاصة، ولكنه نفض من عقلة فكرة عشقها له وأقنع حاله أن ما يحدث معها ما هو إلا مجرد إعجاب وتعلق من فتاة مراهقة ساذجة فاقدة للخبرة بشخص إبن عمها لا أكثر
أغلق هاتفه ووضعه فوق المنضدة بإهمال وتحدث بإبتسامة: وأدي يا ستي التلفون اللي مزعلك،.

وأكمل بإهتمام كي يزيل عنها حزنها: بس أني معايزكيش تاخدي الأمور بحساسية إكدة يا صفا، زعلتي وكبرتي الموضوع على الفاضي
وأكمل مبررا بصدق: كل الحكاية إني كنت براسل زبون عندي على الواتس عنديه جضيه وأتحدد ميعاد چلستها السبوع دي وكنت بخبرة عنيها مش أكثر
نظرت له ومازالت تكشيرة وجهها موجودة فتحدث هو بدعابة: خلاص بجا عاد، يلا إبتسمي وريني الضحكة الحلوة لست البنات.

إبتسمت له وأنار وجهها وضل قاسم يتحدث معها بإهتمام حتى اتي النادل بالطعام وانزله وبدأو بتناوله وبعد الإنتهاء ذهبا سويا إلى السينما وقضت معه أسعد ليلة بحياتها حيث غمرها بإهتمامه ك تكفير منه عن ما أقترفه بحقها، وبعدها أوصلها إلى منزلها و ودعها و عاد إلى محل إقامته.

في اليوم التالي داخل محافظة سوهاج
مازال زيدان وورد وصغيرتهما بالقاهره، جمعت الچده قدري ومنتصر وزوجتيهما وأنجالهما، وقد إتفقت بوقت سابق مع عتمان أن لا يأتي على الغداء ويبقا بحديقة الفواكة، كي يعطي لها فرصة إخبارهم بإنتوائها لإكتتابها بالعشرين فدان التي تملكهما إلى صفا.

نظرت لها فايقة وتحدثت بنبرة حاده لائمة: بس اللي بتجولية ده إسميه ظلم يا عمه، إشمعنا صفا اللي تكتبي لها العشرين فدان ورثتك، أيه، ملكيش أحفاد غيرها إياك؟
وأكملت ليلي ونار الغل تنهش بصدرها: كل حياتكم بجت ظلم وإفتري، مفيش على الحچر غير الست صفا وچلعها الماسخ، حتى في الورث وشرع الله هتخالفوة لچل عيونها!

أخرصتها الچده بصياح عارم: إخرصي يبت وإتحشمي وإنت بتتحدتي وياي، شرع أيه اللي هخالفه يا مجصوفة الرجبة إنت،
وأكملت بتجبر وعناد: ورثتي وهديها لبت زيدان، أيه اللي يزعلكم في إكده مفهماش؟
تحدثت مريم بنبرة معترضة تأكيدا على حديث ليلي: هو اللي يجول الحج في البيت ده تخرصوة؟
وأردف يزن بنبرة جاده وذات معني ومغزي: خلي بالك يا چدة، إنت بتصرفك ده مبتفديش صفا، لا، إنت بإكدة بتأذيها أكتر وإنت مدريناش!

وتلاه منتصر الذي تحدث معترض: اللي بتعمليه ده غلط وحرام شرعا يا أماي
نظرت إليهم الچده بنظرات ثاقبة وتحدثت بنبرة حادة وهي تتنقل النظر بين الجميع: لما أنتوا فيكم إلسنه إكده وبتعرفوا الحلال والحرام متحددتوش وأعترضتوا ليه لما زيدان أبوه حرمه من ورثته زمان، ولا عشان ده كان عيصب في حچاركم سكتوا وطرمختوا على الموضوع؟
أجابها منتصر مذكرا إياها: مين اللي سكت يا أماي؟

وأكمل ليذكرها: كام مرة أني حاولت أتدخل وأصلح بين أبوي وزيدان، بس إنت أكتر واحده أدري بأبوي وبدماغه الناشفة، أبوي بجرارة ده خالف شرع ربنا، بلاش تخالفيه إنت كمان بعملتك دي يا حاچة رسمية
تحدثت فايقه بتأكيد بنبرة حاده: كلام منتصر صح يا عمة، ده غير إن زيدان إتعاجب لأنه غلط وخالف عادات وتجاليد العيله وحرم نفسه وحرمكم من الواد اللي عيشيل إسمة وإسم أبوة من بعديه، ولجل إكده إتحرم من ورثته،.

وأسترسلت بنبرة معاتبة: لكن إحنا وأحفادك بتعاجبينا وتحرمينا من خيرك ليه؟!
كان يجلس يبتسم من داخله على قرار والدته والذي يصب داخل مصلحته هو وولده البكري، فقد زين له الشيطان أفكارة بأن يجعل قاسم يستغل عشق صفا له بعد زواجهما ويجبرها على التنازل له بالعشرين فدان،.

ثم بعد ذلك يجعل قاسم يتنازل هو الأخر له عن تلك الورثه التي طالما حلم بها مرارا، والتي ستكون رمانة الميزان بالنسبة له، وستحقق له حلمة بأن يصبح ذو مال وجاة يعادل جاة ومال زيدان
نظر لتلك الغبيه التي أثارت غضبتة وتحدث بهدوء عكس ما يدور بداخلة ليهدأها ويجعلها تنظر لذاك القرار من جهة اخري: وإنت إية اللي مزعلك جوي إكده يا فايقة، هي صفا دي مش هتبجا مرت ولدك وكله عيصب في الاخر في حچرة وحچر ولاده؟

إتسعت حدقة عيناها منتبهه لصحة حديثه التي كانت تغفل عنه، وبلحظة تحول غضبها الداخلي إلى سعادة لا توصف من شدة جشعها
وضع منتصر ساق فوق الأخري وتحدث بتعجب ساخرا وهو يحك ذقنه بيده: هي بجت علني إكده يا قدري؟!
ضيق عيناه لشقيقه وتساءل بعدم إدراك لمعني حديثه: أيه هي اللي بجت علني دي يا واد أبوي؟
أجابه بحده: الطمع يا قدري، الطمع اللي مالي عنيك في مال زيدان ومال بته!

وقفت الچده وتحدثت بحده لتنهي ذاك الصراع الدائر بين ولديها: بكفياكم عاد يا ولاد عتمان، هي حصلت كمان إنكم تتعاركوا جدامي؟
وأكملت بنبرة صارمة: جراري أخدته وخلص الحديت، العشرين فدان هكتبهم لصفا وهبلغ قاسم إنهاردة يعملي بيهم عجد تنازل ليها،
وأسترسلت حديثها بتفسير صارم: وأني إن كنت ببلغكم فده لجل ميكون عنديكم خبر، مش عشان تشاركوني جراري وتحاسبوني عليه.

وأكملت بحدة وصرامة: يلاااا كل واحد يتكل على الله ويشوف مصالحه، وإنت يا فايقه إنت وحياة، خدي البنته وأدخلوا المطبخ جهزوا العشا للرچالة
وتحركت إلى حجرتها وتركت الجميع كل ينظر للأخر بغضب عارم لو خرج من داخلهم لأشعل في المنزل بأكملة
تحدث منتصر إلى قدري بعيون تطلق شزرا: لعبتها صح إنت ومرتك يا قدري، بس خلي بالك زين، لأني بعد إكده أني هجف لك بالمرصاد ومش هنولك اللي في بالك واصل.

وتحرك للخارج وتلاه يزن الغاضب وبشدة
وأنفض الإجتماع وتحرك كل إلى وجهته
نظر فارس إلى والديه بحزن عميق وتحرك لأعلي متجه إلى غرفته.

كان يجلس داخل مكتبه الخاص يدرس بعض القضايا المهمة بإهتمام، دلفت إليه إيناس بعدما دقت بابه للإستئذان،
إقتربت وجلست أمامه فوق المكتب بوضعية مثيرة ووضعت ساق فوق الأخري بدلال وتحدثت: وحشتني
إبتسم لها بخفوت وأردف قائلا بنبرة خالية من أية مشاعر: وإنت كمان
تنفست بهدوء وتساءلت: عمك وبنته رجعوا لسوهاج ولا لسه هنا؟
أجابها مهموم وهو يتنفس الصعداء: حچزت لهم رحلة بكرة الساعة عشرة الصبح.

تنفست الصعداء وأردفت قائلة بضيق: أخيراااا، ده أنا من وقت ما جم وأنا مش عارفة أتلم عليك يا قاسم، كل يوم يا خارج معاهم يا إما بتزورهم في شقتهم، بجد حاجة تخنق
أجابها بتملل ونبرة حادة أربكتها: خلاص يا إيناس، قولت لك هيسافروا بكرة وقفلي بقا على الموضوع ده،
وأكمل مهددا: وتاني مرة ما تتكلميش عن حد من عيلتي بطريقتك المستفزة دي لاني مش هسمح لك بكدة.

تلبكت من حدته وبلحظة قررت إعادته إلى عالمها من جديد فتحدثت بنبرة أنثوية مهلكة: إنت زعلت مني علشان بغير عليك يا قاسم؟
تحدث إليها بنبرة حادة وعيون غاضبة متسائلة: بتغيري عليا من مين يا إيناس، من صفا؟!
صفا العيلة الصغيرة اللي إنت متأكدة من جواكي إني عمري ما شفتها ولا هشوفها غير إنها أختي الصغيرة؟!
أخذت نفس عاليا ثم تحدثت بهدوء وهي تتلمس ذقنه النابت بدلال إنثوي مثير: طب ممكن حبيبي يهدي شوية.

ثم تابعت بأسي مصطنع: علشان مش بحب أشوفك زعلان
إنتفض من جلسته ووقف وأمسك يدها وأبعدها سريع بحدة عن ملامسة وجهه وذلك كي لا يدع الفرصة للشيطان بأن يتملك منه بعدما إرتعش جسدة بلذة من ملامستها تلك، وذلك طبيعي أن يحدث لأي ذكرا عندما تلامسه أنثي بكل ذاك الدلال
تحدث متحمحم بالصعيدي بعدما فقد سيطرته من تصرفاتها التي تستشيطة غضب: وبعدين وياك يا بت الناس، مهطبتليش إسلوبك الغريب ده؟

وأكمل بنبرة حاده: ده أني لولا إني عارفك زين وعارف أخلاجك كت جولت عليكي واحده لعبيه ومش تمام
إتسعت عيناها بصدمة من كلماته المهينة ووقفت سريع تنظر إليه وتحدثت بغصة مؤلمة: إنت بتقولي انا الكلام ده يا قاسم؟
وتساءلت بعيون ملتمعه بالدموع: وليه؟
علشان بحبك وحابة نتقرب من بعض وناخد على بعض أكتر قبل الجواز؟

وأكملت بعيون عاشقه: أنا بحبك يا قاسم ونفسي نعيش سننا ونتمتع بحياتنا اللي إنت مضيقها علينا وحارمنا من كل متعها
وأكملت بتذمر: مش كفاية إننا لا بنسهر ولا بنسافر مصايف سوا، ده حتى ممنوع عليا أسهر معاك وتاخدني في حضنك ونرقص سوا زيي زي أي بنت في سني مخطوبة وبتحب خطيبها ونفسها تحس معاه بلذة الحياة.

تنفس عاليا وأجابها بهدوء كي لا يحتد عليها مجددا ويرتفع رنين صوته ويخرج لأسماع الخارج من الموظفين والعملاء: وأنا قلت لك قبل كده إن كل الكلام ده بدع وحرام وأنا عمري ما هسمح لنفسي أعمل حاجة تغضب ربنا مني ويكون فيها هلاكي
أجابته بطريقة تفكيرها المتحرر المخالفة لشرع الله وإتباعها لخطوات الهوي والشيطان: وأيه بقا اللي بنعمله يغضب ربنا يا متر، إحنا مخطوبين يعني أي تقارب يحصل بينا عادي.

نظر لها بعيون مستغربه حديثها وتحدث إليها ساخرا: إنت متأكدة من كلامك ده يا حضرة المحامية يلي دارسة شريعة وقانون
أجابته بثقة متبجحة: ما لا يدرك كله لا يترك كله يا قاسم، دينا نفسه بيقول كدة
أجابها بحده: بلاش تخدعي نفسك وتفسري الدين على هواكي يا إيناس، الحلال بين والحرام بين يا بنت الناس
ودي أخر مرة هنبهك وهقولك الكلام ده، الموضوع ده لو إتكرر تاني إنسي إتفاقنا وكل واحد فينا يروح لحاله.

ووقف بعيدا وأشار لها بيده إلى الباب: والوقت إتفضلي على مكتبك لأن عندي شغل كتير محتاج أخلصه
إبتلعت لعابها وتحركت إلى الخارج بعدما إنتوت تغيير خطتها مع قاسم كي لا تستدعي غضبه من جديد ويضطر هو لتنفيذ تهديدة لها.

بعد يومان داخل محافظة سوهاج
كانت تجلس بداخل حديقة منزل العائلة ترجع برأسها للخلف ساندة على ظهر المقعد بمظهر يجذب، تنظر بإسترخاء إلى السماء تتأمل عظمة الله في صنعه
قاطع شرودها يزن الذي إقترب عليها ينظر إلى كل إنش بوجهها بإشتياق جارف لحبيبته الصغيرة وجمالها البارع الذي تفنن الله سبحانة وتعالي في صنعه وإبداعه، دق قلبه بوتيرة عالية وأبتلع لعابه من شدة إشتياقة.

وتحدث إليها كي تتطلع إليه بمقلتيها الساحرة وتنعش روحه وتعطيها دفعة أمل: كيفك يا صفا
إعتدلت سريع وهي تعدل من جلستها ثم نظرت إليه وتحدثت إلية بإبتسامة ساحرة ونبرة رقيقة: الحمدلله يا يزن
سحب مقعدا وجلس بجانبها وتساءل بإهتمام: إنبسطي في القاهرة يا صفا؟

تهللت أساريرها وتغيرت معالم وجهها للسعادة وتحدثت بنبرة حماسية وعيون لامعة: جوي يا يزن، قاسم عزمنا على الغدا على مطعم عايم في النيل، وتاني يوم عزمني على العشا برة و وداني بعدها سينما، وأبوي أخدني لمكتبة كبيرة وإشتريت منيها مچموعة كتب جيمة جوي، هبجا أديك منيهم كتاب تجراه، متوكدة إنه هيعچبك جوي.

كانت تتحدث بعيون سعيدة ونبرة حماسية أحبطت ذاك العاشق الذي تساءل بهدوء: إلا جولي لي يا صفا، إنت أية رأيك في موضوع خطوبتك من قاسم دي؟
إرتبكت وتلونت وجنتيها باللون الأحمر الداكن من شدة حيائها، وتحدثت على إستحياء: أبوي وچدي موافجين وأكيد هما أدري بمصلحتي مني.

نظر لها يزن وتهللت أساريره حين أجابته هكذا ظنا منه أنه لا فرق لديها بين قاسم او غيره وسألها باهتمام ولهفة: أفهم من إكدة إنك مش فارج معاكي تكوني مخطوبة لقاسم أو غيره يا صفا؟

تلبكت وارتبكت بجلستها ولم تدري بما ستجيبه وفجأه إستمع كلاهما إلى صوت فايقه الحاد وهي تقترب عليهما، حيث أنها كانت تنظر من شرفه غرفتها فوجدت يزن يقترب من جلسة صفا ولأنها خبيثة وذكية وملمة بحال الجميع كانت تراقب تصرفات ونظرات الجميع عن كثب وفي صمت تام، تيقنت بفطنتها عشق يزن الجارف إلى صفا،.

ولهذا سبقته بخطوة وحدثت عمتها عن رؤيتها صفا زوجة مناسبة لولدها البكري قاسم، ولكنها تفاجأت بأن عتمان كان قد قرر مسبقا إنتوائة لزواج قاسم من حفيدته وذلك كي يحفظها ويحميها من غدر البشر وتقلبات الزمن،.

جن جنونها عندما غزت أفكارها بأن يحاول يزن اللعب على قلب تلك البلهاء عديمة الخبرة ويجعلها تتخذه حبيب بديلا عن ذاك القاسم الذي ييبس رأسه ولا يستمع إلى نصائح والدته ويقترب أكثر من تلك المراهقة ويستحوذ على تفكيرها وجميع حواسها أكثر وأكثر، جرت الى الاسفل بجنون لتمنع يزن من الاعتراف لها بعشقه
تحدثت بنبرة حادة إلى يزن: سايب عمك لحاله في الأرض مع الانفار و واجف عنديك بتعمل أية يا يزن؟

نظر لها بضيق وتحدث بحده مماثلة: جري أية يا مرت عمي، مالك فتحة لي تحجيج إكدة ومحسساني إني تلميذ خيبان وأتظبط وهو هربان وعم ينط من سور مدرسته؟
ثم أني خلصت شغلي اللي مطلوب مني وجيت على البيت أريح راسي شوي، ولا يكونش منعوا الراحة إهني واني مدريانش.؟

إبتسمت بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بحديث ذات مغزي: ممنعوهاشي ولا حاچة يا يزن، بس اللي ممنوع إنك تحاول تلعب وتغير في ترتيبات اللكبار، وجتها هتكون بتغلط غلط كبير جوي مش بس في حجك، لاء، ده في حج أبوك كمان، ودي لوحديها فيها عجاب كبير جوي يا واد الأصول
إستشاط داخله من تلك الأفعي الرقطاء التي تتحرك داخل عقول الجميع وتبث سمها داخل افكارهم دون ردع من أحدهم.

إبتسمت له بسماجة ثم حولت بصرها لتلك الواقفه لا تفقه شئ مما يحدث أمامها ويرجع ذلك إلى شدة برائتها
وتحدثت إليها بنعومة كالأفعي: أني كنت لسه داخله عنديكم يا صفا عشان أبلغكم إن قاسم هياجي كمان يومين وهندلوا معاه أني وإنت وأمك للمركز لجل ما ننجوا شبكتك يا عروسة.

نزلت كلماتها تلك على قلب تلك العاشقة أنعشتها واعطتها دافع للحياه، ظهرت قمة السعادة على وجهها وصمتت خجلا ثم نظرت فايقة إلى يزن الذي تملك الحزن من داخلة عندما رأي كل تلك السعادةعلي وجه هذه البريئة وتأكد حينها أنها تريد ذاك القاسم لا غير
وجهت فايقة حديثها ذات المعني إلى يزن قائله: شفت يا يزن فرحت بت عمك بخبر شبكتها جد إية؟

واكملت بنبرة شبه أمرة: چهز حالك إنت كمان عشان جدك أمر إن إنت وفارس هتدلوا بكرة المركز وتنجوا شبكت عرايسكم
في تلك الأثناء خرجت ورد كي تبحث عن إبنتها، إرتعبت أوصالها حين رأتها بصحبة تلك الحية، تحركت سريع إلى وقفتهم، حين أبلغتها تلك الش مطاء لأوامر عتمان وأن عليها التأهب، وتركهم يزن بقلب منكسر وتوجة للداخل.

روايه قلبي بنارها مغرم بقلمي
كان يتحرك بقلب منكسر وخيبة أمل أصابته جراء ما رأه من سعادة داخل عيون صفا، نارا شاعلة بجسدة بالكامل، متجة إلى الدرج ومنه إلى حجرته،
وجد من توقفه بندائها العالي وتسرع إلية بخطواتها حتى توقفت أمامه وتحدثت بنبرة سعيده حماسية: كيفك يا يزن، عرفت إن چدك أمر بإننا ندلوا كلياتنا للمركز بكرة لجل منجوا شبكتنا أني ومريم؟

نظر لها بنصف عين وأردف قائلا بنبرة ساخرة: مبروك عليكي، بس أبجي خدي چدك وياكي لجل ما يكمل أوامرة ويختارلك شبكتك بنفسية
حزنت وأقشعرت ملامحها بعبوس وتحدثت بنبرة حزينة: أني عارفه إنك معتحبنيش ولا كت رايدني من الأساس،
واكملت بنظرة حاقدة: وخابرة كمان مين اللي كانت السبب في إكدة
وأسترسلت بنبرة حماسية: بس أني ريداك وعشجاك يا يزن وهعمل كل چهدي لجل ما أخليك تعشجني وتريدني كيف ما أني عاشجة تراب رچليك.

نظر لها مستغرب تبجحها وعدم حيائها وتحدث إليها بنبرة فظة: ماتتحشمي يا بت، چيباها منين البچاحة اللي إنت فيها دي؟
إبتسمت له بسعادة وأردفت بنبرة عاشقة: إنت عتسمي عشجي ليك بچاحة؟
أنقذه من تلك الحية صوت فارس الجهوري الذي يتدلي من فوق الدرج حيث تحدث بنبرة حادة: واجفة عنديكي بتعملي إية يا بت.

رفعت بصرها للأعلي تطالع شقيقها وتحدثت بنبرة باردة: كت ببلغ يزن بإننا هندلوا بكرة كلياتنا على المركز لجل ما نشتري شبكتنا
وما ان إستمع ذلك الفارس حتى إشتعلت النيران بجسده هو الأخر وتحدث إليها ناهرا إياها: شبكة الندامة عليك يا بعيدة، غوري إنچري على المطبخ إعملي كباية شاي
نظرت لذاك اليزن وتحدثت بنعومة: وإنت يا يزن، تحب أعمل لك إية؟

نفض جلبابه بغضب وأردف ساخرا: عايزك تعتجيني لوجة الله يا ليلي، تعرفي تعمليها دي؟
إبتسمت إلية وكأنها لم تستمع إلى توبيخها وأردفت قائله بنبرة هائمة: هعمل لك شاي ويا فارس وأطلعهولك في البراندا
قالت كلماتها وأنسحبت متجه إلى المطبخ بعدما نظرت إلية وتنهدت بحرارة.

إقترب فارس من يزن وأمسك كتفه وتحدث بنبرة ساخرة وهي ينظر لتلك التي تتحرك بدون خجل: ياتري عملت إية في دنيتك يا حزين لجل ما ربنا يبتليك بالبلوة السودا دي؟
أجابه بإقتضاب: إتولدت في العيلة الهم دي، هو ده ذنبي الوحيد اللي شكلي إكدة هعيش اللي باجي لي من حياتي لجل ما أكفر عنية
تنهد فارس بأسي وتساءل بجدية: هنعملوا إية في المصيبة اللي حطت فوج روسنا دي يا يزن؟

أجابه بنبرة بائسة محبطة: أني خلاص مبجاش فارج لي، ليلي بجت شبه غيرها
ثم نظر له وتحدث بنبرة متألمة: صفا طلعت رايده قاسم وعشجاة يا فارس.
مرت السنوات السبع سريع على أبطالنا سريع، حاول خلالها قاسم جاهدا على أن يبتعد عن مرمي عيون صفا قدر المستطاع كي يجعلها تناساه وسط زحمة دراستها الصعبة وانشغالها لكنه كان مخطئ وبشدة، فمتي ان للحبيب أن ينتسي بمجرد الإبتعاد عن النظر، فوالله ما زادها البعد إلا نارا واشتياق.

إنغمست هي الاخري ووضعت كل طاقتها في دراستها، ولكنها كانت حزينة ومستغربة لتجاهله المتعمد لها، حيث أنه لم يعرض عليها طيلة السنوات السبع بأن يخرجها من حبستها داخل المدينة الجامعية ولو لمرة واحده ويرفه عنها ثقل دراستها.

ولكنها أرجعت ذلك التجاهل والإبتعاد إلى غضبة الشديد الذي أصابه حين علم أنها قدمت اوراقها في چامعة القاهرة متجاهلة قراره بخصوص جامعة سوهاج
أما هو فأبعد حاله عن النجع متعمدا قدر المستطاع وأنغمس في دوامة العمل التي لا تنتهي حتى أصبح مكتبة من أكبر وأشهر مكاتب المحاماة في العاصمة بأكملها، وذلك بمساعدة عدنان وإيناس التي غيرت من خطتها تمام في معاملتها مع قاسم وأصبحت مثلما يريد، او هكذا أوهمته،.

فقد أصبحت شخصية أكثر عملية، ذات خلق ظاهري فقط أمامه وأرتدت الحجاب وإلي حد ما أصبحت ملابسها مقبولة ومرضية بالنسبة له.

تزوج يزن من ليلي وفارس من مريم منذ عامان تحت ضغط كبير من جدهما، رزق فارس ومريم بطفلة رائعة الجمال أسمياها جميلة تيمنا بجمالها الخلاب، وعاشا معا وحاولا كلاهما جاهدان بتناسي الماضي والعيش من جديد لأجل طفلتهما، والحق يقال الطرفان لديهما الإستعداد للتجاوب وإعطاء حالهما فرصة اخري للحياة، ولكن، هل حقا سيستطيعا التغلب على نسيان الماضي؟

أما يزن وليلي فلم يرزقا بأطفال إلى الأن تحت حزنها وحزن والدتها وسعيهما بشتي الطرق لتحصلا على مرادهما، وراء الأطباء تارة، وتارة أخري تسعي كلاهما إلى الدجالين والمشعوزين أملا في حدوث الحمل كي تضمن بقائها مع حب العمر يزن الذي يحاول مرارا أن ينسي صفا بليلي التي تعشقه، ولكنها وللأسف ورثت من والدتها الغباء والتعالي، حيث دائما ما تغار عليه من صفا وتفتعل المشاكل معه بسببها.

وما زاد الطين بله وأشعل نيرانها أكثر هو أن جدها أسند إليه مهمة الإشراف على بناء المشفي الخاص بصفا، وهذا ما جعل يزن وصفا يقتربا أكثر وخلق بينهما فرص للحديث والتواصل أكثر وكان هذا سبب كفيلا ليستدعي غيرتها المجنونه وأشعالها.

وقد أسند الجد تلك المهمة إلى يزن بعدما تأكدت ظنونة التي طالما انكرها داخله بإتجاة قدري بأنه خائن للأمانة التي أسندها له، وذلك بعدما أتي إلية تاجر فاكهه وخضروات كبير وأخبره على إستحياء أن قدري قد طلب منه بأن يأتي إلى عتمان ويطلب شراء المحصول بأقل من الثمن المستحق وهو سيقنع والده بأن هذا هو السعر الحالي، وأن يدفع التاجر الفارق لقدري مع بعض الخصم للتاجر، ولسوء حظ قدري أن التاجر كان يمتلك ضميرا مستيقظ.

وجاء يوم ظهور النتيجة، تصفحت موقع الجامعة وكالعادة حصلت على بكالوريوس الطب بدرجة إمتياز كعادتها طيلة السنوات السبع المنصرمة بجامعة القاهرة
وبرغم سعادتها الهائلة التي لم يضاهيها مثيل إلا أنها حزنت بشدة لعدم إكتراث قاسم وإهماله حضور يوم مميزا بالنسبة لها كهذا أو حتى مهاتفته لها كي يطمئن عليها ويشاركها فرحتها.

كل الشواهد كانت تؤكد أنه لم ولن يعشقها يوم ولكنها تغاضت عن شعورها ذاك وحاولت جاهدة أن لا تصدق حدسها وعقلها الواعي الذي دائما ما يلح عليها بإصرار طيلة الوقت ويأمرها بأن تتنازل عن ذاك العشق المدمر لروحها، ولكن يضل السؤال، متي كان للعقل سلطان على قلوب العاشقين.

اخبرت والداها عن تخرجها بتفوق كعادتها مما أسعدهما حتى انهما بات يطيران من شدة سعادتهما، وتحركت متجهه إلى المشفي بعدما هاتفت دكتور ياسر وأخبرته أنها بطريقها إلية كي تشرف على تجهيزات المشفي التي سيفتتحها جدها ويسلمها إدارتها عن قريب إحتفالا بتخرجها.

دلفت إلى ساحة المشفي تستقل سيارتها الفارهه التي أهداها لها والدها عندما حصلت على درجة الإمتياز في السنة الرابعة تحت إعتراض عتمان على قيادتها للسيارة بنفسها ومخالفتها لعادات النجع وتقاليدة الصارمة التي تمنع ان تقود فتاه سياره بنفسها، ولكنه كالعادة سرعان ما تراجع عن قرارة عندما لمح حزنها بعيناها الجميلة والتي دوما ما يضعف أمامها، وأيضا تحت إلحاح زيدان وإصرارة.

ترجلت من السيارة تحت انظار ذاك الطبيب الشاب الذي كان معيدها بكلية الطب جامعة القاهرة ولكنها رأت به مشروع شريك ناجح لها بالمشفي، وتحدثت معه واقنعته بأن يتفرغ للمشفي ويعاود معها إلى سوهاج ويستقر بها، وبالنسبة لتعينه بالجامعة إقترحت علية بأن يتقدم بطلب أنتداب لجامعة سوهاج، ببداية الحديث رفض عرضها بحزم شديد ولكنها أغرته براتب شهري عالي ونسبة من الأرباح سنويا فوافق على الفور، كونها فرصة عظيمة لشاب مثله طموح في بداية مشواره العملي.

وبالفعل أتي إلى النجع منذ أكثر من شهر وأستقر به وبدأ بالتجهيزات بمساعدة يزن
تحدث دكتور ياسر البالغ من العمر ثلاثة وثلاثون عاما والذي يمتلك من المقاومات الرجولية ما يجعله شاب وسيم ويستطيع جذب أي انثي تقع عيناها عليه عدا تلك العاشقة متيمة قاسمها: يا أهلا وسهلا بحضرة الزميلة العظيمة
وأكمل وهو يشير ببداه مداعب إياها: خلاص يا طالبتي النجيبة، بقيتي دكتورة وزميلة رسمي.

أنار وجهها وسعادة الدنيا إرتسمت فوق ملامحها الرقيقة وتحدثت بنبرة سعيدة: كله بفضل الله ثم وجفتك وياي يا دكتور ياسر
أجابها معترض: بلاش إنكار الذات اللي إنت فيه ده يا صفا، محدش وصلك للي إنت فيه ده بعد ربنا غير طموحك وتفوقك وإجتهادك و إصرارك العظيم على النجاح.

أجابته بشكر وامتنان: متشكرة ليك چوي يا دكتور، ودالوك يلا بينا ندخلوا المستشفي لجل ما نشوف اللي ورانا ونچهز للإفتتاح اللي هيكون في أجل من شهر إن شاءالله
ودلفا معا للداخل يتفقدان العمال وهم يعملون على قدم وساق بأوامر حازمة من يزن المكلف بمباشرة الأمر بأوامر من جده عتمان.

عند الغروب توجهت للعودة إلى منزلها من جديد
دلفت إلى حديقة المنزل وصفت سيارتها بحرفية عالية ثم تدلت وكادت أن تدلف إلى منزل أبيها لولا صوت يزن الذي صدح من خلفها محدث إياها قائلا بنبرة صوت سعيدة: مبروك يا دكتورة، عجبال الماسيجتير والدكتوراة ويكونوا كالعادة بإمتياز
إستدارت بجسدها تنظر إليه بإبتسامة واسعة وأردفت قائلة بنبرة شاكرة: الله يبارك فيك يا باشمهندس.

إقترب منها وتحدث إليها بنبرة حماسية: أظن إكدة معادلكيش حجة عاد، الإمتحانات وخلصناها والبكالوريوس وأخدناه بدرچة إمتياز مرتفع، عاوزك من بكرة تفضي لي حالك لجل ما تتابعي وياي تچهيزات المستشفي، خلاص الأجهزة على وصول، بكرة أو بعدة بالكتير وتوصل
أجابته بنبرة هادئة: إن شاءالله من بكرة رچلي على رچلك.

واكملت بدعابة: وإوعاك تكون فاكر إني مكتش متابعة التچهيزات، أني كنت بتابع كل الخطوات مع دكتور ياسر، وحتى الأچهزة اللي هتوصل بكرة إختارتها وياه.

تحدث إليها مشيدا بذكائها: بصراحة يا صفا إختيارك لدكتور ياسر في إنه يشرف على تچهيزات المستشفي بنفسية كان إختيار موفق ورائع، الراچل ساعدني كتير ده غير إنه وفر لنا وجت ومچهود في المشاوير اللي كنا هنروحها للشركات اللي بتورد الأچهزة دي، ده غير إنه بمعارفه إختار لنا أفضل الأسعار الموچودة في السوج.

أردفت قائلة بإمتنان: دكتور ياسر حد شاطر جدا وطموح لابعد حد، أول ما دخلت الكلية كان هو لساته متعين معيد من سنتين، والحجيجة كان مميز چدا وظاهر من بين كل زمايلة، فضلت مراجبة تصرفاته ونشاطاته المشرفة في الكلية من بعيد لحد ما أتوكدت إنه إنسان صادق وعلى خلق،.

وبعدها عرفته عليا وجولت له على جرار چدي الخاص ببني المستشفي، وعرضت علية في إنه يجدم على إنتداب لچامعة سوهاچ وياجي يشرف على تچهيزاتها جنب شغله في الجامعة، وكمان يتعين إهني في المستشفي العام، لحد ما أني أخلص، بس هو رفض بشدة
وأكملت وهي تضحك: بس أني أغريته بالمرتب اللي مهيلجهوش في أي مستشفي إستثمارية في القاهرة بحالها.

إبتسم لسعادتها وتحدث بإطراء على ذكاءها: خطوة موفجة يا صفا، إنت كنتي محتاچة واحد فاهم لجل ما يساعدك في التچهيزات وفي نفس الوجت مخلص وأمين
تحدثت إلية بتفكر: إيوا صح يا باشمهندس جبل ما أنسي، عاوزاك تجعد وياه لجل ما تختاروا الدكتورة الچديدة اللي هتتعين في تخصص أمراض النسا، هو معاه ال C. V الخاصة بيهم.

ومن بين حديثهما الشائق إستمعا كلاهما إلى صوت تلك الغاضبة التي صدح من خلفهما وهي تتحدث إلى زوجها بنبرة حادة: ولما أنت إهني في السرايا معتردش على مكالماتي لية يا يزن؟
نظر إليها مستغرب حدتها ونبرتها العالية وأردف قائلا بتبرير: تلفوني عاملة Silent من لما كنت مع العمال في المستشفى الصبح ونسيته
ثم تابع حديثه منتقدا إسلوبها الحاد: وبعدين حسك عالي ليه؟
و مالك داخلة فيا زي الجطر الجشاش إكده لية.

نظرت إليه وتحدثت بضيق وبنبرة معاتبة: أني زي الجطر يا يزن؟
وكادت أن تكمل لولا مقاطعت صفا التي تحدثت بلين: صلوا على النبي وإهدوا إكدة يا چماعة
لم تكمل حديثها وأبتلعته بجوفها وذلك لحدة تلك المقاطعة لها التي تحدثت إليها بنبرة حاقدة: خليكي في حالك وحياة أبوكي و وفري نصايحك الخيبانة دي لنفسك، وكفاية إن كل خناجاتنا ومشاكلنا بسببك
بسببي أني؟
جملة تساءلت بها صفا بتعجب وذهول ظل وهي تشير بسبابتها على حالها.

فأجابتها هي بصياح حاد: إيوة بسببك وبسبب مستشفي الهم اللي واخدة وجت جوزي كلياته لدرچة إني معرفاش أجعد وياه ساعتين على بعض
نهرها يزن قائلا بحدة: وبعدهالك عاد يا ليلي، مهتزهجيش منيه حديتك الماسخ دي؟
وتحدث وهو يشير إليها بيده للأمام: مشي جدامي على فوج، صفا مذنبهاش حاجة في إنها تجف وتسمع خناجاتنا وحديتنا التافة دي.

تحدثت صفا إلى يزن قائله بهدوء: معلش يا يزن هحرمك من مرتك عشر دجايج بس هنتكلموا فيهم لحالنا وبعدها تطلع لك على طول
نظر إليها وتحدث بطاعة ونبرة حنون أثارت جنون تلك الليلي وأشعلتها أكثر من ناحية صفا: إنت تؤمري يا دكتورة
وأكمل منسحب: بعد إذنك
بعد صعوده لدرجات سلم المنزل ربعت ليلي ساعديها ووضعتهما فوق صدرها وتحدثت بنبرة رخيمة: خير، جولي اللي عندك وإنچزي عشان مفضيالكيش أني.

تحملت صفا نبرتها السخيفه وامتصت حزنها من تلك المعاملة التي طالما تعاملها بها وإلي الان لم تعي ولا تجد سبب مقنع لتلك المعاملة، تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة هادئة: حاضر يا ليلي، مهأخركيش.

وأكملت بنبرة جادة عملية: أني طلبت من دكتور ياسر إنه يسأل لي على دكتور نسا وتوليد زين وهو كتر خيرة جاب لي إسم دكتور في القاهرة إسمة كبير جوي، ولما سألت عليه زين لجيته ماشاء الله شاطر چدا في مجالة، و كان سبب في إن ربنا رزج ستات كتير بالخلفة بعد سنين كتير خدوها چري من دكتور للتاني.

وما كان من الاخري إلا أنها شنت عليها حرب هجومية حادة قائلة بنبرة حادة: وإنت مالك يا جلفة بالموضوع ده، تتدخلي ليه في اللي مايخصكيش، مالك إنت إن كنت أخلف ولا ما أخلفش
تراجعت للخلف من شدة هلعها من هجوم تلك المجنونه وتحدثت مفسرة: مالي كيف يعني يا ليلي، إنت ويزن ولاد عمي يعني كيف إخواتي بالظبط، وحجكم عليا إني أساعدكم في حل مشكلتكم خصوصا إنها في نفس مجالي وإني بسهوله اجدر أوصل للي يجدر يساعدكم.

رمقتها بنظرات نارية وتحدثت بنبرة شاعلة: تعرفي يا صفا، أني لو دخولي للچنة هياجي من ناحيتك ويكون لك يد فية يبجا بلاها ومعيزهاش
إتسعت أعين صفا وأردفت بتعجب: للدرچة دي، لية ده كلة يا بت عمي؟
عملت لك إيه أني أستاهل علية معاملتك وكلامك دي؟
أجابتها بحدة وغل دفين: أصل المحبه والكرة دول بياچوا من عند ربنا، وإنت سبحان الله ربنا وضع كرهك في جلبي من وجت ما كنا عيال صغيرين بنلعبوا في الچنينة،.

وأكملت بغل وحقد ظهر بعيناها: من يوم يومي وأني اطيج العما ولا أني أشوفك جدامي
واسترسلت حديثها وهي تشير بسبابتها بنبرة محذرة: إسمعي زين يابت إنت، حياتي أني وچوزي خط أحمر بالنسبة لك، تبعدي عنينا وإوعاك تفتحي الموضوع ده مع أي حد تاني وبالخصوص يزن، وإبعدي عن يزن أحسن لك بدل ما أحطك في دماغي وأكرهك في عيشتك وأخليها لك چهنم الحمرا
وأكملت بتأكيد: فهماني يا بت ورد؟

كانت تستمع إليها بإستغراب تتساءل حالها بحيرة، لما كل هذا الكرة، ماذا فعلت لك لأجني كل ذاك الحقد والكرة من قلبك المحمل بالسواد أيتها الحمقاء
دققت النظر إليها ثم هتفت بنبرة قوية: طول عمرك وإنت بتندهي لي ببت ورد وكأنها وصمة عار وشتيمة ولا عيبة في حجي، بس اللي متعرفهوش إني بحس بكياني وجيمتي لما حد بيجول لي يابت ورد.

وأكملت بقوة وشموخ ورأس مرفوع بكبرياء: صح أني بت ورد وليا الشرف يا بت فايقة، بت ورد اللي ربتني أحسن تربية وطلعتني نفسي سويه، مش واحدة مريضة زيك ودايرة اوزع كرهي وحجدي على الناس من غير أسباب إكدة
ردت عليها ليلي وتحدثت بحقد: أني مش مچنونه لجل ما أكرهك من غير أسباب يا دلوعة أبوكي، أسبابي واعرة، واعرة جوي بس أحب أحتفظ بيها لنفسي.

وأكملت بعيون مشتعلة: ودالوك إخفي من وشي وإياك تنسي الكلام اللي جولتهولك من شوي، ده لو خايفة على حالك وعاوزة تتجي شري اللي منتيش حمله
وتحركت للداخل تحت نظرات صفا المتعجبه التي تحدثت بصوت مسموع لأذنيها: ربنا يشفيكي من حقد جلبك اللي هينهي عليكي يا بت عمي
وأنسحبت خلفها لداخل منزل جدها.

دلفت للداخل وجدت أمامها نجاة زوجة عمها التي إبتسمت في وجهها بسعادة وتحدثت إليها مهنئة: ألف بركة يا دكتورة، عجبال الچواز يا بتي
إبتسمت لها وتحدثت بحنان: يبارك في عمرك يا مرت عمي
ثم تساءلت: چدي وينه؟
أجابتها وهي تشير بسبابتها إلى باب الحجرة: چدك جاعد في المندرة ويا عمك منتصر، إدخلي لهم.

تحركت بالفعل ودلفت بعد الإستئذان وقبلت يد جدها الذي تحدث بنبرة فخورة: يا مرحب بالزينة اللي شرفتني وبجت دكتورة جد الدنيي
إبتسمت له وأجابته بنبرة سعيدة: كلة بفضل ربنا وبفضل تشجيعك ليا يا چدي
ثم تحركت لعمها وتحدثت بإحترام وهي تمد يدها لمصافحته: كيفك يا عمي؟
أجابها بنبرة حنون وعيون محبة: كيفك إنت يا زينة البنات
أجابته: الحمدلله يا عمي، بخير.

وجلست بجانب جدها تحدثه وتخبره إلى أين وصلت تجهيزات المشفي، دلفت جدتها التي تحدثت بسعادة: مبروك يا دكتورة
وقفت سريع ومالت بقامتها على كف يد جدتها لتقبله ثم تحدثت: يبارك في عمرك يا چدة
تحدث إليها عمها منتصر قائلا: أظن ما ان الأوان لجل ما نفرحوا بيكي بجا يا دكتورة
رد عليه عتمان وهو ينظر لخجل وأبتسامة غاليته: خدتها من على طرف لساني يا منتصر، چهزي حالك يا ست العرايس عشان فرحك على واد عمك بعد سبوعين.

وأكمل: و أني هكلم قاسم بالليل لجل ما يچهز حاله هو كمان
ثم نظر لزوجته وتحدث بأمر. : وإنت يا حاچة رسمية، چهزي حالك إنت وفايقة والحريم وشوفوا اللي لازم للفرح، وجهزوا الشجة عشان العزال هياچي كمان يومين
كانت تشعر بأن ساقيها لم تعد قادرة على حملها، أرادت أن تصرخ وتدور حول حالها من شدة سعادتها، كم تمنت في تلك اللحظة لو أن لها جناحان، لطارت وحلقت وتراقصت بين السحاب كي تشاركها العصافير متغنية بزقزقتها.

داخل مسكن فارس الذي كان يجلس غرفته قابع على سريرة يقرأ كتيب بيدة
دلفت مريم إلية حاملة طفلتها التي بالكاد تكمل شهرها السادس وتحدثت بإقتضاب: هو انت مهتزهجش من الجعدة لحالك إهني يا فارس؟
وضع كتيبه جانب فوق الكومود وأشار بيدة إلى طفلته الجميلة التي ما إن رأته حتى بسطت يداها مشارة إلى عزيز عيناها.

إلتقطها فارس وسرعان ما أدخلها بأحضانه وبات يزيدها وينثر عليها قبلاته الحنون بلهفة وشوق وسعادة وكأنه وجد العوض داخل حضن صغيرته
ثم نظر لتلك التي تضم شفتيها بحزن وتساءل ساخرا: مالك يا مريم على المسا، جالبة خلجتك لية إكدة؟

أجابته بإقتضاب: زهجانة يا فارس، نفسي أخرج من السجن دي ونسافر لحالنا لأي مكان نتفسحوا فيه
قطب جبينه فأكملت وهي تجاوره الجلوس: تعال نسافر مصر ونجعد لنا جد إسبوع في شجت عمك زيدان، نفسي أتفسح وأروح السينما يا فارس، نفسي أشوف دنيا غير دنيتنا المجفولة دي
أجابها بعدم إهتمام لحالتها: ما انت خابرة زين أني مفاضيش يا مريم، إبجي روحي مع عمك زيدان لما ياچي يسافر هو وصفا ومرته.

أجابته بنبرة حادة: مبرتاحش ويا صفا وإنت عارف إكدة زين، الكام مرة اللي سافرتهم وياهم كت بحس حالي مخنوجة وممرتحاش،
أردف بنبرة حادة معاتب إياها: يادي صفا اللي حطاها فوج راسك وزاعجة إنت وليلي، البت في حالها ومبتجربش منيكم، مالكم بيها سبوها في حالها.

حزنت من طريقته الحادة معها وتحركت إلى الشرفة ووقفت بها تاركة إياه بصحبة إبنته والذي بدأ بمداعبتها وملاطفتها تحت ضحكاتها العالية التي تعبر عن مدي سعادتها المفرطة.

دلفت إلى منزلها عائده من منزل جدها بقلب وروح هائمة، وجدت والدتها تخرج من المطبخ فتساءلت بنبرة لائمة: كل ده تأخير يا دكتورة؟
أبوك مداجش الوكل وجاعد مستنيكي لجل ما يتغدا وياكي
أردفت قائله بذهول: جاعد لحد دالوك مستنيني، ده المغرب جرب يأذن يا أماي
تحدثت إليها ورد على عجالة: طب يلا إندهي لأبوكي من الأوضة على ما أچهز السفرة أني وصابحة.

أطاعت والدتها وتحركت إلى حجرة أبيها، وقفت وطرقت بابها بهدوء، إستمعت إلى صوت أبيها قائلا: إدخلي يا دكتورة
دلفت وطلت برأسها وأبتسامة خلابه ظهرت على محياها وتحدثت لذاك الممسك بهاتفه يتصفحه: وكيف عرفت إن أني اللي على الباب مش أمي
إبتسم لها وأردف ساخرا: عشان إنت الوحيدة اللي عتخبطي على الباب جبل ما تدخلي يا جلب أبوكي، لكن أمك عتدفع الباب دفع كيف المخبرين لما ياچو يجفشوا المچرم وهو متلبس بچريمته.

أطلقت ضحكة عالية وتحدثت وهي تقترب علية: طب ولما حضرتك صاحي وجاعد على التلفون، حابس حالك إهني لية، مجعدتش في البراندا في الهوا ليه يا أبوي
أجابها مفسرا: ما انت عارفة أمك، عطيج العمي ولا تطيجش تشوفني ماسك التلفون وجاعد على الفيس بوك
عتحبك وتغير عليك يا زينة الرچال، جملة قالتها صفا مفسرة
أجابها بهدوء: على أية بس يا بتي، هو أني عاد فيا حاچة لجل ما تغير عليا بيها.

تحدثت بإستهجان: إنت زيدان النعماني زينة رچال نجع النعمانية كلياتهم، وعتفضل إكدة، معتشوفش حالك في المراية إنت إياك؟
وأكملت بتفاخر: طب ده أني صحباتي لما شافوك معاي لما چيت لي الچامعة مصدجوش إنك أبوي، جالولي يابخت أمك بيه
قهقه عاليا ثم جلست بجانبة وتحدث هو متسائلا بنبرة جادة: أخبار تچهيزات المستشفي إية؟
أجابته بنبرة عملية: الأچهزة اللي جدي متكفل بيهم هيوصلوا وهيتركبوا بكرة إن شاء الله.

وأكملت: أما بجا أچهزة غرفة العناية المركزة اللي حضرتك إتبرعت بيها هتوصل بعد إسبوع، وكمان الأجزخانة اللي حضرتك عملتها جدام المستشفي لغير الجادرين، الدكتور ياسر جال لي إن شركات الأدوية هتوصل جبل الإفتتاح بيوم وتچيب المطلوب كلياته
وأكملت بإمتنان: ربنا يچعلة في ميزان حسناتك يا حبيبي ويعطيك ويزيدك من فضلة
إبتسم لها وتحدث متمنيا: تسلمي يا بتي، ربنا يجعلها فتحة خير عليكي إن شاءالله.

أردفت مكملة: تسلم يا أبوي، . چدي جال لي أخلي الكشف لأهل النچع الغير جادرين مجانا، وكمان النچوع اللي حوالينا أي حد هياجي يكشف ويجول إنه غير جادر هيكشف من غير مايدفع حاچة، لكن سعر الكشف للجادرين هيكون عادي
وتحدثت وهي تقف لتحسه على التحرك للخارج: أمي زمناتها چهزت السفرة، يلا بدل ما تطب علينا ووجتها مهنخلصوش
إبتسم لها وتحرك إلى الخارج ليتناول غدائة وسط حبيبتاه ومبتغاه من الحياة.

إقتحمت ليلي حجرة والدتها وتحدثت إليها بنبرة متذمرة: وبعدهالك عاد يا أماي، عتفضلي سيباني لحد ميتا وموضوع الخلفه معلج إكدة؟
خليتي سيرتي لبانة في حنك اللي تسوي واللي متسواش وچرأتي العالم الرمم عليا
هتفت بها فايقة بنبرة مستفسرة: خبر إية يا بت خلعتيني، مالك داخلة شايطة ومشعللة كيف البوتچاز إكدة.

اجابتها بنبرة غاضبة: عايزاكي تشوفي لي حل، لازمن تاجي معاي بكرة عند الشيخ مصيلحي لجل ما يعمل لي عمل تاني بدل الخيبان اللي عملهولي ومچابش نتيچة دي
تنهدت فايقة بأسي وتحدثت بنبرة مهمومة: والله شكل كسرتي هتكون على يدك إنت يا ليلي، شكلك إكدة عتشمتي فيا كلاب العيلة والنچع كلياته
حزنت ليلي وأمتلئت عيناها بعبرات الدموع، فتحدثت إليها فايقة كي تطمئنها: إهدي يا بت، لسه بكير على البكا والنواح يا حزينة.

أني هروح وياكي بكرة للمحروج اللي إسمية مصيلحي ولو العمل بتاعه مجابش نتيچة هروح ل أبونا الجسيس،
وأكملت بإشادة: عيجولوا اللي يتوه فيها الكل عيخلصها هو بجعدة واحدة
إتسعت أعينها ببريق أمل وتحدثت بنبرة حماسية: ولما هو واصل إكدة ساكته كل ده وسيباني ألف على الدچالين والنصابين و وصفاتهم اللي هتچيب أچلي دي لية، ولا الدكاترة اللي هروني شكشكة وهروا معدتي من الأدوية اللي من غير فايدة.

أجابتها بشرود: كل شي بأوانه يا بتي، كل شي بأوانه.

مساء
كان يتحرك داخل رواق مکتبه الذي أصبح من أشهر وأكبر مكاتب المحاماة في العاصمة ويرجع ذلك لذكاء قاسم الخارق بمجاله وأيضا مساعدة إيناس وعدنان له، كانت تخرج من مكتبها المخصص لها بجوار عميل هام للغاية لتوصيله كنوع من التقدير والإحترام له.

نظرت لذاك الذي يتحرك داخل الرواق أتيا عليها بطلته وهالته الساحرتان، وقف مقابلا لها كي يرحب بالعميل الذي تحدث إليه بتقدير: أكيد أنا حظي من السما إنهاردة علشان شفتك يا قاسم بيه
إبتسم له قاسم ومد يده ليصافحة بحفاوة قائلا بترحاب: مهاب باشا، أنا اللي زادني شرف إني إتشرفت برؤية معاليك يا سعادة الباشا
وأكمل بتساؤل: أتمني تكون سعادتك راضي عن شغلنا المتواضع بالنسبة لقضايا شركتك في الفترة الاخيرة.

إبتسم الرجل وتحدث إلية: كل الرضا يا متر
واسترسل حديثه بإطراء وإعجاب: الحقيقة إني لازم أعترف إن شغل مكتبك ممتاز ويعتبر إنت وباقي فريقك من أكفئ الناس اللي تعاملت معاهم في مجال المحاماة في مصر كلها،.

وأكمل متذكرا: وبالمناسبة أحب أهنيك على قضية كارم عبدالسلام اللي شاغلة كل الوسط، لدرجة إن الناس اليومين اللي فاتوا ملهمش سيرة غير في الكلام عنها، وعن مرافعتك اللي كانت عالمية والبراءة اللي جبتها له بعد المؤبد الحتمي اللي كان لابسة بالتأكيد
ثم حول بصره إلى إيناس وتحدث بإطراء مشيرا إليها بتعظيم: وطبعا ده الطبيعي لما يكون وراء رجل عظيم زيك إيناس رفعت عبدالدايم.

إبتسم قاسم وأقتربت إيناس من وقوف قاسم وأردفت قائلة بشكر: ميرسي يا أفندم على المجاملة الرقيقة دي
ثم نظرت إلى قاسم وتحدثت بإعجاب وإطراء: بس الحقيقة أنا اللي محظوظة إني أكون شريكة قاسم النعماني في الشغل وكمان في الحياة
ضل الجميع يتبادلن المجاملات وبعد مدة تم توديعه ثم تحرك قاسم بصحبتها إلى داخل مكتبه الخاص
وبمجرد دخولهما تحدثت هي بعملية: عندك مقابلة مع سليم النحاس كان نص ساعة بالظبط.

كاد أن يرد عليها قاطعة صوت رنين هاتفه الشخصي ليعلن عن وصول مكالمة من أحدهم
نظر لها وأردف قائلا: دي أمي
أجابته بعملية كعادتها: طب رد عليها شوفها عاوزة أيه؟
وبالفعل ضغط على زر الاجابة وتحدث الى والدته باحترام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أزيك يا أما، أخبارك إيه.

علي الطرف الأخر ردت عليه فايقه وهي في قمه سعادتها لإقتراب تحقيق حلمها التي عاشت تنسج خيوطه بين يديها: أني بخير يا ولدي، حبيت أفرحك وأخبرك إن شهاده صفا بانت إنهاردة الصبح وچدك جال إنه هيكلمك عشية لجل ما يحدد وياك معاد الفرح وتشوفوا ويا بعض هتتمموه ميتا.

أغمض عيناه و زفر بضيق وأخذ نفس عميق ثم وضع كف يده فوق شعره وسحبه للخلف بشدة في حركه تدل على مدى غضبه وضيقة و تحدث إليها بلا مبالاة: بعدين يا أما، إجفلي دالوك ونتكلم بعدين في الموضوع ده
أجابته فايقة مستغربه مدى حدة صوته وتحدثت إليه بحنق وضيق: إيه هو اللي بعدين ده يا قاسم؟

وأكملت بتعجب: أما انت أمرك عچيب صحيح، بجول لك چدك عايزك لجل ما تتكلموا في تمام زواجك على بت عمك اللي إنتظرناه من سبع سنين على نار، تجوم تجول لي بعدين
هنا لم يستطع تمالك حاله وأرتفعت نبرة صوته بحده وغضب قائلا: جلت لك بعدين يا أما ورايا شغل مهم ومش فاضي أنا للكلام الفارغ ده
ردت فايقة بصدمه: كلام فارغ؟

هو أية ده اللي كلام فارغ يا قاسم، بكلمك عن فرحك اللي مستنياه بفارغ الصبر بجالي ياما وإنت تجول لي كلام فارغ؟
وأكملت متساءلة بذكاء: مترسيني على اللي في دماغك وتجول لي ناوي على أية يا واد بطني؟
أجابها بحدة ونبرة صريحة: أرسيكي يا أم قاسم، أنا مش هتچوز صفا حتى لو إنطبجت السما على الأرض، لأني بحب واحدة زميلتي في المكتب وهتچوزها والكلام ده أنا هاجي بنفسي وهجوله لچدي وللچميع.

وبعد إذنك مضطر أجفل السكة علشان ورايا شغل كتير وحضرتك معطلاني عنيه
وأغلق الهاتف تحت ذهول فايقة التي نظرت إلى قدري الذي دلف للتو من باب الحجرة وتساءل بإهتمام: بتتخانجي ويا مين في التلفون على المسا يا فايقة؟
تحدثت إلية ومازالت تنظر بهاتفها بذهول: تعال شوف المصيبة اللي وجعت وحطت فوج روسنا يا قدري.

إتسعت عيناه وشعر برجفة تسري بجسدة وهو ينظر لهيئتها المخيفة التي تشير بوجود كارثة كبري بالفعل: مصيبة أية يا مرة كفانا الشر
أجابته بتقطيم: ولدك البكري، حضرة المحامي العاجل المحترم اللي دماغة توزن بلد
وبدأت تقص عليه ما دار بينهما تحت ذهول قدري وإستشاطته وغليانه من أفعال نجله الذي يريد الإطاحة بحلمه في أن يستحوذ على أملاك زيدان أجمع.

أما عند قاسم الذي حزن داخلة لأجل صفا وما سيعود عليها من ذاك الخبر
جلست إيناس فوق مقعدها واضعة قدم فوق الأخري وتحدثت بهدوء: إهدا من فضلك يا قاسم وخلينا نرتب الكلام اللي هتقوله لجدك علشان ما يغضبش عليك ويعمل معاك زي ما عمل مع عمك
أجابها بحده ونبرة رافضة لحديثها: أنا لا هرتب كلام ولا هتكلم مع جدي من أصله واللي حابب يعمله يعمله.

وأكمل بنبرة حزينه: أنا كل اللي فارق معايا في الموضوع ده هي صفا ومشاعرها اللي ممكن تتأذي
نظرت إليه بضيق وغيرة ولولا علمها بأنه لا يكن لها أية مشاعر لغضبت ولاشعلت الحوار بينهما
وأكمل هو بنبرة عاقلة: أنا هسافر سوهاج حالا وهتكلم مع صفا وهقولها إنها تستاهل حد أحسن مني وهخليها هي بذات نفسها اللي تروح لجدي وتطلب منه فسخ الخطوبة.

أردفت إيناس متساءلة بنبرة قلقة: وتفتكر إن جدك هيسمع لها وفعلا هيوافق على فسخ الخطوبة بالسهولة دي؟
أجابها بيقين وتأكيد: جدي هيتفهم الموقف وخصوصا إنه هيبقا طلب صفا، هو صحيح جدي راجل صعب وصارم وشديد وبيفرض أوامرة على الكل من غير نقاش، لكن بييجي لحد صفا ويقف، دايما بيعاملها بلين وبيحاول يرضيها على قد ما يقدر، وأكبر دليل على صحة كلامي ده هو تراجعه في موضوع دخولها كلية الطب بعد ما كان رافض.

ضيقت عيناها بإستغراب وتساءلت بإهتمام: وإشمعنا يعني صفا هي اللي جدك بيعاملها بالطريقة اللينة دي؟
نظر لها بتعمق وأردف قائلا بشرود: تعرفي إن طول عمري بفكر في إجابة للسؤال ده، إشمعنا صفا هي الوحيدة اللي جدي بيعاملها بالطريقة الرحيمة دي دون عن كل أحفادة
وجهت سؤالها إليه: وياتري لقيت لسؤالك ده جواب؟
هز رأسه بإيماء وأردف قائلا: بعد حيرة وتساؤلات كتير أخيرا لقيت السر لإجابة سؤالي في عيون جدي.

نظرت إلية بإستغراب مضيقة العينان فأكمل هو: لقيت إجابتي لما شفت جدي الراجل القاسي الحكيم اللي طول الوقت نظرت عيونه صارمة وتشبة عيون الصقر في حدتها وشرها وقسوتها،
واللي هي هي في نفس الوقت أول لما بيشوف عمي زيدان داخل علينا بلاقي فيهم حب وعطف وحنان عمري ما شفتهم وهو بيبص لأي حد فينا،.

وأكمل بشرود: وكأنه إتحول وبقا راجل تاني أنا ما أعرفهوش، ساعتها بحس إنه نفسه يجري عليه وياخدة في حضنه بس كبريائة وعنده ودماغة الصعبة هم اللي بيمنعوة من إنه يعمل كدة
نظرت إليه وتساءلت: بس اللي أنا فهمته منك إن علاقة جدك بعمك عمرها ما رجعت تاني زي زمان من بعد ما عصا أمرة
أومأ لها بإيجاب: ده اللي ظاهر لينا كلنا وحتى لعمي زيدان نفسه، برغم إني متأكد من جوايا إنه سامحه وقلبه صفي من ناحيته.

وأكمل وهو ينظر أمامه بشرود: يمكن خايف من نظرات الكل ليه ولومهم لما يلاقوا كبيرهم اللي عمرة ما رجع في كلمه قالها أو أصدر حكم ورجع تاني فية،
أو يمكن خوف مثلا من إنة لو سامحه يبقي كدة بيدي مبرر وفرصة لباقي العيلة إنهم يتمردا على قراراته ويعصوها.

واسترسل حديثه بتأكيد: بس اللي أنا متأكد منه هو إن جدي بيعامل صفا المعاملة اللي كان نفسه يعاملها لعمي زيدان، يعني لما بياخدها في حضنه ويضمها جامد بحس إنه بيضم عمي زيدان وبيحضنه هو،.

جدي بيعوض حرمانه من إبنه في صفا، واكبر دليل على كلامي ده الأرض اللي جدتي كتبتها لصفا، واللي انا متأكد من جوايا إن جدي هو اللي طلب منها تعمل كده علشان يرضي ضميرة ناحية إبنه اللي كبريائة مانعه من إنه يعلن للكل إنه سامحه وعفا عنه ويرجعه تاني لحضنه زي زمان
تحدثت إلية بإستغراب: بصراحه يا قاسم من كتر كلامك عن جدك وتفكيره الغريب ده إبتديت أخاف منه وأستغربه في نفس الوقت.

أخذ نفس عميق ثم زفره و وقف وتحدث إليها وهو يلملم اشيائه الخاصة من فوق المكتب: أنا لازم أسافر الوقت حالا سوهاج علشان أتكلم مع صفا وأنهي الموضوع مع جدي
تحركت إليه وتحدثت بنبرة تحذيرية: أوعي تتهور وتخسر جدك ورضاه عليك يا قاسم
نظر إليها مستغرب حديثها ثم تحرك للخارج.

تحرك بسيارته متجه إلى مطار القاهرة الدولي وفي طريقه قرر أن يهاتف صفا كي تنتظره وينهي معها تلك الحكاية التي أرهقت كيانه وأشعرته بالدونيه وعدم الإرتياح طيلة السنوات السبع الماضية.

وما أكد داخلة شعور أنه يمضي بالطريق الصحيح هو زيجات فارس ويزن وتعاستهما وروتينية حياتهما التي يحياها كل منهم مع شريكة الذي فرض علية جبرا، فصمم اكثر على أن ينأي بحاله وصفا من تلك الزيجة التي لم يجني كلاهما منها غير التعاسة كالبقية.

أمسك هاتفه وضغط على زر الإتصال برقم تلك التي كانت تجلس بالفرندا الخاصة بمنزل والدها، تنظر أمامها بشرود وحزن لأجل عدم تقدير ذاك الحبيب لها، إستمعت إلى رنين هاتفها يصدح معلنا عن وصول مكالمة، نظرت بشاشته وإذ برعشة قوية تغزو قلبها وتهز جسدها بالكامل وزين ثغرها بأجمل إبتسامة لأرق عاشقة
وبلحظة كانت ضاغطه على زر الإجابه وهي تتحدث بنبرة حزينة منكسرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تنهد وحزن داخلة لنبرتها الحزينة وأجابها: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيفك يا صفا وكيف أخبارك
أجابته بمعاتبة لطيفة: تهمك أخباري صح يا قاسم؟
أجابها بنبرة صادقة: طبعا تهمني وربي شاهد يا صفا، أني عارف إنك زعلانه علشان مكلمتكيش وباركت لك على التخرچ.

وأكمل مفسرا بنبرة زائفة كي لا يحزنها: بس غصب عني، الشغل في المكتب كتير جوي اليومين دول وعندي كام قضية مهمين شاغلين دماغي وجلساتهم جربت وواخدين كل إهتمامي
حزنت من داخلها على حديثه الرسمي معها والذي تتبعه معها منذ أن تمت خطبتهما إلى الان وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة: ربنا يجويك يا متر
شكرها ثم تحدث بنبرة مترددة: صفا، أني چاي سوهاچ بعد ساعتين إكده إن شاءالله، عندي كلام يخصك ولازمن تسمعية مني.

إستغربت نبرة صوته المرتبكة وأردفت متسائلة: كلام أيه دي يا قاسم اللي عاوز تكلمني فيه؟
أجابها بنبرة صارمة: لما أچي هتعرفي يا صفا، المهم عاوزك تستنيني في الچنينة من ورا لجل ما نتكلموا براحتنا وأجول لك على كل اللي جواي
أغلقت معه الهاتف وتساءل داخلها عن ماذا يريد منها قاسم في ذاك الوقت المتأخر؟
ليتني أصبت
بفقدان كامل لذاكرتي حين أقدمت علي
إختيارك لتكون فارسي ورجل أحلامي، ليتني لم أقترف تلك الخطيئة التي قضت علي ودمرت أعز أمالي
كيف لعيناي أن تغض الطرف وتتغافل
حقيقتك المرة وتتغاضي، كيف خدع قلبي وأنساق وراء عشقك عديم
المنفعة، عشق لعين بالي
ليتني إتبعت حدسي وأطعته حين نبهني
وحسني علي الإبتعاد
ألهذا الحد كانت عيناي معصوبة لكي لا أري
حقيقة وجهك القبيح
الأناني.

ياليت لم أتبع نداءات ذاك القلب الأبله الموصوم بعشقك اللعين
ليتني وليتني لم أضع أعز سنواتي لتمر أمامي هباء
خواطر روز امين.

أغلقت صفا الهاتف مع قاسم وبدأت بالتفكير والشرود فيما يريدها، وما هو ذاك الموضوع الهام الذي لا يريد لأحدا كلاهما الإستماع إلية
نفضت عن عقلها تلك الأفكار المتشائمة التي شوشت على تفكيرها والتي وبالطبع لم تصل ذروتها إلى إنتواءة لفض الخطبة، فهذا الحدث لم يخطر حتى بمخيلتها.

صعدت للأعلي وأرتدت أجمل ثيابها ونثرت عطرها الفخم الأنثوي بسخاء وانتظرت حضورة داخل شرفتها وكلها أمل بعدما منت حالها وأكدت لها بأن إحتمالية حضورة هو إعتذارة عن عدم مجيأة منذ الصباح لكي يكون معها وهي تتلقي خبرا طال انتظاره.

وقبل إنتهاء مدة الساعتان كان يدلف لداخل الحديقة بسيارته الخاصة والتي يضعها داخل جراچ خاص بجانب المطار ويستقلها بكل مرة ليتحرك بها عائدا إلى نجع النعماني دون اللجوء إلى أحد وعدم إزعاجه لشقيقه فارس بالأخص
رأته من شرفتها فأرتعش جسدها وكالعادة ثار عليها قلبها وأنتفض، أشار لها بأن تنزل إليه وتلحق به إلى الحديقة الخلفية حسب إتفاقهما.

هرولت سريع إلى الأسفل وتحدثت إلى والدتها التي كانت تجلس تنتظر حضور زوجها المتواجد خارج المنزل إلى الأن بصحبة أصدقاء له
أردفت قائله بعيون لامعة ببريق العشق مما أغضب ورد التي دائما تري أن ذاك القاسم لم يكن يوم يستحق تلك الصافية وعشقها البرئ: قاسم وصل يا أماي، أني رايحة أشوف عايزني في إية
زفرت ورد وتحدثت بحنق وضيق: أني مفهماش مجاش إهني لية وإتحدت وياكي في اللي عاوزة؟

وأكملت بنبرة ساخطة ساخرة: عيتكلم في اسرار حربية إياك؟
إبتسمت صفا إلى والدتها وأردفت قائلة بهدوء مقدرة خوفها الدائم عليها: خلاص بجا يا ورد، ماتبجيش حمجية إكدة
وتحركت أوقفها صوت ورد الدائمة القلق على صغيرتها والتي لا تأمن عليها سوي مع حالها وزيدان وفقط لا غير: صفا.

إستدارت لتنظر إليها من جديد فاسترسلت ورد حديثها بعيون محذرة لصغيرتها التي مهما مر بها العمر ستظل تراها امامها إبنة السبعة أعوام: خلي بالك من نفسك
هزت رأسها لوالدتها ونظرت لها بإمتنان وتحركت إلى الخارج.

وبعد قليل كانت تقف أمامه بحالة يرثي لها، ااااااه واه لو يدري ذاك الفاقد الحدس والبصيرة بما يفعله بتلك الصافية في كل مرة يظهر بها أمامها بمظهره الرجولي ذاك وتراه فيها عيناها، لخر ساجدا تحت قدميها ليطلب ودها وغرامها المشهود.

أما تلك العاشقة التي شعرت بسخونة تصاحبها رعشه تسري بداخل جسدها وتتخلل أوردته بالكامل لينتفض ويثور عليها، إنتفض أيضا قلبها وثار صارخ ولولا حبها لله والخشية من غضبه عليها بجانب تربيتها الحسنة، لرمت حالها داخل أحضان متيم روحها وسارق قلبها وليكن ما يكن،
حبيبها الأبدي والمالك الروحي، قاسمها، والتي أقسمت بداخلها بألا تكون لغيره من الرجال، وكيف ومنذ نشأتها وهو بعيونها كل الرچال.

تحدث إليها بملامح وجه حائرة لا تدري من أين تبدأ: كيفك يا صفا؟
أجابته بإنتفاضة داخلها ونبرة صوت مرتبكة وهي القوية الأبية مع الجميع عداه: الحمدلله يا قاسم، حمدالله على السلامة
أماء لها بعدم إكتراث بحديثها وذلك لشدة توترة وتشتت عقلة فيما هو قادم علية، و كيف سيخبرها بذاك القرار دون المساس بمشاعرها وجرح كبريائها الأبي.

فتحدث مشيرا إليها بالجلوس فوق المقعد المقابل له وذلك بعدما جلس هو متخطيا قواعد اللباقة والبروتوكول: إجعدي يا صفا
جلست وتحمحم هو منظف حنجرته كي يخرج صوته بإيضاح، كم إكتشف أن الأمر ليس بالهين على الإطلاق كما كان يتوقعه، ولكن ما حدث هو العكس
أخرج صوته بصعوبه وتحدث: عرفتي إن چدك طلب مني أجي عشان نتفج على ميعاد نتمموا فيه الفرح؟

وما أن قال جملته تلك حتى إشتعلت وجنتي تلك الجميلة لتزداد وهجا وجمالا فوق ما هي عليه وتحدثت على إستحياء وهي تنظر أرض: إيوه عرفت، چدي جال لي من إشوى لجل ما أچهز حالي وأشوف اللي ناجصني وأكملة
وأكملت بنبرة سعيدة خجلة لتخيلها أنه يسألها عن وضعها وهل هي مستعدة للزواج: وأني وضبت مواعيدي وأجلت إفتتاح المستشفي لبعد الفرح إن شاءالله
ونظرت لداخل عيناه وأردفت قائلة بنبرة خجلة: يعني تجدر تجول إني چاهزة.

يا لك من نقية بريئه خلقت وسط عالم إستفحلت به الأنانية
نزلت كلماتها على قلبه الحزين كنارا أشعلته، تألمت روحه المتأرجحة وحزن لأجلها حتى أنه كاد أن يتراجع بحديثة ولكنه إستقوي بحاله على حاله وتماسك ونظر لداخل عيناها
وتحدث إليها بنبرة صارمة قوية كي يتخلص من ذاك العبئ الثقيل دون رجعة: بس أني مش چاهز يا صفا.

نظرت إليه بعدم إستيعاب فأكمل هو ليجهز على ما تبقا من أحلامها الوردية التي دق بها وبكل جبروت أول مسمارا بنعشها: أني مرايدش الچوازة دي يا صفا،
وأكمل وهو يرفع كتفية بعيون أسفة متألمة: مجادرش
إتسعت عيناها بذهول مما إستمعت وتشتت ذهنها بعدم إستيعاب وحدثت حالها، قاسم، ماذا تعني بتلك الكلمات ضائعة المعالم؟
ماذا تريد أن تبلغني؟
أنا لا أفهمك ولم أستوعب مغزي حديثك، أو هكذا أوهم حالي.

وأمالت برأسها متوسلة، لا قاسم أرجوك، لا تثبت لي شكوك حدسي التي طالما لازمتني وطاردتني حتى بأحلامي وتؤكدها لي، لا تفعل بي هذا كي لا تصبح قاتلي
رحماك بقلبي الضعيف، رحماك!
كان ينظر إليها ويري تمزق روحها وتشتت عقلها الرافض للتصديق، ولكن ماذا عساه أن يفعل، ياليت جدهما لم يفعل بهما هذا، لو لم يفعل لكان عفاها وعفاه حرج اللحظة وهولها.

فأكمل مرغم متحاملا على حالة: أني عارف إن الكلام اللي هجوله دي صعب عليكي إستيعابه، بس أني بجولهولك بدل ما أغشك واغش حالي وياكي، وبدل ما تسمعيه من حد غيري ويچرحك
استرسل حديثه بجبروت متغاضي قلب تلك العاشقة لينهي مهمته الصعبة: أني عمري ما حبيتك ولا شفتك مرتي اللي بحلم أخدها في حضني وأكمل وياها اللي باجي من حياتي يا صفا.

وقعت جملته الحادة كصاعقة كهربائية على قلبها العاشق وأكمل هو بجبروت غير مبالي بتلك المنكسرة: طول عمري واني بشوفك كيف ليلي اختي بالظبط،
وأكمل مستنكرا: كيف يعني في يوم وليلة أختي تبجا مرتي، ده چنان، اللي عايزة چدك ده إسمية چنان
واخيرا قررت الخروج من صمتها وتساءلت لائمة بنبرة صوت ضعيفة لأنثي منكسرة: ولما هو إكدة وافجت ليه على الكلام من اللول يا أخوي.

شعر بغصتها وغضبها وأستشعر بين نبراتها بإلقاء اللوم عليه فتحدث مفسرا موقفه السابق: مكانش فيه جدامي حل تاني غير إني أمثل إني موافج عشان چدك يرضي يدخلك كلية الطب، وتبجا دي حجتي بعد إكدة إني أفركش الخطوبة وأجول له إني مش جابل على حالي أتچوز واحدة أعلي مني في المستوي التعليمي
إبتسمت له بمرارة وتحدثت بخيبة أمل: جال وأني من خيبتي وغبائي كنت فاكرة إنك خايف عليا وجلبك على مصلحتي.

أجابها بهدوء بنبرة عملية قاسية: وليه تبصي لها من الناحية العفشه دي، بصي للموضوع من الناحية الإيجابية وبصي على الإستفادة اللي خرچتي بيها منية
نظرت إليه بإستغراب من كم البرود والأنانية التي يتحدث بها وتساءلت ساخرة: ويا تري بجا أيه هي الإستفادة العظيمة اللي حضرة المحامي الكبير شايف إني خرچت بيها من الخطة العبجرية دي؟

أجابها بهدوء متغاضي عن طريقتها الساخرة من حديثه وذلك تقديرا لما أصابها من حديثه الغير متوقع بالنسبة لها: إنك بجيتي دكتورة يا صفا!
وأكمل بتأكيد: خلينا نتكلموا بصراحه، أني وإنت عارفين زين إن لولا موافجتي مستحيل چدك كان هيوافج على دخولك للطب،.

وأكمل مصارح إياها بنبرة واثقة: وسيبك من كلامه الزين اللي طيب بيه خاطرك لما جال لك إن موافجتي كانت تحصيل حاصل بالنسبة له، إنت خابرة زين إن لو حطيت العجدة في المنشار وجولت له إني مش موافج إن مرتي تبجا أعلي مني كان مستحيل يوافج
وأكمل مشيرا إليها مذكرا إياها بفضله: ومكنش زمانك الدكتورة صفا النعماني
تحدثت إلية بنبرة ساخرة: لا والله كتر خيرك يا واد عمي.

وأكملت بتساؤل ذكي: طب وياتري أية السر ورا الإعترافات الليلية اللي حضرتك جاي تتحفني بيها دالوك؟
أردف قائلا متحملا غضبها وحدتها بالحديث: كلامي ليكي ليه سببين مهمين يا صفا، أولهم هو إنك غالية عندي جوي وحبيت تعرفي الموضوع مني لجل ما أفسر لك اللي حصل صح وننفصل بهدوء والنفوس متشيلش من بعضيها، وتاني سبب هو إني محتاچ مساعدتك لجل ما تجوي موجفي جدام چدي وأني بكلمه.

واكمل معتذرا مبررا لها تصرفاته: متزعليش مني يا صفا، إنت ست البنات وألف شاب يتمني ظفرك، بس مش أني اللي هجبل على رجولتي إن حد تاني يختار لي المرة اللي هتنام في حضني
ولا أني اللي هسمح لحد يحولني لفارس ويزن
إبتسمت له ساخرة واگمل هو بتبجح: أنا عاوزك تجولي لچدك إن إنت اللي معيزانيش، وطبعا لانه بيحبك هيوافج على رغبتك دي.

وأكمل بصدق: وكمان عشان شكلك يبجا زين جدام العيلة كلياتها لما يعرفوا إن إنت اللي طلبتي الفراج مش أني
ضحكت ساخرة وتحدثت من بين صرخات قلبها المتألم: لا والله كتر خيرك مرة تانية
واكملت بحده بعدما إستشفت من حديثه بفطانتها إحتمالية وجود انثي أخري بحياته: بس اني بجا مستغنية عن كرم أخلاج سعادتك وميهمنيش إن العيلة الكريمة يجولوا عليا إبن عمها فاتها جبل الفرح بإسبوعين.

وأكملت بنبرة حادة معادية مهينة وكأنها تحولت لقطة شرسة: ودالوك عوزاك تروح لچدك إكدة كيف الشاطر وتجول له الكلام اللي لساتك جايلهولي حالا وتحل بنفسك الرابطة السودة اللي وجعت حالك ووجعتني وياك فيها
إتسعت عيناه ذهولا من قوتها وسخافتها بنفس التوقيت وتحدث بحده وأتهام: هو ده أخر معروفي اللي عملته معاك؟
عوزاني أجف لحالي في وش چدي وأعادية عشان أبجي زيدان التاني؟

ضحكت ساخرة وأردفت قائلة بحدة بعدما نالت بذكائها ما سعت إلية عندما إستدعت غضبة كي يفرغ ما بجعبته: إيووووووا، خليك صريح وراچل وجول إنك خايف من غضب چدك عليك ومن حرمانك من النعيم اللي إنت عايش فيه في چنة النعماني يا متر.

وأكملت بإتهام صريح بنبرة حادة: إنت جعدت مع حالك وجولت أما أستغفل بت زيدان الساذجة وأصدرها في وش المدفع ويا چدها، وهي إكدة إكدة مغضوب عليها هي وأبوها ومهيفرجش وياهم لعنة غضبة من چديد، أهم حاچة تنأي بحالك من غضب النعماني الكبير
وأكملت وهي ترمقه بنظرة إحتقارية مهينة لرجولته: تصدج كت فكراك راچل صح عنديك مبادئ وكرامة وبتعرف تواچه، بس شكلي إكدة طلعت بتخم في تجييمي ونظرتي للناس.

جحظت عيناه من حديثها المثير للغضب والمهين لرجولته، و رد عليها بإنفعال شديد واصما إياها: إنت جليلة الرباية والظاهر إكدة إن عمي زيدان معرفش يربيكي زين، و يظهر كمان إني كنت مغشوش فيكي وفي البراءة الكدابة اللي رسماها على وشك، للأسف، أني كت واخد فكرة غلط عنيكي، بس طلعتي عكس ما كنت مفكرك
ضحكت بنبرة عالية واجابته ساخرة: جصدك يعني علشان مطلعتش مغفلة وساذجة كف ما كنت مفكرني؟

وأكملت بتحدي مهين: هدي أعصابك يا متر، على العموم أني هعمل بأصلي وهطلع أرچل منيك وأروح لچدي وأحلك من رابطتي السودة دي
وأشارت بيداها إليه وتحدثت بنبرة ساخرة: زين إكدة يا متر، أظن إكده نكون خالصين ومعدلكش عليا چمايل
وتحركت تحت إشتعال جسدة وذهوله من تلك التي كان يعتقدها ملاك، ولكنه إكتشف كم هي قوية قاسية القلب حادة الطباع سليطة اللسان، وكأنه يتعرف عليها ويكتشفها من جديد.

أسرعت ودلفت على عجل لداخل السرايا حتى انها كادت أن تصتدم في ذاك الحسن إبن عمها منتصر والذي هو بنفس عمرها، تحدث إليها بتعجب: مالك يا صفا، وشك متغير ليه إكده؟
لم تعر لحديثه إهتمام واكملت بطريقها، وجدت جميع العائلة يجلسون وينظرن إلى شاشة التلفاز الضخمة بتركيز، عدا الجد
فنظرت إلى الجده وتساءلت بنبرة حادة ووجه لا يبشر بخير: چدي وينه يا چدتي؟
أجابتها الجده مستغربة حالتها: بيصلي العشا في أوضته.

أردفت قائلة وهي تتحرك وتطرق باب حجرة جدها: طب اني داخله له
سألتها الجدة بإستفسار: مالك يا دكتورة، فيه حاچة حصلت إياك؟
لم تعر لحديث جدتها إهتمام ودلفت سريع عندما إستمعت لصوت جدها بالسماح وقامت بغلق الباب خلفها
وقفت أمامه وهو يختتم تسبيحاته وتحدثت هي بنبرة صارمة وملامح جامدة: أني عايزة أفسخ خطوبتي من قاسم يا چدي
نظر إليها مستغرب غير مستوعب ما تفوهت به بعد.

أما بالخارج، فكان الجميع يتبادلن النظر مستغربين حالة تلك الصفا وغضبها الظاهر
تحدثت ليلي وهي تنظر إلى والدتها بنبرة ساخرة: مالها دي كمان داخلة في وشها زي الجطر ولا معبرة حد؟
نظر لها يزن وتحدث إليها بنبرة تحذيرية أخرستها: ليلي، إجفلي خاشمك
بالكاد أنهي جملته و تفاجأوا بدلوف ذاك الذي لم يختلف كثيرا عن سابقته، وتساءل بنبرة حادة وكأنه يعيد ذاك المشهد ويكرره: چدي وصفا وينهم يا چدتي؟

وقفا قدري وفايقة التي دب الرعب بأوصالها وبدأت بربط الخيوط ببعضها وتيقنت أن ذاك المتهور قد نفذ حديثه المجنون وتحدث إلى صفا عن فسخ الخطبة
تحدثت على عجل بنبرة مرتبكة: قاسم، إنت جيت ميتا من مصر؟
أجابها بتحدي وهو ينظر داخل عيناها وكأنه يؤكد لها شكوكها: وصلت من حوالي ساعة.

ثم نظر إلى جدته التي تحدثت إليه بتساؤل: خبر أيه يا قاسم، إنت وبتسأل على چدك ووشك ميطمنش، وبت عمك دخلت له جبل منك بنفس الوش الغضبان، أيه اللي حصل يا ولدي؟
تحرك لباب الغرفه غير مبالي بنداءات الجميع وأسألتهم المستفسرة، أسرعت رسمية ودلفت خلفه وأغلقت الباب منعا لدلوف الاخرين.

نظرت فايقة إلى قدري وهي تبتلع لعابها رعب أما هو فقد وصل لذروة غضبه من ذاك العنيد عديم العقل والتفكير والذي شبهه وهو يتجة إلى هدم أحلامة وأطماعة التي خطط لها منذ الكثير، بحصان عربي أصيل يرمح داخل سباق بكل ما أوتي له من قوة
همست مريم بجانب اذن زوجها فارس بإستفسار: هي أيه العبارة يا فارس؟

أجابها وهو يفرك ذقنه بأصابعه وينظر إلى الباب مدقق بشرود في أثر شقيقه: مخابرش يا مريم، بس الموضوع شكله واعر جوي وهيجلب بسواد على دماغ الكل.

أما منتصر الذي وجه حديثه إلى ذاك الثنائي المرتعب الواقفان ينظران بشرود إلى باب الحجرة يحتبسان أنفاسهما بذعر وكأنهما تسمرا بوقفتيهما: ما تجعد يا قدري إنت ومرتك، مالكم نزل عليكم سهم الله إكدة وكأن وصل لكم خبر عزيز غالي؟
رمق أخاه بنظرة ناريه هاتف بضيق: منتصر، أني مناجصش تقطيمك ده، بكفياني اللي أني فيه يا واد أبوي
إبتسم بجانب فمه ساخرا وفضل الصمت مترقب القادم بإستمتاع.

أما قاسم فقد دلف للداخل وجد عتمان يجلس وتقف أمامه تلك الغاضبه،
رمقها بنظرة نارية، ثم حول بصره إلى جده وألقي السلام عليه محاولا التماسك ولو قليلا، رده له الجد،
ثم أقبل عليه و مال بجزعه الفارع على يده مقبلا إياها بإحترام قائلا: كيفك يا جدي
تحدث الجد بنبرة صارمة حادة: حمدالله على السلامة يا قاسم
أجابه بإحترام: الله يسلمك يا جدي
تحدثت رسميه كي تلطف الأجواء: حرم يا حاچ.

أجابها وهو يضع مسبحته بجوارة في هدوء ما يسبق العاصفة: جمعا إن شاء الله يا حاچة
ثم نظر إلى ذاك الثنائي اللذان يرمق كلاهما الاخر بنظرات نارية لو خرجت لفحمت كلاهما بوقفته وتحدث مستفسرا: أيه اللي حصل يا قاسم، مزعل بت عمك لية
كاد أن يتحدث قاطعته تلك الغاضبه التي أردفت بقوة وشموخ: لساته متخلجش اللي يجدر يزعلني يا چدي، أني اللي معيزاش أكمل في الچوازة دي.

خبطت رسميه صدرها بيدها واتسعت عيناها بذهول وأردفت: يا حومتي
من الباب للطاج إكده يا دكتورة، جملة تساءل بها الجد بذكاء
ثم أكمل بتساؤل ساخر: صحيتي من النوم لجيتي حالك معيزاش تكملي
تحدثت الجده إليها بإستغراب: أيه اللي حصل لحديتك دي يا جلب چدتك؟
وأكملت مستشهدة: ده أنت لسه إنهاردة الفرحة ما كاتش سيعاكي وچدك بيبلغك إنه حدد ميعاد الفرح بعد إسبوعين.

أجاب هو بديلا عنها بملامح وجة مبهمة: ده جرار مشترك أخدناه إحنا الإتنين يا چدتي
وأكمل بوجه عابس: الحجيجه أني بجالي مدة وأني بحارب إحساسي الرافض وبحاول أتجبل الموضوع بس خلاص، مجاديرش أتحمل أكتر من إكده
واكمل مفسرا بنبرة زائفة: مجابلهاش على نفسي إن مرتي تبجا أعلي مني في المستوي التعليمي يا جدي
ضيق الجد بين حاجبيه وتحدث بإمتعاض: بس مكنش ده حديتك لما خيرتك جبل ما بت عمك تدخل الكلية من سبع إسنين.

أجابه بنبرة زائفة: مكنتش فاكر الموضوع هيبجا صعب عليا إكده، في الأول كت فاكر الموضوع عادي، بس لما الچواز جرب ودخلنا في الچد لجيت حالي مجابلش
كانت تستمع إليه وقلبها يتمزق
قطب الجد جبينة وأردف قائلا بنبرة هادئة لا تبشر بخير: يعني إنت بعد مركنت بت عمك چارك سبع إسنين والمركز كلياته عرف إنها محچوزه لك، والنجع كلاته عرف إن دخلتك عليها كمان سبوعين.

وأكمل بإبتسامة ساخرة: چاي دالوك وبكل بساطة تجولي مدرش إيه وأبصر إيه، متعجل حديتك أومال يا واد قدري
رفع رأسه وتحدث لائم: مش أحسن ما أتچوز واحدة مرايدهاش وأجعد في الصف ويا فارس ويزن
وأكمل معللا: وبعدين بجول لحضرتك مجادرش، مجابلهاش على رچولتي أني
أجابه الجد بنبرة باردة: والله دي غلطتك من اللول وعليك إنك تتحملها لحالك
معناته أية حديتك ده يا جدي؟
جملة تساءل بها قاسم مستفسرا بعيون غاضبة.

فأجابه الجد بنبرة صارمة: معناته إن فرحك على بت عمك السبوع الچاي ومعايزش كتر حديت
إتسعت عيناه غضب و هتف بنبرة حادة رافضه: هتجوزهالي بالغصب إياك؟
جولت لك مرايدهاش، مهتچوزش اني بالطريجة دي
نزلت كلماته على قلبها المسكين أشعلته فتحدثت ثائرة لكرامتها: وأني كمان معيزاش الجوازة الشوم دي.

وأكملت وهي تميل رأسها في حركة توسلية مستعطفة إياه بنبرة لحوحة: الله يرضي عليك يا چدي توافج وتخلص الموضوع ده لجل ما تريح لي جلبي
لو كان في جلبك غلاوة ليا صح كيف ما بتجول ريحني وخلصني منية
لان قلبه لأجلها ولكنه حارب شعوره بالضعف الدائم أمامها ورسم على وجهه الجدية و أجابها بإقتضاب: مش كل حاجة هتطلبيها هتستجاب يا دكتورة و أوعي تفكري إني عشان مرايدش أزعلك يبجا هتمشي على كيفك وتعملي اللي يحلالك.

أجابته بقوة ورفض: لا هو عاوزني ولا أني عوزاه يبجا بعجل مين نتمموا الجواز
وقف مستندا بعصاه وتحدث ناهرا إياها بحده: والله عال يا بت زيدان، جة اليوم اللي حتة عيلة زييكي تجف جدامي وتراچعني في جرارتي كمان، إوعاك عجلك يغشك ويجول لك إنك بجيتي دكتورة وفيكي تعصي أوامري
أجابته بنبرة غاضبة: كل شئ بالغصب والخناج إلا الچواز بالإتفاج يا جدي.

وأكد على حديثها قاسم الذي تحدث بإقتضاب: الموضوع منتهي بالنسبة لينا إحنا الإتنين يا چدي، مناجشتنا دي مچرد تحصيل حاصل ليس إلا
وأظن أني جولت لحضرتك أني مهكونش يزن ولا فارس
وكأن بجملته تلك قد سكب ماده سريعة الإشتعال فوق نارا شاعله فزادت شعلتها وتوهجت،
صاح عتمان بنبرة عالية تنم عن وصوله لذروة غضبه من ذاك الثنائي العنيد: يعني أيه الكلام دي يا وااااد، رايد توصل لي إن رأيى ملوش جيمه عنديك؟

دلف قدري سريع مقتحما الباب عندما أستمع إلى صياح والده الهادر وتحدث مستفسرا بنبرة مرتعبه: خير يا أبوي، أية اللي حصل
ثم نظر إلى قاسم محذرا إياه بعيناه الغاضبة
إستشاط غضب عتمان عندما رأي منتصر وفايقة وفارس، الكل دلف للداخل ليرا لما صوت الجد الغاضب،
نظر للجميع وتحدث بنبرة صارمة امرة للجميع: الكل يطلع بره، سيبوني لحالي وياهم.

تحدث قدري إلى أبيه بنبرة راجية: خليني وياكم يا أبوي لجل ما أهدي بيناتكم وأعرف أية اللي مضايجك إكدة
رمقه عتمان بنظرة ناريه وتحدث ناهرا إياه بنبرة عالية: جولت الكل يطلع برة
تحرك الجميع إلى الخارج حتى رسميه التي قررت الخروج لتهدئة الوضع خارجيا واغلقت خلفها الباب.

وتحدث عتمان ناظرا لكلاهما بحدة كنظرات الصقر الذي يترقب الهجوم على فريسته: إسمع يا واد منك ليها، لو معاملتي اللينه وياكم خلتكم تحسوا إن ليكم جيمة وتعرفوا تجفوا جصادي وتعصوني وأني هجف أتفرچ عليكم متكتف تبجوا غلطانين.

ثم نظر إلى قاسم المستشاط من ذاك المقلل من شأنه والهادر لكرامتة أمام تلك القوية وتطلع إليه وتحدث بملامح جامدة: إوعاك يا أبن قدري يكون شيطانك وزك وجال لك أنك خلاص كبرت وبجالك إسم وسيط وتجدر تجف جدام چدك الراجل الخرفان اللي كبر ومهيعرفش يحكم عليك
وأكمل بحدة: لااااا، ده أنت تبجا غلبان جوي يا صغير ومعارفش مين هو عتمان النعماني.

ثم حول بصره إلى تلك الغاضبه الثائرة لكرامتها وتريد التخلص من تلك الخطبه التي إستنزفت من كرامتها بما فيه الكفاية: وإنت يا بت زيدان، شكل علامك الكبير خلاكي تحسي إن ليكي جيمة وتجدري تجفي في وش عتمان وتجولي له لا.

دق بعصاه الأرض بطريقة أرعبتهما وتحدث إليهما وهو يشير إليهما بملامح مهددة: من الأخر إكدة، أني خارج برة عشر دجايج مفيش غيرهم لجل ما تتشاوروا فيهم وتتفجوا، وهرجع تاني أسمع ردكم الاخير، يا تجولوا موافجين ودخلتكم تبجا السبوع الجاي بدل اللي بعدية
ونظر إلى قاسم وأردف مهددا: يا تطلع من إهني على فوج تلم خلجاتك وكل اللي يخصك ومعايزش أشوف وشك في النجع كلاته بعد إكدة.

واكمل بملامح وجة محتقنه بالغضب: ومش بس إكده يا واد قدري، جبل ما تخطي برچلك برة السرايا هكون مكلم البنك وناجل كل مليم بإسمك فيه في حسابي المشترك اللي بيناتنا وهجفله خالص بعديها، والشجة والمكتب معايزش أشوفك فيهم وتفضيهم من حاچتك وهبيعهم من بكرة، وكمان العربيه تسيب مفتاحها وعجدها جبل ما تخرج من إهني.

إحتقنت ملامحه بالغضب وتحدث بحدة: طب الشجه والمكتب بإسمك، فلوسي وعربيتي اللي چايبهم بشجاي وشغلي تاخدهم ليه؟
صاح عتمان بحدة وغضب: فلوس مين وشغل مين يا واااد، إوعاك تكون مصدج حالك، ده أنت من غير فلوسي كان زمناتك مرمي في أي مكتب بتاع محامي صغير ولا ليك لازمه ولا حد سمع عنيك من الأساس،.

وأكمل بحده مشيرا بسبابته إلى حاله بتفاخر: أني اللي عملتك وعملت لك جيمة بين الخلج بفلوسي، المكتب اللي في المنطجة الراجيه والعربيه اللي جبتهم لك أول ما أتخرچت هما اللي عملوك بني أدم وخلولك جيمة يا ناكر الخير يا واكل ناسك
في شرع مين تاخد شجاي وتعب وجري السنين، جملة تساءل بها قاسم بإعتراض وذهول
أجابه بقوة وجبروت: في شرع عتمان النعماني يا وااااد.

ثم نظر لتلك المنكمشة على حالها تستمع لما يقال فاغرة الفاه بإرتياب وقلب يرتجف وتحدث إليها بحدة مماثلة: وإنت يا بت زيدان، يا تطلعي من إهني وإنت موافجة على واد عمك ومسلمة بكلامي، يا تعملي حسابك إن مفيش خروج من البيت بعد إنهاردة والمستشفي اللي جهزتها لك هجفلها وأجلبها فرنة للعيش البلدي،
وأكمل أمرا بجبروت: و تچهزي حالك لأن السبوع الچاي هتبجا دخلتك على حسن واد عمك منتصر.

جحظت عيناها بذهول وأردفت متسائلة بعدم إستيعاب: حديت إية اللي عتجوله يا چدي؟
أجابها بحدة: اللي سمعتيه ومعايزش كلمه زياده
أني خارج برة وزي ما جولت، هما عشر دجايج وهدخل لكم علشان تبلغوني نويتوا على أيه
وتحرك للخارج صافقا الباب خلفه تحت ذهولهما وإشتعال جسديهما من أفعال ذاك المستبد عديم المشاعر.

قبل قليل داخل منزل زيدان
دلف لداخل غرفة المعيشة وجدها تجلس فوق المقعد والقلق والتوتر يتسللان إلى ملامحها ويتملكان من قلبها فتحدثت هي بعد إلقاءه التحيه: إتأخرت لية إكدة يا زيدان؟
أجابها وهو يخلع عنه عبائته ويضعها فوق القعد المجاور لها إستعدادا لجلوسه: ما أنت عارفة الجعدة ويا الصحاب هتاكل الوجت وكل ومهنحسش على روحنا غير والوجت سارجنا.

فتحدثت هي بنبرة متوترة: طب جبل ما تجعد إطلع شوف صفا في بيت چدها ولا لا
نظر إليها وسألها بإستغراب: يعني أيه أشوفها هناك ولا لا،
وهتف بحدة بالغة متسائلا حين لاحظ توترها: بتك فين يا ورد؟

تحدثت إليه بإرتياب وتلبكت بالكلمات: قاسم كلمها من ياجي ساعتين وجال لها إنه جاي في الطريج وعاوز يتحدت وياها لحالهم في موضوع مهم، وطلب منيها تستناه في الچنينة اللي ورا، راحت له ولما إستعوجتها روحت أنده لها ملجتش حد في الچنينه واصل
طمأن قلقها حين وجد الرعب يدب بأوصالها وتحرك متجه إلى سرايا والده ودلف للداخل وجد الجميع يجلسون والقلق والحيرة عنوان وجوههم،.

ووجد والده يخرج من حجرته صافقا بابها بغضب فتحدث إليه بتساؤل وخيفة: صفا مجاتش إهنيه يا أبوي؟
تحدثت إليه والدته لتطمئنه وهي تشير على حجرتها الخاصة: بتك جوة ويا قاسم بيتحدتوا ويا بعض وهيطلعوا بعد شوي
نظر إليها بإستغراب وتحدث بنبرة حادة غاضبة: وبتي وقاسم يجعدوا لحالهم في أوضة مجفول عليهم بابها ليه يا أماي؟!

تحدث إليه عتمان بنبرة حادة: جرا لك إية يا زيدان، معناته إية حديتك الماسخ دي، كنك إتجنيت إياك، ما أني كت وياهم ولساتني خارج جدامك وأني اللي جافل عليهم الباب بيدي
وأكمل بهدوء ليطمئن ولده: وبعدين قاسم دي تربية يدي واضمنه برجبتي، ومحدش في الدنيا كلياتها هيخاف على صفا جده
إبتلع ما في جوفه من حديث خاص بتلك الجزئية ثم تساءل بإستفهام: طب ممكن يا بوي أعرف بتي چوة مع قاسم بيتحدتوا في ايه؟

أجابه عتمان بهدوء ونبرة زائفة وهو يجلس فوق مقعده المخصص له: مفيش حاچه، قاسم وصفا إختلفوا على ميعاد ومكان الفرح وأني رضيتهم وسبتهم مع بعض لجل ما يجرروا ويحددوا الميعاد المناسب ليهم هما التنين
وأكمل وهو يشير إلى جانبة تحت إستشاطة قدري وغيرته التي لم تهدئ يوم برغم كل ما حدث: إهدي يا زيدان وتعال أجعد جاري
جلس بجانبة وتحدثت رسمية بإرتباك: هخلي حسن تعمل لكم شاي.

أما فايقة التي إنسحبت للأعلي سريع كي تحدث ولدها وتمنعه من تهوره قبل أن يخسر كل شئ ويفقدهم مخطط العمر في لحظة غباء منه.

داخل غرفة الچد
وقفا يتطلعان بشرود خروج الچد من الغرفة فتحدثت هي بعدم إستيعاب وتيهه: حد يجول لي إن اللي حصل من شوي ده كابوس مزعج وملوش أي أساس من الصحه وهينتهي أول ما أجوم من النوم
أجابها ذاك المستشاط: الكابوس ده إحنا عايشينه من ساعت ما اتولدنا في مملكة الرعب دي، بس وصل لذروته معانا لحد ما خلاص جرب يخنجنا جوة دايرته المجفولة
وتحدث إليها بنبرة متساءلة جادة: هنعملوا اية دلوك؟

رمقته بنظرة غاضبة ولو كانت النظرات تقتل لخرجت سهامها الحادة وقطعته إربا وأنهت علية في التو واللحظة، وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: السؤال ده تساله لحالك يا ملك الخطط والمؤامرات
وأكملت وهي تنظر إلية بإشمئزاز: إجعد مع حالك وفكر وياها زين على الله تطلع لنا بمؤامرة چديدة تخلصنا من المصيبة اللي حطت فوج راسنا دي.

رمقها بنظرة غاضبة وتحدث إليها مهددا بسبابته: إجفلي خاشمك خالص ومعايزش أسمع لك صوت واصل بدل ما أرتكب فيكي جناية ويحسبوكي عليا نفر
نظرت له بذهول سرعان ما تحول إلى نظرة غاضبه وكادت أن توبخه لولا إستماعها إلى صوت هاتفه الذي صدح، نظر لشاشته وجدها والدته فرفض إستلام المكالمة فكررت فايقه الإتصال مرة أخري، وهنا تأكد انه لن يتخلص من ذاك الإزعاج إلا إذا إستجاب لها.

ضغط زر الإجابة وأردف متساءلا بضيق: خير يا أما، بتتصلي ليه دالوك
تحدثت بحده وصرامة: إسمعني زين يا قاسم ومعيزاكش تراجعني في الحديت عشان مفيش وجت
وأوعاك تفسر الكلام جدام بت ورد عشان متاخدش بالها،
وأكملت أمرة: وافج على چوازك من صفا يا قاسم وإلا هتخسر كل حاجه
واولهم رضايا عليك، الله الوكيل لو ما أتچوزتها ليكون جلبي وربي غضبانين عليك ليوم الدين
رد عليها بنبرة حادة: إنت عارفة معناة كلامك ده ايه يا اماي.

اجابته بهدوء: معناته نچاتك وفوزك بكل حاچة يا وليدي
وأكملت لإفاقته كي يعي على ما هو مقبل عليه: بس لو نفذت اللي في دماغك وعاديت چدك وعاصيت أوامرة، هتبجا زيدان التاني يا حزين
أجابها بعناد: وماله لما أبتدي طريجي من چديد، كفاية إني هكون حافظت على اللي باجي لي من كرامتي ومهنتهاش
صاحت بنبرة غاضبة: طريج أية اللي عتبدية من اللول وإنت عديت الواحد وثلاثين سنه يا حزين؟

إوعاك تكون فاكر حالك إنك هتشتغل وتلم ثروة وتبجا زي عمك زيدان، ده أنت تبجا بتحلم يا إبن قدري،
وأكملت بتفسير: چدك لما طرد عمك زيدان وهو طلع إشتغل لحاله كان لساته شاب في أول عمرة، وكان عندية البيت و وياه صيغة مرته اللي باعها وشج بيها طريجة، والزمن كان غير الزمن.

وأكملت لتحسه على التراجع: إوعاك تكون فاكر إن زيدان النعماني بجا إكدة بين يوم وليلة، لا يا عين أمك، ده داج المر هو ومرته وشافوا أيام أسود من جرن الخروب على ما وصلوا للي هما فيه ده، دول سواعي ما كنوش بيلاجوا الرغيف الحاف لجل ما يسدوا بيه چوعهم، وبرغم إن چدك كان شايف حالة بعنية بس ولا مرة جلبه حن وإتراچع عن جرارة
إجفلي يا أما دلوك الله يبارك لك، جملة نطقها قاسم بإمتعاض وتملل.

فصاحت هي بصوتها العالي: مهجفلش جبل ما تسمعني زين وابلغك رسالة أبوك ليك، أبوك بيجول لك تطلع دالوك لچدك وتجول له إنك موافج على چوازك من بت عمك وأوعاك تجيب سيرة البت المصراوية نهائي، وابوك بيجول لك لو بتحبها جوي إكده ولساك رايدها هو هيروح وياك مصر ويجوزهالك بس بعيد عن چدك وعمك زيدان،
أيه اللي بتجوليه ده يا أما، إنت عارفة من جواكي إني لا يمكن أعمل إكدة.

كانت تنظر إليه بتمعن تترقب حديثه مع والدته تعي جيدا من داخلها أن حديثهما يخصها
علي الجهه الاخرى كادت فايقة أن تتحدث قاطعها دلوف قدري الذي لم يستطع صبرا الإنتظار والمجازفة، وصعد للأعلي كي يملي على ولده ويوجهه بفعل اللازم
وأردف لائما إياه بنبرة حادة تنم عن وصوله لذروة غضبه: إسمعني زين ياقاسم، أني عارف إنك عملت اللي في دماغك وجولت لچدك إنك معايزش صفا.

وأكمل مهددا إياه: وزي ما عجدتها بيدك إنت بردك اللي عتحلها، جدامك حل من إتنين ملهمش ثالث، يا تطلع دالوك لچدك وتجول له إنك راجعت حالك وموافج على چوازك من بت عمك وبعدها هجعد وياك ونرتب لموضوع چوازك من البت زميلتك دي من غير ما حد يدري بينا،
وأكمل بحده مهددا إياه: يا إما تنسي نهائي إن ليك أب وأم وحتى إن مت هوصي إخواتك إنك متمشيش في جنازتي ولا حتى تاخد عزاي، سامعني يا واد.

وأغلق الخط بوجهه دون إعطاءه حق الرد تحت ذهول قاسم واحتراق روحه وتشتت عقله
تحدثت فايقة بنبرة مرتعبه: فكرك هيعمل اللي جولت له عليه، ولا هينفذ اللي في دماغة ويوكس حاله ويوكسنا معاه؟
أجابها بشرود: يا خبر بفلوس،
ثم تحرك للأسفل مهرولا لينضم إلى الجميع من جديد بعد أن إنسحب مبررا صعوده لدلوف المرحاض
أما قاسم الذي وقف مشتت الذهن، ينظر إلى تلك الجالسة والغضب والضيق يتملكان من روحها ويظهران فوق ملامحا.

تحرك ووقف مقابلا لجلستها وتحدث قائلا:.
أنهي قاسم حديثه مع والدته وأغلق الهاتف بحدة، وقف مشتت الذهن، تائه، نظر لتلك الجالسه التي تهز بساقيها والغضب والضيق يتملكان من جسدها وروحها، زفر بضيق ثم وضع كف يده على شعرة وأرجعة للخلف بضيق في حركة تنم عن مدي غضبة وتشتت روحه
تحرك و وقف مقابلا لجلستها وهتف متساءلا: هنعمل أية في الكارثة اللي وجعنا فيها دي يا دكتورة؟

وقفت مقابلة له برأس شامخ وتحدثت بنبرة قوية حادة: أني عن نفسي بعد كل اللي حصل بيناتنا دي وسمعته منيك مستحيل أوافج أبجا مرتك حتى لو إنطبجت السما على الأرض
إستشاط داخله من طريقتها المستفزة لرجولته وأردف ببرود ليحرق روحها: الحال من بعضه، أني كمان مطايجش أبص في وشك بعد اللي سمعته منيكي وطولت لسانك علي
وأكمل بنبرة عملية متغاضي: بس كيف ما عيجولوا رچال السياسة، المصالح عتتصالح.

واني معيزاش ومستغنية عن أي مصلحة تاچيني من ناحيتك، جملة نطقتها بغضب
وهتجعدي في البيت و وتتچوزي حسن؟
جملة إستفسارية نطق بها قاسم
أجابته بقوة وثقة في غير محلها: كيف يعني يچوزني لحسن ويجعدني في البيت، سايبه إياك؟
أبوي هيجف له وهيمنعه من إنه يعمل فيا إكدة.

إبتسم ساخرا وأجابها: يا ريتها كانت سايبة يا دكتورة، وأكمل مشيرا بكفاه بحركة دائرية: دي كيف الدايرة المحكومة وإحنا چواها ومجيدين بچنازير من حديد مجفولة بإجفال نحاس ومفتاحها في يد عتمان النعماني مفيش غيرة
وأكمل مفسرا: ولو مفكرة إن عمي زيدان عيمشي حديته على أبوه ويخرچك تشتغلي غصبن عنية تبجي غلبانه جوي ومتعرفيش جبروت عتمان النعماني واصل لوين.

وأكمل مذكرا: چدك كلمته بتمشي على مأمور المركز بذات نفسيه يا صفا والكل عيعمله ألف حساب وحساب
ولو باصة للموضوع الجديم وعدم موافجة أبوكي على چوازة على أمك وأنه مرضاش وخرچ منبوذ من العيلة، وفاكرة إنك بسهولة عتعملي زييه، أحب أجولك إن الموضوع إهني مختلف كليا، أبوكي راچل ورفض الچواز، كيف كان هيجبر راچل ويجربه من حرمة هو مرايدهاش.

وأكمل بتعقل: لكن وياك الوضع مختلف، إنت بت وعنديكي 25 سنه، و ولد عمك فاتك جبل الفرح بأسبوعين، تفتكري مين عيغلطوا لما يچوز بت ولده الوحيدة لإبن عمها لجل ما يحميها من حديت الناس الماسخ، وكمان يحمي مالها ومال أبوها من الطامعين
تطلعت إلية بإستغراب وأردفت بتعجب: كيف بتجدر تغير رأيك ومبادئك ما بين اللحظة والتانية إكدة؟!

أجابها بثقة: العالم كلاته بيغير خططته ومبادئة في السنة الواحدة ألاف المرات، عيزاني أني أثبت على موجفي جدام طوفان النعماني ولعنته، وبعدين ما أني لسه جايلها لك يا دكتورة، المصالح عتتصالح
تنهدت بإستسلام وظهر اليأس على ملامحها لعلمها صحة حديثه وكم أن لعتمان وضع وسلطة داخل المركز بأكملة.

فتحدث هو إليها محاولا إقناعها ورضوخها للأمر الواقع: چدك جفلها كيف الدومنا وحولها لحرب وفي الحرب البقاء بيكون للأجوي، يعني حربنا وياه إنكتب عليها الخسارة حتى من جبل ما تبتدي
بس لو فكرنا بذكاء ممكن نعدي منيها بسلام، أني شايف إننا لازمن نطاطي للريح ونسايس أمورنا وياه لجل ما نطلعوا بأجل الخساير
تجصد أيه بكلامك ده؟، جملة تساءلت بها بإستفهام وجبين مقطب.

فأجابها بدهاء: أنا وإنت لازمن نوافج على چوازنا زي ما چدك أمر وإلا هنخسر كل شئ بنيناه طول السنين اللي فاتت
مهيحصلش حتى لو على چثتي، جملة تفوهت بها بشموخ وعناد وكبرياء
لم يدري لما غضب من داخله لكنه تجاهل شعوره، وتحدث إليها بهدوء إصطنعه بصعوبة: إركني خلافاتنا على چنب وحكمي عجلك وشوفي الخساير اللي هتطولنا لو رفضنا يا صفا.

وإسترسل حديثه في إشارة منه على حاله: أني هخسر مكتبي وشجتي وعربيتي وكل الفلوس اللي تعبت فيها طول العشر سنين اللي اشتغلتهم من بعد ما اتخرچت، ده غير إسمي اللي هيتهز وبرستيچي اللي هيتساوي بالأرض لما أسيب مكتبي وأروح أأجر مكتب في مكان بسيط على أد فلوسي
ثم أكمل وهو يشير إليها: وإنت وتعب السبع سنين چامعة اللي هيترمي على الأرض وكأنه محصلش من الاساس، وحلم المستشفي اللي هيتبخر جدام عنيكي وكأنه سراب،.

وأكمل مؤكدا: وبردك عتتچوزي غصبن عنيكي من حسن ولد عمك منتصر وأبوكي مهيجدرش ينطج بحرف جصاد جبروت چدك اللي إنت خبراة زين
وأكمل حديثة بعقلانية: وطالما إكده ولا إكده عتتچوزي غصب يبجا العجل بيجول تتچوزيني وتاخدي الإمتيازات الكتير اللي عتتحصلي عليها لو الچوازة دي تمت.

بس أني خلاص، مبجتش عيزاك ومهجدرش أعيش وياك وأعاشرك واني مطيجاش حتى أبص في وشك، جملة قوية نابعة من داخلها هتفت بها صفا
فأجابها بضيق من طريقتها الحادة التي إستفزته: وأني اللي عموت عليكي إياك؟
ما الحال من بعضية يا بت عمي
وأكمل ليخيفها ويحثها على التراجع: على العموم أني هجول لچدي إني موافج وإنت حرة في جرارك بس إستحملي بجا العواقب لحالك.

رمقته بنظرة إشمئزاز ثم صمتت لتفكر بعدما أقنعها بحديثه المخيف، ثم تحدثت بقوة: وأني موافجه بس عندي شرط
ضيق بين حاجبيه متسائلا: شرط أية دي؟
أجابته بقوة وشموخ انثي جرح كبريائها على يد من تيم قلبها بعشقه اللعين: چوازنا يبجا صوري، معتلمس شعرة واحدة مني ولا هيكون لك حكم عليا لحد ما ربنا يحلها من عنديه ونلاجوا حل يخلصنا من الربطة السودة دي
وأكملت بنبرة ساخرة: وأظن إن دي شئ مش هيضايجك ولا حتى هيفرج وياك.

لم يدري لما ثار داخلة لذاك الشرط العجيب ولهجتها الحادة وتساءل ساخرا: طب وهو ده كلام ناس عاجلين بردك يا بت الناس؟
أجابته بقوة وتأكيد: دي هو ده كلام الناس الزين اللي عتفهم، أني و معوزاكش ولا أنت كمان رايدني، يبجا لازمته أية نخدعوا روحنا وندخلوا في علاجة عجيمة وكدابة.

نظرت إليه بتمعن وترقب شديد لإجابته
قاطع إجابته دلوف الجد الذي دلف لحاله بعدما منع زيدان وقدري من الدلوف معه
وقف الچد أمامهما بجبروت وتحدث بنبرة صارمة متسائلا: فكرتوا زين في حديتي
نظرت هي إلى ذاك القاسم متساءلة بعيناها عن موافقته من عدمها لشرطها الحازم، فأماء لها بعيناه دليلا عن الموافقة بشرطها الصعب
شعرت بخيبة أمل حينها وحدثت حالها، أبتلك البساطة توافقني شرطي المميت لروحي؟

الهذا الحد لم أكن أعني لك بشئ على الإطلاق؟
كنت أتأمل رفضك لشرطي لأشعر بتمسكك بي ولو حتى قليلا.

أما هو فنظر إلى جده وتحدث بنبرة قوية وعيون مبهمة: تجدر حضرتك تعمل تچهيزاتك اللازمة للفرح
أستكان داخل عتمان بعدما شعر براحه إجتاحت كيانه بالكامل ولكنه أخفي شعوره وأحتفظ به لحاله
ثم تحدث قائلا بنبرة صارمة: حيث إكده إعملوا حسابكم إن الفرح الخميس الچاي مش اللي بعديه
إرتبكت بوقفتها وتحدثت بتلبك: ولازمتة إية الإستعچال دي؟

اجابها بهدوء: خير البر عاچله يا دكتورة، وكمان لجل ما تبدأي من أول الشهر الچديد تجهزي لإفتتاح المستشفي
وأكمل بتفاخر وأبتسامة كي يسترضاها ويخفف عنها حزنها الذي أصابها من حدته معها ويزيل التوتر الذي أصاب علاقتهما: أني إن شاء الله ناوي أعمل لك إفتتاح سوهاچ كلياتها هتتحدت عنيه وهعزم لك المحافظ بذات نفسية لچل ما يجص لك ابصر إية دي الشريط اللي عتجولوا عليه.

لم يتحرك لها ساكن وكأنها لم تستمع لحديثه من الأساس أو أن الأمر لا يعنيها
فتحدث إلى كلاهما بتنبيه: إسمعوني زين، الحديت اللي حصل بيناتنا إهني معوزهوش يخرچ من باب الأوضة دي، عاوزه يندفن إهني
وأكمل وهو ينظر إلى مقلتيها محذرا: الحديت دي ليكي مخصوص يا صفا، بلاش يا بتي تجولي لأبوكي وتجلجية عليكي، هو محتاچ يطمن مش يجلج، فهماني يا صفا.

أومأت له بهدوء فتحدث هو بنبرة قوية وهو يتحرك بإتجاه باب الحجرة: تعالوا وراي
خرج ثلاثتهم ونظر الجميع إليهم بترقب، فايقة وقدري اللذان حبسا أنفاسهما ترقب لما سيقال
حين أسرع زيدان إلى صغيرته ولف ذراعه حول كتفها محاوط إياها برعاية وتساءل بإهتمام وقلق: إنت كويسه يا صفا؟

خبأت أهاتها الصارخة وخيباتها داخل قلبها متألمه في صمت مميت ورسمت إبتسامة مزيفه على محياها وتحدثت بنبرة سعيدة إفتعلتها كي تطمئن بها عزيز عيناها ومالك فؤادها الحقيقي: الحمدلله يا أبوي، أني زينة
حين تحدث عتمان بوجه بشوش موجه أوامره للجميع: عاوز الكل يفضي لي حاله من بكرة لچل ما نچهزوا لفرح قاسم على ست البنات الدكتورة صفا النعماني يوم الخميس الجاي إن شاءالله.

وكأن بكلماته تلك قد أرجع الحياه لقلب فايقة والذي كان قد أوشك على إصابة شريانه التاجي بجلطة مؤكدة، وما كان منها إلا إطلاق الزغاريد بطريقة هيستيرية حتى صدحت بأرجاء المكان لتعلن عن فرحة تعم السرايا بأكملها
وعلي النقيض فقد تحدث زيدان قائلا بإعتراض: كلام أيه اللي عتجوله ده يا حاچ، حضرتك تجصد الخميس اللي هو بعد ست أيام؟

أماء عتمان بموافقة فأكمل زيدان معترض: مهنلحجوش نرتبوا حالنا يا حاچ، صفا ناجصها حاچات لسه هندلي نچيبوها لها من مصر، و ورد لسه مچهزتش حالها، وكمان أني محتاچ وجت لجل ما أرتب زين لفرحتي بچوازت بتي الوحيدة
أما فايقة التي وصلت سعادتها عنان السماء هتفت بسعادة وحماس: ما تشغلش بالك بأمور الحريم ده يا زيدان، أني من صباحية ربنا هروح لورد ونشوف الناجص ونكملوه ويا بعض ومش هسيبها غير لما كل حاچة تبجا تمام.

إستغرب حماسها الزائد عن الحد وتحدث إليها بنبرة جامدة: كتر خيرك يا أم قاسم، بس ملوش لزوم تتعبي حالك، إنت عارفة ورد بتحب تچهز كل حاچاتها بيدها ومعتحبش تتعب حد وياها
قاطعته رسمية قائلة بإقناع: إيد على إيد تساعد يا زيدان، وفايقة مچوزه ليلي جبل سابج وعارفة المطلوب زين
كانت تنظر بقلب مفطور إلى ذلك الصامت متسمرا بوقفته ينظر للجميع ببرود وكأن الأمر لا يعنية من قريب أو بعيد، شعرت بعالمها ينهار من حولها.

نظر يزن إلى صفا وتحدث بنبرة بائسة حزن على من ملكت الفؤاد والأن ستصبح ملك لرجلا غيرة وينتهي أخر أمل له في الحصول عليها: مبروك يا صفا
أجابته بإبتسامة باهته خالية من مظاهر البهجه: تسلم يا يزن
إستشاط داخل ليلي من نظرات زوجها الحزينة وهو يتطلع إلى غريمتها الأولي والأخيرة وتحدثت بنبرة حادة: مبروك عليكي زينة الشباب يا صفا.

أماءت لها بهدوء ثم تحدث زيدان موجه حديثه إليها قائلا بهدوء: يلا بينا نروح يا بتي، أمك عتموت من جلجها عليكي
أماءت له وتحركت معه تحت نظرات الجميع المستغربة حالتها أوقفها صوت عتمان وهو يقصدها بحديثة قائلا: چهزي بطاجتك وكام صورة ليكي لجل كتب الكتاب بكرة يا صفا
إستدارت مرة أخري تنظر إليه بإستغراب، حين تحدث قاسم متساءلا بإستفسار: كتب كتاب إيه دي اللي بكرة يا چدي؟

وأكمل معترض: أني أساسا راچع القاهرة بكرة الصبح عشان عندي مرافعة مهمة
أجابه الجد بنبرة باردة غير مبالي بحديثه: إتصل بصاحبك اللي معاك في المكتب يدير هو الشغل بكرة بدالك وإبجا سافر بعد بكرة
وأسترسل حديثه وهو ينظر إلى قدري أمرا إياه: وإنت يا قدري، إتصل بالشيخ سلامة المأذون لجل ما ياچي بكرة بالليل يخلص كل الإجراءات اللازمة لكتب الكتاب ويچهزة على الإشهار يوم الفرح إن شاء الله.

أجابه قدري من بين سعادته البالغة: إنت تؤمر يا حاچ، حالا هتصل بيه وأخليه ياچي إهني بكرة بعد صلاة العشا
أردف عتمان مصححا أوامرة: جول له ياچي لبيت زيدان وإنت وولدك تروحوا وتتمموا الإچراءات هناك
إشتعل داخل قدري وتحدث بنبرة معترضة: كيف يعني يروح لبيت زيدان وبيتك لساته مفتوح بحسك يا أبوي
أجابه عتمان وهو ينظر مبتسم إلى زيدان ناصف إياة: الدكتورة صفا عيتكتب كتابها في دوار أبوها.

طار قلب زيدان من شدة سعادته وذلك لتقدير والده له وأيضا لرؤيته بوادر صفاء قلبه له فتحدث بإبتسامة شاكرة: تسلم يا أبوي ويديمك فوج روسنا
إبتسم له عتمان بخفة، ثم أصطحب زيدان إبنته وتحرك متجه إلى منزله وتفرق الجمع كل لوجهته.

بعد قليل كانت تقف بغرفتها أمام والدتها المتساءلة بنبرة ملحة: بردك منوياش تجولي لي قاسم جال لك اية شجلب لك بيه حالك وخلاكي راچعة مسهمة إكدة؟
أجابتها بتملل ونبرة مختنقة: وبعدهالك عاد يا أماي، ما أبوي جال لك على كل اللي حصل،
وأكملت بشرح: قاسم كان عايز يأجل الفرح شهر كمان ويعمله في جاعة كبيرة في القاهرة لجل ما أصحابة ومعارفة هناك يحضروا، وچدي معچبهوش الكلام.

أردفت ورد قائلة بعدم تصديق: فكرك عيخيل عليا الحديت الخيبان بتاعك ده يا صفا
وأكملت برجاء: يا بتي انطجي و جولي لي الحجيجة و ريحي لي جلبي، لو فيه حاچة چرت من قاسم و زعلتك جولي لجل ما أخلي ابوكي يلحج يتصرف وياه،
اجابتها بملامح وجة مبهمة: هجول لك إية بس يا أما، هخلج لك حديت محصولش لجل ما أرضي لك فضولك.

تنهدت ورد بأسي وأردفت قائله بإستسلام: على العموم براحتك، أني هسيبك لجل ما ترتاحي وأنزل أشوف أبوكي إية اللي صابه هو كمان
وما أن تحركت ورد عائدة إلى الأسفل حتى إرتمت تلك الحزينة فوق تختها بإهمال ودخلت في نوبة بكاء مر، و غصة مريرة وقفت بحلقها كادت ان تزهق بروحها، بكت لأجل كرامتها التي أهدرت على يد من أحبته وأعتبرته رجلها وأمانها وفرحتها المنتظرة،.

بكت لأجل حلم كان على وشك التحقيق وبلحظة تحول إلى كابوس كاد أن يخنقها بداخله، بكت وبكت على سنين عمرها التي اهدرت هباء على من لا يستحق، ضلت على وضعيتها ساعات حتى غلبها النعاس وغفت على وضعيتها تلك دون إدراك.

نعود إلى ما سبق حين غادرت صفا بجوار والدها إلى منزلهما
علي الفور تحرك قاسم مهرولا إلى الدرج لأعلي ومنه إلى غرفته الذي صفق بابها بحدة بالغه، وبات يجوب الغرفة إياب وذهاب بغضب مما حدث، أوقفه إستماعه إلى تلك الطرقات السريعه فوق الباب.

تحرك إليه وفتحه بغضب فوجد أمامه والدته و والده الذي تحدث بحده بالغه بعدما أوصدت فايقة باب الغرفه جيدا لضمان عدم وصول أصواتهم إلى الخارج: اللي حصل إنهاردة ده معيزهوش يتكرر تاني واصل
وأكمل بوعيد رافع سبابته أمام وجه قاسم مهددا إياه بحدة: أخر مرة تتصرف لحالك من غير ما ترچع لي، مفهوم يا قاسم.

تحدث قاسم بنبرة بائسه غاضبة رافضة: بكفياك عاد يا أبوي أني مناجصش تجطيم، كفاية عليا الذل والمهانة والضعف اللي حسيت بيهم إنهاردة وأني واجف متكتف كيف العاچر جدام جبروت چدي وتحكماته الفاضية اللي معتخلصش
وأكمل صارخ بعيون مذهولة وغضب عارم: أني إتمسح بيا البلاط وإتداس على كرامتي بالچزمة الجديمة جدام بت عمي وخرست وكتمت جهرتي جواي.

وأكمل بنبرة لائمة: وكل ده لجل ما أرضيك وأنفذ أوامرك اللي معارفش عتوصلني بيها لحد فين
تحدثت فايقة بنبرة هادئة في محاولة منها لإسترضائة: إهدي يا ولدي، اللي حصل دي هو الصح واللي كان لازمن يحصل
تحدث قدري بنبرة أهدي بعدما تحكم في إنفعالاته: كت عايزني أجف أتفرچ عليك وإنت بتدمر حالك بيدك إياك؟

ثم تحرك إليه وربت على كتفه وأكمل بهدوء كي يهدئ من روعة وغضبته: بچوازك من صفا هتكون رضيت چدك ورضيتني وكسبت كل حاجة يا ولدي
وأكمل لمراضاتة: وبكره هنتمم الموضوع ونكتب الكتاب ونتطمن، وبعد بكرة هسافر وياك ونخطبولك المحامية اللي إنت رايدها، مرضي إكدة؟
أجابه بحده: وحضرتك بجا فاكر إن إيناس ولا أهلها هيوافجوا على چوازنا بعد ما أكتب كتابي على واحدة غيرها؟

أجابه قدري بتأكيد: مليكش صالح إنت بالحديت ده، أني ليا طرجي مع الخلج اللي عخليهم يوافجوا بيها
ثم أكمل بنبرة هادئة وهو يربت على كتف صغيره ليطمأنه: أني عاوزك تطمن وتحط في بطنك بطيخة صيفي
أكدت فايقة على حديث زوجها واردفت قائله بنبرة يملؤها الشر والحقد: إهدي يا قاسم، أني عاوزك تتوكد إن لو إنت رايد چوازتك من زميلتك دي تتم جيراط واحد فأني وأبوك عاوزينها تتم أربعة وعشرين جيراط.

ثم نظرت إلى زوجها وتساءلت: مش إكدة بردك يا قدري؟
أكد على حديثها ذاك الفاقد للبصيرة عديم النخوة: معلوم يا فايقة، معلوم
إستغرب قاسم حديث والده فحقا كان مخالف لتوقعاته، كان يتوقع غضبه الحاد لأجل إبنة شقيقه وما سيفعله بها ولكن دائما ما كان أباه يخلف ظنه وتتخطي دنائته كل التوقعات
فتساءل إلى أبيه بتخوف: طب ولو چدي عرف يا أبوي، تفتكر هيعديها لي على خير؟

أجابته فايقة بطمأنة: وأيه بس اللي هيعرف چدك بالموضوع ده يا ولدي، إنت هتتچوزها في مصر وهتعيش وياها هناك
قاطعها قاسم متساءلا بإنفعال: طب و ولادي اللي هخلفهم منيها يا أماي، هيجضوا عمرهم كلياته في الضل إياك؟
أجابه قدري: أني و أمك هنكون وياك في كل حاچة وهنزورك كتير في بيتك إهناك
وأكمل بحقد دفين ظهر بعيناه التي تحولت للغضب: إتحمل لحد ما ربنا يعدل الظروف والزمن ينصفني وكفتي المايلة تتعدل ويطب ميزاني.

وأسترسل حديثه بشر متمنيا موت أبيه: چدك مهيخلدش في الدنيي يا قاسم، وأظن إن بعد موته كل حاچة هتتغير، وأني هبجي الكبير بداله والكل في الكل، وكلمتي هتمشي على الكبير جبل اللصغير
ساعتها هچيب لك مرتك إهني هي و ولادك وأحطهم في عين التخين
نظر لأبيه مستغرب ومستنكرا حالة الشر التي يتحدث بها عن أبيه وشعر بريبة وتيهه بمشاعرة
أما فايقة التي إبتسمت بجانب فمها بتمني.

خرجا والديه وتركاه مع حيرته وتشتت عقله من تزاحم الأفكار التي إقتحمت رأسة والتفكير فيما هو قادم، زفر بضيق ورفع رأسه عاليا طالبا من الله العون والمدد، فلقد أرهق عقلة المشتت وتعبت روحه الممزقة وما عاد للإستقامة والمثالية التي دائما ما كان يتمتع بهما مكان بحياتة
بعد مرور مدة قصيرة من الوقت إستمع لأحدهم يطرق بابه، فسمح له بالدخول وكان الطارق شقيقه فارس الذي تساءل بإهتمام عن ما حدث بينه وبين جده.

فقص له كل ما دار بينه وبين جده وصفا ثم أبيه وأمه واسترسل حديثه بأنه إنتوي الزواج من إيناس بعد إتمام زيجته مباشرة من صفا
جحظت أعين فارس وتحدث بإعتراض محاولا إفاقة شقيقه من غفلته: فوج وأوعي لروحك يا قاسم، عمك زيدان ميستاهلش منيك إكده واصل.

هتف بصياح عالي بنبرة حادة: ولا أني أستاهل إكده ولا أنت ولا يزن ولا حتى صفا، بس هنجول أية، الوحيد اللي المفروض نلومه في الموضوع ده هو چدك، چدك اللي بكل جبروت عمال يحدد في مصايرنا على كيفه وكننا عرايس ماريونيت ماسك خيوتها في يدة وبيحركها على كيف كيفة
تحدث فارس بنبرة قلقة: بس إنت بكده بتحط نفسك في وش المدفع يا قاسم، چدك لو عرف مهيرحمكش وهيفرمك في مفرمته، ما أنت خابر جد أية بيحب صفا وبيخاف عليها.

وأكمل بنبرة حنون: أني خايف عليك لتبجا زيدان التاني وتعيش منبوذ يا أخوي
أجابه بهدوء، كي يطمأنه: ما تخافش يا فارس، أني هعمل إحتياطاتي وهرتب للموضوع زين بحيث يبجا في السر ومحدش يدري بيه واصل
أردف فارس بتيهه و حزن: وصفا يا قاسم، البت رايداك ومتستاهلش تعمل فيها إكدة
أجابه بنبرة حزينة بائسة لأجلها: نصيبها إكده يا فارس، ده جدر ومسطر على الچبين ولازمن تشوفة العين.

هتف فارس بخفوت: ربنا يستر من اللي چاي يا قاسم، ربنا يچيب العواجب سليمة يا أخوي.

أما يزن
كان بالأسفل جالس مع جده و والده يطلعهما على أخر المستجدات في تجهيزات المشفي وأيضا يراجع معهما حسابات المحجر الذي أوكلها له عتمان بعدما تأكد من تلاعب قدري بالحسابات فأراد ان يغلق في وجهه جميع الوسائل والقنوات، كي لا يستطيع خداع أبية وسرقة أمواله من جديد
وبعد الإستئذان تحرك للدرج في طريقه للأعلي حيث مسكنه فوجد قدري يقف بوجهه منتظرا إياه وتحدث متسائلا: إية أخبار حسابات المحچر يا يزن؟

وأكمل ساخرا: على الله تكون بينت لچدك إن عمك قدري كان بياكل ماله وسارجة بحج
رد يزن بهدوء عكس ما بداخلة وذلك لعلمه ألاعيب عمه في دفاتر المحجر وسرقة أكثر من ربع الوارد شهريا، حيث أنه إستفحل وأصبح شرس في إختلاس أموال والده بعد جشعة الذي أصابه وذلك جراء توسع تجارة زيدان وتضخمها بجانب شرائة لمجموعة من الأراضي الزراعية التي كانت معروضة للبيع في المركز التابع له نجعهم.

يزن بنبرة زائفة: ليه عتجول إكدة ع حالك يا عمي، أخلاج حضرتك فوج مستوي الشبهات عند چدي والچميع
هز قدري رأسه ساخرا وأجابه: على العموم اني ميهمنيش حديت حد طالما واثج في حالي وماشي بما يرضي الله، أما أنت بجا إشبع بإدارة المستشفي بتاعت السنيورة اللي عيخرب بيها بيوتنا كلياتنا.

وأكمل متسائلا بنبرة خبيثة كي يثير غضب يزن ويجعله يسخط على قرارات جده ويكسبه بصفه: تجدر تجولي كان لازمتها إية الفلوس الكتير اللي إترمت في المستشفي طالما في الاخر هيعملها مچاني لاهل البلد لجل ما يطمعهم فينا، مش كان عملك بيهم مشروع إنت وفارس اللي مراضيش يسلموا أي حاچة فيها فلوس ليسرجه كيف أبوة
ولا انت إية رأيك في الحديت دوت يا يزن؟

أجابة يزن الذي يستشف ما بداخل ذاك الحقود بسهولة ويسر: وأنا مالي بالحديت دي يا عمي، الرأي رأي چدي والفلوس فلوسه ومن حجة يعمل بيها ما بدالة
وإن كنت أني مختلف ويا حضرتك في الرأي وشايف إن المستشفي هتفيد أهل البلد الغلابه وكمان هتچيب ربح لأن فيه منها چزء إستثماراي للأغنيا وأكيد هيعود علينا بالنفع الكبير.

نظر له بسخط وتحدث ناهيا الحديث بنبرة ساخرة: جلبك رهيف كيف أبوك، ولد منتصر صح، إطلع لمرتك يا أخوي، إطلع
ودلف لداخل مسكنه وأغلق بوجهه الباب بشدة
هز يزن رأسه بيأس وتحرك للأعلي حيث مسكن الزوجيه
وجد تلك المستشاطة بوجهه وكأنها بإنتظارة والتي ما أن رأته حتى تحدثت بنبرة حادة ساخطة: إيه اللي مجعدك تحت لدلوك يا يزن؟

أجابها بنبرة جامدة ساخرة وهو يخلع عنه شاله ويتحرك لداخل غرفة النوم: معلش يا حضرة الشاويش ليلي، لما أجي أجفل الحسابات ويا چدي بعد إكدة هبجا أخد الإذن منيكي اللول
هتفت بصياح يدل على غضبها الحاد: بطل إسلوبك المستفز دي وياي وكلمني كيف ما بكلمك يا يزن
إلتف إليها في حركة سريعة ورمقها بنظرة غاضبة وهتف بها: مش لما تبطلي إنت اللول إسلوبك اللي يحرج الدم دي.

اسرعت إلية وأمسكته من تلابيب جلبابه وتسائلت ونار الغيرة تنهش قلبها وتظهر بعيناها: لساتك عتحبها يا يزن، لساته عشجها الملعون ساكن جوات جلبك؟
إبتلع لعابه ثم تمالك من حاله وأجابها بنبرة زائفة: كنك إتچنيتي خلاص، عشج إية يا مچنونة إنت اللي عتتحدتي عنيه، صفا بجت كيف أختي بالظبط من اليوم اللي أتخطبت فية لقاسم، يعني إتحرمت علي
وده حرمها هو كمان يا يزن؟

جملة تسائلت بها ليلي وهي تشير بسبابتها على موضع قلبه، وبعدها دموعها إنفرطت بعدما فشلت في منعها
وما كان من ذو القلب الرحيم والروح النقية سوي أن سحبها لداخل أحضانة وضل يمسح على ظهرها بحنان مهدهدا إياها وأردف قائلا كي يهدئ من روعها: معارفش لزمته إية الحديت اللي كل مرة بيجلب علينا بالنكد والحزن دي، إنسي يابت الناس وخلينا نعيش حياتنا كيف البني أدمين.

أجابته بنبرة يملؤها الحقد والكراهية من داخل أحضانة: كله من تحت راس اللي ما تتسمي الحية بت العجربة اللي إسميها صفا، طول ما هي موچودة في الدنيي مهرتاحش ولا هيهدالي بال
أبعدها سريع عن أحضانة وتحدث مذهولا مشمئزا: ربنا يشفيكي من حجد جلبك اللي مبجاش باين من كتر سوادة
وتحرك إلى المرحاض تارك إياها بنارها الشاعلة وحقدها المتزايد يوم يلو الاخر.

صباح داخل القاهرة الكبري
كانت تجلس داخل مكتبها تراجع أوراق إحدي القضايا الهامة، دلف إليها عدنان بعد الإستئذان وجلس بمقعد أمامها وتحدث مستفسرا: قاسم ما اتصلش وقال لك مجاش لية إنهاردة؟
أخذت نفس عميق ثم أخرجته، خلعت عنها نظارتها الطبية و وضعتها بإهمال فوق المكتب وأردفت قائله: كلمني بالليل وقالي إن إضطر يقضي إنهاردة كمان في الصعيد وهييجي بكرة في طيارة الساعة 8 الصبح.

سألها مستفسرا بإهتمام: ما قالكيش عمل إية مع جده في موضوعكم؟
هزت رأسها بإستسلام وتحدثت: سألته ومدانيش إجابة محددة يا عدنان، قالي لما أجي عندك هقول لك على كل حاجة
تفتكري يكون جده رفض إنه يفسخ الخطوبة من بنت عمه؟ جملة قلقة نطق بها عدنان.

أجابته بثقة: ما أظنش، اللي أعرفه عن جدة بناء على كلام قاسم نفسة إنه لا يمكن يجبرة على حاجه هو مش مرتاح لها، وخصوصا إن قاسم هيدخل له من حتة إن رجولته ما تسمحش إنه يتجوز واحده أعلي منه في المستوي التعليمي،
وأكملت بإيضاح وثقة: وإنت عارف بقا الصعايدة في موضوع الرجوله ده بالذات، معندهمش فيه فصال.

ثم هبت واقفة وأسترسلت حديثها بنبرة عملية وهي تلملم أشيائها الخاصة وبعض اوراقها: أنا رايحة المحكمة، أخر مرافعة في قضية النجاري إنهاردة ولازم أحضرها علشان أقدم المذكرة لأن القضية هتتحجز للنطق بالحكم
وأردفت بنبرة أمره: وإنت خلي بالك كويس من المكتب والموظفين لحد ما أرجع، مش عاوزين نهز ثقة قاسم اللي حاططها فينا يا عدنان
أومأ لها بطاعة وأخذت هي حقيبتها وأشيائها وأنطلقت للخارج.

ظهر اليوم التالي داخل المشفي الذي إقترب على أن يصبح جاهزا بين ليلة وضحاها
يستقل يزن سيارته ويدلف بها من البوابة الحديدية الرئيسية ومنها إلى ساحة المشفي وإذ بفتاه تصرخ بوجهه وتوصمه ببعض الألفاظ التي إستشاطت ذاك اليزن مما جعله يوقف عجلة القيادة سريع مما أحدث صوت صفير عالي نتيجة إحتكاكات إطارات السيارة بأسفلت الممشي الخاص بالسيارة.

نزل يتطلع على تلك الغاضبة، وقف بطولة الفارع ولباسه الحديث الراقي، يتفقدها بتمعن وخلع عنه نظارته الشمسية لينظر لتلك التي تفوهت بنبرة غاضبة وهي ترمقه بنظرة ساخطة: مش تفتح يا بني أدم إنت، إيه، ماشي أعمي مش شايف قدامك.

كانت تحدثه وهي تميل بجزعها ممسكة بكف يدها بمحرمة لتقوم بها بتنظيف بنطالها الواسع بلونه الأسود والذي تلطخ بالمياة المتسخة، التي تطايرت على بنطالها أثر مرور السيارة بجانبها سريع وعبور إحدي الإطارات فوق بؤرة من المياة التي تجمعت نتيجة ري الزرع المتواجد بالحديقة.

تمالك بصعوبة من حالة الغضب التي إنتابته أثر سبابها له وهذا ما لم يحدث معه من قبل على الإطلاق، ثم تنفس عاليا كي يسيطر على غضبة ويحجمه كي لا يصبه عليها ويأذيها وهذا فقط لأنها انثي ولأنه ذو أخلاق
نظر لها بملامح ساكنة وتحدث بنبرة هادئة عكس ما يدور بداخله من بركان: معلهش، مخدتش بالي، إدخلي چوة المستشفي ونضفيه في الحمامات.

رفعت رأسها إلية ورمقته بمقلتيها الحمراء والتي تشع غضب وتحدثت بنبرة ساخطة: أما أنت إنسان مستفز صحيح، بقي بهدلت لي البنطلون وبكل برود تقولي مخدتش بالك
وأكملت سخطها علية بنبرة حادة: ولما سيادتك مبتاخدش بالك ولا بتشوف بتسوق عربيات ليه؟
ولا هو كل واحد أبوة معاه قرشين محيرينة يروح يجيب لإبنة عربية يمرمط بيها الخلق ويقرفنا معاه.

كان يستمع لها بعيون جاحظة فاغر الفاه من شدة دهشته من إسلوبها الحاد وأردف قائلا بدهشة: مچنونة إنت ولا معجدة طبجيا ولا نظامك إية إنت أني مخابرش
رمقته بنظرة إشمئزاز وتحدث بإستنكار: نعم، إنت كمان هتطلعني معقدة وعندي حقد طبقي، وأنا هستني إية من واحد زيك إلا إنه يفسر كلامي بالطريقة الطبقية العفنه دي.

قالت كلماتها وأطلقت العنان لساقيها لتنطلق للداخل بأقصي سرعة تحت ذهول ذاك الذي ما زال فاغر الفاه مندهش وتحدث: الله الوكيل مچنونة وتبجا وجعة مربربة لو طلعت الدكتورة اللي جاية للتعيين
وتحدث بنبرة معترضة: مهي أصلها ناجصة مچانين كمان
صعد من جديد إلى سيارته وتحرك بها كي يصفها في المكان المخصص لها ثم تحرك لداخل المشفي.

دلف إلى الداخل وجد الموظف المسؤل عن الإستقبال يقف بالرواق فتحدث إلية بهدوء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد الموظف سلامه ثم تحدث إلية: الدكتور ياسر مستنيك في مكتبك و وياه الدكتورة اللي جاية من مصر بخصوص التعيين يا باشمهندس
إبتسم ساخرا وتحدث بصوت خفيض: هي مش ليلي البومة فجرت فيها على الصبح، يبجا هياچي منين الخير عاد
تحدث الموظف متسائلا: بتجول حاچة يا باشمهندس.

أجابه بنبرة ساخرة: عجول إية، لله الأمر من جبل ومن بعد
تحرك لداخل مكتبة المخصص بالإدارة، وجدها تجلس مقابلة لدكتور ياسر بملامح وجه صارمة، إبتسم بسماجة
حين تحدث دكتور ياسر إليها مشيرا إلى يزن بوجه بشوش: وأدي الباشمهندس يزن اللي هيتفق مع حضرتك على بنود العقد وصل
نظرت إلية وصدمت عندما رأت أمامها الشخص التي إنهالت علية بالسباب منذ القليل، إبتلعت لعابها لكنها بالطبع لم تظهر ضعفها.

حين إبتسم يزن بسماجة وتحدث إلى كلاهما: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وتحرك متجه إلى مقعد مكتبة وتحدث بتخابث وهو ينظر لداخل مقلتيها السوداويتان: ما أتعرفناش
تحمحمت وتحدثت بنبرة صارمة: دكتورة أمل طارق عبدالسلام، تخصص طب نسا وتوليد
أومأ برأسه بهدوء وتحدث إليها بإحترام متلاشيا ما حدث بينهما بالخارج: أهلا وسهلا يا دكتورة، نورتي سوهاچ.

إستغربت حديثه وهدوئة التي لم تتوقعه بعد هجومها اللازع علية بالخارج، أردفت قائلة بنبرة هادئة: متشكرة يا أفندم
وأكملت بثقة زائدة عن الحد أبهرت ذاك اليزن: ممكن قبل ما أمضي العقد أعرف شوية تفاصيل خاصة بالمستشفي
إبتسم بجانب فمة وتحدث ساخرا: حضرتك واثجة جوي من حالك ومتوكدة إنك هتمضي العجد إنهاردة، لا وكمان بتحطي شروطك.

أجابته بنبرة واثقة تصل للغرور: دي مش شروط يا أفندم، دي معلومات على أساسها أنا اللي هحدد وهقرر إذا كنت همضي العقد وهشتغل معاكم ولا لا
قطب جبينه بغضب من لهجتها المستفزة وكاد أن يتحدث
سبقه دكتور ياسر سريع كي يفض الإشتباك الذي رأي بوادره داخل أعين يزن: الدكتورة أمل تقصد إنها عاوزة تتأكد من وجود الأجهزة اللي هتحتاجها في شغلها.

أكملت هي على حديثه قائلة بنبرة صارمة: مش بس كده يا دكتور ياسر، أنا لازم أتأكد من جودة وسلامة الأجهزة وكل المستلزمات اللي هحتاجها في شغلي، وكمان طقم التمريض اللي هيساعدني لازم يكون على درجة كفائة عالية علشان ما نعرضش حياة المريضة لأي إحتمال للخطر
طب إية رأي چنابك نستوردهم لسعادتك من ألمانيا، بيجولوا التمريض إهناك لا يعلي عليه، فاخر من الاخر كيف ما بيجولوا، كانت تلك كلمات ساخرة نثرها يزن على مسامعها.

إبتسمت ساخرة بجانب فمها وتحدثت بنبرة عملية: على فكرة يا باشمهندس
وأكملت مضيقة العينان بتساؤل مستفز كي ترد له إهانته: قولت لي إسم حضرتك إية؟
أجابها ساخرا: وكمان عنديكي ذاكرة سمكة، لا بداية مشرفة الحجيجة
كان ياسر يتنقل البصر بين كلاهما بتعجب من الحرب الباردة و قذف الجبهات الدائر بيهما من أول اللقاء،
فتحدث بهدوء كي ينهي ذاك الصراع العجيب: جري إية يا جماعة، متهدوا كدة وخلونا نتفاهم.

وأكمل مفسرا الوضع إلى يزن: على فكرة يا باشمهندس، الدكتورة بتتكلم في تخصصها، هي من حقها تتأكد من إجراءت السلامة ومعايير الأمان والجودة اللي لازم تكون موجودة في اي مستشفي، وده علشان سلامة المريض وتقديم الرعاية اللازمة الصحيحة ليه بشكل صحي.

ثم حول بصره إلى أمل التي تجلس بأريحية وأرتسمت على محياها شبح إبتسامة لمنتصر، وتحدث إليها ياسر بطريقة عملية: عاوز حضرتك تطمني من ناحية سلامة وجودة الأجهزة لأني انا بنفسي اللي إختارتهم، وده هتشوفيه بنفسك حالا لما أدخلك أوضة العمليات الخاصة بالقيصرية المجهزة بأحدث الاجهزة والتقنيات، و أوضة الكشف كمان نفس الحكاية، وكمان هتشوفي بنفسك نظام المستشفي اللي إتبني على طراز حديث وأتبعنا فيه شروط السلامة الصحية.

وأكمل: أما بالنسبة لطقم التمريض فأحب أقول لك إن أنا والدكتورة صفا إخترناهم بعناية وكفائة، وده بردوا هتشوفية بنفسك بكرة لما أجمعهم لك علشان تتعرفي عليهم
اومأت بهدوء ثم أردفت بتساؤل: تمام يا دكتور، نيجي بقا لنقطة السكن الخاص بيا
تسائل يزن بإستغراب: هو إنت عتسكني عندينا في النچع إهني؟
أجابته ساخرة: اومال عاوزني أسافر القاهرة كل يوم حضرتك؟

تحدث ياسر مفسرا بنبرة هادئة: بالنسبة لسكن حضرتك فيه سكن طالبات وموظفات مغتربات قريب جدا من البلد هنا، الدكتورة صفا راحت بنفسها وأتفقت مع صاحبة السكن وحجزت لحضرتك غرفة هتكون مدفوعة الأجر من المستشفي
أومأت له بهدوء فتسائل يزن بنبرة إستفزازية: أي أوامر تانية جبل ما تشرفينا حضرتك وتتعطفي علينا وتمضي العجد؟

شعرت بإنتصار حينما وجدت غضبة فأرادت أن تستدعي غضبه أكثر وأردفت ببرود: كدة كويس أوي يا باشمهندس، والوقت ممكن أمضي العقد مع حضرتك
نظر لها مدقق وحك ذقنه بتسلي ثم أخرج نسخة العقد و وضعها أمامها وتحدث بإستغراب: نسيتي تسألي على المرتب ومستحجاتك المادية يا دكتورة.

أجابته بصدق: كل ده مش مهم قصاد إني أشتغل في مكان أكون مرتاحة فيه نفسيا، ولعلمك يا باشمهندس، أنا إستقالت من مستشفي إستثماري كبير جدا ومعروف بالإسم في القاهرة كلها، وكنت باخد مرتب محدش في سني يحلم بيه،
وأكملت بنبرة محملة بأثقال من الهموم ظهرة عنوة عنها: بس إستغنيت عن كل ده قصاد إني أجي هنا وألاقي راحتي النفسية وأقدر أخدم الناس اللي محتجاني بجد، وأقدم لهم خدمة تليق بيهم كبني أدمين.

إستغرب حديثها وعلم منه ان لها قصة وتريد الهرب منها بالتأكيد، وهنا وجد حاله مجبرا على إحترامها بعدما ظهر له جانب مشرق من معالم شخصيتها الغريبة الأطوار.

داخل منزل الحاج عتمان
دلفت نجاة إلى المطبخ حيث تقف فايقة أمام موقد النار موالية ظهرها للباب
تحدثت إليها بنبرة غاضبة تنم عن وصول تلك النجاة إلى ذروة تحملها: وبعدهالك يا فايقة، لحد ميتا عتفضلي ساكته ومطرمخة إكدة على موضوع حبل ليلي، أني رايدة أفرح بولدي وأشيل له عيل في حچري جبل ما أموت من جهرتي علية.

لم يتحرك لتلك الفايقة ساكن وضلت ثابتة بوقفتها ثم تحدثت بتأفف: يا فتاح يا عليم يا رزاج يا كريم على الصبح، مالك يا نجاة، جايمة شايطة عليا أني وبتي من وش الصبح لية إكده؟
هتفت نجاة بنبرة حادة بعدما فاض بها الكيل: البت متچوزة بجالها سنتين وماحبلتش لحد دالوك يا فايقة، وبصراحة إكدة أني ومنتصر بدأنا نتوغوش،.

كظمت غيظها داخلها بإعجوبة وهدأت رغبة مكبوتة تلح عليها وتأمرها بأن تمسك بيدها ذاك الساطور الحاد الموضوع جانب وتقوم بقطع لسان تلك الثرثارة التي بدأت تثرثر بذاك الحديث وتزعجها به كثيرا في الاونة الأخيرة.

لكنها تمالكت من حالها وقررت اللعب بمشاعر نجاة وتحدثت إليها بنبرة منكسرة مهمومة كي تستدعي شفقة تلك البلهاء رقيقة الحس: وإنت يعني كنتي شيفانا جاعدة وساكتة لجل ما تسمعيني كلامك السم دي على الصبح، ما أنت واعية لي اني وبتي وشيفانا وإحنا متشندلين كل يوم ورايحين چايين عند الدكاترة والشيوخ،.

وأكملت بجهل: الشيوخ اللي زرناهم كلياتهم جالولي بتك معمولها عمل سفلي واعر جوي، رابط لها الرحم وهو اللي معيخليهاش تحبل، واسترسلت حديثها بفحيح وشر: بس أني مهرتاحش غير لما أعرف بت الحرام اللي عملت إكدة في بتي وأشندلها شنديل كيف ما وچعت جلبي على بتي وسمعتني الكلام من اللي يسوي واللي ميسواش.

كانت تستمع إليها وهي تحدق بها بذهول ثم هتفت بحدة: يا ولية بطلي چهل وروحي للدكتور وشوفي بتك مالها، الحاچات اللي عماله تديها للبت تبلبعها كل يوم والتاني دي عتأذيها يا حزينة
أجابتها بحده: دي وصفات عتساعدها لجل ما السحر يتفك والبت تحبل لچل ما أريح نفوخي من زنك اللي معيخلصش يا نچاة، وبعدين ما أني روحت في اللول لدكاترة أشكال وألوان يا شملوله، كانوا نفعوني باية الدكاترة بتوعك دول؟

واكمل بتذكير: كل واحد أروح له يجول لي بتك زينة والمسألة مسألة وجت، وعلى يدك فات سنتين ولسة مجاش الوجت اللي عم يتحدتوا عنية، كتي عوزاني أحط يدي على خدي وأجعد أولول كيف الحزانه إياك؟
أردفت نجاة بنبرة إعتراضية: تجومي تاخديها للدچالين يا حزينة. ، الله الوكيل يزن لو عرف ليشندلكم شنديل ومهيرتاح اللي أما يجول لچده ويسود عيشتك إنت وبتك.

هتفت بحدة قائلة: وطي حسك يا وليه لحد من الخدم يسمعنا، وبعدين مين اللي عيجول ليزن، أني باخد البت وأجول إني رايحة أشوف أمي وأجضي وياها باجي النهار، وبروح من إهناك لا من شاف ولا من دري.

تنفست عاليا وأردفت قائلة بعدم صبر: أني ميخصنيش الحديت الماسخ دي كلياته، أني عايزة أشوف حتة عيل لولدي يا فايقة، ومهصبرش أكتر من إكدة. ، خدي بتك لدكتور كبير وإلا أني اللي عكلم يزن وأخليه ياخدها ويدلي بيها على مصر ويشوف حكايتها إية ويا الخلفة دي كمان.

قالت كلماتها بوجه محتقن غاضب وتحركت للخارج سريع، نظرت فايقة على طيفها وتحدثت بغل وهي تقوم بتقطيع بعض حبات البصل بطريقة عنيفة تنم عن وصولها إلى قمة غضبها وحقدها
وتحدثت بنبرة حقودة: يجطع خبرك مرة سو، نكدتي على في عز فرحتي يا حزينة.

مساء
تحرك قدري على مضض إلى منزل شقيقه والذي سيدخله لأول مرة بحياته مصطحب قاسم والمأذون كي ينتهوا من إجراءات كتب الكتاب
دلف للداخل يتلفت حوله يتفقد المنزل وفخامة بنيانه وأثاثة الوثير بحقد وغل دفين لو تفرق على قريتهم لكفا وفاض،
إستقبلهم زيدان بحفاوة وقلب صافي وأدلفهم لداخل غرفة الإستقبال بأثاثها الفخم وجلسوا فوق المقاعد الوثيرة، ثم قام زيدان بإستدعاء العاملة التي قدمت لهم واجب الضيافه بترحاب عالي.

وبعد قليل تحدث المأذون بإستئذان ناظرا إلى زيدان: بعد إذنك يا زيدان بيه تنده لنا الدكتورة صفا لجل ما ناخد موافجتها على بدأ إجراءات كتب الكتاب
وما أن أنهي جملته حتى إستمع إلى صياح ذاك القدري الذي تفوه قائلا بإقتضاب: موافجة أيه اللي عاوز تاخدها منيها يا سيدنا الشيخ، يعني إحنا هنكتب الكتاب غصبن عنيها إياك.

وأكمل بتفاخر وهو يرفع قامته للأعلي: البت عاشجه الأستاذ قاسم وبتتمني رضاه كمان، وأكمل ليحثه على البدأ سريع: إتكل على الله وإبدأ في إچراءاتك
إستغرب زيدان حدة قدري وغضب من نبرة التعالي التي يتحدث بها عن ولده مقللا من شأن إبنته.

حين تحدث المأذون الشرعي بهدوء و رتابه: ما تزعلش مني يا قدري بيه، أني بنفذ أوامر الشرع والجانون واللي بيفرض عليا إني لازمن أسمع موافجة العروسه بنفسي وأتأكد من رضاها، وإلا أكون بخالف الجانون ويكون لا جدر الله العجد باطل
تحدث قاسم إلى عمه بإحترام كي ينهي ذاك الجدل العقيم: ياريت يا عمي تنده لصفا علشان منأخرش الشيخ أكتر من إكده
أجابه زيدان وهو يقف إستعدادا للخروج: حاضر يا ولدي،.

ثم وجه حديثه إلى الشيخ سلامة: ثواني يا شيخنا وصفا تكون جدامك
أومأ له الرجل بإحترام وبالفعل كانت صفا تقف أمامهم بعد دقائق معدودات وجلست تحت نظرات قاسم المتفحصة لجمالها الخلاب الذي لفت إنتباهه رغم الحزن الذي يخيم على ملامح وجهها
سألها الشيخ بلين: إنت موافجة يا بتي على چوازك من قاسم قدري النعماني
وجهت بصرها إلى قاسم و رمقته بنظرات ثاقبه حاده ثم تحدثت بنبرة قويه شامخة.
سألها الشيخ بنبرة لينه: إنت موافجة يا بتي على جوازك من قاسم قدري النعماني
وجهت بصرها إلى قاسم و رمقته بنظرات ثاقبه حاده ثم تحدثت بنبرة قويه شامخة: موافجة يا سيدنا.

لا يدري لما سعد داخله بهذا الشكل العجيب عندما إستمع إلى موافقتها، غريب أمره منذ البارحة، حتى هو إستغرب حاله وبشدة، فمنذ ما حدث بينهما ليلة أمس وهو لم يتواري بلحظة عن التفكير بها وبعندها، إستفزته ثورتها ولهجتها الحادة وهي تحدثه بتحدي صارم وصل لإهانته
تحدث المأذون بإرتياح: على خيرة الله، هاتي بطاجتك يا بتي.

وبالفعل أخذ بطاقتي قاسم وصفا وبدأ في إجراءات عقد القران وبعد مدة تحدث إليهما بوجه بشوش: ألف مبروك يا عرسان
إكده يبجا مفاضلش غير الإشهار يوم الفرح ويبجا كلة تمام بإذن الله
قامت ورد بإطلاق الزغاريد تعبيرا عن فرحتها بعقد قران صغيرتها الوحيدة، وأحتضنتها وباتت تقبلها بسعادة تحت سعادة صفا لسعادتها وفقط.

وبعد ان إستمعن العاملات الجالسات بالخارج إلى زغاريد ورد حتى إنطلقوا أيضا بإطلاق الزغاريد التي صدحت بالمكان لتعلن للجميع عن إكتمال مراسم عقد القران
دلفت عمتيها صباح و علية اللتان حضرتا منذ الصباح الباكر كي تقفا بجانب شقيقهما الحنون الكريم معهما لأبعد حد وبجانب زوجته الحنون
تحدثت علية وهي تحتضن زيدان وتقبل صدغه بحنان: مبارك يا أخوي. ، عجبال متشوف عيالها ماليين عليك الدوار يا نضري.

إبتسم لشقيقته وربت على ظهرها بحنان وأردف قائلا بإبتسامة: في حياتك إن شاءالله يا غالية
تنفس قدري الصعداء وشعر بإنتصار وكأنه فاز للتو بإحدي فتوحات النصر العظيم، ثم وقف وأقترب على ولده واحتضنه بشدة مربت على ظهره قائلا بنبرة سعيدة: ألف مبروك يا أسدي، عجبال التمام
ثم أتجه إلى شقيقه مربت على ظهره بنفاق متحدث: مبروك علينا يا زيدان.

إبتسم له زيدان وتحدث بوجه بشوش وقلب صادق محب: الله يبارك فيك يا قدري، ربنا يجعلها جوازة السعد والهنا عليهم اللهم امين
ثم أتجه إلى قاسم واحتضنه بشدة قائلا: مبروك يا ولدي
إبتسم له قاسم بود وأجابه بإحترام وحب: الله يبارك في حضرتك يا عمي
ثم نظر إلى تلك الجالسه وكأنها تخشبت بجلستها بجانب والدتها وعمتها صباح، مد يده إليها وتحدث بنبرة حنون خرجت عنوة عنه من صميم قلبه الذي بدأ بالميل لها: مبروك يا صفا.

نظرت ليده الممدوده بشرود وبلحظة وجدت حالها تمد يدها إليه، تلمس راحة يدها بنعومة أرجفت جسدها بالكامل ثم جذبها برقه كي يحسها على الوقوف لتقابله وبالفعل حدث ما أراد، نظر لداخل عيناها
وتحدث بنبرة ناعمه وهو يهمس لها بجانب أذنها مما جعل القشعريرة تسري بداخل جسدها بالكامل: مبروك يا حرمنا المصون.

إبتلعت لعابها وبلحظة إستفاقت على حالها حين تذكرت إعترافاته المميته عندما ذبحها وأخبرها بعدم تقبله لها كزوجة وأنه ليس بالرجل الذي يقبل بإختيار غيرة للمرأة التي ستسكن أحضانه
رمقته بنظرة حاده وأبتسمت بجانب فمها ساخرة وبدون كلام إتجهت إلى الخارج تحت إستشاطته من عندها وأفعالها الإستفزازية المقلله من شأنه.

خرجت من الحجرة وجدت عمها منتصر ويزن بوجهها كانا دالفان للداخل، تحدث منتصر وهو يسحيها لداخل أحضانة بحنان: ألف مبروك يا دكتورة
أجابته بنبرة حنون: يبارك في عمرك يا عمي
أما ذاك العاشق الولهان فتحدث مهنئ إياها بنبرة يملؤها الشجن: مبروك يا صفا وعجبال التمام
إبتسمت له بمرارة سكنت داخل عيناها رأها هو وألمته: الله يبارك فيك يا يزن.

هنا خرج قاسم ورأها وهي تتحدث إلى يزن بنبرة حنون. ، إستشاط داخله وأقترب منتصر منه مربت على كتفه ومهنئ إياه وتحركت هي إلى الأعلي منسحبة من الوسط تحت نظراته المسلطة فوقها بتمعن.

في الصباح الباكر، كانت تجلس بجانب زوجها فوق الأريكة ببهو منزلهما يتناولان معا قهوة الصباح التي أعدتها له بحب، في جو هادئ يشوبه الحب والود والأحاديث المعسولة من كلاهما للأخر، إستمع كلاهما إلى صوت فايقة وهي تنادي من خارج المنزل.

فادلفتها العامله وما كان حالها ببعيد عن حال زوجها حين دلف بالأمس ورأي فخامة المنزل وأثاثه، وما جعل النار تشتعل أكثر داخلها هو رؤيتها لزيدان وهو يلتصق بجسده بحميمية بتلك الخاطفه التي سلبته قلبه وعقله وبات يعشق كل ما بها
تحدث زيدان بترحاب: إتفضلي يا أم قاسم.

حين تحدثت ورد التي وقفت إحترام لها رغم الكرة الشديد المتبادل بين كلتاهما للاخري ولكن يضل أصلها وتربيتها الحسنة هما اللذان يحركاها: ده أيه الخطوة العزيزة دي يا أم قاسم؟
وأكملت وهي تشير بيدها لها في دعوة منها للجلوس: إتفضلي، نورتي دارنا
أجابتها وهي تتطلع حولها ببرود كاتمة غيرتها المرة ونارها الشاعلة التي لو إنطلقت لأحرقت المكان بأكملة: الدار منورة بأهلها يا سلفتي.

وأكملت وهي تنظر إلى زيدان بعدما جلست ووضعت ساق فوق الاخري بتعالي وكبرياء: أني كنت جولت لزيدان أولة إمبارح إني هاجي وأشوف اللي ناجصك ونتمموة سوا لجل ما نلحج وجتنا جبل يوم الخميس
أجابتها ورد بمجاملة: كتر خيرك يا أم قاسم، بس مكانش ليه لزوم تتعبي حالك، عمتي صباح وعمتي علية وكمان أم يزن بيساعدوني
أجابتها بإبتسامة ساخرة: ومالة يا سلفتي، إيد على إيد تساعد، و أني مهتعبش لأعز من مرت ولدي الغالي.

كان زيدان ينظر إليها مستغرب حالة التغير الشامل، ولكنه كان على يقين أن قلبها المحمل بالسواد له و لورد لم ولن يصفي مطلقا.

داخل المكتب الخاص بصفا والمتواجد داخل المشفي، كانت تجلس خلف مكتبها وأمامها يجلس ياسر ويزن وايضا الطبيبة أمل التي أصرت على مقابلة صفا لتتعرف على تلك الشخصية التي ستعمل معها.

تحدثت أمل بنبرة جادة عملية موجه حديثها إلى صفا: تمام يا دكتور صفا، إحنا كده تقريبا إتفقنا على كل حاجة، وأنا إن شاءالله هرجع بكرة القاهرة بعد ما أرتب شوية حاجات ضرورية هنا في أوضة الكشف، وياريت تبلغيني قبل إفتتاح المستشفي بإسبوع علشان ألحق أرتب أموري وأحجز طيارتي
أجابها ياسر بنبرة هادئة: أنا هكون على تواصل دائم معاكي يا دكتور وأكيد هبلغك قبل الإفتتاح بمدة كافية.

أومأت له بملامح صارمة واردفت بنبرة عملية: أوك يا دكتور
تحمحم يزن وتحدث إليها في دعوة منه لتلك الغريبة كي تحل عليهم ضيفة ليستطيع إكرامها وتقديم واجب الضيافة لها: ما تجعدي ويانا الكام يوم اللي چايين دول يا دكتورة لچل ما تشرفينا في سراية النعماني وتحضري فرح الدكتورة صفا يوم الخميس إن شاءالله.

نظرت إلية وتحدثت ببرود وكأنها ريبوت: متشكرة لحضرتك، بس أنا الحقيقة مابحبش المناسبات اللي من النوع ده، لأنها بتكون زحمة ونفسيا ما بكونش مرتاحه
ثم إلتفت مرة اخري وتحدثت إلى صفا وهي تهم بالوقوف: مبروك يا دكتورة ونتقابل في الإفتتاح
أومأت لها صفا وتحركت هي إلى الخارج وتبعها دكتور ياسر كي يري ما تريده من تعديلات.

بعد خروجهما تحدث يزن إلى صفا بنبرة رخيمة وملامح وجه منكمشة: يا باااااي، الله الوكيل دمها يلطش اللي إسميها أمل دي، الله يكون في عون العيال اللي عيتولدوا على إيديها، العيال هتتخلع ويچي لهم صرع يا صفا،
وتسائل بنبرة ساخرة: ذنبيهم إيه الحزانه دول لجل ما يشوفوا خلجتها اللي تألبط دي أول خلجة تخبط في وشهم على طول إكده.

وما كان من تلك الصافية غير إطلاق القهقهات العالية التي خرجت رغم عنها بعدما رأت تعبيرات وجة ذاك اليزن وحديثه الساخر، نظر إليها مسحورا بجمال ضحكتها
وتحدث إليها بنبرة حنون: إضحكي خلي الشمس تطلع ونورها يضوي ويملا الدنيي، ملايجش عليكي الحزن، متخلجش علشانك يا بت النعمانية
وكأن بكلماته تلك أرجعها لأرض واقعها المرير، وسحبها من جديد وأدخلها لعالم أحزانها التي سجنت به روحها الشفافه.

إرتسمت فوق ملامحها الأحزان وأطلقت تنهيدة حارة تنم عن مدي وجع روحها،
فتحدث هو بفطانة: أني معارفش إية اللي حصل بينك وبين قاسم وچدك في الليلة إياها و وصلك للي إنت فيه دي، ومعايزش أعرف
واسترسل حديثه مساندا إياها بقوة: بس عايزك تعرفي حاچة واحده بس، إنت صفا زيدان الجوية اللي معيكسرهاش شى، وعاوز أجول لك متخافيش من ايتوها حاچة طول ما أخوكي وأبوكي في ضهرك،.

نظرت إليه بإبتسامة أمل باهته، فأكمل هو بقوة: من إنهاردة أخوكي هيجف في وش أي حد يفكر بس إنه يإذيكي ولا يمس كرامتك بشى، وإطمني، أني مستعد أجف في وش الدنيي كلياتها لچل بس ما تكوني مرتاحة يا خيتي
إمتلئت مقلتيها بالدموع وتلألأت وتحدثت بإمتنان بصوت مختنق بالعبرات: ربنا يخليك ليا يا يزن وميحرمنيش منك واصل، على فكرة يا يزن.

نظر لها بحنان ينتظر تكملة حديثها فأردفت هي بنبرة أخويه حنون: أني طول عمري وأني بشوفك أخوي وسندي اللي إتحرمت منيه، كنت لما تچيب لي كتاب لجل ما أجراه أو تاچي تسألني عن حالي ولو كنت محتاچة لحاچة، كنت بفرح جوي وأجول لحالي هو ده أخوكي يا صفا،.

وأكملت بتذكر. : ولما كت أجعد في دوار أبوي لحالي وأزعل وأني شايفه البيت فاضي على أني وأمي وأبوي، وأسمعك إنت وإخواتك وقاسم وإخواته متچمعين في صالة السرايا وأصوات لعبكم وضحككم واصلالي لحد عندي، كت بحزن من چواتي، وبلحظة أبص ألاجيك سيبتهم وچيت لعندي لجل ما تلعب وياي ومتحسسنيش بوحدتي، عمرك ما حسستني إني وحيدة يا يزن.

وأكملت وهي تنظر داخل عيناه ودمعاتها الغالية تمر عبر وجنتها: طول عمرك وإنت سندي وضهري يا أخوي.

يا له من شعور رائع ذاك الذي أصابه بمجرد نطقها بذاك الإعتراف، لم يستطع تفسير ما إنتابته من مشاعر إيجابيه، لكن كل ما شعر به وتأكد منه أنه فخور بحاله وبما أوصله لتلك البريئة التي وبرغم إهتمام جديها وأبويها بها إلا أن شعورها الدائم بالوحده لم يفارقها وبات يؤرقها طيلة سنواتها المنصرمة، وللأسف لم يشعر بتمزقها و وحدتها أحد.

سخط من داخله على چده وقراراته العقيمة عديمة المنفعة التي أوصلت لتلك الصغيرة شعورها بأنها منبوذة وحيده في ظل وجود عائلتها
جففت دموعها سريع وتحدثت إلية بنبرة جادة: بجول لك إيه يا يزن، متچيب ليلي تكشف عند الدكتورة أمل، الدكتور ياسر جال لي إنها شاطرة جوي، أي ينعم هي لساتها متخرچة من تلات سنين، بس عرفت تثبت جدارتها صح.

إتسعت عيناها وتحدث إليها ساخرا: معيزوش أني الواد اللي هياچي من خلجتها اللي تألبط دي، هي ناجصة فجر يا صفا
تعالت قهقهاتها من جديد حين وقف هو مستأذن ليذهب إلى المحجر ليتابع عمله.

أما قدري الذي ذهب مع ولده باكرا إلى القاهرة بعدما أخبر والده أنه سيذهب مع قاسم لمشاركته فرحة إختيار نجله حلة عرسه
وعند الغروب كان يجلس بجانب قاسم داخل منزل رفعت عبدالدايم بعدما جلب لهم الهدايا الثمينة وقطعة من الذهب الخالص كي يهديها لمن خطفت قلب ولدة تعبيرا عن إمتنانه لها عما ستفعله بقلب إبنة زيدان في المستقبل البعيد،.

وبدأ بقص ما حدث على مسامعهم طالبا إلتماسهم العذر لظروف نجله التي فرضت عليه، وإتمام زواج إبنتهما من نجلة مقتصرا على حضورة هو وزوجته وفقط
أما إيناس التي إلتمعت عيناها بالدموع وهي توجه نظراتها اللائمة إلى قاسم التي سرعان ما تحولت إلى نظرات نارية حارقة، وعلى الفور إنتفضت واقفة واسرعت الخطي إلى حجرتها وأغلقت بابها بحدة متخطية بتصرفها أداب الأصول والتقاليد.

تحدثت كوثر حيث بررت تصرف إبنتها بالغيرة على خطيبها وحبيبها قائلة بكلمات لائمة: متزعلوش من إيناس يا جماعة، بنتي مصدومة من الكلام اللي سمعته منكم
ثم وجهت حديثها إلى قدري قائلة: إنت يا عمدة جاي تطلب منها إنها ترضي وتسلم بأمر جواز خطيبها اللي قعدت تستناه سبع سنين بحالهم علشان يتجوزها بعد ما بنت عمه تتخرج على طول، وفي الاخر جاي يقول لها أنا أتجوزت.

وأكملت بنبرة معترضة: الموضوع صعب عليها وعلينا، حطوا نفسكم مكانا وأحكموا
تحدث إليها قاسم بنبرة هادئة: ممكن بعد إذنك تدخلي لها وتخليها تطلع علشان عاوز أتكلم معاها لوحدنا، وأنا هعرف أراضيها وأخليها تهدي
أجابته بحديث ذات مغزي وهي ترجع ظهرها إلى الخلف بكبرياء: حاضر يا قاسم، بس لازم تحط في بالك انك هتتعب أوي على ما تراضيها، دي بنتي وأنا أدري بيها وبقولك إنها مش هتعدي الموضوع ده بالساهل.

نظر لها قدري بجبين مقطب وتأكد أن تلك السيدة ليست بالهينه وأنها طامعة بمال ونسب وجاه ولده ولكنه لن يشغل حاله بالإهتمام بأمرها الان فهو لدية الأهم، وهو السعي لإتمام زيجة ولده من صفا و وضع يده على مغارة على بابا التي تنتظرة
وأراد أن يتلاعب معها بالحديث متحدث بدهاء: المصلحة حكمت يا هانم، وأظن ما يرضكيش إن قاسم يخسر كل تعب السنين اللي فاتت دي لجل موضوع بسيط زي ده.

صدع رنين هاتف قاسم ليعلن عن مكالمة طارئة من عميل ذو أهمية بالغة فأستأذن منهم وأخذ هاتفه وخرج إلى الشرفة ليتحدث بأريحية
أما عدنان الذي تحدث إلى قدري بدهاء محامي: بيتهئ لي يا عمو إن أول حاجة لازم يطلبها قاسم من جده قصاد موافقته هي إنه يكتب له المكتب والشقة بإسمة بعقد بيع وشراء، على الأقل يضمن إنه ما يقعش تحت تهديد جده مرة تانية وتحت أي ظروف.

أجابه قدري بنبرة قاطعة: أبوي مهيعملش إكدة لو إنطبجت السما على الأرض،
وأكمل لإقناعهم: بس أحب أطمنك واجول لك إن بچواز قاسم من صفا هو إكدة حط يده على كنز النعماني ومهيحتاجش حاچة بعديها من چده من الأساس،
وأكمل بنبرة تدل على مدي جشعة: أخوي زيدان عنديه مال ملوش أول من أخر، وكله هيبجا تحت تصرف قاسم بمچرد چوازة من صفا اللي هي وحيدة أبوها.

وأخيرا قرر ذاك الرفعت الخروج من صمته الدائم وتحدث بإعتراض ونبرة متعقلة: والله يا جماعة أنا شايف إن كل شئ قسمه ونصيب، وطالما قاسم إتجوز بنت عمه يبقا موضوعه مع إيناس أصبح مستحيل ومنتهي.

قاطعته كوثر بنبرة حادة معترضة قائله بنظرة ترهيبية محذرة: موضوع أيه ده اللي منتهي يا رفعت، هو أنت مش عارف قد أيه بنتك متعلقة بقاسم ومتقدرش تعيش من غيره، ده غير الناس اللي هتبدأ تجيب في سيرة بنتك وتسأل، ياتري خطيبها سابها ليه بعد ما قعدت مخطوبة له كل الوقت ده، هنقول لهم إيه يا رفعت؟

صمت ذاك الضعيف الإرادة أمام بطش زوجته وأولاده تحت إبتسامة قدري من داخله على ذاك الذي يعد رجلا ويحسب على قائمة الرجال بالإسم فقط
همت كوثر بالوقوف و أردفت موجهة حديثها إلى قدري: أنا هدخل لها وأحاول أقنعها بإنها تطلع تتكلم مع قاسم
وتحدثت بإنسحاب: بعد إذنك يا عمدة.

وبالفعل دلفت لإبنتها وأقنعتها بأن تخرج إلى قاسم وتحاول فرض سيطرتها عليه مستغله الموقف، ولا يمنع ذلك من قيامها ببعض الدلال عليه كي تشعله وتجعله متعلقا بها أكثر وبعدها ستطلب منه ما تريد وهو سينفذ بدون إعتراض,, هكذا خيل لهما
بعد قليل كانت إيناس تجلس بجانب قاسم داخل شرفة منزلهم المتواضع وتحدث هو في محاولة منه لتهدأتها: من فضلك إهدي يا إيناس وخلينا نتكلم بالعقل وفي إطار المصلحة العامة.

أجابته ببعض الحدة: إزاي بتطلب مني أهدي وإنت جاي بكل بساطة وجبروت تقول لي إنك هتتجوز واحده غيري وتنام في حضنها؟
أجابها بهدوء: جواز مصلحة يا إيناس وإنت عارفة كدة كويس
واكمل بهدوء محاولا تثبيتها: ما أنت عارفة أنا كنت مسافر وناوي على أيه
وأكمل مبررا: بس جدي حطني في خانة اليك، قولي لي بقا كنت هحلها إزاي وأنا شايف شقي السنين اللي فاتت دي كلها بيضيع بكل بساطة من بين إيدايا.

وأكمل بنبرة ترهيبية: إنت فاهمة معني الكلام ده أيه يا إيناس، معناه إن أنا وإنت وكمان عدنان هنبقا في الشارع والمكتب اللي فحرنا بظوافرنا في الصخر لحد ما بنينا إسمة في سنين هيتمحي في لحظة
إبتلعت لعابها رعب من الفكرة وتحدثت بنبرة إستسلامية: خلاص يا قاسم، أنا موافقة بس علشان مصلحتك،
وأكملت بإستغلال: بس ليا شرط
قطب جبينه بإستغراب وتساءل مستفهما: شرط أيه ده كمان؟

أجابته بجشاعة: تغير لي عربيتي لأحدث موديل وكمان تشتري لي شقة غير بتاعة جدك وتكتبها بإسمي
وأكملت بنبرة ضعيفه مستسلمة كي تكسب تعاطفه: على الأقل علشان أضمن إن لو جدك عرف بجوازنا وأجبرك تطلقني ما أترميش في الشارع أنا و أولادك اللي هنخلفهم.

ضيق عيناه وبات ينظر لها مستغرب حالتها وجشعها وطمعها الذي إستشفه من حديثها رغم محاولاتها المستميته لتخبأته ولكنه إكتشفه بما له من فطانة، نعم يحبها أو هكذا يظن، ولكن بالأخير يبقا هو قاسم النعماني
أجابها بنبرة جامدة: إنت شايفه إن ده الوقت المناسب للكلام في الموضوع ده؟
أجابته بعيون حادة مستغله الوضع: ده هو ده الوقت المظبوط يا قاسم، لازم نتفق على كل حاجه قبل أي كلام في موضوع جوازنا.

حك ذقنه النابت بأصابعه وفكر بشرود ثم أجابها: بصي يا إيناس، إنت دخلتي لي الدخلة الغلط اللي متنفعش معايا خالص، ومش دي الطريقة اللي هتكسبيني بيها أبدا، ولو فاكرة إنك هتتشرطي وتتأمري عليا وانا هقف اتفرج وأقول لك أمرك يطاع يا حياتي، تبقي غلطانه وحساباتك خرمت منك المرة دي يا متر.

واكمل بنبرة محذرة بنظرة حادة كالصقر: أنا قاسم النعماني يا إيناس يا رفعت، يعني مليش إيد بتوجعني علشان أتمسك منها، ومش أنا اللي هقبل إن واحدة ست تقعد وتملي شروطها عليا مهما كانت هي أية بالنسبه لي، ولو مش فاهمة كده كويس تبقي غبية
إرتعب داخلها وتراجعت سريع كي لا تخسرة وتسائلت بدموع التماسيح: حتى أنا يا قاسم؟

صاح بها بعيون محذرة: إيناااااس، إسمعيني كويس وركزي في كلامي يا بنت الناس، شقق مش هكتب وما أتخلقش لسه اللي يقدر يجبرني على حاجه أنا مش عاوزها، فهماني
إبتلعت لعابها وبدموع تحدثت بتلون كالحرباء: أنا أسفه يا قاسم، يظهر إن صدمتي من الخبر مش مخلياني قادرة أركز ولا أفكر بشكل منطقي
فعلشان كده ارجوك إنسي كل الكلام اللي أنا قولته ده
اجابها بهدوء جاهد بإخراجه: خلاص، بس ياريت اللي حصل ده ما يتكررش تاني.

واكمل وهو ينهض بملامح وجة مبهمة: يلا بينا نقعد مع الجماعة علشان نتفق على ميعاد الفرح وكل اللازم
وبالفعل إنضم قاسم وإيناس إلى الجلسة من جديد وتحدثت كوثر بنبرة حادة قوية بعدما إستمعت بموافقة إبنتها المتفق عليها مسبق بينهما وأدعت بتفاجأها: أنا كمان موافقة لأن معنديش خيار تاني بعد ما قاسم ركن بنتي جنب منه سبع سنين والكل عرف إنها خطيبته.

واكملت وهي تهز كتفيها بإستياء مصطنع: يعني هقول إيه للناس وابرر لهم إزاي فسخت خطوبتها بعد ما شافوهم مع بعض في كل مناسباتنا
تحدث إليها قدري بإستحسان مزيف وذلك لقراءته لما هو داخلها: عين العقل يا هانم، هو ده تفكير الناس الزين صح
تحدثت كوثر بتشرط وهي تنظر إلى قدري: انا صحيح موافقة بس أنا ليا شرط يا عمدة
وأكملت وهي تنظر إلى قاسم بتحدي: قاسم يتجوز إيناس الأول ويدخل عليها، أنا بنتي مش هتكون زوجه تانية.

أجابها بحقد دفين وغل لشقيقه الذي لم يفعل أو يكن له غير كل الخير: لا يا هانم سامحيني في الشرط ده، قاسم هيدخل على صفا اللول، اني ليا غرض في إكده
وأكمل محاولا إقناعهم بطريقة خبيثة: وبعدين بتك ما تستاهالش يتجال عليها المرة اللي چوزها ملجاش راحته عنديها وراح يدور عليها بره وإتچوز اللي تريحه
نظرت له بإعجاب تقديرا لدهائة وذكائة الكبير.

أما قاسم الذي كان يجلس بجانب والده مستغرب أحواله من كم الإصرار الذي أتي به ليقنع أهل إيناس بتلك الزيجة التي ستذبح قلب إبنة شقيقه لو لا قدر الله علمت بها.

وبلحظة غلت الدماء داخل عروقة من حديث والده المهين لإبنة عمه وتحدث بنبرة حادة صارمة: إية الكلام اللي حضرتك بتقوله ده يا أبوي، الدكتورة صفا ست البنات كلهم ومش هي اللي يتقال عليها الكلام الفارغ ده، وأكمل مبررا ما يحدث بحدة: لولاش بس الظروف هي اللي حطتها وحطتني في الموقف ده
إستشاط داخل إيناس ونظرت له بإستغراب وأردفت بنبرة متعجبة: وإنت إيه اللي ضايقك أوي كده من كلام عمو يا قاسم؟

أجابها بقوة وحزم: علشان مش بنت النعمانية اللي يتقال عليها الكلام ده
ثم وقف بحدة ونظر لوالده الذي خجل من حديث ولده الذي أشعره أمام الناس كم هو ضئيل ودنئ وخسيس، وتحدث بنبرة قوية: يلا بينا يا أبوي.

كان يشعر بكم ندالته ودنائة تصرفه ذاك، دائما ما يصاحبه شعورا بعدم الراحة وتأنيب الضمير المستمر، ذهن مشتت روح ممزقة، دائمة البحث عن راحتها هنا وهناك، طالما صاحبه شعور الغربة حتى بصحبة أهلة، كان دائم البحث عن ذاته داخل كيانه المشتت، لكنه للأن لم يحصل على ذاته، لربما بيوم يهديه زمانه سلامه النفسي وتستريح روحه الهرمة.

بعد مدة قصيرة كان يجلس بالمقعد المجاور لقاسم داخل السيارة بعدما نزلا من سكن رفعت عبدالدايم
تمعن في وجة قاسم الحزين وتساءل بتملل: مالك يا ولدي، مرايجش ليه، كت مفكر الفرحة مهتسعاكش لما نتفج على فرحك من زميلتك دي
أخذ نفس عميق وزفره بعمق وأكمل بنبرة مهمومة: معارفش اللي عملناه دي إذا كان صح ولا غلط يا أبوي،.

ثم نظر لأبيه وتحدث بنبرة مستائة متذكرا: ثم إية الحديت اللي حضرتك جولته على بت عمي جدام الخلج الغريبة دي؟
أجاب ولده بمراوغه: يعني كت عاوزني أجول للحرمة اللي كيف الحرباية دي إيه وهي راسها وألف سيف لتمم چوازك ببتها اللول؟
وأكمل بإلهاء: وبعدين سيبك من الحديت الماسخ دي وحاول تخلص اللي وراك إهني بسرعة لجل ما تلحج تاچي لسوهاچ جبل الخميس
واسترسل حديثه مستفسرا: مجولتليش، ناوي تتچوز زميلتك دي فين؟

تنهد بثقل وتحدث بنبرة مختنقة: أول حاچه ناوي أعملها بكرة إني أسحب كل الفلوس اللي في الحساب المشترك اللي بيني وبين چدي وأفتح لي حساب چديد لحالي وأحط فيه شجي عمري، وهشتري منية شجة بعيده عن الشجة اللي شاريها لي چدي عتمان
أجابه قدري بإستحسان: براوه عليك، دوت اللي كان لازمن يحصل من زمان وأني ياما جولت لك تعمل إكدة بس إنت اللي مكونتش بتسمع الحديت.

أردف قاسم بنبرة قلقة متخوفة: خايف جوي من رد فعل چدي لما يعرف بچوازي من إيناس
أجابه قدري بتملل: وأيه بس اللي هيعرف چدك يا ولدي، ما أنت طول عمرك جاعد إهني لحالك، ميتا كان حد جه زارك ولا عرف حاچه عنيك، وبعدين ما انت هتشتري شجة جديده وتسكن فيها ويا مرتك لجل ما تبعدوا عن العين
وأكمل بهدوء: معيزاكش تجلج واصل طول ما أني وياك وفي ضهرك، ودالوك وصلني للمطار لجل ما ألحق طيارة الساعة تسعة.

نظر لابيه مستغرب وتساءل: طيارة أيه يا أبوي اللي هتلحجها، مش إحنا متفجين إنك هتبات معاي وبكرة الصبح عتسافر؟
أجابه بنبرة زائفة: چالي مشوار مهم ولازمن أرجع سوهاچ وهضطر أبات برة البيت لجل ما المصلحة تنجضي، ولجل إكدة عايزك لو أمك إتصلت عليك تجول لها إني كت بايت وياك إهني،
وأكمل مبررا بنبرة مستاءة: مناجصش وجع راس أني.

إستغرب حديث والده ولكنه فضل الصمت كي لا يزعجه بأسئلته، وبالفعل أوصله إلى المطار وعاد إلى شقته من جديد
دلف للداخل بائس مهموم، ألقي بهاتفه وعليقة مفاتيحه فوق المنضدة الجانبية، خلع عنه حلتة وفك رابطة عنقه والتي كاد أن يختنق بها من شدة ضيقه
إرتمي بجسده بإهمال فوق الأريكه وشرد بالتفكير فيما يفعله غير راضي عن أفعاله، وبرغم عدم راحتة إلا أنه مستمر بإكمال ما بدأه من تمرد على وضعة.

داخل مدينة سوهاج وبالتحديد داخل شقة متوسطة الحال، كانت تلك المرأة شديدة الجاذبية، ذات الثالثة والثلاثون من عمرها، تجلس فوق الأريكة بلباس مكشوفة فاضحة، تضع فوق فخديها صحن ملئ ببذور القرع تتناول منه وهي تشاهد إحدي مسلسلاتها المفضلة على شاشة التلفاز المعلقة أمامها.

إستمعت لرنين جرس الباب فأستغربت من سيطرق بابها بذاك التوقيت المتأخر، رفعت صحن البذور و وضعته فوق المائدة وتحركت إلى الباب تنظر من الفتحة السحرية للباب، إنفرجت أساريرها عندما رأت من تنتظره بالأيام والاسابيع كي يهل عليها ويسعد قلبها برؤياه وينثر عليها ماله وهداياه.

إنه زوجها التي تعرفت عليه في المركز التابع له بلده الصغير، فتزوجها منذ أكثر من ثلاث سنوات وأشتري لها تلك الشقة وبدأ بالتردد عليها ليقضي معها أوقات تسعد روحه وتنفس عنه
ألقت نظرة سريعه على حالها في المرأة الموضوعة بجانب الباب وعدلت من شعرها بلهفة، ثم فتحت الباب سريع وهي تتحدث بحفاوة: يا ألف خطوة عزيزة يا سيد الناس، أنا أكيد بحلم.

ألقي جانب ما بيده من أكياس محملة بأنواع الفاكهه المتنوعة وبعض المسليات والمشروبات اللازمة لسهرتهما سويا
ثم أمسك ذراعها و دفعها أمامه بعنف متحدث بحدة: كنك ناوية على موتك إنهاردة عاد، كيف عتفتحي الباب بخلچاتك العريانة دي يا واكلة ناسك إنت؟
إرتعبت أوصالها وتحدثت إلية مبررة فعلتها بنبرة مرتجفة: أنا مفتحتش غير لما بصيت عليك من العين السحرية وإتأكدت من إن إنت اللي على الباب.

ثم اكملت بنبرة حزينه وهي تمد شفتاها للأمام بدلال وإنوثه كي تثيره: هي دي بردوا مقابلتك ليا بعد إسبوع سايبني فيه لوحدي من غير حتى ماتسأل عليا بتلفون
وأقتربت عليه تتحسس صدره بإغراء وأردفت قائله: للدرجة دي ما بقتش بوحشك ولا باجي على بالك يا سيد الناس؟

وهنا إنفرجت أساريره ونفخ صدره بتفاخر من دلال أنثاه الجميله له وتحدث بإبتسامة: كيف ما وحشتنيش وأني چاي لك بكل شوج لجل ما أجضي الليل كلياته وياكي وبايت في حضنك كمان
تهلل وجهها من شدة سعادته وتساءلت بلهفه: بجد يا قدري هتبات معايا إنهاردة؟
أجابها وهو يهز رأسه بإيماء: صح هبات وياكي يا ماچدة،.

وضمها لداخل أحضانه وتحدث برغبة: وحشني دلالك على چوزك وچلعك ليه يا بت، چاي لك مشتاج وسايب لك حالي لجل ما تچلعيني كيف ما بدالك
ضحكت بإغراء وتحدثت بخلاعة وهي تسحبه من يده إلى غرفة نومهما معا: بس كده، ده أنا هوريك اللي عمره ما خطر في بالك يا سيد الرجالة
بعد مرور بعض الوقت كانت تجلس بجانبة فوق التخت وتحدثت بإبتسامة: راضي عني يا سي قدري؟

أجابها وهو يدخن سيجارته بشراهه ويتمزج بها بإنسجام: كل الرضي يا ماچدة، كل الرضي
واكمل حديثه بسعادة: عندي ليكي خبر زين جوي، قاسم هيتچوز الأسبوع الچاي
إنفرجت أساريرها وتحدثت بنيرة سعيدة لأجله: أخيرا هتنول مرادك وتجوز قاسم لبنت أخوك
ثم تحدثت إلية وهي تتدلل عليه: طب بمناسبة الخبر الحلو ده، فين الغوايش اللي طلبتهم منك المرة اللي فاتت؟

نظر لها مضيق العينان وتحدث بحدة: هو أنت معتشبعيش واصل يا حرمة، هو أني مش لسه من شهر چايب لك خاتم دهب
نظرت له وأجابته بإستنكار: خاااااتم، خاتم ده إيه يا قدري بيه يا أبن كبير النعمانيه، هو ده بردوا مقام ولاد الأكابر
أجابها بنبرة هادئة وهو يدخن سيجاره بإستمتاع: وأني مهكسفكيش وهاخدك بكرة الصبح أشتريهم لك جبل ما أرچع النچع
هتفت بلهفة وسعادة غير مصدقة: بتتكلم بجد يا قدري؟

أجابها بهدوء: وميتا كنت بهزر وياكي أني؟
إرتمت داخل أحضانه وتحدثت بسعادة: ربنا يخليك ليا يا سيد الناس
ثم خرجت مرة اخري وتساءلت بلؤم رافعه حاجبيها: ويا تري بقا جبت أيه لفايقة بمناسبة الخبر الحلو ده؟
رمقها بنظرات حارقة وتحدث إليها محذرا إياها: وبعدهالك عاد يا بت الناس، أني مش جولت لك جبل سابق لو حابة تعيشي وياي في راحة ملكيش صالح بفايقة ولا تحاولي تجارني بينك وبينها، لأن المجارنة مهتكونش في صالحك واصل.

وأكمل بنبرة لرجل عاشق: فايقة مرتي وأم عيالي وكفتها تطب وتميل
أجابته بحده وغيرة: وأنا كمان مراتك زيي زيها يا قدري ومقلش عنها في حاجة
أجابها بعيون تطلق شزرا: زيك زيها كيف يعني؟
وأكمل متعجب: كنك إتجنيتي إياك، عايزة تساوي حالك بفايقة هانم النعماني ست النعمانية كلياتهم؟!
سألته بحده وغيرة: ولما أنت بتحبها أوي كده إتجوزتني عليها ليه يا عمدة؟

أجابها بإستنكار: إتچوزتك لجل مزاچي وإنت خابرة إكده زين، وبعدين چوازكي منيكي عرفي، يعني عمرك ما هتبجي زييها، وبطلي بجي نغمة أني زيي زيها دي عشان إكده بتخسريني وإنت موعياش
إرتعب داخلها وتراجعت سريع كي تزيل عنه غضبه وتكسب وده من جديد واقتربت عليه تتحسس شعر رأسه بدلال وتحدثت بصوت أنثوي: خلاص يا عمدة حقك عليا، متزعلش مني وإعتبرني ما قولتش حاجه.

وأكملت بإبتسامة جذابة لإلهائه: قولي بقا يا سيد الرجالة، تحب تاكل أيه علشان أقوم اعمله لك بإديا
إنفرجت أساريره وشعر بتفاخر من معاملتها التي تجعله يشعر بأنه حقا سيد الرجال عكس تلك الفايقة التي وبرغم عشقه الهائل لها إلا أنها لا تبادله شعورة ولا تعتني به كزوجة تسترضي زوجها
أجابها بإبتسامة: أي حاچة من يدك هتبجا زينة يا ماچدة.

ضحكت بخلاعة وتحركت وهي تتمايل بجسدها تحت إحتراق روح ذاك المشتاق المحروم من الدلال ولا يجده سوي مع تلك الماجدة.

أتي يوم الأربعاء، يوم حنة العروسان
أجواء مبهجة تعم على المنزل، حيث كان دق الطبول ورقص الفتيات والتصفيق والاغاني من سيدات العائلة يصدح في جميع أرجاء المنزل
كانت جميع نساء النجع يجلسن بداخل سرايا زيدان منبهرين بكل ما فيها، يحتفلن بليلة الحنة الخاصة بإبنة النعمانيه المدلله وسط مظاهر البهرجة والبزخ الذي صنعها زيدان إحتفالا بصغيرته الجميلة ووحيدته.

فقد أتي بعاملات من إحدي الشركات الخاصة بتجهيز حفلات الزفاف من القاهره، كن يرتدين زيا موحدا يونيفورم ولقد تخصصن بخدمة الحاضرات وتقديم كل ما لذ وطاب من الأكلات والمسليات والحلوي الخاصة بالأفراح تحت إستشاطة فايقة وغيرتها التي تنهش بقلبها رغم حدوث ما قامت بالتخطيط له بالإشتراك مع زوجها،
ولكن متي هدأت نار الحقود وأستكان داخله.

وجهت شقيقتها بدور الجالسه بجانبها مبتسمه تساؤلا لها: مالك يا فايقة، جالبة خلجتك في وش الكل ليه إكدة؟
مع إن المفروض تبجي أسعد واحدة في الدنيا كلياتها إنهاردة وإنت بتجوزي ولدك البكري اللي عيشتي كتير تحلمي بجوازته دي بالخصوص.

أجابتها من بين أسنانها والغل ينهش بداخلها: معرفاش أفرح طول ما الحرباية اللي إسميها ورد عايشه ودايسه في الخير ده كلياته، مشيفاش بعينك إياك البية إبن عمتك وهو معليها ومخليها فوج الكل، ده جايب لها بنات يخدموا الحريم لجل ما تجومش من مطرحها ولا تتعب حالها.

تحدثت إليها بدور بإستغراب لحالة الحقد التي تتحدث بها شقيقتها: وإنت أيه مشكلتك يا فايقة، وماله لما يريح مرته اللي ياما تعبت وياه لحد ما وصلوا للي هما فيه دي
نظرت إليها بحقد وتحدثت بحدة: مشكلتي إن العز ده كلياته كان من نصيبك إنت وهي اللي سرقته منيكي هو وزيدان.

إبتسمت شقيقتها ساخرة وتحدثت بفطانة وحديث ذات مغزي: إذا كنت انا ذات نفسي نسيت وسامحت في حجي من زمان يا فايقة وجولت جسمة ونصيب، زعلانه إنت ليه بجا؟
واكملت بنظرة ثاقبه: متعملنيش حجتك لأني فاهمه و واعيه زين للنار اللي شاعلة چواتك ومهتحرجش حد غيرك يا خيتي
وأكملت ناصحة لها بحديث ذات معني: إعجلي يا خيتي وإنسي الماضي وإردمي علية بدل ما ناره تحرجك وتحرج عيشتك ويا قدري اللي بيتمني لك الرضا ترضي.

إبتلعت لعابها رعب وتسائلت بنبرة زائفة: تجصدي ايه بحديتك الماسخ دي يا بدور؟
إبتسمت بدور بجانب فمها بطريقة ساخره وتحدثت: جصدي إنتي خبراه زين يا فايقة وبلاش نجلبوا في اللي فات بدل ما ناره تتجدد وتشعلل وتطول الكل وساعتها محدش هيسلموا منيها
إبتلعت لعابها وفضلت الصمت وعدم مجابهة تلك الكاشفة لداخلها أكثر من ذلك
إلتفتت إلى الزغاريد التي إنطلقت بشدة لتعلن عن نزول تلك الحوريه من فوق الدرج.

إشتعلت نيرانها وهي تري صفا تتدلي بثوبها الرائع بلونه الذهبي الذي بالكاد يغطي ركبتيها وحمالاته الرفيعه بصدره المستدير الذي كشفت عن جزء صغيرا من نهديها البض والتي بهرت جميع الموجودات بجمالها وجمال جسدها رائع الجمال وبتن يحسدن قاسم عليها
هتفت رسمية إلى ورد بنبرة حادة غاضبة: أيه اللي ملبساه للبت ده يا مخبوله إنت، عوزاها تاخد عين من الحريم اللي عنيهم تدب فيها رصاصة دول؟

أجابتها ورد بهدوء ويقين: وحدي الله يا مرت عمي، إن شاء الله ربنا هيسترها وهيعدي الليلة على خير
وأكملت مفسرة موقفها: وبعدين أني زيي زيك و مشفتش الفستان غير لما أشترته ويا أصحابها من مصر لما سافرت ويا أبوها.

كانت تتدلي من أعلي الدرج بجانب صديقاتها المقربون وبنات خالاتها بعدما زينتها إحدي الميكب أرتست الشهيرة اللبنانية الأصل والتي تعمل بمركز التجميل الخاص بها بالقاهرة، وقد إستدعاها زيدان بالطائرة خصيصا لتمكث مع إبنته ليلتي الحنة والزفاف وذلك بعدما اغرقها بالمال كي توافق.

كم كان يؤرقها بشدة شعورها بإنتقاص فرحتها وعدم إكتمالها، نعم لقد صنع لها والدها الغالي كل مظاهر البهجة والسعادة ولكنه لم يستطع بكل تلك المظاهر محو ألام روحها المتمزقة، كم كان مميت حديثه الجارح لكرامتها، كلما حاولت التأقلم مع من حولها وتناسي وجعها تهاجمها الأفكار من جديد وتقتحم كلماته المهينة ذاكرتها لتعكر عليها صفوها وتعيدها لنقطة الصفر من جديد.

تحركت ورد سريع نحو الدرج لإستقبال قرة عينها جميلة الروح والشكل والخلق، عزيزة عيناها التي لم ترهقها ولم تحزنها يوم منذ ان أنارت حياتها بمجيأها الغالي، إقتربت عليها وتمعنت في جمالها الأخاذ وبلحظة نزلت دموع السعادة من عيناها رغم عنها،
أحتضنتها بشدة وتحدثت بدموع السعادة: ألف مبروك يا ضي عيني، زي الجمر في ليلة تمامه يا بت جلبي.

وضعت أناملها الرقيقة فوق وجنتي والدتها كي تزيل عنها دموعها الغاليه وأردفت قائلة بنبرة حنون: وحياة صفا عنديكي ما تبكي، مش لايج عليكي البكا يا أماي!
جففت دموعها سريع وتحدثت بنبرة سعيدة: دي دموع فرحتي بيكي يا دكتورة، بس خلاص مسحتهم أهم ومهعيطش تاني لجل خاطرك الغالي.

إرتمت من جديد داخل أحضان والدتها، إختطفتها من تلك اللحظة عمتها صباح التي تحدثت بإنبهار شديد وخوف على قرة عين أخيها الحنون الذي يغمرها هي وشقيقته الاخري علية بحنانه واهتمامه وأيضا أمواله
وتحدثت وهي تسحبها من داخل أحضان ورد وتدلفها إلى أحضانها بحنان: الله أكبر عليكي يا بت الغالي، حصوة في عين كل اللي عتشوفك ولا تصليش على حضرة النبي.

لوت فايقة فاهها وتحدثت عليه هي الاخري: مبارك يا دكتورة، ربنا يتمم فرحتك على خير يا جلب عمتك
إبتسمت إلى عمتيها الحنونتان وتحدثت: تسلميلي يا عمه ويبارك لي في عمرك
تحركت بها ورد إلى جدتها الجالسة تراقب نظرات الجميع على إبنة غاليها وتقرأ المعوذتين في سرها خشية عليها من الحسد وتحدثت ورد بإبتسامة صادقة: جربي يا صفا وميلي على يد چدتك وبوسيها لجل ما تاخدي مباركتها ورضاها عليكي.

نظرت رسمية إلى ورد بإستحسان وهزت لها رأسها وابتسمت برضا مما أشعل قلب فايقة التي تراقب تصرفات الجميع عن كثب بقلب مشتعل وكيان يحترق غلا وكراهية
مالت صفا بجزعها على كف يد جدتها وقبلتها بإحترام، أما رسمية فوضعت كف يدها الأخري تتلمس بحنان رأس صغيرة إبنها المنكبه فوق يدها ثم أمسكت يدها وأجلستها بجانبها واحتضنتها متحدثه: مبارك يا بتي، ربنا يتم لك فرحتك على خير.

وأخرجت علبه كانت تمسك بها منذ أن أتت وفتحتها وإذ بها عقد أثري يرجع تاريخه إلى جدة جدتها تتوارثه الأجيال عبر التاريخ وأختارت الجده صفا لتكون وريثتها بذاك العقد
مما أثار غضب فايقة وليلي وحتى مريم التي حزنت بداخلها على التفرقة المستديمة التي تشعر بها بينها وبين صفا.

تعالت المباركات والهمهمات الجانبية وشعرت الجده بغضب ليلي ومريم فتحدثت إلى الجميع بنبرة زائفة مراوغة لكي لا تحزنا من داخلهما: إوعاكم تكونوا فاكرين إني عطيت العجد ده لصفا إكمنها جريبة من جلبي، كلكم احفادي وغاليين على جلبي ومجامكم واحد عندي، بس أني كنت نادرة ومجررة إني هديه لمرت البكري في أحفادي.

ثم نظرت لتلك الجميلة المبتسمة والتي تعلم عليم اليقين أن جدتها اهدتها إياه وجعلتها وريثتها وذلك لشدة غلاوتها ومكانتها المميزة لديها وهذا ما أدخل السرور على قلبها رغم حزنه
وتحدثت الجدة بإبتسامة: وأهو بجا من نصيب صفا
إبتسمت لجدتها وشكرتها، وقفت فايقة وقدمت المباركة إلى صفا واحتضنتها بنفاق
ثم توجهت إلى مجلسها من جديد وتحدثت إلى ليلي لتحثها على التحرك إلى صفا: جومي يا ليلي باركي لعروسة أخوكي.

أجابتها برفض تام ونظرات يملؤها الحقد: مجيماش ومطيجاش أطل في خلجتها
همست لها فايقة بنبرة حادة: إسمعي الحديت يابت وجومي، عاوزة الناس تجول عليكي أيه يا حزينة؟
اجابتها بحده رافضة: يجولوا اللي يجلوة يا أما، و ريحي لي حالك لأني مجيماش من مكاني إهني حتى لو چدي عتمان بذات نفسية هو اللي جال لي أجوم.

تعالت الزغاريد وأشتغلت الموسيقي الراقصة وبدأن الفتيات تتراقصن وتتمايلن مع نغمات الموسيقي أخذين براحهن وذلك لعدم وجود رجال بالمكان وايضا عدم التصوير بالهواتف حسب تعليمات عتمان الصارمة للجميع بعدم إصطحاب الهواتف لما تسببه مؤخرا من مشاكل ومناوشات، وما كان من الجميع إلا الإنصياع لأوامر كبيرهم خشية بطشه وتحاشيا لغضبه الأعمي
أوقفت ورد صغيرتها للرقص عنوة وذلك بعد محايلات من الفتيات الموجودات بالإحتفال.

أما بالخارج حيث إحتفال الرجال
كان يجلس وسط أصدقائة ومنهم عدنان الذي حضر كي لا يثير الشكوك هو وقاسم ويعطي فرصه لتساؤل الجميع عن سبب عدم حضور أعز اصدقائة،
وكان يجلس أيضا بعض أبناء عمومته فتحدث فارس مداعب أخاه: نجع النعمانية بيودع أشهر عازب فيه الليلادي
وأكمل ساخرا: ما أنت كت بعجلك يا أخوي، مخابرش أيه اللي جري لك لجل ما توجع وجعتنا السودة دي، يلا، هنجول إية، كلنا لها.

وتحدث حسن شقيق يزن الأصغر والذي بعمر صفا: ده كاس وداير على الجميع ولا بد منيه يا شباب
قهقه الجميع عدا ذاك القاسم الذي يشعر بإستياء مما يحدث حوله فهو إلى الان لم ينسي كلمات جده المهينه لرجولته وطريقة حديثه التي عسفت بكرامته وطرحتها أرض وخصوصا أمام صفا المتعالية التي وصمته بعديم الرجولة.

أخرجه من شروده رنين هاتفه الذي لن يتواري عن الرنين منذ أن بدأ الإحتفال، نظر إلى عدنان بيأس وتملل، فهم عدنان انها شقيقته الثائرة فنظر له وحثه بعيناه على أن يتحمل غيرتها ويجيبها،
إستسلم قاسم وتحرك بعيدا عن أصوات الموسيقي الصادحة بزخم كي لا يثير جنونها وايضا كي يستطيع الإستماع والتحدث إليها بعيدا عن العيون المترقبه له.

وما أن ضغط على زر الإجابه حتى إستمع إلى صوت تلك الغاضبة وهي تصرخ بجنون قائلة: ما بتردش عليا ليه يا قاسم؟
وأكملت بإتهام: كنت معاها صح؟

أغمض عيناه وحرك يده فوق شعر رأسه يرجعه للخلف في حركة تدل على مدي غضبة وتحدث إليها بلكنة صعيدية ونبرة تهديدية: وبعدين وياكي يا بت الناس، معطبتليش چنانك دي ولا اية إنهاردة، دي عاشر مرة ترني عليا وأسيب الناس وأجوم أرد عليكي، وعاشر مرة بردك تسأليني نفس السؤال واجولك إني متنيل جاعد في فرح الرچالة
وأكمل بحدة بالغه: وبعدهالك عاد، أني زهجت.

وما أن إستمعت لكلماته وصياحه حتى إنفجرت باكيه بشدة قائلة بعتاب: إنت كمان بتزعق لي وبتتعصب عليا يا قاسم، مش كفاية عليا النار اللي قايدة جوايا كل ما أفتكر إنك بكرة هتاخد واحده غيري في حضنك وتنام جنبها
اجابها بنبرة جادة صارمة: إنت عارفة ظروف الچوازة كويس جوي وموافجة بإكديه، وأساسا كانت فكرتك من اللول
تحدثت إليه بدلال من بين دموعها: خلاص، يبقا تريح قلبي وتوعدني إنك مش هتلمسها.

تنفس عاليا وتحدث بنبرة حادة جاززا من بين أسنانه: إيناااااس، ليكي حدود في الكلام ياريت متتخطيهاش عشان مندمكيش، ويلا سلام لأني مفاضيش لچلع الحريم الماسخ ده
تحدثت بدموع ونبرة منكسرة كي تسحبه إلى عالمها كي لا يغضب عليها: بتسمي غيرتي اللي هتموتني عليك دلع ماسخ، للدرجة دي مش حاسس بناري يا حبيبي.

وأكملت بنبرة أنثوية ساحرة: أنا بحبك وبموت من الغيرة عليك يا قاسم. ، كان نفسي أول حضن و أول بوسه وأول كل حاجة منك تبقا ليا أنا، مش لحد غيري يا حبيبي
تنفس بهدوء متراجع عن حدته وذلك أثر نبرة صوتها الناعمة العاشقة وتحدث بلين ونبرة هادئة: خلاص يا إيناس، إهدي ومتفكريش في الموضوع بالشكل ده
واكمل كي يجعلها تهدأ: عاوزك تفكري في إن انا كمان بحلم باليوم اللي تبقي فيه حلالي وأضمك لحضني.

تنهدت بصوت مسموع واطلقت أهه أشعلت داخله وتحدثت: إمتي بقا يا قاسم ييجي اليوم ده، إمتي
اجابها بنبرة هادئة: هانت يا إيناس، فات الكتير مبقاش إلا القليل
أخرجه من حالته تلك شعوره بحركة خلفه وكأن أحدهم يتسمع عليه
إلتفت سريع ينظر خلفه إتسعت عيناه بذهول حين تفاجئ بوجود يزن بوجهه ينظر إليه بتمعن
فعاود الحديث مرة اخري على عجل وهو ينهي المحادثة مع إيناس: طب مع السلامة أنت الوقت يا باشا وأنا هبقا اكلمك وقت تاني.

ثم دقق النظر بعين يزن وتساءل بتعجب: خير يا يزن، فيه حاچه؟
تري ما الذي إستمع إلية يزن؟
وما الذي سيفعله لو حقا إستمع لحديث قاسم إلى إيناس؟
إلتفت سريع ينظر خلفه إتسعت عيناه بذهول حين تفاجئ بوجود يزن يقف بوجهه، ينظر إليه بتمعن فعاود الحديث مرة اخري على عجل وهو ينهي المحادثة مع إيناس بمراوغة: طب مع السلامة أنت الوقت يا باشا وأنا هبقا اكلمك في وقت تاني
ودقق النظر بعين يزن وتساءل بتعجب وحذر: خير يا يزن، فيه حاچه؟
أجابه يزن بإقتضاب وعيون مشككة: أنا اللي چاي لچل ما أسألك، هو فيه إية بالظبط يا قاسم؟

قضب جبينه وتساءل مستفهما: تجصد أيه بحديتك ده، يا ريت توضح سؤالك لاني مبحبش الكلام العايم دي
نظر يزن داخل عيناه بقوة وتساءل بنبرة حادة: كنت بتكلم مين في التلفون يا قاسم؟
وأكمل مفسرا: دي مش أول مرة تجوم من مكانك وتاچي إهني وتجعد تتحدت وإنت بتتلفت حواليك كيف اللي عامل عاملة
إستشاط داخل قاسم من تساؤل ذلك المتداخل وأجابه بحدة بالغة: كنك إتخبلت يا يزن، مالك إنت باللي بكلمه، مركز ويايا لية إكدة؟

تحدث إليه يزن بحديث ذات مغزي: إسمعني زين يا قاسم وحط الكلمتين دول حلجة في ودانك، صفا لو إتأذت منيك ورب الكعبة ما هرحمك
رفع حاجبيه بإستنكار ثم هتف قائلا بصياح غاضب: إلزم حدودك ومتنساش إن اللي بتتكلم عليها دي تبجا مرتي، يعني عرضي وشرفي اللي مهجبلش بتلميحاتك السخيفه دي عليها.

واسترسل حديثه مفسرا بنبرة حادة: إسمع يا واد عمي، أنا ملاحظ إن من يوم ما چدك خطب لي صفا وإنت إتغيرت وياي ومعاملتك إختلفت وبعدت عني، وعارف إنك كنت رايدها لحالك
وأكمل مفسرا: بس خلاص يا يزن، صفا بجت مرتي رسمي وكلها سواد الليل وهتنام في حضني، وإنت وإتجوزت أختي، وأكمل مهددا بعيون محذرة: يعني إنت اللي لازمن تخلي بالك من حديتك وافعالك زين لأني مابسامحش في اللي يإذي اللي يخصني حتى لو بنظرة، فاهمني يا يزن؟

أجابه يزن بملامح وجه محتقنة بالغضب: جرا إية يا قاسم، هما خدوهم بالصوت ليغلبوكم ولا ايه، جوام جلبت التربيزه عليا وركبتني الغلط، وأكمل مفسرا بنبرة فخورة: أني ما أنكرش إني كان نفسي صفا تكون من نصيبي وده لاني عارف جيمتها صح، كان عاچبني عجلها الواعي وأخلاجها الزينة اللي أي راچل يتمناها تكون في مرته، بس خلاص من وجت ما إتچوزت ليلي و أني رضيت بنصيبي ومتجي الله فيها، وصفا بالنسبة لي بجت زيها زي مريم أختي بالظبط.

وكلامي ليك دالوك من باب خوفي عليها لأني فعلا بعتبرها أختي
أردف قاسم قائلا بنبرة رخيمة: مليش صالح أني بكل الحديت اللي جولته دي ولا يخصني يا يزن، وأكمل مهددا وهو يشير إليه بسبابته: وخليك فاكر زين أني عملت اللي عليا ونبهتك عشان أكون خليت من ذنبك
قال كلماته تلك وتحرك عائدا إلى حيث يجلس الأصدقاء تحت غضبه وإستغراب يزن من كم بجاحته، قطع طريقه صوت چده الهادر الذي أشار إليه فتحرك إلى مجلسه.

وتحدث الجد وهو يشير لذاك الضيف الهام الجالس بجانبة: مد يدك وسلم على چناب المأمور يا قاسم يا ولدي
رسم قاسم إبتسامة مزيفة فوق ملامحه بالرغم من شدة إشتعاله الذي أصابه من حديث ذاك اليزن المتداخل في أمور غيره من وجهة نظرة
وبالفعل مد يده وتحدث بإحترام ونبرة وقورة: أهلا وسهلا يا أفندم، نورت الفرح وأسعدتنا بتشريف جنابك لينا.

نظر له مأمور القسم التابع للمركز بإستحسان معجب بلباقته وفطانته في الحديث وتحدث مبتسما: الشرف ليا أنا إني أحضر وأتأنس بوجودي مع الحاج عتمان النعماني وعيلتة العريقة
إبتسم له قاسم وتحدث منسحبا: بعد إذن معاليك يا باشا ومرة تانية شرفتنا سعادتك
وانسحب متجه لجلسة الشباب قابلة عدنان الذي وقف أمامه يسأله بإهتمام: مالك يا قاسم، شكلك متضايق كده ليه.

أجابه بنبرة حاده محاولا السيطرة بكل قوته على ملامح وجهه كي لا يلاحظ أحدا من الحضور: الفضل يرجع للهانم أختك وغيرتها العامية اللي هتفضحنا يا عدنان
وأكمل بنبرة أمره: إتصل بيها وعقلها يا عدنان وإلا قسما بربي هيبقا ليا معاها تصرف مش هيعجبها ولا هيرضيها.

شعر عدنان بريبة من حدة وغضب قاسم وتحدث سريع كي يهدئه: طب ممكن تهدي ومتوترش نفسك علشان محدش ياخد باله، وبالنسبة لموضوع إيناس ده سيبه عليا، أنا هتصل بيها حالا وأحاول أفهمها خطورة الموقف، وكمان هتصل بماما واخليها تتكلم معاها وتحاول تهديها
ثم أسترسل حديثه بتفسير في محاولة منه لتهدئتة من ناحية شقيقته: بس أنا عاوزك تعزرها بردوا يا قاسم وتحط في إعتبارك إنها بتعمل كدة من باب حبها ليك وغيرتها عليك.

أجابه بعيون متسعة ونبرة معترضة غاضبة: وأهو بسبب غيرة سعادتها إبن عمي سمع كلامي معاها ووقف يتأمر ويتشرط عليا، وأكمل أمرا بنبرة حادة: كلمها وعقلها يا عدنان، أنا مش ناقص جنان كفاية عليا اللي انا فية.

داخل منزل زيدان
كانت الفتيات مازلن يتراقصن ويتهادين بأجسادهم متماشين مع نغمات الموسيقي ومندمجن لأبعد الحدود حتى أستمعن لصوت الجدة الهادر وهي تصدح بالمكان وتشير بيدها إلى الفتاة التي تشرف على جهاز ال D. G الخاص بتشغيل الاغاني لتحثها على التوقف
وتحدثت بوجه حاد ونبرة صارمة: بكفياكم إكده يا بنات ويلا كل واحده تلبس خلجاتها وتستر حالها زين لچل ما تروحوا مع أمهاتكم وتسيبوا العروسه لچل ما ترتاح شوي،.

وأكملت وهي تنظر إلى صفا تحت همهمات وأعتراضات الفتيات: الدكتورة جدامها يوم طويل بكرة ولازمن ترتاح لجل ما تكون فايجة ل ليلتها
فتحدثت ملك إبنة صباح متوسلة لجدتها: خلينا شوي كمان يا چدة بالله عليكي، الليلة حلوة وإحنا ما بنتلموش كل يوم
تحدثت رسمية بوجه صارم: إسمعي الحديت يا بت صباح وجولي حاضر.

دبت الفتاة بأرجلها الأرض في حركة إعتراضية وبدأن الفتيات تردن ردائهن الأسود لتستر به ثيابهن المتحررة وتحركن للخارج تحت إعتراضهن
وتحدثت ورد إلى رسمية: هحضر السفرة حالا يا مرت عمي لجل ما ناكلوا لجمة سوا كلياتنا
أومأت لها رسمية وتحركت ورد للداخل تحت إشتعال قلب فايقة وهي تري تقرب ورد من رسمية والأغرب إستجابة رسمية لحديثها و وجهها اللين وهي تحدثها، شعرت بالخطر يحوم من حولها.

أمسكت صباح إبنتها الصغري التي لم تكمل عامها العاشر وأوشت لها بأذنها أن تذهب إلى قاسم وتستدعية كي يأتي إلى هنا لغرض ما في نفسها
وبالفعل خرجت الفتاه تبحث عنه، وجدته يجلس بجانب أصدقائه فهمست إليه بجانب اذنه قائلة: أستاذ قاسم، أمي بتجول لك إنها عوزاك في بيت خالي زيدان لجل ما تسلم عليك وتبارك لك هي وخالتي علية.

أومأ لها بطاعة وتحرك بجانبها، دلف للداخل بجانب صباح التي كانت تنتظره في فراندة المنزل كي لا يستأذن وترتدي صفا شئ لتستر به جسدها، فهي أرادت أن يراها بكل تلك الإنوثة والجمال بعد علمها من والدتها انه كان ينتوي فض الخطبة، ليري بعيناه كم هو مخطئ وأيضا لتحرق روح فايقة التي تري الغيرة والحقد بعيناها كلما نظرت لجمال وجسد صفا وكأنها ضرتها وليست زوجة نجلها البكري.

جلسن جميع نساء وفتيات العائلة حول المنضدة الكبيرة التي إحتوت الجميع وتحدثت ورد وهي تتفحص الجميع بعينيها: عمتي صباح وينها؟
تحدثت صباح الواقفة بمقدمة الباب بنبرة مبتسمه حماسية: أني چيت أهو يا أم صفا، بس وياي ضيف چاي يسلم على عماته ويشوف عروستة
وما أن إنتهت من جملتها حتى إرتبكت صفا بجلستها وأنتفض جسدها وبات يرتعش خجلا ورعب
في حين تحدثت صباح إلى مريم أمره: أستري شعرك يا مريم لجل قاسم ما يدخل.

وققت مريم واتجهت سريع إلى الداخل في حين وقفت تلك الخجله لتلحق بها ولكن يد صباح كانت أسرع منها حين تحركت وأجبرتها على الجلوس من جديد فوق مقعدها
وتحدثت بنبرة دعابيه تحت إستشاطة فايقة وغليان قلبها: رايحة فين يا دكتورة، ناسية أنه خلاص بجا چوزك إياك
فتحدثت بصوت عالي حماسي: أدخل يا عريس
تحمحم ليعلن عن دخوله وتحدث بنبرة واثقة عاليه: السلام عليكم
ونظر إلى چدته وتحدث بنبرة لينة محبة: كيفك يا چدة.

ومرر بصره على الجميع وتحدث لزوجة عمه: كيفك يا مر...
وبلحظة توقف عن الحديث وأبت باقي كلماته في أن تخرج إمتثالا لتلك اللحظة وهولها، إبتلع لعابه الذي سال عندما وقعت عيناه على تلك الجالسه تنظر بصحنها وتكاد تموت خجلا من هول الموقف،.

نظر إلى ملامحها وجمالها الأخاذ، شفتاها الكنزة المهلكة والتي إكتست بلون الطلاء النبيتي الذي جعل منها شهيه بشكل مثير لمن ينظر إليها، يحثه داخله ويحرضه على الهرولة والإسراع إليها وجذبها وألتهامهما بدون سابق إنذار ليتذوق عسلهما السائل الشهي،
نزل ببصره إلى فتحة ثوبها المستديرة والتي تظهر وتكشف عن بداية نهديها البض بمظهره الذي يدعوه للجنون.

رعشه سرت بجميع اجزاء جسده ورغبه ملحة تطالبه بالإقتراب وضمها بشدة إلى صدرة،
فاق من حالته على صوت صباح الساخر وهي تحدثه بسعادة لرؤيتها تشتت وذهاب عقل إبن شقيقها الواضح كوضوح الشمش: مالك إتسمرت بوجفتك إكدة ليه يا قاسم، ما تجرب تسلم على عروستك وتبارك لها أومال
أما تلك التي تكاد ان تزهق روحها من شدة خجلها فتحدثت هامسة إلى عمتها بنبرة معاتبة: ميصحش إكدة يا عمه، ابوي لو عرف هيخرب الدنيي.

ضحكت صباح وتحدثت بوجه ساخر: تعالي يا قاسم إسمع مرتك بتجول أيه، جال أبوها هيخرب الدنيي لو عرف إنك دخلت إهني وشفتها وهي إكدة
مخلاص عاد يا صباح، مكانش ليه لزوم التمثلية اللي عملتيه على قاسم دي، كل ده لچل ما توري له جد ايه بت اخوكي زينه في الزواج؟ كانت تلك جملة ساخرة يملؤها الحقد والكراهية نطقت بها فايقة بملامح وجه غاضب.

أجابتها ورد بقوة إعتراض على حديثها المهين لجمال إبنتها: بتي جمر في ليلة تمامه من غير زواج ولا غيرة يا أم قاسم، وعمتي صباح ممحتاچاش تعمل تمثيليات لجل ما...
ولم تكمل جملتها لمقاطعة رسمية للجميع بصوت هادر: خلاص يا حرمة منك ليها، بكفياكم حديت ملوش عازة لحد إكدة
ثم نظرت إلى ذاك المسحور وتحدثت بنبرة حادة كي يستفيق من تلك الحالة التي لا تليق بحفيدها الأكبر: مش هتجرب تسلم عليا ولا أيه يا قاسم؟

وأخيرا وعي على حالة وتحرك إليها وهو يحمحم كي ينظف حنجرته مما أصاله وتحدث وهو يقبل مقدمة رأسها بإجلال: لا أزاي، كيفك يا چده وكيف صحتك؟
أجابته: بخير طول ما أنت واخواتك و ولاد أعمامك بخير يا سبعي
ثم نظر لتلك التي تنكمش على حالها ويرتعب جسدها وتحدث وهو يبتلع لعابه: مبروك يا صفا
أجابته بصوت ضعيف ومازالت عيناها تستقر داخل صحنها: الله يبارك فيك.

وقف يتطلع إليها والحرج سيد موقفه، لا يريد ان يتحرك للخارج ويتركها، يريد البقاء أطول مدة كي يشبع ناظرية من رؤياها التي تسره وتدخله في شعور لذيذ أحبه ويريد الإستمتاع به قدر المستطاع، ولكن كيف له فعل ذلك؟
تحدثت نجاة كي تخرجه من موقفه ذاك: ما تجعد تاكل ويانا يا قاسم
وكأنه بحديثها قد وجد قارب نجاته فتحدث إليها مبتسم: أني فعلا چعان يا مرت عمي ومكلتش حاجة من الصبح
تحدثت ورد بترحاب وعزم: طب أجعد يا ولدي.

قاطعتها فايقة بنبرة حادة كي تمنع ولدها من الجلوس مع هؤلاء العقارب التي تبغض وجوههن جميعا بشدة، ورد التي تغار منها وتتمني زوالها من الحياة بأكملها كي تشفي غليلها، صباح وعليه لشدة حبهما وتعلقهما بزيدان و ورد والود الدائم بينهما، حتى نجاة تكرهها للعلاقة الودودة بينها وبين ورد
تحدثت بحدة وهي تنظر إلى نجاة بجمود: ويجعد ياكل ويا الحريم ليه يا نچاة، ده چده الله أكبر عامل وكل يكفي محافظة سوهاچ بحالها.

ثم نظرت إلى ولدها وتحدثت بنبرة صارمة: إطلع خلي فارس يخلي الطباخين يجهزوا لك سفرة زينة وكل لحد ما تشبع يا ولدي
أجابها وهو يسحب مقعدا بجانب رسمية وأردف قائلا بنبرة تأكيدية ضارب بحديثها عرض الحائط: بس اني معايزش أكل غير مع چدتي وعماتي يا أما
إبتسمت صباح وتحدثت بنبرة كيديه وهي تنظر إلى فايقة لتحرق روحها وتشعل داخلها: تسلم يا واد أخوي ويخليك لعماتك يا جلب عماتك.

ثم نظرت إلى صفا وتحدثت إليها لتكمل على ما تبقي من صبر ذاك القاسم وتجعله يخر ساجدا تحت أقدام إبنة شقيقها الغالي: جومي يا صفا هاتي لي جزازة حاچة ساجعه من المطبخ أبلع بيها الوكل
تحدثت ورد الجالسه بجانبها وهي تهم بالوقوف: هجوم أني أچيب لك يا عمه، أصل البنات اللي جايبهم زيدان بياكلوا چوة وحرام اجومهم من على الوكل.

جذبتها صباح من ذراعها وأجلستها من جديد وتحدثت إلى صفا بإصرار: بس أني عايزة صفا هي اللي تچيبها لي يا ورد
إبتلعت صفا لعابها بعدما فهمت مغزي حديث عمتها ولكن لم تستطع معارضتها لإحترامها الزائد لها فتحدثت بهدوء: حاضر يا عمتي
وقفت تحت أعين ذاك المراقب لها وما أن تحركت وبان قوامها الممشوق وكشفت عن ساقاها المتناسقه شديدة البياض حتى بدأ صدره يعلو ويهبط من شدة الإشتياق الذي إجتاحه بلحظة.

نظرت فايقة إلى حالة صغيرها وأستشاط داخلها وأشتعل من تلك الصفا التي يبدوا وكأنها ستسيطر على قلب ولدها وتجعل منه زيدان أخر بعائلة النعماني، ولكنها سرعان ما تبسمت بتشفي حين تذكرت عشقه الهائل لتلك القاهرية التي ستقهر قلب صفا وبالتالي سينفطر قلبي زيدان و ورد على صغيرتهما وتشفي صدرها من النار الشاعلة به منذ سنوات عدة ولم تنطفئ أبدا.

وما كان تفكير ليلي ببعيدا عن والدتها فتحدثت إلى عمتها بنبرة ساخرة ذات معني: منورة يا عمة
أجابتها صباح بعدم قبول لتلك الدائمة التعالي عليها: بوچودك يا بت أخوي
أسرعت هي لتختفي من أمام عيناه التي وبرغم عدم رؤيته لإعطائها ظهرة إلا انها شعرت بها وهي تتأكل كل إنش بجسدها.

دلفت إلى المطبخ بأنفاس متقطعة، وجدت مريم تجلس فوق مقعدا جانبيا رغم إرتدائها لردائها الأسود الذي ستر جسدها وشعرها بالكامل، فتحدثت إليها بإستغراب: جاعدة إهني لوحدك ليه يا مريم؟
تحدثت إليها مريم بهدوء: بريح راسي شوي من صوت المزيكا والناس.

هزت لها رأسها بهدوء ثم تحركت إلى المبرد وفتحته واخرجت منه بعض عبوات المياة الغازية وتحدثت إليها بإستعطاف وهي تبسط لها ذراعيها: ممكن يا مريم بعد إذنك تطلعي الحاچة الساجعة دي لعماتك
وأكملت وهي تنظر أرض ويبدوا على وجهها الحزن: أني كمان تعبت ومحتاچة أريح راسي شوي
أجابتها مريم بإبتسامة ترحاب وهي تمد يدها وتتلقي منها تلك العبوات: حاضر يا صفا.

ثم تمعنت النظر بوجهها وتساءلت بإستفسار: مالك يا صفا، هو أني ليه ملاحظة إن فرحتك غايبة؟
إبتسمت بجانب فمها ساخرة وأجابتها بنبرة صوت تظهر كم هي متألمة، محبطة: ومين فينا فرحته كانت كملت يا مريم لجل فرحتي ما تكمل، كلياتنا ماشيين في طريج عكس إرادتنا ومچبرين نكملوا فيه غصب عنينا لچل بس ما نطيع أوامر چدي اللي هي في مصلحة مين؟
وأكملت وهي ترفع كتفيها بإستسلام: مخبراش.

إقتربت منها مريم وأردفت قائله بإستغراب: بس إنت عاشجة قاسم وريداه يا صفا، يبجا فين الغصبانية في الموضوع؟!
ملعون أبو العشج اللي يمحي معاه الكرامة، جملة تفوهت بها صفا بنبرة حادة وعيون غاضبة
واكملت بنبرة حاده بائسة: معيزاهوش أني العشج ده اللي عيزل الواحدة منينا ويخليها تحس إنها رخيصة ومفروضة على اللي جدامها.

كانت تستمع إليها بعقل مشتت وتحدث حالها وتلومها، يا الله منك مريم، أتلك هي من كنتي دائمة الحقد عليها؟ أنظري بعيناك وتمعني في حال تلك المسكينة التي تدعو إلى التعاطف والشفقة؟

ألهذة الدرجة خدعك غرامك الموهوم لذاك القاسم فا بتعدتي عن مبادئك وخدعك حدسك وبتي تحقدين على تلك المتألمة التي لطالما عاشت وحيدة بدون أشقاء، ولطالما حاولت الإقتراب منك وليلي ولكن حقدقما عليها كان يجبركما على النفور وإبعادها بشتي الطرق
مدت يدها وتحدثت بنبرة مرتجفة من أثر تأنيبها لحالها: ممكن يا صفا تجبلي نبجا أصحاب وإخوات وتشاركيني همك وحزنك، وأي حاچة مزعلاكي أني موچوده لچل ما أسمعك وأشاركك في الحل.

نظرت إليها بإستغراب للتغيير المفاجئ ثم ابتسمت بوهن وأجابتها: أني طول عمري وأني بعتبرك أختي رغم محاولاتك لصدي في الجرب منيكي يا مريم
أجابتها مريم بإستياء من حالها: عندك حج يا صفا
واكملت بنبرة خجلة: أني أسفه
تحدثت صفا بدعابه كي تخرجا كلتاهما من تلك الحاله: مفيش أسف بين الإخوات يا مريم، بس لازمن تعرفي إنك بإكده فتحتي على نفسك باب مهيتجفلش أبدا لاني هغرجك في مشاكلي النفسيه التي لا تعد ولا تحصي.

إبنسمت لها مريم بإخوة واجابتها: واني تحت أمرك يا صفا
ثم تحدثت بدعابه: هروح أخرج الحاچة الساجعة لعمتك صباح بدل ما تاجي تشرب من دمنا انا وإنت بدل الكولا دي
إبتسمتا الفتاتان وبالفعل تحركت إلى الخارج وضلت صفا بصحبة حزنها.

خرجت مريم وأعطت لعمتها طلبها تحت إستغراب الجميع لعدم حضور صفا وأستشاطة قاسم من تصرفات تلك العنيدة التي تصر على حرمانه من لذة النظر إليها بحالتها المهلكة تلك
دلف زيدان بعد الإستئذان من الجميع وتحدث إلى قاسم بإبتسامة: الفرح كلياته مجلوب عليك برة وأتاريك جاعد إهني وسط الحبايب يا سي قاسم.

وقفت صباح وتحركت لتقف بجانب شقيقها القريب من قلبها وأردفت قائلة بإبتسامة بشوش: أني اللي شيعت له لچل ما ياجي يجعد ويانا شوي ونتونس بيه يا أخوي
لف ذراعه حول كتفي شقيقته بإحتواء وقبل مقدمة رأسها قائلا بنبرة حنون: ربنا يديم چمعتنا ويبارك فيها وفيكم يا أم محمد.

ثم نظر إلى ورد بعيون عاشقة وكأنه برؤياها قد وجد ضالته إبتسمت له خجلا فتحدث هو مداعب إياها تحت أنظار الجميع: چري أية عاد يا أم العروسه، معتكبريش واصل إنت ولا أية، اللي يشوفك يجول عليكي أخت صفا اللصغيرة
ضحكت له وتحدثت بدعابة: لما تبطل إنت بكش أبجي أني أكبر يا زيدان يا نعماني
غمز لها بعيناه وتحدث قائلا بدلال: تعرفي عني إكدة بردوا يا زينة الصبايا، ومن ميتا كان العاشج بكاش.

فتحدث قاسم مداعب كلاهما تحت نظرات فايقة الحارقة التي لو خرجت نارها لأشعلت نجع النعمانية بأكمله: أني بجول نجوم إحنا نروحوا على السرايا ونطلب إتنين ليمون لعمي ومرته جبل ما نمشوا ونسبوهم لحالهم
قهقه الجميع وتحدث زيدان وهو يتلفت باحث بعيناه عن قرة عيناه غاليته الصغيرة، نسخة امها الحبيبة: صفا وينها؟
تحدثت ورد وهي تشير إلى المطبخ: جوة في المطبخ، أدخل لها.

وما أن نطقت حتى وقف ذاك القاسم منتفض من مقعدة وبسرعة البرق كان يختطف وشاحا موضوع فوق مقعدا جانيا وتحدث وهو يسبق خطوات عمه مهرولا: لحظة يا عمي من فضلك
ودلف سريع إلى المطبخ وجدها تجلس واضعه رأسها بإهمال للخلف تستند على ظهر المقعد وما أن إستمعت إلى خطواته حتى إنتفضت من جلستها وأردفت بتساؤل مرتعب من هيئته وحركته المسرعه: فيه أية؟

أجابها وهو يقترب عليها فاردا الوشاح ولفه على ذراعيها وصدرها مخبأ إياهم بعيدا عن نظر زيدان: أبوكي چاي
نظرت له بإستنكار من فعلته وتحدثت بنبرة إعتراضية يشوبها الغضب متناسية أمر ثيابها الكاشفة: نعم، وإنت چاي تداريني من أبوي إياك؟!
رمقها بنظرة غاضبه وكاد. أن يتحدث لولا دلوف زيدان الغاضب الذي تساءل بنبرة ساخرة: إنت إتجننت إياك يا قاسم، بتداري بتي مني؟

أجابه بوجه صارم ونبرة جادة لا تقبل المزاح: معلش يا عمي، بس مهينفعش تشوفها إكدة
وأكمل بحديث أقنع زيدان وتلك الغاضبة: لا الدين ولا العرف ولا حتى الأصول تجول إنها تنكشف عليك بلبسها دي
نزلت كلماته المحقة عليها جعلتها تخجل من حالها، حين هز زيدان رأسه بموافقة وتحدث إلية بتفاخر: عچبتني يا واد النعماني، دكر بصحيح يا قاسم، طالع لچدك.

إبتلعت هي لعابها وتحرك زيدان إلى أميرته وحاوط وجهها الرقيق بكفي يداه ناظرا داخل عيناها الفيروزية وتحدث بنبرة مرتجفه حزينة: خلاص نويتي الرحيل وهتسيبي زيدان لحالة يا جلب زيدان؟
تنهدت بهدوء وأجابته بعيون تتلألئ بها حبات الؤلؤ المسماة بدموعها: أسيبك واروح فين بس يا حبيبي، ده أنت جلب صفا من چوة اللي لو فارجته روحي من بعده تفارجني
أجابها ومازال ناظرا بعيناها: بعد الشر عن روحك يا جلب أبوكي.

ثم ادخلها في احضانه وبات يربت فوق ظهرها بحنان تحت إستغراب قاسم الذي ينظر لهما بذهول حتى أن دموعه كادت أن تفرط منه من شدة جمال علاقتهما الرحيمة المترابطة، وبالوقت ذاته شعر بشعور غريب عليه ولاول مرة يزوره، شعور بالغيرة القاتلة الذي تخلل إلية تحت إستغرابه هو شخصيا لكنه فسره انها غيرة مشروعة وطبيعية كونها أصبحت زوجته.

شعر بأنه يقف كالعزول بين الأب وقرة عينه فقرر الإنسحاب حتى يفسح لهما المجال ويعطيهما بعض من الحرية كي يعبر كلاهما للأخر عن ما بداخلة
خرج وتحدث إلى الچده بإحترام: أني خارج لجل ما أرحب بالضيوف يا چدة، تؤمري بحاچة
ردت عليه بنبرة حنون: ما يؤمرش عليك ظالم يا ولدي.

خرج وتلاه زيدان بعد قليل إلى الخارج وانضموا لإحتفالات الرجال التي مازالت قائمة، وخرجت صفا وتحركت للأعلي خلعت عنها ثوبها ثم توجهت للمرحاض وأخذت حمام دافئ كي يزيل عناء يومها وأرتدت منامه بيتيه مريحة وتحركت للأسفل كي تنضم إلى مجلس نساء العائلة من جديد وجلسن يتثامرن.

كانت تقبع فوق تختها متقوقعة على حالها، تبكي بحرقة على رجلها التي إختارته بنفسها
فتحت كوثر الباب بحدة دون إستئذان ونظرت لتلك القابعة بعيون تطلق شزرا وكادت ان تلقي بكلماتها الحادة الملامة التي كانت تنتويها بعدما هاتفها عدنان وأبلغها ما حدث منها وإستماع إبن عم قاسم لحديثه معها.

تنفست بصوت مسموع ثم زفرت بضيق وتوجهت إلى التخت وجاورت إبنتها الجلوس وتحدثت بنبرة خالية من مشاعر الأم التي تشعر بصغيرتها، ولكن ها هي كوثر بتجبرها وجمود مشاعرها: إنت عاملة في نفسك كده ليه يا بنتي؟

نظرت لها إيناس بضعف ودموع منسابة، فأكملت كوثر متلاشية دموعها وتحدثت لائمة بحده: بتعيطي على إيه، أومال لو ما كنتيش عارفة إنها جوازة مصلحة وهو مجبور عليها، وإن دي هتكون مغارة على بابا اللي قاسم هيكبش منها ويحط في حجرك إنت وأولادك كنتي عملتي إية؟

إعتدلت بجلستها وتحدثت وهي تجفف دموعها والغيرة تنهش صدرها: مش قادرة أتحمل يا ماما، قلبي واجعني أوي، كل ما اتخيل إن قاسم هياخد واحدة غيري في حضنه النار بتقيد في جسمي كله
وأكملت بصياح: غصب عني يا ناس انا بردوا بشر وبحس وأغير
رمقتها كوثر بنظرة معاتبه وتحدثت بحدة: وغيرتك دي هي بردوا اللي خلتك تنسي إتفاقه معاكي وتتصلي بيه في وسط الفرح وهو محذرك ومحرج عليكي إنك متتصليش بيه.

قطبت جبينها وتساءلت بإستغراب: وإنت عرفتي منين إني إتصلت عليه؟
اجابتها كوثر بنبرة غاضبة: هو ده كل اللي همك عرفت منين، عرفت من عدنان، قاسم قال له يكلمني ويخليني اعقلك
إنتفضت من جلستها واقفة بحده ودارت حول حالها بالغرفه بغضب وتحدثت إليها بنبرة ساخطة: والله عال، هو البيه هيبدأ يشتكيني ليكم من الوقت.

ردت عليها مفسرة بنبرة غاضبة: قاسم مكنش بيشتكي، ده إبن عمه سمعه وهو بيتكلم معاكي وشكلهم كده شدوا مع بعض في الكلام لأن عدنان بيقول لي إن قاسم كان شايط ومولع وهو بيكلمه
ثم تحدثت بحده ناهرة إياها بعتاب: كان عقلك فين يا إيناس وإنت بتعملي كده، مفكرتيش إن ممكن الموضوع يتعرف وجده يحكم عليه ما يتجوزكيش وتطلعي من المولد بلا حمص؟

تقدري تقولي لي لو ده حصل، ساعتها هتعملي ايه في عمرك اللي إتسرق منك وإنت قاعده مستنية البيه
وأكملت بجشع: ولا الفلوس والعز اللي هنغرق فيه من الجوازة دي وحياتنا اللي هتختلف 18 درجة، مين اللي هيعوضك عن كل ده يا مجنونة؟
رفعت قامتها لأعلي وتحدثت بغرور: من النحية دي ما تقلقيش يا ماما، قاسم بيحبني ومتعلق بيا ولا يمكن يسبني تحت أي ظروف.

ردت عليها كوثر بنبرة ساخرة: وهنعمل أيه بحبه ده يا حبيبتي ولا بقاسم نفسه من غير فلوس جده
وأكملت بتهكم: هو أنت فاكرة إن قاسم بتاعك ده يسوي حاجة من غير فلوس عيلته؟
اجابتها إيناس: متنكريش إن قاسم حد شاطر جدا في مجاله والدليل على كده إنه قدر يثبت نفسه في السوق في سنين قليلة.

أردفت بتهكم قائلة بتقليل من شأنة: قاسم بتاعك ده مجرد محامي مغرور ولولا مكتبه الشيك اللي في أرقي مناطق البلد ولا كان حد سمع عنه ولا حتى لمح طيفه
وأكملت بتفسير: الناس في بلدنا يا بنتي أهم حاجه عندهم المظاهر، وقبل ما يسألوا عن شطارة المحامي أو الدكتور أو غيرة، بيسألوا الأول عن أتعابهم كام ومكاتبهم فين علشان يتفشخروا قدام الناس ويتباهوا إنهم راحوا للمكان وللأسم الفلاني.

وأطلقت تنهيدة طويلة ثم أكملت مهددة إياها بإشارة من سبابتها: لأخرة مرة هنبهك وهقول لك حطي عقلك في راسك وإعقلي يا إيناس،
وأكملت بنبرة هادئة كي تهدئ من غضبها: إهدي خالص وحاولي تكتمي غيظك وغضبك جواكي علشان ما تخسريش كل حاجة في لحظة غباء منك
زفرت إيناس بضيق وتحدثت: خلاص يا ماما فهمت، إتفضلي بقا إطلعي برة، عاوزة أقعد لوحدي.

أومأت لها بتفهم وبالفعل خرجت لتجلس بصحبة زوجها ضعيف الشخصية، وجلست إيناس تعيد حساباتها من جديد لتتماشي مع الوضع الحالي.

داخل منزل زيدان
مازالت جميع نساء العائلة مجتمعات منتظرات إنتهاء إحتفال الرجال بالخارج
وبدون مقدمات شعرت بألم حاد يهاجم جانبها الأيسر بشراسه فتأوهت بخفة وهي تمسك جانبها بيدها، لاحظت ورد تغير ملامح وجة صغيرتها فسألتها متلهفة: مالك يا بتي؟
أجابتها صفا بملامح وجه منقبضة متألمة: معرفاش يا أما، لجيت چنبي وچعني مرة واحده إكدة.

تحدثت نجاة بنبرة صادقة: الله أكبر، محسودة يا نضري، دي عين الحريم اللي تندب فيها رصاصة يا دكتورة
لوت فايقة فاهها وتحدثت بنبرة تهكمية: والحريم هيحسدوها على ايه إن شاء الله؟
محدش حلو غيرها إياك
وأكملت بتفاخر وكبرياء وهي تنظر إلى إبنتها المجاورة لها: هتاجي أيه هي في ليلي بتي ليلة حنتها ولا ليلة دخلتها.

أطلقت صباح ضحكة تهكمية وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: جال على رأي المثل، خنفسة شافت ولادها على الحيط جالت ده لولي ملضوم في خيط
اطلقت علية وصباح ضحكاتهم الساخرة وأستشاطت كل من فايقة وليلي التي تحدثت بنبرة حاده غاضبة: تجصدي ايه بحديتك ده يا عمه؟
ردت عليها فايقة بنبرة تهكمية وهي تتبادل النظر بين صباح وعليه بحقد: عمتك تجصد إن أني الخنفسة وإنتي بتها يا نن عين أمك.

ونظرت لها متسائلة بنبرة غاضبة: مش إكده بردك ولا أني غلطانه يا عمه صباح؟
كادت صباح ترد لولا إستماعهم للتي أطلقت صرخاتها بتألم قائلة: ااااااااه، چنبي هيموتني يا أما
وقفن الجميع وبتن تتحركن بهرج ومرج بإتجاه تلك المتألمة عدا فايقة وليلي التي وقفتا تتابعان الوضع من بعيد دون أدني إهتمام
وتحدثت الجدة بهلع: مالك يا دكتورة؟
أجابتها بصراخ وهي تعتصر جانبها بكف يدها: هموت يا چدة، نار جايدة في چنبي.

تحدثت ورد وهي تلتقط هاتفها المحمول سريع وتضغط على ازرته: أني هكلم أبوكي لجل ما يشيع يچيب لك حكيم حالا
قاطعتها صفا بإشارة من يدها وتحدثت بتوجه تحت غضب ليلي وغيرتها: كلمي يزن يا أما، دكتور ياسر أكيد وياه بره.

أومات لها وبالفعل هاتفت يزن الذي أسرع إلى ياسر ودلف به للداخل سريع، لمحه قاسم الجالس بجانب عدنان وأستشاط داخله حين ظن أن يزن دلف للداخل كي يهنئ صفا، ولكن ما شغل باله أكثر هو ذلك الشخص الغريب الذي لم يتعرف عليه لعدم لقائهما من ذي قبل.

داخل الغرفة المتواجدة بها صفا، كانت تجلس فوق التخت متألمة تجاورها الجلوس رسمية التي إرتسم الهلع فوق معالم وجهها رعب على غاليتها وصغيرة ولدها، ويقف ياسر يتابع الكشف عليها بإهتمام بعدما أبدلت ثيابها بأخري محتشمة تناسب الشرع والعرف
تساءلت الجده بإهتمام: خير يا ولدي، صفا مالها؟

أجابها ياسر بملامح ثابته مطمئن إياها: إطمني يا أمي، دكتورة صفا بخير، هي بس يظهر إنها متوترة شوية وما ارتاحتش ولا نامت من الصبح، فالتوتر عمل لها تهيج شديد في القولون العصبي
ضيقت ورد عيناها وتساءلت مستفسرة بهلع: قولون ايه يا دكتور اللي عتتحدت عنيه، بتي بتشتكي من چنبها وأني خايفه لاقدر الله ليكون المصران الأعور.

أجابها بإبتسامة هادئة: متقلقيش حضرتك، الأعراض اللي عند الدكتورة صفا ملهاش علاقة نهائي بإلتهاب الزايدة الدودية
وأكمل مفسرا: ولعلم حضرتك القولون لما بيلتهب بيأثر على الجنبين أول حاجة
تحدثت صفا متألمة: أرچوك يا دكتور ياسر تديني أي حاچة بسرعة، مش جادرة أتحمل الألم.

تحدث إليها وهو يخرج إبرة مسكنه من الحقيبة الخاصة بعملة كطبيب والتي كانت بالسيارة المصطفه خارج القصر وجلبها له يزن بطلب منه بعدما رأي حالة صفا: حالا هديكي إبرة عضل وهترتاحي بعدها على طول
قاطعة إقتحام ذاك الثائر للغرفة و الذي تحدث بنبرة ساخطة بعدما إستمع لجملته الاخيرة قائلا بلكنة قاهرية: طب ينفع كدة تغامر بإيدك وهي كل راس مالك يا دكتور
حول بصره لذاك الغاضب وتسائل بعدم فهم: حضرتك بتكلمني أنا؟

تحرك إلية وشد قامته واقف بشموخ كالجبل وتحدث بفحيح وهو يلتقط من بين يده تلك الإبرة قائلا بعيون تطلق شزرا: وهو فيه حد غيرك هنا بيتعدي حدودة وببحط نفسة قدام القطر
ثم نظر لتلك المرتعبه التي إنكمشت على حالها من دلوف ذاك المتهور وأردف قائلا بغيظ من بين أسنانه بطريقة تهكمية وهو يشير لها بتلك الإبرة التي بيدة: هريحك أنا، متخافيش
قطب ياسر جبينه وتحدث بإستغراب وهو ينظر للإبرة: أيه اللي إنت عملته ده يا أستاذ.

وأكمل وهو يبسط كف يده إلية بلهجة حادة: إديني الحقنه من فضلك علشان أحقن بيها المريضة
إقترب منه أكثر وأصبح أمام وجهه مباشرة ينظر إليه بمعالم وجه منكمشة تنم عن مدي غضبه وتفوة بتوعد: إنت شكلك مصر على فقدانك لأهم طرف في جسمك برغم إني حظرتك وده مش علشانك
واسترسل نافيا يهز رأسه: خاااالص، أنا كل اللي عامل حسابهم هما المرضي المساكين اللي محتاجين إيدك الحلوة دي علشان تكشف عليهم وتزيل عنهم الأوجاع.

وأكمل بنظرة حارقة كادت أن تشعل ذاك الياسر من حدتها: والوقت إطلع برة من غير مطرود وحالا
تحدثت ورد بإعتراض: والحقنه يا قاسم؟
وبسرعة البرق حول بصره لزوجة عمه ورمقها بنظرة مشتعلة وتحدث ناهرا إياها: مرااات عمي
إنكمشت ورد على حالها ونظرت رسمية إلى قاسم بشموخ وكبرياء وسعادة.

ثم أعاد النظر لذاك الواقف الذي إرتعب من نظرته وبسرعة البرق كان يلملم أشيائه داخل الحقيبة وتحدث إلى صفا متحمحم بنبرة خجلة: أنا هكتب لك على نوع برشام هتاخدي منه حبتين مع الحقنة وهتبقي كويسه
واكمل وهو يحمل حقيبته ويتجه ناحية الباب: وانا هبعت لك ممرضه من الصيدلية حالا تديكي الحقنه
قاطعه قاسم بنبرة حادة: متشغلش بالك إنت، أنا هديها لها
إعتصر ياسر قبضة يده حتى برزت عروقة غضب وخرج صافقا الباب خلفه.

واخيرا ظهر صوتها المعترض وهي تنظر له وتحدثت بإعتراض: تديهالي إنت كيف يعني؟
حول بصرة إليها ورمقها بنظرة مشتعله وتحدث بنبرة تهكمية بلكنته الصعيدية: دالوك بس طلع لك صوت وبتعترضي، كان فين لسانك ده من شوي وإنت سامعه البية وشيفاه ببجهز الحقنه وعاوز يديهالك في...
وصمت غاضب وأسترسل حديثه بنبرة تهديدية: على العموم مش وجته، بعدين، الحساب يچمع يا دكتورة.

وتحدث وهو يمسك الإبرة أمرا إياها: إتعدلي يلا علشان اديكي الحقنه
تساءلت الجدة بإستفهام: هو أنت بتعرف تدي إبر يا قاسم؟
اجابها بهدوء: ايوا يا چده، وأني في الكلية أخدت دورة إسعافات أوليه واتعلمت ادي إبر وأعمل تنفس صناعي
تحدثت صفا رافضة بإعتراض وهي تصرخ متألمة: طلعيه برة يا أماي وإندهي لي عفاف الممرضه تديني الحقنه بسرعة، همووووووت
أجابها وهو يجز على أسنانه: عفاف عفاف. ، إنت الخسرانه.

رمقته بنظرة حارقة وخرجت ورد سريع كي تبعث لعفاف قابلها يزن الذي بالفعل قد اتي بها ودلفت للداخل وأعطتها الإبرة بعد إصرار صفا على خروج قاسم من الغرفة، وبعدها إستكانت ملامحها وهدأت حين زال الألم وتلاشي
أما بخارج الغرفة
وقف قاسم ينظر بوجه يزن بمعالم وجه محتقنة بالغضب وتحدث بحدة: إنت كيف تتچرأ وتچيب الدكتور وتدخله على مرتي من غير ما تديني خبر؟

أجابه بمجابهه: كنت عاوزني أروح أخد إذنك إياك وأسيبها بتصرخ من الوچع
إنكمشت معالم وجهه بالغضب وهتف بحدة و وعيد: أني جولت لك من إشوي، وبعيدها عليك تاني لجل العشرة والجرابة اللي بيناتنا، إبعد عن مرتي وإتجي شري يا يزن، وإلا قسما برب العزة مهعمل حساب لأي حاچة بعد إكدة وهتشوف مني وش مكنتش أحبك تشوفه واصل.

تحركت إليهما ليلي وتوسطت وقفتهما وتساءلت وهي تنظر على حدة وجوههم: فيه أيه يا قاسم، مالك إنت ويزن واجفين لبعض كيف الديوك إكدة؟
أجابها قاسم وهو ينظر داخل أعين يزن بحدة: مفيش حاچة يا ليلي، كنت بجول ليزن يخلي باله من نفسة أصلة غالي على جوي وحياته تهمني.

ورمقه بنظرة حارقة وتحرك بإتجاة الباب ودقه بعدما خرجت الممرضة ودلف للداخل وأغلق الباب خلفة وتحدث بهدوء إلى جدته و ورد وعماته وجميع الموجودات حول صفا: بعد إذن الچميع، عاوز صفا في كلمتين على إنفراد
إرتعبت اوصالها وانتفض جسدها رعب من هيأته المستشاطة
وتحمحم الجميع وتحدثت الجده بعدما إطمأنت على صفا: وماله يا ولدي، مرتك ومن حجك تجعد وياها لحالك وتطمن عليها.

ثم وجهت حديثها للجميع بأمر وهي تتحرك من فوق التخت: يلا بينا منك ليها
وبالفعل خرج الجميع وتحرك ذلك الغاضب إليها ومال بجزعه مقترب عليها وتحدث بحدة: أول وأخر مرة أشوف المسخرة اللي حصلت إنهاردة دي، وإلا متلوميش غير حالك من اللي هيچري لك مني
وأكمل متهكم: يعني لولا دخلت بالصدفة الهانم كانت كشفت چسمها جدام راچل غريب عادي چدا وبدون أي خجل.

واسترسل حديثه ملقيا عليها التهم بعيون تطلق شزرا من شدة غيرته المجنونة: للدرچة دي چسمك رخيص عليك ومعندكيش حياء واصل؟
إتسعت عيناها بذهول وملامح مصدومة أثر حديثه وبلحظة تحولت إلى نظرات عدائية، وأشتعل داخلها غضب من إلصاقه إياها للتهم وتحدثت بحده بالغه: على أي أساس بنيت حكمك إني كنت هسمح له يديني الحجنه؟

وأكملت مبررت: بغض النظر عن إنه وضع عادي وطبيعي لو كنت سمحت له يديني الحجنه بصفته دكتور وچاي يعالچني، خصوصا في ظل حالتي وألمي المبرح اللي كنت حاسه بيه وجتها
بس برغم إكدة عمري ما كنت هسمح له تعرف ليه؟
نظر لها يترقب حديثها فهتفت هي بحدة: لان خچلي وحيائي اللي إتهمتني من إشوي إنهم معدومين عندي هما اللي كانوا هيمنعوني.

وبلحظة قطعت حديثها ودقتت النظر بعيناه وكأنها تذكرت شئ كان غائب عنها: ثم تعالي إهني يا استاذ، إنت بأي صفه واجف تحاكمني وسامح لنفسك تكلمني بالشكل المهين دي؟
أجابها بنبرة جامدة متهكمة: يمكن بصفتي چوز الهانم مثلا!
إشتعلت عيناها وتحدثت إليه بنبرة حادة مذكرة إياه بإتفاقهما: على الورج، چوزي على الورج يا متر متنساش، يعني مش من حجك تجف تتأمر وتحاسبني إكدة.

وأزاحت عنه بصرها وتحدثت بإسلوب حاد: ودالوك ياريت تطلع برة لاني تعبانه و واخده حجنة مسكنه والمفروض إني أنام وأرتاح لجل ما تجيب مفعول زين
إشتعل داخله وأقترب من وجهها وتحدث بفحيح بنبرة غاضبة وعيون مشتعلة: جولت لك جبل سابج إن لسانك طويل وعايز جطعة، وأكمل بوعيد: بس ملحوجة يا بت زيدان.

أجابته بنبرة حادة ورأس شامخ مرتفع: وأني جولت لك جبل سابج، لساته متخلجش اللي يهددني ويخوفني، و لساتك متعرفش بت زيدان زين يا متر
رمقها بنظرة حارقة وتحرك للخارج بقلب يغلي صافقا الباب بشدة زلزات جدران الغرفة بأكملها
نظرت على طيفه وبلحظه إنهار جبل الجليد التي كانت تتحامي خلفه بجمود ورمت حالها على وسادتها وسمحت لدموعها الإنسياب كي تريح صدرها الذي إمتلئ بالهموم والوجع ولم يعد لديه التحمل بعد.
مرت الليلة على صفا بصعوبة شديدة، حتى أنها لم تتذوق بها طعم النوم إلا سويعات قليلة وذلك من شدة حزنها مما هي اتية علية، وكلما خانها شعورها وأتجه بها ساحب مشاعرها إلى عالم الأحلام لتنعم داخله وتسرح في تخيل إقتراب ليلتها مع فارس أحلامها التي طالما إنتظرته ليأتيها على حصانه الأبيض تستفيق على صفعة قوية من واقعها المرير حين تتذكر حديثه معها عندما أخبرها أنه كان مجبرا لتحمل تلك الخطبة كي ينأي بحالة في الأخير من تلك الزيجة الغير مرغوب بها من ناحيته، تنكمش معالم وجهها وتنقبض معدتها وتتقلص.

ظلت على هذا الوضع طيلة الليل ولم تغفي إلا القيل من السويعات وبعدما فشلت بالعودة إلى ان تغفو وتريح جسدها وقفت وحسمت أمرها إلى النزول للأسفل حيث تواجد الجميع
نزلت تتدلي من أعلي الدرج وجدت المنزل يأج بالأقرباء الذين اتوا باكرا كي يعرضوا على ورد المساعدة في التحضير إلى ليلة الدخله والوقوف بجانبها في ذاك اليوم المهم بالنسبة لكل أم.

إستمعت إلى صوت والدها يصدح من غرفة الطعام فساقتها أرجلها إليه وجدته يجلس هو وشقيقتيه ووالدته وشقيقه منتصر يلتفون حول مائدة الطعام ويتناولون فطورهم بنفوس راضية وجو عائلي يملؤة الدفئ والحنان
إشتدت سعادتها حين رأت والدها يجلس بجانب والدته ويتحدثان بحميمية و وجوة مبتسمة وانسجام تام، فتيقنت حينها رضا جدتها على والدها ورجوع علاقتهما كسابق عهدها.

تحدثت عمتها صباح حين لمحتها: يا صباح الفل على جمر النعمانية، جربي يا عروسة
إبتسمت إلى عمتها وتحركت بسعادة ووجه ملائكي كشمس أشرقت على المكان في يوم شتوى شديد الصقيع وسطعت بكل أرجاءه فأنارته وأدفأت أركانه الباردة
فتحدثت وهي تميل بجذعها على مقدمة رأس جدتها وتقبلها بدلال: وأني اجول البيت زايد نورة بزيادة إنهاردة ليه، أتاري ست الكل منوراه بطلتها البهية.

إبتسمت لها وتحدثت وهي تربت على يدها الموضوعه فوق كتفها بحنان: طول عمرك وإنت محدش يعرف يغلبك بالكلام يا بت زيدان
إبتسمت لها و أردفت قائله بدلال: طالعة شاطرة كيف چدتي الحاچة رسمية
في حين تحدثت صباح بنبرة حماسية: چدتك جامت من الفجرية لچل ما تاچي تجف مع أمك وهي بتجهز لك الوكل بتاع دخلتك، ولچل ورد متحسش إنها لوحدها في يوم زي دي.

وأكملت عليه بنبرة دعابية وهي تنظر إلى زيدان المبتسم: إنت بيخيل عليكي الحديت دي بردك يا صباح، أمك عملتها حجة لچل ما تاچي تجعد چنب دلوع عينها اللصغير ويرچعوا الماضي اللي كان
ضحك الجميع وتحدثت رسمية وهي تنهرها: إتحشمي يا عليه وخلصي وكلك إنت وأختك وإطلعوا شوفوا مرت أخوكم تلاجيها محتاسة لوحديها في المطبخ
تحدثت بإمتنان وهي تتبادل النظر بين جدتها وعماتها: ربنا يبارك لي في عمركم وما يحرمني منكم أبدا.

ثم حولت بصرها إلى عمها وتحدثت بترحاب: كيفك يا عمي
اجابها ببشاشة وجه قائلا بإطمئنان: الحمدلله يا بتي، كيف صحتك دالوك؟
أجابته بشكر: الحمدلله بخير
ثم جلست بجانب والدها الذي نظر إليها وتساءل بحنان: كيفك دالوك يا جلبي
أجابته إبتسامتها وأردفت لتطمانته وهي تقبل يده: بخير الحمدلله يا أبوي
تحدثت علية وهي تشير إليها إلى الطعام: يلا افطري يا صفا لچل ما تاخدي علاچك عشان ما يحصلكيش كيف اللي حصل لك إمبارح.

هزت رأسها بنفي قائلة: مجدراش يا عمه، مليش نفس للوكل
نظرت لها الجدة وتحدثت بإصرار: كلام إيه دي يا عروسه، لازمن تاكلي لچل ما تصلبي طولك وتتجوي، لساته اليوم طويل ومحتاچ منيكي الجوة
أومأت لها برأسها وبدأت بتناول الطعام متغصبة على حالها لأجل إرضاء أحبائها.

وباتت تتحدث بمرح كعادتها وتفرق الإبتسامات على وجوة الجميع برغم ألمها المميت الساكن روحها بسبب إتمام زيجتها التي حلمت بها كثيرا ولكنها لم تأتي كما تمنتها، إحتفظت بحزنها لحالها كي لا تحزن قلوب أحبائها الغوالي وبالاخص والدها الحبيب و والدتها الحنون
تلفتت حولها وتساءلت مستفسرة: أومال فين أمي؟
أجابتها عليه: أمك مع حريم العيله بيچهزوا وكل ليلتك يا عروسه،.

فأكملت صباح بنبرة فخورة: أما اني حشيت لك شوية حمام بالفريك يا دكتورة، هتاكلي صوابع يدك وراهم إنت وقاسم
إبتسمت لها بيأس حين تذكرت إتفاقها مع حبيبها ومتيم روحها ورسمت بخيالها السيناريو لليلة دخلتها البائسة
وجهت الجدة حديثها إلى صفا قائله بإستفسار: الست بتاعت الزواج والحريم اللي وياها دول صحيوا يا صفا؟

اطلقت صفا ضحكة لم تتمالك من كظمها وسريع إستطاعت التحكم بها وأردفت مصححة لجدتها: إسمها ميكب أرتست يا چدتي، والبنات اللي وياها دول يبجو الفريج المساعد ليها
واكملت بنبرة جادة: على العموم هما لساتهم نايمين لدلوك
ضحكت الچدة بشدة على غير عادتها حتى تبين صف أسنانها وتحدثت بنبرة ساخرة: فريج مساعد ليه إن شاء الله، تكونش فاكرة حالها دكتورة إياك؟!
ضحك الجميع ثم تحدثت متسائلة زيدان: ألا لجيتها فين دي يا زيدان؟

أجابها بهدوء: ده علام بيه المصدر بتاع الفواكه اللي بتعامل وياه هو اللي دلني عليها لما عرف إن صفا هتتچوز، جال لي إن مرته بتتعامل وياها وإنها شاطرة زين في زواج الحريم
ثم وجه حديثه إلى صباح قائلا بإهتمام: جومي حضرلهم فطور زين يا صباح، ولو ناجص حاچة جولي لي أبعت أچيبها من برة
أجابته بهتاف ووجه سعيد: خير ربنا كتير يا خوي، المطبخ مليان من خيرات الله وكله فضلة خيرك يا حبيبي،.

وتحدثت وهي تضع أصبع يدها على مقدمة رأسها بتفكر: أني هحط لهم طاجن ورج عنب وصنية رجاج باللحمة المفرومة، وطاجن لحمة بالبصل على كام چوز حمام محشي فريك
ضحك زيدان ساخرا حين فتحت صفا فاهها بذهول وتحدثت: شكلك ناوية تخليهم يجضوا ليلتهم في المستشفي يا عمه
نظرت لها صباح بعدم إستيعاب واكملت صفا مفسرة: الناس دي كتيرها تفطر عسل ومربي وعيش توست، تجومي إنت بجبروتك تفطريهم رجاج و ورج عنب وكمان حمام محشي.

ضحك الجميع وتحدثت رسمية إلى إبنتها بتوجيه: جومي خلي حسن وخضرة يسيبوا اللي في يدهم ويعجنوا كام فطيرة مشلتته ويخبرزوهم جوام جبل ما الضيوف يصحوا، وحطي لهم عسل وبيض مدحرج ومربي وچبنة
أومأت لها وتحركت للخارج حين أمسك زيدان كف يد والدته وقبله بحنان وتحدث إليها بعيون تغمرها حنانا: ربنا يخليكي ليا يا أما وميحرمنيش من رضاكي عليا ولا من دخلة بيتي.

إبتسمت لسعادته وربتت على كتفه ثم مسحت على شعره بحنان تحت سعادته وصفا ومنتصر الهائلة
في تلك الأثناء، دلفت إليهم مريم وهي تحمل صغيرتها بعدما انتوت الإندماج مع صفا وفتح صفحة جديدة معها
تحدثت بوجه بشوش برئ: صباح الخير
إلتفت صفا لمصدر الصوت لتنظر إليها وأبتسمت بسعادة حين تحدث زيدان بنبرة سعيدة: صباح النور يا بتي، وأكمل وهو يشير إلى سفرة الطعام ليدعوها للإنضمام: تعالي افطري ويانا.

تحركت إليهم حين تحدثت عليه بوجه سعيد: هاتي چميلة إشيلها عنيك لجل ما تفطري براحتك يا مريم
وبالفعل حملت الطفلة وباتت تنثرها بالقبلات
بسطت الجدة ذراعيها وتحدثت بإبتسامة حانية: هاتي چميلة أشيلها أني يا علية وإنت روحي لعند مرت أخوك شوفوا عتعملوا إيه
في حين جلست مريم بالمقعد المجاور لصفا التي تحدثت بنبرة سعيدة: مدي يدك يا مريم لجل ما نفتح نفس بعض على الوكل.

إبتسمت لها وبدأتا بتناول طعامهما تحت حديثهما الشيق وضحكاتهما مع والديهما وجدتهما.

داخل شقة رفعت عبدالدايم
كان يجاور زوجته الجلوس بأريكة الصالة يتناولون مشروب القهوة، تفاجأوا بخروجها وهي ترتدي ثياب فخمة وتضع
مساحيق فوق وجهها مبالغ بها، ويبدوا عليها إنتواء الخروج،
تعجبا من حالتها وخصوصا علمهما بأن قاسم قد أغلق المكتب ومنح جميع الموظفين إجازة وذلك لعدم تواجده هو وعدنان المتواجد معه بسوهاج بحكم انه صديقه المقرب، ولعدم إنهاكها بالعمل لحالها وهي في تلك الظروف النفسية.

دقق رفعت النظر إليها وأردف قائلا بتساءل: لابسه ومتشيكة أوي كده ورايحه على فين يا إيناس؟
وأكمل بإستفهام: ثم انت أيه اللي مصحيكي بدري كده، مش المفروض إنهاردة المكتب أجازة؟
أجابته بهدوء وثبات إنفعالي وهي تهندم من ثيابها: مسافرة سوهاج يا بابا.

صدح صوت تهشيم زجاج وذلك نتيجة إنزلاق فنجان القهوه من يد كوثر التي إتسعت حدقة عيناها وأنتفضت واقفة من جلستها هاتفة بحده: الظاهر كدة إن جواز قاسم من بنت عمه جننك وخلاكي فقدتي إتزانك خلاص، سوهاج ايه اللي عاوزة تسافريها يا مجنونه، ده إنت لو قاصدة تخلي قاسم يفسخ الخطوبة ويسيبك مش هتعملي كدة.

أجابتها بثقة: وقاسم يسيبني ليه، أنا هروح أحضر الفرح زيي زي عدنان بالظبط، واكملت بملامح وجه جامدة: وأظن إن ده وضع طبيعي بحكم إني زميلته في المكتب
رمقتها والدتها بنظرات تتطاير منها الشرار
أما رفعت الذي تحدث بإعتراض هادئ كشخصيته: عيب يا بنتي كدة، مينفعش اللي بتعملية ده، يعني أيه تسافري لوحدك وكمان من غير إذني ولا إذن خطيبك.

وبنبرة حادة تحدثت إليها كوثر بطريقة أمرة: إخزي الشيطان يا إيناس وأدخلي على أوضتك وبطلي بقا الجنان والعند اللي إنت فيهم ده
وأكملت بإطراء كي تبث الثقة داخل نفس إبنتها وتعيد لها غرورها كي تهدأ وتعي على حالها: الضعف والغيرة مش لايقين على إيناس عبدالدايم المحامية الشاطرة اللي إسمها بيهز قاعات المحاكم.

وكأنها بتلك الكلمات قد نهرتها على وجهها بصفعة قوية أعادتها للواقع، رفعت قامتها للأعلى بغرور وتحدثت: أنا اسفه يا ماما إني خيبت ظنك فيا بأفعالي اللامحسوبة سواء إمبارح أو إنهاردة، وأكملت بوعد وكبرياء: و أوعدك إن دي هتكون أخر مرة تشوفيني فيها ضعيفة بالشكل ده
إبتسمت لها كوثر بإستحسان، وأدارت هي ظهرها متجهه إلى غرفتها من جديد.

اما ذاك المغلوب على أمرة فضرب كف فوق الاخر وجلس من جديد قائلا بهوان: لا حول ولاقوة إلا بالله.

عصرا
خرج زيدان من غرفته بعدما إرتدي جلبابه الصعيدي و لف عمامته ناصعة البياض فوق رأسه ثم وضع على كتفه عبائتة الصوف الإنجليزي الفخمة،
وجد من تتحرك إليه بخطوات أنثوية قائلة بدلال ونبرة رقيقة للغاية: تؤبرني شو جذاب ستايلك، بعئد زيدان بيك، من قلبي بهنيك عهالذوق العالي بإختيارك للألوان وتنسيقا، يغزي العين عنك اللي بيشوفك بقول خيى للعروس مانك بيا.

إبتسم لها وتحدث شاكرا على مجاملتها: تسلمي يا مدام لينا وأشكرك على المچاملة الحلوة دي
أجابته بنبرة حماسية صادقة ونبرة جادة وذلك من وجهة نظرها كإمرأة تهتم بمجال الشياكة والاناقة وتعمل بهما: بس هيدي مانا مچاملة مسيو زيدان، انا عم إحكي جد
وأكملت بإعجاب بريئ: عن جد بهنيك على إستايلك وإهتمامك بلياقتك لحتي تطلع بهالچسمك الرياضي اللي كتير بعئد، يعني ماشالله عليك شخصية وشبوبية.

و وجهت بنصيحة له من حيث موقع عملها: بدي إياك تضلك هيك، تهتم بحالك وما تهمل چسمك لتضلك مهضوم وجذاب والعمر ما يبين عوچك وتضل الصبايا تلحقك من مطرح لمطرح
قهقه عاليا بسعادة ولكنها إختفت سريع حين إستمع إلى صوت تلك الغاضبة التي صدح من خلفه لتتحدث قائله بنبرة حادة: واجف عنديك بتعمل أيه يا عم الشباب؟

إبتلع لعابه لعلمه غيرتها الشديدة عليه والتي وبالتأكيد لن تجعل ذلك الموقف يمر مرور الكرام، إلتف إليها ينظر لها بعيون مرتعبه رغم محاولاته المستميته بالثبات
وتحدث بنبرة مرتبكة مزيفة: مفيش يا ورد، اني كنت بوصي مدام لينا عليكي لچل ما تهتم بيك وتبجي زينة الليلة يا أم العروسة،
وأكمل بحديث ذات مغزي: كنت بجولها تتوصا بيكي في الحمام المغربي.

رمقتة بنظرة حارقة وتحدثت بغضب: وأني كت محتاچه لزواج المدام لجل ما أبجا زينة في عينك إياك؟
إبتلع لعابه من شدة غضب تلك المتمردة وكاد أن يتحدث سبقته لينا التي وجهت إليها الحديث بنبرة حماسية في محاولة منها بتهدأت الأجواء: مسيو زيدان أكيد ما بيقصد الشي يا اللي فهمتية حياتي،
واسترسلت حديثها بإطراء: ماشالله عنك وچك وبشرتك كتير رايقين وبياخدوا العقل، وما بتحتاچي إلا شوية روتوش.

رفعت حاجب وأنزلت الاخر ثم تحدثت إليها بنبرة ساخرة: وإنت بجا يا مهشكة اللي هتجولي لي چوزي يجصد يجول لي أيه؟
تحدثت لينا بنبرة خجلة بعدما إستشفت غضبها ونبرة السخرية من حديثها فأردفت بإحراج: بعتذر منك مدام عتداخلي وأكيد ما كنت بقصد هيك شي، بعد إذنكن
وتحركت منسحبه للأعلي في طريقها إلى غرفة العروس لتبدأ في تجهيزها بالحمام المغربي المعتاد للعرائس في هكذا يوم.

حزن زيدان ورمقها بنظرة ملامة، أما هي فبادلته إياها بنظرة حارقة وتحركت من أمامة دالفة لغرفتهما سويا وأغلقت بابها بشدة حتى ان بابها كاد أن يخلع،
إستشاط داخله من أفعالها المجنونة وتحرك مقتحما عليها غرفتها وجدها تجوب الغرفة إيابا وذهابا والغضب يكتسي ملامحها، وقف مقابلا لها وتحدث بحدة: إية اللي عملتيه مع الست برة دي يا مجنونة انت.

هتفت بنبرة حادة وتحدثت مقلدة صوت لينا: وعاوزني أعاملها كيف إن شاء الله يا مسيو زيدان
عيب يا ورد، ده أنت بت أصول ودي مهما كانت ضيفتك و واچب عليكي إكرامها ومعاملتها زين، كانت تلك كلمات قالها لها زيدان كي يكسب ودها ويجعلها تعود إلى عقلها من جديد
تحدثت إليه بصياح ومازال الغضب يسيطر على ملامحها: ضيفة؟
وهي الضيفة بردك بتوجف تتمايص على رچالة البيت وتچلع عليهم وتجولوا چسمك حلو ولبسك ابصر ايه؟

قهقه عاليا وأرجع رأسه للخلف وتحدث إليها بعدما إستطاع التحكم بقهقهاته: وهو ده بجا اللي مزعلك وخلي چنانك يطلع عليا وعلى المسكينة دي. ، واكمل حديثه: إفهمي يا حبيبتي، الست بتتكلم في إختصاص شغلها وبتجول رأيها في لبسي
أردفت قائلة بنبرة حادة: وحديتها الماسخ عن چسمك وجمالة ده بردك من إختصاص شغلها يا راچل يا بچح يا أبو عين زايغة.

وأقتربت منه وخبطت بكف يدها فوق بطنه بحدة بالغة جعلته يتراجع للخلف سريع كي يتفادي خبطاتها الغاضبة وكظم تأوهاته من شدة تألمة
وتحدثت هي بنبرة ساخرة: ومن بجاحتك واجف مبسوط وعاچبك مساختها عليك وشافط لي كرشك شبرين لچوة لچل ما تجول لك تؤبرني مسيو زيدان
إنفجر ضاحك بشكل هيستيري على طريقة غضبها وتعبيرات وجهها الساخرة التي تدعو للضحك تحت غضبها الكبير من قهقهاته العالية.

تمالك من ضحكاته وأقترب منها وامسك يدها وتحدث بغمزة من عيناه: للدرچة دي عتحبيني يا ورد ولساتك بتغيري على زيدان زي اللول
جذبت كف يدها من بين راحته بعنف ثم رمقته بنظرة حارقة وتحدثت بنبرة حادة للغاية تنم عن مدي إشتعال روحها: إبعد يدك عني وبطل شغل التلات ورجات بتاعك ده يا أبن النعماني، حديتك المدهون دي مهياكلش معاي دالوك
وأكملت بحده: روح أدهن بيه النواعم بتاعتك اللي كت واجف معاها من إشوي يا بتاع لينا.

إقترب عليها من جديد وجذبها بقوة ليحيط خصرها بساعدية القويتان ويشبك كفيه أسفل ظهرها في حركة مقيدة لحركتها، باتت تفرك بعنف محاولة الفكاك منه ولكن هيهات، فمن أين الخلاص من قبضة ذلك العاشق الحديدية
هتفت بنبرة عصبية وهي تتلوي بجسدها في محاولة منها بالفكاك: سيبني يا زيدان.

أسيبك كيف وإنت روح زيدان وعجلة، جملة قالها زيدان ببحة بنبرة عاشقة إبتلعت جرائها لعابها و أهتز قلبها، و أكثر ما جعلها تستكين بين ساعدية وتهدأ هي نظرة عيناه الصادقة التي تنطق عشق فاذابتها
فتحدث هو بعيون تصرخ عشق: وبعدهالك عاد يا بت الرچايبة، ناوية تضيعي لي ليلتي اللي برتب لها من شهر إياك
تساءلت متمنعة: ليلة أية دي كمان إن شاء الله.

أجابها بنظرة وقحة: ليلتك يا أم العروسة، تكونيش مفكرة إني جايب لك مدام لينا لحد إهني وموصيها على الحمام المغربي والمساچ علشان ندخلوا بنتك وناجي ننام إياك؟
إبتسمت له ومالت بوجهها للأسفل خجلا مما أسعدة وتأكد حينها أنها وأخيرا قد عفت عنه فاقترب اكثر وبات يقبلها تحت سعادتها وعودة الهدوء إلى قلبها العاشق من جديد.

بعد مرور عدة دقائق تحدث إليها بدعابة كي يعيدها إلى طبيعتها: يلا إطلعي وإتأسفي عاد للولية بدل ما تنتجم منك وتحط لك حاچة في ماية الحمام المغربي تسلخ لك بيها چلدك، وبدل ما نحتفل بالليلة نجضيها عويل وكريم تسلخات
إنفجرت ضاحكة بشدة حتى أدمعت عيناها تحت سعادته.

أما داخل غرفة قاسم بعد الظهيرة
كان يغفو بثبات عميق من شدة أرقه الذي أصابه طيلة الإسبوع المنصرم حيث أنه لم يتذوق للنوم طعم بسبب شعورة بالإهانه بعد معاملة جده له وتوبيخه أمام صفا وإجبارة على إتمام زيجته بها
فتح عيناه رويدا رويدا وبدأ بالإستفاقة، مد ذراعيه وتمطئ بهدوء وهو يتمدد بجسده فوق تلك الأريكة الواسعة.

أخذ يدور ببصره يتفقد غرفته وهنا وقعت عيناه على عدنان الممدد فوق الفراش وحينها تذكر أنه ترك تخته إلى عدنان ليترك له المجال ويجعله يغفو عليه براحه وغفي هو فوق الأريكة المسطحة
سحب جسده لأعلي وجلس وبدأ يسعل مما أيقظ عدنان وبات يتطلع حوله إلى المكان بإستغراب حتى رأي قاسم وتذكر أين هو
جلس هو الاخر وتحدث مبتسم إليه: صباح الخير يا عريس.

إبتسم له ساخرا وأردف قائلا بدعابة: عريس، طب خاف على نفسك بقا لتكون أختك زرعة لك جهاز تصنت في هدومك ولا في شنطتك وتسمعك وتخلي ليلتك ما يعلم بيها إلا ربنا
إنتفض من جلسته وأردف قائلا بدعابة: مش إيناس دي أختي، بس جبارة و تعملها
وقهقه كلاهما ثم نظر له قاسم بجدية موجه الحديث إليه: قوم فوق كده واتوضي وصلي صلاة الضحي علشان ننزل نفطر تحت.

إستمع إليه وبالفعل دلف إلى المرحاض حين تحرك قاسم بدون وعي وكأن ساقيه هي التي تسوقه عنوة عنه و وقف داخل شرفته وبدون إرادة وجد حاله يتلصص على شرفة غرفتها المفتوحه حيث يداعب الهواء بملاطفة ستائرها الشفافه المفرودة والتي جعلت من رؤية الداخل ضبابيه بعض الشئ إلا لمن يدقق النظر جيدا،
لا يدري ما الذي جعله يرفع قامته ويجوب بعيناه داخل غرفتها كي يلمح طيفها، شعر بالأسي حين تأكد من خلو الغرفة.

وبلحظة وعي على حاله وكأنه كان مغيب منساق دون إدراك
تحدث إلى حاله مستغرب: جرا لك أيه يا قاسم، إتچنيت إياك، واجف تراجب بلكونتها وتدور عليها كيف المراهقين لجل ما تشوفها؟
طب ليه وعلشان أيه؟ لا أنت بتحبها ولا هي فارجة معاك
وأكمل بتساؤل لحاله، ولا يكونش الدكر اللي چواتك هو اللي بيحركك لما شفتها إمبارح بشعرها وبالفستان العريان وريلت عليها كيف المراهقين يا حضرة المحامي المحترم.

شد قامته لأعلي و وقف بشموخ وحدث حاله من جديد، أرجع لعجلك يا قاسم وأظبط حالك أومال
وبلحظة إبتسم وتحدث بتناقض لأفكارة، أرجع لعجلي كيف يعني، وحتى لو بفكر فيها كيف ما بتجول، إية المشكلة، هي مش مرتي وحلالي اللي ربنا شرعهولي لجل ما أتمتع بيه
في تلك اللحظة إجتاحه شعور لذيذ ولأول مرة يشعر به طيلة سنواته المنصرمة ولم يجد له تفسيرا.

أخرجه من حالته تلك إستماعه لصوت رنين هاتفه يصدح من خلفه، تحرك إليه وجده أباه الذي حسه على النزول هو وصديقه كي يتناولون إفطارهم والترحاب بالزائرين الذين أتوا من جميع النجوع من حولهم كي يقدموا التهاني والمباركات لحفيد كبير المركز بأكمله
وبالفعل تدلي هو وعدنان بعدما توضأ هو الاخر وقام بأداء صلاة الضحي
دلف لداخل غرفة الطعام وشرعوا بتناول فطارهما المجهز من قبل والدته بإهتمام.

دلفت فايقة إليهم وتحدثت بترحاب عال: يا مرحب يا مرحب يا استاذ عدنان
وقف سريع بإحترام ليبادلها التحية: أهلا وسهلا بحضرتك يا أفندم
إبتسمت إلية وتحدثت معاتبة إياه بملاطفة: يعني ما تاجيش تزورنا غير في المناسبات يا ولدي؟
و أكملت بإبتسامة: أخر مرة شفناك فيها كان على فرح فارس من سنتين
أجابها بإبتسامة خجلة: معلش يا أفندم، ما إنت عارفة الشغل ما بيرحمش.

إبتسمت إليه وتساءلت بتودد: الست الوالدة وعروسة ولدي الأستاذة إيناس أخبارها أي؟
إنتفض قاسم من جلسته كمن لدغه عقرب وأخذ بالسعال الشديد نتيجة توقف الطعام داخل حلقة أثر حديث والدته
إرتعبت بوقفتها واسرعت بإلتقاط كأس الماء الموضوع وناولته سريع إلى ولدها وهي تهتف قائله بنبرة هلعة: إسم الله عليك يا ولدي، إشرب يا نضري.

إلتقط هو كأس الماء من يدها بلهفة وتناوله على جرعة واحده، ثم أخذ نفس عميق وزفرة بشدة وبدأ بتنظيم أنفاسة تحت هلع والدته وعدنان الذي وقف بجانبة يدق على ظهرة بإضطراب
بعد مدة قصيرة هدأ قاسم وبدا على ملامح وجهه الراحة، رمق والدته بنظرات حادة كنظرات الصقر واردف قائلا بنبرة محتقنه بالغضب: اية الكلام الفارغ اللي عتجولية دي يا أما.

أجابته بإبتسامة سمجة: متجلجش جوي إكدة، محدش إهني في السرايا واصل، كلياتهم راحوا من الفجرية لبيت عمك زيدان لجل ما يوجفوا مع مرته، يعني محدش هيسمعنا واصل وإحنا بنتحدتوا
إنتفض من جلسته ورمقها بنظرة حادة وتحدث غاضب لما؟ هو لا يدري: ولو يا أما، الموضوع ده سر بيناتنا وممنوع منعا باتا يتذكر حتى بينك وبين حالك.

تحدثت بنبرة متلبكة وهي تنظر إلى عدنان بخجل من حدة صوت ولدها عليها في حضرته: خلاص يا ولدي، إهدي أومال، محصلش حاجة لدا كله
فاق عدنان على حالة وتحدث بإحراج شديد بعدما رأي خجل فايقة داخل عيناها: بعد إذنكم، أنا هخرج برة في الجنينة علشان أكلم بابا وماما واطمن عليهم
وتحرك للخارج بخطوات سريعة، وجد الحاج عتمان جالسا داخل الفرندا الواسعة ويتحرك إلية زيدان بإصطحاب فتاة جميلة حد الفتنة.

برق عيناه وابتلع لعابه فور رؤيته لتلك الفاتنة التي لم يري لجمالها مثيل من ذي قبل، و أقسم بداخله على أن تلك الساحرة هي أجمل ما رأت عيناه إلى اليوم
أقبل زيدان على والده وأنحني بقامته على يد والده ليقبلها قائلا بإحترام: صباح الخير يا حاج.

أومأ له عتمان بإبتسامة حانية وتحدث إلى تلك التي تقف خلف أبيها وهي تفرك كفي يدها بتلبك وذلك لخجلها منه أنها ومنذ يوم المواجهه وهي تتجاهل تواجدها معه نهائيا حتى انها لم تعد تذهب إلية يوميا في الصباح كالعادة كي تقبل يده لتجعل صباحه خيرا مثلما يقول لها هو دائما
هتف بنبرة صوت جهورية ناظرا إليها بحنان: معتجربيش تسلمي على چدك ولا إية يا صفا، لساتك حاطة الكرامة بيناتنا يا بت زيدان؟

إتسعت حدقة أعين عدنان بذهول حين علم حقيقة شخصيتها وحدث حاله بإستغراب: يا لك من رجل أبله عديم التذوق قاسم، أتستبدل تلك الجميلة بإيناس تلك الغبية المتسلقة عديمة القلب والرحمة؟
نعم شقيقتي وأريد لها كل الخير لكني أتحدث عن حقيقتها المرة وجشع نفسها الذي أراهم بأم أعيني
أما تلك الصفا التي تحركت على خجل وأردفت قائله وهي تميل على كف يد جدها: العفو يا چدي.

فتحدث هو بإبتسامة حانية وأطمئنان: كيف معدتك دالوك، مليحه؟
أجابته بهدوء: الحمدلله يا چدي، بجيت زينة على الإبرة اللي أخدتها ليلة إمبارح
أومأ لها بإبتسامة حين تحدث زيدان بتودد إلى عدنان الذي لمح وجوده الجانبي للتو: جرب يا عدنان يا ولدي، واجف عنديك ليه
إبتسم له وتحرك حتى وقف قبالته وتحدث قائلا بإحترام: صباح الخير يا زيدان بيه
ثم حول بصره إلى صفا وتحدث مهنئ إياها بنبرة صوت هادئة: ألف مبروك يا عروسه.

في تلك الاثناء خرج قاسم من الداخل وجدها تقف بجانب والدها امام صديقه الذي يهنأها وبدورها شكرته بهدوء ووجه مبهم خاليا من أية معالم وذلك لجهلها لشخصيته.

إشتعلت النار مقتحمه جسده بالكامل وغلت الدماء داخل عروقه وخصوصا بعدما رأها بكل ذاك الجمال الخارق وتلك الهالة التي تحيطها لتجعل منها كشمس ساطعة تنير وتجذب الأنظار لكل من يراها، وما شعر بحالة إلا وهو يتجه إليها ممسك بيدها تحت رعشة جسدها وإنتفاضته أثر تلك اللمسة
جاهد حاله بصعوبة بالغة ليتحكم في إخراج نبرات صوته بثبات وهدوء وتحدث بملامح وجة خالية من أية تعبيرات: بعد إذنكم.

وسحبها بهدوء وتحرك بها تحت إستغرابها
وبدون حديث سحبها خلفه مقبض على كف يدها بطريقة عنيفة حتى أن أظافرة غرست في جلد كفها الرقيق ولكنها تحاملت على حالها كي تحافظ على كرامتها ومظهرها أمام الجميع،
وبدأ بالتحرك بخطوات واسعة، تعثرت بخطواتها أثر سرعته وما أن دلفت إلى منزلها واختفت عن أعين جدها و والدها حتى جذبت يدها وأفلتتها من بين راحة يده بعنف.

وتحدثت بنبرة حادة ونظرات غاضبة: بعد يدك عني يا قاسم، أيه، فاكر حالك ساحب جاريتك وراك إياك
أمسك يدها من جديد وتحرك بها داخل تلك الغرفة الجانبية وزجها بعنف ثم اغلق الباب بعد دلوفهما
وألتف لها و تحدث إليها بنبرة حادة وعيون غاضبة متعجبة: يا بجاحتك، وليك عين تتكلمي وتعلي صوتك كمان؟
واكمل بتساؤل به إتهام: ممكن أعرف الهانم أيه اللي موجفها تتحدت وتتمايع جدام الغرب إكدة؟

وأكمل بصياح حاد: والسؤال الأهم هو أيه اللي موديكي هناك أصلا في وسط الرچالة الغرب اللي ماليين الچنينة وبيچهزوا للفرح
إتسعت عيناها بذهول من تأثير حديثه المهين لها ولأخلاقها التي لم تسمح له بالتعدي عليها وهتفت بحدة: خلي بالك من كلامك زين يا واد عمي، ولما تاجي تتكلم عن اخلاج صفا زيدان يبجا تجف مظبوط، عشان الكلام اللي إنت عتجوله ده تطير فيه رجاب.

كز على أسنانة بغيظ وتحدث ليشعل روحها: هو من ناحية إن فيه رجاب هتطير فده شئ مفروغ منية، عشان إكدة لازمن تخلي بالك على رجبتك الحلوة دي زين يا دكتورة
إشتعل داخلها من نبرة التملك والغرور التي يتحدث بها وكادت ان تتحدث لولا دلوف ورد التي أتت أثر صياحهما العالي وأغلقت الباب خلفها سريع خشية من أن يستمع عليهما أحد وتساءلت بإستفهام: أيه اللي حصل يا ولاد للصريخ ده، حسكم چايب لأخر الدنيا.

أجابتها صفا بنبرة غاضبة وهي تشير بيدها على ذلك الغاضب: البية المحترم چاي يحاسبني ويتهمني في اخلاجي علشان روحت مع أبوي لچل ما أصبح على چدي بعد ما چدتي جالت لي إنه كان جلجان عليا طول الليل
وليه وليه سيادته يطلع من چوة يلاجي واحد غريب بيبارك لي جدام أبوي وچدي
كان يستمع لها وكل ذرة بجسده تشتعل غضب من تلك الثرثارة ذات الطابع العنيد التي تقف دائما بوجهه وتعارضة.

تحدثت ورد كي تنهي الأمر: الله أكبر الله أكبر، دي لازمن عين واعرة وصابتكم
وأمسكت ذلك المستشاط من يده: إستهدي بالله يا ولدي، ويلا روح على البيت لجل ما تشوف اللي ناجصك وتوضب حالك
كان يسلط بصره فوق تلك الغاضبة، يرمقها بنظرات حادة حارقة فتحدثت ورد وهي تحسه على الذهاب: يلا أومال يا عريس الله يرضي عليك.

تحدث بحده وهو يرمق تلك الغاضبة بنظرة حادة: أنا هعدي الموضوع وهتغاضي عن كلامها اللي كيف السم ده لجل خاطرك إنت بس يا مرت عمي
اجابته بهدوء لتنهي هذا الجدل الدائر: الله يكرم اصلك يا ولدي
وتحرك هو للخارج عائدا من جديد إلى منزله ليتابع تجهيزاته لليلة عرسه ذات الطابع والظروف العجيبة
أما صفا التي زفرت بضيق وتحدثت بنبرة غاضبه: همجي كيف الثور بالظبط.

فتحدثت إليها ورد بإبتسامة سعيدة: بيغير عليك ومعزور يا ست البنتة، الچدع ممصدجش حاله إن الجمر دي بجت ملكة خلاص
إبتسمت لها بمرارة لعدم علمها لحقيقة الأمر وتحركت للخارج.

بعد مرور أكثر من الساعتان، داخل مطبخ منزل الحاج عتمان
كانت فايقة تشرف على عاملات المنزل وبعض نساء العائلة القليلات وهن يقومن بصنع بعض الأطعمة الخاصة لغداء أهل المنزل وبعض الزائرين المهمين للغاية مثل المحاشي والطواجن الخاصة المميز بها أهل النجع والتي تأخذ مجهودا شاقا ووقت طويلا ولا يستطيع الطهاه اللحاق في صنعها بكميات هائلة لكي تكفي لتلك الأعداد الهائلة المتوافدة من جميع المناطق المجاورة،.

أما بالخارج فيعمل الطاهون الذين يستمرون منذ البارحة ويقفون على قدم وساق بصنع أفخم أنواع الأطعمة والحلويات لتقديمها إلى جميع الزائرين والحضور
دلفت إليها شقيقتها بدور وتحدثت مبتسمة بنبرة هادئة: كيفك يا أم العريس
نظرت لها فايقة وتحدثت بنبرة ملامة لتأخرها في الحضور: لساتك فاكرة تاچي تساعدي خيتك في وكل فرح ولدها البكري يا ست بدور.

اجابتها بدور بنبرة متاسفة: حجك عليا يا خيتي، چوزي جاله ضيوف من المركز وكان لازمن أعمله غدا ولا تبجا عيبه في حجة جدام اللضيوف
وأكملت مبررة: . وبعدين ربنا يبارك في الحبايب، معاكي عمتك وبناتها وباجي ستات العيلة
لوت فاهها وابتسمت بجانب فمها ساخرة وتحدثت بنبرة تهكمية: عمتك وبناتها جاموا من الفجرية وراحوا للست ورد لجل ما يملوا عليها البيت ويحسسوها هي وزيدان بفرحتهم ببتهم.

وأكملت بنبرة حقودة: أما بجا فايقة أم أول حفيد ليهم تنحرج وتولع بجاز مش مهم، المهم الست ورد تفرح
ربتت شقيقتها على كتفها بحنان وتحدثت لتهدئ من روعها: روجي على حالك يا فايقة وأعذريهم بردك، دي بت زيدان الوحيدة و اول وأخر فرحته يا نضري، ولازمن ولابد عمتك وبناتها يشاركوة فرحته بيها
وأكملت مفسرة حديثها بتعقل: لكن انت اللهم بارك مچوزة فارس وليلي جبل إكدة وفرحتي بلمة الكل حواليكي.

وأكملت معترضة: ثم وكل إيه اللي عتعملية يعني، ما الطباخين برة في صوان الچنينة جايمين بالواجب وزيادة اللهم بارك، هما هبابة المحاشي دول اللي عيغلبوكي
تنهدت بغيظ من شقيقتها دائمة الإصطفاف بجانب أعدائها وخلق الأعذار لهم ودائما ما تتهكم عليها هي وتتحامل عليها.

داخل غرفة ما بالطابق العلوي، إختارتها ورد بالخلف كي تتزين بها إبنتها بعيدا عن ضوضاء الغرف المتواجدة بجوار الحديقة وضجيج الرجال والعمال الذين يعدون ويجهزون المكان ليليق بإستقبال زفاف حفيد النعماني البكري الذي طال إنتظارة.

كانت تقف أمام تلك ال لينا التي تحدثت بإبتسامة لطيفة: يؤبرني الحلو، ما أجملك صفا يخزي العين بتقولي للقمر قوم لأقعد محلك، ماشاالله عليكي كتير بشرتك رايقة وبتچنن وما محتاجة لكتير شغل، تاتش زغير وبتطلعي ملكة إسم الله، دخيلو الحلو ما أطيبوا
إبتسمت لها صفا وشكرتها بلباقة إستغربتها لينا التي حدثت حالها، كيف لتلك الرقيقة ان تكون إبنة تلك الشرسة عديمة الذوق واللباقة.

فاقت من شرودها موجهه حديثها إلى مساعديها بتساؤل: شو صبايا بعدكن ما چهزتوا الحمام المغربي، هيك الوقت راح يسرقنا، بدنا نلحق لنخلص ونچهز العروس عالوقت
ثم رجعت ببصرها مرة اخري إلى صفا وتحدثت بإطراء: دخيل عيونك شو بتچنني، الله يعينو عريسنا عهالچمال.

نظرت لها صفا وإنشطر قلبها لشقين حين تذكرت إتفاقها وقاسمها، صرخ داخلها يإن، وابتلعت غصة مريرة بحلقها ثم إستجمعت حالها وتحدثت إلى لينا على إستحياء: بلاش منية موضوع الحمام المغربي ده يا مدام لينا.

ضيقت عيناها بإستغراب وهي تنظر إليها متفحصة ملامحها الحزينة الخالية من فرحة وسعادة الفتيات بيومهم المميز ذاك وتحدثت: كيف يعني بلاه يا تؤبريني، ما بصير هالحكي، الحمام المغربي كتير مهم لنضافة جسمك ونضارة بشرتك ونعومتا قدامه لچوزك
ثم غمزت لها بعيناها وتحدثت بدعابة: وهاد غير المساچ، راح يخليكي كتير رايقة ومزاچك عالي، وكل هالتوتر اللي حاستيه بروح وبتحسي حالك كتير منيحة.

إبتسمت لها بوهن وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة بائسة: مش فارجة كتير يا مدام لينا، على العموم اللي تشوفيه صح إعملية
وتحركت لتنزع عنها ثيابها كما أخبرتها لينا لتبدأ بالتجهيزات اللازمة.

أتي المساء سريع وبدأ الجميع يستعد ويتأهب للزفاف
وقد خصص زيدان الحديقة الخلفية وحددها بستائر ثقيلة كي تحجب ما يحدث داخل حفل النساء عن العين وتعطي خصوصية لهن في الداخل
وقد كلف شركة متخصصة قد أتي بها من القاهرة خصيصا كي يقوموا بتنظيم حفل زفاف وحيدته ويجعل منه يوم مميزا لها تتذكره على مر أعوامها القادمة.

إفترشت الحديقة بالترابيزات الصغيرة المستديرة والتي تغطي بمفارش زهرية اللون وباقات الزهور التي إعتلت كل ترابيزة على حدي، والمقاعد المريحة والفتيات ذوات الزي الموجد و اللواتي إنتشرن في المكان لتقديم الخدمة للنساء اللواتي حضرن الإحتفال
وفريق الموسيقي المكون أيضا من الفتيات حتى يحافظ زيدان على تقاليد نجع النعماني،
داخل شقة فارس ومريم.

كانت واقفه أمام المرأة المتواجدة داخل المرحاض، ترتدي مأزرها وتضع منشفة تلف بها شعرها بعدما أخذت حماما دافئ إستعدادا لخروجها وأرتداء ثوبها الخاص والتي ستحضر به حفل زفاف حلمها السابق، فتي أحلامها التي طالما حلمت بأنها تزف إليه بثوبها ناصع البياض، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

تنهدت بأسي ونفضت رأسها من تلك الأفكار التي دائما ما تؤرق عقلها وتنغص عليها حياتها وخصوصا في ظل إبتعاد فارس عن مشاركته إهتماماتها والتقرب منها كزوجان متفاهمان،
وتابعت وضع بعض الكريمات المرطبة فوق بشرتها الناعمه وتحركت للخارج تاركة خاتم زواجها بجانب المرأه بعدما خلعته عن أصبعها قبل غمر جسدها بالماء داخل حوض الاستحمام.

إرتدت ثوبها ثم وضعت بعض مساحيق الزينة الخفيفة والتي بالكاد تري بالعين، جلست فوق فراشها ومالت بجذعها للأسفل ترتدي حذائها، وهنا دلف للداخل فارس دون إستئذان مما أفزعها وجعلها تنتفض من جلستها سريع
نظر إليها بجبين مقطب مستغرب فزعها وتحدث قائلا بنبرة رخيمة: مالك إتفزعتي إكده، شفتي عفريت إياك؟
إستشاط داخلها من تلك المعاملة وتحدثت بنبرة حادة: لا مشفتش عفريت يا فارس.

وهتفت بإعتراض: بس مفيش حد بيدخل على حد من غير إحم ولا دستور ويخلعة إكدة
إتجه إلى خزانته وأجابها ببرود وهو يخرج مسدسه الخاص ويضعه في جيب جلبابه الصعيدي: مكنتش مفكرك إهني أصلا، كل الحريم راحو عند الجعدة اللي عاملها عمك زيدان لصفا في الچنينة اللي ورا وأني جولت أكيد إنت وياهم.

تنفست عاليا وتحدثت إليه تجيبه بتفسير: إتأخرت على ما سبحت جميلة ولبستها وإدتها لأمي، وهي مشت بيها للفرح وجالت لي إلبسي براحتك وحصلينا
تحدث إليها بإهتمام: لبستي جميلة لبس زين للچو يبرد بالليل؟
قطبت جبينها وتحدثت بنبرة ساخرة: چو أيه ده اللي هيبرد في شهر أغسطس يا فارس
أجابها برعب على طفلته الغالية: البت لساتها صغيرة وچسمها حساس ومهيستحملش تجلبات الچو يا مريم.

أجابته بهدوء مقدرة هلعه على طفلته التي يعشقها: متجلجش يا فارس، إن شاء الله خير
أومأ لها وأقترب من مكان وقفتها ثم حول بصرة إلى المرأة لينظر على إنعكاس صورته وبدأ يهندم من ملابسه ويصفف شعر رأسه بعناية
تحت حزنها وألم روحها الذي تملك منها من أثر تجاهله لوجودها حتى أنه لم ينظر لثوبها ولم يتفوة لها بكلمة إعجاب واحدة حتى ولو من باب المجاملة.

إنتهي مما يفعله وتحدث إليها بنبرة جامدة: لو چاهزة يلا بينا ننزلوا علشان أوصلك لجعدة العروسة جبل ما أرجع فرح الرچالة
أومأت له بحزن وعيون منكسرة لم يلاحظهما هو لعدم إنشغاله بها من الأساس وتحركا كلاهما كل بجانب الاخر ونزلا الدرج ومنه إلى الخارج
توقفت فجأة وتحدثت إلية بنبرة قلقة متذكرة: شفت أخرة إستعچالك، اديني نسيت دبلتي فوج في الحمام، إستناني إهني لحد ما أطلع أچيبها وأچي لك جوام.

أجابها على عجل وهو بالفعل يستعد للمضي قدما للأمام: أني مفاضيش لتوهت عجل الحريم وچلعهم الماسخ ده، إطلعي إنت هاتيها وأني داخل الفرح علشان أضرب لي كام طلجة لچل ما أرحب بالضيوف اللي چايين يچاملونا
وبالفعل تحرك مغادرا تحت حزنها وروحها المتألمة، عادت للأعلي من جديد كي تجلب خاتم خطبتها وبالفعل دلفت لداخل المرحاض وتسمرت أمام المرأة تنظر إلى إنعكاس وجهها الحزين،.

تنهدت بأسي وأمسكت بخاتمها تنظر إلية وألم مميت تملك من قلبها على ما وصلت إلية، زفرت بضيق وقربت الخاتم من أصبعها لترتديه وبلحظة إنزلق من يدها ومن سوء حظها أنها كانت قد نزعت منذ الصباح وهي تقوم بدورة تنظيف المرحاض الغطاء الذي يسد فتحة الحوض ويمنع نزول أي شئ بها، ولكن ولسوء حظها وقع الخاتم في تلك الفتحة وبسرعة البرق ابتلعته وأختفي من أمام ناظريها
كانت تتابع ما يحدث بعيون متسعة مزبهلة مما تراه.

نفخت بضيق تلعن حظها وغبائها وتحركت سريع إلى الاسفل كي تلتحق بمجلس النساء قبل خروج العروس وبدأ مراسم الحفل
خرجت من باب المنزل إستمعت إلى رنين هاتفها يصدح من داخل حقيبة يدها الصغيرة التي تمسك بها، أخرجت الهاتف ودققت النظر بشاشته وجدتها والدتها حياة، ضغطت زر الإجابة واجابتها وتحركت على عجل وهي تستمع لحديث والدتها التي تستعجلها الحضور من أجل إقتراب خروج صفا من منزلها.

كانت تتحدث وهي تتحرك سريع متجهه إلى خلف المنزل لتصل من خلاله إلى الحديقة الخلفيه من الطريق المعاكس لحفل الرجال وبلحظة إصطدمت بأحدهم وهو يتحرك أيضا على عجل ليدلف إلى حفل الرجال،
وقع من يدها هاتفها أثر الإصطدام فمال ذاك الشاب وإلتقط الهاتف ورفع قامته من جديد وتحدث وهو يمد يده بالهاتف متحدث بلباقة: أنا أسف جدا يا أفندم على اللي حصل، مع إن حضرتك اللي خبطي فيا متعمدة.

كان يتحدث وهو ينظر إليها بإعجاب لجمالها الهادئ وعيناها الساحرة الخاطفة للقلوب
قطبت جبينها ونظرت إلية وتحدثت بنبرة حادة بعض الشئ: متعمدة؟ واني هخبط فيك متعمدة ليه إن شاء الله؟
تكونش من بجيت أهلي واني مدرياش؟
وأكملت بحدة بالغة: ما تظبط كلامك يا چدع إنت وتوعي للحديت اللي عتجوله زين.

نظر لها مبتسم من هيئتها الحادة الشرسة التي جعلت من جمالها جذاب فوق الحد، خطفته لكنتها الصعيدية وحدتها، ولا يدري لما إتجه ببصره وحوله إلى كفي يداها، تنهد بإرتياح حين وجدهما خاليتين من أي خاتم يشير إلى زواجها أو حتى خطبتها.

إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة كي يمتص بها غضبها الذي أصابها بفعل حديثه: طب ممكن تهدي شوية وتسمعيني، أنا كل اللي أقصدة إني كنت ماشي بعيد عن خطواتك و واخد بالي كويس جدا لكن إنت كنتي مشغولة بالكلام في التليفون ومش باصه قدامك، علشان كده غيرتي إتجاة خطواتك في اخر لحظة وخبطي فيا بدون قصد طبعا
واكمل بإحترام ونبرة صوت تدل على رقيه وتحضره: على العموم أنا أسف مرة تانية لحضرتك.

تحمحمت بإحراج وخجلت بشدة من إسلوبها العنيف وحدتها في الكلام معه وتحدثت بنبرة هادئة: أني اللي أسفه على إندفاعي في الكلام
وأكملت بعدم إهتمام وهي تنسحب من جوارة لتكمل طريقها: بعد إذنك
تحركت ونظر هو عليها كالمسحور وبسرعة البرق إختفت خلف تلك الساتر الحاجز الذي أمر عتمان بوضعه كي يحجب إحتفال النساء عن عيون المارة من الرجال الدالفين من البوابة الحديدية.

تنفس بإنتشاء وحدث حاله بصوت مسموع: لذيذة وطعمة أوي يا بنت اللزينة، لا وشرسة وبتخربشي كمان
وتحرك بإتجاهه إلى داخل الإحتفال قابله يزن الذي رأه من بعيد وتحرك إليه على الفور للترحاب به: يا أهلا يا دكتور، إتأخرت ليه إكده يا راچل
أجابه ياسر بإبتسامته البشوش المعهودة: معلش يا باشمهندس، أصل كنت نايم وراحت عليا نومه
ربت على كتفه بإخوة وأردف قائلا: نوم العوافي، إدخل علشان تسلم على چدي وتبارك للعريس.

وتحركا معا للداخل.
دلفت مريم إلى الحفل وتحركت إلى المنضدة التي تلتف حولها والدتها وچدتها وليلي، وما أن شاهدتها طفلتها الباكية حتى أشارت إليها فالتقتطها على الفور وهي تقبلها بلهفة وتمسح على ظهرها بلمسات حنون كي تهدأها
تحدثت إليها حياة بنبرة لائمة: أية يا بتي التأخير ده كلياته، بتك مبطلتش عياط وعمالة تسأل عليكي
تنفست عاليا ثم زفرت بضيق وتحدثت: إسكتي يا أما على اللي حصل لي
وبدأت بقص ما حدث عليهم.

فتحدثت الجده بحنان: فداكي مية دبلة يا بتي، ولا يهمك من بكرة هخلي فارس يچيب لك أحسن منيها
إبتسمت بأسي حين تذكرت ذاك الفارس الذي لم يكترس لها من الأساس، حتى أنه وصل به الامر أنه لم ينتبة إلى جاذبية ثوبها أو لون حجابها الرقيق
شكرت جدتها وتنهدت بأسي
ثم تحدثت إلى والدتها بإستفهام: هي صفا مخرجتش لحد دالوك ليه يا أما؟

تحدثت ليلي بنبرة ساخرة متهكمة: تخرچ كيف بت ورد جبل ما الحاشية كلياتها تكتمل و تنتظر ظهور السلطانة على نار و أول ما تدخل الكل يجف ويجدم لها فروض الولاء و الطاعة
إنفلتت ضحكة عالية من مريم لم تستطع الإمساك بها في حين رمقتها رسمية بنظرة مرعبه أخرستها وجعلتها تبتلع باقي ضحكتها وتكظمها
ثم حولت بصرها إلى ليلي وتحدثت بنبرة حادة لائمة: لحد ميتا هيفضل غلك ياكل في جلبك من ناحية بت عمك يا بت قدري؟

و أكملت بأسي وحديث ذات مغزي: ولا يكونش ده وراثة هو كمان، واسترسلت حديثها بنبرة معاتبة: مش بكفياكي عاد لحد إكدة، البت بجت مرت أخوكي ولساتك الحقد مالي جلبك من ناحيتها لية
نظرت إلى جدتها بحدة وتحدثت بنبرة ساخطة: الجبول والمحبة بياجو من عند ربنا يا چدة. ، وربك والحق اني من يومي مهطيجهاش لله في لله إكدة، وأني حرة
وأكملت بتهكم: ولا تكونش هتجبرونا نحبها غصبن عنينا كمان.

أجابتها الجده بإقتضاب: لا يا أم لسان متبري منيك، بس على الاجل تعامليها زين ومتبينيش كرهك وحجدك بالأوي إكده
واسترسلت حديثها بنبرة يكسوها بعض الندم: بس خديها نصيحة من چدتك العچوزة يا بت ولدي، الحجد معيدمرش غير صاحبة، والجسوة بتموت الجلوب، ويا ويلك لو الجلب مات.

إنتفضت من جلستها في إعلان منها عن رفض حديث جدتها و وقفت غاضبة وتحدثت بنبرة ساخطة لكل ما حولها: أني فيتالكم المطرح بحاله، هروح أجعد جار أمي زمناتها محتچاني چارها بعد ما الكل سابها لحالها في ليلة فرح ولدها البكري
وتحركت تحت نظرات رسمية ونجاة اليائسة من أفعال تلك الليلي التي ورثت حقدها على صفا و ورد من والدتها.

وجهت نجاة حديثها إلى والدة زوجها لتهدئ من روعها بعدما إستشفت حزنها الظاهر بعيناها: هدي حالك يا مرت عمي، دي بت مطيورة و معرفاش حالها بتجول أيه، بكرة تعجل وربنا يهديها وتعرف إنها دنيا متفاته وممستهلاش الكرة دي كلياته.

أما بالأعلي داخل الغرفة المتواجدة بها صفا
أنتهت لينا من وضع اللمسات الأخيرة لصفا وتحدثت بإبتسامة: ليك دخيلو شو هالعروس يلي متل القمر، إسم الله عليكي بتچنني وبتاخدي العقل
وهلئ وقفي وأتطلعي عحالك بالمراية.

كانت ترتدي ثوب يشبة أثواب الأميرات في رقته ورقيه، مرتديه حجاب أنيق زادها فوق حسنها حسن، وضعت لها لينا بعض مساحيق التجميل الهادئة وتفننت لتجعل من ملامحها الرقيقة كلوحة فنية بديعة الصنع، مما جعلها كملاك برئ لا تمل العين من رؤياه
إبتسمت لها بوهن واعتدلت ثم وقفت بالفعل وتطلعت إلى إنعكاس صورتها بالمرأة، وبلحظة شعرت بمرارة داخل حلقها لم تشعر بمثيلها طيلة الخمسة وعشرون عام المنصرمة.

وذلك بعدما رأت شدة جاذبيتها وجمالها الفتان التي شاهدته في إنعكاس مرأتها
تمنت لو أن لها الحق في الإنهيار والتعبير عن ما تشعر به من مرارة، أرادت أن تصرخ ألما بأعلي صوتها لتعلن للجميع عن مدي عمق جرحها النازف، ضغطت على حالها بأقصي ما عندها لتبقي ثابته لأجل أحبتها
نظرت لإنعكاسها وبدأت بحديث النفس المؤلم، ماذا فعلت بدنياي لحتي أجني حصادي بكل ذاك الوجع؟

أيعقل أن تكون تلك هي ليلتي التي بت أحلم بها منذ نعومة أظافري؟
لما إلهي؟
وما الحكمة من وراء ما يجري معي؟
ما الذنب الذي إقترفته يدي لتذبح روحي وتندثر فرحتي أمام أعيني هكذا؟
ثم مالت برأسها قليلا لليمين ومازالت تري إنعكاسها من خلال مرأتها، ومازال حديث النفس دائر
دائما ما كنت أنتظر ليلتي تلك
و لطالما كنت أظنها حقا ليلتي
و لطالما ظننت أن سعادتي بها ستتخطي عنان السماء
ولكني قد نسيت أن بعض الظن إثم كبير.

وها أنا الأن اجني حصاد إثمي
ولكن! ما هو إثمي يا تري؟
أنا حقا لا أعلمه!
هل هو إثم خفي غير معلوم؟
أم انه إرث عائلتي!
فاقت من شرودها على دلوف ورد إليها التي أتت لتخبرها بأن أباها ينتظرها بالأسفل ليصطحبها للخارج، وبناء عليه فإنها وجب عليها النزول.

وما أن رأتها ورد حتى إنتفض داخلها بشدة من فرط سعادتها بفضل ما رأت وبدون سابق إنذار أطلقت الزغاريد الرنانة لتنزل على قلب تلك الصفا وتشعرها بقمة سعادتها رغم ما بقلبها من خيبات وألم
وقفت أمام إبنتها وتحدثت بعينان مبهورتان غير مصدقتان لما ترا أمامها: الله أكبر يا دكتورة الله أكبر
حصوة في عين كل اللي شاف چمالك ولا صلاش على سيدنا وحبيبنا محمد صلي الله عليه وسلم.

إبتسمت لوالدتها بسعادة حين رددن جميع الموجودات: علية افضل الصلاة والسلام
ثم تحدثت بنبرة حنون متأثرة برغبتها التي تلح عليها في البكاء لكنها تحاربها وبكل قوتها كي لا تأثر على إبنتها: مبروك يا جلب أمك
أجابتها بحنان: الله يبارك فيك يا أما، ربنا يخليك ليا إنت وأبوي.

ثم إلتفت ورد ببصرها إلى تلك اللينا التي تتجنبها خشية غضبها وحديثها القاسي وتحدثت بنبرة ودودة وأبتسامة واسعة بمثابة إعتذار: تسلم يدك يا مدام لينا، وحجك علي
إبتسمت لها لينا وصفي قلبها سريع وتحدثت بإبتسامة لطيفة: ولو مدام ما تحكي هيك هيدا واچبي وشغلي، ألف مبروك للعروس، الله يهنيها ويسعدا.

تحركت صفا وأتجهت إلى الدرج لتتدلي وجدت والدها ينتظرها أسفل الدرج، وقفت أمامه تنظر إليه بنظرات ممزوجه بالخجل والإحتياج معا، إتسعت عيناه بذهول عندما شاهد صغيرته أمامه بثوب زفافها الذي جعل منها حورية هبطت لتوها من الجنان وما كان منه إلا أنه سحبها وادلفها لداخل أحضانه وبات يشدد عليها وكأنه يريد أن يشق ضلوعه ويخبأها بداخلة.

مشاعر متناقضة إقتحمت كيان زيدان، حب، خوف، سعادة، غيرة، رغبة في البكاء، كم من المشاعر المختلفة تمكنت منه، تماسك من حاله كي لا تخونه عيناه وتسمح لدموعه الحبيسة بالإنسياب، لم يقوي على إخراج صوته المكتوم فأشار لها بيده كي تتشابك يده وتتحرك.

إبتسمت بخفة وأطاعته بعدما قرات بعيناه كل ما كان يجب أن يقال، تحركت بجانبه متجهه للخارج وخلفهما ورد التي كانت تشاهد ذاك المشهد الصعب على أي أب وتبكي بصمت كي لا يشعرا عليها ويلحقاها بالبكاء
بالخارج تحدثت فايقة بضيق إلى ليلي: هي السنيورة إتأخرت چوة لية إكدة؟
وما أن أنهت جملتها حتى إستمعا إلى صوت الموسيقي يصدح ليعلن عن ظهور العروس بصحبة زيدان وخلفهما ورد.

وقفن جميعهن إحترام لتلك اللحظة وبدأن بالتصفيق الحاد وإطلاق الزغاريد تعبيرا عن فرحتهم بإبنة عائلتهم ونجعهم، إنبهرن جميعهن بجمال صفا الهائل وبتن يتهامزن فيما بينهن بإعجاب، أوصلها زيدان إلى المكان المزين والمخصص لجلوسها
أحاط وجنتيها بكفيه بتملك ووضع قبلة فوق جبينها بقلب منفطر ثم إنسحب سريع من امامها ليغادر، وجد والدته تقف قبالته.

وتحدثت إليه بحنان وهي تمسك يده وتشدد عليها وكأنها تؤازره لتقل له عيناها أنا معك، وأشعر بما ينتابك من ألام مميتة، قبل يدها ومقدمة رأسها وبعدها إنهالت عليه المباركات من شقيقتيه وأقربائة من نساء العائلة
وتح ك سريعا ليغادر فحقا لم يعد لديه القدرة على إحتمالية الوضع أكثر،
وما أن وصل لخارج حدود الإحتفال في طريقه إلى إحتفال الرجال حتى أوقفه صوتها الهادر وهي تنادية بثبات: زيدان.

إلتفت للخلف ونظر لها مضيق العينان مستغرب حين تحدثت هي بنبرة شامتة ونظرة عين حادة كارهه: مبروك لراحة جلب بتك يا زيدان، بتك الليلة هتنام وتغرج چوة حضن الراچل اللي ياما حلمت بيه وإتمنته
وأكملت بنبرة ساخرة: لچل بس متعرف إني أحسن وأرچل منيك، مهانش على أكسر جلب بتك العاشقة كيف إنت مكسرتني وذلتني زمان
وأكملت بنظرة حارقة: لساتك فاكر يا زيدان ولا الزمن نساك جلب فايقة اللي حرجته ودوست علية بجسوتك وچبروتك؟

كان يستمع إليها بذهول وتيهه، أيعقل أن تظلي متذكرة الماضي إلى الأن.؟ يا لك من إمرأة مريضة
عاد بذاكرته للخلف
منذ أكثر من ثلاثون عام مضت.

كان ذاك الشاب الوسيم ذو الجسد الرجولي الذي بالكاد بلغ عامه الثامن عشر يفترش أرض بحديقة الفواكة الخاصة بوالده، رأها تأتي عليه من بعيد، تلك الفتاه الجميلة بضفائرها المجدولة الطويلة الظاهرة من تحت رابطة شعرها الصغيرة التي تعقدها من الخلف، ترتدي ثوب واسع يهفهف من حولها وتتحرك إلية بدلال والعشق ينطق من داخل عيناها وهي تنظر لفارس أحلامها الوحيد
إنها فايقة، إبنة السابعة عشر من عمرها.

تحدثت إليه بنبرة ناعمة: كيفك يا زيدان؟
شملها بنظرة مستغربة وتساءل متعجب: فايقة؟
أيه اللي چايبك إهني في وجت الضهرية والطريج مجطوع إكدة؟
نظرت إليه متلهفة وتساءلت: خايف على يا زيدان؟
طبعا يا فايقة، مش بت خالي وخطيبة أخوي، كانت تلك جملة نطقها بتلقائية زيدان ولكن نزلت على قلب تلك العاشقة شطرته لنصفين
وتحدثت بنبرة حادة رافضة: أني مش خطيبة حد يا زيدان، وأني چاية مخصوص إهني لچل ما اتحدت وياك في الموضوع ده.

نظر لها بتمعن منتظرا تكملة حديثها فأكملت هي بتمرد: أني مريداش قدري يا زيدان، معحبهوش أني ولا حتى بطيج أشم ريحه
ثم جلست بجوارة وبعدم حياء وضعت كف يدها فوق يده وتحدثت وهي تنظر داخل عيناه بهيام: أني عحبك إنت يا زيدان، عشجاك من ساسي لراسي يا ولد عمتي
نفض يدها سريع وانتفض من جلسته واقف كمن لدغه عقرب وتحدث بعيون غاضبة: حديت أية الفارغ اللي عتجولية دي يا بت خالي، إتچنيتي إياك؟

وقفت لتقابله وتحدثت بحدة وصوت عالي: إتچنيت عشان بجولك عشجاك
واكملت بنفس نظرة العشق: إيوة عشجاك وعاشجة التراب اللي رچلك عتخطي علية يا حبيبي
أجابة بعيون تطلق شزرا: كنك إتچنيتي صح، إعجلي يا فايقة، إنت خطيبة أخوي الكبير اللي عيدخل عليكي بعد شهر من دلوك.

أجابته برفض قاطع: واني معيزاهوش يا زيدان، معطيجش ريحه بجولك، أبوك خطبني لقدري إكمني الكبيرة وإختار بدور ليك عشان لساتها صغيرة، أني عجول لأبوي إني مريداش قدري، واكيد چوز عمتي عيخطب له أي واحدة من بنات العيلة، وبكديه قدري ومنتصر عيتچوزوا الشهر الجاي كيف ما عمي عتمان مجرر،.

واكملت بشغف ظهر بعيناها: بعدها إنت تطلب من أبوك يكلم ابوي ويطلب يدي، وإن كنت شايل هم عمي عتمان وخايف لميوافجش عشان رفضي لقدري، اني عاملة حسابي وهجول لعمتي رسمية إن أني وإنت عشجانين بعض وأخليها تجنعة بچوازنا
كان يستمع إليها بذهول غير مصدق ما تستمعه اذناه ولا لما تراه عيناه وتحدث بعدم إستيعاب: أني ما مصدجش حالي، معجول يطلع منيك كل ده يا فايقة، ده أنت كمان مخططة لكل حاچة ومفايتكيش فوته.

قطعت حديثه وهتفت بلهفة: ومستعدة أعمل أي حاچة لچل بس ما أوصل لك واعيش في چنتك وچوة حضنك يا سيد الرچالة
وتساءلت بلهفة: ها، جولت أيه يا زيدان؟
أجابها بنبرة حادة: جولت لا إله إلا الله محمد رسول الله، عاودي يا بت الناس على بيتك واني إن كان على هنسي كل التخاريف اللي جولتيها دي ومعجولش لحد واصل، ولازمن تعرفي زين إن قدري أخوي سيد الرچالة كلياتهم ولو لفيتي الدنيي بحالها معتلاجيش ضفرة.

بس أني عشجاك إنت ومعوزاش حد غيرك يا زيدان، جملة قالتها بإستعطاف
واني مشايفكيش جدامي من الأساس، جمله قالها بعيون غاضبة
وأكمل بنبرة صارمة: ودالوك غوري من جدامي وروحي على بيتك چهزي حالك لدخلتك على قدري اخوي اللي صبايا النچع كلياته تتمناه.

ادمعت عيناها بتوسل وبسرعة البرق كانت ترتمي داخل أحضانة وهي تلف ذراعيها حول عنقه في محاوله منها بالتشبث لتصعد إلى وجهه وذلك نتيجة طوله الفارع والذي يتخطاها بالكثير من السنتيمترات،
لم يشعر بحالة إلا وهو يبعدها عنه ويزيحها بحده ثم رفع يدة ونزل بصفعة قوية فوق وجنتها كي تعود إلى وعيها، مما جعل رأسها تلتف للجهه الاخري، تهاوت على أثرها حتى انها وقعت أرض.

جحظت عيناها غير مصدقة لما جري للتو، وضعت يدها تتلمس أصابع يده التي علمت بوجنتها، ثم رفعت وجهها ونظرت إليه بكرة وحقد وتحدثت بنبرة يملؤها الغل: خليك فاكر الجلم ده زين جوي يا زيدان، عشان هرده لك الطاج عشرة، ورب الكعبة لردهولك يا ولد عتمان النعماني.

وتحركت عائدة إلى منزلها وما أن دلفت حتى أخبرت والدتها أنها أصبحت جاهزة لزواجها من قدري، وبعد أقل من شهر تزوج قدري ومنتصر بنفس اليوم وبات زيدان يتجنب التعامل مع فايقة ويبتعد عنها وعن اية مكان يجمعهما قدر الإمكان لتجنب الشبهات.

أما هي فقد تحول عشقها الهائل لزيدان إلى منتهي الكرة والحقد وأصبح كل همها في الحياة هو تدمير قلب زيدان بشتى الطرق، حتى أنها نقلت حقدها إلى قدري ونجحت بالفعل ان تجعل من قدري شخص حقود طامع يحقد على شقيقه ويكرهه بدون أسباب، لكن قدري شعر بأنها تكن لشقيقه شئ ما داخل صدرها، وذلك بعدما فضحتها عيناها التي مازالت تشتاق رؤياه بتلهف رغم الكرة الكبير
عودة للحاضر.

نظر لها زيدان وتساءل بعيون مستغربه: يااااه يا فايقة على سواد جلبك وحجدة، لساتك فاكرة لدلوك؟
وضعت يدها على وجنتها وكأن ألم صفعتها مازال مشتعلا ولم ينتهي إلى الأن وتحدثت بحقد: عمري ما نسيت ولساتني عند وعدي ليك يا زيدان
وتساءلت بإبتسامة شامته: فاكر وعدي ليك يا زيدان ولا نسيته كيف ما نسيت وچع جلب فايقة؟
إبتسم ساخرا وأردف قائلا بنبرة متهكمة: لما تتحدتي ويا زيدان النعماني تبجي تتكلمي على جدك يا فايقة،.

واكمل ناصح لها: إعجلي يا بت الناس وإعملي حساب لعيالك اللي بجوا رچالة يسدوا عين الشمش
ورمقها بنظرة مقللة من شأنها وتحرك دون إستئذان فتحدثت بصوت مسموع إليها وهي تتبع أثره بعيون سعيدة ونبرة شامتة: إضحك يا زيدان، بس الشاطر هو اللي عيضحك في الأخر،
وأني اللي عضحك من كل جلبي واني شيفاك بتتجطع من الوچع على جهرة جلب بتك الوحيدة وإنت واجف تتفرج عليها وهي بتموت بالبطئ جدام عنيك
وتحركت إلى الداخل من جديد.

بعد مرور مدة كبيرة من الوقت قضتها صفا جالسة فوق مقعدها المزين والمخصص لها وكأنها ملكة تجلس على عرشها في يوم تتويجها، دلف إليها قاسم بصحبة فارس و زيدان كي يقدم لها شبكتها ويلبسها إياها أمام العلن كما هو العرف المتبع بنجع النعماني.

كان يتحرك بجانب عمه وشقيقه بهيئة خطفت أبصار جميع الموجودات، رافع قامته لإعلي بطوله الفارع وجسده الرياضي الممشوق، ناهيك عن شياكته وجاذبيته التي لا تقاوم، حيث كان يرتدي حلة سوداء برابطة عنق باللون القرمزي، ويعتلي كتفيه عباءة باللون البني قد أهداه عتمان إياها خصيصا لذاك اليوم
كان يشبه أمير الأساطير حقا بطلتة تلك.

تحرك في طريق الوصول إليها مع إطلاق الزغاريد المهنئة من النساء اللواتي إصطفين على جوانب الصفين ينظرن عليه ويتطلعن على حسنه ورجولته
كان يتحرك وينظر إلى مقعدها متلهف شغوف لرؤيتها وهي بثوب زفافها، لكن وجود والدتها وعماتها أمامها حجب عنه رؤيتها وما أن إقترب حتى إبتعدن الواقفات ليفسحن له المجال.

و ازيح الستار من أمام عيناه ليظهر له وجهها البهي وكأنه قمرا منيرا يشع ضياء ويطغي بريقه بإشراق ليضئ المكان ويطفو عليه بسحر وجاذبية
تسمر بوقفته حين نظر إليها، أسرته بجمالها الأخاذ وعيناها الساحرة خاطفة قلوب العشاق بوهلتها الأولي، شعر بشئ غريب يحدث داخله، هزة عنيفة إقتحمت قلبه فزلزلته، رعشة سرت بداخل جسده بالكامل، رغبه ملحة تطالبه بسحبها لداخل أحضانه وإشتمام عبيرها،.

نظر برغبة لشفاها المنتفخة بلونها القرمذي المميز والتي تشبه حباة الكرز الناضجة وتنتظر متذوقها، ومن غيره سيتذوقها ويغوص بها ليأكلها بتلذذ وإستمتاع، إبتلع ريقه حين رفع ببصره وهو يدقق النظر داخل عيناها الزرقاويتين الصافيه كمياة البحر
وما كان حالها ببعيد عنه، بل على العكس كانت تزيد عليه وتتخطاه بالعديد من المراحل، إنه العشق يا سادة.

نظرت لداخل عيناه وجدت بهما إعجاب لا، ليس إعجاب بل هو إنبهار وسحرا بكل ما تحمله الكلمة من معني عميق، تمنت لو أن لها الحق في أن تنتفض من جلستها وتلقي بحالها داخل أحضانه والتي طالما حلمت بها وتمنت
أخرجهما مما هما علية صوت صباح التي صدح بإطلاق الزغاربد المتتالية وهي تتحدث وتجذبه من يده ليجلس بجانب عروسه الجميله: تعالي لبس عروستك الشبكة يا قاسم.

إستجمع حاله وتحمحم بشدة لينظف حنجرته ثم نظر إلى عيناها ومد يده إليها ليحتضن بها كفها الرقيق ويتلمسه بنعومة أذابت جسدها ثم أردف قائلا بنبرة هادئة: مبروك يا صفا
إبتلعت لعابها وأجابته بنعومة وهي تسحب بصرها عنه خجلا: الله يبارك فيك
تحدث زيدان وهو ينظر إلى قاسم ليحثه على التسرع: يلا يا قاسم لبسها شبكتها بسرعه لجل ما تطلع على شجتها عشان ترتاح، يومها كان طويل والچو بدأ يبرد.

أكدت على حديثه عليه التي تحدثت بنبرة قلقة على إبنة غاليها: إيوة يا ولدي الله يرضي عليك خلص وطلعها لشجتها حاكم الحريم كلوها بعنيهم اللي تندب فيها رصاصة
أومأ لهما برأسه وجلس بجانبها حين أمسكت ورد علبة من بين اربعة علب مليئة بالذهب البندقي الخالص التي حظيت بها صفا كهدايا، بعضها كشبكتها من قاسم التي إختارتها هي بنفسها بصحبته مغصوب، وبعضها هدية من چدتها رسمية والبعض من والدها زيدان.

أمسك قاسم عقدا قصيرا وجهزه لوضعه حول عنقها حين إستدارت هي بظهرها لتعطي له المجال وأقترب هو منها كثيرا حتى أنه إلتصق بها فقشعر بدنها سريع وأنتفضت فضحكت ورد وصباح عليها، أما هو فقرب شفتاه من اذنها وهمس لتهداتها: إهدي يا صفا ومتخافيش.

إنتفض داخلها وثار عليها وكادت أن تفقد وعيها من مجرد همسه داخل اذنها وكرر تلك العملية مرارا، ثم جاء دور خاتم الخطبه الذي يجب أن يتم نقله من اليد اليمني إلى اليسري حسب العرف السائر
إرتجفت يدها بمجرد لمسته، لكنه أخرجها من حدة صوته وهو يتحدث بتملل لكثرة ما تبقي من ذهب يجب عليه إلباسها إياه: خلاص يا چماعة كفاية اللي لبسته لحد دالوك،.

واكمل وهو يشير إلى العلبتان المتبقيتان بضجر: ملوش لزوم الباجي ده كلياته، مهنستعرضوش إحنا جدام الخلج
تحدثت إليه صباح بإعتراض: مهينفعش يا قاسم، لازمن تلبس عروستك كل الدهب وإلا هيبجا فال شوم، وبعدين لجل ما حريم النچع يشوفوا دهب بت زيدان النعماني زين
هتف بنبرة صارمة معترض على تلك العادات البالية: واني جولت كفاية لحد إكدة يعني كفاية يا عمة.

غضبت صفا وحزن داخلها من تملله وفسرت إعتراضه على تلك العادات انه مل من تواجده بجوارها ولم يطق الجلوس ولمسها أكثر،
وما زاد الطين بله ما تفوهت به عمتها علية قائلة بنبرة ملامة خشية من مهاترات الحاضرات: وه يا ولدي، اللي يشوفك يجول عليك مطايجش الجاعدة جار عروستك،.

وأكملت وهي تضحك غير مبالية بتلك المذبوحة: ده الشاب من دول ما بيصدج يمسك يد عروسته ويجعد يتلكك لجل ميطول الجاعدة چارها، وأكملت وهي تحثه: يلا أومال يا عريس لبسها باچي الشبكة
زفر بضيق لعدم تقبله تلك المراسم والعادات العجيبة وايضا كان يخشي عليها من تحملها لثقل وزن الذهب بيديها وعنقها فأمسك يدها وتحدثت بضيق موجه حديثة إلى عمته علية: خلصينا يا عمة وناوليني الدهب اللي فاضل.

إستشاط داخلها وأشتعلت النيران بقلبها من جراء تقليل شأنها أمام عمتيها والجميع وهذا ما وصلها من حديثه المهين، وما شعرت بحالها إلا وهي تسحب يدها من بين راحتيه بشده وعنف وهي تهتف بنبرة غاضبة: بعد يدك، خلصنا خلاص معيزاش ألبس حاچة تاني وكفيانا جلة جيمة ومسخرة لحد إكدة.

قطب جبينه ورمقها بنظرة غاضبة وكاد أن يتحدث أسكته صوت زيدان الذي كان يستدعي المصورة الفوتغرافية التابعة لتنظيم الحفل، ولم يسعه الحظ كي يري حرب العيون ورمي القذائف الكلامية التي حدثت بين صفا وقاسم منذ القليل
وتحدث زيدان بإبتسامة حانية: يلا يا ولاد لچل متخدو لكم كام صورة مع بعض للذكري.

رفعت قامتها للأعلي حين تحدثت تلك الفتاة القاهرية قائلة: ممكن يا عريس تاخد عروستك وتتفضل معايا في الركن اللي مجهزينه علشان الفوتوسيشن
أني شايفة إنه ملوش لزوم للفوتوسيشن من الاساس، جملة تفوهت بها صفا بملامح وجه مقتضبة
تمالك من حاله لأبعد حد كي لا ينفجر بها لحدتها وطريقتها الساخرة لإدارة الحوار، وأيضا إحترام لعمه وزوجته التي طالما عاملاه كإبن لهما.

رسم إبتسامة مزيفة فوق شفتاه وتحدث بهدوء جاهد في إخراجة: كيف يعني ملوش لزوم،
واكمل بإبتسامة سمجة ليستحضر غضبها، يبدوا وكأنه أعجبه غضبها العارم الذي يجعل منها كقطة شرسة لذيذة تشعرة بالتسلي والتلذذ: دي الليلة ليلتك يا عروسة ولازمن نچلعوكي على الاخر.

إبتلعت لعابها من هيئتة التي وبرغم غضبها العارم منه إلا أنه ما زال فارس أحلامها، مالك كيانها التي تتناسي حالها في حضرته ويذوب قلبها عشق من مجرد نظرة رضا داخل عيناه
وقف هو مهندم ملابسه وربط زر حلته ثم بكل وسامة وجاذبية بسط ذراعه بإتجاهها وفرد كف يده ناظرا إليها في دعوة منه صريحة لإصطحابها، وما كان منها إلا أنها بسطت يدها واضعه كفها الرقيق بين راحتيه وهي ناظرة لعيناه كمسحورة بجسد متخدر منوم منساق معه.

رفع يدها لأعلي ليحثها على النهوض فوقفت قبالته مسلوبة الإرادة وتحرك بها إلى حيث المكان المخصص لهما لجلسة التصوير
تحركت بجانبة و وقفا حيث مكانهما المخصص، وضع ذراعه حول خصرها ونظر داخل عيناها وذلك حسب ما طلبته منه المصورة،
غاص بعيناها وأردف قائلا بعيون مسحورة: يخربيت چمال عنيكي، كيف مشفتش لونهم اللي كيف موج البحر دي جبل إكده.

ومين اللي ضحك عليك وفهمك إنك عتشوف من الأساس يا متر، جملة ساخرة تفوهت بها صفا لتحرق روحه وترد له بعض من إهانته لها
كظم غيظه من حديثها وتوعد لها من بين أسنانه: جولت لك جبل سابج لسانك سليط، و وعد مني جطعة عيكون على يدي يا بت زيدان
إبتسمت ساخرة من حديثه مما إستشاط غضبه
تحدثت المصورة إليهما: يا ريت نبدل الوضع يا عرسان وبلاش كلام لو سمحتم وإهتموا بالنظرات أكتر.

وقف خلفها وجذبها بعنف حتى إلتصق بجسدها مما جعلها تهتز منتفضة، قرب فمه من اذنها وهمس بوقاحة: للدرچة دي هيهزك جربي منيك وممتحملاش
إستشاط داخلها وتحدثت بنبرة حادة: إنت جليل الأدب
قهقه برجوله وهمس من جديد باذنها: جلة الأدب اللي على حج هوريهالك فوج في شجتنا يا عروسة، متستعجليش على رزجك إكدة
ثم لفها من جديد وأمسك كف يدها ليأخذا وضع أخر لإتخاذ صورة اخري
إبتلعت لعابها وأنتفض جسدها رعب أثر تليميحاته الوقحة.

أما ذلك العاشق المذبوح المسمي ب فارس الذي سجن داخل حكاية غرامه الفائت، فاتخذ من الصمت والحزن مسكنه الجديد
نظر بعينان مستسلمتان وقلب يصرخ ألما وروح تئن وجع، على من ملكت روحه وأستحوذت على كيانه كاملا، حين بادلته تلك المتيمة نظراته باخري صارخة متألمة، إنها أشجان إبنة خالته بدور التي لم ولن يجد لها البديل بحياته، حتى وبعد أن تزوج وأنجب طفلته الجميلة إلا أن دائما للقلب أحكام.

وما كان حالها أفضل منه فقد شعرت بإنتفاضة داخل قلبها ورعشة سرت بجسدها بالكامل من مجرد نظراته، وبرغم انها تزوجت رغم عنها من إبن عمتها إلا أنها مازالت تتنفسه عشق
تزوجت وحملت في جنينها الأول وأنجبته عن قريب
نظرت إلية وأمالت برأسها قليلا وحدثته داخل نفسها، أسعيد أنت لما وصلنا إليه بفضل ضعفك وأستسلامك؟

لما تركتني فارس، لما لم تتمسك بي كما كنت دائما توعدني، أولم تقل لي لم أتركك مهما حدث، ما الذي حدث يا رجل حتى تسحب عهدك لي؟
كان يصرخ ألما من نظراتها الملامة التي جعلته يشعر بعجز مهين لرجولته.

فقط ليس هما من يتألمان وحدهما، كانت عيونها تراقب لقاء السحاب هذا بقلب يتمزق ألما، إنها عيون مريم التي تتمزق من الجهتين، السبب الاول وهو زوجها الذي لم يوليها أية إهتمام منذ أن تزوجها وإلي الأن، وعشقه الهائل لإبنة خالته الذي ما زال يستولي على قلبه بالكامل وذلك ما استشفته للتو من بين نظراته المتلهفه لها.

وما بين إعتقادها أنها لو تزوجت قاسم كانت ستحيي حياة طيبة على الأقل ان قاسم لم توجد بحياته إمرأة اخري ك فارس، وهذا ما تعتقده هي إلى الان
إنتهت جلسة التصوير الخاصة بالعروسان وتحرك بها قاسم متجه إلى المنزل كي تصعد هي إلى مسكنها الجديد ويعود هو إلى الإحتفال الخاص بالرجال الذي سيطول ما يتخطي الساعة.

كانت تتحرك بجانبه متشابكه الأيدي معه وعلى الجانب الاخر تتمسك بيد أبيها الحنون ومن خلفهم جميع نساء العائلة اللواتي يزفهن بالأغاني التراثية المتوارثة لدي نجعهم،
و ما أن إقتربوا من بوابة المنزل حتى وقفت الجدة وتحدثت إلى نساء النجع والعائلة بوجه صارم و هي تشير بيدها للأعلي: بكفياكم لحد إكدة، شرفتونا ونورتونا وعچبال عنديكم كلياتكم، يلا كل واحدة على دارها لجل ما العرسان يرتاحوا.

أماءت لها جميع الحاضرات و قاموا بإطلاق الزغاريد بحفاوة ثم أنطلقن كلن على دارها، وكاد قاسم أن يتحرك بجانب صفا إلى الداخل أوقفته الجدة قائلة بنبرة حادة: و إنت كمان يا قاسم بكفياك لحد إهني، سيب صفا مع أمها تطلعها الشجه وتطمن عليها براحتها وإنت عاود مع عمك زيدان لفرح الرچالة، زمان الضيوف عيسألوا عليكم
هز لها رأسه بموافقة ودلفت صفا بجانب ورد التي أمسكتها من يدها وعمتيها ونجاة وفايقة.

أما الچدة ما زالت واقفة بجوار قاسم وزيدان وفارس الذي لازم شقيقة ولم يتركه وحيدا في ليلتة
وكاد قاسم أن يتحرك أوقفه زيدان قائلا: إستني يا قاسم، عايزك في كلمتين
نظر لهم فارس وأستأذن منهم وتحرك عائدا إلى الحفل ووقفت رسمية تتابع ما سيقال.

أمسك زيدان كتف قاسم وتحدث بعيون متوسلة: أني إنهاردة ما سلمتكش بتي لا، أني سلمتك روحي، حتة من جلبي، سلمتك أغلي حاچة في حياتي كلياتها، بتي وبت عمري كلاته، جلب أبوها الزينة الغالية، خلي بالك عليها زين يا قاسم.

وأكمل بنبرة صادقة: طول عمري وأني بعتبرك كيف إبني اللي مخلفتوش، وعارف إنك عتحبني كيف أبوك، بس لو حج عتحب عمك زيدان صح وغالي عليك تحط صفا چوة عنيك، من إنهاردة إنت مش بس چوزها، لا، أني عايزك تبجا أخوها وأبوها وخليلها وكل دنيتها
واكمل بنبرة مختنقة بعبرة وقفت بحلقة وتحجرت بعيناة إمتثالا لأوامر كرامته: صفا غلبانة وملهاش لا أخ ولا أخت يا قاسم، عوضها وكون لها السند لجل ما أموت وأني مطمن عليها يا ولدي.

وهنا نزلت دموع رسمية الابية التي لم تزرفها من قبل حتى على أغلي الغوالي، نزلت تأثرا بحديث صغيرها الغالي التي حتى وان أظهرت جحودها وغضبها عليه إلا أنه مازال غاليها وصغيرها المفضل والمقرب إلى قلبها
إقتربت منه وأمسكت كف يده وشددت عليها كدعم منها سعد هو به وشعر براحة كبيرة عندما نظر لعيناها ورأي بهما نفس ذات نظرت الحب والحنان الذي إفتقدهما لسنوات.

عاد بنظره مرة اخري إلى قاسم الواقف متأثرا بتلك اللحظة وأكمل زيدان ومازال ممسك بكتف قاسم بكف يده مشددا عليه واليد الاخري تمسكها رسمية بدعم
زيدان مطالبا قاسم بوعد وقسم: أوعدني إنك هتحافظ على بت عمك وتصونها و تحطها چوة عنيك يا ولدي
إنتفض داخل قاسم متأثرا بحديث عمه الصادق الذي وصله من بين نبراته الصادقه، خوف الأب على إبنته خشية من تقلبات الزمان.

وما كان من قاسم إلا أنه أنزل كف عمه ومال علية مقبلا إياه بإحترام وتحدث بتودد و وعيد: اوعدك يا عمي، وعد عليا إني عمري ما هجرحها ولا ههينها وهكون لها بعد ربنا وبعدك الأخ والسند
وأكمل مبتسما: إطمن يا عمي
إبتسم له وأردفت رسمية قائلة لتطمئن ولدها: متجلجش على بتك يا زيدان، أبوك إختار لها قاسم مخصوص عشان عارف إنه راچل صح وهيعرف يصونها ويحطها في حبابي عنية.

أما بالداخل فمنذ أن دلفت صفا للداخل وتحركت بجانب ورد وعمتها متجهه إلى الدرج حتى اوقفتها فايقه التي سدت الدرج بجسدها وهي تقف وتضع يدها متحدثه بكبرياء: يلا يا مرت ولدي، ميلي وطاتي براسك وخطي من تحت يدي لچل ما أرضي عنيكي وتكوني تحت طوعي
جحظت أعين صباح التي تحدثت بحدة ناهرة إياها: كنك إتچنيتي يا مرة، بجا عايزة الدكتورة صفا بچلالة جدرها تميل وتخطي من تحت دراعاتك؟

هتفت ليلي وهي تربع ساعديها وتضعهما أمام صدرها: وهي عشان بجت دكتورة تتكبر على عوايدنا وسلو بلدنا إياك؟
وتحدثت بنبرة حادة أمرة: يلا خلصينا يا صفا وطاتي
تحدثت ورد وهي تلف ذراعها حول صغيرتها بحماية واحتواء و أردفت بنبرة غاضبة: عادات ماتت من زمان وإندفنت، جايه تحييها إنت وأمك دالوك ليه يا ليلي؟

أجابتها فايقة وهي ترفع من قامتها عاليا بتفاخر: أني واحدة بت عيلة وماسكة في العادات والتجاليد زين يا ورد، واني بجا مصممة بتك معتطلعش فوج غير لما تطاطي براسها وتعدي من تحت طوعي
تحدثت إليها نجاة بنبرة توسلية: إعجلي يا فايقة وفوتي الليلة على خير، أومال اني موجفتش لبتك إكدة ليه.

أجابتها بصرامة: إنت حرة في تصرفاتك يا نجاة واني كمان حرة، واني بجا كبرت في نفوخي وبت ورد مهتخطيش برچلها لفوخ غير لما تطاطي تحت يدي
إنتفض جسد فايقة من إستماعها لصوت رسمية التي صدح من الباب وهي تتحدث بصياح عالي: هي مين دي اللي عتاطي وتعدي من تحت يدك يا واكلة ناسك إنت، عتتشرطي على بت ولدي وتتحكمي فيها في بيت أبوها، كنك إدبيتي في عجلك يا مرة.

إرتعبت فايقة عندما نظرت إلى عمتها الغاضبة ويجاوراها زيدان بعيناه التي تطلق شزرا وقاسم بنظراته الملامة لوالدته
وتحدثت بتلبك: أني مطلباش غير الأصول والعادات يا عمه، ومحدش يجدر يغلطني في طلبي ده
تحدث إليها زيدان بنبرة حادة: فايقة، بلاش نبتديها عند ومكايدة من اولها عشان إنت معتجدريش على غضبي لو مسيتي شعرة واحدة من بتي.

تحدث قاسم إلى عمه كي ينهي الجدال الدائر: بعد إذنك يا عمي، إرچع إنت الفرح عند ضيوفك وسيب لي أني الموضوع ده واني هحله بهدوء
وأخيرا تحدثت صفا بنبرة غاضبة تنم عن مدي وصولها لقمة غضبها: وأني ممستنياش حد ياچي يحللي مشكلتي، أني كفيلة وجد حالي
وبحديثها الحاد إليه أستدعت غضب ذاك العصبي من جديد.

تلاشت نظراته المتوعدة لها ثم احالت بصرها إلى فايقة وتحدثت بقوة وصلابة ورأس شامخ مرفوع: بعدي يدك يا مرت عمي لجل ما أفوت، ولازمن تعرفي إن اللي بتعملية ده مفيش منية فايدة عشان لو السما إنطبجت على الارض أنا مهتاطيش، واكملت بكرامه: صفا زيدان مهطاطيش غير للي خلجها وبس، ولساته متخلجش اللي يخليني اطاطي راسي وأنحني له
تسلم البطن اللي شالتك ويسلم اللي رباكي يا دكتورة، كانت تلك جملة تفوهت بها رسمية بتفاخر.

ثم تحدثت بنبرة حادة: بعدي يا مرة وخلي ليلتك تعدي على خير وياي
شعرت بنار تسري بجسدها بالكامل لتشعله نار الهزيمة وخسارتها بجولتها الأولي أمام زيدان وإبنته
تحركت جانب وهي تنظر إلى صفا وورد وترمقهما بنظرات غاضبة تحت اشتعال قلب ليلي التي قهرت من إنتصار صفا عليها
وأمرت الجدة زيدان وقاسم بالرحيل وبالفعل تحرك
وانفض الاجتماع بعدما صعدت ورد وصباح وعلية بجوار صغيرتهم كي يطمأنوا عليها ويطمأنوا روحها.

ضلت نجاة وفايقة وليلي والجده التي تحدثت بحدة ناهرة إبنة أخيها وهي تشير إليها بسبابتها بتهديد: إسمعيني زين يا بت سنية وحطي الكلمتين بتوعي دول حلجة في ودانك لجل ما تتجي شري اللي إنت مش جده
إوعاك تجولي لحالك إني هستفرد ببت زيدان وأذلها لجل ما أنتجم فيها في اللي عملته أمها زمان لما زيدان فات اختك بدور بسببها.

واكملت بتحدي وهي ترمقها بنظرة حارقة: ده أنتي تبجي مخبلة وغلبانة جوي لو فكرتي إني هسيبك تمرمطي في بت ولدي واجف اتفرج عليك، إعجلي يا بت سنية وإحسبيها بعجلك وأشتري رضاي بدل ما أجلب على الوش اللي عمرك ما شفتيه، وساعتها عتتمني إن ربنا مكانش خلجك لجل ما ترتاحي من عمايلي السودة فيكي.

ورمقت الجميع بالغضب وتحدثت بأمر: ودالوك يلا فوتي منك ليها على المطبخ چهزوا الوكل اللي فايض من الطباخين لجل ما تخلوا البنات توزعوة على بيوت العيلة وعلى اليتامي والمساكين
وانسحبت لداخل غرفتها تحت إستشاطة قلب فايقة التي شعرت ولأول مرة بتخلي عمتها عنها وإصطفافها بالجانب المعادي لها.
داخل حفل الرجال الذي ما زال قائما، كان يجلس بعقل مشتت وقلب يشعر وكأنه كاد أن يتركه ويهرول إلى صغيرته كي يحتضنها ويضمها إلى صدره بشدة حتى يشعرها بالأمان، أحس بشعور سئ إنتابه من حديثه مع تلك العقرباء المسماة بفايقة، شعر بغدرها وانها تنتوي أن ترد له حقدها علية في إبنته.

إجتاحه شعور بالخوف عليها بجانب شعوره السئ الذي إنتابه منذ أن وجدها بين يداي قاسم وهي تتحرك بجانبه لتبدأ حياة جديدة بعيدا عن أحضانه الحانية التي طالما أغرقها بداخله وحاوطها بحنانه.

شعر به منتصر الجالس بجانبه، أمسك يده مربت عليها بمؤازرة وأردف قائلا بنبرة حنون: هون على نفسك يا زيدان، أني عيشت نفس إحساسك دي يوم دخلة مريم، عشان إكدة حاسس بيك ومجدر اللي إنت فيه يا أخوي، بس عزائك إن بتك بجت في عصمت راچل وأطمنت عليها.
كان يستمع إلى شقيقه، و يومئ له رأسه بصمت تام، حول عتمان بصره إلى نجلية وجد ملامح وجه زيدان يكتسيها الحزن ويخيم عليها
سأله بإهتمام: مالك يا زيدان؟

أجاب والده بنبرة صوت خافته مختنقة: سلامتك يا أبوي، دماغي واچعاني شوي من صوت المزمار.
تحدث إلية عتمان بنبرة حنون بعدما إستشف بفطانته سبب حزنه: طب جوم يا ولدي ريح جتتك في دارك، وأني كلها عشر دجايج وأخلي العريس يسلم على الرچالة ويطلع لعروستة وكل واحد يرچع لدارة وتنفض الليلة.
وكأنه كان ينتظر الإذن من والده فتحرك على الفور بإتجاة منزله أوقفه صوت يزن الجهوري وهو يناديه قائلا بإهتمام: على فين يا عمي؟

إلتفت إلية زيدان وتحدث بهدوء إلى إبن شقيقه الحنون الذي يعتبره إبنه الذي لم يحظي بإنجابه: هروح البيت لجل ما أريح راسي شوي يا ولدي.
ثم وضع كف يده على كتف يزن وتحدث: خليك ويا چدك ومتفتوش لحاله يا يزن، أجف مع العمال بتوع الفراشة والطباخين لحد ما يلموا حالهم وحاسبهم وإديهم بزياده يا ولدي، وأني هبجا أحاسبك، وأكمل مفسرا: ما تفتهومش منهم لعمك قدري، ما أنت خابره زين يدة ناشفة وهيغلبعم وياه في الحساب.

أومأ يزن لعمه قائلا بنبرة مطمأنة: من الناحية دي متشيلش هم يا عمي، چدي مديني فلوس كتير وجالي أحاسبهم وأديهم الطاج طاجين.
هز زيدان رأسه بهدوء وترك يزن وواصل طريقه، رفع يزن بصره وتطلع على شرفة جناح أميرته الجديد والتي سيشاركها قاسم مكوثها به من اليوم، إنخلع قلبه عندما تذكرها وتذكر عيناها وضحكاتها المرحة، أفاق حاله ونهرها على تفكيره بصغيرته التي طالما حلم بضمتها لصدرة لكنها أصبحت من اليوم محرمة عليه.

نظر على قاسم الجالس بجانب جده ويظهر على ملامح وجهه الإرتياح التام، فتنهد وعاد إلى الداخل ليواصل الترحاب بالضيوف ومضايفتهم بشكل يليق بحفل زفاف حفيد النعماني
في مكان جانبي يقف قدري ممسك بهاتفه الجوال الذي تلقي منه مكالمة في الحال بإسم الحاج إدريس، وهو الإسم الذي اطلقه على ماجدة كي لا تكتشف فايقة حقيقة أمر زواجها عليه.

تحدث بإبتسامة وهو يرفع قامته بشموخ: وأني كمان إتوحشتك جوي يا ماچدة، إتوحشت چلعك يا بت.
علي الطرف الأخر اطلقت ماجدة ضحكة خليعة وتحدثت بتشويق لإثارته: دلعي ودلالي موجودين وفي إنتظارك يا سيد الناس، بس إنت تعال وشوف ماجدة هتعمل لك إيه.
قالت كلماتها بدلال أشعلت جسد ذلك الأبله الذي تحدث بإشتياق: يا أبوووووي على حديتك اللي كيف المرهم، من صباحية ربنا هتلاجيني واجف جدامك لجل ما أشوف چلعك لراچلك.

ضحكت وتحدثت بنبرة صوت مثيرة: هستناك على نار الشوق يا سيد الناس، وأكملت بتذكير: بس متنساش وإنت جاي تجيب لي معاك هديتي لتمام المراد
وهنا إقشعرت ملامح وجهه وأنكمشت كحاله الدائم عندما يطلب منه أحدهم إنفاق المال الذي يعشق تكنيزه بشكل مرضي
وتحدث موبخا إياها: أباي عليك يا مرة وعلى طمعك، مهتشبعيش طلبات يا واكلة ناسك.
وأكمل مذكرا إياها: أني مش لسه من سبوع واحد شاري لك خاتم دهب؟

أما تلك الطامعة عاشقة المال وأقتناء الجواهر فقررت ان تستغل ذكائها كأنثي لتهدأت ذاك الثائر وإجباره على الإنصياع لتنفيذ طلباتها التي لا تنتهي
فتحدثت قائلة بنبرة أنثوية مهلكة: ومطمعش ليه، هو أنا متجوزة أي راجل، ده أنا متجوزة سيد الرجاله كلها اللي عايشة في حمايته وتحت جناحة، وبعدين الهدية بتقيس مقام الناس و إنت مقامك عالي، عالي أوي يا مالك القلب والروح،.

وأكملت بدلال اشعلت به كيانه: لما تيجي بكرة هتعرف إن مال الدنيا كله ميسويش الدلع اللي هتشوفه على إدين ماجدة حبيبتك.
إشتعلت نارة من حديثها المشوق وتحدث بضحكة سعيدة: إذا كان إكدة يبجا مش خسارة فيكي الهدية.
أطلقت ماجدة ضحكتها الخليعة من جديد زادت بها من إشتعال ذاك المراهق المتصابي.

دلف زيدان إلى داخل منزله ومنه إلى غرفته، جلس على حافة فراشه و أمال وجهه للأسفل واضع رأسه ببن كفي يداه، وبعد مدة دلفت إلية ورد التي أتت منذ القليل بعدما إطمأنت على وضع صغيرتها وتركتها لإستقبال عريسها
تحركت إليه وجلست بجواره تتحسس يده بإطمئنان متسائلة: مالك يا زيدان، فيك إيه يا أخوي؟

رفع رأسه وما أن رأها حتى إرتمي لداخل أحضانها وكأنه طفل كان تائهه من والدته داخل ساحة معجوئة بالبشر وبلحظة رأها تتحرك بإتجاهه
شعرت ورد بتيهت مشاعره فشددت من ضمته أكثر وتحدثت وهي تتحسس ظهره متسائلة بحنان: مالك بس يا حبيبي، طمني عليك يا نضري.
أخرج تنهيدة شق بها صدر معشوقته وتحدث وهو ما زال داخل أحضانها متشبث: معارفش لو جولت لك اللي چواي هتفهميني ولا لا يا ورد.

أجابته بنبرة مشجعة: جول وخرج اللي چواك وأني أكيد هفهمك يا حبيبي.
خرج من بين أحضانها وتحدث بنبرة حائرة منكسرة: مجادرش اتجبل إن بتي، بت جلبي اللي عشت عمري كلياته وأني شاجج صدري ومخبيها چوة ضلوعي لجل ما أحميها من الدنيي كلياتها
واسترسل حديثه بألم تملك من ملامحه وظهر بداخل عيناه: أچي إنهاردة وبكل بساطة إكدة أسلمها بيدي لراچل غريب لجل ما تنام في حضنة ويقتحم حصونها العالية.

إتسعت عيناها بذهول مما إستمعته منه وتحدثت إلية بعدم تصديق: إيه كلام المخربت اللي عتجولة ده يا راچل، هو أنت كفانا الشر سلمتها لواحد من الشارع؟!
ده چوزها وحلالها يا زيدان
أغمض عيناه بإستسلام وفرك وجهه بكف يده بإرهاق ثم تحدث قائلا: غصب عني يا ورد، مجاديرش أتجبل الفكرة.

تحدثت بمرح كي تخرجه من حالته تلك بعدما إستشعرت مدي حساسية الموضوع بالنسبة له: أباي عليك يا زيدان، مالك جلبتها نكد إكدة يا راجل، ده بدل ما تدعي لها بإن ربنا يهدي سرها ويسعدها ويا چوزها تعمل إكدة!
وبعدين زعلان جوي على بتك، أومال يوم فرحنا مزعلتش عليا ليه؟
ضيق عيناه وأجابها: بس إنت مكتيش بتي يا ورد.

ضمت شفتاها بحزن فتحدث كي يخرجها من حالتها: كنتي حبيبتي وحلمي اللي مصدجت إني أطولة بيدي وأشج صدري واخبيه چواتي
إبتسمت له وبدأت هي بحديث العشاق لتجعله مندمج مع حبيبته كي يتناسي أمر حزنه وبالفعل حدث رويدا رويدا.

أما قاسم فقد خطي بساقيه داخل مسكن الزوجية المخصص لهما بعد إنتهاء حفل الرجال، صوب ببصره إلى باب الغرفة المخصصة لنومهما معا
ساقته قدميه وتحرك بخطي سريعة حتى وصل لغرفتها وطرق الباب بخفة وأنتظر الرد، مر الوقت ولم يستمع إلى صوتها بالسماح له بالدلوف، تنهد بأسي ثم فتح الباب بهدوء وطل عليها برأسه، ثم دلف وأغلق خلفه الباب.

نظر عليها وجدها تجلس على طرف الفراش المخصص لهما منكسة الرأس تنظر لأسفل قدميها ومازالت ترتدي ثوب زفافها الذي جعل منها أميرة في يوم تتويجها
تحرك إليها محمحم لينظف حنجرته وتحدث بنبرة صوت جهورية مخبأ بها مشاعره الجياشة التي تطالبه بالإقتراب: مغيرتيش فستانك لحد دلوك ليه؟
إنتفض جسدها حين إستمعت لنبرة صوته وأجابته بثبات وهدوء حاولت جاهده كي تظهر به: هغيره بعد شوي.

هز رأسه بتفهم وتحرك إلى المنضدة الموضوعة بوسط الغرفة ورفع عنها الغطاء ليتطلع على الطعام المجهز خصيصا لليلتهما المميزة، ثم حول بصره إليها وأردف قائلا بهدوء كي يخرجها من حالتها تلك: طب يلا عشان ناكلوا لجمة سوا.
مليش نفس، كلمات قالتها بإقتضاب ونبرة جامده وهي تتطلع أمامها في اللاشيئ
أجابها بثبات وتأكيد: مهينفعش يا صفا، لازمن تاكلي عشان تصلبي طولك.
نظرت إليه بقوة وتساءلت بنبرة صوت حاده: بالغصب إياك؟!

رد سريع وهو ينظر لداخل عيناها بثبات وقوة وحديث ذات مغزي ومعني: لا، بالرضا يا بت عمي.
إرتبكت لعلمها مقصدة فتحدث هو بنبرة هادئة: لازمن تاكلي عشان نتمموا مهمتنا بسلام من غير ماتتعبي
إنتفض جسدها وأرتعبت وزالت قوتها الواهية التي تتمسك بها لتظهر بذاك الثبات أمامه وتحدثت بنظرات رعب سكنت عيناها: مهمة أيه اللي عتجول عليها دي؟!

وأكملت بنبرة صوت حاده: لا أنت بتحبني ولا أني ريداك و لا حتى طايجاك، يبجي لزمته أيه الموضوع ده من الأساس؟
إستمع إلى كلماتها وحالة من الغضب تملكت من جسدة وأشعلته، شعر بطعنة برجولته وكبريائة من تلك الكلمات الحادة الرافضة لرجولته وتحدث بنبرة حاده صارمة: وهي الحاچات دي بالحب إياك يا دكتورة؟
ضيقت عيناها وتساءلت بإستغراب: أومال بأيه إن شاء الله؟

رد عليها بقوة وصلابة: بالعادات وبالتجاليد، ناسية إياك إن حريم الدار هياچو من النجمة لجل ما يطمنوا عليك؟
وأكمل بإبتسامة ساخرة ونظرة وقحه ذات معني: عاوزه تسوئي سمعتي جدامهم يا صفا؟
أزاحت عنه بصرها خجلا وأقشعر بدنها من وقاحته معها
إقترب منها وتحدث بهدوء وتعقل: إسمعيني زين يا بت الناس، ظروفنا وطبيعة عيلتنا حططنا أنا وإنت في موجف لا نحسد عليه ولازمن نكملو في طريجنا اللي إنجبرنا نمشوا فيه للأخر.

وجهت تساءلها له بنبرة جادة: بس إحنا إتفجنا جبل سابج إن چوازنا مهيكونش أكتر من ورجة مش ملزمين ننفذ اللي مكتوب فيها؟
أجابها بهدوء محاولا إقناعها: إيوة بس أهالينا ميعرفوش عن إتفاجنا ده حاچة، ده غير إن الموضوع ده لازمن يتم يا صفا، ده حلال ربنا وشرعة يا بت الناس
وأكمل بنبرة ذكورية بحتة: أني راچل ولازمن أتمم چوازي عليكي حسب الشرع والأصول، ولازمن تحطي في بالك إن إحنا معيشينش لوحدينا إهني.

وأكمل بوعد صادق أو هكذا خيل له: وأوعدك إني مهجربش منيكي تاني واصل وهكون جد إتفاجي السابج وياكي
إسترسل حديثة وتحدث قائلا وهو يشير إلى تلك المنضدة من جديد: بس تعالي اللول ناكل لجمة مع بعض
رفضت بقوة وهتفت قائلة بنبرة حادة غاضبة: جولت لك معيزاش.

غضب من إسلوبها الحاد وهتف بنبرة أكثر حدة وهو يتناول بغضب منامته الموضوعة بعناية فوق الفراش: إنت حرة، أنا طالع أغير في الصالة على ما تغيري فستانك، عشر دجايج وراجع لك تكوني جاهزة، مفهوم؟
قال كلماته الأمرة وبسرعة البرق إختفي من أمامها، إنتفض داخلها وتحركت سريع مهرولة لتبديل ثيابها قبل عودته.

وقبل إنتهاء العشرة دقائق كان ذاك المتسرع يدق بابها، خطي للداخل وبلحظة إتسعت عيناه بذهول وتسمر مكانه حينما وجدها أمامه بهيئتها المهلكة لرجولته والمحطمه لحصونه الهاوية
فتح فاهه ببلاهه واتسعت عيناه بذهول وهو يراها ترتدي ثوب رقيق قصيرا للغاية ذو حمالات رفيعة وصدر مفتوح يظهر جمال واستدارت نهديها الأبيض بهيئة مهلكة أحرقت روحه بالكامل.

ثوب يظهر أكثر مما يستر كانت قد وضعته لها والدتها فوق الفراش خصيصا لتلك الليلة المميزة لكل فتاة، وأرتدته تلك التائهة دون تفكير أو إدراك منها بأنها وبذاك الثوب ستسكب مادة سريعة الإشتعال فوق نار ذاك القاسم فتلتهب ناره أكثر وأكثر
سال لعابه بشدة حين وجدها أمامه بتلك الهيئه طالقه العنان لشعرها الحريري بلونه البني ذو الطلة الساحرة الخاطفه للأبصار والأنفاس.

تحرك إليها مسلوب الإرادة ودون إدراك منه وكالمسحور وقف مقابلا لتلك التي تفرك يديها بتوتر يظهر له، مرر بصره فوق مفاتنها يتفقدها وهو يبتلع سائل لعابه بطريقه أخجلتها وجعلتها تلعن غبائها الذي جعلها ترتدي ذاك الثوب المثير دون إدراك أو وعي منها وكأنها كانت مغيبة وبلا عقل حين إرتدته.

كالمغيب وضع كفي يداه فوق كتفيها يتلمس بشرتها الحريرية برقة، أثارته نعومة بشرتها اللينة وقربها منه ثم مال بطوله الفارع عليها أذابته رائحة جسدها العطره وأشعلت ناره، وكاد أن ينهال على شفتاها المكتنزة بلونها الوردي لينهل منهما ويشرب ويتذوق من شهدهما المكرر
وضعت يداها سريع على صدره كسد منيع وأبعدته بحده وتحدث كبرياء الأنثي بداخلها: ملوش لزوم لكدة يا ولد عمي.

جاهدت حالها بصعوبة كي تخرج تلك الكلمات الصعبة على قلبها المتيم بغرام ذلك الفارس، فكم من المرات التي تمنت وحلمت بحدوث تلك اللحظة بذاتها ولكن ليست بتلك الطريقه وهات الظروف.

كم تمنت أن يضمها لصدره الحنون ويوشي بجانب اذنها ويسمعها أعذب كلمات الهوي وأجملها، ويجعلها تذوب وتتهاوي بين يداه ليحملها بين ساعدية القويتان ويضمها لصدره ويتحرك بها إلى فراشهما لينعما معا بأولي جولاتهم العشقية الحلال- ولكن للأسف- ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

ثم نظرت إليه بصلابه مصطنعه بصعوبة وهتفت بنبرة حاده ردا على كلماته المهينه لإنوثتها الذي تفوه بها منذ القليل: وزي ما أنت جولت من إشوي، إنها مهمه ولازمن نخلص منيها
ضيق عيناه ونظر إليها بإستغراب وتحدث بتساؤل وهو يداعب لسانه بشفتاه: بس إكده نبجوا زي الحيوانات يا دكتورة!
نظرت له بصلابه مصطنعه وتحدثت بقوة زائفة وهي ترمقه بنظرة إشمئزاز: وتفتكر إن فيه فرق؟

إستشاط داخله من حديثها الذي جعل الدماء تغلي داخل عروقه وأنتفض العرق الصعيدي بداخله، وتحدث وهو يدفعها بحده ليجعلها تتهاوي، سقطت أثر دفعته القوية فوق الفراش بقوة، رفعت بصرها ونظرت إليه بذهول تستوعب فعلتة بعدما أزاحت بيدها خصلات شعرها الذي تناثر أثر دفعته القوية لها
فتحدث هو بنبرة حاده متوعدا إياها: طبعا فيه فرج يا بت عمي، وفرج كبير جوي كمان، ودالوك هعرفك معاملة الحيوانات كيف بتكون.

إرتعب داخلها وأقدم هو عليها وهو ينتزع عنه ثيابه ويلقي بها أرض بعنف وغضب، لينهي إدعائة لتلك المهمه التي ما أن بدأ بها وغاص حتى تحول غضبه منها وحدته إلى منتهي الحنان والرقة رغم عنه وذلك بعدما لمح رعبها منه بعيناها الفيروزية التي جذبته بطريقة مثيرة حتى أنه شعر وكأنه ولأول مرة يراهما من شدة سحرهما.

قربها من صدره بحنان وضمها إليه وأوشي بجانب اذنها كي يطمئن روعها، مما جعل القشعريرة تسري بداخل جسدها وتخدره: إهدي يا صفا ومتخافيش مني، أني مهأذكيش
وبرغم حديثه اللين إلا أنها ما زالت مرتعبه منكمشة على حالها وتشعر بإهانة لا مثيل لها
إبتعد عنها وتحدث متراجع بنبرة جادة متحاملا على رغبته كثيرا وذلك كي يهدئ من روعها: لو معيزاش جربي دي أني هبعد ومش مهم نتمم الموضوع.

وأكمل بنبرة حنون: وأني كفيل إني أجف جدام اللي عيتكلم ويسأل عن الموضوع دي، أساسا محدش ليه صالح بينا، دي حاچة بيناتنا.
هزت رأسها بإعتراض خشية على والدتها من حديث فايقة التي حتما ستحشر أنفها داخل الموضوع، وأجابته من وسط خجلها القاتل وشعورها بالإهانة الذي ينتابها: خلصني يا قاسم، وزي ما انت جولت من إشوي إحنا معيشينش لحالنا في الدار.

وما أن إستمع لحديثها حتى عاد يتابع ما كان مقبلا عليه غائص في بحر عسلها الذي قاوم الغرق به لكن رغم عنه وجد حاله يغوص ويغوص بمنتهي الإستمتاع واللذة
بعد مدة ليست بالقليلة إعتدل بجانبها ونظر لها بعيون لامعه وتحدث بنبرة حنون وبأنفاس لاهثة متقطعة وهو يتفقد ملامحها بحنان: مبروك يا صفا.
ثم أكمل بتساؤل متلهف عليها: إنت زينة؟
حاسه بحاچة وچعاكي؟

تماسكت كي لا تنفجر دموعها أمامه وتظهر له كم هي هشة، ضعيفه، لم تجيبه ولم تنظر إليه من الأساس وتحركت من جانبه سريع وهي تلملم ثوبها الفاضح وتستر به جسدها وأسرعت هاربة داخل المرحاض وعلى الفور أوصدت الباب خلفها
نظر بجنون على طيفها وهو يلهث بأنفاس متقطعة وشعور غريب عليه يجتاح عالمه ولأول مرة، أهذا هو الزواج؟

حدث حاله بسعادة، ما هذا الشعور الذي إنتابني وتغلغل داخلي وزلزل كامل كياني، كيف لهذة الصغيرة أن تكون بكل تلك الأنوثه المتفجرة وكيف لها أن تنقل لي هذا الشعور الرائع.

أما تلك البريئه معدومة الحظ التي وما أن دلفت لداخل المرحاض وأوصدته حتى جرت إلى صنبور المياه وفتحته كي لا يستمع إلى صوتها الباكي، وبعدها إرتمت على أرضيته بإستسلام وخضوع، وضعت يدها فوق فمها وبدون سابق إنذار إنفجرت دموعها التي جاهدت حالها وهي معه كي لا تنهار وترتمي داخل أحضانه التي طالما حلمت بها وبضمتها إليه،.

بكت حينما تذكرت رائحة جسده العطرة التي تغلغلت داخل أنفها وهزت كيانها، لطالما تخيلتها وتمنتها، بكت على حبيب وحلم ضاع وتقطعت أوصاله، بكت على كرامتها التي دهست تحت قدماه بعقد رسمي وشهادة الجميع علية، وأكمل هو على ما تبقي منها الأن وهو يدك حصونها العالية بلا أدني رحمة أو إنسانية
ضلت تبكي لوقت طويل لا تعلم مدته حتى إستمعت إلى طرقات خفيفة فوق الباب ولصوته المنادي بحنان الذي أربكها: صفا، إنت كويسه؟

مسحت دموعها وتحدثت بنبرة صوت حاولت بها التماسك: أني كويسه، شوي وخارجة.
ثم تحركت إلى حوض الإستحمام ونزعت عنها ثوبها وألقته فوق الأرضية بحده ونزلت تحت صنبور المياه التي إنهمرت فوقها وأختلطت بدموعها المقهورة على شعورها بالخزي والمرارة والخزلان
بعد مده خرجت ترتدي مأزر الحمام (البرنس) وهي خجلة للغايه وممسكة فتحة صدرة تغلقها بكف يدها، وذلك لعدم تذكرها لأخذها ثياب معها للداخل.

نظر إليها بعيون متسعه مزبهلة من شدة جمال تلك البريئة الصافيه التي ما زادها البكاء إلا جمالا، حيث ساعد البكاء مع الماء الساخن على إحمرار أنفها وخديها بطريقة مثيرة، أما شفتاها، فا اه من شفتاها الكنزة فحدث ولا حرج
إبتلع لعابه من هيئتها وتساءل بإهتمام: إنت كويسة؟
هزت رأسها بإيمائة خفيفه وأحالت بصرها عنه، وصلت إلى خزانة الثياب وأختارت منامة محتشمه بأكمام ودلفت إلى المرحاض من جديد.

أما هو فحمل تلك الصنية الموضوعة فوق المنضدة وتحرك بها واضع إياها داخل المطبخ. وتحرك من جديد إلى غرفة النوم
بعد مده خرجت وصففت شعرها وأتجهت إلى التخت أخذت وسادة وأتجهت بها إلى الأريكة
تساءل هو متعجب: بتعملي أيه يا صفا؟!
أجابتة بصوت ضعيف واهن منكسر: زي ما أنت شايف، بچهز نومتي.

تحرك حتى وصل لوقفتها وتحدث بهدوء ونبرة حنون: أني عارف إنك زعلانه مني بسبب اللي حصل بيناتنا من شوي، بس أني بردك معزور يا بت عمي، وأكمل بنبرة طغي عليها الندم فحقا قادته غريزته التي إنتصرت على إنسانيتة ولكن إنتهي الأمر وحدث ما حدث: أني أسف على الطريجة اللي كلمتك بيها وكمان أسف على المعاملة، بس إنت اللي نرفزتيني يا صفا و وصلتيني لكدة.

وأكمل بدعابه كي يخرجها مما هي علية: فيه واحدة بردك تجول لراچلها ليلة دخلتة إنه كيف الحيوان؟
وأكمل متسائلا بعيون حانية ونبرة صوت أشعلت قلبها العاشق: أني حيوان يا صفا؟

كانت ترفع قامتها وتنظر إليه وهي تائهه في سحر عيناه الغميق التي ولأول مرة تراهما عن قرب، حقا حبيبها يمتلك جاذبية لا تقاوم، ثم وضع يده وأمسك خصلة كانت هاربة من شعرها الذي تحول من الحريري إلى الغجري بفضل المياة وأرجعها خلف أذنها وتحدث بهدوء: تعالي نامي چاري على السرير ومتخافيش على حالك مني.
وأكمل بعيون حانية أهلكت حصونها: صدجيني مهجربش منيكي تاني ولا هضايجك.

كانت شاردة داخل عيناه ونبرته الحنون وكأنها تناست أمر حالها وما جري لها على يده منذ القليل
أمسك يدها وسحبها بكل هدوء وتحدث وهو يمددها فوق التخت وكأنها مسلوبة الإرادة: نامي يا صافي.
تمددت وغمرها هو بالغطاء الحريري الصيفي وتحرك إلى الجهه الأخري وتمدد بجوارها، وضع رأسه فوق الوسادة ليقابلها ثم وضع كف يده فوق وجنتها وتلامسها بنعومه أهلكت حصون كلاهما ولكنه نفض من رأسه تلك الأفكار التي إجتاحت رأسه.

وتحدث بنبرة صوت ناعمة: تصبحي على خير يا دكتورة.
حمحمت وأخرجت صوتها بصعوبة بالغة قائلة: وإنت من أهله.
وبعد مدة بسيطة غاصت بنومها من شدة توترها طيلة اليومين المنصرمين وأيضا تعبها، وكأنها كانت تحتاج للهرب من أمام عيناه لتنأي بحالها من براثن عشقه المدمر لقلبها
نظر لها بعيون حزينه وحدث حاله، سامحيني صفا فيما سأفعله، فالعقل تحكمة العادات والتقاليد، أما القلب فحكمة الوحيد هي المشاعر لا غير
سامحيني.

داخل مسكن فارس، خطي بساقيه للداخل حتى وصل لغرفة نومه وفتحها بهدوء ولكنه تفاجئ حين وجدها خالية من وجود مريم، قطب جبينه بإستغراب وتحرك للخارج للبحث عنها وفتح باب غرفة الأطفال فوجدها تتسطح فوق إحدي الأسرة تحتضن صغيرتها التي تغفو بأحضانها.

نظر عليهما وتنهد بحزن وأغلق الباب من جديد ومضي في طريقه للعودة إلى غرفته، ليغفوا لحاله بصحبة أحزانه التي أصابته عندما رأي حبيبته السابقة وما شعره من مرارة عندما رأها أمام عيناه
أما تلك المتسطحه التي اوهمته انها غافية ففتحت عيناها وبدون سابق إنذار إنهمرت دموعها من جديد فوق وجنتها بمرارة وقلب يتمزق على ما وصلت إليه اليوم من إهانة زوجها لها وهو ينظر على إبنة خالته بحالة مخجلة، غير عابئ لوجودها بالمرة.

أما داخل غرفة فايقة
دلف إليها قدري في وقت متأخرا من الليل وذلك لوقوفه مع العمال وهم يضبضبون أشيائهم ليرحلوا، أعطي يزن لكل فريق منهم حساب مهمته وانصرفوا وصعد هو
نظر على حبيبته الجامحة وجدها تغط في ثبات عميق، خلع عنه ثيابه وتوجه إليها مباشرة دون حتى الإغتسال، تمدد بجانبها وبدأ يتحسس جسدها برغبة جامحة.

إنتفضت من نومتها ونظرت إلية بذعر وتحدثت بنبرة حادة بعدما رأت الرغبة داخل عيناه: عاوز أية يا قدري الساعة دي؟
تحدث إليها بنبرة متلهفة وهو يقترب منها أكثر: عاوزك يا فايقة
نفضت يده عنها بعنف وهتفت بنبرة صارمة وملامح وجه مكشعرة: بعد يدك عني وروح إسبح بريحتك دي وأبجا تعالي نام.

وأكملت وهي تتثاوب بنعاس وتتمدد وتعود لوضع نومها من جديد: سيبني أنام واوعاك تجرب مني يا قدري، أني همدانه وتعبانه طول النهار ومصدجت فردت جتتي على السرير
كان يستمع لها والغل ينهش داخل صدره من رفضها المستمر لقربه منها، أحكم قبضة يده بغل فوق ذراعها وتحدث وهو يجبرها على الإلتفاف والنظر إلى وجهه: إنت إية حكايتك اليومين دول يا حرمة، سايجه العوج عليا وشغلالي في اللزرق لية يا بت سنية؟

وأكمل بحدة وهو ينهرها ويهزها بعنف: عليا اليمين لو ما أتعدلتي لتچوز عليكي وأجهرك وسط حريم الدار
جحظت عيناها من هول ما استمعته وتحدثت بفحيح كالأفعي: إتچنيت إياك يا قدري؟
وأشارت على حالها بعدم تصديق: عتجولي أني الحديت دي، ده بت الرچايبة اللي كيف الأرض البور چوزها مرضاش يجهرها ويچيب لها ضرة وجعد بطولة في الدنيي من غير عيل ولا تيل.

وأكملت بكبرياء وتفاخر: جوم أني، فاااايقة بت النعمانية اللي چايبة لك بدل الراچل إتنيين يسدوا عين الشمش تهددني وتجولي إكدة؟
أجابها بفحيح ونبرة رجل مهان على يد إمرأته: وهو بخلفة العيال إياك، روحي شوفي بت الرچايبة اللي عم تتمسخري عليها كيف بتعامل راچلها، دي عاملة خدها مداس ليه لجل ما يمشي ويتعزز عليه.

عشان دي متچوزة زيدان النعماني، مش أي راجل والسلام، جملة عقيمة تفوهت بها فايقة دون وعي وهي ترفع قامتها للأعلي بتفاخر
وكان عقابها صفعة مدوية لطمت بها بشدة من ذلك الغاضب الذي أمسك بمجموعة خصلات من شعرها وبات يهزها بعنف ويتحدث بفحيح كالأسد الذي إنقض على فريسته: وإنت بجا اللي متچوزة راچل والسلام يا واكلة ناسك؟
صرخت بتألم وهو يهزها بعنف من خصلات شعرها وتحدثت بتألم: سيب شعري يا قدري عتخلعه في يدك.

وأكملت بنبرة زائفة كي ترضية ليتركها: أني مجصديش اللي جه في بالك، وأجصدة كيف و إنت في نظري سيد الرچالة كلياتهم
وما أن إستمع لجملتها حتى لانت عضلات جسدة المتشددة و هدأت غضبتة قليلا، لانت قبضة يدة من فوق خصلاتها وتحدث إليها بأنفاس لاهثة وهو يقف: أني داخل الحمام أسبح، أطلع ألاجيكي مستنياني وعلى سنجة عشرة، فهماني يا واكلة ناسك؟

دلف هو للداخل أما هي فمدت يدها و جففت دموعها التي هبطت من ألم صفعته القوية التي علمت على صدغها، وجذبه لخصلات شعرها، . وقفت وتجهزت كما أمرها كي لا تستدعي غضبه مرة أخري
وبعد مدة كان يجاورها الجلوس مبتسم وتحدث إليها: ياااااه، أخيرا نفوخي راج من موضوع چواز قاسم من بت زيدان، حاسس إني ملكت الدنيي كلياتها إنهاردة.

كانت تستمع إلية بملامح وجه مكشعرة مبتعده بنظرها بعيدا عنه فتحدث هو إليها: معترديش عليا ليه يا حرمة، الجطة كلت لسانك إياك؟
وكأنه بحديثه هذا قد ضغط على زر إنفجارها بعدما فقدت صبرها وتحدثت بنبرة غاضبة: إنت عاوز إية مني في ليلتك اللي مفيتاش دي يا قدري، مش كفاية إنك مديت يدك على لأول مره في حياتك وخدتني جبر، لا وكمان مستني مني أرد عليك واتحدت وياك عادي وكأن مفيش حاچة حصلت.

تنهد ووضع يده فوق ساقها مربت عليه وتحدث إليها: وكنتي عوزاني أعملك أيه بعد رفضك ليا بالشكل ده.
تجوم تهددني بإنك تچيب لي ضرة ويوصل بيك الحال إنك تضربني يا قدري؟ جملة تساءلت بها فايقه بنبرة لئيمة
فأجابها بنبرة غائرة: أني مضربتكيش غير لما لجيتك بتتحدتي عن راچل غيري إكدة.

وأكمل بعيون حقا عاشقة وبجنون: أني عشجانك ودايب فيكي دوب يا فايقة. ، وإنت سايجة الدلال عليا بجالك ياما وأني كل مرة أديكي العذر وأجول يا واد أصبر وأتحمل چلعها، بس كل شيئ وليه أخر يا فايقة
نظرت إلية بملامح غاضبة وتحدثت بنبرة صارمة: أول وأخر مرة تعمل فيا إكدة يا قدري، وإلا قسما عظما أسيب لك البيت وأروح أجعد عند أمي، فاهم يا قدري.

إقترب منها وسحبها لداخل أحضانه تحت نفورها منه وتحدث هو: حاضر يا مالكة الروح، بس إنت كمان راعيني شوية عن إكده.
تنفست بهدوء، وهزت له رأسها مجبرة وشدد هو من إحتضانة لها.

في ظهر اليوم التالي داخل منزل الحاج عتمان، دلفت ورد إلى منزل عتمان بجوارها صباح وعلية والعاملات لديها والأقارب وهن يحملن فوق رؤسهن صواني مستديرة يضعن فوقها كل ما لذ وطاب من أكلات شهية وحلوي وفاكهه كما هو العرف في بلدتهم.

وما أن دلفن للداخل حتى قمن بإطلاق الزغاريد العالية، خرجت على أثرها فايقه من المطبخ والتي تحدثت إلى ورد بإبتسامة مزيفه ونبرة تهكمية: مبارك على بتك زينة شباب النعمامية كلاتهم يا سلفتي.
نظرت لها ورد وردت بنفس نبرتها التهكمية: المفروض أني اللي أجول لك مبارك على ولدك بفوزة بست الصبايا يا ام قاسم.

أسكتهما صوت رسمية الجهوري التي أتت من غرفتها قائلة بنبرة صارمة كي توقف تلك المهزلة: چرا لك أيه يا حرمه منك ليها، بدل ما أنتوا جاعدين ترموا على بعضيكم إكده نزلوا الصواني من على روس الحريم اللي واجفة دي
همت صباح وعلية إنزال الصواني وادخلوها إلى المطبخ
وبقي الصنيتان الخاصة بطعام العروسان.

حين أكملت رسمية بنبرة قويه أمره: وإنت يا ورد، خدي صباحية العرسان لفوج و إطلعي إطمني على بتك وخليها تدلي لجل ما تسلم على حريم وبنات العيلة.
أومأت لها بطاعه وأردفت قائلة بنبرة هادئة نالت بها إستحسان رسمية: حاضر يا مرت عمي.

وتحركت حتى إقتربت من الدرج لتصعده ثم ألقت ببصرها على فايقة الواقفة بجانب درابزين الدرج تداري وجهها بكف يدها، وضيقت عيناها مدققه النظر على خدها وتحدثت بنبرة ساخرة بعدما تأكدت ظنونها عندما وجدت علامات لأصابع يد بشرية: سلامة خدك يا أم قاسم؟

إقتربتا عليهما علية وصباح التي تحدثت إلى فايقة بنبرة ساخرة بعدما رأت ظهور أصابع قدري على صدغها: طول عمري واني بسمع عن الكف الخماسي إلى عيلوح رجبة اللي عيتلافاه، أول مرة أشوفة على الطبيعة، وعلى مين؟
علي فايقة المستجوية؟
واكملت ساخرة: هي الجطة كلت عيالها ولا إية ولاد!
ثم اطلقت صباح ضحكة ساخرة، في حين تحدثت عليه قائلة بإستحسان: أهو أني إكدة يدوب إطمنت على قدري أخوي.
ضحكتا صباح وعليه.

أما ورد التي كظمت ضحكتها لعدم إثارت غضب فايقة وذلك لأجل إبنتها، إنسحبت وصعدت لتطمأن على صغيرتها
أما عن فايقة فقد إتخذت نصيبها من الصمت وتحركت لداخل المطبخ بغضب لعدم وجود إجابه لديها، فمنذ الأمس وهي تحاول بكل ما استطاعت إزالة أثار أصابع ذاك الثور ولكنها بائت جميعها بالفشل، فكظمت غيظها من ذاك الثلاثي المرح متوعده لهم برد الصاع صاعين في القريب.

تملل بنومته الهنيئة وفرد ذراعية يتمطئ براحة وما زال مغمض العينين، شعر بإحساس غريب، شعور بالراحة والطمأنينة، هدوء وسكينة تجتاح كيانه بالكامل حتى أنه إستغرب حاله، فهو من الأشخاص الذين يشعرون بمزاج سيئ عند الصباح بدون أسباب.

تمطئ بجسده من جديد وبدأ بفتح عيناه بهدء رويدا وفجأة إتسعت بشدة وانتفض من نومته ورفع قامته مستندا بساعده على الوسادة وبات يدقق النظر لذاك الملاك النائم بجواره، شعر برعشة هزت جسده بالكامل وفرحة لم يعلم مصدرها إقتحمت قلبه
وها هو الان إكتشف سر إستكانت روحه، كان سارح في جمالها الخلاب يحدث حاله، ما أجملك صفا، كم أن رب الكون تفنن وأبدع في خلقك وأظهرك في أبهي صورة.

فاق من شروده على صوت جرس الباب وقرع بسيط فوقه، إبتسم لتلك النائمة وبصوت متحشرج متأثرا من النوم تحدث إليها بهدوء وهو يتلمس خدها المياس: صفا، صفا
نطقت مهمهمة ومازالت مغمضة العينان بوجه مبتسم تظهر عليه علامات الراحة والإستكانة وهي تعتقد بأنها تري حلم جميل تستمع به إلى صوت متيمها: إممممم
شعر بسعادة لا يعرف مصدرها وتحدث إليها مبتسم وهو يستمع مجددا لجرس الباب يقرع: فتحي عنيكي يا صفا، چرس الباب بيضرب.

وما أن إستمعت لنبرة صوته صريحه حتى فتحت عيناها بإتساع غير مصدقة لما أصبحت عليه، إنتفضت من نومتها وسحبت جسدها لأعلي سريع لتجلس وهي تلملم في خصلات شعرها وتمسك بياقة منامتها وتضمها بشده على صدرها وذلك من شدة خجلها، تتهرب بعيناها بعيدا عن مرمي عيناه
فتحدث هو بنبرة حنون مهلكة لقلبها العاشق بإبتسامة سعيدة معجب بخجلها الزائد: صباح الخير يا صفا.

إنتفض قلبها وارتعش من مجرد إستماعها لنطقه إسمها بكل ذاك السحر والحنان، سحرتها هيأته المشعثة من أثار النوم، تحدثت إلية بعيون خجلة تتجنب النظر إلية ونطقت بصوت ناعس: صباح النور.
ثم إنتفضت واقفة وتحدثت بنبرة هادئة: ممكن تفتح الباب على ما أغير هدومي؟
أجابها بهدوء وهو يهم بالوقوف: هدخل الحمام أغسل وشي وأفوج وأطلع أفتح لهم.

تحدثت بنبرة متعجبة من شدة بروده: واللي على الباب إن شاء الله هيجف يستني چنابك أما تفوج حالك؟
و أكملت بنبرة تهكمية: ما تفطر بالمرة وتشرب الجهوة لجل ما تفوج على الاخر!
أطلق قهقه عالية وأرجع رأسه للخلف بطريقة جعلت منه جذاب حد الجنون مما جعلها تبتلع لعابها وتحدث هو بدعابة بعدما تمالك من ضحكاته: وماله لما اللي على الباب يستني، أني أعمل اللي على كيف كيفي إنهاردة.

وتحدث إليها غامزا بدعابة: عريس بجا وإنهاردة صباحيتي.
إبتلعت لعابها وتحركت سريع من أمامة واقفة أمام خزانة ملابسها وفتحتها لتنتقي منها ثوب مناسب مما جعل ذاك القاسم يضحك على هروبها، ودلف إلى المرحاض، وبعد مدة قصيرة خرج وارتدي مأزره ودلفت هي إلى المرحاض
تحرك هو بإتجاة الباب وفتحه فتحدثت ورد بإبتسامة سعيدة: نموسيتكم كحلي يا عريس، كل ده نوم، الحريم راسهم وچعتهم من شيل الصواني فوچ نفوخهم.

تحمحم قائلا بإحراج وهو يتحرك جانبا ليفسح لهم المجال مشيرا بيده في دعوة منه للدلوف: معلش يا مرت عمي، حجك علي، إتفضلوا
سبقت ورد العاملات إلى المطبخ وأنزلن ما يحملن وبدأت ورد برص جميع الأغراض فوق رخامة المطبخ وتحركن النساء إلى الأسفل من جديد مصطحبين الصواني الفارغة واغلقن الباب خلفهن
أما ورد التي إقتربت من وقفة قاسم بمنتصف البرهه وتسائلت متلهفة: وينها عروستك يا عريس؟

أشار لها لداخل الغرفة وهو يهم بالتحرك قائلا: صفا جوة، هدخل اندها لك.
اوقفته بصوتها المعترض وهي تستبق خطوته: خليك إنت يا قاسم، أني داخلالها.

إستغرب من تصرفها وفضل الصمت ودلفت هي للداخل وما هي إلا دقائق قلة إلا وأستمع لصوت زغاريد عالية تصدح من داخل غرفة نومه، وكأنها كانت إشارة منها للنساء الواقفات في الأسفل اللواتي ما إن إستمعن لإشارة ورد حتى إنطلقن جميعهن بإطلاق الزغاريد المهنأة، حينها فهم مغزي موافقتها على إتمام دخوله الشرعي بها.

بعد بضعة دقائق اخري تسمر بوقفته وفتح فاهه من شدة جمالها الأخاذ الذي رأه بام أعينه وهي تجاور والدتها الخروج مرتدية ثوب قصيرا رائع المظهر بلونه، حيث كانت ارضيته باللون الأبيض وبه نقش زهرة رقيقة باللون الزهري، تاركة لشعرها الحريري العنان ليرفرف فوق ظهرها معلنا عن حريته، واضعه بعض مساحيق التجميل الخفيفة جدا والتي جعلت منها أيقونة جمال.

ضحكت ورد بخفة عندما رأت ذاك المتصلب بوقفته وعيناه العاشقة لجمال إبنتها وتحدثت وهي تمسك بيد إبنتها: هاخد منيك عروستك عشر دجايج بس وبعدين هرچعها لك، وأجي أجهز لكم فطور العرايس اللي يستاهل بوجكم
وبالفعل تحركت بضع خطوات ولكن أوقفهما صوت ذاك الغاضب المعترض: على فين العزم إن شاء الله يا صفا هانم؟
إلتفت بوجهها وكادت ان تتحدث لولا صوت والدتها الذي سبقها: هتدلي تسلم على حريم العيلة وتطلع طوالي.

وهتدلي إكدة؟ جملة نطق بها قاسم متهكم بالنظر إلى ملابسها
أجابته ورد بنبرة مطمأنه تحت إستشاطته: ما تجلجش يا قاسم، البيت تحت مفيهوش ولا راچل، چدك خد رچالة البيت كلياتهم وراحوا إستراحة جناين الفاكهه لجل ما يفضوا البيت للحريم اللي هتاجي تبارك.
رد عليها بإعتراض: وده معناته إنها تنزل تجابل الحريم ملط إكدة؟ وبعدين إفرض إن حد من الرچالة رجع على غفله لأي سبب كان، يبجا أيه الحال وجتها يا مرت عم؟

شعرت بالدماء تتدفق بوجهها خجلا من وصفه الوقح، في حين أجابته ورد بنبرة مطمانة: ما تجلجش يا ولدي محدش هياچي، ولجل ما تطمن أني هجف على البوابة وأجفلها بنفسي.
أجابها برفض قاطع وغيرة خارقة: ريحي نفسك يا مرت عمي، مرتي مهتنزلش إكدة لو إنطبجت السما على الأرض.
واشار لها أمرا بنبرة حادة: لو حابة تنزلي بجد، إدخلي غيري خلجاتك دي وإلبسي حاچة حشمة وحطي طرحة فوج راسك.

ومن الغريب والغير متوقع لديه أنه رأي طاعتها داخل عيناها حيث هزت له رأسها بطاعة وتحركت إلى الداخل من جديد بقلب سعيد متراقص فقط لشعورها بإهتمامه به وغيرته عليها وذكرة لكلمة (مرتي)
تحت إستشاطت ورد التي تحدثت إلية بنبرة لائمة: بجا إكدة يا قاسم، أنزلها أني كيف جدام الحريم وشعرها متغطي إكدة، هي مش عروسة إياك ولا أيه.

أجابها بهدوء: عروسة وست العرايس كلياتهم ما مرت عمي، بس تنزل جدام الحريم بإحترامها ولبسها الكامل، أني چوزها ورايد إكدة
طلت عليهم من جديد وكانت حقا بديعة الجمال مما جعله ينظر إليها منبهرا بجمالها، وما ان رأها حتى شعر بإرتياح وسكينة وشعر أيضا برجولته التي تعظمت بفضل إنصياعها لأوامره وطاعته بطريقة أثارته.

وتحركت هي بجانب والدتها ونزلت الدرج بجوارها، وما ان رأتها نساء العائلة التي طال إنتظارهن لها حتى أطلقن الزغاريد المهنأة وتهافت عليها المهئون يتبادلن معها القبل والأحضان كما هو العرف، وتحركت إلى جدتها التي إحتضنتها وهنأتها بحفاوة وأيضا فايقة التي هنأتها بإبتسامة مزيفة خشية من أن تصب رسمية غضبها عليها من جديد كليلة أمس لو عاملتها بقلة تقدير.

تحدثت رسمية إليها وهي تربت فوق كتفها: إطلعي يا بتي على شجتك لچل ما تفطري وتفطري چوزك.
ووجهت باقي حديثها للنساء المتواجدات: وإنتوا يا چماعة، إتفضلوا إجعدوا في المندرة چوة لجل ما تاخدوا واچبكم.
وأشارت إلى ورد مما أشعل قلب فايقة وتحدثت: يلا يا ورد على المطبخ خلي البنات يجيبوا الحلو والساجع للضيوف.

إبتسمت صفا بسعادة وهي تري بوادر رضا جدتها على والدتها وذلك إستشفته من حديث جدتها، ثم تحركت للأعلي عائده من جديد لذلك القاسم
حين تحدثت ورد إلى رسمية بسعادة بالغة: حاضر يا مرت عمي
وهمت لداخل المطبخ بصحبة نجاة، أما تلك الفايقة التي شعرت بنار تسري بجسدها وذلك جراء ما تراه من تغيرات طرأت على رسمية خلال معاملتها لزيدان و ورد، شعرت وكأن البساط يسحب من تحت ساقيها وذلك ما لم تسمح بحدوثه مهما كلفها الأمر.

صعدت صفا من جديد لذلك الذي شعر بالوحدة من مجرد إبتعادها عنه لعدة دقائق فقط.
صعدت صفا من جديد لذلك الذي أصابه شعورا بالوحدة وعدم الراحة من مجرد إبتعادها عنه لمدة دقائق معدودة، وما أن رأها حتى إستكانت روحه دائمة التشتت، ألقت علية نظرات خجلة وتسمرت بوقفتها تفرك كفيها ببعضيهما بتوتر، لم تعي ما يجب عليها فعله، بادر هو بالحديث كي يخرجها مما هي علية: أظن چوعتي دالوك؟
نظرت إلية وهزت رأسها بإيماءة خفيفة، فحقا كانت أحشائها تتلوي من شدة شعورها بالجوع لعدم تناولها عشائها بالأمس.

إقترب منها وتحدث وهو يحسها على التحرك بجانبه قائلا: تعالي معايا على المطبخ نشوف الحاچات اللي مرت عمي چيباها لنا، أكيد فيها وكل.
أطاعتة بطريقة أثارت داخله وتحركا معا، وبدأ هو برص الطعام اللذيذ المعد من قبل ورد فوق المنضدة الموضوعة داخل المطبخ و جلسا كلاهما وبدأ بتناول فطورهما بشهية عالية وذلك لشدة جوعهما، فحتي هو حرم على حاله الطعام ليلة أمس وغفي دون أن يتناول عشائة ليشاركها حتى جوعها.

كانت تتناول طعامها وتمضغه بهدوء وهي تنظر داخل صحنها خجلا، أما هو فكان يتناول طعامة مسلط بصره فوق ملامح وجهها بتمعن وانبهار
تحدث كي يكسر حاجز الصمت بينهما: نمتي زين إمبارح؟
رفعت نظرها إلية بهدوء وهزت رأسها بإيماءة صامتة
فأكمل هو كي يزيل عنها خجلها وغضبها ويجعلها تتناسي ما حدث بينهما بالأمس وتندمج معه بالحديث: أني كمان نمت ومحسيتش بحالي من كتر التعب.

وأكمل ليلهيها بالحديث: اليومين اللي فاتوا كانوا متعبين جوي بالنسبة لي، جضيتهم واجف على رچلي لجل ما أرحب بالضيوف، حتى الكام يوم اللي جبلهم جضيتهم بين المرافعات في المحكمة والشغل طول الوجت في المكتب لجل ما أخلص اللي وراي جبل ما أخد أجازة الچواز.
نظرت إلية وتساءلت بإهتمام: هو انت بتترافع جدام هيئة المستشارين زي ما بنشوف في التلفزيون إكدة؟

إبتسم بسعادة وراحة غزت قلبه على أنه إستطاع سحبها إلى عالمه وأجابها بنبرة واثقة تصل لحد الغرور: وأحسن من اللي عتشوفيهم في التلفزيون كمان، ولد عمك محامي واعر جوي ولية هيبتة في جاعات المحاكم
كانت تستمع إلية بعيون لامعة وأبتسامة واسعة إعتلت شفتاها وأردفت قائلة بإطراء: طول عمرك وإنت شاطر و مميز يا قاسم.

إبتسم لها وتحدث مداعب إياها: طالع لبت عمي، وأكمل بنبرة هادئة ناعمة: إنت كمان يا صفا من صغرك وإنت شاطرة وعارفة ومحددة هدفك زين
وأكمل بتأكيد: و وصلتي له
أصابتها خيبة أمل من حديثة وحدثت حالها بتألم، نعم حققت بعض أهدافي، لكن بقي أعظمهم وأسماهم، وهو وصولي لقلعة عشقك وأقتحامها قاسمي.
توقفت عن الطعام وأمسكت محرمه ورقية نظفت بها يدها وشفتاها بعناية، فتحدث وهو يشير إلى صحنها: كملي وكلك يا صفا.

أرجعت ظهرها مستندة به إلى خلف مقعدها وتحدثت بهدوء: شبعت الحمد لله.
أراد أن يستدعي مرحها وأبتسامتها الخلابة وذلك بعدما رأي نظرة إنكسار داخل عيناها لم يدري سببها فتحدث قائلا بدعابة: طب بتعرفي تعملي جهوة زين ولا أني إدبست وإتچوزت ست بيت فاشلة.

إنتعش قلبها من كلمة تزوجت، فكم كانت تشعر بالسعادة من مجرد ربط إسميهما معا حتى بعد كل ما جري لها من عشقه الملعون، وكيف لها أن تتحكم في قلبها، عاشق قاسمها حتى النخاع.
هتفت إلية بنبرة واثقة: هي مين دي اللي فاشلة يا استاذ.

وأكملت بتفاخر مصطنع وهي ترفع قامتها وتشير بيدها على حالها: اللي واجفة جدامك دي و بلا فخر بتعمل جهوة عظمة، بدليل إن أبوي مهيشربش جهوته إلا من يدي، حتى أمي مهتعرفش تظبطها له كيف ما بتظبطها صفا.
إبتسم لها ساخرا وتحدث إليها مستفزا ليستدعي حماسها أكثر: والله الماية تكدب الغطاس، وادي الجهوة وادي البوتچاز.
وأكمل مشيرا لها نحو الموقد: إتفضلي وريني إبداعاتك يا ست صفا وأني اللي هحكم بنفسي.

وقفت بكل كبرياء وبدأت بصنع القهوة وبدأ هو بمساعدتها في لملمة الصحون من فوق المنضدة ووضعها داخل الحوض إستعدادا لجليها
ضيقت عيناها مستغربه تصرفاته البعيدة كل البعد عن طابع الرجل الصعيدي المتعارف علية داخل عائلتهم وتساءلت مستفسرة: إنت بتعمل إية يا قاسم؟
أجابها وهو يضبضب ما تبقي من الأشياء: بلملم الإطباق وهحط لك الصواني والحلل في التلاچة عشان الأكل ميخسرش من حر المطبخ.

نظرت له بإعجاب ثم تحدثت بنبرة مستفزة كي ترد له جزء من مداعباته: يا ويلك يا سواد ليلك لو مرت عمي شافاتك وإنت عم تلم السفرة وماسك بيدك الفوطة وعم تلملم بواجي الوكل إكدة
أجابها مكملا ما يفعله بنبرة إعتزاز: و أمي أيه اللي عيزعلها إني بنضف مكان وكلي والفوضي اللي عملتها بنفسي؟
المفروض إن الحياة مشاركة وكل واحد فينا ليه دور وعلية مسؤليات، وبعدين أني متعود على إكده.

وأكمل وهو ينظر إليها بإبتسامة مذكرا إياها: ناسية إني عايش لحالي وواخد على إكدة إياك؟
أجابته وهي تفرغ ما بداخل القدر الخاص بصنع القهوة إلى تلك الأقداح الصغيرة المخصصة للشراب بها: أيوة ده وإنت جاعد لحالك مش معاي.
وأكملت وهي تحمل الصنية بين ساعديها وتتهيئ للخروج إلى غرفة المعيشة ليتناولا بها القهوة: بلاش تعمل إكدة تاني يا قاسم، أني منجصاش مشاكل ويا مرت عمي الله يرضي عليك.

قالت كلماتها وتحركت إلى الخارج بإتجاة بهو الشقة، وضعت ما بيدها فوق المنضدة وجلست فوق الأريكة بعدما أشعلت شاشة جهاز التلفاز وأمسكت جهاز التحكم به وثبتته على إحدي القنوات الإخبارية
جاورها الجلوس بأريكتها ولكن بعيدا عنها كي لا يزعجها، بسطت يدها إلية ومدتها بقدح قهوته
فتناوله منها وقربه من أنفه وأشتم عبقها وهو مغمض العينان ثم همهم بإرتياح وتحدث متعجب: ده أية المزاچ العالي جوي ده؟

نظرت إلية ولراحته الظاهرة على ملامح وجهه وتساءلت بإبتسامة: عچبتك ريحتها؟
أجابها بملامح هائمة وما زال مغمض العينان ويشتم عبق قهوته بإستمتاع: جوي جوي.
تحدثت بنبرة حماسية: ده بن مخصوص مهتلجيش ليه مثيل في مصر كلياتها، أحمد سليمان المصدر اللي أبوي بيشتغل وياه بيبعت يجيبه مخصوص من البرازيل وبيعمل حساب أبوي معاه.

تحدث إليها بعدما إرتشف أول رشفة من قهوتها التي وبالفعل تأكد من تميزها ويكاد يجزم بأنها أفضل قدح قهوة إرتشفه طيلة حياته: تسلم يدك يا دكتورة، الجهوة عظيمة بجد.
إبتسمت بخفة وتحدثت بهدوء: بألف هنا
وسحبت بصرها لتعاود النظر إلى شاشة التلفاز مرة أخري لتشاهد ما يقال بتمعن وأهتمام.
تطلع إليها بإستغراب حالها وتحدث متعجب: اخر حاچة كنت أتخيلها إنك تكوني بتمهتمي بالأخبار السياسية والإقتصادية!

حولت بصرها إلية سريع وهتفت بنبرة حادة حزينة: وإنت أية اللي تعرفه عني يخليك تجول إكدة؟
وأكملت بنبرة ملامة: مش لما تبجا عارفني اللول يا متر تبجا تعرف إيه هي إهتماماتي؟
لاحظ حزنها وتشنج ملامحها وتساءل متعجب: بتجوليها و إنت زعلانة ليه إكده يا صفا؟
هو أني جولت حاچة زعلتك مني؟

أجابته متهربه بعينيها بعيدا عن مرمي عيناه المهلكة لقلبها العاشق: أني مزعلانش ولا حاچة، بس محبيتش منيك نبرة التجليل اللي حسيتها من وسط كلامك دي.
قطب جبينة وتحدث إليها مدافع عن حالة: وأني عمري مجللت منك ولا أجدر أعمل إكدة من الأساس يا صفا، كل ما في الموضوع إني إستغربت شوي إهتمامك بالأخبار.

وأكمل مفسرا: يمكن لأني واخد فكرة عن البنات إنهم بيتفرجوا على البرامچ الفنية والمسلسلات والافلام، وبكتيرهم جوي يتفرچوا على برامج توعوية وتربوية.

أجابته بقوة: فكرتك غلط يا حضرة المحامي، معظم الستات دالوك عجلها واعي ومتفتح إلى أبعد ما خيال سعادتك يصور لك، الست بتختار توجهاتها الفكرية اللي تناسب تفكيرها الواعي بدون توجية مباشر من أي حد، الست أصبحت في زمنا لا تجل أهمية عن الراچل وتجدر تحقق إنتصارات من خلال مجالها.

وأكملت بنبرة غائرة لم يلاحظها هو: و بما إنك محامي كان من المفروض تكون أدري الناس بعجليات الستات المختلفة، وده طبعا بحكم شغلك وإنك بتجابل ستات ياما أشكال وألوان.

أجابها وهو يبتسم: مفهومك عن المحاماة غلط خالص يا صفا، أني مچرد محامي، منيش محلل نفسي لجل ما أعرف توجهات وعجول الحريم رايحة لوين، أني كل علاجتي بموكلاتي إني أسمع مشكلتها بإختصار وأحاول جاهدا أحلها لها وأخد أتعابي وخلصنا على إكدة، وأكمل بإقتضاب ونبرة متهكمة: فاضي أني إياك ل لت الحريم وعجنهم اللي مهيخلصش
إبتسمت بخفه وأكملا معا مشاهدة البرنامج.

عصرا داخل المسكن الخاص بمريم وفارس
دلف من الباب وجدها تجلس فوق مقعدا محتضنه صغيرتها التي ما أن رأت والدها حتى قامت بالتهليل والتصفيق بكفي يداها مشيرة إلية كي يرفعها لداخل أحضانة مثلما دائما يفعل
طار قلبه فرح حين رأها وأسرع الخطي حتى إقترب منها ورفعها لداخل أحضانه الحانية وبات يزيدها بوابل من القبلات
همهمت إلية صغيرته وهي تداعب وجهه بأناملها الصغيرة قائلة: با با.

إبتسم لها وتحدث بسعادة بالغة: إية يا جلب بابا وعجلة.
ثم وجه بصره لتلك الجالسة بوجه مبهم وملامح وجة جامدة وتحدث مستفهم بنبرة ساخرة وهو يهم بالجلوس: مالك يا مريم، جالبة خلجتك في وشي من إمبارح لية إكدة، زرعتيها مانچة طلعت بطيخ إياك؟
نفخت بضيق وتحدثت بنبرة تهكمية وهي تنظر أمامها متلاشية النظر لعيناه: إطلع من نفوخي يا فارس وبلاش تبتديها معاي إكدة، إني فيا اللي مكفيني ومنجصاش تجطيم من حد ومنك إنت بالذات.

ضيق عيناها مستغرب حدتها وغضبها وتساءل بإستفهام: كل الموشح ده عشان جلت لك مالك، بتتلككي ولا إي إنت؟!
نظرت له بعيون مشتعلة وتحدثت بنبرة شديدة الحدة: أني معتلككش يا فارس بية ولا عحب المشاكل من اساسة، ولو أني بتلكك كنت فتحت لك تحجيج ليلة إمبارح في اللي حصل منيك جدام حريم النجع كلياتهم.
تساءل مستغرب بنبرة تهكمية: وإية بجا اللي حصل ليلة إمبارح يا ست مريم؟!

إبتسمت ساخرة وأردفت قائلة بنبرة بائسة منكسرة: لو محاسيس باللي عملته فيا وتجليلك لجيمتي يبجا جلة الحديت أحسن.
قالت كلماتها وأسرعت غاضبة بإتجاة غرفتها وما أن دلفت حتى أغلقت بابها بحده هزت جدران الشقة بأكملها
كان ينظر إلى طيفها بشرود وملامح وجة مكشعرة غير مستوعب سبب غضبها ذاك.

نفض رأسه من تصرفات تلك المتعصبة ثم نظر لصغيرته وأبتسم بوجهها ثم وضع قبلة وأردف قائلا بنبرة دعابية: أمك كن عجلها طار على الاخر يا چميلة، شوي شوي عتجولي الإهتمام ما بيطلبش يا فارس بية.
وابتسم لطفلته وبات يدغدغها تحت ضحكاتها الطفولية التي تذهب عقله وتلهيه عن همومه التي قام بسجن روحه بداخلها منذ ما جري، غير عابئ بتلك الغاضبة التي تمكث بداخل حجرتها تبكي وتنتحب حظها السئ الذي جعلها مع ذاك الفاقد الحس.

داخل مدينة القاهرة
وبالتحديد داخل مسكن مي صديقة دكتورة أمل، كانت الفتاتان تتجاوران الجلوس فوق الأريكة وتتحدثتان في أمور عملهما كطبيبتان ماهرتان، أتت إليهما إيمان والدة مي والتي تبلغ من العمر خمسة وخمسون عام وتمكث بمفردها مع إبنتها داخل الشقة بعدما توفي زوجها منذ عدة أعوام.
إقتربت من جلستهما ووضعت الصنية التي بيدها فوق المنضدة وتحدثت بملامح وجة بشوشة: عملت لكم شوية سندوتشات مع النسكافية.

نظرت لها أمل وتحدثت إليها بنظرات شكر وأمتنان: مش عارفه أشكر حضرتك إزاي على تعبك معايا يا طنط
وأكملت بنبرة خجلة: مش كفاية إني إقتحمت عليكم الشقة ونزلت عليكم زي البراشوت وغيرت لكم نظام حياتكم.
وجهت لها إيمان نظرات ملامة وتحدثت: عيب يا بنت الكلام اللي بتقولية ده، فيه واحده بردوا تقول كلام زي ده لمامتها وأختها؟

وأكملت مفسرة: وبعدين إنت جيتي مليتي علينا البيت وونستينا بدل قعدتي أنا ومي لوحدنا كدة طول اليوم
أردفت أمل بنبرة شاكرة: ميرسي يا طنط لذوق حضرتك وكرمك معايا، وأكملت بإستحياء: على العموم أنا هروح بكرة أحجز في أوتيل علشان مش عاوزة أتعبكم معايا أكتر من كده
إتسعت أعين مي وتحدثت بنبرة حادة: إية الكلام الأهبل اللي بتقولية ده يا أمل، يعني إية تحجزي في أوتيل وتروحي تقعدي فيه لوحدك؟

تنفست أمل عاليا وأردفت بتفسير خجل: أنا مش حابة أتقل عليكم أكتر من كدة يا مي، وخصوصا إن لسه فاضل تلات أسابيع على إفتتاح المستشفي اللي إتعينت فيها.
وجهت إيمان تسائلا إليها: هو إنت بردوا لسه مصممة على موضوع سفرك للصعيد ده يا بنتي، ما المستشفيات الإستثماري مالية البلد وإنت دكتورة شاطرة وألف مكان يتمناكي، إشتغلي في أي مستشفي وإن كان على السكن أديكي قاعدة معايا أنا ومي.

وأكملت بإعتراض: ولو إني مش مع إنك تقاطعي مامتك بالشكل ده وخصوصا إن ريماس قربت تتجوز من الدكتور اللي إسمة وائل ده كمان، ومامتك بكدة هتكون وحيدة وأكيد هتحتاج لوجودك معاها
إنتفضت بجلستها وتحدثت بملامح وجة غاضبة وكأن أحدهم قد أشعل النيران في جسدها بالكامل: أرجوك يا طنط بلاش تفتحي معايا الموضوع ده تاني.

وأكملت بإبتسامة ساخرة: وإن كان على ماما فمتحمليش همها، أنا أصلا عمري ما كنت من أولويتها، وأكيد عمرها ما هتحتاج لي في وجود بنتها الأقرب لقلبها، ده مش بعيد الدكتور يشتري لهم فيلا علشان يجمع فيها الأم الحنون وبنتها فائقة الجمال.

تنهدت مي بأسي على حال صديقتها وأيضا إيمان التي تحدثت بهدوء كي تمتص غضب تلك المنكسرة: طب إهدي يا بنتي، وحاضر مش هفاتحك في الموضوع ده تاني، بس إعملي حسابك إنت مش هتخرجي من هنا غير على طيارة سوهاج، مفهوم يا أمل؟
أومأت لها بوجه مبهم وأستأذنت منهما وأنسحبت إلى غرفتها المشتركة مع مي.

تحدثت إيمان بنبرة حزينة: لا حول ولاقوة إلا بالله، صعبانة عليا أمل أوي، بس كان نفسي تسامح أمها وترجع تعيش معاها بدل ما هي مسافرة الصعيد وهي مش عارفة إية اللي ممكن يكون مستنيها هناك.
تنهدت مي ثم أجابتها بنبرة حزينة: أمل معزورة بردوا يا ماما، اللي حصل لها على إيد الندل اللي إسمة وائل مش قليل بردوا، وتصرف أمها وأختها كان منتهي الخسة
هزت إيمان رأسها بموافقة وصمتت.

أما أمل التي وما أن دلفت لغرفتها حتى تحركت إلى شرفة الغرفة ونظرت للسماء الصافية وبدون مقدمات نزلت دموعها تجري فوق وجنتيها بحرارة، أسرعت بوضع كفيها وجففتهما سريع ورفعت قامتها بكبرياء رافضة ضعفها.

جاء المساء وتحدثت ورد إلى صغيرتها عبر الهاتف وابلغتها أنه يجب عليها النزول إلى الأسفل بصحبة قاسم لأخذ المباركة من جدتها وجدها ونيل رضاهما عليها، وأملت عليها بأن تقوم بتجهيز صنية كبيرة وتضع عليها صحن كبيرا من الحلوي التي اعدت سابقا للعرس، وبعض قطع الشيكولاته والفاكهه كي تقوم بتقديمهم لأهل المنزل كحلوان لإتمام الزواج كما جرت العادة، و أخبرتها بأنها ستبعث لها صابحة، تلك الفتاة التي تساعدها في القيام باعمال منزلها.

أغلقت صفا معها وأخبرت قاسم بما أملته عليها والدتها وانساق لرغبتها رغم إعتراضة على تلك العادات التي يرفضها جميعا، وذلك في محاولة منه لنيل كسب رضاها، وتحركا معا للأسفل وخلفهما صابحه التي تحمل تلك الصنية بالنيابة عنها.

كان الجميع يجلس في بهو المنزل بإنتظار هبوط العروسين لتقديم التهنئة لهما، رفعت فايقة بصرها تتطلع على تلك التي تتدلي من أعلي الدرج بجانب زوجها والذي انير وجهه وأصبح مشع بالحياة وكأنه تبدل منذ ليلة وضحاها، مما أدي إلى إستغراب فايقة وبث قلقها، لفت إنتباهها أيضا خلو يداي صفا من حلوي العرس كما هو المعتاد، رفعت قامتها لأعلي لتتفقد، وجدت عاملة ورد تتحرك خلفها تحمل عنها عبئ الحامل.

لوت فاهها وتحدثت بصوت مسموع للجميع: الدكتورة كنها عتتكبر على أهل چوزها و مهتعبرهمش من أولها.
إنتبة الجميع إلى حديثها ثم قاموا بتوجيه نظراتهم لتلك الصفا فتحدثت نجاة بهدوء: متكبريش الموضوع يا أم قاسم، محصلش حاچة لكلامك دي
تحدث عتمان بنبرة حادة: ولما فايقة متكبرش المواضيع مين يشعلل البيت ويجومه حريجة يا نچاة!

نظرت إلية بعيون منكسرة وتحدثت بنبرة ضعيفة إصطنعتها خصيصا كي تنال تعاطف الجميع: هو أني عشان بتكلم في الأصول والعادات أبجا بشعلل البيت واولعه يا عمي؟
إقتربت منهم صفا وقاسم فوقف الجميع لإستقبالهم عدا الجد والجده.

تحركت إلى جدها ووقفت أمامه ثم مالت على كف يده وقبلته بإحترام، أما عتمان الذي كان يشعر براحة عجيبة بعدما تم زواجها بقاسم، بجانب شعوره الملح بالحنين لها، أمسك ذقنها و أجبرها على النظر لداخل عيناه التي تتهرب من النظر داخلها، نظرت له وأستشفت من عيناه حنينه إليها وما كان منها إلا أنها إرتمت لداخل أحضانه بخجل فشدد هو عليها وتحسس بيده على ظهرها بحنان.

تنهدت براحه وأستكانة وتحدث هو مبارك بنبرة حنون: مبارك يا بتي، عجبال ما أشوف عوضك
إبتسمت له خجلا وتحركت إلى جدتها لتأخذ مباركتها
وتحرك هو إلى جده ونظر داخل عيناه بجمود فهو إلى الأن ما زال غاضب منه ولم يتخطي إهانته السابقة له أمام صفا
مد يده لمصافحته، إبتسم عتمان بجانب فمه وتحدث بنبرة ساخرة مداعب بها حفيده الأكبر: طالع جلبك أسود كيف أبوك يا أبن قدري.

طالعه بإستغراب فأكمل عتمان: مهتنساش اللي حصل واصل رغم إنك إتوكدت بنفسك إن الخير كلة في اللي أني إختارتهولك بيدي.
ثم حول بصره إلى تلك الجميلة التي رمت حالها داخل أحضان جدتها وتحدث بحديث ذات معني: ولا أية يا قاسم؟
أجابه بنبرة جامدة وأدب لم يتخطاه طيلة حياته معه: معنديش أدني شك في إنك رايد مصلحتي يا چدي، بس طريجة الترهيب والتهديد دي معحبهاش ولا عمري هنسي طريجتك المهينة لرچولتي جدام صفا.

أجابه الجد سريع: وأهي بجت مرتك وسترك وغطاك، وبكرة تاچي وتشكرني وتجول لي معنساش معروفك اللي عملته فيا يا چدي.
إبتسم لجده بخفة
أما صفا التي تحركت إلى فايقة ووقفت قبالتها ومدت يدها لمصاحفتها تحت ملامح وجة فايقة الغاضب التي تحدثت إليها بنبرة ساخطة: ده أنت جاصدة تهنيني بجا يا ست صفا!
نظرت إليها بإستغراب و تساءلت ببراءة: أني بهينك يا مرت عمي؟
حضرتك بتجولي لية إكدة؟

هتفت فايقة عاليا لتسمع الجميع بنبرة حزينة وعيون منكسرة مدعيه البراءة: أومال معناته أيه اللي عملتية غير جلة إستعني منيكي ليا يا بتي؟
وأكملت بنبرة حزينة مصطنعة تستدعي بها تعاطف الجميع: يعني لما تدلي عليا ليلة صباحيتك وتخلي خدامتك تجدمي لي صنية الكحك حلوان الفرح اللي المفروض إنتي اللي تجدمها لي بيدك، أفسرها بإية؟

وأكملت: ولا لما تسلمي على وتتكبري تميلي على يدي لجل ما تاخدي رضاي عليكي زيك زي اي عروسة في النجع، يبجا إسمة إية دي يا بتي؟
تحدثت صفا مدافعة عن حالها بنبرة بريئة: أكيد مجصدتش اللي فهمتية واصل يا مرت عمي، الموضوع ببساطة إن أمي بعتت صابحة لجل ما تشيل عني الصنية لأني ممتعوداش على شيلها وخافت للصنية تجع من يدي
طب وسلامك علي، ده كمان أمك اللي جلت لك علية و وصتك؟

كان هذا سؤال طرحته فايقة على صفا بنية خبيثة لتظهر للجميع فشل ورد بتربية إبنتها على الأصول المتعارف عليها
وقفت متلبكة حائرة لا تدري بما تجيبها، أنقذها فارسها الهمام متحدث برجولة: متكبريش الموضوع يا أما، مجراش حاچة لحديتك ده، صفا إتصرفت بعفوية وبعدين دي عادات فاضية كلياتها وملهاش عازة.
إنتفضت ليلي من جلستها وهتفت معترضة بنبرة حادة وقلب مشتعل: وهي العادات دي هتاجي لحد صفا هانم وتبجا فاضية وملهاش عازة؟

هي أحسن من مين يا قاسم، متعمل كيف ما كلنا عملنا
تحدث عتمان موجه حديثه إلى ليلي بنبرة حادة: متشعليلهاش يا بت قدري
تحدثت ليلي بندية وهي تربع يداها حول صدرها: أني معشعللهاش يا چدي، أنا بتكلم في الأصول اللي إنت بذات نفسيك دايما تعنفنا عليها وتنبهنا ليها!
تلبك عتمان أمام حديث تلك الشيطانة الصغيرة التي إستغلت تعسف عتمان وتمسكه بالعادات والتقاليد لصالح والدتها.

أما يزن الذي يتألم داخليا ويشتعل نارا لأجل الموقف التي وضعت به صفا، ولكنه للاسف لا يستطيع التدخل لعدم إفتعال المشاكل خصوصا في حضرة جده وقاسم إلى أصبح مسؤلا مسؤلية تامه عن حمايتها
لكنه هتف ناهرا ليلي بحدة كي يجعلها تكف أذاها عن إبنة عمه الرقيقة: مدخليش حالك في كلام ميخصكيش يا ليلي.

إرتبكت من نظرة يزن المستشاطة والمحذرة لها وخشية غضبه عليها، حين هتف قاسم هو الأخر إليها بنبرة حادة: خليكي في حالك يا ليلي وإبعدي عن أي حاچة تخص صفا.
فتحدثت الچدة كي تفض الجدل الدائر: صلوا على النبي يا چماعة.

ثم نظرت إلى صفا التي أخذت الحيرة والتشتت من نصيبها وباتت تتلفت على الوجوة بتشتت، تحدثت رسمية كي لا تدع لأحفادها فرصة التمرد على العادات المفروضة داخل عائلتها: ميلي على يد حماتك وخدي رضاها يا صفا.
نظرت لها بجبين مقطب غير مستوعبة الجدل الدائر من حولها ولا حديث جدتها، فأكملت الجدة بتأكيد: دي الإصول يا بتي وإنت بت زيدان النعماني، يعني سيد مين تفهم في الإصول زين.

تشتت داخلها وبلحظة أقبلت على كف يدها وأمسكت به، أوقفها قاسم بهتافه الحاد لها حيث قال لمؤازرتها: متعمليش حاچة منتيش حباها ولا ريداها لجل ما تتبعي تجاليد عامية يا صفا.

حولت بصرها سريع إلية ونظرت إلية بحيرة فأومأ لها بعيناه كي يطمئن روحها، في حين تحدثت الجدة بتشبث كي لا يخترق نظام قبضتها الحديدية وتعطي مجالا لأحفادها للثورة على كل ما هو مقدس بالنسبة لها: مهينفعش يا قاسم، دي عادات وتجاليد بنحترم بيها بعضينا و ورثناها عن چدودنا ولازمن نحافظوا عليها ونحترموها.

أما عن قاسم الذي تحدث بقوة ودفاع مستميت عن زوجته هاتف وبحدة: وأني جولت مرتي مهتميلش على يد حد وتجلل من نفسها حتى لو كانت الحد دي هي أمي بذات نفسيها، وأكمل حديثه بحدة: وكل دي ليه، عشان شوية عادات فارغة ملهاش عازة غير إنها بتوجف النفوس من بعضيها؟

وللحظة شعرت بقوة لا تعلم مداها، مشاعر جديدة عليها إجتاحت عالمها، حماية أمان، معني جديد لمفهوم السند بعيدا عن غاليها زيدان، نظرت لها فايقة بقوة وغضب، أما عن رسمية التي توسلتها بنظراتها أن تفعل ما طلب منها
وبالاخير ضعفت أمام توسلات جدتها وتجنبت لإفتعال وإثارت الجدل من البداية، فأمسكت بكف يد فايقة وكادت أن تميل بقامتها لتضع مرغمة قبلة مفروضة عليها.

إتسعت عيناه ذهولا من ما هي مقبله عليه تحت سعادة ليلي وفايقة التي رفعت قامتها للأعلي بكبرياء وكأنها وبتلك الخطوة قد خطت بساقيها أولي خطوات تنفيذ إنتقامها الأثم من ذاك الزيدان
لم يدري بحاله إلا وهو يتحرك إليها جاذب إياها بعنف قبل أن تميل برأسها لطبع القبلة ولفها لتقابل وجهه وتحدث بنبرة حادة غاضبة: معتسمعيش الكلام وتنفذية ليه؟

وأكمل بإهانة لشخصها: ولا أنت كيفك كيف الباجية، عتعشجي الذل والمهانة كيف عنيكي؟
نظرت إلية بعيون تكاد تصرخ ألما من إهاناته الحادة لها تارة، وتارة اخري من ما يحدث لها في أول يوم تقضية بداخل هذا المنزل.

أما عتمان الذي كان يراقب تغيرات ملامح وجه قاسم الغاضبة بتمعن وينتظر رد فعله وكيف سيحمي صفا من تصرفات والدته البغيضة، ولكنه بالتأكيد ما كان سيسمح إلى إبنة غالية بالذل والمهانة والإنكسار أمام صاحبة القلب الأسود المسماه بفايقة.

إبتسم برضا على تصرف قاسم وتحدث عتمان بنبرة حادة وهو يشير إلى الجميع ويسمح لهم بالجلوس: لحد إهني وخلص الحديت ومعايزش حد يفتح خاشمة تاني، وأكمل وهو يرمق فايقة بنظرات نارية قائلا لها بتهديد: فايقة، اللي حصل اليوم معايزهوش يتكرر واصل وإلا إنت حرة في اللي عيجري لك على يدي
إبتلعت فايقة لعابها رعب وهزت رأسها سريع بموافقة
ثم وجه حديثه إلى رسمية قائلا: نادمي على البنات وجولي لهم يعملونا شاي يا حاچة.

كان قدري ومنتصر يشاهدان كل ما يحدث بصمت تام وذلك بعد ما تلقوا إشارات محذرة من عيناي عتمان يبلغهم من خلالها بعدم التدخل وذلك كي يري رد فعل قاسم لحماية إبنة غالية الذي وضعها أمانة بين يداه
جلست وهي تبتلع غصة مريرة داخل حلقها من كلمات قاسم المهينة لشخصها
نظرت فايقة إلى ولدها بنظرات مشتعله وتحدثت بنبرة غاضبة وهي تقف: تعال معاي يا قاسم، عايزاك في موضوع مهم.

كان مازال مسلط بنظراته إلى تلك التي أشعلت غضبه بعدم إنصياعها إلى كلماته، رمقها بنظرة غاضبة وبالفعل تحرك مع والدته متجه إلى الخارج و وقفا داخل الفيراندا وتحدثت هي بنبرة غاضبة لائمة: أني مهلومكش ولا هعاتبك على اللي حصل چوة وإنك نصفت بت ورد على أمك من أولها ونصرتها علي، بس أني معيزاش اللي حصل ده يحصل تاني.

هتف بها عاليا بنبرة حانقة: أما، أني مطايجش حالي ومناجص عويل، جولي عاوزة أيه جوام خليني أدخل أجعد شوي مع چدي عشان أطلع مطرحي لجل ما أرتاح
إغتاظت من حديث ولدها المقلل من حديثها وكظمت غيظها ثم أخذت نفس عميق وأخرجته بهدوء كي تهدئ من روعها وتحدثت بتنظير: إنت جافل التلفون بتاعك ليه من أولة إمبارح؟
قطب جبينه بإستغراب وتساءل مستفهم: وإنت عرفتي منين إني جافلة؟

تحدثت بنبرة متعالية: كلمت إيناس من النمرة اللي خدتها من عدنان أولة إمبارح لجل ما أطمن عليها، وهي اللي جالت لي وأشتكت لي
وما أن إستمع إلى حديثها وكأنه صعق من إحدي منافذ الكهرباء وتحدث سريع مؤنب إياها بنبرة حادة: وإنت بتكلميها ليه من الأساس، هو انت بتدوري على المشاكل وخلاص، ولا ملجياليش مصيبة تحطيني فيها فبتخلجي لي مصيبة على كيفك؟

أجابته بنبرة هادئة: متهدي عاد يا قاسم، هو كان چري إية يعني لزعابيبك دي؟
وأكملت بأبتسامة شامتة: هي مش هتبجا مرت ولدي هي كمان ولازمن أطمن عليها حسب الإصول ولا إية؟
إشتعل داخله من حديثها المستفز وتحول بياض عيناه باللون الأحمر مما يدل على مدي إشتعاله وكاد أن يرد لولا إستمعا كلاهما لصوت حمحمة زيدان الذي خرج لتوه من منزله وجلس فوق أريكته بداخل الفيراندا الخاصة بمنزله ويبدوا على وجهه علامات الحزن والهم.

وجه إلية قاسم حديثة بإحترام: سلام عليكم، كيفك يا عمي؟
نظر له زيدان وأجابه بهدوء: الحمدلله يا ولدي، كيفك إنت وصفا؟
أجابه بهدوء وأمتنان: صفا بخير يا عمي الحمدلله، هي چوة جاعدة ويا چدي لو حضرتك رايد تشوفها
بعدين يا قاسم، بعدين، جملة قالها زيدان بنبرة حزينة.
تحدثت تلك الشمطاء التي نظرت داخل عيناه وفهمت مغزي حزنه: مبروك يا أبو العروسة، عجبال متشيل عوضها على يدك عن جريب إن شاء الله.

نظر لها وتحدث بنبرة باردة: في حياتك يا أم قاسم
خرجت إلية ورد تحمل صنية فوقها قدحان من مشروب القهوة ووضعتهم فوق المنضدة الموضوعة أمام زيدان الذي إبتسم لها بحنان وتحدث إليها: تسلم يدك يا غالية.
إبتسمت له بسعادة تحت إستشاطت فايقة وغليان صدرها بنار الغيرة التي تنهش داخلها وهي تري سعادة ذاك الثنائي الذي لم تختفي أو حتى تقل درجاتها برغم مرور كل تلك السنوات.

نظرت ورد إلى قاسم وأردفت متسائلة بإبتسامة: صفا كيفها يا ولدي؟
أجابها بنبرة حنون جعلت داخل فايقة يشتعل أكثر: زينة وبخير يا مرت عمي
أجابته بنبرة حنون: خلي بالك منيها يا ولدي.
أجابها بنبرة حنون مطمأن إياها: في عيوني يا مرت عمي، متشيليش همها واصل طول ما هي معاي
وتحرك عائدا إلى الداخل وجلس بصحبة جده ما يقارب من النصف ساعه ثم إصطحب صفا وصعدا إلى الأعلى.

وما أن دلفا إلى مسكنهما حتى تحرك هو سريع إلى الأريكة وأرتمي بجسدة عليها جالس بإهمال وبدأ بهز ساقيه بطريقة حادة تدل على مدي إنزعاجة
نظرت إلية بترقب واقتربت من مجلسة وجلست بمقعد مقابل وأردفت بإستفهام: أني مفهماش إنت جالب وشك عليا وزعلان ليه إكدة؟!
تساءل بنبرة حادة غاضبة: صح معرفاش زعلان ليه يا حضرة الدكتورة المحترمة؟

وأكمل بنظرة حادة: زعلان عشان مكابرتك وعندك ليا وصلوكي فإنك كنتي عتتنازلي عن كرامتك وتطاطي على يد أمي وتحبي عليها لجل بس ماتكسري كلمتي.
جحظت عيناها وهي تنظر إلية مستغربة حديثه ثم أردفت قائلة بنبرة حزينة من إدعائة وإتهامه لها بالباطل: هي دي فكرتك عني وهو ده كل اللي فهمته من الموضوع!
وقف من جديد وأقترب من وقفتها وتحدث متساءلا بنبرة حادة: إديني مبرر واحد يخليكي تعملي اللي عملتية ده غير إنها مكايدة فيا!

تحدثت بدموعها التي لم تستطع التحكم بها فجرت على وجنتيها رغم عنها: مبرري إني معيزاش مشاكل من أولها يا قاسم، بتتحدت ولا كنك شفت اللي حصل بعنيك
وأكملت بنبرة ملامة: وبعدين كت عاوزني أعمل إيه عاد وأني شايفه مرت عمي كل همها تركبني الغلط وتظهر للكل إن أمي جصرت في تربيتي ومعلمتنيش الأصول زين، دي حتى چدتي لما وجفت في صفها ضدي!
أجابها بنبرة حنون متأثرا بدموعها: بس أني كت معاكي وجولت لك لا يا صفا!

أجابته وهي ترفع كتفيها بإستسلام قائلة بنبرة إنهزامية قطعت بها نياط قلبه: خفت يا قاسم، لأول مرة أحس حالي وحيدة وأني بعيدة عن حضن أبوي وأمي
وأجهشت بالبكاء وكأنها طفلة ذات الثلاث أعوام تفتقد لأمان والديها، تحرك إليها سربع ولم يشعر بحاله إلا وهو يجذبها ويسحبها لداخل أحضانة ويلف ساعديه حولها ليشملها برعايته وهو يربت على ظهرها بحنان قائلا بنبرة رجولية حانية: وأني رحت فين يا صفا، أني معاكي ومهسيبكيش واصل.

ومن العجيب أنها إستكانت بداخل أحضانة بل وأطلقت لدموعها العنان وباتت تبكي وبشدة وكأنها كانت تحتاج لهذا العناق كي تخرج ما يؤلم صدرها وتطلق العنان لكل ما يؤرق روحها ويؤذيها.

كان يحتضنها برعاية ويهدهدها كطفلته البريئة ويهدئ من روعها، شعور بالراحة إجتاح كيانه بقوة من مجرد عناقها البرئ، ود لو يتوقف بهما الزمن وتظل هكذا مستكينة هادئة بين أحضانة، كان قلبه يدق بوتيرة عالية وما شعر بحالة إلا وهو يشدد من ضمته الإحتوائية لها بإستمتاع روحي بعيدا كل البعد عن الرغبة الجسدية.

وبعد مدة كانت قد هدأت من نوبة البكاء الحادة التي إنتابتها وسيطرت عليها، وبلحظة وعت على حالها وكأنها كانت مغيبة وأخيرا إستفاقت، إستغربت حالها وهي تتشبث بصدر قاسم ممسكه بتلابيب جلبابه وأستغربت أيضا ضمته القوية لها وهدهدته الحنون وتلامسه الرقيق فوق ظهرها
إبتعدت سريع وتحدثت وهي تنظر أسفل قدميها بنبرة خجلة متلبكة: أني، أني أسفه، أني معرفاش عملت إكدة كيف!

كان ينظر لحيائها وخجلها الزائد عن الحد بإثارة وأندهاش، والحق يقال فقد أثارت داخله بحيائها الذي زاد من شغفه وتعلقه بها
تحدث إليها بهدوء محاولا تهدئتها: إهدي يا صفا، محصلش حاچة لأسفك دي!
وأسترسل حديثه بمداعبة لطيفة: بتتأسفي عشان كتي چوة حضن چوزك؟
وتحرك بإتجاهها مقترب عليها.

أما هي فإرتعبت وأرتجف جسدها من نطقه لتلك الكلمات التي طالما حلمت بتحقيقها، وتحدثت إلية بتلبك وأرتباك واضحان وهي تتراجع للخلف سريع متهربة: أني نعسانة وهدخل أنام
أجابها سريع وهو يمسك كف يدها ويحسها على التوقف: خلينا جاعدين مع بعضينا كمان شوي
نظرت لداخل عيناه وتاهت في سحرهما، إبتلعت سائل لعابها بتوتر ظاهر له ثم أومأت له بموافقة وكأنها مسيرة.

سحبها من يدها وأجلسها بهدوء فوق الأريكة وتحدث بنبرة حماسية: إجعدي إهني وأني هروح أعملك أحلا صنية تسالي هتشوفيها في حياتك، وأرجع لك لجل ما نشوف فيلم سوا.

داخل غرفة قدري وفايقه
كانت تخرج من المرحاض لتستعد لغفوتها دلف إليها قدري وتحدث إليها بنبرة لائمة: وبعدهالك عاد يا فايقة، بادية الحرب إنت وبتك على بت زيدان بدري ليه اكدة؟
تحدثت إلية بنبرة حقودة: أني اللي بدأتها يا قدري ولا مجصوفة الرجبة بت ورد اللي چاية تتكبر وتتأمر على من أولها؟

هدي اللعب شوي يا فايقة، أني معايزش مشاكل ويا زيدان من أولها، زيدان لو بته إشتكت له معيسكتش وعيجوم البيت حريجه، وأكمل بنبرة حقودة: أني خابرة وخابر طبعه العفش زين، هو يبان كيف البسة الهادية، بس لحد بته وهيجلب أسد وهيبلعنا كلياتنا،
ثم تحدث إلية بجبين مقطب: وبعدين إنت مالك ومال البت، إحنا مش نولنا غرضنا وإبنك إتجوز بت زيدان وبجت في يدة هي وكل مال وحال أبوها، عاوزة إية تاني يا ولية؟

دي أمور وشغل حربم مليكش صالح بيها يا قدري، وخليك في حالك بعيد عني، جملة غاضبه هتفت بها فايقه وهي تتحرك إلى فراشها لتستعد للنوم.
تحرك إليها وأمسك يدها متحدث بنبرة حنون: لساتك زعلانه مني؟
نفضت يده بحدة وتحدثت بفحيح: إياك تكون فاكر إني هعدي لك اللي عملته فيا بالساهل إكدة؟
وأكملت بتهديد: تبجا غلطان ومسكين ولساتك متعرفش مين هي فايقة النعماني.

أجابها بنبرة جامدة: ماخلاص يا مرة عاد، هو كان جرا إية لزعلك ده كله، ضايجتيني بالحديت وحرجتي دمي وأدبتك وإنتهي الموضوع
جحظت عيناها وصاحت بنبرة حادة: أدبتني؟
ليه يا واد عتمان، كت شايفني ناجصة رباية ولا ناجصة رباية لجل ما تأدبني؟
أجابها بنبرة غاضبة: وهي الحرمة اللي تمنع حلال ربنا عن چوزها من غير اسباب تبجا إية غير إنها ناجصة رباية يا واكلة ناسك؟

وأكمل بعيون تقطر غل وحقد: والمرة اللي تتحدت عن أخو چوزها بالطريجة اللي إتحددتي بيها عن زيدان تبجا إية يا بت سنية؟
إرتبكت من نظراته ونبرة صوته التي لا توحي بالخير ولا تنذر به، فأرادت أن تمتص غضبته لتقي حالها شرة اللامحدود والتي تعرفت عليه منذ القريب
وأقتربت منه بذكاء وتحسيت صدره بدلال وبنبرة انثوية تحدثت: لساتك عتغير على لحد دلوك يا قدري؟
للدرچة دي عتحبني يا واد عمي؟

وما كان من ذلك الأبلة غير الإنصياع ل ألاعيب تلك الشمطاء وجذبها بشدة علية وتحدث بقوة وخشونة: تعرفي يا فايقة لو عملتي إكدة تاني، وعزة چلال الله لادفنك مطرحك
إبتسمت له بدلال ورمت حالها داخل أحضانة وشدد هو عليها تحت نفورها وإشمئزازها منه وتحت سعادة ذاك الابلة عديم الحس والإحساس.

كانت تجلس بجانبة فوق أريكتهما تتناول حباة الفسدق الذي جلبه لها من داخل المطبخ مع بعض المسليات الأخري ليستكملا سهرتهما، نظر لها وتحدث بنبرة حنون ليطمئن عليها: بجيتي زينة دالوك؟
هزت رأسها إلية خجلا وأجابته بهدوء: الحمدلله، بجيت أحسن
نظر لشفتاها الكنزة وإمتلائها الشهي وتحدث بمراوغة: تعرفي إن البكا زادك چمال
إرتبكت بجلستها وفتحت فاهها بطريقة أثارت جنونه فتحدث هو بنظرات مسحورة: إنت حلوة جوي يا صفا.

وإقترب منها، وضع كف يده متحسس كفها الرقيق برغبة تملكت منه رغم عنه رغم محاربتها
إرتعب جسدها ثم إنتفضت من جلستها واقفة وتحدثت بتلبك وهي تفرك كفيها ببعضيهما: أني نعست وداخلة أنام
وأسرعت إلى الداخل تحت إستشاطة مشاعره وتشتتها، وما كان منه إلا أن تتبعها ذاهب خلفها كالتابع المسحور، دلف عليها وجدها تجهز فراشهما كي تخلد إلى النوم.

لم يكن يشعر بحاجته إلى النوم ولكنه لم يستطع الجلوس بعيدا عن حضرتها التي ما عاد يشعر بإستكانة روحة إلا بجوارها
فتحدث إليها وهو يتمدد فوق الفراش ليستعد لمجاورتها: أني كمان نعست وهنام
إبتلعت لعابها حين وجدته ينزع عنه ثوبه العلوي ويلقيه بإهمال فوق المقعد المجاور وظهر أمامها عاري الصدر تمام بمظهر جعل جسدها ينتفض خجلا.

إنتفض داخلها وتراجعت للخلف سريع بعدما كانت تمسك بطرف الفراش لتتمدد عليه، وصاحت بنبرة مرتبكة حادة: إنت بتعمل إية يا قاسم؟
أجابها بإبتسامة فخر وهو يري تلبكها بعيناها: هكون بعمل إيه عاد، بچهز حالي للنوم.
إكدة؟ كلمة نطقتها بإستهجان وهي تشير إليه بعيون خجلة
فأجابها ببرود: وماله يعني إكدة، عچبة إكدة؟
ثم أني مبعرفش أنعس ومعيجليش نوم وأني لابس هدومي
هتفت قائله بنبرة معترضة: وأني مهينفعش أنام چارك وإنت إكدة.

أجابها بنبرة تهديدية مصطنعة: إتمسي يا صفا وخلينا ننام في ليلتك اللي مفيتاش دي
جذبت وسادتها بحدة بالغة وتحدثت بنبرة غاضبة حادة وهي تتجه إلى باب الغرفة: أجولك، إشبع بسريرك وبالأوضة كلياتها وأني هنعس على الكنبة برة
إنتفض من جلسته وقبل أن تضع يدها على مقود الباب كان قد سبقها هو واضع يده عليه ليمنعها من الخروج وقال متراجع: خلاص متبجيش حمجية إكدة، تعالي وأني هلبس التيشيرت تاني.

كانت واقفة تنتفض بفضل قربه المهلك منها هكذا، فقد كان يحاوطها بجسده العريض محتجزا إياها بين جسده والباب، عاري الصدر، مرتديا بنطال فقط لا غير، أما رائحة عطره الممتزجة برائحة جسدة فحدث ولا حرج، فقد تغلل عطرة المميز إلى أنفها فأصابها بحالة من الإضطراب وعدم التوازن
أردفت قائلة بنبرة مرتبكة ومازالت موالية إليه ظهرها: ممكن تبعد إشوي لجل ما أفوت.

إبتسم برجولة وتحدث وهو يفسح لها المجال مشيرا لها بكف يده قائلا بجاذبية مهلكة للمسكين قلبها: إتفضلي
تحركت للداخل ومال هو على قطعة الملابس الخاصة به وألتقطها من فوق المقعد وشرع بإرتداها من جديد ثم تمدد بجوارها وتحدث إليها وهو يشير إلى حاله بتساؤل مداعب: حلو إكدة يا حضرة الناظرة.

إبتسمت خجلا ثم وضعت وسادة وسط الفراش مما إستدعي غضبه، لكنه فضل الصمت وعذر تصرفها، وتمددت هي واضعة رأسها فوق الوسادة وهي تنظر له خجلا، جاورها هو الأخر وبات يسترقا النظر من بعضهما لوقت طويل ونار الإشتياق تتغلل روحيهما معا مما جعله يستغرب حاله، لكنه فسره على أنه إشتياق ذكر لأنثاة الذي تذوق شهدها فأستطعمه منها وأراد تجرع المزيد
وبالنهاية وقعا كلاهما صريع للنوم بعد تفكير دام لساعات وساعات.

تري ما الذي ينتظر ذاك الثنائي العنيد بالغد القريب؟
وإن سألوك عن إحتراق الروح، فأخبرهم عن عشق تملك القلب وأستوطنه، ورغم الوله لا يمكن البوح به للمتيم
روز امين.

صباح اليوم التالي
داخل مطبخ سرايا عتمان النعماني
تقف كل من فايقة ونجاة ومريم وليلي، يعدن طعام الإفطار لأهل المنزل بمساعدة العاملات
دلفت إليهن رسمية وتطلعت عليهن قائلة بتعجل: إعملي لك همه شوي منك ليها، الرچالة كلياتهم فاجو من النوم وجاعدين برة في المندرة مستنيين اللفطور.
تحدثت نجاة بنبرة طائعة كعادتها: حاضر يا مرت عمي، جربنا نخلص أهو.

وجهت رسمية حديثها إلى فايقة التي ترص الفطائر وتضعها في الصواني الخاصة لتجهيزها للتقديم وتساءلت: عملتي حساب العرسان وياكي في المشلتت يا فايقة؟
أجابتها فايقة بنبرة ساخرة: الست ورد بعتت خدامتها لجل ما تخبرنا إنها عاملة للهانم بتها الفطار والغدا والعشا السبوع كلياته.
هتفت ليلي بنبرة ساخرة: كنها خايفة لنسمموها في الوكل.

قالت كلماتها المتهكمة ثم قامت بأطلاق ضحكة ساخرة، رمقتها رسمية بنظرة حادة كالصقر ألجمتها وجعلت الدماء تهرب من وجهها ثم نهرتها بقوة قائلة: إجفلي خاشمك اللي معيطلعش غير كل سو ده، وبدل ما انت جاعدة تتمسخري على مرت أخوك، روحي شوفي چوزك متغير ليه بجاله مدة ومادد بوزة جدامة ياجي شبرين.

ثم رمقت فايقة بنظرة نارية قائله: وإنت يا ست فايقة، بدل ما أنت شاغلة حالك وحاشرة منخيرك في حياة الخلج علمي بتك كيف تعامل چوزها وتچلعه وتخلية نازل خلجته بتضحك كيف خلجت قاسم إمبارح.
ثم إتجهت ببصرها إلى نجاة وتحدثت متجاهلة فايقة: رصي فطرتين وجزازة حليب طازة وإبجي شيعيهم مع حسن للعرسان لما يفوجوا يا نچاة.
هتفت مريم قائلة بنبرة صوت حماسية: أني عطلعهم بنفسي لجل ما أشوف صفا لتكون محتاچة لحاچة يا چدتي.

ضحك سن رسمية وتحدثت بإستحسان إلى إبنة نجلها الهادئ: چدعة يا مريم، أصيلة كيف أمك يا بتي.
إنفرجت أسارير مريم بإستحسان لمدح جدتها لها وأيضا نجاة التي سعد داخلها، في حين لوت فايقة وليلي فاههما بإعتراض وتهكم
أما رسمية فعادت ملامح وجهها مكفهرة من جديد و أكملت بنبرة حادة: هموا يلا وطلعوا اللفطور على السفرة.

وتحركت إلى الخارج، في حين همست ليلي إلى مريم التي تجاورها الوقوف وتسائلت بطريقة تهكمية: إنت إية حكايتك إنت كمان يا ست مريم ويا المدعوجة بت ورد؟
وأكملت: يوم الحنه تجفي إنت وهي تتسايروا لحالكم في المطبخ، وصباحية الفرح تاخدي بتك وتروحي دار ورد لجل ما تساعديهم، مع إن كان من الواچب إنك تجفي ويا حماتك، مش ورد!

تنهدت مريم بأسي وتحدثت بنبرة مهمومة وبرائة: إسكتي يا ليلي، ده أني من وجت ما أتحدت ويا صفا يوم الحنة وأني زعلانه من حالي جوي، ثم نظرت لتلك التي قوست فاهها متعجبه وأسترسلت بنبرة خجلة حزينة: ده إحنا طلعنا وحشين وجلوبنا جاسية جوي يا ليلي، ظلمنا صفا وعاجبناها على حب چدودنا ليها وهي ولا ليها أيتوها ذنب في إكدة.
نظرت لها ليلي بنظرات مقللة وتحدثت بطريقة تهكمية: وإية كمان يا نواعم!

وأكملت بنبرة حقودة في محاولة منها لبخ سمها كي تستحضر حقد مريم على صفا من جديد: جوام نسيتي إن بسهوكتها خطفت منيكي الراچل اللي كتي عتعشجية وعتموتي عليه؟!

تلفتت مريم سريع حولها بعيون زائغة خشية من أن تكون أحداهن قريبة فتستمع إلى ذاك الحديث الخطير، حمدت الله عندما وجدت المطبخ خالي، حيث تحركن جميعهن للخارج مصطحبين الأطعمه، حينها هتفت بنبرة حادة صارمة: عيب عليكي الحديت اللي عتجولية دي يا ليلي، أني دالوك على زمة راچل والراچل ده يبجا أخوكي اللي المفروض تحافظي على هيبته وعرضه أكتر مني أني شخصيا.

رمقتها بنظرة ساخطة وتحدثت بإستخفاف: وه، وأني كت عملت إية لجل ما تسمعيني الموشح دي كلياته يا ست مريم، الحج عليا إني بفكرك بحجدها هي وأمها ومش عوزاكي تتغشي في ألاعيبها ووش البراءة اللي عتلبسهولنا طول الوجت؟
تنهدت مريم بأسي لحقد ليلي الدائم على صفا وتأكدت أنها لن تتراجع عن عدم محبتها لها فتحركت للخارج مصطحبه صحن ملئ بالبيض لرصه على سفرة الطعام.

ذهبت رسمية إلى منزل زيدان كي تطمئن على صغيرها التي شعرت بغصته ومرارته، ومن غيرها تشعر بقلب صغيرها
دلفت إلى المنزل وجدت ورد تخرج من المطبخ تحمل بين يديها صنية كبيرة مرصوص فوقها صحون مليئة بالأطعمة المتنوعه كانت تذهب بها إلى حجرة الطعام كي ترصها بعناية فوق سفرة الطعام
تحدثت رسمية ولأول مرة بنبرة حنون إلى ورد: صباح الخير يا بتي.

إنتفض داخل ورد بسعادة حين رأتها أمامها وأردفت قائلة بترحاب عال: يصبحك بالهنا يا مرت عمي، إتفضلي
تساءلت بإهتمام: وينه زيدان يا ورد، من يوم دخلة صفا مشفتش وشه؟
صاحت ورد بصوتها إلى العاملة التي أتت مهرولة وناولتها ورد الصنية قائلة بنبرة رحيمة: خدي الصحون وروحي رصيها على السفرة يا صابحة وهاتي باجي الوكل، وچهزي سفرة مليحة تليج بالحاچة رسمية لجل ما تفطر مع الحاچ زيدان.

تحركت العاملة إلى الداخل ثم حولت ورد بصرها إلى والدة زوجها وتحدثت بأسي: والله يا مرت ما عارفة أجول لك إية، زيدان من وجت ما سلم البت لقاسم وهو حزين وشردان وكنه في ملكوت لوحدية، حابس حالة في البيت ومخرجش من وجتها لحد دلوك
تحدثت رسمية متساءلة: هو فين دالوك؟

أشارت لها ورد إلى باب الحجرة وتحركت أمامها وفتحت الباب وتحدثت لذاك المتمدد فوق تخته ينظر إلى سقفها بشرود وذقن نابت: مرت عمي چاية تفطر وياك يا زيدان
إنتفض من نومته وجلس معتدلا يعدل من هيئته وتحدث مناديا على والدته التي تقف خلف الباب لتعطي له المجال كي يعتدل كما الشرع والدين: إدخلي يا حاچة.

دلفت وأنتفض هو واقف ومال على كف يدها وقبله بإحترام، وضعت كف يدها الحنون على رأسه تتحسس شعره بحنان ورعاية وتحدثت بنبرة متأثرة: كيفك يا ضي عيني؟
أجابها بنبرة حانية: بجيت زين لما شفتك يا أما
أرادت ورد أن تعطي لهما المجال لينفردا بحالهما كأم وولدها ويتحدثا بأريحيه فأردفت قائلة بإنسحاب: أني هروح أچهز الفطور لجل ما تفطر ويا مرت عمي.

خرجت وأوصدت خلفها الباب حين جلست رسمية على طرف الفراش وجاورها زيدان وتساءلت هي بإهتمام: حابس حالك وعامل في نفسك إكدة لية يا زيدان؟
أجابها بنبرة حزينة: مجاديرش أتجبل فكرة إن بتي خلاص مبجتش معاي في داري يا أما، إحساس عفش جوي وأني بسلمها بيدي لراچل تاني.

ضحكت وأردفت قائلة بدعابة كي تخرجه مما هو علية والتي تعذره علية بالتأكيد: كنا بعناها إياك يا ولدي، البت إتچوزت على سنة الله ورسولة وسلمتها بيدك لزينة الشباب، ولو خايف عليها من الزمن فطمن جلبك، قاسم راچل صح تربية چده عتمان
و وقفت وأمسكت يده لتحثة على التحرك قائلة بنبرة عالية: جوم يلا معاي نطلع نفطر سوا ويا مرتك وبعدها إدخل إحلج دجنك دي وإسبح لجل ما تروح لبتك اللي عمالة تسأل عليك وتبارك لها.

وبالفعل خرج معها وجلسا بصحبة ورد يتناولون فطورهم.

تملل ذلك الغافي وفرد ذراعيه وهو يتمطئ براحة، ثم فتح عيناه سريع حين تذكر وضعه الحالي، كي ينظر إليها ويشبع حاله من النظر إليها ككل أيامه السابقة
أصيب بإحباط حين وجد مكانها خاليا وأنتفض ليبحث عنها كمن فقد أغلي جواهره، وجه بصره إلى الحمام وجد الضوء منطفئ مما يدل على عدم وجودها
ساقته قدماه إلى الخارج وهو يتلفت هنا وهناك باحث بعيناه عنها، وأخيرا تنهد براحة حين وجدها تقف أمام الموقد تصنع طعام الإفطار.

ما أجملها وما أبهاها، كانت ترتدي منامة هادئة ناعمة كقلبها وتفرد شعرها المصفف بعناية خلف ظهرها، أخذ نفس عميق حتى يستطيع السيطرة على مشاعرة وأنفعلاته التي ثارت علية مؤخرا
تحمحم كي لا يفزعها، إلتفت بجسدها ونظرت إلية بترقب بعيناها الساحرة التي انعشت روحه وبثت الطمأنينة إلى قلبه
حين تحرك هو حتى إقترب منها وتحدث بنبرة صوت متحشرجة بفضل النوم: صباح الخير.

ردت علية الصباح بنبرة هادئة فسألها: إية اللي مصحيكي بدري إكدة؟
أجابته وهي تحرك الملعقة يمينا ويسارا داخل قدر الأرز بالحليب التي تعده: أني متعودة على الصحيان بدري، جولت أجوم أعمل طبجين رز بحليب نفطر بيهم
وقف بجانبها ثم أمال بجزعه مقترب برأسه نحو القدر وأشتم بإنتشاء رائحة التي تطهوة وتحدث مغمض العينان بإستمتاع: يسلااااام على ريحة الفانيليا مع الحليب، حلوة جووووي.

ثم تطلع عليها بعيون تتفحص كل إنش بوجهها وتحدث بنبرة حنون وهو يقترب منها: تسلم يدك.
إنتشي داخلها بسعادة من كلماته الحنون لكنها تلبكت من قربه وابتعدت قليلا بتوتر وخجل ما زاده بها إلا نشوة وإثارة
إستمعا إلى جرس الباب فتحمحمت هي وقالت: هروح أشوف مين اللي على الباب.

أوقفها صوته الجهوري وتحدث قائلا بنبرة حادة: وجفي عندك، توقفت وأستدارت له فتحدث بنبرة غائرة وهو يشير إلى منامتها وشعرها المفرود على ظهرها: عتفتحي الباب وإنت إكدة!
تحدثت إليه نافية: لا طبعا، أني كت هدخل أوضة النوم ألبس الإسدال
أجابها وهو يتحرك في طريقه إلى الباب: اني هفتح وإنت كملي اللي عتعمليه
فتح الباب فؤجئ بمريم التي تحمل بين يديها صنيه وتحدثت بإحترام: صباح الخير يا قاسم.

أجابها بنبرة هادئة وملامح وجه بشوشه: صباح النور يا مريم
وأشار لها بكف يده في دعوة منه للدخول: إدخلي واجفه لية
تحدثت وهي تدلف بساقيها: عروستنا الجمر وينها؟
أشار لها إلى المطبخ ودلف هو إلى غرفة المعيشة كي يعطي لهما المجال للتحدث بأريحية
وضعت مريم الحامل فوق رخامة المطبخ واحتضنت صفا التي سعدت كثيرا وأطمأنت بذاك العناق التي شعرت بحنان مريم من خلاله.

تحدثت مريم بوجه بشوش: كيفك يا صفا، ناجصك أيتوها حاچة أعملها لك؟
أجابتها صفا بسعادة تكاد تنطلق من عيناها: تسلميلي يا مريم، ربنا يخليكي ليا
نظرت مريم على القدر الموضوع فوق الموقد وتساءلت: إنت عاملة رز بحليب، ده أني جيبالك حليب طازة چدتك بعتهولك معاي
أجابتها صفا بهدوء: تسلم يدك ويد چدتك، الحليب دي أمي شيعتهولي عشيه مع صابحة.

تحمحمت مريم ثم تساءلت بإهتمام: هو أنت صح عتشتغلي في المستشفي بعد أجازة شهر العسل ما تخلص يا صفا؟
اجابتها صفا بتأكيد: أكيد هشتغل يا مريم، أومال أني كنت بدرس الطب سبع سنين لجل ما أجعد بعديها في البيت؟
تنهدت مريم بأسي ثم تحدثت بعدما ظهر الحزن داخل مقلتيها: يا بختك يا صفا، عتخرجي وعتشوفي خلج جديدة غير الخلج اللي عنشوفها كل يوم،.

وأكملت بنبرة حزينة: ده أني من كتر الحابسة اللي أني فيها بحس إن الحيطان عتطبج على جلبي تخنج روحي وتطلعها.
نظرت صفا لحزن عيناها بتمعن ثم تحدثت بنبرة حماسية: بجول لك إية يا مريم، محباش تشتغلي معاي في المستشفي؟
إتسعت أعين مريم وتحدثت بملامح وجة سعيدة متعجبة: أني، وأني عشتغل إيه وياكي يا صفا، طب إنت دكتورة وهتعالچي العيانيين، ويزن أخوي ماسك المدير المالي للمستشفي، اني بجا هعمل إية في وسطيكم!

إبتسمت لها وتحدثت: إنت خريچة خدمة إجتماعية والمچال ده هنحتاچة في المستشفي، المهم إنك موافجة من حيث المبدأ
قوست مريم بين حاجبيها وتسائلت بوجه عابس: وتفتكري چدك ولا فارس ولا حتى فايقة مرت عمك هيوافجوا على شغلي بالسهولة دي؟
ردت عليها مطمأنة إياها: موضوع موافجة چدك دي سبيها عليا، وأظن إن من بعد موافجة چدك مفيش حد هيجدر يعترض.

طارت مريم من شدة سعادتها وما شعرت بحالها إلا وهي تلقي بحالها لداخل أحضان تلك الحنون وكأنها تحتاج لعناق من أحدهم ليشعرها بالأمان، شعرت صفا بالإحتياج الضروري لمريم لذاك الإحتضان، فحاوطتها بساعديها برعاية وشددت من إحتضانها، مما جعل مريم تطلق تنهيدة براحة وبدأت بلوم حالها وجلد ذاتها على تعاملها السئ الغير لائق بتلك رقيقة الحس والمشاعر.

بعد مرور ساعتان كانت ترتمي داخل حصنها المنيع والذي هي أكيدة من أنه لا يقارن ولن يوجد له بشبيه، تشدد من إحتضانها له، واضعه أنفها بصدرة تنتشئ رائحة جسده التي تفوق أعلا وأغلي العطور الفرنسية بالنسبة لها
وما كان حاله بأقل من غاليته، فكان يحاوطها بذراعيه مشددا عليها داخل أحضانه الحانية ليشبع حنينه إليها.

كان يقف مقابلا لهما وتجاوره رسمية وورد وصابحة التي وضعت الأشياء الكثيرة التي أحضرها زيدان لصغيرته، ثم تحركت للأسفل
نظر يتأمل تلك العلاقة الصحية التي تتسم بالإنسانية والمحبة والإحترام
تحدثت لائمة من داخل أحضانه التي إشتاقتها بجنون: يا جلبك يا أبوى، هانت عليك صفا تسيبها كل دي من غير ما تاخدها في حضنك كيف كل يوم وتطبطب عليها!

ضحكت رسمية وتحدثت وهي تربت فوق كتف قاسم بفخر: وهتعملي بيه إية حضن زيدان في وچود حضن چوزك يا دكتورة
نزلت كلمة جدتها على قلبها أحرقته وتحدثت بقلب منكسر إنهدمت أحلامه: حضن ابوي ملوش بديل ولا لية زي، مفيش في الدنيا كلاتها حد ممكن يعوضني عن حضن وحنان أبوي.

نزلت كلماتها على قلب ذاك الواقف زلزلته وألمته، حدث حاله لائما: ألهذة الدرجة لم أعد أعني لها، ألهذا الحد ألمتك أنانيتي صغيرتي، لا تحزني حبيبتي، سأعوض قلبك الصغير وسأنسيكي كل ما تسببت لك به من ألام، فقط إصبري!
أما زيدان الذي أخرج عزيزة أبيها من داخل أحضانه ثم احتضن وجنتيها بين كفيه برعاية وأردف قائلا بنبرة تشع حنان: كيفك يا روح جلب أبوك، زينه؟

إنفطر قلبها وكادت أن تصرخ لأبيها تشتكيه مر زمانها وما صنعت الأيام بها، تمالكت من حالها وتنفست عاليا لضبط النفس ثم أجابته بنبرة صوت مختنقة محتقنة بالألام: بجيت زينة بشوفتك يا حبيبي.
إنتفض داخله ودقق النظر داخل عيناها راصدا ألامها وتحدث إليها بنبرة قلقة: مالك يا صفا. فيكي إية يا نن عين أبوكي؟
وبلمح البصر رمق قاسم بنظرة حادة كالصقر وتحدث وهو ينظر إلية: فية حد عمل لك حاچة ولا زعلك؟!

إرتبكت من حدة صوت أبيها وتحدثت سريع بتلبك: لا يا ابوي محدش مزعلني
ثم نظرت لداخل عيناه وأردفت قائله بنبرة حنون متأثرة: أني بس اللي إتوحشتك يا حبيبي
إبتلع قاسم لعابه متأثرا ثم أردف قائلا بنبرة دعابية كي يخرجه من حالته تلك: صلي على النبي أومال يا عمي، إنت چاي تهدي النفوس بيني وبين مرتي ولا إية؟

إنتفض قلبها وانتعش عندما إستمعت للقب زوجته منه، كم كانت تعشق كل ما به وتتمناه، لقد وصلت في عشقة لأقصي درجاته وأصبحت متيمة بحلاوة عشقة المر، كاللعنة غرامه أصاب قلبها البرئ بسهم مسمم بداء الهوي، فلا هي التي تنعمت بأحضانة وذابت، ولا هي التي تقوي على تركه والإبتعاد.

ضحكت ورد ورسمية وإبتسم له زيدان الذي تحرك إلى الأريكة ساحب طفلته معه وجلس وأجلسها وسحبها بين أحضانه مردف بدعابة مماثلة: مش لازمن أدبح لك الجطة من أولها كيف ما بيجولوا لجل ما تختشي
ضحك قاسم وتحدث بدعابة جديدة عل شخصه إستغربها الجميع: طول عمري اسمع إن الجطة دي الراچل اللي بيدبحها لمرته لجل ما تخشاه وتسمع حديته، لكن أول مرة اعرف إنها بتدبح من الحما.

تساءلت رسمية إلى قاسم بدعابة مماثلة: وإنت بجا دبحت لصفا البسه يا قاسم؟
حول بصره لتلك التي تنظر عليه من بين أحضان والدها الحنون تختبئ داخلها وكأنها طفلة العاشرة، وتحدث بنبرة حنون مادح إياها بفخر: مش صفا زيدان اللي يدبح لها الجطة يا چدة، اللي كيف صفا في أخلاجها وأدبها تتشال على الراس وتتحط چوة نن العين.

إهتز داخلها من إستماعها لشهادته في حقها حين إنفرجت أسارير الجدة وشعرت كم كان عتمان محق حين قال لها أن قاسم متمرد شارد عن أصلة ولن يعود إلا بقوة ناعمة، ولم يري حوله أقوى من تلك الشرسة الناعمة التي إستطاعت من خلال أيام قلة أن تجعل منه شخص ولأول مرة يعبر عن مشاعره تجاة أحدهم،
أما زيدان الذي إطمأن قلبه على صغيرته ووجه حديثه الشاكر إلى قاسم قائلا: تعيش ويعيش أصلك يا ولدي.

تحركت ورد وهي تمسك بيدها بعض علب الحلوي الكرتونية التي مازالت موضوعة فوة سفرة الطعام واردفت قائلة: هدخل أعمل لكم حاچة تشربوها وأجيب لكم چاتوة.

في القاهرة
كانت تجلس فوق مقعد مكتبها الصغير المتواجد داخل غرفتها المتواضعة، واضعة نظارتها الطبية التي ترتديها لأجل العمل حفاظ على نظرها، تعمل على جهاز الحاسوب الخاص بها كألة عمل لا تتوقف أبدا كي تلهي حالها عن حالة الغيرة والغضب التي تملكتها من عدم مهاتفة قاسم لها منذ ليلة الحنة
دلفت إليها والدتها دون إستئذان وتسائلت بنبرة حادة إستهجانية: البية لسه بردوا متنيل قافل تليفونه وما كلمكيش؟

زفرت بضيق شديد من طريقة والدتها المستفزة التي جعلت الدماء تغلي بعروقها وتحتد أكثر وهي بالاساس تحاول جاهدة بأن تتغاضي وتتناسي
تحدثت بنبرة حادة: حضرتك سألتيني السؤال ده بالليل و قولت لك لسه، وأكيد لو كلمني كنت هبلغك لأني عارفة ومتأكدة قد إيه الموضوع مهم بالنسبه لك،
وأكملت بلهجة شديدة الحدة: فياريت تبطلي سؤالك ده كل شوية لأنك بكدة بتضغطي على أعصابي وأنا أصلا متوترة وحقيقي مبقتش متحملة ضغط أكتر من كدة.

نظرت لها كوثر بغضب من حدة إسلوبها، دلف عدنان سريع وهو يتلفت حوله وأغلق الباب خلفه وتسائل بإستفهام: فيه إية يا جماعة صوتكم عالي كدة ليه، بابا قاعد برة ولو سمع أو حس بقلقكم ده هيدخلنا في سين وجيم ومش هنخلص من تحقيقاته.
وقفت وتحدثت له إيناس: قاسم ما أتصلش بيك من وقت ما كلمك من يومين يا عدنان؟

تنهد بأسي لحال شقيقته وما أصبحت عليه وأجابها: ما اتصلش يا إيناس، هو أتصل وقتها من تليفون فارس أخوه وإطمن على الشغل وملاني بعض الملاحظات وقفل على طول من غير حتى ما يديني فرصة لأي كلام
هتفت كوثر بنبرة مرتعبة: يا خوفي ليكون البيه عجبته البنت وبيفكر يفشكل جوازته من أختك ويكتفي بجوازته من بنت عمه، وأكملت بشر وتوعد: بس ده يبقا غلطان وغبي وميعرفش كوثر ممكن تعمل إية لو فكر بس يغدر بينا.

أما تلك المشتعله التي تسائلت والنار تنهش داخل صدرها: إنت شفت البنت يا عدنان، حلوة؟
وأكملت بنبرة جديدة عليها: طب أنا الأجمل ولا هي؟
علي الفور تذكر عدنان فائقة الجمال تلك والتي لم يري لسحر عيناها مثيل، لكنه تراجع عن قول الحقيقة كي لا يشعل شقيقته أكثر وكي لا تغضب عليه وتسقيه من المر والنكد ألوان.

فتحدث بنبرة مرتبكة بعض الشئ: ولا فيها ريحة الجمال اساسا، أصلا مفيش مقارنة بين جمالك وبينها، دي حاجة كدة أستغفر الله العظيم شبه الرجالة في شكلها وجسمها
تنهدت حينها بإرتياح وأطمئن قلبها وأستكان، ورفعت قامتها لأعلي بغرور، ثم جلست فوق مقعدها من جديد.

بعد مرور خمسة أيام على زواج قاسم وصفا
ليلا داخل حديقة منزل عتمان، كان شباب المنزل يجلسون سويا يتسامرون، وذلك بعدما صعد فارس إلى شقيقه وطلب منه الحضور إلى الحديقة للجلوس مع أبناء عمومته
بعد مرور حوالي الساعة شعر بحاجته إلى رؤياها التي أصبحت تبث الطمأنينة والراحة داخل نفسه
وقف ليستأذن منهم قائلا بهدوء: تصبحوا على خير يا شباب.
قوس حسن فمه بتعجب وتسائل: على فين بدري إكده يا قاسم؟

أجابه بإختصار: يدوب أطلع لجل ما أنام يا حسن.
في حين تحدث فارس مداعب أخاه بغمزة من عيناه: حجك يا باشا ما أنت لساتك مستچد في الچواز والموضوع چاي على هواك، لكن لما تبجا لك سنتين زيينا إكده عتجعد نفس جعدة البوساء اللي إحنا جاعدينها دي بالتمام.

ضحك الجميع عدا يزن الذي كان يرمقه بنظرات حادة كنظرات الصقر، وخصوصا أنه يعلم علم اليقين من أنه لا يحمل داخل قلبه لصفا أية مشاعر بل ويكاد يجزم بأنه مازال على علاقة بتلك الفتاه القاهرية التي كان يحدثها منذ القديم، وما جعله يتأكد بأن ظنونه بمحله الصحيح هو ما حدث ليلة الحنه وأرتياب قاسم الذي أصابه عندما إقترب منه يزن أثناء ما كان يتحدث بالهاتف.

وقف قاسم وتحدث قائلا وهو يبادل ذاك اليزن نظراته النارية: أني مش زيكم ولا عمري هكون يا فارس.
سلط يزن عيناه داخل عيناي قاسم بغضب وأردف قائلا بنبرة جامدة: من چهة إنك مش زيينا فأني متوكد من إكدة يا متر، بس مش عايزك تفرح چوي إكدة لان دي مش حاچة بتميزك عنينا، دي ليها فاتورة واعرة جوي ولازمن تندفع، والتمن هيجا غالي، غالي جوي فوج ما خيالك يصور لك يا ولد عمي.

ضيق عيناة مستغرب حديث ذاك الغاضب وماذا يقصد به، وما هو الثمن الذي يتوجب علية دفعة، أيوجد ثمن لم يدفع بعد؟
لقد قام بدفع الثمن وتسديد كامل الفاتورة مقدم من كرامته التي هدرت أمام تلك الصفا وأمام حاله وأنتهي الأمر، هكذا هو تصوره للموضوع
فأراد أن يحرق روحه فتحدث بإهانة وتقليل من شأن يزن:.

التمن دي للناس الضعيفة اللي عتسمع الحديت وتطاطي راسها وتجول علم وينفذ وأمرا مطاع يا صاحب الأمر، وأكمل بعناد ولهجة تهديدية رافع قامته لأعلي: لكن أني لا يا باشمهندس، إنت لساتك متعرفش الوش التاني والحجيجي لقاسم النعماني، ومن الأحسن إنك معتشفهوش.
قهقة يزن عاليا وأجابه بكل ثقة: إنت اللي كن جعدتك في مصر نستك عوايدنا ومخلتكش تركز في الناس اللي منيك زين.

وأكمل ساخرا: على العموم أني عاوزك تفتكر كلامك ده زين علشان عفكرك بيه جريب، جريب جوي يا متر.
إستشاط ذاك الغاضب وكاد أن يتحدث لولا تدخل فارس الذي أراد أن يهدئ من الوضع بعدما رأي بعيناه أنه بات على وشك الإنفجار.
أردف فارس بمداعبة لتلطيف الأجواء: زينة مناظرة التيران الشرسه دي يا شباب، بس لو زادت أكتر من إكدة هتتجلب لمصارعة والليلة هتغفلج على الكل كليله.

وأكمل بنبرة تعقلية: صلوا على النبي إكدة وإهدوا، وإنت يا قاسم، يلا إطلع على فوج لعروستك
ثم إتجه ببصره إلى يزن وتحدث بدعابة ساخرة: وإنت يا يزن، تعالي لاعبني دور طاولة لجل ما أخسرك وأحزنك على شبابك جبل ما تطلع ل ليلي وتاخد منيها چرعة النكد الأوچانك اليومية اللي معتعرفش تتخمد من غيرها.

قهقه الجميع على سخرية فارس من شقيقته ذات الطباع الحادة عدا قاسم الذي رمق يزن بنظرة حارقة ثم تحرك وصعد للأعلي دون إضافة المزيد.

دلف لداخل حجرة نومهما، وجدها تجلس القرفصاء فوق الفراش وتضع وسادة صغيرة فوق ساقيها ومن فوقها جهاز اللاب توب وتنظر لشاشته بتركيز وإهتمام مبالغ به، وصل إلى أنها لم تشعر بوجوده حين دلف للداخل
تحدث متحمحم كي تنتبه إلى دلوفه: مساء الخير
ردت عليه ومازالت عيناها مثبته فوق شاشة الجهاز حتى أنها لم تكلف حالها عناء النظر لوجهه وهي تحادثه.

إستشاط داخله من تجاهلها له، لكنه فسره على أنه رد للثأر لكرامتها وتصنع الكبرياء واللامبالاه، لغسل ماء وجهها أمامه بعد ما صار منه ليلة زفافهما التي مهما حاولت تجاوزها إلا أنها بين الحين والاخر تكشعر ملامحها وتتجنب الحديث معه بدون أدني سبب، وهذا ما كان يؤرقه دائما.

تحرك إلى الخزانه وأخرج ثياب مريحه ودلف لداخل المرحاض، أخذ حمام دافئ وأرتدي ثيابه وخرج من جديد ليجدها ما زالت على نفس وضعيتها، وقف أمام مرأته صفف شعرة الأسود بعناية فائقة ونثر عطره الفواح فوق جسده.

وبعد ذلك تحرك للفراش وتمدد بجسده بجوارها وأسند رأسه للخلف، ومازالت هي على وضعها، تحمحم للفت الإنتباة ولكن، مازالت تلك الساحرة تنظر لشاشتها بتمعن شديد دون ان تعطي لحضورة أدني إهتمام مما أثار فضوله وثارت كرامته أيضا
علي غير عادته رفع قامته لأعلي وبات يتلصص ليري ما الذي يستحوذ على تركيزها، نظر لشاشة الجهاز حتى يري ما الذي يشغل عقل تلك العنيده لهذه الدرجة!

نظر وياليته لم يفعل، وجدها تتابع عملية جراحية لإستئصال المرارة، وجد الطبيب ممسك بالمشرط الخاص بالعمليات وقام بشق بطن المريض بكل هدوء ومهنية، وبدأت بعض قطرات الدماء البسيطة تسيل بهدوء والممرضه تقوم بتجفيفها بحرفية في مظهر تقشعر له الأبدان
لم يستطع تمالك حاله وأعتدل بجلسته وسريع إنتفض وهو يهرول إلى المرحاض حتى يخرج ما بداخل أمعاءه.

نظرت إليه بإستغراب لحالته وأوقفت بث الفيديو وتحركت إليه سريع، وقفت أمام الباب وهي تتساءل بنبرة قلقه وعيون متلهفة حين وجدته يفرغ ما بمعدته ووجهه إكتسي باللون الأحمر الداكن وأثار التعب والقرفه تظهر فوق ملامحه: إنت كويس؟
إغتسل جيدا وأمسك بيده المنشفه وتحرك إليها وهو يجفف فمه ووجهه وأردف قائلا بإستياء وأشمئزاز: هبجي كويس إزاي بعد الجرف اللي شفته ده، إنت إتچننتي يا صفا، أيه الجرف اللي عتتفرجي عليه ده؟

أجابته بنبرة متعجبة: جرف، أولا يا حضرت المحامي المحترم ده مسموش جرف
وأكملت بنبرة علميه: دي عملية لإستئصال مرارة ملتهبه وعلى وشك الإنفجار كمان
نظر لها بإشمئزاز وأردف متسائلا بتعجب: وإنت إيه اللي چابرك في إنك تتفرچي على المذبحه دي؟
أجابته بنبرة ساخرة: يمكن لأني چراحة مثلا وده في إطار شغلي؟

نظر لها بذهول وأردف متساءلا: وإنت حج عتشتغلي إكده؟، أني إفتكرتك بكتيرك عتكشفي على عيل إصغير ولا واحده عنديها مغص، لكن توصل بيك الچرأه إنك تشجي بطن الخلج بعدم رحمة كيف جتالين الجتله إكده، ده اللي عمري ما كنت أتخيل إنك هتعملية.

ضحكت بشدة وصلت حد القهقه وأرجعت رأسها خلف من شدة ضحكاتها، نظر إليها بإنبهار لطريقه ضحكتها المثيرة ووجهها الذي انير بطريقة تسر الناظرين إليه، إبتلع لعابه بتوتر لما شعر به من أحاسيس ومشاعر جديده عليه في حضرة تلك الصفا،.

وتحدثت هي ناظرة إليه بتفسير: بص يا قاسم، أني تخصص چراحه عامه، لكن في نفس الوجت دارسه شعبة عامة، يعني بعالچ كل ما تتخيله، عيل إصغير و واحده عنديها مغص زي ما حضرتك إتفضلت وجولت، بس ده ميمنعش إني چراحه.

وأكملت بتفاخر مصطنع وهي تشير على حالها بأصابع كف يدها الرقيق: وچراحة شاطرة كمان بشهادة دكاترتي في الچامعة واللي أشرفوا على تدريبي بذات نفسيهم، وعشان إكده لازم أطور من نفسي وأبقي على دراية كاملة بكل ما هو چديد في عالم الچراحة
بتحبي شغلك يا صفا؟ جملة تساءل بها قاسم بإهتمام.

أجابته مبتسمة بعيون فرحة: كلمة بحبه دي جليلة جوي على اللي بحسه تجاه شغلي، الطب ده رسالة سامية، فاهم يعني أية تخفف عن حد ألم مميت ولا تشيل عنه أذي محتم كان هيأدي لدمار چسمه؟
ولا لما تشيل الألم عن عيل إصغير بيبكي ومحدش عارف ماله ولا فيه أيه؟
حجيجي الموضوع ممتع ويستاهل تعب المهنة
إبتسم لسعادتها وتحدث بنبرة مترجية: طب ممكن تجفلي العملية دي وتتفرجي عليها بعدين، بجد مش جادر أشوف المنظر ده جدامي.

أطلقت ضحكاتها المثيرة من جديد حين تذكرت حالته وتحدثت بنبرة ساخرة أغاظته: أني اللي حجيجي مش جادرة أنسي شكلك وإنت مبرج وباصص للعملية بذهول،
وأكملت بتناسي وعدم تركيز في الحديث: أخر واحد كت أتخيل إنه يخاف وإن عنديه جلب زي البني أدمين وبيحس هو أنت يا قاسم!
نزلت كلماتها عليه زلزلت كيانه وشعر بطعنة ولكن لأجلها لا لأجله، لأجل شعورها به
نظر لها بحزن عميق وتساءل داخله، أحقا تريني هكذا صفا؟

رجلا بلا قلب بلا مشاعر بلا حس؟
تنهد بتألم وأردف قائلا لها وهو ينظر لمقلتيها: على فكرة يا صفا، أني مش وحش جوي إكده زي ما أنت شيفاني، يمكن جلوبنا منسجمتش مع بعضها وده طبعا يرچع لظروفنا اللي إتحطينا فيها ونظام الچبر اللي إتچوزنا بيه،
وأكمل مفسرا لتصرفاته السابقة معها: وأني طول عمري مكرهش في حياتي قد الحاچه اللي أنجبر عليها وتتفرض علي.

نزلت جملته النارية عليها أدمت قلبها العاشق ومزقت ما تبقي منه، حولت بصرها للجهه الأخري كي لا تخونها دموعها وترفع الراية البيضاء وتنهمر بحرارة أمامه
أمسكت جهاز اللاب توب وأغلقته، وضعته بجانبها فوق الكومود وتحدثت وهي تواليه ظهرها وتتمدد فوق الفراش وتدثر حالها تحته في محاولة منها للهروب بأحزانها بعيدا عنه ولحفظ ما تبقا من كرامتها التي هدرها جدها تحت ساقي ذلك القاسي: إجفل النور لو سمحت، أني عاوز أنام.

شعر بغصه مرة داخل حلقة لأجلها وشعر كم كان قاسيا بوصفه لعلاقتهما، وأنه أزادها عليها ولكن كان لحديثه بقية، كان سيرضي به قلبها الرقيق ويعتذر منها ولكنها تسرعت بغضبها
فتحدث هو بإستحياء بنبرة خجلة مبررا حديثه ومكملا لما بدأ: حجك عليا يا صفا، أني مجصدتش الوصف اللي وصلك ولساته لكلامي بجية، أني.

قاطعته بحديثها الحاد الذي يطغو على نبرته الغضب: من فضلك يا متر، معيزاش أسمع مبررات إنت في غني عنيها، وأساسا الموضوع كلاته لا يعنيني بشئ
وأكملت بنبرة بارده وكلمات مهينة ثائرة لكرامتها: وصدجني أني لا أجل عنيك في نظرتي لعلاجتنا العقيمه عديمة الفايدة دي، وبالنسبة لي هي وضع مؤقت ليس إلا.

إستشاط غضب من كلماتها المهينه لشخصه ولا يعلم لما أشتعل داخله بوصفها لعلاقتهما بأنها عقيمة عديمة الفائدة ولكن تحامل على حالة وصمت كي لا يزيدها عليها، وأغلق الضوء وتمدد بجوارها واضع يداه تحت رأسه ناظرا إلى التي تواليه ظهرها دون إهتمام.

داخل مسكن يزن وليلي
كان يجلس داخل بهو الشقة وبيده بعض الأوراق الهامة الخاصة بالمحجر ليستخلصها، تحركت إلية ليلي وهي ممسكة بيدها حاملا موضوع عليه كأسان من مشروب بارد قد صنعته داخل المطبخ كي يرطب عليهما في ذلك الطقس الساخن
جلست بجانبه وأمسكت بكأس المشروب وتحدثت بإبتسامة حانية وعشق ظهر داخل عيناها وهي تبسط إليه يدها: العصير اللي عتحبه يا حبيبي.

قطع عمله ثم نظر لها وأخذ كأس العصير وأرتشف منه القليل وأرجع ظهره مستندا به إلى الخلف ناظرا أمامه ببرود
حزن داخلها وأردفت متسائلة بنبرة حزينه: لساتك زعلان مني يا يزن، أني مجادراش على زعلك دة، روحي عتفارجني ومهترجعليش غير برضاك عليا يا حبيبي
صح عتحبيني يا ليلي؟!
سؤال متعجب طرحه يزن عليها بإستهجان!
أجابته بقوة وثبات: لساتك عتسأل يا يزن، ده انت النفس اللي أني ععيش عليه، أني عشجانة لروحك وجلبك يا واد عمي.

نظر لها بإشمئزاز وتحدث بقوة: كدابة يا ليلي، معصدكش ولا كلمة من اللي عتجولية، تعرفي ليه؟
نظرت له بألم تترقب باقي حديثه فهتف هو بإتهام: اللي عيعشج كيف مبتجولي جلبه ميعرفش الكرة يا ليلي، وإنت جلبك مليان سواد وحجد على بت عمك الغلبانة.
وما أن إستمعت لمبرراته حتى إستشاط داخلها وتحدثت بنبرة حقودة وكأنها تحولت لأخري: جولي إكدة، بجا جلبتك على ولوية بوزك الأيام اللي فاتت دي كلياتها لجل بت ورد؟!

إشتعلت نيرانه ورمقها بنظرة حادة أخرستها وتحدث بلهجة صارمة مهددا إياها: أول وأخر مرة أسمعك تجولي على بت عمك بت ورد، الله في سماه لو سمعتها منيكي تاني لكون جاطع لك لسانك ورامية للكلاب تاكلة، ده لو رضيوا ياكلوة من الاساس، سمعاني
إرتعب جسدها من صوته الجهوري وأبتلعت سائل لعابها، وأومأت له بموافقة
لانت ملامحه قليلا وعاود الإرتشاف من كأس العصير.