رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول بقلم ايه السيد

رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول بقلم ايه السيد


رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة ايه السيد رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول


رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول بقلم ايه السيد

رواية فرح فهيمة كاملة جميع الفصول

في بيت كبير بمنتصف القرية بإحدى القرى الريفية وبالتحديد بمحافظة كفر الشيخ ينعقد إتفاق بين مجموعة من الأفراد بعد نقاش طويل يشوبه الحدة أحيانًا والتراخي أحيانًا أخرى….
“خلاص يبقا فهيمه بتنا هتتچوز راچل من حداكم طلما الچواز هو الحل عشان نرچع حبايب”
قالها ماجد عمران كبير عائلة “عمران”، حاول إبنه أن يتدخل قائلًا:
-بس يابا….
ليرفع ماجد يده مقاطعًا كلامه بحزم قائلًا: الكلام انتهي يا زيد

عقب رجل أخر سليمان “كبير عائلة النجار”:
-يبقا كتب الكتاب في خلال يومين والفرح والدخله نبقوا نحددوهم بعدين…
لتعلو الدهشه وجوه جميع الحضور ولكن لم يستطع أي منهم الإعتراض فقد قضي الأمر واتفق كبار العائلتين.

انفض المجلس لنجد كل عائله تجتمع منفرده للتشاور في الأمر

” عائلة عمران”
***************
-يابا إنت بتقول هتچوز فهيمه ازاي إنت مش عارف إنها عايشه في مصر وكمان بتدرس في الچامعه!
زفر الأب “ماجد” بقوه وقال:
-عارف يا زيد بس هي لازم تنفذ أوامري وإلا هكون مقاطع أبوها طول عمري
زفر ماجد بحسرة وأردف بتوضيح:
-أخوك إيهاب الله يرحمه غلط زمان وكلنا لازم نتحمل نتيجة غلطه
تنهد زيد بحسره وقال:
-لو فهيمه موافقتش على الچواز هنخسر كل شغلنا…
زفر زيد بقوه وأردف:
– مفيش حل إلا إننا نتصالح مع عيلة النچار بأي شكل
زفر ماجد بقوه قائلًا:
-ربنا يستر من الي چاي
___________
على جانب أخر تجتمع “عائلة النجار”
هتف الأخ الأصغر لأخيه الأكبر معاتبًا:
-هتچوز يوسف بت من الريف ازاي يا سليمان وإنت عارف إنه اتعين داكتور في الچامعه وعايش في مصر وسقف طموحاته عالي!

عقب سليمان بتعجب:
-يعني هيعصي أوامر عمه! حتى لو هو عصي هچبره..

عقد جبهته بتحدي قائلًا:
-أنا عارف هخليه يوافق إزاي….

أردف سليمان وهو ينظر لأخيه الأصغر بأمر:
-كلمه وقوله عمك عايز يشوفك بكره…

عقب الأخ الأصغر بقلة حيله:
-ماشي يا سليمان لما نشوف أخرة دماغك هتودينا فين!

عقب سليمان بثقة:
-متقلقش أنا مرتب لكل حاچه

أردف بفخر واعتزاز قائلًا:
-أنا إلي ضيقتها عليهم وعرفت أچيبهم راكعين

رمقه الأخ الأصغر باستفهام قائلًا:
-رچعت برده تفكر في الإنتقام!

رفع رأسه بشموخ قائلًا:
-أنا منستش الإنتقام أصلًا وطول السنين دي كنت بطاردهم في الخفى

ابتسم سليمان بسخرية مردفًا:
– وأخيرًا وقعوا تحت ايدي وچاين يطلبوا الصلح عشان ينقذوا شغلهم

عقب الأخ الأصغر بعدم فهم:
-طيب وليه وافقت على الصلح؟! ليه مرفضتش وسيبتهم يخسروا شغلهم

هز رأسه باعتراض قائلًا:
-لأن خسارة الفلوس مش هتوچع

نظر أمامه بجديه قائلًا:
– أنا ناوي على حاچه تانيه

هز أخيه الأصغر رأسه باستنكار ورمقه بنظرات حائرة قائلًا:
-ربنا يستر من إلي چاي
________________________________
وفي اليوم التالي أثناء طريق عائلة “فهيمه” أو
“فرح” للبلد وبالتحديد في السياره مالت “فرح” على أخيها الأكبر “نوح” وهمست بخبث:
-طبعًا إنت في غاية السعاده عشان هتشوف الجو بتاعك!

لكزها نوح في ذراعيها بقوه وقال:
-اسكتي يا فضيحه أنا غلطان أصلًا إني حكيتلك

ابتسمت قائله بثقه:
-من غير ما تحكي أنا أصلًا كنت عارفه
غمزت بعينيها وهمست مردفة:
-بس البت شكلها واقعه فيك يا معلم

اعتدل في جلسته ونظر لها بترقب وسألها مبتسمًا:
-هي قالتلك حاجه؟!

عقبت فرح قائله بثقه:
-هي مقالتش بس أنا من خلال خبرتي في الحياه متأكده إنها واقعه فيك

رفع شفتيه لأعلى بسخريه وقال:
-خبرتك في الحياه! اكتسبتيها إمته الخبره دي؟

مسكها من ملابسها التي تغطي كتفها مردفًا بحده مصطنعه:
-يا بت دا إنتِ مقضيه حياتك يا نايمه يا بتاكلي!

أزاحت يده عنها ورفعت سباتها أمام عينه قائله بحده مصطنعه:
-لو سمحت أنا مقبلش إنك تقلل من مسيرتي في الحياه… دا أنا فرح يعني حياتي كلها مرح

ابتسم بسخرية وهو يهز رأسه باستنكار قائلًا:
-مرح! إنتِ تافهه يا بت؟

ضربته على كتفه فضربها واشتد النزاع بينهما فتدخل الأب قائلًا:
-ايه بدأنا لعبة القط والفار المفروض كبرتوا على كده
لفت الأم وجهها ونظرت لفرح قائله:
-عيب يا فرح أخوكِ الكبير
ونظرت لنوح قائله:
– عيب يا نوح أختك الصغيره

ابتعدت فرح عنه مسافه وقالت بغضب:
-أنا مش هكلمه أصلًا تاني دكتور الحيوانات ده!
نظر لها باستهزاء قائلًا:
-احمدي ربنا هتلاقي دكتور يعالجك لما تتعبي

نظرت له باشمئزاز قائله:
-أنا مش هرد عليك

صرف نظره عنها للإتجاه الأخر وعقب قائلًا:
-أحسن برده

وبعد فتره وصلوا للبيت مع أذان العصر وارتجلوا من السياره، تعلقت فرح بذراع أخيها وكأنهما لم يتشاجرا قبل قليل، نظرت للبيت الكبير الذي يقع بمدخل القرية ويضم ثلاث طوابق غير الطابق الأرضي ويطل على بحر أو كما يُسمونه ترعة نقيه ليست بالواسعة ولا المكتنزه، وأمام البيت حديقة تحتوي جوانبها على الورد وتنتشر بها أشجار النخيل والعنب والمانجا والجوافه نظرت فرح لجمال الحديقه وهتفت قائله بحب:
-أنا بحب الريف جدًا وبحب البلد وأجوائها أوي خصوصًا في الصيف

نظر لها نوح قائلًا:
-هي بصراحه تتحب بس الي مبتحبش بقا الناموس

تركت فرح ذراعه وربتت على كتفه بيدها كأنها تشد أزره قائله:
-مرطبك في جيبك جهاز الناموس في إيدك أي ناموسه تجيلك علقها أوعى تهشها

ضحك نوح قائلًا:
– على رأي جدي دا مش ناموس دا جاموس

تعلقت فرح بذراعه مجددًا قائلة:
-يلا نبدأ المعركه

رمقهما الأب متعجبًا ثم نظر للأم قائلًا:
-دول إلي كانوا بيتخانقوا من شويه!
عقبت الأم مبتسمه:
-متركزش معاهم دول كل ساعه في حال

نتعرف بالأبطال
**********
“فرح أو فهيمه والديها وأخوها ينادونها فرح أما جدها وعائلة والدها ينادونها فهيمه فإسمها فهيمه بالهوية الشخصيه لكننا سنناديها فرح، أكملت العشرين عامًا منذ أيام، متوسطة القامه بجسد نحيف، صاحبة ملامح رقيقه وأعين واسعه سوداء وأنف صغير وشفاه ممتلئة قليلًا، ودائمًا ترتدي نظارتها الطبيه العريضة تدرس بكلية الآداب بقسم علم النفس وتتمنى أن تكون دكتورة نفسية لتفك عقد الناس الخفيه التي لا يكادون يرونها”

“نوح أخيها الأكبر والوحيد يكبرها بأربعة أعوام بالرابع والعشرين من عمره تخرج من كلية الطب البيطري ويعمل مؤقتًا مندوبًا للمبيعات بإحدى الشركات لحين فتح مشروعه الخاص”

وبعد أن دخلوا وتبادلوا السلام والترحاب استغل الجد تجمعهم ونظر لإبنه هشام”والد فرح” قائلًا بتردد:
-هشام يبني فهيمه چالها عريس
فغرت فرح فاها بصدمه وردت بعفويه:
-لأ يا جدي أنا مش ناويه أتجوز أصلًا

شرح الجد الغرض من الزواج والحوار الذي دار بينهم وبين عائلة النجار فرد هشام”والد فرح” بحده:
-لأ يابا أنا مش هروح أرمي بنتي في النار عشان شغلك يمشي

حاول الجد “ماجد” التبرير قائلًا:
– إنت عارف غلاوة فهيمه عندي وأنا لا يمكن أرميها في النار!
زفر ماجد بقوه وأردف بتوضيح:
-هيكون كتب كتاب يعني هيبقا على ورق وأنا هأچل الفرح خالص دلوقتي على ما شغلي يتظبط ونطلقها منه وكأن مفيش حاچه حصلت…

هز هشام رأسه بعنف معترضًا وهتف بحزم:
-لأ يابا أنا مش موافق

تجعدت ملامح ماجد ورد بحزم وبنبرة حادة:
-والله يا هشام لو ما وافقت لأكون مقاطعك عمري كله وأحلف عليك ما تحضر چنازتي

ابتسمت فرح ببلاهه ووقفت بحماس قائله بسذاجتها المعتاده وهي ترفع ذراعيها كمن يحمل الأثقال:
-وأنا موافقه يا جدي أخوض المعركه دي

نظر الجميع لفرح بدهشه وسحبها نوح من ذراعها بعنف لتجلس فعقبت متأوهه:
-براحه يا نوح دراعي

رد عليها نوح بنبرة حادة:
-لما الكبار يتكلموا تسكتي خالص

أشار الجد نحوها قائلًا:
-وأهي صاحبة الشأن موافقه

أكدت فرح قائله:
-أيوه موافقه يا جدي طلما حضرتك بتقول هيكون على ورق وهتحل مشكلتك يبقا على بركة الله
قالت جملتها الأخيره مبتسمه بنفس البلاهه فهي لا تدرك عواقب ما قالته قبل قليل هي فقط تريد إضافة بعض الأكشن والمغامره لحياتها الروتينيه فيالها من حمقاء! وبلهاء! وساذجه!

وبعد مناقشة الموضوع لساعة كامله وافقوا جميعًا وبدؤا يجهزون لكتب الكتاب الذي سينعقد في الغد، وستتعقد معه حياتها!
اقترب منها نوح وهمس لها قائلًا:
– أتمنى تكوني مدركه عملتي في نفسك إيه؟!
أجابت بثقة:
-طبعًا مدركه ملكش دعوه إنت
هز رأسه بقلة حيله قائلًا:
-والله شكلك ما فاهمه أي حاجه
رمقته بسخريه ولم تعقب على كلامه وخرجت من البيت لتتمشى بالحديقه فخرج ورائها جدها وناداها قائلًا:
-متخرجيش لوحدك يا فهيمه كل مره بتوهي وسط الأراضي وتحيرينا

ضحكت قائله بثقه:
-متقلقش يا جدي أنا خلاص اتعودت

عقب الجد باستفهام:
-اتعودتِ على المكان!

ابتسمت فرح قائله:
-لأ إتعودت إني أتوه وتدوروا عليا وكدا

عقب الجد بحزم وهو يضغط على كل كلمه بجملته:
-متخرچيش لوحدك يا فهيمه

عقبت قائله بعدم اقتناع:
-حاضر يا جدو

دخل جدها للبيت ونظرت هي يمينًا ويسارًا ثم تسللت دون أن يراها أحد لتخرج وتتمشى بين الأراضي كمان تهوى فهي تحب المغامره وتلقي بنفسها دائمًا في المهالك بدون أدنى تفكير….

________________________________
على جانب أخر في بيت “عائلة النجار”، في مكتب سليمان، يقف يوسف حائرًا بعد أن عرض عليه عمه سليمان فكرة الزواج واعترض عليها، لكن عمه حاول إقناعه بالرضا فرد عليه يوسف بهدوء:
-يا عمي لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وأنا لا يمكن أتجوز بالطريقه دي

رد سليمان بنبرة هادئه:
هي فين المعصيه دي! هو أنا بقولك مشي معاها في الحرام! أنا بقولك اتچوزها على سنة الله ورسوله

حين سمع يوسف جملة عمه زفر بقوه وحاول الحفاظ على هدوئه قائلًا بنبرة لينه:
– يا عمي ربنا بيقول” ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذالك فقد ظلم نفسه”

تنهد يوسف بنفاذ صبر وأردف:
-وأنا لا يمكن أظلم نفسي وأظلم بنت بريئه ملهاش ذنب في أي حاجه!

اتجه سليمان نحوه ونظر لعيني يوسف برجاء كأنه يتوسل إليه ومسك ذراعيه ليحاوطه قائلًا:
-يا يوسف لازم تبرد ناري وتتجوز بت من حداهم عشان نكسر عنيهم زي ما كسروا قلوبنا زمان!

زفر يوسف بحنق لكنه حاول تمالك حاله، تظاهر بالهدوء ليستطيع إقناع عمه وعقب بتوضيح وببعض الحده:
-يا عمي والبنت ذنبها إيه لما عمها طلق عمتي وعمتي ماتت وأصلًا عمها كمان مات

قطب يوسف حاجبيه مردفًا باستفهام:
– ليه ننبش في الماضي وهو أصلًا اتردم عليه!؟

نظر سليمان للفراغ نظرات غاضبه حين تذكر ما حدث قبل أعوام وعقب قائلًا:
-عمتك ماتت بحسرتها لما طلقها ابن ماچد وراح اتچوز عليها

هز يوسف رأسه باستنكار ولم يعقب سند ظهره للحائط وحدق بالأرض واضعًا ظهر أصابعه على فمه يفكر في حل لتلك الورطه فمن الواضح أنه لا فائدة من محاولاته لإقناع عمه، نظر له سليمان وأردف بنبرة هادئة:
-اتجوز بنتهم سنه سنتين تلاته إلي يريحك وبعدين طلقها واتجوز إلي تختارها

أردف سليمان برجاء:
-برد ناري يا يوسف وخدلنا طارنا منهم

ذم يوسف شفتيه بحزن وعقب بحزم:
-لا يا عمي أنا آسف لا يمكن أوافق على الجوازه دي

ضرب سليمان يده على المكتب بغضب ورمقه بنظرات حارقة قائلًا بنبرة أحد من السيف:
-تبقا إنت إلي حكمت على نفسك وعلى أمك وأختك

أقبل سليمان نحو المكتب بخطوات واسعه وأخرج الأوراق من درج مكتبه ليضعها أمامه ثم أشار عليها قائلًا:
-وكدا هضطر أستخدم معاك القوه يابن أخويا

نظر يوسف للأوراق على سطح المكتب وسأل متعجبًا:
-إيه الورق ده؟!

عقب سليمان قائلًا:
-دي الأوراق إلي مضيت عليها أول ما چيت شيك ب ٥مليون يا تسددهم يا تتحبس يا داكتور يوسف…..

تنهد يوسف بحسرة قائلًا:
-ليه كدا يا عمي!؟

جلس سليمان على كرسي مكتبه قائلًا بثقه:
-فكر يا يوسف وخد قرار، وياريت تفكر في أمك وأختك قبل منك

تذكر أخته الصغيره وقرانها الذي سيُعقد بعد شهر، فهو معيل أسرته الوحيد، لم يترك له عمه أي خيار سوى الموافقه!

حين طال صمته أردف عمه قائلًا :
-إنت المفروض تشكرني عشان چايبلك بت تتسلى معاها وبالحلال يابن أخويا

رد يوسف بحسرة:
-وإنت بتسمي دا حلال يا عمي…. اتجوز واحده عشان أنتقم منها ومن أهلها…. دا حلال في شرع مين؟!

عقب سليمان بتحدي قائلًا:
-معندكش خيار إلا إنك توافق

رمقه يوسف بنظرات عتاب وهم أن يغادر الغرفه وقبل أن يفتح الباب أوقفه صوت سليمان الذي وقف عن مقعده قائلًا بنظرات محذره:
-ياريت متتأخرش في الرد عليا لأن كتب الكتاب هيكون بكره!
زفر يوسف بحنق وخرج من الغرفه بل من البيت بأكمله…

“يوسف شاب بالسادس والعشرين من عمره طويل القامه متوسط الوزن يمتلك ملامح رجوليه جذابه، يعمل معيدًا بالجامعه ويدرس لتحضير دراسات عليا “ماجستير ودكتوراه” وسنعرف تفاصيل أكثر عنه فيما بعد…”
_________________________________
“الله على الجو الجميل والخضره الأجمل”
قالتها فرح وهي تنظر حولها مبتسمة وتتنفس بارتياح إنه الريف وجماله، كانت تسير في طريق خالٍ من المساكن وعلى جانبيها أراضي زراعيه على يمينها أعواد الذره الخضراء الطويله وعلى يسارها زرع الرز الأخضر، كانت في مكان خالي من الناس يعمه الهدوء الذي يختلط مع أصوات العصافير في وقت الغروب وها قد غادر الجميع لبيوتهم مع حيواناتهم التي يستنفعون من حليبها أو لحومها، زفرت بارتياح قائلة:
-هي دي العيشه ولا بلاش يا سلام لو بابا يشوفلنا بيت هنا في البلد بعيد عن زحمة القاهره!

مصمصت بشفايها مردفةً:
-يا سلام …. يا سلام

لمس وجهها الهواء العليل فأردفت قائله:
– يا محلاها عيشة الفلاح

نظرت حولها فوجت أرضًا بها باذنجان ناضج فاقبلت نحوها وأخذت واحده وهي تلتفت حولها كمن يسرق شيئًا وبدأت تتذوقها بمتعة، اغلقت عينيها وهي تمضغها وتتمتع بطعمها اللذيذ، ليقاطعها صوت نباح كلب وهي تخاف من أي حيوان خلقه الله ماعدا الخيل والقطط، جحظت عينيها بصدمه صارخةً ثم ألقت الباذنجان من يدها بهلع وركضت من أمامه أخذ يركض وهي تركض أمامه حتى وجدت أمامها ترعة مياه نقية فقفزت بها….

-لو كلب ابن كلب بقا بجد انزلي هنا نتواجه

قالت جملتها بثقه فهي تحتمي بداخل بالمياه رد عليها الكلب بالنباح فصاحت بنبرة حادة:
-امشي بقا امشي!

ملأت كفها بالماء وقذفته به بغضب وهي تقول:
-امشييييي
لم تتخيل أنه قد يجلس على حافة الترعه لينتظرها لكنه فعل، سبحت يمينًا لتبتعد عنه وتخرج فقام الكلب وتبعها كأنه ينتظر ظهورها من المياه فتوقفت عن السباحه وقالت بصوت يوشك على البكاء:
-إنت مبتمشيش ليه يخربيتك!

بدأت تؤنب نفسها بصوت مسموع:
-يارتني سمعت كلام جدي ومخرجتش لوحدي
______________________________
خرج يوسف من بيت عمه غاضبًا لم يسمح لأحد بمخاطبه وأخذ يتمشى وسط الأراضي الزراعيه يحاول تهدئة حدة غضبه إرتفع أذن المغرب فلفت نظره تلك الفتاه التي تتحدث مع الكلب كأنه يفهمها فتوارى خلف الشجرة ليستطيع رؤيتها وسماعها لكنها لا تراه…
___________________
أما هي فما زالت عالقة بالمياه وذالك الكلب يقف على حافة الترعه، لوت شفتيها لأسفل وقالت بجديه وكأنه يفهمها:
-المغرب أذن امشي بقا زمان أمك بتدور عليك

أردفت بملامح مجعده بحزن:
-زي ما أمي أكيد بتدور عليا

أشاحت له بيدها وهي تقول:
-امشي…. امشي

رد عليها بالنباح فاستجمعت قوتها وسألته باستفهام:
-معندكش أولاد! طيب عندك أخوات… أصحاب أو أي حاجه

لوت فمها لأسفل بحزن وأردفت:
-صدقني زمانهم قلقانين عليك امشي بقا!

صاح الكلب بالنباح كأنه ينادي أصحابه وما هي إلا دقائق وكان أمامها خمسة كلاب أخرين غيره تقوس فمها لأسفل وهتفت بخوف:
-إيه ده إنت ناديت عيلتك؟!
بدأ الكلاب جميعًا بالنباح فصاحت بغضب وبصوت مرتفع:
-إنت كبرت الموضوع ليييه!!! ما كنا هنحله بينا… منك لله منك لله
وعلى جانب أخر كان يوسف يستمتع بحديثها حتى أنه تناسى حديث عمه وبدأ يراقب رد فعلها حتى ودعت الشمس السماء وأشك الجو أن يعتم فنظرت للسماء ثم إليهم وقالت ببكاء:
-إنتوا ناوين تتعشوا بيا ولا إيه!
رأت مجموعة أخرى من الكلاب قد أقبلت إليهم فصرخت:
-لا لا لا إنت ناديت الكلاب إلي في البلد كلها ولا إيه؟!

صاحت ببكاء:
-يا ماما…. يا بابا…. يا جدو حد يلحقني يا ناااس

أوشكت الشمس أن تودع السماء وفقدت الأمل أن يسمعها أحد فسبحت بإتجاه اليمين لتحاول الإبتعاد عنهم وتخرج، لكن تتبعها الكلب مجددًا فصرخت:

“حد يلحقني”
قرر أن يساعدها فقد أوشك الليل على إسدال عتمته أقبل نحوها وهو يقول:
-إنتِ بتعملي إيه عندك؟!

تهللت أساريرها حين رأته وهتفت برجاء:
-الحقني وساعدني

أردفت بتوضيح يعتريها القلق:
– أنا بقالي كتير في المايه والكلاب دي مستنياني أخرج

تبسم ضاحكًا وهو ينحنى للأرض ليأخذ مجموعة من الحجارة ويقذفهم بها حتى انصرفوا جميعًا حاول كبح ضحكاته ونظر لها قائلًا:
-طيب اخرجي خلاص مشيوا

نظرت له هو الأخر بريب أيعقل أن يكون عفريت من الجن كما قرأت في رواية سابقة، أم أنه تلك النداهه التي تقتل الناس، فقررت ألا تخرج، وحين طال صمتها أردف قائلًا:
-مخرجتيش ليه؟!

سألته بخوف:
-إنت مين؟!

ابتسم على حالتها يحاول كبح ضحكاته قائلًا:
-طيب اخرجي الأول وبعدين نبقا نتعرف

مسحت دموعها وعقبت بإصرار:
-قول الأول بسم الله الرحمن الرحيم

لم يتمالك حاله لأكثر من ذالك وضحك فقد فهم أنه تظنه جني، تمالك نفسه عن الضحك وعقب:
-اخرجي بس الأول

عقبت بهلع:
-لأ والله ما خارجه إلا لما تقول بسم الله الرحمن الرحيم

ردد بنفاذ صبر قائلًا:
-بسم الله الرحمن الرحيم

تنهدت بارتياح وخرجت من المياه رمقها بنظرة سطحية قائلًا بمكر:
-طبعًا كدا اتأكدتي إني مش شيطان لكن أنا يا ستي عفريت مسلم

صرخت واتجهت نحو المياه مجددًا وكانت ستقفز بدون تفكير، لكن أوقفها صوته:
-استني بهزر والله أنا انسان وإسمي يوسف

التفتت إليه بشيء من الزعر فهتف بنبرة ساخرة وهو يحرك هاتفه:
-هو فيه عفريت هيشيل موبايل!

ازدردت ريقها بخوف ورمقته بهلع قائله بتلعثم:
-ي… يعني إنت إنسان عادي زينا!
اومأ رأسه مؤيدًا فوضعت يدها على قلبها تهدئه من هلعه، تنفست بعمق وزفرت بارتياح ثم تحولت ملامحها للغضب وهتفت ببعض الحده:
-بالله عليك دا كان وقت هزار يا كابتن إنت!!
قطب حاجبيه وعقب متعجبًا:
-كابتن!

رمقته بنظره سريعه وقالت بعفويه:
-أيوه كابتن بشكلك إلي شبه أبطال الروايات ده!

ضحك يوسف على عفويتها وحك مقدمة رأسه بارتباك ثم قال:
-على العموم متأسف جدًا… ممكن أعرف إيه إلي جابك هنا في الوقت ده؟

أجابت بعفويه:
– بتتدخل في الي ملكش فيه بس هحكيلك عشان ارتحتلك

عقد يديه حول صده قائلًا:
-احكيلي

نظرت حوالها بارتباك فمعالم الطريق قد اختفت ولا تعرف طريق العودة للبيت، هتفت قائلة:
-هو أنا جدي قالي متخرجيش لوحدك وبعدين غفلته وخرجت

عقد جبهته قائلًا بتعجب:
-غفلتيه!

عقبت فرح بتوضيح:
-أيوه يعني هربت منه… المهم كنت معلمه البيت بشجره قدامه ونخله قبله بشويه

نظر حوله للطريق المليء بالأشجار والنخيل وعقب:
-معلمه البيت بشجره ونخله واضح انك ذكيه أوي!

تجاهلت جملته وعقبت بتوضيح أكثر:
-المهم يا كابتن كنت بسرق بتنجان من أرض كدا
أغلقت عينيها باستمتاع حينما تذكرت طعم الباذنجان مردفة:
-وفعلًا طعمه كان لذيد أوي وكنت مستمتعه لحد ما جه كلب جري ورايا وأنا جربت

نظرت حولها بتوجس تحاول تذكر طريق العوده للبيت وهتفت قائله:
-تقريبًا جريت شمال!
نظرت يمينها مردفةً بقلق:
-أو يمين مش فاكره!

تجعدت ملامحها ولوت شفتيها لأسفل كمن يوشك على البكاء:
-أنا شكلي كدا توهت تاني!

كان يراقب طريقة كلامها العفوية التي رسمت الإبتسامه بقلبه قبل شفتيه، فهي تشبه الطفله الصغيره، مظهرها يدل على أنها بالكاد على مشارف بلوغ ١٤ عام، فك عقدة يديه ووضع يده أسفل ذقنه قائلًا بتعجب:
-توهتي تاني يعني دي مش أول مره!

عقبت بملامح مجعده بخوف:
-لأ دي سادس مره وجدي هيعلقني المره دي

ابتسم ولم يعقب عليها فنظرت حولها مردفة:
-المشكله هرجع إزاي؟!

عقب يوسف قائلًا:
-قوليلي بس إنتِ من عيلة مين وأنا هوصلك بنفسي لحد البيت….

يتبع…..
“قوليلي بس إنتِ من عيلة مين وأنا هوصلك بنفسي لحد البيت”
كانت ستجيبه لولا أن قاطعها صوت تلك الفتاة التي تقبل من بعيد وتصيح باسمها:
-فرح…. يا فرح
أشارت لها فرح متهلله وهي تقول:
-أنا هنا يا مريم
تنهدت مريم بارتياح ونظرت ليوسف قائله بثقه:
-شكرًا يا كابتن أنا هعرف أرجع لوحدي
ابتسم يوسف وهو ينظر لتلك الفتاه “مريم” التي تتجه نحوهم قائلًا بسخرية لطيفه:
-واضح طبعًا إنك هتعرفي ترجعي لوحدك!
وقبل أن تقترب مريم إستأذن منها قائلًا:
-طلما هترجعي لوحدك أستأذنك أنا بقا
ابتسمت وهي تشير له بيدها ليفعل قائله:
-طبعًا اتفضل
لف ظهره لينصرف عائدًا للبيت وهو يردد اسمها بابتسامه:

 

-فرح….
زفر بقوة حين تذكر حديث عمه وامتلأ قلبه بالحيرة فلابد أن يأخذ قراره الآن….
وعند فرح وقفت مريم جوارها ولكزتها في ذراعها بحده وهي تصيح:
-إنتِ بتعملي إيه هنا؟!
ضمتها فرح بقوة وهي تقول:
-مريوم وحشتيني أوي
دفعتها مريم قائله:
-هدومك مبلوله يا حيوانه بهدلتي هدومي
وضعت يدها على فمها وهي تضحك وعقبت باعتذار:
-متأسفه
أردفت فرح باستفهام:
-جيتِ امته وعرفتِ إزاي إن أنا هنا وجدي عرف إن أنا خرجت ولا إيه؟! و…
قاطعتها مريم بهدوء:
-أديني فرصه أجاوبك…
أردفت مريم مجيبة: أنا وصلت من نص ساعه وخرجت أشتري حاجه فشوفتك من بعيد بس دي كل الحكايه
تنهدت فرح بارتياح:
-الحمد لله بجد أنا كنت تايهه أصلًا

 

نظرت مريم ليوسف الذي أوشك أن يبتعد عن مد بصرهما وسألتها:
-مين الي كنتِ واقفه معاه ده؟
نظرت فرح عليه وأجابت بمرحها المعتاد:
-اسكتي دا أنا حصلي موقف تعالي هحكيلك واحنا ماشين
بدأت تسرد عليها ما حدث ويضحكان، وقبل الوصول إلي البيت رأت فرح حفل زفاف لأحدهم فوقفت قائلة:
-الله ده فيه فرح!
رمقتها مريم بحنق وقالت بنبرة حادة:
-بقولك إيه يا بت إنت اهمدي كدا وبطلي هبل
عقدت فرح ملامحها ومسكت يد مريم قائلة برجاء:
– المره دي بس يا مريم وهنفذ كل الي تطلبيه بعدين
رمقتها مريم بغيظ ولم تعقب فأردفت فرح برجاء:
-عشان خاطري يا مريم أنا من زمان نفسي أحضر فرح في البلد
نظرت مريم لملابسها وعقبت بنبرة حائرة:
-هتروحي ازاي بهدومك المبلوله دي!
تهللت ملامح فرح بالسرور حين وافقت مريم قائلة:
-أنا عرفت مكانه هروح أغير هدومي وأجي على ما تكون العروسه جت
أردفت فرح وهي تنظر لعيني مريم بسعاده:
-هتيجي معايا صح؟!
أجابت مريم بحزم:
-لأ طبعًا بس خدي موبايلك عشان لو توهتي تتصلي بيا
رفعت مريم سبابتها مردفة:

 

-وتجيبلي معاكِ شيبسي فاهمه
عقبت فرح بابتسامه:
-هجيبلنا شيبسي وبيبسي ونقعد نرغي للصبح
“مريم ابنة عمة فرح تعيش في بلد مجاوره بالقرب من قرية جدها فتاة متوسطة القامه والوزن رقيقة الملامح، هادئة عكس فرح بكل شيء تحب العزله عن الناس وتهوى القراءة، تسبق فرح بعامين درست بكلية العلوم وتُكمل دبلومة التحاليل لتفتح معملها الخاص”
وصلتا للبيت ودخلتا بحذر من الباب الخلفي لأن الجميع مجتمع بالحديقة، سبقتها مريم لتتفقد الطريق كي لا يرى أحد تلك الحاله التي تعتري فرح، نظرت لأرجاء البيت الذي كان شاغرًا، أشارت لها مريم أن تدخل على عجل، فتسللت فرح على أطراف قدميها وركضت للدرج لتصعد شقتهم بالطابق الاول علوي، نظرت مريم لأرجاء البيت مرة أخرى لتتأكد من عدم وجود أحد وكانت ستتبعها لولا ظهور نوح الذي ابتسم عند رؤيتها وأقبل نحوها، خفق قلبها بتوتر فهي تتهرب منه منذ وصولها، حاولت أن تركض لأعلى قبل أن يناديها وبالفعل صعدت درجتين فناداها قائلًا: مريم!!!
كان لإسمها من بين شفتيه مذاق مختلف كأنه ترانيم تدخل قلبها فيتراقص على ألحانها، وقفت مكانها مرتبكه وازدردت ريقها بقلق، فهي تتهرب منه وهو يتعمد الإقتراب منها، إلتفتت إليه ووقف أمامها قائلًا بعتاب:
– ينفع كدا بقالك ساعه هنا ومتسلميش عليا!
حكت مقدمة رأسها بتفكير وعقبت بتبرير:
-معلش أصل أنا كنت… كنت
لم تكمل جملتها فقد هربت منها الكلمات، أغلقت عينيها تفكر في أي كلمة تقولها ثم فتحتها في سرعة قائلة بابتسامة بلهاء:
-إزيك يا نوح
ارتسمت الإبتسامة على شفتيه قائلًا:
-بخير طول ما إنت بخير
عم الصمت لوهله كان يحدق بها لا يستطيع غض بصره عنها فلم يكتشف إعجابه بها إلا منذ عام واحد، لكنه لم يعترف لها حتى الآن، كانت تنظر بكل اتجاه خطفت نظرة سريعة له وحين رأت نظراته المسلطة عليها توترت وهتفت قائلة بتلعثم:
-أنا….. أنا هطلع فوق عايز حاجه

 

أومأ رأسه لأسفل قائلًا بابتسامه:
-محتاجين نتكلم
توترت وفكرت في أي خدعه لتهرب منه فهتفت:
-ماشي بس مش دلوقتي عشان…. عشان هصلي المغرب
اومأ رأسه متفهمًا وقال:
-ماشي يا مريوم هستناكِ
لم ينتظر ردها وولى ظهره ليغادر فصعدت الدرج مهرولة، لكن أوقفها صوته الذي صدع متمتمًا بأغنية هو يغادر المكان:
“أنا عندي لعنيكِ كلام محدش غيري في الدنيا يقوله في يوم من الأيام ليكِ أو لناس تانيه”
نزلت درجتين حين شعرت أنه دخل لإحدى الغرف تريد سماعه بوضوح وابتسمت على غزله اللطيف ووقفت تسمع المزيد: “ولو كل الكلام اتقال عينكي في غربتي موال”
لم يكن صوته عذبًا يستحق وقوفها لتستمع إليه، لكنها شردت مع كلمات الأغنيه، كان يعلم أنها تصطنت على لحنه فأخرج رأسه من الباب وغمز لها بعينه قبل أن يغادر تاركًا المكان، تجهم وجهها واتسعت حدقتيها بصدمه من جراءته ثم ركضت لأعلى وهي تضع يدها على قلبها لتهدئه.
_________________________________
على جانب أخر سرعان ما ارتدت فرح فستانها الأزرق الفاتح الأنيق يعلوه حجابها كاكاوي اللون، وقفت أمام المرآة تهندم حجابها فدخلت مريم ونظرت لها بتعجب قائلة:
-إيه السرعه دي حالًا لبستِ!!
ابتسمت فرح وهي تضع لمسة روج خفيفه على شفتيها قائلة:
– عشان ألحق الحفله من أولها
انحنت تأخذ هاتفها قائلة:
-أنا هاخد موبايلي أهوه راقبيلي الجو بقا عشان أخرج
زفرت مريم بغيظ وقالت:

 

-طبعًا ما أنا الخدامه إلي اشتريها بفلوسك
ضحكت فرح قائلة:
-معلش يا مريوم نجاملك في الأفراح
خرجت فرح تسير بحذر كي لا يراها أحد وتساعدها مريم التي تراقب لها أرجاء البيت، وبعد أن اطمئنت أن فرح خرجت بدون أن يشعر أحد، وضعت مريم هاتفها بالشحن وخرجت للحديقه تخبرهم أن فرح نامت ولن تتناول عشائها، صدقها الجميع لكن لم يصدقها نوح فهو يعرف أخته حق المعرفه، دخلت مريم للمكتب لتأخذ كتابًا من مكتبة جدها تتسلى بقراءته لحين عودة فرح، على جانب أخر تبعها نوح ولفت نظره هاتفها على الشاحن الكهربائي، أخذه وهو يتواري كي لا تراه حاول فتح الباسورد بتاريخ ميلادها ففتحزمعه، وطلب رقم فرح……
__________________________
نظر يوسف من نافذة غرفته فوجد عمه وزوجته يجلسان بالردهه، فقد أخذ قراره بخصوص موضوع الزواج، هندم ثيابه وخرج إليهم وبعد أن ألقى السلام هتف قائلًا بنبرة هادئة:
-أنا موافق على طلبك يا عمي بس عندي شرط
تدخلت زوجة سليمان “حنان” قائله بفظاظه:
-شرط! إنت هتتشرط على عمك ولا إيه؟!
رد يوسف بنبرة حاده دون أن يلتفت إليها:
-لو سمحتِ متتدخليش دا كلام رجاله
ضحكت بمياعة قائله: رجاله! والله وكبرت يابن صفاء
رمقها بغضب تمنى لو استطاع لكمها بوجهها فهي السبب بتعاسة والدته وتدهور حياتها فلم يترك البلد مع والدته وأخته من فراغ وإنما غادر البلد وترك كل شيء خلف ظهره ليبتعد عن شر تلك السيده، فقد سلط الله عليها نفسها فلجئت للسحر والأعمال وسلكت طريق الأذى فهي تستمتع بأذية غيرها وتستعين بالجن لأذية من حولها حتى زوجها لم يسلم من شرها!، ردت عليه حنان بنبرة حادة:
-فعلًا إنت تربية مره “امرأه” عشان كدا طالع قليل الربايه
ضغط على أسنانه بغضب واكفهر وجهه، كان على وشك الإنفجار لكن قاطعه عمه “سليمان” موجهًا حديثه إليها بشيء من الحده:

 

-قومي يا حنان من هنا
قامت من مكانها دون أن تُعقب وهي تنظر ليوسف ساخرة وتتمشى بغنج كأنها تتعمد إثارة غضبه، حاول تمالك حاله فهو لن يخوض معركة بلا هدف مع تلك السيدة المشينه “فهي امرأة لم تبلغ الأربعين بالثامن والثلاثين من عمرها لكنها تهتم بمظهرها فمن يراها لا يعطيها أكثر من ٢٥ عامًا”، رمقها يوسف بغضب وجلس ليكمل حديثه مع عمه، هتف عمه قائلًا بهدوء:
-شرط إيه يا يوسف؟!
زفر بقوة وعقب قائلًا:
-هكتب الكتاب لكن الفرح هنأجله سنه كدا ولا حاجه وخلال السنه دي مش عايز أشوفها ولا أقابلها
عقب سليمان قائلًا في سرعة:
-موافق بس هتكلمها في التلفون
اومأ يوسف رأسه موافقًا وعقبت بتلعثم:
-و… وكمان الورق إلي مضيتني عليه يتقطع بعد كتب الكتاب
عقب سليمان بنبرة هائة:
-موافق ورق الخمسه مليون هقطعه لكن ورق تنازلك عن أملاكك مش هيتقطع إلا بعد ما تنفذلي إلي طلبته كامل
جحظت عيني يوسف وعقب بصدمه:
-بس أنا ممضتش على ورق تنازل!
عقب سليمان بنبرة هادئة:
-زي ما مضيت على الخمسه مليون مضيت على ورق التنازل يا يوسف
زفر يوسف بحنق وهب واقفًا ثم قال:
-ماشي يا عمي بس خليك فاكر إنك ظلمتني وأنا مش مسامح
رمى جملته وغادر البيت بالكامل وهو في قمة غضبه، كان يشعر بالإختناق من الهواء الملوث الذي يملأ أرجاء البيت، ويريد أن يتنفس هواء نقي يخلو من الخبث والحقد والمؤامرة…
____________________________

 

صدع هاتفها بالرنين برقم مريم لكنها تتجاهلها فهي مستمتعة بأجواء الزفاف، لكن مع إلحاح الرنين ابتعدت فرح قليلًا عن أصوات الموسيقى الصاخبه وأجابتها بنزق:
-عايزه إيه يا مريم أنا لسه داخله الفرح
رد أخوها بتعجب وبنبرة حادة:
– فرح إيه يا بت! إنتِ فين؟
تلعثمت قائلة:
-لأ يا نوح فرح إيه…. دا أنا.. دا أنا نايمه فوق حتى اسأل مريم
عقب بنبرة حادة:
– دقيقه واحده يا فرح وإن ملقتكيش قدامي هيكون ليا تصرف تاني
نفخت بحنق قائلة:
-ماشي يا نوح راجعه
أغلق معها ثم أخذ هاتف مريم وذهب إليها كانت بغرفة المكتب تجلس على المقعد وتسند ظهرها إليه تعيش في عالم أخر مع الكتاب الذي تقرأه، لم تشعر به حين وقف أمامها يتأملها بدون أن يبالي بعقوبة تارك غض البصر، كانت تبتسم حين قرأت جملة أعجبتها فقاطعها صوته قائلًا ببعض الحده:
– يا أستاذه مريم!
هبت واقفه بصدمه حين سمعت صوته وعقبت:
-نعم!
رفع إحدى حاجبيه لأعلى وسألها بلوم:
-ينفع تداري على فرح وتقوليلي أنها نايمه وهي بتصيع بره
تلعثمت وقالت بتبرير:
-والله… والله هي الي اتحايلت عليا وأنا…
قاطعها قائلًا بعتاب:
-أنا كنت فاكرك أعقل من كده يا مريم بس خذلتيني
تجعدت ملامحها بحزن حين قال جملته وحاولت التبرير مجددًا:
-أنا آسفه والله هي الي اتحايلت عليا
زفر بقوه وقال:
-أنا مضطر أقول لجدي وهو يتصرف معاكم

 

رمقته برجاء وهتفت بتوسل وهي تضع يدها على فمها بتوتر:
-لا لا… بالله عليك يا نوح بلاش جدي وأنا مش هعمل كدا تاني والله
رقمها بمكر قائلًا:
-موافق بس بشرط
اومأت رأسها تطلب منه أن يلفظ ما يريد:
-تعمليلي كوباية قهوه
سألت بتعجب:
-قهوه دلوقتي!
أومأ رأسه بالإيجاب قائلًا:
-أيوه قهوه وتكون مظبوطه وليها وش حلو كدا
عقبت بتوضيح:
-بس أنا مبعرفش أعمل قهوه
سار خطوتين وهو يقول:
-خلاص يبقا أروح أحكي لجدي
هزت سبابتها يمينًا ويسارًا قائلة بارتباك:
-لأ لا خلاص هتصرف وأعملك
أخذ الكتاب من يدها وجلس على المقعد ثم وضع رجلًا فوق الأخرى قائلًا:
-وريني بقا الكتاب دا أقرأ فيه على ما تيجي
رمقته بغيظ وخرجت من الغرفه تتمتم بكلام غير مفهوم وتوبخه دون أن يلاحظها، ناداها فالتفت إليه فأردف قائلًا:
-تعمليلي ساندوتش معاكِ عشان معفتش أتعشى

 

عقبت بنفاذ صبر: حاضر
كانت ستخرج لكن ناداها مجددًا ونظرت لها بنزق فعقب:
-اقفلي الباب وراكِ …
_______________________
خرجت من الفرح لتعود للمنزل وقفت تزفر بحنق فكانت تتمنى أن تقضي بعض الوقت في الحفل، رأها يوسف وأقبل نحوها كانت متجهة الوجه منقبضة الملامح سألها مستفهمًا:
-إيه توهتِ تاني ولا إيه؟!
انتفضت عند سماع صوته فقد ظنته أخيها أو أبيها وضعت يدها على قلبها قائله:
-حرام عليك خضتني يا كابتن
عقب مبتسمًا:
– برده كابتن!
ضحكت ولم تعقب فسألها باستفهام:
-الفرح دا تبعكم؟
ترددت في الإجابه وتلعثمت قائله:
-أ..أيوه
سألها بتدقيق:
-وإنتِ بقا قريبة العريس ولا العروسه؟!
أجابت بتلعثم:
-العريس… لا العروسه قصدي العريس والعروسه
أكملت كذبها مردفةً بتوضيح:
-أنا قريبة العريس بس العروسه تبقى بنت خالة أخت صاحبة بنت عمة أمي
قالت جملتها بسرعه فلم يحاول فهمها وقبل أن يسأل سؤال أخر استأذنته قائلة:
-بعد إذنك
لم تنتظر رده، سارت خطوتين أما هو فشغله عنها رنين هاتفه برقم أخته، رأت كلبًا يتجول أمامها فعادت إليه مرة أخرى قائله:
-ممكن تعديني من الكلب ده لو سمحت
ابتسم قائلًا:

 

-حاضر تعالي
سار أمامها وتبعته صدع هاتفه بالرنين مجددًا فرد قائلًا:
-أيوه يا يُسر…. قولتلك راجع بكره مش فاهم قلقانين ليه؟… يا حببتي طمنيها وقوليلها إني كنت بشوف شقه في المدينه عشان نقعد فيها لما نستقر هنا…. لا مستحيل أقعد في البلد مش هستحمل
نظر لفرح التي تسير جواره كأنه تذكرها للتو وأنهى الحوار مع أخته قائلًا:
-خلاص يحببتي هكلمك بعدين… محمد رسول الله
أغلق هاتفه ونظر لفرح قائلًا:
– فين بيتك؟!
عقبت قائلة:
-البيت لسه قدام شويه… ارجع حضرتك وأنا هكمل لوحدي خلاص الكلب مشي
عقب يوسف قائلًا:
-طيب همشي معاكِ شويه كمان
اومأت رأسها موافقه فهي تريد أن تسأله سؤالًا جمعت كلماتها وهتفت:
-هو أنا ممكن أسأل حضرتك سؤال
رقمها بنظرة سريعة وقال:
-أنا تقريبًا عارف هتسألي عن إيه!

 

ابتسمت معقبة باستفهام:
-طيب هسأل عن إيه؟!
عقب يوسف بثقه:
-أكيد عن أي حاجه بخصوص المكالمه دي
ابتسمت قائله:
-بصراحه أيوه كنت هسألك ليه مش حابب تعيش هنا دا أنا بتمنى أقعد هنا.
ابتسمت بحب وهب تنظر حولها قائلة:
-هنا هدوء وجو جميل والناس كلها بتحب بعضها
قاطعها قائلًا باستهزاء:
-قصدك الناس كلها بتتدخل في حياة بعضها مش بتحب بعضها
رمقها يوسف بنظرة عابرة وأردف قائلًا:
-إنتِ لسه صغيره متعرفيش حاجه!
ردت موضحةً:
-أنا مش صغيره أنا عندي ٢٠ سنه
وقف مكانه ونظر لها بتعجب قائلًا:
-بتهزري صح! أنا والله فاكرك ١٤ أو ١٥ سنه بالكتير!
ابتسمت قائلة:
-لأ أنا شكلي صغير بس أنا في ثالثه جامعه
نظر لها قائلًا بتعجب:

 

-ما شاء الله ويا ترى إنتِ في كلية إيه بقا؟
-في ….
قاطعها صوت نباح كلب جوارها في الواقع لم يكن ينبح عليها لكنها ارتعبت ووقع الهاتف من يدها وحين انصرف الكلب انحنت لتأخذ هاتفها وانحنى معها فلمست يده يدها بالخطأ نظر لعينيها وغاص في بحورها، حدق بها للحظات كانت لحظات لكن الزمن قد توقف عليهما فمرت كل لحظة كساعة، تلك النظرات الخاطفه مع تلامس أيديها سحبتهم لعالم أخر شعرا الإثنان بنشوته، سرعان ما سحبت يدها وهبت واقفه فوقف بعدها وأعطاها الهاتف إستأذنته قائله بارتباك:
-خلاص شكرًا ليك أنا هكمل لوحدي البيت قريب
مسح على رأسه بإحراج قائلًا:
-مع السلامه خلي بالك من نفسك
خرجت الجمله من فمه كالسهم الذي طعن قلبها الضعيف فزرع به شيئا غريب وإحساس لأول مرة يسلك طريقه لقلبها وعقلها، عقبت دون أن تنظر إليه قائله:
-شكرًا الله يسلمك
هرولت من أمامه تريد أن تهرب من نظراته، وضعت يدها على قلبها تشعر بخفقاته الغريبه، فما هذه النفحة التي أصابته!، لابد أن هذه هي لعنة اللمسة الممنوعه، تلك اللمسة التي يزينها الشيطان فلا تكون مجرد لمسة عاديه؛ إنما تكون اللمس بمقدار مائة ألف لمسة تزلزل المشاعر وتحرك الغرائز، يزينها الشيطان لتطلبها النفس وتهواها، فهل سألت نفسك ولو لمرة واحدة لمَ أي شيء محرم يكون له مذاق أخر وطعم مختلف عن الحلال؟ فالإجابه أن الشيطان يزين المحرم حتى تهواه النفس.
ظل يوسف يتتبعها بعينه حتى اختفت عن مد بصره، أثرت نظرته لعينيها بأعماق قلبه كيف لا وكل المصائب والمصاعب تبدأ بنظرة، تلك النظره لا تكون نظرة عابرة تمس القلب بهدوء وتمضي؛ إنما هي كالسهم الذي يخترق القلب بدون استئذان ليحرك مشاعر العاطفه….
كْم نظرةٍ فعلتْ في قلب صاحبها
فِعْلَ السهامِ بلا قوسٍ ولا وترِ
“أبو الطيب المتنبي”
______________________

 

بدأ يوم جديد ارتفعت أصوات الديكه معلنة عن حلول الصباح، كانت فرح تتقلب على سريرها طوال الليل بقلق فتحت عينيها بنعاس وأخذت هاتفها لتفقد الوقت فكانت الخامسة والنصف صباحًا أغلقت عينيها وكانت ستكمل نومها لكن ذكرها قلبها بليلة الأمس وتلك اللمسه التي كلما تذكرتها انتاب جسدها قشعريرة لطيفه وتحركت مشاعرها لترسم الإبتسامة تلقائيًا على وجهها، فتحت عينيها وقامت لتهرب من تلك الأفكار وتصلي الفجر قبل إشراق الشمس.
وبعد فتره صلت فرضها وجلست تقرأ وردها اليومي من القرآن الكريم حتى وصل إلي مسمعها صوت الشيخ المنشاوي الذي يخطف القلوب قامت تنظر من نافذة الغرفه فكان جدها يقف بالحديقه ويسقي الورود وهو يردد آيات القرآن مع صوت شيخه المفضل، ابتسمت وتنهدت بحب دعت الله أن يُمد بعمره بل تمنت أن يعيش أبدًا، ركضت للخارج وسرعان ما وقفت خلف جدها هاتفةً بمرح:
-اي إلي مصحيك بدري كدا يا عسل
نظر لها بحب وعقب قائلًا:
-متعود أصحى الفجر ومنامش إلا الظهر
ضحكت قائلة:
-أنا بقا متعوده أنام الفجر ومصحاش إلا الظهر
عقب بحسرة:
-إنتوا جيل ما يعلم بحاله إلا ربنا… دا إحنا زمان كانت العشا تأذن نصليها ومتلاقيش نفر ماشي في الشارع
عقبت وهي تشير بيدها للخلف:
-زمان بقا يا جدي إحنا جيلنا غير جيلكم

 

عقب الجد بجديه:
-زمان يا فهيمه نادرًا لما كنا نسمع عن شباب بيموت إنما دلوقتي نادر لما نسمع عن حد كبير في السن بيموت!
وقف عن سقى الورود ونظر للفراغ بشرود مردفًا بحنين للماضي:
-زمان كان فيه بركه وكان فيه حياه دلوقتي لا فيه بركه ولا حياه
تنهدت فرح بأسى قائله:
-زمان يا جدي مكنش فيه الضغوطات النفسيه إلي بيمر بيها الشباب دلوقتي زمان كانت الحياه أسهل
ابتسمت بسخريه مردفه:
-رغم تطور التكنولوجيا إلا إننا مع كل تطور جديد بيتخلق معاه ضغط نفسي جديد
زفرت بألم قائلة:
-إحنا تعبانين أوي يا جدي، تعبانين من كل حاجه… الحياه تعبتنا أوي..
ابتسم الجد وجلس أمامها على المقعد قائلًا:
-عارفه يا فهيمه أنا أحيانًا بحس إنك عاقله قوي وأحيانًا بحس إنك لاسعه ومحتاچه تتعالچي
قهقهت بالضحك ثم ارتسمت الجديه على ملامحها وقالت:
-أنا نفسي ساعات بحس كدا يا جدو
عقب الجد بحب وحنان قائلًا:
-بس تعرفي أنا بحبك في كل حالات يا بت إنتِ
ابتسمت واتجهت نحوه تضمه وهي تقول:
-وأنا بموت فيك يا أحلى جدو في الكون كله
__________________________________

 

يجلس يوسف على سجادة الصلاه بعد أن أنهى صلاة الصبح فلم يلحق بصلاة الفجر، واليوم الذي يغفل عن صلاة الفجر يتأكد أنه قد أذنب بشيء ما حتى مُنع من أجرها، قام وطوى السجادة وبدأ يومه بالإستغفار ذكره قلبه بفرح وما حدث ليلة الأمس، فتنهد بحسرة لأنه أطلق بصره ونظر إليها بحريه نظر في المرآه مخاطبًا لنفسه:
-خلاص يا يوسف غلطه مش هتتكرر تاني ولا هتشوفها تاني اهدى
تنفس بعمق وزفر الهواء من فمه قائلًا بندم:
– ربي إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا فاغفرلي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
________________________________
وقبل غروب الشمس كان البيت ممتلئًا بالرجال فهو توقيت كتب الكتاب، كانت فرح تجلس على سريرها ترتدي بيجامتها وبجوارها طبق مليء بالخيار والجزر تاكل منه بطريقة تشبه الآرانب حين تقرض الجزر، كان جهاز الابتوب أمامها وتشاهد توم وجيري وهي تضحك من قلبها كطفلة صغيرة، دخل أخوها مع والدها ومعهما بعض الأوراق فردد أخوها قائلًا:
-امضي يختي
كانت تلوك ما بفمها من طعام وهي تقول:
-اي ده؟
عقب والدها:
-كتب كتابك يلا اتفضلي أمضي وابصمي
مضت الأوراق وحين طلبوا منها أن تبصم نظرت لمكان صورته فوجدته فارغ فقالت:
-اومال فين صورة العريس؟
رد والدها:
-لسه هيحطها
نظرت لصورتها وحدقت بها بصدمه قائلة:
-وايه الصوره الي حطينها لي دي مناخيري طويله وعريضه دي الصوره كلها مناخير
دققت النظر وأردفت:
– وعيني محوله وإيه الحبوب الي في وشي لأ وكمان سمرا….

 

أردفت بتلعثم:
-دا… دا أكيد فوتوشوب صح!
ضحك نوح قائلًا باعتزاز:
-الصراحه أنا إلي مظبطلك الصوره دي
عقدت حاجبيها قائلة:
-قصدك مخيبها متقولش مظبطها…. ويا ترى بقا العريس شاف الصوره دي
عقب أخوها قائلًا:
-شافها ومضى عادي
ضحك والدها قائلًا:
-بس يعيني كان باين عليه منبهر بجمالك
انفجرا والدها وأخوها بالضحك كانت ترمقهما بغيظ حتى عقب اخوها قائلًا:
-ابصمي يا فرح خلصي
انحنت لتبصم فغنى أخوها وهو يضحك قائلًا:
-حسره عليها حسره عليها حسره عليها
نظر له والده قائلًا بجديه:
-بس بقا نوح…

 

زفرت فرح بحنق وبدأت تبصم مرة وراء الأخرى حتى انتهت، وبعد أن خرجا من غرفتها جلست تُكمل مشاهدتها للكارتون لكن ليست بنفس الحماس وحين تذكرت تلك الصوره أغلقت الابتوب بغضب، وأخذت تأكل الجزر لتصب غيظها وهي تمضغه، تعالت أصوات الزغاريد فعلمت أن الأمر قد تم بالفعل وأصبحت متزوجه من شخص مجهول حكت رأسها بشرود وهتفت قائله:
-أنا حاسه إني دخلت جوه روايه!!! ولا دا حلم ولا إيه!
فردت جسدها على السرير ومازالت تمضع طعامها حتى طرق أخوها باب الغرفه ودخل قائلًا:
-خدي يختي سجلي رقم زوجك العزيز
أخذت الورقه من بين يديه وقالت:
-وأنا مالي برقمه اسجله ليه أصلًا
رفع كتفيه كناية عن جهله وعقب:
-جدك إلي أمر بكده
خرج وتركها تفكر فيما يحدث حولها من أحداث غريبة ومريبه!
_____________________________
وبعد انتهاء كتب الكتاب وخروجهم من البيت غادر يوسف البلد بأكملها ارتجل من سيارة الأجره وتذكر اسمها وصورتها زفر بحنق وهو ينطق اسمها:
-فهيمه!
خبط بيديه على رجليه بقلة حيلة قائلًا:
-منك لله يا عمي على التدبيسه السوده دي
سجل رقمها على هاتفه فهيم وزفر بحنق قبل أن يتجه نحو سيارة الأجرة الأخرى ليركبها ويعود للقاهرة…
_____________________________

 

وفي نفس اليوم عادت فرح إلى القاهره مر عليها أسبوع وعادت حياتها لروتينها السابق تنام وتستيقظ لجامعتها ثم تعود لبيتها لكنها لم تنسى يوسف ولا ملامحه الجذابه التي فتنتها يذكرها به عقلها بين حين وأخر فتلمس يدها التي تلامست مع يديه وتبتسم، شعرت بما تفعله فتجهم وجهها وخاطبت حالها بحده:
-مالك يا فرح… لأ بجد مالك إيه إلي بيحصل ده…
أردفت وهي تحاوط رأسها بكلتا يديها:
-لأ أنا لازم أوقف تفكيري ده عند حده مينفعش خالص إلي بفكر فيه ده….
زفرت بقوه مردفة بنبرة هادئة: خلاص هو مشي ومش هشوفه تاني بفكر فيه لييييه!!!
نفخت بحنق وبدأت بارتداء ملابسها لتذهب لجامعتها،وعندما وصلت كليتها رأت الفتيات تهرول للمحاضره فتعجبت لأنه من المعتاد ألا يحضر الكثير من الطلاب ودائمًا ما يكون المدرج فارغ، دخلت المدرج وتفاجئت بامتلائه وخصوصًا بالفتيات لوت شفتيها لأسفل بتعجب وظلت تبحث عن مكان تجلس به فهي تهوى الجلوس بأول مقعد لكن المقاعد كلها ممتلئة ظلت تبحث عن مكان شاغر لتجلس به فأشارت لها زميلتها التي حجزت لها مكان بمنتصف المدرج، جلست فرح بجوارها وسألتها ساخرة وبدهشه:
-هو فيه حفله ولا إيه؟! المدرج مليان أوي!
ابتسمت الفتاه وعقبت:
-فيه دكتور جديد هيدرسلنا النهارده
عقبت فرح باستفهام:
-وجاين يحتفلوا بيه يعني ولا ايه!؟
أسبلت الفتاه عينيها ووضعت يدها أسفل ذقنها قائله بهُيام:
-أصله دكتور قمر أوي
نظرت لفرح قائلة بتحدي:
– أراهنك لو محبيتهوش من أول محاضره
عقبت فرح بنزق:
-لأ أنا مبحبش الحلاوه إلي بيتلم حوليها الذباب

 

عقبت الفتاه:
-اصبري بس هتشوفيه دلوقتي
سندت فرح رأسها على البينش قائلة:
-أنا هنام شويه ولما يجي القمر ابقي صحيني
وبعد خمس دقائق دخل المدرج كان يرتدي بدلته الأنيقه جهز الداتا شو وضع يده على فمه متنحنحًا ثم تحدث قائلًا:
-خلاص بقا الصوت يا شباب… الصوووت
رفعت فرح رأسها لتنظر إليه وجحظت عيناها بصدمه، وضعت حقيبتها أمامها وأخفضت رأسها كي لا يراها وهي تقول:
-يا نهار ألوان…. دا ليه وجع القلب إلي على الصبح ده!!
عقدت حاجبيها وأردفت متمتمه:
-أنا قولت إني دخلت روايه محدش صدقني!

يتبع…..
لكزت فرح ذراعها وهي تتمتم:
-أنا متأكده إن أنا بحلم لا يمكن أبدًا يكون دا واقع
لكزت ذراعها مجددًا وهي تهمس:
-عايزه أصحى بقا!!
تقوس فمها لأسفل حين أيقنت أن هذا هو واقعها وقالت:
-طلما مقومتش يبقا دا واقع فعلًا
ظلت فرح تتوارى عن نظره وتُخفص رأسها لأسفل كى لا يراها، كان المدرج ساكنًا لا يظهر به غير صوت يوسف الذي يشرح بتمعن وتفصيل، فإذا وقعت به ابره سيصدع صوتها عاليًا، أضاء هاتفها برقم مريم فهتفت بنزق:
-مش وقتك خالص يا مريم!
ولكن مع إلحاحها نزلت فرح أسفل المقعد لترد عليها، لاحظ يوسف حركه غريبه وضحكات للفتيات بجوار فرح فأكمل شرحه متوجهًا نحوها كان يتحدث عبر مكبرات الصوت فلم تلاحظ فرح أي تغيير بصوته حينما اتجه نحوها ليستكشف ما يحدث لكزتها زميلتها بقدمها لتخرج، لكن لم تبالي فرح ولم تفهم مقصدها قالت جملتها الأخيره لمريم بهمس:
– خلاص يا مريوم استنيتي بره وأنا ربع ساعه وهخلص وأرن عليكِ
أغلقت هاتفها وهي تخرج من أسفل المقعد وهو يقف جوارها ليمسكها بالجرم المشهود، كان يرفع إحدى حاجبيه لأعلى ويرمقها بنظرات حاده وملامح منقبضه، وحين رأها وظهرت له ملامحها انبسطت ملامحه في دهشة، حاول التصرف بطريقة طبيعيه كي لا يلاحظ الطلبه فهتف قائلًا بأمر:
-قومي اقفي
ازدردت ريقها بتوتر وقامت لتقف بارتباك، نكست رأسها لأسفل وهي ترمقه بنظرات جانبيه فبدت كطفلة صغيره تنتظر عقاب أبيها لاقترافها خطأ ما أخفى ابتسامته ومد يده محركًا أصابعه ناحية جسده وهو يقول بجمود:
-هاتي الموبايل ده!
أعطته الهاتف بدون أن تنبس بكلمه فأخذه ورجع لمكانه وقال بنبرة جامدة:
-اقعدي
ثم أكمل محاضرته وكأن شيئًا لم يكن، وبعد انتهاء المحاضره أخذ هاتفها معه وخرج ولم يبالي لها، فهرولت لتتبعه وهي تحاول الخروج من بين ازدحام الطلبه وتكدسهم على الباب وهي تهتف:
-موبايلي!!!!
________________________________
كان نوح يعلم بميعاد قدوم مريم اليوم لحضور محاضرتها ومن حسن حظه أن اليوم هو يوم أجازته الأسبوعيه أوصى فرح أن تطلبه بعد الانتهاء من محاضراتها ليأخذهما للبيت كان ينظر بهاتفه كل دقيقة يتفقد إءا وصلته مكالمة منها، طلب رقمها فهو يعلم أن محاضرتها قد انتهت فيل دقائق وانتظر الرد….
على جانب أخر نظر يوسف لهاتف فرح الذي أضاء بين يديه برقم مُسجل “رفيق العمر”، أصابته لعنة الفضول يتمنى لو يعرف من هو هذا الرفيق!…
وما هي إلا دقائق وطرقت فرح باب مكتبه بقبضة يدها المرتعشه، كان يوسف ينتظر قدومها على أحر من الجمر، جلس على مكتبه وفتح جهاز الابتوب أمامه ليتظاهر بانشغاله عنها، ثم أذن لها بالدخول قائلًا بنبرة مرتفعة وبجديه:
“ادخل”
دخلت فرح منكسة الرأس تسير بخطوات بطيئه، وتفرك يدها بارتباك، رمقها بجمود وبنظرة سريعة ثم نظر لجهاز الابتوب محدقًا به بتمعن زائف، وقفت أمامه ولم تنبس بكلمه عدلت من حقيبتها بتوتر ووقفت تفرك يدها، حين طال صمته ولاحظت إنشغاله ازدردت ريقها بتوتر وتنحنحت لينتبه لوجودها سمعها ولم يرفع رأسه، فهتفت قائلة بتلعثم:
-أ… ممكن حضرتك تديني الموبايل
نظر لها يوسف بملامح جامدة وزم شفتيه قائلًا بجديه:
-ينفع إلي عملتيه ده!!
نظرت له بخجل واعتذرت منه قائله:
-أنا آسفه والله يا دكتور مش هكررها تاني
عقد أصابع يديه معًا ونظر لها قائلًا بعتاب:
-أصل لما حضرتك تردي على الموبايل في المحاضره تبقي مش عامله احترام للي واقف قدامك
عدلت نظارتها بارتباك وعقبت باعتذار:
-أسفه والله مش هعمل كدا تاني
تركها تقف أمامه وحدق بجهاز الابتوب، رمقته بحيرة فلمَ يعاملها بكل هذا الجمود لا تعلم هل عرفها أم لا! تنهدت بحيره وهتفت قائله بتوتر:
-ممكن الموبايل يا دكتور؟!
زفر بقوه وأخذ هاتفها من فوق أمامه ليضعه على طرف مكتبه ثم قال بجدية:
-اتفضلي.. وياريت الموضوع ده ميتكررش
ابتسمت وهي تمد يدها لتأخذ هاتفها قائله:
-شكرًا لحضرتك
هرولت لتخرج من مكتبه وتختفي من أمامه، أما هو فنظر لأثرها بحيره ثم ابتسم قائلًا:
-جايه ورايا ليه يا فرح!
تنهد بقلق وأغلق جهاز الابتوب وهو يحدق للفراغ بشرود…
وبعد أن خرجت فرح من مكتبه وأغلقت بابه بإحكام وقفت تفكر بحيره وتتسائل ألم يتعرف عليها هل لأنها ترتدي نظارتها الطبيه؟! لوت شفتيها لأسفل بحيره ثم نظرت لأعلى قائله برجاء:
-يارب ميكونش عرفني….
______________________________
تقف مريم أمام الكلية وقد نفذ صبرها فهي تنتظر فرح منذ ساعة فقد خرج زمائلها من المحاضره ولم تظهر حتى الآن، نفخت بحنق وطلبتها مجددًا وهذه المرة أجابتها فرح:
-جايه أهوه يا مريم إنتِ فين؟!
عقبت مريم بنبرة مرتفعه وبحده:
-أنا اتهبلت رن عليكِ يا فرح إنتِ إلي فين!
عقبت فرح بنزق:
-اسكتي عشان بسببك الموبايل اتسحب مني وبقالي ساعه بتحايل على الدكتور يديهولي
زفرت مريم بقوة وقالت:
-أنا واقفه قدام كليتك… والله لو أعرف البيت كنت روحت لوحدي
عقبت فرح بسخريه لطيفه:
-ومكلمتيش نوح ليه كان هيجي ياخدك
تلعثمت مريم:
-نوح! لأ هو أكيد في شغله
عقبت فرح:
-النهارده أجازته اقفلي بقا عشان هكلمه يجي ياخدنا
عقبت مريم في سرعه:
-لا لا بلاش
عقبت فرح بتوضيح:
-هو كان قايلي لما تخلصي كلميني
عقبت بقلة حيله:
-طيب يلا بسرعه بقا أنا قدام الكليه
أغلقت مريم معها ونفخت بحنق، فكلما تهربت منه أجبرتها الظروف على رؤيته، بدأت تقرض أظافرها لتهدئ من توترها، إلى أن ظهرت فرح فرفعت يدها لتشير لها قائله:
-فرح
أقبلت فرح نحوها وسارا معًا حتى خرجا من الحرم الجامعي ووقفا ينتظرانه ليأتي، وبعد فتره أشار لهما فسحبت مريم من يدها لتتجه إليه.
على جانب أخر رأها يوسف وهي تركب بجوار نوح حاول أن يرى من جلست جواره لكن لم تتبين له ملامح نوح فصرف يوسف نظره عنهم حين انتبه لما يفعل متمتمًا:
-وأنا مالي بفكر فيها ليه؟!!
وفي السياره قررت فرح أن تفجر تلك القنبله فهتفت بتشدق:
-بصوا بقا انتوا الاتنين
انتبه لها نوح ومريم فاردفت فرح:
-أنا مش فاهمه إنتوا مستنين ايه إنت بتحبها وهي بتحبك ومع ذالك محدش فيكم بياخد خطوه وأنا بكره الغباء بصراحه
فغرت مريم فاها وقالت بدهشه:
-ايه إلي بتقوليه ده يا فرح!
عقبت فرح بتأكيد أكثر:
-ايوه إنتِ قيلالي انك بتحبيه وهو كمان قايلي إنه بيحبك معرفش ساكتين ليه!
كان نوح يستمع لحديث تلك الساذجه ولم يعقب، يتابع رد فعل مريم عبر مرآة السيارة كانت مريم تجلس في الخلف وتضع يدها على فمها بصدمه، اوقف نوح السياره فجأه ونظر لفرح قائلًا بجديه:
-انزلي كدا يا فرح بصي على عجلة العربيه إلي ورا شكلها نامت ولا إيه!… العربيه مش راضيه تتحرك
بدأ يحرك المفتاح بالسياره كأنه يحاول تدويرها ولا يستطيع، ارتجلت فرح من السياره على الفور ونظرت لعجلة السياره وهي تقول:
-مفيش حاجه يا نوح!
عقب نوح وهو يضحك بسخريه:
-كنت واثق انك هتشربي المقلب شوفيلك بقا مواصله للبيت
تركها تناديه وتحاول فتح باب السياره الذي أوصده من الداخل وانطلق بالسياره ضربت السيارة بكفها قبل انطلاقها، ووقفت تنظر لأثره وهي تسبه وتدبدب بقدميها في الأرض بغضب قائله:
-ماشي يا نوح!!
___________________
على جانب أخر كانت مريم تصيح قائله:
-نزلني يا نوح لو سمحت
رفعت صوتها وهي تردد بنبرة حادة:
-نزلني!
لم يتوقف وأكمل طريقه وكأنها لا تحدثه فأردفت بغضب:
-بقولك نزلني إنت مبتسمعش!!!
عقب قائلًا بنبرة هادئة استفزتها:
-لأ مش هنزلك
خبطت على الباب بغيظ قائله:
-نزلني يا نوح وإلا هفتح الباب وأنزل
أكمل قيادة قائلًا بنفس هدوءه السابق:
-مش هنزلك إلا لما نوصل البيت!
نفخت بحنق وصمتت فهي تعلم جيدًا مدى عناده فلن يتركها مها فعلت، كان يتابع ردود فعلها ومعالم الغضب التي ارتسمت على وجهها، هتف قائلًا بنبرة هادئة:
-مريم
انتبهت له لكن لم ترد عليه كانت ترمقه بنظرات حاده فلو كانت سهامًا لقتلته:
ابتسم وأردف: تقبلي تتجوزيني؟!
تبدلت ملامحها من الحده إلى الصدمه وسرعان ما ارتسمت معالم الجديه على ملامحها قائله:
– أنا الحمد لله ليا أهل تقدر تطلبني منهم ويردوا عليك بالموافقه أو بالرفض
عقب نوح قائلًا:
-ما أنا أكيد هطلبك من أهلك يا مريم أنا بس بشوف رأيك قبل ما أتقدم رسمي
زفرت بقوه قائله بنفس الجديه:
-كان واجب عليك تاخد إذن أهلي قبل ما تسألني عن رأيي
ابتسم برضا وعقب:
-كل مره بتثبتيلي إني عرفت أختار يا مريوم
صمتت قليلًا وعقبت بجديه:
-لو سمحت يا نوح وصلني الموقف عشان هرجع البلد
سألها بترقب:
-ومحاضرات بكره؟
أجابت مريم:
-مش لازم أحضرها وصلني الموقف بعد إذنك
-بس يا…
قاطعته قائله:
-عشان خاطري وصلني الموقف من غير اعتراض
اوما رأسه بالموافقه فلا يريد مجادلتها الآن، غيّر اتجاه سيارته لموقف سيارات الأجره لتعود لبلدها، ومضى الطريق بدون أن ينبس أي منهما بكلمة أخرى…..
______________________________
في المساء وبعد أن أنهى يوسف صلاة العشاء دخل غرفته وجلس على طرف سريره ثم حمل هاتفه وظل ينظر لرقمها بتردد فهو يُأجل تلك المكالمة منذ أسبوع لكنها واجبه ولابد عنها كان سيطلب رقمها لكن قاطعه طرقات على باب غرفته مع صوت والدته “صفاء”:
-إنت هتنام ولا إيه يا يوسف؟!
ألقى الهاتف من يده واجابها قائلًا:
-لا يا ماما تعالي
دلفت والدته للغرفه وجلست جواره على السرير لتساله بهدوء:
-أنا حاسه إنك متغير من ساعة ما رجعت من البلد… عمك زعلك ولا الست الي اسمها حنان دي عملتلك حاجه؟!
تلعثم قائلًا بمراوغه:
-لا يحببتي مفيش حاجه من دي حصلت
تنهد بأسى وقال:
-أنا بس قلقان شويه عشان فرح يُسر قرب ولسه باقي حاجات كتير في جهازها
عقبت والدته:
-لو كدا يا يوسف بيع قيراط من الأرض بتاعتنا
تنهد بأسى معقبًا:
-عمي مش هيوافق يا ماما لا هيوافق يشتري ولا هيوافق يخليني أبيع!
تنهدت والدته بحسرة قائله:
-أنا عمري ما شوفت حد بقساوة قلب عمك لكن مهما كان هو عمكم
زفر يوسف بقوه وعقب:
– أنا جهزت كل حاجه واتفقت على ايجار شقه عشان نبقا جنب يُسر في البلد.
سألته باستفهام:
-وعملت إيه في شغلك؟!
عقب يوسف بتوضيح:
-قدمت على نقل أول ما يتوافق عليه هنرجع البلد علطول
عقبت برضا:
-ربنا ييسرلك الحال يا حبيبي… عارفه إن الحمل تقيل عليك ياريت باباك كان معانا
أدمعت أعينها فكلما تذكرت زوجها الذي رحل قبل سبعة أعوام تسيل دموعها بحنين، مسح يوسف دموع والدته بيديه قائلًا:
-متعيطيش يا حببتي طول ما أنا جنبك متشليش هم حاجه أبدًا
ابتسمت والدته بانكسار وربتت على كتفه بحنو قائلًا:
-ربنا ميحرمنيش منك أبدًا يا يوسف
مسك يدها وقبلها بحب قائلًا:
-ولا يحرمني منك أبدًا يا حبيبتي
على جانب أخر كانت يُسر تقف أمام الباب وتبكي دخلت الغرفه ونظرت إليهم بانكسار قائله من خلف موعها بصوت متحشرج:
-أنا آسفه إني ضغطتك يا يوسف أنا مكنش ينفع أوافق على الجوازه دي من الأول
هب واقفًا وضمها بحنو وهو يردد:
-بس يا هبله إيه الي بتقوله ده!
أخرجها من بين ذراعيه وحاط وجهها بكلتا يديه قائلًا:
-إنتِ بنتي يا يُسر مش بس أختي
مسح دموعها بيديه وهو يبتسم قائلًا بمرح:
-بس بقا خلاص مفيش عياط ولا حزن إحنا عندنا فرح يا ناس سمعونا زغروده
ابتسمت يُسر وابتسمت والدته وهي تحرك لسانها لتخرج زغرودوة خافته من حلقها، قبل مقدمة رأس والدته وبدل نظره بينهما قائلًا بابتسامه عذبه:
-ايوه كدا متشيلوش هم أي حاجه طول ما أنا موجود
“يسر فتاة طويلة القامه تشبه والدتها كثيرًا بملامحها الرقيقه وعيونها الواسعة مع شفتيها المكتنزه وانفعال الدقيق، أنهت دراستها بكلية التجاره بالواحد والعشرين من عمرها”
وبعد فترة خرجتا وتركتاه يفكر كيف سيخبرهم بكتب كتابه على تلك الفتاه المجهوله….
_________________________
ترقد على سريرها بفوضاويه وتحمل هاتفها لتتصفح أخر أخبار الفيسبوك وفي نفس الوقت ترد على رسائل زميلتها على واتساب، قاطعها دقات نوح على باب غرفتها فاعتدلت جالسة وأذنت له بالدخول لفت وجهها للإتجاه الأخر بنزق فهي غاضبة منه بسبب ما فعله معها، أما نوح فكان يضع يده خلف ظهره كأنه يخفي شيئًا، هتف قائلًا:
-فروحه
لم تجيبه وضمت شفتيها بغضب فابتسم قائلًا:
-يا فروحه…. ردي عليا
نفخت بقوه وقالت:
-عايز إيه يا نوح؟
عقب باستفهام:
-هو المفروض مين إلي يزعل!
نظرت له وانفجرت قائله:
-تسيبني واقفه في الشارع وتمشي يا نوح تسيب أختك وتمشي!
ضحك قائلًا:
-آسف والله آسف سامحيني بقا
عقبت وهي ترفع رأسها بشموخ:
-لا مستحيل أسامحك ولا عمري هكلمك تاني أنا مخصماك
جلس على الأرض ووضع أمامه ما يواريه خلف ظهره ثم فتح البيتزا والشيبسي وهو يقول بمكر:
-طيب طلما مش ناويه تسامحيني ومخاصماني… أكل أنا البيتزا المرجريتا دي لوحدي والشيبسي الي بالخل والملح دا كمان
فتح الشيبسي وأكل واحده قائلًا:
-طعمه يجنن…
كانت ترمقه بطرف عينيها وتزدرد ريقها طلبت معدتها الطعام حين تصاعدت رائحة البيتزا ووصلت لأنفها، مصمصت شفتيها مشتهية الطعام، كان نوح يرمقها بمكر وهو يأكل قطعة من البيتزا ويقول:
-إيه الجمال ده لا لا بجد فظيعه
قامت من على سريرها مسرعة وجلست جواره على الأرض وهي تأخذ قطعة من البيتزا وتقضمها، فضحك نوح قائلًا:
-هو احنا مش متخاصمين ولا إيه!
عقبت وهي تمضغ الطعام قائلة:
-هسامحك المره دي بس عشان أنا قلبي أبيض
سألها نوع وهو يشير للطعام:
-يعني مش علشان البيتزا والشيبسي
هزت فرح رأسها وهي تقول:
-تؤ تؤ عشان قلبي الأبيض
اكلت ثلاث رقائق من الشيبسي دفعة واحده وبدأت تغني وهي تلوك الطعام في فمها:
-سامحتك سامحتك سمحتي كتير تيرارارارا… سامحتك سامحتك بقلبي الكبير
قضمت قطعة أخرى من البيتزا وغنت:
-ومش غصب عني
هز نوح سبابته قائلًا: لا لا لا
مالت نحوه وغنت:
– ولا ضعف مني
ردد نوع وهو يرفع يديه الإثنين مغنيًا بمرح:
-ولكن للبيتزا تأثير خطييييير
أخذت قطعة من البيتزا ووقفت على سريرها وهي تضع البيتزا أمام فمها كالميكرڤون فبدأ نوح يدق على الأرض ويطبل وهي تغني بصوت مرتفع: سامحتك سامحتك ااااه سامحتك كتير كتير
ثم نظرت للبيتزا بيدها وقضمتها، فانفجرا الإثنان بالضحك، قاطعهما رنين هاتفها وحين رأت اسمه قذفت الهاتف بعيدًا عنها بتوتر فقد سجلته ب المجهول سألها نوح:
-إيه يبنتي هو الموبايل بيكهرب ولا إيه؟!
عقبت بارتباك:
-المجهول بيرن
سألها نوح باستفهام:
-مين المجهول ده؟!
رفعت شفتها العلويه بسخريه قائله:
-عريس الغفله
ابتسم نوح قائلًا:
-طيب عن إذنك بقا أسيبك تاخدي راحتك وتردي على عريسك
مسكته من ذراعه قائلة:
-رايح فين خد رد عليه إنت
ربت على كتفها قائلًا:
-ردي عليه يا حببتي ربنا يهديكِ
خرج وتركها تنظر لأثره تنهدت بارتياح حين انتهت الرنه لكن صدع هاتفها بالرنين مرة أخرى فازدردت ريقها بتوتر وحملت هاتفها لتجيب عليه ليأتيها صوته:
-السلام عليكم
لم يستطع لسانها أن ينطق بحرف وأغلقت الهاتف ثم زمت شفتيها بحنق قائله:
-أنا شكلي ورطت نفسي!
صدع هاتفها بالرنين مجددًا فتنفست بعمق وزفرت بقوة ثم أجابته لياتيها صوته مجددًا:
-السلام عليكم….
طال صمتها فهتف يوسف: ألووو ألووو سمعاني!
خطر لها فكره فابتسمت ثم ردت قائله:
-عليكم السلام مين معايا؟
كان على وشك الإجابه قائلًا:
-أنا…
قاطعته على الفور قائله بابتسامه:
-إنت حيوان چديد في حظيرتي
سألها متعجبًا:
-نعم!
عقبت على الفور:
-أيوه مش إنت بسلامتك چوزي تبقا حيوان چديد في حظيرتي
أردفت بحب زائف:
-أصل أنا بحب الحيوانات قوي قوي يعني من يوم ما اتكتب كتابنا وإنت غلاوتك عندي من غلاوة سندس
سألها مستفهمًا:
-مين سندس؟!
عقبت وهي تكبح ضحكاتها التي كانت على وشك الخروج من حلقها لتفضحها وقالت:
-سندس تبقى الچاموسه بتاعتنا
ردد بتعجب:
-جاموسه! بتشبهيني بالجاموسه!
تنهد بنفاذ صبر حين تذكر صورتها في قسيمة كتب الكتاب وجمّع عقله طريقة كلامها مع تلك الصوره ثم زم شفتيه بحسرة قائلًا:
-أنا كنت مكلمك عشان اتعرف عليكِ وتتعرفي عليا تقومي تغلطي فيا!؟
ابتسمت لكن حاولت إدعاء الجديه بكلامها قائله:
-أيوه أيوه چدي قالي انك هتكلمني
وضعت قدمًا فوق الأخرى وقالت:
-أني إسمي فهيمه معايه دبلون زراعه وعندي عشرين سنه هچريه وإنت؟
ازاح الهاتف من على أذنه وهمس لنفسه متمتمًا بتعجب:
-دبلون زراعه وسنه هچريه!
ضم شفتيه معًا وضغط عليهما بحسره وسرعان ما ردد قائلًا بسخرية:
-لا أنا مش مهم متشغليش بالك بيا خالص
وضعت يدها على فمها لتكتم ضحكتها التي بدأت تهز جسدها ورددت قائلة:
-ماشي يا حيوان
عقب بتمعض:
-حيوان! احترمي نفسك يا بت إنتِ..
هتفت قائله بمكر:
-إنت زعلان عشان بقولك يا حيوان… طيب ما إنت فعلًا حيوان
عقب بنزق:
-الله! متخلنيش أغلط فيكِ
عقبت بتبرير:
-وهو الإنسان إيه غير حيوان ناطق!
زفر بحنق وعقب بنزق:
-أنا آسف إني كلمتك أسيبك بقا تاخدي سندس في حضنك وتنامي تصبحي على خير
أغلقت الخط بدون أن تعقب على كلامه وانفجرت بالضحك وبعد أن انتهت قالت:
-الله شكلي هتسلى أوي…
______________________
مر إسبوع وطلب نوح مريم رسميًا من عمته، واتفقوا على موعد للرؤية الشرعيه، أما فرح فكانت تزعج بوسف بكلامها كل يوم تحكي له قصص مفبركة بعلاقتها بالحيوانات ومدى تأثرها بحياتهم لم يعيرها الكثير من الإهتمام فعلاقته معها نهايتها محتومه وسيطلقها عاجلًا أم آجلًا….
وفي هذا اليوم كانت فرح تذاكر محاضراتها وسرقها الوقت نظرت لساعة الحائط فوجدتها الثانيه بعد منتصف الليل، فخطر لها فكره لم لا تتصل به وتزعجه.
على جانب أخر كان يقف أمام الثلاجه وياخذ منها زجاجة مياه ليروي عطشه، ارتفع رنين هاتفه فأخذ زجاجته وهرول للغرفه ونظر لإسمها على شاشة الهاتف “فهيم” زفر بحنق وكان سيلقي هاتفه جانبًا لكن قرر أن يجيبها فقد اعتاد على ازعاجها الدائم فزواجه منها ليس انتقام من عائلتها بل هو انتقام منه ومن عائلته …
انتظرت فرح قليلًا حتى أتاها صوته الرجولي قائلًا بنزق: خير
كتمت ضحكتها وقالت:
-قولت أطمن عليك يا بغلي
عقب قائلًا:
-بغلك! والله ما في بغل غيرك….
كتمت سماعة الهاتف وضحكت ضحكة مكتومه، أما هو فنفخ بحنق وأردف:
– عايزه ايه يا فهيمه في الوقت ده؟!
وضعت يدها على فمها لتكتم ضحكاتها ثم أجابت:
-قولت أسمع صوتك… أصلي كنت سهرانه چار سندس عشان ممكن تولد الليله
كتمت ضحكتها مجددًا فرد عليها بنزق:
-فقولتي تكلميني تزعجيني يعني!
عقبت بجديه:
-لا متفهمنيش صح أنا بس كنت بطمن عليك أصلك مكلمتنيش من يومين
زفر بقوه وقال بجديه:
-كنت برتاح شويه من حرقة الدم… ومش حابب أسمع حكايات عن حديقة الحيوان الي إنت عايشه فيها
كتمت ضحكتها قائلة:
-ليه بس يا حيوان زعلان ليه
نفخ بحنق فمنذ أن عرفها وهي تنعته بالحيوان وتبرر أن ذالك اللقب دليل على حبها له عقب قائلًا بحده:
-بت إنتِ مترنيش عليا تاني نهائي مفهوم؟!
عقبت بحزن زائف:
-لما إنت مش طايقني كدا طلقني
عقب قائلًا بسخرية:
-ياريت والله أقدر كنت عملتها وارتحت…
أغلق هاتفه وألقاه جنبًا وهو ينفخ بحنق ثم ألقى جسده على السرير لينام، أما هي فانفجرت بالضحك وهي تقول:
-إنت لسه شوفت حاجه والله لأوريك
تنهدت بارتياح قائله:
-اجمل أسبوع مر عليا ياااه على المتعه
____________________________
وفي اليوم التالي ارتدت حجابها الاوف وايت وفستانها النبيتي الرقيق وحذائها الزيتي وحقيبتها التي تشبه لو حذائها، هندمت ثيابها جيدًا أمام المرآه فاليوم هو محاضرة يوسف وستراه تنهدت بارتياح وخرجت من البيت.
وبعد أن وصلت الكليه كان المدرج يعج بالطلبه كالمرة السابقة وقفت تبحث عن مكان شاغر فأشارت لها زميلتها بالمقعد الثالث ابتسمت واتجهت لتجلس جوارها وما هي إلا لحظات ودخل يوسف بهيئته الجذابه كان الفتيات ينظرن له بإعجاب وخيم، أما فرح فكانت تحاول غض بصرها عنه لكنها تتمنى لو يعرفها بحث يوسف عنها بعينه حتى عرف مكانها وبدأ يشرح محاضرته وأثناء المحاضره لكزتها زميلتها بيدها قائله بهمس:
-أنا حاسه إنه معجب بيا بيبص ناحيتي كل شويه
همست لها فرح:
-اسكتي عشان مننطردش
همست لها الفتاه بهُيام:
-بجد قمر أوي
لكزتها فرح بحده لتصمت فابتسمت الفتاه، قاطعهما صوته وهو يشير نحو فرح قائلًا:
– قومي
حاولت فرح ادعاء الجهل فأردف وهو يشير نحوها:
-إنتِ إلي لابسه طرحه أوف وايت هاتي الكارنيه بتاعك وتعالي….

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

“إنتِ إلي لابسه طرحه أوف وايت هاتي الكارنيه بتاعك وتعالي”
نظر يوسف نحوها مجددًا وقال بتأكيد وبنبرة يشوبها بعض الحده:
-إنتِ مسمعتنيش قومي هاتي الكارنيه وتعالي
استدار موليهم ظهره وهو يعدل من مكبرات الصوت، قامت فرح بارتباك وأخرجت كارنيه الجامعه الخاص بها واتجهت نحوه بخوف وقلق وعند نزولها من المدرج تعرقلت قدمها ووقعت أرضًا لتفترش الأرض ويصطدم بها أنفها فتتأوه وهي تقوم وتخلع نظارتها لتتأكد من سلامة النظارة قبل سلامتها، التفت لها أثر ضحكات الطلبه وصوت ارتطامها بالأرض وقفت فرح بشموخ ونظرت خلفها للطبة لتخاطبهم بنبرة حادة:
-بتضحكوا على إيه أول مره تشوفوا حد واقع!!!!
حين ارتفعت همهمات الطلاب خبط يوسف على مكتبه بغضب وقال:
-الصوت بطلوا كلام الله!!!
تعقدت ملامحه ونظر لفرح قائلًا بتعجب:
-إنتِ رايحه فين!؟
مدت يدها بالكارنيه قائله:
-حضرتك طلبت الكانيه
هز رأسه بالنفي وأشار للبنت التي تجلس خلف فرح قائلًا:
-لأ أنا قصدي على الأستاذه الي نايمه هناك دي مش إنتِ! اتفضلي ارجعي مكانك
ابتسمت فرح وسحبت يدها لتواري بطاقتها الجامعيه “الكارنيه” خلف ظهرها ثم رجعت للخلف بظهرها وهي تحمد ربها فلن يعرف باسمها الذي تكرهه والذي يرتسم على وجه البطاقه، كانت تبتسم ببلاهه وهي تعود بظهرها فتعرقلت مرة أخرى ووقعت على ظهرها لتتصاعد ضحكات الطلبه مجددًا، كبح يوسف ضحكته وهتف قائلًا:
-خلي بالك يا فرح إنتِ ماشيه بظهرك!!
قامت على الفور والتفتت إليه في دهشه تسأل حالها هل قال فرح للتو! هل نطق إسمها قبل لحظات؟ فهذا يعني أنه يعرفها! ابتلعت ريقها بحيره وتناست أمر وقوعها تمامًا قائلة:
-حضرتك قولت إيه؟!
عقب قائلًا بجديه:
-بقولك خلي بالك… اتفضلي ارجعي مكانك
لم يُعيد اسمها مرة أخرى فرجعت مكانها وسألت زميلتها بخفوت:
-إنتِ سمعتيه بيقولي خلي بالك يا فرح ولا دي تهيئات من الوقعه!
رفعت زميلتها كتفها لأعلى ولوت شفتيها لأسفل كناية عن جهلها وقالت:
-ماخدتش بالي بس معتقدش هو يعرف اسمك منين أصلًا!
تلعثمت قائله:
-هه لأ أبدًا ميعرفش اسمي
انفجرت زميلتها بالضحك وقالت:
-بس شكلك كان مسخره وإنتِ بتقعي
لكزتها فرح بكوعها بنزق، وقاطعهما صوت يوسف قائلًا:
-هناخد بريك عشر دقائق ونكمل
ثم خرج من المدرج ليستفسر عن اكتمال أوراق نقله…
________________________________
يجلس هشام “والد فرح” على الأريكه بأريحه بعد أن عاد من عمله “مدير بمدرسة خاصه” نظر لزوجته قائلًا بوجه خالي من المشاعر:
-أنا استقالت من الشغل
تهلل وجه زوجته كأنها كانت تنتظر هذا الخبر وقالت:
– أخيرًا عملتها
تنهد قائلًا بتوضيح:
– هنرجع البلد وهفتح مشروع هناك وأكمل حياتي جنب أبويا مش هنفضل عايشين في شقه ايجار طول عمرنا والي بنكسبه باليمين بنصرفه بالشمال
ربتت زوجته “شهناز” على ظهره قائله برضا:
-عين العقل يا هشام
ابتسم قائلًا:
-يارب الولاد يوافقو وميتعبوناش
عقبت شهناز بثقه:
-متقلقش فرح تتمنى تعيش في البلد ونوح نفسه يفتح مشروعه هناك
تنهد بارتياح ونظر في ساعة يده قائلًا:
-حيث كدا بقا هقوم أروح لفرح الكليه وأجهز أوراق النقل وإنتِ ابدئي جهزي نفسك وكلمي نوح عشان بكره نكون في البلد أن شاء الله
ابتسمت بارتياح قائله:
-إن شاء الله
_________________________________
صدع هاتف فرح بالرنين برقم والدها فأجابت على الفور قائله:
-حبيبي
لياتيها صوته قائلًا:
-حبيبة بابا… خلصتي محاضراتك ولا لسه
عقبت قائله:
-لسه باقيلي نص ساعه أو ساعه إلا ربع
هتف هشام قائلًا:
-طيب أنا جايلك الجامعه عشان هاخد ورقد من الشؤون وهنقلك جامعة كفر الشيخ
جحظت عيناها من هول المفاجأه وعقبت:
-ليييه؟!
عقب والدها:
-عشان هنرجع البلد وهنقعد هناك علطول
تلعثمت قائله:
-طيب وشغلك يا بابا
رد مطمئنًا:
-متقلقيش أنا رتبت كل حاجه
عقبت بنبرة حزينه:
-ماشي يا حبيبي إلي تشوفه
فلو قال والدها هذا الكلام قبل إسبوعين لرفرفت بجناحيها فرحًا لكن الآن إن تركت الجامعه فلن ترى يوسف مجددًا، تنهدت بحزن وانتبهت له عند دخوله للمدرج، كانت ملامحها عابسه تنظر إليه بوجه متجهم تظن أن هذه هي أخر مرة ستراه بها، أكمل شرح محاضرته وبعد أن انتهى تنحنح وهتف قائلًا:
-وبكدا تكون دي أخر محاضره ليا معاكم وإن شاء الله هتكمل معاكم الكورس الدكتوره سجى
ارتفعت همهمات الطلبه فعقب قائلًا:
-تقدروا تتفضلوا
بدأ الطلبه بالخروج من المدرج وأوشك المدرج على الخلو من ازدحام أنفاسهم، فقامت فتاه بأخر المدرج وبدأت تغني:
“عادي أهي خلصت زي ما كل حكايه بتخلص إيه الي هيجرى وإي إلي هينقص لو أنا وإنت مكملناااش أنا هتعود وإنت كمان لازم تتعود عمر البعد مكان بيموت وأهي دنيا ولازم تتعاش”
ابتسم يوسف دون أن ينظر إليها وبدأ يلملم أشياءه من فوق المكتب هو يرمق فرح ذات الوجه المتجهم بنظرة سريعة ويغادر المدرج برمته…
وكان كلماتها لمست وجع فرح فقامت لتغادر بعد أن أصبح اطمئنت أن باب المدرج شبه خالي من تكدس الطلاب، هتفت زميلتها قائله:
-وااااحسرتااااه
عقبت أخرى:
-واااادكتوراااه
وواحدة ثالثه:
-وااااأسفااااه
ضحكت فرح على كلامهم وخرجت من المدرج لتتجه لشؤون الطلبه وتقابل والدها لتنتقل من الجامعه إلى أخرى بمحافظة أخرى وعادات أخرى وقصص أخرى …
__________________________
وفي البلد كان سليمان يستشيط غضبًا من تصرفات وأفعال ابن أخيه طلب رقمه وانتظر إجابته، سرعان ما أجاب مرددًا السلام، رد عمه بنبرة حاده:
-عليكم السلام يا يوسف…. إيه الي أنا سمعته ده؟!
عقبت يوسف مستفهمًا:
-خير يا عمي سمعت إيه؟!
رد عمه مستفهمًا لكن بنبرة غاضبه:
-إنت ناوي تأچر شقه وإنت ليك بيت كامل!!
حاول يوسف التبرير قائلًا:
-أنا مش حابب أعيش في البلد وهأجر شقه جنب شغلي معتقدش دي حاجه تزعلك؟!
رد عمه بغضب عارم:
-عليا الطلا….ق بالتلاته ما يحصل طول ما أنا عايش!
زفر يوسف بحنق وعقب بنبره متعجبه من يمين الطلاق الذي رماه عمه:
-مش فاهم حضرتك زعلان ليه!؟
عقب عمه بنفس الغضب موضحًا:
-إنت عايز الناس تاكل وشي وتقول طفش ابن أخوه من البلد…. طيب أنا كنت موافق الأول عشان كنت في محافظه تانيه إنما دلوقتي لا يمكن أوافق!
نفخ يوسف بحنق فهو يعرف عمه وطباعه العنيد فمهما جادله لن يتراجع عن كلامه، تنهد بأسى قائلًا:
-خلاص يا عمي متزعلش من بكره هرجع أقعد في البلد…
_______________________
عاد يوسف لبيته وبعد تناول وجبة العشاء جمع والدته وأخته ليحكي لهما حديث عمه فعقبت صفاء”والدته”
-يعني هرجع نعيش في البلد؟!
تنهد بأسى وقال:
-للأسف مضطربن نستحمل فتره على ما يُسر تتجوز ونشوف هنعمل ايه
عقبت والدته برضا زائف:
-عادي يا حبيبي أي مكان مش فارقه
تدخلت يُسر قائله بتقزز:
-يعني هتستحملوا حنان وقرفها!
لوت صفاء شفتها لأعلى بسخريه وقالت:
-وإحنا مالنا بيها إحنا هنقفل علينا بابنا ونعيش في حالنا
قام يوسف وهو يتنهد وقال:
-جهزو نفسكم عشان هنرجع البلد بكره عشان هنقل شغلي هناك
عقبت يُسر:
-على خير إن شاء الله
سار خطوات تجاه غرفته وعاد مرة أخرى كان مرتبكًا، يحك أنفه بتوتر ويمسح على ذقنه بقلق، تردد كثيرًا قبل أن يلفظ جملته:
-أنا عايز أعترفلكم بحاجه
انتبها له وحدقا به فأردف قائلًا باختصار:
-أنا اتجوزت
ضربت أمه صدرها بصدمه وفغرت أخته فاها قائلين بنفس اللحظه:
-اتجوزت!!!
_____________________________
وبعد أن جمعت ملابسها وكل مستلزماتها لمغادرة القاهره وبدأ حياة جديده بالريف الذي كان تهوى العيش به وتستمتع بالأيام التي تقضيها برفقة عائلتها بالبلد، ابتلعت غصة في حلقها حين تذكرت يوسف وأنها لا تراه مجددًا، حملت هاتفها الذي صدع برساله من زميلتها لتقرأ الرسالة التي محتواها:
“بيقولوا دكتور يوسف سافر يحضر الدكتوراه بره وهيرجع كمان خمس سنين”
ردت فرح برسالة أخرى:
” عرفتِ ازاي؟!”
كتبت زميلتها:
“البنات كلهم بيقولوا كدا”
أغلقت معها وشعرت بخنقة تقبض على صدرها أخذت نفسًا عميقًا وزفرت بقوه، ثم طلبت رقم “المجهول” لتستمتع قليلًا بإزعاجه وتخرج من تلك الحاله التي انتابتها…
______________________________
“منك لله يا سليمان”
قالتها صفاء بقلة حيله، نظرت صفاء ليوسف وأردفت بنبرة معاتبه:
– وإنت إزاي تعمل كدا من غير ما تقولي يا يوسف!
عقب يوسف مبررًا:
-أقولك إيه يا أمي صدقيني مكنش قدامي أي حل تاني
وضعت يُسر يديها حول خصرها قائلة:
-وشكلها إيه البت دي ومؤهلاتها إيه؟
تلعثم قائلًا:
-لا أنا مشوفتهاش أصلًا ولا أعرف أي تفاصيل عنها
عقبت يُسر بتعجب:
-ازاي مشوفتهاش؟! هاتلي اسمها بالكامل وأنا أجيبلك كل حاجه عنها…
قاطعها رنين هاتفه فنظر لشاشة الهاتف على اسمها “فهيم” مبتسمًا فقد أنقذته من اسئلة أخته ونظرات والدته الحاده ولاول مره يجيبها وهو راضٍ…
نظر لوالدته قائلًا:
-معايا مكالمه مهمه جدًا بخصوص شغلي
هرول من أمام والدته ودخل غرفته ثم أوصدها من الداخل وأجاب قائلًا:
-حيوانة حياتي
ردت فرح قائلة بنزق:
-أحيانًا تلسعك الحياه على قفاك بشخص يشبه البهائم ليعكر حياتك أكتر ما هي عكره
-هو أنا مش فاهم الجمله دي عندك مدح ولا سب بس ما علينا خير عايزه إيه الساعه دي؟
تنهدت قائله:
-كنت مخنوقه قولت أكلمك شويه تفرفشني
عقب قائلًا بسخرية:
-افرفشك… يعني أقوم أرقصلك ولا أعمل إيه؟!
عقبت بابتسامه:
-والله لو بتعرف ترقص ارقصلي
خبطت يدها على فخذتها قائله بتنغص:
-بس المشكله هشوفك إزاي؟!
زم شفتيه بحيرة زائفة:
-فعلًا مشكله؟!
عقبت فرح متخابثه:
-طيب عارف يا حيوان
عقب يوسف قائلًا بحده:
-برده حيوان!!! يا بنتي ارحميني
كبحت ضحكتها وتجاهلت كلامه قائله بنبرة جادة:
-عايزه أقولك إن أنا بعرف أرقص حلو قوي حتى سندس تشهد يامه رقصتلها كنت بمسك عصابة چدى وأقعد أرقصلها بالساعات
مجرد تخيله لما تقول كان كافيًا لينفجر يوسف بالضحك تركته يضحك وعقبت مردفةً:
-مش مصدقني طيب دا سندس مكنتش بتبطل تشچعني طول ما أنا برقص
كبح ضحكته وسألها بابتسامه:
-بتشجعك ازاي؟! كانت بتهزلك ديلها ولا بترقع بالصوت من الهبل إلي بتشوفه
وضعت يدها على فمها لتكتم ضحكتها وعقبت:
-لا دا كانت بترقص معايا وتتنطط كدهون في قلب الزريبه
انفجر يوسف بالضحك حتى أدمعت عيناه وقال من خلف ضحكاته:
-ودا ملفتش نظرك إن الجاموسه خافت من الهبل إلي إنتِ بتعمليه!
لم تستطع كبح ضحكتها وأغلقت الخط بوجهه لتنفحر ضاحكة، وبعد أن انتهت من نوبة الضحك طلبته مجددًا فأجاب مسرعًا لتكمل حديثها بحزن زائف:
-أنا عايزه أحكيلك وأشكيلك
وضع قدمًا فوق الأخرى وقال:
-احكي واشكي دا أنا معاكِ للصبح
وضعت فرح يدها على عنقها قائله:
-انا مخنوقه كدهون وفيه حاچه طابقه على نفسي
سألها مستفهما بنبرة ساخرة:
-مخنوقه من ايه اوعي يكون سندس حصلها حاجه؟! طمنيني عليها ولدت ولا لسه؟!
ابتسمت قائله:
-ولدت وچابت عچل زي فلجة القمر
عقب بابتسامه مصطنعه:
-الف حمد الله على سلامتها
رقدت على سريرها ورفعت قدميها لأعلى على الحائط قائله:
-بس أنا مخنوقه ومضايقه كده
سألها يوسف بسخريه:
-ليه بس مش اطمنتي على سندس إيه إلي خانقك؟!
عقبت قائله:
-مش عارفه أنا ممكن اكون مضايقه عشان متعشتش كويس!
رد يوسف بسرعه:
-طيب قومي اتعشي ولا معندكوش أكل
لم تعقب على جملته وهتفت قائله:
-لا لا لا أنا مضايقه عشان منمتش كويس
عقب يوسف:
-طيب قومي نامي وريحيني
لم تعقب على جملته وقالت:
-لا أنا بچد عرفت أنا مخنوقه ليه!
وضع يده أسفل ذقنه قائلًا:
-طيب مخنوقه ليه؟!
عقبت ببكاء زائف:
-عشان عمتى خدت مني العروسه وأنا لسه مكملتش لعب
عقب بسخريه:
-فعلًا حاجه تضايق لازم تعاتبيها
ردت بنبرة حادة:
-ليه هو أنا اتهبلت أعاتبها على موقف بقاله ١٥ سنه
تجهمت ملامحه ولم يرد عليها فأردفت:
-عارف يا حيوان أنا عندي عقده كبيره كدهون في حياتي بسبب الموقف دهوت وحاسه إني محتاچه أتعالچ نفسيًا
عقب يوسف قائلًا بتأكيد:
-فعلًا أنا ملاحظ إنك محتاجه تتعالجي
كبحت ضحكتها لتقول:
-شوفت أهو الي يسوى والي ميسواش بقا ملاحظ عقدتي
عقب مستفهمًا:
-مين ده الي يسوى ومين الي ميسواش إوعي يكون قصدك عليا!
ضحكت ضحكة مكتومه وهي تضغط على شفتيها وقالت:
-طبعًا هو أنا بكلم حد غيرك ركز شويه يا حيوان
سألها بحده:
-حيوان الأخيره دي كانت شتيمه صح؟
كبحت ضحكتها وردت قائله:
-لا دي غلاوه متقلقش
عقب قائلًا بسخرية:
-أنا بطمن بس!
أغلقت الهاتف بوجهه وضحكت وهي تنظر للهاتف وتقول:
-دي كانت جرعة اليوم بالشفا يا حيوان
قالت جملتها قبل أن تنفجر بالضحك
___________________________
وفي اليوم التالي وصلوا للبلد كان نوح يحمل الأمتعه للداخل وفرح تجلس على المقعد في الحديقة بكل أريحه وتنظر لنوح الذي يدخل ويخرج من البيت وهي ترمقع بمكر وتغني:
-شي حا يا حماري يلا امشي بالرحه وشيل أحمالي كلها
رمقها بغيظ وهتف:
-حمارك…. ماشي يا فرح أخلص ونتحاسب
ابتسمت بسخرية وقالت بنبرة مرتفعه:
-أنا في حماية جدي محدش يقدر يقربلي هنا
نظر لها والدها قائلًا:
-قومي يام لسان طويل خدي ورقك قدميه في الكليه
وقفت تهندم ثيابها وتقول:
-حد يجي معايا أنا معرفش المكان
كان نوح قد انتهى من توصيل كل الحقائب والأمتعة لشقتهم اتجه نحوها ليلقنها درسًا على نعته بالحمار، فركضت بالحديقة وهو يركض خلفها ويقول:
-أنا حمار يا نص جاموسه
رمقها بسخريه وضحك قائلًا:
-والله حتى ما كملتي ربع جاموسه
ادعت الضحك ساخره وهي تقول:
-يا خفيف!!
كانت ترمقهم بنظرات مغتاظه من شرفة شقتها بالطابق الثالث وهي تمتم بحقد:
-شكلنا هنشوف أيام سوده… إيه إلي چابهم هنا دول
رفع نوع بصره لأعلى فدخلت على الفور اقترب من فرح هامسًا:
-كانت واقفه تبص علينا عينها هتتخلع
ابتسمت فرح بألم وقالت:
-الله يرحمه عمي إيهاب جابلنا بلوى قبل ما يموت
تنهد نوح بحسره قائلًا:
-الله يرحمه
قاطعهما صوت والدهما قائلًا:
-روح يا نوح مع أختك وقدملها ورقها في الكليه
اومأ رأسه بالإيجاب ونظر لها قائلًا:
-ورايا يا ربع جاموسه
سارت خلفه متمتمه بكلمات سب له فرمقها بغيظ وهو يشد ملابسها بحده لطيفه:
-قصري لسانك وامشي قدامي
“زوجة إيهاب وتسمى ساميه امراه حقوده لم يتزوجها ايهاب حبًا بها لكن تزوجها لتصليح غلطته معها بعد أن تبين حملها منه، أمرأة بمنتصف الثلاثينات متوسطة القامه ممتلئة الجسم قليلًا لا يوجد أي مميز بملامحها وتمتلك بشرة خمريه”
_____________________________________
قدّم يوسف أوراقه بالجامعه واستلم عمله الجديد، لفت نظره تلك التي تقف أمام الكليه تنتظر أخاها حتى ينتهي من تقديم أوراقها، أقبل نحوها وهي يدقق النظر لها ليتأكد أنها هي، لم تراه واستدارت موالية ظهرها له…
“إنتِ كدا بقا ماشيه ورايا!”
قال يوسف جملته مبتسمًا، استدارت فرح أثر صوته ونظرت له قائله بدهشه:
-دكتور يوسف!!
تذكرت كلام زميلتها وأردفت تساله باستفهام:
– هو مش حضرتك سافرت تاخد دكتوراه بره!
قطب حاجبيه وارتسمت ابتسامة عذبه على شفتيه قائلًا:
-جبتِ الكلام ده منين!؟
عقبت فرح قائله:
-البنات الي في جامعة القاهره قالولي كده!
لوى شفتيه لأسفل قائلًا:
-مش كل حاجه بتتقال بتكون صح
أومأت رأسها بالإيجاب قائله بإبتسامه واسعه كشفت مدى سعادتها لرؤيته، حاولت إدعاء الجديه وسألته باستفهام:
-هو حضرتك بتعمل إيه هنا؟!
أشار للكليه خلفهم وقال:
-بشتغل…. نقلت شغلي هنا
اتسعت ابتسامتها مرة أخرى فقد ظنت أنه سافر لخارج مصر ولن تراه مجددًا لكن جمعهما القدر مجددًا، طال الصمت بينهما فوضع يديه الإثنين بجيوب سرواله قائلًا بمكر:
-ماشيه ورايا ليه بقا يا فرح!؟
ابتسمت فرح قائله:
-او يمكن حضرتك إلي ماشي ورايا!
ابتسم ثم سألها بجديه:
-اوعي تقوليلي انك نقلتِ كليتك هنا!
أومأت رأسها بالإيجاب قائله بابتسامه:
-حصل
تنهد بحيره قائلًا:
-تفتكري بقا الصدف دي ليها معنى؟!
ابتسمت قائله:
-كل حاجه بتحصل حولينا بيكون ليها معنى بس مش دائمًا بنفهمه!
عقب بابتسامه واسعة أظهرت غمازاته:
-بس أنا فهمته
قطبت حاجبيها قائله:
-فهمت إيه؟!
حاول الهروب من سؤالها فنظر بساعته قائلًا بجديه:
-أستأذنك بقا لأن عندي شغل مهم
عقبت فرح:
-اتفضل
ولى ظهره لها وغادر أما هي فوقفت تنظر لأثره مبتسمه.
هرول يوسف حتى وصل مكتبه أخرج هاتفه ونظر للرقم الذي سجله “فهيم” ابتسم بمكر وقرر أن يزعجها كما تزعجه دائمًا فضغط على الرقم ليتصل بها..
وعند فرح صدع هاتفها بالرنين وحين رأت اسمه “المجهول” زفرت بحنق قبل أن تجيب عليه بنبرة حاده:
– هو أنا مش بعتلك رساله قولتلك إن سندس نايمه وأنا قاعده چارها يا حيوان
اعتقدت أنه سيغضب ككل مره تنعته فيها بالحيوان، لكنه أخاب ظنها وعقب متخابثًا وهو يقول بنبرة هادئه:
-تعرفي إن كلمة يا حيوان بقت تقع على سمعي زي كلمة حبيبي بالظبط…. دماغي اتبرمج على كدا
كبحت ضحكتها ولم تعقب فأردف قائلًا:
-يعني لو حد شتمني وقالي يا حيوان هقوله حبيبي تسلم
أغلقت الهاتف بوجهه وابتسمت قائله:
-والله دمك خفيف يا مضروب
وبعد دقيقة وقف أخوها أمامها وقال:
-قدمت ورقك وجبتلك جدول المحاضرات
عقبت برضا قائلة:
-شكرًا يا حبيب أختك يا عسل يا سكره
عقب نوح قائلًا:
-عدي الجمايل بقا
هتفت قائله بنبرة راجيه:
-ياريت بقا تعزمني على عصير ولا حاجه تبل ريفي وأنا أعد بضمير
اومأ رأسه قائلًا:
-هعزمك بس متاخديش على كده!
____________________________
وفي المساء ارتدت مريم فستانها الوردي وحجابها الأزرق وتكحلت بكحل العينين وستكحل عينيها برؤيته اليوم، كانت على أهبة الإستعداد لمقابلة نوح والإتفاق على تفاصيل زواجهما، مر الوقت سريعًا وها هي تجلس أمامه تفرك يدها بعنف وتنظر أرضًا بخجل كأنها تراه لأول مرة، وبعد أن يأس منها، فقد مر خمس دقائق ولا تنطق بحرف هتف قائلًا:
-ممكن تبصيلي يا مريم
استمرت بفرك يديها بتوتر فعقب:
-أنا مش فاهم إنتِ مكسوفه ليه دا إحنا عشرة عمر بصيلي يا مريوم
رمقته سريعًا ثم أخفضت بصرها فأردف:
-أنا قولت لعمتي نكتب الكتاب علطول مش هستحمل أنا ظوابط الخطوبه دي
لم تنبس بحرف ولم ترفع رأسها فأردف:
-قالو زمان السكوت علامة الرضا
أردف متخابثًا:
-وأنا مش بصدق الجمله دي وهطلع أقولهم انك مش موافقه
ابتسمت مريم ورفعت رأسها لتنظر إليه فعقب مردفًا:
-إيه أطلع أقولهم انك مش موافقه!!؟
عقبت وهي تنظر إليه:
-أنا موافقه يا نوح لأني مش محتاجه فترة خطوبه عشان أتعرف عليك
رفع يده لأعلى قائلًا:
-يا فرج الله أخيرًا نطقتِ
نظر لها متفحصًا وأردف وهو يغمز بغينه:
-بس حلو اوي الفستان دا
ابتسمت قائله بحياء: شكرًا
أخرج هاتفه والتقط لها صورة بدون إذنها لم تظهر ملامحها لأنها كانت تنظر أرضًا وجميع أعضاء جسدها في وضع الإنقباض، فهتف:
-عشان نوثق اللحظه دي والفستان القمر ده وصاحبة الفستان الخجوله دي
وقف أمامها وابتسم وهو يغير وضعية الكاميرا للأماميه قائلًا:
-بصي هنا بقا
والتقط الصورة وهي تنظر له مبتسمه بحياء حدق بصورتها قائلًا بحب:
-قمر هينور حياتي قريب
ابتسمت بحياء ولم ترد فقام ووقف أمام باب الغرفه وهو يقول بمرح:
-سمعينا زغروده يا عمتي خلي الفرحه تملى البيت
أدخل رأسه من باب الغرفه ونظر لمريم هامسًا:
-وتملى حياتي
اتفقوا على إتمام الخطبه وكتب الكتاب في خلال إسبوع والزواج بعد شهرين أو ثلاثة بعد الإنتهاء من تجهيز الشقه والإستعداد للزواج…
_______________________________
وفي اليوم التالي كانت فرح على وشك الإقتراب من موقف سيارات الأجره لتحضر محاضراتها، لكن أوقفها صوت ذالك الطفل الذي يجلس على الدرج أمام بوابة بيته هتف بنعومة وبراءة مصطنعه يخفي خلفها كثيرًا من المكر والدهاء وقال:
“عمتو ممكن تساعديني”
كان طفلًا بملامح بريئه يبدو أنه لم يتجاوز السبعة أعوام، كان واضعًا كلتا يديه على وجنتيه ومبتسمًا، اقتربت منه فرح حتى وقفت أمامه مباشرة وانحت لمستواه قائلة بحنو:
-يا قمر… محتاج إيه يا حبيبي؟
ابتسم الطفل ونكس رأسه لأسفل بخجل مصطنع قائلًا:
-كنت محتاج مساعده بسيطه
ربتت على كتفه قائله بحنو:
-قول يحبيبي محتاج إيه؟!
رمقها بمكر وحمل قنينة المياه من جواره، عقدت فرح حاجبيها تحاول فهم ما يريد، وفي حركة سريعة سكب قنينة المياه عليها فغرق وجهها بالمياه وأصبحت الرؤية مشوشه عندما نزلت قطرات المياه على زجاج نظارتها الطبيه، خلعت نظارتها وأغلقت عينها لتمسح المياه عن وجهها فوقف الطفل وأكمل سكب القنينة على ملابسها، صرخت فرح وهي تلوح بيدها لتحاول إمساكه وهي تقول:
-إنت روحت فين ياض؟
ركض الطفل لبوابة بيته وهو يقول بضحكة ساخره:
-وقعتِ فيها هههههههه شربت المقلب
انشغلت فرح بتنظيف زجاج نظارتها لترتديها وتستطيع رؤيته بوضوح، انفجر الطفل بالضحك وأخرج رأسه من البوابه قائلًا:
-علفكره دي مايه البيبي بتاعي “بول”
صرخت باشمئزاز فضحك الطفل بصخب ثم أحكم إغلاق بوابة بيته وتركها تصرخ بخفوت وهي تملس على ملابسها المبتله بنفور وتصيح:
-ياد يا ابن ال….
مسحت وجهها بكلتا يديها وهي تقول بتقزز:
-يعععع ماية بيبي
سرعان ما نظر لها الطفل من نافذة بيته وهو يضحك قائلًا:
-متخافيش يا عمتو دي مايه من الحنفيه
لم ينتظر ردها ودخل ثم اغلق النافذة، أما هي فضربت البوابه بيدها وهي تصيح:
-متربوا عيالكم بقا
رأت نافورة مياه بالقرب منها ففتحتها وغسلت وجهها ثم مسحت ملابسها وهي تقول بنزق:
-هروح الكليه ازاي دلوقتي؟!
قررت أن تعود لبيتها لتبدل ثيابها وبالفعل سارت بضع خطوات إلى أن رأت كلبًا يقابلها من بعيد فاستدارت مرة أخرى، تقوس فمها لأسفل كطفل يوشك على البكاء وهي تغني:
-أنا رايح فين أنا راجع تاني
قررت أن تذهب لجامعتها بتلك الهيئة فضلًا من أن تمر بذالك الكلب فيتهجم عليها، سارت وهي تردد بغضب:
-دا زحمة القاهره أرحم بكتير من كلاب الريف وأطفال الريف وماية ال……
لم تكمل جملتها ووجدت حالها ترقد بالوحل بعد أن انزلقت قدميها بتلك المياه المسكوبة أمامها، تاوهت وصاحت وهي تجلس بالوحل:
-لا دا أنا أكيد فيه حد بيدعي عليااااااا
اعتدلت واقفة ونظرت حولها متمنية ألا يراها أحد بتلك الحاله لكن يا لحظها المشؤم! خرج يوسف أمامها وكأنه قد ظهر من العدم فهو أخر شخص تتمنى رؤيته الآن، وقف أمامها بهيئته الجذابه يرمقها بنظرات متعجبه قطب حاجبيه وهتف قائلًا باستفهام:
-إيه إلي عمل فيكِ كدا؟!
نظرت لفستانها الأسود الذي تلطخ بالطين ويدها التي تحول لونها للأسود وابتسمت ببلاهه وهي ترفع كلتا يديها وتبدل نظرها بينهما وبين يوسف معقبة بسخرية:
-فعلًا يا محلاها عيشة الفلاح!!!
ابتسم يوسف على سخريتها ونظر لها متفحصًا ملابسها المتسخه وهو يقول:
-إنتِ اتبهدلتي خالص
لوت شفتيها لأسفل وهي تنظر لكلتا يديها وتنظر للكلب الذي يقف حائلًا بينها وبين عودتها للبيت ثم نظرت ليوسف قائلة بصوت يوشك على البكاء:
-عديني من الكلب عشان أروح لأمي بالله عليك
______________________________
وفي المساء جلس يوسف مع والدته وأخته لفرز ما تبقى لإكمال جهاز أخته، نظر ليُسر قائلًا بجديه:
-شوفي يا حببتي لو عايزه أي حاجه أجيبهالك
عقبت يُسر برضا قائلة:
-لا يا چو تسلم إنت جايبلي كل حاجه بزياده
تنحنحت يسر وسألته للمرة العاشره على التوالي:
-مش ناوي تقولي مين المحظوظه إلي ربنا جعلك من نصيبها
وكالعادة قبل إجابة السؤال يقاطعه شيء، قاطعه طرقات على باب شقته وصدوع صوت جرس الباب عاليًا، قام على الفور يفتح ليظهر عمه أمام الباب ويقول بأمر:
-يلا عشان هنروح نسهر عند نسايبك شويه
عقب يوسف متعجبًا من طلب عمه
-نسايب مين! لا مش هينفع
رد عمه بحزم:
-يلا يا يوسف أنا اديت الچماعه ميعاد ومستنينا
لم يعقب يوسف ومسح وجهه بغضب فأردف عمه:
-هنروح عشان نعزمهم على فرح يُسر
زفر يوسف بحنق فقد بدأت تحكمات عمه ومن الواضح أن المعاناه قد بدأت منذ الآن، ردد يوسف بقلة حيله:
-حاضر يا عمي هغير هدومي وأنزلك
وبعد فترة دخل يوسف لذالك البيت للمرة الثانيه رحب به الجميع على عكس المرة السابقه وجلس نوح جواره يريد أن يفتح معه كلام بعد أن لاحظ صمته وتجنبه لمشاركتهم الحوار فسأله بنظرة ساخره وهو يرمقه متفحصًا:
-وإنت بقا يا أستاذ يوسف شغال ايه؟
عقب يوسف بجديه وهو يعدل من جلسته قائلًا:
-أنا معيد في كلية آداب
اعتدل نوح في جلسته وأنزل رجله من فوق الأخرى فقد ظن أنه بدبلوم أو يعمل بأي صنعة مثل نقاشه سباكه كهرباء، لكن لم يعتقد أنه معيدًا بالجامعة عقب نوح قائلًا باحترام:
-دا احنا نقولك يا دكتور بقا
ابتسم يوسف باحترام قائلًا:
-لا قولي يا يوسف عادي احنا نعتبر من سن بعض
تحدث نوح معرفًا نفسه قائلًا:
-أنا خلصت طب بيطري وناوي أفتح عيادة هنا في البلد
ردد يوسف قائلًا: ما شاء الله
تذكر يوسف صورة فرح وطريقة كلامها وأنها أنهت دبلوم زراعه وربطها بكلام أخيها وتعليمه وهتف قائلًا:
-بس الظاهر إن العيله بتاعتكم بتهتم بتعليم الولاد وبتهمل في تعليم البنات
عقب نوح معترضًا:
-لا طبعًا بنات العيله كلهم معاهم تعليم عالي حتى ماما أصلًا معاها كلية تربيه
تنحنح يوسف وسأل: وفهيمه؟
قطب نوح حاجبيه وسأله متعجبًا:
-هي فهيمه مقالتلكش… علفكره إنت ممكن تكون عارف فهيمه
تذكر يوسف صورتها بالقسيمة الزواج وقال:
-لأ معتقدش أنا شوفت صورتها في القسيمه و….
قاطعه ضحكات نوح الذي عقب موضحًا:
-لا دا الصوره دي….
كان على وشك أخباره بحقيقة الصوره لكن قاطعه جده حين قال:
-خد الأستاذ يوسف يا نوح واطلعوا فوق عشان يقعد مع فهيمه شويه
وقف نوح قائلًا:
-حاضر يا جدي
نظر ليوسف قائلًا:
-اتفضل معايا يا دكتور
حاول يوسف أن يتهرب من هذا اللقاء قائلًا:
-خليها مره تانيه عشان…
تدخل سليمان مقاطعًا بأمر:
-لا تانيه ولا تالته يا يوسف روح معاه
زفر يوسف بقوه ووقف ليسير بجواره وصعد الدرج في صمت، كان شاردًا هل سيراها الآن وتُكمل حديثها عن حديقة الحيوان الخاصه بها! قطع حبل أفكاره صوت طرق نوح باب شقتهم ثم فتحه وهو يضرب كفيه معًا ويقول بنبرة مرتفعة:
-معايا ضيوف يا أهل الدار… يارب يا ساتر…. يا ستير يارب
_________________________
على جانب أخر كانت تجلس في غرفتها تتسلى بأكل حبات العنب وهي تشاهد فيلم كوميدي وتضحك من قلبها إلى أن سمعت صوت أخيها الذي تجاهلته فما بالها بالضيوف فستقدم والدتها الضيافه، أكملت مشاهدة الفيلم حتى قاطعها دخول والدتها للغرفه وهي تلهث قائله:
-قومي بسرعه عريسك بره
هبت فرح واقفه بصدمه وقالت:
-يالهووووي بره فين؟! طيب أستخبى فين ولا أهرب منين
رمقتها والدتها بغيظ وهي تقول:
-تهربي ليه؟! إلبسي عشان تقابليه…..

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

“تهربي ليه؟! إلبسي عشان تقابليه…
ضربت فرح صدرها بصدمه وقالت:
-أقابل مين يا شهناز؟!
رمقتها الأم بغيظ قائله:
-دقيقه واحده وتكوني لابسه وقدامي في المطبخ عشان تدخلي بالعصير
خرجت الأم وتركتها تكاد تلطم وجهها من هول المفاجأه وهي تردد:
-يا حيوااااان قال ادخلك بالعصير ياخي طفحته
خطر لها فكرة فابتسمت بفخر، وارتدت إسدال الصلاه ثم خرجت متسلسلة كاللص، حمدت ربها أن والدتها قد انشغلت بالمطبخ وباب غرفة الضيوف مغلق، فمرت وهي تسير على أطراف أصابعها، فتحت باب الشقه بهدوء شديد ثم أغلقته بخفوت وركضت لأسفل لتبحث عن أي مكان تأوى إليه وتتخفى لحين مغادرة هذا المجهول، لفت نظرها ذالك السلم الخشبي الذي يؤدي إلى سطح غرفة الحيوانات “الزريبه” المسقف بأعواد قش الرز وبعض قطع الخشب، صعدت مسرعة وجلست على القش منتظرة انصراف ذالك الأحمق كما نعتته..
______________________________
على جانب أخر مر ما يقرب من نصف ساعة تعرف فيها نوح على يوسف وارتاح له ولحديثه، دعاه نوح لحضور حفل كتب كتابه فوافق يوسف وقبل الدعوه، استأذنه نوح ليرى ما خطب فرح فقد تأخرت فهو يعرفها جيدًا فحتمًا تفكر بمصيبةما، وعند خروجه من الغرفه كانت والدته تدخل من باب الشقه متذمرة من أفعال ابنتها المتهورة الخرقاء كانت تتأفف بشده سألها نوح بخفوت:
-فين فرح؟!
ردت والدته بتهكم:
-أختك الحلوه هربت… دورت عليها في كل البيت مش عارفه أوصلها
اندفع نوح مرددًا:
-يا بنت الجزمه…
انتبه لما قال ورفع يده قائلًا:
– لا مؤاخذه يا ماما
عقبت والدته بحسره:
-إنت خليت فيها ماما دا إنتوا خلفه تجيب الشلل
نظرت تجاه الغرفه التي يجلس بها يوسف وأشارت إلى بابها قائله:
-شوف بقا هتعمل ايه مع الراجل الي قاعد جوه ده
زم نوح شفتيه بحنق وقال:
-ماشي يا فرح والله لأوريكِ
نظر لوالدته قائلًا برجاء:
-ادخلي يا ماما سلمي عليه ولطفي الجو كدا بأنها تعبانه ولا حاجه على ما أجيلك…
زفرت الأم بحنق واتجهت صوب الغرفه تحمل بيدها أكواب العصير وهي تتمتم:
-منك لله يا فرح!!
اتجه نوح نحو غرفتها وأخذ ألبوم صورها من بداية عمر يوم إلى اخر صورة إلتقطتها بعيد الأضحى الماضي وهي بعمر الشباب…
على جانب أخر دخلت شهناز بالعصير وبعد التحيه عرفته بنفسها وعرفها بنفسه وأعجبت باحترامه وأدبه وعندما رجع نوح استأذنته وغادرت الغرفه لتُكمل بحثًا عن ابنتها المعتوهه، جلس نوح جواره وهو يقول مبررًا:
-أنا مش عارف أقولك إيه بس فرح تعبانه شويه ومش هتعرف تقابلك
قطب يوسف حاجبيه باستفهام قائلًا:
-مين فرح؟!
عقب نوح قائلًا:
-فرح فهيمه… أختي إلي هي زوجتك المصون اسمها في البطاقه فهيمه بس احنا بنناديها فرح
اعتلى وجهه الصدمه وهو يدعو بكل جوارحه أن يكون ما ظنه صحيح قاطعه نوح قائلًا بابتسامه:
-دا ألبوم صورها عشان صورة كتب الكتاب دي أنا الي مفبركها… كنت بحاول أطفشك بصراحه
فتح نوح الألبوم وأعطاه ليوسف الذي كان متلهفًا ليرى صورتها، بدأ يوسف يقلب بين صورها حتى وصل لتلك الصوره التي ظهرت بها فرح بريعان شبابها حدق بها للحظات ثم هتف قائلًا بصدمه:
-دي فهيمه؟!
ابتسم نوح بفخر وهو يقول بمدح:
– أيوه البسكوته المقرمشه دي فهيمه قصدي فرح لأنها بتكره اسم فهيمه
سأل يوسف بترقب:
-هي فهيمه تعرفني يعني عارفه شكلي ولا لسه؟!
لوى نوح شفتيه لأسفل وقال:
-لأ معتقدش أنها تعرفك ولا شافتك قبل كدا
تنفس يوسف بارتياح فالآن ستبدأ المعركه على حقها، أغلق الألبوم وهب واقفًا وهو يقول:
-طيب أستأذن أنا بقا أنا دعيت والدتك وهأكد على عمي تاني عشان حفل كتب كتاب أختي وإن شاء الله نتقابل تاني… أنا سعيد جدًا إني اتعرفت عليك
عقب نوح بنبرة جاده:
-أنا مكنش ليا أصحاب هنا ومن النهارده إنت أقرب صديق يا أبونسب
ربت يوسف على ظهره مبتسمًا وقال:
-حبيبي يا دكتره
خرج من شقتهم كان قلبه يتراقص فرحًا من تلك المفاجأه، أيعقل أن تلك الفهيمه اشتغلته كل تلك الفتره؟! فلكل من إسمه نصيب ومن الواضح أنها استخدمت نصيبها في خداعه، خرج من البيت مع عمه، لاحظت فرح خروجهم فوقفت لتحاول رؤيته ركزت لترى وجهه وتعرف من يكون هذا المجهول كان موليها ظهره فهتفت بحنق:
-لف بقا ياض عايزه أشوف جمال عيونك
وقبل أن يلتفت لتراه خانتها قدماها فسقطت لداخل الغرفه صارخة ولم تدرك حالها إلا وهي تركب فوق ظهر الحمار الذي رفع صوته بالنهيق من أثر المفاجأه، كانت تقبض على هاتفها بإحدى يديها لم تصدر أي رد فعل سوى أنها اتصلت برقم أخيها على الفور وهتفت بصوت يوشك على البكاء:
-ألوووو الحقني يا نوح
انفجر بها بنبرة حاده:
-إنتِ فين يا متخلفه؟ كدا تحرجينا قدام الراجل هربانه فين يا بت؟!
بدأ الحمار بالنهيق مجددًا وهو يتحرك بها يمينًا ويسارًا وهي تركب فوق ظهره، تصاعد صوت الجاموسه عاليًا وشاركتها بقرة أخرى وحين سمع نوح تلك الأصوات هتف قائلًا بحده:
-إنتِ فيييين؟!
نظرت للحمار قائلة بصوت مرتعش:
-أنا راكبه الحمار في الزريبه
كرمش وجهه قائلًا بتعجب:
-وإيه إلي ركبك الحمار!؟ وإيه إلي وداكِ الزريبه يا غبيه؟
لم تبالي بتوبيخه وسلطت كشاف هاتفها بوجه الجاموسه وبكت قائله:
-الحقني يا نوح الجاموسه بتبصلي بنظرة مرعبه
________________________________
“مش كنتوا عاوزين تشوفوا العروسه… عزمتهالكم على كتب كتاب يُسر وهتيجي مع والدتها ”
قال يوسف جملته وهو يسند ظهره للمقعد ويبدل نظره بين والدته وأخته، هتفت أخته مستفهمه:
-بجد!! وهتيجي يا يوسف؟
اجاب يوسف:
-أنا قولت لوالدتها وأكدت عليهم مش عارف بقا هتيجي ولا إيه؟
هتفت صفاء قائلة:
-لا الواجب أكلمها أنا كمان وأعزمها اديني رقمها
نظر صوب هاتفه وهو يقول:
-معايا رقم نوح أخو العروسه هكلمه وأخليكِ تكلميها بس الصبح عشان أنا هموت وأنام
قام عن مقعده قائلًا:
-تصبحوا على خير
وبعد أن غادر نظرت صفاء لإبنتها قائله:
-لما نشوف شكلها ايه العروسه دي؟!
دخل يوسف غرفته وحمل هاتفه يحدق برقمها للحظات مبتسمًا لأنها يسجلها باسم “فهيم” وهو يقول:
-بتشتغليني يا فرح!!
تنهد بارتياح قائلًا:
-كدا بقا نلعب صح!
______________________________
جلست بالحديقه مع جدها وأسرتها وعمها زيد وزوجته وابنه تحكي لهم تفاصيل ما حدث حتى انتهت بجملتها:
-ولما وقعت لقيت نفسي راكبه على الحمار
انفجروا بالضحك حتى أن منهم من أدمعت عيناه من شدة الضحك، عقب نوح من خلف ضحكاته:
-الحمار كان نايم في أمان الله فجأه لقى حاجه راشقه على ظهره من حيث لا يدري
عقب زيد ضاحكًا:
-إنتِ مشكله يا بت يا فرح
لوت فرح شفتيها لأسفل تدعي البكاء:
-إنتوا بتضحكوا!!! بتتريقوا على مأساتي دا أنا اتفزعت
مسح الجد عينيه من أثر للضحك وقال بجديه:
-المهم اعملي حسابك بقا يا حلوه إنك هتروحي بعد بكره كتب كتاب صبيتك
عقدت حاجبيها مستفهمه:
-صبيتي! إيه صبيتي دي؟
وضح الجد قائلًا:
-أخت جوزك
هزت رأسها بقوه كناية عن اعتراضها وهي تقول:
-لا يا جدي مش هينفع إحنا متفقناش على كدا وبعدين أنا عندي محاضرات
عقب نوح قائلًا بنظرة متهكمه:
-بعد بكره الجمعه مفيش محاضرات أساسًا!
رددت ببلاهه: أساسًا!
حكت رأسها تبحث عن مبرر أخر بداخل جعبتها ثم لفظت:
-أيوه يبقا عندي مزاكره
عقب والدها بحزم:
-مفيش هروب المره دي يا فرح هتروحي يعني هتروحي
هبت فرح واقفه وهي تلوي شفتيها لأسفل ودبدبدت بقدميها كالأطفال قبل أن تغادر المكان بأكمله بدون كلمة أخرى..
نظر نوح لجده قائلًا بجديه:
-علفكره يوسف طلع محترم جدًا
عقب والده “هشام”:
-أنا بصراحه أعجبت بيه واد رزين كدا وهادي ودكتور جامعي ربنا يبارك فيه
عقبت شهناز:
-بصراحه أنا ارتحتله لما اتكلمت معاه… كان بيتكلم بكل احترام وأدب واضح إنه راجل ومتربي
عقب الجد:
-أفهم من كدا انكم ناوين تمشوا الچوازه بشكل طبيعي
حدق هشام في نقطه بعيده شاردًا ثم هتف قائلًا:
-وليه لأ!!
______________________________
جلست في غرفتها تقضم أظافرها بتوتر فهي لا تريد تلك الزيجه من الأساس وتتمنى لو تنتهي بأقرب وقت، فقد وعدها جدها أن يطلقها منه لكن ما يحدث الآن حولها لا يبشر بخير، حملت هاتفها تريد أن توبخه على محاولته أن يقابلها، ضغطت على رقمه بعنف وانتظرت إجابته..
أما عنه فعندما ظهر اسمها “فهيم” على شاشة هاتفه اتسعت ابتسامته وسرعان ما أجابها قائلًا بسخرية:
-ألف سلامه عليكِ يا حيوانة قلبي أنا كنت عايز أشوفك بس…
قاطعه صوتها الغاضب:
-إيه إلي إنت عملته ده يا حيوان؟!
عقب يوسف قائلًا بتعجب:
-ايه عملت ايه يا قلب الحيوان؟!
هتفت بنبرة حاده:
-لعلمك بقا أنا كنت قاعده چوه ومردتش أقابلك
قال بشيء من التهكم:
-ليه بس يا حياتي دا أنا كنت هموت وأشوفك
لا تعرف لمَ تشعر بتغير نبرة صوته وتشعر أن هناك خطب ما!! أخرجها صوته قائلًا:
-هشوفك بعد بكره يا روح قلبي لما تيجي كتب كتاب أختي
عقبت بنزق:
-مين قالك أصلًا إني هاچي
هتف بنبرة ناعمه:
-جدك يا قلبي ووالدتك يا حبي وباباكي يا حياتي كلهم أكدولي
ازدردت ريقها بتوتر تجزم أن هناك خطب ما وتغيير قد طرأ على هذا! هتف يوسف باقتضاب:
-متنسيش تجيبي عصاية جدك عشان تعملي هنا نمره ولا هو حلال لسندس وحرام علينا
سألته بتهكم:
-قصدك إيه؟!
ابتسم قائلًا:
-قصدي ترقصي طبعًا
وبخته قائلة:
-ارقص يا إمعه يا ديوث دا ناقص تقولي هقف وراكِ ألم النقطه
هتف قائلًا بسخرية لطيفه:
-وليه لأ تعرفي لو عجبني رقصك هنفتح مسرح في البلد وانتي ترقصي وأنا ألم النقطه دا احنا نكسب دهب
ضحك وأكمل:
-ويا سلام بقا لو جبتي سندس تشجعك
تصاعد صوتها بغضب قائلة:
-يا حيوان!!
رد بكل برود:
-نعم يا حياتي
أغلقت الهاتف بوجهه فحتى الكلام معه يخرجها عن شعورها، نفخت بضيق وفتحت هاتفها تعبث به حتى غلبها النوم….
______________________________
وفي اليوم التالي
كانت تركب سيارة الأجره وتنظر لأخيها العائد إلى بيته بعد أن أوصلها بنفسه لأنها تخاف أن يعترض طريقها كلبًا كالمرة السابقه، لفت نظرها نوح الذي وقف مع يوسف ويضحك معه كأنه يعرفه جيدًا تتمنى لو تعلم عن ماذا يتحدثان؟! وبعد قرابة الدقيقه ركب يوسف في المقعد الذي يليها ولم يخاطبها وكأنه لا يعرفها، فتظاهرت هي الأخرى أنها لا تعرفه، كانت تجلس بالمقعد الذي يلي السائق ويجاورها من جهة اليسار فتاه وومن جهة اليمين شاب، وخلف الشاب مباشرة يجلس يوسف وأثناء الطريق لاحظت امتداد يد الشاب لتتحسس جسدها فالتصقت بالفتاه التي جوارها حتى أن الفتاه سألتها:
“فيه إيه؟!”
هزت فرح رأسها تنفي وجود أي خطب، ظلت تفرك بالمقعد وتتأفف كلما مد الشاب يده نحوها هتفت بحنق:
– استغفر الله العظيم
عندما قالت جملتها ابتعد عنها الشباب وبعد لحظات اقترب مرة أخر فهتفت بنزق:
-لا حول ولا قوة إلا بالله
شعر يوسف أن هناك خطب ما فركز بصرها نحوها حتى رأي ما جعله يستشيط غضبًا فهتف على الفور:
-على جنب ياسطا لو سمحت
اوقف السائق السياره فربت يوسف على كتف الشاب قائلًا:
-انزل وعديني ياريس لو سمحت
ارتجل الشاب من السياره فجلس يوسف جوار فرح وأغلق باب السياره قائلًا:
-اطلع ياسطا
فتح الشاب الباب مرة أخرى قائلًا:
-جرى ايه يا أستاذ إيه قلة الذوق دي؟!
ضغط يوسف على أسنانه ونظر لعينيه بغضب وهو يزمجر قائلًا بنبرة حاده:
-اركب مواصله تانيه عشان وربي لو نزلتلك ما هسيبك
أغلق الشاب الباب فهو يعلم ما عقوبة ما فعل، نظر يوسف للسائق قائلًا بجديه:
-اطلع ياسطى
كان ترمقه بحرج فقد علم بما حدث، وبعد أن وصلا ارتجل يوسف من السياره وتبعته فرح، كان سيركبان سيارة أخرى ليصلا للجامعه لكن بعد السير بضعة أمتار هرولت فرح من أمامه وكأنها لا تعرفه لكن أوقفها صوته حين ناداها قائلًا:
-فرح
وقفت واستدارت إليه كان يحدق بها بقوه على عكس كل مره كيف لا وقد تأكد أنها زوجته ويحل له أن يفعل، توترت من نظراته فعدلت من نظارتها وهي تقول:
-فيه حاجه؟!
نظر لها بسخريه وقال متهكمًا:
-يعني إنتِ لسانك أطول منك مش عارفه تزعقي للمتخلف الي بيتحرش بيكِ وتاخدي حقك منه
حاول تقليد صوتها وهو يرفع كتفه مستهزءًا:
-إنما إيه استغفر الله العظيم…. لا حول ولا قوة إلا بالله
رمقها بغيظ مردفًا:
-ايه جايه تتوبي دلوقتي!
تلعثمت قائله:
-أ… أنا كنت محرجه ومعرفتش أتصرف
مسح على رأسه وزفر بقوة ثم نظر لساعته قائلًا بجديه:
-يلا هنتأخر على المحاضره
ركبا سيارة الأجره التالية معًا وجلس جوارها كانت تجلس بجوار النافذة محدقة بالطريق،وفجأه حدثت رجة بالسياره وكأنت على وشك أن تنقلب بجميع الركاب وتعالت صرخات الركاب، فتشبثت فرح بملابس يوسف وبكل تلقائيه حاوطها بكلتا يديه وكأنه يخشى فقدانها كانت لحظات لكنها كافية لتبث الرعب بداخل القلوب، توقفت السياره بسلام بعد أن تحكم بها السائق الذي ارتجل على الفور يبحث عن سبب ما حدث، انتبهت فرح لوضعها بين ذراعيه ولو استمرت الرجة للحظة أخرى كانت ستجلس فوق فخذيه من شدة رعبها، رفع يده عنها قائلًا:
-إنتِ كويسه؟!
هزت رأسها لأسفل مؤكدة أنها بخير، لكنها بقمة حرجها منه فقد كانت بين ذراعيه قبل لحظات… مر اليوم بسلام وانتهت محاضراتها وعادت لبيتها دون أي جديد بيومها….
________________________________
وفي المساء
كان سليمان يجلس مع زوجته “حنان”
-أنا عملت زي ما طلبتِ جيبتهملك لحد هنا وريني شطارتك بقا مع البت دي
نظرت للفراغ بخبث وحقد وغل واضح في صوتها:
-وحياتك عندي لانتقملك منهم بس اصبر
زفر سليمان بقوه قبل أن يقوم من مكانه قائلًا:
-هصبر بس الاقي نتيجه
قال جملته وغادر المكان، وجلست حنان تحدق أمامها وتبتسم بخبث متمتمه:
-جدع يا سليمان كدا سهلت عليا الموضوع وهعرف أطول يوسف وأخد إلي أنا عاوزه منه..
________________________________
وفي اليوم التالي وقبل صلاة الجمعه اتجهت شهناز مع ابنتها لبيت يوسف، كانت فرح تجلس بهدوء غريب على غير عادتها تفرك يدها، وتدبدب بقدميها بتوتر، لا تسمع أي شيء من حديث والدتها مع صفاء كانت شاردة تخاف أن يدخل هذا المجهول فجأة ويراها، قاطع شرودها تربيت والدتها على ظهرها وهي تقول:
“لا دا أنا بنتي شاطره في كل حاجه”
رفعت شهناز “والدة فرح” أصابع يدها لتعد ما ستقوله:
-غسيل طبيخ كنيس كوي كل حاجه
أكملت قائله:
-دا فرح عليها نفس في الطبيخ بقا حكايه
غمزت فرح يد والدتها لتصمت فلمَ تبالغ لتلك الدرجه! فهي لا تعرف للمطبخ طريق! ولا تعرف عن الطعام سوى أنه للأكل!!
ابتسمت صفاء “والدة يوسف” وهي تتأمل ملامح فرح التي أعجبتها إلى حد كبير وهدوئها الذي أحبته وقالت:
-حيث كدا بقا أنا محتاجاها معايا النهارده أستأذنك تسيبيهالي يا أم نوح
ردت شهناز بلوم:
-إنتِ بتستأذني دي بنتك طبعًا
انتبهت فرح لما قالته والدتها واتسعت مقلتيها في دهشه لتصدمها والدتها حين وقفت ونظرت لفرح قائلة:
-خليكِ يا فرح مع طنط
تجهم وجه فرح وهبت واقفة تتشبث بيد والدتها كطفلة صغيرها تتركها والدتها بالروضه في أول يوم لها، مسكت ملابس والدتها كانها ستهرب وتتركها، فلم تضحي بها والدتها هكذا! تلعثمت فرح قائلة:
-أنا هاجي معاكي يا ماما
عقبت صفاء قائله:
-يعني متعرفيش تقعدي معايا النهارده عشان خاطر أختك ياسو دي نفسها تشوفك زمانها جايه من الكوافير
ربتت شهناز على يد فرح قائلة:
-اقعدي يا فرح مع طنط متزعليهاش
أومأت فرح رأسها بقلة حيله، أزاحت والدتها يدها عنها فجلست فرح دون أن تعقب، كانت ترمق والدتها التي تغادر بحسره كأنها تقول “لا تتركيني وحدي ماااااه”….
وبعد دقيقه رجعت صفاء لفرح التي تضع يدها على خدها بخوف تدعو أن يمر اليوم على خير، نظرت لها صفاء قائله:
-يلا بينا على المطبخ
ابتسمت فرح بتهكم وتبعتها دون أن تنبس ببنت شفه، نظرت لها صفاء قائله:
-بصي هسيبك بس تعملي الشاي ده
أشارت لوعاء الشاي ثم وعاء السكر وقالت:
-ده الشاي وده السكر بس اعمليه كشري
خرجت من المطبخ وتركت فرح التي فغرت فاها ببلاهه قائله:
-هي عايزه شاي ولا عايزه كشري ولا عايزه شاي بالكشري ولا إيه؟!
ضربت فرح جبينها ولوت شفتيها لأسفل قائله:
-وأنا لا بعرف أعمل شاي ولا بعرف أعمل كشري
___________________________________
كان يوسف بالمسجد يقرأ سورة الكهف منتظرًا إقامة الشعائر فرن هاتفه برقم والدته فإجابها على الفور قائلًا:
-خير يا حببتي عايزه حاجه؟
ردت والدته:
-لأ يا حبيبي بس صلي وتعالى بقا عشان مراتك هنا
ابتسم من تلك الكلمه وهو يرددها بخفوت قائلًا:
-مراتي … طيب كويس انك قولتيلي… عشان أخد بالي
_____________________________
وقفت فرح كالخرقاء تبحث عن المعكرونه حتى تطبخ الكشري بعد أن بحثت عن طريقته على الإنترنت، وبعد أن يأست أن تجد مكوناته تأففت بحنق وهي تضع يدها حول خصرها قائله:
-أنا أول مره أعرف إنهم بيعملوا كشري في كتب الكتاب!
أردفت بغضب شديد:
-أنا مش فاهمه والله ازاي الست دي تسيبني كدا واقفه لوحدي مع غير ما تطلعلي الحاجات
زفرت بحنق وأكملت بحث عن المعكرونه والشعريه والمكونات الأخرى حتى وجدتهما، ثم وقفت على أطراف أصابعها حتى تصل للوعاء لتسلق المعكرونه وبالفعل ملئته بالماء ووضعته على شعلة البوتوجاز، دخلت صفاء للمطبخ ونظرت لذالك الوعاء الضخم الذي تغلي به الماء وقالت:
-إيه يا بنتي المايه دي كلها، دا إحنا عايزين ٣كوبايات بس
فغرت فرح فاها قائله ببلاهه:
-٣كوبايات كشري!!!
ضحكت صفاء قائله:
-٣كوبايات شاي يا فرح ركزي إنتِ مفطرتيش ولا إيه
حكت فرح رأسها كالخرقاء وقالت:
-لأ أنا فطرت بس…
صمتت لبىهه ثم أردفت:
-ممكن حضرتك تعملي الشاي أصل زي ما المثل بيقول الغريب أعمى ولو كان قصير
ضحكت صفاء قائله: يا بت مش قصير
سالتها فرح ببلاهه: طويل!
ضحكت صفاء قائله: بصير يا فرح… الغريب أعمى ولو كان بصير
ضحكت فرح بنفس البلاهه قائله:
-ما أنا عارفه طبعًا بس كنت بهزر معاكِ
-دمك عسل يا فروحه… يلا بقا عشان نجهز الأكل.. صحيح إنتِ بتعملي المكرونه بالبشاميل ازاي؟
عدلت فرح نظارتها قائلة بتلعثم:
-معقوله… معقوله يعني هقول الوصفه وحضرتك موجوده
حكت فرح رأسها بارتباك وعدلت من نظارتها مردفة:
-هو حضرتك بتعمليها ازاي؟!
شرحت لها صفاء الطريقه كانت تستمع إليها بدون تركيز حتى انتهت من شرح الوصفة كاملة، فعقبت فرح وهي ترفع سبابتها مؤكدة:
-بالظبط أنا بعملها كدا بالظبط
سألتها صفاء مجددًا:
-طيب الچلاش بتعمليه ازاى؟!
رسمت فرح ابتسامه سخيفة على شفتيها قائلة:
-هي الوصفه بتقول إيه؟!
شرحت لها صفاء الطريقه، فمدت فرح يدها وهي تنظر نحو صفاء بابتسامه مؤيده وهي تقول:
-بالظبط كدا يا طنط الله عليكِ
دخلت يُسر للمنزل متلهفة لرؤية عروسة أخيها التي مدحتها والدتها كثيرًا بالهاتف، اتجهت للمطبخ وهي تنادي والدتها فردت والدتها:
-تعالي يا يُسر
التفتت فرح تنظر إليها وفغرت فاها بدهشه هي تقول: مش معقول يُسر !
ضمتها يُسر بقوه وهي تقول:
-فروحه
ظلت يسر تخرجها من أحضانها وتضمها مجددًا وهي تقول:
-يا روح قلبي وحشتيني أوي
قطبت صفاء حاجبيها قائله:
-انتوا تعرفوا بعض ولا إبه؟!
وبعد الكثير من السلامات والأحضان وقفت يُسر تشرح لوالدتها قائله:
-دي فرح يا ماما إلي كنت بنزل معاها أشتري حاجات لجهازي فاكره الي اتعرفت عليها صدفه
عقبت فرح ببتسامه:
-إحنا اتعرفنا صدفه مره كنت ببعت رساله لرقم صاحبتي بدلت رقم ومن يومها اتعرفت على يُسر
هتفت يُسر قلئلة بصدمه:
-متقوليش إن عريس الغفلة إلي حكتيلي عنه يبقا أخويا!؟
هزت فرح رأسها بخجل قائله:
-للأسف
انفجرت يُسر بالضحك قائله:
-يعني الحيوان يبقا أخويا… لأ يا فرح دا أنا هنفخك
ظلت الفتاتان يتحدثان كثيرًا ويحكيان مواقفهم سويًا فالعلاقه بينهما سطحيه إلى حد ما ولم تتعمق فرح لتحكي لها عن مكوثها بالبلد وبعض الأحداث الأخرى….
_____________________________
وقبل أذان العصر كانت الشقة مليئة بالضيوف وكانت فرح تساعدهم بتوزيع اكواب العصير على الحضور، حتى قاطعها صوته:
“المرة دي بقا قريبة العروسه ولا العريس”
ارتبكت فرح عند سماعها نبرة صوته التي تُزلزل قلبها، فلمَ يظهر أمامها بكل مكان وكأنه متعمدًا؟! هل يظن أن قلبها قوي لدرجة أن يتحمل رؤيته كل يوم ولا يهيم به عشقًا!! فيكفيها ابتسامته التي تخطفها وتسرقها لعالم أخر تتمنى المكوث به أبدًا، صرفت بصرها عنه وهي تغلق عينيها لبرهه ثم تفتحها بحركة سريعة قائلة بتلعثم:
-إنت هنا!!! إنت هنا ليه؟!
أخذ كوب من العصير الذي تحمله على صنية بين يديها وارتشف منه رشفة ثم قال:
-انا هنا عشان المفروض أكون هنا
غمز لها بعينه، فانتاب جسدها قشعريرة خفيفه أغلقت عينيها على أثرها، ثم فتحتها وهي تستدير منصرفة من أمامه لتدخل للمطبخ وهي تتمتم قائلة:
-جريئ أوي
خرجت مرة أخرى بعد أن ملئت الصينية بالأكواب الممتلئة بالعصير لتوزيعها على باقي الضيوف وتأخذ باقي الأكواب الفارغة، وقبل أن تدخل من الباب التفتت برأسها تنظر إليه فوجدته ينظر إليها مبتسمًا فابتسمت له هي الأخرى كانت تسير ولا تنظر أمامها ظانةً أن تلك هي فتحة الباب، ومازالت الابتسامه تعلو محياها حتى تجهم وجهها فجأة عندما ارتطمت بالحائط بقوة فوقعت الاكواب من يدها قبل أن تنزلق قدمها وتفترش الأرض صارخةً، ركض نحوها ليساعدها بجمع الأكواب التي كانت من البلاستك فلم تنكسر، خلعت نظارتها لتتأكد من سلامتها قبل أن تقوم فهتف يوسف قائلًا بخفوت وهو ينظر بعينيها:
-يا بت ركزي شويه هتفضحينا
سارت وهي بقمة إحراجها ودلفت للمطبخ متمتمه:
-أنا إيه الي بيحصلي ده…. أدعي عليكِ ازاي يا شهناز وإنتِ أمي
بدأت تقطع المطبخ ذهابًا وإيابًا بتوتر فاصطدمت يدها بذالك الوعاء الذي كان يحتوى على الطبيخ ووقع على ملابسها هرولت صفاء على أثر الصوت اتسعت عينيها في دهشه وهي تنظر إليها ثم للوعاء وتحاول الحفاظ على هدوءها قائله:
-حصل خير …. حصل خير
ابتسمت فرح ابتسامة صفراء قائلة:
-أنا آسفه يا طنط
ربتت صفاء على ظهرها قائله:
-تعالي معايا أشوفلك حاجه تلبسيها عند يُسر
سحبتها صفاء من يدها قائله:
-هدخلك أوضة فاضيه تقعدي فيها على ما الدوشه دي تخلص
حتمًا تريد صفاء التخلص من تلك المصيبه المتحركه، تنهدت صفات مردفةً: وتريحيلك شويه… ادخلي الحمام غيري وأنا هجيبلك الهدوم…
سحبتها من يدها لغرفة يوسف، دخلت فرح لحمام الغرفه ونزعت ثيابها المتسخه لترتدي فستان أخر، وبعد أن انتهت من تبديل ثيابها جلست على طرف السرير تتأمل الغرفه، وتفكر في مصير تلك الزيجه ومصير قلبها الذي بدأ يتعلق بيوسف هي تعلم أنها ترتكب خطًأ فادحًا، ويجب أن تردع قلبها عنه، لكن كيف وهو يظهر لها في كل مكان!!!
ظلت تفكر كثيرًا حتى قاطعها أصوات الزغاريد بالخارج لكنها لم ولن تخرج ستبارك ليُسر في وقت لاحق، فلا تريد رؤية أحدًا بعدما هوت أرضًا أمام كل ذالك الحشد من الرجال!! وبعد الوعاء الذي سقط فوق ثيابها لن تخرج كي لا تفعل مشاكل أخرى يكفيها حرجًا، مر نصف ساعه وبدأت الأصوات أن تهدأ فيبدو أن الأمر قد تم بسلام وحان وقت عودتها للبيت، حملت هاتفها لتتصل بأخيها لكن هاتفه مشغول، وبمجرد أن أنزلت الهاتف عن أذنها فتح هو باب الغرفه ففتحت عيناها بذهول من دخوله المفاجئ..
كان يتحدث عبر هاتفه وهو يفتح باب غرفته فانتفضت فرح وهبت واقفة رفع يوسف يده مشيرًا لها أن تهدأ، كانت صامته تنظر له بكثير من الدهشه تحاول فهم ما يفعله هذا الشخص بهذا المكان في تلك اللحظه أيعقل أنه ينوي الهجوم عليها وأخذها عنوه!!، دخل يوسف للغرفة ثم أوصد بابها من الداخل وما زال يتحدث عبر هاتفه لكن ينظر لها بابتسامه:
“لا متقلقش أنا هوصلها بنفسي يا نوح لأني عارف إنها بتخاف من الكلاب”
أغلق الهاتف ووضعه على مكتبه فهتفت قائله بريب:
-انت دخلت لهنا إزاي؟
تلعثمت قائلة:
-و…وقفلت الباب ليه؟!
حدق بها بجراءة ورفع كتفه لأعلى قائلًا:
-باب أوضتي وأنا حر أقفله أو أفتحه أنا حر!

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

“باب أوضتي وأنا حر أقفله أو أفتحه أنا حر!”
ازدردت ريقها بتوتر وهتفت:
-أوضتك! هو إنت قريب ال…
قاطعها معقبًا:
-الحيوان
سألها ببرود:
-صحيح هي سندس عامله إيه؟!
إذًا قد علم بأمر سندس أيضًا فمن الواضح أن الحيوان يحكي له كل شيء، هكذا حدثت حالها، أما هو فجلس فوق الأريكه ووضع رجلًا فوق الأخرى قائلًا:
-بتضحكي على جوزك وتقوليله إنك مخلصه دبلون زراعه يا قادره
لم تدرك حتى تلك اللحظه أنه يتحدث عن نفسه اعتقدت أنه أخوه أو ما شابه كانت ستبكي فيا لحظتها المشؤم أتهيم بأخو زوجها، أفكار كثيره رسمها علقها وسيناريوهات أكثر، فلو علم زوجها أن قلبها متيم بأخيه سيقتلها ويواري جثتها بأي مكان، كانت على وشك البكاء وتجهم وجهها تشعر بقبضة في صدرها، جلست على طرف السرير فقد أثقل الحزن كاحلها فلم تعد قادرة على الصمود لأكثر من ذالك، وعندما لاحظ شرودها وعبوس ملامحها اتجه نحوها وقطب حاجبيه قائلًا:
-إنت كويسه؟!
تنهدت بأسى وأغلقت عينيها بحسرة ثم فتحتها ناظرة صوب الباب وهي تقول:
-لو سمحت يا دكتور افتح الباب مينفعش كدا
كانت تجلس على طرف السرير وانحنى أمامها مباشرة وهو يحدق بها بقوة متفحصًا تجهمها، فانتفضت وهي تبتعد عنه قائله بغضب:
-أنا كنت فاكره حضرتك محترم بس الظاهر إن الوش المؤدب الي إنت راسمه وراه إنسان عديم التربيه
عقب قائلًا ببعض الحده:
-احترمي نفسك يا بت إنتِ
عقبت بنفس الجديه:
-والله أنا محترمه الدور والباقي عليك يالي عامل نفسك محترم وإنت مشوفتش بربع جنيه تربيه
ضربها على جبينها بخفه قائلًا:
-لسانك أطول منك
صاحب بنبرة جامدة وهي ترفع سباتها بوجهه:
-لو سمحت متلمسنيش وافتح الباب ده إلا والله هقول لطنط صفاء
نظر لها بمكر وقال:
-طيب مهي طنط صفاء عارفه
ظل يتجه نحوها وهي ترجع بظهرها للخلف حتى اصطدمت بالحائط فهتفت:
-متقربش وإلا هصوت
وبمجرد انتهاء جملتها صدع صوت الأغاني عاليًا فأعلقت عينيها متمتمة: اي الحظ ده!
ابتسم بمكر قائلًا:
-صوتي بقا محدش هيسمعك
ازدردت ريقها بتوتر وقالت:
-لو سمحت يا دكتور افتح الباب حضرتك باين عليك محترم وما شاء الله طول بعرض أكيد مش هتبص لوحده زيي
قالت جملتها وهي تشير على نفسها باشمئزاز فضحك يوسف قائلًا:
-رحم الله امرؤ علم قدر نفسه
رفعت سبابتها قائلة:
-لا لو سمحت أنا عارفه قدر نفسي كويس أوي ومسمحلكش تغلط
أردفت برجاء وهي تتوسله بعينيها:
-بالله عليك افتح الباب وأنا مش هقول لحد متخافش
فتح باب غرفته قائلًا بجديه:
– اخرجي يا فرح
تنفست بارتياح وهي تخرج من غرفته بتوجس تنظر خلفها كأن علقها لا يستوعب أنه تركها، وعندما رأتها صفاء أخذت يدها لمكان تجمع بنات العائله يتراقصون ويصفقون بفرحه، وقفت فرح كالمغيبه تنظر لهم بعينيها لكن عقلها يرسم صورته أمامها فأصبحت وكأنها لا تراهم، تشعر أنها صدمت به وعلى ما يبدو لها أنه لا يعرف للإحترام طريقًا، وبعد أن ضمت يُسر وقدمت لها التهاني ابتعدت عنهم قليلًا أما يُسر فكان زوجها “سامر” يرقص معها وإذ فجأة يضمها ويدور بها بكل حب، ابتسمت فرح وتمنت تجربة ذالك الشعور، أخرجها من شرودها صوت صفير يوسف المرتفع وهو ينظر صوب أخته، حدجته فرح بتجهم لتجده بكل جراءة يغمز لها فتنفخ بحنق وتدعو أن يمر الوقت سريعًا لتعود لبيتها…
______________________________
“أنا مضايقه من البت دي يا حنان… هاين عليا أروح أجيبها من شعرها خطفت مني حبيبي”
كانت حنان تجلس بجوار أختها الصغرى “حبيبه” ربتت على ظهرها لتطمئنها وهي تبتسم بخبث قائله:
-متقلقيش يا بت هجوزهولك كدا أو كدا هيطلقها
نظرت لهما حبيبة ولنظرات يوسف تجاه فرح وهتفت بحنق:
-هيطلقها! مش شايفه بيبصلها ازاي؟ ولا كأنه اتجوزها بالغصب!
وجهت حبيبه نظرها لفرح بغيظ وهتفت بحنق:
-خطافة الرجاله دي… ربنا ياخدها
“حبيبة بالثامن عشر من عمرها ذات جسد ممتلئ وطول فارع قمحية البشره وملامحها عادية ليست بالفاتنة”
لكزت حنان يد أختها وهمست بجوار أذنها:
-قومي ارقصي كدا عشان تلفتي نظره ليكِ
قامت وهي تتشدق بالعلكة في فمها وترمق فرح بنظرات حارقه، في البدايه بدأت بالتصفيق ثم مسكت يد يُسر لترقص معها وسرعان ما تركت يدها لتلفت نظر جميع الحضور إليها وهي تتمايل بطريقه شرقيه وتغني مع الأغنيه، لكنها عندما بدأت بالرقص غادر يوسف وتبعها سامر تاركين المكان برمته غاضين بصرهما عنها، رمقته فرح متعجبة فأحيانًا تشعر أنه مؤدب يحترم حدود دينه وأحيانًا ترى منه جانب أخر، لوت شفتيها لأسفل بكثير من الذهول حتى جذبتها حبيبة فجأةً لمنتصف الغرفه لترقص فرفعت فرح سبابتها معترضه وهي تبتسم بارتباك، لكن حبيبة مسكت يد فرح تحاول جذبها للرقص ومازالت فرح تهز رأسها باعتراض تام، لتتدخل حنان قائلة بنبرة مرتفعه تشوبها السخريه:
-مترقصي يا حلوه وورينا جمالك
ضحكت حنان بسخريه أمام الجميع:
– ولا مفيش جمال أصلًا… هيكل عظمي مش باينله معالم
ضحك الإثنان بسماجه، واقتربت حبيبة تسحب النظاره عن وجه فرح وهي تقول:
-وبتشوفي بقا يختي من غير النظاره دي ولا عمشه
تم اغلاق الأغاني وتصاعدت أصوات الهمهمات،كانت فرح على وشك البكاء، وضعت يُسر يدها على فمها بهلع فها هي حنان قد بدأت مجددًا، أخذت يُسر النظاره من يد حبيبه وأعطتها لفرح فلابد أن تُنهي الاحتفال الآن حتى لا تتفاقم الأمور، نظرت يُسر حولها تبحث عن والدتها أو أخيها فلم تجدهما وقع نظرها على سامر الذي كان يتابع المشهد أمام باب الغرفه، وسرعان ما وجه حديثه للجميع قائلًا:
-شكرًا يا جماعه الحفله خلصت
خرجت يسر من الغرفه ومسك سامر يدها ودخلوا لغرفة أخرى وتبعتهما فرح التي تبحث عن أي مكان لتتخفي عن الأعين وتبكي..
“سامر ابن عمة يُسر توفت والدته حين كان بعمر الزهور في الثامن من عمره فعطفت عليه صفاء وربته بين أولادها حتى مات زوجها وانتقلت للقاهره، تخرج من كلية طب الأسنان ويفتح عيادة صغيرة بالبلده لمساعدة أهل بلدته وبجوار عمله بمستشفى حكومي، شاب طويل القامه يشبه يوسف بملامحه الجذابه لكنه ذات ذقن كثيفة وشارب بنفس كثافة ذقنه”
________________________________
“دي الحكايه من أولها لأخرها مخبتش عليكِ حرف واحد”
قالها يوسف لوالدته التي تجلس بجواره في غرفته وقد حكي لها كل شيء عن فرح وأنها لا تعرف أنه زوجها هو فقط دكتورها الجامعي..
-يعني قصدك تقول إن هي كمان مجبره على الجوازه صح؟
عقب يوسف:
-واضح جدًا من تصرفاتها إنها بتطفشني!
سألت صفاء بابتسامه:
-بس يا ترى لو عرفت أن إنت جوزها هيكون رد فعلها ايه؟!
تنهد بحيره وقال:
-مش عارف أنا هقولها وهي الي هتقرر هنكمل ولا لأ
سألته صفاء بتوجس:
-وعمك هتعمل معاه إيه؟!
ابتسم بكر قائلًا:
-عمي متقلقيش هعرف أتصرف معاه
مصمصت صفاء شفتيها وابتسمت قائلة:
-دي حكايه ولا في الأفلام
أردفت بجديه وبابتسامه عذبه:
-بس والله أنا حبيت فرح وحساها شبهنا ولايقه عليك يا واد
تنهد يوسف قائلًا:
-وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم…. ويمكن ربنا جعلي الخير فيها
نظرت صفاء لعينه وسألته:
-إنت حبيتها يا يوسف؟!
ابتسم يوسف ومسح رأسه بارتباك فأردفت والدته:
-هي بصراحه بسكوته كدا وتتحب إذا كنت أنا شخصيًا حبيتها من أول نظره
ابتسم يوسف قائلًا:
-أنا مش عارف والله يا ماما بس الصراحه أنا منجذب ناحيتها
قاطعهما دخول يسر المفاجئ لتنظر إليهما بوجه مكفهر قائلة:
– حنان وحبيبه أحرجوا فرح قدام أصحابي والناس الي بره…
جحظت عيني صفاء قائله بصوت ينوي على شر:
-وهي فين حنان!!
قصت عليهما يُسر ما حدث بإيجاز فاستشاطت صفاء غضبًا فقد نوت قبل مجيئها للبلد أنها سترد لحنان كل ما فعلته بها سابقًا ولن تسكت على أي إهانة لها أو لأبنائها، هرولت صفاء من الغرفه بخطوات أقرب إلى الركض لتلحق بها، أما يوسف فنظر ليسر قائلًا:
-فين فرح؟!
رفعت يسر كتفها لأعلى كناية عن جهلها، فهتف قائلًا:
-طيب روحي اقعدي مع سامر متسيبهوش لوحده على ما أجي
اومأت رأسها لأسفل وخرجت من الغرفه وزفر يوسف بحنق ثم خرج خلفها…..
____________________________
وقفت فرح في الشرفه وأطلقت لدموعها العنان، هي لا تبكي فقط لتلك الإهانه لكنها تبكي على كل شيء فما حدث معها هذا اليوم ليس بالقليل، مازالت تظن أن يوسف هو أخو زوجها وهذا هو السبب الأول لبكائها، مسحت دموعها بباطن كفها وتنهدت بألم وسمحت للمزيد من الدموع بالخروج من مقلتيها مع شهقات متتاليه، فهي من فتحت قلبها وسمحت له بالتعلق بيوسف حتى أنها أصبحت تعيش لتراه…
-فرح!
قاطع شهقاتها صوته فمسحت دموعها في سرعة، ونظرت أمامها بجمود قائله:
-هي طنط صفاء فين عشان همشي
نظر بعينيها قائلًا:
-إنتِ بتعيطي! دي واحده سفيهه وغيرانه منك يا عبيطه
أكملت بكاء فمسك يدها لتهدأ لكنها سحبتها منه بغضب وقالت بنبرة حاده:
-أنا مسمحلكش تتمادي في تصرفاتك دي احترم إني مرات أخوك
ضحك وكان سيرد عليها لكن قاطعه صوت صفاء المرتفع فهرولوا للخارج….
____________________
كانت حنان تبتسم بانتصار بعد أن انتهت الحفله وخرج الجميع من بيت صفاء قامت مع حبيبة لتغادر وهي تبتسم بخبث فنادتها صفاء وقالت بنبرة حادة:
-هو إنتِ مش هتبطلي قرف بقا يا حنان
رمقتها حنان بتهكم ولم ترد عليها وكانت ستغادر متجاهلة لكلامها ومستهزءة بها فرفعت صفاء صوتها قائله بغضب:
-والله لو مسكتِ سلوك الكهربا إنتِ وأختك العقربه مهتطولي ظفر ابني
رفعت صفاء سباتها بتحذير قائلة:
ومن النهارده إلي هيغلط في عيالي هأكله باسناني وفرح من يوم ما اتجوزت يوسف بقت من عيالي
ابتسمت حنان بسخرية ولم ترد فصاحت صفاء:
-اطلعي بره يا حنان ومتدهليش شقتي تاني لا إنتِ ولا أختك
هزت حنان رأسها لأسفل فلا تريد الشجار الآن وهتفت قائله بتوعد وبنظرة حاقدة:
– ماشي يا صفاء ماشي
وخرجت وهي تضحك بمياعه وتبعتها أختها التي ترمق فرح بكثير من الغل والكره، فأغلقت صفاء الباب خلفهما بعنف، كانت فرح تنظر إليه بصدمه بعد ما قالته صفاء “فرح اتجوزت يوسف” أيعني أنه زوجها، هو زوجها وليس أخيه كان يترقب ردة فعلها ويتابعها وهي تحدق به، سألته فرح:
-هو إنت….
هز رأسه لأسفل وهو يبتسم هامسًا بجوار أذنها:
-الحيوان
صكت صدرها بيدها في ذهول ونظرت أرضًا بخجل وقلبها يدق بعنف، جلست على أقرب مقعد أمامها، فربت يوسف على ظهرها وهمس مجددًا:
-لا اجمدي كدا يا حيوانة قلبي
ازدردت ريقها بتوتر فقال مجددًا:
-مين قالك أصلًا إن أنا ليا أخوات غير يُسر!
قاطعها صوت صفاء التي قالت:
-متزعليش يا فروحه دي ست دماغها تعبان
عقبت فرح بسرعه:
-مش زعلانه بس أنا عايزه أمشي
نظر لها يوسف قائلًا:
-طيب استني ثواني عشان أوصلك
لم ينتظر ردها وخرج مسرعًا وبعد خمس دقائق كانت تقف جواره تنظر له، لوالدته لا تدري كيف ستتهرب منهما!
“وإنت هتعرف تسوق المكنه دي يبني”
قالتها صفاء وهي تنظر لإبنها الذي يركب الدراجة النارية استعدادًا لقيادتها، نظر لها يوسف مبتسمًا وقال بثقه:
-متقلقيش يا ماما دا أنا سواق قديم
نظر يوسف لفرح التي تنظر له بشيء من الذعر وقال بجديه:
-اركبي يلا يا فرح
تلعثمت قائله بارتباك:
-ا.. أركب فين لأ.. أنا بخاف من البتاع ده
نظر لها بثقه ليطمئنها قائلًا:
-اركبي متخافيش همشي براحه
وقفت مكانها كأن قدميها كالصخر ولا تستطيع الحركه، فربتت صفاء على ظهرها لتشجعها قائله:
-اركبي يحببتي متخافيش بدل ما تمشوا…
بدلت فرح نظرها بينهما ثم ركبت خلفه بقلة حيله كانت تزدرد ريقها بكثير من الرعب فأخر مرة ركبت خلف أخيها لف ذيل فستانها على جنزير الدراجه الناريه فانقلبت بهما وظل ذراعها ملفوف بالجبيره لأكثر من شهر، ودعتهما صفاء وانطلق يوسف قاصدًا بيتها، سار يوسف مهدئًا سرعته، أما هي فحاولت جعل مسافه فاصلة بينهما ومسكت في الدراجه نفسها كأنها تحتمي من السقوط وعندما لاحظ ابتعادها عنه تحدث قائلًا بتهكم:
– هو فيه حد قالك إني جربان ولا حاجه؟!
لم تعقب مدعية أنها لم تسمعه، فهتف بنبرة مرتفعه قائلًا بأمر:
-امسكي فيا يا فرح لو سمحتِ
تلعثمت فرح قائله:
-لأ… لأ أنا كدا كويسه
وما أن أنهت جملتها حتى ظهر جوارها كلبًا فنظرت له بهلع، رفعت قدميها تظن أنه سيتهجم عليها فتشبثت بملابس يوسف قائله بهلع:
-ينهاري كلب… كلب إلحق بيبصلي إزاي يالهوووي هيعضني
حين شعر الكلب بخوفها نبح عليهما وكاد أن يركض خلفهما فتشبثت فرح بيوسف أكثر صارخة، أوقف يوسف الدراجة وزجر الكلب ليبتعد عنهما وتبتعد بعده فرح عن يوسف، وحين ابتعدت عنه مجددًا زاد من سرعة الدراجه يريد محو ذالك الحاجز الوهمي الذي رسمته فرح بينهما فهتفت بفزع:
-براحه لو سمحت أنا هقع
قال بمكر:
– إمسكي فيا كويس وإنتِ مش هتقعي
لم تجد بُدًا فتمسكت بملابسه زاد من سرعة الدراجة أكثر لتحاوط ظهره بذراعيها وتسند رأسها عليه رعبًا، كان مستمتعًا بذالك الشعور الذي تسلل لقلبه فحاول تهدئة سرعة الدراجه الناريه ليطيل الطريق ويستمتع برونق تلك المشاعر الرائعة، وبابتسامة عذبة ضغط على فرامل الدراجه مرة ثم الأخرى، لكن تجهم وجهه فجأة وهتف قائلًا بروع:
– فرح بتعرفي تصوتي؟!
اتسعت عينيها بدهشع وعقبت بخوف:
-فيه إيه؟!
-الفرامل فلتت باين
كان يقول جملته بنبرة هادئة مع ابتسامه سمجه وكأنه لا يدرك خطورة الوضع، صرخت قائله برعب:
-هنعمل إيه… بالله عليك مش عايزه أموت دلوقتي…
ردد بملامح مجعده:
-ولا أنا والله!!
ظهر أمامه ترعة واسعة فرمق فرح بطرف عينيه قائلًا:
-نطي يا فرح… نطي
“صلي على رسول الله”
كانت تلك هي أخر جملة يقولها قبل أن تقفز فرح ويقفز هو الأخر بالترعه مع الدراجة الناريه، وبعد فتره كان يسحب الدراجه الناريه لخارج الترعه وتخرج بعده فرح التي تزم شفتيها بحنق، نظر لها متفحصًا وبدهشة مصطنعة قال:
-اي إلي عمل فيكِ كدا يا بت يا فرح!
عقبت بحنق وهي تشير إليه ثم إليها:
-الي عمل فيا كدا عِند رجل وغباء امرأه
ضحك بسماجه قائلًا:
-إحنا كلنا عارفين انك غبيه عادي بس أنا عمري ما كنت عنيد
نفخت بضيق وصرخت:
-إنت طلعتلي منين؟
اقترب منها قائلًا بهُيام:
-إنتِ إلي طلعتيلي منين؟!
تاوهت فجأة وهي تفرك عينيها فاقترب منها ليسالها بلهفة:
-ايه الي حصل مالك؟
ردت بهدوء:
-فيه حاجه دخلت في عيني
اقترب منها أكثر قائلًا:
-طيب فتحي كدا جامد أشوفهالك
حاول اخراج ما بعينيها لكن من يراهما من بعيد يظن بهما الظنون، كان يتحدث معها أثناء اخراج ما بعينيها وهو يقول:
-بس إيه احساسك بعد النطه!
-والله حرام أنا كنت مرعوبه
مر رجل كبير السن بجوارهها وبمجرد أن سمع كلامها رمقهما بذهول قائلًا بجدية وهو يغض بصره عنهما:
“ياخي وإذا بليتم فاستتروا”
– إنت بتقول ايه يا جدع إنت… دي مراتي
عقب الرجل وما زال يمشي:
-مش مبرر كدا في وسط الأراضي عيب والله فين الحياء
رد يوسف بسرعه:
-هو حضرتك فهمت ايه إحنا عملنا حادثه بالموتوسكل نزلنا في الترعه
وهرول الرجل من أمامه وهو يقول:
-لا حول ولا قوة إلا بالله جيل ما يعلم بيه إلا ربنا
هتف يوسف قائلًا بنبرة مرتفعه ليصل صوته للرجل:
-حضرتك مش مصدق ليه هو مش باين علينا إننا عملنا حادثه
لم يرد الرجل عليه فتركه يوسف فلا يريد المجادله يكفي ما هما به الآن، لتهتف فرح قائلة:
-إيه ده هو يقصد ايه؟!
هز رأسه قائلًا:
-متركزيش فتحي عينك واقفلي كدا
فتحت عينها وأغلقتها ثم ارتدت نظارتها قائلة:
-خلاص خرجت شكرًا
هتف قائلًا:
-يلا أوصلك
رفعت يدها في وجهه قائلة بحنق:
-لأ والله ما إنت موصلني البيت بعد شارع من هنا وياريت منتقابلش تاني خالص لأن كل ما نتقابل بيبقا فيه كارثه بعدها
قالت جملتها وهرولت من أمامه بفستانها المبتل بالمياه وهيئتها المزريه، ضحك وهو يقول:
-استني بس…. يا فرح… طيب يا فهيمه
صاحت وهي تتجه نحو منزلها:
-مسمعكش بتقول الإسم ده تاني!
لوحت بيدها بنزق وهي توليه ظهرها وغادرت، وقف هو يراقبها حتى اختفت عن مد بصره ووصلت بيتها…
_________________________________
“ينهاري يا طنط وسيبتي البت الغبانه لوحدها”
قالتها مريم التي تجلس في بيت فرح بعد أن أتت مع نوح بعد أن اشترت فستان كتب الكتاب الذي أهداه لها نوح، وكانت تنتظر فرح لتتحدث معها، ردت شهناز بضحكة ماكرة:
-اسكتي خليها تتربى شويه عشان تبقى تهرب تاني
ضحكت مريم قائلة:
-أنا مش همشي إلا لما تيجي عايزه أتفرج
ضحكت شهناز قائلة:
-أيوه عشان تتفرحي على المعركه الي هتحصل كمان شويه
قاطعهما صوت طرقات الباب ونبرة فرح المرتفعه:
-افتحي يا شهناز… افتحي يا مرات أبويا
ضحكت مريم وقالت:
-أهي المصيبه بتاعتكم جت
-قومي افتحيلها يا مريم ولو سألت عليها قوليلها نايمه
قالتها شهناز قبل أن تهرول لغرفتها وصاحت مريم ضاحكه:
-استني بس يا طنط متخافيش
فتحت لها مريم واتسعت حدقتي مريم بدهشه عندما رأت هيئة فرح بملابسها المبتله وشعرها الذي خرجت خصلات منه من حجابها فسألتها بذهول:
-فيه كلب جري وراكِ تاني ولا إيه؟!
أجابت على سؤالها بسؤال أخر:
-فين أمي شهناز؟ يا شهنااااز
كانت تنادي على والدتها وهي تدور بأرجاء الشقه اعترضت مريم طريقها قائلة:
-طنط نايمه… إنتِ إيه الي عمل فيكِ كدا؟!
هرولت فرح نحو المطبخ وهي تقول:
-اصحي يا شهناز قومي يا مرات أبويا وشوفي الي حصل لبنتك بقا أنا نفسي في الطبيخ حكايه
بدأت فرح بإخراج اواني الطهي جميعًا من مكانها لتكركبهم بالمطبخ وهي تقول:
-ماشي يا شهناز ادي الحلل اقعدي بقا رصيهم طول النهار بكره
بدأت بتجميع الاطباق من مكانهم والقائهم بحوض الغسيل بفوضاويه وهي تقول:
-وأدي الأطباق كلها في الحوض
-اهدي بس يا فرح والمواعين ذنبها ايه؟!
-اسكتي إنتِ خالص يا مريم سيبيني عشان أنا شايطه وفيه دخان بيطلع من وداني… روحي روحي يا بنت عمتي
ضحكت مريم على هيئتها فصاحت فرح بصخب:
-اطلعي بررررره يا مريم
دخلت فرح لغرفة والدتها ورمقتها بنزق قائله:
-ارتحتي يا شهناز
كانت شهناز تجلس على طرف سريرها تضحك على ابنتها المتهوره فكلما يحدث معها شيء تدخل للمطبخ ولا ترتاح قبل أن تفرغ مكوناته بفوضاويه هتفت شهناز بنبرة هادئه:
-وايه يعني برفع راسك قدام أهل جوزك يا بت
نظرت فرح لمريم قائله:
-وراحت مشوحه بايديها كدا يا بت يا مريم وقايله لااا دا أنا بنتي بتكنس ولا أجدعها مكنسه وبتغسل ولا أجدعها غساله وبتكوي ولا أجدعها مكوى
لوت شفتيها لأسفل مدعيه البكاء وقالت:
-أنا اتمرمطت أوي يا مريم
كانت مريم تكبح ضحكتها لكن في لحظة انفجرت بالضحك وهي تقول:
-لا مش قادره بجد
ضربت فرح صدرها قائله:
-بتضحكي على أحزاني يا مريم
نظرت فرح لشهناز التي انفجرت بالضحك هي الأخرى وقالت:
-لا أنا هروح أحكي لجدي هو الوحيد الي هيجيبلي حقي منكم يا عديمين الرحمه
خرجت بملابسها المتسخه لجدها الذي يتكئ على الأريكه يشاهد برنامج غير شاشة التلفاز وقفت أمامه قائلة:
-يرضيك يا جدي الي ماما عملته ده
جحظت عينيه حين رأى هيئتها وصاح بقلق:
-عملت ايه دا إنتِ متبهدله خالص يبنتي!
تظاهرت فرح بالبكاء:
-رمتني ومشيت يا جدو… فيه أم تعمل كدا؟!
صاح الجد بنبرة مرتفعه:
-يا شهنااااز
هرولت والدتها قائله:
-والله يا عمي ما عملت حاجه دا بت نصابه اسالها كدا حصل ايه!
نظر لفرح قائلًا:
-إيه إلي حصل يا فهيمه؟!
تظاهرت فرح بالبكاء قائله:
-متقوليش فهيمه يا جدي كفايه الي أنا فيه!
أردفت بنزق:
-عملت حادثه مع الراجل الي إنتوا جوزتهولي بالعافيه ونزلنا بالموتوسكل في قلب الترعه
سردت عليهم ما حدث بالتفصيل فانفجر الجميع بالضحك وعقب الجد:
-معلش يا فهيمه مش أول مره تنطي في الترعه يحببتي ولا أخر مره…. قومي غيري هدومك
نظرت له فرح بطرف عينيها فحتى هو يضحك عليها فقامت وهي ترمقعم بحسرة قائله:
-أنا محدش حاسس بيا في البيت ده خالص!
__________________________
دخلت غرفتها وبدلت ملابسها وبعد أن هدأت فردت ظهرها على السرير بتعب وفتحت هاتفها لترى رسالة:
“انتِ هلالُ نون النسوة وكل ما تبقّى للنساء بعدكِ مجردُ نقطة”
كانت تلك هي رسالته لها عبر الواتساب، ارتسمت ابتسامه عذبه على شفتيها ونظرت لاسمه “المجهول” ثم عدلته باسم يوسف، تنهدت بارتياح،رددت فرح بكثير من الحب:”قد سكن قلبي الآن حين أدرك أنك ساكنه الأبدي”
وأغلقت عينيها لتنام على صدى تلك الرساله بأذنها وقلبها
_________________________
حين تأكد أنها قرأت رسالته تنهد بارتياح وابتسم وهو ينظر لملابسها التي نسيتها بحمام غرفته ويغلق عينيه ويفكر بها عازمًا أن ينفذ ما خططه في الصباح…..
_________________________
وفي اليوم التالي وتحديدًا في عصر اليوم
” يا فرح يوسف مستنيكِ بالمكنه بره عشان تروحي عزال أخته”
قالتها شهناز لفرح التي تلعب الدمنو مع جدها في حديقة البيت وقد حالفه الحظ وفاز عليها مرتين، نظرت فرح لجدها قائلة برجاء:
-الحقني يا جدي المره دي لو خرجت مش هرجع البيت إلا على نقاله
أردفت بمكر:
-وبعدين هو جاي يسحب جاموسه دا ولا كلمني ولا كلمك يستأذن مش عامل احترام لحد!
فهم جدها ما ترمي إليه فعقب:
-بس هو كلمني وأنا وافقت
نظر الجد بعينيها وقال بدهاء:
-أنا كسبتك مرتين ولازم تنفذيلي طلبين، الطلب الاول تقومي تلبسي وتروحي معاه
سألت بتهكم:
-والطلب التاني؟
-توافقي إن الفرح يتم الأسبوع الجاي
سألت فرح ببلاهه:
-فرح مين هو حضرتك ناوي تتجوز؟!

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

“فرح مين هو حضرتك ناوي تتجوز؟!”
عقب الجد قائلًا:
-حضرتي ناوي أفرح بيكِ
أردف وهو يسند يده على الطاوله:
– يوسف عاوز يعمل فرحه مع أخته؟!
شهقت فرح بصدمه وقالت:
-لأ طبعًا يا جدو بابا عمره ما هيوافق
سند الجد ظهره للخلف قائلًا:
-باباكِ موافق
فتحت فاها بصدمه وقال:
-يبقا ماما مش هتوافق
قطب جبينه وعقب:
-أمك موافقه
شهقت بقوه وهبت واقفه وهي تقول:
-يبقا أنا إلي مش هوافق أنا مستحيل أتجوز دلوقتي أنا هبدا امتحانات الميد ترم بعد بكره وهقعد أمتحن لشهر قدام…
ضحك الجد ورمقها بسخريه قائلًا:
-امتحانات ايه هو إنتِ فالحه في حاچه أنا نفسي ألاقيلك حاچه كدا متميزه فيها مش لاقي دا إنتِ أفشل خلق الله
ابتسمت ابتسامة صفراء قائله:
-دا كتير عليا والله… كل المدح دا عشاني!
-يلا يا أم لسان طويل إلبسي وروحي مع جوزك واعملي حسابك الفرح الإسبوع الجاي
عقبت بجديه:
-بس أنا فعلًا مش جاهزه تقدر تقولي فين جهازي وفين فستان الفرح
عقب الجد:
-جهازك كله جاهز في الأوضه إلي فوق أنا مجهزه بنفسي من زمان
أردف وهو يقوم من مجلسه:
-وفستان الفرح أمك اختارته امبارح والكوافير يوسف حجزه يعني كل حاجه جاهزه
صفقت بيدها ثم قالت:
-الله الله دا انتوا رتبتوا كل حاجه من غير حتى رأيي!
هزت رأسها باستنكار وهي تزم شفتيها بحنق قائله:
– ماشي يا شهناز
-يلا يا بت روحي إلبسي على ما أشوف يوسف
اتجهت للأعلى مسرعة ودخلت للمطبخ تبحث عن والدتها فلم تجدها فغالبًا تقف مع يوسف بالأسفل، أخرجت فرح الأواني من المطبخ وقذفتها بالأرض بعنف واحدة تلو الأخرى، فسمعت والدتها الضجيج وهي تدخل من باب الشقه فهرولت نحو المطبخ وهي تصيح:
-يا بت حرام عليكِ أنا لسه مخلصه ترتيب الحلل!
كانت فرح تخرج الأواني وهي تقول:
-عاوزاني أتجوز يا شهناز زهقتي مني خلاص
حاولت شهناز سحب يدها لتقوم وتترك باقي الأواني وهي تصيح:
-إنتِ هبله يا بت مالك ومال الحلل يخربيت جنانك!
وقفت فرح بعد أن أخرجت أخر وعاء بالمطبخ ورجعت بجزئها العلوي للخلف ثم صفقت بيديها كأنها تردح:
-مهي الحلل ده أكتر حاجه توجعك يا شهناز يا مرات أبويا
اتجهت فرح لمكان الأطباق ودفعتها بالأرض بعنف فأصدرت ضجيجًا مرتفعًا وأخيرًا تنفست بعمق وهي تقول بارتياح:
-بس كدا مطبخك كله أهوه بقا على الأرض
صرخت شهناز بقوة وكأي أم مصرية حملت حذائها ذات الوردة الحمراء فركضت فرح بأرجاء الشقه صارخة وهي تقول:
-اعقلي يا شهناز
لتصبح شهناز بغضب:
-هو إنتِ خليتِ فيا عقل يا بنت هشام
قذفت شهناز الحذاء صوب فرح ففتحت فرح يدها لتلتقطه وبالفعل التقطته ببراعة وقفت فرح بشموخ قائله بابتسامة سمجه:
-فعلًا لما تنشن لازم تنشن صح… براڤو يا شوشو
صرخت شهنار وركضت خلفها تريد إفراغ شحنة غضبها بأي وسيلة، ركضت فرح لتدخل غرفتها وأغلقت الباب ثم أخرجت رأسها من الباب قائلة:
-أسيبك بقا ترتبي موعينك وألبس عشان أروح مع قرة عيني عزال أخته
انحنت شهناز لتحمل حذائها مجددًا وتقذفه نحوها فأغلقت فرح باب الغرفه قائله:
-يا خساره معرفتيش تنشني يا شوشو
ارتدت فرح فستانها لتخرج مع يوسف، نظرت لنفسها بالمرآه وحدثت حالها قائلة:
-طيب بزمتك مش بتحبيه
تنهدت بعمق وردت على نفسها:
-حتى لو بحبه مش لدرجة أتجوزه يعني!
زفرت بحنق قبل أن تفتح باب غرفتها فتجد والدتها تقف على بابه وتحمل بيدها سلك طويل وواضح انها تنوي على كل خير، ابتسمت فرح ابتسامة صفراء قائله:
-مالك يا ماما يا حببتي واقفه كدا ليه؟!
رفعت شهناز السلك وضربتها على ظهرها فتأوهت فرح وهي تتحسس ظهرها قائله:
-اااااه بيلسوع يا ماما
عقبت شهناز بغضب عارم:
-ما أنا عارفه يا روح أمك
ركضت فرح أمام والدتها صارخةً، ولم تتركها شهناز بل أكملت ضربها مرة بعد الأخرى وفرح تصرخ أمامها، ليقاطهما جرس الباب ودخول نوح الذي فتح باب الشقه فور دقاته، ركضت فرح مسرعه نحوه وتتبعها والدتها لتضربها مره اخرى وهي تقول:
-دا أنا هجوزك الصبح عشان أرتاح من قرفك
هتفت فرح قائله لنوح برجاء:
-وديني على بيت حبيبي نعيش مع بعض فيه
ضحك نوح وتنحنح وهو ينظر ليوسف الذي يقف جواره ثم قال:
-إتفضل يا يوسف
نظرت شهناز ليوسف قائله:
-تعالى يا يوسف إنت مش غريب يا حبيبي…. لازم تشوف إلي هي عملته
سحبته شهناز من يده نحو المطبخ وهي تقول:
-كل ما الأستاذه تلاقي نفسها متوتره تدخل تقلبلي المطبخ بالشكل ده
ضحك يوسف ثم نظر لفرح التي نظرت أرضًا بخجل وهتف قائلًا:
-ربنا يطمنك يا طنط
نظر له نوح قائلًا:
-ربنا يعينك على الي جاي يا ابو نسب
__________________________________
“صحيح إلي أنا سمعته ده يا حنان يوسف هيجوز البت دي الأسبوع الجاي”
قالتها حبيبه بكثير من الحزن والأسى بعد أن فتحت لها أختها باب الشقه ودخلت كاللثور الهائج، فأردفت حنان بنبرة هادئه لتطمئنها:
-يبت كام يوم وهيطلقها وهيخلالك الجو
زمت حبيبه شفتيها بحنق وقالت:
– أنا مش مرتاحه للبت دي شكلها مكاره وهتاخده مني! خطافة الرجاله دي!
عقبت حنان بتهكم قائله:
-يعني هو مين عليكِ يا حزينه دا مبيبص في وشك ما إنتِ إلي حاسبه مش عارفه تلفتي نظره ليكِ
حين شعرت حنان بحزن أختها أردفت:
-متقلقيش أنا هتصرف اصبري واتفرجي
عقبت حبيبه بسرعه:
-هتعمليلها عمل؟!
نظرت للفراغ بحقد قائله:
-لأ أنا مش عاوزه أروح السكه دي دلوقتي أنا هعملها الأصعب من العمل لحد ما تطلب الطلاق بنفسها
عقبت حبيبه:
-طيب قوليلي ناويه على ايه وأنا أساعدك
ابتسمت حنان بفخر قائله:
-هقولك أنا ناويه على…………..
__________________________________
ركبت فرح خلف يوسف الدراجه الناريه وهي تتمتم بكلمات كأنها توبخه ظل صامتًا فقطعت فرح الصمت قائله:
-أنا عايزه أعرف إنت عاوز مني ايه؟
ابتسم قائلًا:
-عاوز منك ايه؟!
زفرت فرح بحنق قائله:
-حد قالك إني عايزه أروح العزال… وكمان تطلب الجواز يبقا الأسبوع الجاي من غير ما تاخد رأيي حد قالك إني عايزه أتجوز دلوقتي!
لم يرد عليها وأكمل طريقه إلى أن لاحظ حلو الطريق من الماره فأوقف الدراجه والتفت لينظر بعينيها مباشرة قائلًا:
-فرح إنتِ معندكيش أي مشاعر ناحيتي يعني مش متقبله وجودي في حياتك!
أشاحت بصرها عنه وتلعثمت قائلة:
-حضرتك شخص محترم واي واحده تتمنى شريك حياه زيك بس…
قاطعها قائلًا بنبرة هادئة:
-بس أنا مش عايز أي واحده يا فرح أنا عايزك إنتِ
كان يحدق بملامحها ليلتمس أي رد فعل بتقبلها له، رفعت عينها تنظر إليه وتوترت من نظراته لها، ليسالها مجددًا:
-تقبلي تتجوزيني يا فرح؟
ازدردت ريقها بتوتر وعدلت من وضعية نظارتها كعادتها عندما ترتبك ثم اومأت رأسها وهي تقول:
-طلما جدي قرر وبابا وافق أنا مليش إني أعترض
عقب بجديه:
-يعني إنتِ موافقه تتجوزيني عشان جدك وباباكِ بس!!
عدلت من حجابها بتوتر وأخفضت بصرها قائله بجديه:
-بص يا دكتور أنا معرفش حضرتك بس الي أقدر أقولهولك إني ممكن أ…
وقفت الكلمة على طرف لسانها حين رفعت عينيها عن الأرض فوجدته يحدق بها مبتسمًا فقال من بين ابتسامته:
-شكلك حلو أوي وإنتِ عاقله كدا وبتتكلمي بجديه
-أنا عايز منك إجابه بكلمه واحده أيوه أو لأ موافقه نتجوز؟
أومأت رأسها بإحراج قائله:
-أيوه
استدار وهو يقول:
-ماشي يا فرح يعني مبدأيًا موافقه على الجواز والحب كدا كدا هيجي
كان يتحدث بثقة كبيرة تنهدت فرح بارتياح حين قام بتشغيل محرك الدراجه وانطلق نحو شقة أخته على الأقل ستهرب من نظراته الآن، مر اليوم هادئ بدون أحداث كثيره سوى أنها جلست قليلًا معهم وأخذها نوح للبيت مرة أخرى
____________________________
وفي اليوم التالي كان حفل كتب كتاب نوح ومريم بعد أن اتفقوا على تقديم كتب كتابهم حتى يستطيعون التجهيز لزفاف فرح المفاجئ، ومر اليوم بكثير من السعاده كان يوسف من ضمن الحضور وردد الجميع “بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”
وارتفعت أصوات الزغاريد واقترب العريس يضم العروس ويدور بها بحب مع كثير من التصفيق والتشجيع، كم تمنت تجربة ذالك الشعور فقد كُتب كتابها بطريقة عجيبه وكانت تمضي على الأوراق وهي تلتهم ثمرة الجزر بدون أي مشاعر، تنهدت بحيره وخرجت من المكان، كان يتابعها بعينيه وقف جوارها قائلًا:
-مبروك لنوح
انتفض قلبها عند سماع صوته وعقبت بنبرة هاظئه:
-الله يبارك فيك…
ابتسم وهو يقول:
-إحنا محتاجين نعيد كتب الكتاب بتاعنا تاني
ضحكت فرح قائله:
-تصدق فعلًا
قاطعهما تلك الفتاه ابنة عمة فرح التي سحبت فرح من يدها لتدخل بينهم لترقص مع أخيها على دقات الدفوف وتسعد بتلك اللحظات التي لا تتكرر كثيرًا…
مرت الأيام سريعه مع التجهيزات الزفات وتعديلات بالشقه
_____________________________
وفي يوم الزفاف فتحت فرح عينها ونظرت لساعة الحائط التي كانت العاشرة صباحًا، ستنهي امتحانها وتذهب لطالون التجميل ثم بعدها لبيته أو بيتها الجديد، هبت واقفه فجأة لكن انتابتها تلك الحاله والدوخه مجددًا، وضعت يدها على رأسها وسندت يدها على الحائط تلك الحاله التي بدأت تشعر بها مؤخرًا كلما قامت من مكانها، وقفت لدقيقتين حتى عاد لها توازنها فلا بد من الوصول للجامعة في خلال نصف ساعه لإمتحان الميدترم، ارتدت ثيابها مسرعة وخرجت من غرفتها فوجدت والدتها في المطبخ مع خالتيها، هتفت قائله وهي ترتدي حذائها:
-أنا ماشيه يا ماما عشان عندي امتحان
خرجت والدتها من المطبخ قائله:
-طيب استني افطري
عقبت فرح وهي تفتح الباب:
-لأ مليش نفس همتحن وأجي علطول عشان أفطر قبل ما أروح الكوافير
خرجت خالتها من المطبخ مع زرغوده ثم قالت:
-دي زغرودة الإمتحان يا بت يا فرح إن شاء الله هيكون سهل
ابتسمت فرح قائله:
-يارب يا خالتو
خرج نوح من غرفته وناداها قائلًا:
-استني يا فروحه أنا رايح عند الجامعه اركبي معايا
عقبت بتوتر:
-طيب يلا بسرعه عشان الامتحان كمان نص ساعه
خرج معها مسرعًا وأثناء الطريق نظر لها وهي منشغلة بالمذاكره وهتف:
-فرح…
ردت بدون أن ترفع عينها عن الكتاب
-نعم
رمقها في سرعه ثم نظر أمامه قائلًا:
-إنتِ مبسوطه؟! موافقه على الجوازه دي؟
ابتسمت قائله:
-حتى لو موافقتش خلاص كل حاجه اتحددت وأنا لا يمكن أكسر كلمة بابا وجدو
سألها نوح:
-يعني إنتِ مش موافقه على يوسف؟! علفكره يوسف شاب محترم ومتربي وصدقيني هيحافظ عليكِ
ابتسمت وقالت ساخره:
-الكلام دا متأخر أوي يا نوح لأنه أصلًا بقا زوجي
-كبرتِ يا فرح بجد مش مصدق إن النهارده فرحك
نظرت له فرح قائله بقلق:
-ولا أنا والله مصدقه أنا قلقانه ومتوتره أوي
نظر لها مطمئنًا وقال:
-متقلقيش يا قلبي هتبقي اجمل عروسه
_____________________________________
انتهت من امتحانها وخرجت من المدرج، جلست على الدرج أمام الكليه، حتى سمعت اسمها من بين شفتي أحدهم:
“أنسه فرح… لو سمحتِ”
استدارت تنظر لذالك الشاب الذي يهتف بإسمها، فقد كانت تجلس على الدرج لتتأكد من إجابتها بالإختبار والتي كان معظمها خطأ زفرت بحنق من هذا الشاب الذي يتابعها منذ وصولها للجامعه وهتفت ببعض الحده:
-نعم!
عقب بابتسامه:
-ممكن أراجع معاكِ الإمتحان
زمت شفتيها بحنق قائله:
-لأ لأني مش فاضيه
قامت من مكانها لتعود لبيتها لكن تلك الدوخه انتابتها مجددًا، فسندت يدها على الجدار جوارها تنتظر ليعود اتزانها ككل مره لكن قد طالت تلك الحاله وظلت واقفه مكانها لفتره، وعندما لاحظ الشاب حالتها هتف:
-إنتِ كويسه يا أنسه فرح؟!
اومات رأسها لأسفل بدون أن تنبث بكلمه، فرأها يوسف الذي حدق بها بتمعن ليعرف لماذا تقف هكذا! ومن هذا الشاب الذي يقف جوارها! اتجه صوبها مسرعًا ليصل لمسمعه حديث ذالك الشاب الذي قال:
-أنسه فرح مالك؟!
حدجه يوسف بنظرات غاضبه وضغط على أسنانه قائلًا:
-مدام فرح مش أنسه
تلعثم الشاب قائلًا:
-متأسف مكنتش أعرف… هو حضرتك قريبها يا دكتور؟
اومأ يوسف رأسه لأسفل متحدثًا بجديه:
-أيوه أنا زوجها
تلعثم الشاب من صدمته وهتف قائلًا:
-ا…طيب بعد إذن حضرتك
رمقه يوسف بابتسامة سمجه فقد رأى سهام تلك النظرات التي يرمي بها نحو فرح، عاد الشاب لصديقه وهو يزفر بغضب قائلًا:
-يا عم دا طلعت متجوزه ومش متجوزه أي حد دا متجوزه الدكتور
ضحك الشاب الأخر قائلًا:
-طلعها من دماغك بقا يا حلو
نظر لها بخبث وهو يقول:
-مش قادر البت دي عجباني أوي!!
تنفس يوسف بعمق ونظر لفرح التي أغمضت عينيها وسندت بكل جسدها على الحائط وهتف قائلًا بلهفه:
-مالك يا فرح؟!
ردت بتعب:
-مش عارفه دايخه ليه!
سندها يوسف فرميت جسدها عليه بعدم اتزان ليبدأ الطلاب يرمقونهما بتمعن مع بعض الهمهمات والضحكات الخافتة، لم يأبه لكل النظرات حولهما وسندها لفتره حتى استعادت اتزانها وابتعدت عنه قائله:
-تقريبًا الدوخه دي عشان خرجت من غير فطار
دقق النظر لها بقلق وقال:
-ليه كدا يا فرح أخر مره تخرجي من غير فطار وبعد كدا أنا إلي هفطرك بنفسي
ابتسمت ولم تعقب فأردف هو:
-يلا عشان أوصلك
نظرت لها قائله ببعض القلق:
-متقوليش إن إنت معاك المكنه “الدراجه الناريه”
ابتسم قائلًا:
-للأسف هتضطري تركبي ورايا
ابتسمت قائله:
– أنا أصلًا متوتره لوحدي ومش حمل أي توتر تاني
-متوتره ليه بس متقلقيش إن شاء الله كله خير
سرعان ما ركبت خلفه وانطلق بها للبيت….
_____________________________________
لماذا يمضي الوقت بتلك السرعة؟! كانت تنظر لإنعكاس صورتها بالمرآه بعدما تزينت بالمكياج الخفيف واتدت فستانها الأبيض الرقيق، لا تعلم لم تشعر بغصة في حلقها فهي الآن عروس!! لم تخطط يومًا لمثل هذا اليوم وكأنها تعتقد أنها لن تتزوج أبدًا لكنه تقدير الله وترتيب القدر، كم كانت تتمنى حضور حفل زفاف بالريف لكن لم تتخيل أن أول حفل ستحضره هو حفل زفافها! حسنًا فلا تريد البكاء الآن؛ حتى لا ينتزع مكياجها تنفست بعمق وزفرت الهواء من رأتيها حتى قاطعها قول يُسر:
-العريس وصل
ازدادت ضربات قلبها أكثر فكلما اقترب لقائهم كلما ازداد توترها أكثر وأكثر، هتفت ابنة عمتها قائله:
-يلا يا جماعه عشان نعمل الفرست لوك
ابتسمت فرح فكم رأت فديوهات على الفيسبوك لمثل تلك اللحظه لكن لم تتخيل تجربتها وبتلك السرعه! كانت مغيبه شاردة بكثير من الأمور، هزتها مريم لتلف ظهرها مثل يُسر التي كانت تبتسم بسعاده وتغني مع الأغنيه وهي تتمايل، دخل يوسف ومعه سامر فأوقفتهم الميكب ارتيست قائله: تقدر تعرف عروستك من ظهرها يا عريس، ابتسم يوسف قائلًا:
-ولو وقفت وسط مليون واحده هعرفها برده
ابتسمت فرح لجملته، واقترب سامر من يُسر مرددًا:
-بالنسبه لي بقا مراتي أهيه
ضمها سامر من الخلف قائلًا:
-واثق إنك أحلى عروسه في الكون
نظرت لهما فرح وتوترت أكثر ظنت أن يوسف سيفعل مثلما فعل سامر قبل قليل، لكنه فاجئها بأكثر من ذالك فلم ينتظرها لتستدير إليه لكنه وقف أمامها وحدق بها مبتسمًا ثم ضمها إليه بقوة وبحركة سريعة لف بها فتعالت الزغاريد والتصفيق أنزلها ثم ضمها مجددًا وهمس في أذنها: مبارك يا عروستي الحضن دا يعوضنا شويه عن حضن كتب الكتاب
أخرجها من حضنه وغمز لها، فابتسمت بقلق، لم يلاحظ تجهم وجهها كان جسدها ينتفض وقلبها يرتعد بخوف لا تعلم أتخاف منه أم من القادم، وبعد أن مسك يدها وشعر بانتفاضها سألها:
-ايدك بترتعش يا فرح إنتِ كويسه؟
ازدردت ريقها بتوتر وأجابته:
-مفيش بردانه شويه
__________________________________
وبعد زفة سيارت كبيرة دخلوا للبلد لكن اتجهت سيارة سامر نحو بيت يوسف فحمل يوسف هاتفه وطلب رقم سامر ليرد عليه:
-إنت رايح فين يبني نسيت مكان شقتك ولا ايه؟!
اجاب سامر:
-ماما صفاء كلمتني واكدت عليا اروح على هناك
لوى يوسف شفتيه لأسفل متعجبًا وهتف:
-غريبه! طيب يلا هكلمها كدا وأفهم..
هاتف والدته كثيرًا لكنها لم تجيب على مكالماته فزفر بقوه ونظر لفرح المتجهم وجهها وكأنها مغصوبه على تلك الزيجه وسألها للمرة العاشرة بعد المائه:
-مالك يا فرح؟
لترد بنفس الإجابه:
-مفيش أنا كويسه
مسك يدها يظن أنها يطمئنها لكن مع كل لمسة منه يقشعر بدنها ويزداد توترها، سحبت يدها منه وابتعدت مسافة عنه فتعجب من رد فعلها لكن حاول التغاضي عنه، وحين وصلوا اقترب يمسك يدها مرة أخرى كانت منكمشه تتمنى أن يكون حلمًا وستفيق منه، فلم ترتب لكل هذا! وبمجرد أن اتجلوا من السياره لفت نظرهم الجموع الكبيره من الناس توترت فرح وضغطت على يده، فنظر لها يطمئنها بعينه، ارتفعت أصوات الزغاريد وهنئهم الجميع، حتى صدع صوت أحدهم يغني:
أجمل فرحة هيا
يوم فرحكو دا شيء أكيد
ذكريات الليلة ديا
حاضرة مش ممكن تغيب
إحساس اليوم دا مين فيكم ينساه على طول تجمعكم أحلى حياة
أجمل فرحة في حياتكو الليلة
حلوين والله الله الله
ما شاء الله ما شاء الله
يا سلام يا سلام ما تباركو يا أهل الله
هتف يوسف بدهشه وهو ينظر لسامر:
-سليم الأنصاري! إنت إلي عزمت سليم؟
نظر لسامر الذي اتسعت ابتسامته حين رأى ذالك الرفيق الذي ظهر في حياة يوسف مؤخرًا ليكتشف بعدها أنه ابن خالته المتوفاه منذ زمن بعيد”سليم ابن خالة سامر”، وعزمه على فرحه فلبى الدعوه، اقترب يوسف يضمه بحرارة وكذالك فعل سامر حتى ظهر شريف قائلًا:
-أنا متعزمتش بس تطفلت عليهم وجيت معاهم
ضمه يوسف وهو يقول:
-شريف حبيبي والله احلى مفاجأه
وبعد تبادل السلامات بينهم هتف سليم:
-قولت أعملكم فرح بطريقتي مينفعش تدخلوا كدا في هدوء
أشار سليم لنفسه قائلًا:
-وأنا إلي هحيلكم الليله دي
_________________________
على جانب أخر كانت سلمى تقف بجوار صديقتها يمنى مبتسمة وفرحه بتلك الأجواء هتفت يمنى قائله بحب:
-الله حلوين أوي فكروني بفرحي
أشارت نحو فرح قائله:
-خصوصًا العروسه القمر إلي واقفه هناك دي هاديه كدا وكيوت أوي… شوفي ماسكه في ايد عريسها إزاي عسل أوي
ردت سلمى بابتسامه:
-بصراحه العروستين زي القمر… والبنوته دي أنا عارفاها
سحبتها سلمى قائله:
-تعالي نسلم عليهم
ترك سامر ويوسف العروسين وبدؤا بالتراقص مع أصدقائهم بكثير من السعاده والجميع يصفقون بحفاوة، أما فرح فكانت بعالم أخر خائفة، وقلقه مما هو قادم لا تعرف كيف ستسير حياتها لا تعلم هل يوسف هو الزوج الذي كانت تتمناه أم أنها اقترفت خطأ بحقه وحقها حين أزعنت لقرارهم وتزوجته! أخرجها من شرودها تلك الفتاه التي تعرف ملامحها الفاتنه جيدًا التي سلمت عليها قائله:
-مبارك يا جميله… يا ترى فاكراني؟
اتسعت ابتسامة فرح وهي تقول:
-دكتوره سلمى! هو أنا بحلم ولا إيه؟
ضمتها فرح بابتسامه وهي تقول:
-أنا بجد مش مصدقه حضرتك موجوده هنا فعلًا!
هتفت سلمى بابتسامه:
– أنا قريبة العريس…. الدكتور سامر يبقا قريب زوجي
مسكت فرح يدها بسعاده قائله:
-فرصه سعيدة جدًا
ضمتها سلمى مرة أخرى قائله:
-حببتي أنا أسعد والله
كانت يمنى تتابع حديثهما بابتسامه حتى أشارت لها سلمى قائله:
-دي يمنى صديقتي
-أهلًا بيكِ
-ألف مليون مبروك يا جميل
-الله يبارك فيكِ
قاطعهم صوت الشباب يصفقون وشريف الذي يغني بمرح:
-يا عريس ابقى افتكر وسيبلي حته من الدكر
ويوسف الذي يهز سبابته نافيًا وهو يرد عليه مغنيًا:
-لأ لأ دا كله إلا الدكر
همس سليم بجانب أذن يوسف قائلًا بمرح:
-إيه ناوي تاكل دكر البط لوحدك ولا إيه يا عريس! إحنا قاعدين معاكم يومين ولازم اتعزم فيهم ست مرات
أشار ليوسف قائلًا:
-يوم عند يوسف فطار وغدا وعشا
وأشار لسامر:
-يوم عند سامر فطار وغدا وعشا
كانت الأجواء مليئة بالسعاده حتى انتهت السهره وقدم الجميع التهاني للعروسين ليأخذ كل عريس عروسته لشقتهم بدأ الجميع بالمغادره ما عدا أهل العروسين وأخذ سامر عروسته وذهب لشقتهما ورافقه سليم وشريف مع زوجاتهم وأولادهم، أما فرح فوقفت أمام البيت بعد أنا سلمت على جدها وأبيها ثم والدتها التي أدمعت عيناها قائله ببكاء:
-هتوحشيني يا شقيه…
نظرت ليوسف باكيه وهي تقول:
-دي أمانه عندك يا يوسف خلي بالك منها
نظر يوسف لفرح بحب وهو يقول:
-في عنيا يا طنط
لم تستطع فرح كبح دموعها ولا السيطره على شهقاتها التي خرجت من فمها وهي تتشبث بيد والدتها وتقول:
-لا يا ماما مش عايزه أتجوز خدوني معاكم
نظرت فرح ليوسف قائله بتوسل:
-أرجوك سيبني أرجع معاهم انا مش عايزه أتجوز خلاص
كبح والدها دموعه وضمها ليربت على ظهرها قائلًا:
-اطلعي يا فرح مع جوزك الله يهديكِ
نظر لزوجته قائلًا:
-يلا يا شهناز
أخذ هشام يد زوجته التي كانت تنظر لفرح وتبكي وسحبها ليغادرا، كانت فرح تصيح:
-لا يا بابا متسيبنيش هنا أنا خايفه…. يا بابا أنا خايفه أوي
لم يستطع والدها كبح دموعه أكثر فتساقطت على وجنتيه وهو يوليها ظهره ليغادر دون أن يلتفت لها، فلو نظر لحدقتيها الدامعه سيضعف وسيأخذها معه لبيته غير مبالي بأي شيء، اقترب منها نوح ليضمها ويربت على ظهرها بحنان قائلًا:
-متعيطيش يا بت أنا مش ماشي أنا هبات معاكم النهارده
اقترب يوسف ليمسك يدها فسحبتها في سرعه كأنها تعاقبه لأنه أخذها من أهلها، حملها نوح بخفه قائلًا بمرح:
-إيه رأيك بقا أنا إلي هشيلك وأطلعك الشقه بنفسي
وبالفعل حملها نوح وهي تبكي وأدخلها شقتها لكنها مازالت تشهق باكيه، أجلسها على سريرها ومسك يدها الباردة كالثلج قائلًا بجديه:
-إهدي يا فرح إنتِ مش طفله صغيره دا بقا بيتك والي بره ده جوزك
هتفت من خلف دموعها بصوت متحشرج:
-متقوليش بيتي ومتقولش جوزي… بالله عليك خدني معاك
تنهد نوح بألم من حالة أخته ووقف قائلًا:
-مينفعش يا فرح… مينفعش اهدي بقا بالله عليكِ متوجعيش قلبي
زفر بقوه ونظر لها قائلًا:
-أنا همشي يا فرح وهجيلك الصبح… خلي بالك من نفسك
هبت واقفه ومسكت يد نوح قائله برعب:
-متسيبنيش معاه لوحدي بالله عليك
أفلت نوح يده من بين يديها وهتف قائلًا:
-يوسف راجل يا فرح وأنا عارف إني سائب أختي مع راجل محترم هيحافظ عليها
قبلها من مقدمة رأسها قائلًا:
-تصبحي على خير يا فروحه
تركها تبكي وخرج من الغرفه وهو يرمقها بإشفاق، سالت الدموع من عينيه ونظر ليوسف قائلًا:
-بالله عليك تاخد بالك منها يا يوسف
ضمه يوسف قائلًا:
-والله في عنيا يا نوح
وبعد أن خرج الجميع وقفت فرح بهلع تنتظر دخوله لغرفتها، نظر لها يوسف قائلًا:
-ممكن تهدي بقا يا فرح عشان لازم نتكلم
كانت تتنفس بعنف وتشهق بالبكاء وهي تقول:
-أرجوك سيبني دلوقتي… أخرج وسيبني شويه لو سمحت
اقترب منها ليمسك يدها ويهدئها فانتفضت وابتعدت عنه فهتف قائلًا:
-يا بنتي اهدي إنتِ خايفه من إيه والله ما هعملك حاجه
اقترب مجددًا فرجعت للخلف بخوف وهي تمسح دموعها وتقول:
-لو سمحت متقربش
تركها وخرج من الغرفه متمتمًا:
-هي ليله باينه من أولها!
__________________________________
خرج ليجلس بالغرفة الأخرى ليتركها تهدأ، فمسحت فرح دموعها ونظرت لنفسها بالمرآة قائله:
-أنا جعانه أوي
خرجت من الغرفه وبحثت عن المطبخ حتى وصلت إليه ودخلت تبحث عن طعام ليقاطعها فجأة صوته:
-بتعملي ايه يا فرح؟
وضعت يدها على صدرها قائله:
-حرام عليك خضتني..
تلعثمت قائله:
-أنا باكل مأكلتش من الصبح
سند يده على جدار المطبخ ورفع إحدى حاجبيها لأعلى قائلًا:
-إلي يشوفك بتعيطي من شويه يقول هتدخلي في نوبة اكتئاب حاد
مضغت الطعام وهي تقول:
-يعني أكتئب على معده فاضيه!
حرك يديه قائلًا بسخرية:
-لا طبعًا ميصحش
تركها تأكل وخرج متمتمًا:
-دا انفصام في الشخصيه رسمي
كانت تقف بفستانها تلتهم الأكل باستمتاع، دخل يوسف غرفته ليأخذ شاور ويبدل ملابسه ثم عاد إليها ليتفاجأ أنها مازالت تأكل فقال متعجبًا:
-إنتِ هتقضي الليل كله بتاكلي ولا إيه؟
كان فمها ممتلئًا بالطعام فردت قائله بصوت مكتوم:
-بصلي بقا في الأكل بقا!
ضحك قائلًا:
-طيب ممكن أكل معاكي؟
سحبت الأكل نحوها وهي تقول:
-أنا بحب الحمام عشان كدا هاكله كله
زم شفتيه بغضب مصطنع:
-طيب هاكل أنا من البط وأمري لله
سحبت وعاء الطعام الاخر قائله:
-أنا بحب البط برده وهاكله
وضع يده حول خصره قائلًا:
-طيب وأنا أكل ايه؟
بلعت ما بفمها من طعام وهتفت:
-شوف أمك عملتلك أكل ايه وكله إنما الأكل دا كله أمي الي عملهولي
ضحك قائلًا:
-أنا امي معملتش غير عصير
هزت رأسها قائله:
-خلاص اشرب عصير
ضحك وهو يسحب الاكل من أمامها ويأكل وهو يقول:
-لذيذ فعلًا بصي احنا هنقسمه بالنص
شهقت فرح ورفعت شفتيها لأعلى قائله بتهكم:
-نعم يا عنيا قال الاكل من عند أبونا والغرب بيقاسمونا
انفجر يوسف بالضحك قائلًا:
-بصي متحاوليش لأني هاكل يعني هاكل
تركته فرح مبتسمه واتجهت للحوض لتغسل يديها قائله بجديه:
-أنا بهزر معاك يا دكتور الأكل كله تحت أمرك أنا شبعت
تركته يأكل ودخلت غرفتة النوم، ظلت تحاول خلع فستانها فلم تستطيع فهتفت بحنق:
-الفستان دا طابق على نفسي هموت لو متخلعتهوش حالًا
اتجهت للمطبخ تبحث عنه فوجدته يشرب عصير فقالت مبتسمه:
-حضرتك سمعت كلامي وشربت عصير ولا إيه؟!
عقب مبتسمًا وهو ينظر إليها:
-لا متقلقيش أنا قومت بالواجب وأكلت حمامتين وقولت أحلى
ابتسمت ولم تعقب وظلت واقفه تنظر إليه لحظات ثم تنحنحت بإحراج قائله:
– دكتور هو أنا ممكن أطلب من حضرتك طلب
زفر بقوه قائلًا بامتعاض:
-ياريت تشيلي الألقاب يا فرح اسمي يوسف وبدلي حضرتك بإنت وكدا يبقا زي الفل..
عقبت بجديه:
-اعذرني أنا مش عارفه اشوفك غير الدكتور بتاعي بس أكيد هتعود يعني
ابتسم ونظر لها قائلًا:
-طيب اتفضلي اطلبي
تنحنحت وحكت أنفها وهي تنظر أرضًا قائله:
-ممكن تخلعني الفستان عشان اتخنقت منه ومش عارفه أخلعه
لوى شفتيه لأسفل بمكر ثم قطب جبينه وهو ينظر إليها قائلًا:
-أنا مبعملش حاجه ببلاش شوفي هتديني ايه بالمقابل
عقب قائله:
-بس أنا معيش فلوس خالص حتى موبايلي نسيته في البيت
عقب متخابثًا:
-بس أنا مش عايز فلوس بصي هخلعك الفستان بس اعملي حسابك إن ليا عندك دين وهترديه بعدين
لم تفهم مقصده وعقبت:
-ماشي بس خلعني الفستان دا
ساعدها بفك فستانها وحجابها فهتفت قائله:
-بس يا دكتور شكرًا لحد كدا وأنا هكمل
كان سيناكفها ولكن قاطعه رنين هاتفه برقم عمه نفخ بحنق وخرج من الغرفه ليرد عليه وبعد السلام قال سليمان:
-أنا نقلت الشقتين باسمك زي ما اتفقنا ولما تطلقها الأراضي كلها هترجعلك
-ماشي يا عمي
هتف عمه ساخرًا:
-مبروك يا عريس
ابتسم يوسف بتهكم قائلًا:
-الله يبارك فيك
أغلق الهاتف ثم قذفه جانبًا، سرعان ما تبدل تهكمه لفرحه وتنهد بارتياح قائلًا:
-على الأقل بقا عندي بيت…. ماشي يا عمي
فرد ظهره على السرير محدثًا حاله:
-هفرد ظهري شويه على ما الكارثه إلي جوا تخلص
فرد ظهره ولم يشعر بحاله إلا وقد ذهب بسباتٍ عميق
على جانب أخر ارتدت منامتها الشتويه وفردت شعرها الكيرلي البني الفاتح والمشذب بعنايه ليدفئ عنقها كما تقول دائمًا، بحثت عنه فوجدته مستلقي على السرير بحجرة أخرى تحتوي على سريرين ومكتب صغير ودولاب صغير، دخلت الغرفه تتسلل على أطراف قدميها ولوحت بيدها أمام وجهه لتتأكد أنه نائم، فلم يشعر بوجودها جلست جواره على السرير الأخر بهدوء شديد وفردت ظهرها لتحاول النوم فلم تستطع، لذا قامت مجددًا بهدوء وجلست أمام التلفاز تقلب بين قنواته بملل شديد وبعد ما يقرب من ساعه همست لحالها:
-مفيش حاجه هتضيع الملل ده إلا الأكل
دخلت المطبخ وبحثت عن مسحوق القهوه التي أوصت والدتها باحضاره فلفت نظرها ذرة البوشار فابتسمت بسعاده وهي تأخذه، بحثت بين الأواني ثم أشعلت الموقد لصنع القهوه والبوشار، وبعد فتره كانت تجلس أرضًا وبجوارها وعاء البوشار وعلى الطاولة القصيره كوبان من القهوه، ففزعها صوته:
-قفشتك بتعملي ايه؟
وضعت يدها على صدرها قائله:
-للمره التانيه بتخضني ابقى كح أصل أنا كدا هقطع الخلف
-حاضر المره الجايه هكح عشان عاوزك تمليلي البيت ده كتاكيت…
ابتسمت بحرج ولم تعقب فسألها:
-بتعملي إيه بقا؟!
قالت بحماس:
-بسمع فيلم تعالى اتفضلةبيتك ومطرحك
أردفت:
-علفكره عملتلك قهوه معايا وعملت حسابك في الفشار
ابتسم قائلًا:
-كدا خبط لزق من غير ما تاخدي رايي؟!
ضحكت قائله:
-وإنت يعني إنت كنت أخدت رأيي في حاجه دا حتى الفستان جايبه على ذوقك
ابتسم ورفع إحدى حاجبيها وهو ينظر لها:
-بتردهالي يعني!
أومات رأسها لأسفل قائله بسخريه لطيفه:
-اه بردهالك يعني…
جلس جوارها أمام التلفاز كان الصمت هو سيد الموقف لكنهما يسترقان النظر لبعضهما من حين لأخر فقطع يوسف الصمت قائلًا:
-ممكن أسالك سؤال؟
ابتسمت بسماجه:
-لأ مش ممكن
ابتسم وسألها بكل هدوء وكأنها سمحت له:
-هو إنتِ بقا ليه ملبستيش طرحه؟!
لمست شعرها وهي تقول بقلق:
-شعري مش عاجبك!
ابتسم قائلًا:
-لا مش قصدي كدا… يعني أنا بصراحه توقعت إنك هتلبسي عبايه وطرحه وفوقيهم إسدال إحراجًا مني يعني
ضحكت قائله:
-جدع متتوقعش تاني…
ضحك هو الأخر قائلًا:
-لسانك طويل أوي يا فرح
وضعت يدها على فمها لتكتم ضحكتها قائله:
-هي دي مشكلتي فعلًا
ساد الصمت مجددًا لدقيقه فقطعته هي قائله:
-صحيح يا دكتور بما إنك متعود على القاهره حاسس نفسك غريب هنا؟! أصل أنا بحس بالغربه هنا أوي
هز رأسه بالنفي وأسبل عينيه قائلًا بُهيام:
-أنا الغريب بأرضٍ لا أراكِ بها
ارتبكت وعادت تأكل البوشار بصمت وهي تتظاهر بإنشغالها بالفيلم، فابتسم بمكر وشاركها الأكل وبعدما فرغ وعاء البوشار قررت أن تنتهز الفرصه وتهرب من نظراته بأخذ الوعاء للمطبخ، حاولت رفعه عن الأرض فلم تستطع، وهنا أدركت حجم الكارثه وضحكت ببلاهه وهي تبدل نظرها بينه وبين الوعاء قائله:
-الحله لزقت في السجاده
وهنا تبدأ المغامرات 😂😂😂

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

“الحله لزقت في السجاده”
عقب متعجبًا:
-فرح إنتِ حاطه الحله سخنه على السجاده
أومأت رأسها تؤكد كلامه فصفق بيده وهو يقول بسخرية:
– لا بجد براڤو عليك أنا فرحان بذكائك أوي
ابتسمت وهي تربت على صدرها باعتزاز دون أن تنبس بكلمه، رمقها بغضب وتجهم وجهه وهو يحاول سحب الوعاء عن السجاد حتى استطاع افلاته، نظر لمنظر السجادة المحروق ثم لفرح ورفع حاجبيه فابتسمت بسذاجه قائله:
-فدايا ميه سجاده
رفع ملابسها لأعلى كمن يمسكك لصًا وقال:
-بت ركزي كدا أنا مش عايز خسائر في الشقه… من اول ليله يا قادره تحرقي السجاده
هتفت بنبرة مرتفعه:
-ومالك زعلان كدا ليه هو إنت يعني إلي جايبها دي فضلة خير أبويا
عقب وهو مازال يمسك ملابسها قائلًا:
-ما أنا مضيت على القايمه يختي ولا ناسيه!
ترك ملابسها وضربها على ظهرها بخفه قائلًا ببعض الحده:
-قومي نامي قووومي
وحين نظرت لعينيه التي كانتا تشتعلان من الغضب فما فعلته ليس بالهين فالسجاده أصبحت بحالة لا يرثى عليها، هرولت نحو غرفتها دون أن تلتفت إليه وأغلقت الباب خلفها وهي تقول:
-دا إنت عصبي أوي
رفعت كتفها لأعلى وهي تقول:
-هو حصل إيه يعني لكل ده المفروض أقوله فدايا مية سجادة يقولي لا فداكِ مليون
مصمصت بشفتيها وهي تقول:
-يا خساره وأنا الي كنت فاكراك طيب وحنون طلعت عصبي ومجنون
ارتفع أذان الفجر، فخرجت تتسلل على أطراف اصابعها حتى دخلت الحمام وتوضئت ثم عادت لغرفتها وأدت فريضتها، خلعت اسدالها وفردت ظهرها على السرير لتنام لكن جافاها النوم فقررت تشغل نفسها بأي شيء حتى يحضر النوم لجفونها، نظرت لأدوات التجميل التي اخترتها والدتها وقالت:
“لما نشوف المكياج دا بيقول إيه”
فتحت جميع المكياج ووضعته أمامها بدأت بالأيشادو “مسحوق فوق العين” بدأت تجربة الكثير من الألوان حتى استقرت على لون، وبعد ما يقرب من ساعه نظرت لوجهها بالمرآه وانفجرت بالضحك على لون الأيشادو الأزرق وشفتاها المتلونه بالأزرق الفاتح ووجنتيها الزرقاء فالآن تبدو تمامًا كالمهرج “البلياتشو”، ضحكت ثم اتجهت نحو شعرها تمشطه بطريقة مضحكة ليقف عاليًا كشخص قد أخذ شحنة من الكهرباء، انفجرت بالضحك على هيئتها وهي تقول:
-ميكب أرتيست يعني مفيش كلام… طيب والله الموضوع طلع سهل أنا لازم أفتح كوافير وأسميه فرح للدهان والتجديد
ضحكت مجددًا وهي تمسح الأزرق من على وجنتيها ثم تثائبت بخمول فقد حضرت ساعة نومها، فردت ظهرها على السرير ولم تستغرق دقيقه لتغوص في بحر النوم العميق…..
بدأ يوم جديد، استيقظ يوسف من نومه وانتظرها ساعة ثم الثانيه فقد اقترب عصر اليوم ومازالت نائمة، طرق باب غرفتها إلى أنا أجابت بكسل:
-مين؟
قال بنبرة مرتفعه:
-قومي بقا يا فرح العصر هيأذن عايزين نفطر
مسحت وجهها قائله بنزق:
-طيب يا بابا قايمه أهوه
أكملت نومها، وبعد نصف ساعه طرق بابها مجددًا وهو يقول:
-فرح لو مفتحتيش أنا هدخل
ردت بنزق:
-حاضر قايمه
ردد قائلًا:
-أنا مستنيكِ قدام الباب مش همشي إلا لما تفتحي
لم تعقب فانتظر لحظات وطرق الباب مجددًا:
-يلا يا فرح
زفرت بحنق وهي تقوم وتنظر لأرجاء الغرفه لتدرك أنها لم تعد ببيت أهلها، قامت من رقدتها وفتحت باب الغرفه كانت ملامحها عابسة من أثر النوم، مع مكياج المهرج وشعرها الواقف كمن أخذ شحنة كهرباء لتوه، وبمجرد أن رأى يوسف مظهرها انفجر بالضحك، فزمت شفتيها بحنق قائله:
-ممكن أفهم بتضحك على إيه على الصبح!
لم يستطع تمالك نفسه عن الضحك فحقًا مظهرها يبدو مضحكًا، وقف يشاور على وجهها وهو يضحك، نفخت بحنق ودخلت الحمام ثم أغلقت الباب بوجهه بعنف وهي تصيح بحده:
-علفكره الضحك من غير سبب قلة أدب
جلس على الأريكه يتذكر مظهرها ويكمل ضحك، أما هي فوقفت أمام الحوض لتغسل وجهها ونظرت بالمرآه التي أمامها ثم صرخت نظرت لوجهها بالمرأه مرة أخرى ولوت شفتيها لأسفل قائله:
-إيه ده هو شافني كدا!!
تظاهرت البكاء قائله: البرستيج في ذمة الله
_________________________________
جلست حنان مع صفاء تحاول عقد معاهدة سلام و الصلح معها لتبدأ صفحة اخرى لكن ألا تعلم أن الماء إذا تعكر فلن يصلح للشرب وكذالك القلب إذا تشقق لا يصلح للحام، وما فعلته بالماضي ليس هينًا….
-عايزين نفتح صفحه جديده وننسى الي فات احنا أهل والظفر ميطلعش من اللحم
قالتها حنان بدموع زائفه لتخدع صفاء، ردت صفاء بجمود:
-الي عملتيه مش شويه يا حنان فاكره الإهانه بتاعت زمان ولا افكرك
تظاهرت بالبكاء وهي تقول:
-خلاص بقا يا أبله صفاء إنتِ الكبيره وأنا معترفه بغلطتي وأدي راسك أبوسها
قبلت رأسها واردفت:
-والله يا أبله صفاء أنا معترفه بغلطتي وربنا عاقبني بالمرض أنا تعبانه يا أبله والدكتور قالي كلها كام شهر مسألة وقت
انخرطت في بكاء زائف تخفي خلفه الكثير من الخبث والحقد، وهي تقول:
-ارجوكِ سامحيني
ربتت صفاء على ظهرها بحنو وبكثير من الطيبه قالت:
-خلاص يا حنان أهم حاجه انك عرفتي غلطتك
تهللت أسارير حنان قائله:
-مسمحاني!؟
عقبت صفاء بابتسامه:
-مسمحاكِ يا حنان
مسكت حنان يدها وهي تقول:
-يبقا لازم تاخديني أعتذر لفرح بنفسي على الي عملته
حاولت صفاء التهرب منها قائلة بتلعثم:
-ماشي بس وقت تاني
نظرت لها حنان برجاء قائلة:
-لا يا أبله صفاء حالًا مش قادره أصبر أرجوكِ
زفرت صفاء بقوه قائله:
-طيب ثواني ألبس هدومي
وعندما غادرت صفاء المكان ابتسمت حنان بخبث وهي تمسح عينيها قائله لنفسها بهمس:
-هتفضلي طول عمرك طيبه وهبله يا صفاء واكلتي الطعم…
_________________________
غسلت وجهها وشعرها وشذبته ثم وضعت أذنها على باب الحمام تترقب صوته أو أي حركه تدل على أنه بالخارج، وضعت يدها على فمها بارتباك وابتلعت ريقها تحاول رفع رأسها بكل شموخ وهي تحدث نفسها:
-محصلش حاجه يا فرح اعملي نفسك مش واخده بالك
مسحت على شعرها وفتحت الباب وهي تحاول التظاهر بالامبالاه، كان يتحدث عبر هاتفه ورمقها بابتسامه عندما تذكر هيئتها السابقه، فرت من أمامه لتدخل غرفتها فأكمل حديثه عبر الهاتف:
“أيوه هاجي الشغل بكره أنا مأخدتش أجازه… نتقابل بكره… سلام عليكم”
كانت تصلي الظهر فجلس جوارها حتى تنتهي، كان ينظر لها بإعجاب ويتفحصها وهي تحاول الخشوع لكنها لا تستطيع مع تلك النظرات التي تكاد تخترقها، عندما شعر أنه سيكون سبب لخروجها من الصلاه قام وخرج من الغرفه، أكملت صلاتها وجلست على سجادة الصلاه تستغفر فدخل مرة أخرى الغرفه لاحظت وقوفه، وكانت بقمة إحراجها التفتت له وهي تنظر أرضًا أشفق عليها وهتف مغيرًا لمجرى الحديث:
-مش هنفطر ولا إيه؟!
عقبت دون أن تنظر إليه:
-أنا مش جعانه دلوقتي روح افطر إنت
هتف متظاهرًا بالحده:
-لأ بقولك إيه أنا مبعرفش أكل لوحدي
أومأت رأسها قائله:
-طيب هقوم أجهز الفطار
هرولت للمطبخ لتهرب منه لكنه تبعها وسند ظهره على الجدار قائلًا:
-علفكره الجماعه جاين كمان نص ساعه
قطبت حاجبيها قائله:
-مين الي جاي؟!
وقبل أن بجيبها قاطعه دقات جرس الباب نظر لها يوسف قائلًا:
– شكلنا مش هنلحق نفطر
وبمجرد خروجه شربت فرح المياه وتنفست بارتياح فقد أنقذها الطارق من تلك النظرات الثاقبه، على جانب أخر فتح يوسف الباب ونظر لوالدته التي ضمته بحب ثم حدج حنان بنظرة حارقه وهو يضغط على أسنانه قائلًا:
-أهلًا يا مرات عمي…. خير
نظرت له بهدوء مصطنع قائله:
-مبروك يا عريس
عقب بحنق:
-شكرًا حاجه تانيه؟!
نظرت للأرض وادمعت عيناها دموع التماسيح قائلة:
-أنا عارفه إن إنت زعلان مني وعندك حق بس أنا جايه أفتح صفحه جديده
نفخ بحنق وقال بسخريه:
-للأسف كراستي مفيهاش غير صفحه واحده
ربتت والدته على كتفه قائله:
-طول بالك يا يوسف
ذرفت حنان دموع التماسيح مع شهقات زائفة وهي تنظر أرضًا وتقول بأسى مصطنع:
-أنا عارفه إني غلطت كتير بس أخدت جزائي
رمقته بنظرة منكسرة قائله:
-أنا تعبانه وممكن اموت في أي وقت مش عايزه أموت إلا لما تسامحوني
انبسطت ملامح يوسف فلا شماته في مرض اعتدل في وقفته قائلًا:
-اتفضلوا ادخلوا
مسحت دموعها متهلله وهي تنظر لهما نظرات حاقده وراغبة في الإنتقام بأي وسيله دون أن يكتشفوها، كانت صفاء تربت على ظهرها بحنو فقد دخلت لعبتها عليها، والآن تدعو لها صفاء بالشفاء العاجل، استأذنهما يوسف ودخل ينادي فرح ويساعدها بإحضار أكواب من العصير، سلمت فرح عليهما وجلست بجوار يوسف فهتفت حنان:
-أنا مش عايزاكِ تزعلي مني يا فرح أنا كنت بهزر معاكِ بس هزاري طلع تقيل شويه
أومأت فرح رأسها مع ابتسامه ولم تعقب فقال يوسف:
-حصل خير يا مرات عمي
أخذ كل منهم كوب من العصير، كانت حنان تتمنى فرصه واحدة لتضع ما بيدها في كوب فرح لكن لم تسنح لها الفرصه تلك المره، فقامت قائله:
-طيب استأذن أنا بقا
عقبت صفاء:
-ما إنتِ قاعده يا حنان خليكِ شويه
ردت حنان بابتسامه صفراء:
-لأ هبقى أجي تاني
وقفت صفاء قائله:
-خلاص خديني معاكِ
هب يوسف واقفًا وهو يقول:
-رايحه فين يا ماما خليكِ شويه
ربتت على يده قائله:
-هجيلك تاني يا حبيبي
وبعد تبادل السلام غادرا ودخلت حنان بيتها وهي تبتسم بسخريه واعينها تقذف بسهام الكراهيه والحقد….
جلست فرح على الأريكه بوهن فتلك الأعراض مجددًا زيادة في ضربات قلبها ودوار رأسها، جلس جوارها يحدق بها قائلًا:
-مالك يا فرح؟!
عقبت دون أن ترفع رأسها:
-دوخه… عندي دوخه
جلس جوارها قائلًا:
-ايه حكاية الدوخه دي؟ احنا لازم نكشف
عقبت بتبرير:
-لا مش مستاهله هتلاقيني عشان مفطرتش
سرعان ما عاد توازنها وعندما لاحظت اقترابه منه توترت وقامت بهدوء قائله:
-يلا عشان ناكل الأكل جاهز
وبعد تناول الطعام وصل والديها ليطمئنا عليها وسرعان ما غادروا وتركوها وحدها معه مجددًا، جلست على سريرها تفكر لا تعلم لمَ تخشى وجوده وتخاف قربه؟! رغم أنه يعاملها بكل مودة، زفرت بقوه وحملت هاتفها الذي أحضره لها أخاها وابتسمت وهي تفتحه وتشاهد صورها مع أسرتها، وفجأة تجهم وجهها وأدمعت عيناها، تفكر لم الحياة هكذا سريعة الرتم تسحبنا فجأة من جوار من نحب؟! ولماذا تذهب الفتاه لبيت عريسها لم لا ينعكس المنطق ويعيش العريس مع زوجته في بيت أهلها؟! ولمَ تتزوج الفتاة من الأساس وتعيش مع شخص لا تعرفه!! حسنًا إنها سنة الحياة ولابد من الرضوخ لها وبما أن الرجل هو العائل والفتاه هي المعيل لذا يجب أن تعيش الفتاه حيث يقطن زوجها، قاطع تفكيرها طرقاته على بابها مسحت دموعها وردت:
-ايوه فيه حاجه
عقب:
-ممكن أدخل؟
تاكدت من تجفيف دموعها قائله:
-اتفضل
حدق بها للحظات ثم جلس جوارها على السرير وقال:
-هو احنا هنفضل كدا كتير
سألته متعجبه:
-مش فاهمه كدا ازاي؟!
عقب:
-قاعده لوحدك وانا قاعد لوحدي!
فرد ظهره على السرير واردف:
-صحيح يا فرح كنتِ بتحسي بإيه وإنتِ بتقوليلي يا حيوان
ابتسمت قائلة:
-قمة السعاده كنت بحب أعصبك أوي
ابتسم قائلًا:
-ماشي يا فهيمه
نفخت بحنق قائله بحده:
فهيمه ده متنادنيش بيه نهائي فاهم
تقلب على جانبه ونظر لها قائلًا بمكر:
-ليه مش دا اسمك؟!
زمت شفتيها قائله:
-لا مش اسمي ولو سمحت يا دكتور بلاش الاسم ده تاني عشان منزعلش من بعض
ضحك ثم نظر لها بهُيام وهو يدقق بتفاصيل وجهها قائلًا:
-أنا حبيت فرح واسم فرح وأي حاجه تخص فرح
فركت يدها بتوتر فاعتدل جالسًا واقترب منها ليمسك يدها قائلًا بحب:
-الناس كلها بتحب من أول نظره إلا أنا حبيت من أول همسه ومن اول لمسه
ازدردت ريقها بتوتر وسحبت يدها منه ثم هبت واقفه لتهرب منه لكن لدوار رأسها رأي أخر، ترنح جسدها فهب واقفًا ليسندها، فقد هربت من لمسته لتستقر داخل أحضانه، أغلقت عينيها لحظات تنتظر عودة اتزانها، كان يسندها وهو يقول:
-لا يا فرح إحنا لازم نكشف على الدوخه دي
أفلتت نفسها من بين ذراعيه قائله بتلعثم:
-لا أ أنا كويسه…
جلست على السرير وسندت رأسها بيدها، فجلس جوارها يحاول إسناد رأسها على صدره، فاقشعر بدنها وابتعدت عنه، سرعان ما عاد توازنها فقامت لتخرج من الغرفه وهي تقول:
-أنا هعمل شاي تشرب شاي
عقب قائلًا بنزق:
-أشرب شاي يا فرح
وقفت داخل المطبخ تضع يدها على قلبها المرتعد من قربه وهي تقول:
-وبعدين معاك يا دكتور!!!
________________________
كانت حنان تتوارى عن الأعين لتقابلها حتى لا يراها أحد، وبختها قائله:
-إنتِ معتوهه چيالي البيت يا متخلفه
عقبت السيده ساخره:
-بفكرك بيا يا حنان لتكوني نسيتيني
عقبت حنان بحنق:
-عايزه إيه يا ساميه؟!
ابتسمت ساميه قائله:
-هعوز منك إيه غير فلوس
أخرجت حنان ما بحاويتها قائله:
-دول إلي معايا وبطلي تنطيلي كل شويه
رفعت شفتيها لأعلى وهي تقول:
-ايه دول ٢٠٠ جنيه أعمل بيهم إيه أنا عايزه ٥ آلاف جنيه
رفعت حنان سباتها في وجهها قائله:
-إنتِ سحبتي مني بما فيه الكفايه يا ساميه دا إنتِ خدتي مني فوق ٥٠ ألف
عقبت ساميه بسخريه:
-ما أنا برده لو روحت حكيت لسليمان وقولتله إنك زقتيني على جوز أخته واديتيني دوا أحطهوله عشان يغلط معايا ويتجوزني ابسط رد فعل أنه هيطلقك
اندفعت حنان قائله:
-يا بت ال****
ابتسمت ساميه بسماجه وهي تقول:
-تؤ تؤ تؤ تؤ وليه الغلط يا حنان…
أردفت بسماحه:
-ها هتجيبي الفلوس امته يروح قلبي
زفرت حنان بحنق قائله:
-يومين وتعالي خديهم يا ساميه
_____________________________
وفي اليوم التالي دخلت معه للجامعه تسير جواره بصمت، حدجها ذالك الشاب بنظرات خبيثه وهو يقول لصديقه:
-يا بخته
رد الآخر:
-شيل البت من دماغك يا أسامه
عقب بنظرات خبيثه:
-حاولت ومعرفتش… خليني أجرب حظي معاها
عقب الشاب بتحذير:
-إنت كدا هتجيب لنفسك مشاكل
ابتسم أسامه وهو يحدق بأثرها قائلًا:
-أنا بحب المشاكل الي من النوع الحلو ده
جلست في المدرج تنتظر ورقة الأسئله كان يقف أمامها يرمقها بحب بين حين وأخر وكأنه لا يرى غيرها بالمدرج كله، كاد أن بخرج من المدرج ليلقي محاضرته لكن تجهم وجهه فجاه عندما لاحظ جلوس ذالك الشاب “أسامه” خلفها وبدأ يحدثها قائلًا:
-يا ترى مزاكره يا أنسه فرح
حدجته فرح بنزق ولم ترد، هرول يوسف وسحبها من يدها ثم بدل مكانها مع فتاة أخرى ونظر لذالك الشاب بحنق ثم خرج من المدرج، مر اليوم طبيعي وعادت معه من جامعتها لا يتكلم معها كثيرًا وهي لم تقطع الصمت، كانت تسير جواره بكثير من الهدوء، وصلا للبيت فرأى عمه يجلس بالردهه فاتجه نحوه وسلم عليه وسلمت عليه فرح، كان معه أحفاده من ابنته الكبيره “طفلان توأم”، أعطتهما فرح قطعتين من الشيكولاته وتعرفت عليهما كانا بالصف الأول الإبتدائي، حتى صدع صوت عمه الأخر قائلًا:
“ثعلب… ثعلب دخل البيت”
صرخت فرح ووقفت أعلى الطاوله وهي تصيح بهلع:
-هو إنتوا التعالب بتدخل بيتكم كدا عادي
ضحك سليمان قائلًا:
-والله أول مره تحصل حظك حلو
كان الثعلب يركض بأنحاء البيت ويركض خلفه سليمان وأخيه وتصرخ فرح مع الطفلان نظر يوسف لفرح وهتف:
-ادخلي يا فرح الأوضه دي مع العيال
ركضت فرح نحو الغرفه مع الطفلان وأوصد يوسف باب الغرفه من الخارج، وضعت يدها على قلبها تتنفس بارتياح وجلست معهما، هتف أحدهما قائلًا:
-فرح هو الثعلب المكار دا خطير!
عقبت فرح:
-طبعًا أي حد مكار لازم يكون خطير
عقب الطفل الأخر بجديه:
-معنى كدا إن أنا خطير لأن دائمًا ماما تقولي يا مكار
ليرد عليه الأخر:
– ماما دائما تقول لبابا يا مكار وبابا طيب ومش خطير
ضحكت فرح على كلامها وهتفت قائله بمرح:
-اي رأيكم أغنيلكم أغنيه؟!
وقف الطفلان متهللان يؤيدا فرح التي وقفت وبدأت تضرب سطح المكتب بيدها بخفه وتغني: قال الأرنب لأمو تسمحيلي أروح ألعب ماما… قالتله لأ يا ماما يمكن يجيك التعلب
كان الأطفال يرقصا بمرح وهي تغني حتى قالت:
شافه التعلب هجم عليه
فتحت عيونها وأخرجت لسانها، فهتف أحد الطفلان وهو يركض بالغرفه بمرح:
– صار يركض وهو خيفان
ضحكت فرح وهي تنظر على الطفل الذي يركض في أنحاء الغرفه بمرح، فلفت نظرها ذيل طويل يخرج من تحت المكتب الذي يُغطى سطحه بالكامل بمفرش طويل يصل إلى ما قبل الأرض ببضع سنتمترات، ازدردت ريقها بتوتر وهي تقول:
-يارب يكون الي في بالي غلط
سألها الطفل:
-كملي… سكتي ليه يا فرح؟
ازدردت ريقها بخوف ولوت شفتيها لأسفل كأنها ستبكي قائله بصوت مرتعش:
-هنا سأسكت طويلًا
نظر الطفلان لبعضهما ثم لفرح التي تصلب جسدها وقال أحدهما:
-فرح إنتِ كويسه؟!
همست لنفسها بصوت مرتعش:
-يارب يكون ذيل دبدوب
لم تكمل جملتها ووجدت الذيل يتحرك للداخل فصرخت وشاركها الأطفال بدون إدراك لمَ تصرخ! فخرج الثعلب وقف فوق المكتب، وازداد صراخهم ركضت فرح نحو الباب تحاول فتحه لكن قد أوصده يوسف من الخارج فصاحت:
-افتحوا الباب يا ناس التعلب هنا يا ناس
سرعان ما فتح يوسف الباب وهرول الاولاد لأمهما أما فرح فاختبئت خلف ظهر يوسف وهي تقول:
-التعلب جوه
دخل عمه الغرفه ليفتك بالثعلب ويظفر بقتله، ضحك يوسف وهو ينظر لفرح قائلًا:
-إنتِ المصائب بتجري وراكِ
وهنا تجهم وجهها وبكت طالأطفال وهي تقول:
-أنا خوفت أوي والله خوفت أوي…
تحولت ملامحه للجديه وضمها ليربت على ظهرها ويطمئنها، وفي تلك اللحظه دخلت حبيبه للمنزل ورأت المنظر، فتنحنحت بإحراج، خرجت فرح من بين أحضانه بارتباك وقالت:
-لو سمحت عايزه أطلع شقتي
______________________________
-إنتِ مشوفتهوش كان حاضنها ازاي؟!
قالتها حبيبه وهي تجفف دموعها بعد أن سردت على أختها الموضوع للمرة العشرون، ردت حنان بنبرة هادئة:
-يا بت اهدي بقا قولتلك هعدمهالك العافيه
نفخت حبيبة بحنق قائله:
-مش قادره يا حنان أنا متغاظه من البت دي قوي… ربنا ينتقم منها
ربتت حنان على ظهرها وقالت:
-متقلقيش مسألة وقت وأنا مستنيه الوقت المناسب عشان أنفذ إلي اتفقنا عليه
______________________________
وبعد أن بدلت فرح ثيابها هتفت قائله:
-أنا كنت مرعوبه والله لو كنت اتأخرت ثانيه كمان كنت هموت من الرعب
عقب وهو ينظر لها مبتسمًا:
-بعد الشر عليكي يا فروحتي
سألته:
-هتتغدى؟!
عقب قائلًا:
-ياريت عشان عايزك في موضوع ضروري بعد الغدا
سألته:
-موضوع ايه ده؟!
غمز لها:
-بعد الغدا هتعرفي
مر الوقت وبعد الانتهاء من تناول الطعام قامت تغسل الأطباق ليس إلا لتتهرب من تلك النظرات التي يصورها نحوها فتبعها ووقف جوارها بالمطبخ صامتًا للحظات يفكر كيف يبدأ ثم سألها:
-فرح هو إنتِ اتجوزتيني ليه؟!
أجابته بسؤال:
-هي الناس بتتجوز ليه؟!
عقب قائلًا:
-فيه ناس بتتجوز عشان بتحب وناس بتتجوز عشان تعمل أسره
ابتسمت قائله:
-أنا بقا اتجوزتك عشان الناس كلها بتتجوز يعني سنة الحياه
سألها بمكر:
-واشمعنا أنا؟
أجابت:
-نصيبي بقا يا دكتور
انتهت ومسحت يدها وكادت أن تغادر المطبخ فمسك يدها قائلًا:
-اسمي يوسف يا فرح مش دكتور ومش حضرتك
سحبت يدها من يده وتنحنحت قائله:
-معلش أنا لسه مش متعوده
ابتسم متخابثًا وهو يقول:
-طيب قولي ورايا عشان تتعودي… يوسف
ولتخفي توترها وتهرب منه عادت تبحث عن وعاء الشاي قائله:
-أنا هشرب شاي أعملك معايا
غمز لها وهو يقول:
-اعمليلي وتعالي مستنيكِ عشان نتكلم
أعدت الشاي وخرجت إليه، إعتدل في جلسته وهو ينظر لها مبتسمًا قام من مكانه وجلس جوارها مباشرة حتى إلتصق جسده بها فابتعدت قليلًا ليقترب مرة أخرى فابتعدت ليقترب وظلا هكذا حتى وصلت لنهاية المقعد، فوقفت وعدلت نظارتها بارتباك وهتفت:
-فيه حاجه يا دكتور؟
وقف أمامها وحدق بمقلتيها بعد أن أزال نظارتها عن وجهها قائلًا بكثير من الحب:
-فرح أنا بحبك
أخذت النظاره من يده وهرولت نحو المطبخ وهي تقول:
-أنا هشرب قهوه أعملك معايا؟!
ركض خلفها ومسكها من يدها لتقف ثم نظر لوجهها قائلًا:
-فرح بقولك بحبك
أفلتت يدها منه وعادت خطوتين للخلف قائله:
-إنت بتبصلي كدا ليه وعايز مني إيه؟
حدق بها قائلًا بابتسامه:
-هعوز ايه؟! واحد بيحب واحده ومتجوزها هيكون عايز إيه؟
نظرت للأرض فرفع وجهها إليه وقبلها من إحدى وجنتيها لتضربه كفًا على وجهه فيصدر ضجيجًا عاليًا حتى أن صداه قد دخل قلبها فآلمه، وضع يوسف يده يتحسس مكان ضربتها وتجهم وجهه قائلًا:
-امشي من قدامي يا فرح
وضعت يدها على فمها بخوف وهي تقول:
-أنا آسفه يا دكتور
لم يرفع نظره إليها وقال:
-امشي يا فرح لو سمحتي
هرولت نحو غرفتها وجلست على طرف السرير تأنب نفسها على ما فعلت!
______________________________
وفي اليوم التالي ارتدت ثيابها لتذهب لجامعتها فامتحانها سينعقد الساعه العاشرة صباحًا، ولم تخرج من غرفتها منذ البارحه إلا مرتين وفي خلالهما لم تراه، تذكرت ما فعله يوسف بالأمس ورد فعلها عليه ونفخت بحنق، خرجت من غرفتها تبحث عنه تريد أن تعتذر عما بدر منها فقد بالغت برد فعلها وهو أيضًا بالغ برده، فهو زوجها ويحق له ما فعل لكنها حمقاء ومتهوره، كان يجب أن تتريث وتشرح له مخاوفها، بحثت عنه بالغرفة الأخرى فلم تجده، وبعد.كثير من البحث علمت أنه قد ذهب للجامعه فارتدت حذائها وذهبت للجامعه واثناء طريقها وقبل أن تصل كانت تسير في شارع جانبي يكاد يخلو من الماره رن هاتفها برقم أخيها ولكن قبل أن ترد عليه انتهت المكالمه فوقفت لتطلب رقمه، أقبلت نحوها فتاة فظنت فرح أنها ستسألها عن شيء، لكن وقفت الفتاه يسارها وشاب احتل يمينها وصوب آلة حاده على جانبها دون أن يراه أحد قائلًا بخفوت:
“طلعي الي معاكِ من غير نفس”
ردت بخوف:
-أنا معيش حاجه والله غير الموبايل
أخذ الشاب الموبايل من يدها بعنف ومسكت الفتاه الحقيبه من يدها وهي تقول:
-هاتي الشنطه دي
تشبثت فرح بحقيبتها بخوف فحرك الشاب سلاحه على خصرها وبخوف خلعت الحقيبه وسلمتها إياها، أخذ الشاب الحقيبه ووضعت الفتاه يدها على أذن فرح وقالت:
-دي لابسه حلق يا ريس!
ابتسم الشاب قائلًا وهو يتفحص يديها هي الاخرى:
-اخلعي الحلق والساعه والدبله دي
____________________________
لاحظ يوسف تأخرها فقد بدأ الإمتحان ولم تأتي بعد نفخ بحنق وهو يقطع المدرج ذهابًا وإيابًا، وطلب هاتفها مرة أخرى لكن يأتيه صوت” الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح..”
نظر لساعته فقد مر ربع ساعة من الإمتحان ولم تأتي، نظر نحو الباب وتهلل وجهه حين رآها تدخل المدرج لكنها متجهمة الوجه عابسة الملامح ظن أنه بسبب ما فعله بالأمس أنبه ضميره، وأتجه نحوها ليعطيها ورقة الأسئلة وهو يسألها:
-إيه إلي أخرك كدا؟!
حدقت به للحظات ثم أخذت الورقه وجلست بدون أن تنبس بكلمه، وضعت الورقه أمامها كانت في حالة من الصدمة و….

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

حدقت به للحظات ثم أخذت الورقه وجلست بدون أن تنبس بكلمه، وضعت الورقه أمامها كانت في حالة من الصدمه سندت ظهرها للخلف، ظل ينظر إليها لدقيقه لكنها لم تصدر أي فعل، جالسه تنظر أمامها فحسب، اتجه نحوها ووقف جوارها قائلًا:
-مبتحليش ليه يا فرح!
رمقته بتجهم قائله بخفوت:
-معيش قلم
وضع القلم أمامها وهو يرمقها بسخريه فما هذا الإهمال! أيذهب أحد لإمتحانه بلا قلم!!! هتف قائلًا بنبرة ساخرة:
-إنتِ جايه الإمتحان من غير قلم!
لم تعقب فانصرف من أمامها، وهو يرمقها بكثير من الغيظ، نظرت بورقة الأسئلة لكنها لا تكاد تدرك أي شيء، خلعت نظارتها ووضعتها على الورقه وهي تنفخ بحنق، تذكرت ما حدث وكيف أجبرها اللصان على نزع قرط أذنها ودبلتها حمدت ربها أنهما ليسا من الذهب، لكن ما يزعجها هو فقدان هاتفها وحقيبتها فلم يعد معها أي شيء،وضعت يدها تتحسس مكان الآلة الحاده التي أوشكت أن تغرز بجسدها فقد كانت على وشك الهلاك، أخرجها من شرودها صوت الدكتور الأخر قائلًا:
-يلا يا شباب باقي ربع ساعه
ارتدت نظارتها ونظرت للورقه في سرعه لكن لا تستطيع تجميع الكلمات وكأنها نسيت كيف تقرأ الحروف ولم تتعلم يومًا الابجديه، أغلقت عينيها وفتحتها عدة مرات وحدقت بالورقه، بدأ الطلبه من حولها بتسليم أوراقهم والخروج وهي على حالتها تركت القلم من يدها، فقد يأست أن تكتب أي شيء، سندت رأسها للأمام وانخرطت في بكاء عميق، أما يوسف فلا يعلم ما أصابها أقبل نحوها مجددًا وناداها:
-فرح إنتِ مبتحليش ليه؟!
رفعت راسها وخلعت نظارتها وهي تقول ببكاء:
-أنا مش عارفه أحل حاجه!
نظر لها بتمعن وسألها:
-إنتِ مزاكرتيش؟!
شهقت بالبكاء وعقبت:
-أنا مزاكره والله بس مش عارفه أجمع كلمه واحده
عقب بنبرة هادئة:
-طيب اهدي وخدي نفس عميق وواحده واحده أنا قاعد معاكِ لحد ما تخلصي
فعلت ما قاله ومسحت دموعها ثم ارتدت نظارتها وبدأت تهدئ من روعها وتكتب، كان يتابعها وينظر ليدها المرتعشه التي تحاول السيطرة عليها لتكتب بسرعه، سرعان ما انتهت وسلمته ورقتها قائله:
-انا كتبت إلي قدرت عليه
تفقد ورقتها قائلًا:
-ماشي يا فرح استنيني ربع ساعه هخلص ونمشي مع بعض
أومات رأسها مؤيده وقالت:
-هجيلك على المكتب
اومأ رأسه وغادر وتركها تندب حظها قائله:
-مكنش يومك يا فرح… اتثبتتِ واتسرقتِ في وضح النهار
نفخت بحنق وقامت من مكانها قائله:
-ربنا ينتقم منهم أنا مش قاهرني إلا الموبايل
بقلم: آيه السيد
__________________________________
خرجت من المدرج لتتفاجئ بذالك الشاب السمج يحدق بها، رمقته بطرف عينيها ووقفت تربط حذائها ثم نظرت نحوه مجددًا فوجدته مازال محدقًا بها بابتسامة خبيثه، اقترب نحوها قائلًا بخفوت:
-جوزك مقضيها يا بخته البنات كلها بتلف حواليه
أشار لها ناحية يوسف الذي يقف مع فتاتين ويتحدث معهما مبتسمًا، إشتعلت نيران الغيره بقلبها واتجهت نحو يوسف الذي ترك الفتاتين وغادر لتسمع الفتاه تتحدث مع صديقتها قائله:
-والله دكتور لذيذ جدًا
وقفت فرح جوار الفتاه وقالت بغيظ وهي تربت على كتف الفتاه:
– عيب عيب يا حبيبتي
رمقتها فرح بغضب وهي تغادر قائله:
-قال لذيذ قال
نظرت الفتاه لصديقتها قائله:
-مين المجنونه دي؟!
ضحكت صديقتها قائله:
-تلاقيها واحده من المعجبات بتاعت الدكتور
ليتبادلا الإثنان الضحك وهما يسخران من فرح
_______________
كادت أن تطرق باب مكتبه لكنه خرج وهتف بحده:
-فين موبايلك برن عليكِ مغلق
ردت بنبرة هادئه:
-موبايلي اتسرق
جحظت عينيه قائلًا بصدمه:
-ايه… اتسرق؟!
هزت راسها ببرود قائله:
-أيوه اتنين حراميه ثبتوني وخدو مني كل حاجه حتى الدبله والحلق
عقب بقلق:
-ازاي ده؟ طيب إنتِ كويسه! احكيلي حصل ازاي؟
أخذت نفسًا عميقًا وزفرت الهواء بقوه قائله:
-هحكيلك في الطريق
سارت جواره تقص عليه ما حدث بالتفصيل وهي تسب وتلعن هذان اللصان، فأخذها يوسف وقدم بلاغًا بمفقوداتها، وأثناء الطريق أوقفها رافعًا سبابته في وجهها وقائلًا:
-استنيني هنا خمس دقايق ومتتحركيش عشان مش عايز كوارث جديده
اومأت رأسها بابتسامه مصطنعه وهي تقول:
-حاضر مش هتحرك
تركها تقف أمام إحدى المحلات بمنتصف السوق ودخل لمحل أخر، وكان ينظر إليها كل دقيقه ليتأكد من وجودها حتى انشغل عنها أما هي فرأت حنان تقف مع ساميه في ركن بعيد ويبدو أنهما يخططان لشيء، جحظت عيناها في دهشه وهي تقول:
-حنان مع ساميه لا دا الموضوع فيه إن وأخواتها الخمسه
نظرت نحو يوسف فاطمئنت حين وجدته منشغلًا وهرولت نحوهما ووقفت تتوارى خلف حائط لتستطيع سماع ما يقولان وتختلس النظر إليهما من حين لأخر فسمعت:
-خدي دول خمسة آلاف وابعدي عن طريقي بقا يا ساميه
-لأ يحلوه زودي الفلوس أنا عايزه ١٠ آلاف!
شهقت حنان متعجبه وهي تقول:
-دا ليه بقا إن شاء الله؟!
مطت ساميه العلكه بفمها وهي تقول ببرود:
-عشان عرفت إنك أخدتي مزاج من الواد كرم وعرفت كمان ناويه تعملي بيه ايه…
ضحكت ساميه بسماحه وهي تقول:
– مش ناويه برده تشربيه لبنت هشام عمران أنا عارفه دماغك كويس يا ست حنان
فغرت حنان فاها بصدمه وهي تقول:
– دا إنتِ ماشيه ورايا بقا! يا تربيه وس**
ضحكت ساميه بمياعه قائله:
-تربيتك يا حنونه… ولا نسيتِ الخطه الي عملناها على إيهاب زمان
ارتعشت شفتي حنان من شدة الغضب لكن حاولت التظاهر بالهدوء وهي تقول:
-ماشي يا ساميه هجهزلك الفلوس بس على ما أجهزهم لو فتحتِ بوقك بحرف هخفيكِ من الوجود
تشدقت ساميه بالعلكه وقالت:
-متقلقيش أهم حاجه تجهزي الفلوس وطول ما فيه تمويل أنا ساكته
غادرت ساميه وهي تبتسم بخبث، ووقفت حنان تنظر لأثرها بشر وهي تقول:
-إنتِ عرفتِ عني أكتر من الازم يا ساميه! بس أنا هعرف أتصرف معاكِ……..
دخلت فرح لصيدليه مجاوره لتختبئ حتى يغادرا، وضعت يدها على فمها بصدمه مما سمعته للتو، ما هذا الشر! أيعقل أن نخشى شياطين الجن ونحن نعيش مع شياطين الإنس الأشد كيدًا ومكرًا! هزت رأسها باستنكار وهمست:
-ماشي يا حنان إنتِ وساميه فرح بدأت عليكم الحرب
اشترت أشياء من المتجر جوارها ستحتاجها بتلك الحرب لكن تذكرت أنها لا تمتلك أي أموال فنظرت للبائع قائله:
-هجيب فلوس بس ثواني
عل جانب أخر نفخ بحنق فقد بحث عنها كثيرًا، أين اختفت تلك الكارثه المتحركه! رأها تأتي فضغط على أسنانه وقال بملامح مجعده وبنبرة حاده:
-مش قولتلك متتحركيش من مكانك!
تلعثمت قائله ببعض الإحراج:
-معلش كنت بشتري طلب من الصيدليه ممكن تديني فلوس
أخرج أموال من حاويته وأعطاها إياها قائلًا:
-اتفضلي يا غلطة عمري
أخذت الأموال من يده وهي تبتسم ابتسامة صفراء وتقول:
-شكرًا
_____________________________________
دخل نوح للبيت وهو يهتف:
-الحقيني يا ماما أنا واقع من الجوع
خرجت مريم من المطبخ قائله:
-ماما مش هنا بس هجهزلك الأكل حالًا
ابتسم قائلًا بسعاده:
-مريوم بتعملي إيه هنا؟!
عقبت قائله:
-جدو وحشني جيت أشوفه وبالمره أشوف ألوان الشقه
اقترب منها قائلًا بهيام :
-وحشتيني أوي
ابتعدت خطوتين قائله:
-احترم نفسك يا نوح عيب
اقترب منها مرة أخرى حتى حاصرها بذراعيه وبدأت تشعر بأنفاسه على وجهها وهو يقول:
-مهو مينفعش برده نحط النار جنب البنزين ونقولها إوعي تلمسيه
قاطعه صوت اغلاق الباب ودخول والدته قائله:
-يا مريم هو نوح جه
تلعثمت قائله:
-أ ايوه بعمله الغدا أهوه يا ماما
وقبل أن يخرج من المطبخ ألقى لها قبلة في الهواء، وهو يقول :
-شهر واحد وهتبقي في بيتي
غمز لها قبل أن يغادر فرمقته مريم بغيظ قائله:
-امشي يا نوح ربنا يهديك
تنفست بعمق ووقفت تجهز الطعام
____________________________________
“البنت وقفت على يميني لا لا على شمالي والشاب وقف على يميني وحط المطوه في جنبي و…”
قالتها فرح وهي تجلس على الأريكة المقابلة ليوسف قاطعها يوسف قائلًا بنزق:
-ما خلاص يا فرح حكيتيلي ميه مره
تجعدت ملامحها متجاهلة كلامه وقالت:
-خدو موبايلي وحلقي ودبلتي وشنتطي
أردفت متهلاه:
– بس الحمد لله إن الحلق والدبله مش دهب دا أنا كنت أروح فيها
تجمع وجهها مردفة:
-بس الي واجعلي قلبي بجد الموبايل ولاد ال….
نفخ بحنق ولم يعقب فنظرت له قائله:
-إنت مالك مش طايقلي كلمه كدا دا بدل ما تطبطب عليا وتواسيني إنت مش زوج صالح علفكره
فتح جهاز الابتوب وحدق بشاشة الجهاز قائلًا:
-ورايا شغل يا فرح متعطلنيش
وقفت وأخذت هاتفه من أعلى الطاوله وهي تقول:
-أنا هقوم أكلم ماما حبيبتي أحكيلها
كادت أن تغادر فناداها محذرًا:
-متخلصيش الباقه يا فرح عايز اعمل مكالمه مهمه
أشاحت بيدها بلامبالاه ودخلت غرفتها لتحكي لوالدتها ما حدث بالتفصيل الممل، وبعد ساعه أنهى عمله وهب واقفًا وركض لغرفتها حين تءكر أن مجنونته تتحدث عبر الهاتف منذ أكثر من ساعه، وقف على باب غرفتها ليسمعها تقول:
-بس الموضوع دا سر يا ماما مش عايزه حد يعرف إني اتقلبت
ردت والدتها بتأيد:
-متقلقيش طبعًا محدش هيعرف…
أردفت والدتها بحنو:
أنا جيالك دلوقتي تحبي أجيبلك حاجه معايا؟!
ابتسمت فرح قائله:
-ايوه هاتيلي شيبسي وشيكولاته ديري ميلك
-حاضر يحببتي
أكملت فرح بنبره حزينه:
-ولب يا ماما لب عشان أطلع الطاقه السلبيه الي جوايا
مصمصت شهناز شفتيها بحسره قائله:
-حاضر يا قلب امك
أكدت عليها فرح قائله:
-ومتقوليش لأي مخلوق بابا نفسه متقوليلهوش
-خلاص يا بت سرك في بير
همست فرح قائله بقلق:
-يلا مع السلامه عشان الراجل الي بره ده هينفخني لو عرف إني بكلمك بقالي ساعه
لم تسمع صوت والدتها مجددًا فنظرت للهاتف تقول:
-هي الشبكه فصلت ولا إيه!
أغلقت الهاتف ووضعته جوارها وهي تنفخ بحنق فدخل إليها قائلًا:
-ساعه ٦٠ دقيقه كلام يا مفتريه
ابتسمت وهي تقول:
-لاوالله ٥٥
أخذ هاتفه من جوارها وطلب الرقم الذي يريده لياتيه صوت الشركه: “رصيدك خلص بس الكلام لسه مخلصش….”
نظر إليها وهو يضغط بقواطعه العلويه على شفته السفليه بكثير من الغضب، ازدردت ريقها بتوتر قائله:
-مالك إنت هتتحول ولا إيه!
قبض يده بقوه وهو يزمجر ضاغطًا على أسنانه فاردفت فرح قائله:
-إهدى العصبيه مش حلوه
هبت واقفه وهي تقول:
-هعملك عصير ليمون حالًا يروق دمك ويهديك
كادت تفر من أمامه فمسكها من ملابسها يرفعها لأعلى كاللص وهو يقول:
-بت هو أنا مش قولتلك عندي مكالمه مهمه
-اهدى بس يا دكتور كل حاجه تتحل بالهداوه… ابعتلبه كلمني شكرًا
ضغط على أسنانه بغضب وقال:
-ابعت للعميد كلمني شكرًا… أمشي يا فرح من قدامي
فرت من أمامه لكن أدخلت رأسها من الباب قائله:
-خلي بالك إنت بتعاملني وحش وأنا هشتكيك لأمك
أخد الوساده من فوق السرير وقذفها في وجهها وهو يقول:
-امشي يا بت
__________________________________
خرجت شاهيناز للحديقه التي يجلس بها نوح مع والده وجده وعمه زيد يلعبان الدمنو وهتفت بحسره:
-الحقوني البت فرح اتثبتت في قلب الشارع واتسرقت
هتف الجد بدهشه:
-ايه الي حصل؟!
سحبت شاهيناز مقعد وجلست قائله:
-هحكيلكم بس الموضوع سري متقولوش لحد!
__________________________________
دخل للمطبخ ليجدها تعد القهوه رمقها بغيظ قائلًا:
-طبعًا حكيتِ لمصر كلها إنك إتسرقتِ
هتفت بتبرير:
-لأ والله مقولتش إلا لمامتي ونبهت عليها إن الموضوع سري للغايه
قاطعهما رنين جرس الباب، فتح يوسف الباب ليجد صفاء التي هتفت بلفه:
-صحيح فرح اتثبتت واتسرقت؟
سألها يوسف بدهشه:
-إنتِ عرفتِ منين؟!
عقبت صفاء:
-لسه مامتها مكلماني وقيلالي
ضحك قائلًا:
-ادخلي يا ماما
وبمجرد أن أغلق الباب رن الجرس مجددًا ليجدهم عائلة فرح بأكملها، هتف الجد:
-ازيك يا دكتور يوسف خير فرح مالها
-الحمد لله بخير اتفضلوا يا جماعه مش هنتكلم على الباب
وبعد تبادل السلامات خرجت فرح تربط رأسها بصريقه مضحكه كمن يعاني من الم الرأس “الصداع” سلمت عليهم جميعًا وأخذت الحقيقه من يد والدتها وهي تهمس لها:
-دا الي سرك في بير يا شاهيناز
همست شاهيناز:
-متقلقيش مش هيقولوا لحد
رفعت فرح كتفها وابتسمت قائله بسخريه:
-طبعًا مهو معدش حد أصلا عشان يقولوله
قاطعها جدها سائلًا:
-ايه الي حصل يا فهيمه احكيلنا؟
سردت الحكايه كامله بتفاصيلها وانتهت قائله بنواح:
-حفيدتك اتثبتت يا جدي
هتف هشام “والدها”:
-المهم تكونوا عملتوا بلاغ
عقب يوسف:
-ايوه ايوه عملت بلاغ
خبطت فرح على فخذها قائله:
-هو الي بيروح بيرجع يا جدو
اقترب الجد يضمها ويربت على ظهرها قائلًا:
-فداكِ ألف موبايل يا حبيبة جدك متزعليش نفسك
هتفت فرح ببكاء مصطنع:
-من يوم ما اتجوزت يا جدو والمصايب نازله فوق دماغي أنا باينلي اتحسدت
عقب نوح قائلًا:
-معلش يا حبيبتي ابقى ارقيها يا يوسف
كان يوسف يتابع حركتها وكلامها مصدومًا من حركاتها وعقب بسخريه:
-حاضر يا نوح هرقيها حاضر
رن هاتف والدتها فصوبته تجاه فرح قائله:
-خدي كلمي خالتك عايزه تطمن عليكِ
رمقتها فرح بطرف عينيها قائله:
-هي خالتي كمان عرفت يا نبع الحنان
أومأت شهناز رأسها بابتسامه فهتفت فرح بهمس وهي تأخذ الهاتف:
-مكنتيش تتعبي نفسك ونادي في ميكرڤون الجامع يا شاهيناز
وبعد أن انهت المكالمه سحبتها والدتها للمطبخ وهي تقول:
-قومي نجيب حاجه للجماعه يشربوها
وقفت فرح جوار والدتها بالمطبخ تقشر اللب وتأكله رمقتها والدتها بغيظ ولكزتها في ذراعها قائله:
-دا منظر عروسه مكملتش اسبوع جواز
مضغت ما بفمها قائله:
-ماله منظري ما أنا لابسه من الهدوم الجديده
زمت والدتها شفتيها قائله:
-رابطه دماغك ولا إلي عندها عيلين بتجري عليهم كدا ليه
لمست شهناز شعرها وهي تقول ساخره:
-ودا منظر شعر عروسه قولتلك افرديه يا بت زي العرايس
ردت وهي تقشر حبة اللب:
-يا ماما بقا أنا بحبه على طبيعته… لو سمحتِ بلاش تنمر
قاطعتهما صفاء التي دخلت المطبخ قائله:
-متزعليش نفسك يا فروحه فداكِ يحببتي
ادعت فرح الحزن وارتمت بحضن صفاء قائله:
-الحمد لله على كل حال يا ماما
ربتت صفاء على ظهرها بحنان فسحبتها شهناز من حضن صفاء قائله:
-بطلي كُهن يختي وامشي قدامي نطلع العصير دا ربنا يصبره عليكِ
ضحكت صفاء قائله:
-فعلًا ربنا يعوض عليك يبني
_____________________
وبعد فتره ودعهما الجميع ولكن قبل مغادرة شاهيناز مسكت ذراع فرح لتنبهها قائله بهمس:
-سرحي شعرك واخلعي القرف الي على راسك ده
هزت راسها بنفاذ صبر قائله:
-حاضر يا ماما
وبعد مغادرة الجميع دخلت فرح غرفتها لتبدل ثيابها وتتزين كما أوصتها والدتها، رفعت شعرها لأعلى وشذبته بطريقة رائعة ابتسم حينما رأها تقبل نحوه وتجلس مقابله على الأريكة لتشاهد التلفاز فقام وجلس جوارها قائلًا بهُيام:
-إيه القمر ده
ابتسمت بخجل قائله:
-شكرًا
قبلها من رأسها فتقبلت الموضوع بهدوء لا تريد أن تشحن الجو بينهما مجددًا، ظل يتأملها ثم مسك يدها قائلًا بحب:
-بحبك أوي يا فرح
أزاح خصلة شعرها عن وجهها وقال وهو يتأمل ملامحها:
-بحبك بكل جنانك
أردف يوسف بهُيام:
-إنتِ إحتليتِ قلبي دا إسرائيل محتلتش فلسطين كدا!
ابتسمت على غزله اللطيف ولتهرب من نظراته هتفت:
-أعملك قهوه؟!
هز رأسه معترضًا وهو يقول:
-لأ مش هتهربي مني الليله!
ازدردت ريقها بتوتر قائله:
-طيب أنا هقوم أشرب وأجي
غمز بعينيه قائلًا:
-وأنا هاخد شاور وأجيلك
ابتسمت له بتصنع ودخلت للمطبخ وقفت حائره وضربت يدها على سطح الرخام قائله:
-يالهوي دا شكله ناوي على قلة أدب
اتسعت ابتسامتها حين خطرت لها تلك الفكره الشيطانيه وهي تقول:
-سامحني يارب
كان في الحمام فنادته قائله:
-تحب أجهزلك البيجامه على ما تخرج
ابتسم قائلًا:
-ياريت يا فرح
اتسعت ابتسامتها وقالت بخبث:
-من عنيا الجوز
فتحت تلك الورقه وبدأت تضع منها على ملابسه وهي تقول بأسى:
-أنا آسفه يا دكتور
تركتها على السرير وخرجت، فدخل يوسف للغرفه وهو يغني وهي تتابعه بتوجس، وقف أمام المرآه يضع عطره المميز، لكن فجاه شعر بحكة شديده بدأ يفرك جسده بقوه وهو يقول:
-البيجامه دي شكلها فيها حاجه!
كانت تراقبه وتكتم ضحكاتها، دخلت الغرفه وسألته:
-مالك يا دكتور
– مش عارف أنا جالي حساسيه ولا إيه!!
دخل يوسف مرة أخرى ليغسل جسده الذي بدأت الحكه تشتعل به، وفرح تراقبه بخبث، وبعد أن خرج وارتدى ثياب أخرى دخل للمطبخ ليشرب المياه لكن تلك الحكه أشتعلت بجسده مجددًا، بدأ يحك جسده ويفرك بانحاءه بطريقة مضحكه، فضحكت فرح وهي تقول:
-تحب أساعدك لو عاوزيني اهرشلك عادي قول متتكسفش الناس لبعضها
رمقها بغيظ ودخل الحمام مجددًا ليغسل جسده، ابتسمت بخبث فقد رتبت جيدًا وأغلقت مقبض المياه لينقطع وصولها للحمام، ناداها:
-شغلي الماتور يا فرح
ابتسمت بمكر وهي تجيب:
-دا المايه قطعت يا دكتور
نفخ بحنق قائلًا:
-طيب شوفيلي اي مايه عندك بسرعه
كبحت ضحكتها وهي تقول:
-مفيش مايه انزل أجيبلك شوية تراب تتيمم
ضحكت بقوه، وهنا شك يوسف بأنه مقلب من مقابلها فاتجه للمقبض المتحكم بالمياه وفتحه فنزلت المياه، انتهى سريعًا و ارتدى المنشفه “البرنص” وهو يشتعل غضبًا من تصرفها الطفولي، خرج مسرعًا ليبحث عن ملابس أخرى بغرفة النوم فلفت نظره ورقه مكتوب عليها “بودرة العفريت” اشتغلت نيران الغضب بداخله، وحمل منفضة السجاد بيد وبالأخرى الورقه وخرج إليها.
كانت تشاهد مسلسل بالابتوب الخاص به باستمتاع وكأنها لم تفعل شيئًا، قذف الورقه في وجهها وضغط على أسنانه قائلًا بنبرة حاده:
-بودرة عفريت يا فرح!
هبت واقفه واتسعت حدقتيها وهي تبدل نظرها بينه وبين الورقه قائله بخوف:
-وحد الله ومتخليش غضبك يسيطر عليك
هز العصا وهو يقول:
-وربي وما أعبد لازم تاخدي علقه
صعدت على الأريكه تقف عليها قائله:
-اعقل يا دكتور اعقل ومتضحكش الناس علينا
ضرب بالعصا على الأريكه فأصدرت ضجيجًا وهتف:
-لأ أنا عايزهم يضحكوا
نزلت عن الأريكه تركض وهو يركض خلفها بتلك العصا ويضرب أي شيء يقابله بها وهي تصرخ وقفت أعلى السرير وهي تقول بخوف:
-طيب سماح المره دي والله ما هعمل حاجه تاني
قفز نحوها واستطاع مسكها من ذراعها قائلًا بنبرة حاده:
-جيبالي بودرة عفاريت يا فرح؟
صرخت:
-والمصحف ما كانت ليك بس إنت إلي اضطريتني أعمل كده!
ضربها على ظهرها فصرخت وهي تلمس مكانها:
-اااه والله بتوجع
عقب قائلًا:
-ما أنا عارف إنها بتوجع وأنا عايزها توجع
ضربها مرة أخرى فصرخت بقوه وهي تنادي:
-الحقيني يا ماما صفاء ابنك اتجنن
وضع يده على فمها ليكم صراخها
-مسمعش نفس يا بت وإلا هنفخك ضرب
تركها وهو يدفعها قائلًا:
-اختفي من قدامي حالًا
وبمجرد أن أفلتها ركضت للغرفة الأخرى وأغلقت الباب عليها وقفت تتحسس مكان الضربه متاوهة ثم قالت:
-بجد عصبي ومجنون
________________________________
مرت الأيام وفرح تراقب حنان وضعت بودرة العفريت في حذائها وكانت تراقبها باستمتاع شديد حين تضع قدميها تحت المياه كلما لبست حذائها، وفي تلك الفتره ابتعد عنها يوسف ليعاقبها عما فعلته، وهي تأبى أن تحدثه حفاظًا على كرامتها وكبريائها لكن طالت الفتره فقد مر إسبوعان على تلك الحاله وهو يحدثها برسمية وجمود، وفي هذا اليوم بعدما صلت فريضة العصر، قررت التنازل عن كبريائها لتمزح معه، بحثت عنه فوجدته يجلس على الأريكة يحدق بشاشة اللابتوب، فاتجهت نحوه ووقفت أمامه قائله بمرح:
-اضربني بسرعه عايزه أعيط
لم يرفع عينه عن الجهاز وقال بجديه:
-إمشي يا فرح أنا مش فايق لهبلك
وضعت يدها حول خصرها قائله بمزاح:
-بس أنا مش هبله علفكره!
ابتسم بسخرية قائلًا:
-وهي دي تصرفات واحده عاقله!
أنزلت يدها لتستقر جوار جسدها وقالت بجديه:
-هو إنت مش عاجبك تصرفاتي؟
رد بنفس الجديه:
-الصراحه لأ… أعقلي شويه يا فرح إنتِ مش صغيره
صمتت ووقفت تحدق به فنظر لها وسألها:
-سكتي ليه؟!
ردت بعبوس:
-بفكر في كلامك
اومأ رأسه قائلًا بجديه:
-أيوه ياريت تفكري كويس جدًا دا لو بتعرفي تفكري يعني
شعرت بغصه في حلقها فسألته بتعجب:
-هو حضرتك بتستهزأ بيا؟!
عقب بجمود:
-فرح أنا مشغول وإنتِ معطلاني!
تقوس فمها لأسفل كانت على وشك البكاء لكن قررت أن تتصرف مع ما تبقى من كرامتها فهتفت:
-ماشي أنا أسفه لحضرتك
استدارت لتغادر لكن تعرقلت قدمها في طرف السجاده ووقعت، فابتسم بسخريه قائلًا:
-اهو ده من ضمن الهبل برده! ركزي شويه يا فرح
وقفت مرة أخرى وسألت الدموع على وجهها قائله:
-علفكره أنا مش هبله…
شهقت ورفعت كتفها لأعلى قائله باستنكار:
– أنا بس متوتره من كل حاجه بتحصل حوليا
أغلق الابتوب فهو ضعيف تجاه تلك الدموع وذالك الحزن الذي يطعن قلبه قبل قلبها، أما هي فاحتل قلبها حزن العالم تتسائل لمَ أصبح باردًا لتلك الدرجه، هل قل حبها في قلبه أم أنها لم يحبها من الأساس ويريد إشباع رغبته منها لا أكثر! اقترب منها وحاول ضمها فانفلتت منه قائله ببكاء:
– أنا فجأه لقيت نفسي متجوزه… معرفش إزاي دا أنا كنت لسه طفله امبارح!
ابتسمت بألم من خلف دموعها قائله:
-هي المسؤوليه كدا بتخدعك وتكون خفيفه أوي لحد ما تشيلها وتفضل تزيد على كتفك لحد ما تنحني
جلست على المقعد خلفها قائله بحزن:
-إنت بتضغط عليا طول الوقت مبتفكرش إلا في حاجه واحده وعايز توصلها… مش مهم بقا أحبك محبكش هو كدا وخلاص… إجبار
انحنى أمامها ونظر لعينيها قائلًا:
-يعني إنتِ معندكيش أي مشاعر من ناحيتي يا فرح؟!
حاولت أن ترد له صفعته بتركه لها اسبوعين بلا كلام فردت بكل غباء:
-انا مش قادره اتقبل وجودك في حياتي
تجهمت ملامحه ووقف قائلًا بتحدي:
-بس إنتِ مجبره تتقبلي وجودي وتحبيني يا فرح ومتحلميش إني ممكن أسيبك
قال جملته وغادر تاركًا الشقه بأكملها، فمسحت دموعها وهي تبتسم على جملته الأخيره، فهي تحبه وتعشق وجوده، نظرت لاثره بحب وقالت بهُيام:
-اه لو تعرف إلي في قلبي…
مر الوقت وأذنت العشاء ولم يعود للبيت أو هكذا ظنت! خرجت من غرفتها لتعد كوبًا من القهوه يدفئها فقد بدأت ليالي الشتاء الكئيبه التي تنشر سلبياتها بقلبها، زفرت بقوه وجلست على أرضية المطبخ مربعة رجليها ووضعت يدها في وضع اليوغا ثمأغلقت عينيها قائله:
-أيتها الروح المرحه أبوس إيدك عودي
وصل لمسمعها صوت تلك الأغنيه التي في الغالب شغلها سائق التوكتوك، قامت على الفور وأخذت السكينه من جوارها لتتراقص وهي تغني معها:
-مسيطره… همشيك مسطره هخليك لو شوفت في شارع بنت ترد لورا أيوه انا مسيطره
انسجمت مع الأغنيه وهي تتمايل بطريقة مضحكة، كانت تركض بالشقه كالمجنونه وبيدها السكينه تظن أن هذا رقص لكنه لا يمت للرقص بصله، وقفت على سريرها وهي تتمايل يمينًا ويسارًا وترفع قدميها لأعلى وتحرك يدها بالسكينه وتغني:
-أيوه أنا مسيطره… مس مس مس مسيطره
وحين نظرت تجاه الباب وجدته يضع يده على وجهه ومنفجرًا بالضحك فصرخت…..

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

“أيوه أنا مسيطره…. مس مس مس مسيطره”
وحين نظرت تجاه الباب وجدته يضع يده على وجهه منفجرًا بالضحك فصرخت وازدردت لعابها بتوتر وكادت أن تنزل عن السرير لكن فلتت قدمها فوقعت على وجهها مفترشة الأرض ويديها أمامها تقبض بإحداهن على السكين، كتم ضحكاته واقترب منها ليأخذ تلك السكين من يدها قائلًا بجديه:
-هاتي يا مسيطره
قامت عن الأرض بخجل وهي تنظر ارضًا،
وضع السكين على الكومود أردف قائلًا:
-عارفه لو وقعتي على دي أنا إلي كنت هطلع أجري على السكك
هز رأسه بإستنكار قائلًا:
-ربنا يهديكِ يا فرح
شعرت بحراره تخرج من كامل جسدها الذي بدأ يتعرق من شدة الخجل وقررت أن تفر من أمامه لتهرب من تلك النظرات فتعرقلت قدميها في الاشيء وزادت حدة الموقف حين أخذته بطريقها ووقعت عليه، تأوهت وهي تملس على جبينها الذي اصطدم بجبهته فانفجر بالضحك قائلًا:
-لأ مسيطره مسيطره مفيش كلام
هبت واقفه ووضعت يدها على فمها قائله بتلعثم:
-أنا آسفه
ركضت للغرفه الأخرى وأوصدتها من الداخل وضعت يدها على قلبها تهدئ دقاته من اقترابها منه بهذا الشكل وقالت:
-ياربي على الإحراج مش هقدر أبص في وشه تاني
رقدت على سريرها تفرك به لا تستطيع النوم بعد ذالك الموقف المحرج لم تنم بسهوله لكن غلبها النعاس بنهاية الأمر…
________________________________
صباح جديد يبدأ مع إشراقة الشمس وشعاعها الخافت الذي لا يكاد يلمس الأجساد بسبب برودة الجو إنه نهار الشتاء في مصر جو هادئ وطريق خالٍ من الناس، سارت جواره وهي ترمقه بطرف عينيها كان يسير جوارها بجديه شديده، نظرت أمامها وهي تفكر فهذا أخر يوم بامتحانات الميدترم وسترتاح أعصابها قليلًا قبل بداية إمتحانات منتصف العام، وقفا ينتظران سيارة أجره، نظرت نحوه مجددًا وشردت بهيئته الجذابه أخرجها من شرودها صوته ولمسة يده وهو يسحبها نحوه قائلًا بتحذير:
-حاسبي يا فرح!! ركزي العربيه كانت هتخبطك
اومأت رأسها بدون كلمة كانت شاردة الذهن تفكر به، فمد يده نحو يدها ليقبض عليها بتملك كأنه يريد القول أنها خاصته وحده، ابتسمت وهي تمسك يده بإطمئنان هتف قائلًا:
-امتحانك هيبدأ الساعه ١٠ مش عارف ليه صممتي تطلعي من ٨ ونص
عقبت قائله:
-عشان مش عايزه أمشي لوحدي هزاكر شويه في الكليه…. أصلًا مبعرفش أزاكر في الشقه
انفجر بالضحك حين تذكرها بالأمس ورمقها بطرف عينه قائلًا لها بخفوت:
– بتعرفي ترقصي بس؟!
أجاب نفسه وهو يكبح ضحكته: لا والله ولا بتعرفي ترقصي ولا نيله
لم ترد عليه فقطب حاجبيه وهو ينظر لها ليسالها:
– فرح هو إنتِ بتعرفي تعملي ايه؟!
ابتسمت بخجل وقالت بمزاح:
-انا بعرف أعمل حاجات كتشير أوي مثلًا بعرف أكل وبعرف أستحمى لوحدي وبسرح شعري لوحدي برده وبعمل قهوه بوش لوحدي و..
قاطعها متنهدًا بقوه وهو يقول:
– عوض عليا عوض الصابرين يارب
تركت يده ولم تعقب فنظر لها مردفًا:
-بس كويس إنك جيتِ معايا أصل حد يثبتك تاني ويسرقك أنا عارف المصايب بتجري وراكِ
رمقها بطرف عينه قائلًا بضحكه:
-أو إنتِ إلي بتجري وراها محدش عارف
عقبت فرح بنزق:
-ياريت تسكت بقا كفايه سخريه
ابتسم قائلًا:
-لا البت عندها دم وبتحس أوي
نفخت بحنق فأردف بنفس السخريه:
-ربنا يهديكِ يا مدام فرح ولا أقول فهيمه
-يوووه بقا إنت يا جدع إنت مصمم تنكد على نفسك على الصبح ليه!
ارتدى نظارته وقال بغرور:
-أنا بعون الله مفيش حاجه تقدر تنكد عليا
رمقته بسخرية وهي تبتسم بتصنع، وصلت السيارة وركبا معًا، وصلا للكليه وعند مدخلها نظرت فتاه ليوسف قائله بمياعه:
-ازيك يا دكتور يوسف
رد بابتسامه:
-الحمد لله
رد على الفتاه ليغيظ تلك الواقفه جواره ويشغل غيرتها، برزت عيناها خارجًا وهي تقول:
-مين دي بقا إن شاء الله؟!
عقب بهدوء استفزها:
-طالبه عندي
قالت بسخريه وهي تقلد صوت الفتاه:
-والله! وبتقولك ازيك يا دكتور يوسف
عقد جبينه قائلًا بمكر:
-أومال عايزاه تقولي إيه… يا قلبي ولا يا حبيبي الي مبسمعهاش من مراتي
تلعثمت متجاهله كلامه وهي تبرر:
-قصدي نبرة صوتها مايعه كدا!
ربت على ظهرها قائلًا:
-روحي زاكري… روحي زاكري عشان ألحق محاضرتي
عقبت بمياعه مقلده صوت الفتاه:
-ماشي يا دكتور يوسف
ابتسم قائلًا:
-الغيره هتطق مع عينيكِ
أخرجت لسانها وهي تغادر المكان وتدخل المدرج الفارغ لتجلس وحدها وتءاكر
_________________________________
وفي المدرج انشغلت بالمذاكره حتى قاطعها صوت ذالك الشاب الذي جلس أمامها:
-ممكن أذاكر معاكِ؟
رمقته سريعًا وغضت بصرها قائله:
-لأ ولو سمحت قوم
تحدث الشاب قائلًا:
-أنا الصراحه حابب أتعرف عليكِ كزمايل مش أكتر
نفخت بحنق وهي تنظر بكتابتها:
-وأنا مبتعرفش لو سمحت سيبني أذاكر
عقب بمكر:
-طيب دا أنا معايا ورق مش هيخرج منه الامتحان جربي بس نذاكر سوا
ألقى الورق أمامها فأخذته لتلقي به نظره واضطىت أن تذاكر معها فهي لا تعلم شيئًا عن تلك الماده، مر عليها أكثر من ساعه وهو يختلس النظر إليها بكثير من المكر معلنًا أن تلك هي البدايه، حدق بها قائلًا:
-هي دي عينك بجد!
نظرت للورق بإحراج وتلعثمت:
-ياريت تركز في الورق مش في عيني
عقب الشاب بهُيام مصطنع:
-أصل عينك حلوه أوي…. الصراحه إنتِ كلك زي القمر
نفخت بحنق وهي تلملم أشيائها قائله:
-أنا أصلًا غلطانه إني وافقت أزاكر معاك عن إذنك
-لأ لا لا استني بس أنا آسف والله
نهضت واقفه لكن تلك الدوخه مجددًا، حاوطت رأسها بكلتا يديها فاقترب منها ليسندها لكنها صرخت به:
-ابعد عني متلمسنيش
كان يحاول إسنادها وهو يقول:
-إنتِ شكلك دايخه وهتقعي
ابتعدت عنه ومازالت تشعر بالدوار كانت تتخبط لا تستطيع الإتزان وهي تقول:
-متلمسنيش
فهي لا تتقبل لمسة أي رجل غير زوجها، جلست مرة أخرى وسندت رأسها للأمام، نظر إليها الشاب بخيبة أمل فمن الواضح أنها صعبة المنال لكنها تستحق المحاوله مرة أخرى، طالت مدة الدوار بل أن الأسوأ هو ازدياد ضربات قلبها بشكل غير طبيعي، أدمعت عيناها بتعب فقد حان وقت الإمتحان وهي على حالتها بل تزداد حالتها سوء، ناداها الشاب قائلًا:
-فرح إنتِ كويسه؟!
حين سمعت اسمها من بين شفتيه امتعضت ملامحها وازداد حزنها، فهي أخطئت حين جالسته واعتبرها خيانة لزوجها، ذرفت الدموع بصمت وهي تصرخ بصوت متحشرج دون أن ترفع رأسها:
-امشي امشي من جنبي أمشي
اقترب الشاب قائلًا:
-مش هقدر أمشي إلا لما أطمن عليكِ
صرخت مرة أخرى:
-قولتلك أمشي إنت مبتفهمش!
حين صرخت خشى أن يلفت الأنظار إليهما فقام من جوارها وابتعد عنها، وجلست هي تكمل بكاء….
__________________________
انهى يوسف المحاضره وقرر اللحاق بمجنونته ليطمئن أنها لم ترتكب المزيد من الكوارث، ابتسم حين تذكرها فقد أصبح عقله وقلبه مشغولًا بها ولا يطيق بعدها عن نظره، بحث عنها حتى عرفها من ملابسها وهي تجلس داخل المدرج لحالها وتسند رأسها للأمام، شعر أنها تبكي أو بها شيء فركض نحوها وسط نظرات الطلاب، وقف أمامها وناداها:
-فرح!
اطمئنت حين سمعت صوته، لم ترفع رأسها وأغلقت عينيها بتعب لتفيض الدموع من مقلتيها، جلس جوارها وربت على ظهرها بحنو:
-فرح! إنتِ كويسه؟
ازدادت شهقاتها فهي تظن أنها خانته حين وافقت على المزاكره مع هذا الشاب الذي كان يتابعهما بكثير من الحقد، ربت على ظهرها بحنو قائلًا بخوف:
-فرح ممكن تبصيلي؟!
رفعت رأسها لكن مازالت عيناها تفيض بالدموع، حاول تهدئتها فلم يستطع وبدأت العيون ترمقهما منهم من يستائل عن علاقة الدكتور بطالبته ومنهم من يحقد عليهما ومنهم من يتمنى أن يلامسه ذاك الشعور، حين دخل الدكتور الأخر بأوراق الأسئله استدار يوسف نحوها وحاوطها بكلتا يديه قائلًا:
– فيكِ إيه يا فرح متقلقنيش؟!
في هذا الوقت هدأت ضربات قلبها وخف دوار رأسها لكن كل ما يشغل تفكيرها هو أنها خائنه لا تستحق منه تلك المعامله، نظرت لعينيه وحدقت به للحظات ثم قالت:
-أنا دايخه شويه
عقبت بإشفاق:
-الدوخه دي تاني إحنا لازم نكشف
زفر بقوه وهو ينظر إليها قائلًا:
-اهدي وخدي نفس عميق وأنا هجيبلك عصير وأجي تمام؟!
جففت دموعها وأومات رأسها بتفهم فاستدار ليغادر لكن أوقفه صوتها قائله:
-بقولك
التفت اليها فقالت:
-هاتلي راني مانجا عشان مبحبش الجوافه
ابتسم ولكزها في ذراعها قائلًا:
-يا شيخه خضتيني عليكِ
ابتسمت وهي تومئ رأسها لتطمئنه قائله:
-متقلقش أنا كويسه
___________________________________
وصلا للبيت وبعد تناول الغداء نظرت لبشرة وجهها التي أهملتها مؤخرًا، ابتسمت حين خطرت لها تلك الفكره، رفعت شعرها لأعلى برابطة الشعر وأخذت القهوه وعسل النحل بمقدار تحسبه جيدًا وخلطتهما معًا ثم وضعت الماسك على وجهها، جلست تشاهد التلفزيون وتناست تمامًا أمر الماسك، خرج من غرفته يبحث عنها ويناديها:
-فرح… فرح
استدارت لترد عليه قائله:
-أنا هنا عند التلفزيون
جلس جوارها دون النظر لوجهها وحين التفتت إليه والتفت إليها بنفس اللحظه صرخ وهب واقفًا بهلع، ونهضت هي الأخرى تلتفت بهلع صارخه:
– فيه إيه… صورصار ولا فار؟
حدق بوجهها قائلًا بقلق:
-إنتِ إيه إلي حصلك ؟!
عقبت بملامح مرتعبه:
-إيه فيه إيه؟!
لمس وجهها بسبابته وسألها:
-إيه إلي على وشك ده؟!
وضعت يدها على وجهها وأومأت رأسها بتذكر فقد تذكرت ذالك الماسك الآن قائله:
-الماسك والله نسيته كويس إنك فكرتني
-ماسك! يا شيخه أنا قولت البت اتحرقت ولا حاجه
أردف وهو يجلس على الأريكه:
-حرام عليكِ أنا قطعت الخلف
ضحكت قائله:
-معلش بكره تتعود دا لسه فيه ماسك زبادي وخيار وترمس مطحون ونشا ولبن حاجات كتشير أوي
ابتسم قائلًا بسخرية:
-يا بت الحاجات دي بتتاكل مش بتتحط على الوش لوحت بيدها وهي تغادر متمتمه:
-اسكت إنت مش فاهم حاجه
-لأ يا بت إنتِ إلي فاهمه كل حاجه!
تبعها وهي تغسل وجهها، ثم تبعها مرة أخرى بصمت يتابعها وهي تضع الزبادي على وجهها فرمقته بطرف عينيها قائله:
-مالك بتبصلي كدا ليه؟
ضحك وهو ينظر لها بعد أن لونت وجهها بالكامل بالزبادي وقال:
-شكلك يضحك موت
خرجت من المطبخ ترمقه بحنق، وهو منفجرًا بالضحك، نظرت له بنزق وكادت أن تتحدث لولا افلات قدمه ووقوعه عليها، حدق بوجهها ومازال يضحك وهو يضع سبابته على وجهها ثم تذوقه قائلًا:
-أصل أنا بحب الزبادي من صغري
ضحكت هي الأخرى على ضحكاته، سرعان ما تحولت نظراتهما إلى الشغف حدق بعينيها، ومسح وجهها بيديه ليقبلها، انتبهت لما يفعل ودفعته قائله:
-اوعى كدا بوظت الماسك
نهضت واقفه وهرولت من أمامه لتدخل للحمام وتمكث به فتره طويله حتى تهدأ تمامًا، أما هو فابتسم قائلًا: الصبر يا فرح الصبر
_____________________________
وفي وقت المغرب خرج يوسف للصلاة في المسجد ونزلت فرح لحنان لتكمل تنفيذ خطتها فلن تكتفي ببودرة العفريت، جلست مع حنان تبتسم لها بتصنع قائله:
-متعمليلنا كوبيتين شاي ولا قهوه كدا عشان ندردش سوا شويه
تهلل وجه حنان فأخيرًا ستسنح لها الفرصه بوضع المخدرات في مشروبها، هتفت بسعاده:
-حالًا يا فروحه استنيني
ابتسمت فرح بمكر وهي تخرج ذالك المسحوق من حقيبتها استعدادًا لتضعه في مشروب حنان وهي تهمس بخبث:
-وحياة أمك لأوريكِ عايزه تعمليلي أنا فخ!
سرعان ما خرجت حنان بالقهوه وجلست على الطاوله ثم قدمت القهوه لفرح و ضعت الأخرى أمامها، تظاهرت فرح أنها تشرب وفجأه وضعت يدها على فمها وقالت متظاهرة بالتأوه:
-درسي بيوجعني اوي معلش لو هتعبك بس عايزه كوباية مايه
ابتسمت حنان ودخلت للمطبخ فوضعت فرح المسحوق بالكوب الخاص بها سريعًا وسكبت مشروبها أرضًا دون أن تلاحظ حنان، وضعت حنان قنينة المياه أمامها وبدأت تشرب قهوتها سألتها فرح:
-صحتك عامله ايه دلوقتي كنت سمعت انك تعبانه؟!
تظاهرت بالمرض قائله:
-أيوه والله يا فرح تعبانه قوي
سألتها فرح قائله:
-خير عندك ايه؟
تلعثمت حنان قائله:
-عندي المرض الخبيث
لاحظت فرح الكذب بعينيها وقالت تتصنع الإشفاق:
-الف سلامه عليكِ طيب فين بالظبط
قالت ما حضر على لسانها متلعثمه:
-في.. في الدم
أومات فرح رأسها قائله:
-ربنا يشفيكِ يا طنط… طيب أنا هقوم بقا عايزه حاجه
تاكدت حنان من فروغ كوب القهوه الخاص بفرح وابتسمت بخبث قائله:
-سلامتك يا حببتي بس هستنا أقعد معاكِ تاني ونشرب قهوه مع بعض
تصنعت فرح الإبتسامه قائله:
-أكيد طبعا
ابتسمت فرح بسخريه وهي تغادر قائله بابتسامه:
-حقيره! مبروك عليكِ الإسهال
بصقت على الأرض وصعدت إلى شقتة صفاء لتقضي معها بعض الوقت لحين مجيء يوسف..
__________________________
وفي المساء وقفت أمامه وهو يمسك هاتفه وقالت:
-جيب موبايلك أكلم ماما؟
أعطاها الهاتف فأخذته ودخلت الغرفه، تسلل خلفها ووقف على باب الغرفه يستمع لما تقول:
-ماما أنا نفسي أكل سمك زهقت من اللحمه…
-حاضر يا حببتي هجيبلك بكره
-ماشي هستناكِ تجيبيه بكره…
وبعد أن أنهت المكالمه خرجت تعطيه الهاتف، كان يجلس على الأريكه، رمقها بغيظ قائلًا:
-فرح إنتِ كنتِ بتطلبي من مامتك إيه؟!
تلعثمت قائله:
-گ…كنت بطلب منها سمك
عقب قائلًا:
-افهمي يا فرح إنتِ دلوقتي مسؤوله مني ومتطلبيش حاجه إلا مني
كان يخاطبها بنبرة حادة بعض الشيء، فردت عليه بابتسامة ماكره:
-يعني اطلب أي حاجه… أي حاجه!
هز رأسه معقبًا بتأيد:
-أي حاجه يا فرح حتى الشيبسي والحاجات التافهه دي تطلبيها مني برده مش من مامتك
أخذت نفسًا عميقًا وأخرجته ثم قالت متخابثه:
-بصراحه كلامك دا شجعني أتجرأ وأطلب منك حاجه محتاجاها
حدق بها قائلًا بنبرة هادئة:
-محتاجه ايه؟
نهضت واقفه وهي تحرك يديها متظاهرة بالإرتباك وقالت:
-بصراحه كدا أنا عايزه أيفون 12 بروماكس
حدجها بنظرة متعجبه وقال مازحًا:
-علفكره عادي تطلبي من مامتك أنا بس الي اتحمقت شويه
جلست مقابله تحدق به وهي ترفع إحدى حاجبيها ساخره، وليهرب من تلك النظره تنحنح قائلًا بالخطأ:
-قومي اعملي فرح يا قهوه
لم يلاحظ ما قاله ولكنها انفجرت بالضحك وهي تردد:
-أعملك فرح يا قهوه ازاي؟
قطب حاجبيه وسألها متعجبًا:
-انا قولت كده؟!
أومات رأسها ضاحكه فشاركها الضحك، اقتربت منه وربتت على ظهره قائله بمزاح:
-أنا مقدره الصدمه إلي إنت فيها بس روق روق أنا بهزر معاك
ضحك قائلًا:
-ما أنا كمان بهزر معاكِ بس متقلقيش أنا ناوي أجيبلك أحلى موبايل نوكيا
تجهمت ملامحها ورفعت شفتها لأعلى مردده بصدمه:
-نوكيا!
اومأ رأسه مبتسمًا بسماجه وهو يردد مؤكدًا:
-نوكيا
عقبت بنزق:
-مش عايزه منك حاجه هخلي جدي حبيبي يجيبهولي
لوح بيده بلامبالاه قائلًا:
-اعمليلي قهوه يا بت أجري واكويلي هدوم الشغل
وضعت يدها حول خصرها قائله:
-أيوه ما أنا الفلبينيه إلي امك جابتهالك
قال متعجبًا:
-أمك!! قصري لسانك يا بت
صاحب بنبرة مرتفعه:
-إسمي فرح مش بت
عقب بابتسامه مستفزه:
-مزعلاكِ بت طيب يا بت يا بت يا بت يا بت
نفخت بحنق ودبدبت بقدميها في الأرض وهي تتوجه للمطبخ…
__________________________
شعرت حنان بتوعك شديد في معدتها مجددًا وركضت نحو الحمام للمرة الخامسه، وبعد أن خرجت وهي تتنهد بارتياح قائله بوهن:
-أنا أكلت حاجه متلوثه ولا إيه!
حملت هاتفها وسجلت بصوتها في بحث جوجل:
-علاج الإسهال
بحثت كتيرًا ثم هتفت بنزق:
-يختاااي أنا مش فاهمه حاچه!
لم تكد تكمل جملتها ووضعت يدها على بطنها وهي تركض للحمام مجددًا، انتهت وهي تخرج مستنده على جدار الغرفه قائله:
-أنا عرفت العلاج مفيش غيره النشا على الليمون الي بحطه للفراخ والكتاكيت…. ما كلنا نعتبر واحد!
مصمصت شفتيها وهي تقول: اي والله كلنا واحد
اتجهت نحو المطبخ لتلتهم النشا بالليمون علها ترتاح….
_________________________________
وقفت في المطبخ تُعد القهوه تذكرت ما فعلته بحنان وضحكت قائله:
– زمانها قاعده في الحمام… والله تستاهل بنت ال….
ابتسم بسخرية وهو يبحث عن قنينة المياه ويقول:
-ما شاء الله بتكلمي نفسك
صوبت نظرها خلفه قائله:
-لأ بكلم إلي واقفه وراك دي
نظر خلفه فضحكت وهي تتابع القهوه قائله:
-بتبص على إيه هو أي حد يقولك حاجه تصدقها!
ضحك قائلًا:
-جننتيني يا فرح
رمقته بطرف عينيها وابتسمت قائله:
-متقلقش هعلاجك
اقترب منها وحدق بعينيها قائلًا بهُيام:
-أنا فعلًا علاجي عندك يا فرح… مش ناويه تحني على قلبي بقا
ارتبكت من نظراته لكن هربت حين أوشكت القهوه على الفوران:
-اوعى بسرعه القهوه
زم شفتيه قائلًا:
-مش ملاحظه إنك بتشربي قهوه كتير
-أيوه ملاحظه عشان بحبها عشان طول عمرها بوش واحد مش زي ناس كدا بوشين
ضحك وهو يخرج من المطبخ قائلًا:
-هاتي القهوه وتعالي ورايا يا كارثة حياتي وابتلائي
ابتسمت وهي تنظر إليه وهو يغادر المطبخ، فلا يريد أن يضغط عليها يكفي أنه بدأ يلاحظ لينها لمشاعره وانجذابها نحوه، قرر أن يتمهل ولن يمل من انتظارها حتى تحبه كما أحبها….
جلست جواره لأول مرة تفعلها فدائمًا تكون مقابله، كانت متوتره تريد قول شيء لكنه يقف على طرف لسانها فشعر بارتباكها وسألها:
-عايزه تقولي إيه متخافيش مش هضربك
-عايزاك تسامحني..
-خير عملتِ إيه؟
-بقولك بس بالله عليك بلاش تتعصب عليا
-مش هتعصب قولي
-النهارده الواد السمج ده جه المدرج وقعد جنبي
لف كامل جسده لها وسألها متلهفًا:
-الولد الي كان بيقولك أنسه فرح
أومات رأسها مؤيده وازدردت ريقها بتوتر فحثها لتكمل قائلًا بإنتباه:
-وبعدين!
نظرت له بتوجس وهي تقول:
-عرض عليا نزاكر مع بعض
اعتدل في جلسته قائلًا بثقه:
-طبعًا رفضتِ
تلعثمت مبرره:
-كان معاه ورق مهم… وأنا.. وأنا اضطريت أوافق
جحظت عيناه ونظر لها قائلًا بحده:
-نعم يختي!!!
خافت من رد فعله لكن أكملت قائله:
-زاكرت معاه ساعه لكن لما لقيته بدأ يعاكس قومت علطول والله
لم يعقب لكنه استشاط غضبًا تكرمشت ملامحه قائلًا ببرود:
-وإنتِ عايزه إيه دلوقتي!
عندما شعرت بتغير ملامحه ونبرة صوته، اقتربت منه بتلقائية كما اعتادت أن تفعل مع والدها وأخيها ومسكت يده تهزها برجاء قائله بنبرة نادمة:
-أنا آسفه والله عارفه إني غلطت ومش هكررها
انبسطت ملامحه وهو يبتسم لقربها منه بتلك الدرجه دون انتفاضة جسدها التي كان يشعر بها كل مره، هتفت قائله بنبرة هادئه:
-هتسامحني؟
رفع سبابته محذرًا:
-بس متتكررش تاني والواد ده أنا هتصرف معاه
تهللت ملامحها بفرحه وأومات رأسها قائله:
-حاضر
مرت الأيام سريعة كعادتها وتبقى إسبوع واحد على حفل زفاف نوح ومريم، أما عن فرح فازدادت مشاعرها ليوسف واتضحت رؤيتها فهي تحبه منذ لقائهما الثاني كادت أن تعترف له بحبها في كثير من الأحيان لكن يتلجم لسانها عند أخر لحظه، وفي هذا اليوم خرجت من غرفتها على صوته بعد أن دخل الشقه وأغلق الباب خلف ظهره:
-فرح… فروحه… فرولاه
رمقته بتعجب وهو يبتسم بسعاده قائله:
-فرولاه أول مره حد يقولي الدلع ده
غمز بعينه قائلًا:
-عشان أنا بحب الفراوله وإنتي الفراوله حقي
ابتسمت بخجل وتخبط نظرها بكل اتجاه بحياء فأردف قائلًا وهو يمد يده نحوها بشيء:
-جبتلك الأيفون 12 بروماكس
أخذته من يده في سرعه متهلله ودون أن تتفحصه ضمت يوسف وقبلته من إحدى وجنتيه قائله:
-شكرًا بجد شكرًا أوي ربنا ميحرمنيش منك أبدًا
كان مصدومًا من كلامها ورد فعلها الذي لم يتوقعه على الإطلاق، انتبهت لما فعلت وتنحنحت قائله بخجل:
-أنا آسفه مقصدتش أصلي كنت متعوده أعمل كدا مع بابا ونوح
ابتسم قائلًا بتعجب:
-أسفه! إنتِ هبله يا بت! دا أنا هجيبلك كل يوم تلفون عشان الحضن ده
غمز بعينه ثم قال:
-بقولك إيه يلا نكرره ينوبك في قلبي ثواب
تجاهلت كلامه وأخرجته من الحقيبه ليتجهم وجهها فجأه قائله بسخريه:
-ريدمي 10
حك عنقه قائلًا:
-مفرقتش كتير يعني يا فرولتي ريدمي من أيفون مش فارقه
أردف قائلًا بمكر:
-خلينا في المهم يلا نبدأ من الأول أنا هدخل واديكِ الموبايل وانتِ تديني الحضن
ابتسمت بخجل قائله جملتها التي تكررها كلما أحرجها بكلامه رددت بتلقائيه:
-أعملك قهوه؟!
عقب وهو يضع يده على بطنه:
-قهوة إيه أنا عايز أتعشى عندنا اكل ايه؟
عقبت وهي تعد على أصابع يدها:
-عندنا فراخ في الفريزر ولحمه وبشاميل وكباب بس كله في الفريزر تحب أطلعلك ايه؟
غمز بعينه قائلًا ببسمه:
-لأ متطلعيش حاجه… يلا البسي عشان نخرج نتعشى بره
تهلل وجهها بسعاده قائله:
– وهتجيبلي بيتزا
عقب بحب مبتسمًا:
-هجيبلك احلى بيتزا
عقبت بابتسامه وهي ترفع سباتها:
-مارجريتا
-هجيبلك كل الي تتطلبيه بس البسي بسرعه
قفزت في فرحه كالأطفال وقالت بعفويه:
-أنا بحبك أوي بحبك أوي بجد
عضت لسانها حين انتبهت لما قالته للتو، وركضت من أمامه لغرفتها دون النظر لوجهه مرة أخرى، ارتسمت الإبتسامه على ثغره وردد بفرحة:
-دا باينله يوم حظي ولا إيه
___________________________________
خرجت حنان من عند الطبيب هائمه يتردد في أذنها صدى صوت الطبيب “للأسف زي ما توقعت لوكميا سرطان الدم”
فاصت الدموع من مقلتيها ونظرت للسماء بحسره قائله:
-أنا كنت بلعب عليهم يارب.. اللعبه اتقلبت عليا أنا…
شهقت بالبكاء قائله:
-طيب هقابلك ازاي يارب… هطلب من العايش يسامحني ولا من إلي ماتوا… يا ويلي.. يا ويلك يا حنان… يا ويلك
جففت دموعها وسارت قاصدة بيتها لتستعد للمعركه التي ستخوضها ورحلة علاجها، تمارضت لتمكر بهم لكن مكر الله أمبر وعقابه أشد “والله شديد العقاب”….
__________________________
وفي المطعم كان يجلس مقابلها وبعد الإنتهاء من تناول الطعام سألها:
-فرح مبسوطه معايا
أومات رأسها بابتسامه فسألها:
-يعني موافقه تكملي حياتك معايا يا فرولتي
أومات رأسها في حياء ولم تنظر إليه فسألها مجددًا:
-بتحبيني يا فرح؟!
كان يتفحص ملامحها ويدقق النظر إليها ليقرأ ما بقلبها، فركت يدها بتوتر قائله:
-وأنا هكرهك ليه إنت إنسان حنين وجدع ومحترم
أكملت بابتسامه مراوغه:
– مش محترم أوي بس ماشي الحال
ضحك على جملتها قائلًا:
-ماشي يا فرولاه يعني أفهم من كدا إنك بتحبيني
ابتسمت بمكر قائله:
-ما أنا قولتلك هكرهك ليه!
ابتسم قائلًا باستفزاز:
-طيب تمام قوليلي بقا بحبك يا يوسف
رمقته بطرف عينيها وشبكت يديها معًا قائله:
-اطلبلي قهوه
ضحك قائلًا:
-يادي القهوه عارفه أنا بقيت أشرب قهوه كام مره في اليوم بسببك
عقبت بسخريه:
-تلت اربع خمس مرات مش قضيه يعني
ابتسم ونهض واقفًا قائلًا:
-مفيش قهوه ويلا عشان نروح
-أحسن برده
_____________________________
وفي المنزل كان يجلس خلفها على السرير وهي تضع ذالك المرطب الليلي على وجهها، رمقته بطرف عينيها وابتسمت قائله:
-بتبصلي كدا ليه؟
ابتسم قائلًا بجديه:
-عايز أتكلم معاكي شويه
استدارت لتنظر إليه قائله:
-اتكلم سمعاك
وبمجرد إنتهاء كلمتها انقطع الضوء، واتسعت حدقة عينيها قائله بخوف:
-إنت روحت فين؟
أضاء هاتفه ومسك يدها ليهمس بجانب أذنها:
-متقلقيش أنا جانبك
بحث يوسف عن المصباح وأضاءه، ثم عاد لغرفة النوم جلس جوارها ونظر لملامحها في ضوء السراج الخافت وتأملها قائلًا بحب:
-بحبك يا فراولتي
اقترب منها ليقبلها لكنها دفعه وهبت واقفه وهي تقول بسرعه:
-لو سمحت يا دكتور أنا…
قاطعها قائلًا:
-ليه يا فرح مصممه تبني حواجر بينا ليه؟!
ازداد تنفسها وهي تصيح بنبرة حاده:
-إنت مش هتتغير وهتفضل مبتفكرش إلا في حاجه واحده
لا يريد خوض تلك الجدال مجددًا، تجاهلها وفرد ظهره على السرير قائلًا:
-تصبحي على خير أنا هنام جنبك النهارده عشان النور قاطع
سحب الغطاء عليه واغلق عينيه لينام، أما هي فنظرت نحوه متعجبه من تجاهله لكلامها، ونامت جواره ثم أغلقت عينيها لتفكر به حتى سحبها النوم، استيقظ في منتصف الليل أثر لكزتها له بقوه، فتح عينيه بنعاس ينظر نحوها ليجدها حاوطته بيدها وهي تقول:
-بحبك يا يوسف متزعلش مني أنا مقدرش أعيش من غيرك
فتح عينيه في ذهول حين انتبه لما قالته وهزها قائلًا:
-فرح…
دفنت رأسها بصدره، قائله بصوت مكتوم:
-بحبك
ابتسم وهو يدقق النظر إليها ليكتشف أنها تغط في سبات عميق، وتتحدث وهي نائمه! ها قد كشفها قلبها حينما تحدث بكل شيء، قبلها من رأسها قائلًا:
-بحبك يا فراولتي
أكمل نومه وهو في قمة الرضا فأخيرًا علم بمشاعرها نحوه….
_____________________________________
وفي اليوم التالي فتحت عينيها لتجد حالها على السرير وحدها، قامت تبحث عنه بالمنزل لكنه غادر لعمله فقد تأخرت في النوم هذا اليوم مطت ذراعيها أثر النوم وقامت بتشغيل قرآن بصوت الشيخ المنشاوي ورفعت الصوت عاليًا، ليمر الوقت وهي ترتب شقتها، وبعد انتهائها دخلت مطبخها أخذت تصب البيبسي وتضعه في الكوب وهي تبتسم، حملت الكوب وارتشفت منه ثم بدأت تترنح كمن شرب خمرًا أخذت الكوب وخرجت من المطبخ تتصرف كالسكران وهي تقول:
-في صحتي…
بدأت تتظاهر بالفواق “الزغطه” وتترنح وهي تسير مطمئنه أنها بالبيت لحالها، أغلقت عينيها وهي تقطع صالة شقتها مترنحه، ليتفاجئ هؤلاء الذين يقفون أمامها ينظرون نحوها بذهول، نظرت شاهيناز لصفاء ثم ليوسف وأخيرًا لإبنتها التي مازالت تترنح مغمضة العينين حتى وقعت أرضًا وانسكب باقي البيبسى على وجهها فتحت فرح عينيها على صوت ضحكاتهم، مسحت وجهها وهي ترقد أرضًا وتنظر إليهم بخجل وهم يقفون أمامها ويحدقون بها منفجرين بالضحك ….

يتبع…..

متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب

للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا

“في صحتي… ”
بدأت تتظاهر بالفواق “الزغطه” وتترنح وهي تسير مطمئنه أنها بالبيت لحالها، أغلقت عينيها وهي تقطع صالة شقتها مترنحه، ليتفاجئ هؤلاء الذين يقفون أمامها ينظرون نحوها بذهول، نظرت شاهيناز لصفاء ثم ليوسف وأخيرًا لإبنتها التي مازالت تترنح مغمضة العينين حتى وقعت أرضًا وانسكب باقي البيبسى على وجهها فتحت فرح عينيها على صوت ضحكاتهم، مسحت وجهها وهي ترقد أرضًا وتنظر إليهم بخجل وهم يقفون أمامها ويحدقون بها منفجرين بالضحك ….
“أصبلك كاس تاني يا حببتي”
هكذا هتفت والدتها بسخرية شديده، نهضت فرح واقفه منكسة رأسها بخجل ثم رفعت رأسها ببطئ لتبدل نظرها بين ثلاثتهم وهم يضحكون على فعلها، لاحظ يوسف إحراجها وأشفق عليها فحاول لفت انتباههم لشيء أخر قائلًا بجدية:
-انتوا بقا لازم تتغدوا معانا النهارده ولا إيه يا فرح؟!
أومات فرح رأسها وهي تبتسم بحياء:
-أيوه طبعًا!
عقبت صفاء:
-لأ أنا جايه أسلم على فرح وهنزل علطول
اقتربت من فرح تضمها وبادلتها فرح التحيه، كانت شاهيناز ترفع إحدى حاجبيها وتنظر نحو ابنتها بخيبة أمل وعقبت قائله:
-بس مراتك تأكلك إنت يا يوسف ملكش دعوه بينا
مصمصت شفتيها قائله:
-الله يبني إنت صعبان عليا حاسه إني ظلمتك بجوازك من البت الهبله دي
شهقت فرح ووضعت يدها حول خصرها قائله بعفويه:
-الهبله دي تربيتك يا شاهيناز يا مرات أبويا
هتفت شاهيناز بغيظ:
-معرفتش اربي يا بت للأسف ملحقتش اربيكِ
رفعت فرح رأسها بلامبالاه وهي تقول:
-يبقا دي غلطتك أنا مليش ذنب يا شوشو
عقبت شاهيناز بنبره مرتفعه:
-صح يا بت.. أنا إلي غلطانه!… إنتِ صح
كان يوسف وصفاء يبدلان النظر بين كلاهما ليتابعان الحوار، وفي حركة سريعه شمرت شاهيناز ساعديها وهي تقول:
-بس ملحوقه يا بنت جوزي تعالي
اندفعت شاهيناز نحوها لتمسكها من شعرها، فغر يوسف فاه من هول المفاجأه فلم يتوقع رد فعل شاهيناز، تأوهت فرح قائله:
-سيبي شعري يا شاهيناز
تركت شعرها ومسكتها من ملابسها تهزها بطريقة مضحكه وتقول:
-دا منظر شعر عروسه يا بت
عقبت فرح بتحدي:
-ماله شعري عاجب جوزي بتتدخلي ليه يا ست إنتِ
تركتها شاهيناز ووجهت نظرها ليوسف لتسأله وهي تكرمش وجهها وبنبرة حادة:
-إنت عاجبك شعرها ده!
أوما رأسه مبتسمًا باستفزاز، يكبح ضحكاته على انهيار شاهيناز، نظرت له بغضب فقد خذلها، وقف خلف ظهر والدته خوفًا منها، ضحكت فرح وأخرجت لسانها لوالدتها قائله:
-كسفك يا شوشو
صفقت بيدها وهي تنظر ليوسف قائله:
الله عليك يا قرة عيني
ضغطت شاهيناز على أسنانها بغيظ وهي تبدل نظرها بينهما، ويوسف يحدق بها مترقبًا رد الفعل التالي، أما هي فلم تنطق بحرف أخر وهرولت للمطبخ وهي تقول:
-ماشي يا فرح
جحظت عيني فرح وهي تهرول خلفها قائله:
-لأ لا لا يا ماما اهدي وأنا هعمل إلي إنت عايزاه
بدأت شاهيناز بإخراج الأواني من المطبخ وهي تقول:
-جربي بقا الإحساس ده
وكلما حاولت فرح إمساكها انفلتت شاهيناز منها لتخرج باقي الأواني وتقذفها أرضًا، كان يوسف وصفاء يتابعان الموقف بصدمه همست صفاء ليوسف:
-هي حماتك بتعاني من مرض نفسي؟!
اومأ رأسه ضاحكًا وهو يقول:
-شكلها كدا
وبعد دقائق كانت فرح تجلس بين الأواني بالمطبخ تضع كفيها على وجنتيها وتنظر الأواني الملقاه على أرضية المطبخ، وشاهيناز تضرب كفًا بالأخر كأنها تزيل أثر التراب عن كفيها تنحنحت ثم نظرت ليوسف وصفاء قائله بابتسامه عذبه وكأنها لم تفعل أي شيء:
-إن شاء الله بكره عزال نوح وأنا كنت جايه أعزمكم
كانوا ينظرون لها بذهول فأردفت بنفس الإبتسامه:
-أستأذن أنا بقا عشان ورايا شغل كتير
نظرت لفرح التي ترمقها بطرف عينيها بغيظ وقالت:
-هستناكِ بكره بدري يا فروحه
خرجت من الشقه وسط نظراتهم المصدومه، هتفت صفاء قائلة وهي تغادر:
-أنا ماشيه
غادرت صفاء، ووقف يوسف وهو يضرب كفًا بالأخر بتعجب:
-دا باينلها وراثه ولا إيه؟!
اقترب يوسف وربت على كتف فرح لتفرفع رأسها إليه وهي مازالت على حالتها فيقول بابتسامه:
-يلا هنرتبهم مع بعض
زفرت بقوه وهي تنهض وتقول بابتسامه:
-الست دي أمي عارف لو مش أمي كنت مديت إيدي عليها اه والله
اومأ رأسه ليقول ساخرًا:
-مفهوم طبعًا
بدأ يرتب معها الأواني وهو يضحك كلما تذكر المشهد….
_____________________________________
انتهت من ترتيب الأواني وتناولت الغداء ثم جلست جواره تشاهد التلفاز، فجلس جوارها وهو يحدق بها قائلًا:
-عندي كلام كتير عايز أقولهولك
ارتبكت من نظرته وابتعدت عنه مسافه ليقطعها هو باقترابه منها مجددًا ليمسك يدها وينظر بعينيها ثم يخفض بصره ويتنهد بقوه قبل أن يقول بجديه:
-فرح أنا لما اتجوزتك كنت مجبر عليكِ… عمي أجبرني أتجوزك!
عقدت حاجبيها متعجبه وسالته:
-مش فاهمه ليه يعني يجبرك تتجوزني؟!
ترك يدها وتنهد بألم حين تذكر ما مضى وهو يقول:
-طبعًا انتي عارفه قصة عمك وعمتي الله يرحمهم
أومات رأسها قائله:
-الله يرحمهم ويغفر لهم
نظر لها بعمق يريد اكتشاف تأثير وقوع كلامه على ملامحها تلعثم قائلًا:
-أ… أ..بصي هو عمي كان عاوز ينتقم لعمتي الله يرحمها وعايزني أتجوزك فتره وأطلقك
ازدردت ريقها بتوتر حين قال جملته خوفًا أن يطلقها أو يتركها، فسألته بقلق:
-وإنت موافق على كدا!
هز رأسه بعنف وهو يقول:
-مكنش عندي حل تاني عمي كان ممضيني على شيكات ب ٥ مليون وتنازل عن كل ورثي من أبويا
تجمدت الدماء بعروقها تخاف من جملته القادمه سألته بخوف وهي تضغط على يده كأنها تريد الإطمئنان:
-وهتطلقني؟
ابتسم وهو يقبل يدها قائلًا بحنو:
– فرح لازم تعرفي إن أنا بحبك من قبل ما أعرف إن إنتِ مراتي!
لم تسمع جملته هي فقط تريد إجابة صريحه لسؤالها سالته مجددًا بتوتر وهي تزدرد لعابها:
– هو إنت هتطلقني عشان تاخد الشيكات والورث؟!
ترك يدها ونظر أمامه يحدق بالفراغ قائلًا:
-أنا سبق وقولتلك إني بحبك يا فرح ومش هسيبك
أغلقت عينيها تفكر فيما تود قوله، وعم الصمت بينهما لدقيقه مرت عليها كأنها سنة، عندما طال صمته هتفت وهي مغمضة العينين:
– يوسف
حدق بها وابتسم قائلًا بتعجب:
-إيه دا؟! دا إحنا شيلنا الألقاب؟!
لم تعقب لكن أكملت دون أن تفتح جفونها قائله:
-أنا بحبك
اتسعت ابتسامته واعتدال في جلسته وهو ينظر لها وهي تضغط جفونها حتى تهرب من نظراته أكملت قائله وهي تفتح عيونها:
-من تاني مره شوفتك فيها مكنتش بعرف أمنع نفسي من التفكير فيك
كان يحدق بملامحها بسعاده وهو يقول:
-فرح… قوليها تاني قلبي مشتاق يسمعها
استدارت تنظر نحوه قائله بهُيام:
-انا بحبك يا يوسف
ابتسم وهو يقبض على يدها قائلًا:
-كمان مره
ابتسمت وهي تضم وجهه بين كفيها وقالت وهي تضغط على كل حرف بالجمله:
-بحبك يا يوسف
ضمها بكثير من الحب ثم طبع قبلات متفرقة على وجهها فدفعته بقوه وهي تنهض لتتهرب منه قائله:
-تشرب قهوه
لم تنتظر رده وركضت من أمامه إلى المطبخ وهي تقول:
-أنا هعمل قهوه وهعملك معايا
اعتدل جالسًا وهتف ساخرًا:
-قهوه!!
نهض واقفًا وركض خلفها يقول:
-لأ يا فرح مش هتهربي مني انسي
صاحت قائله:
-ابعد عني وإلا هصوت وألم عليك الناس
قبض عليها يضمها بين ذراعيه قائلًا:
-إكتفى قلبي عناد وبعاد…
حملها بين ذراعيه قائلًا بهُيام: بحبك يا فرولتي
_____________________________________
صباح جديد في جو الشتاء البارد، نظر يوسف لتلك النائمة بجواره وطبع قبلة على رأسها قائلًا:
-اصحي يا فراولتي الساعه ١٠ هنروح لمامتك امته!
فتحت عينيها بنعاس ثم أغلقتها مجددًا وهي تدير له ظهرها وتسحب الغطاء عليها قائله بنزق:
-روح إنت وسيبني أنام
اعتدل جالسًا ليمسك هاتفه ويرى ٦ مكالمات فائته من عائلتها فيناديها مجددًا:
-يا فراولتي اتأخرنا زمان العزال وصل
نفخت بحنق وهي مغمضة العينين، هتف مجددًا بحايلها:
-يلا بقا عشان لسه هنفطر وابقي نامي الظهر
اعتدلت جالسة وعاقدة حاجبيها بضيق وهي تقول: حاضر قومت أهوه
مسك يدها ليقبلها قائلًا:
-صباح الزبادي يا محير فؤادي
ابتسمت ونظرت له بطرف عينيها قائله:
-يا صباح السعاده يا سكر زياده
ضحك على مداعبتها اللطيفه وقال:
-يلا عشان باباكِ رن عليا مرتين ونوح مرتين ومامتك مرتين
هتفت بنعاس:
-يعني كدا المجموع ٦
ابتسم قائلًا:
-الله ينور عليكِ
نهضت واقفه ثم اتجهت لخزانة الملابس لتفتحها وتخرج ثيابًا له قميص بلون السماء الصافيه وبنطلون من الجينز الأزرق وثيابًا لها فستان حمصي اللون وعليه حجاب أسود اللون، وضعتهم على السرير ثم قالت:
-هنلبس دول ماشي؟
ابتسم وهو ينهض قائلًا:
-تحت أمرك يا مولاتي
______________________________
جلست حنان على سريرها تبكي فستبدأ رحلة العلاج الكيماوي من الغد، مسحت دموعها تخاف أن تعترف لزوجها فيطلقها وإن طلقها أين ستذهب وكيف ستعيش بمرضها، تنفست بعمق وزفرت بألم بعد أن قررت ما ستفعله، لن تحكي لزوجها ستتركه لأخر المطاف لكن ستبدأ بساميه يحب أن ينفضح أمرها أمام عائلتة زوجها…..
_____________________________
وأثناء الطريق
“نفسي أجرب حاجه كدا هات إيدك”
قالتها فرح بابتسامه:
اتسعت حدقتيه وهو يسألها بقلق:
-ناويه تعملي إيه يا مجنونه مش وقته؟
مسكت يده وهي تصعد على سطح الترعه الرفيع وتقول:
-هات بس إيدك كدا بسسس
مد يده ليقبض على يدها بعنايه، بدأت تمشي متشبثة بيده ومبتسمه بسعاده سألها يوسف بابتسامه ماكره:
– واثقه فيا أوى كدا؟!
نظرت له قائله:
-إوعى تكون مش أهل للثقه!
ضحك وهو يهزها نحو الترعه متظاهرًا أنه سيدفعها، فصرخت بخفوت وقبضت على يده بقوه وهي تنزل عن سطحها قائله بضحكه:
-لا لا ملكش أمان
حملها وهو يقول:
-طيب استعدي بقا
صرخت قائله بخوف:
-إنت هتعمل إيه لا لا
صعد يوسف حاملًا فرح ليقف على سطح الترعه ويناكفها تشبثت به جيدًا لكن بلا فائدة فقد خانته قدماه حين انزلقت ونزل بها للمياه مسح الماء عن وجهه وهو يقول من بين ضحكاته:
-نسيت أقول صلي على رسول الله
أخرجت الكلام بصعوبه من بين ضحكاتها:
-أصلًا… م… ملحقتش…. الموضوع جه فجأه
حدق بضحكتها بهُيام قائلًا:
-بحبك أوي يا فرولتي
اخفضت بصرها في حياء مبتسمه، حدق بها مبتسمًا وشاردًا في ملامحها الطفوليه، ليقطع تلك اللحظه الرومانسيه صوت أحد الفلاحين صائحًا بنبره مرتفعه:
-إنتوا بتعملوا إيه هنه!
رد يوسف ساخرًا:
-لأ مفيش كنا عطشانين ونزلنا نشرب وطالعين خلاص
عقب الرجل مصدقًا ما قاله يوسف:
-عطشانين! ليه بط إنتو ولا إيه؟!
ابتعد عنهم وهو يضرب كفًا بالأخر ويتمتم: مجانين دول ولا إيه؟
ضحك يوسف قائلًا:
-الراجل صدق ولا إيه؟
خرج يوسف من الماء منفجرًا بالضحك وساعدها لتخرج ارتعش جسدها وهتفت باستنكار:
-جيبتلنا الكلام وخلاص
ضحك يوسف قائلًا:
-يا ستي يعني هي أول مره ما إحنا متعودين
قاطعهما صوت الطبل الذي ياتي بالعزال نحوهم فضحك يوسف بقوه وقال:
-كدا بقا كملت يا روحي
قالت بقلق:
-هنعمل إيه؟!
مسح الماء عن زجاج نظارته الشمسيه بملابسه المبتله بالماء وهو يقول:
-اعملي زي ما هعمل بالظبط
ارتدى نظارته رافعًا رأسه بشموخ، ففعلت مثله وارتدت نظارتها الطبيه، وضع كلتا يديه بجيبي بنطاله، فهتفت:
-يوسف أنا معنديش جيوب!
تنحنح بجديه مصطنعه قائلًا:
-صقفي يحببتي
وقفت فرح تصفق بكل بلاهه مع الطبل، والناس يرمقونهما بذهول، كان عماتها الثلاثه يركبن السيارات ويصفقن، فهتفت إحداهن بنبرة مرتفعه مازحه:
-فرح…. هي مطرت عليكم ولا إيه؟
-اه يا عمتو مطرت شوفتي الهدوم
قالت جملتها وهي تعصر ذيل فستانها، ويوسف يضغط على شفتيه ليكبح ضحكاته، مرت سيارة أخرى وبها نوح الذي أوقف سيارته جوار قائلًا:
-إبه إلي حصل؟
رفعت فرح يدها نحو السماء وهي تلوي فمها لأسفل قائله:
-مطرت
رمقهما بتعجب قائلًا:
-مطرت ايه الشمس طالعه والجو ربيع أهوه
ضحك نوح وهو ينظر نحو الترعه قائلًا:
-تقريبًا أنا فهمت إلي حصل تعالوا اركبوا متمشوش كدا في البلد هتفضحونا
كان يوسف يراقب الحوار ويضغط على شفتيه كي لا ينفجر بالضحك، اتجه نحو السياره ومازال يضع كلتا يديه بجيبي بنطاله وهتف:
-مبروك يابو نسب
ضحك نوح وهو يقول:
-مبروك عليك إنت الجنان يا حبيبي فرح شكلها عملتها معاك
ركب يوسف السياره وانفجر بالضحك وقال: عقبال عندك يا حبيبي…
_____________________________________
وبعد أن وصلا للبيت سحبت فرح يوسف ليدخلا من الباب الخلفي ليبدلا ملابسهما ويرتدي يوسف من ثياب نوح، وترتدي فرح من ثيابها القديمه….
كان الجميع في حديقة المنزل بعد أن اوصلا جهاز العروس لشقتها، كان المنزل يعج بأفراد العائله، وقفت فرح في ركن بعيد عنهم مع يوسف تمازحه وتداعبه بيدها، فضحك قائلًا:
-“فرح بطلي هزار بقا”
مدت يدها مرة أخرى فقال وهو يكبح ضحكاته:
-إبعدي إيدك الناس هتاخد بالها
ابتسمت قائله بمكر:
-بس أنا مكنتش أعرف إنك بتركب الهوا
اقتربت منه مرة أخرى بمكر شديد ترمقه بخبث وهي تلتفت حولها لتتأكد أنها في بعد عن مرمى نظر الجميع، مدت يدها نحوه لتدغدغه، فابتعد عنها مسافه وهو يتأفف من تصرفها الطفولي، اقتربت مرة أخرى بمكر ومدت يدها نحوه لتدغدغه، حاول التظاهر بالجمود وضغط على شفتيه ليكبح ضحكاته حتى تيأس منه وتهدأ، لم يلبث هكذا كثيرًا وانفجر ضاحكًا، وضحكت هي أيضًا قائله بمرح:
-اركب الهوا
انتهى من نوبة الضحك قائلًا بهمس:
-ماشي يا فرح لينا بيت يلمنا وهعرفك الهوا بيتركب ازاي
ضحكت وهي ترجع بظهرها للخلف لتتجه نحو والدتها وهي تقول:
– أنا قاعده مع أمي حبيبتي لحد ما الفرح يخلص
كادت أن تقع فلحقها يوسف لتعتدل واقفه مسح يوسف وجهه ضاحكًا حين صاحت والدتها:
-خلي بالك يا فرح ركزي شويه مفيش حد بيمشي بظهره
همس لها قائلًا:
-جيبتِ لنفسك الكلام
أردف قائلًا بهمس:
-أنا الي بيجي عليا مبيكسبش أبدًا
اتجها ليجلسا مع الجميع ليهتف الجد موجهًا كلامه لشاب يبدو أنه بمنتصف العشرينات يجلس بجواره:
-الدور عليك بقا عاوزين نفرح بيك يا دكتور العيله
ابتسم الشاب قائلًا:
-إن شاء الله يا جدي شوفلي إنت العروسه وأنا جاهز
لتناديه والدته “والدة مريم” قائله:
-قوم كدا يا فؤش شغلنا حاجه تحسينا أننا في فرح
اومأ رأسه مبتسمًا وهو يقوم ليشغل أغنية، ارتفعت الزغاريد وبدا الجميع بالتصفيق متجاوبين مع الأغنيه…
«ودي سنة الحياه، نبعد نتوه ونمشي في مليون إتجاه، ودي سنة الحياه، الغالي بيفضل غالي وأنت بقلبك معاه»
كانت هذه كلمات الأغنيه التي صدعت عند وصول تلك الفتاه العشرينيه التي تدخل للبيت بحياء وتنظر حولها بارتباك وهي تعدل نظارتها التي تشبه نظارة فرح، فمن يراها لوهله يظنها أختًا لفرح من شدة اقتراب ملامحها وهيئتهما إلتفت ذلك الشاب إليها محدقًا بها فقد عرفها حتى بعد فراق كل تلك السنوات تلاقت أعينهما للحظات، فبعد غياب أعوام عن اللقاء، تفتحت تلك الزهره وأصبحت وردة جذابه تدفع من أمامها ليشم رائحة عطرها المخفاه، أيعقل أن يكون لسبع سنوات تأثير لتلك الدرجه! وكعادتها عندما ترتبك تتصرف بحماقه بل ببلاهه شديدة، تحركت خطوتين نحو جدها لكن قطعت باقي المسافه وهي تطير نحوه حتى وقعت رأسها بين فخذي جدها حين تعرقلت ساقها بسلة صغيرة أمامها رفعت رأسها لتنظر لجدها مبتسمة ببلاهه:
-وحشتني يا جدي
ضحك الجد وهو يضم وجهها بين كفيه ثم يقبلها من رأسها قائلًا:
-حبيبة قلب جدها إلي بنشوفها مره في السنه
ضمت جدها بإشتياق ثم انتقلت للتسليم على الجميع دون أن تنظر نحو ذالك الشاب الذي يتابعها بطرف عينيه فقد عرفته منذ للوهلة الأولى مما سبب ارتباكها، جلست جوار جدها الذي ربت على ظهرها بحنو وسألها:
-غريبه يعني أبوك سابك تيچي الفرح
تلعثمت قائله: لا.. ما هو… ما هو أنا
نهضت واقفه وهي تبدل نظرها بينهم قائله بابتسامة فخر:
-جماعه أنا هربت
صفقت فرح بحراره وكأن الفتاه أنجزت شيئًا وقالت:
-عاش… عاش يبنتي والله
ابتسمت الفتاه وهي تعدل من ثيابها بفخر، وتومئ رأسها بحركة مسرحيه والجميع ينظر لها بذهول من جملتها، هتف والد فرح “خالها”:
-أبوك مش هيسكت يا وسام
عبست ملامحها وهي تمسك يد جدها وتنظر لعينيه برجاء وقالت:
-لو رجعتني للراجل ده ومراته تاني هموت نفسي يا جدي
شهقت شاهيناز قائله:
– بعد الشر عليكِ يحببتي
ربث الجد على يدها وتنهد قائلًا:
-نخلص فرحنا على خير ونشوف موضوعك ده
لا تدري لمَ سحبها نظرها لترمق ذالك الواقف على مقربة منها بوجهه مكفهر لا تدري أشفقة عليها أم مقتًا لما فعلت!
أخرجها من شرودها تلك السيده “حنان„ التي دخلت للحديقه قائله بنبرة قلقه: السلام عليكم يا جماعه
رد الجميع السلام ونظر لها يوسف متعجبًا، هتفت قائله: أنا عايزه أتكلم معاكم في موضوع بس ياريت ساميه تكون موجوده
هتف الجد: اتفضلي اقعدي… خير
عقبت حنان: خير إن شاء الله
_________________________________
وبعد فتره كانت الوجوه متجهمه والعيون ملتهبه والقبول محطمه مما سمعته هتفت حنان بنبرة نادمة:
-أنا كان لازم أقولكم كلكم قدامها عشان تعرفوا وساختها
هتفت ساميه بنظرات مرتعبه:
-إنتِ كذابه!
ردت حنان بنبرة حادة:
-لأ أنا مش كذابه أنا بحاول أتوب وراضيه بأي عقاب من ربنا عشان إلي عملته مش شويه
هتف الجد وهو ينهض واقفًا بغضب:
-وأنا مش فارق معايا أي حاجه لا إعترافك هيرجع الزمن ولا هيرجعلي إبني ولا هيرجع مرات ابني الله يرحمها
هتفت شاهيناز بغضب:
-حسبي الله ونعم الوكيل في أمثالكم إنتوا قلوبكم إيه حجر!
عقب نوح باشمئزاز:
-متظلميش الحجر يا ماما دا الحجر بيسبح ربنا وبيخشاه
لفت ساميه ظهرها لتغادر فهتفت عمة فرح “والدة مريم”:
-رايحه فين يا ساميه كلامنا لسه مخلصش!
نظرت لإبنها قائله:
-قوم يا فؤاد خد الرجاله وادخلوا جوه وإنتِ يا حنان اتفضلي من غير مطرود
نظر كل من وسام وفرح لبعضهماوجحظت أعينهم فقد فهما ما تنوي على فعله، سحب فؤاد يوسف ونوح قائلًا:
-يلا عشان أنا عارف النظره دي وراها إيه
اقتربت “والدة مريم” مع أخواتها الإثنتان من ساميه وبدأ يفرغان بها شحنة غضبهن بلكمها وضربها، وهي تصرخ تحت يديهم،
هتفت فرح: تستاهل والله بنت ال…..
وانتهين بدفعها لخارج البيت لتهتف والدة مريم:
-منشوفكيش هنا وإلا والله ما حد هيحبسك غيري
ضمت ساميه ابنها وصاحت وكأنها مظلومه:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيكم ربنا ياخدلي حقي منكم واحد واحد
قالت والدة مريم: يلا يا زباله منك لله ربنا ينتقم منك إنتِ يا شيخه
لتنظر ساميه لإبنها صاحب السبع أعوام قائله:
-بكره ابني يكبر ويجيبلي حقي منكم واحد واحد
كان الطفل يشاهد الحوار ويبكي لكن عمة فرح أغلقت الباب بوجه ساميه لتأخذ ساميه ابنها وتغادر…..
________________________________
وقفت فرح بالحديقه بجوار وسام وفجأه شعرت بدوار رأسها ووقعت أرضًا، صرخت وسام وهي تهزها بعنف، وهرول يوسف إليها على صوت وسام، هرولت وسام للداخل تنادي شاهيناز وهي تصيح:
-يا طنط … يا طنط فرح داخت ووقعت على الأرض
تهلل وجه شاهيناز وزرغدت بسعاده، لتنظر لها وسام قائله بصدمه:
-إيه يا طنط إنتِ فرحانه إن بنتك تعبانه ولا إيه!
ابتسمت شاهيناز قائله:
-تعبانه ايه يا هبله دي حامل
قالت جملتها وهي تهرول لإبنتها وتنادي على خالة فرح قائله:
-فرح حامل يا بسمه
حكت وسام رأسها وقطبت حاجبيها متعجبه وهي تكرر:
-حامل!!
سرعان ما تحول تعجبها لسعادة دقت ابواب قلبها وهرولت خلف شاهيناز مبتسمه، زغرودة أخرى من خالة فرح صدرت عاليًا وهي تربت على ظهر فرح بحنو قائله:
-مبروك يا حببتي ربنا يكملك على خير يارب
اعتدلت فرح جالسة لتسالهم بدهشه:
-فيه ايه؟
نظرت شاهيناز ليوسف بفرحه:
-مبروك يا حبيبي هتبقا أب
فغرت فرح فاها وجحظت عينيها بدهشه وعقد يوسف حاجبيه بصدمه وهو يشير لنفسه قائلًا:
-أنا!
مباركات كثيره من العائله تهافتت عليهم وأحضان أكثر، ويوسف وفرح يرمقونهما بصدمه ودهشه وذهول لتصيح فرح بنبره مرتفعه:
-باااااس أنا مش حامل
تجهم وجه الجميع منتبهين لفرح التي أردفت:
-جايبن الكلام ده منين؟
ضحكت وسام وهي تقول: طنط شاهيناز
نظرت لشاهيناز بغضب وهي تنهض واقفه ثم قالت:
-ماشي يا شاهيناز والله لأوريكِ
دخلت للبيت مسرعه، فاتسعت عيني شاهيناز وهي تقول ليوسف:
-إلحق بنت الهبله دي هتطلعلي المطبخ كله دلوقتي
جلس يوسف على المقعد ببرود قائلًا بضحكه:
-علفكره أنا لو روحت هساعدها
ضحك الجميع على شاهيناز التي تركض خلف ابنتها قائله:
-استني يا بت…. بت يا فرح… يا فهيمه….
زادت ضحكات وسام، كان فؤاد ينظر إلي ضحكتها فرحًا أنها تشعر بالسعاده حتى لو مؤقته، هرولت وسام خلف شاهيناز لكنه هرول خلفها وأوقفها مناديًا إياها بارتباك:
-و.. وسام
ازدردت ريقها بتوتر وهي تلتفت نحوه وتنظر أرضًا بارتباك، ابتسم هو الأخر قائلًا بمكر:
-إنتِ مش فاكراني؟
خانها لسانها قائله في سرعه بعفويه:
– عارفاك
عضت لسانها قائله بسذاجه:
-قصدي لأ مش عارفاك
ابتسم على ارتباكها ومسح شعره متوترًا هو الأخر قائلًا:
-لأ إنتِ عارفاني…
هربت منه قائله:
-طنط بتنادي عليا…
هتفت بارتباك وهي تغادر: أيوه يا طنط جايه
وقف ينظر لأثرها مبتسمًا وهو يقول:
-الظاهر إن حكايتنا هتبدأ يا وسام…
مش هقول النهايه لكن هقول
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-