انسحبت هدى بهدوء ، حاولت الابتعاد قدر الإمكان عن الجموع والزحمة ، اتجهت لركن خاص لا يوجد فيه الكثير ، كان يبدوا كشرفة على طول الحائط تطل على النيل ، وقفت أمامه ، تنهدت بحزن على الحال الذى وصلت له مع زوجها ،
...هدى ...
نداء باسمها من صوت مألوف صدر عن شخص يقف خلفها .
التفتت هدى ، واتسعت عينيها من المفاجأة .
.....معقول ....
...ليش لأ ...
... أنت بتعمل هنا ايه ...
...أنا؟ ، ايش انتى بتعملى هنا ؟ هذى اول مرة اشوفك ، لكن بصراحة ، مفاجأة جميلة ...
...لا جميلة ولا وحشة ، كأنك مشوفتنيش ...
...إيش تقولى ، وكيف اقدر وانا ما صدقت ...
... بعد اذنك ... وهمت بالحركة لولا انها فوجأت بزوجها أمامها ، كيف ظهر هكذا فجأة ولم تره اتيا من بعيد .
...هدى ، ايه ، فى حاجة ؟
عندما رفع عينيه للواقف أمامه بعدما استدار له ،
...مش ممكن ، الامير فيصل ، أهلا وسهلا يافندم ...
...أهلا ...
...تشرفنا حضرتك ، حصل حاجة ، هدى دايقت حضرتك فى حاجة ...
صدمت هدى من كم الخضوع والتحايل التى عليها زوجها مما أصابها بالحرج الجارف من الموقف ، خاصة أمام هذا الشخص المستفذ بالذات .
...لا ابدا ، هى مدام هدى تبقى ...
...المدام يافندم ، المدام بتاعتى ، وأنا المهندس عمر عبد الفتاح صاحب مكتب Light الهندسى ...
...أه ، أهلا وسهلا ...
لاحظ عمر كم نظرات فيصل لهدى التى بدأت تتضايق منها ، ،
..هو حضرتك تعرف هدى من قبل كدة ...
رفعت هدى رأسها فجأة لفيصل بحركة رفض ايمائية، ففهم ما تريد ،
...لا ، هذى اول مرة نتعرف ، رأيتها واقفة لوحدها ، كلمتها. ..
ارتدت روحها اليها بعد تصريحه هذا ، لتفاجئ برد زوجها الصادم
...ده شرف لينا يافندم ، اتفضل حضرتك أشرب حاجة معانا ...
تدخلت هى فى الحوار ...أنا تعبانة وعايزة أمشى ...
...هدى ... قالها زوجها باستنكار
...حصل خير ، واضح عليكى مدام هدى ، واكيد راح نتقابل مرة تانية ..
رد زوجها ...اكيد أن شاء الله سيادتك. ..
ثم تركهم فيصل وذهب ، وتبعه فردى الأمن الواقفين بالقرب منه ،
...إيه ده ؟ انتى اتجننتى ، فرصة من السما وجت لحدنا ، تقومى تتصرفى بالشكل ده ...
...فرصة ايه ، ده بنى ادم سافل ، ده كان بيغازلنى ...
..واحنا مالنا بأخلاقه ، المهم العقد ، وبعدين هنا كله بيجامل كله ، هتلاقيكى انتى اللى فهمتيها أنها غزل ، بس مشكلة ، واضح انه معجب بيكى ، اكيد هحاول مرة تانية يكلمك ...
...عمر ، ايه اللى بتقوله ده ...
...إيه ، بقول هيحاول يكلمك ، قلت حاجة غلط ، بس تصدقى ، مكنتش اعرف ان سرك باتع كدة ، أول مرة تحضرى حفلة ، وأول ما توقعى ، الامير فيصل بنفسه ، أكبر راس فى التعاقد كله ...
1
...أنت اتجننت، مش مكسوف وانت بتقول كدة ...
↚
..ليه ، هو انا بقولك نامى معاه ، بس اديله ريق حلو لو جه يكلمك تانى بدل الوش الخشب اللى انتى مركباه ده ...
...انت فعلا انسان مش ممكن ، وأنا مش قادرة اسمع اكتر من كدة ، انا ماشية ...
فوجئت بيده تقبض على ذراعها بقوة آلمتها
...استنى عندك ، ماشية راحة فين ، إحنا هنفضل لحد ما الحفلة تخلص ، وانتى بالذات ...
...عارف لو مسبتش ايدى ، هصوت وافضحك فى وسط الحفلة اللى انت فرحان بيها دى ...
وبنظرة تحدى منها ، تهاوى هجومه ، فهو يعرفها جيدا ، ستفعلها أن صمم أمامها، أطلق صراح يدها ،
عدلت من هندامها وهى تقول
...عارف ، الحق مش عليك ، انا اللى استاهل لأنى وافقت اجى معاك هنا ، وأنا عارفة قد ايه انت أخلاقك واطية ، واطية ايه ، انت معندكش أخلاق من الأساس ...
أنهت جملتها وتركته وذهبت ، بدأ يتلفت حوله ليتأكد أن كان قد سمعهم أحد أم لا ، وبنظرة واعدة وصوت اقرب للهمس ، قال
...أنتى عديتى حدودك اوى ياهدى ، وكفاية عليكى كدة ، بس الأول أوصل للى انا عايزه ...
*******************************
استقلت تاكسى لتعود لبيتها ، كانت تتمنى أن تتجه لمنزل والدتها ، لكن الوقت لن يسعفها لذلك ، فالساعة تعدت الواحدة صباحا ولا تستطيع العودة لمحافظة أخرى وحدها فى هذا الوقت ، والسافل زوجها تركها ، ولم يخرج معها حتى لاعادتها للمنزل ،
وهى فى الطريق ، رن هاتفها ، كانت هوايدا أختها ،
... أيوة ياهوايدا ، انا كويسة الحمد لله ،، مش ماما قالتلك ،، لأ الحفلة خلصت وخلاص مروحة ،، انتوا وصلتوا البيت ،، كويس ،، خالد ياهوايدا ،، خدى بالك منه لحد ما اجى بكرة ،،، هايدى صممت تاخده ؟ ،، طيب ماشى ، بس أبقى بصى عليه برده ،، ماشى ،، سلام يادودو ...
فتحت باب الشقة ودخلت ، اغلقت الباب ، ولم تسعفها قدمها للدخول ، جلست مكانها خلف الباب ، لا تصدق ما تفوه به زوجها للتو ، لقد وصل به الانحطاط ليستخدمها ، كمقود يتاجر بنسائه ليصل لما يريد ،
وهى الآن السلعة المستخدمة ، قالت بتنهيده
... واضح ان ملكيش أى نصيب فى الفرحة والأمان ياهدى ، وهتفضلى طول عمرك كدة ، ومفيش تغيير ...
كانت على عتبة الدخول فى البكاء ، ولكن رنة هاتفها انقذتها من الدخول فيه ، مسحت وجهها سريعا لتستعيد تركيزها عندما رأت اسم المتصل
...يابنت المجنونة ، بتكلمينى ليه دلوقتى ...
...مش انتى اللى قولتيلى ..
...إيه ده ، لحقتوا ، ده الواد جامد بقى ..
...الله وأكبر ، سم الله كدة ياهدى ...
..هههههههههههههههه ، والله ، أه ياجذمة ، بس المهم ،انتى عاملة ايه دلوقتى ..
...الحمد لله كويسة ...
...بجد ، كويسة كويسة يعنى ، ولا كويسة كويسة من الناحية التانية ...
...لا والله ، كويسة الحمد لله ...
...باين على صوتك ياحبيبتى ، عملتى كل اللى قولتلك عليه ...
..عملته كله ، وهو ساعدنى كمان ...
...كويس ، ده طلع واد حنين ، أما انتى طلعتى سهنة ، أى واحدة فى الوقت ده بتبقى تعبانة ومستموتة فيها ، انتى ماشاء الله ، صوتك زى الجرز أهو ...
...مش بقولك سم الله ياهدى ، وامسكى الخشب ...
...هههههههههههههههه ، بسم الله الرحمن الرحيم ياختى ، والغضمفر فين ...
...فى الحمام ...
... حمام الهنا ، اتعشيتوا ولا لسة ...
...لسة ، أما يخرج من الحمام ...
..،بالهنا والشفا ، مبروك ياهدير ، الف مبروك ياحبيبتى ، فرحتينى ياقلبي ...
...ربنا يخليكى ليا ياهدى يارب ...
...يلا روحى لجوزك بقى ، لا إله إلا الله ...
...محمد رسول الله. ..
كانت هذه المكالمة قد اخرجتها بالفعل من الحالة التى كانت عليها ، تمتمت باسمة
...والله ونصفك ربنا فى بناتك ياحاجة هدية ...
**************************
لم يعود عمر ليلتها للمنزل ، خرجت هدى مبكرة لكى لا تراه ، اتجهت لمنزل والدتها ، قضت اليوم هناك دون حتى اتصال واحد منه ليطمئن عليها ، حتى أن والدتها لاحظت تجهمها طوال الوقت ، وسألتها ، لكن خدى انكرت وجود شئ يدايقها،
↚
بعد الساعة الثالثة ، اتجهت هدى بسيارتها ومعها والدتها واختاها هوايدا وهدير ، وتركوا الأطفال فى رعاية هيام التى كانت حامل فى الشهر السادس، ولن تتحمل المشوار ، سلموا على العريسين ، واعطوا الهدايا لهم ، ولم يمكثوا كثيرا ، عادت بهم للمنزل ، وأخذت خالد وبدأت رحلة العودة لمنزلها ،
وصلت لشقتها فى حدود الساعة الثامنة مساء ، وجدت عمر ينتظرها فى المنزل ، قابل خالد بالاحضان ، ويبدوا انه أحضر له لعبة ، تركتهم هدى ودخلت غرفتها ، تحممت وغيرت ملابسها ، اتجهت للمطبخ وصنعت كوبا من الشاى ، وجلست فى الشرفة لتشربها ، خرج عمر من غرفة خالد ، واتجه لها فى الشرفة ،
...خالد فين ؟
...نام ...
...من غير ما يغير هدومه ..
...أنا غيرتله هدومه ...
اندهشت من كلامه ... نعم ...
...غيرتله والله ونيمته ، هو كان فاصل اصلا ، خد سوبر مان فى حضنه ونام ...
صمت وصمتت ، استطرد قائلا
...وانتى مش هتنامى .. قالها وهو يقترب منها
...خليك عندك ، لا مش هنام ، قاعدة شوية ...
... ماشى نسهر ، ثوانى ، انا عندى حاجة ليكى ...
دخل وعاد بعد ثوانى بعلبة فتحها ووضعها أمامها.
...إيه ده ..
...كوليه الماظ ، أول ما شوفته ، قلت ليكى ...
رفعه ليلبسها اياه ، مدت يدها وردت يده وهى تقول
...شكرا ، مش عايزة حاجة ...
..ميبقاش قلبك اسود بقى ياهدى ، اعتبرينى مقولتش حاجة ، انا اسف ...
...انتهينا ياعمر ، معنديش كلام اقولهولك. .
وقفت ورفعت كوبها ، وتركته وذهبت وهى تقول
...أنا هنام فى اوضة الضيوف من هنا وجاى ...
تمتم وهو يضع الكوليه فى علبته
...الصبر ياهدى ، يومك جاى ...
مر أربعة أيام على هذا الحال دون تغيير ، فى عملها طوال اليوم ، تعود لتأخذ ابنها من الحضانة ، وتعود للمنزل ، تمكث معه طوال اليوم ، حتى ينام ، ثم تدخل لغرفة الضيوف ولا تخرج منها إلا تانى يوم صباحا.
فى أحد الليالى ، عاد قبل أن تدخل غرفتها ، وكان متعمدا ذلك ، كانت فى المطبخ، تعد شيئا لتأكله قبل أن تدخل صومعتها اليومية ،
..مساء الخير ياهدى ...
لم ترد واكتفت بايماءة
...عاملة ايه انهارضة ...
...الحمد لله ، هات من الاخر ...
... بطمن عليكى ، ولا مش ناوية ترضى عنى ...
... مليش مزاج أتكلم ياعمر ، تصبح على خير ...
حملت طبق طعامها و متجهة للغرفة ،
استوقفها قائلا ...استنى بس ، عايزة اتكلم معاكى فى حاجة ضرورى ...
استدارت له وهى تقول ...منا قولت ، هات من الاخر. ..
اتجهت لأقرب كرسى وجلست ...اتفضل ، خير ...
... طلب ، وارجوكى تقبلى ، واوعدك مش هطلب منك حاجة تانية ابدا ...
...من غير مقدمات ، قول اللى عندك ...
... أصحاب المشروع عازمين كل اللى متقدمين للتعاقد مع الشركة ، يوم الجمعة ...
...لأ ، من غير ما تكمل ...
...افهمى بس الأول ..
...من غير ما أفهم ، لأ ...
... ده مجرد open day ، هنقضى طول النهار هناك وهنرجع فى أول الليل ...
رفعت هدى طبقها وتحركت من أمامه وهى تقول
...أنا قلت لأ ، مش هروح يعنى مش هروح ...
وبعد أن تحركت خطوة عادت ووضعت الطبق على الطاولة بعنف وهى تقول ...نفسى اتسدت. ..
***************************
دخلت الغرفة وأغلقت الباب من الداخل ، جلست على حافة السرير ، وهى تفكر ، وداخلها اثنان يتصارعان،
..وايه المشكلة ، ماتوافقى ...
...أوافق أذاى ، ايه الجنان ده ...
... إيه الجنان فى كدة ، مش يمكن تقابلى فيصل هناك ...
...كاك خيبة ، ما هو ده السبب الأساسى اللى يخلينى مروحش ...
...بالعكس ، ده السبب الأساسى اللى يخليكى تروحى، مش يمكن تعرفى منه حاجة عن ابنك ..
...ابنى ، معقول حلمي هيتحقق ، وتفتكرى فيصل ميعرفش اللى حصل ..
...وحتى لو ميعرفش ، ممكن يكلمك عنه على أنه ابن خالد وليان ، اهى أى معلومة والسلام ...
...خلاص أقوم اقوله أنى موافقة ... وهمت بالوقوف ثم عادت وجلست مرة أخرى وهى تقول لنفسها
...استنى ، مش على طول كدة ، هو لسة بيقول انه يوم الجمعة ، يعنى قدامك وقت ، أبقى قوليله بكرة ...
**************************
↚
تانى يوم بعدما جهزت كل شئ للخروج كالعادة ، استيقظ وهى على وشك الخروج ، فأخبرته بكلمتين وبعدها خرجت ،
...عمر ، انا موافقة أحضر معاك ال open day..
ومن وقتها حتى يوم الجمعة لم يختلف الطريقة التى اختارتها فى التعامل معه ، فقد قررت مسبقا الفراق ، لكن الموضوع مسألة وقت لا أكثر ....
************************
يوم الجمعة ، جهزت كل شئ ، شنطة بها ملابس تكفيهما ليوم واحد ، وخالد قد ذهب مسبقا لجدته يوم الخميس ليلا ، ليقضي الجمعة كله عندها ،
خرجت من الغرفة وجدته مستيقظا وينتظرها ، وبالفعل تحركت السيارة الساعة السابعة صباحا فى اتجاه الفيوم ، لم تتحمل هدى الجلوس طوال هذه المسافة ، فظهرها يؤلمها منذ الولادة الاولى ، فتحت الكرسى أكثر ، ومالت عليه ، وغلبها النوم رغما عنها ، ولم تستيقظ إلا عند دخولهم من باب المزرعة ،
كانت المزرعة بالفعل ضخمة ، استمرت السيارة فى السير لمدة 20 دقيقة من باب المزرعة حتى وصلت لباب المنزل الداخلى ، ترجلا من السيارة أمام المنزل الضخم ،
...هو فين الناس اللى هنا ، انا مش شايفة غير الأمن من ساعة ما دخلنا ...
..يمكن جوا. ..
...ومال الأمن كتير كدة ليه ، هم هيحاربوا. ..
...ياستى ، ناس واصلة وخايفين على نفسهم ...
فوجأت بخروج فيصل ليقابلهم عند الباب ، لم ترتاح هدى لنظراته المتكررة ، لكنها تجاهلته تماما ، وتركته يتحدث مع عمر ،
دخلا الفيلا ، حمل الخادم الحقيبة ، واتجه لأعلى ، قال لها عمر
... اطلعى ياهدى ، ارتاحى لحد ما اخلص شوية شغل مع الأمير فى المكتب هنا وهحصلك ،
لم ترتاح للموقف منذ بدايته لكنها اذعنت لطلبه وبدأت فى صعود السلم ، لكنه اوقفها مرة أخرى
...معلش ياهدى ، تيليفونك بس ، محتاجه فى مكالمة ، مش معايا رصيد ...
...رصيد ايه، انت على باقة وكبيرة كمان ...
...خلصت والله ، ايه يابنتى ، مش مستغنية عن دقيقتين من رصيدك ولا ايه ...
فتحت حقيبتها والغضب على وجهها واعطته الهاتف ، وعادت للصعود ،
أعطى الهاتف للأمير فيصل ، وكل منهما على وجهه ابتسامة ذات معنى معين ، ثم قال
..انا كدة نفذت ، دور حضرتك بقى ...
.. مثل ما قلت ، توصل مكتبك ، تجد العقود فى انتظارك ، ومدير مكتبى راح يسوى كل شئ ...
...وهدى ...
... ايش بيها ، انا على وعدى ، السيارة راح توصلها لباب بيتك وقت ما انتهى ، مع السلامة ياعمر ....
يتبع
قلب أرهقته الحياة. .....الفصل السابع والعشرون
...وهدى ... كان هذا سؤال عمر
... ايش بيها ، انا على وعدى ، السيارة راح توصلها لباب بيتك وقت ما انتهى ، 24 ساعة مثل ما قلت ، ، مع السلامة ياعمر ....
تردد عمر فى الخروج
...إيش بيك ، ندمان ، ولا بدك ترجع فى اتفاقنا وتتنازل عن العقد ...
...لا ابدا ، بعد اذنك ...
خرج من الباب واتجه لسيارته واستقلها وهو يقول لنفسه ...معلش بقى ياهدى ، كدة كدة كنا هنسيب بعض ، كان لازم الحق نفسى واستفيد برده ...
كانت هدى تقف فى الشباك عندما رأته يتحرك بالسيارة ، لم تفهم ما يحدث ، إلى أين يذهب ويتركها هنا ، اتجهت لحقيبتها لتأتي بتيليفونها ، فتذكرت انه أخذه منها ،
استدارت لتخرج ، وجدته يقف عند الباب ويده فى جيوب بنطلون ،
... أنت هنا ليه ، وعمر راح فين ...
...طار ...
...أفندم ، طار يعنى ايه ؟
..يعنى أنهى المطلوب منه وطار وماراح يرجع ...
...مطلوب منه ، هو ايه ، انا مش فاهمة حاجة ...
أخرج يده من جيبه واتجه لداخل الغرفة وأغلق الباب خلفه ، وهو يقول
... انتى ، انتى ياهدى هو المطلوب منه ، زوجك المحترم وافق انه يسلمنى اياكى لمدة 24 ساعة ، تكونى فيهم ملكى انا ، مقابل عقد الصفقة الجديدة يكون لمكتبه ...
اتسعت عينيها من المفاجاة والزعر وهى تقول
...ياولاد الكلب ، انا هوديكوا فى داهية ، ده خطف واغتصاب ...
قال وهو يقترب منها ببطئ ...أى شى بدك اياه حبيبتى اعمليه ، لكن دالحين ، أبى استمتع بكل لحظة معك ، كنت اتمناكى من أول لحظة ريتك فيها ، لكن خالد ، اوه خالد ، أبى اشوف وجهه لما أرسله صورك وانتى باحضانى ياحلوة ، أبى أرد له كل شي سواه معى ، وراح تكونى ياهدى اول صفعة منى اله. ..
.قالت وهى ترفع يدها محزرة وتعود بقدميها للخلف خوفا منه
..إياك تقرب منى ، هصوت وافضحك والم عليك الناس ...
ابتسم بسخرية وتشفى وقال
...ناس مين ياحلوة ، انتى بأملاك فيصل الخاصة ، وما فى مخلوق يقدر يدخل ، ومن الأساس صوتك ما راح يوصل لحدا، بس لو بدك ، صوتى ، أبى اسمع صوتك وانتى بتصرخى. ..
حاولت الفرار منه لكنه أمسك بها ، كل زراعيها خلف ظهرها بيده ، وبدأ فى محاولات تقبيلها، وهى تحرك رأسها يمنى ويسرى، لتهرب منه ، وهى تصرخ فى نفس الوقت ، ثبتها فى الحائط ، أصبحت حبيسة جسده والحائط ، ، استطاع الوصول لشفاها ليلتهمها، لكنه وبأقصى قدرة لديها ، احكمت أسنانها على شفته العليا لتدميها ،
تركها وابتعد بعد صرخة منه ، وتلمس شفته بأطراف أصابعه ليمسح عنها الدماء
...قطة برية ياهدى ، وأنا اعشق ها النوع من النسا ...
قال هذه الكلمات وهو يرفع عنه جاكته ويلقيه على الكرسى ،وتبعه بقميصه ،ووقف أمامها عارى الصدر ،
أيقنت هدى فى هذه اللحظة أن هذه هى النهاية ، لقد وضعت فى خانة لن تستطيع الفرار منها ، بدأت تبكى وتتلفت يمنى ويسرى ، فقال لها
...ما تحاولى عيونى ، ماراح تقدرى تسوى شئ انتى ملكى هالليلة هدى ، وافضلك توافقى ، وإلا راح يتم كل شى رغم عنك ..
قالت بتوسل ...ابوس ايدك بلاش ، أى حاجة انت عايزها هعملهالك بس بلاش دى ..
اجابها وفى عينيه التصميم الممزوج بالرغبة
..لا حبيبتى ، أبى أخد تمن العقد اللى ما يستاهله هالحيوان زوجك ، وراح اعرف بعدين ايش اسوى معه ، ...
واتجه اليها بخطوات بطيئة وكأنه يستمتع بتعذيبها البطئ، وقبل أن يصل إليها دق باب الغرفة ،
صرخ بقوة للواقف خلف الباب
...إيش فى ؟
...آسف سموك ، لكن عزت، مدير أعمال حضرتك تحت وبيقول أن حضرتك مستنيه ...
قال بضيق ..اوووه ، نسيت موعد ها الحيوان ...
التفتت لهدى وهو يقول ، ...آسف حبيبتى ، شئ بسيط مهم ، راح انهيه وارجعلك ، أعطينى دقيقتين ...
مد يده وسحب قميصه ، ثم فتح الباب وخرج واغلقه من الخارج ،
جرت هدى للباب وحاولت فتحه ولم تستطع ، اتجهت للشرفة وهى تبكى ، رأته فى الحديقة وهو يتحرك بعيدا باتجاه بعد الواقفين ، تلفتت فى أنحاء المزرعة ، وجدتها مملوءة بأفراد الأمن ، ازداد نحيبها، وهى تقول
...يارب ، يارب ، انجدنى يارب ، اعمل ايه ، انا حتى انا مش عارفة انا فين ، ومن غبائى نمت فى السكة ، كنت واثقة فيه الواطى ، وبعدين ، مفيش مخرج ، مفيش تيليفون ، طيب اعمل ايه ، انجدنى يارب ،...
وانهارت من البكاء بجانب الحائط ، فجأة سمعت رنين هاتف ، مسحت دموعها وأخذت تتلفت على مصدر الصوت ، ، إنه تيليفونه الموجود فى جيب الجاكت الذى تركه ، أمسكت بالهاتف ، كان الرنين قد انتهى ، حاولت فتح الهاتف ، مغلق برقم سرى ،
دخلت فى نوبة جديدة من البكاء ، لكن فجأة رن الهاتف مرة أخرى ، رفعت الهاتف ، توقفت عن البكاء وتجمدت ملامحها ، واذداد انهمار الدموع من عينها مع نحيب بسيط ،
أنه خالد ، يتصل وكأنه يعلم ما يفعله ابن عمه بها ، لكن الرقم خارجى ، سعودى ، ليس هنا ، لن يستطيع فعل شئ ، لكن يكفيه الوجع عندما يعلم ، فتحت الخط فى اخر لحظه ليأتيها صوته الذى ما زالت تتذكره جيدا ، وهو يحدث ابن عمه قائلا
... بالله ، على أساس مافى شي مهم ، عيل انا بلعب معك ،...
↚
ثم انتظر خالد ليجيبه فيصل ، فلم يجد اى صوت بالمقابل ، فقال ... ليش ما بترد ؟
ازداد نحيبها بعد سماع صوته ، حتى بدأ هو يسمعه بشكل منخفض ، زادت دهشته ، وهو يقول
...مين معى ..
ترددت لثانية ثم قالت بصوتها الباكى ...أنا ...
ساد صمت بينهما من الجانبين ، هى تنتظر ، وهى يحاول التأكد ان ما سمعه صحيح
فقال بتساؤل مجنون . ..هدى ...
ظهرت ابتسامة ساخرة على وجهها رغم بكائها وقالت ...فاكر صوتى أهو ..
لاحقها قائلا ... اكيد فاكر ، بحياتى ما انسى ...
ثم سكت للحظة بعدها قال ...هدى ، إيش بيكى ، وليش تبكى بهالشكل ، وينه فيصل ، وليش تيليفونه معك ...
كان قلقه بل فجعه عليها واضح من صوته ، لكن بعد كل هذه الأسئلة ، لم تتمالك نفسها وتحول النحيب لبكاء عالى الصوت ، رق صوته وبدأ يتحدث باللهجة المصرية ،التى يتقنها جيدا
...هدى ، ارجوكى ، فهمينى فى ايه ...
حاولت تمالك نفسها وقالت .
...مش هتقدر تعملى حاجة ، انت فى اخر الدنيا ، من يوم ما عرفتك وانت مبتقدرش تعملى حاجة ، بتتفرج عليا وانا فى النار ومبتحاولش تساعدنى ...
كانت كلماتها كخناجر تشرح فى جسده ، ذكرته بكلامها فى اخر لقاء بينهم وهى تقول
...أنت ضعيف ياخالد ،ضعيف ومش هتقدر تعمل حاجة ...
أكملت ما تقول وهى تبكى
...والمرة دى كمان مش هتقدر تساعدنى ، ابن عمك هيدبحنى ومش هتقدر تعملى حاجة ...
قاطعها قائلا ...هدى ، براحة وفهمينى ارجوكى ...
اجابته ... اتفق مع جوزى يجيبنى هنا ، واشترانى منه بصفقة هيعملها معاه ...
عاد الصمت المتبادل ثانية الا صوت بكائها الذى يذبحه
ثم اتاها صوته جاد متوعد وهو يسأل . ..عملك حاجة ؟
قالت بسخرية باكية ...ملحقش ، بس ناوى ، قفل عليا الاوضة وهيرجعلى تانى ...
سألها ...أنتى فين ...
أجابته ...مش هتفرق ...
وبصوت عالى صرخ فيها ...ردى عليا ، انتى فين ..
...معرفش ، كل اللى أعرفه أنى فى مزرعة فى الفيوم ...
... خلاص ، عرفت انتى فين ، خليكى معايا على الخط ثوانى..
قالت بفزع وكان الروح تسرق منها ببابتعاده ..خالد ، خالد استنى ...
رفعت الهاتف من على اذنها ونظرت فى شاشته وجدت الخط مفتوح ، قامت من مكانها ، ووقفت بجانب الشرفة تراقبه حتى عاد خالد على الخط واتاها صوته وهو يقول
...اسمعينى كويس ، كل اللى عايزه منك انك تحافظى على نفسك تلت ساعة مش اكتر ، وهيجيلك اللى هيخرجك ...
قالت ...مش هيعرف يدخل ، الأمن هنا كتير ...
قال بشكل قاطع ...دى مش مشكلتك ، نفذى اللى بقوله وبس ...
رق صوته وقال بهدوء ...هدى ، حبيبتى ، انا عارف انك مبتثقيش فيا ، وعارف أنى خذلتك كتير ، بس ارجوكى ، امسكى نفسك المرة دى بس ، ربع ساعة من دلوقتى ، ارجوكى ....
هدأت قليلا وهى تقول بهمهمة مكررة لكلامه وكانها تقنع نفسها
... طيب ، ربع ساعة بس ، طيب ..
رفعت عينيها للشباك مرة أخرى ، فلم تجده ، ووجدت الرجل الواقف معه فى اتجاهه للخارج
قالت بفزع ... ده راجع ، جاى دلوقتى ، ....
قال ملاحقا ... اهدى ارجوكى ، مش عايز منك غير انك تكسبى وقت مش اكتر ، العقل هيجيب مع فيصل اكتر ، ولا اقولك ، خليكى على الخط ، وأما يدخل ، اديله التيليفون ، وأنا هشغله عنك ...
اقتنعت بالفكرة وقالت ..ماشى، انا ...
ولم تكمل كلامها لأنها فوجأت به أمامها وعينيه تنضح نارا
، مد يده دون أن يتحدث وأخذ الهاتف من يدها ، ونظر إليه ليتأكد انه هاتفه وأيضا ليرى اسم المتصل ، ثم رفع عينه لها وهو يقول بدهشة
... فتحتيه أذاى ؟
ولم ينتظر اجابتها ووضعه على أذنه ليأتيه صوت خالد وهو يقول
...هدى ، هدى ردى عليا ..
قال له ... حبيبى ياخالد ...
قال بصوت مشبع بالغضب ...فيصل ، إيش راح تسوى فيها ، إياك وهدى فيصل ، إياك وهدى ...
اجابه بتشفى ... إيش هاد ، يهمك أمرها ، والله ما كان عندى علم ياابن عمى ، ولو كان ، كنت سويت هاد من وقتها ، واحرق قلبك عليها ...
بدا خالد بالهدوء فى كلامه ليأخره اكثر وقال ..إيش تبى فيصل وتبعد عنها ...
... إيش أبى ، بالله عليك خالد ، انت سويت فيا كل شئ ، قصيتنى من العيلة والشغل وكل شي ، بعقلك ، إيش أبى ...
وبصوت عالى يكاد يكون صرخة ممزوجة بغضب عارم ، قال
... أبى تعيدلى كل شي خالد ، مكانك وفلوسك والعيلة والمجموعة ، كل شي حصلت عليه فى السنين الماضية ، كل هاد كان إلى انا ، خالد ، إلى انا ...
...راح نتفاهم فيصل ، لكن هدى مالها ذنب فى كل هاد ، اتركها لحالها ...
... بتحبها ، اوه خالد ، والله بتحبها ، هذى اول مرة أسمعك تتكلم بهذى الطريقة ، طيب ليش ابن عمى ،
ليش ما بقيت فى مصر ، ليش ما عدت الها ، انت مطلق من 5 سنين ، ليش ما عدت وخلصتنى منك ...
جملة مطلق من 5 سنين جعلت هدى تتسع عينيها من الدهشة ، ولاحظها فيصل
...اوه ، هدى ما عندها علم بطلاقك ....
ثم تحولت عينيه لهدى وهو يقول
...أه حبيبتى ، خالد مطلق من 5 سنين ، طريقك إيله كان مفتوح ، مطلق وابنه مات وعاش وحيد من خمس سنين ..
نزلت كلماته كصاعقة على هدى وهى تعيد كلمتى " ابنه مات " فى عقلها ، اتسعت عيناها أكثر وفتحت فاها، وبدأت أنفاسها تتصارع ،
للحظة تخيل فيصل أن هذا رد فعل طبيعى منها على خبر طلاقه ، حتى أتاه صوت خالد وهو يصرخ فيه
...بيكفى فيصل ، بيكفى ، والله العظيم راح اقتلك بأيدي ، وما راح يشفع ليك شى ...
بدأ فيصل يتمعن فى وجهها أمامه ، وفى صوت الصارخ فى أذنه ، ليدرك نتائج جديدة فى علاقة الاثنان ، بالتأكيد الحكاية ليست حب فقط بينهم ،
أما عن هدى فبدأت تفقد توازنها بعد جملة فيصل
وهى تتمتم لنفسها ..مات ، مات ...
لكن فيصل لم يهتم بكل هذا ، فقرر تأجيله ، الآن يجب فعل شئ آخر لينتقم من ابن عمه ، ولن يترك هذه الفرصة تذهب سدى ،
أحكم التيليفون على فمه وهو يقول لخالد
...أبى اوجعك خالد ، ما تتخيل كيف أبيها ، راح ارسلك صورها معى وهى فى احضانى ، هدية منى الك...
وأغلق الهاتف وألقاه خلف ظهره ، ونظراته تتحول لنظرات صقر باتجاه هدى ، وبدأ يقترب منها ،
لكن هى كانت فى عالم آخر ، لم تهتم ، لم تعترض ، ولم تقاوم ، فقط تقف مستندة بظهرها على الحائط ، وعينيها موجهة للاشئ ، لقد فقدت للتو طفلها الذى لم تراه .
اقترب منها فيصل ، لاحظ وجومها لكنه لم يهتم ،
وقال بهدوء ...إيش ، راح تستسلمى ...
بدأ بفك حجابها ، فك شعرها ليسدل على اكتافها ، ليتأمل فيها للحظة وهو يقول ... جميلة ياهدى. ..
وببطئ واستمتاع شديدين منه ، مد يده وبدأ بفتح أكباس السترة التى ترتديها حتى فتحه لنهايته ، سحبه للخلف لتتعري اكتافها ،
مال على رقبتها المكشوفة أمامه وبدأ بتقبيلها وكأنه أسد جائع يلتهم فريسته بعد طول جوع ، وشفتيه تتجول على رقبتها من الاتجاهين واكتافها ، ثم ابتعد لثانية وعيناه على شفتيها ،
لكن فى لحظة بداية اقتراب شفتيه من شفتيها ، صدعت أصوات طلقات نارية من كل اتجاه فى الحديقة ، افزعته وجعلته يتركها مكانها ليتجه للنافذه ليتبين ما يحدث وهو ينادى على حرسه ، ثم اتجه لباب الغرفة ، وقبل أن يخرج ، وجد ثلاثة رجال يعترضون طريقه، ومشهرين اسلحتهم فى وجهه .
+
يتبع
فى لحظة بداية اقتراب شفتيه من شفتيها ، صدعت أصوات طلقات نارية من كل اتجاه فى الحديقة ، افزعته وجعلته يتركها مكانها ليتجه للنافذه ليتبين ما يحدث وهو ينادى على حرسه ، ثم اتجه لباب الغرفة ، وقبل أن يخرج ، وجد ثلاثة رجال يعترضون طريقه، ومشهرين اسلحتهم فى وجهه .
...إيش هذا ، مين انتوا ...
رد أحدهم ... من غير كلام كتير ، الأمر اللى عندنا أن كل اللى فى المزرعة يتكتفوا لحد ما الباشا يبجى ، فوت قدامى ...
...أنت ما بتعرف مين انا ، وايش اقدر اعمل فيكم ، ومين هذا اللى بتحكى عنه ؟ ...
قال الرجل بصوت حاسم ..لأ عارفين ، واللى باعتنا أكبر منك ، ولم الدور بقى بدل ما نبهدلك ، الأمر اللى عندنا انك تتكتف وتتحط فى المكتب اللى تحت ، فوت بقى بلاش غلبة ...
استدار بوجهه لهدى وهو بسب ويلعن ثم تحرك معهم . تحرك معه اثنان والثانى تقدم من هدى ومد يده لها وهو يقول
...متخافيش يا هانم ، خالد باشا اللى باعتنا ...
لكن هدى لم تكن ترى أو تسمع شئ ، ولم تعد تشعر بقدميها ، فجأة كادت تسقط ، لولا يد الرجل التى أمسكت بها بقوة ، رفع السترة على كتفيها ليغطيهما، وحملها بين يده ووضعها على السرير ،
أخرج هاتفه واتصل بأحدهم وهو يقول
...تمام ياابنى ، كويس ، أمن المزرعة كويس ، وابعت حد دلوقتى حالا يشوف دكتور ، بسرعة ياد ...
وأغلق الهاتف ، ثم اتصل برقم آخر ، وهو خالد
...أيوة ياباشا ،،، كله تمام ،،، ايوة ،،، الهانم بخير ،،، لا محصلهاش حاجة ،،، مظنش أصل روحها رايحة ،، يعنى مغمى عليها ،، ايوة طبعا بعتنا نجبلها دكتور ،، حاضر ،، أول ما ييجى هكلم حضرتك ...
***********************
بعد أكثر من 15 ساعة كان يجلس بجانبها ،يتأمل وجهها الذى افتقده من سنين ، ولا يفكر إلا فى شئ واحد فقط ،، هل ستسامحه على ما فات ؟
حاولت هدى أن تفتح عينيها ، جسدها كله يؤلمها، صداع شديد يعصف بها ، مثبت بيدها كانيولا ومركب بها محلول ،
حاولت أن تتبين أكثر ، لم تستطع و لا تذكر الكثير ، حاولت أن تتحرك ، مدت يدها لتفك المحلول ، لكن فجأة وجدت يد أخرى تمنع ذلك ، وصوت يقول
...سيبيه ياهدى ، انتى ضغطك واطى اوى ...
رفعت عينيها لمصدر الصوت ، أنه هو ، هو ، أمامها ، وكأنه الحلم الذى تحلم به كل ليلة ، أغمضت عينيها ثم فتحتها بضعف لتتأكد انه حقيقة ، نعم هو موجود ، بجانبها ، فى نفس المكان ، ويده تلمس يدها الآن ، كما هو فى ملامحه وجسده ، الاختلاف الوحيد فى بضع شعرات بيضاء تزين شعره الناعم ،
لكن فى نفس اللحظة تذكرت كلمات سمعتها قبل أن تغيب عن وعيها. ..ابنه مات ، مات ...
بدأت دموعها تظهر على وجهها ، متزامنة مع سؤاله
... اخبارك ايه ، حاسة بإيه دلوقتى ...
لم ترد ، سحبت يدها من تحت يده ، استدارت للناحبة الأخرى ، تكورت فى وضع الجنين ، وبدأت تنتحب ، وهو لا يستطيع حتى مواساتها،
لف حول السرير ليقابل وجهها من الجهة الاخرى من السرير ، نزل على ركبتيه , ومد يده واصابعه تتخلل شعرها ، ومع احساسها بلمساته اذداد نحيبها وتحول إلى بكاء بصوت عالى ،
تركها تفرغ شحنة حزنها حتى هدأت وحدها مجبرة بسبب الإرهاق الشديد الذى أصابها ، عادت للنوم مرة أخرى , دثرها جيدا ، وكان قد أحضر زوجة الجناينى مسبقا فى حالة ما أن احتاج اليها .
وكان قد أرسلها أولا مع اثنان من أفراد الأمن بالإضافة للخادم الخاص بفيصل لجمع متعلقاته وملابسه كاملة فى حقائب .
تركها معها ، وأكد عليها أن لا تتركها ابدا إلا عندما يسمح لها أو يعود هو بنفسه ،
مال عليها خرج من غرفتها واتجه للأسفل لينهي بقية الأمور المعلقة مع فيصل ، عندما وصل لأسفل السلم ، قابله نفس الرجل الذى أحضر الطبيب لهدى ، وهو رئيس المجموعة التى أرسلها خالد .
...تمام ياخالد باشا ...
... وصلتهم ...
... لباب شركة الأمن ، وماهر بيه بعت الأمن اللى حضرتك طلبته ...
...كويس ، خليك معاهم وهم بيتوزعوا ، انت عارف المزرعة كويس ...
...حاضر ياباشا ...
دخل خالد من باب المكتب ، وجده يجلس على أحد الكراسى وحوله ثلاثة من الأمن ، أحدهم حمل كرسى ووضعه مقابل لمكان جلوس فيصل ، جلس خالد عليه ووضع قدم فوق الأخرى ، ثم أشار لهم بالخروج ، وبكامل الهدوء أجرى معه هذا الحوار
... ليش فيصل ؟
...أبيك تتألم مقابل اللى سويته معى. ..
... كيف عرفت ان هدى راح تؤلمنى. ..
...كنت بعرف أنها كانت مقيمة معك فى سكنك فى الرياض ، وكان هاذ السبب اللى جعلك تمنعنى عنها ...
...بس ...
...اعتقدت انه هيك ، لكن الآن ، الأمور مختلفة ، وأبى أفهم ...
... مالك حق عندى فى اى شي فيصل ، وبهاالشي ياللى عملته تكون انتهت علاقتنا تماما ، فى العيلة وفى العمل ...
... بتحبها لهاالدرجة خالد ، أه لو كنت أعرف، لكن انت ما تقدر تنهى كل شي ، انا ابن عمك ، ومصاريا فى المجموعة . ..
...انتهينا فيصل ، ومصاريك تابى تاخدها ، مافى مانع ، تأبى تتركها وتاخد أرباحها ، مافى مانع ،لكن انت ما راح تعمل معى مرة تانية ، أما بالنسبة للعيلة ، ما فى عيلة ، ما بقى غيرى انا واخى طلال ، وهذى عيلتنا احنا ، وما ابيك فيها من دالحين ....
...والله وقدرت تنهينى خالد ...
...بسبب أعمالك فيصل ...
...ماراح اسمحلك ...
... ماعاد بأيدي شي ، انت ضيعت كل شي بغبائك ...
وقف خالد وهو يقول
...على اى حال ، اشيائك، فى السيارة ، والطائرة جاهزة ومنتظرة تشريفك ، راح توصلك للمملكة ، وانت اعمل مثل ما بدك ...
ثم مال على كرسيه ووضع يديه على جانبى الكرسى،
وهو يقول
.. لكن هدى بالذات لأ ، لأ فيصل ، لأ
والله اللى رفع سبع سموات لو فكرت تقربلها مرة تانية ، راح استحل دمك ، وراح اقتلك بإبدى ، ومالك شفيع عندى ...
فتح الباب وأشار للأمن بالدخول وهو يقول
...خليكم معه ، ووصلوه ..
هم بالخروج فإستوقفه صوت فيصل
..خالد ، إيش علاقة هدى بإياد ؟
استدار له وعاد باتجاهه ببطئ ووقف أمامه بكل تحدى ،
قال مباشرة ...أمه ، هدى أم إياد ، بمعنى أنك وبقمة القسوة ، أخبرت أم بموت ابنها ...
اتسعت عيناه من قمة المفاجأة وهو يسأله
...وليان ؟
..ليان تبقى أمه على الورق بس ...
وتخطاه بمسافة خطوتين باتجاه الداخل وظهرها له
...يلا وصلوه ...
تحرك معهم فيصل باستسلام ، فقد أقصاه خالد من كل شئ ، من الشركات والعائلة وكل شئ ، وكانت هذه خطته كن البداية فيما يخص فيصل ، لكن فيصل قد عجل كلمة النهاية بيده أن لم تكن هذه النهاية ، وسيحاول فيصل الانتقام .
*************************
وقف خالد فى شرفة المكتب خلف الستائر ، يدخن سيجارة وهو يتابع ركوب فيصل السيارة،
أستدار ليدخل ، فوجئ بها تقف عند الباب ، كانت قد غيرت ملابسها وعدلت هندامها كثيرا ،
ياإلهى ، مازالت متحفظة بكامل جمالها أن لم تكن أجمل وأكثر انوثة من ذى قبل ،
لكن ما يعمر صفو هذا الجمال الشحوب والعين المتورمة من البكاء ،
ونفس الشئ لاحظته هدى عن خالد ، فعينيه مملوءة بالحزن ، لطالما كان كذلك ، ولكنه أكثر بكثير الان ، أما فى الشكل ، فالفرق واضح ، رغم أنه مازال محتفظا بوسامته كاملة ولياقة بدنه كامل ، إلا أن شكله العام يعطيه أكثر من سنه بكثير ، فهو الآن تقريبا لم يتعدى الخامسة والثلاثين من عمره ، منذ سبع سنوات كان شاب يافع ، أما الآن فهو رجل وقور جدا وما يزيده ذلك الشعيرات البيضاء التى تزين رأسه ،
...قومتى ليه ...
لم ترد هدى ، اقتربت منه ومازالت عينيه معلقة به ، لكن هى بالفعل مازالت غير قادرة على الوقوف كثيرا ، لكنها حاولت التماسك وجلست على أحد الكراسى القريبة منه ، تقدم هو وجلس أيضا بالقرب منها ،
بدون اى مقدمات سألته ...كان اسمه ايه ؟
فهم فورا ما ترمى إليه فرد بعدما ظهر حزنه واسفه واضحين على وجهه، ، قال ....إياد ...
كررت الاسم بصوتها ، وكأنها تجرب شكل النطق به ، ثم رفعت عينيها له مرة أخرى ،
...مات امتى وإذاى ؟
سكت لثوانى ، فقد كان لا يريد تذكر ما حدث ، ولكن على الأقل لها الحق أن تعلم ما حدث لطفلها،
...من خمس سنين ،كان عنده سنتين ...
وسكت بعدها
...سكت ليه ، كمل ، أذاى ؟
...كانت مناعته ضعيفة بسبب ولادته قبل ما يكمل 7 شهور ، وكمان فضل شهر ونص فى الحضانة ، سافرت بيه أوروبا ، متحملش الجو هناك ، جاله التهاب رؤوى ، وبعد أسبوع سلم روحه ...
كانت كلماته كصياط من نار على اذنها ، ودموعها شلال على وجهها دون بكاء ،
...مش قولتلك مش هتقدر تحميه ....
لجمته جملتها ، فللأسف هو يعتبر نفسه هكذا بالفعل ، قصر فى حماية ابنه ووصله للموت بنفسه ، خذله وخذل نفسه وخذلها من وعده بحمايته ، وعاقب نفسه لسنين على ذلك ،
...عايزة اشوفه ، معاك صورة ليه ؟
رفع تيليفونه ، وفتحه فقط ، فقد كانت صورة ابنه هى خلفية الهاتف ،كان حقا يشبه كثيرا فى ملامحه،
...أنا عايزة الصورة ، بس ممعيش تيليفون ، اخدوه منى ...
اتجه لدرج المكتب ، وأخرج هاتفها منه ، قد حصل عليه رجاله من فيصل ، واعطاها اياها ، فتحته وأرسل له مجموعة من الصور والفيديوهات له ،
قالت بحزن .. . شكرا ، آخر طلب ، حد يوصلنى بس للطريق ، عشان معرفش حاجة هنا ، .
...خليكى شوية ، انتى لسة تعبانة وبعدين احنا داخلين على الفجر ، هتروحى أذاى دلوقتى ...
...لا معلش ، انا عايزة أمشى، مش عايزة أفضل هنا اكتر من كدة ...
لم يجادلها ، هو يعلم أنها ليست فى حالة تسمح بالجدال ويكفيها ما حدث لها اليوم وما اكتشفته عن ابنها ،
...حالا تكون فى عربية جاهزة ، هتوصلك لحد والدتك ، مش عايزة تروحى هناك برده ...
عند ذكر والدتها ، جائتها فكرة مجنونة من الممكن أن تحدث جعلتها تشهق منادية
...خالد ...
طبعا تخيل أنها تناديه فرد ...أيوة ...
قالت بزعر ...لا ، خالد ابنى ، ممكن أبوه يروح ياخده من هناك ...
...وهى والدتك ممكن تدين لأى حد بمكالمة من والده ...
...لأ طبعا ، مستحيل ، انا منبهة عليها ...
..خلاص متقلقيش ، جوزك مراحل يمة هناك ، خرج من المزرعة لمقر الشركة لمكتبه لبيته وبعدين راح الديسكو، ومن وقتها وهو هناك مروحش ...
اندهشت من متابعته له بهذه الطريقة الدقيقة لكنها لم تعلق ، وحينما همت بالخروج سألها ،
...أنتى سميتى ابنك خالد ...
هنا أدركت فداحة ما فعلت للتو ، لكنها لن تعلق أو تنطق ، التفتت واتجهت خارجة ، وجدت السيارة تنتظرها بالفعل فى الخارج ، وبه شخصين ، السائق وفرد أمن معه ،
استقلت السيارة وتحركت بها ، تحت أنظار خالد التى لم يرفعها إلا بعد أن اختفت السيارة بعيدا .
+
يتبع
فى لحظة بداية اقتراب شفتيه من شفتيها ، صدعت أصوات طلقات نارية من كل اتجاه فى الحديقة ، افزعته وجعلته يتركها مكانها ليتجه للنافذه ليتبين ما يحدث وهو ينادى على حرسه ، ثم اتجه لباب الغرفة ، وقبل أن يخرج ، وجد ثلاثة رجال يعترضون طريقه، ومشهرين اسلحتهم فى وجهه .
...إيش هذا ، مين انتوا ...
رد أحدهم ... من غير كلام كتير ، الأمر اللى عندنا أن كل اللى فى المزرعة يتكتفوا لحد ما الباشا يبجى ، فوت قدامى ...
...أنت ما بتعرف مين انا ، وايش اقدر اعمل فيكم ، ومين هذا اللى بتحكى عنه ؟ ...
...لأ عارفين ، واللى باعتنا أكبر منك ، ولم الدور بقى بدل ما نبهدلك ، الأمر اللى عندنا انك تتكتف وتتحط فى المكتب اللى تحت ، فوت بقى بلاش غلبة ...
استدار بوجهه لهدى ثم تحرك معهم . تحرك معه اثنان والثانى تقدم من هدى ومد يده لها وهو يقول
...متخافيش يا هانم ، خالد باشا اللى باعتنا ...
لكن هدى لم تكن ترى أو تسمع شئ ، ولم تعد تشعر بقدميها ، فجأة كادت تسقط ، لولا يد الرجل التى أمسكت بها بقوة ، رفع الفست على كتفيها ليغطيهما، وحملها بين يده ووضعها على السرير ،
أخرج هاتفه واتصل بأحدهم
...تمام ياابنى ، كويس ، أمن المزرعة كويس ، وابعت حد دلوقتى حالا يشوف دكتور ، بسرعة ياد ...
وأغلق الهاتف ، ثم اتصل برقم آخر ، وهو خالد
...أيوة ياباشا ،،، كله تمام ،،، ايوة ،،، الهانم بخير ،،، لا محصلهاش حاجة ،،، مظنش أصل روحها رايحة ،، يعنى مغمى عليها ،، ايوة طبعا بعتنا نجبلها دكتور ،، حاضر ،، أول ما ييجى هكلم حضرتك ...
***********************
بعد أكثر من 15 ساعة كان يجلس بجانبها ،يتأمل وجهها الذى افتقده من سنين ، ولا يفكر إلا فى شئ واحد فقط ،، هل ستسامحه على ما فات ؟
حاولت هدى أن تفتح عينيها ، جسدها كله يؤلمها، صداع شديد يعصف بها ، مثبت بيدها كانيولا ومركب بها محلول ،
حاولت أن تتبين أكثر ، لم تستطع و لا تذكر الكثير ، حاولت أن تتحرك ، مدت يدها لتفك المحلول ، لكن فجأة وجدت يد أخرى تمنع ذلك ، وصوت يقول
...سيبيه ياهدى ، انتى ضغطك واطى اوى ...
رفعت عينيها لمصدر الصوت ، أنه هو ، هو ، أمامها ، وكأنه الحلم الذى تحلم به كل ليلة ، أغمضت عينيها ثم فتحتها بضعف لتتأكد انه حقيقة ، نعم هو موجود ، بجانبها ، فى نفس المكان ، ويده تلمس يدها الآن ، كما هو فى ملامحه وجسده ، الاختلاف الوحيد فى بضع شعرات بيضاء تزين شعره الناعم ،
لكن فى نفس اللحظة تذكرت كلمات سمعتها قبل أن تغيب عن وعيها. ..ابنه مات ، مات ...
بدأت دموعها تظهر على وجهها ، متزامنة مع سؤاله
... اخبارك ايه ، حاسة بإيه دلوقتى ...
لم ترد ، سحبت يدها من تحت يده ، استدارت للناحبة الأخرى ، تكورت فى وضع الجنين ، وبدأت تنتحب ، وهو لا يستطيع حتى مواساتها،
↚
لف حول السرير ليقابل وجهها من الجهة الاخرى من السرير ، نزل على ركبتيه , ومد يده واصابعه تتخلل شعرها ، ومع احساسها بلمساته اذداد نحيبها وتحول إلى بماء بصوت عالى ،
تركها تفرغ شحنة حزنها حتى هدأت وحدها مجبرة بسبب الإرهاق الشديد الذى أصابها ، عادت للنوم مرة أخرى , دثرها جيدا ، وكان قد أحضر زوجة الجناينى مسبقا فى حالة ما أن احتاج اليها .
وكان قد أرسلها أولا مع اثنان من أفراد الأمن بالإضافة للخادم الخاص بفيصل لجمع متعلقاته وملابسه كاملة فى حقائب .
تركها معها ، وأكد عليها أن لا تتركها ابدا إلا عندما يسمح لها أو يعود هو بنفسه ،
مال عليها خرج من غرفتها واتجه للأسفل لينهي بقية الأمور المعلقة مع فيصل ، عندما وصل لأسفل السلم ، قابله نفس الرجل الذى أحضر الطبيب لهدى ، وهو رئيس المجموعة التى أرسلها خالد .
...تمام ياخالد باشا ...
... وصلتهم ...
... لباب شركة الأمن ، وماهر بيه بعت الأمن اللى حضرتك طلبته ...
...كويس ، خليك معاهم وهم بيتوزعوا ، انت عارف المزرعة كويس ...
...حاضر ياباشا ...
دخل خالد من باب المكتب ، وجده يجلس على أحد الكراسى وحوله ثلاثة من الأمن ، أحدهم حمل كرسى ووضعه مقابل لمكان جلوس فيصل ، جلس عليه ووضع قدم فوق الأخرى ، ثم أشار لهم خالد بالخروج ، وبكامل الهدوء أجرى معه هذا الحوار
.... ليش فيصل ؟
...أبيك تتألم مقابل اللى سويته معى. ..
... كيف عرفت ان هدى راح تؤلمنى. ..
...كنا بعرف أنها كانت مقيمة معك فى سكنك فى الرياض ، وكان هاذ السبب اللى جعلك تمنعنى عنها ...
...بس ...
...اعتقدت انه هيك ، لكن الآن ، الأمور مختلفة ، وأبى أفهم ...
... مالك حق عندى فى اى شي فيصل ، وبهاالشي ياللى عملته تكون انتهت علاقتنا تماما ، فى العيلة وفى العمل ...
... بتحبها لهاالدرجة خالد ، أه لو كنت أعرف، لكن انت ما تقدر تنهى كل شي ، انا ابن عمك ، ومصاريا فى المجموعة . ..
...انتهينا فيصل ، ومصاريك تابى تاخدها ، مافى مانع ، تأبى تتركها وتاخد أرباحها ، مافى مانع ،لكن انت ما راح تعمل معى مرة تانية ، أما بالنسبة للعيلة ، ما فى عيلة ، ما بقى غيرى انا واخى طلال ، وهذى عيلتنا احنا ، وما ابيك فيها من دالحين ....
...والله وقدرت تنهينى خالد ...
...بسبب أعمالك فيصل ...
...ماراح اسمحلك ...
... ماعاد بأيدي شي د ضيعت كل شي بغبائك ...
وقف خالد وهو يقول
...على اى حال ، اشيائك، فى السيارة ، والطائرة جاهزة ومنتظرة تشريفك ، راح توصلك للمملكة ، وانت اعمل مثل ما بدك ...
ثم مال على كرسيه ووضع يديه على جانبى الكرسى،
وهو يقول
.. لكن هدى بالذات لأ ، لأ فيصل ، لأ
والله اللى رفع سبع سموات لو فكرت تقربلها مرة تانية ، راح استحل دمك ، وراح اقتلك بإبدى ، ومالك شفيع عندى ...
فتح الباب وأشار للأمن بالدخول وهو يقول
...خليكم معه ، ووصلوه ..
هم بالخروج فإستوقفه صوت فيصل
..خالد ، إيش علاقة هدى بإياد ؟
استدار له وعاد باتجاهه ببطئ ووقف أمامه بكل تحدى ،
...أمه ، هدى أم إياد ، بمعنى أن بقمة القسوة ، أخبرت أم بموت ابنها ...
اتسعت عيناه من قمة المفاجأة وهو يقول
...وليان ...
..ليان تبقى أمه على الورق بس ...
وتخطاه بمسافة خطوتين باتجاه الداخل وظهرها له
...يلا وصلوه ...
تحرك معهم فيصل باستسلام ، فقد أقصاه خالد من كل شئ ، من الشركات والعائلة وكل شئ ، وكانت هذه خطته كن البداية فيما يخص فيصل ، لكن فيصل قد عجل كلمة النهاية بيده أن لم تكن هذه النهاية ، وسيحاول فيصل الانتقام .
*************************
وقف خالد فى شرفة المكتب خلف الستائر ، يدخن سيجارة وهو يتابع ركوب فيصل السيارة،
أستدار ليدخل ، فوجئ بها تقف عند الباب ، كانت قد غيرت ملابسها وعدلت هندامها كثيرا ،
ياإلهى ، مازالت متحفظة بكامل جمالها أن لم تكن أجمل وأكثر انوثة من ذى قبل ،
لكن ما يعمر صفو هذا الجمال الشحوب والعين المتورمة من البكاء ،
↚
ونفس الشئ لاحظته هدى عن خالد ، فعينيه مملوءة بالحزن ، لطالما كان ولكنه أكثر بكثير ، أما فى الشكل ، فالفرق واضح ، رغم أنه مازال محتفظا بوسامته كاملة ولياقة بدنه كامل ، إلا أن شكله العام يعطيه أكثر من سنه بكثير ، فهو الآن تقريبا لم يتعدى الخامسة والثلاثين من عمره ، منذ سبع سنوات كان شاب يافع ، أما الآن فهو رجل وقور جدا ونا يزيده ذلك الشعيرات البيضاء التى تزين رأسه ،
...قومتى ليه ...
لم ترد هدى ، اقتربت منه ومازالت عينيه معلقة به ، لكن هى بالفعل مازالت غير قادرة على الوقوف كثيرا ، لكنها حاولت التماسك وجلست على أحد الكراسى القريبة منه ، تقدم هو وجلس أيضا بالقرب منها ،
بدون اى مقدمات سألته ...كان اسمه ايه ؟
فهم فورا ما ترمى إليه فرد بعدما ظهر حزنه واسفه واضحين على وجهه، ، قال ....إياد ...
كررت الاسم بصوتها ، وكأنها تجرب شكل النطق به ، ثم رفعت عينيها له مرة أخرى ،
...مات امتى وإذاى ؟
سكت لثوانى ، فقد كان لا يريد تذكر ما حدث ، ولكن على الأقل لها الحق أن تعلم ما حدث لطفلها،
...من خمس سنين ،كان عنده سنتين ...
وسكت بعدها
...سكت ليه ، كمل ، أذاى ؟
...كانت مناعته ضعيفة بسبب ولادته قبل ما يكمل 7 شهور ، وكمان فضل شهر ونص فى الحضانة ، سافرت بيه أوروبا ، متحملش الجو هناك ، جاله التهاب رؤوى ، وبعد أسبوع سلم روحه ...
كانت كلماته كصياط من نار على اذنها ، ودموعها شلال على وجهها دون بكاء ،
...مش قولتلك مش هتقدر تحميه ....
لجمته جملتها ، فللأسف هو يعتبر نفسه هكذا بالفعل ، قصر فى حماية ابنه ووصله للموت بنفسه ، خذله وخذل نفسه وخذل من وعدها بحمايته ، وعاقب نفسه لسنين على ذلك ،
...عايزة اشوفه ، معاك صورة ليه ؟
رفع تيليفونه ، وفتحه فقط ، فقد كانت صورة ابنه هى خلفية الهاتف ،كان حقا يشبه كثيرا فى ملامحه،
...أنا عايزة الصورة ، بس ممعيش تيليفون ، اخدوه منى ...
اتجه لدرج المكتب ، وأخرج هاتفها منه واعطاها اياه ، فتحته وأرسل له مجموعة من الصور والفيديوهات له ،
.. . شكرا ، آخر طلب ، حد يوصلنى بس للطريق ، عشان معرفش حاجة هنا ، .
...خليكى شوية ، انتى لسة تعبانة وبعدين احنا داخلين على الفجر ، هتروحى أذاى دلوقتى ...
...لا معلش ، انا عايزة أمشى، مش عايزة أفضل هنا اكتر من كدة ...
لم يجادلها ، هو يعلم أنها ليست فى حالة تسمح بالجدال ويكفيها ما حدث لها اليوم وما اكتشفته عن ابنها ،
...حالا تكون فى عربية جاهزة ، هتوصلك لحد والدتك ، مش عايزة تروحى هناك برده ...
عند ذكر والدتها ، جائتها فكرة مجنونة من الممكن أن تحدث جعلتها تشهق منادية
...خالد ...
طبعا تخيل أنها تناديه فرد ...أيوة ...
+
...لا ، خالد ابنى ، ممكن أبوه يروح ياخده من هناك ...
...وهى والدتك ممكن تدين لأى حد بمكالمة من والده ...
...لأ طبعا ، مستحيل ، انا منبهة عليها ...
..خلاص متقلقيش ، جوزك مراحل يمة هناك ، خرج من المزرعة لمقر الشركة لمكتبه لبيته وبعدين راح الديسكو، ومن وقتها وهو هناك مروحش ...
اندهشت من متابعته له بهذه الطريقة الدقيقة لكنها لم تعلق ، وحينما همت بالخروج سألها ،
...أنتى سميتى ابنك خالد ...
هنا أدركت فداحة ما فعلت للتو ، لكنها لن تعلق أو تنطق ، التفتت واتجهت خارجة ، وجدت السيارة تنتظرها بالفعل فى الخارج ، وبه شخصين ، السائق وفرد أمن معه ،
استقلت السيارة وتحركت بها ، تحت أنظار خالد التى لم يرفعها إلا بعد أن اختفت السيارة بعيدا .
يتبع
رغم أن وفاة ابنها كان كالكارثة بالنسبة إليها ، إلا أنها بدأت تشعر بالراحة لوجود ابنها فى مكان معين هى تعلمه ،
رغم حزنها القاتل عليه إلا ان مجرد فقدانها لاحساس القلق على أحواله وصحته يجعلها تحمد الله على أحسن الأسوأين ،
بدأت حالتها النفسية تتحسن ، اهتمامها بخالد الصغير فى اذدياد ، بدأ عقلها يفكر فى الإيجابيات منها أكثر من السلبيات .
لم يكن يزيد تعكير أيامها أكثر إلا الزوج المحترم الذى سلمها من أجل عقد عمل ، رغم طلبها الطلاق منه وتصميمها عليه إلا أنه رفض تماما ، واقسم أن يتركها معلقة دون طلاق طوال حياته .
طلب مقابلتها ورغم اعتراض الجميع إلا أنها وافقت ،
وكانت المقابلة فى منزل والدتها ،
... أنا مش طايقة اشوف خلقتك ، ودى فعلا آخر مرة تشرفنى بطلعتك البهية دى ، عايز ايه ؟
..نعقد طيب عشان نعرف نتكلم ...
...من غير قعاد ، هات من الاخر ...
...ماشى ، نجيب من الاخر ومن غير لف ودوران ،
انتى عايزة تطلقى ، صح ...
...ياريت ...
...وأنا موافق ، بس تدينى التمن ...
...نعم ياخويا ، تمن ايه ...
...تمن طلاقك ، حريتك ، ياكدة يااما براحتك ، المحاكم ادامك وانتى حرة ....
...وايه التمن بقة أن شاءالله. ..
...5 مليون ...
...أفندم ، انت مجنون ولا حاجة ، انا هجبلك مبلغ زى ده منين ؟...
1
وضع يده فى جيبه ، وألقى لها جواب البنك الخاص بحسابها، مكتوب فيه أن حسابها تعدى العشرة مليون ببضع آلاف من الجنيهات ،
كان هذه الأموال هى مستخلصات ما أخذته من والد خالد ، جمعته ووضعته فى البنك ، حتى ريعه السنوى يوضع على أصل المبلغ تلقائي بأمر منها ، وقررت عدم لمسه نهائى إلى أن تعطيه لابنها بيدها عندما تقابله فى يوم من الأيام .
...10 مليون يامدام ، وتاريخ الإيداع من قبل حتى ما اعرفك ، منين ، داانتى مكملتيش سنة فى السعودية ...
...ملكش دعوة ، وبعينك تشم الفلوس دى ...
...ده آخر كلام عندك ..
...أه ، واخبط دماغك فى أجمد حيطة ...
...يبقى مش هطلقك ياهدى ، واللى عندك اعمليه. ..
...لأ هعمل ياعمر ، هتشوف ، وكتير اوى كمان ، واتفضل بقى من هنا ، ومش عايزة اشوف وشك تانى. ..
************************
تانى يوم ، انطلقت لعملها كعادتها ، فهى عادة تهرب فى العمل من الأمور التى تشغلها ،
وفى وقت الغداء ، لاحظ كل من هدى ومنى الوجوم والهم على وجه الأخرى ،
...مالك يامنى ...
...مفيش ...
...تصدقى باين عليكى ، ما تنطقى يابت مالك ...
...وهو مالى انا لوحدى ، انتى كمان شكلك مدايق اوى ...
...إيه الغريب يعنى ، ما ده بقى العادى بتاعى ، انتى الأهم دلوقتى ، مالك يابت صحيح ...
...والله مش عارفة اقولك ايه ياهدى ، انا قلقانة اوى ...
...ليه ...
...حسام ..
..،ماله ، ما تنطقى على طول ، انتى بتقطعى كدة ليه ، قلقانة عليه ليه ؟ ...
...والله منا عارفة اذا كنت قلقانة عليه ولا قلقانة منه ....
..يخربيت اهلك على الصبح ، يابت انطقى على طول ، جوزك ماله ...
... كنت عايزة احكيلك ، بس انتى مكنتيش بتطييقى سيرة عمر خالص ...
...وايه دخل عمر فى الموضوع ، ما تتكلمى على طول ...
... فجأة من أسبوع ، لقيت حسام مصمم يفض الشركة فى المكتب مع عمر ...
...فجأة كدة ، من غير سبب ...
...هتجنن، انا عارفة أن الموضوع ده فى دماغه ، بس مكانش فى إمكانيات يعمل مكتب هندسى بنفس الشهرة ، كدة هيضيع اسمه ...
...وبعدين ..
...امبارح لقيته بيقولى ، إنه ساب المكتب من يومين وان كل المهندسين اللى فى مكتب عمر كمان سابوه وجم عنده فى مكتبه ...
...وعمل مكتب كمان ...
...تخيلى ، منين وإذاى معرفش. ..
...متساليه...
...مرضيش يقول ...
سكتت هدى وسرحت لثوانى،
...رحتى فين ...
...أصل اللى بتقوليه ده ممكن يكون له علاقة باللى حصلى امبارح ...
...اللى هو ايه بقى ...
↚
قصت هدى عليها ما كان من عمر معها
...ده طبيعى يابنتى ...
...يعنى إيه طبيعى ، انا كنت عارفة انه وسخ بمعناها ، بس اول مرة اشوفه مركز مع الفلوس كدة ...
...محتاج فلوس كتير جدا فى الفترة دى ، حصة حسام ، وبقية حساب المهندسين اللى سابوه ، وفلوسه علشان يعمل تعاقد جديد ، وكمان مصاريف العقد اللى خده ، واللى معاه ميكفيش ربع الليلة دى ، حسام قال كدة. ..
...أنا كدة فهمت ...
... وبعدين ، هتعملى ايه ..
..،ولا حاجة ، سيبيه يغرق اكتر وخلينا نتفرج ...
*************************
مر أكثر من ثلاثة شهور بعد أحداث المزرعة ، لم تسمع عنه شئ ، أو يصلها أى خبر ، حتى أنها لا تعلم أن كان فى مصر انا عاد لدولته مرة أخرى،
لم يسأل عنها وبدا أن ذلك يحزنها فعلا، لكنها أم تفكر ابدا فى السؤال عنه وتقاوم رغبتها أن اتتها فى ذلك ،
لدرجة أن آتاها وقت سألت نفسها ،
...قررتى تسامحيه ، شيطانك بيلعب بيكى ليه ياهدى ، بعد كل اللى حصل ...
وتعود لتقول لنفسها. .. دا أنقذك من وهو فى السعودية ، جوالك فورا ، بالتأكيد هو مهتم ، وبعدين انتى متعرفيش بالظبط ظروف موت الولد ، ولا تعرفى مين السبب بالظبط ...
يرد الصوت المهاجم داخلها ...بأى حال هو المقصر الأول فى حق الولد ، لأنه هو الشخص الوحيد اللى المفروض يحبه بعيد عن أى مصلحة ، وبعدين نسيتى خلاص خوفه من اهله وبالذات أبوه وسلبيته فى التعامل مع الحوار ده ، سلبيته دى اذتك كتير ،
ايه ياهدى ؟ عندك استعداد لأذية جديدة ولا ايه ؟
يرد الصوت المدافع ...بس حاول يحمينى من أبوه طول الوقت ...
...يحميكى اذاى يااختى ، بسلبيته ، ولا باجبارك تنفذى طول الوقت ...
... بس شكله المرة دى حاجة تانية ، شكله واثق اكتر من نفسه ، اقوى من قبل كدة ، انتى شفتى أتعامل مع الموضوع أذاى ، بتيليفون من آخر الدنيا ، شوفتى مشى ابن عمه أذاى ، بالهدوم اللى عليه ...
.... ما يمكن عمل كدة بس من إحساسه بالتقصير من ناحية ابنك اللى مات ، وبعدين انتى متعرفيش هو ايه دلوقتى ، وعايش مع مين ، ما يمكن حب جديد ، ولا صاحب بعد مراته، اللى ذى دول الأمور بالنسبالهم متاحة ...
...تفتكرى ؟
...وايه المانع ، انتى هبلة ولا ايه ، انتى متخيلة انه هيفضل عايش سبع سنين على ذكراكى ....
واستمرت هكذا لأيام وأيام ، يتصارع داخلها صوتين ، أحدهما يدافع عنه والآخر يهاجمه بشراسة ، وما يعزز موقف المهاجم ويضعف المدافع ، هو عدم سؤال خالد عنها مرة أخرى حتى الآن ،
لم ينقذها من دوامتها هذه غير وصول كم غريب من الأخبار عنه ، تدل على أنه كان متحكما فى كل الأمور حولها طوال الفترة الماضية بعد ما حدث فى المزرعة ،
أولها ورقة طلاقها التى وصلتها عن طريق محضر من المحكمة ، فى البداية لم تصدق ، معقول طلق هكذا بدون ضغط أو مساومة ،.
وثانيها وأهمها ما اخبرتها به منى عن حسام ،
...هدى ، هدى ، سيبى اللى فى ايدك وتعالى ..
..مش وقته يامنى ، اصبرى أما اخلص الغدا ، روحى اقعدى مع العيال شوية ...
دخلت وشدتها من يدها متجهة بها للدور العلوى ،
...أكل ايه ، بقولك حاجة مهمة ...
...براحة طيب ، خدى بالك من الأكل والنبى ياماما ...
...ادخلى ...
وأغلقت الباب بالمفتاح من الداخل
...إيه يابت فى ايه ، ايه الاكشن اللى انتى عاملاه ده ؟
... أنا اللى عاملة اكشن برده ، ولا حبيب القلب ...
...هى هبت عليكى على المسا ، حبيب قلب مين ...
...قلبك انتى ياوزة ،، خدى بس اقرى الخبر ده ...
فتحت تيليفونها واعطتها اياه ، قرأت هدى العناوين بسرعة ، لكن اندهاشها أوقفها عن القراءة لتستفسر
... هى مش modern design ده مكتب حسام ...
... أيوة ياستى ...
...أنا مش فاهمة حاجة ، أذاى العقد يتلغى مع مكتب مشهور زى مكتب عمر ، ويدوه لحسام ...
...يعنى إيه بقى ، هو حسام شوية ، ده هو اللى كان مشغل مكتب عمر ..
...مقصدش يامنى ، بس مش ناس كتير تعرف كدة ، والناس ليها بالمظاهر ، ثم ايه علاقة الموضوع ده كله بخالد...
...عموما اخرجك انا من حريتك دى ، وافهمك اللى حصل ، واللى لسة حكيهولى حسام قبل ما اجيلك ، بس بصراحة متحملتش ، وجيت جرى احكيلك ...
...ما تنطقى يابنتى ...
...طيب ، هو انتى متعرفيش اصلا ، أن المشروع ده تنفيذ عربى مشترك ...
...عارفة طبعا ، بس المفروض فيصل هو اللى ..
...هو اللى ايه ...
...تقصدى أن فيصل كان شريك خالد ...
...أنتى عبيطة ، فيصل ليه 5% بس ، وخالد 65% ، يعنى فيصل هو اللى بيشتغل عند خالد ...
...بتتكلمى بجد ...
...أه والله ، هبعتلك اللينك وابقى أقرى التفاصيل ، وحسام اكدلى ...
...عايزة تقولى أن خالد هو اللى فسخ العقد مع عمرو ..
...نشر بالظبط ، هو كلمته مسموعة جدا ، بس إدارة المشروع مصرية ...
...أنتى مستفذة ليه ، ما تنطقى على طول ...
...هقولك ، عشان تعرفى عمل ايه عشان ينتقملك من الحيوان عمر ...
....يووووه يامنى ..
...طيب طيب خلاص ، بصى ياستى ، حسام قاللى أن خالد اتصل بيه بعد موضوع المزرعة بأسبوع ، وطلب انه يقابله بعيد عن المكتب ، ماشى ..
...ماشى ، اخلصى ..
..حسام استغرب اوى ، بس راحله ، كان نازل فى اوتيل فى القاهرة هنا ،
ومن كلام خالد ، كان واضح اوى انه عارف كل حاجة عن التفاصيل اللى بتحصل فى مكتب عمر ، وعارف قد ايه معاملة عمر لحسام وحشة وعارف اد ايه أن الشغل الهندسى فى المكتب قايم على حسام ، طلب منه أنه ينفصل عن مكتب عمر ، وهيساعده بكل الإمكانيات اللى محتاجها عشان يعمل لنفسه مكتب كويس ، تمام ؟....
...تمام ...
...بصى انا هحكيلك الحوار زى ما حاكاه حسام بالظبط
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
... أنا برده مش فاهم حضرتك عايز منى ايه بالظبط. ..
....أنا كلامى واضح ومباشر جدا ، تسيب مكتب عمر وتشغل لوحدك ..
...أنا مش جاهز باللى يساعدنى أنى أعمل مكتب لوحدى ...
...هساعدك بكل اللى تحتاجه ، وكمان هجبلك حد يعلمك إدارة المكتب ...
...وحضرتك بتعمل كل ده ليه ؟
...من الاخر ، عايز اسحب منه العقد ، وفى نفس الوقت عايزك انت تنفذه ، وعشان احسم المعادلة ، فلازم انت تنفصل لوحدك ، غير أن عندى أسباب تانية ، أفضل احتفظ بيها ...
...فى مشكلة تانية أهم ...
...اللى هى ايه ...
... لو حتي عملت المكتب ، محتاج مهندسين شاطرين يقدروا على مشاريع زى العقد بتاعكم ، الجروب اللى كان معايا عند عمر ، انا مجمعه فى سنين ، مش سهل ابدا تلاقى مهندسين شاطرين ....
...مفيش مشكلة ، خد الجروب بتاعك من عنده ...
...هيرضوا يسيبوه عشان خاطر حاجة مجهولة ...
..طبعا ، لما يكون ضعف المرتب ، وعقد محترم لفترة كويسة ، وكمان هم عارفين الفرق بين معاملتك ومعاملة عمر ليهم ، غير أن عقودهم مع عمر مفيهاش شرط جزائى عن فسخ العقد ، عقد واحد فيهم بس وانا مستعد ادفع الشرط الجزائى ...
...إيه ده كله ياخالد بيه ، انت كدة عايز تدمره ،ده عنده مشاريع شغالة وبشروط جزائية عالية ، هيتخرب بيته وسمعة مكتبه هتدمر ...
...وهو ده بالظبط اللى انا عايزه ...
..هو فى ايه بالظبط ، ليه كدة ...
...طيب انا هحكيلك وانت أحكم ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
...ومش عايزة اقولك بقى أما عرف الموضوع ده كان عامل أذاى ، وأول ما جه قاللى اللى يبيع مراته وشرفه وكرامته بالطريقة دى ، سهل اوى انه يبيع شريكه بأرخص تمن ...
....هو انتى مكنتيش قولتيله اصلا ..
...لا طبعا ، انتى اكدتى عليا محكيش لحد ...
...ووافق ..
..وافق ايه يابنتى، الخبر فى ايدك ..
...وعمر ...
...اتخرب بيته يا عسل ، بصراحة ، خالد خد حقك تالت ومتلت ..
...وعمر عمل ايه مع حسام ..
...هيعمل ايه يعنى ، اتهجم عليه مكتبه وفضل يشتم ،وطلبوا البوليس ، وعملولو محضر ...
وقفت هدى واتجهت للشرفة ، ووقفت أمامها تشاهد خالد يلعب مع أبناء خالته ، وسرحت فى خالد الآخر وما فعله من أجلها .
...بتفكرى فى ايه ...
...فى اللى بيحصل ..
...تحبى اقولك رأييى، وهو رأي محايد فكرى فيه براحتك ...
...خير ...
...خالد معملش كل ده غير عشانك ، اكيد بيحبك ، اسمعه منه ، وشوفى أسبابه ، وبعدين احكمى براحتك ...
...أسمى كلامها ياهدى ،...
كانت هذه جملة الحاجة هدية ، والدتها التى كانت واقفة أمام الباب ، ويبدوا أنها سمعت جزء لا بأس به من الحديث .
نظرات هدى لوالدتها كانت تعذبها ، فابنتها الحبيبة حدث لها ما لا تطيقه امرأة ، ويكفيها ما كان ، فهى من اجبرتها على الزواج الأول ، وايضا الزواج الثانى ، ومنعتها أن تنفصل عن عمر حين قررت ،
آن لها الأوان أن تعيش وتختار بقلبها حتى لو أذاها ،
...ياجماعة ، انتو بتتكلموا كأنه واقف بيحاول عليا ، ده من يوم المزرعة محاولش حتى يشوفنى أو يتكلم معايا ، خلاص الحكاية ماتت مع ابنى اللى مات واندفنت معاه ...
+
...مين قال كدة ...
...يعنى إيه ياماما ...
...جالى انا مرة قبل كدة ، وحكالى على كل حاجة ، كل اللى مقولتيهوش هو قاله ، وطلب منى أنى اساعده عشان تسامحيه ...
..يعنى انتى عرفتى كل حاجة ...
..كان لازم انتى اللى تحكيلى ياهدى ، انا أمك ...
...خفت تزعلى منى ياماما ....
...وهزعل منك ليه يابنتى ، هو بمزاجك كل اللى حصل ...
ضمتها فى احضانها وهى تربط على ظهرها . ثم فاجأت هدى بقولها :
... يلا البسى وانزليله بقى ، هو قاعد مستنيكى تحت ...
يتبع
ضمتها فى احضانها وهى تربط على ظهرها . ثم فاجأت هدى بقولها :
... يلا البسى وانزليله بقى ، هو قاعد مستنيكى تحت ...
اعتدلت لتنظر لها باندهاش وتسائل ، ردت عليها
...أه ، هو تحت ومستنيكى ...
التفتت لمنى مرة أخرى ، قالت لها
...والله ما أعرف حاجة ، ده حتى مشفتهوش من أيام عملية أبوه من 8 سنين ...
ردت الأم ... إيه ياهدى ، هى ملهاش دعوة ، انا متابعاكى من فترة ، وعارفة أن حالتك النفسية اتحسنت شوية بعد ما عرفتى اللى حصل لابنك، وأنا اللى حددت الوقت ده ، يلا بقى البسى وحصلينى ...
خرجوا وتركوها هائمة على وجهها ، غاضبة من اجبارها بهذه الطريقة ، لا تعلم أن كان عليها الموافقة على الحديث معه ، مصاحب لكل ذلك أن داخلها لمحة فرح لا تعلم مصدرها .
****************************
دخلت هدى من باب الشقة ، ووقفت بمقابلته، فقد كان باب الصالون مواجه لباب الشقة ، وقفت تتأمله، كانت جلسة رجل واثق أكثر منه مغرور ، مسندا ظهره للكرسى ، ويضع قدم فوق الأخرى ، وفى يده تيليفونه يعبث به ،
لم تكن تعلم لماذا تقف هكذا لتتأمله ، يجب أن تدخل لتنتهى من هذا الموقف اللعين ، أخذت تحدث نفسها بطريقة كوميدية لتهدئ من روع نفسها ، فلطالما سبب لها هذا الرجل التوتر .
...ما تجمدى كدة يابت ياهدى ، هتفضلى واقفة كدة ، انتى عاملة زى بنت البنوت اللى داخلة تقابل عريس اول مرة ...
هذه المرة هو من أنهى هذه الوقفة ، لمها من جلستها فقام ووقف لاستقبالها رغم أنها لم تدخل الغرفة بعد ، تواجهت العيون ، تحركت من مكانها باتجاهه فى هدوء ، دخلت وجلست على الكرسى المقابل دون أى كلام ، فلطالما عالجت توترها بالصمت ،
جلس هو الأخر بمقابلتها دون أن يرفع أحدهما عينه من عين الآخر ، وساد الصمت لفترة لم يعرفا مداها ، وكأن كل منهما يشكى ما حدث له .
هى من اخفضت عينها أولا ، وايضا هى من تحدث أولا ،
...ليه حكيت لما ما اللى حصل ؟
... أنا اتكلمت معاها على أنها عارفة ، لقيتها متعرفش أى حاجة عن الموضوع ، واضطريت أنى احكيلها لأنى عارف أنها الشخص الوحيد اللى هيساعدنى معاكى ، لأن أمك هى مفتاحك ياهدى ...
...مفتاحى ؟
...أيوة ، مفتاحك، فكرى كدة ، هى الشخص الوحيد اللى بيقدر يجبرك انك تعملى اللى هو عايزه ، ويقدر برده يجبرك انك متعمليش اللى انتى شخصيا عايزاه ، تبقى مفتاحك ولا لأ ...
...عايز تفهمنى انك عارفنى كويس ...
...أنتى شايفة ايه ...
...شايفة انك حد مختلف عن اللى انا كنت أعرفه ...
...منكرش ، انا اتغيرت كتير اوى ، بس أتمنى انك تساعدينى أنى ارجع خالد القديم بمميزات الجديد ...
...أنا ...
...أيوة انتى ، ومفيش أى حد تانى يقدر ، عشان كدة انا هنا ...
...أه ، انت قدرت تقنع أمى ، لقيتها بتقوللى اسمعي اللى جاى يقوله ...
..والدتك قدرت توصل للى جوايا ...
...وانت عندك كلام ممكن يخلينى حتى أقبل منك كلام ...
...يكفينى اوى انك وافقتى تقعدى معايا وتسمعينى ...
... كنت فين من يوم المزرعة ؟
...حبيت اسيبك وقت عشان تستوعبى حزنك عليه ...
بدأت عيناها تلمع لمجرد ذكر سيرته
... ليه سيبته يموت ...
اعتدل فى جلسته ، اقترب منها ، لمعت عيناه بالدموع هو الأخر ، وقال :
...والله العظيم ما كنت بسببه لحظة ، كنت بحبه بجد ، و كنت عارف ان هو الرباط الوحيد اللى هيرجعك ليا فى يوم من الايام ، وكنت ناوى فعلا اعمل كدة ، حتى ليان مسمحتلهاش تقربله ابدا ، كنت خايف تعمل فيه زى ما كانت بتعمل فيا مرات أبويا ،
↚
فى يوم جالى سفر فجأة لفرنسا ، لمدة يومين بس ، اضطربت اسيبه ، ولما لقيت الموضوع هيطول هناك ، بعت اجيبه ، قاللى أن كدة كدة ليان جاية فرنسا ، بس هتنزل 24 ساعة بس فى جينيف ، تمضى أوراق مشروع بيتعمل هناك ، وأهى تكون معاه ، وافقت ، وأما وصل فرنسا بعد يومين من خروجه من المملكة ، كان عنده التهاب رؤوى، فضل فى المستشفى أسبوع ، عملت كل حاجة عشان اساعده ، جبتله دكاترة من كل أنحاء العالم ، بس للاسف كان ضعيف اوى ومتحملش. ...
حاولت تمالك نفسها قدر الإمكان كى لا تبكى ، لكنه هو سبقها ولم يستطع منع دموعه ، وعندما رأت دموعه تلمع على وجهه ، انسابت دموعها هى الأخرى دون بكاء . لكنه تمالك نفسه وأكمل كلامه :
...مبقتش متخيل ولا متحمل فكرة ضياعه منى ، فضلت فترة حابس نفسى ، لحد ما وصلنى خبر دخول بابا المستشفى ، ولما رجعت عرفت ان الكل استغل مرضه وغيابى وضعف طلال فى الادارة ، وعملوا بلاوي فى المجموعة ، وأولهم ، عمى وابنه فيصل ، وليان ومرات أبويا ، كله كان عايز يلحق حتة من التورتة ، وده كان سبب تعب أبويا ،
قتلت خالد القديم بضعفه وسلبيته ، وحولته للشخص اللى قدامك دلوقتى ، وفى السنين اللى فاتت رجعت كل حاجة اتسرقت ووقفت العيلة تانى ، لكن بقت كل حاجة فى ايدى وبقيت صاحب أكبر أسهم فى كل المشاريع ، وكلمتى هى الأولى ...
...وليه معرفتتيش بموت ابنى ...
... نويت اعمل كدة والله ، بس عرفت انك اتجوزتى وخلفتى وعايشة كويس ، تعمدت انى معرفش تفاصيل عن حياتك ، وفضلت بعيد عايش بذنبى لوحدى ، محبتش اهدم حياتك ، زى ما اتهدمت حياتى. ...
صمت قليلا ثم قال ...سامحينى ياهدى ، سامحينى عشان اقدر أعيش ، وأقدر اعوضك عن اللى فات ...
...تعوضنى ، انت متخيل أنى ده ممكن ...
اعتدل فى جلسته وهو يقول بثقة
...مش بمزاجك. ..
...أفندم ...
...براحة بس ، متبقيش حمقية كدة ، محدش هيقدر يعوضك عن كل اللى شوفتيه غيرى ، وانتى عارفة كدة كويس ، ولو رفضتى ، سواء ارتبطتى أو لا ، هفضل نقطة سودا جواكى ومش هتروح ابدا ،
وكمان انا عارف ومتأكد أن مفيش حد غيرك هيرجعنى لنفسى تانى ، ولو ارتبطت بغيرك أو حتى مرتبطتش، هتفضلى جوايا ، ومش هتسيبينى، عشان كدة الحل الوحيد أن كل واحد فينا يداوي التانى ، ومش هتنازل عن كدة ...
قبل أن ترد ، فوجئت بصرخات صادرة من خارج البيت ، وهى تعلم صاحبة الصرخات ،
تركته وخرجت تجرى ، وهو خلفها ، وجدتهم يساعدون هيام فى النزول على سلالم بيتها، فهى جارة والدتها فى السكن
... إيه خلاص ...
...أه خلاص ياهدى ، الحقينى والنبى، مبقتش متحملة ...
ردت الأم ... عمالة اقولها لسة شوية ، داانتى بكرية، مش راضية ...
...ياماما حرام عليكى ، دا من امبارح بتطلق ، انا هروح أجيب العربية ، وانتى ياهايدى كلمى جوزها يحصلنا على المستشفى ...
بعدما تحركت تذكرت وجود خالد ، التفتت له ، كان يقف على باب المنزل يشاهد ما يحدث ، والغريب أنها وجدت خالد الصغير يمسك بيده ،
...تعالى ياخالد ، روح لخالتو هوايدا ...
1
...لأ انا هفضل هنا مع انكل خالد ...
تطلعت لخالد الكبير فى تسائل ، فرد عليها
..أصل احنا أتعرفنا من فترة ، وعلى فكرة ، انا طلبت ايدك منه ووافق كمان ، ومستنيينك تخلصى العدة بس ...
تطلعت لابنها ، وجدته يومئ بالموافقة ،
التفتت الكبير وقالت ... وابوك هيوافق ...
+
رد خالد بتحدى ...نفسى ميوافقش ...
لم تكمل ابتسامتها ، فقد انتفضت من صرخة هيام وهى تقول ...يلا ياهدى ...
1
...طيب ، طيب ، خلاص أهو ...
هرولت باتجاه السيارة وابتسامتها تملأ وجهها ، ابتسامة كانت تكفيه وتكفيها لتكون مجرد بداية لفرحة حقيقية تحياها فتاة ذات قلب أرهقته الحياة ،،،،،،،،،،،
تمت