رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3 بقلم سوما العربي

رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3 بقلم سوما العربي


رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3 هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة سوما العربي رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3 صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3 حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3

رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3 بقلم سوما العربي

رواية شط بحر الهوى الجزء الثالث 3

هرولت كل منهما للخارج نحو الخارج ، صوت الصراخ و العويل كان يهز كل أرجاء الحى و أخرج الكل من بيته كعادة أولاد البلد الأصليين ليروا ماذا هناك ربما كان هنالك من يحتاج المساعدة و البعض خرج أرضاءً لفضوله ليس إلاّ.
وقفت كل من أشجان و غنوة أمام مصدر النحيب و العويل مصدومين فلم تكن سوى أم حسن قد وقفت فى متصف الحاره تصرخ و تعدد .
أشجان : خير بس فى إيه كفى الله الشر.
نظرت أم حسن بغل ناحية غنوة و قالت : خير ! و هييجى منين الخير و خلفة الأفاعي عايشه وسطنا .
نظر الكل ناحية غنوة التى تقف فى المنتصف و لا تفهم مقصد حديثها و لكن أم حسن بدت كمن يرغب فى نهش لحم أحدهم حياً عله يرتاح .
كانت تشير بيديها و أظافرها بغل و شراسه ناحية غنوة گ إيحاء واضح برغبتها فى قضم كبدها بين نواجزها .
هتفت بها أشجان بحده : جرى ايه يا أم حسن ... تقصدى مين بكلامك الماسخ ده ، عيب كده.
بدأت أم حسن وصلة بكائها من جديد و قالو بقلب مكلوم: أبنى .. حسن ، الحيله ، باع محله و عربيته .. باع الى وراه و إلى قدامه و هج ، سافر ورا المزغوده أخت المحروسه بنت ڤيولا .
8
شهقت غنوة بفزع متفاجئة ، لم تكن تتوقع ابدا او حتى يخطر على بالها أن حسن الشخصية النمطيه الذي يميل دائما إلى السير وفقا للأصول و المعتاد  قد يتمرد فجأة هكذا و يقدم على خطوة جنونيه متهوره كهذه ، غير معقول أو متوقع .
أقتربت بدوها من أم حسن تسأل بصدمه : أنتى متأكدة يا خالتى ؟ حسن ؟! معقول يعمل حاجه زى كده و فجأه .. ده مايعرفش حاجه هناك و لا يعرف حد .
شهقت أم حسن و بدأت وصلت بكائها من جديد و قد خرت على قدميها بعدما فقدتا القدره على حملها ، سقطت على عقبيها على الأرض تبكى بحرقه : أعمل إيه يا ولاد و لا أروح فين ؟ أبنى الى طلعت بيه من الدنيا رمى نفسه في وش الريح ، اااااه يا ضنايا ، يا مين يطمنى عليك يا حسن.
تقدمت غنوة أكثر و اتكأت برقبتيها على الأرض هى الاخرى بجوارها و بدأت تربط على كتفيها مردداه : ما تخافيش يا خالتى انا هكلم ناس معارفى و أكيد هلاقى لهم معارف فى ألمانيا و كمان هكلم نغم هى عفريته و هتعرف توصله ، و بعدين يعنى ما تخافيش على حسن ، حسن راجل و يعتمد عليه مش عيل ، يعنى لو اترمى وسط النار هيتصرف .
نظرت لها أم حسن و قالت بعتاب و حزن : مش لو كنتى أتجوزتيه كان زمانه دلوقتي هادى و مستقر و فى حضنى و مش لوحده كمان.. كان زمان معايا عياله ، لكن أقول إيه ، طول عمرك شارده و بالك مش  معاكى و مش حاطه هنا خالص .. منك لله أنتى كمان ، أنتى مسؤله عن الى حصل لابنى.
أنسحبت الدماء من وجه غنوة و وقفت عن الأرض بيطئ ، لقد فاجئتها أم حسن بسهام كلماتها .
استدرات تولى الجمع المتجمهر حول أم حسن ظهرها و أتجهت نحو بيتها بخطى ثابتة و لكن شارده.

دلفت أشجان خلفها مباشرة و وقفت لجوارها تراها تتجه نحو خزينة ملابسها تبحث فيها بأعين مظلمة من الشرود .
أشجان: جرى إيه أنتى هتاخدى على كلام الوليه دى و لا إيه ، دى بتهلفط بكلمتين من حرقتها على ضناها يعنى ما يتاخدش على كلامها .
مدت غنوة يدها تنتزع طقم منسق راقى من ملابسها ثم نظرت بأعين أشجان مباشرة و قالت : ماحدش معانا يا أشجان عشان نكدب و نلف و ندور ، كل إلى قالته أم حسن صح و أنا إلى أختارت من البداية .
ألتفت تولى اشجان ظهرها تبحث عن حجاب مناسب بملابسها الراقيه ، صدحت عنها تنهيده حاره قالت بعدها : و مش ندمانه و لا بلوم نفسى ، أنا اختارت مصيرى بأيدى .
رفعت ذقنها تنظر إلى الفراغ بشرود و أردفت : يا قاتل يا مقتول .
3
أقتربت منها أشجان تقول : لأ لأ... الحكاية كده بتوسع مننا يا غنوة ، أنا لا عايزاكى قاتل و لا عايزاكى مقتول ، عايزاكى تعيشى و تتهنى .
1
نفضت غنوة يدها عن أشجان ثم التفت تواجهها قائلة : و طار أبويا.. عم صالح ، نستيه ؟ نسيتى كلامك ليا كل السنين دى كلها ؟ ده انا كبرت عليه و هو كل يوم بيرن فى ودنى .
أبتعدت عنها أشجان خطوة للخلف كأنها بذلك تعلن تراجعها عن كل مبادئها التى ربت غنوة عليها و قالت : بس لا أنا و لا أنتى فكرنا فى يوم إيه هيريح أبوكى فى نومته أكتر ، إنها تبقى قاتله و تجيب قلبه يرقد جنبه ؟ و لا تتجوز جدع طيب و إبن حلال زى حسن و يبقى ليها أسرة صغيرة و بيت دافى ، اقسم لك بالله لو بأيد أبوكى يطلع من التربه كان طلع لطشنى أنا و أنتى قلمين فوقونا و قالك مش عايز لا طار و لا قلوب أنا عايز أتطمن عليكى .
أحتدت أعين غنوة و زجرتها بعنف مردده : إيه فى إيه! إيه إلى غير كلامك و تفكيرك كده و لا خوفتى من إبن الصواف .
ردت عليها أشجان بعنف و غيظ : ما تجبليش سيرة ابن الكلاب ده ، ايه الى دخله فى كلامنا دلوقتي .
7
زفرت بتعب ثم قالت : كل الموضوع أن كلام أم حسن فوقنى ، و حرقتها على ضناها خلتنى أشوف أبوكى مكانها و هو نفسه طول عمره يفرح بيكى و يطمن عليكى.
إلتفت غنوة تعيد تنسيق ملابسها من جديد إستعداداً لكى ترتديها ثم قالت : مش وقته الكلام ده ، أنا عندى مشوار مهم .
أشجان : أنتى رايحه فين كده صحيح و عماله ترتبتى أوى فى نفسك .
نظرت لها غنوة و قالت : مش بقولك إبتدى شغل القذاره ، لمى بعتالى إنذار أنى متغيبه عن العمل و بتهدد بالشرط الجزائى ، انا بقا هروح ارميهم لها فى وشها و جايه ، لا عاش و لا كان إلى يذلنى .
4
أقتربت أشجان تربط على كتفها ببعض الحدة مردده : و ماله ، خلصى حكايتك معاها و أرجعيلى عشان أنا خلاص حطيت الموضوع فى دماغى و مش بعيد على أخر الأسبوع اكون مجوزاكى ، ما أنتى عارفه خطابك كتير .
2
زفرت غنوة و هى مشغوله تحضر لمعركتها مع لمى و قالت بسأم : أخرجى أنتى دلوقتي يا أشجان أنا مش فايقه لك ورايا مشوار مهم.
لكن أشجان كانت مصممه و قالت بإصرار : و الجواز ؟
هزت غنوة رأسها و قالت سريعاً كى تتخلص من إلحاحها : ماشى حاضر .. بصى أنتى تخرجى دلوقتي تقعدى مع نفسك و تعملى ليسته حلوه كده عشان نختار منهم .
التمعت عينا أشجان و قالت: و ربنا فكره ، سلام أنا دلوقتي.
خرجت تهرول فى رحلة البحث و التنقيب عن افضل الأختيارات ليكن عريس غنوة زينة فتيات الغوريه .
1
فيما التفت غنوة تغلق الباب ثم تبدأ فى تجهيز نفسها
___________________
بينما فى مكتب لمى .
جلست بغضب مكظوم تحاول أن تبدو ثابته مسيطره تنظر على ذلك العقد بتروى و تمهل .
تشنج فكها و هى ترى كمية الشروط المدونه فى العقد تحت بند "شرط جزائي"
شروط كثيره تعجيزيه و قد وافقت عليها ، ضحكت بسخرية شديده ف على ما يبدو ان تلك الغنوة الحقيره كان لديها هدف و خطه و كانت على أتم استعداد لأن تفعل أى شىء فقط لتصل له و إلا ما كانت لتوقع على عقد بهكذا شروط تعجيزية تعسفيه .
اطبقت جفناها بغضب شديد ، فغضبها ليس من هارون او عليه ، لم تكن لتهتم كثيرا لو فعلها مع شخص آخر غير تلك الفتاه.
فقد عاملتها جيداً و قربتها منها بل كادت أن تعتبرها گ شقيقتها بسبب لسانها المعسول و روحها التى أجادت التمثيل بأنها عفويه جميله و طيبه أيضاً.
نظرت ل"منير" مدير الHR و قالت : ممكن نعمل إيه؟
زم منير شفتيه و قال: حاجات كتير يا فندم منها إننا نطلع بيان برفد غنوة صالح و ننصح بعدم التعامل معها ، و كمان ممكن ننزل صور البيدج بتاعتها و شغلها فى كل صفحات البلاك ليست على فيسبوك و ممكن نزود الشرط الجزائي من ١٠٠ ألف لمليون.
فكرت قليلا ثم قالت: لأ سهل أوى ، هارون الصواف هيدفعه لها .
أتسعت أعين كل منهما و هما يجدان باب المكتب يفتح و يدلف هارون للداخل بخطى ثابتة واثقه يردد: حتى مليون جنيه هى ممكن تجمعه عادى .
كانت لمى تنظر له بصدمه و غضب و ذهول ، كذلك منير ، كل منهما أعتقد أنه أول من سيجابههم و كانت المفاجأة انه يؤازرهم.
استمرت لمى فى النظر له لكن تحولت ملامحها المصدومه إلى أخرى ساخره بحزن و ألم تردد: و من الحب ما قتل ، إنتقام الأحبة وحش اوي.
اخذ نفس عميق يتنهد و هو يتحاشى النظر لها يوجه عيناه إلى العقد مرددا: لو ضيفنا كلمة دولار كده تبقى القاضيه.
أتسعت أعين كل من لمى و كذلك منير الذى قال: بس ده كتير بطريقة أوڤر و كمان مكشوفه أوى ، ما فيش حد بيحط شرط جزائي زى ده ! ده عقد لموظفه فى العلاقات العامة مش شرط جزائي فى صفقة إستيراد أو تصدير .
جلس هارون و وضع قدم فوق الأخرى ثم قال بغرور : طب و ماله ، مين هيراجع ورانا يعنى.
1
وقفت لمى عن مقعدها بحده تنظر له بغضب ساحق.
من الصعب على شخص ذو كبرياء و عزة النفس و شخصية قويه أن يسمح لأحدهم بأن يحوله إلى عسكرى فى رقعة شطرنج ، يحركه يميناً و يساراً وفق ما يتناسب و يخدم خطته فى الفوز بلعبته .
هتفت عاليا بحده و قالت : إسمع يا أبن الصواف مش أنا أبدا الى هسمح لك إنك تيجى تستخدمنى كده عينى عينك عشان تأدب حبيبة القلب ، الى بينى و بينها حرب و حرب طويله و كبيره و الشاطر فيها إلى نفسه اطول و فلوسه أكتر ، أظن بكده النهايه واضحه و محسومه هتبقى لصالح مين.
ضحك هارون و هو يهز رأسه ساخراً ثم قال : نسيتى أهم حاجة يا لمى .
نظرت له بحيره و ارتباك فقال و هو يشير بإحدى أصابعه على رأسه مردداً : الذكاء يا لمى ، الذكاء و غنوة مخها ذرى ، ده غير أنها قويه جدا  ، غنوة خصم مش سهل أوى كده.
زاد غيظها من حديثه و قالت بغضب : و أنت شايفنى غبيه يعنى و لا ايه ؟
زم شفتيه بيأس و قال : لو كنتى بالذكاء الكافى كنتى عملتى مية الف حساب ليها ،غنوة خصم صعب ، و أظن أنك محتاجه قوه تتحالفى معاها و بلاش الغيره تخليكى ترفضى .
نظرت له بازدراء ثم ضحكت ساخره و قالت : غيره ! على مين ؟! عليك مثلاً ؟!
وقف معتدلاً ينفخ صدره و يضع يداه فى جيوب بنطاله ثم قال : لأ.. أنا عارف إن مش فارق معاكى غير نفسك ، و إنك غيرانه عليها .. على ذاتك و أل أنا إلى عندك ، مش سهل ابدا انك تعدى إلى حصل معاكى ، إن فى واحده أستغفلتك و خطيبك فضل حد عليكى ، مش عشانى ، إنتى عمرك ما حبتينى و أنا عارف ، ده عشانك أنتى .
نظرت له عين بعين ، إعتراف ضمنى بصحة ما يقوله ، لن تنكر .
إبتسم يهز رأسه مردداً : من أحسن صفاتك يا لمى هى الشفافية و الوضوح ، كنت هستغربك أوى لو أنكرتى .
جاوبته و هى ترفع أنفها بشموخ : لأ مش هنكر ، كل كلمه قلتها صح ، أنا عمرى ما حبيتك يا هارون و كمان...
قاطع أسترسال حديثها يكمل هو عوضاً عنها : ما كنتيش ناوية تتممى جوازك منى .
قالت بثبات : صح.
إلتف هارون يجلس على كرسيه مره اخرى مرددا : نبقى متفقين.
عادت هى الأخرى تلتف حول مكتبها ثم جلست عليه و قالت: بشكل مبدئي مش أكتر .
أبتسم بثقه و قال : و ده كافى أوى فى الوضع الحالى .
لم يكد كل منهما ينهى حديثه حتى صدح صوت سكرتيرة مكتب لمى تردد : أنسة غنوة صالح منتظرة عندى يا فندم.
نظرت لمى على هارون الذى يبدو و كأنه ينتظر بشوق ثم قالت : ها تحب تمشى من أى باب جانبى و لا أدخلها و تشوفك .
أبتلع رمقه و قد تلعثم قليلا ، و إبتمست لمى ترمقه بسخريه فمن يراه منذ قليل و هو يقف متحدياً لها يناطحها بكلماته و يجمع عتاد حربه ضد غنوة لا يراه الآن و قد ارتبك و ظهر الإشتياق بوضوح فى لمعة عيناه .
حاول سريعاً التماسك و ردد بقوه: و أنا ههرب و لا ايه ، دخليها .
زمت شفتيها من ثقته بنفسه تهز رأسها موافقة ثم سمحت لها بالدخول .
و هارون عيناه على الباب ينتظرها حتى فتح الباب و دلفت هى  و أحتدت عيناه على فوراً.
و لم يستطع تمالك أعصابه و نسى كل خطته مع أهدافه و ما ظل يلقنه للمى كل ذلك الوقت ، كل ما يشعر به الأن هو نااااار ، نيران و اشتعلت فى صدره و أحجبت الرؤيه عن عيناه و فصلت عقله عن العمل بعدما رأها بذلك الفستان الكريمى المتلصق بمنحنياتها بطريقه مستفزه يظهر و يبرز جمال قوامها الشرقى ، كانت جميلة لدرجه مستفزه و مثيره أيضاً.
ضحكت داخليا و هى ظاهريا تبدو ثابته ثبوت الرواسى ، على ما يبدو أن ما فكرت فيه كان صحيحاً ، توقعت تحالفهما عليها كما توقعت وجوده ، و ارتدت هذا الفستان خصيصا له ، كى تحرق أعصابه بل و تتلفها و من ثم توقف عقله و لو مؤقتاً عن العمل ضدها فى الوقت الراهن.
7
كان صادق القول حين قال أنها ليست خصماً سهلا.
هتف فيها بغضب : أنتى ايه الى عملاه فى نفسك ده يا هانم .
ضيقت عيناها كأنها تنظر له بعدم فهم و قالت : سورى ؟!
أحتد صوته أكثر و هو يراها تتعامل ببرود و تتصنع عدم فهمها ما يفعل أو يقصد و صرخ عالياً : أنتى هتعملى لى فيها عبيطه ، إيه الهباب إلى أنتى لابساه ده ، جسمك كله مفصل يا هانم يا محترمه ، و إيه ده إيه ده ، استنينى هنا كده .
ضيق عيناه و سأل : أنتى جيتى طول الطريق من الغوريه لهنا بجسمك المتفصل ده و ركبتى بقا تاكسى و لا أوبر ؟
قلبت عيناها بملل ثم نظرت ناحية لمى و قالت : أظن أن أنا جاية هنا عشان شغل المفروض ؟! جالى ميل رسمى بكده .
ألتفت تزم شفتيها و هى تنظر للمى مردده : مش عارفه بصراحه خطيب سيادتك سايبك أنتى بالجونله القصيره دى و مركز معايا أنا ليه ، حاسه إن الأدوار متبدله سيكا .
7
اطبقت لمى جفناها و بداخلها تصرخ بغضب : أه يا كياااااااده .
6
ضغطتت على أسنانها بغضب ثم قالت: عندها حق بصراحه يا حبيبي ، ممكن تهدى و تقعد .
أخذ هارون بعض من أنفاسه و إلتف كى يجلس محاولا الهدوء لكن ما أن أبصر منير مازال يجلس معهم و أمسك به متلبس و هو يأكل غنوة بعيناه حتى هجم عليه بغوغائية و قال : بتبحلق فى إيه ، بتبحلق فى إيه ، قوم من هنا .
5
كتمت غنوة ضحكتها الشامته و رفعت رأسها بشموخ تقسم بأن تحرق أعصابه هو وتلك التي تحالف معها .
بينما منير يلملم معطف بذلته بعد هجوم هارون عليه و قال : قوم من هنا ايه يا باشا هو ديسك فى كلاس و أنا قعدت مكانك ، أنا مدير الاتش آر .
1
صرخ فيه هارون بحده : مدير على نفسك ، برا بقولك .
هتفت لمى بحده: إحنا مش بنلعب هنا يا هارون ده ...
هتف مقاطعاً : قولت يطلع برا لو عايزه تكملى كلام .
كل ذلك و غنوة تقف متسليه بكل ما يجرى ، و بالفعل لم تمر دقيقه إلا و قد غادر منير و جلس هارون أخيرا ، ما كان ليسمح ابدا بتواجد رجل آخر غيره و يراها هكذا .
خرج منير بالفعل و نظرت لمى تجاه هارون ثم رددت بحده : أظن نتكلم بقا .
تقدمت غنوة و جلست على المقعد تقول: سماعكى و لا أقول سمعاكم ، شكلهم متفقين.
شهقت و كأنها تذكرت شئ ثم قالت : أه صحيح مش هنفرح بيكم بقا ، بقالكوا كتير مخطوبين ، فى مشاكل بينكم و لا إيه ؟
صك أسنانه بغيظ ، حربها بارده تقودها ببراعه و قد نجحت فى تحطيم أعصابه.
كذلك لمى التى أمنت بكل كلمة قالها هارون بالفعل تلك التى تجلس أمامها الآن خصم غير هين .
لقد سرقت البجحه خطيبها بعدما أستغلتها و أستغفلتها ، و تزوجته أيضاً و كانت بالأمس فقط فى بيته كما علمت و وصلها ، و تأتى اليوم تجلس أمامها عيناً بعين تسأل بإستغراب عن سبب تأخرهم فى الزواج .
إبتمست غنوة و عقلها يعمل كجهاز آلى يردد ( تم حرق أعصابهم بنجاح)
6
اغتصبت لمى ابتسامة باهته على شفتيها ثم قالت : قريب جدا إن شاء الله و طبعا مش هلاقى غيرك ينظم الفرح .
ردت غنوة على الفور : دى تبقى بزعلى كبيرة لو جبتوا حد غيرى .
لمى : المهم ، أنتى متحوله للتحقيق .
غنوة : ليه ؟ اه عشان التغيب عن العمل و الحاجات إلى أتذكرت فى الميل دى ؟ طيب أنا ممكن اكون انشغلت لأنى الفتره إلى فاتت تعبت و دخلت المستشفى.
نظرت لها لمى و رددت بقسوه : جيت و شوفتك .
قالتها و هى تنظر لهما تتذكر و تذكرهم بالوضع الذى شاهدتهما عليه.
و رغما عن الإثنان سرت رجفه لذيذه بكل منهما فور تذكرهم كيف كانا بين أحضان بعضهما .
و نظر هارون لغنوة بإشتياق ، مشتاق ، يتمنى ... يتمنى أن يكن معها وحدهما الان ، أن تموت المسافات و العقبات ، يتمنى لو يملك حيله تأتيه بها أو تأخذه إليها .
صمت متنهداً لا يعلم هل كتب على قلبه الشقاء أم سيصل لحل قريب معها و يرتاح .
أخرج كل منهما من شروده صوت لمى و هى تجلى صوتها مردده : أحممم .. كل ده مش مبرر ، و لا حتى انك كنتى فى المستشفى.
بللت غنوة شفتيها تحاول الثبات و مدت يدها فى حقيبتها لتخرج منها كارت صغير ثم قالت : مش دى الفكره ، بس انا كنت هاجى أبلغك إستقالتى من فتره لأنى الحمدلله بفتح شغل خاص بيا ، اتفضلى البزنس كارت بتاعى عشان لو إحتاجتينى فى فرحك على الباشا .
لكن الباشا كان بعالم أخر تعصف به الأفكار و قد زاد غضبه ، ترسم و تخطط بل و تبدأ فى التنفيذ و كأنه ليس هنا ، كأنه ليس بزوجها .
هتف بحده: انتى عملتى كل ده إمتى أنا عايز أفهم ، و ازاى ما تقوليش حاجه زى كده.
زمت شفتيها تجعد ما بين حاجبيها ثم نظرت للمى مدعية الغباء ثم قالت : خطيبك تقريباً شكله بيكلمك .
أغمضت لمى عيناها بغضب و وقف هارون يتحدث بحده : لااااا ، ده انتى زودتيها أووى.
بينما ضربت لمى بكفها على سطح المكتب و قالت : طيب أسمعى بقا ، إستقالتك مرفوضه لأن فى شرط جزائي فى حالة إنك عايزه تسيبى الشغل .
زمت غنوة شفتيها و قالت: انا معايا المبلغ ، كنت عامله حسابى و جبته معايا.
إبتمست لمى بسماجه و قالت : واو .. طب ازاى مش شايفه شنط كده و لا كده ، اصل مليون دولار مبلغ كبير أوى.
شحب وجه غنوة و رددت ببهوت : إيه ؟! مليون إيه و دولار مين ، هما مئة ألف جنيه بس.
ضحكت لمى بصمت فأتسعت عينا غنوة ثم قالت : أااه ، انتو لعبتوا فى العقود إلى أنا مضياها مش كده ، ده انا هوديكوا فى داهية.
إبتمست لمى و ردت بثقة : اتفضلى قدمى فينا ألف شكوى شوفى مين هيراجع ورانا ، من دلوقتي تكونى على مكتبك و ياريت تنفذى كل التاسكات المطلوبة منك بسرعه فى بكره حفله مهمه عشان عقود جديدة بنا بين الشركه الإماراتيه مش عايزه تأخير ، أتفضلى على شغلك .
وقفت و هى تشعر بإنهيار عالمها من حولها من أين لها بمليون دولار كى تدفعه لها.
بينما وقف هارون معترضا و هو يراها تخرج من أمامه هكذا بهذا الفستان و ما أن ألتفت و رأى ظهر الفستان حتى صرخ بغضب : نهارك أسود و مهبب ، أستنى عندك .
لم يعطى للمى أى مجال و خرج سريعاً يغلق الباب بعد أن خرجت غنوة ، و بلا أى كلمه خلع عن جسده معطفه الطويل و وضعه عليها .
غنوة : إيه الى بتعمله ده يا أستاذ أنت.
تحدث من بين أسنانه : أنتى تخرصى خالص فاهمه . . قدامى على البيت .
لكنها نفضت ذراعه عنها و قالت: ما اقدرش ، لازم اكون على مكتبى دلوقتي و انفذ التعليمات و أنا حطه جزمه فى بوقى أصلى مش معايا مليون دولار ، مش ده كان اتفاقكوا ؟
لكنه لم يكن مهتم بأى مما تتفوه به و قال : قولت تخرصى و يالا على البيت و لا اخدك على بيتى أنا بالعافيه ، إخلصى .
تحركت معه على مضض و هو طوال الطريق يسبها و يلعنها هى و فستانها المستفز هذا .
وصلا إلى الحى أمام بيتها فقالت و هى تراه يترجل من سيارته و كأنه يستعد ليدخل معها بيتها  : ايه ما خلاص و شكراً على التوصيله .
اشار لها بحده مغمغماً : ششش ... قدامى.
دلفت للداخل لتشتم رائحة طعام لذيذ قادم من المطبخ و صوت أشجان التى خرجت من المطبخ تقول : انتى جيتى يا بت يا غنوة ، أنا عملت لك صينية بطاطس بالفراخ الى بتحبيها ، و جمعت لك لستة العرسان بتوع الشهر ده ، و النبى كلهم شباب مجدع و زى الورد ، انا حالفه ما هيعدى الشهر ده إلا و إنتى فى بيت عدلك .
3
شعرت بشيء ساخن قادم من خلفها فقالت : هو إيه الصهد إلى هب فجأة ده.
2
إلتفت لترى هارون واقف خلفها عروقه نافره من الغضب و وجهه أحمر .
و تحدث بهدوء مرعب : بقا انتى بقا عايزه تجوزى مراتى.
اشجان : أنت إيه الى جابك هنا تانى يا خايب الرجا أنت.
6
هز رأسه يزم شفتيه مرددا : خايب الرجى ! تصدقى أنا كده فعلاً عشان سايبها لك أنسه لحد دلوقتي و عايزه تجوزيها كمان .
4
تقدم بصمت و جذب غنوة له ثم قال: انا بقول نتمم جوازنا هنا أهو حتى روح ابوكى تبقى بترفرف حوالينا.
3
نظرت له غنوة برعب تخشى من تنفيذ ما يقول
_______________________

جلست فى سيارة صديقتها تنظر للطريق بشرود تتذكر الرفض المتواصل لطلبها الطلاق ، حتى أمها ترفض بشده.
كيف ترفض بعد تخطيط سنوات كى تزوجها وريث العائله متغافلة عن أى شىء.
تنهدت بضيق ثم نظرت لصديقتها قائله : ممكن اعرف بقا إحنا رايحين فين و إيه جابنا إسكندرية ؟ و مفاجأة ايه إلى جدو متفق معاكى عليها يا هانم و مش قايلين لى .
توقفت نادين بسيارتها على أحد ارصفة ميناء الإسكندرية و قالت : إنزلى معايا دلوقتي و أنتى تعرفى .
زفرت بضيق و ترجلت من السيارة برفقة صديقتها حتى توقفت معها أمام باخره عملاقه ، هى أشبه لمدينة عائمة على الماء ، كانت تحفه متنقله حقا
خطفت أنفاس تقى على الفور و لم تستطع أن تحيد بعيناها عنها و قالت : إيه ده واااو .. تحفه أوى .
تقدمت نادين و احتضنتها قائله : دى بقا باخره فايڤ ستار فيها ألمع و أشهر نجوم الوطن العربي بيطلعوا رحله لمدن كتيره و يقفوا عند كل مدينه شويه ياخدوا طور ، ده غير الحفلات و الالعاب و السهر و الرقص.. و بيكون فيها ناس كتير من كل الدول حاجزين على نفس السفينه عشان يقضوا الرحله مع النجوم دى.
كانت تقى تستمع لها و عيناها تلمع ثم رددت : يا بختهم .
إلتفت نادين حتى وقفت أمامها و قالت : ما أنتى منهم يا حبى ، هى دى المفاجأة.
لم تصدق تقى ما سمعت الى أن صعدت فوق متن السفينة و تحركت أيضاً و هى لوقتها هذا لم تصدق.
تقى : نادين أنا مش مصدقه لسه بردو.
ضحكت نادين مردده : مش مصدقه ايه بس ده إحنا بقينا فى عرض البحر و الصبح هتصحى من النوم تلاقى نفسك فى إيطاليا ، جدك و خالك بيرتبوا لك فى الرحله دى من شهرين .
سعدت تقى كثيرا و ظلت طوال الليل ساهره على سطح السفينه تتعرف إلى أصدقاء نادين الجدد ثم أستأذنت منهم حين غلبها النعاس و ذهبت لغرفتها .

ظهر اليوم الثانى أسيقظت بكسل و خمول تنظر للساعه مستغربه ، يبدو أنها قد نامت كثيراً و على ما يبدو أيضا أن نادين قد استيقظت و خرجت .
وقفت كى تبدل ملابسها ثم ارتدت فستان أخضر قصير يضيق على الخصر و الصدر مبدرزاً لقوامها الممتلئ بصوره مثاليه خطيره .
مشطتت شعرها الطويل لينساب بنعزمه حتى أخر ظهرها ثم وقفت لتضع كحل عيناها القاتل و ما أن انتهت حتى صعدت لسطح السفينه حيث تتوقع تواجد نادين مع باقى أصدقائها .
إبتمست و هى ترى نادين تجلس مع اصدقائها تلوح لها بيدها بحماس ما أن ابصرتها تقف .
تقدمت أكثر فأكثر و هى تدرك وجود مجموعة جديدة قد انمضت لها .
وقفت متخشبه و هى ترى من بين الجلوس شخص تعرفه.. تعرفه جدا و عن ظهر قلب .
إنه ضياء.. ضياء عاصم شديد.. زوجها .
و على الفور صدحت صافرات الإعجاب من الشباب و هى عينها بعين ضياء الذى ينظر لها بإنبهار ثم سأل نادين: مش تعرفينا !
+
أتسعت عيناها بصدمه... زوجها لم يعرفها
تقدم منها بغضب و هى تعود للخلف تشهر إصبع سبابتها فى وجهه محذره : أنت اتجننت يا هارون ، أعقل أحسن لك .
تحدث من بين أسنانه بغيظ : و أنتى خليتى فيا عقل ؟ من يوم ما عرفتك و أنتى مجننه أهلى و سحلانى وراكى فى كل مكان و لا فيش أى حاجة نافعة معاكى.
ظلت تتراجع و قد تمكن الخوف منها قليلاً بسبب قتامة عيناه ثم رددت ببعض الدبلوماسية لكن الخوف يفوح من نبرة صوتها : بلاش يا هارون ، بلاش تعمل حاجه نندم عليها العمر كله.
ليصدح من خلفها صوت أشجان التى أخذت تصفق بكلتا كفيا معاً مردده بصوت عالى : سبيييه .. شكله نسى نفسه و نسى ربطتة جوا على السرير زى الخروف .
2
اغمضت غنوة عيناها وعضت على شفتها السفلى من شدة الغضب ، أشجان الغبية أثارت غضبه  .
فتكلمت هى: أهدى أنتى بس يا أشجان ، خروف إيه بس إلى بتتكلمى عنه .
زجرتها أشجان بغضب و عنف و هى تقول : أنتى مالك كده يا بت خايفه كده ليه ؟ لا تكونى فكراه هينفذ إلى بيقول عليه بجد.
إلتف لها هارون و قال : و مين بقا إلى هيمنعنى ؟ أنتى مثلاً ؟
إبتمست له أشجان بسماجه ثم قالت بهدوء: تؤ مش أنا .. ده ..
و على الفور صدح صوتها يهز أرجاء المكان و تعدى حدود المنزل و ملئ الشارع كله  : يالهووووووى .. غيتونا يا نااااس ، غيتونا يا خلق ، بيتهجم علينا ، على الولايا .
3
إحقاقاً للحق لقد تفاجئ كثيرا ، لم يكن يتوقع أن تفعلها بالفعل ، ظنه مجرد تهديد لأ أكثر.
3
لكنها فعلت و ما أن فعلت و لا ترى عينك سوى النور ، عدد لا حصر له ، و كأنه مولد و غاب صاحبه .
الحاره كلها نساء و رجال حتى الأطفال كانت متجمهرة فى صالة بيت غنوة تسأل ماذا هناك ، تريد القبض على ذلك الحقير .
و بسرعة البرق ضغط غنوة على كتفى هارون تأمره : أنزل تحت... و أهرب من بين الرجول
نهرها بغضب: أنتى اتجننتى هارون الص..
قاطعه بغضب: أخلص هتاكل علقه سوده.
3
بالفعل غطس فورا كمن يغطس فى الماء و خرج من بين الأرجل ، يسأل كيف تجمع كل هؤلاء على صرخه واحده من تلك الشرسه !
1
و بشق الأنفس إستطاع الفرار و وصل إلى سيارته ليجد شاب يأتى مهرولا يسأل : فى ايه يا كبير ايه صوت الصويت ده ؟
فجاوبه سريعاً: اه شكله جاى من البيت ده واحده بتقول الحقونى .
فقال الشاب و هو موقن بشده : أكيد عيل شمال و شمام أتهجم عليها .
صرخ فيه هارون بغضب : ما تحترم نفسك يا جدع انت .
1
نظر له الشاب بإستغراب و سأل : أنت تعرف الأشكال دى يا باشا .. دى عيال بنت و...
\

قاطعه هارون بغضب و ما عاد بإستطاعته إستكمال ذلك الحوار الرائع فقال و هو يفتح باب سيارته : أنا همشى قبل ما أرتكب جنايه .
غادر سريعاً و الغضب يعصف به ، كلما تخيل منظره و هو يتحرك تحت أرجل نساء و رجال الحى ، تلك العقربه صاحبة اللسان السليط سيلقنها درساً قاسياً بالتأكيد ، يغلى الدم برأسه كلما تذكر ما فعلته به و كيف كان على وشك نيل زوجته لتقضى هى مجددا على كل آماله .
وصل بيته أخيرا و ترجل من السياره ليجد سيارة أخرى قد أصطفت أمام الباب الداخلى للبيت .
جعد ما بين حاجبيه يفكر لمن تلك السيارة و دلف للداخل سريعاً ليعرف .
و ما أن ولج للداخل حتى تفاجئ تماماً بوجود رجل عريض المنكبين ضخم الجثه يجلس على أحد مقاعد الصالون يرتشف من فنجان القهوه ، ظل ينظر له و هو مستغرب كثيرا يسأل من هذا الضخم ؟
إلى شعر ذلك الجالس بوقوف أحدهم خلفه فوق و أستدار يفتح له ذراعيه مردداً: بقا كده يا راجل ، بقالى ساعة مستنى جنابك ، كنت فين يا كبير .
تقدم منه هارون يردد بذهول : ده انت إلى كبير و الله ، إيه المفاجئة الحلوه دي يا يوسف ؟ جيت أمتى ؟
جاوبه يوسف ببعض الضيق : انا تقريباً هنا بقالى ساعه ، دى تالت قهوه أشربها يا بيه و أنا قاعد مستنى جنابك ، ماكنتش اعرف أنى عشان اقابلك لازمنى توصية من المحافظ ، أتغيرت أوى و أنا مسافر ، هو أنا طولت أوى كده برا ؟
اقترب هارون يحتضنه مردداً : طّولت ، و طولت و أعرضيت أكتر و أكتر ، ايه ده ؟ صدرك ينفع معديه بين كوبريين .
لوح له يوسف بكفه قائلا : هتحسدنى و لا ايه ، حد قالك تلهى نفسك بالنسوان ، مش تحافظ على صحتك زى ابن خالتك ، أهو احنا سنه بسنه مع بعض في مدرسة واحدة شوف انا بقيت فين و أنت فين ؟
صك هارون أسنانه بغضب مرددا: أنت هتعيش يالا ، ماكنوش كلمتين قلتهم لك مجامله ، انا الى بقالى فترة هامل الجيم فعلاً.
غمز له يوسف ثم ردد : يا هارون يا حبيبي ، الستات نعمه بس زيها زى اى حاجه كترها وحش ، بالعقل يا باشا مش كده صحتك.
التوى ثغر هارون ساخرا يردد : ستااات ! هما فين دول .
شهق يوسف و ردد بقلق حقيقى : هما فين دول! و مين اللي بيقول كده ؟ هارون الصواف ؟ إيه الى جرى فى البلد ، بقا أنا أسيبها كام شهر أرجع الاقى الحال كده ، إيه هى الدنيا أتقل خيرها و لا إيه ؟!
جلس هارون و قال: لأ كل حاجه زى ما هى أنا إلى باينى أتعقدت .
جلس أخيراً يوسف براحه يردد : أيوه كده طمنتنى ، ده انا كنت هرجع تانى على أول طياره راجعه لندن ، ما أنت عارفنى يا ابن خالتى ، إلى بيجرى فى جوايا ده مش دم لأ ، ده نسواان ، دمى كله نسوان يا عم الشيخ هارون.
تنهد هارون و قال: منك لله ، اللهى ربنا يبعت لك الى تجيبك على بوزك .
غمز له يوسف و قال بمكر : دى من دى ؟ لسه ما اتخلقتش و حياتك ، أنت فاكرنى دغوف زيك  .... ههههه سمعت إنك وقعت و غرقان لشوشتك كمان.
زفر هارون بضيق و نفاذ صبر و أكمل يوسف : و خير اللهم اجعله خير كده سمعت إنك اتجوزت ، بصراحة ما صدقتش نفسى ، بقا هارون يتجوز و يسيب كل الحريم دى لمين طيب ، رد عليا أنت قولى لمين .
ضيق عيناه بإتهام واضح و أشار عليه بسبابته مرددا: ذنب النسوان دى كلها فى رقبتك يا أبن الصواف .
قلب هارون عيناه بملل و قال : خلصت ؟
حمحم يوسف مجيباً : أيوه ، قولى بجد أنت أتجوزت ؟
هارون: أيوه.
زم يوسف شفتيه بإستغراب و هو ينظر فى الإرجاء ثم قال : طب و هى فين أنا هنا داخل فى ساعه و نص أهو مافيش كلب جه سلم عليا .
تنهد هارون و قال: أنت يا أبنى ايه ، دائماً هلس كده ؟
يوسف : طالما خرجت برا باب الشغل ببقى هلس .. قولى فين مراتك ، عايز اشوف مين دى الى وقعت هارون الرشيد .
سحابة حزن مرت على عيناه ،أغمضهم متنهداً ثم قال: ده موضوع يطول شرحه .
يوسف: و أنا مش ماشى غير لما أعرف ، أبات معاك النهاردة كده كده ماحدش يعرف أنى جاى من السفر أصلاً ، أبقى أروح بكره و أعملها لهم مفاجأة.. و كمان عايز أشوف ماجد ، وحشانى سفالته .. كلمنى من فتره و قالى أنه واقع هو كمان بس ما عرفتش تفاصيل .
ارتخى فى جلسته كثيرا و وضع ساق فوق أخرى ثم ردد بزهو : كلوا كده وقع إلا يوسف محى إدريس ، لسه صاغ سليم .
نظر لها هارون مطولاً ثم قال بتريث :تعرف يا يوسف إن أنت بالذات هتبقى وقعتك وحشه أوى ، أنا متأكد إنك أكتر واحد هتتمرمط فينا إحنا التلاته ، عشان انت أكبر هلاس فينا .
ضحك يوسف منتشياً و قال بفخر واعتزاز: و لا عمره هيحصل و حياتك ، طب تعرف أنا عمرى ما حبيت خالص .. مع أنى مش ممانع و الله ، بس مش بحب ما أعرفش ليه .
هارون: هقول ايه ، جبله.
زم يوسف شفتيه بشبه إقتناع و ردد : تقريباً كده ، المهم إحكى لى .
سحب هارون نفس عميق ثم بدأ بسرد كل قصته مع غنوة لصديقه و إبن خالته .
_____________________
فى مكان جديد .
بفيلا راقيه و هادئه تتقدمها حدائق ممتلئه بمختلف ألوان و أشكال الورود مع مسبح بمساحه ضخمه و أرجوحه تحفها مظله ، و مع السير مقدما تجد جلسه هادئه مكونه من مقاعد خشبيه مستديرة و طاوله بحجم متوسط وضع عليها القهوه الساخنه التى بدأ محى إدريس ( والد يوسف)  يرتشفها و هو يتحدث إلى صديقه مرددا : إخص عليك يا عبد العزيز ، كل ده حاصل معاك و لا تقوليش ، يعنى لولا سكن زينب ما كنتش عرفت أنك تعبان و مسافر و الله عيب عليك.
اغمض عبد العزيز يتنهد بتعب و حزن ثم قال : ماحبتش أشيلك همى يا محى يا اخويا كل واحد فيه إلى مكفيه ، لولا موضوع السكن بتاع زينب ماكنتش هقول فعلاً .
نهره محى بحده: أنت تسكت خالص ، مش عايز أسمع منك و لا كلمة ، بقا يا واطى جايلى أتوسط لك في أى سكن طالبات يقبل بنتك ؟ ليه عدمتنى مثلاً و لا مالكش صحاب .
2
تحدث عبد العزيز سريعاً : لأ لأ يا محى ، أنا مسافر و مش عارف إيه إلى هيحصل معايا و أخويا الوحيد عايش برا طول عمره ، ما اضمنش بكره فيه إيه ، و البت لازم تروح جامعتها ، لولا إن كليتها عملى كنت دبرت أمرى و أخدتها معايا .
محى : و حتى لو مش عملى و هى فاضيه ما ينفعش تسافر معاك ، دى لسه صغيره و ماعندهاش خبره ، هتسافر بيك ازاى و تشيل مسؤليتك و لا تبقى لوحدها بيك ، الصح أنها تفضل هنا و أنا هبعت معاك مرافق يلازمك فى كل خطواتك و ده رد جزء بسيط من دينك الى فى رقبتى ، أنا مانساش أبدا إلى عملته معايا زمان ايام ما كنت مش لاقى أكل ، ده يوسف مولود على إيدك.
تنهد عبد العزيز و قال بإذعان : ده المتوقع منك يا محى ، طول عمرك إبن أصول ، كمل جميلك معايا و شوفلى واسطه أدخل بيها البت للمدينه الجامعيه ، بيقولوا أى طالب مالوش غير رغبه واحده يا مدينة جامعيه يا تحويل و أنا كان لازم أحول لها من جامعة الوادى الجديد و أجيبها هنا ، دى ماصدقت جابت تقدير حلو أول سنه عشان تعرف تحول .
نظر له محى بغضب ثم قال : أنا ساكت من الصبح عشان مراعى تعبك بس بصراحه بقا مش قادر ، مدينه جامعيه ايه و سكن طالبات إيه هما أى واحده فى دول هيبقوا أمن عليها من بيتى ؟ ده البيت كله بنات و أنا مش عندى غير يوسف و مسافر و أنت عارف.
هز عبد العزيز رأسه برفض فقال محى : خلصت يا عبد العزيز و إلا قسماً غظماً أقاطعك فيها .. أنت طيارتك إمتى ؟
تنهد عبد العزيز و قال: النهاردة الفجر .
محى : تروح و تيجى بالسلامه أنا هعمل كام إتصال دلوقتي و هناك أول ما توصل هتلاقى كل حاجه مترتبه بأذن الله و بنتك هنا فى عينى و زى بناتى ، ما أنت عارف أنا عندى إلى زيها و إلى أصغر منها كمان .
هز عبد العزيز رأسه و قال : أنا عارف و الله يا محى ، و هو ده العشم بردو.. خلى بالك من زينب.
أبتسم له محى و قال: فى عينى و الله ،خلى أنت بالك من صحتك ، عايزك تروح و ترجع بالسلامه ، أنت صاحب عمرى ، أمانه عليك ما تسيبنى لوحدى يا صاحبى .. مين هيجوز يوسف غيرك
أبتسم عبد العزيز و قال: هروح و هرجع بأذن الله .. بس حكاية إنى أنا إلى أجوز يوسف بنفسى دى ماعلش أعفيني .
محى : ليه بس يا عبد العزيز .
عبد العزيز : أنا راجل بخاف ربنا ، طب انت يرضيك ؟ يرضيك أذى بنات الناس معايا و ألبسهم يوسف إبنك العربيد النوسونجى ، ده كبير الهلاسين .
4
محى : يرضيني أه.
رفع عبد العزيز يداه و قال : انا إلى ما ارضهوش على زينب بنتى ما أراضهوش لبنات الناس ، جوزوا بعيد عنى و من غير ما أشترك فى الجريمه دى .
ضحك محى و ظل هو و عبد العزيز يتذكران عدد المرات التى قبضوا فيها على يوسف متلبساً بجرائم عده.
بعد فتره تقدمت نور إبنة محى و إلى جوارها تسير فتاه أشبه للملائكه فى الملامح و الطله ، و هاله من النور تحيط بها ، تبتسم بحفه فتظهر غمازتها لتزيد من جمالها و إشراق وجهها الأبيض المستدير و شعرها البندقى القصير يحيط وجهها مضيفا عليه وهج خاص زادها جمال و حلاوه .
صدح صوت محى يسأل : ها يا زوزو ، عجبك البيت ؟
أبتسمت برقه ثم قالت بحرج: جميله اوي يا عمو.
تطوعت نور و قالت سريعاً : كدابه يا بابا ، دى اتكسفت تتفرج عليها شافت أوضتى بس.
محى : لأ لأ أنا عايزك تاخدى على البيت كله كده و تاخدى راحتك فيه لأن خلاص ده هيبقى بيتك لحد ما بابا يرجع من السفر
رفعت زينب وجهها سريعاً متفاجئة تسأل والدها بصمت فهز عبد العزيز رأسه إيجاباً و قال: أيوه يا زوزو ، بيت عمك محى أمن ليكى و أن شاء الله تتبسطى معاهم و أنا مش هطول عليكى
صرخت نور من الفرحه و قالت : واو ، أخيراً هلاقى حد يسلينى و يروح معايا الجامعه .. أنتى كلية إيه يا زوزو .
تنهدت زوزو بحزن على ما يحدث معها هى و والدها دون سابق إنذار و قد أنقلبت حياتهما و أصبحت ضيفه فى بيت غير بيتها .
حاولت إغتصاب بسمه رقيقه على وجهها و جاوبت نور: علاج طبيعي.
صرح محى : اللله .. أنا كنت محتاج حد يعالج لى الخشونه .
ضربت زينب على وجهها لاطمه حالها حال أى طالب فى طب علاج طبيعى مما يراه من أسرته و الجيران .
3
______________________
أنفض الحضور أخيراً ، فقد تولت من جمعتهم أمر صرفهم و جلست هى على طرف الفراش تغمض عيناها تتذكر لحظاتها معه و هى بأحضانه .
سامحها الله لمى ، هى من ذكرتها ببساطه بكل أوقاتهم معا .
رجفه لذيذه سرت بجسدها تضم جسدها بين ذراعيها تحتضن نفسها تتمنى قربه الأن .
كم شخص يتمنى لو كانت الظروف غير الظروف و الوضع غير الوضع ، لو خلق و وجد بمكان غير المكان.
كم شخص يقيده الماضى و عقباته عن ما يريد .
لولا قصة هارون مع والدها لكانت الآن هانئه بين ذراعيه و ربما هى من تطلب وصله و ليس هنا .
دمعه ساخنه فرت على خدها و هى تسأل لما هو من بين كل رجال الأرض الذى أعجبها ، ولما أيضاً والدها من بين الخلق الذى أخذ قلبه كى يحيى هو و يموت والدها ، كيف يمكنها تخطى كل ذلك ؟! كيف تعيش معه و تنسى ما حدث لوالدها .
انتبهت على صوت اشجان التى تصرخ بحده : بتعيطى ليه يا بت.. إلى ما يتسمى ده قالك حاجه ضايقك بيها ؟
مسحت غنوة عيناها على الفور و هزت رأسها نفياً فقالت أشجان بعدما جلست لجوارها : هممم ، أنتى حلك الجواز ، عشان تنسى إبن الرفدى ده .
تحدثت غنوة بصوت مختنق : ما تشتميهوش ، أنا بس اشتمه أنتى لأ.
وقفت أشجان من جلستها بحده مرده: لااا.. ده الموضوع كبر و وسع أوى ، أنا هروح اغرف الأكل و اجيب معايا لستة العرسان.
تنهدت غنوة بصمت ثم أخرجت هاتفها تحسب ما لديها من مال .
ثم تنظر لأشجان التي عادت محمله بالطعام من جديد تسأل: بتعملى ايه ؟
غنوة : اقولك ايه ما هو كل واحد غرقان فى دنيته ، أنتى بتدوريلى على عريس و أنا بحسب معايا ايه و فاضل كام .
وضعت كسره من الخبز محمله بالبطاطس ثم قالت : صرفت كتير على شغلى ، و هما طالبين منى مليون دولار ، أعمل ايه .. مش هقدر أروح شغل لمى ، أنا عارفه انها ناويه تسحلنى ، و أنا لسه عايزه اوقف شغلى على رجله ، أنا صرفت عليه كتير أوى.
لكنها توقفت عن الإسترسال فى حديثها على صوت شهقة أشجان : نعم نعم ؟ مليون إيه ؟ مليون عفريت لما يبقى ينططها ، طب و دينى و أيمانى لأكون رايحه لها بكره و مفرجه عليها امة محمد .
تنهدت غنوة مردده : أستهدى بالله بس ، دى مش هارو هتفرشى له الملايه ، دى حاجة تانيه خالص غيره ، عايزه تصرف بحكمه و عقل لأنها حطانى فى دماغها .
لكت أشجان الطعام فى فمها و هى تتحدث فى نفس الوقت : صراحه ، حقها.
سحبت غنوة نفس عميق و قالت بحزن: عارفه .
صمتت قليلا و بداخلها ترفض الاستسلام ثم قالت : انا كده هشتغل عشرين ساعه فى اليوم.
صدمت أشجان و قالت بخوف : كده تموتى يا بنتى .
اغمضت غنوة عيناها و قالت: و لو ما حققتش ذاتى هموت بردو ، أنا مش هضيع من كل النواحى .
أبتعلت غصه مؤلمه بحلقها و أردفت : كفايه إلى ضاع عليا غصب عني.
صمتت أشجان تتفهم مقصدها و بداخلها يزداد إصرارها على التوصل لعريس مناسب .
___________________
وقفت تنظر له ببهوت تسأل كيف لم يتعرف عليها و هى تعرفه ، رجفه من الحزن استحوذت على كامل جسدها و هى تتذكر أنه دوماً كان رافض رفض تام رؤيتها ، قاطع أى طريقه قد تصل بينهما ، أغرورقت عيناها بدموع القهر و هى تتذكر رفضه فتح الكاميرا بيوم كتب كتابهما .
تدعو و تبتهل بل تتوسل دموعها بألا تخونها و تنسدل الآن أمامه هو و رفقائه .
بنظره سريعه شملت عدد لا بأس به من الفتيات منهن الشقراء و الصهباء ، كلهن ذوات جمال غربى صارخ ، بجسد ممشوق بل نحيل جداً
عذرته ، فمن سيترك جسد عارضات الأزياء و ينظر لجسدها الممتلئ .
خرجت من شرودها مجفله على صوت أحدهم قد توقف عن كرسيه يلتف من حولها بلا حياء او تردد مصفرا بإعجاب : طول عمرى و أنا أسمع عن الزبده البلدى بس لأول مرة أشوفها .
صدح صوت نادين على الفور تردد : أبعد عنها يا رائف أحسن لك.
ألتفت تنظر إلى ضياء الذى مازال ينظر لها بإعجاب يكاد أن ينطق وحده و قالت له بتلاعب : قول لصاحبك يبعد عنها يا ضياء .
ردد ضياء و عيناه مسحوره بتقى : بس تعرفينى بيها الأول.
أبتسمت نادين بظفر ثم وقفت لجوار تقى مردده : دى جيجى ثابت ، صاحبتى.
أتسعت عينا تقى و قالت لها بخفوت : جيجى مين ؟
لكزتها نادين خفيه و قالت من بين أسنانها : ايوه انتى جيجى انتى إيش عرفك أنتى.
رمشت تقى بأهدابها ثم صمتت تاركه نادين تتحدث عنها.
ثم سحبتها لتجلس معهم على الطاوله وسط نظرات ضياء الثابته عليها لا يخفى عليها نظرات الفتيات من حوله و لا تلك التى تتكئ بذراعها على كتفه كأنها تعلن ملكيتها له تناظرها ما بين الحقد و الإستهزاء .
و ضياء يجلس سلطان زمانه يملئ مركزه لا يتحدث كثيرا فقط يشير او يرد بكلمات مقتضبه إن لزم الأمر و تلك الفتاه تتغنج عليه غنج مائع .
إلى أن قالت نادين : أطلب لك يا جيجى الكوفى بتاعك
ثم ألتفت لهم تقول : أصل جيجى لسه صاحيه من النوم ، إمبارح كان فى حفله تحفه و سهرنا و هى يا دوب صحيت دلوقتي.
أعتدل ضياء فى جلسته و عيناه مرتكزه على تقى بوقاحة مربكه ثم ردد : و هى جيجى مش بتتكلم عن نفسها ليه .. حتى نسمع صوتها
إبتسمت له نادين تدارى غيظها ثم قالت: دى برنسيس ، اتربت على كده ،حتى أهلها بيعاملوها كده ،عمرك شوفت برنسيس كلامها كتير ، أكيد لأ.
تحدثت تلك الفتاه الملتصقة بضياء مردده : يعنى ده معناه إنك الوصيفه بتاعتها ؟
ردت هنا تقى و قالت : لأ ، نادين ماى بيست فرند .
أبتسمت لها نادين و قالت : بالظبط كده ، انتى قولتى لى إسمك إيه ؟ حماره ؟
ضحك ضياء ثم انتبه بهيام و إعجاب على تقى التى إبتسمت للتو على مل تفعله نادين بينما ردت تلك الفتاه بغيظ: كلارا .. كلارا حبيبتى.
هزت نادين رأسها و قالت : اااااه .. كلارا.. ماعلش حبيبتى كنت نسيت.. بس براڤو عليكى بتعرفى مصرى كويس .
زادت كلارا من ضم ضياء لها ثم قالت بفخر : ضياء حبيبى علمنى مصرى ، اتعلمت منه كل حاجه.
لمحة حزن مرت بأعين تقى و غصة مريره أستقرت بحلقها لتقول نادين : و يا ترى بقا اتعلمتى أهم حاجة ، الرقص المصرى .
ضحك ضياء ساخراً ثم قال بيأس : نوووو.
رفعت نادين كتفيها و قالت بكيد واضح : لاا ، أنا هخلى جيجى تعلمك ، دى عليها رقص ما...
صمتت فجأة على صوت تقى : ايه الى بتقوليه ده ؟
ضياء : أخيرا سمعت صوتك.
بينما قال رائف : أنا مش مصدق ، أخيراً شوفت واحده بترقص .. لازم نشوف
وقفت تقى محتجه و غادرت على الفور و ضياء يتابعها بإعجاب واضح.
بعد دقائق وقفت على الناحيه الاخرى من السفينه يطيح الهواء بشعرها الطويل خلفها.
تقدم من خلفها يرمق كل جزء من جسدها بإعجاب ، كانت ممتلئة إمتلاء محبب بل يسيل له اللعاب .
شعرها أسود طويل و بشرتها لينه ، تتكئ بكفيها على سور السفينه رافعة رأسها للاعلى مغمضه عيناها كأنها تشعر بحريتها و إنطلاقها ، كان مظهر خلاب سرق قلبه دون إستئذان .
تقدم حتى توقف خلفها يقول : فعلا الجو هنا أحسن كتير .
ألتفت له مصدومه و قد زادت دقات قلبها و هى تراه بجوارها ، قد جاء هو إليها بقدميه يقول : عجبنى أوى موقفك و شخصيتك.
ضحك دون صوت ثم قال : مش شخصيتك بس عشان اكون صريح و ....
توقف عن الحديث على صوت نادين التى جاءت من خلفه تقول : ضياء حبيبى ، كلارا بتنادى عليك.
زم ضياء شفتيه و قال لها : سيبك منها.
هم لإستكمال حديثه لكن أحبطت نادين محاولته مردده : جيجى نو يا ضياء ، بلاش أحسن لك ، لأن جيجى مليكه خاصة .
أستغربت تقى ما فعلته نادين بينما ضياء يشعر بضيق شديد  قد تمكن منه لما سمع .
_______________
كانت غارقه فى نومها بتلك الغرفه التى أصبحت لها منذ حضرت لهنا ، أسيقظت و هى تشعر بقبلات أحدهم تسير على وجهها كله يغرقها بها .
فتحت عيناها بتشوش لتبصر ماجد هو من يميل عليها يقبلها مرددا : وحشتينى .. وحشتينى أوى يا حبيبتي.
أعتدلت مبتعده عنه تردد : أنت بتعمل ايه هنا.
ماجد : جيت لك عشان أصحيكى .. ده الوقت المناسب بس لاقيتك نايمه قولت أستغل الفرصه ، ما قدرتش بصراحه أنتى وحشانى أوى.
صرخا فيه بغضب : أنت بتقول ايه ، إياك تقرب منى تانى أنت فاهم ، و لا فاكر الى عملته ده هيعدى عادى.
اغمض ماجد عيناه يقول : حقك ، بس ممكن نأجل أى حاجة دلوقتي و تعالى معايا ، انا مرتب كل حاجه ، نص ساعه و هنبقى فى الطياره إلى هترجع بينا مصر .
+
ما أن قال ذلك حتى انتفضت من الفراش كى تذهب معه لكنه صرخ بها : انتى اتجننتى ،رايحه فين كده ،هاتى حاجه على جسمك .
هزت رأسها بجنون ، لقد نست من الفرحه ، جذبت سريعاً شئ تستر به نفسها ثم شبكت يدها بيده كى تهرب معه ......
بدأ يهبط الدرج و هو يسحبها خلفه بهدوء رغم علمه بخلو المكان حالياً لكنه كان محطاط لدرجه كبيره فى كل خطوه يخطوها فحياتها لم تكن الوحيدة المعرضه للخطر هنالك ما هو أهم من ذلك ، حياة فيروزته  ، و التى هى بإختصار حياته .
هى أهم من كل شيء ، نجح أخيراً بإجتياز الرواق المؤدى للباب الكبير ثم منه ألى الحديقه حيث توقفت سياره سوداء فارهه تبدو مستعدة للتحرك فى أى وقت .
بالفعل بعدما فتح باب السيارة لها و جلست أستدار سريعاً لجوارها أمراً السائق بالتحرك .
لكن توقفت أمام الباب الالكتروني الضخم ، ظلوا  لمدة نصف دقيقة و على ما يبدو انه ينتظر شخص ما و قد أتى بالفعل.
شهقت فيروز بصدمه ، إنه أحد حراس فلاديمير الأوفياء و كان دائم التواجد معه فى كل مكان منذ حضرت إلى هنا.
نظر لها ماجد و قد تكونت على إحدى زوايا فهمه إبتسامة متهكمه تحمل معنى واحد لا يحتاج للنطق كى تفطنه ( المال يتحدث) .
وضع ذلك الرجل كارت صغير فى الأله الموصله بالبوابة ففتحت على الفور .
مد ماجد يده من نافذة السيارة محمله برزمه من المال و أعطاها للرجل الذي ظل صامت و لم يرف له جفن .
إنطلقت السياره أخيراً مبتعده عن قصر فلاديمير الضخم .
ظل ماجد مترقب لكل شيء بعيد عن فيروز ، متأهب لكل حركه .
و بعد نصف ساعة من القياده و جدته يخرج تنهيده حاره مردداً : أووووف ... أخيراً خرجنا برا حدود سيطرته .
فهمت ما يقصده ، حديثه يعنى أنهما الان فى أمان و بعيد عن سلطة يده.
أتسعت عيناها بصدمه و هى تشعر به قد حاوط خصرها بيديه كل كف منهما فى ناحيه يميناً و يساراً ثم ضمها له يشتم رائحتها مردداً: وحشتينى.. وحشتينى أوى يا فيروزتى ، أخيراً بقيتى معايا و حضنى.
صكت أسنانها بعنف و غضب و هى تبعد كفيه عنها مردده : أبعد ايدك دى عنى ، إنت هتعملى فيها أخويا و لا ايه ؟
مرر أنفه على وجنتها و هو مازال محتضنها له بعدما أحبط محاولاتها فى إلابتعاد عنه قائلاً : و مين قال كده انتى عارفه و أنا عارف أننا مش أخوات و إنك حبيبتى ،حبيبتى إلى ما أقدرش استغنى عنها .
1
حديثه و قربه لم يؤثرا بها إيجاباً لصالحه بل سلباً تذكرت ما فعله بها و تلك اليد التي تحتضنها الان كانت تضربها من أيام فقط .
و ذلك اللسان الذى يقطر عسلا سبها و نعتها بأقذر أنواع الصفات يومها.
نجحت فى إبعاد يداه عنه و قالت : لو ما بعدتش عنى هفتح الباب و ارمى نفسى من العربيه مش هستنى حتى لما أرجع مصر .
أطبق جفناه بحزن كبير ، كان يعلم و متوقع رد فعلها هذه لما بات يعرفه عنها ، عن صفاتها و شخصيتها .

حبيبته ذات قلب أسود يناقض بشرتها القريبه من القشده ، لا تنسى ابدا من أساء إليها و من أحسن ، تمتلك ذاكره فولاذيه و تترك حقها ابداً ، قد تصمت و تنتظر إلى أن تأتى الفرصه لكن لا تنسى أو حتى تعفو .
بالفعل بدأت تتحدث و تسرد عليه كل ما أرتكبه بحقها بذاك اليوم المشؤوم تسأل : أنا بستعجب عليك بجد ، أنت ازاى قادر بنفس الأيد الى ضربتنى و كسرت البيت كله فوق دماغى تيجى بيها هى هى تلمسنى و تحضنى ، إزاى بنفس اللسان إلى شتمنى جاى تنطق تقول حبيبتى إزاى ، ده إيه البجاحه دى .
إبلتع رمقه بصعوبه و قال : أعذرينى يا حبيبتي و الله من غيرتى عليكى ، أنا بغير عليكى أوى ، بغير من الهوى ، بتجنن لو عرفت ان حد قرب منك ، أنتى بتاعتى أنا و بس.. أنا... أنا لما شوفت الحاجات دى اتجننت ، كنت زى المجنون مش شايف قدامى .
رمقته بإزدراء و قالت نافره : يبقى روح إتعالج بعيد عنى ، و لازم تبقى عارف انى لا دلوقتي و لا بعدين هعرف أنسى الى عملته أو حتى أسامح فيه و لو كنت طاوعتك و بتتكلم و أرد ف ده لأنك الأمل الوحيد ليا عشان أرجع مصر ، من الآخر كده بستغلك ، أصل أنا وصوليه و إستغلاليه أوى
كان يستمع لها بألم يتمنى فرصه جديده و أبتسم على نهاية حديثها فهو على علم بما كانت تفعله ، لكن تفاجئ بصراحتها ، فحبيبته و كما يعلمها هى ملكة اللف والدوران ، تجيد التلاعب و التلون .
لكنها تتحدث معه بما تشعر و فعلت مباشرة الآن مما جعله يبتسم و يغمض عيناه يعض على شفتيه منها و من جنونه بها ، لا يعلم كيف سيعشقها أكثر مما هو عليه.
أبتسم أكثر و هو يستمع لها تكمل متوعده : ماشى ، أضحك براحتك ، أوصل بلدى بس و بعدها قسماً بالله لأوريك نار جهنم على الأرض ، هخليك تتكوى بالنار كل دقيقه و لما أبقى أشبع و اتشفى فيك همشى .
2
فتح عيناه و إلتف برأسه يقول لها بحالميه : على بيتنا الجديد إلى هنتجوز فيه .
أحمر وجهها من الغضب ، إن كانت هى ملكة اللف والدوران فهو ملك الإستفزاز ، يجيده حقا ، هى بالأساس تستغربه .
و قالت : يا اخى يخربيت الإستفزاز ، تصدق... أنا ساعات بحتار فى أمرك ، أوقات تبقى عصبى و بتتخانق مع دبان وشك و أوقات تانيه بتبقى بارد و مستفز .
أعتدل فى جلسته و غافلها بضمه لها يقول: لأ هو أنا فى العادى و الطبيعي بارد و مستفز .
صمت و قد أقترب بأنفه يلصقه بأنفها  ثم تحدث بأنفاس ساخنه : مش بقلب كده و لا أتعصب غير من غيرتى عليكى ، لما تبقى الحاجه تخصك أنتى من قريب أو من بعيد .
لن تكابر ، لقد أرتبكت ، زلزلتها نبرة صوته و كلماته التى دغدغت كل حواسها و علت وتيرة أنفاسها .
ظلت تنظر لعيناه كما يفعل هو بعدما تاه فى عيناها التى يعشقها و يعشق لونهما الرمادى .
و لم يخرجه من حالته تلك سوى انتباهه على توقف السيارة ليدرك أنهم قد وصلوا للمكان الذى تنتظرهم فيه الطائره الخاصه التى قام بإستجارها بمبلغ ليس بهين كى توصلهما إلى مصر .
ترجل من السياره سريعاً و هو مازال على درجة عالية من الحيطة والحذر ، مد لها يده كى تترجل هى الأخرى من السياره ثم سحبها خلفها مجددا كى يصلا للطائره.
جلست و هو ظل على وضعه متأهب غير مطمئن.. إلى أن زفر بتعب و قد أقلعت الطائرة أخيراً.
وقتها تنهد بتعب يشعر بزوال صخره ضخمه من على صدره ، مد يده كى يقربها منه و يأخذها بأحضانه لكنها أبعدت يده بحده.
فقال و هو يمد يداه لها يستجديها : تعالى ،عايز أخضك فى حضنى و أنام .
نظرت له بغيظ و إزدراء و ولته ظهرها تنظر من النافذه على المدينه و هى تحلق عالياً.
زم شفتيه بيأس و تمطأ بكسل يأخذ راحته فى كرسيه أكثر يستمتع بمشاهدتها و هى أخيراً معه و أمامه عائده الى بيته كى تظل تحت عيناه و قريباً جداً فى أحضانه .
_____________________
_ صباح الخير
قالها يوسف بسماجه لهارون الذى توقف عن السير و أستدار له قائلا : صباح النور .
شمله بنظره سريعه و هو يراه قد بدل ثياب النوم لأخرى كأنه مستعد للخروج فسأله : شكلك خارج .
جاوبه يوسف على الفور : أيوه ، جاى معاك .
نظر له هارون بحاجب مرفوع و ردد: جاى معايا ؟ جاى معايا فين ؟
يوسف : المكان الى أنت رايحه .
هارون : يعني أصلا مش عارف أنا رايح فين بس لابس و هتيجى ! جاى فى أى حاجة يعنى ؟
هز يوسف رأسه إيجاباً و قال : أيوه ، ما انت أكيد رايح تشوف الحته بتاعتك .
3
نهره هارون بغضب: ايه حته دى ما تلم نفسك.
اشاح له يوسف بيده و قال ببرود : المداام يا عم ، الجماعه ، ها حلو كده ، خدنى بقا معاك عشان أشوف مين دى الى وقعت هارون الرشيد.
صك هارون أسنانه بغيظ ثم أشهر اصبع سبابته فى وجه يوسف يردد بتحذير شديد : و لاااا ، أوعى تقول قدامها هارون الرشيدي دى أنت سامع ؟
هلل يوسف مرددا: اوبااا .. أنت بقيت بتخاف زى كل المتجوزين ، الفاتحه على الرجاله .
رمش هارون بأهدابه من الحرج و حاول إستدعاء ثباته سريعاً ثم قال : ولا ، اتلم ، أخاف ايه وزفت إيه على دماغك ، كل الحكايه أن الأمور بايظه بنا خالص الفتره دى فمش ناقصه خالص .
هز يوسف رأسه بجديه و كأنه مقتنع يردد : عندك حق.
و مالبث أن انفجر ضاحكا يردد : ده انت مش خايف منها ، أنت مرعوب ..ههههههه.
اغتاظ هارون كثيراً و لكمه فى صدره مرددا : ده انت سخيف سخافه ، ربنا يبتليك  بالى أنا فيه و أكتر .
4
رفع يوسف رأسه بزهو يردد : لا عاشت و لا كانت و لا اتخلقت أصلاً ، ده انا يوسف محى إدريس ، مفكرنى زيك أنت و التانى إلى إسمه ماجد .. تعالى ورايا .
7
سار هارون خلفه حتى صعد كل منهما سيارة هارون الذى قال : عايز أقولك إن أنا و ماجد كنا بنقول زيك كده .
يوسف : أنا حاجة تانيه  ، شعارى فى الحياه امرأه واحده لا تكفي ، و بعدين سيبك من كل ده و تعالى لى هنا ، مش شايف أنك ظلمت ماجد و المفروض تصالحه .
أبتلع هارون رمقه بصعوبه فور تذكره ما فعله بماجد لكنه قال: ممكن اكون ظلمته فى انه هو السبب فى كل الى بيحصل لى بس أكيد ما ظلمتوش فى إنه حاول يوقعنى و يغرقنى فى السوق .
1
يوسف : و أنت كنت سمعته و لا عرفت أسبابه ؟
رد هارون بعصبيه : هو ما أنكرش و من بجاحته قال أه أنا عملت كده .
هز يوسف رأسه بعدم تصديق و قال: أنت يا ابنى مصدق نفسك و لا بتتلكك عشان تطلعه غلطان ، هو الشغل الى أخده منك كان يوقع بجد ؟ ما انا و انت ولاد سوق و عارفين ، خسرت اه بس مش كتير يعنى ، و هو أكيد عنده أسبابه و إلا كان لف و دار و أنكر .
سحب هارون نفس عميق يفكر بما يقوله يوسف و بدأ بتحريك السياره يخرج بها من البيت كله قاصداً هدفه الذى لم يكن سوى باخره فى منتصف النيل كما نظمت غنوة بالضبط.
جلست لمى و هى بداخلها تقر و تعترف ، تلك الفتاه ماهره جدا .
جلس هارون مقابلها يخلع عنه نظارته الشمسيه و هو هو مستمتع جدا بالأجواء  ، و كذلك يوسف الذى قال : فكرة هايله بصراحة ، شمس و مايه و مش أى ماية ، دى مية النيل .
زم هارون شفتيه و قال : فعلاً براڤو يا لمى فكره ممتازه .
أبتسمت لمى بشماته و قالت : و تفتكر إن دى فكرتى أو إختصاصى ، دى فكرة غنوة ، أصلها دردشت شويه مع كام واحد من الشركا الجداد و بنت اللذينا فهمت دماغهم فى وقت قصير ، حتى نظمت برنامج اليوم على هواهم .
حمحم يوسف بحرج ، يعلم حالة صديقه الآن دون الحاجة للنظر إليه ، بالتأكيد يغلى .
و هو كذلك بالضبط كان هارون يغلى دمه من الغضب و سأل : دردشت معاهم ؟ و هى فين دلوقتي ؟
زمت لمى شفتيها و قالت : مش عارفه.
صمت قليلا ثم قالت مدعيه الا مبالاة : ممكن تكون واقفه مع حد منهم ، أصلى مش قادره اقولك بقوا صحاب أد ايه  ، مش بقولك بنت هايله .
2
شحنته عليها بنجاح و قد تخطى مرحلة الغليان و فار دمه حتى أحمر وجهه و هم بالتحرك بهميجيه و إندفاع إلا أن يوسف حاول التشبث به كى يوقفه و يمنعه مرددا: أهدى يا وحش مش عايزين مشاكل ده إحنا فى عرض المايه.
حاول هارون التملص منه يردد من بين أسنانه: أوعى بقولك ، دى زودتها اوى.
وقفت لمى مردده : هارون ، لو سمحت أنا مش عايزه مشاكل هنا ، الشغل ده أنا بقالى كتير بخطط له و مش عندى أى أستعداد اخسره عشان أى حد خصوصاً يعنى لو الحد ده معاليك ، فلو سمحت تلتزم الهدوء لآخر اليوم ، طالما مش قادر تسيطر علي المدام كده .
3
قالت الأخيرة بسخرية لاذعه زادت غضبه و عصبيته و حاول التملص من يوسف بقوه أكبر .
فقال لها يوسف بغضب : إنتى إيه يا شيخه ، ايه يا شيخه ، إيه كلامك إلى ينطق الحجر ده ، عايزاه يرتكب جناية هنا و لا ايه ؟
2
تحدثت لمى سريعاً : عايزاه يا يفضل هنا بهدوء يا ممكن أى فلوكه صغيره تاخده للبر ، أنا مش عايزه مشاكل هنا خصوصاً أن أنا بصراحة مش عارفه هو إيه الى جايبه النهاردة لأ و كمان جايب معاه صاحبه على أساس أننا رايحين دريم بارك يعنى و لا إيه مش عارفه ، لو كنت نسيت الشغل و نسيت ضوابطه و إلتزماته يا هارون باشا يا ريت ترجع بيتك لحد ما تفتكره .
3
تركه يوسف و قال : تصدقى أنا مش هحوشه عنك ، و أنتى تستاهلى أصلاً .
ثم ترك هارون الذى تقدم منها قائلاً بحده و غلظه : أولا أنا هنا عشان على الورق شريكك أنتى و أبوكى فى أى مشروع تدخليه و لا أنتى ناسيه ؟ و أجى و اجيب أى حد يخصنى كمان .
اغتاظت لمى قليلا فزادت من حدة حديثها و قالت بعجرفه : كل ده ما يبررش تصرفاتك الغير مسؤوله دى و لا ركنتك فى البيت و جريك ورا الست هانم نسوك الشغل ؟
2
أقترب منها هارون و قال ببرود ينافى ما بداخله: أصلى بحبها و أه انا مش بتصرف دلوقتي ب ( بزنس وايز) عشان أنا مش زى أبوكى ، إلى بتتكلمى عنها دى مراتى يعنى شرفى و عرضى ف ماعلش يعنى لو لاقتينى مش عارف أكبر دماغى و أطنش عشان الشغل يمشى .
1
صرخت فيه بغضب عاصف : أنت زودتها أوى يا أبن الصواف .
تقدمت على صوتهم غنوة التى وثفت تكتف ذراعيها حول صدرها و قالت ببرود : تؤ تؤ تؤ ، ايه الصوت العالى ده بس يا جماعه فرجتوا علينا الناس .
لم يستطع يوسف التوقف و تقدم منها مصفراً يردد بإعجاب : يا حلاوة عيون البقر ، أنا نقطة ضعفى العيون الواسعه.
6
مد يده بإعجاب يردد : يوسف محى إدريس ، مين القمر.
سلمت عليه مردده: غنوة .
نفض يده من يدها على الفور كما لو كانت سلك كهربائي عارى و صعقه يقول : سلام قول من رب رحيم .
11
لم يكد ينتهى من جملته حتى حدث ما خشاه و شعر بهارون يقبض على عنقه من الخلف يردد : أنت شكلك مش خايف على عمرك مش كده ؟
إلتف له يوسف يقول بصعوبه : أقسم بالله ما كنت أعرف أنها هى و أنت عارفنى ما بقدرش أسكت ، أصل أنا أحب الجمال و أقدره أوى.
نظر له هارون بغضب ثم قال  : خلينى اعبر لك أنا كمان عن تقديرى .
ثم أختتم حديثه بلكمه قويه صرخ يوسف على أثرها .
تقدم هارون من سبب كل بلاويه و سحبها خلفه بينما يوسف يسرخ فيه : إيدك تقلت أوى على فكره ، تستاهل إلى أنت فيه .
صار بها رغماً عنها إلى أن وصل للناحية الأخرى من المركب و وقف امامها يصرخ فيها  : ايه ، و بعدين معاكى ، عايزه توصلى لحد فين ؟ عايزه تجننينى ، طيب أدينى أتجننت و خلاص ، و لا لأ لأ ، أنتى عايزه تموتينى عشان تاخدى قلب أبوكى مش كده .
نفضت يده عنها و قالت من بين أسنانها : انا و لا عايزه أجننك و لا عايزه أشوفك من اصله ، انا بعمل الى حضرتك سعيت ليه بنفسك يا هارون باشا ، مش ده إلى اتحدت مع لمى عشانه ، مش هو ده شغلى ، أشرب بقا .
كاد أن يلامس السماء بيديه من شدة غضبه و جنونه ، غنوة تعلمه الأدب بلا أى مجهود منها .
فهو بالفعل السبب بكل ما يجرى و هو من سعى إليه .
تواجدها اليوم تنفيذاً لما يتطلبه العمل بشركة لمى بعدما تلاعبوا فى رقم الشرط الجزائي المدون فى العقد بناء على إقتراح منه ليتلقى هو الصفعه على وجهه بدلا من وجهها هى.
هو من أوصل نفسه لهنا .
نظرت له بضيق شديد و شعور بالإغماء و الدوار يلف رأسها و معدتها منذ أن صعدت على سطح المركب ة هى تقاومه .
حاولت الظهور بمظهر الثبات و القوه تقاوم رغبتها الملحة بالقئ ثم قالت : شكلك كده بيقول أنك كنت صاحب إقتراح المليون دولار مش كده ؟
صمت و لم يجيب لكن على ملامحه إجابة وافيه .
عم الصمت للحظات قبلما يصرخ فيها و هو رافض الإقرار بخطأه : و هو مين السبب فى كل ده ، مش أنتى ، مش كان زمانا دلوقتي بنلف الدنيا كلها فى شهر العسل ، أنتى إلى مصممه على وجع القلب ، لأ و كمان الاقي الوليه الحيزبونه الى عايشة معاكى عايزه تجوزك ، تجوزك و انتى مراتى.
كتفت ذراعيها حول صدرها تحاول مجددا السيطره على الدوار الذى تشعر به ، تتحدث بقدر من الثبات : أمال انت مفكرنى هفضل طول عمرى كده ، ما أنا زيى زى أى بنت ، مسيرى للجواز .
تقدم منها أكثر و قال بفحيح من بين أسنانه: أنتى عارفه إنك لو عملتى كده بجد أنا ممكن أسجنك بالعقد إلى معايا .
هتفت بحده: ده عقد عرفى يعنى مش شرعى.
إبتسم لها بخبث و أردف: بس قانونى ، و إلى عليه إمضتك بخبير بصمات سهل أوى نثبت كده ، كل ده و انتى مسجونة على ذمة القضيه ، و أنا نفسى طويل أوى خلى بالك.
شحب وجهها و هى تتخيل الحفره التى حفرتها هى لنفسها و مع التفكير لم تستطع السيطرة على الدوار الذى يداهمها كل كم دقيقه لكن هذه المرة لم تستطع السيطرة عليه و التفت سريعاً تستند لحافة المركب و تميل عليه كى تلبى نداء معدتها بالتقئ .
أقترب منها سريعاً بلهفه يضمها له و هو يخرج منديل ورقى من جيبه ينظف لها فمها و هى تحاول الإبتعاد عنه بسبب رائحة القئ التى بالتأكيد أصبحت ملاصقة لها .
و رددت بتعب واضح : أبعد عنى ريحتى كلها ترجيع .
هز رأسها منها و مما تظنه ، لو تعلم كيف يذوب بها عشقاً و يتقبلها على كل الحالات لما قالت ما قالت.
زاد من ضمها له يلصقها به و بدأ بهدوء و عنايه يمسح لها فمها ثم قال: أجيب لك مايه ؟
هزت رأسها نفياً و هو الآخر رأسه من عنادها الواضح ثم قال : أسندى عليا و تعالى ريحى جوا
بالفعل أتأكت عليه ، لم يكن لديها الجهد الكافى كى تجادله و سارت معه لأحد الغرف الصغيره و ساعدها فى التمدد عليها .
مال عليها يتحسس جبينها و قال: حرارتك كويسه شويه ، انتى حاسه بأيه.
جاوبته بتشوش و هى تجاهد لفتح عيناها : حاسه ب .. بدوخه و.. و مش عارفه أصلب طولى و.. رجلى .. رجلى مش شيلانى .. و عايزه أرجع تانى .
بعد قليل
وقفت لمى و هى تصرخ عالياً بغضب لكن بأصوات غير واضحه لهارون الذى أتخذ فلوكه صغيره فى الماء له و لغنوة ينفصل بها عن المركب عائداً للبر .
11
_____________________
وقفت و هى لا تفقه شيئاً تنظر لصديقتها فى المرأة التي خلفها و قالت : ممكن أفهم قولتى و عملتى كده ليه ؟ مين جيجى دى أصلاً ؟
وقفت نادين عن الفراش بهدوء تردد: تؤ تؤ ، هو انتى رجعتى تنسى تانى يا جيجى يا حبيبتي ، جيجى هى أنتى و انتى هى جيجى.
التفت تقى و صرخت فى وجهها مردده : إنتى عايزه تجننينى ، انا أسمى تقى كاظم الصواف.
هزت لها نادين رأسها بيرود و قالت : لأ غلطانه ، انتى جيجى حتى شوفى.
سارعت بإخراج بطاقه شخصيه تحمل ذات الإسم مع صورة تقى .
ذهلت تقى مما ترى و قالت : إمتى و إزاى ؟
نادين: من بدرى ، جدك و خالك خالفين لا يربوا الوريث .
1
هنا و إلى حد ما قد فهمت ما يجرى ، لكن ما لبست أن سألت : طب و ليه قولتى أنى ملكيه خاصه ؟ كده ممكن يبعد .
أبتسمت نادين ترفع إحدى حاجبيها بمكر ثم سألت بخبث : أفهم من كده يا توتو عايزاه يقرب ؟
ردت تقى على الفور و قالت: طبعا عايزاه يقرب و ألففه السبع لفات و بعدها بقا أبقى أقوله أمك فى العش و لا طارت .
2
ضحكت نادين عليها و قالت : بقيتى شريره اوى يا توتو .
شردت تقى فى الفراغ تقول : أصلك أنتى مش عارفه ، ضياء ده عقدة حياتى إلى كانت بتزيد يوم عن يوم ، عايزه انا الى أرفضه يا نادين يمكن ساعتها ترجعلى ثقتى بنفس .
2
تنهدت نادين و قالت:  أنا عارفه ، و رغم أن إلى أنتى بتقوليه عكس إتفاقى مع جدك و خالك بس أنا هحاول أوصل معاكى ليه و ساعتها بقى نبقى نشوف نحن عليه و لا لأ.
صرخت فيها تقى: لأ ، مش هنحن على حد ده ما يستحقش غير الكره
نادين: بلاش نسبق الأحداث .. ده ربك بيهدى فى غمضة عين.
زفرت تقى بلا إقتناع ثم سألت : بردو ما قولتيش ليه قولتى له انى ملكيه خاصه .
ضحكت نادين بثقه و قالت : دى قاعده مشهوره فى علم النفس ،عايزه تزيدى من تعلق حد بيكى حسسيه أنك لحد تانى و ما ينفعش كده من أولها يفكر فيكى اصلا ، العكس هو إلى بيحصل و بيبقى كأن الكون فضى من حواليه و هى دى بقا و مش شايف غيرها ، و أنتى بنفسك شوفتى.. ضياء حواليه كتير و عرف بنات بعدد شعر راسه .
أكملت تقى : و لسه هيعرف.
قاطعتها نادين بثقه: مش هيحصل ، بعد الكلمه إلى أنا قولتها له دى مش هيحصل و هتشوفى ، أنتى قبل الجمله دى كنتى مجرد بنت معجب بيها بس فى زيها كتير ، لكن بعد الجمله دى بقيتى لا قبلك و لا بعدك و هتشوفى دلوقتي... انتى خلصتى لبس ؟
نظرت تقى لنفسها فى المرأه و قالت : لسه. . مش عارفه ألبس إيه.
فكرت نادين قليلاً ثم قالت : الفستان الأسود ، هيبقى تحفه عليكى يا زبادو .. حمار و بياض .
ضحكت هى و تقى التى قالت : وأسيب شعرى عشان أجلطه .
غمزت لها نادين و قالت : بقيتى خبيثه ، تربيتى .. بس لأ شافك الصبح بيه ، بالليل ترفعيه عشان تبينى رقبتك البيضا الطويله حتى هيبقى لايق أكتر من رقبة الفستان.
استمعت تقى لكل ما تقوله صديقتها و نفذته و التى ما أن انتهت حتى أصدرت نادين صافره عاليه تقول : ده انتى هتجلطيه لأ.. ده هيجيله شلل رباعي .. يالا بينا .
ضحكت تقى و خرجت مع صديقتها و وصلا للقاعه التى سيسهر بها الجميع .
كان ضياء يجلس وسط اصدقائه على يساره كلارا و على يمينه رائف و بجوارهما شابين و عدد لا بأس به من الفتيات الحسنوات .
كان ضياء كأسد الغابه بينهم يجلس فى شموخ يضحك فقط و لا يتكلم كثيرا يستمتمع بمشروبه فقط
وقفت من بعيد تنظر له بتمعن لو لم يكن ضياء ، لو كانت الظروف غير الظروف لتمنته حبيباً و زوجاً ، لكن هو السبب فى كل ما تحمله له بقلبها الآن.
لاحظ توقف عيناه عليها و كيف تحولت نظراته ينزل الكأس من يده رويداً رويداً من شدة انتباهه لها هى فقط .
فحولت عيناها سريعاً تنظر فى أى مكان عداه كأنها غير مهتمه و لا تراه .
بينما إلتف بقية الجلوس ينظرون لما يخطف تركيز ضياء فأحتقن وجه كلارا من الغضب و كذلك ضياء الذى شعر بصديقه يقف سريعاً و ذهب إليها يستقبلها و هى تبتسم له متجاوبه .
وقف على الفور و جذب نادين من يدها بحده حتى وقفا فى مكان بعيد نسبيا.
تألمت نادين من ضغط يده على معصمها تقول و هى تفركه : فى إيه يا ضياء أيدى.
لم يأبه لا ألمها و لا لما تقوله و قال من بين أسنانه : أنا عايز اعرف دلوقتي إيه معنى الكلام الى قولتيه الصبح.
جعدت ما بين حاجبيها و سألت بجهل شديد: كلام ؟ كلام إيه ؟
صرخ فيها بضيق و نفاذ صبر : نادييين ، مش قولتى الصبح إن جيجى مليكه خاصة ؟ يعنى ايه ؟ و خاصه بمين ؟
ضحكت نادين و قالت مستخفه : يااا يا ضياء ، أنت لسه فاكر يا أخى ، أنت بتدقق فى حاجات غريبه أوى ، ما تاخدش فى بالك و تعالى.. تعالى نكمل السهره كلارا بتبص عليك .
هتف بحده : سيبك منها و ردى عليا زى ما بكلمك ، جيجى مليكه خاصة ازاى و بمين .
أبتسمت بخبث و قالت : أصلها يا سيدى مكتوب كتابها .
شحب وجهه لدقيقه ثم سأل : كتب كتاب بس ؟
تنهدت نادين و قالت : و هى هتفرق فى ايه ؟
التمعت عيناه بفرحه و قال بتصميم بينما عيناه مرتكزه على تلك القشدة التى ترتدى فستان أسود يردد : لا تفرق .. تفرق كتير اوى.
5
____________________
توقف يوسف بسيارته امام الباب الداخلى لبيته ، و هو مشتاق كثيرا لوالده و أخواته يسب و يلعن هارون الذى أختفى فجأة و أضطره للعوده لبيت والده فى وقت متأخر كهذا ، بالتأكيد الكل نيام آلان .
ترجل من سيارته و ينتوى اخذ حمام منعش ثم النوم بعمق و فى الصباح يصنع لهم مفاجأته .
بينما بالغرفه التى سكنتها زينب و هى تستعد للنوم فتحت نور الباب و قالت : زوزو تعالى ، تعالى معايا الاوضه بسرعه.
تثائبت زينب بتعب و قالت : انا مش قادره اتحرك بنام على نفسى ، بكره بكره.
تقدمت نور بسرعه و جذبتها من ذراعها مردده : الموضوع لا يحتمل ، بقولك هكرت صفحتها خلاص ، تعالى معايا شوفى الفصايح قبل ما تكتشف هى و تغير الباسو و أطلع.
ذهبت معها زينب سريعاً لترى ماذا تقصد و قد تمكن منها هى الأخرى الفضول .
بعد دقائق
دلف للبيت بمفتاحه القديم ليجده غارق في الظلام فتأكد من نوم الجميع الآن لذا قصد غرفته بصمت حتى الصباح.
أنتهى من صعود السلم و أجتاز الرواق متجهاً ناحية غرفته القديمه .
فتح الباب و الكهرباء ليبتسم و هو يراها نظيفه و مرتبه كما كانت تخبره نور دوماً أنها مهتمه بها و هو لم يكن مصدق ... يبدو أنها كانت صادقه.
وضع حقيبته جانباً و ذهب سريعاً لأخذ الحمام المنعش الذى وعد نفسه به .
و بعد دقائق عادت زينب للغرفه من جديد لتستغرب من إشتعال الضوء و تسأل بجنون : هو انا مش طفيته و أنا خارجه ، سلام قول من رب رحيم ، البيت ده مسكون و لا ايه.
تقدمت من الفراش المرتب سريعاً تبعد الغطاء الخفيف كى تتدثر به مردده : لأ أنتى نسيتى يا زينب ، أو ممكن من التعب ، النهاردة بردو كان يوم صعب كفايه مشوار المطار لوحده ، أنا أنام و أكيد الصبح هبقى كويسه .
افترشت السرير سريعاً و لم تمر دقيقتان إلا و غرقت فى النوم من شدة الإنهاك .
خرج بوقتها يوسف من المرحاض عارى الصدر يلف جزعه السفلى بفوطه بيضاء حول خصره يجفف شعره
توقف بزهول و هو يجد فتاه جميله أصبحت بقدرة قادر فوق فراشه .
تهلل وجهه و قال : الله نسوان ، يكونش أبويا عرف انى جيت و حب يوجب معايا ؟
12
تقدم منها و هو يسأل ضاحكاً : انتى مين يا حلوه ؟ هى السما فى مصر بقت بتمطر نسوان و أنا غايب و لا ايه ؟
تقدم أكثر ليزيح شعراتها البندقية التي كانت تخفيها عنه ، ليبصر ذلك الوجه الملائكى و يردد بذهول و دقات خفيفه : لأ دى مش نسوان ، دى بنوته حلوه اوي ، مين دى ؟
مد يده يهزها برفق: أنتى يا ... أسمك إيه طيب ، أكيد قمر ، او جميله ، و لا لأ ملاك أكيد ملاك.
استيقظت زينب بوقتها لتبصر بصدمه رجل ضخم الجثه بل و عارى فى نفس الوقت يميل عليها بجزعه و يلمسها أيضاً ، لم تستطع إبداء أى رد فعل سوى الصراخ عاليا بأقصى طبقة صوت قد تصل إليها فى يوم .
فى نفس التوقيت هبطتت الطائره الخاصه التى تحمل على متنها ماجد و حبيبته ، و أخيراً إستطاع كل منهما سحب أنفاسه براحه .
تقدم ماجد منها يقول بفرحه شديده: اخيرا يا حبيبتي وصلنا مصر ، حمد لله على السلامه.
لكن جاءه الجواب من غرفة جانبيه فتح بابها الآن فقط .
شهق كل من ماجد و فيروز على صوت و جسد فلاديمير الذى يجلس يضع قدم فوق الأخرى و جاوب : الله يسلمك حبيبى ، أكيد كنتوا عاملينها لى مفاجأة و ماحبتوش تقولو لى مش كده .
6
لم يستطع ماجد و لا حتى فيروز الرد من الصدمه و هو ينظر لهما بغرور و ثبات .
و على طريق الساحل كان هارون يقود سيارته برواق شديد و بين لحظه و أخرى ينظر لغنوة الغافيه تماماً على المقعد المجاور له و بداخله ينتوى الكثير .
وقف يسد عنها طريق المرور للداخل ، لن يتركها ترحل إلا بعدما يعرف كل ما يريد ، شعور بوهيمى تملكه حينما قالت نادين ما قالت و تركته راحله يتلظى بنيران فكره.
لكنه الآن لن يتركها تبرح مكانها إلا بعدما ترضى فضوله بإجابه و معلومات وافيه و البعيده ك (الجبله) بالضبط ، تنظر له بلا مبالاة غير مبالية او مراعيه لحالته.
و هى كانت كذلك بالفعل لكن لنزد على كل ما سبق أنها أيضاً متشفيه فيه ، فهى و منذ سنوات كانت شاهده على كل ما سببه لتقى من أذى نفسى كبير جداً قد لا تحصوه الكلمات .
صك أسنانه و الغضب يتمكن منه كلما زاد صمتها و برودها ألا متناهى و هتف بحده : ما تردى عليا أنا من الصبح عمال اسأل نفس السؤال و أنتى مش بتردى .
كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت ببرود أكبر : هدى نفسك شويه ، أنت مش شايف إنك أوڤر زياده عن اللزوم.
تقوست شفتاه بازدراء و قال : أو يمكن انتى إلى بارده.
ببرود مقيت هزت رأسها نفياً و قالت : تؤ ، بالعكس .. أنا بتعامل طبيعي ، أنت الى مش طبيعي يا برو ، واحده و لا تعرفها أو تعرفك ، حد معرفه معدى من جنبك ، يفرق لك ايه إن كانت مرتبطه أو لأ ، مش تعقل الكلام قبل ما تتكلمه !
زاد غيظه منها ، خصوصاً و أن كلامها كله منطقى جدا و هو لا يسعه الرد عليها .
و مع صمته العاجز لوحت له بيدها و قالت : سورى ضياء مضطره أسيبك و أمشى القاعده هناك احلوت أوى ، خليك أنت هنا عد النجوم و لو خلصت حصلنى .
استادرت مولية ظهرها له و قد فشلت في كتم شماتتها فيه يراها واضحه في عيناها 
فهتف عالياً يردد بغيظ : أستنى عندك .
إلتفت له مستغربه فسأل بشك كبير : أنتى مالك كده عامله زي ما تكونى شمتانة فيا.
جعدت ما بين حاجبيها و ادعت الإندهاش مردده : أنا ؟! و أنا هشمت فيك ليه ؟ أنت يا دوب بتسأل عن صاحبتى هو أنت كنت واقع فى غرامها و لا حاجة ؟! مش هو سؤال بس بردو يا ضياء و لا إيه ؟
تملكه الارتباك لثوانِ ثم رد بقوه واهيه : لأ طبعا ، ايه الى بتقوليه ده ، ده أنا لسه شايفها الصبح .
هزت رأسها و قالت بإستغراب: ما هو ده بصراحه إلى أنا مستغرباه ، سؤالك الكتير عنها غريب شويه
حمحم بإستدراك يردد : أحمم .. لأ أنا بس عشان...
قاطعته تكمل بدلاً عنه : عشان منعتك تقرب لها و قولت لك أنها ملكية خاصه مش كده !
صمت بإرتباك يوضح أن الإجابة نعم فابتسمت بظفر و أكملت : بس هى فعلا ملكية خاصه و أنا متوصية عليها جامد ، تقدر تقول كده أنى الحارس الشخصي بتاعها ... عنئذنك بقا الأكل وصل .
غادرت و تركته و هو مستاء جدا من نفسه ، كيف ترك روحه و لم يتحكم فى تصرفاته إلى أن خرجت تصرفاته مثيره للإنتباه و أوصلته لأن يقف و يستمع من أحدهم حديث كهذا ؟!

من جيجى هذه و ما مدى جمالها حتى ، هى جميله و هو يعلم بل مذهله و لكن عادى .. يوجد منها الكثيرات ، يجب أن يتماسك ، لن يهتز عرش الأسد أبداً .
لذا اتخذ قراره بكل قوة و حسم و صار ناحية الطاولة واثق الخطى يمشى ملكاً و بنفس يردد أن لا جيجى و لا عشرة مثلها قد يهتز لها ضياء شداد .
بالفعل نفذ بمنتهى الحسم ، و تعمد تجنبها بل و تجنب النظر لها حتى، من تظن نفسها هذه ؟
فجلس لجوار كلارا المنتشيه و هى تشعر بعودة ضياء القديم ، ضياء المهتم و لا يلتفت لأى فتاه هن من يلتفتن عليه .
تقترب له و هى تهمس فى أذنه بغنج تحتك به بتحرش واضح و هو يبتسم يصغى لها ، يتفاعل معها و مع الحضور ... إلا جيجى أو ( تقى) .
أما تقى فكانت تجلس و هى تلعب فى صحنها بشرود تتعمق فى التفكير دون النظر لائ أحد .
لما تغيرت نظراته و ولى أهتمامه عنها بعدما فعل صباحا؟!
أقتربت منها نادين هامسه بصوت بالكاد وصل لأذن تقى تردد : من أظهر تجاهلك عن عمد ، أعلم إنك تلمع فى ذهنه كالبرق ..
أنهت حديثها بغمزة خبيثة شريره جدا أرتفع على أثرها ضحكة تقى العالية و التى أرغمت ملك الغابة ذاك على الإنتباه لها دون إرداته .
تلتف رقبته بحده و كانت على وشك الإعوجاج و هو ينظر لرائف الذى قال و عينه تقطر قلوب : ضحكتك حلوه اوي يا جيجي ، تجنن ، زى ما كل حاجه فيكى تجنن .
أبتسمت له تقى بنعومه و قالت : شكراً جدا ، أنت كمان زوق أوى ، و شيك كمان .
و بابتسامة خبيثة سألت : أنت قولت لى إسمك إيه ؟
أتسعت إبتسامته و حاول الرد بقدر عال من الجاذبيه : رائف ، رائف شكرى الرومى .. أكيد تسمعى عنها .
جعدت ما بين حاجبيها مفكره ثم سألت: أستنى .. أنا سمعت الإسم ده قبل كده أنا متأكده .
كذلك أسترعى الإسم تركيز نادين التى حاولت التذكر معها و قالت بشك : كان معانا واحد في المدرسة بنفس الأسم أو العيله.
ثوانى و صرخت عاليا و هى تصيح كأنها أكتشفت سر عظيم : أاااه .. رامى الرومى .. كان معانا فى ثانوى .. مش الولد ده إلى كان بيحبك يا ت.. يا جيجى .
أتسعت عينا تقى محذره .. الغبيه كانت ستخطئ فى إسمها و تقول إسمها الحقيقي.
بينما هناك على رأس الطاولة شخص .. كائن حى تخرج الأدخنه من رأسه من كثرة ما هو مشتعل و يتصنع العكس ، يكظم غيظه خصوصاً و هو يستمع لحديثها اللين بطريقة مبالغ بها جدا من وجهة نظره و تصل لحد الميوعه تسأله عن إسمه و الاخر يجيب.
لكن إلى هنا و لم يتسطع التصنع بالا شئ أكثر ، من هذا المعجب بها و كانا بأى مرحلة ؟
رفع رأسه ينظر لهم و هم يتحدثون ، منشغلين عنه.. تقريباً نسوه.
و رائف يقول بإندهاش : غريبه .. ده إبن عمى .
فقالت تقى : بجد ؟ ده كان معانا فى ثانوى .
أغمض ضياء عيناه بنفاذ صبر ليفتحها على مصرعيها و هو يستمع تلك الحرباء تقول : مش معقول هو قريبك ؟ ده رهيب .. طب أنت عارف أنه كان مانع أى حد يقرب من جيجى ؟ و دايما يقول انه هو و هى مرتبطين.
و مع حديثها هذا ركز ضياء بعيناه على جيجى بنظره حارقه .
لكنه كان بالقوى الكافيه كى يستمر فى المحافظة على صمته و ثباته .
يستمع لرائف الذى قال : و انتو كنتوا كده فعلاً ؟
أبتسمت جيجى ساخره و قالت: أنا و لا كنت أعرف عنه غير إسمه بس ، مش عارفه ليه كان بيقول و يعمل كده ..هو فين دلوقتي و عامل إيه؟
تشنج فك ذلك الذى يترأس الطاولة بينما سألت نادين هى الأخرى: ايوه صحيح ده أختفى مره واحده و ما نعرفش عنه حاجه.
إلتف رائف يوجه حديثه لتقى يسأل : و أنتى مهتمه ليه كده ؟
زاد ضياء من الضغط على كأسه لو لم تكن بالمتانه الكافيه لتهشمت ، و كلارا تلاحظ ما يفعل .
حاولت تغيير الأجواء فاقتربت منه قائلة : الميوزك الى بتحبها شغاله ، إيه رأيك نقوم نرقص .
لم ينظر لها ، إكتفى بهز رأسه رافضاً ينظر لسطح الطاوله و كأن عقله يراوده بأن يقلبها على رؤسهم جميعاً خصوصاً تلك الظريفه ذات الصوت الناعم و الجسد الممتلئ الذى يثيره حتى و هو مختفى خلف الطاولة الضخمه .
و ظل على وضعه يستمع لهم و هم يتجاذبون أطراف الحديث إلى أن بادر واقفاً يعلن عن انتهاء وقتهم معه و أنه مل و سيغادر .
انتبه له رائف قائلاً : وقفت ليه ؟ دى السهره لسه فى أولها .
بكل الفخامة إلتى توجد فى العالم جمع أغراضه من على الطاولة و قال: مليت من الجو هنا ، هكمل سهرتى فى مكان تانى .
أنهى حديثه بغمزه متعمدة و هو يشبك يده بيد كلارا التى وقفت بأنف شامخ تطلع لهن بكبر و زهو .
يحاول التغاضى عن الغضب الثائر داخله ، فهى تنظر له عادى .
لم تحاول حتى تجنبه، لو تجنبته كما فعل لأطمئن أنه يمثل لها شئ ما لكنه لم يفعل.
من يثق فى نفسه لا يغار و لا يحقد ، لا يتعمد تجاهل أحد و لا حتى يتعمد إهانته .
لو أمتنعت عن التعامل مع شخص ما فهذا أكبر دليل على شعورك بالنقص لجواره ، لكن طالما أنك تتعامل و لا يوجد لديك أى موانع هذا يعني أنك لا تغير منه و لا تحقد و لو أمتنع هو فهو من يفعل و ليس أنت.
1
و هذا ما تأكد منه ضياء أثناء مغادرته المكان.. كانت تنظر له بلا مبالاة حقيقة.
جلس فى أحدى القاعات بالطابق السابع من السفينه و أمامه كلارا ترقص على الأنغام الصاخبه بالمكان و أصوات هتاف الناس متداخله معها و هم يرقصون ... لكن هو بمكان أخر و تلك الأصوات العالية لم تمنعه من التفكير العميق .
و سؤال ملح يتردد داخله ، ماذا تفعل الآن و ماذا حدث بعدما رحل .
لكنه تمالك نفسه و لجمها بقوه ، لن ينهار عرشه أمام فتاة مجهولة الهوية بالنسبة له و لم يراها منذ كثير .
أنتبه على يد كلارا التى تجذبة كى يقف و يذهب للرقص معها  فوقف معها متجاوب ، ربما سيفيده الرقص كثيرا فى هذه الحالة .
صباح اليوم التالى .
صعد لسطح السفينه ، لم ينم ليلته و لا يريد مواجهة نفسه عن سبب جفاء النوم له .. فترك كلارا و خرج ليشتم الهواء المنعش و يشاهد الشروق .
و ما أن صعد و تمشى قليلا حتى توقفت قدماه ، اوقفة منظر رائع كأنه لوحه مرسومة على يد فنان بارع من زمن بعيد .
فقد وقفت تقى أو (جيجى) و هى ترتدى فستان أبيض يتجسد على جسدها و يفصله بطريقه موجعه تضع على كتفيها شال من الصوف المشغول تتشح به عن نسمات الصباح البارده و كما شاهدها أول يوم كانت تستند بذراعيها على حافة المركب و ترفع رأسها لأعلى كى يداعبها الهواء و تشعر ببعض الحريه.. يطير شعرها الطويل خلفها بطريقه خلابه.
مظهرها المنعكس عليه أشعة الشمس خطف قلبه و أوقف تفكيره لكن ابدا لم يوقف خطواته التى بدأت تقترب منها و كأنه قد فقد سلطانه على جسده ، هو يسير إليها و كأنه مجذوب .
توقف بالقرب منها يراها و يشترب ملامحها التى كانت على بعض إنشات معدوده منه .
يمرر عيناه على شفتيها ، خديها ، وصولاً لعيناها المغمضة يبتسم دون إرادة منه ، معجب جدا بشعرها المذهل .
يبدو أن عطره قد سبق صوته ففتحت عيناها بتوجس تنظر له ببعض من الضيق و الإستغراب .
حمحم بإستدراك ثم قال: صباح الخير.
نظرت فى كل مكان ، تبغض النظر له ، وجودها وحدها معه يذكرها بأيام من طفولتها و مراقتها تحاول نسيانها .
استغرب فعلتها فقال من جديد بطولة بال لم يكن يعلم أنه قد يمتلكها يوماً : بقول صباح الخير ، إيه مش تردى عليا.
نظرت له و قالت بإقتضاب و وجه متجهم : صباح النور.
ثم استعدت كى تذهب ، أوقف خطواتها و قد ناقض العهد الذى اتخذه فى الليل و سأل و هو يقبض على ذراعها ببعض الحده لفعلتها التى لم يسبق و أن تعرض لها مع إحداهن : رايحه فين ؟ مش كنتى واقفه و لا إذا حضرت الشياطين .
بقوة كافية استطاعت القبض على كفه التى تقبض عليها و أزاحتها عن ذراعها و هى تكمل ببرود و ثبات : ذهبت الملائكة .
أتسعت عيناه بصدم ، أعطتها له فى منتصف الجبهة ، ود سبها بكل أنواع السباب التى يعلمها و هى تسير بلا مبالاة مغادرة على فعلتها الأكثر من وقحه لكنه لم يستطع ، لسبب ما لم يستطع.
وقف يكور يده من الغضب و هو يقرر العودة مره اخرى لتجاهله لها ، لقد تمادت كثيراً ، بالتأكيد تريد لفت نظره بأفعالها ، يعرف تلك التصرفات جيداً ، أكثر من فتاة تعمدتها معه ، إذا سيريها .
لا يعلم أنها تجلس على الجهة الأخرى من المركب ، تتذكر لمحات من أيام صباها و وهى شارده تنظر للمياه..
عودة بالزمن قليلا.
على حمام السباحة الكبير بقصر عائلة شداد كانت تجلس و هى تقرأ إحدى رواياتها الحالمة ، تغوص معها فى عالم جميل ينسج لها بعض من الخيال مما تتمنى أن تعيشه مع بطل حكايتها المستقبلى .
شعرت بالكرة تقترب منها من حيث لا تدرى حتى توقفت عندها ، نظرت لها مبتسمه ، إنها كرة ضياء الجديدة جلبها له خالها عاصم من سفرته الأخيرة و قد سمعت أن أحد أساطير الكره فى أسبانيا قد وقع عليها بنفسه و كانت تريد رؤية توقيعه و ملامسة تلك الكرة كثيرا لكن لم ترغب فى طلبها من ضياء فهو بلا زوق او أدب ، و قد تربى على الدلع الزائد ، قليل الزوق إلى درجة كبيره و عصبى.
1
لذا فهذه هي فرصتها ، عضت على شفتها بضحكة شريرة و تمطأت بجسدها قليلاً حتى إستطاعت جلب الكرة و تناولتها بين يديها تديرها يميناً و يساراً بفرحه شديده تحاول قراءة ما دون عليها فعلياً بحروف أجنبية لكن الكلمات لم تكن إنجليزية لذا ظلت تقرأها لفترة ولم تستطع.
لتنتفض فجأة على صوت ضياء و هو يصرخ عالياً : عم عوض ، يا عم عوض ، كل ده بتدور عليها ، أتفضل لاقيها لى حالاً .
توقف خلفها بصوته و هو يقول: أوووف .. هو أنتى.
تقدم منها و أنتشلها من بين يديها فأنتفضت واقفه بفزع لتتفاجئ بوجود أحد أصدقائه القدامى يقف بجواره و هو يضحك عليها ساخراً ، تزداد ضحكته السمجه مع زيادة توبيخ ضياء لها خصوصاً حين قال : أنتى يا مقرفة إنتى إزاى تمسكى حاجه بتاعتى .
تجمعت الدموع في عينيها و قالت : أنا مش مقرفه و ما عملتش فيها حاجه أنا كنت عايزه أشوفها بس .
صرخ فيها عاليا و قال : لا مقرفه روحى شوفى شكلك فى المرايه ، شوفى شعرك المعفن و لا جسمك المفشول يا تخينه يا عجلة .
5
زاد فى بكائها من كلماته خصوصاً مع إرتفاع ضحكات رفيقه و صرخت فيه : أنا مش تخينة و مش عجلة و أحترم نفسك بدل ما أقول لجدى .
اقترب منها بغضب و تطاولت يده عليها فبدأ بضربها بكفه على أكتافها و خصرها بعشوائية يردد : لأ تخينه و شكلك يقرف .. ده انا بتقرق أكل معاكى على نفس السفره .. إنتى بتهددينى يا بت انتى.. مش كفاية سايبك عايشه فى بيتى ، أنا إلى هقول لجدى يمشيكى من هنا ، جتك الأرف عيلة باردة .
2
كانت تتلقى ضرباته و هى تبكى بصمت ، لم يكن لديها جرئة أو كما يقال ( لم يكن لديها عين) لترد له ما يقول ، هى بالأساس كانت فتاة خجوله و لم تكن يوما سليطة اللسان ، والدها هو من رماها هنا مع أمها التى لم تستجب لها يوماً فى العيش بشقة وحدهم مع أنها تمتلك القدرة المادية على ذلك ، بكت بصمت و قهر و هى تستمع لصديقه يقول: حرام عليك يا ضياء دى بتعيط .
أشاح ضياء برأسه لكى يتحرك معه و هو يقول : بتعيط إيه و هى دى عندها دم أصلا دى عيلة دمها ساقع زي شكلها ، قسماً بالله لأوريها .
إلتف ينظر إليها قائلاً : إنتى يا بت انتى.. لو شوفتك بس هوبتى من حاجه بتاعتى تانى أو لمستيها بأيدك أنتى حره ... و مش هتقعدى معايا على سفرة واحده و أنا هقول لجدى كده .
و بالفعل ذهب لجده الذى نفذ رغبته.. كان شداد يحبها لكنه يحب ضياء أكثر و هو فى المرتبة الأولى و الأهم فنفذ طلب ضياء و راضى هو تقى بكلمتين ظناً منه أنها طفلة و ستنسى لكنها أبدا لم تنسى و منذ ذلك اليوم لم تجتمع مع جدها او عائلتها على مائدة واحدة حتى بعد سفر ضياء ليدرك الجد أنها حتى لو كانت طفلة فهى شخص.. كائن حى يشعر بل على العكس تماماً فتلك الموافق بذلك العمر لا تنسى و تساهم في تكوين شخصية البنى آدم و هذا ما حدث مع تقى تماماً.
1
عادت من شرودها على صوت نادين التى جلست لجوارها تمسح دموعها و هى تقول: حاولى تنسى يا حبيبتي.. قومى معايا يالا عشان الفطار .
هزت تقى رأسها برفض و قد تجمعت غصة مريرة بحلقها و صدرها.
لكن نادين لم تتركها لذكرياتها تبتلعها و تتغلب عليها بل وقفت تشدها بقوة و هى تقول: مش بمزاجك ، هتقومى يعنى هتقومى يالا كلهم مستنينا تحت ..  القعده فى دوشة و وسط ناس أكيد هتنسيكى الذكريات الوحشة دى كلها .
ذهبت معها مرغمة ، ربما تنسى بالفعل ، لكن يبدو أن القدر يعاندها ، أو تقريباً يعالجها بالصدمة فعلى كل تلك الطاوله الطويله العريضه لم يتبقى سوى مقعدان على طرف المائدة التى يترأسها ضياء كالعادة .
و جلست نادين بأحد المقاعد تاركه لها المقعد الملاصق له متعمدة.
بدأ يأكل بواطن فمه من الداخل فى محاولة منه للتغاضى عن الغيظ النابع داخله و هو يراها تقف مترددة و كأنها لم تكن تحبذ الجلوس بجواره .
تتقدم ببطئ و كأنها تغصب نفسها على ذلك إلى أن جلست بالفعل و عينها لا تفارق الصحن الفارغ أمامها.
نظرت لها كلارا بغضب ، لا يخفى عليها تصرفات ضياء الجديدة كلياً عليها و على من يعرفه ، مستاءه و مستغربه من تأثره السريع بها .
أقترب النادل يضع لكل منهم الطعام فى صحنه و هى تشعر برائحة ضياء تقتحم صدرها مختلطة برائحة الطعام الذى كان يرفض تناوله معها مسبقاً و كأنها تحمل مرض جلدي معدى يمر عليها شريط سريع من الذكريات و هى تجلس فى غرفتها و تدخل عليها الخادمه تضع لها الطعام و عيناها يفوح منها نظرات الشفقة على تلك الطفلة المسكينه التى تحكم فى طعامها و شرابها ذلك المراهق .
دمعة ساخنة فرت على وجنتها و صوت بعض الحضور يشجعونها على البدء في تناول الطعام مع صوت نادين الذى أختلط بصوت رائف و الكل يردد : كلى .. كلى.
لم تدرى أى حالة تلبستها و هى تنتفض صارخة بقهر مخزون تقلب صحنها بمحتوياته الساخنه على ملابس أول شخص يجاورها ثم تركض من المكان.
انتفض عن كرسيه ملسوع بما سقط عليه و كلارا قلقة جدا عليه تردد : يتوجعك حبيبى ؟ البنت دى متخلفة انا قولت كده من بدرى.
وقفت على الفور نادين تدافع عن صديقتها فنشب العراك على الفور بينهما و هو غادر سريعاً ليرى ما أصابه و يبدل ملابسه .
ليراها و هى مازالت مستمرة فى الركض قاصدة الغرفة التى تسكنها هى و نادين .
دلفت و أغلقت الباب خلفها بقوه ثم سقطت على السرير تبكى بقوة أكبر.
لتنتفض على يد غليظه ترفعها ، نظرت مجفلة لتجد ضياء أمامها ينظر لها بإستغراب ثم سأل بلا أى مقدمات: انتى تعرفينى من قبل كده ؟
أتسعت عيناها برعب ، هل عرفها ؟؟
6
___________________
أستيقظت بفزع على فراش وثير بغرفه لا تعرفها ، بدأت تلتف حولها يميناً و يساراً لا ترى أى شىء قد يفسر او يوضح أين هى .
خرجت من الغرفة حافية القدمين تسير فى رواق صغير و بنهايته نافذة حين وقفت فيها رأت البحر مباشرة أمامها .
فاتسعت عيناها برعب ، متى و كيف أتت هنا ، أخر ما تتذكره حين انشق بها هارون عن مركب لمى و ذهب بها للطبيب .
إلتفت سريعاً إلى حيث الدرج المؤدى للطابق الأرضى ، ظلت تتلفت حولها و تبحث يميناً و يساراً حتى وجدته يجلس على أحد المقاعد حول مسبح صغير يتأمل الصباح الهادئ بشرود .
أنتبه على صوتها و هى تصرخ : مين الى شالنى و جابنى هنا يا إبن الصواف ؟
وقف عن كرسيه يصد هجوما الشرس عليه يكتف ذراعيها و يلوهما خلف ظهرها جاعلاً إياها تلتف رغما عنها و أصبح ظهرها مقابل صدره و هى تتحدث بغيظ من بين أسنانها : و كمان بتكتفنى ، بتستقوى عليا؟
همس لجوار أذنها يردد : أيوه ، إفترى ، نوع من أنواع القهر النسوى .
حاولت إفلات يدها و ضربه بها و هى تقول من بين أسنانها: رد بقولك مين جابنى هنا ؟
تخلى عن القوة و الضغط على جسدها و ضمها له بحنان شديد يتمايل بها يميناً و يساراً مردداً بحنان و هو يدفن رأشه بعنقها مدمداً بتلذذ : و هو مين ده اللي يقدر يقرب منك و يلمسك أو يشيلك غيرى يا حبيبة هارون .
حاولت الخروج من سحر لمساته تردد بحدة واهيه: و انت مين إلى إدالك الحق ده ؟
رد عليها بخمول أثر عناقه لها : أنتى يا روحى ، نسيتى أنك مراتى و لأ ايه ؟
غنوة : الغريبة يا هارون إنك أنت الوحيد إلى شايف إن إحنا كده متجوزين و أنى مراتك .
فرد بثقة كبيرة : عشان العقد الموثق إلى ما بنا ، أصلى نسيت أقولك أنى وثقته خلاص ، و فوق كل ده الجواز إيجاب و قبول و انتى موافقة تتجوزينى يا حياتى ، فاضل بس الإشهار ؟ اعملهولك .. سهله.
ضربته بيده التى أفلتها بمزاجه تقول : يا نهار اسود ، وثقت العقد ازاى ، و بعدين مين دى الى موافقه تتجوزك ؟
لفها له بحيث أصبحت فى مواجهته فقال : إنتى يا غنوة بتحبيني و عايزه تتجوزينى ، ما شوفتيش نفسك بتبقى عامله إزاى و انتى معايا! فاكره آخر مره كنتى معايا فى أوضتى ؟
اهتز فكها من العيظ فدفشته بيدها فى صدره ليرتد خطوة للخلف و هى تقول : كنت عارفه إنك هتعايرنى بيها فى أول خناقه.
تقدم منها يقبض على وجهها قاصدا هز فمها بالخصوص و يقول: هو دهو سبب كل مشاكلنا مع بعض ، لسانك...و حاسس إننا لو قطعناه ممكن حياتنا تبقى الفضل و الجوازة الجملى دى تتم بقا .
1
ثم أستكمل بغيظ يقول: هو ده كلام تقوليه ، ليه كل الكلام بتقلبيه و تحويله عشان أطلع غلطان و غرضى وحش ، و لا يمكن حبيبتي تغلوشى على حقيقة بتصدمك كل مره ، خدى بالك من كلامك مايصحش تقولى كده ابدا انتى مراتى يا أستاذه.
نفضها عنه ببعض العنف يقول و هو يشير عليها بتحذير شديد: و يكون فى علمك ، أنا جبتك و جيت هنا عشان ننهى الموضوع ده.
وضعت كفيها على كتفيها كأنها تحمى نفسها و سألت : أنت قصدك إيه ؟ هتغتصبنى ؟
أبتسمت لها ببرود و قال : ما هو أنا هتمم الجوازة يعنى هتمم الجوازة فلو أنتى ماسبتليش حل غير الإغتصاب ف يا أهلاً بالمعارك .
حاول وئد ابتسامته الناتجة عن رعبها ثم قال: أنا رايح أعمل لنا أتنين نسكافيه عشان نتكلم بعقل و زى الناس ، و اتمنى أن ده يحصل بدل ما يبقى إغتصاب بطعم النسكافية ، أنتى حره بقا .
3
غادر سريعاً و تركها متسعة العين تفكر فى كلماته و تهديده الصريح .
ثم اتجهت للداخل كى تتعارك معه ، من هو ليهددها ، يعنى سارق لقلب والدها و أيضاً يددها ما هذه البجاحة .
لكن بينما هى تتقدم للداخل استمعت لصوت جرس الباب مع دقات عاليه يبدو أن الطارق متلهف جدا كى يفتح له الباب.
وقفت و لم تتحرك فتقدم هارون و قال : مش سامعه الخبط ، ما تفتحى .
كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت: و أنا مالى ، عيب ، و بعدين أنا ضيفه هنا و ياريت أتعامل معاملة الضيوف أنا مش خدامة عندك عشان افتح للى يخبط عليك الباب.
هز رأسه منها و تقدم نحو الباب يفتحه و هو يقول: ده هيبقى إغتصاب و قص لسان ، أتنين فى واحد يعنى.
أنهى حديثه و هو يستمع لصوت صرخة نسائية قادمة من فتاة شقراء تشبثت بأحضانه على الفور تردد : هارون حبيبى ، ما صدقتش لما لاقيت عربيتك برا ، مش كنت تقول إنك جاى .
حاول أبعادها عنه ليرى حتى من هذه غافلاً عن تلك التي تغلى خلفه و تقدمت هى تعفيه من تلك المهمه و  تنفضها بغضب بعيداً عنه مردده بصراخ : اييييه إلى بيحصل قدامى ده ، مين دى ؟
وقفت تلك الشقراء بترنح تنظر لغنوة بإذدراء ثم سألت : مين دى يا هارون.. شغاله جديده ولا كنت جايبها تيات معاك ، طيب كنت كلمنى بدل ما زوقك إنحدر كده .
فلم تستطع غنوة السيطرة على ردود أفعالها و هجمت على تلك الفتاة (تنتف) لها شعراتها التى تتباهى بها و هى تسبها و تنعتها بكل انواع السباب و هارون يقف خلفها يرقص من الفرحه حتى أنه حاول الفصل بينهما لكن ذلك المشهد يفرحه جدا فتركه يستلذ به قليلا و هو يشاهد غنوة تهم بإلتهام تلك الفتاه التي لا يتذكر إسمها حقا للأن .
2
_________________
جلست زينب بحرج على مائدة الإفطار و لأمامها فى المقابل يوسف الذى يحاول تجنب النظر إليها و الضيق واضح جدا على ملامحه .
تتذكر ما حدث بالأمس.
عودة بالزمن قليلا.
صرخت بأعلى طبقة صوت قد تصل إليها فى يوم و هو إرتد للخلف متفاجئ من فعلتها و صراخها الذى تجمع له كل سكان المنزل و الكل مصدوم أيضا مما يحدث ، الصدمة الأكبر هى كيف و متى عاد يوسف .
نور : يوسف حبيبى . . مش معقول .. جيت أمتى .
يحيى : جيت إمتى و ما قولتش ليه إنك جاى .. و عملت ايه للبنت ، هى بتصوت ليه ؟
فصرخ هو فيهم : مييين دى و بتعمل هى إيه فى أوضتى أصلا ؟
حاول يحيى إحتواء الموقف و قال: أهدى يا يوسف ، إحنا ما كناش متوقعين ابدا أنك ممكن ترجع دلوقتي أصلاً ف هى أخدت أوضتك.
هز يوسف رأسه بعدم تصديق ثم قال: ايوه بردو مين دى و بتعمل ايه هنا.
وقفت زينب عن فراشها و هى تشعر بالحرج الشديد فى موقف و لا أبشع تتمنى لو تنشق الأرض و تبتلعها تقول : أنا أسفه أنا همشى دلوقتي مش عايزه اتسبب فى مشاكل .
و فرت دموع عيناها رغماً عنها ليشتعل غضب يوسف و يراها تبكى و لم يمسها أحد من الأساس فهتف عالياً بغضب : هى بتعيط ليه أنا عايز أفهم هو حد كان جه نحيتها ، هى هتلبسنا تهمة .
زاد نحيبها فقال يحيى : أتكلم كويس يا ولد ، البنت حساسة جدا ... تعالى يا زينب معايا تعالى .
3
حاول جذبها يخرج بها من الغرفة فى الذى تقدمت فيه شقيقته الاخرى تخبره من هذه ليردد : هى ناقصة فلاحين فى البيت ، انا قولت ده خبث فلاحين من أول نظرة.
2
سقطت كلماته على أذن زينب كالسهام الحارقة و إلتف يحيى و قال بغضب : لم لسانك يا ولد بدل ما أجيلك .
عادت من شرودها على صوت نور التى تجلس لجوارها و تحسها على تناول أى شىء من فطورها .
1
بينما على الجهه المقابله جلس يوسف ممتعض الملامح و لجوراه الأخت الأكبر من نور و التى تشاركه نفس الإمتعاض .
قطع كل ذلك الصمت صوت يحيى الذى قال يتروى : طبعاً مش محتاج أقول إن ماحدش يجيب لعمكم عبد العزيز سيرة عن إن يوسف رجع .
لكن زينب قالت: ماعلش أعذرنى يا عمى ، بس انا فضلت أستنى للصبح عشان إقدر أتحرك ، و لو كان ينفع أمشى فى الليل كنت عملت كده بس صبرت نفسى و قولت الصباح رباح .
لتستمع إلى تمتمات يوسف الجانبية مع شقيقته : أيوه أمثال المصاطب بدأت أهى ... أوووف أنا لو كنت أعرف كده ما كنتش جيت .
أبتعلت غصة مريرة بحلقها و إلى هنا و لم تستطع التحمل فوقفت تقول : متشكره جدا يا عمى على استضافتك ليا إمبارح و على الفطار كمان ، أنا مجهزة شنطتى من إمبارح و همشى دلوقتي... عنئذنكم .
همت لكى تتحرك مغادرة لكن صدح صوت قوى خلفها يردد بحدة : إستنى عندك ......
مرت ساعات للأن و تقود سيارتها فى الشوراع تبحث بعينيها عنه ، لا يمكنها الإستيعاب ، كيف فعلها ذلك المتهور ؟! و منذ متى و هو متهور بالأساس لطالما كان نمطى جداً و لا يحبذ المغامرة أو الخروج عن المألوف و هذا ما عهدته عليه طوال فترة إقامتها فى القاهره لجواره .
1
لولا حديث شقيقتها لها و تأكيدها الأمر لأكثر من مره لما صدقت .
المرعب فى الأمر أنه قد مر يومان كاملان حين رحل تاركا مصر ، إذا فهو صار له يومان الآن بالشوارع.
ذلك الحقير.. بالبداية يرفضها بطريقة أكثر من مهينة و الآن يجعلها تموت قلقاً عليه بكل لحظه تمر عليها.
لا و الأدهى من هذا و ذاك أنه يضعها فى محل الشعور بالذنب تجاهه ، و وضعها بموضع المذنبه الآن أمام الكل.
نابغة عصره هذا الذي حينما قرر التمرد لمره فعلها بالطريقة الأصعب و الأخطر ، لو كان يريد التمرد لما لم يقبل بها زوجة و كفى نفسه و كفاها كل هذا العذاب
و لكن كيف! كيف تسير حياتها بهدوء و تمضى الأمور بسلاسة ، لا يمكنه فهو عاشق للكأبة و البؤس.
يرفض الحل الأسهل و الأن يحملها ذنبه و يقتلها من الحيرة و القلق عليه.
وقفت تضرب رأسها بيأس على طارة القيادة ، لم تصل لحل بعد كل ذلك حتى الشرطه و المستشفيات لم يساعدوها ، و هى تعلم لن يقدموا العون أو يكثفوا جهودهم لأجل شخص عربى و مسلم أيضاً.
عادت أدراجها للبيت ، لتريح جسدها ساعه واحده حتى يتثنى لها مواصلة البحث عنه .
2
تباً له ، ستبحث عنه كما لو كان طفل صغير و قد فقدته فى شوارع المدينة المزدحمة.
وصلت البيت تجر قدميها جرا ، بالكاد تستطيع السير .
لكن ما أن وطأت قدميها داخل البيت حتى أغمضت عيناها بضيق شديد و هى تستمع لصوت صراخ ذلك البغيض على والدتها بحده : أسمعى ڤيولا ، لقد صبرت كثيرا و لكنك على ما يبدو قد نسيتى حجم المبلغ الذى أقرضتك إياه ، يمكننى الزج بكى فى السجن الآن و لن ترى الشارع طيلة حياتك لذا توقفى عن التلاعب و المماطلة .
تقدمت ڨيولا منه تردد : صدقنى سيد ألبير ، لقد انقطعت كل سبل التواصل بينى و بينها ، أتعتقد أنى لا أرغب فى إتمام الأمر ، أى أم تلك التى ستمانع زواج السيد ألبير ڤيكرت من أبنتها و أى عريس سيكن افضل منك ؟ لكنى حقا لا أستطيع التحكم بها أو فرض أى سيطرة عليها ، بالأساس لا أستطع التواصل معها.
حاولت نغم الإختباء منهما كما تفعل دوماً لكن ألبير قد لمحها بأعين الصقر خاصته.
فقال: و صغيرتك هذه ! ألم تكن عندها منذ فتره قصيره بالتأكيد لديها كافة التفاصيل التى أريد .
وقفت نغم و هى تجاهد كى تصلب طولها و تتصدى له رافضه و لكن سبقتها ڤيولا و هى تقول : صغيرتي متمردة ، على ما يبدو أنها وفية لشقيقتها أكثر من أمها ، وفية لدرجة الغباء لا تعلم أنها تمنع عن شقيقتها منابع الخير كله .

قلبت نغم عيناها بملل ثم قالت : منابع خير لها أم لك يا والدتى العزيزة ؟ لا أصدق ما تفعلينه حقاً .
أبعدت عيناها عن ڤيولا و نظرت لألبير تردد: و أنت سيد ألبير ، ما سر إصرارك الشديد على غنوة رغم كونك تستطيع الزواج بعشرة مثلها ؟! ألم تفكر يوماً ما العمل فى أمر الديانة ؟! فكما تعلم شقيقتي مسلمة و أنت مسيحى .. أخبرنى ما الحل بنظرك ؟ هل ستقبل تغيير ديانتك ؟ ف المسلمة لا تتزوج بغير المسلم أبداً .
أبتسم ألبير بثقه ثم جاوب : أنا مسيحى متدين جدا ، و لن أتخلى عن ديانتى مهما حدث .
نغم : و هى أيضاً لن تفعل .
هز كتفيه و ردد ببساطة : الزواج المدنى يا صغيره.. الزواج المدنى جمع شمل كل الأحبة.
رمشت نغم بأهدابها و هى تتخيل رد فعل غنوة لو أستعمت لحديثه ، لم تستطع التحكم فى تلك الضحكة التى فلتت منها و هى تتخيل أيضاً رد فعل تلك السيدة التى تدعى أشجان على حديثه هذا ، بل و نظرت لعنق ألبير من الخلف تتخيل أشجان و هى تصكعه عليه بخفها المنزلى ذو الوردة الكبيرة و ألبير يفر صارخاً فى حارتهم الضيقه و أحباب الله خلفه يزفونه بأروع زفى تليق بمقامه ألرفيع
6
توقفت رغماً عنها على صوت ألبير يصرخ بها : علام تضحكين ، أتستخفين بي ؟
ألتف يوجه حديثه لڤيولا و قال بحده : لن أصبر كثيراً و أريد عنوان زوجتى الآن ، لقد حجزت بالفعل على أول طائرة ذاهبة للقاهرة.
نظرت ڤيولا لابنتها و قالت : أخبريه نغم و لا تخافى .
لكن نغم ظلت ثابته على موقفها و قالت: لن أفعل و ليحدث ما يحدث.
فصرخ ألبير فى ڤيولا بغضب يردد : أسمعى ، لقد صبرت كثيراً .. كثيرا جدا و هذا ليس بطبعى إطلاقاً ،  على وعد منك بتمهيد الأمر لها لكنك طوال تلك المدة لم تفعلى و الآن أنا أقف اتوسل لتلك الصغيره أن تمن على بعنوان زوجتى ، فلتعلمى جيداً ڤيولا أنى قادر على الوصول لها و لكل تفصيلة قد تخصها لكنى انتظرت لأرى الدعم منكِ لأعرف هل أنتى معى أم ضدى .
فهتفت ڨيولا على الفور : معك طبعا سيد ألبير معك ، و هل سأجد عريس لأبنتى أفصل منك.
نظرت ڤيولا لنغم بشراسه و قالت: نغم فتاه جيدة و ستخبر والدتها بكل شيء الآن ، أليس كذلك عزيزتى ؟
ردت نغم بإصرار و ثبات : كلا أمى .
همت ڤيولا بالصراخ عليها لكن أوقفها صوت جرس الباب.
ذهبت لتفتح لتجد شاب أسمر وسيم يقف أمامها بحالة رثه و الإنهاك واضح جداً على محياه يردد: مساء الخير.. مش ده بيت نغم .
1
أتسعت عينا نغم بصدمة ، أيعقل ؟
بينما ڤيولا تنظر له بإستغراب تسأل بلكنتها الأجنبية: من أنت ؟ و ماذا تريد من نغم ؟
لكن نغم كانت قد هرولت سريعاً ناحية الباب، تتأكد من صدق حدسها .. إنه بالفعل حسن بشحمه و لحمه .
__________________
جلست فى غرفتها تغمض عيناها تحاول الحصول على القليل من الاسترخاء ، ما مرت به فى الفترة الأخيرة ليس بهين إطلاقاً.
لم تستطع الجلوس مع أسرتها ، للحقيقة لم تشتاق لهم أو تشعر بأى نقص طوال فترة إحتجازها فى قصر فلاديمير.
ليسوا بأهل لها تماماً ، أهل بصلة الدم فقط لكن يالقلب و الروح فلا .
سحبت نفس عميق ، ربما هو.. لن تنكر فلا أحد معها الآن .
سحبت نفس نفس أعمق لتشعر برائحته تتخلل صدرها ، هل باتت تحلم به أم أصبح يخترق خيالها و تشعر بأنفاسه قريبه منها .
إنتفضت مذعوره عل يد تسير بخفه على وجنتها ، و فتحت عيناها لتبصره جالس لجوارها بالفعل يبتسم لها بأعين لامعه ثم قال: وحشتينى، أخيراً نورتى بيتك.
لكنها قابلت حديثه بوجه متجهم و قالت: دخلت هنا إزاى و أمتى ؟ مش المفروض تستأذن .
تنفس بعمق ثم قال: طيب بصى ، خلينا نحاول ننسى إلى حصل ، أنا عارف أنى غلطان و والله مش هتتكرر تانى و حياتك عندى.
نظرت له بسخرية ثم أشاحت بعينها بعيداً عنه فقال بلين واضح : أنتى عارفه إنك أغلى حاجه عندى ، تقريباً ما أملكش غيرك.
رفعت رأسها بحده ثم قالت: و مين قال إنك تملكنى أصلاً؟
2
اخذ يقترب فى مكانه منها و هو يمرر أصابع يده على كفها مرسلاً لذه حلوه فى قلبها و هو يردد : هيحصل ، أنا عارف إن ربنا هيبعتلى عوضى ، من أول يوم شوفتك فيه كنت عارف إننا هنوصل لهنا .
سخرت مجددا من حديثه و قالت: عوضك ؟ أما انك بجح بصحيح .. مش مكفيك كل الملايين الى عملتها من ورا عيلة الدهبى لحسابك لوحدك ، ده انت فى ظرف كام شهر بقيت تنافس شركتهم.
التوى ثغره بابتسامة مشرقة ثم قال: لحقتى عملتى تحرياتك عنى و حسبتى حسبتك ، بس على العموم دى حاجة مبشرة ، معنى كده أنك بتفكرى فى عرضى.
فيروز : عرض إيه ؟
ماجد: تعالى نتجوز يا فيروز و خبط لزق كده من غير ما نشرح لهم أنا مين و أنتى مين و إننا مش أخوات ، أنا مش هاممنى أوى و عارف إنك أنتى كمان مش هامك .
وقفت فيروز عن مقعدها تنفض يده ثم كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت: شكلك ناسى أنك مديت إيدك عليا و ضربتنى و شتمتنى و كمان شككت في أخلاقي ، و الأهم من كل ده إنك ناسى أنى مش بحبك أصلاً.
صك أسنانه في بعض بصمت يحاول التحكم فى أعصابه لكن لم يفلح كثيرا وقف و جذبها من ذراعها مردداً: يعنى أنتى مش بتحبيني ؟
نظرت له بتوتر ثم قالت: لأ.
صمت لثوانِ ثم قال: أنا لو مش حاسس إنك مش بتحبينى و لا عمرك ممكن تحبينى صدقينى مش هضيع وقت من عمرى معاكى .
جعدت ما بين حاجبيها تسأل : قصدك إيه ؟!
أبتسم عذوبة و بلا حديث جذب رأسها لصدره يحتضنها ، و للعجب أنها أستكانت فى أحضانه فقال : مش معنى إن طريقى ليكى طويل إن مافيش خالص لأ فى ، و فى حاجات كتير أوى ، إنتى هتبقى ليا يا فيروز و هييجى الوقت إلى تبقى أم أولادى ، أنا متأكد.. أنتى بس إلى عنيده و قلبك أسود حبتين.
حاولت التملص من بين ذراعيه مرددة: أبعد عنى يا ماجد .
اغمض عينيه مبتسماً ثم قال: ما غطيش شعرك لما دخلت يعنى زى ما بتعملى دايما!
أتسعت عيناها تدرك أنها لم تفعل ، أتسعت إبتسامته و قال: شكلى مش أنا بس إلى متأكد .
هم ليحتضنها من جديد لكن فتح الباب على حين غفلة ليطل عليهم محمود و يرى قربهم من بعض و يسأل: هو فى إيه ؟
إرتبكت فيروز كثيراً ، إلا أن ماجد لف ذراعه حول كتفها و ضمها له يردد : كنت بتكلم معاها و اطمن عليها ، أشوف الراجل ده ضايقها مثلاً ؟
فقال محمود بإستدراك : أيوه صحيح.. ده راجل مريب ، قاعد تحت و بيقول إن فى معاد مابينكوا .
أغمض كل من ماجد و فيروز عيناهما بضيق .
يتذكران ما حدث وقت وصولهما للقاهره و أنه كان على علم بكل ما خطط له ماجد و على متن نفس الطائرة معهما فى غرفة جانبيه مغلقه.
و قد تركهما على وعد بلقاء آخر و هو مطمئن فعلى كل حال لن يستطيعا الهرب منه .
فقال ماجد : طيب أنزله و أنا جاى وراك ماعلش .
محمود: أنا عندى شغل جدك قاعد معاه، خلص يالا و انزل ، سلام .
غادر محمود  فإلتف ماجد لفيروز و قال: مش عايز ألمح طرفك برا الاوضه طول ما الزفت ده هنا ، سامعه ؟
هزت رأسها موافقه ثم سألت : هتعمل معاه إيه ؟
إبتسم عليها يذوب بها عشقاً و مال يقبل جبينها ثم قال: همرجحه .
أنهى حديثه بغمزه عابثه و غادر سريعاً و تركها و هى لا تفقه شئ.
_________________
ترجلت من سيارة الأجرة و قد تمكن الغضب منها و سيطر على عقلها ، تستحلف لذلك البجح و تتوعده .
فقد مر الليل كله و للأن لم تعد غنوة للمنزل و لم تبت فيه ، ماذا يعتقد هو ، أيعتقد أنها بلا أهل أو شخص يحسب له ألف حساب ؟ حسناً هو من جلبه لنفسه ، هى ستريه .
أقتربت من البوابه الحديدية تصرخ فى الحارس : أنت يا بلدينا ، أفتح لى المخروبة دى .
أقترب منها الرجل يردد : جرى إيه يا ست ، كل يوم و التانى هابة علينا زى زعابيب أمشير كده ليه ؟
4
أشجان: بقولك إيه أنا مش طايقه نفسى و لا شايفه قدامى مش عايزه اطلع زهقى عليك أنت ، أنت مالكش ذنب و بقول أسيبه لصحاب نصيبه ، روح ناديلى إلى مشغلك .. و لا أنت حر أقف بقا و خد إلى فيه النصيب
أشاح لها الرجل بيده مرددا بضيق : لا و عليه ، أنادى عليهم حاضر.
و بعد دقائق عاد و خلفه كاظم بوجه متهلل ، أقترب منها و كاد أن يتحدث ليجد أشجان تصرخ فى الحارس : أنت يا راجل أنت انا مش قولت لك ناديلى إلى مشغلك ، جايبلي الكهنه ده ليه ؟
اقترب كاظم منها مرددا: ما أنا إلى موجود ، و الموجود يسد .
رقصت أشجان رقبتها له مستخدمه ذراعيها و هى تقول: مش كل الموجود يا عنيا .
كاظم: أخص عليكى ، أديتيهالى فى قلبى .
3
أشجان: جاك وجع فى قلبك ، ما تختشى على دمك و تصلب طولك مالك سايب على نفسك كده.
3
أتسعت ابتسامة كاظم و قال: هو حد يشوف صفايح الزبدة السايحه دى و لا يسبش على نفسه؟
أشجان: لأ و أنت الصادق ده من ركبك السايبه .
وضع كاظم راحة يده على صدره يردد : الدهن فى العتاقى خلى بالك.
أشجان: اللهم طولك يا روح ،قصره ... أنا مش جايه أتساير ، انا جايه للى ينشك فى قلبه و يتعمى من نواضره إلى اللهى يتخفى إسمه .. إبن أخوك
كاظم: هارون.
لتردد على الفور : قطع و قطعت سيرته .
هز رأسه بجنون منها و سأل : عمل ايه بس ، مين مزعل الزبادى بالقشطه انا عايز أفهم
1
نفذ صبرها فهتفت فيه بحده : أنت و بعدهالك بقا ، انا مش حمل مناهده ، البت فين ؟
كاظم: بت مين بس ، لو قصدك غنوة فهى ماجتش هنا و لا حتى هارون حتى بصى عربيته مش راكنة من امبارح.
ضربت أشجان على صدرها و قالت: يالهوى ، امال البت فين ، هات العواقب سليمة يا رب .
ثم بدأت تتحرك مغادرة و هى تفكر بحيرة و قلق أين تسأل عنها و تجدها .
و هرول كاظم خلفها سريعاً يتبعها لم يشأ تركها بمفردها و انتهزها فرصه كذلك .
_______________________

أول ما رآها عادت الحياة لعيناه التى انطفئت من الحزن عليها بعد رحيلها يردد بلوع و أشتياق : نغم .
وقفت أمامه بجسد متخشب لا تصدق و سألت: إيه الى عمل فيك كده ؟ أنت بقالك يومين فى الشارع ؟ جذبته من يده سريعاً و قالت : تعالى ، أدخل أدخل.
دلفت و هو معها سريعاً و أغلقت الباب لتسأل ڤيولا : من هذا .
نغم : فيما بعد سأخبرك.
نظرت إلى حسن و قالت : أنا بقالى يومين بدور عليك فى كل الشوراع.. عرفت أنك واصل لهنا من يومين.. أزاى قدرت توصل لهنا.
سكت مترفعاً عن البوح بكم الذل و الهوان و الويلات التى ذاقها حتى يستطيع الوصول لعندها أخيراً و هو لا يعرف كلمة واحدة ألمانيه كل ما يملكه هو  عنوان المنزل مدون على ورقه .
نظر لنغم و قال : كان معايا ورقة مكتوب فيها العنوان بالالمانى .. غنوة كتبهولى .
عند ذكر إسمها إعوجت رقبة ذلك الذى يتابع كل ما يحدث بملل ، أتسعت عيناه بصورة مرعبة.
ثم بدأ يقترب من حسن خطوة فأخرى يردد : هل تعرف زوجتى ؟
نظر له حسن بجهل و سأل نغم : هو فى ايه ماله ؟
نغم: و لا حاجة.. بيسلم عليك .
إلتف و أبتسم لألبير بإرهاق يقول  : الله يسلمك .
لكن ألبير قد زادت عصبيته و أتجه إليه يلف كفيه حول عنقه يردد بغضب : سؤالي واضح ، لما تتهرب منه ، هل تعرف زوجتى ؟
انتفضت نغم هلعاً عليه و وقفت تحاول إبعاد ذلك الثور عن حسن مردده : كف عن جنونك هذا ، و كف أيضاً عن تلقيبها بزوجته فهى لم تتزوجك .
إلتف لنغم يقول دون أن يترك عنق حسن: سيحدث عزيزتى ، هى مسألة وقت لا أكثر .
ثم بدأ يهز فى جسد حسن قائلا: قل لى أين هى ، لا اريد قتلك.
تقدمت ڤيولا و تحدثت هى الى حسن بعربيتها التى لازالت تعرفها : هو بيسأل عن غنوة ، بنتى ، لأنها... تعتبر خطيبته .
هز حسن رأسة و كأنه قد تعطل عن العمل ، كما جهاز الكمبيوتر بالضبط حينما يحدث له (error) .
مخطوبة و متزوجة فى نفس الوقت! كيف ؟ و من هذا المعتوه و ما ذلك الجنون الذى يتملكه و يتحدث به .
و بقوة كبيره إستطاع تسديد ضربة قويه بقدمه فى معدة ألبير جعله يرتد للخلف ثم منحة لكمة رائعة ترنح على أثرها ألبير قليلاً ثم قال : كيف تجرؤ.. كيف .
هم لكى يضربه من جديد لكن توقف الكل على صوت صراخ نغم: كفى .
توقف حسن و هو يلهث فقالت: سيد ألبير ، مكوثك هنا و جدالك معى لن يعود عليك فى النهاية بأى نفع صدقنى و ما هو إلا مضيعه لوقتك الثمين على حد قولك ، و إن أردت غنوة فأنا أخر شخص يمكنك الإستعانة به ، أنا لن أسلمك شقيقتي و لو قطعت لحمى إرباً .
أعتدل ألبير فى وقفته يقول: و هل سترضين بسجن والدتك ؟
نظرت ڤيولا لابنتها تطلب العطف و صمتت نغم لثوانِ ثم قالت: من أقدم على فعل يتحمل نتيجته ، لقد ذبحت إبنتها مره و هى طفلة لا تفقه شئ و الآن فقط تذكرتها لأنها أصبحت ذات نفع كبير !
صعقت ڤيولا من حديث إبنتها بينما ألبير يقف يقرأ الوضع و ذلك الإصرار الواضح بقوه فى عيناها ،تلك الفتاه لن تتراجع و تنفذ ما يطلبوه .
لذا تنفس بعمق ثم قال لها بصوت فيه بصيص من الترجى : لكنى أعشقها و أتمناها ، ألن تساعدينى ؟
نغم : لا تظن ابداً أنك تستطيع خداعى بصوتك اللين الضعيف هذا سيد ألبير ، سمعتك الطيبة تسبقك.
همم متفهماً بعدما التقط نبرة السخرية فى حديثها ، رفع إحدى حاجبيه و قال : سأسفر غدا للقاهره ، لست بعاجز و لا أنا من لا يستطيع التوصل لما يرغب، هى بضعة أيام قليلة و سأعود و هى بالطبع معى .. اعتبرى هذا وعد منى لك يا صغيرة .
أبتسمت له بسماجة تردد : حظ جيد سيد ألبير... لقد أنستنا كثيراً.
اهتز فكه بغضب و لكنه لم ينطق بالمزيد بل غادر سريعاً و كله إصرار على الذهاب بأقصى سرعة لمصر و العودة بزوجتة .
إلتفت ڤيولا تصرخ فى وجه ابنتها : هل ارتحتِ الآن ؟!
ثم التفت تنظر إلى حسن و سألت بعدها : و من هذا أيضاً ؟و ماذا يصنع هنا ؟
نغم : اتركينا وحدنا إذا سمحتى.
هتفت ڤيولا معترضه : ماذا ؟
نغم : ماذا انتِ؟
نظرت ڤيولا بتقزز و ملل ناحية حسن ثم قالت: سأغادر فقط لأنى لا طاقة لى بما يحدث او سيقال.
بالفعل غادرت ڤيولا و صعدت لغرفتها بينما ألتفت نغم لحسن تشأله بإمتعاض : إيه الى جابك هنا ؟
اقترب منها حسن يردد بلهفه : وحشتينى .. وحشتينى أوى يا نغم .. أنا جيت عشانك ، أنتى ما تعرفيش أنا حصلى إيه فى بعدك .
كان يتحدث و هو يقترب منها بلهفه يقلص المسافه بينهما لكنه توقف بصدمه أمام حركة يدها الصارمة التي تأمره بالتوقف و الثبات فى مكانه محافظاً على تلك المساحه التى صنعتها ثم قالت بوجه متيبس : جاى تعمل إيه يعنى مش فاهمه!
أبتلع لعابه بصعوبه من طريقتها اليابسة معه فى الحديث ، حاول إجلاء حلقه يبحث عن صوته ثم قال: مش فاهمه إيه نغم ، أنا جيت عشانك ، عشان أقولك انى كنت غلطان و اعتذر لك .
زمت شفتيها للأمام قليلا علامه على أنها لا تستصيغ الحديث ثم قالت بجمود : تعتذر لى ؟ على إيه ؟ يمكن مثلاً على انى أنا الى كنت بقرب منك و باخد كل الخطوات ناحيتك و إنى أنا إلى بدأت و سرحت عن مشاعرى ناحيتك و لا على أنى أنا الى رخصت نفسى و عرضت عليك الجواز و أنت رفضت و لا على انك و لا مره اخدت أى خطوه أى خطوه ناحيتى و يوم ما اخدتها فأنت مشيت ما قربتش.
1
كان يستمع لها بقلب مفطور يعلم أنه مخطئ ، لكنه جاء إليها نادم يتمنى المغفره و قال بإستعطاف : نغم ، ماتقصيش عليا و ماتنسيش تربيتى ، إحنا كده و تربيتنا كده .
3
نغم: و الله ؟ و هارون مش نفس البيئة و نفس البلد و صابر و مستحمل كل بلاوى غنوة ، الغلط عندك أنت ، فى شخصيتك أنت .
اقترب منها يقول مترجياً : يا نغم.. ده انا عملت كل ده عشانك.
صرخت فى وجهه بكل ما بداخلها من غضب و كبت : هو ايه اللي عملت كل ده عشانك ، أنا عملت إلى مافيش اى حاجه كانت تتعمل و أنا ماعملتهاش و أنت عشان سافرت من بلد لبلد كده خلاص ، لأ مش خلاص و أسفك مرفوض ، أتفضل أطلع برا و أرجع على أول طيارة تانى لبلدك .
اقترب أكثر حتى ما عاد هنالك أى مسافه بينهما يردد : نغم ، أسمعينى بس.
أشاحت بيدها ناحية الباب و صرخت فيه : برااا.
لأول مرة تلمح الدموع في عيناه يتوسلها و هو يردد إسمها: نغم.
3
تحركت ناحية الباب و فتحته و صرخت فيه : قولت لك برا.. أسفك مرفوض .
ظل مكانه لثوانِ أملاً منه فى تغيير رأيها لكن ملامح وجهها المنزعجه لم تتغير و صرخت مره اخرى: قولت لك أطلع برا أرجع بلدك و اتجوز واحده أمك تختارها لك .
بجسد مثقل و قلب مكسور تحرك ببطئ ناحية الباب ، ألقى عليها نظرة أخيرة طويله ثم تحرك متجاوزاً الباب فالتفت تصفقه خلفه و تقع أرضاً منهارة.
_________________
وقف يضع يده على فمه فى محاولة جديدة فاشلة لكبت ضحكاته ، لكنه لم يستطع و هو يرى غنوة سطحت تلك الشقراء أرضا تجلس على معدتها بكل أريحية تضربها بغل و جنون و الأخرى تستغيث و قد  تحولت غنوة كلياً تضر الفتاه و تجذبها من شعراتها التى تتباهى بها و هى تصرخ فيها : عارفة لو شوفتك مقربة ناحيته تانى هعمل فيكى إيه ، هكسر لك أيد يمين و رجل شمال يا شمال و أخليكى تمشى تزوكى فى الشوارع، أنتى فاهمة .
حاولت الضحية الصراخ مستنجده : أااااه... أبعدى عنى .. أبعدى عنى يا بتاعة أنتى.. أاااه ، الحقنى يا هارون ، خلصنى من المتوحشة دى.
أشتعل جنون غنوة و ذهب عقلها كلياً و صرخت فيها: و كمان بتقولى إسمه ، أنا هعرفك إزاى تنطقية تانى
زادت ذروة غضبها خصوصاً و هى تراه يحرك قدميه و يقترب ملبياً طلبها فهتفت بحده : اثبت مكانك و إلا و الله هخليها خراب يا بيت خراب أنت لسه ما تعرفنيش أنا مجنونه.
1
حاولت الفتاه تخليص نفسها منها مردده : مجنونة على نفسك ، أوعى بقولك... أااااه... هموووت .. الحقنى يا هارون.
3
لكن هارون لا يستطيع التحرك من شدة استغراقه فى الضحك بطريقه هيستيريه تزداد مع زيادة جنون غنوة كلما نطقت تلك العقربة إسمه بميوعتها المستفزة .
و بلحظه خاطفة إستطاعت تلك الشقراء تخليص نفسها من تحت غنوة بصعوبة و حاولت الوقوف لكنها من شدة الضرب كانت كلما وقفت سقطت و غنوة تقف كى تجذبها لعندها من جديد و تشبعها ضرباً علها تستريح.
لكن الفتاه كانت تسير بأقصى قدرة لديها و هى تعرج على قدميها تفر خارجاً و غنوة تهم بالركض خلفها كى تلحقها و تضربها من جديد لولا يد هارون التى تمسكت بها بقوة و هو لا يزال لا يمكنه التوقف عن الضحك ، يرد من بين ضحكاته و جسده المهتز و هو يقبض بكل يد على ذراع : أهدى خلاص ، مشيت .
نظر على أصابع يدها و أظافرها التى تحولت إلى مخالب ،و هو يرى خصلات صفراء معلقه بين أصابع كفيها : إيه ده ، ههههههه قلعتى شعرها .
ضربته بغل مردده : أنت بتضحك على ايه.. أنت ليك حساب تانى و روقة لوحدك .
حاول التوقف عن الضحك ينظر لها بأعين لامعه و مد يده يهندم خصلاتها المشعسه أثر معركتها و ردد بفرحة : بتغيرى عليا يا غنوتى .
ضربته بكلتا يديها فى معدته فتأوه بصمت و هى قالت: أنا و لا بغير عليك و لا تهمنى أصلا و لو شوفت واحده مقربه منك قسماً بالله لانتف شعرها شعراية شعراية و أنت بقا هتتنفخ و تتسلخ و أوزع  لحمك فى أكياس زى خروف العيد.
4
تحركن كى تغسل وجهها و ترتب شعرها و هو ينظر لأثرها بزهول : خروف العيد ! و بعدين بقا فى أنثى الجوزاء إلى أنا وقعت فيها دى .
1
تحرك خلفها سريعاً و ذهب للمرحاض الذى وقفت فيه تغسل وجهها بالماء البارد ليقترب منها و بيده المنشفة يحتجزها بين جسده و الحائط .
أشاحت بوجهها بعيداً عنه و قالت: أبعد عن وشى الساعة دى أحسن لك.
مد أنامله لوجنتها يحرك وجهها كى تنظر له و بدأ يجفف لها وجهها بخفة و تأنى بينما يتأمل ملامحها البديعة التى انتشرت فيها الحمرة من العصبية و الغضب ، يرتكز بعيناه على أكثر ما يعشقه فيها و هى عيناها المرسومة ببراعة من الخالق سبحانه وتعالى.
و سأل مجددا: بتغيرى عليا؟
أشاحت بوجهها بعيداً عنه فأقترب منها بهدوء يلتقط شفتيها يقبلها بهدوء شديد .
يشعر بها مستجيبة تذوب معه فضمها له أكثر و هى زادت من ضمه لها كذلك .
أبتعد عنها بعد لحظات يردد بصوت خافت: طب و ليه بقا وجع القلب ، أنا تعبت من لعبة القط و الفار دى ، تعالى نعيش مع بعض لو أنتى مش محتجانى فى حياتك أنا محتجاك .
أغمضت عيناها بتعب و قالت : و تفتكر أنا مش عايزه ، مافيش حد قوى طول الوقت، بس أنا مش عارفه اتخطى حكاية بابا.
صمت بتعب ثم سحبها خلفه بهدوء حتى وصل للحديقة من جديد جلس و جذبها لتجلس فى أحضانه ثم قال بتروى : طيب تعالى نتكلم بالعقل.
تنهدت قائلة : عارفه هتقول إيه ، مش أنت إلى موته و لا أنت الى أخدت قلبه بإرادتك و لا حتى طلبت ياخدوا قلب منه أو من غيره و إنك كنت متخدر و بين الحياة والموت ، عارفه كل ده و ياما قولته لنفسى الفترة إلى فاتت ، بس كل مرة بقرب منك ببقى ناقمة على نفسى و كرهاها و بحس أنى إتسامحت فى إلى حصل لأبويا.
زم شفتيه بعجز ثم قال: طيب تيجى نحسبها حسبة تانيه ، مش يمكن كل ده حصل عشان نبقى مع بعض و قلب أبوكى يفضل ينبض جنبك ، و ماعلش لو إلى هقوله كلام قليل الزوق و الإحساس بس هو لازم يتقال و إسمعيه منى ، إلى عرفته إن أبوكى كان مريض كلى فى مرحلة متأخرة و الاتنين كانوا متدمرين هو ماكنش هيعيش سوى أيام معدودة.
همت لتصرخ فيه غاضبه بتقزز لكنه أحبط محاولتها و أكمل : عارف إن الأعمار بيد الله و إن حتى لو فدة مايبررش ابداً إلى حصل معاه ، بس ربنا بيمشى الأقدار فى طريق يخدم بيها أصحابها ، مصر فيها 102 مليون ، إشمعنى أبوكى بالذات إلى أخد قلبه .
صمتت بعجز و قد توقف عقلها عن التفكير ، نظر لها بصمت ثم تنهد مرددا: أنا من حبى ليكى لسه لا حاسبتك و لا حملتك حساب كل الكوارث الى سببتيها فى حياتى ، أنا اتسممت و اتضربت بالنار كذا مره ، سجنت عمى بسببك و خسرت صاحب عمرى بردو بسببك ، ده غير الصفقات الى راحت عليا مع لمى و أبوها بس بقول كل ده يهون قصاد انك معايا .
لكن مرة أخرى لم تجيب فوقف عن مقعده و ردد بحزم : أنا هقفل البيت و أرجع لك عشان نمشى بس على بيتى سواء كان عاجبك أو لأ ، خلاص خلصت فترة الدلع و أنا طولت بالى عليكى قولت أسيبك تستوعبى بس انا خلاص عايز حقى فيكى و مش هفرط فيه لو أنتى بقا متنازلة عن حقك فيا ف دى مشكلتك.
1
تركها بمفرها و ذهب يلملم أشياءه ثم عاد ليجدها باقية فى مكانها بصمت .
مد يده لها قائلا بلين : يالا .
وقفت بهدوء و تحركت معه دون جدال فجلس بالسيارة يشبك يده بيدها و هو فى طريقه للعودة إلى منزله .
______________________
وقفت أمامه تنظر له بتذبذب ثم ردت متلعثمة : و .. و أنا هعرفك منين ؟
ثم لثانية تبتلع غصة مريرة بحلقها ثم سألته بقوة : أنت تعرفنى ؟
شرد فى ملامحها الرقيقة و ردد : لأ ، بس.. حاسس اني أعرفك أو...
رفعت إحدى حاجبيها و سألت: أو إيه ؟
هز رأسه بتشتت ثم قال: مش عارف .
مد يده للسلام و قال: إيه رأيك نتعرف على بعض و نكون صحاب.
مدت هى الأخرى يدها و بابتسامة ذئب صافحته مردده : موافقه.



إبتسم لها لأول مرة في حياته كلها بعذوبة و قال : تعرفى إنك حلوة أوى
زادت إبتسامة الثقة على شفتيها و قالت: شكرا.
+
صمت لثوانِ فقالت بإستغراب : طب إيه ؟! هتفضل واقف هنا كتير ؟
نظر حوله فقالت هى : أنت فى أوضتى .
إبتسم مستدركاً ثم قال: طيب ممكن تغيرى و نسهر لوحدنا .
شدد عليها في الحديث مجدداً: لوحدنااا.
هزت رأسها موافقه فابتسم بسعادة بالغة و قال: أنا مستنيكى برا ، ماتتأخريش عليا.
هزت رأسها بابتسامة عريضة ترمقه و هو يخرج من الغرفه متوعدة له بالكثير.
بعد أمسية رائعة حظى بها معها على سطح السفينة وحدهم اسيقظ بابتسامة مشرقة عرفت طريقها لوجهة وحدها لا إرادياً .
باشر فى فتح عيناه و هى تلازمه يتمطأ بكسل شديد ، ليفتح عيناه على صوت صديقه الذى بدأ يردد : سيدى يا سيدى ، إيه الروقان ده !
تنهد ضياء براحه ثم ردد بصوت عذب سعيد : صباح الخير.
جاوبه رائف بحاجب مرفوع: يا صباح الروقان و المزاج العالى ، قولى إيه سر الاشراق إلى انت فيه ده ، و كنت فين طول الليل ، كلارا قلبت عليك الدنيا .
وقف عن سريره و قال : ششششش .. انا صاحى مزاجى عالى و مش عايز وش و لا زن خالص ، و بصراحه صوتك مزعجك .
أشار رائف على نفسه و ردد بصدمه : أنا صوتى مزعج ؟! دلوقتي بقا مزعج يا سعادة البيه !
أبتسم ضياء و رد عليه : أوى ، أنا كنت مخبى عليك من زمان بس جه الوقت إلى لازم أصارحك بيه بالموضوع ده.
ذهب للمرحاض سريعاً و هو يضحك بسعادة تاركاً صديقه خلفه يتفنن سبه بكل السباب النابى الذى يعرفه .
بعد دقائق خرج من المرحاض و قد بدل ملابسه ثم قال: أنا مش هرد عليك ، مش ناوى اعكر مزاجى خالص بصراحة.
هم ليتحرك و يخرج من الغرفه لكن اوقفه رائف قائلاً: أستنى عندك الأول ، قبل ما تروح لازم تبقى عامل حسابك و تعرف ، كلارا متضايقه منك جدا و مستحلفة لك .
هز كتفيه بلا اهتمام و قال : تمام تمام ... أوعى بقا من طريقى أنا خارج .
خرج سريعاً و رائف من خلفه متعجب لأحواله .
صعد ضياء عدة طوابق حتى وصل إلى المطعم، أنه ميعاد الفطور ، متوقع أن يجدها هنا .
دلف للداخل سريعاً ، وجد كل الرفاق مجتمعين ، تبعه رائف الذى تقدم خلفه بسرعه .
ظل ينظر هنا و هناك لكنه لم يجدها ، أقتربت كلارا منه و هى تلاحظ عيناه تدور فى المكان و على ما يبدو تبحث عن شخص ما ، تمسحت فى جسده مردده بدلال : كنت فين حبيبي ، معقزل كده تسيبنى زعلانة منك .
ضمها له و قال بابتسامة لكن باله مشغول : ماعلش ، راحت عليا نوما .
كلارا : مش كنا متفقين هتنام عندى امبارح.
وقف وقد نفذ صبره يقول : يوووه ..
أوعى.
وقف ينفضها عنه بلا مراعاة لمشاعرها او منظرها و هى تشعر و كأن قلبها قد شق نصفين ، لا تعلم ما هو الذنب الذى اقترفته فى حياتها حتى تغرق فى عشق شخص مثل ضياء.
و هو لا يهتم ، يبحث الأن على من شغلته و شغلت تفكيره .
فى غرفة تقى و نادين .
كانت قد انتهت من تضفير شعرها على شكل جديلة فرنسية و نادين تقف بالقرب من الباب مردده : أنا خلصت ، هطلع انا و استناكى ، اوكى ؟

نظرت لها تقى فى المرأه تهز رأسها: أوكى.
فتحت نادين الباب لتخرج لتشهق مصدومه و تغلقه بسرعه فالتفت نادين على مقعدها تسأل بقلق : مالك فى إيه ؟
أقتربت منها نادين تردد : ضياء ، شكله بيدور عليكى و جاى على هنا ، مش بتقولى جالك هنا امبارح ، يعنى عارف طريق أوضتك.
إرتبكت تقى و قالت: يا نهار ابيض.
تمسكت بنادين و قالت: بقولك ايه ، انتى مش هتسبينى و تخرجى ، أنتى فاهمة .
اتبعدت نادين عنها سريعاً و قالت بتلاعب و خبث : و أنا مالى يا ختى ، واحد و مراته مايصحش أتدخل ما بينهم ابدا ، ده حتى حرام .
أتسعت عينا تقى برعب و هى ترى نادين تبتعد باتجاه الباب تناديها : نادين ، زفتته .
بينما نادين تلوح لها بيدها مغادره: سكسكيوزمى .. باى باى يا قطه .
خرجت و هى غير مبالية بسباب تقى لها ، بينما هرولت تقى تجمع اغراضها و تجلب رباط شعرها كى تنهى به جديلتها تستعد كى تلبس حذائها بأهمال كى تخرج قبلما يدلف هو لعندها.
كادت أن تفعل لكنه تلقاها عند الباب ، توقفت مرتبكة عيناها متسعة .
أبتسم بجانب شفتيه معجب بطلتها ينظر لقدميها التى لم تدخل فى الحذاء الرياضي بالكامل و جديلتها التى لم تُضفر إلا لنصفها و بيدها رابطة شعر بشكل طفولي لذيذ.
أقترب منها عدة خطوات عادت على أثرها هى للخلف مما سمح له بالدخول و أغلق الباب خلفه أيضاً .
ظل يقترب منها و هى تعود للخلف بقلق حتى اصدمت بحافة الفراش فوقفت.
نظر لها نظره شموليه و هو يود أكلها كلها ثم قال: كنتى خارجه كده خلاص يعنى ؟ شكلك مستعجله.
حمحمت تحاول إخراج أى حديث من حلقها لكن لم تستطع.
شهقت بخفوت و هى تشعر بكفيه على كتفيها يضغط عليهم كى تجلس ففعلت و تفاجىئت به يجلس بجوارها ملاصقاً لها حرفياً ، ثم تناول جديلتها يكمل تضفيرها لها و هو يقول: من كتر ثقتك فى نفسك و فى جمالك خارجه و أنتى مش مكملة أى حاجة
2
أبتسم لها ثم قال : حقك ، أنتى جميلة أوى .
رفعت عنياها عن الارض تنظر لأصابعه التى تجدل لها شعراتها ، يثقل تنفسها و هى تشعر بأنفاسه قريبه منها جداً ، ثم ارتفعت بعينها لوجهة فوجدته ينظر لها بتيه مردداً و عينه تجوب كل ملامح وجهها : أجمل ما شافت عينى.
2
لم يعطها الفرصه لتستوعب كلماته كى و هو يصنع الصدمة الأكبر بعدما جلس ارضا على عقبيه يربط لها رباط حذائها الأبيض .
نظر لها برضا ثم قال: كده بقينا جاهزين .
مد يده لها فوقفت بإرتباك ، أقترب منها مبتسماً ثم سأل : ما فيش حاجه عايزه تقوليها لى ؟
استغربت ما يقول ، سقط قلبها بين قدميها ، هل كشف أمرها و ينتظر منها هى أن تبادر و تحكى.
بقت صامته بخوف إلى أن اقترب من اذنها مردداً: يعني مثلاً أنتى وحشتنيني أوى ، أنتى بقا إيه ؟
ظل منتظر لأى جواب منها و سأل: إيه ؟ مافيش اى حاجه خالص كده!
حمحمت بارتباك و أحمر وجهها من قربه المهلك منها ، فاتسعت إبتسامته مردداً بتنهيدة حاره : أنتى ليه حلوه كده .
ضحكت .. ضحكت بألم على سخرية القدر هل الأن فقط أصبحت حلوه فى عين من كان السبب فى كل نوباتها النفسية.. تباً بل سحقاً له ، لا يتسحق أى شفقة او رحمة ، يحرم العشق على أمثاله.
2
فهم صمتها الحاقد على أنه خجل فقرص وجنتها الممتلئة مردداً: و أحلى من جمالك بقا كسوفك ، خصوصاً لما يبان على خدودك إلى محتاجه تتاكل أكل دى .
أبتسمت بأهتزاز ، تبخل عليه حتى بالإبتسامة ثم قالت: كنت جاى هنا لحد ، صحابك فى اوضة من الأوض إلى جنبنا ؟
قرص وجنتها الثانيه ثم قال: لأ ، جايلك مخصوص ، مش عارف أقعد من غيرك ، فيها حاجه دى ؟
لم تكن متجهزة للرد على حديثه الصريح ، زاد عليها الأمر و هو يقول لها : كمان شوية المركب هتقف فى أول بلد ، بتفضل واقفه طول اليوم عشان تسمح للركاب لو عايزين يعملوا تور فى كل بلد تقف عندها ، عايزين ننزل من غير ما حد ياخد باله .
سألت بأستهجان: ليه .
اقترب منها يتنهد بلهفه : مش عايز حد منهم ييجى معانا ، عايز أبقى معاكى لوحدى ، أوكى ؟
صمتت لا تعرف بماذا تجيب لكن على ما يبدو انه لا ينتظر الرد.




______________________
كانت تسير فى الشوارع لا تعلم إلى أين تذهب ، منذ ليلة أمس و هى مختفية ، قلبها يأكلها عليها ، غنوة بمثابة إبنتها التى لم تلدها .
كانت تضرب كف بأخر و هى تسير فى الحاره قاصدة بيتها تتفقده ربما عادت .
شعرت بظل خلفها يتبعها منذ فتره ، إلتفت بعصبيه ترفع حاجبها الأيمن مستنكرة بعدما ألتفت و لم تجد أثر لأى شخص خلفها.
سحبت نفس عميق و تعمدت السير لعدة خطوات إلى أن توقفت و رأت ظل لشخص ضخم قليلا يتوارى خلف عمود عريض لأحد المحلات .
سارت ببطء شديد إلى وصلت له و قبضت على ملابسه تهز فيه للأمام و للخلف مردده : بقا مش مكسوف على شيبتك بذمتك ، دى عمايل راجل كبير ، طب أعمل لأخرتك ده انت رجلك و القبر .
حاول نفض يدها عنه يقول بإعتراض شديد : لاااااا ، مين ده اللي رجله و القبر بعد الشر عليا.
تركت ملابسه و هزت رأسها تصيح : إيه هتعظم على إلى خلقك ؟
اقترب برأسه منها متحرشاً يردد : لأ بس أنا مش هموت دلوقتي ، أنا حاسس قلب المؤمن دليله.
صدرت عنها ضحكه رقيعه مستهزءه تردد : حوش حوش ، أبو كاس بقا مؤمن ، اختشى على دمك ده انت حتى صاحب تربيزة .
2
ذم شفتيه و هو يسب هارون بداخله بالتأكيد هو من أخبرهم على إدمانه لعب القمار .
نظر لها بنظره غير بريئة ، يدلك كفه على صدره مرددا: طب ما لو تكسبى فيا ثواب ، و أتوب على إيدك ، ربينى من جديد .
نظرت له بنزق ثم صاحت : يا نوغه ، قال على رأى المثل بعد ما شاب ودوه الكتاب .
رفض ما قيل رفضاً قاطعاً و اعتبره يمس كرامته و صاح و هو يشيح بيده عالياً: لاااااا ، ده كله إلا كده ، ده مين ده اللي شاب.
أبتسم بزهو يعدل ياقة قميصه و أكمل : طب ده أنا حتى بفكر اخش دنيا و أتجوز .
أشجان: تتجوز ؟ يا راجل أختشى على دمك ، ده يالا حسن الختام بدل ما تقول أعمل لأخرتى تقول أتجوز ، و مين دى إلى هترضى بيك يا نضرى.
أبتسم بإتساع و جاوب : إنتى.
صاحت بعلو صوتها فى قلب الحارة تردد : إيه إيه.. إيه إيه ، ده انت الظاهر عليك اتخبلت فى مخك ، قال أنتى قال ، ده أنت رجل برا و رجل جوا ، ده أنت إلى فى سنك بيقول للدنيا سلامات ، قال اتجوزك قال .. روح شوفلك تربى أترمى فيها .
رد بأسف مصطنع: ليه بس كده ، و لا عشان زبدة سايحة يعنى هتتنكى عليا ، بس حقك ، حقك تتدلع يا جميل و أنا صابر أوى و بالى طويل .
صرخت أكثر و لم تستطع الصمود أمامه : يالهوووى ، ضغطى علي منه ، هيجلطنى ، تعالى لى هنا .
قبضت على ملابسه من جديد بغل و بدأت تردد : إيه.. هى العيلة دى عايزة منى إيه ، إبن اخوك من ناحية و أنت من ناحية ، إيييه .. ناويين تموتنا بجلطه فى الدماغ و لا ساكته قلبيه.
زاد من جلطه لها ورفعه لضغطها ببراعة و هو يردد بإستفزاز : الله ، إيدك طريه أوى ،هز فيا يا جميل و لا يهمك ، بس براحه عليا عشان ركبى ما أنتى عارفه .
1
صاحت عاليا و هى تشعر ببداية ألم فى كتفها : يا خراااااااابااااى.
قاطعها و هو يتلمس حقيبتها مرددا: تلفونك باينه بيرن يا زبدة .
تركته بغضب فوقع فجأة منها لتردد : أمسك نفسك يا حزين ، قال و ناوى تتجوز ، أصوم أصوم و أفطر على بصله .
1
جاوبها بسرعه : و ماله البصل ، و الله مظلوم ده مافيش أكله تنفع من غيره .
جلبت هاتفها من الحقيبه ترد عليه : صح بس مصنن .. ريحته مش و لابد ، زى ناس كده إسم الله على مقامك.
نظرت للهاتف منتبهه و ترى تبصر رقم غنوة أمام عينها فجاوبت سريعاً بلهفه : انتى فين يا بت من امبارح ، قلقتينى عليكى.
صمتت تستمع لردها و عينها تتسع بغضب ثم قالت: نعم نعم ، بتقولى عند مين ، طب إقفلى ، إقفلى .
أغلقت الهاتف سريعاً ثم نظرت لكاظم و قالت : قوم أصلب طولك ، و لا مش عارف.
وقف سريعاً يقول: مين قال كده ، ده الدهن فى العتاقى.
نظرت له شزراً ثم قالت: إخلص و من غير و لا كلمة ودينى للي يولع فى دماغكوا .
هز رأسه و قال بجهل: هو إيه ده ؟
صرخت فيه بغضب : بيتكوا ، بيتكوا يا خويا ، هتخلص و لا أتصرف أنا
تحرك على الفور يردد بوجه متهلل : لأ هخلص طبعا هو أنا فى ديك الساعه ، ده البيت هينور .. إن شاء مش هتخرجى منه المره دي.
قالت قبلها تتحرك و هى تهز كتفها بكبر و دلال : ده لما رجلك تسلم على قفاك .
تحرك خلفها سريعاً و هو يرمق جسدها من الخلف يردد: هتسلم إن شاء الله.
لم تهتم له كثيرا كل أهتمامها بتلك التي على ما يبدو قد رضخت لخيار لقلبها ، بينما كاظم يفكر من أين سيجلب مأذون الآن و هل يسألها إن كانت تحمل بطاقة هويتها ام يصمت .
_______________________

جلست تتابع الأخبار ، تستمع بتركيز إلى مدير أعمالها الجديد الذى بدأ بسرد كل خطط يوما لكنها قاطعته بتحفز : لأ لأ.. سيبك من كل ده ، أنا عايزة اعرف الموظفة إلى إسمها غنوة صالح جت النهاردة و لا ما جتش.
توقف عن التحدث يرمش بعيناه ذات الاهداب الكثيفه و قال: مم.. مش عارف يا فندم، أنا ما لى و مالها دلوقتي إحنا لازم ننظم سكدجول اليوم عشان نعرف نقدم إيه و إيه الى ممكن يتأخر لآخر اليوم و بردو الميتنج إلى كمان نص ساعه لازم حضرتك تكو....
قاطعته بحده و غضب تضرب بيدها على سطع المكتب و قالت بإصرار : تروح حالا تشوف هى جت و منتظمه فى شغلها و لا لأ، و تدور وراها تعرفلى لو مسببه أى أخطاء فاهم.
صمت لثوانِ يزم شفتيه بعدم رضا فصرخت فيه : سامعنى .
تنهد بهدوء ثم قال بإذعان : سامع يا فندم ، أى أوامر تانيه ؟
اشارت له لمى بعينها للباب و قالت: اتفضل روح دلوقتي لو سمحت و تيجى بسرعه تعرفنى.
خرج من عندها و هو غير راضي تماماً عن ما يحدث ، لقد أتى لهنا فى وظيفة مساعد المدير التنفيذي لشركة مختار جروب وليس كمرشد أو (عصفوره ) على زملائه.
ما أن فتح الباب حتى دلفت السكرتيره ترغب فى قول شيء لكن بادرت لمى تردد و هى تضع أصابعها على رأسها من الألم: قولى لهم يجيبولى القهوة بتاعتى بسرعه.
جاوبتها السكرتيره على الفور : حاضر ، بس.. فى ظابط برا طالب يقابل حضرتك.
جعدت لمى ما بين حاجبيها و سألت : ظابط ؟ عايزنى انا ؟ ليه ؟!
السكرتيره: مش عارفة يا فندم
تنهدت لمى و قالت بتفكير : طيب دخليه ، خلينى أشوف في ايه ؟
هزت السكرتيره رأسها إيجاباً  ثم ذهبت للباب تقول لمن يجلس فى مكتبها منتظراً : أتفضل يا فندم .
دلف سريعاً و على وجهه إبتسامة عذبة يقول: صباح الخير.
شهقت لمى بخفوت ، رضوان ... كيف نسته؟ كان لابد و أن تتوقع أنه هو من يريدها .
وقفت عن كرسيها تقول باحترام و هى تمد يدها له : أهلا أهلا حضرة الظابط ، الشركه كلها نورت .
وقف أمامها بطوله المهيب و طلته الخاطفة للأنفاس يقول: الشركه منوره بيكى .
اشارت له على أحد المقاعد المقابله لمكتبها و قالت : أتفضل اتفضل .
جلس و هى كذلك ثم نظرت للسكرتيرة و قالت: أطلبى لنا أتنين قهوة لو سمحتى.
نظرت لرضوان و قالت : و لا الباشا يحب يطلب حاجة تانيه.
أبتسم رضوان بكياسة ثم ردد بوقار : لا هى القهوة تمام .
نظرت لمى لسكرتيرتها تعطيها الأمر بالذهاب ، ففعلت و أغلقت الباب خلفها .
ظل الصمت هو الأمر الواقع لمدة دقيقة كامله كل منهما ينظر للأخر و لا يوجد من يبادر بالحديث.
نظر لها بجانب عيناه ثم قال : لأ مش هتكلم غير لما أشرب قهوتي ، مصدع أوى.
ضحكت بمرح على أفعاله ، رضوان شخص متزن جدا فى كل شىء ، يوازن ما بين العصبيه و الهدوء ، الهيبه و المرح ، حتى فى جماله متزن .
لا هو الوسيم وسامة قاتله و لا هو ذاك المشعث ، هو الوسط فى كل شىء و لا يوجد فعلياً ألطف من هذا .
كان ينظر لها شارد فى ضحكتها الجميلة ثم قال: أنا بصراحة معجب جدا بقوتك فى مواجهة كل امور حياتك ، واحده غيرك كان زمان إلى حصل معاها ده هدها ، بس شايفك ما شاء الله ، قاعده فى قلب شغلك و مالية مركزك و مدورة الشغل زى الوالد الله يرحمه ، براڤو بجد .
أبتسمت ابتسامة ساخره ، الحزن يملئ عيناها ، من لا يعرف لا يدرك ، الكل يحكم بالمظاهر.
و هو صادق ، من يراها يجزم بأنها قويه و إستطاعت تخطى كل شيء و هى الآن تجلس فى قلب عملها تتابع شغلها و تنجز فيه أيضاً.
و لا أحد يعلم او يتوقع أنها هنا كل شغلها الشاغل مراقبة و عد أنفاس غنوة ، هارون نفسه لا تهتم له او يفرق معها كثيراً و ان حدث وشكل فرقاً فحتما لأنه يتعلق بوجود غنوة .
تلك الفتاة ، لقد ارتبط مصيرهما معاً ، لن تتركها و شأنها ، الأمر أصبح شخصى إلى الحد الذي لا حد له .
خرجت من شرودها على صوت الباب يفتح و دلف من بعده أحد السعاه يحمل صينيه عليها أكواب القهوة مع المياه ، وضعها و أنصرف.
أرتشف رضوان القليل من فنجانه ثم قال بتلذذ: واو ، حتى القهوة هنا بيرفكت .. أنا كده هاجى كل يوم أخد قهوتى الصبح عندك قبل ما أروح الشغل ، أنتى مش متخيله الشغل فى القسم بيجيب لى صداع و قرب يجيب لى قراع .
ضحكت لمى ثم قالت : لأ يبقى لازم تيجى تشربها معايا كل يوم عشان تبقى مصحصح كده و مركز ، ده كله إلا خدمة الوطن.
قهقه عليها ثم قال بسرعه: أنا كمان شايف كده.
صمتت تنظر له ، بحديث ضمنى كأنها تقول بلا حديث ( ها سمعاك ، جاى فى إيه)
فهم عليها سريعاً ، لم تكن نظرتها تحتاج للتفسير ، حمحم بإرتباك ثم قال بعدما وضع فنجانه : أنا كنت جاى لك بخصوص قضية معالى الوزير الله يرحمه .
فقالت بأهتمام : هى بقت قضية؟ مش قولت لى هتتقيد ضد مجهول  !
صمت لثوانِ متنهدا ثم قال: حالتك ساعتها ما كنتش تسمح انك تعرفى ، ده غير إن في تفاصيل جديده ظهرت.
سألت بأستهجان : زى إيه ؟
رضوان : زى أن فى حد من الكبار...الكبار أوى ، تقدرى تقولى كده إنه الراس الكبيره بتاعتهم دخل لمصر من يومين و ده له معانى و توقعات كتيره أوى و للأسف كلها مش حلوه.
فردت بعصبيه : طب و مستنين إيه ، ما تقبضوا عليه !
تنهد بتعب ثم قال: بتهمة إيه ؟ جاى يزور الأهرامات مثلاً ؟
صمتت تنظر له  فقال من جديد: الفتره الجايه لازم تاخدى بالك من أدق التفاصيل و أنا دايما هكون على إتصال بيكى و لازم كمان ....
قاطعهم دق مهذب على الباب و دلف من بعده مدير أعمالها ينظر لها بصمت.
كأنه قد قرأ الوضع و تفهم لذا قرر تأجيل الحديث فيما طلبته ، لكن هى لم تتفهم او تصبر و سألت : ها عملت ايه ؟
جعد رضوان ما بين حاجبيه مستغرب و بقى منتبه بأهتمام لحديثهم حيث رد عليها الواقف بالباب : ماجتش النهاردة يا فندم و المفروض أن فى ميتنج مهم هى تنظمه بس للأسف ماحلصش .
وقفت بعصبية و قد فارت أعصابها بنجاح ما أن تعلق الأمر بغنوة و قالت : تتصلوها بيها تيجى فوراً ، شكلها نسيت نفسها ، بعد نص ساعه عايزه كل حاجه تكون تمام و لو ما حصلش تعرفنى .. اتفضل نفذ.
ذهب من أمامها سريعا ، لم يعمل معها ليومان على بعض و بدأ فى سب حاله كونه تقدم لتلك الوظيفه بل و دعا ربه أن يُقبل بها .
فيما إلتف رضوان للمى و قال : فى مشكله ؟
حاولت سحب نفس عميق ثم قالت : لا تمام تمام.
وقف بهدوء ثم قال : طيب أنا بقول تيجى معايا دلوقتي عشان تتابعى مجريات القضية ، فى حاجات كتير لازم تاخدى بالك منها عشان أنا متأكد أنه هيحاول يتواصل معاكى .
لم يكن كل تركيزها معه ، و لا حتى جزء منه ، هى فقط تضم قبضة يدها تفكر فى تلك الحرباء البجحة التى تجرأت فى كل أفعالها إلى أن وصل الأمر بها لأن تستهر علناً بلمى مختار.
نادى عليها رضوان : لمى .. أنسة لمى .
انتبهت له من بعد شرودها تردد: هااا ! كنت بتقول حاجة ؟
فرد بحِلم : بقولك أنه أكيد هيتواصل معاكى لازم تيجى معايا القسم نتناقش فى الموضوع ده.
لكنها لا تستطيع ترك غنوة و شأنها هكذا خصوصا الأن فقالت: أكيد هيحصل ، هفضى كل مواعيدى فى يوم و أجى.
تنهد بإستسلام ثم قال : تمام ، منتظرك.. ممكن بس رقمك عشان انسق معاكى المواعيد ، انتى عارفه معظم شغلى بكون مش فى المكتب.
تبادلا ارقام هواتفهما على الفور و ذهب بعدها ليتركها تجلس و النار تأكل أحشائها تخطط لتلك الحقيرة .
__________________
وصل بسيارته داخل بيت الصواف ، ترجل منها و إلتف حول السيارة يفتح لها الباب مرددا: نورتى بيييتك يا غنوتى .
ترجلت هى الأخرى مبتسمة تشبك يدها فى يده قائله : شكرا.
تقدمت لجواره حتى دلفا للداخل ، اغلق الباب و نادى إحدى الخادمات يسأل عن عمه فأخبرته أنه قد خرج.
تقدم من إحدى الارائك يجلس عليها بأريحية و ضمها له بقوة فسقطت لجواره ، أحتضنها بسرعة و هو يضحك بسعادة مردداً : خير ما عمل ، أخيراً يا غنوتى هستفرد بيكى.
ثم قذق لها قبله فى الهواء فنهرته بحده: ولاااا .
هارون : إيه بس .
ضحكت مكملة : ماحبش البوس على الهواا.
ضحك متفاجئ من الجانب الآخر المستتر الذى لم يكن يعرفه بغنوة ، ذلك الجانب العابث الخالى من الحياء.
صفق بكفيه يردد : الله ، طلعت سافله ، أنا بحب كده اوى.
قربها منه أكثر ثم قال : بلاش على الهوا .
ابتعدت عنه تصيح: انت فاكرنى عيلة هتضحك عليا ، نعمل إشهار الأول ، و عايزه فرح..كبير  ، و فستان ، لا اتنين فيرست لوك و ساكند لوك .
+
صاح عالياً: إييية إيه . حيلك حيلك ، ده هياخد وقت كتير اوى ، انا بقول النهاردة نكتب الكتاب و ننزل خبر على كل الصفحات و المواقع ، أظن مافيش أكبر من كده إشهار.
وضعت يدها فى خصرها تسأل : طب و الفرح ؟ و الفيرست لوك و ساكند لوك ، ده انا غنوة صالح اشطر ويدنج بلانر فى مصر كلها .
حاول الاقتراب منها كى يحظى بحضن منها : عادى يا حبيبتي ، باب النجار مخلع ، كل الى بتقوليه ده هياخد وقت كتير و أنا خلاااااص مش قادر ، الحقى روحك بدل ما الحقش أمسك نفسى عنك و نبقى نعمل الإشهار فى طهور إبننا .
3
هم ليقترب منها لكنه توقف كمن صعقته الكهرباء على صوتها ، و من غيرها ، عفريت حياته و كابوسه الأزلى تصيح عالياً: شيل ايدك عنها جاك كسر إيدك
ضحكت غنوة و هو عض كفه ندم وقهر يصرخ : منك لله.
فى نفس التوقيت وقف ألبير أمام أحد الضباط في مطار برج العرب فى الاسكندرية ، يختم له جواز سفره ثم أبتسم فى وجهه مردداً : Welcome to Egypt.
دلفت للداخل مهروله تمكن الغيظ منها ، مجرد رؤيتها لذلك البنى آدم المدعو هارون تتمز من الغيظ .
فتقدمت تبعده عن غنوة بحده ثم قالت : ايييه .. أنت مفكرها لحمة عند جزارين و لا ايه ، شيل ايدك عن البت.
نظرت لغنوة ثم قالت: و انتى حسابك معايا بعدين.
وقف هارون من مكانه يحاول كظم غضبه ، وضع غنوة خلف ظهره و قال لها : هو ايه اللي شيل ايدك و حسابها معاكى بعدين إزاى مش فاهم ، أنتى أصلا إلى إزاى تتدخلى بينا ، واحد و مراته يعنى المفروض قبل ما تدخلى علينا مره تانيه فى أى مكان تخبطى ممكن نكون فى وضع مش و لابد و لا خالعين هدومنا مثلاً.
4
أتسعت عيناها منه ، لقد طمع فى كل البجاحة و الوقاحة التى خلقها الله فاتخذ الحجم الأكبر لنفسه.
تقدمت منه أكثر تردد : تخلع هدومك مع مين يالى ما تتسمى أنت ، أختشى على دمك عيب ، بس هقول ايه ، ما أنت خلاص قلعت بورقع الحيا ، و لا قلعته أزاى هو أنت كنت لابسه أصلا عشان تقلعه.
أغمض عيناه و هو يهز رأسه بنفاذ ثم فتحهم يصرخ فيها: أختشى إيه و عيب إيه ، بقولك مراتى ، انتى بتفهمى بأنهى لغة .
عادت نفس ضحكتها الريقعه تردد : هيهاااااى .
مسح كاظم على صدره و هو يقول : أموت أنا.
13
إلتفت له تزجره بعيناها ثم قالت: أخرس خالص .
عاودت النظر لهارون تهتف بحده : مرات مين يا أبو مراتك ، حد قالك يا واد أننا داقين عصافير ، تعالى ، تعالى يا واد أمسح الريالا يالا .
أقترب كاظم و هو مازال يدلك صدره و بعينه نظرة تحرش يقول : و ييجى هو ليه ، ما أنا فى الخدمه أهو .
ضربته على صدره بحده ثم نهرته بأمر: أسكت أنت.
كاظم : حاضر .
9
تقدمت من هارون و قالت : أسمع يا جدع أنت ، من غير كلام كتير لافينى البت إلى ورا ضهرك دى خلينا نطلع من هنا من غير عوء ، أنا مش هدخل السجن فى واحد زيك.
حادت بنظرها تنظر لغنوة المختبئة خلف ظهره و قالت: و أنتى يا حلوه يا غندورة متخبية فيه ، ده انتى نهار أمك ازرق نيلا ، أسود غطيس ، احمر زى الدم ، فوتى قدامى.
1
ظهرت غنوة من خلف ظهر هارون و قالت و هى تشير لها تحاول محادثاتها بهدوء: أهدى بس يا أشجان ، أنا بقول عفى الله عن ما سلف و .. و بصراحة كدة أنا... أنا بحب هارون و عايزة أكمل جوازنا.
شهقت بفزع مصدومه لا تصدق ، كذلك هارون لم يكن حاله أفضل منها ، بل صدم هو الآخر من أعترافها العلنى الصريح .
يذكر أنها قد صرحت بذلك مسبقاً قبلما يتزوجا مباشرة لكن اليوم له طعم آخر ، فذلك اليوم كان نصف اعتراف ، يتخلله مشاعر متخبطه ما بين الصدق و الزيف المتداخل مع خطتها آن ذاك .

اقترب منها بأنفاس مخطوفة و عيناه لامعه يمسك كفيها بكفيه مردداً : أخيراً قولتيها يا غنوتى ، أنا كمان بحبك أوى و نفسى أقضى عمرى كله معاكى ، مش عايز أبعد عنك ابدا ، أوعى أنتى تبعدى عنى .
تفزز جسد كل منهما على صوت أشجان: ما نجيب شجره ... نجيب شجره بقا و كوباية ليمون نسقط فيها شفاطين .
مص كاظم شفتيه يردد خلفها : شفاطين ؟! حرشه أوى.
10
أغمض عيناه يصك أسنانه بغضب ، حتى فى أسعد لحظات حياته تقفز فيها گ الكنغر و تفسدها عليه.
إلتف لها و هو يشيح بيديه گ المجنون: أنا عايز أفهم انتى إيه... ردى عليا أنتى إيه و طلعتى لى منين ؟ مكتوبه عليا مثلاً و لا اتبليت بيكى امتى ؟ أنتى يا ست أنتى منكدة عليا عيشتى و مبوظه كل لحظات حياتى.
تقدم كاظم يقف بينهما بصدر منفوخ يقول : بسسسس .. حلها عندى .. عقابها الوحيد أنها تتجوزنى .
هز هارون رأسه يردد : فعلاً ، ده أقسى عقاب من ربنا ليك و ليها .
صرخ بأعلى صوته ينادى البواب الذى تقدم سريعاً و هو يهرول: أمر يا باشا
هارون: أتصل هات المأذون بسرعة.
أتسعت عيناها برعب و تحركت سريعاً تلوذ بالفرار مردده : مأذون لمين يا مجنون يا أبن المجنونه ، و دينى لاوريك أنت و عمك الكهنه ده ، سلام أنتى يا غنوة يا اختى و أنا هجيلك بعدين .
4
ركض كاظم خلفها يلحقها مرددا : أشجاااااان ، أستنى يا أشجااااان.. ما انا هتجوزك يعنى هتجوزك .
خرج كاظم ورائها و هم هارون للتحرك بعصبية و غضب خلفها يردد: أنا مجنون إبن مجنونة ، طب قسماً بالله ما هى خارجه من هنا سليمة
تمسكت غنوة بذراعه سريعاً توقفه : جرى إيه يا هارون أنت هتعمل عقلك بعقلها  .
هتف بحده: دى بتشتم أمى ، كله إلا أمى و بعدين أعمل عقلى بعقلها إيه دى مخها ذرى ، دى أنصح منى.  منك و دينى ما سايبها .
تمسكت بذراعه أكثر ثم قالت بدلال و أعين لامعة: و هتسيبنى لوحدى ، ده انا ما صدقت إتصالحنا .
نسى أشجان و ما قالته و إلتف لها مرددا: أيوه عندك حق ، أشجان إيه و بتاع إيه ، أصلا كفايه عليها كاظم ، تعالى لى بقا يا حلو أنت يا حلو .
ضمها له بقوه يطبعها داخل أحضانه مرددا: كنتى بتقولى إيه بقى ؟
أقترب منها كى يقبلها فابتعدت معترضه : هاروون .
لم يهتم لحديثها و هو يردد بحده و نفاذ صبر: بلا هارون بلا زفت ، ما جننتى هارون خلاص .
اقترب منها و انعدمت المسافه نهائياً و هو يردد : خلاص بح هارون ، أنتى ملكتى هارون يا مراتى يا حلوة أنتى ، و المأذون على وصول و خلاص ما فيش خروج من البيت خالص و لا هسيبك تفارقينى ابدا.
تقرب رويداً رويداً منها يلاحظ هيامها التام به و بكلامة الجميل تغمض عيناها مرحبة جداً بقبلته التى عرفت طريقها لشفتيها ، تتقبلها بنهم و عطش شديد كى ترتوى و تروى ظمأه أيضاً.
_____________________________
جلست على طرف الفراش حزينه تتذكر ذلك اليوم حين أصر والدها على عدم ذهابها بعد إتصال صاحبه يحيى به الذى لم يخبره بالطبع عن عودة وحيده من الخارج ، و لم يتثنى لها هى الأخرى أخباره و لا التحدث بما يجول فى صدرها كى لا تزد من تعبه عليها.
خرجت من شرودها على صوت نور التى قالت : أااه ، مش قادره خلاص همووت ، درسى بيوجعنى .
نظرت لها زينب و قالت بتعاطف : طيب قومى خدى مسكن .
نور : مش عارفه عندى و لأ ، تعالى الأول قيسى الفستان ده كنت جيباه هدية لواحده صاحبتى و هى فى نفس كيرفاتك كده .
لكزتها زينب مردده : أنتى قليلة الأدب.
نور : يالا إخلصى .
وقفت معها سريعاً و وقفت عند المرأة و بسرعه جلبت نور فستانها تقول : افرضى بقا بوز أهلك ده ، ما خلاص بابا زعق له و قدامك و هو من ساعتها متجنبك خالص.
ضحكت زينب بسخريه مرددة : هو كده عمى زعق له ، الزعيق اتطور أوى الأيام دى.
بدأت نور تخرج الفستان من الكيس البلاستيكي الطويل و هى تقول: خلى بالك يوسف بردو ليه وضعه يعني إلى عمله بابا ده يعتبر حاجه جامدة جداً .
شهقت زينب بصدمه بعدما رأت الفستان و قد خرج من كيسه: يا خبر أسود و مقندل فوق دماغك ، هو فين يا بت الفستان .
ضحكت نور و هى تقبض قى يدها على ذلك الفستان الأحمر القصير جدا و لا يحتوى على حاملات حتى ثم قالت: أهو هو ده ، ده انا دافعه فيه دم قلبى ، لازم أرد لها هديتها ، كانت جايبه لى سلسلة غاليه و شنطه ماركه.
زينب : غالى إيه و رخيص إيه بقولك ده عريان خالص ، مش هيدارى حاجه أصلا.
التفت نور حولها تقول : مش قصتنا خالص دلوقتي ، البسى على ما أنزل المطبخ أدور على مسكن ، أوعى تغيريه قبل ما أجى و اشوفه ، أوكى .
اماءت لها زينب موافقه و خرجت نور.
بدأت زينب تقلب فى الفستان بتقزز و نفور تسأل اين صدره من ظهره.
بعد دقيقه واحده كانت تقف أمام المرأه مبهوره ، بنفسها و بهيئتها فى ذلك الفستان الرائع ، لقد وقعت في غرامه ، بل وقعت فى غرام نفسها و هى لأول مرة تجرب تلك الأشياء على جسدها و ترى كيف ستبدو فيها .
لم يسبق و أن جربت أو حتى ساقها عقلها لأن تجرب الفساتين العاريه او حتى قمصان النوم النسائيه على جسدها.
هى تكتشف نفسها و جسدها لتوها الآن بذلك الفستان ، لقد غيرت رأيها ، لم يتوجب عليها التسرع فى الحكم عليه ، إنه رائع ، بل أكثر من رائع حقا و يستحق ثمنه .
إلتفت تنظر لضهرها الظاهر فى المرأه ... دارت و هى تراه يبرز مقدمة نهديها بسخاء مخجل و بدأت تردد : حلو حلو حلو ، بس عريان سيكا .
نظرت على فخذيها ناصعى البياض و هما ظاهران منه و لا أكملت: لأ ده هو عريان خالص ، بس حلو ، هياكل منى حته ، ياختى عليا و على حلاوتى ، أجنن.
حلت وثاق شعرها القصير فانسدل لنصف عنقها و بقى النصف الباقى لامع كالمرمر مع مقدمة صدرها أيضاً تبتسم فى المرأه و هى تكتشف أنها فتاه رائعة الجمال جدا جدا.
بنفس الوقت.
خرج من غرفته سريعاً بعدما تعدل جهاز الكمبيوتر الخاص به ، قاصداً غرفة شقيقته لترى ما به يعرف أنها بارعة فى ذلك التخصص كونه من صميم دراستها .
فتح الباب على حين غفلة و وقف بصدمه و هو يرى زينب تقف فى منتصف الغرفه عند شقيقته نوى و هى ترتدى ذلك الفستان المهلك ، توقفت قدماه عن السير و بقى ينظر لها مسحور و لا ينطق .
أتسعت عيناه بصدمة ، بل سلبت أنفاسه ، لا يصدق ما يراه للتو .
صرخت فى وجهه و تحركت سريعاً للحمام المرفق بغرفة نور .
خرج و أغلق الباب خلفه و بقى واقف يلهث ، و أخيراً تحركت قدماه فذهب لغرفته و هو يردد : يا نهار اسود ، و دى هعيش معاها فى بيت واحد أزاى دى ، يخربيتها ، هو فى كده .
رفع هاتفه يتصل بشركة توريد أجهزة رياضية يقول : ألو ، عايز حاجه تهد الحيل و حياة والدك .
18
اما زينب فبقت متسعة العين تضرب وجنتيها بصدمه ، لا تصدق أنها فى اليوم الذي تجرأت فيه لتكتشف مقوماتها الأنثوية يكن أول من رآها يوسف و ليست حتى نور التى طلبت منها أن ترتديه لتراه عليها.
أسرعت بخلعه و ارتدت ثيابها فى اللحظه التى دلفت بها نور للداخل فقالت بأعتراض : مش قولت لك قيسيه عايزه أشوفه عليكى.
أعطته لها زينب بأيدى مرتعشه تردد : حححلو ، مظبوط .
ثم ذهبت لفراش نور تغطى جسمها كله و رأسها أيضا تستعد للنوم.
نور : إيه ده ، مش بابا عمل لك اوضه ، قومى روحيها .
زينب : مش عايزه أنام النهاردة لوحدى .
نور: امرى لله. . نامى بس مش عايزه حركه كتير.
رددت زينب فى سرها بحسره : و أنا هعرف أنام بعد إلى حصل ، بقا يوم ما اتكشف .. اتكشف على يوسف بيه
1
_____________________
بعدما خرج من بيتها و هى للأن لا تعرف أين ذهب و لا ماذا يفعل أو كيف يعيش و يتعايش هنا و هل عاد أم لا.
بدلت ملابسها و هى مستعده لكى تذهب و ترى إيه هو ، تحاول الاتصال به و هو لا يجيب .
ترى ماذا حدث معه ؟ و هل اكل ؟ أين نام ؟
توقفت على أعتاب البيت قبل فتح الباب و هى تستمع لصوت والدتها تقول بالالمانية : إلى أين تظنين نفسك ذاهبة .
إلتفت لها ببطئ ثم قالت ساخره : متمسكة أنتى بألمانيا كثيراً ، أكثر حتى من تمسكها بكِ
لم تهتم ڤيولا كثيرا لسخرية ابنتها و سألت مجدداً و لكن باللهجة المصرية هذه المره: رايحه فين يا نغم .
ضحكت نغم و قالت : طب ما أنتى حلوه أهو.
صرخت فيها : فى ايه ، مالك كده ، زياره واحده لمصر عملت فيكى كده ، إيه الى حصلك هناك .
نغم : لاقيت نفسى ، مش هقعد اشرح لك لأن طال الشرح أو قصر حضرتك مش هتفهمينى .
ضحكت ڤيولا ساخره و أردفت : أها صح ، عشان كده بسمع صوت عياطك كل يوم جاى من أوضتك.
أغمضت نغم عيناها بألم و تحركت ناحية الباب تستعد للبحث عنه و هى لا تعرف من أين تبدأ: فتحت باب المنزل لتشهق متفاجئة و هى تبصره أمامها و قد زادت هيئتة إزدراءً .
شهقت بصدمه: حسن ؟ إيه الى عمل فيك كده .
جاوبها بأعين يلتمع فيها الدمع الذي يجاهد على ألا يخرجه: نغم ، أرجعيلى يا نغم ، ارجوكى سامحينى .
5
دلفت للداخل و أدخلته سريعاً تحميه من برد المانيا و سط اعتراض ڤيولا و ابتسامته التى تحمل الكثير من الأمل بأنها قد سامحته.
______________________
جلس مصطفى مقابل ذلك الغريب يسأل مستنكراً : لأ ما فهمتش ماعلش ، أنت مين و عايز ايه.
زم فلاديمير شفتيه يسأل بأستنكار : معقول ماجد ما حكاش لحضرتك .
مطصفى : و لا جاب لى سيرة .
أبتسم فلاديمير و قال : غريبه ، بس ما فيش مشكله ، يكون لى الشرف أن أنا الى أعرفك بنفسى ، أنا محمد صديق ماجد من زمان ، معجب جداً بأنسه فيروز حفيدتك و جيت أدخل البيت من بابه و اتقدم لها .
قلب مصطفى النظر له ثم قال بأعين خبيره : صاحب ماجد ازاى أنا أول مره اشوفك.
رد الاخر بثبات شديد : أصلى طول عمرى مسافر برا ، و بعدين هو حضرتك تعرف كل أصحاب ماجد ؟
مصطفى: لأ ، بس أنت شكلك أكبر من مازن و أكبر من فيروز بكتير أوى ، ما علش ما تأخدنيش بس.. شكلك مقرب على الأربعين.
أبتسم فلاديمير بإتساع كاذباً ببراعه و قد اقتص من عمره عشر سنوات كامله فأكمل كذبه مرددا : لا خالص ، ده بس جسمى و شكلى الى بيقول كده ، لكن أنا.. أنا اتنين و تلاتين بس و أقدر اقدم لحضرتك الورق الى يثبت كده .
نظر له مصطفى بريبة و عدم اقتناع من هذا الذى لم يتخطى الإثنين و ثلاثين عاما ، و الله هو أكبر من ذلك بكثير .
هم ليتحدث لكن أوقفه صوت ماجد الذى قال: هو مين ده ماعلش إلى عنده اتنين و تلاتين سنه ؟
إلتف له مصطفى يقول : صاحبك ده يابنى و بيقول أنه.
أكمل فلاديمير عوضاً عنه : عايز يخطب فيروز ، و مستعجل أوى .
+
نظر لأظافره و أكمل بكبر : و ياريت نتجوز أخر الأسبوع .
3
توقف ماجد بصدمه لم يتخيل أنه بكل تلك الجرأه و البجاحه و أن يتطور الأمر سريعاً هكذا و هو يشعر بالتقيد.
___________________
من بابا جانبى للسفينه هبط ضياء و هو يشبك يده بيد تقى متسللاً منها و هو يضحك بسعادة : حاسس اني بسرق ، بس إحساس حلو اوي و أنا بهرب مع بنت و مش عايز حد يشوفنا .
قالت له بأعين لامعه: و أنا كمان ، أول مره أهرب مع واحد.
ضمها له مرددا: و مش هتبقى آخر مره تهربى معايا ، لسه بنا حاجات كتير هتحصل .
فتح عيناه مضطراً و هو يشعر بشيء رطب يهبط على طول عنقه صعوداً إلى وجهه .
فتح عيناه بتشوش يستوعب ، لولا عطرها الذى يحفظه جيداً لأيقن أنه مازال نائم و يحلم .
جن جنونه و هو يتأكد أن ما يراه و يشعر به صحيح ،غنوة مقتربه منه جداً و هى من تقبله كى يستيقظ .
لا يصدق حقاً ، لو أصيب بالجنون ذات يوم فحتماً ستكن هى السبب.
فمرات عنيدة كالصخر و الآن لينه كحلوى الچيلى .
لااا و هى من تبادر بتقبيله أيضاً ، قبلات حاره جلعت الدماء تغلى بهروقه و بدأ يلهث مردداً بجنون : غنوة ؟! ده انتى بجد ؟!
أبتسمت له بإتساع و هى تمرر يديها على وجهه ثم تقبض على خديه تقرصه منهما و هى تهز رأسه يميناً و يساراً : باح الفل ، باح السرور ، على قلبى أنا ، يا صباح قلبى ، و صباح حبى  .
5
رمش بعيناه لن يجن ، بل لقد جن و أنتهى امره ، هو فقط يحاول أن يستوعب ما يحدث و ما تقوله و تفعله تلك التى كانت تود قتله من فتره صغيره .
و سأل: هو فى إيه ؟
قبلته مجددا ثم قالت : فى أنك نايم بقالك كتير أوى و وحشتنى أوى أوى فقولت ما بدهاش بقا ، أنا هصحيه ، يالا قوم أنت وحشتنى .
كانت تتحدث و هى تدفعه بيدها تجبره على النهوض.
و هو بالفعل رغماً عنه لا يستطيع الإستيعاب .. معذور .
تحركت مغادره ناحية الخارج و هى تردد : يلا يا كتكوتى بسرعه الأكل إلى بعمله بقالى ساعه عشانك هيبرد .
2
أنهت حديثها و قد خرجت من الغرفه و هو يقف على الارضيه البيضاء يهز رأسه كالمجنون ، تغييرها الجذرى هذا كفيل بالتسبب فى صدمه عصبيه له .
هبط الدرج بتروى يراها و هى تقف فى مطبخ بيته توليه ظهرها و قد انتهت للتو من إخراج صينيه كبيره من الفرن .
شعرت بعطره خلفها أغمضت عيناها مبتسمه تردد : جيت يا حبيبي.
أخذ يهمس لنفسه بمجون : حبيبى مره واحده ، هو فى ايه ؟
أقتربت منه بسرعه و شقاوه تجذبه من ذراعه كى يسير معها لكن قبلها همست فى أذنه مردده : يخربيت ريحة برفانك .
سحبت نفس عميق قرب صدره ثم وقفت على أطراف أصابعها تهمس فى أذنه : مجننه أمى من أول يوم شوفتك فيه.
لم يعد يستطيع التحمل و همس لها بتوسل : طب و حياة أمك واحده واحده عليا .. ماشى .
5
زمت شفتيها بحزن ثم قالت: الله.
هارون : معذور بردو ، أنا بحاول أستوعب إنك بتقولى كده .. غنوة هو فى حاجة ؟
أبتسمت بإتساع و الحماس يقفز من عينيها ثم قالت : أيوه.. طبخت لك بأيدى ، أصلك بصراحة مش عاجبني كده ، و قررت بقا أغذيك ، بص عملت لك ايه.

فردد ببلاهه : و كمان طبختى لى ؟ أنا كده اتوغوشت .
عادت لزم شفتيها ثم قرصته فى خصره مررده : إخص عليك يا هارون .
قفز فى الهواء أثر فعلتها فقالت بفرح و مجون : أوبااااا ... أنت طلعت بتركب الهوا.
نظر هارون خلفه يميناً و يساراً ثم حمحم مرددا : أاا .. مش أوى.
غنوة : لأ بتركب الهوا ، أنا شوفتك.
هارون : أيوه.. بس ده سر ما بينا ، أحمم عشان الهيبه و كده .
غمزت له بعبث ثم قالت : سرك فى بير يا سطى .
هارون : أسطى .. هو فى إيه.
غنوة: يا حرام ، هو انا كنت قاسيه عليك أوى كده
عادت لزم شفتيها بحزن ثم قالت: بس حقك عليا ، و على فكرة أنا اخدت عهد على نفسى و حلفت لأعوضك عن كل إلى عملته فيك .
4
اقترب منها بأعين لامعه و وجه مشرق يفترس خصرها بكفيه و يقربها منه مرددا بانفاس مثقلة : ايوووووه ، عوضينى ، أنا بقبل العوض .
3
تملصت من بين يديه مردده : هارون.. الأكل .
هارون: أيوه صح ، عملالى إيه بقا .
إلتفت غنوة و حملت زوج من الصحون الفارغه مع الشوك و أعطتها له مردده : لأ دى مفاجأة ، خد الأطباق و الشوك و ظبط لنا القاعدة على البيسين لحد ما أجى لك و معايا الأكل.
تنهد بسعادة كان يفتقدها و أقترب يقبل وجنتها قائلا بأمل : يا رب تفضلى كده على ، حاكم إن أنا عارفك .
وقفت تكتف يديها حول صدرها و هى تهز قدميها ثم قالت : و مالى بقا يا سى هارون .
لاعب حاجبيه لها ثم جاوبها : عسل و سكر ، مربااااا .
رفعت لها حاجبها الأيمن ثم رددت : همممم ، هو صحيح فين المأذون يا سى هارون.
أبتسم بإتساع و اقترب منها قائلا : أنتى عايزه المأذون بجد ؟ عايزه نكمل جوازنا يعنى ؟
فجاوبت بحده : نعم يا حلاوة ، امال أنا قاعدة هنا بعمل إيه ؟! بصيف مثلاً ؟!
عض على شفته السفلى و هو يقترب منها مردداً : أوعى ، أموت أنا فى العرق العشوائي لما يظهر .
أتسعت عيناها بصدمه و سألت : يخرب عقلك ، هو أنت كمان ؟
هز رأسه يردد بتأكيد تام: أيوه للأسف ، إحنا عيلة قذره أوى.
1
عادت لهز قدميها و قالت بعصبية : بردو لسه ما جاوبتش عليا ، فين المأذون .
فقال : البيه البواب لما لاقى أشجان و كاظم مشيوا فكر إن كده خلاص و راح نام و ما كلمش حد.
أقترب أكثر منها ثم قال : بس حيث كده بقا  هتصل أنا بيه بنفسى عشان يحضر حالاً .. أصل أنا مش ضامن نفسى.
هزت رأسها و يديها تقول بحماس: و أنا أوى... أخرج دلوقتي عشان أنا الى مش ضامنه نفسى .
4
أتسعت عيناه بصدمه و هى تدفعه للتحرك فعلى ما يبدو أنها تتحدث بجدية و هو إنصاع ليديها يتحرك و هو يفكر فى ما قالته و أنه صحيح .
تائه فى دوامة من السعادة بعد تغير غنوة الذى يحاول حاليا إستيعابه فقد كان يلح عليها متمسكاً بزواجه منها يرجو فقط لو نظرة لين لكنها الآن توشك على التسبب فى إصابته بجلطة فى الدماغ بأفعالها معه .
كمن فتحت له نبع من العشق و الهوس لم يكن يظن أنه موجود بالأساس و إن حدث و وجد فلن يكن من غنوة خصوصاً بعد قصته معها هى و والدها و هوسها المريب بوالدها و تعلقها المرضى به .
على ما يبدو أنها ترفض أن ينال أى قدر و لو بسيط من الرحمه أو الشفقه فهى لم تتركه كم دقيقه ليلتقط أنفاسه بعدما سلبتها هى بإظهار جنونها و عشقها له حتى تأتى إليه الآن و هى تتهادى فى ثوب من البرتقالى و قد تخلت بكيفها عن حجابها تاركه شلالات العسل تنسدل على كتف واحد و الآخر ظاهر له بسخاء .
حرام عليها و الله .. هذا ما أخذ يردده دون حديث ينظر لها و هو يرفض حتى أن يرمش يخشى أن يفعل فتتبخر فى أى لحظه .
كانت تحمل تسير و هى واثقه من طلتها الخاطفه للقلوب و العقول و أبتسمت بعدما تأكدت من سلبها لعقله بتلك اللحظة و وقفت أمامه و هى تحمل صينيه من البايركس .
تراه و تسمعه و هو يردد ببلاهه : صلاة النبى أحسن ، المفروض يغيروا تى شيرت المتتخب و يخلوه أورانج عشان ناخد كاس العالم.
عضت على شفتيها بخجل و قالت : عجبك .
هز رأسه و لسانه عاجز عن الوصف ، لكن ثوانى و احتدت عيناه ثم جذبها من ذراعها بحده مرددا : أنتى ازاى تنزلى كده فى ناس فى البيت غيرى ده غير كاظم .
حاولت إفلات يديها منه قائله: يا هارون الصينيه هتقع تتكسر منى .
هارون : ما تقع .. اطلعى البسى حاجه بقولك .
وضعت الصينيه على الطاولة المستديرة ثم قالت : مافيش حد هنا ، كاظم شارد ورا أشجان زى مجاذيب السيدة و البواب راح يجيب فاكهه و خضار ، تخيل التلاجه بتاعتكم معفنه و فاضيه ، بيت فيه بنى ادمين ده و لا بيت أشباح .
قربها هارون منه و جذبها حتى سقطت فى أحضانه ثم وضعه رأسه على كتفها مرددا بتنهيده : أنا بقالى يجى أسبوع مافتحتش التلاجه دى ، مش بقعد هنا أصلا ، و كاظم أصلا شارد طول الليل و النهار عشان كده ما كلفتش نفسى اشوف حد للمطبخ .
ضمته لها بقوه ثم قالت بحنان وفير : كل ده هيتغير إن شاء الله ، و ربنا يقدرنى و أقعدك جنبى .
سحب نفس عميق من رائحتها ثم قال : هيتغير ؟! هو أتغير خلاص ، انا قاعد مش هسيبك ثانيه و هبعت دلوقتي أجيب المأذون على ما نخلص أكل.
غنوة : أوكى ، بس تعالى ناكل الأول ، بص عملت لك ايه ؟
نظر للطاولة و قال بإنبهار : واو ، مكرونه بشاميل ، ده انا بموت فيها ، عرفتى منين .
3
ضحكت عالياً ضحكه شريره ثم قالت : مش عيب تسأل السؤال ده .
ضحك هو الآخر يهز رأسه بقلة حيلة ثم قال : صحيح إن معاكى تقرير مفصل عنى.
غنوة : بالظبط ، يالا بقا عشان الأكل هيبرد .
جذبها له أكثر يلصقها به و هو يردد بوله : ايوه بس قربى منى اكتر بجمالك ده .
انصاعت لطلبه تقترب منه أكثر حتى مما طلب و هو على شفا الجنون منها ، ثم بدأت تقطع له الطعام بل و تطعمه فى فمه و هو لا يستطيع الإستيعاب حتى الآن فهى حاليا من النقيض للنقيض تماماً.

13
______________________
أبتعد مسرعاً عن السفينه يجذبها من يدها و هو يقهقه بسعادة ، لا يصدق تصرفاته المتصابية التى بات يفعلها ، يقنع نفسه بالقوه أنه يفعل كل ذلك لأنه يريده لكن الحقيقة أنه يفعل لأجلها.
من باتت قريبه منه جداً و لا يود البعد عنها أبدا.
تقدم و هى معه تسأل : طيب هما كده صحابك مش هيزعلوا؟
جذبها من مرفقها حتى اقترب من و قال: سيبك منهم مش مهم .
فسألت : كلهم ؟
جعد ما بين حاجبيه و قال : أيوه
ضحكت بجانب فمها ثم سألت : حتى كلارا ؟
زاد من قربها منه يسأل : دى غيره ؟!
أبتعدت عنه متسائله : لأ ، هو انا أعرفك عشان أغير عليك و بعدين إحنا أصدقاء عادى و لا إيه ؟
صمت بحيره حقيقة لأول مرة يوضع فيها ثم قال : مش عارف.
تقى : مش عارف إزاى ، هو إيه ممكن يكون بينا غير كده ؟
تنهد بهدوء ثم أبتسم و قال : تيجى نقضى اليوم النهاردة بالطول والعرض و نفرح و نتبسط و نعتبره إختبار و أخر اليوم إلى يحس حاجة ناحية التانى يقولها بس بصراحة و من غير كبر .
هزت رأسها إيجاباً مبتسمة  و هى تستجيب ليده التى تسحبها تردد داخلها : ضياء إلى كان السبب فى كل عقد حياتى بيطلب كده ، عهد عليا لأعاملك بكل الكدب و الكبر إلى فى الدنيا يا .. يا زوجى العزيز .
6
تقدمت معه تسير فى الأسواق لم يترك حانه إلا و أشترى لها منها هديه.
وقفا عند أشهر محل لبيع المثلجات فجذبها لجواره جداً يطعمها منه و هى تنظر له بحسره لا تستطع الابتسام حتى .
لن يفهمها أحد و هى حتى لا يمكنها البوح أو يسهل عليها كم تمنت لو كان كل ما تعيشه حقيقياً ، تحياه و هى تقى و ليست جيجى .
سمحت لنفسها بالجلوس معه و الإقتراب منه ، تعلم أنها زوجته .
و كأنها أرادت إثبات شئ ما لنفسها ، ارادت إستعادة ثقتها بنفسها ، أنها فتاه جميله و مرغوبة خصوصاً من ضياء من كان السبب فى تحطيم كل معنواياتها .
فتركته يقربها منه دون إعتراض و وجهه قريب من وجهها يلق ذراعه حول رقبتها يطعمها المثلجات بنفسه ، و يطيل النظر إلى ملامحها بإفتنان مردداً: جمالك مش طبيعى بجد ، من أول مره شوفتك و أنا مفتون بيه .
أبتسمت له بخجل و لم تحدد هويتها هل من تبتسم حالياً هى جيجى أم تقى زوجته و ابنة خالها.
لكن ما هو أقرب للصواب أنها حالياً فتاه تستمع لغزل صريح يقال فى حقها من شاب شديد الوسامه تتهافت عليه الفتايات و قد رأت ذلك بعينها .
و هو أنسحر تماماً بإبتسامتها و جمالها الأنثوي و بدأ يقترب منها رويداً رويداً يريد تقبيلها ، لكنها إبتعدت عنه سريعاً تقول : أنا شبعت ، يالا بينا .
أغمض عيناه و تنهد بتعب ثم وقف معها يكمل جولته في شوارع المدينة يشترى لها الألعاب و الهدايا و هو سعيد للغايه .

_______________________
توقفت بسيارتها أمام البوابة الضخمة التي تسبق منزل هارون و عادة ما كان يجلس لجوارها حارس كبير فى السن لكنه الآن غير موجود و الباب الحديدي يعتبر مفتوح .

أشتعل الغضب داخلها و كأنها ترغب فى لقاء أى شخص تفرغ عليه غيظها و غضبها.
تقدمت تفتح الابواب على مصرعيها تتمكن من الدخول بسيارتها .
بالفعل تقدمت للداخل و قبل ما تسير فى الممشى المحاط بالأشجار و الزهور و الذى يقود إلى الباب الداخلى للمنزل توقفت على صوت دق هاتفها.
رفعت الهاتف لتبصر إسم رضوان ، تجاهلته  و لم تهتم لكنه عاود الدق فجاوبت بشئ من الحده : ألو.
أستغرب كثيرا من طريقتها فى الرد و قال : ألو ، أنسه لمى مالك كده متعصبه ؟
لمى : لأ و لا حاجة ، قولى حضرتك خير كان فى حاجه ؟
أُحرج كثيرا من رد فعلها و قال : لأ بس .. احنا كان فى معاد بنا و.. أنا بقالى نص ساعه تقريبا قاعد مستيكى عشان كده قولت أكلمك أشوفك فين ؟
زفرت بضيق وصله ثم قالت متحججه : أنا أسفه بس.. ظهر لى شغل ضرورى و مفاجئ.
فقال سريعاً: تمام تمام ، مافيش مشكله ، نخليها وقت تانى ، ربنا يقويكي ، مع السلامه.
أغلقت الهاتف مع و القته بجوارها و هى تقف بسيارتها أمام الحديقه ترى زوجى الكناريا هذان يجلسان بأحضان بعضهما تطعمه و يطعمها ، يبدوان و كأنها أسره صغيره سعيدة ، يجلسان هكذا بعدما حطموها كليا ، لا ة الله ... لا و ألف لا لن تضيع وحدها .
تمكن الغيظ منها و حجب الغل أى تفكير داخلها أو حتى رحمه أو مرونة نفسيه لم تعد لمى القديمه ، هنالك وحدها جديده ولدت على يد غنوة .
غنوة و فقط ... هى السبب الرئيسي بكل ما يحدث للجميع حتى موت والدها حملته لها ، و إن كانت للأن لا تعلم التفاصيل لكن بكل تأكيد قد تدخل فى شئ يخص هارون و غنوة باتت جزء لا يتجزأ من قصته فالبالتأكيد لها يد إن لم تكن الأساس.
ترجلت من سيارتها بوجه محتقن لا تعرف للشفقه أو اللين سبيلاً ، صفقت باب السيارة بقوه جعلت غنوة تهتز متفززه فى أحضان هارون الذى أنتبه هو الآخر لوجود لمى و زاد من ضمه لغنوة يربط و يمسح على كتفيها يهدهدها و يهدئها او بالأحرى يضمها يحميها .

وقفت أمامها تقول بغلظة : ما شاء الله ، قاعدين انتو هنا و ولا على بالكم .
تحدث هارون بهدوء ثم قال : انتى دخلتى هنا إزاى ؟
نظرت لمى بجانب عينها لغنوة و فستانها العارى الذي تجلس به فى أحضان هارون و ازداد الغيظ بداخلها.
ثم قالت و هى تتجاهل الإجابة على سؤاله بل نظرت لغنوة : إيه يا حلوه ، مش وراكى شغل .
وقف هارون يخلع قميصه من عليه وسط زهول غنوة و لمى ، ثم وضعه على غنوة يغطى صدرها و رقبتها و شعرها ثم قال : غطى نفسك.
لكن غنوة صرخت بصوت أعلى: و أنت يا بيه ، هتقف لنا عريان كده بعضلاتك دى .
2
حاولت لمى إبداء لا مبالاتها بما يحدث أو يقال رغم الغيظ الذى يفتك بأحشائها ثم قالت : لو خلصتوا جو التلزيق و النينيى ده عرفونى عشان انا ورايا شغل مش فاضيه للهبل بتاعكم ده .
هارون : إنتى جايه هنا يا لمى عايزه إيه و دخلتى هنا إزاى من غير إستئذان.
لمى ببرود : البوابه برا مش عليها حارس و أنا هنا عشان أشوف إيه اخرتها فى الشغل المتعطل ده  ، أنا عندى شغل كتير عايز حد ينجزه .
فصرخ فيها بحده : و هو حد قالك إننا شغالين عندك ؟
إبتسمت له بسماجة ثم قالت بشماته و هى تنظر  لغنوة و تشير عليها بكبر : أنت نو ، لكن دى شغاله عندى .
تقدم هارون منها بغضب يردد : إيه دى ؟ اتكلمى عنها عدل أحسن لك ، و مين قال بقا أنها شغاله عندك .
ضحكت عالياً بشر ثم قالت : طب ما بلاش أنت بالذات و لا ناسى الشرط الجزائي إلى قولت لى أضيفه عشان أعرف أذلها.
حولت انظارها لغنوة ثم قالت : البيه إلى لابسه له الاورانج و قاعده فى حضانه زى جوز العصافير هو الى جالى و أتفق معايا نزود الشرط الجزائي بتاعك و نحك كلمة دولار كمان عشان نكسحلك ايدك و رجللك ، يعني ساعدنى و قدم لى كمان النصيحة عشان اعرف استعبدك ، و دلوقتي و من غير و لا كلمه تتحركى قدامى عشان وراكى شغل محتاج له يمكن أسبوع عشان يخلص .
لم تثور غنوة او تبدى أى رد فعل سوى أنها قالت بهدوء مريب : أوكى ، هغير و أجى.
تحركت غير مبالية لا بنظرة الشماته و الانتشاء التى تكونت على وجه لمى و لا بصراخ هارون عليها كى تتوقف بل سارت للداخل بقوه ترفض الإنكسار .

___________________

عادت للسفينه و جلست شارده أمام المرأه تتذكر ما حدث اليوم .
دلفت نادين للداخل و هى تقول بلهفه : بت يا تقى .. انتى يا بت ، انتى صحيح كنتى مع ضياء لوحدكم طول اليوم.
نظرت لها تقى عبر المرأه و قالت : أيوه و هو إللي طلب و كمان دلوقتي رساله يقولى إنه عايزنى.
جعدت نادين ما بين حاجبيها و قالت : و هتروحى له.
وقفت تقى و قالت بجديه و تحد : طبعاً.
تحركت بسرعه مغادره تاركة نادين خلفها مصدومه متسعة العين ، لكن قبل ما تغادر ألتفت إليها و قالت : كمان شويه على العشا هبعت لك رساله تنفذبها بالحرف ، اوكى ؟
هزت نادين رأسها موافقه بينما تقى أبتسمت بثقه بدأت تترعرع داخلها هذه الأيام فقط و صعدت لسطح السفينه حيث ينتظرها ضياء كما أخبرها فى رسالته.
و وجدته ينتظرها ، تبتسم بثقه و شماته و هى تراه يقف مبهور من طلتها يأكلها بعيناه تعرف جمال اللون الأبيض عليها و قد فعلت لتصيبه بسكته قلبيه و يقع صريع جمالها.
و هو بالفعل كان كذلك بل و أكثر يكاد يشعر بلعابه الذى يسيل على جوانب فهمه و هو يرى چيچى بجسدها الخرافى المنتلئ الذي يصيبه بالجنون يبرزخ فستان أبيض يضيق على جسدها مبرزاً مفاتنها بصورة موجعه للقلوب  و قد فجمعت شعرها على هيئة زيل حصان تاركه خصلات تنزل على جانب وجهها لتكتمل الصورة بأناقهة جمال منقطع النظير.
تقدمت بخطوات متددلله متمايله  حتى وقفت أمام تسأل : طلبتنى .
فردد و هو مسلوب العقل : و اتأخرتى عنى أوى.
ضحكت بمرح ثم قالت : كنت عايزنى فى حاجه؟
هز رأسه ثم أقترب منها يمسك يدها بكف و الكف الآخر و ضعه على وجنتها يتحسسها و هو يقول : أيوه .. قولت لك فى أخر اليوم هقولك إحساسي ناحيتك لما اتأكد منه.
+
بقت تنظر له بثبات لكن تجعد ما بين عينها ، ثم انفرجت شفتيها بزهول و هى تسمعه يقول بصدق موجع: أنا بحبك ....
1
_______________
ماحدش يقول الفصل قصير .. اعتبروه تسخين عشان أرجع للكتابة و لو ربنا قدرنى هنزل فصل بكره فى نفس الميعاد.
تقدم بخطى ثابته مختال بنفسه كثيراً يلتوى شدقه بإبتسامة ساخره
حتى أقترب من ماجد الذى جلس بثبات هو الآخر بل و يضع قدم فوق الأخرى .
رفع فلاديمير إحدى حاجبيه بإعجاب ثم ردد و هو يجلس بأريحيه : عجبانى ثقتك دى يا ماجد ، بس خلى بالك.. اوقات الثقه الزياده بتقتل صاحبها .
و كعادة ماجد ، يخترق صلب المواضيع ، لا يحبذ ابداً اللف أو الدوران ، يقبلها فقط من حبيثه اللئيمة ذات القلب الأسود التى وقع بعشقها ، لكن عداها هى لا يتقبل أو يسمح .
لذا و على الفور اعتدل فى جلسته و ازاح قدمه عن الأخرى و جلس بعدما تقدم برأسه قليلا للأمام دليل على المواجهة و الحسم تحت أعين فلاديمير الذى يراقب كل حركات جسده و يفسرها .
تحدث ماجد بقوة : أنا جاى لك و عايز نتفق ، قولى عاوز توصل لأيه و إلى عايزه مدته أد ايه و تخلص.
أبتسم فلاديمير إبتسامة متهكمه و علق ساخراً : مش بقولك عاجبنى ثقتك فى نفسك ، بس يا عزيزي ما تتكلمش بثقه فى حاجه تفوق قدرتك و تتعدى حدود نفوذك و إلا هتبان أهبل زى ما بتقولوا.
وقف عن كرسيه و ذهب لبار صغير يفتح زجاجة من الخمر و يصب له كأس بينما يكمل : أنت دخلت فى لعبة إسمها لعبة الموت .
وضع كم قطعه من السلم فى كأسه و ظل يقلبها بأصبعه ثم وضعه فى فمه يلعقه و ردد بعدها : و الإسم ده مش جاى من فراغ ، مش هفسر لك كتير عشان فى ناس كده لما بتعرف بتتعب ، و لكن.... يكفى أنى أقولك إنها اتسمت كده لأن إلى بيدخلها مش بيقدر يخرج منها غير بموته ، الموت بس هو الى ممكن يخلصك يا ماجد .
حاول الظهور بمظهر الثابت و سأل : أنا ما دخلتش حاجة ، كل الى كنت عايزه هو شحنة كبيره لدهب و ألماظات ، كنت عايز أهادى بيها أختى .. فيروز .
زم فلاديمير شفتيه و قال : و ما سألتش كل ده هيحصل إزاى ؟
مدد قديمه على الأريكة و قال : أنت طلبت من مختار يعديها لك ، و مختار عمل كده بس إلى ما تعرفوش إن مختار كان راجلنا هنا فى مصر ، ماسك مصر و ليبيا و فى الفترة الأخيرة لعب بديله معانا فى كام صفقة و أخرهم بتاعتك .
أحستى القليل من كأسه ثم قال و هو يشير باصبع السبابة : كل الكلام و التفاصيل دى مش من المفروض خالص أنك تعرفها ... بس انا ليا مزاج اقولها لك ، عارف ليه ؟
ماجد : ليه ؟
وقف فلاديمير و التف حول كرسى ماجد حتى وقف خلفه و وضع يده على كتفه مردداً : لأنى أصطفيتك ، إختارتك من ضمن سبعه و ستين شخص كانوا مرشحين مكانك و كمان مضمونين عنك لأنهم رجالتنا من زمان و أنت لا مننا و لا مضمون و مع ذلك أنا مصمم عليك .
أتسعت أعين ماجد ، الأمور تخرج بعيداً عن حدود سيطرته ، لقد قدم لهنا يريد تسوية الأمور و قد لجاء للتفاوض مدام خصمه عنيد هكذا لكن لم يحسب لقرارات فلاديمير أى حساب.
لن يستطيع الغرز بقدميه أكثر فى ذلك الوحل ، فهو يريد الخلاص بأسرع وقت و أقل الخسائر الممكنة ليأتى هذا و بكل بساطة يخبره أنه أصطفاه .

إلتف له و قال بإندفاع : بس انا مش موافق.
أبتسم فلاديمير و قال ببرود مستفز : مين قالك إنك مُخير .. حبيبى أنت تنفذ و بس و مش مسموح بأى خطأ كمان.
بهت وجه ماجد و سأل بتيه : و ليه أنا ، زى ما قولت أنا مش منكم و لا عندى الخبره و لا العلاقات بتاعتكم برجالتكم لأن أساساً ده مش كارى ، دى كانت صفقة و عدت .
فلاديمير : ازاى بس ، ده صميم شغلك ، أنت بتشتغل فى ايه ، مش فى الاستيراد والتصدير يبقى صميم شغلك و لا لأ.
صرخ فيه ماجد : ليه أنا ؟!
أبتسم فلاديمير و قال ببرود : ذكائك يا ماجد ، ذكائك ، الشخص إلى يفضل 33 سنه قادر يخدع أسره كامله إنه أبنهم و شويه بشوية يبقى ماسك كل فلوسهم و شغلهم يبقى مش شخص عادى.
أتسعت أعين ماجد من الصدمة و بقى بمكانه متخشب ، لا يقوى على إبداء أى رد فعل هو فقط سأل بحلق جاف : أنت عرفت منين .
ضخك فلاديمير دون صوت والتف يجلس على كرسيه مرددا : بقولك شغلنا مش سهل و مش أى حد يدخل فيه و إصطفيتك يبقى أكيد جبت كل المعلومات عنك ، و عرفت مين أهلك و مين أخوك .
دق قلب ماجد برعونة و سأل بلهفه : مين ؟
زم فلاديمير شفتيه للأمام و هو ينقر بأصبعه على أنفه كأنه يفكر مستلذ بعذاب الماثل أمامه يردد بصفاقه : همممم ، أقوله و لا لأ ، أقوله و لا لأ.
أشار له و قال كأنه يضحى : هقولك .
وقف عن مقعده يردد : مش عندكم هنا بتقولوا قدم السبت عشان تلاقى الحد ، و أنا هعمل كده.
كان يتحدث ببرود شديد منتشى بالعذاب الذى يراه فى أعين نظيره ثم قال : بس بشرط.
ماجد بلهفه : إيه هو ؟
أبتعد فلاديمير عنه و قال : فيروز ، شرطى فيروز .
إحتدت عينا ماجد و قال : طلع فيروز من اتفاقنا .
هز فلاديمير رأسه رافضاً و قال : مش هينفع ، عجبانى و عايز اخدها ، أبعد عنها يا ماجد ، أنا عينى عليكوا فى كل مكان ، أبعد أحسن ما أكرهها فيك .
اهتز فك ماجد من الغيظ و حاول إخفاء غضبه و غيرته ثم سأل : مين أهلى .
فلاديمير : أخوك شخص مشهور أوى .. أكيد تعرفه، مغنى و ممثل عالمى ، أمريكي .
صرخ فيه ماجد: مين قولى .
تحدث فلاديمير ببرود : چوزيڤ ... چوزيڤ دينيرو ( بطل رواية الملكة)
أتسعت عينا ماجد لحد الحجوظ لا يصدق ما تسمعه أذناه تقريباً تعطل عقله عن العمل نسبياً و فلاديمير ينظر له بإبتسامة ساخره شامتة .
_________________________
خرجت من غرفتها فى الصباح تتلفت حولها كمن فعل فعلة منكرة .
منذ ليلة أمس و هى لم تستطع النوم ، موقف لا تتمناه لألد أعدائها .
تسأل ما هو الشيء الذي قد يفعله شخص كى يجعل شخص آخر يصاب بالزهايمر.
ترى هل إذا ضربته بأى معدن قوى على رأسه قد تفلح فى إصابته بفقدان الذاكرة أو حتى فقدان أخر كم يوم بها و ستكن راضيه مرضيه حيال ذلك.
قد تفعل أى شىء لتتمكن من جعله ينسى تلك الهيئه التى رأها عليها.
ظلت تتلفت حولها ، تتمنى عدم لقياه ، لقد أستيقظت مبكره قبل ميعاد إستيقاظ الجميع كى تتناول أى شىء فى المطبخ و تخرج بعدها للجامعه فلا ترى أحد و لا أحد يراها .
هبطت الدرج بهدوء ، حتى وصلت إلى بدايه المبطخ
وقفت تقبل يدها ظهر و بطن لقد فلتت منهم جميعا.
تشعر أنها قد أتت شيئاً إثما .
تنفست بهدوء فهى تشعر و كأن جميع من بالبيت يعرف بما حدث و ليس يوسف فقط ، لذا تمنت ألا تقابل اى شخص بهذا البيت على الأقل اليوم ربما نسى هو .
اخذت نفس مرتاح و ضغطت على زر الكهرباء و هى تردد : بسم الله الرحمن الرحيم
لتشهق متفاجئة و هى ترى يوسف بشحمه و لحمه يجلس على أحد كراسي المطبخ عارى الصدر تماما.
4
فسارعت بإغلاق الضوء مردده : صدق الله العظيم.
19
همت كى تفر سريعاً لكن لزمت يدها بيد غليظه شديدة ، تمكنت من قوتها أن تجذبها للداخل بحيث أصبح ظهرها ملامس لباب الثلاجه و هو يقف مقابلها هى يحسرها بينه و بين الثلاجه.
و على ضوى خافت قادم من الرواق الذى يسبق المطبخ تمكن من التأمل فى ملامحها بهذا القرب المريب .
يحرك عيناه على جمالها الرقيق الساحر بداية من شفتيها الصغيره المنتفخة ذات اللون التوتى ثم وجنتيها المستديرة الممتلئة و التى تلمع گ الأطفال صعوداً إلى عيناها الجميلة و من ثم يهبط مره أخرى بعيناه لشفتيها التى تتحدى من يماثلها تحدى سافر أنه لن يستطيع مقاومتها .
ثم حاول التحدث بنفس متهدج ممزوج بكل ما يشعر به الأن : إيه شوفتي عفريت .
لم تستطع الجواب و لا الرد كل الردود تبخرت و كذلك الحديث ، مظهرها الذى رأه عليها البارحة لا يفارق مخيلتها تتمنى لو كان قد نساه فهى تشعر بالخجل الشديد.
لكن للأسف هو لم ينسى ، لم و لن ينسى ، فهى تتمنى لو نسى بينما هو لم ينام ليلته بسبب ذلك المظهر و بقى ساهراً يفكر بها و يتخيلها.
و أخر محاولاته كانت الماء المثلج .. نعم ، الماء المثلج الخارج لتوه من المبرد .
فجلب وعاء كبير و جلس يشرب منه تاره و تاره أخرى يرش على صدره ربما هدأ و غفى  الساعات المتبيقه على الصباح .
و حينما لم يتلقى منها رد سأل : ما تردى عليا ، مش بكلمك ؟
حاولت إخراج صوتها و سألت : هو... أحمم ، هو أنت فاكر حاجه من أمبارح .
سؤال غبى ، فهل يا ترى هى غبيه لهذا الحد أم أنها ساذجة
عض على شفته السفلى و سأل : حاجة إيه بالظبط إلى عايزانى أفتركها ، أمرى أمر .
زاد تخبط قدميها و قالت بخوف شديد: ألامر لله ، بس لو تسيبنى أعدى يبقى كتر خيرك.
أبتسم بجانب فمه و قال : و هو أنا ماسكك .
جاوبته بتهكم مخفى : لأ هو بس صدرك العريض سد فتحة الباب فلو تكرمت يعنى أعدى .
و أخيراً نظر على جسده و جسدها ليرى فارق الجحم المضحك فهو بالفعل عريض الجسد جدا و هى لجواره بجحم اليمامه البيضاء.
حك جانب أنفه و هو يضحك قائلا : أنتى إلى صغيره أوى.
لترد بلهفه: أوى و الله و مش أدك .
1
رفع إحدى حاجبيه ، ماذا تقصد بحديثها هذا ، و كأنه قرأت ما بدأ يجول فى صدره ناحيتها .
عاود النظر لجسدها الصغير مقارنة به ثم سأل : أنتى عندك كام سنه ؟
فجاوبت على سؤاله بسؤال من شدة خوفها و طريقة إحتجازه لها الآن : ليه ؟
قرب وجهه من وجهها ليتنعدم المسافات و سأل مره اخرى بإصرار: عندك كام سنه يا زينب؟
تلعثمت فى الرد و خرج جوابها بصعوبه : عشرين.
نظر لها نظره شموليه ثم تنهد تنهيده حاره و قال : فعلاً صغيرة .
إبتعد عنها كى يفسح لها الطريق و قال بإذعان : شوفى كنتى رايحة ف....
لم تنتظر ليكمل جملته و إنما فرت هاربة كأنها تهرب من الجحيم ، تتسابق مع الريح ليوقفها صوته و هو يناديها: زينب.
وقفت بمكانها و بدأت تلتف له رويداً رويداً بخوف و قلقل تسأل دون كلام كأنها تسأل ماذا هناك .
فقال هو بحده : أنتى رايحة فين بدرى كده ؟
جاوبته و هى ترتجف : متفقه مع صحاب ليا نذاكر قبل المحاضره .
زم شفتيه بعدم رضا و سأل : هممم صحابك ، و هتروحى أزاى بدرى كده لا معاكى عربيه و لا فى تاكسيات شغاله دلوقتي... أقفى مكانك ما تتحركيش هلبس و أجى أوصلك .
لتتحدث بسرعه و خوف ظاهر فى نبرة صوتها : لا لا .. لأ ، مافيش داعى تتعب نفسك .
رفع إحدى حاجبيه و قال بتحد : لا مافيش تعب أنا بحب أسوق بدرى و الشوراع فاضيه .
فقالت: ما هو .. لسه هتلبس و تأخرنى
يوسف: إلى قولته تنفذيه بالحرف أنا مش بستأذنك أو باخد رأيك فاهمه ، تقفى هنا لحد ما أجيلك .
تحرك سريعاً و هى تقف خلفه و قد تحول الخزف و الخجل إلى غضب شديد تردد : إيييه هو ده ، هو عمال يؤمر و يتأمر كده ليه ؟
تنهدت بتعب فهى و بعد ما حدث بالأمس تريد الا تتواجه مع أو تراه و يراها لذا كانت تتهرب منه لكنه على ما يبدو مصمم .
لكنها لن تنصاع و لتتجنبه عله ينسى لذا فرت سريعاً تستقل السياره التى أتفق والدها مع صاحبها لأن يقلها يومياً براتب شهري وقتما تريد و قد خابرته منذ نصف ساعه و كان يقف منتظرها و ما أن خرجت حتى تحرك بها سريعاً.
ليخرج يوسف من شرفته و هو يرتدى إحدى أكمام تيشرته على إستعجال بعدما أستمع لبوق السيارة ، فضرب حافة الشرفه بغضب حينما تأكد أنها قد تمكنت من الفرار من بين يديه ، بالتأكيد تفعل شيئ خاطئ و لا ترغب لأى شخص بأن يكتشفه .
1
هذا ما هداه إليه تفكيره الناضج الحكيم حيال ما فعلت زينب .
و جلس ينتظرها حتى تعود ، لقد كبر الموضوع فى رأسه حتى أستفحل و أقسم على عدم تمريره.
_______________________
بزغ الفجر و بدأ الشروق و هو مرابط لها كأنه أقسم على ألا يفلتها من يده.
جلس معه على حافة السفينه يشاهدون ذلك المنظر الرائع الذي تمر من عليه.
جبال مزهرة بالخضار مع سحر البحر الأبيض المتوسط و رياح هادئة ناعمه تداعب خد حبيبته التى تجلس الآن فى أحضانه بين ذراعيه.
يتمنى لو يتوقف الزمن هنا عند هذه اللحظات ، تمنى لا انعزلا عن كل شيء و انفصلا وحدهما عن الجميع .
أغمض عيناه و بدأ يمرمغ أنفه على طول وجنتها الناعمة يردد: يا ريتنى كنت عرفتك من زمان و حبيتك.
تلاشت بسمتها الجميله و هوت من فوق قمة عالية بل شاهقة الارتفاع ، قمة صعدتها هى بنفسها ليلاً و قد سمحت لحالها بأن تحيا تلك اللحظات الجميله معه و تجربها ربما لن تحظى بها فيما بعد.
لكن بجملته تلك جعلها تستفيق و خرجت من حلمها الوردى قصير المدى ، لقد ذكرها ببساطة بما جاهدت كى تنساه و لم تقدر .
هى ذكريات أقوى من النسيان بل هى ضد النسيان ، فكيف تنسى الذكريات التى كانت العامل الأول و الأساسى فى تكوين شخصيتها التى هى عليها الآن.
التفت برقبتها فقط تنظر له بينما جسدها مازال مقيد بين أحضانه و سألت : ما يمكن ما كنتش أعجبك
سحب نفس عميق معبق برائحتها التى تثير جنونه و تريحها فى نفس الوقت و ردد بقين تام : أكيد لأ ، أنا متأكد أنك كنتى طفلة زى القمر.
زمت شفتيها بغل مخفى و قالت: لأ ، ده انا كنت تخينه أوى و عندى حبوب كتير فى وشى و شعرى مقصف و ......
لم يتركها تكمل حديثها و إنما وضع يده على شفتيها يقول : أكيد لأ طبعا.
حاولت التملص من بين يديه غير مهتمه بإنزعاجه و قالت : بس دى حقيقة كل بنت ، كلنا بنعدى بالفتره دى و خصوصاً أنا لأن ماما ماكنتش مهتمه بيا و مابقتش قادره أهتم بنفسى و أظهر جمالى و أعالج أى مشكلة عندى غير لما بدأت أكبر و أفهم يعني من بعد الثانوية كده.
ضمها له مجدداً كى تعود لأحضانه و قال :طيب ما تقولى كده و انتى قاعده فى حضنى لازم تقومى يعنى.
أحتضنها من جديد و قال : أحكى لى بقا ، مامتك ماكنتش مهتمه بيكى ليه؟
بالتأكيد لن تجيه فحاولت المراوغه و قالت: نتكلم فى الموضوع ده بعدين .. أنا دلوقتي جعانه أوى ، أنت مارضتش نروح نتعشى معاهم بالليل و أهو النهار طلع و أنا ما أكلتش .
قرص مقدمة أنفها و قال : حبيبى الجعان يا ناس ، نص ساعه و الفطار هيبدأ و كمان الباقيين هيصحوا ، تعالى فى حضنى الشويه دول قبل ما الكل يصحى و يتجمعوا حوالينا و يبقى أزعاج .
لم تعد تريد ، خرجت من البلووره الوردية التى سكنتها معه طوال الليل بمحض إرادتها و بعد حديثه هذا إستفاقت و خرجت منها .
أرادت إنهاء اللقاء و ليذهب و رغباته للجحيم ، من قال له أن كل ما يريده منها سيحظى عليه ، يجب أن يتعود على ذلك.
فوقفت بسرعه قبلما يحاصرها بين ذراعيه القويه مجدداً و قالت : أنا لازم الأول أخد دش و بعدين نفطر.
نظر لها بتقييم خصوصاً فساتها الأبيض الذى يضيق على جسدها الممتلئ و رأى أن ما تقوله فكره جيده .
ضياء : كويس بردو عشان تغيرى الفستان و ما يتلبسش تانى .
رفعت إحدى حاجبيها من يظن نفسه ، تلاشت نبرة الهيام التى رافقت جيجى التى رغبت بأن تحظى بوقت رومانسى حتى و لو لم يكن صادق و يخصها ، من تقف الآن هى تقى ... تقى المجروحه منه دائما فمن يظن نفسه هذا كى يأتى الآن و يتحكم بملابسها.
لذا قالت بشئ من الحده : نعم ؟!
تحفز كلياً حين تحسس فى حديثها ببصيص من الإعتراض و الحدة و وقف من مكانه مردداً بقوه : إيه ما سمعتيش ، بقول الفستان ده و أى واحد نفس القصة ما يتلبسش تانى .
كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت: ده ليه إن شاء الله.
لزم ذراعها بقوه و قال : يعني مش شايفه أنه مفصل جسمك كله ؟ ما ينفعش تلبسيه قدام حد .
تقى : ما أنا كنت لابساه قدامك دلوقتي.
اقترب منها و همس من بين أسنانه : و هو أنا أى حد؟ تلبسيه ليا أه ، قدام غيرى ممنوع ، فاهمه و لا أفهمك .
صمتت تنظر له و لا تعلم لما صمتت لكن الأكيد أنه لهدف غير برئ ، ربما أرادت زيادة جرعة السم المسدوسة فى العثل .
2
فأبتسمت له بخجل و قالت : حاضر.
ثم فرت مغادرة و هو يلاحقها بنظراته التى مرت على سائر جسدها من أسفل لأعلى يعض على شفتيه و يركل المنضدة المجاوره له بقدمه و هو يردد : أااه.. تتاكل أكل بنت اللذين .
وصلت غرفتها وهي تلهث ، أغلقت الباب بالمفتاح و هى تبتسم بشر ثم عمدت إلى هاتفها و أغلقته و بعدها تمددت على الفراش لتذهب فى نوم عميق مقرره عدم الذهاب له اليوم.
1
و لتجعله يتلظى بنيران الشوق و الإنتظار و هى هنا غارقه فى فراشها المريح .
أغمضت عيناها و نامت و هى قريرة العين كونها تراه يحترق أمامها يومياً نظير ما فعله معها قديما
_______________________
صار له أكثر من يومان و هو ملازم لباب بيتها يجلس ينتظرها ربما منت عليه بنظره .
لكنها لم تفعل و لا يعلم لما لم تخرج منذ دلفت للداخل ، على ما يبدو قد أضحى مجنون أشجان كما يلقبه صديقه العجوز.
ثوانى و تهلل وجهه و هو يراها أخيراً قد خرجت من البيت تهم لكى تتحرك ، لكن توقفت و هى تراه واقف لجوار أعمدة البيت فى الشارع.
فصرخت فيه : يخيبك ، أنت واقف عندك بتعمل إيه ياالى ينخفى إسمك .
كاظم : ما بلاش يخيبنى دى و أنا داخل على جواز كده .
1
ضحكت ضحكه رقيعة و قالت : خيبة عليك و عليها أم بخت منيل إلى هتلبس واحد زيك.
كاظم: ماتقوليش على نفسك كده عيب.
إحتدت عيناها و صرخت فيه : بقولك أيه يا جدع أنت خد بعضك و لم عضمتينك المفشفشين و إتكل على الله ، يالا زوق عجلك ألا وقفتك كده تجيب الفقر.
تنهد بتعب ثم قال : خلى بالك أنا كده عملت إلى عليا و كنت كويس للآخر و طالب الجواز بالزوق و الأدب أنتى بقا إلى عايزه تشوفى الوش التاني.
على صوتها و قد نجح فى إغضابها و بدأت تهلل : نعم نعم يا عين خالتك أنت كمان واقف بتهددنى ، حوش حوش و الله و أبو ركب بايشه طلع له حس ، بقا أنت هتعلى صوتك عليا و تقلب على الوش التاني ده انا أشجان و الأجر على الله ، طب مش كنت تسأل عنى الأول يا نضرى بدل ما تيجى تبيع ماية فى حارة السقايين .
حاول التحدث بصوت منخفض يحذرها : وطى صوتك يا شيجو خلينا نتفاهم .
1
ضربت على صدرها تردد : و كمان بتقولى يا شيجو ؟ طب يالاهووووواااااااااى .
فى ثوانى أجتمع عدد كبير حولهما و سأل صاحب محل النجاره و الاخشاب: خير يا ست أشجان فى ايه.. حد اتعرضلك و لا حاجة ؟
همت لكى تتحدث لكن سبقها كاظم الذى قال : كويس إنك جيت يا ريس و أحضرنا ، إسم الكريم إيه.
فجاوب الرجل : زناتى.
كاظم : أنعم وأكرم ، مت الآخر كده يا معلم زناتى أنا جاى أستنجد بيكم من الست.. أنا جيت و طلبت القرب على سنة الله ورسوله يبقى عيب ؟
رفع زناتى كفه شاهداً و ردد : لا عداك العيب ، بس الأصول و الشرع بيقولوا انها لازم توافق .
كاظم : ما وافقت.. سبق و وافقت و روحت دفعت دم قلبى أيشى شبكة و لبس  ، قوم تيجى بعد ده كله و تقول لأ غيرت رأيى ده كلام ؟
كانت على شفا الجنون و هى تسمع كلماته الكاذبة و بدأت تصرخ فيه : شبكة إيه و لبس إيه يا جعان يا عريان أنت ده انا أكسيك و أكسى بلد من عينتك .
دارى ضحكته و قد أقسم إنه إما قاتل أو مقتول هذه الليلة فقال : أنا عارف أنك زعلانه و غيرانه عليا بس و الله أنا ما أعرف الست دى .
جحظت عيناها ، عن أى سيدة يتحدث هذا  فقالت : ست مين يا جدع أنت يا أبو عين بجحه هو انا أعرفك أصلاً.
تجاهلها و نظر لزناتى يقول له : أنا عارف إن قلبها أبيض و ما تقصدش بس انا بقا بصراحة غلبت منها كل شويه تقلب عليا كده فأنا جيت هنا لأهل حارتها عشان أكتب عليها و ساعتها أعرف لها صرفه.
أتسعت عيناها خصوصاً و هى تسمع زناتى يعلق : و الله راجل محترم و شارى لآخر لحظه و بصراحة عداه العيب يا ست أشجان.
تهلل وجه كاظم و قال : أنا بقول نجيب المأذون بقا  .

5
______________________
توقف بسيارته أمام مجمع الشركات التى أصبحت تابعه ل لمى .
العضب يفتك به ، لقد تمادت كثيرا و للحقيقة أنه يود ضرب نفسه مئة كف و كف لأنه هو من ساعدها بكل ما تفعله بغنوته الآن .
فمنذ غادرت معها و هى مسحوله فى العمل و لم يراها او يستطيع محادثاتها و أخبره العاملون داخل المكان ممن يميلون بإنتمائهم أليه أن لمى تصب عليها المهام كدلو الماء و لم تأخذ حتى قسط الراحة المكفول لكل الموظفين .
ترجل من سيارته و سار للداخل و بقبله خوف كبير من ردة فعلها بعدما فضحت لمى مخططه و أنه من ساعد و عمل على كسر أنفها .
ظل يبحث عنها بعيناه مادام هاتفها بعيد عنها و هى تعمل هنا و هنا بناء على أوامر السيدة لمى ، لكنه لم يجدها.
أستشاط غيظه و بدأ يسرع فى خطواته ناحية مكتب لمى .
فى نفس اللحظه التى خرجت فيها غنوة من غرفة الاجتماعات التى تسبق اللمر المؤدى لمكتب المدير التنفيذي.
لتهتف بنبرة لعوب : المز ده تايه و لا أيه ، أموت فيك يا متأنتك .
4
أنتبه لها مشدوه بأفعالها الأخيرة و كأنه يتعرف عليها من جديد .
و كردة فعل هوجائية على أفعالها التى باتت تثير كل خلاياه دفعها للداخل و أغلق الباب يتقدم و هى تتراجع بإبتسامة متلاعبة مغويه تردد : تحرش كده فى عز الضهر أنا ممكن أصوت على فكره.
توقفت حينما اصطدم رأسها بالحائط و قد تم إحتجازها بنجاح بين جسده و الحائط فقالت: الله الله .. ده تحرش رسمى فهمى نظمى يعنى ، طل حيث كده بقا ما تجيب بوسة .
نظر لها و هو للأن فعلاً مستغرب و منتظر لرد فعلها على ما قالته لمى فسأل : غنوة ، هو أنتى مش زعلانة منى .
عضت على شفتها كأنها تحولت لشخص متحرش و قالت : بقا حد يزعل من جوزوا بردو ، أه صحيح .. فين المأذون يا ولا .
2
رمش بعيناه و سأل : يعني مش زعلانة من كلام لمى إلى قالته عشان الشرط الجزائي.
نظرت له بلامبالاه و قالت : دى بت بغل ، بتعمل كده عشان تفرق بينا بس إحنا ماحدش يفرق بينا أبدا.. يا عمرى .
3
ظل يرمش بعيناه ، هل هو يحلم أم أصبح مختل و يتهيأ له أشياء و أفعال ليست موجودة من الأساس ؟! أم أن تلك الواقفه أمامه ليست غنوة ، أو هى غنوة لكن بعدما ذهب عقلها فسأل : غنوة أنا بتكلم بجد ،و بعدين...
قاطعته هى و هى تقول: لأ لأ أنت مش عاجبنى خالص ، فيك إيه مالك مضيق كده ، فك يا شبح خلينا نتبسط ، مش لو كنت كملت أكل المكرونة بالبشاميل بتاعتى كان زمانها مروقه عليك دلوقتي و عادلة مزاجك ، لكن هنقول إيه منها لله إلى اللهى ربنا يقل راحتها و بختها ما سبتلكش فرصه تدوقها حتى .
أنهت حديثها بغمزة عابثه و قالت : بس ملحوقة و لا تشغل بالك، ما تجيب بوسة بقا .
1
نظر لها بجنون و قال: هو انتى غنوة إلى أنا أعرفها ؟
فقالت : لعلمك أنا جوايا جتة باد جيرل كده مدكناها للحبايب .
أبتسم على حديثها فقالت : و أنا ماليش حبايب غيرك يا بطتى.
داعب وجنتها و قال :و الله أنتى إلى روحى يا غنوة، خليكى دايما قريبه منى لأن أنا فرحان بيكى أوى ، أخيراً رضيتى عنا ، بكلمة منك بنسى تعبى كله ، بس شكلك أنتى إلى تعبانه.
عضت على شفتيها بغيظ تردد : بنت المجنونه مشغلانى و الطور إلى داير فى ساقيه ، كنت بحضر لإجتماع عندها دلوقتي... بس كويس إنك جيت أصلك كنت واحشنى ، ماتجيب حضن بقا ، و لا أقولك هات بوسة .
3
ضمها له سريعاً فهو فى حاجة أليها أكثر منها ثم رفع رأسها يقبلها لتشهق متفاجئة و هى ترى الباب قد فتح على مصرعيه و تدرك أنها آلان بهذا الوضع أمام معظم موظفى الشركه و مديرى الأقسام و على رأسهم لمى التى أخذت تردد بغيظ : الله الله .
وقفت فى وسط الجمع المحتشد تقسم ألا تمرر ما يحدث .
أما ذلك العجوز ذو الأقدام الذائبة فتقسم إن تسحق عظامه هذا على فرض أنه مازال يمتلك عظام من الأساس.
فهل قدم إليها كى يضعها امام الأمر الواقع يعتقد أنه يستطيع ذلك .
لا و الله فهو لم يعرفها بعد ، ليتحمل إذاً ، هو من جنى على حاله .
تقدمت منه تردد : بقا أنت مفكر نفسك ممكن تعرف تدبسنى ؟! تدبس مين يا روح الروح ، ده أشجان ، مش كنت تسأل عنى قبلا .
غمز له بعينه يردد عابثاً : و النبى إنتى إلى روح الروح يا حتة بوغاشة ، و أنا قتيل الليلة دى هتجوزك يعنى هتجوزك ، من الآخر كده أنا يا قاتل يا مقتول .
شمرت عن ساعديها و هى ترفعهم عالياً : تبقى مقتول ، طلبتها و نولتها ، تعالى لى بقا .
1
أتسعت عيناه برعب و هو يراها تهم لكى تنقض عليه حرفياً تنوى ضرب جبة رأسه بجبتها ، فتراجع خطوتان و هو مزهول يردد بصراخ : جرى إيه يا رجاله ، هضرب و أنا فى منطقتكم و لا ايه.
فهتف المعلم زناتى بغضب : جرى إيه يا ست أشجان مايصحش كده الراجل فى منطقتنا و عيب يحصل فيه كده .
أشجان: هو مش كان عامل فيها أماثل من شويه؟!  خاف و كش ليه دلوقتي ؟
أشهر كاظم أصبعه فى وجهها و هو يردد : خلى بالك أنا ممكن أسوي الهوايل بس انا إلى إبن بلد و أفهم فى الأصول و عارف إنه مايصحش أمد أيدى على واحده ست و خصوصاً يعنى لو كانت الست بتاعتى .
اهتزت شفتيها من شدة الغيظ و الغضب  سيدة من ؟ هل يرغب في فوران دمها أم إصابتها بشلل رباعى ؟
فتقدمت منه و هى تقول: ست بتاعت مين يا راجل يا ربع كم يا بواقى التصدير يا فرز تالت أنت ، ده أنت و إيمانات المسلمين لو شوفتك ماشى على الحيط بردو مش هوافق عليك.
3
مسح كاظم على صدره بحيث أصبحت تلك هى حركته المعتادة كلما رأها و قال : طب ليه بس كده ، و النبى شاري .
إلتف ينظر للمعلم زناتى ثم قال له : ما تحضرنا يا معلم ، أنت سكت ليه ، قولها أنى إلى شاري ما نبعهوش و كسف الطبيعة وحش .
تنهد زناتى و هو يهز رأسه ثم ردد: لا حول و لا قوة إلا بالله ، أنا كان بودى أوفق راسين فى الحلال بس زى ما انت عارف كل شيء بالخناق إلا الجواز يالإتفاق و هى لازم و لا بد تكون موافقه.
إلتف إلى أشجان سألها : و أنتى موافقه يا ست أشجان ؟
ردت عليه سريعاً دون الحاجة للتفكير و قالت : لأ، و يالا .. قوله يزوق عجله من هنا مش عايزين قلبت دماغ كل ساعه و التانيه .
إلتف زناتى إلى كاظم الذى تحولت معالم وجهه للحزن الشديد و قال له بأسف : ما علش بقا ، كل شيء قسمه ونصيب.

هز كاظم رأسه و هم ليتحرك قبلما تصدح صوت ضحكه رقيعه قادمة من وسط المتجمهرين.
أغضمت أشجان عيناها بغضب خصوصاً و هى تتوقع هوية صاحبة الصوت التى أقتربت تقول : معلوم هيكون لأ ، أنفد بجلدك يا أخويا ، خد ديلك فى سنانك و قول يا فكيك ،هى دى ليها فى الجواز ، دى مابيعيشلهاش رجالة ، كل ما تحط عينها على راجل تجيب أجله .
توقف كاظم مستغرب لما يقال و من هذه السيده بينما تقدمت أشجان متهورة تردد بصياح : لمى لسانك يا أم حسن ، أنتى يا اختى حاطه نقرك من نقرى ليه ، أنا لو منك أروح أشوف أبنى الحيله إلى طفشته من جنبى بسبب عمايلى السوده.
2
نظرت لها أم حسن بغل ، أشجان ضغطت على جرحها الغائر دون رحمه لذا ستضغط هى أيضاً على جرح عمرها و بدأت تدور حول الجمع المتجمهر فى حلقه و هى تصفق بيديها مردده : هييجى ، مسيرة يرجع لحضن أمه ، مش هسيب بنت ڤيولا تخطفه ، أهو حتى عشان ما تبقاش بنت ڤيولا علمت عليا زى ما أمها علمت عليكى زمان ، فاكره و لا تحبي أفكرك ، و لا تكونيش فاكره أنى مش فاهمه سبب لزقتك لغنوة و لا رفضك للعرسان .
1
أصفر وجه اشجان و بهت ، أم حسن لا تلعب بنزاهة مطلقاً ، لما تفتش فى جروح الماضى .
بينما أم حسن لم تكتفى بل نظرت إلى كاظم و قالت : روح شوف حالك يا استاذ ، دى زى ما تكون اتعقدت من الجواز و لا عمرها هتفكر في رجاله تانى ، مش ناقص لها غير عمليه و تقلب دكر.
خيم الصمت على الجميع و الكل مبهوت من تمادى أم حسن فى حديثها مع أشجان لطالما كانا فى نقار متواصل لكن لم يصلا يوماً لهنا .
الكل عينه على أشجان ما بين الشماتة و التعاطف .
ليصدح صوتها عالياً و هى تقول : العملية دى تعمليها انتى يا أم حسن و ساعتها تعالى هخليكى تشهدى على عقد الجواز .
أتسعت أعين ام حسن من الصدمه و الغضب و كذلك كاظم و لكن من الفرحة و هو يسأل : عقد جواز مين ؟
تقدمت منه تشبك ذراعها فى زراعة مردده : عليك يا سيد الناس .
1
أتسعت عيناه و ظل متخشب الجسد رغم أنها تشبكت به ك العرسان و قالت للمعلم زنانى : أبعت هات المأذون يا معلم .
تحركت و هى تجبر كاظم على السير معها و هى مازالت شابكة ذراعها بذراعه تردد : عقبال عندكوا جميعا ، تعالو اتفضوا فوق .
اخذت تسير للداخل و هى تطلق الزغاريد لنفسها فى الهواء و كاظم حقا مصدوم .
9
____________________
دقات عالية على الباب أيقظتها مفزوعة من نومها العميق تنظر حولها يمينا و يساراً تبحث حتى عن صديقتها نادين لكن لم تجدها.
و الدق على الباب مازال متواصل بل قد زاد حدة و عنف.
اعتدلت من على الفراش و وقفت كذلك و من شدة الدق المتواصل لم يتثنى لها حتى ارتداء خف قدميها.
ذهبت باتجاه الباب و هى تسأل : مين ؟
ليجاوبها ضياء بصوت واضح عليه الغضب المكبوت : أنا ضياء ، افتحى حالاً.
أتسعت عيناها و بالفعل فتحت الباب سريعاً لتراه أمامها و قد أحمر وجهه من الغضب.
و تقدم يقبض على ذراعها بكفه يسحق عظامها و هو يهزها بين يديه الغليظه مرددا: مش بتردى عليا ليه من ساعة ما كنا مع بعض، فضلت اتصل بيكى مش بتردى و بعدها اتقفل خالص .
هيئته بالفعل مخيفه بخرت أى ذرة شجاعة داخلها و ردت كاذبة : الفون فصل و الله.
لكن على ما يبدو أن تلك الإجابة لم ترضيه و بدأ يردد : لأ ما فصلش ، ده مقفول ، و بعدين أنا امبارح ما سمعتش رد منك على كلامى.
رمشت بعينها تسأل: كلام إيه ؟
زاد غضبه ، فهل نست أيضاً ؟
هتف بحده: كمان نسيتي ، نسيتى اعترافي ليكى و أنى بحبك ، أنا ضياء شداد إلي عمره ما اتعلق بحد و لا قال الكلمة دى لحد يوم ما أقولها ليكي تسبينى و تمشى و تيجى تنامى ، المفروض يكون عندك رد على الي قولته .
كان يهزها يميناً و يساراً بعنف و قد انغرست اصابعه فى لحم ذراعها يسحق عظامه من شدة غيظه فرددت بصوت متألم: أااه ، دراعى يا ضياء ، أنت بتوجعنى .
أنتبه على ما يفعله بها و نظر لذراعها المكشوف و قد بدأ يستحيل مكان قبضته للون القرمزى الذى سيتحول فيما بعد للأزرق .
فمد يده برفق يدلكه لها معتذراً
و الآن فقط حانت منه نظرة عليها و على ثوبها الرمادى قصير الطول مجسم للجسد يحتضن تفاصيلها المثيرة جعلت الدماء تغلى فى رأسه و قد سال لعابه عليها .
فبدأ يتقدم بخطوات بطيئة حتى وقف خلفها يحتضنها من ظهرها الذى أصبح مقابل صدره و بدأ يدلك بكفه على ذراعها المكدوم و يحتضنها بالذراع الآخر مردداً بينما يقبل رأسها و هو مغمض لعيناه : حقك عليا ، أنا بس أتجننت لما اختفتيى كده ، أنتى جننتيتى من ساعة ما شوفتك ، فى حاجه مش طبيعيه بتحصل.
أغمضت عيناها مبتسمه ليس استمتاعاً بل هى شامتة .
فى العادى لا تسير الأمور هكذا ، و لسرعة تعلقة بها تدخل ربانى
ف بالطبيعى لا يقع رجل لامرأه خلال أيام و يصبح لها كل هذا التأثير عليه خصوصاً لو كان رجلاً مثل ضياء ذو التاريخ المسائى الحافل و المشرف.
كل ما يحدث و على ما يبدو انه ما هو إلا تخليص ذنوب ، لا تشعر حياله بأي شفقه أو حتى تردد ، هو يستحق ما يحدث أو سيحدث.
لكن مع ازدياد وتيرة أنفاسه الساخنه و شعورها للتو فقط بانخفاض كفيه من على ذراعها و بدأ يتحسس معدتها بدأت تنسى نوعاً ما و لانت بين يديه متذكرة أنه زوجها حتى لو لم يكن يعلم أنها هى تقى ذاتها.
شهقت بخجل و هى تشعر بشفتيه تهبط على وجنتها ثم ينتقل للثانيه كأنه يوزع قبلاته على كلا الوجنتين بالعدل و التساوى و يديه تزيد من ضمها له.
فذابت گقطعة القشدة حينما تتلامس مع جسد ساخن .
شعور سمحت لنفسها بأن تجربه خصوصاً و هو زوجها و نصف مصر تعلم أنها متزوجة من أبن خالها .
و سمعت صوته المختلط بأنفاسه المتهدجه يردد نن بين قبلاته : أنتى حلوه اوي يا چيچي لما بشوفك ببقى مش مسيطر على نفسى .
كلمة واحدة كانت كفيلة لأن تهوى من فوق تلك القمة الوردية التى صعدتها معه منذ لحظات ، هي بالنسبة له چيچى التى يعشقها على زوجته .
و ليست تقى التى لطالما تنمر عليها و أُرغم على الزواج بها .
تزامن مع دخول نادين من الباب الذي لم يحسن غلقة من شدة إنشغاله بها.
شهقت عليا بخجل و هى تراهما بهذا الوضع.
فانتبه كل من ضياء و تقى بينما نادين بدأت تردد : أنا أسفه كان المفروض أخبط .. بس الباب كان مفتوح.
خرجت سريعاً و أغلقت الباب خلفها و تقى تضع كفيها على وجهها تخفيه بهما ، سحب ضياء نفس عالى يحاول تخطى الموقف .
و أبعد كفيها عن وجهها يردد : ما تخبيش وشك عني.
هزت رأسها تقول: مكسوفة أوي منها و منك و من نفسى .
زاد من ضمها له و قال : أنا هشيل عنك كل الحرج .
نظرت له مستفهمة تسأل: ازاى.
قرص وجنتها ثم قال : بالليل هتعرفي ، بس دلوقتي تغيرى و تعالي عشان ناكل مع بعض ، ما أنا ما أكلتش عشان مستني الهانم بتاعتى ، عشر دقايق و تكوني قدامى ، اوكى؟
هزت رأسها موافقه و هى تبتسم : أوكى ، هغير بس و اجيلك
تقدم ناحية الباب بصعوبة ثم إلتف لها مردداً : طب ما أستنى يمكن تحتاجى مساعده .
أتسعت عيناها و صرخت فيه : امشي يا ضياء.
غمز لها بعيناه عابثاً ثم قال : أنا أقصد عشان لو إحتاجتي تشدى سوسته و لا تقفلي زرار و انتى لوحدك ف أنا فى الخدمة يعنى .
لكنها هتفت بحده : ضياااااء .
أبتسم لها مردداً: خلاص خلاص ، بس ما تتأخريش عشان كل ما بتتأخري بتلكك و أجيلك هنا و انتي حره بقا .
خرج من عندها و أغلق الباب لتتلاشى نهائياً إبتسامتها المزيفة و حل محلها المقت الشديد.
و بعد خروجه بثواني دلفت نادين تردد : مشي خلاص .
بقت تقى تنظر لها بصمت بينما نادين تقدمت مردده : بس إيه ده إيه ده ؟! إيه إلى أنا شوفته ده ؟ قال و تقولى لى مش طيقاه و سبب عقد حياتى ، ده انتى كنتي دايبة فى حضنه زى الشوكلاته السايحه .
بقيت صامته تماما، لن يفيد البوح و لن يتمكن منه من إعتاد الكتمان .
خصوصاً و الأمر مقعد المشاعر و التفاصيل .
فهى ربما لن يتثنى لها معايشة ذلك الشعور فى المستقبل ، تعلم جدها جيدا و تعلم ردات فعله لو طلبت الطلاق كما سبق وفعلت فرفض أيضاً.
كانت تعلم أنه من المتوقع أن مصيرها سيصبح مثل قطعة الأرض البور أو (البيت الوقف) فلن يعطوها حريتها من إبنهم و لن يتقبلها ضياء كزوجة خصوصاً فور علمه أنها تقى و ليست جيجى .
و الاكيد انها كذلك لن تتقبله كزوج فهو يومياً  يخونها ، و المؤلم أنه يخونها معها ، لم ترى فى عيناه و لو لدقيقة واحده أى لحظة ندم أو تراجع و لا حتى تفكير فى تلك البقرة التى عقد قرانه عليها و تجلس فى بيت العائلة بالقاهرة .
1
الكثير و الكثير من المشاعر المتناقضة التى لم يفهما أحد بالتأكيد ، هى وحدها من تفهم .
لذا التزمت الصمت و بقت تستمع لها بصمت تام و ما أن اقتربت منها حتى قبضت على ذراعها بغيظ تردد : انتي غبية و لا راضعة إيه و انتي صغيره.
نادين: من لبن امي و الله ده انا حتى فضلت أرضع سنتين .
زادت تقى من قبضتها على ذراع نادين و قالت: يبقى هو ده الي تخن مخك.
نادين: في ايه بس ، انتي صاحية من النوم تقولى يا شر إشطر ، أنا عملت ايه ؟
بدأت تقى من شدة غيظها تهز نادين يميناً و يساراً بغل و هى تردد : هو ايه اللي أنا أسفه كان المفروض أخبط ؟ إنتى دخلتى على واحد و مراتة اوضة نومهم ، هتكشفينا بغبائك الله يخربيتك.
صرخت فيها نادين: ما أنتو متجوزين فعلاً ، و إلى عملته كان بديهي لأنى عارفه أنكم متجوزين .
زادت تقى غيظاً و قالت : بس هو مش عارف ، أنتى كده بتلفتي إنتباهه يا غبية
حاولت نادين إفلات ذراعها من قبضة تقى تردد بتألم : أااه ، أوعي أيدى يا مفتريه .
تقى بغيظ : تستاهلى قطعها و الله.
صرخت نادين  : الله ، فى ايه ،إتكسفت ، أعمل ايه يعنى ، أنا بنت ناس بردو ، و بعدين أنا أصلا قلبى مش مرتاح من ناحيته ، لايكون افتكرك و عرف كل إلي بنعمله .
توقفت تقى عن غضبها و بدأت تفكر فيما قالته نادين مردده : أنا كل حاجه فيا أتغيرت و هو اساساً كان نادر لما يوشفني و أشوفه ، لأ .. لأ يا نادين أنا إحساسي عمره ما كدب عليا ، ضياء ماعرفنيش .
صمتت نادين و قالت : هو للدرجة دى أعمى القلب و النظر ؟
أغضمت تقى عيناها بألم فقالت نادين: لو كده بجد يبقى ما يستحقش أى رحمة و أنا معاكى فى أى حاجة أنتى ناوية عليها.
إحتضنتها تقى و قد أدمعت عيناها : و الله أنتى الحاجة الوحيدة إلى مصبرانى على كل القرف اللي فى حياتى يا نادين..
بدأت نادين تربط على كتفها تهدهدها مرددة : أنتى أختى يا بت ، ده انا أروح معاكى جهنم.
أبتعدت تقى تنظر لها بابتسامة ماكرة و قالت بنبرة صوت تخفي فى طياتها الكثير : لأ أنا مش هروح جهنم أنا هبعت لها ناس .
فصدحت ضحكة عالية عن نادين التى قالت : نقرأ له الفاتحة بقا مقدماً.
ضحكت تقى هى الأخرى و قالت : اقري له انتى مالوش عندى لا فاتحة و لا رحمة ، أنا رايحة أغير هدومى عشان مستني ، نتقابل على العشا.
______________________
وقفت لمى تنظر بغل لتلك التي تقف فى منتصف أملاكها تحتضن الرجل الذى أنتشلته منها إنتشالاً بل و استغفلتها و أستخدمتها متلونة كما الحرباء كي تصل له و الآن تقف بذلك الوضع الفاسق بمقر عملها هى و والدها.
الغريب أن هارون .. ملك العالم فى التبجح كان منحرج من ذلك الوضع أو هو منحرج لغنوة إن صح التعبير ، لم يشأ و أن ترى و هى معه بذلك الوضع وسط الموظفين العاملين معها .
فتح أزرار بذلته يحاول أن يخفيها داخلها لتباعته بحركة يدها و هى تتمسح بكفها على صدره غير مبالية لذلك الجمع و لا ترى إن هنالك أى ضرورة تجعلها تشعر بالعار
بل نظرت ل لمى و قالت ببرود : مش تخبطوا قبل ما تدخلوا .
هز رأسه بمجون ، هو فقط يحاول الإستيعاب ، يسأل... أين كان مختفي ذلك الجانب العابث بشخصية غنوة و كيف إستطاعت إخفاءه .
بينما الموظفون أولا تغامزوا على ذلك الوضع الذى ضبطوهما به لكن الآن وقفوا مبهوتين مما يسمعونه .
و تحدثت لمى بغيظ : ده إيه البجاحه الخام إلى أنتى فيها دى ، ده بدل ما تتكسفى على نفسك و لا تتمنى الأرض تنشق و تبلعك تقومى تردى و تقولى كده ، إيه مابتتكسفيش .
1
ضحكت غنوة و قالت : أتكسف ليه ، واحده واقفه في حضن جوزها لا عيب و لا حرام.
لمى : هو بقى جوزك امتى و إحنا ما نعرفش
ضحكت غنوة ضحكة سمجة و قالت : كتبنا الكتاب و مش فاضل غير الفرح بس أكيد أكيد أن هعزمك ، ماهو ماحدش هيشيل لى الشمع غيرك .
2
ضحك هارون ،  لم يستطع كبت ضحكته هو بالفعل مبهور من تصرفاتها الاخيره جدا.
بينما لمى تأكل بواطن فمها من الغيظ ثم قالت : حتى لو ، جوزك ده فى البيت مش هنا ، فى شركتى .
غنوة : و هو انتي سايبه لنا فرصه نتلم على بعض ماجيتي ورايا البيت نطيتى لنا فيه ، و بعدين أية إلى كل شوية شركتي شركتي ، إنتى فكرانى مغفلة مثلاً ، إنتي ناسية إن جوزي شريك أبوكى فى كل حاجه يعني أكيد الشركة دى من ضمنها .
التمعت عينا هارون و هو يدرك ذلك ، إذاً يمكنه إزالة ذلك الشرط الجزائي العفن عنها .
صدح صوت لمى الغاضب ترد لها كيدها : أكيد و إلا ماكنش قدر بنفسه يضيف الشرط الجزائي عشان يذلك .
خاف هارون كثيراً من تكرار لمى لحديثها و هو بالأساس يدعو الله أن يمر الأمر على غنوة و لا تدق بالحديد فوقه و قد تتغير و تبتعد ثانيه بعدما ذاق حلاوة رضاها عنه فقال بسرعه : لمى لو سمحتى خلاص ، وكفاية أوى لحد كده ، الموظفين موجودين ، يا ريت ما تنسيش إن ده مكان شغل.
الآن فقط تذكرت لمى عملها ، هى ما أن ترى غنوة حتى تتوقف عن التفكير العملى ، الغل يصنع غشاوة على عقلها و يحجبه تماماً.
لذا تحدثت بصوت مهني بحت : أحمم .. صح .. ياريت لو الأنسة خلصت شغلها هنا تروح تشوف باقى الي وراها .
صك هارون على أسنانه بغيظ فهى للأن لم تعتقها بينما غنوة تحركت للإمام و تصمنعت التعثر فى أحد المقاعد فصرخت متألمة .
على الفور أقترب منها هارون : مالك يا حبيبتي فيكى إيه ؟
غنوة و هى تنظر ل لمى : رجلى يا هارون رجلي مش قادرة .
اقترب منها يتحسس قدمها ثم قال : طب تعالي.. تعالى أنا هشيلك .
و بحركة خاطفة حملها أمام الجمع الذى شهق مما يراه و تحرك بها للخارج بينما هى تخرج لسانها للمى لتشعل غيظها أكثر و أكثر.
_________________________
وقف على سطح السفينة يشاهد يغمض عينيه و هو يبتسم ، كأنه يتذكر تلك المرة التى شاهدها فيها و هى واقفه بنفس الوضعية تاركة الهواء يداعب خصلات شعرها الطويل.
سحب نفس عميق و أتسعت إبتسامته و هو يشتم رائحتها ملئت المكان من خلفه و على ما يبدو قد سبقتها .
إلتف لها و وقف مبهوت ، يسأل سؤال ملح ، لما عليها كل مره إيقاف نبضاته ، و لما هى بكل هذا الجمال الا محدود.
بعمره لم تحركه أنثى هكذا كما تفعل" جيجي " و لم يسبق و أن بادر بأعتراف لأى أنثى عن حبه ، بل لم يطلب من أى واحده أن تظل لجواره .
كان دائما ملك اللعبة و هو من يحرك الجميع لكن على ما يبدو أن الحجر الدائر لابد من ضربه .
و قد ضرب على يد تلك الفاتنة.
ظل ينظر بإنبهار لفستانها الأخضر و هو يحتضن جسدها بليونه مضيفاً عليه و هج خاص خصوصاً بعدما فردت شعرها على طول ظهرها.
مد يده لها فتقدمت تشبك يدها بيده لكنه اوقفها أمامه و احتضن ظهرها له من جديد.
ضحكت بخفوت و قالت : تيتانيك ده و لا أيه .
جاوبها بهدوء و هو يتكئ بذقنه على عظام كتفها : لو بتحبي تيتانك يبقى هو .
تقى : يعنى ممكن تضحي بنفسك عشاني زي بطل تيتانيك .
لم يستغرق وقت فى التفكير إنما جاوب : البطل مات غرقان عشان البطلة .
تقى : اها
أتسعت عيناها و هى تشعر به يغرز أصابعه فى لحم خصرها و هو يفترسه ليزيد من ضمها له مكملاً بنبرة مخيفة : أنا لو هموت هاخدك معايا عشان ماسبكيش و ييجى اليوم إلى ممكن تحبي فيه حد غيري ، إنتي ليا لحد ما تموتي سواء كنت عايش أو لأ.
إلتفت تنظر له ، لم يكن يمزح بل عيناه بها تملك مخيف .
حمحمت تجلى صوتها و قالت : أحمم .. أنا جوعت يالا بينا عشان العشا.
نظر لها نظرة شمولية ثم قال : أوكي ، روحي غيرى و تعالى .
نظرت نقي لفستانها الرائع و قالت : ما أنا لابسه أهو.
قربها منه بحده طفيفة و قال : الفستان تلبسيهولى و إحنا لوحدنا مش تظهري بيه قدام الكل.
دبت الأرض بقدميها تقول: يا ضياء بقا .
لكنه قال بإصرار شديد : شكلك صغيرة لسه و هتتعبيني معاكى ، إلى قولته يتنفذ و إلا تفضلى قاعده معايا هنا و مافيش مرواح لأى مكان.
زفرت بغضب و قالت : خلاص هغير ، أوعى بقا من قدامى ، أوووف .
أبتعدت من أمامه بضيق و ضجر و هو يضحك عليها مرددا : أوزعة بس خاطفة قلبي .

12
____________________
خرج من المصعد و هو يساندها و ما أن أصبحا أمام سيارته حتى ابتعدت عنه تسير على قدميها كأنها لم تكن تؤلمها ، بل لقد ركضت لتفتح باب السيارة و تجلس يالداخل تحت أعين هارون الذى يناظرها بصدمه كبيرة.
صعد هو الآخر لسيارته يقول : أنتي رجلك مش وجعاكي .
نظرت له بغضب شديد و قالت: أنت هتاكلنى بكلمتين ، تعالى لي هنا ، أنا عايزة اعرف إيه الى أنت عملته ده .
ابتلع رمقه بخوف، كان متخوف من تلك اللحظه التي ستتحدث فيها عن مساعدته للمى و اتفاقهما عليها.
فحاول التبرير : غنوة أنا....
قاطعته بحده: بقولك ايه ، بلا غنوة بلا زفت ، أنا كام مره قولت ما تطلعش من البيت و انت فاتح زراير القميص كده ، ايه يا بيه ، فرحان لي بشعر صدرك مثلاً.
7
أتسعت عيناه و هو لا يصدق ما تسمعه أذنيه و سأل : وات ؟
جاوبت بحده أعلى و إصرار شديد: زى ما سمعت ، و القميص إلى انت لابسه ده اصلا أخره باب اوضة النوم غير كده نو ، خاف مني يا هارون أنا لما بقلب ببقا وحشه و غيرتي مجنونة.
جذبها ليضمها و هو يضحك بجنون : هههه .. مش مصدق بجد.
غنوة : يالا وصلنى لشغلى .
أبتعد عنها يقول: ايه ؟ شغل إيه ما انتي لسه مخلصه.
غنوة : هقول ايه ما الإهتمام ما بيطلبش .. أنا بقالى فترة بأسس شغل لنفسى يا باشا ، صح النوم .
هارون: شغل إيه ، طب و المأذون .
غنوة: هارون الله يخليك ، ده انا عملت الفيلم إلى فوق ده عشان أقدر ازوغ و أروح اباشره أنا حاطة كل ما أملك فى الشغل ده و بالليل نعدي على المأذون.
ظل ينظر لها بصمت غير راضي ابدا عن ما يحدث.
__________________
+
جلس بالحديقة و لم يذهب لأى مكان ، و الهانم للأن لم تعد الا يكفى هروبها منه و كذلك تتأخر لهذا الحد.
وقف عن كرسيه بلهفه و هو يرى سيارة أجرة تقف بجوار الحديقه و قد ترجلت منها زينب تسير بإرهاق شديد قاصدة الدلوف للداخل ، لكنه اوقفها بصوته العالى : زينب .. أستني عندك....
******""

بقلم SomaElaraby8
 Follow
شارك

الوضع مذرى للغايه ، يبدو أنه قد وصل للحد معاها ، برود عيناها يوحي أنه قد فقد بغباءه كل الفرص.
تلك العينان البارده التي يتعرف عليها لتوه فعينا نغم القديمه كانت تشع سعاده و شغف كلما رأته.
صوته يثير بهجه فى وجهها الذى يستحيل للأبيض المشرئب بالحمره ... ذلك الوجه و تلك الملامح التى كانت و لا تزال اجمل من أجمل منظر طبيعي يمتع النظر و العين .
لكن تلك التى تقف الآن بأعين فقدت الشغف و المجون تجاهه لا يعرفها.
ظن فتحها للباب و السماح له بالدخول لهو موافقه غير منطوقه منها .
لكن ما يراه لا يبشر بذلك مطلقاً خصوصاً حينما أشاحت بوجهها عنه و كتفت ذراعيها حول صدرها تسأل بوجوم : أنت لسه هنا بتعمل ايه ؟ قولت لك أرجع على بلدك .
تقدم منها بلهفه يردد : من غيرك مش ممكن.
إلتفت توليه ظهرها و قالت بحزن كبير : فات الوقت يا حسن ، صدقني أنت بتضيع وقت على الفاضي.
أقترب منها أكثر و لف حتى أصبح هو مقابلها يقول برجاء: أنا بعت إلى ورايا و الى قدامى و جيت على بلد لا أعرفها و لا تعرفني و لا عارف أنطق كلمه واحده مع أهلها عشانك ، أنا نمت فى الشارع عشانك ، مش عارف أكل أو أشرب من ساعة ما جيت بردو عشانك ، أنتي مش عارفه أنا إيه إلي بيحصل لي كل ليله و لا بقضيها ازاى بس متحمل عشانك.
أسبلت جفنيها بألم ، لما هو مصمم على إلقاء كل حموله على عاتقها هي .
هو من فعل ذلك بحاله ، هو من وصل بها و بنفسه لتلك النقطه... نقطة الا عودة.
ضحكت بألم ، لطالما أحب ضحكتها ، لكن تلك لم يتمنى رؤيتها يوماً.
خصوصاً وأن ما سيتبعها لن يكن ساراً ابداً .
بالفعل تحدثت بكل ألم و قالت: اشطر واحد فى الدنيا في انك ترمي كل الذنوب الي كنت أنت السبب فيها على الطرف التاني ، أرجع بالذاكرة لورا شويه و افتكر لو نسيت ، أنت خذلتني بدل المره ألف ، أنت مش صعبان عليا خالص ، ياريت تطلع من هنا على المطار و ترجع بلدك لأن المره الجايه أنا مش هفتح لك الباب تاني.
هم للتحدث من جديد كي يرجوها لكنها تقدمت من باب البيت و فتحته ثم هتفت بقوه : إطلع برا يا حسن .
3
ظل ثابت فى مكانه ، لم يتحرك ، منصدم كلياً من شخصية تلك النغم التي يراها ، لقد كانت كالبسكويت الناعم بين يديه بالقاهره  ، فما الذى تغير ، هل طبيعة الطقس تغير من كلامح شخصيتها فأصبحت بارده كما طقس بلادها .
و أمام صمته التام قالت مجدداً بقوه: قولت لك إطلع برا .
تقدم بخطى حثيثة يتحرك ناحية الباب ، ينظر لها بإستعطاف عل قلبها يرق عليه ، لكنها كانت تنظر بعيداً عن عيناه، لن تتعطي مجال لإبتزازه العاطفي ابداً .

أصبح على أعتاب البيت فأغلقت الباب بقوه ثم سمحت لنفسها أخيراً بإطلاق صراح دموعها المحبوسه فى عيناها و تزحزحت أقدامها من تحتها شيئا؟ فشيئا حتى جلست أرضاً تبكي و تشهق .
المؤلم فى الأمر أنه كان يقف بالخارج يستمع لبكائها ، و يعلم تمام العلم أنه هو السبب لما وصلا إليه الآن و أنه أيضاً يتوجب عليه التحمل.
لن يعود إلى بلادها إلا بها ، أنه العهد الذى اتخذه على نفسه و هو يغادر مطار القاهرة.
سار في الشارع يعد النقود المتبقيه معه ، يعيش على الفاكهه و بعض الحلوى ، الطعام هنا غير مضمون ، لا يعلم مصدره و هل هو حلال أم لا .. و لا يعرف أسامي الاشياء هو فقط يشير للبائع على ما يريد و يأخذه .
أمواله أوشكت على الانتهاء ، لا يعلم كيف يتصرف .
أغمض عيناه بتعب و جلس على أعتاب أحد الدكاكين المغلقه ينظر على بيتها حيث يكمن أمله فى الحياة.
ثم رفع رأسه للسماء يسأل العون و الفرج لكن رغماً عنه غفت عيناه و ارتخى جسده من شدة التعب و الإجهاد مع النوم القليل.
و لم يستفق إلا على صوت رجل عجوز يضربه بشيئ ما.
فتح عينيه متفاجئ و نظر لما يحدث حوله ليجد عجوز تخطى السبعين بجسد ممتلئ بعض الشئ و ظهر محني يضربه بعكازه الذي يتكئ عليه و هو يتحدث بلكنته الألمانية.
لكن حسن لم يفقه كلمه واحده مما يتحدث بها هذا العجوز و ظل يردد: أنا أسف نمت غصب عني.. نمت غصب عني.
زاد العجوز في عصبيته خصوصاً و هو لا يفهم على ذلك الشاب و ظهر ذلك جلياً على ملامحه و هو يشير بعصاه على المحل المغلق .
فتحرك حسن سريعاً بعدما فهم أنه يجلس الأن أمام محله .
أبتعد تحت أعين العجوز الغاضب و تحرك قليلاً حتى جلس أمام بيت نغم مباشرة.
مر اليوم طويلاً و هو على وضعه ينتظرها ربما تخرج و يتحدث إليها من جديد و ذلك العجوز يراقبه ، يراه حينما يقف منتصباً حينما تخرج تلك الشابه الصغيره من شرفتها ففطن أنه عاشق ذوبه الهوى .

ضحك بحنكة و صمت قليلا إلى أن وجد طريقة للتواصل معه مادام لا يفقه لغته .
أخرج هاتفه الذكي و تحدث إلى شخص ما فأتي إليه بعد نصف ساعة و لم يكن سوى حفيده ذو الخامسة عشرة عاماً  يحكي له قصة ذلك الشاب..
و بينما يجلس حسن على الرصيف مقابل بيت حبيبته تفاجئ بذلك العجوز و معه فتي صغير يقفان أمامه .
تحدث الفتى له و هو بالطبع لم يفهم ، لذا أشهر هاتفه فى وجهه و قد اعتمد موقع جوجل للترجمة يكتب ما يريد بالألمانيه و الموقع يترجم فقرأ حسن : هل أنت هنا من أجل حبيبتك ؟
نظر لها بصدمه و هز رأسه إيجاباً.
كتب له الفتى من جديد : بأى لغه تتحدث .
اخرج حسن هاتفه و هو يشعر بانتصار عظيم بعدما أهداه ذلك الفتى الحل المثالي للتواصل هنا ، فعل مثله بالضبط و كتب له : أنا مصري و أنا هنا من أجل الفتاة التي أحبها و لا أعرف أى لغه سوى العربية.
ظلوا على نفس المنوال حتى عرف العجوز و حفيده قصته .
تهلل وجه حسن بفرحه عارمة حينما عرض عليه العجوز العمل لديه و وافق من فوره ، فهو فى هذه الحالة سيحصل على مال جديد من العمل و يضمن وجوده بجوار حبيبته و يستطيع مراقبتها في كل الأوقات .
1
_____________________
جلس على كرسيه فى حديقة البيت ينتظرها ، تخطت الساعه الثامنه ليلا و هي لم تعد للأن .
رغماً عنه و بلا أى سبب محددد يأكله غيظه بل ينهش أحشائه نهشاً .
ظل يأكل بواطن فمه من الغل و الغضب حتى وثب منتفضاً ما أن استمع لبوق سيارة الأجره يعلن عن وصولها.
تقدم لعندها بخطى ثابتة لكنها مخيفه حقا.
جف حلق زينب ما أن اقتربت بسيارة الأجرة تراه و هو يجلس بترقب متحفز لشيئ ما ثم وقف عن مقعده ما أن فتحت باب السيارة لتردد داخلها : أااااه .. ده جايلى أنا بقااا .
ترجلت من السياره و قد جف حلقها تماماً و هي تراه يقترب بهيئته الغير مبشره تلك ، لم يتثنى لها غلق باب السياره و لا حتى شكر السائق فقد أغلق هو الباب بحدة و عنف و صرف السائق بغلظه .
و ما أن غادرت السياره حتى حاولت التحرك نحو الداخل كأنها غير معنية بأي شيء .
و بفعلتها تلك زادت من غيظه و كأنه ينقصه فتقدم خلفها حتى أوقفها من ذراعها يردد : هوى أنا قدامك .
ابتلعت رمقها بصعوبه و قالت : هو في حاجه يا أستاذ يوسف .
نظر لها من أسفل قدميها حتى شعرها يطيل النظر على مواطن جمالها ثم قال : أستاذ ، بقيت إستاذ دلوقتي.
حمحمت بصعوبة و قالت بإيحاء عله يلتزم حدوده : إحترام الكبير واجب بردو و لا إيه ؟
عادت لتذكره بالفوارق بينهما مما زاد غضبه ، زم شفتيه مهمهما ثم قال: لأ حيث كده بقا تقولي لي يا دكتور يوسف ، ما أنا نسيت أقولك أنى زميل.
زينب : أنعم وأكرم.
أشعلت غضبه على الأخير و هي هكذا تجيب بإقتضاب متجنبه أى خطأ كي لا تغضبه فيطول الشد و الجذب ، النيه واضحه ... ترغب فى سد أى سبيل للحديث بينهما .
تظن أنها هكذا تتجنب المشاكل لا تعلم أنها تزيد من غضبه و غيظه منها .
فلتت أعصابه و قال  : مالك بتقفلي فى الكلام كده ، لا تكوني مفكراني واقف مستنيكي عشان واقع في هواكي .
أتسعت عيناها بصدمه و قالت: أنا ماقصدش
هتف فيها بغلظه : ما انتي لازم تكوني ما تقصديش لأن دي حاجه بعيده عن أحلامك أصلاً أنا يوم ما أبص أكيد هبص لواحده زيي و من مستوايا ، كيفي مش جاي على الفلاحين نهائي يعني و أنا واقف دلوقتي و مستني سيادتك من بدرى عشان أعرفك أن جايلي ضيوف مهمين و مش عايو أى غلط يعنى لو مش بتفهمي فى الأتيكيت يا ريت ما تطلعيش من أوضتك و تفضحيني .

أغمضت عيناها تحاول إمتصاص غضبها ، لا تحبذ الصمت و لن تفعل .
تفضل رد الإهانة دوماً ، سحبت نفس عميق و أبتسمت بإستفزاز ثم قالت: أنا ملاحظه إن عندك مشاكل مع الفلاحين شكلهم معلمين فيك أوي ، قولي و سرك في بير ، حد منهم عمل فيك حاجه و أنت صغير .

9
أتسعت عيناه بصدمه ، أصابته فى منتصف جبهته لقد أحمر وجهه و برزت عروقه لدرجة أنها ندمت على ماتفوه به لسانها السليط .
هم ليقبض على عنقها بكفه الغليظ و قد انسحبت الدماء من وجهها من هيئتها ، لتأتي النجده المتمثله بالعم يحيي والده و الذى تقدم سريعاً يسحبها من أمامه و يضعها خلف ظهره مرددا بغضب: يوسف ، في ايه ؟ أنت اتجننت ؟
هتف يوسف بغضب: بابا لو سمحت ما تدخلش .
هز يحيى رأسه بجنون و قال : ما ادخلش أزاى ؟ ده بأمارة إيه يعنى ؟
إلتف لزينب و قال بهدوء: أطلعي أنتي اوضتك يا بنتي .
همت لتتحرك لكن يوسف أوقفها مردداً: مش هتطلع غير لما أنا أخلص كلام .
يحي: بجد ، يعني هتكسر كلمتي ؟
نظر لأعين أبنه و هو يحدث زينب : أطلعي يا زينب .
هرولت زينب سريعاً و يوسف يقف غاضب بشده ، تقدم يحيى من إبنه عدة خطوات ثم قال : يا ريت إلي فهمته يكون غلط .
اهتزت عينا يوسف و سأل: هو إيه إلي فهمته.
يحيى: ولااا ، أحنا رجاله زي بعض يعني لازم تبقى عارف اني فاهمك كويس ، بلاش تنسى إن البنت دي أمانه عندي .
ابتلع يوسف رمقه و سأل مجددا : تقصد ايه يعني مش فاهم .
تنهد يحيى بغضب ثم قال : بتصيع عليا يا أبن يحيى ، بس ماشى ، أقصد إن لو ليك شوق لحاجة قول لابوك و أنا أجيب كل حاجه بالأصول .
رد يوسف على الفور مستنكراً : شوق إيه و أصول إيه ، لاااا دي دماغك راحت لبعيد أوى.
2
إلتف يوارى توتره بينما يردد : أنا بس كنت بنبه عليها تتصرف عدل قدام ضيوفي مش عايز إحراج قدام صاحبي و مراته مش ناقص شغل فلاحين أنا.
أبتسم يحيى و قال ببساطة : لأ حيث كده أنا هنبه عليها ما تنزلش و يستحسن ماتشوفش وشها نهائي طول ما أنت فى البيت ، إيه رأيك ؟ أنا أهم حاجة عندي راحتك ، ده أنت الولد الوحيد.
اهتز فك يوسف من الغضب الذي فشل فى إخفاءه و قال: أيوه.. يكون أحسن بردو.
ثم تحرك سريعاً ناحية الداخل و يحيى يكبت ضحكاته بصعوبه .
صعد سريعاً و أغلق باب غرفته خلفه  ، جلس على طرف الفراش و هو يغلى من الغضب و يتوعد لها داخله يردد : ماشي ، بتتحداني ، أنا هوريها.
وقف سريعاً و ذهب لغرفة شقيقته التي انتفضت من على الفراش تردد : فى حاجه يا أبيه .
اقترب منها و قد أختفى المنطق من الوجود بنظره و قال أمراً : أتصلي عليها .
نظرت له نور كأنه معتوه و سألت : هي مين .
يوسف : الهانم الي موانسة معاها .
سألت نور على الفور : قصدك زينب ؟ و هى كانت عملت لك إيه بس ، دى حتى دايما بتحاول على أد ما تقدر تتجنبك .
لم يهدئه حديثها كما قصدت بل زاد من غضبه و قال : لأ خلاص ما تتصليش ، انتي تجيبي رقمها .
توقفت لا تدري ماذا تفعل فصرخ فيها : يالااا .
أعطته رقم الهاتف و بدأ فى الإتصال ، لكنها لم تجيب.
فقالت نور على الفور ربما ينصرف عن صديقتها بغضبه : ماعلش تبقى أكيد نامت .
نظر لنور شزرا ثم قال : تمام أوى.
إلتف مغادراً و لكن ليس لغرفته إنما اتجه لآخر الرواق حيث غرفتها.
فتح الباب يقتحم الغرفه ليجدها هادئه خاليه.
ثوانى و وجدها تدخل من شرفة غرفتها تصرخ في وجهه بعدما أرتعبت من وجوده و هو فقط ينظر لها نظرات مبهمه .
_______________________
جلس على أريكة مريحه فى بهو الفندق يعطي للجالس أمامه مبلغ لا بأس به مرددا : هذا نص المبلغ و النصف المتبقي حين تجلب لي عنها كل المعلومات الخاصة بها منذ ولدت و حتى الآن.
التمعت عينا ذلك السمين الجالس أمامه و هو يرى حجم المبلغ و يقدره دون العد .
مد يده كي يضعه بأحضانه مردداً: أوامرك كلها مطاعه سيد ألبير ، فقط ذكرني ما إسمها ؟
ألتمعت عينا ألبير بشغف و هو يردد : غنوة ، غنوة صالح .
هز الرجل رأسه و قال: أمهلني أسبوع واحد فقط و سأتي لك و معي الخبر اليقين .
ألبير : ثلاثة أيام فقط
فقال الرجل معترضا : و لكن يا سيدي .
هتف البير بحده : انتهى النقاش ، ثلاثة أيام لا غير ، و الآن أنصرف .
بالفعل أنصرف الرجل سريعاً و أرتشف ألبير المتبقي من قهوته ثم وقف كي يغادر و يصعد لغرفته .
لكنه اصطدم فى جسد صغير ، جعد ما بين حاجبيه و هو ينظر لتلك الفتاه التى رفعت رأسها تعتذر : أسفه سيدى .
هز رأسه بكبر ثم تحرك ناحية غرفته.
أغلق الباب و بدأ فى خلع ملابسه كي يحظى بحمام منعش ، فتش عن هاتفه و لكن لم يجده ، بدأ يتذكر اين تركه .
آخر ما يتذكره أنه كان موضوع أمامه على الطاوله و قد وقف و وضعه فى جيبه إلى أن اصطدم بتلك ال...
صك أسنانه بغضب ساحق و هو يتذكر إبتسامة تلك الفتاة ، بدت كما لو كانت قد ربحت رهان للتو .
ارتدى قميصه مره اخرى سريعاً و خرج من غرفته يقسم ألا يتركها .
_________________________
فتحت الباب و تقدمت و هي لا ترى أمامها من التعب ، اليوم كان كارثي بالفعل .
توقفت و هي تراه يجلس امامها ينتظرها و علامات عدم الرضا باديه على ملامحه.
تنهدت بتعب و هي تتقدم منه ، جلست لجواره مبتسمه رغم تعبها و قالت : حبيبي زعلان مني و لا إيه ؟
أشاح بوجهه بعيدا فقالت : معقول هارون زعلان من غنوته .
إلتف ينظر لها بحده و قال : ما غنوته سيباه طول اليوم مش بتسأل عنه و كمان فوتي معاد المأذون .
ضربت مقدمة جبهتها بيدها و قد تذكرت للتو ثم قالت: أوبس ، أزاى انسى حاجه زي دي بس .. أنا أسفه يا حبيبي.
هارون : لو كان الموضوع مهم عندك كنتي افتكرتيه .
غنوة : و الله مهم و أوي كمان بس لو تفتكر بردو و إحنا قاعدين فى العربيه بعد ما نزلنا من الشركه قولت لك هبقى مشغوله لمدة أسبوع عشان بوقف شغلي الجديد على رجله.
هتف فيها بحده: نعم ، أسبوع ، طب و أنا ، و جوازنا ، ده أهم من أي شغل .
تمسكت غنوة بكفيه ترجوه بإلحاح : عشان خاطري يا حبيبي و لو ليا غلاوة عندك ، تستنى عليا الأسبوع ده بس ، أنا حاطه الي ورايا و الي قدامي في الشغل يعني لو حصل حاجه لا قدر الله هبقى ضعت .
انتفض واقفاً ينظر لها بغضب و ردد مستنكراً: كل فلوسك و تضيعي ؟! أنا مش مرتاح لك يا غنوة ، أنتي ناويه تتجوزيني و لا دي خطه جديده من خططك .
5
أتسعت عيناها بصدمه ، ثم أغمضتهما بهدوء تحاول إيتلاع كلماته .
سحبت نفس عميق و وقفت حتى أصبحت أمامه تبتسم بهدوء ثم قالت  : ماعلش ، أنا هعدي إلي قولته و هخلق لك ألف عذر ، بس لو سمحت يا هارون بلاش تشكك فيا كل شوية و تخلي الماضي واقف بنا ، انا أصلا بحارب عشان أنساه .
عصف الألم داخله و هو يسب نفسه و لسانه الذى تفوه بما قاله و أحزن حبيبته .
وضع كفه على وجنتها وقال معتذراً : أنا أسف حقك عليا ، بس كلامك عكس الي بتقوليه ، كل شوية بتتهربي من معاد المأذون و قولت ظروف ، بس دلوقتي بتقولي شغلى و لو خسرت هضيع زي ما تكوني بتأمني نفسك بعيد عنى ، ناسيه إن جوزك عنده إلي يكفيكي و زيادة.
غنوة : إلى عندك ده بتاعك
هارون: و أنا و أنتي إيه ؟
غنوة : أنا اتعودت على الشغل و إني ما امدش أيدى لحد أطلب فلوس.
ردد بصدمه: حد ؟ أنا حد ؟ شوفتي إنك مش صادقه في كلامك.
أدمعت عيناها على الفور و قالت: تاني يا هارون ، بلاش تحرجني كل شويه ، أنا مش وحشه أوي كده ، أنا بني أدمة بردو و بحس بلاش تبقى أنت و الزمن عليا ، معقول مش ملاحظ جناني بيك و أد إيه بحبك ، ده انا بحسك أبني البكري الي بحبه و بموت فيه.
صرخ فيها بجنون : ما هو ده اللي هيجنن أهلي ، التغيير ده هبلني.
زمت شفتيها بتعب ثم قالت : أنت بس الي لسه مش عارف غنوة كويس .
اقترب منها و تناول كفيها قائلا: يا غنوة ، عايز اتجوزك بقا ، أنا مابقتش قادر و انتي مصعباها عليا و بتقولي لازم مأذون  و فرح.
تنهدت بتعب ثم قالت: ممكن الوضع كله غلط ، أنا لازم أرجع بيتي فى الحاره لحد ما نعمل الفرح ماينفعش افضل قاعده هنا كده.
هتف برفض تام : ترجعي فين ده على جثتي ، أنا ما صدقت.
ترك يديها و هو يزفر بغضب ثم قال : خلاص أسبوع أسبوع بس خليكى هنا ، أهو نص العمى و لا العمى كله.
ضحكت بصمت و همت لتتحدث لكن قطع كل ذلك فتح الباب و دخول كاظم و هو متمسك بذراع أشجان يرد بصوت عالى : يا نجف بنور يا سيد العرسان يا سيد العرسان يا قمر و منور على الخلان اه يا نجف اه يا نجف حلو يا نجف .. ااه ... حلو و مدلع من يومك إسم الله عليك ملو هدوووو.
7
قاطعته أشجان و هى تحاول نزع ذراعها من تحت ذراعه تردد : ما تسيب أيدى بقا هو أنت قافش حرامي.
ردد هارون بحيره متسائلاً :هو في ايه ؟
تقدم كاظم يشيح بيديه و هو يقدم لهم اشجان قائلا : تعالي ، تعالي يا بطتي ، تعالي وريهم .
ضربته في معدته بغيظ فتأوه بألم ثم قال : بوغاشه ، قسماً بالله بوغاشه و عليها زبيب ، اموت أنا فى السمن البلدي.
صرخت فيه أشجان: ما تتلم بقا يا راجل أنت و أنت سايب من بعضك كده خلينا نشوف حل فى الشبكه السوده دي .
كاظم : حل إيه إلى نشوفه بس يا ملبن .
صرخت فيه بغيظ : بقولك ايه ، بقولك ايه ، أنت هتشتغلني ، أنت نسيت اتفاقنا و لا إيه ،بقولك ايه ، المولد انفض خلاص و النمره اتعملت ، يعني كانت خالتي و خالتك و اتفرقوا الخالات ، و دلوقتي خلينا نخلص و نطلق و عيشه تبعد عن أم الخير .
1
أقترب منها و قال و هو يتحرش بها بعيناه : لأ ده عيشه هتبان فى حضن أم الخير خلاص .
احمرت عيناها و قالت : و لااا .. إنت نسيت اتفاقنا.
كاظم: ولااا .. كل ده ولا.. بس ماشى هعديها لك .. عروسه جديده و بتدلع و كده .. بس إتفاق إيه الى كنتي تقصديه ، أااه قصدك نتجوز قدامهم و بعدها نطلق ؟
أشجان: ما أنت فاكر اهو.
رد كاظم بهدوء : لأ ما أنا راجل واطى أصلا.
هتفت بصدمه : إيه؟
در ببرود : و الله زي ما بقولك كده ، واطي و ماليش كلمة ، ده انا حتي سمعتي معروفة.
5
اشجان : لااا.. ده انت ماتعرفنيش ، ده انا لحمي مر .. هتطلق يعني هتتطلق .
كاظم : لااابد أن أدخل بكي .
4
رفعت حذائها و هي تصرخ فيه : تدخل بمين يالي يدخل عليك ملك الموت ، تعالى لي بقا .
بدأت تركض خلفه و هى مشهره حذائها فى الهواء تقسم أن تلقنه درساً معتبراً .
كل ذلك تحت أنظار غنوة و هارون اللذان ينظران لهما لا يفقهان شيئا فسأل هارون: هو في ايه يا عمي .
قال له كاظم و هو يصعد السلم هربا من أشجان التى تركض خلفه : أصل أنا و أشجان اتجوزنا .
أختفى أعلى الدرج و هي خلفه و وقف هارون لجوار غنوة يستمعان لاصوات التكسير و الضرب و هارون يردد: وات ؟
غنوة: مين دول اللي اتجوزوا ؟
________________________
كان يقف منتظرها و كالعادة يسبقها لعنده عطرها الذى أختلط مع رائحة هواء البحر .
إلتف لها لينبهر ككل مره من طلتها ، أختفت إبتسامته و هو يرى الدموع فى عيناها فسأل : مالك يا حبيبتي.
نظرت له تقى بدموع خادعه ثم قالت : أنا هنزل فى أول بلد المركب تقف عندها واخد طياره من المطار أرجع مصر .
وقع قلبه بين قدميه و اصفر و جهه و فكرة أبتعادها عنه تخنقه خصوصاً لو كان إختفائها مفاجئ هكذا و سأل : و نسبيني ، إزاى ده ؟ و ليه ؟
+
نظرت له و قالت بألم : شكلك نسيت اني مكتوب كتابي يا ضياء ...
توقف الزمن به و هو يقف لأول مرة يجرب شعور العجز و قلة الحيلة.
و هى تنظر له بتشفي تبتسم داخلياً برضا تام....
دلف للبيت بخطى ثقيلة و متعبه ، كل شيء مظلم من حوله ، يدفعه للدخول فى حالة من الإكتئاب و المرض.
لا يعلم إلى أين يتجه ، قدماه هي من تسوقه لعندها يفتح الباب دون إستئذان كعادته و يزيح الغطاء قليلا ليندس فى أحضانها رغما عنها و دون أن يطلب و توافق.
فزت منتفضة من نومتها فبعدما كانت تستعد للغرق في نوم عميق و قد تدثرت بغطائها و طفت الاضواء شعرت بذراع غليظه تسحبها و تلفها حتى أستلقت على ظهرها و دفن رأسه و صدره بأحضانها .
لم تكن بحاجة للتعرف عليه ، تعرف فقط من ملمس جسده على جسدها .
لكنها سألت في تخبط : في ايه يا ماجد .
زاد من دفن رأسه فى صدرها و حاول لف ذراعيه حول صدره و هو يردد: أحضنيني قوي يا فيروز ، أحضنيني .
كانت نبرة صوته أشبه بالتوسل ، توسل لم يتردد في أظهاره أمامها فقط مما جعلها تسأله بقلق شديد : مالك يا ماجد ، ايه الى حصل ؟
أغمض عيناه مرددا: أنا محتاج لك قوي ، مابقاش عندي أي حاجة حلوة غيرك ، مابقاش ليا غيرك أصلاً.
زمت شفتيها بحزن عليه و أكتفت بالصمت ، تعرف تلك الحالة جيداً ، الكلام فيها غير مجدي .
تفضل ترك له المساحة إن اراد التحدث أو آثر الصمت .
لكنه قال : تعالي نمشي يا فيروز ، و لا أهلك و لا أهلي ، نتجوز و مش مهم مين يعرف و مين ما يعرفش ، أنا زهقت ، أنا مابقتش عايز غيرك.
حاولت التحدث فقال: ما ترفضيش ، أنا عارف انك لسه زعلانه.. عارف ، بس عشان خاطري تعالي نبعد ، أنا مش عندي أستعداد أخسرك إنتي كمان.
أغمض عيناه بحزن و قد فطن جوابها المتمثل في الرفض ، لكنه فتح عيناه بصدمه حين قالت : موافقة ، بس هنعمل كده إزاى ؟
انتفض من على الفراش و نظر لها يردد بذهول: إيه ؟ بجد موافقه ؟
هزت رأسها بثبات و قالت بإبتسامة هادئة : أيوه ، بس هتعمل كده إزاى ؟
أبتسم لها بسعادة و الجنون يشع من عيناه يردد: مش مهم هعمل كده ازاى ، المهم إنك موافقه تتجوزيني يا حبيبتي.
نظر لملامحها القريبه منه و قال بجسد مقشعر : أنا بحبك قوي ، قوي يا فيروز .
لم يستطع تمالك حاله و مال عليها يقبلها بجنون وشغف و كأنه نال الفرحه بعد التعب .
صدمت من فعلته كلياً وبدأت تحاول إبعاده عنها لكنها لم يحرر شفتيها من بين شفتيه و لا جسدها من بين ذراعيه بل بدأ بفقد السيطرة على نفسه و آخر ذرة تعقل تأمره بالتراجع .
ليفتح الباب على مصرعيه و تتقدم فريال التي قالت : حلو اوي ، أثبتوا لي على الوضع ده.
2
شهقت فيروز بصدمه و إلتف ماجد ينظر لها بغضب مرددا : أنتي بتعملي إيه ؟

ابتسمت فريال بتشفي و قالت : بصورك يا حبيب أمك و أنت مع إلي المفروض أنها أختك في سرير واحد و في الوضع ده ، مشهد يجنن خالص .
صك أسنانه و قال من بينهما: أنتي أتجننتي يا فريال مش كده .
حاول تغطية جسد فيروز و اندفع ناحية فريال يردد: هاتي الزفت ده.
1
أبتعدت عنه تخبئ الهاتف خلف ظهرها ثم قالت بتحدي : تؤ تؤ تؤ ، وطي صوتك يا حبيب أمك بلاش تخليني أصوت و ألمهم عليك عشان يتفرجوا .
ماجد : بلاش تلعبي معايا يا فريال ، و بلاش تفتحي على نفسك النار.
نظرت له بغضب ثم قالت: أنت إيه الى جرا لك ، طول عمرك كنت عاقل ، و دلوقتي جاي تهد المعبد على دماغي و دماغك و كمان عايزني اتفرج و أسكت ، كل ده ليه ، ما بنات العائلات كتير و كلهم يتمنوا نظره منك عشان أنت ماجد الدهبي ، إسم الدهبي الي عايز تفرط فيه بالسهوله دي هو إلي عملك بني أدم .
تقدم منها ماجد يردد : أنا بني أدم بيهم أو من غيرهم ..
هتفت بصوت مكتوم من بين أسنانها : إشمعنى دي ، شوف واحده تنضفك و ترفعك .
صرخ فيها بصوت مكتوم هو الآخر: بحبها ، و أنا و هي زي بعض ، إحنا الأتنين بني أدمين .. بني أدمين كويسين أوي من غير إسم الدهبي ، و هنبقى أحسن و أحسن من غيره ، و الكل هيعرف إن مش إسم العيله هو الي ممكن يعمل بني أدم صح .
اقتربت منه و قالت بغل : و أنا مش هسيبك تعمل كده ، انت سامع.
شعرت بيد تبعدها عن ماجد مما جعل ماجد ينظر لها بصدمه و كذلك فريال .
فقد ظن ماجد أنها ستبقى فى الفراش تخاول الإختباء من شدة الخجل ليتفاجئ بها تزيح فريال عنه بحده ثم تقول : شيلي إيدك عنه ، و بعد كده كلامك معاه يبقى عن طريقي أنا.
أتسعت عيناه و هو يسمعها مشدوه لا يسعه إبداء أي رد فعل .
كذلك كانت فريال لكنها لم تصمت و قالت : الله الله.. أيوه كده باني على حقيقتك ، واحده غيرك كانت تبقى عايزه الأرض تنشق و تبلعها بعد ما اتمسكت في سريرها مع واحد .
ضحكت فيروز لتثير غيظ نظيرتها ثم قالت: بس يا طنط فريولا الارض مش بتنشق و تبلع حد كتير  فلو هيبقى في فرصه لده يحصل فأنا كرم أخلاق مني هسيبه ليكي أنتي.
كبت ماجد ضحكاته بينما صرخت فيها فريال : أنتي بتقولي ايه يا بتاعه أنتي ؟
تقدمت منها حتى خافت فريال بالفعل و قالت فيروز: أممممم  ، زى ما سمعتي كده ، عشان أنتي إلي عامله مصيبه مش إحنا ، تخيلي لو مصطفى الدهبي عرف بعملتك السوده و إنك بقالك فوق الاربعه و تلاتين سنه مستغفله عيله بحالها .. فكري معايا كده هتبقى نهايتك إيه ؟
بهت وجه فريال بينما أكملت فيروز بإبتسامة سمجه : هسيب لك الفيديو إلي معاكي ده لو مفرحك اوي كده ، أو...
صمتت بتلاعب ثم بدأت تلتف حولها لتزيد من توتر فريال و إدراكها أن تلك الفتاه هي جحيمها على الأرض و جاءت لتخلص منها كل ذنوب أمها.
فأبتلعت رمقها بصعوبه و قد ارتفعت دقات قلبها و هي تستمع لصوت فيروز المتلاعب حين بدأت تكمل : أو في حلول تانيه حلوه بردو ، يعني مثلاً تخدميني و تقدميه لجدو .
سألت فريال بأستنكار مبطن بالخوف : أخدمك .
وضعت فيروز يدها على كتف فريال و قالت بنبرة كلها ثقة و تحدي : أممم ، عشان تبقي قصرتي عليا المسافات ، ف أروح اقولهم أنا و ماجد كل حاجه... إن ماجد مش أبنهم بس انا بنتهم و بحبه و ناويه اتجوزوا و هو بردو ماكنش يعرف و هو الي كبر كل شغل الذهبي و له فضل كبير على العيله دي و هما كده كده بيحبوه .. أنا معاكي أنهم هيتصدموا شويه و يزعلوا شويتين بس أكيد هيسامحوه لأنه هيبقى جوز بنتهم الوحيده و الاكتر من كده ...
صمتت تذيب أعصابها ثم مالت على أذنها هامسه تكمل: أنهم هيعرفوا و يتأكدوا إنه كان حتة لحمه حمرا لا جه هنا و لا خطط ، ده انتى إلى جبتيه .
انتفضت فريال كالملسوعه تبتعد عنها فصرخت فيها فيروز أمره: أخر مره أشوفك قريبه منه أصلاً ، كفايه الى عيشتيه فيه طول عمره ، من هنا ورايح أنا موجوده و أنا إلي هقف لك .. و بصراحه أنا بتلكك لك عشان إلي عملتيه في أمي ، فاهمه يا فريال.
صمتت فريال ، فقط كانت تقف متخشبة الجسد مصدومه فصرخت فيها فيروز بكبر: أخفي من قدامى حالاً و أحسن لك حاولي ماتخلنيش أشوفك قدامي اصلاً .
لم تستطع فريال التحرك من صدمتها فصرخت فيها فيروز من جديد تأمرها : برااا .
2
انتفضت فريال من مكانها و تحركت تغادر سريعاً و فيروز تنظر لأثرها بإنتشاء لتلتف أثر ذراع ماجد القويه بعدما جذبها له يضمها لأحضانه ، رغم كونها هي الأنثى لكنها تدافع عنه ، لأول مرة يجرب ذلك الشعور رغم كونه مدرك و متفهم لكل ما تفوهت به فيروز و أن فريال ماعادت قادره على تهديده لكن ... شعور أن هناك من يحميك ، يدافع عنك و يتصدى لأى أذى قد يواجهك شعور رائع جدا انعش قلبه و دب فيه الروح.
كان يضم نفسه لها و كأنها أمه ،مأمنه و أمانه يغمض عينيه براحه و الكلام لن يشرح صمته مع ضمه لنفسه في أحضانها و صوت تنهيدته الحاره المتعبه كانوا أبلغ من أي كلام.
ثم قال بصوت و كأنه طفل صغير باكي : أنا وصلت لأهلي يا فيروز .
نظرت له متفاجئة و هو بدأ يسرد على مسامعها كل ما أخبره به فلاديمير و توصل هو له .
______________________
انتهت من التنعم بحمام دافئ هادي ثم بدلت ملابسها لأخرى مريحه بعض الشيء و هبطت الدرج حتى وصلت للطابق الأرضي تتجه حيث المطبخ الذى وقف هارون فيه يعد لها بعض الشطائر السريعه كما أخبرها.
توقفت  تضع يدها في خصرها و هي تسمع صوت قهقاته العاليه ، تجلى الغيظ على وجهها و بدأت تهز فى قدميها ثم تقدمت منه تقف خلفه قائله بصوت عالي: جعانه عايزه أكل .
أبتسم له و وضع يده على رأسها يغرز أصابع كفه فى فروة شعرها يداعبها و هو يبتسم لها بحنان لتردد مره اخرى بحده: قولت لك جعانه .
نظر لها بأستنكار و أشار لها بمعنى ( ثانيه واحده) لكنها زادت من هز قدميها و بدأت تدب بهما الأرض و هي تقول : لأ مش هستنى .
أستغرب كثيراً ردت فعلها و حاول إنهاء المكالمه و هو يقول للطرف الآخر : طيب ماعلش هكلِمك وقت تاني و كمان أنتي ظبطي و كمليني . .. أوكي.. باي .
أغلق الهاتف و قال مستغرباً: ايه يا حبيبتي خلصتي دش ؟
نظرت له بحقد و قالت : أيوه.. كنت بتكلم مين .
هارون: دي الأسيستانت بتاعتي ، ما أنتي عارفاها .
ضيقت غنوة عيناها تصك شفتيها و هي تتذكر مساعدته مايا ذات التنانير القصيره و قالت من بين أسنانها : أيوه عارفاها ... ايه بقا كانت بتقولوا بيضحك كده و يشغلك عني.
أبتسم بتلاعب و بدأ يقترب منها يردد : دي غيره دي ؟
لكزته في صدره بغيظ و قالت : لأ طبعاً.
إلتفت توليه ظهرها و بدأت تغرس السكين فى الخبز الفرنسي كأنها تغرسها في قلب أحدهم و هي تردد : أنا مؤمنه جدا بحرية الشريك ، و لازم كل واحد ياخد حريته و مساحته الشخصيه .
دقت الفرحه قلبه و أبتسم بسعاده بينما يقترب منها و يحاول أخذ السكين و هو يردد : واضح يا حبيبتي ، سيبي السكينه بوظتي العيش .
نهرته بحده : أبعد عني
فهمس لها: ما أقدرش .
طوق خصرها بيديه يردد بهمس في أذنها : ما أنتي عارفه إنك روحي و النفس إلي بتنفسه .
ضربته بكوع ساعدها في معدته ثم قالت : قولت لك أبعد عني بدل ما اخلي السكينه دي تعلم على رقبتك.
تأوه متألماً ثم حاول تمالك نفسه و قال متأوهاً : ايدك تقلت أوي يا حبيبتي.
نظرت له بطرف عيناها و مازال الغضب و الغيره مسيطران عليها فتابع مبتسماً : و بعدين عايزه تقتليني ؟ أهون عليكي يا غنوتي .
ضحكت رغماً عنها و قالت : إنت هتمثل ، يعني هي أول مره.
ضحك هو الآخر على تلك الكوميديا السوداء التي تحيط حياتهم 
ثم قال : في دي بصراحه عندك حق ، طلعتي قتالة قتلا ، الواحد خايف على الولاد لا يطلعوا شبهك .
نظرت له مستغربة و سألت : ولاد مين ؟
هارون : ولادنا يا روحي و لا لا تكوني مش ناوية تخلفي مني .
تنهدت بتعب قائله : هو انا عارفه اتجوزك حتى عشان ابقى أجيب عيال ، ده انا هطلع دلوقتي أنام عشان عندي شغل الصبح أد كده .
أسبل جفناه بتعب يتنهد و فتحهم من جديد ثم قال بعدم رضا: هو هيبقى كل يوم و لا إيه ، أنا جبت أخرى.
قضمت قطعه من الخياره التي بيدها و قالت بتشفي : عشان تبقى تتفق عليا أوي ، شوفت ، من حفر لأخيه حفرة وقع فيها.. تستاهل.
ضيق عيناه بغيظ و بدأ يقترب منها قائلا: ده على أساس إنك ملاك ، سبيني ساكت، أنتي المفروض دلوقتي تكوني على طبلية عشماوي .
حمحمت تجلي صوتها و هي تضع يدها على رقبتها و كأنها اختنقت من السيره فقط ليكمل هو متلاعباً بينما يداه امتدت متلاعبه تحاول إختراق منامتها يردد : حفرة إيه و أخيه إيه.. إنتي بالذات مااااينفعش تبقي أخيه خالص .. خالص يعني .
شعرت بيداه قد نجحت فى أختراق منامتها و بدأت تصل لأماكن خطره فابتعدت سريعاً تردد : أنت قليل الأدب.
قهقه عالياً و هو يراها تفر من أمامه تصعد الدرج فقال: استني عندك رايحه فين.
جاوبت بحسم و قد وصلت لنهاية السلم : مستحيل أستنى  في نفس المكان مع واحد قليل الأدب زيك .
جلس على الكرسي من خلفه و هو يردد بحسره: هي فين قلة الأدب دي هو انا عارف أقرب منك .
صعد الدرج يفكر في حل سريع للتخلص من ذلك الشرط الجزائي ، تباً له و لليوم الذي فكر فيه بذلك التفكير.
فكر فى المرور على غرفة غنوته لم يشبع منها بعد ، لا بأس من قبلة خفيفه منها.
لكنه توقف و هو يرى عمه كاظم صاحب الصولات و الجولات يخرج من غرفة نومه مرتدي لشورت قطني قصير جدا من اللون الأحمر و تي شيرت قطن بلا أكمام بعدما دفعه شخص ما بقدمه خارج الغرفه بقوه.
4
و من ستكن سوى تلك المتجبره أشجان التى صرخت فيه : يالا يا راجل يا ناقص .
كاظم : أنا عملت ايه بس يا شيجو ... ده أنا كظ كظ حبيبك .
8
فتحت الباب مره اخرى و ألقت له بواقي ثيابه التي خلعها في الغرفه تردد : مفكر نفسك ممكن تلمس أشجان ده بعدك .
أغلقت الباب فى وجهه بحده و عنف و وقف كاظم لا حول له و لا قوه ، أقترب منه هارون يكبت ضحكاته بصعوبه و سأل : خير يا عمي ، في مشاكل مع الجماعة و لا إيه ؟
حاول كاظم الرد عليه لكن جاء الرد سريعاً من تلك التى تقف خلف الباب في غرفتها حيث نهرته بحده : جماعة مين يالي يتقصف عمرك ، لم نفسك بدل ما أجي لك و أنا بتلكك لك أصلاً .
ضحك هارون جدا و نظر لعمه الذي يقف بلا حول و لا قوة يقول متوسلاً : ما تفتحي بقا يا حبيبتي هو انا كنت لحقت أعمل حاجه.
سأله هارون ضاحكاً: خالص ؟
كاظم: هي بس شافتني قلعت القميص و قلبت الدنيا فوق مني .... أنا خوفت  يا هارون .
لم يستطع هارون كبت ضحكته هذه المره و أنفجر ضاحكاً يحاول تخطيه كي يذهب في طريقه و كاظم يناديه : طب سايبني ورايح فين ، هبات فين أنا دلوقتي.
هارون: هههههه مش قادر بجد.. ممكن تقضي الليله على الكنبه تحت أو تفرش فى المطبخ.
حانت منخ نظره على شورت عمه القصير فقال : الشورت الأحمر هياكل منك حته ، ههههه مش قادر بجد .
كاظم: اما أنك واطي بصحيح ، تستاهل إلي بيتعمل فيك
هارون : عارف ، سلام يا ... يا عريس.. هههههه أقصد يا كظ كظ .
3
تقدم و مازالت ضحكاته تصدح عالياً تملئ البيت حتى توقف عند الغرفه التي تستوطنها غنوة ، وضع يده على مقبض الباب فقفز لذاكرته على الفور مشهد عمه و أشجان تلقيه خارج الغرفه ليحمحم بقلق و يتراجع سريعاً و هو يردد : الطيب أحسن .
2
ثم ذهب لغرفته و أغلق الباب على أمل الخلود سريعاً للنوم .
2
______________________

وقفت أمامه و هي ترتجف من الخوف ، تنظر له بترقب ، ابتلعت رمقها تحاول تهدئة نفسها كي تتحدث بتروي خصوصاً و هي تراه واقف أمامها بغرفتها و وجهه لا ببشر بالخير مطلقاً .
أجلت صوتها و سألت بأدب شديد : في حاجه يا دكتور يوسف.
أقترب منها يقبض على ذراعها يهزها يميناً و يساراً ثم قال: أنتي مفكره نفسك إيه هااا، ازاى أبقى بكلمك و تسبيني و تمشي .
حاولت إفلات نفسها من بين ذراعيه و قالت: أبعد إيدك عني ، أنت بأي حق تعمل فيا كده .
زاد غضبه منها و بدأ يتحدث من بين أسنانه: أنتي كمان مش عاجبك و بتعلي صوتك عليا !
صرخت في وجهه : أيوه مش عاجبني و تحترم نفسك و أنت بتتكلم معايا ، مين سمح لك تدخل عندي و لا مفكر عشان عايشه في بيتكم هتستعبدني ، أنا مش هسكت ابدا على إلي بيحصل ده.. أنا بنت ناس.
رد عليها بفظاظه : ايوه ، و أعمل فيكي إلي يعجبني و وريني بقا هتعملي إيه و ما تفكريش إن إلي عملتيه هيعدي على خير.
زينب : إلي أنت عملته هو إلي مش هيعدي على خير و اتفضل إطلع برا .
صدم يوسف و سأل مستنكراً: نعم ؟
زينب : قولت لك إطلع براااا .. و أحترم نفسك معايا و إلا هنادي عمو يحيى دلوقتي هو يشوف صرفه معاك.
تقدم منها عدة خطوات و قال بغضب : أنا مش بتهدد و أنتي عارفه بلاش تخليني أقلب على الوش التاني معاكي .. خليني حلو أحسن لك .
صمت و قد رأى الدمع يترقرق في عيناها ، فتوقف عن طريقته تلك و قال بصوت هادئ بعض الشيء  : أنا كنت جاي لك عشان اقولك أن جايلي ضيوف و عايز أعرفك عليهم مش أكتر و كمان أعرف ليه مشيتي و ما خلتنيش اوصلك.. بس كده.
أغمضت عيناها بألم و صبر ثم قالت : لو خلصت كلامك ممكن تتفضل دلوقتي.
حاول التحدث مره اخرى ، لما تزيد عصبيته و لا تقدر طريقته اللينه في التعامل ، أنه يسأل عن حالها
يوسف: زينب أنا...
ذهبت لعند الباب و قالت : هتطلع أنت و لا أطلع أنا دلوقتي.
تقدم منها بغضب و قال : أنتي ليه مصممه تضايقني.
أغمضت عيناها تخفي دموع ذلها التي أذاقها لها ثم إبتسمت بحزن و قالت : ماعلش ، من بكره لا هضايقك و لا تضايقني.
نظر لها بتوجس و سأل : يعني إيه ؟
قالت بتعب و نفاذ صبر : كلامي واضح يا دكتور يوسف أنا لا هضايقك و لا أنت هتضايقني و اتفضل لو سمحت عايزه أغير هدومي .
نظر لها بعض لحظات ثم قال : تمام .. مش عايز غلطة بكره و لا مشاكل .. سامعه.
صمت و لم تجيب عليه ، اكتفت بهز رأسها فخرج من غرفتها و هو أكثر غضباً بسبب هدوئها و لا مبالاتها مع.
و قد مر عليه الليل طويل جدا بعدما جفاه النوم
و في ظهر اليوم الثاني.
هبط الدرج و هو يتلفت حوله ، يبحث عنها منذ الصباح لم يراها ، حتى لم تحضر الفطور.
دق مراراً على هاتفها لكنها لم تجيب و في النهاية وجد الهاتف مغلق .
حاول التظاهر بعدم الإهتمام
دلف للمطبخ يتحدث مع الطباخ .
يوسف : أنا عندي عزومه كبيره النهاردة و عايز حاجه تشرف .
الطباخ : أوامرك يا فندم ، عازم كام شخص
يوسف : اتنين و أنا و بابا و أخواتي البنات و البنت دي إلي إسمها زينب .. أحممم .. هي فين صحيح مش شايفها من الصبح .
سأل متظاهراً بالكبر و عدم الاهتمام فيما رد الطباخ : مش عارف و الله .

تشنج فك يوسف من الغيظ لكن حاول الحفاظ على ثباته الإنفعالي و خرج من المطبخ يقول لنفسه أنها بالتأكيد قد ذهبت للجامعه و بعد ساعات ستعود ككل يوم .
لكن مضى نصف اليوم و أقترب المغرب و لم تأتي ، ضيوفه على وصول ، يتوجب عليه الذهاب للإستحمام و تبديل ملابسه لكنه لم يفعل و بقي مشغول بها و بغيابها عنه .. حتى عادت شقيقته نور من الجامعه و اقتربت منه مبتسمه : مساء الخير يا أبيه ، ها ضيوفك إلي قالب البيت عشانهم وصلوا ؟
يوسف : لسه ، هي زينب فين مش متعوده ترجع معاكي .
زمت نور شفتيها و قالت : مش كل ، يوم بس أنا بصراحة مستغربه طول اليوم لا كلمتني و لا جت لي الصبح زي عوايدها حتى على الفطار ماكنتش موجوده.
يوسف : يعني إيه ؟ مالها ؟
نظرت له نور بخبث ثم قالت ببرود: و حضرتك مهتم ليه يا أبيه ما تسيبها براحتها.
إرتبك يوسف قليلاً ثم قال : مش بني أدمة و عايشه معانا .
نور: هممم ... ايوه صح .. بس يعني لو كده كنت أولى تهتم بأختك إلي درسها واجعها بقاله قرن و مش منيمها الليل .
زفر يوسف بحنق ثم قال : دكتور هاشم إلي جاي النهاردة هو و مراته يبقى من أكبر دكاترة السنان في مصر هحجز لك عنده... هو صاحبي جدا .
.زمت نور شفتيها بصيق ثم قالت : ده بدل ما توديني عند شاب حليوه و مقطقط كده تاخدني عند صاحبك إلي هو من سنك ...
يوسف: قصدك ايه ؟ أنا عجزت مثلاً.
نور : ااا.. أحمم .. مش قصدي .. أنا هطلع أشوف زينب أحسن.
تركته و هرولت متجهه لعند زينب تبحث عنها و هو جلس يفكر : معقول ، لما اختي شيفاني عجزت امال الناس برا إيه ، أوووف ... و الهانم دي راحت فين هي كمان .. بس عادي ، و لا يهمني .

هب من مكانه متفاجئ بعدما إستمع لصوت شقيقته تناديه ، اتجه سريعاً حيث مصدر الصوت .
فوجد نفسه في غرفة زينب الخاليه تماما من كل متعلقاتها الخاصه و التي كانت تضعها هنا ، حتى الثياب لم تعد موجودة.
زاد خفقان قلبه و تشكلت غصه مريره في حلقه يسأل : يعني إيه ؟
جاوبته نور : زينب شكلها مشيت خالص و من غير ما نعرف.
ابتلع رمقه بصعوبه و سأل : و هي ما كلمتكيش ، ما تعرفيش هي فين ؟
نور : و أنا لو أعرف هقف معاك هنا كده .. ما أعرفش.. أنت كنت بتسأل عنها إمبارح و عن رقمها ، هو حصل منك حاجه ضايقتها .
صرخ فيها بعصبيه مفرطه : و أنا مالي و بعدين هي مفكره إيه ، خلاص الدنيا هتقف في بعدها ، و لا يهمني أو يشغلني أساساً ، و لا في دماغي .
أنتبه على صوت الخادم قد جاء من خلفه و قال : الضيوف وصلوا يا بيه .
رد عليه يوسف بحده : روح قدم لهم حاجه و أنا جاي وراك .
هم لكي يغادر فأستوقفته نور : إنت رايح فين يا أبيه ، مش هتدور على زينب .
رد عليها بكبر : مش قصتي ، براحتها.
تحرك ناحية الباب كي يغادر لكن توقف قائلاً : أنتي بقا فكري مع نفسك و شوفي هي ممكن تكون راحت فين و أبقي عرفيني مش عارف هيبقى عندي وقت أروح و لا لأ ، هشوف ساعتها ، أنتي بس أفتكري بسرعه .
6
_____________________
وقف ضياء أمامها مصدوم و قد شحب وجهه يسألها : يعني إيه ترجعي مصر ، أنا عمري ما هسمح لك بكده .
أغمضت عيناها و تصنعت الحزن و قلة الحيله ثم قالت : لازم أرجع لأن أهلي عايزين يتمموا جوازي و نعمل فرح و دخله .
جن جنونها من كلماتها التي تقولها بكل تلك البساطه و هو ما أن تخيل فقط زفافها على آخر غيره قد جن جنونه بدأ يتحرك بصعبيه و غضب يركل قدمه بحافة المركب ثم صرخ فيها : إنتي إزاي بتقولي كده قدامي إزاي .
تحدثت بحزن و قالت : هعمل ايه ، مافيش قي أيدي حاجه أعملها.
توقف أمامها يقبض على يدها مردداً: أنا إلي هعمل ، إنتي لازم تطلقي .
أتسعت عيناها و رددت بصدمه: أتطلق ؟!
هز رأسه بجنون يردد : أيوه ، إنتي بتاعتي و هتفضلي دايما بتاعتي ، ماحدش ابدا هياخدك مني .. سامعه يا جيجي .
كانت تعيش الوهم معه تتخيله و هو يقولها لها و هي تقى زوجته لكن ما تأكيده لإسم جيجي يتبخر كل شيء من جديد كالعاده.
أسبلت جفناها بحزن ثم تفاجئت به يضمها له بجنون يطبق جسدها داخل أحضانه و هو يردد : مافيش حد ابدا هيبعدك عني ، مستحيل ده يحصل ، أنا أموت من غيرك ، عمري ما كنت كده و لا عمري خوفت من بعد حد عني... قولي لي انك معايا و هتفضلي معايا ، قولي.
قال كلمته الاخيره تلك برجاء و هو يصرخ فيها فأنصاعت لطلبه تردد : هفضل معاك ، مش هسيبك.
و أخيراً هدء و ابتسم ، ثم أخرجها من حضنه يكوب وجهها بين يديه قائلا : تعالي معايا.
سألته بقلق : على فين ؟
أبتسم لها يقول: عايز اعرف الكل إنك حبيبتى الي عمري ما حبيت غيرها .
بتهور و جنون ساقها معه سريعاً حيث يجلس الرفاق غالباً و قد جلست كلارا وسطهم تنتظره إن يعود كعادته كانت معتاده على غيابه و تمرده و في نهاية المطاف يعود لعندها ، لكن هذه المره أحواله متغيره كثيرا و مع ذلك صبرت .
إلى أن ورأته يتقدم لعندها و أمام الجميع يشبك يده في يد تلك الفتاه الممتلئة و التي تدعي چيجي ، لم ترتاح لها يوماً و كلما غاب ضياء كانت هي الأخرى غائبه بالتأكيد ليست كل مره صدفه.
لطالما كذبت ظنونها لكن منظر ضياء و هو يتقدم منها الآن لا تفسير ثاني له سوى أنه عاشق ولهان بل و مهووس أيضاً.
و قد صدق كل حدثها ما أن توقف أمام الجميع يهتف فيهم : يا جماعه ، عايز اقول لكم حاجه.
انتبه الكل له فقال : أنا عايز اقول قدامكم كلكم ، إني بحب چيچي و قررنا نتجوز.
صفق الجميع و هللوا بينما صدحت ضحكت كلارا وسطهم ثم قالت : هههههه و يا ترى بقا هي تعرف إنك متجوز ؟
هنا صمت الجميع و إلتفت تقى إلى ضياء تسأل و تتصنع الصدمه بإحتراف و تسأل : أنت متجوز ؟
صمت يوسف و لم يجيب فصرخت فيه : لأ.. رد عليا... أنت متجوز ؟
+
هز رأسه بأسى ثم قال : على الورق بس و الله يا حبيبتي.
بدأت هي الأخرى بهز رأسها تردد : مش مصدقه ، بجد مش مصدقه ، أنا مصدومه فيك .. مصدومه.. مصدومه.. مصدومه .
ثم هرولت تبتعد من امامه و نادين من خلفها تهتف بأسمها تحاول مدارت ضحكتها .
وقف على أعتاب غرفتها يدق الباب بطريقه ملحة و متواصله ، يتوسلها كي تفتح له الباب لكنها ما زالت رافضه تماماً و هو للأن لم ييأس .
يشعر بثقل وضع على صدره و قلبه ، بروده تخرت عظمه كلما تذكر تلك اللحظة التي أكتشفت فيها الحقيقة الخفيه ، لم يرغب بأخبارها  بكونه متزوج ، هو بالأساس لا يعده زوج أو يأخذه على محمل الجد بل في معظم الأوقات ينسى تلك القصه و صاحبتها .
2
ظل يواصل توسله و إلحاحه مردداً: چيچي عشان خاطري افتحي لي خليني أفهمك .
لكنها صرخت فيه : مش عايزه أسمعك ، أنت واحد كداب .
3
ضياء: أفتحي الباب يا چيجي بدل ما أكسره أنا مش شايف قدامي .
تقى : أكسره لو تقدر ، إنت فاكرها سايبه .
صك أسنانه بغضب و قال من بينهم : إنتي فاكره إن إن الباب ده هيمنعني عنك و لا فاكره إني مش هقدر اكسره و أخاف ، أفتحي يا چيچي .
لكنها لم تستجيب ، بالأساس كانت متلذذه بعذابه و توسله لها ، ظلت كما هي ترغب في الإستماع للمزيد .
فردد مجدداً : أفتحي بقا يا حبيبتي ما تتعبيش قلبي معاكي
صرخت فيه بقهر حقيقي نابع من أعماق قلبها: ما تقولش حبيبتي دي تاني ، إنت كداب ، عمرك ما حبيتني ، عمرك  أصلاً ما حبيت حد تاني غير نفسك
1
كانت تتحدث بروحها ، روح تقى التى عقد قرانه عليها بدون إرادة منه ، تقى التي حطمها نفسياً و ربى لديها عقده ربما لا حل لها .

2
و هو يقف بالخارج مازال يرجوها : يا حبيبتي أسمعي مني بس .. أنا مش هقدر على زعلك.. و لا أقدر على بعدك.
لكنها لم تعطيه أي إجابة فواصل : طب أفتحي لي بس نتكلم ، أنا محتاج أشوفك ، من ساعة إلي حصل ما سوفتكيش ، هتجنن عليكي و حاسس روحي ضايعه مني .
3
أغمضت عيناها و قالت بألم : بكره تنسى .. مسألة وقت مش أكتر .. الي حواليك كتير و هينسوك ، أقلهم كلارا ، مستنيه إشارة منك
جاوبها بنبرة باكيه ذليلة : و أنا مستني إشارة منك إنتي ، لو بس ترضي عني ، لو بس تسمعيني ، أنا بحبك ، فاهمه يعني إيه بحبك ، أفتحي خليني أشوفك ، حاسس اني تايه من غيرك .
جاوبت برفض تام : لأ.
ليفقد كل السيطره على نفسه و يبدأ في ضرب الباب بكتفه و هو يردد : براحتك بقااا .
ارتعتب من تصرفه و صرخت : أنت بتعمل ايه يا مجنون .
هتف كالثور الهائج : هكسر أي حاجة تمنعك عني ، أنتي سامعه .
كانت نبرته جنونيه مرعبه ، لشخص يبدو كالمدمن و قد منع عنه المخدر ، لم تكن على علم لأي درجه قد وصل ضياء بالفعل في عشقها و أنها أصبحت إدمانه و لا تعافي منها أو هروب

شعرت بالباب على وشك السقوط ، فأسرعت تفتح بخوف .
و بحركه خاطفة جذبها من ذراعها بحيث أصبحت فى مواجهته يتنفس بصعوبه ، ينظر لها بجوع و عطش ، قبض بكفه على ذقنها يقربها منه يقبلها بلوعة و إشتياق .
يردد من بين قبلاته : بحبك يا چيچي بحبك .
لا يعلم أن أعترافه لم يكن إعتراف بالحب و إنما إعتراف بالخيانة ، ما أن يقول أحبك حتى تذوب بين يديه وسط قبلاته تستقبلها من زوجها ، لكن ما يلبث إن يتبعها بكلمة چيچي ذلك الإسم المستعار الذي طلت عليه به و عرفتها صديقتها للجميع على أنها چيچي و ليست تقى كاظم الصواف .
18
شعر بتجمدها بين ذراعيه بعدما كان طائر سعيد من الفرحه و هو يشعر بإستجابتها لقبلاته ، لكن تخشب جسدها بين يديه و أبعدته عنها بصعوبه و هو يردد بلهفة : ما بتعدنيش عنك يا چيچي ، عايز أحس بيكي ، إنتي وحشاني أوي.
يزيد الأمر سوءاً طوال ما هو يناديها بچيچي ، تباً له و لها أيضاً فالألم الذي تشعر به الأن ألم حقيقى لإمرأة خانها زوجها الحبيب .
2
خرجت من بين أحضانه تردد : أنا مش هقدر أنسى ، مش هقدر .
ضياء : في حاجات كتير بتحصل حوالينا غصب عننا ، أنتي نفسك مكتوب كتابك بالغصب ، بس واضح اني بحبك بطريقة مجنونه و مش منطقية لدرجة أني ماهمنيش و قولت هتجوزك بردو.
تقى : أنت قولت ، كنت صريحه من البداية ، أنت ليه ما قولتش ؟
ضياء : أنتي ما سألتيش .
تقى : نعم ، أنت سامع بتقول ايه ؟ هي دي حاجه تتنسي؟
ضياء : أيوه ، لما تكون جوازه بالغصب و مش فارقه معايا أصلاً يبقى أنسى أنا ناسيها فعلاً لأنها مش في بالي و لا شغلاني .. مش شايفها أصلاً
5
ضغط على الجرح بقوه حتى نزف ، بالفعل هذا ما شعرت به تقى ، تشعر بقلبها ينزف أمام ذلك البارد فصرخت فيه بقهر : إطلع برا.. برااااا ... برااااا.
2
كانت تصرخ و على ما يبدو قد فقدت السيطرة على أعصابها ، حاول الإقتراب منها لتهدئتها لكن أقترابه لم يكن يزيدها إلا هياجاً.
و صوت صراخها يملأ المكان من شدته استعدعي نادين من بعيد فأتت مهروله لتصدم من هيئة صديقتها هكذا و ضياء يحاول التحدث إليها و ضمها له.
أبعدته نادين على الفور تحتضنها لها و تقى مازالت تصرخ .
حاول تخطي نادين و أقترب من تقى يردد : عشان خاطري يا حبيبتي أهدي ، تعالي في حضني نتكلم و نتفاهم.
كانت نادين تنظر له مصدومه تراه شخص آخر غير ضياء الذي يعرفه الجميع ، يتوسلها لتقترب منه ينظر لنادين مردداً : سبيني يا نادين أنا لازم أفهمها ، هي لازم تعرف هي بالنسبة لي إيه ، أنا من غيرها ممكن أضيع ، هي ليه مش عايزه تتقبل فكرة اني متجوز ، ما أنا قبلت أنها مكتوب كتابها ، طلبت منها بهدوء تتطلق .
رفعت تقى عيناها له و قالت : يبقى انت كمان تطلق مراتك إلي في مصر لو كنت فعلا شاريني .
4
صدمت نادين كثيراً ، تلك لم تكن خطتهم منذ البداية و لم تكن خطة جدها أو خالها ،على ما يبدو أن تقى كانت تتبع خطة خاصه بها وحدها .
كذلك ضياء قد صدم ، طلبها كان غير متوقع ، على الأقل له .
بقى كل من ضياء و نادين واقفان أمام تقى كل منهما منصدم بشكل أو بأخر .
و تقى تقف تحاول السيطرة على إهتزاز جسدها المنهار و التوقف عن البكاء تنظر له بقوه واهيه جدا.
مسحت دموعها بعنف و قالت : زي ما هتطلق أنت كمان تطلق.
ابتلع ضياء لعابه بصعوبه و قال : بس... أنا.. أنتي لازم تتطلقي عشان نقدر نتجوز لكن أنا ممكن اتجوز مرتين و تلاته و أربعة.
أتسعت عينا نادين من جحوده و تقى زادت نوبة عصبيتها و صرخت فيه بقهر : و مين قالك اني هرضا بكده.. أنت مفكر نفسك ميين .
حاول الإقتراب منها مردداً : أنا مش هينفع أطلق تقى .
صدمت من حديثه و نظرت له بخفقات قلب عاليه و هو يكمل بأسف : مش هقدر .
زادت دقات قلبها ، رفرفة بسيطة من الفرحه أنشعت قلبها و علت وتيرة أنفاسها جعلتها تنظر له بأمل متسائله : و لا حتي عشاني ؟!
هز رأسه بيأس و أسف ، ألتمعت عيناها من السعادة التي تضاهي الحزن الذى حاولت رسمه على وجهها و هي تطرده من عندها قائله : يبقى تطلع برا و ما شوفش وشك تاني .
1
كانت تقولها بلين شديد ، أقل بكثير جدا عن المطلوب في موقف مثل هذا ، لكن فرحة قلبها كانت أكبر من الإستيعاب ، حاولت إتقان الدور لكنها لم تنجح على ما يبدو.
حاول التحدث معها مرددا : حبيبتى أفمهيني .
إلتفت توليه ظهرها كي تستطيع التحدث ف الفرحه التي غمرتها كانت فضّاحة و لم تستطع التحكم بها أو كبتها .
وضعت يدها على صدرها تسحب نفس عميق سعيد تبتسم ثم قالت و هى تحاول إستدعاء القوه و الغضب : يبقى مافيش اى كلام بينا و لا أي حاجة ممكن تجمعنا ، يا أنا يا مراتك و أنت إختار ، مش هسمح بأي كلام بينا غير لما أشوف ورقة الطلاق بعيني عليها إسمك و إسمها ، و دلوقتي الكلام خلص ، أتفضل أطلع برا مش عايزه أشوفك.
ظل بمكانه ثابت لدقيقة كامله ربما تحنو عليه لكنها لم تفعل فألتف يغادراً و هو منكس رأسه للأسفل يشعر بالحزن و الضياع .
غادر الغرفه و ذهبت نادين خلفه تغلق الباب تظر لصديقتها التي تلمع عيناها من الفرحه و يشع وجهها سعادة و سألت : ممكن بقا أفهم في إيه بالظبط ؟
_________________________
في بيت الصواف .
خرج هارون من غرفته بعدما تأنق كعادته و هبط الدرج بخفى و هو يشتم رائحة طعام زكيه أخترقت أنفه ، تتبعها حتى أوصلته للمطبخ ، أبتسم و هو يرى غنوة تقف متأنقه هي الأخرى لكن شعرها مفرود على ظول ظهرها .
مال عليها يقبل عنقها قائلا : صباح الجمال و الدلال .
أبتسم له بحب كبير و قالت: صباح الرجاله الحلوه.
عض على شفته السفلى مردداً : لمي نفسك أنا ماسك نفسي بالعافيه .
نظر لها بحده يكمل : و لمي شعرك ده ، عمي هنا .
قوست فمها لأسفل ثم قالت بدلال : لسه ما صحيش  أكيد في أوضته .
ضحك متذكراً مظهره بالأمس و قال: أوضته إيه ، كاظم الصواف اتطرد بالشورت باليل .
شهقت غنوة و ضحكت تردد : أشجان دي رهيبه .
أشهر هارون أصبع السبابة في وجهها منذرا : الست دي مرعبة ، أنا نفسي بقلق منها ، مش عايز خلطه بيها كتير ، كفايه أصلاً السنين إلي عشتيها معاها.
ضحكت غنوة ساخره و علقت على ما قاله : ههههه ، أشجان ، دي غلبانه جنبي ، هي بس جعجاعه و بتهب في وش إلي قدامها ، لكن أنا....
أخدت تملس بيديها على ملامحها الطفولية البريئه تردد : أنا أحب أشكر ملامحي البريئه الي بتدي انطباع عكس شخصيتي .
3
ضيق عيناه يقول بغيظ و هو يتذكر كل أفعالها و كم مره خدعته : أنتي هتقوليلي .
اقتربت منه تتمسح فيه مردده : بس توبت و الله.
قرصت و جنته تكمل: و وقعت و لا حدش سمى عليا.
صعدت بيدها على طول وجهها و هو يغمض عينيه مستمتع بقشعريره قويه دبت فيه إثر لمساتها ، إلى أن أستقرت يدها على رأسه الأصلع و قالت بشجن : بموووت في قرعتك .
6
رغماً عنه ضحك ، على أثر تلك الذكرى في الاسانسير و قال لها : مقوية قلبي .
ضحكت هي الاخرى و ذهبت تجلب بقية صحون الإفطار تردد قبلما تخرج من المطبخ : قلبك أسود قوي على فكره .
1
وضعت الصحون على الطاولة و هو قادم خلفها يبتسم بسعادة على ذلك الجو الدافئ و الذي صنعته و أهدته إياه غنوة فكان أكثر مما تمنى و حلم.
جلس على طرف المائده يقول لها بتحذير بعدما انتبه لدخول عمه من الباب: عمي جاي هناك ، لمي شعرك ده .
هزت كتفيها بدلال و تحركت ببطء شديد تجاه الدرج فصرخ فيها بغيظ : إخلصي .
غمزت له بعيناها و صعدت لجلب حجاب مناسب لملابسها ثم حضرت لعندهم .
بينما جلس كاظم لجوار هارون يشكو عظام ظهره و فقراته : أااااه .. اه يا عصعوصتي .
كبت هارون ضحكته يسأل : إيه ده ، نمت فين يا كظ كظ .
3
نظر له كاظم بشر ثم قال : في الجنينه.
حاول كبت ضحكته من جديد و هو يربط على كتفه مردداً : ماعلش .. مسيرها تروق و تحلى ، بس ما تنكرش أني حظرتك .
عض كاظم باطن فهمه و هو يردد : على قلبي زي الشهد، مالكش أنت دعوه
هز هارون رأسه بيأس بينما تعلق نظر كاظم على الدرج حيث تهبط أشجان ثم أقتربت منهم بوجه عابس تردد : صباح الزفت ، مش طايقه شكلكوا .
5
غرق هارون في الضحك و هو يراها تجر أحد مقاعد السفره لتجلس عليه بعد ما قالته و قال: و الكرسي ذنبه أي بس.
نظرت له أشجان بحقد ليقول كاظم: فداها يا هارون ، كله فدا المهلبيه .
اشجان : أبلع لسانك يا راجل أنت ، مش طالبه تلزيق على الصبح .
ضحك هارون بقوه و كاظم يردد بصدمه: تلزيق ؟
بينما أشجان تتمتم : أنا عارفه كان إيه إلى بلانا بيكوا ، ما كنا عايشين في هدو السر و مرتاحين .
و على ذكر السيرة كانت غنوة تهبط الدرج بسعادة بعدما أنهت لف حجابها تقفز الدرج قفزا بشقاوه .
لتراها اشجان و تنظر لها بغيظ ثم تردد بسخريه : أهلاً ، أهي نجاة الصغيرة جت أهي.
أقتربت غنوة مرتبكه تحاول تحاشي نظرات أشجان القاتله ثم قالت لهارون : مش يالا عشان الشغل .
لكن من جاوب كان أشجان التي قالت: مش تاكلي الأول يا ختي ، ده حتى طباخ السم بيدقوا ، مش أنتى إلى عامله الأكل بردو ؟ بقا محضره له الأكل إللهي يطفحوا ، مطرح ما يسري يهري بأذن الله.
ضربت غنوة كفها بوجهها ثم قالت لهارون : طب يلا يا هارون عشان ما نتأخرش
تقدمت تأخذ بيد هارون لتخرج نهائيا من البيت و أشجان من خلفهما تردد: أهربي إهربي ، هتروحي مني فين ، مسيرك تقعي تحت أيدي.
اغلق الباب خلفهما فالتفت لترى كاظم يقترب منها يخلع منامته
1
فقالت بغضب: جري ايه يا راجل أنت هتعمل ايه.
1
كاظم : دقت ساعة الحسم .
حاولت الهرب و هي تصرخ : أنت أتجننت ؟
كاظم : دقة ساعة العمل.
6
بدأت تركض في البيت و هو خلفها لا تكف عن الصراخ و السب بأقذر أنواع السباب .
3
_________________________
وقف على أعتاب باب بيته يستعد لاستقبال زواره في محاولة جديدة للظهور بالتماسك لكنها ليست ناجحه بدرجة كبيرة.
أبتسم و هو يستقبل صديقه الذي فتح له ذراعيه  يردد : جوووو .. واحشني جدا.
إغتصب يوسف أبتسامة مجامله على شفتيه و فتح ذراعيه يردد : دكتور هاشم .. البيت نور و الله.
تقدم هاشم يحتضن يوسف ثم قال : منور بيك يا حبيبى .
انتقل يوسف بنظره على سلوى زوجة الدكتور هاشم ثم قال : دكتوره سلوى ، أخيراً عرفنا نتقابل.
تقدمت سلوى تمد يدها بالسلام مردده : أعمل إيه ، الشغل الجديد واخد كل وقتي و البركه فى حضرتك ، منتج طبى بالضخامه دي كلها رامي مسؤليته كله عليا ؟ إيه إلي ممكن يشغل يوسف عن شغله .
إرتبك يوسف قليلاً ثم قال : و لا أي حاجه ، و أنا خلاص دلوقتي فضيت و أكيد هكون مركز في شغلنا .
استدار يشير لهما على الداخل و يردد مرحباً : أتفضلوا اتفضلوا .
ذهب حيث غرفة كبيره للضيوف يطلب مشروب للترحيب و بعدها تحضير مائدة الطعام.
ثم تقدم ليجلس معهم هو و يحيى والده الذي لاحظ توتره الشديد و مجاهدة لمواكبة الموقف .
عينه لا تبارح الباب كأنه ينتظر أحدهم ، و لم يتحمل كثيراً ، و وقف عن مقعده يذهب لعند أخته ، فتح الباب دون إستئذان و سألها : وصلتي لها ؟
ردت عليه نور متألمه من ضرسها : أااه ، هي مين يا أبيه .
صرخ فيها بصوت مكظوم الغيظ : زينب .
هزت رأسها نفيا ثم قالت : طب مش تسأل عني الأول ، صرخ في دروسي كلها مش قادره.
فردد بنفاذ صبر : دكتور هاشم تحت هخليه يكشف عليكي ، قوليلي دلوقتي هي فين .
تأوهت نور من جديد و قالت : هتبعت لي لوكيشن دلوقتي بس ياريت بابا ما ياخدش باله لأنها محلفاني مانزعلوش و كمان محلفاني ما اقولش لحد على مكانها .
يوسف : بطلي أستهبال ، الرسالة أول ما تتبعت تكون عندي فاهمه.
غمزت له رغم ألمها و قالت: شكلك مهتم و لا ايه يا أبيه ؟
يوسف : و لا مهتم و نيله و اخلصي قومي هخلي هاشم يكشف عليكي و تتابعي معاه .
امتعض وجهها تردد : لا شكرا.. أنا حاجزه عند دكتور معرفة واحده صاحبتي.. حاجه كده من الي تشرح القلب الحزين هي ناقصه شغل عواجيز
1
اقترب منها يوسف يردد بغضب : أنتي بتقولي إيه يا بت أنتي ، و في وشي كده ، خلاص مابقاش همك ، طب مافيش خروج ، و مش هتتابعي غير مع دكتور هاشم إيه رأيك بقا ، و قومي غيري يالا ، تلات دقايق و الاقيكي على السفره تحت و الرسالة أول ما توصلك توصلني.
خرج من عندها و هو يتمتم بغضب : كنت ناقص أنا.
نظرت لأثره بأمتعاض ، تعلم زوجة ذلك المدعو هاشم فهي صديقة ليوسف من أيام الجامعه و للحقيقه هي لا تطاق ، فهي شخصية تنمو و تترعرر بالتنمر على الآخرين ، ترى نفسها محور الكون ، لا ترغب بتاتاً في التواجد معها بمكان واحد.، لطالما شبعت من تعليقها على حجم جسدها و بعض الحبوب التي تظهر لها فهي صديقة للعائله تتردد كثيرا على بيتهم خصوصاً و هي شريكة يوسف و زوجها مسافر دائماً .
حاولت المرواغة و التباطئ ربما نسوها تماما لكن يوسف أرسل لها اكثر من رساله يتعجلها و كذلك يطلب عنوان زينب .

على السفره
جلس يحيى ينظر حوله ثم قال : إخواتك فين يا يوسف ؟
قال يوسف و هو يلك الطعام : نرمين في شغلها و نور نازله دلوقتي .
أبتسم يحيى و قال: و زينب ؟ مش هي زي أختك بردو ؟
نظر يوسف لوالده و قال من بين أسنانه : لأ ، و مش عارف هي فين.
تدخلت سلوى تسأل : مين زينب دي يا جماعة ؟
جاوبها يحيى : دي بنت أعز أصحابي و هي ضيفه عندنا يومين.
و بلحظتها كانت نور تهبط الدرج و هي ترتدي فستان ازرق هادئ و تجمع شعرها بكحكه فوضاويه تراهم على السفره ينظرون لها و هي تبتسم بسماجه لا تطيق تلك الجلسه .
لكن من بين كل ذلك جذبها عطر أحدهم ، كان قوي و غريب ، رفعت أنظارها لتقابل زوج من العيون الحاده تنظر لها بتدقيق و كأنها فريسه مغريه.
أرتبكت من نظراته كثيرا و حاولت إشاحة عيناها عنه ، لكنه كان ذو سلطان قوي و أجبارها بتسليط عيناه عليها أن تعود و تنظر له .
له هيبة غير عاديه ، مهيمن لدرجة تفوق الوصف و سؤال يتردد داخلها من هذا ، يبدو وسيم جدا بشارب كثيف يتخلله بعض الشعيرات البيضاء ينظر لها عن كسب .
تقدمت حتى وقفت لجوار أخيها الذي ضمها له يردد : دي نور أختي .
أبتسم هاشم إبتسامة جانبيه و ردد : كبرت نور .
جعدت ما بين حاجبيها و هي تنظر له بإستغراب ، فعلى ما يبدو أن هذا الرجل يعرفها منذ كانت صغيره .
ليقول يوسف : مش فاكراه يا نور ، ده ياما لاعبك و إنتي صغيره ، ده دكتور هاشم.
أتسعت عيناها بصدمه و نظرت له بإزدراء واضح ثم قالت : أهلاً وسهلاً.
نظر لها هاشم بإستغراب ليقول يوسف  : ماعلش يا دكتور هاشم هنتعبك معانا بس نور عندها ألم في دروسها .
قال هاشم بابتسامة و عينه لم تبتعد عن نور : ده انا عيوني لنور .
يوسف : بس بالراحة عليها يا هاشم الله يخليك ، أحسن ترجع تقولي أنا السبب ، الهانم كانت عايزه تروح لدكتور شاب حديث التخرج .
أمتعض وجه هاشم ثم قال : مش هتلاقي عند الدكتور الشاب الخبره إلي مستنياها ، أصل الخبره دي مهمه قوى قوى.
2
حاولت تحاشي نظراته الثاقبه خصوصاً بعدما جذب يوسف معصمها في الخفاء و همس في أذنها بغيظ  : فين الزفت اللوكيشن .
نور : حاضر حاضر ، هبعته دلوقتي كنت نسيت.
و أخيراً انتهى العشاء و هو في طريقه لعندها ، الغبيه سكنت في شقه مفروشه مع بعض الفتيات و هي لا تعرفهن و لا يعرفونها فقط لتبتعد عنه ، يقسم أنها و الله غبيه
وقف أمام باب الشقه التي نص عليها العنوان يدق جرس الباب.
ففتحت له فتاه تنظر له بوجه متجهم و حاجب مرفوع تردد : ماحدش طلب أكل .
نظر لها مستنكراً يسأل: أفندم ؟
لترد الفتاه بنزق : شكلك دليفري .
صك أسنانه يردد : دليفري.. ناديلي زينب
فسألت الفتاه : زينب ؟ زينب مين ، أاااه البت الجديدة.. أاه و الهانم بقا بتعرف رجاله و جيباهم لما لحد البيت كمان .. أنا قولت البت دي مش مظبوطه ماحدش صدقني.
انفلتت أعصاب يوسف و التى جاهد للتحكم فيها و هتف عالياً : اخرسي يا زباله ، و أتكلمي عنها عدل أحسن لك.
خرجت زينب على الصوت العالي لتتسع عيناها و هي ترى يوسف أمامها يصرخ فى زميلتها فسألت بخوف: يوسف ؟ هو في ايه ؟
هتفت الفتاه عالياً : تعالي شوفي الرجاله إلي بتجيلك لحد البيت يا هانم يا محترمة .
ابتلعت زينب لعابها بصعوبه و قالت: ده ، ده مش راجل غريب ، ده...ده خطيبي
قال يوسف ببرود :  لأ إحنا لسه متصاحبين بس
6
شهقت الفتاه بصدمه و قالت : يا نهار أبيض .. أنتي طلع ليكي في المشي البطال ، أنا و الله من أول يوم قولت البت دي شمال ، طب عليا النعمة من نعمة ربي ما أنتي بايته فيها .
فقال يوسف : بصراحة عندك حق ، أرمي لها شنطة هدومها برا انتو بنات عائلات محترمات .

1
بعد عشر دقائق كانت تجلس في سيارته تبكي و هو يقود متأفافاً يردد : ما خلاص بقا ، اعملك إيه يعني، ما انتي السبب .
1
زينب : أنا ؟
يوسف : ايوه أنتي، أنتي الي عاندتي و مشيتي و عارف بردو لو طلبت منك تيجي معايا كنتي هتعاندي بردو قولت أسوء سمعتك قدامهم عشان يطردوكي و ترعجي معايا.
زينب : أد ايه أنت واطي .
6
ضحك يردد : بس لذيذ ، و الله لذيذ .
3
نظرت له بحزن فتوقف على جانب الطريق و على ضوء أعمدة الإنارة مد يده يلتقط يدها قائلاً و هو ينظر لعيناها : ما تزعليش مني ، حقك عليا ، بس انا ما قدرتش أتحمل بعدك و طول اليوم مش على بعضي ، زينب أنا...
تلعثم قليلا و هي كانت متسعة العين مما قال و من كونه يعتذر بالأساس لتكتمل صدمتها حين قال : لو قولت لك تفضلي جنبي هتفضلي ؟
كانت تنظر له بأعين متسعه ، لا تعرف ماذا يقصد بحديثه و لا ما يتوجب عليها فهمه ، كلماته ليست واضحة كشخصيته بالنسبة لها على أي حال.
رفرفت بأهدابها تسأل : أفضل جنبك إزاي مش فاهمه ؟
تنهد بتعب ثم قال : جنبي ، يعني ما تغبيش عن عيني ، فيها ايه دي !
قرب وجهه منها أكثر يسأل: إنتي لسه زعلانة مني ؟
ارتبك قلب زينب المسكينه ، على ما يبدو انه مخضرم و يعرف ما يحدث و كيق يتحدث مع الفتيات ليسرق قلوبهن ببراعه ، و هي على النقيض تماماً لأول مرة تستمع لكلمة لطيفه رجل و يوسف ليس كأي رجل
فتاه الحديث على لسانها و ردت بتوتر : لأ ، بس أصل ..
قاطعها هو مردداً: يا ستي حقك عليا كمان مره ، أنا أصلاً حيوان و متخلف ، بقا في حد عاقل يزعل القمر ده .
تاهت أكثر و أكثر و هو أبتسم بزهو، شعور أنه الشخص الأكثر خبرة و تحكم في تلك العلاقه يعزز لديه الشعور بالنشوة و الفخر ، يراها فتاه لطيفه و جميله تعجبه جداً.
ذلك هو النوع المفضل لديه و ما كان يبحث عنه ، علاقة هو المتحكم الأول و الأخير بها .
مد يده بكياسة يتلمس يدها و هي ذائبه تبتلع رمقها بصعوبه تراه و هو يقرب يدها من شفتيه كي يقبلها .
لتسحب يدها و هي تشهق بفزع، لقد فاجئها ، كل ما تعيشه الآن جديد بل و غريب عليها تماماً.
إبتسم لها قائلاً : هنرجع البيت دلوقتي.
نظرت ببعض الضيق ، يبدو و كأنه يقرر عنها ، أتسعت إبتسامته و هو يردد : في بنوته حلوه زيك كده تسيب بيتها ؟
تذكرت على الفور فعلته و كلامه فتجلى الضيق على ملامحها و قالت : ده مش بيتي أنا ده بيتك أنت.
عض على شفته السفلى و ردد : بيتي هو بيتك يا زينب .
نظرته كانت مريبه ، حتى أنها باتت تخشاه ، فأشاحت بعيناها عنه متهربة تسأل : إزاي بيتك بيتي مش فاهمه؟
كأنها تراوغ؟ تطمع في توضيح أكثر عن موقفه تجاهها .
أبتسم يوسف بكياسة و قال : أممممم ، مستعجلة أنتي أوي ، سبيني أقولك كل حاجة في وقتها عشان كل حاجه في وقتها أحلى.
انهى حديثه بغمزة عابثه جعلتها ترتبك أكثر و تحاول الإنكماش في مقعدها مبتعده عنه مما جعله يضحك مقهقهاً يردد: مش هاكلك على فكره.
صمت و قد ألتمعت عيناه ثم أكمل: على الأقل مش دلوقتي.
أتسعت عيناها بصدمه و قد فزت دقات قلبها و ملامح وجهها تسأل سؤال واحد لا ثاني له.
و لم تستطع السكوت فسألت : يعني إيه ؟
سحب نفس عميق و تنهد بتعب ثم دار عجلة القيادة يقول : ماتسأليش تاني عشان ما تسمعيش رد يصدمك ، خليني أروحك أضمن .

نظرت للأمام تحاول عدم النظر له ، لكنه لم يكن ليتركها و شأنها و إنما جذب ذراعها له يحتضن أصابعها القصيره بأصابعه الغليظه ليزيد قلبها من خفقاته التي ارتفعت حد الجنون و هو يبتسم.
يعشق وضع السيطرة و هو بهذه العلاقة المسيطر ، أو... على الاقل حتى الآن لا يدري ما يخبئه له الزمن .
3
صباح يوم جديد.
استيقظت نور من نومها تنظر في هاتفها اولاً گ العادة تتصفح مواقع التواصل الإجتماعي
تنهدت و هي ترى أصدقائها ينشرون صور عن رحلتهم الاخيره التي لم يتثنى لها المشاركه فيها بسبب رفض يوسف القاطع لسفر أي من شقيقاته .
لفت انتباهها أجتماع الفتيات حول شاب معين ، يحاولون الإحتكاك به أو جذب إنتباهه لكنه يتفاعل مع الجميع و لا يلتفت لأي منهن .
تنهدت شاردة ثم أغلقت الهاتف و أستعدت كي تدلف للمرحاض تؤدي روتينها لتذهب للجامعة.
ليدق الباب و تدخل زينب التي قالت : صباح النداله .
تهلل وجه نور تردد : زوزو ، جيتي أمتى .
أبعدتها زينب عنها تقول: إلي يشوفك يقول البت قاتله روحها عليا ، بقا انا أبعت لك لوكيشن عشان تعرفي تجيلي تقومي مسلماني لاخوكي ، هي دي الصحوبيه .
1
لكزتها نور في كتفها تردد بغمزة عابثه: و أنا أعمل ايه ما هو إلي فضل يزن و أنا ما قدرش على زعل جو ، أصل زعله وحش اوي ، بس يعني... واضح إنه طب و لا حدش سمى عليه.
إرتبكت زينب و قالت بتوتر: قص.. قصدك إيه.
نور : و لا حاجة ، حسرة عليا ، إلي ما لاقيه حمار حتى يعبرني ، أمتى الرجاله تبقى أكوام كده عليا و تقتل بعضها عشاني يا رب .
زينب : خلي بالك ، لإبن آدم ثلثي ما قال ، بلاش تتمني حاجه أنتي مش حملها .
للحظة توقف الزمن بنور و شردت ، لكنها عادت تهز رأسها بلا مبالاة و قالت : بقيتي أوڤر أوي يا زوزو ، ما كنتش كلمه يعني ، خلاص كل الي بنقولو بيتحقق ، أوعي كده خليني ألبس .
خرجت زينب من عند نور تغلق الباب متنهده لتقابل نرمين الشقيقة الاخرى ليوسف كانت تخرج من غرفتها تنظر لها بلا سلام أو كلام كل منهما تنظر للاخرى بصمت إلى أن قالت نرمين : إنتي إيه الى رجعك، مش كنتي مشيتي .
نظرت لها زينب بحرج ثم قالت : يوسف إلي جه و رجعني و أنا رجعت عشان خاطره .
نرمين: كمان ، ايه ،هتخطفي أخونا الوحيد كمان.
هزت زينب كتفيها و ردت بلا حيله : أنا ما خطفتش حد .
نرمين : أصلها كانت ناقصه بجد .
صمتت كل منهما على صوت يوسف الذي خرج من غرفته يقول : صباح الخير يا بنات ، وافقين كده ليه ؟
همت لتجيب عليه نرمين تسأله بغضب لما أعادها ليصدمها بصوته العالي و هو يدقق النظر لزينب مردداً من بين أسنانه: إيه إلى أنتي لابساه ده ؟
اشتعل الغيظ بأعين نرمين بينما زينب بدأت تنظر على ملابسها تسأل: ماله ؟!
فرد بغضب : هو إيه اللي ماله ؟ إيه متعوده تلبسي قصير كده يعني ؟
زينب : دي مش ...
قاطعها بصرامة : أنتي لسه هتمشمشي ، روحي غيري يالا .
خرج في نفس الوقت يحيى من جناحه الكبير يسأل بضحكة يجاهد في كبتها : في حاجه يا جو يا حبيبي ؟
يوسف : و لا أي حاجه يا والدي .
ثم إلتف ليرى زينب ما زالت واقفها فهتف بحده : إنتي لسه واقفه ؟أنا قولت إيه ؟ أتفضلي غيري .
همت لتتحرك ليوقفها صوا يحيى : و تغيرها ليه ، دي حتى لايقه عليها أوي.
ضغط يوسف على شفتيه من الغيظ و قال من بين أسنانه : يالا يا زينب .
انتفضت بفزغ و همت لتتحرك ليوقفها مجدداً صوت يحيى : استني بس ، أستني .
وقفت بتوتر ليقترب منها متسائلا : هو مش أنا عمك صاحب أبوكي و مسؤل عنك حالياً ؟ يبقى تسمعي كلامي أنا بس يا حبيبة عمك ، أنا شايف إن لبسك عادي و ما فيش داعي تغيري ، يالا عشان ننزل كلنا على الفطار.
هم ليتحرك و هو يبتسم بإستفزاز  ينظر بجانب عينه على إبنه الذى يحترق من الغضب و سأل : فيك حاجه يا جو يا حبيبي.
1
لم يستطع چو الصمت و قال : ايوه في .
نظر لزينب و قال بأمر: روحي غيري زي ما قولت .
حملق فيه يحيى بإبتسامة سمجه ثم قال : لأ حمش ياض ، خلاص يا زينب روحي .
هرولت زينب سريعاً تختفي داخل غرفتها و دقات قلبها عاليه.
بينما تتقدم يحيى من إبنه مردداً: ما قولت لك أتدخل و أخلص بالأصول .
حاول يوسف مدارت ضحكته و قال : أحممم، مش دلوقتي ، أاا.. يالا بينا عشان نفطر .
أشار لشقيقته التي كانت تتابع كل ما يحدث بعدم رضا لأن تتقدم معهم .
و إلتف ينظر لآخر الرواق حيث غرفة زينب فيقول يحيى : بص قدامك لا تتكفي على بوزك .
حمحم يوسف بخشونه يستدعي ثباته ثم هبط الدرج معهم لكنه مازال ينتظرها و عينه على السلم حتى ظهرت أمامه و قد بدلت تنورتها بالفعل لاخري واسعه و لجوارها نور التي انتهت من تبديل ثيابها هي الأخرى و أصبحت كل منهما مستعده للذهاب إلى الجامعه.
نظر يحيى على أسرته و التي ستكبر بانضمام زينب لهم فعلياً و ليس سورياً بعدما تصبح زوجة إبنه و أبتسم ، أنها الزوجة الصالحة التي لطالما تمناها لوحيده ، ستكن أماً لأحفاد رائعين .
سحب نفس عميق سعيد ثم قال : أنا مبسوط بيكم أوي يا ولاد ، يارب يكمل عددنا كده إن شاء الله بولاد يوسف .
نظر يوسف على زينب التي ارتبكت من نظرات هو و يحيى الذي على ما يبدو يقصدها هي بحديثه عن إنجاب أحفاد .
وقفت سريعاً و قالت بتوتر : الحمدلله ، أنا لازم أخرج دلوقتي.
يوسف : كملي أكلك الأول.
زينب: خلصت و عايزه أخرج.
يوسف : ما أنا لسه ما خلصتش .
كان الكل ينظر عليهم يتابع ما يحدث مما يزيدها إرتباك و توتر فقالت : بالهنا والشفا ، كل براحتك ده انا إلي هروح كليتي.
رفع يوسف حاحبه يقول لها: ما هو أنا إلي هوصلك .
قال ما قاله و كأنه أقر و انتهى الأمر هو يخبرها للمعرفة لا أكثر.
حمحم مكملاً تحت نظرات والده الساخره : أنتي و نور .
نظرت له نرمين و قالت بغيظ مكظوم : طب و أنا ، مش كنت بتوصلني للشغل في طريقك؟
يوسف : أنتي بتعرفي تسوقى خدي أي عربيه من الجراج ، لكن دول بنتين صغيرين مش هينفع.
زاد ضيق نرمين فأضافت : بجد ، على أساس أن نور أول سنه ليها ف الجامعه يعني و لا أنت إلي جد جديد معاك .
نظر لها يوسف بغضب ،شقيقته و يعرفها حق المعرفه ، فإن كانت تريد الفظاظه فهي لها ، حيث نظر داخل عيناها و قال بقوه : أيوه جد جديد معايا ... يالا يا زينب .
شهقت نرمين بصدمه ، كلامه واضح خصوصاً جملته الاخيره ، تلك الحرباء ، لا تطيقها ، قدمت لتسرق شقيقهم الوحيد منهم كلهم .
بينما زينب خرجت خلفه سريعاً تلبية لطلبه و هربا من نظرات نرمين الحارقه .
_______________________
وصلا لمقر شركة لمى التي تطل من نافذة مكتبها تراهما متماغمان كزوجي الكناريا لا تسمع ما يقولانه لكنها ترى هارون يرفع كفها بكفه يتحسسه ثم يقبله.
ابتسمت له غنوة و م تحسست وجهه بكفها تردد بحنان: هتوحشني أوي.
غمز لها هارون قائلا : مش هتأخر عليكي ، هخلص شوية شغل عندي و أرجع لك يا جميل .
ابتسمت غنوة بخفه ثم قالت بقليل من الحزن : هارون ، مش بتفكر تصالح ماجد.
تغضن وجه هارون بالحزن و تنهد تنهيدة حاره ثم قال : نفسي ، بس ماليش عين بصراحه ، مش عارف أوريه وشي بعد اللي عملته .
هزت غنوة رأسها بضيق و قالت: كله بسببي .
زم هارون شفتيه و قال : بصراحه أه ، أنتي أساس كل مصايب حياتي ، من أول القتل لحد أشجان.
ضربته فى معدته بغيظ و قالت: ألا يكون مش عاجبك !
تأوه بعبث و هو يردد : و أنا أقدر ، ده انا حتى ابقى كداب .
رفعت رأسها بفخر  ثم قالت : أيوه كده جيب ورا ، و لو على ماجد أنا هتصرف .
هارون : هتعملي ايه يعني ؟
غمزت له مردده : فيروز ، أنت ناسي و لا ايه ؟ شكله بيموت فيها و ليها تأثير خاص عليه .
هارون: يعني أنا البنات هي إلي هتتوسط ما بيني و بين صاحبي ، اطلعي يا غنوة على شغلك .
هزت كتفها و قالت : براحتك ، الحق عليا ، اوعى كده.
أزاحت عنها ذراعه الذي يحتضنها و ابتعدت كي تدلف للداخل ، لكنها ألتفت له و عادت مهروله لعنده تحتضنه مردده : هات حضن ياولا .
ضحك بسعادة و أغمض عيناه يستمتع بغمرتها و قال : بحبك يا بنت الذينا أنتي .
خرجت من أحضانه تردد بشقاوه : أنا إلي بحبك يا إبن الصواف .
سرعان ما احتد صوتها و قالت بأمر : أتحرك يالا من هنا ، أم أربعه و اربعين دي واقفه تبحلق فيك ، يالا .
عض على شفته السفلى يردد بسعادة : بتغيري عليا يا غنوتي .
نظرت له بشر و قالت : عندك إعتراض مثلاً ، يالا اتحرك و لا واقف لها تبص عليك ، إخلص .
زم شفتيه يقول بحزن مصطنع : و أنا اللي كنت عايز أطلع عشان أتكلم معاها في الشرط الجزائي.
غنوة: ما أنت كده كده هتكلمها ، أمال يعني هتسيبني مطمرمطه كده كتير ، بس و أنا معاك ، قاعده على قلبكم ، و هي لازم تعرف إنك بتاعي أنا لوحدي فاهم .
قالت كلمتها الاخيره و هي تصرخ فيه بحده ليهز رأسه مرددا بسعاده و هو يجذبها بإحدى ذراعيه لأحضانه : فاهم ، أنا بتاعك يا ريس .
ضحكت و هي ترفع رقبتها بكبر و حانت منها نظره على لمى التي اغلقت النافذه بعنف و أختفت لتضحك غنوة مردده : هيجرى لها حاجه مني .
هارون : شريره أنتي أوي.
غنوة : و هي غبية و غاوية تبص تحت رجليها .
هارون: مش فاهم قصدك!
غنوة : عندها اكتر من فرصه و باينه للأعمى ، هي إلي الغل ملى قلبها و عماها عن الي بيتمنوا لها الرضا ترضا ، خليها بقا كده لحد ما تخسر كل حاجه.
زفر هارون بضيق و قال : أنا ليه كل ما أقول إني فهمتك ارجع أحس إني مش فاهمك و إنك لغز كبير بالنسبة لي .
ابتسمت له تقول : و لا لغز و لا حاجة ، أحنا بس كبنات بناخد بالنا مش حاجات الرجاله مش بتاخد بالها منها بسهولة ، عشان كده انت مش واخد بالك ، يالا أنت على شغلك عشان تخلص و تروح لماجد .
مال على جبينها يقبله ثم قال مبتسماً: اوكي يا حبيبتي ، مش هتأخر عليكي و هاجي لك عشان أخلص موضوعك مع لمى .
قرصته فى خصره مردده بغل : ما تنطقش إسمها.
تأوه بينما يضحك و قال: حاضر ، متوحشه بس عسل.
ضحكت بأعين تشع انوثه و قالت: طب أمشي بقا بريحة برفانك إلي مسيبه أعصابي دي يالا.
أبتعد عنها يقول : لأ همشي أحسن أنا بقيت أخاف على نفسي منك .
ابتعدت ترفع حاجبها منه بغيظ ثم قالت : بقا كده ، خلاص نرجع للسيستم القديم.
فقال بخوف و لهفه : لا و النبي ده انا ما صدقت ، أنا غلطان ،معقول هتاخدي على كلامي.
هزت كتفها بدلال و هي تغادر مردده : أيوه كده اتظبط ، سلام .
تابعها هارون بأنظاره يردد : سلام يا مهلبيه قلبي .
ألقت له قبله في الهواء فقال : ما أنت كمان ما بحبش البوس على الهوى.
قالت قبلما تختفي : امشي يا هارون .
سحب نفس عميق مليئ بالسعادة التي تضيفها غنوة على حياته بقوه ثم تحرك يعود لسيارته يحركها ليغادر .
5
_____________________
ترجل من سيارته يغلق أزرار معطفه و يدلف للداخل في ثقة و ثبات يتقدم من مكتب ماجد
وقف ماجد يحاول كظم غيظه يمد يده بالسلام مرددا بابتسامة مجاملة: أهلا مستر فلاديمير .
فلاديمير : أهلاً ماجد .
ماجد : تحب تشرب إيه ؟ قهوة.
فلاديمير : شربات ماجد ، شربات .
ماجد : وات
أبتسم فلاديمير بسماحة و قال : إيه ؟ مش عندكم هنا في الأفراح بتشربوا شربات .
صك ماجد أسنانه خفية و شال: هو في فرح دلوقتي و لا حاجة ؟
فلاديمير: هممم، واضح اني عشان سيبتك تاخد وقتك نسيت ، ايوه في حبيبي ، جوازي من فيروزتي .

سحب ماجد نفس عميق يتحكم في أعصابه قدر المستطاع و هو لا يتحمل إضافة ياء الملكية الخاصة بفيروز تعود على رجل آخر غيره ثم قال: لأ ما نستش ، بس ... هتعمل ايه في الأوراق و انت مش من ديانتها ، بالأساس عيلة الدهبي مش هتوافق تتمم الجوازه من غير دين كده .
ضحك فلاديمير و قال : انت بتنسى ليه حبيبي ماجد ، أوعى تكون بتحب جديد ، أوعى .
صمت كل منهما ينظران لبعض ليضحك ماجد مردداً : شكلي كده فعلاً.
أبتسم فلاديمير ، كان يعلم أن ماجد رجل لا يستهان به و قال: كنت عارف إنك شخص غير عادي ، مش بقولك اصطفيتك ، أنت هتكون زعيم كبير ماجد و مش بعيد ييجي يوم تكون فيه مكاني .
ضحك ماجد ساخراً و هو يهز كرسيه و ردد : معقول ، بتقول إن إلي يمسك شغلكم ده ماينفعش يبطل او يعتزل .
عاد فلاديمير يفرد ظهره للخلف و يضع قدماً فوق الأخرى ثم قال : طالما أنت هتترقى يبقى أنا كمان هترقى حبيبي ، الحياه و الشغل درجات ، و يوم ما انت تاخد مكاني هكون أنا زعيم العالم كله فهمت .
همهم ماجد بصمت فيبتسم فلاديمير مردداً : ساعتها هكون أنا واخد أجازة طويله و أروح جزيرتي إلي مافيهاش أي حد ، اشتريتها عشان تبقى ليا أنا و فيروزه و بس .
ضم ماجد قبضة يده و هو لا يستطيع تحمل الحديث و تخيلات هذا الوغد عن حبيته فيروز ، أبتسم فلاديمير و هو يلاحظ كل ذلك و يمثل التغافل ثم قال : و لو موضوع الديانه هو إلي شاغلك أوي كده ف ماتقلقش أنا عرفت نفسي لمصطفى جد فيروز على أني مسلم ، و عندي أوراق كتير بجنسيات دول كتير و فيها كذا ديانه يعنى no problem .
صمت ماجد لدقيقة كامله ثم قال : عظيم جداً، تحب الفرح يكون اخر الأسبوع؟
انتبه فلاديمير لنبرة ماجد الثابته و نظر له بتوجس و بقى صامت دقيقه يحاول قراؤة افكاره لكن ماجد كان متخذ لوضع الجوكر كي لا تقرأ أفكاره من أعظم خبير للغة الجسد فلم يتمكن فلاديمير من قراؤة أي شيء لكن القاعدة الأساسية في لغة الجسد أن من يتخذ تلك الوضعية فهو يخبئ خلفه كارثه .
لذا وقف فلاديمير بجسد متأهب و قال: آخر الأسبوع ، موافق .
مد يده يصافح ماجد الذي قال : و أنا كمان ، نورت .
خرج فلاديمير من عنده و عقله يعمل في كل الاتجاهات لكن إصطدم كتفه بكتف صلب ، رفع رأسه يرى من يواجهه ليبتسم مردداً : هارون الصواف ، اهلاً و سهلاً.
جعد هارون ما بين حاجبيه ينظر لهذا المجهول ثم ينظر داخل المكتب المفتوح على ماجد و سأله: الباشا يعرفني.
أبتسم فلاديمير إبتسامة مخيفه ثم قال : عز المعرفه ، ده أنت كنت هتبقى مكان ماجد ، لولا عيار النار إلي أخدته قدام المطعم .
أستغرب هارون كثيراً ، من هذا و من أين يعلم بتفاصيل ذلك اليوم ، هل يعرف غنوة و مخططاتها .
و ما أن إلتف حتى يستفير عن كل ما يريد لم يجده بل لم يكن له أي أثر.
دلف لعند ماجد يسأل : مين ده ؟ و عايز منك إيه و لا يعرفني منين ؟ ويعرف غنوة منين ؟
لم ينظر له ماجد و إنما عينه على نقطة وهمية يسأل : ايه إلي جابك.
هارون : جاي لصاحبي .
ماجد: مابقيناش صحاب خلاص ، أنت ناسي إلي عملته فيا .
نظر هارون أرضاً و قال بخزي : عندك حق ، كنت غلطان ، بس بردو دي أول غلطة ليا معاك ، لو إلي بينا كبير يبقى لازم تعديها.
ماجد بجمود : مش كل الغلط بيتعدى .
تنهد هارون بحزن ثم قال : حتى لو أعتذرت لك و قولت لك حقك عليا يا صاحبي .
1
نظر له ماجد لثواني و لم يتحمل المزيد ، وقف عن مكتبه سريعاً يلقي نفسه في أحضان صديقه مردداً : زعلان منك أوي يا صاحبي ، ليه سبتني للدنيا تلطش فيا و تستفرد بيا ، كنت محتاج لك.
ارتعب هارون من طريقة ماجد في الحديث و ذلك الضعف البادي عليه ، لم يكن هكذا يوماً.
هتف فيه بحده : مالك يالا ، ايه الى حصل ، فيك إيه ، من امتى و انت ضعيف كده .
إلتف ماجد يحاول الوصول لكرسيه ليلقي بجسده المنهك عليه ثم قال : هتحمل أي حاجة في الدنيا يا هارون إلا فيروز ، إلا فيروز يا هارون دي روحي إلي ما صدقت لاقيتها ، مش هقدر أتحمل و مش عارف هقدر أنفذ إلي بخطط له و لا لأ.
زاد قلق هارون و سأله : هو في أيه ، ايه الى حصل في الفتره إلي فاتت و أنا مش عارفه و ايه عرف الراجل ده بموضوع ضرب النار إلي كان في المطعم.
أسبل ماجد جفناه بتعب ثم بدأ يسرد على صديقه تفاصيل الشهران الماضيان و ما سبقهم من أحداث تتعلق به و بمختار .
______________________
لثاني يوم على التوالي و هي أمامه كالفاكهه المحرمه لا يتسطيع الإقتراب منها أو محادثتها ، رغبه بربرية همجية تجتاحه و هي أمامه قريبه بعيده هكذا يوم لو يضمها لأحضانه حتى تتكسر عظامها داخل أضلعه ، لكنه قد سبق و حاول و هي سبق و ابتعدت مختفيه تماماً.
لم يكن أمامه سوى أسوء الحلول و هو أن تبقى أمام عيناه يشبعهم منها حتى لو لن يستطع الإقتراب.
ظل يراقبها من بعيد و هو مسحور تماماً بجمالها الخلاب عيناه ترتكز في كثير من الأحيان على شفتيها و كوب العصير الذي ترتشف منه على مهل بينما تنظر للأمواج بشرود .

هو يظنها شارده و هي بعيده عن ذلك تمام هي فقط تحاول تلاشي النظر لعيناه ، فكلما نظرت له تهاجمها كل ذكرياتها القديمه من زمن بعيد و اوقاتهما معا في الأيام القليلة الأخيرة و كل منهما على النقيض تماماً فيصنع داخلها صراع مرير .
كل ذلك تراقبه كلارا عن كسب ، تقترب منه حتى جلست بجواره ملتصقه به تتمسح فيه بدلال مردده : كنت عارفه إنها مجرد علاقة مؤقته زيها زي كتير غيرها و هترجع لي تاني يا ضياء ، و ساعتها تتأكد أن مافيش حد بيفهك غيري .
نظر لها ضياء بصمت و لم يعلق ثواني و أبتسم و هو يشعر بتغير ملامح چيچي تنظر لهم بغضب صم تبعد عيناها عنهم.
تزداد سعادته أضعاف و هو يستشعر غيرتها عليه لكن لم يدم ذلك و انقلب عليه و هو يرى رائف صديقه يقترب منها و يجلس لجوارها و هو يبتسم لتشتعل النيران داخله .
ظل يهز في قدميه و هو يراها تبتسم له تستمع له بإهتمام شديد .
و هي تبتسم بخبث تعلم أنه يتابعها لكن جذبها حديث رائف الذي سأل مباشرة: إيه إلي بينك و بين ضياء ، أنتو مع بعض ؟
جعدت ما بين حاجبيها و كأن جملته كانت سبة نابيه و سألت : مع بعض إزاي يعني.
غمز لها بوقاحة ثم قال : يعني زي كلارا كده.
وقفت عن مقعدها تقول: أنا مش زي حد و ما حدش زيي .
انتبه ضياء على وقوقفها و تحدثها بحده مع رائف ، أبعد كلارا عنه ليركز فيما يحدث لكنه هم عن مقعده بسرعه و غضب و هو يرى رائف يقترب منها محاولا مسك يدها ثم قال : أهدي بس انا بسأل سؤال عادي و...
كاد ضياء أن يتحرك كي يكسر عظام صديقه لكن توقف و هو يرى چيجي تدفعه بعيدا عنها حتى كاد أن يسقط لولا سطح الطاولة من خلفه.
هرولت مبتعدة تتجه للمصعد و منه للطابق الخامس حيث غرفتها ، تفاجئت بضياء من خلفها يناديها : چيچي .
أسرعت في خطواتها كي تختفي داخل غرفتها لكنه تمكن من اللحاق بها و قبض على ذراعها حتى التفت له فقال : بتهربي مني ليه .
جاوبته بحده من بين أسنانها : أنا مش بهرب من حد ، أنت الي جاي ورايا ليه ؟ روح لكلارا بدل ما تبرد .
أقترب منها حتى أنعدمت المسافات و سأل : بتغيري عليا يا روحي .
أتسعت عيناها بصدمه و هي تبحث بداخلها عن الإجابة التي لو أنكرتها أمامه فلن تستطيع نكرانها  أمام نفسها.
تركته بهدوء و لم تجيبه و أنسحبت لغرفتها تغلق الباب تستند عليه و هي صامته تماماً لتتواجه مع صديقتها التي سألت : بقيتي تغيري يا تقى ؟ حبتيه ؟
_______________________
وصل للبيت و هو مثقل بالهموم يرغب فى إلقاء من نفسه داخل أحضان غنوته ، وقف ليخرج مفتاح الباب من سرواله و هو يهاتفها إلى أن جاوبت أخيراً : ألو ، أنتي فين يا غنوة ، موبايلك مقفول كمان مش المفروض شغلك عند لمى خلص .
جاوبته غنوة بحده : و مش كان المفروض تيجي النهاردة تتكلم معاها .
تنهد هارون قائلاً : ماعلش يا حبيبتي ، حصل حاجات شقلبت يومي و تفكيري لازم تيجي عشان أحكي لك ، أنا محتاجك أوي.
غنوة : أنا في الشغل بتاعي دلوقتي ، خلاص بخلص كام حاجه و جايه في بكره إيڤنت مهم .
تنهد مجددا بتعب و هو يغلق باب البيت خلفه و يدلف للداخل مرددا : ماشي يا حبيبي ، بس ما تتأخريش عليا.
أغلق معها الهاتف و تقدم للداخل كي يصعد الدرج لكنه إستمع لصوت تأوه قادم من إحدى الارائك خلفه
عاد للخلف خطوتين ليرى عمه متمدد على الأريكة ، أتسعت عيناه أولا ثم حاول كبت ضحكته و هو يرى وجه عمه الممتلئ بالكدمات علاوه على يده المجبره .
و سأل : إيه يا كظ كظ ، ايه الى حصللك.
وضع يده على إحدى الكدمات فى وجه كاظم ليتأوه كاظم: أاااه.. هااح.
+
ضحك هارون مجددا و سأل: مين عمل فيك كده.
كاظم: كل ده عشان قولت لها اديني حبة حنان .
ضحك هارون بقوه و قال: ههههههههه قامت مدياك .
حاول قدر المستطاع كبت ضحكاته لكنه لم يستطع و انفجر ضاحكاً حتى معت عيناه .
بينما كاظم ينظر له شذراً ثم قال: بتضحك على عمك يا واطي ، طول عمرك واطي أوي.
هارون : بعض مما عندكم يا عمي ، أنا مش مصدق نفسي بجد ، بقا معقول كاظم الصواف زير النسا و منبع المليطة يحصل فيه كده ؟ تبقى دي نهايته ؟ صحيح يا ولاد ، الحجر الداير لابد من لاطه
وقف كاظم مترنحاً و هو يردد : طب حاسب بقا عشان الدور عليك ، أنا حاسس أنهم هيفضلوا ورانا لحد ما يجيبوا أجلنا .
زم هارون شفتيه مستنكراً و سأل: ده على أساس أنها هي إلي كانت بتجري وراك ، يا عمي ... يا عمي قول كلام غير ده ، ده انا إبن اخوك يعني ستر و غطا عليك .
تأوه كاظم متألما ثم قال : طب لعلمك بقا هي عينها مني ، أيوه أسألني أنا ، يتمنعنن و هن الراغبات ، تحب احلف لك
ضحك هارون و قال بينما  إصبعه على كدمات عمه : يا راجل من غير ما تحلف ده حتى باين على وشك .
8
نظر له كاظم بجانب عينه و قال ساخراً : إلي يشوفك يقول الواد الفيت الي ما فيش منه ، أمال لو ماكنتش مسوياك على الجنبين زي الرنجاية كنت عملت فينا إيه .
أتسعت عينا هارون بصدمه يردد : رنجاية ؟ أنا رنجاية ؟
11
كاظم : بصراحه أه ، أنا مش عايز اقولك من زمان بس بصراحه بقا هي دي الحقيقة و شكلك بقا وحش أوي ، فين هارون ، الباد بوي إلي لا عنده ذمة و لا مبدأ ، كان يخلص أي حاجة عايزها في مينت ، من ساعة ما قلبك بقا قلب خساية و أنت مش عاجبني خالص .
تحرك كاظم متأوها يصعد الدرج واحده بأخرى حتى وصل لغرفته تاركاً هارون خلفه و قد اخترق الكلام عقله ، بالفعل تلك لم تكن أبدا شخصيته ، لقد تغير كثيراً مع غنوة ، ربما هو مجبر على ذلك ، أجبره عشقه لها .
أنتبه على صوت اشجان و سيل من السباب النابي قادم من اعلى ثم هبوط كاظم الدرج و هو يتأوه بخفوت يردد: الخلوقه المحترمه ، رفضت بكل أدب ، لسانها ده مايعرفش العيبه ، بقولك ايه خلي حد ينضف لي اوضة من الأوض المقفوله .
نظر له هارون بجانب عينه ثم ترك له المكان و دلف لغرفة مكتبه يعيد حساباته من جديد .
____________________
خرجت نور من آخر محاضراتها ، اليوم كان طويل و مرهق إلى حد كبير .
جلست على أول درجة من درجات السلم الرخامي أمام كليتها تنتظر مرور زينب أو يوسف ، أي منهما أولاً ، كان الإجهاد قد تمكن منها علاوة على ألم أسنانها و الذي أصبح شبه يومي فلم تكن بمزاج جيد أو حتى صحه جيده ، لذا التزمت الصمت و جلست بعيداً عن باقى زملائها المجتمعين في حلقة كبيره حول بعضهم .
و اتكئت برأسها على ذراعيها تدفن وجهها بهم من شدة الإرهاق .
ثواني و رفعت رأسها أثر الصوت الصاخب القادم من عندهم كانوا يهللون بسبب شيئ ما .

و الملفت للنظر هو إحتفائهم بشخص واحد ، ضيقت عيناها تركز لتفطن هويته ، و من غيره معذب قلب فتيات جامعة القاهرة عامة و كلية حاسبات ومعلومات خاصة .
تتذكر الصور و الفيديوهات الطريفه التي قضت الليل كله تشاهدها لهم على مجموعة الكلية و كان هو تقريبا بطل كل هذه الفيديوهات بسبب إلتفاف الكل حوله.
تنهدت بتعب و عادت لتدفن رأسها بين ذراعيها ، متى يأتي يوسف و يأخذها للبيت هي فعلاً مرهقه جدا،  لتشعر بعد أقل من دقيقه بشخص يجلس لجوارها .
رفعت وجهها لتعرف من ، توقعتها زينب لكنها صدمت به ، ترك كل المتجمعين حوله و جاء لعندها .
إنه سامر المصري ، و قد جاءها بقدميه .
6
تنظر له بتفاجئ و هو فقط يركز بنظره على عيناها البنيه و الصمت هو الشيء المتبادل بينهما إلي أن أبتسم بعذوبة و قال : أعملك إيه ، ماكنش ينفع معاكي غير كده.
هزت رأسها بجنون ، ماذا يقصد عنما يتحدث ، أبتسم مجددا بثقة ثم قال : طول الوقت بنبص لبعض أنا ابص لك و أنتي تبصي لي و ما فيش حد فينا عنده الاستعداد يبادر هو ، فقولت مابدهاش بقا ، أجي أنا و اتعرف عليكي .
3
جعدت ما بين حاجبيها و لم يعجبها حديثه رغم أنها بينها و بين حالها تعلم أنه صحيح لكنها قالت : بنبص لبعض ؟ فين ده ، أنا دي تاني مره أشوفك بس .
رفع أحدي حاجبيه و قال: أمممم ، معقول أنا كل ده بيتهيئلي ، أكيد أنا مش بالعبط ده ، بس بصراحة أنا كنت مستني تعملي زي كل البنات و تيجي أنتي تكلميني لكن ما عملتيش كده ، يمكن ده الي شدني ليكي أكتر.
انزعجت جدا من غطرسته في الكلام ،تغير انطباعها عنه من الإنجذاب للنفور فوقفت تردد : واضح انك واخد مقلب كبير في نفسك ،  مش عارفه أنت جايب الثقه دي منين ، و على فكره أنا أه كنت باخد بالي منك و بشوف ناس كتير حواليك و ده خلاني افتكر انك شخص واو و كده ، بس بعد أول كلمتين منك عرفت أن المظاهر خداعة .
تركت له المكان و غادرت سريعاً بغضب ، لأول مرة يقلل أحدهم من شأنها هكذا كما فعل .
تجلى الضيق على وجهه و هو يراها تغادر غاضبه منه فاقترب منه أحد أصدقائه مرددا: غلط ، الداخله كانت غلط ، طيرت البت ، منك لله .
نظر سامر عليها و هى مازالت تسير في الحرم الجامعي مغادرة بغضب و قال : أعمل ايه بقا ، أول ما بصيت لها فيس تو فيس و عيني جت في عينها اتلغبط ، هموت عليها.
هز صديقه رأسه و قال بيأس : خلاص خلاص ، فكك .
أتسعت عينا سامر و قال بإصرار : لأ ، أنا هحاول تاني ، و أكيد هعرف اصلح إلي حصل.
نظر لصديقه ينتظر تأكيده على ما يقول لكن صديقه قال : ما اظنش ، الإنطباعات الاولى تدوم ، و عاملي فيها فتك و مدوب البنات ، أتحرك قدامي أتحرك .
__________________
وقف بسيارته في مكان على الطريق الصحراوي ،خالي تمام ، ظل لدقائق داخل السيارة ينتظر إلى أن تقدمت سياره أخرى و قلبت نور كشافاتها لثلاث مرات متتاليه و فعل هو كذلك .
على ما يبدو أنها علامة تم الإتفاق عليها بينهما لذا اطمئن قلبه و ترجل من سيارته و فعل نظيره بالمقابل .
حتى تواجها في الظلام الذي لا يكسره سوى ضوء كشافات السيارتين .
نظر ماجد للماثل أمامه بغضب ثم قال بلكنة أجنبية: هل ستقدر هذه المره أم أنها مجرد محاولة فاشله أخري.
زم الرجل شفتيه بغيظ و قال : لن يحدث ، فتلك المره نفذت لأجل المال الذي تقاسمته مع صديقي ، صديقي الذي قتله ذلك الوغد في أقل من ثانية ، هذه المره مختلفة ، فهي مسألة ثأر ، يجب أن يقتل كما قتل صديقي .
زم ماجد شفتيه بتوجس و قال : أتمنى ذلك .
تحرك ناحية سيارته و اخرج منها حقيبه سوداء ، ناولها للرجل الآخر ثم قال : بتلك الحقيبه نص المبلغ المتفق عليه و النصف الآخر ما أن أرى رأس فلاديمير ، يجب ألا يخرج حيا خارج مصر ، هو من قدم لمصر بقدميه خلفي لذا سأنشئ له قبر بها ، هل فهمت .
هز الرجل رأسه و الغل في عينه لم يقل كثيرا عن ماجد الذي تحرك سريعاً يغادر ذلك المكان و كذلك فعل الأخر .
عاد للبيت بخطى ثقيله متعبه ، و مثلما يفعل كل مره ذهب لغرفتها أولاً .
فتح الباب لتتسع عيناه و يتوقف عقله عن العمل و هو يراها تقف في منتصف الغرفه متخصره بشال من الحرير تتمايل في كل الاتجاهات على أنغام موسيقي شرقيه .
التهبت كل حواسه و تخشب جسده ، كانت مغوية لدرجة العذاب .
شهقت بخفوت و هي تشعر بأحدهم يقترب منها حتى التقص ظهره بظهرها يوقف حركة خصرها السائل و الذي يتمايل مع أنغام الموسيقى يمينا و شمالا.
أغمضت عيناها مبتسمه و قد تعرفت عليه ، و من غيره قد يفعلها.
ليردد بصوت متعب: بتعملي إيه الله يخربيتك ، هو انا ناقص .
أبتسمت و قالت : برقص ، أنا بحب الرقص أوي، مافيش حاجه بتغيرلي مودي غيره .
ماجد: و تجلطيني أنا ، روحي اقلعي البتاع ده ، أنا دقيقه كمان و هفقد أعصابي .
التفت له تنظر لعيناه ثم قالت بعبث : ليه ماله ؟
ملس بأصابعه الغليظه على شفتيها و ردد بصوت ملتهب النبرات : حلو ، أوي ، أنتي أصلا لوحدك مجنناني ، و كمان تلبسي كده عايزه تعملي فيا إيه ؟ روحي غيري .
رفعت إحدى حاجبيها و قالت بعناد متلذذه : لأ .
اقترب منها يلف خصرها بذراعيه القويه ثم قال : و لما ما اقدرش أمسك نفسي يبقى ساعتها ايه العمل
قال جملته الاخيره بأعين مظلمه من رغبته الجارفه و على ما يبدو أن طاقة تحكمه في نفسه قد استنفذت
و بدأ يمد يده بأنفاس لاهسه غرضه فتح ازرار قميصها الوردي .
فشهقت بهلع تبتعد عنه مردده : أنت بتعمل ايه يا ماجد!
أهمل كلماتها ، بل على ما يبدو انه لم يستمع لها من الأساس و قربها إليه بإصرار يقول بأعين مظلمه : تعالي يا فيروز .
ابتعدت عنه أكثر حتى اصطدمت بالجدار من خلفها و قالت : أنت أنجننت يا ماجد ، مش كفاية الي حصل قبل كده.
و أخيراً استفاق على نفسه يسمح على شعراته بجنون يتنفس بوتيرة سريعة و عاليه يحاول ملاحقة أنفاسه ثم قال : أعمل فيكي ايه بس جننتيني بجمالك و دلعك ، قولت لك غيري لبسك ده عايز أخرج بيكي من هنا من قبل ما حد يحس أو يعرف بحكايتي معاكي .
جعدت ما بين حاجبيها و اعتدلت في وقفتها بأنتباه تسأل : يعنى ايه؟ و تخرج بيا إزاي!و على فين ؟
بلل شفتيه و قد جف حلقه من هيئتها المهلكه لأعصابه و قال: و أنا هعرف أكلمك و أنتي كده  ، أنا مش عارف أمسك نفسي قدامك ، عشر دقايق تغيري و تجيلي على اوضتي .
هم ليتحرك لكنه توقف و قال : و لا لأ ، اوضتي لأ ، أنا بردو مش ضامن نفسي ، تعالي لي تحت في الجنينه أوكي.
هزت رأسها إيجاباً و تحركت سريعاً كي تلحق به .
بعد القليل الدقائق خرجت إليه في الحديقه الكبيره و الفارغه تماماً من أي شيء فقط نجيله طبيعيه خضراء تكسو رقعه كبيره من الأرض تسبق بحيره صناعيه خاصه بقصر عائلة الذهبي .
إلتف إليها و قد سبقها لعنده عطرها يراها و هي تتقدم في ثوب كريمي فضفاض ، تباً لها حتى لو أرتدت شوال من الخيش تظل جميلة و مغريه .
صورتها و هي بذلك الرداء الوردي مع حزام الخصر لا يبارح مخيلته مطلقاً.
حاول هز رأسه  لينفض تلك الأفكار على الأقل مؤقتاً حتى ينفذ مع سعى له و خطط .
توقفت أمامه تقول بابتسامة عابثه و كأنها قد أقسمت على إرهاق أعصابه : كده كويس ؟
مد يده يجلسها لجواره ثم سألها مباشرة: فيروز أنتي بتحبيني ؟
تلعثمت في الرد ، لقد باغتها بسؤاله ، بللت شفتيها و هي تبحث عن الإجابة و قد تجلت الحيره على ملامحها فقال: قولي إلي حساه حتى لو مش مفهوم ، أنا اكتر حد هيفهمك لأني أكتر حد عاش الشعور و عكسه .
ابتلعت رمقها و حاولت البدء في الحديث للتعبير عن نفسها : أنا بحس انك بتوحشني ، و لما بتخرج ببقى عايزه اتطمن عليك و إنت بتحبني أوي.
ماجد : يعني وافقتي تبقي معايا عشان بحبك ؟ أنتي لأ ؟
رفعت عيناها الرصاصيه له و قالت : ماجد أنت تخوف ، أنا أخاف أحبك ، أنا حتى أخاف اتجوزك .
احتدت عيناه و قبض على معصميها يهزها بغضب مردداً : يعني إيه أخاف اتجوزك ،انتي مش من يومين بالظبط وافقتي ،و قربنا من بعض ، كل ده كان إيه ؟
حاولت الإبتعاد عنه و قد دب الرعب داخلها تردد : شوفت ، هو ده اللي أنا بتكلم فيه ، مجرد كلامي معاك عن إن ممكن أرجع في كلامي خلاك أتحولت لشخص تاني ، شخص بيخوفني ، و أنت هو هو نفس الشخص الي مم ثواني قالي أتكلمي بالي جواكي و أنا هفهمك ، من كلمة كل ده اتبخر .
رد عليها بقلب ملتاع : عايزاني أعمل ايه و أنتي بتقولي انك رجعتي في كلامك ، جوازك مني حاجه مافيها كلام يا فيروز ، أنتي بتاعتي و هتفضلي بتاعتي .
فيروز: أهو شوفت ، هو ده بالظبط ، كلامك بيخوفني بيحسسني إني أسيره ليك ، ده غير غيرتك إلي مش عاديه و شكك فيا ، أنا لسه فاكره إلي أنت عملته كويس اوي و ما نستش .
هتف فيها بحده : ما هو من غيرتي عليكي ، أعمل ايه ، بحبك و مجنون بيكي أنتي كمان لازم تقدري قلبي و إحساسي إلي بعيشه لو شوفت حد مقرب منك ، و تعرفي إنه إحساس وحش أوي ، لا يحتمل فتتجني إنك تعرضيني ليه ، هو أنا لو شخص غيور و ربنا خالقني كده هيبقى الحل معايا إيه ؟ انك تسبيني عشان أموت في بعدك و لا تحترمي مشاعري
صمتت بحيره لا تعلم هل معه الصواب أم عليه ، تنهد بتعب يمسح شعره الكثيف ثم قال : يا فيروز  أنا بعشقك ، كل حاجة ممكن يكون ليها حل ، بس و إحنا مع بعض .
صمت لثواني ثم أكمل : و أنتي هتيجي معايا.
قال تلك الجمله بتأكيد و إقرار ،  لا يتناقش بل قد قرر و هو الآن يخبرها فقط .
نظرت له بغضب ثم قالت: قررت يعني زغ بتعرفني .
ماجد : فيروز أنتي بتاعتي و كده و لا كده أنا كنت هاخدك و أنا ماشي.
هتفت بقوه : مالك بتتكلم عني كده كأني شنطة هدومك .
أبتسم لها يردد : لأ ، أنتي حياتي ، مش هينفع أمشي من غيرك .
نظرت له بتيه لا تعلم ماذا تقول لكنها عادت تسأل : أنت عمال تقول ماشي ماشي و هاخدك و أنا ماشي ، أنا مش فاهمه حاجه ، ماشي فين و قصدك إيه ؟
ماجد : عيلة الدهبي مش هيعدوا الموضوع ده بالساهل ،إنسي كل الكلام اللي قولتيه لفريال ،انا سبتيك تقوليه عشان تخوفيها بس لكن هو مش حقيقي و مش هيتقبوا الموضوع و أن حصل و اتقبلوه فمستحيل يسيبوني أتجوزك يا فيروز ، عشان كده لازم نهرب من هنا .
شهقت بصدمه فأكمل  : نمشي عادي كأني واخد أختي الصغيرة أفسحها و نسافر بعيد و نتجوز و نخلص من كل الهم ده.
كانت تستمع له و هى متخبطه مصدومة ، و الأفكار تتوافد على عقلها ، بداخلها الكثير من الأسئلة و أولها : طب و العيلة هنا .
ماجد: أنتي مستنيه منهم حاجه.
فيروز : ايوه أنا....
قاطعها قائلا: أنا عندي إلي يعيشنا ملوك إحنا و ولاد ولادنا و خلاص سايلت كل الأصول و بعت كل حاجه و حولت الفلوس النهاردة على بره و إحنا هنحصلهم بكره .
شهقت بقلق تضع يدها على فمها مردده : بكره ؟
ماجد : أيوه مافيش وقت ، فلاديمير عايز يتجوزك أخر الأسبوع.
زاد الرعب داخلها و الأفكار تتزاحم و تتداخل لحد التعاقد و التشابك فتسأل : طب ،طب و الراجل ده صحيح هو و عصابته هتعمل معاه إيه ؟
ماجد : لازم نخرج برا مصر الأول بطياره خاصه هتجيلنا هنا على سطح البيت الساعه أربعة العصر ، هيكون مافيش حد هنا و لا حتى الخدم ، مش هينفع ناخد الطياره من أى مكان تاني لأنه مراقبنا.
ابتلعت رمقها بخوف و سألت: و افرض حصل زي المره الى فاتت ؟
ماجد : الغلطة دي عندي كان لازم قطع الراس الكبيرة من الأول ، قبل ما تتحرك بينا الطياره هيكون فلاديمير سافر للي خلقه و ساعتها بقا يبقى يعرف أن كان ابن الطبيعه و لا لأ.
أتسعت عيناها برعب و قد صدمت فيه تسأل: هتقتله ؟
نظر لها بغضب بسبب غبائها ثم قال ساخراً : لأ إزاي ، أسيبه هو يقتلني ، أصحي يا فيروز ده واحد القتل عنده زي صباح الخير عندنا .. يعني قتله شويه عليه
رفرفت بأهدابها  متلعثمه و متخبطه لكنه لم يعطيها فرصتها و قال: تطلعي دلوقتي على اوضتك و ما تخرجيش منها ،ما تخافيش أنا مأمن البيت هنا كويس جداً ، معادنا بكره أربعه إلا عشره ،فاهمه يا فيروز.
كانت تستمع له بصمت و تيه فقال مجددا : فاهمه ؟
هزت رأسها إيجاباً و تحركت سريعاً لغرفتها تشعر بالخوف و الهلع قلبها غير مطمئن إطلاقاً.
4
_________________
ظل بمكانه لفترة طويلة ينتظرها إلي أن ضاق صدره ، فهاتفها و قد تمكن الضيق منه.
لتجاوبه بعد عدة مرات من الاتصال : حبيبي ، وحشتني.
لكنه كان في أعلى درجات غضبه فسألها بجمود : أنتي فين يا غنوة ؟
غنوة: مالك يا حبيبي ؟
هارون: بسألك سؤال أنتي فين كل ده ؟ أنا بقالي فوق التلات ساعات مستنيكي .
غنوة: أنا خلاص في التاكسي و قربت على البيت .
هارون : تمام مستنيكي ، أنا في المكتب .
ثم أغلق الهاتف منزعجاً و عاد برأسه للخلف بضع دقائق ينتظرها إلى أن فتح الباب و دلفت لعنده تقف متسائله بأستنكار : مالك يا هارون ؟
نظر لها نظره شمولية من قدميها حتى رأسها ثم قال : تعالي عندي .
نظرت له بريبة ، بالفعل نظراته و طريقة كلامه كانت مريبة فسألت : فيك إيه يا هارون ، مالك ؟
فقال بأمر : قربي .
ظلت صامته لا تتحرك او تتكلم فقال بشبه إستنكار و سخريه : تعالي أحضنيني ، إيه ؟! مش عايزه تسمعي دقات قلب أبوكي ؟
ألقى جملته عليها و هو يراقب عن كثب كل الانفعالات المتداخله و التي مرت على عيناها و ملامحها ، تألم قلبه قليلاً ثم قال : تعالي .
أخذت تقترب بخطوات متردده و مشاعر غير مفسرة حتى ما عاد هناك مسافة تفصل بين جسديهما تنظر لعيناه و هو ينظر بعيناها التي يلاحظ إنحدارها من النظر لعيناه و تستقر على أيسره النابض بالحياة .
لم يطلب منها مجدداً و كأنه لن يطلب مجدداً أي شيء بل سينفذ.
فقد جذبها من ذراعها و ضمها له حتي أعتصر عظامها داخل أحضانه و هي تتأوه بخفوت ، أغمض عيناه مستلذ ثم قال و شفتاه قريبه من أذنها : إحنا كتب كتابنا بكره ، مبروك يا حبيبتي .
ابتعدت عنه متفاجئة لكنه لم يفلتها و حافظ عليها بين ذراعيه يسأل : إيه ؟ مش موافقة ؟
كانت متوترة لدرجة كبيره و واضحه فقالت : لأ طبعاً موافقه ، بس ...
قاطعها بصرامة : بس إيه ؟ هتقولي شغلك ، شغلك مع لمى بيخلص الساعه خمسه ، نخلي كتب الكتاب سته و أنا تاني يوم من كتب الكتاب هكون مخلص معاها موضوع الشرط الجزائي ده و هي مش هتقدر تنتطق .
غنوة : طب و شغلي الخاص ، ما انت عارف إني شغاله على إيڤنت مهم و هو أول إيڤنت لشركتي .
رفع أحدي حاجبيه و قال : كتب الكتاب مش هياخد ساعه او ساعه و نص بالكتير عشان نحتفل مع صحابنا ، تقدري بعدها تعملي الي أنتي عايزاه ، نكتب الكتاب و بعد الإيڤنت بتاعك نعمل فرح كبير.
نظرت له بتشوش و هو يدقق النظر لها ، يقرأ بتفحص كل ردود أفعالها فقال : أعزمي إلي حابه تعزميه ، ما عدا ماجد و فيروز عشان هيسافروا بكره .
غنوة: ليه ؟
هارون : دي قصه طويله .
صمت لثواني ثم ضحك ساخراً و قال : فاكره يوم ما أجرتي حد يضربني بالنار قدام المطعم إلي جيت أقابلك فيه ؟
تنهدت بتعب ثم قالت : إيه اللي فكرك ؟
هارون: لولا ضرب النار ده كان زماني أنا مكان ماجد في الورطه إلي هو فيها ، دخولي للمستشفى عطل كل حاجه.
هزت رأسها بتشوش و قالت: أنا مش فاهمه حاجه .
سحب نفس عميق ثم قال : بكره هحكي لك كل حاجه ، بكره نبدأ عهد جديد مع بس المره دي و إحنا متجوزين عند مأذون مش بورقه زي ما كنتي بتقولي.
نظرت له بأعين لامعه و حاولت الإعتراض : بس انا كنت مخططه إن يوم كتب كتابي يبقى بترتيبات معينه و ما حصلتش أنا اشطر ويدنج بلانر في مصر مش معقول كتب كتابي يعدي عادي كده ، لازم يبقى ترند .
نظر لها و قد بدأ الضيق و الشك يتمكنا من قلبه ناحيتها ثم قال : ماعلش ، تتعوض في الفرح إن شاء الله.
انهى حديثه بابتسامة مجامله ثم قال: كتب كتابنا بكره الساعه سته و مافيش كلام تاني غير ده يا غنوة .
هزت رأسها بتفهم ثم أقتربت منه تحتضنه ، مرمغت رأسها في صدره تستمع لدقات قلب والدها لتبتسم باتساع ثم قالت: موافقة يا قلب غنوة .
ضمها له أكثر  و هو يتنهد بتعب لا يعلم هل يغمض عيناه براحه أخيراً أم ماذا ؟
________________________
جلست تراقبه من بعيد تبتسم بين الحين والآخر و هي تراه يجلس عينه لا تفارقها و لا حتى يمثل الإنشغال هو يجلس في مكانه يرجو نظره منها فقط .
جلست نادين لجوارها تردد: في فوج كبير هياخد مركب بكره و يرجع على القاهره ، أنا بفكر أرجع معاهم .
نظرت لها تقى بتفاجئ ثم قالت : إيه ده ؟ ايه الى حصل ، مش لسه الرحلة قدامها أسبوعين كمان.
نادين : غصب عني ، بابا تعب .
نظرت تقى ناحية ضياء الذي ما زال ينظر لها ثم قالت مبتسمه : خلاص روحي أنتي ، أنا هكمل الرحلة.
أتسعت عينا نادين بصدمه و قالت : وات ؟ مين إلي بتقول كده ؟ تقى ؟! مش معقول!
تقى : أمال لو قولت لك إلي بفكر فيه
نادين بتوجس : ربنا يستر .. قولي.
صمتت و هي ترى تجعد ملامح ضياء بإنزاعاج شديد ثم انتبهت على جلوس رائف لجوراها يردد : مساء الخير.
تقى: مساء النور.
رائف : أنا جاي أكد عليكم عشان عاملين بارتي صغير في المركب من تحت الساعه سبعه .
نادين: لأ انا مش هحضر لأني هرجع مصر
نظر رائف تجاه تقى باهتمام و سأل : و إنتي يا جيجي ، ضروري تيجي .
استغربت تقى كثيراً من إصراره و قالت : هحاول .
رائف : چيچي ، مافيش هحاول ، عشان خاطري .
نظرت له نادين بحاجب مرفوع و سألت : ليه الإصرار الشديد ده يا رائف .
رائف : ابداً ، بس حسيت أنها حزينه اليومين دول و دايماً قاعده لوحدها .
ضحكت نادين ساخره ثم قالت: و أنت بقا عارف كل حاجه عنها يعني عشان تحس أنها متغيره و بعدين لو كده يبقى من باب اولى تحس بصاحبك ما هو نفس الحال وحيد و لوحده و حزين .
قهقه رائف عاليا ثم قال: مين ده اللي حزين ، ضياء ، دي عمرها ما تحصل ، ضياء مش بيسيب حاجه تحزنه ابداً ، و لو عايز حاجة بيطولها ، هو يجرح بس مش ممكن حد يجرحه ، طب أنتو عارفين أنه بيتكلم أنجلش لبلب بس أي واحدة عايزه تبقى معاه لازم تتكلم بلغته هو مش هو إلي يتكلم بلغتها ، ضياء عاشق للسيطره و عشان كده تلاقي كلارا بتتكلم عربي ، و كلارا دي حكايتها مع ضياء حكاية تانيه خالص ،لو سمعتيها هتصعب عليكي مش هتقولي ضياء قاعد حزين .
رفرفت تقى أهدابها بذهول و قالت : يااااه كل ده جواك ليه ، إلي يشوفكوا يقول صحاب .
رائف: مش موضوعنا دلوقتي ، أنا مستنيكي بكره يا چيچي لأن..
قطع حديثهم  صوت ضياء الغاضب الذي وقف يقبض على ذراع تقى يجذبها ناحيته مردداً : لأن إيه يا رائف ؟
وقف رائف مبتسماً يردد : لأن وجود چيچي في الحفلة مهم أوي بالنسبة لي فيها حاجه دي.
لم يدري ضياء بنفسه إلا و هو يلكم رائف لكمه قويه في فمه مردداً: لو شوفتك قريب منها تاني هنسى إننا كنا في يوم صحاب أصلاً ، فاهم.
تركت تقى لهم المكان و غادرت تمثل الغضب فأسرع خلفها يناديها : چيچي .
لكنها لم تسجيب فتقدم ليوقفها بغضب مردداً : لو شوفتك واقفه معاه تاني أو مع أي راجل مش هيحصل كويس ، أنتي سامعه.
هتفت فيه بحده : و أنت مالك، أنت دلوقتي راجل متجوز ، المفروض توفر مجهوداتك دي ليها .
ضياء : چيچي ، حاولي تفهمي أنا...
قاطعته بحده و إصرار : ضياء مالكش كلام معايا غير لما أشوف ورقة طلاقك غير كده تبقى مش عايزني ، قدامك فرصه أخيره تختار .
هز رأسه مجدداً بأسى : مش هقدر أطلق تقى .
رقص قلبها فرحاً لكنها ارتدت قناع الجمود بصعوبه و إلتفت مغادره تقول: تبقى أنت إلي إختارت ، سلام يا ضياء.
غادرت مهروله يظنها حزينه غاضبه لا يعلم أنها تركض و هي تصرخ من السعادة متجهه لغرفتها .
دلفت بعدها نادين تراها و هي تقلب في خزانتها بأهتمام فسألت : بتعملي إيه ؟
إلتفت لها تقى بأعين سعيده تقول : بحضر مفاجأة.
3
_______________________
توقف يوسف بسيارته أمام الجامعة فتقدمت نور و جلست لجواره فسأل: مالك ؟
ظنت أنها يمكنها التحدث بأريحيه مع أخيها فقالت : في واحد ضايقني و...
بترت عبارتها و هي تراه قد تحول لشخص اخر و قال بتأهب : واحد مين ده و عملك إيه... تعالي شاوريلي عليه.
1
ارتعبت نور و قالت كاذبه ربما تهدئه : لأ ده ورقنا اتبدل مع بعض مش حكاية.
تنهد أخيراً بهدوء ثم قال : ماشي ، لو عمل لك حاجه تانيه عرفيني ، أنا حجزت لك عند هاشم و هوصلك دلوقتي و ابقى أرجع أخد زينب .
نور : أنت لسه مصمم على الراجل ده .
يوسف : ايوه ، يالا .
بعد ساعه تقريبا كانت تستقل المصعد الذي توقف بها أمام العياده الخاصه بالدكتور هاشم ، دلفت للداخل تخبر الممرضه عن أسمها فأخبرتها أنه ينتظرها .
دلفت لعنده و هي تشتم رائحته القويه المميزه جدا جدا تملئ الغرفه و هو يقف بنتظرها ، ينظر لها نفس النظره التى رأتها في عيناه ببيتهم .
6
أتسعت إبتسامته و هو يقول : أخيراً جيتي يا نور ، أنا قولت رجعتي في كلامك ، كنت هيجيلك البيت أنا.
1
نور : لأ أنا خلاص جيت ، شكراً.
نظر للمساعده الخاصه به و قال : أطلعي أنتي برا .
نظرت كل من نور و الممرضه له بأستغراب و سألت : مش هساعدك زي ما بعمل دايما.
هاشم: نور حالة خاصه و أنا إلي هعمل لها كل حاجه لوحدي .
5
استنكرت الممرضة ما يقوله كثيراً لكنها غادرت بهدوء و أغلقت الباب و بقت نور مع هاشم وحدهما و هو يسلط نظره عليها بنفس الإبتسامه .
13
______________________
خرجت نغم من بيتها و هي تتوعد له ، لثالت يوم على التولي و تلك الفتاه تأتي له متحججه بإشتراء الورود .
أي ورد ها ؟ أي ورود و هل هي بلهاء ؟
ذلك المستفز لابد من التصدي له و لجمع الفتيات آلتي على ما يبدو لأول مره يرون رجل أسمر عريض المنكبين لا ينقصه سوى تاج موحد للشمال و الجنوب .
+
أما ببيت يحيى فقد دق جرس الباب فذهبت الخادمخ لتفتح متسائله من؟
ليجيب عليها ذلك الرجل ببشاشه : شكلك لسه جديده مش عارفاني ، ناديلي بس يحيى ،أنا عبد العزيز والد زينب
للآن لم يعودا للبيت مازال يتجول بها في شوارع المدينة.
2
نظرت له بترقب تسأل : يوسف ، أمال فين نور ، مش كان المفروض تيجي معانا ؟
أبتسم بجانب فمه ثم إلتف لها و عيناه تقطر خبث و مكر ثم قال : و تيجي معانا ليه ، ما ينفعش .
زاد إرتباكها فسألت بتلعثم : ليه ؟
توقف بسيارته يصفها على جانب الطريق و قال: عشان هي أختي .
فرحت بداخلها قليلاً و شعرت أنها ها هي قد أتت اللحظه المنتظره فسألت : طب و أنا أيه ؟
كانت تنتظر إجابته بشوق و لهفة ، لهفة فتاة منعدمة الخبرات أمام أستاذ و رئيس قسم .
ليباغتها بصوت قهقهته التي علت فى الأرجاء ثم قرص خدها بيده و هو يحدثها كأنه يحدث قطة : زي أختي .
1
نظرت له بصدمه فزاد من قهقهاته لثواني حتى أبتسم و قال لها : طيب ليه مكلضمه بس كده .
زينب : مافيش .
يوسف : مافيش ؟ اوووه .. مش شايفه أنه لسه بدري على جو مافيش ، ماليش  و ما أنت لو مهتم كنت عرفت لوحدك.
نظرت له زينب بجانب عينها ثم قالت : أنا عايزة أروح.
رفع أحدي حاجبيه بأستنكار ثم ضغط على مقود السيارة كبداية منه في تلبية طلبها ثم قال : أوكي زي ما تحبي ، نروح .
ظلت صامته جامده إلى أن قال بمكر : أنا بس كنت حابب أجيب لك أيس كريم من هنا .
ألتمعت عيناها و أعوجت رقبتها تنظر له يمينا ثم تلتف بسرعه و لهفه تنظر على المحل .
تردد : ايه ده ، ده انا بحب الآيس كريم أوي.
يوسف : لأ بس أنتي عايزه تروحي ، يبقى يالا .
تشبثت بذراعه بسرعه و قالت بترجي : لأ لأ ، رجعت في كلامي ، نجيب أيس كريم.
يوسف : لأ ما هو أنا مش على مزاجك مره عايزه أروح و بعدها رجعتي في كلامك.
زينب : عشان خاطري يا يوسف.
عض على شفته السفلى و ردد : أحلى يوسف سمعتها في حياتي .
نظرت لاصابعها و هي تبتسم خجلاً لتنتبه عليه و هو يقول : بس دي مش كفاية ، لازم رشوة و أعتذار .
نظرت له زينب بترقب فوجدته يشير بأصبعه على خده فاتسعت عينيها بصدمه و قالت : نعم ؟!
يوسف : الله ، ده انا زي اخوكي .
1
زينب: أنا وحيدة أمي و أبويا .
رفع أحدي حاجبيها لها و سأل: أمال أنا أيه ؟!
نظرت له بضيق ، للحظه كرهته و ضاق صدرها منه ، ف الباشا بدلاً من أن يعترف هو لها أعتراف خيالي خاطف للأنفاس ، يتلاعب بها و بمشاعرها و يجرجرها لأن تعترف هي.

الأمر كان مثير للنفور حقاً ، طماع لأقصى حد ، و أناني كذلك ، لم يستغل الفرصه و بدلاً من أن يعمل على تغيير تلك الصورة السيئة التي أخذتها زاد الأمر سوءاً.
للحظة رق عليها حالها ، جعلها تشعر بشعور سيئ ، تلاشت كل الانفعالات عن وجهها و نظرت له بتجهم ثم قالت : إبن عمو يحيى و أنا عايزة أروح دلوقتي.
شعر بتغيرها ، حتى نبرة الصوت نفسها ، فأعتدل في حديثه و أبتعد عن التلاعب .
ثم سأل بقلق: مالك يا زينب ، شكلك زي الي بتتكلم بجد .
كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت بينما تنظر للماره من زجاج السياره الامامي : و أنا ههزر معاك بتاع إيه ؟ إحنا حتى مش من نفس السن عشان نكون صحاب ، و أنا عايزة أرجع ، و لو أنت مش حابب أنا ممكن أخد تاكسي عادي .
نظر لها بترقب و قال: ليه القلبة دي يا زينب ما كنا كويسين و بعدين يعني ايه مش من نفس السن ؟ تقصدي ايه ؟
2
إلتفت بوجهها الذي كونت عليه إبتسامة رسمية مجاملة ثم قالت : هتروحني يا دكتور و لأ؟
يوسف: و كمان دكتور ؟ طب مش هروحك .
قالها بعند فردت هي بعناد أكبر : أوكي .
ثم خرجت بسرعه البرق من السيارة ليصدم يوسف من سرعة تصرفها و يترجل خلفها من السيارة بسرعه يناديها بغضب : زينب.. زينب ، إيه الى بتعمليه ده ، أقفي عندك حالاً و إلا مش هيحصل كويس.
زاد غضبها ، بدلاً من الاعتذار يهدد ، فأسرعت تبتعد بخطاها بينما تنظر على سيارات الأجرة توقف واحدة و قد توقفت بالفعل فأسرعت تفتح الباب و تجلس داخلها .
أسرع هو الآخر في خطاه ناحيتها يناديها : زينب ، أنتي بتعملي إيه ، أنزلي حالاً .
ردت عليه من بين أسنانها : مش هنزل أوعى كده ، أطلع يا كابتن لو سمحت .
فأنصاع لها سائق السيارة يتحرك بينما يوسف قد زادت ذروة غضبه يصرخ فيها : قولت لك أنزلي بدل ما أنزلك أنا بالعافيه .
أشعل حديثه زينب أكثر و أكثر لتسرع بغلق الباب بقوه وغضب كي يتمكن السائق من الإنطلاق ، فيغلق الباب على إصبع يوسف الذي صرخ متألما : آااااااااه .
كان الألم قوي و عاصف زاد من غضبه أضعاف مما جعله يستشيط و أستقل سيارته خلفها بسرعه جنونيه متهوره يرغب باللحاق بها فقط ليهشم رأسها هذا .
ظلا طوال الطريق هي تبكي على ما فعله و كيف أستهان و تلاعب بمشاعرها و ظن أنه سهل التلاعب بها ، تسأل حتى لو أوحى كل شئ بها أنه يسهل خداعها كيف فعل ، كيف طاوعه قلبه ، بالأحرى كان خطئها من البداية ، تحمد الله أنها لم تسلم قلبها له تسليم كلي ، مازالت في بداية القصه ، تعتبر نفسها محظوظه كونها أكتشفت تلاعبه بها من البداية و أنها بالنسبة له مجرد فتاة ساذجة ، تتمنى لو تستطيع نسيانه .
و تسأل .. كيف ستفعل و هي تعيش معه في نفس البيت ، متى يأتي والدها .
تشكلت غصة مؤلمه بحلقها متصله بقلبها مباشرة ، شعور أن أحدهم تلاعب بك و بمشاعرك بينما أنت تراه حبيب القلب و الروح شعور موجع بل قاتل .
أغمضت عيناها و هي تعود برأسها على ظهر الأريكة الجلدية بينما تردد داخلها : أمتى هترجع بقا يا بابا ، يا رب يكون قريب أنا ما بقتش مستحمله ، نفسي ألاقي حضن أعيط فيه .
أما يوسف في سيارته فهو للآن مازال يقود و عقله لا يستوعب فكرة تمردها عليه و عصيانها له ، بل هو رافض وجود إحتمال واحد و لو نسبة بسيطة يدل على أن زينب قد تبخرت من بين يداه.
رغم تذكره إلحاح والده الشبه يومي عليه كي يطلب يدها له من صديقه عبد العزيز و هو من يرفض دوماً و يطلب التأجيل للحد الذي وصل بوالده لأن قالها صراحة وجهه ( أنت بتلعب بيها و أنا مش هسمح بده) حتى انه قد خرج معها اليوم بدون علم والده و طلب من نور ألا تخبره .
و أخيراً وصل للبيت يراها و قد وصلت أولا و ترجلت كذلك من السياره ، فصف سيارته بأهمال يود اللحاق بها كي يلقنها درساً معتبراً
و هي بدأت تسرع في خطاها ناحية الداخل باكية ترغب بشده في الوصول بأقصى سرعة لديها لغرفتها كي تنزوي و تختبئ بها عنه و عن رؤيته ربما تمكنت من نسيانه .
و ما أن فعلت حتى زاد من سرعت خطواته يناديها و هو يصرخ عليها بغضب جم : زينب .. زينب ، أقفي عندك بقولك و إلا مش هيحصل كويس .
ظلت تدق جرس الباب و هو قادم من خلفها حتى فتحت لها الخادمه و لم تستطع إخباها بأي شئ و الفضل في ذلك لصوت يوسف المفزع و هو يناديها : زينب قولت لك أقفي عندك مش عايز أتعصب عليكي .
ليصدم كل منهما بصوت قوي يردد : تتعصب على مين يا أبن يحيى ؟
3
أشرق وجه زينب من شحوب شخص أوشك على الغرق في مياه المحيط و قد وجد طوق نجاته بآخر لحظه و أخر نفس لديه ، فأسرعت ترتمي بأحضان والدها تبكي و تشهق بينما يوسف يردد بصدمة كبيرة: عمي عبد العزيز؟؟؟
1
يحاول الاستيعاب.. كيف و متى عاد و الآن تحديداً !
__________________________
في مركز الأسنان الخاص بالدكتور هاشم .
كانت نور ممدة على السرير المخصص بكشف الأسنان و هاشم يجلس على مقعده يميل عليها بحجة أنه يقم بالكشف عن سبب ألم أسنانها لكنه للحقيقة كان يستغل الفرصة كي يصبح قريب منها بتلك الصوره ، سحب نفس عميق به رائحتها ثم أبتسم بإعجاب مردداً : ريحتك تجنن .
ابتسمت له بتوتر ، الوضع كله عامة يرهق الأعصاب و لا تعلم هل هذا هو العادي ام لا
و قالت بتلعثم : شكراً ، ده بيرفيم جايبهولي يوسف.
مط شفتيه و ردد  : تؤ ، أنا مش قصدي البرفان ، أنا عارف البرفان ده ، خفيف .
نظر داخل عيناها بنظره عميقه خبيره ثم أبتسم بكياسة و مشط بعينه معظم جسدها تحت أنظارها و ملاحظتها لذلك عن عمد منه ثم قال : أنا أقصد ريحتك أنتي ، ريحة جسمك .
3
أتسعت عيناها بصدمة ، كلامه لا يمكن السكوت عنه و بنفس الوقت لا تمتلك رد سريع و حالي بسبب إنعدام خبرتها ، هل يعد هذا تحرش ؟
2
كانت تسأل بإلحاح بينما أنتفض جسدها منصاع لأشارات عقلها و قالت مباشرة : هو أنا عندي حاجه يا دكتور و لا كده خلصت كشف .
نظر له بهدوء شديد ، نفس تلك النظره المرعبه ، نظرة رجل خبير يعرف ماذا يفعل و لديه توقع لكل ردات فعلها بل يملك رد لكل ردات فعلها ، فما كان منه إلا أن أبتسم بثقه و هدوء ثم و برفق شديد دفع جسدها بأصبع يده للخلف كي تستلق على السرير من جديد و هي متشعة العين مصدومة.
فتح فمها يضع فيه مرآة الأسنان يردد بينما يهز كتفيه ببساطة و هدوء : لسه ما خلصتش ، و إنتي لسه ما حكتيليش عن الولد إلي ضايقك النهاردة.
3
اشاحت بعينها بعيداً عنه و حاولت التحدث برسميه : مش مهم أنا نسيت ، و مش حابة أدوش حضرتك .
أبتسم هاشم و قال: بس أنا حابب تدوشي حضرتي ، و حابب نكون صحاب و لا هترفضي عشان أكبر منك شويه ؟
نظرت له سريعاً بحاجب مرفوع تسأل مستنكره : شويه ؟!
قهقه عالياً بشموخ ثم قال : شوية كتير ، همم ، كده حلو ، بس على فكرة أنا من الجيل بتاع أنا مهما كبرت صغير أنا مهما عليت مش فوق ، ده غير أني هسمعك و أديلك من خبرتي و أنصحك تعملي إيه و تتصرفي إزاي من غير ما ألومك أو أعنفك زي ما يوسف ممكن يعمل لو عرف ، مش كده و لا إيه ؟
نظرت له منسحره بسبب حديثه الهادئ تقارن سريعاً بين طريقته الآن في شرح الأمر و بين طريقة أخيها منذ ساعات حين بادرت فقط بفتح الحديث معه بهدوء تخبره عن ما فعله أحد زملائها معها ، و كيف تحول شكله تقسم أن سامر لو كان أمامه لبادر يوسف بالاشتباك معه فوراً قبلما تقص حتى عليه التفاصيل.
1
أستعجل هاشم ردها ،يضغط عليها بإلحاح و لكن يظهر بمظهر لذيذ و هو يقول: هممم ،انا مستني تحكي لي على فكرة .. و لا بلاش هنا عشان المرضى ، أنتي لما تروحي تتصلي بيا فون تحكيلي .
وقف عن كرسيه و أبتعد حتى وصل لمكتبه و قال : هاتي رقمك .
صمتت ثواني و بدأت تملي عليه رقمها فاتصل عليها ثم قال : ده رقمي ، سجليه عندك ، و على فكره ده رقم خاص جداً مش مع أي حد .
نظرت له بتشوش ، كانت بالفعل مشوشة للغايه فحاولت التركيز و سألت : طب أنا عندي إيه و هحتاج علاج إيه ؟
هاشم : دلوقتي هكتب لك على مسكن ، بس أنتي عندك تسوس في كذا ضرس و ده هيحتاج شغل و جلسات كتير لينا مع بعض .
صمت و مازالت إبتسامته الغير مريحه تملأ وجهه ثم قال: بس المسكن هيريحك .
تناولت منه الورقه التي دون بها أسماء الأدوية و قالت: شكراً.
ثم تحركت كي تغادر فاوقفها صوته : نور .
إلتفت منتبهه فزادت إبتسامته و قال : لما توصلي طمنيني .
هزت رأسها بارتباك و غادرت سريعاً بينما هو أرتمى على كرسي مكتبه يتنهد عالياً بتأوه و يبتسم في نفس الوقت.
10
________________________
وقف ألبير في منتصف الغرفه أمام فتاه لطيفه جدا تنظر له بعينان لامعتان ثم قالت بترقب : موبايلك أهو يا باشا ، كده إحنا حبايب.
شمل جسدها الملفوف بنظره واحده يوئد أي نظرة إعجاب داخلها ثم قال بالانجليزية : ما أسمك ؟
ضربت جبتها بيدها و هي تردد : أااه صحيح ، ده مش بيتكلم عربي .
حمحمت بارتباك ثم قالت : ماري .
همهم بصمت ثم قال : هل تعلمين على أي فعلة حمقاء قد أقدمتي .
ابتسمت بتوتر ثم قالت : أعلم سيدي ،أعلم و لكن.. لقد كان مجرد تحدي مع أصدقائي على تيك توك ، كنت مطالبة بسرقة هاتف أحدهم و قد صادف حظي العثر بك أنت ،أعتذر بشده و ها أنا قد أرجعت إليك هاتفك.
1
رفع أحدي حاجبيه و قال بأستنكار : تتحدثين الإنجليزية بطلاقة!
ماري : و الفرنسية أيضاً سيدي .
ثم تنهدت مكملة : هيييح ، سبع صنايع و البخت ضايع.
ضيق عيناه يسأل : ماذا ؟
أبتسمت له بسماجة مكمله : لا عليك سيدي فأنا ثرثارة و أهزي كثيراً .
شملها من جديد كلها يركز بعيناه على أماكن معينه ثم سأل : و هل تعملين ؟
ماري : نعم ، أو بالأحرى كنت .
قطب جبينه بإستفهام فقالت موضحه : كنت للأمس فقط أعمل مترجمة في شركة كبيرة جداً و لمدة ثلاثة أعوام من بعد تخرجي مباشرة إلى أن تغير مديري المباشر ، آه عليه لقد كان رجل في قمة الإحترام و الذوق الرفيع لكن و كما تعلم سيدي أن الأوقات الحلوة تنفذُ سريعاً  و لكي لا أطيل عليك الحديث تغير مديري لآخر زائغ الأعين يستحق الضرب بالرصاص الحي فى وقت الظهيرة ، حاول .. مجرد محاولة منه للتحرش بي .. هو فقط حاول مد يده لخصري فقمت بمد يدي على وجنته ، و للحق أنا لا أعلم لما تضايق ، قل لي أنت بحق الرب لما تضايق ؟ هاا ؟
أقترب منها عدة خطوات و قال : أنتي ثرثارة جداً ،كيف تحملك؟
رفعت كتفيها و قالت بفخر نابع من داخلها و كلها ثقه : يكفيه العمل معي و مع حسي الفكاهي بل يكفيه الصباح كل يوم بوجهي الذي ينافس القمر هذا
أبتسم ألبير لأول مرة منذ فتره و قال : إذن أنتي حالياً تعانين من البطالة .
زمت شفتيها بضيق و قالت : نعم .
فقال : جيد .
شملها من جديد بعيناه ثم قال : ما رأيك بالعمل لدي .
لاحظت نظراته لها و قالت بحاجب مرفوع و صوت حاد : لديك ؟ و أي عمل قد يكون هذا ؟
أبتسم لفطنتها ثم قال : مترجمة فأنا لا أفقه العربيه و ربما تطول إقامتي هنا و قد أحتاجك .
حكت فروة رأسها تفكر في عرضه ثم سألت برسمية شديدة : و الراتب ؟
ألبير : كما تطلبين.
أتسعت عيناها و شعرت أنها فرصتها فقالت: أربعة ألاف.
أبتسم و قال : موافق .
أنبهرت ماري و أضافت: دولار.
ضحك مجيباً : موافق .
عادت حديثها كي تؤكد له و لها : أربعة ألاف دولا في الشهر.
جاوبها بثقه و ترفع : نعم ، موافق.
فقالت بلهفه : أين العقود لأوقعهم حالاً ؟
فقهقه ألبير عالياً و هو ينظر لها بإستمتاع رهيب .
___________________________
توقف يوسف مباشرة يواجه عبد العزيز الذي نظر ليحيى يسأل بضيق : أنت ليه ما قولتليش إن يوسف رجع يا يحيى ؟ و رجع من أمتى و أنا مش عارف.
يحيى : لو كنت قولت لك كنت هتطلب من البنت تمشي و مش معقول هسيبها تتلطم في الفنادق و أنا بيتي موجود.
بينما يوسف لا يفهم كل هذا و لا يهمه كل ما يعنيه هو زينب النختبئة منه في أحضان والدها و هتف  : لو سمحت يا عمي سيبها خليني إكلمها
زاد غضب عبد العزيز و غيظه فنظر لصديقه و قال : ده لسه بجح زي ما هو ما أتغيرش .
نظر يحيى أرضاً و قال ليوسف : أسكت خالص يا يوسف .
يوسف: هو ايه اللي أسكت خالص .
عبد العزيز : يالا يا زينب هاتي هدومك و يالا عشان نرجع بيتنا
يوسف : يعيني ايه ترجعوا.
في تلك اللحظه توقف يحيى بوجه أبنه و قال : هو إيه اللي يعني إيه ، البنت كانت عندنا ضيفه لحد ما أبوها يرجع و أهو رجع و هياخدها ، ما فيهاش كلام دي .
إلتف ينظر لصديقه ثم قال : روح أنت يا عبد العزيز مع زينب على العربيه إلي هتوصلكم و أنا هخلي الشغاله تجيب لكم شنط زينب على العربيه.
تحرك عبد العزيز و هو يحتضن زينب و التي لم تكلف خاطرها لأن تنظر على يوسف و لو نظره أخيرة حتى اختفت من أمامه نهائيا.
فهتف يوسف عالياً : إزاي ؟ إزاي تسيبها تمشي ؟
ليصرخ يحيى في وجهه و يقول : وطي صوتك يا ولد ، و بطل بجاحه أنا مش عارف اودي وشي فين من صاحبي بسببك ، أنا عندي ولايا و ما ارضاش عليهم عمايلك دي ، سبتك تتكلم و تتنحنح و تسبل و تخرج على أمل أنك تاخد أي خطوة و بقالي أسبوع بتحايل عليك أفاتح أبوها رسمي و انت بتقول لأ ، أنت تتتسلى يا حبيب أبوك ، و أنا أول ما أتاكدت أنك واخد البت تسليه قولت أتدخل
يوسف : يعني إيه ؟
يحيى: يعني من النهاردة زينب بح ، مافيش ، شوفلك واحده من عينتك ألعب عليها زينب مش كده
قال أخر كلماته و تركه و غادر حيث وقف يوسف بقلب يؤلمه شاعر بالعجز لأول مرة ، يبدو أنه قد تورط ..
________________________
توقفت أمامه متخصره تهز قدميها بعصبيه و غضب يزداد بينما ترى إلتصاق تلك الفتاه به كملابسه بالضبط.
و ذلك السافل المتبجح يتركها تفعل ما يحلو لها و تقترب .
و على ما يبدو انه لا يفطن ما تقوله ، يعرف بعض الكلمات التي تعد على الاصابع يحاول من خلالها تكوين جملة مفيدة.
إلى أن أبصرها أمامه ليتهلل وجهه و يتحرك سريعاً ناحيتها فيتصادم بجسد تلك الصهباء التي كانت تحاكيه فيترنح جسدها و يتعثر لولا إستنادها على المنضدة من خلفها لسقطت أرضاً.
أقترب منها بلهفه و شوق يردد : نغم ، أخيراً خرجتي من بيتك.
نظرت له و النار تقدح في عينها ثم قالت : و أنت مالك بيا ، مستنيني مثلاً ؟
هز رأسه بقوه يردد : أمال أنا هنا عشان مين ، سبت أهلي و بلدي و جيت هنا ورا مين ؟
هزت رأسها مكابرة و قالت : مش عارفه.
حانت منها نظرة جانبيه لتلك الفتاه ثم للأخريات الواقفات عند الباب و قالت: شكلك كنت جاي تجري ورا البنات .
أشار على نفسه يردد ببراءه : أنا ؟ ابداً ، ده هما .
نغم: هما إيه ؟
تنهد حسن و مد كفه الخشنه يسمح لنفسه بملامسة خدها ثم ردد : و أخرتها أيه يا نغم ، أرجعيلي ، أنا غلطان و الله غلطان، أنا بعترف ، و مستعد لكل انواع العقاب بس أبقى حتى عايش على أمل ، أمل يخليني أستنى بكره و أعد الأيام ، قوليلي يا نغم ، هتسامحني ؟
ظلت تستمع له بصمت تام إلى أن أنتهى و بقى ينظر لها و اللهفه تقفز من عيناه ينتظر أي إجابة.
إلتفت ببطئ كي تغادر لكنه تمسك بها يمنعها مردداً : أنا تعبت يا نغم ، ردي عليا و قولي إن في حل أو معاد حتى .
منعت يده عنها و استعدت لتنسحب تسمعه من خلفها يردد دون يأس : هفضل مستمي يا نغم لحد ما تستكفي ، لحد ما تشبعي تجريح و إهانه فيا و طرد كمان ، أنا أستاهل ، اي حد يستاهل يتعمل فيه كده لو رفس النعمه برجله زي ما أنا عملت ، بس عندي أمل في رحمة ربنا.
ادارت ظهرها تنوي المغادرة و تحركت عدة خطوات ليصرخ بلوع : أنا بحبك ، بحبك أوي يا نغم .
إلتفت له و بلحظه تقدمت مهرولة ناحيته ، فاتسعت عيناه و تهلل وجهه ، علت وتيرة أنفاسه و بدأ صدره يعلو و يهبط بصورة ملحوظة يفتح لها ذراعيه على أمل و رجاء لم تخيبه فقد أسقطتت نفسها بين ذراعيه تشدد على أحضانه و هي تردد : حيوااان و قليل الذوووق .. عديم المشاعر.
سحق عظامها داخل أحضانه و رد عليها : بس بيحبك و الله.
تقدم العجوز صاحب المحل يصفق بيديه مردداً : جيد ما فعلتي ، هو وغد ، فطنت ذلك من إذلالك له و صبره عليكي ، لكن السماح بين المحبين هو أفضل شيء ، فراق الأحبه مؤلم جداً صغيرتي.
أبتسم لها ثم ردد : أااااه و الأن سأخسر نصف زبوناتي الآتي كن يأتين فقط كي يبتاعوا الورود منه .
ضحكت نغم و معها حسن الذي أخرجها من أحضانه يسأل : هترجعي معايا مصر ؟
هزت رأسها إيجاباً بتبسم ثم تسأل : تفتكر غنوة هتسامحني .
ضحك و جاوبها : ما أعتقدش .
ضربته في معدته و قالت: أنت السبب.
رفع أحدي حاجبيه و قال: أنتي أخدتي عليا أوي ،لا بقولك ايه إحنا اتصالحنا خلاص يعني هرجع حسن الحمش و انتي نغم البسكوته أه ، ياكلوا وشي في الحاره ما عندناش أحنا الكلام ده .
كان يردد كلامه الأخير و هو واقف بشموخ منفوخ الصدر يعدل من هندام شاربه.
و نغم تنظر له مذهوله حقاً
__________________________
خرج من جناحه سريعاً و ذهب لغرفتها يفتح الباب وجدها تجلس على حافة فراشها تنظر لحقائبها الممتلئة بشرود  فقال : يالا يا حبيبتي ما فيش وقت ، الطياره قربت من سطوح الفيلا.
رفعت رأسها تنظر و سألت: تفتكر الي بنعمله ده صح ؟
تقدم لعندها ببوادر غضب و قال: هو ده وقته يا فيروز ، يالا.
فيروز: لأ يا ماجد .
جذبها من ذراعها لتقف أمامه و سأل بجنون: هو إيه إلي لأ ، إحنا لازم نمشي من هنا في خلال عشر دقايق ، أنا حياتي في خطر.
فيروز : خلاص أمشي أنت.
أتسعت عيناه بصوره مرعبة و بدأ يدق بأصبعه على عقلها و يهتف عالياً : و هو أنا أيه و أنتي أيه ، ما أنتي حياتي و لو مشيت من هنا و سيبتك هبقى سيبت حياتي بردو .
حاولت فيروز التراجع بسبب خوفها من حالته تلك التي دوما تتلبسه ما أن يتعلق الأمر بها و قالت: ما هو عشان كده ، أنا بخاف منك يا ماجد ، أنت بتغير أوڤر و أقل موضوع بتعمل منه حكاية ، أنا مش قادره لسه أتخطى إلي أنت عملته.
شدد ماجد على ذراعها و قال من بين أسنانه: و أنا مش بخيرك يا فيروز ، أنتي معايا مكان ما أكون .
إلتف يتحرك بها و هي بيد و حقيبتها باليد الأخرى يرغمها على التحرك .
فيروز: هتخطفني يعني يا ماجد ؟
ماجد بحزن و أسى : أعتبريها كده يا فيروز.
وصل لسطوح بيت الذهبي حيث وقفت الطائره و ترجل منها أحد الرجال يحمل في يده كيس أسود من القماش.
أوقف ماجد فيروز و أشار للرجل كي يذهب معه.
ماجد: تعال معي لبعيد فهي لن هتتحمل
أستغربت فيروز كثيراً و بقيت مكانها تنظر لهما بأستغراب .
فقد وقف ماجد بأحد الأركان مع ذلك الرجل الذي فتح له الكيس الأسود و لم يكن يحوي سوي رأس فلاديمير التي ما أن رأها ماجد حتى تنهد أخيراً بارتياح و قال : عمل جيد ، تعال لتأخذ باقى أموالك .
2
تقدم ناحية حقائبه يخرج منها كيس أسود من البلاستيك و أعطاه للرجل الذي حياه ببرود و أنصرف.
بينما ماجد تقدم ناحية باب الطائرة كي يصعد إليها مع فيروز التي أوقفته معترضه و سألت : هو في ايه ؟
ماجد : أركبي بس عشان نتحرك لأن نص ساعه و مصطفى الدهبي راجع .
فيروز : طب و كتب كتاب غنوة ؟
ماجد : نبقى نحضر الفرح لما كل حاجه تظبط ، يالا مافيش وقت.
ظلت واقفه بتوتر تود التراجع لكنه لم يسمح لها و جذبها لعنده بقوه فحرك قدميها طواعية لما يريد فصعدت للطائرة الهيلوكوبتر و التي أقلعت على الفور .
جلس في الطائره و هو يتنفس أخيراً بارتياح يضمها له بقوه.
حاولت الخروج من أحضانه تسأل: أيه إلي كان مع الراجل ده و ليه أخدت بعيد .
ماجد : راس فلاديمير.
شهقت فيروز برعب فقال : شوفتي .. عشان كده اخدته بعيد عشان ما كنتيش هتتحملي .
صمتت لثواني تعمل عقلها ثم سألت : يعيني خلاص حكاية فلاديمير خلصت ؟
أبتسم ماجد و يعلم أن مخها الذري بدأ يعمل ، فسألت بسرعه كما توقع: و لما هو كده ، ليه بنهرب ؟ ما خلاص ما فيش أي خطر على حياتك أو حياتي
ألتمعت عيناه و قال بثبات : عشان أجبرك تتجوزيني .
أتسعت عيناها بصدمه و هو ضمها لأحضانه عنوة رغم تمنعها .
__________________________________
في حديقة بيت الصواف
وقف هارون سعيد سعاده قاتله و هو يراها تتقدم لعمده بثوب أبيض لامع يحدد منحنياتها و قد ظللت عيناها اليوم بلون غير الأسود الذي تتعمده دوماً لتظل عيناها هي أجمل و أكثر ما يجذب انتباه أي شخص لها ، كما رآها أول مره في مرفق السيارات
كانت أشعة الشمس مسلطة عليها و الخضره من خلفها كأن الطبيعه بكل صورها قد اتحدت متفقه على خدمة تلك الجميله بيوم مهم كهذا .
أقتربت منه و هي تبتسم بسعادة كبيرة ، عيناها تضحك تلقائيا ، تتقدم لعنده و هي ترقص فرحاً .
وقف أمامها يقبل جبهتها قائلاً : أنا قولت هتهربي .
همست في أذنه مردده : أهرب فين ده انا ما صدقت .
ضحكت له ضحكه رقيعه لكن بصوت منخفض و أضافت: مبروك مقدماً يا ولا .
أتسعت عيناه من تصرفاتها المتهوره و قال: يخربيتك أسكتى ، إنتي مفكره نفسك على ناصية حارتكم ، أنا عازم كريمة المجتمع هنا .
ضحكت ساخره و قالت: هما يطولوا ؟ ده البلدي يوكل.
غمز لها عابثا و قال: و أنا أموت في البط البلدي .
وقف الشيخ الذي على ما يبدو كان يجلس على كرسيه أمامها و هما بعالم آخر لا يدرون و قال: أنا بقول نكمل كتب الكتاب الأول و بعدها لو عايزين تجيبوا عيال أبقوا جيبوا .
4
حمحم هارون بحرج يستدرك حاله ثم قال : ايوه ايوه صح .. يالا يا شيخنا ، أكتب الكتاب .
المأذون : فين ولي العروسه ؟
تقدم الحاج محمد يردد : أنا يا شيخنا ، دي وصية صالح الله يرحمه ، كان صديق عمري
المأذون: على بركة الله ، نبدأ.
بدأت مراسم الزواج ، و الكل سعيد يبتسم ، لا أحد يشعر بها ، هي غريبه ، تائهه .. في دوامه .
تنظر على الجميع ، الكل موجود إلا الشخص الوحيد الذي تمنت لو وجدته هنا ، أن يضع يدها بيد زوجها و يزوجها له ، أن تدمع عيناه بحرقه على ذهابها من بيته ، قلبها يؤلمها حقا ، تنظر على هارون بنظرات مشوشه مذبذبه و هو يبتسم لها بحنان و حب تحول لأستغراب و هو يرى تحول نظرات عيناها لمشاعر متداخله غير مفسرة .
كانت ما زالت تبكي حين أستمعت للمأذون يردد : بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير .
توقف هارون من كرسيه و أتجه إليها يحتضنها له و هو يردد : مبروك يا حبيبتي.
هزت رأسها في أحضانه و قد سيطر عليها البكاء فسأل: في ايه بس يا روحي ؟
هزت رأسها تردد : كان نفسي يبقى معايا أوي.
جذبها لأحضانه بقوه و قال: أنا معاكي يا روحي ، مش كفاية يعني ؟
أبتمست له  فقال: ده انا حتى أتنين في واحد .
ضحكت من بين دموعها فعاد ليأخذها لأحضانه تحت أنظار لمى الواقفه بين الحضور و أعين الكل منقسمة ما بين النظر لهارون الذي يعقد زواجه على أخرى بصورة مفاجئة و بين لمى التي من المفترض أنها كانت خطيبته من أشهر قليله.
فلا يزيدها ما يجري إلا غلاً و حقداً.
جذب هارون غنوة لوسط الحفل لترقص بين ذراعيه على أنغام موسيقى هادئه و هي تبتسم له
تقدمت اشجان التي كانت ترتدي فستان من الأحمر و عليه وشاح شعبي تنظر لها بغضب شديد و ضيق.
بادلتها غنوة بنظرات تمني و رجاء ثم قالت: مش هتباركي لي يا أشجان ؟ مش ده إلي كان نفسك فيه.
انفدفعت اشجان كعادتها و قالت: كان نفسي تتجوزي و تعملي عيلة بس مش من الواطي حرامي القلوب ده .
كبت هارون سبه نابيه كانت ستخرج من بين شفتيه و قال: و لما أشتمها بقا .
غنوة : خلاص يا حبيبي مش وقته
أشجان: حبيبك ؟
صمتت غنوة بعيناها الكثير من الحديث الغير مباح لتتنهد أشجان ثم تقدمت منها تردد بإذعان و هي تقبلها من كلتا وجنتيها : و ماله يا ختي ، ألف مبروك ، يغلبك بالمال و تغلبيه بالعيال .
تهلل وجه غنوة بينما هارون مذهول حقا يسأل غنوة : هي باركت لنا بجد ؟
هزت غنوة رأسها و قالت : أيوه ، لعلمك اكتر واحد بتبقى حاسه شرير ده بيكون غلبان و على الله بس هو الي مدب .
هارون: حصل ، شوفت بعيني ماحدش قالي.
تقدم كاظم يردد يصفاقه : و أنت يا غزال مصر القديمه مش ناوية تغلبيني بالعيال و لا ايه ؟
نظرت له بإستحقار حقيقي ثم قالت: بقا مانتش مكسوف على دمك ، عايز تخلف تاني ، مش لما تعرف تربي بنتك و تعوضها الأول ، سايبها لكلاب السكك يتحكموا فيها ، أنا عارفه أنا إيه إلي كان واقعني فيك و لا طلعت لي من انهو داهيه ، يا راجل يا عرة .
3
تقدمت و تركته يقف حزين مصدوم من حقيقته المخزيه و التي واجهته بها ربما يستفيق .
ليتوقف كل ما يحدث بصدمه أثر الإستماع لصوت عيار ناري يعلم وجهته .
________________________________
كانت نادين تتجهز تماماً للمغادرة  و قد عادت للتو من الخارج بعدما تأكدت أن المركب الصغيرة تنتظرها و هي و الوفد المتخلف عن إستكمال الرحله لتعود بهم إلى شواطيء الإسكندرية.
فتحت الباب و دلفت للداخل لتصدم مما تراه ، فقد وقفت تقى و هي في كامل زينتها تصفف شعرها الذي فردته على طول ظهرها العاري و هي تبتسم في المرآة بثقه و فرحه .
فسألت نادين بفم مفتوح : يخربيتك ، إيه الى إنتي عاملاه ده ؟
إلتفت لها تقى تردد بسعادة متسائله : حلو ؟
نادين : جداً ، بس إنتي رايحه فين بقميص النوم ده ؟
جاوبتها تقى بسعادة : رايحه لضياء ، كفايه كده.
شهقت نادين بصدمه و قالت: إيه ؟ ضياء ؟ أنا كنت حاسه و الله كنت حاسه إنك وقعتي .
تقى : طب و فيها إيه ، ما هو جوزي .
همت نادين لتتحدث لكن قاطعها صوت أحدي الفتيات من الخارج تخبرها أن الجميع يستعد للرحيل .
الفتاه: يالا يا نادين.
نادين: حاضر ، جايه ، ثواني .
أقتربت نادين من تقى تردد : جوزك ما قولناش حاجه بس مش دي كانت خطتنا خالص ، إحنا اتفقنا نسويه على الجانبين ، مش كده خالص يعني ، رايحه بقميص النوم تقولي له هيت لك يا تقى ؟ و هتعملي كده و أنا ماشيه خلاص .. أفرضي حصل حاجه.
أبتمست تقى و قالت بثقه : مش هيحصل حاجه إن شاء الله ، ضياء شكله أتغير ، و أنا أتأكدت من حبه ليا لما ما رضيش يطلقني ، هنقضي مع بعض هنا شهر عسلنا و لما نرجع مصر نعلن إننا تممنا الجواز ،كده كده مكتوب كتابنا .
تحركت سريعاً ناحية المرأة تنثر عطرها الأنثوي على جسدها العاري ثم تغطيه بشال طويل من الصوف .
ألقت لنادين قبله في الهواء ثم خرجت مهروله سعيده جدا.
نظرت نادين عليها و هى تغادر بقلق ثم أستمعت لرنين هاتفها يواصل الدق فنادتها : تقى ، موبايلك .
لكن تقى كانت قد غادرت من كثرة إستعجالها
همت لكي تذهب و تجيب هي على الهاتف لكن صوت الفتاه صدح من جديد : يالا يا نادين ما فيش وقت .
لتخرج نادين سريعاً تاركه هاتف تقى الذي يلح بإتصال من الجد .
1
_____________________
وصلت لغرفته و هي تقف مبتسمة ،تحمد الله كثيراً أن الكل منشغل بتلك الحفله التي سبق و أن دعاها عليها رائف ، تتمنى لم يحضرها هو الآخر و أن تجده الآن في غرفته.
دقت على الباب بخفوت ليفتح لها سريعاً و تتسع عيناه بصدمه و هو يراها أمامه ، عند باب غرفته لأول مرة.
جذبها لأحضانه يدخل بها للغرفه و هو يردد: وحشتيني ، وحشتيني اوي يا حبيبتي.
جاوبته بخفوت تردد : أنت كمان وحشتني أوي.
علت وتيرة أنفاسه و هو يسمعها تعبر عن أشتياقها له ، أخرجها من أحضانه ينظر لها قائلا : لو ما كنتيش جيتي كنت هجيلك أنا.
أبتسمت بهدوء و بدأت بنزع شالها الطويل عنها ليتصنم مكانه و هو يرى كل ذلك الجمال ظاهر أمام عيناه ، ترتدي غلاله سوداء من الحرير عارية الظهر و الصدر تظهر جسدها الغض بسخاء مفرط و قد تركت شعرها الأسود ينسدل فوق كتفيها بإنحلال
لم يكن مصدق لعيناه ، أن كل هذا الجمال متجمع في شخص واحد متجسد أمامه ، إنها مذهله ،مُسكره .
رأت الأنبهار واضح في عيناه مما عزز لديها شعور بالثقة فقالت بصوت مغوي : أنا ليك من النهاردة يا ضياء.
4
حاول السيطره على دقات قلبه و تلك النيران التي نشبت داخله تطالب بها لتطفئه .
تقدم منها و تحسس ذراعيها يسأل بجنون : معقول كل الجمال ده عشاني ؟
أبتمست له إبتسامة ساحره و قالت : و ليك لوحدك من دلوقتي.
ضمها له بمجون كأنه مختل و بدأ يردد : أنا بحبك.. بحبك أوي ، فوق ما تتخيلي ، أنا عشانك عملت مشاكل كتير اوى و خسرت فلوس كتيره اوي عشان أعملك إلي إنتي عايزاه.
قطبت جبينها و سألت: فلوس أيه و مشاكل أيه ؟
ضمها له أكثر و همس في أذنها : أنا النهاردة الصبح طلقت تقى عشانك .
3
هي من تصنم جسدها هذه المره بين يديه و بقت صامته يابسه تماماً.
و قد شعر هو بكل هذا فسأل بخوف : چيچي ، حبيبتي ، مالك ، أنا عملت كل ده عشانك أهو .
نظرت له بصدمه و مدت يدها تسحب الشال الملقى على الفراش تغطي بيه جسدها عنه و مازالت الصدمه متمكنة منها و من قلبها الصغير الذي لم يفرح طويلاً.
فسأل من جديد و هو يحاول إزاحة وشاحها من على صدرها : بتخبي نفسك عني ليه يا حبيبتي ، أنتي خلاص بقيتي من حقي .
نظرت له بأعين دامعه ، يملؤها اللوم و العتاب ثم قالت : كنت ليك و فرت فيا .
هز رأسه بإستغراب و سأل : إزاي ده ، شيلي البتاع ده عنك ، عايز أخدك في حضني و أحس بيكي.. أنتي بردانه ؟
صمتت بكره شديد تفاقم داخلها ، شعور بالخزي الشديد.
فردد بصوت حنون و مثير للغايه و هو يحاول كشف جسدها له من جديد : حبيبي، ساكته ليه ؟
تمسكت يالوشاح عليها يغطيها و بدأت تبكي ثم تضحك من وسط البكاء و حالتها مزريه للغايه فقد انخرطتت في مزيج من البكاء و الضحك الهيستيري  و قد سقطتت أرضاً و لم تعد قدميها تحملانها .
أنحنى يميل عليها يسأل : مالك يا روحي ؟ طب أجيب لك مايه .
لم تجيب فتحرك سريعاً يجلب لها الماء من الداخل و ما أن عاد لم يجدها ، كانت الغرفه خاويه تماماً فركض يبحث عنها كالمجنون .
1
_____________________________
في بيت الصواف
كان الوضع متأزم للغايه بعدما حاوطت الشرطه و رجال الأمن كله المكان و بدأو في مسحه و تمشيطه.
و هارون يقف بأعين حمراء أمام غنوة التي تقدمت تسأل بلهفه : حبيبي ، جرى لك حاجه؟
نظر لها بنظره جديده كلياً عليه بها من الاستحقار ما يكفي لأن يقرأه الجميع و صرخ فيها وسط الحضور : ماجتش فيا كمان المره دي ، يظهر أنك ما دفعتيش كويس بردو.
2
غنوة : هارون ؟ أنت بتقول ايه ؟ أنت سامع نفسك ؟
صرخ مجدداً : أيوه سامع ، أنا كنت شاكك طول الوقت و مستني الغدر في أي لحظه بس كنت بكدب نفسي بقول لأ بتحبني بجد ، المره دي باين الحب في عينيها مش تمثيل زي المره إلي فاتت .
تقدم منها تلك الخطوة الفاصله و ما زال يصرخ امام كل الموجودين : إنتي أييه ؟ معموله من أيه ؟ إزاي بتعرفي تمثلي كده ، كل الحب و الحنان و الدلع ده معقول كان تمثيل ؟ و معقول دخل عليا تاني ؟ أنتي عارفه أنتي أستغفلتيني كام مره ؟
هز رأسه بمجون و قال : طب و كتبتي كتابك عليا عليا ليه ، أستنيتي لحد ما تبقي مراتي ليه ؟ عشان الفلوس صح ؟ المره إلي فاتت عديتها و كمان أحترمتك عشان كان طار أبوكي هو إلي بيحركك ، قولت البت دي تمام التمام ، بس دلوقتي إنتي نزلتي من نظري كل ده ليه عشان الفلوس ؟أنا مش هسيبك ، هدمرك ، المره دي غير كل مره .
مد يده في جيبه و اخرج حفنه من المال ألقاها في وجهها ليشهق الكل و هو يصرخ : عايزه فلوس ، خدي أهو.
أغضمت عيناها بألم تشبع نفسها من إهاناته فقال : حبيتك لما فكرتك مختلفه بس للأسف طلعتي رخيصة.
أستمعت له بصمت تام لم تدافع عن نفسها و لو بكلمة واحدة فصرخ فيها: ما تنطقي ، ما تردي ، ولا مش عندك كلام قولي أي حاجة بجملة البجاحة و الرخص .
دارت بعيناها على كل الحضور و عدسات المصورين ، مصر كلها تقريباً تشاهد ما يحدث ، هم ليصرخ فيها من جديد يوبخها : أنتي واحده زباله ،اخرك شوية فلوس و...
3
قاطعه أحد رجال الشرطه و هو يقف وبيده يقبض على أحد الرجال ثم قال : هارون بيه ، قدرنا نقبض على الي ضرب النار ، كان فوق الفيلا إلي قدام بيتك.
ركل الرجل بقدمه وقال: أنطق و قول قدام البيه كل حاجه و لا عايز تاخد تاني نفس العلقه.
صرخ الرجل مكتفياً و قال : هقول ،هقول و الله ، الست لمى هي إلي أجرتني و أنا ما اقدرش أقول لأ أنا حتة فرد أمن عندها.
2
تخشب جسد هارون و هو يطالع غنوة التى أستطالت رقبتها أكثر و أكثر و أكتفت بالنظر له بالنصر و الإستحقار ليكمل الرجل : قالت لي أضرب نار بس ما اسيبوش مش مطلوب أموته و ما اعرفش غير كده و الله ، سيبوني الله يخليكم أنا عندي عيال و عملت كده عشان جبرتني .
لم يهتم له هارون كل تركيزه مع عالمه الذي ينهار حالياً و هو يرى غنوة تلتف لكي تغادر بكبرياء و رأس مرفوع و هو يناديها يدرك أن كل الحضور قد شاهدوا ما حدث.
ظل ينادي و هو يحاول الوصول لها لتعترض أشجان طريقه مردده : عندك يا إبن الصواف ، أنت كده جبت الناهيه بأيدك .
هارون: أوعي من طريقي بقولك سيبيني ألحقها .
ضحكت أشجان ساخره و قالت: مش هتلحقها و لو لحقتها مش هتشوفك ، أنت ما تعرفش غنوة ،عشان كده ما عرفتش تفهم كل تصرفاتها معاك و كنت شايف إن تغييرها ده وراه مصيبه بس إلي ما تعرفوش إن هي دي غنوة ، هو ده طبعها و دي شخصيتها لما بتكره ممكن تقتل و لما بتحب بتتدلق عشان كده كانت مستعدة تعمل أي حاجة عشان ترجع قلب أبوها لأنها بتحبه أوي أوي أوي ، مافيش شخص عادي يفكر يعمل إلي هي كانت بتعمله بس هي دي غنوة لما بتحب حد بتكرس له حياتها كلها وهي قبل كده كرست حياتها عشان ترجع حق أبوها لحد ما قابلتك و بعدها اتغيرت لما حبتك و أنا عشان حفظاها كنت عارفه إن الدلقة دي حب زي حبها لصالح كده ، غنوة في حياتها ما حبتش الحب ده غير لصالح أبوها و أنت و عشانك قررت تتنازل عن حق أبوها بس أنت بقا ضيعتها من أيدك .
كان يستمع لها و عيناه تدمع يستوعب شخصية غنوة التي لم يفهمها إلا الآن و قال بإصرار: هرجعها ، لازم هرجعها ، خصوصاً و هي المره دي مراتي شرعاً و قانوناً .
نظرت له أشجان بجانب عينها ثم تركته يغرق في ندمه و غادرت .

أما ضياء فقد كان يهرول في السفينه كلها من فوق و من أسفل ، في كل الطوابق .. لم يجدها ، حتى أنه بلغ إدراة السفينه ليخبروه أنها قد أختفت
فوقف بالسفينة في عرض البحر يناديها بجنون و هو يزأر كالأسد الجريح .....
5
★★★★★★
إلى اللقاء في الجزء الثالث.
1
الجزء الثالث ده هيبقى حل للمعادلة الصعبة لما طلبتوا رواية خاصه بضياء و تقى و يوسف و زينب و كمان نور.
8
أما قصة غنوة و هارون ف لأننا أستكفينا و تشبعنا منها في الجزئين الأول و الثاني فتكون موجوده و لكن على مش كل التركيز عليها هي هيبقى تتممة لقصتهم بس التركيز الأكبر للكابل إلي طلبتوه ضياء و تقى و يوسف و زينب و معاهم قصة نور كمان نشوف هيحصل معاها أيه و بكده أكون لبية طلبكم .
22
أتمنى تكونوا أستمتعم معايا .
شكراً على المتابعة و الأنتظار
شكراً على التفاعل.
دمتم بخير وعافية من الله ❤️❤️
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-