رواية فارس كاملة جميع الفصول بقلم سلمي ناصر
رواية فارس كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة سلمي ناصر رواية فارس كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية فارس كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية فارس كاملة جميع الفصول
رواية فارس كاملة جميع الفصول
_يا جماعة مـراتُه لسة فيها الروح ، استعجلوا الاسعاف دي حامـل ..
= فيها ايه بس، العربية ادشملت يا عم ، دا حلاوة الروح ، كلهم ماتوا ..
– يا جدع فيها الروح وبتتنفس ، حتـي شوف.
الناس كلها كانت ملمومة .. علي حادثة العربية الي علي الطريق .. وللٲسف كل الي فيهم ماتوا .. بس في راجل من الي واقفين .. لاحظ مرات صاحب الحادثة .. وهي بتتحرك وبتٲن .. وراح ناحيتها عشان يتٲكد لاقها فعلا لسة عايشة وفيها النفس .. فصرخ في الواقفين
= فعلا لسة عايشة .. بسُرعه يا جماعة ممكن نِقدر نلحقها.
نقلوهم المشفي .. وجوزها وابنها ماتوا وملحقوش يعملولهم حاجة .. انما مراته فكانت لسة عايشة رغم الجروح والكسور الشديدة الي حصلتلها .. والحمل كمان .. دخلوها العمليات وكانت لازم تولد بسرعة عشان الجنين ممكن يتٲثر ..
“” اخويا ! ايه الي نابك يا قلب اختك .. اخويا يا دكتور ..
= ميـن الست الي عاملة دوشة دي .. انتي ياست .. مينفعش الي بتعمليه دا انتي في مشفي!
“” اخويا يا دكتور .. جيه في حادثة .. طمني عليهم وعلي مراته ..
= انتي من اهلهم ؟ طيب كويس ان حد جيه .. مراته حالتها صعبة دلوقتي وفي العمليـ…
– مراته ايه يا دكتور ؟ انا بتكلم علي اخويا وابن اخويا حالتهم ايه ؟
استغرب منها الممرض بس كمل بعملية…
= للٲسف زوج المدام وابنها توفوا ..لان الحادثة كلها كانت عليهم .. مراته الي بين الحياة والموت ..
– يعني مات خلاص ؟ كويس .. قصدي يا حبيبي يا خويا كان مستخبيلك فين دا بس !
سابها الممرض وهو مستغرب من الست دي .. مش باين في عينيها اي حزن او وجع علي مرات اخوها .. رغم انها عمالة تولول بصوت عالي .. بس مرتحالهاش ..
راحت “انصاف” تقف جمب اوضه العمليات مستنية تسمع خبر موت مراته عشان تتطمن اكتر .. شوية وخرج الدكتور وجمبه الممرضة .. وشايلة رضيعة صغيرة
“” انتي قريبة المصابين ؟ “”
= امال يا دكتور انا اخته من لحمه ودمه .. ااااه يا خويا .. يا شبابك الي راح هدر يا خويا ..
– ربنا يصبرك .. بس مراته ملحقناش نعملها حاجة .. وطلعت عند الي خالقها .. معجزة اصلا انها فضلت بتتنفس وهي بالحالة دي.
= كمـان .. ! يا حسرة عليكي يا اماني
“” بس هي ولدت يا مدام وجابت بنت زي القمر .. سبحان الله .. انها متٲذتش من الحادثة وفضل قلبها ينبض جوا بطن امها ..
– ولـدت ؟!
= ايوة سمي ..
شالت انصاف الرضيعة من ايد الممرضة وبصت في وشها .. الطفله تخطف روحك من برائتها ، وجمالها .. فتحت عيونُها وابتسَّمت لأنصـاف ، جميِلة ، وبتلعب بصوابعها الصغيرة وصوتها الصغير بيٲن .. وكٲنها حاسة باللي جرا لٲهلها وبتعبر علي زعلها بالطريقة دي ..
انصاف بصتلها بتجهم ، ووشها اسود وردت علي الممرضة بابتسامة كدابة
= الحمدُلله .. ربنا حاسس بحرقه قلبي علي اخويا .. فسبلي حته منه عشان افتكره .. سموها عنيات ياختي انا هاخدها معايا علي ما تصريح الدفن يطلع ..
– مامتها سُبحان الله فتحت عينيها وبصتلها وسمِتها قبل ما تتوفي يا فندم .. فلــك .. بس لازم تفضل في الحضــانة شوية نطمن وبعدين خديها
_ ايه الٲسم الملغبط دا ..ماشي ياختي ..دخليها الحضــانة
روحت انصاف بيتها بعد يوم ومعاها .. “”فلك”” بنت اخوها الي نجيت من الموت بمُعجزة … دخلت وقفلت الباب وعلي وشها ابتسامة واسعة .. جري عليها طفلين صغيرين اكبرهُم بص لمامتُه بأستغراب وفضول :
– ماما ايه اللي شيالَها علي ايِدك دي ؟
اختُه الأصغر فِضلت تفتش في الشُنط بعَّدم اهتمام:
قوليلي يا ماما جبتيلي ايه معاكي ؟ ..
الطِفل بَص لامُه بتَرجي:
ماما ممكن اشيلها شوية عايز اشوفها ؟
= يوووه .. متخوطُنيش .. ابوكوا فين ؟ يا اسماعيل ..
اتكلم، جوزها وهو خارج من الاوضة :
رجِعتي يا انصاف ؟ ها حصل ايه ؟
= جات منهُم وماتوا في حادثة هما وابنهم .. وخلصنا وبيت ابويا هناخده براحتنا ونبيعه ونقب علي وش الدُنيا .. يا اسماعيل ..
_ حلاوتِك ياصَفصف ، دا احنا لو خططنا ليهم مكانتِش هتيجي كدا ، دا طلع روحنا عشان نتصرف في املاكنا ، يالا .. في داهيـ.. ولا ميجوزش عليه الا الرحمه برضو .. من بكره نروح نخلص الٲجرأءت
= اه يا اخويا .. وافتح انت مشروعك علي راحتك .. بس الٲرنبة مراته رغم الحادثة فضلت بسبع ارواح لحد ما ولدت المزغوطة دي ..
بص اسماعيل جوزها .. علي “فلـك” الطفله الي ابُنهم شالها من امه .. وواخدها في حضنه وبيلعَّبها ..
_ وماله يا انصاف .. البت مفيش من ناحيتها اذية .. والبيت خدناه ، خليها مش هتخصر
= بس دي لازملها مصاريف وتربية ولبن وهـم ما يتلم .. انا هاخدها احطها في اي دار ايتام هو احنا ناقصينها ! مش ملزومين نخليها هنا ..
_ هتحتاجيها يا انصاف اسمعي مني .. خليها تترزع هنا مع عيالنا .. احنا معندناش قلب يعني عشان نرمي لحمنا ؟ هنبقي نتصرف بعدين .. مش يمكن يطلعلها ورث هي كمان من امها! نسيتي انها كانت علي قلبها فلوس متلتة قد كـدا ..
هزت انصاف راسها لجوزها .. وهي لسة مش مقتنعه اوي .. وراحت ناحية ابنها الي لسه شايلها وبيلعب معاها ..
= هاتها يا فارس .. انت شايلها ليه ؟ دي لسة صغيرة ممكن تقع منك ..
ابتسَم “فارس ببرائه”:
لٲ يا ماما سيبيها معايا ، نامت وانا شايلها ، شوفتي عنيها لونهم حلو اوي، دي ضحكِتلـي مرتين
!
= طيب خلاص هات اخمدِها جوا .. بلاش مناهدة .. اما تصحي تبقي العب معاها ..
فارس بص لفلك لقاها بتضحك وهي نايمة .. فضحكلها هو كمان .. وملس بصوابعه الصغيره علي شعـرها الخفيف .. وناولها لٲمه براحه .. وهي خدتها تنيمها جوا ..
عدت ايام وفلك عايشة عند عمتها .. وفارس اتعلق بيها اوي .. وبقا كل شوية يدخل يلعب معاها .. ويضحكها .. وكان بيخلص مدرسه بسرعة ويجي جري عشان يقعد معاها .. ويومه بيبقي ملوش طعم لو ملعبش معاها وشاف ضِحكتها .. وفلك كانت بتكبر وبتتعلق بفارس .. هو كان احن عليها من ابوه او امه .. كان بيدافع عنها دايمًا ومكانتش بتلعب غيـر معاه هــو .. لكن انصاف وجوزها مكانوش بيطقوها بسبب مش معلوم.
في يوم كانت انصاف بتحضر الفطار عشان عيالها يروحوا مَدراسهم .. وقتها فلـك كانت كبرت شوية وكان عندها 6 سنين .. وفارس وقف في المطبخ مع امُه عشان يكلمها
_ يلا يا فارس .. خلص لبس وتعالي عشان تفطر
= ماما هي فلك هتدخل المدرسه امتي ؟
_ لسِه مش دلوقتي ..
= ازاي يعني؟ بقا عندها 6 سنين .. طب حتـي حضانة ؟ انا في سِنها دخلت المدرسة ؟
_ وبعدين بقا ؟ انت صدعتني بفلك، مفيش في لسانك غيـر فلك ؟ قولنا لسة ، ولا تكونش هي الي بتسلطك عشان تيجي تقولي ؟
= لا يا ماما ، هي مقالتليش حاجة .. بس انا عايزها تروح المدرسه معايا عشان بتقعد زعلانة لما بسيبها انا وندي لوحدها ، نِفسها تِلبس اليونفورم زينا .. من حقها هتتحبس في البيت يعني ؟
_ ومين يساعدني في البيت ويشوف طلباتكوا؟
_ اشمعني ندي يعني؟ قعديها هي تساعدك وخلي فـلك تروح مدرسة.
_ نـدي؟! انت بتقارنها بيها؟ طب روح يا فارس مَدرستك يلا عشان متتأخرش.
_ ماما عشان خاطري خليها وانا اوعدك هساعدك في حاجه البيت مكانها ، أنا مش بحب اشوفها زعلانة!
خرج فارس من المطبخ .. وراح لفلك الي واقفة جنب باب الاوضة وعنيها مدمعه بعد ما سمعتهم .. وقعدت علي الٲرض مربعة ايديها الصغيرة وهي بتقوله بحُزن وصوتها الطفولي مبحوح
– شوفت يا فارس ! عشان تصدقني لما قولتلك انها مش عايزة توديني المدرسة !
= متزعليش يا فلك .. انا هكلمها تاني .
– لا هي قالتلي مش هتروحي المدرسه وهتقعدي تساعديني في شغل البيت وتكنسي وتمسحي ، اشمعنا انا مش بتحبني ؟!
= متعيطيش بس .. انتي مش هتعملي حاجة وهتروحي معانا المدرسه ، هكلم بابا كمان .. بس متعيطيش .. بصي انا هروح دلوقتي عشان متٲخرش واما ارجع هبقي اكلمهم واقنعهم.
– متتٲخرش عليا يا فارس .. عمتو بتضربني وبتزعقلي وانت مبتقاش هنا تدافع عني !
فارس لقاها بتعيط قوي .. ودموعها بتنزل علي خدها راح وقعد جمبها علي الٲرض ومسحلها دموعها بايده وباسها من راسها .. وهو متعجب ليه امه وابوه بيعاملوها كده
= خلاص ممكن مروحش انهاردة يا فلك ..
“انصاف” خرجت من المـطبخ :
فارس ؟ انت مروحتش المدرسة لسة ؟! .. ومالها النحس دي بتعيط ليه ؟ مش قولتلك قومي اغسلي المواعين يا بت ! ..
فلك خافت لـ تِضربها كالعَّادة ! .. وقامت علي طول من جمب فارس وهي بتترعش .. وراحت علي المطبخ بحجمها الصغير تُقف علي الكُرسي وتحاول تغسل الاطباق .. فارس بصلها واضايق من امه اوي
= ايه يا ماما ؟! .. فلك تغسل الاطباق ازاي دي صغيرة وممكن تتعور .. ما تخلي ندي هي اكبر منها
_ يا سلام .. ومتروحش مدرستها بقا وتتعطل .. هيجري ايه لو غسلتهم خلي ليها لازمة ، وقوم عشان متتاخرش
فارس قام من علي الارض ورمي شنطة مدرسته .. وقال لامُه بجديه وهو بيشمر كمامُه.
= هغيب مش رايح ، هقعد مع فلك عشان انتي بتضربيها يا ماما ، ولو سمحتي خليها متغسلش حاجة هتُقع من علي الكرسي وبتعيط اهو!
أنا هغسِلهم .. تعالي يافلك
ذِهلت “انصاف”:
_ تغسِل ايه يافارس مَـدرستك !؟ خلاص مش هخليها تعمِلهُم، يادي فلك وسنين فلك وابو فلك !
مرت كذا سنة .. وانصاف كانت رافضة انها تودي فلك مدرسه تتعلم زي ولادها .. كانت عايزاها تعمل معاها شغل البيت وبس رغم صغرها وضعفها .. بس الحاح من فارس ابنهم وافقت علي مضض .. بس بشرط انها تعمل كل حاجة معاها .. وجوزها اسماعيل باع بيت ابوها .. وفتح مشروعه ونجح فعلا واغتنوا وبقا معاهم فلوس ، وغرقوا ولادهم من الفلوس دي .. بس فلــلك مش بينولها جنيه واحد منها! , وكٲنها نَكره خساره فيها .. مع انها طفله !
دخلت انصاف في بيتها الجديد وشايلة شُنط وبتنادي علي عيالها ..
: يا نودي ، تعالي يا قلب امك شوفي جبتلك ايه ؟ فين فارس ؟ خد يا حبيبي شوف اللبس الي جبتهولك ..
خرجت ندي جري من اوضتها وماسكة الموبيل في ايديها .. وفارس كان مشغول بمذكرته عشان هو ثانوية عامة السنادي .. وفلـك كانت بتكنس الارض بالمكنسة .. هي كمان كبرت وبقت في اولي اعدادي وطولت شوية ، كانت متفوقة جدا في دراستها.. علي عكس ندي مُدللة امُها ..
_ مامي جبتيلي ايه ؟
– لبس كتييير يا نودي البسي واتشيكي وسط صُحابك في الدرس يا حبيبتي .. يلا يا فارس تعالي.
ساب فارس المذاكرة .. وقام مضطر عشان نداء امه .. “فارس” ومبقاش الطفل الصغير الي بيلعب .. بقا شاب كبير وجذاب .. بس لسه زي ما هو متعلق بفلـك وبيخاف عليها جدًا وبيضايق علي عياطها ، وهو صغير كان بيقف يدافع عنها لما امه تضربها بس مش بيقدر لانه كان صغير .. دلوقتي جسمه شبابي فسهل انه ياخد فلك من ايدين امه القاسيه .. ويبعدها عنها .. حسَّ بقيمة وجوده اكتر لما كِبر
ضَّهر وسند لـ “فـلك”
خرجلهم برا وشافها بتطلع لبس جديد ليه .. وندي بتقيس اللبس علي لِبسها وبتغيظ فلـك بيه .. وفلك طفت المكنسه ووقفت تبصلها من بعيد بحرمان وهي ساكتة
= شوف يا حبيبي اشتَرتلك ايه ؟ البسهم انت مش ابن اي حد انت ابن اكبر صاحب مصانع ملابس جاهزة .. لازم تتشيك وسطهم
_ شكرا يا ماما
“” بصي يا فلـك .. لبسي اجمل الف مرة من لبسـك البلدي .. ولله انا خايفة لتفضحينا بشكلك دا .. اللي هيجي هيفتكرك الخدامة بتاعتنا !
فلك بصت لندي وسكتت .. وكلامها موجعهاش علي قد ما وجعها حنان امها عليها ، والقسوة اللي مداقتش غيرها، وفي عنيها حزن وافتقاد لحنان الام الي زي دا .. ومتعرفش عنه حاجة واتحرمت منه قبل ما تحس بيه ،
– احترمي نفسك يا ندي .. فلك لبسها جميل ، وشكلها اجمل .. علي الاقل رقيقة وبسيطة في نفسها مش زيك بتدهن كيلو اسمنت وبويا في وشها ..
بصَّتله فلـك واكتَفت بـ ابتسامه رقيقة زيها ، هو فِهمها ، زي ما اتعود يفهمها بـ نظراتها ، وابتسامتها احساس أن في حد بيخاف عليكِ ، بيرد كرامتك ، وهمَّه من هـَّمك احساس حـلو ..
_ انا بدهن بويا علي وشي ؟ شايفة يا مامي ؟!
= ولا يا فارس بتكلم اختك كدا ليه ؟ ولا عشان بتقول الحقيقة!
– فلك زيها زي ندي يا ماما ، مش من حقها تجرحها ولا تهينها ، وبعدين حضـرتك المفروض تفهميها كدة .. لتفتكر نفسها اعلي منها.
= كان يوم اسود يوم ما دخلتي البيت هنا ، اختفي من قدامي شوفي الي وراكي .
هِـنا اتكَلم “فارس” بـ استنكـار:
_ ثواني بس؟.. هي ليه تكنس وتمسح وتغسل وندي تخرج وتتفسح وتلبس ؟ دا ظلم ليها وهي الاصغر .. ساوا بين ندي وبينـها ، انتوا مقتدرين، تقدروا تجيبوا واحدة تساعدكوا في شغل البيت ، هي وراها مذاكرة ، تعالي يا فلك سيبي كل دا وتعالي اذكرلك يـلا .
= نعم انا اكنس وامسـح ؟!
– متديني قلمين احسن يا فارس ؟
_ تتقطع ايدي قبل ما اعملها يا ماما ، بس فلك طول عمرها مظلومة معاكوا ، دي امانه ، لازم تكونوا قَـدها وتحافظوا عليها .. يلا يا فلـك
دخلت “فلك” ورا فارس بتردد وهي متوترة من نظرات انصاف وبنتها ..
_ شايفة يا مامي ؟
= معلش يا حبيبتي. .. هتروح مني فين ؟!!!
قعدت قُدام فارس علي المكتب بتاعو وهو فتح كتُبها عشان يذكرلها كالعَّادة .. بصتله من بين عيونها العسلي المدمعه وضحكتلُه .. بصِلها وهو كالمُعتاد ضعيف قدام ضحكتها البريئة، ضحكلها هو كمان
_ بتضحكي ليه ؟
– عشان علي طول بتزعق لـ ندي عشاني ..
_ هي غلطت فيكي ولازم تتعلم .. المهم انتي مش زعلانه صـح ؟
– لا انت بتقولي دايما اخلي عقلي كبيـر .. واسمع واعدي ، بس انا عايزة اقولك حاجة ..
_ ايه هي ؟
اتكَلمت بـ عفوية
– انت احنَّ منهم كُلهم ، انا بحـبك اوي يا فارس ..
فارس سِكت شـوية ، ونطـَق بُسرعه :
_ وانا بـحبك يا فلك اوي.
ابتسملها بحنيه ورد بعد تردد ، وهو بيقنع نفسُه بأنها وصفَّ عادي لأختُ زي اختُه افتكر انها مشاعر اخويه لِشده تعلُقه بيها ولكـن ….
حضنتُه وهي بتقول :
خليك جمبي يا فارس ، اوعي تتخلي عني وتسيبني ، انت عيلتي كُلها دلوقتي !
شد علي حضنها هو كمان .. وكلمتها العفويه من احساسها .. حركت فيه حاجه يمكن احساس بالفخر عشان هي شيفاه عيلتها ؟ ولا احساس تاني ؟!
= عمري يا فلـلك وعد!
” يا لهوووي ، يا سلام علي المذاكره ؟ واضح ان فلـك عندها مذاكره كتيير اوي ! “”
بعدت فلـك عنه وكأن في حاجه صعقتها وبصت لـ ندي ، اللي بدأت تزهق في كل اللي في البيت بـ انفعال ملوش مبررَّ :
_ يا مامـا ، تعالي بسُرعه شوفي الهانم المُحترمــه نازلة احضان في ابنــك !
فارس زعقـلها بنرفزة :
انتي عبيطة ياندي ولا ايه ، ايه اللي بتقوليه دا؟
فـلك” بصِت لـِ فارس برعُب وهي مش فاهمه عملت ايه ، جديد ما هي علي طول بتتعامل كدا مع اخوها؟
وانكَمشت لما لاقت ‘انصـاف” داخلة بهمجية عليها .!!؟
↚
– تعالي بسُرعه شوفي الهانم المُحترمــه نازلة احضان في ابنــك !
هِنا دخلت “انصاف” وبصت لـ “فـلك” بـ غِل واضح
وزعقـت فيها وهي بـ تشدها من دراعهـا :
_ ايه يابت اللي عملتيه دا؟
اتكلـمت “فلك” من بين دموعها:
_عملت ايه يا عمتو؟ ولله ما عملت حاجه!
قام “فارس” وشدها من ايدين امُه
_ في ايه يا ماما ، هي عملت ايه ؟! انتي ايه اللي دخلك يا ندي اصلاً؟
= جيت اشوف المسخره دي ، لا واضح ان احنا جاين عليها .. انت ازاي تحضنها يا فارس؟
_ مالـك يا ندي انتي وقعتي علي دماغك ؟ هي فلـك غريبه عننا ؟ دي اختي زي ما انتي اختي !
= لا بقا .. دا كان زمان لما كنا عيال ، لكن انت دلوقتي شاب قربت تدخل الجامعه .. وهي يعتبر بقت كبيره عن زمان ، ولا هي هتفضل عيله طول عمرها.
_ ندي انتي عايزه ايـه ؟
= ردي يا ماما قولي أنا عايزة ايه ؟!
وكانها مستنيه لفلـك مصيبه وهي بتبُص لـ “انصاف”.. اما فلـك بصت لفارس وهي بتعيط وبتترعش .. هي عملت ايه ؟ ما هي طول عمرها بتتعامل معاه عادي .. سابتها “انصاف” ونطرات التهديد والتجهم علي وشها ..
_ تعالي يا فـارس عايزاك ..
طبطب علي “فلك” كـ علامه يطمنها بيها .. وخرج مع امه برا ، فاتكلمت معاه بعصبيه
_ ايه يا فارس الي بسمعُه من ندي دا ؟ انت حضنت البت فلـك ؟
= هو انتوا ليه مكبرين الموضوع ؟ فلـك طفله .. وكمان هي طول عمرها معانا اول مرة تتعصبوا لدرجه دي عشان حضنتها زي نـدي ؟
_ لا يا فارس .. فلـك مَعدتش طفله .. كلها سنتين وتبقي ثانويه ، يبقي لازم يكون في حواجز ما بينكوا .. انتوا بتكبرو مش بتصغرو ، و انت مش ابوها ولا اخوها عشان تاخد راحتك معاها اوي كدا ،
= يعني اعمل ايه ؟
_ انت عارف تعمل ايه ! البت دي متقعدش معاها لوحدكوا يانا ياندي نكون معاكوا وانت بتذاكرلها .. وكمان تحط حواجز واصول ما بينكوا حتـي في كلامك معاها .. وهي مش هتقعد قدامك بشعرها تاني .. هنحجبها ، انت بقيت شاب يا قلب امك مش العيل الصغير بتاع زمان ، وانت عارف عادتنا وتقاليدنا ..
= بس انا شايفها صغيره .. و .. وكمان انا متعلق بيها قوي يا ماما ازاي اتعامل معاها بحدود دي زي ندي ، طب .. يـ… يعني استنوا علي الاقل لما تدخل ثانوي ، وبعدين اعملوا الي انتوا عايزينه!
_ البت شكلها صغير بس سنها مش صغير ، واحنا قولنا وخلاص .. لازم يبقي في حدود .. سامعني يا فارس ؟
رد وهو مش عارف ازاي هيعاملها بحدود ومش هيبقي معاها زي ما متعود وهي كُل حياتُه يعتبر
= طيـب !
فـات ايـام وايـام .. وفعلًا فارس اتعامل مع فلــك بحدود وتباعد علي حسب رغبه امه وابوه ، في الاول حسَّ بصعوبة ، مع تدخُل “انصاف” وتسلُط بنتها ، بقا يعمل طلبهُم و”انصـاف” خلت فلـك تتحجب ، ومبقتش بتقعد قـدام فارس بشعرها .. ولا بيذكرلها لوحدهم .. “ندي” بتبقي قاعده معاهم ، ومبقوش زي الٲول ، لما بتعيط من اهانة انصاف او بنتها .. بيقف يصالحها ، ويراضيها ، ويكلمها بس من غيـر اي تلامُس أو قُرب ، من غير ما يخُدها في حُضنه ويمسحلها دموعها زي زمان ، لما بتكلمه براحتها زي ما متعودة .. انصـاف بتزغرلها وبتعنفها ، ودا حسسها بالنقص !
فلـك كـانت طموحه ، وعندها احلام كل يوم كان هـو بيشجعها عليهم ، ان “فـارس” كُل عائلتها وكل ما ليها زي ما بتوصفُه ، يفضل في حياتها وميسبهاش ابدًا ، والتاني تبقي محاميه ، ودا اللي كانت بتِسعي ليه بتشجيعه ..
خلص فارس ثانويه عامه بتقدير عالي جدًا .. ودخل كُليه الطب .. زي ما كان بيتمني ، ودا الي خليَّ ابوه وامه ، يعملوله حفله ، هو محبش الموضوع دا ولا المُبالغه ، لكن ابوه اصر عشان يتباهي بيه وسط شرايكُه ..
كان واقف في اليوم دا قدام المراية بيعدل جاكيت البدله بتاعته .. فسمع خبط بسيط علي باب الاوضه .. وكانت ” فلــك” طبعاً .. بجمالها الناعم الطفولي .. وفستانها المُحتشم الرقيق ، وحجابها الي منور وشها ..
↚
= فلـك ؟ واقفه عندك ليه ؟
_ بتفرج عليك .
ابتـسم = بتتفرجي عليا ازاي ؟
_ شكلك اتغير يا فارس ! بقيت طويل وعندك دقن ، انت كبرت بسرعه !
_ انا ؟ ولا شكلك اللي زي ما هو مبتتغيريش .
= فارس ! هو انت هتتشغل عني لما تدخُل الكليه ؟
_ وهو انا اتشغلت عنك قبل كدا ؟
= لٲ بس الطب صعبه ، وهتقعد تذاكر علي طول ، وتروح محاضرات في الجامعه ، يبقي هتتشغل عني .. ومش هتبقي معايا اتحامي فيك !
_ صح الكليه مذاكرتها هتبقي اكتـر ، بس انتي اول اولوياتي واهتماماتي يا فلــك ، مش ممكن اتشغل عنك أبداً ، وقت ما تحتاجيني هتلاقيني ، وانتي خلاص كبرتي ماما عمرها ماهتضربك متخافيش.
= انت لسه علي وعدك انك مش هتتخلي عني مهما حصل ؟
_ ولا هغيره يا فلـك ، انتي اتربيتي علي ايدي انـا ، ومكنتيش بتنامي غيـر في حضنـي انـا ، انـا الي بوصلك المدرسه وبجيبك ، حـد برضو يتخلي عن بنتُـه ؟
ابتسامتها الجميلة وسعت ,
_ لا ، زي مقولت قبل كـدا انت عيلتي كُلها ، وانا بطمن لما بتكون جمبي .
تابع كلامُه بـ غمـزة وهو بيبُص علي فُستانها
= ودا كفايه عليا ، بس قوليلي كدا الفستان كان عادي بقي حلو اوي ليه كدا لما لبستيه ؟
نـدي هتغير خدي بالك .
“” واغيـر ليـه ؟ انت عارف انا جايبه الفستان بتاعي بكام ؟ من ماركه ايه ؟ مش محتاجه اغير ، طول عمري اجمل واحلا منها .. ومتحطش في مقارنه معاها “‘
“فلـك” لما لاقت نــدي كالعادة جات تضايقها .. انسحبت من جمبهم وخرجت علي برا ، وفـارس اضايق من اخته جـدًا ، هو ما بيصدق يكلمها شويه ..
بقا يتكلموا بالصُدف !؟ لازم هي تيجي تبوظ الدنيا .. وكانها مُخبره عليهم.
نفَخ وهو بيقفل الدولاب:
= مش هتبطلي تيجي وتتصنطي علينا ، ارحمي يا نـدي وبطلي نَفسنه بقا ومناقره معاها ،
الحفله ابتدت و”اسماعيل” كان عازم ناس كتير جدا .. وكان مغرور اوي في الكلام معاهم ، و”انصـاف” كانت زيه ، و”نــدي” خـدت علي الجو بسرعه واتعرفت علي ناس كتير ، “فـارس” شويه ومــل واتخنق من الحفله ، هو مكنش موافق عليها اصلاً ، وكان قاعد مجبور ، دور علي “فلــك” بعنيه لاقاها قاعده في ركن بعيد عن الدوشه ، وبتتفرج وهي ساكتة ، قام عشان يروحلها ، هي الوحيـده الي ممكن يتكلم معاها للصبح وميضيقش ، علي الاقل يستنفع بالكلام معاها لوحدهم من غيـر تطفُل اختُه ،
بس وهو رايحلها ، وقفُه صُحابه الشباب وقعدوا يسلموا عليه ويحضنوه .. فـ اتشغل عنها .. “فلــك” هي كمان اضايقت .. بطبيعتها مبتحبش الدوشه .. هي انطوائيه .. جات تطلع لاقت شاب جاي يتكلم معاها ارتبكت واتوترت ، هي مش بتتعامل مع اي شاب غيره هو بـس حتي في مدرستها :
= قاعده لوحدك ليه يا قمـر ؟
– نعـم ؟
= انتي اخُت نـدي ؟ معرفش ان عندها اخوات حلوين كـدا ؟
– عن اذنك يا استاذ.
= استـاذ ؟ طيب مش تعرفينا اسمك الٲول ؟
– وانت تعرف اسمي ليه ؟
= ليه يا تري ؟ غريب انا ؟ مش احنا في حفله وجو تعارف ولا ايه ؟
– لا ماليش في جو التعارف بتاعك ، عندك الف واحده روح اتعرف ، وسيبني انا في حالي.
سابته وطلعت علي اوضتها لانها اضايقت من الحفله دي ، هي حضرتها بس عشان “فارس” وفرحته هي فرحتها ،،
“ندي” قربت عليه :
_ في ايـه يا احمد كنت بتكلم فلـك ليه ؟
= هي اسمها فلـك ؟ حلوة زي اسمها ، بقولك يا ندي متعملي معايا واجب وظبطيها ؟
_ نعــم ! اظبطهالك ؟ ليــه بقا ان شاء الله ؟ دي عيله لسه مطلعتش من اعدادي !
= عيله .. عيله ، دي حلوه ودخلت دماغي ، وانا عايزك بس تلينيها عليا ، وانا هعمل الباقي.
_ حلوه ميـن ؟ تيجي ايه جمبي دي ؟
ضحك بسُخرية :
= هو انتي مبتُقفيش قدام مرايات ولا ايه ؟ ميـن دي اللي حلوه ؟ البت صغيره صحيح بس فلقة قمـر ، رقه وجمال ، وعيون ايـــه ! ظبطيني يا ندي وانا هظبطتك ، رغم انه صعب شويتين بس ما علينا ..
بصتلُه بصـدمه ، وزقتُه وهي بتبعد :
_ انت متخلـف وغبـي ، مبتفهمش !
سابته نـدي وطلعت السلم فوق بسرعه ، وعصبيتها بتحكمها ، وكلام “احمـد” زميلها في المدرسه بيعصبها ومشعلل الغيظ والغضب جواها ناحيه “فلـك” .
كـانت هتدخل اوضتها بس شافت “فلـك” واقفه قـدام التسريحه وبتفك الحجاب ، وبتسرح شعـرها ، اتغاظت منها قوي ، ازاي تبقي هي احلا ؟ دخلت عندها الاوضه وزقتها فرجعت لوري بفرق الطول الي بينهم
↚
– في ايه يا نـدي ؟
= في اني بكرهك ، فاهمة يعني ايه بكرهك !؟
– وانا عملتلك ايـه ؟
= عملتي ايه ؟ قولي معملتيش ايه ، انتي العقبه السوده اللي في حياتي ، ياريتك كنتي غورتي وموتي في الحادثه مع اهلـك ،
– أنا مش هرد عليكي يا ندي وهعمل حساب لأهل البيت الي انا قاعده فيه.
بصتلها بـ استنكار ، وزقتها وهي بتتكلم :
لا ردي .. وريني هتردي ازاي ؟ فيكي ايه زياده عني ها ؟ علي الاقل انا عنـدي فلوس وعيله ، مش شحاته ويتيمه قاعده عاله علي غيرها
“فلـك” اتوجعت من طريقه “نـدي” في الكلام معاها ، وعيونها اتملت دموع ، وخناقتها معاها غيـر كل مره ، هي متعرفش عملتلها ايه عشان كل الاهانة والتجريح دا .. مسكت نفسها وبعدت من قدامها تنزل تحت في المطبخ الجانبي بعيد عن الحفله وردت بصوت مغلوب عليه العياط :
– انا سيبالك الاوضه كلها يا نـدي ، انا معرفش مالك بيا .
نزلت “نـدي” وراها ، وكلام “احمـد” زميلها اللي مُعجبه بيه ، بيرن في دماغها وبيسوس الشيطان قدام عينيها ، وهو بيقولها انها وحشه وفلـك اجمل منها !
مسكتها من دراعها بتلفها ليها بعصبيه ، وزعقت فيها جامد لفتت انتباه الطباخ الي واقف يطبخ اكل العشاء .
_ بقـا انتي يا بيئه ! احمــد زميلي يُعجب بيكي انتي وانــــا لا ؟ ازاي عجبه ايه فيكي ؟ لبسك البلدي ؟ ولا الشحاته بتاعتك ؟!
هِنا ومقدرتش تستحملها اكتر فأبتدي صوتها يعليَّ:
– علي فكره انتي تجاوزتي حدودك معايا ، ومش هعديلك الي عماله تقوليه ، انا مالي ومال احمـد بتاعك دا ؟ روحي اسئليه هو متسئلنيش انا
= طول عمرك انانيه وبتغيري مني ، كل حاجه بتبقي ليكي ، حتي اخويا مِدي كل اهتمامه ليكي وبيبهدلني لو كلمتك ، كل حاجه انتي بتاخديها مني علي الجاهز ، جمالك مقرف اوي لو تعرفي ، وهو زوقه بيئه زيك عشان سابني انــا وبصلك انتي! انتي كابوس في حيـاتي يا فلــك كابــوس ؟!!
ابتسمت لها وهي بتتكلم بـ ثقه اتعلمتها من “فارس”: مش ذنبي انك شيفاني احسن منك ، وكل اللي بتقوليه دا مش بيزعلني بالعكس ، بيزود ثقتي في نفسي ، عشان غيرتك مني خليتك تبقي بالحاله دي .. احسنلك تبطلي غيره مش عشان حد عشان نفسك .. ربنا يهديكي يا نـدي.
“نـدي” اتغاظت منها جدا ، والغيره عَمتها وقتها ومشافتش هي بتعمل ايه ، اتلفتت وراها بجنون ولاقت قُصادها حاجه .. مسكت ط*. اسه ال. زي.*ت اللي الطباخ بي. قلي فيها الاكل ، وبِعزم ما فيها وقفت “فلـــك” ورمت منه عليها ، ضحكتها المُنتصرة اختفت مع صرخه “فلــك” العاليه الي لفتت انتباه اي حـد ، والطباخ وقف مصدوم من اللي هي عملته ، وطبعـًا الي جيـه علي لسان “فلـك” من صرختها..
– فـااااارس !
نـدي اتلفتت وراها بخوف وهي بتبص “لفلـك” بتوتر ومش بتبطل صريخ بـ اسم ” فارس” ، لاقت صوت اخوها بيسبقهم بيزعق في “ندي” بزهول وهو بيجري علي “فلك” ..
= فـلـك ؟؟! عملتي فيها ايه يا نــدي .
“نـدي” بِعدت لـ ورا بخوف من اللي شافتُه و ؟؟
↚
_ طاسة الزيت وقعت عليها !
_ واتحرقت ؟
“فارس” لما لاحظ اختفاء “فلـك” من القاعده ، ساب صُحابه وكان هيروح يدور عليها ، فزعُه صوت صرختها ، اللي جمدتُ الدم في عروقُه، من خوفه عليها .. وندءها بٲسمه ، جري عليها في المطبخ
، اتصدم لما لاقاها قاعدة علي الارض ، وبتعيط وتأٍن بصوت عالي ! ومغطية وشها بٲيديها ,
و” نـدي “واقفه جمبها بتترعش ..
” فارس” جـري عليها وهو بيوجه كلامُه لـ اختُه بصوت جهوري :
_ حصـل ايه ؟ عملتلها ايه يا نـدي .
نطقت بتوتر , وهي مش عارفه تجَمع كلام :
_ كـ .. كانت بتشيل الزيت و…وقع عليها بالغلط !
بصت نـدي للطباخ الي بيوجهلها اتهام صامَت بنظراتُه، فحذرته يتكلم ببصه متوسله من عنيها ، راح “فارس”قعد جمبها، وحاول يهديها عشان يطمن عليها،حاول يشوف وشها اللي مغطياه بٲيديها .
= فلــك شيلي ايديك ووريني وشك
– …………………
=فلـك ، اهدي عشان خاطري متقلقنيش ! ايه اللي خلاها تشيل الزيت يا نـدي ، امال الطباخ دا بيعمل ايـــه ؟
_ هي كانت عايزه تساعده ما انت عارفاها ،
صـح يعم فتحي ؟
“” ايـه الصريخ دا كُله في ايه ؟ مالها البت فلـك ؟ “”
الطباخ اللي رد علي “اسماعيل” و”ندي” قلبها وقع معاها لـ مجرد أنها فكرت انُه هيقول :
_ طاسة الزيت وقعت عليها.
قالت “انصاف” بـ اندهاش بعد ما جات :
_واتحرقت؟ ولا ايه؟
_ معرفش يا مامـا ، مش بترد عليَّا ،
أنا لازم اوديها المستشفي ، لازم اطمن عليها
“فارس” قال كلمتُه لأمه ، وشال “فلك” في حضنه وقام بيها، وهي لسه علي نفس انهيارها وصدمتها ، ومش مديالُه فُرصه يشوف مَدي إصابتها ايه،
ودا بينهش في قلبُه من الخوف عليها.
“” استني يا فارس ، هتخرج بيها كـدا وسط الناس ؟ شكلها متحرقتش ، اتلسعت يعني
انا هخلـي اسماعيل يــــ….
= مش هستني حد يا ماما ، انا هروح بيها ، لازم اطمن عليها، تتفلق الناس.
“فارس” ضمها ، وخرج بيها وسط الناس في الحفله متابعينُه بـ استغراب واندهاش وهو مهمهوش وخرج.. ووراه ابوه اللي اتحرج من الموقف ، وطلعوا علي المستشفي .. “انصـاف” فضلت واقفة في المطبخ وبصت بـ شٍك لـ هيئة بنتها اللي بتتنفض من التوتر،
_ تعالي ورايا علي فوق يا نـدي!
= نـ ..نعم يا ماما
_ انتي ليكي يـَّد ، في اللي حصل للبت دي
بخوف_ هيكون ليَّا ، لـ .. ليه يعني أنا مالي
هِنا “انصاف” اتأكدت من شَكها ، وخدت نَفس :
_ احكيلي عشان اتصرف .
= احكيلك ايه ؟ انا مليش دعوه وللـ..
قاطعتها بعصبية وهي بتهزها :
_ هتمثلي عليا يا قلب امك ؟ انتي اللي عملتي فيها كدا صح ؟
= لـلا… انا معملتش حاجه!
↚
_ يابت انطقي ! لو حد حس قبلنا وعرف ان ليكي اثر للي حصلها ممكن تروحي في داهيه! ومصيبه لو البت اتحرقت حرق كبير !
“نـدي” بدٲت تعيط لما عرفت خطورة اللي عملتُه، واترمت في حُضن امُها واتكلمت بـ انهيار:
_ يا ماما .. ولله مكُنت اقصد, هي الي نرفزتني ، انا مكنتش هعمل كدا ، بسببها هي يا ماما،
لطمت “انصاف” علي وشِها بـ صدمة:
_ يا لهوي ! طب ليه يا نـدي اتسرعتي في التهور المرة دي ، مهياش اول مرة تتخانقوا!
_ اتغاظت منها عشان احمد معجب بيها هي وانا لا،
وهي عصبتني بـ كلامها، وكنت عايزه اضربها بٲي حاجه .. فـ لاقيت الزيت .. بس مدلقتش كتير وعم فتحي مكنش لسه سخنه اوي يا ماما ولله ،
_ يادي الوقعه ! عايزة تضربيها ، تقومي تحرقيها تجبيلنا مُصيبة يابت ؟!
_ معرفش اللي حصل ، ولله يا ماما ما كان قصدي ، ماما هي ممُكن تبلغ عني صح؟
هيسئلوها وهتقول عليَّا وهتحبس يا ماما !
نهرتها “انصاف” بحده :
_ بس اخرسي وانا اسمح بـ حاجه زي دي!
_ طب هنعمل ايه ؟
_ انا هتصرف ، وادعي تكون اتلسعت بس ،
حد شافك وانتي بتتخانقي معاها ؟
= الطبـاخ !
_ ياربي علي غبائك! أنا هسكتُه ،يلا ومش عايزة يبان عليكِ اي حاجه فاهـمـة؟
“فـارس” راح بـ “فلـك” المستشفي ودخلها الطوارئ ، وقعد برا يستني وهو قلقان عليها ، وابوه كان واقف معاه ..
_ ما خلاص يا فـارس .. رايح جاي .. رايح جاي! خَيلتني يابني .. دلوقتي الدكتور يخرج يطمنا.
= خلاص ازاي ؟ دا زيت سُخن،
، شوفتها كانت بتتوجع ازاي ؟! انا قلقان عليها قوي.
_ لو كانت حاجه خطيرة ، كان بان ما انت شوفت وشها ، علامات لَسع زي اللي بيتلسع ، عادي ، مش كارثة تخليك تبقي كدا ، مكنش ليه لازمه تجبها هنا اصلا.
= عاديه ايه ، ووشها كان احمر ووارم اوي وواضح حتي لو مش خطير ، وكمان يابابا انت عارف فلــك ايه بالنسبالي ، واي حاجه بتحصلها بتِمسني انا الٲول ، وكفايه انه هيسيب اثر عليها ،
قال “اسماعيل” كلام في سره مش عجبه ، وشويه والدكتور خرج .. “فارس” قام بسُرعه :
_ قولي يا دكتور بسرعه ، الحرق خطير ؟ هتعمل عمليه ؟
= الٲول الزيت وقع عليها ازاي ؟
_ معرفش ! مشوفتهاش .. بس اهلي بيقولوا انها كانت بتشيله ووقع عليها من غيـر ما تُقصد.
= هو لو وقع منها وهي بتشيله ، كان هيصيب ايديها رقبتها .. لكن وشها علي ما اعتقد بعيدة شويه ، الا لو شالته من مكان عالي عن مستوي راسها ؟!
اتنهد “فارس” واتكلم بـ جمود :
_ الله اعلم هي شالته ازاي ، بس طمني عليها الٲول هي عامله ايه ؟
= الحمدلله بسيط مش من الدرجه التالتة اللي تخلينا نقلق ونعمل عمليه جراحيه ، ونحمد ربنا ان درجه سخونيه الزيت مكانتش عاليه الا وكان هيبقي دخلنا في مرحله اصعب ، انا ربطتلها وشها بالشاش ، وكتبلتها علي مسكنات و مراهم لازم تواظب عليها في البيت ، ممكن تقعد لٲسبوعين او تلاته ، وهيبقي في اثر لمكان الاصابه هيفضل فترة علي وشها
“اسماعيل” رد بعدم فهم :
_ مفهمناش، يعني البت اتشوهت ! ولا لأ.
= مقولتش اتشوهت ، زي مقولتلك كويس جدا ان الزيت مكانش سخن لدرجه الغليان ، والا كان ساعتها وشها اتشوه ، لكن الموضوع ابسَّط ، و لازم طبعا يبقي في اثر بسيط مكان لسعه الحرق وهيلتئم مع مرور الوقت بالمراهم والادويه ، بس نفسيتها مش ولا بُد تقريبًا اتخضت من الموقف، فـ هتحتاج تتابعوا معاها عشان تتحسن نفسيًا ،بالشفا ان شاء الله
“فارس” استريح نوعا ما ، ودخلها الٲوضه كانت قاعدة علي السرير ووشها عليه لاصق طبي مش كبير وبتعيط ، قرب منها وقعد علي الكرس جمبها وبصلها بقلق ، ومِسك أيدها :
↚
= لسه بتوجعك زي الٲول يا فلـك ؟
– شِوية
= متقلقيش .. الدكتور طمني وقال انه حرق بسيط .. وهيخف بسرعه ان شاء الله ، بس انتي ايه اللي دخلك جوا وشيلتي طاسه الزيت ليـه ؟
“فلـك”عيطت بصوت مكتوم ، و”قالت لفارس” برعشه وصوتها خايف
– فارس انا خايفة ! خايفة اروح البيت تاني ،
= ليه بس ؟ دا كُلهم قلقانين عليكي!
– لو روحت نـدي هتٲذيني ! انا معملتش حاجه ليها !
سألها بِشك= اهدي بس وفهميني ، ايه دخل ندي ؟
هي صـح؟
– هي ! دخلت لوحدها وزقتني ، وقعدت تقولي كلام وحش ، وانا سِبتها ونزلت تحت راحت ورايا ودلقت عليا الزيت ، بس ولله ما عملت ليها حاجه!
= نـــدي !! ليه عملت فيكي كـدا ؟
– قالتلي بغير منك وكان نفسي يعجب بيا ، فارس انا مش عايزه اروح هناك ، انا خايفه منها.
= دي اتجننت ، ماشي يا نــدي حسابها معايا، متخافيش من حاجه طول ما انا جمبك ، ونـدي انا هوريها .
– انا .. شكلي بقا وحش صح ؟ ، وشي كله بقا وارم وعليه اثار ، انا مش هروح المدرسه ، كلهم هيتريقوا عليا .
= لا يا فلك متخافيش ، كله هيختفي مع الوقت ، ووشك مش وحش ولا حاجه ، انتي زي ما انتي زي القمر.
– لا ، انا لو فضلت كدا مش هعرف اشوف حد ، انا هخرج ازاي ؟
= انا طمنتك يا فلــك ، الموضوع دا مش هياخد اسبوع وهتبقي زي ما كُنتي ، ونــدي انا مش هعديلها اللي عملته ،
– فارس خليك جمبي ، كلهم بيكرهوني ، انا خايفه من كل حاجه.
طبطب عليها ، وهو بيطمنها بنظراتُه قَبل كلامُه :
_ انا دايماً جمبك ، وصدقيني مش هسكت علي اللي حَصلك .
الايام بتمر و”فلـك” رجعت البيت ، بـ هاجس خوف خففُه اطمئنان من “فارس” ووعده أن مفيش حاجه هتمسها تاني طول ما هي معاه ..
بَقت بتتحاشي “نـدي” وخايفه تقرب منها ، و”نـدي” كمان بتتحاشاها ، وتعاملهم مع بعَض بقا شِبه معدوم ، و”انصــاف” عرفت ترشي الطباخ وتسكته عن بنتها ، انما “فـارس” ، فهو هد الدنيا علي دماغ اخته لدرجه انه كان هيضربها ، بس امه وابوه كالعادة تدخلوا ودافعوا عن بنتهم ، و”فلـك” مش في حسابتهم ، ورغم أنه أجبرها تعتذر منها وتتأسفلها بس انتهي الموضوع أنه قاطع اختُه نهائي وخد موقف ، لانُه متصورهاش تبقي بالحقد ، والكُره دا !! ..
“فلـك” فكت الشاش .. وطبعًا وشها لسه مخفش .. وعليه اثار بسيطة .. ودا كان مبوظ نفسيتها جدًا مخليها علي طول حزينة وبتعيط ، وضحكتها اختفت ، رغم ان “فارس” جمبها ومش بيسبها لحظه ، ويمكن دا الحاجه الوحيده الي خلتها متنهارش اكتـر ، و”فارس” خدلها اجازة من مدرستها لحد ما نفسيتها تتحسن .. لكن كل دا في الهوا .. حتي لو وشها ابتدي يخف .. اللي عملته اخته معاها هزها وخلاها خايفه وزعلانه ، ومبتكلمش .. عرفها عن نوع جديد من أنواع مشاعر البشر ،. وهو الحقـد السوداوي ,
“فارس” كان مضايق وشايل حِملها ، ومكانش مركز في دراسته ، ومفيش تحسن في نفسيتها .. والشهر بيجر شهر وامتحاناتها بتحضرها بالعافيه بعد معاناة علي عكس حماسها وحبها لدراستها في الٲول ، ودخلت ثانويه عامه لكن لسه زي ما هي ، طالت اوووي فترة حزنها وكٲبتها ، وكل دا كان مزعل فارس ، وحشُه جدًا ضحكتها الجميله وابتسامتها ، وهزارها .. حاول بكُل الطُرق يخرجها من حُزنها ، يشتريلها هدية بتحبها ، يجرب يخرجها ، يكلمها .. لكن مفيش ، لدرجه دي “نـــدي” اذاتها نفسيًا ؟
“نـدي” كانت قاعدة مع ابوها وامها وبيتكلموا ، ومش في بالهم حاجه:
= انتوا لازم تعملولي حفله انا كمان يا مامي زي فارس ، انا هدخل الكليه ، وانا مش اقل
_ هنعمل طبعا يا روحي ، بس البت فلك صحتها في النازل وانا بقيت قلقانة ، دي علي الحال دا اكتر من سنه ، انا خايفه لـ تروح مننا ، ما تتكلم يا اسماعيل ؟
_ البركه في بنتـك.
= يووه ، عكنينوا عليا وانا مبسوطه ! انا قولت مكنتش اقصد ، وهي بقيت سليمة ووشها خف ومتحرقش للدرجه يعني ، هي اللي اوفر وكئيبة ليه لازمة كل دا
_ ما انتي لو كنتي صبرتي شويه ومتسرعتيش ، مكانش حصل كل دا ،
↚
_ يا مامي انا من رأيي ، ودوها عند دكتور نفسي ، دي بقت طاقه كٲبة ، مكنتش خناقة اللي حصلت ، وانا مبقتش اتخانق معاها زي الٲول و … آآآي ، انت بتحدفني بالكتاب ليه يا فارس ؟
“نـدي” بصت لاخوها وهي حاطة ايديها علي رٲسها بعد ما حدفها بالكتاب اللي في ايده ، وبصلها بعصبيه ، ودي يعتُبر أول مرة يتكلم أو يتعامل معاها من ساعة اللي حصل :
= انت بتضرب اختك يا فارس ؟
_ دا قليل عليها يا ماما ، انا مش قادر اصدق البرود والبجاحه اللي عندها دا ؟! هو انتي كدا طول عمرك .. ولا انا مكنتش واخد بالي !
_ وانا عملت ايه ؟ انا مبكلمهاش ولا بقرب منها
زي ما قولتلي! اعمل ايه تاني؟
ايِدالها صوابعي العشرة شمع يعني؟
= وانتي كمان عايزة تكلميها بعد عملتك السودة ؟ شايفه اللي عملتيه خـَلاها عامله ازاي ؟! انتي ايه الغل اللي جواكي منها دا ، بجد انا مكسوف ان اختي تبقي بالجبروت دا معندهاش دم.
_ انا قولتلك مكُنتش اقصد ، خلاص يا فارس بقا ، انت بتنتهز اي فرصه عشان تهزقني! مش كفاية انك مقولتليش مبروك النجاح بـ كلمه حتي وبتعاملني
كـ الغريبة ولا اكني اخُتك!
“” جرا ايه يابني مش كدا ، مهما غلطت اختك مينفعش تعاملها كدا ، ولو اني شايفة انها صح ممكن نوديها لدكتور نفسي يشوفها ، دي بقت علي طول عياط وكأبة ، وزهقتنا معاها، رغم أنها خفت يعني “”
ابتسم بـ استهزاء :
_ حتي انتي يا ماما ، ما هو طبعا ، طول عمركوا مفترين عليها وبتظلموها ، ومديتوش اي اهميه لموضوعها ، اللي المحروسه بنتكوا عملتوا فيها ، فلـك مش نفسيتها بس اللي باظت ، انا كمان طول ما انا شايفاها كدا ، انتوا ازاي ام واب ؟
_ احترم نفسك وانت بتتكلم معانا ، انت بتكلم امك وابوك ، متتعداش حدودك ،
=وهو بقا في حدود ، نفسية فلــك مش هتتحسن غيـر لما تتطلع من البيت الاسود اللي مشفتش فيه لحظة حلوة دا ، بس مش عارف هطلعها واقعدها فين!
_ تطلعها ؟ وتوديها فين يا فارس ؟! دا جزاتنا ان انا مرميتهاش للغريب ، وخدتها اربيها وستكوا ؟
– تعرفي يا ماما الغريب كان هيعاملها احسن من معاملتكوا الف مرة ، انا مش فاهم سبب كرهكوا ليها ، ومش عايز اعرف .
“فارس” سابهم وطلع “لفلـك” اللي اوضتها بقت سجنها اللي فرضته علي نفسها ، وخبط وبعدين دخلها ، كانت قاعدة علي الكنبة وباصه في الكتب اللي قدمها ، رفعت عينيها العسلي وبصتله وفضلت ساكتة ،
= عايزني اساعدك في حاجه في مذاكرتك يا فلـك ؟
– لا شكرا
= طب انتي قاعدة هنا لوحدك ليه ؟
– امال اعمل ايه ؟ انا بقيت بخاف انزل من اوضتي.
= غلط يا فلـك انتي لازم تبقي اشجع من كدا ، ومحدش هيقدر يعملك حاجه صدقيني
– انا كدا كويس
= طب مش هتبتدي تنزلي المدرسه ، انتي بتحضري علي الٲمتحانات بس !؟ ودي ثانوية عامه
– بتهزر !؟ عايزهم يشفوني كدا ؟
= كدا ازاي ؟ بطلي هواجس الخوف ،
انتي زي القمر ومفكيش حاجه , انتي خفيتي علي فكرة ومعدش في حاجه تخوفك وتقلقك
– انا حاسه انهم هيتريقوا ، فارس متضغطش عليا وسيبني براحتي.
سِكت شويه وفضل يبُصلها ، مبقتش زي الٲول ، اللي عايزاه يفضل جمبها وتفضل بعيد عن اهله وهي عايشة معاهم ، يمكن لما تبعد عنهم وعن البيت تبقي احسن ؟ بس ازاي ؟! بس لا هو ميقدرش تبعد عنُه ابدًا ، عايز يساعدها ويعوضها بٲي طريقه ، طول عمرها مظلومة من عيلته ،جات فِكرة في دماغُه ، خلتُه يبتسم بأتساع محسش بيه من مجرد تخيُلها بس !
قَرب منها وسند علي مَكتبها، وهو بيتكلم وقال بعُمق، ومحطش اي حسابات ولا فروق في دماغه ، وهو حاسس انه بيقولها بجد وبٲهمية ، مش نوع المساعدة والذنب ..
– فلـك انا بـحـبك من يوم ما شيلتك علي ايدي وشوفت ضِحكتك ، أنا عايز اتـجـوزك ..
ردت وحَست أن كل حواسها وقفت، من الذهول :
_ نتجـوز ؟
_ ومُستعد اكتب عليكي دلوقتي ..
↚
_ مُستعد اكتب عليكي دلوقتي .
قالت بـ تردد :
_ بس انا مش موافقة !
“فلــك” بعد ما سمعت كلام “فارس”، حست أن عقلها وقف ، اتزلزلت من جواها ، بتترجم اللي بيقوله ، واتفاجاءت علي قد ما حاولت تستوعب !؟
_ اللي سمعتيه يا فلـك ، وعايزك تعرفي أن
كل كلمه حقيقة.
_ طب ازاي يا فارس ؟ احنا متربين سوي ، ويعتبر اخوات ، وطول عمرك بتعاملني زي اختك نـدي ! ايه اللي جد ؟
خَد نفس طويل :
_ كنت فاكر اهتمامي وتعلُقي بيكي ، بسبب ان شايفك اخت زي نـدي ، لكن حصل العكس ، انتـي متعرفيش اول يوم لما ماما دخلت شيلاكي ، انـا كنت عامل ازاي ؟ حبيتك بطريقه !
كنت عايز اشيلك من ايديها ، ولما ضحكتيلي اول مرة في وشي .. ضحكتي طلعت لوحدها من جمال ودفئ ضحكتك ، زي متكوني خدرتيني!
اتنهدت –
مش عارفه ارد عليك بـ ٲيه يا فارس !
= مش عايزك تردي انا عايزك تسمعي ، وتصدقي كلامي الي بقوله عشان هو فعلًا خارج من جوايا ،
ومـ صدقت جاتلي الجرأءة اقوله، فلــك انا لما كنت بشوف دموعك كان يومي بيقفل ، وبفضل مضايق ومش طايق اكلم حد ! لما احس ان تعبان ، طَلتك كأنها داوء ليَّا، بروق وبيجيلي نشاط مرة واحدة ..
أنا يمكن مكنتش فاهم نفسي، ومع الوقت, كُله كان بيوضحلي، رغم أن بشوف كُل يوم بنات اشكال والوان في الجامعه،محدش منهُم قِدر يشقلب حالي غير نظرة مِنك؟مفيش حد بيقدر يغير مزاجي في ثانية وابقي مبسوط كدا لما بشوفك غيرك!
انتي فاهمة انا بقول ايه ؟
– فاهمـه ، بس ممكن يكون دي مشاعر عاديه لاخ لاختــ ..
= انا فاهم انا حاسس بـ ٲيه ، ولو كنت شايفك اخُت ، مكنتش حسيت ناحيتك بحاجات غريبه كنت بحسها لما ابقي قريب منك او اشوفك ، انتـــي حاجه ونـدي حاجه تانيه
– انت متٲكد يا فارس .
= عمري مـ كنت متٲكد من حاجه زي دلوقتـي ، انا نفسي دلوقتي اخـدك وابعد عن كل حاجه مضيقاكي او مخوفاكي ، نفسي اشوفك مبسوطة ومطمنة دايمًا
“فلــك” اتوترت واتكسفت اوي ، عُمرها ما انحطت في حاجه زي كدا، ولا حست بـ الاحساس اللي هي حساه ومش فاهماه دلوقتِ !.
هي متعلقه بيه ولما بيبقي جمبها بتحس انها بٲمان ، شافت فيه كل حاجه اتحرمت منها ، اب … اخ … ام ! مكنتش بتكدب لما تقوله ان هو كل عيلتها ، وهي مش فاهمه احساسها ناحيته ايه ؟ لانها معاشتش كل المشاعر دي قبل كدا ، ومش عارفه تفسره ؟ احساس اخوي عادي ؟ ولا احساس حــب زي احسـاسه ؟ خايفه تصارحه بحاجه تكون مش واثقه منها او متٲكدة من حقيقتها ،
وتقول حاجه تظلمهم بعدين !؟
كُل اللي عايزاه يفضل حواليها ومعاها دا كفايه ليها !
– وانا شيفاك حياتي وعيلتي كلها بـس.. مش هقدر احدد احساسي واتسرع واقولك انا حاسه بٲيه ! لازم اتٲكد منه اوي عشان منخسرش علاقتنا ببعض ، منكرش ان كلامك فرحني وخلاني مبسوطه لـ درجه غريبة مش لاقيالها تفسير .
ابتسم لها اوي، لما لاقاها بتقول كدا ، فـ كملت :
_ لكن الٲول افهم نفسي زيك يا فارس ، انا متربيه علي ايدك ومعاك ومع نـدي .. وعمتو انصاف كانت دايما تقولي انتوا اخوات وبس ، خايفه اقولك حاجه دلوقتي اكون مش حسباها صـح ، لازم وقت احدد فيه ، مينفعش اقولك حاجه دلوقتي ، فاهمني يا فارس ؟
_ بالعكس انا مش عايزك تقولي اي حاجه دلوقتي ، انا عايزك يوم لما تصارحيني بيها وتقولهالي ، تكون حساها .. من قلبك .. ودا كفايه عليا يا فلك ، انتي لسه صغيرة ، طبيعي هتحتاجي وقت تفهمي نفسك ، انا زيك مشاعري زمان ناحيتك كانت متلغبطة ومش عارف افسرها صـح ، ودايما كان في شيئ فيكي مخليني هتجنن ومش عارف ايه هو ، خدت وقت لحد ما فهمت قد ايه انا بحبك ، بس حـب غيـر حب نـدي ، معاكي وقتك كله ، وانا هفضل احبك دايمًا، بس !
_ بس ايـه؟
_ كنت عايز نتجوز، لو جواز صوري
عشان اخدك و ابعدك عنهم
دقات قَلبها بقت عاليٍة لـ درجة ،
هي دلوقتِ في دوامه غريبة ! , ومشاعر بتعيشها لأول مرة, لكن مبسوطة بيها !
↚
_ تبعدني ليه يافارس؟
تأمل كُل تفصيله فيها بزعل :
_ بُصي لـ نفسك وانتي تعرفي،
انتي مش فلـك بتاعة زمان ، حسيت أن وجودك وسطهم بيطفي نورك ، فكرت في كِدا ، عشان اروح معاكي لأن بُعادك مقدرتش اكمل تخيلُه
_ مـ مش عارفه , غصبًا عني ولله
_ يبقي توافقي واخدك وتبعد خالص، وترجعيلي فلك بتاعة زمان .
سكتت ، وهي مش عارفة تجاوبُه ، هو صـح ، وجودهم في حياتها نِقمنة ، بس هيّ عايزة تبعد وهـو معاها ، بالنسبالها “فارس” كل عالمها والباقي مِش مُهم ، لِكن لو فكرت بعقلها ، هتلاقي أنها خطوة مِش سَـهلة نهائي ، انهُم صغيرين علي المسؤوليه الكبيرة اللي هياخدوها دي!هو لِسه بيدرس ومش اي دراسه، اكيد بعد ما هيعملوا كدا هيحصل مشاكل!
هيصرفوا منين؟ هيعيشوا فين ومنين؟
وهي هتبقي مُستعدة للخطوة دي؟
“فارس” كِدا هيتحمل كتير اوي، ولأ !
هي مترضلوش يتعذب كِدا عشانها، كفاية اللي بيعملُه معاها طول عُمره ، هتبقي انانيـة لو وافقـت !
خَدت نفس كبير :
_ لأ مش موافقة يا فارس
بَصلها وسِكت، بس شافت في عينُه نظرة خَلتها تندم علي اللي قالته ، اول مرة تشوف نظرة الخيبة دي؟
وزعلت عشانُه جِدًا :
_ طب ليه؟ يعني حلو حالك دا؟
أنا لو هعمل كدا فـ أنا هعمل دا عشانـِك !
_ لو عملنا كِدا اكيد هيحصل مشاكل مع عمتو ، ودراستك وبيـ..
قاطعها بعصبية :
_ملكيش دعوه بـ كُل دا ، المُهم عندي انتــي !
_ اسمعني يا فارس ،حاجات كتير مُش مستعدين ليها فعلاً، كُل حاجه تتقاس بالعقل احسن !
_ وانتـي يا فـلك؟ أنا بحس بالذنب ناحيتك وانا كل يوم اشوف دمعة بتنزل مِنك بسببهُم،
وانا واقف متكتف عشان دول اهلـيّ !
ابتسمت ليه بـ انكسار، حاولت تقلبُه بـ هزار :
_ سيبك مني ، وهـ .. وهُما اهليّ برضو ،
ومليش غيرهم ،كتر خيرهم أنهم مسابونيش للشوارع
وربوني في وسطهم علي رأي نـدي !
يعني عادي يا فيرو الأهل لا غُبار عليهم،
يعملوا ما بدالهم.
_ طالما كدا ، انا ليا طلب يا فلك !
– ايه هو ؟
= اخرجي من العُزله اللي عملها لنفسك ، ارجعي لحياتك ودراستك من تاني ،
راح فين حلمك بانك تبقي مُحاميه؟
مش رفضتي طلبي
يبقي ترجعيلي وارجعي لـ حياتك تاني،
عشان خاطري انـا ، والا ولله لو لاقيتك زي ما انتي
لـ هنفذ اللي في دماغي، وكله يغور فدي دمعه مِنك!؟
ضحكتلُه ضِحكه، قِدرت توقعه فيها تاني !
_ حاضر يا فارس .
فاتت ايام و”فلـك” ابتدت ترجع لحياتها من تاني تدريجيًا .. و”فارس” مش بيسبها لحظة ومانع تدخُل اي حد من عيلته، انه يضايقها بكلمه ، عشان تكمل ومتضعفش نفسيتها تاني و بيشجعها وواقف جمبها ، بنفس حُبه ليها اللي من اهدافُه اول ما يخلص ،
هيتجوزها ويبعد بيها خالص،
لولا رغبتها كان عمل كدا من وقت طـويل،
هـيّ حُب طفولته ومراهقته وشبابه ،
“فلـك” كانت بتجتهد في دراستها وحماسها لحلمها كان بيتضاعف ، وخلصت ثانويه عامه
و وصلت لـ كُلية احلامهـا الحقـوق ، ولحظتها كانت اسعد انسانه .. وطايرة من الفرح ، و”فارس” اول مـّن يشاركها إنجازها و فرحتها ،
↚
وان هي بتكبر وبتعلي قدام عيونه ..”
نــدي” سقطت في كُليتها سنتين ورا بعض ، لانها مش مهتمه ليها اوي ، ولما شافت “فلــك” وتفوقها واجتهادها وبصه الناس المنبهرة بيها ، حتي اخوها ودعمُه الملحوظ .. الحقد والغيرة رجعت ليها من ناحيتها من تاني ، ومعُظم الوقت بتتمني تحصل كارثه تخليها متكملش تعليم ، فلجٲت لنصها الاول والوراثي في الغل والكره … ”
_ هو مش بابا بيمُر بـ ٲزمة ماليه صعبه في شغله يا ماما ؟
= انحسدنا ، اكيد عين ، دا لو معرفش يتصرف ويلم احواله ، هناكل تراب .. ونرجع اسوٲ من عيشتينا الٲولي
!
_ خلاص وفروا ، انتوا يعني وسط الزنقة دي كلها ورايحين تدفعوا مصاريف كليه وجامعه ودروس لِست فلــك هانم ..
= واحنا نعمل ايه ؟ البت جابت مجموع وعايزة تكمل ، مش زيك يا اخرة صبري.
_ اووف ، بطلي تفكريني يا مامي لو سمحتي ، انا مضايقه لوحدي ، وبعدين انا قلبي عليكوا .. فارس قَرب يخلص كُليه خلاص وقريب هيشتغل في مشفي كبيـرة مع صاحب بابا ، وانا بفكر مكملش .. يبقي قعدو البت فلـك من الجامعه .. وبلاها مصاريفها الي مش هتخلص.
= بالساهل كدا ؟ دي ماسكه في تعليمها بٲيديها وسنانها ، واخوكي مش ناصفنا .. جاي في صفها ومعتبرنا اعدائه.
_ بابا مش بيطيقها من يوم ما جات البيت عندنا ، وبيعاملها كويس شفقًا ، اقنعيه يقعدها من الكليه ، وتوفر عليه شوية .. هيٲيد الفكرة.
= وانتي من امتي قلبك علينا اوي ، ما احنا فيها وعارفين انك متغاظة منها عشان هي فالحه في دراستها .
_ هو ميـن اللي بنتك ؟ انا ولا هي ؟ الحق عليا ، خلاص سيبوها تكمل .. وكل يومين تقطم وسطكم في مصاريفها .. كتـب .. دروس .. امتحانات ، انا مالـي
“انصاف” كانت مقتنعه بكلام بنتها ، هما بيمروا بضيقه ماديه شديدة ، حصلت فجاة وهما مش حاسين .. وممكن جوزها يتحبس ومصاريفهم زادت عليهم ، وفعلا راحت واقترحت الكلام علي جوزها “اسماعيـل” ، وهو ما صدق ورمي موافقته ليها بعصبيه يمكن يخلص من الديون اللي عليه ، وقالها ان بنته صح هو مش مُلزم يصرف ويكلف علي بنت الغريب لحد كدا ، كفاية انه مقعدها في بيته ، وكالعادة معملوش حسابها وامرهم نِفذ علي المسكينة دي .. ”
– يعني ايه مش هروح الكُليه تاني ؟
= زي ما سمعتي اسماعيل بيمر بظروف وحشة مش في استطاعته يصرف عليكي .
– بس يا عمتو دا حلمي ! مقدرش مكملش ، ولله ما هكلفكوا ولا هطلب منكوا فلوس نهائي ، ولا هدخل دروس .. فارس بيذاكرلي.
“نـدي” دخلت في الحوار، عشان امها متَلِنش،
_ يا سـلام وهو فارس فاضي لجنابك ؟ هو وراه كليتُه هو كمان وهو اصعب اصلاً .. ولا نسيتي ،
احنا ميزانيتنا مش مكفيه لطلباتك .. واحمدي ربنا ان بابا فِضل يصرف عليكي لحد دلوقتي ..
– يا عمتو ، انا قربت اخلص السنادي وفاضل تلات سنين كمان وخلاص .. عشان خاطري بلاش تحرموني من الكليه .. انا ممكن اشتغل واصرف علي نفسي باقي السنين اللي جايه.
= هبله اوي ، تشتغلي بـ ٲيه بقا ؟ والدنيا فلوسها بقت نار ، وانتي اصلآ شحاته ولا عشرين شغلانة تخليكي تعرفي تجمعي المصاريف اللي قد كده ، وبابي قرر خلاص وهيسحب الورق.
– ايـــه ؟! يا عمتو اقنعيه تاني ، ولله ماهكلفكوا !
_ خلاص يا فلــك معدش ينفع .. هو بيفكر يبيع البيت الي احنا فيه ونمشي في شقه محندقه .. علينا ديون الدنيا يا بنتي !
“ندي” رفعت حاجبها بعدم رضـٍا :
_نعـم ؟ شقه محندقة ايه اللي نروح فيها ؟ انا مليش في الكلام دا ، انتوا قعدو الست هانم من جامعتها والديون هتقل ، مش ملزومين بيها اصـلا
“فلك” ردت عليها وهي بتبكي :
– بس يا ندي اسكتي وسبيني في حالي بقا ، اكيد انتي السبب انتي خلتيهم يعملوا كدا ومين غيرك بيكرهني وبيتمني افشل في حياتي ، مكفكيش الي عملتيه فيا زمان , انتي عايزة مني ايـــه ؟! ارحميني بقا.
= وانا هعوز منك انتي ايه ؟ انا قلبي علي بابي ومامي .. المفروض انتي اصلا يكون عندك دم وتطلبيها من نفسك .. لكن ازاي ؟
“فلـك”بصت “لٲنصاف” بعيون مترجية مليانه دموع .. “فٲنصاف” بصتلها بتٲكيد وقله حيله .. ومكنش في وقتها غيـر انها تنهار في العياط .. حتـي مستقبلها هيمنعوها منه ؟ و”نــدي” كل دا جيه علي هواها طبعا .. هي هتبقي زيها ومش هتتغاظ منها طول الوقت ، ووقفت تبصلها وهي مبسوطة انها استغلت وضعهم عشان تنول مرادها ..
“فارس” رجع من برا ، ورجع اتفاجٲ “بفلـك” منهارة في العياط والنحيب ، راحت ليها وبصلها بقلق وبص لامه واخته .. و”نــدي” اتوترت
_ في ايه ؟ بتعيطي ليه يا فلك ؟
“” يا ابني ابوك قرر يقعدها من جامعتها عشان مصاريفنا زادت .. وهنبيع البيت والمصنع وكل حاجه .. احنا هنمشي بالهدوم الي علينا يا فارس “”
– نعــم ؟ وملقتوش غيـر فلـك ؟ انتوا عارفين هي بتحب دراستها قـد ايه ؟ انا ممكن ادور علي شغل واساعد بابا ، وسيبوا فلــك في دراستها
= وانت فاكر ان بشغلك ابو قرشين هينفع بحاجه ؟ افهم يا فارس ديوننا كترت بطريقه مريبة وكذا شريك بيطالب بفلوسه ،احنا خايفين ابوك يتحبس !
“فلك” بصت “لفارس” بٲنهيار ، وزادت في العياط وهي بترد بعنف تدافع عن الحاجه الوحيدة اللي ممكن تنقذ ذاتها .
– خلاص يا عمتي زي ما قولتوا انتوا اصلا مش ملزومين تصرفوا عليا اكتـر ، كتر خيركوا ان انتوا ربتوني ووصلتوني لدلوقتي ، انا هدور علي شغل وهشتغل صبح وليل وهصرف علي نفسي لحد ما اجمع مصاريفي ، وممكن ساعتها ادور علي شقه او اوضه في السطوح واتكفل بنفسي انا بقيت كبيـرة مش صغيرة.
“فارس” رد بنرفزة :
_ انتي بتقولي ايه يا فلـك ؟ وهو دا حل ؟ تعذبي نفسك وبرضو مش هتلحقي تلمي المصاريف ؟
– هتصرف يا فارس ، اي بنت في سني ظروفها صعبه ، بتشتغل وتصرف علي نفسها ، وانا اقدر اعمل كدا حتـي لو هشتغل في البيوت .
_ اتحلت يا مامي ، فلـك هتمشي من هنا وهتصرف علي نفسها وملناش دعوة بيها ، وفارس كبيـر ومسؤل عن نفسه يشوفله صرفه هو كمان .. بس بلاش نمشي من بيتنا ! منظري قدام صحابي ازاي ؟
↚
“فـارس” بصلها بعصبيه وجاب اخره من انانيتها وبرودها وحبها للنفس ، واكيد هي الي قومت فكرة “فلـك” في دماغ ابوه وامه .. هما كانوا سايبنها ومـحدش اتكلم … ”
= انا حايش نفسي عنك بالعافية ، يا برودك .. انتي ايه يـ شيخة؟ بس انا مش مستغرب خالص ، اولعي بالبيت يا نـدي ، بس فلـك مش هتسيب دراستها ،
_ يعني ايه ؟ هتعملها عِند في بابي وتاخد فلوس منه بالعافيه وتصرفها علي السنيورة بتاعتك ؟ بنقولك بابي هيتسجن ومصاريفنا تقلت وهننام في الشارع .. لازم حد فينا يضحي .. وانت كليتك خدت كتير ، يبقي الهانم دي .. هي كفايه عليها كدا
= ولا دا كمان ، انا هشتغل وهصرف علي نفسي وعليها.
– ايه ! لا طبعا يا فارس ، انا مش صغيرة
من فضلك ، وهقدر اتكفل بنفسي ، مش عايزة ابقي حِمل عليكوا ، وهدخل علي النت وهدور علي شغل .. انتوا مكبرينها الدنيا مليانة اشغال ..
“فلـك”اتحركت من قدامهم وهي محرجه وبتعيط اتمنت اهلها يكوانوا عايشين ..
انها فعلا عاله عليهم .. كلهم بيقسموا هيعملوا ايه عشان يخرجوا من الضيقه الماديه .. وهي مسببلهم ضيقتهم .. صدمتها جُملة “فارس” ووقفتها مكانها
“” استني يا فلـك ، انا لسه عند طلبي احنا ممكن نِحل جزء من مشكلتهم و نتجوز، وساعتها لما اخدك ونمشي من هنا مش هيبقي ليكي حجه ..
“نـدي” و”انصاف” اتصدموا وبصوله بذهول .. فتعترض “نـدي” بعصبيه :
= انت بتصلح المشكلة بمشكلة اكبر ؟ يعني ايه تتجوزها ؟
_ انا عايز لفلك الاصلح ليها ولـ مصلحتها مش اكتر وكمان اخفف من علي بابـا، ، وانا من زمان بحبها ونفسي اتجوزها.
= دي كانت ايام مراهقه وراحت لحالها ، انما تتجوز دي ؟ مكنتش اتصور يا فارس ، دي ولا حـسب ولا عيله ولا…
_ انا مش باخد رٲي حـد ، وبالذات انتـــي ، من الاساس انا كاره العيشة معاكوا ، وهي عُمرها ما شافت يوم حلو وسطكوا ، يبقي محدش يتدخل ، انا هاخدها وابعد واعملوا اللي انتوا عايزينه.
“انصاف” اتكلمت ، بعد ثوانٍ من صدمتها :
_يعني ايه يابني ؟ هتعمل الي في دماغك منك لِنفسك ؟ واحنا وابوك؟
هو الجواز دا خبط لزق كدا ؟
دي اساسيات كتير وحياة انت بتعيشها ، وانت لسه في بداية حياتك ، ومظنش ان فلــك مناسبه انتوا متربين سوي .. اخــــوات يعني ! “”
_ لو سحمتي يا ماما ، انا عارف انا هعمل ايه ، وفلـك انا بحبها كـ حبيبه مش كً ٲخت ، وبتمني انها تفضل في حياتي علي طول ، ومش مهم خالص ان انا لسه في الٲول طول ما فلـك معايا انا ضامن ان هكبر نفسي بنفسي وبيـــها !
“”” رٲيك ايه يا فلــك في الجنان الي فارس عايز يعمله دا ؟ “”
“ندي” اتدخلت بكُل تعالي وانفعال :
_ ايه رٲيك ايه ؟ هي تحلم وتطول
اشـ جاب لجاب ، هي زي ما قالت بلسانها مقامها خدامة بيوت مش اكتـر ، ولولا احنا كان زمانها مُتشردة في الشارع، بعد معاشت في الملجٲ ، انتي اصلاً نحس ابوكي واخوكي ماتوا وهما رايحين يكشفوا علي امك وهي حامل فيكي .. العربيه اتقلبت وماتوا .. وانتي جيتي هنا النحس شَرف ،وبابا هيتحبس.
“فارس” مستحملش الاهانة الكبيرة الي بتقولها اخته ‘لفلـك” وعارف انها بتوجعها حتـي لو هي ساكتة ومش بتبدي فعل ، راح واتجنن عليها فعـلًا ومسكها من شعـرها بعصبيه :
= اقسم بالله يا نـدي كلمه تانيه هتقوليها لفلــك وتوجعيها بيه ، مش هعمل حساب انك اختي انتي فاهمة !
هِنا “اسماعيل” صوته رج البيت عليهم، وهو بيزعق :
_سيب اختك يا فارس, علي اخر الزمن هتضربها قُدامي!
“نـدي” زقت ايده من علي شعـرها الي ماسكه ، واتنرفزت منهم ..
= الحق عليا انا ان عايزاك تتجوز جوازة احسن من كدا ، روح اتجوزها وخليها تسحبك لمستنقعها الرخيص ، انا مالـي يكش تولعوا ببعض.
“اسماعيل” اتحرك ودخل قعد معاهم .. يتابع كلامهم وهو بيبُص لـ “فارس” بنظرات غريبة ، ساكت مش بيتكلم.. ”
“فارس”بص “لفلـك” الي واقفه بتبصلهم وساكتة ومش بتتكلم وعنيها مدمعه ،
راح ناحيتها وبص في عيونها المدمعه اوي ،
ووسط عصبيته من اخته وقلقه من انها ترفض طلبه بالجواز منها لـ تاني مرة
ابتسم فهي ابتسمت وسط دموعها ..
تقريبًا اتكلم وهو ناسي اهُله حتي ! ..”
= هـيّ عُمرها ما كانت نحس زي ما بتقولي يا نـدي ، دي احن انسانه مفيش زيها ، هي وصف الحظ الي بيجي يفتح ابواب مقفوله , فلـك كتير انها تبقي في حياتكوا يا ندي .. !
“ندي” بصتله بـ سُخرية كبيرة :
_ياااا ، قلـبي مش هيستحمل ،
خلاص يا فارس خد فلـك بتاعتك،
وروحوا عيشوا انتوا في ميـة البطـيخ !
“انصاف” ردت علي بنتها بعصبية شديدة :
_ ياخدها فين انتي اتجننتي ؟ دا جووواز مش لعب عيال ، مسئوليه .. حياة .. ترتيبات ،
ساكت ليــه يا اسماعيل ؟ سامع جنان ابنك
ما تتكلم !
– بس انا مـوافقة يا عمتو
سئلتها “انصاف” بحدة “” موافقة علي ايه ؟ “”
– موافقـة اتجـوز فارس .. !
فارس بصلها شوية وبعدين ابتسم وابتسم .. لو حِلف أن حـسَ بـ روحه بترفرف مش هيصدقوا، وعنيه بتقولها كلام كتير ، فـ تبتسمله هي كمان ،
قطع نظراتهم الصامته , اللي بيكلموا بعض بيها
صوت ضحكات “اسماعيل” الساخرة ، بعد
كل صمُته وهو بيقول :
_ ها؟ خلصتوا ؟ كُل واحد قال كلمة؟
دا اخر جزء في الفيلم؟ ننزل بـ تتر النهاية يعني؟
اسمعوا كلمتي انـا بقا , مفيش جـواز
“فارس” كان لسه هيعترض ، ويتمسك بيها ، لجمته ، وشَلت “فلـك” لـ ثوانٍ جُملة أبوه بعد ما وقف وبص في عينه ، يتحداه يُـرفض أمره ! :
_ جوازتك أنا حددتها خلاص،
بنت شريكي ، كتب كتابك عليها بكرة بليل ، وديونا وكُل مشاكلنا هتخلص بجوازك منها ، انتهيــنا ! .. ؟
↚
_ انـا مش هتجوز غير البنت اللي بحبها.
جاوبُه ابـوه بكُل قسوة:
_ تمام تخرجوا بـ الي عليكوا ، وانا من انهاردة مليش ابن، ابني مات ، وهتبرأ منك ليـوم الدين !
“فلـك” بعد ما سمعت “اسماعيل”بصتله بصدمه وكلامُه جـمّد أطرافها وحواسها مكانها ،
بعد امرُه علي “فارس” !
هي لما قالت موافقتها لـ “فارس” ، مكانتش حاسبه، قالتها بكُل تلقائية ، كانت عايزه تبقي معاه وبس ، وقرار “اسماعيل” المُفاجاء خلتها حست ان روحها هتتسحب منها ، فكره ان “فارس” عيلــتها كُلها هيكون من حق واحده تانيه !! ،
حاسه انها عايزة تصرخ وتعيط وتمسك فيه وتقولهم ان “فارس” ليها هـي بـس، مِلـكها مينفعش يبقي لـ غيرها !.
“فارس” رد علي أبوه ، بعد دقائق صَمت وعدم استيعاب :
_ هكتب كتاب مين ؟
ضِحك بـ استهزاء _ زي ما سمعت،
كتب كتابك علي بنت سعد ، اكتر شريك ليَّا اضمن انُه هيساعدني في الأزمة دي،
ودا مش هيحصل غير لما يكون في نَسب !
وانـا قررت أن انت، بجوازك من بنتُه كُل مشاكلي هتتحل !.
_ وانا برفض طلبك ، مش هتجوز غير فـلك.
_ أنا مش بطلب ، أنا بأمرك ،
الموضوع مش طالب قصص حب الوردية بتاعة العيال بتاعتكوا دي ، فوق كدا واعرف مصلحتنا ،
_ اسـف يا بابا ، انا قولت رأيي ..
_ يعني ايه؟ هتسيب ابوك يتحبس؟
_ في مليون حل نعملُه ، اقدر اشتغل ،
نقدر نبيع حاجات من هنا ، نقدر نعمل كذا حاجه الا دا
“اسماعيل” اتعصب ، وابتدا يزعق :
_ وانا مش هحل المـُشكلة الا بالطريقة دي !
هتتجوزها وكُل اللي عليك تسمع كلام ابوك،
وتقول حاضر ، سامـع؟
“فارس” بصـلها بطرف عينه ، شافها مُنهارة من غير اي صوت ! بس حَس بـيها بتنتفض من كـمية القهر ! والضياع اللي ملي عينيها ، رجع بص لٲبوه بـ ٲنفعال وهنِنا معرفش يسيطر علي نفسُه … “
_ انت ازاي تُحكم علينا بحاجه زي كدا ؟ لـ مُجرد انك عايز تضمن الحل الاسهل لـ صالحك؟
هو احنا مش لينا احساس برضو ولا ايـه ؟ انا لا يمكن اتجوز واحده غيـر فلــك ولا ابُص لواحده غيرها ، فلــك ليا وانا ليها مينفعش نكون غيـر لبعض ..
_ يعني ايه ؟ هتكسر كلمتي ؟ هتطلعني عيل بعد ما ادتلُه فِكرة عن موضعكوا؟
للدرجة دي مش هامك ابوك يتحبس ويقضي اللي فاضلمن عُمره في السجن !؟.
_ مش ذنبي يا بابا ان حضـرتك قولتلهم كلمة محصلتش ولا اتقالت مني ، وزي مقولتلكوا انا هشتغل كذا شغلانة وهساعدكوا ..
“انصاف” طفح بيها ، وهِنا فضلت تزعق وعنيها كُلها غضب علي “فلك”
_ هي البت الفقر دي عملت فيك ايه خلتك جبروت علينا كدا ؟ ترفض احسن جوازة في الدُنيا،
اللي هتنقذ ابوك وتنقذنا معاه، عشانـها هــيّ؟
_ ارفض مال الدنُيا كلها واغناهم ، طالما هي معايا انا كسبت الاحسن والاغني ، وعايز اعرف ليه كلكوا رافضين ؟ شوفتوا ايه وحش منها ؟
“اسماعيل” رد عليه بنفاذ صبر :
_ هي كمان انت متنفعهاش ،
هي قدام هتلاقي شخص زيها تتجوزه وياخدها ..
_ زيها ؟؟ لا يا بابا ، فلـك مش هتبقي لحد غيري
،مش ممكن اضيعها من ايدي واسيبها ، انا هفضل معاها ، وهنعمل اللي اتفقنا عليه ، وهنعمل نفسنا بنفسنا ، بمساعدة بعض ، احنا هنكمل بعــض !
_ وانا يافارس؟ ابوك ملوش كلمة عليك؟
_ بابـا أنا قولتلك احنا ممُكن نعمل ايه!
إنما جواز لأ ، وانا مش هسمح يحصلك حاجه لو طال هتحبس أنا مكانك .
“اسماعيل” كأنه مسمعوش اساسًا وراح ناحية باب البيت فتحُه وهو بيهددُه بـ مُنتهي الظُلم :
_ وانا ولا عايزك تتحبس ولا زفت ،
يمين بالله يا فارس ، لـ توافق ، لـ البت دي هتغور من البيت دا ومش هيبقالها ، مكان تاني وسطنا ،
أنا كان لازم اسمع انصاف لمـا مَردتش تقعدها ،
بس دا جزأئي ، هـا؟ اطرد الهانم للشوارع،ولا نروح وأنت بيتهم ونكتب كتابك بـ ادبك؟
“فارس” اتنهد تنهيده طويـلة شايلة عذابُه الداخلي كُله ! ومشي خطوة لـ “فلـك” مِسك أيدها المتـلجه و بتترعش ، يطمنها ، ويعلَن عليهم قراره ورغبتـُه ، ودي اول مرة “فارس” يعارض اهلُه علي حاجه ويقُف قُصادهم :
_ وانا قولت اللي عندي يا بابا ,
مش هتجوز غير البنت اللي بحبها
جاوبُه بكُل قسوة وهو بيرزع باب البيت :
_ تمام ، وانا من انهاردة مليش ابن، ابني مات ،
↚
وهتبرأ منك ليـوم الدين !وتاخُدها وتغورو من هنا ، انسي أن ليك اب !ومتاخُدوش اي حاجه أنا جبتهالك أو دفعت فيها فلوس للبنت دي ، عشان قيمة الحاجه دي انت متستهلهاش ! خُسارة تربيتي فيـك ,
رمي كلامُه اللي كان جـمر علي قلب “فارس” ,
عيونه كانت حمرة، من دموعه اللي حبسها في عينيه،
مصدقش أن أبوه يتخلي عنُه ويقسي قلبُه عليه بالسهولة دي , لـ مُجرد انُه بيطلب أقل حق من حقوقه كبني ادم ، وهو يعيش مع اللي يختارها قلبُه .. ”
“ندي” كانت في أقصي درجات ذهولهـا ، تُعتبر منـطقتش من صدمة الكلام , إنما “انصاف”
فِضلت تولول وتلطُم علي رجليها وهي بتزعق في جوزها :
_ يا نهاااري، بتقـول ايه يا اسماعيل ؟ هتتبري من ابنك عشان جلابة المصايب دي ؟ ،
فارس يا بني ، اسمع كلام ابوك يا حبيبي ، البت دي هتوديك في داهيه ، سيبك منها ، كان يوم اسود يوم ما خدتها معايا البيت وربيتها ، انتي ايه يا بت شيطانة ؟ عملتي في ابني ايه خلتيه يعصي ابوه كدا ؟
“انصاف” كانت هتهجم علي “فلك” وتضربها ، بس “فارس” وقف جدار بـ جسمُـه ناحيتها يمنعها تقرب منها ، واتكلم وكأنه مش شايف ولا سامع حد :
_ اطلعي يا فلــك البسي حاجه تانية اكيد مش هتمشي بالبيجامة ، دا بعد اذن اسماعيل بيه ومش هناخد حاجة ، هنسيب كُله زي ما هو .
اهلهُ بصولوا بصدمه ، كلامهم مٲثرش فيه ؟ لسه مصمم عليها ؟ طب ومين هينقذهم من ضيقتهم .. ساعتها ؟ .. ”
“فلـك” اترددت تطلع بس “فارس” زقها عشان تكمل وهو بيطمنها ، طلعت تغير لبسها ، وهي بتعيط .. وحاسه انها إذت “فارس” ، عملت مشكله كبيـرة بينُه وبين عيلتُه ، ومش قادرة تصدق كميه الظلم اللي هما فيه دا ، حتـي ابنهم ؟ .. ”
“فارس” بص لٲبوه وراسه مرفوعه وكٲنه نجح في معركه ،وخد اللي بيتمناه من نتايجها ، حتي لو طلع خسران كتيـر ، وخسارتُه مَش هينـَّه ، بس مَكسبُه يهون ! فِضل لٲخر لحظة بيتمني يلين،
ويقوله انُه ابنُه ودي لحظة عصبية مش اكتر،
ويقعد يفكر معاه يشوف حَل لكـن ، أبوه تحاشا النظر ليه اساسًا وكان قاعد سرحان ,
” انصاف” قعدت تنهار :
_ يا ميلة بختك يا انصــاف ، شوفت يا اسماعيل ، شوفت المنيلة دي عملت في ابننا ايــه ؟ قولتلك ياخويا ارميها في اي دار ايتام وبلاش نربيها ، حنيه قلبك وقعتنا في شرها ، بت خبيثة عرفت تخلي الواد خاتم في صباعها ، ويقف قصادنا ، بنت ابوها دمه الخبيث بيجري في دمها ..
“ندي” اتكلمت بعد ما أدركت الموقف ، وابتدت تعوم علي عوم امُها :
_ فكر يا فارس محدش يعمل كدا الا ويكون مجنون ، عشان تصدقوني ان مكنتش بفتري عليها وانها بني ادمة حقيرة بتاعة مصلحتها .
“فـارس” كان واقف يبُصلهم وهما بيشتموا في “فلـك” وبينعتوها بٲوصاف كتير .. بس فضل ثابت ومش مصدق ان دول اهله وعيلته ، هُما خبوا الكره دا كله ازاي ؟ ولا هو اللي كان اعمي ومخدوع فيهم ؟
سمع صوتها الضعيف وهي بتقوله انها خلصت ،
بص علي ابوه وامه بصه اخيرة قابل في عيون ابوه الكره والطرد ليه ، وعيون أمه الترجي ، أنه يوافق ويفضل معاهم ، بس مسك ايديها جامد وكٲنه بيثبتلهم تمُسكه وتعلقه بيها .. وخدها وخرج وقفل الباب بهدوء .. و”انصاف” قعدت تكمل ولوله و”اسماعيل” مكانش همه غيـر هيخرج من ورطته ازاي وصاحبه اللي اتفق معاه علي جواز هيقوله ايــه ؟ و”نـدي” كانت مبسوطة ان البيت فضي من “فلـك” اخيرا ، حتي اخوها مـَحطتش لُه اعتبار .. “”
بعد ما خرجوا .. “فارس” كان مقتنع جدا بـ اللي عملُه وحبه ليها. وضح اكتر ، وطالما خلاص بقت معاه لازم تاني خطوة واهم خطوة يوصلولها تكون حــلال ليه عشان يقدر يتصرف هيعمل ايه تاني .. “”
وفعلاً خدها وراحوا عند مٲذون واتجوزها وكان معاه شاهدين من صحابه جم يجاملوا صاحبهم .. و”فلك” لانها ملهاش حد يقف معاها في وقت زي دا .. خلت وكيلها امام الجامع اللي عايش جمبهم وبيعتبر “فلـك” بنته وعارفها كويس ومرفضش طلبها نهائي ..
بعـد ما خلصوا و”فلـك” رسمي بقت مراتـُه ! وصُحابه القريبين منه باركولُه ، وهو دلوقتي مش عارف هيروح فين او معملش حساب الخطوة دي ، ولٲن صاحبه بيعزه وبيحبه زي اخوه جدا .. مـَهنش عليه وسابلُه مفتاح شقة امه وابوه القديمة ، ويعتبر محدش بيروحها ، يقعدو فيها لحد ما يتصرف …
وهما في طريقهم في العربيه” فلــك” كانت قاعدة
ساكتة وهو كمان ، بصتله وشكله قَطع قلبها ،
قِدرت تفهم من غير ما يقول كِلمه هو حاسس بـ ايه !
مـش سهل خالص ، أبوه يتبرأ منُه ويطردُه من غير هدومه حتي ويعمل معاه كِدا !.
عيونه حمرا ، ووشُه جامد ، باصص في الفراغ ، سرحان ، كفُه علي كَف أيدها ، ماسكُه جامد، وكأنه بياخد الدعم وبيقوي بيها ..
حست بالذنب ، وأنها أنانية ! هي محبتش الأمور توصل لـ كدا لو عليها عادي تمشي ، بس هو ذنبُه ايه
يسيب بيتُه واهلُه؟
عايزة تواسيه وتخفف عنُه زي ما بيعمل طول عُمره،
بس متعرفش ازاي !؟ عُمرها ما واست ،
هو اللي بيواسيها وبيدعمها ،
تلقائيًا منها سحبته من رأسه في حُضنها ، وطبطبت عليه بـ هدوء وهي بـ تهمسلُه :
_ كُل حاجه هتبقي كويسة ، صدقني !
وكأنه كان مستني الحُضن دا ، أو ما صَدق
داوء للي هو حاسُه اتعدل اكتر وشدد علي حُضنها ،
ورد عليها بنفس وضعُه :
_ أنا عارف ، عشان انتي بقيتي معايا ,,
وصلوا بيت صاحبه وطلع هو و”فلـك” كانت الدنيا ليل , ودخلوا الشقه البسيطة ، مش كبيـرة اوي ،
↚
بس مُريحة ، هي فضلت واقفه في الصاله ، بتبُص علي الشقه .. “فارس” بقا جوزهــا ، الوضع تلقائي بيخليها تبتسم.
خرجلها وهو بيبصلها بابتسامة بقت مرسومة بحنيه علي وشه ليها بــس!
_يلا يا فلك ادخلي ارتاحي ، وحقك علي عيني أنا انك مخدتش هدومك ، وهتنامي كِدا بس من بُكره الصبح أن شاءالله هجبلك كُل اللي تحتاجيه
أنا هنزل دلوقتي اجيب اي اكل .
_ هتنزل تاني ، ملهاش لازمة ، وسيبك من الهدوم أنا مش همي غيرك يا فارس
_ ربنا يخليكي ليَّا ، بس يلا ، عشان هنتكلم شوية بعديها
دخلت هي اوضة النوم ، وهو نزل يشتري اكل ، فكت الطَرحه وسيبت شعـرها البني حوالين وشها ، وقلعت الجاكت الجلد وفِضلت بالبلوفر والجيبِ بس، وخرجت تستناه ، شوية وطلع “فارس” ..
وقف هو يبصله ، شعـرها طِول شوية عن زمان حجمها صُغير .. جميـله بـكُل تفاصيلها البسيطة !
“فلـك” اتحرجت اوي من نظراته ، ووشها احمر فـ عشان تنهي خجلها ونظرات الاعجاب الواضحه :
_ يلا يا فارس انا جوعت!
= احمم .. يلا
راحوا قعدو علي السفرة وهي كانت بتاكل اوي بشهيه وهو قعد يبُصلها بس ، ويتٲمل تصرفاتها العفوية التلقائية ، وبيتسم ..
وجواه راحه كبيرة ، “فلـــك” خلاص بقت بتاعته لوحده .. مراته ومعدش حد هيعكنن عليهم ويبعدهم عن بعض تاني .. ولا حد هيحاسبه علي تصرفاته معاها ..
_ منظري مش لطيف خالص عشان تبصلي وانا باكل ، هو انت مكلتش ليه ؟
= بشبع وبكتفي لما بشوفك.
_ ط ..طب هنعمل ايه ؟
_ في ايه ؟
= في ايامنا الجاية .. هتمشي ازاي ؟
= هنزل الصبح ان شاء الله ادور علي شغل بجانب تدريبي في المشفي وقريب هتعين فيها ، وكمان هشوف شقه او اوضه نُسكن فيها ، اكيد مش هنفضل في شقة رامي ، وانتي هتكملي حياتك عادي وجامعتك كمان
_ يعني انت هتعمل كله لوحدك ؟ لا طبعا انا لازم اساعدك ، متنساش ان انا سبب خلافك مع عمتي.
= قولتلك يا فلـك انتي ملكيش علاقه بـ الي حصل ، هما عايزين كدا وانا عملت اللي عليا ، وقبل كل دا انتي مش هتساعدي بحاجة انا الراجل وانتي بقيتي مراتي خلاص ومسئولة مني ، يعني ركزي في دراستك وبس.
_ بس انـ….
_ مش هننـام ؟ محتاج انام اووي ،
_ طيب يا فارس .
عرفت انه بيقفل عن الموضوع ومؤقتا وافقته .. وقاموا عشان يناموا ، وفي اوضتين في الشقه ، اوضه لاهل صاحبه ودي قافلها
.. ومفيش غيـر اوضته هو وفيها سرير صغير ، مكنش هيكفي غيـر لـ واحد بس ، “فارس” قرر انه ينام علي الكنبة الكبيرة الي في الصالة عشان بسببها براحتها ، وهو عارف كَم الخجل أنها تطلبَ منُه كدا ، هي استغربته .. بيتعامل عادي زي الٲول وكٲن مفيش خطوة جدت في حياتهم ، لكن احترمته جـدًا ، لأنها عرفت انُه حسّ أنها هتتحرج ومش هيكون سَهل عليها … ”
عدا اسبوع علي جواز “فلــك” و”فارس” وهما زي الٲول .. اخــوات ، دور علي اشغال كتير لحد مـ صاحبُه اتوسطله واشتغل مندوب مبيعات ، وبليل عامل في مَحطة ، بنزين ، قرر يتعب لحد ما يتعين رسمي في مستشفي، عشان يقدر يصرف علي “فلـك” وعلي مصاريفهم اللي جددت، وعشان يأجر شقة ليهم ، و”فلك” استمرت في جامعتها ، وفي بالها أنها لازم تساعدُه بـ طريقة ، وهو بيعمل كُل دا عشانها .. حرفيا كان بيتعب جدا، وجودها ودعمها ليه كان كفاية يقويه … بس اكتر حاجه كانت بتضايق “فلك” هي شغلانته بليـل ، بيتأخر وممكن يدخُل وش الفجر، وكل دا بتفضل لوحدها ، في قلق عليه ، وعلي نفسها انها قاعدة لوحدها ، وكُتر غيابُه ، بـ يوحـشها .. ، ”
كانوا بيتعشوا ، و”فلك” جات من المطبخ وحطيت الاطباق قُدامه ، وهو مِسك أيدها باسها ، ابتسمتلُه بحرج وقعدت قُصاده ، احساس أن بقا ليها زوج وبيت بتطبخُ ومسؤولة عنه ، بعد ما كانت حاسة بالغربة في بيت عمتها ، احساس بـ تِحمد ربنا عليه كل وقت وبتتمني يدوم :
_ تِسلم ايدك يا حبيبتي.
_ تسلم يا فارس ، هو الاكل عجبك؟ انا عارفه انك مستحمل العك اللي بعمُله لحد ما اتعلم ,
_العك دا احلا حاجه أنا بُكلها في يومي.
ضحكتلُه ، وسئلته بترقُب وهي بتبُصله:
_ مالك يا فارس؟ من ساعة ما جيت حاساك مضايق من حاجه؟
اتنهد وهو مش عايز يعرفها ويشيلها همُه ، بس هي مُصره :
_ عَرفت أن بابا باع الفيلا ومشيوا ، معرفش راحوا فين ، حاولت اكلمُه من رقم تاني عشان هو محظرني،
لاقيته مغير رقمُه ، ومش عارف اوصلُه.
زمت شفايفها ، بحُزن وشفقة ، وحطيت أيدها علي ايدُه :
_ مش عايزاك تِحزن كِدا ، انت اجمل ابن شوفتُه،
انت حاولت تساعُده بس هو رفض ، انت عملت اللي عليك يافارس ، وبكره بأذن الله يصفي والدنيا تتحل، وهُما اكيد بـ خير متقلقش،
ابتسم لها مابين نظراته الذابلـه من التعب، وهو بيضُم ايدها :
_ انـا عارف ، كفاية وجودك مـ هون عليَّا .
_ ربنا يخليك ليَّا يارب ، وفي حاجه كمان عايزة اكلمك فيها .
_ ايه؟
_ انت شَكلك تعبـان اوي يا فارس، انت مش واخد علي كِدا عشان خاطري خليني اشتـغل واسـ..
قاطعها قَطع نهائي :
_ احنا اتكلمنا في الموضوع دا يا فلك وخلاص ،
وبعدين كُلي يلا عشان تفتحي نفسي ,
بصتلُه بـ قلة حيلة ، وهي شايفاه بيجي علي نفسُه ، جدا عشانها ، مبياكُلش كويس ، يُعتبر مش بينام،
بقا ظاهر عليه التعب ، وهو عُمره ما اشتغل ، ومش واخد علي المرمطه دي ! … ”
_ طب اسمعني يا فارس ، أنا عايزاك تسيب الشُغلانه بتاعة بليل دي
_ ليه؟
_ كفاية عليك بتاعة الصُبح ، ثم انت بتتاخر وبتسيبني لوحدي كُل دا ، وانا بخاف اقعُد لوحدي،
_ غصبًا عني يا حبيبتي ولله ، اوعدك اول ما الاقي حاجه كويسه ، هسيبها … “
↚
_ انت بقيت عنيـد كدا ليه؟
ضِحك ضِحكه خفيفة _ المكرونه المِسكرة،
بردت يا لوكا، ما تسيبيني اعرف اكُل.
شهقت وهي بتدوق الاكل :
_ يالهوي يا فارس دي وحشه جدًا !
أنا تقريبًا خلطت بين الملح والسُكر ! أنا اسفه جدًا
_ بتتأسفي ليه ، علي قلبي سُكر ،
وادينا بنجرب اختراعات جديده ياستي ، طب تصدقي حلوه وهي مسكرة اكتر .
_ بس يافارس سيب العك دا ، انت كدا بطنك هتوجعك، وانا هجبلك اي حاجه من التلاجه.
مِسكها من أيدها قـبل ما تروح وقام , معاها :
_ متقوميش أنا شبعان ، تِسلم ايدك أنا بس هدخُل عشان محتاج جدًا .
_ هتنام جعـان يعني اصبُـ اجِبلك انـ..
_ ياستي بقولك انا لما بشوفك بـشبع اصـلاً ،
ابتسمتلـه بـ حنيه ، حتي في الغلط ، مزعقش واتعصب واحرجها، زي اي حد طبيعي ، بالعكس مبيحسسهاش أنها عملتُه ، دا بيشكُر فيها وبيحسسها قد ايه عظيمه !! وبيعلمها واحدة واحدة .. ودا نُقطـة وصل من ضَمن نُقط ترابط العلاقة القويـه .. “”
عدي كام يوم “وفارس” لِسه ما بين شُغله وبين “فلك” .. رغم جدالهم في أنها تشتغل وتساعده أمر مرفوض بالنسبالُه ، بس هي حاطه في دماغها أنها لازم هتشتغل وتساعد ، بالذات بعد ما سابوا شقة صاحُبه وأجر شقة صُغيره تانية اوضه وصاله ، بقا ليها مصاريف، وهي شايفه قد ايه بيتعب ، فـ قررت تشتغل حتي لو من وراه .. وعلي الأساسٍ دا ابتدت تدور فعلاً ، وقالت
لـ “خديجة” صاحبتها في الجامعه تتوسطلها في شُغل عدد ساعاته قليلة ومناسبه مع عدد ساعات “فارس” الصُبح ، يعني تكون موجودة في البيت قبل وصُوله علي الغداء ، كـ عادة كُل يوم , قبل ما يروح شغلُه التاني … عشان ميعرفش أنها بتشتغل وتساعده … ”
كانت في الجامعه كالعَّادة ، ونَده عليها ، زميل ليها “رامـز” ، يعتبر “فلك” مش بطيقهُ ..
مش بترتاحلُه نهائـي ، متعرفش السبب بس
ملوش قبول عندها ، مُريب بالنسبالها ..
_ ازيك يا فلك.
ردت بُـ مُجاملة ، وهي بتقوم تمشي عشان جيه :
_ كويسة .
_ طب استني قايمة رايحه فين؟
عايز اكلمك في حاجه .
_ وانت من أمتي ليك كلام معايا؟
_ احمم ، ايوه بس دي حاجه تخُصك عرفتها من خديجة
_ ايه اللي يخُصني؟
شَد كرسي قُدامها وقعد وهو بيبتسملها :
_ انتي بتدوري علي شُغل ، خديجه كانت قالتلي
_ وهي تقولك ليه؟ أنا قايللها هي انت ايه دخـلك؟
رمي نظراتُه بعشوائية من الحرج ، وكمل :
_ هي مقالتليش بشكل واضح , أنا سِمعتها وهي بتقول ، وانا عندي شُغل كويس ليكِ فقولتلها عليه ، وعجبها لانُه موازن طلباتك ، وحبيت اساعدك طالما في أيدي مش اكتر،
“فلك” خدت نفس وحست أنها قليلة الذوق معاه،
هو برضو معملش حاجه تخليها تعاملُه كدا،
يمكن يكون شخص كويس ودي هواجس في دماغها،
هي مروراً بالظروف اللي عاشتها في بيت عمتهـا،
خليتها تعامل اي شخص غريب خارجي غير “فارس”بـ اسلوب عنيف ومحدود ، خوفًا علي نفسها ، هي من وجهه نظرها بتأمن نفسها .. ”
حاولت تكون الطف معاه ، عشان تعرف اكتر عن الشُغل :
_ معلش يا رامز علي طريقتي ، بس شُغل ايه دا؟
اتحمس
_ بُصي ياستي هو خمس ساعات بس ، سِت قعيدة انتي هتروحليها تقعدي معاها طول ما بنتها في الشُغل ، تديها الدوا ، تُحطلها اكل وهـكذا ،
واول ما بنتها ترجع هتروحي والمكان مش بعيد،
نص ساعه من الجامعه لـ هناك ..
واتوسطلك في المُرتب ، عشان انتي تبَعي ، وهُما ناس مِعرفه ..
↚
ابتسمت لعـرض الشُغل المُغري ، زي ما طالبة بالظبط :
_ جميل دا طب اقدر اقابلهم وابدأ امتي؟
_ من دلوقتي لو تحبي؟ يلا اخدك ونروح.
سكتت شوية :
_ لا ممكن تقول لـ خديجه العنوان ونروح أنا وهي.
_ يا فلك هو انتي قلقانه مني ليه؟
أنا هروح معاكي عشان يطمنوا ويعرفوا انك تبعي ،
لان امها عزيزة اوي ومش هترضي تشغل حد اي كلام ، هو انتي شوفتي مني حاجه وحشة؟
قالت بتردد :
_ لأ الصراحه .
_ طب ايه؟ ثقي فيَّا شوية! ، وعلي العموم بشوقك
أنا حبيت اساعدك لو مش عايزة خلاص.
اتنهدت بـ حيرة ، هي اه مش بطيق “رامز” لـ سبب متعرفوش ، بس هي محتاجه الشُغل !
وممُكن متلاقيش شُغل بالفرصه دي تناسبها تاني !
فـ قررت تكسر الخوف دا وتروح تقابلهُم ..
وفعلاً قالتله وهو زي ما يكون ما صـدق واتبسط جدًا ، واستغربت فرحتُه ..
كان هيوصلها بعربيتُه فـ رفضت وصممت علي مواصلات نقل “اتوبيس” , وهو وافقها علي مضصَ
وصلوا ونزلوا قُدام عُمارة كبيرة ، وهُما طالعين في الاسانسير .. “فلك” كانت حاسه انها مش مرتاحه.
وفكرت أن ممكن اللي بتعملـُه دا غلط؟
دي اول مره في حياتها تعمل حاجه من ورا “فارس”
بس هي نيتها مش وحشـة هي عايزة تساعـدُه..
قطع حبل افكارها “رامز” بعد ما خرجوا ورن جرس شقة من الشُقق :
_ مش فاهم ليه خلتينا نيجي في الزحمه دي،
كان ممكن عادي جدًا نروح بالعربية اسهل.
_ لا كدا احسن
تهيألها انـه بيقول حاجه في سـرُه .. وثوانٍ فتحت سِت مش كبيرة ومش صُغيره ، شيك وحلوه..
ابتسمتلُهم وابتدت تكلم “رامز” وعينها علي “فلك”
_ أهلاً يا رامز .. ادخلوا
دخلوا الشقه اللي كانت كبيرة جدًا وهناك “فلك”
لاحظت سِت كبيرة في السن قاعدة علي كُرسي مُتحرك .. ابتدت تطمئن شوية ..
السِت بدأت تكلمها بترحاب :
_ دي بقا ماما اهم حاجه في حياتي ، عشان كدا لما رامزا قالي هشوفلك بنت كويسه جدًا وأمينه جدًا،
تاخد بالها وتراعيها أكدت يسرع ، وشكلك بنت كدا فعلاً
ابتسمت لها ، وحاستها سِت لطيفه :
_ شكـرًا .. كُنت عايزة اتأكد من ساعات الشُغل
_ هُما زي ما رامز قالك ، فترة شُغلي شِفت صباحي يعني مش هطول خالص وهتلاقيني عندك.
شوية وقامت غابت جوا دقائق و”رامز” قام وراها .. “فلك” قعدت تتأمل الست المُسنه نظراتها جامدة ، كأنها مش في الدُنيا .. ، رجعت الست في أيدها كوبيتين عصير ، ناولت “فلك” واحدة والتانية , “لـ رامز” ، هي مكانتش عايزة تشرب بس أصرت عليها كـ واجب ضيافه ، ومع اصراراها لما لاقت “رامز”
بيشرب هو كمان ، شربت حاجه بسيطه وسابت الباقي .. وقعدت تتكلم شوية في الشُغل وقالتلها تبتدئ من بُكرة … ”
موبايل “فلك” رن وكان “فارس” اتوترت جدًا
وخدت شنطتها وقامت تُقف واستئذنت تمشي:
_ طب أنا لازم امشي ، ومن بُكره أن شاءالله ابدأ.
_ طب استنيني يا فلك انا نازل معاكي بس ،
هساعد زهـرة وادخل والدتها سريرها ، وجاي!
_ طيب بُسرعه.
دخلوا هُما الاتنين الممر ومعاهم السِت، بيجروها بالكُرسي ، “فارس” رن تاني بعد ما كَنسلت
قررت تخفف توتُرها وتـرُد عليه :
_ انتي فين يا فلك؟ وبتكنسلي ليه عليَّا؟
_ أنا في الجامعه ما انت عارف ، وكنسلت عشان كُنت في محاضرة
مـلقتش رد منُه فِضل ساكت ثوانٍ وقالها :
_ فـلك انتي من أمتي بتكدبي عليَّا؟
أنا في الجامعه عندك وزمايلك قالوا إنك خرجتي من ساعه , انتي فين؟
اتصدمت ومعرفتش تُرد ، هو ايه خلاه يروح جامعتها؟ ولسه بدري علي معاد خُروجه من شُغله !
قررت تصارحُه وخلاص كفاية كِدب عشان الموضوع ميبوظش اكتر :
_ فارس أنا في الزمالك في عمارة خمسه ،
_ بتعملي ايه هناك ، ايه اللي وداكي اساسًا.
حطت أيدها علي دماغها بتُقل غريب :
_ اسمعني بس انا جيت في اعلان شُغل
هـنِا سِمعته بيزعق من العصبية :
_ تاني يا فلك مش انا قولتلك لأ ! برضو عملتي اللي في دماغك .
الدوخـه بقت واضحه جدًا عليها ، وحست أنها هتُقع وهي واقفة فـ سندت علي الحيطه ، وهي بتكلمُه بـ توهان :
_ أنا .. عمـلت كـدا عشـان ، اسـ…..
سمعت صُوته بيناديها بـقلق :
_ فـلك مال صوتك بيغيب ليه؟
هِنا قررت تفتح الباب وتمشي ومتستناش “رامز” ، بس انـذهلت لما لاقتُه مش بيفتح ، عرفت خطورة اللي عملتُه .. قالت بـخوف لـ “فارس” قـبل ما تحس بـحد بيسحب موبايلها من أيدها ويسندها :
_ فارس في حاجه بتـحصل مِش فاهمها ، تعالي يا فارس تعالي .
_ مالك يا فلك في ايه انا جاي ،طب انتي في اني دور ، فلك صوتك راح فين الـو ! ..
بس هي مَردتش لأن اللي سـحب منها الموبيل وكسـرُه ! كان “الست” بنت القعيدة ، واخر حاجه فكراها قبل ما تغمض عينيها وتغيب عن الدُنيا وما فيها كلامها ، وهي بتبتسملها بـكُل هدوء :
_ اوعدك هتنامي احـلا نومة و …..؟
↚
_ البيـه اللي قولتي ساعدك، كان يبيعك لـ تُجار أعضاء !
_ انت هتسامحني أمتي بقا؟
_ لما تعرفي غَلطك
ردت بـلهفه _ ولله عرفت وندمانة ، ولولاك معرفش كان زمان حصلي ايه ! فارس عشان خاطري دي اول مرة في حياتك تخاصمني وتبعد عني كدا !
_ تصبحي علي خير يافلك .
وكـ عادت “فارس” مؤخرًا ، في الاسبوع اللي فات دا
يتجاهل “فـلك” ، وكلامه معاها بقا شِبه معدوم ،
ودي حاجه بتأذيه اكتر ما بتأذيها ، بس هو بيعمل كدا كـ نوع من العقاب ، عشان اللي خلتُه يحسُه ويشوفه مش قُليل عليه نهائي .. ”
“فـلك” عينيها دمعت لما لاقتُه قام ينام علي الكنبة زي عادتُه ، وبينهي اي محاولة صُلح مَنها ،
علي قـد زعلها منه ، انُه قِدر اسبوع كامل،
يعاملها مُعاملة جافه جدًا ، وكأنها مش معاه في نفس البيت ، .. بس هي مُقدرة شعوره وتصرفُه ،
غلطتها مِش بسيطة ، حتي لو نيتها كانت خير،
وغصبًا عنها ، سِرحت في اليوم دا ..
اللي وصلهُم لـ كدا .. لو مكانش وصل في الوقت المُناسب؟ كان هيحصلها ايـه !
مَـ توقعتش زميلها اللي في الجامعه، بتشوفُه طول اليوم يطلع كِدا ؟.
_ ها هنعمل ايه؟
ابتسمت ليه وهي بتبُص علي “فلك” اللي غايبة عن الوعي بقالها اكتر من ساعة ، :
_ انت كدا عملت مُهمتك ، وجبتهالنا لـ حد هِنا
هتاخُد حسابك لما الدكتور يوصل ، وتتِكل.
“رامز” بص لـ “فلك” ، ورجع بص للست تاني بريبه:
_ بس انتي وعدتيني انكوا، مِش هتتعاملوا معاها زي الباقي، يعني من الأخر خُدو شغُلكوا ،
بس تعيش ..
_ ما قولنا أيوة يارامز، ايه الحِنية دي؟
وبعدين ايه لأزمة تعيش اساسًا؟
_ بقولك ايه يا ماجدة ،دا شَرطي قبل ما اجبها،
_ انت هتضيع علينا كتير خُد بالك ، طب الناس اللي جبتهُم مكانش دا كلامك ليهم؟ خير اشمعني السنيورة
_ هي لأ ، وكمان يتيمة حرام برضو ، بس دا ميمنعش اطلع بـ مصلحه منها، أصلها دبش معايا اوي وغيظاني،
_ما علينا ، مش خايف لما تفوق وتفهم؟ معاك في الجامعه كُل يوم ، لما تعيش وتعرف انت عملت ايه؟ مش هتسيبك؟ وهتتحبس .
ابتسم بـ ثقة :
لأ متقلقيش ما أنا عامل حسابي ،
اول ما هتفوق مش هتبقي واعية لـ حاجه عشان حبوب الهلوسة، هستغل أنا النُقطة دي ، وهاخدها وانزل كأننا لسه نازلين وفي عربية هتخبطها خبطة بسيطة وكأنها حادثة عادي جدًا ، ولا هتحس.
_ دا انت مرتبها بقا وهتقُعد لحد ما نخلص كمان،
طب تمام ، بس انت مُتاكد أن ملهاش حد يسئل عليها
مش عايزين شوشرة
_ اطمني، ملهاش غير عمتها وجوزها ,
ودول مش بيطيقوها حسب كلام خديجة،
يعني لو ماتت وادفنت كمان محدش هيحس منهُم.
هِنا الباب خَبط “رامز” بَصلها :
_ اهو الدكتور شَرف اخيرًا ، انجزو بقا كدا عشان نِخلص،
_ شرف ايه ، مش قال هيتأخر ساعه كمان ،
اتوتر “رامز” :
_ بقولك ايه متفتحيش ، بُصي من العين السحرية.
_ممُكن يكون البواب جاي يسئل هنجدد العقد شهر تاني ولا لا،
راحت “ماجدة” عشان تِفتح وهي هادية عكس “رامز” ، وقبل ما تبُص سِمعت صوت بيزعق ،
كذا صوت دخل في بعض ، وقبل ما تفتح ،
الباب هو اللي اتفتح ، بمعني تاني اتكسر ..
ودخل البواب ورجال ظُباط ومعاهُم “فارس” ..
بيدور عليها بعيـُنه ، زي المجنون ، وجري يشِد , “رامز” من ياقتُه بعد ما اتعرف عليه،
شافُه في الجامعه كتير لما كان بيروحلها ،
وكتير “فلك” قالتلُه أنها مش بتستلطفُه :
_ فلـك فين ، هي هنِا ، هي وصفت هِنا ،
انت عملت فيها ايه انــطق !
“ماجدة” كانت مَصدومه ، وبصت لـ “رامز” بغضب كبير وهي بتزعق :
_ بقا هو دا اللي ملهاش حد !
↚
أنا بعد كُل دا اروح فيها بسبب واحد مُتخلف جديد علينا زيك؟
البواب اللي رد بـ حزم وهو بيشاور عليها لـ راجل من الظُباط :
_ أنا اللي بلغت يا سِت انتي ، عمايلك اللي مش تمام،
وقعتك ، اهي ودا كمان يابيه ، دول اللي بلغت عنهُم،
الاسبوع اللي فات، مأجرين بقالهم شهر وهيقعدو شهر كمان، وقولتلكوا شاكك في حركاتهم،
ناس بالكوم تطلع مع الافندي دا وافندي تاني ، وينزل لوحده ،ومش بشوفهم تاني اصلاً، اكيد بتقتلهم ،
او بتعمل حاجه مشبوهه ،
وانتوا فضلتوا مراقبين البيت واتأكدتوا من كلامي!
وبعدين بص علي “فارس” اللي ماسك في “رامز” ،
ومش مستوعب كلام البواب من الذهول ،
فـ قال البواب :
_ الراجل دا جيه من قيمة نُص ساعه قعد يلف علي العماير وقالي أن مراتُه كلمتُه وهي بتستغيث،
وقالتله علي العُمارة دي وهو مش عارف انهي دور،
وانا وصفتلُه الدور ، شكلهُم موتوها هي كمان،
_ بــس اسكُت خالص
سابُه ورماه علي الارض ، ودخل يدور عليها في الشقة كُلها ، مطقاش يسمع من البواب سيرة أن مسَها سوء ، فِضل يدور وهو بيدعي ربنا من كُل قلبُه،
يحفظهاله ، هو مالوش غيرها،
دي روحه اللي عايش عشانها ، مينفعش تروح منُه.
الرُوح ردت فيه وقِدر ياخد نفسُه ، هِنا لما لاقاها قُصاد عينيهُ ، مصدقش نفسـه،
عينُه دمعت وجري عليها علي السرير ، نايمة مش درايانة بـ حاجه نهائي ، رفع رأسها لـ حُضنُه وحاول يفوقها :
_ فلـك ردي عليَّا ، فتحي عينك وريحيني.
لما ملاقش مِنها رد ولا استجابة ، سندها وشألها ،
وقرر يروح بيها المُستشفي ، وهو خارج لاقي البوليس ، بياخُد “ماجدة” و “رامز”، وهي عايزه تمسك فيه من عصبيتها ، وكأنها اتجننت،
وكمان الدكتور شريكهم اللي وصَّل مع خروجهم،
بعد ما اتأكدو انهُم شبكة تجار أعضاء،
وبيأجرو كُل شهرين شقه في مكان مُختلف ينفذوا فيه عشان محدش ياخُد بالُه، بس البواب بـ غلطه منهم عرف يمسكهُم ،والست القعيدة دي صورة من ضِمن صورهم، في كُل اشغالهم، عشان يجرو ضحياهم، الحاجه الحقيقة الوحيده فعلاً أنها والدة “ماجدة” …
“فارس” مـَهتمش بُكل اللي بيحصل ،
اللي همـَّه .. كانت علي ايديـه ، شايلها ورايح بيها المُستشفي ، خوفه،وقلقه ، والدقائق اللي عاشها،
كانت كفيلة تنشف الدم في عروقه،
فِكرة أنها كانت هتروح منُه ، متمناش يتخيلها حتي،
ولا اتمني تتكرر تاني ..، هو لازم يحميها حتي من نفسها ..”
افتكرت لما فاقت في المُستشفي , ولهفتُه عليها ،
مكانتش مستوعب اللي هي فيه، وبعدين بدأ ، يحكيلها ، وأدركت الموقف ..
هي اه مش بتطيق “رامز” وغلطت لما راحت معاه وأمنت لُه ، بس متخيلتش أنه يكون بالحقارة دي !
وضميره سامحله يعمل كدا في الناس عادي،
من غير خوف من ربنا .. ”
وافتكرت جملُه فارس ليها بعصبيه ، رداً علي عصبيتها لما قالته أن عشان هي كانت عايزة تساعده وهو رفض ، فلجأت ليه هو يساعدها .. ”
_ البيـه اللي قولتي ساعدك، كان يبيعك لـ تُجار أعضاء !
واللي خلاه يختارها ، أنه كان بيدبرها من بدري ، هو مكانش هيعمل معاها حاجه لانُه مُعجب بيها ،
بس رفضها و أسلوبها وردودها معاه، خلتُه ينتقم زي قرصة ودن ، واللي طمنُه ، أنه عارف ظروف عيلتها،
وعارف مشاكلها معاهم، افتكرت صَدمتها ، ونظرة “فارس” ليها من صدمتها ، صعبت عليه، بس مقدرش يبدي فِعل ، بس “رامز” غِفل عن وجود عائلتها اللي بجد “فارس” ، عيلـتها الحقيقة فعلاً .. ”
ومن ساعة رجوعهم البيت ، و”فارس” بيعقابها اسوء عقاب ، وهو التجاهُل واللامبالاة ،
بياكُل وينام وينزل شُغلُه في المُستشفي مؤخرًا بعد ما اتعين فيها ، ويرجع ينام تاني،
كلامُه محدود معاها .. ”
متعرفش ازاي قِدر يقسي عليها كدا ، وهو عُمره ما زعقلها بس ، قِدر اسبوع يعاملها كِدا؟
حاولت بُكل الطُرق تصالحُـه .. بس بيصُدها ,
الندم كان بينهش فيها ، هيجننها ولو رجعت بالزمن كانت فكرت الف مرة ! ولا لحظه “فارس” يزعل منها !
حاولت تعِمل محاولة ساذجة لمُصالحتُه ، شافتها في فيلم ، وقرأتها في رواية ، يمكن يحن عليها،
وهي أنها أول ما تشوفُه تعمل أنها مُغمي عليها ،
عشان يخاف عليها ويقرر يصالحها .. ”
وفعلاً استنت معاد رجوعُه من المُستشفي ، وفضلت مترقبة ، واول ما سِمعت باب الشقة مشيت ودخلت ،
وهي عارفة انُه مش هينده عليها ، بس قلقُه هيتغلب عليه ، و هيدور لما يلاقيها مش موجودة وبتحاول تصالحُه زي كلُ يوم،
كانت عاملة حسابها ونامت علي الارض في الاوضة،
↚
كأنها فاقدة الوعي ، … ”
واستنت خمس دقائق بالظبط وحست بيه ، بيفتح باب الاوضة يدور عليها ، وثوانٍ وحست بيه بيجري ، عليها وبيرفع رأسها علي ركبتُه ، وبينادي عليها بقلق :
_ فلـك فيكي ايه؟ مالك يا فلك؟
كانت سمعاه وحست أن خطتها نِجحت ، ومنعت نفسها بصعوبة من الابتسام ، وحشها جدًا صوته وهو بينادي عليها ، .. سابها بـ رفق وقام دقيقة ورجع معاه برفان ، وجرب يُرش منُه علي أيده ويشممهُلها ،
ولـ حظها الوحش أن ريحة البرفان بتضايقها ،
وغصبًا عنها مقدرتش تمسك نفسها وعطست ..,
ولـ غبائها ، بعد ما عطست مستمرتش في التمثيل , وقالت :
_ الحـمدلـله !
“فارس” بصلها بـ اندهاش ، وهي بترد وبتتعدل قُدامه بتبُصله بتوتر وحست نفسها غبية جدًا،
وقفشها بسهولة ، فحاولت تداري وتكمل في محاولة يائسة منها أنها تكمل تمثيل وترمي نفسها في حُضن “فارس” :
_ فارس كويس انك جيت لحقتني ،
شوفت أغمي عليَّا جامد اوي
منع نفسُه بالعافية انُه ميضحكش ، بعد ما اطمن وعرف أنها بتمثل عشان يحن عليها مش اكتر :
_ وهو في اغماء جامد اوي واغماء نُص نُص؟
استمرت في حُضنه ، وبعدت وهي بتبتسم بتوتر ، بعد ما قفشها :
_ أها، الحمدلله انك فوقتني،
_ تعرفي؟ اول مرة اشوف حد بيعطس في الاغماء ويقول الحمدلله ! سُبحان الله
كِدا عِرفت انُه خلاص قفشها فقررت تبطل تمثيِل ، من احراجها واتعدلت ووقفت قالت ، بزهق:
_ أيوة مثِلت عليك خلاص !
سِكت شوية , واتعدل هو كمان ووقف قُدامها ، يقولها بَمعني :
_ طب هو مش كفاية اللي عملتيه معايا وخوفتيني عليكي؟ بتعلي الفولت يعني ولا انتي بتحبي توقعي قلبي عليكي؟
_ لا يافارس ولله ، بس انت تعبتني،نفسي تسامحني بقا وتبطل خصام عشان خاطري أنا اسفة ولله !
سِكت ثوان :
_ تمام قابل اسفـك.
فَرجت بوقها بـ سعادة طِفلة وهي مش مصدقة :
_ بِجد؟ يعني صالحتني ؟
ابتسم ابتسامة صُغيرة ، وهو بيحُط أيده في جيبُه وبسيبها ويُخرج :
_ أنا قِبلت الاسف ، بس مصالحتش لحد ماتتعلمي مع الاسف !
زمت شفايفها بغيظ وجزت علي سنانها ، بخيبة :
_ انت زعلك وحش اوووي يا فارس اوووي !
اتنهدت من التفكير ، والمحاولات ، وقامت من سريرها ، خرجت برا ، شافتُه نايم علي الكنبة ، قربت وفِضلت قاعدة جمبُه علي الارض بتبُصله ، وعنيها مدمعه ،
نفسها يرجع يكلمها حتي لو عاتبها ، أو شتمها حتي !
بس يتكلم معاها بس !
اتكلمت بـ همس _ معقول تقدر تزعل مني كدا يا فارس ، جالك قلب ، وانت عارف انك كُل حاجه؟
ملقتش رد لانه نايم ، اتجرأت ايديها ولعبت في شعره وهو نايم، وحشها دفئ حُضنه ، الامان اللي بتبقي فيه وقت احتياجها ، كُله مبقاش مسموح ليها دلوقتي ، هـو مانعها منُه ! وهو شاطر جدًا لانُه عـرف
ايه العقاب اللي هيقدر يعرفها غلطها بجد ،
هــو عقابـها !
_ فـلك .. بـابـا .. نــ…
اتنفضت لما سِمعته بيتكلم افتكرته حس بيها وسمعها ، جات تقوم بُسرعه قبل ما يشوفها وتتحرج،
بس قعدت تاني لما دققت في كلامه ، لقيته
هذيان ، كلام مش واضح ، ابتدت تقلق ، فهزتُه بـخفه تصحيه :
_ فارس ؟ انت صاحي .
مردش عليها ، بس قرر ، كلامه المُقطع ، بأسمها الاول وباقي اهلُه .. وكلام تاني مش مفهـوم زي ،
“اوعي تضيعي مني” “خوفت تتأذي” ، ” انتوا وحشتوني”
حطت كفها علي جبهتُه واتأكدت من شكَها ، والرعب ابتدأ يتسلل ليها ، “فارس” جسمه عـُبارة عن كُتلة نار ، حرارة شديدة جدًا ، وهو مش واعي وعنُده هذيان وبيخرف .. ، ضربتُه علي وشُه بـ خفة وهي بتصحيه بخوف
_ اصحي يا فارس قوم انت سُخن اوي ، قوم نروح المستشفي !
فِضل زي ما هو ، وهي فضلت عاجزة مكانها اول مرة تتحط في موقف زي دا ، وعقلها اتشل عن التفكير ،
فِكرة أنه تعبان قُصادها كدا ومش واعي ، وهي مش عارفة تتصرف ، ولوحدها الساعه 3 الفجر !
خلاها تبقي في شلل مؤقت و تحس بالخوف ، وعنيها تدمع عايزة تتصرف بس جسمها وعقلها كأنهم اتشلوا ، من خوفُها عليه ! .. ”
ابتدت تعيط وتحاول تهدأ ، وتشوف هتعمل ايه ضعفها مش هيعملُه حاجه .. افتكرت زمان وهُما صغيرين ، لما جاتلـُه حُمى شديدة اوي شبه دي ، ويومها رقـد في السرير ومراحش المدرسة ، .. ”
صحيت الصبح لما لاقتُه مجاش ينكُشها عشان تقوم ويروحوا المدرسة سوي زي كُل يوم ..
لاقتُه لسه في اوضتُه نايم ، و”انصاف” امـُه قاعدة جـُمبه ومعاها قياس حرارة بتقسهوله ، خافت وحست انُه فيه حاجه راحت ليها بُسرعه وسئلتها بخوف :
_ عمتو هو فارس لسه نايم ليه؟
ردت عليها “انصاف” وهي بتقوم من جمبُه :
_ فارس جاتلـُه الحـمي إياها ، بقولك ايه يابت يا فلك طالما صحيتي ، أنا هقوم اجيب شوية مية باردة ،
عشان هتقعدي معايا ونعملـُه كمادات،عشان الحرارة تنزل .
“فلك” قالت بخوف :
_ هو فارس عيان يا عمتو يعني هيروح المستشفي؟
↚
_ درجة حرارتُه عاليه 38
قالتها بـخضه _ يعني ايه ياعمتو حاجه وحشة؟
_لا سخونية بتجيلـُه كُل شتـاء وعارفينها وبنتعامل معاها ، بس هي زايدة المرة دي ، بسبب عنادُه قولتله الف مرة ميقلعش التيشيرت اللي بلبسه له تحت الهدوم مش بيسمع الكلام ، عِنادي زي أبوه ، خليكي
عقبال ما اجي ،
قامت “انصاف” و”فلك” قعدت جمب “فارس” علي السرير حطت أيدها الصُغيرة علي ايُده لاقيتُه سُخن فعـلاً ، جات تصحيه مردش ، كان بيقول كلام هي مفهمتوش ودا خوفها عليه اكتر !
“انصاف” جات وفي أيدها طبق كبير في قُماشة ومية بـاردة قعدت ، وناولت “فلك” قُماشة هي كمان،
وقالتلها تعلمها تعمل ايه :
_ بُصي بقا يا فلك ، خُدي القُماشة وغرقيها في المية ، واعصريها ، وحطيها علي رأسه وايُده ، وغيريها كُل خمس دقايق لما المية تسخن فيها ، زي ما أنا هعمل مع بقيت جسمُه كدا ..
_ وهو هيخف ويصحي كدا يا عمتو؟
_ لو عملتي زي ما بقولك ، هيخف بسُرعه والحرارة هتنزل ..
“فلك” سِمعت كلام عمتُها وابتدت تقلدها وتعمل زيها بالظبط ، عشان “فارس” يخف ويقوم بُسرعه،
وفِضلت تدعي ربنا انُه يخففه بسُرعه ،
قعدو يعملولُه كمادات لفترة كدا ، عشان جسمُه يهدأ من السخـونية ، “وانصاف” ، بقول لـ “فلك”
تعمل ايه لو هي قامت ..
لـحد ما الحرارة هديت شوية بعد ما قاستها “انصاف” ، اطمنت وهي بتشيل طبق الكمادات :
_ خلاص يا فلك السخونية هديت ، وانا كلمت دكتُوره عشان يجي ويكتبلـُه علاج يخف اسرع ،
_ بس هو ليه مش بيكلمني ياعمتو ، أنا عمالة اكلمُُه وهو بيفتح عينُه بس وينام تاني.
_ الحرارة مهمداه يابت ، هيبقي حُصان دلوقتي لما ياخد العلاج ، واعملـُه ، شُوربة تقويه ..
وخليكي انتي .. كُل ساعة قيس لـُه الحرارة أنا علمتك ازاي لحد ما الدكتور يجي .. وانا هقوم اعملـُه الشوربة .
وفعلاً خف وبقا كويس لما الدكتور كشف عليه وادالُه علاج ومقويات ، و”انصاف” قعدت ايام تأكلـُه شوربة ، وتشربـه عصاير باردة طبيعية من غير سُكر ، تعوضه .. “”
مسـحت دموعها وقامت بُسرعة علي المطبخ لما افتكرت هي هتعمل ايه ، عمتها علمتها تتصرف ازاي وهي اتعاملت مع مرضُه قبل كدا ، ومن خوفها نسيت تمامًا ، ويمكن هي عرفت أهمية “انصاف” دلوقتي
دخلت الاوضة بعد ما عملت مية باردة ، وفتحت الشنطه اللي بياخدها معاه المُستشفي ، وطلعت جهاز قياس الحرارة وخرجتلـُه , وقعدت جنبه علي الارض تاني ، وقاستلـُه الحرارة ، وطلعت عالية فعلاً ،
اتوترت وخدت نفس وحاولت تكون هادية ،
وفِضلت طول الفجر ، لحد ظهور النهار، تعـَمله في كمادات وتكلمـُه عشان يفوقلها ، ولما الحرارة هديت ،
لبست ونزلت أقرب صيدلية لبيتُهم قاصدة عم “جميل” دكتور صيدلي بسيط ليه مواقف كويسة معاهم ، وعارفهم قالتلـُه ، وطلع معاها علي فوق ، وساعدها أنهم يدخلوه ينام في السرير بدل نومة الكنبة ،
وكشف عليه وآداله حُقنة ، تخفف الحرارة ،
و”فلك” دخلت المطبخ فتحت فيديو علي موبايلها تتعلم تعمل شوربة خضار ، وفضلت حريصة اوي أنها متبوظهاش هو مش ناقص ، العك بتاعها دلوقتي !.
ولما خلصتها دخلت لـ “فارس” وبقت تحاول بُمساعدة دكتور “جميل” يأكلهالُه ، وكل كمية بسيطة ورجع نام تاني ، واللي كلامُه كان ضئيل اوي ، بس حاسس بيها واللي بيحصل ، بس معندوش قُدرة يتكلم .. ”
حطت قُدام دكتور “جميل” ضيافة ، تقديرًا لوقوفُه جمبها لحد ما الليل دخل عليهُم ، معتبرهم زي اولادُه ومقدر أن “فلك” لوحدها وممكن يتعب تاني ، فِضل معاها لحد ما اطمن أنه تتحسن نسبيًا :
_ بس تعرفي يا فلك مكُنتش اعرف انك شاطرة وهتتعاملي بُسرعة كدا .
ابتسمت :
_ عم جميل انت متعرفش حالتي ، أنا فِضلت رُبع ساعة اعيط جنبه وانا معرفش اعمل ايه ، أنا لما بتوتر دماغي بتُقف ، بس ربنا الهمني .
_ أنتِ عملتي خير يابنتي ، والحمدلله بقا كويس،
وبُكرة يصحي يبقي زي فُل ، مُضطر اقوم أنا بقا،
ومش هقولك اي حاجه تكلميني علي طول،
وهو بقا كويس الحمدلله.
ابتسمتلـُه بـ امتنان :
_ مش عارفة اقولك ايه ولله ياعم جميل ،
حقيقي انت وجودك كـ اب معانا ، ومطمنتش لـحد يساعدني زيك.
↚
_ أنا معملتش حاجه يابنتي ، انتوا زي ولادي،
بس حاولي تُخشي تريحي شوية جمب جوزك،
انتي تقريبًا بقالك يومين منمتيش.
_ هنام يا عم جميل ، بس لما اطمن انُه صحي وبقا كويس ..
نِزل دكتور “جميل” ودخلت “فلك” لـ “فارس” شدت كرسي وقعدت جمب السرير الصُغير اللي نايم عليه،
وفضلت تبُصله وهو نايم ،وهي بتحمد ربنا أنها عدت ، هي كمان جـربت احساس أنها ممُكن تِفقده ،
ساعتها قدرت موقفه منها وشعوره … ”
الصـُبح , صحيت لما لاقت نفسها نامت غصبًا عنها علي الكُرسي , بس هي لما صحيت لاقت نفسها في السرير ، و”فارس” هو اللي قاعد علي الكُرسي قُدامها بيبُصلها وهي نايمة .. اتعدلت بُسرعة , وحطت أيدها علي رأسه تجِسُـه بـ لهفه وهو ابتسملها وهو بينزل أيدها بـ راحه ويطمنها :
_ أنا بقيت كويس ، اطمني،
_ الحمدلله يا فارس ، متعرفش أنا كنت بموت من الخوف عليك ازاي ،
_ شُكرًا يافلك انتي تعبتي اوي ، أنا كُنت حاسس بيكي بس مَش قادر اقوم خالص،
بصتلُه بـ استنكار ، وقالتلـُه بعتاب :
_ انت بتشُكر مراتك علي واجبها ولا ايه؟
علي العموم أنا متعبتش ولا حاجه ، وبعدين انت ايه اللي قومك من السرير ونيمتني انا؟ انت تعبان،
اتفضل تعالي مكانك ، عشان هقوم اعملك فطار واجبلك الدواء .
_ صدقيني أنا بقيت كويس ، أنا حتي نازل الشـغُل أصلاً.
بصتلُه وهي بتقوم بـ حزم :
_ بدون نقاش، انت مش رايح مكان انهاردة متفقين ، لحد ما تتحسن
_ مش هروح ايه يا فلك ما كفاية امبارح،
وكمان متنسيش دي اهم فترة عشان تثبت فيها نفسي، ومضيعش مجهودي .
سكتت تبُصله بـ حيرة :
_ تمام موافقة بس هتفطر الاول الفطار اللي هعملهولك، ومفيش قهوة هتشرب عصير فريش عادي وتاخد الدواء ، مفيش حاجه اسمها مش عايز ومش بحبـُه
ضِحك علي طريقتها ، كأنها ام وبتكلم ابنها ، بـ نبرة حادة دون نقاش عشان مصلحتُه ، رد عليها بنبرة الابن المنُفذ للأمر:
_ حاضر ، اي حاجة تاني؟
_ متتريقش بس ،
كـمل بِضحك _ مش بتريق انتي شايفة نفسك يافلك؟ امي معملتش كدا حتي وانا عيل؟
ابتسمتلـُه بـ حنية ، :
_ من غير هزار ، أنا حسيت بـ كدا فعلاً ، حسيت اني ابني اللي تعبان ، وانا أمه وخايفة عليه ،
وقاعدة فوق راسُه لحد ما يخف واشوفُه رهوان قُدامي، انت يا فارس زي ما انت بقولك عيلتي،
فأنا حسيتك ابن وإحساس أن فيك تعب وان ممُكن اخسرك كان صعب اوي أنا اسفة أن حسستهولك من غير قَصد مني ، نيتي كانت خير ولله يا حبيبي.
“فارس” كان ساكت ومش بيرد ، بس نظراتـُه بتوضح احساسـُه , وان “فلك” اول مرة تقوله يا “حبيبي”
وتتكلم بـ نبرة ، فيها مشاعرها كُلها صريحه !
دا كان كفيل انُه ينهي اي خِصام , كان تقيل عليه هو شخصيًا قبلها ، وياخُدها في حُضنه بكُل اشتياق ،
وهي ما صدقت أنها رجعت للحُضن دا ، ,
وبعد شوية خرجت من حضُنه وسئلته بحذر :
_ خلاص يا فارس مبقتش زعلان مني؟
_ خلاص يا فلك ، أنا برضو اسف أن حرمت نفسي من الحُضن.
كملت بـ هزار ومرح :
_ خلاص صافي يا لبن ، وانا عرفت غلطي وانت عرفت غلطك ، بس انت اتصالحت عادي،
أنا بقا مش هتصالح غير لما تجيلي الشكولاتاية اللي متعود تجبهالي كُل يوم ، واتحرمت منها اسبوع كامل يا مُفتري ، تخيل زعلك حرمني من كام حاجة يابيه؟
ضِحك جدًا علي روحها ، وطفولتها اللي مهمما كِبرت ، بتفضل “فلك” الطِفلة اللي شالها اول مرة ،
واتأكد أنُه مش بيبقي بالروح دي غير معاها وفي فترة خِصامهم كان مُنطفي تمامًا !
_ تعالي هوريكي حاجة،
خدها وراح فتح دُرج المكتبة في الصالة ، وشهقت لما لاقت كمية من الشيكولاتات مش بس اللي بيجبهالها انواع تانية ، نطت من الفرحه :
_ ايه دا ايه دا كُل القمر دا عشاني،
اتكلم بسُخرية:
_ لأ عشان عم صلاح البواب
↚
زمت شفايفها بضيق ، وراحت تاخد منهم تجمعهُم في حُضنها ، وهو متابعها، بـ ابتسامة :
_ رغم أننا كُنا مش بنتكلم ، والمفروض زعلانين،
لكن مقدرتش امنع نفسي وانا راجع كُل يوم البيت ،
ومعديش علي السوبر ماركت ,
اشتريلك حاجاتك اللي بتحبيها،
بقت تعود وتلقائي بدخل اشتري ، قولت طب أنا المفروض مش بكلمك وعامل زعلان ،
ادهالك وهيبتي تروح؟ فضلت احوشهُملك ،
وقولت اسيبك كام يوم كِدا تندمي الاول واصالحك بيهُم.
بصتلـُه بتفاجاء :
_ اخص عليك يا فارس ، وهونت تسيبني كدا؟
اتنهد:
_ حقك عليا يافلك أنا كُنت بتعذب قبلك،
بس فكرة انك عملتي حاجه لأول مرة من ورايا،
وكُنتي هتروحي مني بسبب اغبية،
خلتني اتصرف كدا عشان تفهمي احساسِ،
بصت في الأرض بأسف :
_ أنا اسفة مش هعمل اي حاجه تانية من وراك .
رفع ذقنها وابتسملها :
_ طب بُصيلي ومتوطيش راسك ،
وبعدين مش انا راضيتك؟ ما تراضينا انتي كمان،
وبلاش شوربة خُضار؟ مش بحبها ،
سابت الحاجه بُسرعة وقالت :
_ لأ انت هترشيني ؟ خُدهم اهو بس متاخدهمش اوي ، لحد ما تشرب الشوربة هاخدهم تاني،
مفيش حاجه اسمها مش بحبها ، تمام؟
ضِحك اوي وشدها لحُضنه :
_ حاضر يا ماما انصاف حاضر ،
بس مش واحدة بالك انك خدتي بالك انك مش بتذاكري والامتحانات علي الابواب ولا ايه؟
فتحت عينيها علي آخرها حتي نسيت دراستها من الحُزن ، هو منسيها كُل حاجه ، ضربتُه بـ خفة :
_ ماهو بسببك يابيه ، شايف مُستقبلي بيضع اهو.
اتكلم بتفاجاء :
_ بسببي ليه؟
_ مش لاقي حد يذاكرالي ، ونفسيتي مش مفتوحة !
_ ايوه ايوه الذاكرة لاقت حِجة حلوه عشان تطلع نفسها ، طيب ياستي اوعدك هخلص شُغل وهنسهر أنا وانتي للصُبح نذاكر، وعايزك تتحجي وتهربي بقا عايزين تقدير يا استاذة !
قَطع ردها عليه حَد بيخبط علي الباب جامد اوي وبيزعق ، والخبط فزع “فلك” و …… ؟!
↚
_ اخُتك تقريبًا جوزها شوه وشها يا فارس !
_ و الي في بطنها؟
_ مش راضي يعترف بيه !
اتفزعت “فلك” مكانها من خبط الباب الشديد ، وبَصت لـ “فارس” بخوف ، وهو حاول يطمنها ..
ويهديها وهو رايح يفتح و بيبتسملها :
_ متخافيش يا فلك .
فتح الباب , كان طِفل صُغير بيعيط ، وبيحاول يتكلم بأي كِلمة لـ”فارس” وهو لما شافُه كدا انحني لـ مستواه وسئله بتعُجب :
_ مالك يا حبيبي؟
رد الطِفل بكـلام متقطع من الانهيار :
_ بتِضرب … فـاطمة !
فتح “فارس” عنيه علي وسعُهم ، هو و”فلك”
اللي جات وسمعتُه:
_ مين فاطمة ياحبيبي؟
_ بنت عمي !
ردت “فلك” بِشك :
_ مين بيضربها؟
_ مامـا !
_ ما هي يمكن عملت غَلط وبتعلمها بس بطريقة جامدة شوية.
_ لا لا يا عمو دي كَلت من التلاجة، من غير ما تقول لـ ماما ، فـ عرفت وبتمِدها بالعصاية علي رجلها،
وهي صُغيرة ورجلها هتتعور ، وانا مش عارف اقولها لأ.
بصـوا لـ بعض بـ مُغزي ، هُما فهمُوا من الصدمة ، و”فارس” شَد الجاكت بتاعُه وخد الولد، قاصد الشقة اللي فوقيهُم ، “وفلك” اللي جواها حاجه خلتها تطلع وراه .. ”
ولما طلعوا كان فعلاً ، في صراخ طِفلة متعديش الـ سَبع سنين ، وجمبها سـِت تانية ، ماسكاها وبتضريها بكُل قسوة ، وهي مِش فارق معاها صراخ المسكينة دي من الوجع !
“فارس” اتكلم بصوتُه لفت انتباه السِت:
_ انتي بتعملي ايه ! ازاي تضربيها كِدا
زعقت فيه لما استوعبت وجود ، ناس غريبة في بيتها واقفين وبيحاسبوها :
_ ايه دا انتوا مين؟ وانت مالك أصلاً ؟
_ مالي أن صوت البنت وهي بتصرخ عالي ،
وسَمع العمارة كُلها من ضَربك ليها !
_ أنا حُرة فيها ، بربيها ، ومحدش لُه دخل،
“فارس” اتعصب من أسلوبها ، وراح شد البنت منها ، واللي كان وشها احمر من العياط ، ومعلم من آثار ضَرب بالقلم :
_ لأ مش حُرة فيها ، شايفة ضربتيها ازاي؟
انتي بني ادمة عشان تضربي طفلة بالطريقة دي،
مهما كانت غلطتها ، وبعدين امها سايباها معاكي أمانة تقومي تعملي كدا؟
شدتها منُه تاني، وبصت لأبنها بتوعد :
_ برضو نِزلت ناديت ناس غريبة ماشي ، بصوا بقا البت دي ملهاش ام ولا اب ، وهو جبهالي عشان اخدملُه بنت اخوه يبقي تتربي بـ كيفي، ويلا اطلعوا برا بيتي ،
_ يعني كمان يتيمة وفي امانتك!
طب تمام انتي بقا لو مبطلتيش هعرف جوزك اكيد مش شايف مُعاملتك، وهو يتصرف .
ردت عليه بـ تريقة :
_ لا وانتش صادق ، هو عارف و قالي اربيها بِـ معرفتي اطلعوا منها بقا
رفع حاجبُه :
_ اللـه , انتوا عصابة علي الطفلة بقا !
خلاص نبلغ في القسم والبت معتدين عليها بالضرب،
سهـلة !
“فلك” من اللي واقفة بتسمعُه زي ما تكون حاجه حَركتها أو شَكل الطِفلة وهي بتتضرب فكرها بـ حاجه ، وراحت عند الطفلة شدتها من بين ايدين الست القاسية ، وضمتها لحُضنها ، ورفعت عينيها ليها، وهي بتزعقلها بـ انفعال :
_ أنتِ مينفعش يتقال عليكِ حيـوان حتي،
لان الحيوانات رحيمة وبتخاف علي ولادها عنك،
يعني البنت ابوها وامُها ماتوا، وعمها خدها يربيها،
بدل ما تعاملوها كويس وتعملوا بالوصية وبالأمانة ،
تعملوا كدا؟ لـ درجة ابنك يخاف وينزل يستنجد بحد؟ ليـه يعني بتستفادو ايه!
منظر البنت وهي مضروبة ومتبهدلة كدا قُدامك عشان سبب تافه حلو؟
فاكرة ربنا هيسيبك علي جحودك ومش هيحاسبك؟
لو دي التربية يبقي لأ سيبوها للغريب احسن،
هو هيبقي احـنَّ عليها منكوا .
السِت اتغاظت من كلام “فلك” وخدت منها البنت ، دخلتها الاوضة ، ووقفت تزعق بعصبية :
_ ملكوش فيه ، ماتدخلوش في حاجه متخصكوش،
ولو ما نزلتوش هصَّوت واقول بيتهجموا عليَّا !
قامت “فلك” وقفت علي حيلها ، وقالتلها بتحدِ:
_ احنا هننزل فعلاً ، بس لو كنتي فاكرة اننا هنسيب البنت تعملي فيها ما بدالك بعد اللي شوفناه، عشان ملهاش حد، تبقي غلطانة ،
↚
أنا ممكن اوديكي في داهية انتي وجوزك ، وبـ أثباتات كُلها قانونية، أولهم الجيران اللي بيسمعوا صراخها والكدمات اللي في وشها ، وبراحتـك !
ما ساعة ما نزلوا من عندها ، كانوا في طريقهم لـ جامعتها و “فارس” راكب معاها يوصلها ،
كانوا ساكتين هو بيبُصلها وهي سرحانه ،
هو فِهم رد فعلها مع جارتُهم ، هي افتكرت معاملة وظُلم امُه وأبوه الشبيه لمُعاملة السِت ،
فـ فضل مايتكلمش ، وسابها تتكلم معاها
لو دي طريقة قِدرت تخَرج بيها اللي جواها من زمان،
وهو حاسس بالذنب ليها ، رغم انُه كان علي طول معاها وعلي قد ما يقدر مش بيسيب فُرصه يدافع عنها ، بس برضو اهلـُه ، ومكانش ليه تحَكم كامل علي معاملتهُم معاها !
وعشان كِدا ، شافت نفسها في الطفلة ، وهي ، قِدرت تهزها وتخوفها، ومرضيتش تنزل الا لما تتأكد أنها هتجيب حق البنت.
خَرجها سرحانها ، وهو بيحُط ايُده علي أيدها :
_ انا اسف اني مقدرتش انسيكي الظُلم اللي عشتيه في بيتنا !
أدركت انُه بيكلمها , فبَصتلـُه ، وابتسمتلـُه:
_ لأ يا فارس انت السبب في أي حاجه وصِلتلها،
وانت فعلاً قِدرت تنسيني وتعوضني عن أي وحش،
من صُغرك، وانت بتعمل كُل حاجه تعوضني عن اهلي ! لما هُما يضربوا بالشمال ، انتوا تطبطب وتداوي باليمين ، ولو كنت فاكر انُهم لسه مأثرين،
تبقي غلطان، أنا فعلاً نسيت، مش فاكرة حاجه ،
اللي خلاني اتكلم وانفعل ، ممكن اكون حطيت نفسي مكانها ، بـس لأنها صُغيرة وملهاش حد كبير يخاف عليها ويقُف قُصادها، ووضعها اصعب انت كنت معايا وواقف في ضهري قُصادهم ،رغم أن شوفتك في الولد الصُغير ابنها ..
_ بجد يعني انتي مش شايلة حاجه جواكي؟
_ ابقي ظالمة ، أنا خـَدت كُل الحلو اللي في الدُنيا فيك ، وبس مفيش حاجه تخليني ازعل ،
ابتسم لها :
_ ريحتيني يا فـلك، صدقيني كلامك كبير،
_ دا بسيط عليك، بس برضو مش هسيببها الا أما اطمن أنها بتعامل البنت حلو حتي ،
هُـما لازم يفهموا أمانة تربية يتيـم ، وأنها ثواب ووصية واختبار من ربنا ليهُم ، والا يسيبوه وميعذبهوش معاهم.
_ انتي جمـيلة يافـلك ، الحمدلله أن مسبتكيس تضيعي مني ..
عدت ايام وشهور … وأحوالهم بتتحسن عن الاول “فارس” مُجتهد في شُغله واللي حواليه مبسوطين بشطارتُه ومهارتُه ، ودا بيأثر عليهم في الدخل المادي اللي آبادي يتحسن ويخف من العبئ عليهم ، و”فلك” امتحاناتها خلاص اخر سنه وتوصل لـ حلمها ، كانت بـ مُساعدة ودعم “فارس” بتذاكر طول الوقت وكُل اهتمامها أنها تتخرج بتقدير ..
ويمكن اللي مقويها ومحمسها اوي كِدا ،
هـو حـبُه ووجوده معاها ..
في بعض الأوقات كانت بتشوف “فارس” ساكت وسرحان ، وهي بتفهم سبب دا اهــلـُه وحشـوه ، غصبًا عنه دول أهله ، والاصعب أنه مش عارف يوصلهم ، وقفلوا كُل ارقامهُم هي كانت بتحس بيه ، وبتحاول تعوض وجودهم ، وهي مـحملة نفسها الذنب ، بس كالعادة هو محملهاش، صح اهلـُه .. ظالمين وانانين وفيهم عبر كتير بس ابوه وامه مهما كانوا .. والٲنسان من غيـر ابوه وامه .. ضلعه مكسـور ، وستره مكشوف ، الاهل السند والحياة ، حتـي لو كانوا اوحش بني ادمين العالم .. هما اساس حياة عيالهم ، عشان كدا “فلــك” كانت بتدعي في صلاتها من كل قلبها ان علاقتهم تتصلح عشانـُه هو بس عشان ميبقاش حزين وكانك جواه كدا .. “”
مبقاش فاضل غيـر اسبوع واحد علي امتحانات “فلـك” وتخلص سنين تعليمها ، كانت متوترة جدا و”فارس” كان بيذكرلها وبيشجعها .. كانوا قاعدين هي بتذاكر علي الكنبة جمبها وهو بيتفرج علي اللاب بـ حاجه خاصه بشغله ،
_ فارس انت جيتلي الجامعه انهـاردة ليه ؟
_ علي طول بقيت بجيلك ، اشمعنا انهـاردة.
_ تفرق ، كان في بنت ملزقه واقفه جمبك وعماله تضحك وانت مندمج معاها
_ اهاا قصدك نور ؟
ابتسمت بغيظ :
_ ما شاء الله ، انت عرفت اسمها كمان ؟ نور ولا ضلمة ميهمنيش اسمها ، هي كانت بتقولك ايه خلاك تضحك كـدا ؟
_ دي طالبه في كليه طب ، اخر سنه وعرفت انِ دكتور واخوها دكتور معانا في المشفي و …
– انا مالي بكل دا ، عايزة اعرف قالتلك ايه ؟
_ وعايزة تعرفي ليه ؟
– سؤالك عجيب .. من حقي اعرف اللي خلاك هتموت من الضحك وانت بتكلمها كدا ، ثم انت مقولتلهاش انك متجوز ولا ايه ؟
ابتسم “فارس” لما حس انها غيرانه عليه ، وغيرتها وحُبها اللي بقا ظاهر جدًا في تصرفاتها ، مش ناقص غير أنها تقولهاله ، ويبقوا ازواج طبيعيه ، فـ استغل دا بمكر :
_ اسـرار شغل ..
رفعت حاجبها بعدم اعجاب :
– فعــــلا ؟ اسرار شغل فيها الضحك دا كله ، لا منا مش هسيبك الا لما اعرف قالتلك ايه ؟
_قالتلي كتيــر .. لسه هقعد احكي ..
– فــــارس متنرفزنيش، صدقني هزعل بجد، انا متوترة من الامتحان اساسًا .. متزودهاش انت ،
_ كانت عايزة رقم موبيلي
اتعصبت جدًا , واتعدلت اكتر ناوية تُدخل في نقاش خِناق ، وهو مبسوط بـ كدا :
_ ايه دا بقا ليـه أن شاء الله ؟ وياتري خدت لينك الانستا بالمرة ؟
_ما انتي جيتي بقا وملحقتش
– قول كدا ، يعني انا قطعت جو التعارف عليكوا صـح ؟
_ حاجه زي كـدا !
– طب قوم .. قوم يلا متذاكليش، روح للملزقه خُد رقمها واتعرفوا براحتكوا ،و انا ؟ أنا مش مُهم أصلاً.
_ استنـي بس استني ، انا بقلش معاكي ولله بهزر
– لا لا ملوش لازوم ، وخليها تاخُد رقمك التاني عشان لو دا طلع مشغول .. واضحكوا بصوت عالي وسيبني انا احرق في نفسي ،
“فارس” ضحك جدًا ، قد ايه بتبقي حلوه وهي غيرانة ومتعصبة :
_ بهزر وغلاوتك ، بهزر ، أنا مكملتش دقيقة في الكلام وجيتي وخدتك ومشينا علي طول، هي كانت بتتريق علي مادة صعبه شوية بيدرسوها في كليه الطب وقالت عليها كلمة خلتني اضحك عليها فعلاً.
– بجــد !
_ ولله .. بس قوليلي ايه اللي خلاكي تتضايقي وتتعصبي كدا ؟
سِكتت بتوتر ، وحست أنها في موقف مُحرج :
_ عادي يعني منطر ضايقني ، واقف تضحك معاها وانا بضايق لما بتكلم بنت غيري يا فارس متعملهاش تاني .. ومش لازم تجيلي الجامعه ، بيطلعلي صُحاب فجأة لما بتيجي ..
_ يعني مش حاجه تانيه ؟
– حاجه زي ايه ؟
= غيــره مثـلآ ؟!
– اه .. غيره عشان انت عيلتي وابويا واخويا وبـحـ.. وبس كدا .. مش من حق بنت غيري تكلمك ..
_ لا لا كان في كلمه هتتقال دلوقتي .. كلتيها ولا ايه ؟
– مكنتش هقول حاجه ، وبُص عشان تراجعلي ..
اتنهد بيأس ، وهي ضحكت ..
↚
خلصت “فلـك” امتحانات ، وبعديها نتيجتها طلعـت ، وهي مكانتش راضيه تروح تجيبها كانت قلقانة ومتوترة ، فطلبت من اقرب حد ليها هو اللي يروح يجيبها .. وراح بيجيبها .. وجيّ
– عملت ايه قولي ؟
_ جبتي تــ…
_ ولا لٲ لو وحش متقولش هيغمي عليا ساعتها.
_ لا هو انتـي جبتي مــ….
_ يا لهوي شيلت! ؟ لا لا .. انا كنت حاسه ، شلت مادة ايه ؟
_ شيلتي ايه ! ولا دا ولا دا!
– يا مصيبتي يبقي هعيد السنه كلها ، اكيد هو اخر سنه في حقوق بتبقي اصعب من الحجر ، خلاص متكملش سيبني بقا دلوقتي مع نفسي.
_ هو في ايه يا ماما ؟ فلك ما كنُتي روحتي جبيها انتي ؟ اديني فرصه ، علي العموم انتي نجحتي وجبتي تقدير ممتاز ، امال هنتوقع ايه من دحيحة بتشرب المذاكرة زيك.
“فلـك”حطت ايديها علي وشها وضحكت اوي ونطت مكانها هي خلاص هتبقي محاميه .. نطت علي “فارس” واتشعلقت فيه تحضنه اوي .. وهي فرحانه.
– بجــد ! بجــد ! فارس انا بحبـــك اووي اووي ، ربنا يخليك ليا يا حبيبي !
فضلت حضناه وهي مبسوطه وشويه واستوعبت هي قالت ايه ونزلت بُسرعه وبصتله بوش احمر محرج ومصدوم ، فغمزلها بعنيه وحضنها هو المرة دي :
= لا متنزليش خليكي كدا شوية اشبع منك ، ومش هعدي كلمة بحبـك دي غير لما تقولهالي تاني ..
“فلـك” اتكسفت اوي وغطت وشها بٲيدها وهي بترد بصوت واطي من كسوفها :
– دا .. رد فعل من فرحتي بس
اتكلم بضحك وهو بيقلد طريقتها :
_ لا لا احساسك واضح في كلامك ، قوليها مرة كمان يا فلك .. بحبــك .. وحبيبي
– بس بقا يا فارس ، دا رد فعل .. بقولك ايه انا هروح احضر الغدا.
وكالعادة اتهربت منه وهو وقف حط ايده في وسطه ووقف يبصلها ومتٲمل في يوم انها تقولها بجد مش رد فعل ..
“فلـك” كانت عايزة تبتدي شغلها وتَدربها كمحامية .. فـ دور “فارس” انه يدورلها علي مكتب كويس تتدرب فيه ، وبعد بحث طويل ومعارف ، لاقلها مكتب تتدرب فيه وابتدت فعلا .. ومفيش كتير ومحاميها اللي ببتتدرب عنده شكر في شطارتها وبديهتها جدًا .. وقالها انها هتبقي محاميه شاطرة جدًا في المستقبل ،
فيي يوم “فلك” كانت واقفه في المطبخ بتطبخ .. و”فارس” داخلها من غيـر ما تحس ووقف وراها وباسها من خدها .. وهو بيطلع حاجه ويلبسهالها في رقبتها “فلك” لفتله بسرعه واندهشت من اللي عمله وحسست علي السلسله الدهب الي لبسهالها :
_ كل سنه وانتي طيبه يا حبيبتي ، انتي ناسيه عيد ميلادك ولا ايه ؟
– عيد ميلادي ؟ انت لسه فاكره ؟
= انا كل حاجه تخصك, فاكرها وحافظها ،
– الله يا فارس تحفه السلسلة بس دي دهـب غاليه اوي ، كنت جبت حاجه فضه وخلاص!
= انتي ميجبلكيش غير الغالي ، ودي اول حاجه دهب اجبهالك ، متنسيش اننا اتجوزنا بدِبلة فضة ، وبكرة اعوضك أن شاءالله..
ملست عليها بسعادة :
_ علي فكرة أنا بحب الدبلة الفضة اوي
بصلها بنظرة مُعينة _ وانا بـحبـك
وطت وشها بـ خجل :
_ربنا يخليك ليا يا فارس انت الوحيد الي بتهتم بيا صحيح ربنا خد مني بابا وماما ، لكن رزقني بيك عوض بيهم كلهم ، بس يلا ادخل عشان عملالك مفاجاة .. وانت جيت بدري انهاردة بوظتها.
_ مفاجاة عشان ايه ؟
– عشان حاجات كتير هتبتدي في حياتنا ، ادخل بس او انزل اقعد علي قهوة اشتري حاجه المهم انشغل ساعه واحدة بس وهتعرف .
= ليه كل دا ؟
– متبقاش فضولي بقا يا فارس , ساعه واحدة وهتعرف انزل يلا
“فارس” فعلاً سابها ونزل علي حسب رغبتها وهو متعجب منها ، وساعه بالظبط فضوله مقدرش يستني وطلع البيت ، بس الصـدمه بقا الي خلتيه واقفة مشلول مع نفسه ومبلم هي “فلــــك” .. بشكلها الجديد !!
كانت طافيه انوار الشقه كلها .. الا شموع موالعها عامله ضوء جميل ، وحاطه العشاء حواليها ومزيناه بطريقه مميزة وهادية ..
كل دا مش مهم الي سَكتـُه ، وجمد الكلام بجد .. هي “فلــك” نفسها لابسه فستان رقيق قصير نوعا ما .. وكاويه شعـرها ولفاه علي خصل حوالين رقبتها اللي مزيناه السلسه الدهب ، وحاطه ميك اب هادئ وخفيف جدا .. رغم شكلها الهادي الرقيق ، الا ان ملكه جمال قليلة عليها .. ليه ؟ لانها ببساطة ملبستش كدا ولا عمرها حطت ميك اب ظهر نعومة ملامحها ، كانت بطبيعتها دايمًا ، عشان كدا ظهرت ملكه في رقتها وجمالها .. اللي مش متعود يبالغ في نفسه وبيبقي بطبيعته .. دي بتكون النتيجه مميز .. ساحر .. وله جمال ناعم بـ يصدم اللي قدامه ..
_ فلــك ؟!!! انتي عامله ايه ؟
– ما هي دي مفاجائي يا فارس معجبتكش ؟
_ معجبتنيش ؟ دا انا هتجنن بس يعني ليه عملــ…
_ انا هقولك تعالي ،
قرب ليها ووقف قصادها , فهي ارتبكت بس تشجعت وكملت خلاص هي قررت وفكرت لٲيام مش هترجع في كلامها دلوقتي .. ”
– انت نفسك من زمان اعترفلك بحبي صح ؟
_ صح ؟
خدت نفس :
_ انا بحبــــك من كل قلبي يا فارس ، التعبير مكنش بيخوني وانا بقولك انك كل عيلتي لانها حقيقة ، لولاك معرفش كنت هكمل ازي مع عمتو انصاف وندي ، هما اذوني كتير بس انت كنت حاسم ليهم ، انا اجلت الكلمة دي لٲنها كبييرة متتقالش غيـر وانا حساها ومتٲكدها .. وملقتش اكتر من دلوقتي عشان اقولك .. اللي عملته عشاني كتيير وابقي انانيه لو حرمتك من كلمة زيها وانا فعلاً بحبــك يا فارس اوووي ، ومستعدة اكون مراتك وام عيالك وكل دنيتك زي ما بتقول ..
_ من قلبك يا فلـك ؟
_ من قلبي جدا يا حبيبي ، انا طول عمري بحبـــك ، من وانا طفله وانا مراهقه وحتي دلوقتي .. بس كنت خايفه اكون مش حسباها او فهماها وخوفت اعشمك علي الفاضي.. لكن دلوقتي الكلمه دي قليلة علي الي انا حساه نحيتك .. واخترت يوم ميلادي بالذات عشان .. انا بتولد كل دقيقه بوجودك جمبي
“فارس” اتنهد جامد , وكٲنه كسب بعد معاناة ، وقد ايه مفاجائتها فرحته وعملت جواه حاجات كتير ليها .. ، مشاعره ملغبطة .. ”
باس راسها_
اخيييرا ياست الكـُل ، وانا هعيدها واقولك ان بعشقك يا فلك ، انتي مكسبي ومستقبلي واحلامي وكل حاجه ..
ابتسمتله اوي بخجل وهو خدها في حضنه وبيرفع كفها يبوسها وفرحته انها قالتها من قلبها متتوصفش ، واتمني وقتها ان يخلف منها كتيير يملوا دنيتهم ويعوضوهم … وكفايه انها بقت مراته فعلاً .. “”
↚
شهور كتير بتعدي و”فارس” بيعلي في شغله وعملياته كلها ناجحه وبيحضر مؤتمرات طبيه ووضعهم المالي بقا ممتاز .. مش هو بس “فلـــك” كمان .. بعد تدريب طويل مسكت اول قضية واترافعت ونجحت فيها وفرحتها كانت اكبر من وصفها ، واول دعم فخور ليها هو حبيبها وعيلتها “فارس” ، وثقفت نفسها وكانت ناجحه في شغلها وبيتها .. يعني خلاص حياتها بقا اجمل من زمان بكتير قد ايه عوض ربنا جمييل .. بس الصبـــر ؛
حياتهم هاديه ومبتخلاش من حبهم وهزارهم ورومانسيتهم ، و”فارس” اشتري شقه واسعه وانيقه غيـر شقه الاوضه والصاله اللي عايشين فيها ، بس مسابوهاش ، خلوها لأنها فيها كُل ذكرياتهم وبدايتهم الحلوة ، وهما عايشين زوج وزوجه طبعيين .. في يوم مش متوقع لـ “فارس” .. كان بيجهز لـ دخول عمليه جراحيه .. ”
جهز نفسه ولبس لبس العمليات .. ودخل بيبص علي المصابة والصدمه اخته “نـــــدي” !! اتفزع لما شافها جروح وكدمات ووشها متعور من كل مكان .. سنين بيدور عليهم لحد ما بيٲس ويوم ما يقابلهم يقابلهم كـدا ، اتجمد ، حاول يفحصها وهو متوتر وبدٲ عمليته كـ جراح ، وايده مش مطوعاه، مهزوز ومش مصدق ، وزميله لما لاحظ كدا طلب يكمل هو مكانـُه .. خرج برا بسرعه ، لاقا امه “انصاف” قاعده بتعيط .. ”
_ مــامــا !!
_ فــارس ؟!!!!
“انصاف” وقفت عياط والصدمه شلتها ابـنها ! وهي تقدر تغيب عن ملامحه حتـي لو اتغيرت شوية .. بقا بملامح رجوليه خشنه بـ تعبه وكفاحـُه عشان يوصل لـ كدا .. وطول اكتر من الٲول .. وشعره مرتب وناعم .. شكله شكل راجل مُهم وجذاب .. ”
_ ماما ندي حصلها ايه ؟
_ فارس ابني حبيبي وحشتني اووي يا بني !
_ يا ماما كلميني ندي اللي عمل فيها كدا ؟
_ ضِعنا يا فارس! ضِعنا يابني .. اللي عملاناه في بنت اخويـا طلع اضعاف علينا ، واتردلي في بـنتي.
_ طب فهميني !
_ جوزها الله يجحمُه ويورينا فيه يوم .. اللي عمل كدا فيها
قال بـ صدمة _ جوزها ! نــدي اتجوزت ؟
_ابوك منه لله هو كمان .. هو اللي جوزها للحيوان دا .. عشان انت رفضت تتجوز البت اياها .. فـ جوز اخُتك لابنه الكبير ، بيعه وشروة يا فارس ، ودفعنا التمن غالي.
“انصاف” حكت لٲبنها كل الي حصلهم في السنين اللي فاتت ، وحكتله ان ابوه اتزنق في الديون الي عليه ، فملقاش حد ينقذه بعد رفض ابنه ، غيـر “نــدي” .. و”ندي” رحبت بالفكرة جدًا كفايه انه غني وهيعيشها في قصره، وهتسيب الدراسة، ومش مهم اخلاقه الوحشه اللي سمعت عنها عامله ازاي ؟
و”اسماعيل” ومراته باعوا فيلتهم وراحوا قعدوا معاهم في قصره الكبير ، وقطعوا علاقتهم بٲبنهم ، و”نــدي” عاشت كويس في البداية بعدين، ظهرت اخلاقه الوحشه والمريضه ، وان هو انسان مش طبيعي دا مريض نفسي ، وعصبيته هلاك علي غيره .. ”
كان بيضربها وبيبهدلها ، وحاولوا ابوها وامها يتدخلوا ويمنعوه بس هددهم ميتدخلوش بينهم ..
وأنهم قاعدين في خيرُه ، لـ سنين وهو كدا
لما جيه يوم و”ندي” قالتلُه أنها حامل , وهيخلفوا وطلبت منه يتغير عشان ابنهُم حتي !
اتجنن عليها ، وضربها ، سبب كدمات تشبه للتشـوه في وشها طاعن شرفها ، وقالها أنه مش بيخلف بسبب حادثة قديمة ، وهما حاولوا يقولوله ، أن أبوه فهمهم أنه كان بيعالجوا وخف ، حتي أبوه حاول يقنعه ومصدقش وفضل مكمل بـهدلة فيهـا بدون رحمة ولا شفقة .. “”
و”اسماعيل” مسكتش راح كسر علي دماغه فازة عشان يسيب بنته اللي هتموت من بين ايديه ، لكن هو انتقم وراح
وبحسب انه معروف وليه معارف كتير .. لبس “اسماعيل” قضية مخدرات زور وحبسه وطرد “انصاف” من بيته .. وفضلت “ندي” تحت رحمة مرضه ووحشيته ، محدش قادر ينقذها منه ، و”انصاف” حاولت تاخد بنتها كتير بس فشلت .. وبقت ملهاش مكان تقعد فيه و اشتغلت فراشه في مدرسه ابتدائي .. وحاولت توصل “لفارس” كتير عشان ينقذ اخته من المجنون دا .. بس معرفتش.
“فارس” دموعه كانت محبوسة في عنيه ، وهو بيسمع اللي جري لـ عيلتُه ، وهو مش معاهم يساعدهم .. ”
_ اخُتك تقريبًا جوزها شوه وشها من الضرب يا فارس !
_ و اللي في بطنها؟
_ مش راضي يعترف بيه ! كان مقعدها بس عشان يربيها ، فاكرها خانتُه.
_ معقول توصلوا للدرجه دي ؟ شوفتوا نتيجه عمايلكم شوفتوا !
_ مش حمل عتاب يا بني .. انا الزعل والقهرة هدتني .. خلاص معدتش قادرة
_ طب انتي وصلتلها ازاي ؟
_ يا قلب امها كلمتني وهي بتطلع في الروح ، الكلب بعد ما ضربها ، سابها بتنزف زي ما هي مهانش عليه يسعفها .. حاولت علي قد ما تقدر تتصل برقمي وتقولي وبالعافيه عرفت اروحلها …الحقنا يا فارس الله لا يسيئك يابني ، معدش لينا غيرك ..
_ دايما يا ماما كنت اقولكوا بلاش تفترو علي الضعيف والغلبان .. هيجي اليوم اللي هتشوفُه بحد اقوي منكوا ويستقوي عليكوا .. شوفتوا نتيجه عمايلكم وتشويه وش فلك من نـدي ؟ اه داقت من نفس اللي دوقتهولها ، داين تُدان ربنا بيخلصلها ..
_ انت شمتان فينا يا فارس ؟ شمتان في ابوك وامك ؟
= مقدرش يا ماما .. بالعكس انا قلبي بيتقطع علي حالكوا اللي وصلتوله ، انا بس بفكركوا .. ان الي بتعملوه اي كان خير او شر بيتردلكوا ..
_ خلاص يابني كفايه .. مصدقت لـقيتك انا حفيت عشان القيك انا نايمه في اوضه فراشه في مدرسه ابتدائي .. وابوك محبوس من اربع شهور ، مقدمناش غيرك .. سامحنا يابني وخلي فلـك تسامحنا ،
↚
_ خلاص يا ماما اهدي ، محلوله ان شاء الله انا هتصل بفلـك تيجي تاخدك البيت عندنا تنوريه .. ونــدي الحنين بخير ، بس لازم نِعمل اشاعه عليه ، لأن نسبة شك تقريبًا من اللي حصل ممكن يتولد بتشوه ، غيـر كدا هي هتبقي كويسه بس نفسيتها مش كدا يا ماما ..
_ يعيني عليكي يابنتي ! وهي فلـك هترضي ان احنا نعيش في بيتها بعد اخر مرة شوفنها فيها ؟
_ سبق وقولتلك .. فلـك مفيش احن منها .. روحها وقلبها اطيب من اي حد ، صدقيني هتقابلك وهتحضنك كمان ..
اتصل “فارس” بيها ، وهي لما عرفت سابت كل الي وراها وجاتلهم .. وساعه وكانت عندهم ، “انصاف” بصتلها .. والدهشه ملتها .. “فلــك” بقت حد تاني شكلاً اللي شافته واحدة تانيه غيـر “فلـك” الطفله الضعيفة ، المكسور ، اللي تعرفها .. ”
اللي جايه ست انيقه وشيك جدا في لبسها وحجابها .. ونظرة الثقه كبيـرة بعيونها علي عكس نظرة الكسرة والالم زمان .. وكمان الثقه دي مش بتيجي من فراغ .. في معامله بتفرق .. ممكن واحد يخليكي مقهورة ومكسورة وينزلك الارض .. وواحد تاني يرفعها سابع سما ويخليها واثقه في نفسها وفي ذاتها ، ويبقي فخور بيها ومخليها حد مهم في المجتمع ، ودا الي عمله “فارس” بالظبط ، اهتم “بفلك” .. ومالها بحنانه ودعمه .. وخلاها انسانة ناضجه وناجحة وليها كيان .. لازم نختار صح عشان الاختيار دا هيحدد انتي هتبقي ايه .. مكسورة ومهزومة ولا كسبانه وثقتك كبيرة .
قامت ا”نصاف” وقفت مذهولة وبصت لنفسها و”لفلــك” حست انها متليقش بيهم .. دي الي كانت بتبهدلها وتضربها وبنتها تقولها شحااته دي اللي طردوها هي وابنُهم باللي عليهم؟؟ هي كانت بتعمل كدا وكرُهها وصلها للدرجه بسبب غيرتها من اخوها الغيرة بتقتل صاحبها ببطء وبتدمره ..
بصت للبس “فلـك” وشياكتها والبالطو بتاع المرافعه الي شيلاه علي ايديها زمان لما تقولها هيبقي محامية كانوا بيتريقوا عليها وبيهدموا طموحتها هي وبنتها بقوا ايه دلوقتي ؟ البنت بتقوي بشهادتها وتعليمها الي بتفتخر بيه .. لكن بنتها سابته وكسلت تتعب فيه وادي اخرتها .. “انصاف” دمعت بـ قهرة، هما ظلموهم وجم عليهم .. اكيد موصلوش لكدا بالساهل اكيد تعبوا في حياتهم كتيير .. يارتهُم كانوا استنوا
– وحشااني يا عمتي , عامله ايه ؟ ان شاء الله ضيقة وتزول .. متقلقيش انا هعمل اقصي ما في جهدي عشان اترافع عن عمي اسماعيل واخرجه بس نثبت ان المخدرات مش بتاعته ، ونــدي انا هعرف اجيبلها حقها من جوزها .. وهنثبت كل الضرب الي عمله فيها .. وفي استاذ محامي كبير في البلد اعرفُه هيساعدنا وهيعرف يتعامل مع جوزها، وممكن يتحجز في مشفي امراض عقليه.
_ كتر خيرك يافلك ، لو مش عايزانا نقعد معاكي قولي وانا هقـ…
قاطعتها بعتاب :
_ عيب يا عمتو ، دا بيتكوا انتوا ، وهتنوروني ولله .
ابتسمت “انصاف” بكسره .. رغم كل دا لسه قلبها قلب طفله وابيض من ناحيتهم وعايزة تساعدهم ، راح “فارس” ياخد “فلـك” في اوضة مكتبه وقفل الباب عشان يكلمها .. ”
_ فلـك يا حبيبتي حقك طبعا ترفضي انهم يعيشوا معانا مؤقتا وبالذات نـدي .. انا ممكن اشوف شقه ليهم و ..
_ لا يا حبيبي هو انا كدا برضو ؟ هما اه جم عليا كتير واذوني اكتـر .. بس ربنا بيسامح وكفاية أنهم السبب في انك تبقي معايا ، واظن كفاية اللي هما فيه، ويكفي انها خدتني ربيتني وسطيكوا وانا لوحدي ومرمتنيش في دار ايتام .. اللي طلعت بيه من كل دا انت يا حبيبي ، عشان كدا مقدرش ازعل منهم .. وممكن يقعدوا معانا لحد ما ربنا يفك زنقتهم .. والبيت بيتهم.
_ فلـك انتي كتير عليَّا بجد ! .
“فلـك” بصتله بحب .. وابتسمت ورفعت ايديها لدقنه بتضحكله .. “
– متقولش كدا بس ، انا وصلت الي انا فيه دا بسببك انت ، .. طب انا عايزة اقولك علي حاجه عارفه انه مش وقتها .. بس من فرحتي مش قادره اسكت بصراحه.
_ ايه ؟
اتنهدت وضحكت ضحكتها الحنيه والدافيه ، ومسكت ايده حطتها علي بطنها وابتسمت قدام عيونه المذهوله .. ”
_ انا كنت مستنيه نتيجه التحليل تظهر عشان اتٲكد ولما اتٲكدت مقدرتش استني ، عليتنا هتزيد فرد زي ما كنت بتتمني يا حبيبي
_ لا .. هو انتي فعلا…
– اه .. يا فارس انا حـــامل في شهرين!
_ فلك اوعي تكوني بتهزري
_ وهو دا فيه هزار لما نروح البيت هوريك نتيجه التحاليل عشان تتٲكد وا… انت بتدمع يا فارس ؟! انت فرحان للدرجادي ؟
“فارس” مردش بس حضنها اوي ودفن وشها في رقبتها وفعلاً كان بيدمع ، من فرحتُه ، متخيلش هيجيبه حتة تانية مِنها ، “فلـك” مكانتش تعرف انه هيفرح للدرجادي !
_ مش عارف اوصفلك فرحتي .. انا بحبــــك اووي يا حبيبتي ، متعرفيش كل يوم كنت بتمني ان اخلف بنت منك وتاخد نفس جمال ضحكتك وعفويتك وعيونك العسلي ، انتي بتنوري حياتي وبتعليها .. واحنا عانينا كتير في الٲول بس في الٲخر ربنا عوضنا بهديه حلوه اوي.
_ وفرحتي اضعاف فرحتك .. انا مليش عيله غيرك تخيل عيلتي هتزيد وحته منك كمان!
ربنا يخليك لينا يا حبيبي …
“”فلــك” بصت لـ فرحتُه بـ رضَّا ودموع، وكُل حاجه بتثبتلها .. ان وسط عالم مليان حقد وغيره واذيه لازم يكون في واحد بس منهم نضيف من جواه ..
شُعاع نور، يورينا ان ربنا رحيم في ابتـلائته ..
وكريم في عوضُه ومش لازم نقابل الوحش بالوحش ، مهما فاتت ايام ربنا هينتقم ، ويورينا عدله فيهم ، وفي كل عتمه في حياتنا بصيص نور وفي اي فجوة مخرج صغير .. المُغزي لازم نصبر الصبـــــر امتحان نتيجته ، سعادة مـتتوصفش ، لان ربنا بيورينا عوضه الكبير والي ملوش حدود … “”
تـــمت ..